You are on page 1of 54

‫‪2603103‬‬ ‫الثقافة السياحية ‪-2-‬‬

‫د‪ .‬ندى الروابدة‬


‫النظام السياحي ومكوناته‬
‫النظام هو مجموعة عناصر متفاعلة فيما بينها‪ ،‬ألجل تحقيق هدف محدد‪ .‬أو هو ببساطة مجموعة من‬
‫النظم المتفاعلـة ‪،‬فـالكون نظـام‪ ،‬والـذرة نظـام‪ ،‬ووزارة التجـارة نظـام‪ ،‬وإدارة المـوارد البشرية نظام ‪.‬‬

‫كـذلك يمكـن تعريـف النظـام بأنـه مجموعـة مـن الـنظم الفرعيـة ‪ Subsystems‬تـرتبط مـع البيئـــة‬
‫‪ Environment‬بواســـطة عالقـــات ‪ Relationships‬لتحقيـــق هـــدف ‪.Goal‬‬

‫والـــنظم الفرعيـة هـي المكونـات األساسـية للنظـام‪ ،‬أمـا البيئـة فهـي مـا يحـيط بالنظـام وتـؤثر وتتـأثر‬
‫بـذلك النظام‪ ،‬من خالل العالقات التي تربط النظم الفرعية مع النظام‪ ،‬وكذلك العالقات بـين النظـام والبيئة‬
‫‪.‬‬
‫ولقــد تعــددت تعريفــات النظــام‪ ،‬فمنهــا مــا يــشير إلى أنــه المفـردات الـتي تعمـل معـا‬
‫لتحقيـق هـدف معـين‪ ،‬أ و مجموعـة مـن المكونـات الـتي تـرتبط ببعـضها بعض ا وبينه ا‬
‫عالقات تفاعلية تمكنها من تكوين كل متكامل من أجل تحقيق هدف معين ‪.‬‬

‫وهناك م ن يعطـي النظـام تفـصيال أكثـر علـى أنـه‪" :‬مجموعـة مـن األجـزاء أ و الـنظم‬
‫الفرعيـة الت ي تتداخ ل العالقات بي ن بعضه ا وبي ن النظام الذي يـضمها والـتي يعتمـد كـل‬
‫جـزء منهـا علـى اآلخر في تحقيق األهداف التي يسعى إليها هذا النظام الكلي"‪.‬‬
‫من خالل ما سبق من التعريفات المتعددة للنظام نالحظ بأنها تشترك في أمور هي‪:‬‬

‫‪-‬أن النظام يتكون من أجزاء صغيرة أو عناصر‪ ،‬أو ما يسمى (المكونات)‬

‫‪-‬إن األجزاء أو العناصر المكونة للنظام تتفاعل وتتداخل مع بعضها بعض (والتي يجب ان‬
‫تكون متفاعلة‪ ،‬متداخلة‪ ،‬مترابطة)‬

‫‪-‬إن األجزاء والعناصر والنظم الفرعية تشترك معا من أجل تحقيق هدف معين (من خالل‬
‫عم ل ك ل االجزاء المنفص لة معا ً لجع ل النظام يعم ل ويحق ق هدف محدد‪ ،‬حي ث ال يعم ل ك ل‬
‫جزء منفصل لوحده بدون االجزاء االخرى)‬
‫‪-‬يتص ف النظام بالديناميكي ة (وذل ك حي ن ترتب ط مكونات النظام ببعضه ا البع ض‪،‬‬
‫فهي تؤثر على بعضها البعض‪.‬‬

‫كم ا يتلق ى النظام ويرس ل التأثيرات م ن وإل ى البيئ ة الخارجي ة (العوام ل الخارجي ة‬
‫التي تؤثر على عمل النظام)‪ ،‬ألنه بمرور الوقت ‪ ،‬تتغير المكونات ‪ ،‬تتغير العالقات‬
‫المتبادلة ‪ ،‬ويتغير المجتمع ‪ ،‬وبالتالي يتغير النظام ‪ ،‬مما يجعله ديناميكيًا!‬

