You are on page 1of 351

‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الــنــــــــــــــاشـــــــــر‪:‬‬
‫املركز الديمقراطي العربي‬
‫للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫أملانيا ‪ /‬برلين‬

‫‪Democratic Arab Center‬‬


‫‪For Strategic, Political & Economic Studies‬‬
‫‪Berlin / Germany‬‬

‫ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه‬


‫في نطاق استعادة املعلومات أو نقله بأي شكل من ألاشكال‪ ،‬دون إذن مسبق خطي من الناشر‪.‬‬
‫جميع حقوق الطبع محفوظة‬

‫‪All rights reserved‬‬


‫‪No part of this book may be reproduced, stored in a retrieval system, or transmitted in‬‬
‫‪any form or by any means, without the prior written permission of the publisher.‬‬

‫املركز الديمقراطي العربي‬


‫للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية أملانيا‪/‬برلين‬

‫‪Tel: 0049-code Germany‬‬


‫‪030-54884375‬‬
‫‪030-91499898‬‬
‫‪030-86450098‬‬

‫البريد إلالكتروني‬
‫‪book@democraticac.de‬‬

‫‪1‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مجلة‬
‫الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫‪Journal‬‬
‫‪Of Strategic and Military Studies‬‬

‫دورية علمية دولية محكمة‬


‫الرقم التسلسلي املعياري‬
‫‪Nationales ISSN-Zentrum für Deutschland‬‬
‫‪ISSN (ONLINE) 2626-093X‬‬
‫مجلة الدراسات إلاستراتيجية والعسكرية مجلة دولية محكمة ثالثية تصدر عن املركز الديمقراطي‬
‫العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية أملانيا‪/‬برلين‪.‬‬

‫تعنى املجلة في مجال البحوث املتعلقة بموضوعات الدراسات إلاستراتيجية والعسكرية وألامنية‬
‫والجيوسياسية‪ ،‬وفي مجال العالقات الدولية‪ ،‬وقضايا التخطيط الاستراتيجي للتنمية‪ ،‬وإعداد وتهيئة‬
‫ْ‬
‫املجال والحكامة الترابية‪ ،‬واملواضيع املتعلقة بوضع السياسات والبرامج وتقييمها‪ِ ،‬إن في املجال‬
‫الاقتصادي واملالي أو في املجال الاجتماعي‪ ،‬سواء كانت هذه القضايا ذات بعد وطني‪ ،‬إقليمي أو دولي؛‬
‫إضافة إلى البحوث في العلوم إلانسانية والاجتماعية‪.‬‬

‫تصدر املجلة بشكل دوري ولها هيئة علمية دولية فاعلة تشرف على عملها وتشمل مجموعة كبيرة‬
‫ألفضل ألاكاديميين من عدة دول‪ ،‬حيث تشرف على تحكيم ألابحاث الواردة إلى املجلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتستند املجلة إلى ميثاق أخالقي لقواعد النشر فيها‪ ،‬وإلى الئحة داخلية تنظم عمل التحكيم‪ ،‬كما‬
‫تعتمد مجلة الدراسات إلاستراتيجية والعسكرية في انتقاء محتويات أعدادها املواصفات الشكلية‬
‫ّ‬
‫واملوضوعية للمجالت الدولية املحكمة‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬


‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬

‫رئيس املركز الديمقراطي العربي‪ :‬أ‪ .‬عمار شرعان‬

‫رئيس التحرير‪ :‬د‪ .‬عبد القادر التايري‬

‫نائب رئيس التحرير‪ :‬د‪ .‬خالد شيات‬

‫مدير التحرير‪ :‬دة‪ .‬ليلى الرطيمات‬

‫ضبط وتدقيق‪ :‬د‪ .‬يوسف بليط ود‪ .‬محمد الحسني‬

‫رئيس اللجنة العلمية‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬جمال ابراهيم‬


‫الطبعة ألاولى‬
‫مارس‪ /‬آذار ‪ 2022‬م‬
‫البريد الالكتروني للمجلة‪:‬‬
‫‪strategy@democraticac.de‬‬
‫‪International Standard Serial Number‬‬
‫‪ISSN (ONLINE) 2626-093X‬‬

‫‪3‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اللجنة العلمية‬
‫رئيس اللجنة العلمية‪:‬‬
‫‪ ‬أ‪.‬د‪ .‬جمال ابراهيم‪ ،‬عميد القبول والتسجيل والامتحانات‪ ،‬جامعة القدس املفتوحة‪ ،‬فلسطين‬

‫أعضاء اللجنة العلمية‪:‬‬


‫‪ ‬د‪ .‬خالد شيات‪ ،‬أستاذ العالقات الدولية‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬دة‪ .‬ليلى الرطيمات‪ ،‬أستاذة باحثة في العالقات الدولية والقانون العام‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫والسياسية‪ ،‬جامعة الحسن ألاول‪ ،‬سطات ‪-‬املغرب‬
‫‪ ‬دة‪ .‬مليكة الزخنيني‪ ،‬أستاذة باحثة في العالقات الدولية‪ ،‬جامعة السلطان موالي سليمان بني مالل‪،‬‬
‫املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬يـوسـف كريــم مختبر ألابحاث القانونية والسياسية والاقتصادية‪ ،‬الكلية املتعددة التخصصات‬
‫تازة‪ -‬جامعة فاس‪ .‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬فؤاد الربع‪ ،‬باحث في القانون والعالقات الدولية‪ ،‬مركز الشرق للدراسات وألابحاث‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬مصطفى سدني‪ ،‬مختبر‪ :‬حسن ألاداء في القانون الدولي واملقارن‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫والاقتصادية والاجتماعية السويس ي بالرباط‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمد حيتومي‪ ،‬أستاذ باحث في علم الاجتماع‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ -‬تطوان‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمد أحميان‪ ،‬أستاذ باحث في التاريخ‪ ،‬كلية آلاداب والعلوم إلانسانية‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪،‬‬
‫وجدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد العزيز بن لحسن‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬معهد الدراسات إلافريقية‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد الواحد بوبرية‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬الكلية متعددة التخصصات‪ ،‬تازة‪ ،‬جامعة فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬محمد عسيوي‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ -‬تطوان‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬علي بوخلخال‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة عمار ثليجي‪ ،‬ألاغواط‪ ،‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬نسيم بلهول‪ .‬أستاذ التعليم العالي في العلوم السياسية‪ .‬جامعة البليدة ‪ .2‬الجزائر‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬إدريس آيت الشيخ‪ ،‬أستاذ باحث في العلوم السياسية‪ ،‬معهد الدراسات الافريقية‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عال الحسين‪ ،‬أستاذ باحث في الاقتصاد‪ ،‬املدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية‪ ،‬جامعة فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬باهني عبد الكبير أستاذ باحث في الجغرافية البشرية والتنمية‪ ،‬املعهد الجامعي للبحث العلمي‪،‬‬
‫جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬موس ى املالكي‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬د‪ .‬عبد النور صديق‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد الحق البكوري‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عزي هرو‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬لبيــد عمــاد‪ ،‬أستاذ محاضر قسم أ‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬
‫جامع ــة محمــد ملين دباغي ــن سطيف ‪ ، 2‬الجزائر‬
‫‪ ‬د‪ .‬حازم محفوظ‪ ،‬خبير بوحدة العالقات الدولية بمركز ألاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية‪،‬‬
‫مصر‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد الحق الصدق‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬بلباي إكرام‪ ،‬أستاذ محاضر قسم أ‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬جامع ــة عبد الحميد بن‬
‫باديس‪ ،‬مستغانم‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ‬د‪ .‬فاطمة الزهراء عزيزي‪ ،‬أستاذة باحثة في الاقتصاد‪ ،‬معهد الدراسات الافريقية جامعة محمد‬
‫الخامس الرباط‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬خديجة بوتخيلي‪ ،‬أستاذة باحثة في العالقات الدولية‪ ،‬كلية العلوم القانونية والاقتصادية‬
‫والاجتماعية سال‪ ،‬جامعة محمد الخامس الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬إدريس بلعابد‪ ،‬أستاذ باحث في التاريخ‪ ،‬املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين‪ ،‬وجدة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪.‬عبد الهادي أحمد عبد الكريم محاضر‪ ،‬كلية العلوم التربوية‪ ،‬جامعة أنجمينا – تشاد‬
‫‪ ‬د‪ .‬سليمان حامدون حرمة منسق شعبة التنمية املحلية كلية آلاداب والعلوم إلانسانية جامعة‬
‫نواكشوط العصرية‪ ،‬موريتانيا‬
‫‪ ‬د‪ .‬مصطفى أعفير‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬الكلية متعددة التخصصات بتازة‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد‬
‫هللا‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬فيصل فاتح‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬القنيطرة‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬دة‪ .‬شيرين جابر باحث أول بمركز الدراسات الاستراتيجية بمكتبة إلاسكندرية‪ ،‬مصر‪.‬‬
‫‪ ‬دة‪ .‬بشرى عبد الكاظم عبيد‪ ،‬باحثة في الجغرافيا السياسية‪ ،‬وزارة التربية العراقية‪ ،‬العراق‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد الرحيم فراح‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬امحمد موساوي‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬املركز الجهوي ملهن التربية والتكوين‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬رضوان بريول‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬الكلية متعددة التخصصات بتازة‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪،‬‬
‫فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬هشام املكي‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪ ،‬فاس‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬عبد السالم ألاشهب‪ ،‬أستاذ باحث‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬د‪ .‬ديمة عبد هللا أحمد‪ ،‬أستاذ مساعد‪ ،‬الجامعة العراقية‪ ،‬كلية التربية للبنات‪ ،‬بغداد‪ ،‬العراق‬

‫‪5‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدر اسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬د‪ .‬الرواص بدر الدين‪ :‬دكتوراه في الجغرافيا الاستراتيجية‪ ،‬جامعة عبد املالك السعدي‪ ،‬تطوان‪،‬‬
‫املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬ميثم منفي كاظم العميدي‪ :‬أستاذ مساعد دكتور‪ ،‬قسم القانون‪ ،‬أقسام بابل‪ ،‬جامعه الكاظم‪،‬‬
‫العراق‬
‫‪ ‬د محمد عصام لعروس ي‪ ،‬أستاذ العالقات الدولية باألكاديمية الدبلوماسية بأبو ظبي‪ ،‬مدير سابق‬
‫للبحوث والدراسات بمركز تريندز‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‬
‫‪ ‬دة‪ .‬بثينة حساني‪ ،‬أستاذة ألادب الفرنس ي‪ ،‬كلية آلاداب والعلوم إلانسانية‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪،‬‬
‫وجدة‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬الهاشمي عقاوي‪ ،‬أستاذ ألادب ألانجليزي‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬دة‪ .‬امال بن صويلح أستاذة محاضرة تخصص حقوق جامعة ‪ 8‬ماي ‪ 5491‬قاملة‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ ‬د‪ .‬منير إبراهيم‪ ،‬باحث في القانون‪ ،‬مركز الشرق للدراسات وألابحاث‪ ،‬املغرب‬
‫‪ ‬د‪ .‬أحمد املرابطي‪ ،‬دكتور في القانون الدولي والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا‪،‬‬
‫املغرب‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاست راتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫المحتويات‬

‫الصفحة‬ ‫اليقال‬

‫‪9‬‬ ‫د‪ .‬محمد بمخيواض‬


‫التسريبات االستخبارية بين الدافع األخالقي والخداع االستخباري‬

‫‪23‬‬ ‫د‪ .‬علي محمد سعيد عبد املجيد محمد سعيد‬


‫أثر الثورات على السياسات األمنية‪ :‬دراسة حالة السودان‬

‫د‪ .‬عبد العالي حور‬


‫‪39‬‬ ‫األمن االسساسي ومستويات األمن الوننية واقإقلييية والدولية‪:‬دراسة في‬
‫اليفاهيم والتيفصالت‬

‫د‪ .‬فتحى فتحى جادهللا الحوش ي‬


‫‪59‬‬ ‫الهجوم الروسي على أوكراسيا هل هو تهديد للسلم واألمن الدوليين أم‬
‫دفاع عن النفس؟‬

‫د‪ .‬محمد بن سعيد الفطيس ي‬


‫‪84‬‬ ‫الحديثة‬ ‫االتجاهات‬ ‫في‬ ‫الينظيةدراسة‬ ‫والعشوائية‬ ‫السهلة‬ ‫األهداف‬
‫الستراتيجيات التنظييات االرهابية في اختيار أهدافها النوعية لعيلياتها‬
‫اليستقبلية‬

‫د‪ .‬الصافي عبد الرزاق‪ ،‬د‪ .‬خليل السعداني و د‪ .‬محمد معروف الدفالي‬
‫‪99‬‬
‫السياق التاريخي لفرض سظام الحياية على اليغرب عام ‪9991‬‬

‫د‪ .‬عدة الشركي‬


‫‪118‬‬ ‫واليتغيرات‬ ‫الدولي‬ ‫القاسون‬ ‫مقتضيات‬ ‫البرسامج النووي اقإيراسي بين‬
‫الجيوبولتيكية الدولية واقإقلييي‬

‫‪150‬‬ ‫د‪ .‬محمد الطيار‬


‫نبيعة وأصناف الجريية الينظية في منطقة الساحل اقإفريقي‬

‫‪162‬‬ ‫د‪ .‬عماد الدين حسين بحر الدين عبد هللا‬


‫إسرائيل في إفريقيا‬

‫‪173‬‬ ‫د‪ .‬امراني علوي حافظ‬


‫مبادئ ونرق إبرام الصفقات العيومية باليغرب‬

‫‪7‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫د‪ .‬الشرقاوي الروداني‬


‫‪186‬‬
‫الصراع اقإثيوبي‪:‬التأثيرات الداخلية واألبعاد الجيوسياسية ‪99‬‬

‫د‪ .‬عبد هللا مباركي‬


‫‪193‬‬
‫اليعالم الجديدة للهجرة باليغرب‪ :‬االسدماج االجتياعي والهجرة االمنة‬

‫د‪ .‬بن ترار محمد‬


‫‪212‬‬
‫تطور العيل الثوري بالوالية الخامسة ودورها في دعم الثورة التحريرية‬
‫الجزائرية‬

‫د‪ .‬لحسن الصديق‬


‫‪232‬‬
‫اقإعاقة الذهنية وسبل التربية الدامجة‪ ،‬مقاربة سوسيوـ تاريخية‪.‬‬

‫د‪ .‬صديقي خالد‪ ،‬د‪ .‬صديقي عبد الخالق‬


‫‪245‬‬ ‫التوسع الحضري بيدينة مكناس واسعكاساته اليجالية وحتيية اقإستقال إلى‬
‫اليراكز الضاحوية الريفية ( اليغرب)‬

‫د‪ .‬زهير محمد عبد العاطي مسعود‬


‫‪263‬‬ ‫مشكالت الحدود اقإدارية لبعض البلديات في منطقة الجبل األخضر خالل الفترة‬
‫(‪ 1199/91/19‬إلى ‪)1111/6/19‬‬

‫د‪ .‬امحمد عزيز‪:‬‬


‫‪281‬‬
‫متطلبات الحكامة في التنيية الترابية باليغرب‬

‫د‪ .‬ابراهيم امليموني‬


‫‪297‬‬ ‫التغايرية اليناخية وصيود األوساط البيئية الهشة باليغرب‪ :‬حالة واحات‬
‫درعة العليا والوسطى‬

‫‪Sommaire‬‬

‫‪Article‬‬ ‫‪Page‬‬

‫‪Mohammed Anouar AINOUZ - Aissa EL BOUZIDI‬‬


‫‪La dépollution des sols des pesticides dans la commune de Mnasra‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪selon le concept du développement durable‬‬

‫‪AMIRY Younes‬‬
‫‪Communes territoriales entre les stratégies d'intervention Et les‬‬
‫‪enjeux Du développement durable Dans les centres émergents des‬‬ ‫‪62‬‬
‫‪Doukkala Cas Moulay Abdallah, Oualidia, Sidi Ismail et et Arbaa‬‬
‫‪laaounate‬‬

‫‪8‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫التسريبات الاستخبارية بين الدافع ألاخالقي والخداع الاستخباري‬


‫ املغرب‬،‫محمد بمخيواض باحث مستقل في شؤون الاستخبار وإلاعالم ألامني‬
‫مستخلص تنفيذي‬

‫ لكن هذه السرية تصطدم في بعض ألاحيان بتسريب‬،‫تتصف عمليات وأدوات اشتغال أجهزة الاستخبارات بالسرية والغموض‬
‫ ويهدد سالمة‬،‫ وأن تسريبها يقوض عملها ويحد من نشاطها‬..‫ملعلومات ومعارف تعدها ألاجهزة الاستخبارية مصنفة سرية أو فائقة السرية‬
‫ لكن في املقابل هناك من‬.‫املسرب حق املجتمع في املعرفة وإلاخبار‬
ِّ ‫ في حين يعتبرها‬..‫ ويعري محطاتها ويكشف توزيعها‬،‫موظفيها وعمالئها‬
.‫يعتبرها مجرد تفعيل عملياتي مقصود وهندسة تشغيلية مدروسة يخدمان مصالح الجهاز ويهيئان له بيئة محسنة لالشتغال والتنفيذ‬

‫ مزودين باملنهجين التاريخي والوصفي التحليلي؛ حيث قدمنا فيه موجزا‬،‫يروم هذا البحث إلى مساءلة عملية التسريب الاستخباري‬
‫ ومعرجين على‬.‫ كما ارتأينا إمداد البحث بمجموعة من املصطلحات ذات الصلة‬.‫تاريخيا لبعض من عمليات التسريب الاستخباري وغيره‬
‫ عدها فقاعات‬،‫ هل هي مرتبطة بنهج استخباري إما عملياتي تشغيلي أو تعبوي تكتيكي؛ ومن ثم‬،‫ذكر أسباب ودوافع هذه التسريبات‬
‫ أم كان محفزها ذو بعد أخالقي‬،‫اختبارية لقراءة استباقية لردود الفعل وتهيئي املجتمعين املحلي والدولي لغرض ما أو الضغط على جهة ما‬
.‫املسرب؟ كما ناقشنا القيمة الحقوقية والقانونية لهذه التسريبات الاستخبارية‬
ِّ ‫وحقوقي وثورة فكرية بنيوية نقذها‬

:‫كلمات داللية‬

‫جهاز الاستخبارات ـ ألامن الوطني وألامن القومي ـ ألاسرار ألامنية والدفاعية للدولة ـ إفشاء سر منهي ـ أمن املعلومات ـ نظرية املؤامرة ـ الحق‬
.‫في املعلومة ـ الخيانة ـ التجسس‬

Intelligence leaks between moral motive and intelligence deception

Executive extract

The operations and tools of the intelligence services are characterized by secrecy and ambiguity. But sometimes, this secrecy
collides with the leakage of information and knowledge that the intelligence services consider as classified or top secret, the
thing that undermines their work and limits their activities, threatens the safety of their employees and customers, and
exposes their stations and reveals their distribution. In one hand, the leaker considers the leakage as the society’s right to
know and to be informed, on the other hand, there are those who consider it as just a deliberate operational activation and a
thoughtful operational engineering that serve the interests of the service and create an improved environment for it to operate
and implement.

This research aims to question the intelligence leakage process, provided by both historical and descriptive analytical
methods. We presented a historical summary of some of the intelligence leaks operations. We also decided to provide the
research with a set of related terms and mention the reasons and motives of these leaks, whether they are related to an
intelligence approach, or an operational or a tactical one, and then considering them as “test bubbles” for a proactive reading
of the reactions and a preparation of the local and international communities for a purpose or making pressure on some parts.
Another motive would be moral and legal, and a structural intellectual revolution that the leaker wanted it to happen. We also
discussed in this research the juridical and legal value of these intelligence leaks.

9 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪Keywords:‬‬

‫‪Intelligence Service, National Security, Security and Defense Secrets of the State, Disclosure of a Professional Secret,‬‬
‫‪Information Security, Conspiracy Theory, Right to Information, Treason, Espionage.‬‬

‫مقدمة‬
‫إن عمليات تسريب معلومات أو بيانات أو أسرار ليست فعال جديدا على الساحة الدولية وعالئقها‪ ،‬سواء كان‬
‫دافع نياتها نقدي أم اختبار أم فضيحي أم إنذار أم قصدي أم ذاتي‪ ..‬فالوشايات ونقل املعلومات املصنفة ُعرفا منذ أن‬
‫عرف إلانسان قيمة املعلومات وخطورة شأوها ومنفعة جدواها‪ .‬لكن ما يمي‪ ،‬املعلومات بصنوفها ومراتبها القيمية‪ ،‬آنيا‪،‬‬
‫املهول لها بحكم الطفرات املعلومياتية وتطور تقانة الاتصال وجديد وسائله‪ ،‬إضافة إلى الصراع املحتدم‬ ‫هو الانتشار ُ‬
‫على الريادة العاملية والسيطرة على قرار املجتمع الدولي ـ إما بامتالكه أو توجيهيه قسريا ـ بين أقطاب متعددة‪ ،‬قد تكون‬
‫متحالفة‪ ،‬أو متنافسة‪ ،‬أو متناحرة في صمت‪ ،‬وكذا بين كيانات إقليمية تزعم أن القوة تتأتى من طريق إضعاف الجوار‪.‬‬
‫وربما كان أبعاض ألاجزاء والشذرات السرية منها ناتج عن الاختناق ألادبي وألاخالقي اللذين أصابا بنيات الوعي لدى‬
‫املسربين؛ ومن ثم‪ ،‬محاولة منهم للتأكيد على الحق في املعلومة واملعرفة والكشف‪ .‬ومنع أي تغييب للمواطن يجعله‬
‫ِّ‬
‫خارج صوغ السياسات العامة أو جعله مجرد متلفي فقط دون أن يكون عنصرا فاعال في مراقبتها وإظهار العيوب فيها‬
‫وعوارها‪.‬‬
‫قد يبدو أن موضوع التسريبات مر عليه زمن معتبر؛ لكن املصوغ الذي على الجميع معرفته أن ألامر غير مرتبط‬
‫بالزمن‪ ،‬فتأثيرات التسريب لها مآالت متعددة كما لها آماد متنوعة‪ ،‬ونتائج آنية ولحظية ووقتية ومستقبلية‪ ،‬وسيرورة‬
‫تكتيكية وصيرورة استراتيجية‪ ،‬وارتدادات متواصلة عبر الزمن والجغرافية‪ .‬فهذه التسريبات‪ ،‬ألاقرب زمنيا‪ ،‬من 'برادلي'‬
‫و'ويكيليكس' (شأن دبلوماس ي واستخباري) إلى 'أوراق باناما' ووثائق 'باندورا' (قضايا مالية ومالذات ضريبية)‪ ،‬مرورا‬
‫بوثائق 'سنودن' (محتوى استخباري وحقوقي)‪ ،‬وكذا عملية 'سيرلي' بين فرنسا ومصر (انحراف عملياتي حسب التسريب)‪،‬‬
‫وكذلك قد يكون عبارة عن تسريب تقرير داخلي (تقرير 'غمامة حمراء في سماء مدريد' تقرير عن املغرب‪ ،‬وآخر أملاني‬
‫بعنوان 'ال نريد تركيا جديدة في غرب البحر ألابيض املتوسط'‪ ،‬أثار ألاول أنه مقصود في تسريبه‪ ،‬أما الثاني فقد نفت‬
‫الدبلوماسية ألاملانية صلته باالستخبارات ألاملانية)‪ ،‬أو قد يتعلق التسريب بكشف تقديرات استخبارية معيبة وبها عوار‬
‫(أكثر من ‪ 5011‬تقرير معيب تسبب في مقتل املدنيين‪ ،‬البنتاغون‪ ،‬صحيفة نيويورك تايمز ‪ 58‬دجنبر ‪)2125‬؛ دليل من‬
‫حيث الظاهر أنها غير محصورة في مجال وطبيعة الشخص‪ ،‬وال محاصرة بزمن وببقعة جغرافية‪ ،‬ولن تكون آخر‬
‫التسريبات‪.‬‬

‫كما أثار تطبيق الحصان املجنح 'بيغاسوس' (برمجية جوسسية رقمية اختراقية لفك تشفير الهاتف الذكي‪،‬‬
‫ً‬
‫وقد بدأ تسويقها عام ‪ ،2155‬وهي من إنتاج شركة صهيونية توجد في ألاراض ي الفلسطينية املحتلة) لغطا لكون‬
‫استخدامه لم يقتصر فقط على تتبع املجرمين؛ بل انحرف توظيفه عند أبعاض املقتنيين له ملراقبة الناشطين‬
‫الحقوقيين ومعارض ي نظام الحكم واملنافسين السياسيين‪ .‬وكانت ردود الفعل بين من وردت أسماؤهم متباينة؛ من‬
‫النفي املطلق ورفع دعاوي قضائية ضد منافذ إعالمية مع املطالبة بأدلة علمية وتقنية ملموسة (املغرب)‪ ،‬والاعتراف‬
‫باالستخدام في حاالت محدودة (الشرطة ألاملانية)‪ ،‬وإلاقرار بالشراء مع النفي في توظيفه ضد معارضين سياسيين‬
‫‪10‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫(حسب ما أعلن عنه الحزب الحاكم قي بولندا "القانون والعدالة" ‪ )2122‬وما تزال هذه القضية محل جدال قوي في‬
‫بولندا‪ ،‬وبين سكوت وعدم تجاوب واكتراث (إلامارات والسعودية‪ .)...‬وهذه ألامثلة للذكر وليس للحصر‪ .‬وقد أثار هذا‬
‫الحدث فكرة التنافس غير الشريف بين أقطاب الصناعات الرقمية على مستوى برمجيات التتبع والتعقب التسللية‬
‫الخبيثة وتطبيقات املالحقة واملراقبة الاقتحامية امللوثة (تعد هذه البرمجيات والتطبيقات صناعة حربية عسكرية تسلم‬
‫باتفاق رسمي بين أطراف متعددة وترخيص حكومي أو بإذن من قبل جهة أمنية)‪ .‬كما أن مثل هذه البرمجيات الاقتحامية‬
‫تستغل لدعم الاستراتيجية ألامنية لدولة املنشأ أو إحراز مكاسب مصلحية خاصة أو قصد إرضاء طرف‪/‬دولة أو من‬
‫أجل التغطية على قضية ما وتعمية تفاصيلها عن الرأي العام‪ .‬وال يهم دولة املنشأ من يشتري هذه البرمجية‪ ،‬سواء‬
‫دولة ديمقراطية أو حكم هجين أو نظام تسلطي استبدادي‪ .‬رغم أن دولة املنشأ تحاول جاهدة صرف الانتباه والتأكيد‬
‫على أن منتجها ال يباع إال لألنظمة التي تحترم القانون واملؤسسات ومبادئ حقوق إلانسان بدءا من حماية خصوصياتهم‪.‬‬
‫وأنه يوظف فقط في أساليب التحقيق الجنائي الخاصة من قبل هيئات إنفاذ القانون‪.‬‬
‫والجدير بالذكر‪ ،‬أن عدة تسريبات لم َّ‬
‫تحدد الجهة املسؤولة عنها‪ ،‬وكذلك كيفية إلابالغ؛ هل تم من طريق‬
‫تسريب داخلي أم اختراق معلومي خارجي؟ وهل مسلسل الكشف والنفي ما يزال مسترسال؟‬

‫نطاق البحث‬

‫حري بالذكر أن هذا البحث يتناول بصفة حصرا التسريبات الاستخبارية املؤسسية من حيث الدوافع وألاسباب‬
‫والقيمة القانونية ملضمون التسريب‪ ،‬والتي نفذها شخص يعمل في الجهاز الاستخباري أو متعاقد معه وليس من طريق‬
‫اختراق وتسلل طرف خارجي‪ ،‬ولم يتطرق إلى التكييف القانوني الجنائي (خيانة‪ ،‬خيانة عظمى‪ ،‬إفشاء أسرار دفاع الدولة‪،‬‬
‫جريمة مخلة بأمن الدولة الخارجي‪ ،‬استنساخ أسرار الدولة ألامنية بنية إلاضرار بها‪ ،)..‬وال إلى مسطرة املتابعة (مدنية‪،‬‬
‫عسكرية) أو ألاركان املرتبطة باملسؤولية الجنائية‪ ،‬وال إلى الجزاءات والعقوبات املسلطة على مثل هذه النوازل‪ ..‬سواء‬
‫للمسرب أو ناشر التسريب‪.‬‬
‫ِّ‬

‫أهمية البحث‬

‫تكمن أهمية البحث أنه يسدل اللثام عن قضية أمنية استخبارية تتسم بالحسية القصوى ومطبوعة باهتمام‬
‫ُ‬
‫جي‪،‬ال؛ ألنها مرتبطة باألسرار ألامنية للدولة‪ ،‬سواء كانت أسرارا دفاعية أم هجومية‪ .‬وكذلك ألنها تالمس املكنة في‬
‫تصريف الن‪،‬اعات الدولية وتدبير املصالح بكيفيات أخرى‪ .‬كما أنها تش ي بنظرة الدولة للمواطن ولآلخر‪ ،‬سواء كان هذا‬
‫آلاخر دولة أم قيادي أم ناشط حقوقي أم مؤسسة‪/‬شركة‪ .‬وتكشف‪ ،‬كذلك‪ ،‬هواجس الدولة وقصور احتياجاتها‬
‫والخصاص املوجود في بنك معلوماتها‪ .‬وهي أمور تمس مباشرة بسياستها ألامنية وتظهر مخاوفها وتبرز انشغاالتها‬
‫(الاقتصادية‪ ،‬املالية‪ ،‬الدبلوماسية‪ ،‬البحثية‪ ،)...‬كما تعري أدوات وأساليب عملها امليداني والاستقصائي والاستعالمي‪،‬‬
‫وتكشف توزيع محطاتها الاستخبارية الخارجية‪.‬‬

‫كما تظهر أهمية هذا البحث في تناوله للزاوية القانونية للوثائق الاستخبارية املسربة ووقعها القانوني وقيمة‬
‫حجيتها عند التقاض ي ورفع املظالم والتظلمات‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مشكلة البحث‬

‫أثارت التسريبات الاستخبارية عديد التساؤالت‪ ،‬بين مشكك ومرتاب في فحواها وآمادها‪ ،‬وبين مؤكد ومنجذب‬
‫نحو تأكيد مضمونها وشرعية الفعل؛ خاصة عندما تكشف املتواري عن ألافهام ويصطدم محتواها مع انتهاكات حقوقية‬
‫وتجاوزات قانونية‪ .‬ومن ثم‪ ،‬أخذ موضوع التسريبات الاستخبارية حي‪،‬ا جد معتبر‪ ،‬سواء لدى الجهات املعنية‪ ،‬أم في‬
‫القصص الخبرية‪ ،‬أم في التحليالت الرصينة‪ ،‬أم في التجاذب الشعبوي‪.‬‬

‫ينصرف اهتمام البحث إلى مساءلة ومناقشة أسباب التسريب والدوافع املرتبطة بذلك‪ ،‬وكذلك املحرك ألاساس‬
‫له‪ .‬وهل تؤثر املعلومات الواردة فيه على العالئق بين الدول؟ وكيف تدبر الدول أمرها عند تسريب ما؟ وهل هذا التسريب‬
‫تكتيك للضغط على دول معينة أو تكتل إقليمي أو إلثارة انتباه ألاطراف متحالفة لقضية ما؟‬

‫أهداف البحث‬

‫تتجلى أهداف البحث في أنه‪:‬‬


‫‪ ‬ـ يحدد املفاهيم واملصطلحات املرتبطة بالتسريب الاستخباري؛‬
‫‪ ‬ـ يقدم تاريخا موجزا لقضايا التسريب الاستخباري؛‬
‫‪ ‬ـ يناقش فكرة الحق في املعلومة‪ ،‬ومسألة الكشف والحجب؛‬
‫‪ ‬ـ يشرح أسباب التسريبات الاستخبارية وإلابالغ الخارجي والدوافع املسببة لذلك؛‬
‫ُ‬
‫‪ ‬ـ يعطي تحليال وتوصيفا للدوافع املنشئة لفعل التسريب‪ ،‬انطالقا من املتبني لنظرية املؤامرة إلى آلاخذ بمبدأ‬
‫الدافع ألاخالقي؟‬
‫‪ ‬ـ يجيب عن القيمة القانونية للبيانات املسربة (وثائق ورقية‪ ،‬صور‪.)...‬‬

‫أسئلة البحث‬

‫تحمل التسريبات الاستخبارية ـ املوضوع املحصور للبحث ـ طائفة من الاستفهامات والتساؤالت معها؛ منها‪ :‬هل‬
‫دافع التسريب والتبليغ الخارجي هو عدم الثقة في الجهاز ومصالحه الداخلية وفي مسطرة إلابالغ الداخلي والشكوى؟‬
‫املسرب جزءا من خديعة لم يعلم بها؟ أم إن واجبا‬
‫ِّ‬ ‫وهل وقع التسريب بإيعاز من الجهاز الاستخباري نفسه؟ أم كان‬
‫إنسانيا وأخالقيا وقناعة مبدئية كانا وراء هذا الفعل التنفيذي؟ وأيهما أكثر إلحاحا عند تصادم مبرر ألامن الوطني‬
‫واملصلحة العامة‪ ،‬كتمان املعلومة أم إلافصاح عنها؟ وكيف يمكن خلق توازن بين الكشف والتعتيم؟ وأيهما هو‬
‫الاستثناء‪ ،‬التقييد أم الشفافية؟ وهل حكاية 'إدوراد سنودن' املتعاقد مع وكالة ألامن القومي للواليات املتحدة ألامريكية‬
‫(لم يكن موظفا لديها في ثنايا التسريب ظاهريا)‪ ،‬وقصة الجندي 'برادلي مانينغ' و'ويكيليكس وصحف' بريئتان من شبهة‬
‫التضليل والتحايل والتواطؤ أم إن ألامر فيه مخبأ خدعة؟ وملاذا تتكاثر التسريبات في سنوات وتخبو في أخريات؟ وهل‬
‫يختلف التسريب حسب املصدر‪ ،‬من شخص متعاقد 'إ‪ .‬سنودن' وعنصر موظف 'ب‪ .‬مانينغ'؟ وهل تحمل هذه‬
‫التسريبات الحقيقة كاملة أم جزءا منها أم ال ش يء من ذلك؟ وهل تز ُامن التسريبات مع وقائع معينة مجرد صدفة أم‬
‫إنه شأن مخطط له باحترافية وإتقان وأملعية؟ وماذا تفيد كرونولوجية التسريب وتراتبية نشر الوثائق؟ وإذا كانت‬

‫‪12‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ُ‬
‫التسريبات مقصودة‪ ،‬فما هي غائياتها وآمادها؟ وهل تغير التسريبات من الخطط التشغيلية العملياتية والتكتيكية‬
‫التعبوية للجهاز ًّ‬
‫املسرب عنه أم إنها جزء منها؟ وباملقابل ما هي تداعيات هذه التسريبات على الدول ألاخرى؟ وهل اختبار‬
‫الضرر عند كشف معلومات يخضع ملعايير سليمة وحكيمة؟ وهل تأتي التقارير الاستخبارية املنشورة عالنية‪ ،‬في أحايين‪،‬‬
‫سواء من قبل الجهاز نفسه أم مراكز بحثية‪ ،‬لعضد هذه التسريبات ودعمها بطريقة ما؟ وما هو الخط الفاصل بين‬
‫مصطلح التسريب وبين إفشاء سر منهي؟ وملاذا تستثنى أسماء العمالء والجواسيس من هذه التسريبات أم إن الخوف‬
‫من أن يطلهم سوء هو الدافع؟ وهل هذه التسريبات عطلت من الحركية والدينامية الدبلوماسية لدولة الجهاز املعني‬
‫أم خلقت فقط حزازات ونوعا من الشك والوسوسة بين أطراف دولية جاء ذكرها في التسريبات‪ ،‬وخاصة على املستوى‬
‫الجيوسياس ي وإلاقليمي والتحالفات وبنائها وبناياتها؟ وهل لهذه التسريبات حجية قضائية رغم أن العديد منها من دون‬
‫توقيع أو ختم؟ وملاذا مست هذه التسريبات بدرجة أولى الواليات املتحدة ألامريكية دون غيرها؟ وملاذا كل هذا الصداع‬
‫مادام التجسس آلية من آليات النفاق املشتركة بين الدول؟ وهل ما يجعله صداعا هو أن هذا التجسس ال يمس الدول‬
‫فقط‪ ،‬بل ألافراد؛ مواطنين وأغيارا؟‬

‫منهج البحث‬

‫تبنينا في هذا البحث املنهج التاريخي واملنهج الوصفي التحليلي‪.‬‬

‫أ ـ املنهج التاريخي‪ :‬فمن خالل املنهج التاريخي تناولنا بعض قضايا التسريب في سياقاتها التاريخية‪ ،‬ذاكرين أهم‬
‫التسريبات التي عرفها التاريخ‪ ،‬وكذا أكثر التسريبات الاستخبارية إثارة وفضوال في الزمن املعاصر‪.‬‬

‫ب ـ املنهج التحليلي الوصفي‪ :‬حيث سعينا إلى إعطاء وصف لعمليات التسريب الاستخباري‪ ،‬وتحليل روابطها‬
‫املتصلة بالدوافع والغائيات‪.‬‬

‫خطة البحث‬

‫قصد مناقشة موضوعة التسريبات الاستخبارية؛ ارتأينا تقديم البحث عبر مجزوءات‪ ،‬تناولنا في املجزوءة ألاولى‬
‫املصطلحات املرتبطة بالبحث‪ ،‬فيما أفردنا املجزوءة الثانية لتاريخ وسياقات التسريب‪ .‬وفي املجزوءة الثالثة ناقشنا‬
‫الجدل القائم بين دعاة الحق في املعلومة بدون ربطها بقيد يمنع اطالع املواطن عليها أو على ألاقل عدم تكثيف الحواجز‪،‬‬
‫وبين مؤيدي الحجب والكتمان‪ ،‬ومبررات كل جهة فيما تدعو إليه‪ .‬وتطرقنا في املجزوءة الرابعة لدوافع وأسباب التسريب‬
‫الاستخباري‪ ،‬وارتباطاتها من َمنظري نظرية املؤامرة والدافع ألاخالقي‪ .‬وفي املجزوءة ألاخيرة ناقشنا القيمة القانونية لهذه‬
‫التسريبات الاستخبارية‪.‬‬

‫مصطلحات البحث‬

‫‪ ‬ـ الاستخبارات‪ :‬هي املحصلة والخالصة نهائية املقدمة لصانعي القرار‪ .‬وهي عملية تمر عبر مجموعة من‬
‫املحطات ترنو إلى تحسين املعرفة وتجويدها‪ .‬والاستخبارات هي مجموع البيانات التي تم تبويبها إلى معلومات‬

‫‪13‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وغربلتها وتدقيقها ومعالجتها وتحليلها؛ ومن ثم‪ ،‬دمج مخرجاتها لتتحول إلى معارف محسنة لدى املحلل‪،‬‬
‫وبمجرد استالمها من قبل متخذي السياسات تضحى متسمة بمصطلح الاستخبارات‪.‬‬

‫‪ ‬ـ جهاز استخبارات‪ :‬هو الجهة التي كلفها القانون باستقبال الاحتياجات املطلبية املعلومية ملن خول لهم‬
‫القانون ذلك‪ ،‬وجمع املعلومات ومعالجتها وتحليلها ودمجها وكيفيات تخزينها وتوزيعها‪ ..‬والجهاز يعمل وفقا‬
‫لقانون يسمى 'قانون الاستخبارات' قد يرافقه قانون آخر يسمى 'قانون إلاشراف على الاستخبارات'‪ .‬ويتضمن‬
‫قانون الاستخبارات مجموعة من الضوابط منها؛ طريقة تعيين املدير‪/‬الرئيس واملدة الزمنية إلدارته‪ ،‬وتحديد‬
‫الاختصاص وجغرافيا العمل‪ ،‬ونوعية املعلومات املصرح بجمعها ومستوياتها وكيفية تخزينها‪..‬‬

‫‪ ‬ـ التسريب‪ :‬التسريب املنهي له نيات ومساجع‪ ،‬كما له أشكال ومنافذ‪ ،‬وكذلك تنوعات ومشارب‪ ..‬والتسريب‬
‫هو كسر تحصين منهي لسر أو أسرار ال يبغي الطرف املقابل إشاعتها أو تبات سائرة ودائرة عند من ال يجب‬
‫الاطالع عليها أو الحصول عليها؛ وهو بذلك يعد كشفا غير رسمي ملعلومات لم يصرح بنشرها‪ .‬والتسريب‬
‫يخالف التجسس والاختراق من حيث املنهجية والطرائق‪ ،‬وإن كانت بعض ألانظمة تكيفه قانونيا على أنه‬
‫تجسس‪.‬‬

‫املسرب‪ :‬هو كل شخص داخل جهاز معين قام بإبالغ خارجي حول فساد أو تواطؤ‪ ..‬أو نقل بالتسليم أو القول‬
‫ِّ‬ ‫‪. ‬‬
‫واملسرب قد يكون جهة معلومة أو مجهولة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ملعلومة لم يأذن له نشرها‪.‬‬

‫‪ ‬ـ التسريب الاستخباري‪ :‬هو رفع غير رسمي ونقل قصدي ملحتوى استخباري معلومي ذو طابع سري لجهة ليس‬
‫لها حق الاطالع وا ُّ‬
‫لتبين‪ ،‬وذلك طبعا عبر منافذ غير رسمية‪.‬‬

‫‪ ‬ـ تصنيف املعلومات‪ :‬هي آلية تكون مرجعيتها قانونية ال تقديرية؛ على أساسها تحفظ املعلومات وتبوب‬
‫وتصنف‪ .‬وتصنيفها إما يكون مقيدا أو سريا أو فائق السرية‪ .‬كما يجب أن تضم هذه آلالية كيفيات تخفيض‬
‫التصنيف وكذا املدد الزمنية لذلك‪.‬‬

‫‪ ‬ـ املخترق املعلومي‪ :‬فاعل خارجي تسللي عن املنظام املؤسس ي الوظيفي وغير متعاقد تمكن من الاستحواذ عن‬
‫املسرب الداخلي‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫معلومات تخص الجهاز ما من طريق التسلل والاقتحام‪ .‬وهو بذلك يختلف عن‬

‫َّ‬
‫املسرب عنها املعلومات وغير مخول له لالطالع على ألاسرار املؤسسية يتم‬ ‫‪ ‬املطلع الضار‪ :‬فرد يعمل في الجهة‬
‫تجنيده على أساس وضع جرثومة‪/‬برمجية حاسوبية في خوادم املؤسسة أو في الجهاز الحاسوبي الذي يعمل‬
‫به؛ ومن ثم‪ ،‬يتم اختراق مجموع املعلومات املتضمنة في الخوادم والتي يصنفها الجهاز أو املؤسسة ذات طابع‬
‫سري أو مقيدة أو محمية‪.‬‬

‫‪ ‬السر‪ :‬قانونيا‪ ،‬هي أي معلومة حصرها القانون في معرفة أشخاص معينين دون سواهم‪.‬‬

‫‪ ‬السر املنهي‪ :‬هي املعلومات املهنية‪ ،‬سواء املشفرة أم غير ذلك‪ ،‬يمنع قانونيا إذاعتها كيفما كانت املنافذ النشرية‬
‫أو تسليمها لطرف غير مخول قانونا وال يحوز الصفة القانونية‪ .‬وهي معلومات محصورة تكون محمية‬
‫‪14‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بمقتضيات تشريعية محددة وغير فضفاضة أو غامضة؛ وبذلك يمنع نشرها أو نقلها لجهة من دون رخصة‬
‫أو موافقة كتابية من الجهة املسؤولة رسميا‪ ،‬وإال وقع تحت طائلة القانون‪.‬‬

‫‪ ‬إفشاء سر‪ :‬هو جعل معلومة أو أكثر تتصف بالسرية والتقييد وتوجب الكتمان في متناول شخص أو أكثر ال‬
‫يحق له أو لهم الاطالع عليها‪.‬‬

‫‪ ‬الدفاع الوطني‪ :‬هو تأمين حوزة الوطن وتوفير ألامن ومنع أي هجوم أو اعتداء موجه للدولة‪ .‬وهو كذلك‬
‫إلاجراءات والتدابير والتصريفات والقرارات املتخذة نحو تثبيت السيادة الوطنية؛ وتتنوع هذه إلاجراءات من‬
‫سياسية واجتماعية ومدنية واقتصادية وعسكرية‪.‬‬

‫‪ ‬أمن الدولة‪ :‬هو صون حيوات املواطنين واملقيمين والزوار وممتلكاتهم‪ ،‬والذود على سيادة الدولة ومؤسساتها‬
‫ومرافقها وصد أي اعتداء عليها‪ .‬وتنقسم الجرائم على أمن الدولة؛ إلى جرائم على أمن الدولة الداخلي وجرائم‬
‫على أمن الدولة الخارجي‪ ،‬وهي جرائم يجب أن ينص عليها القانون صراحة‪.‬‬

‫‪ ‬أسرار الدولة ألامنية والدفاعية‪ :‬هي مجموع البيانات واملعلومات واملعطيات واملعارف ذات الطابع ألامني‬
‫والعسكري تتسم بالسرية والكتمان والتقييد والتي عدها املعنيون أسرارا تمس الدفاع الوطني وألامن القومي‪،‬‬
‫ويجب أن تكون محددة في طبيعتها ونوعها وغير مبهمة أو هالمية‪ ،‬وكذا في ألاشخاص املحصورين قانونيا في‬
‫الاطالع عليها‪ .‬كما تخضع بعض هذه ألاسرار في حالة تقاسمها ومشاركتها مع دول لجملة من اتفاقيات‬
‫والضوابط والشروط واملقتضيات‪.‬‬

‫‪ ‬إفشاء أسرار الدولة‪ :‬هو أي فعل يتم بالتسليم أو القول أو أي فعل غيرهما يصدر من مؤتمن عن سر من‬
‫أسرار الدفاع الوطني ينتج عنه خروج هذه ألاسرار من نطاق حصره القانون وجوبا‪ .‬ويعد هذا إلافشاء اعتداء‬
‫على أسرار الدفاع الوطني؛ ألنه يمنح طرفا ما غير مخول قانونيا وال يحوز الصفة بذلك الحصول على معلومات‬
‫ً‬
‫مصنفة سرية‪ .‬كما ُيكيف نشر معلومات عن أسرار الدولة حصل عليها شخص ما من طريق الصدفة جريمة‪،‬‬
‫َّ‬
‫املسرب له ـ في حالة النشر ويعد إما مشاركا أو مساهما‪ ،‬أو التستر عن جريمة في‬ ‫كما يجرم ناقل التسريب ـ‬
‫حالة عدم إلابالغ عن التسريب‪.‬‬

‫‪ ‬املؤامرة على أمن الدولة‪ :‬هي انصراف نية جنائية نحو إلاضرار بمصلحة أو أكثر تخص أمن الدولة‪.‬‬

‫شريط البداية‬

‫لم يرتبط التسريب بميدان دون آخر؛ فالتسريبات حاضرة في كل املجاالت‪ ،‬من الامتحانات الاستحقاقية إلى‬
‫التقانة النووية والتكنولوجيا الحيوية‪ ،‬ومن البيانات الخاصة باقتصاد دولة ما ودبلوماسيتها إلى تشكيلة فريق كرة قدم‪.‬‬
‫ومن مادة ورقية إلى صور ومرئيات وتسجيالت صوتية‪ .‬ومن تسريب وظيفي إلى اختراق لحسابات بريدية وبنك معلومات‪.‬‬
‫إن عملية التسريب لم تمس فقط ألاجهزة الاستخبارية؛ فتاريخ التسريب سحيق‪ ،‬وكانت املعلومات املسربة في‬
‫مرات توصل صاحبها إلى مشنقة إلاعدام‪ ،‬حيث نلفي أن ألاحكام الصينية إلامبراطورية القديمة كانت تقض ي بإعدام‬

‫‪15‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ونذكر‪ ،‬أن معرفة تفاصيل‬


‫كل من سرب أسرار صناعة الحرير‪ ،‬ورغم ذلك تم التسريب‪ .‬وننعش الذاكرة في هذا البحث ِّ‬
‫وخبايا اتفاقية 'سايكس ـ بيكو' لم تأت إال عبر تسريب لوثائق دبلوماسية من جملتها اتفاقيات استعمارية أجرته الثورة‬
‫الروسية‪.‬‬

‫أما التسريبات التي كانت الصحافة جزءا منها‪ ،‬لعل بدايتها ألاولى كانت تتعلق بمعلومات حول معاهدة 'جاي'‬
‫إبان رئاسة الرئيس 'جورج واشنطن' قام بها 'ألكسندر هاملتون' لصالح البريطانيين‪ ،‬وذلك عام ‪ 5949‬م‪ .‬وخالل القرن‬
‫املوالي‪ ،‬وفي سنة ‪ 5899‬م أثار تسريب فحوى معاهدة سرية لصحيفة 'نيويورك ستاندرد' من قبل النائب في مجلس‬
‫الشيوخ 'بنيامين تابان' الكثير من اللغط والتجاذب‪ .‬ومن بعدهما‪ ،‬وعبر حقب وأزمنة‪ ،‬توالت التسريبات عبر وسائل‬
‫إعالمية أخريات كالتلفاز وإلانترنيت‪ .‬نذكر منها فضيحة 'ووترغيت' وهي مجموع التسريبات التي استندت عليها صحيفة‬
‫'واشنطن بوست'‪ ،‬وقبلها تسريبات حرب الفيتنام لصحيفة 'نيويورك تايمز' املتعلقة بوثائق للبنتاغون عبر 'دانييل‬
‫ألسبرغ'‪.‬‬

‫إن الزمن املعاصر عرف أكبر حصة من التسريبات الاستخبارية عبر التاريخ‪ ،‬لعل أبرزها تسريبات الجندي 'برادلي‬
‫مانيينغ' عام ‪ 2151‬م‪ ،‬واملتعاقد 'إدوارد سنودن' عام ‪ 2150‬م‪ .‬كانت ألاولى متعلقة بمراسالت دبلوماسية بين سفارات‬
‫الواليات املتحدة ألامريكية ال ـ ‪ 299‬وكتابة الدولة في الخارجية للبلد نفسه‪ .‬فيما تناولت الثانية معلومات وبيانات عن‬
‫طريقة 'بريزم'؛ وهي أداة إلكتروني ـ رقمية من أدوات العمل الجوسس ي املعمول بها في وكالة ألامن القومي للواليات‬
‫املتحدة ألامريكية‪ ،‬وكذا تفصيالت ما يسمى بـ'املوازنة السوداء' لوكاالت الاستخبارات ألامريكية‪ .‬وآنيا ‪ 2122‬م‪ ،‬تجرى‬
‫تحقيقات مع مدير خدمة استخبارات الدفاع الدنماركية حول شبهة تسريب معلومات إلى الصحافة حسب ما أفادت‬
‫به بعض املنابر إلاعالمية‪ ،‬لكن لحد آلان لم يطلع الرأي العام عن فحوى الاتهام‪ ،‬إن وجد‪ ،‬بشكل رسمي‪.‬‬

‫املعلومة بين الحق في معرفتها والضرورات ألامنية‬

‫يسعى مناصرو الحق في املعلومة وداعمو الحكومة املنفتحة‪/‬املفتوحة إلى التأكيد أن كثرة السرية والتقييد تجعل‬
‫ميدان العمل ألامني معرضا النتكاسات حقوقية والنتهاكات إنسانية ولتجاوزات قانونية ولتطاول على املصلحة العامة‬
‫وسوء إلادارة‪ ،‬وال مندوحة ترفع من منسوب ومستويات الفساد‪ .‬كما يبات الشغل ألامني في طائلة هذا التقييد أمام‬
‫تراكم الفريات وتكاثر إلاشاعات‪ .‬ويرى هذا التيار أن أي تصنيف للمعلومات يجب أن ينبني على مسوغات شرعية ودواعي‬
‫واقعية ومبررات معقولة ومقبولة‪ ،‬وأن تكون الحاجة لهذا التصنيف جد ملحة وضروريةـ ويجب أن تسن تشريعات‬
‫خاصة بذلك تحدد من ضمن محدداتها؛ طبيعة هذه املعلومات بالتفصيل وليس باإلجمال‪ ،‬وزمن حجرها أو حجزها‬
‫وألاسباب ألاخرى للكشف عنها ومن يطلب ذلك‪ ،‬ومن له حق التصنيف والجهة املكلفة باملراقبة والتدقيق‪ ..‬وأال يكون‬
‫التقييد والتصنيف على أساس تقديرات ذاتية؛ بل أن ينصب أساس التصنيف على حماية مصالح ألامن الوطني‬
‫واملصلحة العامة‪ ،‬وليس مصالح شخصية‪ .‬وأن تكون هناك جهة خاصة خارجية للمراقبة ـ برملانية أو قضائية أو غيرهما‬
‫ـ تنظر في مسألة التوافق والتدقيق بين السرية والشفافية واملصلحة العامة‪ ،‬حتى ال يكون الجهاز الحكم والخصم في‬
‫الحين ذاته‪ ،‬كما يسعى هذا التيار إلى رفع ضبابية وغموض بعض املدلوالت املفاهيمية ألامنية للحد من التوسيع‬
‫واملطاطية حسب حاجة الجهاز ألامني‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫في حين يرى تيار آخر أن الكشف يورط أطرافا تشغيلية وأدوات بحثية‪ ،‬وقد يشل استراتيجيات الدولة ويحد من‬
‫نجوعها‪ ،‬سواء ما يخص الدفاع بكيفية خاصة أم السياسات العامة بشكل عام‪ .‬وأن ألامن الوطني وأسرار الدفاع شأن‬
‫ً‬
‫استثناء نادرا‪ .‬فالهم ألامني هو شغل يومي‬ ‫ال ينبغي أن يكون بابا مشرعا‪ ،‬فالتقييد هو ألاساس والكشف وإن حدث يبقى‬
‫وأي قالقل في التسيير التكتيكي التعبوي والتشغيلي العملياتي والاستراتيجي الخطي سيهدد ألامن الوطني والسلم املجتمعي‬
‫ومصالح الدولة‪ .‬وأن جعل معلومات البلد ذات مصدر مفتوح ال بد ستكون هدية ولقية جد معتبرتان لألطراف ألاخرى‪،‬‬
‫سواء ألاحالف أم ألاعداء‪ .‬فالتريث واجب ملح عند التعامل مع املعلومة ألامنية أو التي قد تشكل زادا استخباريا ومنهال‬
‫استعالميا للغير‪.‬‬

‫ملاذا وقع التسريب الاستخباري؟‬

‫تتباين ردود الفعل الجماهيرية بين مشكك ومرتاب إلى مذهول ومندهش إلى غير مبال ومكترث‪ .‬بينما تنصب‬
‫املراكز البحثية على تحليل واستنطاق هذه املعلومات والبيانات لفهم سياقاتها الزمنية والسياسية والدبلوماسية‪ .‬وربطها‬
‫بما يجري حاليا وما سبق من أحداث‪ ،‬وتبقى الاستقراءات والاستجابات والاستنتاجات بين مد وجزر (توجد مراكز بحثية‬
‫تصدر تقارير استخبارية وتقديرية‪ ،‬لكن عليها مالحظات أحد أبوابها مسألة الحياد والاستقاللية والن‪،‬اهة والدعم)‪.‬‬
‫في حين تقوم ألاجهزة الاستخبارية الرسمية على جس وفحص هذه التسريبات بحذر شديد وترو وتريث‪ ،‬من‬
‫منطلق أن تكون هذه التسريـبات مجرد غطاء لتصرفات أخرى أو نية مبيتة للتشويش على سياسات دولة أو دول معينة‪،‬‬
‫أو إعاقة سيرها العادي‪ ،‬أو دفعها لتغيير أو تبديل أو إزاحة إحدى جزيئات خططها الحالية أو املستقبلية‪ ،‬أو الضغط‬
‫عليها قصد تبني منهجية محددة أو قرار‪ ،‬أو مد سلة العون ـ مدفوع بنية إلاكراه ـ من خالل دفع نفقات مالية معينة‬
‫ومن ضمنها تحمل تابعات عمليات عسكرية وأمنية بذاتها‪ .‬وربما تكون مصوغات هذه التسريبات فاضلة ودافعها إنساني‬
‫َّ‬
‫املسرب بياناته ومعلوماته ومعارفه (ال توصف‬ ‫وأخالقي‪ ،‬وتظهر جزءا ولو ضئيال من حقائق ُّ‬
‫وتغول الجهاز الاستخباري‬
‫املسرب أن‬
‫هذه البيانات واملعلومات باالستخبارات إال بعد خضوعها لسلسلة من إلاجراءات واملقتضيات‪ .).‬كما يشير ِّ‬
‫نشر املعلومات يقوي الديمقراطية ويكشف الفساد ومستوياته‪.‬‬

‫إن التسريب أو إلابالغ الخارجي من طريق وسائل إلاعالم أو منصات التواصل الاجتماعي أو غيرهما؛ قد يكون مرده‬
‫بشكل جوهري هو الشك في نية وردود فعل الجهاز تجاه إلابالغ أو التظلم‪ .‬أو عدم الثقة فيه باملطلق‪ ،‬وأن املعلومة‬
‫املسربة هي نهج أصيل داخل الجهاز‪ ،‬وأن الجهة الداخلية املنوط بها املراقبة غير حيادية وغير مستقلة وغير نزيهة‪ ،‬وأن‬
‫املسرب‪/‬املبلغ إلى إلابالغ الخارجي‬
‫ِّ‬ ‫املسرب غير محمي‪ .‬وربما تعقيدات مراحل التبليغ الداخلي والتراتبية إلادارية هو ما دفع‬
‫ِّ‬
‫والتسريب‪.‬‬

‫‪ . 1‬نظرية املؤامرة‬

‫تتمرس ألاجهزة الاستخبارية على تمويه والخداع وصناعة فقاعات صابون‪ ،‬وتتلمس في استخباراتها الدفاعية‬
‫توخي الحذر والحيلولة دون نفاذ وتسريب ملعلومات حسية تجلب تذمر الحلفاء أكثر من ألاعداء والخصوم املحتملين‬
‫واملنافسين‪ .‬وتتدرب مسبقا وتكون مستعدة ألي طارئ من هذا القبيل‪ ،‬إذا اعتبرناها لم تكون هي املحرض املباشر‬

‫‪17‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫والوحيد وقد َّ‬


‫حضرت جميع التفسيرات والدفاعات قبال‪ .‬فعندما تكون التسريبات سرية (عميل‪ ،‬جاسوس‪ )...‬تحارب‬
‫من طريق الاستخبارات الاعتراضية‪ ،‬وحين تكون التسريبات علنية (متعاقد‪ ،‬موظف‪ )...‬وخرجت إلى نور‪ ،‬فغالبا تجابه‬
‫املسرب بالهرطقة والسفسطائية والتضليل‪ ،‬أو التقليل من أهميتها وجدواها‪ ،‬وذلك من طريق وسائل‬
‫ِّ‬ ‫بالتكذيب ووسم‬
‫وواجهات إعالمية متواطئة وشركات العالقات العامة واملحللين املستقطبين‪ .‬أو بتدخل دبلوماس ي صريح أو مبطن‪...‬‬

‫إن ألاجهزة الاستخبارية‪ ،‬في اتجاهاتها التدبيرية الهجومية والدفاعية (صناعة الاستخبارات وحمايتها)‪ ،‬تحتاط من‬
‫العدو كما املنافس كما الحليف؛ فالجميع تحت املراقبة والتتبع واملالحظة والتجسس‪ .‬في زمن السلم كما في منغصات‬
‫الحرب‪ .‬هي عملية رياضية ونفسية واحترازية ال يمكن حساب ِّن ْس َبتها أو ِّن َس ِّبها‪ .‬فأجهزة الاستخبارات ال تتعامل بالحاسبة‬
‫الرياضية ذات تسعة أرقام؛ فالحاسبات عندها تشتغل بمنطق متفرد؛ فربما لتنفيذ تكتيك وحيد قد تلقى باآلالف‬
‫املعلومات قد تكون كلها أو جلها صحيحة أو ال ش يء من ذلك‪ ،‬لكن التغذية الراجعة والهدف الخفي من ذلك يساوي‬
‫أكثر‪ .‬أو توعز إلى وسيلة إعالمية بنشر 'خبر حصري' لتأتي الثمار من كل َ‬
‫حدب وصوب‪ .‬وهذا التكتيك أو التواطؤ في‬
‫التـسريب قـد يكون موجها للدول (حلفاء أو أعداء‪ ،).‬أو شركات تجارية (متواطئة أو مارقة‪ ،)...‬أو مؤسسات دولية (الخانعة‬
‫أو املقاومة)‪ ،‬أو املنظمات إلاجرامية (املحلية أو العابرة للقارات‪ ،‬سواء تعلق ألامر بتجارة املخدرات أم التجارة غير الشرعية‬
‫لألسلحة‪ .‬أو ذات امتياز من قبل الجهاز الاستخباري نفسه)‪ ،‬أو ألافراد (مواطنون وأغيار)‪.‬‬

‫يسوق محللون عدة تفسيرات لهذه التسريبات‪ ،‬من باب أنها غير بريئة في محتواها‪ ،‬ومقصودة في زمنها‪ ،‬ومريبة‬
‫في تراتبية نشر وثائقها تواليا‪ ،‬من ضمنها أن املراد منها هو التغذية الراجعة والتحليالت املرتبطة بها وكيفية استقبالها‬
‫من آلاخرين وصداها والتعليقات السائرة حولها‪ ،‬سواء من قبل مؤسسات حكومية‪ ،‬أم مراكز بحثية أم أكاديميين‬
‫ً‬
‫ومختصين‪ ،‬أم أفرادا عاديين؛ حيث تقدم ردود الفعل هذه فهما وإدراكا جيدين للوضع‪ ،‬ومعرفة برؤى ألاجهزة ألاخرى‬
‫(أعداء وغيرهم)‪ ،‬وكذلك قصد تثمين السياسة املتبناة من قبل الجهاز الاستخباري عينه واستيعاب إسقاطاتها وتأثيراتها‬
‫ونتائجها؛ وتغيير ما يلزم إذا تطلب ألامر ذلك‪ ،‬فاملرونة التعبوية والتشغيلية ضرورية في العمل الاستخباري‪..‬‬
‫ويحتمل أن يكون الداعي هو التأثير على التحليالت البحثية والتوازنات الدولية وألاوضاع الجيوسياسية‪ ،‬أو التأثير‬
‫على سلوك ألافراد (مواطنون أو أغيار أو هما معا)‪ ،‬إما بتغييره أو تعديله أو هجره‪ .‬كما ترمي بعض التسريبات خلق نوع‬
‫من التوجس نحو استخدام الشابكة ووسائل التواصل إلالكترونية وغيرها‪ ،‬قصد تطويق وحصر عمليات البحث‬
‫السيبراني وتأثيرات الرأي العام؛ وهي عملية موازية آلليات أخريات تطبقها أجهزة استخبارية في هذا املضمار(سياسة‬
‫التطويق والحصر املعلومي)‪.‬‬
‫وقد يكون الحافز هو تشتيت انتباه الدول ألاخرى عن مواضيع معينة؛ ومن ثم‪ ،‬تبني خطط بديلة يكون لها‬
‫متطلبات مالية وتقنية وجهدية كبيرة‪ ،‬ما يفوت على قطاعات أخريات ـ ألاكثر حاجة ـ الاستفادة من هذه الاعتمادات‬
‫املالية واملجهودات الفكرية والتدبيرية؛ مما يلحق بها أضرارا قد تكون جوهرية وأساس‪.‬‬
‫كما ترنو هذه التسريبات إلى تثبيط أو إفشال أو تقويض التحالفات املزمع إنشاؤها (تجارية أو عسكرية أو كسر‬
‫احتكار ما) بإعطاء معلومات صدامية حول هذه الدول‪ ،‬أو التقليل من جدوى التحالفات املوجودة‪ .‬كما تبث تقديرات‬
‫خاطئة مقصودة عن دول (الحالة ألامنية‪ ،‬واقع القضاء‪ ).‬لصد أي استثمارات ومنع أي رأسمال خارجي عنها‪ ،‬أو لخلط‬
‫أوراق سياسية ودبلوماسية بعينها‪ ،‬أو لزرع فتيل حرب ونزاع إقليمي‪ ،‬أو لتحريك نعرات إثنية أو طائفية أو مذهبية‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومن ضمن ألاسباب املحتملة لهذه التسريبات إعالن حرب نفسية‪ ،‬ومحاولة قيادة أو سياقة الرأي العام نحو‬
‫توجهات وتبني أفكار وتغيير مرجعيات فكرية‪ ،‬أو قصد احتقار سياسة دولة ما‪ ،‬وخلق الصراعات سياسوية وشعبوية‪،‬‬
‫وتفتيت عناصر الثقة بين مكونات املجتمع‪ ،‬والدفع باملواطن إلى إلاقدام على تخوين القيادة السياسية واعتبارها ال‬
‫ُ‬
‫تخدم مصالح الوطن واملواطنين‪ ،‬والتصغير من جدوى وحوكمة املؤسسات أو رفضها وجوديا وتسييريا‪ .‬كما تستغل هذه‬
‫التسريبات لخلق رد فعل معين والتأثير املطلوب على املزاج العام داخل بلد الجهاز الاستخباري نفسه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫وهناك من ُّ‬
‫يعد التسريبات لغة مبطنة تحمل إشارات هجومية وإيحاءات استعالئية وتسويقية من قبل الجهاز‬
‫الاستخباري؛ ألنها تومئ إلى تفوق هذا الجهاز وأملعيته في صد عمليات سابقة وسيوقف أي واحدة الحقة ومستقبلية‪.‬‬
‫وتحاول‪ ،‬كذلك‪ ،‬ترسيخ فكرة أن الجهاز قادر على الوصول إلى أي معلومة يشاء ووقت ما يشاء‪ .‬كما تعطي هذه‬
‫التسريبات تلميحات نحو قضايا معينة حتى يستشعر آلاخر (دولة أو مجموعة دول أو منظمة إجرامية) أن نيته أو نياتهم‬
‫باتت مكشوفة كمعطى من مخرجات الاستخبارات الدفاعية‪ .‬وفي مرات أخريات بعث تأكيدات للحلفاء‪ ،‬يرى الجهاز‬
‫الاستخباري وحكومته ضرورة لذلك‪ ،‬كنوع من الطمأنة على أنهم ـ أي الحلفاء ـ موجودون في صلب الاهتمام والسياسات‬
‫املتبناة‪ .‬وبإيجاز وفي املجمل‪ ،‬فإن هؤالء املحللين‪ ،‬معتنقي نظرية املؤامرة‪ُّ ،‬‬
‫يعدون التسريبات الاستخبارية قوة ناعمة‬
‫ظاهريا؛ لكنها‪ ،‬من دون مرية‪ ،‬بشعة ً‬
‫جدا باطنيا‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ نظرية الوازع ألاخالقي‬

‫على العموم لم تتباين أسباب داعي التسريب لـ'إ‪ .‬سنودن' وحافز النشر لـموقع 'ويكيليكس' نسبة ملا أوردا وحسب‬
‫ما أفادا؛ فكالهما أكدا أن الدافع كان مبدئيا وال يحمل ضغينة أو حقدا أو تصفية حسابات مع الجهة املقابلة‪ .‬وإنما‬
‫جاءت التسريبات إلظهار حقائق؛ ففي شأن تسريب 'سنودن' هو أن ُيعلم الجميع أنهم مراقبون وأن خصوصيتهم تحت‬
‫املجهر الاستخباري لوكالة ألامن القومي للواليات املتحدة ألامريكية‪ .‬وفي أمر نشر تسريبات الجندي 'مانيينغ' من قبل‬
‫موقع 'ويكيليكس' هو إبراز التعسف الذي تلحقه حكومة الواليات املتحدة ألامريكية باآلخرين إلى العلن‪ .‬ومن ثم‪ ،‬إزالة‬
‫لثام السرية عنه وأن تبات املعلومات املرتبطة به مصدرا مفتوحا أمام الجميع‪.‬‬

‫إن ما ساقه 'إ‪ .‬سنودن' في تبرير عملية التسريب ينبني ـ حسب ما أعلن عنه ـ على دعائم أخالقية ومبدئية‬
‫ومعتقدات فعلية وتنفيذية‪ ،‬فهو يزعم أن هول ما اطلع عليه كان مخيفا‪ .‬لكن السبب الذي أوصل 'إ‪ .‬سنودن' إلى‬
‫إلاقدام على فعل التسريب هو نيات وكالة ألامن القومي‪ ،‬ليس فقط إلابقاء على املراقبة بشكلها الحالي‪ ،‬بل مضاعفة‬
‫الجهود لبناء تقنيات جديدة أكثر قدرة ونفاذا وتجسسا ملالمسة أي حركة تواصلية إلكترونية على الصعيد العالمي‪ .‬وفي‬
‫الحين ذاته‪ ،‬لم يكون حافزه هو إصابة قدرة وكالة ألامني القومي في عطل‪ ،‬بداعي أنه ليس من اختصاصه‪.‬‬
‫فاملغامرة التي خاضها املتعاقد 'إ‪ .‬سنودن' إلزاحة هذا الثقل عن كاهليه‪ ،‬لم يكن دافعها تواطؤ مع الوكالة أو‬
‫حب الشهرة أو إظهار الذات أو ألغراض مادية؛ بل إخبار جموع البشر بما يحاك لهم خفية ضد خصوصياتهم وباسمهم‪.‬‬
‫وكذلك من أجل إظهار منهج شغل هذه ألانظمة‪ ،‬وإبراز الذود املستمر على تطوير هذه الاستراتيجية من قبل الحكومات‬
‫املتعاقبة‪ .‬و ِّتبيان‪ ،‬كذلك‪ ،‬التواطؤ املعقود بين السلطات والشركات املتعاونة على تجميد أي فعل قضائي أو قانوني‬
‫تجاهها؛ ومن ثم‪ ،‬إصالح هذا املشكل‪ ،‬الحقوقي والقانوني‪ ،‬عبر ما ُ‬
‫سيثار من نقاش وجدال وفهم واستيعاب‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وجاءت تسريبات الجندي 'ب‪ .‬مانينغ' املنشورة من خالل موقع 'ويكيليكس' والتي كانت عبارة عن مراسالت‬
‫دبلوماسية‪ ،‬غير بعيدة عن العمل والفعل الاستخباريين‪ .‬إن الدافع الظاهر ملوقع 'ويكيليكس' في نشر الوثائق ـ حسب ما‬
‫صرح ـ هو تسريب ما يمكن من املعلومات املخفية‪ ،‬وإبراز الاضطهاد املحدث على ألاطراف ألاخرى املتضررة‪ ،‬ومجابهة‬
‫التجاوزات القانونية والحقوقية‪.‬‬
‫كما هو معلوم تعد بناية السفارة محطة الاستخبار البادية خارجيا بالدولة املستضيفة أو املنطقة إلاقليمية‪.‬‬
‫ويعد السفير 'الجاسوس' ألاول وباعتماد حكومي واستقبال رسمي‪ ،‬وهو 'الجاسوس' الذي ال يخفي نيته أو وجهه‪ ،‬وهذا‬
‫أمر متعارف عليه ومقبول على مضض‪ ،‬وهو يندرج تحت مظلة الاستخبارات الدبلوماسية‪.‬‬

‫القيمة الحقوقية والقانونية‬

‫كما هو حال العديد من القضايا الدولية تبقى تقييمات هذه التسريبات متباينة؛ وباختصار ذهب بعض املحللين‬
‫(ربما كتكتيك استخباري للتقليل من أهميتها)‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتسريبات 'ب‪ .‬مانينغ' واملوقع الناشر 'ويكيليكس' أنها‬
‫جاءت تأكيدا لحقائق معروفة مسبقا‪ ،‬ولم تقدم إضافة غير معلومة‪ .‬أما تسريبات 'إ‪ .‬سنودن' ففي قراءة نقدية لها أن‬
‫الحذف (ألاسماء) الذي لحق الوثائق قلل من جدواها وحجيتها في مقاضاة املشرفين وألاشخاص الذين لهم ارتباط‬
‫وصلة بهذه الوثائق؛ ألن أي وثيقة ال تحمل ختما أو توقيعا ال تعد مستندا يترتب عنه متابعة قضائية‪.‬‬
‫في حين يرى أناس أن تسريبات 'مانيينغ' شملت معلومات إحصائية يمكن الاحتجاج بها قضائيا‪ ،‬وأن هذه السلطات‪،‬‬
‫وهنا هي الواليات املتحدة ألامريكية‪ ،‬مسؤولة عن انتهاكات حقوق إلانسان املتضمنة في هذه الوثائق؛ ألن هذه الوثائق‬
‫صادرة من قبلها ولم تتنكر لها‪ .‬وأن تسريبات 'سنودن' أزاحت الغطاء عن التواطؤ القائم بين وكالة ألامن القومي وبعض‬
‫الشركات الاتصال والخدمات السيبرانية ومحركات بحث رقمية‪ ،‬وألانظمة والبرمجيات الحاسوبية املستخدمة‪.‬‬

‫خاتمة‬

‫تتقاذف بعض ألاخبار من هنا وهناك عن تسريب بلغة املستفيدين وآخرين‪ ،‬وأنه ضرورة إلظهار الانتهاكات‪،‬‬
‫ً‬
‫إفشاء لألسرار وخيانة‬ ‫تغول جهة ما‪ .‬وعند الجهة املقابلة أو "املتضررة" ُيعد التسريب‬
‫وإخراج الحقائق املخفية‪ ،‬وإبراز ُّ‬
‫لألمانة وتهديدا ملصالح الدولة (الداخلية والخارجية)‪ ،‬واملساس بقدراتها الدفاعية‪ ،‬وتقويضا لعالقاتها مع حلفائها‬
‫وعالئقها الخارجية‪ ،‬وكشفا عن مصادر وآليات التجسس ودروبه‪ ،‬وبمستوى أكثر خطورة تهديد حياة العمالء‬
‫َّ‬
‫املسرب عنها هذا التسريب فعل إلافشاء‬ ‫والجواسيس وتعريضهم ملساوئ غير محمودة العواقب‪ ،‬وهنا قد تكيف الجهة‬
‫بالتجسس‪ .‬وتزعم الدولة أن عدم كشف مجموعة من معلوماتها يقوي استراتيجياتها على التنفيذ والتغطية والتعمية‬
‫أسس‬
‫ٍ‬ ‫والاستغالل‪ .‬إنها حرب املصطلحات الاستخبارية وإلاعالمية والتدبير اللغوي لهموم السياسة اللذان ينبنيان على‬
‫مصلحية وبراغماتية وذرائعية‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬لم يؤسس املجتمع الدولي ركائز تقييم دولية لعملية تصنيف املعلومات أو تبني وصفة موحدة‬
‫لخلق التوازن بين الكشف وإلافصاح وبين التقييد والكتمان‪ .‬ومرد ذلك هو ظروف كل دولة ونسق تشريعاتها وأنظمتها‬
‫السياسية‪.‬‬

‫‪20‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تقوم ألاجهزة الاستخبارية ـ وهذا من ضمن الاستخبارات الدفاعية ـ بمراقبة ومتابعة سريتين على مدار الساعة‬
‫ملعرفة العناصر املحتملين للقيام بأي عملية تسريب حقيقية وغير مفتعلة‪ .‬لكن هذا لم يوقف هذه التسريبات‪ ،‬وال‬
‫املحاكمات واملتابعات واملالحقات القانونية والاتهامات الجنائية شلتها‪ ،‬وال ألاحكام املئوية (تصدر أحكام بمئة سنة وما‬
‫فوق في بعضها) َح َّدت منها‪.‬‬

‫املسرب‪ ،‬وهذا هو املعلن‪ ،‬هو أال يتفاعل الجمهور مع الوثائق املسربة بشكل إيجابي ونقدي‪ ،‬وأال‬
‫ِّ‬ ‫تبقى هواجس‬
‫تعرف انتشارا واسعا‪ ،‬وأال يستطيع الجميع النفاذ إليها‪ .‬وكذلك من ضمن هذه الهواجس الخوف من أن يوصفوا‬
‫باملحتالين‪ ،‬وأن يوسموا باملتواطئين‪ ،‬وأن ينعتوا بالخانعين ألوامر أجهزتهم ورؤسائهم‪.‬‬

‫يظل التسريب فعال مبنيا على مبادئ وقناعات وربطهما بالتنفيذ‪ ،‬وليس مجرد شعارات واستهالك كالم‪ ،‬رغم‬
‫العواقب الجسدية والنفسية واملهنية املترتبة عنه‪ .‬ومبعث هذا حسب املتعاقد 'سنودن' هو اطالع الجماهير على واقع‬
‫الحال‪ ،‬وكيف تنتهك حميماتهم وتخترق خصوصياتهم‪ ،‬ويتم التسلل ملعرفة أسرارهم من قبل وكالة ألامن القومي للواليات‬
‫املتحدة ألامريكية؛ ومن ثم‪ ،‬تفعيل رد فعل يوقف هذه التجاوزات‪ .‬ولم يذهب موقع 'ويكيليكس'‪ ،‬ناشر تسريبات الجندي‬
‫'مانينغ'‪ ،‬بعيدا عن هذه التبريرات؛ فموجب هذا الكشف هو إبالغ الرأي العام العالمي عن اضطهاد سلطات الواليات‬
‫املتحدة ألامريكية املوجه لفئات أخرى‪.‬‬

‫إن إظهار جزء من هذه السياسة التعسفية الاستخبارية للواليات املتحدة ألامريكية (وغيرها من الدول بالتأكيد)‬
‫يعطي مالمح عن استراتيجياتها‪ ،‬وكيف ترى آلاخر؛ فاالشتباه يعم الجميع‪ ،‬وترى أنه على أجهزتها الاستخبارية إفراد ملف‬
‫لكل شخص على هذه البسيطة ما يزال يتنفس أو فقد وجوده املادي أي 'مات'‪ .‬ومن أجل تطبيق خططها وسياستها‬
‫فكل ش يء مباح‪ ،‬فال حقوق إلانسان توقفها وال املعاهدات الدولية تثنيها‪.‬‬
‫إن الحقائق والانتهاكات عندما تضحى عارية وسافرة ال يمكن حجبها‪ .‬فمسألة التسريبات الاستخبارية‪ ،‬سواء‬
‫فعلية أم تمت بتواطؤ‪ ،‬ستظل جارية وسارية ما دامت هناك أجهزة استخبارية عاملة‪ ،‬وما بقيت هـناك معلومات ال‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ُيبغى لها النور والعتق‪ ،‬وما ظلت هناك بيانات تجتر أو تدار أو تصاغ كلما لزم تكتيك ذلك‪.‬‬

‫ومن ضمن ألازمات ألاخالقية هي أن يحارب الجهاز الاستخباري عمليات التسريب فيما يسمح لنفسه‪ ،‬أو لطائفة‬
‫من مريديه ألاشباح‪ ،‬أن يستغل ويوظف مجموعة من معلوماته املحصل عليها استخباريا استغالال سياسويا وشعبويا؛‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ورصاصا للتصفية املعنوية والاعتبارية ألشخاص أو مؤسسات‪ .‬وربما توظف في حرب سلطة وصراع نفوذ‬ ‫وتمس ي منفذا‬
‫بين أجهزة استخبارية داخل البلد الواحد‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يمكن أكاديميا استغالل هذه التسريبات في بحوث التاريخ ألامني ودراسات الاستخبارات‪،‬‬
‫واملساعدة في تحليل بنية وسائل إلاعالم الجديد املتوجهة نحو قضايا الاستخبارات وشؤونها‪ ،‬وغيرها من الفروع املعرفية‬
‫والعلمية املتعلقة باألمن‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املراجع‪:‬‬

‫كتب‪:‬‬
‫‪ 5‬ـ تقديم كتاب‪ :‬ظاهرة ويكيليكس‪ :‬جدل إلاعالم والسياسة بين الافتراض ي والواقعي‪ ،‬مجموعة مؤلفين‪ ،‬تنسيق وتحرير‪ :‬حوا‪ ،‬هدى‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬الناشر‪ :‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬الدوحة‪ ،‬قطر‪ ،‬أيلول‪/‬سبتمبر ‪ 2152‬م؛‬
‫‪ 2‬ـ جرينوالد‪ ،‬جلين‪ ،‬ال مكان لالختباء‪ :‬إدوارد سنودن‪ ،‬الواليات املتحدة ألامريكية‪ ،‬ودولة املراقبة ألامريكية‪ ،‬ترجمة‪ :‬شيحا‪ ،‬بسام‪ ،‬مراجعة‬
‫وتحرير‪ :‬مركز التعريب والبرمجة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬لبنان‪ ،‬بيروت‪ 2159 ،‬م ـ ‪ 5901‬هـ؛‬
‫‪ 0‬ـ حسنين‪ ،‬شفيق‪ ،‬إلاعالم الجديد والجرائم إلالكترونية‪ :‬التسريبات التجسس إلارهاب إلالكتروني‪ ،‬دار فكر وفن للطباعة والنشر والتوزيع‪،‬‬
‫مصر‪ 2151 ،‬م؛‬
‫‪ 9‬ـ فرانسيسكو كاردونا‪ ،‬التوازن بين الانفتاح والسرية في قطاع الدفاع‪ :‬دروس من املمارسات الدولية الجيدة‪ ،‬أدلة الحوكمة الرشيدة‪ ،‬رقم‬
‫‪ ،6‬الترجمة برعاية منظمة حلف شمال ألاطلس ي‪ ،‬مركز الن‪،‬اهة في قطاع الدفاع‪ ،‬وزارة الدفاع النرويجية‪ ،‬مايو‪/‬أيار ‪.2158‬‬
‫قواميس ومعاجم‪:‬‬
‫‪ 5‬ـ أحمد‪ ،‬سعيفان‪ ،‬قاموس املصطلحات السياسية والدستورية والدولية‪ :‬عربي‪-‬إنجلي‪،‬ي‪-‬فرنس ي‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬مكتبة لبنان ناشرون‪،‬‬
‫بيروت‪ ،‬لبنان‪2119 ،‬؛‬
‫‪ 2‬ـ معجم القانون‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬الهيئة العامة لشؤون املطابع ألاميرية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ 5921 ،‬ه – ‪ 5444‬م‪.‬‬
‫مقاالت‪:‬‬
‫‪ 5‬ـ محمد‪ ،‬بمخيواض‪ ،‬صنعة الاستخبارات‪ ،‬مجلة ‪ ،444‬ص‪ ،16-11-19 :‬العدد ‪ ،140‬وزارة الداخلية‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬إلامارات‪ ،‬ماي ‪2121‬؛‬
‫‪ 2‬ـ محمد‪ ،‬بمخيواض‪ ،‬الصحافة الاستقصائية في قضايا الاستخبارات‪ ،‬كتاب قيد تأليف؛‬
‫‪ 0‬ـ محمد‪ ،‬جاسم‪ ،‬ملاذا تصدر أجهزة الاستخبارات تقارير معلنة؟‪ ،‬مجلة اتجاهات ألاحداث‪ ،‬ص‪ 20 :‬و‪ ،29‬العدد ‪ ،25‬مركز املستقبل‬
‫لألبحاث والدراسات املتقدمة‪ ،‬إلامارات العربية املتحدة‪ ،‬مايو ـ يونيو ‪ 2159‬م؛‬
‫‪ 9‬ـ الوندي‪ ،‬بشير‪ ،‬مباحث في الاستخبارات‪ ،‬مجموعة مقاالت‪ ،‬املوقع الرقمي‪ :‬الحوار املتمدن‪ ،‬تواريخ منفصلة‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أثر الثورات على السياسات ألامنية‪ :‬دراسة حالة السودان‬


‫علي محمد سعيد عبد املجيد محمد سعيد‪،‬‬
‫باحث متفرغ‪ ،‬دولة قطر‬
‫ملخص‬
‫السياسات ألامنية ومواكبتها للمتغيرات تؤدي الي الحفاظ على سيادة واستقرار الدول‪ .‬إدراك املهددات ألامنية والاتفاق عليها يعتبر‬
‫الخطوة الاولي لصياغه سياسات امنيه ناجحة‪.‬‬
‫ساهمت التحوالت الكبرى التي فرضتها الثورات الشعبية (الربيع العربي) في احداث متغيرات في الحالة ألامنية‪ ،‬فقد الزمتها حاله‬
‫من الاضطراب تباينت فتره بقائه بحسب الظروف املحيطة والاوضاع إلاقليمية والدولية‪ ،‬وبالرغم من ان القواسم املشتركة التي دفعت‬
‫الشعوب للتغير واملتمثلة في انتشار الفساد والركود الاقتصادي وتردي الاوضاع املعيشية والتضييق الامني والسياس ي‪ ،‬الا ان متالزمه حاله‬
‫التعثر والفشل في تحقيق التغير الفعلي كانت هي السائدة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬السياسة ألامنية‪ ،‬العقيدة ألامنية‪ ،‬الثورات العربية‪ ،‬السياسة العامة‪ ،‬السودان‪.‬‬

‫‪The impact of the revolutions on security policies, the case study of the state of Sudan‬‬
‫‪Abstract‬‬
‫‪Security policies and keeping up with the changes lead to the maintenance of the sovereignty and stability of‬‬
‫‪countries. Recognizing and agreeing on security threats is the first step in formulating successful security policies. The major‬‬
‫‪transformations imposed by the popular revolutions (Arab Spring) contributed to changes in the security situation, as it was‬‬
‫‪accompanied by a state of unrest that varied its stay according to the circumstances surrounding and regional and‬‬
‫‪international situations, although the commonalities that pushed the peoples to change, represented by the spread of‬‬
‫‪corruption, economic stagnation, deteriorating living conditions and security and political restrictions, But the syndrome of‬‬
‫‪stumbles and failures to achieve actual change prevailed.‬‬

‫تمهيد‬
‫بدأت معظم الثورات العربية بحاله من الاتفاق املبدئي على التغير وهو السبب الاساس ي لنجاحها‪ ،‬الا ان هذا‬
‫الاتفاق لم يدم طويال‪ ،‬وذلك لتفش ي صراع النخب والاحزاب والكيانات السياسية على تبني النصر ومن ثم الاستئثار‬
‫بالحكم‪ ،‬وتنفيذ اجنداتها واقصاء الاخرين‪ ،‬ومما يعمق الخالفات ظهور وانكشاف التباين ألايديولوجي بين هذه الكيانات‪.‬‬
‫يحدث ذلك مع غياب للرؤية الاستراتيجية املوحدة والبرامج الوطنية التي يتم اعدادها مسبقا‪ ،‬ولذا ينقض ي الكثير من‬
‫الوقت حتى تصل هذه النخب التفاقات ورسم خارطة للطريق‪ ،‬هذه الاوضاع في الغالب يالزمها اهمال لألوضاع‬
‫الاقتصادية واملعيشية التي كانت املحرك الاول للتغير مما يجعل الاوضاع في حاله اسوأ من الفترة السابقة للتغير‪.‬‬
‫التدخالت الخارجية إلاقليمية والدولية التي تأتي في الغالب برغبة من النخب السياسية في سعيها لتامين الدعم‬
‫ولكسب التأييد‪ ،‬تجعلها رهينه لتنفيذ مصالحها‪ ،‬ومحاولتها للتكسب في ظل عالم تعتمد عالقاته الدولية على تغليب‬
‫املصالح الذاتية واغتنام الفرص‪ ،‬هذه التدخالت تكون غير مرحب بها من الكيانات السياسية ألاخرى ومن هنا تبدأ‬
‫حاله الانقسام والفشل‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫استغالل الاحزاب والكيانات السياسية للسقف املمنوح من الحرية لتقويه موقفها واحتمائها بحواضن مجتمعيه‬
‫قد يجعلها تلجا لتفعيل عالقاتها املناطقية او ألاثنية والقبلية‪ ،‬مما يفقد الثورات لوطنيتها‪ ،‬ويجعل صراع الاستقطاب‬
‫والاستقطاب املضاد خصما على الاستقرار والتنمية والاصالح‪.‬‬
‫املطالبة بإصالح ألاجهزة ألامنية بتوجيه اللوم والاتهام لها بموالاتها لألنظمة او وقوعها في فخ الادلجة او عدم‬
‫قومتيها‪ ،‬يجعل النخب السياسية تجنح لتصفيتها بدون وضع سياسات امنيه بديله مما يتسبب في حدوث فراغ أمنى‬
‫يستفيد منه الطامعين‪ ،‬في حين ان تحديد املهددات ألامنية ووضع السياسات ألامنية والدفاعية هومن اهم الاسبقيات‬
‫التي من املفترض ان ترعيها هذه النخب حتى تحافظ بها على كيان الدولة‪.‬‬
‫املشكلة البحثية‬
‫تناقش هذه الدراسة مسألة أساسية تتعلق بانعكاسات السياسات ألامنية على الامن وتحقيق السلم بعد‬
‫الثورات الشعبية‪ ،‬وان غياب هذه السياسات من شانه ان يحدث فراغ أمنى يؤدي في محصلته النهائية الي انهيار كيان‬
‫الدولة‪ ،‬ويفتح الباب واسعا للتدخل الخارجي‪.‬‬
‫ألاسئلة البحثية‬
‫تسعى الدراسة الي إلاجابة عن عدة تساؤالت رئيسة في هذا الشأن‪:‬‬
‫‪ .5‬ما هي السياسات ألامنية وما الفرق بينها وبين السياسات العامة؟‬
‫‪ .2‬ما هي القواعد ألاساسية التي تساعد على وضع السياسات ألامنية والدفاعية؟‬
‫‪ .0‬ما هي العقائد ألامنية؟‬
‫‪ .9‬ما هي الادوار التي يجب ان يلت‪،‬م بمه النخب السياسية للمحافظة على ألامن والسلم؟‬
‫منهجية الدراسة‬
‫تعتمد الدراسة على املنهج الوصفي التحليلي )‪ (Descriptive Analytical Method‬الذي تم من خالله تحديد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خصائص وأبعاد الظاهرة املدروسة ووصفها وصفا موضوعيا عبر جمع الحقائق والبيانات وباستخدام أدوات وتقنيات‬
‫البحث العلمي‪.‬‬
‫املنهج التاريخي الذي يحدد التطور والتدرج والتغير في املهددات‪.‬‬
‫أهدف الدراسة‬
‫‪ .5‬معرفة أبعاد العالقة بين تحقيق الامن والسلم والالت‪،‬ام بتطوير السياسات ألامنية لتواكب املهددات ألامنية‬
‫بعد الثورات حفاظا على عدم حدوث فراغ أمنى يؤدي لالنفالت‪.‬‬
‫‪ .2‬تحديد ودراسة أهم الخطوات لرسم السياسات ألامنية‪.‬‬
‫‪ .0‬تعريف النخب السياسية ألدوارها ألامنية بعد الثورات الشعبية‪.‬‬
‫تنقسم الدراسة الي عده محاور‪ ،‬يتمثل الاول في الاجتهادات النظرية لتوضيح مفهوم السياسات ألامنية‬
‫والدفاعية‪ ،‬واملحور الثاني بعض الدراسات السابقة ملعرفة اهدافها واستنتاجاتها ويدور الثالث حول دراسة مقارنه‬
‫لالتجاهات الفكرية للمدارس ألامنية‪ ،‬واملحور الرابع عن الدراسة النظرية للسياسة ألامنية‪ ،‬واملحور الخامس إلسقاط‬
‫دراسة الحالة على الاوضاع ألامنية في السودان بعد الثورة‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املحور الاول‪ :‬تعريف املفاهيم‬


‫سيتم في هذا املحور توضيح مفهوم السياسيات ألامنية‪ ،‬من خالل طرح بعض املفاهيم والاتجاهات التقليدية‬
‫بشأنها‪ ،‬والقاء الضوء على مفهوم السياسة العامة والسياسة الدفاعية وشرح بعض املفاهيم ذات الصلة بالدراسة‪.‬‬
‫اوال‪ :‬السياسة ألامنية‬
‫تشمل مختلف السياسات الوطنية والتدابير الحكومية الرامية الي تعزيز الامن‪ ،‬ومواجهه مختلف التهديدات‬
‫الوطن(‪)1‬‬ ‫والاخطار ألامنية‪ ،‬بتنوع مستوياتها وتعدد طبيعة مهدداتها‪ ،‬حماية لسياده‬
‫وتعرف بانها تلك البرامج والخطط املسطرة واملتبعة من قبل السلطات (السياسية‪ ،‬الامنية) بتفعيلها لتوفير أكبر‬
‫قدر من الحماية الداخلية والخارجية لألمن الوطني والقومي بكل ابعاده ومستوياته ومقوماته‪ ،‬وذلك بهدف املحافظة‬
‫وفعاليته‪)2(.‬‬ ‫على النظام العام وكذا استقرار امن الدولة وبالتالي الحفاظ على استمراريته‬
‫وتعرف ايضا بانها مجموعه من الاعمال والافعال والتصرفات والتوجهات املنسقة غير العشوائية املنطقية‬
‫والعقالنية الصادرة من القادة والرؤساء او املسؤولين الامنين بتأثير ومشاركه من قبل فواعل سياسية اخرى‪ ،‬وال بد ان‬
‫(‪)3‬‬ ‫تكون هذه املجموعة من الاعمال ذات طابع أمنى شمولي وايضا البد ان تتمتع بالشرعية وقوة الالزام القانوني‬
‫وتمتاز السياسة الامنية بالخصائص الاتية‪:‬‬
‫‪ .5‬تشمل السياسة الامنية جميع القرارات الفعلية املنظمة والضابطة واملعالجة للمشكالت الامنية بمختلف‬
‫ابعادها ومستوياتها‪.‬‬
‫‪ .2‬السياسة الامنية هي تمرين سلطوي وعقالني يقصد به معالجة قضايا راهنه وازمات قائمه مع التنبؤ باملستقبل‪.‬‬
‫قانونيه‪)4(.‬‬ ‫‪ .0‬السياسة ألامنية تتم في إطار تنظيمي محدد له صفه دستوريه‬
‫‪ .9‬السياسة الامنية يتم وضعها باالشتراك مع الفواعل والجماعات املختلفة املوجودة في املجتمع أي انه ال يوجد‬
‫فاعل سياس ي وحيد يتولى وضع ورسم السياسة الامنية‪ ،‬بل هناك مجموعه من الفواعل التي تتدخل في ذلك‬
‫بدرجات متفاوتة(‪.)5‬‬
‫‪ .1‬اغلب الدراسات ألاولية حول السياسة الامنية تؤكد على ان العوامل السياسية وطبيعة النظام السياس ي هي‬
‫السياسية(‪)6‬‬ ‫متغيرات مهمه في تحديد‬
‫‪ .6‬تميل السياسة الامنية في مراحلها الاولى الن تعكس درجة القوة والنفوذ التي تحظى بها الجماعات والنخب‬
‫املوجودة داخل املجتمع‪ ،‬فتوصل الى سياسة امنية يحتاج الى الدخول في سلسله من الاجراءات املعقدة مثل‬

‫(‪ .)1‬منصور لخضاري‪ ،‬السياسة ألامنية الجزائرية املحددات –امليادين‪ -‬التحديات‪ ،‬املركز العربي لألبحاث والسياسات‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط ‪ ،2151 ،5‬ص‪.59‬‬
‫(‪ .)2‬شتحاته الن‪،‬ير وبوزر فوطه السعيد‪ ،‬محددات السياسية الامنية في الجزائر ‪ 2154-5441‬متطلبات نيل شهادة املاجستير في العلوم السياسية العام الجامعي ‪-2154‬‬
‫‪ 2121‬جامعة زيان عاشور الجلقة ‪ 2121-2154‬ص ‪.90-92‬‬
‫(‪ .)3‬املرجع السابق ص ‪.96‬‬
‫(‪ .)4‬نفس املرجع السابق شحاته الن‪،‬ير وبوزر فوطه السعيد ص ‪99-91‬‬
‫(‪ .)5‬احمد مصطفى الحسين‪ ،‬تحليل السياسيات‪ ،‬مدخل جديد للتخطيط في ألانظمة الحكومية دبي‪ ،‬مطابع البيان التجارية ‪ 5449‬ص ‪.25‬‬
‫(‪ .)6‬محمد زاهي بشير املغيربي‪ ،‬قراءات في السياسة املقارنة‪ ،‬قضايا منهاجية ومداخل نظريه منشورات جامعة قار يونس طبعه ‪ ،5448 ،2‬ص‪212‬‬
‫‪25‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫التفاوض والتشاور والتداول واملساومة حتى يتثنى في النهاية الى التراض ي والحلول الوسطى التي تتمكن من توفير‬
‫واملصالح‪)1(.‬‬ ‫الحد املطلوب من التوافق بين كل هذا التعارض في الاتجاهات والدوافع‬
‫ثانيا‪ :‬السياسة العامة‬
‫كل تصرف أو قرار تقوم به الحكومة أو من يمثلها للتدخل في شؤون املجتمع وحل املشاكل التي تواجه الدولة‬
‫داخليا وخارجيا‪ .‬أن السياسة العامة تتضمن تجاوبا وتفاعال بين الحكومة والبيئة املحيطة بها‪ ،‬وبالتالي فهي ذات طبيعة‬
‫حركية ونشطة‪.‬‬
‫يعرفها “جيمس أندرسون أنها‪( :‬برنامج عمل هادف يعقبه أداء فردي أو جماعي في التصدي ملشكلة أو ملواجهة‬
‫قضية أو موضوع‪.‬‬
‫ويعرفها كارل فريدريك بأنها‪ :‬برنامج عمل مقترح لشخص أو جماعة أو لحكومة في نطاق بيئة محددة‪ ،‬لتوضيح‬
‫مقصود‪)2(.‬‬ ‫الفرص املستهدفة واملحددات املراد تجاوزها للوصول إلى هدف محدد أو لتحقيق غرض‬
‫ثالثا العقيدة ألامنية‬
‫هي الطريقة والنهج الذي تقوم الدول من خالله بتعريف التهديدات واملخاطر والتحديات التي تواجهها‪ ،‬وتعرف‬
‫بالتي‪:‬‬
‫تمثل تصورا امنيا يحدد املنهجية التي تقارب بها الدولة امنها‪ ،‬كما يحدد كذلك أفضل السبل لتحقيقه وعليه‬
‫عادة ما تكون مرجعية هذه العقيدة عبارة عن أطروحات نظرية تتبناها الدول وصناع القرار فيها‪ ،‬كما يمكن أن تأخذ‬
‫صبغة أيديولوجية إذا وصلت حد النظام الفكري املتجانس واملتناغم‪ ،‬الذي يوفر تفسيرات معينة للواقع ويترتب على‬
‫ذلك تبني القوى النافدة في املجال الامني لهذه التفسيرات والرؤى(‪.)3‬‬
‫ويستخدم أيضا مصطلح العقيدة للداللة على نظام فكري ما ينسب إلى مفكر أو سياس ي أو إلى حركة أفكار‪،‬‬
‫وقد تأخذ العقيدة بعدا أيديولوجيا إذا شكلت نظاما فكريا متناسقا يقدم تصورات للعالم يعتقد أنها صحيحة‬
‫ٌ‪)4(.‬‬ ‫وصادقة‬
‫يقصد بالعقيدة الامنية للدولة هي مجموع آلاراء واملعتقدات واملبادئ التي تشكل نظاما فكريا ملسالة الامن في‬
‫الدولة‪.‬‬
‫تكتسب العقيدة الامنية اهمية بالغة باعتبارها دليال يوجه ويقرر به القادة‪ ،‬للسياسة الامنية للدولة ببعدها‬
‫الداخلي والخارجي وعليه نشأت العالقة بين العقيدة الامنية والسياسة الخارجية اذ تمثل العقيدة الامنية في جوهرها‬
‫مبادئ وأطر دستورية أو حتى أخالقية تحدد توجه القادة السياسيين في سياستهم الخارجية‪ ،‬فهي تعد التعريف الجيو‪-‬‬
‫سياس ي ملصالح الدولة‪.‬‬

‫(‪ .)1‬السيد عليوة وعبد الكريم درويش‪ ،‬دراسات في السياسة العامة وصنع القرار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز القرار لالستشارة عام ‪ 2111‬ص ‪511‬‬
‫(‪https://arabprf.com .)2‬‬
‫(‪ .)3‬عبد النور بن عنتر‪ .‬البعد املتوسطي لألمن الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أوروبا والحلف الاطلس ي‪( .‬الجزائر‪ :‬املكتبة العصرية للطباعة‪ )،2111 ،‬ص‪95‬‬
‫(‪ .)4‬حسام حمزة‪ .‬الدوائر الجيوسياسية لألمن الوطني الجزائري‪( ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات الدولية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪ )،2155 ،‬ص ‪19‬‬
‫‪26‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تعبر العقيدة ألامنية عن حاله الاتفاق على املهددات والتحديات واملخاطر التي تواجه الدولة‪ ،‬وهذا الاتفاق يؤدي‬
‫(‪)1‬‬ ‫الي اتخاذ رد فعل متناسق ومدعوم من كل فئات املجتمع‪ ،‬اما العكس فسيؤدي الي الفشل وضعف الاداء الامني‪.‬‬
‫رابعا الاستراتيجية ألامنية‬
‫استراتيجية ألامن القومي هي عمليه فلسفيه تخطيطية مشتركه الستغالل جميع مقومات ألامة وقدراتها للوصول ألفضل‬
‫خطة استراتيجية توجه طاقات ألامة الرئيسية – الاقتصاد – مصادر الثروة – القوى البشرية – املوقع الاستراتيجي –‬
‫الدفاع – التكنولوجيا – التراث الروحي والحضاري – السياسة – لتحقيق مستوى عال من القوة والهيبة القومية‬
‫(‪)2‬‬ ‫بشقيها الدفاعي والتعرض ي‬
‫العالقة الترابطية بين السياسة والاستراتيجية‬
‫‪ The Interrelation of Policy and Strategy‬السياسة مصطلح يستعمل في أغلب ألانشطة التنظيمية ‪ ،‬ولم‬
‫ً‬
‫يتفق املعنيون على تحديد املعنى املوحد والدقيق لهما ‪ ،‬أحيانا تعتبر السياسة مجموعة املؤشرات والضوابط املعيارية‬
‫( ‪ ) Gauged Constraints‬املوثقة التي يقـوم املدراء بتنفيذ أعمالهم في ضوئها ‪ ،‬وفي هذا السياق فان السياسة هي إلاطار‬
‫الذي في ضوئه تدور فعاليات وأنشطة املنظمة وتسهم في توضيح ألاحداث املستقبلية الخاصة بها ‪ ،‬صحيح ان دور‬
‫السياسة في املنظمة هو تحقيق التوجيه السليم لألعمال التي يتخذها على ديمومتها ‪ ،‬الا انها في الوقت نفسه تشكل‬
‫(‪)3‬‬ ‫ألاساس الفكري ‪.‬‬
‫السياسة والاستراتيجية مصطلحان متباينان ومتفاوتان (‪ ،)Dispante Conceptions‬لذلك يصعب على البعض‬
‫تحديد نوع العالقة بينهما من خالل املعاني والتعاريف الخاصة بكل منهما‪ ،‬السياسة هي دليل عمل يتضمن مجموعة‬
‫ضوابط ومحددات ينصرف في ضوئها املدراء ملواجهة حالة ما‪ ،‬وعند تنفيذ السياسة املوضوعة تتمكن ادارة املنظمة‬
‫من وضع قدميها على الطريق نحو تنفيذ الاستراتيجية‪.‬‬
‫خامسا العقيدة العسكرية‬
‫دولة ما‪ ،‬والترتيبات املتخذة ملواجهة‬ ‫ً‬
‫رسميا في ٍ‬ ‫وفق بعض املنظرين الاستراتيجيين هي منظومة املفاهيم املتبناة‬
‫التهديدات ولضمان ألامن‪ ،‬وكذلك ملنع الحروب والن‪،‬اعات املسلحة‪ .‬كما أنها نظام الرؤى املتطورة حول البناء العسكري‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسلح وإدارته (وكذلك‬
‫ٍ‬ ‫وتحضير البالد والقوات املسلحة للدفاع عن الوطن‪ .‬وهي أيضا رؤى حول وسائل تحضير ٍ‬
‫نضال‬
‫ٌ‬
‫إعالن حول سياسة الدولة في مجال‬ ‫دفاعا عن البالد والعقيدة العسكرية في جوهرها هي‬ ‫ً‬ ‫أشكال النضال ألاخرى)‪،‬‬
‫الدفاع(‪)4‬‬

‫السابقة‬
‫ِ‬ ‫املحور الثاني‪ :- :‬الدراسات‬
‫دراسة منصور لخضاري مارس ‪2151‬م بعنوان السياسة ألامنية الجزائرية (املحددات‪ ،‬امليادين‪ ،‬التحديات)‬
‫هدفت الدراسة لتحديد ميادين السياسة ألامنية الجزائرية والوقوف على مدي قدره الجزائر على مواجهه التحديات‬
‫الراهنة املستقبلية‪ ،‬واملستجدات املتأزمة فيما وراء حدودها على املستويين الاقليمي (العربي‪ ،‬املتوسطي‪ ،‬الافريقي ‪)...‬‬

‫(‪https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=388423 .)1‬‬
‫(‪https://democraticac.de/?p=17041 .)2‬‬
‫(‪ .)3‬شوقي ناجي جواد‪ ،‬املرجع املتكامل في إلادارة الاستراتيجية‪ ،‬ط‪ 2‬عمان الاردن‪2155 ،‬م ص‪96-91‬‬
‫(‪https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content .)4‬‬
‫‪27‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وعبر الوطني (املغاربي‪ ،‬الساحل الافريقي ‪ ،)...‬املنهج الذي تبنته الدراسة هو املنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬والاحصائي‪،‬‬
‫والتحليلي‪ ،‬والتاريخي‪ .‬وجاءت اهم النتائج التي توصلي لها الدراسة التأكيد على ان الجزائر تعيش تحديات امنيه على‬
‫درجه من الخطورة‪ .‬وهذا املشهد الذي تجلت مضامينه بعد عرض وجي‪ ،‬للواقع الامني في الجزائر قياسا علي علي‬
‫مستويات الامن املحددة بمقاربتي الامن الانساني والامن الشامل املعتمدين كأطر نظريه في التحليل‪ ،‬وركزت على تأثير‬
‫الجزائرية‪)1(.‬‬ ‫املؤثرات الخارجية على السياسة ألامنية‬
‫دراسة احسان الحافظي‪ .‬مارس ‪2121‬م‪ ،‬بعنوان السياسات ألامنية في املغرب في السلطة وادوار النخب‬
‫السياسية‪ .‬هدفت الدراسة ملعرفه املواقف التي اتخذت صورا جليه في ممارسات ادوات الرقابة علي السياسات اللصيقة‬
‫بالسلطة في املغرب‪ ،‬اذ يشكل قطاع الامن مساحه للتقاطع بين بين املجتمع السياس ي متمثال في النخبة البرملانية من‬
‫جهة والسلطة‪ ،‬حيث يتعلق الامر بطرح سياسات عموميه امنيه للنقاش وبروز فاعلين جدد ‪ ،‬في مجال السياسات‬
‫العمومية نتيجة لتوزيع الوظيفة داخل النظام السياس ي باعتبار ذلك استعاده جزء من مكونات الدولة ألدوارها الغائبة‬
‫‪ ،‬وهذا ما يوضح تأثير التحوالت الدستورية علي السياسات ‪.‬وفي منهجيه البحث اعتمدت الدراسة مقالبه منهجيه يغلب‬
‫عليها التحليل باستقراء املعطيات القانونية ( النص الدستوري ‪ ،‬القانون البرملاني ) ‪ .‬والسياسية والتاريخية‪ ،‬وخلصت‬
‫الدراسة الي ان الرقابة البرملانية على السياسات العمومية ألامنية ال تذال واقعه تحت تأثير نفوذ النظام‪ ،‬وان الفهم‬
‫التاريخي‪)2(.‬‬ ‫الحزبي للشأن الامني واقع تحت تأثير املحدد‬
‫جاءت الدراسة الحالية موضحه ان إثر الاختالف السياس ي وعدم وجود قواسم مشتركه توحد رائ الفاعلين بعد‬
‫تغير الحكومات‪ ،‬عن السياسات ألامنية‪ ،‬ويكون سببا في حاالت الانفالت الامني وايضا لثر التدخالت الخارجية إلاقليمية‬
‫والدولية يكون سببا في ضعف او انعدام سياسات امنيه تقود لالستقرار‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :- :‬نظريات تحقيق الامن الوطني‬
‫ْ‬
‫مع ظهور مصطلح الامن القومي للدول بعد نهاية الحرب العاملية الثانية‪ ،‬بدأ التساؤل حول كيفية ضمان هذا‬
‫ْ‬
‫ألامن للدولة‪ ،‬فظهر عدد من النظريات التي قدمت آليات مختلفة رأت أنها هي الضامنة لتحقيق الامن القومي‪ ،‬وتقع‬
‫هذه النظريات على اتجاهين هما‪:‬‬
‫املدرسة الاستراتيجية‬
‫اتجاه الاول‪ :‬يمكن تسميته باالتجاه التقليدي‪ ،‬الذي ظهر خالل فترة الحرب الباردة‪ ،‬وهو عبارة عن النظريات‬
‫الوضعية لألمن القومي التي حافظت على النظام الوستفالي القائم على مركزية الدولة باعتبارها الفاعل الوحيد في‬
‫العالقات الدولية وأنها هي الوحدة ألاساسية‪ .‬ملرجعية لتحقيق ألامن‪ ،‬ومن هذه النظريات النظرية الواقعية والليبرالية‪.‬‬
‫ً‬
‫وفقا لهذا الاتجاه فإن سالمة الدولة وبقائها يساوي تحقيق ألامن (‪)3‬‬ ‫ومن ثم‬

‫(‪ .)1‬منصور لخضاري‪ ،‬السياسة الامنية الجزائرية (املحددات امليادين التحديات)‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬قطر‪.2151 ،‬‬
‫(‪ .)2‬احسان الحافظي‪ ،‬السياسات الامنية في املغرب في السلطة وادوار النخب السياسية‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬قطر‪2121،‬‬
‫(‪ .)3‬امينة دير‪“ ،‬أثر التهديدات البيئية على واقع ألامن إلانساني في إفريقيا‪ :‬دراسة حالة دول القرن إلافريقي”‪( ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫والعلوم السياسية‪ )2159/2150 ،‬ص ‪.59-51‬‬
‫‪28‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الاتجاه الثاني‪:‬‬
‫ويطلق عليه اتجاه املوسعون أو الاتجاه املعارض لالتجاه التقليدي الذي ظهر في الثمانينيات مع بداية ظهور‬
‫الانفراج الدولي والانفتاح في العالقات ألامريكية السوفيتية وبناء الثقة في النظام الدولي‪ ،‬وهو عبارة عن النظريات ما‬
‫بعد الوضعية التي انتقدت النظريات الوضعية‪ ،‬من حيث اقتصرها على مركزية دور الدولة‪ ،‬وطالبت بتوسيع ألاجندة‬
‫ْ‬
‫ألامنية(‪ .)1‬ومن اهم هذه النظريات‪:‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫مدرسة كوبنهاجن‪:‬‬
‫انطلق بوزان من الصور الثالثة للتحليل في العالقات الدولية التي وضعها والت‪ ،،‬مقترحا أن يتم النظر لألمن‬
‫ودراسته من خالل ثالث وجهات نظر منفصلة‪ :‬الفرد‪ ،‬الدولة والنظام الدولي في إشارة إلى صعوبة تحديد مرجعية لألمن‪،‬‬
‫غير أن أمن الفرد والنظام الدولي يبقى تابعا ألمن الدولة باعتبارها الوحدة املرجعية ألاهم ولكنها ليست املوضوع الوحيد‬
‫لفهم السلوكيات ألامنية‪ ،‬فالدولة تتشكل كما يراها (بوزان) من ثالث مكونات‪ :‬فكرة الدولة (الوطنية‪ /‬القومية)‪،‬‬
‫القاعدة الفي‪،‬يائية للدولة (الشعب‪ ،‬املوارد‪ ،‬التكنولوجيا)‪ ،‬املظهر املؤسساتي للدولة (النظام السياس ي وإلاداري)‪ ،‬تبعا‬
‫لذلك يعتقد أنه بتعريف الدولة يسهل تصور التهديدات ألي من هذه املكونات الثالث ‪.‬ومن اهم مخرجات هذه املدرسة‬
‫ما يلي ‪:‬‬
‫ألامن املجتمعي ونظريه ألامننة‬
‫فاألمن َنة كعملية يتم فيها تحويل املشاكل إلى قضايا أمنية من خالل إضفاء الطابع ألامني عليها‪ ،‬تفترض أن ألامن‬
‫َ‬

‫يمكن أن يفهم على أنه نتيجة ألعمال خطاب اعالمي متكرر إلظهار حدث ما على أنه تهديد وجودي‪ ،‬من خالل لغة‬
‫خطابية موجهة للجمهور العام تقدم من خاللها هذه القضية على أنها تمس البقاء املادي أو املعنوي‪ ،‬وتتطلب إجراءات‬
‫استثنائية مستعجلة لتشريع ألافعال خارج العملية السياسية املعتادة‪ ،‬ويرى بوزان أن فواعل ألامننة ألاكثر شيوعا قد‬
‫يكونوا قادة سياسيين‪ ،‬بيروقراطية‪ ،‬حكومات‪ ،‬لوبيات‪ ،‬جماعات ضغط وغيرها‪.‬‬
‫ألامن املجتمعي‬
‫يعتبر ألامن املجتمعي واحد من بين عناصر برنامج البحث في الدراسات ألامنية املعاصرة‪ ،‬فقد تجاوز الرؤى‬
‫التقليدية التي تعتبر املجتمع مجرد قطاع من قطاعات أمن الدولة‪ ،‬إلى اعتباره كيانا قائما وموضوعا متمي‪ ،‬لألمن‪،‬‬
‫وفقا لدور كأيم تعرف املجتمعات على أنها وحدات مكونة من مجموعة من ألافراد بفضل اعتقاداتها الدينية ومشاعرها‬
‫الوطنية املشتركة‪ ،‬تحس بوجد ربط بينها على شكل وعي جماعي مستقل ويفوق مجموع وعيها الفردي‪ ،‬تبعا لذلك فقد‬
‫أكدت مدرسة كوبنهاغن على أن العوملة املعاصرة قد أثرت وبشكل كبير على الهويات املجتمعية التي وجدت نفسها‬
‫مهددة بطائفة من العوامل كتدفق الهجرات والاستيراد القسري للثقافات ألاجنبية املغايرة باإلضافة إلى الاندماج في‬
‫وحدات أكثر اتساعا ‪.‬‬

‫(‪ .)1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪58‬‬


‫(‪.)2‬‬ ‫‪https://political-encyclopedia.org/dictionary‬‬
‫‪29‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫القطاعات ألامنية‬
‫إن العنصـر ألاساسـي فـي كتابـات بوزان هـو إعـداده لألجنـدة ألامنية لتشـمل خمسـ قطاعـات هـي‪ :‬القطـاع‬
‫العسـكري‪ ،‬السياس ي‪ ،‬الاقتصـادي‪ ،‬الاجتمـاعي وألامـن البيئي‪ ،‬حيث تكمن أهمية طرح بوزان في جعل ألافراد كوحدة‬
‫للتحليل‪ ،‬لكن لیس كوحدة مرجعية أساسية للتحليل في الدراسات ألامنية‪ ،‬ذلك أن الدولة هي الوحدة املرجعية‬
‫ألاساسية وهذا لثالث اعتبارات تتمثل في‪:‬‬
‫‪ ‬اعتبـار أن الدولـة هـي القـادرة علـى التخفيف مـن حـدة ألامـن فـي إطـار إشكالية ألامـن الدولي‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبار أن الدولة هي املصدر ألاعلـى للسـلطة الحاكمـة‪.‬‬
‫‪ ‬اعتبار أن الدولة هي الفاعل الرئاس ي في النظام السياس ي الدولي‪.‬‬
‫حيث تتمثل القطاعات ألاساسية لألمن عند بوزان في (القطاع العسكري ‪-‬القطاع السياس ي‪ ،‬القطاع الاقتصادي ‪-‬‬
‫القطاع الاجتماعي والقطاع البيئي)‬
‫املحور الرابع الدراسة النظرية‬
‫رسم السياسات ألامنية‬
‫لبناء سياسة أمنية معينة البد من أخذ الشروط ألاتية في الاعتبار‪:‬‬
‫‪ .1‬التكيف مع البيئة ألامنية الداخلية والخارجية‬
‫لبنـاء سياسـة أمنيـة البـد وأن تتكيف مع البيئة ألامنية الداخلية مع الخارجية إذ من غير املعقول تبني سياسـة‬
‫ألامنيـة تـودي إلى خلق توتر إقليمي حدودي‪ ،‬وهذا بدوره يؤدي إلى زعزعـة الاسـتقرار الـداخلي‪ ،‬وكـذلك املقصـود هـنـا هو‬
‫مدى استجابة أي سياسة أمنية للتهديـدات واملخـاطر آلانيـة واملستقبلية وبالتـالي فهـي اسـتراتيجيات تعتمدها الدول‪،‬‬
‫وتتضمن تخطيطا وتنسيقا مكثفا مـن أجـل التصــدي للتهديـدات واملخـاطـر الـتي تفرزهـا البيئة ألامنية سواء الداخلية أو‬
‫الخارجية والتي تمس أمن ألافـراد واملجتمعـات (‪.)1‬‬
‫‪ .2‬الاعتماد على توجهات السكان وألافراد‬
‫فأي سياسة أمنية البد وأن تراعي توجهات السكان وألاشخاص وال يمكن الحديث عن سياسة أمنية تخدم‬
‫(‪)2‬‬ ‫املصلحة الوطنية ‪ ،‬وربما يعتبر هذا الشرط مهم وأساس ي بل وضروري من أجل الكالم عن سياسة أمنية معينة‬
‫معنى أن الوحدات السياسية من خالل وضع سياسة أمنية معينة باإلضافة إلى ضمان أمن أفرادها تسعى ملواجهة أي‬
‫تهديد يمس املصلحة الدولية ‪ ،‬فالدول حتى تضمن سياسة أمنية ناجحة على املستوى الداخلي البد لها من وضع‬
‫إجراءات وبرامج وقائية من أجل احتواء ردة فعل مواطنيها وذلك عن طريق جمع املعلومات وتصنيفها والهدف من ذلك‬
‫هو الكشف عن العوامل الحساسة والتي تشير إلى احتمال اندالع عنف أو حدوث توتر اجتماعي أو سياس ي وهذا ما‬
‫يجعل الدول تبادر باتخاذ إجراءات على أساس ما سيتوقع حدوثه (‪ )3‬ومن بين تلك املؤشرات ‪:‬‬
‫تأمين العمل والدخل‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫(‪ .)1‬قريب بالل‪ ،‬السياسة ألامنية لالتحاد الاوروبي من منظور اقطابه –التحديات –والرهانات‪ .‬مذكره منشوره لنيل درجه املاجستير العلوم السياسيه‪ ،‬جامعه الحاج‬
‫لخضر باتنة‪ ،‬العام الجامعي ‪2155/2151‬م‪ ،‬ص‪.91‬‬
‫(‪ .)2‬عباس غالي الحديثي‪ ،‬نظريات السيطرة الاستراتيجية‪ ،‬صراع الحضارات‪ ،‬الاردن‪ ،‬دار اسامه للنشر والتوزيع ‪ ،2119‬ص ‪.514‬‬
‫(‪ .)3‬عبد الغفار احمد‪ ،‬فض الن‪،‬اعات في الفكر واملمارسة الغربية‪ ،‬الجزء الاول‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومه للنشر والتوزيع ‪ ،2119‬ص ‪.026‬‬
‫‪30‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وهذا املؤشر يستدل عليه بمعدالت البطالة في املدى الطويل والانخفاض املفاجئ في الدحل القومي الحقيقي‬
‫كما يستدل عليه معدالت التضخم العالية‪.‬‬
‫ألامن الغذائي‪ :‬توفر الغذاء وتمكن املواطنين من الحصول عليه‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الاضطرابات العرقية والدينية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫الانسان‪)1(.‬‬ ‫انتهاكات حقوق‬ ‫‪‬‬
‫مستويات عمل السياسة ألامنية‬
‫تعمل الدول على صياغة امنها الوطني مسترشدة بكل املستويات وذلك الن مفهوم الامن أصبح متطورا واصبحت‬
‫املهددات عابره للحدود ويتضمن ذلك الاتي‪- :‬‬
‫‪ .5‬الامن الدولي (الجماعي)‪ - :‬وهو يقع على عاتق الامم املتحدة ومجلس الامن اذ ان الفصل السابع من ميثاق الامم‬
‫املتحدة ينظم تحقيق الامن الجماعي بهدف الحفاظ على الامن والسلم الدوليين ويتمثل ذلك في حماية العالم‬
‫وتحديد استخدام ألاسلحة الفتاكة واقرار البرامج التي تحافظ على سيادة الدول‪.‬‬
‫‪ .2‬الامن الاقليمي‪ :‬وذلك وفقا للتحالفات ذات الطابع الجغرافي او التي تحميها اتفاقات مشتركه للتعاون والدفاع‬
‫املشترك ويمكن إلاشارة الى املثالين التاليين‪- :‬‬
‫أ‪ .‬على املستوى العربي‪ ،‬فإن السياسات ألامنية قد تم تحديدها‪ ،‬من خالل معاهدة الدفاع املشترك والتعاون‬
‫الاقتصادي املوقعة بين دول جامعة الدول العربية عام ‪ 5411‬م‪ ،‬ومن خالل مؤسسة مؤتمرات القمة العربية والتي‬
‫بدأت في يناير عام ‪ 5469‬م‪ ،‬ومن خالل بعض الترتيبات والتنظيمات الاقليمية‪ ،‬مثل مجلس التعاون لدول الخليج‬
‫(‪)2‬‬ ‫والذي انش ئ عام ‪ ۱۸۹۱‬م‪.‬‬
‫ب‪ .‬مجلس التعاون لدول الخليج‪ -‬لم يكن مجرد تجمع فرعي‪ ،‬بمعنى انه ضم عددا من دول الجامعة العربية‪ ،‬وانما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كان ايضا تجمعا جغرافيا ونوعيا حيث لم يشترط معيار التجاور الجغرافي وانما ايضا معيار (التجانس السياس ي)‬
‫حيث لم يضم من بلدان الخليج العربية سوى تلك املتشابهة في نظمها السياسية بدليل استبعاد العراق واليمن‪.‬‬
‫وكانت مبررات ذلك مفهومة الي حد كبير كرد فعل لقيام الثورة إلايرانية في ‪ ٠٨٩٨ / ٠٨٩١‬م إضافة للتدخل‬
‫السوفيتي في أفغانستان عام ‪ ٠٨٩٨‬م باإلضافة الى ما روجته الدوائر الغربية بإصرار عن الخطر السوفيتي على‬
‫الخليج‪ ،‬وذلك كله في ظل استبعاد مصر من النظام العربي في أعقاب معاهدتها مع إسرائيل في عام ‪ ٠٨٩٨‬م‪ .‬ألامر‬
‫الذي كان يعني غياب دورها كعنصر مؤثر في معادلة ألامن في الخليج في ذلك الوقت‪.)3( .‬‬
‫الاتي‪)4(:‬‬ ‫‪ .0‬السياسات ألامنية مستوي الامن الوطني‪ .‬وتتمثل في‬
‫النظم التسلطية‪ :‬السياسة ألامنية في النظام التسلطي كاستراتيجية ثقافية ببرامجها وخططها وقيمها وأجهزتها‬ ‫‪‬‬
‫وآليتها‪ ،‬هي تعبير عن التسلط السياس ي والتوجه إلايديولوجي‪ ،‬ومن ثم يغدو التسلط ألامني هو‪ :‬جوهر السياسة‬
‫ألامنية‪ ،‬في تنفيذه لسياسة القمع التسلطي وانتهاك الحقوق والحريات العامة والشخصية للمواطنين‪ ،‬مع تقزيم‬

‫(‪ .)1‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.026‬‬


‫(‪ .)2‬توفيق حصو واخرون مرجع سابق ص ‪.068‬‬
‫(‪ .)3‬احمد يوسف احمد‪ ،‬حالة الامن القومي العربي في منطقة الخليج‪ ،‬املستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪ 264‬ص ‪.511‬‬
‫(‪ .)4‬نبيل عبد الفتاح‪ ،‬السياسة ألامنية بين التسلطية والديموقراطية‪ ،‬جريدة الاهرام اليومي‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‪ 20، 221‬اغسطس ‪.2152‬‬
‫‪31‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫حجم املعارضة السياسية بأشكالها وأطيافها‪ ،‬وخنق العمل النقابي والتضيق على العمل إلاعالمي الحر‪ ،‬وألاخطر‬
‫أنها سياسة تخت‪،‬ل النظام وسياساته وأيديولوجيته في ديكتاتورية القمع ألامني‪ .‬كما أن السياسة ألامنية التسلطية‬
‫تتمدد وتتغلغل في مختلف القطاعات املجتمعية‪ ،‬وتغزو الحياة العامة والشخصية للمواطنين وألافراد والجماعات‪،‬‬
‫وكذا ألاجهزة إلادارية‪.‬‬
‫‪ ‬النظم الديمقراطية‪ :‬السياسة ألامنية في النظم الديمقراطية‪ ،‬يتم إعدادها وصياغتها وصناعتها وإقرارها في إطار‬
‫الشرعية الدستورية والقانونية واملمارسة السياسية الفعلية والحقيقية‪ ،‬ومن ثم تخضع ملبدأ سيادة القانون في‬
‫أبعاده املوضوعية وإلاجرائية‪ ،‬وال تستطيع تجاوزه تحت أي شرط ألنها تخضع لرقابة املؤسسات الدستورية‬
‫والتشريعية والتنفيذية والقضائية وألاجهزة السياسية والحزبية‪ ،‬ووسائل إلاعالم املرئية واملكتوبة واملسموعة‪ ،‬وكذا‬
‫للمجتمع املدني وللرأي العام‪ .‬في ألانظمة الديمقراطية دائما‪ ،‬السياسة ألامنية تعمل في إطار من الشفافية والرقابة‪،‬‬
‫ومن ثم ال تعمل فوق القانون أو خارج أطره ونصوصه التشريعية‪.‬‬
‫مراحل عمل السياسات ألامنية‬
‫ألاتية‪)1(:‬‬ ‫لعمل سياسة امنيه يجب التأكد من اتباع املراحل‬
‫‪ ‬إدراك مصادر التهديد‬
‫لرسم سياسة أمنية فعالة‪ ،‬يجب أن يكون هناك إجماع وطني وقومي‪ ،‬يحدد ما هو رئيس ي من مصادر التهديد‬
‫املدركة‪ ،‬وما هو ثانوي منها‪ .‬ذلك لتحقيق رؤيا متكاملة ملصدر التهديد‪ ،‬وكشف أبعاده املختلفة‪ ،‬وحجمه الحقيقي‪،‬‬
‫وهدفه الرئيس ي‪ .‬ويمكن ذلك من تصنيف التهديد املدرك ووضعه في ألاسبقية املناسبة‪.‬‬
‫عدم مواجهة مصدر التهديد الرئيس ي‪ .‬يؤدي إلى حالة من التفكك الاجتماعي للدولة‪( ،‬مجموعة الدول)‪ ،‬ويؤدي ذلك إلى‬
‫ً‬
‫استخدام العنف السياس ي وألامني داخليا‪ ،‬باستخدام القوة العسكرية‪ ،‬أو الشرطية‪.‬‬
‫‪ ‬صياغة الالتزامات ألامنية‬
‫‪ .‬يختص مجلس ألامن الوطني‪ ،‬بصياغة الالت‪،‬امات الوطنية‪ ،‬ووضع أولوياتها‪ ،‬وحدودها القصوى للتصعيد‪ ،‬أو‬
‫الدنيا للتفاوض والتنازالت‪ ،‬وهو ما يسمح بهامش من املرونة‪ ،‬لتطبيق السياسة ألامنية في إطاره‪ .‬ويضم مجلس ألامن‬
‫الوطني‪ ،‬كل أجهزة إدراك مصادر التهديد‪ ،‬وأجهزة إعداد وصناعة القرار‪ ،‬والقيادات املسؤولة عن اتخاذ القرار‪ ،‬وبعض‬
‫املتخصصين والخبراء‪.‬‬
‫ً‬
‫وتكون عملية صياغة الالت‪،‬امات ألامنية‪ ،‬أكثر صعوبة وتعقيدا‪ ،‬وأشد حساسية‪ ،‬عندما تخص مجموعة دول‬
‫ً‬
‫(أمن جماعي)‪ ،‬وتضطلع بهذه املهمة غالبا‪ ،‬الدولة املحورية باملجموعة‪ ،‬التي تتمي‪ ،‬بأهمية جيوستراتيجية (أو‬
‫جيوبوليتيكية) زائدة‪ ،‬ويقع على عاتقها‪ ،‬مسؤوليات إضافية‪.‬‬
‫تعبئه القدرات‬ ‫‪‬‬
‫عندما تشعر الدولة (مجموعة الدول) بالتهديد‪ ،‬وعدم ألامن‪ ،‬أو إلاحساس بضعف في أبعاد ألامن الوطني‪ ،‬تتدافع‬
‫ألاجهزة املعنية باألمن الوطني (مجالس ألامن الوطني للدول)‪ ،‬لتعبئة قدراتها بما ِّ‬
‫يمكنها من درء التهديد‪ ،‬وإعادة ألامان‪،‬‬
‫وذلك بتعزيز نقاط القوة ومعالجه نقاط الضعف‪ ،‬ويمكن ذلك باآلتي‪:‬‬

‫)‪. www.moqatel.com (1‬‬


‫‪32‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أ‪ .‬القيام بالدخول في اتفاق للتعاون العسكري مع دول اخري‪.‬‬


‫ب‪ .‬توقيع مذكرة التفاهم إلاستراتيجية‪.‬‬
‫ج‪ .‬الانضمام لتكتل إقليمي ـ دولي (سياس ي ـ اقتصادي ـ إعالمي ـ ثقافي ـ عسكري‬
‫د‪ .‬التنسيق مع تنظيمات إقليمية أو تجمعات سياسية أخرى‪.‬‬
‫ه‪ .‬إنشاء مجالس ولجان تخصصية مشتركة‪.‬‬
‫و‪ .‬مؤتمرات القمة الرئاسية والوزارية‪.‬‬
‫‪ ‬السياسة الدفاعية‬
‫نتيجة لترتيبات وسائل تعبئة قدرات أكثر من دولة‪ ،‬ذات ألاشكال املختلفة (معاهدات‪ ،‬اتفاقيات‪ ،‬تنسيق‪،‬‬
‫مؤتمرات‪ ،‬لجان ومجالس‪ ،‬تحالفات وتكتالت)‪ ،‬التي تهدف ملواجهة مصادر التهديد لبعد (أو عدة أبعاد) أمنية‪ ،‬تتم عدة‬
‫إجراءات إنشائية لتكوين الشكل املطلوب لهذا البعد‪ ،‬والذي يبدأ في ممارسة مهامه في الدفاع ضد التهديد املدرك فور‬
‫إنشائه‪ ،‬وهو ما يسمى‪ ،‬بالسياسات الدفاعية هذه السياسيات‪ ،‬أصبحت تشمل العديد من الجوانب‪ ،‬ولم تعد قاصرة‬
‫ً‬
‫على الجانب العسكري فقط كما كانت سابقا‪.‬‬
‫‪ ‬املمارسات ألامنية‬
‫لتنفيذ السياسات ألامنية‪ ،‬تتبع الدولة (مجموعة الدول)‪ ،‬عدة طرق‪ ،‬نابعة من الخبرات السابقة‪ ،‬والعالقات‬
‫الداخلية‪ ،‬والخارجية كذلك‪ .‬وتسمى تلك الطرق (املمارسات ألامنية)‪.‬‬
‫أ‪ .‬املمارسات ألامنية الداخلية‪.‬‬
‫تهدف إلى تقوية الجبهة الداخلية للمجتمع‪ ،‬وزيادة ترابطه‪ ،‬لذلك فهي تعمل إلزالة التوترات الداخلية‪ ،‬التي تكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في مجملها مطالب إلقامة عدالة اجتماعية‪ ،‬والتمسك بشرعية الحكم‪ ،‬تقليديا كان أو دستوريا‪ ،‬وإشراك طوائف‬
‫الشعب املختلفة في السياسة الداخلية للدولة‪.‬‬
‫ب‪ .‬املمارسات ألامنية الخارجية‬
‫تعتبر السياسة ألامنية نتاج ملتغيرات محليه واقليميه ودوليه‪ ،‬ويتم صياغتها وتطويرها وفقا للمهددات والتحديات‬
‫واملخاطر التي تؤثر على الامن الوطني‪ ،‬تشترك في رسمها فواعل رسميه وفواعل غير رسميه كما يلي‪:‬‬
‫‪ .5‬الفواعل الرسمية‪ .‬وتنحصر في الهيئة التشريعية‪ .‬الهيئة التنفيذية‪ ،‬الهيئة القضائية‪.‬‬
‫اوال‪ :‬الهيئة التشريعية‬
‫وهي التي تعبر عن ألاراد الشعبية والوطنية‪ .‬ويتولى املشرعون الاعضاء العاملون في ھذه الھيئة‪ ،‬وانطالقا من‬
‫الصالحيات املخولة لھم واملنصوص عليھا في الدستور إصدار التشريعات ورسم السياسات العامة‪ ،‬فدور املشرعين في‬
‫صنع السياسة الامنية مھم وأساس ي في الانظمة الديمقراطية على خالف الانظمة الفردية التسلطية‪ ،‬وقد أكد (جيمس‬
‫أندرسون) أن دور املشرعين في الانظمة الرئاسية أكبر منه في الانظمة البرملانية وھذا يعني أن طبيعة وشكل النظام‬
‫السياس ي تؤثر في طبيعة الدور الذي يمارسه املشرعين في مضمون السياسات )‪ (1‬وامتداداتها‪.‬‬
‫وتتطلع باألدوار ألاتية‪:‬‬

‫(‪ .)1‬جيمس آندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عامر الكبيس ي‪ ،‬عمان‪ :‬دار املسيرة‪5444 ،‬ص ‪16‬‬
‫‪33‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬الاختصاص التشريعي‪ .‬هي الهيئة الوحيدة التي تمتلك حق اصدار التشريعات (سن القوانين واملصادقة عليها او‬
‫رفضها)‬
‫‪ ‬الاختصاص املالي‪( .‬املوافقة على مشاريع املي‪،‬انيات)‪.‬‬
‫‪ ‬الاختصاص الرقابي‪( .‬عن طريق اللجان املتخصص والاستجواب)‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الھيئة التنفيذية‬
‫تعتبر اھم وأبرز فاعل سياس ي يساهم في عملية وضع وتنفيذ وتطبيق وتقويم السياسة الامنية‬
‫وتقوم باملهام التالية‪:‬‬
‫‪ ‬دور الھيئة التنفيذية في الشؤون الخارجية‪ .‬حيث ان العالقات الخارجيه يجب ان تكون متناسقة مع متطلبات‬
‫الامن الوطني والاستراتيجية ألامنية‪.‬‬
‫‪ ‬دور الھيئة التنفيذية في الشؤون العسكرية والامنية‪ .‬حيث يجب على الھيئة التنفيذية أن تحصل على موافقة‬
‫الھيئة التشريعية فيما يتعلق بقوة وتنظيم القوات املسلحة ونفقات الدفاع والانفتاح الاستراتيجي خارج القطر‪.‬‬
‫‪ ‬مساهمة ودور الھيئة التنفيذية في املجال التشريعي إلى جانب الھيئة التشريعية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الھيئة القضائية السلطات القضائية هي املسؤولة من الدستور والقوانين التي تحكم عمل ألاجهزة ألامنية‪.‬‬
‫‪ .2‬الفواعل غير الرسمية‪.‬‬
‫اوال‪ :‬الاحزاب السياسية‪:‬‬
‫فمھوم الحزب السياس ي مفهوم غامض ومتعدد الجوانب والابعاد‪ .‬وهناك منظورين الاحزاب *املنظور الليبرالي‪:‬‬
‫يرى في الحزب السياس ي جماعة من الافراد املعبرة عن القضايا الكبرى التي تتنافس على املناصب الانتخابية‪،‬‬
‫كون الحزب ھو تجمع حر لفريق من ھيئة الناخبين في مجتمع ديمقراطي يلتقي أعضاؤه على مبادئ ومواقف معينة‬
‫بصدد القضايا السياسية العليا املجتمعية‬
‫وألايدولوجية‪.‬‬
‫‪.‬املنظور املاركس ي‪:‬‬
‫إن املفهوم املاركس ي للحزب يرتبط باإلطار الشامل لإليديولوجية املاركسية فيكفي الحزب باعتباره أحد عناصر‬
‫البناء العلوي السياس ي للمجتمع ‪ -‬بأنه تعبير عن مصالح طبقة اجتماعية‪ ،‬بعبارة أخرى فإن الحزب ھو تعبير عن‬
‫مجموعة من الناس تربطها مصالح اقتصادية وتحاول أن تصل إلى الحكم عن طريق الاصالح أو الثورة‪. )1(.‬‬
‫ثانيا‪ :‬جماعات املصالح‬
‫تعد جماعات املصالح من العناصر الهامة التي تتكون منها النظم السياسية املعاصرة‪ ،‬ملا لها من دور وتأثير في‬
‫هذه النظم من خالل الضغط عليها بسوائل معينة لتحقيق مصالحها الخاصة‪ ،‬وتشمل جماعات املصالح (النقابات‬
‫والاتحادات والجمعيات واملؤسسات املالية والاقتصادية والعاملية والدينية والشركات)‬
‫‪https://uomustansiriyah.edu.iq/media/lectures.‬‬

‫(‪ .)1‬اسامة غزالي حرب‪ ،‬الاحزاب السياسية في العالم الثالث‪ ،‬الكويت‪ :‬املجلس الوطني للثقافة والفنون وآلاداب سلسله عالم املعارف ‪ ،5489،‬ص ‪.58‬‬
‫‪34‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تهدف إلى وقاية‪ ،‬وحماية كيان الدولة‪ ،‬والحفاظ على مصالحها الحيوية الخارجية‪ .‬وهي تختلف عن املمارسات‬
‫ألامنية الداخلية‪ ،‬بتنوع أدواتها مع تشابه في أشكالها‪.‬‬
‫املحور الخامس‪ - :‬در اسه الحالة‬
‫بسبب ارتفاع ألاسعار‬
‫ِّ‬ ‫انطلقت سلسلة من الاحتجاجات يوم ‪ 54‬ديسمبر من عام ‪ 2158‬في معظم املدن السودانية‬
‫وغالء املعيشة وتفش ي الفساد الحكومي وذادت حدتها حتى أعلن الجيش في ‪ 55‬أبريل ‪2154‬خلع الرئيس عمر البشير عن‬
‫السلطة وبدء مرحلة انتقالية ملدة عامين تنتهي بإقامة انتخابات لنقل السلطة ‪.‬‬

‫اسباب عدم الاتفاق على عقيده امنيه موحده‬


‫الجيوبلتيكي‪)1(،‬‬ ‫من مرتكزات صياغة العقيدة ألامنية الارث التاريخي والتوجه ألايديولوجي وتاثيراملوقع‬
‫‪ .‬بعد الثورات الشعبية تتغير النخب الحاكمة باألخرى التي كانت في املعارضة‪ ،‬مما يحتم عليها صياغة عقيده‬
‫امنيه جديده واسباب عدم الاتفاق على عقيده امنيه موحده يتمثل في الاتي‪:‬‬
‫عدم اتفاق النخب السياسية على برنامج وطني موحد‪.‬‬ ‫‪.5‬‬
‫التشكيك في كفائه ووالء ألاجهزة ألامنية وعدم الوصول الي صيغه مناسبه إلصالحها‪ ،‬اذ ان الاصالح‬ ‫‪.2‬‬
‫ضرورة ملحه‪ ،‬ولكن من املفترض ان تبدأ اوال بالتوافق على مهددات الامن الوطني ومن ثم وضع العقيدة ألامنية‪.‬‬
‫هما‪)2(:‬‬ ‫وهناك تأكيد على قاعدتين اساسيتين في مجال الدراسات ألامنية والدفاعية املعاصرة‬
‫القاعدة الاولي‬
‫أن أية سياسة أمنية ترتبط أساسا بنوعية التهديد الذي يمكن أن يعصف بسيادة الدولة ووحدتها الترابية وأمن‬
‫سكانها وعليه‪ ،‬فإن أمن الدول يواجه تهديدات عسكرية وأخرى غير عسكرية تأتي من زوايا متعددة يصعب أحيانا‬
‫إدراكها‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‬
‫وهي أن أية سياسة دفاعية تعكس بالضرورة طبيعة النظام السياس ي القائم وطبيعة العالقة بين املدنيين‬
‫والعسكريين‪ .‬فإذا كان النظام ديمقراطيا‪ ،‬فإن مؤسسة الجيش تكون خاضعة للسلطة املدنية‪ ،‬ويكون عملها كذلك‬
‫خاضعا لقنوات املراقبة الديمقراطية‪ .‬أما إذا كان النظام غير ديمقراطي‪ ،‬فإن سياسة الدفاع تعكس في هذه الحالة‬
‫بالتأكيد توجهات النخب املحتكرة للقرار السياس ي‪ ،‬وتكون الحياة السياسية عرضة للتدخالت املؤسسة العسكرية‬
‫بشكل دائم‪ .‬هذه القاعدة تجد مدلوالتها من خالل بروز الحاجة في الدول العربية إلى ما يمكن أن نسميه باإلصالح‬
‫العسكري ودمقرطة قطاع الدفاع‪.‬‬
‫‪ .3‬الاختالفات الفكرية وألايدولوجية بين النخب السياسية‬
‫ينطبق ذلك تماما على الواقع في السودان بعد ثوره ديسمبر وذلك لرغبه القوي السياسية إلضعاف ألاجهزة‬
‫املسؤولة عن الامن وجعلها خارج دائرة صنع القرار‪.‬‬

‫(‪ .)1‬سليم بوسكين‪ ،‬العقيدة ألامنية الجزائرية واشكاليه التكيف مع املهددات الجديدة‪ ،‬املجلد ‪ 51‬العدد‪ 12‬الجزائر ‪ ،2154‬ص‪.5006-5001‬‬
‫(‪ . )2‬ابراهيم اسعيدي واقع وآفاق السياسات ألامنية والدفاعية بالعالم العربي‪. https://studies.aljazeera.ne‬‬
‫‪35‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تطورات القطاع الامني في السودان بعد ثورة ديسمبر‬


‫طالبت النخب السياسية بأن يتم اصالح املنظومة الامنية وذلك بتحديد صالحياتها وتصفية اثار التمكين التي‬
‫الزمت الحكومة السابقة وذلك بحجة ان حكومة الانقاذ قامت بادلجه القوات النظامية وان هذه القوات أصبح والؤها‬
‫للحكومة كما ان هنالك دعاوى بان هذه الاجهزة ال تمثل كل القطر وال تعكس التنوع الاثني وقد تعثرت هذه الدعاوى‬
‫لألسباب الاتية‪:‬‬
‫‪ .5‬غياب الاستقرار السياس ي والامني اذ يواجه قطاع الامن بعد الثورة الكثير من التحديات تتداخل اسبابها وتتمثل في‬
‫الاتي‪- :‬‬
‫أ‪ .‬اهت‪،‬از شرعية املؤسسات الامنية واملدنية في الدولة بين مختلف الاطراف واملؤسسات الرئيسة في الدولة اذ ان‬
‫الحراك السياس ي الذي قام بتغيير النظام قد انتقص كثيرا من دور الشرطة بأقسامها املختلفة وذلك باتهامها بانها‬
‫قمعت املتظاهرين حماية للنظام السابق واتهامها لجهاز الامن بوالئه للنظام وانتهاكه لحقوق الانسان في ممارسته‬
‫الامنية واتهامه لجميع الاجهزة الامنية باستخدام القوة املفرطة في فض اعتصام القيادة العامة مما ادى الى ازهاق‬
‫الكثير من الارواح‪.‬‬
‫‪ .2‬محدودية قدرة الدولة على معالجة امللف الامني بجميع مكوناته‪- :‬‬
‫أ‪ .‬بالرغم من ان الحكومة وقعت اتفاقا مع معظم الحركات املسلحة (تبقى الحركة الشعبية قطاع الشمال بقيادة‬
‫عبد العزيز الحلو‪ ،‬بعض مكونات الحركة الشعبية قطاع الشمال بالنيل الازرق‪ ،‬حركة التحرير والعدالة بقيادة‬
‫عبد الواحد محمد نور) الا انها تعثرت كثيرا في تنفيذ الترتيبات الامنية ولم تتمكن من التعامل العسكري مع العناصر‬
‫التي ما زالت تحمل السالح وتقتطع مساحات من الارض تسميها املناطق املحررة‬
‫ب‪ .‬حالة الانفالت الامني الداخلي‪.‬‬
‫ج‪ .‬حاالت الاحتجاج من بعض الواليات التي رات ان اتفاق جوبا قد تجاوزها‪.‬‬
‫د‪ .‬تنامي الصراع القبلي في دارفور بأسبابه التقليدية‪ ،‬ولكن بعتاد حديث مما جعل الخسائر تتفاقم‪.‬‬
‫‪ .0‬اهت‪،‬از ثقة قطاع كبير من املواطنين في ألاجهزة ألامنية وذلك بدعاوي الدولة مدنيه‪.‬‬
‫‪ .9‬مقاومة الاصالح من جانب املؤسسة العسكرية او الاطراف الاخرى‪.‬‬
‫‪ .1‬غياب الاستراتيجية وعدم وضوح الرؤيا‪.‬‬
‫الاستنتاجات‬
‫‪ .5‬عدم اتفاق النخب السياسية على برنامج وطني موحد يكون سببا في فشلها لصياغة سياسات امنية موحدة‪.‬‬
‫‪ .2‬حالة الارباك التي تالزم الثورات وسيطرة من كانوا في املعارضة على مقاليد الحكم تتطلب اصالحات في الاجهزة‬
‫الامنية مع مراعاة اولويات الامن الوطني‪.‬‬
‫‪ .0‬اغفال دور ألاجهزة ألامنية في التغيير يكون سببا في حدوث الانفالتان ألامنية‪.‬‬
‫‪ .9‬للنخب السياسية دور مهم في صياغة السياسة ألامنية‪ ،‬من املفترض ان تضعه ضمن اسبقياتها‪.‬‬
‫‪ .1‬قد يكون من الضرورة تغير العقيدة ألامنية للدولة وفقا للمتغيرات في املهددات وفي هذه الحالة يتطلب من ألاجهزة‬
‫ألامنية ان تواكب هذه املتغيرات وترجمتها الي برامج عمل‪.‬‬
‫‪ .6‬عند وضع السياسات ألامنية يجب ان يوضع في الاعتبار متغيرات البيئة الاستراتيجية‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ .9‬ثقة املواطنين في ألاجهزة ألامنية يكون سببا في نجاحها‪.‬‬


‫‪ .8‬ضرورة وضع برنامج زمني ممنهج إلصالح ألاجهزة ألامنية دون ان يؤثر ذلك في واجباتها ألاساسية‪.‬‬
‫‪ .4‬تفعيل دور مجالس الامن الوطنية لتقوم بواجباتها ووضع استراتيجية امنيه تكون دليال للسياسة ألامنية‪.‬‬
‫املراجع‬
‫‪ .5‬احسان الحافظي‪ ،‬السياسات الامنية في املغرب في السلطة وادوار النخب السياسية‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪ ،‬قطر‪2121،‬‬
‫‪ .2‬احمد مصطفى الحسين‪ ،‬تحليل السياسيات‪ ،‬مدخل جديد للتخطيط في ألانظمة الحكومية دبي‪ ،‬مطابع البيان‬
‫التجارية ‪5449‬‬
‫‪ .0‬احمد يوسف احمد‪ ،‬حالة الامن القومي العربي في منطقة الخليج‪ ،‬املستقبل العربي‪ ،‬العدد ‪264‬‬
‫‪ .9‬اسامة غزالي حرب‪ ،‬الاحزاب السياسية في العالم الثالث‪ ،‬الكويت‪ :‬املجلس الوطني للثقافة والفنون وآلاداب سلسله‬
‫عالم املعارف ‪،5489،‬‬
‫‪ .1‬امينة دير‪“ ،‬أثر التهديدات البيئية على واقع ألامن إلانساني في إفريقيا‪ :‬دراسة حالة دول القرن إلافريقي”‪( ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪)2159/2150 ،‬‬
‫‪ .6‬جيمس آندرسون‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬ترجمة‪ :‬عامر الكبيس ي‪ ،‬عمان‪ :‬دار املسيرة‪5444 ،‬‬
‫‪ .9‬حسام حمزة‪ .‬الدوائر الجيوسياسية لألمن الوطني الجزائري‪( ،‬مذكرة ماجستير في العلوم السياسية والعالقات‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة الحاج لخضر باتنة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬قسم العلوم السياسية‪)،2155 ،‬‬
‫‪ .8‬سليم بوسكين‪ ،‬العقيدة ألامنية الجزائرية واشكاليه التكيف مع املهددات الجديدة‪ ،‬املجلد ‪ 51‬العدد‪ 12‬الجزائر‬
‫‪،2154‬‬
‫‪ .4‬السيد عليوة وعبد الكريم درويش‪ ،‬دراسات في السياسة العامة وصنع القرار‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مركز القرار لالستشارة عام‬
‫‪2111‬‬
‫‪ .51‬شتحاته الن‪،‬ير وبوزر فوطه السعيد‪ ،‬محددات السياسية الامنية في الجزائر ‪ 2154-5441‬متطلبات نيل شهادة‬
‫املاجستير في العلوم السياسية العام الجامعي ‪ 2121-2154‬جامعة زيان عاشور الجلقة ‪2121-2154‬‬
‫‪ .55‬شوقي ناجي جواد‪ ،‬املرجع املتكامل في إلادارة الاستراتيجية‪ ،‬ط‪ 2‬عمان الاردن‪2155 ،‬م‬
‫‪ .52‬عباس غالي الحديثي‪ ،‬نظريات السيطرة الاستراتيجية‪ ،‬صراع الحضارات‪ ،‬الاردن‪ ،‬دار اسامه للنشر والتوزيع ‪،2119‬‬
‫‪ .50‬عبد الغفار احمد‪ ،‬فض الن‪،‬اعات في الفكر واملمارسة الغربية‪ ،‬الجزء الاول‪ ،‬الجزائر‪ ،‬دار هومه للنشر والتوزيع‬
‫‪،2119‬‬
‫‪ .59‬عبد النور بن عنتر‪ .‬البعد املتوسطي لألمن الجزائري‪ ،‬الجزائر‪ ،‬أوروبا والحلف الاطلس ي‪( .‬الجزائر‪ :‬املكتبة العصرية‬
‫للطباعة‪)،2111 ،‬‬
‫‪ .51‬قريب بالل‪ ،‬السياسة ألامنية لالتحاد الاوروبي من منظور اقطابه –التحديات –والرهانات‪ .‬مذكره منشوره لنيل‬
‫درجه املاجستير العلوم السياسيه‪ ،‬جامعه الحاج لخضر باتنة‪ ،‬العام الجامعي ‪2155/2151‬م‪.‬‬
‫‪ .56‬محمد زاهي بشير املغيربي‪ ،‬قراءات في السياسة املقارنة‪ ،‬قضايا منهاجية ومداخل نظريه منشورات جامعة قار يونس‬
‫طبعه ‪،5448 ،2‬‬
‫‪37‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ .59‬منصور لخضاري‪ ،‬السياسة الامنية الجزائرية (املحددات امليادين التحديات)‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة‬
‫السياسات‪ ،‬قطر‪.2151 ،‬‬
‫‪ .58‬منصور لخضاري‪ ،‬السياسة ألامنية الجزائرية املحددات –امليادين‪ -‬التحديات‪ ،‬املركز العربي لألبحاث والسياسات‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬ط ‪2151 ،5‬‬
‫‪ .54‬نبيل عبد الفتاح‪ ،‬السياسة ألامنية بين التسلطية والديموقراطية‪ ،‬جريدة الاهرام اليومي‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد‪20، 221‬‬
‫اغسطس ‪.2152‬‬

‫‪38‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

:‫ألامن الانساني ومستويات ألامن الوطنية وإلاقليمية والدولية‬


‫دراسة في املفاهيم والتمفصالت‬
‫ املغرب‬،‫ الرباط‬-‫ مركز التوجيه و التخطيط التربوي‬،‫ أستاذ مؤهل في القانون العام‬،‫الدكتور عبد العالي حور‬

abdelaalihour@gmail.com

:‫امللخص‬

‫يعتبر املجال الامني من بين املجاالت التي تتعدد الدراسات في شأنها وتختلف املدارس في تناولها فاألمن باملفهوم املعاصر يختلف عن‬
‫ منصبا على ألامن‬،‫ حيث كان التركي‬،‫ والذي ظل يعتمد على ألامن ألاحادي إلاتجاه‬،‫املفهوم الذي ظل سائدا منذ نهاية الحرب العاملية الثانية‬
‫العسكري بإعتبار أن القوة املسلحة هي القادرة على تأمين حدود الدولة والحفاظ على سالمة أراضيها وتحقيق إلاستقرار الداخلي وتحقيق‬
‫ فامن الانسان اليوم بكل ابعاده و تجلياته اصبح هدفا وركيزة‬.‫ والذي لم يعد متاحا في الظروف املعاصرة‬،‫النصر الكامل على الاعداء‬
‫ والتي بدون تحقيقها وضمانها يتعذر ضمان املستويات الاخرى او انها‬،‫اساسية للمستويات الاخرى لالمن الوطنية والاقليمية والدولية‬
.‫تصير ضعيفة وهشة أمام التهديدات و املخاطر املتعددة التي اصبحت تسم عالم اليوم‬

.‫ التهديات‬،‫ مستويات الامن‬،‫ الانسان‬،‫ الامن‬:‫كلمات مفتاحية‬

Human security and national, regional and international levels of security:A study of
concepts and intersections

Abstract

The security field is one of the fields in which there are many studies and schools differ in its handling. Security in the
contemporary concept differs from the concept that has prevailed since the end of World War II, and which has been
dependent on unidirectional security, Where the focus was on military security, considering that the armed force is able to
secure the borders of the State, preserve the integrity of its lands, achieve internal stability and achieve complete victory over
the enemies, which is no longer available in contemporary conditions. Human security today, in all its dimensions and
manifestations, has become a goal and a basic pillar for other levels of national, regional and international security, without
achieving and guaranteeing them, other levels cannot be guaranteed, or they will become weak and fragile in the face of the
multiple threats and dangers that have become characteristic of the world today.

