Professional Documents
Culture Documents
التنمر الإلكتروني- دراسة مقارنة- ، رسالة لنيل شهادة الماستر من إعداد الطالب الباحث عبد الغني البورقادي
التنمر الإلكتروني- دراسة مقارنة- ، رسالة لنيل شهادة الماستر من إعداد الطالب الباحث عبد الغني البورقادي
التنمر اإللكرتون
-دراسة مقارنة -
لجنة المناقشة
د .سعيد الوردي :أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس :مشرفا ورئيسا
د .نجيب األعرج :أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس :عضوا
دة .سهيلة بوزالفة :أستاذة باحثة بكلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس :عضوا
السنة الجامعية:
2022-2021
بسم هللا الرمحان الرحيم
َي أايُّـ اها الَّ ِذين آمنُوا اَل يس اخر قاـوٌم ِمن قاـوٍم اعس ٰى أان ي ُكونُوا اخ ْْيا ِم ْنـ ُهم واَل نِ
ساءًٌ ْا ا ا ْ ا اْ ْ ْ ا ا ا
ِمن نِس ٍاء اعس ٰى أان يا ُك َّن اخ ْْيا ِم ْنـ ُه َّن ۖ واَل تاـل ِ
ْم ُزوا أان ُفس ُك ْم اواَل تاـنااباـ ُزوا ِِب ْألالْ اق ِ
اب ۖ ا ا ً ا ا
ب فاأُوٰلائِ ا
ك ُه ُم الظَّالِ ُمو ان ((11 بِْئس ِاَل ْسم الْ ُفسو ُق بـ ْع اد ِْ ِ
اإلمياان ۚ اوامن ََّّلْ ياـتُ ْ ُ ُ ا ا
ل ل
ا حمد الله بكرة وعشيا ،ا حمد جهرة ونجيا ،عسى الا اكون بدعاء برى شقيا .احمدة ابلغ حمدة واركاة ،واصلى واسلم على معلم
بص م
البش برة سيدبا حمد صلى الله علية وسلم وعلى اله واصحابة اهل اليقين واليقى ،صلاة ببير الابصار والبصائر و لح ليا
الياطن والظاهر.
ل
وعملا بقوله صلى الله علية وسلم " من لم يشكر الياس لم يشكر الله " بطيب لى ان ابوجة – عرفابا منى با حميل باسمى
ابات الشكر واليقدئر والامييان الى اسياذي :شعيد الورذي الدي بفصل بالاشراف على هدة الرساله واعظابى
الكيير من فبض علمة ووفية فكان بعم الموجة والمرسد فله منى كل الشكر واليقدئر على جشن بصجة ،فقد كان ليوجيهابة
قب ع لا ف ي ال ن لعال ه المي
ي
جية وارساذابة مية وموافقة الا سابية ابير الائر فى ا حار هدا جب جراة الله جير جراء وبارك فى مرة و غ
بعلمة.
كما ابقدم نحالض الشكر واليقدئر والامييان الى الاسابدة اصحات العلم الغ ئرر والمقام الرفيغ لجية الميافشة كل باسمة
ولن ايسى ان ابقدم نجربل الشكر واليقدئر والغرفان لاشرة ماسير العداله الجيابية والعلوم الجيابية القوج اليابى عشر.
إهداء
إلى الينبوع الذي ال يمل العطاء إلى صوت
الوجود النابض ونداء الحياة الدائمة إلى
رمز الكفاح والصبر والتضحية إلى
والدتي الغالية
إلى من سعى وشقي ألنعم بالراحة والهناء الذي
لم يبخل بشيء من أجل دفعي في طريق النجاح
الذي علمني أن أرتقي بسلم الحياة بحكمة
وصبر إلى
والدي العزيز
إلى من حبهم يجري في عروقي ويبتهج بذكرهم
فؤادي إلى
إخوتي األعزاء
إلى من سرنا سويا ونحن نشق الطريق معا نحو
النجاح واإلبداع إلى من تكاتفنا يدا بيد
ونحن نقطف زهرة تعلمنا إلى
أصدقائي وزميالتي
إلى كل من علمونا حروفا من ذهب وكلمات من
درر وعبارات من أسمى وأجلى عبارات العلم
إلى من صاغوا لنا من علمهم حروفا ومن فكرهم
منارة تشير لنا مسيرة العلم والنجاح إلى
أساتذتي الكرام
إلى كل من مر بخفة وترك فينا أقرا طيبا في
حياتنا...إلى كل من هون علينا الطريق يوما
ما
إلى كل من حمل في قلبه ودا لنا...إلى من
جمعتنا بهم الصدف
إلى ذكرى جدتي الغالية
إلى
إلى كل هؤالء أهدي ثمرة جهدي راجيا من اهلل عز
وجل القبول.
❖ الئحة المختصرات:
➢ -ص :الصفحة.
➢ -م .س :مرجع سابق.
➢ -ق.ج .م :القانون الجنائي المغربي.
➢ ق.م.ج :قانون المسطرة الجنائية المغربي.
➢ ق.ل.ع :قانون االلتزامات والعقود.
➢ -ط :الطبعة.
ولعل أهم هذه المصطلحات التي صارت متداولة على ألسنة الباحثين المتخصصين في
علوم اإلعالم والمعلوميات :الثورة المعلوماتية ،االنفجار المعلوماتي ،المجتمع المعلوماتي
المجتمع الرقمي ،مجتمع اإلعالم والمعلومات ،...وغيرها من المصطلحات التي شكلت محور
اهتمام معظم الدارسين المعاصرين لإلعالم.
وإذا كانت الدول النامية تزال تنظر إلى الزراعة والصناعة على أنها أساس الموارد
والقوة والتقدم ،فإن الدول المتقدمة قد تجاوزت هذه النظرة القديمة التي لم تعد تصلح اليوم في
مجتمع اإلعالم والمعلومة ،بحيث صار التركيز منصبا على المعلومات والمعرفة باعتبارها
مصدرا جديدا للقوة والثراء والتقدم.1
فقوة األمم اليوم لم تعد تقاس بما تملكه من ثروات اقتصادية أو عسكرية فحسب ،بل
أصبحت القوة الحقيقية ألية أمة من األمم تقاس بمدى امتالكها للمعلومات وكيفية توظيفها
فالمتحكم اليوم في زمام األمور والذي يدير قواعد اللعبة الكونية هو ذلك الذي يملك أكبر قدر
من المعلومات ،فعالم اليوم شئنا أم أبينا هو عالم الرقمنة بامتياز.
ولذلك فقد أصبح التحكم في التكنولوجيا الحديثة مسعى كل متعلم وكل مجتمع على اختالف
ثقافته وديانته وانتماء أفراده ،...بل وأصبح التحكم في هذه التكنولوجيا سبيال للتحكم في
موازين القوى العالمية ،فالمتتبع للواقع الحالي يرى أن الحرب اليوم أصبحت حرب المعلومات
والتكنولوجيا ،فمن يملك المعلومة ويملك التكنولوجيا يملك القوة.
- 1قواسم بن عيسى ":الفجوة الرقمية والمعلوماتية بين الدول العربية – دراسة مقارنة بين الجزائر واإلمارات العربية
المتحدة ،" -مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في علوم اإلعالم واالتصال ،كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلنسانية قسم
اإلعالم و االتصال ،جامعة وهران ،الموسم الجامعي ،2007-2006ص .14
1
وألن لكل شيء إيجابياته وسلبياته ،فهذه الثورة ورغم ما جاءت به من إيجابيات ،إال أنه
في مقابل ذلك أفرزت نوعا جديدا من الجرائم ذات الطبيعة التقنية ،مستفيدة من تكنولوجيا
المعلومات أطلق عليها بعض الفقه اإلجرام المعلوماتي.2
فبالموازاة مع هذا التطور الحاصل على المستوى التكنولوجي ،فقد صاحب هذا التطور
تطور على مستوى األفعال اإلجرامية ،ففي عصر توسعت فيه البيئة الرقمية وتزايد استخدام
مواقع التواصل االجتماعي ومختلف التطبيقات اإللكترونية ،انتشرت أصناف جديدة من
الجرائم لم تكن معهودة في الماضي.
فتعددت بذلك أوجه استخدام تكنولوجيا المعلومات ،وتنوعت مجاالتها بين تجارية وإدارية
واجتماعية حتى أصبحت جزءا من حياتنا اليومية نظرا العتبارها من أكثر الوسائل المسهلة
للتعارف بين الناس عن طريق ما يعرف بمواقع التواصل االجتماعي ،فأصبح التواصل بين
األشخاص يتم بالصوت والصورة ،فرادى وجماعات وأصبح نشر األخبار والمعلومات يتم
بسرعة كبيرة ،3إذ في خالل ثواني معدودة يمكن أن يصل الخبر لمختلف ربوع العالم خاصة
مع انتشار شبكة الجيل الخامس.
هذا األمر جعل الناس يعتقدون أنها فضاء مباح ومنطقة فوق القانون ،خاصة مع ظهور
مواقع التواصل االجتماعي التي فتحت أبواب الحوار على مصراعيه بين مختلف الشعوب.
وحيث وجدت الحرية وجد التعدي على الحرية ،فالواقع اإللكتروني والعالم االفتراضي
أفرز العديد من التجاوزات عن طريق االستخدام غير المشروع لمواقع التواصل االجتماعي
فتحولت من فضاءات للتعارف والتقارب وتبادل المعارف واألفكار والرأي ،إلى منابر للمس
بأمن الدولة واستقرارها أو بشرف األشخاص واعتباراتهم أو بالنظام العام واآلداب العامة.4
-2عفيفي كمال عفيفي ":جرائم الكمبي وتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور الشرطة والقانون – دراسة مقارنة،"-
منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان بيروت ،ط ،2003ص .15
-3سعيد الوردي ":التنمر اإللكتروني " ،مداخلة ألقيت بمناسبة المؤتمر الدولي االفتراضي األول حول التكنولوجيا القانون
والتعليم بين الواقع والمستقبل المنظم من قبل المدرسة العليا للتكنولوجية بمكناس أيام 23 :إلى 26يناير .2022
-4بهلول بن حوى ":جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي :مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر ،جامعة عبد
الحميد بن باديس مستغانم ،السنة الجامعية ،2020-2019ص.1
2
وهو األمر الذي جعل مسألة ضبط هذه الحرية أمرا واجبا ،خاصة عندما يكون مجال
ممارسة هذه الحرية هو وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية .حيث إن استعمال
هذه الوسائل يتم من طرف جميع شرائح ال مجتمع ،ومنهم من يطلق العنان لحريته حتى تقع
أفعاله تحت طائلة التجريم والعقاب بسبب المساس بحقوق اآلخرين.5
وفي الصدد فقد برزت العديد من الظواهر السلبية الناتجة عن االستعمال غير العقالني
للوسائل اإللكترونية وأصبح المجرمون وأصحاب النيات السيئة يعتمدون على هذه الوسائل
لممارسة أفعالهم اإلجرامية ،بحيث أصبحت البيئة الرقمية مجاال خصبا النتشار جرائم متعددة
منها :االحتيال اإللكتروني ،االبتزاز الجنسي اإللكتروني ،السب والقذف عبر وسائل التواصل،
التهديد اإللكتروني ...وغيرها من الجرائم والظواهر التي لها مساس بحريات األفراد
وحقوقهم.
وعلى مدار التاريخ فإن كثيرا من األذى والفساد يظهر أو يتطور تبعا لتطور البشر وتغير
الزمان ،ومن سلوكيات الفساد واألذى التي تطورت ونمت وتفشت في المجتمعات سلوك
التنمر ،فأصبح بذلك -التنمر -من المشكالت الخطيرة.6
-5سعيد الوردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية– دراسة فقهية مقارنة في
ضوء أحكام القانون الجنائي المغربي والقانون رقم 88.13المتعلق بالصحافة والنشر والعمل القضائي المقارن :مطبعة
األمنية الرباط ،ط األولى ،2020 ،ص .11
-6كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ":جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون" ،مقال منشور بمجلة كلية الشريعة
والقانون ،جامعة األزهر ،فرع أسيوط ،العدد الرابع والثالثون ،اإلصدار األول ،الجزء الثالث ،يناير ،2022ص .2383
3
ورغم توافر كثير من األدلة العلمية على أن اإلنسان عرف التنمر منذ القدم 7كأحد أشكال
السلوك العدوان ي بوصف العدوان مشكلة قديمة قدم نشأة حياة اإلنسان على وجه األرض،
وهو ما أشار له القرآن الكريم؛ حيث سرد قصة أول عدوان بين ولدي آدم عليه السالم" َوإِ ْذ
قَا َل َربُّكَ ِل ْل َم َالئِ َك ِة إِنِي َجا ِع ٌل فِي ْاأل َ ْر ِ
ض َخ ِليفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْ عَ ُل فِي َها َمن يُ ْف ِس ُد فِي َها َويَ ْس ِفكُ ِ
الد َما َء
ِس لَكَ ۖ قَا َل إِنِي أ َ ْعلَ ُم َما َال ت َ ْعلَ ُمونَ " ،8إال أن ظاهرة التنمر اليوم سبِ ُح بِ َح ْمدِكَ َونُقَد ُ َونَحْ ُن نُ َ
أصبحت أكثر شيوعا في ظل عصر العولمة واالنفجار المعرفي والتكنولوجي.
يُحضر مصطلح التنمر إلى األذهان ذاكرة مؤلمة ال يمكن نسيانها ألي شخص شاهد أو
مر مرة في حياته بإحدى تجارب التهديد والتعذيب أو بنبرات اإلذالل والغيظ.
bullyingمعنى مضاد للمعنى الذي يعرفه فمنذ خمسمائة عام ،كان لكلمة التنمر
اليوم .حيث اشتقت كلمة bullyingمن الكلم ة األلمانية " بويل" والتي تفيد معنى اآلخر
المحبوب الصديق ،أو فرد من العائلة المحبوبة .وإذا تتبعنا المعنى الحديث للتنمر تتبعا منهجيا
نجد أنها اشتقت من مظاهره وأشكاله.9
ومع اختالف األزمنة التاريخية تنوعت وتعددت صور التنمر ،إال أن أكثر األنواع شيوعا
في األزمنة األولى كان العنف الجسدي ،والقتل واإلذالل البشري.
إذ أن اإلنسان القديم كان يتعارك ويتصارع مع اآلخرين من أجل المال أو نتيجة الغيظ
أو طلبا للسلطة ،بل إن هناك قانونا ان تشر لفترة طويلة عبر األزمان وهو الرق والعبودية.
حيث كنا نرى النساء واألطفال يوضعون في األسر ضد إرادتهم ويباعون سلعا في األسواق،
ويروي " مارتن لوثر كنينج" في العام 1962شكال آخر للعبودية وتنمر السادة على العبيد
وعندما جاء الدين اإلسالمي فتح بابا واسعا لتحرير العبيد حيث جعل كفارة الذنوب عتق
الرقاب ،حتى كاد الرق يتالشى.
وقبل ذلك أوصى اإلسالم بهم خيرا حين جعل العبيد إخوان األحرار وطالبهم بأن يعاملوهم
معاملة إنسانية تليق بإنسانيتهم في مطعمهم وملبسهم.
وبهذا فالتنمر في شكله التقليدي كان يشمل جميع أشكال العنف اللفظي والبدني ،واإلساءة
الموجهة ضد شخص معين أو جماعة معينة .وما ميز التنمر خالل هذه المرحلة هو كونه كان
يمارس في العالم الواقعي.
ومع تطور المجتمعات وازدهارها وتنامي اإلقبال على وسائل االتصال اإللكترونية مثل
" فيسبوك" و " تويتر" و " غوغل" وغيرها من القنوات االلكترونية الجديدة ،أصبحت
حياتنا الواقعية أكثر تداخال مع حياة اإلنترنيت ،ومع هذا التطور التكنولوجي تطورت أيضا
أشكال التنمر لينتقل من العالم الواقعي إل ى العالم االفتراضي ،وتنعكس نتائجه مجددا على
أرض الواقع.11
فالتنمر التقليدي المباشر يرتبط بمفهوم التنمر اإللكتروني إال أنهما يختلفان من حيث
الوسيلة ،فالتنمر التقليدي مرتبط باآلثار الجسدية والنفسية للضحية ويكون وجها لوجه face
to faceفي الدراسة أو مقر العمل أو الجلسات العائلية وغيرها ،كما يعتمد على إمكانيات
المتنمر الجسدية والنفسية وسهولة معرفة المتنمر -الجاني ، -كما ينتهي – التنمر التقليدي-
وال تبقى غير الذكرى ،وتكرار فعل التنمر منحصر فقط في المواجهة بين طرفي التنمر .بينما
5
التنمر اإل لكتروني له أثار على الجانب النفسي واالنفعالي للضحية ،ويرتبط بقوة التكنولوجية
التي تسمح له التخفي وعدم معرفة هوية فاعله ،ويتميز بانتشاره بسرعة وعلى مدى أوسع
من التنمر التقليدي وصعوبة تحديد وقت النتهائه؛ كون أن مادة التنمر موجودة في اإلنترنيت
ومتاحة للكثيرين.12
وبالتالي ومع هذا التطور المهول الذي شهدته تكنولوجيا االتصال أصبح التنمر اإللكتروني
ظاهرة مقلقة تدق ناقوس الخطر ،فقد أبان استطالع قامت به األمم المتحدة بين الشباب ،تبين
من خالله أن 20%من الشباب اضطروا لعدم الذهاب إلى المدارس ومبارحة منازلهم بسبب
التنمر ،كما أن واحدا من بين كل 3شبان يتعرضون للتنمر عبر اإلنترنيت وذلك في 30
دولة شملها االستطالع .وحسب موقع المنظمة فإن ما يصل إلى 7من كل 10شباب قد
تعرضوا لإلساءة عبر اإلنترنيت في مرحلة ما ،كما أن واحدا من كل 3ضحايا للتنمر قد
تعرض ألذى ذاتي من جراء ذلك وأقدم كل 10على محاولة االنتحار وفق المنظمة.13
وقد جاءت مجموعة من الدراسات لتثبت انتشار هذه الظاهرة –التنمر اإللكتروني -حيث
سجل مستويات مرتفعة في جميع أنحاء العالم بحيث جاءت دراسة كل من Michele and
ybarra 2003بالواليات المتحدة األمريكية على أنه كل واحد ممن يستخدمون اإلنترنت
متورطون في التنمر اإللكتروني حيث 4%تعرضوا للتنمر و 20%منهم متنمرون.14
وفي أستراليا يتعرض طالب من بين 6طالب في المرحلة العمرية بين التاسعة والسابعة
عشر لالعتداء مرة أسبوعيا على األقل.15
وفي ظل جائحة كوفيد 19التي اجتاحت العالم بأسره والتي فرضت على عدد كبير من
األفراد العيش والتعلم والتواصل عن بعد عرف التنمر اإللكتروني زيادة ملحوظة في معدالته.
-12سحر فؤاد /مجيد النجار ":جريمة التنمر اإللكتروني -دراسة مقارنة في القانون العراقي واألمريكي ،"-مقال منشور
بالمجلة األكاديمية للبحث القانوني ،المجلد ،11العدد ،2020 ،04ص .141
-13التنمر اإللكتروني...كيف تعرف األمم المتحدة الظاهرة التي تهدد الشباب ،منشور على الموقع اإللكتروني
التالي https://www.alroeya.com/60-64/2223278-%25:تم اإلطالع عليه يوم 2022/11/10على الساعة
.00:30
-14ثناء هاشم محمد ":واقع ظاهرة التنمر اإللكتروني لدى طالب المرحلة الثانوية في محافظة الفيوم وسبل مواجهتها -دراسة
ميدانية ،" -مقال منشور بمجلة جامعة الفيوم للعلوم التربوية والنفسية ،العدد الثاني عشر ،الجزء الثاني ،2019 ،ص .187
-15ثناء هاشم محمد ،م ،س ،ص.188
6
حيث إن منظمة اليونيسيف أشارت إلى كون أن التنمر اإللكتروني قد تضاعف ضد األطفال
تحديدا بنسبة 64%خالل هذه جائحة .
وهذا بالطبع مفهوم وليس مقبول ،ذل ك أن فترات الحظر قد جعلت اإلنسان يتكئ على
التكنولوجيا والتواصل االجتماعي كمادة للتندر والتنمر في آن واحد.16
ومن خالل هذا التأصيل التاريخي للموضوع الحظنا كيف أن التنمر قد مر بمرحلتين
أساسيتين ،مرحلة تقليدية ومرحلة حديثة .فما يميز المرحلة التقليدية للتنمر هو اقتصاره
وممارسته على أرض الواقع كما أنه اتخذ أشكاال بدائية ( ضرب ،عنف ،إيذاء.)...أما المرحلة
الحديثة للتنمر فقد تميزت بانتقال هذا األخير إلى عالم افتراضي عالم بدون رقيب وهو ما
جعل أنواعه وأشكاله تعرف تزايدا وتغيرا واتخذت أنواعا عدة ،وهو األمر الذي جعل الجميع
ينتبه إما بشكل مباشر أو غير مباشر لهذه الظاهرة والمناداة بضرورة وضع حد لها
والستفحالها .سواء عن طريق عقد لقاءات أو ندوات أو أيام دراسية أو عن طريق المطالبة
بالتدخل زجريا والحيلولة دون تفاقمها.
وقبل الغوص في ثنايا الموضوع الذي ال يمكن ألحد أن ينكر أهميته أو قيمته العلمية ،ال
بد أوال من التأصيل المفاهيمي للموضوع خاصة وأننا أمام مفاهيم قد تبدو مألوفة للبعض ،بل
ويمكن القول أننا أمام مصطلحات معروفة على مستوى الممارسة ومجهولة من حيث المعنى.
التأصيل المفاهيمي:
نسعى من خالل هذا البحث إلى تحقيق هدف رئيسي والمتمثل في محاولة تقديم دراسة
علمية تكشف عن أهم التحديات والعراقيل ذات الصلة بالموضوع وخاصة القانونية ،وذلك
من خالل رصد مختلف جوانب ظاهرة التنمر اإللكتروني .ولذلك سنحاول التعرف على مفهوم
التنمر اإللكتروني ،لكن قبل ضبط تعريف التنمر اإللكتروني ال بد أوال من التطرق إلى مفهوم
-16رفعت بدر ،التنمر االلكتروني في عصر الكورونا ،مقال منشور على الموقع التالي:
.https://abouna.org/abouna-opinionتاريخ النشر 21يوليوز ،2021تم اإلطالع عليه يوم 2022/11/16على
الساعة .20 :15
7
التنمر بمعناه العام باعتباره سلوكا من السلوكيات القديمة في تاريخ الحياة اإلنسانية التي
الزمت اإلنسان وتطورت بتطور الحياة البشرية لتصل إلى الحالة التي هي عليه اليوم.
التنمر لغة من فعل ت َن َّمر ،يَت َن َّم ُر ،تَنَ ُّم ًرا .فهو ُمتَن َِم ٌر والمفعول متنمر له .ويقال تَنَ َّم َر
الشخص :نَ ُم َر ،غضب وساء خلقه ،وصار كالنمر الغاضب .وتَنَ َّمر :ت َ َ
شبَّه بالنمر في لونه أو
طبعه .ويقال تَنَ َّم َر الشخص لفالن :تنكر له وأوعده ،ويقال أيضا تَنَ َّم َر :مدد في صوته عند
الوعيد.17
كما يقترن التنمر في اللغة بالغضب وسوء الخلق ،فيقال للرجل السيئ الخلق قد ن َِم َر وتَنَ َّم َر
ونَ َّم َر وجهه أي غي ََّره وعبسه .والنمر لونه أنمر وفيه نمرة محمرة أو نمرة بيضاء وسوداء،
ومن لونه اشتق السحاب النمر ،بحيث قال األصمعي :ت َن َّم َر له أي تنكر وتغير وأوعده ألن
النمر ال تلقاه أبدا إال متنكرا غضبانا.18
فهو مشتق من اسم ( النمر) كما اشتق من اسم ( الحجر) تحجرا .19والنمر حيوان معروف
أخبث من األسد سمي بذلك لتنمره واختالف لون جسده معجبا بنفسه ذو قهر وسطوات عنيدة
ووثبات شديدة 20وهو أعدى عدو للحيوانات ال تردعه سطوة أحد وهو معجب بنفسه.21
والنمر كناية عن شدة الحقد والغضب تشبيها بأخالق النمر وشراسته ،ونَ ُم َر الرجل وتَنَ َّمر:
غضب والجمع نمور واألنثى نمرة.22
التنمر اصطالحا:
التالي: -17معجم المعاني الجامع ،معجم عربي عربي متوفر على الموقع اإللكتروني
/https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%AA%D9%86%D9%85%D8%B1
-18لسان العرب البن منظور ،الجزء الخامس ،ص .235
-19المعجم الوسيط ،الجزء الثاني ،ص .954
- 20تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشوراني ،البن حجر الهيثي ،الجزء التاسع ،ص .28
-21تاج العروس ،الجزء الرابع عشر ،ص .45
-22الصحاح تاج اللغة ،وصحاح العربية ،الجزء الثاني ،ص .328
8
لقد استعمل مصط لح التنمر من قبل بعض العلماء ،ومنهم اإلمام الزرقاني في كتابه (
مناهل العرفان في علوم القرآن) فقال ":تنمر أعداء هللا على القرآن ،وألقوا في طريق اإليمان
به حباال وعصيا من التخيالت واألوهام ،من ذلك شبهات لفقوها ووجهوها إلى أسلوبه ،وهي
مع التوائها وخبثها تراها مفضوحة منقوصة.
وقصد اإلمام الزرقاني في استعماله لفظ التنمر هنا :التلفيق واالدعاء بغير حق ،وتشويه
القرآن بتسميات باطلة ،وهذا الذي قصده اإلمام الزرقاني يعد نوعا وشكال من أشكال التنمر
وليس جميع صوره.23
وإذا كان التنمر لغة التوعد والتهديد والتخويف ،فهذه المعاني اللغوية مالحظة في التعريف
االصطالحي ،بحيث عرفه بعض الباحثين المختصين بأنه :إيقاع األذى على فرد أو أكثر
بدنيا أو نفسيا أو عاطفيا أو لفظيا ،ويتضمن أيضا التهديد البدني أو الجسمي بالسالح واالبتزاز
أو مخالفة الحقوق المدنية ،و كذلك يتضمن االعتداء بالضرب أو العمل ضمن عصابات
ومحاوالت القتل أو التهديد.24
وعرفه البعض بأنه ":اإلعتداء اللفظي أو الجسدي المتكرر والذي يمارسه عادة الفتى
المعتدي أو الفتاة على من هم في سنهم أو أصغر منهم ،ويعتمد المعتدي فيه على قوته ورفقته،
وفي المقابل يستغل ضعف المعتدى عليه أو انفراده.25
كما عرفه البعض بكونه أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو مجموعة من األطفال
ضد طفل أخر أو إزعاجه بطريقة متعددة ومتكررة ،وقد يأخذ هذا التنمر أشكاال متعددة كنشر
اإلشاعات أو التهديد ،أو مهاجمة الطفل المتنمر عليه بدنيا أو لفضيا.26
-23كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص .2391
-24على موسى الصبيحة ،محمد فرمان القضاة ":سلوك التنمر عند األطفال المراهقين -مفهومه أسبابه عالجه –" ،الرياض،
الطبعة األولى 1434ه ،2013/ص .8
-25كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص.2392 ،
-26التنمر يحدث للجميع ويوقعه الجميع ،مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي:
https://www.unicef.org/egypt/ar/bullying.
9
وهذا التعريف يعد قاصرا عن إعطاء مفهوم للتنمر ألنه يقتصر على تنمر األطفال على
األطفال فقط ،في حين أنه يمكن أن يقع -التنمر -من البالغين والكبار.
ولهذا فقد تم تعريف التنمر بكونه :اإليذاء الذي يقوم به طرف بحق طرف آخر غالبا ما
يكون أضعف منه على المستوى الجسدي والفكري ،وسواء كان أحد الطرفين فردا أو
مجموعة.27
ورغم أن هذا التعريف شامل لجميع صور التنمر وشامل لكل من يتعرض للتنمر صغيرا
أو كبيرا ،فردا أو مجموعة وكذلك لمن يقع منهم التنمر ،إال أن ما يؤاخذ عليه أنه يصور
المتنمر بأنه هو األقوى في الغالب من الشخص الضحية -المتنمر عليه .-وهذا غير صحيح
نظرا لكون أن التنمر قد يقع من أشخاص أضعف من المتنمر عليه وأصغر منه أحيانا لكون
أن سلوك التنمر مرتبط بما هو أخالقي وتربوي.
التعريف القانوني:
من بين التعريفات القانونية التي أعطيت للتنمر نجد تعريف المشرع المصري الذي عرف
تنمرا كل قول أو استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغالل ضعف للمجني
التنمر ":28يعد ً
عليه ..أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسئ للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو األوصاف
البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى االجتماعي ..بقصد تخويفه أو وضعه موضع
السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه االجتماعي" .وما يالحظ على أن المشرع
المصري أطنب في تعريف التنمر ،ولقد أحسن واضعوا القانون صنعا حينما وسعوا من مفهوم
التنمر ونطاقه بحيث لم يحصروه في أفعال األطفال األقوى على األضعف منهم كما عرفه
البعض ولم يقصره على أماكن معينة كالمدارس كما فعل البعض اآلخر .وهذا األمر الذي
فعله واضعوا هذا القانون يعطي للقاضي سلطة عقاب من قام بهذه األفعال وغيرها من األفعال
المجرمة التي تسيء إلى كرامة الشخص واعتباره .فنطاق العقوبات في القانون المصري
طبقا للمادة 309مكرر ( ب) يجعل التنمر يحدث في أي مكان بداية من المنزل واألسرة
-27كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص .2393
- 28المادة 309مكرر (ب) من قانون العقوبات المصري رقم 85لسنة 1937المعدل بموجب القانون رقم 89لسنة .2020
10
والمدرسة ومكان العمل ومنصات التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية وتطبيقات
المراسلة وغيرها سواء وقعت هذه األفعال من الكبير أو الصغير ،من الفرد أو الجماعة ،من
األنثى أو الذكر .ولهذا فمسألة إعطاء تعريف واسع للتنمر تحسب للمشرع المصري.
وانطالقا من التعريفات السابقة نخلص إلى كون أن التنمر هو تلك السلوكيات العدوانية
المرفوضة وغير المرغوب فيها والموجهة من شخص يسمى ُمتَن َِم ًرا إلى شخص آخر يسمى
ُمت َن َّم ًرا عليه وذلك بغيت إذالله واحتقاره واالنتقاص من قيمته والمساس بشعوره وكرامته
سواء كان العدوان ماديا أو معنويا أو نفسيا أيا كان زمان ومكان ووسيلة ارتكابه.
تحديد تعريف التنمر اإللكتروني ليست مهمة سهلة ،بالنظر إلى تنوع األسماء المستخدمة
والمجال الواسع لألفعال التي يمكن اعتبارها تنمرا الكتروني ،إذ يعتبر التنمر اإللكتروني أحد
التبعات السلبية التي خلفها التطور التكنولوجي في هذا العصر.29
ويعرف البعض التنمر اإللكتروني بأنه :فعل عدواني متعمد من فرد أو مجموعة أفراد
باستخدام وسائل االتصال اإللكترونية بشكل متكرر ضد الضحية الذي ال يستطيع أن يدافع
عن نفسه.30
في حين عرفه البعض ،بأنه شكل من أشكال العدوان يعتمد على استخدام وسائل االتصال
الحديثة وتطبيقات االنترنيت ( الهواتف المحمولة ،كاميرا الفيديو ،البريد اإللكتروني صفحات
الويب )...في نشر منشورات أو تعليقات تسبب التنكيد للضحية أو الترويج ألخبار كاذبة أو
إرسال رسائل إلكترونية للتحرش بالضحية بهدف إرباكه وإصابته بحالة من التنكيد المادي
والمعنوي.31
-29يمينة المدوري ":التنمر اإللكتروني – مقاربة مفاهيمية ،" -مقال منشور بمجلة التكامل في بحوث العلوم االجتماعية
والرياضية ،المجلد ،5العدد 21 ،2دجنبر ،2021 ،ص .135
-30محمود كامل محمد كمال ":التنمر اإللكتروني وتقدير الذات لدى عينة من الطالب المراهقين الصم وضعاف السمع-
دراسة سيكومثرية إكلينيكية" ،رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في التربية ،جامعة طنطا ،كلية التربية ،قسم
الصحة النفسية1434 ،ه2018/م ،ص .22
-31نوال وسار ،م ،س ،ص.181
11
كما تم تعريف التنمر اإللكتروني أيضا بكونه الفعل الذي يحدث على األجهزة الرقمية
مثل الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر واألجهزة اللوحية ،ما يمكن أن يحدث من خالل
الرسائل القصيرة والنصوص والتطبيقات أو عبر وسائل التواصل االجتماعي حيث يمكن
لألفراد عرض المحتوى أو المشاركة فيه أو مشاركته كما يشمل أيضا -التنمر اإللكتروني-
إرسال أو نشر أو مشاركة محتوى سلبي أو ضار خاطئ أو وضيع عن شخص آخر .ويمكن
أن يشتمل أيضا مشاركة معلومات شخصية أو خاصة عن شخص تسبب له اإلحراج أو
اإلذالل .32
إذن ومن خالل ما التعريفات ،يمكن إذن أن نعرف التنمر اإللكتروني بكونه هو :تلك
السلوكيات العدوانية المرفوضة وغير المرغوب فيها والموجهة عبر مختلف الوسائل
اإللكترونية من شخص يسمى ُمتَن َِم ًرا إلى شخص آخر يسمى ُمتَنَ َّم ًرا عليه بغية إذالله
واحتقاره واالنتقاص من قيمته والمس بشعوره وكرامته.
