You are on page 1of 28

‫مقدمة‬

‫تشكل حقوق الملكية الصناعية إنتاجا فكريا أساسه ملكة العقل التي تميز بها اإلنسان عن باقي‬
‫المخلوقات‪ ،‬ذلك أن اإلنتاج الذهني صاحب اإلنسانية منذ عصور قديمة لقدرته الحسية على فعل اإلبداع‬
‫واالبتكار‪ ،‬وكون حب اإلبداع ورغبة االكتشاف واالختراع حاجة مكنت البشرية من الخروج من ظلمات‬
‫الجهل إلى عالم النور والمعرفة‪.‬‬
‫غير أن هذا اإلبداع واالبتكار ظل دون حماية تذكر أمام غياب قواعد حمائية خاصة‪ ،‬حيث كانت‬
‫هذه الحماية تجد سندها في أنواع الملكية األخرى بشكل عام‪ ،‬رغم ما تمتاز به هذه الحقوق من خصائص‬
‫ومميزات عن حق الملكية؛ األكثر من ذلك كان هذا التطور يصطدم بظاهرتين تشكالن عائقا يحول دون‬
‫أي تقدم صناعي أو حضاري‪ ،‬وتلحقان الضرر الفادح بالفرد المعني و المجتمع وفي هذا يقول بعض الفقه‬
‫أن " ظاهرة االعتداء على االختراع أو االكتشاف بالتقليد والتزييف والمحاكاة والقرصنة‪ ،‬وظاهرة كثمان‬
‫سر االختراع واإلبداع خوفا من االعتداء والسرقة واستثمار المنتوج المخترع أو المكتشف دون حق‪ ،‬فقد‬
‫يموت المخترع فيدفن معه سر اختراعه واكتشافه إلى األبد‪ ،‬وفيه ضياع المجتمع واإلنتاج االقتصادي‬
‫‪1‬‬
‫واإلنسانية بأكملها‪".‬‬
‫ظهرت بوادر حقوق الملكية الصناعية خالل العصور الوسطى في شكل عالقات تجارية التي‬
‫اتخذها المنتج رمزا لمهارته ليميز المنتج عن منتجات منافسيه‪ ،‬غير أن هذه الحقوق لم يتم تأكيد كيانها و‬
‫نظامها القانوني إال في منتصف القرن التاسع عشر حين بدأت الثورة التكنولوجية‪.2‬‬
‫إال أن انتشار وسائل المواصالت وسرعتها وكذا طبيعة الحياة التجارية التي تتطلب انتقال السلع‬
‫من بلد اإلنتاج إلى بلدان االستهالك أوجد حاجة ملحة لحماية حقوق الملكية الصناعية في داخل إقليم‬
‫مصدرها كما في خارجه‪ ،‬فظهرت الحماية الدولية لحقوق الملكية الصناعية بمقتضى اتفاقية باريس لسنة‬
‫‪3‬‬
‫‪ ، 1883‬التي تعد حجر الزاوية في إبرام عدة اتفاقيات خاصة بمختلف حقوق الملكية الصناعية‪.‬‬
‫وضمن هذا السياق عرف المغرب سن ثالثة قوانين مرتبطة بالملكية الصناعية و ذلك حسب كل منطقة‬
‫استعمار قسم إليها المغرب ‪:‬‬

‫بالنسبة للمنطقة التي كانت خاضعة لالستعمار الفرنسي ‪ ،‬فإن قانون الملكية الصناعية لسنة‬
‫‪ 1916‬الخاص بالمحافظة على الملكية المتعلقة بالصانع كان أول قانون للملكية الفكرية يعرفه المغرب‪ .‬و‬
‫هذا القانون مقتبس من القانون الفرنسي ل ‪ 23‬يونيو ‪ ،1857‬و تم إدخاله إلى النظام المغربي في إطار‬

‫‪ 2‬أ مينة حربي ‪،‬مدى إلزامية محضر الحجز الوصفي إلثبات التزييف في حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬مجلة الملف‪ ،‬العدد ‪،17‬أكتوبر ‪،2010‬‬
‫ص‪.118‬‬
‫‪ 3‬محمد محبوبي‪ ،‬حماية حقوق الملكية الصناعية من التزييف‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمداوالت‪ ،‬العدد ‪ ،12‬أبريل ‪ ،2007‬ص ‪.39‬‬
‫‪1‬‬
‫اإلصالحات التي باشر تها سلطات الحماية بعد دخولها إلى المغرب‪ .‬و قد وضع هذا القانون لتطبيقه في‬
‫إطار منطقة الحماية الفرنسية فقط‪ ،‬و ظل ساري التطبيق إلى غاية حصول المغرب على االستقالل‪.‬‬

‫بعد ذلك جرى نسخ قانون ‪ 1916‬بدخول القانون الجديد للملكية الصناعية حيز التنفيذ بتاريخ ‪18‬‬
‫ديسمبر ‪ . 2004‬كما تم إدخال بعض اإلصالحات الطفيفة على هذا القانون في فترة الحماية باإلضافة إلى‬
‫سن مقتضيات تشريعية أخرى مثل القرار الوزيري الخاص بالمحافظة المؤقتة على االختراعات المقدمة‬
‫ألول مرة في المعارض ‪ ،‬المؤرخ في ‪ 12‬غشت ‪ 1918‬والذي ألغي فيما بعد بمقتضى ظهير ‪ 1‬أكتوبر‬
‫‪.41920‬‬

‫أما المنطقة الشمالية التي كانت خاضعة لالستعمار اإلسباني‪ ،‬فلم يكن بها قانون خاص للملكية‬
‫الصناعية‪ ،‬بل كانت خاضعة للقانون اإلسباني و قد صدر ظهير خليفي بتاريخ ‪ 19‬فبراير ‪ 1919‬يقضي‬
‫بالعمل بالقانون اإلسباني للملكية الصناعية المؤرخ في ‪ 16‬ماي ‪ ،1902‬أما تسجيل حقوق الملكية‬
‫الصناعية فقد كان يختص به مكتب الملكية الصناعية بمدريد عبر محاكم المنطقة اإلسبانية‪ .‬إال أنه بعد‬
‫استقالل المغرب‪ ،‬أصبحت المنطقة خاضعة لظهير ‪ 23‬يونيو ‪ ،1916‬إذ تم تمديد مقتضيات هذا الظهير‬
‫لهذه المنطقة بتاريخ ‪ 31‬ماي ‪.51958‬‬
‫ونظرا للوضعية التي كان يوجد عليها المغرب أثناء فترة الحماية‪ ،‬فإن ظهير ‪ 23‬يونيو ‪ 1916‬لم‬
‫يكن يطبق سوى في المنطقية الفرنسية في حين كانت منطقة طنجة تتوفر على نص خاص يها و هو‬
‫قانون ‪ 4‬أكتوبر ‪ .1938‬و قد حدد هذا القانون اختصاصات مكتب طنجة للملكية الصناعية‪ ،‬إضافة إلى‬
‫تنظيمه للتصرفات القانونية‪ ،‬التي ترد على حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬من تنازل و رهن و ترخيص‪ ،‬ثم‬
‫‪6‬‬
‫تحديد الجزاءات المترتبة على المساس بهذه الحقوق‪.‬‬
‫ب عد االستقالل كانت هذه القوانين التزال سارية المفعول إلى حين صدور القانون رقم ‪17.97‬‬
‫الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.19‬المؤرخ في ‪ 9‬ذي القعدة ‪ 15(1420‬فبراير ‪ .)2000‬و‬
‫الذي جاء لتتويج مجهود العديد من الفاعلين القانونيين و االقتصاديين وأيضا بمساهمة المنظمة العالمية‬
‫للملكية الفكرية في وقت شعر فيه المغرب بضرورة توحيد التشريع على مجموع التراب الوطني و ما‬
‫يقتضيه ذلك من مواكبة لتطور الواقع االقتصادي الدولي والوطني بفعل تدويل المبادالت التجارية العالمية‬
‫التي تقودها الشركات العالمية ‪ ،‬و التي غالبا ما ترى في التشريعات القديمة عقبة أمام استثماراتها‬
‫لضعف حماية مصالحها و ضمان استئثارها باستغالل االختراعات المتمثلة في المنتجات التي تروجها ‪،‬‬

‫‪ 4‬إدريس الفاخوري‪ ،‬حقوق الملكبة الفكرية في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة الجسور‪ ،‬وجدة‪ ،2018،‬ص‪.162.‬‬
‫‪ 5‬محمد محبوبي‪ ،‬مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،2015،‬ص‪.28.‬‬
‫‪ 6‬محمد محبوبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.28.‬‬
‫‪2‬‬
‫كما كان المغرب من أوائل الدول العربية التي وقعت على اتفاقية الجات‪ ,7 GATT‬و كذا االتفاقية حول‬
‫جوانب حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة سنة ‪. 1994‬فكان من الضروري مراجعة اإلطار القانوني‬
‫المنظم للملكية الصناعية و إحداث قانون يساهم في إضفاء جو من الثقة الالزم لجلب رؤوس األموال‬
‫األجنبية و االستثمارات‪.‬‬
‫و قد أدت التغييرات التشريعية التي عرفها القانون المغربي للملكية الصناعية بعد تتميم القانون‬
‫رقم ‪ 17.97‬و تعديله بمقتضى القانون ‪ ، 31.05‬ثم القانون ‪ 23.13‬لسنة ‪ 2014‬إلى إضفاء أهمية قصوى‬
‫على حماية الملكية الصناعية ‪ ،‬و إرساء نظام حمائي لها عبر آليات وقائية مؤسساتية و أخرى قضائية‬
‫جنائية ومدنية‪.‬‬
‫و من خالل هذا البحث سنحاول اإلجابة عن اإلشكالية التالية ‪" :‬ماهي آليات الحماية المدنية‬
‫للملكية الصناعية ونطاق تطبيقها ؟ "‪.‬‬
‫و يتفرع عنها أسئلة فرعية تتمثل في ‪:‬‬
‫‪ -‬ما مفهوم الملكية الصناعية ؟ما طبيعتها القانونية ؟ و ما هي أهميتها ؟‬
‫‪ -‬ما هي أنواع الملكية الصناعية ؟و ما هي الحقوق التي ترد عليها؟‬
‫‪ -‬ما المقصود بدعوى التزييف المدنية ؟ ماهي شروطها و الجزاءات المترتبة عنها ؟‬
‫‪ -‬ما المقصود بدعوى المنافسة غير المشروعة ؟ و كيف نميزها عن باقي األعمال المشابهة؟‬
‫وماهي شروطها و الجزاءات المترتبة عنها ؟‬