‫‪-‬يتصف النظام بأنه جزء من المجتمع (أي البيئة الخارجية)‬


‫النظام السياحي‬
‫بناء على ما سبق‪ ،‬كيف يمكن تحديد وتعريف النظام‬
‫الس ياحي؟ ماه ي العناص ر أ و المكونات األس اسية‬
‫للنظام السياحي؟‬
‫اعتماداً عل ى افكار الفيلس وف ‪ ) )Dewey, 1929‬الذي قال أ ن‪" :‬البش ر مرتبطي ن باس تمرار‬
‫بالبيئة المحيطة به م و التي يتأثرون به ا"‪ .‬اقترح‪ ) )Bertalanffy, 1962‬نظرية النظ م الت ي‬
‫تشير إلى أن‪" :‬التفكير النظمي هو الحصول على الرؤى المرتبطة بالنظام من خالل فهم الروابط‬
‫و التفاعالت بين عناصره"‪ .‬كما شددت أن‪" :‬النظم الحقيقية هي تلك النظم المفتوحة على البيئة‬
‫المحيطة بها و التي تتفاعل معها‪ ،‬و هي بذلك تتطور باستمرار"‪ .‬و عليه فإن األدبيات في العلوم‬
‫اإلداري ة وفق ا ل) ‪ )Kast and, Rosenzwei 1972‬رأ ت أ ن المؤس سات ه ي‪" :‬أنظم ة م ن‬
‫المكونات المتفاعل ة الت ي تشم ل البش ر و العمليات‪ .‬وم ن المفترض أ ن تل ك العوام ل ف ي النظام‬
‫تتفاعل مع بعضها البعض للوصول إلى هدف محدد كما أشير اليه أعاله‪.‬‬
‫و نظراً أل ن الس ياحة ظاهرة معقدة‪ ،‬و متعددة األبعاد‪ ،‬لذا فإن ه م ن الص عب تعريفها‪.‬‬
‫فه ي حرك ة اجتماعي ة تتجل ى ف ي التنق ل المتزاي د لألفراد محلي ا‪ ،‬ووطني ا‪ ،‬و دولي ا‬
‫دافعه مجموعة متنوعة من األغراض‪ ،‬و التي ال تقتصر على الترفيه فقط‪ .‬غير أنه‬
‫ال يمكن إدراج أغلب التنقالت في نطاق السياحة‪ ،‬و ذلك لعدم اقتناء األفراد للسلع و‬
‫الخدمات المنتجة من طرف النظام اإلنتاجي للسياحة‪.‬‬
‫سعيا لفهم هذه الطبيعة المعقدة والديناميكية للسياحة المعاصرة‪ ،‬استعملت األدبيات‬
‫المختصة في دراسة السياحة مفهوم نظام السياحة‪ ،‬وحاولت التعرف على العناصر‬
‫والعوام ل الت ي تدخ ل ضمنه‪ .‬والنظام ف ي األس اس يشي ر إل ى مجموع ة العوام ل‬
‫المرتبط ة فيم ا بينه ا بعالقات تفاعلي ة منظم ة وعالقات تبادلي ة م ع النظ م الخارجي ة‬
‫األخرى بغرض بلوغ مجموع ة األهداف المحددة‪ .‬وكتعري ف قاعدي مبس ط يمك ن‬
‫القول أن نظام السياحة هو "النظام الذي ينطوي على عملية االستهالك و اإلنتاج‪ ،‬و‬
‫التجارب التي يتم إنشاؤها خاللهما" ( ‪.)Cooper & Hall 2008: 6‬‬
‫كم ا أنه ا توص ف بـ "النظام االقتص ادي الوظيف ي الذي يتضم ن الحاجيات المتنوع ة والمختلف ة‬
‫اجهة بالشبكة الواسعة من المؤسسات السلعية والخدماتية التي تهدف إلى تحقيق‬
‫للسياح‪ ،‬مو ً‬
‫الرب ح م ن خالل الس عي إلشباع هذه الحاجيات‪ ،‬والذي ال يمك ن أ ن يكون بمعزل ع ن النظام‬
‫االقتص ادي الكل ي‪ ،‬فه و جزء من ه يؤث ر في ه ويتأث ر ب ه ع بر مجموع العوام ل والقوى الخارجي ة‪،‬‬
‫‪Sharpley,(.‬‬ ‫السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬التكنولوجية‪ ،‬االجتماعية‪ ،‬الثقافية‪ ،‬القانونية‪ ،‬و البيئية"‬
‫‪)2000: 11‬‬
‫إ ن الس ياحة "نظام يض م مجموع ة م ن العوام ل الت ي ه ي ف ي مجمله ا‬
‫الحكومات‪ ،‬مؤس سات الضياف ة‪ ،‬الس كان المحليي ن‪ ،‬والس ياح‪ ،‬والعالقات‬
‫المكاني ة الناجم ة ع ن عمليات التفاع ل بي ن الس ياح‪ ،‬وعناص ر الجذب ف ي‬
‫الدول‪ ،‬والمجتمعات المضيفة‪ ،‬وذلك بهدف استقطاب السياح‪.‬‬
‫‪ )Mckercher,‬بأ ن الص ناعة الس ياحة بطبيعته ا‬ ‫ورأ ى( ‪1999‬‬
‫متشابك ة‪ ،‬وتمث ل ف ي شكله ا العام نظام ا معقدا‪ ،‬يتص ف بالديناميكي ة‪،‬‬
‫والتداخ ل‪ ،‬والفوض ى‪ ،‬وعلي ه فإ ن النماذج واألنظم ة المتاح ة لدراس ة هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬وإن وجدت قد تحتوي على العديد من نقاط الضعف التي تحد من‬
‫مدى إمكانية وقدرة هذه اآلليات في تفسير الظاهرة السياحية‪.‬‬
‫غي ر أ ن(‪ )& Aiello, 2014 Leiper, 1990‬حس ب نموذج ه الخاص المفس ر للنظام‬
‫الس ياحي‪ ،‬الذي نال شعبية بالغة ‪ :‬نظرا لس هولة فهم ه واس تيعابه‪ ،‬رأ ى أ ن الس ياحة نظام‬
‫مفتوح يتألف من ثالث عناصر أساسية هي‪:‬‬