Keyword: Security, human, levels of security, threats.

39 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ينظر اليوم لالمن من مفهومه الواسع املتعدد ألابعاد وإلاتجاهات واملجاالت‪ ،‬فهو ليس مجرد إجراءات للدفاع‬
‫أو ترتيبات للحماية‪ ،‬بل إنه إلاستقرار بأوسع معانيه وألامان بكل ما تحمله الكلمة من أبعاد‪ .‬فإنعدام إلاستقرار تمتد‬
‫أسبابه من الفقر والتباين إلاقتصادي داخل املجتمع الواحد أو بين مجتمعات مختلفة‪ ،‬إلى أعمال القمع والتضييق على‬
‫الحريات ألاساسية‪ .1‬مثل هذه الظواهر تمثل تهديدا مباشرا لألمن القومي للدولة أو ملجموعة الدول‪ ،‬وهذا يعني ضرورة‬
‫حل املشكالت السياسية وإلاجتماعية وإلاقتصادية والثقافية‪ ،‬بحيث يمكن تحقيق ألامن املشترك وبالتالي توفير املناخ‬
‫املالئم إلنطالق التنمية املشتركة وضمان كرامة الانسان وحقوقه وحرياته‪.‬‬

‫موضوع الدراسة ‪ :‬أوضحت نهاية الحرب الباردة وسقوط املعسكر الشرقي‪ ،‬أن ألامن الذي كان يتمنى تحقيقه‬
‫فتح الباب إلدراك مخاطر جديدة عبر وطنية‪ ،‬وانتشارا للن‪،‬اعات والحروب ألاهلية‪ ،‬وبروز فاعلين مسلحين جدد‬
‫(مليشيات ومرتزقة وجماعات ارهابية‪ ،)...‬كما عرف دور الدولة تغيرات هامة‪ ،‬وتغير كذلك مفهوم القوة والعنف‬
‫والحرب ( خوصصة العنف باللجوء الى شركات أمنية خاصة )‪ ،‬فضال عن ذلك شهدت العقود ألاخيرة تزايد عدد الدول‬
‫التي ال تقوم بواجبها(أو ما يصطلح عليها بالدول الفاشلة) كضامنة ألمن مواطنيها‪ ،‬بل أصبحت هي مصدر عدم أمنهم‪.‬‬

‫في هذا السياق توسع مفهوم ألامن ليشمل الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية وإلاجتماعية والثقافية‬
‫والبيئية‪ .‬فبيئة ما بعد الحرب الباردة ومجئ عصر العوملة أنتجت تهديدات جديدة غير واضحة ويصعب توقعها‪.‬‬

‫في هذا إلاطار يندرج مفهوم ألامن إلانساني‪ ،‬والذي إن كان كفكرة يعود إلى عقود‪ ،‬إال أنه كمفهوم برز في النصف‬
‫الثاني من تسعينيات القرن املاض ي كنتيجة لجملة من التحوالت العاملية السيما بسبب إنتشار الصراعات الداخلية وما‬
‫نتج عنها من ضحايا في صفوف املدنيين‪ ،‬ولعوملة بعض املشاكل (البيئة‪ ،‬الفقر ‪،‬ألاوبئة‪ ،‬الارهاب‪ ،‬الجريمة املنظمة)‬
‫فالعالم يواجه أنواعا جديدة من التهديدات ( بعضها ليس بالجديد لكن حدته تفاقمت)‪ .‬والتحديات صارت تتجاوز‬
‫إطار الدولة وهي غير عسكرية في أغلبها – وحتى إن مست الجانب العسكري فإنه يتعذر معالجتها باألدوات العسكرية –‬
‫ومنها إنتشار الفقر وألامراض وألاوبئة والجريمة املنظمة وإلارهاب وتهريب املخدرات والتلوث البيئي‪ .‬وهذا ما طرحته‬
‫أدبيات ألامم املتحدة في تقرير التنمية البشرية لعام ‪ 5449‬الصادر عن البرنامج إلانمائي لألمم املتحدة‪ ،‬الذي يعالج‬
‫قضايا جوهرية في التنمية إلاجتماعية ويعنى بسالمة الناس من التهديدات املزمنة مثل الجوع واملرض وإلاضطهاد‬
‫والحماية من إلاختالالت املفاجئة واملؤملة في أنماط الحياة اليومية سواء في البيوت أو في ألاعمال أو في املجتمعات‬
‫املحلية‪ ،‬وهذه التهديدات يمكن أن تؤثر على جميع مستويات الدخل والتنمية في أي بلد وتهدد استقراره‪.‬‬

‫وتنطلق بلورة فكرة مفهوم ألامن إلانساني‪ ،‬من أن أمن البشرية‪ ،‬بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنسية‬
‫أو الوضع السياس ي‪ ،‬هو حالة مترابطة وشديدة التشابك‪ .‬وأن تحقيق هذا ألامن ال سيما في مواجهة قوى الطبيعة‬
‫الجبارة‪ ،‬كالزالزل والبراكين والتغييرات املناخية العاتية وغيرها‪ ،‬يجب أن ينطلق وفق عمل جماعي عالمي تشارك فيه‬

‫‪ -1‬خصص برنامج الامم املتحدة الانمائي تقريره عن سنة ‪ 2154‬ملوضوع عدم املساواة في القرن الواحد والعشرين‪ ،‬انطالقا من التظاهرات التي تجتاج بلدانا عديدة‬
‫والتي تشير الى استمرار الخلل في املجتمع املعولم املعاصر‪ ،‬وازدياد الشعور العميق باالحباط ازاء عدم املساواة و ما قد ينتج عنه من عدم استقرار‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الدول واملنظمات الدولية الرسمية واملدنية‪ ،‬وأن يقوم على رؤية بعيدة املدى‪ ،‬ومؤسسات دائمة ذات إمكانات مادية‬
‫وبشرية ولوجستية‪ ،‬ومؤهلة للتحرك في أي اتجاه أو موقع من العالم‪.‬‬

‫ويحدث مفهوم ألامن إلانساني تميي‪،‬ا بين أمن الدول وأمن ألاشخاص على أساس أن ألاول _بأهميته _ ال يحقق‬
‫الثاني‪ ،‬بيد أن هذا ال يعني طالقا بائنا بين الطرفين‪ ،‬ذلك أن الدولة تبقى املسوؤلة عن أمن مواطنيها‪ .‬إن ألامن إلانساني‬
‫ال يحل محل ألامن القومي للدولة‪ ،‬وإنما يعتبر أن أمن هذه ألاخيرة ليس غاية في حد ذاته وإنما وسيلة لضمان أمن‬
‫ألافراد‪ ،‬فاألمن إلانساني يتمي‪ ،‬بشموليته لتضمنه عدة أبعاد ويغطي قطاعات متنوعة‪.‬و يعتبر اساسا لتحقيق الامن‬
‫القومي و الاقليمي والدولي ‪.‬‬

‫إشكالية الدراسة و فرضياتها‪:‬‬

‫ومن هذا املنطلق تسعى هذه الورقة إلى إلاجابة عن السؤال املركزي التالي‪ :‬الى اي حد يمكن ملقاربة ألامن‬
‫إلانساني أن تستوعب مختلف مستويات ألامن القومي وإلاقليمي والعاملي وبالتالي تشكل ألاساس الذي تنبني عليه‬
‫هذه املستويات وضمانة لتحقيقها ؟ و تنطلق من فرضية مركزية قوامها أنه ال يمكن ألي دولة أن تضمن أمنها الوطني‬
‫وال ألي مجموعة أن تحقق أمنها "القومي" وإلاقليمي ما لم يكن ذلك مؤسسا على أمن إلانسان‪ ،‬بإعتبار أن الفرد هو‬
‫الوحدة الرئيسية لوجود الدولة واستمرارها وأن الدولة في ألاخير وجدت لضمان أمن الفرد والجماعة في مواجهة كل‬
‫التهديدات الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫كما تنطلق من فروض فرعية من قبيل‪:‬‬

‫‪ -‬مقاربة ألامن إلانساني تتضمن وتحوي أهم املقاربات ألامنية؛‬

‫‪ -‬تغير طبيعة التهديدات في ظل العوملة والانفتاح يجعل التركي‪ ،‬على أمن ألافراد املدخل الرئيس ي لتحقيق‬
‫أمن الوطن؛ وألامن الاقليمي والدولي‪.‬‬

‫لإلجابة على إلاشكالية الرئيسية والتحقق من الفرضيات‪ ،‬ستعتمد هذه الورقة على الدراسات ألامنية النظرية‬
‫التي تناولت مختلف إلاشكاالت ألامنية املعاصرة والتقارير الدولية وإلاقليمية التي ركزت على املخاطر والتهديدات ألامنية‪،‬‬
‫وذلك من خالل ثالث محاور؛ سيخصص أولها لتحديد مفهوم ألامن والثاني يتناول مستوياته وتمفصالته‪ ،‬أما املحور‬
‫الثاالث فسيتطرق ملفهوم ألامن إلانساني كمقاربة الدراك التهديدات والاستجابة لها‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الطابع املتغير لألمن‬

‫إرتبطت هيمنة الدولة وإحتكارها للوظيفة ألامنية مع ظهور نظرية العقد الاجتماعي‪ ،‬وخاصة مع توماس هوبز‬
‫‪ T.Hobbes‬وفلسفته إلاجتماعية التي ترتكز على إلانتقال من حالة الطبيعة التي كان فيها الفرد سيد نفسه يمتلك‬
‫حقوقه السياسية وحريته ويعتبر هو نفسه الضامن لها واملدافع عنها‪ ،‬مما جعله في صراع دائم مع ألاخر أو كما عبر‬
‫عنه هوبز ب" إلانسان ذئب ألخيه إلانسان" أو" صراع الجميع ضد الجميع"‪ ،‬إلى حالة أكثر تنظيما تم التخلي فيها عن‬

‫‪41‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تلك الحقوق وإلامتيازات ووضعها بيد سيد ( أطلق عليه هوبز اللوفيثان) أو الدولة مقابل ضمان هذه ألاخيرة ألمن‬
‫ألافراد ‪.‬‬

‫ومنذ ذلك الوقت والبحث عن ألامن يشكل املطلب ألاساس ي للدولة التي سارعت إلى تكريس جهودها من أجل‬
‫زيادة أمنها سواء من خالل تطوير قواتها الذاتية أو من خالل الدخول في تحالفات عسكرية مع الدول ألاخرى(فقرة اولى)‬
‫نتج عنه تعدد مستويات ألامن (فقرة ثانية)‪ .‬وأمام تغير وتعدد مصادر التهديد صار من املحتم توسيع معنى ألامن( فقرة‬
‫ثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة الاولى ‪ :‬املعنى التقليدي لألمن‬

‫يجب في البداية الانطالق من مسلمة مفادها أن محاولة تعريف مجال ألامن بشكل دقيق هو من الصعوبة‬
‫بمكان‪ .‬ذلك أن مفهوم ألامن ليس من املفاهيم السهلة التعريف‪ ،‬وليس موضوع إجماع حوله‪ ،‬ويفسر ذلك بكون أن‬
‫من ممي‪،‬ات التعريف أنه جامع مانع‪ ،‬في حين أن ألامن كظاهرة إجتماعية متغير ومتطور‪ ،‬وبالتالي فإن أية محاولة‬
‫لتعريفه ستكون في الغالب قاصرة أو منقوصة أو جزئية‪ ،1‬تبعا إلختالف وتنوع نظريات العالقات الدولية والتصورات‬
‫التي أعطيت لهذا املفهوم وتحديد مكوناته‪.‬‬

‫فقد ارتبط مفهوم ألامن تقليديا بالحماية من التهديدات ذات الطابع العسكري‪ ،‬حيث جرى تعريفه من منظار‬
‫البقاء وإلاستمرارية‪ .‬وهو التعريف الذي تبنته دائرة معارف العلوم إلاجتماعية؛ فاألمن يعني " قدرة الدولة على حماية‬
‫شعبها ومؤسساتها وقيمها من التهديدات الخارجية"‪ ،2‬هذا املفهوم ظل راسخا في التقاليد الدولية إذ اعتبر كينيث‬
‫والت‪" Kenneth WALTZ ،‬أن القضية ألاساسية واملحورية في العالقات الدولية هي البحث عن ألامن" ‪ ،3‬وسعت هيئة‬
‫ألامم املتحدة إلى تكريس هذا املعنى من خالل إلارتقاء بتحقيق ألامن إلى أحد ألاهداف السامية التي أنشئت من أجلها‪،‬‬
‫من خالل تحريم اللجوء إلى القوة‪ ،‬وتنصيصها على قدسية الحدود إلاقليمية للدولة‪ ،‬وعدم التدخل في شؤونها الداخلية‪.‬‬
‫وبالتالي فإن لكل دولة الحق في الوجود والبقاء‪ ،‬وهذا الحق يعد ألاساس الذي تقوم عليه الحقوق ألاخرى‪ ،‬كالحق في‬
‫السيادة وإلاستقاللية واملساواة وغيرها من الحقوق التي يستدل بوجودها أو غيابها على وجود أو غياب حالة ألامن‬
‫لهذه الدولة أو تلك‪ . 4‬فاألمن يعد الوظيفة ألاولى للدولة‪ ،‬وأي إخالل بهذا ألامن سواء من الداخل أو من الخارج يفض ي‬
‫إلى عجز الدولة عن أداء وظائفها ألاخرى بل يؤدي غياب ألامن‪ -‬أي عدم قدرة الدولة على تحقيقه – إلى تغيير النظام‬
‫السائد كما هو الحال عند قيام إنقالب عسكري‪ ،‬بل يتجاوز إنعدام ألامن إلى إلغاء الدولة من الساحة الدولية‪ .‬ومن‬
‫ثمة فإن الوعي بأهمية ألامن يدفع الدولة إلى تكريس كل جهودها من أجل الحفاظ على بقائها ووجودها عبر رصد مبالغ‬

‫‪ -1‬عمر عبد هللا كامل " ألامن العربي من منظور اقتصادي أعمال ندوة ألامن العربي ‪ :‬التحديات الراهنة والتطلعات املستقبلية "الدار البيضاء‪ ،‬منشورات دراسة‬
‫املركز العربي ألاوربي ‪ .‬باريس ‪.5446‬‬
‫‪2-Thierry de montbrial « réflexion sur la théorie des relations Internationales » revue politique étrangère n° 3 automne 1999 p471.‬‬

‫‪ -3‬هيثم الكيالني"مفهوم ألامن القومي العربي دراسة في جانييه السياس ي والعسكري" أعمال ندوة ألامن العربي التحديات الراهنة والتطلعات املستقبلية الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬منشورات دراسة املركز العربي ألاوربي‪ ،‬باريس ‪ 5446‬ص ‪91‬‬
‫‪ -4‬ياسين الشباني" ألامن القومي العربي ومشروعات ألامن إلاقليمية الجديدة في املنطقة العربية"‪ ،‬مجلة الثوابت العدد ‪ 52‬يونيو ‪ 5448‬صنعاء ص‪29 :‬‬
‫‪42‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مالية كبيرة لتطوير قدراتها العسكرية للتصدي لكل تهديد خارجي‪ ،‬وتعزيز وسائل املراقبة والضبط على املستوى الداخلي‬
‫لتحقيق الاستقرار ‪.‬‬

‫إال أن هذه النظرة إلى ألامن من زاوية النشاط العسكري وتراكم السالح قد تؤدي إلى بروز ما يعرف بالدولة‬
‫البوليسية أو دولة ألامن‪ ،‬حيث يسيطر مفهوم ألامن العسكري الذي تغيب فيه املؤسسات الدستورية وفعاليات املجتمع‬
‫املدني التي قد ينظر إليها على أنها عنصر تهديد لألمن ‪.1‬‬

‫وقد القت هذه النظرة الضيقة لألمن وحصر مفهومه في البعد العسكري املحض عدة انتقادات‪ ،‬ألنها تؤدي‬
‫إلى غلبة القطاع العسكري على باقي القطاعات ألاخرى التي تعد أساس التنمية خصوصا في الدول النامية‪ ،‬حيث يصبح‬
‫التهديد املحدد الرئيس ي لرسم السياسة العامة للدولة والتي تكون في أساسها سياسة أمنية‪ .‬لذلك بدأت تظهر مجموعة‬
‫من النظريات التي أخدت تعمل على توسيع مفهوم ألامن من خالل ربطه بالتنمية‪ .‬ويعد روبرت ماكنمار ‪R.‬‬
‫‪ Macnamard‬وزير الدفاع ألامريكي السابق من ألاوائل الذين فطنوا إلى عالقة ألامن بالرفاهية إلاقتصادية‪ ،‬حيث رأى‬
‫في كتابه "جوهر ألامن" 'أن ألامن ليس هو املعدات العسكرية بالرغم من أنه يشملها‪ ،‬أو النشاط العسكري التقليدي‬
‫بالرغم من أنه قد يشمله؛ فاألمن هو التنمية وبغير التنمية اليمكن أن يقوم ألامن‪ .‬وإذا كان ألامن يعني شيئا‪ ،‬فهو إنما‬
‫يتضمن الحد ألادنى من إجراءات النظام وإلاستقرار وبغير التنمية الداخلية التي تصل إلى الحد ألادنى على ألاقل‪،‬‬
‫يستحيل إقرار وبسط إلاستقرار"‪.2‬‬

‫وقد أدى هذا إلاتجاه الذي بدأه روبرت ماكنمارا في الستينات من القرن العشرين إلى توسيع مفهوم ألامن‬
‫ليشمل ليس فقط إلاقتصاد بل تجاوزه إلى ميادين الثقافة والبيئة ‪ .‬وأصبح بذلك ألامن أمنا شامال متعدد الابعاد‪.‬‬

‫وعلى الرغم من حداثة الدراسات في موضوع "ألامن" فإن مفاهيم "ألامن" قد أصبحت محددة وواضحة في فكر‬
‫وعقل القيادات السياسية والفكرية في الكثير من الدول‪ ،‬فقد برزت كتابات متعددة في هذا املجال‪ ،‬وشاعت مفاهيم‬
‫بعينها في إطاره لعل أبرزها "ألامن القومي ألامريكي" و"ألامن ألاوروبي" و"ألامن إلاسرائيلي" و"ألامن القومي السوفييتي"‬
‫قبل تفككه‪.‬‬

‫وفي محاولة التوصل إلى مفهوم متفق عليه "لألمن"‪ ،‬فإنه يجدر بنا التعرف على ذلك املدلول في إطار أهم‬
‫التوجهات الفكرية املعاصرة‪" .‬فاألمن" من وجهة نظر دائرة املعارف البريطانية يعني "حماية ألامة من خطر القهر على‬
‫يد قوة أجنبية"‪ .3‬ومن وجهة نظر هنري كيسنجر وزير الخارجية ألامريكي ألاسبق يعني "أي تصرفات يسعى املجتمع عن‬
‫طريقها إلى حفظ حقه في البقاء"‪.‬‬

‫‪ -1‬عبد املنعم املشاط وآخرون " ألامن القومي العربي أبعاده ومتطلباته"‪ ،‬معهد البحوث و الدراسات العربية القاهرة ‪ 5440‬ص ‪56‬‬
‫‪ -2‬نقال عن هيثم الكيالني "مفهوم ألامن القومي العربي دراسة في جانييه السياس ي و العسكري" مرجع سابق ص ‪.90‬‬
‫‪3- http://www.britannica.com/bps/search?query=concept+of+securityhttp://www.britannica.com/‬‬

‫‪43‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ولعل أدق مفهوم "لألمن" هو ما ورد في القرآن الكريم في قوله سبحانه وتعالى ‪" :‬فليعبدوا رب هذا البيت * الذي‬
‫أطعمهم من جوع و آمنهم من خوف"‪ 1.‬ومن هنا نؤكد أن ألامن هو ضد الخوف‪ ،‬والخوف باملفهوم الحديث يعني التهديد‬
‫الشامل‪ ،‬سواء منه إلاقتصادي أو إلاجتماعي أو السياس ي‪ ،‬الداخلي منه والخارجي‪.‬‬

‫وفي إطار هذه الحقيقة يمكن إيراد التعريف التالي لألمن؛ حيث عرفه الدكتور زكرياء حسين بأنه‪" :‬القدرة التي‬
‫تتمكن بها الدولة من تأمين انطالق مصادر قوتها الداخلية والخارجية‪ ،‬إلاقتصادية والعسكرية‪ ،‬في شتي املجاالت في‬
‫مواجهة املصادر التي تتهددها في الداخل والخارج‪ ،‬وفي السلم وفي الحرب‪ ،‬مع استمرار إلانطالق املؤمن لتلك القوى في‬
‫املخططة"‪2.‬‬ ‫الحاضر واملستقبل تخطيطا لألهداف‬

‫أما علماء السياسة فقد عرفوا ألامن في إلاطار الفكري تبعا للنظرية التي يتم من خاللها النظر للمصطلح وهي‬
‫ثالث ‪ :‬النظرية الواقعية والنظرية الليبرالية والنظرية الثورية‪ .‬وبحسب النظرية الواقعية فإن الدولة هي الفاعل الرئيس‪،‬‬
‫وهى تتحرك وفق إدراكها للمحافظة على أمنها مما يقتض ي إلاستحواذ على القوة واستخدامها عند اللزوم‪ ،‬وبالتالي فإن‬
‫ألامن املستهدف هو أمن الدولة الذي يحقق التماسك إلاجتماعي وإلاستقرار السياس ي للدولة‪ .‬أما النظرية الليبرالية‬
‫فهي ترفض فكرة أن الدولة هي الفاعل الوحيد في العالقات الدولية وأن أمنها ال يقتصر على البعد العسكري فحسب‬
‫بل يتعداه إلى أبعاد إقتصادية وإجتماعية وثقافية‪ .‬أما النظرية الثورية فتسعى إلى تغيير النظام وليس مجرد إصالحه‬
‫باعتبار ذلك وسيلة ضرورية للقضاء على الظلم‪.3‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التصور النقدي لألمن‬

‫إحتدم النقاش بين التصورين الواقعي والليبرالي لألمن‪ ،‬وأثارت التحوالت الحديثة الحاجة إلى إعادة النظر في‬
‫مفهوم ألامن في إطار "ألامن النقدي" كمقاربة يمكنها التعامل مع أي تهديد في العالقات الدولية‪ .‬ويجد التصور النقدي‬
‫لألمن جذوره في النظرية النقدية‪ 4‬التي وضع أسسها منظرو مدرسة فرانكفورت من أمثال "ماكس هوركهايمر ‪Max‬‬
‫‪ " Horkheimer‬و"تيودور أدورنو ‪ " Theodor Adorno‬و"يورقن هابرماس‪ ." Jurgen Haberma‬وتقدم املقاربات‬
‫النقدية نفسها على انها تمتلك ألادوات التحليلية الكفيلة بتوضيح املسار الذي أخذه النقاش حول مفهوم ألامن ليأخذ‬
‫شكله النهائي من خالل ألامن النقدي‪ .‬ويرفض أنصار هذا إلاقتراب إلافتراض القائم على أن تحقيق ألامن يتم من خالل‬
‫تراكم القوة‪ ،‬وبدال من ذلك فهم يرون أن ألامن يتحقق من خالل تحرر ألافراد من القيود‪ ،‬وهذه القيود قد تكون قيودا‬
‫ى‪ ،‬أو قيودا نابعة من النخبة السياسية‪5.‬‬ ‫هيكلية أي نابعة من طبيعة وهيكل النظام السياس‬

‫‪ -1‬سورة قريش آلايتين ‪ 0‬و ‪9‬‬


‫‪ -2‬زكريا حسين‪-‬أستاذ الدراسات إلاستراتيجية املدير ألاسبق ألكاديمية ناصر العسكرية ‪-‬مصر " ألامن القومي" على الرابط ‪:‬‬
‫‪http://www.khayma.com/almoudaress/takafah/amnkaoumi.htm‬‬
‫‪ - 3‬انظر‪ :‬مص ــطفى علوي " مالحظات حول مفهوم ألامن " مجلة النهض ــة ‪ ،‬دورية تص ــدر عن كلية الاقتص ــاد والعلوم الس ــياس ــية ؛ القاهرة ؛ ‪2111‬عدد ‪ 1‬ص ‪-520‬‬
‫‪. 526‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬إبراهيم الحيدري "مدرسة فرانكفورت‪ ..‬تأسيس نظرية نقدية للمجتمع" على املوقع‪http://bohothe.blogspot.com/2010/03/blog-post_27.html :‬‬
‫‪Stephen WALT, « The Renaissance of Security Studies", International StudiesQuarterly, vol. 35, n°2, June 1991, pp. 211-239-‬‬
‫‪Global Issues", (London: Lynne Rienner Publishers, 2003) P. 3. Alan Collins, "Security and Southeast Asia: Domestic, Regional and -5‬‬
‫‪44‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وفي هذا الصدد يقول "كين بوث ‪ " Kane both‬إن‪" :‬طريقتي في التعامل مع هذا النقاش النقدي هو أنني أرحب‬
‫بأية مقاربة تمكننا من مواجهة املعايير املشؤومة للدراسات إلاستراتيجية للحرب الباردة‪ ،‬للوصول في نهاية ألامر إلى‬
‫إعادة النظر في مفهوم ألامن‪ ،‬طاملا أن هناك الت‪،‬اما بـاإلنعتاق"‪ .‬وفي هذا الاتجاه‪ ،‬فإن بوث يرى أن ألامن يعني "الانعتاق"‪.‬‬
‫وهكذا فإن التصور املحوري حول أمن العهد الجديد مرادف لالنعتاق‪ ،‬والذي يعني‪ ،‬حسب كين بوث‪" ،‬تحرير الشعوب‬
‫من القيود التي تعيق مسعاها للمض ي قدما في اتجاه تجسيد خياراتها‪ ،‬ومن بين هذه القيود‪ :‬الحرب‪ ،‬والفقر‪ ،‬والاضطهاد‬
‫ونقص التعليم وغيرها كثير"‪ 1.‬وبالنتيجة فإن ألامن النقدي يمكنه أن يتعامل مع أي من التهديدات التي لم تؤخذ بعين‬
‫الاعتبار‪ ،‬مثل الكوارث الطبيعية والفقر‪ ،‬وذلك ألن النقاش ألامني القائم‪ ،‬وباألخص الواقعية وفكرها الدوالتي–التمركز‪،‬‬
‫الدول‪2.‬‬ ‫ال يمكنها من التعامل مع أي تهديد أخر عدا الن‪،‬اع بين‬

‫إذن‪ ،‬وبناء على ما سبق‪ ،‬فإن تصور ألامن وإن ارتبط بالواقعية‪ ،‬والذي يقوم على افتراض أن ألامن يتحقق‬
‫بواسطة الدولة–ألامة‪ ،‬وبأن ذلك يحول دون نشوب الن‪،‬اعات بين الدول‪ .‬فإنه بعد الحرب الباردة‪ ،‬أثارت القضايا‬
‫الجديدة إشكاليات عديدة بالنسبة ملفهوم ألامن كالكوارث الطبيعية والفقر‪ ،‬ونحن ألان بحاجة إلى تصور ألامن النقدي‬
‫إلقرار مصادر مشكالتنا‪ ،‬ولتحديد حلول لها‪ ،‬ثم حلها بهدف تعزيز رفاهيتنا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مستويات ألامن وتمفصالتها‬

‫حاول البعض أن يتجاوز املأزق الذي يثيره البحث عن تعريف دقيق لألمن باالكتفاء بتقديم نماذج لهذا ألامن‬
‫والتي سماها أخرون باملستويات‪ ،‬وتبدأ من أمن الفرد ضد كل ما قد يهدد حياته وممتلكاته أو أسرته و جماعته‪ ،‬وصوال‬
‫الى أمن الكوكب من التهديدات الشمولية‪ ،‬وسنتقصر هنا على ثالث مستويات وهي أمن الوطن ضد أي أخطار خارجية‬
‫أو داخلية ( الفقرة الاولى) ‪ ،‬وألامن إلاقليمي ( الفقرة الثانية) وألامن الدولي لدول تتشارك املصالح وتعمل على التكتل‬
‫لحماية كيانها‪ ،‬كاألمن الدولي الذي تتولى حمايته املنظمة الدولية لألمم املتحدة(الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫الفقرة الاولى‪ :‬ألامن الوطني(القومي)‬

‫إن ألامن الوطني هو قدرة الدولة على حماية قيمها والدفاع عن ترابها الوطني واستقاللها واستقرارها الداخلي‬
‫وصد التهديدات الخارجية التي تستهدف مصالحها‪ .‬ويدخل ضمن إختصاصات أمن الدولة كذلك العمل على ضمان‬
‫كرامة مواطنيها واحترام حقوقهم املدنية والسياسية والاقتصادية والحرص على سالمتهم الشخصية‪ .‬ويطغى في الخطاب‬
‫السياس ي وإلاعالمي والعسكري املتداول استخدام عبارة"ألامن القومي" بمبرر أو بدونه ما يجعلها عرضة لسـ ــوء الفـهم‬
‫والاستخدام‪3.‬‬

‫‪1-Ayse CEYHAN, « Analyser la sécurité : Dillon, Waever, Williams et les autres »,‬‬ ‫‪Cultures et Conflits, n°31-32 Sécurité et immigration,‬‬
‫‪http://www.conflits.org/article.php3 ?id-_article=328‬‬
‫‪2 -Keith KRAUSE et Michael WILLIAMS, « Broadening the Agenda of Security Studies: Politics and Methods” , Mershon International Studies Review,‬‬

‫‪vol. 40, 1996, pp. 229-254‬‬


‫‪ -3‬مصطفى علوي " ألامن إلاقليمي‪ :‬بين ألامن الوطني و ألامن العالمي" سلسلة مفاهيم‪ :‬ألاسس العلمية للمعرفة‪ ،‬املركز الدولي للدراسات املستقبلية و إلاستراتجية‬
‫العدد الرابع ابريل ‪. 2111‬‬
‫‪45‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لقد شاع استخدام مصطلح "ألامن القومي" بعد الحرب العاملية الثانية إال أن جذوره تعود إلى القرن السابع‬
‫عشر وخاصة بعد معاهدة وستفاليـا عـام ‪ 5698‬التي أسست لوالدة الدولة القومية أو الدولـة‪ -‬ألامـة (‪.)Nation- State‬‬
‫وشكلت الحقبة املوصوفة بالحرب الباردة إلاطار واملناخ الذي تحركت فيه محاوالت صياغة مقاربات نظرية وأطر‬
‫ً‬
‫مؤسساتية وصوال إلى استخدام تعبير "إستراتيجية ألامن القومي" منذ تسعينيات القرن املنصرم وبدمغة أميركية‬
‫خالصة تم استنساخها عامليا‪ ،‬وسادت مصطلحات حقبة الحرب الباردة مثل الاحتواء‪ ،‬الردع‪ ،‬التوازن‪ ،‬التعايش السلمي‬
‫كعناوين بارزة في هذه املقاربات بهدف تحقيق ألامن والسلم‪ ،‬وتجنب الحروب املدمرة التي اصطبغ بها النصف ألاول‬
‫من القرن العشرين‪.‬‬

‫وإذا كان عام ‪ 5499‬تحديدا محطة إنطالق مصطلح ألامن القومي بالدمغة ألامريكية وبداية التشكيل التنظيمي‬
‫املؤسساتي له بصدور قانون ألامن القومي لعام ‪ 5499‬عن الكونغرس ألاميركي‪ ،‬فإن بقية العالم باشر بوضع الفتة‬
‫أخرى أو عنوان "الدراسات إلاستراتيجية" على ألادبيات التي عالجته بوصفها اجتهادات في التخطيط السياس ي النشط‬
‫حول املستقبل بدال من اجتهادات تعني ضمنيا محاولة لصياغة أجوبة أو ردود فعل بقصد حماية السيادة‪ .‬وكأي‬
‫مصطلح أو مفهوم ال يمكن التوصل إلى تحديد دقيق له خارج نطاق املكان والزمان الذي يتحرك في مداره‪ ،‬متنبهين‬
‫لخضوعه الدائم للتعديل والتطوير انسجاما مع املتغيرات والعوامل التي أثرت وتؤثر في بروزه على مسرح التداول‪.‬‬

‫ذكر باري بوزان ( ‪ ) Barry Buzan‬أنه"يبقى هذا املفهوم عصيا على الصياغة الدقيقة‪ ،‬غامض التعريف‪ ،‬ولكنه‬
‫يبقى مفهوما بالغ الداللة‪ ،‬ألن غياب التحديد الدقيق يوفر للنخبة السياسية والعسكرية هامشا واسعا للتنظير‬
‫إلاستراتيجي واستخدام القوة"‪ .1‬بينما يجد كولدزيدج (‪ )Edward A. Kolodziej‬أنه يجب توسيع مفهوم ألامن القومي‬
‫للتعامل مع التحديات املتنوعة للعالم اليوم‪ ،‬فمؤيدو هذا املوقف‪ ،‬إما يدخلونه في حقل دراسات العلوم الاجتماعية‬
‫في ميدان ألامن القومي لتشمل الاقتصاد‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم الاجتماع والانثروبولوجيا «علم دراسة أصول إلانسان» أو‬
‫يدخلونه مع رزمة واسعة من املشكالت عاملية الطابع تحت عنوان الدراسات ألامنية بما فيها العنف الداخلي‪ -‬املحلي‪،‬‬
‫املخاطر‪ ،‬والصراعات الداخلية‪ ،‬والعابرة للدول‪ ،‬مرض نقص املناعة‪ ،‬تهريب املخدرات‪ ،‬الديون العاملية‪ ،‬الكساد‬
‫وألاغنياء"‪.2‬‬ ‫الفقراء‬ ‫بين‬ ‫الفجوة‬ ‫واتساع‬ ‫البيئي‬ ‫التلوث‬ ‫السكاني‪،‬‬ ‫إلانفجار‬ ‫إلاقتصادي‪،‬‬
‫وبينما يعتقد تراجر (‪ )Frank N. Trager‬أن "أهداف ألامن القومي ترمي إلى إيجاد الشروط السياسية املحلية‬
‫والدولية املالئمة لحماية وتوسيع القيم الحيوية الوطنية" ‪ ،3‬فإن وولفرز (‪ )A. Wolfers‬يرى أن "ألامن القومي من ناحية‬
‫موضوعية هو انعدام التهديد ضد القيم املكتسبة‪ ،‬ومن ناحية ذاتية هو انعدام الخوف من إمكانية تعرض هذه القيم‬
‫للتــهديـ ـ ــد أو الخ ـ ـ ـ ـ ـط ـ ــر"‪.4‬‬

‫‪1-Barry Buzan,‬‬ ‫;‪“People, States and Fear: An Agenda for International Security Studies in the Post- Cold War Era”2 ,nd ed. (Boulder, CO: L. Rienner‬‬
‫‪New York: Harvester Wheat sheaf, 1991), pp. 4 51 ,and 213‬‬
‫‪2-Edward A. Kolodzie «Renaissance in Security Studies? Caveat Lector!,» International Studies Quarterly, vol. 36, no. 4 (December 1992), pp-925 .‬‬

‫‪.908‬‬
‫‪3 -Frank N. Trager and Philip S. Kronenberg, eds., National Security and American Society; “Theory, Process, and Policy,” National Security Studies‬‬

‫‪Series (Lawrence, Kan.: University Press of Kansas, [1973]), pp. 35-36.‬‬


‫‪4- Arnold Wolfers, “Discord and Collaboration; Essays on International Politics “ Baltimore, MD: Johns Hopkins Press, 1962), p. xiv.‬‬

‫‪46‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ويعتمد كل من بيترسون (‪ )Peterson‬وسيبينيوس )‪(Sipinyous‬على التعريف املعتمد من قبل مجلس ألامن‬


‫القومي ألاميركي وهو "الحفاظ التام على املؤسسات والقيم الجوهرية للمجتمع"‪ ،‬مؤدى ذلك أن ألامن القومي مفهوم‬
‫متكامل ولكنه واضح ويتشكل من أبعاد ثالثة‪: 1‬‬

‫‪ -‬البعد ألاول ‪ :‬مفهوم التوازن وهو مسألة داخلية تتعلق بالتوافق القومي‪ consensus‬أي قيام النظام‬
‫السياس ي للدولة على فكرة الدمج والاحتواء ‪ Inclusion‬والتعاون إلاقليمي وليس إلاستبعاد أو إلاقصاء ‪. Exclusion‬‬

‫‪ -‬البعد الثاني‪ :‬الرفاهية ويعني قدرة الدولة ليس فقط على رفع مستوى املعيشة وزيادة جودة الحياة‬
‫والحفاظ عليها وإنما أيضا القدرة التوزيعية للدولة بما يحد من الحرمان الاقتصادي الذي يدفع إلى عدم الرضا‬
‫وإلاحباط ومن ثم اللجوء إلى العنف ‪.‬‬

‫‪ -‬البعد الثالث‪ :‬القدرات العسكرية للدولة والتي تنفذ السياسات الدفاعية‪.‬‬

‫وفي السياق العربي يتم استعمال مصطلح ألامن القومي العربي‪ 2‬للداللة على أمن الدول العربية كمجموعة‪،‬‬
‫رغم أن مفهوم ألامن القومي يفترض وجود سلطة عليا بإمكانها ممارسة الضبط السياس ي على مختلف أعضاء املجموعة‬
‫كما هو الحال في بعض الدول الكنونفدرالية‪ ،‬إال أن الحالة العربية ال تتوفر فيها هذه املقومات‪ ،‬فميثاق جامعة الدول‬
‫العربية ومعاهدة الدفاع املشترك والتعاون إلاقتصادي لم يستعمال هذا املصطلح‪،‬بالرغم من وروده في النظام الداخلي‬
‫ملجلس جامعة الدول العربية الذي يستعمله في املادة الثالثة عندما نص على أن "املجلس يقوم على مستوى القمة‬
‫بالنظر في القضايا املتعلقة باستراتجية ألامن القومي العربي بكل جوانبه‪ "..‬رغم أن معاهدة الدفاع املشترك والتعاون‬
‫الاقتصادي انبنت على ما يفيد الداللة على هذا املفهوم‪ ،3‬الا أنه وفي ظل الواقع العربي املتسم بالتشتت وإلاختالفات‬
‫والخالفات بين دوله‪ ،‬يمكن إعتبار أن ألامن القومي العربي هو حالة منشودة تقتض ي توحيد الرؤية العربية للقضايا‬
‫الداخلية والخارجية‪ ،‬ومسارا طويل من الدمقرطة والتنمية تستجيب لتطلعات الشعوب العربية نحو التكامل و الاندماج‬
‫و التعاون‪.‬‬

‫وعموما فإن ألامن الوطني هو انعكاس ألمن حدود الدولة‪ ،‬التي كانت تشكل في السابق سورا في مواجهة جيش‬
‫العدو‪ ،‬وفي مقابل ديمومتها ومبدأ عدم املساس بها‪ ،‬يالحظ أن هناك إتجاه نحو تجاوزها في إطار إعادة تشكيل العالقات‬
‫الدولية خاصة عبر املنظمات إلاقليمية‪ .‬وتدل على تطور ألامن القومي‪ ،‬فالفكرة التقليدية والضيقة لألمن القومي أي‬
‫حماية حدود الدولة يبدوا أنها فقدت بريقها في مواجهة العوملة والتدفق الافتراض ي واملادي لكل ألاصناف التي تتجاوز‬

‫‪ -1‬عبد املنعم املشاط"ألامن القومي" سلسلة مفاهيم‪:‬ألاسس العلمية للمعرفة‪ ،‬املركز الدولي للدراسات املستقبلية وإلاستراتيجية يونيو ‪ 2118‬ص ‪9-6‬‬
‫‪ - 2‬يعرفه زكريا حسين بأنه " قدرة ألامة العربية على الدفاع عن أمنها وحقوقها وصياغة استقاللها وسيادتها على أراضيها‪ ،‬وتنمية القدرات وإلامكانيات العربية في‬
‫مختلف املجاالت السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية‪ ،‬مستندة إلى القدرة العسكرية والدبلوماسية‪ ،‬آخذة في الاعتبار الاحتياجات ألامنية الوطنية لكل‬
‫دولة‪ ،‬وإلامكانات املتاحة‪ ،‬واملتغيرات الداخلية وإلاقليمية والدولية‪ ،‬والتي تؤثر على ألامن القومي العربي" انظر طارق عبد العال علي‪ ” ،‬مفهوم ألامن القومي‪ ..‬بين‬
‫الحقيقة والخيال”‪ ،‬جريدة املصري اليوم‪ ،‬نوفمبر ‪2159‬م‪ https://www.almasryalyoum.com/news/details/1217546 ،‬تمت زيارته في ‪52.55.2154‬‬
‫‪ -3‬حيث ورد في ديباجة الاتفاقية انه "ستجابة لرغبة شعوبها في ضم الصفوف لتحقيق الدفاع املشترك عن كيانها وصيانة ألامن والسالم وفقا ملبادئ ميثاق جامعة‬
‫الدول العربية وميثاق ألامم املتحدة وألهدافها وتعزيزا لالستقرار والطمأنينة وتوفير أسباب الرفاهية والعمران في بالدها‪ .‬قد اتفقت على عقد معاهدة لهذه الغاية‪"...‬‬
‫وهي املقتضيات التي اعادت تأكيدها بعض املواد في صلب الاتفاقية‪.‬و يحسب لهذه الاتفاقية انها لم تقتصر على جانب التعاون الامني و العسكري بل تجاوزتها الى‬
‫الشق الاقتصادي بما يقتضيه من تعاون وتكامل لتحقيق رفاهية الشعوب العربية‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الحدود‪ ،‬فتعدد التهديد مثل تدهور البيئة‪ ،‬النمو الديمغرافي‪ ،‬العنف الاجتماعي املت‪،‬ايد خاصة في الوسط الحضري أدى‬
‫إلى ربط الحكومات ألامن بالتنمية ‪،‬هكذا اذا يجب إعادة التفكير في مفهوم ألامن القومي بغية ألاخذ بعين الاعتبار هذه‬
‫التحوالت ‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬ألامن إلاقليمي‬

‫ظهر مفهوم ألامن إلاقليمي في أعقاب الحرب العاملية الثانية ليدل على مجموعة من الدول املرتبطة فيما بينها‬
‫بنظام إقليمي‪ ،‬إصطلح عليه فيما بعد بالنظام الفرعي أو النظام الدولي الجزئي‪ ،‬ويعد التكامل الجغرافي والتقارب الثقافي‬
‫ووحدة ألاهداف من أهم محددات ألامن إلاقليمي‪ ،‬ويستند على فكرة مؤداها أن ألامن الذي تسعى إليه مجموعة من‬
‫الدول‪ ،‬التي لها نفس الخصوصيات وألاهداف لن يتحقق إال ببناء إقليمي واحد مؤسس على الدفاع املشترك والتعاون‬
‫املتبادل‪ .‬كما إكتسب ألامن إلاقليمي أبعادا جديدة فلم يعد ينصرف إلى مواجهة التهديد املشترك بل تجاوزه إلى إقامة‬
‫ترتيبات وهياكل جديدة من أجل تحقيق التكامل وإلاندماج والتعاون في املجاالت كافة‪ ،‬خاصة الاقتصادية والتنموية‪،‬‬
‫وأبرز وأنجح التكتالت هو إلاتحاد ألاوروبي الذي يعمل جاهدا من أجل التصدي لسلبيات العوملة‪ ،‬واملحافظة على‬
‫بنيانه ‪.‬‬

‫وقد اعتبر مدحت ايوب أن ألامن إلاقليمي يقصد به "اتخاذ خطوات متدرجة تهدف إلى تنسيق السياسات‬
‫الدفاعية بين أكثر من طرف‪ ،‬وصوال إلى تبني سياسة دفاعية موحدة تقوم على تقدير موحد ملصادر التهديد وسبل‬
‫مواجهتها‪ ".2‬فيما يعتبره اخرون مفهوم سياس ي‪ ،‬يطلق على السياسة ألامنية املشتركة التي تبلورها الوحدات السياسية‬
‫املشكلة للنظام الاقليمي‪ ،‬ملواجهة مخاطر التهديدات الخارجية املشتركة لالقليم‪.3‬وهو التعريف الذي ينطبق على تجربة‬
‫إلاتحاد الاوربي في هذا املجال‪ ،‬بإعتباره نظاما اقلميا عمل منذ عقود على توحيد رؤيته ألامنية من خالل سياسة أمنية‬
‫ودفاعية مشتركة ‪،‬وخاصة سنة ‪ 2110‬حيث تم اعتماد السياسة ألامنية الاوربية املشتركة بعد اتفاق دول إلاتحاد‬
‫ألاوربي على تقييم مشترك للتهديدات ووضع أهدافا واضحة لتحقيق مصالحها ألامنية‪4.‬باعتبار أن وحدة الرؤية وإلاتفاق‬
‫وإلانسجام في ادراك مصادر التهديد وسبل مواجهتا هو أساس بناء نظام لألمن إلاقليمي‪.‬‬

‫لكن قد تتعدد الرؤى واملدركات داخل الجماعة الواحدة بشأن التهديد وألامن‪ .‬وقد ال يكون التعدد إلادراكي‬
‫مشكلة في حد ذاته بل قد يعتبر مصدر ثراء وغنى ‪ ،‬لكن اذا تحول الى إنقسام وفقدان للقدرة على الوصول الى توافق‬
‫جمعي حول ادراك أهم مصادر الخطر والتهديد‪ ،‬وماهية القيم واملصالح املهددة وترتيبها من حيث ألاولوية والاهمية‪،‬‬
‫فإن الخطر يصبح ذاتيا داخليا وهنا يتعرض أمن الجماعة الى تهديد حقيقي‪ 5.‬والنتيجة يستحيل الحديث عن أمن‬

‫« ‪1 -Anne –claire GAYET‬‬ ‫» ‪la sécurité humaine dans le contexte occidental : un concept relatif ? contrôles migratoires et criminalisation des Etrangers‬‬
‫‪human Security journal , CERI Programme for peace and human Security volume 6 spring 2008 p 95‬‬
‫‪ -2‬مدحت أيوب‪ ،‬ألامن القومي العربي‪( ،‬مصر‪:‬مركز البحوث العربية) ‪ ،2110‬ص‪53‬‬
‫‪ -3‬انظر ناظم عبد الواحد الجاسور‪،‬موسوعة علم السياسة‪ (،‬الاردن‪ ،‬دار مدالوي للنشر و التوزيع الطبعة الاولى‪ )2119 ،‬ص ‪94‬‬
‫‪ - 4‬انظر‪ ،‬اوربا امنة في عالم افضل‪ :‬الاستراتجية الامنية الاوربية‪ ،‬مجلس اوربا ‪ ،‬مكتب اصدارات الاتحاد الاوربي‪2151،‬‬
‫‪https://www.consilium.europa.eu/media/30826/qc7809568arc.pdf‬‬
‫‪ - 5‬مصطفى علوي‪ ،‬الامن الاقليمي بين الامن الوطني و الامن العالمي‪ (،‬سلسلة مفاهيم الاسس العلمية للمعرفة) املركز الدولي للدراسات املستقبلية و الاستراتجية‬
‫‪ ،‬العدد ‪ 9‬السنة الاولى ابريل ‪ 2111‬ص ‪4‬‬
‫‪48‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اقليمي لغياب شروطه ومقوماته؛ وخاصة تضامن مجموعة الدول املنظوية في النظام إلاقليمي داخليا‪ ،‬لصد التهديدات‬
‫الخارجية باتخاذ تدابير متوافق عليها منبنية على املصالح الذاتية لكل مكونات النظام إلاقليمي واملصالح املشتركة‬
‫للمجموعة ككل‪.‬‬

‫واذا كان هذا ألامر متحققا لدى بعض ألانظمة إلاقليمية التي استطاعت تحقيق درجة عليا من الترابط والتكامل‬
‫ونوع من إلاندماج في مصالحها بما يجعل أمن بعضها يرتبط بالبعض ألاخر‪ ،‬فإن عددا أخر من ألانظمة إلاقليمية‬
‫يعاني من غياب أو انعدام الترابط بين أمن دوله كحالة العالم العربي خاصة والشرق الشرق الاوسط عامة‪ ،‬الذي يعاني‬
‫من العديد من الن‪،‬اعات بين معظم دوله‪ ،‬و ان كان يرجى من انشاء مجلس التعاون الخليجي تحقيق تحقيق مزيد من‬
‫التعاون و الامني و العسكري في مواجهة التهديدات الجيواستر اتجية والاقليمية خاصة ملنطقة الخليح‪ ،‬الا ان الخالفات‬
‫التي دبت بين اعضائه حال دون تحقيق هذا املبتغى رغم استمرار التهديادات و ازدياد حدتها و تنوع مصادرها‪ .1‬ألن‬
‫تحقيق ألامن الاقليمي يقتض ي وجود تعاون وثقة متبادلة بين وحدات الاقليم ورغبة مؤسسة على إلاحساس بوحدة‬
‫املصير املشترك‪ .‬ووجود إرادة إليجاد الحلول املشتركة للقضايا املشتركة بشكل يضمن حقوق ومصالح جميع ألاطراف‬
‫بصورة متكافئة ومتوازنة‪.‬‬

‫وتبرز أهمية وضرورة مأسسة نظام لألمن إلاقليمي أمام عجز الدول منفردة عن تحقيق أمنها الوطني‪ .‬حيث أن‬
‫ألامن بين الدول يبقى شرط ضروري ألمن ألافراد‪ ،‬والهدف ألاول لألمن القومي يتمثل في حماية الوحدة الترابية والسيادة‬
‫السياسية في مواجهة الخروقات الخارجية‪ ،‬ورغم أن عددها قد تراجع فإن الحروب بين الدول تشكل دائما تهديدا ال‬
‫يجب أن نقلل من نتائجها املحتملة فبسبب التطور التكنولوجي وانتشار التسلح فإن الحروب املستقبلية بين الدول‬
‫سينتج عنها عدد مخيف من الضحايا من املدنيين‪ .‬وعلى العكس فأمن الدولة ال يكفي لضمان أمن السكان فعدد مت‪،‬ايد‬
‫من التهديدات العبر وطنية تلقي بثقلها كذلك على أمن ألافراد ففي عالم يت‪،‬ايد فيه الترابط بين الدول فإن التهديدات‬
‫تصبح مترابطة ففتح ألاسواق وتطور التجارة الدولية وثورة إلاتصاالت تقدم إيجابيات ولكن هذا جعل الحدود أكثر‬
‫عرضة لعدة مخاطر‪ ، 2‬مما يقتض ي تعاون وتكاثف اقليمي ودولي أحيانا ملواجهتها‪.‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ألامن الدولي‬

‫يقوم ألامن الدولي ويتحقق بتحقق ألامنين الوطني وإلاقليمي‪ .‬وتفاديا لويالت الحرب فقد جعلت منظمة ألامم‬
‫املتحدة ألامن والسلم من أسمى أهدافها من خالل إحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية وتحريم‬
‫اللجوء إلى القوة والاعتداء على آلاخرين‪ .‬كما أنها أشركت الكثير من املنظمات الجهوية في هذا العمل‪ ،‬من خالل القيام‬
‫بمبادرات موازية تدعم ألامن والسلم الدوليين ‪.‬‬

‫‪ -1‬انظر‪:‬فتحي فتحي جاد هللا الحوش ي "الامن الجماعي العربي وتطبيق دول الخليج له" مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية‪ ،‬املركز الديمقارطي العربي العدد‬
‫الثاني نونبر ‪2154‬‬
‫‪2- Lloyd Axworthy « la security des individus dans un monde en mutation » politique étrangère n° 2 année 1999 , volume 64 numéro 2 p 334 -335‬‬

‫‪49‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ويعد نظام ألامن الجماعي ألاساس الذي تقوم عليه هيئة ألامم املتحدة ويستند هذا النظام‪ ،‬وفق ما جاء في‬
‫الفصل السابع من امليثاق على استخدام القوة العسكرية في حالة وجود تهديد أو استخدام القوة أو وقوع عدوان‪.1‬‬

‫واليوم ييتم التشكيك استمرار هيمنة النموذج التقليدي لألمن الدولي‪ ،‬اما م عدم قدرته على استيعاب‬
‫التحديات املعاصرة‪ .‬هذا النموذج الذي أنتج في أوروبا القرن ‪ 59‬له ثالثة مكونات رئيسية ‪ :‬الدولة هي الفاعل الرئيس ي‬
‫واملستفيد من ألامن‪ ،‬تهديدات ألامن تأتي بصفة خاصة من الدول ألاخرى‪ ،‬الردود على هذه التهديدات هي من نوع‬
‫دبلوماس ي استراتجي‪ .‬ولقد أضعفت نهاية الحرب الباردة هذا النموذج‪ ،‬ألن العقد الذي تلى نهاية املعسكر الشيوعي‬
‫اتسم بانطالق العنف الداخلي أو عبر الدولي في سياقات إنهيار الدول وسيادة الفوض ى‪ ،‬فالدول الغنية أو الفقيرة ال‬
‫يمكنها التصرف حيال هذا العنف‪ ،‬مما جعل الشعوب تطالب بالحماية سواء على املستوى الوطني أو الدولي ‪.2‬‬

‫وعرف أيضا ألامن الدولي الذي استهدف إلانسجام مع ما شهده العصر من تقدم تكنولوجي هائل تطورا هاما‪،‬‬
‫فأصبح لألمن مفهوم جديد يتجاوز ألامن الوطني وألامن إلاقليمي‪ ،‬وكان هدفه الجوهري متمحورا حول إلاقتصاد‬
‫العالمي باعتباره الركي‪،‬ة ألاساسية لألمن الكوكبي الذي اهتم بالثورة التكنولوجية في مجاالت املعلومات والاتصاالت‪،‬‬
‫عالوة على اهتمامه بمشكلة إلانفجار السكاني وقضايا البيئة‪ ،‬وقدم رؤية جديدة ملفهوم ألامن الذي ال يواجه أعداء‬
‫تقليديين " دوال وأشخاصا "‪ ،‬بل يعمل على حشد مقوماته ملواجهة ألاخطار التي تواجه البشرية جراء ألاشياء أو‬
‫ألاحداث‪3.‬‬

‫إال أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر ألقت بظاللها على تصورات ألامن الدولي وشكلت ارتدادا نحو منطق‬
‫القوة املادية‪،‬جيث لم يعد إلاهتمام منصبا على ألافكار التي كان مقررا لها أن تلعب دورا في صنع العالم الحديث‬
‫والتي تلت انهيار املعسكر الشرقي‪ ،‬بل تمي‪،‬ت املرحلة بإستخدام القوة املسلحة التي اتخذت من مواجهة إلارهاب هدفا‬
‫لها دون اعتبار ملا يلحق حقوق إلانسان من انتهاكات‪ ،‬واحيانا مسا بسيادة الدولة وكيانها‪ ،‬وكان من نتائج هذه املرحلة‬
‫وتبعاتها بروز ألامن دون الوطني الذي يفسح املجال لتنظيمات سياسية أو قبلية أو طائفية للعب دور في تقرير أمنها‬
‫على حساب ألامن الوطني و احيانا الامن إلاقليمي والدولي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬ألامن إلانســاني كمقاربة دامجة إلدراك التهديدات وإستيعابها‬

‫لقد برز مفهوم ألامن إلانساني بالشكل الذي هو عليه اليوم في فترة ما بعد الحرب الباردة(الفقرة ألاولى) حيث‬
‫ساهمت التحوالت التي عرفتها هذه الحقبة في بروزه ومحاولة تعريفة (الفقرة الثانية) وتتبع نشأته وتطوره رغم أن‬
‫جذوره التاريخية الفكرية تعود إلى القرون السابقة‪ ،‬كما أن تعدد أبعاده وشموليتها يجعل منه مقاربة دامجة‬
‫ومستوعبة لباقي مستويات ألامن ما دام أن غايته أمن إلانسان سواء وطنيا أو اقليما أو دوليا (الفقرة الثالثة)‪.‬‬

‫‪ -1‬للتوسع في املوضوع انظر‪ :‬نشأت الهاللي "الامن الجماعي" سلسلة مفاهيم‪:‬ألاسس العلمية للمعرفة‪ ،‬املركز الدولي للدراسات املستقبلية وإلاستراتيجية ‪ ،‬العدد ‪4‬‬
‫شتنبر ‪2111‬‬
‫‪2 - Sous la direction de Jean – François Rioux « la sécurité humaine nouvelle conception des relation international » Paris, Harmattan, 2001 p 10‬‬

‫‪ -2‬انظر‪ :‬مصطفى علوي " ألامن إلاقليمي‪ :‬بين ألامن الوطني و ألامن العالمي" مرجع سابق ص ‪. 502 – 521‬‬
‫‪50‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬دور نهاية الحرب الباردة في إثارة الانتباه إلى املخاطر الجديدة‬

‫مند نهاية الحرب الباردة تحسن أمن معظم الدول في حين تراجع أمن سكان العالم‪ ،‬فنهاية املواجهة بين‬
‫املعسكرين نتج عنه أمن مت‪،‬ايد للدول التي كانت تتحمل نتائج هذه املواجهة‪ ،‬هذا في الوقت الذي رأينا فيه إندالع‬
‫نزاعات أهلية جديدة نتجت عنها كوارث إنسانية كبرى وجرائم إبادة‪ ،‬فالعوملة أتت بأشياء إيجابية لكنها تزامنت مع أمور‬
‫سلبية‪ ،‬فقد ازداد العنف والتهريب وإلارهاب وانتشرت ألامراض وتدهورت البيئة‪ ،‬مما شكك في الفرضية التي بمقتضاها‬
‫أن أمن ألافراد ناتج عن أمن الدول‪.1‬‬

‫فإلى جانب الحروب فإن مخاطر أخرى كالتلوث والتصحر والفقر وإنتشار ألامراض املعدية تسبب نتائج مماثلة‬
‫أو أخطر من الحرب‪ ،‬تتجاوز حدود الدول‪ ،‬ولها انعكاسات عبر وطنية‪ ،‬لكن يظل الفرد هو ضحيتها الاولى‪.‬في هذا‬
‫السياق لم يعد يعرف ألامن مقابل حالة الن‪،‬اع املسلح ولكن عبر البحث عن العيش الكريم للفرد واحترام كرامته‬
‫وصون حقوقه وحرياته‪ .‬وفي هذا إلاطار فإنه يلتقي مع أحد أهداف إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الذي ينص في‬
‫تصديره على أن" إلاعتراف بالكرامة املالزمة لجميع أعضاء ألاسرة إلانسانية وبحقوقه املتساوية وغير القابلة للمس‬
‫تشكل أساس الحرية والعدالة والسلم في العالم" ‪.‬‬

‫لقد كان التقدير سابقا هو أن التهديدات ألامنية تأتي من مصادر خارجية‪ ،‬وبالتالي فإنها كانت تعالج في سياق‬
‫"أمن الدولة ‪ “ state Security‬أي حماية الدولة وحدودها وشعبها وقيمها من املخاطر الخارجية‪ .‬والحدود الترابية كانت‬
‫غير قابلة للمس‪ ،‬والتدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة كان محرما‪ .‬وأقامت الدول أنظمة عسكرية قوية‬
‫للدفاع عن نفسها‪ ،‬فالشعب كان يستمد أمنه من الحماية التي تمنحها له الدولة‪.‬‬

‫إال أن نهاية الحرب الباردة وإن أعقبها نهاية الديكتاتورية الشيوعية وزوال ألانظمة العسكرية لتفتح الباب أمام‬
‫أنظمة ديمقراطية وأكثر انفتاحا‪ ،‬وزوال التهديدات الخارجية للحدود الترابية أو لسيادة الدولذ؛ فإنها عوضت ببروز‬
‫العنف داخل الدول‪ .‬بهذا يكون مصدر التهديد قد أصبح داخليا بسبب التنافس التاريخي والحقد والعداء بين مختلف‬
‫إلاثنيات واملجموعات الدينية وإلاجتماعية وضحايا هذه الن‪،‬اعات هم بالدرجة ألاولى إن لم يكن دائما املدنيين رجاال‬
‫ونساء‪.‬‬

‫ويعتبر إلارهاب اليوم أكبر خطر يستعمل كأداة في يد الضعيف ملواجهة القوي‪ ،‬و إن كان دائما موجودا‪ ،‬فبينما‬
‫عرفت الحركات اليسارية إلارهابية الضعف لجاءت املنظمات إلانفصالية إلاثنية لألدوات إلارهابية للحصول على مطالبها‬
‫وظهرت الجماعات الدينية على املشهد الدولي كفاعل ومؤثر في مجموعة من ألاحداث‪.2‬‬

‫إن التغير في طبيعة االتهديدات املحدقة بالسلم وألامن التي يواجهها سكان العالم اليوم دليل على مدى ابتعادنا‬
‫عن عالم دولي بحق‪ .‬فإن كانت أحكام ميثاق الامم املتحدة قد افترضت مسبقا أن العدوان الخارجي‪ ،‬أي اعتداء دولة‬

‫"‪1- Lloyd AXWORTHY « la sécurité des individus dans un monde en mutation‬‬ ‫‪politique étrangere n°2 1999 , volume 64 n 2 p 333‬‬
‫‪2- Sadako OGOTA « State security – human security » Fridtjof Nansen Memorial lecture 2001 , united nations university , Tokyo 12 December 2001‬‬

‫‪p 8-9‬‬
‫‪51‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫على أخرى‪ ،‬هو أعظم ألاخطار ونصت على حرمة اللجوء الى القوة بين الدول لتسوية نزاعاتها‪ ،‬غير أن الحروب ألاهلية‬
‫وأعمال التطهير العرقي وإلابادة الجماعية خالل العقود ألاخيرة شهدت مقتل أعداد من الناس أكبر بكثير‪ ،‬والتي أجج‬
‫من ضراوتها توافر ألاسلحة على نطاق واسع في سوق ألاسلحة العالمي‪ .‬ويجري تداول تكنولوجيات الدمار الشامل في‬
‫عالم سفلي من ألاسواق غير املشروعة والسوداء‪ ،‬ويلقي إلارهاب بظالله على استقرار الحكم‪ ،‬واملجموعة الدولية لم‬
‫تكيف بعد مؤسساتها حسب هذا الواقع الجديد‪ 1.‬وهو ما يبرر الحاجة الى مقاربة جديدة قادرة على استيعاب والتعامل‬
‫مع هذه املستحدات و املتغييرات‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬تعريف ألامن إلانساني‬

‫ألامن » ‪« la sécurité‬بأنه" الغياب الفعلي للخطر‪،‬وللفقر ولكل تخوف"‪ ،‬وعلى‬ ‫يعرف معجم‪LE ROBERT‬‬
‫املستوى الدولي يعرف بأنه الحماية في مواجهة الاعتداءات الخارجية أو كذلك حماية املصالح الوطنية في السياسة‬
‫الخارجية أو أخيرا كالحماية الشاملة ضد "هولوكست" نووي‪ ،‬وبإضافتنا له النعت إلانساني‪ ،‬فإن ألامن إلانساني قد‬
‫يعني الغياب الفعلي للخطر والفقر وكل تخوف يمس الكائن البشري‪ ،‬وحماية ألافراد ضد الاعتداءات وحماية املصالح‬
‫الخارجية لدولهم‪ ،‬ولكن هذا التعريف لألمن إلانساني ال يكشف حقيقة محتوى هذا املفهوم‪ .‬فإن كان هذا املصطلح‬
‫قد اشتهر من طرف مؤسسات مثل برنامج ألامم املتحدة إلانمائي وألامم املتحدة وحكومات دول ككندا واليابان ومن‬
‫طرف ألاكاديمي الهندي الحاصل على جائزة نوبل امارتيا صن‪ ،‬فإنه لم يحصل بعد على تعريف دقيق وواضح‪ ،2‬فقد‬
‫تمت عدة محاوالت لتعريفه لكن دون الوصول إلى اتفاق حول تعريف موحد‪ ،‬نتج عنه تيارين فكريين يمكن أن تقتسم‬
‫جميع التعريفات التي أعطيت ‪:‬‬

‫ألاول يعطي معنى واسع للمفهوم ‪ :‬فاألمن إلانساني يشمل الئحة طويلة من التهديدات املحتملة ألمن ألافراد‪،‬‬
‫بعضها تقليدي – الن‪،‬اعات املسلحة – والبعض ألاخر يتمحور حول التنمية كاملساس بالصحة والبيئة والفقر‪ .‬هذا‬
‫التعريف هو الذي أخذ به في تقرير البرنامج إلانمائي لألمم املتحدة لسنة ‪ 5449‬حول التنمية البشرية وأخذ به من‬
‫طرف جزء كبير من الفقه "فاألمن إلانساني هو مفهوم مكمل ويطبق على ألافراد بصفتهم الخاصة والجماعية الذين‬
‫يعيشون في دولة ما وعلى إقليم ما" ‪ 3‬ويركز كليا على الفرد ويحميه من التهديدات املصاحبة وغير املصاحبة للعنف‪.‬‬
‫وإذا قبلنا بأن ألامن إلانساني هو حماية الفرد؛ فإن السؤال املطروح هو في مواجهة ماذا ؟ ما هي التهديدات التي تؤدي‬
‫إلى الألمن إلانساني ؟‪ .‬هذا ألامر مثير للجدل ألنه يتسع من التهديدات الجسمانية إلى التهديدات السوسيواقتصادية بل‬
‫وكذلك البيئية‪ ،‬وحتى اذا عرفنا ألامن إلانساني كحماية ضد التهديدات العنيفة فالسؤل يبقى مفتوحا حول كيف نعرف‬
‫العنف ؟ هل هو العنف املادي والضرر الجسدي ؟ أو انه يجب علينا تضمين العنف البنيوي عند جوهن كالتونغ‬

‫‪ " -1‬عالم أكثر أمنا ‪:‬مسؤوليتنا املشتركة " تقرير الفريق الرفيع املستوى املعني بالتهديدات والتحديات والتغيير مذكرة من ألامين العام الدورة ‪ 14‬للجمعية العامة لالمم‬
‫املتحدة ‪ 2 A/59/565‬دجنبر ‪. 2119‬‬
‫‪2 -Alexandra AMOYEL « what is human security ? » in human security journal , the journal of the centre for peace and human security ,Issue 1 . 2006‬‬

‫‪april p10‬‬
‫‪Rapport 2003 du PNUD sur le " " Les Objectifs du Millénaire pour le développement :Un pacte entre les pays pour vaincre la pauvreté humaine -3‬‬
‫‪développement durable ECONOMICA Paris .‬‬
‫‪52‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ Johan GALTUNG‬الذي يتضمن الالمساواة السوسيواقتصادية ‪،‬التميي‪ ،‬الجنس ي وكذلك املنع من الولوج إلى الصحة‬
‫والتعليم‪1.‬‬

‫ويعرف لويد اكسورس ي ‪ Lloyd AXWORTH‬ألامن إلانساني بأنه "العيش بعيدا عن الحرمان الاقتصادي‪،‬‬
‫والتمتع بنوع من الحياة مقبولة وضمان ممارسة الفرد لحقوقه إلانسانية ألاساسية" ‪ .2‬ويعرفه محبوب الحق بأنه‬
‫"سياسة عاملية تهتم بالعدل الشامل وإلانصاف‪ ،‬وليس أداة للسياسة الخارجية في العالقات الدولية"‪ .3‬فيما يعرفه‬
‫تقرير التنمية إلانسانية العربي لسنة ‪ 2114‬بأنه" تحرر إلانسان من التهديدات الشديدة و املنتشرة واملمتدة زمنيا‪،‬‬
‫وواسعة النطاق التي تتعرض لها حياته و حريته" ووفق هذا التعريف تكون الحرية هي القيمة املحورية للفرد إذ إنها في‬
‫وأجنبية‪4‬‬ ‫السياق العربي‪ ،‬تتعرض للتهديد من الداخل ومن الخارج ومن جانب قوى محلية‬

‫التيار الثاني أكثر ضيقا ويلتقي في عدة نقط بالتعريف الكالسيكي لألمن فهو يعرف ألامن إلانساني كمتمحور‬
‫حول ألاشخاص‪ ،‬يدخل عدد كبير من التهديدات أكثر من التعريف الكالسيكي ولكن في ألاكثر عنفا مثل ألالغام‬
‫ألارضية‪ ،‬ألاسلحة الخفيفة والرصاص‪ ،‬والعنف والن‪،‬اعات داخل الدول‪ .‬فإذا كان هذا التيار يتمي‪ ،‬بوضعه لحدود‬
‫واضحة ملفهوم ألامن إلانساني‪ ،‬فإن هذا التعريف يقترب من التعريف الكالسيكي لألمن بإدخاله فقط فكرة الن‪،‬اع‬
‫املسلح وتهديد ألامن الجسدي للشخص داخل الدولة‪.‬‬

‫ألامن إلانساني هو مكون من مكونات السلم‪ ،‬ويمكن قياس السلم حسب مؤشر السلم الدولي ‪global peace‬‬
‫‪ index‬الذي يسعى الى ترتيب دول العالم حسب السلم الذي تعيشه‪ ،‬هذا املؤشر صيغ من طرف مجلة الايكونوميست‬
‫‪ the economiste‬واملركز الدولي لدراسة السلم والن‪،‬اع في استراليا ‪center for peace and conflict studies in australie‬‬
‫‪ ،‬هذا املؤشر يقيم أكثر من ‪ 591‬دولة حسب ‪ 29‬مؤشر ويعرف هذا املؤشر السلم بأنه "غياب العنف"‪.5‬‬

‫الفقرة الثالثة‪ :‬ألامن الانساني واستيعاب مستويات ألامن الاخرى‬

‫أثارت فكرة عدم فعالية التوافقات ألامنية التي استجابة للمواجهة بين الشرق و الغرب والتي همشت متطلبات‬
‫التنمية لباقي العالم‪ ،‬والذي يظهر في عدة تقارير للجان عليا مستقلة عبر عدة عقود؛ ففي سنة ‪ 5481‬صدر تقرير شمال‬
‫جنوب للجنة املستقلة حول التنمية الدولية ( لجنة ‪ ) Brandt‬وفي ‪ 5482‬صدر تقرير ألامن املشترك ( لجنة ‪)Palmer‬‬
‫وفي ‪ 5489‬تقرير اللجنة العاملية للبيئة والتنمية (لجنة ‪ )Brundtland‬تحت عنوان "مستقبلنا املشترك"‪ ،‬وفي ‪ 5441‬تقرير‬
‫"تحديات تواجه الجنوب" للجنة الجنوب‪ .‬وداخل ألامم املتحدة ظهر ألامن إلانساني للمرة ألاولى في خطة بطرس بطرس‬

‫‪1 -Alexandra AMOYEL « what is human security ? “ op cit p 12‬‬

‫« ‪2 -Lloyd Axworthy ,‬‬ ‫‪le canada et la sécurité humaine au leadership nécessaire" déclarations et discours , Ottawa , MAECI déc .1996,pp1-2 cité par‬‬
‫) ‪Béatrice PASCUAL et Charles Philippe DAVID « précurseur de la sécurité humaine , le sénateur Raoul DANDURANP ( 1861 – 1942‬‬
‫‪www.dandurand.uqm.ca.‬‬
‫‪3 - SHaharbanou TADJBAKHSH « human security in international organization ; blessing or scourge” in Human security journal volume 4 summer‬‬

‫‪2007‬‬
‫‪ -4‬انظر‪ :‬تقرير التنمية إلانسانية العربية لسنة ‪ 2114‬تحت عنوان " تحديات امن إلانسان في البلدان العربية" برنامج ألامم املتحدة إلانمائي املكتب إلاقليمي للدول‬
‫العربية ‪ 2114‬ص ‪. 21‬‬
‫‪5 - Laurent Ladouce « sécurité humaine et responsabilité humaine en Afrique » revue géostratégique n° 25 10/09 p 177-178‬‬

‫‪53‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫غالي للسلم في سنة ‪ 5442‬في عالقة مع صنع السالم وحفظ السالم وترتيبات ما بعد الحرب‪ ،‬بعد ذلك تبنى كوفي عنان‬
‫مذكرة لألمن إلانساني كجزء من املهمة الجديدة لألمم املتحدة في إعالن ألالفية لسنة ‪. 5444‬‬

‫وفي سنة ‪ 5441‬استغل محبوب الحق وفريقه فرصة نهاية الحرب الباردة واملتمنيات بسيادة فترة السلم إلعداد‬
‫التربة لنظرة جديدة لألمن ‪ ،‬وحتى داخل السياسات الدولية لم يكن محبوب الحق أول من إستعمل مصطلح "التحرر‬
‫من الخوف و التحرر من الحاجة ‪ " freedom from fear and freedom from want‬فقد تم تقديمهم في ‪ 6‬يناير ‪5495‬‬
‫في خطاب حالة إلاتحاد للرئيس ألامريكي فرانكلين روزفلت كجزء من نظرته "لعالم مؤسس على الحريات ألاساسية "‪.‬‬
‫وفي ‪ 5491‬استعمل كذلك كاتب الدولة ألامريكي ‪ Edward R .stettinum‬الحريتين في خطابه في مؤتمر سان فرانسيسكو‬
‫املؤسس لألمم املتحدة‪.1‬‬

‫إن إقامة أمن وطني ودولي كان الهاجس الذي أجتمعت ألجله الدول عام ‪ ،5491‬لتضع ميثاقا دوليا يؤمن السلم‬
‫بينها وإلازدهار ألعضائها ويحفظ حقوق إلانسان‪ ،‬فيسود العدل والوفاق بين ألافراد وبين الشعوب‪ .‬وصاحب إلاعالن‬
‫إصدار العديد من املواثيق والعهود وإلاتفاقيات الدولية على مر العقود‪ .‬فقد تطورت منظومة حقوق إلانسان بفضل‬
‫ما بذلته إلانسانية من جهود‪ ،‬وملواجهة ما تكبدته من خسائر بعد أن استشعر املجتمع الدولي فداحة الخسائر‬
‫وألاضرار التي لحقت به جراء الحربين العامليتين‪ ،‬وتبين له العالقة الوثيقة والتالزم بين حفظ ألامن والسلم الدوليين‬
‫وحماية الحقوق والحريات‪ ،‬وأن تحقيق الثانية لن يتأتى إال في ظل ألاولى‪ ،‬وهو ما أشار إليه ميثاق تأسيس منظمة‬
‫ألامم املتحدة في ديباجته ‪.‬‬

‫إن إلاشكالية في مفهوم ألامن إلانساني متعلقة بالفرق بينه وبين مفاهيم أخرى ومن بينها مفهوم حقوق إلانسان‪،‬‬
‫وتبقى سيادة الدولة في قلب النقاش حول ألامن إلانساني‪ ،‬فمفهوم ألامن إلانساني مفهوم غامض حيث أنه وفقا له‬
‫فاألمن يتجاوز الحفاظ على وحدة الدولة‪ .‬فهو يمي‪ ،‬بين أمن ألافراد وأمن الدولة التي من مهامها إلاعتناء بمواطنيها‪،‬‬
‫فاألمن إلانساني سيكرس إرادة دولية للتدخل على حساب سيادة الدولة عندما يكون شعبها في خطر‪ .‬هذا التدخل‬
‫يرتكز على الحقوق العاملية للفرد املقننة في إلاعالن العالمي لحقوق إلانسان الصادر عام ‪5498‬م والذي ينص على أن‬
‫حقوق إلانسان أصبحت مسؤولية عاملية من خالل التأكيد على عاملية الحقوق وتصورها حول املساواة بين جميع‬
‫ألافراد‪ ،‬وإلاعتراف بأن إعمال حقوق إلانسان هدف جماعي لإلنسانية‪ ،‬وتحديد مجموعة من الحقوق املدنية‪،‬‬
‫والسياسية‪ ،‬وإلاجتماعية لجميع ألافراد‪ ،‬وإيجاد نظام دولي لتعزيز إعمال حقوق إلانسان‪ ،‬وإرساء مبدأ خضوع الدولة‬
‫للمساءلة بشأن الت‪،‬اماتها الدولية فيما يتعلق بحقوق إلانسان بموجب القانون الدولي‪ .‬ولقد أصبح مفهوم ألامن إلانساني‬
‫والذي أصبح حاليا الشغل الشاغل للدول الحديثة‪ ،‬يركز على الظروف الداخلية التي يجب توافرها لضمان ألامن‬
‫الشخص ي والاقتصادي والسياس ي والثقافي والصحي والبيئي لألفراد ‪.‬وعلى أساس املفاهيم ألاساسية لقانون الشعوب‬
‫فإنه حسب رأي دانيال كوالر ‪ Daniel Colard‬فإن ألامن إلانساني يخلق تصورين للسيادة( سيادة الدولة وسيادة‬

‫« ‪1- Shahrbanou Tadjbakhsh‬‬ ‫‪human security in international organisation : blessing or scourage “ op,cit p 8‬‬
‫‪54‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ألافراد) مما يحتم ضمان توافق مزدوج‪ :‬بين حقوق إلانسان وحقوق الدولة‪ ،‬وبين حقوق إلانسان والحقوق بين الدول‪،‬‬
‫ألاول يجب أن يضمن الثاني والذي يعزز حسب رأيه‪ " ideal politik" 1‬أو الدبلوماسية إلانسانية املتعددة ألاطراف ‪.‬‬

‫و يرى جون جاك روشيه ‪ Jean jacques roche‬أن إلانسان يجب أن يتجه أكثر فأكثر نحو إلانسانية لضمان‬
‫أمنه وليس نحو الحماية التقليدية للدولة وذلك عندما يواجه بتهديد في أمنه الشخص ي‪.‬‬

‫إن مختلف الدراسات التي تناولت العالقة بين ألامن إلانساني وحقوق إلانسان خلصت إلى أن حقوق إلانسان‬
‫وألامن إلانساني مفاهيم مختلفة ولكن متكاملة‪ .‬وحسب تيلر اوين ‪ Tayler awen‬إذا كانت حقوق إلانسان تقدم‬
‫بصفة عامة شروط الحياة التي يطمح لها الفرد فإن ألامن إلانساني يتعلق ببقاء الفرد‪ .2‬ويفسر هذا بأن مفهوم ألامن‬
‫إلانساني يقتض ي بعض الشدة ويتعلق بالكوارث املداهمة‪ ،‬وهو ما يفسر بأن بعض خروقات حقوق إلانسان تشكل‬
‫تهديدا لألمن إلانساني في حين أن بعضها ألاخر قد ال يعتبر كذلك من قبل منع حرية التدين او التضييق عليها‪.‬‬

‫إلانساني‪3‬‬ ‫لكن هذه الصعوبات لم تمنع املفهومين من التفاعل والتكامل‪ .‬في الواقع وكما تبين ذلك لجنة ألامن‬
‫فإن حقوق إلانسان وألامن إلانساني هما"‪...‬في عالقة تعاضد‪ :‬ألامن إلانساني يساعد على إبراز الحقوق التي في خطر في‬
‫حاالت محددة وحقوق إلانسان تساعد على إلاجابة عن سؤال كيف يحقق ألامن إلانساني‪ .‬إضافة إلى أن ألامن إلانساني‬
‫يركز على ألافراد ومجموعاتهم‪ ،‬فإنه يالمس فرص متساوية تهدف إلى أن ينمي ألافراد قدراتهم إلانسانية‪ .‬فحقوق‬
‫إلانسان توجد في مركز كل هذا مادامت تشكل إلاطار الذي يجب أن يطبق في بناء و إعمال مفهوم ألامن إلانساني‪.‬‬

‫إن مفهوم ألامن إلانساني يتجاوز التركي‪ ،‬على وضع مجموعة من القواعد القانونية الكفيلة بالتعامل مع مصادر‬
‫تهديد ألامن إلى التركي‪ ،‬على سبل تنفيذ إلالت‪،‬امات املنصوص عليها في الاتفاقيات واملعاهدات الدولية‪ ،‬وفي دساتير‬
‫وقوانين الدولة الداخلية‪ ،‬حيث أصبح الحديث عن ضروة ضمان الدولة لألمن القانوني والقضائي‪ 4‬لشعوبها كأليات‬
‫لتحقيق دولة الحق والقانون وضمان الاستقرارا واستتباب الامن الداخلي‪.‬و الاقليمي و الدولي‪.‬‬

‫‪1-‬‬ ‫‪Daniel colard « la doctrine de la sécurité humaine : le point de vue d’un juriste « Dans " la sécurité humaine , une nouvelle conception des‬‬
‫‪relations internationales . coll. Raoul Dan Durand , l’harmattan 2001,pp48‬‬
‫‪2 -Taylor OWEN « des difficulté et de l’intérêt de définir la sécurité humaine « , les droits de l’homme , la sécurité humaine et le désarmement , forum‬‬

‫‪du désarmement 3 2004‬‬


‫‪3 -Rapport 2003 de la commission de sécurité humaine , la sécurité humaine maintenant p :6 téléchargeable sur http://www.humansecurity-‬‬

‫‪chs.org/finalreport/English/FinalReport.pdf‬‬
‫‪ -4‬يعرف ألامن القانوني بأنه توفير حالة من إلاستقرار في العالقات واملراكز القانونية‪ ،‬فهو أسلوب يضمن الثبات والاستقرار للنظام القانوني ويؤمن للمواطنين حقوقهم‬
‫وحرياتهم ضد املفاجأت التي تمس مراكزهم القانونية‪ ،‬أو تعرضها للخطر ‪.‬و يتحقق ألامن القانوني من خالل وضع تشريعات متوافقة مع الدستور ومبادئ القانون الدولي‪،‬‬
‫واملوا زنة بين املصلحة العامة للمجتمع واملصلحة الخاصة لألفراد‪ ،‬فاألمن القانوني معناه هو إشاعة الطمأنينة و الثقة بين أطراف العالقات القانونية وهو غاية القانون‬
‫والهدف الذي يسعى لتحقيقه‪.‬كما يعرف الامن القضائي بانه ثقة املواطنين في الجهاز القضائي والقبول باحكامه و الامتثال لها‪،‬من خالل ضمانه لالمن القانوني لهم‪.‬‬
‫عبد العالي حور‪ ،‬قواعد الصياغة التشريعية‪ :‬قراءة في بعض مقتضيات ظهير ‪ 29‬فبراير ‪ 5418‬بمثابة النظام الاساس ي العام للوظيفة العمومية‪ ،‬ورقة مقدمة ضمن‬
‫اشغال الندوة املغاربية ‪،‬صناعة التشريع في البلدان املغاربية‪ 22 ،‬و ‪ 20‬مارس ‪ 2154‬كلية العلوم القانونية و الاقتصادي و الاجتماعية مراكش‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خالصة‪:‬‬

‫هكذا يتبين أن مفهوم ألامن إلانساني مفهوم أصيل له جذور عميقة في الفكر والسياسة واملمارسة الدولية‪،‬‬
‫وإن لم يستعمل بهذه الصيغة‪-‬أي ألامن إلانساني‪ -‬كما أنه يمكن أن يشكل أداة إلهام وتوجيه للسياسة الدولية‪ ،‬كما‬
‫أن تقاطعه وتماهيه مع املجاالت املشابهة من قبيل حقوق إلانسان و التنمية إلانسانية والحكامة والديمقراطية؛ وإن‬
‫كان يساهم في غموضه إال أنه يبقى أداة وتصورا جديدا من شأن إعماله وتفعيله وتكريسه ضمن نصوص قانونية وفي‬
‫معاهدات دولية أن يساهم في ضمان أمن إلانسان وكرامته وحريته ‪.‬‬

‫إن التدفقات القوية والسريعة في عالم اليوم و بين مختلف وحداته ومكوناته و ترابطها‪ ،‬جعل عملية التأثير‬
‫والتأثر بما يقع في مختلف ارجاء املعمورة امر واضحا وملموسا‪،‬جعل مختلف مستويات ألامن تتداخل وتتمفصل مع‬
‫بعضها البعص‪ ،‬فال يمكن ألي دولة أن تضمن ـمنها الوطني دون التنسيق والتعاون مع جيرانها على الصعيد الاقليمي‪،‬‬
‫كما أن ترتيبات ألامن الاقليمي لها ارتباطات باألمن العالمي والكوني‪ ،‬وهذه املستويات تتأثر باملستوى القاعدي لألمن‪،‬‬
‫أي أمن ألافراد واملجموعات الذي اذ تم تهديده واملساس به‪ ،‬فإن تاثيراته ال تبقى حبيسة حدود الدولة بل تتجاوزه ألى‬
‫إلاطار إلاقليمي والدولي‪ ،‬وتعتبر ألاحداث التي شهدتها سوريا منذ ‪ 2155‬اكبر شاهد على ذلك‪ ،‬إذ إن أزمة الالجئين الفارين‬
‫من ويالت الحرب طالت تأثيراتها منطقة الشرق الاوسط وتجاوزتها الى اوربا الغربية وأثرت حتى على العالقات بين بعض‬
‫دول هذه املجموعة وجيرانها‪.‬‬

‫الئحة املراجع‪:‬‬

‫‪ ‬انطوني جيدنز" عالم جامح‪ :‬كي تعيد العوملة تشكيل حياتنا" ترجمة عباس كاظم و حسن ناظم ‪ ،‬املركز الثقافي العربي ‪2110‬‬

‫‪ ‬جميس بيرك" عندما تغير العالم " ترجمة ليلى الجبالي‪ ،‬مراجعة شوقي جالل‪ ،‬منشورات عالم املعرفة ‪ ،‬عدد ‪ 581‬ماي ‪. 5449‬‬

‫‪ ‬جارى بيترتلسر وآخرين " جنون العوملة " ترجمة كمال السيد ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬مؤسسة ألاهرام ‪ ،‬ط ‪5444 ، 5‬‬

‫‪ ‬جون هيلز و جوليان لوغران و دافيد بياشو" الاستبعاد الاجتماعي ‪:‬محاولة للفهم" ‪ ،‬ترجمة و تقديم محمد الجواهري سلسلة‬
‫عالم املعرفة عدد ‪ 333‬أكتوبر ‪2002‬‬

‫طه بن عثمان الفراء و آخرون" الوطن العربي مقوماته و مشكالته"جامعة نايف العربية للعلوم ألامنية الطبعة ألاولى الرياض ‪2110‬‬

‫‪ ‬عمر عبد هللا علي " ألامن العربي من منظور اقتصادي أعمال ندوة ألامن العربي ‪ :‬التحديات الراهنة والتطلعات املستقبلية‬
‫"الدار البيضاء ‪ ،‬منشورات دراسة املركز العربي ألاوربي ‪ .‬باريس ‪.5446‬‬

‫‪ ‬عبد املنعم املشاط وآخرون "ألامن القومي العربي أبعاده ومتطلباته" ‪،‬معهد البحوث و الدراسات العربية القاهرة ‪.5440‬‬

‫‪ ‬عبد هللا الدروبي و آخرون " التغير املناخي و تأثيره على املوارد املائية في املنطقة العربية " املركز العربي لدراسات املناطق الجافة و‬
‫ألاراض ي القاحلة (اكساد) املؤتمر الوزاري العربي للمياه – القاهرة ‪2118 59 – 56 -59‬‬

‫‪ ‬عبد الواحد الناصر " املتغيرات الدولية الكبرى‪ :‬متغيرات السياسة الدولية في بدايات القرن ‪ "25‬مطبعة النجاح الجديدة الدار‬
‫البيضاء ‪.2119‬‬

‫‪56‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬عبد العزيزالنويض ي " الحق في التنمية بين القانون الدولي و العالقات الدولية" مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء الطبعة‬
‫ألاولى ‪.5448‬‬

‫‪ ‬هيثم الكيالني"مفهوم ألامن القومي العربي دراسة في جانييه السياس ي والعسكري" أعمال ندوة ألامن العربي التحديات الراهنة‬
‫والتطلعات املستقبلية الدار البيضاء ‪ ،‬منشورات دراسة املركز العربي ألاوربي ‪ ،‬باريس ‪.5446‬‬

‫‪ ‬هاس بيتر مارتن و هارالد شومان " فخ العوملة " ترجمة عدنان عباس على ‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة ‪ ،‬عدد ‪ 241‬غشت ‪ 2110‬طبعة‬
‫ثانية‬

‫‪ ‬أنيسة اكحل العيون" ألامن الاجتماعي‪ :‬مقاربة منظمة الامم املتحدة للتطورات املعاصرة في العالم" أطروحة لنيل الدكتوراه‬
‫الدولة في القانون العام جامعة محمد الخامس ‪ ،‬كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية – اكدال الرباط ‪2110‬‬

‫‪ ‬عبد النوربن عنتر "تطور مفهوم ألامن في العالقات الدولية " مجلة السياسة الدولية العدد ‪ 561‬ابريل ‪2111‬‬

‫‪ ‬على الدين هالل "مفهوم إلاستراتيجية في العلوم الاجتماعية " مجلة الفكر إلاستراتيجية العربي العدد ‪ 9‬ابريل ‪5482‬‬

‫‪ ‬عزوز كردون‪" ،‬ألامن والاستقرار في املتوسط"‪ ،‬شؤون ألاوسط‪ ،‬مركز الدراسات إلاستراتيجية والبحوث والتوثيق‪ ،‬لبنان‪ ،‬أبريل‬
‫‪5444‬‬

‫‪ ‬عماد جاد ‪ " :‬املتغيرات السكانية و الصراعات السياسية" مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪ ،554‬يناير ‪5441‬‬

‫‪ ‬عبد املنعم املشاط"ألامن القومي" سلسلة مفاهيم‪:‬ألاسس العلمية للمعرفة‪ ،‬املركز الدولي للدراسات املستقبلية وإلاستراتيجية يونيو‬
‫‪2118‬‬

‫‪ ‬ياسين الشباني" ألامن القومي العربي ومشروعات ألامن إلاقليمية الجديدة في املنطقة العربية" ‪ ،‬مجلة الثوابت العدد ‪ 52‬يونيو‬
‫‪ 5448‬صنعاء‪.‬‬

‫‪ ‬مصطفى كمال طلبة " ألاخطار البيئية و مسؤولية املجتمع الدولي " مجلة السياسة الدولية ‪ ،‬عدد ‪ ،566‬أكتوبر ‪.2115‬‬

‫‪ ‬مصطفى علوي "مالحظات حول مفهوم ألامن" مجلة النهضة ‪ ،‬دورية تصدر عن كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ؛ القاهرة ؛ عدد‬
‫‪ 1‬سنة ‪2111‬‬

‫مصطفى علوي " ألامن إلاقليمي‪ :‬بين ألامن الوطني و ألامن العاملي" سلسلة مفاهيم‪ :‬ألاسس العلمية للمعرفة‪ ،‬املركز الدولي للدراسات‬
‫املستقبلية و إلاستراتجية العدد الرابع ابريل ‪. 2111‬‬

‫‪ ‬تقرير لجنة " ادارة شؤون املجتمع الدولي" ترجمة مجموعة من املترجمين و مراجعة عبد السالم رضوان‪ ،‬مجلة عالم املعرفة‬
‫العدد‪ 215‬سنة ‪5441‬‬

‫‪ ‬تقرير التنمية إلانسانية العربية لسنة ‪ 2114‬تحت عنوان " تحديات أمن إلانسان في البلدان العربية" برنامج ألامم املتحدة إلانمائي‬
‫املكتب إلاقليمي للدول العربية ‪2114‬‬

‫‪" ‬تقرير عام ‪ 2002‬عن ألاهداف إلانمائية لأللفية" الامم املتحدة‪ ،‬نيويوك ‪2118‬‬

‫"مكافحة الففقر" تقرير الامين العام للمجلس الاقتصادي و الاجتماعي لالمم املتحدة ‪،‬وثيقة رقم ‪E/CN .17/2001/PC/5‬‬

‫‪ Ayoob, Mohammed " Regional security in the Third World : case studies from Southeast Asia and the Middle‬‬
‫‪East" London : Croom Helm, 1986 .‬‬

‫‪57‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

 Alexandra AMOYEL « what is human security ? » in human security journal , the journal of the centre for peace and
human security ,Issue 1 . 2006 april

 Alan Collins"Security and Southeast Asia: Domestic, Regional and Global Issues" (London: Lynne Rienner
Publishers, 2003)

 Arvind Gupta, Mukul Chaturvedi and Akshay Joshi “Important documents on security and diplomacy”

 Barry Buzan, "People, States and Fear: An Agenda for International Security Studies in the Post- Cold War Era ” ,
2nd ed. (Boulder, CO: L. Rienner; New York: Harvester Wheat sheaf, 1991)

 Bertrand RAMCHARAN , « les droits de l’homme et la sécurité humaine " Renforcer le désarmement et la
sécurité » , Forum du désarmement UN2004

 Daniel colard «la doctrine de la sécurité humaine : le point de vue d’un juriste" Dans " la sécurité humaine , une
nouvelle conception des relations internationales . coll. Raoul Dan Durand , l’harmattan 2001.

58 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫الهجوم الروس ي على أوكرانيا هل هو تهديد للسلم وألامن الدوليين أم دفاع عن‬
‫النفس؟‬
ٌ ٌ
‫ مصر‬،‫ كلية الحقوق جامعة املنصورة‬،‫اعات الدولية‬،‫ دكتوراه في القانون الدولي العام والباحث في الن‬،‫فتحى فتحى جادهللا الحوش ي‬

‫ملخص‬
‫ فيكتور‬،‫ بعد إلاطاحة بالرئيس ألاوكراني املوالي لروسـ ـ ـ ــيا‬،‫م والعالقـة بين روس ـ ـ ـ ـيـا وأوكرانيـا متوترة للغـايـة خاصـ ـ ـ ــة‬2159‫منـذ عـام‬
‫ وشـ ـ ـ ــعور روس ـ ـ ـ ـيــا بــاقتراب أوكرانيــا من الغرب ألاوروبي وارهــاص ـ ـ ـ ــات طلــب أوكرانيــا الانض ـ ـ ـ ـمــام لالتحــاد ألاوروبي بــل ولحلف‬،‫يــانوكوفيتش‬
ً
‫ ونفي التكهنات‬،‫امها غزو أوكرانيا‬،‫ ألامر الذي لو تم ُسيشكل تهديدا حقيقيا لروسيا وعلى الرغم من نفى روسيا مرارا وتكرارا اعت‬،‫ألاطلنطي‬
‫ والاعتراف الروسـ ي‬،‫م بدأت الحملة العســكرية الروســية على أوكرانيا بعد حشـ ٍـد عســكري طويل‬2122‫ فبراير‬25‫ إال أنه في‬،‫ألامريكية بالغزو‬
َ
‫ أعقبها دخول القوات املســلحة الروســية إلى منطقة‬،‫بجمهورية دونيتســك الشــعبية املعلنة من جانب واحد وجمهورية لوغانســك الشــعبية‬
‫ـاب أعلن فيــه الرئيس الروس ـ ـ ـ ـ ي فالديمير بوتين عن عمليــة عسـ ـ ـ ــكريــة بهــدف « تجريــد‬ ٍ ‫ وبعــد خطـ‬،‫ فبراير‬29‫ وفي‬.‫دونبــاس في شـ ـ ـ ــرق أوكرانيــا‬
‫ ولنا أن‬.‫ بما في ذلك مناطق في العاص ـ ــمة كييف‬،‫أوكرانيا من الس ـ ــالح وإزالة أثر النازية منها» بدأ القص ـ ــف على مواقع في جميع أنحاء البلد‬
‫نتس ـ ـ ــاءل هل ُيعد الهجوم الروسـ ـ ـ ـ ي على أوكرانيا ُيمثل تهديدا للس ـ ـ ــلم وألامن الدوليين؟ أم أن املزاعم الروس ـ ـ ــية لها جانب من الص ـ ـ ــحة ؟‬
ً
‫ خاص ــة دور مجلس ألامن والجمعية‬، ‫ونتس ــاءل أيض ــا عن دور وأهمية ألامم املتحدة واجهزتها الس ــياس ــية في حفظ الس ــلم وألامن الدوليين‬
.‫العامة في حفظ السلم وألامن الدوليين على الحالة ألاوكرانية الروسية‬
.‫ القانون الدولي‬،‫ السلم وألامن‬،‫ الجمعية العامة‬،‫ مجلس ألامن‬،‫ ألامم املتحدة‬:‫الكلمات املفتاحية‬

Is the Russian attack on Ukraine a threat to international peace and security or self-
defense?
Abstract
Since 2014, the relationship between Russia and Ukraine has been very tense, especially after the overthrow of the
pro-Russian Ukrainian president, Viktor Yanukovych, and Russia's feeling that Ukraine is close to the Western European and
the indications of Ukraine's request to join the European Union and even NATO, which if it was done would constitute a real
threat to Russia and despite Russia's denial Repeatedly its intention to invade Ukraine, and American speculation of the
invasion was denied, but on February 21, 2022 AD, the Russian military campaign against Ukraine began after a long military
build-up, and the Russian recognition of the unilaterally declared Donetsk People’s Republic and Lugansk People’s Republic,
followed by the entry of the Russian armed forces into the Donbass region in eastern Ukraine . On February 24, after a speech
in which Russian President Vladimir Putin announced a military operation with the aim of "demilitarizing Ukraine and
removing the trace of Nazism from it", bombings began on sites throughout the country, including areas in the capital, Kyiv.
We may ask, is the Russian attack on Ukraine a threat to international peace and security? Or that the Russian allegations
have some truth? We also wonder about the role and importance of the United Nations and its political organs in maintaining
international peace and security, especially the role of the Security Council and the General Assembly in maintaining
international peace and security in the Ukrainian-Russian situation.
Keywords: United Nations, Security Council, General Assembly, peace and security, international law.

59 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املقدمة‬
‫منذ إلاطاحة بالرئيس ألاوكراني املوالي لروسـ ــيا‪ ،‬فيكتور يانوكوفيتش‪ ،‬عام ‪ 2159‬والعالقة بين روسـ ــيا وأوكرانيا‬
‫متوترة لش ـ ـ ــعور روس ـ ـ ــيا باقتراب أوكرانيا من الغرب ألاوروبي وارهاص ـ ـ ــات طلب أوكرانيا الانض ـ ـ ــمام لالتحاد ألاوروبي بل‬
‫ولحلف ألاطلنطي‪ ،‬وتشـ ـ ــعر روسـ ـ ــيا أن هذا ألامر لو تم ُس ـ ـ ـيشـ ـ ــكل تهديدا حقيقيا لروسـ ـ ــيا وعلى الرغم من نفى الرئيس‬
‫الروس ي فالديمير بوتين مرارا اعت‪،‬امه غزو أوكرانيا‪ ،‬لكن الواليات املتحدة تزعم أنه اتخذ قرار الغزو من مدة‪ ،‬وأنه صار‬
‫قاب قوسين أو أدنى من القيام بذلك‪ ،‬والشك أن تكهنات الواليات املتحدة صدقت على أرض الواقع‪.‬‬
‫ُ‬
‫حشد عسكري طويل‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ففي ‪ 29‬شـباط‪ /‬فبراير ‪ ،2122‬حيث بدأت الحملة العسكرية الروسية على أوكرانيا بعد‬
‫َ‬
‫والاعتراف الروس ي بجمهورية دونيتسك الشعبية املعلنة من جانب واحد وجمهورية لوغانسك الشعبية‪ ،‬أعقبها دخول‬
‫خطاب أعلن فيه الرئيس‬
‫ٍ‬ ‫القوات املسـ ـ ــلحة الروس ـ ـ ــية إلى منطقة دونباس في ش ـ ـ ــرق أوكرانيا في‪ 25‬فبراير ‪2122‬م‪ ،‬وبعد‬
‫الروس ـ ـ ي فالديمير بوتين عن عملية عس ـ ــكرية بهدف « تجريد أوكرانيا من الس ـ ــالح وإزالة أثر النازية منها»‪ ،‬بدأ القصـ ــف‬
‫على مواقع في جميع أنحاء البلد‪ ،‬بما في ذلك مناطق في العاصـ ـ ــمة كييف‪ .‬إشـ ـ ــكالية البحث ولنا أن نتس ـ ـ ــاءل هل ُيعد‬
‫ً‬
‫الهجوم الروسـ ي على أوكرانيا تهديدا للســلم وألامن الدوليين ؟ أم أن املزاعم الروســية لها جانب من الصــحة ؟ ويهدف‬
‫البحث الى بيان دور وأهمية ألامم املتحدة وأجهزتها الس ــياس ــية في حفظ الس ــلم وألامن الدوليين‪ ،‬منهج البحث س ـيتم‬
‫اتباع املنهج الاس ـ ـ ــتقرائي التاريخي في البحث لبيان دور مجلس ألامن والجمعية العامة وغيرهم في حفظ الس ـ ـ ــلم وألامن‬
‫الدوليين على الحالة ألاوكرانية الروسية‪ ،‬وذلك من خالل خطة البحث التالية ‪-:‬‬
‫خطة البحث‬
‫مبحث تمهيدي‪ :‬جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا وتطوراته‪.‬‬
‫املبحث ألاول‪ :‬التعريف باألزمة بين روسيا وأوكرانيا وأسبابها‪.‬‬
‫املبحث الثاني‪ :‬دور مجلس ألامن في حفظ السلم وألامن الدوليين في ألازمة ألاوكرانية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‪ :‬دور الجمعية العامة في حفظ السلم وألامن الدوليين في ألازمة ألاوكرانية ‪.‬‬
‫الخاتمة‪ :‬التوصيات‪ :‬مراجع البحث ‪.‬‬
‫مبحث تمهيدي‬
‫جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا وتطوراته‪.‬‬
‫جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا‬
‫في ديسمبر عام ‪ ،5445‬كانت أوكرانيا‪ ،‬باإلضافة إلى روسيا وبيالروسيا‪ ،‬من بين الجمهوريات التي دقت املسمار‬
‫ألاخير في نعش الاتحاد السوفييتي‪ ،‬غير أن موسكو أرادت الاحتفاظ بنفوذها‪ ،‬عن طريق تأسيس رابطة الدول املستقلة‬
‫(جي يو إس)‪ ،‬كان الكرملين يظن وقتها أن بإمكانه السيطرة على أوكرانيا من خالل شحنات الغاز الرخيص‪ ،‬لكن ذلك‬
‫ً‬
‫لم يحصل‪ ،‬فبينما تمكنت روسيا من بناء تحالف وثيق مع بيالروسيا‪ ،‬كانت عيون أوكرانيا مسلطة دائما على الغرب‪.‬‬
‫هذا أزعج الكرملين‪ ،‬ولكنه لم يصل إلى صراع طوال فترة التسعينيات آنذاك‪ ،‬كانت موسكو تبدو هادئة‪ ،‬ألن الغرب لم‬
‫يكن يسعى لدمج أوكرانيا‪ ،‬كما أن الاقتصاد الروس ي كان يعاني‪ ،‬والبالد كانت مشغولة بالحرب في الشيشان‪ ،‬في عام‬

‫‪60‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫‪ 5449‬اعترفت موسكو رسميا من خالل ما يسمى بـ"العقد الكبير" بحدود أوكرانيا‪ ،‬بما فيها شبه جزيرة القرم‪ ،‬التي‬
‫تقطنها غالبية ناطقة بالروسية‪.‬‬
‫بداية الخالف بين روسيا وأوكرانيا‬
‫شـهدت موسكو وكييف أول أزمة دبلوماسية كبيرة بينهما في عهد فالديمير بوتين‪ ،‬ففي خريف عام ‪ ،2110‬بدأت‬
‫روسـيا بشـكل مفاجئ في بناء سد في مضيق كريتش باتجاه جزيرة "كوسا توسال" ألاوكرانية واعتبرت كييف ذلك محاولة‬
‫إلعادة ترسيم حدود جديدة بين البلدين‪ ،‬وازدادت حدة الصراع‪ ،‬ولم يتم وضع حد له إال بعد لقاء ثنائي بين الرئيسين‬
‫الروس ي وألاوكراني‪ .‬عقب ذلك أوقف بناء السد‪ ،‬لكن الصداقة املعلنة بين البلدين بدأت تظهر تشققات‪.‬‬
‫أثنـاء الانتخـابـات الرئـاس ـ ـ ـ ـيـة في أوكرانيـا عـام ‪ ،2119‬دعمـت روس ـ ـ ـ ــيا بش ـ ـ ـ ــكل كبير املرش ـ ـ ـ ــح املقرب منها فيكتور‬
‫ً‬
‫ي ــانوكوفيتش‪ ،‬إال أن "الثورة البرتق ــالي ــة" ح ــال ــت دون فوزه‪ ،‬وف ــاز ب ــدال من ــه السـ ـ ـ ـ ـي ــاسـ ـ ـ ـ ـ ي القري ــب من الغرب فيكتور‬
‫يوش ـ ـ ـ ــتش ـ ـ ـ ــينكو‪ ،‬وخالل فترته الرئاس ـ ـ ـ ــية قطعت روس ـ ـ ـ ــيا إمدادات الغاز عن البالد مرتين‪ ،‬في عامي‪ 2116‬و‪ ،2114‬كما‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫قطعـت أيض ـ ـ ـ ــا إمـدادات الغـاز إلى أوروبـا املـارة عبر أوكرانيـا‪ .‬وفي عـام ‪ 2118‬حـاول الرئيس ألامريكي آنـذاك‪ ،‬جورج دبليو‬
‫بوش‪ ،‬إدماج أوكرانيا وجورجيا في حلف ش ـ ـمال ألاطلس ـ ـ ي (ناتو)‪ ،‬وقبول عض ـ ــويتهما من خالل برنامج تحض ـ ــيري‪ .‬قوبل‬
‫ذلك باحتجاج بوتين وموسـكو أعلنت بشـكل واضح أنها لن تقبل الاستقالل التام ألوكرانيا‪ ،‬كما أن فرنسا وأملانيا حالتا‬
‫دون تنفيذ بوش لخطته‪ ،‬وأثناء قمة الناتو في بوخارس ـ ـ ـ ــت تم طرح مس ـ ـ ـ ــألة عض ـ ـ ـ ــوية أوكرانيا وجورجيا‪ ،‬ولكن لم يتم‬
‫تحديد موعد لذلك‪.‬‬
‫وألن مس ـ ـ ــألة الانض ـ ـ ــمام للناتو لم تنجح بس ـ ـ ــرعة‪ ،‬حاولت أوكرانيا الارتباط بالغرب من خالل اتفاقية تعاون مع‬
‫ً‬
‫الاتحاد ألاوروبي‪ ،‬في صيف عام ‪ ،2150‬بعد أشهر قليلة من توقيع الاتفاقية‪ ،‬مارست موسكو ضغوطا اقتصادية هائلة‬
‫على كييف وض ــيقت على الواردات إلى أوكرانيا‪ ،‬وعلى خلفية ذلك‪ ،‬جمدت حكومة الرئيس ألاس ــبق يانوكوفيتش‪ ،‬الذي‬
‫فاز باالنتخابات عام ‪ ،2151‬وانطلقت بس ـ ـ ـ ــبب ذلك احتجاجات معارض ـ ـ ـ ــة للقرار أدت لفراره إلى روس ـ ـ ـ ــيا في فبراير عام‬
‫‪.2159‬‬
‫عالمة فارقة في ألازمة الروسية ألاوكرانية‬
‫ض ــمت روس ــيا القرم في مارس عام ‪ ،2159‬وكانت هذه عالمة فارقة وبداية لحرب غير معلنة‪ ،‬وفي نفس الوقت‪،‬‬
‫بدأت قوات روس ــية ش ــبه عس ــكرية في حش ــد منطقة الدونباس الغنية بالفحم ش ــرقي أوكرانيا‪ ،‬كما أعلنت جمهوريتان‬
‫ش ـ ـ ـ ــعبيتـان في دونيتس ـ ـ ـ ــك ولوهـانس ـ ـ ـ ــك‪ ،‬يترأس ـ ـ ـ ــهمـا روس‪ ،‬أمـا الحكومـة في كييف‪ ،‬فقـد انتظرت حتى انتهاء الانتخابات‬
‫الرئاسية في مايو‪ ،2159‬لتطلق عملية عسكرية كبرى أسمتها ً‬
‫"حربا على إلارهاب"‪.‬‬
‫في يونيو من نفس العام‪ ،‬التقى الرئيس ألاوكراني املنتخب للتو‪ ،‬بيترو بوروش ـ ـ ــينكو‪ ،‬وبوتين ألول مرة بوس ـ ـ ــاطة‬
‫ً‬
‫أملــانيــة وفرنسـ ـ ـ ـ ـيــة‪ ،‬على هــامش الاحتفــال بمرور س ـ ـ ـ ــبعين عــامــا على يوم إلانزال على ش ـ ـ ـ ــواطئ نورمــانــدي‪ ،‬وخالل ذلــك‬
‫الاجتماع ُولدت ما تسمى بـ"صيغة نورماندي"‪.‬‬
‫سبب ضرب روسيا ألوكرانيا‬
‫بعد الاتفاق‪ ،‬تحول الصراع إلى حرب بالوكالة تدور رحاها حتى اليوم‪ ،‬ففي مطلع عام ‪ ،2151‬شن الانفصاليون‬
‫ً‬
‫مدعوما بقوات روس ــية ال تحمل شـ ــارات تعريف‪ ،‬وهو ما نفته موس ــكو‪ ،‬ومنيت القوات‬ ‫ً‬
‫هجوما‪ ،‬زعمت كييف أنه كان‬
‫ألاوكرانية بهزيمة ثانية جراء الهجوم‪ ،‬وذلك في مدينة ديبالتســيفي الاســتراتيجية والتي اضــطر الجيش ألاوكراني للتخلي‪،‬‬
‫‪61‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وبرعاية غربية– تم الاتفاق على "مينس ــك ‪ ،"2‬وهي اتفاقية تش ــكل إلى اليوم أس ــاس محاوالت إحالل الس ــالم‪ ،‬وما تزال‬
‫بنودها لم تنفذ بالكامل بعد‪.‬‬
‫‪ -‬في خريف عام ‪ 2154‬كان هناك بصــيص أمل‪ ،‬إذ تم إحراز نجاح في ســحب جنود من الجهتين املتحاربتين من‬
‫بعض مناطق املواجهة‪ ،‬لكن منذ قمة النورماندي التي ُعقدت في باريس في ديسمبر عام ‪ ،2154‬لم تحصل أي لقاءات‪،‬‬
‫وبوتين ال يرغب في لقاء ش ـ ــخصـ ـ ـ ي مع الرئيس ألاوكراني الحالي فلودومير زيلينسـ ـ ــكي‪ ،‬ألنه– من وجهة نظر موس ـ ــكو– ال‬
‫يلت‪،‬م باتفاق مينسك‪.‬‬
‫ومنذ ديســمبر عام ‪ ،2125‬يطلب الرئيس الروسـ ي بشــكل علني من الواليات املتحدة أال تســمح بانضــمام أوكرانيا‬
‫إلى حلف الناتو أو تتلقى مساعدات عسكرية‪ ،‬لكن الحلف لم يرضخ لهذه املطالب(‪.)1‬‬
‫املبحث ألاول‬
‫التعريف باألزمة بين روسيا وأوكرانيا وأسبابها‬
‫في‪ 29‬ش ــباط‪ /‬فبراير ‪ ،2122‬بدأت الحملة العس ــكرية الروس ــية على أوكرانيا بعد حش ـ ٍـد عس ــكري طويل ولنا أن‬
‫نتساءل ملاذا دخلت القوات الروسية إلى أراض ي جارتها ألاوكرانية‪ ،‬وماذا يريد بوتين؟‬
‫فقد أطلقت روسيا هجوما مدمرا على أوكرانيا جوا وبرا وبحرا‪ ،‬وهي البلد الديمقراطي ألاوروبي الذي يبلغ عدد‬
‫س ـ ــكانه ‪ 99‬مليون نس ـ ــمة‪ .‬وعلى مدى أش ـ ــهر‪ ،‬نفى الرئيس الروسـ ـ ـ ي فالديمير بوتين التخطيط لغزو أوكرانيا‪ ،‬لكنه آلان‬
‫مزق اتفاق السـ ـ ـ ــالم وأرسـ ـ ـ ــل قواته عبر الحدود إلى املناطق الشـ ـ ـ ــمالية والشـ ـ ـ ــرقية والجنوبية من أوكرانيا‪ .‬وبينما ترتفع‬
‫حص ـ ـ ـ ــيلـة القتلى‪ ،‬يواجه بوتين اتهامات بأنه يهدد الس ـ ـ ـ ــالم في أوروبا‪ .‬ما يحص ـ ـ ـ ــل في ألايام القادمة قد يهدد أمن القارة‬
‫ألاوروبية برمتها‪ ،‬بل قد تمتد للعالم بأسره وتهدد السلم وألامن الدوليين‪ .‬ولنا أن نتساءل؟‬
‫ملاذا هاجمت القوات الروسية أوكرانيا؟‬
‫فقد تقدمت القوات الروس ـ ـ ــية الى العاص ـ ـ ــمة ألاوكرانية كييف من عدة اتجاهات بعد أن أمر الزعيم الروسـ ـ ـ ـ ي‬
‫بالغزو‪ .‬وقبل لحظات من بدء الغزو‪ ،‬ظهر الرئيس بوتين على ش ــاش ــة التلفزيون معلنا أن روس ــيا ال تس ــتطيع أن تش ــعر‬
‫"بـاألمـان والتطور" بسـ ـ ـ ـ ـبـب مـا وصـ ـ ـ ـ ـفـه بـالتهـديـد املس ـ ـ ـ ــتمر من أوكرانيا الحديثة‪ .‬وكانت املطارات واملقار العس ـ ـ ـ ــكرية قد‬
‫تعرضــت أوال للقصــف بالقرب من املدن في جميع أنحاء أوكرانيا بما في ذلك مطار بوريســبيل الدولي الرئيسـ ي في كييف‪.‬‬
‫ثم توغلت الدبابات والقوات الروس ـ ـ ـ ــية في الش ـ ـ ـ ــمال الش ـ ـ ـ ــرقي من أوكرانيا بالقرب من مدينة خاركيف‪ ،‬التي يبلغ عدد‬
‫سكانها ‪ 5.9‬مليون نسمة‪ ،‬وفي الشرق بالقرب من لوهانسك كما من بيالروسيا املجاورة في الشمال‪.‬‬
‫ونزلت القوات الروسية في مدينتي أوديسا وماريوبول الكبريين جنوبي أوكرانيا‪.‬‬

‫)‪ )1‬أسباب الحرب بين روسيا وأوكرانيا ‪ ..‬جذور الصراع وتطوراته(‪ ، )2122‬ألاهرام املصرية ‪29‬فبراير ‪ ،‬عرب وعالم ‪ ،‬على الرابط التالي‪https://q9r.us/GPhws :‬‬
‫اطلع عليه يوم ‪1‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أسباب الغزو الروس ي ألوكرانيا حسب تبريرات روسيا‬


‫قدم الرئيس بوتين العديد من الحجج الخاطئة أو غير العقالنية‪ ،‬حيث ادعى أن هدفه من العملية العس ـ ـ ــكرية‬
‫هو حماية ألاش ـ ــخاص الذين "يتعرض ـ ــون للتنمر وإلابادة الجماعية"‪ ،‬وأنه يس ـ ــعى إلى "نزع الس ـ ــالح وألافكار النازية" من‬
‫أوكرانيـا‪ .‬مع العلم أنـه لم تكن هنـاك إبـادة جمـاعيـة في أوكرانيـا وهي دولـة ديمقراطيـة حـديثة بعد الثورة عام ‪2159‬م ‪،‬‬
‫كمـا أن رئيسـ ـ ـ ـ ـهـا يهودي "فكيف يمكن أن يكون يهوديـا ونـازيـا في آن واحـد ؟" وردا على ذلـك فقـد قال الرئيس ألاوكراني‬
‫فولوديمر زيلينســكي‪ ،‬إن هجوم روس ــيا ش ــبيه بغزو أملانيا النازية في الحرب العاملية الثانية‪ .‬واملالحظ على الرئيس بوتين‬
‫أن ــه كثيرا م ــا يردد اته ــام ــه ب ــأن املتطرفين س ـ ـ ـ ــيطروا على أوكراني ــا‪ ،‬من ــذ إلاط ــاح ــة برئيسـ ـ ـ ـ ـه ــا املوالي لروسـ ـ ـ ـ ـي ــا‪ ،‬فيكتور‬
‫يانوكوفيتش‪ ،‬عام ‪ 2159‬بعد أشهر من الاحتجاجات ضد حكمه‪.‬‬
‫‪ -‬في أواخر عام ‪ ،2125‬بدأ بوتين بنشـ ـ ـ ــر أعداد كبيرة من القوات الروسـ ـ ـ ــية بالقرب من حدود أوكرانيا‪ .‬ثم ألغى‬
‫اتفاق سـ ــالم أبرم عام ‪ 2151‬في الش ـ ــرق واعترف باملناطق الخاض ـ ــعة لس ـ ــيطرة الانفص ـ ــاليين على أنها مناطق مسـ ــتقلة‪.‬‬
‫لطاملا قاومت روس ــيا تحرك أوكرانيا نحو الاتحاد ألاوروبي وتحالف الناتو‪ .‬ولدى إعالنه للعملية العس ــكرية في أوكرانيا‪،‬‬
‫اتهم بوتين الناتو بتهديد "املستقبل التاريخي لألمة الروسية(‪.)1‬‬
‫روسيا وأوكرانيا‪ :‬ما سبب ألازمة بين البلدين؟‬
‫كما سبق وبينا أنه ومنذ إلاطاحة برئيسها املوالي لروسيا‪ ،‬فيكتور يانوكوفيتش‪ ،‬عام ‪ 2159‬والعالقة بين روسيا‬
‫وأوكرانيـا متوترة لش ـ ـ ـ ــعور روسـ ـ ـ ـ ـيـا بـاقتراب أوكرانيـا من الغرب ألاوروبي وارهـاص ـ ـ ـ ــات طلـب أوكرانيا الانض ـ ـ ـ ــمام لالتحاد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألاوروبي بل ولحلف ألاطلنطي‪ ،‬وشعور روسيا أن هذا ألامر لو تم سيشكل تهديدا حقيقيا لألمن القومي الروس ي‪ ،‬لذلك‬
‫ســعت روســيا لزعزعة أمن أوكرانيا وايجاد موطأ قدم لها على ألاراضـ ي ألاوكرانية وذلك من خالل اعتراف بوتين بأجزاء‬
‫من مناطق أوكرانية منفصلة عن أوكرانيا ويحكمها روس موالون لروسيا‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع‪ /‬بول كيربي (‪ : )2122‬روسيا وأوكرانيا‪ :‬ملاذا دخلت القوات الروسية إلى أراض ي جارتها ألاوكرانية وماذا يريد بوتين؟ بي بي س ي نيوز ‪ 8‬ديسمبر‪ /‬كانون ألاول‬
‫‪ 2125‬جدد في ‪ 26‬فبراير‪ /‬شباط ‪2122‬بي بي س ي عربي على الرابط التالي‪https://q9r.us/9QtRx /‬‬
‫‪63‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مغزى اعتراف بوتين باملنطقتين الانفصاليتين‬


‫أدلى الرئيس الروس ـ ـ ي فالديمير بوتين بخطاب متلفز أعلن خالله أنه سـ ــيعترف باسـ ــتقالل املنطقتين ألاوكرانيتين‬
‫اللتين يسيطر عليهما انفصاليون مدعومون من روسيا‪.‬‬
‫وبعيد إلاعالن‪ ،‬وقع الرئيس بوتين على أوامر أص ـ ـ ـ ــدرها لقواته بتنفيذ "مهام حفظ س ـ ـ ــالم" في كلتا املنطقتين‪ .‬ال‬
‫يزال نطاق تلك املهام غير واضح‪ ،‬لكن إذا قامت القوات بعبور الحدود سيكون ذلك املرة ألاولى التي يدخل فيها الجنود‬
‫الروس رسميا ألاراض ي الخاضعة لسيطرة الانفصاليين‪.‬‬
‫وفي خطــاب وجهــه لشـ ـ ـ ــعبــه في وقــت متــأخر من الليــل‪ ،‬قـال الرئيس ألاوكراني فلوديمير زيلينس ـ ـ ـ ــكي إن بالده تريــد‬
‫الســالم‪ ،‬لكنه أضــاف‪" :‬لســنا خائفين"‪ ،‬ولن نتنازل عن أي شـ يء ألحد"‪ .‬وأضــاف أن كييف آلان بحاجة إلى "دعم واضــح‬
‫وفعال" من قبل شركائها الدوليين‪.‬‬
‫وقال الرئيس ألاوكراني إنه "من املهم للغاية أن نرى آلان من هو صديقنا وشريكنا الحقيقي‪ ،‬ومن سيستمر في‬
‫استخدام مجرد كلمات إلخافة الاتحاد الفدرالي الروس ي"‪.‬‬
‫وقد أدان كل من حلف شـ ـ ـ ــمال ألاطلس ـ ـ ـ ـ ي (الناتو) والاتحاد ألاوروبي قرار الرئيس بوتين‪ ،‬وقال الرئيس ألامريكي‬
‫جو بايدين إنه سيفرض عقوبات على روسيا‪.‬‬
‫ووصــفت "أورس ــوال فون دير الين" رئيس ــة املفوض ــية ألاوروبية في تغريده على موقع توتير الخطوة الروس ــية بأنها‬
‫"انتهاك صارخ للقانون الدولي" ولوحدة ألاراض ي ألاوكرانية"(‪.)1‬‬
‫ماذا يعني اعتراف روسيا باستقالل منطقتين انفصاليتين في أوكرانيا؟‬
‫ما التغيير الذي طرأ على عدد القوات الروسية؟‬
‫بداية ألازمة تعود إلى نوفمبر‪/‬تش ـ ــرين الثاني‪2125‬م عندما بدأت روس ـ ــيا في نقل أعداد هائلة من قوات جيش ـ ــها‬
‫إلى املناطق القريبة من الحدود ألاوكرانية‪ .‬لكن في ‪ 51‬فبراير‪/‬شـ ـ ــباط الحالي‪ ،‬وبعد أن وص ـ ــل عدد تلك القوات إلى‪511‬‬
‫ألف‪ ،‬قـال الرئيس بوتين إنـه س ـ ـ ـ ــيكون هنـاك انسـ ـ ـ ـ ـحـاب جزئي للقوات الروسـ ـ ـ ـ ـيـة‪ .‬وقـال متحـدث بـاس ـ ـ ـ ــم وزارة الـدفـاع‬
‫الروســية إن بعض وحدات الجيش "بدأت بالفعل في تحميل معداتها على متن القطارات والعربات‪ ،‬وس ــوف تبدأ اليوم‬
‫العودة إلى ثكناتها العســكرية"‪ .‬بيد أن أوكرانيا وشــركاءها يقولون إنه لم يحدث أي تناقص في عدد القوات املنتشــرة في‬
‫املناطق الحدودية‪ .‬وفي أعقاب إلاعالن الروسـ ي‪ ،‬صـرح "ينس ســتولتنبرغ" ألامين العام لحلف الناتو قائال‪" :‬إنهم يقومون‬
‫باستمرار بتحريك القوات إلى ألامام وإلى الخلف"‪.‬‬
‫"لطـاملــا تحركــت القوات يمينــا ويس ـ ـ ـ ــارا‪ ،‬إلى ألامــام وإلى الخلف وفي كــل الاتجــاهــات‪ ،‬لكن الاتجــاه الـذي ظــل ثــابتــا‬
‫خالل ألاســابيع وألاشــهر املاضــية هو الزيادة املســتمرة في القدرات (العســكرية) الروســية على مقربة من حدود أوكرانيا"‪.‬‬
‫وصرح الرئيس ألاوكراني فلوديمير زيلينسكي لبي بي س ي قائال‪" :‬إننا‪ ،‬بكل صراحة نتفاعل مع الواقع الذي أمامنا‪ ،‬ونحن‬
‫لم نر بعد أي انسحاب للقوات"‪.‬‬
‫وأعلنت وزارة الدفاع في بيالروس ــيا أن القوات الروس ــية البالغ قوامها‪ 01111‬جندي واملتمركزة في البالد س ــوف‬
‫تمكث هناك‪ ،‬رغم أنه كان من املقرر أن تعود إلى قواعدها في أعقاب انتهاء تدريبها العسكري‪.‬‬

‫(‪ (1‬روسيا وأوكرانيا ما سبب ألازمة بين البلدين؟(‪ )2122‬بي بي س ي نيوز بتاريخ ‪ 22‬فبراير‪ .‬على الرابط التالي‪ https://q9r.us/jluKv /‬اطلع عليه في‪0‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ووفقا للتقديرات ألامريكية‪ ،‬فإن عدد القوات الروسية في املنطقة يزيد عن ‪ 511111‬جندي‪ ،‬بما في ذلك‬
‫القوات الانفصالية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك‪.‬‬
‫كيف ساء الوضع في شرق أوكرانيا؟‬
‫في عام ‪ ،2159‬انت‪،‬عت روســيا الســيطرة على ألاراض ـ ي ألاوكرانية في شــبه جزيرة القرم ودعمت القوات الانفصــالية التي‬
‫تحارب في منطقتي دونباس ولوهانسك الشرقيتين‪ .‬تسبب الن‪،‬اع في الشرق في إزهاق أرواح ما يربو على ‪ 59111‬شخص‪،‬‬
‫وأعلنت الجماعات الانفص ـ ــالية من جانب واحد قيام ما س ـ ــمتهما جمهوريتي دونيتس ـ ــك ولوهانس ـ ــك الش ـ ــعبيتين‪.‬وأش ـ ــار‬
‫مراقبون دوليون تــابعون ملنظمــة ألامن والتعــاون في أوروبــا‪ ،‬إلى حــدوث مئــات من حوادث انتهــاك وقف إطالق النــار في‬
‫تقريرهم الذي يغطي الفترة من ‪ 59‬إلى ‪ 58‬من فبراير‪2122‬م‪.‬‬
‫ألازمة ألاوكرانية‪ :‬بوتين يأمر بنشر قوات روسية في دونيتسك ولوهانسك‬

‫وأعلن زعماء الانفص ــاليين املدعومين من روس ــيا في منطقتي لوهانس ــك ودونيتس ــك إجالء الس ــكان عنهما قائلين‬
‫إن أوكرانيــا كثفــت من قص ـ ـ ـ ــفهــا للمنطقتين وإنهــا تعت‪،‬م ش ـ ـ ـ ــن هجوم عليهمـا‪ .‬وأعلن دينيس بوش ـ ـ ـ ــيلين زعيم جمهوريــة‬
‫دونيتسك الشعبية‪ ،‬عن عملية إلاجالء في مقطع مصور‪ .‬ووصف "بول أدامز" مراسل بي بي س ي للشؤون الدبلوماسية‬
‫فكرة وجود حاجة إلى إجالء السكان بسبب تأهب أوكرانيا لشن هجوم بأنها "ال أساس لها من الصحة"‪.‬‬
‫وكتبت "سارة راين‪،‬فورد" مراسلة شؤون أوروبا الشرقية في بي بي س ي في تغريده على توتير أن التلفزيون الروس ي‬
‫ينقل مزاعم هجوم وشيك للقوات ألاوكرانية على املناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون‪.‬‬
‫وردا على مزاعم مماثلة‪ ،‬غرد دميترو كوليبا وزير الش ــؤون الخارجية ألاوكراني قائال‪" :‬روس ــيا‪ ،‬توقفي عن ص ــنع‬
‫ألاخبار الكاذبة"‪ .‬ونفى قيام أوكرانيا بشـن هجوم على مناطق خاضـعة لسيطرة الانفصاليين أو قصف الحدود الروسية‬
‫أو عبورها‪ .‬وقد نبهت الواليات املتحدة أن روس ـ ــيا قد تس ـ ــعى إلى افتعال أزمة لتبرير تنفيذ عمل عس ـ ــكري (بما في ذلك‬
‫اس ـ ـ ــتخدام ما يعرف بتكتيك "الراية الزائفة"‪ ،‬وهو مص ـ ـ ــطلح يش ـ ـ ــير إلى هجوم ملفق تقوم به الدولة ضـ ـ ـ ــد مص ـ ـ ــالحها‬
‫الخاصة من أجل تبرير الانتقام)‪ ،‬ولكنها لم تقدم أي أدلة محددة لدعم تلك املزاعم‪.‬‬
‫هل هناك أي بوادر على حل دبلوماس ي لألزمة؟‬
‫حتى قبل إعالن روس ـ ـ ــيا الاعتراف باس ـ ـ ــتقالل املنطقتين الخاض ـ ـ ــعتين لس ـ ـ ــيطرة الانفص ـ ـ ــاليين ألاوكرانيين الذين‬
‫تدعمهم‪ ،‬لم تكن هناك أي بوادر على اقتراب طرفي ألازمة من التفاوض بغية التوص ـ ـ ــل إلى اتفاق دبلوماسـ ـ ـ ـ ي‪ .‬في بداية‬

‫‪65‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫فبراير‪2122‬م‪ ،‬كرر الرئيس بوتين مطــالــب روسـ ـ ـ ـ ـيــا في أعقــاب اجتمــاع عقــده مع رئيس الوزراء املجري فيكتور أوربــان‪:‬‬
‫"وقف توس ـ ــعة الناتو‪ ،‬إلغاء عملية نش ـ ــر ألاس ـ ــلحة بالقرب من الحدود الروس ـ ــية‪ ،‬وإعادة املنش ـ ــآت العس ـ ــكرية التابعة‬
‫للناتو إلى املواقع التي كانت فيها عام‪ 5449‬عندما وقعت اتفاقية القانون التأسيس ي بين روسيا والحلف"‪.‬‬
‫ومن جانبه‪ ،‬يقول حلف الناتو إنه لن تكون هناك حدود لالنتشار العسكري داخل دوله ألاعضاء‪ ،‬ويرفض‬
‫املوافقة على وضع قيود تمنع بلدان بعينها من الانضمام إلى الحلف في املستقبل‪.‬‬
‫كما قالت بلدان من خارج الناتو إنها ال تقبل أن تملي روسيا عليها ما إذا كانت تستطيع الانضمام إلى الحلف في‬
‫املستقبل‪.‬‬
‫وقد دعا الرئيس ألاوكراني زيلينسكي إلى "إطار زمني واضح وعملي" النضمام بالده للحلف‪ ،‬وذلك خالل مؤتمر‬
‫ألامن الذي عقد في مدينة ميونخ ألاملانية‪.‬‬
‫كمـا ذكرت فنلندا‪ ،‬التي تش ـ ـ ـ ــترك في الحدود مع روس ـ ـ ـ ــيا مثلها مثل أوكرانيا‪ ،‬أنها يجب أن يكون لها حرية اتخاذ‬
‫قرار الانضمام إلى الناتو من عدمه في املستقبل‪.)1( .‬‬
‫ما الدوافع وراء التدخل الروس ي في أوكرانيا؟‬
‫قال فياكسـ ــالف نيكونوف‪ ،‬العضـ ــو البارز في البرملان الروس ـ ـ ي‪":‬روسـ ــيا كانت ضـ ــد الانقالب العنيف (الثورة التي‬
‫شـ ـ ـ ــهدتها أوكرانيا )‪ ،‬التي خطط ألامريكيون لها على ألاغلب‪ ،‬والذين تتركز أهدافهم في ضـ ـ ـ ــم أوكرانيا للناتو‪ ،‬وهذا خط‬
‫ً‬
‫أحمر لروسـ ــيا‪ ".‬وأضـ ــاف‪" :‬تعتبر روسـ ــيا ما حدث تهديدا لوجودها‪ ،‬وسـ ــتتخذ ما يلزم ملنع حدوثه‪ ".‬وفي خضـ ــم عاصـ ــفة‬
‫الادعاءات‪ ،‬والادعاءات املض ـ ــادة حول ألازمة ألاوكرانية‪ ،‬تأتي كلمات نيكونوف في لحظة وض ـ ــوح نادرة‪ ،‬في ظل املخاوف‬
‫ألاس ـ ــاس ـ ــية التي تحرك الس ـ ــياس ـ ــة الروس ـ ــية‪ ،‬منذ ظهور مؤش ـ ـرات إلاطاحة برئيس أوكرانيا فيكتور يانوكوفيتش‪ ،‬جراء‬
‫حركة الاحتجاجات في العاصمة كييف‪.‬‬
‫وتظهر خريطة شرق أوروبا ألاهمية الاستراتيجية الكبيرة التي تمثلها أوكرانيا‪.‬‬
‫ومن وجهة نظر قص ــر الرئاس ــة الروس ـ ي (الكرملين)‪ ،‬فإن أوكرانيا تعد منطقة عازلة بين روس ــيا وأوروبا وبص ــورة‬
‫خاص ـ ــة مجموعة دول أوروبا الش ـ ــرقية الس ـ ــابقة‪ ،‬التي انض ـ ــمت آلان إلى حلف ش ـ ــمال ألاطلس ـ ـ ي (الناتو)‪ .‬أض ـ ــف إلى ما‬
‫سبق‪ ،‬الخوف من فقدان القاعدة البحرية الروسية في شبه جزيرة القرم‪ ،‬التي تمنح ألاسطول الروس ي في البحر ألاسود‬
‫مدخال للبحر املتوسط‪ ،‬وكان تحرك موسكو بشكل دراماتيكي أمرا ال مفر منه‪ .‬وكررت روسيا كثيرا ادعاءاتها بأن الثورة‬
‫في كييف منحت النازيين الجدد الفرص ـ ــة الجتياح ش ـ ــرق أوكرانيا‪ ،‬وطرد س ـ ــكانها الذين يتحدثون اللغة الروس ـ ــية‪ .‬وهي‬
‫الذريعة التي تخفي موسكو وراءها السبب الاستراتيجي الحقيقي للتدخل العسكري في القرم من قبل‪.‬‬
‫ولم يظهر من الكرملين حتى آلان أي إش ـ ـ ــارة للتراجع عن موقفه‪ .‬ودائما ما أكد الرئيس الروسـ ـ ـ ـ ي فالديمير بوتين‬
‫على أن روس ـ ـ ـ ــيا لم تبدأ ألازمة‪ .‬وفي ظل تلويح أوروبا والواليات املتحدة بفرض عقوبات على روس ـ ـ ـ ــيا‪ ،‬إذا أعلنت ض ـ ـ ـ ــم‬
‫القرم إليها بعد الاسـ ـ ــتفتاء الشـ ـ ــكلي الذي نظمته روسـ ـ ــيا فيه ‪ ،‬فإن هناك رد روس ـ ـ ـ ي مقابل فقد نوه النائب الروس ـ ـ ـ ي‬
‫فياكس ــالف نيكونوف إلى أن بالده خامس أكبر اقتص ــاد في العالم ولديها جيش قوي "وإذا كان هناك عقوبات‪ ،‬فس ــوف‬

‫)‪ )1‬روسيا وأوكرانيا ما سبب ألازمة بين البلدين؟(‪ )2122‬بي بي س ي نيوز بتاريخ ‪ 22‬فبراير‪ .‬على الرابط التالي‪ https://q9r.us/jluKv /‬اطلع عليه في‪0‬مارس ‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تفرض روسـيا عقوبات مشـابهة لها تماما‪ ".‬وأضـاف‪" :‬نحن نعيش في عالم متداخل جدا‪ ،‬وال أنصح أحد بمحاولة فرض‬
‫عقوبات على روسيا الاتحادية‪ ،‬ألن العواقب قد تكون وخيمة ليس فقط لروسيا ولكن للجميع‪".‬‬
‫تحذير للروس‬
‫وهناك عامل آخر للخوف يحرك حملة الكرملين لتقويض ثورة أوكرانيا‪ ،‬يتمثل في امتداد الثورة إلى روسيا‪.‬‬
‫فنجاح ثورة على حدودها قد يش ــجع مجموعات املعارض ــة داخل روس ــيا نفس ــها‪ ،‬ويعمق إيمانهم بقدرة حش ــود‬
‫املتظاهرين على النجاح في مواجهة الحكومات الاس ـ ــتبدادية‪ .‬لذلك كانت الاس ـ ــتجابة العنيفة من روس ـ ــيا على ألارض في‬
‫القرم‪ ،‬وادعائها بأن الثورة تقود إلى الفوضـ ـ ى والفاش ــية‪ ،‬وهو ما يعد تحذيرا للش ــعب الروسـ ـ ي نفس ــه‪ .‬في الوقت ذاته‪،‬‬
‫فإن احتمال اســتعادة القرم مرة أخرى‪ ،‬زاد من مكاســب الكرملين‪ ،‬خاصــة أن شــبه الجزيرة تحظي بشــعبية بين نســبة‬
‫كبيرة من الشعب الروس ي‪.‬‬
‫وكانت القرم جزءا من روسيا حتى عام ‪ ،5419‬عندما قرر "خروشوف‪ ،‬زعيم الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت‪،‬‬
‫إعادتها مرة أخرى ألوكرانيا(‪.")1‬‬
‫املبحث الثاني‬
‫دور مجلس ألامن في حفظ السلم وألامن الدوليين في ألازمة ألاوكرانية‬
‫ً‬
‫يتمتع مجلس ألامن بمكانة متمي‪،‬ة من بين أجهزة ألامم املتحدة ‪ ،‬نظرا الض ــطالعه بالوظيفة ألاس ــاس ــية التي من‬
‫ُ‬
‫أجلها أنش ـ ـ ـ ــأت املنظمة الدولية ‪ ،‬وهى املحافظة على الس ـ ـ ـ ــلم وألامن الدوليين ولقد أعطى ميثاق ألامم املتحدة مجلس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألامن دورا متـدرجـا لحـل املنـازعـات الـدوليـة ‪ ،‬يبـدأ بمجرد دعوة ألاطراف املتنـازعـة إلى حـل خالفـاتهم بـالطرق الس ـ ـ ـ ــلمية‬
‫ً‬
‫دون تحـديــد (م‪ )00‬ثم تمتـد ص ـ ـ ـ ــالحيــاتــه إلى إمكــانيـة فحص أي نزاع دولي قـد يؤدى إلى احتكـاك دولي أو يثير نزاعــا ‪ ،‬كي‬
‫يقرر ما إذا كان اس ــتمرار هذا الن‪،‬اع أو املوقف من ش ــأنه أن ُيعرض الس ــلم وألامن الدوليين للخطر(م‪ُ . )2()09‬ويمارس‬
‫ً‬
‫املجلس اختص ـ ـ ـ ــاص ـ ـ ـ ــاته املتعلقة بهذا املجال من خالل ما ُيص ـ ـ ـ ـدره من توص ـ ـ ـ ــيات وقرارات إعماال ألحكام الفص ـ ـ ـ ــلين‬
‫السادس والسابع من امليثاق(‪.)3‬‬
‫فقـد خول الفص ـ ـ ـ ــل الس ـ ـ ـ ــابع من امليثاق مجلس ألامن النظر في املنازعات التي تهدد الس ـ ـ ـ ــلم وألامن الدوليين أو‬
‫تعرضـ ـ ــهما للخطر‪ ،‬ونصـ ـ ــت املادة (‪ )09‬في الفصـ ـ ــل الس ـ ـ ــادس من امليثاق بأن" ملجلس ألامن أن يفحص أي نزاع أو أي‬
‫ً‬
‫موقف قــد يؤدى إلى احتكــاك دولي أو قــد يثير نزاعــا لكى يقرر مــا إذا كــان هــذا الن‪،‬اع أو املوقف من شـ ـ ـ ـ ــأنــه أن ُيعرض‬
‫للخطر حفظ السلم وألامن الدوليين(‪.)4‬‬
‫نتائج الاجتماعات السابقة ملجلس ألامن حول أوكرانيا‬
‫عقد مجلس ألامن أربع جلسات بشأن الوضع في أوكرانيا‪ .‬فقد اجتمع املجلس في ‪ 05‬كانون الثاني‪/‬يناير بناء‬
‫على طلب الواليات املتحدة‪.‬‬

‫)‪ )1‬ريتشارد غالبن(‪ )2159‬بي بي س ي نيوز‪ -‬موسكو ‪ 59‬مارس‪ /‬آذار ‪ 2159‬بي بي س ي عربي على الرابط التالي‪ https://q9r.us/F78BH /‬اطلع عليه فال ‪0‬مارس ‪2122‬م‬
‫ً‬
‫)‪ )2‬راجع ميثاق الامم املتحدة املواد ‪ 00‬و‪ 09‬الفصل السدس حل املنازعات حال سلميا على الرابط التالي‪ https://q9r.us/7gyLT :‬اطلع عليه في ‪2‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫)‪ )3‬راجع‪ /‬د‪ .‬حسام هنداوي(‪ : )5449‬حدود سلطات مجلس ألامن‪ ،‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪ ،5449،‬ص‪.295 – 249‬‬
‫(‪ )2)4‬راجع نص املادتين ‪09،00‬من امليثاق على الانترنت على الرابط التالي ‪ https://q9r.us/jgfAL -:‬تم الاطالع عليه يوم ‪5‬مارس ‪2122‬م‬
‫‪67‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫في ‪ 59‬شــباط‪/‬فبراير‪ ،‬نظمت روســيا جلســة إحاطة بمناســبة الذكرى الســابعة التفاق مينســك الثاني الذي أبرم‬
‫في ‪ 52‬شباط‪/‬فبراير‪ ،2151‬والذي حدد خطوات إلنهاء الصراع في شرق أوكرانيا من خالل تسوية سياسية‪.‬‬
‫في ‪ 25‬شباط‪/‬فبراير‪ ،‬عقد املجلس اجتماعا طارئا مفتوحا بناء على طلب أوكرانيا‪ ،‬بدعم من العديد من أعضاء‬
‫املجلس‪ ،‬بما في ذلك ألبانيا وفرنسا وإيرلندا والنرويج واململكة املتحدة والواليات املتحدة‪ .‬جاء ذلك الاجتماع عقب قرار‬
‫روس ــيا الاعتراف باس ــتقالل منطقتي دونيتس ــك ولوهانس ــك الانفص ــاليتين في منطقة دونباس في ش ــرق أوكرانيا وتص ــعيد‬
‫القتال في تلك املناطق وحولها‪.‬‬
‫في مس ــاء يوم ‪ 20‬شـ ــباط‪/‬فبراير‪ ،‬عقد املجلس مرة أخرى اجتماعا طارئا بناء على طلب أوكرانيا‪ ،‬بعد أن طلبت‬
‫سـلطات ما يسمى بجمهوريتي دونيتسك ولوهانسك الشعبيتين مساعدة عسكرية من روسيا‪ .‬في ذلك الاجتماع‪ ،‬أعلنت‬
‫الواليات املتحدة أنها س ـ ـ ـ ــتقدم مش ـ ـ ـ ــروع قرار بش ـ ـ ـ ــأن أوكرانيا‪ .‬وأثناء انعقاد املجلس‪ ،‬أعلن الرئيس بوتين بدء "العملية‬
‫العسكرية الخاصة" في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا‪.‬‬
‫ولجــأت أوكرانيــا ملجلس ألامن ملواجهــة العــدوان الروسـ ـ ـ ـ ـ ي على أراض ـ ـ ـ ــيهــا فقــد كــانــت الواليــات املتحــدة وألبــانيــا‬
‫الدولتان حاملتا القلم بشـ ـ ــأن أوكرانيا‪ ،‬قد وزعتا مش ـ ـ ــروع قرار يتناول التطورات ألاخيرة على أعض ـ ـ ــاء املجلس ص ـ ـ ــباح‬
‫يوم‪ 29‬فبراير‪2122‬م‪ .‬وبعد مفاوضـات ثنائية مع بعض ألاعضـاء‪ ،‬وضـعت الدولتان مسـودة منقحة باللون ألازرق مساء‬
‫‪29‬فبراير‪2122‬م‪ .‬وق ــد ك ــان مش ـ ـ ـ ــروع القرار ال ــذي ك ــان سـ ـ ـ ــيصـ ـ ـ ــوت علي ــه مجلس ألامن بع ــد ظهر يوم (‪ 21‬ش ـ ـ ـ ـب ــاط ‪/‬‬
‫فبراير‪2122‬م) "س ـ ـ ــيدين بأش ـ ـ ــد العبارات العدوان الروسـ ـ ـ ـ ي على أوكرانيا"‪ .‬وكما هو متوقع‪ ،‬اس ـ ـ ــتخدمت روس ـ ـ ــيا حق‬
‫النقض فيما امتنعت الصين والهند وإلامارات العربية املتحدة عن التصويت‪ .‬وبالتالي لم يعتمد مشروع القرار(‪.)1‬‬
‫موقف الدول أعضاء مجلس ألامن من مشروع القرار‬
‫‪ -‬روسيا تصوت ضد املشروع‪ :‬صوت الاتحاد الروس ي ضد مشروع قرار مجلس ألامن املناهض لروسيا وأوكرانيا‬
‫املقدم‪ ،‬مس ــتخدما حق النقض (الفيتو)‪ .‬وأعرب الس ــفير الروس ـ ي‪ ،‬فاس ــيلي نيبين‪،‬يا‪ ،‬عن ش ــكره ملن لم يدعم املش ــروع‪.‬‬
‫وقال إنه يتعارض مع املصــالح ألاســاســية للشــعب ألاوكراني‪" ،‬حيث إنه يحاول إنقاذ وترســيخ نظام الســلطة في أوكرانيا‬
‫الذي قاد هذا البلد إلى مأساة استمرت ثماني سنوات على ألاقل حتى آلان‪ ".‬وأوضح أن السبب الرئيس ي للتصويت ضد‬
‫القرار ليس بس ــبب ما هو مذكور في املش ــروع‪ ،‬ولكن بس ــبب ما هو غير موجود‪" .‬إذا كان معدوه قد حاولوا إعطاء نظرة‬
‫تشبه إلى حد بعيد وثيقة متوازنة‪ ،‬فلن يتركوا أسئلة خارج ألاقواس ال ينبغي نسيانها في سياق املشكلة ألاوكرانية‪".‬‬
‫وأشـ ــار إلى أنه بقي خارج ألاقواس كيف أن السـ ــلطات ألاوكرانية "بتواطؤ من رعاتها الغربيين" تتجنب باسـ ــتمرار‬
‫وبســخرية تنفيذ اتفاقيات مينســك‪ ،‬التي كان العنصــر ألاســاس ـ ي فيها الحوار املباشــر مع ســكان شــرق البالد‪ .‬وتابع يقول‪:‬‬
‫"في الوقت نفسـه‪ ،‬تمركز ألاوكرانيون على خط التماس‪ ،‬بشــكل رئيسـ ي من الراديكاليين والنازيين الجدد‪ ،‬بشــكل منهجي‪،‬‬
‫يوما بعد يوم‪ ،‬قصــفت املناطق في لوهانســك ودونيتســك‪ ،‬مما أســفر عن مقتل النســاء وألاطفال وكبار الســن ‪".‬وتســاءل‬
‫قائال‪" :‬كيف ال يمكن للمرء أن يذكر الجرائم املروعة التي ارتكبها ألاوكرو‪-‬نازي خالل هذه السنوات الثماني؟"‪.‬‬

‫)‪ )1‬أسامه مهدى‪ )2122( :‬بـ «حق الفيتو»‪ ..‬مجلس ألامن يفشل في اعتماد قرار ضد حرب روسيا على أوكرانيا ‪ ،‬املصري اليوم ‪،‬السبت ‪26‬فبراير ‪2122‬م على الرابط‬
‫التالي‪ https://q9r.us/6viEY :‬اطلع عليه في ‪0‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تقييم غير صادق‬


‫وقال السـفير الروسـ ي‪ ،‬إنه سـيكون من الجيد تضـمين املشروع "تقييما صادقا لدور زمالئنا الغربيين في تضخيم‬
‫ألازمة ألاوكرانية‪ ،‬والذين لم يقفوا وراء انقالب امليدان فحس ـ ــب‪ ،‬لكنهم في الحقيقة أعطوا كييف تفويض ـ ــا مطلقا ألية‬
‫إجراءات وخطوات ال يمكن تصورها من قبل أي دولة متحضرة‪".‬‬
‫وقال إن مس ـ ـ ــؤولية ما يحدث آلان ال تقع على عاتق القيادة ألاوكرانية الحالية فحس ـ ـ ــب‪" ،‬بل تقع على عاتقكم‬
‫أيض ـ ـ ـ ـ ــا أيه ــا السـ ـ ـ ـ ـ ــادة‪ "،‬مش ـ ـ ـ ــيرا إلى أن مش ـ ـ ـ ــروع قرار اليوم ليس س ـ ـ ـ ــوى تحرك آخر في لعب ــة الش ـ ـ ـ ــطرنج الق ــاسـ ـ ـ ـ ـي ــة‬
‫والالإنســانية‪ .‬وأشــار فاســيلي نيبين‪،‬يا إلى ما صــرح به الرئيس فالديمير بوتين ووزارة الدفاع الروســية بوضــوح وهو أنه لن‬
‫تكون هناك ض ـ ــربات ض ـ ــد أهداف مدنية‪" ،‬لكن القوميين يس ـ ــتخدمون املدنيين كدروع بش ـ ــرية" مش ـ ــيرا إلى اس ـ ــتغالل‬
‫الغرب والدعاية إلاعالمية من قبل الغرب‪ .‬ونفى أن يكون هناك أي قص ـ ــف على املدنيين ألاوكرانيين‪ .‬وأكد قائال‪" :‬نحن‬
‫لسـ ــنا في حالة حرب مع أوكرانيا ونقوم بعملية عس ـ ــكرية خاص ـ ــة ض ـ ــد القوميين لحماية سـ ــكان دونباس ونزع السـ ــالح‪.‬‬
‫وس ـ ــيتم الانتهاء قريبا بما فيه الكفاية وس ـ ــيتمكن الش ـ ــعب ألاوكراني مرة أخرى من تقرير مص ـ ــيره بش ـ ــكل مس ـ ــتقل بينما‬
‫يعيش في سالم وتعاون مع الجيران‪".‬‬
‫والحقيقة املؤملة إن وجود "اس ـ ـ ــيلي نيبين‪،‬يا"‪ ،‬املمثل الدائم لالتحاد الروسـ ـ ـ ـ ي لدى ألامم املتحدة ورئيس مجلس‬
‫ً‬
‫ألامن لشـهر شـباط‪/‬فبراير‪2122‬م‪ ،‬يترأس اجتماع مجلس ألامن بشأن الحالة في أوكرانيا ايضا مدعاه للسخرية‪ ،‬فكيف‬
‫يكون "اس ـ ــيلي نيبين‪،‬يا" الخص ـ ــم والحكم في أن واحد‪ ،‬وهذا من العيوب القاتلة في تش ـ ــكيل مجلس ألامن باإلض ـ ــافة الى‬
‫نظام الفيتو املتبع في التصويت من قبل الدول الخمس الدائمة العضوية‪ ،‬فغالبا ما تعصف تلك الدول بحقوق الدول‬
‫ألاخرى‪ ،‬اذا ما كانت طرفا في الن‪،‬اع‪.‬‬
‫‪ -‬أوكرانيا تصف ما يحدث بجرائم حرب‬
‫طلب مندوب أوكرانيا الدائم لدى ألامم املتحدة‪ ،‬سـيريي كيسليتسا‪ ،‬من أعضاء مجلس ألامن تخصيص دقيقة‬
‫ُ‬
‫صـ ـ ـ ـ ـمــت للص ـ ـ ـ ــالة على أرواح أولئــك الــذين قتلوا في أوكرانيــا‪ .‬وقــال‪" :‬كمــا أدعو الس ـ ـ ـ ــفير الروسـ ـ ـ ـ ـ ي للص ـ ـ ـ ــالة من أج ــل‬
‫الخالص‪ ".‬وقبل الش ــروع في دقيقة الص ــمت‪ ،‬قال الس ــفير الروس ـ ي‪ ،‬نيبين‪،‬يا‪ ،‬إنه يرغب أيض ــا في إض ــافة "كل من قض ـ ى‬
‫خالل السـنوات املاضـية في دونباس وهم أيضـا يسـتحقون أن يتم ذكرهم‪ ،‬جميع ألارواح قيمة‪ ،‬دعونا ال ننساهم‪ ".‬وفي‬
‫أعقاب دقيقة الصـ ـ ـ ــمت‪ ،‬قال املندوب ألاوكراني إنه لن تكون هناك أي اس ـ ـ ـ ــتضـ ـ ـ ــافة للقوات الروس ـ ـ ـ ــية على ألاراض ـ ـ ـ ـ ي‬
‫ألاوكرانية‪ .‬وأض ـ ــاف‪" :‬ال يمكن اس ـ ــتغالل أي س ـ ــياق تاريخي معقد لتبرير ما يحدث‪ ".‬وتس ـ ــاءل قائال‪" :‬هل هذا هو الوقت‬
‫لبحــث الانعكــاسـ ـ ـ ـ ــات التــاريخيــة على خلفيــة الوض ـ ـ ـ ــع املثير للقلق في محطــة تش ـ ـ ـ ــيرنيبول النوويــة التي س ـ ـ ـ ــيطرت عليهــا‬
‫الجماعات الروســية املســلحة؟" وأشــار إلى أنه كان ينبغي أن تكون روســيا أول من يصــوت لوقف الحرب وإنقاذ رعاياها‬
‫في أوكرانيا‪ .‬وأضـاف‪" :‬ال شـ يء يبرر قصــف الحضـانة ودار ألايتام واملسـتشــفيات‪ ،‬الذي حدث اليوم‪ ".‬وأبلغ مجلس ألامن‬
‫ُ‬
‫أنه حتى منتص ــف الليلة املاض ــية‪ ،‬قتل تقريبا ‪ 591‬ش ــخص ــا من الجانب ألاوكراني وأص ــيب ‪ 056‬ش ــخص ــا بجراح خالل‬