‫لإلجابة على اإلشكاليات المطروحة و وعيا منا بأهمية استيعاب موضوع الحماية المدنية للملكية‬
‫الصناعية ‪ ،‬ارتأينا تقسيم العرض إلى مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية الملكية الصناعية أنواعها و الحقوق المترتبة عنها‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية المدنية للملكية الصناعية‬

‫‪ 7‬تعتبر الجات‪ ، GATT‬اختصار عن اللغة اإلنجليزية‪( :‬االتفاقية العامة للتعريفة الجمركية والتجارة) وعقدت في أكتوبر ‪1947‬م‪ ،‬بين عدد من‬
‫البلدان نحو ‪ 23‬دولة ‪ ،‬وبلغت ‪ 117‬دولة في اتفاقية مراكش لسنة ‪.1994‬‬
‫‪3‬‬
‫المبحث األول ‪ :‬ماهية الملكية الصناعية و أنواع الحقوق المترتبة عنها‬

‫تنتمي حقوق الملكية الصناعية والتجارية إلى طائفة حقوق الملكية الفكرية‪ ،‬وهي عبارة عن حقوق‬
‫استئثارية مؤقتة يقرها القانون فتعطي ألصحابها حق اإلستئثار مؤقتا باستغالل ابداعاتهم الصناعية أو‬
‫التجارية ‪ ،‬وسنسعى من خالل هذا المبحث تبيان ماهية و أهمية الملكية الصناعية (المطلب األول)‪ ،‬ثم‬
‫أنواع الحقوق المترتبة عنها (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬ماهية الملكية الصناعية‬

‫من أجل دراسة ماهية حقوق الملكية الصناعية وجب علينا التطرق إلى بيان مفهومها (الفقرة‬
‫األولى) و طبيعتها القانونية و أهميتها (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم الملكية الصناعية‬


‫عرف المشرع الملكية الصناعية في المادة الثانية من القانون ‪ 17.97‬على أنه ‪ '':‬يراد بلفظة‬
‫الملكية الصناعية ما تفيده في أوسع مفهومها وتطبق ليس فقط على الصناعة والتجارة الصرفة والخدمات‪،‬‬
‫ولكن أيضا على كل إنتاج في مجال الصناعات الفالحية واالستخراجية وكذا على جميع المنتجات‬
‫المصنوعة أو الطبيعية مثل األنعام والمعادن والمشروبات''‪.‬‬

‫وانطالقا من التعريف أعاله يمكننا القول إن المشرع المغربي أخد بالمفهوم الواسع للملكية‬
‫الصناعية بحيث يشمل الصناعة و التجارة و الخدمات‪ ،‬زيادة على كل إنتاج في الصناعات الفالحية و‬
‫اإلستراتيجية‪ ،‬إض افة إلى جميع المنتجات المصنوعة أو الطبيعية كاألنعام و المعادن و المشروبات‪.‬‬

‫تتعدد التعاريف الفقهية لحقوق الملكية الصناعية حيث عرفها األستاذ محمد محبوبي بأنها‪'':‬‬
‫الحقوق المختلفة التي تكون ثمرة النشاط اإلبداعي الخالق للفرد في مجال الصناعة و التجارة و هي تخول‬
‫لصاحبها سلطة مباشرة على ابتكاره أو محل حقه‪ ،‬للتصرف فيه بكل حرية‪ ،‬و إمكانية مواجهة الغير‬
‫بها''‪ .8‬و عرفتها األستاذة سميحة القليوبي بأنها‪ '':‬الحقوق التي ترد على م بتكرات جديدة كاإلختراعات و‬
‫الرسوم و النماذج الصناعية‪ ،‬أو على شارات مميزة تستخدم إما في تمييز المنتجات (العالمة التجارية)‪ ،‬أو‬

‫محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.10.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪4‬‬
‫في تمييز المنشآت التجارية (اإلسم التجاري) و تمكن صاحبها من اإلستئثار بإستغالل إبتكاره أو عالمته‬
‫التجارية‪ ،‬أو إسمه التجاري في مواجهة الكافة''‪.9‬‬

‫كما عرفها أحد الباحثين بأنها‪ '':‬حقوق معنوية تخول صاحبها اإلستئثار بها اتجاه الكافة بإستغالل‬
‫ابتكاره الجديد سواء كان في الموضوع أو الشكل أو هما معا و حقه في إستغالل عالمة مميزة لتمييز‬
‫منتجاته أو منشآته أو مصدر منتجاته''‪.10‬‬
‫و رغم تعدد التعاريف الفقهية للملكية الصناعية إال أنها تصب في معنى واحد يفيد أن حقوق‬
‫الملكية الصناعية هي حقوق تخول لصاحبها حق اإلستئثار قبل الكافة باستغالل إبتكار جديد أو إشارة‬
‫مميزة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطبيعة القانونية للملكية الصناعية و أهميتها‬

‫تعتبر حقوق الملكية الصناعية من حيث طبيعتها حقوق مالية معنوية مؤقتة فهي حقوق معنوية‬
‫ألنها ترد على على شيء غير مادي ال يدركه الحس أال وهو اإلنتاج الفكري؛و هي حقوق مالية حيث‬
‫يكون لصاحب الحق فيها االستئثار باستغاللها اقتصاديا أي اإلفادة منها ماليا‪ ،‬وذلك بالتصرف فيها وإجراء‬
‫تعامالت عليها كما يمكن الحجز عليها‪.‬‬
‫و هي حقوق مؤقتة ال يستأثر بها صاحبها إلى األبد بل لمدة محدودة‪ ،‬و يرجع ذلك إلى ارتباطها‬
‫بتحقيق المصلحة العامة ألجل دفع المخترعين لتجديد وتطوير إبداعاتهم المتصلة بالصناعة والتجارة‪ ،‬وقد‬
‫حصر القانون حق اإلستئثار في مدة معينة يسقط بانقضائها ويصبح ماال مشاعا‪ .‬كما تسقط نتيجة عدم‬
‫االستغالل أو االستعمال الجدي بدون سبب مشروع‪. 11‬‬
‫أما من حيث أهميتها فإن الملكية الصناعية تلعب دورا مهما في تنظيم حماية حق المخترع من‬
‫جهة وذلك من شأنه دفع حركة اإلبتكار و اإلختراع و ظهور منتجات جديدة ‪ ،‬و قيام مشروعات إقتصادية‬
‫إلنتاج هذه المنتجات و ازدياد حركة التجارة الداخلية و ازدياد الصادرات و اتجاه ميزان المدفوعات‬
‫لصالح الدولة و زيادة الدخل القومي و ارتفاع مستوى المعيشة‪ ،‬فنظام براءات اإلختراع بما يمنحه من حق‬
‫إحتكار للمخترع يرد على ثمرة إنتاجه الفكري‪ ،‬هو حافز يدفع إلى تشجيع الملكات الخالقة‪.‬‬

‫‪ 9‬سميحة القليوبي‪،‬الملكية الصناعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،1993 ،‬ص‪.11.‬‬


‫‪ 10‬محمد المسلومي‪ ،‬الرسوم و النماذج الصناعية و حمايتها‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬كلية العلوم القانونية‬
‫و اإلقتصادية و اإلجتماعية جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬السنة الجامعية ‪ ،1996/1995‬ص‪.8.‬‬
‫‪ 11‬ملخص محاضرات الملكية الصناعية ملخص السنة األولى ماستر‪ ،‬أ‪ -‬بوترفاس حفيظة‬
‫‪5‬‬
‫أما من جهة أخرى فإن الملكية الصناعية ‪ ،‬تمكن من تحقيق مبدأ العدالة بين أصحاب البراءات ‪ ،‬و ينال‬
‫المخترع ثمرة إنتاجه للفكرة وال يحق لغيره منافسته باستغالل و إنتاج ما وصل إليه من إبتكار‪ .‬كما يتم‬
‫حماية صاحب المصنع أو المحل التجاري الذي يسعى إلى تحسين منتجاته بالعالمة التجارية المميزة‪.12‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أنواع حقوق الملكية الصناعية‬

‫ساهم التطور الصناعي بشكل كبير في تعدد صور حقوق الملكية الصناعية التي تنقسم إلى قسمين‬
‫رئيسيين‪،‬حيث سنخصص الفقرة األولى لحقوق الملكية الصناعية المستمدة من االبتكارات كبراءات‬
‫االختراع وتصاميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة والرسوم والنماذج الصناعية‪ ،‬ثم ننتقل لحقوق‬
‫الملكية الصناعية المستمدة من العالمات والبيانات المميزة في الفقرة الثانية‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حقوق الملكية الصناعية المستمدة من االبتكارات‬

‫تنصب ح قوق الملكية الصناعية المستمدة من االبتكارات على اإلختراعات واإلبداعات ذات‬
‫طبيعة صناعية وتتضمن كل من براءة اإلختراع (أوال)‪ ،‬تصاميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة‬
‫(ثانيا) و الرسوم والنماذج الصناعية (ثالثا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬براءة االختراع‬

‫تعتبر براءة االختراع أهم تطبيق للملكية الصناعية سواء من حيث طبيعة االمتيازات التي تخولها‬
‫للمخترعين أو ذوي حقوقهم أو من حيث وسائل الحماية المقررة قانونا لهذه االمتيازات‪ ،‬فالمالحظ بالنسبة‬
‫للقوانين التي تنظم الملكية الصناعية كشق للملكية الفكرية أنها تجعل المقتضيات المتعلقة ببراءات‬
‫‪13‬‬
‫االختراع على رأس ما تفرده للملكية الصناعية من مقتضيات‪.‬‬

‫و قد عرف المشرع المغربي براءة االختراع في المادة ‪ 17‬من القانون ‪ 17.97‬أن "سند الملكية‬
‫الصناعية الذي يحمي االختراعات هو براءة االختراع المسلمة لمدة حماية تستغرق عشرين سنة ابتداء من‬
‫تاريخ إيداع الطلب"‪.‬‬