‫‪)1‬السياح‪ :‬يعتبرون الجهات الفاعلة في النظام السياحي‪.‬‬

‫‪)2‬العناص ر الجغرافي ة‪ :‬تع بر ع ن المنطق ة المص در أ و المنطق ة المولدة للس ياح‪ ،‬منطق ة‬
‫الوجهة أو المقصد السياحي‪ ،‬وطريق العبور‪.‬‬

‫‪)3‬صناعة السياحة‪ :‬هي تلك الشركات والمنظمات العاملة في مجال تقديم المنتج السياحي‪.‬‬
‫أوال‪ :‬العنصر البشري (السائح)‬

‫العنص ر البشري وه و العنص ر األس اسي ف ي النظام والنشاط الس ياحي‪ ،‬وه و عبارة ع ن‬
‫شخ ص أ و مجموع ة أشخاص يشاركون ف ي س لوك س ياحي‪ ،‬وذل ك أل ن نظام الس ياحة الذي‬
‫يفتقر إلى سائح واحد على األقل أمر ال يمكن تصوره‪ .‬حيث يعتبر السائح وبشكل ال لُبس فيه‬
‫القل ب الناب ض لظاهرة الس ياحة‪ ،‬و المحور المه م الذي يج ب أ ن تص ب ف ي خدمت ه جمي ع‬
‫العمليات و األنشطة التي تدخل ضمن نطاق هذه الظاهرة بغية منها لتلبية حاجياته و تطلعاته‪.‬‬
‫و عليه فإنه من األهم بما كان على صانعي القرار والمسوقين لدى مختلف أجهزة‬
‫المناطق السياحية‪ ،‬البحث في فهم سلوك هذا السائح‪ ،‬والمحفزات التي من شأنها‬
‫دفعه التخاذ القرار باختيار وجهة سياحية دون غيرها‪ ،‬وأسلوب للسفر دون غيره‪،‬‬
‫إضافة إلى األنشطة التي يرى أنها السبيل لتلبية رغباته‪ .‬وهو ما سيساعدهم ال حقا‬
‫ف ي المض ي نح و التمي ز ع ن باق ي الوجهات األخرى م ن خالل تطوي ر المراف ق‬
‫والعمليات‪ ،‬والبرامج التي ستكون عنصر جذب لهذا السائح‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬العناصر الجغرافية‬