‫‪69‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أول يوم لالجتياح الروس ـ ـ ي‪ ،‬وتضـ ــررت عدة مرافق للبنية التحتية‪ .‬ووصـ ــف تلك الهجمات بأنها انتهاكات وجرائم حرب‪،‬‬
‫لكنه أكد أيضا أن أوكرانيا منفتحة على املفاوضات‪ ،‬نافيا ما تردد بأن أوكرانيا ال ترغب بالحوار(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الواليات املتحدة‪ :‬الفيتو الروس ي لن يكم أصواتنا ولن يغير مبادئنا‬
‫السـ ـ ـ ــفيرة ألامريكيــة لينــدا تومــاس‪-‬غرينفيلــد‪ ،‬لم تس ـ ـ ـ ــتغرب أن تمــارس روسـ ـ ـ ـ ـيــا حق النقض (الفيتو) اليوم في‬
‫"محاولة لحماية الحرب الروسية املتعمدة ودون سابق استفزاز وغير املبررة وغير املعقولة على أوكرانيا‪".‬‬
‫لكنها ش ـ ــددت على أنه إذ كان بإمكان روس ـ ــيا اس ـ ــتخدام حق النقض ض ـ ــد هذا القرار‪ ،‬فال يمكنها كم أص ـ ــواتنا‬
‫وتغيير مبـادئنـا‪ .‬وقـالـت مخـاطبـة روسـ ـ ـ ـ ـيـا‪ ":‬روسـ ـ ـ ـ ـيـا‪ ،‬يمكن ِّـك اس ـ ـ ـ ــتخـدام حق النقض ض ـ ـ ـ ــد هذا القرار‪ ،‬لكن ال يمكنك‬
‫اسـ ـ ــتخدام حق النقض ضـ ـ ــد أص ـ ـ ــواتنا‪ .‬ال يمكنك نقض الحقيقة‪ .‬ال يمكنك نقض مبادئنا‪ .‬ال يمكنك نقض الش ـ ـ ــعب‬
‫ألاوكراني‪ .‬ال يمكنك نقض ميثاق ألامم املتحدة‪ .‬ولن تنقض ي املساءلة‪".‬‬
‫وأثنت الس ـ ــفيرة ألاميركية على ألاعض ـ ــاء املس ـ ــؤولين في مجلس ألامن هذا الذين وقفوا س ـ ــوية اليوم في "مواجهة‬
‫العدوان الروس ـ ي"‪ ،‬على حد تعبيرها‪ ،‬مؤكدة أنهم س ــيواص ــلون الوقوف مع أوكرانيا‪ ،‬ودعمها بكل وس ــيلة ممكنة‪" .‬نحن‬
‫متحدون خلف أوكرانيا وشــعبها‪ ،‬على الرغم من أن عضــوا دائما متهورا وغير مســؤول في مجلس ألامن يسـ يء اســتخدام‬
‫سلطته ملهاجمة جارته وتخريب ألامم املتحدة ونظامنا الدولي‪".‬‬
‫وبحس ـ ــب الدبلوماس ـ ــية ألامريكية‪ ،‬التي يص ـ ــادف اليوم الذكرى ألاولى لتوليها منص ـ ــب املندوبة الدائمة للواليات‬
‫املتحـدة لـدى ألامم املتحـدة‪ ،‬فـإن "هـذا التص ـ ـ ـ ــويت اليوم أظهر الدول التي تؤمن حقا بدعم املبادئ ألاس ـ ـ ـ ــاس ـ ـ ـ ــية لألمم‬
‫املتحدة ‪ -‬وأيها تنش ـ ـ ــرها كش ـ ـ ــعارات مناس ـ ـ ــبة‪ .‬أظهر هذا التص ـ ـ ــويت أعض ـ ـ ــاء مجلس ألامن الذين يدعمون ميثاق ألامم‬
‫املتحدة ‪ -‬وأيهم ال يدعمون‪ ".‬ووعدت بتناول هذه املس ـ ــألة في الجمعية العامة‪" ،‬حيث ال ينطبق الفيتو الروسـ ـ ـ ي‪ ،‬حيث‬
‫يمكن لدول العالم‪ ،‬بل يجب عليها‪ ،‬أن تحاسب روسيا وأن تقف متضامنة مع أوكرانيا(‪".)2‬‬
‫‪ -‬ألبانيا‪ :‬مجلس ألامن أصبح "رهينة" وهذه ليست نهاية جهودنا‬
‫ممثل ألبانيا أعرب عن أسـ ــفه البالغ إزاء اسـ ــتخدام روسـ ــيا لحق النقض‪ ،‬قائال إن مجلس ألامن حاول أن يبرز‬
‫للعـالم اتحـاده وفـائـدته‪" ،‬ولكن تمت عرقلة ذلك وأص ـ ـ ـ ــبح املجلس رهينة"‪ .‬وأض ـ ـ ـ ــاف قائال‪" :‬هذه ليس ـ ـ ـ ــت نهاية جهودنا‬
‫وسنواصل العمل مع الدول ألاعضاء في ألامم املتحدة ومع جميع من يحترمون القواعد عوضا عن الفوض ى‪ ،‬جميع من‬
‫يؤسسون عالقات تقوم على الاحترام وليس الازدراء‪ .‬سنواصل إدانة هذا العدوان وسنواصل الدعوة إلنهاء هذه الحرب‬
‫التي ال معنى لها"‪ .‬وقال املندوب ألالباني إن روس ـ ـ ــيا "تقتل أناس ـ ـ ــا وتحاول أن تنهي حكومة منتخبة ديمقراطيا‪ .‬روس ـ ـ ــيا‬
‫س ـ ــتتحمل مس ـ ــؤولية هذه ألافعال وهي تواجه إدانة عاملية واس ـ ــعة النطاق كما س ـ ــتتعرض للعقاب‪ ،‬بما في ذلك تعليق‬
‫حقوقها في مجلس أوروبا لكنها لن تدمر ألامن ألاوروبي ولن يتس ـ ــنى لها أن تأخذ العالم إلى الوراء"‪ .‬وأعرب عن تض ـ ــامن‬
‫ً‬
‫بالده مع أوكرانيا مض ـ ــيفا‪" :‬مس ـ ــتعدون لتوفير مالذا لألوكرانيين الذين يفرون من الحرب‪ .‬نحن نحترم س ـ ــيادة أوكرانيا‬
‫ووحدة ترابها في حدودها املعترف بها دوليا"‪.‬‬
‫_ فرنسا‪ :‬نتيجة تصويت اليوم واضحة أال وهي ُعزلة روسيا‬

‫)‪ )1‬ألامم املتحدة ‪ ،‬أخبار ألامم املتحدة ‪ ،‬منظور عالمي قصص إنسانية(‪ ، )2122‬الفيتو الروس ي يحول دون تمرير مشروع قرار حول الوضع في أوكرانيا ‪Search the‬‬
‫‪ United Nations‬على الرابط التالي ‪ https://q9r.us/LFcDt /‬تم الاطالع عليه يوم ‪5‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫)‪ )2‬ألامم املتحدة ‪،‬أخبار ألامم املتحدة ‪ ،‬منظور عالمي قصص إنسانية ‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أدانت فرنس ـ ـ ـ ــا على لس ـ ـ ـ ــان مندوبها الدائم لدى ألامم املتحدة‪ ،‬نيكوال دوريفيير‪ ،‬حق النقض الروسـ ـ ـ ـ ـ ي "لجهود‬
‫استعادة السالم والنظام الدولي"‪ .‬وقال السفير الفرنس ي عقب التصويت على مشروع القرار الذي رعته أكثر من أربعين‬
‫دولة عضو في ألامم املتحدة‪ ،‬إنه في لحظة التصويت على هذا القرار‪ ،‬تقتل الصواريخ الروسية املدنيين وتقصف املدن‬
‫وتدمر البنية التحتية ألاساسية بهدف وحيد هو إخضاع أوكرانيا‪.‬‬
‫وأض ــاف أن "أحالم إعادة إلامبراطورية الروس ــية هي املحرك هنا"‪ .‬إن أوكرانيا ض ــحية اعتداء متعمد من جانب‬
‫رئيس الاتحاد الروس ي‪ .‬ال ش يء يمكن أن يبرر ذلك‪ .‬ال يوجد عضو في هذا املجلس يدعمه‪".‬‬
‫وقال‪" :‬نتيجة تصــويت اليوم واضــحة‪ :‬روســيا باتت معزولة‪ ".‬ورحبت فرنســا بتعبئة جميع أعضــاء هذا املجلس‬
‫الذين أعربوا‪ ،‬من خالل التصويت لصالح هذا القرار‪ ،‬عن تمسكهم بالقانون الدولي ودعمهم ألوكرانيا‪ ،‬وأشارت إلى أن‬
‫"روسـ ـ ـ ـ ـي ــا ت ــدوس على مس ـ ـ ـ ــؤولي ــاته ــا كعض ـ ـ ـ ــو دائم في مجلس ألامن‪ .‬وتس ـ ـ ـ ــتغ ــل ميث ــاق ألامم املتح ــدة النته ــاك مب ــادئ ــه‬
‫ألاساسية‪ ".‬هذا وأكد أن بالده ستواصل‪ ،‬مع شركائها‪ ،‬دعم أوكرانيا والشعب ألاوكراني‪ ،‬داخل ألامم املتحدة وفي جميع‬
‫املنتديات‪.‬‬
‫‪ -‬إلامارات العربية‪ :‬خفض التصعيد والدبلوماسية‬
‫وبعــد امتنــاعهــا عن التص ـ ـ ـ ــويــت على مش ـ ـ ـ ــروع القرار املقــدم من الواليــات املتحــدة وألبــانيــا‪ ،‬قــالــت س ـ ـ ـ ــفيرة دولــة‬
‫إلامارات العربية‪ ،‬النا نس ـ ـ ــيبة‪ ،‬إن بلدها دعا باسـ ـ ــتمرار إلى خفض التصـ ـ ــعيد واللجوء إلى الحوار‪ .‬وقالت‪" :‬كان يحدونا‬
‫أمل كبير في املبادرات الدبلوماسية العديدة والقنوات التي كانت تهدف إلى حل ألازمة‪".‬‬
‫وأش ـ ـ ــارت إل ـ ـ ــى أن تل ـ ـ ــك ال ـ ـ ــدعوات عكس ـ ـ ــت م ـ ـ ــدى القل ـ ـ ــق بش ـ ـ ــأن ت ـ ـ ــداعيات ه ـ ـ ــذه ألازم ـ ـ ــة عل ـ ـ ــى امل ـ ـ ــدنيين ف ـ ـ ــي‬
‫أوكرانيـ ــا‪ ،‬وكـ ــذلك عل ـ ـى املنطق ـ ــة واملجتم ـ ــع ال ـ ــدولي‪ .‬وتابع ـ ــت تق ـ ــول‪" :‬نش ـ ــدد عل ـ ــى أهمي ـ ــة ض ـ ــمان وص ـ ــول املس ـ ــاعدات‬
‫إلانسـ ـ ــانية إلـ ـ ــى م ـ ـ ــن يحتـ ـ ــاج إليه ـ ـ ــا‪ ،‬ونـ ـ ــدعو جمي ـ ـ ــع ألاط ـ ـ ـراف إل ـ ـ ــى احت ـ ـ ـرام الق ـ ـ ــانون إلانسـ ـ ــاني ال ـ ـ ــدولي ووضـ ـ ــع حماي ـ ـ ــة‬
‫املدنيين كأولوية والسماح بالوصول بدون إعاقة للمساعدة إلانسانية‪".‬‬
‫وأش ـ ـ ـ ــارت إلى أن إلامـارات العربيـة تعتقـد أن كل دولة عضـ ـ ـ ــو في ألامم املتحدة تتمتع بالحق في ألامن والس ـ ـ ـ ــيادة‬
‫والاس ــتقالل والس ــالمة إلاقليمية‪ .‬وأض ــافت‪" :‬ألننا من الش ــرق ألاوس ــط‪ ،‬فإننا نعي بش ــكل وثيق ألاهمية القص ــوى لبيئة‬
‫أمنية إقليمية مستقرة‪ ،‬وأن ألاسس لتحقيق ذلك ألامن موجودة في تخفيض التصعيد والدبلوماسية والحوار(‪".)1‬‬
‫‪ -‬موقف ألامين الع ــام لألمم املتح ــدة‪ :‬دع ــا ألامين الع ــام لألمم املتح ــدة‪ ،‬أنطونيو غوتيريش‪ ،‬الرئيس الروسـ ـ ـ ـ ـ ي‬
‫فالديمير بوتين إلى إعادة قواته إلى روسـ ـ ـ ــيا‪ ،‬قائال "نحن نعرف الخسـ ـ ـ ــائر التي تنجم عن الحرب"‪ .‬ووصـ ـ ـ ــف ألامين العام‬
‫خالل حديثه للص ــحفيين في مقر ألامم املتحدة‪ ،‬ظهر الخميس‪ ،‬الهجوم العس ــكري الحالي بأنه "خطأ‪ ،‬ومخالف للميثاق‬
‫وغير مقبول‪ .‬لكنه ليس أمرا ال يمكن الرجعة عنه"‪ .‬واستشهد ألامين العام بميثاق ألامم املتحدة‪" :‬يمتنع أعضاء الهيئة‬
‫ً‬
‫جميعا في عالقاتهم الدولية عن التهديد باس ــتعمال القوة أو اس ــتخدامها ض ــد س ــالمة ألاراض ـ ي أو الاس ــتقالل الس ــياس ـ ي‬
‫ألية دولة أو على أي وجه آخر ال يتفق ومقاصد ألامم املتحدة"‪ .‬وقال إن استخدام القوة من قبل دولة ضد دولة أخرى‬
‫هو رفض للمبادئ التي الت‪،‬م كل بلد بدعمها‪" .‬هذا ينطبق على الهجوم العسـ ــكري الحالي"‪ .‬وأضـ ــاف ألامين العام قائال‪":‬‬
‫نشـ ــهد عمليات عس ـ ــكرية روس ـ ــية داخل ألاراض ـ ـ ي الس ـ ــيادية ألوكرانيا على نطاق لم تش ـ ــهده أوروبا منذ عقود‪ .‬يوما تلو‬

‫)‪ )1‬مرجع سابق ‪.‬‬


‫‪71‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫آخر‪ ،‬كنت واض ـ ـ ــحا أن مثل هذه التدابير ألاحادية تتعارض‪ ،‬بش ـ ـ ــكل مباش ـ ـ ــر‪ ،‬مع ميثاق ألامم املتحدة" تخصـ ـ ــيص ‪21‬‬
‫مليون دوالر لتلبيـة الاحتيـاجات العاجلة وقال الس ـ ـ ـ ــيد أنطونيو غوتيريش إننا نرى ص ـ ـ ـ ــور الخوف وألالم والرعب في كل‬
‫ركن من أركان أوكرانيا‪ ،‬مع ارتفاع معدالت الوفيات‪ ،‬مشيرا إلى أن الناس ألابرياء يدفعون دائما الثمن الباهظ‪ .‬هذا هو‬
‫السبب في أن ألامم املتحدة تعمل على توسيع نطاق عملياتها إلانسانية في أوكرانيا وحولها"(‪.)1‬‬
‫أشد اللحظات حزنا‬
‫وكـان مجلس ألامن‪ ،‬قـد عقـد‪ ،‬مس ـ ـ ـ ــاء ألاربعـاء ‪20‬فبراير‪ ،‬اجتمـاعـا طارئا‪ ،‬هو الثاني خالل يومين‪ ،‬بش ـ ـ ـ ــأن ألازمة‬
‫ألاوكرانية‪ ،‬في خضـ ــم التقارير التي كانت تتحدث عن هجوم روس ـ ـ ي وشـ ــيك ضـ ــد أوكرانيا‪ .‬وأثناء انعقاد الجلسـ ــة‪ ،‬أعلن‬
‫الرئيس فالديمير بوتين عن "عملية عسكرية خاصة" في دونباس‪.‬‬
‫ألامين العام وفور خروجه من قاعة مجلس ألامن تحدث إلى الص ــحفيين واص ــفا ذلك "بأش ــد اللحظات حزنا في‬
‫فترة عمله كأمين عام لألمم املتحدة"‪ .‬وأوضح أنه قد بدأ اجتماع مجلس ألامن هذا بمخاطبة الرئيس بوتين ومناشدته‬
‫من ص ـ ــميم قلبه أن يوقف قواته عن شـ ـ ــن هجوم ضـ ـ ــد أوكرانيا‪ ،‬وأن يعطي الس ـ ــالم فرصـ ـ ــة ألن الكثير من الناس قد‬
‫ماتوا(‪.)2‬‬
‫والحقيقة‪ ،‬أن املوقف الروس ـ ـ ي بمجلس ألامن يعارض الدور املنوط بمجلس ألامن القيام به ‪ ،‬خاصـ ــة وأن هذا‬
‫املوقف من عضـو دائم باملجلس ‪ ،‬فدور مجلس ألامن الرئيس ي هو حفظ السلم وألامن الدوليين وهذا الدور الرئيس ي‬
‫ً‬
‫يجـب أن ُيمـارس وفقـا ملقـاص ـ ـ ـ ــد ألامم املتحـدة ومبـادئهـا والس ـ ـ ـ ــلطـات الخـاص ـ ـ ـ ــة املخولـة ملجلس ألامن في الفص ـ ـ ـ ــول (‪،6‬‬
‫‪ )9،8،52‬هي لتمكينه من القيام بهذه الواجبات ‪ ،‬ومتفقة مع أهداف ومبادئ ألامم املتحدة كما هو ُمســتفاد من املادة‬
‫‪.)3( 2/29‬‬
‫ُ‬
‫وعلى ذلـك ‪ ،‬فـإنه ُيص ـ ـ ـ ــبح من الض ـ ـ ـ ــروري على مجلس ألامن وهو يتخذ قراراته املتعلقة باملحافظة علي الس ـ ـ ـ ــلم‬
‫وألامن الدوليين ‪ ،‬الحرص علي أن تأتي هذه القرارات متفقة مع أهدافه واختص ــاص ــاته الخاص ــة ‪ ،‬إض ــافة إلي ض ــرورة‬
‫مراعاة إلاجراءات املنصـ ــوص عليها في امليثاق ملمارسـ ــة هذه الاختصـ ــاصـ ــات ومراعاة تحقيق ألاهداف التي من أجلها تم‬
‫إنشـ ـ ـ ــائه(‪ . )4‬وأن يأخذ في اعتباره كافة الظروف املحيطة بالن‪،‬اع (‪ .)5‬وش ـ ـ ــرط التقيد باألهداف الخاص ـ ـ ــة ملجلس ألامن‬
‫ُيس ــتفاد من قض ــاء محكمة العدل الدولية وبص ــفة خاص ــة من الفتوى التي أص ــدرتها عام ‪5462‬م بش ــأن بعض نفقات‬
‫ألامم املتحـدة ‪ ،‬حيـث قررت أنـه اذا تم اجراء الانفـاق لتحقيق هـدف ال ينـدرج في اطار أهداف ألامم املتحدة فلن يكون‬
‫ً‬
‫في اطار أهداف ألامم املتحدة ولن يكون في إلامكان اعتبار مثل هذا الانفاق انفاقا للمنظمة الدولية(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬أخبار ألامم املتحدة ‪ ،‬ألامين العام (‪ :)2122‬الهجوم العسكري الروس ي خطأ ومخالف مليثاق ألامم املتحدة وغير مقبول‪ ،‬على الرابط التالي ‪/‬‬
‫‪ https://q9r.us/1V05D‬تم الاطالع عليه يوم ‪5‬مارس ‪2122‬م‬
‫)‪ )2‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫ً‬
‫(‪ )3‬والتي تنص على " يعمل مجلس ألامن‪ ،‬في أداء هذه الواجبات وفقا ملقاصد "ألامم املتحدة" ومبادئها والسلطات الخاصة املخولة ملجلس ألامن لتمكينه من القيام‬
‫بهذه الواجبات مبينة في الفصول السادس والسابع والثامن والثاني عشر‪ ،‬راجع ميثاق ألامم املتحدة على الرابط التالي ‪ https://q9r.us/7gyLT :‬اطلع عليه فى‬
‫‪2‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫‪(4)Vulcan ;( 1947) Ľéxécution des décisions de la cour internationale de justice ď aprés la charte des‬‬
‫‪N.U.,R.G. D. I. P., , p.196 -197 .‬‬
‫‪(5) Schacter (O.M.) ; The enforcement of international judicial and Arbitral dicision,A.J.I.L.,‬‬ ‫‪p.950 -960.‬‬
‫‪( ) I.C.J.,Reports.,1962,P.1- 8 .‬‬
‫‪6‬‬

‫‪72‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وبالنس ــبة لوجود روس ــيا كدولة دائمة العض ــوية بمجلس ألامن بل ورئاس ــتها له عن طريق املمثل الدائم لالتحاد‬
‫الروسـ ي لدى ألامم املتحدة "اسيلي نيبين‪،‬يا" خالل نظر الن‪،‬اع املعروض أمر الشك فيه سيصيب العدالة بخلل كبير‪ ،‬إذ‬
‫كيف يكون الخص ـ ـ ــم هو الحكم في نفس الوقت‪ ،‬وهذا س ـ ـ ــيعرقل حفظ الس ـ ـ ــلم وألامن الدوليين بال أدني ش ـ ـ ــك ‪ ،‬وقد‬
‫طالبت أوكرانيا استبعاد ممثل روسيا من نظر الن‪،‬اع النعدام الحيادية‪.‬‬
‫املبحث الثالث‬
‫دور الجمعية العامة في حفظ السلم وألامن الدوليين فى ألازمة ألاوكرانية‬
‫وبالنس ـ ــبة الختص ـ ــاص ـ ــات الجمعية العامة لألمم املتحدة في حفظ الس ـ ــلم وألامن الدوليين ‪ ،‬فقد نص ـ ــت املادة‬
‫ُ‬
‫(‪ )59‬من امليثاق بأنه" مع مراعاة أحكام املادة الثانية عش ــرة ‪ ،‬للجمعية العامة أن توص ـ ـ ى باتخاذ التدابير لتسـ ــوية أي‬
‫موقف مهما يكون منش ــؤه تس ــوية س ــلمية كلما رأت أن هذا املوقف قد يض ــر بالرفاهية العامة أو يعكر ص ــفو العالقات‬
‫ُ‬
‫الوديــة بين ألامم ويــدخــل في ذلــك املواقف النــاشـ ـ ـ ـ ـئــة عن انتهــاك أحكــام هــذا امليثــاق املوضـ ـ ـ ـ ـحــة ألهــداف ألامم املتحــدة‬
‫ومبادئها (‪. )1‬‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫واملـادة الثــانيــة عش ـ ـ ـ ــرة التي تحــدث عنهــا امليثــاق تعتبر قيــدا على الجمعيــة العــامــة لألمم املتحــدة في ممــارس ـ ـ ـ ــتهــا‬
‫ُ‬
‫الختص ـ ــاص ـ ــاتها بالتوص ـ ــية باتخاذ التدابير املش ـ ــار إليها‪ ،‬حيث نص امليثاق في املادة (‪ )52‬على أنه عندما ُيباش ـ ــر مجلس‬
‫ُ‬
‫ألامن الوظائف التي ُرس ـ ـ ــمت في امليثاق فيما يتعلق بن‪،‬اع أو موقف ما‪ ،‬فليس للجمعية العامة أن تقدم أية توص ـ ـ ــية في‬
‫ش ـ ـ ــأن هذا الن‪،‬اع أو املوقف إال إذا طلب منها ذلك مجلس ألامن(‪ )2‬ولكن في حالة تهديد السـ ـ ــلم وألامن الدوليين وعدم‬
‫تمكن مجلس ألامن من التصويت بسبب الفيتو فإنه‪-:‬‬
‫‪ -‬يجوز للجمعية العامة‪ ،‬عمال بقرارها املعنون ”متحدون من أجل السالم“ املؤرخ ‪ 0‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪5411‬‬
‫(القرار ‪( 099‬د ‪ ،)3())1 -‬أن تعقد ’’دورة استثنائية طارئة‘‘ في خالل ‪ 29‬ساعة‪ ،‬إذا بدا أن هناك تهديدا للسالم أو خرقا‬
‫للســالم أو أن هناك عمال من أعمال العدوان‪ ،‬ولم يتمكن مجلس ألامن من التصــرف بســبب تصــويت ســلبي من جانب‬
‫عض ــو دائم‪ ،‬حيث يمكنها أن تنظر في املس ــألة على الفور من أجل إص ــدار توص ــيات إلى ألاعض ــاء باتخاذ تدابير جماعية‬
‫لصون أو إعادة السالم وألامن الدوليين(‪. )4‬‬
‫وبالنس ـ ـ ـ ــبة لحالة أوكرانيا وبعد اس ـ ـ ـ ــتخدام روس ـ ـ ـ ــيا لحق الفيتو‪ ،‬فقد أجرت في الجمعية العامة لألمم املتحدة‬
‫مداوالت يوم ألاربعاء‪20‬فبراير ‪2122‬م‪ ،‬في جلسـ ـ ــة عادية‪ ،‬لبحث الوض ـ ــع في أوكرانيا‪ .‬وكانت الرسـ ـ ــالة الرئيسـ ـ ــية لرئيس‬
‫الجمعية العامة وألامين العام لألمم املتحدة هي الحث على التس ــوية الس ــلمية للن‪،‬اعات والتذكير بميثاق ألامم املتحدة‬
‫ومقاص ــد هذه املنظمة الدولية التي أن ِّش ـ ـئت على أنقاض حربين مدمرتين‪ .‬تأتي املداوالت بعد أيام على إلاعالن الروس ـ ـ ي‬
‫بشــأن منطقتي دونيتس ــك ولوهانس ــك‪ .‬وافتتح رئيس الجمعية العامة‪ ،‬عبد هللا ش ــاهد‪ ،‬كلمته بالقول‪ ’« :‬إلنقاذ ألاجيال‬
‫املقبلـة من ويالت الحرب‘هي من بين الكلمـات ألاولى مليثـاق ألامم املتحـدة‪ ،‬في ديبــاجتـه‪ ،‬وكـانـت هـذه الكلمـات هي الــدافع‬

‫(‪ )1‬راجع‪ /‬نص املادة(‪ )59‬من امليثاق على الانترنت على الرابط التالي ‪ https://q9r.us/YZYqP -:‬تم الاطالع عليه يوم ‪2‬مارس ‪2122‬م‬
‫‪(2) I.C.J.,AEGEAN SEA CONTINENTAL SHELF CASE , (GREECE v.TURKEY) JUDGMENT OF 19 DEC. 1978.‬‬
‫)‪ )3‬راجع القرار املشار اليه على الرابط التالي‪ https://q9r.us/8cWG0 :‬اطلع عليه في ‪0‬مارس ‪2122‬م‬
‫)‪ )4‬الامم املتحدة‪ ،‬الجمعية العامة ‪ ،‬الدورات الاستثنائية الطارئة‪ ،‬على الرابط التالي‪ https://q9r.us/WtJsj :‬اطلع عليه في ‪0‬مارس ‪2122‬م‬
‫‪73‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الرئيسـ ي إلنشــاء ألامم املتحدة‪ ،‬حيث عانى مؤسـســوها من دمار حربين عامليتين بحلول عام‪ ".)1(5491‬وأضــاف عبد هللا‬
‫ش ـ ـ ـ ــاهـد‪ ،‬بحس ـ ـ ـ ــب مـا تنص عليـه املـادة (‪ )5‬من ميثـاق ألامم املتحدة‪ ،‬فإن الن‪،‬اعات أو الحاالت التي يمكن أن ينهار فيها‬
‫السـ ـ ــالم يجب تسـ ـ ــويتها بالوس ـ ـ ــائل الس ـ ـ ــلمية وبما يتماش ـ ـ ـ ى مع العدالة ومبادئ القانون الدولي‪ .‬وقال‪" :‬لذلك‪ ،‬فإن من‬
‫مقاص ـ ــد ألامم املتحدة الحفاظ على الس ـ ــالم وألامن وفقا لس ـ ــيادة القانون‪ ".‬وأض ـ ــاف أنه "إذا كانت الس ـ ــنوات ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪96‬‬
‫املاض ــية من وجود ألامم املتحدة قد علمتنا أي ش ـ يء‪ ،‬فهو أن الس ــالم الدائم ال يتحقق وال يدوم من خالل الاش ــتباكات‬
‫العس ـ ـ ـ ــكرية‪ ،‬ولكن من خالل الحلول الس ـ ـ ـ ــياس ـ ـ ـ ــية‪ ".‬وش ـ ـ ـ ــدد على أن الطريقة ألاكثر فعالية لتقليل املعاناة إلانس ـ ـ ـ ــانية‬
‫الباهظة للصراعات وعواقبها هي منع الصراعات في املقام ألاول‪.‬‬
‫‪ -‬أكد ألامين العام لألمم املتحدة‪ ،‬أنطونيو غوتيريش‪ ،‬مجددا على أن قرار الاتحاد الروس ـ ـ ي الاعتراف بما يس ـ ــمى‬
‫"اس ـ ــتقالل" منطقتي دونيتس ـ ــك ولوهانسـ ــك ُ"يعد انتهاكا لوحدة أراض ـ ـ ي أوكرانيا وس ـ ــيادتها‪ ،‬ويتعارض مع مبادئ ميثاق‬
‫ألامم املتحــدة‪ ".‬وقــال‪" :‬هنــا‪ ،‬في هــذه القــاعــة املوقرة‪ ،‬ال بــد لي من التــأكيــد على أن هــذا إلاجراء يتعــارض أيض ـ ـ ـ ــا مع قرار‬
‫تاريخي اتخذته الجمعية العامة منذ أكثر من نص ـ ـ ـ ــف قرن‪ .‬أش ـ ـ ـ ــير إلى إعالن مبادئ القانون الدولي املتص ـ ـ ـ ــلة بالعالقات‬
‫الودية والتعاون بين الدول وفقا مليثاق ألامم املتحدة‪ ".‬وأشار إلى أنه تم تبني ما يسمى بـ "إعالن العالقات الودية" خالل‬
‫جلس ـ ـ ــة الجمعية العامة بمناس ـ ـ ــبة الذكرى الخامس ـ ـ ــة والعشـ ـ ـ ـرين لتأس ـ ـ ــيس ألامم املتحدة‪ .‬ويحدد إلاعالن العديد من‬
‫املبادئ الحيوية التي لها صلة وثيقة بجلسة اليوم‪ .‬وأشار على وجه الخصوص إلى مبدأ املساواة في السيادة بين الدول‪،‬‬
‫والتأكيد على "حرمة الســالمة إلاقليمية والاســتقالل الســياس ـ ي للدولة" ‪ -‬كما أن قرارات الجمعية العامة ألاخرى تدعم‬
‫بالكامل سـ ـ ـ ــيادة أوكرانيا واسـ ـ ـ ــتقاللها الس ـ ـ ــياسـ ـ ـ ـ ي وس ـ ـ ــالمتها إلاقليمية‪ ،‬داخل حدودها املعترف بها دوليا‪ .‬وقال‪" :‬كانت‬
‫ُ‬
‫دعمتهــا بقوة منــذ البــدايــة – ترقــد في وحــدة العنــايــة املركزة‬ ‫اتفــاقيــات مينسـ ـ ـ ــك – والتي وافق عليهــا مجلس ألامن وأنــا‬
‫بفض ـ ـ ــل عدد من أجهزة دعم الحياة‪ .‬لكن آلان تم فصـ ـ ـ ــل هذه ألاجهزة‪ ".‬وحذر الس ـ ـ ــيد غوتيريش من أن العالم يواجه‬
‫"لحظـة خطرة" مش ـ ـ ـ ــيرا إلى أن التطورات ألاخيرة املتعلقـة بـأوكرانيـا تشـ ـ ـ ـ ـكـل مص ـ ـ ـ ــدر قلق بـالغ‪ .‬وقـال‪" :‬لقد حان الوقت‬
‫لضبط النفس وإعمال العقل والتهدئة‪ .‬ال مكان ألفعال وتصريحات من شأنها أن تأخذ هذا الوضع الخطير إلى الهاوية‪".‬‬
‫كمـا أوضـ ـ ـ ــح أن الوقـت حـان إلقرار وقف إلطالق النـار والعودة إلى طريق الحوار واملفـاوضـ ـ ـ ــات إلنقـاذ الناس في أوكرانيا‬
‫وخــارجهــا من ويالت الحرب‪ .‬وحــث جميع ألاطراف على الاس ـ ـ ـ ــتفــادة الكــاملــة من املــادة ‪ 00‬من امليثــاق وأدواتهــا املتنوعــة‬
‫لتس ـ ــوية املنازعات بالطرق الس ـ ــلمية (‪ .)2‬و في يوم ‪2‬مارس ‪2122‬م " ُعقدت جلس ـ ــة اس ـ ــتثنائية طارئة" للجمعية العامة‬
‫لألمم املتحدة من الدول ال ـ ـ ـ‪ 540‬التخاذ موقف سواء دعما لسيادة أوكرانيا وديموقراطيتها‪ ،‬أو تأييدا لروسيا في غزوها‬
‫لهذا البلد‪ .‬ويبدأ الاجتماع غير املسبوق منذ أربعين عاما‪ ،‬بكلمتين لرئيس الجمعية العامة عبد هللا شاهد وألامين العام‬
‫لألمم املتحــدة أنطونيو غوتيريش‪ .‬ومن املتوقع طرح قرار للتصـ ـ ـ ــوي ــت في خت ــام امل ــداخالت الب ــالغ ع ــدده ــا ‪ 40‬م ــداخل ــة‪.‬‬
‫ومســودة القرار بعنوان "عدوان روســيا املســلح غير املبرر على أوكرانيا" املطروحة بمبادرة أوروبية بالتنســيق مع كييف‪،‬‬
‫"تندد بأش ــد العبارات بعدوان روس ــيا على أوكرانيا"‪ .‬والنص الذي حص ــلت وكالة فرانس برس على نس ــخة عنه‪ ،‬مماثل‬

‫(‪)1‬أخبار ألامم املتحدة (‪ ،)2122‬منظور عالمي قصص إنسانية في جلسة لبحث أوكرانيا في الجمعية العامة‪ ،‬تمسك بميثاق ألامم املتحدة وتذكير بمقاصدها وقراراتها‬
‫‪ 20 ،‬شباط‪/‬فبراير ‪ 2122‬السلم وألامن على الرابط التالي‪ https://q9r.us/NCEZU /‬تم الاطالع عليه يوم ‪5‬مارس ‪2122‬م‬
‫(‪ )2‬أخبار ألامم املتحدة ‪ ،‬منظور عالمي قصص إنسانية في جلسة لبحث أوكرانيا في الجمعية العامة‪ ،‬تمسك بميثاق ألامم املتحدة وتذكير بمقاصدها وقراراتها ‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫للنص ألاميركي ألالباني الذي رفضه مجلس ألامن الدولي الجمعة بسبب الفيتو الروس ي رغم حصوله على تأييد أكثر من‬
‫‪ 81‬دولــة من جميع القــارات‪ .‬وهو يطــالــب بــاالنسـ ـ ـ ـ ـحــاب الفوري للقوات الروسـ ـ ـ ـ ـيــة من أوكرانيــا ووقف املعــارك‪ .‬ويــأمــل‬
‫واض ـ ـ ــعو القرار أن يحص ـ ـ ــد أكثر من مئة ص ـ ـ ــوت مؤيد في الجمعية العامة حيث ال تملك أي دولة حق النقض‪ .‬ووقفت‬
‫إفريقيــا وأميركــا الالتينيــة بجــانــب الواليــات املتحــدة وأوروبــا في مجلس ألامن للتنــديــد بــالغزو الروسـ ـ ـ ـ ـ ي‪ .‬أمــا في الجمعيــة‬
‫العامة فمن املتوقع أن تعمد الدول الداعمة تقليديا ملوس ـ ـ ـ ــكو مثل س ـ ـ ـ ــوريا وكوبا والص ـ ـ ـ ــين والهند وس ـ ـ ـ ــواها‪ ،‬إلى تأييد‬
‫سـ ـ ـ ــياسـ ـ ـ ــة روسـ ـ ـ ــيا أو الامتناع عن التصـ ـ ـ ــويت‪ .‬وإلى اتخاذ موقف حيال الحرب في أوكرانيا‪ ،‬يرى دبلوماسـ ـ ـ ــيون أن هذه‬
‫الجلســة الاســتثنائية الطارئة التي لم ينظم منها ســوى حوالى عشــرة منذ ‪ُ ،5411‬سـتعطي مؤشـرا إلى تطور وضــع العالم‪.‬‬
‫ففي الس ـ ـ ــنوات ألاخيرة‪ ،‬بدا وكأن ألانظمة الاس ـ ـ ــتبدادية‪ ،‬طغت على املس ـ ـ ــار الديموقراطي‪ .‬وكتب وزير خارجية الاتحاد‬
‫ألاوروبي جوزيب بوريل في مقال نشـ ـ ــرته صـ ـ ــحيفة "لوموند" الفرنسـ ـ ــية في نهاية ألاسـ ـ ــبوع أن "حجم الغزو يظهر أن نية‬
‫(الرئيس الروس ـ ـ ـ ـ ي) فالديمير بوتين هي فعال احتالل البلد والقض ـ ـ ـ ــاء على الديموقراطية فيه وتنص ـ ـ ـ ــيب حكومة دمية في‬
‫كييف"‪ .‬وأضاف "ما هو على املحك بالتالي هو بقاء أوكرانيا كدولة مستقلة‪ ،‬وهو تهديد بالغ الخطورة لألمن ألاوروبي"‪.‬‬
‫واعتبر سـ ـ ـ ــفير ألب ــاني ــا ل ــدى ألامم املتح ــدة فري ــت هودج ــا‪ ،‬وبالده عض ـ ـ ـ ــو غير دائم في مجلس ألامن من ــذ ك ــانون‬
‫الثاني‪/‬يناير‪ ،‬أن القضـ ـ ـ ــية تتخطى أوكرانيا‪ .‬وتسـ ـ ـ ــاءل بعد بدء الهجوم العسـ ـ ـ ــكري الروس ـ ـ ـ ـ ي في ‪ 29‬شـ ـ ـ ــباط‪/‬فبراير "من‬
‫ســيكون التالي؟" وهو ســؤال كررته الواليات املتحدة الحقا‪ ،‬في وقت تتصــاعد املخاوف على مولدافيا وجورجيا‪ .‬وتخشـ ى‬
‫عدة بلدان أن "يتبدل النظام الدولي بش ـ ــكل نهائي إذا تغلبت روس ـ ــيا على أوكرانيا"‪ ،‬وفق ما أفاد دبلوماسـ ـ ـ ي كبير وكالة‬
‫فرانس برس طالبا عدم كش ــف اس ــمه‪ .‬وفي الوقت الحاض ــر‪ ،‬وفي غياب القدرة على وقف الهجوم‪ ،‬س ــيتحتم على ألامم‬
‫املتحــدة تركي‪ ،‬جهودهــا على ألازمــة إلانس ـ ـ ـ ــانيــة النــاجمــة عن الغزو الروسـ ـ ـ ـ ـ ي‪ ،‬في وقــت تحــذر الواليــات املتحــدة والاتحــاد‬
‫ألاوروبي بأن الن‪،‬اع في حال اسـتمر قد يخلف خمسـة إلى سـبعة ماليين الجئ‪ .‬ودعت فرنسا الجتماع طارئ ملجلس ألامن‬
‫الدولي الاثنين ‪9‬مارس ‪2122‬م سعيا الستصدار قرار وضعته باالشتراك مع املكسيك‪ ،‬يدعو إلى "وقف ألاعمال الحربية"‬
‫و"حماية املدنيين" و"السـ ــماح بنقل مسـ ــاعدة إنسـ ــانية بدون عقبات"‪ .‬ولم يعرف حتى آلان موقف روسـ ــيا من مسـ ــودة‬
‫القرار هذا الذي يتوقع طرحه للتصويت الثالثاء ‪8‬مارس ‪2122‬م ‪ ،‬بعد استخدامها حق النقض ضد القرار السابق‪.‬‬
‫‪ -‬وتبرر روسيا غزوها ألوكرانيا منذ بدئه بـ"الدفاع املشروع عن النفس" املنصوص عليه في املادة ‪ 15‬من ميثاق‬
‫ألامم املتحدة‪.‬‬
‫ً‬
‫والواقع‪ ،‬إن موقف روسـ ـ ـ ـ ـيـا تش ـ ـ ـ ــوبـه عدم الدقة فنص املادة( ‪)9/2‬على أنه “يمتنع أعض ـ ـ ـ ــاء الهيئة جميعا‪ ،‬في‬
‫عالقاتهم الدولية‪ ،‬عن التهديد باسـتعمال القوة أو استخدامها ضد سالمة ألاراض ي أو الاستقالل السياس ي ألية دولة أو‬
‫ً‬
‫على أي وجه آخر ال يتفق ومقاص ــد ألامم املتحدة”‪ .‬وتأكيدا لهذا املبدأ أورد امليثاق بعض الاس ــتثناءات الضـ ــيقة عليه‪،‬‬
‫أهمهـا حق الدول الطبيعي في اس ـ ـ ـ ــتخدام القوة في الدفاع الش ـ ـ ـ ــرعي‪ .‬كما بينت الفقرة الثالثة من نفس املادة أنه “على‬
‫جميع الدول ألاعضاء فض منازعاتهم بالطرق السلمية”(‪.)1‬‬
‫‪ -‬الاستثناءات الواردة على هذا الحظر‪:‬‬

‫)‪ )1‬د‪ .‬سامي جاد عبد الرحمن واصل‪ )2110(:‬إرهاب الدولة في إطار القانون الدولي العام‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،2110،‬ص‪ 589‬ـ‪.581‬‬
‫‪75‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫غير أن هناك حالتين استثنائيتين‪ ،‬ألاولى هي حالة الدفاع الشرعي‪ .‬حيث ورد باملادة ‪ 15‬من ميثاق ألامم املتحدة‬
‫ما يلي‪“ :‬ليس في هذا امليثاق ما يحول دون الحق املتوارث (الطبيعي) في الدفاع الشــرعي الفردي أو الجماعي إذا ما شــن‬
‫هجوم مسـلح ضـد دولة عضو في ألامم املتحدة‪ ،‬حتى يتخذ مجلس ألامن التدابير الضرورية للحفاظ على السلم وألامن‬
‫الدوليين”‪ .‬ولقد تم اسـ ـ ــتخدام كلمة (طبيعي ‪ )Inherent‬لإلش ـ ـ ــارة إلى أن الدفاع الش ـ ـ ــرعي هو حق الزم للدول وال يمكن‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬
‫التنازل عنه‪ .‬الحالة ألاخرى أو الاسـ ـ ـ ــتثناء آلاخر هو حيث يفوض مجلس ألامن أو يتخذ تدبيرا قسـ ـ ـ ــريا وفقا مليثاق ألامم‬
‫جذور سياسية وتاريخية عميقة‬
‫ٍ‬ ‫املتحدة ‪ .‬من ثم فإن التوسع في املجال الذي تنطبق فيه قوانين الن‪،‬اع املسلح الذي له‬
‫ً‬
‫وسحيقة(‪ .)1‬إن عبارة “أو بأي طريقة أخرى ال تتفق وأهداف ألامم املتحدة “؛ قصد بها أساسا الهدف ألاسمى للمنظمة‬
‫املتضـ ــمن في املادة ألاولى من امليثاق وهو‪ :‬حفظ السـ ــلم وألامن الدوليين‪ ،‬ومن ثم اتخاذ كافة الوسـ ــائل الجماعية ذات‬
‫الفعــاليــة ملنع وإزالــة التهــديــدات للس ـ ـ ـ ــلم‪ ،‬وإلخمــاد أعمــال العــدوان وأي إخالل آخر بــالس ـ ـ ـ ــلم(‪ .)2‬بــذا يكون ميثــاق ألامم‬
‫املتحدة قد أرس ـ ـ ـ ـ ى قاعدة بموجبها ُيجرم على أشـ ـ ـ ــخاص القانون الدولي أن تقوم باسـ ـ ـ ــتخدام القوة املسـ ـ ـ ــلحة أو مجرد‬
‫التهـديـد بهـا في عالقـاتهم املتبـادلة س ـ ـ ـ ــوى في الحاالت الاس ـ ـ ـ ــتثنائية التي نص عليها في ميثاق ألامم املتحدة‪ ،‬أال وهي حالة‬
‫الدفاع الش ـ ــرعي الفردي أو الجماعي عن النفس الذي قض ـ ــت به املادة ‪ 15‬من امليثاق‪ ،‬وحالة التدابير املتخذة بموجب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نظام ألامن الجماعي وذلك وفقا لقرار صــريح من مجلس ألامن إعماال لنصــوص الفصــل الســابع من امليثاق‪ ،‬إضــافة إلى‬
‫اسـتخدام القوة املســلحة من ِّق َبل حركات التحرر الوطني في سـعيها املشــروع للحصـول على الاســتقالل من الاســتعمار أو‬
‫ً‬
‫الاحتالل ألاجنبي ومقـاومتهـا النظم العنص ـ ـ ـ ــرية الص ـ ـ ـ ــارخة على ما انتهى إليه غالبية الفقه الدولي‪ ،‬مؤيدا بقرارات ألامم‬
‫املتحـدة وكثير من التنظيمات إلاقليمية‪ .‬وتبقى هذه الاس ـ ـ ـ ــتثناءات‪ ،‬رغم محدوديتها‪ ،‬خاض ـ ـ ـ ــعة لش ـ ـ ـ ــروط دقيقة وقيود‬
‫صارمة بغية قطع الطريق على كل انحراف عن جوهرها أو تعسف في ممارستها‪.‬‬
‫بل يرى البعض أن إجماع غالبية آلاراء في الفقه الدولي منعقد على أن “مبدأ حظر استخدام القوة في العالقات‬
‫الــدوليــة يعــد أهم مــا ورد في ميثــاق ألامم املتحــدة”(‪ .)3‬لقــد أقر ميثــاق ألامم املتحــدة مبــدأ حظر اسـ ـ ـ ــتخــدام القوة في‬
‫العالقات الدولية كأحد املبادئ ألاس ـ ــاس ـ ــية التي يقوم عليها التنظيم الدولي املعاص ـ ــر‪ .‬كما أن هذا املبدأ يأتي على رأس‬
‫ً‬
‫قواعد القانون الدولي آلامرة التي ال يجوز الاتفاق على مخالفتها‪ ،‬وتعتبر مخالفته جريمة دولية تس ــتوجب العقاب وفقا‬
‫للقانون الدولي(‪.)4‬‬
‫أن ظاهر نص املادة ‪ 9/2‬يبين أن الالت‪،‬ام بعدم الاستخدام أو التهديد باستخدام القوة في العالقات الدولية‪ ،‬هو‬
‫الت‪،‬ام ذو طابع س ــلبي يتمثل في وجوب امتناع الدول عن اس ــتخدام القوة‪ ،‬أو حتى مجرد التهديد بذلك‪ ،‬ومن ثم‪ ،‬تكمن‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫طبيعـة هـذا الالت‪،‬ام في كونـه الت‪،‬امــا بتحقيق نتيجـة‪ ،‬أي أن الـدول في عالقـاتهـا الـدوليـة مطــالبـة بتحقيق نتيجـة سـ ـ ـ ــلبيــة‬
‫محددة‪ ،‬مؤداها الامتناع عن اس ــتخدام القوة أو التهديد باس ــتخدامها‪ ،‬وبتعبير أوض ــح‪ ،‬فإن لجوء الدول إلى اس ــتخدام‬
‫القوة‪ ،‬أو حتى التهديد باستخدامها‪ ،‬إنما ينطوي على مخالفة ملقتض ى هذا الالت‪،‬ام‪ ،‬وذلك بافتراض عدم قيام الحاالت‬

‫‪(1) Sheng Hongsheng, The Evolution of Law of War, Chinese Journal of International Politics, Vol. 1, no. 2, pp. 267-301 .‬‬
‫‪(2) Yoram Dinstein,(1994) War, Aggression and Self-Defense, 2nd Edition, Grotious Publications, Cambridge University Press, p. 85.‬‬
‫(‪ )3‬سامي واصل‪ ،‬إرهاب الدولة في إطار القانون الدولي العام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.584‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬محمد شوقي عبد العال حافظ (‪ :)2111‬أزمة القانون الدولي املعاصر في أعقاب نهاية الحرب الباردة‪ ،‬سلسلة بحوث سياسية (‪ ،)594‬مركز البحوث والدراسات‬
‫السياسية‪ ،‬كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬يوليو‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪76‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املوجبة إلعمال الاس ـ ـ ــتثناءات الواردة على الحظر العام ومن ثم تقوم املسـ ـ ـ ــئولية الدولية على عاتق الدولة التي خالف‬
‫تصرفها مقتض ى هذا الالت‪،‬ام(‪.)1‬‬
‫ويمكننا الحديث عن طائفتين من الشـ ـ ــروط فيما يتعلق بحق الدفاع الشـ ـ ــرعي؛ شـ ـ ــروط ينبغي توافرها في فعل‬
‫الاعتداء وشروط ينبغي أن تتوافر في فعل الدفاع‪.‬‬
‫أ‪ -‬الش ــروط التي يجب أن تتوافر في الفعل املكون لالعتداء‪ :‬لكي يقوم للدولة الحق في ممارس ــة الدفاع الش ــرعي‬
‫يجب أن يقع ينطوي الاعتداء الواقع عليها على خطر حال ذي مصدر غير مشروع(‪.)2‬‬
‫‪ -‬أن يكون مصدر الخطر غير مشروع‪ :‬يعتبر الخطر املتضمن في الاعتداء غير مشروع إذا كان يهدد بوقوع إخالل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اعتداء منطويا‬ ‫بحق يحميه القانون الدولي‪ .‬وهذا ض ــابط موض ــوعي وبدهي‪ ،‬يترتب عليه أنه ال يص ــير من حق من يوجه‬
‫على خطر غير مش ـ ـ ــروع ض ـ ـ ــد غيره أن يحتج بالدفاع الش ـ ـ ــرعي في مواجهة املقاومة التي يبديها املعتدى عليه والتي تمثل‬
‫الدفاع الشرعي الحق حيث تقض ي القاعدة بأنه ال دفاع ضد الدفاع(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫‪ -‬أن يكون الخطر حاال‪:‬‬
‫بدون هذا الشرط ال يتحقق الهدف من إباحة حق الدفاع الشرعي‪ ،‬وهو درء خطر عن الدولة املعتدى عليها لم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يكن بوسـع املنظمات الدولية صـده عنها‪ .‬ويأخذ الخطر الحال إحدى صـورتين‪ :‬أوال‪ :‬أن يكون الخطر وشيكا أي لم يبدأ‬
‫بعد لكنه على وشــك الوقوع وهذا يفترض أن تكون قد صــدرت أفعال من املعتدي تجعل من وقوع الاعتداء على الفور‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أمرا منتظرا إذا ما س ــارت ألامور بطريقة طبيعية‪ .‬إما إذا كان الخطر مس ــتقبال‪ ،‬أي متوقعا لكنه ليس وش ــيكا فال يقوم‬
‫الحق في الدفاع الشـرعي؛ إذ يكون بإمكان السلطات الدولية املختصة التدخل وحماية الطرف محل التهديد‪ .‬والصورة‬
‫ً‬
‫الثـانيـة هو أن يكون الاعتـداء واقعـا بـالفعل ولم ينته بعد‪ ،‬أما إذا انتهى فتنتفي عنه عندئذ ص ـ ـ ـ ــفة الحلول ويكون الرد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫باسـ ـ ــتخدام القوة املسـ ـ ــلحة من جانب املعتدى عليه انتقاما محظورا بمقتض ـ ـ ـ ى القانون الدولي‪ .‬وقد أثار هذا الشـ ـ ــرط‬
‫ً‬
‫خالفا بين الفقهاء حيث ذهب بعض ــهما إلى أنه يكفي لقيام حق الدفاع الش ــرعي وجود تهديد بهجوم وش ــيك‪ ،‬على حين‬
‫يص ــر البعض آلاخر على وجوب أن يقع الهجوم املس ــلح بالفعل كي يتحقق ش ــرط الحلول ويقوم بالتالي الحق في الدفاع‬
‫الشرعي(‪.)4‬‬
‫ب‪ -‬الشروط التي ينبغي توافرها في فعل الدفاع‪:‬‬
‫‪ -‬شرط الضرورة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يجب أن يكون الخطر املتطلب للدفاع عن النفس حاال وداهما وال توجد وسيلة لصده سوى باللجوء إلى القوة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فإذا لم يكن هذا الخطر حاال وال داهما أو وجدت وســيلة أخرى لصــده كاللجوء إلى املنظمة الدولية أو أي من الوســائل‬
‫ً‬
‫الســلمية‪ ،‬ال يكون للدفاع الشــرعي محل‪ ،‬بل واعتبر اســتخدام القوة عدوانا يباح الدفاع الشــرعي ضــده ‪ .‬كما يجب أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يوجه الدفاع الشرعي إلى الدولة مصدر العدوان ‪ .‬وشرط الضرورة ليس شرطا جامدا‪ ،‬بل يعتمد على ظروف كل حالة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أحمد عبد الونيس علي شتا(‪ ،)5486‬الدولة العاصية‪ :‬دراسة في التعارض بين مواقف الدول والت‪،‬اماتها الدولية في ألامم املتحدة (مع إشارة خاصة إلى إسرائيل‬
‫وجنوب أفريقيا)‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ، ،‬ص ‪229‬ـ ‪.221‬‬
‫(‪ )2‬مرجع سابق ص ص‪.298 -299‬‬
‫(‪ )3‬مرجع سابق ‪.‬‬
‫(‪ )4‬مرجع سابق ص‪.281‬‬
‫‪77‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫على حدة ومدى التقدم في تكنولوجيا الحرب‪ ،‬وال يتوقف على الخطر الذي تتم مواجهته بالفعل فحس ـ ـ ـ ــب‪ ،‬بل أيض ـ ـ ـ ــا‬
‫حجم الخطر املتوقع(‪.)1‬‬
‫‪ -‬شرط التناسب‪:‬‬
‫يتضـ ـ ــمن حق الدفاع الشـ ـ ــرعي في القانون العرفي افتراض تناسـ ـ ــب القوة املسـ ـ ــتخدمة مع التهديد املواجه‪ .‬ولقد‬
‫ً‬
‫جذبت الصـيغة التي اسـتخدمها ‪ Webster‬اهتمام الفقهاء لتأكيدها على أن الدفاع عن النفس يجب أال يتضـمن شيئا‬
‫غير معقول أو مبالغ فيه‪ .‬وطاملا كان الفعل تبرره ضرورة الدفاع الشرعي فينبغي له أن يتقيد بهذه الضرورة وال يتخطى‬
‫حدودها(‪ .)2‬مما س ــبق يتبين لنا أن املادة ‪ 15‬من ميثاق ألامم املتحدة والتي تس ــتند اليها روس ــيا الجتياح أوكرانيا بحجة‬
‫الدفاع الشــرعي ال تتوفر شــروطها على الحالة ألاوكرانية فلم تهدد أوكرانيا أمن روس ــيا ‪ ،‬وال خطر حال ذي مص ــدر غير‬
‫مش ــروع يهدد روس ــيا ‪ ،‬وال توجد حالة ض ــرورة ملحة لتبرير العدوان الروس ـ ي ‪ ،‬كما أن رد الفعل الروس ـ ي مبالغ فيه وال‬
‫يتناس ــب مع حجم الخطر املزعوم خاص ــة ‪ ،‬بعدما نش ــرت روس ــيا عش ـرات آالف العس ــكريين في أوكرانيا وعلى حدودها‪،‬‬
‫مدعومين بدبابات وطائرات مقاتلة وس ــفن‪ ،‬وتلويح الرئيس الروس ـ ي فالديمير بوتين ض ــمنا باللجوء إلى الس ــالح النووي‪،‬‬
‫مــا أثــار موجــة اس ـ ـ ـ ــتنكــار من أميركــا إلى أوروبــا بــل والعــالم أجمع ‪ ،‬وهو مــا يؤكــد رد الفعــل املبــالغ فيــه وغير املنــاس ـ ـ ـ ـ ــب‬
‫لالدعاءات الروس ـ ـ ــية على أوكرانيا‪ .‬ولذلك فقد رفض الغربيون وألامم املتحدة رفض ـ ـ ــا قاطعا حجة الدفاع عن الذات‪،‬‬
‫متهمين موسكو بانتهاك املادة الثانية من ميثاق ألامم املتحدة الذي يحظر على أعضاء املنظمة الدولية اللجوء إلى القوة‬
‫أو التهــديــد بــاللجوء إلى القوة لتس ـ ـ ـ ــويــة أزمــة(‪ .)3‬وفي املقــابــل‪ ،‬تؤكــد روسـ ـ ـ ـ ـيــا أن إجراءاتهــا قــانونيــة وفق املــادة الحــاديــة‬
‫والخمسين من امليثاق‪ ،‬التي تكفل حق الدفاع عن النفس‪.‬‬
‫وتس ـ ـ ــتعد الجمعية العامة لألمم املتحدة للتص ـ ـ ــويت على قرار يدين روس ـ ـ ــيا لغزوها أوكرانيا‪ ،‬ويطالبها بس ـ ـ ــحب‬
‫قواتها "فورا" من أراض ـ ـ ـ ي جارتها الشـ ـ ــرقية‪ .‬ولكي يتم تبنيه في الجمعية العامة ينبغي أن يحصـ ـ ــل مشـ ـ ــروع القرار الذي‬
‫يقوده الاتحاد ألاوروبي بالتنس ـ ـ ـ ــيق مع أوكرانيا‪ ،‬على أص ـ ـ ـ ــوات ثلثي العدد إلاجمالي للدول املش ـ ـ ـ ــاركة في عملية الاقتراع‪.‬‬
‫وأظهرت مداوالت "جلس ــة اس ــتثنائية طارئة" نادرة للجمعية العامة عقدت الاثنين والثالثاء‪ ،‬وجود غالبية س ــاحقة من‬
‫الدول التي تدين الخطوة الروسية وتدعو الى "وقف املعارك"‪ .‬وتم اعداد مشروع القرار املطروح على الجمعية العامة‪،‬‬
‫بوحي من نص مشروع شبيه سقط ألاسبوع املاض ي في مجلس ألامن الدولي نتيجة لجوء روسيا لحق النقض (الفيتو)‪،‬‬
‫مع إدخال تعديالت طفيفة‪ .‬ويعبر مشـروع الجمعية العامة "بأشـد العبارات عن ألاسـف للعدوان الروس ي على أوكرانيا"‬
‫يؤكد التمس ـ ـ ــك بدعم "س ـ ـ ــيادة واس ـ ـ ــتقالل ووحدة أراض ـ ـ ـ ي أوكرانيا" بما في ذلك "مياهها الاقليمية"‪ .‬وكان املش ـ ـ ــروع في‬
‫مجلس ألامن "يدين العدوان الروس ـ ـ ي" بدال من "ألاسـ ــف" لحصـ ــوله‪ .‬ويدعو النص الجديد روسـ ــيا إلى "الوقف الفوري‬
‫الســتخدام القوة ضــد أوكرانيا"‪ ،‬وإلى أن "تســحب فورا‪ ،‬بشــكل كامل ودون شــروط‪ ،‬كل قواتها العســكرية" من أوكرانيا‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬ويصا صالح‪ ،‬العدوان املسلح في القانون الدولي‪ :‬الجوانب القانونية ألاساسية الستخدام القوة املسلحة‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه‪ ،5491 ،‬املجلد‬
‫الثاني‪ :‬الدفاع الشرعي في القانون الدولي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة ‪.‬ص ص ‪.016-011‬‬
‫‪( ) Ian Brownlie, International Law and the Use of Force by States, Oxford: Clarendon Press, New York, 1991, pp. 261-62.‬‬
‫‪2‬‬

‫(‪ )3‬روسيا في قفص الاتهام بشأن أوكرانيا في الجمعية العامة لألمم املتحدة(‪ ، )2122‬فرنسا ‪ 29‬بتاريخ ‪ 28‬فبراير ‪2122‬م على الرابط التالي‪https://q9r.us/WCa4T /‬‬
‫تم الاطالع عليه في ‪2‬مارس‪2122‬م‬
‫‪78‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومش ــروع القرار "يدين قرار روس ــيا تش ــديد وض ــع قواتها النووية في حال تأهب"‪ ،‬وهي نقطة لم تكن مدرجة في مش ــروع‬
‫القانون الذي سقط في مجلس ألامن‪.‬‬
‫‪ -‬دولــة الكويــت تنــدد‪ :‬على مــدى جلسـ ـ ـ ــات الجمعيــة العــامــة‪ ،‬فــانفردت دولــة الكويــت العربيــة بــالتنــديــد بــالهجوم‬
‫الروسـ ـ ـ ي‪ ،‬مسـ ـ ــتندة في موقفها ملعاناتها من الغزو العراقي في‪ .5441‬وقال الس ـ ــفير الكويتي منصـ ـ ــور العتيبي أال خيار أمام‬
‫بالده‪ ،‬نظرا ملا اختبرته سـ ــابقا سـ ــوى التمسـ ــك بمبادئ القانون الدولي وميثاق ألامم املتحدة‪ .‬وأوضـ ــح أن الكويت "ومن‬
‫هذا املنطلق‪ ،‬عبرت عن رفض ــها القاطع الس ــتخدام القوة أو التهديد أو التلويح بها في العالقات بين الدول"‪ .‬وش ــدد على‬
‫أن "العمليات العس ــكرية والتطورات املتس ــارعة والخطيرة التي تش ــهدها ألازمة تتطلب منا جميعا موقفا موحدا لوقف‬
‫ألاعمال العسـ ـ ــكرية فورا والاص ـ ـ ـرار على تفعيل مبدأ حل الن‪،‬اع بالطرق والوسـ ـ ــائل السـ ـ ــلمية" اتخذت دول من إفريقيا‬
‫وأميركا الالتينية‪ ،‬مواقف قريبة من املواقف ألاميركية وألاوروبية إلدانة الغزو‪ .‬ورفضت كولومبيا "العودة الى الوراء الى‬
‫الامبراطوريات الكبرى"‪ ،‬بينما اعتبرت جامايكا "كلنا أوكرانيون‪ ،‬كلنا أوكرانيا"‪ ،‬في حين أبدت ألبانيا خشــيتها من امتداد‬
‫الغزو الروسـ ـ ـ ـ ي ليش ـ ـ ــمل دوال أخرى مجاورة‪ .‬ومن دول آس ـ ـ ــيا ومنطقة املحيط الهادئ‪ ،‬نددت اليابان ونيوزيلندا بخرق‬
‫روس ـ ــيا للقانون الدولي‪ .‬أما الهند التي تجمعها عالقات عس ـ ــكرية وثيقة بروس ـ ــيا‪ ،‬فأبقت موقفها حذرا‪ ،‬في حين حذرت‬
‫الص ـ ـ ــين من أن العالم "لن يحقق أي مكس ـ ـ ــب" من حرب باردة جديدة‪ .‬الى ذلك‪ ،‬اتخذت دول مثل س ـ ـ ــوريا ونيكاراغوا‬
‫وكوبا وكوريا الشمالية‪ ،‬مواقف مساندة لروسيا في مواجهة الدول الغربية‪ .‬وكان التوتر مع أوكرانيا أدى إلى إدانة روسيا‬
‫في الجمعية العامة‪ .‬ففي ‪ 2159‬وبعد إعالن موسكو ضم شبه جزيرة القرم أصدرت الجمعية العامة قرارا يدين موسكو‬
‫أيدته مئة دولة ورفضته ‪ ،55‬وامتنعت ‪ 18‬عن التصويت‪ .‬وغابت بقية الدول ال ـ ـ ـ ـ‪ 540‬ألاعضاء في الجمعية العامة عن‬
‫عملية التصــويت‪ ،‬علما بأن ضــم القرم تم من دون إراقة دماء أو معارك ضــارية‪ ،‬خالفا للغزو الحالي الذي بدأ فجر‪29‬‬
‫شباط‪/‬فبراير‪ .‬وفي الجمعية العامة ال يستخدم حق النقض الذي تتمتع به الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس‬
‫ألامن الـدولي (الواليـات املتحـدة وفرنس ـ ـ ـ ــا وبريطـانيا وروس ـ ـ ـ ــيا والص ـ ـ ـ ــين)‪ .‬وتبقى قرارات الجمعية غير ملزمة لكنها ترتدي‬
‫طابعا رمزيا سـياسـيا بحسب عدد الدول التي تتبناها‪ .‬وفي مسعى لكسر الجمود في مجلس ألامن‪ ،‬تعت‪،‬م فرنسا بالتعاون‬
‫مع املكسيك‪ ،‬التقدم بمشروع قانون جديد يهدف الى حماية املساعدات الانسانية‪ .‬وبعدما كان متوقعا أن يعرض على‬
‫التص ـ ـ ــويت الثالثاء‪5‬مارس ‪2122‬م أرجئ إلى ألاربعاء ‪2‬مارس السـ ـ ـ ــتكمال مباحثات شـ ـ ـ ــاقة بش ـ ـ ـ ــأنه‪ ،‬بما فيها بين باريس‬
‫وواشنطن‪ ،‬وفق ما أفاد دبلوماسيون (‪.)1‬‬
‫قرار الجمعية العامة لألمم املتحدة في الدورة الطارئة بتاريخ ‪2‬مارس ‪2022‬م‬
‫وبالفعل فقد تبنت الجمعية العامة لألمم املتحدة‪ ،‬يوم ألاربعاء الثاني من مارس ‪2122‬م‪ ،‬قر ًارا يطالب روسـ ــيا‬
‫"بالتوقف ً‬
‫فورا عن اســتخدام القوة ضــد أوكرانيا‪ ،‬فيما كانت موســكو قد نبهت إلى أن هذه الخطوة من شــأنها أن تزيد‬
‫التصعيد‪.‬‬
‫وجري تبني القرار بأغلبية من ‪ 595‬صـ ــوتا‪ ،‬فيما عارضـ ــته ‪ 1‬دول وامتنعت ‪ 01‬عن التصـ ــويت من بينها الصـ ــين‪،‬‬
‫وذلـك من أص ـ ـ ـ ــل ‪ 540‬دولــة عضـ ـ ـ ــوا‪ .‬ويطــالــب القرار الــذي قوبــل تبنيــه بــالتص ـ ـ ـ ــفيق بعــد أكثر من يومين من املــداخالت‬

‫)‪ )1‬الجمعية العامة لألمم املتحدة تستعد للتصويت على قرار يدين روسيا ‪ ،‬فرنسا ‪ ،29‬ألاخبار مستمرة‪ ،‬اطلع عليه بتاريخ ‪2122/10/12‬م على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://q9r.us/OiDXB‬‬
‫‪79‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫موسـ ــكو "بأن تسـ ــحب على نحو فوري وكامل وغير مشـ ــروط جميع قواتها العسـ ــكرية" من أوكرانيا‪ ،‬و"يدين قرار روسـ ــيا‬
‫زيادة حالة تأهب قواتها النووية"(‪ .)1‬والدول الخمس التي صـ ــوتت ضـ ــد القرار هي روسـ ــيا وبيالروسـ ــيا وكوريا الشـ ــمالية‬
‫وإريتريا وسوريا‪.‬‬
‫القرار الـذي طرحـه الاتحـاد الاوروبي بـالتنس ـ ـ ـ ــيق مع كييف‪" ،‬يس ـ ـ ـ ــتنكر بـأش ـ ـ ـ ــد العبـارات العـدوان الروسـ ـ ـ ـ ـ ي على‬
‫أوكرانيا" ويؤكد "التمس ـ ــك بس ـ ــيادة واس ـ ــتقالل ووحدة أراضـ ـ ـ ي" أوكرانيا بما فيها "مياهها إلاقليمية"‪ .‬وهي رس ـ ــالة قوية‬
‫وتص ـ ـ ــويت تاريخي ويدعو القرار الص ـ ـ ــادر تحت عنوان "العدوان على أوكرانيا" إلى وص ـ ـ ــول ملس ـ ـ ــاعدات إلانس ـ ـ ــانية بدون‬
‫عوائق‪ -‬على خلفية نقاش ــات ش ــاقة في مجلس ألامن بش ــأن مش ــروع قرار فرنسـ ـ ي مكس ــيكي حول نفس املوضـ ــوع ‪ -‬كما‬
‫"يستنكر تورط بيالروسيا" في الهجوم على أوكرانيا‪.‬‬
‫وقال ألامين العام لألمم املتحدة انطونيو غوتيريش للص ـ ـ ـ ــحافيين إن "رس ـ ـ ـ ــالة الجمعية العامة قوية وواض ـ ـ ـ ــحة‪.‬‬
‫ض ـ ـ ــعوا حدا للعمليات الحربية في أوكرانيا‪ ،‬آلان‪ .‬افتحوا الباب للحوار والدبلوماسـ ـ ـ ــية‪ ،‬آلان"‪ .‬من جانبه صـ ـ ـ ــرح سـ ـ ـ ــفير‬
‫الاتحاد ألاوروبي لدى ألامم املتحدة أولوف سكوغ للصحافيين إثر التصويت بأن "روسيا اختارت العدوان‪ .‬العالم اختار‬
‫السالم"‪ ،‬واصفا ما حصل بأنه "تصويت تاريخي"‪ .‬وكان سفير أوكرانيا لدى ألامم املتحدة سيريي كيسليتسيا قد شجب‬
‫على منصــة ألامم املتحدة ما وصــفه بأنه "إبادة جماعية" ترتكبها روســيا في بالده‪ ،‬وحض املجتمع الدولي على "التحرك"‪.‬‬
‫لكن روس ـ ــيا‪ ،‬بلس ـ ــان س ـ ــفيرها فاس ـ ــيلي نيبن‪،‬يا‪ ،‬أكدت أنها ال تهاجم أهدافا مدنية وتكتفي بالدفاع عن س ـ ــكان منطقة‬
‫دونباس في الشرق ألاوكراني الانفصالي(‪.)2‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪ -‬في‪ 29‬فبراير ‪ 2122‬أطلقت روسـ ـ ـ ــيا هجوما مدمرا على أوكرانيا جوا وبرا وبحرا‪ ،‬ألامر الذي قد يهدد أمن القارة‬
‫ألاوروبيـة برمتهـا‪ ،‬بـل قـد يمتـد للعــالم بـأس ـ ـ ـ ــره ويهــدد الس ـ ـ ـ ــلم وألامن الـدوليين‪ ،‬وقـدم الرئيس بوتين العــديـد من الحجج‬
‫الخاطئة أو غير العقالنية‪ ،‬حيث ادعى أن هدفه من العملية العســكرية هو حماية ألاشــخاص الذين "يتعرضــون للتنمر‬
‫وإلابادة الجماعية"‪ ،‬وأنه يسعى إلى "نزع السالح وألافكار النازية" من أوكرانيا‪ .‬مع العلم أنه لم تكن هناك إبادة جماعية‬
‫في أوكراني ــا وهي دول ــة ديمقراطي ــة يقوده ــا رئيس يهودي "فكيف يمكن أن يكون ن ــازي ــا؟" واملالحظ أن ــه ومن ــذ إلاط ــاح ــة‬
‫بالرئيس املوالي لروســيا فيكتور يانوكوفيتش عام‪2159‬بعد أشــهر من الاحتجاجات ضــد حكمه‪ .‬وقيام روســيا بالســيطرة‬
‫على منطقة القرم الجنوبية ودعم تمرد في الشرق من قبل الانفصاليين املوالين ملوسكو والعالقة من سيئ ألسوأ‪.‬‬
‫‪ -‬اتهم بوتين الناتو بتهديد املس ــتقبل التاريخي لألمة الروس ــية‪ .‬بتخطيط أمريكي أوروبي عبر ض ــم أوكرانيا للناتو‪،‬‬
‫ً‬
‫وتعتبر روس ـ ـ ــيا ذلك تهديدا لوجودها‪ ،‬فأوكرانيا تعد منطقة عازلة بين روس ـ ـ ــيا وأوروبا وبص ـ ـ ــورة خاص ـ ـ ــة مجموعة دول‬
‫أوروبا الشـرقية الســابقة‪ ،‬التي انضــمت آلان إلى حلف شــمال ألاطلسـ ي (الناتو)‪ .‬أضــف إلى ما ســبق‪ ،‬الخوف من فقدان‬
‫القاعدة البحرية الروســية في شــبه جزيرة القرم‪ ،‬التي تمنح ألاســطول الروسـ ي في البحر ألاســود مدخال للبحر املتوســط‪،‬‬
‫وهنــاك عــامــل آخر للخوف يحرك حملــة الكرملين لتقويض ثورة أوكرانيــا‪ ،‬يتمثــل في امتــداد الثورة إلى روسـ ـ ـ ـ ـيــا‪ .‬فنجــاح‬
‫ثورة على حدودها قد يشــجع مجموعات املعارضــة داخل روســيا نفســها‪ ،‬ويعمق إيمانهم بقدرة حشــود املتظاهرين على‬

‫)‪ )1‬سكاي نيوز عربية‪)2122( :‬الجمعية العامة لألمم املتحدة تطالب روسيا بإنهاء حرب أوكرانيا– أبوظبي الخميس ‪0‬مارس ‪2122‬م على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://q9r.us/gs9WL‬اطلع عليه فى ‪0‬مارس ‪2122‬م‪.‬‬
‫اطلع عليه في ‪2‬مارس ‪2122‬م‪ )2122(" https://q9r.us/eFacp‬تصويت تاريخي"‪ ..‬ألامم املتحدة تدين الغزو الروس ي ألوكرانيا على الرابط التالي‪ ) DW :‬أكاديمية (‬
‫‪2‬‬

‫‪80‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫النجاح في مواجهة الحكومات الاس ـ ــتبدادية‪ .‬لذلك كانت الاس ـ ــتجابة العنيفة من روس ـ ــيا على ألارض في القرم‪ ،‬وادعائها‬
‫بأن الثورة تقود إلى الفوض ى والفاشية‪ ،‬وهو ما يعد تحذيرا للشعب الروس ي نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬تم عرض الن‪،‬اع على مجلس ألامن وفش ـ ـ ــل في اص ـ ـ ــدار قرار يدين روس ـ ـ ــيا بس ـ ـ ــبب الفيتو الروسـ ـ ـ ـ ي في ‪21‬فبراير‬
‫‪2122‬م بالتالي تم يجوز للجمعية العامة‪ ،‬عمال بقرارها املعنون ”متحدون من أجل السـ ـ ـ ــالم“ املؤرخ ‪ 0‬تشـ ـ ـ ــرين الثاني‪/‬‬
‫نوفمبر ‪( 5411‬القرار‪( 099‬د ‪ ،)1 -‬أن تعقـد ’’دورة اس ـ ـ ـ ــتثنـائيــة طــارئـة‘‘ في خالل ‪ 29‬سـ ـ ـ ــاعـة‪ ،‬إذا بـدا أن هنـاك تهــديــدا‬
‫للس ــالم أو خرقا للس ــالم أو أن هناك عمال من أعمال العدوان‪ ،‬ولم يتمكن مجلس ألامن من التص ــرف بس ــبب تص ــويت‬
‫ســلبي من جانب عضــو دائم‪ ،‬حيث يمكنها أن تنظر في املســألة على الفور من أجل إصــدار توصــيات إلى ألاعضــاء باتخاذ‬
‫تدابير جماعية لصون أو إعادة السالم وألامن الدوليين‬
‫‪ -‬إن تبرير روسـ ــيا غزوها ألوكرانيا منذ بدئه ب ـ ـ ـ ـ ـ ــ"الدفاع املشـ ــروع عن النفس" املنصـ ــوص عليه في املادة ‪ 15‬من‬
‫ً‬
‫ميثـاق ألامم املتحــدة‪ .‬غير دقيق ‪ ،‬فنص املــادة( ‪)9/2‬على أنــه “يمتنع أعض ـ ـ ـ ــاء الهيئـة جميعــا‪ ،‬في عالقـاتهم الـدوليـة‪ ،‬عن‬
‫التهديد باس ــتعمال القوة أو اس ــتخدامها ض ــد س ــالمة ألاراض ـ ي أو الاس ــتقالل الس ــياس ـ ي ألية دولة أو على أي وجه آخر ال‬
‫يتفق ومقاصـد ألامم املتحدة”‪ .‬وأورد امليثاق بعض الاسـتثناءات الضيقة عليه‪ ،‬أهمها حق الدول الطبيعي في استخدام‬
‫القوة في الــدفــاع الشـ ـ ـ ــرعي‪ .‬كمــا بينــت الفقرة الثــالثــة من نفس املــادة أنــه “على جميع الــدول ألاعض ـ ـ ـ ــاء فض منــازعــاتهم‬
‫بالطرق السـ ــلمية”‪ .‬غير أن هناك حالتين اسـ ــتثنائيتين‪ ،‬ألاولى هي حالة الدفاع الشـ ــرعي‪ .‬حيث ورد باملادة ‪ 15‬من ميثاق‬
‫ألامم املتح ــدة م ــا يلي‪“ :‬ليس في ه ــذا امليث ــاق م ــا يحول دون الحق املتوارث (الطبيعي) في ال ــدف ــاع الش ـ ـ ـ ــرعي الفردي أو‬
‫الجماعي إذا ما شن هجوم مسلح ضد دولة عضو في ألامم املتحدة‪ ،‬حتى يتخذ مجلس ألامن التدابير الضرورية للحفاظ‬
‫على السلم وألامن الدوليين”‪.‬‬
‫ً ُ‬ ‫ً‬
‫والاسـتثناء آلاخر هو حيث يفوض مجلس ألامن أو يتخذ تدبيرا قســريا وفقا مليثاق ألامم املتحدة ‪ .‬من ثم فإنه ال‬
‫يجوز التوسـ ـ ــع في تلك الاسـ ـ ــتثناءات بأي طريقة أخرى ال تتفق وأهداف ألامم املتحدة ‪ ،‬وتبقى هذه الاسـ ـ ــتثناءات‪ ،‬رغم‬
‫محدوديتها‪ ،‬خاضـ ـ ـ ــعة لشـ ـ ـ ــروط دقيقة وقيود صـ ـ ـ ــارمة بغية قطع الطريق على كل انحراف عن جوهرها أو تعسـ ـ ـ ــف في‬
‫ممارستها‪.‬‬
‫‪ -‬وتبين لنــا أن املــادة ‪ 15‬من ميثــاق ألامم املتحــدة والتي تس ـ ـ ـ ــتنــد اليهــا روسـ ـ ـ ـ ـيــا الجتيــاح أوكرانيــا بحجــة الــدفــاع‬
‫الشرعي ال تتوفر شروطها على الحالة ألاوكرانية ‪ ،‬فلم تهدد أوكرانيا أمن روسيا ‪ ،‬وال خطر حال ذي مصدر غير مشروع‬
‫يهدد روس ــيا‪ ،‬وال توجد حالة ض ــرورة ملحة لتبرير العدوان الروسـ ـ ي ‪ ،‬كما أن رد الفعل الروسـ ـ ي مبالغ فيه وال يتناس ــب‬
‫مع حجم الخطر املزعوم خاصــة ‪ ،‬بعدما نشــرت روســيا عشـرات آالف العســكريين في أوكرانيا وعلى حدودها‪ ،‬مدعومين‬
‫بدبابات وطائرات مقاتلة وس ـ ـ ــفن‪ ،‬وتلويح الرئيس الروس ـ ـ ـ ي فالديمير بوتين ض ـ ـ ــمنا باللجوء إلى الس ـ ـ ــالح النووي‪ ،‬وهو ما‬
‫يؤكد رد الفعل املبالغ فيه وغير املناسب لالدعاءات الروسية على أوكرانيا‪.‬‬
‫‪ -‬التوصيات‪-‬‬
‫‪ -‬على جميع الدول أن تحاول حل نزاعاتها بالطرق السلمية املوضحة باملادة ‪ 00‬من ميثاق ألامم املتحدة وأال تلجأ الى‬
‫استخدام القوة لحلها ‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -‬على مجلس ألامن أن يضطلع باملهام املنوطة به في حفظ السلم وألامن الدوليين وعلى الدول دائمة العضوية أال‬
‫تس ئ استخدام حق النقض لتحقيق مصالحها فقط وعلى حساب انتهاك مبادئ الامم املتحدة وتهديد السلم وألامن‬
‫الدوليين ‪.‬‬
‫‪ -‬على الجمعية العامة لألمم املتحدة العمل على تطبيق قرارتها في حفظ السلم وألامن الدوليين على أرض الواقع‬
‫بمساعدة الدول أعضائه ‪.‬‬
‫‪ -‬ان الاستثناءات املقررة الستخدام القوة لردع أي عدوان وشيك وحال على أي دولة من الدول ألاعضاء باألمم‬
‫املتحدة يجب أال يتم التوسع فيه لعدم تهديد السلم وألامن الدوليين ‪.‬‬
‫‪ -‬نوص ي جميع دول العالم خاصة الدائمين العضوية بمجلس ألامن الا تس ئ تفسير نص املادة ‪15‬من ميثاق ألامم‬
‫املتحدة لخدمة اطماعها وتبرير عدوانها على الدول ألاخرى ‪ ،‬فمعظم حاالت العدوان تم تبريرها باملادة ‪ 15‬من امليثاق ‪،‬‬
‫وايضا معظم الحاالت كان أحد أطرافها دولة دائمة العضوية ‪.‬‬
‫‪ -‬مراجع البحث‪-‬‬
‫أوال‪ :‬املراجع العربية‬
‫‪ -‬د‪ .‬أحمد عبد الونيس علي شتا(‪ ،)5486‬الدولة العاصية‪ :‬دراسة في التعارض بين مواقف الدول والت‪،‬اماتها الدولية في ألامم املتحدة (مع‬
‫إشارة خاصة إلى إسرائيل وجنوب أفريقيا)‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية‪ ،‬كلية الاقتصاد والعلوم‬
‫السياسية‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬أسامه مهدى‪ )2122(:‬بـ «حق الفيتو»‪ ..‬مجلس ألامن يفشل في اعتماد قرار ضد حرب روسيا على أوكرانيا ‪ ،‬املصري اليوم ‪،‬السبت‬
‫‪26‬فبراير‪.‬‬
‫‪ -‬ألامم املتحدة ‪ ،‬أخبار ألامم املتحدة (‪ ،)2122‬منظور عالمي قصص إنسانية ‪ ،‬الفيتو الروس ي يحول دون تمرير مشروع قرار حول الوضع‬
‫في أوكرانيا ‪.Search the United Nations‬‬
‫‪ -‬أخبار ألامم املتحدة ‪ ،‬ألامين العام(‪ :)2122‬الهجوم العسكري الروس ي خطأ ومخالف مليثاق ألامم املتحدة وغير مقبول‪.‬‬
‫‪ -‬أخبار ألامم املتحدة(‪ ، )2122‬منظور عالمي قص ــص إنس ــانية في جلس ــة لبحث أوكرانيا في الجمعية العامة‪ ،‬تمسـ ـك بميثاق ألامم املتحدة‬
‫وتذكير بمقاصدها وقراراتها ‪ 20 ،‬شباط‪ /‬فبراير السلم وألامن ‪.‬‬
‫‪ -‬أسباب الحرب بين روسيا وأوكرانيا ‪ ..‬جذور الصراع وتطوراته(‪ )2122‬ألاهرام املصرية عرب وعالم ‪29‬فبراير‪.‬‬
‫‪ -‬أكاديمية ‪")2122( DW‬تصويت تاريخي"‪ ..‬ألامم املتحدة تدين الغزو الروس ي ألوكرانيا ‪2‬مارس‪.‬‬
‫‪ -‬الامم املتحدة‪ ،‬الجمعية العامة ‪ ،‬الدورات الاستثنائية الطارئة‪.‬‬
‫‪ -‬الجمعية العامة لألمم املتحدة تستعد للتصويت على قرار يدين روسيا(‪ ، )2122‬فرنسا ‪ ،29‬ألاخبار مستمرة‪.‬‬
‫‪ -‬بي بي س ي عربي(‪ )2122‬روسيا وأوكرانيا‪ :‬ما سبب ألازمة بين البلدين؟ ‪ 22‬فبراير‪ /‬شباط‪.‬‬
‫‪ -‬بول كيربي(‪ : )2122‬روس ـ ـ ـ ـيـا وأوكرانيـا‪ :‬ملـاذا دخلـت القوات الروس ـ ـ ـ ـيـة إلى أراض ـ ـ ـ ـ ي جـارتهـا ألاوكرانية وماذا يريد بوتين؟ بي بي س ـ ـ ـ ـ ي نيوز‪8‬‬
‫ديسمبر‪ /‬كانون ألاول ‪ 2125‬جدد في‪ 26‬فبراير‪ /‬شباط بي بي س ي عربي‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬حسام هنداوي‪ )5449( :‬حدود سلطات مجلس ألامن‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ -‬روسيا في قفص الاتهام بشأن أوكرانيا في الجمعية العامة لألمم املتحدة(‪ ، )2122‬فرنسا‪ 29‬بتاريخ ‪ 28‬فبراير‪.‬‬
‫‪ -‬روسيا وأوكرانيا ما سبب ألازمة بين البلدين؟(‪ )2122‬بي بي س ي نيوز بتاريخ ‪ 22‬فبراير‪.‬‬
‫‪ -‬ريتشارد غالبن(‪ )2159‬بي بي س ي نيوز‪ -‬موسكو ‪ 59‬مارس‪ /‬آذار بي بي س ي عربي‪.‬‬
‫‪ -‬د‪ .‬سامي جاد عبد الرحمن واصل‪ )2110( :‬إرهاب الدولة في إطار القانون الدولي العام‪ ،‬إلاسكندرية منشأة املعارف‪.‬‬
‫‪ -‬سكاي نيوز عربية(‪ :)2122‬الجمعية العامة لألمم املتحدة تطالب روسيا بإنهاء حرب أوكرانيا– أبوظبي الخميس‪0‬مارس‪.‬‬

‫‪82‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

،)594( ‫ ســلســلة بحوث ســياس ــية‬،‫ أزمة القانون الدولي املعاصــر في أعقاب نهاية الحرب الباردة‬:)2111( ‫ محمد شــوقي عبد العال حافظ‬.‫د‬
.‫ يوليو‬،‫ جامعة القاهرة‬،‫ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‬،‫مركز البحوث والدراسات السياسية‬
ً
.‫ الفصل السدس حل املنازعات حال سلميا‬09‫ و‬00‫ ميثاق الامم املتحدة املواد‬-
.‫) من امليثاق‬59(‫ نص املادة‬-
‫ رس ــالة مقدمة لنيل‬،‫ الجوانب القانونية ألاســاســية الس ــتخدام القوة املســلحة‬:‫) العدوان املس ــلح في القانون الدولي‬5491(‫ ويصــا صــالح‬.‫ د‬-
.‫ جامعة القاهرة‬،‫ الدفاع الشرعي في القانون الدولي كلية الحقوق‬:‫ املجلد الثاني‬،‫درجة الدكتوراه‬
_:‫ املراجع باللغة ألاجنبية‬:‫ثانيا‬
- Ian Brownlie,(1991) International Law and the Use of Force by States, Oxford: Clarendon Press, New York,.
- I.C.J.(1962 ),Reports., , .
- I.C.J.,( 1978)AEGEAN SEA CONTINENTAL SHELF CASE , (GREECE v.TURKEY) JUDGMENT OF 19 DEC..
- Schacter (O.M.) ; The enforcement of international judicial and Arbitral dicision,A.J.I.L., .
- Sheng Hongsheng, The Evolution of Law of War, Chinese Journal of International Politics, Vol. 1, no. 2,.
- Vulcan ;(1947) Ľéxécution des décisions de la cour internationale de justice ď aprés la charte des ,N.U.,R.G. D. I.
P.,.
- Yoram Dinstein,( 1994) War, Aggression and Self-Defense, 2nd Edition, Grotious Publications, Cambridge
University Press,.
-:‫ روابط على شبكة الانترنت‬:‫ ثالثا‬-
_ https://q9r.us/9QtRx
- https://q9r.us/GPhws
_ https://q9r.us/jluKv
_ https://q9r.us/F78BH
_ https://q9r.us/7gyLT
_ https://q9r.us/jgfAL
_ https://q9r.us/6viEY
_ https://q9r.us/LFcDt
_ https://q9r.us/1V05D
_ https://q9r.us/7gyLT
_ https://q9r.us/YZYqP
_ https://q9r.us/8cWG0
_ https://q9r.us/WtJs
_ https://q9r.us/NCEZU
_ https://q9r.us/WCa4T
_ https://q9r.us/OiDXB
_ https://q9r.us/OiDXB
_ https://q9r.us/gs9WL

83 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫ألاهداف السهلة والعشوائية املنظمة‬


‫دراسة في الاتجاهات الحديثة الستراتيجيات التنظيمات الارهابية في اختيار‬
‫أهدافها النوعية لعملياتها املستقبلية‬
‫ سلطنة عمان‬،)‫ باحث في السياسات الجنائية (مكافحة الارهاب‬،‫ أكاديمي‬،‫ محمد بن سعيد الفطيس ي‬.‫ذ‬

‫امللخص‬
‫تكمن اهمية الدراسة في معالجتها لقضية معاصرة تواجه معظم الاجهزة الامنية حول العالم تتعلق بتلك الاتجاهات الحديثة التي‬
‫ وهي تحولها من اهداف‬،‫تبنتها التنظيمات الارهابية بعد التضييق عليها من قبل تلك املؤسسات والاجهزة الامنية املعنية بمكافحة الارهاب‬
‫عالية الرمزية والحساسية الى ما يطلق عليه باألهداف السهلة والعشوائية عند اختيارها لضحاياها املستهدفين بعملياتها إلارهابية؛ ولتحقيق‬
‫ والاتجاهات الامنية‬, ‫ سلطت الضوء على الاطار املفاهيمي وخصائص تلك الاهداف وانواعها‬،‫اهداف الدراسة تم تقسيمها الى ثالثة مباحث‬
‫لتحجيم مخاطرها داخليا ودوليا؛ خلصت الى العديد من النتائج ابرزها بروز تحول في استراتيجيات التنظيمات الارهابية من حيث اختيارها‬
‫ وان وراء اختيار الاهداف العشوائية اهداف‬, ‫ألهدافها وضحاياها يعتمد على استهداف الاهداف السهلة وليس الاهداف عالية الرمزية‬
‫ وأوصت الدراسة باتخاذ‬،‫مدروسة ومخطط لها في الغالب مثل التعتيم على هدف اصيل او إلضفاء نوع من الفوضوية على عملية أكبر‬
‫املزيد من الاجراءات والتدابير الوقائية والدفاعية ملنع ارتكاب الهجمات إلارهابية ضد ألاهداف السهلة او العشوائية والحماية منها والتخفيف‬
‫ كذلك ضرورة قيام الدول بتطوير أو مراجعة أو تعديل تقييمات التهديدات واملخاطر‬,‫من آثارها والتحقيق فيها ومواجهتها والتعافي من أضرارها‬
‫ ووضع خطط الطوارئ والاستجابة للطوارئ املناسبة‬،‫الوطنية للنظر في ألاهداف السهلة سواء اكان ذلك في السياق الوطني او الدولي‬
.‫للهجمات إلارهابية تقييمات للتهديدات واملخاطر‬
.‫ الاجهزة الامنية‬،‫ التنظيمات الارهابية‬،‫ أهداف عشوائية‬،‫ أهداف سهلة‬:‫الكلمات املفتاحية‬

Easy goals and organized random targets


A study of recent trends in terrorist organizations ’strategies in selecting their specific
targets for their future operations
Abstract:
The importance of the study lies in its treatment of a contemporary issue facing most of the security services around the world related
to those recent trends adopted by terrorist organizations after restrictions on them by those institutions and security agencies concerned
with combating terrorism, which transform them from highly symbolic and sensitive goals to what are called easy and random targets
when they are chosen. Of the victims targeted by its terrorist operations‫ ؛‬In order to achieve the objectives of the study, it was divided
into three sections, which shed light on the conceptual framework, the characteristics and types of those goals, and the security trends to
limit their risks internally and internationally. I concluded with many results, the most prominent of which is the emergence of a shift in
the terrorist organizations ’strategies in terms of choosing their targets and victims that depend on targeting easy targets and not highly
symbolic ones. Behind the selection of random targets are deliberate and often planned goals, such as obscuring a genuine target or
imposing a kind of chaos in the process. Larger‫ ؛‬The study recommended taking more preventive and defensive measures and measures
to prevent and protect against terrorist attacks against easy or indiscriminate targets, mitigate their effects, investigate and confront them
and recover from their damages, as well as the need for states to develop, review or amend national threats and risks assessments to
consider easy targets, whether that is. In a national or international context, developing appropriate contingency and emergency
response plans for terrorist attacks, threat and risk assessments.
Keywords: soft targets, indiscriminate targets, terrorist organizations, security institutions.

84 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تمهيد‬
‫طال التغيير والتطور في استراتيجيات التنظيمات الارهابية جل الافكار والادوات والاساليب‪ ،‬فمن الكر والفر الى‬
‫اقامة الدولة‪ ،‬ومن العمليات الجماعية الى ما يطلق عليه بعمليات الذئب املنفرد‪ ،‬كما لم تعد تلك التنظيمات" تختار‬
‫اهدافها وضحاياها بشكل عشوائي‪ ،‬بل يتم انتقاء تلك الاهداف عبر سلسلة دقيقة من الاجراءات الهادفة للحصول على‬
‫"(‪)1‬‬ ‫أفضل النتائج واكثرها تأثيرا على مختلف املستويات الشعبية منها والرسمية‬
‫فحتى تلك الاهداف التي يمكن ان ينظر اليها على انها أهداف عشوائية او غير منظمة في بعض الاوقات‪ ،‬يمكن ان‬
‫يالحظ عليها أنماط معينة‪ ،‬وفي الغالب تكون مدروسة ومخطط لها وفق منهج معين‪ ،‬بل يمكن التأكيد على ان العمليات‬
‫الارهابية العشوائية اصبحت شكال من أشكال وتوجهات العمل إلاستراتيجي في الفكر الارهابي املعاصر‪.‬‬
‫جانب اخر من جوانب التغيير والتحول في الاتجاهات الحديثة الستراتيجيات التنظيمات الارهابية في اختيار‬
‫أهدافها النوعية لعملياتها املستقبلية وهو ما يطلق عليه باألهداف السهلة‪ ،‬والتي تكون نتائجها واثارها وخيمة في‬
‫الخسائر البشرية واملادية‪ ،‬وفي ذات الوقت تحقق اقل قدر ممكن من الخسائر البشرية لتلك التنظيمات‪ ،‬كما انها غير‬
‫مكلفة‪.‬‬
‫لذا تزايد اختيار التنظيمات الارهابية خالل السنوات التي تلت احداث الحادي عشر من سبتمبر ‪2115‬م ملا‬
‫يطلق عليها باالهداف النوعية لعملياتها إلارهابية‪ ،‬ومن أبرز واهم اشكال تلك ألاهداف النوعية ما يطلق عليه باألهداف‬
‫السهلة والاهداف العشوائية املنظمة‪.‬‬
‫اوال‪ .‬مشكلة الدراسة‪:‬‬
‫التحوالت املستمرة والنوعية في استراتيجيات التنظيمات الارهابية باتت تؤرق العديد من حكومات العالم؛‬
‫خصوصا تلك املتعلقة منها باختيار اهدافها وضحاياها‪ ،‬ومن ضمن تلك الاتجاهات الحديثة التي تبنتها تلك التنظيمات‬
‫التحول من الاهداف ذات الرمزية والحساسية العالية كالسفارات والثكنات العسكرية الى ما يطلق عليه باألهداف‬
‫السهلة والعشوائية مثل املواقع التجارية وخطف املمثلين الدبلوماسيين خارج مقار عملهم‪ ،‬الامر الذي اضاف املزيد من‬
‫العوائق والتحديات الخاصة بمكافحة الارهاب‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬اسئلة الدراسة‪:‬‬
‫‪-5‬ما هو تعريف الاهداف السهلة‪ ،‬والعشوائية املنظمة‪ ،‬وما أبرز اشكالها وخصائصها؟‬
‫‪-2‬ما هي الادوار التي تلعبها الذئاب املنفردة في ارهاب الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة؟‬
‫‪-0‬ما هي أبرز الاتجاهات الامنية لتحجيم مخاطر الاهداف النوعية للعمليات الارهابية؟‬
‫‪-9‬ما هي أهم سبل تخفيف التهديدات ذات الصلة باألهداف النوعية داخليا ودوليا؟‬
‫ثالثا‪ .‬أهمية الدراسة‪:‬‬
‫أهمية الدراسة في تسليطها الضوء على مشكلة حديثة ومعاصرة تواجه الاجهزة الامنية حول العالم‪ ،‬تتعلق بتلك‬
‫الاتجاهات الحديثة التي تبنتها التنظيمات الارهابية بعد التضييق عليها من قبل تلك املؤسسات والاجهزة الامنية املعنية‬

‫‪ -1‬محمد بن سعيد الفطيس ي‪ ،‬التخفيف من عنصر جاذبية ألاهداف في مكافحة إلارهاب‪ ،‬صحيفة الوطن (سلطنة عمان)‪ ،‬تاريخ النشر ‪ /13‬سبتمبر‪2020 /‬م‬
‫تاريخ الدخول ‪2021 /2 /23‬م على الرابط‪http://alwatan.com/details/398558 :‬‬
‫‪85‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بمكافحة الارهاب‪ ،‬وهي تحولها من اهداف عالية الرمزية والحساسية الى ما يطلق عليه باألهداف السهلة والعشوائية‬
‫عند اختيارها لضحاياها املستهدفين بعملياتها الارهابية‪.‬‬
‫رابعا‪ .‬هيكلية البحث‬
‫لتحقيق اهداف الدراسة تم تقسيمها الى ثالثة مباحث على النحو الاتي‪ :‬يتناول املبحث الاول إلاطار املفاهيمي‬
‫للدراسة‪ ،‬تحديدا تعريف كل من مفهوم الاهداف السهلة والاهداف العشوائية املنظمة‪ ،‬اما املبحث الثاني فيسلط‬
‫الضوء على ما هية الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة واهم اشكالها‪ ،‬كذلك خصائص الاهداف السهلة والعشوائية‬
‫املنظمة واسباب اختيارها‪ ،‬واخيرا يتناول عالقة الذئاب املنفردة بإرهاب الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة؛ اما‬
‫الفصل الثالث والاخير فقد ركز على جوانب الاتجاهات الامنية لتحجيم مخاطر الاهداف النوعية للعمليات الارهابية‬
‫داخليا ودوليا‪.‬‬
‫املبحث الاول‪ :‬إلاطار املفاهيمي واملوضوعي للدراسة‬
‫من املهم للغاية فهم إلاطار النظري او املفاهيمي ألي دراسة‪ ،‬خصوصا الجانب املتعلق منها بتعريف بعض‬
‫املصطلحات الرئيسية؛ والتي يساعد وصفها وتعريفها على تسهيل فهم اطارها املوضوعي‪ ،‬على ضوء ذلك تم تقسيم‬
‫هذا املبحث على النحو التالي‪ :‬يسلط املطلب الاول الضوء على تعريف مفهوم الاهداف السهلة‪ ،‬اما املطلب الثاني‬
‫فسيركز على تعريف مفهوم الاهداف العشوائية املنظمة‪.‬‬
‫املطلب الاول‪ :‬مفهوم الاهداف السهلة‬
‫الاهداف السهلة هي " اهداف أو مواقع غير حصينة‪ ،‬يمكن الوصول إليها بسهولة‪ ،‬مزدحمة بحيث تكون عرضة‬
‫للهجوم ويسهل مهاجمتها بطبيعتها‪ ،‬مما يضمن ً‬
‫فرصا أكبر للنجاح والتغطية إلاعالمية املكثفة‪ .‬وتشمل ألانماط ألاخيرة‬
‫(‪)1‬‬ ‫محاوالت طعن في املناطق املزدحمة وحوادث صدم السيارات في مواقع املشاة والتي يتم تنفيذها من قبل ألافراد‬
‫كما يمكن تعريفها بانها الاهداف التي يسهل تعرضها واستهدافها من قبل التنظيمات الارهابية‪ ،‬وبمعنى اخر هي‬
‫الاهداف التي ال تكون مؤمنة في الغالب بحراسة او بكاميرات مراقبة او باي نوع من الحماية الامنية املشددة او حتى شبه‬
‫املشددة‪ ،‬كاألهداف الدينية والتعليمية والصحية‪ ،‬والتي يمكن ان يقع عبر استهدافها اضرار شديدة وبالغة في الارواح‬
‫واملمتلكات‪.‬‬
‫املطلب الثاني‪ :‬مفهوم الاهداف العشوائية املنظمة‬
‫هي أهداف يبدو للوهلة الاولى على ان اختيارها من قبل التنظيمات الارهابية يحمل سمات العشوائية والفوض ى‬
‫وعدم الانتظام‪ ،‬لكن مع التمعن والتحليل يتأكد ان اختيار تلك الاهداف للعمليات الارهابية كان يحمل نوعا من الانماط‬
‫الحركية املنظمة وغير العشوائية‬

‫‪ -1‬في العادة يطلق على هذه الفئة بالذئاب املنفردة ُويعرف الذئب املنفرد" الذي باتت الجماعات إلارهابية تلجأ إلى خدماته أكثر فأكثر‪ ،‬بكونه شخصا معزوال‬
‫يحضر وينفذ عملياته دون اللجوء إلى خط تراتبي قد يتم اختراقه من طرف‬‫ّ‬
‫يؤمن خاصة بالفكر املتطرف والدموي‪ ،‬وله قدرة على اختيار أهداف خاصة به‪ِ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫عناصر مكافحة إلارهاب" املرجع‪ :‬حسن ألاشرف‪ ،‬هكذا تخطط "الذئاب املنفردة" لعملياتها‪ .‬وهذه سبل مواجهتها‪ ،‬مجلة هسبريس‪ ،‬تاريخ النشر ‪،2012 / 12 / 22‬‬
‫تاريخ الدخول ‪2021 /2 /23‬على الرابط‪https://www.hespress.com/orbites/288644.html :‬‬
‫‪86‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وبمعنى اخر يعتمد على وجود نوع من النظام في اختيار الاهداف حتى وان ظهر بطابع العشوائية وعدم الانتظام‪،‬‬
‫بل يمكن التأكيد على ان مجرد السعي الى نشر الرعب والخوف بين افراد املجتمع والاجهزة الامنية هو بحد ذاته هدف‬
‫لإلرهاب (‪)1‬‬ ‫ينفي العشوائية‪ ،‬وهو ما يؤكده الفقيه الفرنس ي القانوني سوتيل في تعريفه‬
‫املبحث الثاني‪ :‬خصائص وأنواع الاهداف السهلة والعشوائية وعالقتها بالذئاب املنفردة‬
‫لم يعد الارهابيين يقتصرون عملياتهم على الاماكن ذات الرمزية العالية والبنية التحتية الحساسة مثل املباني‬
‫الحكومية او سفارات الدول الاجنبية‪ ،‬او القيام بتفجير السفن الحربية أو الثكنات العسكرية‪ ،‬بل بات سعيهم وراء أناس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موسيقيا‬ ‫عاديين خرجوا لالستمتاع بأوقاتهم‪-‬يتناولون العشاء مع افراد اسرهم وفي املناسبات والاجازات أو يرتادون حفال‬
‫البحر‪)2( .‬‬ ‫أو يشاهدون مباراة ودية‪ ،‬او على شاطئ‬
‫كما يعتبر ضرب املواقع ألاثرية او الحضارية والتراث العالمي ضمن التغييرات الجذرية التي طرأت على فكر‬
‫التنظيمات إلارهابية واملتطرفة؛ كذلك استهداف املواسم السياحية " فوفق دراسة صادرة عن املركز إلاقليمي للدراسات‬
‫إلاستراتيجية بالقاهرة‪ ،‬على ان الهدف من ذلك ال يقتصر على تهديد الحاضر واملستقبل فحسب‪ ،‬بل هي تتجاوز ذلك‬
‫إلى العمل على طمس التاريخ والثروات ألاثرية وكل مقومات الهوية الحضارية التي اكتسبتها املنطقة على مر السنين "‬
‫(‪)3‬‬

‫لذا يالحظ على تلك الاتجاهات الحديثة الستراتيجيات التنظيمات إلارهابية عند اختيارها ألهدافها وضحاياها‬
‫املستقبليين وجود خصائص وأنواع مستحدثة‪ ،‬يضاف الى ذلك اعتمادها بشكل كبير على الذئاب املنفردة في تنفيذ‬
‫العديد من تلك العمليات النوعية‪ ،‬خصوصا العمليات التي ال تحتاج الى كوادر عديدة‪ ،‬او يمكن تنفيذها في اماكن‬
‫مكشوفة او بأقل قدر ممكن من الافراد والادوات‪.‬‬
‫على ضوء ذلك تم تقسيم هذا املبحث الى ثالثة مطالب على النحو الاتي‪ .‬يسلط املطلب الاول منه الضوء على ما‬
‫هية تلك الاهداف السهلة والعشوائية واهم اشكالها‪ ،‬اما املطلب الثاني فسيتناول أبرز خصائص الاهداف السهلة‬
‫والعشوائية املنظمة واسباب اختيار التنظيمات الارهابية لها‪ ،‬اما املطلب الثالث والاخير فيركز الضوء على دور الذئاب‬
‫املنفردة في تنفيذ العمليات الارهابية التي تعتمد على اختيار تلك الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة‪.‬‬
‫املطلب الاول‪ :‬ما هية الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة واهم اشكالها‬
‫" ال ش يء يمكن أن يبرر على إلاطالق الاستهداف العشوائي للمدنيين‪ ،‬والدمار الذي يزهق ألارواح ويقض ي على‬
‫هذا ما أكد عليه الامين العام لألمم املتحدة‬ ‫(‪)4‬‬ ‫أسباب الرزق دون تميي‪ ،،‬وإشاعة الذعر بنية إثارة الرعب ال غير"‬
‫أنطونيو غوتيريس‪.‬‬

‫‪ -1‬محمد عزيز شكري‪ ،‬إلارهاب الدولي‪ ،‬دار العلم للهداية‪ ،‬لبنان‪ /‬بيروت ‪ 1991‬ص‪ ،11‬نقال عن‪ :‬م‪ .‬خضير ياسين الغانمي‪ ،‬ظاهرة الارهاب الدولي (العوامل‬
‫الدافعة وكيفية معالجتها‪ ،‬جامعة اهل البيت ‪-‬بوابة البحوث‪ ،‬ص ‪ ،300‬على الرابط‪https://abu.edu.iq/sites/default/files/jurnals/abu/16/16-12.pdf :‬‬
‫ُ‬
‫‪ - 2‬تم الاعتداء على سوق عيد امليالد في وسط العاصمة برلين‪ ،‬بتاريخ ‪ 19‬ديسمبر ‪ 2012‬حيث جرى دهس زوار السوق بشاحنة ضخمة‪ ،‬فقتل ‪ 12‬شخصا وأصيب‬
‫‪ 32‬آخرون بجروح‪ ،‬بينهم حاالت خطيرة‪ ،‬املرجع‪ :‬أسواق عيد امليالد هدف سهل لالعتداءات إلارهابية‪ ،‬موقع ‪ DW‬الاملاني‪ ،‬تاريخ النشر ‪2012 / 12/ 20‬م تاريخ‬
‫الدخول ‪ /2 / 22‬م‪2021‬م‪ .‬على الرابط ‪https://p.dw.com/p/2UaNw‬‬
‫‪ -3‬راجع حول ضرب السياحة كهدف من الاهداف الاستراتيجية للتنظيمات الارهابية‪ ،‬ذ‪ .‬محمد بن سعيد الفطيس ي‪ ،‬املؤشر صفر – رؤية استشرافية الى مستقبل‬
‫الارهاب والتنظيمات الارهابية في البيئة الوطنية العمانية‪ ،‬مكتبة الضامري للنشر والتوزيع‪ ،‬سلطنة عمان ‪ /‬السيب‪ .‬ط‪2012 /1‬م ص ‪220-230‬‬
‫‪ -4‬أنطونيو غوتيريش‪ ،‬مكافحة إلارهاب وحقوق إلانسان‪ ،‬موقع الامم املتحدة‪ ،‬الامين العام لألمم املتحدة‪ ،‬تاريخ النشر ‪2012 /2 / 12‬م تاريخ الدخول ‪/2 / 23‬‬
‫‪2021‬م على الرابط‬
‫‪87‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫" تؤدي الهجمات إلارهابية املدمرة ضد ألاهداف السهلة على وجه الخصوص إلى تعطيل الحياة اليومية وبث الذعر‬
‫بين افراد املجتمع؛ وفي حالة ألاماكن الدينية‪ ،‬تستهدف الهجمات إلارهابية معتقدات الناس وهوياتهم وتاريخهم وكرامتهم‪.‬‬
‫العشوائية (‪)1‬‬ ‫لذا من ألاهمية بمكان أن تتخذ الدول تدابير ملنع ارتكاب الهجمات إلارهابية ضد ألاهداف السهلة او‬
‫والحماية منها والتخفيف من آثارها والتحقيق فيها ومواجهتها والتعافي من أضرارها"(‪.)2‬‬
‫كما ان املتتبع لطرق انتقاء التنظيمات الارهابية ألهدافها الحديثة‪ ،‬يلحظ وجود بحث وعناية دقيقة بتلك‬
‫الاهداف‪ ،‬وفي الغالب ال تكون عشوائية (‪ )3‬كما يعتقد البعض او الاشخاص العاديين؛ وحتى العمليات العشوائية منها‬
‫يكون وراءها اهداف مدروسة ومخطط لها في الغالب مثل التعتيم على هدف اصيل او إلضفاء نوع من الفوضوية على‬
‫عملية أكبر‪ ،‬او لتشتيت فكر الجهات الامنية القائمة على مكافحة العمليات إلارهابية املختارة (‪ )4‬او حتى لبث الرعب‬
‫والخوف‪.‬‬
‫لذا فان " عدم استهداف العمل إلارهابي عادة الضحیة أو الضحایا املباشرین بذاتهم ألن الضربة إلارهابیة تكون‬
‫ً‬
‫غالبا عشوائیة وال یعرف إلارهابي أو إلارهابیون ضحایاهم إنما يراد منها التأثير في سلوك مجموعة یستهدفها هذا العمل‬
‫خالل الضحیة بما یدعوها إلى إلاحباط والياس " بل يتم دراسة الهدف بشكل علمي ومنهجي الى حد بعيد‪ ،‬خصوصا من‬
‫حيث حجم الضرر الذي يمكن ان ينتج عن تلك الاهداف‪ ،‬بحيث يتم التمايز بينها‪ ،‬واختيار اكثرها ضررا وتأثيرا على‬
‫للدول"(‪)5‬‬ ‫املجتمع والبنية الحساسة‬
‫وقد لوحظ على العديد من العمليات الارهابية التي تمت في الفترة بين (‪" )2121 – 2111‬ميل الارهابيين نحو تحويل‬
‫هجماتهم الى اهداف أسهل او أكثر عشوائية‪ ،‬وهو ما يسلط الضوء على مشكلة الازاحة او تبديل الاهداف (‪ )6‬فاذا أصبح‬

‫‪https://www.un.org/sg/ar/content/sg/speeches/2018-08-16/combating-terrorism-and-human-rights‬‬
‫‪ -1‬من أبرز اشكال العمليات الارهابية العشوائية " ما قامت به القوات العسكرية اليهودية بين الاعوام ‪ 1932- 1932‬من شن لضربات هجومية منسقة ومكثفة‬
‫ضد املدنيين في املدن الرئيسية كما قامت بشن غارات ليلية وعمليات تفجير عشوائية وتدمير املنازل وقتل املزارعين في الحقول وغير ذلك من اساليب العنف‬
‫د‪.‬محمد إش ّتية‪ ،‬موسوعة املصطلحات واملفاهيم‬ ‫ّ‬ ‫والارهاب العشوائية الهادفة الى نشر الذعر والخوف بين السكان العرب وحملهم على الرحيل" املرجع‪:‬‬
‫الفلسطينية‪ ،‬دار الجليل للنشر والدراسات والابحاث الفلسطينية‪ ،‬عمان ‪ /‬الاردن ‪ ,‬ط‪2011 / 1‬م ‪ ,‬ص‪332‬‬
‫‪-2‬فالديمير فورونكوف‪ ،‬جلسة إحاطة مفتوحة للجنة مكافحة إلارهاب حول بناء شراكات في حماية ألاهداف غير املحصنة من هجمات إرهابية‪ ،‬البرنامج العاملي‬
‫لحماية ألاهداف املعرضة للخطر‪ ،‬مكتب مكافحة الارهاب التابع لألمم املتحدة‪ ،‬تاريخ النشر ‪2019 /1 / 22‬م‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2020 / 2 / 22‬م‪ ،‬على الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.un.org/sites/www.un.org.counterterrorism/files/190625_Statement_USG_CTC_Briefing_Soft_Targets.pdf‬‬
‫‪ -3‬في دراسة قامت بها مؤسسة راند الاميركية لألبحاث ‪ ,‬خلصت الى " وجود نمط في العلميات الارهابية التي وقعت في الواليات املتحدة الاميركية وأوربا في الفترة‬
‫من العان ‪ 1920‬الى العام ‪2002‬م وكانت سالسل الاحداث من العام ‪ 1920‬حتى العام ‪1993‬م مرتبطة بهجمات تحريضية دون اي دليل بعد ذلك على الاحداث‬
‫التحريضية الاكبر زادت من احتماالت وقوع هجمات ارهابية خالل الثالثين يوما التي تعقبها " املصدر ‪ :‬بريان مايكل وهنري اتش وبينغ هان ‪ ,‬هل يزيد وقوع‬
‫الهجمات الارهابية الكبرى من احتماالت حدوث مزيد من الهجمات ‪ ,‬منظور تحليلي ‪ ,‬مؤسسة راند لألبحاث ‪2012 ,‬م ‪ ,‬ص ‪ , 2-3‬على الرابط‬
‫‪https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE100/PE173/RAND_PE173z1.arabic.pdf‬‬
‫‪-4‬أكد على هذه الفكرة الرئيس السابق للجنة الوطنية ملكافحة الارهاب بتونس العميد مختار بن نصر بقوله‪ :‬العمليات الارهابية ال يمكن ان تكون عشوائية بل‬
‫هي منظمة وهدفها الارباك والتعبير عن رسائل معينة سواء كانت سياسية او غيرها‪" .‬املرجع‪ :‬برنامج املشهد بعنوان‪ :‬تونس‪ .‬حادث ارهابي جديد‪ .‬داللة التوقية‬
‫وأهداف العملية؟ ‪ ، Awraas TV‬تاريخ النشر ‪ 2‬سبتمبر ‪ 2020 /‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 23‬م‬
‫على الرابط‪/https://www.facebook.com/awraastv/videos /2002999716502246 :‬‬
‫‪ -5‬محمد محي الدین عوض‪ ،‬تعریف إلارهاب‪ .‬مركز الدراسات والبحوث‪ ،‬تشریعات مكافحة إلارهاب في الوطن العربي‪ ،‬الدورة العلمية الخمسون‪ ،‬أكاديمية نایف‬
‫العربیة للعلوم ألامنية‪ ،‬الریاض‪ ،1999 ،‬ص ‪9‬‬
‫‪ -6‬ازاحة الاهداف لدى التنظيمات الارهابية ال يختلف كثيرا من حيث الرؤية العامة عما هو لدى املؤسسات التجاري او في عالم املال والاعمال والتجارة‪ ،‬حيث‬
‫يعرف مفهوم الازاحة )‪ )Goal Displacement‬بانه" مفهوم ازاحة الهدف في الاعمال التجارية هو الحالة التي يتم فيها استبدال الاهداف الاصلية للشركة‬
‫بأهداف جديدة يتم تطويرها مع مرور الوقت وتحدث الازاحة ألسباب عديدة وعلى مستويات عديدة في الشركة بهدف ضمان النمو املستمر" راجع موقع‬
‫هارفرد بزنس ريفيو ‪ ,‬املفاهيم الادارية ( ازاحة الاهداف) بدون تاريخ نشر ‪ ,‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م على الرابط ‪:‬‬
‫‪88‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫من غير املمكن النفاذ الى اهداف معينة بسبب زيادة التحصينات والاحتياطات الامنية عليها مثل السفارات او املطارات‬
‫"(‪)1‬‬ ‫فسوف يلتفت الارهابيون ببساطة الى هدف اخر أكثر ضعفا مثل الاهداف التجارية او التعليمة او الدينية‬
‫فعلى سبيل املثال ادى تركيب كاشفات املعادن في املطارات الى خفض وتيرة الهجمات الارهابية عليها ولكن في‬
‫املقابل تحولت تلك الهجمات الى اهداف اخرى اقل حصانة‪ ،‬كما ادى تحصين السفارات بالكاميرات واملتاريس‬
‫الخرسانية وغيرها الى تحويل تلك الهجمات الى موظفين تلك السفارات عندما يكونون في الخارج وهكذا‪ .‬على ضوء ذلك‬
‫يمكن القول ان أبرز الامثلة على الاهداف السهلة وهي على سبيل املثال ال الحصر‪ .‬الاهداف السهلة التالية‪:‬‬
‫(‪)2‬‬ ‫‪-1‬الاهداف املتعلقة باألحداث الرياضية الكبرى‬
‫تعتبر الاهداف الرياضية من أبرز الاهداف السهلة او حتى العشوائية املهددة من قبل التنظيمات الارهابية‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل املثال ال الحصر وبتاريخ ‪ 2156/51/55‬نجحت السلطات ألامنية السعودية فى إحباط عملية إرهابية كانت تستهدف‬
‫املباراة التى جمعت بين منتخبي السعودية وإلامارات‪ ،‬بملعب "الجوهرة" ضمن منافسات املجموعة الثانية بالتصفيات‬
‫آلاسيوية املؤهلة ملونديال ‪ 2158‬فى روسيا ؛ كذلك حادثة التفجير الذي وقع في مدينة إسطنبول‪ ،‬بالقرب من ملعب‬
‫"فودافون أرينا "التركي بتاريخ ‪/51‬ديسمبر ‪ 2156/‬وذلك في خضم خروج جماهير فريقي بيشكتاش‪ ،‬وضيفه بورصا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫سبور‪ ،‬ما أسفر عن وقوع ‪ 04‬قتيال تقريبا‪ ،‬وإصابة ‪ 566‬شخصا؛ وفقا لتصريح وزارة الداخلية التركي ‪3‬؛ كذلك الهجمات‬
‫وأملانيا(‪)4‬‬ ‫على ملعب "سان دوني"‪ ،‬خالل املباراة الودية التي جمعت بين منتخبي فرنسا‬
‫(‪ )5‬والفنادق (‪)6‬‬ ‫‪-2‬الاهداف السياحية والتجارية مثل مراكز التسوق‬
‫تعتبر الاهداف التجارية كمراكز التسوق والفنادق من " أكثر ألاهداف عرضة للهجمات إلارهابية وتمثل قرابة ثلثي‬
‫ألاهداف العاملية للعمليات الارهابية بنسبة ‪ ،%60.25‬فاألهداف التجارية تعتبر اقل ألاهداف من حيث إجراءات‬
‫الحراسة ألنها مدنية بالدرجة ألاولى‪ ،‬لذا يلجأ إلى ألاهداف السهلة التي ال يتوقع الهجوم عليها‪ ،‬بينما يلجأ للهجوم على‬
‫ً‬
‫وفقا ألهميتها في تحقيق أهدافه من العمل إلارهابي"(‪)7‬‬ ‫ألاهداف العسكرية والدبلوماسية ألاخرى في حاالت معينة‬
‫وفي هذا السياق " تعاونت سلسلة محالت "ماركس آند سبتسر" البريطانية املعروفة‪ ،‬مع الشرطة للمرة ألاولى‪،‬‬
‫لتنظيم حملة ملكافحة إلارهاب‪ ،‬وتعليم عمال املتاجر التعامل السليم مع ألاحداث الصعبة‪.‬يضم املشروع إطالق سلسلة‬

‫‪https://hbrarabic.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9/%D8%A5%D8%B2%D8%A7%D8%AD%D8%A9-‬‬
‫‪%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%81/‬‬
‫‪ -1‬رونالد كريلينستن‪ ،‬مكافحة الارهاب‪ ،‬مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية‪ ،‬دولة الامارات العربية املتحدة ‪ /‬ابوظبي‪ ،‬ط‪ ،2011/1‬ص ‪123-122‬‬
‫‪-2‬تمثل الهجمات إلارهابية التي وقعت خالل ألالعاب ألاوملبية عامي ‪ 1922‬و‪ 1992‬وكذلك التفجيرات التي وقعت في سريالنكا في عام ‪ ،2002‬فضال عن تفجيرات‬
‫بوسطن في الواليات املتحدة عام ‪2013‬م أبرز الامثلة على ذلك‬
‫‪ - 3‬ارتفاع حصيلة ضحايا انفجاري تركيا إلى ‪ 192‬شخصا‪ ،‬صحيفة الدستور‪ ،‬تاريخ النشر ‪/11‬ديسمبر‪ ،2012 /‬تاريخ الدخول ‪2021 /3 /1‬م على الرابط‬
‫‪https://www.dostor.org/1255890?fb_comment_id=1588092704550478_1588106907882391‬‬
‫‪ - 4‬موقع ‪ cnn‬بالعربي‪ ،‬أملانيا تواجه فرنسا بذكريات أحداث نوفمبر إلارهابية‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 2012/2/ 2‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م على الرابط‪:‬‬
‫‪https://arabic.cnn.com/sport/2016/07/07/france-germany-november-attacks‬‬
‫‪ - 5‬من أبرز الامثلة على ذلك حادثة القتل الجماعي في املركز التجاري وستغيت في العام ‪ 2013‬في املركز التجاري واستغايت في نيروبي الكينية ونتج عنه ‪ 22‬وفاة‬
‫و‪ 122‬وأكثر من ‪ 122‬من الجرحى‬
‫‪ -6‬من أبرز الامثلة على ذلك الهجوم على فندق في العاصمة الصومالية مقديشو في ‪ 22‬فبراير ‪2012‬م ونتج عنه مقتل ‪ 12‬شخص‪ ،‬كذلك الحادث الارهابي على‬
‫مجمع دوسيت‪-‬دي‪ 2‬بنيروبي الكينية في العام ‪2019‬‬
‫‪ - 7‬انتشار إلارهاب وتطوره عامليا‪-‬دراسة أكاديمية تبين أن إلارهاب ال دين له وال وطن وال جنسية‪ ،‬صحيفة الجزيرة السعودية‪ ،‬ع (‪ )11212‬تاريخ النشر ‪/2 / 2‬‬
‫‪ 2002‬م تاريخ الدخول ‪2 / 22‬م ‪ 2021‬على الرابط‪https://www.al-jazirah.com/2005/20050205/er31.htm :‬‬
‫‪89‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫من مقاطع الفيديو‪ ،‬تخبر موظفي البيع عن طريقة تحديد سلوك املشتبه بهم‪ ،‬وتدلهم على ألاسلوب ألامثل للتعامل إن‬
‫كان هناك تهديدا بوجود قنبلة باملكان‪ ،‬وكيفية الاستجابة إلطالق النار؛ ففي السنوات ألاخيرة‪ ،‬سجلت ‪ 911‬شركة في‬
‫ورش عمل أمنية بقيادة مدربين معتمدين‪" ،‬ونأمل أن يستفيد أكبر عدد من العمال آلان من خالل الانترنت "كما أعدت‬
‫الشرطة شريط فيديو‪ ،‬يخبر الشباب كيف يتصرفون في حال تعرضهم لهجمة إرهابية‪ ،‬محذرين من الوقوف والتقاط‬
‫وإلاخبار"(‪)1‬‬ ‫الصور‪ ،‬والنصيحة ألاعم كانت "الركض والاختفاء‬
‫‪-0‬الاهداف الدينية وأماكن العبادة‬
‫تعتبر ألاهداف الدينية وأماكن العبادة من أبرز ألاهداف السهلة التي طالها إلارهاب خالل العقود املاضية‪ ،‬ففي‬
‫العام ‪ 2159‬وحده وعلى سبيل املثال ال الحصر تعرضت مساجد في كل من مصر بتاريخ ‪ 29‬نوفمبر ونيجيريا في ‪ 25‬نوفمبر‬
‫وافغانستان في ‪ 2‬اغسطس والصومال في ‪ 55‬اغسطس وبريطانيا بتاريخ ‪ 54‬يونيو وباكستان بتاريخ ‪ 05‬مارس واليمن‬
‫الخسائر املادية‪)2(.‬‬ ‫بتاريخ ‪ 59‬مارس وكندا بتاريخ ‪ 01‬يناير لعمليات إرهابية كلفت املئات من ألارواح واملاليين من‬
‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة واسباب اختيارها‬
‫من أبرز ما يمي‪ ،‬الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة كما سبق الاشارة الى ذلك في التعريف انها أهداف‪:‬‬
‫‪-1‬مفتوحة لعموم الناس‪ :‬مثل املنت‪،‬هات واملواقع السياحية واملوالت التجارية‪ ،‬فهي ليست مخصصة لفئات معينة‬
‫كالعسكريين على سبيل املثال‪ ،‬بالتالي فان مثل هذه الاماكن يدخلها مختلف الاشخاص ومن جميع الاعمار‪ ،‬الامر الذي‬
‫يجعل الاصابات فيها أكثر فائدة مادية ومعنوية‪.‬‬
‫‪-2‬غير محصنة‪ :‬في الغالب تكون هذه الاهداف غير محمية او محصنة‪ ،‬وان كانت كذلك فتلك التحصينات او الحماية‬
‫ضعيفة للغاية؛ صحيح ان العديد من املؤسسات الامنية حول العالم ألزمت املؤسسات التجارية بتركيب كاميرات‬
‫مراقبة‪ ،‬وفي آلاونة الاخيرة تم تعميم ذلك على املساجد‪ ،‬على انه وبالرغم من ذلك تكون تلك التحصينات غير مجدية‬
‫او نافعة للوقاية من العمليات الارهابية‪.‬‬
‫‪-3‬يسهل الوصول اليها‪ :‬سهولة الوصول الى تلك الاهداف من أبرز املحفزات التي تدفع التنظيمات الارهابية الى اختيار‬
‫اهدافها تلك‪ ،‬وهو امر منطقي بكل تأكيد‪ ،‬فكل ما كان الوصول الى الاهداف املحددة أسهل‪ ،‬كلما سهل على تلك‬
‫التنظيمات تحقيق غاياتها الارهابية‪.‬‬
‫‪-3‬مزدحمة باألشخاص في الغالب‪ :‬الاماكن املزدحمة بحد ذاتها اهداف دسمة وتحقق غاية الارهاب الدنيئة من خالل‬
‫تحيق أكبر قدر من الخسائر البشرية واملادية‪ ،‬لذا يالحظ على ان اغلب الاهداف التي تم استهدافها خالل العام ‪2159‬م‬
‫على سبيل املثال ال الحصر في مختلف انحاء العالم كانت املساجد واماكن العبادة‪.‬‬
‫باختصار يجب أن تفي ألاهداف البسيطة والعشوائية‪ ،‬بمعايير عقالنية محددة لإلرهابيين الذين يتم اختيارهم‪،‬‬
‫بما في ذلك كونها مواقع جذابة للزوار في ألاماكن املفتوحة والواسعة‪ .‬نقاط الوصول املتعددة‪ ،‬وأماكن وقوف السيارات‬

‫‪ - 1‬تدريب موظفي املتاجر الصغيرة على مكافحة إلارهاب‪ ،‬صحيفة الرؤية (سلطنة عمان) تاريخ النشر ‪2012 /3 / 12‬م تاريخ الدخول ‪2021/2/22‬م على الرابط‪:‬‬
‫‪https://alroya.om/p/212456‬‬
‫‪ - 2‬محمد الابنودي ‪ 10 ,‬هجمات إرهابية استهدفت املساجد فى العالم‪ ،‬موقع الوطن‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 23‬نوفمبر ‪2012 /‬م تاريخ الدخول ‪2021 /3 / 1‬م على الرابط‬
‫‪https://www.elwatannews.com/news/details/2749950‬‬
‫‪90‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الكبيرة في املنطقة املجاورة‪ ،‬والحشود الكبيرة هي خصائص مفضلة أخرى يعتبرها إلارهابيون أنهم يسعون إلى تعظيم‬
‫غير محدودة"(‪)1‬‬ ‫إلاصابات وفرص الهروب‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬فإن قائمة ألاهداف السهلة املمكنة تكاد تكون‬
‫وتسعى التنظيمات الارهابية من وراء اختيار تلك الاهداف السهلة‪ ،‬او العشوائية املنظمة الى تحقيق الاهداف‬
‫الرئيسية التالية‪- :‬‬
‫‪-1‬أهداف ودوافع سياسية‬
‫يتفق العديد من الباحثين في مجال الدراسات القانونية والسياسية وألامنية أن " من أهم ألاهداف النهائية وغايات‬
‫إلارهاب تحقيق أهداف أمنية وسياسية‪ ،‬عليه يكون البعد أو املجال السياس ي والقانوني [وكذلك الجانب ألامني] من‬
‫أشد وأكثر املجاالت املستهدفة من قبل إلارهاب تضررا من جرائم إلارهاب‪ ،‬والتي يالحظ أنها في أكثر ألاوقات تستعمل‬
‫للضغط على الحكومات وألانظمة السياسية لتبني وتحقيق سياسات معينة ال تكون في صالح البالد‪ ،‬أو للتراجع عن‬
‫أو غير ذلك"(‪)2‬‬ ‫قرار معين سواء أكان ذلك في الجانب السياس ي أو الاقتصادي أو ألامني‬
‫‪-2‬اهداف استفزازية واستنزافية لألجهزة الامنية‬
‫من ابز الاهداف التي تسعى التنظيمات إلارهابية لتحقيقها من وراء عملياتها تلك‪ ،‬استفزاز الاجهزة الامنية وبالتالي‬
‫امكانية ارتكاب اخطاء تؤدي الى خسائر في الارواح‪ ،‬او صرامة وتعقيد في الاجراءات الامنية الامر الذي يمكن ان يؤدي‬
‫(‪)3‬‬ ‫الى استن‪،‬اف موارد الدولة‬
‫‪-3‬تقليص الخسائل البشرية واملادية في صفوف التنظيمات الارهابية‬
‫من أبرز الاسباب التي تجعل الاهداف السهلة على راس قائمة اختيارات التنظيمات إلارهابية كونها اهداف ال تحتاج‬
‫ً‬
‫الى عدد كبير من الافراد واملوارد‪ ،‬حيث ان" تكلفة تنفيذ أي تفجير انتحاري زهيدة وتبلغ ‪ 511‬دوالر أمريكي تقريبا‪ .‬هذا‬
‫ً‬
‫شخصا ويبث الرعب في نفوس سكان املنطقة التي يستهدفها التفجير‪)4(".‬‬ ‫املبلغ الزهيد يؤدي باملعدل إلى مقتل اثني عشر‬
‫املطلب الثالث‪ .‬الذئاب املنفردة وارهاب الاهداف السهلة والعشوائية املنظمة‬
‫العمليات الارهابية التي تقوم بها الذئاب املنفردة (‪ )5‬تختلف باختالف نماذج التفكير والامكانيات املتاحة وكذلك‬
‫البيئة الامنية والاستخباراتية للدول‪ ،‬وهو ما يتأكد من النماذج الارهابية التي تم تنفيذها حول العالم‪ ،‬فمن الهجوم‬
‫بالدهس في نيس‪ ،‬إلى اعتداءات بالفأس في أملانيا‪ ،‬والسيف في بلجيكا‪ ،‬والخنجر في لندن‪.‬‬

‫‪ - 1‬محمد صفوت‪ ،‬من “العدو البعيد” إلى “إلارهاب املحلي”‪ .‬ما ال تعرفة عن الجماعات الجهادية حول العالم‪ ،‬موقع ‪ ،Fran cheval‬تاريخ النشر ‪2012 /3 /1‬‬
‫تاريخ الدخول ‪2021 / 2 / 22‬م على الرابط‪:‬‬
‫‪https://francheval.com/ar‬‬
‫‪ -2‬عبد الحفيظ عبد هللا املالكي‪ ،‬نحو مجتمع أمن فكريا‪ :‬دراسة تأصيلية واستراتيجية وطنية مقترحة لتحقيق ألامن الفكري‪ ،‬مطابع الحميض ي‪ ،‬الرياض ‪/‬‬
‫السعودية‪ ،‬ط‪2010 / 1‬م‪ ،‬ص ‪291‬‬
‫‪ ، Justin King- 3‬إلارهاب‪ .‬بين استراتيجية الاستنزاف والاستفزاز‪ ،‬ترجمة‪ :‬وصال صالح‪ ،‬موقع الجمل‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2021 /3/ 1‬م على الرابط‪:‬‬
‫‪https://aljaml.com/node/139955‬‬
‫ُ‬
‫‪ -4‬بيورن ملبورغ‪ ،‬هل مكافحة إلارهاب تستحق هذه التكلفة الباهظة؟ موقع حلف الناتو‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م‬
‫‪https://www.nato.int/docu/review/2008/04/AP_COST/AR/index.htm‬‬
‫شخص يمكن‬‫ٍ‬ ‫بتنظيم ما‪ .‬كما أن التسمية تصدق على أي‬
‫ٍ‬ ‫‪ -5‬الذئاب املنفردة هم أشخاص يقومون بهجمات بصفة منفردة‪ ،‬من دون أن تربطهم عالقة واضحة‬
‫يشن هجوما مسلحا بدوافع عقائدية‪ ،‬وهي استراتيجية تعتمدها الجماعات الجهادية‪ ،‬وخصوصا داعش‪ ،‬حيث يقوم الشخص أو ألاشخاص بالتخطيط‬ ‫أن ّ‬
‫والتنفيذ ضمن إمكاناتهم الذاتية من دون أن يكون هناك ارتباط تنظيمي‪ .‬وأغلب ألاشخاص املنفذين لعمليات مثل هذه يكونون من الشخصيات السو ّية‬
‫والاعتيادية التي ال تبعث على الشك في سلوكها وحركتها اليومية‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬محمود البازي‪ ،‬املالذ ألاخير لداعش ‪-‬الذئاب املنفردة ‪ ،-‬مجلة املستقبل العربي‪ ،‬مركز‬
‫دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ع ‪ ،322‬بتاريخ فبراير ‪2012 /‬م‪ ،‬ص ‪109‬‬
‫‪91‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وقد قتلت " الذئاب املنفردة ودهست وطعنت بدافع التطرف الديني وتكفير املجتمع والدفاع عن إلارهاب الداعش ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫مئات ألابرياء حول العالم‪ ،‬حيث شهدت الاعتداءات تطورا مثيرا وكبيرا‪ ،‬فأصبحت ال تعتمد على ألاسلحة الثقيلة‪ ،‬أو‬
‫ً‬
‫كافيا الرتكاب مذبحة ملطخة بدماء ألابرياء" (‪)1‬‬ ‫التفجيرات الانتحارية املنظمة‪ ،‬بل صار مجرد سكين صغير‬
‫حيث تشير العديد من التقارير ومن ضمنها التقرير الذي نشره موقع عين اوربية على التطرف ان " الهجمات‬
‫إلارهابية التي وقعت في السنوات الاخيرة اظهرت رغبة الحركات الجهادية باالبتعاد عن الاستراتيجيات الجهادية القديمة‪،‬‬
‫أهداف تعبر عن قيمها الرمزية عالية مثل الاهداف العسكرية او الدبلوماسية‪ ،‬حيث‬
‫ٍ‬ ‫التي كانت تنطوي على اختيار‬
‫ً‬
‫يفضل إلارهابيون في الوقت الحاضر أهدافا أسهل وأسرع وأيسر‪ ،‬وأكثر نعومة من الناحية العملياتية‪ ،‬حتى وان كانت‬
‫اهداف عشوائية‪ ،‬بحيث يمكن إدارتها بشكل مرن من قبل العناصر التي ال تتمتع بمهارات عالية كما هو حال من يطلق‬
‫صفوفهم"(‪)2‬‬ ‫عليهم بالذئاب الفردية او املنفردة‪ ،‬وذلك بهدف تحقيق معدالت نجاح أعلى وخسائر بشرية اقل في‬
‫وتعتبر الذئاب املنفردة بناء على ذلك من الاشكال الارهابية العشوائية الى حد بعيد ‪ ,‬لكونها ال تنتمي الى جهة او‬
‫تنظيم ارهابي معين ‪ ,‬كما انها ال تعود في انشطتها واعمالها الى قيادة تنظيمية او توجيهية او تدريبية منتمية الى تنظيم‬
‫ارهابي محدد ‪ ,‬ولكن ذلك بالطبع ال يعني انها ال تعود بأفكارها وتوجهاتها الى انتماء ارهابي ايديولوجي او ثقافي او حتى انها‬
‫تتبنى فكر تنظيم معين كتنظيم القاعدة او داعش او غير ذلك من التنظيمات ‪ ,‬لذا يمكن القول ان اولئك الافراد في‬
‫نهاية املطاف من املتعاطفين او املؤيدين او املتأثرين بالتنظيمات الارهابية ‪.‬‬
‫ووفقا ملحلل الارهاب بروس هوفمان " فان الاستراتيجية الجديدة لتنظيم القاعدة تتمثل في تمكين الافراد‬
‫وتحفي‪،‬هم على ارتكاب اعمال عنف خارجة تماما عن اي سلسلة قيادية تنظيمية‪ ،‬ومن الواضح ان هناك اهتمام من‬
‫ايديولوجي القاعدة ملحاولة سد الفجوة بين الطبيعة العشوائية للعمليات التي تنفذها الذئاب املنفردة والنظرة الجهادية‬
‫العاملية في منابرهم الاعالمية مثل مجلة انسباير" (‪ )3‬وينطبق هذا الامر على معظم التنظيمات الارهابية كداعش وبوكو‬
‫حرام وغيرهم‪.‬‬
‫فعلى سبيل املثال ال الحصر وفي وقت مبكر من شهر سبتمبر من العام ‪ 2159‬و" عندما بدأ التحالف العسكري‬
‫الدولي بقيادة الواليات املتحدة حملة قصف ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا‪ ،‬أصدر املتحدث الرسمي باسم‬
‫التنظيم ً‬
‫نداء عامليا للمتعاطفين بقتل املواطنين وألافراد العسكريين بشكل عشوائي‪ ،‬بكل الوسائل املمكنة‪ .‬وكان مفاد‬
‫هذا النداء كما قاله العدناني‪ :‬إذا لم تستطع العثور على عبوة ناسفة بدائية الصنع أو رصاصة‪ ،‬فاسحق رأسه بصخرة‪،‬‬
‫ألقه من شاهق‪ ،‬أو اخنقه‪ ،‬أو سممه وهكذا أصبح القتل العشوائي للمدنيين‬‫أو اذبحه بسكين‪ ،‬أو ادهسه بسيارتك‪ ،‬أو ِّ‬
‫هدفا أساسيا للتنظيم‪ُ ،‬روج له بوضوح في العدد ألاول من مجلة رومية الصادر في سبتمبر ‪2156‬م" (‪)4‬‬
‫ِّ‬

‫‪1‬‬ ‫‪ -‬دينا مصطفى‪« ،‬الذئاب املنفردة» إرهاب عشوائي يهدد العالم‪ ،‬صحيفة الاتحاد الاماراتية‪ ،‬بتأريخ ‪2012 / 12 / 10‬م‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2019 / 2 / 2‬م‪ .‬رابط‬
‫‪www.alittihad.ae‬املوقع‪/ :‬‬
‫‪ - 2‬املنطق إلارهابي‪ :‬كيف يختار إلارهابيون أهدافهم؟ موقع كيو بوست‪ ،‬تاريخ النشر ‪ 21‬مارس ‪2012‬م تاريخ الدخول ‪ 2021 /2 / 22‬م رابط املوقع‪:‬‬
‫‪ https://www.qposts.com‬رابط املوقع الاصلي للتقرير‪:‬‬
‫‪https://eeradicalization.com/the-terrorist-logic-behind-the-choice-of-targets/‬‬
‫‪ -3‬د‪ .‬فالح فليحان الرويلي‪ ،‬استراتيجيات التنظيمات املتطرفة في التجنيد عبر الانترنت " داعش نموذجا "جامعة نايف العربية للعلوم الامنية‪ ،‬العام ‪2012‬م‪ ،‬ص‬
‫‪10‬‬
‫‪ -4‬عالء عادل‪ ،‬الذئاب املنفردة ‪-‬العمليات واستراتيجيات املواجهة املعهد املصري للدراسات‪ ،‬نشر بتاريخ ‪2012 / 10 / 30‬م‪ ،‬ص ‪ 9‬ملف ‪ ،Pdf‬على الرابط‪:‬‬
‫‪ ،https://eipss-eg.org‬نقال عن‪ :‬الشبكة الاسالمية العربية الحرة‪ ،‬كلمة ابو محمد العدناني ‪ ,‬املتحدث الرسمي باسم دولة الخالفة ‪ ,‬بتاريخ ‪ / 22‬سبتمبر ‪2013 /‬م‬
‫‪92‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫يضاف الى ذلك ان تنظيم داعش وعلى سبيل املثال ال الحصر أعتمد " ومنذ ظهوره على إستراتيجية رئيسة تقوم‬
‫باستهداف العدو القريب وفق جهاد التمكين والسيطرة املكانية‪ ،‬وحصر ساحات املواجهة في الدول القريبة‪ .‬وهي‬
‫إستراتيجية تمثل أحد أبرز الفروق بينه وبين تنظيم القاعدة‪ ،‬الذي كان يركز نشاطه في استهداف العدو البعيد من‬
‫خالل الجهاد والهجمات النكائية‪ .‬وعلى الرغم من أن تنظيم داعش دعا‪ ،‬في أعقاب تشكيل التحالف الدولي ملحاربته‬
‫ً‬
‫بقيادة الواليات املتحدة ألامريكية في سبتمبر عام ‪ 2159‬م‪ ،‬إلى تنفيذ هجمات ضد املصالح الغربية في أنحاء العالم كافة‬
‫(‪)1‬‬ ‫عبر تحريضه الذئاب املنفردة على تنفيذ عمليات فردية وشبه عشوائية ضد تلك املصالح"‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الاتجاهات الامنية لتحجيم مخاطر الاهداف النوعية للعمليات الارهابية‬
‫التحول في استراتيجيات وسياسات املؤسسات الامنية تجاه التنظيمات الارهابية‪ ،‬خصوصا تلك التي حققت غايات‬
‫التضييق عليها وتقليص اهدافها الاستراتيجية وصعب عليها الوصول الى بعض الاهداف " شجعها " ببساطة على التحول‬
‫ُ‬
‫إلى اهداف اخرى مثل ألاهداف السهلة او العشوائية‪ ،‬إذ باستطاعة إلارهابيين مالحظة التغييرات التي تدخلها الحكومات‬
‫ً‬
‫على ألاهداف املحتملة‪ ،‬ثم يهاجمون وفقا للمستجدات‪ .‬وهذا ما ينسحب على هجمات الحادي عشر من سبتمبر ‪،2115‬‬
‫حيث ُنظر إلى مطارات لوغان ونيويورك ودالس كمطارات تفتقر إلى املراقبة ألامنية الجيدة"(‪)2‬‬

‫وهنا نطرح الاسئلة التالية والتي سنحاول الاجابة عليها في املطلب الاول والثاني من هذا املبحث وهي‪ :‬ما هي سبل‬
‫تخفيف التهديدات ذات الصلة باألهداف النوعية (السهلة والعشوائية املنظمة) وطنيا او داخليا؟ وما هي أبرز الاتجاهات‬
‫الدولية لتحجيم املخاطر ذات الصلة باألهداف سالفة الذكر؟‬
‫املطلب الاول‪ .‬سبل تخفيف التهديدات ذات الصلة باألهداف النوعية داخليا‬
‫يبدو "للوهلة ألاولى من ان محطة بن في مدينة نيويورك الامريكية يوم السبت كعهدها ً‬
‫دائما مكتظة باألشخاص‬
‫املتعجلين لالنتقال إلى مكان آخر‪ ،‬اغلبهم محتشد تحت لوحة املغادرة في انتظار النداء على قطارهم‪ ،‬لكنك إذا أمعنت‬
‫النظر‪ ،‬فستقع عيناك على الجنود‪ .‬وينتشر هؤالء الجنود في مالبسهم العسكرية املموهة ودروعهم الواقية لألبدان‬
‫ً‬
‫وسط الحشود‪ ،‬ويستند أحدهم إلى حائط حامال بندقية آلية يضمها إلى صدره‪ ،‬بينما فوهتها مصوبة لألسفل‪ .‬ويوجد‬
‫ً‬
‫نموذجا ملا بات‬ ‫ً‬
‫تحسبا لظهور أي من إلارهابيين‪ .‬تشديد إلاجراءات ألامنية حدث ألن محطة بن تمثل‬ ‫هؤالء الجنود‬
‫يعرف بـاألهداف السهلة او العشوائية إنها عبارة عن تجمع للمدنيين ال يوجد به أجهزة كاشفة عن املعادن أو نقاط‬
‫عندها"(‪)3‬‬ ‫تفتيش يتعين عليك أن تخلع حزامك وحذاءك‬
‫و" تتحمل الحكومات املسؤولية ألاساسية عن حماية الاهداف النوعية ومن ضمنها تلك الهداف العشوائية‬
‫والسهلة من الهجمات إلارهابية لذا يجب على مالكي هذه املواقع أو القائمين عليها اتخاذ خطوات ملعالجة الاحتياجات‬
‫ألامنية ذات الصلة والحد من نقاط الضعف لديهم‪ .‬ومن ألاهمية بمكان أن تتعاون الحكومات املركزية واملحلية‪ ،‬وقادة‬

‫‪ - 1‬حسن سالم بن سالم‪ ،‬تنظيم داعش والارهاب العابر للحدود ‪ ,‬مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات الاسالمية ‪ ,‬الرياض ‪ /‬السعودية ‪ ,‬ع (‪ , ) 11‬مايو ‪/‬‬
‫‪2012‬م ‪ ,‬ص ‪2‬‬
‫ُ‬
‫‪-2‬بيورن ملبورغ‪ ،‬هل مكافحة إلارهاب تستحق هذه التكلفة الباهظة؟‪ ،‬موقع حلف الناتو‪ ،‬بدون تاريخ نشر‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م‬
‫‪https://www.nato.int/docu/review/2008/04/AP_COST/AR/index.htm‬‬
‫‪-3‬جويل أكينباك‪ ،‬خبراء‪ :‬إلارهابيون يتعلم بعضهم من بعض‪ .‬ويبحثون عن «ألاهداف السهلة»‪ ،‬صحيفة الشرق الاوسط‪ ،‬ع (‪ )13203‬تاريخ الدخول ‪ 12‬نوفمبر‬
‫‪ 2012‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 /22‬م‪ .‬على الرابط ‪https://aawsat.com/home/article/498856‬‬
‫‪93‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املجتمع‪ ،‬والجهات الفاعلة الدينية‪ ،‬والجهات الفاعلة في القطاع الخاص من أجل تحديد السبل الكفيلة بتخفيف‬
‫املخاطر والتهديدات ذات الصلة‪ ،‬وفي نهاية املطاف‪ ،‬منع حدوث مثل هذه الهجمات‪ .‬وال تتطلب الحماية الفعالة ملثل‬
‫ً‬
‫هذه ألاهداف تنفيذ تدابير الحماية املادية فحسب‪ ،‬بل تتطلب أيضا بناء مجتمعات قوية وقادرة على الصمود والعمل‬
‫(‪)1‬‬ ‫الوثيق مع املجتمع املدني والقيادة املحلية للتقليل من مخاطر هذه الاهداف "‬
‫كما " يفترض باملدنيين أن يساعدوا في حفظ ألامن عبر التحلي بالحذر واتباع التعليمات‪ ،‬فعلى سبيل املثال توجد‬
‫بطاقات للسالمة تم لصقها على ظهور املقاعد في قطا ات أمتراك (‪ )2‬تحمل عبارة تقول‪ :‬لو أيت ً‬
‫شيئا ً‬
‫مريبا أو غير‬ ‫ر‬ ‫ر‬
‫(‪)3‬‬ ‫مألوف‪ ،‬ال تسكت!» لكن عندما يحكم الخوف قبضته على الناس‪ ،‬يصبح كل ش يء م ً‬
‫ريبا وغير مألوف"‬
‫اما بخصوص استهداف الجماعات الارهابية للفنادق فانه بات من الضروري وعلى سبيل املثال يمكن " اتباع جملة‬
‫ً‬
‫من الترتيبات ألامنية التي قد تقلل‪ ،‬إلى حد كبير‪ ،‬من عملية استهداف الفنادق إرهابيا‪ ،‬وفي مقدمتها التأكيد على رفع‬
‫مستوى املراقبة داخل وخارج محيط الفنادق واملنتجعات السياحية‪ ،‬من خالل التضافر بين العنصر البشري املدرب‬
‫والعنصر التكنولوجي الدقيق‪ ،‬لتسهيل مهمة استشعار الخطر قبل وقوعه‪ ،‬السيما فيما يتعلق باملتفجرات والعبوات‬
‫الناسفة والسيارات املفخخة والعناصر الانتحارية واملسلحة‪ ،‬كما أنه من ألاهمية بمكان تطوير حزمة إجراءات أمنية‬
‫ووقائية صارمة‪ ،‬وغير منظورة في الوقت نفسه للحفاظ على الجو الفندقي لتلك املنشآت ذات املستوى العالي من‬
‫الخصوصية‪ ،‬سواء فيما يتعلق بالزائرين أو متعلقاتهم الشخصية أو سياراتهم‪ ،‬وبما يشمل كافة رواد الفنادق وملحقاتها‬
‫الفنادق"(‪)4‬‬ ‫وحتى موظفيها‪ ،‬إلى جانب توسيع نطاق التأهيل والتدريب لفرق ألامن الخاص العاملة داخل‬
‫املطلب الثاني‪ :‬الاتجاهات الدولية لتحجيم املخاطر ذات الصلة باألهداف النوعية‬
‫" مناقشة ألادوات املناسبة إلدارة الحرب ضد التنظيمات إلارهابية‪ ،‬على أهميته‪ ،‬البد أن يوضع في إطار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫استراتيجية دولية أوسع‪ ،‬ترسم إطارا جامعا لسيناريوهات احتواء حواضن الفكر إلارهابي في بيئاته املختلفة‪ ،‬وتجفيف‬
‫املنابع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لنشأته وازدهاره في تلك الحواضن‪ ،‬ويكون ذلك من خالل اقتراب متعدد‬
‫ً‬
‫املداخل يتكامل فيه الاقتصادي مع ألامني مع السياس ي مع الاجتماعي مع الثقافي‪ ،‬ألامر الذي يتطلب جهودا دولية صادقة‬
‫كافة"(‪)5‬‬ ‫للخروج من نفق إلارهاب الذي بات املهدد ألابرز للسلم وألامن إلانساني على املستويات‬

‫‪ -1‬فالديمير فورونكوف‪ ،‬جلسة إحاطة مفتوحة للجنة مكافحة إلارهاب حول بناء شراكات في حماية ألاهداف غير املحصنة من هجمات إرهابية‪ ،‬البرنامج العاملي‬
‫لحماية ألاهداف املعرضة للخطر‪ ،‬مكتب مكافحة الارهاب التابع لألمم املتحدة‪ ،‬تاريخ النشر ‪2019 /1 / 22‬م‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2020 / 2 / 22‬م‪ ،‬على الرابط‪:‬‬
‫‪https://www.un.org/sites/www.un.org.counterterrorism/files/190625_Statement_USG_CTC_Briefing_Soft_Targets.pdf‬‬

‫‪ " -2‬شركة ركاب السكك الحديدية الوطنية واسمها التجاري أمتراك ‪ Amtrak‬وتلفظ (ويكتب أحيانا ‪ )AMTRAK‬هي شركة سكك حديدية للركاب تخدم‬
‫خطوطا على املسافة املتوسطة واملسافة البعيدة بين املدن في الواليات املتحدة ألاميركية املتجاورة‪ .‬أسست في ‪1921‬م‪ ،‬تخدم أمتراك أكثر من ‪ 200‬وجهة في ‪32‬‬
‫والية وثالث مقاطعات في كندا بأكثر من ‪ 300‬قطار على ما يفوق ‪ 21,300‬ميل (‪ 33,300‬كـم) من سكة كل يوم" املصدر‪ :‬موسوعة ويكيبيديا‪ ،‬أمتراك‪ ،‬تاريخ‬
‫الدخول ‪2021 /3 / 1‬م على الرابط‪:‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%85%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83‬‬
‫‪-3‬جويل أكينباك‪ ،‬خبراء‪ :‬إلارهابيون يتعلم بعضهم من بعض‪ .‬ويبحثون عن «ألاهداف السهلة»‪ ،‬صحيفة الشرق الاوسط‪ ،‬ع (‪ )13203‬تاريخ الدخول ‪ 12‬نوفمبر‬
‫‪ 2012‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 /22‬م‪ .‬على الرابط ‪https://aawsat.com/home/article/498856‬‬
‫‪ - 4‬مصطفى شفيق عالم‪ ،‬حرب ال تناظرية‪" :‬إرهاب الفنادق"‪ .‬ألاهداف الرخوة للتطرف‪ ،‬تاريخ النشر ‪2012 /3 / 2‬م تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م على الرابط‬
‫‪https://futureuae.com/ar/Mainpage/Item/368%‬‬
‫‪ - 5‬مصطفى شفيق عالم‪ ،‬حرب ال تناظرية‪" :‬إرهاب الفنادق"‪ .‬ألاهداف الرخوة للتطرف‪ ،‬املرجع السابق‬
‫‪94‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫حيث انه و" بسبب عدم قدرة الجماعات املسلحة على الانتصار في املواجهات املباشرة مع العدو‪ ،‬فإنها اصبحت‬
‫تميل بشكل مت‪،‬ايد إلى اللجوء إلى وسائل وأساليب يحظرها القانون الدولي إلانساني‪ ،‬مثل استغالل املالبس املدنية لقتل‬
‫غدرا‪ ،‬أو تنفيذ هجمات عشوائية أو حتى استهداف املدنيين أو الطواقم إلانسانية أو الطبية‬ ‫عدو أو إصابته أو أسره ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متعمدا فيما يعرف باألهداف السهلة وتعجز القوات املسلحة التابعة للدول بدورها عن‬ ‫والبنية ألاساسية لهم استهدافا‬
‫تحديد الطرف املعادي بشكل صحيح وتواجه مخاطر مت‪،‬ايدة للتعرض للهجوم من جانب أشخاص ال يمكن لها تميي‪،‬هم‬
‫(‪)1‬‬ ‫عن السكان املدنيين"‬
‫وقد " أقرت لجنة مكافحة إلارهاب في عام ‪ 2158‬إضافة ملبادئ مدريد التوجيهية لعام ‪ 2151‬مع توصيات محددة‬
‫فيما يتعلق بحماية ألاهداف السهلة والبنى التحتية الحيوية‪ .‬وعلى وجه التحديد‪ ،‬يشدد املبدأ التوجيهي إلاضافي‬
‫الخامس عشر على أنه ينبغي للدول ألاعضاء‪ ،‬بالتعاون مع الدول ألاعضاء‪ ،‬وضع تقييمات للتهديدات واملخاطر‪ ،‬وتحديد‬
‫ألاهداف السهلة في السياق الوطني‪ ،‬ووضع استراتيجيات وخطط عمل للحد من املخاطر‪ ،‬واتخاذ تدابير التأهب وتعزيز‬
‫قابلية التشغيل املتبادل في إدارة ألامن وألازمات‪ .‬ويشجع املبدأ التوجيهي إلاضافي السادس عشر الدول ألاعضاء على‬
‫تحديث التخطيط للطوارئ‪ ،‬ووضع آليات لتبادل املعلومات وتقييم املخاطر وكذلك الشراكات بين القطاعين العام‬
‫والتدريب"(‪)2‬‬ ‫والخاص‪ ،‬واملساعدة في تقديم تنمية القدرات املستهدفة‬
‫مما دفع مجلس ألامن التابع لألمم املتحدة في قراره رقم ‪ 2046‬الصادر في العام ‪2159‬م الى " ضرورة قيام الدول‬
‫ألاعضاء بتطوير أو مراجعة أو تعديل تقييمات التهديدات واملخاطر الوطنية للنظر في ألاهداف السهلة‪ ،‬ووضع خطط‬
‫الطوارئ والاستجابة للطوارئ املناسبة للهجمات إلارهابية‪ .‬كما دعت الدول إلى إقامة أو تعزيز شراكات وطنية وإقليمية‬
‫ودولية مع أصحاب املصلحة من القطاعين العام والخاص بشأن تبادل املعلومات والخبرات من أجل منع وحماية‬
‫غير املحصنة"(‪)3‬‬ ‫وتخفيف والتحقيق والاستجابة والتعويض عن ألاضرار الناجمة عن الهجمات إلارهابية ضد ألاهداف‬
‫خاتمة الدراسة‬
‫ال شك ان ألاهداف السهلة وتلك ألاهداف العشوائية املنظمة تعتبر من أهم التوجهات املعاصرة للتنظيمات‬
‫إلارهابية‪ ،‬ساهمت الخسائر الكبيرة في ألارواح واملمتلكات نتيجة العمليات إلارهابية الى توسيع دائرة تلك ألاهداف زمانيا‬
‫ومكانيا‪ ،‬والبحث عن كل الوسائل والطرق إلضفاء املزيد من التطوير عليها لصناعة أكبر قدر ممكن من الخوف والرعب‬
‫لدى املجتمع وألاجهزة املعنية بمكافحة إلارهاب‪.‬‬
‫صحيح ان الجهود الوطنية والدولية ملواجهة خطر توسع هذا النوع من ألاهداف مستمرة وعلى مختلف ألاصعدة‬
‫والجوانب ألامنية والقانونية والسياسية؛ ويوجد تنسيق وتعاون دولي واضح للحد من مخاطرها ونتائجها الكارثية‪ ،‬على‬
‫انه وبالرغم من ذلك فاألمر ال زال في بدايته كما هو واضح‪ ،‬خصوصا ان هذه ألاهداف حققت مكاسب لم تكن تحلم‬