‫كما عرفها بعض الفقه بأنها "الوثيقة التي يمنحها المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية‬
‫للمخترع ليتمتع اختراعه بالحماية القانونية داخل الدولة المانحة للبراءة وكذا حتى يستطيع احتكار استغالل‬
‫‪14‬‬
‫اختراعه لمدة محددة وبقيود معينة‬

‫‪ 12‬إدريس الفاخوري‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.171.‬‬


‫‪ 13‬محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15.‬‬
‫‪ 14‬محمد محبوبي‪ :‬النظام القانوني للمبتكرات الجديدة في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية و اإلتفاقيات الدولية‪،‬‬
‫‪6‬‬
‫وتمنح براءة االختراع باعتبارها سندا للملكية الصناعية بعد توفر مجموعة من الشروط المرتبطة‬
‫بموضوع االختراع والذي يجب أن يكون متميزا بطابع الجدة و يستلزم نشاطا إبداعيا (للحيلولة دون منح‬
‫البراءة لالختراعات البسيطة التي وإن كانت جديدة فإنها ال تبتعد كثيرا عن التقنيات المعروفة ) ‪ ،‬كما‬
‫يجب أن يكون محل االختراع قابال للتطبيق الصناعي وأن ال يمس النظام العام أو أن يخدش الحياء أو أن‬
‫يلحق ضررا بالصالح العام سواء من الناحية اإلقتصادية أو اإلجتماعية أو الصحية ‪.‬‬

‫باإلضافة الى هذه الشروط الموضوعية السالف ذكرها‪ ،‬يتعين كذلك توفر شروط شكلية معينة‬
‫للحصول على براءة االختراع من المكتب المغربي للملكية الصناعية ‪ ،‬حيث يتوجب على األشخاص‬
‫الذين تتوفر فيهم شروط تقديم طلب الحصول على براءة اإلختراع (المخترع‪/‬وكيل المخترع‪ /‬طلب‬
‫مشترك‪ /‬األجير)‪ ،‬إيداع طلبهم لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية و تعزيزه بمجموعة من الوثائق‬
‫حددها المشرع في المادة ‪15 31‬من القانون ‪ 17.97‬المتعلق بالملكية الصناعية‪.‬‬

‫و يخول القانون لصاحب براءة اإلختراع أو لذوي حقوقه‪ ،‬الحق االستئثاري في استغالل أو‬
‫استعمال أو تفويت الحق المرتبط بموضوع هذه البراءة ضمن نطاق زمني و مكاني محدد‪،‬حيث نصت‬
‫المادة ‪ 17‬أن ‪ ":‬سند الملكية الصناعية الذي يحمي االختراعات هو براءة االختراع المسلمة لمدة حماية‬
‫تستغرق عشرين سنة ابتداء من تاريخ إيداع الطلب‪".‬‬

‫ويتحدد النطاق المكاني لهذا الحق في البلد الذي سلم براءة االختراع إال في حالة قيام صاحب‬
‫هذه البراءة باإلج راءات الالزمة من أجل حماية اختراعه على المستوى الدولي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬تصاميم تشكل (طبوغرافية)الدوائر المندمجة‬

‫‪ 17.97‬على أن "‪ ... :‬مصطلح التصميم‬ ‫عرفها المشرع في المادة ‪ 90‬من القانون‬
‫(طبوغرافية) ‪ :‬أي ترتيب ثالثي األبعاد للعناصر‪ ،‬على أن يكون أحد العناصر على األقل عنصرا نشطا‪،‬‬
‫ولبعض الوصالت أو كلها لدائرة مندمجة‪ ،‬أو ذلك الترتيب ثالثي األبعاد المعد لدائرة مندمجة بغرض‬
‫التصنيع؛ وبمصطلح "الدائرة المندمجة" ‪ :‬كل منتوج تكون فيه العناصر‪ ،‬على أن يكون أحد العناصر على‬

‫الطبعة األولى‪ ،2005 ،‬الناشر دار أبي رقراق‪ ،‬ص‪.76.‬‬


‫‪ 15‬يجب أن يشمل ملف طلب براءة اإلختراع على‪:‬‬
‫أ) استمارة إيداع طلب براءة االختراع يحدد مضمونها بنص تنظيمي؛‬
‫ب) وصف االختراع؛‬
‫ج) مطلب أو مطالب الحماية؛‬
‫د) الرسوم التي يستند إليها الوصف أو مطالب الحماية؛‬
‫ه) موجز اإلختراع‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫األقل عنصرا نشطا‪ ،‬وبعض الوصالت أو كلها جزءا ال يتجزأ من قطعة من المادة و‪ /‬أو عليها في شكله‬
‫النهائي أو في شكله الوسط‪ ،‬ويكون الغرض منه أداء وظيفة إليكترونية‪".‬‬

‫وعرف الفقه القانوني التصاميم (الطبوغرافية) كونها "مخترعات كذلك إال أنها تتعلق بالميدان‬
‫االلكتروني وهي تقوم على إدماج عدد كبير من الوظائف الكهربائية في مكون صغير عن طريق ترتيب‬
‫ثالثي األبعاد العناصر‪ ،‬أحدها على األقل نشط‪ ،‬لبعض أو كل وصالت دائرة مندمجة‪ ،‬والدائرة المندمجة‬
‫هي منتج يتكون من عناصر‪ ،‬أحدها على األقل نشط‪ ،‬ومن وصالت كلها أو بعضها يشكل جزءا ال يتجزأ‬
‫من المادة يكون الغرض منه أداء وظيفة إلكترونية"‪.16‬‬

‫وما يالحظ أن جل التعريفات يصعب فهمها لما تتضمنه من مصطلحات تتطلب رصيدا معرفيا‬
‫تقنيا كافيا من أجل استيعابها‪ ،‬وتمتد مدة حماية شهادة تصميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة‬
‫؛ يخول خاللها صاحب‬ ‫‪17‬‬
‫باعتبارها سند للملكية الصناعية إلى عشر سنوات من تاريخ إيداع الطلب‬
‫الشهادة أو ذوي حقوقه‪ ،‬الحق االستئثاري في استغالل أو استعمال أو تفويت الحق المرتبط بموضوع هذه‬
‫الشهادة ضمن نطاق زمني و مكاني محدد‪ .‬كما أن شروط إيداع الطلب وتسليم الشهادة باإلضافة إلى‬
‫الحقوق المرتبطة بها تبقى مماثلة لتلك التي تم التنصيص عليها بالجزء المخصص لبراءة اإلختراع‪.18‬‬

‫ثالثا ‪ :‬الرسوم والنماذج الصناعية‬

‫ترد حقوق الرسوم والنماذج الصناعية على شكل المنتجات أو المظهر الخارجي لها فقط‪ ،‬وهذا‬
‫النوع يندرج ضمن االبتكارات الجديدة ذات القيمة الجمالية ‪ ،‬حيث عرفها المشرع في المادة ‪" 104‬يعتبر‬
‫رسما صناعيا حسب مدلول هذا القانون كل تجميع للخطوط أو األلوان ويعد نموذجا صناعيا كل صورة‬
‫تشكيلية تخالطها أو ال تخالطها خطوط أو ألوان‪ ،‬بشرط أن يعطي التجميع أو الصورة المذكورة مظهرا‬
‫خاصا ألحد المنتجات الصناعي ة أو الحرفية وأن يتأتى استخدامه نموذجا لصنع منتج صناعي أو حرفي‪.‬‬
‫يجب أن يكون الرسم أو النموذج الصناعي المذكور مختلفا عن أمثاله إما بتشكل مستقل يتيسر التعرف‬
‫عليه ويعطيه طابع الجدة وإما ب واحد أو أكثر من اآلثار الخارجية التي تضفي عليه شكال جديدا خاصا به‪".‬‬

‫وتمنح شهادة تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي وفق اإلجراءات والشروط المنصوص عليها‬
‫سلفا و يشترط في الرسوم و النماذج الصناعية كذلك عنصر الجدة واإلبداع و أن يكون قابال لالستخدام‬
‫الصناعي وغير مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة‪ ،‬و "تسري آثار تسجيل الرسم أو النموذج الصناعي‬

‫‪ 16‬محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.15.‬‬


‫‪ 17‬المادة ‪ ، 94‬قانون حماية الملكية الصناعية رقم ‪ 17.97‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.19‬بتاريخ ‪ 9‬ذي القعدة ‪ 15( 1420‬فبراير‬
‫‪ )2000‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 4776‬بتاريخ ‪ 2‬ذي الحجة ‪ 9( 1420‬مارس ‪.)2000‬‬
‫‪ 18‬المادة ‪ ، 93‬المرجع السابق‪.‬‬
‫‪8‬‬
‫طوال خمس سنوات من تاريخ اإليداع ويمكن تجديده بطلب من المالك أو وكيله الحامل للتفويض ‪ ،‬مع‬
‫إثبات دفع الرسوم المستحقة ألربع فترات متتالية من خمس سنوات‪.‬‬

‫ويجب أن يتم تجديد التسجيل خالل ستة أشهر قبل انصرام مدة صالحيته‪ " 19‬و يخول القانون‬
‫لصاحب الشهادة أو لذوي حقوقه‪ ،‬الحق االستئثاري في استغالل أو استعمال أو تفويت الحق المرتبط‬
‫بموضوع هذه الشهادة ضمن نطاق زمني و مكاني محدد‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الملكية الصناعية المستمدة من العالمات والبيانات المميزة‬

‫يقصد بمصطلح "الملكية الصناعية المستمدة من العالمات والبيانات المميزة" عالمات الصنع أو‬
‫التجارة أو الخدمة (أوال)‪ ،‬االسم التجاري وبيانات المصدر وتسميات المنشأ (ثانيا) ثم المكافآت الصناعية‬
‫(ثالثا)‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬عالمات الصنع أو التجارة أو الخدمة‬

‫عرف المشرع العالمة أنها‪...":‬كل شارة قـابلة للتجسـيد تمكن من تمييز منتجات أو خدمات‬
‫شخص طبيعي أو معنوي"‪ ، 20‬فتكون عالمة الصنع أو التجارة أو الخدمة هي التسمية أو الشارة التي‬
‫يعطيها الصانع لمنتجه‪ ،‬أو التاجر للسلعة التي يسوقها‪ ،‬أو صاحب الخدمة للخدمة التي يقدمها‪ ،‬لتمييزها‬
‫عن المنتجات والسلع والخدمات المنافسة‪ ،‬بحيث تصبح مع مرور الوقت دالة على المنتوج أو السلعة أو‬
‫الخدمة‪ ،‬وعلى جودتها‪ ،‬فتمكن من جلب الزبائن والحفاظ عليهم ‪.21‬‬