أهمية الموضوع:
إن ضمان استقرار ورقي أي مجتمع ينبع من ضمان وحماية حقوق أفراده ،فال تتحقق
هذه الغاية دون أن يحس هؤالء باألمان واالطمئنان على حقوقهم ومكتسباتهم .ومن هذه
الحقوق نجد الشرف واالعتبار والكرامة التي عملت كل التشريعات على إعطائها األهمية
التي تستحقها من خالل مجموعة من النصوص القانونية التي وضعت اإلطار القانوني
للشرعية في ردع كل مساس بهذه الحقوق.
ومن هنا تبرز أهمية موضوع الدراسة في كون أن التنمر اإللكتروني يشكل اعتداء
صارخا على هذه الحقوق؛ خاصة في ظل االستعمال المتزايد لمواقع التواصل االجتماعي
وغياب الوعي األخالقي والقانوني لدى روادها.
كما تبرز أهمية الموضوع أيضا على المستويين العلمي واالجتماعي :
-What Is Cyberbullying : article posted on the website : 32
, See it on : 17/11/2022 at : 23:00. https://www.stopbullying.gov/cyberbullying/what-is-it
12
فعلى المستوى العلمي:
تتجلى أهمية الموضوع في الخصوصية التي يتميز بها نظرا لكونه أن من المواضيع
المستجدة وغير المستهلكة في الحقل القانوني بحيث تعد كتابتنا هذه من الكتابات األولى في
هذا الموضوع.
ظاهرة التنمر اإللكتروني من أكثر الظواهر الماسة بنفسية األشخاص نظرا لما تخلفه
من آثار نفسية وصحية قد تالزم ضحاياها طيلة حياتهم ،هذا إن لم ينتهي األمر ببعضهم إلى
اختيار االنتحار الذي له ارتباط كبير بهذه الظاهرة.
صعوبات الدراسة:
لكل موض وع صعوباته الخاصة التي تميزه عن غيره من المواضيع ،وهذه الخاصية
تضفي على البحث طابعا خاصا ال يعلمه إال من عانى أمام حداثة الموضوع وندرة الكتابات
فيه.
كذلك الشأن بالنسبة لموضوع التنمر اإللكتروني ،إذ يعتبر هذا الموضوع موضوعا حديثا
ذو راهنيه خاصة في غياب بحوث تناولت هذه الظاهرة اللهم بعض الدراسات القليلة والتي
تناولته وعالجته من زاوية علم النفس واالجتماع.
ولهذا فقد حد حملنا على عاتقنا التحدي والبحث محاولين اإلحاطة بالموضوع من مختلف
جوانبه خاصة القانونية منها نظرا لكون أن تشريعات بعض الدول العربية قد قطعت أشواطا
في هذا الشأن بحيث نظمت هذه الظاهرة -التنمر اإللكتروني -وجعلت منها جريمة قائمة
األركان والصور ،وهو األمر الذي نتمنى أن نتفوق فيه بقدرة هللا.
إشكالية البحث:
بناء على كل ما تقدم يمكن القول أن موضوع -التنمر اإللكتروني -يثير العديد من
اإلشكاليات خاصة في ظل الطابع الخاص الذي يميز المجتمع المغربي الذي أصبح في عالقة
13
تطبيع مع هذه الظاهرة ،وهو ما سيجعل مسألة معالجتنا للموضوع من الناحية القانونية
مسألة صعبة خاصة وأن المشرع الجنائي المغربي لم يورد أي مصطلح يتضمن "التنمر"
سواء على مستوى القانون الجنائي أو على مستوى القوانين الخاصة.
ولكون أن أفعال التنمر اإللكتروني في بعض األحيان تتخذ صورا وأشكاال تشبه أفعاال
تكتسي طابع تجريمي بمقتضى نصوص القانون الجنائي المغربي ،فإن اإلشكالية المثارة في
هذا الصدد تختزل في ما يلي :إلى أي حد يمكن القول بأن النصوص الجنائية في القانون
الجنائي المغربي كفيلة بمواجهة ظاهرة التنمر اإللكتروني؟
إن اختيار المنهج المتبع ال يأتي من قبيل الصدفة أو الميل ،وإنما يفرضه موضوع
الدراسة وأهدافه ،فاختيار المنهج المناسب والدقيق هو الذي يعطي مصداقية وموضوعية
للنتائج المتوصل إليها .وبما أن دراستنا تتمحور حول دراسة موضوع – التنمر اإللكتروني
دراسة مقارنة ،فقد ارتأينا االستعانة بالمنهج الوصفي وذلك من خالل وصف مختلف أبعاد
هذه الظاهرة وتحديد أهدافها وظروفها وكذا أبعادها المختلفة .وإضافة إلى المنهج الوصفي
استعنا كذلك بالمنهج التحليلي لما يتيحه هذا المنهج من إمكانية لتحليل النصوص التشريعية
الوطنية والمقارنة المؤطرة لهذه الظاهرة.
14
ولكون أن دراستنا ستكون دراسة مقارنة ،فإن االعتماد على المنهج المقارن أمر ال
محيد عنه نظرا ألهميته الكبيرة في إغناء البحوث العلمية وذلك من خالل مقارنة موقف
التشريع الوطني مع موقف مختلف التشريعات المقارنة تجاه هذه الظاهرة.
كنا اعتمدنا كذلك على المنهج االستنباطي وذلك من خالل محاولة استنباط مجموعة
من األحكام الواردة في القانون الجنائي المغربي ومحاولة إسقاطها على أفعال التنمر
اإللكتروني .
خطة البحث:
لدراسة هذا الموضوع اعتمدنا على خطة علمية حاولنا من خاللها اإلحاطة بمختلف
جوانب الموضوع بحيث تم تقسيم الموضوع إلى فصلين:
أما الفصل الثاني فسنخصصه لموقف التشريعات األجنبية تجاه ظاهرة التنمر
اإللكتروني ،سواء العربية منها أو األجنبية.
وفي األخير سوف نورد خاتمة لموضوع بحثنا نضمنها مختلف النتائج والمقترحات
والتوصيات المتوصل إليها والتي نتمنى أن تكون ذات فائدة في إغناء الطرح القانوني لهذا
البحث.
15
الفصل األول :التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المغربي
يشهد العالم المعاصر مجموعة من التغيرات المتسارعة في مجال االتصال وتقنية
المعلومات ،ما جعل العالم قرية كونية تنتقل فيها المعلومات إلى جميع أنحاء الكرة األرضية
في وقت وجيز ،وال شك أن هذه التغيرات لها تأثير مباشر على األفراد والمؤسسات المكونة
للمجتمع ،ما دفع المجتمعات بقبول هذه المستحدثات والتكيف معها لتحقيق االستفادة مما تقدمه
من مزايا في جميع المجاالت.33
والمجتمع المغربي كأحد مجتمعات العالم المعاصر لم يكن بعيدا عن هذه الثورة ،فقد شهد
منذ عقود خلت إقباال كبيرا في مجال التحول إلى مجتمع تقني يقوم على االستفادة من المزايا
التي تقدمها تقنية االتصال بشكل خاص والتقنية الحديثة بشكل عام في شتى المجاالت
والميادين ،وذلك مواكبة لعصر العولمة الذي فرض على الجميع ،وحتى ال يجد نفسه في
عزلة عن بقية دول العالم.
وفي هذا الصدد برزت مواقع التواصل االجتماعي لتصبح في مقدمة إنجازات ثورة
المعلوميات دون منافس ،حيث ربطت شبكة المعلومات األشخاص بعضهم ببعض في جميع
أنحاء العالم لتجعل من العالم قرية صغيرة.
وقد شهدت استعماالت هذه المواقع إقباال متزايدا وطلبا كبيرا من شرائح المجتمع المختلفة
لما تحققه من تفاعل إيجابي يشير إلى العمليات اإلدراكية والوجدانية االنفعالية والسلوكية التي
تتم بين األطراف المتصلة بحيث تتبادل هذه األطراف رسائل كثيرة فيما بينها في موقف
اجتماعي محدد زمنيا ومكانيا.34
-33حنان بنت شعشوع الشهري“ :أثر استخدام شبكات التواصل اإللكتروني على العالقات اإلجتماعية – الفيس بوك وتويتر
نموذجا " -دراسة ميدانية على عينة من طالبات جامعة عبد العزيز بجدة ،جامعة الملك عبدا لعزيز ،كلية اآلداب والعلوم
اإلنسانية1433 ،ه ،ص .2
-34أحمد علي الدروبي ":مواقع التواصل االجتماعي وأثرها على العالقات االجتماعية " ،مقال منشور بالمجلة العربية للنشر
العلمي ،العدد األول ،2018 ،ص .3
16
وفي هذا الشأن تشكل شبكات التواصل االجتماعي موضوعا تصطدم فيه أطروحتان
مختلفتان :األطروحة األولى ترى في هذه المواقع فرصة للبشرية للنماء وتبادل االتصال
والمعرفة والقضاء على عوائق الزمان والمكان .فيما تنظر األطروحة الثانية لهذه الشبكات
نظرة كارثية ،إذ ترى أنها تشكل مصدر الخطر الحقيقي على العالقات االجتماعية وتؤدي
إلى العزلة وتفكك نسيج الحياة االجتماعية نتيجة الستفحال مجموعة من الجرائم والسلوكيات
غير األخالقية التي أخذت من هذه الشبكات مسرحا لها.
وهو األمر الذي انتبهت إليه جل دول العالم ،بحيث تدخلت وأخضعت استخدام مواقع
التواصل االجتماعي لضوابط شرعية وقانونية يجب احترامها .فال ينبغي لألشخاص أن يطلقوا
العنان لحريتهم إلى الحد الذي يؤذي غيرهم .فالمتصفح لصفحات مواقع التواصل االجتماعي،
أو القارئ لتعليقات الزوار بالصحف اإللكترونية ،سيالحظ بسهولة مدى انتشار حاالت لسوء
استعمال هذه الوسائل اإللكترونية بحيث يتجاوز فيها البعض الحدود المسموح بها في حرية
التعبير وينغمسن في ارتكاب جرائم السب والقذف والتشهير في حق الغير.35
وعلى خطى جل الدول التي أخضعت استعمال مواقع التواصل االجتماعي لضوابط
شرعية ،وتبعا لما أصبحت تشكله الثورة المعلوماتية من اعتداء صارخ على حقوق وحريات
األفراد المكفولة دستوريا ،فقد تدخل المشرع الجنائي المغربي لزجر هذه األفعال اإلجرامية،
وقد توج ذلك بإصدار مجموعة من النصوص القانونية والقوانين الخاصة .إال أنه وفي ظل
تنامي ظاهرة اإلجرام الرقمي وبروز مجموعة من الظواهر اإلجرامية المستحدثة ،يبقى
التساؤل المطروح حول موقف المشرع المغربي من هذه الظواهر وخاصة ظاهرة التنمر
اإللكتروني التي عرفت انتشارا واسعا ومهوال في اآلونة األخيرة.
وهو األمر الذي دفعنا إلى التساؤل عن موقف المشرع القانون الجنائي من أفعال التنمر
اإللكتروني.
وتعتبر حرية التعبير من أهم القضايا التي الزمت اإلنسانية عبر أزمنتها المتعددة ومراحل
تطورها المختلفة ،فهي من أثمن المطالب التي ناضلت البشرية من أجلها .حتى أصبحت
تحظى بأهمية خاصة في المجتمعات الديمقراطية وتعد شرطا أساسيا لرقي المجتمع
وانفتاحه.37
وتشكل ظاهرة التنمر اإللكتروني اعتداءات صارخا على هذه الحقوق نظرا لما فيها من
مساس بحقوق األفراد وحرياتهم ،فالمجتمع المغربي كغيره من المجتمعات األخرى يعرف
تفشي ظاهرة التنمر اإللكتروني بمختلف أشكاله وأنواعه خاصة في ظل التطور التكنولوجي
وظهور الوسائط الرقمية؛ لتصبح بذلك ظاهرة التنمر اإللكتروني ظاهرة تنخر جسد المجتمع
المغربي تتعرض له مختلف الفئات العمرية.
هذا األمر دفعنا إلى التساؤل عن موقف المشرع المغربي تجاه ظاهرة التنمر اإللكتروني،
وال سيما أن بعض الدول قد تعرضت لهذه الظاهرة وجرمته بشكل صريح وأطرته بقانون
خاص ،وهو األمر الذي دفعنا إلى البحث في مختلف نصوص القانون الجنائي والقوانين
الخاصة لنخلص في األخير إلى كون أن المشرع المغربي لم ينص على تجريم أو معاقبة
-36بهلول بن حوى ":جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي " ،مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر في القانون
الخاص ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2020ص .1
-37سعيد الوردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية " ،األولى ،2020 ،ص .9
18
التنمر اإللكتروني بل إن هذا التشريع ال يتضمن بتاتا مصطلح التنمر اإللكتروني ،ولم يسبق
له أن جرمه وعاقب عليه حتى في صبغته التقليدية ،ولعل ذلك راجع إلى التطبيع من قبل
المجتمع المغربي مع هذه الظاهرة إلى الحد الذي أصبحت تعتبر من األمور العادية التي ال
تستدعي تدخل القانون لزجرها.38
وهنا قد يقول البعض وأنه طبقا للقاعدة القانونية " ال جريمة وال عقوبة إال بنص" أن أفعال
التنمر اإللكتروني تبقى خارج نطاق المساءلة الجنائية ،إال انه ال نشاطرهم الرأي وذلك لعدة
اعتبارات من أهمها :أن هناك مجموعة من النصوص الجنائية التي يمكن لها أن تتسع لتشمل
مختلف أشكال التنمر اإللكتروني ،وبالتالي فإنه يمكن تطويع هذه النصوص لتشمل أفعال
التنمر اإللكتروني بالمساءلة الجنائية.
ولتوضيح ذلك ،فإننا سنحاول التطرق إلى مختلف األشكال العامة للتنمر اإللكتروني التي
يمكن أن تشملها نصوص المتابعة (المطلب األول) على أن نتطرق باإلضافة إلى ذلك إلى
بعض أشكال التنمر الواقعة على بعض الفئات الخاصة إما بسبب الجنس أو بسبب السن والتي
يمكن أن تشملها نصوص خاصة (المطلب الثاني).
وأمام غياب نص قانوني خاص يجرم أفعال التنمر اإللكتروني؛ فإنه ال مانع من استعارة
نصوص جريمتي السب والقذف لرؤية مدى إمكانية تطبيقهما على أفعال التنمر اإللكتروني
وخاصة التنمر اللفظي الذي يشتمل على كل المضايقات اللفظية من إهانات وسخرية وعبارات
سب وقذف (الفقرة األولى).
وإذا كانت نصوص جريمتي السب والقذف كفيلة بأن تستحوذ على شكل من أشكال التنمر
اإللكتروني ،فماذا عن بقية األشكال األخرى هل تبقى خارج نطاق العقاب إذا ما تم ارتكابها
خارج إطار فصول جريمتي السب والقذف؟ والحديث هنا عن شكل من أخطر أشكال التنمر
اإللكتروني وهو التنمر العنصري.
وفي هذا الص دد فإننا نرى أن أفعال التنمر إذا انطوت على شكل من أشكال التمييز أو
العنصرية فإنه ال محالة من استعارة نصوص القانون الجنائي المجرمة ألفعال التمييز
وتطويعها لتشمل أفعال التنمر اإللكتروني العنصري ،حيث يمكن القول أن التنمر اإللكتروني
العنصري يمثل الشكل الحديث لجريمة التمييز (الفقرة الثانية).
وتعد جريمتي السب والقذف األكثر شيوعا عبر شبكة اإلنترنت عموما وشبكات التواصل
االجتماعي خصوصا ،فهي ترتكب للنيل من كرامة األشخاص وشرفهم واعتبارهم .وقد ذهبت
-40نجاعي سامية ":تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة ودورها في نشر الجرائم اإللكترونية-الفيس بوك نموذجا "-مقال
مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام 17و 18أبريل ،2021
منشور بمجلة إصدارات المركز العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية ألمانيا /برلين ،الجزء الثاني ،ص
.259
20
التشريعات الوضعي ة في مجملها إلى تجريم أفعال السب والقذف والمعاقبة عليها ،ومن ضمنها
التشريع المغربي الذي تضمن عدة نصوص متفرقة بين القانون الجنائي وقانون الصحافة
والنشر تجرم أفعال السب والقذف وتعاقب عليها بعقوبات زجرية.41
لكن تطور الظاهرة اإلجرامية أفرزت نوعا جديدا من الجرائم هي في حد ذاتها تعتمد على
ألفاظ وعبارات من شأنها المساس بكرامة األشخاص وشرفهم وكذا اعتبارهم ،إال أنها تبقى
خارج نطاق المساءلة نظرا لغياب نص صريح يحتوي هذه األفعال وهو ما ينطبق على أفعال
التنمر اإللكتروني.
فغياب نص صريح في القانون الجنائي المغربي يجرم أفعال التنمر اإللكتروني ال يعني
أن تبقى هذه األفعال خارج نطاق المساءلة الجنائية ،خاصة وأنها تخلف أضرارا معنوية
ونفسية وأثارا وخيمة على الضحية ،وبالتالي فإن القضاء يمكنه تكييف أفعال التنمر
المعروضة عليه على أنها أفعال سب أو قذف.
ولتوضيح األمر أكثر ،فإننا سنحاول المقارنة بين أركان كل من جريمتي السب والقذف
وأركان جريمة التنمر في التشريع المقارن وفق ما يلي:
إن محاولة المقارنة بين أركان كل من جريمتي السب والقذف والتنمر ،42تقتضي منا
الوقوف على كل من الركن المادي والمعنوي لكل جريمة.
ال قيام ألية جريمة بدون نشاط خارجي يصدر عن الجاني وتدركه الحواس.43
-41سعيد الو ردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية " ،م ،س ،ص .16
-42نشير إلى كون أن التنمر ليست جريمة مستقلة عن جريمة التنمر اإللكتروني ،وإنما االختالف يكمن في الوسيلة المستعملة
للتنمر ال غير( .ال فرق بين التنمر التقليدي والتنمر اإللكتروني إال في الوسيلة المستعملة).
-43أحمد الخمليشي ":شرح القانون الجنائي القسم العام " ،مكتبة المعارف للنشر والتوزيع ،ط ،1985ص .141
21
ويعرف الركن المادي بأنه كافة االعتداءات المادية أو االمتناعات التي تكون السلوك
اإلجرامي ويعتمد توفر هذا الركن على ثالثة عناصر أساسية :السلوك اإلجرامي والعالقة
السببية والنتيجة اإلجرامية.
وبالتأمل في الركن المادي لجريمة السب نجد هذا األخير يتمثل في كل تعبير يكون فيه
خدش لشرف واعتبار المجني عليه ،وقد يتخذ هذا التعبير أي وسيلة من وسائل التعبير.44
وهو األمر الذي أشار له المشرع المغربي في الفصل 443ق.ج.م حيث نص على كون
أن السب هو كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح ال تتضمن نسبة واقعة معينة.
والركن المادي لجريمة السب يقوم على عنصرين هما فعل اإلسناد وتعيين المجني عليه
إضافة إلى ضرورة توفر عنصر العالنية حتى نكون أمام جنحة السب العلني.45
فاإلسناد يتحقق عن طريق قيام الفاعل بتوجيه عبارات خادشه لشرف أو العتبار المجني
عليه أو تتضمن تحقيرا له ،فهو يتحقق بمجرد رمي المجني عليه بما يخدش حياءه وشرفه
46
واعتباره دون أن تسند إليه واقعة معينة مثل توصيف المجني عليه بأنه لص أو محتال
ويستوي في ذلك أن يكون السب صريحا أو ضمنيا طالما كان المفهوم الضمني يتضمن خدشا
للشرف واالعتبار.
وباإلضافة إلى عنصر اإلسناد يتطلب الركن المادي في جريمة السب تعيين الشخص
المجني عليه ،بمعنى أنه يجب أن يكون السب موجها لشخص أو أشخاص معينين أو ممكن
تعيينهم ،والمجني عليه في جريمة السب يمكن أن يكون شخصا ذاتيا أو معنويا كهيئة أو
جمعية ما .وال يشترط في هذا التعيين ذكر اسم الشخص كامال ،بل يكفي استطاعة األفراد أو
بعضهم تحديد الشخص المقصود من العبارات بأي وسيلة وبدون عناء.47
-44جواهر علي األميري ":جريمة القذف والسب عبر وسائل تقنية المعلومات " ،مقال منشور بالمجلة األكاديمية لألبحاث
والنشر العلمي ،اإلصدار الرابع عشر ،2020 ،ص .107
-45نميز في هذا الصدد بين السب العلني الذي يعتبر جنحة والسب غير العلني والذي يعتبر مخالفة ويخضع الختصاص
قضاء القرب .أنظر المادة 16من القانون 42.10المتعلق بتنظيم قضاء القرب.
-46سعيد الوردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية " ،م ،س ،ص .134
-47نفسه ،ص .137
22
ولكي تكتمل عناصر الركن المادي لجريمة السب ال بد من توفر شرط العالنية والتي تعد
واحدا من أهم العناصر الواجب توفرها لتحقق جريمة السب ،ويتحقق عنصر العالنية إذا كان
السب على مسمع األشخاص المارة في الطريق ،...كما تتحقق عن طريق مواقع االتصال
اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي.
أما فيما يخص العنصر األخير والمتمثل في النتيجة اإلجرامية فإن جريمة السب من الجرائم
الشكلية التي ال يتوقف وجودها على تحقق النتيجة اإلجرامية ،أي أن ركنها المادي يتكون من
مجرد سلوك معين بصرف النظر عن حصول النتيجة اإلجرامية أو عدم حصولها.48
هذا فيما يخ ص الركن المادي لجريمة السب ،أما بخصوص جريمة التنمر اإللكتروني فإنه
وباستحضار ركنها المادي على مستوى التشريعات المقارنة وخاصة التشريع المصري الذي
نص عليها كجريمة مستقلة ،وحدد لها إطار قانوني خاص والمتمثل في القانون رقم 189
لسنة 2020الصادر بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات المصري رقم 58لسنة 1937
وخاصة المادة 309مكرر ب ،فإن الركن المادي لجريمة التنمر يتمثل في كل قول أو
استعراض قوة أو سيطرة للجاني أو استغالل للمجني عليه أو لحالة يعتقد أنها تسيء للمجني
عليه ،كالجنس أو العرق أو الدين أو األوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى
االجتماعي .49
وبناء عليه فإن السلوك اإلجرامي لجريمة التنمر يتمثل في كل :قول أو استعراض للقوة أو
السيطرة أو االستغالل ،وما يهمنا في هذا الصدد هو فعل القول الذي ينصرف إلى ما يصدر
عن اإلنسان من كالم ،سواء كان ذلك بجملة أو أكثر أم مجرد لفظ من األلفاظ وسواء كان
نثرا أم شعرا أم بأسلوب الخطابة.50
-48إن كل جريمة سواء كانت مادية أو شكلية لها نتيجة ضارة تتمثل في انتهاك حق من حقوق المجتمع ،وهذه النتيجة هي
أساس التجريم في كل الجرائم .إال أنه في الجرائم المادية ال يتحقق الركن المادي إال إذا حصل فعال الضرر الباعث على
التجريم أما في الجرائم الشكلية فإن المشرع يكتفي بتجريم سلوك معين من الفرد ولو لم يترتب عليه أي ضرر بالفعل استنادا
إلى أن هذا السلوك يؤدي غالبا إلى تحقيق الضرر .أحمد الخمليشي ،م ،س ،ص.91
-49كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ":جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون " ،مقال منشور بمجلة كلية الشريعة
والقانون ،جامعة األزهر فرع أسيوط ،العدد الرابع والثالثون ،اإلصدار األول ،يناير ،2022الجزء الثالث ،ص .2497
-50يوسف سعد الدين ":المسؤولية الجنائية الناشئة عن التنمر" ،مقال منشور بمجلة سوهاج للشباب الباحثين ،مجلد ،)4(2
ص .5
23
وبالتالي فإن التنمر اللفظي قد ينطوي على أفعال قد تشكل سبا وشتما وهذا يعني أن التنمر
إذا كان من شأنه أن يتضمن تعبيرات شائنة أو عبارات للتحقير او القدح فإنه يمكن تكييفه
وفقا للفصول المتعلقة بجريمة السب ،إذا أن القاسم المشترك بين هذا النوع من التنمر -التنمر
اللفظي -وجريمة السب هو عنصر التعبير الخادش للحياء والشرف ،حيث أن وقع فعل التنمر
على الضحية ال يختلف عن وقع فعل السب .إذن فال مانع من تكييف التنمر اللفظي المتضمن
لعبارات التحقير او القدح على كون أنه فعل سب او شتم مادام أن هذا األخير يخلف نفس
اآلثار التي يخلفها فعل السب أو أكثر خاصة إذا مورس التنمر بشكل اعتيادي ،بل حتى أن
جريمة التنمر في التشريع المقارن هي من جرائم السلوك ،أي أنها ال تتطلب حدوت نتيجة
إجرامية.
إذن فخالصة القول أن نصوص القانون الجنائي المتعلقة بالسب هي نصوص وإن لم تنص
صراحة على مصطلح التنمر إال أنها يمكن أن تشمل أفعال التنمر اللفظي بالعقاب فالعبرة
بالسلوك ال بالمفردات واأللفاظ ،فاللفظ يختلف إال أن األثر والضرر واحد.51
ال تقوم الجريمة قانونا بمجرد ارتكاب الفاعل للفعل الجرمي المكون للركن المادي ،بل
يجب أن يصدر هذا الفعل عن شخص طبيعي متمتع باألهلية القانونية وأن يسند إليه هذا الفعل
معنويا ،فالقاعدة العامة أنه ال جريمة بغير ركن معنوي فيه يتم تحديد مسؤولية الفاعل عن
الجريمة بحيث ال يسأل الفاعل عن الجريمة ما لم تكن هناك صلة بين مادياتها ونفسيته.52
وجريمتي السب والتنمر تعتبران من الجرائم العمدية ،لذلك وجب أن يتوفر فيهما القصد
الجنائي والذي يتحقق بتوجيه إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة اإلجرامية والمتمثلة في إسناد
عبارات خادشه للحياء واالعتبار في جريمة السب ،أما في جريمة التنمر فإن القصد الجنائي
-51في هذا الصدد أرى أنه يمكن القول على أن السب قد يشكل تنمرا لفظيا ،خاصة وأن التنمر في التعريف اللغوي هو
تعبير عن الغضب وسوء الخلق.
-52حسين محمد فالح البرايسه ":الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون العقوبات األردني " رسالة مقدمة
الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون العام ،كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط ،حزيران،2021 ،
ص .75
24
فيها يتمثل في تعمد المتنمر إحداث األذى اللفظي بالمتنمر به قاصدا بذلك اإلساءة إليه والتقليل
من شأنه 53وخدش حيائه واعتباره ،ويتحقق ذلك بكل العبارات التي يستعملها المتنمر وخاصة
عبارات السب والقذف.
إن المقارنة بين أركان كل من جريمتي القذف والتنمر تقتضي منا السير على النهج الذي
اعتمدناه في المقارنة بين أركان جريمتي السب والتنمر ،وبالتالي فإننا سوف نقوم كذلك هنا
بالمقارنة بين أركان جريمتي القذف والتنمر وكل ذلك من أجل معرفة مدى إمكانية استيعاب
النصوص الجنائية المنظمة لجريمة القذف في القانون المغربي ألفعال التنمر.
عرف المشرع الجنائي المغربي جريمة القذف في الفصل 442ق.ج.م ،الذي جاء فيه" :
يعد قذفا ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة ،إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو
اعتبار الشخص أو الهيئة التي نسبت إليها ،" 54واشترط لقيام ركنها المادي العناصر التالية.
55
اإلسناد :ويقصد به نسبة أمر أو واقعة إلى شخص معين بأي وسيلة من وسائل التعبير
وهو يتحقق بأي وسيلة من وسائل التعبير سواء بالقول أو الصياح أو التهديد أو المنشورات
أو الكتابات أو الرسوم أو الصور ...أو بأي وسيلة تنقل فكرة اإلسناد من فكر الجاني إلى فكر
شخص أو أشخاص آخرين ،ويتحقق اإلسناد سواء بنية القذف إلى المجني عليه على سبيل
القطع والتأكيد أو على سبيل الشك واالحتمال ،ويتحقق القذف سواء بنسبة الواقعة إما عن
ترديد روايات الغير أو عن طريق إعادة نشر وقائع سبق نشرها.56
-53كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص .2499
-54وهو نفس التعريف الوارد في المادة 83من القانون رقم 88.13المتعلق بالصحافة والنشر حيث جاء فيه ":يقصد في
مدلول هذا القانون ب :القذف ادعاء واقعة أو نسبتها إلى شخص أو هيئة إذا كانت هذه الواقعة تمس شرف أو اعتبار الشخص
أو الهيئة التي نسبت إليها.
-55فتوح عبد هللا الشاذلي ":شرح قانون العقوبات القسم الخاص :دار المطبوعات اإلسكندرية ،2001بدون طبعة ،ص
.299
-56بهلول بن حوى ،م ،س ،ص .22
25
وهو ما أكدته المادة 87من قانون الصحافة والنشر بنصها على أنه :يمكن ألي شخص
يعتبر نفسه ضحية نشر قذف ...بطريقة مباشرة أو عن طريق النقل ،57وهو ما يعني أن
اإلسناد قد يكون بطريقة مباشرة نابع عن إرادة القاذف وقد يكون مجرد نقل عن صحيفة
أخرى أو رواية عن مصدر أخر.58
ويشترط في فعل اإلسناد أن يتم إسناد الواقعة إلى شخص معين أو محدد ،حيث أنه ال تقوم
الجريمة في حالة لم يكن اإلسناد موجها لشخص معين ،والقانون لم يتطلب التحديد التفصيلي
لشخص المجني عليه بذكر اسمه كامال مثال وإنما اكتفى بتحديد نسبي من الممكن لفئة من
الناس التعرف عليه ،وقد تكون عبارات القدح موجهة إلى أشخاص معنوية كالشركات
والمؤسسات.59
تعيين الواقعة :وهو ما يميز جريمة القذف عن جريمة السب .فالقذف ال يكون إال بإسناد
واقعة معينة محددة إلى المجني عليه ،وال يشترط في هذه الواقعة أن تكون محددة تحديدا
كامال بذكر التفاصيل ،بل يكفي أن يستنبط من خاللها واقعة محددة من صيغة اإلسناد .60وهو
ما يرجع إلى السلطة التقديرية للقاضي للتحديد التام والكامل للقضية .61وإلى جانب ضرورة
تحديد واقعة القذف ،ال بد أن تكون العبارات المستعملة تمس بشرف المقذوف أو اعتباره ،أو
توجب عقابه حسب ما يستفاد من الفقرة األخيرة من المادة 83من القانون ،88.13حيث ال
تعتبر الوقائع المثارة في تعريف القذف موجبة لتحريك المتابعة إال إذا كانت تلك الوقائع
من 62
معاقب ع ليها .وهو نفس األمر الذي ذهب إليه المشرع الجزائري في المادة 296
قانون العقوبات ،بينما المشرع المصري استوجب في الوقعة أن تكون مستوجبة العقاب.63
أما بخصوص الركن المادي لجريمة التنمر فقد أشار المشرع المصري في المادة 309
مكرر (ب) إلى مجموعة من الصور التي تتحقق بواسطتها جريمة التنمر ومن أبرزها األقوال
التي يعتقد الجاني أنه يسيء من خاللها للضحية ،وبهذا فإنه يشترط لوقوع جريمة التنمر أن
يكون من شأن الفعل المكون للركن المادي أن يلقي السخرية أو الحط من شأن المجني عليه
أو عزله عن محيطه االجتماعي أو تكدير أمنه أو طمأنينته أو يسيء إليه ويلحق به أضرارا
تمس بشرفه أو اعتباره أو مكانته في المجتمع.65
وبهذا فالتنمر عن طريق القذف يتحقق عن طريق إسناد أمر أو واقعة ما إلى شخص معين
بأي وسيلة من وسائل التعبير ،بما فيها وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية
قاصدا بتنمره النيل من شرفه واعتباره ،وكما رأينا مع جريمة القذف فإن الواقعة المتنمر بها
على الضحية يجب أن تكون واقعة محددة وأن تكون العبارات التي استعملها المتنمر عبارات
وألفاظ مسيئة إلى شرف المتنمر به المقذوف ،وال تعتبر الوقائع المثارة أو المتنمر بها موجبة
للعقاب إال إذا كانت وقائع يعاقب عليها القانون.66
وهكذا فإذا ما توفرت هذه الشروط في أفعال التنمر يمكننا أن نقول أن بعض صور التنمر
اللفظي تعد قذفا لما يشتمل عليه هذا النوع من التنمر من انتقاص من قيمة الشخص ولما فيهمن
مساس بشرفه واعتباره وسمعته وهو من أوضح صور التنمر المذموم.