‫تعدد القطاعات بشتى أنواع نشاطاتها واألعمال التجارية المختلفة الجوانب يزيد من‬
‫درجة التعقيد التي تتميز بها السياحة‪ ،‬وهذا في حد ذاته يخلق صعوبة عند محاولة‬
‫تعميم نمط إلدارة النشاط السياحي‪ .‬كما أنه ت برير لعدم وجود هيكل مشترك مستقل‬
‫بذاته لهذه الصناعة‪ ،‬مما يُصعب تقييم و قياس تأثيرها النسبي في االقتصاد الكلي‬
‫مقارنة بنظيراتها من القطاعات األخرى‪.‬‬
‫وباعتبار أ ن عنص ر الحرك ة (التنق ل) جزء ال يتجزأ م ن الظاهرة المدروس ة‪ ،‬والذي‬
‫يمك ن أ ن يكون س بيال لشرحه ا وتفس يرها‪ ،‬شاع تص ور بي ن مختل ف األدبيات‬
‫المختص ة لنظام مبن ي عل ى أس اس جغراف ي بح ت‪ ،‬س مي بـ "النظام الجغراف ي‬
‫للس ياحة"‪ ،‬وبشك ل بديه ي يتضم ن النظام الس ياحي هذه العناص ر الجغرافي ة‪ ،‬أل ن‬
‫السياحة تتضمن السفر بين األماكن و‪/‬أو المناطق و‪/‬أو البلدان‪ .‬حيث يتطلب تحديد‬
‫العناص ر الجغرافي ة النظ ر ف ي األدوار الت ي تلعبه ا األماك ن ف ي مس ارات الس ياح‬
‫وتقليص تلك األدوار إلى الحد األدنى‪.‬‬
‫توجد ثالثة أنواع من العناصر الجغرافية في نظام السياحة‬
‫بأكمله‪:‬‬
‫(‪)1‬منطق ة موط ن أ و مص در الس ائح ( أ و المنطق ة المولدة للمس افرين)‪ ،‬حي ث تعت بر‬
‫السياحة مستحيلة بدون المكان الذي تبدأ فيه الرحلة وتنتهي ‪.‬‬

‫هذا يمكن أن يسمى أيضا ً منطقة توليد المسافر‪" .‬المسافر" هنا هو الوصف المناسب‬
‫لهذا العنصر ألن ذلك هو وصف طبيعي لألشخاص الذين ينطلقون في رحالت ومن ثم‬
‫العودة إلى الوطن‪ ،‬و"المسافرين" الذين يُعتبرون "سائحين" أثناء زيارة أماكن أخرى‪.‬‬
‫(‪)2‬مسار أو طريق العبور‪ :‬من أجل زيارة األماكن التي يرون أنها جذابة‪ ،‬يجب على‬
‫الس ياح الس فر ع بر األماك ن الوس يطة وه ي عبارة ع ن األماك ن الت ي يم ر به ا الس ائح‬
‫على طول الطريق للوصول إلى مناطق المقصد السياحي‪.‬‬

‫في بعض األحيان‪ ،‬تكون مرحلة السفر قصيرة ج ًدا وأحيانً ا يمكن أن تنتشر في جميع‬
‫أنحاء العالم‪ .‬لكن ه موجود دائما‪ .‬دائ ًم ا م ا يكون هناك فاص ل زمن ي ف ي الرحل ة عندم ا‬
‫يشعر المسافر أنهم غادروا منطقتهم أو بلدهم األصلي ولكنهم لم يصلوا بعد إلى منطقة‬
‫أو بلد يختارون زيارته‪ .‬يمكن أن يسمى هذا العنصر مسار العبور‪.‬‬
‫بلد‬
‫الوجهة‬
‫المساف‬ ‫محطة‬
‫السياحية‬
‫ر‬
‫(‪)3‬وأخيراً‪ ،‬هناك المكان أ و األماك ن الت ي يختار المس افر زيارته ا (منطق ة المقص د‬
‫السياحي) وهي األماكن التي تحدث فيها أنشطة الزيارة الرئيسية للسائح‪.‬‬

‫ويمك ن تعري ف منطق ة المقص د الس ياحي بأنه ا أماك ن يختار فيه ا المس افرون البقاء‬
‫للتجارب الترفيهي ة‪ ،‬حي ث يت م البح ث ع ن تجارب الترفي ه الس ياحي‪ .‬تحدث ف ي هذا‬
‫العنصر أو المكان النتائج األكثر وضوحا ودرامية النظام‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬صناعة السياحة (الخدمات والتسهيالت السياحية)‬

‫النوع اآلخر من العناصر هو العناصر الصناعية (صناعة السفر والسياحة)‪.‬‬

‫عادة‪ ،‬يحج ز الس ياح ك ل شي ء م ن وكال ة الس فر ولك ن البع ض منه م فق ط يحجزون تذاك ر الطيران‬
‫فقط‪ ،‬لذا فإن صناعات السياحة مهمة ج ًدا للسائح‪.‬‬