‫‪ -1‬نيلس ميلزر‪ ،‬القانون الدولي الانساني (مقدمة شاملة)‪ ،‬اللجنة الدولية للصليب الاحمر‪ ،‬اغسطس ‪2012 /‬م‪ ،‬ص ‪32‬‬
‫‪https://www.icrc.org/ar/publication/4231-international-humanitarian-law-comprehensive-introduction‬‬
‫‪ -2‬أنطونيو غوتيريش‪ ،‬خطة عمل ألامم املتحدة لحماية املواقع الدينية‪ ،‬تاريخ النشر ‪2019 / 9 / 12‬م‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2021 /2 / 22‬م على الرابط‬
‫‪https://www.un.org/sg/sites/www.un.org.sg/files/atoms/files/12-09-2019-UNAOC-PoA-Religious-Sites.pdf‬‬
‫‪ -3‬برنامج حماية ألاهداف املعرضة للخطر‪ ،‬الامم املتحدة‪ ،‬مكتب مكافحة الارهاب‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪95‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تلك التنظيمات إلارهابية تحقيقها‪ ،‬كما انها قللت من خسائرها البشرية واملادية‪ ،‬وفاقمت من استن‪،‬اف املوارد البشرية‬
‫واملادية للمؤسسات ألامنية‪.‬‬
‫وخلصت الدراسة الى العديد من النتائج والتوصيات‪ ،‬أهمها‪:‬‬
‫اوال‪.‬النتائج‬
‫‪-5‬لم يعد الارهابيين يقتصرون عملياتهم على الاماكن ذات الرمزية العالية والبنية التحتية الحساسة بل بات سعيهم‬
‫وراء أناس عاديين‪.‬‬
‫‪-2‬يعتبر ضرب املواقع ألاثرية او الحضارية والتراث العالمي واملواقع التجارية ضمن التغييرات الجذرية التي طرأت على‬
‫فكر التنظيمات إلارهابية واملتطرفة‪.‬‬
‫‪-0‬العمليات الارهابية ال يمكن ان تكون عشوائية بل هي منظمة وهدفها الارباك والتعبير عن رسائل معينة سواء كانت‬
‫سياسية او غير ذلك‪.‬‬
‫‪-9‬وراء اختيار الاهداف العشوائية اهداف مدروسة ومخطط لها في الغالب مثل التعتيم على هدف اصيل او إلضفاء‬
‫نوع من الفوضوية على عملية أكبر‪.‬‬
‫‪-1‬إذا أصبح من غير املمكن نفاذ التنظيمات الارهابية الى اهداف معينة بسبب زيادة التحصينات والاحتياطات الامنية‬
‫عليها فسيتم التحول تلقائيا الى هدف اخر أكثر ضعفا‪.‬‬
‫‪-6‬تعتبر الاهداف املتعلقة باألحداث الرياضية الكبرى‪ ،‬والاهداف السياحية والتجارية مثل مراكز التسوق والفنادق‬
‫كذلك الاهداف الدينية وأماكن العبادة من أبرز اشكال الاهداف السهلة‪.‬‬
‫‪-9‬الاستراتيجية الجديدة ملعظم التنظيمات إلارهابية تتمثل في تمكين الافراد وتحفي‪،‬هم على ارتكاب اعمال عنف خارجة‬
‫تماما عن اي سلسلة قيادية تنظيمية‪.‬‬
‫‪-8‬تتحمل الحكومات املسؤولية ألاساسية عن حماية الاهداف النوعية ومن ضمنها تلك الهداف العشوائية والسهلة من‬
‫الهجمات إلارهابية كما يفترض باملدنيين أن يساعدوا في حفظ ألامن عبر التحلي بالحذر واتباع التعليمات‪.‬‬
‫‪-4‬مناقشة ألادوات املناسبة إلدارة الحرب ضد التنظيمات إلارهابية خصوصا ما يتعلق منه باألهداف السهلة‬
‫والعشوائية‪ ،‬البد أن يوضع في إطار استراتيجية دولية أوسع‪.‬‬
‫ثانيا‪ .‬التوصيات‬
‫‪-5‬اتخاذ املزيد من الاجراءات والتدابير الوقائية والدفاعية ملنع ارتكاب الهجمات إلارهابية ضد ألاهداف السهلة او‬
‫العشوائية والحماية منها والتخفيف من آثارها والتحقيق فيها ومواجهتها والتعافي من أضرارها‪.‬‬
‫‪-2‬تعاون الحكومات في مختلف ارجاء العالم وقادة املجتمع‪ ،‬والجهات الفاعلة الدينية‪ ،‬والجهات الفاعلة في القطاع‬
‫الخاص من أجل تحديد السبل الكفيلة بتخفيف املخاطر والتهديدات ذات الصلة‪.‬‬
‫‪-0‬التنسيق وتبادل املعلومات والدراسات حول أبرز التنظيمات إلارهابية التي تعتمد ألاهداف السهلة والعشوائية‬
‫املنظمة في عملياتها إلارهابية وطرق مواجهتها‪.‬‬
‫‪-1‬إلزام مالكي املواقع التي ينطبق عليها تسمية ألاهداف السهلة على اتخاذ خطوات عملية ملعالجة الاحتياجات ألامنية‬
‫ذات الصلة والحد من نقاط الضعف لديهم‪.‬‬

‫‪96‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪-6‬التأكيد على رفع مستوى املراقبة داخل وخارج محيط الفنادق واملنتجعات السياحية والتجارية‪ ،‬من خالل التضافر‬
‫بين العنصر البشري املدرب والعنصر التكنولوجي الدقيق السيما فيما يتعلق باملتفجرات والعبوات الناسفة والسيارات‬
‫املفخخة والعناصر الانتحارية واملسلحة‪.‬‬
‫‪-9‬ضرورة قيام الدول بتطوير أو مراجعة أو تعديل تقييمات التهديدات واملخاطر الوطنية للنظر في ألاهداف السهلة سواء‬
‫اكان ذلك في السياق الوطني او الدولي‪ ،‬ووضع خطط الطوارئ والاستجابة للطوارئ املناسبة للهجمات إلارهابية تقييمات‬
‫للتهديدات واملخاطر‪.‬‬
‫‪-8‬تحديث خطط للطوارئ والشراكات بين القطاعين العام والخاص فيما يتعلق بحماية ألاهداف السهلة‪.‬‬
‫املراجع واملصادر‬
‫اوال‪ .‬الكتب‪- :‬‬
‫‪-5‬رونالد كريلينستن‪ ،‬مكافحة الارهاب‪ ،‬مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية‪ ،‬دولة الامارات العربية املتحدة ‪ /‬ابوظبي‪ ،‬ط‪2155/5‬‬
‫ً‬
‫‪-2‬عبد الحفيظ عبد هللا املالكي‪ ،‬نحو مجتمع أمن فكريا‪ :‬دراسة تأصيلية واستراتيجية وطنية مقترحة لتحقيق ألامن الفكري‪ ،‬مطابع‬
‫الحميض ي‪ ،‬الرياض ‪ /‬السعودية‪ ،‬ط‪2151 / 5‬م‬
‫‪-0‬فالح فليحان الرويلي‪ ،‬استراتيجيات التنظيمات املتطرفة في التجنيد عبر الانترنت " داعش نموذجا "جامعة نايف العربية للعلوم الامنية‪،‬‬
‫العام ‪2158‬م‬
‫‪-9‬محمد إشتية‪ ،‬موسوعة املصطلحات واملفاهيم الفلسطينية‪ ،‬دار الجليل للنشر والدراسات والابحاث الفلسطينية‪ ،‬عمان ‪ /‬الاردن‪ ،‬ط‪5‬‬
‫‪2155 /‬م‬
‫‪-1‬محمد بن سعيد الفطيس ي‪ ،‬املؤشر صفر – رؤية استشرافية الى مستقبل الارهاب والتنظيمات الارهابية في البيئة الوطنية العمانية‪،‬‬
‫مكتبة الضامري للنشر والتوزيع‪ ،‬سلطنة عمان ‪ /‬السيب‪ .‬ط‪2159 /5‬م‬
‫‪-6‬محمد عزيز شكري‪ ،‬إلارهاب الدولي‪ ،‬دار العلم للهداية‪ ،‬لبنان‪ /‬بيروت ‪5445‬‬
‫‪-9‬محمد محي الدین عوض‪ ،‬تعریف إلارهاب‪ .‬مركز الدراسات والبحوث‪ ،‬تشریعات مكافحة إلارهاب في الوطن العربي‪ ،‬الدورة العلمية‬
‫الخمسون‪ ،‬أكاديمية نایف العربیة للعلوم ألامنية‪ ،‬الریاض‪5444 ،‬‬
‫ثانيا‪- :‬الدراسات املحكمة‪- :‬‬
‫‪-5‬حسن سالم بن سالم‪ ،‬تنظيم داعش والارهاب العابر للحدود ‪ ,‬مركز امللك فيصل للبحوث والدراسات الاسالمية ‪ ,‬الرياض ‪ /‬السعودية‬
‫‪ ,‬ع (‪ , ) 55‬مايو ‪2156 /‬م‬
‫‪-2‬خضير ياسين الغانمي‪ ،‬ظاهرة الارهاب الدولي‪ ،‬العوامل الدافعة وكيفية معالجتها‪ 4‬جامعة اهل البيت‪ ،‬بوابة البحوث‬
‫‪-0‬حمود البازي‪ ،‬املالذ ألاخير لداعش ‪-‬الذئاب املنفردة ‪ ،-‬مجلة املستقبل العربي‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬ع ‪ ،916‬بتاريخ فبراير ‪/‬‬
‫‪2159‬م‬
‫ثالثا‪- :‬وثائق وتقارير‪:‬‬
‫‪-1‬أنطونيو غوتيريش‪ ،‬مكافحة إلارهاب وحقوق إلانسان‪ ،‬موقع الامم املتحدة‪ ،‬مكتب الامين العام لألمم املتحدة‬
‫‪https://www.un.org/sg/ar/content/sg/speeches/2018-08-16/combating-terrorism-and-human-rights‬‬

‫‪--2‬بريان مايكل وهنري اتش وبينغ هان‪ ،‬هل يزيد وقوع الهجمات الارهابية الكبرى من احتماالت حدوث مزيد من الهجمات‪ ،‬منظور‬
‫تحليلي‪ ،‬مؤسسة راند لألبحاث ‪2156 ,‬م‬
‫‪https://www.un.org/sites/www.un.org.counterterrorism/files/190625_Statement_USG_CTC_Briefing_Soft_Targets.pdf‬‬

‫‪-0‬فالديمير فورونكوف‪ ،‬جلسة إحاطة مفتوحة للجنة مكافحة إلارهاب حول بناء شراكات في حماية ألاهداف غير املحصنة من هجمات‬
‫إرهابية‪ ،‬البرنامج العالمي لحماية ألاهداف املعرضة للخطر‪ ،‬مكتب مكافحة الارهاب التابع لألمم املتحدة‬
‫‪https://www.rand.org/content/dam/rand/pubs/perspectives/PE100/PE173/RAND_PE173z1.arabic.pdf‬‬
‫رابعا‪- :‬مواقع الكترونية‪- :‬‬
‫‪-5‬صحيفة الجزيرة السعودية ‪www.al-jazirah.com‬‬

‫‪97‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪-2‬صحيفة الدستور ‪dostor.org.www‬‬


‫‪-0‬صحيفة الرؤية ‪alroya.om.www‬‬
‫‪-9‬صحيفة الشرق الاوسط ‪www.aawsat.com‬‬
‫‪-1‬صحيفة الوطن العمانية ‪www.alwatan.com‬‬
‫‪-6‬مجلة هسبريس ‪www.hespress.com‬‬
‫‪-9‬املعهد املصري للدراسات ‪www.eipss-eg.org‬‬
‫‪-8‬موسوعة ويكيبيديا ‪www.ar.wikipedia.org‬‬
‫‪-4‬موقع ‪ cnn‬بالعربي ‪com.arabic.cnn.www‬‬
‫‪-51‬موقع ‪ DW‬الاملاني ‪www. p.dw.com‬‬
‫‪-55‬موقع ‪www.francheval.com Fran cheval‬‬
‫‪-52‬موقع الجمل ‪www.aljaml.com‬‬
‫‪-50‬موقع اللجنة الدولية للصليب الاحمر ‪www.icrc.org‬‬
‫‪-59‬موقع حلف الناتو ‪www.nato.int‬‬
‫‪-51‬موقع كيو بوست ‪www.qposts.com‬‬
‫‪-56‬موقع هارفرد بزنس ريفيو ‪www.hbrarabic.com‬‬

‫‪98‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫السياق التاريخي لفرض نظام الحماية على املغرب عام ‪1912‬‬


‫الصافي عبد الرزاق‪ :‬أستاذ التعليم الثانوي‪ ،‬طالب باحث بالدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية علوم التربية‪ ،‬الرباط؛ تحت إشراف‬
‫الدكتورين ألاستاذ خليل السعداني وألاستاذ سيدي محمد معروف الدفالي‬

‫‪rrazaksafi@gmail.com‬‬

‫امللخص‬

‫خضع املغرب خالل القرن العشرين لهيمنة الاستعمار ألاوربي نتيجة عدة عوامل داخلية وخارجية ساهمت من دون شك في وقوعه‬
‫تحت نظام الحماية‪ ،‬وأبرزها وفاة السلطان املولى الحسن ألاول وتولية موالي عبد العزيز بخطة من الحاجب أحمد بن موس ى الذي وجد‬
‫في املولى عبد العزيز طفال صغيرا من السهل استغالله‪ ،‬مما جعل القبائل تنقلب عليه بعدما تبين لها أنه ال يستطيع الحكم بشكل جيد‪،‬‬
‫ثم مبايعة أخيه املولى عبد الحفيظ بيعة مشروطة‪ ،‬دون أن ننس ى ما ترتب عن الاتفاقيات التي جمعت الدول إلامبريالية سواء في الاتفاقيات‬
‫الودية أو في مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة ‪ ،5416‬والتي كانت كلها تهدف إلى رمي شباك الهيمنة على املغرب‪.‬‬

‫الكلمات املفاتيح‪ :‬املولى الحسن ألاول‪ ،‬الحاجب احمد بن موس ى‪،‬املولى عبد العزيز‪ ،‬املولى عبد الحفيظ‪ ،‬البيعة املشروطة‪.‬‬

‫‪The historical context of the imposition of the protection regime on Morocco‬‬

‫‪Summary :‬‬
‫‪During the 20th century, Morocco was under the protection of the French domination, which came as a‬‬
‫‪result of many factors that led to signing a protectorate treaty with France. These factors included the death of Sultan‬‬
‫‪Hassan the First and the appointment of Mawla Abddelaziz as the ruler of the country, as planned by his caretaker‬‬
‫‪Ahmed Ben Mossa who regarded Mawla Abdelaziz as a naive kid. As a result of inexperience, tribes revolted against‬‬
‫‪him and thus choose his brother Mawla Abdelahfid to be the new ruler. Without forgetting what came as a‬‬
‫‪consequence of the imperial countries' agreements either the amicable agreements or in Aljazira alkhadra‬‬
‫‪conference in 1906, both of which attempted at dominanting Morocco.‬‬
‫‪Keywords : Mawla Hassan the First, caretaker Ahmed Ben Moussa, Mawla Abdelaziz, Mawla Abdelahfid,‬‬
‫‪conditioned ruling.‬‬

‫‪99‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تقديم‬

‫عرف املغرب خالل القرن ‪ 54‬عدة أزمات داخلية وخارجية ساهمت في الدفع به إلى الوقوع تحت هيمنة الاستعمار‬
‫عام ‪ ،5452‬فبعد وفاة السلطان املولى الحسن ألاول تأزمت ألاوضاع خاصة بعد تولية ابنه املولى عبد العزيز بخطة‬
‫مدبرة من الحاجب أحمد بن موس ى امللقب ببا حماد‪ ،‬الذي لم يستطع الحكم بالشكل املطلوب‪ ،‬فتم عزله وتعويضه‬
‫بأخيه املولى عبد الحفيظ‪ ،‬زيادة على الظروف الخارجية التي لعبت دورها في هذا السياق‪ ،‬واملتمثلة في تنافس الدول‬
‫إلامبريالية عليه بغية استغالل ترواثه وخيراته‪ .‬فأين يتجلى سياق فرض نظام الحماية على املغرب؟‬

‫الباب ألاول‪ :‬السياق الداخلي لفرض نظام الحماية على املغرب‬


‫الفصل ألاول‪ :‬فترة حكم السلطان املولى عبد العزيز (‪)1293-1902‬‬
‫بعدما كان املغرب في عهد السلطان الحسن ألاول رمزا لالستقرار والقوة والهيبة‪ ،‬عرف أزمة خانقة بعد تولية‬
‫موالي عبد العزيز الحكم سنة ‪ ،5849‬بسبب تلك التناقضات التي اتسم بها أولئك ألاشخاص الذين يحكمون ويتحكمون‬
‫في زمام البالد‪.‬‬

‫‪ .1‬دور الحاجب أحمد بن موس ى‬


‫أحمد بن موس ى أو كما يسمى "باحماد" كان حاجبا للسلطان الحسن ألاول وهو مايتضح من قول فريدريك‬
‫وايسبجر؛ "أما الصدر ألاعظم‪ ،‬وهو يعتبر من الناحية الرسمية‪ ،‬الوزير ألاول وموجه الجباية الداخلية للمملكة‪ ،‬فقد‬
‫كان في واقع ألامر هو سيد املغرب الحقيقي والوحيد‪...‬فكان أول عمله أن اعتقل ولدي السلطان ألاكبرين؛ سيدي محمد‬
‫وموالي عمر"‪ ،1‬ألنه أدرك أنه بمقدوره حكم والتحكم في زمام الحكم بوفاة السلطان الحسن ألاول‪ ،‬وأدرك أنه ربما‬
‫يزحزح من منصبه إن تولى سلطان آخر الحكم‪ ،‬فكان أن دفع بالسلطان املولى عبد العزيز إلى الحكم وهو في سن صغيرة‬
‫ف"غاية ألامر ومنتهاه أن الوزير احتوى على خطط جميع الوزراء‪ ،‬وكبار الدولة‪ ،‬ولم يبق ألحد كالم معه‪ ،‬وال يمض ي أمر‬
‫من ألامور إال عن إذنه ومشورته‪ .‬وباشر ألامور مباشرة ألاكفاء‪ .‬وأنزلها في محلها وساعدته ألاقدار‪ .‬وأتاه بكل ما يحب‬
‫الليل والنهار‪ ،‬ومضت له أيام في وزارته ما تيسر مثلها لغيره‪ ،‬فكانت غرة في جبين الدهر وزينا ألهل ذلك العصر‪ ،‬وانفرد‬
‫بالنقض وإلابرام‪ ،‬وترفع عن أن يكون له الكفء في أولئك الاعالم‪ ،‬وستسمع من أخباره‪ ،‬ويتلى عليك من أثاره‪ .‬ما تعلم‬
‫به قدره الرفيع وسعده املنيع"‪.2‬‬

‫بعد تولية موالي عبد العزيز سنة ‪ ،5849‬وهو ال يبلغ سوى ‪ 50‬سنة تقريبا لم يستطع الحكم بشكل كبير وجيد‪،‬‬
‫لذلك كان يتولى أحمد بن موس ى الحكم‪ .3‬وهنا سيدخل املغرب بعد تولية أحمد بن موس ى باملرحلة املستبدة‪ ،‬ولكي‬
‫ينفرد أحمد بن موس ى بالحكم سيقوم بتصفية جميع معارضيه‪ ،‬حيث قام بسجن أعيان فاس‪ ،‬وهو ما يتضح من قول‬
‫الحسن بوعشرين؛ "وملا مض ى لعزل أوالد الجامعي نحو الثالثة أيام ظهر للسلطان أن يقبض عليهم ويسجنهم‪ ،‬فقبضوا‬

‫‪1‬فريدريك وايسجبر (‪ ،)2155-5902‬على عتبة املغرب الحديث‪ ،‬ترجمة عبد الرحيم حزل‪ ،‬منشورات دار ألامان‪ ،‬مطبعة ألامنية الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬الصفحة ‪.14‬‬
‫‪2‬الحسن بوعشرين الخزرجي املكناس ي ثم املراكش ي (‪5951‬هــ‪ ،)5449 /‬التنبيه املعرب عما عليه آلان حال املغرب‪ ،‬تقديم وتصحيح محمد املنوني‪ ،‬طبع في مطبعة‬
‫املعارف الجديدة بالرباط (الطبعة ألاولى)‪ ،‬الصفحة ‪.91‬‬
‫‪3‬عسه احمد (بيروت ‪ ،)5491‬املعجزة املغربية‪ ،‬دار القلم للطباعة‪ ،‬الصفحة ‪.524‬‬
‫‪100‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫في ديارهم على حالة تنفطر لها ألاكباد‪ ،‬وتشيب لفجعتها ألاوالد‪ ،‬وأودعوا بسجن مكناس‪ ،‬ثم نقلوا بعد أيام قليلة‬
‫للسجن بثغر تطوان‪ .‬فمات به الحاج املعطي رحمه هللا وغفر له‪ ،‬وبقي أخوه السيد محمد الصغير مسجونا إلى آلان‪،‬‬
‫وحتى آلان يعالج الحسرات ويتجرع غصص العثرات‪ ،‬بعد النخوة الشماء واملكانة القعساء والثروة الكثيرة‪ ،‬والكلمة‬
‫املسموعة الشهيرة‪ ،‬والعز الشامخ‪ ،‬والجد الباذخ‪ ،‬وهكذا حال الدنيا ال تبقى على حال‪ ،‬وال تكاد تسلم من ألاهوال‬
‫وألاحوال"‪.1‬‬

‫هكذا نرى بأن احمد بن موس ى قام بإبعاد كل أولئك الذين شك في معارضتم له‪ ،‬واختار وعين وزراء يوالونه‪،‬‬
‫فإذا نحن أمام أزمة بما تحمله الكلمة من معنى‪ ،‬وتتمثل هاته ألازمة في كون الحاجب هو الذي أصبح يتولى جميع ألامور‬
‫املتعلقة بالبالد‪ ،‬فهذا السلطان الشاب بتوليته لم تعد الدولة تتمتع بأوجها الذي كان‪ ،‬فبغياب شخصية السلطان‬
‫الحسن ألاول الشخصية القوية‪ ،‬ستعمل فئات أوربية وغيرها على إغراء أطراف معينة ليصبحوا أتباعا وخداما لها‪،‬‬
‫فعلى سبيل املثال ال الحصر؛ وردت سفارة في عام ‪ 5886‬بعد وفاة السلطان الحسن ألاول لتستطلع على أخبار السلطان‬
‫الجديد‪ ،‬وعلى توليته بالحكم‪ .‬وعلمت أن السلطان املولى عبد العزيز مولوع باللعب‪ ،‬فكان أن جاءت له بالدراجات‬
‫للعب‪ ،‬وأثناء املفاوضات بين الطرفين كان السلطان الصغير ملهيا يلعب بالدراجات‪" ،‬وهكذا سقط العاهل الشاب‪ ،‬ذو‬
‫النية الطيبة والسذاجة الكبيرة‪ ،‬تحت إمرة املستشارين ألاجانب‪ ،‬الذين دفعوه إلى تبذير احتياطات خزينته الوفيرة‪،‬‬
‫وزلزلوا سلطته في أعين رعاياه الذين كانوا يؤاخذونه على خفته ومظاهر ورعه الضعيف‪ ،‬وتبذيره‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد كان‬
‫يشتري ألاشياء ألاكثر غرابة‪ .‬مثل الفونوغرافات والسيارات وأالت التصوير‪ ،‬وكان يركب الدراجات ويلعب التنس‪ ،‬ويشعل‬
‫ألالعاب النارية"‪.2‬‬

‫‪ .2‬دور الضرائب‬

‫بعد مواجهة املغرب للمصاعب –التي سلف ذكر بعضها‪ -‬في هاته املرحلة‪ ،‬لم يعد بمقدوره الحفاظ على‬
‫الاستقرار في جميع مناطق املغرب‪ ،‬ولذلك قلت عائدات الجباية في ظل تمرد العديد من القبائل عن تأديتها‪ ،‬إذ قامت‬
‫باستغالل فراغ مركز السلطة لتوسيع نفوذها ومكانتها‪ ،‬فبدأت تتنصل عن تأدية الضرائب‪ ،‬فكثرت الفوض ى وحدث‬
‫غليان كبير في وسط هاته القبائل التي كانت تقوم بتأدية عدة أنواع من الضرائب؛ النايبة‪ ،‬ألاعشار‪ ،‬الوظائف‬
‫والتسخيرت‪ ،...‬والتي تم إلغائها خالل مرحلة السلطان املولى الحسن ألاول سنة ‪ 5886‬وعوضها بضريبة الترتيب؛ تعني‬
‫توظيف مقدار محصور يكون منكم عطاءه سنويا على أنواع البهائم ‪ ...‬وعلى مزارع الحرث‪ ...‬ويكون حكم هذا العطاء‬
‫عام الاعتبار في سائر القبائل وألاقطار بحيث يستوي فيه املشروف والشريف والقوي والضعيف‪.3"...‬‬

‫ما مي‪ ،‬هذه الضريبة أنها لم تأخذ بعين الاعتبار حالة فئات املجتمع فهي ساوت بين الغني والفقير‪ ،‬الشريف‬
‫واملشروف‪ ،‬كما أن املشكل تأتى في القواد الكبار الذين كانوا يأخذون هاته الضرائب‪ ،‬وفي عدد من الحاالت يضاعفونها‬

‫‪1‬بوعشرين الحسن‪ ،‬م‪ .‬س‪ ،‬الصفحة ‪.91‬‬


‫‪2‬البير عياش (ابريل ‪ ،)،5481‬املغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية‪ ،‬ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين سعودي‪ ،‬مراجعة وتقديم ادريس بنسعيد وعبد‬
‫ألاحد السبتي‪ ،‬سلسلة معرفة املمارسة‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬النسخ الالكتروني‪ :‬جريدة املناضل‪ -‬ة‪ ،‬الصفحة ‪.94‬‬
‫‪3‬محمد املنوني (‪ ،)5481 -5911‬مظاهر يقظة املغرب الحديث‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،‬شركة النشر والتوزيع املدارس‪ ،‬شارع الحسن الثاني الدار البيضاء‪،‬‬
‫الصفحة ‪.88‬‬
‫‪101‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫على الرعية‪ ،‬باإلضافة الى أخذ الرشاوي‪" ،‬ويظهر أن هذه الرغبة في الاستمداد بأسباب القوة‪ ،‬للصمود في وجه املطامع‬
‫ألاجنبية‪ ،‬وللحفاظ على" الكيان الوطني" من التصدع‪ ،‬لم تكن كافية لجعل بعض القواد الكبار ينقادون "للصالح"‪،‬‬
‫ويبادرون إلى إثارة جانب املخزن بكل ما يرض ى‪ ،‬ويعتصمون بصدق الخدمة والامتثال وألامداد ملا يقتضيه الحال‪ .‬وكان‬
‫على رأس هؤالء القواد املدني الكالوي‪ ،‬الذي أعار املخزن العزيزي أدنا صماء‪ ،‬وتماطل في دفع واجبات الترتيب عن‬
‫القبائل التي يحكمها‪ ،‬وساهم في تزايد الصراعات بين قواد الحوز وإثارة الفتن بين قبائله "‪ ،1‬باإلضافة إلى غياب قوانين‬
‫صارمة تنظم تأذية هاته الضرائب وهو ما حذا بالقبائل الى محاولة التنصل من تأديتها‪.‬‬

‫قام السلطان املولى عبد العزيز بإحياء ضريبة الترتيب عام ‪ ،5415‬وهذا الترتيب أصبح يستخلص نقدا‪ ،‬وهي‬
‫ألاخرى أي ضريبة الترتيب وجدت معارضة من طرف عدة فئات كاملحميين‪ ،‬ورجال الزوايا‪ ،‬وقبائل الكيش‪ ،‬وقواد‬
‫القبائل‪ ،‬وتعزز رفض هؤالء بمساندة العلماء الذين اعتبروا الضريبة غير شرعية"‪...2‬‬

‫يمكننا أن نقول‪ ،‬أن فشل الترتيب نتج عنه حرمان خزينة الدولة من قسط كبير من مداخيلها بسبب إسقاط‬
‫الضرائب القديمة والجديدة في نفس الوقت والحين‪ ،‬مما زاد من تعميق ألازمة املالية في الوقت الذي كان فيه املخزن‬
‫في أشد الحاجة إلى ألاموال ملواجهة ألاحوال الاقتصادية والسياسية املتدهورة‪ ،‬كما أن القواد كانوا يستعملون الناس‬
‫في عملية الحرث والحصاد والدرس وجمع املحاصيل وبناء ألاسوار وإصالح السواقي وغيرها من ألاعمال الشاقة‪ ،‬لذلك‬
‫لم تقبل القبائل بكل هذا وذاك‪ ،‬وهو ما يتضح من قول الحسن بوعشرين‪" :‬وبينما الدولة تحاول هذه ألامور‪ ،‬وتروجها‬
‫في الورود والصدور‪ ،‬إذ تسلل املنبهي من محلة تازا وجاء يهرول إلى محلة السلطان‪ ،‬وترك محلته واقعة في أشطان‪،‬‬
‫ومتسربلة في هموم وأنكاد وأحزان‪ ،‬بسبب بقاءها بيد من ليس له ولوع إال في إحتجان أموال رواتب املحلة وإختالسها‪،‬‬
‫وإلاستبداد بسائر أنواعها وأجناسها‪ ،‬وسرى لها التفريط والضياع‪ ،‬وتفرق جلها في البقاع وألاصقاع‪ ،‬وحل بها من الدمار‬
‫والهالك ما ال تفي به العبارة‪ ،‬وماتت الخيل والبغال والجمال جوعا وتفريطا لتعسر املرافق وتعذر الرواتب"‪.3‬‬

‫شكلت وفاة أحمد بن موس ى عام ‪5058‬هـ موافق ل ‪ 50‬ماي ‪5411‬م‪ ،‬صدمة قوية للسطان املولى عبد العزيز‪،‬‬
‫حيث استفاق "من غفلته لكن بعد فوات ألاوان‪ ،‬ففرنسا مرغت كرامته في التراب بعد احتالل توات وأجهزت على ما‬
‫تبقى له من هيبة في أوساط الرعية التي هاجت وماجت خاصة في الحدود الشرقية للبالد‪ ،‬الش يء الذي أدى إلى تصدع‬
‫عالقة السلطة املركزية باملجتمعات القبلية الحدودية منها على وجه الخصوص التي لم تر من مندوحة سوى إعالن‬
‫الجهاد وشن غارات عنيفة على القوات الاستعمارية الفرنسية"‪.4‬‬

‫‪1‬عالل الخديمي (‪ :)2116‬التدخل ألاجنبي واملقاومة باملغرب ‪ 5451-5849‬حادثة الدار البيضاء واحتالل الشاوية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬افريقيا الشرق‪ ،‬بحث اكاديمي نوقش‬
‫في كلية الاداب والعلوم إلانسانية الرباط بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪ ،5481‬الصفحة ‪.61‬‬
‫‪2‬عالل الخديمي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.05‬‬
‫‪3‬الحسن بوعشرين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.89‬‬
‫‪4‬ابتسام تمالين (‪ :)2154‬آثار الاحتالل الفرنس ي لتافياللت‪ :‬دراسة في البنيات السياسية والاجتماعية وتحوالتها‪ ،‬نشر املندوبية السامية لقدماء املقاومين وأعضاء جيش‬
‫التحرير‪ ،‬مطبعة أصكوم القنيطرة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬الصفحة ‪.594‬‬
‫‪102‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ .3‬دور القروض الخارجية‬

‫في هذه املرحلة الحرجة التي يمر منها املغرب تزايدت القروض التي كان يحصل عليها من الدول ألاوربية‪ ،‬إذ قام‬
‫بعقد عدة اتفاقيات مع مجموعة من البنوك مثل بنك باريز‪ ،‬والذي حصل منه على ‪ 6‬مليون و‪ 206‬فرنك فرنس ي‪ ،‬على‬
‫أساس أن تقطع ‪ 61‬في املئة من الجمارك لتذهب مباشرة إلى فرنسا وأن يحضر أمناء فرنسيين في هذه العملية‪ "،‬لقد‬
‫وضع هذا الاقتراض بين أيدي الفرنسيين جمارك املغرب‪ ،‬في كل املوانئ املفتوحة للتجارة والتي ستفتح وأعطاهم الحق‬
‫في مراقبتها‪ ،‬كما تم حرمان البالد من ‪ %61‬من مداخيل الجمارك"‪.1‬‬

‫إذا فالدول ألاوربية تنافست في استعمار املغرب وهو ما يتضح أكثر من قول عياش ألبير؛ "إن احتدام مطامع‬
‫إلامبريالية ألاوربية فيما بعد سنة ‪ ،5411‬والذي ساعد في ذلك حداثة سن السلطان عبد العزيز وافتقاده ألي تجربة‪،‬‬
‫كلف املغرب استقالله‪ ،‬وقد استعملت نفس الوسائل الكالسيكية التي استخدمت ضد مصر وتونس(‪،)5885-5891‬‬
‫حيث إن إلامبرياليات عملت على خلق مصاريف للبالد وحثتها على اللجوء إلى القروض‪ ،‬وفرضت على السلطان أن يتخذ‬
‫تدابير ال شعبية من أجل الاضطرابات وبذلك ثم تقديم التدخل ألاجنبي وكأنه ضروري‪ ،‬ولصالح ذلك الشعب الذي يراد‬
‫استعماره"‪.2‬‬

‫‪ .3‬دور الثورات الداخلية‬


‫عمت البالد مجموعة من الثورات والتمردات‪ ،‬والتي "انعكست على ألاوضاع سواء بالحواضر أو الهوامش‪ ،‬ومن‬
‫تلك املشاكل التمردات والثورات التي اندلعت في كل ناحية نتيجة عدم الرض ى عن سياسة املخزن وكيفية تدبيره‬
‫لألزمة"‪ ،3‬فعلى سبيل املثال ال الحصر‪ ،‬ظهرت "الحركة املناهضة للدولة خالل العقد ألاول من القرن العشرين امليالدي‬
‫(بقيادة) جياللي بن ادريس الزرهوني أو بن عبد السالم الزرهوني"‪ .4‬امللقب بالروكي وببوحمارة ‪ 5414-5412‬الذي ينتمي‬
‫الى قبيلة أوالد يوسف باملغرب الشرقي‪ ،‬عمل في السلك املخزني مدة طويلة‪ ،‬وسجنه باحماد مع املنبهي ملشاركته في‬
‫مؤامرة على املولى عبد العزيز‪ ،‬وبعد خروجه من السجن مكث فترة في الجزائر ومنها رجع قاصدا تازة‪ ،‬حيث استغل‬
‫الظروف السياسية املضطربة‪ ،‬فادعى أنه هو موالي محمد الابن ألاكبر للسلطان املولى الحسن‪ ،‬سعى إلى تخليص أخيه‬
‫ألاصغر من قبضة النصارى‪ ،‬وتحرير البالد التي استولوا عليها‪ ،‬فبايعته القبائل الواقعة بين فاس وتازة في صيف ‪.5412‬‬
‫ومن عاصمته مدينة تازة قام بالدعوة إلى الجهاد ومقاطعة الترتيب‪ ،‬فانضمت إليه كافة قبائل املغرب الشرقي والريف‪،‬‬
‫وقام باالستالء على قصبة فرخانة ووجدة‪ ،‬ومن هنا أصبح على اتصال مباشر مع السلطات إلاسبانية في مليلية‬
‫والسلطات الفرنسية في الجزائر‪ ،‬وهنا انقلبت أحوال املغرب حيث تسببت في فقر مالية املغرب وأصبح يطلب القروض‬
‫في إطار السلف من الدول ألاوربية‪ ،‬مما أدى الى اختالل النظام وضياع ألامن وفساد ألاخالق وضياع الفضيلة وألامانة"‪.5‬‬

‫‪1‬عالل الخديمي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة‪.11‬‬


‫‪2‬البير عياش‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.94‬‬
‫‪ 3‬ابتسام تمالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.510‬‬
‫‪4‬عالل الخديمي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.24‬‬
‫‪5‬محمد املنوني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.4-8‬‬
‫‪103‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تقوى نفوذ امللقب ببوحمارة وأصبحت له عالقات مع الخارج وأصبح يحصل على ألاسلحة من أوروبا والجزائر‬
‫وتعزز نفوذه أكثر بعد الاتفاق الودي ومؤتمر الجزيرة الخضراء فكان أن هدد مدينة فاس واستطاع أن يلحق عدة هزائم‬
‫بالجيش العزيزي مستفيدا من الدعم إلاسباني والفرنس ي‪.‬‬

‫نشب الصراع بين بوحمارة وبين املخزن العزيزي عبر اللقاء بين الطرفين سنة ‪ ،5410‬والذي انهزم فيه بوحمارة‪،‬‬
‫لكنه رغم ذلك استمر في تحركاته وثورته وحصل على الدعم من القوى الخارجية‪ ،‬إال أنه ورغم كل ذلك وجهت له‬
‫محلة كبيرة ملحاربته فتم إلقاء القبض عليه في ‪ 22‬غشت ‪ 5414‬وأعدم رميا بالرصاص وأحرقت جثته‪.‬‬

‫حركة الجاللي بن دريس املدعو بوحمارة ال يخامرنا الشك أنها ساهمت في خلق البلبلة والفوض ى في مختلف‬
‫جهات املغرب‪ ،‬وأدت إلى إضعاف هيبة املخزن العزيزي‪ ،‬وتحولت عناصر العسكر املوجه ملحاربة بوحمارة إلى عناصر‬
‫تقوم بنشر الفوض ى عن طريق ما كانت تقوم به من نهب وهتك لألعراض في مختلف قبائل املغرب‪ ،‬وفي هذه ألاثناء التي‬
‫عجز فيها السلطان املولى عبد العزيز عن مواجهة املوقف‪ ،‬اشتد عزم الدول إلامبريالية على إنهاء استقالل املغرب‪.‬‬

‫ناهيك عن ثورة احمد الريسوني في الشمال الغربي بقبائل جبالة‪ ،‬مما كان يجبر املخزن على القيام بعدة حركات‬
‫ملواجهة هذا التمرد‪ ،‬وما كان يتطلبه ذلك من إمكانيات مادية وبشرية للقيام بها‪.‬‬

‫‪ .2‬دور املبعوثين املغاربة‬


‫بعد محاوالتها العديدة‪ ،‬استطاعت فرنسا احتالل مجموعة من ألاماكن املغربية‪ ،‬فكان أن قام السلطان بإرسال‬
‫مجموعة من السفارات إلقناع الفرنسيين بعدم التغلغل أكثر في املغرب والحفاظ على العالقات املغربية الفرنسية‪ ،‬إال‬
‫أن الذي جرى تمثل في أن وزير الخارجية عبد الكريم بن سليمان‪ ،‬لم يقم بالدفاع عن املغرب‪ ،‬ولم يقم بإقناع‬
‫الفرنسيين بعدم التوسع في التراب املغربي‪ ،‬فقد عمل على توقيع اتفاقيتين تضران باملغرب‪ ،‬وهو الذي يتضح من خالل‬
‫قول الحجوي محمد؛ "‪ ...‬سفارة ابن سليمان وقعت في وقت كان املغرب فيه مختال من كل الواجهات‪ ،‬املالية والحربية‬
‫والسياسية وألاخالقية‪ .‬والفوض ى ضاربة أطنابها‪ ،‬والجيش ال الجيش‪ ،‬واملالية هي عين الفقر‪ .‬وأطراف املغرب ال تعرف‬
‫نظاما وال أحكاما وال تؤدي جباية‪ ...‬لقد وجد إبن سليمان املغرب مخيرا بين أمرين‪ :‬تسليم توات وفكيك‪ ...‬عن سلم‪ ،‬أو‬
‫حرب تستأصل املغرب الذي هو إذاك عاجز عن كل حرب‪ ،‬فاختار أخف الضررين وتجرع أبرد وأعجز الكأسين‪ ،1"...‬بل‬
‫أكثر من هذا وذاك‪ ،‬سيقوم مساعد ابن سليمان محمد الجباس بتوقيع إتفاقيات أخرى تضر باملغرب وتجعل فرنسا‬
‫تستفرد به‪.‬‬

‫فرنسا التي كانت تسعى جاهدة إلى الاستفراد باملغرب وتتحين الفرص لالنقضاض عليه‪ ،‬أقدمت على احتالل‬
‫وجدة في ‪ 24‬مارس ‪ ،5419‬ثم الشاوية والدار البيضاء في ‪ 1‬غشت ‪ ،5419‬وهو ما يتضح من قول محمد العروص ي‪" :‬في‬
‫سنة ‪ 5419‬دفع اغتيال الطبيب موشان(‪ )Mauchamp‬في مراكش وعمال ميناء الدار البيضاء القوات الفرنسية إلى‬

‫‪1‬محمد الحجوي‪ ،)5449( :‬إنتحار املغرب ألاقص ى بيد ثواره مذكرة الفقيه محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الجعفري (‪5899‬م‪5416 -‬م) نموذج من الكتابات‬
‫السياسية في مطلع القرن العشرين‪ ،‬تقديم‪ :‬د‪ .‬زكي مبارك أستاذ باحث باملعهد الجامعي للبحث العلمي‪ ،‬الصفحة ‪.1‬‬
‫‪104‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫احتالل وجدة والدار البيضاء"‪ ،1‬وأمام هذا التوغل الفرنس ي حار الناس في أمرهم بعد أن أرغمهم السلطان على‬
‫الاستسالم ألمر الواقع‪ ،‬فانقسم الناس وكثرت الفوض ى "وبينما كانت الدبلوماسية ألاوربية تسعى جاهدة إلى تصفية‬
‫نزاعاتها انتفض الشعب املغربي الذي أحس بالنيل من شعوره الوطني ضد السلطان متهما إياه بتسليم البالد لألجانب‪،‬‬
‫وقد إزداد سخطه نتيجة لتنصيب املعتمدين الفرنسيين ملراقبة الدين في املراس ي‪ ،‬وتوقيع معاهدة الجزيرة من طرف‬
‫السلطان"‪.2‬‬

‫هكذا نرى أن املغرب في هاته املرحلة عرف أوضاعا غير إعتيادية طبعتها الفوض ى والغليان واملشاكل‪ ،‬والتي يمكن‬
‫إجمالها بشكل مختصر في‪:‬‬

‫‪ -‬ضعف التجربة السياسية للسلطان عبد العزيز الذي تولى السلطة في سن صغيرة‪ ،‬وإستغالله من طرف‬
‫ألاوربيين الذين أغرقوه بأدوات التسلية مقابل أثمان مرتفعة ساهمت في فراغ خزينة الدولة(‪ 01‬مليون في ظرف ‪0‬‬
‫سنوات)‪.‬‬
‫‪ -‬ألازمة املالية الخانقة التي دفعته لالقتراض من الخارج خصوصا بعد فشل إلاصالح الجبائي املرتبط بفرض‬
‫ضريبة الترتيب‪.‬‬
‫‪ -‬النفقات املت‪،‬ايدة املرتبطة بمواجهة حركات التمرد التي قادها جاللي بن دريس الزرهوني امللقب ببوحمارة‬
‫الروكي باملغرب الشرقي ما بين ‪ ،5414-5412‬وقد دعمته فرنسا وإسبانيا رغبة في إضعاف املخزن املغربي‪ ،‬حيث ثم‬
‫تنظيم حمالت عسكرية استن‪،‬فت خزينة البالد وأرغمتها على الاقتراض‪ ،‬وثورة أحمد الريسوني بالشمال الغربي بقبائل‬
‫جبالة‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬فترة حكم السلطان املولى عبد الحفيظ (‪)1912-1902‬‬


‫‪ .1‬ظروف تولية املولى عبد الحفيظ‬
‫املولى عبد الحفيظ هو السلطان الذي اعتلى العرش في ظروف جد دقيقة ومضطربة للمغرب واملغاربة‪ ،‬فبتوغل‬
‫الجيوش الفرنسية في الشاوية ودكالة‪ ،‬كثرت الفوض ى ووقع الناس في حيرة من أمرهم‪ ،‬خائفين خائبين غير مستقرين‬
‫بعد أن أمرهم السلطان املولى عبد العزيز باإلستسالم ألمر الواقع‪ ،‬فظهرت بوادر إلانقسام‪ ،‬وخاف أهل مراكش من أن‬
‫تصل إليهم الجيوش الفرنسية‪ ،‬فتوجهوا الى علماء فاس إلستفتائهم في شأن املولى عبد العزيز الذي وافق على قرارات‬
‫الجزيرة الخضراء ولم يسترجع املناطق املحتلة‪ ،‬وهنا أفتى علماء فاس بوجوب عزل السلطان املولى عبد العزيز سنة‬
‫‪ ،5418‬ومبايعة أخيه املولى عبد الحفيظ في ‪ 56‬غشت ‪ ،5418‬في إطار بيعة مشروطة‪.‬‬

‫إن اختيار السلطان املولى عبد الحفيظ كان نتيجة معرفته وثقافته الواسعة وهو ما يظهر من قول "إبتسام‬
‫تمالين"؛ "شخصية فذة مهابة الجانب من طرف العلماء الذين أجلوا مستواه الثقافي‪ ،‬كما أن تجربته إلادارية والعسكرية‬
‫جعلته يحظى بتقدير كل من خبروه خاصة وأنه أبان في مزاولته ملهمة الخالفة بالحوز عن ثبات وإقتدار وحنكة سياسية‬

‫‪1‬أوغسطين ليون كيوم (‪ ،)2156‬البربر املغاربة وتهدئة ألاطلس املركزي(‪ ،)5400-5452‬ترجمة وتقديم محمد العروص ي‪ ،‬الطبعة ألاولى الصفحة ‪.91‬‬
‫‪2‬البير عياش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.16‬‬
‫‪105‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خاصة في إحتواء خالفات وصراعات القواد الكبار التي أصبح يعلمها الداني والقاص ي‪ ،‬ومنها الصراع الذي كان بين‬
‫القائد الطيب الكندافي والقائد عبد املالك املتوكي‪ .‬تمكن الخليفة موالي عبد الحفيظ من توظيف دسائس وصراعات‬
‫قياد الحوز لصالحه في إستقطاب موالين ومناصرين له‪ ،‬ومن أبرزهم القائد املدني الكالوي الذي دخل في عالقة‬
‫مصاهرة مع موالي عبد الحفيظ إذ زوجه إبنته‪ ،‬كما كان الحال مع القائد موحا أوحموا الزياني الذي زوجه إبنته اللة‬
‫رابحة ويستشف من عالقات املصاهرة تلك أنها وسيلة من وسائل موالي عبد الحفيظ في إيجاد موطئ قدم له لدى‬
‫القبائل املستعصية الشديدة املراس وحتى الخاضعة منها"‪.1‬‬

‫إذا تعزز نفوذ املولى عبد الحفيظ بدعم القواد الكبار؛ الكالوي‪ ،‬الكندافي‪ ،‬املتوكي‪ ،‬العبدي‪ ،‬موحا اوحمو‬
‫الزياني‪ ،‬باإلضافة إلى البيعة التي حصل عليها من علماء فاس وأشرافها وأعيانها‪ ،‬وهي بيعة مشروطة؛ "‪ ...‬راجين من‬
‫شريف همته ‪ ...‬أن يسعى جهده في رفع ما أضر بهم من الشروط الحادثة في الخزيرات‪ .‬حيث لم توافق ألامة عليها وال‬
‫سلمتها وال رضيت بأمانة من كان يباشرها‪ ،‬وال علم لها بتسليم شيئ منها‪ .‬وأن يعمل وسعه في إسترجاع الجهات املأخوذة‬
‫من الحدود املغربية‪ .‬وأن يباشر إخراج الجنس املحتل من املدينتين اللتين إحتل بهما‪...‬وأن يستخير هللا في تطهير رعيته‬
‫من دنس الحمايات‪ .‬والتن‪،‬يه من أتباع إشارة ألاجانب في أمور ألامة‪ ...‬وإذا عرض ما يوجب مفوضة مع ألاجانب في أمور‬
‫سلمية أو تجارية‪ ،‬فال يبرم أمر منها إال بعد الصدع به لألمة‪...‬وأن يوجه‪-‬أيده هللا‪ -‬وجهته الشريفة إلتخاذ وسائل‬
‫إلاستعداد‪ ،‬للدفاع عن البالد والعباد‪...‬وأن يقر بفضله العيون والنفوس برفض ضرر املكوس‪ ...‬وتجديد معالم إلاسالم‬
‫وشعائره‪ ،‬بزيادة نشر العلم وتقويم الوظائف واملساجد‪ ،‬وإجراء ألاحباس على عملها القديم‪ ،‬وانتخاب أهل الصالح‬
‫واملروءة والورع للمناصب الدينية‪ ،‬وكف العمال عن الدخول في الخطط الشرعية‪ ...‬وتقريب الصالحين‪ ،‬وإعتبار مقادير‬
‫ألاشراف وأهل العلم والدين‪ ...‬وإبعاد الطالحين وإخساء املفترين والواشين‪.2"...‬‬

‫عرف املغرب ألول ثورة شعبية قام بها العلماء والفقهاء تجاه النظام الحاكم‪ ،‬وقد "توجت الثورة الشعبية‬
‫بشروط بيعة السلطان عبد الحفيظ بفاس‪ ،‬وهي التي إقترحها الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني‪ ،‬وتبناها باملوافقة‬
‫عليها‪ -‬كافة املمثلين للرأي العام الفاس ي املوقعين على البيعة‪ .‬ومن هذه الشروط حسب تعبيرها وترتيب عرضها‪:‬‬
‫‪ -5‬رفع ما أضر باألمة من الشروط الحادثة في الخزيرات حيث لم توافق ألامة عليها وال سلمتها‪...‬‬
‫‪-2‬إسترجاع الجهات املأخوذة من الحدود املغربية‪.‬‬
‫‪-0‬إخراج الجيش املحتل من املدينتين التي احتل بهما‪.‬‬
‫‪-9‬تطهير الرعية من دنس الحمايات‪.‬‬
‫‪-1‬عدم إتباع إشارة ألاجانب في أمور ألامة‪.‬‬
‫‪-6‬إن دعت الضرورة إلى إتحاد أو تعاضد فليكن مع املسلمين‪ :‬كمثال آل عثمان وأمثالهم من بقية املمالك‬
‫إلاسالمية املستقلة‪.‬‬

‫‪1‬ابتسام تمالين‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.568‬‬


‫‪2‬عبد الرحمان ابن زيدان بن محمد السجلماس ي(‪5261-5241‬هــ)‪ :‬اتحاف اعالم الناس بجمال اخبار حاضرة مكناس‪ ،‬تحقيق علي عمر‪،‬ج‪ ،5‬نشر مكتبة الثقافة الدينية‬
‫الصفحة ‪.994-910‬‬
‫‪106‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪-9‬إذا عرض ما يوجب مفاوضة مع ألاجانب في أمور سياسية أو تجارية فال ينبرم أمر فيها إال بعد الصدع به‬
‫لألمة"‪.1‬‬

‫هكذا نرى أن املولى عبد الحفيظ بويع بيعة مشروطة تتجلى في الدفاع عن الوطن عبر بذل الجهد في إلغاء كل‬
‫إلاتفاقيات التي وقعها املولى عبد العزيز والتي تمس بالسيادة املغربية‪ .‬وهي مجموعة من الشروط التي ينبغي أن يطبقها‬
‫املولى عبد الحفيظ للذوذ والدفاع عن حوزة البالد والعباد‪ ،‬لذلك سمي بسلطان الجهاد‪ ،‬فقد بويع بيعة مشروطة‬
‫تنطلق من مرجعية وطنية في الدفاع عن املغرب‪ ،‬إذ "إعتبرها مبايعوه بيعة شرعية وخالفة دينية أمالها نداؤه للجهاد‪،‬‬
‫وذلك حسب ما يؤكده املقتطف التالي من البيعة املراكشية‪" :‬وإجتمع جمع غفير من جلة أعيان هذه الحضرة املراكشية‬
‫ووالة أمرها وشرفائها وعلمائها وقضاتها‪ ،‬وأهل زواياها‪ ،‬مع من حضر من العمال وأعيان القبائل‪ ،‬وتجار أهل فاس الذين‬
‫هنا‪ ،‬وعرضوا القضية( القصد قضية إلاحتالل) على العلماء طالبين منهم بيان الحكم الشرعي‪ :‬فأجابوا بأن ذلك‬
‫املقلد(املقصود موالي عبد العزيز) ال تبقى له بيعة في ألاعناق بل الواجب هو نزع تلك الرقبة من ألاطواق‪ ،‬وأنه ال عذر‬
‫في ترك الجهاد"‪.2‬‬

‫كانت هذه البيعة سابقة في التاريخ السياس ي املغربي‪ ،‬فآنتصار املولى عبد الحفيظ كان آنتصارا للمجتمع املغربي‬
‫ولليقظة الوطنية في مختلف قبائل ومدن الشمال والجنوب املغربي‪ ،‬على إلاستعمار الفرنس ي وعلى من كان في خدمته‬
‫من الخونة واملتعاونين‪.‬‬

‫لقد "جعلت الوضعية السياسية وإلاجتماعية وإلاقتصادية العصيبة التي مرت منها البالد سنة ‪5416‬م من‬
‫الخليفة موالي عبد الحفيظ الشخصية التي تشرئب لها ألاعناق وتتجه نحوها ألانظار‪ ،‬وبقدر ما كان واعيا بهذا ألامر‬
‫بقدر ما كان محتاطا من التسرع في إعالن بيعته التي قد تسقطه في بحر الندامة في حال ما إذا لم ينتهز الفرصة املواتية‬
‫التي يمكن أن يبرز بها طموحه السياس ي املتمثل في إعالن انقالبه على أخيه وطلب امللك لنفسه‪ ،‬وهي الفرصة التي لم‬
‫تتأخر طويال فموافقة السلطان موالي عبد العزيز على ميثاق الجزيرة الخضراء سنة ‪5416‬م جعلت خليفته في مراكش‬
‫يدخل خالل صيف ‪5416‬م في ترتيبات وإحتياطات استعدادا إلعالن بيعته"‪.3‬‬

‫ظهر السلطان املولى عبد الحفيظ كبطل لإلستقرار‪ ،‬بعد أن كان املغاربة متحمسين لبيعته ألنهم رأوا فيه رمزا‬
‫ملقاومة كل أجنبي والخروج بالدولة من النظام ألاوتوقراطي إلى حكم ديموقراطي‪ ،4‬فقد كان "وصول عبد الحفيظ إلى‬
‫سدة الحكم مبعث ارتياح واستبشار من لدن فئة عريضة من املغاربة‪ ،‬وال سيما وهو قد حمل على عاتقه شعار الجهاد‬
‫لتوحيد البالد وتحريرها‪ ،‬بعدما تعرضت أجزاء منها لالحتالل الفرنس ي"‪ ،5‬وأيضا ليقوم بسحق بوحمارة والريسوني‪ ،‬إال‬

‫‪1‬محمد املنوني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.090‬‬


‫‪2‬ابتسام تمالين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.591‬‬
‫‪3‬ابتسام تمالين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.568‬‬
‫‪4‬عالل الفاس ي‪ ،)2110( :‬الحركة الاستقاللية في املغرب العربي‪ ،‬ط‪ 6‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الصفحة ‪.556‬‬
‫‪5‬بوعبيد التركي‪(:‬العدد العاشر‪ .‬يناير‪ /‬يونيو ‪ )2125‬الصراع العزيزي‪ -‬الحفيظي في أطواره ألاخيرة (يوليوز‪ -‬غشت ‪ (،)5419‬ص‪ ،)96-25‬مجلة تاريخ املغرب‪ ،‬تصدرها‬
‫جمعية الامتداد الثقافي ومؤسسة درا ميديا‪ ،‬املدير املؤسس امللكي املالكي بن الجياللي‪ ،‬املدير املسؤول ورئيس التحرير عبد الرحيم حزل‪ ،‬مجلة فصلية تعنى بتاريخ‬
‫املغرب‪ ،‬العدد العاشر‪ .‬يناير‪ ،‬طبع هذا العدد بدعم من وزارة الثقافة‪ ،‬ملف الصحافة‪ ،58/81 :‬الصفحة ‪.06‬‬
‫‪107‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أن خيبة املغاربة ستحل سريعا بسبب تجاوزات وزيره السيد املدني الكالوي باإلضافة إلى عجزه عن طرد ألاجانب‪،1‬‬
‫فشعبيته بدأ إنهيارها بمجرد قيام الجيش الفرنس ي بآحتالل الشاوية‪ ،‬إذ شكل هذا إلاحتالل أول مظهر من مظاهر‬
‫التفريط في وحدة البالد الترابية‪ ،‬وهو ما ساهم في توليد معارضة له من قبل العلماء وألاشراف والفقهاء املتمسكين‬
‫بشروط البيعة‪ ،‬إال أن رده عليهم كان أن "يغيروا بعض تفاصيلها ويلغوا بعض شروطها؛ وهو الرد الذي إعتبره علماء‬
‫فاس بمثابة صفعة لهم‪ .‬وكذلك أصبح العامة من أهل املدينة غير راضين عن السلطان الجديد‪ ،‬وأصبحت قراراته‬
‫تتعرض لإلنتقاد‪ ،‬بعدما أدركوا أنه غير قادر على الوفاء بوعوده‪ ،‬وكذلك بسبب الرفع من قيمة الضرائب والرسوم‪،‬‬
‫وتعرضهم للمضايقات وإلاكراه من قبل أعوان مخزنه"‪.2‬‬

‫ألاحداث التي تلت تولية موالي عبد الحفيظ‪ ،‬يمكن أن نستشف منها أنها كانت بيعة من أجل السلطة فقط‪،‬‬
‫فبانطالقه إلى فاس(من العاصمة مراكش الى العاصمة فاس) برفقة عساكره‪ ،‬وجد إلاستعمار الفرنس ي مرابطا بناحية‬
‫السطات لكنه لم يبدي أي رد فعل‪ ،‬وهو الذي يجعلنا نخرج بفكرة مؤداها أن املولى عبد الحفيظ اقتنع بعدم جدوى‬
‫املقاومة العسكرية للجيوش ألاوربية وآضطر إلى نهج أسلوب مساملة الفرنسيين وفتح باب الحوار والتفاوض معهم‪.‬‬
‫ليحصل في مقابل ذلك على اعتراف الدول ألاوربية بشرعية حكمه؛ ولعل ذلك هو ما جعله يعترف في ‪ 19‬دجنبر ‪5418‬‬
‫باملعاهدات وإلاتفاقيات التي كان قد أبرمها سابقه املولى عبد العزيز بما فيها ميثاق الجزيرة الخضراء‪ ،‬كما أن الحكومة‬
‫الفرنسية باالتفاق مع الحكومة إلاسبانية اشترطت عليه التخلي عن الجهاد وإعالن ذلك في املساجد وأداء ديون املخزن‬
‫السابق‪.3‬‬

‫‪ .2‬إجراءات مواجهة ألازمة املالية‬

‫أمام تزايد ألازمات املالية‪ ،‬وجد املولى عبد الحفيظ نفسه في سنة ‪ 5414‬مضطرا إلى إلاقتراض من البنك املخزني‬
‫الذي أصبح يمارس مراقبة مالية وسياسية غير مباشرة على املخزن‪ ،‬فكان أن حصل على منه على القروض لتسديد‬
‫الغرامات والتعويضات سواء لفائدة الدول ألاوربية ومستوطنيها أو للمغاربة املحميين‪ ،‬فطلب قرضا بمقدار مليون فرنك‬
‫من البنوك الفرنسية‪ ،‬من أجل تسديد ديون املولى عبد العزيز‪ ،‬ومن أجل تغطية كل ما تحتاجه ألاشغال العمومية من‬
‫مصاريف‪.4‬‬

‫ومما تنبغي إلاشارة إليه هو أن السلطان املولى عبد الحفيظ بوصوله إلى فاس حاول البحث "في كل أرجاء دار‬
‫املخزن عن الخزائن التي يمكن أن يكون تركها املولى عبد العزيز‪ ،‬لكنه لم يجد شيئا‪ .‬والتجأ إلى املجوهرات والحلي التي‬
‫كانت بأيدي أزواج عبد العزيز وأزواج والده الحسن ألاول النازالت بحرم قصر فاس‪ ،‬وعرضهن للضرب بالعص ي للكشف‬
‫عن مكان الخزائن املفترضة‪ ،‬فهلك منهن غير واحدة"‪ .5‬مما يبين بأن السلطان املولى عبد الحفيظ اعترضته أزمة مالية‬
‫خانقة جعلته عاجزا عن أداء رواتب العساكر‪ ،‬وال الخيل والبغال والجمال للوقوف في وجه حركة أخيه املولى عبد‬

‫‪1‬البير عياش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.19‬‬


‫‪2‬بوعبيد التركي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.09-06‬‬
‫‪3‬عالل الخديمي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.062‬‬
‫‪4‬البير عياش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.18‬‬
‫‪5‬بوعبيد التركي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.08‬‬
‫‪108‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫العزيز‪" ،‬وبتاريخ ‪ 28‬يوليوز‪ ،‬جمع أعيان فاس وخاطبهم بقوله؛‪...‬ما وجدته ببيت املال بمراكش‪ ،‬أنفقته في الجهاد وملا‬
‫وصلت إلى فاس رأيت دار املخزن خالية خاوية‪ ،‬فبأي ش يء ناشدتكم هللا‪ ،‬أقوم املحالت وأحارب الكفار أليس باملال وقد‬
‫منعتموه عني وظننتم به علي‪ .‬أما أنا فال أيأس من رحمة هللا وال من نعمه‪ ،‬فقد عولت على السفر ملراكش عن طريق‬
‫مكناس ألردع عبد العزيز من الوصول إليها فإذا كان عندكم ما تقدمونه من ألاموال فانقذوني به حاال قبل السفر"‪.1‬‬

‫يتبين مما سبق أن املولى عبد الحفيظ عرف ضائقة مالية‪ ،‬تجلت في خصاص مالي كبير‪ ،‬وهو الذي حذا به إلى‬
‫رفع قيمة الضرائب على السكان‪ ،‬بل وتجاوز ذلك الى أن يطلب من ألاعيان دفع أموال كثيرة من أجل تجاوز الوضع‬
‫املتأزم‪ ،‬كما أن سفراءه فشلوا بعدما لم يكثرت لهم أحد من ألاوربيين فلم يجد آلاذان الصاغية لهم "وكان جواب الدول‬
‫ألاوربية‪ ،‬التي حل بها سفراء عبد الحفيظ‪ ،‬أن الكالم يكون مع سفرائهم باملغرب وال مزيد عليه‪ .‬وهكذا سارع املولى عبد‬
‫الحفيظ إلى مراسلة سفراء الدول ألاوربية بطنجة‪ ،‬مبديا تنازالت عديدة‪ ،‬ومن جملتها اعترافه بعقد الجزيرة الخضراء‬
‫وإلت‪،‬امه ببنوده‪ .‬وطلب من السفراء في رسالته إبالغ هذا ألامر إلى حكومات بلدانهم"‪.2‬‬

‫‪ .3‬الوضعية الاقتصادية والاجتماعية‬

‫عرف املغرب عدة مشاكل اقتصادية واجتماعية‪ ،‬ارتبطت بالتوقيع على مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة ‪،5416‬‬
‫وهي مشاكل "أناخت بكللها على املخزن الذي زال عنه جلباب الوقار وكشف وهنه أمام الصغار قبل الكبار‪ ،‬فخالل‬
‫سنوات ‪5419‬م‪5411-‬م‪5416 -‬م‪ -‬عرفت البالد باإلضافة إلى التكالب الاستعماري ألاجنبي جفافا ترتبت عنه مجاعة‬
‫وأوبئة‪ ،‬نتج عنها غالء املعيشة وإرتفاع ألاسعار وتأزم ألاوضاع إلاجتماعية في ظل إلحاح املخزن على إستخالص الواجبات‬
‫املخزنية التي تأتي في مقدمتها الضرائب‪ ،‬إذ كان في حاجة ماسة إليها علها تسعفه في تجاوز ألازمة املالية الخانقة التي‬
‫كان يتخبط فيها‪ ،‬لكن هيهات ! فالعديد من القبائل حتى الخاضعة منها للمخزن التي كانت تؤدي الضرائب بانتظام‬
‫أصبحت تتنصل من أدائها‪ ،‬وذلك راجع إلى الظروف إلاجتماعية وإلاقتصادية الصعبة التي كانت تمر منها القبائل"‪.3‬‬

‫‪ .3‬ثورة القبائل‬

‫هكذا نرى أن السلطان املولى عبد الحفيظ‪ ،‬وقع في الوضعية التي كان عليها أخوه املولى عبد العزيز قبيل نهاية‬
‫عهده‪ ،‬فاملولى عبد الحفيظ لم يستطع الالت‪،‬ام بما تم مبايعته من أجله (البيعة املشروطة)‪" ،‬مما أثار قبائل بني مطير‬
‫التي حاصرته بفاس‪ ،‬في شهر ابريل ‪ ،5455‬وبايعت موالي الزين سلطانا في مكناس‪ .‬فاستغلت فرنسا وقررت التدخل‬
‫بدعوى حماية السلطان ومدينة فاس التي دخلتها بقيادة الجنرال موانيي في ‪ 59‬ابريل ‪ ،5455‬وقامت باحتالل مكناس‪،‬‬
‫ثم الرباط وما تبقى من أراض ي املغرب الشرقي‪ ،‬وأرغمته على توقيع معاهدة الحماية في ‪ 01‬مارس ‪ ،5452‬بحضور ممثل‬
‫فرنسا السفير رينوا واملولى عبد الحفيظ بعد أن قامت السلطات الفرنسية إلاستعمارية بإعطائه مجموعة من الضمانات‬

‫‪1‬بوعبيد التركي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.04‬‬


‫‪2‬نفسه‪ ،‬ص‪.04 .‬‬
‫‪3‬ابتسام تمالين‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.566‬‬
‫‪109‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫والوعود الكاذبة والتي تتجلى في الحفاظ على سيادته على البالد وعلى إلابقاء على مؤسسات املغرب التقليدية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى احترام السكان"‪.1‬‬

‫هكذا نخلص الى أن القبائل الثائرة في وجه املولى عبد الحفيظ ساهمت في تأزم الوضع أكثر‪ ،‬من خالل طلب‬
‫السلطان لنجدة القوات الفرنسية التي أرغمته على توقيع معاهدة الحماية عام ‪ ،5452‬هاته املعاهدة وقعت من طرفين؛‬
‫الطرف ألاول هو الطرف الفرنس ي الذي له إستقالليته التامة‪ ،‬والطرف الثاني هو املغرب من الناحية الشكلية مستقل‬
‫لكنه خاضع في العمق وفي الصميم‪ ،‬معاهدة الحماية هاته التي سلبت منه كل الصالحيات وكل السلطات‪ ،‬فقد تعاملت‬
‫معه ككيان مستقل تحترمه إال أن الذي جرى هو أنها اعتبرته مستقال فقط في التوقيع على معاهدة الحماية‪.‬‬

‫أعطت السلطات الاستعمارية مجموعة من الوعود التي سرعان ما تنكرت لها وهو الذي يتضح من خالل قول‬
‫محمد حسن الوزاني؛ "لم تطبق فرنسا الت‪،‬اماتها في معاهدة ‪ 01‬مارس ‪ 5452‬املسماة معاهدة الحماية على حقيقتها‪،‬‬
‫بل إعتبرت أن هذه املعاهدة ليست سوى قصاصة ورق فور إلانتهاء من إمضائها‪ .‬فلم تكن غير وسيلة للتدخل وإلاستيالء‬
‫والاستعمار وتنظيم املغرب على أساس املصالح الفرنسية ال غير‪ .‬ولهذا‪ ،‬فبمجرد الاستحواذ على املغرب أخذت سلطات‬
‫الحماية تنظم كيان النفوذ الفرنس ي وباإلعتماد على ثالثة عناصر‪ :‬السيطرة إلادارية وإلاستعمار الفالحي وتركي‪ ،‬الجالية‬
‫الفرنسية في رقعة البالد"‪ " ،2‬وما أن أبرمت معاهدة الحماية حتى كانت السيطرة الفرنسية تامة على جزء غير هين من‬
‫التراب املغربي"‪.3‬‬

‫كل الحرية التي كان يتمتع بها املغرب أصبحت في خبر كان‪ ،‬حيث آحتفظ املغرب بمظاهر خارجية كاألبهة‬
‫التقليدية والسيادة الدينية والسياسية وآحتفظ ب "قصوره وبعدد كبير من املوظفين التابعين له وحده‪ ،‬وبحرسه‬
‫ألاسود تحت إمرة الضباط الفرنسيين كما ظل إماما وخليفة وأميرا للمؤمنين‪ ،‬وباسمه كانت تسن القوانين والظهائر‬
‫وتصدر ألاحكام القضائية‪ ،‬ولكنه لم يكن يحكم البتة‪ ،‬فهو يتقاض ى قائمة مدنية‪ ،‬وال يتحكم في توجيه السياسة‬
‫الخارجية‪ ،‬وال في القوات العسكرية وال يملك مبادرة سن القوانين"‪.4‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬السياق الخارجي لفرض نظام الحماية على املغرب‬


‫الفصل ألاول‪ :‬محاوالت فرنسا لالنفراد باملغرب‪ ،‬وتدويل القضية املغربية‬
‫‪ .1‬محاوالت فرنسا لإلنفراد باملغرب عبر الدبلوماسية السرية‬
‫"منذ عام ‪ 5412‬بدأ الفرنسيون بمفاوضات مباشرة مع إلاسبان القتسام املغرب واتصلوا ببريطانيا بالطريقة‬
‫نفسها‪ ...‬واضطر (السلطان) عبد العزيز سنة ‪ 5410‬إلى اقتراض ‪ 811.111‬جنيه إسترليني من بيوت مالية بريطانية‬
‫وفرنسية وإسبانية‪ .‬وقد أقنعه الفرنسيون في السنة التالية أن يقترض مبلغا جديدا أكبر كي يتمكن من تسديد املبلغ‬
‫ألاصلي‪ .‬وفي سبيل أن يضمن دفع الفائدة‪ ،‬أي خمسة باملائة‪ ،‬على املبلغ بكامله‪ ،‬أي ‪ 62.111.111‬فرنك‪ ،‬خصص‬

‫‪1 Lyautey Paroles d’action Imprimerie Nationale. Edition 1955.p342‬‬

‫‪2‬محمد حسن الوزاني (‪ ،)5489‬مذكرات حياة وجهاد‪ ،‬الجزء‪ ،9‬مؤسسة محمد حسن الوزاني‪ ،‬الصفحة ‪.591‬‬
‫‪3‬إبراهيم بوطالب (‪ ،)5489‬مادة الحماية الفرنسية‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،55‬الصفحة ‪.0164‬‬
‫‪4‬البير عياش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.40-42‬‬
‫‪110‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫السلطان ‪ 61‬باملائة من جميع الواردات الجمركية‪ ،‬ووضعها تحت إشراف فرنس ي‪ .‬وفي سنتي ‪ 5411‬و ‪ 5416‬أغري‬
‫بوجوب استدانة مبالغ صغيرة متعددة من فرنسا لشراء أسلحة وذخيرة‪ .‬وقد اشترطت فرنسا أن يبتاع املغرب هذه‬
‫ألاسلحة من الشركة الفرنسية لصنع السالح"‪.1‬‬

‫هكذا نرى أن سلطات الاستعمار الفرنس ي حاولت بادئ ألامر جعل ديون املغرب تتراكم‪ ،‬أي إثقال املغرب‬
‫بالديون حتى تتحكم فيه كيفما أرادت‪ ،‬فعقدت صفقات استعمارية مع إيطاليا سنة ‪ 5412‬حول املغرب وليبيا‪ .‬ومن‬
‫تلك الصفقات تسوية الخالف بينهما على حساب البلدين بتنازل إيطاليا لفرنسا على املغرب مقابل حصولها على ليبيا‪.‬‬
‫ثم تال ذلك إلاتفاق الودي مع بريطانيا حول املغرب ومصر سنة ‪ ،5419‬الذي تضمن الت‪،‬ام فرنسا بعدم مضايقة إنجلترا‬
‫بمصر مقابل اعتراف الانجلي‪ ،‬لفرنسا بحرية التصرف في املغرب في هذا السياق يقول البير عياش‪:‬‬

‫" تعلن حكومة الجمهورية الفرنسية أنها لن تعوق نشاط إنجلترا في هذا البلد (مصر) بطلب تحديد فترة معينة‬
‫إلنهاء إلاحتالل البريطاني أو أي طلب أخر‪ ...‬بينما ينص البند الثاني على أن حكومة صاحب الجاللة البريطانية تعترف‬
‫بحق فرنسا‪ -‬بصفتها قوة تمتد ممتلكاتها إلى مسافة طويلة مجاورة لحدود املغرب‪ -‬في أن تسهر على أمن هذا البلد وأن‬
‫تقدم له كامل مساعدتها‪ ،‬فيما يحتاج إليه من إصالحات إدارية وإقتصادية وعسكرية‪.2"...‬‬

‫"أما على املستوى الدولي‪ ،‬فإن دولة أملانيا كانت خالل هذه املرحلة بالذات تولي اهتماما كبيرا باملغرب‪ ،‬وكانت‬
‫من جهة أخرى ترفض رفضا مطلقا انفراد فرنسا به إلى أن بلغت عالقاتهما مرحلة متقدمة من التوتر‪ .‬ولتفادي أية‬
‫نتائج غير مرغوب فيها بين الدولتين‪ ،‬اتفقت القوى ألاوروبية الكبرى والواليات املتحدة ألامريكية على عقد مؤتمر دولي‬
‫للنظر في شأن القضية املغربية‪ ،‬فوقع الاتفاق على أن ينعقد املؤتمر في الجزيرة الخضراء بإسبانيا في ‪ 56‬يناير ‪،5416‬‬
‫ملناقشة "البرنامج" الذي تم إلاعداد له مسبقا بعناية فائقة"‪.3‬‬

‫يمكن القول‪ ،‬بأن أملانيا عارضت إلاتفاقيات الودية السابقة‪ ،‬فانعقد مؤتمر الجزيرة الخضراء سنة ‪ 5416‬الذي‬
‫هو آلاخر قام على ثالثة مبادئ أساسية وهي‪:‬‬

‫‪ -‬سيادة السلطان الشريف‪.‬‬


‫‪ -‬وحدة دولته‪.‬‬
‫‪ -‬الحرية الاقتصادية‬

‫ويمكننا أن نورد بعض فصول هذه املعاهدة على النحو التالي‪:‬‬

‫‪1‬روم الندو‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.91‬‬


‫‪2‬البير عياش‪ ،‬الصفحة ‪.10‬‬
‫‪3‬محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني (‪ ،)2125‬مقدمات فرض الحماية الفرنسية على املغرب‪ :‬ألارشيف الهولندي والحلقات املفقودة في تاريخ املغرب املعاصر‪( ،‬ص‬
‫‪ ،)249-295‬التاريخ واملجتمع أعمال مهداة لألستاذ محمد املنصور‪ ،‬تنسيق خليل السعداني‪ -‬البضاوية بلكامل‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات رقم ‪ ،84‬مطبعة الكرامة‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.285‬‬
‫‪111‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪" ‬الفصل الثالث‪ :‬تجعل كل من الحكومتين الاسبانية والفرنسية على التوالي ضباطا ‪ ...‬رهن إشارة جاللة‬
‫السلطان ملساعدته على تنظيم الشرطة‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل الثاني وألاربعون‪ :‬ال يجوز له( مندوب السلطان) التدخل في إلادارة وشؤون البنك(املخزني)‪.‬‬
‫‪ ‬الفصل السادس والخمسون‪ :‬ينقسم رأس املال ألاولي للبنك إلى عدد من ألاقساط يكون مطابقا لعدد ألاطراف‬
‫املستفيدة من بين الدول املمثلة في املؤتمر"‪.1‬‬

‫كل هذه املعاهدات التي وقعها املغرب كانت تهدف وتستهدف ضرب وحدة املغرب وسيادة السلطان‪ ،‬وبالتالي‬
‫فرض السيطرة الجامعة والشاملة عليه‪" ،‬وقد عبر أسعاد كالرجي كرم (‪ )Asaad Kalarji Karam‬عن خيبة أمله وخيبة‬
‫أمل املغاربة عامة من املؤتمر املتقدم بقوله‪" :‬كنا نتمنى أن يناقش املندوبون وضعية املجتمع املغربي املتردية للتمكن‬
‫من تشخيص داء مناسب لهذه ألاوضاع‪ ،‬لكن ال أحد من أولئك املندوبين قد أدرك شيئا عن إمكانات البالد الصناعية‪،‬‬
‫أو عن سبب اندالع الثورات الداخلية‪ .‬فاملؤتمر قد انتهى وال أمل آلان في مناقشة مثل هذه القضايا‪ ...‬إال في مؤتمر طنجة‬
‫الذي قد يتم فيه استدراك ما تم تجاهله في مؤتمر الجزيرة الخضراء"‪.2‬‬

‫انطالقا مما سبق‪ ،‬نستنتج أن مؤتمر الجزيرة الخضراء تضمن شروطا قاسية تمس سيادة واستقالل املغرب‬
‫إلاقتصادي واملالي بل وألامني من خالل الشرطة التي وضعت باملوانئ املغربية والتي ترمز الى السيطرة على املغرب‪.‬‬

‫‪ .2‬ألازمات الدولية حول املغرب‬


‫أ‪ -‬ألازمة املغربية لسنة ‪1902‬‬
‫عارضت أملانيا التوافق الفرنس ي البريطاني حول املغرب‪ ،‬حيث أكد الامبراطور ألاملاني غيوم الثاني اثناء زيارته‬
‫لطنجة سنة ‪ 5411‬تمسك بالده بمصالحها في املغرب وتصريحه باستقالل املغرب‪ ،‬وهو ما يظهر من قول محمد حسن‬
‫الوزاني؛ "بقدومي إلى طنجة‪ ،‬أقوم اليوم بزيارة إلى جاللة سلطان املغرب‪ ،‬عاهل هذه الدولة املستقلة‪ .‬وأملي أن يبقى‬
‫املغرب تحت حكم وسيادة السلطان العليا‪ ،‬مفتوحا للمنافسة السلمية لجميع الدول‪ ،‬دون امتيازات احتكارية وال‬
‫استعمارية‪ ،‬وعلى أن تقوم هذه املنافسة على قدم املساواة التامة‪ .‬هدفي من هذه الزيارة هو أن يعلم الناس جميعا أني‬
‫مصمم العزم على القيام بكل ما يجب للحفاظ والدفاع بطريقة فعالة على مصالح أملانيا باملغرب‪ .‬وبما أني أعتبر جاللة‬
‫السلطان حرا تمام الحرية‪ ،‬فأريد أن أتفق معه على الوسائل القمينة بضمان هذه املصالح"‪.3‬‬

‫أدت زيارة الامبراطور ألاملاني للمغرب إلى عقد مؤتمر الجزيرة الخضراء (الخزيرات) سنة ‪ 5416‬الذي نص على‬
‫فقدان املغرب لسلطته املالية والسياسية‪ ،‬فقد منح هذا املؤتمر لفرنسا واسبانيا عدة امتيازات كإدارة شؤون الجمارك‬
‫باملغرب‪ ،‬وتنظيم الشرطة باملوانئ املغربية ‪ .‬فإذا "تقرر عقد املؤتمر في الجزيرة (الخضراء)‪ ...‬ولم يكن غرض أملانيا من‬
‫عقد هذا املؤتمر‪ ،‬إبعاد فرنسا عن (املغرب) فحسب‪ ،‬بل كان غرضها أيضا جس نبض الوفاق الودي الذي عقد بين‬

‫‪1‬مجلة تاريخ املغرب‪ ،‬العدد الثاني‪ ،5482 ،‬ص ص‪.591-554‬‬


‫‪2‬محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.289‬‬
‫‪3‬حسن الوزاني (‪ ،)5449‬الحماية جناية على ألامة‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬فاس‪ ،‬الصفحة ‪.519‬‬
‫‪112‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إنجلترا وفرنسا‪ ...‬وقد انتصرت فرنسا سياسيا في هذا املؤتمر‪ ،‬إذ تقرر إنشاء قوة بوليسية‪ ...‬يعهد بأمر تنظيمها إلى‬
‫فرنسا وإسبانيا‪ ...‬وأن تدير فرنسا وحدها شؤون الجمارك"‪.1‬‬

‫ب‪ -‬ألازمة املغربية لسنة ‪1911‬‬

‫اندلعت ألازمة إثر إرسال فرنسا لحملة حربية الى فاس‪ ،‬فرد ألاملان بإرسال بارجة حربية (بانتير) إلى سواحل‬
‫أكادير ‪" ،5455‬احتجاجا على إيفاد الفرنسيين حملة حربية إلى فاس‪ .‬فأحدثت هذه املظاهر البحرية رد فعل عاجل في‬
‫باريس وفي لندن وفي روما‪ ،‬فألقى لويد جورج وزير املالية البريطاني خطابا‪ ...‬أنذر فيه الحكومة ألاملانية بأنه إذا كان ال‬
‫محيد من إعالن الحرب على فرنسا بسبب ذلك الخالف‪ ،‬فإن إنجلترا لن تقف ساكنة"‪.2‬‬

‫وقد تمت تسوية هذا الخالف الفرنس ي ألاملاني ‪ 5455‬بإقتطاع جزء من مستعمرة الكونغو لصالح أملانيا مقابل‬
‫تنازل هذه ألاخيرة عن أطماعها في املغرب لصالح فرنسا‪ ،‬مما مكنها من فرض نظام الحماية عليه سنة ‪ ،5452‬وهو ما‬
‫يتضح من قول عبد الرحمان ابن زيدان؛ "الفصل ألاول‪ :‬قد صرحت الدولة ألاملانية‪ ،‬حيث لم يكن لها باملغرب ما عدا‬
‫مصالح اقتصادية‪ ،‬بأنها ال تعارض عمل فرنسا عن إعطائها إعانتها للدولة املغربية إلدخال جميع إلاصالحات إلادارية‬
‫والعدلية وإلاقتصادية واملالية والعسكرية التي يتوقف عليها حسن تدبير امللك‪ ...‬الفصل الثاني‪ :‬وعلى هذا القبيل‪ ،‬وقع‬
‫الوفاق بأن دولة أملانيا ال تعارض فرنسا إذا توافقت مع الدولة املغربية‪ ،‬وشرعت في الاحتالل العسكري باإليالة املغربية‪،‬‬
‫الذي يظهر لها أنه واجب في بقاء ألامن وسدل السكينة للمعاملة التجارية‪ ،‬كما أنها تكون تباشر عمل البوليس التام برا‬
‫وبحرا باملياه املغربية"‪.3‬‬

‫وهو ما يجعلنا نخرج بخالصة مؤداها أنه على املستوى الدولي‪" ،‬قطعت فرنسا شوطا بعيدا في سياستها الرامية‬
‫لإلنفراد باملغرب‪ ،‬وكسب إعتراف الدول ألاخرى لها بالوضعية الخاصة فيه‪ ،‬بحيث استطاعت في ظرف زمني وجي‪ ،‬أن‬
‫ُ‬
‫توقع عدة تسويات مع إسبانيا‪ ،‬وتفلح في شراء التنازل البريطاني‪ ،‬وإلاذعان ألاملاني‪ ،‬والعدول إلايطالي"‪.4‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬فرض نظام الحماية على املغرب (مارس سنة ‪)1912‬‬

‫‪ ‬مفهوم الحماية‪ :‬هي نظام يقوم على أساس احتفاظ البلد املستعمر بسيادته ونظام حكمه الى جانب إدارة‬
‫استعمارية يترأسها املقيم العام‪ ،‬إال ان إلادارة الاستعمارية غالبا ما تنت‪،‬ع السلطات ألاساسية من يد إلادارة‬
‫املحلية‪ ،‬فيصبح الحكم شكليا مثل نظام الحماية باملغرب الذي فرض عليه في ‪ 01‬مارس ‪ 5452‬والذي قسم‬
‫املغرب الى ثالث مناطق نفوذ‪ :‬النفوذ الاسباني في الشمال والصحراء‪ ،‬النفوذ الفرنس ي في الوسط‪ ،‬ومنطقة‬
‫النفوذ الدولي في طنجة‪ ،‬يمكننا في هذا إلاطار الاستئناس بما قاله محمد حسن الوزاني وهو يعرف نظام‬

‫‪1‬هريدي صالح (‪ ،)2112‬تاريخ أوربا الحديث واملعاصر‪ ،‬الاسكندرية‪ ،‬ص‪.000 -002.‬‬


‫‪2‬هربرت فشر (‪ ،)5496‬تاريخ أوربا في العصر الحديث ‪ ،5411 -5984‬تعريب أحمد نجيم هاشم ووديع الضبع‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الصفحة ‪.915-911‬‬
‫‪3‬عبد الرحمان ابن زيدان (‪ ،)5441‬العالئق السياسية للدولة العلوية‪ ،‬تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي‪ ،‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.058-059‬‬
‫‪4‬محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني (‪ ،)2125‬مقدمات فرض الحماية الفرنسية على املغرب‪ :‬ألارشيف الهولندي والحلقات املفقودة في تاريخ املغرب املعاصر‪( ،‬ص‬
‫‪ ،)249-295‬التاريخ واملجتمع أعمال مهداة لألستاذ محمد املنصور‪ ،‬تنسيق خليل السعداني‪ -‬البضاوية بلكامل‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات رقم ‪ ،84‬مطبعة الكرامة‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.294 -298‬‬
‫‪113‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الحماية قائال؛ "نظام الحماية ليس بمسألة شخصية‪ ،‬وال محلية‪ ،‬وال فرنسية‪ .‬إنه واقعة ضبطتها املعاهدات‪،‬‬
‫وتكلفت الاتفاقيات الدولية بضمانها‪ ،‬وليس باستطاعة أي واحد منا‪ ،‬وال بمقدور الحكومة الفرنسية أن تغيرها‪.‬‬
‫ويستنتج من هذا أن املغرب دولة مستقلة تقوم فرنسا بحمايتها‪ ،‬ولكنه يبقى تحت سيادة السلطان"‪.1‬‬
‫‪ ‬مضمون معاهدة الحماية‪ :‬نصت على تأسيس نظام جديد باملغرب‪ ،‬تسند اليه مهمة إلاصالحات إلادارية‬
‫والعدلية والاقتصادية واملالية والعسكرية ويحترم مكانة السلطان‪ ،‬كما يحافظ على الهوية الدينية للمغرب‬
‫من خالل تطبيق الشعائر إلاسالمية إضافة الى دور السلطان املغربي في مساندة املستعمر لتسهيل الاحتالل‬
‫العسكري بحجة استتباب(فرض) الامن والسكينة وتأمين املعامالت التجارية‪ ،‬فقد نصت معاهدة الحماية في‬
‫"الفصل ألاول‪ :‬إن جاللة السلطان ودولة الجمهورية الفرنسية قد اتفقتا على تأسيس نظام جديد باملغرب‪،‬‬
‫مشتمل على إلاصالحات إلادارية والعدلية والتعليمية والاقتصادية واملالية والعسكرية‪ ،‬التي ترى الدولة‬
‫الفرنسوية إدخالها نافعا‪.‬‬

‫وهذا النظام يكون يحترم حرمة جاللة السلطان وشرفه العادي‪ ،‬وكذلك الحالة الدينية وتأسيساتها والشعائر إلاسالمية‬
‫وخصوصا تأسيسات ألاحباس‪ ،‬كما يكون هذا النظام محتويا على تنظيم مخزن شريف مضبوط‪ .‬دولة الجمهورية‬
‫تتفاوض مع الدولة الصبنيولية في شأن املصالح الناشئة لهذه الدولة من حالتها الجغرافية ومستعمراتها ألارضية الكائنة‬
‫بالساحل املغربي‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬جاللة السلطان يساعد من آلان على الاحتالالت العسكرية باإليالة املغربية التي تراها الدولة واجبة‬
‫كاستتباب السكينة والتأمين على املعامالت التجارية"‪.2‬‬

‫رغم كل ما قيل‪ ،‬فإن استعانة السلطان موالي عبد الحفيظ بالسلطات الفرنسية لفك الحصار الذي ضرب على مدينة‬
‫فاس‪ ،‬قد ساهمت بشكل مباشر او غير مباشر في الاحتالل الفرنس ي للمغرب‪" ،‬بعد أن تعهدت فرنسا بضمان وضعية‬
‫الئقة به عن طريق وضع خمسمائة ألف فرنك تحت تصرفه لتسديد ديونه الخاصة‪ ،‬وضمان حمايته‪ ،‬وتأمين حقوقه‬
‫الشخصية وحقوق أسرته‪ .‬وبناء عليه‪ ،‬فإن أي محاولة لتبرئة ذمة السلطان‪ ،‬مما اقترفه من أمور غير محسوبة العواقب‪،‬‬
‫ليست إال محاولة عقيمة تفتقد للموضوعية املطلوبة في البحث التاريخي الرصين‪ ،‬إذ يصعب على الباحث الجاد‬
‫التشكيك في "ورطة" موالي عبد الحفيظ‪ ،‬بجعل املغرب رهينة في يد الغزاة الفرنسيين في ظل وجود وثيقة رسمية‬
‫صادرة عنه شخصيا"‪.3‬‬

‫لعل ما يبرر القول السابق‪ ،‬يتجلى في ما ذكره "الصحفي الفرنس ي هيبير جاك في جريدة "الصباح" الباريزية‪ ،‬أن الصدر‬
‫ألاعظم املغربي املقري استقبل السفير الفرنس ي رينيو (‪ )Regnault‬في ‪ 26‬مارس ‪ ،5452‬أي قبل توقيع عقد الحماية‬
‫بثالثة أيام‪ ،‬ورحب به وهنأه‪ ،‬وشكر فرنسا‪ ،‬ذاكرا أن السلطان مستعد لسماع الاقتراحات املقدمة‪ .‬بل إن حفلة فاخرة‬
‫أقيمت‪ ،‬برعاية السلطان ذاته‪ ،‬يوم ‪ 56‬أبريل من السنة عينها‪ ،‬على شرف السفير الفرنس ي وحاشيته بالقصر السلطاني‬
‫بفاس‪ ،‬أي بعدما حصل السفير املتقدم الذكر على توقيع السلطان‪ .‬ولعل الحجج املذكورة وغيرها قد تزيل الستار عن‬
‫حلقة ظلت مفقودة في تاريخ املغرب املعاصر‪ ،‬وهي أن السلطان موالي عبد الحفيظ لم يكن في واقع ألامر مجبرا –كما‬

‫‪1‬محمد حسن الوزاني (‪ ،)5449‬الحماية جناية على ألامة‪ ،‬ترجمه عن الفرنسية أحمد بن جلون‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬بيروت‪ ،‬الصفحة ‪.80‬‬
‫‪2‬عبد الرحمان ابن زيدان (‪ ،)5441‬العالئق السياسية للدولة العلوية‪ ،‬تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي‪ ،‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الصفحة ‪.004‬‬
‫‪3‬محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.241-284‬‬
‫‪114‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اعتقدنا سابقا‪ -‬على توقيع معاهدة الحماية ‪ ،‬وإنما كان توقيعه عليها برضاه وموافقته‪ .‬وبعقد هذه املعاهدة في التاريخ‬
‫املذكور دخل املغرب مرحلة جديدة من الاستغالل الاستعماري املكثف لخيراته ومقدراته املادية املختلفة‪ ،‬لم ينته إال‬
‫بعد مض ي أربع وأربعين سنة من الكفاح املسلح والنضال السياس ي"‪.1‬‬

‫ثم تقسيم املغرب في ظل الحماية الى ثالث مناطق نفوذ‪:‬‬

‫‪ -‬منطقة النفوذ الدولي في طنجة‪.‬‬


‫‪ -‬منطقة النفوذ الاسباني في الشمال والجنوب(املنطقة الخليفية)‪.‬‬
‫‪ -‬منطقة النفوذ الفرنس ي في الوسط (املنطقة السلطانية)‪.‬‬

‫يوضح روم الندو هذا التقسيم قائال؛ "تقسم منطقة النفوذ إلاسبانية إلى شقين‪ :‬تمتد في الشمال من مرفأ ملوية‬
‫على البحر ألابيض املتوسط إلى خط يمتد بين مجاري نهري إناون ومجاري نهري ورغة وكرت‪ ،‬ثم ينعطف شماال‬
‫حتى لكوس بطريق موالي بوشتا مارا بعدئذ على الشاطئ ألاطلس ي بالقرب من الزرقا (املادة الثانية)‪.‬‬

‫حددت املنطقة إلاسبانية في الجنوب‪ ،‬باإلضافة إلى ممتلكات ريودورو(وادي الذهب) املوصوفة في معاهدة ‪29‬‬
‫حزيران (يونيو) سنة ‪5411‬م بواسطة خط في اتجاه دراع (وادي درعة) والسوس حتى يصل إلى البحر عند مصب‬
‫مي‪،‬ا (املادتان الرابعة والخامسة)‬

‫تعهدت إسبانيا أن ال تتخلى‪ ،‬جزئيا أو كليا‪ ،‬عن سيطرتها عن أي من هذه املناطق (املادة السابعة)‬

‫وافقت إسبانيا أال تقوم منفردة بإجراءات في املنطقة الشمالية بدون استشارة فرنسا أوال‪ ،‬على أن يكون هذا‬
‫الشرط نافذا ملدة أقصاها خمس عشرة سنة"‪.2‬‬

‫ويوضح جرمان عياش النفوذ الاسباني بالشمال حسب الاتفاق الفرنس ي الاسباني نونبر ‪ 5452‬قائال؛ "منذ أن‬
‫تعاقدت إسبانيا مع فرنسا‪ ،‬في نوفمبر ‪ ،5452‬لنيل نصيبها من املغرب‪ ،‬فإنها وضعت نفسها في موقف ال تحسد عليه‪.‬‬
‫كانت فرنسا يومها قد نالت مسبقا‪ ،‬ومن السلطان نفسه‪ ،‬امتياز الدولة الحامية بالنسبة ملجموع التراب املغربي‪ .‬بهذا‬
‫الامتياز تمكنت‪ ،‬عوض السلطان‪ ،‬من أن تسند إلسبانيا إدارة قطعة أرض حرصت على تسميتها ب"منطقة النفوذ‪ ،‬ال‬
‫بمنطقة "حماية" ثانية‪ ،‬بقبول مثل هذه املهمة ومن يد فرنسا‪ ،‬تكون إسبانيا قد اعترفت طوعا أو كرها باالمتياز الذي‬
‫نالته شريكتها‪ ،‬وتقهقرت هي نفسها إلى دور الدرجة الثانية‪ .‬أو لنقل‪ ،‬باستعارة الصورة املستهجنة التي كانت تستعملها‬
‫الصحف وقتذاك‪ ،‬إنها دخلت الدار لكن بوصفها مستأجرة لفرنسا"‪.3‬‬

‫أما بخصوص إلادارة املغربية فقد جردت من كافة السلط‪ ،‬فقد "أرغم السلطان بواسطة تفويض عام على تسليم‬
‫سلطاته إلى خليفة تطوان بالنسبة للمنطقة الاسبانية‪ ،‬وللمندوب بالنسبة لطنجة‪ ،‬ورغم أنه بقي نظريا مصدر جميع‬
‫السلط‪ ،‬فإن جميع صالحياته قد سلبت منه لفائدة السلطات ألاجنبية الفرنسية وإلاسبانية والدولية"‪ ،4‬حيث احتفظ‬
‫السلطان بالسلطة الدينية وإمضاء الظهائر‪ ،‬وحدفت عدة وزارات مغربية في مقابل استحواذ الجهاز الاسباني والفرنس ي‬

‫‪1 1‬محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.241‬‬
‫‪2‬روم الندو(‪ ،)5481‬تاريخ املغرب في القرن العشرين‪ ،‬ترجمة نقوال زيادة‪ ،‬ط‪ ،2 .‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الصفحة ‪.158‬‬
‫‪3‬جرمان عياش(‪ ،)5442‬أصول حرب الريف‪ ،‬ترجمة محمد ألامين الب‪،‬از وعبد العزيز التمسماني خلوق‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدا البيضاء‪ ،‬الصفحة ‪.85-81‬‬
‫‪4‬البير عياش‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬الصفحة ‪.49‬‬
‫‪115‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫على كافة السلطـ‪ ،‬وهو ما يظهر من القول؛ "إننا هنا في بلد يسوده نظام الحماية‪ ،‬حيث ال يمكن القيام بأي ش يء دون‬
‫الحصول على تعاون سكان البلد‪ ...‬اليوم لدينا في املغرب سلطان جديد هو موالي يوسف‪ .‬صحيح أنه تولى الحكم‬
‫والبالد تعرف عدة اضطرابات‪ ،‬ولكن نستطيع أن نضمن قبوله إصدار جميع القرارات التي تهمنا"‪ .1‬بينما إلادارة‬
‫الفرنسية تمثلت في املقيم العام الذي يمثل الجمهورية الفرنسية ويسير املصالح إلادارية والعسكرية ويصدر القوانين‬
‫ويصادق عليها‪ ،‬الكاتب العام(يشرف على إلادارة)‪ ،‬املديرون(يرأسون املديريات‪ ،‬الوزارات)‪ ،‬قائد املنطقة(منطقة‬
‫عسكرية؛فاس‪ ،‬مكناس‪ ،‬مراكش‪ ،‬اكادير تحت سلطة ضباط الشؤون ألاهلية)‪.‬‬

‫اختلف الوضع بعد اقالة املقيم العام(ليوطي) سنة ‪ 5421‬وتعويضه بمقيم عام جديد يدعى (تيودور ستينغ)‬
‫حيث تحول نظام الحماية الى حكم مباشر يتمتع خالله املقيم العام بسلطة مطلقة دون الرجوع الى السلطان‪ ،‬اذ أنه‬
‫"منذ ابتعاد ليوطي سنة ‪ ،5421‬بدأ نظام الحماية يتخذ شيئا فشيئا شكل إلادارة املباشرة‪ ...‬أصبح املقيم العام يأمر‬
‫الحكومة الشريفة باتخاذ القرارات التي يريدها‪ ،‬وصارت القوانين التي تعدها املكاتب التابعة لإلقامة العامة‪ ،‬بعد توقيعها‬
‫من طرف السلطان‪ ،‬عبارة عن ظهائر أو قرارات وزارية إذا وقعها الصدر ألاعظم‪ .‬بل إن إلاقامة العامة كثيرا ما تجاوزت‬
‫املخزن وأصدرت قرارات بشكل مباشر‪ ،‬فكانت لها سلطات مطلقة ال تحد منها إال توجيهات الحكومة الفرنسية"‪.2‬‬

‫خاتمة‬

‫صفوة القول‪ ،‬لقد تعرض املغرب لعدة ضغوط داخلية وخارجية ساهمت في وقوعه تحت نظام الحماية عام‬
‫‪ ،5452‬والتي تمثلت أبرز معاملها في وفاة السلطان املولى الحسن ألاول وما ترتب عن ذلك من نكسات متتالية بتولية‬
‫املولى عبد العزيز إلابن ألاصغر الذي لم يستطع حكم املغرب بالشكل املطلوب مما أدى إلى زحزحته من الحكم وتعويضه‬
‫بأخيه املولى عبد الحفيظ في إطار ما يعرف بالبيعة املشروطة‪ ،‬إال أنه عجز عن الوفاء بما بويع من أجله‪ ،‬دون إغفال‬
‫السياق أو الظروف الخارجية التي تمثلت في تنافس الدول ألاوربية على املغرب‪ ،‬فقد احتدم بينها التنافس إلامبريالي‬
‫وكان املغرب أبرز املناطق املتنافس حولها‪ ،‬فكانت النتيجة وقوع املغرب تحت الهيمنة إلامبريالية التوسعية في إطار ما‬
‫يسمى بنظام الحماية عام ‪ ،5452‬ليدخل املغرب في مرحلة أخرى وهي مرحلة إلاستغالل الاستعماري‪.‬‬

‫البيبليوغرافيا‬

‫عبد الرحمان ابن زيدان‪ ،‬العالئق السياسية للدولة العلوية‪ ،‬تقديم وتحقيق عبد اللطيف الشاذلي‪ ،‬املطبعة امللكية‪ ،‬الرباط‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.5441‬‬
‫روم الندو‪ ،‬تاريخ املغرب في القرن العشرين‪ ،‬ترجمة نقوال زيادة‪ ،‬ط‪ ،2 .‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪.5481 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫جرمان عياش‪ ،‬أصول حرب الريف‪ ،‬ترجمة محمد ألامين الب‪،‬از وعبد العزيز التمسماني خلوق‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدا‬ ‫‪‬‬
‫البيضاء‪.5442 ،‬‬
‫محمد حسن الوزاني‪ ،‬الحماية جناية على ألامة‪ ،‬ترجمه عن الفرنسية أحمد بن جلون‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬بيروت‪.5449 ،‬‬ ‫‪‬‬
‫عسه احمد‪ ،‬املعجزة املغربية‪ ،‬دار القلم للطباعة بيروت ‪.5491‬‬ ‫‪‬‬
‫إبراهيم بوطالب‪ ،‬مادة الحماية الفرنسية‪ ،‬معلمة املغرب‪ ،‬الجزء ‪ ،55‬سنة ‪.5489‬‬ ‫‪‬‬

‫‪1 Hubert Lyautey(1948), Paroles d’action, e5 Ed. Pzris, A, Colin, p 68.‬‬

‫‪2 René GALLISSOT (1964), Le Patronat européen au Maroc (1931-1942), Editions Techniques Nord –Africaines, Rabat, p 14.‬‬

‫‪116‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الحسن بوعشرين الخزرجي املكناس ي ثم املراكش ي‪ ،‬التنبيه املعرب عما عليه ألان حال املغرب‪ ،‬تقديم وتصحيح محمد املنوني‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫طبع في مطبعة املعارف الجديدة بالرباط سنة ‪5951‬هــ‪( 5449 /‬الطبعة ألاولى)‪.‬‬
‫البير عياش‪ ،‬املغرب والاستعمار حصيلة السيطرة الفرنسية‪ ،‬ترجمة عبد القادر الشاوي ونور الدين سعودي‪ ،‬مراجعة وتقديم‬ ‫‪‬‬
‫ادريس بنسعيد وعبد ألاحد السبتي‪ ،‬سلسلة معرفة املمارسة‪ ،‬دار الخطابي للطباعة والنشر‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬ابريل ‪ ،5481‬النسخ‬
‫الالكتروني‪ :‬جريدة املناضل‪ -‬ة‪.‬‬
‫محمد املنوني‪ ،‬مظاهر يقظة املغرب الحديث‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬شركة النشر والتوزيع املدارس‪ ،‬شارع الحسن الثاني الدار البيضاء‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫الطبعة ألاولى ‪.5481 -5911‬‬
‫عالل الخديمي‪ ،‬التدخل ألاجنبي واملقاومة باملغرب ‪ 5451-5849‬حادثة الدار البيضاء واحتالل الشاوية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪2116 :‬‬ ‫‪‬‬
‫افريقيا الشرق‪ ،‬بحث اكاديمي نوقش في كلية الاداب والعلوم إلانسانية الرباط بتاريخ ‪ 29‬يونيو ‪.5481‬‬
‫فريدريك وايسجبر‪ ،‬على عتبة املغرب الحديث‪ ،‬ترجمة عبد الرحيم حزل‪ ،‬منشورات دار ألامان‪ ،‬مطبعة ألامنية الرباط‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪‬‬
‫الثانية (‪.)2155-5902‬‬
‫أوغسطين ليون كيوم‪ ،‬لبربر املغاربة وتهدئة ألاطلس املركزي(‪ ،)5400-5452‬ترجمة وتقديم محمد العروص ي‪ ،‬الطبعة ألاولى‬ ‫‪‬‬
‫‪.2156‬‬
‫عالل الفاس ي‪ ،‬الحركة الاستقاللية في املغرب العربي‪ ،‬ط‪ 6‬مطبعة النجاح الجديدة ‪ ،‬الدار البيضاء ‪.2110‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد حسن الوزاني‪ ،‬مذكرات حياة وجهاد‪ ،‬الجزء‪ ،9‬مؤسسة محمد حسن الوزاني‪ ،‬الطبعة ‪.5489‬‬ ‫‪‬‬
‫ابتسام تمالين‪ ،‬آثار الاحتالل الفرنس ي لتافياللت‪ :‬دراسة في البنيات السياسية والاجتماعية وتحوالتها‪ ،‬نشر املندوبية السامية‬ ‫‪‬‬
‫لقدماء املقاومين وأعضاء جيش التحرير‪ ،‬مطبعة أصكوم القنيطرة‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.2154‬‬
‫مجلة تاريخ املغرب‪ ،‬تصدرها جمعية الامتداد الثقافي ومؤسسة درا ميديا‪ ،‬املدير املؤسس املالكي بن الجياللي‪ ،‬املدير املسؤول‬ ‫‪‬‬
‫ورئيس التحرير عبد الرحيم حزل‪ ،‬مجلة فصلية تعنى بتاريخ املغرب‪ ،‬العدد العاشر‪ .‬يناير‪ ،‬طبع هذا العدد بدعم من وزارة‬
‫الثقافة‪ ،‬ملف الصحافة‪.58/81 :‬‬
‫محمد الحجوي‪ ،‬انتحار املغرب ألاقص ى بيد ثواره مذكرة الفقيه محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الجعفري (‪5899‬م‪5416 -‬م)‬ ‫‪‬‬
‫نموذج من الكتابات السياسية في مطلع القرن العشرين‪ ،‬تقديم‪ :‬د‪ .‬زكي مبارك أستاذ باحث باملعهد الجامعي للبحث العلمي‪،‬‬
‫‪.5449‬‬
‫محمد العمراني‪ ،‬عبد الغني العمراني‪ ،‬مقدمات فرض الحماية الفرنسية على املغرب‪ :‬ألارشيف الهولندي والحلقات املفقودة في‬ ‫‪‬‬
‫تاريخ املغرب املعاصر‪( ،‬ص ‪ ،)249-295‬التاريخ واملجتمع أعمال مهداة لألستاذ محمد املنصور‪ ،‬تنسيق خليل السعداني‪-‬‬
‫البضاوية بلكامل‪ ،‬سلسلة بحوث ودراسات رقم ‪ ،84‬مطبعة الكرامة‪ -‬الرباط‪.2125‬‬
‫مجلة تاريخ املغرب‪ ،‬العدد الثاني‪ ،5482 ،‬ص ص‪.591-554‬‬ ‫‪‬‬
‫صالح هريدي‪ ،‬تاريخ أوربا الحديث واملعاصر‪ ،‬الاسكندرية‪.2112‬‬ ‫‪‬‬
‫هربرت فشر‪ ،‬تاريخ أوربا في العصر الحديث ‪ ،5411 -5984‬تعريب أحمد نجيم هاشم ووديع الضبع‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫‪.5496‬‬
‫باللغة الفرنسية‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪‬‬ ‫‪Hubert Lyautey(1948), Paroles d’action, e5 Ed. Pzris, A, Colin.‬‬
‫‪‬‬ ‫‪René GALLISSOT (1964), Le Patronat européen au Maroc (1931-1942), Editions Techniques Nord –Africaines,‬‬
‫‪Rabat‬‬
‫‪‬‬ ‫‪. Lyautey Paroles d’action Imprimerie Nationale. Edition 1955.‬‬

‫‪117‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫البرنامج النووي إلايراني بين مقتضيات القانون الدولي واملتغيرات‬


‫الجيوبولتيكية الدولية وإلاقليمي‬
‫عدة الشركي باحث في مختبر القانون العام والعلوم السياسية‪ ،‬كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية‪-‬أكدال‪ ،‬جامعة محمد‬
‫الخامس‪ ،‬الرباط‪ ،‬املغرب‬

‫ملخص‪:‬‬
‫يتناول هذا املقال تطور مختلف مراحل ألازمة النووية إلايرانية على الساحة الدولية وفق قواعد القانون الدولي وقرارات مجلس‬
‫ألامن‪ ،‬وصوال إلى تداعيات اتفاق فيينا النووي الحالي حول السياسة الداخلية إليران وبرنامجها النووي‪ ،‬فضال عن قدراتها النوعية‬
‫العسكرية التي ساهمت بشكل كبير في تقوية النفوذ إلايراني في منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬وذلك بتأثير الاتفاق النووي في املتغيرات‬
‫الجيوبوليتيكية على املستويين إلاقليمي والدولي‪ ،‬من خالل تكريس سياسة املحاور الدولية وإلاقليمية في املنطقة‪ .‬وفي هذا السياق فإن‬
‫النفوذ إلايراني تجاوز محيطه إلى مناطق أخرى‪ ،‬مما يستدعي إعادة النظر في التحالفات وفق املتغيرات الدولية الجديدة لكبح هذا التمدد‬
‫إلايراني الجديد‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬البرنامج النووي إلايراني – ألازمة النووية – الجيوبوليتيك – الشرق ألاوسط – الاتفاق النووي‪.‬‬
‫‪The Iranian nuclear program in light of the international law international and‬‬
‫‪regional geopolitical changes‬‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This article examines the Iranian crisis on the international scene in the light of Security Council resolutions. It deals with‬‬
‫‪the various stages of the evolution of this crisis, up to the current Vienna talks on its nuclear program. The Iranian qualitative‬‬
‫‪military capabilities contributed significantly to strengthen the country’s influence not only in the Middle East but also in other‬‬
‫‪regions, the reason why they call the world powers for preventing Iran from developing nuclear weapons.‬‬

‫مقدمة‬
‫أدى ظهور السالح النووي الى تغيرات عميقة وواسعة النطاق في العالقات الدولية وفي بنية املجتمع الدولي وتركيبته‬
‫بإحداث ثورة في املفاهيم املعاصرة للحرب‪ ،‬وذلك باعتباره سالحا ردعيا يستمد قوته من وجوده وليس من استعماله‪،‬‬
‫فمعظم الدول املالكة للسالح النووي تستعمله للضغط على املستوى الدبلوماس ي ال على املستوى العسكري‪ ،1‬خاصة‬
‫في سياق التفاعالت املتسمة بالفوض ى التي تعرفها بنية النسق الدولي املتمي‪ ،‬بالنهج البرجماتي‪ ،‬حيث أن كل دولة تسعى‬
‫ذاتيا للحفاظ على بقائها بصياغة مصالح استراتيجية جيوسياسية‪ 2‬تتالءم مع ألاهداف الجيوبوليتيكية للحفاظ على‬

‫‪ -1‬تجدر إلاشارة الى أن السالح النووي شكل عامال حاسما في انهاء الحرب العاملية الثانية وما رفقه بعد ذلك من الانتقال من القنبلة الانشطارية الى القنبلة الهدروجينية‬
‫واللثيومية ثم القنبلة الكهروميغناطيسية‪ ،‬بقلب كافة املقاييس الاستراتيجية وتبديل في طبيعة الخطط الحربية‪ ،‬وجعل من أي مركز حيوي في أي بقعة في العالم‬
‫عرضة للتدمير بشكل مفاجئ وسريع دون انذار مسبق‪ ،‬مما نتج عنه الردع النووي الذي حال دون اندالع حروب كثيرة وحافظ على استقرار العالقات الاستراتيجية بين‬
‫الدول‪ ،‬وعلى هذا ألاساس تأسست فكرة الردع النووي لتصبح نظرية ثابتة في العالقات الدولية ابان الحرب الباردة‪.‬‬
‫‪ -‬حداد ريمون‪ :‬العالقات الدولية‪ ،‬دار الحقيقة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،2111،‬ص‪ .558 :‬للمزيد من الاطالع‪ ،‬حول وجهات النظر على الردع النووي في القرن ‪ ،25‬راجع‪:‬‬
‫‪-BORRIE John RUBLEE Maria Rost VARRIALE Cristina, et al. Perspectives on nuclear deterrence in the 21st century. 2020.‬‬
‫‪ -2‬الجغرافيا السياسية هي فرع من فروع الجغرافيا البشرية‪ ،‬تقوم بدراسة الدولة باعتبارها الوحدة السياسية املنظمة وعالقة تنظيمها بالسيادة والحكومة‪ ،‬فضال‬
‫عن بنية التنظيم السياس ي الداخلي وعالقته بالجغرافيا‪ ،‬ولها أهمية كبرى في السياسة الداخلية‪ ،‬فبناء على فهمها توضع القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‪،‬‬
‫‪118‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أمنها القومي‪ ،1‬مما يفرض على ايران أن تعمل من داخل هذا النسق على صيانة أمنها من أجل الحفاظ على بقائها من‬
‫خالل السعي املتواصل لدعم قوتها بصورة تراكمية من أجل إحداث التوازن بكل الطرق مع منافسيها داخل النسق‬
‫الدولي‪.2‬‬
‫وهذا ما نستشفه من الاستراتيجية ألامنية إليران التي تعتبر الردع هو حجر الزاوية في مفهوم أمنها القومي‪ ،3‬الذي‬
‫يتجلى في محاولة تطوير برنامجها النووي بضرب عرض الحائط كل الالت‪،‬امات الدولية سواء فيما يتعلق بمعاهدة عدم‬
‫الانتشار النووي )‪ ( NPT‬لسنة ‪ ،5468‬والبرتوكول إلاضافي الذي وقعته مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية‪ ،‬إضافة الى‬
‫عدم الت‪،‬امها بااللت‪،‬امات الناتجة عن الاتفاق النووي لسنة ‪ 2151‬املعروف بخطة العمل الشاملة املشتركة )‪(JCPOA‬‬
‫الذي صاغه مجلس ألامن في إحدى قراراته‪ ،‬فضال عن تطوير ترسانتها الصاروخية‪ ،‬وتغلغلها عبر وكالئها في منطقة‬
‫الشرق ألاوسط‪ ،4‬بادعائها ردع ألاعداء واملنافسين الخارجيين من الدول الغربية خاصة الواليات املتحدة‪ ،‬مع املنافسين‬
‫إلاقليميين كإسرائيل ودول الخليج خاصة السعودية‪ ،‬رغم تشبث إيران بسلمية برنامجها النووي ورفض الشكوك‬
‫الدولية وإلاقليمية بوجود دوافع عسكرية وراءه‪.5‬‬

‫كما أنه على ضوئها تدرس مشاكل الحدود واملشاكل البينية بين الدول‪ ،‬فضال على أنها تقوم بدراسة املشاكل الاستراتيجية للدول كدراسة مشكلة الدولة املخنوقة‬
‫والدولة الحبيسة‪ ،‬وتعني أيضا بدراسة املعلومات والاحصائيات الدقيقة للموارد الدولية وألانشطة الاقتصادية املؤثرة في السياسة الدولية‪ ،‬وبالتالي فهي تنظر للعالم‬
‫كبقع قوة تحدد تراتبيتها وألادوار التي تلعبها‪ ،‬من أجل توصيف كل دولة لت‪،‬ن قوتها‪ ،‬مع تحديد ألاثار الجغرافيا على مكانة الدولة وحركتها التاريخية‪ ،‬وذلك بتوصيف‬
‫واستنتاج عوامل القوة والضعف كما هي في الحاضر‪ .‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫جاسم محمد‪ :‬جيوبوليتيك‪ ،‬عندما تتحدث الجغرافيا‪ ،‬تمكين للبحث والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ‪ ،2150‬ص ‪ .81-59:‬للمزيد من التعمق‪ ،‬راجع‪ :‬بيترتيلور‪ ،‬كولين فلنت‪:‬‬
‫الجغرافيا السياسية لعاملنا املعاصر‪ ،‬عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،282‬ترجمة‪ ،‬عبد السالم رضوان‪ ،‬إسحاق عبيد‪ ،‬يونيو ‪.2112‬‬
‫‪ -1‬الجيوبوليتيك هو فرع من الجغرافيا السياسية يمثل ضمير الدولة وطموحاتها واحتياجاتها ومصالحها في املستقبل مع كيفية حمايتها واملحافظة عليها وهو يعتبر‬
‫مفتاح للسياسة القومية‪ ،‬حيث يقوم بدراسة عبر دورة تاريخية كاملة لرسم معالم شخصية الدولة‪ ،‬أخذا في الاعتبار العالقة البينية للجغرافيا والتاريخ والسياسة‬
‫والاقتصاد وكيفية تفاعلهما‪ ،‬كما يقوم أيضا بدراسة عالقة الدولة بمحيطها الخارجي لرسم سياستها الخارجية وتصورها عن ذاتها ومحيطها مع جدليتها بالعالم‬
‫الخارجي فضال عن كيفية صياغة السياسات والنشاطات التي تحقق لها أكبر العوائد وتجنبها املخاطر‪ ،‬وبالتالي فهي تنظر الى املستقبل وفق معطيات الواقع وخبرة‬
‫التاريخ لرسم مسارا عاما للوصول اليه‪ .‬أنضر في هذا الصدد‪ :‬جاسم محمد‪ :‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ .81-56 :‬للمزيد من التعمق‪ ،‬راجع‪:‬‬
‫‪- FETTWEIS, Christopher J. Sir Halford Mackinder, geopolitics, and policymaking in the 21st century. The US Army War College Quarterly: Parameters,‬‬
‫‪2000, vol. 30, no 2, p. 3.‬‬
‫‪2 - Waltaz, Kenneth N. Structural Realisme After The Cold War, International Scurity, 2000, Vol 25,no1, P 24-38.‬‬

‫ملزيد من التعمق عن النظرية الواقعية للسياسة الدولية‪ ،‬راجع ‪:‬‬


‫‪- Waltz. Kenneth Neal, et al. Theory of International Politices, 1979.‬‬
‫‪ -3‬يشرح في هذا الصدد "يوهين شفاط هركابي ‪ "Harkabi‬في كتابه الحرب والاستراتيجية‪ ،‬أن جوهر مفهوم الردع هو التهديد من جانب ‪-‬واضح أو ضمني‪-‬بإلحاق ضرر‬
‫جسيم بخصمه‪ ،‬إذا اتخذ خطوة عدائية تجاهه‪ ،‬سيكون التهديد بالردع فعاال إذا اعتقد الخصم أن الشخص الذي يهدده يمتلك ألادوات والقدرة والتصميم على‬
‫تنفيذ تهديده فضال عن حاالت ردع متبادل‪ ،‬أي أن كل جانب لديه القدرة على ضرب ألاخر‪ ،‬في هذه الحالة من املمكن أن يتجنب كل طرف ضرب ألاخر خوفا من أن‬
‫تؤدي محاولة ضرب الخصم الى أضرار متبادلة خطيرة ال منتصر فيها‪ .‬راجع في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬أفرايم كام‪ :‬نظرية الردع إلايرانية‪ ،‬مركز دراسات ألامن القومي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬عبد الكريم أبو ربيع‪ 52 ،‬غشت ‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫» ‪ « https://www.atlas.ps/post/17489‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/59‬على الساعة ‪ .20h42‬وكذلك ايضا‪:‬‬
‫‪- Yarger. Harry R. The Strategic Appraisal : The Keytoeffective Strategy, The US Army Way College guide to National Security, 2008, na, 4 th. P 51-64.‬‬
‫‪4 - Groch, Jeffrey.L, Network-Centaic Warfare : Leveraging The Power of Information. US Army Wer College Cruid to National Security Tssues, 2008,‬‬

‫‪vol. 1. P 323-338.‬‬
‫‪ -5‬في هذا إلاطار صرح مرشد الثورة أمام مجلس الخبراء في مارس ‪" ،2118‬بأن القدرة العلمية هي أساس القدرة الاقتصادية والسياسية‪ ،‬وأية دولة ال تمتلك طاقة‬
‫كهربائية‪ ،‬وال تعتمد الطاقة النووية ستواجه مشكلة أساسية‪ ،‬لذا فالطاقة النووية احتياج حقيقي‪ ،‬وعلى املسؤولين أن يستمروا في التحرك باتجاه التقنية املتقدمة"‪.‬‬
‫راجع في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬طالل عتريس ي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني ليس خداعا من أجل التسلح‪ ،‬مجلة معلومة املركز العربي للمعلومات‪ ،‬بيروت‪ ،‬العدد‪ ،04 ،‬الخاص بامللف النووي إلايراني‪،‬‬
‫فبراير‪ ،2118،‬ص‪.509 ،‬‬
‫‪119‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومن هذا املنطلق تبرز لنا أهمية هذه الدراسة من خالل املقومات الجيوسياسية والجيوستراتجية إليران التي‬
‫تلعب دورا كبيرا في تحديد ماهية وشكل عالقتها البينية في إلاقليم‪ ،‬مع تحديد آليات التفاعل التي تحكم هذه العالقات‬
‫بسعيها لبناء استراتيجية توسعية للحفاظ على أهدافها الجيوبوليتيكية التي تتماش ى مع الدور الذي تشكله كمحور‬
‫تفاعلي في الشرق ألاوسط عن طريق تطوير برنامجها النووي و ترسانتها الصاروخية‪ ،‬باستغالل ذلك في فرض رؤيتها‬
‫الجيوبوليتيكية في اتفاق فيينا الجديد الذي سيحدد نفوذها وقوة أذرعها املنتشرة واملؤثرة في املنطقة‪ ،‬بالضغط على‬
‫أطراف الاتفاق من خالل تشابكها مع دول إقليمية أو دولية عبر انخراط القوى واملليشيات املرتبطة بها في صراعات‬
‫وتوترات في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن‪ ،‬فضال عن موجهتها للسياسة الغربية وإسرائيل والتنافس التركي معها‬
‫في املنطقة‪ ،‬كل هذه العوامل تمثل محورا للتوتر املتصاعد على املستوى إلاقليمي والدولي مما أدى الى تكريس سياسة‬
‫املحاور الدولية في إلاقليم‪.‬‬
‫وتبعا لذلك‪ ،‬فالدراسة تعالج إشكالية مدى توافق البرنامج النووي إلايراني ملقتضيات القانون الدولي وجدليته‬
‫باملتغيرات الجيوبوليتيكية على املستوى الدولي وإلاقليمي‪.‬‬
‫وإن معالجة هذه إلاشكالية تتطلب منا اعتماد النظرية الواقعية مع توظيف املنهج الوصفي‪ ،‬وذلك عن طريق تحليل‬
‫وتفسير قرارات مجلس ألامن وانعكاسها على امللف النووي إلايراني‪ ،‬الذي سيحدد مدى نفوذها في املنطقة وتداعياته‬
‫على املتغيرات السياسية والجيوبوليتيكية في املنطقة من خالل ردود الفعل الدولية والاقليمية‪.‬‬
‫ونظرا ملا تتطلبه منا هذه الدراسة من توضيح أزمة امللف النووي إلايراني وتداعياته على املستوى الدولي وإلاقليمي‪،‬‬
‫ُ‬
‫فرض علينا تقسيم هذه الدراسة الى ثالثة محاور وفق الشكل آلاتي‪:‬‬
‫املحور ألاول‪ :‬جدلية امللف النووي إلايراني بين القانون الدولي والتوسع الجيوبوليتيك في الشرق ألاوسط‬
‫املحور الثاني‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وتكريس سياسة املحاور الدولية على املستوي إلاقليمي‬
‫املحور الثالث‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وتكريس سياسة املحاور إلاقليمية في الشرق ألاوسط‬

‫املحور ألاول‪ :‬جدلية امللف النووي إلايراني بين القانون الدولي واملنظور الجيوبوليتيك في الشرق‬
‫ألاوسط‬
‫برزت ألازمة النووية إلايرانية على الساحة الدولية بعد هجمات ‪ 55‬سبتمبر ‪ 2115‬وتبني الواليات املتحدة الستراتيجية‬
‫الضربات الاستباقية مع عودة املفتشين إلى العراق‪ ،‬وفي خضم هذه ألاحداث وانشغال العالم باألزمة الكورية تم اكتشاف‬
‫البرنامج النووي إلايراني عن طريق صور ألاقمار الصناعية ملحطتين نوويتين لم يتم الكشف عنهما‪ .‬وحيث عرفت هذه‬
‫ألازمة عدة محطات بدأت باتهام إيران من قبل الدول الغربية والوكالة الدولية بانتهاك معاهدة منع انتشار ألاسلحة‬
‫النووية )‪ (NPT‬لسنة ‪ ،5468‬وعدم الت‪،‬امها بالبرتوكول إلاضافي‪ ،‬فضال عن تملصها من الت‪،‬امات الاتفاق النووي لسنة‬
‫‪ ،2151‬على الرغم من تشبث إيران بسلمية برنامجها النووي‪ ،‬الذي استغلته في فرض سياستها التوسعية مع تقوية‬
‫نفوذها بمنطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬وربما ستقوي مكانتها الجيواستراتيجية أكثر في حالة تم التوصل الى اتفاق جديد خالل‬
‫مفوضات فيينا الحالية‪ .‬ولعل هذا ما يستدعي منا إبراز مراحل تطور ألازمة النووية إلايرانية(أوال) من أجل فهم تداعيات‬
‫الاتفاق النووي في محادثة فيينا وتأثيره على الجيوبوليتيك باملنطقة (ثانيا)‪.‬‬

‫‪120‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أوال‪ :‬مراحل تطور ألازمة النووية إلايرانية على الساحة الدولية‬


‫عرف تطور ألازمة النووية إلايرانية عدة مراحل أساسية كان أولها إلاعالن والتحقيق بشأن اكتشاف بناء إيران‬
‫ملنشأتين نوويتين سريتين في "نطن‪ ،‬وأراك" عن طريق صور ألاقمار الصناعية املعلن عنهما في غشت‪ ،2112‬مما أدى إلى‬
‫تدخل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارة املدير العام وفريقه لطهران في فبراير ‪ 1.2110‬لتليها مرحلة التشديد والضغط‬
‫على إيران من قبل الدول الغربية والوكالة لحملها على التعاون الكامل والتوقيع على البروتوكول إلاضافي‪ ،‬ونتيجة إلعالن‬
‫إيران في يونيو‪ 2110‬القيام بتجربة جهاز مركزي وحيد في "نطنر"‪ ،2‬الش يء الذي أدى إلى إصدار الوكالة الدولية للطاقة‬
‫الدرية بيانها ألاول إشارة إلى انتهاك إيران التفاقية الحماية‪ ،‬وضغط و‪.‬م‪ .‬أ على الاتحاد ألاوروبي والوكالة الدولية برفع‬
‫امللف إلى مجلس ألامن‪.‬‬
‫وعلى هذا ألاساس‪ ،‬عرف البرنامج النووي إلايراني نوع من الانفراج تكلل بتوقيع إيران البرتوكول إلاضافي في‬
‫دجنبر‪ ،32110‬غير أنه عرف اختالفا في الرؤى حول تعليق التخصيب بين إيران والوكالة الدولية في نوفمبر ‪ 2110‬ونوفمبر‬
‫‪ .2119‬ومن ثم تلته مرحلة اتفاق باريس‪ ،‬أو "مفاوضات الترويكا"‪ 4‬املبدئي الذي وقع في نوفمبر‪ ،2119‬كركي‪،‬ة محورية‬
‫تدور من خالله تفاعالت ألازمة‪ ،‬والضغط الدولي على إيران لوقف التخصيب نهائيا‪ .‬لكن الرئيس إلايراني ألاسبق "أحمد‬
‫نجاده" أمر بوقف التعاون مع الوكالة الدولية واستئناف التخصيب‪ ،‬مما أدى بالوكالة الدولية الى رفع امللف الى مجلس‬
‫ألامن في فبراير ‪ ،52116‬نتيجة صدور قرار مجلس املحافظين وتلميح طهران في الذكرى السابع والعشرين بانتصار الثورة‬
‫إلى الانسحاب من املعاهدة‪ ،‬وإلغاء العمل بالبروتوكول إلاضافي واستئنافها التخصيب في منتصف فبراير ‪ ،2116‬صعدت‬
‫و‪ .‬م أ باتهام إيران بزعزعة استقرار املنطقة ودعمها لإلرهاب‪ ،6‬مما أدى إلى تطورات حادة تمثلت بمواجهة إيران للمجلس‬

‫‪ -1‬أكد وزير الخارجية "خرازي" أن موقف إيران يتسم بالشفافية‪ ،‬وأنها كانت قد عرضت تلك املشروعات على الوكالة ووافقت عليها وهي تحت إشرافها ورقابتها‪ ،‬وأعلن‬
‫عن خطط إيران النورية لبناء منشآت نورية على مدة العشرين عاما القادمة إلنتاج ‪ 6111‬ميغاواط سنويا‪ ،‬راجع بهذا الصدد‪:‬‬
‫أحمد إبراهيم محمود‪ :‬البرنامج النوري إلايراني‪-‬آفاق ألازمة بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد‪ ،‬مركز ألاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪،2111 ،‬‬
‫ص‪.511-598‬‬
‫‪ -2‬في مقاربة أمريكية – أوروبية صدر بيان مشترك قبل نهاية يونيو ‪ ،2110‬أشار إلى القلق من املعلومات الواردة في تقرير الوكالة‪ ،‬وطلب من إيران التعاون الكامل معها‬
‫وتصحيح حاالت الفشل ووجوب التوقيع على البروتوكول إلاضافي‪ ،‬بقيام ووزير البريطاني أوال بزيارة طهران لحثها على التوقيع‪ ،‬وأيد الجانب الروس ي ذلك‪ .‬راجع بهذا‬
‫الصدد‪ :‬سكوت ريتر‪ :‬استهدف إيران – حقيقة الخطط التي يعدها البيت ألابيض لتغيير النظام‪ ،‬ترجمة أمين ألايوب‪ ،‬الدار العربية للعوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬ط‪ ،2119 ،5‬ص‬
‫‪.508-506‬‬
‫‪-3‬يوجب هذا البرتوكول على الدول املصادقة عليه‪ ،‬تقديم معلومات أكثر دقة من التي يؤمنها نظام ضمانات تطبيق معاهدة الحضر كما يسمح بتفقد منشآت ال تنص‬
‫املعاهدة على تفتيشها كما يلزم الدول املوقفة عليه بمنح املفتشين خالل شهر تأشيرات دخول صالحة ملدة عام‪ .‬راجع بهذا الصدد‪:‬‬
‫البروتكول إلاضافي للتحقق من الضمانات النورية ‪ IAEA‬على موقع الوكالة الدولية للطاقة الدرية‪ https://ww.iaea.org ،‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122-15-19‬على‬
‫الساعة ‪.54.11‬‬
‫‪ -4‬دول الترويكا‪ :‬مصطلح سياس ي يشير إلى اجتماع ثالث دول على رأي سياس ي واحد تجاه قضية معينة‪ ،‬وأشهر الترويكا الدولية هي دول الترويكا ألاوربية‪" ،‬بريطانيا‬
‫وفرنسا وأملانيا"‪ ،‬حيث كان لها اتجاها سياسيا واحدا تجاه قضية امللف النووي إلايراني " ودول الترويكا‪ :‬و‪ .‬م‪ .‬أ وبريطانيا والنرويج تجاه جمهورية السودان‪ .‬للتعمق‬
‫أكثر أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬عامر كامل أحمد‪ :‬موقف الترويكا ألاوربية من البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬دراسات دولية‪ ،‬العدد ‪ ،2155 11‬مركز الدراسات الدولية‪ ،‬جامعة بغداد‪.‬‬
‫‪ -5‬أنظر‪ :‬الوثيقة ‪ GOV/2006/15, Date : 28 February 2006‬منشور على املوقع التالي ‪ https://www.iaea.org » files PDF :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪2122/15/19‬‬
‫على الساعة ‪54h30‬‬
‫‪ -6‬كما جاء في خطابه حول استراتيجية ألامن القومي في ‪ 54‬يونيو ‪ " :2116‬إيران أصعب التحديات ‪ ...‬ليس بسبب نشاطاتها النورية‪ ،‬بل لدعمها املستمر لإلرهاب‪،‬‬
‫وتهديداتها إلسرائيل"‪ ،‬مؤكدا الت‪،‬امه بتغيير النظام‪ ،‬ودعم املعارضة‪ .‬للمزيد من الاطالع راجع‪:‬‬
‫‪ -‬سكوت ريتر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291-264‬‬
‫‪121‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ألامن الذي صدور عنه سبعة قرارات في حقها‪ ،‬فيما ظلت إيران تجادل حول سلمية برنامجها والت‪،‬امها بمعاهدة الحظر‪،‬‬
‫وحقها القانون في التخصيب‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك‪ ،‬جاءت مواقف القوى الكبرى متباينة بين مؤيدين لرفع امللف إلى مجلس ألامن تحت الفصل السابع‬
‫وبين معارضين لذلك‪ .‬واحتد الجدل بتقديم الترويكا ألاوروبية بدعم أمريكي في ماي ‪ 2116‬مشروع قرار إلى مجلس ألامن‬
‫تحت الفصل السابع يوجب على إيران تعليق التخصيب وإعادة املعالجة وكل عمليات البحث والتطوير‪ ،‬غير أن معارضة‬
‫روسيا والصين توج بسحب هذا مشروع في ‪14‬ماي ‪.12116‬‬
‫وهكذا‪ ،‬بعد عدة مناورات داخل مجلس ألامن وخارجه قامت بها كل من إيران وروسيا والصين ضد أي مشروع قرار‬
‫يتخذ تحت الفصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪ ،2‬أصدر مجلس ألامن قراره رقم ‪ 5646‬في يوليوز ‪ ،2116‬استنادا‬
‫على املادة ‪ 91‬من الفصل السابع‪ ،3‬مؤكدا فيه على أهمية الجهود الدبلوماسية‪ ،‬ومحذرا إيران بأن تتخذ جميع التدابير‬
‫التي طلبها مجلس املحافظين في فبراير ‪ ،2116‬وتسوية جميع مسائل التخصيب وإعادة التجهي‪ ،‬وتعليقها لبناء الثقة‪ ،‬مع‬
‫التنويه بمقترحات املجموعة (‪ )5+1‬ومطالبا جميع الدول منع تداول ونقل أي سلع وأصناف تساهم في أنشطة إيران‬
‫النووية‪ ،‬وباملقابل واجهت إيران هذا القرار بإعالنها في غشت ‪ ،2116‬تمسكها بحقوقها املشروعة واستمرارها في‬
‫التخصيب‪.‬‬
‫وبفشل مفاوضاتها مع الترويكا ألاوربية في منتصف أكتوبر ‪ ،2116‬تكثفت الاتصاالت بين مجموعة (‪ )5+1‬بغرض‬
‫التوصل إلى قرار توافقي بفرض العقوبات املطلوبة في قرار املشروع الذي قدمته الترويكا بموجب املادة ‪ 95‬من الفصل‬
‫السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪ ،4‬أعلنت إيران عن نجاحها في استخدام سلسلة ثانية من أجهزة الطرد في "نطن‪ "،‬في‬
‫أكتوبر ‪ ،2116‬ألامر الذي نتج عنه مفاوضات مكثفة بين مجموعة (‪ )5+1‬تمكنت من خالله و‪ .‬م ‪.‬أ والاتحاد ألاوروبي‬
‫من احتواء معارضة روسيا والصين في اجتماع باريس لفرض العقوبات‪ ،‬وبموجبه أصدر مجلس ألامن قراره رقم ‪5909‬‬
‫‪5‬في دجنبر ‪ 2116‬بناء على املادة ‪ 95‬من فصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪.‬‬
‫ومع تعنت إيران واستمرارها بعمليات التخصيب عادت املفاوضات من داخل مجلس ألامن قرابة ‪ 0‬أسابيع وانتهت‬
‫بإصدار قرار رقم ‪ 65999‬في مارس‪ 2119‬استنادا على املادة ‪ 95‬من الفصل السابع بتشديد العقوبات السابقة‪ .‬وتبعا‬
‫لذلك في سنة ‪ 2118‬اتخذ مجلس ألامن قرارين ألاول قرار رقم ‪ 75810‬في مارس‪ 2118‬أكد فيه على قراراته السابقة‪ ،‬مع‬

‫‪ -1‬سكوت ريتر‪ :‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.269‬‬


‫‪ -2‬وقع ميثاق ألامم املتحدة في ‪ 26‬يونيو ‪ 5491‬في سان فرانسيسكوا في ختام مؤتمر ألامم املتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذا في ‪ 29‬أكتوبر ‪.5491‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪ https://www.un.org :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪2122/15/12‬‬
‫‪ -3‬أنظر املادة ‪ 91‬من الفصل السابع مليثاق ألامم املتحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬أنظر املادة ‪ 95‬من الفصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪.‬‬
‫‪-5‬قرار مجلس ألامن التابع لألمم املتحدة رقم ‪ 5909‬الصادر باإلجماع في ‪ 20‬ديسمبر ‪.2116‬‬
‫فرض القرار عقوبات على إيران لفشلها في وقف برنامج تخصيب اليورانيوم بعد القرار ‪ 5446‬وحظر توريد التكنولوجيا واملواد ذات الصلة بالطاقة النووية‪ .‬وجمد‬
‫ألاصول التي تدعم أو ترتبط باألنشطة النووية إلايرانية املتعلقة باالنتشار النووي وأنشأ لجنة (تعرف باسم لجنة ‪ )5909‬لإلشراف على تنفيذها‪ .‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫)‪ https://www.un.org.SIRES/1737(2006‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/11‬‬
‫‪-6‬قرار ‪ 5999‬اتخذه مجلس ألامن في جلسته ‪ 1699‬املعقود في ‪/29‬مارس ‪ .2119‬وثيقة )‪ s/RES/1747(2007‬منشور على الرابط التالي‪https://www.mfar.gov.il :‬‬
‫‪ MFAA‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/16‬‬
‫‪ -7‬طالب مجلس ألامن بموجب املادة ‪ 95‬من الفصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪ ،‬إيران بالتوقف والامتناع عن أي وكل تخصيب لليورانيوم‪ ،‬كما طالب إيران‬
‫بوقف أي بحث أو تطوير يتعلق بأجهزة الطرد املركزي وتخصيب اليورانيوم‪ .‬قرار رقم‪ 5810‬اتخذه مجلس ألامن في جلسته رقم ‪ 1898‬املعقودة في ‪ 0‬مارس ‪،2118‬‬
‫وثيقة‪ https://www.un.org S/RES/1803 (2008) , 27, Juin :‬ألامم املتحدة – مجلس ألامن‬
‫‪122‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اعرابه عن القلق إزاء تقارير املدير العام للوكالة بعدم الت‪،‬ام إيران بالوقف التام والدائم ألنشطتها النووية‪ ،‬مع التأكيد‬
‫على تعزيز سلطة الوكالة ومجلس املحافظين‪ .‬وفي نفس السنة جاء القرار الثاني بعد صدور إعالن املدير العام للوكالة‬
‫الدولية في فبراير ‪ ،2118‬باستمرار إيران في أنشطتها النووية‪ ،‬فتخذ مجلس ألامن القرار رقم ‪ 15810‬في شتنبر‪2118‬‬
‫للتأكيد على القرارات السابقة فضال عن الدعوة إلى حل تفاوض ي‪ ،‬مع مطالبة إيران بااللت‪،‬ام بقرارة مجلس ألامن وقرات‬
‫مجلس املحافظين‪ .‬هذا‪ ،‬ومع بقاء الوضع كما هو عليه بعد سنة أصدر مجلس ألامن قرار رقم ‪ 25889‬غير أنه لم يأتي‬
‫بجديد بخصوص هذا امللف‪ .‬إال أنه بعد فشل مقترح "لجنة فيينا" في أكتوبر ‪ 2114‬بمبادلة الوقود النووي مع إيران‬
‫واكتشاف منشأة نووية سرية تحت ألارض ضمن قاعدة عسكرية قرب مدينة "قم" وعقب مداوالت عديدة بين مجموعة‬
‫(‪ )5+1‬لفرض عقوبات جديدة التي عارضتها الصين وروسيا‪ ،‬جاء تقرير الوكالة الذرية في ماي‪ 2151‬بعدم توقف إيران‬
‫ألنشطة التخصيب وإعادة املعالجة وعدم استئنافها العمل بالبرتوكول إلاضافي‪ .‬مما أدى بإيران إلى الاتفاق مع تركيا‬
‫والبرازيل في ماي‪ 3،2151‬على مبادلة الوقود النووي بضمان ووساطة تركيا على أراضيها‪ ،‬إال أن و‪.‬م‪ .‬أ رفضت وصممت‬
‫إلى جانب إلاتحاد ألاوربي على فرض العقوبات وقلب املوقف الروس ي والصيني لصالحهما‪ ،‬وهو ما توج باتخاذ مجلس‬
‫ألامن في يونيو ‪ 2151‬قراره رقم ‪ 45424‬بفرض املزيد من العقوبات املشددة على إيران‪.‬‬
‫غير أن تدخل سلطنة عمان على الخط للعب دور الوساطة بين أمريكا وإيران أدى إلى التوصل التفاق جنيف في‬
‫نونبر‪ 5،2150‬الذي كان بمثابة خارطة الطريق لسير املفوضات من أجل الوصول إلى اتفاق شامل‪ .6‬فضال عن تعهد‬
‫الاتحاد ألاوربي سنة ‪ 2159‬إلى رفع بعض العقوبات عن إيران ملدة ‪ 6‬أشهر‪ ،‬الش يء الذي توج بالتوصل لالتفاق النووي‬
‫سنة‪ 2151‬املعروف بخطة عمل الشاملة املشتركة )‪ .(JCPOA‬ليصدر مجلس ألامن بعد ذلك باإلجماع القرار رقم ‪2205‬‬
‫في يوليو ‪ 72151‬يؤكد فيه هذه الخطة والدعوة الى رفع العقوبات الدولية عن إيران مقابل تخليها عن الجانب العسكري‬
‫من برنامجها النووي‪.‬‬

‫‪ -1‬قرار مجلس ألامن رقم ‪ 5801‬اتخذه في جلسته ‪ 1489‬املعقود في ‪ 29‬سبتمبر ‪ (S/RES/1835/2008) :2118‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.un.org :‬ألامم‬
‫املتحدة – مجلس ألامن‪.‬‬
‫على الرابط التالي‪ https://www.un.org :‬ألامم‬ ‫منشور‬ ‫‪ -2‬قرار مجلس ألامن رقم‪ 5889‬اتخذه في جلسته ‪ 6515‬املعقود في ‪ 29‬سبتمبر‪(S/RES/1887/2009) :2114‬‬
‫املتحدة – مجلس ألامن‪.‬‬
‫‪ -3‬هو اتفاق وقعته إيران مع تركيا والبرازيل بخصوص تبادل الوقود النووي مع إيران والغرب‪ ،‬ويحدد الاتفاق ضوابط هذا التبادل‪ ،‬وتشجيع الحوار بين الطرفين‪.‬‬
‫منشور على املوقع التالي ‪ https://www.aljazeera.net‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/51‬‬
‫‪ -4‬هذا القرار حظر إيران من مشاركتها إ في أي نشاط تجاري أو استثماري‪ ،‬وحظر جميع املؤسسات املالية التعامل الدولي مع البنوك إلايرانية‪ .‬للمزيد من الاطالع راجع‪:‬‬
‫قرار مجلس الامن في جلسته ‪ 6001‬املعقودة في ‪ 14‬يونيوا ‪ S/RES/1929 (2010):2151‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.un.org» security counul :‬نفس تاريخ‬
‫الاطالع‪.‬‬
‫‪ -5‬الزويري محجوب‪ :‬مفاوضات امللف النووي إلايراني من جنيف الى فينا‪ ،‬املركز العربي لألبحاث والدراسات السياسية‪ ،‬نوفمبر ‪ ،2159‬ص ‪.1-9‬‬
‫‪ -6‬عند وصول الرئيس روحاني إلى رئاسة الجمهورية في إيران والذي عرف بالدبلوماسية وله فهم خاص في الدبلوماسية أوضحه في أحد كتبه قائال "إنها فن فهم منطقة‬
‫وتقدير قوتها ومكانتها وإيجاد الفرص الستغالل ألاوقات الحرجة"‪ .‬انظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪- Hassan Rouhani, Andishha Ye- Siyasi elslam (Islamic political thought) vol.2, Tehran, Inticharat ekumayl, 2009, p 69.‬‬
‫‪-7‬إلى جانب تأكيده رفع العقوبات الدولية املفروضة على إيران‪ ،‬حضر القرار على هذه ألاخيرة نقل وإصدار وتصدير ألاسلحة واملواد النووية الحساسة والصواريخ أو‬
‫أنظمة الصواريخ للمدة املحددة في الاتفاق عندما تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران نفذت الت‪،‬اماتها النووية‪ ،‬ستلغي جميع القرارات السابقة بعد ‪51‬‬
‫سنوات من تاريخ الانضمام إلى خطة العمل الشاملة املشتركة )‪ ،(JCPOA‬واملعروف أيضا باسم الاتفاق النووي إلايراني‪.‬‬
‫اتخذ مجلس ألامن التابع لألمم املتحدة في جلسة ‪ 9988‬املعقود في ‪ 21‬يونيو ‪ 2151‬القرار رقم ‪ ،2205‬الصادر باإلجماع‪ ،‬مؤيدا لخطة العمل الشاملة املشتركة)‪،(JPOA‬‬
‫وثيقة ‪.S/RES/2205/2151‬‬
‫‪123‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وباإلضافة الى ذلك فإن ما زاد ألامر صعوبة فشل مؤتمر استعراض معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية لعام‬
‫‪ ،12151‬بسبب الخالف بين الدول املشاركة حول مسألة جعل منطقة الشرق ألاوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل‪،‬‬
‫و تأجيل املؤتمر الاستعراض ي العاشر إلى سنة ‪2 2122‬بسبب الجائحة )‪ ،(covid 19‬وانسحاب الرئيس ألامريكي السابق‬
‫"دونالد ترامب" من خطة العمل الشاملة املشتركة سنة ‪ ،2158‬وفرضه سياسة الضغوط القصوى على إيران بفرض‬
‫عقوبات اقتصادية جديدة شملت قطاعات النفط والتعدين واملصارف‪ ،‬من أجل الضغط عليها إلعادة التفاوض حول‬
‫برنامجها النووي والصاروخي والتدخل إلايراني إلاقليمي‪ ،‬حيث كل هذه ألاسباب أدت إلى خالفات عميقة وتأزم الوضع‬
‫بين و‪ .‬م‪ .‬أ وحلفائها ألاوربيين من جهة وبين املحور إلايراني من جهة أخرى‪ .‬ولعل هذا ما أدى إلى استأنف مفاوضات‬
‫فيينا في ‪ 24‬نوفمبر ‪ ،2125‬برئاسة الترويكا ألاوربي وروسيا والصين وإيران‪ ،‬في حين تشارك و‪ .‬م‪ .‬أ فيها على نحو غير‬
‫مباشر بسبب رفض إيران الجلوس معها وجها إلى وجه‪ ،3‬بسبب اصرار طهران على رفع العقوبات الاقتصادية كاملة‬
‫عنها‪ ،‬والقبول بالتطورات التقنية التي حققها برنامجها النووي‪ ،4‬خالل السنوات التي أعقبت انسحاب واشنطن‪،‬‬
‫وتعديل بعض ببنود اتفاق ‪ .2151‬في املقابل تشترط إدارة "جون بايدن" أن تلت‪،‬م إيران ببنود الاتفاق على نحو كامل‬
‫قبل النظر في رفع أي عقوبات عنها‪ ،‬الى جانب تهديد إسرائيل بأنها لن تكون ملزمة بأي اتفاق مع إيران وبأنها تحتفظ‬
‫بخيارات الرد على برنامج إيران النووي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الاتفاق النووي الجديد وتداعياته على إيران‬
‫جاء تحديد موعد الجلسة الثامنة من مفاوضات فيينا بين إيران ومجموعة (‪ ،)5+1‬تزامنا مع الذكرى الثانية الغتيال‬
‫قائد فيلق القدس السابق "قاسم سليماني" تكملة للمفاوضات التي استأنفت في ‪ 25‬أبريل ‪ ،2125‬حيث خاض الطرفان‬
‫سبعة جوالات منها‪ ،‬خلق خاللها تقدما في طريق العودة إلى الاتفاق النووي‪ ،‬ومن ثم توقفت املفاوضات مع الجولة‬
‫السادسة مع انتخاب إدارة جديدة في طهران‪ ،‬بقيادة الرئيس املحافظ "إبراهيم رئيس ي" خلفا لرئيس ألاسبق "حسن‬
‫روحان"‪ ،‬برفض الالت‪،‬ام بنتائج املفاوضات التي حققتها الحكومة السابقة مع استئناف املفاوضات‪ .‬وهذا ما أكدته نتائج‬
‫الجولة السابعة التي لم تحقق أي تقدم سوى تقدم طفيف على املستوى التقني‪ ،‬فما هي تداعيات مفاوضات فينا على‬
‫إيران؟ خاصة بعد تملصها من الالت‪،‬امات التي كان يفرضها الاتفاق النووي لسنة ‪ ،2151‬بحجة انسحاب و‪.‬م‪ .‬أ من‬
‫الاتفاق سنة ‪.2158‬‬

‫‪ -1‬تنص معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية في الفقرة ‪ 0‬في املادة ‪ 8‬منها‪ ،‬على استعراض سير معاهدة عدم الانتشار وتمديدها عام ‪ 5441‬وكذلك أكد عليها مؤتمر‬
‫استعراض املعاهدة عام ‪ .2111‬املؤتمر الاستعراض ي العاشر لألطراف في معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية‪ ،‬ألامم املتحدة‪ .‬راجع في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪- 2015 Review Conference of the parties to the Treaty on the Non- proliferation os Nuclear Weapons (NPT), United Nations, 27 April to 22 May 2015.‬‬
‫‪https://www.un.org/en/conf/npt/2015/‬‬
‫‪2 -Letter from the president –designate of the tenth NPT Review conference H.E.Anbassador Gustavo Zlauvinen to all states parties regardirg the‬‬

‫‪postponement of the tenth NPT Review Conference. NPT conference 2020- EN / United Nations, 30 December 2021. http://www.un.org/en/‬‬
‫‪conferences, npt 2020.‬‬
‫‪ -3‬مفاوضات فيينا النووية‪ ،‬حسابات واشنطن وطهران املفاوضة‪ ،‬وحدة الدراسات السياسية‪ ،‬سلسلة تقدير موقف‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسات السياسات‪6 ،‬‬
‫ديسمبر ‪.2125‬‬
‫‪ -4‬حسب تقرير أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران رفعت مخزونها من اليورانيوم املخصب إلى أكثر من ‪ 61‬باملائة وهو ما يمثل انتهاك اللت‪،‬اماتها بموجب‬
‫الاتفاق الدولي حول امللف النووي إلايراني لسنة ‪ ،2151‬تقرير الوكالة الدولية صادر يوم ألاربعاء ‪ 59‬نوفمبر ‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪https : news.un.org/ :‬‬
‫‪ ar/ tags/lwkl-Idwly-llutq-tdhry/date/2021‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/52‬‬
‫‪124‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -1‬انعكاس الاتفاق النووي على السياسة الداخلية إليران‬