أما بخصوص النتيجة اإلجرامية في جريمتي القذف والتنمر فإن كالهما من جرائم السلوك
فال يتطلبان تحقق نتيجة معينة.
ويتحقق القصد الجنائي في جريمة القذف متى أذاع القاذف أو نشر الخبر المتضمن للقذف،
وهو عالم بأن ذلك الخبر فيه مساس بشرف وسمعة المقذوف .وال عبرة بالبواعث فقد ال
يكون فيه غرض اإلضرار بالمقذوف ،وقد يكون من واجب القاضي النظر إلى تلك البواعث
واالعتداد بها في تخفيض العقوبة ،لكن ال يمكن أن تكون سببا في محو الجريمة.67
فالقذف في جميع حاالته جريمة عمدية وركنها المعنوي يتخذ فقط صورة القصد العام ،أما
سوء النية الذي على القصد الخاص فهو مفترض.68
أما بخصوص جريمة التنمر فإنها تتطلب لوقوعها قصدا عاما وخاصا ،فالقصد العام يتمثل
كون المتنمر يتعمد إحداث األذى اللفظي واإلضرار بالمتنمر به ولم يكن هناك مجال للخطأ.
وبالتالي يقوم القصد العام في جريمة التنمر على العلم واإلرادة ،حيث يجب أن يكون الجاني
عالما بأن فعل التنمر من شأنه المساس باعتبار المجني عليه أو بشرفه أو إقصائه من محيطه
االجتماعي ،69أما القصد الخاص فيتحقق باتجاه إرادة الجاني إلى إحداث الضرر بالمجني
عليه بوضعه موضع سخرية أو الحط من شأنه والنيل من شرفه واعتباره.
إذن فانطالقا من مقارنتنا لجريمتي القذف والتنمر يمكننا أن نقول على أن نصوص جريمة
القذف في القانون المغربي يمكن لها أن تتسع وتشمل أفعال التنمر بالعقاب على الرغم من
كون أن جريمة التنمر في التشريع المقارن تشترط ضرورة توفر قصد جنائي عام وخاص،
إذ أن هذا األمر مصدر خالف بين التشريعات ويبقى لكل تشريع أخذ ما يناسبه وترك ما ال
-67سارة عياط ":جريمة القذف على شبكة اإلنترنت " ،مذكرة مكملة من متطلبات نيل شهادة الماستر في الحقوق ،جامعة
محمد خيضر بسكرة ،الجزائر ،الموسم الجامعي ،2014-2013ص .23-22
-68سعيد الوردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع اإللكترونية " ،م ،س ،ص .48
-69كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص .2499
28
يناسبه وليس بالضرورة االعتداد بعنصر القصد الجنائي الخاص في جريمة التنمر لتكييف
أفعالها على كونها أفعال قذف.70
وأمام هذا الواقع تبرز أهمية مبدأ عدم التمييز باعتباره من بين المبادئ اإلنسانية إن لم تكن
أهمها عل ى اإلطالق وهو ما جعل منه مبدأ أساسيا في كافة الدول والنظم الديمقراطية في
العالم وحجر الزاوية فيها ،كونه يعد بمثابة حق عام إلى جانب مبدأ المساواة تتفرع عنه حقوق
اإلنسان األخرى ،فهو إن صح القول نقطة االنطالق لكافة الحقوق اإلنسانية والحريات
العامة.72
والمملكة المغربية وإدراكا منها لضرورة إدراج عملها في إطار المنظمات الدولية فإنها
تتعهد بااللتزام بما تقتضيه مواثيقها من حقوق وواجبات ،وتؤكد تشبهتا بحقوق اإلنسان كما
هي متعارف عليها عالميا ...وتؤكد وتلتزم بحماية منظومة حقوق اإلنسان وحظر ومكافحة
كل أشكال التمييز بسب ب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو االنتماء االجتماعي أو الجهوي
-70ونشير إلى أن الشريعة اإلسالمية كان لها فضل السبق في تجريم جميع أفعال التنمر وصوره وذلك بالنهي الصريح عن
السخرية والهمز واللمز .وقد اشترطت الشريعة اإلسالمية لقيام جريمة التنمر القصد العام دون القصد الخاص ،وفي ذلك
تكون الشريعة اإلسالمية أكثر مرونة واشت ماال على جميع حاالت القصد من اإليذاء في أفعال التنمر ،فالمعتبر في أفعال
التنمر هو قصد الفعل ال القصد الخاص .كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م ،س ،ص .2500
-71صخر أحمد الخصاونه /سهل علي العتوم ":دور وسائل التواصل االجتماعي في نشر خطاب الكراهية من وجهة نظر
الصحفيين األردنيين – دراسة ميدانية ،" -مقال منشور بمجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية،
،vol29,No.1,2021ص.301
72- Hirsch .Pauterpacht: ” An International Bill of rights of man", 1954; P 115.
29
أو اللغوي أو اإلعاقة أو أي وضع شخصي مهما كان .73وفي هذا اإلطار فقد ارتقت المملكة
المغربية بمبدأ التمييز إلى مصاف المبادئ الدستورية ،وأفرزت له حماية خاصة سواء على
مستوى القوانين الخاصة أو على مستوى القانون الجنائي.
فقد نص المشرع المغربي على تجريم كل أشكال التمييز وخطابات الكراهية في الفرع
األول من الباب المعنون بحماية النظام العام من قانون الصحافة والنشر ،ونص في الفقرة
الثانية من المادة 70على أنه تطبق أحكام المادتين 102و 104من نفس القانون إذا تضمنت
إحدى المطبوعات الدورية أو إحدى الصحف اإللكترونية تصريحات على التمييز أو على
الكراهية بين األشخاص .ويعاقب المشرع المغربي من خالل المادة 71من نفس القانون
بغرامة من 20 000إلى 200 000درهم كل من يحرض تحريضا مباشرا على الكراهية
أو التمييز وذلك ب أي وسيلة من الوسائل وال سيما بواسطة المكتوبات والمطبوعات المبيعة أو
الموزعة أو المعروضة على أنظار العموم ،وإما بواسطة مختلف وسائل اإلعالم السمعية
البصرية أو اإللكترونية أو أي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية ،كما منعت
المادة 63من القانون ذاته مع مراعاة حرية اإلبداع كل إشهار في الصحافة المكتوبة أو
اإللكترونية يتضمن تحريضا على الكراهية أو جرائم الحرب والجرائم ضد اإلنسانية أو اإلبادة
أو التعذيب.74
ويشمل التحريض هنا ،التحريض على الميز العنصري أو التحريض على الكراهية أو
العنف ضد شخص أو أشخاص اعتبارا ألصلهم أو لونهم أو جنسهم أو انتمائهم العرقي أو
الديني أو مساندة الحرب ضد اإلنسانية.
وهنا تبرز الحماية المقررة لمبدأ التمييز على مستوى القوانين الخاصة ،أما على مستوى
فقد نص على تجريم األفعال التي من شأنها أن تشكل تحريضا على التمييز 75
القانون الجنائي
إذن من خالل ما سبق تتضح لنا الحماية التي أوالها المشرع المغربي لمبدأ عدم التمييز إذ
نص على تجريم كل األفعال التي من شأنها نشر خطابات الكراهية أو التحريض عليها وهنا
يثار التساؤل حول مدى استيعاب كل هذه النصوص لألفعال المكونة لجريمة التنمر خاصة
التنمر العنصري76؟
إن اإلجابة عن هذا التساؤل تقتضي منا التطرق إلى األفعال المكونة لعناصر التنمر
العنصري ومالحظة مدى تطابقها مع األفعال المشكلة لجريمة التمييز في إطار التشريع
الجنائي المغربي.
كما جرت اإلشارة فقد نص المشرع المصري بمقتضى تنظيمه لجريمة التنمر في إطار
للفصل 309مكرر ب من قانون العقوبات إلى مجموعة األفعال المكونة لفعل التنمر ،ومن
بين هذه األفعال نجد تلك األفعال التي يعتقد الجاني من خالل إتيانها أنها تسيء للمجني عليه
بسبب جنسه أو عرقه أو دينه أو أوصافه البدنية أو حالته الصحية أو العقلية أو مستواه
الرأي السياسي أو االنتماء النقابي أو بسبب االنتماء أو عدم االنتماء الحقيقي أو المفترض لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين
معين.
تكون أيضا تمييزا كل تفرقة بين األشخاص المعنوية بسبب أصل أعضائها أو بعض أعضائها أو جنسهم أو وضعيتهم العائلية
أو حالتهم الصحية أو إعاقتهم أو آرائهم السياسية أو أنشطتهم النقابية أو بسبب انتمائهم أو عدم انتمائهم الحقيقي أو المفترض
لعرق أو ألمة أو لساللة أو لدين معين.
-76التنمر العنصري : racist bullyingيقوم هذا النوع من التنمر بدافع الكراهية والتحيز تجاه شخص أو مجموعة،
ويتضمن االستهزاء والسخرية من عرق أو ساللة معينة أو من دين معين ،أو قومية معينة ،وقد يكون هناك تحيز لجنس
معين عن األخر .مسعد أبو الديار ":سيكولوجية التنمر بين النظرية والعالج " ،مكتبة الكويت الوطنية ،الطبعة الثانية،
،2012ص .60-59
31
االجتماعي ،حيث إن المتنمر قد يستغل الحالة االجتماعية للمجني عليه أو لونه أو عرقه ويقوم
بالتحريض على التنمر ضده أو نشر خطابات الكراهية عبر مختلف الوسائل من قبيل وسائل
التواصل وغيرها من الوسائل اإللكترونية ،بهدف إقصائه من محيطه االجتماعي أو وضعه
موضع السخرية.
إذن من خالل كل ما سبق نخلص إلى كون أن أفعال التنمر التي من شأنها التحريض على
الكراهية بين األشخاص يمكن أن تشملها مقتضيات الفصل 431.5ق.ج.م بالعقاب .فمبدأ
عدم التمييز مبدأ دستوري وال يمكن السماح بالتطاول عليه إذا أن هذا المبدأ على عموميته
يتسع ليشمل أي فعل يراد به النيل من كرامة اإلنسان وكينونته.
وفي العالم االفتراضي الواسع ومع تنامي اإلقبال على وسائل االتصال اإللكترونية ،توسع
التنمر اإللكتروني ليشمل جميع الفئات العمرية والتعليمية في المجتمع ،الكل بات معرضا
لحمالت مزعجة تندرج تحت إطار التنمر اإللكتروني نظرا لتركيزها وتكرارها واتصافها
بالقبح والسوء لفضيا ،أو احتوائها على قدر كبير من اإلهانة والتحقير ،فأصبح النجوم
والمؤثرون عرضة للتنمر لعدة أسباب كإظهار جانب من حياتهم الشخصية على الشبكات
االجتماعية.77
إال أن التسلط عبر اإلنترنت ال يقتصر على األطفال بل يشمل البالغين أيضا خاصة النساء
في شكل ،cyber harassementحيث يتم أن العديد من المتحرشين cyber
stalkersيعمدون إلى محاولة اإلساءة إلى سمعة المرأة (الفقرة األولى).
وبالموازاة مع ذلك فقد أدت األزمة الحالية الناتجة عن كوفيد 19ومرحلة الحجر الصحي
إلى تفاقم أعمال العنف ضد النساء ،مما ترتب عنه جعل بعض أنواع العنف جلية للعيان.
العنف الرقمي ،العنف التكنولوجي ،العنف بواسطة تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت ،التنمر
الرقمي ،التحرش السيبراني ...تسميات كثيرة قد يراد بها في كثير من األحيان نفس الشيء،
-78خالد موسى توني ":المواجهة الجنائية لظاهرة التسلط اإللكتروني في التشريعات الجنائية المقارنة " ،مقال منشور بمجلة
كلية الشريعة والقانون بطنطا ،العدد ،31الجزء األول ،يناير ،2016ص .28
-79سجى عمر شعبان آل عمرو ":العنف الرقمي الشكل الحديث للعنف ضد المرأة والحماية القانونية لها" ،ورقة بحثية مقدمة
إلى الندوة اإللكترونية العلمية الدولية في مركز الدراسات اإلقليمية (العنف ضد المرأة وآليات الحماية) ،جامعة الموصل،
،2020ص .1
33
كما أن بعضها قد يكون قاصرا وضيقا ال يشمل كل أفعال العنف الرقمي ،وقد يكون بعضها
اآلخر أكثر اتساعا وشموال لكن تعوزه الدقة والقصور في معالجة بعض أفعال العنف.80
وأمام تنامي ظاهرة العنف الرقمي ضد المرأة داخل المجتمع المغربي ،برز إلى السطح
مصطلح التنمر الجنسي اإللكتروني ضد المرأة ،وأما غياب نص تشريعي واضح يواجه هذه
الظاهرة في مجتمعنا المغربي ،تطرح إشكالية التكييف القانوني ألفعال التنمر الجنسي
اإللكتروني ضد المرأة .وعلى هذا األساس فإننا سنحاول إعطاء مقاربة قانونية ألفعال التنمر
الجنسي اإللكتروني ضد المرأة مستعيرين نصوص القانون الجنائي المغربي والتي يمكن
بمقتضاها إعطاء تكييف ألفعال التنمر ضد النساء تكييفات عدة.
أوال :مدى استيعاب نصوص جريمة التحرش الجنسي ألفعال التنمر اإللكتروني ضد
النساء
تعتبر جريمة التحرش الجنسي من الجرائم الحديثة في على القانون الجنائي المغربي
والقوانين الجنائية العربية ،والتحرش الجنسي يمكن تعريفه بكونه شكل من أشكال العنف
المختلفة والتي تترجم في صور متنوعة والذي تتعرض له النساء والرجال أحيانا داخل
مجتمعنا وهو عبارة عن اعتداء يعبر عن سلوكيات وتصرفات واضحة أو ضمنية أو إيحائية
تحمل مضمونا جنسيا،
وتعد جريمة التحرش الجنسي عبر الوسائل اإللكترونية من الجرائم الحديثة التي ولدت مع
الثورة المعلوماتية والتقدم التكنولوجي بفعل انتشار شبكة اإلنترنت ،الذي من خالله يستطيع
الفرد إرسال واستقبال ما يريد سواء كانت كتابة أو صورة أو محادثة مباشرة بالصوت
والصورة وهذه األخيرة األكثر استعماال بين مستخدمي اإلنترنت؛ مما دفع بعض المجرمين
إلى استغالل ذلك في تنفيذ مخططاتهم اإلجرامية نتيجة االستخدام السلبي لتلك التقنيات.81
-80إدريس كسيكس ،فاضمة آيت موسى ،سلمى بوشيبة ":العنف ضد النساء في ضوء القانون وسياق الجائحة–وثيقة توجيهية
–" ،مركز األبحاث إكونوميا ،Economiaسنة النشر 2021م،ص .10
-81مراد بنار ":الجرائم المرتكبة عبر الوسائط اإللكترونية " ،رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص تخصيص العلوم
الجنائية واألمنية ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض مراكش ،السنة الجامعية -2018
،2021ص .73
34
والمشرع الجنائي المغربي وعيا منه بخطورة أفعال التحرش الجنسي عبر الفضاء الرقمي،
82
نجده قد سارع الركب اإللك تروني والمعلوماتي وأخرج إلى الوجود القانون رقم103.13
المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء .وقد جاء هذا األخير بمجموعة من المقتضيات الزجرية
المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء سواء فيما يتعلق بالعنف المادي أو التحرش الجنسي الذي
يطال الغير في الفضاء العام أو عبر الوسائط اإللكترونية ومواقع التواصل االجتماعي.83
وبناء عليه فإننا سوف نتطرق إلى أركان جريمة التحرش الجنسي محاولين المقارنة بين
كل من أركان هذه األخيرة وأركان التنمر الجنسي اإللكتروني.
-82القانون رقم 103.13المتعلقة بمحاربة الع نف ضد النساء الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.18.19بتاريخ 5
جمادى اآلخرة 1439ه ( 22فبراير ،)2018الجريدة الرسمية عدد 6655بتاريخ 23جمادى اآلخرة 1439ه 12/مارس
،2018ص .1449
-83سناء السرحاني ،م ،س ،ص .45
-84في هذا الصدد فقد اعتبرت محكمة النقض الفرنسية في أحد قرارتها الصادر بتاريخ 2011/10/19أن قيام أحد األجراء
بإرسال رسالة إلكترونية لزميلتين له في العمل وخارج ساعة ومكان العمل عبر MSNوخالل الفترة الزمنية ما بين 12:00
و 13:30زوال تحرشا جنسيا:
rendu le 19/10/2011, cassation (09-72672، Chambre sociale، Arrêt de la Cour de cassation
35
وهو الذي يرتكب من طرف الرئيس في العمل بترغيب مرؤوسه في امتيازات في العمل
كالترقية ،التحويل إلى مصالح أفضل ،الحماية على منصب العمل ...مقابل الحصول على
رغبات جنسية.
ويكون بنفس الطلبات الجنسية السابقة ،لكن ينعدم فيه التراضي المتبادل بين الجاني
والمجني عليه مقابل المنفعة الوظيفية ،فيلجأ فيها إلى تخويفه بزوال مصلحة أو تفويت فرصة
إن لم ينته عن امتناعه ويرضخ للرغبات الجنسية.85
وباإلضافة إلى الفصل 503.1فقد جاء القانون رقم 103.13المعدل والمتمم لمجموعة
القانون الجنائي والمتعلق بالعنف ضد النساء ،متضمنا لمقتضيات زجرية مهمة أبرزها تجريم
التحرش الجنسي خارج فضاء العمل وعبر الوسائل اإللكترونية ،حيث نص هذا األخير في
الفصل 503.1.1ق.ج.م على أنه يعتبر مرتكبا لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس
من شهر واحد إلى 6أشهر وغرامة من 2000إلى 10 000درهم أو بإحدى هاتين
العقوبتين كل من أمعن في مضايقة الغير في الحاالت التالية:
.1في الفضاءات العمومية أو غيرها ،بأفعال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض
جنسية؛
.2بواسطة رسا ئل مكتوبة أو هاتفية أو إلكترونية أو تسجيالت أو صور ذات طبيعة
جنسية أو ألغراض جنسية.
فالمالحظ من خالل هذا الفصل وفي عالقة بالركن المادي لجريمة التحرش الجنسي،
يالحظ أن المشرع استعان بتعريف واسع عن طريق تحديد مجموعة من األفعال التي تستوجب
التكرار وتشكل في جوهرها الركن المادي لهذه الجريمة والمتمثلة في اإلمعان في مضايقة
الغير ،بأفعال أو أقوال أو إشارات ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية ،أو توجيه رسائل
- Pralus Dupuy, le harcèlement sexuel, commentaire de l’article 222-23 du nouveau code
85
pénal et de la loi 92- 1179 du 02 novembre 1992 relative à l'abus d'autorité en matière sexuelle
dans les relations de travail et modifiant le code du matériel et le code de procédure pénale,
1993, P53.
36
مكتوبة هاتفية أو إلكترونية أو سجالت أو صور ذات طبيعة جنسية أو ألغراض جنسية،86
وبالتالي قد يستغل الجاني جنس الضحية ويقوم بمضايقتها عبر مختلف الوسائل السيما
اإللكترونية منها.
وهكذا فإذا ما قمنا بإسقاط هذه األفعال المكونة للركن المادي لجريمة التحرش الجنسي على
األفعال المكونة للركن المادي للتنمر الجنسي فإن القاسم المشترك بين هذه األفعال هي الضحية
أوال حيث أن الفعل في غالب األحيان ال يقع إال على ضحية أنثى ،ثانيا :أن أفعال التنمر
الجنسي شأنها شأن أفعال التحرش الجنسي فإنها تخلف نفس اآلثار النفسية على الضحية مما
يجعلها تحس بكونها مستبعدة من الوسط االجتماعي وهذا فيه مساس لكينونتها.
ثالثا :عنصر االستغالل ،إذ أنه في غالب األحيان ما ترتكب جريمتي التحرش والتنمر
الجنسي بهدف استغالل الضحية وتلبية الحاجات الجنسية للجاني.
وأخيرا :إن األفعال المكونة للتنمر الجنسي هي نفسها المكونة للتحرش الجنسي ،حيث إن
أفعال التنمر هي األخرى تشمل التلميح برسائل غير مرغوب فيها وذات طبيعة جنسية.87
إذن يتضح لنا أن النصوص الخاصة بجريمة التحرش الجنسي وإن كانت تتعلق بجريمة
التحرش الجنسي إال أنها تغطي أفعال التنمر الجنسي ،عالوة على ذلك تم الكشف عن أوجه
التشابه والعالقة المتبادلة بين التنمر اإللكتروني والتحرش الجنسي عبر اإلنترنيت إذ أن التنمر
اإللكتروني يمكن التعبير عنه من خالل التحرش الجنسي.88
جريمتي ال تحرش والتنمر الجنسي من الجرائم العمدية التي تتطلب لقيامها ركنا معنويا أو
قصدا جنائيا ،والمتمثل في النية اإلجرامية في هذه األفعال التي تكون غالبا إرادية .فالقصد
في هذه التصرفات هو الذي يبين الفعل ما إذا كان الفعل تحرشا أم ال ،وال تقوم الجريمة إال
88- Jurate kuklyte, cyber sexual harassment asicts development consequences: A review,
Article posted in European journal Business science and technology, Volume: 4, issue 2, issn
2336- 6494, P 189.
37
إذا كان ال قصد هو اإلضرار أو اإليذاء ،وبالتالي وجب إقامة الدليل على نية المتحرش أو
المتنمر ألن القصد الجنائي حالة نفسية ال تدرك بالحس الظاهر ،بل يستدل عليها من خالل
تحري المظاهر الخارجية التي تعبر عن تحققها في شخص الجاني .89بحيث يقوم القصد العام
على عنصري العلم واإلرادة ،حيث أن الجاني سواء كان متحرشا أو متنمرا يكون على علم
بكونه يعتدي على الحرية الجنسية للضحية بما يأتيه من أفعال مع عدم رضائها بذلك.
وال يكفي لقيام جريمتي التنمر والتحرش الجنسي اإللكتروني توافر القصد العام من علم
وإرادة ،بل يشترط قصدا جنائيا خاصا تنصرف ف يه نية المتحرش أو المتنمر إلى غاية معينة
والمتمثلة في تلبية رغباته الجنسية.90
تواترت في اآلونة األخيرة قضايا كثيرة لالبتزاز الجنسي ضحاياه نساء ورجال على حد
سواء ،وقعوا ضحية لمبتزين يمتهنون استدراج ضحاياهم إلى أوضاع حميمية يحرصون على
توثيقها أو تسلم صورها أو تسجيلها ليوظفوها الحقا في عمليات ابتزاز رخيصة يحصلون من
خاللها على مبالغ مالية من ضحاياهم.91
وقد عرفت هذه الظاهرة تطورا كبيرا مع تطور وسائل االتصال وشيوع استعمالها من قبل
مختلف الفئات العمرية واالجتماعية ،ومن القاصرين على وجه التحديد
وقد جرم المشرع المغربي جريمة االبتزاز الجنسي اإللكتروني في الفصل 538من
القانون الجنائي بالباب التاسع المعنون بالجنايات والجنح المتعلقة باألموال في الفرع األول
فانطالقا من هذه الفصول التي أحاط بها المشرع المغربي جريمة االبتزاز الجنسي،
سنتطرف إلى أركان هذه األخيرة للتحقق من مدى مطابقة هذه األركان لجريمة التنمر الجنسي.
باستقرا ئنا لمختلف النصوص القانونية الواردة أعاله ،فإن الركن المادي لجريمة االبتزاز
الجنسي اإللكتروني يتحقق بالترهيب والتهديد سواء بالقول مباشرة عن طريق االتصال
بواسطة مكالمة هاتفية أو عبر مختلف وسائل االتصال بالصوت والصورة ،أو بطريقة غير
مباشرة بإرسال رسائل التهد يد والوعيد للضحية وذلك بغية الحصول على المال أو عالقة
جنسية أو إكراه على ارتكاب جرائم كالسرقة أو الدعارة .92وهو ما يجعل الضحية تضطر
إلى القيام بالمطلوب منها خوفا من نشر المعلومات السرية المحصل عليها.
وتتكون هذه الجريمة من عنصرين أولهما هو محل االعتداء على حرية اإلرادة وثانيهما
وسيلة االعتداء عليها ،وما تجدر اإلشارة إليه هو كون أن جريمة االبتزاز الجنسي تدخل
زمرة الجرائم المادية وليس الشكلية .والجريمة المادية أو ما يصطلح عليها أيضا في الفقه
الجنائي جريمة النتيجة ،إذ تتطلب لقيام ركنها المادي قيام الفاعل بنشاط إجرامي إضافة إلى
تحقق نتيجة إجرامية.93
إذن فمن خالل استقرائنا األفعال المكونة لجريمة االبتزاز الجنسي فإن ما يالحظ كون أن
هذه األفعال تقع أيضا من قبل المتنمر الذي قد يعمد بإرسال صور ومقاطع فيديو ،أو إرسال
رسائل أو كتابات أو ألفاظ ذات طبيعة جنسية وفي بعض األحيان يقوم بتصوير الضحية في
فيما يخص الركن المعنوي في جريمتي االبتزاز الجنسي94والتنمر الجنسي 95فإن جريمتي
االبتزاز والتنمر الجنسي من الجرائم العمدية .أي أنه يلزم لقيامهما ضرورة توفر القصد
الجنائي ،إذ تتطلبان ضرورة توفر قصد جنائي عام وقصد جنائي خاص ،حيث إن القصد
الجنائي العام فيهما ينصرف إلى كون أن الجاني على علم بكون ما يصدر عنه من أفعال
االبتزاز أ و التنمر تشكل تهديدا للضحية وكذاعلمه بأن محل االعتداء ليس له الحق فيه .أما
القصد الخاص فينصرف إلى نية تملك مال الضحية أو استغاللها جنسيا أو دفعها الرتكاب
جرائم أخرى.
إذن فمن خالل اطالعنا على مختلف النصوص الجنائية المنظمة لجريمة االبتزاز الجنسي
وكذا مقارنة هذه األخيرة مع أركان جريمة التنمر الجنسي ،يمكن القول على أن الفصول
الجنائية المؤطرة ألفعال االبتزاز الجنسي يمكنها أن تشمل أفعال التنمر اإللكتروني الجنسي
بالعقاب خاصة في ظل غياب نص يؤطر أفعال التنمر الجنسي ومع تنامي هذه األخيرة في
الوسط االجتماعي المغربي.
-94للتفصيل أكثر بخصوص الركن المعنوي في جريمة االبتزاز الجنسي يرجى االطالع على :مراد بنار ،المرجع السابق،
ص .85-84
-95فيما يخص الركن المعنوي لجريمة التنمر الجنسي يرجى االطالع على :كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،المرجع
السابق ،ص .2499
40
هذه المرحلة يكون شديد الحساسية والمالحظة ،ضف إلى ذلك ما يخضع له من مؤثرات
أسرية واجتماعية وإفرازات مرحلة المراهقة ،كل هذه العوامل تتدخل في بلورة شخصية
الطفل ،فالطفولة بهذا تعد طورا هاما من أطوار السن.96
فالطفولة تحتل مكانة استثنائية كونها مستقبل كل أمة والقاعدة األساسية ألهم صور البناء
المادي والروحي لإلنسان ،ونظرا لحساسية هذه المرحلة وخطورتها أحاطت الحضارات
بسياج خاص من الرعاية والحماية .وبهذا أخدت حقوق 97
اإلنسانية والمجتمع الدولي الطفل
الطفل اهتماما دوليا وصل صداه إلى إصدار اتفاقية دولية لحقوق الطفل واعتمادها من قبل
الجمعية العامة لألمم المتحدة في 20نونبر .981989
وفي ظل التزايد المستمر لتكنولوجيا االتصال ،ونظرا لكون أن هذه األخيرة ال يقتصر
استعمالها على سن محدد ،إذ أن الكبير والصغير اليوم أصبح يملك حسابا أو حسابات على
مختلف مواقع التواصل االجتماعي ورغم اإليجابيات التي قدمتها للبشرية إال أنها شكلت
فرصة مالئمة للمجرمين لتوظيفها في اإلجرام والجريمة .فأصبح الطفل عرضة للعديد من
الجرائم التي جعلت من مواقع التواصل االجتماعي بيئة لها.
في هذا الصدد برزت العديد من الجرائم االلكترونية التي تستهدف فئة األطفال بشكل خاص
من بينها :االتجار اإللكتروني باألطفال ،التجنيد االلكتروني ،والعديد من الجرائم...إال أن
التنمر اإللكتروني يبقى من أهم الجرائم اإللكترونية المرتكبة ضد األطفال واألكثر انتشارا في
اآلونة األخيرة ،ففي ظل االنتشار الواسع لشبكة اإلنترنيت لم يعد التنمر مقيدا بالبيئة المدرسية.
ومن هنا برزت أهمية مواجهة ظاهرة التنمر اإللكتروني التي تستهدف األطفال واألحداث
في إطار االهتمام المتزايد لدى السلطات العامة ورجال القانون على حد سواء نحو التوسع
-96آسيا مغموش ":الحماية الجنائية للطفولة " ،مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق تخصص قانون جنائي
لألعمال ،جامعة العربي بن مهدي أم البواقي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2014-2013ص .1
-97عرفت االتفاقية الدولية لحقوق الطفل في مادتها األولى الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر ،ما لم يبلغ سن
الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
-98مزيتي فاتح – دالج محمد الخضر ":حماية األ طفال من االستغالل عبر شبكات التواصل االجتماعي في المواد اإلباحية"،
مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات التطور التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية
أيام 17و 18أبريل ،2021منشور بالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية ألمانيا/
برلين ،الجزء الثاني ،ص .240
41
في نطاق تدخل القانون الجنائي لحماية الطفل ،حيث بدأ الفقه يتحدث عن ذاتية القانون الجنائي
لألطفال child criminal lawأو ( لألحداث) L'autonomie du droit penal
، des mineursوقيل إن هذا القانون ال يعد خروجا أو استثناء على القانون الجنائي المقرر
للبالغين ،وإنما هو نموذج خاص يأخذ في االعتبار التغيرات المعاصرة داخل المجتمع
والنصوص اإلقليمية والدولية التي تقتضي بأن تكفل الدول للطفل حماية خاصة.
ومن المالحظ أن معظم التشريعات الجنائية المقارنة الحديثة تتضمن نصوصا بشأن الجرائم
التي ترتكب ضد األطف ال ،وذلك إن لم يكن هناك تشريعات مستقلة تعالج صور هذه الحماية
بنصوص خاصة ،وهو ما ينم عن تطور تشريعي واضح وملموس بشأن الحماية الجنائية
99
لألطفال ويعكس اتساع نطاق هذه الحماية في القوانين العقابية ذات الصلة.
والمجتمع المغربي حاله كحال باقي المجتمعات يعرف انتشارا واسعا لظاهرة التنمر
اإللكتروني ضد األطفال ،وأمام هذا االنتشار الواسع لهذه الظاهرة وفي ظل غياب نص خاص
في القانون الجنائي المغربي ينظم أفعال التنمر هذه يثار التساؤل حول المقاربة القانونية التي
بإمكانها أن تشمل أفعال التنمر الواقعة على األطفال؟
ونظرا للمكانة القانونية التي يحظى بها الطفل سواء على المستوى الوطني أو الدولي فإنه
ال يمكن أن تظل أفعال التنمر اإللكتروني الواقعة على األطفال خارج دائرة العقاب.
ولعل من بين أهم النصوص القانونية التي يمكن أن تشمل أفعال التنمر الواقعة على األطفال
تلك النصوص المتع لقة باالستغالل الجنسي لألطفال فقد ظهرت بصورة واضحة مشكلة
االستغالل الجنسي لألطفال وتطورت أساليبها ،إذ مثلت االنترنيت فرصة مالئمة لذوي النفوس
الضعيفة والمنظمات اإلجرامية لتوظيفها في عملياتها المختلفة وخاصة في استغالل األطفال
-RENUCCI (jean-francois), Le droit penal des mineurs entre son passé et son avenir, R. S. C. 99
2000, p. 79 et ss, NERAC-CROISIER (Roselyne), Droit penal et mineur victime, Indifference ou
protectionnisme? In "La protection judiciaire du mineur en danger, L' Hamattan, paris, 2000,
p. 15 et 16.