‫ويشترط أن تكون العالمة قابلة للتجسيد الخطي كما يجب أن تكون ذات طابع مميز و مشروعة‬
‫لكي تشكل وعاء لعالمة صنع أو تجارة أو خدمة‪،‬و بتوفر هذه الشروط و بعد تسجيل العالمة في السجل‬
‫الوطني لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية و التجارية وفق المسطرة المنصوص عليها في القانون‬
‫‪ ، 17.97‬ف يصبح لصاحب شهادة تسجيل عالمة الصنع أو الصنع أو التجارة الحق في االستغالل‬
‫االستئثاري لعالمته ضمن نطاق زمني حدده المش رع في مدة عشر سنوات قابلة للتجديد الى ما النهاية‪،‬‬
‫‪22‬‬
‫كما يمكن أن تكون محال لتفويت أو لترخيص باالستغالل‪.‬‬

‫‪ 19‬الفقرة األولى من المادة ‪ ،122‬المرجع السابق‪.‬‬


‫‪ 20‬الفقرة األولى من المادة ‪ ،133‬قانون ‪ ،17.97‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 21‬يونس بنونة‪،‬العالمة التجارية بين التشريع واالجتهاد القضائي ‪،‬المطبعة غير مذكورة‪.2006 ،‬‬
‫‪ 22‬المادة ‪ ،152‬قانون ‪ ،17.97‬مرجع سايق‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫ثانيا ‪ :‬االسم التجاري وبيانات المصدر وتسميات المنشأ‬

‫أ‪ -‬االسم التجاري‬

‫هو التسمية أو الشارة المميزة التي تستغل بها منشأة من المنشآت (المادة‪ 177‬من القانون‬
‫‪ )19.97‬لذلك فهو يشكل االسم الذي يظهر ويشتهر به األصل التجاري في السوق سواء كان مستغال من‬
‫قبل تاجر فرد أو شركة تجارية‪ .‬و هو يشكل بذلك أداة تميزه عن غيره من األصول التجارية المنافسة‪ ،‬و‬
‫للتاجر كامل الحرية مبدئيا الختيار الشارة التي يراها مناسبة لتعيين أصله لتجاري‪.23‬‬

‫ويشترط في االسم التجاري أن يتسم بطابع مميز‪ ،‬وأن يكون متاحا ال يتصل به حقوق الغير‪ ،‬وأن‬
‫يكون مشروعا‪ .‬وباعتبار االسم التجاري أحد عناصر األصل التجاري ‪،‬فإن أداة حمايته القانونية هي‬
‫دعوى المسؤولية المدنية ‪،‬التي إما أن تتخذ شكل دعوى المنافسة غير المشروعة أوالمنافسة الطفيلية ‪،‬أو‬
‫دعوى التعسف في استعمال الحق ‪ .‬هذا إضافة إلى الدعوى الجنائية التي تتدخل في بعض الحاالت‬
‫الخاصة ‪.24‬‬

‫ب‪ -‬بيانات المصدر أو المؤشر الجغرافي‬

‫المؤشر الجغرافي هو " كل مؤشر يهدف إلى التعريف بمنشأ منتج ما‪ ،‬والذي ينتمي إما إلى إقليم‬
‫أو موقع من ذلك اإلقليم حين تكون الجودة‪ ،‬السمعة أو أي سمة من السمات األخرى للمنتج راجعة‬
‫‪25‬‬
‫باألساس إلى منشأها الجغرافي‪"...‬‬

‫ج‪ -‬تسمية المنشأ‬

‫عرفها المشرع كونها " االسم الجغرافي الذي يطلق على بلد‪ ،‬جهة أو مكان ويستعمل لتعيين‬
‫منتج يكون متأصال منه وترجع جودته أو سمعته أو مميزاته األخرى المحددة بصورة حصرية أو أساسية‬
‫‪26‬‬
‫إلى الوسط الجغرافي الذي يشتمل على عوامل طبيعية وعوامل بشرية‪"..‬‬

‫و بناء على المادة ‪ 1-182‬فإن بيانات المصدر و تسميات المنشأ تعتبر من حقوق الملكية‬
‫الصناعية حيث تقيد الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية طلبات حماية البيانات الجغرافية وتسميات المنشإ في‬
‫" سجل يسمى السجل الوطني للبيانات الجغرافية وتسميات المنشإ " تمسكه وفق اإلجراءات المحددة بنص‬
‫تنظيمي"‪.‬‬

‫‪ 23‬فؤاد معالل‪ ،‬مقرر مادة الملكية الفكرية‪ ،2021/2020 ،‬ص‪.55.‬‬


‫‪ 24‬فؤاد معالل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.59.‬‬
‫‪ 25‬المادة ‪ ،180‬قانون ‪ ،17.97‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 26‬المادة ‪، 181‬قانون ‪ ،17.97‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المكافآت الصناعية‬

‫اعتبر المشرع المغربي المكافآت الصناعية من ضمن حقوق الملكية الصناعية دون أن يقوم‬
‫بتعريف المقصود منها وهو ما حاول بعض الفقه التصدي له ‪ ،‬حيث جاء في أحد التعاريف "يقصد‬
‫بالمكافآت الصناعية تلك الجوائز أو األوسمة أو الميزات أو الصفات أو شهادات التقدير كيفما كان نوعها‬
‫التي تم الحصول عليها في معارض دولية رسمية أو معترف بها رسميا منظمة في أراضي أحد البلدان‬
‫المنتمية لالتحاد الدولي لحماية الملكية الصناعية"‪. 27‬‬
‫وحسب مقتضيات قانون حماية الملكية الصناعية فإنه ال يجوز للمستفيدين من المكافآت الصناعية‬
‫أو ذوي حقوقهم استعمالها لغرض صناعي أو تجاري إال بعد تسجيلها لدى المكتب المغربي للملكية‬
‫الصناعية‪.‬‬

‫‪ 27‬محمد محجوبي "الملكية الصناعية والتجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪368‬‬


‫‪11‬‬
‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية المدنية للملكية الصناعية‬

‫سعى المشرع المغربي إ لى حماية الملكية الصناعية عبر سن نظام يحمي المتضرر من أفعال قد‬
‫تمس حقه االستئثاري‪ ،‬فباإلضافة إلى الحماية الوقائية المؤسساتية التي يشرف عليها كل من المكتب‬
‫المغربي للملكية الصناعية و كذلك إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة‪ ،‬لحماية حقوق الملكية عبر‬
‫مجموعة من اإلجراءات و التدابير على الحدود و التي تؤثر ال محالة على أمن و استقرار التجارة‬
‫العالمية‪.‬‬
‫إال أننا من خالل هذا المبحث سنركز على الحماية التي يوفرها الجهاز القضائي بالتطرق إلى أهم‬
‫دعويين و هما دعوى التزييف المدنية و دعوى المنافسة غير المشروعة‪.‬‬
‫غير أنه وإن كانت الدعويين ترميان إلى حماية الملكية الصناعية فإن كل دعوى تختلف عن‬
‫األخرى ‪ ،‬من حيث أن دعوى المنافسة غير المشروعة هي أداة لتدارك نتائج اإلخالل بالتزام قانوني‪،‬‬
‫يتمثل في التعسف في ممارسة حرية المنافسة التجارية وهي دعوى مسؤولية مدنية تهدف إلى إقرار‬
‫التعويض عن الضرر الناتج عن االستحواذ على زبائن المؤسسة التجارية بوسائل غير مشروعة‪ ،‬أما‬
‫دعوى التزييف فهي دعوى ذات طبيعة مختلطة‪ ،‬حيث تهدف إلى حماية الحق االستئثاري لمالك حق‬
‫الملكية الصناعية والتجارية‪ ،‬و في نفس الوقت تمكننا من الحصول على التعويض عن الضرر الذي لحقه‬
‫نتيجة التزييف‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬سنقسم هذا المبحث إلى مطلبين ‪ ،‬دعوى التزييف المدنية (المطلب األول) ودعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة(المطلب الثاني)‪.‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬دعوى التزييف المدنية‬

‫تعتبر دعوى التزييف آلية جد مهمة للمحافظة على حق الملكية الصناعية وعدم المساس به من‬
‫لدن الغير‪ ،‬حيث سنت جزاءات متعددة نص عليها القانون رقم ‪ ،17.97‬األمر الذي سيشجع أصحاب الحق‬
‫على القيام بإيداع وتسجيل حقوقهم لدى المكتب المغربي للملكية الصناعية وحمايتها من التزييف الذي‬
‫سنسعى من خالل هذا المطلب من تبيان ماهيته (الفقرة األولى) ثم تحديد صوره(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم التزييف و شروط دعوى التزييف المدنية‬

‫يعتبر فعل التزييف من األعمال التي تهدد حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬ولمواجهته منح المشرع‬
‫المغربي للمبدع أو المخترع حق االستئثار باالستغالل لمنع أي مساس يمكن أن يصدر عن األغيار يمكن‬

‫‪12‬‬
‫أن يطال هذا الحق‪ ،‬ومن خالل هذه الفقرة سنتناول مفهوم التزييف (أوال) ثم شروط إقامة دعوى التزييف‬
‫المدنية (ثانيا)‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مفهوم التزييف‬

‫يقصد بالتزييف نقل العالمة نقال حرفيا وتاما بحيث تصبح العالمة المزيفة صورة طبق األصل‬
‫من العالمة الحقيقية وال يمكن تفرقتها عنها أما إذا اقتصر النقل المكون للجريمة على مجرد نقل العناصر‬
‫األساسية للعالمة أو نقل بعضها نقال حرفيا مع إضافة شيء فإن هذا ال يعد تزييفا وإنما تقليدا لها‪.‬‬

