Professional Documents
Culture Documents
د .دبلة فاتح /السنة 2ماسرت ادارة موارد بشرية 2021-2020 /
قبل احلديث عن نشأة التدقيق االجتماعي كميدان متخصص من ميادين ادارة املوارد البشرية ،البد من
التطرق اىل الظروف اليت شكلت قاعدة لظهوره واليت ميكن امجاهلا يف :
-تطور اهتمامات ومطالب خمتلف العاملني ابملنظمات وارتفاع معدل الوعي اجملتمعي لديهم وزايدة
الضغوط على مدراء وإدارات املوارد البشرية.
-العوملة والبيئة الدولية ،ابالضافة لضغط املتغريات الكربى السياسية واالقتصادية واالجتماعية
والتكنولوجية والبيئية والقانونية PESTEL
-دور مدراء املوارد البشرية واملسؤولية امللقاة على عاتقهم يف ضمان املساواة والعدالة وتكافؤ الفرص
ومحاية التنوع الثقايف واالجتماعي والديين ،حتقيق املسؤولية االجتماعية...
-نشر احلصيلة االجتماعية السنوية للشركات Le bilan socialاليت أضحت تشكل ضغطا جديدا
على ممارسات املنظمات وادارات مواردها البشرية ،واالعتماد على مؤشرات ومعايري ومرجعيات
حملية ودولية هتدف لتحقيق مقارابت منطية يف ممارسات ادارة املوارد البشرية.
لقد تطورت املفاهيم ودخلت عبارات جديدة للتداول حتمل يف طياهتا االهتمام مبجال العمل
ومتثل امتدادا حلقوق العمال كالبيئة االجتماعية ،ضرورة تكييف مواقيت العمل ،تنافسية األجور،
التوظيف ،البحث عن الرفاهية والسعادة وحتقيق الذات يف العمل ،البحث عن حتقيق أعلى مستوايت
سلم ماسلوا للحاجات يف بيئة العمل ،...مث تطورت لتصل للحديث عن املسؤولية االجتماعية والتدقيق
الثقايف واالجتماعي ،وكل ذلك يعد ضماان لألمن والسالمة االجتماعية وتفاداي لظهور مستوايت كربى
من الصراع الوظيفي ودافعا لزايدة معدالت الرفاهية والسعادة والرضى الوظيفي لألفراد يف جماالت العمل
املختلفة.
1
يعترب التدقيق االجتماعي ،ختصصا وميداان حديثا وينبثق عموما من التدقيق العمليايت ،وقد
كانت بداايت ممارسات التدقيق بشكل عام منذ مخسينيات القرن املاضي .ففي فرنسا ،مع سنوات
السبعينيات تطورت املمارسات والسيما مع صدور قانون 1977الذي يقضي إبلزامية نشر احلصيلة
االجتماعية السنوية ،وتكملة هلذا اجلهد ظهر املعهد الدويل للتدقيق االجتماعي IASسنة 1982
من طرف Raymond Vatierوالذي جاء للرد على الكثري من االنشغاالت واألسئلة املتعلقة
مبعدالت التغيب عن العمل ،دوران العمل ،بيئة العمل واحلكم على طبيعتها ،وجود مقاومة أو رفض
الستخدام الطرق احلديثة من طرف قسم أو إدارة ما ،القضااي املتعلقة ابلتدريب والتعلم والتكوين،
واحرتام اآلجال وااللتزامات...اخل .هذا يقود لنتيجتني مهمتني من وجهة نظر Raymond
: Vatier
▪ أوال :أمهية العملية اإلدارية (التسيريية) ككل واحد ،يشمل كل األبعاد االقتصادية واالجتماعية
والتكنولوجية
▪ اثنيا :ابلنسبة لألفراد حنتاج لتحديد األهداف أوال ومن مث ترمجتها لقرارات ومن مث التحقق من
تنفيذها ،انطالقا من مؤشرات النتائج .ألجل هذا حنتاج ملدققني (رجاال ونساء) ،مزودين
بكفاءات ومبنهجية صارمة وصلبة للمالحظة واالستماع وتقصي احلقائق كما يقول Vatier
)'' (2002يستمعون لكي ينصتوا ،يشاهدون لكي ينظروا ،وحيسون لكي يفهمواin ''...