42
في المواد اإلباحية ،كما أنها سهل ت بقدر هائل من عمل الجناة في استغالل األطفال وكانت
سببا في االعتداء عليهم.100
ووعيا بخطورة جرائم االستغالل الجنسي لألطفال ،فقد نص المشرع المغربي على تجريم
أفعال االستغالل الجنسي في الفصل 497بأنه " يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات
وبغرامة من عشرين ألف إل ى مائتي ألف درهم كل من حرض القاصرين دون الثامنة عشر
على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها لهم" .فباستقرائنا لمضمون هذا الفصل يتضح
أن المشرع عاقب كل من حرض القاصرين على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها أو سهلها
لهم ،إال أن المشرع لم يشر إلى الوسائل التي بها هذا التحريض ،وحسنا فعل المشرع لكون
أن النص على وسائل التحريض قد يجعل بعض أفعال االستغالل تقع خارج دائرة العقاب
وبالتالي فالتحريض على الدعارة أو البغاء يمكن تصوره بمجموعة من الوسائل من أهمها
وسائل التواصل االجتماعي ،كما أن أفعال التحريض تتحقق بمجموعة من الصور من بينها:
تنظيم عروض أو عالقات جنسية يشارك فيها الطفل أو يكون حاضرا أو يتم تحميلها -
على أقراص حاسوبية أو على مواقع اإلنترنيت ،وعند دخول الطفل إلى موقع ما يتعلق بالمواد
اإلباحية يجد نفسه فريسة سهلة لمروجي هذه التجارة ،حيث تتيح تلك المواقع فرصا لالتصال
الجنسي وتمهد له مساعدات تقنية هاتفية وأخرى ذات عالقات يترتب عليها لقاءات وهمية مع
شخص آخر وكل هذا للقيام بعمل جنسي معين 101ووفق منظومة وصور ومقاطع فيديو بحسب
الحال وكل هذا إلغواء األطفال للقيام بأعمال جنسية معينة وتحريضهم للقيام بها.
عرض صور إباحية ونشرها :ويتحقق ذلك بقيام الجاني بصناعة أو تسجيل أو نقل -
صور إباحية للطفل بغرض عرضها على اإلنترنيت مستخدما في ذلك تقنية الحاسب اآللي أو
االنترنيت ،حيث تصنع هذه التقنية بين يدي الجاني منظومة غير محددة لسبل إنتاج صور
جنسية فاضحة للقاصرين ذكورا أ و إناثا بعضها قد يكون حقيقيا حصل عليها الفاعل بطرق
-100سارة مقراني ":جريمة االستغالل الجنسي لألطفال عبر اإلنترنيت " ،مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر ،تخصص
قانون جنائي لألعمال ،جامعة العربي بن مهدي أم البواقي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية ،2016-2015
ص .2
-101أسامة أحمد المناعسة ،جالل محمد الزغبي ":جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية " ،دار الثقافة للنشر والتوزيع
األردن ،الطبعة األولى و الثانية ،ص .263 -262
43
غير شرعية ويوجهها كما هي وأخرى وهي األكثر واألعم صور ومقاطع غير حقيقية تدخل
في منظومة الدوبالج والتحوير ونحو ذلك ،ثم يعاد استغالل المنتج مرة أخرى في الجريمة
واستغالل القاصرين بها .102وغالبا ما يعمد الجناة بعد الحصول على هذه الصور إلى إرسالها
إلى الطفل الضحية ذكرا كان أو أنثى والذي يجد نفسه مضطرا إلى الرضوخ إلى طلبات
الجاني الذي يمارس عليه نوعا من التسلط والتنمر فيدفعه إلى ارتكاب أفعال جنسية مقابل أخذ
تلك الصور ،فالجاني هنا يستغل ضعف المجني عليه الطفل ويمارس عليه سلطة وسيطرة
وهو المقتضى الذي عبر عنه المشرع المصري في مقتضيات الفصل 309مكرر ب الذي
جرم أفعال التنمر اإللكتروني والذي جاء فيه ":يعد تنمرا كل قول أو استعراض قوة أو
سيطرة للجاني أو استغالل ضعف المجني عليه "...وبالتالي فاالستغالل الجنسي لألطفال
يمكن اعتباره شكال من أشكال التنمر إذ أنه وعلى الرغم من غياب نص يجرم أفعال التنمر
الجنسي المرتكب ضد األطفال ،إال أن مقتضيات الفصل 497ق.ج.م تشمل هذا الشكل من
أشكال التنمر اإللكتروني التي يكون الغرض منها استغالل األطفال جنسيا ،ال سيما وأن
المصلحة الفضلى للطفل تقتضي حمايته من كل أشكال العنف الخوف
وما ينبغي اإلشارة إليه قبل أن ننهي هذه الفقرة هو كون أن جرائم االستغالل الجنسي
لألطفال أصبحت ترتكب في إطار شركات ومنظمات إجرامية ،وهو األمر الذي انتبهت
إليه العديد من التشريعات أهمها المشرع المغربي والذي نص في الفصل 501.1ق.ج":
إذا كان مرتكب الجرائم المنصوص عليها في الفصول 497إلى 503شخصا معنويا،
فيعاقب بالغرامة من عشرة آالف إلى ثالثة ماليين سنتيم " .كما نص في الفصل ":499.1
يعاقب على األفعال المنصوص عليها في الفصل 499أعاله بالسجن لمدة تتراوح بين
10سنوات و 20سنة وبالغرامة من مائة ألف إلى ثالثة مالين درهم إذا ارتكبت بواسطة
عصابة إجرامية".
-102أسامة أحمد المناعسة ،جالل محمد الزغبي ،م ،س ،ص .263
44
المبحث الثاني :المسؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في جرائم
التنمر اإللكتروني
ساهم التقدم الهائل الذي أضحى واضحا في المجال التكنولوجي والزيادة المضطردة في
عدد مستخدمي التكنولوجيا واألجهزة الحديثة من أشخاص طبيعية أو من هيئات وأشخاص
معنوية ،وكذلك االستخدام المتزايد لوسائل التواصل االجتماعي .كل ذلك أسهم في ارتفاع
أفعال التنمر اإللكترو ني ،الشيء الذي طرح معه العديد من التساؤالت .ولعل التساؤل األهم
يرتبط بشكل خاص في بيان أحكام المسؤولية الجنائية المترتبة عن هذه الظاهرة ،وكذا الجهات
المختصة بالنظر في الدعاوى الخاصة بهذه الجرائم كونها تعتبر صورة من صور الجرائم
المعلوماتية العابرة للحدود.
فالتنمر التقليدي ينشأ ويرتكب في عالم مادي وفي مسرح جريمة تقليدي ،حيث يترك الجاني
فيه بصمته وآثاره .أما التنمر اإللكتروني فيتم في عالم افتراضي مليء بالرموز والشفرات،
ويتنامى التحدي حين نجد العراقيل والصعوبات التي تواجه أجهزة التحقيق فيها وفي التعامل
مع الدل يل الرقمي ،فهذه الجريمة أصبحت تمثل هوسا لدى مستخدمي التكنولوجيا الحديثة وذلك
بعد ثورة المعلومات والتكنولوجيا .فإزاء هذه الثورة حاولت بعض الدول المقارنة تطوير
تشريعاتها لتواكب هذه الجريمة وتنبهت لضرورة إفراد نصوص تشريعية خاصة بهذه
الجريمة ،الشيء الذي جعل هذه األخيرة-التنمر اإللكتروني-ال تطرح أي إشكال على مستوى
أحكام المسؤولية الجنائية وكذا االختصاص القضائي.
وفي التشريع الجنائي المغربي وأمام غياب نص ينظم أفعال التنمر اإللكتروني فإن السؤال
الذي يثار هو مدى كفاية أحكام المسؤولية الجنائية في القانون الجنائي المغربي لتشمل أفعال
التنمر اإللكتروني؟ وإذا كانت أحكام المسؤولية الجنائية كفيلة بأن تشمل أفعال التنمر
اإللكتروني فماذا عن األحكام المتعلقة باالختصاص القضائي ومدى كفايتها لمواجهة أفعال
التنمر اإللكتروني العابرة للحدود؟
وعلى ضوء ما تقدم فإن معالجتنا ألحكام الم سؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في
جرائم التنمر اإللكتروني ستكون وفق مطلبين ،نخصص األول للحديث عن أحكام المسؤولية
45
الجنائية الناشئة عن أفعال التنمر ،على أن نخصص المطلب الموالي للحديث عن االختصاص
القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني.
كما أن صفة المجرم ،حالته العقلية وإمكانياته الذهنية ،صلة القرابة بينه وبين الضحية،
ظروف ارتكابه للجريمة...كلها عوامل قد تتدخل للتأثير في المسؤولية الجنائية للفاعل فتنفيها
أحيانا بصفة نهائية ،وفي أحيان تعمل على تخفيفها أو تشديدها.104
وعالقة بأحكام المسؤولية الجنائية المترتبة عن أفعال التنمر اإللكتروني يثار التساؤل حول
طبيعة األشخاص المسؤولين جنائيا عن أفعال التنمر الصادرة عنهم (الفقرة األولى) وما إذا
كانت أحكام المسؤولية الجنائية تقتصر على أفعال المتنمرين وحدهم أم أنها تمتد لتشمل
أشخاصا آخرين (الفقرة الثانية).
-103محمد داوود يعقوب ":المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي" ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،2008 ،ص .1
-104سعيد الوردي ":شرح القانون الجنائي العام المغربي – دراسة فقهية وقضائية ،" -مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة
األولى ،2020،ص .130
46
الفقرة األولى :المسؤولية الجنائية الشخصية عن أفعال التنمر اإللكتروني
بعد تطور استمر حقبة من الزمن ظهر في القوانين المقارنة مبدأ شخصية المسؤولية
الجنائية الذي أخذ به المشرع المغربي بدوره ،ومفاده أن المسؤولية الجنائية ال تطال إال الذي
إحدى الوقائع التي عدها المشرع الجنائي في الفصل 132من ق.ج.م، 105
ارتكب شخصيا
الذي نص بمقتضاه على كون أنكل شخص سليم العقل قادر على التمييز يكون مسؤوال شخصيا
عن:
فالقاتل وحده هو الذي يسأل عن ارتكابه لجريمة القتل العمد دون زوجته أو أحد أقربائه
مثال ،والمشارك في ذات الجريمة هو وحده الذي يسأل باعتباره مرتكب لجناية المشاركة في
القتل العمد ،والمتنمر وحده هو الذي يسأل عن أفعال تنمره دون أحد من أقربائه ،والمشارك
في أفعال التنمر يسأل باعتباره مشاركا وهكذا ...على اعتبار أن المسؤولية الجنائية شخصية،
هذا هو المبدأ العام ،فال يسأل الشخص إال على ما ارتكبه وال شأن له بفعل غيره.106
ولكي تقوم المسؤولية الجنائية ال بد من توفر شروط حددها المشرع المغربي في الفصل
132ق.ج.م (أوال) ،ذلك أن اختالل توفر هذه الشروط يؤدي ال محالة إلى إنقاص المسؤولية
الجنائية أو إعدامها بصفة نهائية (ثانيا).
-105عبد الواحد العلمي ":شرح القانون الجنائي المغربي -القسم العام ،"-الطبعة التاسعة14440 ،ه2019/م ،ص .131
-106وهذا هو األصل العام في التشريع الجنائي المغربي ،لكن المشرع المغربي أورد استثناء في الفقرة األخيرة من الفصل
132حينما قال ":وال يستثنى من هذا المبدأ إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف ذلك " حيث أقر بمقتضاه
نوعا من المسؤولية الجنائية غير الشخصية يسأل فيها الشخص عن أفعال غيره ،وهذا خروجا عن المبدأ العام السابق وذلك
في كل حالة ورد بخصوصها نص خاص يسمح بالمساءلة الجنائية عن غير فعل الشخص وهي نوع من المسؤولية
الموضوعية أو المفترضة التي تقوم على افتراض الخطأ في جانب المسؤول .وسنترك التفصيل في هذه النقطة إلى الفقرة
الثانية من ذات المطلب والمتعلقة بالمسؤولية الجنائية المفترضة في أفعال التنمر اإللكتروني.
47
أوال :شروط قيام المسؤولية الجنائية عن أفعال التنمر اإللكتروني
ال تقوم المسؤولية الجنائية للمتنمر إال بقيام اإلدراك والتمييز وحرية االختيار لدى هذا
األخير ،فالقواعد الجنائية ال توجه إال لمن يفهم ويدرك ماهيتها .وحسب مقتضيات الفصل
132من القانون الجنائي فإن كل شخص يكون عاقال وبالغا سن الرشد الجنائي ومتمتعا
باإلرادة وحرية االختيار فإنه يكون مسؤوال جنائيا.
األهلية صفة يقدرها الشارع في الشخص تجعله محال صالحا للخطاب باألحكام الشرعية،
وهذه األهلية تختلف قوة وضعفا ،باختالف المراحل التي يمر بها اإلنسان والظروف المالبسة
لذلك منذ تكوينه جنينا في بطن أمه إلى أن يموت.107
وشرط األهلية يستفاد من الفصل 132ق.ج.م الذي يشترط لقيام المسؤولية الجنائية أن
يكون الشخص قادرا على التمييز ،ذلك أن انعدام التمييز يعدم المسؤولية الجنائية .وبحسب
الفصل 140ق.ج.م فإنه" :يعتبر كامل المسؤولية الجنائية كل شخص بلغ سن الرشد بإتمام
ثمان عشرة سنة كاملة " ،فبلوغ سن الرشد الجنائي يعتبر مناطا للمسؤولية الجنائية ،وتكون
مسؤولية الشخص فيه مسؤولية كاملة.108
وبالتالي فإنه ال تقوم المسؤولية الجنائية تجاه الحدث المتنمر الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي
بعد ، 109غير أنه قد تقوم مسؤولية الشخص المتنمر قبل بلوغه سن الرشد الجنائي إذا كان قد
أدرك سن التمييز حيث تكون مسؤوليته في هذه الحالة مسؤولية ناقصة ،وسواء كانت
المسؤولية الجنائية كاملة أو ناقصة فإنه ال بد أن يتمتع المتنمر بحرية اإلرادة.
-107برمضان الطيب ":المسؤولية الجنائية في الفقه اإلسالمي والقانون الجزائري" ،مقال منشور بمجلة المعيار ،المجلد ،2
العدد ،2021 ،01ص .92
-108سعيد الوردي ":شرح القانون الجنائي العام المغربي " ،م ،س ،ص .134
-109إن مسألة تحديد سن المتنمر في ظل التنمر التقليدي ال تثير أي إشكال خاصة وأن التنمر التقليدي يمارس في بيئة تقليدية.
وعلى العكس من ذلك فإن مسألة تحديد سن الجاني المتنمر في التنمر اإللكتروني مسألة صعبة ومعقدة فالمتنمر اإللكتروني
يختبئ وراء جهازه اإللكتروني و يمارس أفعال تنمره في ظل غياب أي محدد يحدد سنه أو حالته العقلية.
48
يعتبر مبدأ حرية االختيار الشرط الثاني لقيام المسؤولية الجنائية ،ومناطه قدرة اإلنسان
على توجيه نفسه على عمل معين أو االمتناع عنه ،أو هي قدرته على الفعل أو الترك.
وهي المظهر اإليجابي للمسؤولية الجنائية ،فمن يسأل جنائيا يجب أن يكون له شعور
وإرادة ،ثم بعد ذلك يكون هذا الشعور واإلرادة على درجة من القوة يعترف بها القانون لكي
يسأل جنائيا ،فليس أي شعور وإرادة تمهد إلى قيام المسؤولية الجنائية .ويتولى القضاء رصد
ضوابط لهذه القوة التي ينبغي أن يكون عليها هذا الشعور وتلك اإلرادة لكي يتم مساءلة
الشخص جنائيا ،وإن كان الفقه يستند في تفسيره لقوة الشعور واإلرادة إلى المظهر السلبي في
المسؤولية الجنائية حيث إن أولى مظاهر التأثير السلبي هو السن الذي وضعه القانون ،ثم
الحاالت التي تكون فيها األهلية ناقصة .وهي إما حاالت طبيعية كالعاهات والعوائق المزمنة
مثل األمراض العقلية ،وإما حاالت مصطنعة كالسكر والتخدير.110
فالمتنمر ال تنتفي إرادته وحرية اختياره إذا كان سبب تنمره هو التعاطي للكحول أو
المخدرات ،111أما إن كان سبب تنمره مرض ذهني أو انعدام حرية االختيار لديه فالحالة هذه
ال مجال لقيام مسؤوليته.
ال يكفي لقيام المسؤولية الجنائية عن أفعال التنمر اإللكتروني توفر الشروط السالفة الذكر،
وإنما يجب أن تكون هذه الشروط خالية من أي مانع قد يمنع قيام المسؤولية الجنائية أو يعدمها.
وموانع المسؤولية الجنائية هي أسباب شخصية تتعلق بالفاعل وال تزيل عن الفعل وصف
الجريمة ،وهي حاالت تتجرد فيها اإلرادة عن الصفة القانونية فال يعتد بها القانون وال يتوافر
بها الركن المعنوي.
ويعتبر كل عامل السن والخلل العقلي من أهم العوامل المؤثرة في المسؤولية الجنائية.
-110صابرين ناجي طه ":المسؤولية الجزائية الناشئة عن التنمر اإللكتروني " ،مقال منشور بمجلة جامعة تكريت للحقوق،
السنة السادسة ،المجلد ،6العدد ،2الجزء ،2021 ،1ص .218-219
-111أنظر في ذلك الفصل 137من القانون الجنائي الذي نص على ":السكر وحالت االنفصال أو االندفاع العاطفي أو الناشئ
عن تعاطي المواد المخدرة عمدا ال يمكن بأي حال من األحوال أن يعدم المسؤولية أو ينقصها ".
49
-1مسؤولية المتنمر القاصر
تشكل ظاهرة تنمر األحداث ظاهرة متميزة وذات خطورة بالغة تستدعي عناية خاصة على
اعتبار أن الحدث أقرب إلى التقويم واإلدماج في المجتمع من المجرم الراشد ،وهذا ما اتبعه
المشرع المغربي بالفعل إذ بالرجوع إلى المجموعة الجنائية نجده قد اعتبر صغر السن سبب
من األسباب التي تؤثر على المسؤولية الجنائية فتمنعها إما كليا أو جزئيا بحسب ما إذا كان
التمييز عند الصغير منعدما أو ناقصا.112
وقد حدد المشرع الجنائي حاالت انعدام المسؤولية الجنائية للقاصر في الفصل 138ق.ج.م
الذي نص على كون أن الحدث الذي لم يبلغ سن اثنتي عشرة سنة كاملة ،يعتبر غير مسؤول
جنائيا النعدام تمييزه ،وبناء على ذلك فإن الصغير منذ والدته وإلى أن يتم الثانية عشر من
عمره ،يعتبر غير أهل لتحمل المسئولية الجنائية عن أفعال التنمر التي قد تصدر عنه.
أما الحدث الذي أتم اثنتي عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشر من عمره فيعتبر مسؤوال
مسؤولية جنائية ناقصة وذلك لعدم اكتمال عنصر التمييز واإلدراك لديه ،113وهو ما يقتضي
معه تخفيف مسؤوليته الجنائية عمال بمقتضيات الفصل 139ق.ج.م.114
-2الخلل العقلي
إن من الحاالت التي تنعدم فيها المسؤولية الجنائية هي حالة الخلل العقلي ،وهي الحالة التي
يستحيل معها اإلدراك وقت ارتكاب الجريمة ،115وقد جاء في الفصل 134ق.ج.م ":ال يكون
م سؤوال جنائيا ويجب الحكم بإعفائه من كان وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة إليه في حالة
يستحيل عليه معها اإلدراك أو اإلرادة نتيجة لخلل عقلي في قواه العقلية ".
الجنون :وهو مرض يحل بالعقل ويخل القوة المميزة بين األشياء القبيحة والحسنة، -
والجنون ينقسم إلى نوعين :الجنون المطبق أو المستمر ،ويسمى مطبق ألنه يستوعب كل
اوقات المجنون ،والنوع الثاني هو المتقطع وهو جنون غير مستمر فهو يصيب الشخص تارة
ويرفع عنه تارة أخرى فإذا أصابه فقد عقله وإذا ارتفع عنه عاد إليه.117
وفي كافة األحوال فإن حكم الجنون أو فقدان القوى العقلية لوظائفها الحيوية واحد ال
يختلف ،وهو أن الفاعل تمنع مساءلته جنائيا إذا ارتكب الجريمة وهو في حالة الجنون ،غير
أن هذا الحكم ال يعمل به إذا ثبت أن الشخص المشهور بالجنون المتقطع قد ارتكب الجريمة
وهو في حالة إفاقة.
ونشير إلى أن هناك حاالت يكون فيها ضعف عقلي ال يرتقي إلى مصاف الجنون من حيث
إعدامه للمسؤولية الجنائية وإنما يقتصر على إنقاص اإلدراك واإلرادة وتبعا لذلك تنقيص
المسؤولية الجنائية .وهو عبارة عن حالة نقص أو تأخر أو تخلف أو توقف أو عدم اكتمال
النمو العقلي المعرفي يولد بها الفرد أو تحدث في سن مبكرة ،نتيجة لعوامل وراثية أو مرضية
فال هو كامل 118
أو بيئية تؤثر على الجهاز العصبي للفرد مما يؤدي إلى نقص الذكاء عنده
اإلدراك كالشخص الطبيعي المتمتع بكامل قواه العقلية ،وال هو مختل العقل تماما كالمجنون
أو المعتوه ...من تم استلزم األمر مراعاة ظروفه عند تقرير مسؤوليته .فال ينبغي القول
وبالتالي فإذا تبثث حالة الضعف العقلي لدى المتنمر أدت إلى االنتقاص من إدراكه وإرادته
وبالتالي ففي حالة تنمره فإن مسؤوليته تنقص جزئيا وال تمنع كليا ،وهذا لكون أن المشرع
المغربي اتبع منوال المدرسة التقليدية الحديثة التي تتدرج فيها المسؤولية الجنائية من الكمال
إلى النقصان إلى االنعدام والزوال.
وفي هذا الصدد فإننا سوف نتطرق إلى كل من المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في التنمر
اإللكتروني (أوال) على أن نتطرق كذلك إلى المسؤولية الجنائية لمزودي الخدمات ثانيا).
إن من أهم مبادئ القانون الجنائي هو شخصية المسؤولية الجنائية وشخصية العقوبة وذلك
على اعتبار أن اإلنسان حتى يسأل عن النتائج التي تحدث في العالم الخارجي ،ال بد وأن
يكون قد تسبب في إحداثها بسلوكه.
إذ في الوقت الذي يرى فيه جانب من الفقه أن المسؤولية الجنائية عن فعل الغير عادية ال
خرق فيها لمبدأ شخصية العقوبة ،وأن الشخص إنما يسأل في ظلها عن خطئه الشخصي وال
يمكن مساءلته عن خطأ غيره .يذهب جانب ثان من الفقه إلى خالف ذلك ويرى في المسؤولية
الجنائية عن فعل الغير مسؤولية تخالف األحكام العامة للمسؤولية الجنائية ،ويرى فيها انتهاكا
وخرقا لمبدأ شخصية العقوبة.122
ويقصد بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير :المساءلة الجنائية لشخص ما عن فعل قام به
شخص أخر وذلك لوجود عالقة معينة بينهما تفترض أن يكون الشخص األول مسؤوال عما
صدر عن الشخص الثاني من أفعال .ويرجع الفقه تبرير ذلك إلى اقتضاء مصلحة المجتمع،
ألن العقاب ال فائدة ترجى منه إن هو اقتصر على مرتكب الجريمة كفاعل أو شريك ،بل
يتعدى األمر لينال من له حق اإلشراف والمتابعة والرقابة .فافتراض المسؤولية الجزائية في
حقه من شأنها أن تحمله على إحكام الرقابة وبذل العناية الالزمة والكافية للحيلولة دون وقوع
الجريمة . 123فال شك أن مجرد القول بوجود مسؤولية عن فعل الغير كاف ألن يثير القلق
وقيام االضطراب األمر الذي يدعوا اإلنسان إلى التفكير العميق لتفهم هذه المسؤولية ومبررات
تقديريها.
وإن كان األصل العام في القانون الجنائي المغربي هو مبدأ " شخصية المسؤولية " فإن
المسؤولية الجنائية عن فعل الغير هي استثناء من هذا األصل ،وهي نوع من المسؤولية
-121نبيل مالكية ":المسؤولية الجنائية :مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية ماستر ،تخصص قانون جنائي،
كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،جامعة عباس لغرور خنشلة ،2017-2016ص .29
-122نجبب بروال ":األساس القانوني للمسؤولية الجنائية عن فعل الغير " ،مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في العلوم
القانونية تخصص علم اإلجرام وعلم العقاب ،جامعة الحاج لخضر باتنة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،السنة
الجامعية ،2013-2021ص .83
-123عيسى علي ":المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئية" ،مقال منشور بمجلة العلوم السياسية والقانون،
المجلد ،3العدد ،2019 ،13المركز الديمقراطي العربي – ألمانيا –برلين ،ص .202
53
الجنائية الموضوعية أو المفترضة التي تقوم على افتراض الخطأ في جانب المسؤول.124
وهي تجد أساسها في الفقرة األخيرة من الفصل 132ق.ج الذي نص على ":وال يستثنى من
هذا المبدأ-مبدأ شخصية المسؤولية -إال الحاالت التي ينص فيها القانون صراحة على خالف
ذلك".
وقد حاول الفقهاء تفسير المسؤولية الجنائية عن فعل الغير كأساس للمسؤولية الجنائية في
الجرائم التنمرية الواقعة بسبب الصحافة اإللكترونية ،إذ حاول البعض تفسيرها وفقا لنظرية
الخطأ المفترض ،وهناك من حاول تفسيرها على أساس تحمل التبعة ،كما أن هناك من حاول
تفسيرها وفقا لنظرية الفاعل المعنوي.
حسب هذا االتجاه يرى بعض الفقهاء أن مسؤولية مدير النشر هي مسؤولية مفترضة ،أي
أنها مبنية على افتراض يتمثل في اطالعه على كل ما ينشر في المطبوع الدوري أو الصحيفة
اإللكترونية التي يشرف عليها .فالمدير أو الناشر الذي يتولى مهام إدارة الجريدة ،يفترض فيه
أن يراجع ويراقب ما يتم نشره ويعد ارتكاب الجريدة التي يرأسها لجريمة معينة قصورا منه
في القيام بالمهام المنوطة به وإخالال بواجبه ومن تم تتم مساءلته جنائيا عن اإلهمال.125
وتبعا لذلك تكون مسؤولية المدير مفترضة وذلك وفقا لما جاء في المادة 95من القانون
الجديد للصحافة والنشر التي صرحت بأنه :يعتبر األشخاص اآلتي ذكرهم فاعلين أصليين
لألفعال المرتكبة عن طريق الصحافة ،وذلك حسب الترتيب التالي:
-124أنظر هامش اإلحالة رقم 28ص 332من كتاب عبد الواحد العلمي المرجع السابق.
-125علي بوييس ":جرائم الصحافة بين القانون والعمل القضائي " ،رسالة نهاية التدريب بالمعهد العالي للقضاء- 2009 ،
،2010ص .60
-126انظر المادة 95من القانون 88.13المتعلق بالصحافة والنشر المغربي.
54
-الموزعون والبائعون والمكلفون باإللصاق ،إن لم يكن هناك أصحاب المطابع
ومقدمو الخدمات.
وهو ما ينتج عنه قرينة مفادها افتراض علمه بكل ما يتم نشره ،وهي قرينة ال تقبل إثبات
العكس إال بإثبات السبب األجنبي.
وما أخذ على نظرية االفتراض في الخطأ أن المسؤولية عن فعل الغير هي مسؤولية
موضوعية تقوم دون الركن المعنوي (القصد الجنائي) ،األمر الذي يجعل عبئ اإلثبات يقع
على عاتق المتهم الذي عليه أن يثبت براءته من الخطأ العمدي المنسوب إليه127وفي هذا
مخالفة للقواعد العامة القاضية بأن المتهم غير ملزم بإثبات براءته لكونها مفترضة فيه.
يذهب جانب من الفقه إلى القول بأن هذه النظرية تصلح لتفسير المسؤولية الجنائية عن فعل
الغير في الجرائم الصحافية عند نسبتها إلى مدير النشر .فمثلما رب العمل مسؤول عن أعمال
تابعه التي ينتفع منها ،فكذلك األمر بالنسبة لمدير النشر الذي انتفع من أعمال تابعه الذي حرر
المقال الصحفي المكون للجريمة ،ومن ثم عليه أن يتحمل مسؤولية هذا النشر.
وقد وجهت لهذه النظرية هي األخرى عدة انتقادات أهمها أن هذه النظرية ال تستقيم وبعض
المبادئ الراسخة في القانون الجنائي ،وهي مراعاة شخصية المجرم بشأن التجريم والعقاب،
والتأكد من إرادته اإلجرامية من عدمها في ارتكاب الفعل المجرم ناهيك عن كونها لم تحترم
بدورها مبدأ قرينة البراءة.128
الفاعل المعنوي هو الشخص الذي يريد ارتكاب الجريمة وتتوفر لديه النية اإلجرامية وبدل
أن ينفذها بنفسه يدفع شخصا آخر عديم القصد الجنائي إلى تنفيذها .وقد كان الفاعل المعنوي
-127أنس مشهور ":المسؤولية الجنائية للصحفي المهني – دراسة مقارنة "-رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الخاص،
تخصص العدالة الجنائية والعلوم الجنائية ،جامعة سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
فاس ،السنة الجامعية ،2020-2019ص .113-112
-128أنس مشهور ،م.س ،ص .112
55
يقتصر على من يحمل شخصا عديم التمييز على ارتكاب الجريمة كمن يدفع طفال أو مجنونا
إلى االعتداء على الضحية ...غير أن الفقه حديثا توسع في مدلول الفاعل المعنوي ليشمل كل
الحاالت التي ينعدم فيها القصد الجنائي لدى الفاعل المادي الذي يسخره الجاني لتنفيذ جريمته
كمن يكره غيره ماديا على ارتك اب الجريمة ،والرئيس الذي يأمر مرؤوسه بالقيام بعمل يكون
جريمة والحال أن المنفذ كان حسن النية وغير عالم بعدم مشروعية العمل الذي قام به.129
وعلى الرغم من أن بعض الفقه يعترض على مساءلة الفاعل المعنوي بوصفه فاعال
للجريمة ،واعتباره في أحسن األحوال مساهما عن طريق التحريض ،إال أن أغلب الفقه أخذ
بهذه النظرية .وتجد هذه النظرية-نظرية الفاعل المعنوي-أساسها في مبادئ القانون الجنائي،
على اعتبار أن المشرع الذي يجرم النتيجة هو نفسه الذي يجرم الوسيلة التي استعملت في
ذلك مهما كان نوعها.130
وعموما فإن الهدف من نظرية الفاعل المعنوي هو معاقبة هذا األخير إما ألنه أوصى غيره
بارتكاب الجريمة كالمدير الذي يوصي إلى تابعه بكتابة عبارات تنمرية ،أو لكونه تركه يقترف
ذلك في الوقت الذي كان من واجبه السهر على ما يقضي به القانون ومنعه من ذلك.
مع التطور الهائل الذي شهدته تقنية اإلنترنيت ،اتسع الجدل الدائر بين الفقه والقضاء حول
المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمة اإلنترنت131خاصة عن المعلومات الواردة في ذلك المحتوى
إذا ما تضمنت اإلساءة للمتعاملين في مواقع التعامالت اإللكترونية ،أو نشر وقائع تشكل
إن تحديد مسؤولية مقدمي خدمات اإلنترنيت يعد من أصعب المواضيع الممكن مواجهتها،
ومرد ذلك إلى عدة أسباب أولها الطابع التقني المعقد للشبكة ،وثانيها عالمية النشاط اإللكتروني
غير الخاضع لسيطرة دولة معينة أو إلدارة مركزية باإلضافة إلى تعدد المتدخلين في تسيير
هذه الشبكة.
ومع ذلك فقد عرفت بعض التشريعات المقارنة كالتشريع المصري صورا للمسؤولية عن
فعل الغير في بعض الجرائم االقتصادية وجرائم النشر ،وكان أساس هذه المسؤولية اعتناق
الفقه والقضاء الفرنسي لبعض النظريات لتبرير هذا االستثناء من المسؤولية وهي نظرية
الحيلة القانونية أو التمثيل القانوني لمدير المنشأة عن العاملين فيها .إذ أنه وإزاء وجود خلل
في وسائل اإلثبات في الجرائم المعلوماتية ،فقد اتجه المشرع المقارن إلى األخذ بهذه الحيلة
القانونية إلخفاء العيوب المتعلقة باإلجراءات الجنائية ،واعتبر أن هذا النوع من المسؤولية
المفترضة يفترضها القانون مسبقا .ولذلك يضفي عليها المشروعية بحيث يسأل عن الجريمة
المعلوماتية عبر اإلنترنت من لم يقم بارتكابها بالفعل ولكنه يسأل عنها ألنه كان على صلة
بالواقعة اإلجرامية أو مرتكبها.132
وبالنسبة للمشرع المغربي فما تجدر اإلشارة إليه هو أنه ال يوجد فراغ قانوني في هذا
الشأن حيث أن الباب الرابع المكرر من القانون رقم 2.00المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق
المجاورة كما تم تغييره وتتميمه بمقتضى القانون رقم 34.05تطرق لمسؤولية مقدمي خدمات
اإلنترنيت ولكن فقط عند التعدي على حقوق المؤلف والحقوق المجاورة على شبكة اإلنترنت،
-132أحمد عبد الاله عبد الحميد عبد الرحيم المراغي ":المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمات اإلنترنيت -دراسة تحليلية خاصة
لمسؤولية مزودي خدمات االتصاالت اإللكترونية ،" -مقال منشور بمجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية واالقتصادية،
اإلصدار ،2812لم يتم ذكر السنة ،ص .220-219
57
وإن كنا نعتقد أن األمر قابل للتطبيق على المخالفات األخرى التي يتم ارتكابها على نفس
الشبكة.133
وبذلك فإننا نرى أن امتداد المسؤولية الجنائية لمزودي الخدمات ستجعل هذا األخير أكثر
حيطة وحذر وسيعمل على الحيلولة دون تحقق األفعال اإلجرامية اإللكترونية بشكل عام
والتنمرية بشكل خاص.