‫من أجل ضبط مفهوم التزييف سنقدم تعريفا له (أ) ثم نحدد صوره (ب) ‪.‬‬

‫أ‪-‬تعريف تزييف‪:‬‬

‫وضع المشرع المغربي بمقتضى المادة ‪ 201‬من القانون رقم ‪ 17.97‬المتعلق بحماية الملكية‬
‫الصناعية‪ ،‬تعريفا للتزييف يشمل كافة صور الملكية الصناعية‪ ،‬حيث ورد في الفقرة األولى من هذه المادة‬
‫على أنه "يعتبر تزييفا كل مساس بحقوق مالك براءة اختراع أو تصميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر‬
‫المندمجة أو رسم أو نموذج صناعي مسجل أو عالمة صنع أو تجارة أو خدمة مسجلة أو اسم بيان‬
‫جغرافي أو تسمية منشأ كما هي معرفة على التوالي في المواد ‪ 53‬و ‪ 54‬و ‪ 99‬و ‪ 123‬و ‪ 124‬و ‪ 154‬و‬
‫‪ 155‬و ‪ 182‬أعاله‪".‬‬

‫ما يالحظ من خالل هذا التعريف أنه جاء عاما بالشكل الذي ترك مفهوم التزييف غامضا ‪ ،‬الشيء‬
‫الذي فتح المجال أمام الفقه لتبسيط تعاريفه حيث عرفه األستاذ محبوبي محمد كونه "قيام المزيف بإدخال‬
‫التحويرات والتعديالت على حقوق الملكية الصناعية حتى تتشابه في مظهرها مع الحقوق األصلية أو‬
‫قيامه بصنع مبتكرات جديدة أو وضع عالمات فارقة غير حقيقية تشبه في شكلها المبتكرات الجديدة أو‬
‫‪28‬‬
‫العالمات الفارقة الصحيحة ولكنها تختلف عنها في حقيقتها اختالفا كليا "‪.‬‬

‫ب‪ -‬صور التزييف‪:‬‬

‫بالنظر إلى القانون رقم ‪ 17.97‬نرى أن المادة ‪ 201‬تعرضت إلى صور التزييف وهي‪:‬‬

‫‪ -‬عرض حقوق الملكية الصناعية المزيفة للتجارة‪ :‬سواء كان العرض عبارة عن محل أو إعالنات طالما‬
‫أن حقوق الملكية الصناعية معروضة في أمكنة يمكن للمستهلك أن يراها‪.‬‬

‫‪ -‬استنساخ حقوق الملكية الصناعية ‪:‬مهما كانت الطريقة أو الوسيلة المستعملة في االستنساخ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.159.‬‬
‫‪13‬‬
‫‪ -‬استعمال حقوق الملكية الصناعية المزيفة ‪ :‬حتى ولو كان االستعمال لغرض شخصي غير تجاري‪.‬‬

‫‪ -‬حيازة حقوق الملكية الصناعية المزيفة‪ :‬حيث اشترط المشرع المغربي أن تكون الحيازة قصد االستعمال‬
‫أو العرض للتجارة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬شروط دعوى التزييف المدنية‬


‫نصت المادة ‪ 143‬على أنه ‪ ":‬تستفيد العالمات المودعة بصورة قانونية و المسجلة من لدن الهيئة‬
‫المكلفة بالملكية الصن اعية وحدها من الحماية المقررة في هذا القانون ابتداء من تاريخ إيداعها " ‪ .‬و بذلك‬
‫يعتبر شرط التسجيل من الشروط األساسية بحيث يجب على أصحاب تلك الحقوق أن يقوموا بتسجيلها لدى‬
‫المكتب المغربي للملكية الصناعية و التجارية قبل المطالبة بدعوى التزييف أمام المحكمة المختصة ‪.‬‬
‫كما يشترط توفر الصفة في المطالبة القضائية برفع دعوى التزييف المدنية حيث تكون أوال لمالك الحق‬
‫كونه المتضرر الرئيسي؛ كما يمكن إقامتها من طرف المستفيد من استغالل حق االستئثار وفق الشروط‬
‫المحددة‪.‬‬
‫و ي ترتب على مبدأ إقليمية القوانين شرط ارتكاب فعل التزييف داخل التراب المغربي حيث‬
‫تقتصر هذه الحماية فقط على حقوق الملكية الصناعية المسجلة بالمغرب و التي وقع تزييفها داخل التراب‬
‫‪29‬‬
‫المغربي‪.‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬دعوى التزييف المدنية كوسيلة لحماية حقوق الملكية الصناعية‬

‫يمارس المالك أومن يحل محله في حقوقه دعوى التزييف ضد مرتكب أفعال التزييف عند المس‬
‫بحقوقه ‪ ،‬إال أنه البد من اإلشارة إلى وجود دعوى مدنية وأخرى جنحية‪ ،‬فرغم اشتراكهما في الغاية‬
‫األساسية من وراء رفعهما والمتمثلة باألساس في إيقاف عمليات التزييف ووضع حد لها غير أنهما‬
‫يختلفان في نطاقات عدة‪ .‬فمن حيث العقوبات نجد أن الدعاوى المدنية تقتصر على الجزاءات ذات الطبيعة‬
‫المدنية كالتعويض عن األضرار ومنع مواصلة أعمال التزييف ومصادرة األشياء المزيفة‪ ،‬أما في‬
‫الدعاوى الج نائية فتتميز بطابعها الزجري الذي قد يصل إلى حد العقوبات السالبة للحرية ‪.‬كما تختلفان‬
‫‪30‬‬
‫أيضا في الجهة التي لها الحق في رفع الدعوى‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المسطرة المتبعة في الدعوى المدنية‬

‫محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.165-164‬‬ ‫‪29‬‬

‫إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.30.‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪14‬‬
‫لدراسة المسطرة المتبعة في دعوى التزييف المدنية سنتطرق إلى أطراف الدعوى (أ) ثم إلى‬
‫المحكمة المختصة بالنظر في هذه الدعوى (ب) ثم أجل دعوى التزييف (ج) وأخيرا وسائل اإلثبات‬
‫الخاصة بها (د)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬أطراف دعوى التزييف المدنية‬

‫يحق لصاحب حقوق الملكية الصناعية رفع دعوى التزييف المدنية على مرتكب الفعل الضار أو المسؤول‬
‫عنه ‪ ،‬وقد أكد المشرع على ذلك من خالل مقتضيات المادة ‪ 202‬من القانون رقم ‪.17.97‬‬

‫‪ -1‬المدعي‬

‫يقيم دعوى التزييف مالك براءة االختراع أو شهادة تصميم تشكل (طبوغرافية) الدوائر المندمجة‬
‫أو رسم أو نموذج صناعي مسجل أو عالمة صناعية أو تجارية أو خدماتية مسجلة‪.‬‬

‫كما يجوز للمستفيد من حق استغالل استئثاري ما لم ينص على خالف ذلك في عقد الترخيص‪ ،‬أن‬
‫يقيم دعوى التزييف إذا لم يقم المالك هذه الدعوى بعد إعذار يوجهه له المستفيد المذكور ويسلمه عون‬
‫‪31‬‬
‫قضائي أو كاتب ضبط‪.‬‬

‫‪ -2‬المدعى عليه‬

‫هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو المسؤول عنه‪ ،‬وقد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا وفي حالة‬
‫التعدد يمكن توجيه دعوى التزييف ضدهم جميعا بصفة تضامنية‪.‬‬

‫ب ‪ -‬المحكمة المختصة بالنظر في الدعوى المدنية‬

‫حدد المشرع المغربي في القانون رقم ‪17.97‬قواعد االختصاص سواء تعلق األمر باالختصاص‬
‫النوعي أو المحلي‪.‬‬

‫‪-1‬االختصاص النوعي‬

‫تختص المحاكم التجارية وحدها في البث في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء‬
‫‪32‬‬
‫الدعاوي الجنائية والقرارات اإلدارية المنصوص عليها فيه‪.‬‬

‫‪-2‬االختصاص المحلي‬

‫المادة ‪ ، 202‬قانون رقم ‪ ،17.97‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪15‬‬
‫تختص بحماية الملكية الصناعية‪ ،‬المحكمة التابع لها موطن المدعى عليه الحقيقي أو المختار أو‬
‫المحكمة التابع لها مقر وكيل ه أو المحكمة التابع لها المكان الذي يوجد فيه مقر الهيئة المكلفة بالملكية‬
‫‪33‬‬
‫الصناعية إذا كان موطن هذا األخير بالخارج‪.‬‬

‫ج – أجل دعوى التزييف المدنية‬


‫‪34‬‬
‫تتقادم الدعاوى المدنية بمضي ثالث سنوات على األفعال التي تسببت في إقامتها‪.‬‬

‫د‪ -‬وسائل اإلثبات‬

‫يجوز ألصحاب حقوق الملكية الصناعية إثبات التزييف بجميع وسائل اإلثبات من خالل‬
‫مقتضيات المواد ‪ 211‬و ‪ 218‬و ‪ 219‬من القانون رقم ‪ 17.97‬كما يمكن إثبات التزييف عن طريق الحجز‬
‫أو الوصف المفصل للمنتجات أو الطرائق المدعى تزييفها كإمكانية يسمح بها هذا القانون‪ ،‬لتقديم دليل‬
‫‪35‬‬
‫خاص بدعوى التزييف‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجزاءات المترتبة عن الدعوى المدنية‬

‫تتنوع الجزاءات المترتبة عن دعوى التزييف المدنية لتشمل المنع (أ) مصادرة األشياء المزيفة‬
‫(ب) التعويض(ج) ونشر الحكم (د) و الحرمان من العضوية في الغرف المهنية (ه)‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المنع من مواصلة األعمال المدعى أنها تزييف‬

‫يجوز لرئيس المحكمة التجارية المرفوعة إليها دعوى التزييف أن يأمر بصفته قاضي‬
‫المستعجالت ‪ ،‬بالمنع المؤقت من مواصلة األعمال المدعى أنها تزييف شريطة التأكد من جديتها بعد‬
‫الفحص الظاهر للوثائق و أن يقدم المدعي الطلب داخل أجل ثالثين يوما من اليوم الذي علم فيه باألفعال‬
‫‪36‬‬
‫المدعى أنها تزييف‪.‬‬

‫ب ‪ -‬مصادرة األشياء المزيفة‬

‫يجوز للمحكمة أن تأمر لفائدة المدعي (الطرف المتضرر) بناء على طلبه وبقدر ما هو ضروري‬
‫لضمان المنع من مواصلة التزييف‪ ،‬بمصادرة األشياء التي ثبت أنها مزيفة والتي هي ملك للمزيف في‬