‫على عكس ما كان متوقع من الرئيس املحافظ إلايراني "إبراهيم رئيس ي" استمر في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي‬
‫بالعاصمة النمساوية فيينا‪ ،‬بدافع الت‪،‬ام انتخابي داخلي يقض ي برفع العقوبات الاقتصادية‪ ،‬وهذا ما أكده في خطاب‬
‫تسلمه "حكم رئاسة الجهورية" يوم ‪ 0‬غشت ‪ ،2125‬وكما جاء أيضا في خطابه الرسمي أمام البرملان يوم ‪ 1‬غشت‬
‫‪ 1،2125‬باستمراره في مفاوضات فيينا‪ ،‬خاصة مع توافق آلاراء السياسية الداخلية‪ ،‬سواء القوى التقليدية (الحرس‬
‫النووي‪ +‬رجال الحوزة الفقهية) أو إلاصالحيين‪ ،‬حول مبدأ التفاوض‪ ،‬بشرط عدم املساس بقدرات إيران وبأمنها القومي‪.2‬‬
‫وفي حالة نجاح الرئيس املحافظ إلايراني "إبراهيم رئيس ي" في رفع العقوبات عن طريق مخرجات اتفاق فيينا‪ ،‬فإنه‬
‫سيعزز وضعه الداخلي‪ ،‬وسيقوي مركزه السياس ي على حساب كل ألاطراف ألاخرى‪ ،‬وهو ألامر الذي سيؤدي الى تحرير‬
‫ألاموال إلايرانية في البنوك الغربية لتجاوز املشاكل الاقتصادية والاجتماعية الداخلية‪.‬‬
‫‪ -2‬على مستوى تطوير البرنامج النووي‬
‫استغلت إيران خروج و‪ .‬م‪ .‬أ من اتفاق عام ‪ ،2158‬بخروجها من الضوابط التي كانت تحكمها فيما يتعلق بتطوير‬
‫عناصر برنامجها النووي التفاق ‪ ،2151‬حيث تجاوزت في إنتاجها أجهزة الطرد املركزي كما ونوعا‪ ،‬مما أدى الى تحقيق‬
‫قفزات كبيرة منذ عام ‪ 2154‬في تخصيب اليورانيوم بنسبة ‪ ،3% 21‬بتطويرها أجهزة الطرد املركز من صنف ‪ IR-1‬إلى‪IR-‬‬
‫‪ .4 9‬في املقابل تصر واشنطن وحلفائها على ضرورة الت‪،‬ام طهران بنسبة تخصيب ال تزيد على ‪ % 0.69‬وأال تتجاوز‬
‫مخزونها من اليورانيوم ‪ 011‬كيلوغرام كما ينص عليه اتفاق ‪ .2151‬حيث ترى إدارة "بايدن "أن إيران حققت قفزات‬
‫مهمة في تخصيب اليورانيوم بنسبة ‪ ،% 61‬مما يجعلها نظريا قادرة على صناعة السالح النووي‪ .5‬ولعل هذا ما جعل‬
‫إيران مصممة على مواصلة املفاوضات انطالقا من هذه النقطة‪ ،‬مع الضغط عبر أذرعها في العراق وسوريا ولبنان‬
‫واليمن من أجل تحسن وضعها التفاوض ي‪ .6‬وبالتالي فإن التأمل في مسار الاتفاق النووي إلايراني سواء بالرجوع إلى‬

‫‪ -1‬محمد محسن أبو النور‪" :‬إبراهيم رئيس ي" يمسك رسميا كتال من الجمر املشتعل‪ ،‬املنتدى العربي لتحليل السياسات إلايرانية‪ .2125/18/0 ،‬منشور على الرابط‬
‫التالي; ‪ https://bit.1y/3rRPY6B‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/52‬‬
‫إيران الصادر عام ‪ 5494‬شامال تعديالته لغاية عام ‪ ،constitute 5484‬ترجمة‬ ‫دستور‬ ‫‪ -2‬تنص املادة ‪ 551‬من الدستور إلايراني على وظائف القائد وصالحياته‪،‬‬
‫املؤسسة الدولية للديمقراطية‪ ،‬ص ‪ .29-20‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.constituteproject.org/constituion/Iran_1989?lang=ar‬‬
‫‪3-Nicole Gaouette, Kylie Atwood, Jemifer Hansler, "Iran Nuclear Taks Restart as participants Draw their Lines in the Sand" , CNN, November 29, 2021,‬‬

‫‪at :https://cnn.it/3Insd9v.‬‬
‫‪-4‬جدير باإلشارة هنا أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية سجلت وضع ‪ 8‬مجموعات جديدة في املوقع النووي الذي تعرض النفجار نسب إلى إسرائيل‪ ،‬وحسب تقرير‬
‫الوكالة الذرية التابعة لألمم املتحدة في ‪ 25‬ابريل ‪ ،2125‬أنه تم تركيب ‪ 6‬مجموعات متتالية تصل إلى ‪ 5199‬جهاز طرد مركزي من طراز ‪ ،IR-2‬ومجموعتين مما يصل‬
‫إلى ‪ 098‬جهاز طرد مركزي من طراز ‪ IR.4‬ويتم استخدام عدد منها‪ .‬وفي ‪ 51‬أبريل ‪ 2125‬أعلنت إيران أنها بدأت تشغيل أجهزة طرد مركزي أكثر تطورا من طراز‪IR-6‬‬
‫و‪ IR-5‬تعمل على تخصيب اليورانيوم بشكل أسرع‪ ،‬كما يعمل برنامج النووي إلايراني على تطوير أجهزة طرد مركزي من طراز‪ ، IR-8‬كما صرحت إيران بأنها بدأت‬
‫اختبارات ميكانيكية على جهاز طرد مركزي‪ IR-9‬الذي سيكون أسرع ب ‪ 11‬مرة من أول جهاز طرد مركزي إيراني ‪.IR-1‬‬
‫وكالة ألامم املتحدة للطاقة الذرية‪ :‬إيران قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة إضافية في منشأة نطن‪ ،The Times of Israel .،‬منشور على الرابط التلي‪:‬‬
‫‪https://ar.timesofisrael.com/‬‬
‫‪ -5‬يعتبر اليورانيوم ‪ 201‬هو فقط القابل لالنشطار النووي‪ ،‬وإلحداث الانشطار البد من زيادة اليورانيوم ‪ 201‬في اليورانيوم الطبيعي بنسبة (‪ 3%‬و‪ )4%‬تبعا لنوع‬
‫املفاعل النووي املنتج للطاقة وهنا تكون أما الاستخدام السلمي للطاقة النووية‪ ،‬أما في الاستخدام العسكري أي في حالة انتاج ألاسلحة النووية فيجب زيادة تخصيب‬
‫اليورانيوم ‪ 201‬في اليورانيوم الطبيعي بنسبة ( ‪20%‬و‪ )%41‬وذلك تبعا لنوع السالح النووي‪ ،‬للمزيد من التفاصيل راجع‪:‬‬
‫كارلتون بيرل‪ :‬ألاعجوبة العاشرة الطاقة النووية‪ ،‬دار اليقظة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة ‪ ،5418‬ص‪.51‬‬
‫‪ -6‬إبراهيم ريحان‪ :‬إيران املفلسة مستعجلة‪ :‬نريد املال والضمانات‪ ،‬ألاحد‪/4 ،‬يناير ‪ .2122‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.asasmedia.com/news/391254‬تم الطالع عليه بتاريخ ‪/50‬‬
‫‪125‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الاتفاق القديم أو الاتفاق على الوضعية الحالية يمثل تنازال تلزمه تنازالت مقابلة من الواليات املتحدة ألامريكية والدول‬
‫املشاركة في املحادثات‪ ،‬سيما بعد تشبث إيران بأن تقدم واشنطن وحلفائها ألاوروبيين ضمانات بعدم فرض عقوبات‬
‫جديدة عليها في املستقبل في حال حدوث تغيير في إلادارة ألامريكية ومجيئ الرئيس الجديد الذي اعتبرته إدارة "بايدن"‬
‫باألمر املستحيل‪.1‬‬
‫‪ -3‬تشابك القدرات النوعية العسكرية إليران‬
‫استغلت إيران قدراتها النوعية العسكرية بتوظيفها في بناء استراتيجية معقدة ومركبة باملنطقة من أجل الضغط‬
‫وتحسين موقعها في التفاوض وفرض أمر الواقع‪ ،‬وذلك بإتباع استراتيجية الهجوم حتى ولو كانت بصدد التراجع أو‬
‫الالتفاف أو املناورة‪ ،‬واملزج بين املواقف السياسية وإلاعالمية والاستعدادات العسكرية‪ ،‬من خالل استعراضات مكثفة‬
‫لعناصر قوتها الردعية أو الهجومية أو إلاعالن عن تطوير أسلحة جديدة‪ ،‬إضافة الى إدارة استراتيجية الحريق‪ ،‬بإشعال‬
‫املنطقة كلها من خالل أدواتها و أذرعها عند تعرضها للهجوم‪ ،‬إلى جانب بناء استراتيجية على أساس الاقتراب من الخصم‬
‫والالتصاق به من خالل التصادم والتفاعل عن طريق التماس كما فعلت مع الوجود ألامريكي في العراق وأفغانستان‪،‬‬
‫وكذلك مع إسرائيل من خالل حزب هللا والجماعات املسلحة‪ ،2‬واستخدام جماعة الحوثي في اليمن واتباعها نفس‬
‫الاستراتيجية بتوظيف حزب هللا وفيلق القدس في غرب وشمال إفريقيا‪.‬‬
‫ومن هذا املنطلق‪ ،‬فإنه من املتوقع أن تضع طهران قدراتها العسكرية النظامية وال‪-‬تماثلية على رأس أولويات‬
‫القطاعات املستفيدة من رفع العقوبات الاقتصادية باإلفراج عن ألاصول املالية املجمدة‪ ،‬مما سينعكس ذلك على‬
‫قدراتها إيجابيا‪ ،‬والتي تتجلى فيما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬ترسانة الصواريخ الباليستية‬
‫يعد تعاظم دقة ترسانة الصواريخ الباليستية حتى مدى ‪ 2111‬كلم التي ال تزال تنمو من حيث الحجم واملدى‬
‫والدقة‪3‬ضمن معوقات احياء الاتفاق النووي‪ ،‬الذي تم إرفاقه من قبل الدول الغربية على طاولة املفاوضات بالبرنامج‬

‫‪1 -Ali Bagheri Kani, «Talks must address renouval of sanctions,» financial times, November, 28,2021, at : https://on.ft.com/3Gh2dj1.‬‬

‫‪ -2‬اختارت إيران استراتيجية مبنية على نموذج الردع القائم على حرب الاستن‪،‬اف التي يراد من خاللها أن تزيد من املخاطر التي تجابه الخصم والتكاليف الباهظة التي‬
‫يتحملها العدو‪ ،‬والهدف هو الحاق الهزيمة النفسية التي تمنع استعداد العدو للقتال‪ ،‬نظرا لعدم قدرته على مواجهة خصوم متفوقين عليه تقنيا كالواليات املتحدة‬
‫ألامريكية‪ .‬للمزيد من الاطالع راجع‪:‬‬
‫‪- Michael Conneil : Iran’s Military Doctrine, United States Institute Of peace, Washington, 2010, p 15, this search publisher in the linke for the‬‬
‫‪web://iranprimer.usiss.org/ sites/iranprimer. Usip.org/ files/iran_s%20M Ilitary %20 Doctrine. PDF. https://www.nahrainuniv.edu.iqPDF‬‬
‫‪ -3‬وتجدر إلاشارة أنه منذ عام ‪ ،2151‬تم دمج مي‪،‬ة التوجه الدقيق النهائي الذي أصبح يمتلك إمكانيات أكبر من خالل استخدام صاروخ "عماد" يمكن "للحرس الثوري"‬
‫إلايراني توجيه رأس حربي فاصل للحصول على توجيه عالي الدقة على نطاقات يقترب من ‪ 5911‬كلم‪ ،‬وفي عام ‪ 2159‬أدخلت إيران صاروخ" خرمشهر" حيث تم تطوير‬
‫تشكيل محرك الوقود السائل الخاص به بمساعدة كوريا الشمالية‪ ،‬قادر على حمل أوزان كبيرة قد تشمل رؤوس حربية نووية مصغرة تصل إلى مدى ‪ 2111‬كلم‪ ،‬وفي‬
‫سنة ‪ 2121‬تم الكشف عن صاروخ "خرمشهر‪ "2‬برأس حرب قابل للتوجيه‪ ،‬مما يمكنه من توفير دقة أعلى وقدرة على البقاء على مدى يتجاوز ‪ 2111‬كلم إذا كان‬
‫مسلحا برؤوس حربية أصغر جحما‪ .‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪- Farzin Nadimi : Iran’s Ballistic Missille Arsenal Is still Growing In size, Reach, and Accuracy,the washington institutes or near east policy, policy watch‬‬
‫‪3357, dec13, 2021. https://www.wachingtoninstitute.org/policy- onalysis/irans- ballistic- missile- arsenal- still- growing- size- reach- and- accuracy‬‬
‫‪59/01/2022.18 : 45‬‬
‫‪126‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫النووي وشبكة املليشيات إلايرانية في إلاقليم‪ ،‬مع تعنت القوى الغربية بإرغام إيران على القبول بتعديل اتفاق ‪،2151‬‬
‫مقابل ضمانات معززة تكبح جماح برنامجها النووي وبرنامجها للصواريخ الباليستية وسياستها في املنطقة‪.1‬‬
‫ب‪-‬مسيرات "الدرونز "القتالية‬
‫تعمل إيران على تطوير أسراب الطائرات املسيرة "الدرونز" (كسرب تالش وسرب مهاجر وسرب أبابيل وشهيد ‪524‬‬
‫والصاعقة وفطرس والطائرات املسيرة كرار)‪ ،2‬وذلك من أجل الجمع بين القدرات الاستطالعية وألاغراض العسكرية‬
‫وألامنية‪ ،‬ودعم ميلشياتها بهذه التقنية‪ .3‬وبالتالي فإن املسيرات إلايرانية ال تقل خطورة عن البرنامج الصاروخي إلايراني‪،‬‬
‫بل هي جزء من هذا البرنامج‪ ،‬مما يوجب التفاوض عليه في مفاوضات فيينا‪ ،‬ألن هذا املشرع تجاوز حدود الحاجات‬
‫الدفاعية إلايرانية‪ ،‬وبلغ حد تهديد وزعزعة استقرار أمن املنطقة والجوار‪.‬‬
‫ج‪-‬القدرات الردعية إليران‬
‫استطاعت إيران أن تصيغ استراتيجية ذات شبكات مبنية على أساس نموذج الردع القائم على حرب الاستن‪،‬اف‬
‫باالقتراب من الخصم والالتصاق به من خالل التصادم بارتباط الشبكات بقرارها الاستراتيجي‪ ،‬ككتائب حزب هللا‬
‫العراقي والحشد الشيعي في العراق‪ ،‬وحزب هللا اللبناني‪ ،‬وفيلق القدس‪ ،‬ولواء فاطميون في سوريا وجماعة الحوثي في‬
‫اليمن‪ ،‬وحركة حماس وحركة الجهاد في غزة‪ ،4‬بل تعدت محيطها إلاقليمي إلى املحيط الدولي حيث هناك تقارير توكد‬
‫اختراقها لغرب‪ 5‬وشمال‪ 6‬إفريقيا بإنشاء مليشيات مبنية على الطائفية تشكل تهديدا لزعزعة ألامن والاستقرار في إفريقيا‬

‫‪ -1‬مفاوضات فيينا النورية‪ :‬حسابات واشتطن وطهران املتعارضة‪ ،‬وحدة الدراسات السياسية‪ ،‬سلسلة تقدير موقف‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪6،‬‬
‫ديسمبر ‪ ،2125‬ص‪.5‬‬
‫‪ -2‬ضياء قدور‪ :‬الطائرات إلايرانية املسيرة‪ :‬القدرات ونقاط الضعف‪ ،‬مركز حرمون للدراسات املعاصرة‪ ،‬يناير ‪ 2111‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.harmoon.org/reports/‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2152/15/51‬على الساعة ‪18h00‬‬
‫‪ -3‬تم تزويد "حزب هللا" اللبناني والحوثين في اليمن‪ ،‬بنسخ استطالعية وانتحارية من "أـبابيل ‪ "2‬حيث تعرف باسم مرصاد (‪ )5‬عند حزب هللا‪ ،‬وباسم قاصف (‪)5‬‬
‫وقاصف (‪( )2‬انتحارية تنفجر فوق الهدف) عند الحوثيين‪ ،‬وحيث تمكنت إسرائيل من إسقاط طائرتين مسيرتين لحزب هللا من نوع مرصاد عام ‪ .2116‬هذا ما ورد‬
‫على موقع إسرائيلي "جراسا‪-‬إسرائيل" تحت عنوان‪" :‬تسقط طائرة لبنانية من دون طيار‪ ...‬ونتانياهو يدين"‪ .‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.gerasanews.com/article/105964.‬للمزيد من الاطالع راجع‪ :‬طائرات إيران املسيرة‪ ...‬سالح الردع القومي والنفوذ إلاقليمي‪ .‬منشور على الرابط‬
‫التالي‪ https://sodehiran.com/archives 1144 :‬بتاريخ‪ 2122/15/51‬تم الاطالع عليه على الساعة‪.17h15 :‬‬
‫وتجدر إلاشارة الى القصف الذي قامت به جماعة الحوثي على أبو ظبي بالطائرات املسيرة إلايرانية‪ ،‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫رضوان رمضان الشريف‪ :‬املفارقات إلايرانية‪ ،‬الدعوة للحوار والتصعيد‪ ،‬مركز شاف لتحليل ألازمات والدراسات املستقبلية‪ 01 ،‬يونيوا ‪ .2122‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪ httsp://shafcentre.org/ :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 11‬فبراير ‪ 2122‬على الساعة ‪17H00‬‬
‫‪4- l’axe de la résistance : l’expansionnisme régional iranien, centre de documentation de l’école militaire CDEM, octobre 2021, p 4-12.‬‬

‫منشور على الرابط التالي‪ https://www.dans.defense.gouv.Fr> PDF:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/59‬على الساعة‪ .11h00 :‬وانظر أيضا‪ :‬أفرايم كام‪ :‬نظرية‬
‫الردع إلايرانية‪ ،‬مركز دراسات ألامن القومي‪ ،‬أطلس للدراسات والبحوث‪ ،‬ترجمة عبد الكريم أبو ربيع‪ 52 ،‬غشت ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://atlas.ps/post/1748‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/56‬على الساعة ‪16h00‬‬
‫‪ -5‬بدر حسن شافعي‪ :‬الدور إلايراني في إفريقيا‪ :‬املحددات والتحديات املعهد املصري للدراسات‪ ،‬دراسات سياسية‪ ،2125/12/59 ،‬منشور على املوقع التالي‪:‬‬
‫‪https://eipss.eg.org/pdf‬تم الاطالع عليه يوم ‪ 2122/15/56‬على الساعة ‪ . 17H00‬انظر أيضا‪ :‬توري طه‪ :‬الاختراق الثقافي‪ :‬سياسات التغلغل إلايراني في دول غرب‬
‫إفريقيا‪ ،‬مركز مستقبل لألبحاث والدراسات املقدمة‪ ،2154/55/9 :‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://futureae.com/or/mainpage/Item/5333/PDF‬‬
‫تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/56‬على الساعة ‪.18H00‬‬
‫‪ -6‬تقرير‪ :‬إيران تكثف نشاطها املزعزع الستقرار في شمال إفريقيا واشنطن‪ ،‬إرم نيوز‪ ،‬تاريخ النشر ‪ ،2125/19/29‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.eremmews.com/news/world/23196 99‬‬
‫تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/56‬على الساعة ‪20h00‬‬
‫‪127‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫عن طريق حزب هللا وفيلق القدس‪ ،‬وتمثل هذه الشبكات أو املليشيات املوالية إليران آليات تعمل بها لتوسيع نفوذها‪،‬‬
‫وورقة ضغط على منافسيها إلاقليميين والدوليين‪.‬‬
‫وبناء على هذا الفهم‪ ،‬فإذا تم التوصل إلى اتفاق من خالل مفاوضات فيينا الحالية برفع العقوبات الاقتصادية‬
‫سيؤدي بالنتيجة إلى إلافراج عن ألاصول املالية املجمدة إليران‪ ،‬وبالتالي ستكون فرصة لرفع الجاهزية على الصعيد‬
‫التقني والقتالي لهذه الشبكات‪ ،‬وهو ما سيؤدي بالنتيجة إلى تعزيز منظومة الردع لديها‪ ،‬ورفع جاهزية هذه الشبكات‬
‫لتصدير الثورة إلى أبعد نقطة‪ ،‬الش يء الذي سيشكل تهديدا لألمن والسلم الدوليين‪ ،‬السيما مع زيادة قدراتها النووية‪.‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وتكريس سياسة املحاور الدولية في الشرق ألاوسط‬
‫القاعدة ألاساسية التي تحكم العالقات الدولية هي املصالح حيث أنه ال صداقة دائمة وال عداوة دائمة انما مصالح‬
‫دائمة‪ ،‬هذه هي القاعدة ألاساسية التي تحكم املجتمع الدولي خاصة بعد ضهور ونمو التوجه البرجماتي على املستوى‬
‫الدولي‪ ،‬حيث أن كل دولة تسعي للحفاض على مصالحها وزيادة مواردها‪ .‬وهذا التوجه كان حاضرا طوال ألازمة النووية‬
‫إلايرانية من خالل تموقف ألاطراف الدولية من البرنامج النووي إلايراني بين مؤيد ومعارض كل حسب مصالحه‪ ،‬مما‬
‫أدي بامللف النووي الى تكريس تحالفات وتكتالت على املستوى الدولي في الشرق ألاوسط‪.‬‬
‫وسنحاول توضيح املتغيرات الجيوبوليتيكية بتكريس سياسة املحاور الدولية في الشرق ألاوسط من خالل التطرق‬
‫الى مواقف الدول الغربية إزاء امللف النووي إلايراني (أوال) ومواقف الدول الغير الغربية إزاء امللف النووي إلايراني‬
‫(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬موقف الدول الغربية إزاء الاتفاق النووي إلايراني‬
‫سنناقش موقف الدول الغربية إزاء الاتفاق النووي إلايراني من خالل املوقف ألامريكي املتشدد اتجاه البرنامج‬
‫النووي إلايراني واملوقف ألاوروبي الذي إنتهج مقاربة وسطية لحل ألازمة مزاوجا بين الترغيب والترهيب‪.‬‬
‫‪ -1‬املوقف ألامريكي‬
‫بدأ الاهتمام ألامريكي بالبرنامج النووي إلايراني منذ أوائل التسعينات‪ ،‬حينما لجأ الرئيس ألامريكي "بيل كلنتون"‬
‫بفرض عقوبات اقتصادية ضد إيران عن طريق سن قانون الحظر "داماتوا"‪ .1‬ومع أحداث ‪ 55‬شتنبر وتبني الواليات‬
‫املتحدة ألامريكية سياسة خارجية جديدة‪ ،‬ذات استراتيجية مبنية على الحرب الاستباقية أو الضربات الوقائية‪،2‬‬
‫للحفاض على السيادة العاملية التي ال تسمح من خاللها بأي ظهور محتمل ألي دولة أخرى منافسة عسكريا‪ .3‬وفي هذا‬
‫السياق أصبحت إيران في دائرة التهديد ألامريكي مباشرة‪ ،‬خاصة بعد الكشف عن برنامجها النووي‪ ،‬ومخالفتها لبنود‬

‫‪ -1‬في عام ‪ 5446‬أصدر الكونجرس ألامريكي قانون "داماتوا" أو"‪ "ILSA‬بفرض عقوبات على ليبيا وإيران بحجة تجفيف مصادر دعم إلارهاب‪ ،‬وفي عام ‪ 2116‬تم تعديله‬
‫بتشطيب على ليبيا حيث أصبح يعرف بقانون "‪ "ISA‬أو "دماتوا"‪ ،‬حيث تم تمديده سنة ‪ 2156‬ملدة عشرة سنوات عوض خمسة سنوات‪ ،‬يقوم بحظرإلاستثمارات‬
‫ألاجنبية في إيران‪ .‬أنظرفي هذا الصدد ‪ :‬صابر كل عنبري ‪ :‬تمديد قانون "دااتوا" ومصير الاتفاق النووي‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،2156‬موقع الجزيرة‪ .‬منشور على الرابط‬
‫التالي‪ https://www.aljazeera.net/opinions/2016/12/20/ :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2125/52/58‬على الساعة ‪.11h15‬‬
‫"‪2 - CASSABOIS، Yohane. Le discours de la guerre de George W. Bush depuis les attentats du 11 septembre 2001 : une symbiose entre" volonté divine‬‬

‫‪et" nécessités" du temps. 2006. Thèse de doctorat. Université du Québec à Montréal, pp, 33-39. PDF‬‬
‫‪3 - BUSH, George W. Selected Speeches of President George W. Bush, 2001–2008. National Archives and Records Administration, 2008, p; 133-175.‬‬

‫‪PDF‬‬
‫‪128‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اتفاق تعليق النشاطات النووية لعام ‪ ،2119‬بإنتاجها أجهزة الطرد املركزي وتجميعها‪ ،‬واستئناف العمل في تخصيب‬
‫اليورانيوم ‪.1‬‬
‫ولعل هذا ما جعل املوقف ألامريكي يتسم بالتشدد‪ ،2‬الذي يتضح من خالل رفع امللف إلى مجلس ألامن لفرض‬
‫عقوبات وقيود على البرنامجين النووي والصاروخي إلايراني وأشخاص وكيانات مرتبطة بالبرنامجين‪ ،‬والضغط على الدول‬
‫التي تقدم التكنولوجيا إليران كروسيا وباكستان والصين‪ ،3‬وعلى وكالة الطاقة الذرية ودول الاتحاد ألاوروبي بالتشكيك‬
‫بقدرتهما على تسوية ألازمة داخل ألاطر القانونية للوكالة الدولية‪ ،‬مما أسفر عن توافق آلاراء بين الاتحاد ألاوروبي‬
‫والواليات املتحدة ألامريكية‪ .4‬السيما باستمرار النشاطات النووية إلايرانية الذي زاد من تعميق املخاوف الدولية بشأن‬
‫طبيعة البرنامج النووي إلايراني والغاية الحقيقية منه‪ ،‬وانعكاس آلاثار املحتملة للتسلح النووي إلايراني على ألامن‬
‫إلاقليمي والدولي‪ .‬إضافة الى املزاوجة بين الخيار السلمي والتهديد بالخيار العسكري نظرا ملا يمثله موقع إيران ودوره في‬
‫تهديد السلم وألامن الدوليين‪ ،‬حيث بقي الخيار العسكري حاضرا حتى بعد رفع امللف إلى مجلس ألامن وصدور مجموعة‬
‫من القرارات بفرض العقوبات على ايران معظمها تحت الفصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة ‪ .5‬بل حتى بعد صدور‬
‫القرار رقم ‪ 6 2205‬بقي الخيار العسكري حاضرا من خالل آلية الزناد "‪ " snaphbark‬التي تمكن أي طرف من نقض‬
‫الاتفاق‪ .‬فضال عن سياسة أمريكا في الشرق ألاوسط للحفاظ على مصالحها الحيوية‪ ،‬ملنع إيران من التوسع داخل‬
‫إلاقليم من أجل خلق نوع من التوازن داخل إقليم الشرق ألاوسط‪ ،‬مع كبح الامتداد إلايراني عبر أذرعها إلى مناطق‬
‫أخرى‪.‬‬
‫وبعد صعود الرئيس ألامريكي "دونالد ترامب "انسحبت الواليات املتحدة ألامريكية في ماي ‪ 2158‬من خطة العمل‬
‫الشاملة املشتركة املتعلقة بالبرنامج النووي إلايراني لسنة ‪ ،2151‬وفرض سياسة الضغوط القصوى بفرض عقوبات‬
‫جديدة على إيران‪ .‬التي أثرت بشكل واضح وخطير في الوضع الاقتصادي إلايراني إلجبارها على إعادة التفاوض حول‬
‫برنامجها النووي وملفات أخرى كبرنامجها الصاروخي والتدخل إلاقليمي‪ ،‬التي لم تحقق حتى آلان النتائج املرجوة منها‪.7‬‬
‫وفي غشت ‪ 2121‬سعت و‪ .‬م‪ .‬أ إلى تفعيل آلية ألزناد "‪ "snaphbark‬من أجل إعادة فرض الحظر على إيران الذي كان‬
‫رفع عنها عام ‪ 2151‬وفقا لقرار مجلس ألامن رقم ‪ ،82204‬لكن مجلس ألامن رفض مشروع القرار ألامريكي بعد فشله في‬
‫الحصول على ألاصوات التسعة الالزمة لتمريره باعتبار و‪.‬م‪.‬أ لم تعد طرفا مشاركا بعد انسحابها من الاتفاق النووي‪.‬‬

‫‪ -1‬جمال سند السويدي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬الواقع والتحديات‪ ،‬مركز إلامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،2119 ،‬ص‪.8 :‬‬
‫‪ -2‬سكوت ريتر‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.584 :‬‬

‫‪ -4‬أحمد ابراهيم محمود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪584 :‬‬


‫‪ -5‬فقد صرح الرئيس بوش ونائبه ووزير الدفاع والخارجية أن الخيار العسكري واللجوء إلى القوة ملنع إيران من امتالك ألاسلحة النووية غير مستبعد‪ .‬سكوت ريتر‪:‬‬
‫مرجع سابق‪ ،‬ص‪.214،‬‬
‫‪ -6‬قرار رقم ‪ 2205‬الصادر في ‪ 21‬يوليوز ‪ 2151‬الذي اتخذ باإلجماع املتعلق باالتفاق النووي ‪ 1+5‬واملعروف بخطة العمل الشاملة املشتركة‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.un.org‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2125/52/54‬‬
‫‪7- Jim Banks (IN-03) : Maximum Pressure Act, Republican, Sutudy Committee, chairman Section-b-y-section summary. At :‬‬

‫‪https://banks.house.gov/uploadedfiles/maximum_pressure_act_section_by_section_summary.pdf‬‬
‫‪ -8‬رضا تقي زاده‪ :‬الخطة ألامريكية لتمديد حظر ألاسلحة على إيران‪ ،‬الجمعة ‪ 54‬يونيو ‪ ،2121‬منشور على الرابط التالي ‪ https://old.iranintl.com‬تم الاطالع عليه‬
‫بتاريخ ‪.2125/52/54‬‬
‫‪129‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومع وصول "جون بايدن" إلى البيت ألابيض‪ ،‬كانت من أولويات إلادارة ألامريكية في الشرق ألاوسط منذ الحملة‬
‫الانتخابية إعادة التفاوض مع إيران حفاظا على استقرار املنطقة‪ ،‬مما جعل امللف إلايراني يعود بقوة إلى واجهة ألاحداث‬
‫الدولية‪ ،‬خاصة ملا تثيره التوجهات إلايرانية من مخاوف دولية وإقليمية كبرى بالنظر إلى سياستها العدائية وتدخالتها‬
‫املت‪،‬ايدة في محيطها‪ ،‬إضافة إلى تملصها من الت‪،‬امها في الاتفاق من خالل تخصيب اليورانيوم بنسبة ‪ %21‬بدل ‪%0.69‬‬
‫التي ينص عليها الاتفاق‪ ،1‬مما جعل موقف و‪.‬م‪.‬أ يعتبر امتالك إيران لسالح النووي مغامرة غير محسوبة العواقب‪،‬‬
‫يكمن في تهديد السلم وألامن الدوليين في منطقة معروفة بأوضاعها ألامنية الهشة‪.‬‬
‫ويبدو من خالل مفاوضات فيينا الحالية الرامية إلحياء الاتفاق النووي مع طهران وخاصة بعد انتهاء الجولة السابعة‬
‫منها‪ ،‬أنه لم يتم التوصل إلى أي نتائج حاسمة بخصوص امللف‪ ،‬في انتظار أي متغيرات في الجولة الثامنة املتعلقة بالعودة‬
‫إلى اتفاق ‪ 2151‬مع اجراء تعديالت في بعض البنود‪ ،‬ووضع حد أقص ى لعملية التخصيب وقدرات أجهزة الطرد‪ ،‬وكذا‬
‫منظومة الصواريخ الباليستية والتدخالت إلايرانية في شؤون الدول املجاورة عن طريق أذرعها املختلفة‪ .‬مما يتضح معه‬
‫الاتفاق النووي الجديد قد يساهم في ضبط بوصله ألازمة إلايرانية‪ ،‬إال أن الوصول إلى اتفاق شامل قادر على تحقيق‬
‫تقييد فعلي إليران مسألة يصعب توقعها في ظل املحددات القائمة مما يتطلب مفاوضات متعددة املراحل‪ .‬وقد تنعكس‬
‫سلبا في إعادة هندسة الشرق ألاوسط برمته وإعطاء طهران مسافة أكبر في الحركة املشروعة التي ست‪،‬يد توغلها في‬
‫املنطقة‪.‬‬
‫‪ -2‬موقف الاتحاد ألاوروبي‬
‫منذ بداية ألازمة النووية إلايرانية انتهج الاتحاد ألاوروبي مقاربة ومنهجا وسطيا إلدارتها تنسجم واملوقف ألامريكي‬
‫بضرورة منع إيران من تطوير قدرتها لألسلحة النووية ورفع امللف إلى مجلس ألامن‪ ،‬إال ما تعلق منه بأسلوب معالجة‬
‫ألازمة والتعاطي معها من ناحيتين‪ .‬أولهما التمهل في نقل امللف لحين استنفاذ الخيارات الدبلوماسية‪ ،‬وثانهما الاستبعاد‬
‫التام للخيار العسكري وتبني سياسة جديدة ملنع الانتشار كما جاء في بيان لوكسمبورغ الصادر عن وزراء خارجية الترويكا‬
‫ألاوروبية‪ ،2‬حيث وضع هذا البيان ألاساس لقيادة أوروبية من نوع جديد ملنع الانتشار النووي في العالم‪ ،‬وكذلك من‬
‫انتقال مكافحة الانتشار النووي من البيانات إلى إلاجراءات‪ ،‬إضافة الى عزم أوروبا على اظهار استقالليتها وتوحدها بما‬
‫تشكله من خلفية ورؤية سياسة تفتقر إليها إلادارة ألامريكية في تدبير الازمات‪.‬‬
‫هذا وبالرغم من تشابه املوقف ألاوروبي من ألازمة النووية إلايرانية مع املوقف ألامريكي‪ ،‬فان الدور الذي تقوم به‬
‫دول الاتحاد ألاوروبي سواء كان دور الوسيط أو دور الطرف املستقل يقوم إلى حد بعيد على سياسة الترغيب والترهيب‪.3‬‬
‫ويتجلى ذلك في عرض الطرف ألاوروبي املكاسب السياسية والاقتصادية والتكنولوجية في حال تنازل ايران عن تخصيب‬
‫اليورانيوم‪ ،‬وفي املقابل يهدد إيران في حال رفضها أنه سيتبني موقف واشنطن الداعي لعرض القضية على مجلس‬
‫ألامن وفرض العقوبات على ايران‪ ،‬وهذا ما وقع لعدم احترام ايران بنود الاتفاق الذي نتج عنه رفع امللف إلايراني إلى‬

‫‪ -1‬حسب تقرير جديد للوكالة فإن إيران في ألاول من ديسمبر‪ 2125‬أنتجت يورانيوم معدني مخصب بنسبة ‪ %21‬من خالل تسريع عملية انتاج ضعفي املواد النوية‬
‫املخصبة بنسبة ‪ ،%21‬وأنها تواصل تخصيب اليورانيوم بنسبة ‪ .%61‬منشور على الرابط التالي‪ https://old.iranianth.com :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2125/52/54‬‬
‫‪ -2‬عامر عباس‪ :‬البرنامج النووي إلايراني في ضوء القانون الدولي‪ ،‬سلسلة أبحاث ودراسات(‪ ،)5‬مركز الدراسات والتوثيق منشورات زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫الطبعة ألاولى‪ ،2152 ،‬ص‪ 502 :‬انظر أيضا‪ :‬رياض الراوي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وآثاره على منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،2118 ،‬ص‪.200 :‬‬
‫‪ -3‬عامر عباس‪ :‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.509 ،‬‬
‫‪130‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مجلس ألامن وإصداره مجموعة من القرارات إلى غاية ‪ 2151‬معظمها تحت الفصل السابع من ميثاق ألامم املتحدة‪،‬‬
‫ولكن بعد التوصل الى الاتفاق وصدور القرار رقم ‪ 2205‬بتوافق جميع ألاطراف ومنها الاتحاد ألاوروبي‪ ،‬إال أنه لم يدوم‬
‫طويال بانسحاب و‪.‬م‪.‬أ من الاتفاق في ‪ 2158‬و فرضها لسياسة الضغوط القصوى على ايران‪ ،‬إضافة الى تقديمها في ‪21‬‬
‫غشت ‪ 2121‬مشروع قرار جديد بتمديد الحظر على ايران إلى مجلس ألامن‪ ،‬الذي امتنع ‪ 55‬عضوا عن التصويت‬
‫عليه من بينهم بريطانيا وفرنسا وأملانيا‪ ،1‬مما أدى الى تقويض الاتفاق الذي تمسك به الاتحاد ألاوروبي‪.‬‬
‫وفي نفس السنة أطلقت الترويكا ألاوروبية مطلع يناير ‪ ،2121‬إجراء تسوية الن‪،‬اعات في خطة العمل الشاملة‬
‫املشتركة بعد اعالن إيران عدم الت‪،‬امها بالقيود على عدد من أجهزة الطرد املركزي النووية املستخدمة لتخصيب‬
‫اليورانيوم وغيرها من املسائل املتعلقة بالتخصيب‪ ،‬ومع ذلك قررت الترويكا الاوربية ‪ E3‬الت‪،‬امها بالحفاظ على خطة‬
‫العمل الشاملة املشتركة‪ JCPOA‬وأصدرت بيانا مشتركا مفاده أن القرار ال يهدف إلى تنفيذ سياسة الضغوط القصوى‬
‫ضد إيران‪ ،‬وإنما إلعادة الدولة إلايرانية إلى الامتثال الكامل لالتفاق النووي‪ .2‬وهذا ما أكده تصريح مشترك لترويكا‬
‫ألاوروبية في يوليوز ‪ 2125‬حول قلقهم الشديد إزاء التقرير ألاخير الذي صدر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي‬
‫يؤكد أن ايران شرعت في انجاز مراحل ضرورية إلنتاج "فلزات اليورانيوم" املخصب وهي مرحلة أساسية في تطوير‬
‫السالح النووي‪ ،‬وبذلك تنتهك إيران الت‪،‬اماتها بموجب خطة العمل الشاملة املشتركة انتهاك فادحا‪ ،‬وحيث تم دعوة‬
‫ايران بشدة إلى وضع حد نهائي ودون تأخير لجميع ألانشطة التي تواصل القيام بها منتهكة خطة العمل الشاملة املشتركة‬
‫من أجل استئناف املفاوضات فيينا بهدف التوصل سريعا إلى نتائج نهائية وأن إيران بهذا تقوض الدورات ألاخيرة من‬
‫مفاوضات فيينا‪ .3‬ومازال يتعين على ألاوروبيين و إدارة "بايدن "املساومة حول طبيعة التوصل إلى صفقة أخرى مع ايران‬
‫تتضمن املصالح الاستراتيجية لالتحاد ألاوروبي فيما يتعلق بإيران تتمثل في ثالثة أهداف مترابطة أولها يتعلق بدعم‬
‫النظام الدولي لعدم الانتشار ومنع إيران أو أي دولة أخرى في هذا الشأن من تطوير السالح النووي‪ ،‬ثانيها تجنب حرب‬
‫شاملة بين دول املنطقة واملخاطرة بمزيد من عدم الاستقرار إلاقليمي‪ ،‬ثالثهما اظهار قدرة الاتحاد ألاوروبي على العمل‬
‫في الساحة الدولية‪ ،‬وذلك بتحقيق الاتحاد ألاوربي جميع هذه ألاهداف الثالثة من خالل خطة العمل الشاملة املشتركة‬
‫لعام ‪ 2151‬وتشبت صانعوا السياسة ألاوربية باالتفاق منذ ذلك الحين‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬سياسة الدول غير الغربية إزاءامللف النووي إلايراني‬
‫من خالل مواقف الدول غير الغربية التي اتسمت بمساندة إيران في برنامجها النووي وتقديم لها مساعدات في‬
‫املراحل ألاولى في تطوير برنامجها النووي وخاصة املوقف الروس ي(‪ )5‬إال أنه ال يمكن تجاهل الصين بوصفها شريكا‬
‫استراتيجيا إليران رغم اكتفائها بدور املراقب في املباحثات النووية مع استعدادها بمساندة إيران فيما تطلبه من‬
‫ضمانات(‪.)2‬‬

‫‪ -1‬قرارات مجلس ألامن الدولي بشأن البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.un.org :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2125/52/54‬‬
‫‪ -2‬جاسم محمد‪ :‬أزمة امللف النووي إلايراني‪-‬أوروبا في موقف ال تحسد عليه‪ ،‬املجلة‪ 21 ،‬ابريل ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪ https://arb.majalla.com :‬تم الاطالع‬
‫عليه بتاريخ ‪.2125/52/21‬‬
‫‪ - 3‬إيران وخطة العمل الشاملة املشتركة‪-‬تصريح وزراء الشؤون الخارجية لكل من فرنسا وأملانيا واململكة املتحدة‪ 6 ،‬يونيو ‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.diplomatie.gouv.fr‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2125/52/21‬‬
‫‪131‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -1‬املوقف الروس ي‬
‫من خالل العالقات النووية املتينة بين ايران وروسيا ‪ ،‬فان موقفها تمثل طوال الازمة باستبعاد الخيار العسكري‪،‬‬
‫وتشجيع جهود الاتحاد ألاوروبي لحلها وحث إيران على التعامل بجدية مع الوكالة الدولية واملجتمع الدولي مع تأكيد‬
‫روسيا في عدة محطات بسلمية البرنامج الايراني‪، 1‬إال أن املوقف الروس ي بدأ بالتذبذب والتأرجح بين املنافع الاقتصادية‬
‫والسياسية التي يجنيها من ايران‪ ،‬وبين خسران العالقة الجديدة بين و‪.‬م‪.‬أ خوفا من مشاكل سياسية ال يتحمل تابعاتها‪،‬‬
‫الش يء الذي حتم عليها انتهاج حال وسطا إلنهاء ألازمة داخل الوكالة الدولية وخارجها بالطلب من ايران توقيع على‬
‫البروتوكول إلاضافي دون املوافقة على نقل امللف إلى مجلس ألامن‪ ،‬وبعد تعثر املفاوضات ألاوربية إلايرانية سنة ‪،2111‬‬
‫امتنعت عن التصويت على القرار‪ ،‬وفي املقابل قدمت اقتراح بإجراء التخصيب على أراضيها مع السماح إليران‬
‫بالتخصيب الجزئي‪ ،‬الذي قوبل بالرفض من امريكا وايران‪ ،2‬وبعدها شاركت مع مجموعة (‪ )5+1‬باملفاوضات بعد رفع‬
‫امللف الى مجلس ألامن وأيدت صدور عدة قرارات بالعقوبات املفروضة على ايران منها القرار ألاخير رقم ‪ 5424‬سنة‬
‫‪ .2151‬إال أنه بعد إصدار مجلس ألامن القرار رقم ‪ 2505‬في يونيو ‪ 2151‬بشأن الاتفاق النووي القاض ي بخطة العمل‬
‫الشاملة املشتركة‪ ،‬إنسحبت و‪.‬م‪.‬أ من الاتفاق وفرضها سياسة الضغوط القصوى‪ ،‬وتقديمها في يوليوز ‪ 2121‬مشروع‬
‫قرار الى مجلس ألامن يدعوا لتمديد حظر السالح على ايران‪ ،‬انتقدا وزيرا خارجية روسيا والصين هذا الاقتراح في‬
‫رسائل بعث بها إلى ألامين العام لألمم املتحدة ‪ ،‬وقد أملحا إلى أنهما سيستخدمان حق الفيتو من أجل رفض مشروع‬
‫القرار ألامريكي‪ ،‬وبالفعل عارضت روسيا والصين املشروع ألامريكي باستخدام الفيتو‪ ،3‬مع الدعوة الى استئناف‬
‫مفاوضات فيينا من أجل الوصول إلى اتفاق نووي جديد‪.‬‬
‫واملوقف الروس ي لم يتغير من خالل مفاوضات فيينا الحالية املتعلقة باالتفاق النووي إلايراني الجديد‪ ،‬فهي تتعامل‬
‫بكونها طرفا مثل باقي ألاطراف والسعي الى تحقيق مصالح ذاتية من مجمل الصفقة النووية إذ يمكن أن تحقق عبر‬
‫العودة إلى الاتفاق مكاسب على املستويين ألامني والسياس ي‪ ،‬خاصة توسيع العالقات مع إيران والسعي إلى الحصول‬
‫على تنازالت من واشنطن إضافة إلى تعزيز حضورها في منطقة الشرق ألاوسط‪.‬‬
‫ويمكن أن نقول إن املحور الروس ي إلايراني سي‪،‬داد قوة بخروج إيران من إطار العقوبات سواء على مستوى آسيا‬
‫والشرق ألاوسط وافريقيا‪ ،‬أما فيما يخص سوريا وفي حالة توصل إلى اتفاق نووي فإن موسكو وطهران سيسعيان إلى‬
‫إيجاد إطار تعامل جديد بينهما وفقا للمتغيرات املستجدة بحفظ مصالح كل منهما في سوريا‪.‬‬

‫‪ -1‬صرح وزير الخارجية الروس ي في ‪ 2111/4/22‬بجامعة ستانفورد‪" :‬إن إيران تمتثل لقرارات الوكالة وال تقوم بالتخصيب‪ ،‬كما ان أفعالها ال تخرق معاهدة الحظر‬
‫وموسكو مستعدة ملساعدتها في برنامجها السلمي الذي ال يشكل خطر على العالم‪ ،‬وتحويل ملفها إلى مجلس ألامن له آثار سلبيه وسوف يقود الى تسييس غير ضروري‬
‫للملف‪ .‬أنظر في هذا الصدد‪ :‬روجر هاورد‪ :‬نقط إيران ودوره في تحدي نفوذ الواليات املتحدة‪ ،‬ترجمة‪ ،‬مروان سعد الدين‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ط‪ ،5‬ص‪562 :‬‬
‫‪ -2‬أحمد ابراهيم محمود‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪252-255 :‬‬
‫‪ -3‬قال سفير روسيا لدى ألامم املتحدة" ميخائل أوليانون" القرار يمكن أن يأتي بنتائج عكسية وطالب إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل املشكلة‪ ،‬وقال على‬
‫توتير أن استخدام و‪ .‬م‪ .‬أ آلالية سنابلك من شأنه أن يضر بمجلس ألامن وأنه غير قانوني ألنهم تركوا خطة العمل الشاملة املشتركة من جانب واحد‪ .‬منشور على‬
‫الرابط التالي‪ htpps://news.un.org/ar/tags/kht-lml-ishml-lmshtrk :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2125/52/25‬‬
‫وقال الرئيس الروس ي "فالديمير بوتين"‪ ،‬أن إيران وافقت بالكامل على خطة العمل الشاملة املشتركة‪ ،‬واقترح عقد قمة عبر الانترنيت مع و‪.‬م‪.‬أ وبريطانيا وفرنسا والصين‬
‫واملانيا وإيران في محاولة لتجنب "مواجهة وتصعيد" في ألامم املتحدة‪ .‬أنظر الرابط الاتي‪ https://www.un.org :‬نفس التاريخ‪.‬‬
‫‪132‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -2‬املوقف الصيني‬
‫املوقف الصيني ال يختلف كثيرا عن املوقف الروس ي فكالهما دعا إلى وجوب استبعاد القوة وحل املسألة عن طريق‬
‫الحوار في ظل الشرعية الدولية‪ ،‬وينعكس موقفها من ألازمة من خالل الرفض الستخدام القوة بتصريح وزير خارجيتها‬
‫عام ‪ ،2110‬أنه" ال يعتبر برنامج إيران من اختصاص الواليات املتحدة وال يرى سببا يمنع ابقائه في عهد الوكالة الدولة"‪،1‬‬
‫وكذلك من خالل القمة الصينية الروسية في أكتوبر ‪ 2119‬التي أصدرت بيانا تضمن رفضا قويا للسياسة ألامريكية‬
‫ألاحادية وحاجة ملحة لتسوية الن‪،‬اعات في إطار الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي‪ ،2‬حيث انعكس ذلك باالمتناع‬
‫عن التصويت على قرار الوكالة الدولية في ‪ 2111‬بإدانة إيران وتهديدها برفع امللف ملجلس ألامن‪ ،‬الا أنه بتجاوز ايران‬
‫اللت‪،‬امات الدولية دعمت الصين قرار إحالة امللف الى مجلس ألامن في فبراير ‪ ،2116‬وتبنها لقرارات مجلس ألامن‬
‫بفرض العقوبات مع إصرارها على استبعاد القوة والدعوة إلى مزيد من الحوار‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وساهمت الصين في املراحل املختلفة للمفاوضات بجهود حثيثة لحل الخالفات بين واشنطن وطهران من أجل‬
‫رفع العقوبات الاقتصادية على طهران‪ ،‬بطرحها إطار تفاوض ي للوصول إلى الحل الشامل في نوفمبر ‪ ،2150‬الذي يتضمن‬
‫الالت‪،‬ام بالحوار بين إيران ومجموعة (‪ ،)1+5‬عن طريق السعي نحو حل شامل عادل ومناسب لكل ألاطراف‪ ،‬مع خلق‬
‫مناخ للحوار والتفاوض‪ ،‬واتباع نهج شامل ملعالجة ألاسباب الجذرية للموضوع‪ .‬ومن خالل هذا إلاطار التفاوض ي الذي‬
‫طرحته فان أهدفها تتجلى في استيراد املزيد من النفط بثمن رخيص‪ ،‬ورفع حجم التعاون التجاري بينها وبين إيران‬
‫وأمريكا‪ ،‬مع إزالة عامل التوتر بسبب التعاون مع إيران‪ ،‬إضافة الى تعزيز نفوذها الاستراتيجي في املنطقة لفتح طريق‬
‫الحرير الجديد بين دول شرق آسيا وأوروبا مرورا بإيران‪ ،3‬الذي واجهته و‪.‬م‪ .‬أ وشركائها ألاعضاء في مجموعة السبع(‪)G7‬‬
‫بمشروع "إعادة بناء أفضل" (‪ )B3M‬كبديل لتطويق املشروع الصيني "الحزام والطريق‪ ."4‬وغير أنه بانسحاب الواليات‬
‫املتحدة من خطة العمل املشتركة‪ ،‬انعقدت القمة الثامنة عشر "ملنظمة شنغهاي" للتعاون في ظروف استثنائية‪ ،‬جمعت‬
‫بين روسيا وإيران والصين تزامنا مع ارتفاع حدة التوترات التجارية بين بيكين وواشنطن‪ ،‬مع رغبة طهران بطلب دعم‬
‫بكين وموسكو إلنقاذ الاتفاق‪ .5‬إضافة الى معارضة الصين باستخدام حق الفيتو مشروع قرار بمجلس ألامن يدعو‬
‫لتمديد حظر السالح على إيران في يونيو ‪.6"2121‬‬
‫ونتيجة لذلك نجحت الصين في بناء منظومة تجارية ومنظمة عسكرية قوية ومتينة تفوق توقعات الغرب‪ ،‬كما‬
‫استطاعت أن تغزو ألاسواق الغربية وألامريكية تجاريا‪ ،‬وتطوير البنية العسكرية الالكترونية‪ ،‬رغم العقوبات التجارية‬
‫والعسكرية املفروضة عليها من قبل الغرب‪ ،‬مما فرض عليها توسيع شركائها الاستراتيجيين لتحقيق طموحاتها‬

‫‪ -1‬روجر هاورد‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.501 ،‬‬


‫ص‪،‬‬‫‪ -2‬سفير لودجارد‪ :‬هل يمكن تجنب قصف إيران؟‪ ،‬البرنامج النووي إلايراني‪-‬الوقائع والتداعيات‪ ،‬مركز إلامارات للدراسات والبحوث‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ط ألاولى‪ً ،2119 ،‬‬
‫‪.516‬‬
‫‪ -3‬ستيفن بالكويل‪ ،‬كريستيان ألكسندر‪ ،‬فيكتور غرافيس‪ :‬الاتفاقيات التجارية بين إيران والصين‪-‬التداعيات إلاقليمية‪ ،TRENDS ،‬منشور على املوقع التالي‪:‬‬
‫‪ : https://trendsresearch/ar/insight/‬بتاريخ ‪ 9‬أبريل ‪.2125‬‬
‫ياسرهالل‪ :‬الواليات املتحدة والصين‪ :‬صراع املبادرتين‪ ،‬مؤسسة الفكر العربي‪ 59 ،‬أكتوبر ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪details?id=1358&url‬‬ ‫‪https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectrnic-article-details?id=1358&urlLtitle=%D8%D7%D7‬‬
‫‪ Ltitle=%D8%D7%D7‬تم الاطالع عليه يوم ‪ 2122/15/12‬على الساعة ‪54h35‬‬
‫‪ -5‬قمة منظمة شنغهاي للتعاون تجمع الصين وروسيا وإيران وسط توترات مع الواليات املتحدة‪ ، France 24،‬نشرت بتاريخ ‪14‬يونيوا ‪ 2158‬على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.france24.com/ar/20180609-%D9%82%D9%85%D8%A9-‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/12‬‬
‫‪-6‬قرارات مجلس ألامن‪ ،‬مرجع سابق‪ .‬منشور على الرابط التالي‪https://www.un.org :‬‬
‫‪133‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الجيوبوليتيكية‪ ،‬من خالل استراتيجية التوجه الى الشرق ألاوسط من أجل تأمين احتياجاتها من الطاقة إلايرانية‪،‬‬
‫وذلك بعقد شراكة استراتيجية مع ايران بالعديد من الاتفاقيات على عدة مستويات‪ ،‬منها اتفاقية ‪ 2156‬التي تنص على‬
‫تكثيف التعان من أجل زيادة حجم التجارة الثنائية إلى ‪ 611‬مليار دوالر في غضون عشرة سنوات‪ ،1‬كما أبرمت ايران‬
‫والصين في ‪ 29‬مارس ‪ 2125‬اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة طويلة ألاجل ملدة ‪ 21‬عاما‪ ،‬تدشن ملرحلة جديد في‬
‫العالقات إلايرانية –الصينية‪ ،‬أساسها التعاون طويل ألامد وزيادة الاعتماد املتبادل بينهما‪ ،2‬إضافة إلى ما يشكله املوقع‬
‫الاستراتيجي إلايراني من أهمية جيوسياسية للصين بتوفير موطئ قدم لها في منطقة الشرق ألاوسط الحيوية ملزاحمة‬
‫الدور ألامريكي‪.‬‬
‫وفي املقابل‪ ،‬بعد تولي "بايدن" للسلطة ركز البيت ألابيض على تأكيد مكانة الواليات املتحدة على قمة النظام الدولي‪،‬‬
‫ببناء تحالفات دولية وإقليمية للحد من النفوذ السياس ي والاقتصادي لبيكين‪ ،‬وهذا ما أكده اجتماع بروكسيل في ‪29‬‬
‫مارس ‪ 2125‬بين وزير الخارجية ألامريكي وزعماء أوروبا بتوحيد وجهة نظرهم تجاه التعاطي مع الصين كمنافس يهدد‬
‫النظام الدولي القائم‪ ،‬كما عقد «بايدن" اجتماعا افتراضيا في ‪ 52‬مارس ‪ 2125‬مع قادة اليابان وأستراليا والهند من‬
‫أجل بناء تحالف على املحيط الهندي والهادي ملواجهة املد الصيني‪.‬‬
‫ومن خالل ما سبق يمكن القول إن الصين تدعم إيران وتساندها فيما تطلبه من ضمانات في مفاوضات فيينا‬
‫الحالية من أجل الوصول إلى اتفاق نووي جديد‪ ،‬ستكون له تداعيات دولية وإقليمية مختلفة في حالة الوصول إلى‬
‫اتفاق مما سينعكس إيجابا على املصالح الصينية في املنطقة‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وتكريس سياسة املحاور إلاقليمية في الشرق ألاوسط‬
‫من الطبيعي أن يلقي الامتداد الدولي ظالله على البعد إلاقليمي من خالل امللف النووي إلايراني الذي كرس محاور‬
‫دولية في إلاقليم نتيجة لترابط مصالح الدول إلاقليمية مع املحاور الدولية على املستوى ألامني والسياس ي والاقتصادي‪،‬‬
‫خاصة عقب التدخل العسكري الروس ي بجانب النظام السوري الذي فتح املجال أمام ظهور محاور إقليمية ذات أبعاد‬
‫دولية في الشرق ألاوسط‪.‬‬
‫ونتيجة لذلك فان معالجة هذا املحور يتطلب منا التطرق الى مواقف الدول إلاقليمية التي ترى في تطوير البرنامج‬
‫النووي إلايراني أنه يهدد مصالحها (أوال) والدول التي تتناغم مصالحها بتقوية النفوذ إلايراني في املنطقة خاصة إذا تم‬
‫التوصل الى اتفاق نووي جديد من خالل مفاوضات فينا الحالية املتمثلة في الهالل الشيعي(ثانيا)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الامتداد الغربي واملحاور املمثلة له في الشرق ألاوسط‬
‫من خالل استقراء ألاحداث التي تقع في الشرق ألاوسط نتيجة لتداعيات امللف النووي إلايراني على املنظور‬
‫الجيوبوليتيكي في املنطقة‪ ،‬الذي يهدد أمن ومصالح الدول املجاورة إليران السيما دول الخليج وتركيا وإسرائيل التي‬

‫‪ 1‬ستيفن بالكويل‪ ،‬كريستيان ألكسندر‪ ،‬فيكتور غرافيس‪ :‬مرجع سابق‪.‬‬


‫‪ -2‬أندرو سكوبيل )‪ ،(Andrew Scobell‬عليرظا نادر)‪ : (Alireza Nader‬الصين في الشرق ألاوسط‪ ،‬التنين الحذر‪ ،‬مؤسسة ‪ ،RAND‬سانتا مونيكا‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬نشرفي‬
‫‪ ،2156‬ص‪ .21-10‬منشور بصيغة ‪ PDF‬منشور على الرابط التالي‪ . https://www.rand.org »pubs PDF :‬ملزيد من الاطالع‪ ،‬راجع‪ :‬حسن أحمديان‪ :‬إيران والصين‪-‬من‬
‫التعاون الى الشراكة الاستراتيجية‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 22 ،‬أبريل ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪ https://studies.aljazeera.net/ar/article/4979 :‬تم الاطالع‬
‫عليه بتاريخ ‪.2122/15/12‬‬
‫‪134‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تربطها مصالح جيوستراتيحية بالغرب‪ ،‬ألامر الذي سنوضحه من خالل مواقف هذه الدول من امللف النووي إلايراني‬
‫ومدى تأثرها في حالة إذا تم التوصل الى اتفاق نووي جديد‪.‬‬
‫‪-1‬املوقف الخليجي‬
‫منذ تفاقم ألازمة النووية الايرانية عقب صدور قرار الوكالة الذرية في ‪ 2111‬وتهديد ايران برفع ملفها إلى مجلس‬
‫ألامن اتسم موقف املجلس الخليجي بالصمت والتردد عقب القمة املنعقدة في أبو ظبي بتاريخ ‪ 2111/52/58‬تجنبوا‬
‫التعرض في بيانهم الختامي إليران‪ ،‬وقد استمر هذا املوقف حتى بعد رفع امللف الى مجلس ألامن‪ ،‬إذ صرح السفير‬
‫السعودي في واشنطن في فبراير‪ 2116‬أن بالده تتفاوض مع طهران حول ألازمة‪ ،1‬وذلك رغم مطالبة قادة الخليج في‬
‫القمة التشاورية الثامنة في الرياض ‪ 2116‬من ايران التعامل بشفافية مع دول املنطقة‪ ،‬من خالل البيان الختامي‬
‫للدورة السابعة والعشرين بالرياض في نوفمبر‪ 2116‬وبيان الدورة الثامنة والعشرين بالدوحة في نوفمبر‪ 2119‬بحضور‬
‫الرئيس الايراني "أحمد نجادي" من أجل حل ألازمة سلميا‪ ،‬مع التأكيد بإخالء الشرق ألاوسط من أسلحة الدمار‬
‫عليها‪2.‬‬ ‫الشامل‪ ،‬ومطالبة اسرائيل الانضمام للمعاهدة‪ ،‬وحث املجتمع الدولي للضغط‬
‫وحتى بعد التوصل إلى خطة العمل الشاملة املشتركة )‪ (JCPOA‬سنة ‪ 2151‬كان الرد الرسمي السعودي هو الصمت‪،3‬‬
‫لكن عبرت دوائر مفوضة من النظام السعودي بصراحة أكبر عن موقف الرياض الحقيقي بأن الاتفاق النووي الانتقالي‬
‫كان دليال على تراجع تصميم و ‪.‬م‪ .‬أ على لعب دور ضامن ألامن في املنطقة وقبول القوى الغربية النفوذ إلايراني بصمت‬
‫مقابل تنازالت بشأن البرنامج النووي‪.‬‬
‫وهذا ما ذهبت إليه معظم دول الخليج باعتبار هذه السياسات تحوال في مي‪،‬ان القوى إلاقليمية ألاساسية تجاه‬
‫ايران‪ ،‬وبعيدا عن نظام إقليمي بقيادة أمريكية‪ ،‬وحيث ترى اململكة العربية السعودية وبدراجات مختلفة من دول‬
‫مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬أن التأثير الايراني يمأل الفراغ الناجم عن تراجع تصميم و م أ من خالل الوفاق إلايراني الغربي‪،‬‬
‫وأنه حدث مؤشرا للصعود الشيعي على حساب أمن السعودية وقيادتها إلاقليمية‪ ،4‬خاصة بعد ظهور العراق الخاضع‬
‫لقيادة شيعية وتنامي نفوذ حزب هللا في لبنان وخارجه والتدخل إلايراني في اليمن عبر جماعة الحوثي‪ ،‬والانسحاب‬
‫ألامريكي من العراق وترددها في مساندة املعارضة السورية‪ ،‬باعتبار كل هذه ألاحداث تحوال في موازن القوى إلاقليمية‬
‫لصالح إيران‪ ،‬وبعيدا عن نظام إقليمي بقيادة حلفاء أمريكا‪ .‬ولعل هذا ما أدى الى تقارب وجتهي نظر السعودية واسرائيل‬
‫بتبني نفس املوقف املعادي للبرنامج النووي إلايراني وامتالك إيران للسالح النووي‪ ،‬املتمثل في تداعيات تحول إيران إلى‬

‫‪ - 1‬حسين خالد‪ ،‬البرنامج النوري الايراني والهواجس ألامنية الخليجية‪ ،‬مركز الدراسات الاستراتيجية‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪.2114 ،‬‬
‫‪ -2‬بيان مجلس التعاون الخليجي ‪ 2116،‬وبيان مجلس التعاون الخليجي‪ ،2119‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.gcc-sg-org :‬تم الاطالع عليه بتاريخ‬
‫‪.2122/15/12‬‬
‫‪ -3‬فقد رحبت السعودية باالتفاق النووي الانتقالي بحذر‪ ،‬واعتبرت أنه إذا كانت هناك نوايا طيبة فإن هذه الاتفاقية ربما تمثل الخطوة ألاولى في اتجاه التوصل إلى‬
‫حل شامل للبرنامج النووي الايراني‪ .‬أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫داليا داسا كاي –جيفري مارتيني‪ :‬ألايام التي تلي الاتفاق مع إيران‪ :‬الاستجابة إلاقليمية التفاق نووي نهائي‪ ،‬راندا(‪ ،2159 ،)RAND‬ص ‪ .55‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.RAND.org PDF‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/10‬‬
‫‪4 Fred wehrey, dahia dassa-keye, jessica Watkins, jefferey martini , and Robert A. guffey, the Iran effect: the middele East After the Wars, santa monica,‬‬

‫‪calif; RAND coporation,MG-892-af,2010(as-of-march31,2014: http://www.rand.org/pubs/monographs/M G892.html‬‬


‫‪135‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫قوة نووية في املنطقة ألامر الذي سينتج عنه آثار بعيدة املدى بتعزيز هيمنتها الذي يشكل تهديدا مباشرا على استقرار‬
‫النووي‪1.‬‬ ‫منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬وبالتالي خلق نوع من السباق نحو التسلح‬
‫وبعد إعالن الرئيس ألامريكي "دونالد ترامب" انسحاب و م أ من الاتفاق النووي الايراني سنة ‪ ،2158‬تلبية لدعوات‬
‫غالبة دول مجلس التعاون الخليجي بإخالء منطقة الخليج العربي من ألاسلحة النووية‪ ،‬ونتاجا للضغوط الدبلوماسية‬
‫التي قامت بها بعض الدول العربية عبر توضيح التهديدات الايرانية ألمن واستقرار املنطقة في املحافل الدولية‪ ،‬ناهيك‬
‫عن الاشتباك املباشر مع بعض أذرع ايران في مناطق الصراعات بدعم من الدول العربية(كعاصفة الصحراء)‪ ،‬التي‬
‫تسعى لحشد الدعم الدولي من أجل كبح التمدد إلايراني وخلق توازن في منطقة الشرق ألاوسط‪.‬‬
‫حيث تباينت موافق دول الخليج بين مؤيد ورافض فمن جانب كل من اململكة العربية السعودية ودولة إلامارات‬
‫العربية املتحدة ومملكة البحرين دعمت القرار ألامريكي بتقييم وإعادة صياغة الاتفاق النووي مع إيران ملواجهة تهديدات‬
‫ألامن الاقليمي‪ ،‬وفي املقابل جاء مواقف كل من سلطنة عمان وقطر محايد تجاه قرار "ترامب"‪ ،‬وإن كانت أقرب للتحفظ‬
‫النووي‪2.‬‬ ‫غير املعلن على القرار ألامريكي‪ ،‬فيما عبرت الكويت مباشرة عن رفضها لالنسحاب ألامريكي من الاتفاق‬
‫ومع وصول "جون بايدن" إلى البيت ألابيض‪ ،‬عاد موضوع امللف النووي إلايراني بقوة إلى الساحة الدولية‪ ،‬حيث‬
‫أوضحت الخارجية ألامريكية في بيان لها عن تحذير أمريكي خليجي مشترك إليران بسبب برنامجها النووي وترسانتها‬
‫العسكرية‪3.‬‬

‫وفي الوقت الراهن ترى دول الخليج أن التوصل إلى اتفاق نووي جديد بين إيران ومجموعة (‪ )5+1‬في محادثات‬
‫فيينا‪ ،‬سي‪،‬يد من النفوذ إلايراني في الخليج مما يفرض على دول الخليج أن تتحسب التداعيات املحتملة من هذا الاتفاق‬
‫وإن تباينت مواقف كل منها‪ ،‬حيث أن قطر والكويت وسلطنة عمان ترى أن أي تطورات ايجابية على هذا املستوى‬
‫يمكن أن تكفل مزيدا من الاستقرار ملنطقة الخليج‪ ،‬بينما تنفرد السعودية وإلامارات والبحرين بالحذر الشديد من أن‬
‫يؤدي التوصل إلى اتفاق نووي جديد الى تداعيات سياسية على املنطقة‪ ،‬كعودة إيران إلى سياسة تصدير الثورة وإثارة‬
‫الفتن الداخلية وبالتالي تهدد استقرار املنطقة وتهديد السلم وألامن الدوليين‪ ،‬مما يتطلب من السعودية وإلامارات‬
‫والبحرين مواجهة النفوذ الايراني وذلك بتنسيق مع دول عربية أخرى‪ ،‬من أجل خلق ائتالف يعزز موقفهما‪.‬‬
‫‪-2‬التنافس التركي إلايراني وانعكاساته على موقف تركيا من الاتفاق النووي‬
‫نظرا للموقع الاستراتيجي واملكانة الاقتصادية لكل من تركيا وإيران فإنهما تلعبان دورا مهما في منطقة الشرق ألاوسط‬
‫من الناحية الجيو‪-‬أمنية‪ ،‬بتنافسهما على القوة إلاقليمية في الشرق ألاوسط‪ .‬حيث أن تركيا تلعب دور إقليمي مهم في‬
‫الشرق ألاوسط بخلق توازن القوي من خالل تنافسها مع إيران على مناطق النفوذ‪ ،‬مما ينعكس على موقفها من امللف‬
‫النووي إلايراني‪.‬‬

‫‪ -1‬دانيال أفراتي‪ ،‬هل سالح الجو الاسرائيلي مهيأ لتدمير املنشأة النووية إلايراني؟‪ ،‬اسرائيل واملشروع النووي الايراني‪ ،‬مجموعة من الكتاب والباحثين إلاسرائيليين‪،‬‬
‫ترجمة‪ ،‬أحمد أبو هدية‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الدراسات الفلسطينية‪ ،‬توزيع‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،2116 ،‬ص‪599 :‬‬
‫‪ -2‬أمل صقر‪ :‬محاصرة التهديد‪ :‬دوافع دول الخليج الداعمة لالنسحاب ألامريكي من الاتفاق النووي‪ ،‬مركز املستقبل لألبحاث والدراسات‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://futureuae.com‬تم الطالع عليه بتاريخ ‪2122/15/10‬‬
‫‪ -3‬تحذير أمريكي خليجي مشترك إليران بسبب برنامجها النووي وترسانتها العسكرية‪ ،‬منشو على الرابط التالي‪ https://www.aljazeera.net :‬ثم الاطالع عليه ‪-15-10‬‬
‫‪ 2122‬على الساعة‪18h40 :‬‬

‫‪136‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫التنافس التركي إلايراني‬ ‫أ‪-‬‬


‫تعتبر تركيا من أهم دول الجوار الجغرافي إليران ودول الشرق ألاوسط‪ ،‬فهي تشكل حلقة الوصل ألاوروبي في الشرق‬
‫ألاوسط‪ ،‬كما أن إيران حلقة الوصل ألاسيوي‪ ،‬ولهذا انتهجت تركيا بعد تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في ‪،2112‬‬
‫وصعود العامل الديني في خطابها السياس ي وتراجع مكانتها الجيوستراتيجية عند الغرب‪ ،‬أدى الى تعثر انضمامها لالتحاد‬
‫ألاوروبي مما حتم عليها تبني استراتيجية ذات تصور برجماتي على مستوى السياسة الخارجية الذي انعكس على الجانبين‬
‫إلاقليمي والدولي‪ ،‬وذلك عبر الانفتاح على جيرانها ورجوعها إلى محيطها للعب دورا أكبر سواء على املستوى السياس ي‬
‫والاقتصادي وألامني‪ ،‬حيث شهدت عالقتها مع إيران تطورا واضحا بعد زيارة رئيس الوزراء التركي لطهران في أواخر‬
‫يوليوز ‪ ،2110‬إذ ركز على القضايا التي تهم البلدين واملنطقة في ظل التحوالت الجارية كقضية إلارهاب وحفظ الحدود‬
‫باالتفاق على تسوية وضعية حزب العمال "الكردستاني" على أراضيهما‪ ،1‬والتأكيد على وحدة العراق بعدم تقوية أي‬
‫املتخاصمين داخله‪ ،‬مع تطوير حجم التبادل التجاري في املدى املتوسط في شتى امليادين بما فيها الاتصاالت والطاقة‪،‬‬
‫إضافة الى مطالبة إيران لتركيا بالتموقف من اسرائيل ملنع التمدد إلاسرائيلي في املنطقة‪ ،‬والذي عبرت عنه تركيا‬
‫ودعمهم‪2 .‬‬ ‫بمعارضتها لسياسة القمع إلاسرائيلية ضد الفلسطينيين‪ ،‬واستيائها من سياسة اسرائيل تجاه ألاكراد‬
‫ورغم سيطرة املصالح الاقتصادية وتطور العالقات بين البلدين حتى وصلت إلى مرحلة الشراكة‪ ،3‬إال أن هناك‬
‫تنافس صامت على النفوذ في منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬وهذا ما كشفه "الربيع العربي" باالختالف الجوهري في سياستهما‬
‫اتجاه منطقة الشرق ألاوسط وخاصة فيما يتعلق بقضية الثورة السورية‪ ،‬وكذلك الوساطة التركية بمحاولة تأليف‬
‫الحكومة العراقية في عام ‪ ،2151‬وتأييد تركيا لثورات الربيع العربي وإقامة عالقات تعاون مع دول الربيع العربي عن‬
‫طريق تعزيز نفوذها في املنطقة ملواجهة إيران‪ ،4.‬إضافة الى محاولة اختراق تركيا للنفوذ الايراني في لبنان من خالل زيارة‬
‫الرئيس التركي إلى لبنان في نوفمبر ‪ 2121‬وافتتاح عدة مشاريع بتمويل تركي‪ ،‬وأيضا محاولة تركيا تعزيز عالقتها مع دول‬
‫الغرب‪ 5،‬بل تعدى التنافس التركي إلايراني منطقة الشرق ألاوسط إلى آسيا الوسطى والقوقاز وافريقيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬موقف تركيا من البرنامج النووي إلايراني‬
‫يتسم موقف تركيا بالكثير من الغموض؛ فمن جهة دعمت الاتفاق النووي إلايراني وترحب باالتفاق الجديد بدعوتها‬
‫إلى حل ألازمة سلميا‪ ،‬كما جاء على لسان وزير الخارجية التركي بالتعبير عن "أمله بعودة واشنطن في ظل إلادارة ألامريكية‬
‫الجديدة إلى الاتفاق النووي ورفع اجراءات الحصار على إيران" ‪ ،6‬ومن جهة أخرى فهي تنظر بعين القلق إلى تجارب‬
‫ايران على صواريخ "شهاب" البعيدة املدى ومحاولة امتالكها القدرة النووية التي ستوظفها في فرض هيمنتها العسكرية‬
‫باملنطقة‪ .‬ويتجلى ذلك بتأييدها إليران في امتالك الطاقة النووية السلمية بشرط الت‪،‬امها باالتفاقات املوقعة مع وكالة‬

‫‪ -1‬أوزدن زينب أوكتاف‪ :‬مدارك أمنية متغيرة في العالقات التركية إلايرانية‪ ،‬ترجمة‪ ،‬جيور سمعان‪ ،‬شؤون ألاوسط‪ ،‬العدد ‪ ،522‬ربيع ‪ 2116‬م‪ ،‬ص ‪.49‬‬
‫‪ -2‬عامر عباس‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪565‬‬
‫‪ -3‬أيمن دنى‪ :‬الدور إلاقليمي الجديد لتركيا في الشرق ألاوسط‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬ط ‪ ،2159 ،5‬ص‪.529‬‬
‫‪ -4‬حسن حامد الحيوني‪ :‬السياسة إلايرانية نحو دول الشرق العربي ‪ ،2156-5494‬دار أكاديميون للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪ ،‬الطبعة ‪ ،2158 ،5‬ص ‪.506‬‬
‫‪ -5‬عبد الفتاح علي الرشدان‪ ،‬رنا عبد العزيز الخفاش‪ :‬تركيا والبرنامج النووي إلايراني‪ ،‬حدود الاتفاق والاختالف‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫سبتمبر ‪ ،2156‬ص ‪80-62‬‬
‫‪ -6‬تصريح وزير خارجية تركيا "مولود تشاووش أوغلو"‪ :‬نأمل عودة إدارة "بايدن" إلى الاتفاق النووي‪ ،‬جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره إلايراني "محمد جواد‬
‫طريف" بإسطنبول‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2125-15-24‬منشور على الرابط التالي ‪ https://www.aa.com.tr‬تم الاطالع عليه يوم ‪ 2122/15/19‬على الساعة ‪.56.11‬‬
‫‪137‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الطاقة الذرية ومعاهدة عدم الانتشار النووي‪ ،‬مع انتقادها سياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها الدول الغربية في التعامل‬
‫مع ألازمة‪ ،‬كما صوتت ضد فرض املزيد من العقوبات على إيران في مجلس ألامن في عام ‪ 2151‬بشغلها مقعد عضو غير‬
‫دائم‪ ،‬إضافة الى ترحيبها باتفاق جنيف في عام ‪ 2151‬املعروف بخطة العمل املشتركة )‪ (JCPAO‬مؤكدة أهمية هذا‬
‫الاتفاق وموضحة آثاره إلايجابية على إيران واملنطقة والعالم بشكل عام‪ .1‬إضافة الى تعبيرها عن قلقها من إمكانية‬
‫تطوير البرنامج النووي إلايراني إلى برنامج عسكري مما يشكل اختالل التوازن الاستراتيجي لصالح إيران في املنطقة‪ ،‬الذي‬
‫ترى فيه تهديدا ملصلحها الاستراتيجية في املنطقة‪ ،‬ال سيما وأن هناك معارضة دولية ورغبة دول الشرق ألاوسط في‬
‫إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل‪.2‬‬
‫أما فيما يخص التأثيرات الجيوسياسية املتوقعة لالتفاق النووي إلايراني الجديد‪ ،‬من خالل مفاوضات فيينا الحالية‬
‫على معادلة التوازن إلاقليمي القائمة وانعكاساتها على مكانة تركيا إلاقليمية‪ ،‬فتكمن في أهمية ضمان عدم تطوير ايران‬
‫ألسلحة نووية لكي ال يؤدي إلى اختالل معادلة التوازن إلاقليمي وإثارة سباق التسلح على حساب النفوذ التركي في‬
‫املنطقة‪ ،3‬كما ترى في العودة إلى الاتفاق النووي بشروط إيران الجديدة حسب التقدم الذي أحرزته على مستوى تطوير‬
‫برنامجها النووي الذي سيوفر لطهران زيادة نفوذها إلاقليمي فيما قد يقلل من النفوذ التركي في إلاقليم ويؤذي إلى توتر‬
‫العالقات بين البلدين بشأن عدد من امللفات كسوريا والعراق‪ ،...‬مما ينتج عنه خلل في املعادلة التي تحكم العالقة‬
‫الحالية بين البلدين القائمة على فكرة إدارة العالقة التنافسية بينهما‪ ،‬والاحتفاظ بقواعد اشتباك واضحة تقسم‬
‫مناطق النفوذ واملصالح التجارية وتجنب املواجهة املباشرة خاصة مع ازدياد فرص تصعيد التنافس بين الدولتين إلى‬
‫العلن‪ ،‬في ظل التوترات املتصاعدة في املنطقة‪.‬‬
‫‪ -3‬الصراع إلاسرائيلي‪-‬إلايراني وانعكاسه على البرنامج النووي‬
‫يعتبر املوقف إلاسرائيلي من أهم املواقف إلاقليمية والدولية‪ ،‬من البرنامج النووي إلايراني نظرا لخصوصيته‬
‫العقائدية والسياسية‪ ،‬حيث أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تمتلك السالح النووي‪ ،‬مع أنها لم توقع معاهدة منع‬
‫الانتشار (‪ ،)NPT‬ولم تكشف عن برنامجها النووي‪ ،‬أو تسمح بإخضاعه ملراقبة وإشراف الوكالة الدولية‪ ،‬وتقوم‬
‫استراتيجيتها ألامنية منذ عام ‪ 5498‬على التفوق النوعي‪ ،‬ونظرية الحدود آلامنة‪ ،‬وعدم السماح لدول املنطقة باختالل‬
‫عموما‪4.‬‬ ‫التوازن تحت أي ظرف بمؤازرة و‪ .‬م‪ .‬أ خصوصا والغرب‬
‫واملوقف إلاسرائيلي املتشدد ال يختلف عن املوقف ألامريكي ألامني بالتصدي املباشر لألزمة خاصة بعد الكشف عن‬
‫الجوانب السرية للبرنامج النووي إلايراني سنة ‪ ،2112‬مما جعلها توليه أهمية قصوى بجعله على رأس اهتماماتها‪،‬‬
‫باتخاذها سياسة تنهج من خاللها حشد جهود املجتمع الدولي لوقفه نظرا ملا يشكله املشروع النووي إلايراني من خطر‬

‫‪ -1‬علي حسن باكير‪ :‬محددات املوقف التركي عن الاتفاق النووي إلايراني وانعكاساته‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ .2151 ،‬منشورعلى الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.ctudies.aljazeera.net‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ ،2122/15/10‬على الساعة ‪.21.01‬‬
‫‪ -2‬علي املليحي علي‪ :‬امللف النووي إلايراني طهران في فرض العقوبات‪ ،‬مجلة كلية امللك خالد العسكري‪ ،‬العدد ‪.2116 ،89‬‬
‫‪ -3‬علي حسن باكبر‪ :‬الاتفاق النووي إلايراني في حساب تركيا املستقبلية‪ ،‬الفرص والتحديات‪ ،‬مركز الجزيرة للبحوث والدراسات‪ ،‬غشت ‪ ،2151‬منشور عل الرابط‬
‫التالي‪ https://studies.aljazeera.net:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2152/15/10‬على الساعة ‪ ،21.11‬أنظر كذلك‪:‬‬
‫‪- aylin guzall,turkeys role indefusing the Iranian nuclear issue, th wochington quarterly vol35 summer2012, p 148‬‬
‫‪ -4‬ديز موندبول‪ ،‬كن هوارد‪ :‬الواليات املتحدة واسرائيل والسالح النووي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬اللواء ماجد سعيد‪ ،‬مركز الدراسات العسكرية‪ ،‬دمشق‪ 5486 ،‬ص ‪.40‬‬
‫لالطالع أكثر عن ترسانة إسرائيل النووية‪ ،‬انظر‪ :‬براي بيتر‪ :‬ترسانة اسرائيل النووية‪ ،‬مع تقرير فانون‪ ،‬أسرار القوة النووية إلاسرائيلية‪ ،‬ترجمة‪ ،‬منير غانم‪ ،‬مراجعة‬
‫وتقديم‪ ،‬محجوب عمر‪ ،‬مؤسسة ألابحاث العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ‪.5484 ،5‬‬
‫‪138‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫على وجودها‪ ،‬حيث هددت مرارا باستعمال القوة العسكرية ضد املنشآت النووية إلايرانية كوسيلة للضغط على املجتمع‬
‫الدولي من أجل التحرك عسكريا ضد إيران أو على ألاقل فرض مزيد من العقوبات عليها‪ 1‬وتعميق عزلتها‪ ،2‬السيما بعد‬
‫فشل املفاوضات مع الترويكا ألاوروبية‪ ،‬ثم مجموعة (‪ )1+5‬بإصرار إيران على التخصيب الذي اعتبرته إسرائيل تأكيدا‬
‫ودليال على ادعاءاتها‪.‬‬
‫ويتجلى ذلك في معارضة حكومة "بنيامين نتنياهو" بإعطاء موقف موحد من الاتفاق النووي إلايراني ‪، 32151‬‬
‫حيث اعتبرت اسرائيل أن هذا الاتفاق ُيدخل ايران واملنطقة في مرحلة جديدة تحمل بين ثناياها تحديات وتهديدات‬
‫إلسرائيل عليها الاستعداد ملواجهتها‪ ،‬وأن الاتفاق يضع حدا للعقوبات ضد ايران وينهي عزلتها الدولية ويتيح أمامها‬
‫مرحلة جديدة في عالقاتها الدولية وإلاقليمية‪ .‬ما يقود إلى تعزيز قوتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية مما يقوي‬
‫نفوذها في املنطقة‪ ،‬باإلضافة إلى أن الاتفاق يضفي الشرعية الدولية على املشروع النووي إلايراني‪ ،‬مما قد ينعكس‬
‫ألاوسط‪4.‬‬ ‫عنه سباقا للتسلح النووي في الشرق‬
‫وبعد العودة إلى مفاوضات فيينا املتعلقة باالتفاق النووي إلايراني‪ ،‬فانه في حال التوصل إلى اتفاق غير شامل بشأن‬
‫البرنامج النووي إلايراني دون تناول قضايا النفوذ إلاقليمي إليران عبر وكالئها‪ ،‬فإن اسرائيل ستحاول أن تقيد النفوذ‬
‫إلايراني بضرب وكالئها في املنطقة السيما لبنان وسوريا بهدف إضعاف قدرتهم العسكرية‪ ،5‬ومحاولتها الحصول على‬
‫ضمانات أمريكية ودولية وإقليمية بضمان أمنها ومصالحها بما يحافظ على تفوقها نوعيا وقدرتها على الردع الفعال‪،6‬‬
‫أما في حالة التوصل إلى اتفاق شامل يضم البرنامج النووي إلايراني ونفوذها في املنطقة‪ ،‬حينها ستشرع اسرائيل بتوجيه‬
‫ضربة عسكرية لتحييد البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬باعتباره يشكل تهديدا لها في ظل غياب ضمانات بعدم تحويله إلى‬
‫الصاروخي‪7.‬‬ ‫برنامج عسكري موجه ضد ها خاصة بعد تطوير إيران برنامجها‬

‫‪ -1‬إميلي بلنداو‪-‬افرايم أسكوالي‪ :‬برنامج إيران النووي واملفاوضات مع الترويكا ألاوروبية‪ ،‬اسرائيل واملشروع النووي إلايراني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬
‫‪ -2‬تصريح وزير الجيش "شاوول موقاز"‪" :‬بأن إيران وصلت إلى نقضه الالعودة في مشروعها النووي"‪ .‬راجع في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪ -‬املشهد إلاسرائيلي‪ :‬امللف النووي إلايراني في رأس اهتمامات اسرائيل‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.21-59‬‬
‫على الربط التالي‬ ‫منشور‬ ‫‪ -3‬املوقف إلاسرائيلي من الاتفاق النووي إلايراني‪ ،‬وحدة السياسات‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬يوليو‪,2158‬‬
‫‪ https://www.dohaistitute.org‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/19‬على الساعة ‪52.11‬‬
‫على الرابط التالي‪:‬‬ ‫منشور‬ ‫‪ -4‬داليا داسا كاي )‪ :(dalia dasse kaye‬سياسات اسرائيل بشأن إيران بعد الاتفاق النووي‪ ،‬مؤسسة راند‪.2156 ،‬‬
‫‪ https://www.rand.orgpubs‬ثم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/16‬على الساعة ‪52.11‬‬
‫‪ -5‬شبهات بأن الحادث في منشأة "نطن‪ "،‬النووية إلايرانية "تخريب أو اختراق"‪ ،‬تايمز أوف اسرائيل ‪ ،the times of israel‬بتاريخ ‪ 55‬أبريل ‪ .2125‬منشور على الرابط‬
‫التالي‪ https://kurzelinks.de/vqde :‬تم الاطالع عليه بتاريخ‪ 2125/15/ 19‬على الساعة ‪59.01‬‬
‫‪ -6‬صرحت اسرائيل على لسان وزير مخابرات "ايلي كوهين"‪ ،‬في ‪ 24‬أبريل ‪ ،2125‬بأن "الحرب مع طهران ستتبع بالتأكيد" أي اتفاق س يء بينهما وبين القوى العاملية"‪.‬‬
‫أنظر في هذا الصدد‪:‬‬
‫‪By dam williams : our warplames can reach Iran, Israeli minister warns amid nuclear talks, reuters 29 april 2021 accessed‬‬
‫‪https://wwwkuzelinks.de/ydiu 06/01/2022, 15.01‬‬
‫أنظر ايضا‪ :‬محمود جرابعة‪ ،‬ليهي بن شطريت‪ :‬مواجهة إيران عسكريا‪ :‬تحوالت الجيش والسياسة في إسرائيل‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ ،2125/11/20،‬منشور على‬
‫الرابط التالي ‪ https://www.studies.aljazeera.net/ar/article/5025‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/16‬‬
‫‪7 -dalia dassa kaye-shira efron :Israel evolving Iran policy, survival 2020 vol , no 4-7‬‬

‫منشور على الرابط التال ‪ https://doi.org/10.1080/00396338.2020.1792095‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/07‬على الساعة ‪.59.91‬‬
‫‪139‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الشيعي‪1‬‬ ‫ثانيا‪ :‬موقف دول الهالل‬


‫يمتد الهالل الشيعي من شواطئ البحر ألابيض املتوسط (سوريا ولبنان)‪ ،‬مرورا بالعراق وصوال إلى اليمن والسودان‬
‫وما حولهما‪ ،‬وحيث يعتبر هذا الهالل بمثابة ألامن القومي إليران‪ ،‬وخاصة الدول املجاورة لها كالعراق وسوريا ولبنان‬
‫واليمن‪ ،‬وتستخدمها إيران لزيادة قدراتها الردعية عن طريق املليشيات العسكرية املنتشرة على شكل هالل‪ ،‬ككتائب‬
‫حزب هللا العراقي والحشد العراقي‪ ،‬ولواء الفاطميون في سوريا‪ ،‬وجماعة الحوثي في اليمن‪ ،‬وحزب هللا اللبناني‪ ،‬إضافة‬
‫إلى حركة حماس وحركة الجهاد في غزة‪ ،‬وكلها مرتبطة بالقرار الاستراتيجي لطهران‪ ،2‬الذي يتوقف على الوصول إلى حل‬
‫في مفاوضات فيينا الحالية املتعلقة باالتفاق النووي لبناء قرار استراتيجي موافق ملخرجات الاتفاق الذي سينعكس على‬
‫هاته الدول التي سنبين موقفها كاآلتي ‪:‬‬
‫‪-1‬سوريا‪ :‬يختلف املوقف السوري من امللف النووي إلايراني عن باقي املواقف ألاخرى لوجود تحالف استراتيجي‬
‫وعالقات متينة بينه وبين النظام إلايراني منذ قيام الثورة إلايرانية‪ ،‬ويتجلى ذلك باعتراف سوريا بحق ايران في تطوير‬
‫قدرتها النووية السلمية‪ ،‬وتصويتها في مجلس محافظي الوكالة الدولية إلى جانب كوريا وفن‪،‬ويال ضد رفع امللف إلى‬
‫مجلس ألامن مع انتقدها بشدة ازدواجية املعايير ألامريكية والغربية تجاه إيران‪ ،3‬وهذا ما أكدته أيضا من خالل الورقة‬
‫التي قدمتها سوريا خالل مؤتمر استعراض معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية لسنة ‪.42151‬‬
‫وهذا ما يعكسه الوجود إلايراني داخل سوريا سواء على املستوى العسكري والسياس ي والاقتصادي الذي أصبح‬
‫معقدا يصعب اجتثاثه‪ ،‬ويمكن ان نقول أن استمرار هذا الوجود مرتبط بالصراع إلايراني مع إسرائيل وبالتنافس‬
‫إلايراني التركي‪ ،‬حيث أصبح من غير املحتمل أن تحصر طهران عن ما أسسته من قواعد لحماية نفوذها وعمقها‬
‫الاستراتيجي داخل سوريا‪ ،5‬أما في ما يخص انعكاس الاتفاق النووي املرتقب على الحضور إلايراني في سوريا فقد أصبح‬
‫أمرا واقعيا يصعب الضغط عليه للخروج من سوريا‪ ،‬ألنه يستمد شرعيته من الحكومة املركزية املنتخبة في سوريا‪،‬‬
‫وربما ستتفاوض على حل ألازمة السورية في مرحلة الحقة لالتفاق‪.‬‬
‫‪-2‬العراق‪ :‬لم يكن النفوذ إلايراني في العراق نابعا من قوة إيران فحسب‪ ،‬بال نتيجة للظروف واملتغيرات الداخلية‬
‫العراقية وإلاقليمية والدولية‪ ،‬وقد استغلتها إيران كورقة ضغط تستخدمها على املستوى إلاقليمي والدولي‪ ،‬وعزل العراق‬

‫‪ -1‬الهالل الشيعي مصطلح سياس ي استخدمه امللك ألاردني "عبد هللا الثاني بن الحسن "خالل تصريحه ل"واشنطن بوست" أثناء زيارته للواليات املتحدة في أوائل شهر‬
‫ديسمبر عام ‪ ،2119‬حيث عبر فيه عن تخوفه من وصول حكومة عراقية متعاونة مع ايران إلى السلطة في بغداد‪ ،‬تتعاون مع نظام الثورة إلاسالمية بطهران ونظام‬
‫البعث بدمشق إلنشاء هالل يكون تحت نفوذ الشيعة يمتد إلى لبنان‪ ،‬ورأى في بروز "هالل شيعي" في املنطقة ما يدعو إلى التفكير الجدي في مستقبل استقرار املنطقة‪،‬‬
‫ويمكن أن يحمل تغيرات واضحة في خريطة املصالح السياسية والاقتصادية لبعض دول املنطقة"‪.‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪ https://www.ar.m.wikipedia.org :‬تم الطالع عليه بتاريخ ‪ .2122/15/18‬للمزيد من الاطالع‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪- Moche maos : the « shii crescent » : myth and reality saban centre for middle East policy et the brookline institute, 11-2008‬‬
‫‪ -2‬داليا السيد أحمد‪ :‬املليشيات املسلحة والطائفية‪ ،‬تهديد لألمن والاستقرار في منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬درع الوطن‪ ،‬مجلة عسكرية واستراتيجية‪ 14 ،‬غشت ‪.2121‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪ https://www.nationachield.ae :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/18‬‬
‫‪ -3‬رنا أبو ظهر الرفاعي‪ :‬امللف النووي إلايراني والصراع على الشرق ألاوسط‪ ،‬دار العلوم العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ‪ ،2118 ،5‬ص‪.20 ،‬‬
‫‪ -4‬راجع‪ :‬ورقة مقدمة من الجمهورية العربية السورية خالل املؤتمر النووي الستعراض معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية عام ‪ ،2151‬بنيويورك ‪ 29‬ابريل ‪22-‬‬
‫مايو‪ .2151‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.undocs.org:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ ،2122/15/14‬على الساعة‪.18h11 :‬‬
‫‪ -5‬نوران عوضين‪ :‬أين سوريا من الاتفاق النووي املرتقب‪ ،‬املرصد املصري‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪ https://marsad.ecss.com.eg :‬تم الاطالع عليه يوم ‪،2122/16/14‬‬
‫على الساعة ‪.20h30‬‬
‫‪140‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫عن حاضنته العربية رغم انضمامه مؤخرا الى مشروع "الشام الجديد"‪ ،1‬وقد استطاعت إيران من خالل الروابط‬
‫الوثيقة بينها والفصائل املوالية لها في العراق‪ .‬أن تلعب دورا هاما في مواجهة الاحتالل ألامريكي وبعدها تنظيم "داعش"‬
‫بالعراق‪ ،‬كما ساهم النفوذ إلايراني بالعراق في مأسسة وجود الهيئة التي أدرجت ضمن القوات املسلحة وحولتهم إلى‬
‫جنود تحت الفتة "الحشد الشعبي" يدافعون عن أمن إيران بصورة غير مباشرة‪ ،‬فضال عن توغلها داخل املجتمع العراقي‬
‫بشتى الوسائل منها دينية ومذهبية واقتصادية وأخرى اجتماعية‪ 2،‬إال أنه بالرغم من كل هذا الارتباط عرف الشارع‬
‫العراقي انتفاضة كبيرة في أواخر سنة ‪ 2154‬عرفت ب"انتفاضة أكتوبر"‪ ،‬والغريب في ألامر أن هوية املشاركين فيها هم‬
‫الشيعة الذين يعتبرون الشريحة ألاكبر في املجتمع العراقي‪ ،3‬حيث أثرت هذه الانتفاضة في الانتخابات العراقية‪ ،‬بتوجيه‬
‫الناخبون في العراق صفعة قوية لوكالء ايران في الانتخابات‪ ،4‬ولكن تخفيف قبضة الفصائل الشيعية املسلحة على‬
‫مفاصل الدولة ما زال مسألة تتسم بحساسية سياسية‪ ،‬مما يجعل النفوذ إلايراني يؤكد دوره املحوري في املشهد‬
‫العراقي‪ ،‬بما يحقق له درجة متقدمة عن التأثير على تطورات ألاوضاع السياسية والعسكرية في العراق‪.‬‬
‫ومع إمكانية وصول طهران وواشنطن إلى اتفاق نووي جديد‪ ،‬ستصبح املليشيات التابعة لطهران في العراق‪ ،‬أمام‬
‫متغيرات في غاية التعقيد لكنها ستلزم بمنهجية برجماتية في التعاطي مع املشهد الجديد‪ ،‬وستواصل إظهار قوتها وفاعليتها‬
‫بالساحة العراقية وأنها تمتلك أوراق كافية للتأثير تحفظ لطهران درجة من الانخراط الحاسم في العراق‪ ،‬وبذلك فإن‬
‫بقاءها سيكتسب الدعم إلايراني بذات الدرجة أو يزيد‪.‬‬

‫‪ -1‬نظرا للتطورات الجيوبوليتيكية في الشرق ألاوسط ظهرت فكرة مشروع "الشام الجديد" أو "املشرق الجديد" الذي يربط مصر نظرا ملوقعها على البحر ألابيض‬
‫املتوسط وكثافتها السكانية‪ ،‬مع العراق الذي يمتلك ثروات نفطية كبيرة‪ ،‬وألاردن الذي يتمتع بمزايا اقتصادية جيدة‪ ،‬وتعود جذور هذا املشروع لدراسة أعدها البنك‬
‫الدول في مارس ‪ ،2159‬حيث يهدف هذا املشروع الى التخفيف من حدة تداعيات الهندسة الطائفية للمشهد العراقي‪ ،‬وإعادة إعمار العراق‪ ،‬ومحاولة إخراج العراق‬
‫من دائرة الهالل الشيعي إلى الحضن العربي‪ ،‬أما على املستوى إلاقليمي فيهدف الى التضييق على املشروع التوسعي إلايراني املهدد لالستقرار‪ ،‬من خالل عرقلته من‬
‫الوصول إلى شواطئ البحر ألابيض املتوسط‪ ،‬والتقليل من ألاهمية الاستراتيجية ملضيق هرمز بخلق ممر بديل لنقل النفط والغاز‪ ،‬كما يهدف الى زحزحة املشاريع‬
‫الاقتصادية بين العراق وإيران وخاصة صادرات الكهرباء‪ ،‬إضافة الى الحد من التعاون العسكري بين إيران والعراق‪ .‬للمزيد من الاطالع‪ ،‬راجع‪ :‬دراسة البنك الدولي عن‬
‫الشام الجديد (‪.)2159‬‬
‫‪- Over the horizon: a New Levant، july2014-Number127, La Banque Mondi ,brid IDA‬‬
‫منشورة على الرابط التالي‪ https://openknowledge.worldbank.org :‬ثم الاطالع عليها يوم ‪ 2122/15/51‬على الساعة ‪.17h00‬‬
‫راجع أيضا‪ :‬دراسة أعدتها مؤسسة راند حول مشروع الشام الجديد‪ ،‬سنة ‪:2154‬‬
‫‪- Daniel Egel ,Andrew Parasiliti, Charles P.Ries ,Dori Walker :Estimating The Economic Benefits of Levant Integration , RAND, 2019.‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪ https://www.rand.org/pubs/research_reports/RR2375.html‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪.2122/15/51‬على الساعة‪ .16h00‬كذلك أنظر‪:‬‬
‫ايمن أحمد عبد الحليم‪ :‬أي تأثيرات ملشروع الشام الجديد على النفوذ إلايراني باملنطقة؟‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.zatmasr.com :‬تم الاطالع عليه‬
‫يوم ‪ .2122/12/55‬للمزيد من التفاصيل انظر‪ :‬تقرير البنك الدولي حول اجمالي الناتج املحلي للدول الثالث‪( ،‬العراق‪ ،‬مصر‪ ،‬ألاردن)‪ ،‬موقع البنك الدولي‪ ،‬منشور على‬
‫الرابط التالي‪ https:// data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.CD :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/55‬على الساعة ‪54h56‬‬
‫‪ -2‬عبد الوهاب القصاب‪ :‬النفوذ إلايراني في العراق‪ ،‬ألابعاد والتحديات والتداعيات على الجوار العربي‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬سلسلة ملفات‪،‬‬
‫يناير ‪ ،2155‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.dohainstitute.org PDF :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/55‬على الساعة ‪ .54.18‬انظر أيضا‪ :‬عبد العزيز‬
‫الظاهر‪ :‬النفوذ إلايراني في العراق‪ ،‬مجلة البيان‪ ،‬العدد ‪ ،069‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.albayan.eo.uk mgrar:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪2122/15/55‬‬
‫على الساعة ‪21.51‬‬
‫‪ - 3‬الفائز ألاكبر في الانتخابات البرملانية العراقية هو رجل الدين الشيعي الشعبوي مقتدى الصدر‪ ،‬بالصورة التي رسمها لنفسه كمعارض شرس لكل من ايران والواليات‬
‫املتحدة‪ ،‬وبث الصدر البهجة والسرور بين أنصاره عند إلاعالن عن النتيجة‪ ،‬تحت شعار‪« :‬انتصار الشعب على ‪ ..‬املليشيات"‪.‬‬
‫الناخبون يرفضون حلفاء طهران ‪ ...‬هل يتخلص العراق من النفوذ إلايراني؟ منشور على الرابط التالي‪ https://www.dw.com:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪2122/15/52‬‬
‫على الساعة ‪.21.21‬‬
‫‪ -4‬خرجت الانتفاضة ضد تفاقم مؤشرات الفساد والغش السياس ي جراء تنامي ما وصفه املحتجون بالسيطرة إلايرانية على العملية السياسية العراقية‪ ،‬مطالبة‬
‫الحكومة العراقية بمكافحة الفساد وتعديل قانون الانتخابات وطريقة إدارة الحكم في البالد‪ ،‬فضال عن مطالبة بإنهاء سطوة إيران على القرار السياس ي‪ ،‬وإنهاء تواجدها‬
‫غير املشروع في العراق‪ .‬للمزيد من الاطالع‪ ،‬راجع‪ :‬ميثاق مناحي العيس ي‪ :‬املوقف الشعبي العراقي من التدخل إلايراني‪ :‬احتجاجات أكتوبر ‪ 2154‬نموذجا‪ ،‬مركز الدراسات‬
‫الاستراتيجية‪ ،‬جامعة كربالء‪ ،‬مدارات إيرانية‪ ،‬العدد ‪ ،59‬املجلد ‪ ،9‬ديسمبر ‪ ،2155‬ص‪501 ،‬‬
‫‪141‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لبنان‪ :‬يعتبر حزب هللا من آليات إيران لتوسيع نفوذها في الشرق ألاوسط وحماية عمقها الاستراتيجي‪ ،‬رغم تصنيفه‬
‫من طرف و‪.‬م‪ .‬أ والدول الغربية مع املنظمات إلارهابية‪ ،‬ويتجلى ذلك بوضوح عندما دخل حزب هللا في ‪ 2150‬مستنقع‬
‫حرب سوريا بجانب طهران مدافعا على حليفهما املشترك النظام السوري"‪ ،1‬وسي‪،‬يد هذا الارتباط في حالة تم الاتفاق‬
‫من خالل مفاوضات فيينا الحالية خاصة إذ تم رفع العقوبات عن إيران‪ ،‬مما سيؤدي إلى تدفق الدعم املالي إلايراني‬
‫الذي يقدر حسب التقديرات الرسمية لوزارة الحزبية ألامريكية بأكثر من ‪ 911‬مليون دوالر‪ ،‬قياسا بما تم بعد اتفاق‬
‫‪، 2 2151‬ألامر الذي يمكن حزب هللا من مساحة واسعة للتحرك على املستوى إلاقليمي والدولي‪ ،‬وتعزيز دوره كرابط‬
‫لوجيستي محوري بين إيران واملليشيات التابعة لها في املنطقة ‪ ،3‬بل سيمكنه من التوسع أكثر خارج منطقة الشرق‬
‫ألاوسط ليشمل إفريقيا وآسيا الوسطي‪ ،‬وحيث يعتبر امللف اللبناني ورقة مهمة في يد طهران تستغلها لتعزيز موقفها في‬
‫املفاوضات نظرا لتأثير الاتفاق على املشهد السياس ي اللبناني‪ ،‬إذ سيستغل فيه حزب هللا موقفا أكثر تقدما في أي حكومة‬
‫مستقبلية بوصفه املحرك ألاساس لهذا املشهد‪ ،‬إضافة الى استمرار تشابكه مع إسرائيل الذي يعتبر من بين ألاوراق‬
‫املهمة التي تستخدمها إيران ضد إسرائيل‪ .‬وكل هذا سيشكل نقطة تحول فارقة في مسار السياسة اللبنانية الراهنة‬
‫لكون حزب هللا أحد أهم الفاعلين في السياسة اللبنانية وألاكثر ارتباطا بإيران سواء على املستوى إلايديولوجي والسياس ي‬
‫والعسكري‪.‬‬
‫اليمن‪ :‬كان لالتفاق النووي إلايراني سنة ‪ 2151‬أثر على الصراعات في منطقة الشرق ألاوسط وال سيما على الحرب‬
‫في اليمن‪ ،‬الذي انعكس بصورة غير مباشرة على مختلف القضايا في املنطقة مثل الصراع السعودي – إلايراني على‬
‫النفوذ إلاقليمي حيث أصبح اليمن ساحة حرب بالوكالة بين إيران واململكة السعودية باستغالل ايران الصراعات‬
‫املحلية اليمنية وتعقيداتها عبر جماعة الحوثي في اليمن‪ ،4‬حيث حققت الجماعة نجاحا نسبيا على املستوى العملياتي‪،‬‬
‫وذلك بمواصلتها التصعيد العسكري الداخلي عبر مساعيها لحسم عدد من املحاور الاستراتيجية والحيوية‪ ،‬والتصعيد‬
‫الخارجي تجاه السعودية عبر استهداف منشآت وأهداف حيوية‪.5‬‬
‫وفي انتظار مخرجات الاتفاق النووي وانعكاسها على ألازمة اليمنية ومسارتها املستقبلية‪ ،‬التي يمكن أن تكون عامال‬
‫مؤثرا في تهدئة ألازمة‪ ،‬كقيام طهران بدفع جماعة الحوثي إلى وقف عمليات التصعيد العسكري والجلوس لحل ألازمة‬
‫دبلوماسيا‪ ،‬بهدف تحول الحوثين إلى قوة سياسة رئيسية وطرف فاعل في املشهد اليمني بوجه عام على أساس التوازنات‬

‫‪ -1‬مقال تحت عنون‪ ،‬هل وسع حزب هللا دائرة نفوذ إيران في الشرق ألاوسط؟ منشور على املوقع الرسمي ألاملاني‪ ، Deubche Welle‬سياسة واقتصاد‪ ،‬منشور على‬
‫الرابط التالي‪ https://www.dw.com:‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/50‬على الساعة ‪.01:58‬‬
‫‪ -2‬مانيو ليفيت‪ -‬كيلس ي سيكارا ‪ :‬النتائج املستخلصة من التقرير السنوي لوزارة الخارجية ألامريكية عن إلارهاب (الجزء ألاول) ‪" :‬حزب هللا" وايران‪ ،‬تحليل السياسات‬
‫املرصد السياس ي‪ ،‬العدد‪ ،The Washington Institute for Near East policy ،2404‬منشور على الرابط التالي‪ : https://home.treasury.gov »sm 856‬تم الاطالع‬
‫عليه يوم ‪ ،2122/15/50‬على الساعة‪,58h45‬‬
‫‪ -3‬مايكل آيز نشتات‪-‬أندروجيه‪-‬ماثيوليفت‪-‬مايكل نباتس‪ :‬ألاثر إلاقليمي ملكاسب ايران غير املتوقعة بعد رفع العقوبات‪ ،‬تحليل السياسات‪The Washington Institute ،‬‬
‫‪ ،for Near East policy‬منشور على الرابط التالي ‪ https://www.washintoninstitute.org :‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪،2122/15/50‬على الساعة ‪.54h00‬‬
‫‪ -4‬فارع املسلمي‪ :‬أي انعكاسات لالتفاق النووي الايراني على الحرب في اليمن؟‪ ،‬مركز مالكوم كير‪-‬كارنيغي للشرق ألاوسط‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪ https://www.camegie-mec.org» diwan‬تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2152/15/50‬على الساعة ‪.54:11‬‬
‫‪ -5‬زياد الخيفي ‪ :‬اليمن طاولة مستقلة أم ورقة على الطاولة النووية الكبيرة ؟ ملفات اندبندنت‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.independentarabia.com/‬‬
‫تم الاطالع عليه بتاريخ ‪ 2122/15/16‬على الساعة ‪21:21‬‬
‫‪142‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫امليدانية القائمة‪ ،‬مما يعني ضمنيا قبول الحضور إلايراني في اليمن بصورة غير مباشرة واستمرار نفوذها عبر جماعة‬
‫الحوثي‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ويتضح من خال ما سبق أن التوسع الجيوبوليتيكي إلايراني تجاوز منطقة الشرق ألاوسط الى منطقة آسيا الوسطى‬
‫خاصة بعد التطورات ألاخيرة التي شهدتها املنطقة بانسحاب الواليات املتحدة من أفغانستان‪ ،‬بل وألاكثر من ذلك‬
‫وصل امتدادها الى القارة إلافريقية (حسب عدة تقارير ودراسات) نظرا ملا تحظى بها القارة السوداء من أهمية‬
‫جيوبوليتيكية في السياسة الخارجية إلايرانية املبنية على محددات سياسية ودينية (مذهبية) واقتصادية وعسكرية‪،‬‬
‫فضال عن اختراقها لدول غرب وشمال افريقيا عن طريق تمويل الجماعات إلارهابية لزعزعة ألامن والاستقرار في املنطقة‬
‫واستغاللها لخدمة أجندتها التوسعية وتلبية حاجياتها من الطاقة فضال على حصولها على نافذة على املحيط ألاطلس ي‪،‬‬
‫مما يحتم على الدول الشرق ألاوسطية والدول ألاطلسية واملتوسطية أن تتبني استراتيجية استباقية للتصدي للتهديدات‬
‫واملخاطر التي تشكلها ايران على املنطقة‪ ،‬خاصة اذا تم التوصل الى اتفاق نووي جديد بفرض شروطها من خالل‬
‫مفاوضات فيينا الحالية‪ ،‬وذلك عن طريق بناء تحالفات محورية على ضفاف املحيط ألاطلس ي والبحر ألابيض املتوسط‬
‫على شكل مركبات أمنية إقليمية من أجل كبح املد إلايراني‪ .‬كما تجدر إلاشارة إلى أن إلادارة ألامريكية الحالية والدول‬
‫الغربية أن تعي بأن استعادة العالقة بين ضفي ألاطلس ي وإعادتها إلى ما كانت عليها يعتبر أمر صعب وفق التوازنات‬
‫الحالية‪ ،‬حيث أنه يجب عليهما الاقتناع بأن هناك حاجة ملحة إلى عالقة أطلسية جديدة وفق املتغيرات الجيوبوليتيكية‬
‫الحالية‪ ،‬تستند إلى فهم مشترك بأن التحالف بينهما ليس كافيا إلعادة التوازن بين ضفتي ألاطلس ي خاصة وفي مناطق‬
‫نفوذهما عامة‪.‬‬

‫الئحة ببيليوغرافية‬
‫باللغة العربية‪:‬‬ ‫•‬
‫روجر هاورد‪ :‬نقط إيران ودوره في تحدي نفوذ الواليات املتحدة‪ ،‬ترجمة‪ ،‬مروان سعد الدين‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيروت‪ ،‬ط‪ ،5‬بدون ذكر السنة‪.‬‬
‫جمال سند السويدي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬الواقع والتحديات‪ ،‬مركز إلامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫ألاولى‪.2119 ،‬‬
‫أيمن دنى‪ :‬الدور إلاقليمي الجديد لتركيا في الشرق ألاوسط‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬إلاسكندرية‪ ،‬ط ‪.2159 ،5‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيترتيلور‪ ،‬كولين فلنت‪ :‬الجغرافيا السياسية لعاملنا املعاصر‪ ،‬عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،282‬ترجمة‪ ،‬عبد السالم رضوان‪ ،‬إسحاق‬ ‫‪-‬‬
‫عبيد‪ ،‬يونيو ‪.2112‬‬
‫بيترتيلور‪ ،‬كولين فلنت‪ :‬الجغرافيا السياسية لعاملنا املعاصر‪ ،‬عالم املعرفة‪ ،‬العدد ‪ ،282‬ترجمة‪ ،‬عبد السالم رضوان‪ ،‬إسحاق‬ ‫‪-‬‬
‫عبيد‪ ،‬يونيو ‪.2112‬‬
‫حداد ريمون ‪ :‬العالقات الدولية‪ ،‬دار الحقيقة‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2111،‬‬ ‫‪-‬‬
‫حسن حامد الحيوني‪ :‬السياسة إلايرانية نحو دول الشرق العربي ‪ ،2156-5494‬دار أكاديميون للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬ألاردن‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبعة ‪.2158 ،5‬‬
‫حسين خالد‪ ،‬البرنامج النوري الايراني والهواجس ألامنية الخليجية‪ ،‬مركز الدراسات الاستراتيجية‪ ،‬الجامعة اللبنانية‪.2114 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪143‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫دانيال أفراتي‪ ،‬هل سالح الجو الاسرائيلي مهيأ لتدمير املنشأة النووية إلايراني؟‪ ،‬اسرائيل واملشروع النووي الايراني‪ ،‬مجموعة‬ ‫‪-‬‬
‫من الكتاب والباحثين إلاسرائيليين‪ ،‬ترجمة‪ ،‬أحمد أبو هدية‪ ،‬بيروت‪ ،‬مركز الدراسات الفلسطينية‪ ،‬توزيع‪ ،‬الدار العربية‬
‫للعلوم‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2116 ،‬‬
‫ديز موندبول‪ ،‬كن هوارد‪ :‬الواليات املتحدة واسرائيل والسالح النووي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬اللواء ماجد سعيد‪ ،‬مركز الدراسات العسكرية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫دمشق‪.5486 ،‬‬
‫رنا أبو ظهر الرفاعي‪ :‬امللف النووي إلايراني والصراع على الشرق ألاوسط‪ ،‬دار العلوم العربية للطباعة والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2118 ،5‬‬
‫رياض الراوي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني وآثاره على منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬الطبعة الثانية‪.2118 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫سفير لودجارد‪ :‬هل يمكن تجنب قصف إيران؟‪ ،‬البرنامج النووي إلايراني‪-‬الوقائع والتداعيات‪ ،‬مركز إلامارات للدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫والبحوث‪ ،‬أبو ظبي‪ ،‬ط ألاولى‪.2119 ،‬‬
‫سكوت ريتر‪ :‬استهدف إيران – حقيقة الخطط التي يعدها البيت ألابيض لتغيير النظام‪ ،‬ترجمة أمين ألايوب‪ ،‬الدار العربية‬ ‫‪-‬‬
‫للعوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬ط‪.2119 ،5‬‬
‫عامر عباس‪ :‬البرنامج النووي إلايراني في ضوء القانون الدولي‪ ،‬سلسلة أبحاث ودراسات(‪ ،)5‬مركز الدراسات والتوثيق منشورات‬ ‫‪-‬‬
‫زين الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة ألاولى‪.2152 ،‬‬
‫عبد الفتاح علي الرشدان‪ ،‬رنا عبد العزيز الخفاش‪ :‬تركيا والبرنامج النووي إلايراني‪ ،‬حدود الاتفاق والاختالف‪ ،‬املركز العربي‬ ‫‪-‬‬
‫لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬ط‪ ،5‬سبتمبر ‪.2156‬‬
‫كارلتون بيرل‪ :‬ألاعجوبة العاشرة الطاقة النووية‪ ،‬دار اليقظة العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة ‪ ،5418‬ص‪51‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬أحمد إبراهيم محمود‪ :‬البرنامج النوري إلايراني‪-‬آفاق ألازمة بين التسوية الصعبة ومخاطر التصعيد‪ ،‬مركز ألاهرام للدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫السياسية والاستراتيجية‪ ،‬القاهرة‪.2111 ،‬‬
‫‪-‬جاسم محمد‪ :‬جيوبوليتيك‪ ،‬عندما تتحدث الجغرافيا‪ ،‬تمكين للبحث والنشر‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ‪2150‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬براي بيتر‪ :‬ترسانة اسرائيل النووية‪ ،‬مع تقرير فانون‪ ،‬أسرار القوة النووية إلاسرائيلية‪ ،‬ترجمة‪ ،‬منير غانم‪ ،‬مراجعة وتقديم‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫محجوب عمر‪ ،‬مؤسسة ألابحاث العربية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة ‪.5484 ،5‬‬
‫أفرايم كام‪ :‬نظرية الردع إلايرانية‪ ،‬مركز دراسات ألامن القومي‪ ،‬ترجمة‪ ،‬عبد الكريم أبو ربيع‪ 52 ،‬غشت ‪ .2125‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪» https://www.atlas.ps/post/17489 « :‬‬
‫طالل عتريس ي‪ :‬البرنامج النووي إلايراني ليس خداعا من أجل التسلح‪ ،‬مجلة معلومة املركز العربي للمعلومات‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫العدد‪ ،04 ،‬الخاص بامللف النووي إلايراني‪ ،‬فبراير‪.2118،‬‬
‫عامر كامل أحمد‪ :‬موقف الترويكا ألاوربية من البرنامج النووي إلايراني‪ ،‬دراسات دولية‪ ،‬العدد ‪ ،2155 11‬مركز الدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫الدولية‪ ،‬جامعة بغداد‪.‬‬
‫مفاوضات فيينا النووية‪ ،‬حسابات واشنطن وطهران املتعارضة‪ ،‬وحدة الدراسات السياسية‪ ،‬سلسلة تقدير موقف‪ ،‬املركز‬ ‫‪-‬‬
‫العربي لألبحاث ودراسات السياسات‪ 6 ،‬ديسمبر ‪.2125‬‬
‫ضياء قدور‪ :‬الطائرات إلايرانية املسيرة‪ :‬القدرات ونقاط الضعف‪ ،‬مركز حرمون للدراسات املعاصرة‪ ،‬يناير ‪ 2111‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪/https://www.harmoon.org/reports :‬‬
‫الزويري محجوب‪ :‬مفاوضات امللف النووي إلايراني من جنيف الى فينا‪ ،‬املركز العربي لألبحاث والدراسات السياسية‪ ،‬نوفمبر‬ ‫‪-‬‬
‫‪.2159‬‬
‫‪-‬رضوان رمضان الشريف‪ :‬املفارقات إلايرانية‪ ،‬الدعوة للحوار والتصعيد‪ ،‬مركز شاف لتحليل ألازمات والدراسات املستقبلية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 01‬يونيوا ‪ .2122‬منشور على الرابط التالي‪/httsp://shafcentre.org :‬‬
‫‪-‬أفرايم كام‪ :‬نظرية الردع إلايرانية‪ ،‬مركز دراسات ألامن القومي‪ ،‬أطلس للدراسات والبحوث‪ ،‬ترجمة عبد الكريم أبو ربيع‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 52‬غشت ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪https://atlas.ps/post/1748 :‬‬
‫‪-‬محمد محسن أبو النور‪" :‬إبراهيم رئيس ي" يمسك رسميا كتال من الجمر املشتعل‪ ،‬املنتدى العربي لتحليل السياسات‬ ‫‪-‬‬
‫إلايرانية‪ .2125/18/0 ،‬منشور على الرابط التالي‪https://bit.1y/3rRPY6B :‬‬
‫جاسم محمد‪ :‬أزمة امللف النووي إلايراني‪-‬أوروبا في موقف ال تحسد عليه‪ ،‬املجلة‪ 21 ،‬ابريل ‪ ،2125‬منشور على الرابط‬ ‫‪-‬‬
‫التالي‪https://arb.majalla.com :‬‬
‫‪144‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪-‬ستيفن بالكويل‪ ،‬كريستيان ألكسندر‪ ،‬فيكتور غرافيس‪:‬الاتفاقيات التجارية بين إيران والصين‪-‬التداعيات إلاقليمية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،TRENDS‬منشور على املوقع التالي‪: /https://trendsresearch/ar/insight‬‬
‫ياسرهالل‪ :‬الواليات املتحدة والصين‪ :‬صراع املبادرتين‪ ،‬مؤسسة الفكر العربي‪ 59 ،‬أكتوبر ‪ ،2125‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://arabthought.org/ar/researchcenter/ofoqelectrnic-article-‬‬
‫‪details?id=1358&urlLtitle=%D8%D7%D7details?id=1358&url Ltitle=%D8%D7%D7‬‬
‫أندرو سكوبيل (‪ ،)Andrew Scobell‬عليرظا نادر (‪ :)Alireza Nader‬الصين في الشرق ألاوسط‪ ،‬التنين الحذر‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،RAND‬سانتا مونيكا‪ ،‬كاليفورنيا‪ ،‬نشرفي ‪ ..2156‬منشور بصيغة ‪ PDF‬منشور على الرابط التالي ‪https://www.rand.org :‬‬
‫‪.»pubs PDF‬‬
‫حسن أحمديان‪ :‬إيران والصين‪-‬من التعاون الى الشراكة الاستراتيجية‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪ 22 ،‬أبريل ‪ ،2125‬منشور‬ ‫‪-‬‬
‫على الرابط التالي ‪.https://studies.aljazeera.net/ar/article/4979 :‬‬
‫داليا داسا كاي –جيفري مارتيني‪ :‬ألايام التي تلي الاتفاق مع إيران‪ :‬الاستجابة إلاقليمية التفاق نووي نهائي‪ ،‬راندا)‪،(RAND‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2014‬ص ‪ .55‬منشور على الرابط التالي‪. https://www.RAND.org PDF :‬‬
‫أمل صقر‪ :‬محاصرة التهديد‪ :‬دوافع دول الخليج الداعمة لالنسحاب ألامريكي من الاتفاق النووي‪ ،‬مركز املستقبل لألبحاث‬ ‫‪-‬‬
‫والدراسات‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪.https://futureuae.com:‬‬
‫أوزدن زينب أوكتاف‪ :‬مدارك أمنية متغيرة في العالقات التركية إلايرانية‪ ،‬ترجمة‪ ،‬جيور سمعان‪ ،‬شؤون ألاوسط‪ ،‬العدد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،522‬ربيع ‪.2116‬‬
‫علي املليحي علي‪ :‬امللف النووي إلايراني طهران في فرض العقوبات‪ ،‬مجلة كلية امللك خالد العسكري‪ ،‬العدد ‪.2116 ،89‬‬ ‫‪-‬‬
‫علي حسن باكبر‪ :‬الاتفاق النووي إلايراني في حساب تركيا املستقبلية‪ ،‬الفرص والتحديات‪ ،‬مركز الجزيرة للبحوث‬ ‫‪-‬‬
‫والدراسات‪ ،‬غشت ‪ ،2151‬منشور عل الرابط التالي‪https://studies.aljazeera.net :‬‬
‫املوقف إلاسرائيلي من الاتفاق النووي إلايراني‪ ،‬وحدة السياسات‪ ،‬املركز العربي لألبحاث ودراسة السياسات‪ ،‬يوليو‪,2158‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشور على الربط التالي ‪https://www.dohaistitute.org‬‬
‫داليا داسا كاي (‪ :)dalia dasse kaye‬سياسات اسرائيل بشأن إيران بعد الاتفاق النووي‪ ،‬مؤسسة راند‪ .2156 ،‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪https://www.rand.orgpubs :‬‬
‫محمود جرابعة‪ ،‬ليهي بن شطريت‪ :‬مواجهة إيران عسكريا‪ :‬تحوالت الجيش والسياسة في إسرائيل‪ ،‬مركز الجزيرة‬ ‫‪-‬‬
‫للدراسات‪ ،2125/11/20،‬منشور على الرابط التالي‪. https://www.studies.aljazeera.net/ar/article/5025 :‬‬
‫‪-‬عبد الوهاب القصاب‪ :‬النفوذ إلايراني في العراق‪ ،‬ألابعاد والتحديات والتداعيات على الجوار العربي‪ ،‬املركز العربي لألبحاث‬ ‫‪-‬‬
‫ودراسة السياسات‪ ،‬سلسلة ملفات‪ ،‬يناير ‪ ،2155‬منشور على الرابط التالي‪. https://www.dohainstitute.org PDF :‬‬
‫عبد العزيز الظاهر‪ :‬النفوذ إلايراني في العراق‪ ،‬مجلة البيان‪ ،‬العدد ‪ ،069‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.albayan.eo.uk mgrar‬‬
‫نوران عوضين‪ :‬أين سوريا من الاتفاق النووي املرتقب‪ ،‬املرصد املصري‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://marsad.ecss.com.eg‬‬
‫علي حسن باكير‪ :‬محددات املوقف التركي عن الاتفاق النووي إلايراني وانعكاساته‪ ،‬مركز الجزيرة للدراسات‪.2151 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشورعلى الرابط التالي‪. https://www.ctudies.aljazeera.net :‬‬
‫ميثاق مناحي العيس ي‪ :‬املوقف الشعبي العراقي من التدخل إلايراني‪ :‬احتجاجات أكتوبر ‪ 2154‬نموذجا‪ ،‬مركز الدراسات‬ ‫‪-‬‬
‫الاستراتيجية‪ ،‬جامعة كربالء‪ ،‬مدارات إيرانية‪ ،‬العدد ‪ ،59‬املجلد ‪ ،9‬ديسمبر ‪.2155‬‬
‫‪-‬مانيو ليفيت‪ -‬كيلس ي سيكارا ‪ :‬النتائج املستخلصة من التقرير السنوي لوزارة الخارجية ألامريكية عن إلارهاب (الجزء ألاول)‬ ‫‪-‬‬
‫‪" :‬حزب هللا" وايران‪ ،‬تحليل السياسات املرصد السياس ي‪ ،‬العدد‪، The Washington Institute for Near East policy ،2404‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪, https://home.treasury.gov »sm 856 :‬‬
‫مايكل آيز نشتات‪-‬أندروجيه‪-‬ماثيوليفت‪-‬مايكل نباتس‪ :‬ألاثر إلاقليمي ملكاسب ايران غير املتوقعة بعد رفع العقوبات‪ ،‬تحليل‬ ‫‪-‬‬
‫السياسات‪ ، The Washington Institute for Near East policy ،‬منشور على الرابط التالي ‪:‬‬
‫‪. https://www.washintoninstitute.org‬‬

‫‪145‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫فارع املسلمي‪ :‬أي انعكاسات لالتفاق النووي الايراني على الحرب في اليمن؟‪ ،‬مركز مالكوم كير‪-‬كارنيغي للشرق ألاوسط‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫منشور على الرابط التالي‪https://www.camegie-mec.org» diwan :‬‬
‫بدر حسن شافعي‪ :‬الدور إلايراني في إفريقيا‪ :‬املحددات والتحديات‪ ،‬املعهد املصري للدراسات‪ ،‬دراسات سياسية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2125/12/59‬منشور على املوقع التالي ‪.https://eipss.eg.org/pdf‬‬
‫توري طه‪ :‬الاختراق الثقافي‪ :‬سياسات التغلغل إلايراني في دول غرب إفريقيا‪ ،‬مركز مستقبل لألبحاث والدراسات املقدمة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2154/55/9‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://futureae.com/or/mainpage/Item/5333/PDF‬‬
‫البروتكول إلاضافي للتحقق من الضمانات النورية ‪IAEA‬منشور على موقع الوكالة الدولية للطاقة الدرية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.. https://ww.iaea.org‬‬
‫الوثيقة ‪ GOV/2006/15, Date : 28 February 2006‬منشور على املوقع التالي ‪https://www.iaea.org » files PDF :‬‬ ‫‪-‬‬
‫ميثاق ألامم املتحدة وقع في ‪ 26‬يونيو ‪ 5491‬وأصبح نافذا في ‪ 29‬أكتوبر ‪ .5491‬منشور على الرابط‬ ‫‪-‬‬
‫التالي‪. : https://www.un.org‬‬
‫‪-‬قرار مجلس ألامن التابع لألمم املتحدة رقم ‪ 5909‬الصادر باإلجماع في ‪ 20‬ديسمبر ‪.2116‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ .‬منشور على الرابط التالي (‪https://www.un.org.SIRES/1737(2006‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬قرار ‪ 5999‬اتخذه مجلس ألامن في جلسته ‪ 1699‬املعقود في ‪/29‬مارس ‪ .2119‬وثيقة‪ )2119(s/RES/1747‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي ‪https://www.mfar.gov.il MFAA :‬‬
‫قرار رقم‪ 5810‬اتخذه مجلس ألامن في جلسته رقم ‪ 1898‬املعقودة في ‪ 0‬مارس ‪ ،2118‬وثيقة‪S/RES/1803 (2008) , 27, Juin‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ :‬ألامم املتحدة – مجلس ألامن منسور على الرابط التالي‪https://www.un.org :‬‬
‫قرار مجلس ألامن رقم ‪ 5801‬اتخذه في جلسته ‪ 1489‬املعقود في ‪ 29‬سبتمبر ‪ )S/RES/1835/2008(:2118‬ألامم املتحدة –‬ ‫‪-‬‬
‫مجلس ألامن‪ .‬منشور على الرابط التالي‪https://www.un.org :‬‬
‫‪ -‬قرار مجلس ألامن رقم‪ 5889‬اتخذه في جلسته ‪ 6515‬املعقود في ‪ 29‬سبتمبر‪ )S/RES/1887/2009( :2114‬ألامم املتحدة –‬ ‫‪-‬‬
‫مجلس ألامن‪ .‬منشور على الرابط التالي‪ https://www.un.org :‬قرار مجلس الامن في جلسته ‪ 6001‬املعقودة في ‪ 14‬يونيوا‬
‫‪ )2151( S/RES/1929 :2151‬منشور على الرابط التالي ‪.https://www.un.org» security counul‬‬
‫قرار مجلس ألامن رقم ‪ 2205‬اتخذه في جلسة ‪ 9988‬املعقود في ‪ 21‬يونيو ‪ 2151‬القرار‪ ،‬الصادر باإلجماع‪ ،‬مؤيدا لخطة‬ ‫‪-‬‬
‫العمل الشاملة املشتركة(‪ ،)JPOA‬وثيقة ‪ .S/RES/2205/2151‬منشور على الرابط التالي‪.https://www.un.org:‬‬
‫تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر بتاريخ ‪ 59‬نوفمبر ‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪https : news.un.org/ ar/ :‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪. tags/lwkl-Idwly-llutq-tdhry/date/2021‬‬
‫تقرير ‪ :‬إيران تكثف نشاطها املزعزع الستقرار في شمال إفريقيا واشنطن‪ ،‬إرم نيوز‪ ،‬تاريخ النشر ‪ ،2125/19/29‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.eremmews.com/news/world/23196 99‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪-‬تقرير البنك الدولي حول اجمالي الناتج املحلي للدول الثالث‪( ،‬العراق‪ ،‬مصر‪ ،‬ألاردن)‪ ،‬موقع البنك الدولي‪ ،‬منشور على‬ ‫‪-‬‬
‫الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https:// data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.CD‬‬ ‫‪-‬‬
‫بيان مجلس التعاون الخليجي ‪ ،2116‬وبيان مجلس التعاون الخليجي‪ ،2119‬منشور على الرابط التالي‪https://www.gcc- :‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.sg-org‬‬
‫دستور إيران الصادر عام ‪ 5494‬شامال تعديالته لغاية عام ‪ ،constitute 5484‬ترجمة املؤسسة الدولية للديمقراطية‪ ،‬ص‬ ‫‪-‬‬
‫‪ .29-20‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬
‫‪https://www.constituteproject.org/constituion/Iran_1989?lang=ar‬‬
‫ورقة مقدمة من الجمهورية العربية السورية خالل املؤتمر النووي الستعراض معاهدة عدم انتشار ألاسلحة النووية عام‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2151‬بنيويورك ‪ 29‬ابريل ‪ 22-‬مايو‪ .2151‬منشور على الرابط التالي‪https://www.undocs.org :‬‬
‫اتفاق وقعته إيران مع تركيا والبرازيل بخصوص تبادل الوقود النووي مع إيران والغرب‪ ،‬منشور على الرابط التالي‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.aljazeera.net:‬‬
‫‪146‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وكالة ألامم املتحدة للطاقة الذرية‪ :‬إيران قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة إضافية في منشأة نطن‪The Times of .،‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،Israel‬منشور على الرابط التلي‪https://ar.timesofisrael.com :‬‬
‫إبراهيم ريحان‪ :‬إيران املفلسة مستعجلة‪ :‬نريد املال والضمانات‪ ،‬ألاحد‪/4 ،‬يناير ‪ .2122‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.asasmedia.com/news/391254‬‬
‫موقع إسرائيلي "جراسا‪-‬إسرائيل" تحت عنوان‪" :‬تسقط طائرة لبنانية من دون طيار‪ ...‬ونتانياهو يدين"‪ .‬منشور على الرابط‬ ‫‪-‬‬
‫التالي‪https://www.gerasanews.com/article/105964 :‬‬
‫طائرات إيران املسيرة‪ ...‬سالح الردع القومي والنفوذ إلاقليمي‪ .‬منشور على الرابط التالي‪https://sodehiran.com/archives :‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪1144‬‬
‫صابر كل عنبري ‪ :‬تمديد قانون "دااتوا" ومصير الاتفاق النووي‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬ديسمبر ‪ ،2156‬موقع الجزيرة‪ .‬منشور على الرابط‬ ‫‪-‬‬
‫التالي ‪https://www.aljazeera.net/opinions/2016/12/20:‬‬
‫رضا تقي زاده‪ :‬الخطة ألامريكية لتمديد حظر ألاسلحة على إيران‪ ،‬الجمعة ‪ 54‬يونيو ‪ ،2121‬منشور على الرابط التالي ‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://old.iranintl.com‬‬
‫إيران وخطة العمل الشاملة املشتركة‪-‬تصريح وزراء الشؤون الخارجية لكل من فرنسا وأملانيا واململكة املتحدة‪ 6 ،‬يونيو‬ ‫‪-‬‬
‫‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪https://www.diplomatie.gouv.fr :‬‬
‫تصريح السفير الروس ي لدى ألامم املتحدة" ميخائل أوليانون" منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪htpps://news.un.org/ar/tags/kht-lml-ishml-lmshtrk‬‬
‫إقتراح الرئيس الروس ي عقد قمة عبر الانترنيت مع و‪.‬م‪.‬أ وبريطانيا وفرنسا والصين واملانيا وإيران في محاولة لتجنب "مواجهة‬ ‫‪-‬‬
‫وتصعيد" في ألامم املتحدة‪ .‬منشور على الرابط التالي‪https://www.un.org :‬‬
‫قمة منظمة شنغهاي للتعاون تجمع الصين وروسيا وإيران وسط توترات مع الواليات املتحدة‪ ،France 24 ،‬نشرت بتاريخ‬ ‫‪-‬‬
‫‪14‬يونيوا ‪ 2158‬على الرابط التالي‪-https://www.france24.com/ar/20180609-%D9%82%D9%85%D8%A9 :‬‬
‫تحذير أمريكي خليجي مشترك إليران بسبب برنامجها النووي وترسانتها العسكرية‪ ،‬منشو على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.aljazeera.net‬‬
‫تصريح وزير خارجية تركيا "مولود تشاووش أوغلو" في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره إلايراني "محمد جواد طريف"‬ ‫‪-‬‬
‫بإسطنبول‪ ،‬بتاريخ ‪ ،2125-15-24‬منشور على الرابط التالي‪. https://www.aa.com.tr :‬‬
‫شبهات بأن الحادث في منشأة "نطن‪ "،‬النووية إلايرانية "تخريب أو اختراق"‪ ،‬تايمز أوف اسرائيل ‪ ،the times of israel‬بتاريخ‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 55‬أبريل ‪ .2125‬منشور على الرابط التالي‪https://kurzelinks.de/vqde :‬‬
‫مفهوم الهالل الشيعي‪ ،‬منشور على الرابط التالي ‪https://www.ar.m.wikipedia.org‬‬ ‫‪-‬‬
‫داليا السيد أحمد‪ :‬املليشيات املسلحة والطائفية‪ ،‬تهديد لألمن والاستقرار في منطقة الشرق ألاوسط‪ ،‬درع الوطن‪ ،‬مجلة‬ ‫‪-‬‬
‫عسكرية واستراتيجية‪ 14 ،‬غشت ‪ .2121‬منشور على الرابط التالي‪https://www.nationachield.ae :‬‬
‫ايمن أحمد عبد الحليم‪ :‬أي تأثيرات ملشروع الشام الجديد على النفوذ إلايراني باملنطقة؟‪ ،‬منشور على الرابط التالي‬ ‫‪-‬‬
‫‪https://www.zatmasr.com‬‬
‫‪.-‬الناخبون يرفضون حلفاء طهران ‪ ...‬هل يتخلص العراق من النفوذ إلايراني؟ منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪. https://www.dw.com‬‬
‫‪ -‬مقال تحت عنون‪ ،‬هل وسع حزب هللا دائرة نفوذ إيران في الشرق ألاوسط؟ منشور على املوقع الرسمي ألاملاني ‪Deubche‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،Welle‬سياسة واقتصاد‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪. . https://www.dw.com :‬‬
‫زياد الخيفي ‪ :‬اليمن طاولة مستقلة أم ورقة على الطاولة النووية الكبيرة ؟ ملفات اندبندنت‪ ،‬منشور على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪/https://www.independentarabia.com‬‬
‫• باللغات ألاجنبية‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪-BORRIE John RUBLEE Maria Rost VARRIALE Cristina, et al. Perspectives on nuclear deterrence in the 21st century.‬‬
‫‪2020.‬‬

‫‪147‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- -BORRIE John RUBLEE Maria Rost VARRIALE Cristina, et al. Perspectives on nuclear deterrence in the 21st century.
2020 .
- FETTWEIS, Christopher J. Sir Halford Mackinder, geopolitics, and policymaking in the 21st century. The US Army
War College Quarterly: Parameters, 2000, vol. 30, no 2.
- Waltaz, Kenneth N. Structural Realisme After The Cold War, International Scurity, 2000, Vol
25,no1 .
- Waltz. Kenneth Neal, et al. Theory of International Politices, 1979.
- Yarger. Harry R. The Strategic Appraisal : The Keytoeffective Strategy, The US Army Way College guide to National
Security, 2008, na, 4 th .
- Groch, Jeffrey.L, Network-Centaic Warfare : Leveraging The Power of Information. US Army Wer College Cruid to
National Security Tssues, 2008, vol. 1 .
- Hassan Rouhani, Andishha Ye- Siyasi elslam (Islamic political thought) vol.2, Tehran, Inticharat ekumayl, 2009.
- CASSABOIS Yohane. Le discours de la guerre de George W. Bush depuis les attentats du 11 septembre 2001 : une
symbiose entre" volonté divine" et" nécessités" du temps. 2006. Thèse de doctorat. Université du Québec à
Montréal.
- BUSH, George W. Selected Speeches of President George W. Bush, 2001–2008. National Archives and Records
Administration, 2008.
- aylin guzall,turkeys role indefusing the Iranian nuclear issue, th wochington quarterly , vol35, summer2012.
- Jim Banks (IN-03) : Maximum Pressure Act, Republican, Sutudy Committee, chairman Section-b-y-section
summary. Accessible at :
https://banks.house.gov/uploadedfiles/maximum_pressure_act_section_by_section_summary
- Review Conference of the parties to the Treaty on the Non- proliferation os Nuclear Weapons (NPT), United
Nations, 27 April to 22 May 2015. Accessible at : https://www.un.org/en/conf/npt/2015/
- -Letter from the president –designate of the tenth NPT Review conference H.E.Anbassador Gustavo Zlauvinen to
all states parties regardirg the postponement of the tenth NPT Review Conference. NPT conference 2020- EN /
United Nations, 30 December 2021. Accessible at : http://www.un.org/en/ conferences, npt 2020 .
- -Nicole Gaouette, Kylie Atwood, Jemifer Hansler, "Iran Nuclear Taks Restart as participants Draw their Lines in the
Sand" , CNN, November 29, 2021, Accessible at : https://cnn.it/3Insd9v .
- -Ali Bagheri Kani, «Talks must address renouval of sanctions», financial times, November, 28,2021, Accessible at :
https://on.ft.com/3Gh2dj1.
- Michael Conneil : Iran’s Military Doctrine, United States Institute Of peace, Washington, 2010, this search publisher
in the linke for the. web://iranprimer.usiss.org/ sites/iranprimer. Usip.org/ files/iran_s%20M Ilitary %20 Doctrine.
PDF. Accessible at : https://www.nahrainuniv.edu.iq.
- Farzin Nadimi : Iran’s Ballistic Missille Arsenal Is still Growing In size, Reach, and Accuracy,the washington institutes
or near east policy, policy watch 3357, dec13, 2021. Accessible at: https://www.wachingtoninstitute.org/policy-
onalysis/irans- ballistic- missile- arsenal- still- growing- size- reach- and- accuracy .
- Fred wehrey, dahia dassa-keye, jessica Watkins, jefferey martini , and Robert A. guffey, the Iran effect: the middele
East After the Wars, santa monica, calif; RANDcoporation,MG-892-af,2010(as-of-march31,2014, Accessible at :
http://www.rand.org/pubs/monographs/M G892.html
- -By dam williams : our warplames can reach Iran, Israeli minister warns amid nuclear talks, reuters 29 april 2021
accessed. Accessible at : https://wwwkuzelinks.de/ydiu

148 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- -dalia dassa kaye-shira efron :Israel evolving Iran policy, survival 2020 vol , Accessible at :
https://doi.org/10.1080/00396338.2020.1792095
- Moche maos : the « shii crescent » : myth and reality saban centre for middle East policy et the brookline institute,
11-2008 .
- -Over the horizon: a New Levant ،july2014-Number127, La Banque Mondi ,brid IDA. Accessible at :
https://openknowledge.worldbank.org
- -Daniel Egel ,Andrew Parasiliti, Charles P.Ries ,Dori Walker :Estimating The Economic Benefits of Levant Integration
, RAND, 2019. Accessible at:
- https://www.rand.org/pubs/research_reports/RR2375.htm

149 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫طبيعة وأصناف الجريمة املنظمة في منطقة الساحل إلافريقي‬


‫الدكتور محمد الطيار‪ ،‬باحث في الدراسات إلاستراتيجية وألامنية‪ ،‬أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكادير ‪-‬‬
‫جامعة إبن زهر – املغرب‬

‫ملخص‬
‫نحاول في هذه الورقة التطرق إلى طبيعة الجريمة املنظمة في منطقة الساحل إلافريقي باعتبارها إلى جانب الارهاب ‪ ،‬نتيجة تفاعل‬
‫عدة أسباب اجتماعية‪ ،‬تاريخية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اقتصادية‪ ،‬وبيئية‪ ،‬فالوضعية الاقتصادية الضعيفة لدول الساحل وغیاب ألانشطة التي توفر‬
‫الشغل للسكان‪ ،‬وغياب برامج تنموية مع عدم قدرة دول املنطقة على بسط نفوذها على كامل ترابها الوطني‪ ،‬جعل ألانشطة البدیلة في‬
‫مجال الجريمة املنظمة والتهریب أكثر رواجا وإقباال في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬وقد عزز من ذلك انتشار حاالت اليأس لدى ألافراد بسبب‬
‫بكثير منهم إلى امتهان مختلف أنشطة الجريمة املنظمة‪ ،‬أو الانخراط مقابل املال‬
‫ٍ‬ ‫ما يعانونه من أوضاع اقتصادية مزرية وتهميش‪ ،‬مما دفع‬
‫في صفوف التنظيمات املسلحة التي تنسب نفسها إلى الجهاد ‪ .‬كما سنحاول رصد تشابك مصالح املهربين عبر منطقة الساحل مع التنظیمات‬
‫إلارهابیة‪ ،‬وتشخيص اوجه التشابه والاختالف بين سمات وأبعاد الجريمة املنظمة في منطقة الساحل الافريقي مقارنة مع غيرها ‪ ،‬و سنقف‬
‫على بعض حكومات منطقة الساحل التي دأبت على التعامل مع الجريمة املنظمة كوسيلة سياسية من وسائل إدارة الدولة‪ ،‬عبر السماح‬
‫لحلفائها من الاستفادة من ألانشطة إلاجرامية املختلفة‪ ،‬مما جعل الشبكات إلاجرامية مرتبطة بأجهزة الدولة من جهة وبالجماعات‬
‫إلارهابية من جهة أخرى‪ ،‬ارتباطا يقوم على توزيع وتبادل املنافع املادية املحصلة من ألاعمال الغير املشروعة‪.‬‬
‫‪Summary‬‬
‫‪In this paper, we aim to showcase the features of the organized crime in the African Sahel region as a kind of terrorism. This‬‬
‫‪phenomenon is a result of the interaction of several social, historical, political, economic and environmental factors. The‬‬
‫‪inability of the region`s countries to extend their influence over their entire national territory, have provoked alternative‬‬
‫‪activities related to organized crime and smuggling which become more relevant in the African Sahel region.‬‬
‫‪The organized crime and smuggling activities have been reinforced by the spread of hopelessness among individuals due to‬‬
‫‪the miserable economic conditions and marginalization they suffer from. This disastrous situation has prompted young‬‬
‫‪people to engage in various organized crime activities, or to join the ranks of armed organizations that attribute themselves‬‬
‫‪to jihad for money. We will also monitor the intertwining of smugglers’ interests through The Sahel region with terrorist‬‬
‫‪organizations, and diagnosing the similarities and differences between the characteristics and dimensions of organized crime‬‬
‫‪in the African Sahel region compared to others.‬‬
‫‪We will also focus on the Sahelian governments that have been dealing with organized crime as a political key to managing‬‬
‫‪the state. Those governments have allowed their allies to benefit from various criminal activities, which has made criminal‬‬
‫‪networks linked firstly to state agencies and secondly to terrorist groups, based on The exchange of benefits obtained from‬‬
‫‪illegal activities.‬‬
‫مقدمة‬
‫قد كانت الصحراء وال تزال أرض التبادل‪ ،‬وهي منطقة يعتمد بقاء السكان فيها على استراتيجيات التبادل مع‬
‫جيرانهم حيث تشكل التجارة قلب الاقتصاديات املحلية‪ ،‬وكانت معظم املبادالت تجري في املاض ي بشكل متواضع وتتعلق‬
‫أساسا بالسلع الالزمة للحياة اليومية‪ ،‬حيث تتشكل في أغلبها من التمور والحبوب والثروة الحيوانية والاحتياجات‬
‫الغذائية‪ ،‬غير أنه مع دخول الاستعمار حدثت تغيرات كبيرة على املستوى الاجتماعي والاستهالكي‪ ،‬وبعدها مع الاستقالل‬

‫‪150‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ظهرت مواد أخرى احتلت مكانة مهمة في املبادالت التجارية‪ ،‬كقطع الغيار واملحروقات والسميد والبسكويت واملعكرونة‬
‫وحليب البودرة املدعومة من طرف دول الجزائر وليبيا واملمنوعة التصدير‪.‬‬
‫في السنوات ألاخيرة‪ ،‬تمي‪،‬ت منطقة الساحل إلافريقي بالتخصص في ثالث أنشطة من أنشطة الجريمة املنظمة‪،‬‬
‫توسعت منذ عام ‪ ،2110‬تتمثل في تهریب صمغ الحشیش وتهریب الكوكایين وعملیات الاختطاف مقابل الفدیة‪ 1،‬بدون‬
‫إغفال تهريب السلع أو ما يعرف باملنتجات القانونية من محروقات ومواد غذائية وغيرها‪.‬‬
‫أبعاد الجريمة املنظمة‬
‫ً‬
‫يعد غلبة الوالء للقبيلة على الوالء للوطن عامال أساسيا في تسهيل أنشطة الجريمة املنظمة‪ ،‬فأغلب قبائل‬
‫املنطقة لها امتدادات عابرة لألوطان‪ ،‬مما أدى إلى ضعف دول الساحل وغياب قدرتها على بسط املراقبة ألامنية على‬
‫أراضيها‪ ،‬ألامر الذي خلق الظروف املواتية ألنشطة الجريمة املنظمة‪ ،‬إلى جانب حاالت اليأس السائدة لدى ألافراد‬
‫بكثير منهم إلى الانخراط في نشاط الجريمة املنظمة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫بسبب ما يعانونه من وأوضاع اقتصادية مزرية وتهميش دفعت‬
‫الانتماء القبلي والعرقي‪ ،‬يحضر كعنصر أساس ي في تشكل الجماعات املسلحة‪ ،‬والتنسيق بين من يمتهن ألانشطة‬
‫إلاجرامية بدون إيديولوجية معينة ومن يمارس هذا النشاط تحت غطاء إيديولوجي يوفر خطابا مشروعا‪ ،‬في إطار‬
‫الصراع على النفوذ في املنطقة‪.‬‬
‫وال تختلف سمات وأبعاد الجريمة املنظمة في املنطقة عما حدث في لبنان إبان الحرب ألاهلية‪ ،‬ونفس الخصائص‬
‫يمكن رصدها في أفغانستان‪ ،‬فمن الالفت أن حرب امليليشيات في لبنان ‪ 5445-5491‬كانت نسخة مدنية عن الطراز‬
‫ألافغاني‪ ،‬املليشيات تقوم باحتالل منطقة وال تسعى لتدمير عدوها بشكل نهائي‪ ،‬تقوم فقط بتحديد منطقة خاصة بها‬
‫وتقوم بعد ذلك باستغاللها لتحقيق املكاسب املادية‪ 2‬وتنظيم إعادة التوزيع على عناصرها‪ ،‬كما أن الدور الذي تلعبه‬
‫عمليات احتجاز الرهائن يدخل أيضا في إطار توزيع املحاصيل‪ .‬املليشيات اللبنانية شأن حرب العصابات ألافغانية‪ ،‬كان‬
‫استمرارها مرتبط بانخراطها في نظام تداول خيرات اقتصادية‪ ،‬أسلحة‪ ،‬مخدرات‪ ،‬مضاربات ومساعدات ومعونات مالية‪،‬‬
‫كما هو الحال في شمال مالي‪.‬‬
‫وال تختلف طريقة الاقتتال والحرب في أفغانستان ولبنان بين املليشيات والتحالفات عن أشكال القتال‬
‫والتحالفات في شمال ووسط مالي‪ ،‬وهنا ال يهم الانتماء إلايديولوجي أو الديني‪ ،‬وحتى املجموعات التي تدعي أنها تقدمية‬
‫سرعان ما تتحول إلى مجموعات طائفية عرقية تمارس نفس ألاساليب من أجل تداول املنافع املادية‪.‬‬
‫الجريمة املنظمة من وسائل إدارة الدولة‬
‫في ظل ضعف دول الساحل إلافريقي وهشاشتها واحتاللها ملستويات متدنية في التنمية‪ 3،‬كانت وطيلة سنوات‬
‫عديدة مسرحا لكثير من الن‪،‬اعات‪ ،‬وتفاقمت أزمتها بعد انهيار نظام القذافي وما تبع ذلك من انفالت أمنى‪ ،‬حيث نشطت‬
‫الجريمة املنظمة بشكل كبير‪4‬وتعددت مظاهر التنسيق والتكامل بين إلارهاب والجريمة والفساد‪ ،‬فتنظيم القاعدة‬

‫َّ‬
‫‪ 1‬ولفرمان لشر ‪" ،‬الجريمة املنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء " ‪ ،‬معهد كارنيجي سبتمبر ‪2012‬‬
‫‪ 2‬أوليفيه روا‪ " ،‬تجربة إلاسالم السياس ي "‪ ،‬ترجمة نصير مروة دار الساقي ـ الطبعة ألاولى ‪ 5449‬ـ ص ‪ 518‬ـ ‪.514‬‬
‫‪ 3‬مركز روبرت شومان للدراسات املتقدمة‪ ،‬املعهد الجامعي ألاوروبي‪ ،‬سان دومينيكو دي فيسولي‪ " .‬التغلب على الهشاشة في أفريقيا"‪ ،‬التقرير ألاوروبي حول التنمية لعام‬
‫‪ ،2009‬ص‪52‬‬
‫‪4 "LE CRIME ORGANISÉ AU MALI : SON IMPACT SUR UNE SORTIE PACIFIQUE DU CONFLIT". POLICY BRIEF ، Septembre 2016‬‬

‫‪https://www.international-alert.org/sites/default/files/Mali_OrganisedCrime_FR_2016‬‬
‫‪151‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بشمال مالي مثال‪ ،‬كان يخطف الرهائن بمساعدة املهربين ويقوم بتحصيل الفدية بالتنسيق مع بعض املسئولين‬
‫الحكوميين الفاسدين‪.‬‬
‫كما دأبت حكومات منطقة الساحل على التعامل مع الجريمة املنظمة كوسيلة سياسية من وسائل إدارة الدولة‪،‬‬
‫عبر تمكين حلفائها من الاستفادة من ألانشطة إلاجرامية املختلفة‪ ،‬مما جعل الشبكات إلاجرامية لها روابط بأجهزة‬
‫الدولة من جهة وبالجماعات إلارهابية‪ 1‬من جهة أخرى‪ ،‬عالقة تقوم على توزيع وتبادل املنافع املادية املحصلة من‬
‫ألاعمال الغير املشروعة‪.‬‬
‫َّ‬
‫في هذا إلاطار عمد النظام السياس ي في مالي‪ -‬خاصة قبل سنة ‪ -2152‬إلى استخدام الجريمة املنظمة كوسيلة‬
‫ملمارسة النفوذ في الشمال عن طريق السماح لحلفائه املحليين باالنخراط في أشكال التهرب‪ ،‬غير أنه في نهاية املطاف فقد‬
‫السيطرة على الصراعات التي نجمت عن التنافس على منافذ التهريب ومواده‪ ،‬وتآكلت مع ذلك سيادة القانون و شرعية‬
‫مؤسسات الدولة من خالل التواطؤ مع الجريمة املنظمة‪.‬‬
‫ونفس الحال في النيجر حيث أن عمليات تهريب السلع املشروعة والهجرة غير النظامية تتم علنا وبتواطؤ كامل‬
‫من السلطات‪ 2،‬فعمليات ضبط شحنات املخدرات وألاسلحة نادرة في شمال النيجر بسبب غض الحكومة الطرف عن‬
‫تهريب املخدرات وألاسلحة من أجل الحفاظ على الاستقرار في الشمال‪ ،‬فالدولة تسير بحذر في مقاربتها لشبكات التهريب‬
‫املزدهرة في شمال البالد‪ ،‬فهي ترى أن العبث باملصالح الخاصة يمكن أن يفض ي بسهولة إلى حالة عدم الاستقرار‪ ،‬وكما‬
‫هو الحال في مالي وموريتانيا‪ ،‬تجد حكومة النيجر نفسها في حاجة إلى الاختيار بين السماح لحلفائها السياسيين باالستفادة‬
‫‪3‬‬ ‫من التهريب‪ ،‬وبين املخاطرة بأن تؤدي سياسة الضبط إلى ظهور شبكات تهريب معادية لها‪.‬‬
‫نشاط مسالك التهريب بين املغرب وموریتانیا وصوال إلى العاصمة باماكو في مالي‪ ،‬ثم إلى النیجر وجنوب الجزائر‬
‫ولیبیا باتجاه أوروبا واملشرق‪ ،‬لم ينقطع طيلة العقود ألاخيرة مع تنوع طرق التهريب‪ ،‬وفي هذا إلاطار يعد املمر الذي يطلق‬
‫عليه إسم " ممر سالفادور" في املثلث الحدودي القريب من الجزائر والنيجر وليبيا من أشهر هذه املسالك‪ ،‬حيث‬
‫‪4‬‬ ‫يستعمله أغلب املهربين للوصول عبر ليبيا إلى مصر أو أوروبا‪.‬‬
‫وقد تعزز نشاط هذه املسالك منذ سنة ‪ ،2111‬بسبب الانفالت ألامني الذي عرفته املنطقة إثر تطورات " الربيع‬
‫العربي" وسقوط شمال مالي وفشل الدولة في ليبيا‪ ،‬وتفاقم آلاثار السلبية للتغيرات املناخية في املنطقة‪ 5،‬حيث كثفت‬
‫شبكات التهریب من أنشطتها واستحدثت طرقا جدیدة من خليج غنيا باتجاه شمال موریتانیا‪ ،‬ثم إلى شمال مالي حيث‬
‫تعتبر مدینة تمبكتو نقطة انطالق في مختلف الاتجاهات نحو جنوب الجزائر والجنوب املغربي عبر موريتانيا‪ ،‬وإلى لیبیا‬
‫عبر شمال النیجر ومنها إلى البلقان وأوروبا‪ ،‬أوإلى املشرق مرورا بمصروالسودان عبر التشاد من خالل شریط منطقة‬

