You are on page 1of 3

‫المحاضرة رقم ‪33‬‬

‫المحور الثاني‪ :‬مجال ومكانة مراقبة التسيير االجتماعي‪:‬‬


‫تم إنشاء مراقبة التسيير االجتماعي بشكل طبيعي‪ ،‬بناء عمى طمب المؤسسات ومن أجل تمبية الحاجة إلى‬
‫المارقبة والتحكم أكثر في مواردىا‪ .‬فم ارقبة التسيير الكالسيكية أصبحت محدودة وال بد من اتساع ليذه‬
‫الوظيفة فالمؤسسات أصبحت أكثر تعقيدا‪ ،‬وعالمية‪ ،‬وال مركزية‪ ،‬وتتطمب المزيد من التقارير والقيادة‬
‫االجتماعية‪ ،‬ىذه األخيرة كذلك تعاني من عدة قيود ال تمكنيا من تغطية الجانب االجتماعي الكمي‬
‫لممؤسسات‪ ،‬لذى كانت لم ارقبة التسيير االجتماعي أىمية كبيرة ومكانة داخل المؤسسات‪ ،‬يمكن أن نبين‬
‫النقاط التي ذكرناىا فيما يمي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬اتساع مجال مراقبة التسيير‪:‬‬
‫وظيفة الموارد البشرية ىي مجموعة من السياسات واإلجراءات التي تسمح لممؤسسة بتعديل الموارد البشرية‬
‫كميا ونوعيا الحتياجات المؤسسة‪ .‬تطورت إدارة الموارد البشرية حيث أصبحت المؤسسات وبيئتيا أكثر‬
‫تعقيدا‪ .‬منذ عام ‪ ،1890‬أصبحت إدارة الموارد البشرية وظيفة استراتيجية وشاركت في خمق القيمة في‬
‫المؤسسة‪ .‬يعتبر موظفو المؤسسة موردا استراتيجيا رئيسيا ومصد ار لمميزة التنافسية المستدامة‪ .‬لذلك من‬
‫الضروري إدارة ىذا المورد بحيث يساىم في تحقيق أىداف المؤسسة‪ .‬لذلك‪ ،‬نشيد اىتماما متزايدا‬
‫لممؤشرات االجتماعية في نماذج مراقبة التسيير‪ .‬وبالمثل‪ ،‬مع ظيور مفاىيم المسؤولية االجتماعية‬
‫لممؤسسات والتنمية المستدامة‪ ،‬تقود المؤسسات اآلن إلى خمق مؤشرات في إدارتيا االجتماعية‪ .‬حاليا‪ ،‬مع‬
‫تأثير األزمة االقتصادية العالمية‪ ،‬يجب أن تأخذ وظيفة الموارد البشرية في االعتبار إدارة المخاطر‬
‫االجتماعية من أجل أن تكون استباقية‪ .‬بالنسبة لمعديد من المؤسسات‪ ،‬كان من الضروري اتخاذ مجموعة‬
‫من التدابير لمحد من ىذه المخاطر‪ .‬يجب أن تواجو وظيفة الموارد البشرية تحديات جديدة مثل التطورات‬
‫القانونية والتكنولوجية والعولمة االقتصادية وأزمة التوظيف‪.‬‬
‫في ىذا السياق‪ ،‬تكتسب وظيفة مراقبة التسيير االجتماعي أىمية كبيرة‪ .‬ىذه الوظيفة‪ ،‬التي ال تزال قميمة‬
‫التطور في المؤسسات‪ ،‬كانت في تطور كامل منذ حوالي عشر سنوات‪ ،‬وبشكل خاص في المؤسسات‬
‫الكبيرة‪ .‬فقد عرفنا مراقبة التسيير عمى أنيا العممية التي يضمن بيا المديرون الحصول عمى الموارد‬
‫واستخداميا بفعالية (فيما يتعمق باألىداف) وكفاءة (فيما يتعمق بالوسائل المستخدمة) لتحقيق أىداف‬
‫‪1‬‬
‫المؤسسة‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن الموارد البشرية ىي أىم مورد داخل المؤسسات ويجب قيادتو‪.‬‬
‫وىذا ما يفسر اتساع مجال مراقبة التسيير‪ ،‬بتطور النظرة لمموارد البشرية عمى أنيا موارد استراتيجية‬
‫لممؤسسات‪ ،‬وىذا ما فرضتو التغيرات التي ذكرناىا سابقا‪ ،‬وأصبح التركيز عمى الجانب االجتماعي‬
‫أمر ضروريا‪ ،‬وىذا ما أدى إلى ظيور الرقابة االجتماعية كواحدة من امتدادات مراقبة التسيير‪.‬‬
‫لممؤسسات ا‬
‫وبالتالي‪ ،‬ال يمكن لمارقبة التسيير أن تأخذ في االعتبار عممية االبتكار واإلبداع‪ ،‬وال التكوين في‬
‫المؤسسة‪ .‬في الواقع‪ ،‬فإن معظم القيمة المضافة والميزة التنافسية في العديد من القطاعات مستمدة من‬