‫الص ناعات الس ياحية ه ي عنص ر تنظيم ي وه و عبارة ع ن مجموعات م ن المنظمات المدارة ف ي‬
‫مجال السياحة التي تعمل م ًع ا إلى حد ما في تسويق السياحة وتقدي م الخدمات والسلع والمرافق‪،‬‬
‫وتمث ل ص ناعات الس ياحة المؤس سات الت ي تشارك أ و تؤث ر عل ى أنشط ة الس ياح وكذل ك المنظمات‬
‫والشركات والمرافق التي تهدف إلى خدمة احتياجات ورغبات محددة لدى السياح‪.‬‬
‫من الناحية النظرية‪ ،‬يمكن للمرء أن يتخيل السياحة (سلوك السياح) بدون مثل هذه الصناعة‪،‬‬
‫حيث يكون السياح مكتفين ذاتيً ا تما ًم ا‪ ،‬ولكن من الناحية العملية‪ ،‬سيكون ذلك نادر الحدوث‪،‬‬
‫وفي الواقع‪ ،‬قد يتم دعم أو تأثر سائح يبدو مكتفًا ذاتيًا إلى حد ما ببعض جوانب صناعة السفر‬
‫والسياحة‪.‬‬

‫وبصفة عامة‪ ،‬يمكن تحديد الصناعة الخاصة بالسياحة على أنها تشكل بشكل مباشر أو غير‬
‫مباشر أو تدعم جميع السياح المعاصرين تقريبً ا‪ ،‬ويمكن اعتبار صناعة ما بمثابة عنصر في‬
‫النظم السياحية‪.‬‬
‫في المثال التالي‪ ،‬يمكن تحديد النظام السياحي الذي يضم العناصر المذكورة أعاله‪:‬‬
‫س ائح (محم د) ؛ منطق ة تولي د المس افر (األردن)؛ منطق ة مقص د س ياحي (أمريك ا)؛‬
‫عدة طرق عبور (الطرق المس تخدمة بي ن األردن وأمريك ا والعودة مرة أخرى‪ ،‬بم ا‬
‫ف ي ذل ك أ ي نقاط توق ف قص يرة)؛ والوحدات ف ي ص ناعة الس فر والس ياحة (مكت ب‬
‫المعلومات في األردن‪ ،‬الفنادق في أمريكا‪ ،‬باإلضافة إلى أي موارد صناعية أخرى‬
‫مستخدمة‪ ،‬مع افتراض أن هذه الوحدات مرتبطة صناعيا)‪.‬‬
‫يتأث ر تفاع ل هذه العناص ر الخمس ة بالعوام ل البيئي ة‪ ،‬والنظام (العناص ر الخمس ة)‬
‫بدوره يؤث ر عل ى بيئات مختلفة‪ .‬بمعن ى آخ ر‪ ،‬األنظم ة الس ياحية أنظم ة مفتوح ة‪،‬‬
‫وتشم ل أنواع ال بيئات البشري ة واالجتماعي ة والثقافي ة واالقتص ادية والس ياسية‬
‫والقانونية والتكنولوجية والمادية‪.‬‬
‫وفي طرح أخر يرى(‪ )Vanhove 2011‬أنه يمكن تعريف نظام السياحة بـ" اإلطار‬
‫الذي يوضح التفاعل بين كل من العرض السياحي في الوجهة السياحية‪ ،‬عناصر‬
‫الربط بين العرض والطلب‪ ،‬والطلب على السياحة‪ .‬ويشير الشكل التالي إلى الدور‬
‫الكبير للعرض في الوجهة السياحية الذي يعتبر جوهر النظام السياحي‪ ،‬إضافة إلى‬
‫أهمي ة عناص ر الرب ط ذات االشتراك المتبادل بي ن العرض والطل ب‪ ،‬كم ا يلخ ص‬
‫المعلومات التالية‪:‬‬
‫الموردون أ و العارضون ف ي الوجه ة الس ياحية وه م المس ؤولون ع ن توفي ر‬
‫المعلومات األساسية التي تشكل مجمل التجربة السياحية التي يبحث عنها السياح‪،‬‬
‫فهناك مجموع ة ك بيرة م ن العوام ل والموارد الت ي تبح ث عنه ا المنظمات الس ياحية‬
‫كالي د العامل ة‪ ،‬منتج ي األغذي ة والمشروبات‪ ،‬الحرف اليدوي ة والتقليدي ة‪ ،‬ومص نعي‬
‫المعدات الخ‪.‬‬
‫*السياح عنصر مهم في نظام السياحة‪ ،‬والذي تتنافس الوجهات السياحية لخدمة‬
‫حاجياته م‪ ،‬ويج ب اإلشارة الى أ ن هؤالء السياح ليسوا متجانسين في خصائصهم‪.‬‬
‫كما أن دوافعهم السياحية تختلف من شخص آلخر‪ ،‬مما أدى الى ظهور مجموعة‬
‫كبيرة من القطاعات السوقية السياحية في العقود الماضية‪.‬‬
‫يتص ل الموردون بالس ياح ع ن طري ق قنوات التس ويق خاص ة الوس طاء (الوكاالت‬
‫الس ياحية‪ ،‬تجار التجزئ ة ال خ) ومقدم ي التس هيالت الس ياحية الذي يعملون عل ى‬
‫ضمان فاعلية تشغيل النظام السياحي‪ ،‬إضافة إلى مختلف أنواع النقل‪.‬‬
‫غير أن كل من‪ ) )Charles & Brent ,2009‬بيّنا أن النموذج الذي يسعي إلى‬
‫تص وير الس ياحة‪ ،‬يج ب أ ن يل م بكام ل مكونات المنظوم ة الس ياحية‪ ،‬إضاف ة إل ى‬
‫العمليات واألنشط ة الرئيس ية الت ي تنطوي تحته ا‪ ،‬دون نس يان التطرق إل ى‬
‫المخرجات هذه النظام وقدما نموذجا ضم كل من العناصر التالية‪:‬‬
‫السائح‬