‫‪ 33‬المادة ‪ 204‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 34‬المادة ‪ 206‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫أمينة حربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.118.‬‬
‫‪ 36‬المادة ‪ 203‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫تاريخ دخول المنع حيز التنفيذ وإن اقتضى الحال بمصادرة األجهزة أو الوسائل المعدة خصيصا إلنجاز‬
‫‪37‬‬
‫التزييف وتراعى قيمة األشياء المصادرة في حساب التعويض الممنوح للمستفيد من الحكم ‪.‬‬

‫ج ‪ -‬التع ويض عن الضرر الناتج عن التزييف‬

‫يعتبر التعويض عن الضرر الناتج عن التزييف أهم جزاء من طبيعة مدنية ‪ ،‬فمن خالله يمنح‬
‫تعويض عادل إلى صاحب الحق في االستغالل و يجب أن يكون بمقدار ما حصل من الضرر الذي فوته‬
‫التزييف من ربح على صاحب الحق وما تسبب له فيه من خسارة‪.‬‬

‫د ‪ -‬نشر الحكم‬

‫تأمر المحكمة المصدرة للحكم في دعوى التزييف بنشر هذا الحكم متى صار نهائيا على نفقة المحكوم عليه‬
‫‪ ،‬و الهدف من نشره هو إخبار األغيار خاصة الزبائن المحتملين بالتزييف كما يلعب دورا ردعيا كذلك‬
‫‪38‬‬
‫تجاه المزيفين المحتملين‪.‬‬

‫ه ‪ -‬الحرمان من العضوية في الغرف المهنية‬

‫إضافة إلى الجزاءات المذكورة أعاله‪ ،‬يمكن أن يحرم األشخاص المحكوم عليهم بمقتضى دعوى‬
‫‪39‬‬
‫التزييف من حق العضوية في الغرف المهنية طوال مدة ال تزيد على خمس سنوات‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬دعوى المنافسة غير المشروعة‬


‫إن المنافسة كعمل مشروع‪ ،‬قد تتعدى حدودها الطبيعية لتتحول إلى عمل غير مشروع نتيجة لجوء‬
‫البعض إلى وسائل تتنافى وأعراف وعادات التجارة‪ ،‬وتنافي الشرف المهني؛ ولذا ال تتردد الدول في‬
‫تنظيم المنافسة بين التجار‪ ،‬حماية لهم و للمستهلكين و االقتصاد الوطني لضمان استعمالها في الحدود‬
‫‪40‬‬
‫المشروعة‪.‬‬
‫و سنحاول من خالل هذا المطلب أن نتطرق إلى مفهوم المنافسة غير المشروعة و الشروط‬
‫الالزمة لقيام الدعوى المتعلقة بها في الفقرة األولى‪ ،‬ثم نعالج موضوع دعوى المنافسة غير المشروعة‬
‫كوسيلة لحماية حقوق الملكية الصناعية في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫‪ 37‬المادة ‪ 212‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ 38‬المادة ‪ 209‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬

‫المادة ‪ 208‬من القانون رقم ‪ ، 17.97‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.190‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪17‬‬
‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم المنافسة غير المشروعة و الشروط الالزمة لقيام الدعوى المرتبطة بها‬
‫من بين أوجه الحماية التي أقرها المشرع في قانون الملكية الصناعية نجد دعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة ‪ ،‬و هي دعوى مدنية وذلك طبقا للمادة ‪ 185‬من القانون رقم ‪ 17.97‬المتعلق بحماية الملكية‬
‫الصناعية التي تنص على أنه "ال يمكن أن تقام على أعمال المنافسة غير المشروعة إال دعوى مدنية‬
‫لوقف األعمال التي تقوم عليها ودعوى المطالبة بالتعويض"‪.‬‬
‫سنتطرق في هذه الفقرة إلى تعريف المنافسة غير المشروعة (أوال) و تمييز المنافسة غير‬
‫المشروعة عن األعمال المشابهة لها (ثانيا) ثم التطرق لشروط دعوى المنافسة غير المشروعة (ثالثا)‬

‫أوال ‪ :‬تعريف المنافسة غير المشروعة‬

‫بخالف العديد م ن التشريعات التي لم تضع تعريفا للمنافسة غير المشروعة ‪ ،‬قام المشرع المغربي‬
‫بتعريفها في المادة ‪ 184‬من قانون الملكية الصناعية على أنه ‪ ":‬يعتبر عمال من أعمال المنافسة الغير‬
‫المشروعة‪ ،‬كل عمل منافسة يتنافى وأعراف الشرف في الميدان الصناعي أو التجاري" ‪ .‬وبهذا يكون‬
‫المشرع قد تبنى التعريف الذي أورده القضاء في العديد من األحكام‪ ،‬منها ما جاء في حكم صادر عن‬
‫المحكمة التجارية بالدار البيضاء و الذي يعتبر بأن المنافسة غير المشروعة هي ‪ ":‬كل فعل يرمي من‬
‫وراءه التاجر عن سوء نية على تحويل أو محاولة تحويل الحرفاء أو الزبناء و إما اإلضرار أو محاولة‬
‫اإلضرار بمصالح المنافس عن طريق إس تخدام وسائل منافية أو العادات أو الشرف المهني‪"41‬‬

‫فيما عرفها الفقه المغربي على أنها ‪ " :‬هي التزاحم على الحرفاء أو الزبناء عن طريق إستخدام‬
‫وسائل منافية للقانون أو الدين أو العرف أو العادة أو اإلستقامة التجارية أو الشرف المهني"‪. 42‬‬
‫وعرفها أيضا محمد المسلومي بأنها "هي التي تتحقق بإ ستخدام التاجر لوسائل منافية للعادات واألعراف‬
‫والقوانين التجارية و المضرة بمصالح المنافسين أو التي من شأنها التشويش على السمعة التجارية وإثارة‬
‫الشك حول جودة منتجاته لنزع الثقة من منشآته أو وضع بيانات غير صحيحة على السلع بهدف تضليل‬
‫الجمهور"‪.43‬‬

‫‪ 41‬قرار محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 200/403‬ملف عدد ‪ 14446/99/110‬بتاريخ ‪ 22‬فبراير ‪ 2000،‬أورده محمد محبوبي‪،‬‬
‫النظام القانوني للعالمة التجارية في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية الصناعية و االتفاقيات الدولية‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة و‬
‫النشر‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ 2011،‬ص ‪ ، 174.‬مأخوذ عن محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 194.‬‬
‫‪ 42‬أمحد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في القانون التجاري المغربي و المقارن‪ ،‬الجزء الثالث‪1414 ،‬هـ‪1993 /‬م مطبعة المعارف الجديدة ص‪.417.‬‬
‫‪ 43‬محمد المسلومي‪ :‬الرسوم والنماذج الصناعية وحماتها‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.787. :‬‬
‫‪18‬‬
‫ثانيا ‪ :‬تمييز المنافسة غير المشروعة عن األعمال المشابهة لها‬

‫نظرا لما قد يقع من خلط بين المنافسة غير المشروعة وبين مجموعة من األفعال المشابهة لها‪،‬‬
‫فإننا سنحاول العمل على إبراز الفرق والتمييز بينها وبين هذه األفعال كالمنافسة الممنوعة مثال والتزييف‬
‫والتقليد كذلك‪.‬‬

‫أ‪ -‬المنافسة غير المشروعة والمنافسة الممنوعة‬

‫يقصد بالمنافسة الممنوعة أو المنافسة غير القانونية كل األفعال التي يأتيها التاجر وتكون مخالفة‬
‫للقوانين‪ .‬وهي تفترض وجود حظر قانوني على القيام بنشاط معين‪ ،‬حيث تمنع عندئذ المنافسة نهائيا سواء‬
‫أكانت الوسائل المستعملة مشروعة أو غير مشروعة ‪.44‬‬
‫وباإلضافة إلى المنافسة الممنوعة بموجب نص قانوني نجد كذلك تلك المنافسة المحظورة أو الممنوعة‬
‫بالعقد أو اإل تفاق‪ ،‬وهي تلك التي تقوم على شرط صريح أو ضمني للعقد‪ ،‬هذا الخرق الذي يرتب‬
‫المس ؤولية العقدية المنصوص عليها في الفصل ‪ 230‬وما يليه من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫فالمنافسة غير المشروعة تختلف عن المنافسة الممنوعة من عدة جوانب‪ ،‬فهي تختلف من حيث‬
‫األساس أوال في كون أساس المنع أو التحريم في المنافسة الممنوعة هو القانون أو االتفاق‪ ،‬أما األساس في‬
‫المنافسة غير المشروعة فال يقوم سوى على مجرد استخدام الوسائل المنافية للقانون أو العادات أو الشرف‬
‫أو الدين ‪ .‬و تختلف كذلك من حيث الجزاء و يتمثل بالتعويض ووقف أعمال المنافسة غير المشروعة وهذا‬
‫ما أكدته المادة ‪ 185‬من القانون رقم ‪ ،17.97‬أما الجزاء في دعاوى المنافسة الممنوعة فإنه قد يصل إلى‬
‫حد إغالق محل ممارسة النشاط التجاري وكذا العقوبة الجنائية متى تعلق األمر بانتحال صفة أو غيرها‬
‫من المخالفات التي يعاقب عليها جنائيا(مثال المادتين ‪ 230‬و ‪ 232‬من القانون السالف الذكر)‪.45.‬‬

‫ب ‪ -‬المنافسة غير المشروعة و دعوى التزييف‬

‫قد يقع خلط بين المنافسة غير المشروعة وبين تزييف حقوق الملكية الصناعية والتجارية والحال‬
‫أن هناك اختالفا جوهريا بينهم من عدة نواحي‪ ،‬فالمنافسة غير المشروعة تشكل عمال يكون موضوع‬
‫دعوى مدنية ‪ ،‬أما دعوى التزييف فإنها تشكل فعال جنائيا أساسيا يخضع للعقاب الجنائي وبالتالي فإن‬
‫دعواه هي دعوى جنائية وقد تكون مدنية كذلك وتسمى بدعوى التزييف المدنية‪ ،‬فهذه األخيرة إذا كانت‬
‫تمكن كل من له حق الملكية الصناعية أو التجارية من المطالبة بالتعويض عن الضرر الناتج طبعا عن‬
‫التزييف فإنها بطبيعتها أداة لحماية حق الملكية كحق استئثاري يمنع معه على الغير مزاحمة صاحبه في‬