‫]‪[6‬‬
‫ىذه التوجيات أكثر من المعرفة بإدارة تكاليف اإلنتاج‪ .‬يفضل ىذا النموذج القياس الكمي المادي أو‬
‫المالي‪ .‬وييمل االستثمار غير المادي أكثر عندما تكون آثاره نوعية ويصعب تحديدىا‪ ،‬ألنيا تتجمى عمى‬
‫المدى الطويل‪ .‬في غضون ذلك‪ ،‬يرتبط بقاء واستمرار المؤسسة بقدرتيا عمى استثمار الوقت في موردىا‬
‫البشري‪ .‬في ىذه الحالة‪ ،‬تواجو مراقبة التسيير صعوبة في إبراز األشكال واإلجراءات العديدة التي تنتمي‬
‫‪2‬‬
‫إلى الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫وعميو تثير مارقبة التسيير الكالسيكية بعض الحدود التي ال تستطيع الخوض فييا مثل‪:‬‬
‫‪ -‬ضمان االتساق بين تخطيط الموارد البشرية والخطة االستراتيجية لممؤسسة‪.‬‬
‫‪ -‬قياس أداء وتكاليف عمميات وظيفة الموارد البشرية‪.‬‬
‫‪ -‬التنسيق بين مدير الموارد البشرية‪ ،‬المراقب المالي والمدير المالي‪.‬‬
‫‪ -‬الحفاظ عمى االتساق بين استراتيجية المؤسسة وسياسة التعويضات‪.‬‬
‫‪ -‬ضمان أفضل وظيفة‪/‬فرد مربوطة وفقا الحتياجات المؤسسة‪.‬‬
‫وبالتالي‪ ،‬فإن الشاغل الرئيسي ىو البحث عن أفضل حل وسط ممكن لحل معادلة استقرار‬
‫التوظيف‪/‬األداء‪/‬التكمفة في مقاربة تدمج نوع من الميزانية متماسك يتماشى مع االستراتيجية العامة‬
‫لممؤسسة‪ .‬لمقيام بذلك‪ ،‬فإن المقاربة الكالسيكية لمراقبة التسيير‪ ،‬ال تدمج تنمية رأس المال البشري‪ .‬رأس‬
‫المال الذي أصبح اليوم‪ ،‬مع تطوير أشكال تنظيمية جديدة وخمق قيمة مضافة‪ ،‬القوة الدافعة الرئيسية‬
‫لمتنمية االقتصادية واالجتماعية لممؤسسات‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن مراقبة التسيير تنتقل من مقاربة كالسيكية‬
‫تقتصر عمى مراقبة التكاليف إلى مفيوم أوسع إلدارة األداء‪ .‬مع األدوات المتنوعة‪ ،‬يشار إلييا من اآلن‬
‫‪4‬‬
‫فصاعدا باسم مراقبة التسيير االجتماعي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬حدود أو قيود م ارقبة التسيير االجتماعي‪:‬‬
‫إن مراقبة التسيير االجتماعي في المؤسسة ليا حدودىا بسبب عوامل مختمفة‪ .‬فيما يمي بعض الحدود‬
‫‪5‬‬
‫شيوعا‪:‬‬
‫ً‬ ‫والقيود األكثر‬
‫‪ .1‬التعقيد البشري‪ :‬السموكيات البشرية معقدة ويصعب في بعض األحيان قياسيا‪ .‬تؤثر العوامل‬
‫االجتماعية والنفسية عمى أداء الموارد البشرية‪ ،‬مما يجعل من الصعب قياسو بدقة‪ ،‬خصوصا قياس‬
‫الجوانب النوعية مثل اإلبداع والتعاون وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪ .2‬تباين النتائج‪ :‬يمكن أن يختمف أداء الموارد البشرية حسب الظروف المختمفة‪ .‬ما يجعميم يعممون‬
‫بأداء جيد في يوم ما قد ال يعممون بأداء جيد في اليوم التالي بسبب عوامل خارجية أو داخمية لممؤسسة‪.‬‬
‫‪ .3‬الذاتية‪ :‬يمكن أن تكون تقييمات األداء االجتماعي لمموارد البشرية ذاتية‪ ،‬وتعتمد في كثير من األحيان‬
‫عمى تفسير المديرين والمشرفين كأفراد‪ .‬وىذا يمكن أن يؤدي إلى التحيز وعدم المساواة في التقييمات‪.‬‬
‫‪ .4‬مقاومة التغيير‪ :‬قد يقاوم الموارد البشرية التغييرات التي بدأتيا مراقبة التسيير االجتماعي‪ ،‬خاصة إذا‬
‫كانوا ينظرون إلى ىذه التغييرات عمى أنيا تيديدات ألمنيم الوظيفي أو ظروف عمميم‪.‬‬