) ،Igalen et Peretti, (2008, p16سنتان بعد ذلك ،أي يف 1984كان هناك ظهور
أول كتاب فرانكفوين حول التدقيق االجتماعي والذي يتضمن أمهية التأكيد على البعد
االجتماعي للمنظمة وللمؤسسات .تعترب اذا هذه أوىل بداايت ظهور احلاجة للتدقيق كمطلب
ضروري للرد على االهتمامات اجلديدة اليت أملتها عوامل شخصية مرتبطة ابألفراد العاملني
وأخرى ابلبيئة التنافسية الدولية للمنظمات.
الستعراض دقيق ملا ميكن أن يعنيه التدقيق االجتماعي كمفهوم وكممارسة جيب التعرف ايضا
على مساره ومنهجه .يشري التعريف البسيط للتدقيق االجتماعي على أنه تطبيق التدقيق التقليدي
العمليايت على ادارة املوارد البشرية ـي ممارسة تقييمية للحكم على تطابق كل أو جزء من ممارايت ادارة
2
املوارد البشرية مع جمموعة من املعايري احملددة مسبقا أوالقوانني والتنظيمات لقطاع ما أو املتعارف عليها
عموما ،وهو تعريف خمتصر.
.1ميكن تقدمي التعاريف التالية لعملية التدقيق االجتماعي :اذا نظران للمنظمات الدولية ومقارابهتا
للتدقيق االجتماعي ميكن أن نستعرض مثال :
✓ تعريف معيار ISO9000سنة :2000حبيث يرى أن التدقيق االجتماعي هو
عملية أومسار ممنهج (معتمد على طريقة) méthodiqueمستقل ومدعم ابلواثئق
يسمح ابحلصول على إثبااتت التدقيق وتقسيمها بطريقة موضوعية من أجل التأكد أوحتديد
أن معايري التدقيق كانت مستوفية (مت حتقيقها) .يعترب تعريف معيار تعريفا عاما ويفتقد
للدقة والتفاصيل وأحياان مبهم ألنه مل يبني ماهية اإلثبااتت و املعايري.
✓ التعريف املقدم من طرف املعهد الدويل التدقيق االجتماعي IASيف :2006تدقيق مطبق
على التسيري ،النشاطات وعالقات األفراد واجملموعات يف املنظمات وكذلك عالقات هذه
األخرية (املنظمات) مع األطراف املهتمة داخليا وخارجيا.
اذا نظران للتعريف األول ،ISO 9000فهو حياول أن يعرف التدقيق بينما تعريف IAS 2006
حياول أن يعرف ما هو اجتماعي.
3
✓ هناك حماوالت ملزج التعريفني معا لتصبح حسب (" :)Igalen et Peretti 2008التدقيق
االجتماعي هو تدقيق مطبق على التسيري ،النشاطات وعالقات األفراد واجملموعات يف
املنظمات وكذلك عالقات هذه األخرية مع األطراف املهتمة داخليا وخارجيا؛ هي إذا عملية
أو مسار ممنهج ومعتمد على طرق ،مستقلة ومدعمة ابلواثئق اليت تسمح ابحلصول على
إثبااتت التدقيق وتقييمها بطريقة موضوعية من أجل التأكد من أن معايري التدقيق كانت
مستوفاة".
نشري هنا اىل أن اإلثبااتت ابلنسبة للتدقيق هي تسجيالت ،تصرحيات لألفعال أو معلومات
مهمة يتم التحقق منها .بينما معايري التدقيق فهي اإلجراءات والسياسات واملتطلبات والشروط اليت يتم
مقارنة اإلثبااتت معها.
✓ ويف األخي حياول ) (Igalen et Peretti 2008على ضوء التعاريف السابقة تقدمي
التعريف التايل" :التدقيق االجتماعي هو :شكل من املالحظة يهدف للتأكد /التحقق من
املبادئ ،السياسات ،العمليات والنتائج يف جمال عالقات املؤسسة مع األطراف ذوات
املصلحة:
▪ أهنا نفذت فعال ما التزمت به (ما صرحت أهنا نفذته).
▪ أهنا تستخدم جيدا وسائلها وأدواهتا.
▪ أهنا حتافظ (تتمتع) ابستقالليتها وذمتها.
▪ أن هلا القدرة على تنفيذ ما تصرح أهنا تريد تنفيذه.
▪ أهنا حترتم قواعد الفن واإلجناز.
أهنا تعرف تقييم املخاطر اليت تواجهها. ▪
هذا التعريف حيتاج أيضا إىل بعض التوضيحات:
-1ال يتعلق التدقيق االجتماعي فقط ابملؤسسة كما مت الرتكيز عليه يف هذا التعريف وإمنا ميكن
أن ميتد لكل أصناف املنظمات األخرى ،املستشفيات واإلدارات احمللية.....