‫الموارد الطبيعية والبيئية‬

‫تعتبر الموارد الطبيعية والبيئية من األبعاد األساسية‪ ،‬التي من شأنها جذب السائح‬
‫لالس تجمام والترفيه‪ .‬والت ي ه ي مجموع عناص ر الهواء‪ ،‬والمناخ‪ ،‬وطبيع ة‬
‫التضاري س ف ي المنطق ة‪ ،‬الحيوانات‪ ،‬المس طحات المائي ة‪ ،‬الشواط ئ‪ ،‬وجمال‬
‫الطبيعة‪ ،‬و غيرها من المقومات‪.‬‬
‫البيئة المشيدة‬

‫تمثل البيئة التي تم إنشائها من قبل البشر بعدا آخرا من أبعاد الظاهرة السياحية‪،‬‬
‫والت ي تع بر ع ن بدايات شعوب المنطق ة المضيف ة وثقافته ا ف ي الماض ي‪ ،‬واتجاه‬
‫نموه ا وطريقه ا الحال ي للحياة‪ ،‬فالثقاف ة س مة دائم ة ومس تمرة ص عبة التغيي ر (م ع‬
‫وجود عدم المحاولة للتغيير) إذا ما أريد تعزيز التنمية السياحية‪.‬‬
‫إضافة إلى البنية التحتية للمقصد السياحي التي تمثل عنصرا مهما آخرا في عملية‬
‫جذب الس ياح‪ ،‬رغ م عدم وجوده ا ف ي األس اس لخدمتهم‪ ،‬حيث أ ن األمور األس اسية‬
‫في المجتمعات من طرق‪ ،‬وشبكات للصرف الصحي‪ ،‬وشبكات االتصال‪ ،‬والعديد من‬
‫المراف ق العام ة التجاري ة‪ ،‬وغي ر التجاري ة وجدت ف ي المكان المناس ب لخدم ة‬
‫احتياجات الس كان المحليين‪ .‬وم ع ذل ك فان هذه البن ى التحتي ة م ن شأنه ا تس هيل‬
‫الوظائف اليومية للسياح شأنهم في ذلك شأن المحليين‪.‬‬
‫إضافة إلي البنى الفوقية الموجهة خصيصا للسياحة‪ ،‬والتي تشمل المنشآت التي تم‬
‫تطويره ا خص يصا لتس تجيب لمطال ب الزوار والت ي تشم ل الفنادق‪ ،‬والمطاع م‪،‬‬
‫ومراك ز المؤتمرات‪ ،‬واس تئجار الس يارات‪ ،‬وعناص ر الجذب األخرى‪ ،‬والت ي يمك ن‬
‫للسكان المحليين االستفادة من أغلبها‪.‬‬
‫دون أن ننسى التكنولوجيا التي تعد من أحدث األبعاد في تاريخ السياحة‪ ،‬والتي لها‬
‫األثر الهام والمتزايد على جوهر الظاهرة السياحية يوما بعد يوم‪ ،‬حيث يمكن القول‬
‫أنها أكبر انفجار أتى بعد الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ساعد في الدفع بالسياحة إلى ما‬
‫ه ي علي ه‪ ،‬كان ذل ك نتيج ة التطور الهائ ل الذي م س جمي ع الميادي ن‪ ،‬وه و عام ل‬
‫س اهم الحق ا ف ي وفرة أنواع المعلومات ع ن الوجهات والمقاص د الس ياحية‪ ،‬بعدم ا‬
‫كان السياح يفتقرون إلى أدنى مستوياتها‪.‬‬
‫وف ي األخي ر يأت ي النظام الشام ل للحك م ف ي المنطق ة المعين ة بجل ب الس ياح‪ ،‬وم ا‬
‫ينطوي عليه من أطر سياسية‪ ،‬وقانونية‪ ،‬ومالية منظمة لسير األعمال‪ .‬والتي لها‬
‫األثر البالغ في تحديد تنافسية هذه المناطق في السوق الدولية‪.‬‬
‫القطاعات العاملة في السوق السياحي‬
‫القطاعات العاملة في صناعة السياحة‪ ،‬أو ما يسميه الكثير من عامة الناس " السياحة في حد ذاتها " تعبر‬
‫عن‪:‬‬