والتنمر اإللكتروني كصورة من صور الجرائم اإللكترونية وفي ظل االنتشار الواسع لشبكة
اإلنترنيت وتوسع نطاق استخدامها ودخول جميع فئات المجتمع إلى خانة المستخدمين ،عرف
انتشارا مهوال وتعددت بذلك صوره وأشكاله .وعلى هذا األساس أفرزت ظاهرة التنمر
اإللكتروني شأنها ش أن باقي الجرائم اإللكترونية تحديات واضحة للقوانين الوضعية التي
وضعت لمكافحتها ،وما زاد األمر تعقيدا أن هذه الظاهرة سريعة الحدوث وفي عديد من الدول
وعابرة للحدود وما تطرحه معها من مشاكل في مجال االختصاص من جهة الجهات المختصة
المخول لها متابعة المجرمين أو من خالل المحاكم المختصة .حيث إن التنمر اإللكتروني قد
-133فؤاد بن صغير ":مقدمات في القانون اإللكتروني المغربي" ،مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي:
https://www.google.com/amp/s/satv.maتم اإلطالع عليه يوم 2022/08/02على الساعة .15:50
-134جمال زين العابدين أمين محمد ":االختصاص القضائي وإجراءات التحقيق في الجرائم اإللكترونية " ،مقال منشور
بمجلة مستقبل العلوم االجتماعية ،العدد الرابع ،يناير ،2021ص .69
58
يرتكب في دولة وتكون آثاره في دولة أخرى وقد يكون الجاني المتنمر يحمل جنسية دولة
وأداة تنمره توجد في دولة أخرى وخارج النطاق اإلقليمي لجهة التحقيق.
ولما كان االختصاص القضائي هو سلطة المحكمة للحكم في القضية المعروضة عليها أو
الوالية التي يمنحها المشرع لمحكمة ما للبث في القضايا المعروضة عليها ،فإن طبيعة التنمر
اإللكتروني والخصوصية التي تمتاز بها جعلها تطرح العديد من اإلشكاالت والتحديات والتي
تثير التساؤل حول المبادئ والقواعد التي تحكم االختصاص في هذا اإلطار.
وبناءا عليه فإننا سوف نتطرق في هذا المطلب إلى أهم مبدأ يحكم قواعد االختصاص في
إطار التنمر اإللكتروني (الفقرة األولى) على أن نتطرق إلى أهم اإلشكاالت المثارة حول
تنازع االختصاص في إطار التنمر اإللكتروني(الفقرة الثانية ).
-135محمد بوزالفة ":االختصاص العيني في القانون الجنائي المغربي" ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص،
كلية العلوم القانونية واالجتماعية أكدال-الرباط ،جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية ،1996-1995ص .2-1
59
وتأسيسا على ذلك ،فقد نص المشرع الجنائي المغربي على هذا المبدأ بمقتضى الفصل
10ق.ج والذي بمقتضاه فإن التشريع الجنائي المغربي يسري على كل من يتواجد بإقليم
المملكة من مواطنين وأجانب وعديمي الجنسية .وبهذا فالجرائم اإللكترونية التي ترتكب داخل
التراب الوطني ال تطرح أي إشكال بخصوص المحكمة صاحبة الوالية وبالتالي فهي تخضع
لالختصاص الثالثي المنظم وفق مقتضيات المسطرة الجنائية ،136والمتمثل في مكان ارتكاب
الجريمة أو محل إقامة الجاني أو محل إلقاء القبض.
يرتبط مكان ارتكاب الجر يمة بآثارها ،حيث يبقى المحل الذي نفذت فيه أحد عناصر
الجريمة (الركن المادي أو جزء من هذا الركن) هو مكان االختصاص القضائي .فقواعد
القانون الجنائي المغربي وقواعد المسطرة الجنائية تخضع في تطبيقها من حيث المكان إلى
مبدأ اإلقليمية حيث أن مبدأ إقليمية النص الجنائ ي يساعد القاعدة الجنائية على تأدية وظيفتها
وبسط نفوذها على أقاليم الدولة.137
إال أنه ومن الصعوبات التي يمكن أن تطرحها الجريمة اإللكترونية وعلى الخصوص
التنمر اإللكتروني في عالقة باالختصاص القضائي :هي الحاالت التي يتوزع فيها السلوك
اإلجرامي في أكثر من مدينة .كأن يقع السلوك اإلجرامي في مدينة معينة ،في حين تتحقق
نتيجته اإلجرامية في مدينة أخرى ،ويكون بالتالي كل مدينة قد تحقق فيها أحد العناصر المكونة
للركن المادي للجريمة .ومثال ذلك ارتكاب فعل التنمر في مدينة ويتلقى هذا الفعل الضحية
في مدينة أخرى بعد أن يمر فعل الت نمر في كثير من األحيان بأكثر من مدينة ،وهو ما يثير
إشكالية المحكمة صاحبة االختصاص .ونظرا لغياب تطبيقات قضائية في جرائم التنمر من
هذا القبيل حتى على مستوى التشريع المقارن ،ونظرا لكون أنه ومن خالل معالجتنا للتنمر
اإللكتروني قلنا على كون أن هذا األخير قد يتخذ أشكاال مختلفة من أبرزها صورة االبتزاز
الجنسي اإللكتروني ،فإننا سنعرض لقراءة في أحد القرارات القضائية التي عالجت مسألة
حيث إن المحكمة المؤيد حكمها بالقرار المطعون فيه عندما ردت الدفع بعدم االختصاص
المكاني وعللت قرارها بالقول :حيث لئن كان من الثابت فعال أن محل إقامة األضناء ومكان
إلقاء القبض عليهم بمدينة واد زم فإن مكان اقتراف الجرائم موضوع المتابعة وهي االبتزاز
والمشاركة فيه طبقا للفصلين 538و 129من القانون الجنائي هي جرائم تقليدية فإن الوسائل
التي اعتمدها األضناء والمتمثلة في االتصاالت الهاتفية والرسائل النصية وشبكة اإلنترنيت
وتسلم وتسليم المقابل المادي لعدم إفشاء األمر الشائن ،نقلت مكان الجريمة من إطار مادي
محدود جغرافي ا إلى بيئة افتراضية غير ملموسة ...األمر الذي يفهم منه أن الركن المادي
للجريمة والذي يعتبر معيارا للقول بمكان ارتكاب الفعل؛ قد ارتكب في نطاق افتراضي وفي
ظروف آنية َو َّح َد مدينة واد زم وسال في مكان واحد ،مما يجعل المحكمة االبتدائية بسال
صاحبة والية هي األخرى مكانيا للنظر في الجرائم موضوع المتابعة .تكون المحكمة قد
خرقت إجراء من اإلجراءات المسطرية وفسرت المادة 259ق.م.ج تفسيرا خاطئا وعرضت
بذلك قرارها للنقض.138
يظهر من خالل القرار موضوع الدراسة أن األمر يتعلق بالتهديد بإفشاء أمور شائنة
(االبتزاز) عرض على المحكمة االبتدائية بسال ،ارتكبت من طرف المتهمين موضوع المتابعة
واللذين ينحدرون من واد زم في حق الضحية الذي يقطن بمدينة سال .وأن وسائل أداة ارتكاب
الجريمة انحصرت في وسائل التواصل واالتصال وشبكة اإلنترنيت ،مما تكون معه الجريمة
قد انتقلت من جريمة عادية تقليدية إلى جريمة إلكترونية تم اقترافها برسائل إلكترونية ،كما
أن السلوك اإلجرامي المكون للجريمة توزع بين كل من مدينتي واد زم وسال ،ويكون بالتالي
- 138يوسف قجاج ":الجريمة اإللكترونية وإشكالية االختصاص القضائي– مكان ارتكاب الجريمة نموذجا ،"-قراءة في قرار
محكمة النقض عدد 7/233في الملف الجنحي عدد 2017/7/6/14280الصادر بتاريخ ،2018/02/14مقال منشور على
الموقع اإللكتروني التالي https://www.droitarabic.com :تم اإلطالع عليه يوم 2022/08/10 :على الساعة.9:30 :
61
كل مدينة قد تحقق فيها أحد عناصر الركن المادي للجريمة ذلك أن العمل اإلجرامي ارتكب
في بيئة افتراضية غير ملموسة.
فالثابت من خال ل القرار أعاله موضوع الدراسة أنه تأثر بغياب إطار قانوني يحكم وينظم
موضوع االختصاص في الجريمة اإللكترونية ،األمر الذي يحتم إعمال قواعد االختصاص
المحلي التقليدية وهذا ما يطرح جملة من الصعوبات خصوصا أن مكان ارتكاب الجريمة
اإللكترونية والذي يكون دائما في البيئة االفتراضية غير الملموسة يختلف عن مكان ارتكاب
الجرائم التقليدية األخرى في العالم الملموس.139
وبناء عليه فإن تطبيق قاعدة مكان ارتكاب الجريمة بمفهومها التقليدي ال تتالءم مع طبيعة
التنمر الرقمي وخصوصياتها وذلك اعتبارا لكون أن هذه القاعدة صيغت لكي تحدد
االختصا ص المتعلق بجرائم قابلة للتحديد المكاني وبالتالي فهي ال تصلح إلعمالها بشأن
الجرائم اإللكترونية على العموم وكذا التنمر اإللكتروني على الخصوص.
وفقا للقاعدة المقررة في المادة 259من قانون المسطرة الجنائية فقد حددت انعقاد
االختصاص كذلك إلى المحكمة التي يقع بدائرة نفوذها محل إقامة المتهم أو محل إقامة أحد
المساهمين أو المشاركين معه.
يعتبر مكان إلقاء القبض من أسهل العوامل لمالحقة ومتابعة كل متهم وإحالته على المحاكم،
وقد يحقق هذا المقتضى فائدة أكبر في حالة تعذر معرفة مكان ارتكاب الجريمة أو محل إقامة
الجاني .وفي حالة تعدد المحاكم في قضية واحدة فإن االختصاص يكون حسب الترتيب بدءا
بمحكمة مكان ارتكاب الجريمة ثم محل إقامة الجاني وأخيرا محكمة إلقاء القبض .140وهو قد
وإبرازا لذاتية وخصوصية هذه الجرائم – الجرائم اإللكترونية – وكذلك التنمر اإللكتروني
فقد يقع السلوك اإلجرامي في دولة معينة ،في حين أن النتيجة اإلجرامية تتحقق في دولة
أخرى ،ويكون بالتالي قانون كل دولة تت حقق فيها الركن المادي للجريمة قابال للتطبيق ،الشيء
الذي يؤدي إلى تنازع إيجابي في االختصاص بين أكثر من تشريع وطني وبين أكثر من دولة
لمالحقة نفس النشاط اإلجرامي وكمثال على ذلك :فقد يرتكب فعل التنمر عبر الوسائل
اإللكترونية في بلد ويتلقاه الضحية في بلد آخر بعد أن يمر هذا الفعل في كثير من األحيان
بأكثر من دولة قبل أن يصل إلى دولة االستقبال ،فمثل هذه الحالة تفرض تنازعا في
االختصاص بل غموضا في تحديد معياره .وبالتالي يثار التساؤل :هل العبرة في تحديد جهة
االختصاص بمكان تحقق السلوك اإلجرامي أم بمكان تحقق النتيجة وأي دولة من الدول يمكن
أن نعتبرها مكان للفعل الجرمي؟
وحال لهذا اإلشكال ،وتحقيقا للتعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم اإللكترونية العابرة
للحدود فقد تم اعتماد االتفاقية الدولية المتعلقة بالجريمة اإللكترونية من طرف مجلس الوزراء
األوربي ببودابست بتاريخ 8نونبر ،2001إذ أنه وبالرجوع إلى المادة 22من هذه االتفاقية
نجدها تنص على كون أنه :يعتمد كل طرف ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى
وذلك إلقرار االختصاص بشأن أي جريمة تنص عليها المواد من 2إلى 11من هذه االتفاقية،
-141آمال فكيري ":إشكاالت اإلثبات واالختصاص في جرائم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال العابرة للحدود" ،مقال منشور
بمجلة العلوم القانونية والسياسية ،عدد ،17يناير ،2018ص .642
63
وذلك عندما ترتكب الجريمة في إقليم الدولة أ و على متن إحدى السفن ترفع علم ذلك الطرف،
أو على متن إحدى الطائرة المسجلة بموجب قوانينها .وكذا كل جريمة مرتكبة من جانب أحد
مواطنيها ،إذا كانت الجريمة معاقب عليها بموجب القانون الجنائي بمكان ارتكابها ،أو في
142
حالة ارتكاب الجريمة خارج االختصاص القضائي اإلقليمي ألي دولة...
يتضح من خالل قراءة هذه المادة أن االختصاص القضائي في الجرائم المعلوماتية يعود
الدولة الطرف إذا ارتكبت الجريمة على أراضيها ،أو على متن سفينة تحمل علمها ،أو على
متن طائرة مسجلة باسمها ،أو إذا ارتكب هذه الجريمة خارج االختصاص المكاني ألي دولة،
إال أنه ومع ذلك فقد تقع الدول في حالة تنازع االختصاص فيما بينها بخصوص واليتها في
متابعة مرتكب الجريمة المعلوماتية .وفي هذا الصدد نجد أن البند الخامس من نفس المادة
المشار إليها أعاله قد عالج هذه المسألة بنصه على إمكانية توافق تلك الدول والتشاور فيما
بينها من أجل منح االختصاص للدولة التي تكون وضعيتها تسمح بممارسة اختصاصها
القضائي على الجريمة بشكل أفضل ،حيث جاء فيه ما يلي ":في حالة مطالبة أكثر من طرف
من األطراف باالختصاص القضائي بشأن جريمة ما تقررها هذه االتفاقية ،يقوم األطراف
المعنيون متى كان ذلك مالئما ،بالتشا ور بخصوص تحديد االختصاص القضائي األكثر
مالءمة للمحاكمة.143
وهو نفس التوجه الذي سارت عليه االتفاقية العربية المتعلقة بمكافحة جرائم تقنية
المعلومات إذ نصت في مادتها 30الفقرة األولى على أنه :تلتزم كل دولة طرف بتبني
اإلجراءات الضرورية لمد اختصاصها على أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل
الثاني من هذه االتفاقية وذلك إذا ما ارتكبت الجريمة كليا أو جزئيا أو تحققت "
إذن وانطالقا من كل ما سبق يتضح أن الجرائم اإللكترونية العابرة للحدود ال تحدها حدود
على عكس الجرائم التقليدية ،فالتنمر اإللكتروني قد يمارسه شخص يحمل حاسوبا وهو مسافر
على متن طائرة مسجلة باسم الدولة (أ) وحامل لجنسية الدولة (ب) في حين أن الضحية يقطن
بالدولة (ج).
كما قد يمارس التنمر اإللكتروني من قبل أشخاص متعددي الجنسية على ضحية يحمل
جنسية مغايرة والعكس كذلك ،كما أن التنمر قد يطال شخصيات بارزة وقد يمارس ضد ملوك
الد ول وقاداتها وبالتالي فهذا النوع من الجرائم يجعلها في بعض األحيان تستعصي على
الخضوع للقواعد القانونية التي تحكم مسألة االختصاص بالنسبة للجرائم التقليدية.
فالتنمر اإللكتروني ال يطرح وحده مشكلة االختصاص القضائي ،وإنما جميع الجرائم
اإللكترونية ،األمر الذي يفرض ضرورة العمل على تبني حلول أكثر مرونة تأخذ في الحسبان
النطاق الجغرافي لهذه الجرائم وسهولة ارتكابها وآلية اقترافها والتخلص من آثارها.
وقاااد أصااابح انتشاااار وتوساااع ظاااااهرة التنمااار اإللكتروناااي فاااي ظااال الثااااورة
المعلوماتيااة والتطااور الهائاال الحاصاال علااى مسااتوى وسااائل االتصااال الحديثااة أماارا
واقعيااا ال س ا يما أن هااذه التكنولوجيااا قااد ربطاات العااالم برباااط واحااد م ان خااالل شاابكات
المعلوماات الدولياة ،وقاد كاان مان أهام العوامال التاي أثارت بال وسااهمت فاي تزاياد هاذه
الظااااهرة وانتشاااارها بسااارعة مرعباااة مجتاحاااة العاااالم بأساااره؛ التطاااورات العلمياااة
والتحااااوالت االقتصااااادية واالجتماعيااااة والثقافيااااة العالميااااة والمحليااااة ،وكااااذا الفااااراغ
االجتمااااعي األساااري وغيااااب القااايم والمباااادئ الدينياااة واألخالقياااة لااادى المتنمااارين،
والساااعي وراء إثباااات الاااذات ولاااو علاااى حسااااب الغيااار ،وكاااان مااان أخطااار العوامااال
المساااهمة أيضااا فااي انتشااار هااذه الظاااهرة هااو غياااب نااص تشااريعي مناسااب وعقوبااة
رادعة.
ولاااذلك فقاااد باااات التنمااار والوقاااوع ضاااحية لاااه فاااي اآلوناااة األخيااارة يشاااكل قلقاااا
اجتماعياااا حقيقياااا علاااى الصاااعيدين العرباااي والعاااالمي ،فقاااد تزاياااد حجماااا ونوعاااا
وأسلوبا.145
وإزاء هااذا الوضااع المقلااق فقااد حملاات الاادول علااى عاتقهااا لااواء البحااث فااي هااذا
الجانااب وحرصااات علااى تطاااوير نظااام المكافحااة التشاااريعية لااديها بإدخالهاااا نصاااوص
تشاااريعية عقابياااة وإجرائياااة تتوافاااق وظااااهرة اإلجااارام التقناااي الحاااديث بشاااكل عاااام
وظاهرة التنمر اإللكتروني بشكل خاص.
-145أ دهم رجب محمود الخفاجي ":أثر برنامج إرشادي في تنمية المهارات االجتماعية لدى ضحايا التنمر المدرسي" ،رسالة
لنيل شهادة ماجستير آداب في اإلرشاد النفسي والتوجيه التربوي ،كلية التربية األساسية ،قسم اإلرشاد النفسي والتوجيه
التربوي ،السنة الجامعية ،2015ص.5
66
وبناااء عليااه فااإن معالجتنااا لموضااوع التنماار اإللكترونااي علااى مسااتوى التشااريع
الجناااائي المقاااارن ساااوف تكاااون وفاااق مبحثاااين رئيسااايين ،نخصاااص المبحثثثث األول
للحاااديث عااان موقاااف التشاااريعات األجنبياااة مااان جريماااة التنمااار اإللكتروناااي علاااى أن
نتطااارق فاااي المبحثثثث الثثثثاني إلاااى موقاااف التشاااريعات العربياااة مااان جريماااة التنمااار
اإللكتروني.
وهاااو األمااار الاااذي ثاااار معاااه خاااال ف حاااول ضااارورة التااادخل جنائياااا بنصاااوص
خاصااة لمواجهااة هااذه الظاااهرة ،كمااا أنااه وفااي حالااة اإلقاارار بضاارورة تاادخل القااانون
الجناااائي لمواجهاااة هاااذه الظااااهرة ،فإناااه يثاااار التسااااؤل حاااول مااادى كفاياااة نصاااوص
التجااريم التقليديااة لمواجهااة هااذه الظاااهرة وتكييفهااا جنائيااا فااي إطااار مااا تقاارره هااذه
النصااوص مااان جاار ائم ،وذلاااك العتباااارات محتملااة ياااأتي فاااي مقاادمتها :االمتثاااال لماااا
يقاارره مباادأ الشاارعية الجنائيااة ووجااوب التفسااير الضاايق للنصااوص الجنائيااة ،وحظاار
القياااس فيهااا لتطبيقهااا علااى وقااائع لاام تكاان فااي ذهاان المشاارع عنااد صااياغته للاانص
الجنااائي ،بحيااث ماان الااالزم مواجهتهااا بنصااوص خاصااة مسااتحدثة تعااالج هااذه الظاااهرة
فااي جوانبهااا المختلفااة ،ممااا يساامح بوجااود مقاربااة قانونيااة تحماال فااي طياتهااا عناصاار
ذاتيتهاااا الخاصاااة القائماااة علاااى تحدياااد تشاااريعي دقياااق لمضااامون التنمااار االلكتروناااي
-146التنمر االلكتروني ،أية حماية قانونية وقضائية للضحية ،مقال منشور على الموقع االلكتروني التالي:
https://www.aljami3a.comتم اإلطالع عليه يوم 2022 /11/20 :على الساعة .16:34
67
وصااوره ونطاااق التجااريم وحاادوده وضااوابطه ،ومااا يترتااب عليااه ماان أثااار خاصااة
بااالجزاء الجنااائي المقاارر عنهااا ،سااواء تمثاال فااي عقوبااات جنائيااة خالصااة أو جمعاات
معهااا بعااض ماان التاادابير غياار الجنائيااة الكفيلااة بتحقيااق فعاليااة المواجهااة ،بمااا يضاامن
عاادم التساالط عنااد اسااتخدام الخاادمات التااي توفرهااا شاابكات االنترنياات ،وعلااى وجااه
الخصوص وسائل التواصل االجتماعي.147
وبناااء عليااه ،فااإن معالجتنااا لظاااهرة التنماار االلكترونااي علااى مسااتوى التشااريعات
المقارناااة ساااوف تكاااون وفاااق مطلباااين :نخصاااص المطلثثثب األول للحاااديث عااان التنمااار
اإللكترونااي فااي التشااريع االنجلوسكسااوني ،علااى أن نتطاارق فااي المطلثثب الثثثاني إلااى
التنمر اإللكتروني في التشريع الالتيني .
ومااان أجااال ذلاااك فقاااد ساااارعت العدياااد مااان الااادول األجنبياااة الخطاااى مااان أجااال
التصاادي لهااذه الظاااهرة ومواجهتهااا ،وذلااك ماان خااالل الاانص صااراحة علااى تجااريم هااذه
الظااااهرة ووضاااع حاااد للسااالوكيات التنمرياااة التاااي أصااابحت تساااتهدف جمياااع الفئاااات
العمرية.
وال تعاااد حادثاااة الفتااااة MEGANفريااادة أو معتاااادة فاااي هاااذا الساااياق ،حياااث
يتكاارر حاادوث ظاااهرة التنماار االلكترونااي فااي أشااكال وسااياقات متعااددة ،إذ يالحااظ أن
تااأثير هااذه الظاااهرة يطااال األطفااال والشااباب بالدرجااة األولااى ،وهمااا الطائفتااان األكثاار
جدارة بالحماية التشريعية في مختلف الدول.
وتعتباار الواليااات المتحاادة األمريكيااة ماان الاادول البااارزة التااي عملاات علااى تجااريم
أفعااال التنماار االلكترونااي ،بحيااث تماات المعاقبااة علااى أفعااال التنماار االلكترونااي ألول
ماارة فااي عاادد ماان الواليااات المتحاادة األمريكيااة ،إذ ساانت العديااد ماان الواليااات قااوانين
ضاااد التنمااار االلكتروناااي فاااي سااانة 2008م (الفقثثثرة األولثثثى) ،وإذا كانااات الوالياااات
المتحااادة األمريكياااة ودول أخااارى قاااد اختاااارت مواجهاااة ظااااهرة التنمااار اإللكتروناااي
بوضااع تشااريع شااامل وخاااص لمكافحااة ظاااهرة التنماار االلكترونااي ،فااإن بعااض الاادول
ذهباات إلااى تجنااب إصاادار تشااريع شااامل لمكافحااة التنماار االلكترونااي بكافااة صااوره
وأشاااكاله ،واالقتصاااار فقاااط علاااى إصااادار بعاااض القاااوانين الخاصاااة لمكافحاااة بعاااض
صاااور ا لتنمااار االلكتروناااي ،ماااع إمكانياااة الرجاااوع إلاااى القواعاااد العاماااة فاااي قاااانون
العقوبات لمكافحة باقي الصور األخرى (الفقرة الثانية).
- Alison V. King, Constitutionality of Cyberbullying Laws: Keeping the Online Playground
148
Safe for Both Teens and Free Speech, 63 Vanderbilt Law Review 845 (2019) Available at:
https://scholarship.law.vanderbilt.edu/vlr/vol63/iss3/6.
69
الفقرة األولى :التنمر االلكتروني في التشريع األمريكي
علااى إثاار الحادثااة التااي دفعاات الفتاااة المراهقااة MEGANإلااى االنتحااار شاارع
الكاااونغرس األمريكاااي وعاااد د مااان الوالياااات األمريكياااة فاااي سااان واقتاااراح تشاااريعات
خاصاااة لمواجهاااة ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي ،ويالحاااظ أناااه إذا كانااات العدياااد مااان
التشااريعات قااد جاااءت مدفوعااة بحاااالت معينااة تظهاار ماادى خطااورة هااذه الظاااهرة ،فااإن
عاادد آخاار ماان هااذه التشااريعات يعكااس جهاادا اسااتباقي لمنااع هااذه الحاااالت المتطرفااة ماان
التنمر االلكتروني من الحوادث مستقبال.149
إال أنااه مااا يالحااظ فااي هااذه التشااريعات أنهااا أتاات مركاازة علااى التحاارش عباار
االنترنيااات ،وعلاااى التنمااار داخااال المااادارس العاماااة ،دون أن تاااولي اهتمامهاااا ببااااقي
صااور التنماار االلكترونااي األخاارى (أوال) ،وهااو مااا أدى إلااى بااروز توجيهااات مختلفااة
تسااااتهدف التوسااااع بتبنااااي رؤى ومقاربااااات شاااااملة لكافااااة مظاااااهر وصااااور التنماااار
االلكتروني (ثانيا).
حتااى عااام ، 2009كاناات عشاارون واليااة أمريكيااة قااد تبناات تشااريعات خاصااة
بمواجهاااة ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي ،وقاااد حاولااات هاااذه التشاااريعات حظااار ظااااهرة
التنمر بطريقتين:
األولاااى بتضااامين بعاااض التشاااريعات الااانص علاااى حظااار بعاااض أفعاااال التنمااار
االلكترونااي ،والثانيااة ماان خااالل الاانص علااى حظاار أفعااال التنماار االلكترونااي بمعناااه
األوسااع ،مااع تضاامين التساالط االلكترونااي فااي التعريااف التشااريعي لمصااطلحات التساالط
bull Yingأو الترهيب intimidationأو التحرش .harassement
وفيماااا عااادا التشاااريع المتبناااى فاااي والياااة " اليناااوى" تركاااز تشاااريعات التنمااار
االلكترونااي بصاافة أساسااية علااى الماادارس العامااة ،حيااث تتطلااب هااذه التشااريعات ماان
70
مجاااالس إدارة هاااذه المااادارس بتبناااي سياساااات لحظااار التسااالط االلكتروناااي ،بحياااث أن
هااذه التشااريعات تقااوم علااى المباادأ األساسااي المتمثاال فااي الحااق فااي تلقااي التعلاايم العااام
فاااي بيئاااة تعليمياااة و فاااي مااادارس عاماااة خالياااة مااان الترهياااب الماااادي أو التحااارش أو
الضرر أو التهديد بالضرر.
ويالحااظ الاابعض أن تفااويض المشاارع فااي عاادد ماان الواليااات المتحاادة األمريكيااة
ساالطة تحديااد وإنفاااذ حظاار التنماار االلكترونااي فااي الماادارس العامااة ،يكشااف عاان أنااه قااد
اختااار السااياق األكثاار مالءمااة لمعالجااة مشااكلة التساالط االلكترونااي ،بحيااث ياارى هااذا
االتجااااه عااادم مالءماااة تااادخل القاااانون الجناااائي لمعالجاااة اآلثاااار السااالبية التاااي تساااببها
ظاهرة التنمر االلكتروني على مستوى األحداث في المدارس العامة.150
71
طبقااات هاااذه المقارباااة بفعالياااة ،فاااإن المااادارس بإمكانهاااا التااادخل لحااال مشاااكلة التنمااار
االلكت روناااي بسااارعة أكباااار ،وعلاااى درجااااة أقااال إزعاجاااا لحياااااة الطاااالب مقارنااااة
باإلجراءات القضائية.151
إال أنااه ومااا يالحااظ علااى هااذه القااوانين أنهااا ال تتضاامن معالجااة لمشااكلة التنماار
االلكتروناااي ،إال عنااادما تثاااور هاااذه المشاااكلة فاااي نطااااق اختصااااص مجاااالس إدارات
الماادارس ،ومعنااى ذلااك أن مثاال هااذه القااوانين ال تنطبااق علااى أوجااه الساالوك المشااكل
لجريمااة التنماار االلكترونااي ،إال عناادما يقااع الساالوك فااي سااياق معااين هااو الماادارس
العامااة ،بمااا يعناااي تاارك جانااب كبيااار ماان مشااكلة التنمااار االلكترونااي خااارج نطااااق
التاادخل ،وذلااك عناادما يقااع الساالوك المشااكل لظاااهرة التنماار خااارج الحاارم المدرسااي أو
بعد انتهاء ساعات الدراسة.
بياااد أن إدراك المشااارع لهاااذه المساااألة دفاااع السااالطات التشاااريعية فاااي بعاااض
الوالياااات إلاااى تضااامين قاااوانين لمواجهاااة التنمااار االلكتروناااي الواقاااع خاااارج أساااوار
الماادارس ،وهااو األماار المالحااظ علااى مسااتوى واليااة " الينااوى" ،حيااث يعااد قانونهااا
األكثاار شااموال بااين قااوانين التساالط االلكترونااي المتبناااة فااي الواليااات المتحاادة األمريكيااة
األخاارى ،وآيااة ذلااك أن قااانون التنماار االلكترونااي فااي واليااة الينااوى ال يقتصاار تطبيقااه
خالفااا فااي الواليااات األخاارى علااى بيئااة الماادارس العامااة فقااط ،حيااث يحظاار قااانون
واليااة الينااوى للتنماار االلكترونااي التحاارش ماان خااالل وسااائل االتصااال علااى اتس ااعها،
وماان ناحيااة أخاارى ،فااإن القااانون المااذكور يطبااق علااى البااالغين تمامااا كمااا يطبااق علااى
طاااالب الماااادارس ،كمااااا يحظاااار هااااذا القاااانون بصاااافة خاصااااة التوصاااايل أو النقاااال
االلكترونااااي لوسااااائل يقصااااد بهااااا التحاااارش بشااااخص ،يصاااال عمااااره 13ساااانة أو
التحريض المتعمد لشخص آخر على نقل مثل هذه الوسائل.152
باإلضااافة إلااى قااوانين التنماار االلكترونااي السااارية المفعااول والمشااار إليهااا أنفااا ،
فااإن عااددا آخاار ماان الواليااات األمريكيااة ،153أعاادت مشاااريع كقااوانين مقترحااة لمواجهااة
ظااااهرة التسااالط االلكتروناااي ،وإن كانااات هاااذه المشااااريع الزالااات فاااي طاااور النقااااش
السياسي.154
ومااا يالحااظ علااى هااذه المشاااريع أنااه ثمااة تشااابه واضااح بااين مشااروعات القااوانين
المقترحااة فااي الواليااات المشااار إليهااا أنفااا ،وبااين القااوانين السااارية فعااال فااي بعااض
الواليات األخرى ،السيما من ناحية تركيز هذه المشاريع على بيئة المدرسة.
-153وتشمل كل من والية كاليفورنيا و كونيتيكت وهاواي وكنتا كي وبنسلفانيا ،مين ،ميسوري ،نيويورك ،بنسلوفانيا،
فيرمونتا.
-154كما اقترح المجلس التشريعي في واشنطن مشروع قانون من شأنه تعزيز قانون التنمر الحالي ،والذي يغطي التنمر
عبر الوسائل اإللكترونية .و باإلضافة إلى سياسات مكافحة التنمر يتطلب القانون المقترح تنفيذ إجراءات مكافحة التنمر نظ ًرا
ألن التغييرات المقترحة على القانون ضئيلة ،فلن يتم تضمينها في المناقشة أعاله لقوانين التسلط عبر اإلنترنت المقترحة.
https://www.stopbullying.gov/resources/laws/washington
73
وتتطلاااب العدياااد مااان مشااااريع القاااوانين المقترحاااة ماان المااادارس المحلياااة اتخااااذ
طائفااة ماان اإلجااراءات لتحديااد واإلبااالغ وتوثيااق حااوادث التساالط االلكترونااي ،ويااذهب
مشااروع القااانون المقتاارح فااي واليااة كنتاااكي األمريكيااة خطااوة أبعااد ،عناادما يتطلااب
ماان الماادارس المحليااة تااوفير تاادريب كافااة المهنيااين ،الااذين لااديهم اتصااال مباشاار مااع
الطاااالب ،وذلاااك لمسااااعدتهم علاااى تحدياااد أوجاااه السااالوكيات المشاااكلة لظااااهرة التنمااار
االلكترونااي ،والعماال علااى منعهااا ،كمااا يتضاامن مشااروع القااانون المقتاارح فااي واليااة
فيرموناات أيضااا بعاادا تربويااا ،حيااث يتطلااب مشااروع القااانون األخياار ماان وزارة التعلاايم
SECONDRY علاااااى مساااااتوى ال والياااااة ،إنشااااااء منتااااادى ترباااااوي ثاااااانوي
EDICATOIN CURRICULUNباإلضاااافة إلاااى تعلااايم ضاااوابط األماااان علاااى
شاااابكة االنترنياااات ،بمااااا فااااي ذلااااك االعتااااراف واإلبااااالغ عاااان ممارسااااات التساااالط
اإللكترونااي .وبالمثاال فااإن المشاارع فااي واليااة كاليفورنيااا الااذي ساان بالفعاال قانونااا يساامح
بطااارد الطاااالب الاااذين يتورطاااون فاااي ارتكااااب السااالوك المشاااكل لظااااهرة التسااالط
اإللكتروناااي ،كماااا يااادرس أيضاااا تبناااي تشاااريع إضاااافي يتطلاااب إجاااراء دراساااة بشاااأن
اآلثار السلبية لظاهرة التسلط االلكتروني في المدارس العامة.