‫]‪[7‬‬
‫‪ .5‬التكاليف والموارد‪ :‬قد يكون إنشاء نظام فعال لمراقبة التسيير االجتماعي مكمفًا من حيث الموارد‬
‫البشرية والمالية والتكنولوجية‪ .‬ال تمتمك جميع المؤسسات الموارد الالزمة لتنفيذ نظام متطور‪.‬‬
‫‪ .6‬محدودية المؤشرات المستخدمة‪ :‬قد تكون المؤشرات المستخدمة في مراقبة التسيير االجتماعي‬
‫محدودة في قدرتيا عمى قياس قياس الجانب االجتماعي لممؤسسة‪ .‬وقد يتجاىمون جوانب ميمة فيو‪.‬‬
‫‪ .7‬قضية الخصوصية‪ :‬قد تكون بعض المعمومات الالزمة لتقييم األداء االجتماعي لمموارد البشرية‬
‫حساسة وسرية مثل الصحة والحياة الشخصية‪ .‬يجب أن يتوافق جمع ىذه البيانات واستخداميا مع قوانين‬
‫ولوائح الخصوصية‪.‬‬
‫صعبا‪ .‬قد ال تعكس‬‫ً‬ ‫أمر‬
‫‪ .8‬قياس الرضا‪ :‬يعد قياس رضا الموارد البشرية بدقة وبشكل موثوق ًا‬
‫دائما‪ ،‬حيث قد يتردد الموارد البشرية في التعبير عن مشاعرىم الحقيقية خوفًا من‬
‫االستطالعات الواقع ً‬
‫العواقب التي قد تكون من داخل المؤسسة‪.‬‬
‫‪ .9‬الشرعية والقبول‪ :‬قد ينظر الموارد البشرية إلى مراقبة التسيير االجتماعي عمى أنيا تدخمية‪ .‬إذا شعر‬
‫الموارد البشرية أن اإلجراءات المتخذة غير مشروعة‪ ،‬فقد يؤدي ذلك إلى انخفاض الروح المعنوية‬
‫واإلنتاجية‪.‬‬
‫‪ .13‬استجابة الموارد البشرية‪ :‬قد يقوم الموارد البشرية بتعديل سموكيم لتمبية مؤشرات األداء االجتماعي‪،‬‬
‫والتي قد ال تعكس إنتاجيتيم الحقيقية أو مشاركتيم‪.‬‬
‫ولمتغمب عمى ىذه القيود‪ ،‬يجب عمى المؤسسات أن تتبنى مناىج مرنة وأخالقية وتشاركية لمراقبة التسيير‬
‫أمر‬
‫االجتماعي‪ .‬يعد إشراك الموارد البشرية وضمان الشفافية والبقاء عمى دراية بالتطورات االجتماعية ًا‬
‫ضرورًيا إلنشاء نظام مراقبة فعاال وأخالقيا لمراقبة التسيير االجتماعي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪NAJAT MASKINI, Le contrôle de gestion sociale : principes et outils, La revue marocaine de contrôle de‬‬
‫‪gestion, n1, 2018, p-p, 2-3.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Chaimae BOURJIJ, Mohammed Achraf NAFZAOUI, A view on the rise of social management control,‬‬
‫‪International Journal of Innovation and Modern Applied Science, Volume 4, Issue 1,2021.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Martory B, Contrôle de gestion sociale, salaires, masse salariales, effectifs, compétences, performances 8‬‬
‫‪éditions vuibert (2015).‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Chaimae BOURJIJ, Mohammed Achraf NAFZAOUI, op,cit.‬‬
‫‪5‬‬

‫]‪[8‬‬

You might also like