‫‪ 44‬فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪285.‬‬


‫‪ 45‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في النظرية العامة في القانون التجاري والمقاوالت التجارية والمدنية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2001 ،‬ص‪.422 .‬‬
‫‪19‬‬
‫إ ستغالله‪ ،‬في مقابل ذلك فإن دعوى المنافسة غير المشروعة هي أداة لتدارك نتائج اإلخالل بالتزام قانوني‬
‫يتمثل في التعسف في ممارسة حرية المنافسة التجارية بإستعمال وسائل منافية لمبادئ الشرف المتعارف‬
‫عليها في الوسط التجاري‪.46‬‬

‫ج ‪ -‬المنافسة غير المشروعة والتقليد‬

‫تختلف كذلك المنافسة غير المشروعة عن التقليد في كون هذا األخير يشكل فعال جنائيا أساسيا‬
‫يخضع للعقاب الجنائي ودعواه تعد دعوى جنائية تتقرر لحماية الملكية الصناعية أو بعض العناصر‬
‫المعنوية المكونة للمتجر أو الملك التجاري كبراءة االختراع مثال‪ .47‬أما دعوى التقليد تفترض أساسا بأن‬
‫هناك حقا قد تم اإل عتداء عليه ( اعتداء مس بحق المدعي ) بينما في دعوى المنافسة غير المشروعة فإن‬
‫المدعي ينتقد موقف أو تصرف المدعى عليه الغير الالئق‪ ،‬كما أنه ال يمكن إقامة دعوى التقليد إال في حالة‬
‫استجماعها لكافة شروطها الخاصة‪ ،‬وبذلك يمكن القول أن دعوى التقليد أضيق نطاقا من دعوى المنافسة‬
‫غير المشروعة‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬شروط دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫لدراسة شروط دعوى المنافسة غير المشروعة سنتطرق إلى الخطأ وإلى الضررثم أخيرا إلى‬
‫العالقة السببية بينهما‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الخـطـأ‬
‫يعتبر ركن الخطأ شرطا في المنافسة غير المشروعة وهو يستلزم توفر عنصرين وهما‪ :‬ضرورة‬
‫وجود منافسة ثم عدم المشروعية‪.‬‬
‫*العنصر األول ضرورة وجود منافسة ‪ :‬يشترط أن يكون المعتدي والمتضرر يزاوالن نفس التجارة أو‬
‫الصناعة أو ال خدمة وأن تكون ثمة منافسة بينهما ‪.‬‬
‫*العنصر الثاني عدم مشروعية المنافسة ‪ :‬يشترط لقيام ركن الخطأ أن تكون هناك منافسة غير مشروعة‪،‬‬
‫وتكون كذلك كلما كان الفعل غير مشروع مخالفا ألعراف الشرف في الميدان الصناعي والتجاري حسب‬
‫مدلول المادة ‪ 184‬من القانون رقم ‪ 17.97‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية‪ .‬وهي أعراف وعادات‬
‫تختلف من ميدان إلى آخر وتخضع للسلطة التقديرية للمحكمة‪.‬‬

‫ب‪-‬الضرر‪:‬‬

‫‪ 46‬فؤاد معالل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.282.‬‬


‫‪47‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.434 .‬‬
‫‪20‬‬
‫يشترط لرفع دعوى المنافسة غير المشروعة أن يكون هناك ضرر ويستوي أن يكون الضرر‬
‫ماديا أو معنويا‪ ،‬كبيرا أو ضئيال‪ .‬كما ال يلزم في هذا الصدد أن يكون الضرر قد وقع فعال بل يكفي أن‬
‫يكون محتمل الوقوع في المستقبل‪ .‬كما أن تقدير الضرر بكل دقة في دعوى المنافسة غير المشروعة‬
‫يكون جد صعب نتيجة وجود عناصر مساعدة على ذلك ‪ ،‬ولهذا غالبا ما تقدر المحاكم التعويض تقديرا‬
‫جزافيا‪ ،‬مما يخرجنا من دائرة المسؤولية المدنية إلى نطاق العقوبة المد نية التي ال يرتبط فيها الجزاء بقيام‬
‫‪48‬‬
‫الضرر وال بمقداره‪.‬‬

‫ج‪-‬العالقات السببية بين الخطأ والضرر‬

‫تنشأ العالقة السببية بين الخطأ والضرر لقيام المسؤولية التقصيرية التي يترتب عنها التعويض‬
‫للمتضرر إذا كانت هناك منافسة غير مشروعة ‪ ،‬وهذا يعني أن يكون الخطأ الذي إرتكبه المعتدي أو‬
‫المنافس هو الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالمنافسين اآلخرين‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن تحديد فكرة الرابطة‬
‫السببية بين الخطأ والضرر من األمور الدقيقة ويرجع ذلك إلى سببين‪:‬‬
‫السبب األول ‪ :‬هو أنه كثيرا ما تساهم عدة أسباب في إحداث الضرر و بذلك فمن الالزم معرفة مدى‬
‫مساهمة كل من هذه األسباب في إحداث الضرر وتسمى هذه الحالة بتعدد األسباب و وحدة الضرر‪.‬‬
‫السبب الثاني ‪ :‬فيتمثل في حالة حدوث خطأ واحد يكون سببا في إحداث عدة أضرار متتالية وتسمى هذه‬
‫الحالة بوحدة السبب وتسلسل األحداث‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دعوى المنافسة غير المشروعة كوسيلة لحماية حقوق الملكية الصناعية‬

‫إن توفر جميع شروط دعوى المنافسة غير المشروعة يسمح للمتضرر باللجوء إلى القضاء من‬
‫أجل رفع الضرر عنه وفق مسطرة متبعة في دعوى المنافسة غير المشروعة (أوال) أمام محكمة مختصة‬
‫مما يترتب عنها عدة جزاءات (ثانيا) ‪.‬‬

‫أوال ‪ :‬المسطرة المتبعة في الدعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫لدراسة المسطرة المتبعة في دعوى التزييف المدنية البد من اإلشارة إلى أطراف الدعوى (أ) ثم إلى‬
‫المحكمة المختصة بالنظر في هذه الدعوى (ب) ‪.‬‬

‫أ‪-‬أطراف دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.226.‬‬ ‫‪48‬‬

‫‪21‬‬
‫المدعي هو كل شخص لحقه ضرر من عمل المنافسة غير المشروعة وفي حالة تعدد المتضررين أمكن‬
‫رفع هذه الدعوى من طرف كل متضرر على حدة أو من طرف مجموع المتضررين إذا كانت تجمع بينهم‬
‫مصلحة مشتركة‪.‬‬
‫المدعى عليه هو كل شخص مرتكب للفعل الضار أو مسؤول عنه وقد يكون شخصا ذاتيا أو معنويا وفي‬
‫حالة التعدد يمكن توجيه دعوى المنافسة غير المشروعة ضدهم جميعا بصفة تضامنية‪.‬‬

‫ب‪-‬المحكمة المختصة بالنظر في دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫بالرجوع إلى المادة ‪ 15‬من القانون رقم ‪ 17.97‬نرى أن المشرع المغربي أعطى للمحاكم‬
‫التجارية وحدها االختصاص للبت في المنازعات المترتبة عن تطبيق هذا القانون باستثناء القرارات‬
‫اإلدارية والدعاوى الجنائية المنصوص عليهما فيه ‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق باالختصاص المحلي فإن المادة ‪ 214‬من نفس القانون حددت المحكمة التابع لها‬
‫موطن المدعى عليه الحقيق ي أو المختار أو المحكمة التابع لها مقر وكيله أو المحكمة التابع لها المكان الذي‬
‫يوجد به مقر الهيئة المكلفة بالملكية الصناعية إذا كان موطن هذا األخير في الخارج ‪ ،‬كمحكمة مختصة‬
‫بالنظر في دعوى المنافسة غير المشروعة‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬الجزاءات المترتبة عن دعوى المنافسة غير المشروعة‬

‫وفقا للمادة ‪ 185‬من القانون رقم ‪ 17-97‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية فإن المحكمة تقضي‬
‫بعدة جزاءات تتجلى في المنع من مواصلة المنافسة غير المشروعة ووقف األعمال ثم التعويض عن‬
‫األضرار‪.‬‬

‫أ ‪ -‬المنع من مواصلة المنافسة غير المشروعة‬

‫أجاز المشرع لرئيس المحكمة التجارية بصفته قاضيا للمستعجالت أن يمنع مؤقتا تحت طائلة‬
‫الحكم بغرامة تهديدية مواصلة األعمال المدعى أنها منافسة غير مشروعة أو يربط مواصلتها بوضع‬
‫ضمانات ترصد لتأمين منح التعويض لمالك سند الملكية الصناعية أو للمستفيد من حق استغالل حصري‪.‬‬
‫إال أنه ال يمك ن قبول طلب المنع أو وضع الضمانات إال إذا تبين أن الدعوى جدية في موضوعها وأقيمت‬
‫داخل أجل أقصاه ‪ 30‬يوما يحتسب ابتداء من اليوم الذي علم فيه المالك باألفعال التي أسس الطلب بناء‬
‫عليها ‪.‬‬