ويمكاان القااول بااأن عااددا قلاايال ماان القااوانين المقترحااة يتساام باالتساااع المفاارط ،ماان
ذلاااك علاااى سااابيل المثاااال القاااانون المقتااارح فاااي والياااة "ماااين" الاااذي يغطاااي األفعاااال
المرتكبااة مااان خاااالل طائفااة واساااعة مااان الوساااائل التكنولوجيااة الحديثاااة ،التاااي تشااامل
الوساااائل النصاااية التاااي يااازداد اساااتخدامها بصاااورة ملحوظاااة مااان جاناااب الماااراهقين،
ويشاامل القااانون فااي واليااة فرموناات التساالط االلكترونااي الااذي يحاادث فااي أي موقااع كااان
إذا كااان اسااتخدام التكنولوجيااا يقااع فااي الوسااط المدرسااي ،والشااك أن هااذه المقاربااة تفااتح
للماادارس ساالطة بالغااة االتساااع للعقاااب علااى أفعااال التساالط اإللكترونااي التااي تااتم ماان
خالل أجهزة الكمبيوتر ،خاصة تلك التي تقع خارج الحرم المدرسي.155
-156تجدر اإلشارة إلى أنه على المستوى الفدرالي فقد تم اقتراح مشروع قانون لمنع التسلط اإللكتروني في أبريل عام
2009تقدمت به النائبة linda T.smachezيطلق عليه Megan Meier cyberbullying.المشروع يفرض غرامة
وحبسا يصل إلى سنتين لكل شخص ينقل في سياق التجارة بين الواليات أو التجارة األجنبية أي اتصال بقصد اإلجبار أو
اإلزعاج أو التحرش أو تسبيب إزعاج عاطفي لشخص من خالل استخدام وسائل إلكترونية لدعم سلوك عدواني متكرر .بيد
أن هذا المشروع الذي كان ي سانده أربعة عشر نائبا من الحزب الديموقراطي ونائبين من الحزب الجمهوري بدا من غير
المرجح الموافقة عليه ،حيث وصف نواب من كال الحزبين الديمقراطي والجمهوري مشروع القانون هذا بأنه يتضمن
Megan Meier Cyberbullying Prevention Act, تقييدا غير دستوري لحرية الحديث.
)H,R.111thcom.(2009 https://www.congress.gov/bill/111th-congress/house-
bill/1966/text
-157ياسر محمد هللا معي ":المواجهة الجنائية لظاهرة التنم ر اإللكتروني في ضوء السياسة التشريعية الحديثة -دراسة مقارنة-
" ،مقال منشور بمجلة روح القوانين ،العدد الخامس والتسعون ،إصدار يوليوز ،2021ص .126-125
75
الفقرة الثانية :التنمر اإللكتروني في التشريع االنجليزي والكندي
بااادأ االهتماااام بدراساااة التنمااار االلكتروناااي وخاصاااة التنما ار باااين الطاااالب فاااي
الساابعينيات ماان القاارن الماضااي ،بحيااث أصاابح التنماار موضااوعا ماان الموضااوعات
التي تحظى باهتمام متزايد في العديد من البلدان.
وتأسيسااا علااى مااا ساابق ،وكمااا تماات اإلشااارة إلااى كااون أن التشااريعات تختلااف فااي
مواقفهااا ماان حيااث طاارق مواجهااة ظاااهرة التنماار االلكترونااي؛ ففااي الحااين الااذي نجااد
فياااه أن بعاااض التشاااريعات األنجلوسكساااونية قاااد عالجااات ظااااهرة التنمااار االلكتروناااي
بنصاااوص واضاااحة المعاااالم ومحاااددة جعلااات مااان هاااذه األخيااارة -ظااااهرة التنمااار
االلكتروناااي -جريماااة قائماااة األركاااان ،نجاااد أن بعاااض التشاااريعات األنجلوسكساااونية
األخااارى قاااد اكتفااات بمواجهاااة بعا ا ض الصاااور عااان التنمااار االلكتروناااي اساااتنادا إلاااى
القواعااد العامااة الااواردة قااانون العقوبااات ،أو فااي بعااض القااوانين الخاصااة ذات الصاالة؛
الشااايء الاااذي يجعااال بااااقي الصاااور األخااارى مااان التنمااار اإللكتروناااي خاااارج دائااارة
المسائلة والعقاب وذلك هو حال كل من المشرع االنجليزي والكندي.
التنمااار اإللكتروناااي فاااي حاااد ذاتاااه لااايس بجريماااة وال ينظماااه قاااانون محااادد فاااي
المملكااة المتحاادة ،لكاان ومااع ذلااك فقااد يرتكااب الشااخص ماان خااالل ارتكابااه لفعاال ماان
أفعااال التنماار عباار االنترنياات جريمااة جنائيااة معاقااب عليهااا بموجااب قااانون العقوبااات
االنجليزي.158
فماااع ارتفااااع نساااب التنمااار االلكتروناااي خاصاااة فاااي ظااال التناااوع الاااذي يعرفاااه
المجتمااع االنجلياازي علااى المسااتوى االجتماااعي ،فقااد تنبااه المشاارع فااي المملكااة المتحاادة
إلااى أهميااة تجااريم األفعااال المكونااة للتنماار االلكترونااي والحيلولااة دون التنماار بصاافة
غيااار مباشااارة فاااي سلسااالة مااان التشاااريعات كاااان أولهاااا قاااانون مكافحاااة التميياااز ضاااد
اإلعاقااة فااي ساانة 1995والااذي اسااتلهم فيااه المشاارع االنجلياازي تجااريم مااواطن الحااط
-158 https://www.localsolicitors.com/criminal-guides/the-law-on-cyberbullying.
76
ماان الكرامااة وتحقيااق األفضاالية والتمااايز بساابب الجاانس أو اللغااة أو الاادين أو المركااز
االجتمااااعي والسياساااي ومناااع اإلقصااااء . 159فبمقتضاااى هاااذا القاااانون يمكااان للمشااارع
اإلنجلياازي أن يعاقااب علااى كاال األفعااال التنمريااة ،التااي ماان شااأنها إقصاااء الفاارد أو
الحااط ماان كرامتااه بساابب جنسااه أو حالتااه البدنيااة أو العقليااة أو مركاازه االجتماااعي أو
السياسااي ،هااذا إضااافة إلااى قااانون الحااد ماان الكراهيااة والعنصاارية لعااام 2005الااذي
نقااال تجاااريم التنمااار نقلاااة نوعياااة إذ عااارف عناصاااره وباااين مقوماتاااه وأوضا اح أهااام
العقوبات التي تطال األفراد جراء ارتكابه.
هاااذا باإلضاااافة إلاااى مجموعاااة مااان القاااوانين التاااي يمكااان مااان خاللهاااا للمشااارع
االنجلياازي مواجهااة التنماار االلكترونااي ،كقااانون الصااحة والسااالمة العامااة فااي العماال
لعااام 1974والااذي يضااع علااى عاااتق جميااع أرباااب العماال واجااب الرعايااة وتااوفير
بيئااة عماال آمنااة للمااوظفين ،بحيااث إذا كااان الموظااف ضااحية للتنماار االلكترونااي فااي
العماال ماان خااالل اسااتخدام معاادات الكمبيااوتر والبيئااة التحتيااة للشااركة يكااون صاااحب
العماال قااد انتهااك واجبااه فااي حمايااة المااوظفين بموجااب قااانون الصااحة العامااة والسااالمة
159-Disability Discrimination Act 1995 - [8th November 1995]- The Disability Discrimination
Codes of Practice (Employment and Occupation, and Trade Organisations and Qualifications
Bodies) Appointed Day Order 2004 . UK Public General Acts.
160- Equality Act 2010 - UK Public General Acts.
161- Domestic Violence, Crime and Victims Act 2004- (Amendment) Act 2012- UK Public
General Acts.
77
فاي العماال؟ كمااا يقااع علااى عاتقااه حماياة الماوظفين ماان األفعااال التااي تشااكل تنماارا داخاال
بيئااة العماال سااواء كاناات صااادرة منااه -رب العماال -أو ماان زمياال فااي العماال .ففااي
حكاام للمحكمااة الملكيااة جاااء فيااه " :أن الساايد مايكاال يااارلو قااد عااانى ماان نوبااة اكتئاااب
الزمتااه ماادة طويلااة ،علااى إثاار تخويفااه وتهديااد رب العماال لااه بفقدانااه وظيفتااه إذا لاام
ينصاااع إلااى العماال لساااعات طويلااة أو تنفيااذ أوامااره ممااا ساابب لااه مشاااكل فااي القلااب
وأعااراض جساادية مزمنااة ظاهريااة نتيجااة االسااتقواء بمركااز162وظيفااي للجاااني الااذي
كان يتم على عاتقه توفير بنية آمنة للعمل".
وهااذا الياااوم هااو حااادث سااانوي بالمملكااة المتحااادة يجماااع األشااخاص مااان جمياااع
األعمااار بمااا فااي ذلااك المعلمااين ورجااال القااانون واآلباااء واألخصااائيين االجتماااعيين
بالنساابة للعديااد ماان الكنااديين ،تضاامنت بعااض حااوادث التساالط عباار االنترنياات
ماان قبياال توزيااع الصااور الحميميااة للشااباب والطااالب ،إثااارة للقلااق فااي الساانوات القليلااة
الماضاااية ،والتاااي ثبااات أن لهاااا تاااأثيرا كثيااارا علاااى احتااارامهم لاااذاتهم ،وفاااي بعاااض
الحاااالت تااؤدي بهاام إلااى االنتحااار بحيااث يقااول ثال ثااة ماان كاال عشاار شااباب كنااديين أنهاام
تعرضوا للتنمر االلكتروني وكانوا ضحية له.165
وقااد أدت هااذه الحااوادث المتزاياادة للتنماار االلكترونااي فااي المجتمااع الكناادي إلااى
زيااادة الااوعي العااام بخطااورة التنماار عباار االنترناات وضااغطت علااى الحكومااات التخاااذ
إجااراءات قانونيااة ماان التنماار اإللكترونااي والمعاقبااة عليااه ،إذ ياادور الجاادل فااي الوقاات
الحاضاار حااول مااا إذا كااان لاادى نظااام العدالااة الكنديااة قااوانين مناساابة للتعاماال مااع هااذه
الظاااهرة أم ال ،نظاارا ألن آثااار التنماار عباار االنترناات يمكاان أن تكااون شااديدة ويمكاان
أن تسبب ضررا كبيرا.166
وفاااي هاااذا الصااادد ،بااادأ القاااانون الكنااادي فاااي االعتاااراف بالتسااالط اإللكتروناااي
باعتباااره شااكوى مشااروعة ،فقااد حااددت نقابااة المحااامين الكنديااة ( )CBAالتساالط عباار
االنترناات علااى موقفهااا علااى النحااو التااالي :التنماار اإللكترونااي هااو نااوع ماان المضااايقات
باسااتخدام التكنولوجيااا الجدياادة يسااتخدم المتنماارون خاللااه االنترنياات ووسااائل التواصاال
164https://www.rayburntours.com/blog/2022/02/01/safer-internet-day-2022/.
165- https://www.canada.ca/en/public-safety-canada/campaigns/cyberbullying.html.
166- Shannon Noonan, Ian Fraser,CYBER-BULLYING AND THE LAW: ARE WE DOING
ENOUGH?,Article in The American Association of Behavioral and Social Sciences Journal (The
AABSS Journal, 2013, Volume 17), p: 6 and 7.
79
االجتماااعي لالنخااراط فااي ساالوك متعمااد ومتكاارر وعاادواني يهاادف إلااى إيااذاء شااخص
ما أو إخراجه أو تشويهه.
وفاااي محاولاااة للتخفياااف مااان المخااااوف المتزايااادة بشاااأن التنمااار عبااار االنترنااات
أقاارت الحكومااة الكنديااة مشااروع قااانون ( CBقثثانون حمايثثة الكنثثديين مثثن الجثثرائم
عبثثر االنترنيثثت ) والااذي ياانظم حظاارا علااى نشاار الصااور الحميميااة غياار الرضااائية كمااا
يحاارم أيضااا التحاارش والساالوكيات المزعجااة التااي تااتم عباار االتصاااالت االلكترونيااة.
وقااد حصاال مشااروع القااانون هااذا علااى الموافقااة الملكيااة فااي 9ديساامبر 2014ودخاال
حيااز التنفيااذ فااي مااارس ،2015167بعااد أن كاناات هناااك العديااد ماان المخاااوف بشااأن
هااذا القااانون الجديااد بعااد أن تعاارض للعديااد ماان االنتقااادات بساابب االنتهاكااات المحتملااة
لخصوصاااية الكناااديين بسااابب زياااادة صاااالحية الشااارطة للتحقياااق فاااي الجااارائم عبااار
اإلنترنيت وإنفاذها بشكل عام.168
إال أنااه ومااع ذلااك فهااذا القااانون ال يغطااي كاال أفعااال التنماار االلكترونااي األماار
الااذي يجعاال مسااألة محاربااة التنماار االلكترونااي فااي المجتمااع الكناادي مسااألة مستعصااية
فااي ظاال غياااب نااص خاااص يجاارم أفعااال التنماار اإللكترونااي ويحاادد معااالم التجااريم
والعقاب على هذه الجريمة -التنمر اإللكتروني .-
و بهااذا باادأ االهتمااام بدراسااة التنماار و أصاابح موضااوعا ماان الموضااوعات التااي
تحظااى باهتمااام متزايااد فااي العديااد ماان التشااريعات الالتينيااة ،التااي عملاات علااى الحااد ماان
بعااض صااور التنماار االلكترونااي ماان خااالل إصاادار بعااض القااوانين الخاصااة لمكافحااة
هااذ ه الصااور الخاصااة ماان التنماار االلكترونااي ،مااع إمكانيااة الرجااوع إلااى القواعااد العامااة
المقررة في قانون العقوبات لمكافحة بعض الصور األخرى.
و بناااء عليااه فااإن دراسااتنا للتنماار االلكترونااي فااي إطااار التشااريع الالتينااي سااوف
تقتصااار علاااى التطااارق لموقاااف المشااارع الفرنساااي باعتبااااره مااان أبااارز التشاااريعات
الالتينيااة التااي عملاات علااى محاولااة الحااد ماان التنماار االلكترونااي و ذلااك ماان خااالل
التطاارق إلااى صااور جريمااة التنماار االلكترونااي ( الفقثثرة األولثثى) وكااذل إلااى عقوبااة
التنمر االلكتروني ( الفقرة الثانية).
تنااااول المشااارع الفرنساااي التنمااار فاااي بيئاااة العمااال فاااي إطاااار عالقاااة الااارئيس
بمرؤوسااه فااي إطاااار المااادة 222-33-2مااان قااانون العقوبااات ،ووفقااا لهااذه الماااادة
يعاارف التنماار بأنااه مضااايقة اآلخاارين ماان خااالل القااول أو الفعاال المتكاارر الااذي يكااون
هدفااه أو أثااره تاادهور ظااروف العماال التااي يحتماال معهااا المساااس بحقااوق العمااال أو
كااارامتهم ،أو تاااؤثر فاااي صاااحتهم الجسااادية أو العقلياااة ،أو تعااارض مساااتقبلهم المهناااي
للخطر.170
ويشااترط المشاارع الفرنسااي للعقاااب علااى هااذا النااوع ماان التنماار أن يقااع الساالوك
المكااون للفعاال اإلجرامااي بشااكل متكاارر فااي بيئااة العماال أو بمناساابته ،كمااا يكفااي للعقاااب
أن يكون أثر هذا السلوك التنمري محتمل.
ولمااا كااان هااذا النااوع ماان التنماار يقااع بااين العاااملين فااي بيئااة عماال معينااة ،أو ماان
صاااحب مصااالحة بمناساابة أداء العمااال ( زبااون ماااثال) فااإن الجااااني قااد يكاااون رئيساااا
للمجنااي عليااه ،بحيااث يكااون التنماار فااي هااذه الحالااة رأساايا ماان األعلااى إلااى األساافل أي
-170تنص المادة 222-33-2من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي " :يُعاقب على حقيقة التحرش باآلخرين من خالل
مالحظاتهم أو سلوكياتهم المميزة التي تهدف أو تؤدي إلى تدهور ظروف العمل من قابلية التعدي على حقوقهم وكرامتهم ،
أو تغيير صحتهم الجسدية أ و العقلية أو المساس بمستقبلهم المهني بالسجن لمدة عامين وغرامة قدرها 30ألف يورو " .وهو
المفهوم نفسه الذي تبناه المشرع الفرنسي للتنمر في قانون العمل؛ بحيث تنص الفقرة األولى من المادة 122-49من قانون
العمل على ما يلي“ :يجب أال يتعرض أي موظف ألعمال مضايقة أخالقية متكررة يكون هدفها أو تأثيرها تدهور ظروف
العمل التي من المحتمل أن تنتهك حقوقهم وكرامتهم ،أو لتغيير صحتهم الجسدية أو العقلية أو تعرض مستقبلهم المهني
للخطر ”.
82
تنماار ساالطوي ،وقااد يكااون التنماار أفقيااا عناادما يرتكااب ماان أحااد العاااملين اتجاااه زميلااه
فااي المسااتوى الااوظيفي نفسااه ،كمااا قااد يمكاان أن يكااون عموديااا إلااى األعلااى حينمااا يكااون
الجاني مرؤوسا لضحيته.
وفااي هااذا الصاادد ذهباات محكمااة الاانقض الفرنسااية إلااى ترساايخ اتجاااه التوسااعة
فااي تعريااف التحاارش المعنااوي( التنماار المعنااوي) فااي حكمهااا الصااادر فااي 6كااانون
األول لعاااام 2011المتعلاااق بالسااايد ( بييااار) ضاااد مااادير العمااال بااادعوى التحااارش
المعناااوي ،بقولهاااا " مفهاااوم المرتكاااب لجريماااة التحااارش المعناااوي ،يجاااب أن يخضاااع
للمعنى الواسع ،بحيث يمكن أن يكون رئيسا أو مرؤوسه أو زميل أو موظف.171
وهااو مااا يعنااي أن التحاارش المعنااوي كصااورة ماان صااور التنماار االلكترونااي،
يمكن توقعه من الزميل كما المدير.
إذن يتضااح لنااا يكااون المشاارع الفرنسااي فااي تجريمااه للتنماار فااي بيئااة العماال قااد
يتبنااى مفهومااا واسااعا إلااى حااد مااا ،كمااا أنااه ركااز علااى آثااار التنماار أكثاار عاان تركياازه
علااى أساابابه و عناصااره إضااافة إلااى أنااه يشااترط تكاارار الساالوك التنمااري الصااادر عاان
المتنمر للعقاب عليه وال يعاقب عليه إذا لم يتحقق شرط التكرار.
تمااات إضاااافة هاااذه الصاااورة مااان التنمااار بموجاااب القاااانون 769لسااانة 2010
بشااأن العنااف ضااد الماارأة و بااين الاازوجين ،والااذي أضاااف المشاارع الفرنسااي بموجبااه
إلااى قااانون العقوبااات المااادة ،1-2-33-222التااي تجاارم التنماار الواقااع بااين األزواج
أو الشااركاء الماارتبطين بموجااب اتفاااق تضااامني ،أو الماارتبطين باادون اتفاااق ( خليلااين)
ووفقااا لهااذه المااادة يعاارف هااذا النااوع ماان التنماار بأنااه مجموعااة ماان األقااوال أو األفعااال
و ترتكااب هااذه الصااورة ماان صااور التنماار ماان خااالل المضااايقات التااي تحاادث
بااين زوجااين أو شااريكين يجمعهمااا اتفاااق تضااامني ماادني أو حتااى بااين خليلااين ،طالمااا
كاان ساالوك المتنماار متكاررا ،و ماان صااور التنماار التاي تقااع فااي إطاار هااذه العالقااات مااا
يلي:
و نسااتخلص ممااا ساابق إلااى كااون أن المشاارع الفرنسااي يجاارم التنماار االلكترونااي
و الااذي يااتم فااي صااورة التحاارش الجنسااي ،بحيااث يعتباار التنماار المرتكااب فااي إطااار
التحاااارش الجنسااااي االلكترونااااي أو التحاااارش السااااتغالل ضااااعف المجنااااي عليااااه أو
التحرش على قاصر من قبيل ظروف التشديد المشددة للعقاب.
85
عااالوة علااى ذلااك ي جاارم المشاارع الفرنسااي التعليقااات أو الساالوكيات القائمااة علااى
التحااارش الجنساااي و المفروضاااة علاااى شاااخص الضاااحية بشاااكل متكااارر أو ماااا يطلاااق
عليهااا الغااارات الرقميااة التااي تااتم بالتعليقااات و الرسااائل التااي تشااكل تحرشااات جنسااية
باعتبارها صورة من صور ظاهرة التنمر االلكتروني في شكل تحرش جنسي.
نظاام المشاارع الفرنسااي عقوبااة جريمااة التنماار التااي يااتم ارتكابهااا فااي إطااار عالقااة
العماال فااي المااادة 222-33-2ماان قااانون العقوبااات الفرنسااي ،ووفقااا لهااذه المااادة
يعاقااب الجاااني الااذي يرتكااب التنماار فااي إطااار عاقااة عماال علااى المجنااي عليااه بعقوبااة
ا لحبس لمدة تصل إلى سنتين أو بغرامة تصل إلى ثالثين ألف يورو.176
-176تنص المادة 222-33-2من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي ":يعاقب على فعل التحرش باآلخرين عن طريق
المالحظات المتكررة أو السلوك الذي يهدف أو يؤدي إلى تدهور ظروف العمل التي من المحتمل أن تنتهك حقوقهم وكرامتهم
،أو أن تغير صحتهم البدنية أو العقلية أو تعرض مستقبلهم المهني للخطر ،السجن وغرامة قدرها 30ألف يورو".
86
فاإن ذلاك ال يعااد مان قبياال التنمار ،طالماا كااان لاه مااا يبارره مان واقااع أداء المجناي عليااه
لعمله ،وكان الهدف منه حثه على االجتهاد.177
كمااا أنااه ،و كمااا تماات اإلشااارة ماان قباال فإنااه ال يشااترط فااي الجاااني أن تكااون لااه
ساالطة رئاسااية علااى المجنااي عليااه ،فقااد يكااون المتنماار هااو الماارؤوس ،و يكااون المجنااي
عليه هو الرئيس اإلداري.
وردت عقوباااة جريماااة التنمااار التاااي ترتكاااب فاااي إطاااار عالقاااة زوجياااة و اتفااااق
التضاااامن المااادني ،أو علاااى الشاااريك خاااارج العالقاااة الزوجياااة ،أو علاااى الخليااال فاااي
الفقااارة األولاااى مااان الماااادة 222-33-2-1مااان قاااانون العقوباااات الفرنساااي ،بحياااث
نصاات هااذه الفقاارة علااة أنااه يعاقااب علااى التحاارش المعنااوي بااالزوج أو الشااريك بموجااب
اتفاااق تضااامن ماادني أو الخلياال بااالحبس لماادة تصاال إلااى ثااالث ساانوات و بغرامااة تصاال
إلااى 45ألااف يااورو ،كمااا يعاقااب الجاااني بااالحبس لماادة تصاال إلااى خمااس ساانوات و
بغراماااة تصااال إلاااى 75000ياااورو 178إذا كاااان مااان شاااأن فعااال التنمااار أو المضاااايقات
إحداث عجز عن العمل أو ارتكب في حضور قاصر.
كمااا أشااارت الفقاارة الثانيااة ماان نفااس المااادة أعاااله ،إلااى توقيااع نفااس العقوبااات
الااواردة فااي الفقاارة األولااى ماان ذات المااادة عنااد ارتكاااب هااذه الجريمااة – التنماار -ماان
قبااال الااازوج الساااابق أو الشاااريك الساااابق للمجناااي علياااه ،أو الشاااريك الساااابق المااارتبط
باااألجير بموجااب اتفاااق تضااامن ماادني ،و يجااب لتطبيااق العقوبااات الااواردة بالمااادة-1
2-33-222أن يرتكااب الجاااني جريمتااه بوصاافه زوجااا أو شااريكا و لااو كااان شااريكا
-177أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ":المواجهة الجنائية لظاهرة التنمر -دراسة مقارنة ،"-مقال بالمجلة القانونية ISSN:
،2537 – 0758لم ذكر سنة النشر ،ص .2657
-178تنص الفقرة األولى من المادة 222-33-2-1من قانون العقوبات الفرنسي على ما يلي ":يعاقب على المضايقات... ،
بالحبس لمدة خمس سنوات وغرامة قدرها 75000يورو إذا تسببوا في عجز كلي عن العمل ألكثر من ثمانية أيام أو تم
ارتكابهم أثناء وجود قاصر وحضوره".
87
ساااابقا فاااي إطاااار تلاااك العالقاااة ،أماااا إذا كاااان الجااااني زوجاااا للضاااحية ولكناااه ارتكاااب
جريمته في سياق مهني فال تطبق عليه العقوبات المشار إليها أعاله.179
إضااافة إلااى صااور التن ماار التااي يعاقااب عليهااا المشاارع الفرنسااي فااي إطااار عالقااة
العماال أو العالقااة الزوجيااة ،يعاقااب كااذلك علااى التنماار المعنااوي المرتكااب خااارج إطااار
عالقااااات العماااال أو الاااازواج و ذلااااك بموجااااب المااااادة 222-33-2-1ماااان قااااانون
العقوبااات الفرنسااي ،فوفقااا للفقاارة األولااى ماان هااذه المااادة يعاقااب الجاااني بعقوبااة الحاابس
لماادة ال تتجاااوز ساانة ،و بغرامااة ال تتجاااوز 15ألااف يااورو ،و يااتم الحكاام علااى الجاااني
بالعقوبااات المشااار إليهااا ،إذ تنااتج عاان الجريمااة عجااز كلااي عاان العماال لماادة تقاال عاان 8
أيام أو تساويها.180
كماااا تطباااق العقوباااات الاااواردة فاااي الفقااارة األولاااى المشاااار إليهاااا أعااااله إذا تااام
ارتكاااب الجريمااة -التنمااار المعنااوي -ماان قبيااال عاادة أشااخاص علاااى نفااس الضاااحية؛
سااواء كااان االعتااداء باالتفاااق أو بااالتحريض عاان أحاادهم ،ولااو لاام يرتكااب كاال ماانهم
ساالوكه بشااكل متكاارر ،إذ أن تعاادد الجناااة يغنااي عاان التكاارار المتطلااب فااي الساالوك
التنمري.181
و أخياارا تطبااق العقوبااات المشااار إليهااا فااي الفقاارة األولااى ماان المااادة -33-2-1
222إذا تاام ارتكاااب الجريمااة -التنماار المعنااوي -علااى التااوالي علااى نفااس الضااحية ماان
قباال عاادة أشااخاص يعرفااون أن الضااحية المجنااي عليااه ساابق أن تعاارض للتنماار ماان قباال
و أنااه بساالوكهم هااذا يتااوفر عنصاار التكاارار ،وهااو مااا يعنااي أن المشاارع الفرنسااي ال
يتطلااب فااي هااذه الحالااة أن يكااون ساالوك التنماار متكااررا ماان قباال نفااس الجاااني .و
يشااترط فااي هااذه الحالااة لتطبيااق العقوبااات المشااار إليهااا أن يتعاادد الجناااة و أن يكونااوا
https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000033629181/.
-180الفقرة األولى من المادة 222-33-2-1من قانون العقوبات الفرنسي.
-181الفقرة الثالثة من المادة 222-33-2-1من قانون العقوبات الفرنسي.
88
علاام و علااى دراياااة بكااون باااأن ساالوكهم يعاااد تكاارارا لالعتاااداء و أن يحاادث السااالوك
التنماااري علاااى نفاااس الضاااحية ،وال يشاااترط لاااذلك أن تكاااون مسااااهمة جنائياااة باااين
الجناة.182
إذن وكمااا تماات اإلشااارة ماان قباال فقااد عماال المشاارع الفرنسااي علااى تجااريم أفعااال
التنمااار تحااات مسااامى التحااارش المعناااوي harcèlement moralوفاااق مساااتويات
متعااددة ،وباإلضااافة إلااى عقاااب المشاارع الفرنسااي علااى أفعااال التحاارش المعنااوي فااي
صااورها الااثالث كصااورة ماان صااور التنماار ،ع فقااد عماال المشاارع الفرنسااي كااذلك
علااى تجااريم أفعااال التحاارش الجنسااية كصااورة ثانيااة ماان صااور التنماار بمقتضاااى
المادة 222.33من قانون العقوبات.183
وكمااا هااو حااال التشااريعات األجنبيااة ،فقااد أصاابح التنماار أخطاار الظااواهر التااي
تهاادد التشااريعات العربيااة وتااؤرق مسااؤوليها ،خاصااة وأن المجتمعااات العربيااة تعاااني
ماان نقااص حقيقااي فااي المعرفااة بهااذه المشااكلة وماادى تجساادها فااي الواقااع ومعاادالت
انتشااارها ،وذلااك بعكااس المجتمعااات الغربيااة التااي تشااهد اهتمامااا واسااع وحقيقااي بهااذه
المشاااكلة ويمتلكاااون عاااددا مااان المساااوح العلمياااة الواساااعة التاااي رصااادت أبعااااد هاااذه
المشكلة وتطورها في واقعهم ووضعوا استراتيجيات وطرق لمواجهتها.184
ويعتباار التشااريع المصااري فااي طليعااة التشااريعات العربيااة التااي تنبهاات إلااى خطااورة
التنماار االلكترونااي ،فنظاار الزدياااد صاااور وأشااكال التنماار اإللكترونااي فااي المجتماااع
المصااري حاااول المشاارع المصااري التصاادي لااه تشااريعيا عاان طريااق إقاارار قااانون
يجرم التنمر اإللكتروني والضرب بيد من حديد على كل السلوكيات التنمرية.
ونظاارا لكااون أن المشاارع المصااري قااد نااص علااى تجااريم أفعااال التنماار اإللكترونااي
بمقتضااى نااص خاااص ،بحيااث جعلهااا جريمااة قائمااة األركااان والصااور وحاادد معالمهااا
بصاااورة تاماااة فإناااه يبقاااى التشاااريع العرباااي الوحياااد إلاااى حاااد اآلن الاااذي يااانظم هاااذه
الجريمااة بمقتضااى نااص خاااص يعاارف فيااه جريمااة التنماار ويحاادد األفعااال المكونااة لهااا
والظااروف المشااددة للعقوبااة فيهااا ،ولهااذا فقااد كااان ماان الواجااب علينااا البحااث فااي معااالم
تجااريم هااذه الظاااهرة علااى مسااتوى هااذا التشااريع العربااي ،وإن كنااا نأماال صااراحة
إيجاااد تشااريع عربااي مقااارن ياانظم معااالم هااذه الظاااهرة -التنماار اإللكترونااي -كمااا هااو
الحااال بالنساابة المشاارع المصااري إال ولغياااب أي نمااوذج عربااي يااوازي فااي تجريمااه
أفعال التنمر فقد ارتأينا االكتفاء بالنموذج المصري فقط.
وبناااءا عليااه فااإن معالجتنااا لجريمااة التنماار اإللكترونااي فااي التشااريع الجنااائي المصااري
مان خااالل هاذا المبحااث ساوف تكااون وفاق نقطتااين رئيساتين :بحيااث ساوف نتطاارق فااي
المطلثثب األول إلااى أركااان جريمااة التنماار اإللكترونااي فااي التشااريع المصااري ،علااى
أن نتطرق في المطلب الموالي إلى العقوبات المقررة لها.
وبالتااالي يكااون المشاارع المصاااري قااد نااص علااى تجاااريم أفعااال التنماار اإللكتروناااي
واعتبره جريمة قائمة األركان والصور.
وبالتااالي ،فااإن معالجتنااا لهااذه النقطااة سااوف تكااون وفااق فقاارتين :الفقثثرة األولثثى نتطاارق
فيهاااا إلاااى كااال مااان الاااركن القاااانوني والماااادي لجريماااة التنمااار اإللكتروناااي ،علاااى أن
نتطرق في الفقرة الثانية إلى الركن المعنوي في جريمة التنمر اإللكتروني.
يقصااد بااالركن الشاارعي أن يكااون العماال أو الساالوك المكااون للجريمااة سااواء كااان
فعااال أو امتناعااا عاان فعاال أن يكااون ذلااك محظااورا باانص القااانون ،أي أنااه يوجااد نااص
يجرم الفعل ويعاقب على إتيانه تطبيقات بمبدأ " ال جريمة وال عقوبة إال بنص ".