‫‪ "1‬الجريمة املنضمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء"‪ ،‬مؤسسة كارنيجي مرجع سابق‬
‫‪2‬‬ ‫‪Yvan guichaoua et mathieu pellerin "FAIRE LA PAIX ET CONSTRUIRE LETAT LES RELATIONS ENTRE POUVOIRE CENTRAL ET PERIPHERIES‬‬
‫‪SAHELIENNES AU NIGER ET AU MALI ", - Étude de l’Institut de recherche stratégique de l’École militaire – France numéro 51 juillet 2017 - p84‬‬
‫‪" 3‬الجريمة املنضمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء"‪ ،‬مؤسسة كارنيجي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪4 Samuel laurent ، « SAHELISTAN. DE LA LIBYE AU MALI AU CŒUR DU NOUVEAU JIHAD » editions du seuil.avril paris 2013 .P 99‬‬

‫‪5 Observatoire géopolitique des enjeux des changements climatiques en termes de sécurité et de défense:/France‬‬ ‫‪"RAPPORT D’ÉTUDE N° 6‬‬
‫‪Prospective Sahel" Mai 2018 – P10‬‬
‫‪-http://www.iris-france.org/wp- content/uploads/2018/11/RE6_Prospective-Sahel_V1.pdf‬‬
‫‪152‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الساحل‪ ،‬وقد استفادت شبكات التهريب في تحقيق ذلك من التسهیالت واملساعدات التي تقدمها قبائل الطوارق في‬
‫شمال مالي والنیجر‪ ،‬وكذلك من قبائل "التبو" والقبائل التي لها امتدادات ما وراء الحدود بين تونس والجزائر‪ ،‬وبين‬
‫الجزائر وليبيا وتونس‪ ،‬وبين ليبيا ومصر‪.‬‬
‫لذلك فطبيعة املنطقة الاجتماعية وألامنية‪ ،‬جعلتها تعرف أشكاال محددة من أنشطة الجريمة املنظمة والعمل‬
‫غير املشروع‪ ،‬يمكن حصرها بشكل عام فيما يلي‪:‬‬
‫‪ - 1‬تهريب املنتجات املشروعة‬
‫يعتبر تهريب السلع املشروعة القائمة على أساس فرق ألاسعار بين البلدان وتجنب الضرائب‪ ،‬تجارة سابقة ملختلف‬
‫أنواع ألانشطة غيرالشرعية في منطقة الساحل إلافريقي من سالح ومخدرات‪ ،‬وتمثل السلع املشروعة الجانب الكبير من‬
‫التدفقات التجارية عبر الصحراء‪ ،‬والتي غالبا ما تعتمد على ترتيبات غير رسمية مع أجهزة ألامن والجمارك مقابل رشاوى‪،‬‬
‫فقد ظلت املنطقة منذ بداية الثمانينات مسرحا لتهريب السجائر والغش التجاري والاحتيال املالي وغسيل ألاموال‪ ،‬ويعد‬
‫تهريب وتجارة السلع القانونية على الحدود البرية ملالي‪ ،‬النيجر‪ ،‬موريتانيا والجزائر واملغرب‪ ،‬أمرا منتشرا منذ عقود‪،‬‬
‫وتتمثل هذه السلع في املواد الغذائية الرئيسة‪ ،‬إضافة إلى التبغ واملحروقات وإلابل وألادوية املزيفة وقطع الغيار‪ ،‬وآليات‬
‫النقل مثل السيارات وغيرها ‪.‬وتعد هذه التجارة من الطرق املعتمدة للحفاظ على قدر من ألامن الغذائي في منطقة‬
‫الساحل إلافريقي‪ ،‬خاصة وأن الحدود الوطنية لم تكن تمثل حاجزا أمام التجارة غير الرسمية ‪.‬‬
‫وتعد بلدة " إن الخليل" املالية الحدودية مع الجزائر‪ ،‬من بين أهم مراكز التهريب التي اشتهرت بتهريب الوقود‬
‫والعديد من املواد ألاخرى إلى املناطق املجاورة لها في الشمال وحتى إلى وسط مالي‪ ،‬حيث يقوم املهربون مثال بشراء‬
‫الوقود من محطات ب" برج باجي مختار" الجزائرية‪ ،‬ليتم إفراغه في جالونات وفي صفائح بالستيكية ونقله إلى املناطق‬
‫املالية الحدودية التي ال تبعد عن البرج سوى بضعة كيلومترات‪ ،‬ومنها ينتقل إلى مدن كيدال وغاوا وتنبكتو املالية‪،‬‬
‫َ‬
‫مسالك جبلية وعرة‪ ،‬هذه الوسيلة برزت أكثر بعد غلق الحدود الجزائرية‪ -‬املالية‬ ‫وتستعمل في ذلك الحمير والجمال عبر‬
‫إثر سقوط شمال مالي وهزيمة الجيش املالي أمام الطوارق سنة ‪. 2152‬‬
‫‪ :2‬تجارة املخدرات والكوكايين‬
‫ترجع بدايات تجارة املخدرات في املنطقة إلى عقد الثمانينات‪ ،‬خاصة مع ظهور تجارة تهريب السجائر إلى بلدان‬
‫إفريقيا الشمالية‪ ،‬وهو ما أدى إلى ظهور شبكات وممارسات وطرق جديدة مهدت الحقا لتجارة املخدرات بأنواعها‪ 1.‬وقد‬
‫شكل ظهور مادة الكوكايين دفعا قويا القتصاد الجريمة في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬حيث ساهم في نمو جماعات‬
‫امتهنت تهريب هذه املادة بسبب ارتفاع عوائدها‪ ،‬حيث يتم نقل أطنان عديدة من الكوكايين عبر إفريقيا الغربية في اتجاه‬
‫أوربا‪2.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪Arnaud Jouve"، L’IMPACT DU TRAFIC DE DROGUE DANS LE CONFLIT DU NORD-MALI "Publié le 19-12-2018 rfi AFRIQUE‬‬
‫‪http://www.rfi.fr/afrique/20181219-impact-trafic-drogue-le-conflit-nord-mali‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Nicolas Beau ،"Sahel, coke à tous les étages- " MOND AFRIQUE - 7 novembre 2015‬‬
‫‪https://mondafrique.com/sahel-coke-a-tous-les-etages/‬‬
‫‪-« Terrorisme et trafic de drogues en l’Afrique sub-saharienne" 2013. Institut Espagnol d'Études Stratégiques (IEEE) et Institut Militaire de‬‬
‫‪Documentation de l'Évaluation et Prospective (IMDEP) http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_trabajo/2013/DIEEET01-2013_IEEE-‬‬
‫‪IMDEP_VersionFRANCES.‬‬
‫‪153‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وتعود بداية نشأة معبر التهريب الدولي في منطقة الساحل‪ ،‬مع استغالل الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي‬
‫لطرق القوافل التقليدية ‪ -‬التي يسيطر عليها الطوارق من جنوب ليبيا وحتى شمال مالي و شرق موريتانيا ‪ -‬إليصال‬
‫السالح واملئونة والعتاد إلى "جبهة البوليساريو"‪ .‬وخالل عقدي الثمانينيات والتسعينيات تحول هذا املعبر إلى ممر لتهريب‬
‫السلع الغذائية والبن‪،‬ين من الجزائر وليبيا‪ ،‬وأصبحت مدن غات والقطرون الليبية‪ ،‬وجانت وتامنراست الجزائرية‪،‬‬
‫وأغاديز النيجرية‪ ،‬وتازواتن وكيدال وغاو وتمبكتو ومنكي في شمال مالي‪ ،‬محطات مزدهرة لتجارة السلع واملواد املهربة‬
‫من الجزائر وليبيا‪.‬‬
‫وقد عرف هذا املمر خالل الفترة ما بين ‪ 2116‬و‪ ،2155‬عبور ما يقدر بـ ‪ %40‬من املخدرات القادمة من أمريكا‬
‫الالتينية واملتجهة إلى أوروبا‪ 1،‬وذلك بعدما غير املهربون في بوليفيا وكولومبيا وبيرو وجهتهم من أمريكا الشمالية إلى أوروبا‬
‫حدت كثيرا من حجم املخدرات وتدفقها إلى أمريكا‬ ‫الغربية‪ ،‬بعد إلاجراءات ألامنية التي اتبعتها الواليات املتحدة والتي َّ‬

‫الشمالية‪ ،‬خاصة صنف الكوكايين‪ ،‬وتشكل دول غينيا بيساو وموريتانيا ومالي والسنغال‪ ،‬املحطات الرئيسة ألاولى لتهريب‬
‫هذه املخدرات إلى أوروبا عبر املغرب والجزائر وليبيا‪.‬‬
‫وبعد سقوط نظام معمر القذافي سنة ‪ ،2155‬تزايدت كميات املخدرات املهربة عبر السواحل الليبية إلى أوروبا‪،‬‬
‫ولم تقتصر فقط على الكوكايين القادم من أمريكا الالتينية‪ ،‬بل أضيف إليها الهيروين القادم من أفغانستان عبر طريق‬
‫إيران واليمن والصومال وتن‪،‬انيا وكينيا‪ ،‬الذي يتجه جزء منه إلى ألاسواق إلافريقية في جنوب إفريقيا ونيجيريا‪ ،‬والجزء‬
‫الثاني ُيهرب عبر السودان وتشاد ليصل إلى ليبيا‪ ،‬ليتم بعد ذلك تهريبه إلى أوروبا‪2.‬‬

‫فقد ورد في تقرير الهيئة الدولية ملراقبة املخدرات لسنة ‪ ،2156‬أن إفريقيا تعتبر منطقة عبور للكوكايين حيث‬
‫تقدر القيمة السنوية لكميات الكوكايين التي تعبر غرب إفريقيا بمبلغ ‪ 1.25‬بليون دوالر‪ ،‬كما ذكر نفس التقرير أن غرب‬
‫إفريقيا يشهد أيضا على نحو مت‪،‬ايد إنتاج مخدرات اصطناعية محلية موجهة باألساس إلى آسيا‪ ،‬وهذا الاتجاه ملحوظ‬
‫بشكل خاص في غينيا ونيجيريا‪ ،‬وإلى جانب الاتجار بالكوكايين‪ ،‬تفيد التقارير بأن غرب إفريقيا شهد زيادة في استخدام‬
‫النقل الجوي والبحري على حد سواء لالتجار بالهيروين‪.‬‬
‫وقد أشار تقرير الهيئة الدولية ملراقبة املخدرات التابع لألمم املتحدة لسنة ‪ ،2158‬إلى تزايد استخدام أفريقيا‬
‫ْ‬
‫منطقتي العبور الرئيسيتين لتهريب الكوكايين‪،‬‬ ‫كمنطقة عبور لتهريب الكوكايين‪ ،‬حيث أن غرب أفريقيا ووس ــطها يشكالن‬
‫كما أن منطقة شمال أفريقيا دون إلاقليمية استأثرت بما نسبته ‪ 64‬في املائة من جميع مضـبوطات الكوكايين في أفريقيا‬
‫السابقة‪3.‬‬ ‫في عام ‪ ،2156‬وتضـاعفت كميات الكوكايين املضـبوطة في أفريقيا مقارنة بالسنوات‬
‫راجت هذه التجارة إلى درجة أنه تم استخدام بعض املوانئ في بلدان غرب إفريقيا ‪ 4‬من قبل تجاراملخدرات‬
‫الجنوب أمريكيين الستقبال كميات كبيرة من الكوكايين والهيروين‪ ،‬بسبب حالة الضعف والهشاشة التي تعيشها بلدان‬

‫‪ 1‬د الحسين الشيخ العلوي‪" ،‬منطقة الساحل إلافريقي ومعبر املوت"‪ .‬منشورات مركز الجزير للدراسات‪5102 .‬‬
‫‪" 2‬الاتجار بالبشر‪ ..‬التجارة ألاكثر ً‬
‫رواجا في دول الساحل إلافريقي والصحراء"‪ ،‬موقع نون بوست نوفمبر ‪162159‬‬
‫‪https://www.noonpost.org‬‬
‫املخدرات التابع لألمم املتحدة لسنة ‪ ، 2158‬ص ‪59‬‬
‫ِّ‬ ‫تقرير الهيئة الدولية ملراقبة‬ ‫‪3‬‬

‫‪4 LAURENT OZON ، « immigration et crime organise le rapport choc qui accable » BREIZH - INFO. COM 08/09/2015‬‬

‫‪https://www.breizh-info.com/2015/09/08/30671/immigration-et-crime-organise-le-rapport-choc-‬‬
‫‪154‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الساحل إلافريقي‪1،‬حيث يتم نقل الحمولة من دول محددة في أمريكا الالتينية كفن‪،‬ويال والبرازيل وكولومبيا وبوليفيا‬
‫بواسطة الطائرات إلى منطقة الساحل والصحراء‪ ،‬لتبدأ رحلة برية وجوية أو بحرية في بعض ألاحيان تحت رعاية وحماية‬
‫التنظيمات املسلحة القبلية أو املتطرفة وشبكات الجريمة املنظمة ‪ 2،‬واملسئولين الفاسدين‪.‬‬
‫وقد أشار مكتب ألامم املتحدة املعني باملخدرات والجريمة‪ ،‬في تقريره العالمي لسنة ‪ 3،2159‬إلى أن تنظيم" القاعدة‬
‫في بالد املغرب إلاسالمي" ضالع في الاتجار بالقنب والكوكايين‪ ،‬أو على ألاقل في حماية املهربين ولو أن إجمالي إيراداته من‬
‫يبدو متواضعا نسبيا‪4.‬‬ ‫املخدرات‬
‫قطاع ِّ‬
‫‪.3‬تجارة ألاسلحة الخفيفة‪:‬‬
‫تعتبر تجارة السالح من أهم ألاسباب املباشرة لتغذية الصراعات وعدم الاستقرار في املنطقة‪ ،‬وقد كان أول بروز‬
‫لهذه التجارة في ثمانينات القرن املاض ي في الجنوب الجزائري‪ ،‬خاصة حين استطاعت "الجماعة السلفية للدعوة‬
‫والقتال"‪ 5‬الحصول على كميات كبيرة من ألاسلحة خالل فترة العشرية السوداء‪. 6‬‬
‫أما في السنوات ألاخيرة‪ ،‬فتشكل حدود ليبيا مع الجزائر ومالي والنيجر معبـرا رئيسيا لألسلحة التي اختلفت طرق‬
‫الحصول عليها وآليات نقلها إلى الصحراء منذ بداية ألازمة الليبية وتطور ألاحداث فيها‪ ،‬فمنذ البداية استغل عناصر‬
‫تنظيم القاعدة إعالن معمر القذافي في املواجهات ألاولى عن فتح مخازن ألاسلحة أمام أنصاره‪ ،‬حيث استطاعت تهريب‬
‫َ‬
‫آالف قطـع السالح الكبيرة واملتوسطة وشراء أسلحة من عشرات املقاتلين من كتائب القذافي‪ ،‬التي اندحرت تحت وطأة‬
‫ضربات طائرات حلف شمال ألاطلس ي (الناتو) وهجمات قوات" الثوار"‪.‬‬
‫كما سجل خالل اندالع الفوض ى في ليبيا‪ ،‬اختفاء القذائف الفرنسية السبعمائة التي اشتراها معمر القذافي عام‬
‫‪ 2119‬وهي أسلحة متطورة للغاية‪ 7،‬ال يمكنها فقط إسقاط طائرة ركاب ولكن أيضا طائرة مقاتلة مثل "رافال" و"‬
‫تورنادو" البريطانية أو ألامريكية– ‪. F-18.‬‬
‫بل أن أسلحة ثقيلة من بينها صواريخ سام‪ 9‬وسام‪ 1‬وصواريخ "إس أي‪ "4‬املضادة للطائرات وصواريخ "ستنغر"‬
‫واملتفجـرات‪ ،‬وماليين من قطع سالح "الكالش نيكوف"‪ ،‬و"البي كا"‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫و"غراد"‪ ،‬وراجمات الصواريخ و"آلاربي جي" والقنابل‬
‫و"الدوشكا"‪ ،‬و"‪ ،59.1‬و‪ ،"52.9‬وغيرها من أنواع ألاسلحة‪ ،‬إضافة إلى كميات ضخـمة من الذخيرة‪ ،‬دخلت إلى الصحراء‬
‫ليبيا‪8.‬‬ ‫املالية والنيجرية مـهربة من‬

‫‪1‬‬ ‫" ‪GEORGES BERGHEZAN ، "PANORAMA DU TRAFIC DE COCAINE EN AFRIQUE DE L OUESTE‬‬


‫‪Groupe de recherche et d'information sur la paix et la sécurité (GRIP) Bruxelles.2012‬‬
‫‪ 2‬الرائد سيدي محمد ولد حديد‪" ،‬منطقة الساحل والصحراء جذور التطرف ومفاعيل ألازمة"‪ ،‬مرجع سابق‬
‫املخدرات العالمي ‪. 2159‬‬
‫باملخدرات والجريمة‪ ،‬تقرير ِّ‬
‫ِّ‬ ‫‪ 3‬مكتب ألامم املتحدة املعني‬
‫‪https://www.unodc.org/doc/wdr2017/WDR2017_Booklet5_Arabic.pdf‬‬
‫املخدرات العالمي ‪ .2159‬مرجع سابق‬
‫باملخدرات والجريمة‪ ،‬تقرير ِّ‬
‫ِّ‬ ‫‪ 4‬مكتب ألامم املتحدة املعني‬
‫‪ 5‬الجماعة السلفية للدعوة والقتال"‪ ،‬تنظيم مسلح جزائري ظهر سنة ‪ 5448‬خالل الحرب ألاهلية الجزائرية ‪ ،‬على يد حسان حطاب القائد والزعيم السابق" للجماعة‬
‫إلاسالمية املسلحة"‪ .‬وقدأعلنت الجماعة الوالء لتنظيم القاعدة في عام ‪ 2119‬وغيرت إسمها إلى "تنظيم القاعدة في بالد املغرب إلاسالمي" كدليل على تبعيتها لتنيظم‬
‫القاعدة ‪ .‬وقد استفاد حسن حطاب وهو عسكري سابق‪ ،‬من قانون املصالحةالوطنية ولم تتم متابعته‪.‬‬
‫‪"6‬الجريمة املنضمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء" ‪،‬مؤسسة كارنيجي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫مرجع سابق ‪7 Samuel laurent " SAHELISTAN".p . 519 .‬‬

‫اللـيبي ُيـهدد بإشعال منطقة الساحل والصحراء" – موقع سويس انفو‬ ‫‪8‬محمد محمود أبو املعالي‪" ،‬السالح ِّ‬
‫‪http://www.swissinfo.ch/ara/‬‬
‫‪155‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫جعل الانتشار املتنامي للترسانة الهائلة من ألاسلحة الليبية‪ ،‬من شمال النيجر مجاال واسعا لتهريب ألاسلحة إلى‬
‫مالي وموريتانيا‪ ،‬إذ تعتبر مدينة آغاديز مركزا جهويا كبيرا لتجارة ألاسلحة‪ ،‬إلى جانب الجنوب الجزائري الذي يعد كذلك‬
‫معبرا مهما لألسلحة إلى النيجر وشمال مالي‪ 1‬وموريتانيا‪.‬‬
‫غيرأنه ورغم انتشار قطع السالح املهربة بعد اندالع ألازمة الليبية‪ ،‬فقد شكلت أسلحة الجيش املالي القسم‬
‫ألاعظم من مخازن ألاسلحة التي صادرها الجنود الفرنسيون من الجماعات املتطرفة أثناء عملية "سرفال" سنة ‪2150‬‬
‫الصغيرة‪3،‬‬ ‫في الشمال‪ 2،‬وقد أكد تقرير ألامين العام لألمم املتحدة املرفوع إلى مجلس ألامن سنة ‪ 2013‬حول ألاسلحة‬
‫على أن مخازن الحكومة املالية الخاصة باألسلحة تدار بطريقة سيئة مما يسهل تسريبها‪.‬‬
‫‪. 4‬الهجرة غير الشرعية املرتبطة باالتجار بالبشر‪:‬‬
‫تعتبر مالي الدولة التي تعرف أكبر معدالت الهجرة في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬سواء كانت هجرة داخل القارة أو‬
‫خارجها‪ ،‬فهي تعتبر ألاكثر تضررا باستقطابها آلالف املهاجرين ألافارقة الذين يعبرون الصحراء لاللتحاق بليبيا مرورا‬
‫بالجزائر‪ ،‬فمنطقة " إن الخليل" الواقعة حوالي ‪ 811‬كلم شمال شرق تنبكتو في أقص ى شمال مالي‪ ،‬وحوالي ‪ 58‬كلم‬
‫عن الحدود الجزائرية‪ ،‬تعرف توافد املهاجرين بحكم أنها تخضع لسيطرة حركات تمرد الطوارق التي ال تمنع هذه‬
‫الظاهرة‪ .‬وتتقاطع الهجرة السرية فيها في الكثير من ألاحيان مع ظاهرة الاتجار بالبشر‪ ،‬حيث يتم تهريب العديد من‬
‫ألاشخاص إلى الخارج من أجل استغاللهم في أعمال الدعارة أو في ألاعمال الشاقة‪.‬‬
‫تسرب املهاجرين عبر الحدود الجزائرية مع مالي‪ ،‬لم ينقطع خالل السنوات ألاخيرة بشكل كبير بسبب طول‬
‫الحدود‪ ،‬كما أصبحت ظاهرة الهجرة غيرالشرعية تشكل خطرا على الوضع الاقتصادي وألامني في املثلث الحدودي بين‬
‫ليبيا و النيجر والجزائر‪ 4،‬فهناك الكثير من املسالك التي يتم اعتمادها على طول الشريط الصحراوي في الحدود بين مالي‬
‫والجزائر‪ ،‬حيث يسلك املهاجر هذه املسالك لكي يجد في الجانب آلاخر من الحدود املهرب في انتظاره‪ ،‬حيث ينقله عبر‬
‫طرق الصحراء‪ ،‬وفي حالة اعتراض طريقهم من طرف إحدى دوريات حرس الحدود يعمد املهربون إلى الهروب منها‬
‫أورشوتها‪ .‬وتعد ليبيا املعبرألامثل في نظر هؤالء املهاجرين الذين يتجمهرون في بلدة " إن الخليل" املالية للوصول إلي‬
‫أوروبا من شمال إفريقيا‪ ،‬عن طريق قطع البحر في اتجاه جزيرة المبيدوزا إلايطالية التي تقع بين مالطا وتونس‪.‬‬
‫أحيانا يترك املهربون املهاجرين في صحراء قاحلة ويطلبون منهم التقدم مشيا بعد أن يسلبوا ما لديهم من‬
‫أموال‪ ،‬وقد يهاجمهم بعد ذلك تجار البشر ويقتلونهم وينقلوا بعض أعضاء أجسامهم‪ ،‬فقد ألقت دوريات حرس الحدود‬
‫الجزائرية القبض على حاويات مبردة تحمل أعضاء بشرية مجمدة في طريقها للتهريب من مالي إلى ليبيا‪ ،‬وعادة ما يجد‬
‫ً‬
‫أحيانا جثثا في العراء من‪،‬وعة ألاحشاء‪5.‬‬ ‫سكان بعض القرى الحدودية بين مالي و الجزائر‬

‫‪1 Georges Berghezan "Côte d’Ivoire et Mali, au coeur‬‬ ‫‪des trafics d’armes en Afrique de l’Ouest" Groupe de recherche et d'information sur la paix et la‬‬
‫‪sécurité (GRIP) Bruxelles‬‬
‫‪ 2‬مايكل شوركين‪ .‬ستيفاني بي‪،‬ارد‪ .‬اس ريبيكا زيمرمان"‪ ،‬معركة مالي التالية" ‪ ،‬نشر بواسطة مؤسسة ‪ RAND‬سانتامونيكا‪.‬كاليفورنيا الواليات املتحدة‬
‫ألامريكية‪ ، 2159.‬ص ‪37‬‬
‫‪ 3‬تقرير ألامين العام لألمم املتحدة عـن ألاسـلحة الصغيرة‪ S /110/2150 ،‬بتاريخ ‪https://undocs.org/ar/S/2013/503 2150/18/22 /‬‬
‫‪4‬د‪ .‬فريدوم س ي أونوها ود‪ .‬جيرالد إي إزريم الحناش ي‪" ،‬غرب إفريقيا ‪:‬إلارهاب والجرائم املنظمة العابرة للحدود" الجزء ألاول‪ 24 -‬يوليو‪ - 2150 ،‬مركز الجزيرة‬
‫للدراسات‪ ،‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪ 5‬نفس املرجع‬
‫‪156‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تسببت أنشطة عصابات التهريب في وفاة العشرات من الحاملين بالوصول إلى أوروبا عبر الجزائر‪ ،‬ففي كل فصل‬
‫صيف يتم العثور على جثث مهاجرين ماتوا عطشا‪ ،‬بسبب تخلي تجار البشر عنهم على مئات الكيلومترات من املدن‬
‫الجزائرية‪.‬‬
‫تعد تجارة البشر من أخطر ألانشطة التي تطورت بسرعة‪ ،‬حتى أصبحت ألاكثر ربحا من بين أنشطة الاتجار غير‬
‫املشروع في املنطقة‪ ،‬التي أصبحت مرتعا لسماسرة بيع البشر املحليين والدوليين بموارد مالية مهمة ووسائل متطورة‬
‫جدا‪ ،‬من آليات النقل املتطور ومعدات الاتصال وأجهزة التواصل الدائم‪ ،‬وسهلت هذه الشبكات على عناصر الجماعات‬
‫إلارهابية أوالجريمة املنظمة أوالجماعات الانفصالية‪ ،‬الحصول على املال‪.‬‬
‫ويشكل الاتجار بالبشر نشاطا كبيرا تقدر قيمته إلاجمالية بمليارات الدوالرات‪ ،‬ويشمل الرجال والنساء وألاطفال‬
‫الذين يقعون ضحية الخطف والقسر أو الاستدراج ملمارسة أشكال مهينة من ألاعمال ملصلحة املتاجرين بهم‪ 1،‬وهذا‬
‫يعني بالنسبة للرجال العمل ألقسري في ظل ظروف غير إنسانية ال ترعى فيها حقوق العمل‪ ،‬كما حدث للعديد من‬
‫املهاجرين ألافارقة الدين تم استعبادهم في ليبيا في السنوات ألاخيرة‪ ،‬وبالنسبة إلى النساء يعني في العادة خدمة من‪،‬لية ال‬
‫تختلف عادة عن الرق‪ ،‬والاستغالل الجنس ي والعمل في املالهي الليلية‪.‬‬
‫وبالنسبة إلى ألاطفال يتم استخدامهم القسري كمتسولين أو باعة جائلين أو سائقين للجمال‪ ،‬أو يؤدي بهم ألامرإلى‬
‫الاستغالل الجنس ي أوتجنيدهم في صفوف املقاتلين‪ ،‬أواستعمالهم في التجسس على الخصوم من طرف املجموعات‬
‫املسلحة‪ ،‬أو قتلهم ونزع أحشائهم للمتاجرة فيها‪.‬‬
‫‪ - 5‬عائدات الفدية‬
‫بدأت الجماعات في امتهان أسلوب الفدية كوسيلة لتمويل عملياتها مع محنة السياح ألاوربيين في النصف الثاني‬
‫من عام ‪ ،2110‬عندما قام الجزائري عمارالصايفي املكنى ب "عبد الرزاق البارا" باختطاف أكثر من ثالثين سائحا أوربيا‬
‫من جنوب الجزائر‪ ،‬وعبر بهم الحدود باتجاه شمال مالي قبل أن تنتهي محنتهم بدفع حكوماتهم فديات مالية ضخمة‬
‫مقابل إلافراج عنهم‪ .‬مما جعل منذ ذلك الحين ألاموال املتدفقة من عوائد الفدى أحد أهم املوارد املالية للجماعات‬
‫القبلية املسلحة والتنظيمات الجهادية الناشطة في شمال مالي‪.‬‬
‫وقد شكل جنوب الجزائر وتونس وموريتانيا والنيجر ونيجيريا ومالي‪ ،‬املواقع التي عرفت أكبر عدد من حاالت‬
‫الاختطاف‪ 2،‬وفي أغلب الحاالت جرى احتجاز الرهائن وإطالق سراحهم في شمال مالي من جانب تنظيم" القاعدة في بالد‬
‫املغرب إلاسالمي"‪ ،‬وابتدءا من أواخر العام‪ 2011‬من جانب "حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا (‪ ،")MUJAO‬وقد‬
‫ركز الخاطفون على مواطني الدول املعروفة باستعدادها للتفاوض على دفع الفدية‪ ،‬حيث تم إطالق سراح املواطنين‬
‫الغربيين كافة من خالل دفع الفدية‪ ،‬وفي بعض الحاالت أطلقت مالي أو موريتانيا سراح سجناء مرتبطين بتنظيم" القاعدة‬
‫في بالد املغرب إلاسالمي" أو "حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا " مقابل إلافراج عن رهائن‪ ،‬وأحيانا أدت محاوالت‬
‫إلانقاذ أو رفض دفع الفدية إلى قتل الرهائن ‪.‬‬

‫‪ 1‬راميا محمد شاعر‪ "،‬الاتجار بالبشر" منشورات الحلبي الحقوقية ‪ ،‬حلب‪ .‬سوريا‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،2152‬ص ‪ 4‬إلى ‪.50‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬فريدوم س ي أونوها ود‪ .‬جيرالد إي إزريم الحناش ي‪" ،‬غرب إفريقيا ‪:‬إلارهاب والجرائم املنظمة العابرة للحدود" ) الجزء ألاول( ‪ 24 -‬يوليو‪ - 2150 ،‬مركز الجزيرة‬
‫للدراسات ‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪157‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وال تؤكد الحكومات املعنية بعمليات الاختطاف‪ ،‬كفرنسا أو إسبانيا‪ ،‬التقارير التي تتحدث عن دفعها الفدية إلطالق‬
‫سراح رعياها‪ ،‬كما تختلف تقارير وسائل إلاعالم حول حجم املبالغ املدفوعة على الرغم من أن معظمها يتراوح بين ‪1.5‬و‬
‫‪4‬ماليين دوالر أميركي للرهينة الواحدة‪ ،‬ففي العام ‪ 2009‬مثال‪ ،‬سمحت الحكومة السويسرية باستخدام خمسة ماليين‬
‫دوالر من أجل املفاوضات إلطالق سراح ثالثة من مواطنيها‪ ،‬منها مليونا دوالر خصصت لدفع الفدية‪.‬‬
‫لقد تحولت عمليات الخطف من أجل طلب الفدية إلى صناعة مربحة‪ ،‬ألامر الذي سمح للمجموعات املسلحة‬
‫التي تنسب نفسها للجهاد بأن تصبح قوة سياسية وعسكرية كبيرة في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬حيث تؤكد بعض التقارير‬
‫الدولية أن املبالغ التي تسلمها "تنظيم القاعدة" و"حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا"‪ ،‬والوسطاء املرتبطون بهما‪،‬‬
‫بما فيهم بعض املسئولين الحكوميين والعسكريين املتورطين في عمليات الخطف‪ 1،‬قد بلغت انطالقا من سنة ‪ 2008‬ما‬
‫بين ‪ 40‬و‪ 65‬مليون دوالر‪.‬‬
‫وبالتالي فضلوع بعض املسئولين وتنسيقهم مع الخاطفين من عناصر تنظيم "القاعدة"‪ ،‬وتقاسم مبالغ الفدية‬
‫معهم ومع الوسطاء‪ ،‬واستعداد الحكومات الغربية لدفع الفدية‪ ،‬ساهم في ازدهار صناعة الاختطاف‪ 2‬وتكرارعمليات‬
‫احتجاز الرهائن‪ ،‬وساهم كذلك في دفع النشاط التجاري في منطقة الساحل والصحراء إلى الانهيار وإلى عدم إمكانية‬
‫العمل والربح خارج النشاط إلاجرامي‪.‬‬
‫العديد من الدول الغربية مثل أملانيا والنمسا وكندا وهولندا وفرنسا وإيطاليا‪ ،‬تعتبر من أبرز مصادر التمويل‬
‫بالنسبة للحركات إلارهابية في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬ذلك أنها دائما على استعداد لتدفع مبالغ مهمة كفدية إلطالق‬
‫ً ً‬
‫سراح رعاياها‪ ،‬وبذلك شكلت هذه ألاموال التي تفوق عشرات املاليين من عملة "اليورو" مصدرا مهما لتمويل إلارهاب‬
‫في هذه املنطقة‪ .‬وفي بعض ألاحيان ألاخرى تدفع الشركات التي يعمل بها املخطوفون قيمة الفدية‪ ،‬ومثال ذلك ما وقع‬
‫في فبراير ‪ ،2155‬عندما دفعت شركتا أريفا وفينش ي بعد مفاوضات طويلة ‪ 50‬مليون يورو إلطالق سراح ثالثة رهائن من‬
‫العاملين لدى الشركتين‪.‬‬
‫ونفس ألامر حدث في أكتوبر‪ ،2150‬عندما دفعت نفس الشركتين قرابة العشرين مليون يورو لتحرير أربعة رهائن‬
‫من عمالها‪ ،‬وأكثر ألاحيان ما يتم دفع تلك املبالغ عبر وسيط ثالث‪ ،‬وهذا ما وقع في عملية تحرير عائلة موالن فورنييه‬
‫التي تم فك أسرها في فبراير‪ 2150‬شمال الكاميرون‪ ،‬عندما أراد الرئيس الكاميروني بول بيا إرضاء حكومة فرنسا‪ ،‬فقام‬
‫يورو للخاطفين‪3.‬‬ ‫بتسديد تعويضات مالية بقيمة ‪ 51‬مليون‬
‫وبحسب "املرصد الجغرافي السياس ي وإلاستراتيجي للساحل الصحراوي"‪ ،‬الذي يقع مقره بمدينة باماكو املالية‪،‬‬
‫فإن الدول الغربية دفعت ما يقارب ‪ 511‬مليون يورو للحركات إلارهابية العاملة بمنطقة الساحل‪ ،‬في الفترة ما بين سنتي‬
‫‪4‬‬ ‫‪ 2155‬و ‪ 2159‬كفدية إلطالق سراح ‪ 08‬رهينة‪.‬‬

‫‪ 1‬نفس املرجع‬
‫َّ‬
‫‪ " 2‬الجريمة املنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء"‪ ،‬مؤسسة كارنيجي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫‪ 3‬يحيى بوناب‪ " ،‬موند أفريك‪ :‬كيف مول الغرب إلارهاب في الساحل ألافريقي؟" ‪ 23‬ديسمبر ‪" 2151‬مجلة املجتمع"‬
‫‪http://mugtama.com/translations/item/27126-2015-12-23-05-06-32‬‬
‫‪ 4‬نفس املرجع‬
‫‪158‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وفي جميع الحاالت‪ ،‬فإن ألاموال التي تصل أليدي إلارهابيين تبقى مبالغ مهمة‪ ،‬فالفدية تشكل إلى جانب تهريب‬
‫املخدرات‪ ،‬املصدر الرئيس لتمويالت الحركات إلارهابية في منطقة الساحل إلافريقي‪ ،‬ويخصص جزء لتجنيد مقاتلين‬
‫جدد ولكسب تعاطف السكان‪ ،‬حيث تقوم الحركات إلارهابية بحفر آلابار وباالستثمار في تجارة التجزئة‪ ،‬مثل تجارة‬
‫السكر والزيت وامللح والطحين والوقود‪ ،‬حيث أنشأت مثال في شمال مالي محالت تجارية بتسعيرة منخفضة بالنسبة‬
‫للمواد الاستهالكية الضرورية‪ ،‬وأقامت أسواقا تجارية خاصة في املناطق املوجودة على الحدود املالية ‪ -‬املوريتانية‪.‬‬
‫املحصلة أن مصالح املهربين عبر منطقة الساحل تشابكت بشكل كبير مع التنظیمات إلارهابیة‪ 1،‬حيث تم عقد‬
‫اتفاقات من أجل توفير الحمایة لقوافل التهريب واملساعدة على املرور في اتجاه الشمال نحو البحر ألابیض املتوسط‬
‫مقابل دفع أموال كحق للعبور‪ ،2‬هذه املبالغ املهمة تشكل مصدرا مهما من مصادر تمويل إلارهاب‪ .‬الوفرة في املوارد‬
‫املالیة التي أصبحت تمتلكها الجماعات إلارهابية‪ ،‬مكنتها من تقديم إلاعانات للسكان املحلیين بهدف كسب ودهم وجعلهم‬
‫قاعدة خلفية‪ ،‬واستعملت كذلك ألاموال املحصلة من التهريب وغيره في تجنيد الشباب في صفوفها وحفر آلابار وإقامة‬
‫أسواق أسبوعية‪.‬‬
‫كما أن تحالف املهربين واملتطرفين وتجار املخدرات يسيطر بشكل واضح على املشهد في منطقة الساحل‬
‫إلافريقي‪ 3،‬وقد نجح هذا الثالثي في إرساء نظام اقتصادي أصبح مع الوقت إطارا » شرعيا ومقبوال « للتبادل التجاري‬
‫وخلق فرص العمل‪ ،‬حيث تحتل ألاهداف الاقتصادية وتبادل املنافع املادية ألاولوية‪ ،‬وليس الدافع الديني أو‬
‫ألايديولوجي‪ ،‬فرغم أن العمليات العنيفة للجماعات املتطرفة تتخذ غطاءا دينيا وأيديولوجيا‪ ،‬إال أنها ال تستطيع إخفاء‬
‫سعيها وراء املكاسب املادية من خالل مطالبتها بالفدية‪ ،‬ونشاطات أخرى موازية مثل تعاطيها ملختلف أنشطة الجريمة‬
‫املنظمة وتهريب البضائع‪ ،‬كما أن هذه املجموعات ال تتقاسم نفس ألاهداف السياسية وال تشترك في الغالب في نفس‬
‫الوالءات‪ ،‬وكثيرا ما تتبدل التحالفات فيما بينها وينتقل ألافراد من مجموعة إلى أخرى وفقا لإلغراءات واملخاطر‪ ،‬مما‬
‫الجماعات‪4.‬‬ ‫يجعل الدافع الديني دافعا ثانويا لهذه‬
‫قائمة املراجع‬
‫الاتجار بالبشر‪ ..‬التجارة ألاكثر ً‬
‫رواجا في دول الساحل إلافريقي والصحراء"‪ ،‬موقع نون بوست نوفمبر ‪،2159‬‬ ‫‪‬‬
‫‪https://www.noonpost.org‬‬
‫أوليفيه روا ‪ " ،‬تجربة إلاسالم السياس ي "‪،‬الطبعة ألاولى ‪ ،5449‬ترجمة نصير مروة دار الساقي ـ‬ ‫‪‬‬
‫تقرير ألامين العام لألمم املتحدة عـن ألاسـلحة الصغيرة‪ S /110/2150 ،‬بتاريخ ‪2150/18/22 /‬‬ ‫‪‬‬
‫‪https://undocs.org/ar/S/2013/503‬‬
‫املخدرات التابع لألمم املتحدة لسنة ‪. 2158‬‬
‫ِّ‬ ‫تقرير الهيئة الدولية ملراقبة‬ ‫‪‬‬

‫‪1 Serigne Bamba Gaye‬‬ ‫"‪" Connexions entre groupes djihadistes et réseaux de contrebande et de trafics illicites au Sahel‬‬
‫‪Friedrich-Ebert-Stiftung, Paix et Sécurité - Centre de Compétence Afrique Subsaharienne, Sénégal‬‬
‫َّ‬
‫‪" 2‬الجريمة املنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء " ‪ ،‬مرجع سابق‬
‫"‪3 Serigne Bamba Gaye "CONNEXIONS ENTRE GROUPES DJIHADISTES ET RESEAUX DE CONTREBANDE ET DE TRAFICS ILLICITES AU SAHEL‬‬

‫‪Friedrich-Ebert-Stiftung, Paix et Sécurité Centre de Compétence Afrique Subsaharienne Dakar-Fann, Sénégal‬‬


‫‪ 4‬الرائد سيدي محمد ولد حديد‪" ،‬منطقة الساحل والصحراء جذور التطرف ومفاعيل ألازمة" ‪01/08/2018‬‬
‫‪http://sahelnews.info/node/3865‬‬ ‫موقع " أخبار الساحل " ‪ -‬موريتانيا‬
‫‪159‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- (‫إلارهاب والجرائم املنظمة العابرة للحدود" ) الجزء ألاول‬: ‫ "غرب إفريقيا‬،‫ جيرالد إي إزريم الحناش ي‬.‫فريدوم س ي أونوها ود‬ 
، ‫ مركز الجزيرة للدراسات‬- 2150 ،‫ يوليو‬24
. ‫ سوري‬.‫ حلب‬،2152 ‫ الطبعة ألاولى‬، ‫ " الاتجار بالبشر" منشورات الحلبي الحقوقية‬،‫راميا محمد شاعر‬ 
-‫ الجزء ألاول‬، "‫إلارهاب والجرائم املنظمة العابرة للحدود‬: ‫ "غرب إفريقيا‬،‫ جيرالد إي إزريم الحناش ي‬.‫فريدوم س ي أونوها ود‬ 
. ‫للدراسات‬ ‫ مركز الجزيرة‬- 2150 ،‫ يوليو‬24
RAND ‫ نشر بواسطة مؤسسة‬، "‫ معركة مالي التالية‬، 2159 ،"‫ اس ريبيكا زيمرمان‬.‫ارد‬،‫ ستيفاني بي‬.‫مايكل شوركين‬ 
.‫كاليفورنيا الواليات املتحدة ألامريكية‬.‫سانتامونيكا‬
‫اللـيبي ُيـهدد بإشعال منطقة الساحل والصحراء" – موقع سويس انفو‬
ِّ ‫ "السالح‬،‫محمد محمود أبو املعالي‬ 
http://www.swissinfo.ch/ara/
،"‫ " التغلب على الهشاشة في أفريقيا‬.‫ سان دومينيكو دي فيسولي‬،‫ املعهد الجامعي ألاوروبي‬،‫مركز روبرت شومان للدراسات املتقدمة‬ 
2009 ‫التقرير ألاوروبي حول التنمية لعام‬
2159 ‫املخدرات العالمي‬
ِّ ‫ تقرير‬،‫باملخدرات والجريمة‬
ِّ ‫مكتب ألامم املتحدة املعني‬ 
https://www.unodc.org/doc/wdr2017/WDR2017_Booklet5_Arabic.pdf
َّ
.‫ معهد كارنيجي‬، " ‫ "الجريمة املنظمة والصراع في منطقة الساحل والصحراء‬،2012 ‫ سبتمبر‬، ‫ولفرمان لشر‬ 
"‫ "مجلة املجتمع‬2151 ‫ ديسمبر‬23 "‫ كيف مول الغرب إلارهاب في الساحل ألافريقي؟‬:‫ " موند أفريك‬،‫يحيى بوناب‬ 
http://mugtama.com/translations/item/27126-2015-12-23-05-06-32
2151 .‫ منشورات مركز الجزير للدراسات‬."‫ "منطقة الساحل إلافريقي ومعبر املوت‬،‫ الحسين الشيخ العلوي‬
‫ "منطقة الساحل والصحراء جذور التطرف ومفاعيل ألازمة" موقع " أخبار‬،2018 ،‫الرائد سيدي محمد ولد حديد‬ 
‫موريتانيا‬ - " ‫الساحل‬
http://sahelnews.info/node/3865
 " Terrorisme et trafic de drogues en l’Afrique sub-saharienne", 2013. Institut Espagnol d'Études Stratégiques (IEEE)
et Institut Militaire de Documentation de l'Évaluation et Prospective (IMDEP)
http://www.ieee.es/Galerias/fichero/docs_trabajo/2013/DIEEET01-2013_IEEE-
IMDEP_VersionFRANCES.
 Arnaud Jouve," L’IMPACT DU TRAFIC DE DROGUE DANS LE CONFLIT DU NORD-MALI . rfi AFRIQUE
 Friedrich-Ebert-Stiftung, " Paix et Sécurité - Centre de Compétence Afrique Subsaharienne, Sénégal
 GEORGES BERGHEZAN, "PANORAMA DU TRAFIC DE COCAINE EN AFRIQUE DE L OUESTE " ,Groupe de
recherche et d'information sur la paix et la sécurité (GRIP) Bruxelles. 2012
 Georges Berghezan, "Côte d’Ivoire et Mali, au coeur des trafics d’armes en Afrique de l’Ouest" Groupe de recherche
et d'information sur la paix et la sécurité (GRIP) Bruxelles
http://www.rfi.fr/afrique/20181219-impact-trafic-drogue-le-conflit-nord-mali
 LAURENT OZON , « immigration et crime organise le rapport choc qui accable » BREIZH - INFO. COM 08/09/2015
https://www.breizh-info.com/2015/09/08/30671/immigration-et-crime-organise-le-rapport-choc-
 " LE CRIME ORGANISÉ AU MALI : Septembre 2016, SON IMPACT SUR UNE SORTIE PACIFIQUE DU CONFLIT"
POLICY BRIEF https://www.international-alert.org/sites/default/files/Mali_OrganisedCrime_FR_2016

160 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

 Nicolas Beau, "Sahel, coke à tous les étages- " MOND AFRIQUE
https://mondafrique.com/sahel-coke-a-tous-les-etages/
 Observatoire géopolitique des enjeux des changements climatiques en termes de sécurité et de défense:/France "
RAPPORT D’ÉTUDE N° 6 Prospective Sahel" Mai 2018 – P10
-http://www.iris-france.org/wp- content/uploads/2018/11/RE6_Prospective-Sahel_V1.pdf
 Samuel laurent, « SAHELISTAN. DE LA LIBYE AU MALI AU CŒUR DU NOUVEAU JIHAD » editions du seuil.avril
paris. , 2013
 Serigne Bamba Gaye, "CONNEXIONS ENTRE GROUPES DJIHADISTES ET RESEAUX DE CONTREBANDE ET DE
TRAFICS ILLICITES AU SAHEL" Friedrich-Ebert-Stiftung, Paix et Sécurité Centre de Compétence Afrique
Subsaharienne Dakar-Fann, Sénégal
 Yvan guichaoua et mathieu pellerin, "FAIRE LA PAIX ET CONSTRUIRE LETAT LES RELATIONS ENTRE POUVOIRE
CENTRAL ET PERIPHERIES SAHELIENNES AU NIGER ET AU MALI ", - Étude de l’Institut de recherche stratégique de
l’École militaire – France numéro 51 juillet 2017

161 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إسرائيل في إفريقيا‬
‫عماد الدين حسين بحر الدين عبد هللا‪ :‬دكتور باحث في الدراسات الاستراتيجية‪ ،‬عضو الرابطة العلمية للخبراء واملختصين واملهتمين‬
‫بدراسات البحر ألاحمر‪ ،‬السودان‬

‫‪emadstrategy@gmail.com‬‬

‫ملخص الدراسة‬

‫تتمثل مشكلة الدراسة في معرفة ألاهداف إلاسرائيلية في القارة إلافريقية وتتضمن الدراسة مراحل العالقات إلاسرائيلية إلافريقية‬
‫ً‬
‫التي مرت بعدة فترات منذ محاوالت الاختراق إلاسرائيلي إلفريقيا ومن ثم تأسيس العالقات؛ وبعدها فترة القطيعة والعودة مجددا‪ ،‬وكذلك‬
‫ألانشطة إلاسرائيلية في القارة إلافريقية من سياس ي واقتصادي وعسكري أمني لحفظ مصالحها في القارة‪ ،‬استخدمت الدراسة‪ :‬املنهج‬
‫التحليلي الوصفي واملنهج التاريخي واملنهج التنبئي ومنهج الدراسات املستقبلية‪ ،‬وحاولت الدراسة تقديم ألاسباب الداعية إلي معرفة أهداف‬
‫إسرائيل في القارة من منظور مصالحها لتحقيق أمنها القومي‪ ،‬وتحاول الدراسة أن تبين موقع إفريقيا وأهميته في خارطة املصالح‬
‫الاستراتيجية إلاسرائيلية‪ ،‬وقد توصلت الدراسة إلى أن إلسرائيل استراتيجية ثابته تجاه إفريقيا وهي من أهم أولويات القادة إلاسرائيليين‪،‬‬
‫التي تتسم بالديمومة والضبط وإلاحكام في تنفيذ بنودها‪ ،‬وكل ذلك ألجل تحقيق مصلحتها‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬ألاهداف إلاسرائيلية في أفريقيا‪ ،‬ألانشطة إلاسرائيلية في القارة إلافريقية‪ ،‬عودة إسرائيل إلفريقيا بعد ثالثة عقود‪،‬‬
‫والتجسس إلاسرائيلي على إفريقيا(بيغاسوس)‪ ،‬وضعية إسرائيل كمراقب في منظمة الاتحاد ألافريقي‪.‬‬

‫‪Israel in Africa‬‬

‫‪The problem of study is: in the knowledge of the Israeli targets on the African continent and the study includes: The‬‬
‫‪stages of Israeli-African relations that have passed through several periods since the Israeli attempts to penetrate into Africa‬‬
‫‪and then establish relations and then the period of estrangement and return in glory, as well as the Israeli activities in the‬‬
‫‪African continent of political, economic, military and security to preserve its interests on the African continent. The study was‬‬
‫‪used: descriptive analytical approach, historical approach, approach and future studies curriculum, the study tried to provide‬‬
‫‪reasons for knowing Israel’s goals in the continent from the perspective of its interests to achieve its national security, and the‬‬
‫‪study tries to show the location of Africa and its importance in the map of Israeli strategic interests. The study concluded that‬‬
‫‪Israel is a strategy for Africa, one of the most important priorities of Israeli leaders, which are diminished, exactly and tightly‬‬
‫‪implemented, and all of which to achieve their interest.‬‬

‫‪Keywords: Israeli targets in Africa, Israeli activities on the African continent, Israel's return to Africa after three decades, and‬‬
‫‪Israeli espionage on Africa (Pegasus) and Israel as an observer in the African Union.‬‬

‫‪162‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مقدمة‬

‫تبلغ مساحة قارة إفريقيا حوالي ‪%20‬من مساحة العالم‪ ،‬ويسكنها ‪ %8‬من سكان العالم‪ ،‬وقسمت إلى أكثر من‬
‫ً‬
‫‪ 19‬قطرا‪ ،‬وفي أعوام الخمسينات كانت مجهولة بالنسبة إلسرائيل إال أنها لم تكن كذلك على مستوى التفكير الاستراتيجي‬
‫ً‬
‫إلاسرائيلي‪ ،‬حيث وجدت إسرائيل دعما ومساعدة من القوى الغربية القوية أمثال بريطانيا وأمريكا‪ ،‬وهنا كان عليها في‬
‫سعيها للبحث عن الشرعية الدولية‪ ،‬أن توجه أنظارها صوب إفريقيا‪ 1.‬فقارة أفريقيا تؤهلها مكانتها الجيواسترتيجية‪،‬‬
‫باالضافة لوجود عدد كبير من الدول بها‪ ،‬والتي تتطلع للحصول على مساعدات تنموية وتقنية من الخارج تمثل الخيار‬
‫املناسب أمام صانع القرار إلاسرائيلي‪ ،‬وأهمية إفريقيا في ألامم املتحدة من حيث قدرتها العددية في التصويت لصالح‬
‫إسرائيل‪ ،‬حيث أكد ذلك رئيس الوزراء إلاسرائيلي بن قورين بقوله‪( :‬إن الدول إلافريقية ليست غنية ولكن أصواتها في‬
‫املحافل واملؤسسات الدولية تعادل في القيمة بأمم أكثر قوة)‪ 2.‬بدأت الحركة الصهيونية الاهتمام بإفريقيا قبل إعالن‬
‫دولتها‪ ،‬وذلك عند شروعها إقامة وطن قومي لإلسرائيليين في بلد ما‪ ،‬كحل ملشكلة اليهود في روسيا بعد تعرضهم‬
‫لالضطهاد‪ ،‬كما أن للصهاينة نفوذ قوى في املؤسسات البريطانية التي كانت تسيطر على معظم البلدان في أفريقيا‬
‫ً‬
‫واستنادا على ذلك جرت مفاوضات حيث طرحت خيارات عديدة في إفريقيا إلقامة وطن لليهود‪3.‬‬

‫مراحل العالقات إلاسرائيلية إلافريقية‬

‫‪ )1‬مرحلة محاوالت الاختراق (‪)1922- 1932‬‬

‫بعد إعالن قيام إسرائيل عام ‪ 5498‬أولى صناع القرار بها تأسيس عالقات قوية وراسخة مع القوى الكبرى‬
‫ً‬
‫ألاساسية في العالم اهتماما كبيرا‪ ،‬مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وإلاتحاد السوفيتي‪ .‬ويعني ذلك أن إسرائيل في بحثها‬
‫عن شرعية الوجود على الساحة الدولية وتأمين وجودها العضوي لم تنظر إلى املستعمرات إلافريقية‪.‬‬

‫‪ )2‬مرحلة تأسيس العالقات(‪)1922-1922‬‬

‫لقد بدأت إسرائيل عقب حرب السويس عام ‪5416‬م تندفع نحو إقامة عالقات وثيقة مع الدول إلافريقية‪،‬‬
‫وأخذ معدل التبادل التجاري بينها وغرب إفريقيا ينمو بشكل ملحوظ‪ ،‬وقد ساعدها ذلك في إقامة خطوط مالحية‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مباشره بينها وغرب إفريقيا‪ ،‬واتخذت من العاصمة الليبيرية مركزا رئيسيا للشبكة املالحية إلافريقية إلاسرائيلية‪ ،‬وكان‬
‫الطلبة الليبيريون هم أوائل إلافريقيين الذين وجهت لهم الدعوة لزيارتها والدراسة بها‪ .‬وبنهاية عام ‪5419‬م لم يكن‬
‫إلسرائيل سوى سبع سفارات في العالم بأسره‪ ،‬ست منها في القارة ألاوربية وأمريكا الشمالية‪ ،‬ولم يكن إلسرائيل‬
‫دبلوماس ي واحد مقيم شمال جوهانسبرج‪ ،‬حتى حدوث إلانفراجة في العالقات إلاسرائيلية إلافريقية مع حصول غانا‬
‫على استغاللها عام ‪5419‬م التي تعتبر بداية الانطالقة إلاسرائيلية نحو إفريقيا‪ ،‬حيث كانت إسرائيل أول دولة أجنبية‬

‫‪ .1‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬إسرائيل وإفريقيا في عالم متغير‪ :‬من التغلغل إلى الهيمنة (القاهرة‪ :‬كلية الاقتصاد والعلوم السياسية‪ ،‬برنامج الدراسات املصرية ألافريقية‪،‬‬
‫سلسلة دراسات مصرية إفريقية‪2115 ،‬م)‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ .2‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪ .3‬ياسر عبد القادر‪ ،‬التغلغل الصهيوني في إفريقيا‪( ،‬الخرطوم‪ :‬دار جامعة إفريقيا للطباعة و النشر‪ ،‬مركز البحوث و الدراسات ألافريقية‪2119 ،‬م )‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫‪163‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تفتح سفارة لها في العاصمة الغانية أكرا‪ ،‬بعد أقل من شهر وذلك بحصول غانا على استقاللها‪ .‬وفي عام ‪5418‬م قامت‬
‫قولدا مائير وزيرة الخارجية إلاسرائيلية آنذاك بزيارة إلفريقيا‪ ،‬وتعتبر هذه أول زيارة رسمية على مستوى ٍ‬
‫عال حيث‬
‫ديفوار‪1.‬‬ ‫اجتمعت بقادة كل من ليبريا وغانا والسنغال ونيجيريا وكوت‬

‫‪ )3‬مرحلة التراجع الدبلوماس ي والازدهار الاقتصادي (‪1929 – 1922‬م)‬

‫تبنت إسرائيل منهج الدبلوماسية السرية لكسب التأييد السياس ي لدول القارة في املحافل الدولية من ناحية‪،‬‬
‫ومن ناحية أخرى ملواجهة الدول العربية التي تت‪،‬عمها مصر‪ ،‬والتي أدت مساعيها إلى انتكاسة شديدة في العالقات‬
‫إلاسرائيلية إلافريقية تجلت في أعقاب حرب أكتوبر ‪5490‬؛ حيث ساندت الدبلوماسية الليبية جهود مصر في هذا‬
‫الصدد‪ .‬ففي أوائل يناير عام ‪ ،5499‬تقلص عدد الدول إلافريقية التي كانت تقيم عالقات مع إسرائيل ليصل إلى خمس‬
‫وموريشيوس‪2.‬‬ ‫دول فقط هي‪ :‬جنوب إفريقيا‪ ،‬وليسوتو‪ ،‬وماالوي وسوزيالند‪،‬‬

‫‪ )3‬مرحلة التنافس العربي إلاسرائيلي في العالقات مع إفريقيا(‪)1991-1929‬‬

‫في هذه الفترة بدأت مرحلة (التنافس العربي إلاسرائيلي) بعد التوقيع املصري على اتفاقية كامب ديفيد في‬
‫سبتمبر ‪5498‬م‪ ،‬التى أنهت الحرب بين البلدين‪ ،‬واعترفت بحق إسرائيل في حدود آمنة؛ إذ تهيأت لها ظروف أفضل‬
‫للحركة في املمرات الدولية‪ ،‬خاصة البحر ألاحمر‪ ،‬باالضافة إلى إمكانية كسر العزلة على املستوى إلافريقي‪ .‬وانتهى عقد‬
‫الثمانينيات وليس إلسرائيل سوى تمثيل دبلوماس ي في‪ 55‬دولة أفريقية هي‪ :‬مصر وإثيوبيا وتوجو وجنوب إفريقيا‬
‫وسوازيالند وكوت ديفوار والكنغو الديمقراطية وكينيا وليبريا وليسوتو وماالوي‪ 3.‬يتضح في هذه املرحلة زيادة عدد الدول‬
‫إلافريقية التي استأنفت عالقاتها‪ ،‬ويمكن أن نفسر ذلك بزيادة املساعدات إلاسرائيلية للدول إلافريقية‪.‬‬

‫‪ )2‬مرحلة العودة وتطبيع العالقات (‪)2001- 1991‬‬

‫لقد شهدت هذه املرحلة استئناف العالقات بينها وإفريقيا مرة أخرى‪ ،‬السيما خالل عامي ‪5445‬م و‪5442‬م‪،‬‬
‫ربما ُيعزى ذلك إلى التغيرات في النظام الدولي وانعكاساته إلاقليمية‪ ،‬وسقوط النظم الشيوعية املاركسية في إفريقيا‪،‬‬
‫ً‬
‫باالضافة إلى الدخول في العملية التفاوضية بين العرب وإسرائيل منذ مؤتمر مدريد‪ 4.‬وطبقا لبيانات وزارة الخارجية‬
‫إلاسرائيلية‪ ،‬فقد بلغ عدد الدول إلافريقية التي أعادت عالقاتها الدبلوماسية أو أسستها مع إسرائيل منذ مؤتمر مدريد‬
‫في أكتوبر‪5445‬م‪ ،‬ثالثين دولة‪ ،‬وإذا كانت مصر هي الدولة العربية إلافريقية الوحيدة التي أقامت عالقات دبلوماسية‬
‫كاملة مع إسرائيل‪ ،‬فإن هناك أربع دول عربية إفريقية أخرى هي (تونس وجزر القمر واملغرب وموريتانيا) جمعتها روابط‬
‫بإسرائيل‪5.‬‬ ‫دبلوماسية‬

‫‪ .1‬د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51-4‬‬


‫‪ .2‬حسين حمودة مصطفي‪ ،‬إسرائيل في أفريقيا (مصر‪ :‬مكتبة الشروق الدوليه‪2155،‬م)‪ ،‬ص‪51‬‬
‫‪ .3‬أحمد السيد النجار‪ ،‬تقرير الاتجاهات الاقتصادية الاستراتيجية (القاهرة‪ :‬مركز الدراسات السياسية وإلاستراتيجية بإلهرام‪2111،‬م )‪ ،‬ص‪.521‬‬
‫‪ .4‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.526‬‬
‫‪ .5‬حمدي عبد الرحمن‪ ،‬إسرائيل وإفريقيا في عالم متغير‪ :‬من التغلغل إلى الهيمنة (القاهرة‪ ،‬كلية الاقتصاد والعلوم السياسيه‪ ،‬برنامج الدراسات املصريه ألافريقيه‪،‬‬
‫سلسلة دراسات مصرية أفريقيه‪2115،‬م)‪ ،‬ص‪.50‬‬
‫‪164‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ )2‬مرحلة ترسيخ العالقات منذ عام‪2001‬م‬

‫إن العالقات إلاسرائيلية إلافريقية بدأت تتطور في هذه املرحلة بوتيرة متسارعة في مختلف املجاالت السياسية‬
‫ً ً‬
‫وإلاقتصاديه والتجارية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وألامنية‪ ،‬ألامر الذى يعطي مؤشرا قويا لتطور مجاالتها‬
‫ونطاقتها في املستقبل؛ ويرجع ذلك إلى عاملين أساسيين‪ :‬أولهما‪ :‬وجود إستراتيجية إسرائيلية أمريكية مشتركة من حيث‬
‫املحاور وألاهداف حول القارة إلافريقية‪ ،‬وهذه إلاستراتيجية تبلورت بوصول الائتالف اليميني ألامريكي للحكم بحلول‬
‫ً‬
‫عام ‪2115‬م وبنهايته نجحت في إقامة عالقات دبلوماسية مع ‪ 91‬دولة أفريقية‪ ،‬إال أن كال من تونس واملغرب قد جمدتا‬
‫ً‬
‫عالقاتهما عام ‪2111‬م؛ تعبيرا عن رفضهما للممارسات إلاسرائيلية ضد الفلسطينيين إبان الانتفاضة الثانية(انتفاضة‬
‫ى)‪1.‬‬ ‫ألاقص‬

‫ألانشطة إلاسرائيلية في القارة إلافريقية‬


‫ي‪2‬‬ ‫أوال‪ :‬النشاط السياس‬
‫من خالل الحركة الصهيونية في فرنسا وبريطانيا وبلجيكا والدول ألافريقية ألاخرى؛ استطاع زعماؤها خاصة‬
‫ناحوم جولدمان‪ 3‬وسكرتيره يوسف جوالن‪ ،‬وزعماء الوكالة اليهودية‪ ،‬إيجاد عالقات مع بعض النقابات إلافريقية التي‬
‫نشأت وترعرعت في ظل الحكم الفرنس ي البريطاني‪ ،‬وذلك من خالل املؤتمرات العمالية على املستوى الدولي‪ ،‬مثل‬
‫املؤتمرات التي كانت تعقدها النقابات العمالية‪ ،‬كما استطاعوا أن يقيموا عالقات خاصة مع شخصيات إفريقية‬
‫وحركات سياسية نشأت في فرنسا مثل ليوبولد سنقور‪ 4‬وفيلكس بوانية‪ 5‬وغيرهما‪ .‬وقد فرغ الكيان الصهيوني من بلورة‬
‫مخططه للتغلغل السياس ي في إفريقيا عبر عدة محاور‪ ،‬وهي كما يلي‪:‬‬

‫إقامة عالقات وطيدة مع أحزاب وحركات سياسية في إفريقيا مع بداية ظهورها سواء كان ذلك قبل‬ ‫‪)5‬‬
‫الاستقالل أو بعده‪ ،‬مثل حزب عمال إسرائيل(املاباي) مع بقية ألاحزاب العمالية الصهيونية ألاخرى التي مارست‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫دورا رئيسيا في مد الجسور مع أحزاب إفريقية عن طريق ألاحزاب الاشتراكية الغربية واملنظمة الدولية الاشتراكية‪،‬‬
‫وبخاصة الحزب الاشتراكي الفرنس ي الذي أسهم في إقامة عالقات مع أحزاب في السنغال ومالي ودوال أخرى ذات‬
‫عالقة باملنظمة الدولية الاشتراكية‪.‬‬
‫‪ )2‬املبادرة إلى الاعتراف بالدول إلافريقية حال حصولها على الاستقالل‪ ،‬وهي وسيلة ذكية من الكيان‬
‫ً‬
‫الصهيوني لكسب رضا الدول إلافريقية‪ ،‬كما تقوم بإرسال الوفود للتهنئة‪ ،‬ثم التقدم بعروض للمساعدة‪ ،‬وكثيرا‬
‫ما كانت هذه الوسيلة تعطي نتائج فورية‪ ،‬ومن أبرز هذه النتائج إقامة عالقات دبلوماسية قوية مع الحكام ألافارقة‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتعتبر التجربة الغانية دليال واضحا على نجاح هذا ألاسلوب‪.‬‬

‫‪ .1‬حسين حمودة مصطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.502‬‬


‫‪ .2‬عماد الدين حسين بدرالدين عبد هللا‪ ،‬الاستراتيجية إلاسرائيلية في القارة ألافريقية‪ ،‬سمنار مقدم بجامعة الزعيم ألازهري‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬ماجستير الدراسات‬
‫إلاستراتيجية‪ ،‬ألاربعاء ‪ 58‬نوفمبر‪2151،‬م‪.‬‬
‫‪ . 3‬ناحوم جولدمان‪5482 – 5841(:‬م) يهودي روس ي الجنسية‪ ،‬مؤسس ورئيس املؤتمر اليهودي العالمي‪.‬‬
‫‪ . 4‬ليوبولد سنقور‪2115 5416(:‬م) وهو أديب عالمي ومفكر كان أول رئيس للسنغال‪ ،‬موطنة ألاصلي فرنسا ولكن أصولة افريقية‪.‬‬
‫‪ . 5‬فيلكس بوانية‪5440 – 5411(:‬م) هو أول رئيس لجمهورية ساحل العاج كان مقيم بفرنسا‪.‬‬
‫‪165‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إقامة عالقات شخصية مع الحكام ألافارقة‪ ،‬وكانوا يرمون من وراء ذلك إلى كسب ودهم والتقرب‬ ‫‪)0‬‬
‫إليهم للتأثير في مواقفهم‪ ،‬ومنهم جومو كينياتا أول رئيس لكينيا ووليام تويبمان الرئيس الليبيري الذي يعد أول رئيس‬
‫ً‬
‫دولة تعترف بإسرائيل‪ ،‬حيث كان يفتخر بعالقته مع الكيان الصهيوني‪ ،‬وأيضا جوزيف موبوتو رئيس زائير السابق‬
‫وفاء في إفريقيا؛ ألنهم ساعدوه على تولي السلطة‪ ،‬كذلك هيال سالس ي‬ ‫الذي يعرف بأنة أكثر أصدقاء إسرائيل ً‬
‫اليهود‪1.‬‬ ‫إمبراطور إثيوبيا الذي يرى نفسه من ساللة‬
‫التمثيل الدبلوماس ي‪ :‬حرص إلاسرائيليون على إنشاء أوسع شبكة من العالقات الدبلوماسية‬ ‫‪)9‬‬
‫بمساعدة املستعمر املوجود في الدول إلافريقية‪.‬‬
‫العالقات مع النقابات العمالية‪ :‬سعت إسرائيل بهذه الخطوة إلى تعميق نشاطاتها املتعددة الجوانب؛‬ ‫‪)1‬‬
‫وتجسدت في إقامة عالقات مع النقابات العمالية واملنظمات املهنية إلافريقية‪ ،‬واعتمدت في تحقيق مآربها على‬
‫نقابة العمال الصهاينة العامة(الهستدروت) وقد ساعد ذلك على تطوير عالقاتها مع الحركات العمالية إلافريقية‬
‫قبل حصول الدول على استقاللها‪ ،‬ومنها اتحاد عمال كينيا‪ ،‬واتحاد عمال غانا وإثيوبيا‪ .‬كذلك قامت بتقديم املنح‬
‫الدراسية للكوادر العمالية إلافريقية املتقدمة للدراسة والتدريب في إسرائيل‪ ،‬وإغراقهم باملكافآت املالية‪ ،‬وتكريمهم‬
‫ً‬
‫تحقيقا ملصلحتها‪.‬‬
‫الجالية اليهودية في إفريقيا‪ :‬يوجد للكيان إلاسرائيلي جاليات مؤثرة في إفريقيا‪ ،‬وال يخفى أن‬ ‫‪)6‬‬
‫استخدامتهم في دعم نفوذها السياس ي‪ ،‬والاعتماد املتبادل بين اليهود خارج إسرائيل‪ ،‬هذه الفكرة ترتبط بتجميع‬
‫يهود الشتات في إسرائيل‪ ،‬وتنظيم دورات خاصة لهم عن طريق مؤسسات عديدة‪ ،‬منها الوكالة اليهودية‪ ،‬ومنظمة‬
‫املحاربين القدماء إلاسرائيليين لتكريس ارتباط اليهود بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النشاط الاقتصادي‬

‫اتبعت إسرائيل عدة إستراتيجيات من أجل تفعيل نشاطها الاقتصادي في القارة إلافريقية‪ ،‬ويتمثل ذلك في‬
‫آلاتي‪2:‬‬

‫ً‬
‫مسح ألاسواق ألافريقية‪ :‬إعماال ملخططاتها لجأت إلى مسح ألاسواق إلافريقية‪ ،‬وإعداد دراسات عن‬ ‫‪)5‬‬
‫أوضاعها وطاقاتها الاستهالكية‪ ،‬وقد أوفدت لهذا الغرض بعثات تجارية‪ ،‬وقد تمكنت هذه البعثات من إعداد‬
‫دراسات عن كل بلد في القارة من حيث التركيب الاقتصادي وظروفه واحتياجات أسواقة من السلع‪ ،‬وكانت غانا‬
‫هي أول دولة يتم فيها إجراء دراسة ثم إثيوبيا وأوغندا وكينيا‪.‬‬
‫عقد الاتفاقيات التجارية‪ :‬حرص الكيان الصهيوني منذ غزوه الاقتصادي للقارة ألافريقية في النصف‬ ‫‪)2‬‬
‫الثاني من الخمسينيات لعقد اتفاقيات تجارية مع مختلف الدول ألافريقية‪ ،‬لذلك لجأت إلى فتح ملحقيات تجارية‪،‬‬
‫كانت غانا أول دولة تبرم اتفاقية وذلك عام ‪5418‬م بهدف تحديد حجم التبادل التجاري‪ ،‬تلتها اتفاقيات مع إثيوبيا‬
‫وأوغندا وإفريقيا الوسطى ومالي والكنغو‪.‬‬

‫‪ .1‬عماد الدين حسين بحر الدين عبد هللا‪ ،‬املصدر السابق‪.‬‬


‫‪ .2‬حسين حمودة مصطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.068‬‬
‫‪166‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تقديم التسهيالت املالية‪ :‬من الوسائل التي استخدمتها ألجل تطوير آفاق التجارة مع ألاقطار إلافريقية‬ ‫‪)0‬‬
‫هو تقديم التسهيالت املالية والقروض والائتمانات‪ ،‬وذلك لتمكين هذه ألاقطار من استيراد السلع منها عبر اتفاقيات‬
‫ثنائية أو عن طريق املساعدات املالية لبعض الدول التي تعتمد بدرجة أساسية على العون ألاجنبي في اقتصادها‪.‬‬
‫إقامة املعارض التجارية الثابتة واملتنقلة‪ :‬استخدمت إسرائيل هذه املعارض من أجل الترويج ملنتجاتها‬ ‫‪)9‬‬
‫وكسب الزبائن‪ ،‬فقد اشتركت في العام ‪ 5469‬في معرض غانا الدولي حيث نظمت أكبر جناح باملعرض‪ ،‬ثم زامبيا في‬
‫ً‬
‫العام ‪ ،5469‬ونيروبي وأديس أبابا في العام ‪5468‬م‪ .‬سعت إلى إقامة شركات إفريقية إسرائيلية للتغلغل بها محليا‬
‫في حقل التجارة والنقل والخدمات‪ ،‬مثل شركة املالحة الغانية‪ ،‬والشركة الكنغولية إلاسرائيلية‪ ،‬والشركة العاجية‬
‫إلاسرائيلية‪ ،‬والشركات النيجيرية إلاسرائيلية‪.....‬الخ‪ ،‬وقد تمكنت عبر هذه الشركات من تأمين خطوط مواصالت‬
‫ثابتة لتجارتها مع دول إفريقيا الغربية‪ ،‬كما أنها اتبعت وسائل أخرى عديدة للتغلب علي أية صعوبة أو معوق‬
‫ً‬
‫لتصريف منتجاتها في ألاسواق إلافريقية‪ .‬وأهم الدول إلافريقية التي تتعامل معها تجاريا جمهورية جنوب إفريقيا‬
‫وأثيوبيا وغانا وليبريا وتن‪،‬انيا وأوغندا وكينيا وساحل العاج والكابون‪ ،‬وتزدهر أسواقها بصورة أساسية في ست دول‪،‬‬
‫وهي جنوب إفريقيا وأثيوبيا ونيجيريا وغانا وكينيا وأوغندا فهي تستوعب ‪ %91‬من مجموع صادرات إسرائيل بالقارة‪1.‬‬

‫كما تقوم باالقتراض من البنوك الغربية ألامريكية وإلانجلي‪،‬ية وألاملانية بأسعار فائدة منخفضة‪ ،‬ثم تعيد إغراضها‬
‫للدول ألافريقية بأسعار مرتفعة‪ ،‬وفي بعض الحاالت تقوم بتقديمها في صورة سلع وخدمات فتكون الفائدة‬
‫مزدوجة‪2.‬‬

‫النشاط العسكري وألامني‬

‫يخش ى العديد من الرؤساء ألافارقة جيوشهم الوطنية‪ ،‬ويلجأ العديد منهم إلى تكوين مليشيات قبلية لتأمين‬
‫أنفسهم‪ ،‬حيث تتولى شركات املرتزقة إلاسرائيلية تدريب هذه املليشيات وتسليحها‪ ،‬ومن أبرز هذه الشركات شركة (ليف‬
‫دان) وشركة (الشبح الفض ي)‪ .‬ومن أهم هذه الشركات (بول باريل) وشركة(أباك) وهما شركتان فرنسيتان مملوكتان‬
‫لعناصر يهودية حيث تتبنى سياسة تهدف إلى إشعال الصراعات في القارة إلافريقية وتصعيدها‪ ،‬وذلك بهدف إسقاط‬
‫ألانظمة التي تسعى إلى التقارب مع الدول العربية من جانب وإحكام السيطرة الاقتصادية والسياسية عليها من جانب‬
‫ً‬
‫آخر‪ .‬أيضا يتغلغل الخبراء إلاسرائيليون في املجاالت العسكرية وألامنية وإلاستخباريه داخل بعض املؤسسات الوطنية‬
‫للدول إلافريقية‪ ،‬حيث تسعى إلى استغالل هذه الدول للتجسس على مصر والسودان والصومال وجيبوتي وشمال‬
‫إفريقيا‪ ،‬حيث تواجد العديد من مكاتب املوساد إلاسرائيلي في أوغندا وإرتريا وإثيوبيا والكونغو وكينيا ورواندا‪ ،‬وفق‬
‫ً‬
‫اتفاقيات مبرمة بين الجانبين‪،‬هذا فضال عن الوجود الاستخباري غير املباشر من خالل الخبراء واملستشارين والفنيين‪،‬‬
‫والجدير بالذكر أن إسرائيل قد استكملت مشروعها للتجسس في إفريقيا بوضع القمر(عاموس)فوق مدار القمر‬
‫العربي(عرب سات‪ )2‬باألجواء الكينية ما يساعدها في التجسس على اتصاالت الدول العربية وإلافريقية‪ 3.‬مما سبق‬

‫‪ .1‬حسين حمودة مصطفي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪514‬‬


‫‪ .2‬إبراهيم نصر الدين وآخرون(إعداد)‪ ،‬املوسوعة ألافريقية‪ :‬بحوث سياسية واقتصادية (القاهرة‪ :‬معهد البحوث والدراسات ألافريقية‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬املجلد‬
‫الخامس‪ ، )5449،‬ص‪.52-55‬‬
‫‪ .3‬عامر خليل احمد عامر‪ ،‬السياسة الخارجية إلسرائيل في إفريقيا السودان نموذجا (لبنان بيروت‪ :‬مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات‪2155 ،‬م) ص‪.14‬‬
‫‪167‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً ً‬
‫يتضح أن إلسرائيل إستراتيجية محكمة جدا بإفريقيا في شتي املجاالت‪ ،‬وتسعى لتحقيقها بكل السبل ألنه إن لم تجد‬
‫ً‬
‫الحكام يتعاملون معها‪ ،‬تسعى لتغيرهم وتنصيب حكاما مكانهم‪ ،‬كل ذلك في سبيل التحكم والسيطرة على خيرات الدول‬
‫إلافريقية وليست كما يدعون بأن حاجتهم للدول إلافريقية هي أصواتها في املحافل الدولية‪.‬‬

‫عودة إسرائيل إلفريقيا بعد حوالي ثالثة عقود‬

‫يعتبر عام ‪2156‬م نقطة تحول في العالقات إلاسرائيلية إلافريقية ففيه أصبح بنيامين نتنياهو أول رئيس وزراء‬
‫يزور إفريقيا بعد ثالثة عقود‪ ،‬حيث قام بجولة شملت أوغند وإثيوبيا وكينيا ورواندا‪ ،‬وبعدها بعام فقط كان على رأس‬
‫املشاركين في إجتماع رؤساء دول الجماعة إلاقتصادية لدول غرب إفريقيا(إلايكواس) ‪ 1‬في ليبريا وبعده وقع مسؤولون‬
‫ً‬
‫إسرائيليون عددا من مذكرات التفاهم بشأن استثمارات قرابة مليار دوالر بحلول عام ‪2125‬م لتعزيز مشاريع الطاقة‬
‫والتنمية الاقتصادية في الدول ألاعضاء ال ‪ 51‬في إلايكواس وذكر أمير مخول‪( :‬أن ما يقوم به نتنياهو هو تغيير منهجي‬
‫يهدف إلى إحداث تحول في الوضع الجيوإستراتيجي إلسرائيل) يمكن القول أنه يقصد من ذلك هو عودة العالقات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الدبلوماسية الرسمية التي ظلت مقطوعة لثالثة عقود وكذلك لتحول كثير من الدول ألافريقية من دوال رافضة للتعامل‬
‫معها ومناصرة للقضية الفلسطينية إلى دول تقدم مصلحتها في تعامالتها معها‪ ،‬ويشير إلى هذا القول هو ردود الفعل‬
‫املتباينة من الدول إلافريقية حيال عملية التصويت في الجمعية العامة لالمم املتحدة بشأن وضع القدس‪ ،‬التى أجريت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫في ديسمبر ‪2158‬م‪ ،‬بعد إعتراف الرئيس ألامريكي دونالد ترامب بأنها عاصمة إلسرائيل‪ ،‬نقطة كاشفة لتغير النظرة‬
‫إلافريقة لدولة إلاحتالل‪ 2.‬حيث ساعدهم في ذلك تغييرمواقف الدول العربية نفسها من إسرائيل‪ ،‬ملا قدمته لهم من‬
‫العسكرية املتقدمة‪3.‬‬ ‫منح في مجال إلابتكار الزراعي وتكنلوجيا املياه وتقدم تكنلوجيا املعلومات وإلاتصاالت والصناعات‬
‫ذكر رئيس الوزراء إلاسرائيلي بنتيامين نتنياهو للصحفيين قبيل زيارة ألوغندا بتاريخ ‪2121/2/0‬م‪(:‬بأنه مسافر إلي إفريقيا‬
‫وهذه الزيارة هي الخامسة خالل الثالث سنوات ونصف ألاخيرة‪ ،‬وأن إسرائيل تعود إلي إفريقيا بشكل كبير‪ ،‬وأن هذه‬
‫القارة قد عادت إلي أحضان إسرائيل‪ ،‬هذه العالقة تتسم بأهمية كبيرة على الصعد الدبلوماسية وإلاقتصادية وألامنية)‪4‬‬

‫ً‬
‫سواء التجارة أو‬ ‫يتضح من خالل حديثه بأن هذه الزيارة لتعزيز العالقات إلاسرائيلية إلافريقية في مجاالت الاقتصاد‬
‫الزراعة بتقديم التكنلوجيا املتطورة‪ ،‬وكذلك املجاالت ألامنية مثل التعامل ألامني والاستخباري مع ألانظمة لتقديم‬
‫ً‬
‫معلومات حول النشطاء واملعارضين كما سوف نبين الحقا‪.‬‬

‫التجسس إلاسرائيلي على إفريقيا‬

‫يعتبر برنامج (بيكاسوس) أحد أبرز برامج الاختراق والتجسس على الهواتف التي تروج لها إسرئيل‪ ،‬ويستخدم‬
‫للتنصت على نشطاء حقوق إلانسان ومراقبة رسائل البريد إلالكتروني وإختراق التطبيقات وتسجيل املحادثات‪ ،‬وبسبب‬

‫‪ . 1‬دول إلايكواس هي‪(:‬الرأس ألاخضر وغامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا‬
‫وتوغو)‬
‫‪ . 2‬أمير مخول‪ :‬النفوذ إلاسرائيلي في إفريقيا من شد الحزام إلى الحزام والطريق‪ ،‬مجلية قضايا إسرائيلية‪ ،‬الصادرة عن مركز مدار الفلسطيني للدراسات إلاسرائيلية‪،‬‬
‫العدد ‪ ،81‬العام ‪2121‬م‪ .‬ص ‪.50‬‬
‫‪ .3‬القوى الناعمة سالح إسرائيل الفتاك لغزو القارة ألافريقية إلاسترجاع‪ :‬رنده عطية‪www.noonpost.com 2122/2/58:‬‬
‫‪ . 4‬إلاسترجاع‪2125/2/58:‬م ‪Arabic.rt.com‬‬
‫‪168‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫خطر الحركات املسلحة في إفريقيا على ألانظمة‪ ،‬فإن دوال إفريقية مثل كينيا وإثيوبيا أصبحت تهتم كثيرا بالحصول على‬
‫التقنية إلاسرائيلية في مجاالت الدفاع وألامن؛ إضافة إلى تبادل املعلومات إلاستخبارية‪ ،‬إستغلت إسرائيل حاجة العديد‬
‫من القاده ألافارقة إلي التنصت والتجسس على معارضيهم والحصول على الوسائل التقنية الكفيلة بتحقيق ذلك‬
‫الغرض‪ ،‬فهي تقدم لهم الدعم اللوجستي ألامني من خالل توفير املعلومات ألامنية التي تجمع بواسطة إلاستخبارات‬
‫إلاسرائيلية‪1.‬‬

‫ً‬
‫تستخدم إسرائيل شركة التقنيات الشهيرة(‪ )NSO‬وهي شركة تعمل في املجال ألامني والتكنلوجي وتنتج عددا من‬
‫برامج التتبع واملراقبه‪ ،‬وذلك لدعم تعاونها مع ألانظمة ألافريقية الحاكمة في املجال ألامني‪ ،‬حيث تستفيد ألانظمة‬
‫القمعية من تتبع معارضيها واختراق أجهزتهم الشخصية وإلالكترونية‪ ،‬حتى تسيطر على الوضع وتحكم قبضتها‪ ،‬ففي‬
‫توغو استخدم النظام الحاكم برنامج(بيكاسوس) فائق التطور الستهداف رجال الدين الكاثوليك ونشطاء املجتمع املدني‬
‫واملعارضين السياسين‪ 2.‬طاملا أن إسرائيل تعطي ألاجهزة للحكام للتجسس على النشطاء واملعارضين من حركات تحرر‬
‫وغيرهم فهذا يعني أنها تستطيع التجسس على الحكام أنفسهم وهذا يشير إلى أن بيدها التحكم في الثورات الشعبية‪،‬‬
‫وكذلك إيقاف تقدم حركات التحرر أو تركها تتقدم مما يعني أنها بشكل أو بآخر تتحكم في ذلك وترجح كفة على أخرى‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وفي اعتقادي أنه من مصلحة إسرائيل ان تظل أنظمة قمعية في إفريقيا قدرا طويال من الزمن اقصاه ثالثة عقود‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وبمجرد أن يصل النظام ألافريقي هذا القدر من الزمن لكونه نظاما قمعيا أو شموليا‪ ،‬يتم إلاستغناء عنه بآخر مغايرا‬
‫للتوجهات الفكرية التي كان يحملها ألاول في ظل الدول التي بها أحزاب سياسية ولديها أنشطة ثورية‪ ،‬وخير مثال لهذا‬
‫النموذج هو سقوط نظام الرئيس البشير في السودان وتولي ألاحزاب اليسارية دفة الحكم بشراكة مع املكون العسكري‬
‫ً‬
‫في ‪2154‬م‪ ،‬وأيضا إغتيال الرئيس التشادي إدريس ديبي في ‪2125/9/21‬م بعد قضائة ثالثة عقود في الحكم لكن في‬
‫ً‬
‫حالة تشاد نجدها تختلف عن السودان لكونها ال تنشط فيها ألاحزاب السياسية لكون النظام الحاكم ال يتيح قدرا من‬
‫ً‬
‫حرية ألاحزاب إال التي تدعم صفه‪ ،‬إذا في ظل نظام يتعامل بالقتل مع املتظاهرين دون هوادة ولحفظ التوازنات القبلية‬
‫ً‬
‫داخل تشاد قرر املجلس العسكري التشادي تنصيب نجل ديبي محمد إدريس ديبي في ‪2125/9/20‬م خلفا لوالده حتي‬
‫ال يتاح املجال لتوازنات قبلية جديدة قد تؤدي في نهاية ألامر إلى الفوض ى‪.‬‬

‫العالقات السودانية إلاسرائيلية في نهاية عهد البشير‬


‫ً‬
‫في فترة الثورة السودانية‪ ،‬التي كان فيها الضغط الشعبي كبيرا على نظام البشير‪ ،‬حيث كانت املظاهرات تنادي‬
‫ً‬
‫(بتسقط بس)‪ ،‬ورفعت شعارات حرية سالم وعدالة والثورة خيار الشعب‪ ،‬لم يجد نظام إلانقاذ مفرا إال بالتنازل عن‬
‫ً‬
‫مبادئه املتمثلة في رفضه التعامل معها‪ ،‬فوجد نفسه مضطرا لفتح ألاجواء السودانية لعبور طائرة الرئيس إلاسرائيلي‬
‫نتنياهو القادمة من دولة تشاد ومتجهة إلى دولة جنوب السودان‪ ،‬حيث يتطلب ألامر موافقة الخرطوم‪ .‬علق بروفيسور‬
‫حسن الساعوري على ذلك بقوله‪( :‬لم يتبق من الدول العربية سوى دولة أو دولتان لالنضمام بركب التطبيع‪ ،‬وأن‬
‫ُ‬
‫السودان يمكن له أن يفكر في ألامر إذ صدر قرار من الجامعة العربية‪ ،‬ألن السودان موقفه قائم على موافقتين‪ ،‬أألولى‬

‫‪ . 1‬الجوسسة ودعم الاستبداد أسلحة إسرائيل للتغلغل في إفريقيا‪ :‬عائد عميرة‪ :‬الاسترجاع‪2122/2/58 :‬م‪noonpost.com:‬‬
‫‪ . 2‬الجوسسة ودعم إلاستبداد أسلحة إسرائيل للتغلغل في إفريقيا‪ :‬عائد عميرة ‪ :‬إلاسترجاع‪2122/2/58 :‬م‪noonpost.com:‬‬
‫‪169‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫هي قرارات الجامعة العربية‪ ،‬والثانية هي موقف فكري سياس ي مبدئي يرفض الاحتالل والاستعمار‪ .‬ومسألة عبور طائرة‬
‫إسرائيلية ألاجواء السودانية‪ ،‬تعتبر مقدمات؛ أي يمكن أن نتعامل مع الدولة املعتدية على أراضينا في حدود ضيقة‪،‬‬
‫ويكون ذلك مفتاح إلى أن تتسع هذه الحدود وتلغى مرة واحدة‪ ،‬ويمكن أن تأتي املصالح وتكون الدراسة)‪ 1.‬يتضح أن‬
‫ُ ً‬
‫ضعفا حل بجامعة الدول العربية؛ من دول رافضة له في قمة الخرطوم‬ ‫حديثه فيه رفض مقنن للتطبيع‪ .‬ألن هنالك‬
‫ً‬
‫ابتداء من حكومة مصر قائدة املواجهة بتوقيعها اتفاقية كامب‬ ‫التى خرجت منها الالءات الثالثة‪ ،‬إلى دول تتعاهد معها‬
‫ديفد عام ‪5498‬م تلتها ألاردن عام ‪5449‬م‪ ،2‬ومنذ تلك اللحظة تساقطت حكومات الكثير من الدول واحدة تلوى ألاخرى‬
‫ً‬
‫لحوقا بركب التطبيع‪ ،‬ولم يبق سوى الجزائر وسوريا والسودان قبل ثورة ديسمبر ‪2158‬م‪ .‬كما أن الدول التى طبعت‬
‫لم تلت‪،‬م بقرارات الجامعة العربية‪ ،‬ولم يصدر أي إجراء من الجامعة العربية ضدها‪ ،‬فكيف ينتظر السودان حتى يصدر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قرارا من الجامعة العربية يجعل التطبيع إلزاما! ألنه يمكن أن يحدث في ظل دول تتعامل صراحة معها دون إذن منها‪.‬‬
‫ً‬
‫إذا ينبغى على السودان التعامل ليس ألجل اللحاق بهذه الدول‪ ،‬ولكن ألن الجامعة قد انتهى عهدها‪ ،‬وأصبحت كل دولة‬
‫تقدم مصلحتها فقط‪ ،‬وعليه أن ينظر إلى مصلحته ولكن فى ظل توافق وطنى ألن تعامل نظام معها دون موافقة بقية‬
‫ً‬
‫املكونات السياسية خاصة في ظل هشاشة ألاوضاع ألامنية الحالية في السودان يؤدي إلى إستمرار تحكم إسرائيل‬
‫باألنظمة‪ ،‬فكلما كانت درجة تنازالت هذه ألانظمة القمعية أكبر إلسرائيل من تعاون وتبادل مصالح في العديد من‬
‫ً‬
‫املجاالت تظل هذه ألانظمة إلى مايقارب الثالثة عقود‪ ،‬وكلما أصبح تعاملها متشددا تجاهها يمكن لها إستبدالها بدعم‬
‫املعارضة فيها سواء أكانت معارضة سياسية أو عسكرية‪ .‬وعندما نستصحب تاريخ البشير نجده كان ال يتعامل مع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إسرائيل مطلقا‪ ،‬وعندما أبدى تعامال معها في فتح أجوائة سقط نظامة إذا عدم التعامل مع إسرائيل أفضل من التعامل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫معها تتأكد هذه النظرية أيضا مع النظام التشادي فتشاد ظلت قاطعة عالقاتها مع إسرائيل ‪ 91‬عاما وعندما بدأت‬
‫العالقات الدبلوماسية بتبادل الزيارات سقط نظام ديبي كما سنبين ذلك‪.‬‬

‫العالقات إلاسرائيلية التشادية‬

‫وصل رئيس تشاد أدريس ديبي إلى إسرائيل ‪2158/55/21‬م‪ ،‬وهي أول زيارة لرئيس هذه الدولة املسلمة منذ قيامها‬
‫وبعدها بقليل قام رئيس الوزراء إلاسرائيلي بزيارة إلى تشاد في يوم ألاحد املوافق‪2154/5/21‬م ‪ ،‬حيث وصفها بأنها‪:‬‬
‫ً‬
‫(اختراق تاريخي)‪ ،‬وأنها تندرج ضمن الثورة التي نقوم بها في العالم العربي واملسلم‪ ،‬وهذه الزيارة إلى بلد مسلم كبير جدا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وله حدود مع ليبيا والسودان تشكل حدثا تاريخيا)‪ 3‬حيث قالت القناة ‪ 52‬في التلفزيون إلاسرائيلي أن نتنياهو سيعرض‬
‫على ديبي املساعدة في حماية حدود تشاد مع ليبيا‪ ،‬واملساعدة في منع تسلل مسلحين من مجموعات إرهابية‪ ،‬حيث‬
‫ً‬
‫رجحت القناة أن يكون التوافق إيجابيا في هذه القضيه‪ 4.‬وطاملا أنه يرجح التوافق في مساعدة إسرائيل إلفريقيا في منع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تسلل مسلحين من ليبيا لتشاد إذ غالبا ما يتم ذلك عبر برنامج التجسس الذي ذكرناه سابقا‪ ،‬وطاملا أن النظام التشادي‬

‫‪ .1‬قناة سودانية ‪ :29‬تستضيف بروفيسور حسن الساعوري‪ ،‬في برنامج دائرة الحدث‪ ،‬للحديث عن دالالت عبور طائرة إسرائيلية ألاجواء السودانية‪ ،‬تقديم سالم‬
‫ً‬
‫مساء‪.‬‬ ‫الهاشمي‪ ،‬بتاريخ ‪2154/5/22‬م‪ ،‬الساعة الثامنة‬
‫‪amp-dw-com.cdn.ampproject.org. 2‬‬
‫‪ . 3‬إلاسترجاع‪2122/2/54:‬م ‪aljazeera.net:‬‬
‫‪ . 4‬إلاسترجاع‪2122/2/54:‬م ‪aljazeera.net:‬‬
‫‪170‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫أصبح يتعامل مع إسرائيل وجثا على صدر التشاديين ‪ 01‬عاما البد من استبداله بآخر حتى يحصل نوع من الفوض ي‬
‫التى بها يكثر القتل ويفتقد جو التعافي والديمقراطيات ألنها إن تمت سوف تتوحد الشعوب وتعرف عدوها الحقيقي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وتقاتله أيا كان هذا العدو‪ .‬وكل ذلك يدعم ما ذكرناه سابقا وهو عدم التعامل مع إسرائيل أفضل من التعامل ألية‬
‫ً‬
‫سواء كان رئيس دولة أو رئيس حركة تحرر وطني‪.‬‬ ‫شخص‬

‫إسرائيل ومحاولة الانضمام إلى منظمة الاتحاد إلافريقي‬

‫قدم السفير إلاسرائيلي لدى إثيوبيا أليلي أدماسو في ‪ 22‬يوليو ‪2125‬م‪ ،‬أوراق اعتماده كمراقب في الاتحاد‬
‫إلافريقي إلى رئيس منظمة إلاتحاد ألافريقي موس ي فكي‪ ،‬حيث أعلن مكتب أدماسو‪(:‬أن وضع املراقب سيمكن إسرائيل‬
‫ً‬
‫مساعدة إلاتحاد إلافريقي بشكل أكبر في مجالي مكافحة جائحة كوفيد وإلارهاب‪ ،‬وأننا حاليا نقيم عالقات مع ‪ 96‬دولة‬
‫إفريقية)‪ 1.‬حيث سبق إلسرائيل أن حصلت في السابق على صفة مراقب في منظمة الوحدة إلافريقية عام ‪2112‬م قبل‬
‫حلها وإستبدالها بإلتحاد ألافريقي‪ .‬وذكر برفيسور مصطفى صايج مدير املدرسة الوطنية في الجزائر‪(:‬ان الدبلوماسية‬
‫ً‬
‫إلاسرائيلية استطاعت أن تقيم الكثير من العالقات خصوصا مع نفوذها التقليدي في منطقة القرن إلافريقي وحتى في‬
‫الساحل إلافريقي‪ ،‬واستطاعت الجزائر مع بعض دول في شمال إفريقيا وأحد الفاعليين سواء نيجيريا أو جنوب أفريقيا‬
‫أن تعيد النظر في املوقف ألاحادي وغير الشرعي الذى اتخذه مفوض ألاتحاد ألافريقي موس ي فكي في إلاجتماع ألاخير‬
‫ً‬
‫للقمة اتضح أن هنالك إنقسام بين كتلتين داخل إلاتحاد)‪ 2‬يتضح من حديثه أن هنالك إنقساما داخل إلاتحاد ألافريقي‬
‫بخصوص هذا ألامر وأن قبول إسرائيل كمراقب سوف يقسم الاتحاد ألافريقي ويصبح منظمتين ألاولى هي املناصرة‬
‫للقضية الفلسطينية والثانية هي املناصرة ملصلحتها دون وضع إعتبار للقضية الفلسطينية وهذا ما يرجح لدي‪ .‬وذكر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثامبيسا فلكودي كبير الباحثين في مركز حوارات إفريقيا وآسيا‪(:‬إن مستقبل إسرائيل سيكون مؤثرا كبير جدا في إفريقيا‬
‫ألنه في فترة صغيرة تمكنوا من إقناع دول مثل تشاد وكذلك رئيس الاتحاد إلافريقي موس ي فكي‪ ،‬وهذا يوضح على أن‬
‫إسرائيل نشطة ألنهم يضخون املال في إفريقيا ويؤكدون على أنهم موجودين في كل مكان ويؤثرون على الصحفيين‬
‫ً‬
‫ويقدمون الرش ى للسياسين ألن هنالك موازنة مخصصة لهذا العمل‪ ،‬حتى يتأكدوا من أن هذا املشروع يمض ي قدما‬
‫ً‬
‫خصوصا في دول مثل إثيوبيا‪ ،‬لكن الدول ألافريقية بدأت تدرك هذا ألامر وهو أن إسرائيل تسعي إلى انقسام داخل‬
‫الاتحاد إلافريقي‪ ،‬وإذا كان ألافارقة يرغبون أن يكون لديهم سياسة خارجية في التعامل مع التحديات الخارجية فإنه‬
‫من املهم أن يواصلوا العمل ككتلة واحدة‪ ،‬وما تقوم به إسرائيل هو تقسيم ألافارقة إلى معسكرين ألاول هو مناصر‬
‫لفلسطين وآخر مع تدخلها في أفريقيا‪ ،‬وإذ ما تمت مقاومة هذا الجهد فإننا نرى إفريقيا ككتلة واحدة)‪ 3‬يمكن القول‬
‫بأنه طاملا أن هنالك موازنة مخصصة لهذا الغرض فإن أفريقيا ضعيفة في مواجهة ذلك لكونها فقيرة من حيث استغالل‬
‫مواردها‪ ،‬كما أن إلسرائيل التقنيات واملال الالزم الستغاللها‪ .‬قرر الاتحاد الافريقي في يوم ألاحد املوافق ‪2122/2/6‬م‬
‫تعليق قرار منح إسرائيل صفة مراقب في املنظمة‪ ،‬وشكل لجنة من ‪9‬رؤساء دول لدراسة ألامر‪ ،‬تضم كال من‪(:‬الرئيس‬
‫الحالي السنغالي ماكي سال‪ ،‬والرئيس الجزائري عبد املجيد تبون ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا ورئيس رواندا‬

‫‪ 1.‬إلاسترجاع السبت‪2122/2/52‬م‪www.alhurra.com‬‬
‫ً‬
‫مساء‪.‬‬ ‫‪ . 2‬برنامج للقصة بقية على قناة الجزيرة بتاريخ بتاريخ ‪2122/2/9‬م الساعة الثامنة‬
‫‪ . 3‬برنامج للقصة بقية على قناة الجزيرة بتاريخ بتاريخ ‪2122/2/9‬م الساعة الثامنة مساء‪ً.‬‬

‫‪171‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بيا)‪1.‬‬ ‫بول كاغامي ورئيس جمهورية الكنغو الديمقراطية فليكيس تشيسكيدي‪ ،‬والنيجيري محمد بخاري والكامرون بول‬
‫وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست إلاسرائيلية ‪ -‬تحدث لبيد مع نظرائة في توغو وبورندي‪(:‬بأنه يتعين على ثلثي ألاعضاء‬
‫في إلاتحاد ألافريقي البالغ عددهم ‪ 19‬أن يدعموا اقتراح إلغاء صفة املراقب‪ ،‬والوضع الذى يؤجل فيه التصويت سيكون‬
‫ً‬
‫أيضا في صالحنا)‪ 2‬وطاملا أنه تم تعليق قرار منح صفة مراقب وإرجاعه للجنة‪ ،‬ولكون التأجيل هو من مصلحة إسرائيل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لكون جهدها سوف يكون منصبا تجاهها بدال من تشتيت الجهد حول جميع دول املنظمة‪ ،‬وبما أن هنالك موازنة‬
‫ً‬
‫مخصصة لهذا الغرض فإنه من الصعب على هذه الدول إستمرار تعليق القرار ‪ ،‬وأيضا لكون اللجنة املذكورة املكونة‬
‫ً‬
‫من سبعة دول واحدة فقط ال تربطها عالقات مع إسرائيل وهي الجزائر وبقية الدول مطبعة‪ ،‬إذا يمكن لهذه اللجنة أن‬
‫تتخذ قرارها بالتصوت باألغلبية‪ ،‬الش يء الذى قد تجد الجزائر فيه نفسها وحيدة أو تكون معها جنوب إفريقيا ألنها‬
‫ً‬
‫أيضا تصف النظام إلاسرائيلي بالعنصري على الرغم من احتفاظها بعالقات دبلوماسية معها مما يرجح بقبول إسرائيل‬
‫مراقب في املستقبل القريب‪.‬‬

‫الخاتمة‬

‫يتضح مما سبق أن إلسرائيل استراتيجية ثابته تجاه إفريقيا وهي من أهم أولويات القادة إلاسرائيليين‪ ،‬وتتسم‬
‫بالديمومة والضبط وإلاحكام في تنفيذ بنودها‪ ،‬مع الاستفادة من الغياب شبة الكامل للنظام العربي في الساحة‬
‫ً‬
‫ألافريقية‪ ،‬والذي ظل مشغوال بقضاياه الداخلية‪ ،‬مما انعكس سلبا على مسار القضية الفلسطينية في املحافل الاقليمية‬
‫والدولية‪ .‬وبعد انتهاء الحرب الباردة وبروز ألاحادية القطبية بقيادة الواليات املتحدة ألامريكية مركز القرار العالمي‪ ،‬فإن‬
‫هذا الوضع أعطى أفضلية إلسرائيل للتحول إلى قوة كبرى باملنطقة لتنفيذ استراتيجيتها في كافة محاورها وابعادها‬
‫السياسية والاقتصادية والامنية‪ .‬وهذه إلاستراتيجية تصب لتحقيق ألامن القومي إلاسرائيلي فتحاول جاهدة لخلق‬
‫تعامالت مع ألانظمة الحاكمة بتقديم املساعدات وتطبيقات التجسس وكذلك تقوم بدعم حركات التحرر الوطني‪ ،‬وكل‬
‫ذلك ألجل أن تضغط على ألانظمة الحاكمة ألجل تحقيق مصلحتها‪.‬‬

‫‪.1‬الاسترجاع‪2122/2/50 :‬م ‪.arabi-sputniknews-com.cdn .‬‬


‫‪ . 2‬إلاسترجاع‪2122/2/59:‬م ‪m.jpost.com‬‬
‫‪172‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مبادئ وطرق إبرام الصفقات العمومية باملغرب‬


‫امراني علوي حافظ‪ :‬باحث في القانون الخاص وخريج الكلية املتعددة التخصصات بالرشيدية‪ ،‬املغرب‬

‫‪alaouihafid130@gmail.com‬‬

‫ملخص البحث‪:‬‬

‫يهدف هذا البحث الى دراسة مبادئ وطرق ابرام الصفقات العمومية باعتبارها من العقود إلادارية املهمة‪ ،‬فالعقد إلاداري بقدر ما‬
‫يتيح لألطراف املتعاقدة حقوقا ينتج ويترتب عنه مجموعة من الالت‪،‬امات املتبادلة التي يتم التنصيص عليها في العقد أو في دفتر التحمالت‪،‬‬
‫وفي هذا الصدد حاولنا في البداية من خالل دراستنا للموضوع الوقوف على تعريف الصفقات العمومية مع ذكر أهم املبادئ املؤطرة إلبرام‬
‫الصفقات العمومية‪ ،‬ثم بعد ذلك قمنا بذكر أهم طرق ابرام الصفقات العمومية والتي تتفرع الى نوعين فهي اما طرق عادية مثل طلب‬
‫العروض ومسطرة املباراة ‪ ،‬أو استثنائية مثل الصفقات التفاوضية و سندات الطلب واملصادقة على الصفقات العمومية ثم في ألاخير‬
‫قدمنا استنتاجات وتوصيات تساهم في معالجة الصعوبات التي تعيق ابرام هذه الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الصفقات العمومية‪ ،‬طرق ابرام الصفقات العمومية‪ ،‬طلب العروض‪ ،‬مسطرة املباراة‪ ،‬الصفات التفاوضية‪،‬‬
‫سندات الطلب‪ ،‬املصادقة على الصفقات العمومية‪.‬‬

‫‪Principles and methods of concluding public deals in Morocco‬‬


‫‪Abstract :‬‬

‫‪This research aims to study the principles and methods of concluding public deals, as they are among the important‬‬
‫‪administrative contracts. The administrative contract, in so far as it provides the contracting parties with rights, produces and‬‬
‫‪entails a set of reciprocal obligations that are stipulated in the contract or in the book of assumptions ,and in this regard, we‬‬
‫‪tried at the beginning through our study The topic is to determine the definition of public deals with mentioning the most‬‬
‫‪important principles framing the conclusion of public deals, then after that, we have mentioned the most important methods‬‬
‫‪of concluding public deals, which are divided into two types Finally, we presented conclusions and recommendations that‬‬
‫‪contribute to addressing the difficulties that hinder the conclusion of these public deals.‬‬

‫‪Key terms : public deals, methods of concluding public deals, request for proposals, match ruler, negotiating‬‬
‫‪characteristics, demand bonds, approval of public deals.‬‬

‫مقدمة‬

‫تعتبر الصفقات العمومية من أهم العقود إلادارية ألاكثر تداوال الى جانب العقود ألاخرى فقد تم اصدار مرسوم‬
‫الصفقات العمومية في ‪ 21‬مارس ‪ 2150‬ويأتي ذلك في إطار تن‪،‬يل مقتضيات دستور ‪ 2155‬املرتكزة على أساس الشفافية‬
‫ُ‬
‫والنجاعة في تدبير ألاموال العمومية والصفقات العمومية من العقود القديمة وليست وليدة اللحظة وتعرف الصفقات‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫العمومية تشريعيا بأنها العقود التي تبرمها املنشآت أو الدول أو البلديات لتنفيذ خدمات أو مجموعة من التوريدات أو‬
‫ً ُ‬ ‫عدة أشغال ً‬
‫شروط قانونية‪ ،‬أما قضائيا تعرف الصفقات العمومية بأنها عقود تربط بين الدول وأدوات أداء‬
‫ٍ‬ ‫بناء على‬
‫الخدمات أو تنفيذ املشروعات‪ 1‬وهي تنقسم من حيث طرق ابرامها الى قسمين طرق عادية أو طرق استثنائية والصفقات‬

‫‪ 1‬مقال حول طرق ابرام الصفقات العمومية منشور في املوقع الالكتروني‪ ، /https://mawdoo3.com :‬تم الدخول يوم ‪ ،2125/15/16‬على الساعة ‪.21:98‬‬
‫‪173‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫العمومية حسب املادة ‪ 9‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪ 21501‬يراد بها أنها عقود بعوض تبرم بين صاحب مشروع من جهة‬
‫وشخص ذاتي أو اعتباري من جهة أخرى يدعى مقاوال أو موردا أو خدماتي‪ ،‬وتهدف إلي تحديد أشغال أو تسلم توريد أو‬
‫القيام بخدمات ومن أجل تحليل ومناقشة املوضوع سأقوم أوال بالتطرق الى املبادئ املؤطرة إلبرام الصفقات العمومية‬
‫ثم ثانيا الى طرق ابرام الصفقات العمومية ‪.‬‬

‫إشكالية البحث‬

‫لقد تشعبت عن ابرام العقود إلادارية ظهور الصفقات العمومية كنموذج يحتذى به واملبادئ املؤطرة لها ثم‬
‫طرق ابرامها ومن هذا املنطلق سأقوم بطرح إلاشكاليات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬الى أي حد استطاع املشرع املغربي تنظيم املبادئ املؤطرة إلبرام الصفقات العمومية؟‬

‫‪ ‬ماهي أهم طرق ابرام هذه الصفقات العمومية؟‬

‫و لتحليل املوضوع سأقوم بتقسيمة الى مبحثين‪:‬‬

‫‪ ‬املبحث ألاول‪ :‬املبادئ املؤطرة إلبرام الصفقات العمومية‬

‫‪ ‬املبحث الثاني‪ :‬طرق ابرام الصفقات العمومية‬

‫املبحث ألاول‪ :‬املبادئ املؤطرة إلبرام الصفقات العمومية‬


‫من أهم املبادئ املؤطرة إلبرام الصفقات العمومية الواردة في املرسوم املنظم للصفقات العمومية نجد أن أول‬
‫مرحلة هي نشر البرامج التوقعية لالقتناءات السنوية‪ ،‬ثم اعالنات الصفقات العمومية‪ ،‬إضافة لتكريس قاعدة عمومية‬
‫هي جلسات تقييم العروض‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬نشر البرامج التوقعية لالقتناءات السنوية وإلاعالن عن الصفقة‬

‫أوال‪ :‬نشر البرامج التوقعية لالقتناءات السنوية‬


‫طبقا ملقتضيات املادة ‪ 259‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪ ،2150‬يتعين على صاحب املشروع في بداية كل سنة مالية‬
‫وقبل متم الثالثة أشهر ألاولى منها على أبعد تقدير‪ ،‬نشر البرنامج التوقعي للصفقات التي يعت‪،‬م ابرامها برسم السنة‬
‫املالية املعنية‪ ،‬في جريدة ذات توزيع وطني على ألاقل‪ ،‬وفي البوابة املخصصة للصفقات العمومية‪ 3،‬فإقرار قاعدة نشر‬
‫البرامج التوقعية عند بداية كل سنة مالية ‪ ،‬وبالتالي إلغاء عنصر املفاجئة الذي يطبع تدبير الصفقات العمومية‪،‬‬
‫فسابقا لم يكن متاحا معرفة الصفقات املزمع إبرامها من طرف إلادارات العمومية إال وقت نشر إعالن الدعوة الى‬
‫املنافسة املتعلق بكل صفقة على حدة في الجرائد الوطنية وفي سياق حديثنا على نشر البرامج التوقعية نصت املادة‬
‫السالف ذكرها على‪:‬‬

‫‪ 1‬يونس وحالوا‪ " :‬نظام الصفقات العمومية على ضوء مرسوم ‪ 21‬مارس ‪ ،"2150‬دراسة تحليلية لطرق إلابرام‪ ،‬مجلة العلوم القانونية العدد ‪ ،2159‬ص‪.94 :‬‬
‫‪ 2‬مرسوم رقم ‪ 2.52.094‬صادر في ‪ 8‬جمادى ألاولى ‪ 21( 5909‬مارس ‪ ،)2150‬يتعلق بالصفقات العمومية‪ ،‬ثم نشره في الجريدة الرسمية رقم ‪ 6591‬بتاريخ ‪ 9‬أبريل‬
‫‪.2150‬‬
‫‪ 3‬عبد الكريم حيضرة‪ " :‬القانون إلاداري املغربي النشاط إلاداري "‪ ،‬مكتبة املعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2159‬ص‪.561 :‬‬
‫‪174‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫يتعين على صاحب املشروع في بداية كل سنة مالية وقبل متم الثالثة أشهر ألاولى منها على أبعد تقدير‪ ،‬نشر‬
‫البرنامج التوقعي للصفقات التي يعت‪،‬م إبرامها برسم السنة املالية املعنية‪ ،‬في جريدة ذات توزيع وطني على ألاقل‪ ،‬وفي‬
‫بوابة الصفقات العمومية‪ .‬ويمكن لصاحب املشروع أيضا القيام بنشر هذا البرنامج بكل وسيلة أخرى للنشر وال سيما‬
‫بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫يجب على صاحب املشروع أن يعرض البرنامج التوقعي للصفقات في مقاره طيلة مدة ثالثين (‪ )01‬يوما على‬
‫ألاقل‪.‬‬

‫يمكن نشر برامج توقعية تعديلية أو تكميلية بعد هذا التاريخ عند الحاجة وفق الشروط املقررة أعاله‪.‬‬

‫يتضمن البرنامج التوقعي‪ ،‬على الخصوص‪ ،‬إلاشارة إلى موضوع الدعوة إلى املنافسة وطبيعة العمل ومكان التنفيذ‬
‫وطريقة إلابرام املزمع اعتمادها والفترة الزمنية املتوقعة لنشر إلاعالن عن الدعوة إلى املنافسة املتعلق بالصفقات التي‬
‫يعت‪،‬م صاحب املشروع طرحها برسم السنة املالية املعنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬إلاعالن عن الصفقة‬

‫يهدف هذا املبدأ الى السماح ألكبر عدد من ألافراد لالطالع على الصفقة املزمع تنظيمها وتمكين إلادارة من‬
‫توسيع دائرة استفادتها من العروض املقدمة من طرف املتنافسين وذلك الختيار العرض املناسب من حيث الثمن‬
‫والجودة‪ ،‬وقد جاءت املادة ‪ 51‬من مرسوم الصفقات العمومية سنة ‪ 2150‬لتوضيح مجموعة من ألامور نذكر منها‪:‬‬

‫هدف طلب إبداء الاهتمام إلى تمكين صاحب املشروع من تحديد املتنافسين املحتملين‪ ،‬قبل الشروع في الدعوة‬
‫إلى املنافسة‪.‬‬

‫عندما يقرر صاحب املشروع اللجوء إلى مسطرة طلب إبداء الاهتمام‪ ،‬يكون هذا الطلب موضوع إعالن ينشر في‬
‫جريدة ذات توزيع وطني على ألاقل وفي بوابة الصفقات العمومية ملدة يحددها صاحب املشروع‪.‬‬

‫يتضمن إعالن طلب إبداء الاهتمام على وجه الخصوص‪ :‬موضوع العمل املراد إنجازه‪ ،‬الوثائق التي يجب إلادالء‬
‫بها من طرف املتنافسين‪ ،‬مكان سحب امللفات‪ ،‬مكان استالم الترشيحات‪ ،‬التاريخ ألاقص ى الستالم الترشيحات‪.‬‬

‫وال يجوز أن يؤدي طلب إبداء الاهتمام إلى حصر عدد املتنافسين‪ ،‬كما ال يمنح طلب إبداء الاهتمام أي حق‬
‫للمتنافسين املحتملين‪ ،‬وال يبرر اللجوء إلى املسطرة التفاوضية أو طلب العروض املحدود إال إذا توفرت شروط اللجوء‬
‫إلى هاتين املسطرتين‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬عمومية جلسات فحص العروض‬

‫تتم جلسات فحص العروض بشكل عمومي أمام املتنافسين الذين تقدموا بعروضهم وممثلو إلادارة املبرمة‬
‫للصفقة فطبقا ملقتضيات املادة ‪ 06‬من مرسوم الصفقات العمومية نجد أنه تم التنصيص على مجموعة من املراحل‬
‫وهي كالتالي‪:‬‬

‫‪ -1‬تكون جلسة فتح أظرفة املتنافسين عمومية‪.‬‬

‫وتنعقد هذه الجلسة في املكان واليوم والساعة املحددة في نظام الاستشارة‪ ،‬وإذا صادف هذا اليوم يوم عيد أو‬
‫عطلة‪ ،‬ينعقد الاجتماع في نفس الساعة من يوم العمل املوالي‪.‬‬
‫‪175‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -2‬يفتتح رئيس اللجنة الجلسة ويدعو املتنافسين الحاضرين الذين لم يودعوا أظفرتهم بعد أن يسلموها على‬
‫الفور‪ ،‬ويدعو بعد ذلك املتنافسين الذين انتبهوا إلى أن ملفاتهم غير كاملة إلى إلادالء بالوثائق الناقصة في غالف مغلق‬
‫يوضح طبيعة الوثائق الناقصة ويحصر نهائيا الئحة ألاظرفة التي تم التوصل بها‪ ،‬ال يقبل أي إيداع أو سحب لألظرفة‬
‫أو تكملة وثائق بعد استيفاء هذه الشكلية و يتأكد رئيس اللجنة من وجود ألاعضاء الذين يعتبر حضورهم إجباريا‪.‬‬

‫وفي حالة غياب أحد هؤالء ألاعضاء وبعد القيام بالشكليات املشار إليها في الفقرة ألاولى من هذا البند يدعو‬
‫الرئيس ألاعضاء الحاضرين للتوقيع باألحرف ألاولى على ألاظرفة التي تم التوصل بها في آن واحد على طية الغالف وعلى‬
‫ألاجزاء التي تلصق عليها‪ ،‬ويجب أن تبقى هذه ألاظرفة مغلقة وموضوعة في مكان آمن إلى حين فتحها‪.‬‬

‫يؤجل الرئيس جلسة فتح ألاظرفة بثمان وأربعين (‪ )98‬ساعة ويخبر املتنافسين وأعضاء اللجنة باملكان والتاريخ‬
‫والساعة املقررة الستئناف الجلسة العمومية لفتح ألاظرفة‪ .‬ويطلب من صاحب املشروع دعوة العضو أو ألاعضاء‬
‫املتغيبين كتابة مع تحديد املكان أو التاريخ والساعة املقررة الستئناف الجلسة العمومية لفتح ألاظرفة‪.‬‬

‫‪ -3‬يسلم الرئيس بعد ذلك‪ ،‬أو عند استئناف الجلسة في حالة التأجيل املقرر أعاله‪ ،‬إلى أعضاء اللجنة املستند‬
‫املكتوب الذي يتضمن الثمن التقديري لكلفة ألاعمال املعد طبقا للمادة ‪ 1‬أعاله‪ .‬يوقع أعضاء اللجنة باألحرف ألاولى‬
‫على جميع صفحات املستند املذكور أعاله‪ .‬ويجب أن يحفظ الرئيس هذا املستند مع ملف طلب العروض‪.‬‬

‫‪ -4‬يعلن الرئيس‪ ،‬بصوت عال‪ ،‬عن التجربتين ومراجع النشر في بوابة الصفقات العمومية‪ ،‬وعند الاقتضاء‪،‬‬
‫املستندات ألاخرى التي تم نشر إعالن طلب العروض فيها‪.‬‬

‫‪ -5‬يطلب الرئيس من أعضاء اللجنة إبداء تحفظاتهم أو مالحظاتهم حول العيوب املحتملة التي قد تشوب‬
‫املسطرة‪ .‬ولهذه الغاية‪ ،‬يتأكد من صحة هذه التحفظات أو املالحظات‪ ،‬ويختم املسطرة ويخبر بصوت عال املتنافسين‬
‫بذلك‪ .‬وإذا اعتبر الرئيس أن هذه التحفظات أو املالحظات غير صحيحة‪ ،‬يطلب مواصلة املسطرة تحت مسؤوليته‬
‫وتدوين التحفظات أو املالحظات في محضر الجلسة‪.‬‬

‫‪ -6‬يفتح الرئيس أظرفة املتنافسين ويتحقق من وجود ألاغلفة املشار إليها في املادة ‪ 24‬أعاله‪.‬‬

‫‪ -7‬يفتح الرئيس بعد ذلك الغالف الذي يحمل عبارة "امللفان إلاداري والتقني" ويعلن‪ ،‬بصوت عال‪ ،‬عن الوثائق‬
‫املضمنة في ملف كل متنافس ويضع قائمة بذلك‪.‬‬

‫بعد استيفاء هذا إلاجراء‪ ،‬تختتم الجلسة العمومية وينسحب العموم واملتنافسون من القاعة‪.‬‬

‫‪ -8‬تتابع اللجنة أشغالها في جلسة مغلقة وتقوم بفحص وثائق امللف إلاداري املشار إليها في الفقرة ‪ 5‬من البند‬
‫ألف أوال من املادة ‪ 21‬أعاله‪ ،‬وامللف التقني وامللف إلاضافي عند الاقتضاء‪ ،‬وتقص ي اللجنة‪:‬‬

‫أ) املتنافسين الذين ال يتوفرون على الشروط املطلوبة املحددة في املادة ‪ 29‬أعاله‪.‬‬

‫ب) املتنافسين الذين لم يتقيدوا بمقتضيات البند ‪ )2‬من املادة ‪ 24‬أعاله فيما يتعلق بتقديم ملفاتهم‪.‬‬

‫ج) املتنافسين الذين لم يقدموا الوثائق املطلوبة‪.‬‬

‫د) املتنافسين املمثلين بنفس الشخص في إطار الصفقة‪.‬‬

‫‪176‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ه) املتنافسين الذين قدموا إيصاالت الضمان املؤقت أو شهادة الكفالة الشخصية والتضامنية التي تقوم‬
‫مقامه عندما يكون مطلوبا‪ ،‬غير أصلية‪ ،‬أو الذي ال يتطابق موضوعه مع موضوع طلب العروض أو الذي يكون‬
‫مبلغه أقل من املبلغ املطلوب أو الذي يتضمن تحفظات أو قيودا‪.‬‬

‫و) املتنافسين الذين تبين أن مؤهالتهم املالية والتقنية غير كافية بالنظر إلى املقاييس الواردة في نظام‬
‫الاستشارة املقرر في املادة ‪ 58‬أعاله‪.‬‬

‫‪ -9‬إذا الحظت اللجنة وجود أخطاء مادية أو عدم تطابق وثائق امللف إلاداري‪ ،‬تقبل عرض املتنافس املعني على‬
‫أن تدرج التصحيحات الضرورية طبقا للشروط املقررة في املادة ‪ 91‬بعده‪.‬‬

‫‪ -10‬تستأنف الجلسة العمومية‪ ،‬ويتلو الرئيس الئحة املتنافسين املمكن قبولهم دون إلافصاح عن أسباب‬
‫إقصاء املتنافسين املبعدين‪.‬‬

‫ويرجع الرئيس‪ ،‬مقابل إبراء‪ ،‬إلى املتنافسين الحاضرين الذين تم إقصاؤهم‪ ،‬ملفاتهم دون فتح ألاغلفة التي‬
‫تتضمن العرضين التقني واملالي ويدعوهم‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬إلى استعادة العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية‬
‫أو البيانات املوجزة أو الوثائق التقنية باستثناء الوثائق التي كانت سبب في إقصاء هؤالء املتنافسين طبقا للمادة ‪99‬‬
‫أدناه‪.‬‬

‫‪ -11‬عندما ال يتم اشتراط تقديم عرض تقني أو عرض بديل أو إيداع عينات‪ ،‬تواصل اللجنة أشغالها وتقوم‬
‫بفتح وفحص العروض املالية للمتنافسين املقبولين طبقا للشروط املنصوص عليها في املادتين ‪ 04‬و‪ 91‬بعده‪.‬‬

‫‪ -12‬عندما يتم اشتراط إيداع عينات أو نماذج مصغرة أو وثائق وصفية أو بيانات موجزة أو وثائق تقنية أخرى‬
‫و ‪/‬أو تقديم عرض تقني يتضمن أو ال يتضمن عرضا بديال‪:‬‬

‫أ) يفتح الرئيس‪ ،‬بحسب الحالة‪ ،‬ألاغلفة املحتوية على الوثائق الوصفية أو البيانات املوجزة أو الوثائق‬
‫التقنية ألاخرى و‪/‬أو ألاغلفة املتضمنة للعروض التقنية للمتنافسين املقبولين‪ .‬ويعلن عن الوثائق التي يحتوي‬
‫عليها كل غالف‪.‬‬

‫ب) يوقع أعضاء اللجنة باألحرف ألاولى على ألاغلفة املتضمنة للعروض املالية للمتنافسين في آن واحد على‬
‫طية الغالف وعلى ألاجزاء التي تلصق عليها‪ .‬ويجب أن تبقى هذه ألاغلفة مغلقة وموضوعة في مكان آمن إلى حين‬
‫فتحها طبقا للشروط املبينة في املادة ‪ 04‬بعده‪.‬‬

‫ج) يحدد الرئيس‪ ،‬بتشاور مع أعضاء اللجنة‪ ،‬بحسب الحالة‪ ،‬تاريخ وساعة‪:‬‬

‫جلسة فحص العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية أو البيانات املوجزة أو الوثائق التقنية ألاخرى‪،‬‬
‫عند الاقتضاء‪ ،‬و‪/‬أو العرض التقني ضمن الشروط املقررة في املادتين ‪ 09‬و‪ 08‬بعده ثم يتم استئناف الجلسة‬
‫العمومية ويبلغهما إلى املتنافسين والعموم الحاضرين‪.‬‬

‫‪ -13‬بعد استيفاء هذا إلاجراء‪ ،‬تختتم الجلسة العمومية وينسحب املتنافسون والعموم من القاعة‪.‬‬

‫‪-14‬في نهاية هذه الجلسة‪ ،‬يطلب الرئيس من صاحب املشروع القيام بعرض التاريخ والساعة املتفق عليهما لعقد‬
‫الجلسة العمومية املقبلة في مقاره‪.‬‬

‫‪177‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وبعد فحص وثائق امللف إلاداري وامللف التقني وامللف إلاضافي عند الاقتضاء‪ ،‬تجتمع لجنة طلب العروض في‬
‫جلسة مغلقة لفحص العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية أو البيانات املوجزة أو الوثائق التقنية ألاخرى التي‬
‫استوجب نظام الاستشارة تقديمها للمتنافسين املقبولين وحدهم ويجوز للجنة قبل اتخاذ قرارها‪ ،‬عند الاقتضاء‪،‬‬
‫استشارة كل خبير أو تقني أو تشكيل لجنة فرعية لتقييم الجودة التقنية للعينات أو النماذج املصغرة أو للوثائق الوصفية‬
‫أو للبيانات املوجزة أو للوثائق التقنية ألاخرى وتضمن استنتاجاتهم في تقارير يعدونها ويوقعون عليها‪ ،‬ويجوز أيضا أن‬
‫تطلب كتابة من متنافس أو أكثر تقديم توضيحات بشأن العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية أو البيانات‬
‫املوجزة أو الوثائق التقنية ألاخرى املقدمة‬

‫وتحصر اللجنة الئحة املتنافسين الذين تقدموا بعينات أو نماذج مصغرة أو وثائق وصفية أو بيانات موجزة أو‬
‫وثائق تقنية أخرى تستجيب للمواصفات املطلوبة‪ .‬تحصر كذلك الئحة املتنافسين الذين يتعين إقصاء عروضهم مع‬
‫بيان النقائص التي تمت معاينتها في العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية أو البيانات املوجزة أو الوثائق‬
‫التقنية ألاخرى املقدمة‪ ،‬وتحرر محضرا عن أشغالها يوقعه الرئيس وأعضاء اللجنة بعد ذلك تستدعي اللجنة املتنافسين‬
‫املبعدين لسحب العينات أو النماذج املصغرة أو الوثائق الوصفية أو البيانات املوجزة أو الوثائق التقنية ألاخرى الخاصة‬
‫بهم‪.1‬‬

‫بعد ذلك تحرر لجنة طلب العروض خالل الجلسة‪ ،‬محضرا عن كل اجتماع من اجتماعاتها وال يتم نشر هذا‬
‫املحضر أو تبليغه إلى املتنافسين ويبين الثمن التقديري الذي وضعه صاحب املشروع ويسجل‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬املالحظات‬
‫أو الاعتراضات املقدمة خالل عمليات فحص العروض من طرف ألاعضاء أو من قبل املتنافسين وكذا رأي اللجنة حول‬
‫هذه املالحظات أو الاعتراضات‪ ،‬ويبين هذا املحضر كذلك أسباب إقصاء املتنافسين املبعدين‪ ،‬والعناصر الدقيقة التي‬
‫اعتمدت عليها اللجنة لتقترح على السلطة املختصة قبول العرض الذي تراه ألافضل على أساس املقاييس الواردة في‬
‫نظام الاستشارة ويوقع هذا املحضر‪ ،‬خالل الجلسة من طرف الرئيس وأعضاء اللجنة ‪ ،‬ويرفق محضر جلسة فحص‬
‫العروض‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬بكل تقرير تم إعداده وتوقيعه بصورة قانونية تحت مسؤولية أعضاء اللجنة الفرعية أو‬
‫الخبير أو التقني املعين من لدن لجنة طلب العروض ينشر ببوابة الصفقات العمومية مستخرج من املحضر‪ ،‬ويلصق‬
‫بمقار صاحب املشروع داخل ألاربعة وعشرين (‪ )29‬ساعة املوالية لتاريخ انتهاء أشغال اللجنة وذلك ملدة خمسة عشر‬
‫(‪ )51‬يوما على ألاقل‪.2‬‬

‫وفي ألاخير بعد الانتهاء من عملية فحص العروض تأتي املرحلة النهائية حيث تقوم إلادارة املبرمة للصفقة بإخبار‬
‫صاحب املشروع املتنافس نائل الصفقة بقبول عرضه برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل‪ ،‬أو بواسطة فاكس مع‬
‫إثبات الوصول أو بأية وسيلة أخرى لالتصال تعطي تاريخا مؤكدا‪ .‬ويجب أن توجه إليه هذه الرسالة في أجل ال يتعدى‬
‫خمسة (‪ )11‬أيام ابتداء من تاريخ انتهاء أشغال اللجنة ويخبر كذلك‪ ،‬في نفس ألاجل‪ ،‬املتنافسين الذين تم إقصاؤهم‬
‫برفض عروضهم مع ذكر أسباب إبعادهم وذلك بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل‪ ،‬وترفق هذه الرسالة‬
‫بالوثائق املضمنة في ملفاتهم ثم يحتفظ صاحب املشروع‪ ،‬ملدة خمس (‪ )11‬سنوات على ألاقل‪ ،‬بالعناصر التي كانت‬
‫سببا في إقصاء املتنافسين‪ ،‬باستثناء أصل وصل الضمان املؤقت أو شهادة الكفالة الشخصية والتضامنية التي تقوم‬
‫مقامه أو العينات أو النماذج املصغرة‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬التي ترجع إلى املتنافسين الذين تم إقصاؤهم في أجل خمسة‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 09‬من مرسوم الصفقات العمومية السالف ذكره‪.‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 90‬من مرسوم الصفقات العمومية السالف ذكرها‪.‬‬
‫‪178‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫(‪ )11‬أيام وال يمكن أن يطالب أي متنافس بتعويض إذا لم يقبل عرضه وال يجوز للسلطة املختصة أن تغير الاختيار‬
‫الذي أقرته لجنة طلب العروض‪.1‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬طرق ابرام الصفقات العمومية‬


‫تعتبر طرق ابرام الصفقات العمومية من أهم الطرق املهمة في ابرام العقود إلادارية وهي تنقسم الى نوعين‬
‫طرق عادية وطرق استثنائية وسنقوم بتحليل ومناقشة كال الطريقتين كل على حدة‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬الطرق العادية إلبرام الصفقات العمومية‬


‫تعتبر الطرق العادية إلبرام الصفقات العمومية من الطرق ألاكثر تداوال ودقة فهي تساهم في تحقيق الشفافية‬
‫واملساواة بين ألاطراف املتنافسة وقد عمد مرسوم الصفقات العمومية الى حصر الطرق العادية إلبرام الصفقات‬
‫العمومية في طلب العروض ومسطرة املباراة‪.‬‬

‫أوال‪ :‬طلب العروض‬


‫يمكن تعريف مسطرة طلب العروض على أنها عبارة عن أسلوب أو وسيلة لفتح املجال أمام أكبر عدد من‬
‫املتنافسين بهدف تنفيذ أشغال أو تسليم توريدات أو القيام بخدمات لصالح الدولة وذلك شريطة احترام مجموعة من‬
‫إلاجراءات القانونية والتنظيمية وتعد هذه الطريقة ألاكثر وضوحا ودقة في تحقيق الشفافية في اختيار صاحب املشروع‪،‬‬
‫وتحقيق املساواة بين املتنافسين في الوصول إلى الطلبات العمومية‪ ،‬إضافة إلى خلق أكبر قدر من املنافسة ضمانا‬
‫للشرعية والن‪،‬اهة‪.2‬‬

‫وينقسم طلب العروض الى عدة أنواع فقد يكون مفتوحا أو محدودا وباالنتقاء املسبق‪:‬‬

‫‪ .1‬طلب العروض املفتوح‪ :‬وهو طلب يكون مفتوحا عندما يمكن لكل متنافس الحصول على ملف الاستشارة‬
‫وتقديم ترشيحه بدون تميي‪ ،‬شريطة التوفر على الشروط القانونية الكافية‪.3‬‬

‫ويقوم طلب العروض املفتوح على مجموعة من املبادئ هي كاالتي‪:‬‬

‫‪ -1‬يخضع طلب العروض املفتوح أو املحدود للمبادئ التالية‪:‬‬

‫أ) دعوة إلى املنافسة‬

‫ب) فتح ألاظرفة في جلسة عمومية‬

‫ج) فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 99‬من مرسوم الصفقات العمومية السالف ذكره‪.‬‬


‫‪ 2‬مقال حول " طرق ابرام الصفقات العمومية "‪ ،‬منشور في املوقع الالكتروني‪ ، /https://boubidi.blogspot.com :‬تم الاطالع عليه‪ ،‬يوم ‪ ،2125/15/19‬على الساعة‬
‫‪.20:10‬‬
‫‪ 3‬املادة ‪ 56‬من مرسوم الصفقات العمومية السالف دكره‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫د) اختيار العرض ألاكثر أفضلية من طرف لجنة طلب العروض الواجب اقتراحه على صاحب املشروع‪.‬‬

‫ه) وجوب قيام صاحب املشروع الذي يجري طلب العروض بتبليغ الثمن التقديري املنصوص عليه في‬
‫املادة ‪ 1‬أعاله إلى أعضاء لجنة طلب العروض‪ .‬ويجب أن يتم هذا التبليغ طبق الشروط الواردة في املادة ‪06‬‬
‫أدناه‪.‬‬

‫‪ -2‬ال يجوز إبرام صفقات بطلب عروض محدود إال بالنسبة لألعمال التي ال يمكن تنفيذها إال من طرف‬
‫عدد محدود من املقاولين أو املوردين أو الخدماتيين‪ ،‬اعتبارا لطبيعتها وخصوصيتها ولألهمية الكفاءات واملوارد‬
‫الواجب تسخيرها والوسائل واملعدات التي يتعين استعمالها‪ ،‬على أن يقل مبلغ هذه ألاعمال من مليوني‬
‫(‪ )2.111.111‬درهم مع احتساب الرسوم‪.‬‬

‫يجب على صاحب املشروع أن يستشير ثالثة (‪ )0‬متنافسين على ألاقل يوسعهم الاستجابة على أحسن وجه‬
‫للحاجات املراد تلبيتها‪.‬‬

‫يتطلب اللجوء إلى طلب العروض املحدود إعداد شهادة إدارية من طرف السلطة املختصة أو من طرف آلامر‬
‫بالصرف املساعد توضح ألاسباب التي أدت إلى اختيار هذه املسطرة‪.‬‬

‫‪-3‬يمكن أن يكون طلب العروض" بتخفيض أو بزيادة" أو "بعروض أثمان"‪.‬‬

‫بالنسبة لطلبات العروض "بتخفيض" أو "بزيادة" يوقع املتنافسون الت‪،‬اما بإنجاز ألاشغال أو الخدمات أو تسليم‬
‫التوريدات التي يقدر صاحب املشروع ثمنها عن طريق تخفيض (أو زيادة) يعبر عنها بنسبة مئوية أما بالنسبة لطلبات‬
‫العروض "بعروض أثمان"‪ ،‬ال يبين ملف طلب العروض للمتنافسين إال طبيعة وأهمية ألاشغال أو التوريدات أو الخدمات‬
‫التي يقترح املتنافسون أثمانها ويحصرون املبلغ النهائي لعروضهم‪.1‬‬

‫بعدها تأتي مرحلة اشهار طلب العروض املفتوح فطبقا ملقتضيات املادة ‪ 21‬نجدها نصت على ما يلي‪:‬‬

‫أ‪ -‬كل طلب عروض مفتوح يجب أن يكون موضوع إعالن يبين ما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬موضوع طلب العروض مع بيان مكان التنفيذ عند الاقتضاء‪.‬‬

‫‪ ‬صاحب املشروع الذي يجري طلب العروض‪.‬‬

‫‪ ‬مكتب أو مكاتب صاحب املشروع وعنوانه حيث يمكن سحب ملف طلب العروض‪.‬‬

‫‪ ‬مكتب صاحب املشروع وعنوانه حيث يمكن إيداع أو توجيه العروض‪.‬‬

‫‪ ‬املكان واليوم والساعة املحددة النعقاد جلسة فتح ألاظرفة‪ ،‬مع إلاشارة إلى إمكانية تسليم املتنافسين‬
‫ألظرفتهم مباشرة إلى رئيس لجنة طلب العروض عند افتتاح الجلسة‪.‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 59‬من مرسوم الصفقات العمومية السالف دكره‪.‬‬


‫‪180‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬إلاحالة إلى مادة نظام الاستشارة التي تحدد الئحة الوثائق املثبتة الواجب على كل متنافس إلادالء‬
‫بها‪.‬‬

‫‪ ‬مبلغ الضمان املؤقت عندما يكون هذا الضمان مطلوب‪.‬‬

‫‪ ‬تقدير كلفة ألاعمال املعد من طرف صاحب املشروع وعند الاقتضاء‪ ،‬املكان واليوم والساعة القصوى‬
‫الستالم العينات والنماذج املصغرة والوثائق الوصفية والبيانات املوجزة‪.‬‬

‫‪ ‬تاريخ الاجتماع أو زيادة املواقع التي يعت‪،‬م صاحب املشروع تنظيمها لفائدة املتنافسين‪ ،‬وعند‬
‫الاقتضاء‪ ،‬يجب أن يقع هذا التاريخ في الثلث الثاني من ألاجل الذي يسري بين تاريخ نشر إلاعالن في بوابة‬
‫الصفقات العمومية والتاريخ املقرر لفتح ألاظرفة‬

‫‪ ‬عند الاقتضاء‪ ،‬العنوان إلالكتروني للموقع املستعمل لنشر طلب العروض‬

‫‪ ‬ثمن اقتناء التصاميم و‪/‬أو الوثائق التقنية‪ ،‬عند الاقتضاء‪.‬‬

‫ب‪ -‬ينشر إلاعالن عن طلب العروض املفتوح في بوابة الصفقات العمومية وفي جريدتين توزعان على الصعيد‬
‫الوطني على ألاقل يختارهما صاحب املشروع‪ ،‬تكون إحداهما باللغة العربية وألاخرى بلغة أجنبية‪ .‬ينشر إلاعالن عن‬
‫طلب العروض املفتوح بلغة نشر كل من الجريدتين‪.‬‬

‫كما يمكن موازاة مع ذلك تبليغه إلى علم املتنافسين املحتملين وعند الاقتضاء إلى الهيئات املهنية عن طريق‬
‫إلادراج في نشرة إلاعالنات القانونية والقضائية وإلادارية بالجريدة الرسمية أو في نشرات متخصصة أو بأية وسيلة أخرى‬
‫لإلشهار وال سيما بطريقة إلكترونية‪.‬‬

‫حدد أجل إشهار إعالن طلب العروض املفتوح في الجريدتين وفي بوابة الصفقات في واحد وعشرين (‪ )25‬يوما‬
‫على ألاقل قبل التاريخ املحدد لجلسة فتح ألاظرفة‪ .‬ويسري هذا ألاجل ابتداء من اليوم املوالي لتاريخ نشر إلاعالن في‬
‫بوابة الصفقات العمومية وتاريخ نشره في ثاني جريدة صدرت‪.‬‬

‫يمدد أجل واحد وعشرين (‪ )25‬يوما املقرر أعاله‪ ،‬إلى أربعين (‪ )91‬يوما على ألاقل لصفقات ألاشغال املبرمة‬
‫لحساب الدولة والجهات والعماالت وألاقاليم والجماعات واملؤسسات العمومية التي يعادل أو يفوق مبلغها التقديري‬
‫ثالثة وستين مليون (‪ )60.111.111‬درهم دون احتساب الرسوم‪ ،‬لصفقات التوريدات والخدمات املبرمة لحساب الدولة‬
‫التي يعادل أو يفوق مبلغها التقديري مليون وستمائة ألف (‪ )5.611.111‬درهم دون احتساب الرسوم‪ .‬بالنسبة لصفقات‬
‫التوريدات والخدمات املبرمة لحساب املؤسسات العمومية والجهات والعماالت وألاقاليم والجماعات التي يعادل أو‬
‫يفوق مبلغها التقديري ثمانية ماليين وسبعمائة ألف (‪ )8.911.111‬درهم دون احتساب الرسوم‪.‬‬

‫ويمكن تغيير حدود هذه املبالغ بقرار للوزير املكلف باملالية بعد استطالع رأي لجنة الصفقات‪ .‬وعندما تكون‬
‫الصفقة مخصصة‪ ،‬يتم تقييم الحدود املشار إليها أعاله على أساس املبلغ الكلي لجميع الحصص املكونة للعمل‪.‬‬

‫‪ .2‬طلب العروض املحدود‪ :‬يكون عندما ال يسمح بتقديم العروض إال للمتنافسين الذين قرر صاحب املشروع‬
‫استشارتهم بحيث يتم الاقتصار على أشخاص معينين بعينهم فقط ويقوم طلب العروض املحدود على املبادئ السالف‬
‫دكرها في طلب العروض املفتوح طبقا ملقتضيات املادة ‪ 59‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪.2150‬‬

‫‪181‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أما مرحلة اشهار طلب العروض املحدود فتتمي‪ ،‬بمايلي‪:‬‬

‫يكون طلب العروض املحدود موضوع دورية مضمونة مع إشعار بالتوصل توجه في نفس اليوم إلى جميع‬
‫املتنافسين الذين يقرر صاحب املشروع استشارتهم‪.‬‬

‫وتتضمن هذه الرسالة الدورية البيانات التالية‪:‬‬

‫‪ ‬موضوع طلب العروض مع بيان مكان التنفيذ عند الاقتضاء‬

‫‪ ‬صاحب املشروع الذي يجري طلب العروض‬

‫‪ ‬مكتب أو مكاتب صاحب املشروع وعنوانه حيث يمكن سحب ملف طلب العروض‬

‫‪ ‬مكتب صاحب املشروع وعنوانه حيث يمكن إيداع أو توجيه العروض‬

‫‪ ‬املكان‪ ،‬اليوم‪ ،‬والساعة املحددة النعقاد الجلسة العمومية لفتح ألاظرفة‪ ،‬مع إلاشارة إلى إمكانية‬
‫تسليم املتنافسين ألظرفتهم مباشرة إلى رئيس لجنة طلب العروض عند افتتاح الجلسة‪.‬‬

‫‪ ‬مرجع مادة نظام الاستشارة التي تقرر الئحة الوثائق املثبتة التي يتعين على كل متنافس إلادالء بها‬

‫‪ ‬مبلغ الضمان املؤقت بالقيمة عندما يكون هذا الضمان مطلوبا‬

‫‪ ‬تقدير كلفة ألاعمال املعد من طرف صاحب املشروع وعند الاقتضاء‪ ،‬املكان واليوم والساعة‬
‫القصوى الستالم العينات والنماذج املصغرة والوثائق الوصفية والبيانات املوجزة‪.‬‬

‫‪ ‬تاريخ الاجتماع أو زيارة املواقع التي يعت‪،‬م صاحب املشروع تنظيمها لفائدة املتنافسين‪ ،‬وعند‬
‫الاقتضاء‪ ،‬يجب أن يقع هذا التاريخ في الثلث الثاني من ألاجل الذي يسري بين تاريخ نشر الرسالة‬

‫‪ ‬الدورية في بوابة الصفقات العمومية والتاريخ املقرر لفتح ألاظرفة‪.‬‬

‫‪ ‬ثمن اقتناء التصاميم أو الوثائق التقنية أو هما معا‪ ،‬عند الاقتضاء‪.‬‬

‫إضافة الى أنه يجب أن يتم توجيه الرسالة الدورية املذكورة بخمسة عشر (‪ )51‬يوما على ألاقل قبل التاريخ‬
‫املحدد لجلسة فتح ألاظرفة‪ ،‬ويسري هذا ألاجل ابتداء من اليوم املوالي لتاريخ توجيه الرسالة الدورية‪.‬‬

‫‪ .3‬طلب العروض باالنتقاء املسبق‪ :‬حسب املادة ‪ 56‬من املرسوم السالف الذكر فهي طريقة يتم الولوج اليها عندما ال‬
‫يسمح بتقديم العروض‪ ،‬بعد استشارة لجنة للقبول‪ ،‬إال للمتنافسين اللذين يتوفرون على املؤهالت الكافية ال سيما‬
‫من الناحية التقنية واملالية بحيث يمكن إبرام صفقات بناء على طلب عروض باالنتقاء املسبق عندما تتطلب ألاعمال‬
‫موضوع الصفقة‪ ،‬بحكم تعقدها أو طبيعتها الخاصة‪ ،‬القيام بانتقاء مسبق للمتنافسين في مرحلة أولى قبل دعوة‬
‫املقبولين منهم إليداع عروض في مرحلة ثانية‪.‬‬

‫يخضع طلب العروض باالنتقاء املسبق للمبادئ التالية‪:‬‬

‫‪ ‬دعوة إلى املنافسة‬

‫‪182‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬فتح الاظرفة في جلسة عمومية‬

‫‪ ‬فحص العروض من طرف لجنة طلب العروض باالنتقاء املسبق‬

‫‪ ‬اختيار العرض ألاكثر أفضلية من طرف لجنة طلب العروض باالنتقاء املسبق والواجب اقتراحه على صاحب‬
‫املشروع‬

‫‪ ‬وجوب قيام صاحب املشروع الذي يجري طلب العروض باالنتقاء املسبق بتبليغ الثمن التقديري املنصوص‬
‫عليه في املادة ‪ 1‬أعاله إلى أعضاء لجنة طلب العروض باالنتقاء املسبق‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬مسطرة املباراة‬


‫يعتبر برنامج املباراة املحتوى والحاجات التوقعية التي يتعين أن يستجيب لها العمل ويحدد املبلغ ألاقص ى للنفقة‬
‫املخصصة لتنفيذ هذا العمل طبقا ملقتضيات املادة ‪ 69‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪.2150‬‬

‫كما تتضمن مسطرة املباراة‪ :‬إلاعالن عن الهدف املتوخى من املباراة‪ ،‬عرض الجوانب الرئيسية التي يجب‬
‫اعتبارها‪ ،‬وتعريف مكونات املشروع ومحتواه‪.‬‬

‫وينص برنامج املباراة على منح جوائز إلى الخمسة (‪ )11‬مشاريع ألاحسن ترتيبا من بين املشاريع املقبولة‪ .‬ويحدد‬
‫مبالغ هذه الجوائز‪ .‬ويتم خصم مبلغ الجائزة املمنوحة لنائل الصفقة من املبالغ املستحقة له برسم هذه الصفقة‪.‬‬

‫ويتم تنظيم املباراة على أساس برنامج يعده صاحب املشروع‪ ،‬ويقتصر إيداع املشاريع على املتنافسين املقبولين‬
‫من طرف لجنة املباراة إثر جلسة القبول يخبر صاحب املشروع املتنافسين الذين تم اقصاؤهم بأسباب إبعادهم‪ ،‬وذلك‬
‫بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل وفاكس مع إثبات الوصول بأية وسيلة اتصال أخرى تعطي تاريخا مؤكدا‪.1‬‬

‫ويجوز للسلطة املختصة إلغاء املباراة دون أن تتحمل أية مسؤولية عن هذا الفعل إزاء املتنافسين وفي أية‬
‫مرحلة من مراحل مسطرة إبرام الصفقة طبقا ملقتضيات املادة ‪ 80‬من مرسوم الصفقات العمومية‪.2‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطرق الاستثنائية إلبرام الصفقات العمومية‬


‫تتمي‪ ،‬الطرق الاستثنائية إلبرام الصفقات العمومية بالسهولة بحيث يتم الخروج عن القاعدة الشكلية التي تبرم‬
‫بها املساطر العادية فهذه الطريقة ال تحتاج الى طلب العروض أو مسطرة املباراة بل تبقى لإلدارة صالحية اختيار املتعاقد‬
‫ألانسب للقيام باألعمال التي ترغب في تنفيدها والطرق الاستثنائية إلبرام الصفقات العمومية نوعان فهي إما صفقات‬
‫تفاوضية أو سندات الطلب‪.‬‬

‫أوال‪ :‬الصفقات التفاوضية‬


‫تعتبر املسطرة التفاوضية طريقة إلبرام الصفقات تختار بموجبها‪ ،‬لجنة تفاوض‪ ،‬نائال لصفقة بعد استشارة‬
‫متنافس أو أكثر والتفاوض بشأن شروط الصفقة وتتعلق هذه املفاوضات على الخصوص بالثمن وأجل التنفيذ أو تاريخ‬

‫‪ 1‬عبد الكريم حيضرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.569 :‬‬


‫‪ 2‬املادة ‪ 80‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪.2150‬‬
‫‪183‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الانتهاء أو التسليم وشروط التنفيذ وتسليم العمل ال يجوز أن تتعلق هذه املفاوضات بموضوع الصفقة ومحتواها ويتم‬
‫تعين لجنة التفاوض من طرف السلطة املختصة أو آلامر بالصرف املساعد‪.‬‬

‫وتتكون هذه اللجنة من رئيس وممثلين عن صاحب املشروع‪ .‬ويمكن لصاحب املشروع أيضا استدعاء أي شخص‬
‫آخر خبيرا أو تقنيا‪ ،‬يعتبر مساهمته مفيدة ألشغال اللجنة وتبرم الصفقة التفاوضية بإشهار مسبق وبعد إجراء منافسة‬
‫أو بدون إشهار مسبق وبدون إجراء منافسة و‬

‫يتعين على كل مرشح لنيل صفقة تفاوضية أن يقدم في بداية املسطرة‪ ،‬ملفا إداريا وملفا تقنيا وملفا إضافيا‬
‫عند الاقتضاء‪ ،‬يضم مجموع املستندات املنصوص عليها في املادة ‪ 21‬أعاله ‪،‬يستوجب إبرام صفقة تفاوضية‪ ،‬باستثناء‬
‫الحالة املشار إليها في الفقرة (‪ 2‬من البند ثانيا) من املادة ‪ 86‬بعده‪ ،‬من السلطة املختصة أو من طرف آلامر بالصرف‬
‫املساعد إعداد شهادة إدارية تبين الاستثناء الذي يبرر إبرام الصفقة على الشكل املذكور‪ ،‬وتوضح بوجه خاص ألاسباب‬
‫التي أدت إلى تطبيقه في هذه الحالة ويجوز للسلطة املختصة أو آلامر بالصرف املساعد‪ ،‬دون تحمل أية مسؤولية عن‬
‫هذا الفعل تجاه املتنافسين‪ ،‬أن تنهي املسطرة في أي وقت بمقرر موقع من طرفها‪ ،‬يحتفظ بهذا املقرر في ملف الصفقة‪.1‬‬

‫يتم إبرام الصفقات التفاوضية إما بناء على عقد الت‪،‬ام يوقعه الراغب في التعاقد وعلى دفتر الشروط الخاصة‬
‫وإما بصفة استثنائية‪ ،‬بتبادل رسائل أو اتفاقية خاصة بالنسبة لألعمال املستعجلة املنصوص عليها في حالة الاستثناء‬
‫الواردة في الفقرة ‪ 1‬من البند ثانيا) من املادة ‪ ،86‬التي ال يتالءم إنجازها مع إعداد الوثائق املكونة للصفقة ويبين تبادل‬
‫الرسائل أو الاتفاقية الخاصة املذكورة على ألاقل على طبيعة العمليات وكذا حدود الت‪،‬امات السلطة املتعاقدة من‬
‫حيث املبلغ واملدة‪ .‬ويحدد لها ثمنا نهائيا أو ثمنا مؤقتا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬سندات الطلب‬


‫تمتاز سندات الطلب بكونها أسلوبا في تنفيذ أعمال معينة من الصفقات العمومية بحيث يجوز القيام بناء على‬
‫سندات طلب‪ ،‬باقتناء توريدات وبإنجاز أشغال أو خدمات وذلك في حدود مائتي ألف (‪ )211.111‬درهم مع احتساب‬
‫الرسوم ويراعى حد مائتي ألف (‪ )211.111‬درهم املشار إليه أعاله في إطار سنة مالية واحدة وحسب نوع املي‪،‬انية مع‬
‫اعتبار كل آمر بالصرف أو آمر بالصرف مساعد وحسب أعمال من نفس النوع‪.‬‬

‫يتم التنصيص على قائمة ألاعمال التي يمكن أن تكون موضوع سندات طلب بامللحق رقم ‪ 9‬من هذا املرسوم‪.‬‬
‫ويجوز تغيير أو تتميم هذه الالئحة بقرار للوزير املكلف باملالية باقتراح من الوزير املعني بعد استطالع رأي لجنة‬
‫الصفقات‪ ،‬ويجب أن تحدد سندات الطلب مواصفات ومحتوى ألاعمال املراد تلبيتها وعند الاقتضاء أجل التنفيذ أو‬
‫تاريخ التسليم وشروط الضمان‪.‬‬

‫تخضع ألاعمال الواجب إنجازها بسندات طلب موضوع منافسة مسبقة‪ ،‬ما عدا في الحاالت التي يستحيل فيها‬
‫اللجوء إليها أو كانت غير متالئمة مع العمل‪ .‬لهذه الغاية‪ ،‬على صاحب املشروع أن يستشير كتابة ثالثة متنافسين على‬
‫ألاقل وأن يقدم ثالثة بيانات مختلفة لألثمان على ألاقل مقدمة من طرف املتنافسين املعنيين‪ ،‬ما عدا في حالة الاستحالة‬
‫أو عدم املالءمة وفي حالة عدم مالئمة إجراء منافسة أو استحالة تقديم ثالثة بيانات لألثمان يعد آلامر بالصرف أو آلامر‬
‫بالصرف املساعد أو الشخص املؤهل‪ ،‬عند الاقتضاء‪ ،‬مذكرة تبرر هذه الاستحالة أو عدم املالئمة‪.‬‬