‫الذي يتأل ف م ن شركات الطيران وشركات الحافالت‪ ،‬وغيره ا م ن مؤس سات النق ل الت ي‬ ‫‪-‬قطاع النق ل‬
‫تلبي ميول األفراد‪.‬‬

‫السكن ‪ ،‬بشتى أنواعه كسالسل الفنادق‪ ،‬وغيرها من وجوه السكن األخرى‪.‬‬ ‫‪-‬قطاع اإليواء أو‬

‫كالمطاعم ومحالت الوجبات السريعة‪.‬‬ ‫‪-‬قطاع الخدمات الغذائية‬


‫‪-‬رموز الجذب السياحي المتنوعة‪ ،‬كالمتاحف والمهرجانات‪ ،‬وغيرها والتي تتميز بالتشويق‬
‫الذي يبح ث عنه الس ائح للترويح عن نفسه والتمتع‪ ،‬والتي تع د أيضا م ن ضروريات النجاح في‬
‫هذه الصناعة‪.‬‬

‫‪-‬قطاع المؤس سات والوكاالت الس ياحية المس ؤولة ع ن عملي ة بي ع األس فار‪ ،‬وتقدي م الخدمات‬
‫السياحية‪.‬‬

‫‪-‬قطاع الخدمات الذي يوف ر نوع ا آخرا م ن الدع م الهام للس ياحة الناجح ة‪ ،‬كالخدمات‬
‫المالية‪ ،‬الخدمات االستشارية المتخصصة‪ ،‬الخدمات التكنولوجية‪ ،‬وتكوين األفراد العاملين فيها‪.‬‬
‫روح الضيافة‬
‫وكم ا ذك ر ف ي العنص ر الس ابق فإ ن القطاعات العامل ة ه ي المس ؤولة ع ن توص يل‬
‫الخدمات لطالبيه ا بالجودة العالي ة‪ ،‬والتجارب الت ي ال يمك ن للس ائح نس يانها‪ ،‬يأت ي‬
‫هذا ف ي ظ ل عدم إهمال مزج هذه التجارب بروح الضياف ة العال ي‪ ،‬وإدراج الجان ب‬
‫اإلنساني في العملية‪.‬‬