ويتحاادد الااركن القااانوني -الشاارعي -لجريمااة التنماار فااي نااص المااادة األولااى ماان
القااانون رقاام 189لساانة 2020بحيااث جاااء هااذا القااانون بمااادتين فقااط ،إذ أن المااادة
األولااى حااددت مجموعااة ماان الساالوكات التااي تاادخل فااي إطااار التنماار كمااا حااددت أيضااا
العقوبااات الكفيلااة لمواجهااة هااذه الساالوكيات ،185أمااا المااادة الثانيااة ماان نفااس القااانون
-185أنظر القانون رقم 189لسنة 2020القاضي بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات المصري الصادر بالقانون رقم 58
لسنة ،1937الجريدة الرسمية العدد 36مكرر( ب) في ( 5سبتمبر ،)2020ص .10
91
فقااد نصاات علااى كااون أن هااذا القااانون ينشاار فااي الجرياادة الرساامية ...ويعماال بااه ماان
اليوم التالي لتاريخ صدوره.
يكتفااي المشاارع المصااري لقيااام جريمااة التنماار بااأن يصاادر عاان الجاااني الساالوك
اإلجرامااي المنصااوص عليااه فااي المااادة 309مكثثرر( ب) ماان قااانون العقوبااات ،فااال
يتطلااب أن يترتااب علااى هااذا الساالوك أي نتيجااة .وبالتااالي فااال مجااال للبحااث ف اي العالقااة
السااببية علااى اعتبااار أن جريمااة التنماار اإللكترونااي وفااق منظااور المشاارع المصااري
هااي ماان الجاارائم الشااكلية ،بحيااث يكتفااي لقيامهااا إتيااان الفعاال المحاارم قانونااا؛ علااى
خااالف المشاارع الفرنسااي الااذي اشااترط لقيااام جريمااة التنماار ضاارورة تااوفر العالقااة
السببية.
وقااد وضااحت المااادة 309مكثثرر (ب) ماان قااانون العقوبااات المصااري الساالوك
اإلجرامااي فااي جريمااة التنماار بنصااها علااى أنااه " :يعااد كاال قااول أو اسااتعراض قااوة أو
ساايطرة للجاااني أو اسااتغالل ضااعف المجنااي عليااه أو لحالااة يعتقااد الجاااني أنهااا تساايء
للمجنااي عليااه كااالجنس أو العاارق أو الاادين أو األوصاااف البدنيااة أو الحالااة الصااحية أو
العقلية أو المستوى االجتماعي.
وبناااء عليااه فااإن الساالوك المااادي فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي يتمثاال فااي كاال
من :القول ،استعراض القوة ،السيطرة ،االستغالل.
ينصارف القااول إلااى كاال ماا يصاادر عاان اإلنسااان ماان كاالم سااواء كااان ذلااك بجملااة
أو أكثاار ،أم بمجااارد لفاااظ مااان األلفااااظ .وساااواء كاااان ذلاااك نثااارا أم شاااعرا أو بأسااالوب
الخطابة.186
-186أحمد فتحي سرور ":الوسيط في قانون العقوبات – القسم الخاص ،" -دار النهضة العربية ،ط ،2013 ،5ص .58
92
ويطلااق علااى التنماار بااالقول التنماار اللفظااي ،وأغلااب حاااالت التنماار تااتم بااالقول لمااا
لهااذا الساالوك ماان قااوة وفعاليااة فااي التعبياار عاان قصااد الجاااني فااي هااذا النااوع ماان
الجارائم ،إذ يعباار الابعض عاان هااذا التاأثير الااذي يحظاى بااه القااول بأناه" ال توجااد طريقااة
أفضااال لنقااال المشااااعر مااان روح إلاااى روح أخااارى مااان الكلماااات؛ فجمياااع وساااائل
االتصااال األخاارى غياار كافيااة لتحقيااق هااذه الغايااة .187ويقااع التنماار اللفظااي إمااا عاان
طريق االعتداء اللفظي المباشر أو االعتداء اللفظي غير المباشر.188
وجاادير بالااذكر أن التنماار اللفظااي كساالوك فااي بعااض صااوره يقتاارب ماان السااب
الااذي عرفتااه محكمااة الاانقض المصاارية بقولهااا ":المااراد بالسااب فااي أصاال اللغااة الشااتم
سااواء بااإطالق اللفااظ الصااريح الاادال عليااه أو باسااتعمال المعاااريض التااي تااومي إليااه،
وهااو المعنااى الملحااوظ فااي اصااطالح القااانون الااذي اعتباار السااب كاال إلصاااق لعيااب أو
تعبياار يحااط ماان قاادر الشااخص عنااد نفسااه أو يخاادش ساامعته لاادى اآلخاارين .خاصااة أن
المشاارع المصااري ال يشااترط فااي التنماار تكاارار الساالوك حتااى يعاقااب الجاااني بوصااف
التنمر ،كماا أناه ال يوجاد ماا يمناع مان وقاوع التنمار اللفظاي بوسايلة مان وساائل العالنياة
المطلوبااة فااي السااب العلنااي . 189وهااو األماار الااذي تماات اإلشااارة إليااه فااي معاارض
مقاربتنااااا القانونيااااة لجريمااااة التنماااار اإللكترونااااي علااااى مسااااتوى التشااااريع الجنااااائي
المغربااي ،بحياااث تماات اإلشاااارة إلااى أن التنمااار اإللكترونااي تنطباااق عليااه النصاااوص
القانونية المجرمة لجريمة السب في القانون المغرب.190
Stella Bresciani: Le harcèlement moral par les images et les représentation, Cahiers du -187
Brésil Contemporain, 2004, n°55/56, pp.11-22 (p.11).
-188يكون االعتداء اللفظي مباشرا إذا لجأ الجاني إلى توجيه اإلهانة إلى المجني عليه أو استخدم كلمات معينة بشكل سيء
في مواجهته ،أو استخدم عبارة من شأنها التقليل من المستوى الفكري له...أما االعتداء اللفظي غير المباشر فيكون بقيام
الجاني بتعريض المجني عليه التهامات باطلة بشكل متكرر أو إطالق شائعات حوله .أحمد عبد الموجود ابو الحمد زكير م
س ،ص .2615-2614
-189أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ،م ،س ،ص .2615
-190انظر الفقرة األولى من هذا البحث المتعلقة بالتنمر اإللكتروني في إطار السب والقذف .
93
وإذا كااان التنماار فااي أغلااب األحيااان يقااع عاان طريااق القااول الساايء فإننااا ناارى أنااه
ال مااانع ماان وقوعااه بقااول غياار ساايء فااي ذاتااه طالمااا كااان القصااد منااه وضااع المجنااي
عليه موضع السخرية واالحتقار.
ويتحقااق اسااتعراض القااوة فااي جريمااة التنماار بصاادور أي حركااة عضااوية ماان
الجاااني ،شااريطة أن تكااون هااذه الحركااة إراديااة ،192بحيااث ال يعااد ماان قبياال اسااتعراض
القااوة مااا يصاادر عاان الجاااني ماان حركااات غياار إراديااة ولااو كاناات فااي ظاهرهااا تااوحي
بأنها استعراض للقوة.
ويعااد ماان قبياال اسااتعراض القااوة إمساااك الجاااني بسااالح والتلااويح بااه أمااام المجنااي
عليااه ،إذ أن رؤيااة المجنااي عليااه للسااالح فااي يااد الجاااني تلقااي فااي نفسااه الخااوف .وهااو
ما يمكن الجاني من ممارسة فعله التنمري في غياب المقاومة من المجني عليه.193
وال يشاااترط أن يقاااوم الجااااني باساااتعراض القااوة بنفساااه ،بحياااث يعاااد استعراضاااا
للقااوة قيااام الجاااني باادفع مجموعااة ماان األشااخاص للقيااام بااأي عماال ماان شااأنه تخويااف
المجني عليه.
ومااا تجاادر اإلشااارة إليااه هااو أن اسااتعراض القااوة ماان قباال الجاااني لااه وقااع أكثاار
من فعل التنمر على نفسية المجني عليه إذ من شأنه إلقاء الرعب والرهبة لديه.
ج :السيطرة
-191يعني االستعراض إظهار الشيء أو إبرازه ،والقوة في اللغة هي المؤثر الذي يغير أو يميل إلى تغيير حالة سكون الجسم
أو حالة حركته بسرعة منتظمة في خط مستقيم ،أو بعث النشاط والنمو والحركة ،وتنقسم إلى طبيعية وحيوية وعقلية ،كما
تنقسم إلى باعثة وفاعلة .المعجم الوسيط ،الطبعة الرابعة ،2014،ص .593
-192محمد سامي الشوا ":جرائم البلطجة " ،دار النهضة العربية ،2002 ،ص .34
-193محمد سامي الشوا ،م ،س ،ص .35
94
تعنااي الساايطرة التساالط واإلشااراف وتعهااد الحااال ،194سااواء كااان ذلااك ماان خااالل
إجبار الشخص على القيام بعمل معين أو منعه من القيام بعمل معين.
وعنصاار االسااتغالل فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي يتحقااق بااأي وساايلة ماان شااأنها
تمكااين الجاااني ماان الااتحكم فااي المجنااي عليااه والتااأثير عليااه ،ومثااال ذلااك قيااام الجاااني
بجعاال المجنااي عليااه يقااوم رغمااا عاان إرادتااه بالقيااام بتصاارف ماان شااأنه أن يضااعه
موضااع السااخرية أمااام مجموعااة ماان األفااراد ،كمااا لااو جعاال المجنااي عليااه يقااول عاان
نفسااه كلمااات ساايئة أمااام اآلخاارين ،أو أن يقااوم بنشاار تدوينااة عباار صاافحته الشخصااية
يصف فيها نفسه بأوصاف دنيئة تمس اعتباره.
ويعاااد مااان قبيااال السااايطرة كاااذلك إسااااءة اساااتخدام السااالطة التاااي تماااارس علاااى
المجنااي عليااه ،ومثااال ذلااك تكليااف المجنااي عليااه بأعمااال ال تاادخل فااي اختصاصااه ،أو
تغيياار أوقااات العمااال دون مباارر أو نقاال الموظاااف ماان فاارع إلاااى فاارع آخاار بشاااكل
متكرر دون وجود ما يبرر ذلك.
د :االستغالل
ويشااير مفهااوم الضااعف إلااى عجااز وهشاشااة الشااخص ،سااواء كااان ذلااك بساابب
مرض أو إعاقة أو سن ،أو الوضع االجتماعي أو االقتصادي للفرد.
وتقسااام أساااباب الضاااعف إلاااى فئتاااين :األولاااى تااارتبط بالعوامااال الداخلياااة ،وذلاااك
عنااادما يكاااون مصااادر الضاااعف الحالاااة الجسااادية أو النفساااية للشاااخص والتاااي تتمثااال
خصوصاااا فاااي السااان ،المااارض ،اإلعاقاااة وحالاااة الحمااال ،196والفئاااة الثانياااة تااارتبط
بالعوامااال الخارجياااة وهاااي عوامااال متعاااددة يشاااير توافرهاااا إلاااى الضاااعف االجتمااااعي
بحياااث تشاااير بعاااض الدراساااات إلاااى أن األشاااخاص الضاااعفاء اجتماعياااا هااام األكثااار
عر ضاااة للتنمااار بسااابب اساااتغالل المتنمااار لضاااعفهم االجتمااااعي خاصاااة عبااار مواقاااع
التواصل االجتماعي عن طريق نشر تدوينات من شأنها استحقارهم.
وجريمااة التنماار اإللكتروناااي ماان الجااارائم العمديااة ،فااال يعاقااب عليهااا المشااارع
المصااري بوصااف الخطااأ ،وهااو مااا يعنااي ضاارورة تااوفر العناصاار التااي يقااوم عليهااا
الااركن المعنااوي فااي الجاارائم العمديااة بصاافة عامااة والعناصاار التااي يشااترطها المشاارع
في جريمة التنمر بصفة خاصة.
-195حسام محمد السيد محمد ":مفهوم االستضعاف وأثره في السياسة الجنائية المعاصرة " ،منشور بمجلة الدراسات القانونية،
كلية الحقوق ،جامعة أسيوط ،العدد ،43ج الثالث ،2018 ،ص .396
196- Nadia L'Espérance: La peur du crime chez les aînés: des facteurs psychologiques
-197محمود حسني ":النظرية العامة للقصد الجنائي -دراسة مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية ،"-دار النهضة
العربية ،2006 ،ص .1
96
وتقااوم جريماااة التنماار اإللكتروناااي متاااى تااوافر القصاااد الجنااائي العاااام ،غيااار أن
المشاارع المصااري يتطلااب إلااى جانااب هااذا القصااد ضاارورة أن يتااوفر لاادى الجاااني
القصد الخاص.
يلااازم لقياااام جريماااة التنمااار اإللكتروناااي ضااارورة تاااوفر القصاااد الجناااائي العاااام؛
والااذي يعاارف بأنااه ":اتجاااه اإلرادة إلااى الساالوك ونتيجتااه مااع العلاام بكاال العناصاار التااي
يشترطها القانون لوجود الجريمة.198
والقصااد العااام يرتكااز علااى عنصاارين أساساايين همااا العلاام واإلرادة ،إذ يجااب أن
يكاااون الجااااني عالماااا بكاااون أن سااالوكه التنماااري يحقا اق االعتاااداء علاااى حاااق يحمياااه
القااانون ،فيجااب عليااه أن يعلاام بااأن مااا يصاادر عنااه يعااد استعراضااا للقااوة أو ساايطرة
علااى المجنااي عليااه أو اسااتغالل لضااعفه أو لجنسااه أو لحالتااه الصااحية أو غياار ذلااك ماان
الحاااالت التااي يعتقااد الجاااني أنهااا تساايء إلااى المجنااي عليااه ،أمااا إذا انتفااى علمااه بااذلك
أو وقع في غلط بشأن هذا السلوك فينتفي تبعا لذلك القصد الجنائي.
ولمااا كااان المشااارع المصااري يعاقاااب علااى جريمااة التنمااار اإللكترونااي بمجااارد
ارتكاااب الساالوك اإلجرامااي ،فيكفااي لتااوافر عنصاار العلاام أن يكااون الجاااني علااى علاام
بطبيعاااة هاااذا السااالوك دون البحاااث فاااي مااادى علماااه بالنتيجاااة المترتباااة علاااى هاااذا
السلوك.199
أماااا عنصااار اإلرادة والتاااي تعااارف بكونهاااا قاااوة نفساااية تسااايطر علاااى السااالوك
وتوجهااه نحااو تحقيااق غايااة معينااة ابتغاااء إشااباع باعااث معااين ،200فإنهااا تتحقااق باتجاااه
-198عوض محمد ":قانون العقوبات – القسم العام ،" -دار المطبوعات الجامعية ،1998 ،ص.215
-199وإذا كان هذا هو األمر في التشريع المصري ،فإن المشرع الفرنسي ال يعاقب على جريمة التنمر في نموذجا العام إال
إذا تحققت نتيجة معينة .وهو األمر ذاته في النموذج الخاص بالتنمر في إطار العالقة الزوجية أو اتفافات التضامن المدني،
وي كفي احتمال تحقق هذه النتيجة إذا كان التنمر في إطار عالقة العمل ،وهو ما يعني ضرورة توافر علم المتهم بهذه النتيحة،
وعلمه بأن هذه النتيحة سوف ترتكب كاثر مباشر لفعله .أحمد عبد الموجود ابو الحمد زكير ،م س ،ص .2650
- 200عمر السعيد رمضان ":شرح قانون العقوبات -القسم العام –" دار النهضة العربية ،بدون تاريخ ،ص .248
97
إرادة المتنماار إلااى ارتكاااب الفعاال المكااون للتنماار الااذي ماان شااأنه اإلساااءة إلااى المجنااي
علياااه والتقليااال مااان شاااأنه بسااابب ديناااه أو عرقاااه أو حالتاااه البدنياااة او الصاااحية أو
االجتماعية.
ولكااي يعتااد بعنصاار اإلرادة يشااترط أن تكااون هااذه اإلرادة معتباارة قانونااا وبااأن
أن تكااون ممياازة ومدركااة ومختااارة .فااإذا أكااره شااخص علااى ارتكاااب فعاال التنماار فإنااه
فااي هااذه الحالااة تنتفااي اإلرادة وتنااافس معهااا جريمااة التنماار ،201ومثااال ذلااك إجبااار
الغياار المااتهم علااى قااول أو إيااذاع أو نشاار شاايء مساايء للمجنااي عليااه يضااعه موضااع
السااخرية ،أو أن الجاااني كااان يعااا ني ماان ماارض عقلااي والااذي يعتباار معاادما للمسااؤولية
تنعدم معه اإلرادة وبالتالي ال يتوافر القصد الجنائي العام.
ال تقاااوم جريماااة التنمااار اإللكتروناااي بمجااارد تاااوافر القصاااد الجناااائي العاااام كماااا
سااابقت اإلشاااارة فحساااب ،فالمشااارع المصاااري يشاااترط كاااذلك ضااارورة تاااوافر القصاااد
الجنائي الخاص إلى جانب القصد العام.
ويتمثاال جااوهر القصااد الخاااص فااي اتجاااه إرادة الجاااني إلااى هاادف محاادد يتجاااوز
ماديااات الجريمااة ،أو غايااة يسااعى إلااى تحقيقهااا ،202أو باعااث معااين يكااون قااد دفااع نيااة
الجاني إلى السلوك اإلجرامي.
وقاااد بينااات الماااادة 309مكثثثرر (ب) مااان قاااانون العقوباااات المصاااري القصاااد
الخاااص فااي جريمااة التنماار بقولهااا ":بقصااد تخويفااه أو وضااعه موضااع السااخرية أو
الحااط ماان شااأنه أو إقصااائه ماان محيطااه االجتماااعي " ،وبناااء علااى ذلااك يجااب لتااوفر
الااركن المعنااوي لاادى المااتهم فااي جريمااة التنماار أن تكااون إرادتااه قااد اتجهاات إلااى
وباااالرغم مااان أن القاااانون يتطلاااب اتجااااه إرادة الجااااني إلاااى تحقياااق غاياااة معيناااة
لقيااام الاارك ن المعنااوي فااي بعااض الجاارائم ،إال أنااه ال يتطلااب أن تتحقااق هااذه الغايااة
بالفعل وإنما يكفي أن تكون إرادة الجاني قد اتجهت إليها وهو عالم بها.
وبناااء عليااه فإنااه يكفااي أن تكااون إرادة الجاااني فااي جريمااة التنماار اإللكترونااي قااد
اتجهاات إلااى تخويااف المجنااي عليااه أو وضااعه موضااع السااخرية أو الحااط ماان شااأنه أو
عزلااااه اجتماعيااااا ،دون أن تكااااون هناااااك ضاااارورة لتحقااااق أي ماااان هااااذه الغايااااات
بالفعل.203
وتتجلااى أهميااة القصااد الجنااائي الخاااص فااي بعااض الجاارائم بجانااب أهمتااه لقيااام
الجريمااة ذاتهااا فااي أن هااذا القصااد هااو الااذي يخضااع الجريمااة لوصااف قااانوني معااين
تمييزا لها عن غيرها من الجرائم.
إن مسااألة اسااتخالص القصااد الجنااائي أيااا كااان نوعااه ماان المسااائل ذات الطبيعااة
المزدوجاااة فهاااي موضاااوعية مااان ناحياااة ،وقانونياااة مااان ناحياااة أخااارى .إذ أن القصاااد
مساااألة موضاااوعية يستخلصاااها القاضاااي وال معقاااب علياااه ماااادام استخالصاااه ساااائغا
يستشااافه مااان الظاااروف المحيطاااة أو القااارائن واألماااارات واألدلاااة ،ومااان مختلاااف
المظااااهر الخارجياااة للجريماااة نفساااها أو ل لجااااني ذاتاااه؛ وهاااي سااالطة تقديرياااة كاملاااة
للقاضي الجنائي.
وال تلتاازم محكمااة الموضااوع بالتحاادث صااراحة أو اسااتقالال عاان القصااد ،متااى
كااان واضااحا تااوافره ماان عبااارات الحكاام وظااروف الواقعااة .ولكاان هااذا ال يمنعهااا ماان
-203أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ،م ،س ،ص .2654
99
التزامهااا األصاايل فااي تبيااان تااوافره بوضااوح وصااراحة حتااى تكتماال مهمااة المحكمااة
الع ليا في الرقابة الفعالة على توافر القصد طالما أثبه الحكم في طياته.204
فااإذا كااان المتنماار قااد ارتكااب جريمتااه دون أن يتااوافر أي ظاارف ماان الظااروف
المشاااددة فيعاقاااب بالعقوباااات المقاااررة للجريماااة فاااي صاااورتها البسااايطة ( الفقثثثرة
األولثثثى) أماااا إذا تاااوافر أحاااد الظاااروف التاااي عااادها المشااارع مشاااددة للعقااااب فيعاقاااب
الجاني بما يقتضيه توافر هذه الظروف (الفقرة الثانية).
وماان خااالل نااص المااادة أعاااله يتضااح لنااا أن المشاارع المصااري يرصااد عقااوبتين
لمرتكااب جريمااة التنماار ،األولااى سااالبة للحريااة تتمثاال فااي عقوبااة الحاابس ،التااي رفااع
المشاارع المصااري حاادها األدنااى عاان الحااد األدنااى العااام ،بحيااث يجااب أن ال تقاال عاان
سااتة أشااهر ،أمااا الحااد األقصااى فهااو الحااد العااام المقاارر لعقوبااة الحاابس دون تغيياار وهااو
ثالث سنوات.
وماااا يالحاااظ ،هاااو كاااون أن المشااارع المصاااري لااام يجعااال الجماااع باااين عقاااوبتي
الحاابس والغرامااة أماارا واجبااا وإنمااا تاارك تقاادير ذلااك للمحكمااة المختصااة ،فلهااا أن
تجمااع بااين العقااوبتين ولهااا أن تكتفااي بااأي منهمااا؛ ولهااا أيضااا أن تااأمر بإيقاااف تنفيااذ
الع قوبااة ،سااواء فااي حالااة الجمااع بااين العقااوبتين أم فااي حالااة الحكاام بواحااد منهااا .ونشااير
إلاااى كاااون أن العقوباااات المنصاااوص عليهاااا فاااي الفقااارة الثانياااة مااان الماااادة 309
مكثثرر(ب) تطبااق فااي حااال عاادم وجااود عقوبااة أشااد منصااوص عليهااا فااي قااانون آخاار،
فااإذا ساالوك المااتهم يخضااع ألوصاااف متعااددة يكااون التنماار أحاادها ،فااال تطبااق عقوبااة
التنمر إذا لم تكن هي األشد.205
-205أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ،م ،س ،ص .2656
101
ويتضااح ماان خااالل الفقاارتين السااابقتين أن بعااض الظااروف الااواردة بهمااا يتعلااق
بعضااها بصاافة موجااودة فااي الجاااني أو المجنااي عليااه ،وبعضااها اآلخاار يتعلااق بتعاادد
الجناة ،والبعض اآلخر يتعلق بظروف العود.
وعليااه فإنناااا ساااوف نتنااااول هاااذه الظاااروف بشااايء مااان التفصااايل علاااى الشاااكل
التالي:
ولعاال تشااديد العقوبااة فااي هااذه الصااورة يرجااع إلااى مااا ينطااوي عليااه ارتكاااب
الجريمااة ماان شخصااين أو أكثاار ماان الخطااورة والرعااب والفاازع والخااوف الااذي يحاادث
للمجنااي عليااه وكااذلك لمااا يتضاامنه فعاال التنماار إذا وقااع ماان أكثاار ماان شخصااين أو
أكثاار ماان عاادم قاادرة المجنااي عليااه علااى المقاومااة أو الفاارار ممااا يجعلااه فريسااة فااي
أياادي الجناااة .فنظاارا لخطااورة ارتكاااب التنماار ماان شخصااين أو أكثاار تاام تشااديد العقوبااة
فجعاال المشاارع العقوبااة هااي الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة وغرامااة ال تقاال عاان عشاارين
ألاااف جنياااه وال تتجااااوز مائاااة ألاااف جنياااه ،كماااا أجااااز المشااارع للقاضاااي الجماااع باااين
العقااوبتين فااي حاادهما األدنااى واألقصااى ،أو االكتفاااء بإحاادى هاااتين العقااوبتين؛ الحاابس
أو الغرامة بحديهما األقصى أو األدنى.207
-206القاعدة العامة أن تعدد مرتكبي الجريمة ال يعد ظرف لتشديد العقاب على الجريمة في التشريع المصري ،إال أن المشرع
سيخرج عن هذه القاعدة في شأن بغض الجرائم مثل السرقة أو دخول عقار بقصد منع حيازته و كذلك األمر في جريمة
التنمر .هشام محمد رستم ":قانون العقوبات -القسم العام ،2006-2005 ،"-ص .233
-207كمال سيد عبد الحليم محمد نصر ،م س ،ص .2517
102
ثانيا :التشديد لتوافر صفة في الجاني أو المجني عليه
يشاادد المشاارع المصااري عقوبااة جريمااة التنماار بموجااب الفقاارة الثالثااة ماان المااادة
309مكثثثرر(ب) مااان قاااانون العقوباااات إذا جااااني مااان أصاااول المجناااي علياااه أو مااان
المتااولين تربيتااه أو مالحظتااه ،أو مماان لهاام ساالطة عليااه أو كااان مساالما إليااه بمقتضااى
القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادما لدى الجاني.
وال تخفااى علااى أحااد العلااة ماان تشااديد عقوبااة الجاااني إذا تااوافرت إحاادى الصاافات
المشااار إليهااا ،وتكماان هااذه العلااة فااي إساااءة الجاااني السااتعمال الساالطة التااي تكااون لديااه
علااى المجنااي عليااه وعاادم جدارتااه بالثقااة الموضااوعة فيااه ،فيخاال بالتزاماتااه ويهاادر
واجباته بشكل يتعدى اإلهمال ويصل إلى االستغالل.208
يكاااون الجااااني مااان أصاااول الضاااحية المجناااي علياااه إذا كاااان األول ممااان تناسااال
ماانهم الثاااني تناسااال حقيقيااا ال حكميااا ،وذلااك مثاال األب وإن عااال ،أمااا األب بااالتبني فااال
يعااد ماان أصااول المجنااي عليااه ،بحيااث أنااه إذا كااان األب بااالتبني هااو الجاااني فااي جريمااة
التنماار فااإن العقوبااة ال تشاادد بناااء علااى هااذه الصاافة ،وإنمااا تشاادد تأسيسااا علااى ساابب
آخر كتولي التربية أو اإلشراف.209
ويشاااترط حتاااى يعاااد الجااااني مااان أصاااول المجناااي علياااه أن تكاااون هاااذه الصا الة
شاارعية ،فااال يسااري التشااديد بناااء علااى هااذه الصاالة إذا كااان الجاااني أبااا غياار شاارعي
للمجني عليه ،وذلك ألن األب في هذه الحالة يتماثل مع األب بالتبني.
ب :الحالة التي يكون فيها الجاني متوليا تربية المجني عليه أو مالحظته
وهكااذا قااد يسااتغل الجاااني إشاارافه علااى المجنااي عليااه ليقااوم بساالوكيات تنمريااة ماان
شاااأنها أن تسااايء للمجناااي علياااه وتضاااعه موضاااع احتقاااار باااين زمالئاااه ،كاااأن يقاااوم
المدرس مثال بنعت أو مناداة أحد تالمذته بأوصاف تسيء له.
تتحقاااق سااالطة الجااااني علاااى المجناااي علياااه إذا كاااان لهاااذا األخيااار القااادرة علاااى
فاارض ساايطرته علااى المجنااي عليااه وجعلااه يقااوم بتنفيااذ أوامااره واالنصااياع لطلباتااه،
ويستوي في ذلك أن تكون سلطة قانونية أم فعلية.
وتتحقااق الساالطة القانونيااة إذا كااان المجنااي عليااه عااامال لاادى الجاااني؛ امااا الساالطة
الفعليااة فهااي التااي يكااون مصاادرها الواقااع كااأن يكااون الجاااني أحااد أقااارب المجنااي عليااه
من غير المتولين لتربيته.
وال يشاااترط المشااارع المصاااري أن تكاااون سااالطة الجااااني علاااى المجناااي علياااه
ساالطة ذاتيااة ،إذ يتااوافر ظاارف التشااديد ولااو كاناات ساالطة مؤقت اة ،كساالطة الطبيااب عنااد
إشرافه على عالج المريض.
ممااا ال شااك فيااه أن تسااليم المجنااي عليااه إلااى الجاااني بموجااب حكاام قضااائي أو
بمقتضااى القااانون يكااون مااثقال بعاادة التزامااات يغلااب عليهااا عاادم اإلضاارار بالمساالم أو
بمصالحه ،وإذا أخل الجاني بهذه االل تزامات فيكون قد خان الثقة التي وضعت فيه.
والحاااالت التااي يااتم فيهااا التسااليم فااي القااانون المصااري متعااددة؛ ماان أهمهااا مااا
تاانص عليااه المااادة 103ماان قااانون الطفاال رقاام 12لساانة 1996والمعاادل بالقااانون
رقاام 126لساانة 2008التااي نصاات علااى أنااه ":يساالم الطفاال إلااى أحااد أبويااه أو إلااى
مان لااه الواليااة أو الوصاااية عليااه ،فااإذا لاام تتاوافر فااي أيهاام الصااالحية فااي القيااام بتربيتااه
ساالم إلااى شااخص مااؤتمن يتعهااد بتربيتااه وحساان ساايره أو إلااى أساارة موثااوق بهااا يتعهااد
عائلهااا بااذلك" .وكااذلك مااا تاانص عليااه المااادة 365ماان قااانون اإلجااراءات الجنائيااة
المصااري بنصااها علااى أنااه ":يحااوز عنااد الضاارورة فااي كاال جنايااة أو جنحااة تقااع علااى
نفااس الصااغير الااذي لاام يبلااغ ماان العماار خمااس عشاارة ساانة أن يااؤمر بتسااليمه إلااى
شااخص مااؤتمن يتعهااد بمالحظتااه والمحافظااة عليااه أو إلااى معهااد خيااري معتاارف بااه
من وزارة الشؤون االجتماعية حتى يفصل في الدعوى".
إذن يتضااح لنااا ماان خااالل هاااتين المااادتين العنايااة التااي خااص بهااا المشاارع الطفاال
الااذي يكااون مساالما بمقتضااى القااانون أو بموجااب حكاام قضااائي ،فاانص علااى تشااديد
عقوبااة التنماار إذا مااا مورساات خااالل هااذه العالقااة خاصااة وأن نفسااية الطفاال تكااون فااي
حاجة ماسة لالحتضان والحنان.
يشاادد المشاارع المصااري عقوبااة جريمااة التنماار فااي حالااة إذا كااان المجنااي عليااه
خادمااا لاادى الجاااني ،فالخااادم هااو ذلااك الشااخص الااذي يقااوم بخدمااة غيااره فااي الحياااة
105
اليوميااة ،سااواء كااان ذلااك بشااكل دائاام كالخااادم المقاايم مااع الجاااني فااي المناازل ،أو كااان
خادما لمدة محددة كالبستاني الذي يعمل لبعض الوقت
كمااا أن المشاارع لاام يشااترط أن يكااون المجنااي عليااه خادمااا لاادى الجاااني مقاباال
أجاار ،بحيااث يشاادد العقاااب علااى الجاااني ولااو كااان المجنااي عليااه خادمااا لاادى األول
211
بدون مقابل مادي
فااإذا تااوافرت إحاادى الصاافات المشااار إليهااا أعاااله تكااون عقوبااة جريمااة التنماار
الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانة ،وغرامااة ال تقاال عاان عشاارين ألااف جنيااه وال تزيااد عاان
مائااة ألااف جنيااه أو بإحاادى هاااتين .ومااا يالحااظ هااو أن المشاارع المصااري رفااع الحااد
األدنااى لعقوبااة الحااابس بحيااث ال يقاال هاااذا الحااد عااان ساانة مااع اإلبقااااء علااى حااادها
األقصااى العااام ،كمااا رفااع المشاارع الحاادين األدنااى واألقصااى لعقوبااة الغرامااة؛ فااال يقاال
حادها ا ألدناى عان عشارين ألاف جنياه وال يزياد حادها األقصاى عان مائاة ألاف جنياه ماع
اإلبقاء على سلطة المحكمة في الحكم بإحدى العقوبتين أو الجمع بينهما.212
تااانص الماااادة 309مكااارر (ب) مااان قاااانون العقوباااات المصاااري علاااى أناااه ":أماااا إذا
اجتمع الظرفان يضاعف الحد األدنى للعقوبة ".