‫‪ 1‬املادة ‪ 89‬من مرسوم ‪ 21‬مارس ‪ 2150‬املتعلق بالصفقات العمومية‪.‬‬


‫‪184‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بصفة استثنائية ومراعاة لخصوصيات بعض القطاعات الوزارية‪ ،‬يمكن لرئيس الحكومة أن يأذن فيما يتعلق‬
‫ببعض ألاعمال برفع حد مائتي ألف (‪ )211.111‬درهم مع احتساب الرسوم املنصوص عليه أعاله بموجب مقرر يتخذه‬
‫بعد استطالع رأي لجنة الصفقات وتأشيرة الوزير املكلف باملالية وذلك دون تجاوز خمس مائة ألف (‪ )111.111‬درهم‬
‫مع احتساب الرسوم أما بالنسبة للمؤسسات العمومية‪ ،‬فيمكن رفع حد مائتي ألف (‪ )211.111‬درهم مع احتساب‬
‫الرسوم بموجب مقرر ملدير املؤسسة العمومية يتخذه بعد موافقة مجلس إلادارة وتأشيرة الوزير املكلف باملالية وذلك‬
‫دون تجاوز خمس مائة ألف (‪ )111.111‬درهم مع احتساب الرسوم‪.‬‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫نستنتج مما سبق ذكره أن املشرع املغربي استطاع تنظيم مبادئ وطرق ابرام الصفقات العمومية أحسن تنظيم‬
‫لكن في مقابل ذلك يجب عليه تعزيز ترسانته القانونية وتحديثها خصوصا ما يتعلق بمرسوم ‪ 21‬مارس ‪ 2150‬املتعلق‬
‫بالصفقات العمومية ليصير في مصاف الدول املتقدمة وجعل إلادارة واملتعاقد ينفدان الت‪،‬اماتهما بشكل امن يضمن‬
‫الشفافية والنجاعة في تدبير املال العام وفي ألاخير يمكن اقتراح مجموعة من التوصيات من أهمها‪:‬‬

‫‪ ‬العمل على جعل العقود املبرمة في إطار الصفقات العمومية الكترونية نظرا للتقدم الذي يعرفه املجتمع وحفاضا‬
‫على صحة وسالمة املتعاقد وإلادارة املبرمة للصفقة خصوصا في فترة تفش ي ألاوبئة مثل جائحة كورونا‪.‬‬

‫‪ ‬العمل على تتميم مرسوم الصفقات العمومية بنصوص قانونية تساهم في تحقيق نوع من الشفافية بين إلادارة‬
‫املبرمة للصفقة واملتعاقد‪.‬‬

‫الئحة املراجع‬
‫الكتب‬

‫عبد الكريم حيضرة‪ " :‬القانون إلاداري املغربي النشاط إلاداري "‪ ،‬مكتبة املعرفة‪ ،‬مراكش‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬سنة ‪ ،2159‬ص‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪.561‬‬

‫املقاالت‬
‫يونس وحالوا‪ " :‬نظام الصفقات العمومية على ضوء مرسوم ‪ 21‬مارس ‪ ،"2150‬دراسة تحليلية لطرق إلابرام‪ ،‬مجلة العلوم‬ ‫‪-‬‬
‫القانونية العدد ‪ ،2159‬ص‪.94 :‬‬

‫املواقع إلالكترونية‬
‫مقال حول طرق ابرام الصفقات العمومية منشور في املوقع الالكتروني‪ ، /https://mawdoo3.com :‬تم الدخول يوم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،2125/15/16‬على الساعة ‪.21:98‬‬

‫مقال حول " طرق ابرام الصفقات العمومية "‪ ،‬منشور في املوقع الالكتروني‪ ، /https://boubidi.blogspot.com :‬تم الاطالع‬ ‫‪-‬‬
‫عليه‪ ،‬يوم ‪ ،2125/15/19‬على الساعة ‪.20:10‬‬

‫القوانين‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.52.094‬صادر في ‪ 8‬جمادى ألاولى ‪ 21( 5909‬مارس ‪ ،)2150‬يتعلق بالصفقات العمومية‪ ،‬ثم نشره في الجريدة‬ ‫‪-‬‬
‫الرسمية رقم ‪ 6591‬بتاريخ ‪ 9‬أبريل ‪.2150‬‬

‫‪185‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الصراع إلاثيوبي‪:‬التأثيرات الداخلية وألابعاد الجيوسياسية‬


‫د‪.‬الشرقاوي الروداني‪ ،‬أستاذ زائر بعدة جامعات مغربية ودولية‪ ،‬خبير في الدراسات الجيواستراتيجية وألامنية‪.‬‬

‫ملخص‬

‫تعيش منطقة شرق إفريقيا اهت‪،‬ازات سياسية وأمنية بفعل الصراع داخل ألاراض ي إلاثيوبية‪ .‬هذا الصراع البنيوي بين القوات الحكومية‬
‫وجبهة تحرير تيغراي ينضاف إلى الازمة ألامنية التي تعيشها الدول املجاورة من خالل انتشار الجماعات إلارهابية والتهديدات التي تالحق‬
‫اغلبية دول املنطقة‪.‬‬
‫في هذا الاتجاه‪ ،‬فإن محاولة الرئيس أحمد أبي هندسة املشهد السياس ي ملعالجات آنية ذات تأثيرات على املدى البعيد ال يمكن أن تنجح‬
‫بدون مقاربة تشاركية تتطلب تهييئا مسبقا‪ .‬ومن ثم فإنه كان من املتوقع أن ترفض جبهة تحرير تيغراي الانضمام إلى الحزب الجديد وذلك‬
‫العتبارات تاريخية وسياسية‪ .‬فالجبهة تعتبر نفسها مكونا محوريا في بناء الدولة الحالية وكيانا سياسيا قويا قد هيمن على السياسة إلاثيوبية‬
‫خالل السنوات الـ ‪ 29‬ألاخيرة‪ ،‬ومن ثم فإن من الصعوبة تذويبه بهذه السهولة في هندسة سياسية جديدة‪.‬‬
‫إن أهمية إثيوبيا وموقعها الجغرافي يجعالنها دولة ذات تأثير استراتيجي‪ .‬هذه املحددات الجيوسياسية للصراع والتي مازال الوقت الحتوائها‬
‫قد تتحول إلى صراع جيواستراتيجي بدخول قوى محدثة للفوض ى دون الدولة‪ .‬إثيوبيا البلد املحوري في املنطقة والقارة ألافريقية واملحاذي‬
‫للمجموعة من نقط التأثير الاستراتيجي كالبحر ألاحمر‪ ،‬يحتاج إلى دعم حقيقي من املنتظم الدولي ومن املهم أال يصبح رقعة شطرنج تحسم‬
‫فيها مشاريع وتوجهات جيواستراتيجية وجيواقتصادية دولية‪ .‬إن املوقع الجد حساس لهذا البلد‪ ،‬املحاذي لستة بلدان‪ ،‬اثنان منها تعانيان‬
‫صراعات هما جنوب السودان والصومال‪ ،‬الى جانب السودان التي تعيش أوضاعا أمنية واقتصادية مزرية‪ ،‬يفرض تعاونا سياسيا‬
‫ودبلوماسيا دوليا لتوجيه البوصلة في اتجاه تحقيق السلم وألامن ما دام الصراع لم يتجاوز عتبة استحالة التراجع‪.‬‬
‫في نفس الاتجاه‪ ،‬وأمام الحرب الروسية الاوكرانية وتداعياتها الاستراتيجية على دول القارة إلافريقية‪ ،‬فإن فكرة الدولة الوطنية في املنطقة‬
‫قد تعرف تراجعات في ألاسهم‪ .‬وعلى املستوى ألامني فإن تواجد جماعات إرهابية في املنطقة خاصة في الصومال‪ ،‬املوزمبيق وتن‪،‬انيا‬
‫والارتباطات الظاهرة لبعض الاثنيات بسوق إلارهاب في املنطقة قد يضع مجموعة من الدول فوق فوهة بركان‪.‬‬
‫ومن تم فإن التنظيمات إلارهابية كحركة "الشباب" في الصومال وتنظيم القاعدة وتنظيم "الدولة" الاسالمية قد يتغدون من التوترات‬
‫املت‪،‬ايدة ومن املحتمل استغالل الوضع للتموقع وكسب مساحات جديدة ومتعاطفين جدد‪ .‬إن املكانة الاستراتيجية إلثيوبيا وقربها من‬
‫مضيق باب املندب والبحر ألاحمر قد تكون فرصة لطهران لالستثمار في الصراع وبالتالي محاولة دعم بعض القوى‪ ،‬دون الدولة‪ ،‬الفاعلة في‬
‫الصراع من أجل توجيه وإيجاد مكانة جديدة لفرض واقع يساعدها على التموقع الاستراتيجي‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الصراع داخل ألاراض ي إلاثيوبية ‪ -‬جبهة تحرير تيغراي ‪ -‬التنظيمات إلارهابية ‪ -‬املكانة الاستراتيجية إلثيوبيا‬

‫‪Ethiopian conflict : Internal influences and geopolitical dimensions‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪The Ethiopian conflict between the federal government and the Popular Front for the Liberation of Tigray threatens to bog‬‬
‫‪down an entire region in chaos. Because of this conflict, East Africa could constitute a core of structural fragility and‬‬
‫‪vulnerability. This structural conflict between government forces and the FPLT adds to the security crisis experienced by‬‬
‫‪neighboring countries through the presence of terrorist groups and threats affecting most countries in the region. Thus,‬‬
‫‪President Ahmed Abey's attempt to reform the political scene without a participatory approach has led the country into‬‬
‫‪unprecedented dislocation. Therefore, the Tigray Liberation Front refused to join the new political coalition due to historical‬‬
‫‪and political considerations. Indeed, the Front sees itself as a central element in the construction of the current state and‬‬
‫‪therefore as a strong political entity that has dominated Ethiopian politics for the past 27 years, and it is therefore difficult to‬‬
‫‪dissolve it so easily in new political engineering.‬‬
‫‪The importance and geographical position of Ethiopia make it a country of strategic influence. These geopolitical‬‬
‫‪determinants of the conflict, which there is still time to contain, can turn into a geostrategic conflict with the entry of chaotic‬‬

‫‪186‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪extrinsic forces and powers. Ethiopia, a pivotal country in the region and on the African continent, and adjacent to a‬‬
‫‪strategic influence's area such as the Red Sea, needs real support from the international community, and it is important that‬‬
‫‪it does not become a game of chess where actors play for the planning of geostrategic and geoeconomic projects.‬‬
‫‪In short, the security situation in which the country is bogged down remains very sensitive. Bordering six countries, two of‬‬
‫‪which suffer from conflict - South Sudan and Somalia, in addition to Sudan, which lives in dire security, Ethiopia could tip into‬‬
‫‪an endless war.‬‬
‫‪Moreover , faced with the Russian-Ukrainian war and its strategic repercussions on the African continent, the idea of a‬‬
‫‪national state in the region risks weakening. On the security front, the presence of terrorist groups in the region, particularly‬‬
‫‪in Somalia, Mozambique and Tanzania, and the apparent links of certain ethnic groups with the terrorist galaxy in the region‬‬
‫‪may increase the risk of instability and insecurity. Faced with this situation, the international community must not turn a‬‬
‫‪blind eye to this reality. Given the geopolitical determinants of the Ethiopian conflict, the issue of the territorial integrity of‬‬
‫‪several countries is at stake.‬‬
‫‪Key words: The conflict within the Ethiopian territory - Popular Front for the Liberation of Tigray - terrorist organizations -‬‬
‫‪Ethiopia's strategic position‬‬
‫تقديم‬

‫تعتبر منطقة القرن والشرق الافريقي ومنذ القدم من بين أكثر املجاالت الجيوسياسية ذات التأثير الاستراتيجي‬
‫على القارة ألافريقية والنظام الدولي‪ ،‬حيث شكل الاتصال الجغرافي‪ ،‬الاثني والسياس ي من خالل التاريخ املشترك‬
‫للمنطقتين‪ ،‬الذي جسدته في حقبة سابقة مملكتي دعمت وأكسوم‪ ،‬اللتين كانتا موجودتين قبل الدخول‬
‫إلايطالي‪ ،‬والبريطاني الى املنطقة ثم البلجيكي والفرنس ي فيما بعد‪ ،‬ارتباطات ذات تأثير املتبادل‪ .‬إن هذا التاريخ املشترك‬
‫الذي تكرس ما بين القرن الثامن والسابع قبل امليالد من خالل وحدة سياسية وطرق تجارية جعل املنطقتين تعرفان‬
‫ازدهارا منقطع النظير في القرن ألاول قبل امليالد قبل أن تتطور ألامور في التاريخ الحديث وتستقل الصومال وأريتريا عن‬
‫إثيوبيا‪ .‬ومن املعلوم أن استقالل أريتريا عن إثيوبيا لم يأت من فراغ‪ .‬فمحاولة فرض اللغة الامهرية كلغة رسمية على‬
‫ألاريتيريين‪ ،‬من خالل مرسوم صدر عام ‪ ،5414‬هو ما أدى الى بروز حركة الاستقالل سنة ‪ 5465‬والتي واجهت القوات‬
‫إلاثيوبية مما أدى في ألاخير الى إجراء استفتاء تقرير املصير سنة ‪ 5445‬تحث إشراف ألامم املتحدة والذي أفض ى الى‬
‫استقالل أريتريا وبالتالي اعتراف املنتظم الدولي بهذا البلد سنة ‪ .5440‬في قراءة لتاريخ هذا الصراع إلاثيوبي‪ -‬الاريتري‬
‫يظهر أن مجموعة من الخصائص ومحددات الصراع بين ألامهرة والتيغراي من جهة والاورومو والتيغراي من جهة أخرى‬
‫تتشابه خاصة إذا ما استحضرنا طبيعة املواجهة العرقية بين إثيوبيا واريتيريا التي شكلت املحافظة الرابعة عشرة‬
‫إلثيوبيا الى حدود مطلع التسعينات من هذا القرن‪.‬‬

‫إن التاريخ يعيد نفسه وإثيوبيا اليوم تعيش مرحلة جد صعبة سيكون لها تأثير كبير على محددات استقرارها‬
‫السياس ي‪ ،‬الاقتصادي وألامني‪ .‬إن الصراع الكبير بين الحكومة املركزية ألحمد أبي والحكومة الفيدرالية إلقليم تيغراي‬
‫دخل مرحلة دقيقة‪ ،‬خاصة وان قوات الجبهة الشعبية لتيغراي كانت قد وصلت حتى مشارف العاصمة أديس أبابا‪.‬‬
‫هذا الصراع الهوياتي العميق والبنيوي ُيظهر وجود انقسامات بين رؤيتين مختلفتين‪ :‬من جهة‪ ،‬هناك رؤية الحكومة‬
‫املركزية التي تناصر فكرة دولة موحدة‪ ،‬بالرغم من الاثنيات املتعددة التي تعيش في البالد‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك‬
‫مجموعة من ألاقاليم التي تتنافس من أجل الظفر بدرجات مختلفة من الحكم الذاتي‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬يبقى جيش ي‬

‫‪187‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تحرير أروميا‪ ،‬حركة آغا الديمقراطية وجبهة الدفاع التيغراي تاريخيا من اقوى التنظيمات التي تقاتل الحكومات املركزية‬
‫تاريخيا من أجل حق تقرير املصير‪.‬‬

‫لكن لكل وضعية مأساوية بداية غير صحيحة‪ .‬في الحرب ألامور ال تختلف‪ ،‬فالنتائج السيئة هي نتيجة للتقديرات‬
‫والحسابات غير الدقيقة‪ .‬فالقوات الحكومية‪ ،‬وهي تتجه الى الهجوم على منطقة الحكومة الفيدرالية إلقليم تيغراي‬
‫ملحاصرة الجبهة الشعبية لتيغراي التي تطالب باستقالل ثقافي‪ ،‬لغوي‪ ،‬مالي واقتصادي‪ ،‬كانت بالرغم من نشوة الرئيس‬
‫أحمد أبي آنذاك بإحراز تقدم‪ ،‬متسرعة الى درجة انها فقدت حماستها وطاقاتها باالعتقاد الخاطئ أن الحرب حسمت‪.‬‬
‫ففي حين أن أحمد آبي قد يسيطر على السهول والطرق املفصلية بين الواليات‪ ،‬يكاد يكون من املستحيل هزيمة الجبهة‬
‫الشعبية لتحرير تيغراي في الجبال‪ .‬والعامل الوحيد الذي يمكن أن يغير ألاشياء هو عامل خارجي‪ .‬باألمس كما اليوم‬
‫ألامور لم تتغير بالرغم ان القوات العسكرية املركزية تحاول قلب موازين املعركة عن الطريق الردع الجوي مما أدى الى‬
‫انسحاب املتمردين من منطقتي أمهرة وعفر املجاورتين‪.‬‬

‫نفس الش يء يمكن إسقاطه على الجبهة الشعبية لتيغراي حيث إن سوء التقدير املتبادل هذا هو الذي يخاطر‪،‬‬
‫إذا طال أمده‪ ،‬بالتسبب في حالة من الجمود والاقتتال‪ .‬في حالة ما كان تكتيك الطرفين هو الاستن‪،‬اف فإن من املحتمل‬
‫جدا دخول إثيوبيا في صراع ال نهاية له مثل جنوب السودان وليبيا واليمن‪ ،‬مما قد يؤدي إلى تدمير الاقتصاد والشعب‪.‬‬
‫على املستوى التاريخي‪ ،‬لطاملا كان التمكين والهيمنة العسكرية حاسمة للسيطرة املركزية الفعالة في إثيوبيا‪ .‬فعلى سبيل‬
‫املثال استند عهد هيال سيالس ي إلى الانتصار العسكري لسيغال في عام ‪ 5456‬ضد سلفه املخلوع‪ .‬ولإلشارة‪ ،‬فحكم‬
‫الحكومة العسكرية الاشتراكية املؤقتة استند إلى سيطرتهم على الجيش إلى أن أطاحت الجبهة الديمقراطية الثورية‬
‫الشعبية إلاثيوبية بالنظام في حدود عام ‪ .5445‬لكن في مثل هذه الحاالت السيطرة العسكرية وحدها ال تكفي ً‬
‫أبدا‪ .‬فعلى‬
‫املستوى السياس ي وحتى إن كان هناك انتصار عسكري ألحمد أبي فالتكلفة ستكون كبيرة‪ ،‬حيث إن الدولة ستكون‬
‫بحاجة إلى أن ُينظر إليها على أنها شرعية في نظر الاثنيات املشكلة لنسيج املجتمعي إلاثيوبي‪ ،‬أو على ألاقل ألاغلبية‬
‫الكافية منهم‪.‬‬

‫و من تم‪ ،‬فإن الاستراتيجية في شموليتها لم ترسم‪ ،‬إلى حدود اللحظة‪ ،‬إال وفق معيار الانتصار "الخاطف" و بالتالي‬
‫فإن التقدم املحرز في ميكيلي اعتبر "ملغوما" العتبارات عديدة‪ :‬اوال‪ ،‬القوات املناوئة للحكومة املركزية اتجهت الى‬
‫انسحاب تكتيكي من مواقعها خاصة ميكيلي‪ ،‬اراغوري و ماي عيني‪ .‬في نفس الوقت فإن غالبية العناصر العسكرية التي‬
‫تقود الجبهة هم ضباط ساميين سابقين في الجيش الحكومي وبالتالي يشكل ذلك نقطة تحول في التخطيط العملياتي‬
‫للمعركة بالرغم من التفوق العسكري في املعدات والعتاد للقوات الحكومة املركزية التي تقاتل إلى جانبها القوات الاريترية‪.‬‬

‫في نفس الاتجاه‪ ،‬وفي قراءة للمكون الاثني والعرقي كمحدد جيوسياس ي‪ ،‬فإن أغلبية مكونات القوات العسكرية‬
‫الحكومية هي من شمال البالد‪ ،‬كما أن شخصيات سياسية مرموقة لها والء للجبهة والتي كانت الى زمن قريب مكونا‬
‫سياسيا مهما في املعادلة الداخلية‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬تيدروس أدهانوم غيبريسوس رئيس املنظمة العاملية للصحة ينتمي‬
‫الى التيغراي و كان من املنتمين الى الجبهة الى جانب ملس زيناوي بن امليص‪ ،‬رئيس وزراء إثيوبيا منذ ‪ 5441‬حتى وفاته‬
‫سنة ‪ .2152‬هذا الاخير‪ ،‬شغل قبل ذلك منصب الرئيس من ‪ 28‬مايو ‪ 5445‬إلى ‪25‬غشت ‪ .5441‬هذا الزخم السوسيو‬

‫‪188‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫سياس ي جعل اثنية التيغراي‪ -‬والتي هي مجموعة إثنية تعيش في ألاجزاء الوسطى والشمالية من أريتريا‪ ،‬وفي املرتفعات‬
‫الشرقية ألاثيوبية في إقليم التيغراي‪ -‬من أهم الاقطاب الاثنية املشكلة للنسيج املجتمعي إلاثيوبي‪ ،‬فهم يشكلون قرابة‬
‫الـ ‪ 44.6%‬من نسبة سكان إقليم التيغراي إلاثيوبي‪ ،‬و‪ % 6.5‬من مجموع سكان إثيوبيا بتعداد يبلغ حوالي ‪ 1.9‬مليون‬
‫نسمة‪.‬‬

‫العوامل الداخلية للصراع‬

‫تبقى إثيوبيا دولة تشرب من تاريخ حابل بالصراعات الاثنية والعرقية‪ .‬فالفشل والانقسام كان مآل كل املعارك‬
‫واملواجهات بين إلاثنيات في املنطقة مند القدم‪ .‬إن اقحام املكون الهوياتي في كل الحروب يزيد من التوتر والتمسك‬
‫برغبة الوجود والاستمرار حتى لو كلف ألامر حياة آالف ألارواح‪ .‬في قراءة لالستراتيجية العسكرية ملكون القوة التي سبقت‬
‫الهجوم ومحاولة إنهاء التمرد‪ ،‬فالحكومة املركزية استعانت بقوات عسكرية ألقاليم أخرى كأمهرة وعفر‪ ،‬إلى جانب‬
‫قوات أريتيرية‪ ،‬والتي يبقى لها ارتباط وتحالف مع سياسات الرئيس أحمد أبي‪ .‬هذا املعطى‪ ،‬أعطى انطباعات أخرى‬
‫للمواجهة‪ ،‬خاصة بوجود امتداد قبلي واثني للتيغراي يصل إلى أريتريا‪ ،‬إن الحرب ذات توجهات تصب في فرض موازين‬
‫قوى جديدة بين الاثنيات‪ ،‬خصوصا وأن ألاسباب الحقيقية تبقى سياسية محضة مرتبطة بتشكيل حزب جديد‬
‫"الازدهار" من طرف الرئيس الحالي الذي ينتمي الى عرقية الاورومو‪ .‬ذلك أن محاولة رئيس الوزراء آبي أحمد دمج مجموع‬
‫ألاحزاب العرقية وإلاقليمية للجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية إلاثيوبية في حزب الازدهار الجديد‪ ،‬أجج الوضع وتمت‬
‫قراءة ذلك من طرف التيغراي كمناورة من الرئيس أحمد أبي‪ ،‬ومن خالله اثنية الاورومو‪ ،‬لالستفراد بالسلطة عن‬
‫طريق خلق حزب واحد ووحيد‪.‬‬

‫فبين توصيف الرئيس الحالي من طرف مؤيديه بانه "ديمقراطي ليبرالي"‪ ،‬يراه الخصوم أنه "شعبوي" بارع في‬
‫استعمال خطابات " الجينغوية " للقومية من أجل توجيه النقاش السياس ي والحد من عمل مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫في هذا الاتجاه‪ ،‬فإن محاولة الرئيس أحمد أبي هندسة املشهد السياس ي ملعالجات آنية ذات تأثيرات على املدى‬
‫البعيد ال يمكن أن تنجح بدون تشاركية تتطلب تهييئا مسبقا‪ .‬في مثل هذه الحاالت‪ ،‬قراءة شخصية القائد مهمة‬
‫ومحددة في تدبير الصراعات وألازمات ألنها تبقى محورية في تبين املسار الداخلي ال تخاد القرارات‪ ،‬خاصة الصعبة‪.‬‬
‫الرئيس إلاثيوبي أحمد أبي ذو الشخصية املخضرمة له تكوين عسكري وسياس ي في آن وقت‪ ،‬خاصة وأنه كان عنصرا‬
‫مهما في وحدة الاستخبارات والاتصاالت بالجيش إلاثيوبي وهذا ما جعل من السهل معرفة تضاريس الحرب والقدرات‬
‫العسكرية لخصومه‪.‬‬

‫في تدبير هذه الازمة‪ ،‬نالحظ أن الجانب العسكري‪ ،‬املكون ألاساس ي في الشخصية للرئيس‪ ،‬تفوق على الرجل‬
‫السياس ي‪ .‬في هذا الصدد‪ ،‬محاولة إبعاد سياسات البالد عن الفيدرالية العرقية والسياسات القومية العرقية‪ ،‬من‬
‫خالل حزب جديد يضم جميع املكونات‪ ،‬يمكن اعتباره تقديرا استراتيجيا غير موفق‪ ،‬خاصة وأن البعد إلاثني حاضر‬
‫بشكل كبير في مكونات مؤسسات الدولة‪.‬‬

‫‪189‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومن تم‪ ،‬فإنه كان من املتوقع أن ترفض جبهة تحرير تيغراي الانضمام إلى الحزب الجديد وذلك لالعتبارات‬
‫تاريخية وسياسية‪ .‬فالجبهة تعتبر نفسها مكونا محوريا في بناء الدولة الحالية‪ ،‬وبالتالي كيان سياس ي قوي قد هيمن على‬
‫السياسة إلاثيوبية خالل السنوات الـ ‪ 29‬ألاخيرة‪ ،‬ومن ثم فإن من الصعوبة تذويبه بهذه السهولة في هندسة سياسية‬
‫جديدة‪.‬‬

‫من املؤكد أن الرئيس أحمد أبي يخاطر بتعريض أهدافه الداخلية واستراتيجياته ذات الطابع إلاقليمي‪ ،‬املتشابكة‬
‫واملتداخلة للخطر‪ .‬هناك اعتبارات جيواستراتيجية في املنطقة من املهم أخدها بعين الاعتبار في أي أجندة كيفما كانت؛‬
‫حسم توترات الجبهة الداخلية يبقى أساسيا في ضمان الحفاظ على محددات ومقاييس القوة الشاملة‪ .‬ومن ثم فإن‬
‫عدم أخذ هذه املتغيرات إلاقليمية هو تقدير استراتيجي غير موفق على اعتبار طبيعة التحالفات والقوة والقوى املضادة‬
‫التي تتصيد مثل هذه ألاخطاء إلضعاف ألاجندات والجبهة الداخلية في نفس الوقت‪ .‬و بالتالي وعلى ضوء تمحيص مآالت‬
‫الصراعات لهكذا حاالت يذكر التاريخ أن املقاربة التي تم التعامل بها مع هذه ألاحداث ال يمكن إال أن تعطي و تؤدي إلى‬
‫نتائج عكسية‪ ،‬كما كان الحال بالنسبة للتجربة اليوغوسالفية‪ ،‬و التي تشبه الى حد كبير ما تعيشه إثيوبيا بالرغم من‬
‫اختالف السياقات الدولية بين املثالين‪.‬‬

‫املحددات الجيوسياسية للصراع‬

‫على مستوى املحددات الجيوسياسية للصراع‪ ،‬فإن ما تعيشه إثيوبيا مرتبط أساسا بتدافع املكونات إلاثنية و‬
‫الهوياتية‪ .‬هذا الانقسام لم يعد يقتصر على مطلب التداول السياس ي‪ ،‬لكنه أصبح مسألة مرتبطة بالوجودية‪ .‬في نفس‬
‫الوقت‪ ،‬تداعيات هذا الصراع ستتجاوز الحدود لتصل الى دول مجاورة‪ ،‬والتي تعيش على صفيح ساخن بفعل‬
‫التصدعات إلاثنية والعرقية‪ .‬على املستوى الداخلي فمن املؤكد أن جروح هذه املواجهة ستكون بليغة حيث حسب‬
‫ً‬
‫أرقام ألامم املتحدة فإن ما يقل عن ‪ 911‬ألف شخص في شمال البالد يواجهون ظروفا شبيهة باملجاعة‪ ،‬و‪ %81‬من‬
‫ألادوية ألاساسية غير متوفرة إلى جانب أكثر من مليوني شخص أجبروا على ترك منازلهم‪.‬‬

‫في نفس الاتجاه‪ ،‬تاريخانية الصراع السياس ي الاريتيري‪-‬إلاثيوبي أصبحت تلقي بظاللها وأوراق ألامس قد تطفوا‬
‫في صراعات اليوم‪ .‬فآثار نار الصراع إلاثني والعرقي في املنطقة لم تخمد بعد وفي دول كالصومال وجيبوتي واملوزمبيق قد‬
‫نرى انتشار الفتنة الانفصالية بسرعة قد ال يتم احتواؤها بسهولة‪.‬‬

‫هذه املحددات الجيوسياسية للصراع والتي مازال الوقت الحتوائها قد تتحول إلى صراع جيواستراتيجي بدخول‬
‫قوى محدثة للفوض ى دون الدولة‪ .‬إثيوبيا البلد املحوري في املنطقة والقارة ألافريقية واملحاذي للمجموعة من نقط‬
‫التأثير الاستراتيجي كالبحر ألاحمر‪ ،‬يحتاج إلى دعم حقيقي من الدول الديمقراطية ومن املهم أال يصبح رقعة شطرنج‬
‫تحسم فيها مشاريع وتوجهات جيواستراتيجية وجيواقتصادية دولية‪ .‬املوقع الجد الحساس لهذا البلد املحاذي لستة‬
‫بلدان‪ ،‬اثنان منها تعانيان صراعات وهما جنوب السودان والصومال‪ ،‬إلى جانب السودان الذي يعيش أوضاعا أمنية‬
‫واقتصادية مزرية‪ ،‬يفرض تعاونا سياسيا ودبلوماسيا دوليا لتوجيه البوصلة في اتجاه تحقيق السلم وألامن ما دام‬
‫الصراع لم يتجاوز عتبة استحالة التراجع‪.‬‬

‫‪190‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإن املواجهة التي تدار رحاها فوق ألاراض ي إلاثيوبية‪ ،‬والتي ستكون طويلة ال محالة‪ ،‬تحتاج الى‬
‫دبلوماسية وقائية متفق عليها لإلسكات صوت البنادق والدفع بجميع ألاطراف إلى الجلوس على طاولة الحوار‪ ،‬وإال‬
‫ستكون لها تداعيات سياسية وأمنية ستتجاوز إثيوبيا لتصل الى بقاع أخرى‪ .‬من املهم أن تهتم الواليات املتحدة ألامريكية‬
‫أكثر بهذا الصراع‪ ،‬وتحاول إلى جانب القوى ألاخرى إيجاد حلول جريئة لوقف التصدع‪ .‬الكل يتفق على أن هذا الصراع‬
‫هو قنبلة عنقودية موقوتة انفجارها سيؤدي حتما إلى اتساع دائرة املواجهات في بلدان مجاورة أخرى ما قد يخلخل كل‬
‫ما تم بناؤه للقضاء على الجماعات إلارهابية في املنطقة و القارة برمتها من جهة‪ ،‬و من جهة أخرى دخول العبين دوليين‬
‫جدد‪ ،‬والذين يمكن اعتبارهم أقل حرصا على دعم الجهود الدولية‪ ،‬يبحثون و يتصيدون الفرصة للدخول في لعبة‬
‫الشطرنج إلاقليمية للتأثير و توجيه البوصلة وفق مصالحهم الاستراتيجية‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬ففي قراءة لجيوسياسية الصراع يظهر وجود عدة العبين دوليين بطموحات مختلفة وفي بعض ألاحيان‬
‫بتوجهات متباينة‪ .‬في قراءة لنتائج املعركة إلى حدود اللحظة‪ ،‬يتبين أن الطائرات املسيرة القادمة من تركيا والصين كانت‬
‫محددا مهما في قلب موازين املعركة وانهيار قوة الجبهة الشعبية للتيغراي‪ ،‬كما املصالح التركية في املنطقة أصبحت‬
‫تزداد خاصة مع وجود نقط تماس استراتيجية مع العبين كمصر و دول أوروبية؛ فأنقرة من جهة تريد توسيع مبيعاتها‬
‫من ألاسلحة ألحمد أبي مستندة على ترجيحها ملوازين القوى في الصراع بين أرمينيا و أذربيجان‪ ،‬و من جهة أخرى ترى‬
‫في رئيس الوزراء حليفا مهما في صراعها الجيوسياس ي مع القاهرة‪ ،‬بينما الصين‪ ،‬و في صراعها مع الواليات املتحدة‬
‫ألامريكية‪ ،‬تدعم بشكل تكتيكي الرئيس الحالي نظرا ملصالحها الكبيرة في املنطقة و البحر ألاحمر‪ .‬ومن جهتها ترى إلامارات‬
‫العربية املتحدة في الحالة إلاثيوبية مجاال خصبا لتوسيع و تعزيز تواجدها في البحر ألاحمر‪ .‬ملا لهذا الاخير من تأثير‬
‫استراتيجي في معادالت جيواستراتيجية و جيوطاقية بين املحيط الهندي في الجنوب و البحر ألابيض املتوسط في الشمال‪،‬‬
‫إلى جانب اعتباره خطا جيوسياسيا يفصل إفريقيا عن آسيا في الشرق ألاوسط‪ .‬في نفس السياق فإن القوات ألاريتيرية‪،‬‬
‫التي لم تنس ى الحروب الطاحنة التي شنتها جبهة التيغراي املشكلة آنذاك للحكومة إلاثيوبية ما بين ‪2111 – 5448‬‬
‫والتي أودت بأكثر من ثمانين ألف قتيل‪ ،‬دخلت املعارك داعمة ألحمد أبي في محاولة إلنهاء محدد التيغراي من املعادالت‬
‫السياسية إلاثيوبية‪ .‬وبالتالي فإن الصراع أصبح يشبه إلى حد بعيد صراع حركة التمرد ‪ M23‬في كيفو الشمالية‬
‫بجمهورية الكونغو الديمقراطية‪ .‬هذا ألامر يجعل نهاية الصراع غير وشيك ونتائج املعركة أو حتى املفاوضات بين ألاطراف‬
‫غير مستدامة وغير مجدية‪.‬‬

‫مآالت تدبير ألازمة‬

‫في ألاخير‪ ،‬من املهم إلاقرار بأن الطرفين املتصارعين ينظران و يعتبران الصراع ذا أبعاد وجودية‪ .‬ومن الواضح‬
‫أن آبي احمد يخش ى طرده من السلطة‪ ،‬وفي نفس الوقت تخش ى اثنية ألامهرة مرة أخرى من استبعادها منها‪ ،‬كما كان‬
‫الحال بعد سقوط هيال سيالس ي‪ .‬في الجانب آلاخر يخش ى التيغراي من إلابادة والنفي الفعليين‪ ،‬وربما الاقصاء ملدة‬
‫طويلة من املعادلة السياسية الداخلية‪ ،‬كما حدث قبل استعادة السيطرة العسكرية على تيغراي‪ .‬في ظل هذه الظروف‪،‬‬
‫ال يريد أي من الطرفين التنازل عن أقل مي‪،‬ة من خالل املفاوضات وينظرون إلى النصر العسكري أنه السبيل الوحيد‬
‫للبقاء‪ .‬وال شك أن تداعيات الصراع ستكون أيضا إنسانية حيث إن الحرب جعلت سكان تيغراي يتضورون جوعا‬

‫‪191‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫بعيدا عن ألانظار ووسائل إلاعالم‪ .‬في الاخير وبدون مبادرات دولية صادقة سيقاتل الطرفان كالهما حتى النهاية املريرة‪،‬‬
‫والتي قد تكون بعيدة‪.‬‬

‫في نفس الاتجاه‪ ،‬هناك بعض ألاطراف الدولية‪ ،‬لحسابات خاصة‪ ،‬تقوم بعمليات سيئة عن طريق الاستثمار في‬
‫استدامة الصراع‪ ،‬وهو ما يزيد من تأزم الوضع والواقع ألامني‪ .‬ومن ثم‪ ،‬وفي قراءة ملحددات هذه املعادلة الصعبة وأخذا‬
‫بعين الاعتبار بعض العوامل غير الظاهرة في الصراع‪ ،‬فإن الطريق إلى السالم في إثيوبيا ليس سهال وتتخلله عدة منحرفات‬
‫ومنعرجات من املفروض أخدها بعين الاعتبار حتى ال يتجاوز سقف املخاطر درجات الاحتقان والتدافع الدولي غير‬
‫السليم‪ .‬ومن الواضح أن تمهيد هذا الطريق الوعر يمر عبر بكين‪ ،‬وأنقرة وأبو ظبي دون إغفال نيويورك و محور‬
‫واشنطن‪-‬لندن‪ .‬وإلى أن يتم تفعيل هذا املحور‪ ،‬سيستمر القتال‪ ،‬وسيعاني الشعب إلاثيوبي‪ ،‬وستصبح املنطقة برمتها‬
‫غير مستقرة بشكل مت‪،‬ايد‪ .‬في نفس السياق‪ ،‬فإن تدبير الازمة إلاثيوبية يمر أيضا عبر مصالحة شاملة تشمل ليس فقط‬
‫ألاطراف الداخلية‪ ،‬ولكن أيضا تضميد جروح التاريخ املرتبط باملحدد الاريتيري‪.‬‬

‫إن تداعيات هذا الصراع لن تقتصر فقط على انتكاسة فكرة الدولة الوطنية في املنطقة‪ .‬فعلى املستوى ألامني‬
‫تتواجد جماعات إرهابية في املنطقة خاصة في الصومال‪ ،‬واملوزمبيق وتن‪،‬انيا والارتباطات الظاهرة لبعض الاثنيات بسوق‬
‫إلارهاب في املنطقة قد يضع مجموعة من الدول فوق فوهة بركان‪ .‬ومنه فإن التنظيمات إلارهابية كحركة "الشباب" في‬
‫الصومال و تنظيم القاعدة و تنظيم "الدولة" الاسالمية قد يجدون في التوتر ما بين السياسات املتعارضة لألطراف‬
‫املتداخلة و في بعض ألاحيان املتناقضة في املنطقة فرصة ثمينة للتموقع وكسب مساحات ومتعاطفين جدد؛ كما أن‬
‫املكانة الاستراتيجية إلثيوبيا و قربها من مضيق باب املندب و البحر ألاحمر قد تكون فرصة لطهران لالستثمار في الصراع‬
‫وبالتالي محاولة دعم بعض القوى‪ ،‬دون الدولة‪ ،‬الفاعلة في الصراع من أجل توجيه وإيجاد مكانة جديدة للفرض واقع‬
‫يساعدها على التموقع الاستراتيجي‪.‬‬

‫أمام هذه التحديات ألامنية الشاملة والتكلفة الباهظة التي تتحملها املنطقة و القارة ألافريقية بسبب عدم‬
‫الاستقرار والتجاذبات الدولية ُيطرح سؤال مشروع وهو‪ :‬هل سيكون القرن والشرق إلافريقيين‪ ،‬مثل سوريا‪ ،‬اليمن أو‬
‫ليبيا‪ ،‬ضحية أخرى للعبة املصالح الكبرى للقوى العظمى؟ من الواضح أن جذور الصراع في إثيوبيا هي نفسها‪ ،‬لكن‬
‫حلها يعتمد أوال على إلاثيوبيين أنفسهم و قدرتهم على تملك الفكرة الوطنية‪ ،‬و ثانيا على مسؤوليات املنتظم الدولي في‬
‫الحفاظ على ألامن و الاستقرار الدوليين خاصة إلادارة ألامريكية املطالبة بتصحيح رؤيتها للصراع و تمثالته‬
‫الجيوسياسية‪.‬‬

‫‪192‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املعالم الجديدة للهجرة باملغرب‪ :‬الاندماج الاجتماعي والهجرة الامنة‬


‫مباركي‪ ،‬باحث بسلك الدكتوراه‪ ،‬جامعة محمد ألاول‪ ،‬وجدة املغرب‬ ‫عبد هللا‬
‫ملخص‬
‫تهدف خطة سياسة الهجرة التي نهجها املغرب إلى ضمان تكافؤ الفرص للمهاجرين‪ ،‬وتحسين وصولهم إلى الحقوق الاقتصادية‬
‫والثقافية والسياسية‪ ،‬وتغيير مفهوم الهجرة في املجتمع‪ .‬واستغالل مهارات املهاجرين باعتبارهم جزء من نسيج املجتمع املغربي‪.‬‬
‫في هذا السياق شجعت الحكومة املغربية بقيادة صاحب الجاللة على تسوية ألاوضاع إلادارية للمهاجرين قصد ولوجهم إلى‬
‫القطاعات إلادارية والاستفادة من الحقوق بالتساوي مع املواطنين املغاربة‪.‬‬
‫من اجل إنجاح هذه املبادرة شجعت الحكومة املؤسسات املختلفة ‪ -‬الخاصة والعامة ‪ -‬على متابعة البرامج التي تسهل هذا‬
‫الاندماج‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الالجئون‪ ،‬الهجرة غير النظامية‪ ،‬إدماج املهاجرين‪ ،‬الهجرة آلامنة‪.‬‬
‫‪New features of immigration in Morocco: social integration and safe migration‬‬
‫‪Abstract‬‬

‫‪Morocco's migration policy plan aims to ensure equal opportunities for migrants, improve their access to economic,‬‬
‫‪cultural and political rights, and change the concept of migration in society. And exploiting the skills of immigrants as part of‬‬
‫‪the fabric of Moroccan society.‬‬
‫‪In this context, the Moroccan government, under the leadership of His Majesty, encouraged the settlement of‬‬
‫‪administrative conditions for immigrants in order for them to enter the administrative sectors and benefit from their rights‬‬
‫‪equally with the Moroccan people.‬‬
‫‪For the success of this initiative, the government encouraged various institutions - private and public - to pursue‬‬
‫‪programs that facilitate this integration.‬‬
‫‪Key words: refugees, irregular migration, integration of migrants, safe migration.‬‬

‫مقدمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬
‫لقد ظلت الهجرة‪ ،‬على امتداد التاريخ البشري تمثل ظاهرة طبيعية ساهمت بشكل وافر في تحقيق التالقح‬
‫الحضاري واغناء املوروث إلانساني‪ ،‬في زمن كان فيه الحل والترحال سمة بارزة لالجتماع إلانساني‪ .‬عبره‪ ،‬تكتسب العلوم‬
‫وتصقل الخبرات ويتم تبادل املنافع‪ ،‬كما لم تكن الحدود بين املجتمعات‪ ،‬مقفلة ومراقبة بالصرامة التي تعرفها في‬
‫الوقت الراهن‪ ،‬ملا اندفعت افواج بشرية في مشارق الارض ومغاربها‪ ،‬تجوب العالم ال يوقفها في ذلك الا طبيعة الاهداف‬
‫التي تريد تحقيقها‪.1‬‬

‫‪ _1‬احمد بودراع‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية وقانونية (‪ ،)R.E.E.J‬منشورات مجلة دراسات اقتصادية وقانونية سلسلة العدد الثاني‪ ،‬ماي ‪ ،2158‬ص‪-15.‬‬
‫‪.64‬‬
‫‪193‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الهجرة غير النظامية في املغرب ليست ظاهرة دورية‪ ،‬بل هي ظاهرة دائمة‪ ،‬وتشكل نصيب كل من يفر من بؤس‬
‫أيضا ملن تثبطهم املحاوالت الفاشلة‪ .‬يصلون إلى أوروبا والذين‬ ‫ً‬
‫وأحيانا الن‪،‬اعات املسلحة‪ ،‬ولكن ً‬ ‫بلدان الساحل‬
‫يستسلمون‪ ،‬لعدم وجود أي ش يء أفضل‪ ،‬ملحاولة الاستقرار بشكل دائم في املغرب‪.1‬‬
‫لذا أصبح موضوع الهجرة يكتس ي اهمية بالغة في العالم سواء تعلق الامر بالدول املستقبلة للهجرة او دول‬
‫الانطالق او دول العبور مثل املغرب الذي أصبح منذ التسعينات يعاني من موجات الهجرة غير الشرعية والسبب الرئيس‬
‫في هذا هو املوقع الجغرافي له كقربه من أوروبا ‪ 59‬كلم‪ ،‬واعتباره بوابة إلفريقيا‪ .‬وملواجهة التغيرات املختلفة والعميقة‬
‫في ديناميكيات الهجرة‪ ،‬اختار املغرب بشكل سيادي تنفيذ سياسة هجرة جديدة‪ ،‬قائمة على نهج إنساني متماسك‬
‫وعالمي‪ ،‬يحترم حقوق إلانسان والاتفاقيات الدولية‪.‬‬
‫إن وجود املهاجرين والالجئين في الحياة الاجتماعية باملغرب صار يسائل قيم مجتمعه ومدى انفتاحه على آلاخر‬
‫وقدرته على إدماج ألاجانب‪ ،‬بل يضع إشكالية حماية حقوقهم ألاساسية محطة اهتمام دولي ولعل من ألاسئلة ألاساسية‬
‫التي يجب ان تحظى باألهمية في هذا املوضوع هو مدى استجابة املنظومة القانونية واملؤسساتية الوطنية لالتفاقيات‬
‫والالت‪،‬امات الدولية التي وقعها املغرب؟ وكيف عالجت هذه املؤسسات وضع الالجئين من بؤس الهجرة غير الشرعية؟‬
‫وماهي البدائل التي اصبح املغرب يطرحها للحد من نزيف الهجرة غير املنتظمة؟‬
‫ملعالجة إلاشكاليات املطروحة اعتمدنا املنهج القانوني والتحليلي الذي يمكننا من رصد مختلف النصوص‬
‫القانونية ذات الصلة بوضع ألاجانب‪.‬‬
‫تنفيذا ملا أدرجناه سلفا‪ ،‬اعتمد مجلس الحكومة الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء في ‪ 58‬ديسمبر ‪.2159‬‬
‫انطالقا من التوجيهات السامية لصاحب الجاللة امللك محمد السادس‪ ،‬التي تتماش ى مع الالت‪،‬امات الدولية وأحكام‬
‫دستور ‪ .2155‬وقد تم تطوير هذه الاستراتيجية باستخدام النهج التشاركي بين مختلف القطاعات الوطنية املعنية‬
‫بالهجرة‪ .‬وذلك بتشخيص ظاهرة الهجرة‪ ،‬من خالل التجارب الدولية وإلاقليمية في هذا الشأن‪.‬‬
‫وللتوضيح أبعاد معالم الهجرة الجديدة باملغرب أفردنا املحور ألاول إلى املؤسسات القائمة بأعمال الهجرة‪،‬‬
‫ثم إلاطار التشريعي كمحور ثان‪ ،‬على ان نخصص املحور الثالث لألبعاد الجديدة للهجرة باملغرب‪.‬‬
‫املحور ألاول‪ :‬آلاليات املؤسساتية املعنية بالهجرة واللجوء في املغرب‬
‫لعبت املؤسسات الوطنية دورا هاما في حماية املهاجرين والالجئين سواء تعلق ألامر بإصدار النصوص القانونية‪،‬‬
‫أو تلك التي تساعد على إلادماج ومد العون للمهاجرين ونجد على راسها‪:‬‬
‫أوال‪ :‬املؤسسة امللكية‬
‫حافظ امللك محمد السادس‪ ،‬كما والده الراحل الحسن الثاني‪ ،‬على موقفه اتجاه قضية الهجرة املغربية واعتبار‬
‫ً‬
‫الجالية املقيمة بالخارج جزءا ال يتجزآ من ألامة املغربية‪ ،‬وذلك من خالل واقع تحليل بعض الخطب والرسائل والحوارات‬
‫الصحفية التي وردت على لسان امللك في شان الهجرة والجالية املغربية بالخارج‪ ،‬والدور الهام الذي تلعبه بمختلف‬

‫‪1‬‬
‫‪_ Mohamed MGHARI, La migration irrégulière au Maroc, Centre d’Etudes et de Recherches Démographiques (CERED), Rabat, 2007, pp.‬‬
‫‪22-23.‬‬
‫‪194‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مكوناتها وحرصه على ان تحظى شؤونها وقضاياها بما تستحق من عناية من اجل خدمة مصالحها املشروعة وصون‬
‫حقوقها‪ ،‬وبلورة سياسة وطنية جديدة في مجال الهجرة ذات بعد إنساني وحقوقي‪.1‬‬
‫لذلك وغداة اطالعه على التقرير املوضوعاتي والتوصيات التي أعدها املجلس الوطني لحقوق إلانسان حول‬
‫وضعية املهاجرين والالجئين باملغرب‪ ،‬أعلن ملك املغرب محمد السادس في سنة ‪2150‬عن سياسة جديدة للهجرة‪ .‬ووعد‬
‫بمقاربة إنسانية للمهاجرين وإمكانية اندماجهم في املجتمع املغربي‪ .‬وقد صاغها الخطاب املغربي الرسمي كسياسة‬
‫إنسانية جديدة‪ ،‬مؤكدا على املقاربة التشاركية في تأييدها والتأكيد على تأثيرها في تغيير حياة املهاجرين والتصدي لإلتجار‬
‫بالبشر‪ .2‬لذا أعطى تعليماته للحكومة لإلسراع بوضع وتفعيل‬
‫استراتيجية ومخطط عمل مالئمين من اجل بلورة سياسة مندمجة ومتعددة ألابعاد لقضايا الهجرة باملغرب‬
‫وفق مقاربة إنسانية‪ ،‬تحترم الالت‪،‬امات الدولية لبالدنا وتراعي حقوق املهاجرين‪ .3‬لذا عملت الحكومة وألاجهزة التابعة‬
‫لها على تنفيذ قرارات املؤسسة امللكية وتبني أنظمة جديدة سواء تعلق ألامر باألجهزة املؤسساتية أو التنظيمية التي‬
‫تخدم الصالح العام لدولة الاستقبال التي هي املغرب أو املهاجرين والالجئين والذين هم في غالب ألاحيان ضحايا إلاتجار‬
‫بالبشر ومن هنا سنتطرق إلى بعض ألاجهزة ألاخرى املوكول لها هذه املهمة‬
‫ثانيا‪ :‬ألاجهزة الحكومية‬
‫‪ -5‬وزارة الشؤون الخارجية‪ 4‬والتعاون إلافريقي واملغاربة املقيمين بالخارج هي الوزارة املغربية املكلفة‬
‫بإعداد وتنفيذ سياسة الحكومة املتعلقة بالعالقات الخارجية للمملكة املغربية وهي مسؤولة عن توجيه العمل‬
‫الدبلوماس ي املغربي وتنسيق العالقات الخارجية التي تتجلى في مساعدة املهاجرين سوآءا كانوا مغاربة أو من دول‬
‫أخرى مقيمين على ارض الوطن في املغرب مما أنها تسهم في تنمية التعاون الدولي‪.5‬‬
‫تتكون وزارة الخارجية حسب هيكلها التنظيمي من عدة مديريات لكل منها اختصاصها‪ ،‬باإلضافة إلى البعثات‬
‫الديبلوماسية واملراكز القنصلية‪6‬والتي تؤطرها مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية والتي من بين مهامها‪:‬‬
‫‪ ‬بحث ومعالجة القصايا والعالقات ذات الطابع القنصلي والاجتماعي املرتبطة بإقامة وتنقل‬
‫املغاربة املقيمين بالخارج وألاجانب في املغرب؛‬
‫السهر على تنفيذ الاتفاقيات املتعلقة بنظام الالجئين وعديمي الجنسية املستقرين باملغرب؛‬ ‫‪‬‬
‫املساهمة في تحقيق ألاهداف الاستراتيجية في مجال الهجرة؛‬ ‫‪‬‬

‫‪ _ 1‬لبنى بوشياه‪ ،‬قضايا الهجرة واملهاجرين على ضوء الاتفاقيات الدولية والنصوص الوطنية مع رصد الهم الاجتهادات القضائية‪ ،‬املؤسسة امللكية في‬
‫قضية الهجرة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬سنة ‪ ،2159‬ص ‪.551‬‬
‫‪2 _ Imane Bendra, Sub-Saharan migrants’ life circumstances under the new Moroccan migration policy, research paper , p.1.‬‬
‫على الرابط الالكتروني‪:‬‬
‫تمت ‪http ://www.migratingoutofpoverty.org/files/file.php?name=bendra-moroccos-new-migration-policy-update.pdf&site=354‬‬
‫‪ ،21218h30.‬الساعة الزيارة يومه الجمعة ‪ 21‬غشت‬
‫‪ - 3‬للمزيد انظر في هذا الشأن‪ ،‬الخطاب امللكي السامي بمناسبة ذكرى املسيرة الخضراء ‪ 6‬نونمبر‪ 2150‬على الرابط الالكتروني‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=ZK-SyPbUA18‬‬
‫‪ - 4‬تأسست وزارة الشؤون الخارجية والتعاون إلافريقي واملغاربة املقيمين بالخارج بموجب الظهير رقم ‪ 5.16.149‬الصادر في ‪ 59‬رمضان ‪26( 5091‬‬
‫أبريل ‪.)5416‬‬
‫‪ - 5‬املادة ‪ 5‬من املرسوم رقم ‪ 2.55.928‬صادر في ‪9‬شوال ‪6( 5902‬سبتمبر‪ )2155‬بشان اختصاصات وتنظيم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي‬
‫واملغاربة املقيمين بالخارج‪.‬‬
‫‪ - 6‬املادة ‪ 2‬من املرسوم‪ ،‬املرجع السابق الذكر‪.‬‬
‫‪195‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫بالخارج‪1.‬‬ ‫‪ ‬املساهمة في بلورة وتنفيذ السياسة الحكومية اتجاه املغاربة املقيمين‬


‫‪ -2‬وزارة الداخلية‬
‫تولي وزارة الداخلية أهمية لتدريب قوات ألامن الوطنية‪ ،‬والدرك امللكي وألامن القومي في ألامور املتعلقة بحقوق‬
‫إلانسان والقانون الدولي املتعلق بالالجئين والهجرة واللجوء وإلاتجار بالبشر وتهريب املهاجرين‪ ،‬كل هذه املحاور تم‬
‫أيضا مع الجهات الفاعلة الدولية‪ ،‬مثل مفوضية‬ ‫دمجها في برامج التدريب ألاولية واملستمرة‪ .‬وتتعاون وزارة الداخلية ً‬
‫ألامم املتحدة لشؤون الالجئين‪ ،‬واملنظمة الدولية للهجرة‪ ،‬ومكتب ألامم املتحدة املعني باملخدرات والجريمة‪ ،‬واليونيسيف‬
‫بشأن توفير التدريب ووضع مبادئ توجيهية لتحديد ألاشخاص املعرضين للفساد وإحالتهم أو مساعدتهم‪.2‬‬
‫بحكم الاختصاصات التي يخولها لها القانون‪ ،‬فان أجهزتها وهياكلها تتمتع بصالحيات واسعة في مجال تدبير‬
‫الشؤون اليومية للمواطنين والحفاظ على ألامن والسكينة‪3،‬ومن أجل تامين الحدود املغربية والدول املجاورة للمملكة‬
‫ومراقبتها والحد من الشبكات إلارهابية العابرة للقارات‪ ،‬وشبكات تهريب املهاجرين‪ ،‬تم إحداث بعض ألاجهزة التابعة‬
‫لوزارة الداخلية ومن بينها‪:‬‬
‫‪ ‬مديرية الهجرة ومراقبة الحدود‬
‫تتتبع مديرية الهجرة ومراقبة الحدود‪ 4‬في تنظيمها الهيكلي إلى وزارة الداخلية‪ ،‬وتناط بها مراقبة الحدود باإلضافة‬
‫إلى التطبيق العملي لالستراتيجية الوطنية في ميدان محاربة شبكات تهريب املهاجرين‪.5‬‬
‫لم يقتصر عمل هذه املديرية داخل النفوذ الوطني ومع الشركاء املحليين بل تعداه مع دول الجوار فمباشرة بعد‬
‫إحداثها في سنة ‪ ،2119‬نظم املغرب وإسبانيا دوريات مشتركة في مضيق جبل طارق واملحيط ألاطلس ي وجزر الكناري‬
‫فكان من نتائج هذا التعاون تراجع في نسبة الهجرة الوافدة غير النظامية عبر املغرب من ‪ 06099‬شخص عام ‪ 2110‬إلى‬
‫‪56161‬عام ‪.21166‬‬
‫‪ ‬املرصد الوطني الهجرة‬
‫املرصد الوطني للهجرة‪7‬يتبع في تنظيمه الهيكلي إلى وزارة الداخلية‪ ،‬تتلخص مهامه ألاساسية في بلورة التوجهات‬
‫الاستراتيجية الوطنية في مجال الهجرة‪ ،‬من خالل اقتراح التوجهات الهادفة لتحديد ووضع سياسة وطنية في اطار‬

‫‪ _1‬املادة ‪ 51‬من املرسوم نفسه‪.‬‬


‫‪2 _ The Kingdom of Morocco Ministry Delegate to the Minister of Foreign Affairs and International Cooperation in charge of Moroccans‬‬

‫‪living abroad and Migration Affairs, in cooperation with the German Cooperation Agency GIZ, Morocco’s Migration Policies and the‬‬
‫‪Global Compact for Safe Orderly and Regular Migration, 2018, p.46.‬‬
‫‪ -3‬املاد‪ 5‬من مرسوم رقم ‪ 2.49.596‬صادر في ‪ 59‬من شعبان ‪ 51( 5958‬ديسمبر ‪ ،)5449‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9118‬بتاريخ ‪ 5448/12/11‬الصفحة‬
‫‪.111‬‬
‫‪ _ 4‬تم احداثها بموجب مرسوم رقم ‪ 2.19.911‬صادر في ‪ 59‬من ذي القعدة ‪ 29( 5921‬ديسمبر‪ )2119‬بتغيير وتتميم املرسوم رقم ‪ ،2.49.596‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 29 – 1281‬ذو القعدة ‪ 6( 5921‬يناير ‪ )2111‬ص‪.99.‬‬
‫‪ _5‬املادة ‪ 59‬من الرسوم نفسه‪.‬‬
‫‪ _6‬املركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة املمول من قبل الاتحاد ألاوروبي‪ ،‬تأثير املواقف العامة إزاء الهجرة على البيئة السياسية في املنطقة‬
‫الاورومتوسطية‪ ،2154 ،‬ص‪.26.‬‬
‫‪ _ 7‬تم احداثه بموجب مرسوم رقم ‪ 2.19.915‬صادر في ‪ 59‬من ذي القعدة ‪ 29( 5921‬ديسمبر‪ )2119‬بتغيير وتتميم املرسوم رقم ‪ ،2.49.596‬الجريدة‬
‫الرسمية عدد ‪ 29 – 1281‬ذو القعدة ‪ 6( 5921‬يناير ‪ )2111‬ص‪.96.‬‬
‫‪196‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الهجرة باإلضافة إلى إبداء الراي حول مشاريع النصوص التشريعية او التنظيمية‪ ،‬إلى جانب اعداد قاعدة بيانات‬
‫وإحصائيات حول تدفق الهجرة‪.1‬‬
‫املندوبية الوزارية لحقوق إلانسان‬ ‫‪-3‬‬
‫أحدثت املندوبية الوزارية لحقوق إلانسان‪ ،‬لتعويض وزارة حقوق إلانسان‪ ،‬وهي هيئة حكومية مهمتها إعداد‬
‫وتنفيذ السياسة الحكومیة في مجال الدفاع عن حقوق إلانسان بالتنسيق مع القطاعات الوزارية والهیئات املعنية ‪.2‬‬
‫تقترح املندوبیة الوزاریة كل التدابير التي تهدف إلى ضمان دخول الاتفاقیات الخاصة بحقوق إلانسان والقانون‬
‫إلانساني حي‪ ،‬التنفیذ‪ ،‬باإلضافة إلى مؤازرة القطاعات الوزاریة عند التفاوض بشأن مشاریع الاتفاقیات الدولیة والثنائیة‬
‫واملتعددة ألاطراف التي لها عالقة باختصاصاتها‪ ،‬مع املساهمة في دراسة الاتفاقیات التي تعت‪،‬م الدولة القيام بها‬
‫واملصادقة عليها بخصوص حقوق إلانسان والقانون الدولي إلانساني‪.3‬‬
‫وفي نفس السیاق یسند إلى مدیر الدراسات القانونية والتعاون الدولي لدى املندوبیة‪ ،‬مراعاة الاختصاصات‬
‫املخولة لباقي القطاعات الوزاریة القیام بما یلي ‪:‬‬
‫‪ ‬دراسة النصوص التشریعیة والتنظیمیة الجاري بها العمل لتقدیر مدى مطابقتها ألحكام الاتفاقیات الدولیة‪.‬‬
‫‪ ‬تتبع التوجيهات واملالحظات املترتبة عن فحص التقاریر الوطنیة من لدن ألاجهزة املتعلقة بحقوق إلانسان‪.‬‬
‫‪ ‬السهر على تتبع التقاریر الصادرة عن الهیئات الوطنیة أو الدولیة املتعلقة بحقوق إلانسان باملغرب‪ ،‬وإعداد‬
‫مشاریع ألاجوبة عنها عند الاقتضاء‪.4‬‬
‫ثالثا‪ :‬املؤسسات الوطنية‬
‫‪ - 1‬املجلس ألاعلى للجالية املغربية بالخارج‬
‫تجسيدا للعناية امللكية السامية التي يوليها للرقي بأحوال املواطنين املقيمين بالخارج‪ ،‬والاهتمام البالغ بتمكينهم‬
‫من كل الحقوق‪ ،‬حيثما كانوا تم إحداث مجلس للمغاربة بالخارج‪ 5‬كمؤسسة استشارية بجانب جاللة امللك محمد‬
‫السادس فمن بين مهامها‪6‬‬

‫• دراسة مشاكل الجالية املغربية املقيمة بالخارج‪ ،‬ال سيما تلك املتعلقة بظروف املعيشة والعمل‪ ،‬وتعليم اللغة‬
‫العربية في الخارج والعمل الثقافي والديني‪.‬‬
‫• دعم وتعزيز عملية دمج املهاجرين املغاربة في هياكل البلدان املضيفة مع الحفاظ على الهوية الوطنية املغربية‪.‬‬
‫• إبداء الرأي في القضايا املتعلقة بإشراك املهاجرين املغاربة في املؤسسات الوطنية وجميع جوانب الشؤون‬
‫العامة‪.‬‬
‫• إجراء دراسات حول املوضوعات التي تهم املهاجرين املغاربة‪.‬‬

‫‪ _ 1‬املادة ‪ 5‬من مرسوم رقم ‪ 2.19.915‬تم ذكره سابقا‪.‬‬


‫‪ _2‬مرسوم رقم ‪ 2.55.511‬صادر في ‪ 9‬جمادى ألاولى ‪ 5902‬املوافق‪ 55 ( :‬أبريل ‪ ،) 2155‬الجريدة الرسمية عدد ‪. 1400‬‬
‫‪ _3‬املادة ‪ 2‬من املرسوم رقم ‪ 2.55.511‬املذكور سابقا‪.‬‬
‫‪ _4‬املادة ‪ 9‬من املرسوم نفسه‪.‬‬
‫‪ - 5‬ظهير شريف رقم ‪ 5.19.218‬صادر في ‪ 51‬ذي الحجة ‪ 25( 5928‬ديسمبر ‪ ،)2119‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1611‬بتاريخ ‪ 22‬محرم ‪ 05 ( 5924‬يناير‬
‫‪ ،)2118‬ص ‪.016‬‬
‫‪6 - mohamed khachani, l’impact de la migration sur la société marocaine, international congres on développent Madrid 2006, p.15.‬‬

‫‪197‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫باإلضافة إلى املهام السالفة الذكر فان املجلس يعد تقريرا سنويا عن أنشطته وتقريرا عاما‪ ،‬كل سنتين‪ ،‬يحلل‬
‫فيه اتجاهات الهجرة املغربية وإشكالياتها الخاصة‪ .‬وينجز تقارير خاصة حول القضايا التي يعالجها خالل جلساته العامة‬
‫أو القضايا التي تعرض عليه من لدن جاللة امللك‪.1‬‬
‫وفي هذا إلاطار يجب على املؤسسات وإلادارات العمومية واملهيآت العامة والجماعات املحلية والغرف املهنية وكل‬
‫السلطات العمومية وألاجهزة التابعة لها‪ ،‬كل في نطاق اختصاصه‪ ،‬تزويد املجلس‪ ،‬كلما طلب ذلك‪ ،‬باملعلومات الالزمة‬
‫إلنجاز مهامه‪.2‬‬
‫‪ - 2‬املجلس الوطني لحقوق إلانسان‬
‫املجلس الوطني لحقوق إلانسان‪ 3‬حل محل املجلس الاستشاري لحقوق إلانسان الذي تأسس في عام ‪ .5441‬تم‬
‫احداث هذا املجلس في سیاق إلاصالح الدستوري الذي شهده املغرب سنة ‪ ،2155‬وذلك لتكريس دولة الحق والقانون‪.‬‬
‫یعتبر املجلس الوطني لحقوق إلانسان مؤسسة وطنية تعددیة مستقلة‪ ،‬تتولى النظر في القضايا املتعلقة بالدفاع‬
‫عن حقوق إلانسان والحريات وحمايتها‪ ،‬وضمان ممارستها الكاملة‪ ،‬والنهوض بها وصيانة كرامة وحقوق وحریات‬
‫املواطنات واملواطنين‪ ،‬أفرادا وجماعات‪ ،‬وذلك في نطاق الحرص التام على احترام املرجعيات الوطنية والكونیة في هذا‬
‫املجال‪ ،‬حيث يقوم املجلس برصد انتهاكات حقوق إلانسان بسائر جهات اململكة‪.4‬‬
‫ومن أجل ذلك‪ ،‬يجوز له إجراء التحقيقات والتحريات الالزمة بشأنها‪ ،‬كلما توفرت لديه معلومات مؤكدة وموثوق‬
‫منها‪ ،‬حول حصول هذه الانتهاكات‪ ،‬مهما كانت طبيعتها أو مصدرها‪.‬‬
‫وفي هذا إلاطار‪ ،‬ينجز املجلس تقارير تتضمن خالصات ونتائج الرصد أو التحقيقات والتحريات التي قام بها‪.‬‬
‫ويتولى رفعها إلى الجهة املختصة‪ ،‬مشفوعة بتوصياته ملعالجة الانتهاكات املذكورة‪ .‬كما يخبر ألاطراف املعنية‪ ،‬عند‬
‫الاقتضاء‪ ،‬بالتوضيحات الالزمة‪.5‬‬
‫كما يجوز للمجلس أن يطلب من إلادارات واملؤسسات املعنية‪ ،‬أن تقدم له تقارير خاصة أو بيانات أو معلومات‪،‬‬
‫حول الشكايات التي يتولى النظر فيها‪ ،‬أو القضايا التي يتصدى لها تلقائيا‪.6‬‬
‫رابعا‪ :‬مؤسسات املجتمع املدني القائمة بأعمال الهجرة‬
‫الجمعية هي اتفاق لتحقيق تعاون مستمر بين شخصين أو عدة أشخاص الستخدام معلوماتهم او نشاطهم لغاية‬
‫غير توزيع ألارباح فيما بينهم‪ .7‬وتؤسس جمعيات املجتمع املدني واملنظمات غير الحكومية وتمارس أنشطتها بحرية في‬
‫نطاق أحكام الدستور والقانون‪.8‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 9‬من القانون املنظم ملجلس الجالية املغربية بالخارج‪.‬‬


‫‪ - 2‬املادة ‪ 1‬من القانون املنظم ملجلس الجالية املغربية بالخارج‪.‬‬
‫‪ -3‬اش ئ املجلس الاستشاري لحقوق الانسان في مارس‪ 2155‬وفق الظهير الشريف‪ ،‬رقم ‪ 5.55.54‬صادر في ‪ 21‬من ربيع ألاول ‪( 5902‬فاتح مارس ‪)2155‬‬
‫الجريدة الرسمية عدد ‪ 1422‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬ربيع ألاول ‪0( 5902‬مارس‪.)2155‬‬
‫‪.2155‬‬ ‫يوليوز‬ ‫‪ - 4‬الفصل ‪ 565‬من الدستور‪ ،‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 5.55.45‬بتاريخ‪24‬‬
‫‪ -5‬املادة ‪ 9‬من الظهير الشريف‪ ،‬رقم ‪ 5.55.54‬املحدث للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان‪.‬‬
‫‪ _6‬املادة ‪ 6‬من الظهير الشريف رقم ‪ ،5.55.54‬السابق‪ ،‬الذكر‬
‫‪ _7‬الفصل‪ 5‬من القانون رقم ‪ 91.11‬املعدل واملتمم للظهير الشريف رقم ‪ .5.18.096‬املؤرخ ‪ 51‬نوفمبر ‪ 5418‬الذي ينظم حرية تكوين الجمعيات يشمل‬
‫الجمعيات املحلية وألاجنبية‪.‬‬
‫‪ _8‬الفقرة الاولى من املادة ‪ 52‬من الدستور املغربي‪.‬‬
‫‪198‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لقد أضحى املجتمع املدني يضطلع بأدوار طالئعية في بناء وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية‪ ،‬بل اصبح أحد‬
‫الشركاء الفعليين للدولة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحصين حقوق إلانسان‪ .‬لهذا منحه – املجتمع املدني–‬
‫الدستور املغربي املكانة الالئقة نظرا للخدمات النبيلة التي يقدمها‪1.‬‬

‫قدمت املنظمات غير الحكومية املحلية الخدمات ألاساسية للمهاجرين والالجئين في املغرب منذ التسعينيات‪،2‬‬
‫لهذا فمنذ الخطوات ألاولى للسياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء‪ ،‬وضع املغرب آلية دائمة للتشاور مع جمعيات‬
‫املجتمع الدني‪ ،‬وذلك بعقد جملة من اللقاءات الاخبارية والتشاورية في مناسبات متعددة تهم مراحل إدماج املهاجرين‬
‫والالجئين‪ .‬فكانت مساهمات املجتمع املدني الفاعل في حقل الهجرة اساسية وغنية‪ ،‬سواء تعلق ألامر بالعملية‬
‫الاستثنائية لتسوية الوضعية إلادارية لألجانب املقيمين بطريقة غير قانونية باململكة او بالتأهيل القانوني واملؤسساتي‬
‫او ببرامج الادماج السوسيو‪ -‬ثقافي والاقتصادي‪3.‬‬

‫حسب وزارة العالقات مع البرملان واملجتمع املدني‪ ،‬فإن هناك ما يقدر بـ ‪ 91‬ألف جمعية تعمل في جميع املجاالت‬
‫باملغرب يعمل املئات منها في مجال حقوق إلانسان وحقوق املرأة وحقوق الطفل وحقوق ألاشخاص ذوي إلاعاقة‬
‫وألاشخاص املصابين بفيروس نقص املناعة البشرية‪ .4‬وتوجد في املغرب عدة جمعيات اجنبية تعمل بالشراكة مع‬
‫الجمعيات املغربية او لوحدها تنشط في تقديم الغوث للمهاجرين والالجئين وتستفيد هذه الجمعيات من دعم مالي من‬
‫اجل تحسين حياة السكان املهاجرين اليومية وتسهيل ولوجهم للخدمات الاساسية نذكر منها على سبيل املثال‪.5‬‬
‫‪ -5‬منظمة ارض الانسان (‪ )Terre des Hommes‬يوجد مقرها الرئيس ي بإسبانيا دورها يكمن في تعزيز حماية‬
‫حقوق املهاجرين ويرمي مشروعها إلى تحسين ولوج النساء ضحايا العنف او الاستغالل الجنس ي‪ ،‬والاطفال املهاجرين‬
‫لخدمات الصحة العمومية والتربية والتكوين‪ ،‬كما ان لها دور اخرفي تحسيس املجتمع املدني وأصحاب القرار السياس ي‬
‫بوضعية املهاجرين القادمين من وراء الصحراء‪ ،‬كما أن لهذه الجمعيات قوة اقتراحية في تحسين الاطار القانوني الوطني‪.‬‬
‫‪ -2‬منظمة الاسعاف الكاثوليكي‪ ،‬مقرها الرئيس ي فرنسا وتعمل بشراكة مع بعض الجمعيات املغربية مثل كاريتاس‬
‫املغرب‪ ،‬من بين أدوارها الدعوة لالحترام حقوق املهاجرين القادمين من جنوب الصحراء واملعرضين اكثر من غيرهم‬
‫لإلقصاء‪ ،‬وتعمل هذه الجمعية نواحي الرباط وطنجة والدار البيضاء على استقبال املهاجرين ومواكبتهم‪.‬‬
‫‪ -0‬جمعية كاريتاس املغرب من بين املساعدات التي تقدمها‪ ،‬ادماج ابناء املهاجرين وخصوصا الاطفال املتراوحة‬
‫اعمارهم ما بين ‪ 9‬و‪ 9‬سنوات باملدارس املغربية العمومية باإلضافة إلى التحسيس في املدارس والجلوس مع الاكاديميين‬
‫و املدراء والعمل معهم على ضرورة التعليم النظامي لهذه الطائفة من الاطفال‪.‬‬

‫‪1-‬‬
‫‪Anis Birrou, Politiques Migratoires Quel Rôle pour la Société Civile, Forum Annuel de l’Immigration, Rabat, 14 mars 2016, 3 Emme‬‬
‫‪édition, p.14.‬‬
‫‪2- Imane Bendra, Sub-Saharan migrants’ life circumstances under the new Moroccan migration policy, research paper , p.6..‬‬

‫‪3 – Imane Bendra, Sub-Saharan migrants’, op.cit, p .15.‬‬

‫‪4 _ United Nations, Committee on the Protection of the Rights of All, Initial reports of States parties due in Morocco 2012, p.11.‬‬

‫‪ 5 -‬مفوضية الاتحاد الاوروبي باململكة املغربية‪ ،‬همزة وصل‪ ،‬القسم السياس ي ‪ -NAPALM‬الرباط العدد ‪،541‬شتنبر‪ ،2150‬ص‪.1.‬‬
‫على الرابط الالكتروني‪:‬‬
‫تمت الزيارة يومه ‪https://eeas.europa.eu/archives/delegations/morocco/documents/news/trait_d_union_n_199_ar.pdf 21‬‬
‫شتنبر‪2121‬على الساعة الثامنة والنصف‪.‬‬

‫‪199‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -9‬جمعية ( ‪ )Progetto Mondo Mlal‬وهي منظمة غير حكومية إيطالية تهتم برعاية ألاطفال القصر غير املرفقين‬
‫وتساهم في تعبئة الفاعلين واملؤسسات املعنية في أقاليم بني مالل وخريبكة وطنجة والناضور‪.‬‬
‫‪ -1‬وكالة التعاون ألاملانية (‪ )GIZ‬تعمل على مشاريع ‪ RECOMIG‬و ‪ ،RECOSA‬والتي تستهدف على التوالي بناء‬
‫قدرات ‪ 51‬بلديات شريكة وإنشاء مشاريع تكامل رائدة على املستويين إلاقليمي واملحلي‪.‬‬
‫في إطار بناء قدرات الفاعلين إلاقليميين‪ ،‬تم تصميم "تمرين محاكاة" حول موضوع التكامل‪ ،‬على املستوى املحلي‬
‫واختباره مع الجهات الفاعلة إلاقليمية والقطاع العام وجمعيات املجتمع املدني‪ ،‬خالل الدورات التدريبية التي تم‬
‫تنظيمها لـهذا الغرض‪ .‬والهدف من ذلك هو اكتساب املعرفة حول الهجرة‪ ،‬وتحليل اهتمامات الفاعلين السياسيين في‬
‫هذه القضية‪ ،‬والتعرف على أدوات التخطيط واتخاذ القرار على املستوى املحلي‪ ،‬تم تنظيم رحلتين دراسيتين إلى أملانيا‬
‫لصالح ممثلين محليين‪.1‬‬
‫‪ -6‬الجمعية املغربية لحقوق إلانسان‪ ،‬تأسست الجمعیة املغربیة لحقوق إلانسان سنة ‪ 1979‬بمبادرة من بعض‬
‫املناضلين السیاسیين املنخرطين في الدفاع عن حقوق إلانسان‪ ،‬وهي منظمة مستقلة‪ ،‬وتعتبر من أهم الجمعیات غير‬
‫الحكومیة باملغرب‪ .‬ویحدد الفصل الثالث من النظام ألاساس ي للجمعیة دورها في الدفاع عن حقوق إلانسان‪ ،‬إذ ینصب‬
‫دورها على ضمان احترام الحریات الجماعیة والفردیة والدفاع عن كرامة إلانسان وإدانة كافة الانتهاكات لحقوق‬
‫إلانسان والدفاع عن ضحایاها‪.‬‬
‫ومن بين القضایا التي تعمل عليها‪ ،‬هجرة ألافارقة جنوب الصحراء‪ ،‬حیث ترصد الجمعیة الانتهاكات التي یتعرض‬
‫لها املهاجرون ألافارقة واملتمثلة في املطاردات والاعتقاالت الجماعیة‪ ،‬والترحیل الجماعي‪ .‬باإلضافة إلى اصدارها بعض‬
‫التقارير السنوية‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الجمعية املغربية السالفة الذكر توجد املئات من الجمعيات في املغرب والتي بدورها تساهم في‬
‫تقديم العون إلى الالجئين الا ان مساعداتها تبقى محدودة نظرا لإلمكانيات املادية املرصودة لها والتي هي بدورها ضعيفة‪،‬‬
‫هذا باإلضافة إلى توافد أعداد كبيرة من املهاجرين القادمين من جنوب الصحراء‪.‬‬
‫الى جانب الجمعيات مثال هنا في مدينة وجدة ال ننس ى الدور الذي تلعبه املساجد والكنائس في تقديم العون‬
‫للمهاجرين وهذه النقطة اشار اليها ألامين العام ملجموعة مناهضة العنصرية ودعم املهاجرين في املنتدى املتعلق بالهجرة‪،‬‬
‫الذي نظم بالرباط سنة ‪ 2156‬اثناء مداخلته بقوله ان املساجد والكنائس اعطت الكثير للمهاجرين سواء منهم العابرين‬
‫او الالجئين كما لعبت دورا كبيرا في التنسيق مع الجمعيات العاملة في ميدان الهجرة‪ ،‬كما اشار مداخلته إلى بعض‬
‫الشخصيات التي اعطت الكثير في العمل الجمعوي‪.2‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Ministère Délégué auprès du Ministre des Affaires étrangères et de la Coopération internationale chargé des Marocains résidant à‬‬
‫‪l'étranger et des Affaires migratoires, Politique Nationale d’Immigration et d’Asile RAPPORT 2018, p.86.‬‬
‫‪2_ Dans le domaine des droits des migrants au Maroc, il y a eu, a mon sens, deux interventions décisives :‬‬

‫‪La première est celle des organisations caritatives et religieuses, qui les premières ont accompagné une partie de leurs coreligionnaires‬‬
‫‪en transit au Maroc, je ne pourrais laisser cette occasion passer, sans citer deux personnalités de premier plan dans le travail de soutien,‬‬
‫‪de compassion et de solidarité active avec les personnes en mobilité, notamment dans la région de l’oriental. Il s’agit du défunt JOSPEPH‬‬
‫‪LEPINE qui officia depuis les années 60 dans l’église Saint François de CASABLANCA et ensuite dans l’église d’OUJDA. Père LEPINE‬‬
‫‪travaillait en étroite collaboration avec le tissu associatif de l’oriental. A propos de l'auteur : Hicham Rachidi, Politiques Migratoires Quel‬‬
‫‪Rôle pour la Société Civile, Forum Annuel de l’Immigration, Rabat, 14 mars 2016, 3 ème édition, p.54.‬‬
‫‪200‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خامسا‪ :‬املؤسسات الدولية املوجودة على التراب املغربي‬


‫‪ - 1‬املفوضية السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئين‬
‫تقوم مفوضية ألامم املتحدة السامية لشؤون الالجئين (‪ )UNHCR‬بقيادة وتنسيق العمل الدولي لحماية الالجئين‬
‫وحل مشاكلهم في جميع أنحاء العالم‪ .‬حيث تساعد املهاجرين وبالخصوص الطبقات املستضعفة كاألطفال والنساء‬
‫والعجزة واملعوقين في الحصول على طلب اللجوء وإيجاد مالذ آمن في بلد آخر‪ ،‬مع خيار العودة إلى الوطن طواعية أو‬
‫الاندماج ً‬
‫محليا أو إعادة التوطين في بلد ثالث‪ ،1‬وتوجد مكاتب لها ايضا في دول أخرى مختلفة من العالم‪ ،‬ومنها املغرب‪.‬‬
‫ان املفوضية السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئين هي في الواقع جزء من شرطة السكان العاملية موجودة في‬
‫تركيا منذ عام ‪ .5461‬على الرغم من عدم توقيع اتفاقية رسمية مع الحكومة التركية حتى اليوم‪.2‬‬
‫ً‬
‫غالبا ما يتوجه العديد من املهاجرين الذين يسعون للحصول على وضع الالجئ في املغرب على الفور إلى مفوضية‬
‫ووفقا ألحدث البيانات الصادرة عن املفوضية‬ ‫ً‬ ‫ألامم املتحدة السامية لشؤون الالجئين التي يقع مكتبها في الرباط‪.‬‬
‫السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئين في املغرب‪ ،‬يوجد أكثر من ‪ 8111‬مهاجر حوالي ‪ 6111‬شخص هم من الالجئين‬
‫(املفوضية السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئين ‪ .)2154‬يأتي هؤالء ألافراد من عدد من البلدان بما في ذلك سوريا‬
‫وساحل العاج واليمن والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغينيا‪.3‬‬
‫ومن أجل الحصول على بطاقة الجئ‪ ،‬كان على طالب اللجوء الذهاب أوال إلى مقر املفوضية في الرباط إلجراء‬
‫مقابلة تحديد وضع الالجئ‪ .‬إذا قررت املفوضية السامية لألمم املتحدة لشؤون الالجئين أن الفرد يستحق وضع الالجئ‪،‬‬
‫فسيتم إحالة هذا الشخص إلى مكتب الالجئين وعديمي الجنسية التابع للحكومة املغربية‪ ،‬والذي يتخذ القرار النهائي‬
‫بشأن ما إذا كان هذا الشخص سيحصل على بطاقة الجئ من عدمه‪ ،‬وفي حالة حصوله تخول له هذه البطاقة إمكانية‬
‫الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والخدمات املجتمعية‪ ،‬ال سيما من خالل املفوضية وشركائها املحليين ‪4.‬‬

‫في سياق الهجرة املختلطة‪ ،‬اختارت املفوضية تبني دور يدعم حكومة املغرب في إنشاء نظام لجوء وطني‪ً .‬‬
‫وبناء‬
‫على ذلك‪ ،‬كانت استراتيجية املفوضية هي‪ )5( :‬إجراء تسجيل وضع الالجئ وإجراءاته بالتعاون مع السلطات‪ )2( ،‬تقديم‬
‫املساعدة إلانسانية والحماية لالجئين‪ ،‬ودعم الاستراتيجية الوطنية للهجرة واللجوء‪ )0( ،‬تعزيز القدرات املؤسسية‬
‫للجهات الفاعلة الوطنية املشاركة في مجال اللجوء‪ )9( ،‬وضع حلول دائمة لالجئين من خالل التركي‪ ،‬على الاندماج‬
‫ً‬
‫الاجتماعي واملنهي‪ ،‬أو العودة الطوعية إلى الوطن أو إعادة التوطين في بلد ثالث للفئات ألاكثر ضعفا ‪.5‬‬
‫ً‬
‫تماشيا مع امليثاق العالمي بشأن الالجئين‪ ،‬تشجع املفوضية في املغرب البحث عن حلول دائمة‪ ،‬مع إعطاء‬
‫ألاولوية لالندماج املحلي لالجئين‪ .‬تهدف املفوضية وشركاؤها إلى تزويد الالجئين بالدعم في رحلة الاندماج املنهي من خالل‬
‫ً‬
‫صغيرا كما هو الشأن ايضا في عام‬ ‫ً‬
‫مشروعا‬ ‫توفير التدريب على املهارات ‪ .‬في عام ‪ ،2159‬دعمت املفوضية إنشاء ‪85‬‬
‫مشروعا صغيرا ودعم الاندماج الاجتماعي واملنهي لـ ‪ً 559‬‬
‫الجئا‪ .‬تهدف هذه إلاجراءات‬ ‫ً‬ ‫‪ ،2158‬حيث ساعدت على إنشاء ‪88‬‬

‫‪1 _ United Nations High Commissioner for Refugees (UNHCR), Australian Multilateral Assessment March 2012 , P.1.‬‬

‫‪2 _ Stephan Scheel, And others, Refugee Protection Meets Migration Management: UNHCR as a Global Police of Populations, Journal‬‬
‫‪of‬‬
‫‪Ethnic and Migration Studies, pp.3-4.‬‬
‫‪3 _ Anjali Patel, NGOs, Religious Diversity, and Displacement in Morocco, SIT Graduate Institute/SIT Study Abroad SIT Digital Collections,‬‬

‫‪2020, pp.7-8‬‬
‫‪4_ Hannah Chenok, Syrian refugees’ lived experiences, in Morocco , independent study project (isp) collection sit study, abroad fall 2017,‬‬

‫‪p.7‬‬
‫‪5 _ United Nations refugee report, Evaluation: Morocco (2016–2019),p.3.‬‬

‫‪201‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أيضا إلى تحسين إمكانية توظيف الالجئين من خالل زيادة الوعي والدعوة من خالل إقامة شراكات أو تعزيز قدرات‬ ‫ً‬
‫الجهات الفاعلة العامة والخاصة التي يمكن أن تسهل الاندماج املنهي لالجئين‪ .‬كما تقدم املفوضية السامية لألمم‬
‫املتحدة لشؤون الالجئين الدعم لالجئين (وطالبي اللجوء في بعض الحاالت) الذين يختارون العودة الطوعية إلى الوطن‪.‬‬
‫تتم إحالة طالبي اللجوء الذين تم رفض طلباتهم بشكل منهجي إلى برنامج العودة الطوعية وإعادة إلادماج الذي تديره‬
‫املنظمة الدولية للهجرة (‪.)IOM‬‬
‫ً‬
‫كما تنفذ املفوضية أيضا برنامج إعادة توطين الالجئين ذوي الاحتياجات الخاصة‪ .‬ففي عام ‪ ،2159‬غادر ‪49‬‬
‫ً‬
‫الجئا املغرب إلى الواليات املتحدة ألامريكية وكندا واململكة املتحدة وفرنسا والبرتغال من خالل برنامج إعادة التوطين‪.‬‬
‫و في سنة ‪ ،2158‬أعيد توطين ‪ً 82‬‬
‫الجئا في الواليات املتحدة ألامريكية وكندا‪1‬‬

‫‪ – 2‬املنظمة الدولية للهجرة (‪ : )IOM‬انشئت عام ‪ 5415‬وهي املنظمة الحكومية الرئيسية التي تعنى بشؤون‬
‫الهجرة تعمل بتعاون وثيق مع شراكائها الحكوميين وغير الحكوميين‪ ،‬وتضم املنظمة ‪ 515‬دولة عضو باإلضافة إلى ‪52‬‬
‫دولة تتمتع بصفة مراقب‪ .‬ولها مكاتب في اكثر من ‪ 511‬بلد‪ ،‬وتهدف إلى تعزيز الهجرة وتنظيمها بما يحفظ الكرامة‬
‫الانسانية ويعود بالفائدة على الجميع‪ ،‬من خالل تقديم الخدمات واملشورة للحكومات واملهاجرين على السواء‪.2‬‬
‫تعمل هذه املنظمة في املغرب منذ عام ‪ ،2115‬وتم توقيع اتفاقية لها مع الحكومة املغربية في يوليو ‪ 2116‬مما‬
‫سمح لها بفتح بعثة في الرباط في يناير ‪ .2119‬وقد بدأت الجهود لزيادة الوعي وتحديد املشاكل وتقديم الدعم بهدف‬
‫ضمان احترام الحقوق ألاساسية للمهاجرين والالجئين وتحسين ظروفهم املعيشية‪ .3‬ومن بين الخدمات التي تقدمها‬
‫املنظمة التوعية ضد مخاطر الهجرة وتقديم الدعم واملساعدة على التنمية في بلدان املصدرة للهجرة كما انها تساعد‬
‫على العودة الطوعية للمهاجرين‪ ،‬وتنظيم ورشات ودورات تكوينية في املدن املغربية لفائدة الفاعلين الجمعويين فيما‬
‫يخص مخاطر تهريب املهاجرين والاتجار بالبشر‪.4‬‬
‫تعمل املنظمة الدولية للهجرة إلى جانب املنظمة املغربية غير الحكومية "‪ "Orient-Occident Fondation‬لتحسين‬
‫الوصول إلى الحماية واملساعدة لضحايا الاتجار بالبشر‪ ،‬بما في ذلك املأوى في حاالت الطوارئ‪ ،‬واملساعدة املادية والدعم‬
‫النفس ي والاجتماعي واملساعدة القانونية‪.5‬‬
‫‪ - 3‬املرصد الافريقي للهجرة‬
‫تقدم اململكة املغربية مساهمة قوية في بناء فضاء إقليمي أوروبي متوسطي وأوروبي أفريقي يسوده السالم‬
‫وألامن وحرية تنقل ألاشخاص من خالل إجراءات جريئة ومبتكرة‬

‫_‪1‬‬
‫‪United Nations refugee report, Evaluation: Morocco (2016–2019), op.cit.p.19.‬‬
‫‪ 2‬للمزيد اكثر الاضطالع على الرابط الالكتروني‪http://www.iom.int/cms/fr/sites/iom/home/about-iom-1.html :‬‬
‫‪3 _ United Nations, Committee on the Protection of the Rights of All, op.cit.p.11.‬‬

‫‪ _ 4‬ورقة بحثية على الرابط إلالكتروني‪:‬‬


‫‪ https://www.iom.int/sites/default/files/flash_reports/files/IOM-Flash-Report-34_AR.pdf‬تمت الزيارة يومه‪ 21.‬غشت ‪2121‬على الساعة ‪17h‬‬
‫‪34‬‬

‫‪5 _ The Kingdom of Morocco Ministry Delegate to the Minister of Foreign Affairs and International Cooperation in charge of Moroccans‬‬

‫‪living abroad and Migration Affairs, in cooperation with the German Cooperation Agency GIZ, Morocco’s Migration Policies and the‬‬
‫‪Global Compact for Safe Orderly and Regular Migration, 2018, p.43..‬‬
‫‪202‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫فالهجرة غير الشرعية نتيجة لصراعات عمرت طويال‪ ،‬او تغير في املاخ الذي اصبح يهدد البيئة إلانسانية‬
‫لذا‪ ،‬فالعالم عليه ان يجد الحلول التي تضمن الاستقرار لإلنسانية وذلك بتنمية ألاقاليم ألاكثر هشاشة لضمان‬
‫استقرار مواطنيها واستغال ل الهجرة آلامنة للتنمية ولكن هذا يتطلب رؤية عاملية مشتركة‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالرؤية ألافريقية املشتركة لقضية الهجرة‪ ،‬القائمة على مبادئ القانون الدولي وحقوق إلانسان‪،‬‬
‫جاللة امللك محمد السادس‪ ،‬بصفته قائد الاتحاد ألافريقي حول مسألة الهجرة‪ ،‬في ‪ 24‬يناير ‪ ،2158‬اقترح على‬
‫رؤساء دول الاتحاد ألافريقي وضع تصور نهائي لجدول أعمال أفريقي للهجرة‪ ،‬بما في ذلك إنشاء مرصد الهجرة‬
‫ألافريقي‪ ،‬الذي سيكون مقره في الرباط ‪.1‬‬
‫بادر صاحب الجاللة امللك محمد السادس‪ ،‬بصفته "رائد الاتحاد إلافريقي في موضوع الهجرة" إلى وضع‬
‫"ألاجندة إلافريقية للهجرة"‪ ،‬بما في ذلك إحداث املرصد إلافريقي للهجرة‪ ،‬الذي تم اعتماد نظامه ألاساس ي خالل‬
‫القمة ال‪ 00‬لالتحاد إلافريقي التي عقدت في فبراير ‪ ،2121‬وافتتحت في الرباط يوم ‪ 58‬دجنبر ‪.2121‬‬
‫ويعد املرصد أول هيئة في الاتحاد إلافريقي تعنى بالهجرة‪ ،‬يهدف إلى تطوير مسلسل لجمع وتحليل وتبادل‬
‫املعلومات بين البلدان إلافريقية في هذا املجال‪ ،‬كما سيكون له دور تصحيح الصور النمطية الخاطئة عن الهجرة‬
‫لفائدة تنمية البلدان ألاصلية وبلدان الاستقبال كما ان هذه الرؤية القارية تتوافق مع الالت‪،‬ام الدولي للمغرب الذي‬
‫استضاف‪ ،‬في دجنبر ‪ ،2158‬املؤتمر الدولي للهجرة املنظم تحت رعاية ألامم املتحدة‪ ،‬والذي صادق من خالله على‬
‫امليثاق العالمي للهجرة الشرعية آلامنة واملنظمة في إطار البحث املستمر عن حلول مبتكرة بين إدارة الحدود وحماية‬
‫حقوق إلانسان للمهاجرين‪ ،‬وبين الهجرة والتنمية‪.2‬‬
‫ستتمثل مهمة هذا املرصد ايضا في جمع البيانات وتحليلها وتبادلها من خالل نظام مترابط يربط بين البلدان‬
‫إلافريقية لتحسين سياسات الهجرة‪ ،‬التي هي في الواقع غير فعالة في الغالب‪ .‬كما ان املرصد يزيل كل ألاوهام التي‬
‫تجري بسبب نقص هذه البيانات‪ ،‬حيث تؤكد بعض ألاوساط ان الهجرة في إفريقيا هي بشكل أساس ي بين البلدان‬
‫إلافريقية إذ يبقى ‪ %81‬من املهاجرين من البلدان إلافريقية في القارة‪ ،‬ويصل ‪ %52‬فقط منهم إلى أوروبا‪ ،‬ويغادر‬
‫البعض آلاخر إلى وجهات أخرى‪ً ،‬‬
‫وفقا لألرقام الصادرة في عام ‪ 2158‬في الرباط‪.3‬‬
‫‪ - 3‬منظمة أطباء بال حدود تم إنشاؤها عام ‪5445‬ببروكسيل بمبادرة من مجموعة من ألاطباء والصحفيين‬
‫وتعد من اكبر املنظمات غير الحكومية العاملة في مجال العمل الطبي وإلانساني‪ ،‬وتقدم املنظمة املساعدة الطبية‬
‫للسكان حينما تكون حياتهم وصحتهم في خطر سواء كانوا ضحايا للحروب‪ ،‬أو املجاعات أو ألاوبئة أو الكوارث‬
‫الطبيعية وتقوم بتدخالت سريعة وفعالة إلرساء شروط العيش الالئق‪.4‬‬
‫بين عامي ‪ 2151‬و ‪ ،2152‬عالجت منظمة أطباء بال حدود ‪ 649‬ناجية من العنف الجنس ي في املغرب‪ ،‬بما‬
‫في ذلك ‪ 522‬في وجدة و ‪ 191‬في الرباط‪ .‬من بين الناجين الذين كانوا على استعداد لتقديم املعلومات‪" ،‬ما يقرب‬

‫‪ _1‬تم‪ ،‬يوم الجمعة ‪ 58‬دجنبر‪ 2121‬بالرباط‪ ،‬افتتاح املرصد إلافريقي للهجرة بحصور وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلافريقي واملغاربة املقيمين‬
‫بالخارج‪ ،‬ومفوضة الشؤون الاجتماعية باالتحاد إلافريقي‪ ،‬و الوزيرة املنتدبة املكلفة باملغاربة املقيمين بالخارج‪.‬‬
‫‪ _2‬عز الدين فرحان‪ ،‬استراتيجية املغرب في مجال الهجرة‪ ،‬نموذج إقليمي مسؤول وتضامني‪ ،‬في مداخلته في فيينا‪ ،‬يوم الاربعاء ‪ 54‬ماي‪ 2125 ،‬على‬
‫الرابط الالكتروني‪ https://www.maroc.ma/ar %B1 :‬تمت الزيارة يومه الثالثاء ‪ 01‬غشت ‪ 2125‬على الساعة العاشرة ليال‪.‬‬
‫‪ _3‬وكالة الصحافة الفرنسية أ ف ب على الرابط الالكتروني‪:‬‬
‫‪ https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%AD-‬تمت الزيارة يوم ‪ 2‬شتنبر‪ 2125‬على الساعة ‪17H‬‬
‫‪50 min‬‬
‫‪ _ 4‬محمد سعدي‪ ،‬حقوق الانسان الاسس‪ ،‬املفاهيم واملؤسسات‪ ،‬مطبعة انفو بفاس‪ ،‬سنة ‪ ،2152‬ص ‪.591.‬‬
‫‪203‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫من ثالثة أرباعهم تعرضوا ألكثر من حادث عنف جنس ي‪ ،‬وقال نصفهم إنهم تعرضوا لحوادث متعددة شملت‬
‫ً‬
‫شخصا الذين‬ ‫مهاجمين مختلفين‪ً ،‬‬
‫ووفقا لدراسة أخرى أجرتها املنظمة‪ ،‬فإن ما يقرب من ‪ 01‬في املائة لحوالي ‪291‬‬
‫تم استجوابهم كانوا ضحايا لشبكات إلاتجار بالبشر ً‬
‫وغالبا ما يتم أسرهم ويتعرضون لالستغالل الجنس ي املستمر‪.1‬‬
‫املحور الثاني‪ :‬إلاطار القانوني املغربي للهجرة‬

‫ان الالت‪،‬امات الدولية التي تعهد بها املغرب أمام املنتظم الدولي جعلته يجدد منظومته القانونية لكي تصبح‬
‫مسايرة أمام الوضع القائم وإيجاد إطار معياري ينظم الهجرة وعلى رأسها‪:‬‬
‫‪ -1‬الدستور املغربي‬
‫ال يزال ُينظر إلى إلاسالم على أنه خطوط حمراء ال ينبغي تجاوزها‪ .‬لكن بشكل عام‪ ،‬فإن القيم املنصوص‬
‫عليها في الدستور الجديد تمنح ألامل لبعض املغاربة‪ ،‬وكذلك آلالف املهاجرين والالجئين املقيمين في املغرب حيث‬
‫انهم ينتظرون بفارغ الصبر‪ ،‬رؤية تنفيذ مبادئ حقوق إلانسان املنصوص عليها في الدستور الجديد‪ .2‬ولهذا الغرض‬
‫أصبحت اململكة املغربية تعمل على حماية الحقوق واملصالح املشروعة للمواطنات واملواطنين املغاربة املقيمين في‬
‫الخارج‪ ،‬في اطار احترام القانون الدولي‪ ،‬والقوانين الجاري بها العمل في بلدان الاستقبال‪ .‬كما تحرص على الحفاض‬
‫على الوشائج إلانسانية معهم‪ ،‬والسيما الثقافية منها‪ ،‬وتعمل على تنميتها وصيانة هويتهم الوطنية‪3.‬‬

‫كما ان لألجانب نفس الحريات ألاساسية املمنوحة للمواطنين املغاربة وفق القانون‪ .‬يمكن للمقيمين في املغرب‬
‫اذن على ضوء‬ ‫املشاركة في الانتخابات املحلية ً‬
‫وفقا للقانون أو تطبيق الاتفاقيات الدولية أو الترتيبات املتبادلة‪.4‬‬
‫ما سبق ذكره فان الدستور املغربي يضمن الحقوق لألجانب في وضعية قانونية باملساوات بما يتمتع به املغاربة إلى‬
‫جانب القوانين ألاخرى والتي سنتطرق إلى البعض منها‪.‬‬
‫‪ – 2‬القوانين املنظمة للهجرة في عهد لحماية الفرنسية‬
‫ان التشريع املغربي املنظم للهجرة ضم في ارشيفه العديد من النصوص املتناثرة التي يرجع تاريخها في الغالب‬
‫إلى وقت الحماية الفرنسية والتي تنظم الدخول وإلاقامة والخروج من املغرب ومن بين هذه النصوص‪ ،‬التي نسختها‬
‫القوانين الجديدة نقف عندها للتذكير بها على ان نقف عند البعض منها للتطرق إلى املضامين ذات الصلة باملوضوع‪.5‬‬
‫ظهير ‪ 51‬نوفمبر ‪ 5409‬املنظم للهجرة إلى املنطقة الفرنسية لإلمبراطورية الشريفة‬ ‫‪-‬‬
‫ظهير ‪ 2‬يناير ‪ 5491‬املتعلق بإقامة بعض ألاشخاص في املنطقة الفرنسية لإلمبراطورية الشريفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ظهير ‪ 56‬مايو ‪ 5495‬املتعلق بتراخيص إلاقامة في املنطقة الفرنسية لإلمبراطورية الشريفة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الظهير الشريف املؤرخ في ‪ 59‬سبتمبر ‪ 5499‬املتعلق بإجراءات الرقابة املوضوعة ملصلحة ألامن العام‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫* الظهير ‪ 8‬نوفمبر ‪ 5494‬املنظم لهجرة العمال املغاربة بالخارج‪.‬‬

‫‪1 - Mehdi Lahlou, Migration Dynamics In Play In Morocco: Trafficking And Political Relationships And Their Implications At The Regional‬‬

‫‪Level, Menara Working Papers No. 26, November 2018, p.10.‬‬


‫‪2-Euro-Mediterranean Human Rights Network, ASYLUM AND MIGRATION IN MAGHREB, Copenhagen – December 2012, p.7..‬‬

‫‪ - 3‬الفصل‪ 56‬من الدستور‪ ،‬صادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم ‪ 5.55.45‬بتاريخ‪ 24‬يوليوز ‪.2155‬‬
‫‪ -4‬الفصل ‪ 01‬من الدستور نفسه‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫‪- Nadia Khrouz, et d'autres, Le cadre juridique relatif à la condition des étrangers au regard de l’interprétation du juge judiciaire et de‬‬
‫‪l’application du pouvoir exécutif, Rabat, 2008, p.11.‬‬
‫‪204‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫یعود أول تشریع صدر باملغرب بخصوص تنظیم الهجرة إلى عهد الحمایة الفرنسیة‪ ،‬ویعد ظهير ‪ 29‬أكتوبر ‪،5405‬‬
‫آلیة قانونیة تعمل على تنظیم خروج العمال املغاربة قصد التوجه إلى الدول ألاوروبية‪ ،‬وتتم هذه العملیة وفقا لضوابط‬
‫ینص عليها الفصل ألاول من الظهير‪ ،‬أبرزها ضرورة الحصول على جواز السفر مسلم من طرف السلطة‪ ،‬ونسخة من‬
‫سجل السوابق العدلیة‪ ،‬إضافة إلى شهادة طبیة حدیثة تثبت خلو املعني باألمر من أي مرض معد‪ ،‬مع ضرورة الحصول‬
‫على عقد عمل وهو شرط أساس ي للتمكن من السفر‪ .‬في حين صدر ظهير ‪ 5494‬املتعلق بالهجرة أثناء املرحلة التي كان‬
‫املغرب خاضعا فيها لنظام الحمایة الفرنسیة‪ ،‬الهدف منه هو حمایة حقوق فرنسا باعتبارها الدولة املستعمرة‪ ،‬حیث‬
‫أقامت عدة مكاتب للتشغیل في عدة مدن باململكة لالستقطاب اليد العاملة‪.1‬‬
‫كما ان ظهير ‪ 8‬نونبر ‪ 5494‬أول من استعمل كلمة الهجرة‪ ،‬بغیة تنظیم حركة الهجرة عن طریق اتخاذ عدة‬
‫ضوابط تنظیمیة‪ ،‬وقد وردت أحكام هذا الظهير في ‪ 52‬فصال‪ ،‬یتنأول الفصل الرابع الوثائق الالزمة للسفر نحو أوروبا‪.2‬‬
‫املادة ‪ 9‬من الظهير تنص على عدم تنقل او مغادرة ألاراض ي املغربية إال اذا توفرت الشروط الاتية‪:‬‬
‫‪ ‬شهادة طبية‪ ،‬مدتها أقل من شهر واحد تفيد بأن العامل الئق للوظيفة التي يهاجر من أجلها‪ ،‬وأنه ال يعاني من‬
‫أي مرض مدرج في الاتفاقية الصحية الدولية لعام ‪ 5499‬كالسل أو ألامراض املعدية ألاخرى‪ ،‬وأنه قد خضع لجميع‬
‫التطعيمات املنصوص عليها في اللوائح املعمول بها‪ ،‬في اقب ثالث سنوات وعلى وجه الخصوص‪ ،‬التطعيم ضد الجدري‬
‫وتسلم شهادة طبية للمعني باألمر من طرف طبيب الصحة العامة‪.‬‬
‫‪ ‬دفع العامل أو صاحب العمل مبلغا إلى مدير العمل كضمان لسداد تكاليف عودة املهاجر إلى وطنه‪.‬‬
‫يعاقب كل عامل غادر املغرب دون حصوله على الوثائق املنصوص عليها في الفصلين الرابع والسابع‪ ،‬بالسجن‬
‫تتراوح مدته من شهر واحد إلى سنتين‪ ،‬وبغرامة مالية یتراوح مبلغها بين ‪ 52.111‬سنتیم إلى ‪ 291.111‬سنتیم‪.3‬‬
‫‪ -0‬القانون ‪ 10-12‬املتعلق بدخول وإقامة ألاجانب في اململكة املغربية والهجرة الخارجية في هذا الخصوص أقر‬
‫املشرع املغربي‪ ،‬عدة تدابير إداریة وقضائیة للحد من ظاهرة الهجرة السریة ذلك أن ظهير ‪ 8‬نوفمبر ‪ ،5494‬الذي كان‬
‫ینظم الهجرة لم یعد یسایر التطورات املرحلیة التي عرفها میدان الهجرة سواءا كانت قانونية او غير قانونية هذا من‬
‫جهة ومن جهة اخرى يمكن القول ان النص القانوني السالف الذكر اصبح متقادما ويعد ايضا من املنتوجات التشريعية‬
‫الصادرة ابان الحماية الفرنسية‪.‬‬
‫سعيا منه في الوفاء بااللت‪،‬امات الدولية وملواكبة الاتفاقيات التي صادق عليها املغرب ومواءمتها مع نصوصه‬
‫التشريعية تم اصدار القانون ‪ 12.10‬بتاريخ ‪55‬نوفمبر‪ ،2110‬ألن اغلب التشريعات املتعلقة بوضع الاجانب باملغرب او‬
‫تلك التي تنظم هجرة املغاربة إلى الخارج كما سبق أن رأينا سالفا فإنها تعود في مجملها لعهد الحماية الفرنسية‪ ،‬والتي‬
‫تم نسخها بموجب قانون ‪ ،12.10‬في مادته (‪.)18‬‬
‫ويهدف هذا القانون اساسا إلى توحيد وتحيين النصوص القانونية والتنظيمية املتعلقة بالهجرة وخاصة شروط‬
‫الدخول إلى القطر املغربي او الاقامة فيه ملدة معينة باإلضافة إلى العقوبات املطبقة على كل مخالف له‪:‬‬

‫‪ _1‬منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرملان املغربي‪ ،‬مالئمة القوانين الوطنية للهجرة مع امليثاق العالمي للهجرة‪ ،‬دون ذكر سنة النشر‪،‬‬
‫ص‪ 8.‬و‪ .4‬على الرابط الالكتروني‪:‬‬
‫‪ http://chambredesconseillers.ma/docs/%D9%85%D8%B1%D9%83%D.pdf‬تمت الزيارة يومه ‪2121/18/58‬على الساعة ‪54:11‬‬
‫‪2‬‬
‫‪- Nadia Khrouz, et d'autres, op.cit.p.11.‬‬
‫‪ -3‬الفصل العاشر‪ ،‬الفقرة الثانیة من الظهير الشريف ‪ 8‬نونبر ‪.5494‬‬
‫‪205‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫• شروط دخول الاجانب إلى التراب الوطني‪ ،‬خصص لها املشرع ‪ 9‬مواد (‪ )9-5‬مع تخويل الادارة املغربية حق‬
‫رفض دخول أي شخص اجنبي في حالة ما اذا كان تواجده باملغرب يهدد الامن املغربي‪.‬‬
‫• سندات الاقامة بالتراب املغربي لألجانب هي بطاقة التسجيل او بطاقة الاقامة‪ 1‬ويخضع تسليمها لشروط‬
‫قانونية محددة تأخذ بعين الاعتبار اسباب وظروف اقامة كل اجني باملغرب مع تخويل السلطات املغربية حق رفض‬
‫تسليمها او سحبها انظر في هذا الشأن املواد (‪ ،)21 - 1‬كما ان طرد الاجنبي واقتياده إلى الحدود يخص الاشخاص الذين‬
‫ال تتوفر فيهم شروط الاقامة او كان تواجدهم باملغرب يهدد الامن والسكينة‪ ،‬املواد (‪ )04 - 25‬مع ضمان حقهم في‬
‫اللجوء إلى القضاء في الطعن في مثل هذه القرارات‪ ،‬كما ان الطرد نصت عليه ايضا اتفاقية جنيف في املادتين ‪ 02‬و‬
‫‪ 00‬إن كان الالجئ يهدد السالمة والاستقرار‪ ،‬وفي هذا السياق استثنى القانون املرأة الحامل والطفل القاصر من الطرد‪.2‬‬
‫• سن تدابير زجرية وعقوبات قاسية في حق كل مخالف‪:‬‬
‫هذا الباب من القانون ‪ 12.10‬خصص له ‪ 55‬عشرة مادة إبتداءا من املواد (‪ )16-92‬حيث جرم املشرع املغربي‬
‫من خالل القانون رقم ‪ 12.10‬الهجرة غير الشرعية واملساعدة عليها وتنظيمها حيث تعاقب املواد (‪ )12-15-11‬منه‬
‫بعقوبات حبسيه ومالية كل شخص غادر التراب الوطني بصفة سرية او قدم مساعدة او عونا لشخص آخر من اجل‬
‫نفس الغاية‬
‫وتعاقب املادة ‪ 12‬من نفس القانون بالحبس والغرامة كل شخص نظم او سهل دخول اشخاص مغاربة او اجانب‬
‫بصفة سرية إلى التراب املغربي او خروجهم منه سواء كان ذلك مجانا او بعوض او من طرف عصابة وتصل العقوبة إلى‬
‫السجن املؤبد اذا ادت تلك الافعال إلى املوت‪.‬‬
‫بالرغم من الانتقادات التي يوجهها بعض الاكاديميين لهذا القانون في اعتقادي الخاص يمكن الجزم بان املشرع‬
‫املغربي أعطى مجموعة من الضمانات لالجئ سواء على مستوى التقاض ي وذلك بتهئ له ظروف املحاكمة كحضوره‬
‫جلسات املحاكمة وتعيين محام ينوب عليه في الجلسات كما سمح له القانون ايضا باالستعانة بترجمان من أجل إلادالء‬
‫بكل املعلومات التي تهمه اما فيم يخص تشديد العقوبات على املساهمين في تهريب املهاجرين انما هو في صالح املغرر‬
‫بهم أي الالجئين الذين يتعرضون لشتى عمليات النصب والاحتيال باإلضافة إلى الاستغالل الجنس ي وخصوصا الاطفال‬
‫والنساء‪.‬‬
‫املحور الثالث‪ :‬الابعاد الجديدة للهجرة باملغرب‬
‫تهدف ألابعاد الجديدة للهجرة باملغرب إلى ضمان ادماج احسن للمهاجرين وتدبير افضل لتدفقات الهجرة في‬
‫اطار سياسة‪ ،‬منسجمة‪ ،‬شاملة ذات بعد انساني‪ ،‬ومسؤول من خالل تسهيل اندماج املهاجرين اقتصاديا واجتماعيا‬
‫وتربويا‪.‬‬
‫أوال‪ :‬البعد الحقوقي والاجتماعي‪.‬‬
‫يعتبر اندماج املهاجرين من التحديات ألاساسية التي تواجهها دول الاستقبال‪ ،‬ويشكل احد الانشغاالت الجوهرية‬
‫لسياستها في مجال الهجرة‪ ،‬وقد بذلت هذه الدول الكثير لإليجاد الصيغة املناسبة إلدماج هؤالء الالجئين‪.3‬‬

‫‪ -1‬املادة ‪ 1‬من قانون ‪.12.10‬‬


‫‪ -2‬املادة ‪ 26‬من قانون ‪ ،12.10‬الفقرتين (‪9‬و‪.)8‬‬
‫‪ _3‬مقتطف من الرسالة امللكية املوجهة الى املنتدى العالمي الثاني لحقوق الانسان بتاريخ ‪ 29‬نوفمبر‪ 2159‬بمراكش‪ .‬مجلة العلوم القانونية مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.591.‬‬
‫‪206‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫تحديا في الهجرة‪ ،‬بينما ترى فيها اململكة فرصة‪ .‬لتؤكد مرة أخرى بعدها ألافريقي الذي تفخر به‪.‬‬ ‫يرى البعض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يستضيف بلدنا بالفعل عددا مت‪،‬ايدا من املهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى‪ ،‬وذلك بفضل سياسة إنسانية قوية‬
‫إلارادة‪ .‬حيث استقبال ألاشخاص القادمين من البلدان الشقيقة بدينهم‪ ،‬وثقافتهم‪ ،‬وتقاليدهم ألاسرية‪ ،‬وإيقاعات‬
‫ً‬
‫طبيعيا على هذه ألارض ألافريقية‪ .‬فعلى املستوى الوطني‪ ،‬تتماش ى هذه السياسة املدروسة مع الالت‪،‬امات‬ ‫حياتهم ً‬
‫أمرا‬
‫الدولية التي تعهدت بها بالدنا‪ .‬لقد تمكنا من تنظيم حملتين لتسوية أوضاع املهاجرين غير الشرعيين على وجه الخصوص‬
‫وتنفيذ العديد من البرامج التي تهدف‪ ،‬من بين أمور أخرى‪ ،‬إلى تعزيز اندماج املهاجرين وطالبي اللجوء وأسرهم‪ .‬لذا‬
‫نهجا اس ً‬
‫تباقيا‬ ‫وقفت اململكة املغربية بحزم ضد املحادثات املثيرة للقلق التي تعتبر الهجرة ظاهرة مدمرة‪ ،‬وقد تبنت ً‬
‫وفريدا يدعم فكرة أن هوية املغرب قد تعززت من خالل تدفقات الهجرة الناجحة‪ .‬سواء على املستوى إلاقليمي أو‬ ‫ً‬
‫ً‬
‫شامال ً‬ ‫ً‬ ‫الدولي أو الوطني أو املحلي‪ ،‬تنتهج اململكة املغربية ً‬
‫قائما على احترام الحقوق ألاساسية وكرامة‬ ‫إنسانيا‬ ‫نهجا‬
‫املهاجرين‪.1‬‬
‫ومن أجل ولوج املهاجرين إلى الخدمات الاجتماعية تم في هذا إلاطار تسوية وضعية ألاشخاص اللذين قدموا‬
‫ملفات تستوفي جميع الشروط ونالت موافقة اللجنة التي تجتمع في مكاتب ألاجانب على مستوى العماالت والواليات‪.‬‬
‫ونلك في مدة ال تتجاوز الشهرين ولقد أصدرت املديرية العامة لألمن الوطني بطاقات تسجيل بصالحية سنة تسلم‬
‫للمستفيدين اللذين سويت وضعيتهم ويتم تجديدها لثالث سنوات عند التجديد‪.‬‬
‫فالحملة ألاولى للتسوية‪ ،‬انطلقت في يناير ‪ 2159‬وانتهت في دجنبر من نفس السنة مكنت من تسوية ‪20.146‬‬
‫شخصا من أصل ‪ 29.694‬طلبا‪ ،2‬من بينهم قاصرين غير مرافقين وأكثر من ‪ 51111‬امرأة بنسبة ‪ 80.1‬باملائة منهن‪.3‬‬
‫أما الثانية‪ ،‬التي انطلقت في ‪ 51‬دجنبر ‪ 2156‬إلى غاية ‪ 05‬دجنبر ‪ 2159‬فقد مكنت من تسوية وضعية ‪21.111‬‬
‫شخص‪ .‬وهكذا وصل املجموع إلى حوالي ‪ 11.111‬مهاجر استفادوا من التسوية على مرحلتين وتفيد التقديرات ألاخيرة‬
‫بأن ما يناهز ‪ 81.111‬مهاجرا من جنوب الصحراء يقيمون باملغرب منهم النظاميون و غير النظاميين‪.4‬‬
‫فبعدما استفاد املهاجرون من التسوية إلادارية‪ ،‬اصبحوا يتمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها املغاربة وبالتالي‬
‫يمكن لهم ولوج املرافق او الاستفادة منها‪:‬‬
‫‪ ‬التعليم والثقافة‪:‬‬
‫يستطيع ألاجانب املقيمون في املغرب والالجئون تعليم أطفالهم في املدارس العمومية‬
‫والخاصة في اململكة‪ ،‬بغض النظر عن وضعيتهم إلادارية وفي هذا الاطار يتم تدريب املهاجرين والالجئين على‬
‫اللغات والثقافة املغربية كتعليم الدارجة مثال في بعض الجمعيات املغربية املهتمة بالهجرة من اجل تسهيل اندماجهم‬
‫في املجتمع املغربي‪.‬‬
‫‪ ‬صحة املهاجرين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪_ Extract from the message of His Majesty the King Mohammed VI to the participants of the 3rd International Conference on the‬‬
‫‪Dialogue of Cultures and Religions, Fes, 10-12 September 2018‬‬
‫‪ _ 2‬الجمعية املغربية للدراسات و ألابحاث‪ ،‬الوقاية من انعدام الجنسية عند املهاجرين واطفالهم بشمال افريقيا‪ :‬دور بلد الاستقبال وبلد الاصل في‬
‫تسجيل الوالدات والحصول على وثائق الهوية في املغرب ومصر‪ ،‬تقرير‪ ،2158‬ص‪.91.‬‬
‫‪ _3‬التقرير الوطني ‪ ،2154‬السكان والتنمية في املغرب خمس وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة ‪ ،5449‬مطبعة لون‪ ،‬الرباط‪ ،2154 ،‬ص‪.46.‬‬
‫‪ _4‬الجمعية املغربية للدراسات و ألابحاث‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.91.‬‬
‫‪207‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تم اتخاذ عدة مبادرات تهدف إلى ضمان حق املهاجرين في الحصول على الخدمات الصحية من خالل تسهيل‬
‫ولوج املهاجرين والالجئين للخدمات الصحية بنفس الشروط التي يستفيد منها املغاربة باإلضافة إلى تنسيق عمل‬
‫الجمعيات في مجال الصحة‪.‬‬
‫‪ ‬الشباب والترفيه‪:‬‬
‫إدماج ألاطفال والشباب املهاجرين والالجئين في مخيمات العطل والرحالت املنظمة من طرف وزارة الشباب‬
‫والرياضة‪ ،‬باإلضافة إلى الدور الذي تلعبه الجمعيات في تنظيم الدوريات الرياضية بين املهاجرين والشباب املغربي في‬
‫مالعب القرب‬
‫‪ ‬سكن املهاجرين‪:‬‬
‫إن الحصول على السكن عامل أساس ي لالندماج الاجتماعي للمهاجرين والالجئين في البلد املضيف‪ .‬لهذا الغرض‪،‬‬
‫فتحت وزارة إعداد التراب الوطني والتمدن وإلاسكان وسياسة املدينة إمكانية ولوج السكن الاجتماعي للمهاجرين‪ ،‬وذلك‬
‫بتعديل املادة ‪ 247‬من قانون املالية لسنة ‪ . 2151‬وبمقتض ى ذلك‪ ،‬يمكن للمهاجرين الاستفادة من عروض السكن‬
‫الاجتماعي‪.‬‬
‫ويواجه هذا البرنامج عددا من الصعوبات تتمثل في‪:‬‬
‫‪ -‬عدم إمكانية الحصول على قروض السكن للمهاجرين والالجئين؛‬
‫سكنا ً‬
‫مؤقتا للمهاجرين؛‬ ‫‪ -‬عدد محدود للمؤسسات التي توفر ً‬
‫‪ -‬عدم وجود مرافق استقبال استعجالية لصالح القاصرين غير املرافقين وضحايا الاتجار في البشر‪.‬‬
‫‪ ‬املساعدة الاجتماعية وإلانسانية‪:‬‬
‫يهدف برنامج املساعدة الاجتماعية وإلانسانية إلى إدماج املهاجرين والالجئين في برامج التضامن والتنمية‬
‫الاجتماعية‪ ،‬خاصة لفائدة النساء وألاطفال وألاشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬هذا باإلضافة إلى املساعدات التي تقدمها‬
‫بعض الجمعيات املغربية او جمعيات اممية كاملفوضية السامية لشؤون الالجئين أو املنظمات غير الحكومية التي لها‬
‫فروع في املغرب‪.‬‬
‫‪ ‬التكوين املنهي‪:‬‬
‫يهدف هذا البرنامج إلى إمكانية ولوج املهاجرين الذين تمت تسوية وضعيتهم إلادارية والالجئين إلى برامج التكوين‬
‫املنهي والتأهيل واملساعدة لتنمية املشاريع املهنية الشخصية و تسهيل الاندماج املنهي للمهاجرين الذين تمت تسوية‬
‫وضعيتهم إلادارية‪.‬‬
‫‪ ‬التشغيل‪:‬‬
‫يسعى برنامج التشغيل إلى تسهيل الولوج املنصف للمهاجرين والالجئين إلى العمل و تشجيع خلق الشركات من‬
‫طرف املهاجرين النظاميين وفي هذا إلاطار‪ ،‬تم تنفيذ عدة مبادرات‪ ،‬ويتعلق ألامر ب‪:‬‬
‫‪ -‬برامج املساعدة على التشغيل) إدماج‪ ،‬تحفي‪ ،‬وتأهيل(؛‬
‫‪ -‬إطالق تطبيق ‪ " GSM "Welcome ANAPEC‬لتمكين املهاجرين النظاميين والالجئين الباحثين عن الشغل‬
‫من ولوج جميع خدمات الوكاالت الوطنية إلنعاش التشغيل والكفاءات عبر إلانترنت باستعمال هواتفهم‬
‫املحمولة هذا باإلضافة إلى إطالق منصة جديدة على إلانترنت ( تأشير) في‪ ، 2017‬مخصصة للتأشير على‬
‫‪208‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫عقود العمل للمأجورين ألاجانب‪ ،‬والتي تسمح للمشغلين‪ ،‬الذين يحتاجون كفاءات أجنبية‪ ،‬معرفة‬
‫إجراءات التقدم بطلب الحصول على تأشيرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬البعد السياس ي وألامني‬
‫أجرى املغرب مفاوضات ومشاورات بشأن الهجرة مع الاتحاد ألاوروبي‪ .‬يمكننا أن نذكر على سبيل املثال إلاعالن‬
‫املشترك املوقع بين املغرب والاتحاد ألاوروبي في عام ‪ 2150‬بشأن إنشاء "شراكة التنقل" من أجل إدارة أفضل للهجرة‬
‫النظامية‪ ،‬ومكافحة الهجرة غير النظامية‪ .‬واتفاقية التمويل في إطار "برنامج دعم الاتحاد ألاوروبي"‪ .‬سياسات الهجرة‬
‫للمملكة املغربية "‪ ،‬املوقعة بين املغرب والاتحاد ألاوروبي في ديسمبر ‪.2159‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يشارك املغرب بنشاط في مناقشة قضايا الهجرة كمشارك ورئيس مشارك مع أملانيا للمنتدى‬
‫العالمي للهجرة والتنمية )‪ (GFMD‬للفترة ‪ 2158-2159‬وذلك في إطار تطوير ميثاق الهجرة العالمي‪.‬‬
‫كما أن املغرب سبق له ان كان عضوا في املنظمة الدولية للهجرة وقد شارك بنشاط في عدد من املبادرات التي‬
‫أيضا عضو نشط للغاية في اللجنة التنفيذية للمفوضية منذ عام ‪ 5494‬وأحد‬ ‫تقودها هذه املنظمة الدولية‪ .‬وهو ً‬
‫املوقعين على اتفاقية عام ‪ 5415‬املتعلقة بوضع الالجئين‪.1‬‬
‫على املستوى إلافريقي أصبح املغرب رائدا في إدارة الهجرة‪ ،‬في هذا السياق على الدول إلافريقية ان تستفيد من‬
‫البرامج املغربية من اجل ضمان هجرة آمنة للجميع وتنمية شاملة في الدول التي تنطلق منها الهجرات‪.‬‬
‫في سياق مكافحة الهجرة غير النظامية‪ ،‬يواصل املغرب بذل جهود جبارة‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بتفكيك شبكات‬
‫تهريب املهاجرين وإجهاض محاوالت الهجرة غير النظامية‪ ،‬على الرغم من استمرار ضغط الهجرة على املغرب ففي عام‬
‫‪ ،2154‬تم تسجيل تراجع في تدفقات الهجرة غير النظامية بنسبة ‪ 59‬في املائة‪ ،‬مقارنة مع عام ‪ 2158‬و في عام ‪2121‬‬
‫تم تأكيد املنحى التنازلي بعد تسجيل انخفاض بنسبة ‪ 99‬في املائة في عدد محاوالت الهجرة غير الشرعية اعتبار ا من ‪05‬‬
‫غشت‪ .‬نظرا للمجهودات الجبارة التي تبذلها اململكة املغربية في تفكيك الشبكات إلاجرامية التي تنشط في تهريب‬
‫املهاجرين وإلاتجار بالبشر ففي سنة ‪ 2154‬تم تفكيك ‪ 218‬شبكات إجرامية‪ ،‬وكذلك ‪ 550‬شبكة خالل فترة كوفيد‪54-‬‬
‫بين يناير وغشت ‪ ،2121‬باإلضافة إلى انقاذ البحرية امللكية لحوالي ‪ 0528‬مهاجرا‪.2‬‬
‫خاتمة‬
‫يلت‪،‬م املغرب بإدارة حدوده الوطنية بطريقة منسقة‪ ،‬وتعزيز التعاون الثنائي وإلاقليمي‪ ،‬وضمان ألامن للدول‬
‫واملجتمعات واملهاجرين‪ ،‬وتسهيل التنقالت آلامنة واملنتظمة لألشخاص عبر الحدود مع منع الهجرة غير النظامية‪ .‬كما‬
‫يلت‪،‬م أيضا بتنفيذ سياسات إدارة الحدود التي تحترم السيادة الوطنية وسيادة القانون والالت‪،‬امات بموجب القانون‬
‫الدولي وحقوق إلانسان لجميع املهاجرين‪ ،‬بغض النظر عن وضعهم كمهاجرين‪ ،‬وهي سياسات غير تميي‪،‬ية ومراعية‬
‫لالعتبارات الجنسانية ومراعية لألطفال والطبقات الضعيفة‪.‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪_ Ministère Délégué auprès du Ministre des Affaires étrangères et de la Coopération internationale chargé des Marocains résid ant à‬‬
‫‪l'étranger et des Affaires migratoires, Politique Nationale d’Immigration et d’Asile RAPPORT 2018, p.15.‬‬
‫‪ _2‬عز الدين فرحان‪ ،‬استراتيجية املغرب في مجال الهجرة‪ ،‬نموذج إقليمي مسؤول وتضامني‪ ،‬في مداخلته في فيينا‪ ،‬يوم الاربعاء ‪ 54‬ماي‪ 2125 ،‬على‬
‫الرابط الالكتروني‪ https://www.maroc.ma/ar %B1 :‬تمت الزيارة يومه الثالثاء ‪ 01‬غشت ‪ 2125‬على الساعة العاشرة ليال‪.‬‬

‫‪209‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫من اجل هجرة امنة ومنظمة وذات معالم جديدة‪ ،‬أصبح من الضروري ادارتها وفق نسق متماسك ومتعدد‬
‫ألاطراف يضم الدول املستقبلة للهجرة ودول الانطالق‪.‬‬
‫في هذا السياق‪ ،‬اصبح من الالزم تنفيذ سياسات الهجرة في املغرب العربي ‪ -‬على غرار تلك التي اعتمدها املغرب‬
‫في عام ‪ - 2150‬بالشراكة مع بلدان الانطالق الواقعة جنوب الصحراء الكبرى‪ .‬كأن يشمل هذا التعاون توقيع اتفاقيات‬
‫إعادة القبول مع كل دولة أفريقية يغادر منها املهاجرون‪.‬‬
‫الئحة املراجع‬
‫املراجع بالعربية‬
‫احمد بودراع‪ ،‬مجلة دراسات اقتصادية وقانونية (‪ ،)R.E.E.J‬منشورات مجلة دراسات اقتصادية وقانونية سلسلة العدد الثاني‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ماي ‪،2158‬‬
‫لبنى بوشياه‪ ،‬قضايا الهجرة واملهاجرين على ضوء الاتفاقيات الدولية والنصوص الوطنية مع رصد الهم الاجتهادات القضائية‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫املؤسسة امللكية في قضية الهجرة‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬سنة ‪2159‬‬
‫محمد سعدي‪ ،‬حقوق إلانسان ألاسس‪ ،‬املفاهيم واملؤسسات‪ ،‬مطبعة انفو بفاس‪ ،‬سنة ‪.2152‬‬ ‫‪-‬‬
‫عز الدين فرحان‪ ،‬استراتيجية املغرب في مجال الهجرة‪ ،‬نموذج إقليمي مسؤول وتضامني‪ ،‬في مداخلته في فيينا‪ ،‬يوم ألاربعاء ‪54‬‬ ‫‪-‬‬
‫ماي‪ 2125 ،‬على الرابط الالكتروني‪. https://www.maroc.ma/ar %B1 :‬‬

‫النصوص القانونية‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 5.19.218‬صادر في ‪ 51‬ذي الحجة ‪ 25( 5928‬ديسمبر ‪ ،)2119‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1611‬بتاريخ ‪ 22‬محرم‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 05 ( 5924‬يناير ‪ ،)2118‬ص ‪.016‬‬
‫الجمعية املغربية للدراسات وألابحاث‪ ،‬الوقاية من انعدام الجنسية عند املهاجرين واطفالهم بشمال افريقيا‪ :‬دور بلد الاستقبال‬ ‫‪-‬‬
‫وبلد الاصل في تسجيل الوالدات والحصول على وثائق الهوية في املغرب ومصر‪ ،‬تقرير‪ ،2158‬ص‪.91.‬‬
‫املرسوم رقم ‪ 2.55.928‬صادر في ‪9‬شوال ‪6( 5902‬سبتمبر‪ )2155‬بشان اختصاصات وتنظيم وزارة الشؤون الخارجية والتعاون‬ ‫‪-‬‬
‫الافريقي واملغاربة املقيمين بالخارج‪.‬‬
‫وزارة الشؤون الخارجية والتعاون إلافريقي واملغاربة املقيمين بالخارج بموجب الظهير رقم ‪ 5.16.149‬الصادر في ‪ 59‬رمضان ‪5091‬‬ ‫‪-‬‬
‫(‪ 26‬أبريل ‪.)5416‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.19.911‬صادر في ‪ 59‬من ذي القعدة ‪ 29( 5921‬ديسمبر‪ )2119‬بتغيير وتتميم املرسوم رقم ‪ ،2.49.596‬الجريدة‬ ‫‪-‬‬
‫الرسمية عدد ‪ 29 – 1281‬ذو القعدة ‪ 6( 5921‬يناير ‪ )2111‬ص‪.99.‬‬
‫‪-‬املجلس الاستشاري لحقوق الانسان في مارس‪ 2155‬وفق الظهير الشريف‪ ،‬رقم ‪ 5.55.54‬صادر في ‪ 21‬من ربيع ألاول ‪( 5902‬فاتح‬ ‫‪-‬‬
‫مارس ‪ )2155‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 1422‬الصادر بتاريخ ‪ 29‬ربيع ألاول ‪0( 5902‬مارس‪.)2155‬‬
‫التقرير الوطني ‪ ،2154‬السكان والتنمية في املغرب خمس وعشرون سنة بعد مؤتمر القاهرة ‪ ،5449‬مطبعة لون‪ ،‬الرباط‪،2154 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫ص‪.46.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.49.596‬صادر في ‪ 59‬من شعبان ‪ 51( 5958‬ديسمبر ‪ ،)5449‬الجريدة الرسمية عدد ‪ 9118‬بتاريخ ‪5448/12/11‬‬ ‫‪-‬‬
‫الصفحة ‪.111‬‬
‫املركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة املمول من قبل الاتحاد الاوروبي‪ ،‬تأثير املواقف العامة ازاء الهجرة على البيئة السياسية‬ ‫‪-‬‬
‫في املنطقة الاورومتوسطية‪ ،2154 ،‬ص‪.26.‬‬
‫مرسوم رقم ‪ 2.55.511‬صادر في ‪ 9‬جمادى ألاولى ‪ 5902‬املوافق‪ 55 ( :‬أبريل ‪ ،) 2155‬الجريدة الرسمية عدد ‪. 1400‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪210‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫ ومفوضة الشؤون‬،‫املرصد إلافريقي للهجرة بحصور وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلافريقي واملغاربة املقيمين بالخارج‬ -
.‫ والوزيرة املنتدبة املكلفة باملغاربة املقيمين بالخارج‬،‫الاجتماعية باالتحاد إلافريقي‬
‫ الذي ينظم حرية تكوين الجمعيات‬5418 ‫ نوفمبر‬51 ‫ املؤرخ‬.5.18.096 ‫ املعدل واملتمم للظهير الشريف رقم‬91.11 ‫القانون رقم‬ -
.‫يشمل الجمعيات املحلية وألاجنبية‬
‫ الجريدة‬،2.49.596 ‫) بتغيير وتتميم املرسوم رقم‬2119‫ ديسمبر‬29( 5921 ‫ من ذي القعدة‬59 ‫ صادر في‬2.19.915 ‫مرسوم رقم‬ -
.96.‫) ص‬2111 ‫ يناير‬6( 5921 ‫ ذو القعدة‬29 – 1281 ‫الرسمية عدد‬
،‫ مالئمة القوانين الوطنية للهجرة مع امليثاق العالمي للهجرة‬،‫منشورات مركز الدراسات والبحوث في الشؤون البرملان املغربي‬ -
.‫دون ذكر سنة النشر‬
. 2150‫ نونمبر‬6 ‫الخطاب امللكي السامي بمناسبة ذكرى املسيرة الخضراء‬ -
.1.‫ ص‬،2150‫شتنبر‬،541 ‫ الرباط العدد‬-NAPALM ‫ القسم السياس ي‬،‫ همزة وصل‬،‫مفوضية الاتحاد ألاوروبي باململكة املغربية‬ -

‫املواقع الالكترونية‬
https://www.iom.int/sites/default/files/flash_reports/files/IOM-Flash-Report-34_AR.pdf 21.
http://www.iom.int/cms/fr/sites/iom/home/about-iom-1.html
http://chambredesconseillers.ma/docs/%D9%85%D8%B1%D9%83%D.pdf
https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%AD-
- http ://www.migratingoutofpoverty.org/files/file.php?name=bendra-moroccos-new-migration-policy-
update.pdf&site=354
.https://eeas.europa.eu/archives/delegations/morocco/documents/news/trait_d_union_n_199_ar.pdf
- https://www.youtube.com/watch?v=ZK-SyPbUA18

‫املراجع باللغات ألاجنبية‬


- Mohamed MGHARI, La migration irrégulière au Maroc, Centre d’Etudes et de Recherches Démographiques
(CERED), Rabat, 2007..
- Ministère Délégué auprès du Ministre des Affaires étrangères et de la Coopération internationale chargé des
Marocains résidant à l'étranger et des Affaires migratoires, Politique Nationale d’Immigration et d’Asile RAPPORT
2018.
- Anjali Patel, NGOs, Religious Diversity, and Displacement in Morocco, SIT Graduate Institute/SIT Study Abroad SIT
Digital Collections, 2020.
- Ministère Délégué auprès du Ministre des Affaires étrangères et de la Coopération internationale chargé des
Marocains résidant à l'étranger et des Affaires migratoires, Politique Nationale d’Immigration et d’Asile RAPPORT
2018, p.15.
- Mohamed Khachani, L’IMPACT DE LA MIGRATION SUR LA SOCIETE MAROCAINE, international congres on
développent Madrid 2006.
- Stephan Scheel, And others, Refugee Protection Meets Migration Management: UNHCR as a Global Police of
Populations, Journal of Ethnic and Migration Studies.

211 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- United Nations refugee report, Evaluation: Morocco (2016–2019).