‫فبكل بساطة ال يكفي تقديم الخدمات أو بعضها بطريقة باردة‪ ،‬بحيث يجب على كل‬
‫عنصر أن يشعر الزائر أنه أكثر من مجرد مصدر للدخل النقدي‪.‬‬
‫وعلي ه فان التحدي الذي يواج ه الجهات المقدم ة للخدمات ه و شح ذ خبراته ا عل ى‬
‫الطريق ة الت ي تمك ن الزوار م ن االعتقاد بأنه م موض ع ترحي ب‪ ،‬وأنه م حق ا ضيوف‪.‬‬
‫وال يجب أن يقتصر هذا السلوك عند مقدمي الخدمة فحسب‪ ،‬بل يجب أن يتجاوزه‬
‫ليشم ل الس كان الدائمي ن‪ ،‬فتقدي م معلومات أس اسية ع ن وجهات معني ة‪ ،‬والود ف ي‬
‫التعامل‪ ،‬ربما هي أمور بسيطة‪ ،‬لكنها في األصل ذات أهمية بالغة في تعزيز روح‬
‫الضيافة التي بدورها تساهم في الرفع من القيمة المتوقعة لدى السائح‪.‬‬
‫التخطيط ‪ ،‬التنمية ‪ ،‬الترويج ‪ ،‬و المؤسسات المحفزة‬
‫مم ا ال ش ك في ه‪ ،‬أ ن نجاح الس ياحة ف ي أ ي وجه ة يعتم د عل ى‪ :‬مدى كفاء ة وقدرة جمي ع‬
‫القطاعات العاملة في السوق والتي سبق ذكرها‪ ،‬في توفير تجربة نوعية رائدة حيث يعتبر‬
‫ك ل م ن التخطيط‪ ،‬والتنمي ة‪ ،‬والتروي ج‪ ،‬م ن القوى الخفي ة الت ي ال تق ل أهمي ة ع ن العناص ر‬
‫األخرى المكونة للنظام السياحي والتي من شأنها تحديد نجاحه ورقيّه‪ ،‬إضافة إلى أصحاب‬
‫القرار‪ ،‬وصانعي السياسات‪ ،‬والمخططين االستراتيجيين‪ ،‬واألفراد العاملين في المستويات‬
‫التشغيلية‪ ،‬والمنظمات المحفزة التي تسهر على تنفيذ الخطط والمشاريع‪ ،‬وضمان وجودها‬
‫ضمن نصابها ومسارها الصحيح‪ ،‬وهو ما يعتبر بالعامل الحاسم لنجاح السياحة‪.‬‬
‫فبعد التعرف على الخبرات المالئمة‪ ،‬وتحديدها بغية الضمان تخطيط فعال‪ ،‬فإنه من‬
‫الضروري أ ن تترج م هذه المخططات‪ ،‬إل ى عمليات‪ ،‬ومراف ق‪ ،‬ونشاطات‪ ،‬وبرام ج‬
‫ناجعة‪ ،‬بغية توفير تجربة مميزة للزائر على أرض الواقع‪ ،‬وهنا يجب اإلشارة إلى‬
‫أ ن هذه العمليات مس ؤولية مشترك ة بي ن القطاع العام ممثال بالحكومات المحلي ة‪،‬‬
‫إضافة إلى مختل ف هيئات وأجهزة القطاع الخاص المتكفل ة بالنشاط السياحي داخل‬
‫وخارج حدود المقصد السياحي ذاته‪.‬‬
‫عمليات ‪ ،‬أنشطة ‪ ،‬و مخرجات السياحة‬
‫تمثل طبيع ة ونوعي ة العمليات واألنشط ة ف ي القطاع الس ياحي البع د الهام والمؤثر‪،‬‬
‫الذي من شأنه في نهاية المطاف خلق المخرجات السياحية التي هي جوهر الظاهرة‬
‫السياحية في األصل‪ ،‬وعليه وجب تحديدها وفهمها‪ ،‬بشكل يزيل كل لبس عنها بغية‬
‫العمل على تكاملها في إطار نمط إداري داخل المقصد السياحي‪.‬‬
‫ويعتبر التسويق بأوسع معانيه وفلسفته الحديثة من أهم هذه العمليات‪ ،‬والذي من شأنه‬
‫خل ق وتوفي ر تجارب س ياحية راقي ة تس موا إل ى مس توى تطلعات األفراد الباحثي ن عنه ا‪،‬‬
‫وذل ك ف ي إطار الجهود الت ي يعتمده ا م ن تروي ج‪ ،‬وتس عير‪ ،‬وتوزي ع‪ ،‬فالتس ويق الناج ح‬
‫يؤدي بالضرورة إل ى جذب مجموع ة م ن الس ياح والزوار مهم ا اختلف ت س لوكياتهم‪،‬‬
‫وتزويدهم بالمنتجات و الخدمات السياحية التي يبحثون عنها‪ ،‬فهو يضمن لهم أقصى قدر‬
‫من الرضا واالرتياح دون المساس أو تدمير مختلف الموارد الطبيعية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬وغيرها‬
‫لدى المجتمعات المستضيفة لهؤالء الزوار‪ ،‬و التي تعتبر أصال مقومات السياحة فيها‪.‬‬
‫دون أ ن ننس ى ضرورة التقيي م الدائ م والمس تمر لهذه النشاط‪ ،‬والذي ال غن ى عن ه‬
‫لتحقي ق نم ط إداري وتشغيل ي فعال عل ى المدى الطوي ل‪ ،‬فالس ياحة يج ب أ ن تحظ ى‬
‫بعملي ة مراقب ة وتقيي م مس تمر لمعرف ة مدى مالئم ة‪ ،‬وفعالي ة وكفاء ة األداء العام‬
‫لجمي ع المكونات والعمليات ف ي المنظوم ة الس ياحية‪ ،‬والت ي س تمثل نتائج ه قاعدة‬
‫معلومات لص ياغة الس ياسات‪ ،‬والتص ورات‪ ،‬والمخططات‪ ،‬واالس تراتيجيات‪ ،‬لخل ق‬
‫تنمية فعالة في المستقبل‪.‬‬

You might also like