ويقصااد بااالظرفين فااي هااذه الفقاارة؛ الظاارف الخاااص بتعاادد الجناااة المنصااوص
عليهااا فااي بدايااة الفقاارة ذاتهااا ،والظااروف المتعلقااة بتااوفر صاافة فااي المجنااي عليااه أو
الجاااني ،فااإذا ارتكااب التنماار ماان شخصااين أو أكثاار ،وكااان الجاااني ماان أصااول المجنااي
عليااه أو ماان المتااولين لتربيتااه أو كااان المجنااي عليااه خادمااا لاادى الجاااني ...فااإن عقوبااة
التنماار تشاادد ،ويكااون التشااديد بمضاااعفة الحااد األدنااى للعقوبااة ،بحيااث تكااون العقوبااة
فااي حالااة اجتماااع الظاارفين هااي الحاابس ماادة ال تقاال عاان ساانتين وغرامااة ماليااة ال تقاال
-211أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ،م ،س ،ص .2666
-212أحمد عبد الموجود أبو الحمد زكير ،ص.2662
106
عاان أربعااين ألااف جنيااه وال تزيااد عاان مائااة ألااف جنيااه أو بإحاادى هاااتين العقااوبتين
فقط .213
طبقااا للمااادة 309مكثثرر (ب) ماان قااانون العقوبااات يعتباار العااود إلااى ارتكاااب
جريمااة التنماار ظرفااا مشااددا للعقوبااة ،بحيااث نصاات هااذه المااادة علااى أنااه ":فااي حالااة
عاااودة الجااااني إلاااى ارتكااااب نفاااس الجريماااة تضااااعف العقوباااة فاااي حاااديها األدناااى
واألقصى.214
ولمااا كااان العااود يعاارف بأنااه عااودة الشااخص إلااى اإلجاارام بارتكابااه جريمااة أو
جاارائم أخاارى بعااد ساابق إدانتااه بحكاام بااات فااي جريمااة سااابقة ،فهااو بااذلك يكشااف عاان
خطااورة إجراميااة لاادى الجاااني لاام يفلااح الحكاام السااابق فااي إزالتهااا .لااذلك فااإن ساابب
تشااديد العقوبااة هنااا يرجااع إلااى شااخص الجاااني ،لااذا فهااو ماان الظااروف العامااة لتشااديد
العقاب ال تتعلق بجريمة معينة.215
وقااد بيناات المااادة 49ماان قااانون العقوبااات ماان يعااد عائاادا ،إذ فااي ضااوء هااذه
المادة يشترط للقول بتوافر العود ما يلي:
وبالتاااالي يكاااون فاااي حالاااة عاااود ويعاقاااب عااان أفعاااال التنمااار اإللكتروناااي
الشخص المتوفرة فيه الشروط السالفة الذكر.
108
خاتمة:
في ختام البحث المتعلق بموضوع التنمر اإللكتروني يتبين لنا أن ظاهرة التنمر اإللكتروني
أصبحت اليوم تشكل خطرا متفاقما مما يؤكد على عدم إمكانية تجاهلها أو التعامل معها على
نحو تقليدي بالرجوع إلى النصوص العقابية التقليدية.
وقد رأينا كيف أن بعض الدول سواء العربية منها أو األجنبية قد سارعت الركب لسن
تشريعات خاصة لمواجهة تنامي هذه الظاهرة ،وإن كان المشرع المغربي الزال إلى حد
يومنا هذا ال يدرج أي مصطلح للتنمر على مستوى قانونه الجنائي ،فإن االستعانة بالنصوص
الجنائية التقليدية لمواجهة هذه الظاهرة وحده غير كاف ،خاصة وأن أفعال التنمر اإللكتروني
تتخذ صورا وأشكاال متعددة قد تفلح بعض النصوص الجنائية في القانون المغربي في
مواجهتها كما هو الشأن بالنسبة للنصوص المنظمة لجريمتي السب والقذف وكذا تلك المتعلقة
بالتحرش واالبتزاز الجنسيين ،إال أن البعض اآلخر من أفعال التنمر اإللكتروني تبقى خارج
نطاق العقاب والمساءلة القانونية.
فالمتأمل في التشريعات األجنبية وخاصة العربية منها ،يرى كيف أن المشرع المصري
وعلى غرار باقي التشريعات العربية ق د خطى خطوة مهمة حينما نص على تجريم التنمر
اإللكتروني على مستوى قانون عقوباته ،وبذلك يكون هذا التشريع قد قطع خطوات مهمة في
تعزيز وحماية ثقافة حقوق اإلنسان ،خاصة في هذا المجال المرتبط بشرفهم واعتبارهم.
أما على مستوى التشريعات الغربية ،فال يخفى على أحد المكانة التي وصلت إليها بعض
الدول على مستوى حماية حقوق وحريات أفرادها ،والعمل على توفير قدر كبير من حرية
التعبير والرأي بشكل ال يمس وال يضر بشرف واعتبار اآلخر.
فمن خالل بحثنا هذا رأينا كيف واجه كل من التشريع االنجلوسكسوني والالتيني ظاهرة
التنمر اإللكترو ني خاصة على مستوى المدارس التي تعتبر نقطة االنطالق األولى لهذه
الشرارة ،بحيث عملت هذه التشريعات على محاربة التنمر بشتى أنواعه سواء من خالل
النصوص القانونية الرادعة أو البرامج التربوية والتعليمية التي تجعل من مصلحة المتمدرس
الهدف األول وتتعامل معه على أساس أنه لبنة من لبنات المجتمع وتوفر له كل متطلبات
109
العطف والحنان ،خاصة وأن هذه المجتمعات قطعت خطوات مهمة في العمل على نفسية
أفرادها.
وختاما فال حاجة لنا بالتذكير بكون أن التنمر اإللكتروني أصبح اليوم ظاهرة تنخر في جميع
المجتمعات على اختالف ثقافاتها وايديولوجياتها ،لذلك فإن التصدي لهذا النمط المستحدث من
اإلجرام ال يتحقق فقط عن طريق النصوص التقليدية ،بل على المشرع الوطني تطوير ترسانته
القانونية لمواكبة هذه األفعال التي أقل م ا يقال عن آثارها أنها مقبرة لبعض األشخاص.
وكما هو الحال بالنسبة لكل الدراسات فإن دراستنا هذه ال تخلوا من نتائج واقتراحات نأمل
من خاللها أن ننظر لواقع وحقيقة " التنمر اإللكتروني ":
➢ خالصات:
✓ أصبحت النصوص القانونية التقليدية قاصرة ال تلبي كل حاجيات الحماية الجنائية
لألفراد الذين أصبحوا معرضين لخطر التطور التكنولوجي الحالي.
✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني تتنوع من حيث طرائق ارتكابها بحيث يمكن ارتكابها عبر
مختلف الوسائل التقنية الحديثة.
✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني تستهدف الجميع دون استثناء بحيث تستهدف النساء
والرجال ،األطفال واألحداث وحتى مختلف الشخصيات الكبرى في البالد.
✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني من الظواهر العابرة للحدود التي قد يرتكبها المتنمر في دولة
بتنمره على ضحية في دولة أخرى.
✓ ظاهرة التنمر اإللكتروني لها خصوصية خاصة لكون أن الجاني المتنمر يستخدم
المواقع االلكترونية والصفحات الوهمية في ارتكاب جريمته وهو األمر الذي يتطلب
عمال مضاعفا للوصول إلى الجناة.
➢ اقتراحات:
✓ ضرورة نشر الوعي المجتمعي بمخاطر ظاهرة التنمر اإللكتروني وتظافر جهود
فعاليات المجتمع المدني ووسائل اإلعالم من خالل إقامة حلقات ونقاشات وأوراش
عمل وندوات ومؤتمرات للتعريف باآلثار السلبية للتنمر اإللكتروني.
110
✓ التوعية بآليات االستخدام اآلمن لإلنترنت وتفعيل دور األسرة في مجال توعية األبناء
لالستعمال األمثل لتقنية المعلومات وتجاوز سلبيات االستخدام ونشر الوعي الثقافي.
✓ ضرورة تدريس مادة لتعليم أخالقيات استخدام اإلنترنيت الصحيحة لألجيال الصاعدة
في التعليم ما قبل المشوار الجامعي وإنشاء أقسام جديدة بكليات الحقوق بمختلف
الجامعات المغرية لدراسة الحماية القانونية المعلوماتية أو قانون التكنولوجيا
واإلنترنت.
✓ العودة الى التمسك بآداب التربية اإلسالمية لمعالجة القضايا المتعلقة بحقوق الطفل
وتربيتهم خصوصا واالهتمام بالتربية الجنسية.
✓ تشجيع األشخاص الذين يتعرضون للتنمر اإللكتروني على اإلخبار بتلك األفعال،
نظرا لكون الكثير من األشخاص يعزفون عن اإلخبار خشية الفضيحة.
✓ تشجيع األطفال واألحداث على التكلم في حال وقوعهم ضحايا للتنمر وعدم تجاهلهم
وتوجيههم في حال كانوا هم المتنمرين.
✓ تخصيص أرقام هاتفية لالتصال بالجهات المعنية ( الشرطة أو الدرك ) في حالة
التعرض للتنمر.
✓ وأخيرا ندعو المشرع المغربي إلى التدخل والحد من االرتفاع المهول الذي تعرفه
هذه الظاهرة وذلك عن طريق تبني سياسة تشريعية واضحة المعالم تمزج بين الطابع
الوقائي والردعي لمواجهة كافة أشكال التنمر.
111
المراجع: ➢ الئحة
❖ المعاجم :
❖ الكتب العامة:
✓ أحمد الخمليشي :شرح الجنائي القسم العام " ،مكتبة المعارف للنشر والتوزيع،
ط.1985
✓ أحمد فتحي سرور ":الوسيط في قانون العقوبات -القسم الخاص '" ،ط ،5 ،دار
النهضة العربية.2013 ،
✓ أسامة أحمد المناعسة ،جالل محمد الزغبي ":جرائم تقنية نظم المعلومات اإللكترونية
" ،دار الثقافة للنشر والتوزيع األردن ،الطبعة األولى و الثانية.
✓ سعيد الوردي ":جرائم السب والقذف عبر وسائل التواصل االجتماعي والمواقع
اإللكترونية – دراسة فقهية وقضائية مقارنة في ضوء أحكام القانون الجنائي المغربي
والقانون رقم 88.13المتعلق بالصحافة والنشر والعمل القضائي المغربي والمقارن"،
مطبعة األمنية الرباط ،ط األولى.2020،
112
✓ سعيد الوردي " :شرح القانون الجنائي العام المغربي – دراسة فقهية وقضائية،" -
مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة األولى.2020 ،
✓ عبد الواحد العلمي ":شرح القانون الجنائي المغربي -القسم العام ،"-الطبعة التاسعة،
14440ه2019/م.
✓ عفيفي كمال عفيفي " :جرائم الكمبيوتر وحقوق المؤلف والمصنفات الفنية ودور
الشرطة والقانون – دراسة مقارنة ،" -منشورات الحلبي الحقوقية ،لبنان بيروت ،ط
.2003
✓ عمر السعيد رمضان ":شرح قانون العقوبات -القسم العام –" دار النهضة العربية،
بدون تاريخ
✓ عمر سالم ":شرح قانون العقوبات المصري – القسم العام ،"-دار النهضة العربية،
بدون تاريخ.
✓ عوض محمد ":قانون العقوبات – القسم العام ،" -دار المطبوعات الجامعية.1998 ،
✓ فتوح عبد هللا الشاذلي " :شرح قانون العقوبات القسم الخاص :دار المطبوعات
اإلسكندرية ،2001بدون طبعة ،ص .299
✓ لطيفة الداودي ":الوجيز في القانون الجنائي المغربي " ،المطبعة والوراقة الوطنية،
الطبعة األولى،2007 ،
✓ -محمد داوود يعقوب ":المسؤولية في القانون الجنائي االقتصادي" ،منشورات الحلبي
الحقوقية ،بيروت.2008 ،
✓ محمد عبد اللطيف فرج ":شرح قانون العقوبات -القسم العام -النظرية العامة للعقوبة
والتدابير االحترازية " ،2012 ،ص .187 :
✓ محمود حسني ":النظرية العامة للقصد الجنائي -دراسة مقارنة للركن المعنوي في
الجرائم العمدية ،"-دار النهضة العربية.2006 ،
✓ هشام محمد رستم ":قانون العقوبات -القسم العام.2006-2005 ،"-
113
❖ الكتب الخاصة:
✓ أحمد عبد هللا الطيار " :جريمة التنمر في التشريع المصري والمقارن ،:بحث مقدم
لكلية الحقوق ،جامعة اإلسكندرية بدون طبعة وال تاريخ نشر.
✓ على موسى الصبيحة ،محمد فرمان القضاة ":سلوك التنمر عند األطفال المراهقين-
مفهومه أسبابه عالجه –" ،الرياض ،الطبعة األولى 1434ه.2013/
✓ مسعد أبو الديار " :سيكولوجية التنمر بين النظرية والعالج" ،الطبعة الثانية،
1433ه2012/م ،الكويت.
❖ الرسائل:
✓ أدهم رجب محمود الخفاجي " :أثر برنامج إرشادي في تنمية المهارات االجتماعية
لدى ضحايا التنمر المدرسي" ،رسالة لنيل شهادة ماجستير آداب في اإلرشاد النفسي
والتوجيه التربوي ،كلية التربية األساسية ،قسم اإلرشاد النفسي والتوجيه التربوي،
السنة الجامعية .2015
✓ آسيا مغموش " :الحماية الجنائية للطفولة " ،مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة
الحقوق تخصص قانون جنائي لألعمال ،جامعة العربي بن مهدي أم البواقي ،كلية
الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية .2014-2013
✓ أنس مشهور ":المسؤولية الجنائية للصحفي المهني – دراسة مقارنة "-رسالة لنيل
شهادة الماستر في القانون الخاص ،تخصص العدالة الجنائية والعلوم الجنائية ،جامعة
سيدي محمد بن عبد هللا ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية فاس ،السنة
الجامعية .2020-2019
✓ براء علي صالح محمد ":المسؤولية العقدية لمزودي خدمات عبر اإلنترنيت-دراسة
مقارنة ،" -رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في القانون
الخاص ،قسم الحقوق كلية الحقوق ،جامعة الشرق األوسط2020 ،
114
✓ بهلول بن حوى " :جريمة القذف عبر مواقع التواصل االجتماعي " ،مذكرة نهاية
الدراسة لنيل شهادة الماستر في ا لقانون الخاص ،جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم،
كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية .2020
✓ حسين محمد فالح البرايسه " :الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون
العقوبات األردني " رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير
في القا نون العام ،كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط ،حزيران.2021 ،
✓ حسين محمد فالح البرايسه " :الركن المعنوي في الجرائم اإللكترونية وفقا لقانون
العقوبات األردني " رسالة مقدمة الستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير
في القانون العام ،كلية الحقوق جامعة الشرق األوسط ،حزيران.2021 ،
✓ داليا مجذوب ابراهيم علي ":موانع المسؤولية الجنائية -دراسة مقارنة "-بحث مقدم
لنيل شهادة الماستر في القانون العام ،كلية الدراسات العليا والبحث العلمي ،جامعة
شندي.2016 ،
✓ سارة عياط " :جريمة القذف على شبكة اإلنترنت " ،مذكرة مكملة من متطلبات نيل
شها دة الماستر في الحقوق ،جامعة محمد خيضر بسكرة ،الجزائر ،الموسم الجامعي
.2014-2013
✓ سارة مقراني " :جريمة االستغالل الجنسي لألطفال عبر اإلنترنيت " ،مذكرة تكميلية
لنيل شهادة الماستر ،تخصص قانون جنائي لألعمال ،جامعة العربي بن مهدي أم
البواقي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية ،السنة الجامعية .2016-2015
✓ سناء السرحاني " :الجرائم المرتكبة عبر مواقع التواصل االجتماعي " ،بحث لنيل
شهادة الماستر في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
جامعة سيدي محمد بن عبد هللا فاس ،السنة الجامعية .2018-2017
✓ علي بوييس " :جرائم الصحافة بين القانون والعمل القضائي " ،رسالة نهاية التدريب
بالمعهد العالي للقضاء.2010-2009 ،
✓ قواسم بن عيسى " :الفجوة الرقمية والمعلوماتية بين الدول العربية – دراسة مقارنة
بين الجزائر واإلمارات العربية المتحدة ،"-مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في
115
عل وم اإلعالم واالتصال ،كلية العلوم اإلنسانية والحضارة اإلنسانية قسم اإلعالم و
االتصال ،جامعة وهران ،الموسم الجامعي .2007-2006
✓ محمد بوزالفة " :االختصاص العيني في القانون الجنائي المغربي" ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالجتماعية أكدال-الرباط،
جامعة محمد الخامس ،السنة الجامعية .1996-1995
✓ محمود كامل محمد كمال " :التنمر اإللكتروني وتقدير الذات لدى عينة من الطالب
المراهقين الصم وضعاف السمع -دراسة سيكومثرية إكلينيكية" ،رسالة مقدمة
للحصول على درجة الماجستير في الترب ية ،جامعة طنطا ،كلية التربية ،قسم الصحة
النفسية1434 ،ه2018/م.
✓ مراد بنار " :الجرائم المرتكبة عبر الوسائط اإللكترونية " ،رسالة لنيل شهادة الماستر
في القانون الخاص تخصيص العلوم الجنائية واألمنية ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،جامعة القاضي عياض مراكش ،السنة الجامعية -2018
.2021
✓ نبيل مالكية " :المسؤولية الجنائية :مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية
ماستر ،تخصص قانون جنائي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،جامعة
عباس لغرور خنشلة .2017-2016
✓ نجبب بروال ":األساس القانوني للمس ؤولية الجنائية عن فعل الغير " ،مذكرة مقدمة
لنيل شهادة الماجستير في العلوم القانونية تخصص علم اإلجرام وعلم العقاب ،جامعة
الحاج لخضر باتنة ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،السنة الجامعية
.2013-2021
116
❖ المقاالت :
✓ أحمد عبد الاله عبد الحميد عبد الرحيم المراغي ":المسؤولية الجنائية لمقدمي خدمات
اإلنترنيت -دراسة تحليلية خاصة لمسؤولية مزودي خدمات االتصاالت اإللكترونية-
" ،مقال منشور بمجلة حقوق حلوان للدراسات القانونية واالقتصادية ،اإلصدار،2812
لم يتم ذكر السنة.
✓ أحمد علي الدروبي ":مواقع التواصل االجتماعي وأثرها على العالقات االجتماعية
" ،مقال منشور بالمجلة العربية للنشر العلمي ،العدد األول.2018 ،
✓ إدريس كسيكس ،فاضمة آيت موسى ،سلمى بوشيبة ":العنف ضد النساء في ضوء
القانون وسياق الجائحة –وثيقة توجيهية –" ،مركز األبحاث إكونوميا،Economia
سنة النشر .2021
✓ آمال فكيري " :إشكاالت اإلثبات واالختصاص في جرائم تكنولوجيا اإلعالم واالتصال
العابرة للحدود" ،مقال منشور بمجلة العلوم القانونية والسياسية ،عدد ،17يناير
.2018
✓ برمضان الطيب " :المسؤولية الجنائية في الفقه اإلسالمي والقانون الجزائري" ،مقال
منشور بمجلة المعيار ،المجلد ،2العدد .2021 ،01
✓ بن حليمة سعاد ":الحماية الجنائية من الجرائم الماسة بالشرف المرتكبة داخل الفضاء
الرقمي " ،مقال مقدم بمناسبة المؤتمر الدولي االفتراضي انعكاسات التطور
التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام 17و 18أبريل ،2021منشور
بمجلة إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية
واالقتصادية برلين /ألمانيا ،الجزء الثاني.
✓ ثناء هاشم محمد " :واقع ظاهرة التنمر اإللكتروني لدى طالب المرحلة الثانوية في
محافظة الفيوم وسبل مواجهتها -دراسة ميدانية ،"-مقال منشور بمجلة جامعة الفيوم
للعلوم التربوية والنفسية ،العدد الثاني عشر ،الجزء الثاني.2019 ،
117
✓ جمال زين العابدين أمين محمد ":االختصاص القضائي وإجراءات التحقيق في الجرائم
اإللكترونية " ،مقال منشور بمجلة مستقبل العلوم االجتماعية ،العدد الرابع ،يناير
.2021
✓ جواهر علي األميري ":جريمة القذف والسب عبر وسائل تقنية المعلومات " ،مقال
منشور بالمجلة األكاديمية لألبحاث والنشر العلمي ،االصدار الرابع عشر.2020 ،
✓ حامدة الفيدة " :دور القضاء المغربي في مواجهة اإلجرام اإللكتروني ضد المرأة "،
مقال منشور بمجلة قراءات علمية في األبحاث والدراسات القانونية واإلدارية ،العدد
الخامس ،يوليوز .2021
✓ خالد موسى توني " :المواجهة الجنائية لظاهرة التسلط اإللكتروني في التشريعات
الجنائية المقارنة " ،مقال منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون بطنطا ،العدد ،31
الجزء األول ،يناير .2016
✓ سام محمد السيد محمد ":مفهوم االستضعاف وأثره في السياسة الجنائية المعاصرة
" ،مقال م نشور بمجلة الدراسات القانونية ،كلية الحقوق ،جامعة اسيوط ،العدد ،43ج
الثالث ،2018 ،ص .396
✓ سجى عمر شعبان آل عمرو " :العنف الرقمي الشكل الحديث للعنف ضد المرأة
والحماية القانونية لها" ،ورقة بحثية مقدمة إلى الندوة اإللكترونية العلمية الدولية في
مركز الدراسات اإلقليمية (العنف ضد المرأة وآليات الحماية) ،جامعة الموصل،
.2020
✓ سحر فؤاد /مجيد النجار ":جريمة التنمر اإللكتروني -دراسة مقارنة في القانون
العراقي واألمريكي ،" -مقال منشور بالمجلة األكاديمية للبحث القانوني ،المجلد ،11
العدد .04
✓ سعيد الوردي ":التنمر اإللكتروني " ،مداخلة ألقيت بمناسبة المؤتمر الدولي
االفتراضي األول حول التكنولوجيا التعليم والقانون ،األربعاء 26يناير .2022
118
✓ صابرين ناجي طه " :المسؤولية الجزائية الناشئة عن التنمر اإللكتروني " ،مقال منشور
بمجلة جامعة تكريت للحقوق ،السنة السادسة ،المجلد ،6العدد ،2الجزء .1
✓ صخر أحمد الخصاونه /سهل علي العتوم ":دور وسائل التواصل االجتماعي في نشر
خطاب الكراهية من وجهة نظر الصحفيين األردنيين – دراسة ميدانية ،"-مقال منشور
بمجلة الجامعة اإلسالمية للدراسات الشرعية والقانونية.vol29,No.1,2021 ،
✓ عبد العالي خالد " :جرائم االبتزاز الجنسي بالمغرب وسؤال التأطير والحماية" مقال
منشور بجريدة االتحاد االشتراكي ،تم االطالع عليه على الموقع التالي:
. https://www.maghress.com/alittihad/1251196
✓ عيسى علي " :المسؤولية الجزائية عن فعل الغير في الجرائم البيئية" ،مقال منشور
بمجلة العلوم السياسية والقانون ،المجلد ،3العدد ،2019 ،13المركز الديمقراطي
العربي – ألمانيا –برلين.
✓ فؤاد بن صغير " :مقدمات في القانون اإللكتروني المغربي" ،مقال منشور على الموقع
اإللكتروني التالي. https://www.google.com/amp/s/satv.ma :
✓ كمال سيد عبد الحليم محمد نصر " :جريمة التنمر وعقوبتها في الشريعة والقانون "،
مقال منشور بمجلة كلية الشريعة والقانون ،جامعة األزهر فرع أسيوط ،العدد الرابع
والثالثون ،اإلصدار األول ،يناير ،2022الجزء الثالث.
✓ مزيتي فاتح – دالج محمد الخضر " :حماية األطفال من االستغالل عبر شبكات
التواصل االجتماعي في المواد اإلباحية" ،مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي
االفتراضي انعكاسات التطور التكنولوجي على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام
17و 18أبريل ، 2021منشور بالمركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية
والسياسية واالقتصادية ألمانيا /برلين ،الجزء الثاني.
✓ نجاعي سامية " :تكنولوجيا اإلعالم واالتصال الحديثة ودورها في نشر الجرائم
اإللكترونية-الفيس بوك نموذجا "-مقال مقدم بمناسبة وقائع المؤتمر الدولي االفتراضي
انعكاسات على حق اإلنسان في السالمة الجسدية أيام 17و 18أبريل ،2021منشور
119
بمجلة إصدارات المركز العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية
ألمانيا /برلين ،الجزء الثاني.
✓ نوال وسار ":التنمر اإللكتروني في الجزائر بين حرية التعبير وانتهاك الخصوصية
" ،مقال منشور بمجلة الرسالة للدراسات والبحوث اإلنسانية ،المجلد ،6العدد ،3
يوليوز .2021
✓ ياسر محمد هللا معي " :المواجهة الجنائية لظاهرة التنمر اإللكتروني في ضوء السياسة
التشريعية الحديثة -دراسة مقارنة ،"-مقال منشور بمجلة روح القوانين ،العدد الخامس
والتسعون ،إصدار يوليوز .2021
✓ يمينة المدوري ":التنمر اإللكتروني – مقاربة مفاهيمية ،" -مقال منشور بمجلة التكامل
في بحوث العلوم االجتماعية والرياضية ،المجلد ،5العدد 21 ،2دجنبر.2021 ،
✓ يوسف سعد الدين " :المسؤولية الجنائية الناشئة عن التنمر" ،مقال منشور بمجلة
سوهاج للشباب الباحثين ،مجلد .)4(2
✓ يوسف قجاج ":الجريمة اإللكترونية وإشكالية االختصاص القضائي– مكان ارتكاب
الجريمة نموذجا ،"-قراءة في قرار محكمة النقض عدد 7/233في الملف الجنحي
عدد 2017/7/6/14280الصادر بتاريخ .2018/02/14
❖ محاضرات :
✓ نبيل مالكية " :المسؤولية الجنائية :مجموعة محاضرات ألقيت على طلبة السنة الثانية
ماستر ،تخصص قانون جنائي ،كلية الحقوق والعلوم السياسية قسم الحقوق ،جامعة
عباس لغرور خنشلة .2017-2016
120
❖دراسات :
✓ حنان بنت شعشوع الشهري“ :أثر استخدام شبكات التواصل اإللكتروني على العالقات
اإلجتماعية – الفيس بوك وتويتر نموذجا " -دراسة ميدانية على عينة من طالبات
جامعة عبد العزيز بجدة ،جامعة الملك عبدا لعزيز ،كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية،
1433ه.
❖ القوانين :
✓ دستور المغرب لسنة .2011
✓ القانون الجنائي المغربي .
✓ قانون االلتزامات والعقود المغربي.
✓ قانون العقوبات المصري .
✓ قانون العقوبات الفرنسي .
✓ القانون رقم 103.13المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء.
✓ القانون رقم 42.10المتعلق بقضاء القرب.
✓ القانون رقم 2.00المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة.
121
✓ Smith.J.T wenlow,S & hoover,D(1999), victims and bystanders :
A method of in school intervention and possible parental
contributions, children psychiatry and human.
❖ARTICLE :
✓ Alison V. King, Constitutionality of Cyberbullying Laws: Keeping
the Online Playground Safe for Both Teens and Free Speech, 63
Vanderbilt Law Review 845 (2019) Available at:
https://scholarship.law.vanderbilt.edu/vlr/ vol63/iss3/6.
✓ Committe for children, 2003, steps to respect: Preview of
researche, Article pdf.
✓ Jurate kuklyte, cyber sexual harassment asicts development
consequences: A review, Article posted in European journal Business
science and technology, Volume: 4, issue 2, issn 2336- 6494.
✓ Megan Meier Cyberbullying Prevention
Act,H,R.111thcom.(2009) https://www.congress.gov/bill/111th-
congress/house-bill/1966/text.
✓ Ron Roesch, Cyberbullying: Is Federal Criminal Legislation the
Solution,Article in Canadian Journal of Criminology and Criminal
Justice/La Revue canadienne de criminologie et de justice pénale ·
October 2015.
✓ Shannon Noonan, Ian Fraser,CYBER-BULLYING AND THE LAW:
ARE WE DOING ENOUGH?,Article in The American Association of
122
Behavioral and Social Sciences Journal (The AABSS Journal, 2013,
Volume 17).
❖Thèses:
✓ Nadia L'Espérance: La peur du crime chez les aînés: des facteurs
psychologiques prédisposants, Thèse, Université du Québec à
Trois-Rivières, 2011.
❖ Mémoires:
❖Articles:
✓ Pralus Dupuy, le harcèlement sexuel, commentaire de
l’article 222-23 du nouveau code pénal et de la loi 92- 1179
123
du 02 novembre 1992 relative à l'abus d'autorité en matière
sexuelle dans les relations de travail et modifiant le code
du matériel et le code de procédure pénale, 1993.
✓ RENUCCI (jean-francois), Le droit penal des mineurs entre
son passé et son avenir, R. S. C. 2000, p. 79 et ss, NERAC-
CROISIER (Roselyne), Droit penal et mineur victime,
Indifference ou protectionnisme? In "La protection
judiciaire du mineur en danger, L' Hamattan, paris, 2000.
✓ Stella Bresciani: Le harcèlement moral par les images et les
représentation, Cahiers du Brésil Contemporain, 2004,
n°55/56, pp.11-22.
:❖المواقع االلكترونية
منشور،كيف تعرف األمم المتحدة الظاهرة التي تهدد الشباب...✓ التنمر اإللكتروني
https://www.alroeya.com/60- :التالي اإللكتروني الموقع على
. 64/2223278-%25
: مقال منشور على الموقع اإللكتروني التالي،✓ التنمر يحدث للجميع ويوقعه الجميع
https://www.unicef.org/egypt/ar/bullying
مقال منشور على الموقع، التنمر االلكتروني في عصر الكورونا،✓ رفعت بدر
:التالي
.https://abouna.org/abouna-opinion/
124
: معجم عربي عربي متوفر على الموقع اإللكتروني التالي،✓ معجم المعاني الجامع
https://www.almaany.com/ar/dict/ar-
/ar/%D8%AA%D9%86%D9%85%D8%B1
❖Webographie:
✓ https://www.localsolicitors.com/criminal-guides/the-law-on-
cyberbullying
✓ https://www.rayburntours.com/blog/2022/02/01/safer-
internet-day-2022/
✓ https://www.canada.ca/en/public-safety-
canada/campaigns/cyberbullying.html
✓ https://www.kruselaw.ca/library/bill-c-13-canada-s-new-
cyberbullying-legislation-kruse-law.cfm
125
الفهرس:
مقدمة1 .................................................................................................... :
الفصل األول :التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المغربي 16 ..................................
المبحث األول :المقاربة القانونية ألفعال التنمر اإللكتروني 18 .......................................
المطلب األول :األشكال العامة للتنمر اإللكتروني 19 ..................................................
الفقرة األولى :التنمر اإللكتروني في إطار السب والقذف 20 .........................................
الفقرة الثانية :التنمر اإللكتروني الشكل الحديث لجريمة التمييز 29 .................................
المطلب الثاني :أشكال التنمر اإللكتروني الواقع على بعض الفئات الخاصة 32 ....................
الفقرة األولى :التنمر اإللكتروني ضد النساء 33 .......................................................
الفقرة الثانية :التنمر ضد األطفال 40 ....................................................................
المبحث الثاني :المسؤولية الجنائية واالختصاص القضائي في جرائم التنمر اإللكتروني 45 .....
المطلب األول :أحكام المسؤولية الجنائية الناشئة عن أفعال التنمر اإللكتروني 46 ................
الفقرة األولى :المسؤولية الجنائية الشخصية عن أفعال التنمر اإللكتروني47 .....................
الفقرة الثانية :المسؤولية الجنائية المفترضة الناشئة عن التنمر اإللكتروني 52 ..................
المطلب الثاني :االختصاص القضائي في جريمة التنمر اإللكتروني 58 .............................
الفقرة األولى :مبدأ إقليمية النص الجنائي في جرائم التنمر اإللكتروني 59 ........................
الفقرة الثانية :تنازع االختصاص القضائي في أفعال التنمر اإللكتروني63 .........................
الفصل الثاني :التنمر اإللكتروني في التشريع الجنائي المقارن 66 ..................................
المبحث األول :التنمر اإللكتروني على ضوء التشريعات األجنبية 67 ...............................
المطلب األول :التنمر االلكتروني في التشريع األنجلوسكسوني 68 ..................................
الفقرة األولى :التنمر االلكتروني في التشريع األمريكي 70 ...........................................
الفقرة الثانية :التنمر اإللكتروني في التشريع االنجليزي والكندي 76 ...............................
المطلب الثاني :التنمر االلكتروني في التشريع الالتيني 80 ...........................................
الفقرة األولى :صور جريمة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي 81 ...........................
الفقرة الثانية :عقوبة التنمر االلكتروني في التشريع الفرنسي 86 ..................................
126
المبحث الثاني :التنمر اإللكتروني في التشريعات العربية 89 .........................................
المطلب األول :أركان جريمة لتنمر اإللكتروني في التشريع المصري 90 ...........................
الفقرة األولى :الركن الشرعي والمادي لجريمة التنمر اإللكتروني 91 ..............................
الفقرة الثانية :الركن المعنوي في جريمة التنمر اإللكتروني 96 .....................................
المطلب الثاني :عقوبة التنمر اإللكتروني في التشريع المصري 100 ...............................
الفقرة األولى :عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها البسيطة100 .......................
الفقرة الثانية :عقوبة جريمة التنمر اإللكتروني في صورتها المشددة 101 .......................
خاتمة109 ................................................................................................. :
الئحة المراجع112 ....................................................................................... :
الفهرس126 .............................................................................................. :
127