‫ب‪ -‬وقف األعمال‬

‫‪22‬‬
‫يعتبر وقف األعمال من أهم الجزاءات التي تقضي بها المحكمة في دعوى المنافسة غير‬
‫المشروعة حيث تمنع الفاعل من التمادي في ممارسة األعمال المنافية لقواعد األمانة والشروط المؤطرة‬
‫للميدان التجاري‪ ،‬وهذا ال يعني أ ن وقف األعمال غير المشروعة يضع حدا للنشاط التجاري أو الصناعي‬
‫أو الحرية بصفة نهائية‪ ،‬ألن ذلك ال يمكن إتخاذه إال حالة المنافسة الممنوعة فقط‪ ،‬بل يقصد بذلك أن‬
‫تصرح المحكمة في حكمها بإتخاذ اإلجراءات الالزمة و وضع الضوابط التي من شأنها أن تحد من‬
‫إستمرار الفعل الضار‪ ،‬كأ ن تأمر بإزالة اللبس والخلط الواقع في أذهان الزبناء بين عناصر مؤسسة‬
‫‪49‬‬
‫تجارية محمية بصفة قانونية والعناصر المكونة للعمل غير المشروع‪.‬‬
‫ووقف األعمال غير المشروعة ال يعني إزالة التجارة أو الصناعة أو الخدمة بصفة نهائية ألن ذلك‬
‫ال يتأتى إال في حالة المنافسة الممنوعة وحدها‪ .‬والقصد من المشرع هو أن تقوم المحكمة بإتخاذ التدابير‬
‫الالزمة لمنع إستمرار الوضع غير القانوني‪ .‬وقد يكون الحكم على المتعدي بوقف األعمال التي تشكل‬
‫منافسة غير مشروعة الباعث الرئيسي في عدم وقوع الزبناء في الغلط وكذا الحفاظ على سمعة صاحب‬
‫الحق في العالمة‪ .‬و وقف األعمال ال تشمل المنتجات عامة وإنما فقط المنتجات التي تحمل العالمات التي‬
‫توقع الجمهور في الغلط واللبس‪. 50‬‬

‫ج ‪ -‬التعويض عن األضرار‬

‫إن استحقاق التعويض مرتبط بضرورة إثبات وجود الضرر وأ ن يكون مبلغ التعويض المحكوم به‬
‫قادرا على تغطية الضرر الحاصل ‪ ،‬وقد يصعب تحديد التعويض عن الضرر الالحق من جراء المنافسة‬
‫غير المشروعة لذلك تلجأ المحاكم في هذه الحالة إلى الخبرة مادامت ال تتوفر على العناصر الكافية‬
‫والضرورية لتحديد التعويض وقد تلجأ إلى الحكم بالتعويض بصفة جزافية إذ ثبت لها مثال أن البائع‬
‫‪51‬‬
‫لمنتوج مقلد ال يتوفر سوى على عينات قليلة أو أن المنتج ال يعرف رواجا كبيرا داخل السوق‪.‬‬

‫‪ 49‬إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 237،233.‬‬


‫‪ 50‬محمد محبوبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211 .‬‬
‫‪ 51‬إدريس الفاخوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.236.‬‬
‫‪23‬‬
‫خاتـــمــــة‬
‫لدوره اإليجابي في تحفيز المبتكرين‬ ‫إن توفير الحماية للملكية الصناعية له أهمية بارزة‬
‫وتشجيعهم على استحداث المبتكرات الصناعية الجديدة والسعي إلى تطويرها‪ ،‬تلبية لرغبات المجتمع‬
‫وحاجاته‪ ،‬ومن ثم لم يقتصر نطاق تنظيم هذه الحماية على المستوى الوطني فقط‪ ،‬بل امتد على المستوى‬
‫الدولي ب حكم طبيعة التطورات الصناعية‪ ،‬والعالقات االقتصادية الدولية المعاصرة؛ فاقتصار نطاق‬
‫الحماية على دولة دون أخرى سيكون ضعيفا في تحقيق األهداف المنشودة من تقرير هذه الحماية عموما‬
‫من أجل تنظيم المنافسة المشروعة‪ ،‬كما أن لهذه الحماية فوائد اقتصادية تشجع أصحاب رؤوس األموال‬
‫على استثمار أموالهم في الدول التي توفر أقصى حماية للملكية الصناعية‪ ،‬وذلك في ظل مناخ استثماري‬
‫تتوافر فيه أنظمة الحماية‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار تعامل المشرع المغربي مع موضوع الحماية المدنية للملكية الصناعية بنوع من‬
‫الجدية الالزمة‪ ،‬وعيا منه بحجم األضرار التي قد تترتب عن أي مساس ألصحاب الحقوق لذلك أقر نظاما‬
‫حمائيا ضم مجموعة من اآلليات المؤسساتية والقضائية‪ ،‬إضافة الى كونه قد أخذ بالمفهوم الواسع لمفهوم‬
‫الملكية الصناعية‪.‬‬

‫ومن خالل بحثنا تطرقنا إلى دعويين مدنيتين وهما دعوى المنافسة غير المشروعة و دعوى‬
‫التزييف المد نية و تبيان مفهومها و نطاق الحماية التي توفرهما لمختلف صور الملكية الصناعية باإلضافة‬
‫الى الجزاءات المترتبة عنهما مما يبرز المجهودات الجبارة التي قام بها المشرع المغربي بخصوص‬
‫مراجعة ترسانته القانونية في مجال الملكية الصناعية و ذلك ما يظهر من خالل التعديلين اللذين لحقا‬
‫بالقانون رقم ‪ 17.97‬محاولة منه لسد كل الثغرات التي يلتجئ إليها كل متعد على الحقوق الواردة على‬
‫حقوق الملكية الصناعية‪.‬‬

‫إال أن اإلشكال الذي يثار في هذا السياق هو ما مدى نجاعة القضاء في التطبيق السليم لمقتضيات‬
‫هذا القانون أثناء البت في النزاعات المعروضة أمامه لتمكين ذوي الحقوق من حقهم اإلستئثاري‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫الكتب العامة‬
‫‪ -‬أمحد شكري السباعي ‪ ،‬الوسيط في القانون التجاري المغربي و المقارن‪ ،‬الجزء الثالث‪1414 ،‬هـ‪/‬‬
‫‪1993‬م مطبعة المعارف الجديدة ‪.‬‬
‫‪ -‬محبوبي محمد ‪ ،‬مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة المعارف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪. 2015،‬‬

‫‪ -‬معالل فؤاد ‪ ،‬محاضرات في الملكية الفكرية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس‪ ،‬السنة الجامعية ‪. 2021-2020‬‬

‫‪ -‬الفاخوري إدريس ‪ ،‬حقوق الملكية الفكرية في التشريع المغربي‪ ،‬مطبعة الجسور‪ ،‬وجدة‪. 2018،‬‬
‫‪ -‬ملخص محاضرات الملكية الصناعية ملخص السنة األولى ماستر‪ ،‬بوترفاس حفيظة‪.‬‬

‫الكتب المتخصصة‬
‫‪ -‬بنونة يونس ‪ ،‬العالمة التجارية بين التشريع واالجتهاد القضائي‪ ،‬المطبعة غير مذكورة‪. 2006،‬‬
‫‪ -‬لفروجي محمد ‪،‬الملكية الصناعية و التجارية تطبيقاتها و دعاواها المدنية و الجنائية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ 12،‬شتنبر ‪. 2002‬‬
‫‪ -‬القليوبي سميحة ‪ ،‬الملكية الصناعية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪. 1993 ،‬‬
‫‪ -‬محبوبي محمد ‪ ،‬النظام القانوني للمبتكرات الجديدة في ضوء التشريع المغربي المتعلق بحقوق الملكية‬
‫الصناعية و اإلتفاقيات الدولية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬الناشر دار أبي رقراق‪2005 ،‬‬

‫األطروحات و الرسائل الجامعية‬


‫‪ -‬الدماني أحمد ‪ ،‬الحماية الجنائية للعالمة التجارية في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماستر في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة موالي إسماعيل‪ ،‬مكناس‪،‬‬
‫‪.2007-2008‬‬
‫‪ -‬محمود أحمد محمود حمدان‪ ،‬التنظيم القانوني لبراءة االختراع اإلضافية‪ ،‬رسالة لنيل درجة الماجستير‬
‫في القانون الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الموسم الجامعي‬
‫‪.2011/2010‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬المسلومي محمد‪ ،‬الرسوم و النماذج الصناعية و حمايتها‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة‬
‫الجامعية ‪.1996/1995‬‬
‫‪ -‬الحجاج سعيد‪ ،‬الحماية الجنائية للعالمة التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية‪ ،‬جامعة عبد المالك السعدي‪.2014/2013 ،‬‬

‫النصوص القانونية‬
‫‪ -‬القانون رقم ‪ 17.97‬الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 1.00.19‬بتاريخ ‪ 9‬ذي القعدة ‪15( 1420‬‬
‫فبراير ‪ )2000‬المتعلق بحماية الملكية الصناعية؛ الجريدة الرسمية عدد ‪ 4776‬بتاريخ ‪ 2‬ذي الحجة‬
‫‪ 9( 1420‬مارس ‪.)2000‬‬
‫المقاالت‬
‫حربي مينة ‪،‬مدى إلزامية محضر الحجز الوصفي إلثبات التزييف في حقوق الملكية الصناعية‪ ،‬مجلة‬
‫الملف‪ ،‬العدد ‪،17‬أكتوبر ‪.2010‬‬
‫محبوبي محمد ‪ ،‬حماية حقوق الملكية الصناعية من التزييف‪ ،‬المجلة المغربية لقانون األعمال والمداوالت‪،‬‬
‫العدد ‪ ،12‬أبريل ‪.2007‬‬

‫‪26‬‬
‫الفهرس‬
‫مقدمة…‪1…………………………………………………………………...............‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬ماهية الملكية الصناعية و أنواع الحقوق المترتبة عنها‪4......................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬ماهية الملكية الصناعية ‪4..............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم الملكية الصناعية ‪4.............................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الطبيعة القانونية للملكية الصناعية و أهميتها ‪5...................................................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬أنواع حقوق الملكية الصناعية ‪6.....................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬حقوق الملكية الصناعية المستمدة من االبتكارات ‪6.............................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬الملكية الصناعية المستمدة من العالمات والبيانات المميزة ‪9..................................‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الحماية المدنية للملكية الصناعية ‪12...............................................................‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬دعوى التزييف المدنية ‪12............................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم التزييف و شروط دعوى التزييف المدنية‪12.............................................‬‬

‫الفقرة الثانية ‪ :‬دعوى التزييف المدنية كوسيلة لحماية حقوق الملكية الصناعية ‪14..........................‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬دعوى المنافسة غير المشروعة ‪17................................................................‬‬

‫الفقرة األولى ‪ :‬مفهوم المنافسة غير المشروعة و الشروط الالزمة لقيام الدعوى المرتبطة بها‪18.......‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬دعوى المنافسة غير المشروعة كوسيلة لحماية حقوق الملكية الصناعية‪21................‬‬

‫خاتـــمــــة ‪24................................................................................................................‬‬

‫قائمة المراجع ‪25..................................................................................... .......................‬‬

‫‪27‬‬

You might also like