-2التدقيق هو شكل من املالحظة مما يعين أن املدقق جيب أن ينطلق من امليدان ومما يالحظه،
ما يثبته ويتحقق منه ،ومنه جاء أصل الكلمة تدقيق.
4
-3امليدان توسع بعدما كان يركز على عالقات املؤسسة مع العاملني لديها ،ليشمل كل عالقات
املسؤولية االجتماعية مع خمتلف األطراف األخرى يف إطار التوسع (البعد) األفقي
-4البعد العمودي للتدقيق االجتماعي يتعلق أبربعة مستوايت:
أ -املبادئ اليت تكون غالبا يف شكل مواثيق وأدلة (.)codes et chartes
5
هناك الكثري من العوامل والتحدايت اليت ترهن جناح التدقيق االجتماعي وهي تشكل شرطا
أساسيا يف حتقيق أهدافه ،منها من هو مادي مرتبط ابجلانب املايل واهليكلي التنظيمي وأيضا القانوين،
فكلما توفر االطار التشريعي الضابط ملمارسات املنظمات كلما ساعد ذلك ممارسي التدقيق يف مهامهم
وأدى اىل ترسيخ املمارسات املطلوبة واليت تعد اما حقوقا لألفراد أو التزامات من املنظمات اجتاه اجملتمع
وخمتلف اهليئات الوطنية والدولية ،ومنها ما هو معنوي مرتبط بتحضري الذهنيات وتغيري القناعات لدى
مديري ادارات املوارد البشرية ومتخذي القرار عموما أبمهية السعي حنو ممارسات جديدة منصفة وعادلة
وحمفزة لألفراد يف جمال العمل ،ومن مث التقيد اباللتزامات بصورة جدية ومؤسساتية بعيدا عن ردود الفعل
املناسباتية والرغباواتية اليت تعرب عن اندماج حقيقي الصالح املمارسات.
الغاية واهلدف األساسي من عمليات التدقيق االجتماعي هو اذا التأكد من أن املنظمة تستويف
التزاماهتا وتصرحياهتا اجتاه مواردها البشرية من جهة بكل ما يتعلق من ممارسات اجيابية واخالقية ،ومن
جهة اثنية ما يتعلق ابجلانب االجتماعي ومسؤوليتها االجتماعية اجتاه بقية االطراف الداخلية واخلارجية
املتعاقدة معها.
وميارس التدقيق االجتماعي أتثريا هاما على األداء بكل مستوايته سواءا عند القيام به كعملية رقابية
تفصيلية لكل نشاطات ادارة املوارد البشرية (استقطاب وتوظيف ،هتيئة وتدريب ،مكافئات ،تنمية
وصيانة للموارد ،ادارة املسار املهين )......أو كنتيجة هنائية تصدر يف شكل تقارير هنائية موضوعية
للحكم على ممارسات املنظمة اجتاه ادارة املوارد البشرية.
ان عمليات التدقيق تسمح ابكتشاف االخطاء واالحنرافات يف جمال ادارة املوارد البشرية واجلوانب
االجتماعية وتصحيحها وابلتايل تفادي تكرارها وجتنب التكاليف املالية واالاثر السلوكية املرتبطة هبا مما
يساهم يف حتسني االداء ،كما أن التدقيق يهدف لتحسني املناخ االجتماعي للعمل لتوفري بيئة عمل
مناسبة لالبداع وحتسني كفاءة األفراد ،كما يكشف عن جوانب القصور والغياب ملختلف الشروط
الضرورية للعمل ويسمح بتتبع املستجدات وحماولة التأقلم معها السيما مع اجلوانب القانوية والتطورات
6
املعرفية والتكنولوجية يف جمال التدريب وادارة األجور واملكافئات وادارة املواهب ورؤوس األموال املعرفية
بطرق حديثة ومبتكرة.
ميثل التدقيق االجتماعي أداة هامة لتحليل نشاطات ادارة املوارد البشرية وممارسات املنظمة
االجتماعية اليت تقوم هبا وله منهجية صارمة يف ذلك .انطالقا من أمهية عالقات العمل واملناخ
االجتماعي وأتثريمها على أداء األفراد وإنتاجيتهم ،إضافة لإلشكاليات األخالقية املختلفة اليت قد
تتعرض هلما منظمات األعمال فإنه ابت من الضروري احلكم على األداء االجتماعي للمنظمة يف إطار
دعم أدائها االقتصادي وحتسني صورهتا أمام األطراف ذوات املصلحة واجملتمع بشكل عام.
7