- Extract from the message of His Majesty the King Mohammed VI to the participants of the 3rd International
Conference on the Dialogue of Cultures and Religions, Fes, 10-12 September 2018
- Imane Bendra, Sub-Saharan migrants’ life circumstances under the new Moroccan migration policy, research paper ,
p.1.
- Mehdi lahlou, migration dynamics in play in morocco: trafficking and political relationships and their implications
at the regional level, menara working papers No. 26, November 2018, p.10.
- Nadia Khrouz, et d'autres, Le cadre juridique relatif à la condition des étrangers au regard de l’interprétation du juge
judiciaire et de l’application du pouvoir exécutif, Rabat, 2008, p.11.
- The Kingdom of Morocco Ministry Delegate to the Minister of Foreign Affairs and International Cooperation in
charge of Moroccans living abroad and Migration Affairs, in cooperation with the German Cooperation Agency GIZ,
Morocco’s Migration Policies and the Global Compact for Safe Orderly and Regular Migration, 2018, p.46.
- The Kingdom of Morocco Ministry Delegate to the Minister of Foreign Affairs and International Cooperation in
charge of Moroccans living abroad and Migration Affairs, in cooperation with the German Cooperation Agency GIZ,
Morocco’s Migration Policies and the Global Compact for Safe Orderly and Regular Migration, 2018, p.43..
- United Nations, Committee on the Protection of the Rights of All, op.cit.p.11.
- United Nations High Commissioner for Refugees (UNHCR), Australian Multilateral Assessment March 2012 , P.1.
- United Nations, Committee on the Protection of the Rights of All, Initial reports of States parties due in Morocco
2012, p.11.
- Anis Birrou, Politiques Migratoires Quel Rôle pour la Société Civile, Forum Annuel de l’Immigration, Rabat, 14
mars 2016, 3 Emme édition.
- Dans le domaine des droits des migrants au Maroc, il y a eu, a mon sens, deux interventions décisives :
- Euro-Mediterranean Human Rights Network, ASYLUM AND MIGRATION IN MAGHREB, Copenhagen –
December 2012.
- Hannah Chenok, SYRIAN REFUGEES’ LIVED EXPERIENCES, IN MOROCCO , Independent Study Project (ISP)
Collection SIT Study, Abroad Fall 2017.
- Imane Bendra, Sub-Saharan migrants’ life circumstances under the new Moroccan migration policy, research paper
Hicham Rachidi, Politiques Migratoires Quel Rôle pour la Société Civile, Forum Annuel de l’Immigration

212 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫تطور العمل الثوري بالوالية الخامسة ودورها في دعم الثورة التحريرية‬


‫الجزائرية‬
)‫ جامعة حسيبة بن بوعلي ـ شلف ـ (الجزائر‬،‫الدكتور بن ترار محمد‬
Bentrar1974l@gmail.com

:‫ملخص‬

‫شهدت املنطقة الخامسة على غرار باقي مناطق الوطن ليلة اندالع الثورة التحريرية في الفاتح من نوفمبر هجمات على املصالح‬
‫ حيث شهدت املنطقة عدة‬،4591‫ و‬4591 ‫ وتطورت الثورة بهذه املنطقة بشكل سريع خالل الفترة املمتدة بين سنتي‬،‫الفرنسية بالجهة‬
‫ كما برهنت قوة الثورة وشموليتها على إن القضية عكس الادعاءات الفرنسية التي‬،‫معارك طاحنة كبدت الجيش الفرنس ي خسائر كبيرة‬
.‫كانت تتداول أنها عمليات منفصلة ملتمردين بمنطقتي ألوراس والقبائل‬
‫لقد لعب املوقع الجغرافي للمنطقة الخامسة وتضاريسها الدور الكبير في اندالع العديد من املعارك والتي كبد فيها الاستعمار‬
‫ كما ساهم قرب املنطقة من الحدود الغربية في في تطور العمل الثوري باملنطقة التي تحولت الى مركز دعم أساس ي‬،‫الفرنس ي خسائر كبيرة‬
‫ ألامر الذي جعل فرنسا تفكر في عزل املنطقة ومحاصرتها من خالل‬،‫للثورة باملؤن وألاسلحة والذخيرة انطالقا من القواعد الخلفية باملغرب‬
.‫مخططات جهنمية على غرار خط موريس الشائك واملكهرب‬
.‫ القواعد الخلفية‬،‫ املعارك‬،‫ جيش التحرير ـ ألاسلحة واملؤونة ـ املنطقة الخامسة‬:‫الكلمات املفتاحية‬

The evolution of revolutionary work in the Fifth District and its


role in supporting the liberation revolution in Algeria
Abstract:

The fifth region, like the rest of the homeland, witnessed attacks on the French interests in the region on the night of
the outbreak of the liberation revolution on November 1, and the revolution in this region developed rapidly during the period
between 1954 and 1958, as the region witnessed several fierce battles that caused the French army great losses .The power
of the revolution and its comprehensiveness also proved that the case is in contrast to the French claims, which were
circulating as separate operations for the rebels in the Aures and Kabylie regions.
The geographical location of the Fifth Zone and its topography played a major role in the outbreak of many battles
in which the French colonialism incurred great losses. The proximity of the region to the western borders also contributed to
the development of the revolutionary work in the region, which has turned into a basic support center for the revolution with
supplies, weapons and ammunition based on the rear bases in Morocco. Which made France think of isolating and besieging
the region through infernal schemes such as the barbed and electrified Moris line.
Key words: Liberation Army - Weapons and Supplies - Fifth Zone, battles, rear bases

113 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مقدمة‬
‫عاشت املنطقة الخامسة على غرار باقي مناطق الوطن اندالع الثورة التحريرية في ليلة الفاتح نوفمبر ‪،4591‬‬
‫بالهجوم على العديد من مصالح العدو وممتلكات الكولون وذلك إلرباك املستعمر الفرنس ي والتأكيد على شمولية الثورة‪،‬‬
‫حتى ال يحس الرأي العام الفرنس ي أنها إحداث منعزلة في منطقة معينة مثلما حاول الترويج لها‪ ،‬والتأكيد للعالم أنها‬
‫ساعة العزم لالنسالخ من استعمار دام أكثر من ‪ 421‬سنة‪.‬‬

‫بالرغم من انطالق الثورة في الوالية بأقل حرارة من مناطق أخرى على غرار الاوراس والشمال القسنطيني بفعل‬
‫قلة ألاسلحة ونقص التعبئة الشعبية‪ ،‬لكن مع الاستمرارية للثورة وتطورها عرفت املنطقة الخامسة بنواحيها الثمانية‬
‫تطورا كبيرا في الاداء حيث شهدت معارك طاحنة‪ ،‬وتحولت الجهة إلى أهم منطقة إستراتيجية لدعم الثورة‪ ،‬بفعل‬
‫موقعها املحاذي للمغرب الذي يعد املصدر ألاساس ي للسالح والذخيرة واملؤن‪ ،‬خصوصا بعدما شكلت الثورة قيادتها‬
‫وقواعدها الخلفية للتدعيم بالشمالي املغربي بعد استقالل هذا ألاخير في مارس ‪ ،4591‬ما جعل فرنسا تحشد قواها‬
‫باملنطقة‪ ،‬ألامر الذي نجم عنه معارك طاحنة على الحدود بين القوات الفرنسية وجنود جيش التحرير الوطني الذي‬
‫كبد القوات الفرنسية خسائر كبيرة ‪.‬‬
‫أمام هذا الوضع ما هي أهم التطورات التي عرفتها الثورة بالوالية الخامسة ؟‪ ،‬وكيف استطاعت قيادة جيش‬
‫التحرير الوطني استغالل موقعها لدعم الثورة؟‪ ،‬وما هي أهم إلاحداث؟ وكيف كان رد الاستعمار منها ‪...‬؟‬
‫‪ .1‬إلاطار الجغرافي للوالية الخامسة‪:‬‬
‫لم تظهر تسمية الوالية الخامسة إال بعد مؤتمر الصومام ‪ ،‬فكانت في بداية الثورة تسمى باملنطقة الغربية أو‬
‫القطاع ألوهراني]‪[1‬وتميزت هذه املنطقة بموقع استراتيجي هام ]‪ [2‬نتيجة ملا توفرت عليه من خصائص طبيعية وشروط‬
‫مناسبة لنشاط العمل املسلح]‪ ،[3‬حيث تمتد من املنطقة الرابعة بحدود الونشريس وتنس إلى غاية الحدود املغربية‬
‫وتغطي كل املناطق التي تنحصر مابين سواحل شمال البحر املتوسط شماال الى ما وراء جبال عمور والقصور‪ ،‬وتشمل‬
‫جبال تلمسان ‪ ،‬طرارة وكل سلسلة ألاطلس ألتلي الشمالية باإلضافة إلى سلسلة ألاطلس الصحراوي ‪،‬كما تشمل‬
‫‪،‬وتمتاز‬ ‫النها تغطي ثلث التراب الجزائري ]‪[4‬‬ ‫مساحات واسعة من السهول والهضاب والصحاري وتعد من اكبر املناطق‬
‫بتضاريس مساعدة على العمل املسلح حيث ان الجبال والهضاب والسهول املرتفعة تغطي ثلثي املساحة إلاجمالية‪،‬‬
‫ولها حدود سياسية غاية في الاهمية ‪ ،‬مع كل من موريتانيا ومالي جنوبا ‪ ،‬املغرب غربا ‪ ،‬وتضم الوالية الخامسة عدة‬
‫مدن هامة منها وهران ‪ ،‬تلمسان ‪ ،‬مستغانم ‪ ،‬سيدي بلعباس ‪ ،‬البيض ‪ ،‬بشار ـ تندوف ‪ ،‬تيارت‪ [5] .....‬وانقسمت الى‬
‫ثماني مناطق‪:‬‬
‫املنطقة ألاولى‪ :‬وتضم تلمسان ومغنية‪.‬‬
‫املنطقة الثانية وتضم السواحل املمتدة مابين الغزوات الى بني صاف‪.‬‬
‫املنطقة الثالثة وتشمل وهران وعين تموشنت‪.‬‬
‫املنطقة الرابعة وتضم مستغانم وغليزان‪.‬‬
‫املنطقة الخامسة وتتمثل في إقليم سيدي بلعباس‪.‬‬
‫املنطقة السادسة وتمتد ما بين سعيدة ومعسكر‪.‬‬
‫املنطقة السابعة وتشمل نواحي تيارت‪ ،‬السوقر‪.‬‬

‫‪114‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫]‪[6‬‬ ‫املنطقة الثامنة وتمتد من عين الصفراء والبيض إلى غاية بشار وتندوف‬
‫وفي دراستنا هذه سنحاول التركيز على املناطق التي عبرها خط موريس‪ ،‬والتي تسببت ألغامه في وقوع أكبر عدد‬
‫من ضحايا هذه الاخيرة خالل الثورة وبعدها خاصة املنطقة محل الدراسة وتخص واليات تلمسان‪ ،‬النعامة وبشار وهي‬
‫املناطق ألاولى‪ ،‬الخامسة والثامنة‪.‬‬
‫‪ .2‬تضاريس الوالية الخامسة‬
‫ساهمت املساحة الواسعة للوالية الخامسة في تنوع الخصائص الطبيعية والتضاريس‪ ،‬التي تتوفر فيها شروط‬
‫العمل الثوري الذي يعتمد على الكر والفر‪ ،‬ويمكن تلخيص تضاريس الوالية الخامسة في مايلي‪:‬‬
‫أ‪-‬الجبال‬
‫تعرف منطقة الغرب ألوهراني أو الوالية الخامسة فيما بعد بالعديد من الجبال خاصة بكل من ألاطلس ألتلي‬
‫وألاطلس الصحراوي ‪ ،‬خاصة جبال تلمسان التي تعد امتدادا لجبال الريف باملغرب الاقص ى وتتصل بجبال تساال‬
‫‪،‬‬ ‫]‪[7‬‬ ‫و الضاية في سيدي بلعباس وصوال الى جبال سعيدة ثم جبال الونشريس والى الغرب جبال املرجاجو بوهران‬
‫وبالجنوب نجد جبل املزي ‪ ،‬وجبال عمور بنواحي عين الصفراء التي يتواجد بها جبل الزليج الشهير وجنوبا تتصل بجبل‬
‫بني سمير ببني ونيف ‪ ،‬جبال قزوز وجبال عنتر ببشار وتتداخل هذه الجبال مع جبال جنوب املغرب من الغرب‬
‫وتتوغل الى جبال عمق الجزائر من جهة الشرق وهي في الغالب جبال ذات صخور جيرية وتتميز بغطاء نباتي نسبي‬
‫]‪[8‬‬ ‫وصخور تسمح بالتمركز والتمويه والاختباء مما يساعد على تطبيق حرب العصابات‬
‫ب ـ الهضاب والوديان‬
‫يمتاز الغرب الجزائري بالعديد من الهضاب التي تتمركز باملناطق الداخلية الواسعة التي تقع جنوب جبال‬
‫‪،‬وتتميز بنشاطها الرعوي مثل هضاب سعيدةو فرندة وتمتد من سبدو الى غاية‬ ‫]‪[9‬‬ ‫الاطلس التلي والشط الشرقي‬
‫الهضاب الصحراوية مرورا بعين الصفراء ]‪ ، [10‬هذه الخطوط التضاريسية من هضاب وسهول‪،‬تقطعها مجموعة من‬
‫الوديان الكبرى والواحات على سبيل املثال ‪:‬تافنة‪،‬سيق‪،‬مقرة‪،‬مينة‪،‬وادبشار‪،‬وادقير ‪ ،‬باإلضافة الى العديد من ألاودية‬
‫الصغيرة وصوال الى وادي شلف الذي يعد ألاكبر وال تجف مياهه طوال السنة]‪ [11‬وهي التي تساعد على حرب العصابات‬
‫وتوفر املياه‬
‫ج‪ .‬السهول‬
‫تتميز املنطقة بفعل شساعتها بنوعين من السهول‪:‬‬
‫‪ -‬سهول منخفضة ‪:‬وهي تلك السهول الساحلية القريبةمن البحروتمتد من ريو صالدو ]‪ [12‬إلى غايةشلف‪ ،‬ومنها ‪ :‬تليالت‪،‬‬
‫مليتة‪ ،‬هبرة ‪،‬سيق‪،‬املقطع‪ ،‬شلف ‪...‬‬
‫ـ سهول عليا ‪:‬وتسمى ايضا بالسهول الداخلية ألنها تقع ما بين الاطلسين التلي والصحراوي وتمتاز باالرتفاع عن سطح‬
‫البحر منها سهول‪ ،‬تلمسان مغنية‪ ،‬سيدي بلعباس‪ ،‬معسكر‪ ...‬وصوال الى تيارت‪ ،‬وتمتد جنوبا اين نجد سهوال بمنطقة‬
‫الساورة تغطيها كثبان رملية والتي تسمى بالعروق وأهمها‪ :‬العرق الغربي الكبير ]‪، [13‬عرق ايجيدى‪،‬عرق الشاش‪,‬ثم سهل‬
‫العبادة الذي يخترقه وادقير والذي يصب في جبال ألاطلس الصحراوي ‪ ،‬ويصل وادي زوزفا جنوبا‪.‬‬
‫د ـ املناخ والغطاء النباتي‪ :‬أدى توسع مساحة القطاع ألوهراني (الوالية الخامسة) إلى تنوع ألاقاليم املناخية؛‬
‫حيث يمكن تقسيم املناخ الى قسمين مختلفين‪:‬‬
‫‪115‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ـ القسم الشمالي‪ :‬ويتميز بمناخ البحر الابيض املتوسط‪ :‬الذي يمتاز بموسم رطب ودافئ من أكتوبر إلى ماي‪ ،‬وموسم حار‬
‫‪.‬‬ ‫جدا]‪[14‬‬ ‫وجاف من جوان إلى بداية سبتمبر في حين ان موسم الربيع والخريف قصيران‬
‫القسم الجنوبي ‪:‬يتميز باملناخ الصحراوي الذي يتميز بالجفاف وارتفاع درجة الحرارة صيفا والبرودة القارسة شتاءا· ‪.‬‬
‫هذا التنوع في املناخ ساهم بشكل كبير في تنوع الغطاء النباتي‪ ،‬حيث نجد في املناطق الشمالية الغابات الخضراء املكسوة‬
‫باألشجار املختلفة ألانواع‪ ،‬كالبلوط‪ ،‬الصنوبر‪ ،‬العرعار والكثير من ألاحراش‪ ،‬وذلك بفعل ارتفاع نسبة التساقط‪ ،‬ونظرا‬
‫لقلة املغياتية باإلقليم الجنوبي وألاطلس الصحراوي فان هذا إلاقليم تقل فيه النباتات وال تنمو به إال بعض النباتات‬
‫الشوكية والحشائش القصيرة كالشيح والحلفاء‪ ،...‬تتخللها في بعض ألاحيان تتخللها شجيرات متباعدة عن بعضها‬
‫البعض]‪. [15‬‬
‫‪ 3‬ـ السكان‬
‫كان املجتمع الجزائري خالل بداية الخمسينات مجتمعا ريفيا بامتياز ‪ ،‬حيث نجد أن ‪ 59‬باملائة من السكان‬
‫يتمركزن باألرياف ]‪ [16‬وذلك الرتباطهم بالفالحة وتربية املواش ي خاصة في املنطقة محل الدراسة ‪ ،‬في حين ان ‪49‬‬
‫باملائة يتمركزون في املدن‪ ،‬عكس املعمرين الذين يفضلون حياة املدينة هربا من ضغط السكان املحليين‪ ،‬ورغم أن‬
‫الغرب الجزائري هو اكبر مركز لالستيطان ألاوربي ‪ ،‬ورغم ما عاناه الجزائريون من إبادة جماعية بفعل املقاومات التي‬
‫شهدتها املنطقة على غرار مقاومة ألامير عبد القادر والشيخ بوعمامة‪ ،‬وكذا قوانين إلابادة الجماعية التجنيد إلاجباري‬
‫في الحربين العامليتين ألاولى والثانية ناهيك عن الهجرات إلى املغرب واروبا إال إن عددهم ظل في تزايد ما جعلهم‬
‫يشكلون أضعافا من املعمرين ويمكن تلخيص تباينهم في الجدول التالي‪:‬‬
‫]‪[17‬‬ ‫تطور عدد سكان واليات الغرب الجزائري ما بين (‪)1499-1491‬‬
‫‪1499‬‬ ‫‪1491‬‬
‫الدوائر‬
‫املجموع‬ ‫الجزائريين‬ ‫ألاوروبيين‬ ‫املجموع‬ ‫الجزائريين‬ ‫ألاوروبيين‬
‫‪279919‬‬ ‫‪217591‬‬ ‫‪27121‬‬ ‫‪299947‬‬ ‫‪229752‬‬ ‫‪25729‬‬ ‫تلمسان‬
‫‪29419‬‬ ‫‪45215‬‬ ‫‪541‬‬ ‫‪22241‬‬ ‫‪22125‬‬ ‫‪119‬‬ ‫عين الصفراء‬
‫‪14149‬‬ ‫‪27959‬‬ ‫‪1749‬‬ ‫‪94219‬‬ ‫‪11272‬‬ ‫‪1597‬‬ ‫بشار‬
‫‪25212‬‬ ‫‪21155‬‬ ‫‪211‬‬ ‫‪27192‬‬ ‫‪27241‬‬ ‫‪129‬‬ ‫مشرية‬
‫‪42215‬‬ ‫‪24214‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الساورة‬

‫هذا ويمكن أن نفسر ارتفاع الكثافة السكانية للجزائريين فيا لغرب الجزائري مقارنة باملعمرين بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬الزواج املبكر لدى الجزائريين‪.‬‬
‫‪ -‬ارتفاع املواليد وانخفاض الوفيات‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد الزوجات لدى الجزائريين العتبارات دينية‪.‬‬
‫إن هذا التزايد لعدد السكان في الغرب الجزائري‪ ،‬يرجعه شارل روبير اجيرون إلى فشل السياسة الاستيطانية الفرنسية‬
‫في الجزائر ]‪ ، [18‬أما مصطفى ألاشرف فيرجعه إلى تحدي املجتمع الجزائري وغريزته في حب البقاء وفرض ذاته ]‪ [19‬وأن‬

‫‪116‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ذلك التراكم التاريخي الذي تشكل في نفسية الفرد الجزائري جعله ينجب أكبر عدد من ألاوالد‪،‬علي جدهم سندا في‬
‫مستقبله وشيخوخته وعجزه‪،‬فبالنسبة له أنه كان يبيع للمعمر جهده العضلي‪،‬وصحته‪.‬‬
‫فإشكالية العدد في تاريخ الجزائر لها عالقة باالستعمار‪ ،‬في شكل سيطرة ألاقلية على ألاغلبية ]‪ ، [20‬هذا وتظهر‬
‫أهمية الوالية الخامسة من خالل التعداد العسكري بها ‪،‬إذ انها تحوي‪ 91‬قواعد عسكرية فرنسية وبها ‪ 799‬ألف‬
‫عسكري فرنس ي بها ]‪.[21‬‬
‫‪ .9‬اندالع الثورة بالوالية الخامسة‬
‫عاشت املنطقة الخامسة على غرار باقي مناطق الوطن اندالع الثورة التحريرية في ليلة لفاتح نوفمبر ‪،4591‬‬
‫بالهجوم على العديد من مصالح العدو الفرنس ي وممتلكات الكولون وذلك إلرباك املستعمر والتأكيد على شمولية الثورة‪،‬‬
‫حتى ال يحس الرأي العام الفرنس ي أنها إحداث منعزلة في منطقة معينة مثلما حاول الترويج لها‪ ،‬والتأكيد للعالم أنها‬
‫ساعة العزم لالنسالخ من استعمار دام أكثر من ‪ 421‬سنة‪.‬‬
‫عرفت الوالية الخامسة انطالق الثورة بأقل حرارة من مناطق أخرى على غرار الاوراس والشمال القسنطيني‬
‫بفعل نقص التعبئة الشعبية وقلة الاسلحة بعد فشل الصفقة التي اقيمت بمدينة برن السويسرية مابين كل من‬
‫محمد بوضياف ]‪ [22‬واحمد بن بلة ]‪ [23‬وديدوش مراد ]‪ [24‬من جهة واملغربي عبد الكبير الفاس ي ]‪ [25‬من جهة اخرى‪،‬‬
‫هذا الاخير الذي وعد بتوفير شحنة من الاسلحة عبر الريف املغربي في اجل أقصاه شهر بعد دفع املبلغ الالزم املقدر‬
‫ب‪ 4199.999‬فرنك قديم في حسابه املصرفي بسويسرا و هوما تم فعال وقدمت له قائمة الاسلحة لتدعيم منطقة‬
‫القطاع الوهراني مقابل تخلي محمد العربي بن مهيدي ]‪ [26‬على حصته من ألاسلحة لصالح املجاهدين باالوراس ‪ ،‬الا‬
‫ان اسلحة عبد الكبير الفاس ي لم تصل رغم سفر العربي بن مهيدي و محمد بوضياف الى الريف املغربي يوم ‪95‬اوت‬
‫‪ 4591‬الى الريف املغربي لكن عادوا بدون نتيجة ‪ ،‬ألامر الذي عرقل الانطالقة بالقطاع الوهرني التي لم تكن كما‬
‫خطط لها ]‪ [27‬وهناك جهة اراء اخرى تقول بان العربي بن مهيدي هو من دعا الى عدم تكثيف العمل الثوري ‪ ،‬لكي‬
‫اليكثف العدو الفرنس ي من تواجده باملنطقة‪ ،‬حتي اليعيق عملية ادخال شحنة السالح التي كانت صفقتها قد ابرمت‬
‫لتفرغ في الريف املغربي ‪ ،‬وهو ماحدث بالفعل حيث اطمأن الفرنسيون باستقرار الوضع بالقطاع الوهراني ‪ ،‬الامر‬
‫يعقد اجتماعا لرؤساء البلديات وكبار الكولون يوم ‪ 91‬نوفمبر‬ ‫]‪[28‬‬ ‫الذي جعل حاكمه بيار لومبارت( ‪)Pierre Lambert‬‬
‫‪ 4591‬يطمأنهم بالوضع ويؤكد ان فرنسا ستقض ي على هذه الاحداث ]‪ ، [29‬لكن مع الاستمرارية للثورة وتطورها‬
‫عرفت كل مناطق الغرب الوهراني معارك طاحنة ‪ ،‬وتحولت الجهة إلى أهم منطقة إستراتيجية ‪ ،‬بفعل موقعها املحاذي‬
‫للمغرب الذي يعد املصدر ألاساس ي للسالح والذخيرة واملؤن‪ ،‬خصوصا بعدما شكلت الثورة قيادتها وقواعدها الخلفية‬
‫للتدعيم بالشمالي املغربي بعد استقالل هذا ألاخير في‪ 92‬مارس ‪ ،4591‬ما جعل فرنسا تحشد قواها باملنطقة ‪ ،‬ألامر‬
‫الذي نجم عنه وقوع معارك طاحنة على الحدود بين القوات الفرنسية وجنود جيش التحرير الوطني الذي كبد القوات‬
‫الفرنسية خسائر كبيرة ‪.‬‬
‫أمام هذا التطور الكبير الذي شهدته املنطقة الخامسة وفي ظل التقارير املحررة من قبل مصالح الاستعالمات‬
‫الفرنسية املرابطة باملنطقة‪ ،‬وكذا ما عاشته وحدات الجيش الفرنس ي‪ ،‬وخصوصا فيالق ومفارز نصف اللواء للرماة‬
‫البحرين الذي كان متمركزا بالغزوات واملناطق الحدودية‪ .‬قامت السلطات الفرنسية بالبحث عن سبل ملحاصرة املنطقة‬
‫ومنع اتصالها بالقواعد الخلفية‪ ،‬فلجأت إلى مخططات خطيرة ‪ 30‬بغية عزل الوالية الخامسة عن الجوار ‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ .9‬أهم العمليات العسكرية في املنطقة الخامسة (‪:)1491-1499‬‬


‫أ ‪ -‬العمليات الاولى ليلة اول نوفمبر ‪:1499‬‬
‫عقدت قيادة الوالية الخامسة اجتماعها ألاخير بقيادة العربي بن مهيدي يوم ‪ 29‬أكتوبر ‪ [31] 4591‬بمنزل‬
‫املناضل فريزي صالح بوهران لوضع اللمسات ألاخيرة إلطالق شرارة الثورة ليلة أول نوفمبر ‪ ،‬حيث تم تقسيم إلاقليم‬
‫إلى مناطق وتحديد مسؤول عسكري على رأس كل منطقة ‪ ،‬حيث ترأس محمد فرطاس املنطقة املمتدة من بورساي‬
‫(مرس ى بن مهيدي حاليا ) إلى الرمش ي ‪ ،‬فيما عين واضح بن عودة مسؤوال على املنطقة املمتدة من الرمش ي إلى حاس ي‬
‫الغلة ‪،‬أما احمد زبانة فكان مسؤوال على مناطق املحمدية ‪ ،‬سيق ‪،‬طفراوي وسيدي بلعباس وأسندت مسؤولية مناطق‬
‫الظهرة ومستغانم إلى رمضان بن عبد امللك ]‪. [32‬‬
‫بالرغم من الظروف الصعبة التي كانت تعرفها املنطقة الغربية ‪ ،‬والنقص الكبير في ألاسلحة والذخيرة نتجية عم‬
‫وصول الاسلحة من املغرب وذلك بسبب املراقبة الصارمة للحدود الغربية بعد اكتشاف اعضاء املنظمة الخاصة‬
‫‪ ،‬الامر‬ ‫]‪[33‬‬ ‫من جهة ‪ ،‬وفشل اول صفقة للسالح عقدت بسوسرا لتفجير الثورة بالقطاع الوهراني من ناحية ثانية‬
‫وكلها امل في الاسلحة‬ ‫]‪[34‬‬ ‫الذي جعل املنطقة في مرحلة ركود بعد تنازل عن حصتها من الاسلحة لصالح ألاوراس‬
‫القادمة من املغرب ]‪ ، [35‬فقد شاركت املنطقة الخامسة في أولى عمليات الثورة ليلة أول نوفمبر بعمليات تخريبية أكثر‬
‫أنه عند الانطالقة بالوالية الخامسة كان عدد املجاهدين مقسما على‬ ‫عال ]‪[36‬‬ ‫من ما هي عسكرية حيث يؤكد الحاج بن‬
‫‪ 42‬فوجا‪ ،‬وأعطى ‪ 49‬اسما من الرعيل ألاول ]‪، [37‬على غرار حرق مزارع املعمرين ‪ ،‬ومستودعات الفلين بالغابات وذلك‬
‫‪،‬حيث كلف زبانة الخارج من السجن لصناعة القنابل ]‪.[39‬كما‬ ‫]‪[38‬‬ ‫بفعل امتالكهم الوسائل ذات الصنع املحلي فقط‬
‫كلفت جماعة مستغانم التي كانت تحت قيادة رمضان بن عبد املالك بصناعة البارود والقنابل بالوسائل التقليدية‬
‫املتوفرة وشراء بعض ألاسلحة على غرار بنادق موزار وبنادق الصيد الايطالية الصنع وبعض املسدسات ]‪ ، [40‬للقيام‬
‫ببعض الهجمات التي كانت نتائجها وخيمة حيث تم القضاء على بعضهم منهم بن عبد امللك رمضان يوم ‪ 91‬نوفمبر‬
‫‪4591‬واحمد زبانة يوم ‪ 91‬من نفس الشهر كما ألقي القبض على العديد من املجاهدين وحولوا إلى سجون وهران ‪،‬‬
‫مستغانم و البرواقية ‪ ،‬وبادر الحاكم العام للقطاع ألوهراني في محاولة من السكان بهدف منعهم من الالتفاف حول‬
‫الثورة والعمل على قمع حركات التمرد بالقطاع الوهراني ردا على بعض التقارير التي تحدثت عن تـأخر العمل الثوري‬
‫باملنطقة الخامسة ونشر إلاشاعات للتقليل من شمولية الثورة ]‪.[41‬‬
‫أمام هذا الوضع عملت قيادة املنطقة على تجميد العمل الثوري بفعل العجز عن املواجهة والتراجع نحو الحدود‬
‫الغربية والبحث عن ترتيب الصفوف السترجاع ألانفاس ومن ثمة استئناف النشاط العسكري من جديد ]‪ ، [42‬وبهذا‬
‫عرفت املنطقة نوعا من الركود والهدوء النسبي الى غاية سنة ‪.[43] 4599‬‬
‫ب‪ -‬أهم املعارك باملنطقة الخامسة‬
‫بعد تدعم الوالية الخامسة باألسلحة من املغرب على خلفية وصولها على متن يخت دينا إلى مدينة الناظور‬
‫بالشمال املغربي في ابريل‪ ، [44] 4599‬ونقل الثلثين الذين استفادت منه جبهة التحرير الى الوالية الخامسة من قبل‬
‫جملة من املجاهدين ]‪ ، [45‬دبت الحركة من جديد في املنطقة التي عرفت عدة عمليات عسكرية ومعارك خالل الفترة‬
‫املمتدة بين سنة ‪ 4599‬و‪ 4591‬منها ‪:‬‬

‫‪118‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ـ معركة جبل زكري ‪ 70‬نوفمبر ‪1499‬‬


‫وقعت هذه املعركة بإقليم جبالة في جبل زكري بعدما حاصرت قوات الجيش الفرنس ي املجاهدين البالغ‬
‫]‪[46‬‬ ‫عددهم ‪ 99‬مجاهدا ‪،‬الذين انسحبوا من منطقة فالوسن بقيادة أحمد مستغانمي املعروف باسم الس ي رشيد‬
‫بعدما قاموا بعمليات تخريب مزرعتي املعمرين ‪ "Philimon" :‬و"‪ ،"Insesta‬يوم ‪ 91‬نوفمبر ‪ 4591‬من جبل طماي‬
‫‪ ،‬بن عالل ‪،‬‬ ‫]‪[47‬‬ ‫لعقد اجتماع بجبل زكري بحضور عدة قيادات على غرار الرائد س ي رشيد ‪ ،‬الرائد الحنصالي‬
‫بوشاقور‪...‬لكن قوات الجيش الفرنس ي تتبعت اثرهم وحاصرتهم بتطويق املنطقة عبر واد الزالمط ‪،‬وباب تازة ‪،‬بقوات‬
‫ما جعل املجاهدون ينقسمون إلى فرق صغيرة لتجنب القوة العسكرية املتفوقة عتادا وعدة ومحاولة الحاق‬ ‫]‪[48‬‬ ‫كبيرة‬
‫اكبر الخسائر املمكنة بالعدو‪ ،‬وهنا تم القضاء على عدة قيادات من الجيش الفرنس ي القائد "‪ "SIBE‬مسؤول الاستعالمات‬
‫ونائبه"‪ ،"GOMEZ‬واصابة عدد اخر منهم بجروح متفاوتة ]‪، [49‬في حين استشهد حوالي ‪ 29‬مجاهدا واصيب ‪ 95‬اخرون‬
‫]‪[50‬‬ ‫بجروح متفاوتة الخطورة ‪ ،‬واسر نحو ‪ 42‬مجاهدا تمكن احدهم من الفرار من سجن ندرومة‬
‫ـ معركة الصبابنة ‪14‬فبراير ‪1491‬‬
‫سميت معركة الصبابنة أو (حد الصبابنة) نسبة الى املنطقة التي وقعت بها والتي تقع ببلدية مسيردة الواقعة‬
‫بين مرس ى بن مهيدي وباب العسة على الحدود الجزائرية املغربية‪ ،‬وهي في الحقيقة هجوم قادة الناحية على ثكنة‬
‫عسكرية في املنطقة ]‪ [51‬بالتنسيق مع احد العناصر الجزائريين املجندين في الجيش الفرنس ي املدعو حمايدية الطاهر‬
‫الذي كان انذاك برتبة عريف اول ويعمل معه ما يزيد عن العشرة عساكر‬ ‫]‪[52‬‬ ‫الذي عرف فيما بعد باسم النقيب الزبير‬
‫التحقوا كلهم بجيش التحرير الوطني ]‪ ، [53‬في حين التقارير الفرنسية وصحافتها تؤكد مقتل املالزم فورييه( ‪Le sous -‬‬
‫‪ ،)lieutenant Fournier‬وعشرة ضباط صف و أغلبية العساكر‪ ،‬كما جرحوا وأصابوا أكثر من عشرين عنصرا إصابات‬
‫بالغة بدعم من املجندين املسلمين ‪ ،‬ليلتحقوا بعدها بالجبال وقدر عددهم ب ‪ 91‬مجندا جزائريا في الجيش الفرنس ي‬
‫بصفوف جيش التحرير الجزائري ]‪ [54‬من بينهم حمايدية الطاهر وكذا توهامي الوزاني الذي لعب دورا فعاال في ربط‬
‫الاتصال بين املجندين الجزائريين وقادة جيش التحرير الوطني لتنفيذ الهجوم ‪ ،‬وقد تمكن املجاهدون من الاستيالء‬
‫‪ ،‬منها ‪ 499‬قطعة حربية ‪،‬مدفع هاون‬ ‫]‪[55‬‬ ‫على مجموعة كبيرة من ألاسلحة والذخيرة مكنت من تسليح الجهة بكاملها‬
‫و‪ 29‬صندوق من الذخيرة‪.‬‬
‫ـ معركة تاجرة ألاولى افريل ‪1491‬‬
‫انطلقت هذه املعركة زوال احد ألايام املمطرة من شهر افريل ‪ 4591‬واستمرت الى الغروب بجبل تاجرة الحصين‬
‫بموقعه املطل على دوار القرامط من الجهة الغربية ودوار أوالد املسعود من الجهة الشرقية ودوار الصالح من الشمال‬
‫ويحصره واد الزرالدة من الجنوب ]‪ ، [56‬وتكللت هذه املعركة التي فاجئ فيها املجاهدون قوات املستعمر وفتح النار‬
‫عليهم بمجرد وصولهم الى القمة بنجاح عناصر جيش التحرير التي قضت على ‪ 42‬عسكريا فرنسيا باإلضافة الى جرح‬
‫عدد كبير منهم ‪ ،‬في حين قتل مجاهدا واحدا وجرح أخر ]‪ ، [57‬ويرجع ذلك الى قوع املعركة بعد الزوال وكذا تساقط‬
‫ألامطار ألامر الذي سهل مهمة انسحاب إفراد جيش التحرير ‪ ،‬كما ساعد موقع املعركة في مكان منيع صعب املسالك‬
‫يعرفه املجاهدون جيدا عكس قوات الجيش الفرنس ي ‪.‬‬

‫‪119‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ـ معركة املصامدة ‪61‬جوان ‪1491‬‬


‫وقعت هذه املنطقة بالقرب من قرية املصامدة الحدودية و الواقعة بالجنوبي الغربي ملدينة مغنية بقيادة‬
‫املجاهد نوالي الحاج املدعو س ي عبد املالك يوم ‪21‬جوان ‪ ، [58] 4591‬الذي توجه إلى منطقة املصامدة رفقة فرقته‬
‫املتكونة من ‪ 92‬مجاهدا من اجل الاتصال بأحد إلاخوان باملكتب العربي "‪ ،"Bureau Arabe‬واثر وصولهم ملنطقة‬
‫املصامدة اتصلوا بقائد العرش املدعو عبد القادر سرحان واملدعو بن ماحي ‪ ،‬وتزامن وجودهم في تلك الناحية ‪،‬بانطالق‬
‫قوات املستعمر في عملية حصار وتفتيش املنطقة فتمركزوا في احد املنازل القريب من الطريق وبقوا هناك دون‬
‫‪.‬‬ ‫حركة]‪[59‬‬

‫في حدود الساعة الرابعة مساء وصل الجنود الفرنسيون الى املنزل الذي يتواجد فيه املجاهدون للتفتيش ‪،‬فأمر‬
‫س ي عبد املالك فرقته باالستعداد وعدم إطالق النار قبل إذنه ‪ ،‬وبدخول عناصر الجيش الفرنس ي ساحة املنزل تم‬
‫إطالق النار وأسقطوهم قتلى ‪ ،‬تم خرج املجاهدون بسرعة متسللين لتفادي محاصرتهم ‪ ،‬فحدث إطالق للنار في مواجهة‬
‫مكشوفة بمنطقة عارية بحقول لشالش وحمايدو ‪ ،‬هذا وقد استخدمت املدرعات من اجل محاصرتهم بعد استحالة‬
‫قصفهم جوا بفعل قرب املجاهدين من الجنود الفرنسيين ‪ ،‬وتمكن املجاهدون بعد غروب الشمس من حرق إحدى‬
‫املدرعات بواسطة قنبلة القاها املجاهد محمد بن صديق ألامر الذي مكنهم من فك الحصار والانسحاب نحو وادي‬
‫مويلح ومنه إلى دشرة اوالد براشد اين اختبأو عند املجاهد لحسن بوعرفة ملدة ‪ 2‬ايام وكانت نتيجة املعركة استشهاد‬
‫‪ 42‬مجاهد و‪ 41‬مواطن وجرح ‪ 91‬مجاهدين في حين لم يتم تحديد خسائر العدو]‪.[60‬‬
‫ـ معركة بويغزل ‪13‬جويلية ‪1491‬‬
‫وقعت هذه املعركة بجبل بويغزل الواقع بجنوب شرق صبرة مابين تلمسان وجبال عصفور غرب تلمسان ‪،‬‬
‫حيث حدثت بعد قيام الجيش الفرنس ي املدعم بقوات اللفيف ألاجنبي بعملية تمشيط جبال تلمسان من جبال‬
‫عصفور إلى منطقة الوريط بحثا عن مواقع الثوار وتزامنت العملية مع تواجد ‪ 499‬مجاهد بمنطقة "املكيمنات" الواقع‬
‫بين جبلي تيجديت وبويغزل ‪ ،‬وبمجرد رؤيتهم لقوات الجيش الفرنس ي انقسموا إلى فريقين وانسحبوا الى قمة جبل‬
‫بويغزل لتفادي املواجهة املباشرة والاعتماد على الهجمات الخاطفة والسريعة حفاظا على إمكانياتها البسيطة مقارنة‬
‫بإمكانيات العدو الجرارة ‪ ،‬وانطلقت املعركة بطريقة مفاجئة بعد تفطن العدو لوجود املجاهدين فتم إطالق النار‬
‫حيث سقط أول شهيد املدعو بلعربي بلخير لتنطلق املعركة على الساعة الخامسة ودامت املعركة يوم وليلة استعملت‬
‫فيها قوات العدو الدبابات واملدرعات التي استحال عليها صعود الجبل بفعل وعورة املسالك فتم الاعتماد على املدافع‬
‫املتمركزة بمنطقة برباطة في صبرة وكذا الطائرات التي أحرقت الغابة وتؤكد التقارير ان قذائف املدفعية أصابت حتى‬
‫الجنود الفرنسيين ما أدى إلى مقتل العديد من الجنود الفرنسيين وجرح العشرات ألاخير فيما استشهد ‪ 21‬مجاهدا‬
‫كما تم إحداث خسائر في املعدات منها طائرة انزلها املجاهدون بخدعة ]‪.[61‬‬
‫ـ معركة غابة موالن‪66-61‬جويلية ‪1491‬‬
‫وقعت هذه املعركة بغابة موالن "‪ "MOULIN‬املمتدة من شرق مدينة صبرة على بعد ‪ 99‬كلم وصوال الى غابة‬
‫بقيادة املجاهد بوزيدي مختار املدعو عقب‬ ‫]‪[62‬‬ ‫احفير ببني هديل شمال ناحية عين غرابة وتسمى ايضا بغابة الرحا‬
‫الليل الذي كان على رأس ‪ 299‬مجاهد ‪ ،‬متمركز باملنطقة‪ ،‬وملا وصلت املعلومات للجيش الفرنس ي قام بتنظيم هجوم‬
‫على املنطقة ‪ ،‬أين انطلقت املعركة يوم ‪ 24‬جويلية ‪ 4591‬و التي دامت يومين كاملين تمكن فيها املجاهدين من‬
‫‪120‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الانسحاب شرقا نحو غابة احفير ودوار تمكسالت حيث شهدت املعركة خسائر املعركة كبيرة قدرت ب‪ 225‬جندي‬
‫فرنس ي و‪ 21‬مجاهد ]‪ ، [63‬في حين اشارت جريدة "ـ‪ " L Echo d Oran‬ان نتائج معركة توران "‪ [64] "Turenne‬هي‬
‫القضاء على ‪ 11‬مجاهد ولم تشير الى خسائر الجيش الفرنس ي ]‪.[65‬‬
‫ـ معركة تاجرة الثانية أوت ‪1491‬‬
‫وقعت هذه املعركة بسفوح جبال تاجرة املطلة على البحر باقليم هنين شماال واقليم بني وارسوس شرقا وناحية‬
‫ندرومة جنوبا والغزوات غربا شهر أوت من سنة ‪ 4591‬بعدما قطعت قوات الجيش الفرنس ي الطريق عن كتيبة من‬
‫والتي كانت عائدة من‬ ‫]‪[66‬‬ ‫جيش التحرير الوطني قوامها ‪ 51‬مجاهدا بقيادة مزرعي عبد القادرة املدعو املصدق‬
‫مهمة ناجحة تخص نقل ألاسلحة من منطقة السواحلية الى نواحي القرامط ‪ ،‬هذا وبمحاصرة القوات الفرنسية لكتيبة‬
‫جيش التحرير تفرق أعضائها ‪ ،‬وتمركزوا في املسالك الوعرة وصاروا يطلقون النيران ‪ ،‬فاختلطت ألامور على الجيش‬
‫الفرنس ي خاصة بفعل شجاعة القائد املصدق الذي كان يحث جنوده على التقدم باللغة الفرنسية ما جعل الفرنسيون‬
‫يظنون إن العدد كبير جدا ويرتبكون ويطلقون النار على بعضهم بفعل ألاخطاء والخوف الكبير ‪ ،‬وبغروب الشمس‬
‫انسحب املجاهدون وقدرت خسارة الجيش الفرنس ي ‪ 19‬قتيال وعدد كبير من الجرحى أما املجاهدون فاستشهد منهم‬
‫]‪[67‬‬ ‫اثنان وأصيب آخران‬
‫هذا وقد تبعت هذه املعارك العديد من الهجمات واملعارك الكبرى التي اشتدت خاصة بعد تطور التسليح‬
‫وحصول جيش التحرير على كميات هامة من الاسلحة والذخيرة الفعالة‪.‬‬
‫‪0‬ـ ـ تطور العمل الثوري بالوالية الخامسة ودورها في تسليح الثورة‬
‫عرف الثورة بالوالية الخامسة تطورا ملحوظا خاصة بعد ربيع ‪ 4591‬أين تحولت املنطقة الى مركز لعبور‬
‫السالح القادم من املغرب الذي تحول إلى قاعدة خلفية للثورة الجزائرية بعد نيل استقالله في ‪92‬مارس ‪، 4591‬‬
‫حيث تحولت قيادة الوالية الخامسة من ناحية تلمسان ‪ ،‬ومنطقة الخميس ببني سنوس ونواحيهما إلى املغرب‬
‫وتوزعت بين الريف املغربي بنواحي منطقة الناظور تتمركز بدار امللحاوي في وجدة ثم بثكنة بن مهيدي (ثكنة جيش‬
‫التحرير كما يسميها سكان وجدة ]‪ ، [68‬وبعد سنة ‪ 4591‬انتقلت إلى منطقة فكيك جنوب وجدة ‪،‬لتستقر أخيرا بمنطقة‬
‫بوعرفة إلى غاية الاستقالل ]‪، [69‬هذه التطورات جعلت الوالية الخامسة تستدرك الانطالقة العرجاء للثورة باملنطقة‬
‫‪،‬وظهر الاستدراك جليا بفعل الدعم الكبير الذي لقيه مجاهدو الوالية الخامسة من أسلحة عبر يخت دينا وما تبعها‬
‫‪ ،‬ألامر الذي كشفته العديد‬ ‫الجزائر ]‪[70‬‬ ‫سفن الذخيرة وألاسلحة التي رست بالناظور وأفرغت شحنتها والتي حولت الى‬
‫من التقارير الفرنسية الى القيادة العليا و هو ما عجل بإقامة حصارا على الحدود الغربية بفرق خاصة مدعمة بسياج‬
‫مكهرب وملغم ومحروس ]‪ [71‬ومعه تحولت الوالية الخامسة طريقا خصبا لألسلحة والذخيرة ومن أهم عمليات الدعم‬
‫باألسلحة ‪.‬‬
‫* التسليح عن طريق البحر‪:‬‬
‫أ ‪ -‬يخت دينا ]‪:[72‬‬
‫وبدعم من الرئيس املصري جمال عبد‬ ‫]‪[73‬‬ ‫هذه العملية تمت بالتنسيق مع مقاومي جيش التحرير املغاربي‬
‫الناصر ‪ ،‬حيث أقلع اليخت من شاطئ برج العرب غرب الاسكندرية صبيحة ‪27‬مارس ‪ 4599‬وعلى متنه‪ 97‬أشخاص‬
‫بقيادة هواري بومدين و‪ 99‬من طاقم اليخت ]‪ ، [74‬حيث نجح في الرسو بمدينة الناظور شمال شرق املغرب ألاقص ى‬
‫‪121‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫يوم ‪ 92‬ابريل ‪ 4599‬محمال ب ‪ 97‬أطنان ونصف من ألاسلحة والذخيرة واملتفجرات ]‪، [75‬وزعت بين الجزائر واملغرب‬
‫وفقا للجدول الاتي ‪:‬‬

‫]‪[76‬‬ ‫الجدول ‪ : 71‬توزيع اسلحة اليخت دينا بين الجزائر واملغرب‬


‫املغرب‬ ‫الجزائر‬
‫‪ 15‬بندقية ‪R 292‬‬ ‫‪ 219‬بندقية ‪R 292‬‬
‫‪ 49‬رشاش برن‬ ‫‪ 29‬رشاش ‪R 292‬‬
‫‪ 429‬خزنة امليرن‬ ‫‪ 219‬خزنة امليرن‬
‫‪ 14‬كاس اطالق‬ ‫‪ 21‬كاس اطالق‬
‫‪ 22‬بندقية رشاش توفى ‪R 19‬‬ ‫‪ 11‬بندقية رشاش توفى ‪R 19‬‬
‫‪ 4199‬طلقة ‪R 292‬‬ ‫‪ 22999‬طلقة ‪R 292‬‬
‫‪ 12999‬طلقة للميرن‬ ‫‪ 411999‬طلقة ‪ 292‬للميرن‬
‫‪ 411‬قنبلة يدوية ميلز ‪21‬‬ ‫‪ 291‬قنبلة يدوية ميلز ‪21‬‬
‫‪ 11999‬طلقة للتوقى ‪R 19‬‬ ‫‪ 421999‬طلقة ‪ R 19‬للتوحى‬
‫‪ 2999‬كبسولة طرقى‬ ‫‪ 1999‬كبسولة طرقى‬
‫‪ 29‬علبة كبريت هواء‬ ‫‪ 99‬علبة كبريت هواء‬
‫‪ 499‬كيلو جلجافايت‬ ‫‪ 299‬كيلو جلجافايت‬
‫‪ 117‬متر فتيل ساحون‬
‫‪ 4999‬مماسك ذخيرة‬ ‫‪ 2999‬مماسك ذخيرة‬

‫وبعدها تم نقل هذه الشحنة الى داخل الجزائر عبر املنطقة الخامسة(الغرب الوهراني ) وذلك من قبل مجموعة‬
‫من الثوار وتحت اشراف العربي بن مهيدي ليال عبر املنافذ البرية الستحالة إيصالها بحرا بفعل الحراسة الفرنسية‬
‫املشددة على السواحل‪ ،‬وتمت العملية على مراحل ليستقبله كل من الحاج بن عال و عبدالحفيظ بوصوف]‪ [77‬ليتم‬
‫توزيعها على املناضلين بالوالية الخامسة ونقل جزء منها الى الواليات املجاورة ‪ ،‬وبهذا اعطت هذه ألاسلحة دفعا جديد‬
‫للثورة وخاصة باملنطقة الخامسة التي تمكن مجاهدوها من شن هجومات اكتوبر ‪ 4599‬القوية بعدة مناطق على غرار‬
‫‪:‬صبرة ‪،‬الخميس ‪،‬سبدو ‪،‬الغزوات ‪،‬مغنية ‪ ،‬ندرومة ‪ ،‬تلمسان وبدأ الجيش في التقدم الشرق (عين تموشنت ووهران‬
‫)الفشال املخططات الفرنسية ]‪ [78‬والهجوم على ثكنة حد الصبابنة بالحدود الغربية في ‪45‬فبراير ]‪.4591[79‬‬
‫ب‪ -‬يخت انتصار‬
‫أدى نجاح يخت دينا في إيصال شحنة ألاسلحة الى الوالية الخامسة الى تشجيع قادتها على ابرام صفقات اخرى‬
‫القتناء الاسلحة وتموين الثورة بها ‪ ،‬حيث تم الاستنجاد بالجالية الجزائرية باملغرب من اجل جمع التبرعات من اجل‬
‫تحصيل املبلغ إلقامة صفقة أسلحة جديدة]‪ ، [80‬والتي اختير يخت حمل اسم انتصار في نقل شحنة هامة من ألاسلحة‬
‫انطالقا من مصر والتي وصلت إلى املغرب برسو اليخت في سواحل الناظور ليلة ‪ 4599/95/24‬وأفرغت شحته بنجاح‬
‫‪122‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ونقلت إلى املنطقة الخامسة ‪ ،‬وبهذه ألاسلحة اندلعت هجمات عنيفة على املواقع الفرنسية لثالث ايام بلياليها ماكلف‬
‫جريحا]‪[81‬‬ ‫الجيش الفرنس ي ‪229‬قتيال و‪229‬‬
‫ج ـ ـ باخرة ديفاكس‬
‫بعد نجاح العملية الثانية رأت قيادة الثورة في الخارج وبالتنسيق مع السلطات املصرية وعلى رأسها الرئيس‬
‫الراحل جمال عبد الناصر ‪ ،‬تقرر ارسال كمية اكبر من ألاسلحة على متن باخرة حملت اسم ديفاكس على ان تقسم‬
‫الكمية على قسمين ‪ ،‬القسم ألاول يوجه الى ليبيا ومنه يتم ادخاله الى الجزائر لتدعيم مناطق الاوراس والشمال‬
‫القسنطيني ‪ ،‬الذي كان قد عرف معارك طاحنة ‪ ،‬تحتاج الى دعم من ألاسلحة ملواصلتها ]‪ ، [82‬في حين حولت الكمية‬
‫الاكبر الى املغرب لدعم القطاع الوهراني وبالد القبائل ‪ ،‬ونجحت الباخرة في تجاوز الرقابة البحرية التي كانت تفرضها‬
‫السلطات الفرنسية على حوض املتوسط ورست بمدينة سبتة املغربية يوم ‪ 4591/99/29‬وتم انزال كميات الاسلحة‬
‫وتحويلها برا الى الحدود ومنها الى الوالية الخامسة ‪ ،‬هذه الباخرة التي تمكنت من العودة في رحلة ثانية انطلقت من‬
‫إلاسكندرية بمصر يوم ‪ 4591/97/21‬وهذه املرة تم تحميلها بكمية كبيرة من الذخائر وألاسلحة الثقيلة املضادة‬
‫للطائرات والدبابات على غرار أسلحة طراز " كويس " ومدافع الهاون باإلضافة الى الرشاشات القصيرة ذات الفعالية‬
‫الكبيرة وتم تفريغ الشحنة ألاولى بشرق ليبيا في حين تم تفريغ الشحنة الثانية بالقرب من مدينة سبته باملغرب ‪،‬‬
‫]‪[83‬‬ ‫ومكنت هذه ألاسلحة من تفعيل قوة الجيش باإلضافة إلى إقامة مصنع صغير إلعادة تعبئة الذخيرة بوهران‬
‫د ـ الباخرة بلغاريا‬
‫تعد هذه الباخرة هي صاحبة الكمية ألاهم من ألاسلحة والذخائر (كما ونوعا) وهي التي انطلقت من بلغاريا‬
‫ورست بميناء طنجة يوم ‪4514/44/45‬وبها حمولة ‪ 2999‬طن من ألاسلحة والذخيرة الثقيلة والخفيفة والعتاد املوجه‬
‫ملعاقل الثورة التحريرية‪ ،‬لتدعيم وحدات جيش التحرير الوطني بالوسائل القتالية وإلامكانيات الكبيرة على رأسها م‬
‫ج‪ 21‬و م ج ‪ ،12‬والتي استقبلتها قيادة جيش التحرير بالقواعد الخلفية باملغرب والتي حولتها الى الوالية الخامسة ومنها‬
‫سواعدها]‪.[84‬‬ ‫إلى باقي املناطق الوطن بغية دعم الثورة وتقوية‬
‫هذا وأشارت تقارير قيادة ألاركان للمكتب الثاني بالناحية العسكرية العاشرة الفرنسية التي كان يقودها الجنرال‬
‫سأالن]‪ [85‬موجهة إلى السلطات العليا الفرنسية الى عدة عمليات للتسليح منها إلاشارة إلى صفقتين لصالح جبهة التحرير‬
‫الوطني تم إبرامها من قبل شخصيات مغربية ‪ ،‬ألاولى تم انجازها في شهر ديسمبر سنة ‪ 4597‬من طرف حركة املقاومة‬
‫املغربية وذلك تلبية لطلب جبهة التحرير الوطني ‪ ،‬حيث تنقل رئيس الحركة السيد الفقيه (املدعو يوسفي عبد الرحمن‬
‫) إلى أملانيا ومنها إلى يوغوسالفيا بغرض دفع وصل شراء أسلحة ومنها انتقل إلى القاهرة ‪ ،‬أما الثانية فقام بها مدير‬
‫ألامن املغربي ومدير الصحراء بشراء ألاسلحة لتجهيز جيش التحرير املغربي‪ ،‬وقد تعدى مبلغ هذه الصفقة ال‪ 91‬ماليير‬
‫سيتم نقل هذه ألاسلحة والعتاد بواسطة باخرة تحمل علم إحدى الدول العضوة في الحلف ألاطلس ي ]‪، [86‬كما أشار‬
‫التقرير إلى إن الدفعة ألاولى من هذه الصفقة واملقدرة ب‪ 99‬اطنان سيتم نقلها وتوصيلها على متن طائرة ]‪.[87‬‬
‫‪ /1‬تطور عملية التسليح والتدعيم عبر الحدود الغربية‬
‫بعد عمليات التسليح الناجحة عبر البحر تفطنت السلطات الفرنسية الى هذه العمليات وصارت البحرية‬
‫الفرنسية تمارس القرصنة البحرية على السفن في اعالي البحر املتوسط الامر الذي ادى الى حجز ‪ 97‬سفن من اصل‬
‫‪ 49‬شحنها باالسلحة وتوجيهها نحو املغرب مابين سنتي ‪ 4591‬و‪ 4595‬اشهرها سفينة الاتوس التي تم توقيفها يوم‬
‫‪123‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ 4591/49/44‬وعلى متنها ‪ 19‬طن من الاسلحة والذخيرة ]‪ ، [88‬ألامر الذي جعل عبد الحفيظ بوصوف يفكر في صناعة‬
‫]‪[89‬‬ ‫ألاسلحة وهي الفكرة التي راودته طويال وتطرق اليها قادة الثورة خالل اجتماع ال‪ 22‬قبل تفجير الثورة‬
‫أ ـ مصانع ألاسلحة باملغرب ودورها في دعم الثورة‬
‫بعد توقيف السفن في أعالي البحار والخسائر الكبيرة التي تكبدتها قيادة الثورة جراء كميات ألاسلحة الكبيرة‬
‫املجحجوزة‪ ،‬لجأت قيادة الثورة إلى شراء مزارع في ريف الشرق املغربي وشماله على غرار وجدة‪ ،‬الناظور‪ ،‬تطوان‪...‬‬
‫ومختلف أنحاء املغرب‪ ،‬على غرار‪ ،‬سال‪ ،‬الخميسات ‪.....‬وأقيمت فيها مصانع سرية لصناعة ألاسلحة‪،‬وخاصة وزارة‬
‫التسليح والتموين العام باملغرب]‪ ، [90‬وتم تجنيد جنود في شكل رعاة يرتدون البرانيس وتحتها اسلحة رشاشة من نوع‬
‫مات ‪ [91] 15‬وفي هذا الصدد يشير املجاهد عباس عزوز الذي كان نائبا ملدير مصلحة التسليح والتموين العام ان‬
‫املصنع الاول كان لصناعة القنابل اليدوية ‪ ،‬إما املصانع ألاخرى فعددها خمسة ]‪ ، [92‬لتتطور املصانع وتتعدد في كافة‬
‫إنحاء املغرب ‪ ،‬حيث يمكن تلخيص أهمها في الجدول التالي‪:‬‬
‫باملغرب]‪[93‬‬ ‫الجدول ‪ : 6‬مصانع و ورشات جبهة التحرير الوطني لألسلحة‬
‫نوع إنتاج ألاسلحة و ذخيرتها‬ ‫السنة‬ ‫املكان املستعار‬

‫قنابل نوع انجليزي و متفجرات‬ ‫‪91‬‬ ‫تطوان‬

‫قنابل نوع انجليزي و فرنسية والبنقلور‬ ‫‪91‬‬ ‫سوق ألاربعاء‬

‫قنابل نوع امريكية يدوية التركيب (البنقلور) السالح ألابيض‬ ‫‪95‬‬ ‫بوزنيقة‬

‫صناعة رشاشات خفيفة نوع مات ‪ 15‬وسالح أبيض‬ ‫‪19‬‬ ‫تمارة‬

‫صناعة مدافع هاون عيار ‪ 19‬ومتفجرات‬ ‫‪19‬‬ ‫الصخيرات‬

‫صناعة مدافع هاون عيار ‪ 19-19‬و بنقلور وألغام‬ ‫‪19‬‬ ‫املحمدية‬

‫صناعة البازوكات‪ ،‬مات رشاش ‪ ، 15‬ألغام وسالح أبيض‬ ‫‪19‬‬ ‫الدار البيضاء‬

‫ب ‪ -‬القواعد الخلفية ودعم الثورة باالسلحة والذخير والجنود املدربين‬


‫بعد التطورات الالفتة التي عرفتها الثورة التحريرية بالجهة الغربية مابين ‪4591‬و‪ 4591‬أرتأت قيادة الوالية‬
‫ثم سرعان ما توسعت القواعد باقليم وجدة‬ ‫دار الكبداني]‪[94‬‬ ‫الخامسة الى اقامة أول قاعدة خلفية بالناطور بمنطقة‬
‫والعرايش والناطور وكافة إنحاء املغرب ‪ ،‬هذه القواعد التي تحولت الى ثكنات لتدريب الجنود يرأسها ضباط مكونون‬
‫]‪ ،[95‬ومصانع لألسلحة والذخيرة ‪ ،‬مراكز استعالمات ومديرية للتسليح والعالقات العامة ‪ ،‬ومصانع لخياطة ألالبسة‬
‫العسكرية ‪ ،‬تم مستشفيات لعالج الجنود املصابين واستراحة الجنود ‪ ،‬باإلضافةإلى إذاعة خاصة بجبهة وجيش التحرير‬
‫الوطنين وأنشأت هيئات قيادية منظمة سمحت بالتسيير والتنظيم والتخطيط ‪ ،‬باإلضافة إلى مراكز لإلشارة والتدريب‬
‫من املغرب نحو الوالية الخامسة بعد تدريب‬ ‫الخضر]‪[96‬‬ ‫على السياقة لنقل الاسلحة في قلل الفخار وصناديق‬

‫‪124‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫اشخاص على ذلك ‪ ،‬حيث كان لهم الفضل مثال في تفريخ شحنة ألاسلحة التي جاءت على متن باخرة بلغاريا وتم نقل‬
‫هذه الاسلحة الى غاية الوالية الرابعة]‪ ،[97‬ومن اهم املراكز الخلفية الخاصة بالتدريب نجد ‪:‬‬
‫ـ ـ ـ مركز الكبداني‬
‫هو اول مركز للتدريب انشأته املديرية العامة للتدريب واتخدته مقرا لها ‪ ،‬يقع بالريف املغربي يحتوي على عدة‬
‫اجنحة‪ ،‬كمراقد الجنود‪ ،‬مركز الحراسة‪ ،‬مركز تحميص الصور‪ ،‬املحافظة السياسية‪ ،‬إلاذاعة املحلية وقاعة‬
‫لالجتماعات‪ ،‬ساحة العلم‪ ،‬وتميز هذا املركز بالتدريب في التخصصات التالية ‪:‬التدريب القاعدي ( ‪Formation de‬‬
‫‪،)base‬التدريب التكميلي (املشاة)‪ ،‬مدافع الهاون ‪،‬الصاعقة‪،‬الفدائيون‪ ،‬ألالغام ‪،‬قاذفات اللهب‪ ،‬فرقة الضباط‪،‬‬
‫الضباط املتربصون‪ ،‬وبعد تدفق ألاسلحة سنة ‪ 4514‬أضيفت لها تخصصات جديدة كاملدافع املضادة للطائرات‪،‬‬
‫‪،‬البازوكا‪[98 ]....‬‬ ‫املدافع الثقيلة‬
‫‪ -‬مركز واولوت‬
‫هو من اصغر مراكز التدريب يقع بالقرب من الحدود وسط قبائل بني زناسن على بعد ‪ 91‬كلم عن ناحية بركان‬
‫شمال وجدة تحيط بها جنوبا جبال تافوغالت وزكزل‪ ،‬وتعرف املنطقة بعين تالوت لوجود عين جارية بها‪ ،‬كان جيش‬
‫التحرير املغربي يتمركز به اثناء حربه ضد الاسبان‪ ،‬ونظرا لصغر مساحة املركز‪ ،‬ووجوده داخل محيط عمراني سكني‪،‬‬
‫كان يستعمل للتدريب القاعدي فقط ]‪.[99‬‬
‫ـ مركز بوصافي‬
‫يقع بمنطقة العرائش ويبعد عنها بحوالي ‪ ،49‬متمركز فوق ربوة‪ ،‬وهو من املراكز الصغيرة ‪ ،‬استعمل كمركز صحي‬
‫وإداري قبل بدأ التدريب فيه سنة ‪ 4595‬واحتضن تخصصات‪:‬التدريب القاعدي (املشاة) وتكملته‪ ،‬وكانت تابعةله‬
‫املدرسة العسكرية للمرضين الواقعة باملدينة وكان به جناح إلجراء العمليات الجراحية ‪ ،‬ونظرا ألهميته أرسلت بشأنه‬
‫مصلحة التوثيق الخارجية ومحاربة الجوسسة العديد من التقارير أهمها تقرير ‪21‬جويلية ‪.[100]4591‬‬
‫ـ مركز زغنغن‬
‫هو أكبر مراكز التدريب مساحة يقع في قرية صغيرة تحمل اسمه تقع بين الناظور ودار الكبداني فتح في يناير من‬
‫سنة ‪ 4514‬وحولت اليه معدات واطارات مركز واولوت وبوصافي‪ ،‬واملدرسة العسكرية للممرضين‪ ،‬كما تحولت اليه‬
‫قيادة التدريب بعدما كانت في دار الكبداني واستعمل في التدريب العسكري والتكوين الاداري والسمعي البصري]‪. [101‬‬
‫مركز نواصر‬
‫هو مركز بحري يقع على شاطئ البحر الابيض املتوسط‪ ،‬يقع بين الناضور ومليلية واليبعد عنها سوى بكلومترات‬
‫قليلة فتح سنة ‪ 4514‬واستعمل لتكوين البحارة والضفادع البشرية‪.‬‬
‫باالضافة الى هذه املراكز املهمة نجد العشرات من املراكز الصغيرة وذات ألاهمية البالغة على غرار مراكز‪ :‬الزاوية‪،‬‬
‫سيدي بوبكر‪ ،‬واد سطوف‪ ،‬مركز جبارة ومركز أونات رياض]‪- ،[102‬مركز بوعرفة‪ ،‬مركز تندارة‪ ،‬مركز طوطو]‪ ،[103‬مركز‬
‫وجدة‪،‬مركز فقيق ‪،‬مركز بركان‪ ،‬مركز القنيطرة ‪ ،‬مركز الرباط‪ ،‬للتموين العام‪،‬مركز الدار البيضاء وطنجة‪ ،‬تطوان‪،‬‬
‫مركز بوعنان بوذنيب‪.‬‬
‫هذا وقد ساهمت هذه املراكز في تكوين جبهة ثانية ذات تسليح جيد وقوة متصاعدة‪ .‬لم تكن وحدات جيش قد‬
‫تلقت تكوينها مع مرور السنوات في املعسكرات واملراكز املوجودة باملغرب ما جعل جيش التحرير باملغرب يتطور ويصل‬
‫‪125‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إلى حوالي ‪2000‬جندي سنة‪،[104] 597‬والى إلى ‪5199‬سنة ‪4512‬و تكون تكوينا يستحيل إقامته داخل البالد وتوفير‬
‫ألاسلحة املتطورة لدعم فتيل الثورة بالجهة الغربية وهو ما كشفته تقارير املكتب الثاني للجيش الفرنس ي]‪ ،[105‬كما‬
‫ساهمت هذه املراكز بتطوير مختلف وسائل الاتصال‪ ،‬وطور الشبكات الخاصة بوسائل الاتصال والقنوات‬
‫إلاذاعية]‪،[106‬ساهمت القواعد الخلفية التي كانت في اتصال مع الوالية الخامسة ومعها جيش التحرير بالجهة الغربية‬
‫في توفير العناية الصحية وخاصة بمستشفى موريس أيسطو بوجدة (الفارابي حاليا) الذي كان يوفر ‪ 441‬سريرا وتكوين‬
‫]‪[107‬‬ ‫طبي في الجراحة‬
‫‪/4‬الخاتمة‪:‬‬
‫نالحظ إن العمل الثوري بالوالية الخامسة قد عرف تطورا كبيرا بعد الانطالقة املتعثرة ليلة أول نوفمبر ‪4591‬‬
‫‪ ،‬حيث تحولت املنطقة إلى مركز لكبريات املعارك ‪ ،‬كما صارت الجهة طريقا خصبا لنقل ألاسلحة من مراكز الدعم‬
‫باللوجستيكي التي تم استحداثها بالقواعد الخلفية في املغرب خاصة بعدما نال استقالله شهر مارس ‪ ، 4591‬وتحولت‬
‫الحدود الغربية إلى طريق خصب لدعم الثورة بمختلف أنواع ألاسلحة والذخيرة والجنود املدربين على فنون القتال‬
‫بالقواعد الخلفية على يد مختصين من الدول الشقيقة التي عملت على دعم الثورة الجزائرية بمختلف املعدات‬
‫املادية البشرية‪ ،‬كما تحولت هذه املنطقة إلى طريق لعبور املصابين من الجرحى واملعطوبين من جنود جيش التحرير‬
‫إلى مستشفيات املغرب خاصة مستشفى موريس أيسطو "الفارابي حاليا"‪ ،‬ألامر الذي جعل السلطات الفرنسية تقيم‬
‫حواجز على طول الشريط الحدودي والتي تم تدعيمها بالكهرباء وألالغام واملحروسة باملئات من الجنود الفرنسيين‬
‫بمختلف الرتب والتي عرفت بخط موريس ‪.‬‬
‫‪ .17‬الهوامش‪:‬‬
‫‪ -4‬ابراهيم مهديد ‪،‬القطاع الوهراني ما بين ‪ 4199‬و‪ 4545‬دراسة حول املجتمع الجزائري ‪ ،‬الثقافة والهوية الوطنية ‪ ،‬منشورات دار ألاديب‪ ،‬وهران‬
‫‪ ،2991‬ص‪41‬‬
‫‪2-Tinthoine‬‬
‫‪Robert ; l’Oranie sa géographie ,son histoire ,ses centres vitaux, éd; 1952 Robert, Oran, p11.‬‬
‫‪ -2‬جمال قندل ‪،‬خط موريس وشال على الحدود الجزائرية التونسية واملغربية وتأثيراتهما على الثورة الجزائرية ‪،4512-4597‬ط‪،4‬دار الضياء ‪،‬الجزائر‬
‫فيفري ‪،2991‬ص‪.22‬‬
‫‪2‬ـ العقيد لطفي ‪" ،‬ماهي الوالية الخامسة ‪،‬جريدة املجاهد ‪،‬عدد‪،14‬صادر بتاريخ ‪94‬ماي ‪،4595‬ص‪91‬‬
‫‪5-Mohamed Guentari ,Organition‬‬
‫‪politico-administrative et militaire de la révolition Algérienne de 1954-1962? T1 ,OPU, Alger.2000;P86‬‬
‫‪-1‬املتحف الجهوي للوالية الخامسة بتلمسان ‪"،‬مجلة تضحيات الوالية الخامسة التاريخية "‪،‬عدد‪ ،94‬نوفمبر ‪، 2942‬ص ص ‪41-47‬‬
‫‪7- Gandini Jacques; Oran de ma jeunesse 1945-1962, éd ;J.Gandini, France,P‬‬
‫‪01‬‬
‫‪ -1‬بسام العسلي ‪ ،‬هللا اكبر وانطلقت ثورة الجزائر ‪ ،‬دار النفائس ‪ ،‬بيروت ‪ ، 4511‬ط‪ ،2‬ص‪79‬‬
‫‪ -5‬فيرون ريمون ‪ ،‬الصحراء الكبرى ‪،‬تر‪:‬جمال الدين الديناصوري ‪ ،‬مؤسسة سجل العرب القاهرة ‪ 4512،‬ص ص ‪247،245‬‬
‫‪ -49‬مياس ي ابراهيم ‪ ،‬الاحتالل الفرنس ي للصحراء الجزائرية(‪ )4127،4521‬دار هومة ‪،‬الجزائر ‪،2999‬ص ص‪42،41‬‬
‫بسام العسلي مرجع سابق ص‪11‬‬ ‫‪-44‬‬

‫ريو صالدو ‪ :‬هي مدينة املالح حاليا والتي تعد من اهم املدن التي استوطن بها املعمرين ‪ ،‬وتقع على بعد ‪ 49‬كلم شمال مدينة عين تموشنت على‬ ‫‪-42‬‬

‫الطريق املؤدي نحو وهران ‪.‬‬


‫‪-42‬العرق الغربي الكبير ‪ ،‬هو من اكبر السهول الصحراوية تقجر مساحته ‪ 299‬الف كلم ‪2‬‬
‫‪14- Robert Tinthoin; op. cit, p13‬‬

‫‪ -41‬بسام العسلي مرجع سابق‪ ،‬ص ‪75‬‬

‫‪126‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪16‬‬
‫‪- G GA, Annuaire statistique de l’Algérie, volume 8, 1955,éd ;S.S.G, Alger, p 19.‬‬
‫‪17‬‬
‫‪- GGA, Annuaire statistique de l’Algérie 31Octobre 1954 ,op. cit ,p 12 ,17.‬‬
‫‪18‬‬
‫‪- Agéron Charles Robert., Histoire de l’Algérie contemporaine, op.cit, p47‬‬
‫‪-29‬ولد النبیةكریم‪،‬رهانات الدیموغرافیة في منطقة سیديبلعباس‪،4591-4129‬امللتقى الوطني حول تاریخ مدینة سیدي بلعباس‪،‬ص ‪11‬‬
‫أشرف مصطفى‪،‬الجزائر ألامة واملجتمع‪،‬تر حنفي بن عیس ى‪،‬املؤسسة الوطنیة للكتاب‪،‬الجزائر‪، 1983 ،‬ص‪24‬‬ ‫‪-24‬‬

‫‪ - 22‬محمد بوزيان بن علي ‪ ،‬وجدة عاصمة الثورة الجزائرية ‪،‬سلسلة تراث فقيق ‪ ،‬مطبعة الجسور ‪،‬وجدة ‪،‬املغرب ‪، 2945 ،‬ص‪494‬‬
‫‪ 22‬ـ محمد بوضياف ولد سنة ‪ 4545‬بميلة‪ ،‬انضم إلى حزب الشعب الجزائري‪ ،‬ثم عضو في املنظمة الخاصة‪ ،‬يعد احد اعمدة مفجري الثورة التحريرية‪،‬‬
‫اعتقل في عملية القرصنة الجوية التي تعرضت لها الطائرة التي كانت تقله هو و رفاقه من املغرب في‪، 4591-49-22‬أصبح رئيسا للدولة الجزائرية سنة‬
‫‪، 1992‬اغتيل في نفس السنة بعنابة للمزيد ينظر إلى‪:‬عاشور شرفي‪ ،‬قاموس الثورة الجزائرية‪ ،‬تر‪:‬عالم مختار‪( ،‬د‪،‬ط)‪ ،‬دار القصبة للنشر‪،‬‬
‫الجزائر‪، 2997،‬ص ص‪.52-52‬‬
‫أحمد بن بلة ‪:‬ولد في ‪ 4541/42/29‬في مغنية ‪،‬أجبر على أداء الخدمة العسكریة في الجیش الفرنس ي عام ‪ ، 4512-4527‬بدأ العمل على تكوین خالیا‬ ‫‪-21‬‬

‫عسكریة لحزب الشعب‪ -‬املنظمة الخاصة‪ -‬عام ‪، 4515‬فتزعم بذلك عملیة الهجوم على برید وهران‪، ،‬ألقي علیه القبض عام ‪، 4599‬ووادع سجن‬
‫بالبلیدة ل الذي منه في ماي ‪ 4592‬إلى فرنسا ومنها للقاهرة ‪،‬تعرض لعملیة اختطاف في أول عملیة قرصنة جویة‪ ،‬وبقي على إثرها في السجن ست‬
‫سنوات حتى استقالل الجزائر‪،‬عين كأول رئيس جمهورية للجزائر سنة‪ 4512‬تعرض النقالب عسكري بقيادة هواري يوم ‪45‬جوان ‪، 4519‬أودع على اثر‬
‫ذلك بن بلة السجن‪ ،‬لیفرج عنه عام ‪1981‬في عهد الشاذلي بن جدید توفي یوم ألاربعاء ‪44‬أفریل ‪ 2942‬بالجزائر عن عمر ناهز ‪51‬سنة‪.‬أنظر درى‬
‫سميحة ‪ ،‬التوجه القومي في نظال احمد بن بلة ‪ ،‬مجلة العلوم الاجتماعية ‪ ،‬جامعة عمار ثليجي الاغواط ‪ ،‬املجلد ‪ 1‬العدد ‪ ،2‬مارس ‪، 2947‬ص ‪59‬‬
‫ديدوش مراد ‪ :‬ديدوش مراد‪:‬امللقب بس ي عبد القادر ‪ 42‬جوان ‪4527‬م باملرادية العاصمة ‪،‬انظم إلى حزب الشعب ولم يبلغ سنه ال‪41‬سنة وفي‬ ‫‪-29‬‬

‫‪ 4511‬انشأ فرقة الكشافة ‪،‬عضو املنظمة الخاصة و عضو اللجنة الثورية ‪،‬شارك في اجتماع‪ 22‬و مسؤول الناحية الثانية ‪،‬توفى بمعركة دوار الصوادق‬
‫في ‪ ،4599‬انظر ‪:‬بوعالم بلقاسمي ‪،‬موسوعة اعالم الجزائر (‪ ، ) 4512 -4591‬منشورات املركز الوطني للدراسات و البحث في الحركة الوطنية و ثورة اول‬
‫نوفمبر ‪،‬وزارة املجاهدين ‪، 1999،‬ص‪.19‬‬
‫هو مناضل في حزب الاستقالل ونجد الكثير من املسؤولين الجزائريين خونوه واتهموه بالتماطل لكننا ال يمكن أن نتجاهل تضحياته ‪،‬فقد سخر كل‬ ‫‪-21‬‬

‫جهوده وإمكانياته لخدمة الكفاح الجزائري في العواصم ألاوربية‪ .‬انظر عن صفقة ألاسلحة هذه‪ ،‬شـهادة‪ .‬بوضياف في حواره مع محمد عباس‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬جريدة الشعب‪ ،‬عدد يوم‪47‬نوفمبر ‪ ،4511‬والديب فتحي‪ ،‬جمال عبد الناصر والثورة التحريرية‪ ،‬دار املستقبل العربي للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‬
‫‪ ،4511،‬ص‪494‬‬
‫‪ - 27‬محمد العربي بن مهيدي ‪ ،‬ولد سنة ‪ 4522‬بدوار الكواهي في ضواحي عين مليلة بام البواقي ‪،‬انخرط في صفوف الكشافة الاسالمية سنة ‪ ،4525‬انظم‬
‫الى حزب الشعب املحظور من النشاط سنة ‪ ،4512‬عين قائد للوالية الخامسة وشارك في تفجير الثورة بها ‪ ،‬كما شارك في مؤتمر الصومام‪ ،‬وهو من‬
‫اقترح اضراب الثمانية ايام ‪ ،‬القي عليه القبض يوم ‪ ،4597/92/22‬واعدم يوم ‪ ،4597/92/91‬انظر محمد عباس ‪ ،‬ثوار ‪...‬عظماء ‪ ،‬مرجع سابق ص‬
‫ص ‪11-79‬‬
‫‪ 21‬ـ الطاهر جبلي‪ ،‬الامداد بالسالح خالل الثورة الجزائرية ‪ ،4512-4591‬دار الامة للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ 2942‬ص ص‪ ،492،491،‬وانظر ايضا محمد عباس‬
‫ثوار عظماء‪ ،‬دار هومة للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ ،2992‬ص‪. 19‬‬
‫بيار لومبارت(‪ ،)Pierre Lambert‬هو مسؤول فرنس ي شغل رئيس عمالة وهران خالل سنة ‪ ، 4591‬وكان ضمن الجماعة التي اعتبرت اندالع ثورة‬ ‫‪-25‬‬

‫نوفمبر مجرد شغب وعقد اجتماع بعد اسبوع من اندالع الثورة ليعلن لرؤساء البلديات وكولون وهران ان الاحداث مجرد سحابة صيف ‪.‬‬
‫‪30- Oran républican.08/11/1954,P02‬‬

‫‪31- SHAT ,1H20395 ,dossier n :01note de26/10/1957‬‬

‫‪22‬ـ محمد عباس ‪ ،‬فرسان الحرية ‪ ،‬شهادات حية ‪،‬دار هومة للطباعة والنشر ‪ ،‬الجزائر ‪ ،2994‬ص‪91‬‬
‫‪ -22‬بوشقيف حياة ‪ ،‬تحضير تفجير الثورة باملنطقة الخامسة ‪ ،‬مجلة أول نوفمبر ‪،‬العددان ‪94، 412-414‬يناير الى جوان ‪ ،2942 ، 2941‬املتحف‬
‫الجهوي للوالية الخامسة بتلمسان ‪،‬ص‪.42‬‬
‫‪ 21‬عبد الرحمن بن ابراهيم بن العقون‪ ،‬الكفاح القومي والسياس ي من خالل مذكرات معاصر‪ ،‬الفترة الثالثة (‪4519‬ـ ‪،)4591‬ج ‪ 2‬املؤسسة الوطنية‬
‫للكتاب الجزائر ‪ ،4511،‬ص ص ‪211 -112‬‬
‫‪ 29‬ـ محمد عباس ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪92‬‬

‫‪127‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪21‬ـ املتحف الوطني للمجاهد‪ ،‬والية عين تموشنت ملحقة بني صاف‪ ،‬املجاهد عبد الحفيظ بوالصوف ‪ ، 4519-4521‬منشورات املتحف الوطني للمجاهد‬
‫‪ ،‬د‪،‬ت ‪ ،‬ص‪41‬‬
‫‪ -27‬الحاج بن عال‪ :‬ينحدر من مدبينة تيارت التي ولد بالقرب منها سنة ‪، 4522‬عمل ضابطا في الجيش الفرنس ي برتبة مالزم أول‪ ،‬شارك في الحرب‬
‫العاملية الثانية‪ ،‬سنة‪، 4591‬شارك في تفجير الثورة بالقطاع الوهراني ‪ ،‬ألقي عليه القبض في نوفمبر‪، 4591‬عذب ثم حكم عليه بالسجن املؤبد في‬
‫فيفري‪، 4597‬نقل إلى سجن فرنسا‪ ،‬و لم يطلق سراحه حين الاستقالل ‪ ،‬ليصبح أول رئيس للمجلس الوطني الجزائري في حكومة الرئيس بن بلة‪.‬‬
‫‪ - 21‬الطاهر جبلي ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ص ‪424-429‬‬
‫‪ 25‬ـ محمد ملقامي ‪ ،‬رجال الخفاء ‪ ،‬مذكرات ضابط في وزارة الاتصال والتسليح والاتصاالت العامة ‪،‬ترجمة علي ربيب ‪،‬د ط‪،‬املؤسسة الوطنية للنشر‬
‫وإلاشهار ‪،‬الجزائر ‪،2949،‬ص ص‪441-442‬‬
‫‪40-‬‬
‫‪Bernard(M) ,Histoir du Drame Algérien T1 ,19541956 ,ed Germille, Genéve , 1971.p75.‬‬
‫‪14‬ـ بليل محمد ‪ ،‬اندالع الثورة الجزائرية بعمالة وهران في الفاتح نوفمبر ‪ ،4591‬الصعوبات والتحديات ‪،‬مجلة املصادر ‪ ،‬العدد ‪ 21‬السداس ي الثاني‬
‫‪ ، 2944‬املركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة اول نوفمبر ‪4591‬ص‪299‬‬
‫‪12‬ـ العماد طالس مصطفى واملقدم العسلي بسام ‪ ،‬الثورة الجزائرية ط‪ 4‬دار الشورى ‪،‬بيروت ‪، ، 4512، ،‬ص‪221‬‬
‫‪12‬ـ الطاهر جبلي ‪،‬مرجع ساق ‪،‬ص‪422‬‬
‫‪11‬ـ أحسن بومالي ‪،‬أدوات التجنيد والتعبئة الجماهرية أثناء الثورة التحريرية الجزائرية( ‪،)4591-4591‬دط‪،‬دار املعرفة ‪،‬الجزائر ‪،2949‬ص‪.497‬‬
‫‪19‬ـ بلحسن بالي ‪ ،‬ملحمة اليخت دينا ‪،‬ترجمة عبد املجيد بوجلة ‪،‬د ط‪،‬منشورات تالة ‪،‬الابيار ـ الجزائر ‪،2942،‬ص‪.22‬‬
‫‪ -11‬مراد صديقي ‪،‬الثورة الجزائرية ‪،‬عمليات التسلح السرية ‪،‬ترجمة أحمد الخطيب‪،‬د ط ‪،‬دار الرائد ‪،‬الجزائر ‪،2949‬ص‪. 29‬‬
‫مستغانمي أحمد املدعو س ي رشيد املعروف باسمه الثوري س ي رشيد ولد في قرية جامع الصخرة ب الغزوات غرب تلمسان سنة ‪ 1915.‬هاجرالى‬ ‫‪-17‬‬

‫فرنسا بحثا عن العمل في سنة ‪ ،4519‬وانخرط هناك في صفوف حزب حركة الانتصارات من أجل الحرية والديمقراطية وذالك من سنة ‪ 4519‬إلى سنة‬
‫‪ .4517‬ثم عاد إلى أرض الوطن إلى مدينة الغزوات شارك في اندالع الثورة‪ .‬وفي شهر مارس ‪ 1955‬شارك س ي رشيد في التحضير والتخطيط لعملية نقل‬
‫السالح والذخيرة من مدينة الناظور املغربيةالى الوالية ‪.9‬عين س ي رشيد مسؤول املنطقة الثانية الوالية الخامسة بين سنتي ‪ 4591‬و ‪ 4597‬بأمر من‬
‫قيادة أركان الجيش‪ ،‬ثم عين بعدها عضو لجنة الوالية الخامسة ومسؤول القيادات العسكرية الحدودية‪. ،‬توفي س ي رشيد في ‪ 21‬ديسمبر ‪ .2991‬انظر‬
‫محمد بوزيان بنعلي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ص ـ ‪ 424‬ـ ‪429‬‬
‫‪ - 11‬الرائد الحنصالي ‪ :‬اسمه الحقيقي ‪،‬سايح ميسوم من مواليد دشرة الصفرة بالسواحية في غرب تلمسان يوم ‪9‬ابريل ‪ 4521‬من عائلة تمارس الفالحة‬
‫‪ ،‬هاجر الى فرنسا بحثال عن العمل وهناك انخرط في حركة انتصار الحريات الديموقراطية سنة ‪ ، 4517‬عاد الى الوطن سنة ‪4592‬واصبح مسؤوال عن‬
‫الحركة بقريته وشارك في التحضير للثورة باملنطقة الخامسة رفقة بن مهيدي وبوصوف‪ ،‬القي عليه القبض اياما قبل اندالع الثورة وتعرض للتعذيب‬
‫بمركز تونان بالسواحلية الذي استطاع الفرار منه والالتحاق بالثورة في بدايتها وشارك في نقل الاسلحة من الناضور الى الجزائرسنة ‪4599‬استشهد‬
‫بمعية مجموعة من املجاهدين في ‪ 4597/99/27‬وهم بصدد عبورا لحدود عبر خط موريس بمنطقة مسيردة بالقرب مرس ى بن مهيدي‬
‫‪15‬ـ سهام صالحي‪ ،‬معارك جيش التحرير الوطني مالحم بطولية‪ ،‬مجلة الجيش ‪،‬عدد ‪ ،121‬نوفمبر ‪ ،2949‬ص ‪25‬‬
‫‪ -99‬صالح قرفي ‪،‬الجذور التاريخية لالستراتيجية العسكرية الجزائرية ‪،4512-4591‬ج ‪،2‬هيئة اركان الثورة ‪،‬مسألة استخدام القوات ‪،‬مجلة الجيش ‪،‬‬
‫عدد ‪، 951‬جانفي ‪ ، 2942‬ص ‪79‬‬
‫جمال قندل ‪ ،‬اشكالية تطور وتوسع الثورة الجزائرية ‪...‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪219‬‬ ‫‪-94‬‬

‫‪52- L' Echo d 'Oran, N:30471,du:24/02/1956‬‬

‫‪53‬ـ النقيب الزبير هو حمادية الطاهر ‪،‬املعروف بالزبير التيارتي نسبة الى مدينة تيارت التي ينحدر منها ‪،‬عمل ضابط صف بالجيش الفرنس ي مطلع‬
‫‪ ،4591‬وكان ضمن وحدة من الطالئع الجزائرية في مركز الصبابنة ناحية الغزوات (تلمسان)‪ ،‬في ‪ 45‬فبراير من نفس السنة التحق بجيش التحرير الوطني‬
‫بالناحية الثانية من املنطقة الخامسة بعدما فر منها رفقة ‪ 91‬من رفاقه ‪ ،‬قتل يوم ‪ 92‬اوت ‪ 4519‬بالحدود الغربية ناحية وجدة على يد قيادة الثورة‬
‫بعد التمرد الذي قاده على القيادة انظر ‪ :‬و‪.‬ث ‪ .‬ج‪ .‬دورة ‪ 47‬ديسمبر ‪ 41-4595‬يناير ‪ ،4519‬تقرير وزير القوات املسلحة كريم بلقاسم ‪ ،‬علبة مصورة‬
‫رقم ‪C04‬‬
‫‪54‬ـ محمد مصطفى طالب ‪،‬من ايام حرب التحرير (‪ )4512-4591‬محطات تاريخية ‪ ،‬ط‪ ،2‬دار الغرب للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪، 2997،‬ص ص ‪22-22‬‬
‫‪55-‬‬
‫‪Henri Le Mire, Histoire Militaire de La Guerre d' Algérie , Editions Albin Michel, Paris 1982 .p71-72 , et L 'Echo d 'Oran,‬‬
‫‪N:30415,du:22/02/1956.‬‬

‫‪128‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -91‬محمد مصطفى طالب‪ ،‬مرجع سابق ص ‪22‬‬


‫‪ -97‬عثمان بن الطاهر ‪ ،‬معركة جبل تاجرة الثانية ‪،‬مجلة أول نوفمبر عدد ‪،4512، 97‬ص‪44‬‬
‫‪ - 91‬جمال قندل ‪،‬اشكالية تطور وتوسع الثورة الجزائرية ‪،4591-4591‬ج‪4‬منشورات وزارة الثقافة ‪،2942،‬ص‪212‬‬
‫محمد مصطفى طالب ‪،‬مرجع سابق ص‪29‬‬ ‫‪-95‬‬

‫‪19‬ـ شهادة املجاهد نوالي الحاج املدعو عبد املالك‪ ،‬مسجلة بمتحف الوالية الخامسة مارس ‪2999‬‬
‫‪ -14‬القاموس الذهبي ‪،‬لشهداء الثورة التحريرية الكبرى لوالية تلمسان ‪ 4512-4591‬مديرية املجاهدين لوالية تلمسان ‪ ،2999-2991،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 12‬ـ نفسه‪ ،‬ص ‪47‬‬
‫لحسن بوزيدي‪ ،‬ثورة داخل ثورة ‪ ،‬دار الغرب للنشر‪ ،‬الجزائر ‪ 2949 ،‬ص‪71‬‬ ‫‪-12‬‬

‫القاموس الذهبي ‪،‬لشهداء الثورة التحريرية الكبرى لوالية تلمسان‪ ،‬مرجع سابق ص‪21‬‬ ‫‪-11‬‬

‫‪ - 19‬توران "‪ ،"Turenne‬هي مدينة صبرة حالية أنظر ‪،‬لحسن بوزيدي ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪14‬‬
‫‪11‬‬
‫‪L Echo d Oran, N:30599,du:24/07/1956‬ـ‪-‬‬
‫‪ 17‬ـ مزرعي عبد القادر املدعو املصدق‪ ،‬ولد ببني وارسوس سنة ‪ 4522‬بلدية الرمش ي‪ ،‬جند اجباريا في الجيش الفرنس ي سنة ‪ ،4512‬التحق بالثورة بداية‬
‫‪ ،4591‬وانظم الى جيش التحرير في القسم الثاني والربع من الناحية الثانية من الوالية الخامسة‪ ،‬خاض عدة معارك بشجاعة كبيرة استشهد في معركة‬
‫وادي السبع ببنبي وارسوس سنة ‪ ، 4597‬انظر عثمان بن طاهر مرجع سابق ص‪42‬‬
‫تقرير القيادة العليا للقوات الفرنسية بالجزائر الناحية العسكرية لفيلق جيش وهران ‪ ،‬قيادة الاركان ‪ ،‬املكتب الثاني رقم ‪ /121‬ف ج و‪/‬س ‪،‬‬ ‫‪-11‬‬

‫ملف ‪/257‬و‪9‬‬
‫‪ 15‬دينا ‪ :‬هو يخت كان ملكا للملكة دينا عبد الحميد‪ ،‬عاهلة الاردن ‪،‬استأجره منها قائد ألاسراب املصري حسن خيري وأستعمل في نقل شحنة من‬
‫الاسلحة من شاطئ برج العرب باإلسكندرية بمصر الى املغرب بقيادة البحار إبراهيم النيال ينظر‪ :‬فتحي الذيب ‪ ،‬مصدر سابق ص ‪12‬ـ‬
‫‪ - 79‬هو جش يظم مناضلين من الجزائر ‪ ،‬املغرب وتونس تاسس في سنة‪ 4599‬وكان هدفه تحرير شمال افريقيا من الوجود الفرنس ي ‪ ،‬وكانت هذه‬
‫فكرة عبد الكريم الخطابي ‪ ،‬والذي عمل على تجسيدها بمساعدة مكتب و لجنة تحرير املغرب العربي والجامعة العربية والسلطات املصرية وعلى‬
‫رأسها جمال عبد الناصر‪.‬‬
‫‪74‬ـ كان على متن اليخت دينا كل من‪ :‬هواري بومدين ‪،‬عرفاوي محمد الصالح ‪،‬مجاوي علي ‪،‬عبد العزيز مشري ‪،‬عبد الرحمن محمد ‪،‬بن حسين محمد‪،‬‬
‫شنوت احمد ‪ ،‬باالضافة الى طاقم اليخت املكون من القائد السوداني ميالن ابراهيم النيال ‪ ،‬واملكانيكي املغربي محمد العربي ‪ ،‬و‪ 92‬بحارة مصرين‬
‫وهم ‪:‬مصطفى نجم‪،‬محمود الفتاح وحسين الدويكي انظر ‪:‬محمد الهادي حمدادو مرجع سابق ‪ ،‬ص ص‪92‬ـ‪92‬‬
‫‪ 72‬محمد الهادي حمدادو ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪91،‬‬
‫‪ -72‬عبد الحفيظ بوصوف‪:‬ينحدر من مدينة ميلة التي ولد بها في ‪ ، 4521-91-47 :‬انظم الى حزب الشعب الجزائري سنة‪، 4514‬يعد من الرعيل ألاول‬
‫الذي فجر الثورة بالقطاع الوهراني ‪ ،‬عين نائبا لبن مهيدي للمنطقة الخامسة ليصبح قائدا لها سنة ‪، 4591‬فتح مدرسة املواصالت السلكية و الالسلكية‬
‫و التدريب العسكري و الصحة بوجدة‪ ،‬أسس جهاز املخابرات أثناء الثورة‪ ،‬أصبح وزير التسليح والاتصاالت ينظر الى ‪:‬الصادق مزهودوآخرون‪،‬املجاهد‬
‫عبدالحفيظ بوصوف السياس ي املحنك والاستراتيجي املدبر‪)،‬د‪،‬ط) ‪،‬دار الفجر للطباعة الجزائر‪ 2992،‬ص‪97‬‬
‫بن كرادة جازية ‪ ،‬التموين بالتسليح خالل الثورة التحريرية بالوالية الخامسة ‪،4512-4591‬مجلة متون ‪،‬املجلد‪ 44‬العدد ‪ ،4‬جامعة موالي الطاهر‬ ‫‪-71‬‬

‫‪،‬سعيدة ‪ ،‬ص‪411‬‬
‫‪ -79‬يوسف مناصرية واخرون ‪ :‬ألاسالك الشائكة وحقول ألالغام ‪(،‬دط)‪ ،‬منشورات املركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة اول‬
‫نوفمبر ‪، 4591‬الجزائر ‪،2997،‬ص‪27‬‬
‫‪ - 71‬بن كرادة جازية ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪415‬‬
‫‪ -77‬فتحي الذيب مصدر سابق ص ص ‪422-424‬‬
‫‪ - 71‬مراد صديقي ‪ ،‬مصدر سابق ‪،‬ص ص ‪21،27‬‬
‫‪ 75‬ـ نفسه ‪ ،‬ص ص ‪19-25‬‬
‫‪ 19‬ـ محمد ملقامي ‪ ،‬رجال الخفاء ‪ ،‬مذكرات ضابط فيوززارة التسليح والاتصاالت العامة ‪ ،‬املؤسسة الوطنية للنشر والاشهار ‪ ،‬الجزائر ‪،2991،‬ص ص‬
‫‪412.412‬‬

‫‪129‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ - 14‬الجنرال ساالن ‪ 4155‬ـ ‪4511‬جنرال فرنس ي ‪،‬شارك في حرب فرنسا في الهند الصينية ‪،‬من معارض ي استقالل الجزائر ‪ .‬انظر‪ :‬شتوان نظيرة ‪،‬الثورة‬
‫التحريرية(‪ ) 4512-4591‬الوالاية الرابعة نموذجا ‪،‬اطروحة دكتوراه في تاريخ الحركة الوطنية و الثورة الجزائرية ‪،‬كلية آلاداب و العلوم إلانسانية‬
‫‪،‬جامعة تلمسان ‪ ،2997،‬ص ‪.157‬‬
‫‪ - 12‬يرجح ان يكون التقرير يشير الى الاسلحة التي تم نقلها مع متن الباخرة بلغاريا‬
‫‪83-‬‬
‫‪ANOM,GR1H1774‬‬
‫‪11‬ـ احمد توفيق املدني ‪،‬حياة كفاح ‪،‬مذكرات مع ركب الثورة الثورة التحريرية ‪،‬ج ‪(2‬د ط) دار البصائر ‪ ،‬الجزائر ‪،2995‬ص ص ‪221-222‬‬
‫‪19‬ـ بن كرادة جازية مرجع سابق‪ ،‬ص ‪474-479‬‬
‫‪11‬ـ هي اول وزارة انشأت ضمن أول تشكيلة للحكومة املؤقتة تهتم بالتسليح وتموين الثورة مقرها املغرب ‪ ،‬وعين على رأسها محمود الشريف ‪ ،‬والتشكيلة‬
‫الثانية اصبحت تسمى وزارة التسليح والاتصاالت العامة وتم توسيع نشاطها وترأسها بوصوف انظر محمد بوزيان بنعلي ‪ ،‬مرجع سابق ‪ 2945‬ص‬
‫‪414‬‬
‫بوداود محمد املدعو س ي منصور ‪ ،‬اسلحة الحرية ‪،‬الجزائر ‪:‬حرب التحرير‪،‬مذكرات وشهاادات ‪،‬منشورات وزارة املجاهدين‪،‬الجزائر ‪ ،2941 ،‬ص‬ ‫‪-17‬‬

‫ص ‪411-424‬‬
‫‪ -11‬املتحف الوطني للمجاهد‪ ،‬ملحقة عين تموشنت ‪،‬املجاهد عبد الحفيظ بوصوف (‪)4521-4521‬ص‪21‬‬
‫‪15‬ـ محمد بوزيان بن علي مرجع سابق ص‪19‬‬
‫‪59‬ـ محمد بوزيان بن علي مرجع سابق ص‪19‬‬
‫‪ -54‬دار الكبداني ‪،‬هو أول قاعدة خلفية للثورة الجزائرية أقيمت بالريف املغربي بنواحي الناطور ‪ ،‬كان أول مركز للقيادة قبل تحويله إلى وجدة ‪،‬في حين‬
‫تؤكد مصادر أخرى انه سبقته مراكز أخرى بمزارع وحقول بالحدود الشرقية املغربية بنواحي وجدة ‪،‬انظر محمد بوزيان بن علي ‪،‬مرجع سابق ص‪،499‬‬
‫وكذلك محمد مصطفى طالب من ايام حرب التحرير (‪)4512-4591‬املديرية العامة للتدريب ‪/‬الغربية ‪ ،‬ط‪،4‬دار النشر ابن خلدون ‪،‬الجزائر ‪،2992‬ص‪27‬‬
‫‪ 52‬ـ محمد تقية‪ :‬الثورة الجزائرية–املصدر الرمز واملال‪ ،-‬دار القصبة للطباعة والنشر‪ ،‬الجزائر‪، 2949 ،‬ص‪111‬‬
‫‪ 52‬ـ محمد يعيش ‪ ،‬الجالية الجزائرية في املغرب ألاقص ى ودورها في الحركة الوطنية وثورة اول نوفمبر ‪ 4512-4529‬د ط ‪ .‬دت‪ .‬الهدى ‪،‬‬
‫الجزائر‪،2942،‬ص‪251‬‬
‫ـ القادري عبد الصادق أضواء على حركة املقاومة باملنطقة الشرقية الشمالية مالية املغربية ‪ ،‬الجزء ألاول ‪ ،‬املغرب ‪،2994،‬ص ‪412‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪ - 59‬محمد مصطفى طالب ‪ :‬من ايام حرب التحرير (‪)4512-4591‬املديرية العامة للتدريب ‪،..‬مرجع سابق ‪،‬ص ص ‪27‬ـ ‪12‬‬
‫‪ -51‬نفسه ‪،‬ص ص ‪11-12‬‬
‫‪97- ANOM,SHAT; chateau de vincennes1H11795.‬‬

‫محمد مصطفى طالب ‪ :‬من ايام حرب التحرير (‪)4512-4591‬املديرية العامة للتدريب‪، ..‬مرجع سابق ‪،‬ص ص ‪11-19‬‬ ‫‪-51‬‬

‫‪ 55‬ـ الطاهر جبلي ‪ ،‬القواعد الخلفية لجيش التحرير على الجبهة الغربية خالل الثورة الجزائرية (‪ ،)4512-4591‬مجلة الحكمة للدراسات التاريخية ‪،‬‬
‫املجلد‪ 4‬العدد ‪ ،2‬جوان ‪،2942‬ص ص‪495-497‬‬
‫الطاهر جبلي‪ :‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪295‬‬ ‫‪-499‬‬

‫‪101- ANOM 1H177‬‬


‫‪9.Lasituation Aux FrontieresAlgero-Marocaine ala date de 25 juillet 1956‬‬
‫‪ -492‬محمد دباح‪ :‬كنا نلقب بشبكات الراديو املتمردة‪ ،‬تر‪ :‬قندوز عباد فوزية‪ ،‬غرناطة للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ، 2942 ،‬ص‪14‬‬
‫‪ - 492‬محمد بوزيان بنعلي ّ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪229‬‬

‫‪130‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إلاعاقة الذهنية وسبل التربية الدامجة‪ ،‬مقاربة سوسيوـ تاريخية‪.‬‬


‫لحسن الصديق‪ ،‬باحث في التاريخ بجامعة السلطان موالي سليمان‪ ،‬املغرب‬
‫‪esseddyq@yahoo.fr‬‬
‫املصطفى بوهريم‪ ،‬باحث في علم الاجتماع‬
‫‪bouhrim.elmustapha@gmail.com‬‬
‫امللخص‪:‬‬

‫تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على ألاطفال في وضعية إعاقة ذهنية‪ .‬الذين يعيشون واقع املعاناة والاقصاء والهشاشة الاجتماعية‪،‬‬
‫ال تقل حدة عن معاناة ألاطفال في وضعية إعاقة جسدية أو حركية ‪...‬إلخ‪ .‬فكل وضعية إعاقة فردية‪ ،‬حالة يتعين أخذها بعين الاعتبار‪،‬‬
‫والاجتهاد في تنمية شروط تجاوز وضعها وعوائقها من خالل تنمية مهارات تكسبهم القدرة على الحياة اليومية‪ ،‬وابتكار الحلول التي تستجيب‬
‫لحاجاتها‪ ،‬وما تحمله من إمكانات لالستثمار لفائدة الشخص في وضعية إعاقة‪ ،‬هو املشروع الذي ترفعه املدرسة املغربية اليوم من خالل‬
‫مشروع تمكين املتعلمين من آليات الدمج الاجتماعي لألطفال في وضعية إعاقة بشكل عام‪.‬‬

‫الكلمات املفاتيح‪ :‬إلاعاقة الذهنية‪ -‬التربية الدامجة‪ -‬ذوي الاحتياجات الخاصة‪ -‬تاريخ إلاعاقة‬

‫‪Abstract :‬‬

‫‪This paper aims to shed light on children with intellectual disabilities. Those who live in the reality of suffering, exclusion and‬‬
‫‪social fragility, are no less with hardships than the suffering of children with physical or movement disabilities...etc. Every‬‬
‫‪individual disability situation is a situation that must be taken into consideration, and striving to develop conditions to‬‬
‫‪overcome its condition and obstacles by developing skills that give them the ability to live daily life, and inventing solutions‬‬
‫‪that respond to their needs, and the potential it holds for investment for the benefit of a person in a situation of disability, is‬‬
‫‪the project that the Moroccan school Today through the project to empower learners of the mechanisms of social integration‬‬
‫‪of children with disabilities in general.‬‬

‫‪Key words : Intellectual disability- inclusive education- People with special needs- history of disability‬‬

‫تقديم عام‬

‫في البدء‪ ،‬نقصد بالتصورات املعرفية إلاطار أو البراديغم املعرفي ـ الابيستيمي العام الذي ينشأ في املفهوم‪،‬‬
‫ومفهوم إلاعاقة الذهنية مفهوم تشكل وفق تصورات معرفية مختلفة بحسب السياق التاريخي ـ املعرفي للمجتمعات‬
‫الغربية في حقب زمنية متوالية‪ ،‬بدء من العصر الوسيط وعصر النهضة للعصر الحديث إلى يومنا هذا‪ .‬إن التصنيف‬
‫الدولي لإلعاقة ألاخير لسنة ‪ ،CIF 2115‬ثم الذي جاء من بعده واملتعلق باألطفال واملراهقين ‪ CIF-EA‬لسنة ‪ ،2116‬عمل‬
‫على تصنيف إلاعاقة وإلاعاقة الذهنية كذلك بناء على الوظيفية كمعيار اجتماعي‪ ،‬ثم على الصحة كمعيار طبي‪ .‬حتى‬
‫أن الدليل املرجعي لهذا التصنيف الدولي يحيل في عنوانه لهذين املعيارين‪ .1‬والتعريف الذي اعتمدته املنظمة العاملية‬
‫للصحة لإلعاقة الذهنية يفيد أنها حالة من الاختالل الوظيفي في املهارات والقدرات‪ .‬بتعبير آخر‪ ،‬إلاعاقة الذهنية هي‬

‫‪1‬‬
‫‪CIF-EA , Classification internationale du fonctionnement, du handicap et de la santé : version pour enfants et adolescents.‬‬
‫‪232‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الخلل في الوظائف املعرفية‪ ،‬واللغوية‪ ،‬والحركية‪ ،‬والاجتماعية‪ ،‬وقد يكون مع أو بدون اضطراب نفس ي أو حس ي آخر‪..‬‬
‫هكذا‪ ،‬يمكن ترتيبها ضمن قائمة الاضطرابات العقلية ـ السلوكية التي تحدث آثارا على املستوى الحس ي ـ الحركي‬
‫للشخص‪ ،‬ثم على قدراته العقلية والتواصلية ـ اللغوية‪.‬‬

‫لكن‪ ،‬كيف تمثلت املجتمعات القديمة والحديثة خصوصا إلاعاقة الذهنية في سلوكها اليومي‪.‬‬

‫‪ .5‬هل هي من جنس الجنون والحمق وفقدان العقل؟‬


‫‪ .2‬إذا كان ألامر‪ ،‬ملاذا ارتبط سلوك املجنون‪ /‬الحمقى ‪ fous‬بالسخرية‪ ،‬باالنحراف عن املعايير إلى درجة أنهم‬
‫كانوا يعاملون كاملجرمين واملشردين؟‬
‫‪ .0‬كيف ساهم حدث ظهور املستشفيات بأوروبا‪ ،‬وميالد الطب النفس ي مع تقدم الطب التجريبي خالل العصر‬
‫الحديث في تغير التصورات املعرفية لالضطرابات العقلية من مفهوم الجنون إلى مفهوم املرض العقلي ثم إلى‬
‫مفهوم إلاعاقة الذهنية الذي أصبحنا نتداوله اليوم؟‬
‫‪ .9‬أخيرا‪ ،‬كيف ساهمت السوسيولوجيا في بناء مفهوم إلاعاقة الذهنية في الحقل الطبي كمفهوم يشمل املرض‬
‫العقلي من حيث البعد الطبي‪ ،‬ويتجاوزه من حيث البعد الاجتماعي؟‬
‫إن التصنيف الدولي لإلعاقة ألاخير ‪ 2115‬الذي سهرت عليه ‪ OMS‬استطاع أن يتجاوز التصنيف الدولي‬
‫لإلعاقة ألاول من نوعه لسنة ‪ 5481‬الذي بني فقط على املقاربة الطبية لإلعاقة‪ ،‬باستحضار ألاخير البعد الاجتماعي إلى‬
‫جانب البعد الطبي لتصنيف إلاعاقة‪ .‬كان من الاسهامات الكبرى للعلوم الاجتماعية بما فيه السوسيولوجيا في تطوير‬
‫هذه التصنيفات ذات البعد الدولي‪ .‬مع العلم أن السوسيولوجيا اهتمت في جزء كبير منها من حيث الدراسات امليدانية‬
‫على أشكال إلاقصاء والنفي والعزل الذي عاشته فئة ألاشخاص في وضعية إعاقة ذهنية واملرض ى املختلين عقليا‪ .‬وهي‬
‫تبحث من أجل أن تبني فهما ووصفا للواقع الاجتماعي لهذه الفئة الهشة من املجتمع‪ ،‬وتؤكد في نفس الوقت‪ ،‬أن املقاربة‬
‫الطبية للمرض أو إلاعاقة غير كافية أو مكتملة خارج البعد الاجتماعي‪ .‬ففهم الشروط الاجتماعي لتجربة إلاعاقة الذهنية‬
‫التي يعيشها الشخص ـ املريض‪ ،‬هو من التدابير ذات ألاولويات لبناء استراتيجيات العالج والتكفل الاجتماعي لهؤالء‬
‫ألاشخاص في وضعية إعاقة ذهنية‪ ،‬ليس لتخليصهم من وضع املرض والاضطرابات العصبية ـ السلوكي إلى وضع الصحة‬
‫العقلية‪ ،‬بل من إلاقصاء إلى الدمج الاجتماعي‪ ،‬أي من باثولوجيا اجتماعية إلى الحالة الاجتماعية العادية‪ ،‬حيث يعيش‬
‫بدون تميي‪ ،‬أو فروقات بينه وآلاخرين من أقرانه‪ ،‬خاصة عندما تكون الفئة املستهدفة ألاطفال في وضعية إعاقة ذهنية‬
‫في الوسط املدرس ي‪ .‬ورهان مشروع التربية الدامجة‪ ،‬ليس فقط السعي نحو إرساء ثقافة الدمج في ممارستنا الاجتماعية‬
‫ومواقفنا واتجاهاتنا بالوسط التعليمي ـ املدرس ي‪ ،‬بل في بناء مفهوم الثقة في جميع الكفاءات واملهارات الانسانية التي‬
‫يمكن أن تنبتها مدارسنا ومؤسساتنا في قطاع التربية والتكوين‪ ،‬بدون مي‪ ،‬أو إقصاء بمبرر إلاعاقة أو غيره‪ ،‬في أفق تنمية‬
‫شاملة‪.‬‬
‫املحور ألاول‪ :‬الحياة اليومية لألشخاص في وضعية إعاقة ذهنية‪ ،‬بين املاض ي والحاضر‬
‫‪ /1‬العصر الحديث وأشكال إلاقصاء للمختلين عقليا‪.‬‬
‫مثل إلاقصاء‪ ،‬والنفي‪ ،‬والعزل‪ ،‬في حق املرض ى املختلين عقليا‪ ،‬ألاشكال املتعدة للممارسة الاجتماعية لعالج‬
‫املختلين عقليا الذين كانوا يسمون باملجانين والحمقى‪ .Les fous et la folie ،‬يذكرنا فوكو في كتابه "تاريخ الجنون"‬
‫بالطقوس التي كانت تمارسها كنيسة فيينا في حق املجانين ومرض ى الجذام‪ .‬من ضمن ما يقال للمصاب أو‬

‫‪233‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫للمختل‪/‬املضطرب عقليا إلقناعه بخالصه‪ " :‬ملاذا عليك أن تجلد خالل مرضك‪ ،‬ألن إلاله لن يبخس من قيمتك ألنك‬
‫مريض وال يحرمك من رفقته‪ ،‬وإذا صبرت ففي ذلك خالصك"‪ .1‬يبدو لنا من خالل هذا القول‪ ،‬أن الكنيسة كانت تسهر‬
‫على رقابة املختلين عقليا ووضعهم تحت رعايتها‪ ،‬من خالل ممارستها أشكال التطهير في حق هؤالء املرض ى‪ .‬ويقصد‬
‫بالتطهير الذي تمارسه الكنسية‪ ،‬تخليص الروح من عيوب الجسد واضطراباته السلوكية‪ ،‬لكي تعيش صفاءها ووجدها‬
‫الذي ال يتحقق إال بالغفران والقبول بكل أشكال التعذيب للجسد‪ .‬ولعل مثل هذه املمارسات الاجتماعية ـ الثقافية ما‬
‫تزال مستمرة ودائمة الحضور في بنياتنا الاجتماعية الثقافية في وقتنا الراهن‪.‬‬

‫لقد كان املرض ى املختلين عقليا يخضعون للعبة الاقصاء سواء بعزلهم في منازلهم أو حرقهم أحيانا كما هو‬
‫حال الجذاميين‪ ،‬أو يتم نفيهم في مرافق خاصة كاملستشفيات ودور الرعاية‪...‬إلخ‪ .‬فهذا مؤشر دال على انتشار الوعي‬
‫الاجتماعي لعالج الجنون والحمق‪ ،‬والتي تقوم على ممارسة كل أشكال إلاقصاء والنفي بدعوى الحجر الصحي‪ .‬بل ألاكثر‬
‫من ذلك‪ ،‬أن هذا إلاقصاء الاجتماعي في التمثل الاجتماعي السائد خالل العصر الكالسيكي خاصة القرنين ‪ 56‬و‪ ،59‬هو‬
‫بمثابة ادماج روحي للمريض في الجسد الاجتماعي الذي ينحدر منه‪ .‬في نفس الوقت‪ ،‬كانت هذه املستشفيات وبعض‬
‫دور الرعاية الاجتماعية آنذاك‪ ،‬أماكن لإلقصاء وفضاءات الستقبال املقصييين ‪ ، Exclus‬مثلهم مثل املشردين ‪.Les‬‬
‫‪ sans abri‬كمثال لهذه املؤسسات السائدة‪ Chalet de Melun" ،‬شالي دو مولون" أو "البرج الشهير بالحمقى" في مدينة‬
‫كان ‪" .Can‬إن الحمقى في هذه الفترة من تاريخ أروبا‪ ،‬لم يكونوا يطردون باستمرار‪ ...‬فكل مدينة كانت ال تعنى سوى‬
‫بحمقاها"‪.2‬‬

‫‪ /2‬عصر النهضة‪ :‬الجنون وأسطورة سفينة الحمقى‬

‫"لقد كان الجنون مرتبطا بكل التجارب الكبرى التي عرفها عصر النهضة"‪ ،3‬وموضوعا تعددت القصص‬
‫والروايات بشأن مصابيه‪ .‬كان أكثرها شيوعا رواية "سفينة الحمقى"لبرانت ‪ ،5949 Brant‬ورواية جوس ي باد ‪Josse Bade‬‬
‫"سفينة وزورق املجنونات" ‪.45948‬‬

‫إذا كانت أسطورة "سفينة الحمقى" التي اشتهرت خالل العصر الكالسيكي تقدم لنا تصورا عاما حول الجنون‬
‫في تلك املرحلة‪ ،‬فهي قبل كل ش يء ترسم لنا صورة إثنوغرافية على ضوء أحداث واقعية عاشتها املجتمعات ألاوروبية‬
‫في تلك الفترة‪ ،‬خاصة ما بعد النهضة‪ .‬إذ كانت هذه الفئة تعيش إلاقصاء املتمثل في الترحال بين املدن عبر السفن وفي‬
‫البحار‪ ،‬بحيث يشحن الحمقى كما تشحن البضائع‪ ،‬وهذه ممارسة كانت سائدة في أملانيا‪ .‬فقد تم في نورينبررغ‪ ،‬في‬
‫النصف ألاول من القرن ‪ ،51‬إحصاء ‪ 62‬مجنونا‪ 05 ،‬منهم تم طردهم من املدينة‪ ،‬أما في النصف الثاني من نفس‬

‫‪ 1‬مشيل‪ ،‬فوكو‪ ،‬تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،2116 ،5‬ص‪.26‬‬
‫‪ 2‬مشيل‪ ،‬فوكو‪ ،‬تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪ ،،2116 ،5‬ص ‪.05‬‬
‫‪ 3‬مشيل‪ ،‬فوكو‪ ،‬تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي‪ ،‬ترجمة سعيد بنكراد‪ ،‬املركز الثقافي العربي‪ ،‬ط‪،2116 ،5‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 4‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪234‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫القرن‪ ،‬فقد تم تسجيل ‪ 25‬حالة رحيل قسري ملجانين تم إحصاؤهم من طرف البلدية‪ .‬ف"كثيرا ما شهدت أوروبا مثل‬
‫هذه السفن وهي تعبر ألانهار‪ ،‬وعلى ظهرها عدد كبير من الحمقى"‪.1‬‬

‫‪ /3‬الجنون وفكرة الالعقل خالل القرن ‪12‬‬

‫يقول باسكال ‪ B. Pascal‬في حق املجانين‪ ،‬الذين صنفهم في دائرة الالعقل‪ " :‬يمكنني أن أتصور إنسانا بال أيدي‬
‫وبال أرجل و ال رأس ‪ ،‬ولكنني ال أتصور إنسانا بدون فكر‪ :‬سيكون حينئذ حجرا أو حيوانا ‪ .2"bête‬فهذا املوقف الذي‬
‫اتخذه بلي‪ ،‬باسكال بصفته عالم الرياضيات املتدين املسيحي الواعظ‪ ،‬هو موقف يسير عكس التيار الذي رسمته‬
‫البيولوجيا والطب التجريبي خالل القرن الثامن عشر‪ ،‬والذي يبني تصورا وباراديغما معرفيا جديدا ملفهوم الجنون‪ ،‬أنه‬
‫مرض عقلي قابل للتدخل الطبي ثم للعالج الطبي‪.‬‬

‫إن الجنون لدى باسكال إذا‪ ،‬هو حالة وجودية مغايرة لإلنسان وهي حالة إلانسان الالعاقل‪ .‬ألن العقل صفة‬
‫إلانسان الحديث كما ورثها الغرب من الفلسفة‪ ،‬وكما مجدته فلسفة القرن ‪ 58‬ودافع عنه باسكال‪ .‬أما الجنون فهو‬
‫من جنس الالعقل‪ .‬ويعامل إثره املجنون ككائن مختلف وخارج دائرة إلانسان والانسانية‪ .‬ليس ألنه مريض‪ ،‬وإنما ألنه‬
‫من نوع آخر أو ألنه شخص أصابته لعنة من السماء توجب خالصه وتطهيره منها‪ ،‬لذلك كان يعامل معاملة املجرم‬
‫واملسجون‪ /‬املنحرف أو الشخص الخارج عن القواعد الاجتماعية والقانونية‪.‬‬

‫خالل القرن ‪ ،58‬يحيل معنى "شخص ساخط‪ /‬غضبي ‪ 3"Furieux‬إلى العنف والفوض ى والاجرام‪ .‬وهو لفظ‬
‫كان متداوال في القاموس القانوني والطبي على حد سواء لتلك الفترة‪ ،‬يقصد به املجنون واملجرم واملنحرف ‪Déviant‬‬
‫بشكل عام‪ .‬والواقع آنذاك أن كل شخص ساخط‪ /‬غضبي يخضع لالعتقال والحجز داخل املستشفيات الخاصة‪ .4،‬ويتم‬
‫اعتماد العالج بالطرق املتداولة آنذاك‪ :‬كالفصح والتطهير‪ ،‬و في حاالت أخرى يتم استعمال بعض ألادوية والحمام"‪.5‬‬
‫ويخصص لهؤالء املختلين‪ /‬املضطربين سلوكيا أواخر القرن ‪ 58‬غرف تتوفر على سريرين‪ ،‬وقاعات للرجال وللنساء‪ ،‬على‬
‫خالف ما كان سائدا خالل القرون الوسطى‪ ،‬حيث يوضع املجانين‪ /‬املختلين عقليا في غرف صغيرة وضيقة لها بابان في‬
‫السطح للمراقبة وإلاطعام‪ ،‬تسمى هذه الدور بفنادق الرب ‪.Hôtels de Dieu‬‬

‫من تجارب الجنون في العصر الحديث أنه انحراف وخلل وظيفي للحياة الاجتماعية‪ ،‬تجربة القس بيرغودي‬
‫سنة ‪ 5919‬الذي عرف بميوالته الرأسمالية املتمثلة في البحث عن الربح بغض النظر عن املعيار الديني أو ألاخالقي‪ ،‬كما‬
‫أنه كان يدعي البخل ويتفاخر به‪ ،‬مما أدى به إلى الحجز بمستشفى سان لزار لكي يعامل كما يعامل كل الحمقى في‬
‫عصره‪ .6‬إذا‪ ،‬ليس فقط املختلين عقليا من يخضعون لهذه الاجراءات الصحية ويلجون هذه املؤسسات ألنهم مجانين‬

‫‪ 1‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.01‬‬


‫‪ 2‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.581‬‬
‫‪ 3‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪506‬‬
‫‪ 4‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.509‬‬
‫‪ 5‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.506‬‬
‫‪ 6‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪.514‬‬
‫‪235‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أو مرض ى عقليا‪ ،‬بل كل من يظهر انحرافا عن املعايير الاجتماعية والقانونية ويرفض الامتثال‪ ،‬يخضع بدوره لهذه‬
‫املمارسات العالجية‪.‬‬

‫تجربة املرأة التي رفضت الاستمرار في مؤسسة الزواج‪ ،‬بدعوى أن الحب يجب أن يكون متبادال بين الطرفين‪،‬‬
‫هو ما يمثل خالل القرن ‪ 58‬انحراف يصل إلى حد الجرم‪ .‬لهذا توقف الحاكم عند قرار حجز املرأة الشابة بمستشفى‬
‫ألامراض العقلية أو الاحتفاظ بها في امللجأ‪ ،‬أو الاعتراف برغبتها في فك الارتباط والدخول في عهد جديد‪ ،‬هو عهد الحرية‪.1‬‬
‫عروض الفرجة الشهيرة في السنوات ألاولى للقرن ‪ ،54‬تلك التي كان ينظمها كومليي ‪ Coulmier‬مدير شارونتون‪ ،‬والذي‬
‫كان "يستعمل املجانين" ألداء أدوار استعراضية أمام جمهور من بسطاء التفكير‪ .‬وكانت سلوكات املجانين الغريبة تثير‬
‫الضحك الساخر لدى هذه الفئة من الجمهور‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬انتقل الجنون من منطقة الصمت إلى منطقة الجهر على عتبات املسارح‪ .‬وأصبح املجانين بمثابة‬
‫مسرحيين يقدمون عروضا بهلوانية تحت الضغط‪ ،،‬يمارس في حقهم العنف الجسدي مقابل تقديم وصالت من الرقص‬
‫أمام جمهور كل همه الرغبة في املتعة والفرجة والسخرية‪ .2‬التحول الجذري في الباراديغم املعرفي للخلل العقلي‪ ،‬املتمثل‬
‫في الخروج من دائرة الجنون إلى دائرة املرض العقلي‪ /‬النفس ي أي من التصورات السائدة واملقاربة الطبية والعلمية‬
‫والتصنيفات الدولية لألمراض‪.‬‬

‫إن الحدث ألابرز الذي ستعيشه املجتمعات الغربية خالل القرنين ‪ 54‬و‪ 21‬هو توجهها نحو البحث في طرق‬
‫العالج لتخليص املختل عقليا من املرض الذي يعاني منه‪ ،‬بعدما يتم وصفه وتشخيص حالته الصحية‪ .‬فاملختل العقلي‬
‫شخص يعاني من املرض العقلي إثر عوامل وأسباب مرضية يمكن أن تكون عضوية‪ /‬عصبية أو نفسية‪ .‬هكذا‪ ،‬عرف‬
‫هذه الفترة من تاريخ الخلل العقلي تقدم ألابحاث في مجال علم النفس والطب النفس ي مع شاركو ‪ Charcot‬وفرويد‪،‬‬
‫خاصة مع ظهور نظرية التحليل النفس ي التي أتاحت إمكانية اكتشاف ألامراض العصبية ‪ Névroses‬وألامراض النفسية‬
‫‪.psychoses‬‬

‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل ستطرح إشكاالت أخرى‪ ،‬من قبيل‪ :‬إشكالية التدخل الطبي والرعاية ‪ /‬التكفل باملرض‪،‬‬
‫بمعنى‪ ،‬أي ألامراض العقلية أو النفسية أو العصبية أو حتى إلاعاقات الذهنية تحتاج للعالج الطبي ـ النفس ي أو فقط‬
‫أنها تستلزم فقط الرعاية والتكفل الاجتماعي‪ .‬ثم إشكالية مرتبطة بالتنظيم الاجتماعي للعمل الطبي وتوزيع ألادوار بين‬
‫ألاطباء واملمرضين‪ ،‬ثم بين الطاقم الطبي وألاسر واملؤسسات الرعاية واملساعدة الاجتماعية لألشخاص في وضعية املرض‬
‫العقلي أو إلاعاقة الذهنية مثال‪( .‬سوسيولوجيا‪ ،‬التنظيمات املستشفيات)‪.‬‬

‫املحور الثاني‪ :‬تاريخية إلاعاقة الذهنية‪ :‬من البعد الطبي إلى البعد الاجتماعي‬

‫‪ /1‬إلاعاقة الذهنية في تاريخ الطب‪ :‬من املرض العقلي إلى إلاعاقة الذهنية‬

‫‪ 1‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.562‬‬


‫‪ 2‬فوكو‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.599‬‬
‫‪236‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لقد بين لوبرمان‪ ،Libermann‬الطبيب في الجهاز العصبي‪ ، Neuropsychiatrie‬الفرق بين املرض العقلي‬
‫وإلاعاقة الذهنية‪ .‬أولهما‪ ،‬أنهما معا يعكسان تجربة املرض املزمن‪ ،‬وهي تجربة حياتية يعيشها املريض أو الشخص في‬
‫وضعية إعاقة بهوية اجتماعية موصومة باملرض أو إلاعاقة الذهنية‪ ،‬يتم تدبيرها ورعايتها بتكلفة مالية ـ اقتصادية‬
‫بغرض التكفل باملرض أو إلاعاقة الذهنية سواء من قبل ألاسرة أو املؤسسات الاجتماعية املختصة في الحماية‬
‫الاجتماعية‪ .‬هكذا‪ ،‬تتحدد مهمة الباحث في املجتمع بالنسبة لوبرمان‪ Liberman‬في دراسة املرض العقلي أو إلاعاقة‬
‫الذهنية‪ ،‬من زاوية ألامراض املزمنة التي تترتب عنها مجموعة من الاضطرابات على مستوى السلوك والفعل الاجتماعي‪،‬‬
‫الذي يحدث ما يمكن أن نسميه بالخلل الاجتماعي على مستوى النظام والتنظيم الاجتماعي‪ ،‬مثال داخل نظام ألاسرة أو‬
‫املدرسة‪.1‬‬

‫أما الفرق الثاني بين املرض العقلي وإلاعاقة الذهنية‪ ،‬يكمن في مسار املرض املزمن بعد مرحلة التشخيص‬
‫الطبي للمرض أو إلاعاقة الذهنية‪ .‬أي بين مسار العالج الطبي‪ médicalisation maladie de‬بالنسبة للمرض العقلي الذي‬
‫يتأسس على البحث في أسباب املرض وفي ألاسباب املؤدية إليه‪ ،‬ومسار التكفل الاجتماعي بالنسبة لإلعاقة الذهنية الذي‬
‫ينطلق من نتائج وتطورها ‪ évolutivité‬في التجربة الحياتية للشخص في وضعية إعاقة في تفاعله مع البيئة الاجتماعية‬
‫التي يوجد فيها‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬يقوم الدليل التشخيص ي الاحصائي الخامس ‪ DMS-V‬على تصنيف ألامراض العقلية بناء على إثيولوجية‬
‫املرض‪ .‬بينما يعتمد التصنيف الدولي لإلعاقة رقم ـ‪ )CIF(2‬على وصف إلاعاقة من خالل النتائج‪ ،‬أي من خالل الوظيفية‬
‫واملشاركة التي يظهرها الشخص في وضعية إعاقة‪ ،‬باستحضار العوامل الذاتية واملرتبطة بالبيئة‪.2‬‬

‫يظهر مما سبق‪ ،‬أن املقاربة الطبية التي اعتمدها منظمة الصحة العاملية ‪ ،OMS‬بدأت تعترف بالبعد‬
‫الاجتماعي كمحدد أساس ي لإلعاقة بشكل عام في تعريفها وتصنيفها‪ ،‬إلى جانب البعد البيو ـ الطبي‪ ،‬خاصة مع التصنيف‬
‫الدولي لإلعاقة ألاخير لسنة ‪ 2115‬و‪ 2116‬الذي أصبح يحمل عنونا جديدا‪ ،‬هو‪ :‬الوظيفية‪ ،‬الصحة‪ ،‬ثم إلاعاقة (‪،CIF‬‬
‫(‪ .3)CIF-EA‬بذلك تجاوز التصنيف الدولي لإلعاقة ألاول لسنة ‪ 5481‬التي قامت بتصنيف إلاعاقة وفق املحدد الطبي‬
‫فقط‪ ،‬لقياس درجات النقص‪ /‬مستوى آلافة‪ ،‬العجز‪ /‬مستوى وظيفي‪ ،‬العيب أو إلاعاقة‪ /‬مستوى الاجتماعي‪ 4‬بناء على‬
‫نتائج البحث للطبيب فيليب وود ‪.Philip Wood‬‬

‫إن تاريخ التصنيفات الدولية لإلعاقة التي أحدثتها منظمة العاملية للصحة‪ ، CIH,CIF, CIF-EA :‬تصنيفات تجد‬
‫أسسها في "التصنيف الدولي لألمراض ‪ "CIM‬لسنة ‪ ،5995‬كما وضعها الطبيب الفرنس ي بواسيي دو سوفاج ‪F. Boissier‬‬

‫‪1 liberman, Romain, op.cit., p 15.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪CIF-EA , Classification internationale du fonctionnement, du handicap et de la santé : version pour enfants et adolescents, Publiée par‬‬
‫‪l’Organisation mondiale de la Santé en 2007 sous le titre :International Classification of Functioning, Disability and Health: Children and Youth‬‬
‫‪version.‬‬
‫‪3 CIF-EA, op.cit., p19.‬‬
‫‪4 Eideliman, Jean-Sébastien, P 103.‬‬
‫‪237‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ،1 de Sauvages‬والذي يرتكز أساسا على أسبقية املعيار الكمي ومبادئ الطب التجريبي لقياس درجة إلاعاقة وتصنيفها‪.‬‬
‫لكن‪ ،‬ما نالحظه في التصنيف ألاخير ‪ CIF-EA ،CIF‬الحضور املتناسب للمعيار الكيفي الذي يربط التجربة الذاتية‬
‫للشخص في وضعية إعاقة بالشروط الاجتماعية‪ .‬أي حضور البعد الاجتماعي إلى جانب البعد البيو طبي لتصنيف‬
‫إلاعاقة وإلاعاقة الذهنية‪.‬‬

‫املحور الثالث‪ :‬إلاعاقة الذهنية سيرورة بيوغرافية وتاريخ ألحداث اجتماعية‪.‬‬

‫إذا كان املحددات النفسية والطبية تفسر إلاعاقة الذهنية كحالة نفسية أو مرضية مرتبطة بالعضوية الذاتية‬
‫للشخص في وضعية إعاقة‪ ،‬يعيشها بشكل خاص ومفرد‪ ،‬كحالة شعورية أو نفسية أو كمرض مزمن‪ ،‬فإنها في الوقت‬
‫نفسه تجربة ومسار حياتي ـ مشترك‪ ،‬تتشكل خالله هويته الاجتماعية‪ ،‬وعالقاته التفاعلية ـ الرمزية‪ .‬ويتداخل فيها‬
‫البعد الحيوي بالبعد الاجتماعي‪ .‬أي إنها سيرورة دينامية من ألاحداث الاجتماعية‪ ،‬تتمي‪ ،‬بالنسبية والتطور تبعا لعالقته‬
‫بكل من النظام البيولوجي للجسد‪ ،‬والنظام البيوغرافي للشخص في وضعية إعاقة ذهنية‪ ،‬ثم بالنظام الاجتماعي‬
‫للعالقات‪ ،‬وألادوار‪ ،‬والتمثالت الاجتماعية‪ .‬بتعبير آخر‪ ،‬إلاعاقة الذهنية هي السيرورة البيولوجية للجسد من ناحية‬
‫أولى‪ ،‬والبيوغرافية‪ /‬التاريخية للشخص في وضعية إعاقة ذهنية من ناحية ثانية‪ ،‬فضال عن كونه سيرورة سوسيو ـ‬
‫ثقافية من ناحية ثالثة‪.‬‬

‫بهذا املعنى يمكن القول أن إلاعاقة الذهنية بناء اجتماعي ـ تاريخي تتجاوز حدود الفرد إلى املجتمع والتجارب‬
‫التي يعيشها في مدد تاريخية‪ .‬وليست مجرد خلل عضوي في‪،‬يولوجي يؤثر على مستويات الذكاء والقدرات املعرفية‪،‬‬
‫اللغوية‪ ،‬الحركية‪ ،‬الاجتماعية‪ ،‬الناتج عن توقف النمو الذهني أو عدم اكتماله‪ .‬بل إنها كل خلل عضوي ـ في‪،‬يولوجي ـ‬
‫عصبي يحدث خلال وظيفيا على مستوى السلوك والفعل الاجتماعي‪ ،2‬الذي يمثل نسق الشخصية الفردية التي من‬
‫صميم النسق الاجتماعي الذي يعيش فيه الشخص في وضعية إعاقة‪.‬‬

‫في هذا السياق‪ ،‬استطاعت الدراسة امليدانية للباحث في سوسيولوجيا إلاعاقة الذهنية بروندجر ‪ Brunger‬أن‬
‫توظف مقاربتي الوصم والوسم الاجتماعي لكل من بيكر‪ Becker‬وكوفمان ‪ ، Goffman‬التي أجراها بخصوص معاناة‬
‫ألاسر املتكفلة باألطفال في وضعية إلاعاقة بمرض التوحد ‪ Autisme‬خالل مرحلتي التشخيص واكتشاف املرض‪ .3‬وانتهت‬
‫الدراسة إلى تسجيل مجموعة من النتائج التي بينت أنماط املعاناة الاجتماعية التي يعيشها ألابوين‪ :‬أولها‪ ،‬الخوف من‬
‫الوصم الذي يمكن أن يلحق بالهوية الاجتماعية ألطفالهم إثر سمة التوحد كإعاقة أو كمرض مزمن‪ .‬ثانيا‪ ،‬ينتهي الباحث‬
‫بروندجر ‪ Brunger‬كذلك‪ ،‬إلى فهم استراتيجيات مقاومة الوصم إثر سمة إلاعاقة‪ ،‬باللجوء في أقص ى الحاالت إلى عزل‬

‫‪1 Rozenn, Botokro, Évaluer le handicap? De l’évaluation des handicaps à l’évaluation du fonctionnement du sujet, Mémoire réalisé pour le Diplôme‬‬
‫‪de DESS-Mastaire, université de provence-aix –marseille, Juin 2002, p 25.‬‬

‫‪2‬الدليل املرجعي‬
‫‪3 Brunger, la quête du diagnostic, revue française des affaires sociales, p 9.‬‬
‫‪238‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الطفل املتوحد من خالل التردد على مؤسسات اجتماعية خاصة بالرعاية الاجتماعية للمتوحدين بدل دمجهم في‬
‫الفضاءات العمومية كاملدارس واملالعب ومرافق الترفيه‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬يخلص برونجر إلى أن الصمت الذي يلجأ إليه الطبيب ـ املعالج أثناء تشخيص ووصف إلاعاقة الذهنية‬
‫كسمة ‪ étiquette‬الشخص في وضعية إعاقة‪ ،‬إذ يعمل الطبيب على عدم مشاركة ألاسرة املتكفلة بالطفل املتوحد ـ‬
‫ألابوين‪ ،‬إال بعد مدة وفترة زمنية‪ ،‬حيث يستعد الطبيب إلخبار ألابوين بصنف إلاعاقة الذهنية‪ .‬استعدادا للمشاركة‬
‫بتلقائية في تجربة املرض املزمن‪ /‬إلاعاقة‪ ،‬والتكفل بالطفل في وضعية إعاقة وفق تنظيم اجتماعي للعمل الطبي وآلليات‬
‫املساعدة الاجتماعية بشكل محكم‪.1‬‬

‫هكذا‪ ،‬يرى بروندجر أن من استراتيجيات تدبير إلاعاقة الذهنية‪ ،‬اعتماد سيرورة تعليمية وخطة عمل تدريجي‪،‬‬
‫تذهب في اتجاه القبول بوضعية إلاعاقة كتجربة حياتية يعيشها الطفل بسمة هي التوحد‪ ،‬في نفس الوقت مقاومة‬
‫الوصم الذي يمكن يبني لدى الطفل هوية اجتماعية أو فردية موصومة بسمة التوحد أو إلاعاقة بشكل عام‪.2‬‬

‫املحور الرابع‪ :‬في الحاجة إلى التربية الدامجة واملساعدة الاجتماعية لألطفال في وضعية إعاقة ذهنية‬

‫التربية الدامجة ليست مجرد استراتيجية خاصة بقطاع التربية والتكوين لدعم وتعليم ألاطفال في وضعية‬
‫إعاقة‪ ،‬لبناء تعلماتهم ودمجهم في الحياة العامة‪ ،‬بل هي كذلك مشروع مجتمعي يستدعي انخراط الجميع‪ ،‬لتمكينهم‬
‫بدون تميي‪ ،‬أو إقصاء من املشاركة في التنمية الشاملة وتحقيق التقدم على جميع املستويات‪ .‬لهذا سنتناول التربية‬
‫الدامجة من خالل أشكال املقاومة لإلعاقة الذهنية بوصفها ظاهرة المرئية‪ ،‬ثم من خالل رهان مبدأ تكافؤ الفرص‪.‬‬

‫‪ /1‬التربية الدامجة ومقاومة ألاشكال الالمرئية لإلعاقة الذهنية‬

‫عندما نقارن بين طبيعة إلاعاقة الذهنية والجسدية‪ ،‬يكون في الغالب ألاشخاص في وضعية إلاعاقة الجسدية‬
‫مرئيين ‪ visible‬وقابلين للمالحظة واملشاهدة في الفضاء العمومي واملدرس ي ‪ ،‬من خالل مشاهدتنا ومعاينتنا لعدم قدرتهم‬
‫عن الحركة‪ ،‬واستعمالهم ألدوات مساعدة كالكراس ي املتحركة أو ألاعمدة‪...‬إلخ‪ .‬كما أن املؤسسات واملرافق العمومية‬
‫تلجأ إلى تمكين هؤالء ألاشخاص كاألطفال في وضعية إعاقة مثال‪ ،‬من ممرات وأرصفة خاصة وما إلى ذلك من وسائل‬
‫متنوعة بحسب نوعية إلاعاقة داخل املؤسسات التربوية‪ .‬في حين‪ ،‬أن بعض الحاالت في وضعية إلاعاقة الذهنية أقل‬
‫مرئية ‪invisibles‬داخل مثل هذه الفضاءات الاجتماعية‪ .‬وألاكثر من ذلك‪ ،‬أن تشخيص إلاعاقة الذهنية كالتخلف العقلي‬
‫مثال يستلزم إجراء اختبارات دقيقة الذكاء ملرئية إلاعاقة الذهنية‪ .‬لذلك‪ ،‬يتم إقصاؤهم عن الحياة الاجتماعية وعزلهم‬
‫في دور الرعاية ومراكز خاصة تضمن لهم شروط الحماية الاجتماعية تبعا للوضع الاجتماعي ـ الاقتصادي لألسر املتكفلة‬
‫بهم‪.3‬‬

‫‪1 Demailly, Lise, sociologie des troubles mentaux, repère, France, 2011, p81.‬‬
‫‪2 Demailly, op.cit., p82 .‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Eideliman, Jean-Sébastien, P 30.‬‬
‫‪239‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ينطلق بيرنار الهير ‪ Bernard Lahire‬من قيمة "الاستقاللية في اتخاذ القرار"‪ ،‬بوصفها من املحددات التربوية‬
‫ألاساسية والكفايات القيمية التي تلجأ إليها املدرسة في املرحلة الابتدائية للحسم في نجاح املتعلمين واختبار نمو معارفهم‪.‬‬
‫من منطلق أن دور املدرسة هو التربية على احترام قواعد السلوك املدرس ي والانضباط ألاخالقي بالدرجة ألاولى قبل البث‬
‫في تعلماتهم‪ ،‬وفي درجة التمكن منها بواسطة الاختبارات التعليمية‪.‬‬

‫في املقابل‪ ،‬فقيمة القدرة على"الاستقاللية في اتخاذ القرار" والتي يعكسها سلوك املتعلم في درجة الت‪،‬امه بهذه‬
‫بقواعد املؤسسة‪ /‬املدرسة التي ينتمي إليها‪ ،‬دليل على امتالكه لإلرادة والتحكم الذاتي‪ autodiscipline‬في السلوك‬
‫والفعل الاجتماعي‪.‬‬

‫هكذا‪ ،‬يخلص بيرنار الهير إلى أن ما يمي‪ ،‬ألاطفال في وضعية إلاعاقة الذهنية عن بقية زمالئهم العاديين ‪ :‬هو‬
‫مدى مرئية ‪ visibilité‬قيمة "الاستقاللية في اتخاذ القرار" في سلوكاتهم داخل الفصول ومرافق املدرسة‪ ،‬من حيث قدرتهم‬
‫على الانضباط للقواعد املنظمة للسلوك املدرس ي‪ ،‬أو لعدم املشاركة في الحياة املدرسية والكمون أو الانطواء حول‬
‫الذات‪ ،‬بفعل وضعية إلاعاقة التي تمنعهم للتصرف بكل إرادة وباستقاللية تامة‪ .1‬أمام هذه املفارقة‪ :‬مرئية أو ال ـ مرئية‬
‫إلاعاقة الذهنية وإلاعاقة بوجه عام‪ ،‬والتي تعكسها التجربة الحياتية ألطفالنا في وضعية إلاعاقة‪ ،‬بما هي تجربة معاناة‬
‫وآالم اجتماعية إثر أشكال إلاقصاء الذي يخضعون له في وسطهم الاجتماعي‪ ،‬أصبح للمدرسة وللمؤسسة التعليمية‬
‫رهان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص‪ .‬ليس فقط فيما يرتبط بتعلماتهم أو قدراتهم املعرفية‪ ،‬أو ألنهم يعيشون تمايزا‬
‫‪ discrimination‬على مستوى املجال أو النوع أو الانتماء الاجتماعي‪ ،‬بل من حيث بعد الصحة الجسدية والنفسية‬
‫والعقلية‪ ،‬بين أطفال في وضعية إعاقة وآلاخرين من أقرانهم العاديين‪،‬‬

‫من هنا‪ ،‬تبدو الحاجة للتربية الدامجة لتمكين هؤالء ألاطفال من شروط نظامية للتعلم والتكوين وتجاوز‬
‫املفارقة آلانفة الذكر داخل الوسط املدرس ي‪ :‬مرئية أو ال ـ مرئية إلاعاقة الذهنية وإلاعاقة‪ ،‬ب‪ ،‬بإرساء دعائم التربية‬
‫الدامجة‪ :‬املؤسساتية‪ ،‬البيداغوجية‪ ،‬الديداكتيكية‪...‬إلخ‪.‬‬

‫‪ /2‬التربية الدامجة ومبدأ تكافؤ الفرص‬

‫انطلقت من دراسة بيداغوجية ـ طبية ‪ Etude médico-pédagogigue‬للطبيبين لبول بانكور ‪Paul-Boncour‬‬


‫وجون فيليب ‪ J. Philippe‬سنة ‪ 1905‬ملجموعة من ألاطفال املتمدرسين في وضعية إعاقة‪ ،2‬انتهت إلى مجموعة من‬
‫النتائج من أهمها‪ :‬كون املدرسة هي التي ساهمت بشكل كبير في إنتاج التصور السائد في صفوف املدرسين والفاعلين‬
‫التربويين الذي يرى أن "الطفل غير السوي أو الجانح أو في وضعية إعاقة‪ :‬الطفل في حالة مرضية‪ /‬باثولوجية وليس في‬
‫حالة عادية " مكانه خارج أسوار املدرسة وفضاءاتها‪ .‬فهو تصور بدأ تشكله في ألاوساط التعليمية باملدارس العمومية‬

‫‪1 Lahire, Bernard, Tableaux de familles, Heurs et malheurs scolaires en milieu populaire, Gallimard, Paris, 1995, p 26.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Jean Philippe, G. Paul Boncour, Les anomalies mentales chez les écoliers, étude médicopédagogique, Paris, Alcan. In: Revue internationale de‬‬
‫;‪l'enseignement, tome 50, Juillet-Décembre 1905. pp. 370-371‬‬
‫‪https://www.persee.fr/doc/revin_1775-6014_1905_num_50_2_5311_t1_0370_0000_2‬‬

‫‪240‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫باريس مع مطلع القرن العشرين‪ ،‬وذلك مع تن‪،‬يل مخطط تعميم التعليم وإجباريته ليشمل جميع الشرائح الاجتماعية‬
‫في ظل نظام الجمهورية الفرنسية وحدث الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫لقد أفرز هذا التحول الذي عرفه النظام التعليمي بفرنسا‪ ،‬والذي مكن أبناء الطبقات الفقيرة بشكل خاص‪،‬‬
‫من الالتحاق باملدارس العمومية في أفق البحث عن الكفاءات واملهارات التي ستسهم بدورها في مشروع التقدم‬
‫الحضاري لفرنسا‪ .‬غير أن املالحظ‪ ،‬بحسب الدراسة امليدانية للطبيبين بول بانكور ‪ Paul-Boncour‬وجون فيليب ‪J.‬‬
‫‪ Philippe‬أن أغلب التالميذ الذين ينحدرون من الطبقات الفقيرة للمجتمع الفرنس ي غير منضبطين للقواعد التي تضعها‬
‫املؤسسات التعليمية‪ ،‬ملا يظهرونه من سلوكات كالشغب ومظاهر العنف‪ .‬فهي سلوكات تعكس في جزء كبير منها أشكال‬
‫الانحراف والجنوح عن املعايير التي تستهدفها املدرسة في برامجها وأهدافها التربوية‪.‬‬

‫ولعل من أهم التوصيات التي خلص إليها هذا البحث امليداني‪ ،‬العمل على الفصل بين ألاطفال غير ألاسوياء‬
‫عقليا ‪ anormaux mentales‬عن املدراس‪ ،‬وإلحاقهم بفصول دراسية ومدارس خاصة للتتبع واملواكبة‪ ،‬وعزلهم خارج‬
‫املدارس النظامية والفصول الدراسية املخصصة لألطفال العاديين‪.1‬‬

‫بالفعل‪ ،‬ستكون هذه التوصية لبول بانكور ‪ Paul-Boncour‬وجون فيليب ‪ J. Philippe‬ألاساس البيداغوجي ـ‬
‫الطبي الذي سينطلق منه قانون ‪ 51‬أبريل ‪ 5414‬القاض ي بتأسيس املدارس الخاصة للمتخلفين عقليا وللجانحين‪ ،‬هذا‬
‫إلى جانب نتائج نظريتي ألفريد بيني ‪ Alfred Binet‬وتيودور سيمون ‪ Théodore Simon‬في قياس الذكاء‪ ،‬ثم بعد املشاورات‬
‫بين الفاعلين التربويين والقيمين على الشأن التربوي بمدينة باريس حول سبل صياغة مناهج التربية الخاصة لألطفال‬
‫املتخلفين عقليا والجانحين أو ما نسميهم اليوم باألطفال في وضعية إلاعاقة الذهنية‪.‬‬

‫لقد كان املبدأ املوجه للمصادقة على قانون ‪ 5414‬املي‪ ،‬بين ألاطفال في وضعية إعاقة وألاطفال في حالة عادية‬
‫من حيث الصحة والفعل الاجتماعي‪ ،‬فهو مبدأ يبرر إلاقصاء في ألاطفال في وضعية إعاقة بشكل واضح وجلي‪ ،‬ويذهب‬
‫عكس تيار مبدأ تكافؤ الفرص‪ .‬من منطلق يعتبر أن املدرسة هي مؤسسة للتربية والتعليم وفق شروط نظامية وقواعد‬
‫املنظمة للعمل التربوي‪ ،‬وأي تهديد وانهيار لهذه القواعد‪ ،‬يعتبر في الوقت نفسه خلال وظيفيا يهدد وحدة النظام والفعل‬
‫التربوي‪.‬‬

‫لقد أظهر ألاطفال في وضعية إلاعاقة عجزهم وعدم قدرتهم على الامتثال للقواعد والنظامية التي تفرضها‬
‫املدارس خالل هذه الفترة‪ ،‬في نفس الوقت كانوا ضحية التمثالت الاجتماعية بخصوص إلاعاقة واملرض وتم وسمهم‬
‫باملشاغبين والبلهاء وألاغبياء‪ ،‬والكسالى‪.., idéo, retardé, stupide, imbécile .‬إلخ‪ .‬ف"ال يمكن أن تصبح "املدرسة‬
‫للجميع" إال إذا كانت مدرسة لغير الجميع‪ ،‬أي مدرسة املي‪ ،‬والاستثناء"‪.2‬‬

‫‪1 Picavet, François. Drs Jean Philippe et G. Paul Boncour. Les anomalies mentales chez les écoliers, étude médicopédagogique, Paris, Alcan. In: Revue‬‬
‫‪internationale de l'enseignement, tome 50, Juillet-Décembre 1905. pp. 370-371; https://www.persee.fr/doc/revin_1775.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪MUEL Francine, 1975, « L’école obligatoire et l’invention de l’enfance anormale », Actes de‬‬
‫‪la recherche en sciences sociales, n° 1, p. 64.‬‬
‫‪241‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إن هذا التوجه التربوي ـ البيداغوجي الذي نهجته املدرسة العمومية بفرنسا مع بداية القرن العشرين‪ ،‬أكبر‬
‫دليل على أنها مدرسة إلاقصاء وليس مدرسة الدمج والتربية الدامجة‪ ،‬ألنها تنطلق من فرضية تقرن من خاللها الفشل‬
‫الدراس ي بالطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها ألاطفال في وضعية باإلعاقة الذهنية‪ ،‬وتؤكد على الوظيفة الايديولوجية‬
‫للمدرسة املتمثلة في التربية على قيم املجتمع والانضباط لقواعده‪ ،‬ببناء فكرة النظام العام داخل النظام الاجتماعي‪.‬‬

‫يذهب إريك بلي‪،‬ونس ‪ Plaisance‬في كتابه " التربية الخاصة"‪ ،‬وهو واحد من علماء الاجتماع الذين ينتصرون‬
‫لنظرية بورديو في إعادة إلانتاج‪ ،‬إلى أن من ألاهداف الذي تقف وراء اعتماد التربية الخاصة لألطفال في وضعية إلاعاقة‬
‫الذهنية داخل املدارس الخاصة‪:‬‬

‫أولها‪ ،‬تمكينهم من جميع الخدمات الاجتماعية ملساعدتهم على تجاوز معاناتهم وآالمهم الاجتماعية‪،‬‬

‫ثانيا‪ ،‬الارتقاء بالحس املدني والحضاري عند أطفال الطبقات الفقيرة واملهمشة‪ ،‬إلكسابهم القدرة على الاندماج‬
‫الاجتماعي واملشاركة في الحياة العامة‪.1‬‬

‫لكن السؤال الذي يبقى عالقا بالنسبة ل‪ ، Plaisance‬هو‪ :‬ملاذا التربية الخاصة بمدارس خاصة لألطفال في‬
‫وضعية إعاقة ما دامت املدرسة هي مدرسة تكافؤ الفرص؟‬

‫يبدو أن إلاعاقة الذهنية بهذا الشكل‪ ،‬هي مجرد أداة ‪ 2artefact‬لتبرير إلاقصاء الاجتماعي في حق أبناء الطبقات‬
‫الفقيرة من الالتحاق باملدارس العمومية النظامية بفرنسا‪ ،‬في املقابل‪ ،‬وعزلهم باملدارس الخاصة‪ .‬مما يؤكد أن تجربة‬
‫املدارس الخاصة لتعليم ورعاية ألاطفال واملراهقين في وضعية إعاقة هي تجربة إقصاء وعزل أكثر مما هي تجربة إدماج‬
‫ومساعدة اجتماعية‪ .‬ولعل هذا ما يبرر منطلقات التربية الدامجة التي تؤكد في فلسفتها على دمج ألاطفال في وضعية‬
‫إعاقة ضمن ألاقسام العادية في املدارس النظامية رفقة ألاطفال العاديين بدون تميي‪ ،‬وطبقا ملبدأ تكافؤ الفرص الذي‬
‫شعار املدرسة العمومية‪.‬‬

‫لقد استحضرت هذه املداخل النظرية التي عبرت إلى حد ما عن التجربة الفرنسية في شأن ألاطفال في وضعية‬
‫إعاقة في الوسط املدرس ي‪ ،‬وتحديات تن‪،‬يل مبدأ تكافؤ الفرص كممارسة تربوية وكواقع تعليمي‪ .‬وهو التحدي الذي يجب‬
‫أن نتجاوزه بالتدبير الجيد ملشروع التربية الدامجة‪ ،‬كاستراتيجية تدخلية ملحاربة كل أشكال إلاقصاء الاجتماعي الذي‬
‫يمكن أن يحاصر ألاطفال في وضعية إعاقة بمؤسساتنا التعليمية‪ .‬واملض ي قدما نحو إرساء ثقافة الدمج لألشخاص في‬
‫وضعية إعاقة بشكل يتجاوز محيط املدرسة واهتمامات قطاع التربية والتكوين إلى التنمية الشاملة والاسهام في التقدم‬
‫الحضاري بشكل عام ملجتمعنا‪.‬‬

‫‪« L’école ne peut demeurer ‘école pour tous’ qu’au prix de ne pas être l’école de tous ».‬‬

‫‪1 Plaisance, Éric, op.cit., p453.‬‬


‫‪2‬‬
‫‪Plaisance, Éric, Éducation spéciale, L’Année sociologique, 1988, n° 38, p450.‬‬
‫‪242‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫تركيب‪ :‬نحو تربية دامجة لألطفال في وضعية إعاقة‪.‬‬

‫أختم برأي املجلس ألاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬في موضوع‪ :‬تعليم ألاشخاص في وضعية إعاقة‪،‬‬
‫نحو تربية دامجة‪ ،‬منصفة وناجعة والذي يأتي في سياق‪ ،‬يعرف فيه واقع حال تعليم ألاشخاص في وضعية إعاقة‬
‫صعوبات واكراهات مرتبطة بالواقع السوسيوـ اقتصادي والثقافي لهؤالء ألافراد‪ ،‬تستدعي من السياسات العمومية‪،‬‬
‫التربوية والاجتماعية والثقافية‪ ،‬ومن املجتمع واملؤسسات‪ ،‬بذل املزيد من الجهود لتجاوزها‪ ،‬وتمكين هؤالء ألاشخاص‬
‫من حقهم في التعليم والتكوين‪ ،‬والارتقاء الفردي والاجتماعي‪ ،‬دون تميي‪ ،،‬وعلى قدم املساواة مع غيرهم‪.1‬‬

‫هكذا‪ ،‬يعتبر املجلس‪ ،‬أن التربية الدامجة‪ ،‬هي بالفعل أفق مفتوح‪ ،‬قابل دوما للتفعيل الواقعي املتدرج‪ ،‬املتنوع‬
‫ٌ‬
‫منفتح على التجديد وإلاغناء املستجد واملثمر‪.‬‬ ‫ألاساليب واملقاربات‪،‬‬
‫َ‬
‫هذه التربية‪ ،‬تشكل لذلك وبفضل ذلك‪ ،‬خارطة طريق‪ ،‬لتمكين ألاشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬من حقوقهم‬
‫ميسر الولوج‪ ،‬نافع‪ ،‬ودامج فرديا واجتماعيا؛ وفي مقومات ترسيخ‬ ‫املشروعة‪ ،‬في تعليم منصف ذي جودة للجميع‪َّ ،‬‬
‫مواطنتهم بفاعلية وإنتاجية وثقة في الذات؛ وفي تنمية إمكانهم في القيام بالواجبات واملسؤوليات‪ ،‬وفي تأمين مشاركتهم‬
‫في التنمية الشاملة واملستدامة للمجتمع‪.‬‬
‫يجسد‪ ،‬إذن‪ ،‬مدخا ملموسا من مداخل مناهضة‬
‫فاالرتقاء بواقع ألاشخاص في وضعية إعاقة عبر أفق التربية الدامجة‪ِّ ،‬‬
‫الفوارق على أساس وضعية إلاعاقة‪ ،‬وسبيال من سبل إقرار وتوطيد وتوسيع مجال العدالة الاجتماعي املنشودة‪.2‬‬
‫يقول شارل غاردو في إطار املحاضرة الافتتاحية للندوة الدولية املنظمة من طرف املجلس ألاعلى للتربية والتكوين‬
‫والبحث العلمي لسنة ‪ ، 2154‬في موضوع" ‪:‬الحق في التربية الدامجة‪ ،‬انتقال مفاهيمي وتحول املمارسات ورهانات التقييم"‪:‬‬
‫«الدمج أفق‪ ...‬ال نصل إليه‪ ،‬غير أنه يمنحنا مع ذلك الطاقة لكي نتقدم»‪ .3‬ولكي نتقدم‪ ،‬في أفق التربية الدامجة لألطفال‬
‫في وضعية إعاقة‪ ،‬البد من مواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات التي سيقبل عليها هذا املشروع التربوي في‬
‫منظوتنا للتربية والتكوين‪:‬‬
‫ً ً‬
‫أوال‪ ،‬من جهة الشخص في وضعية إعاقة‪" ،‬إذ يتطلب منه عزما ثابتا لتخطي وضع إلاعاقة وتعبئة الطاقات‬
‫وإلامكانات الكامنة لديه‪ ،‬ومواجهة املعيقات الخارجية التي تواجهه"‪.4‬‬

‫ثانيا‪ ،‬بالنسبة للمجتمع‪" ،‬إذ يتطلب من كافة مكوناته وشرائحه تغيير التمثالت السلبية التي تحملها حول‬
‫إلاعاقة‪ ،‬كيفما كان نوعها‪ ،‬ورفع كل الحواجز التي يمكن أن تعترض استفادة هذه الشريحة من ألافراد من حقها في التعليم‬
‫والتكوين‪ ،‬وولوجها مجاالت املعرفة‪ ،‬وارتقائها الاجتماعي في إطار إلانصاف وتكافؤ الفرص"‪.‬‬

‫‪ 1‬املجلس ألاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‪ ،‬رأي تحت رقم ‪ ،2154/9‬في موضوع‪ :‬تعليم ألاشخاص في وضعية إعاقة‪ ،‬نحو تربية دامجة‪ ،‬منصفة وناجعة‪،‬‬
‫ص‪.52‬‬
‫‪2‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ 3‬من المحاضرة االفتتاحية ل« شارل غاردو » للندوة الدولية المنظمة من طرف المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ( ‪ ) 2019‬في‬
‫موضوع ‪:‬الحق في التربية الدامجة‪ ،‬انتقال مفاهيمي وتحول الممارسات ورهانات التقييم‪ ،‬ص‪.51‬‬

‫‪243‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

:‫املراجع‬

:‫مراجع بالعربية‬

‫ تعليم األشخاص في‬:‫ في موضوع‬،9152/4 ‫ رأي تحت رقم‬،‫ المجلس األعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي‬.5
‫ منصفة وناجعة‬،‫ نحو تربية دامجة‬،‫وضعية إعاقة‬
9112 ،5‫ ط‬،‫ المركز الثقافي العربي‬،‫ ترجمة سعيد بنكراد‬،‫ تاريخ الجنون في العصر الكالسيكي‬،‫ فوكو‬،‫ مشيل‬.2

:‫مراجع بالفرنسية‬

1. CIF-EA , Classification internationale du fonctionnement, du handicap et de la santé : version pour enfants et


adolescents.
2. CIF-EA , Classification internationale du fonctionnement, du handicap et de la santé : version pour enfants et
adolescents, Publiée par l’Organisation mondiale de la Santé en 2007 sous le titre :International Classification of
Functioning, Disability and Health: Children and Youth version.
3. Demailly, Lise, sociologie des troubles mentaux, repère, France, 2011
4. Jean Philippe, G. Paul Boncour, Les anomalies mentales chez les écoliers, étude médicopédagogique, Paris, Alcan.
In: Revue internationale de l'enseignement, tome 50, Juillet-Décembre 1905
5. Lahire, Bernard, Tableaux de familles, Heurs et malheurs scolaires en milieu populaire, Gallimard, Paris, 1995
6. Picavet, François. Drs Jean Philippe et G. Paul Boncour. Les anomalies mentales chez les écoliers, étude
médicopédagogique, Paris, Alcan. In: Revue internationale de l'enseignement, tome 50, Juillet-Décembre 1905
7. Plaisance, Éric, Éducation spéciale, L’Année sociologique, 1988, n° 38
8. Rozenn, Botokro, Évaluer le handicap? De l’évaluation des handicaps à l’évaluation du fonctionnement du sujet,
Mémoire réalisé pour le Diplôme de DESS-Mastaire, université de provence-aix –marseille, Juin 2002
9. Rozenn, Botokro, Évaluer le handicap? De l’évaluation des handicaps à l’évaluation du fonctionnement du sujet,
Mémoire réalisé pour le Diplôme de DESS-Mastaire, université de provence-aix –marseille, Juin 2002

Revues :

1. MUEL Francine, 1975, « L’école obligatoire et l’invention de l’enfance anormale », Actes de,la recherche en
sciences sociales, n° 1

244 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫التوسع الحضري بمدينة مكناس وانعكاساته املجالية وحتمية إلانتقال إلى‬


‫املراكز الضاحوية الريفية ( املغرب)‬
‫صديقي خالد‪ 5‬صديقي عبد الخالق‪2‬‬
‫باحث بكلية آلاداب والعلوم إلانسانية ظهر املهراز جامعة محمد بن عبد هللا فاس ( املغرب)‬
‫‪sadiki.khalid23@gmail.com‬‬
‫‪2‬باحث بكلية آلاداب والعلوم إلانسانية جامعة ابن طفيل القنيطرة ( املغرب)‬
‫‪abdelkhalik.sadiki@uit.ac.ma‬‬
‫ملخص ‪:‬‬

‫لقد عرف املغرب ظاهرة حضرية كغيره من بلدان حوض البحر ألابيض املتوسط‪ ،‬غير أنه خالل القرن العشرين الحالي برزت فيه‬
‫شبكة حضرية متعددة ألانواع ومختلفة الوحدات‪ ،‬وذلك نتيجة ارتفاع عدد السكان الحضريين‪،‬إذ إن نسبة التحضر عرفت تطورا ملحوظا‬
‫من عقد آلخر فقد انتقلت من ‪ 20%‬سنة ‪ 5406‬إلى ‪ 28.4%‬سنة ‪ ،5461‬ومن‪ 35%‬سنة ‪ 5495‬إلى ‪ 42,7%‬سنة ‪ 5482‬كما انتقلت من‬
‫‪ 51,4%‬سنة ‪ 5449‬إلى‪ %11.9‬سنة ‪.12014‬‬
‫وباملوازاة مع زيادة السكان الحضريين في املجال الجغرافي‪ ،‬هناك ززيادة في عدد املراكز الحضرية على اختالف أحجامها‪ ،‬وتوسع‬
‫كبير في املدارات الحضرية‪،‬مما سمح بارتفاع الكثافة السكانية‪ ،‬حيث نتج عن هذا التوسع‪ ،‬ظهور وحدات حضرية كبرى يفوق عدد ساكنتها‬
‫‪ 511‬ألف نسمة‪.‬‬
‫تعتبر مدينة مكناس من املدن املغربية التي عرفت توسعا حضريا‪ ،‬عبر فترات مختلفة‪ ،‬هذه الظاهرة جعلت املدينة تتحول من‬
‫مدينة صغيرة‪ ،‬لها حدود حضرية معروفة‪ ،‬إلى مدينة أصبحت تلتهم كل املجاالت املحيطة بها‪،‬لكن في املقابل أصبح يعترض توسعها املجالي‬
‫عدة إكراهات‪ ،‬وذلك نتيجة ضعف الاحتياط العقاري باملدينة‪ ،‬وكذلك نتيجة إلاكراهات الطبيعية والبشرية التي تحد من ظاهرة التوسع‬
‫الحضري‪.‬‬
‫تكمن أهمية هده املداخلة في وصف وتيرة النمو الحضري ملدينة مكناس مجاليا وسكانيا وعوائقه مع إلاشارة إلى الانعكاسات‬
‫املجالية والبيئية على الضاحية‪.‬‬
‫الكلمات املفاتيح ‪ :‬التوسع الحضري – املراكز الضاحوية – مدينة مكناس – الانعكاسات املجالية‪.‬‬
‫‪The urban expansion of the city of Meknes and its spatial repercussions and the‬‬
‫‪inevitability of displacement towards rural peri-urban centers‬‬
‫(‪( Morocco‬‬
‫‪Abstract :‬‬

‫‪Morocco has known an urban phenomenon like other countries of the Mediterranean basin, but during the current‬‬
‫‪twentieth century an urban network of various types and different units emerged, as a result of the increase in the number of urban‬‬
‫‪population, as the rate of urbanization has known a remarkable development from one decade to another, it has moved from 20% In‬‬
‫‪1936 to 28.4% in 1960, and from 35% in 1971 to 42.7% in 1982, it also moved from 51.4% in 1994 to 55.4% in 2014.‬‬

‫( ‪ ) 5‬إحصاء السكان والسكنى لسنة ‪ ، 2159‬املنودبية السامية للتخطيط الرباط‪.‬‬


‫‪245‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪In parallel with the increase in the urban population in the geographical area, there is an increase in the number of urban‬‬
‫‪centers of all sizes, and a large expansion in urban areas, which allowed a rise in population density, as this expansion resulted in the‬‬
‫‪formation of major urban units with a population of more than 100,000 people.‬‬

‫‪The city of Meknes is considered one of the Moroccan cities that have known urban expansion, through different periods.‬‬
‫‪This phenomenon made the city transform from a small city, with well-known urban borders, to a city that has become devouring all‬‬
‫‪the surrounding areas, but in return it has become obstructed by its spatial expansion by several constraints, as a result of The‬‬
‫‪weakness of the real estate reserve in the city, as well as the result of natural and human constraints that limit the phenomenon of‬‬
‫‪urban expansion.‬‬

‫‪The importance of this intervention lies in describing the pace of urban growth of the city of Meknes in terms of space‬‬
‫‪and population and its obstacles, with reference to the spatial and environmental repercussions on the suburb.‬‬

‫‪Keywords: urban expansion - peri-urban poles - city of Meknes - spatial effects.‬‬

‫تقديم ‪:‬‬

‫تمثل مظاهر التمدين باملغرب عنصرا مهما مبني على التحوالت التي تعرفها مختلف املناطق املغربية‪ ،‬ومن‬
‫املظاهر ألاكثر داللة للنمو الحضري املغربي‪ ،‬هو الزيادة السريعة لعدد املدن‪ ،‬إذ في سنة ‪ 5411‬كانت املراكز الحضرية‬
‫ال تتجاوز ‪ 29‬مركزا حضريا‪ ،‬ووصل هذا الرقم إلى ‪ 294‬مركز حضري سنة ‪ ،5449‬بينما حسب إحصاء عام للسكان و‬
‫السكنى لسنة ‪ ،2159‬فإن عدد املراكز الحضرية تجاوز ‪ 911‬مركزا‪ .‬و سيرورة تطور عدد املراكز الحضرية تبرز أن‬
‫املغرب عرف ثورة حضرية بمفهومها الصحيح‪.‬‬

‫شهدت مدينة مكناس نموا حضريا سريعا بحكم عدة عوامل‪ ،‬لذلك ل خلف النمو الحضري الذي عرفته املدينة‬
‫‪ -‬و الزالت ‪ -‬تعرفه‪ ،‬طلبا مت‪،‬ايدا على ألارض من أجل إنجاز السكن وإقامة التجهي‪،‬ات ألاساسية وبناء املرافق العمومية‬
‫وتهيئة املجاالت الخضراء‪.‬‬

‫وصاحبت هذه الثورة الحضرية عدة إكراهات مست جميع املجاالت الاقتصادية و الاجتماعية والبيئية‬
‫واملجالية‪ .‬حيث إن كثافة استغالل ألاوساط الحضرية جعل عدة مشاكل تطفو على السطح‪ ،‬كأزمة السكن و البطالة‬
‫و التلوث بمختلف أنواعه و كذلك مشكلة العقار‪.‬‬

‫كما اعتمدت عدة إستراتيجيات للنهوض باملدينة‪ ،‬لكن عدم توفر الشروط ألاساسية لهذه إلاستراتيجية‪ ،‬نتجت عنه‬
‫عدة آثار من أهمها انفالت التحكم في التوسع املجالي للمدن وهو انفالت يعكسه توسع مجاالت السكن غير الالئق‪ .‬ثم‬
‫كذلك تدهور محيط عيش السكان وإلحاق أضرار بليغة باملوارد الطبيعية‪ .‬وكذلك استن‪،‬اف الرصيد العقاري للمدينة‪.‬‬

‫‪246‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مؤهالت موقع مدينة مكناس وموضعها‪.‬‬

‫املوقع إلاداري‪ :‬موقع متميز ‪،‬لعب دورا في تطور عدد السكان‪.‬‬

‫من أجل التحكم في املجال الحضري مجاليا واجتماعيا واقتصاديا‪" ،‬عمل التقسيم إلاداري الجماعي لسنة ‪5442‬‬
‫على تقسيم مدينة مكناس إلى عمالتين تضمان ‪ 6‬جماعات حضرية)حمرية‪ ،‬إلاسماعيلية‪ ،‬املشور الستينية‪ ،‬مكناسة‬
‫الزيتون‪ ،‬توالل‪ ،‬ويسالن(‪ ،‬تشكل املجموعة الحضرية ملكناس )الخريطة رقم ‪ )5‬خامس مركز حضري باملغرب"‪ ،1‬في حين‬
‫كانت من قبل هذا التقسيم تتضمن فقط ‪ 9‬جماعات حضرية (حمرية‪ ،‬إلاسماعيلية‪ ،‬املشور الستينية ومكناسة‬
‫الزيتون‪.‬‬

‫الخريطة رقم ‪ 1‬توطين مدينة مكناس‬

‫املوقع الجغرافي‪ :‬عامل مهم في انتشار السكن في اتجاه الجنوب‪.‬‬

‫يلعب املعطى الجغرافي دورا هاما في التحكم في توسع املناطق الحضرية وفي استيعاب العدد املت‪،‬ايد للسكان‬
‫الحضريين دون إلاخالل بالتوازن بين مختلف املناطق‪" ،‬لكن تنتج عن عدم التحكم فيه وضعيات شاذة قد تعيق‬
‫توجهات املخططات العمرانية مستقبال‪ ،‬ويصعب معها التخطيط لنمو املجال الحضري بشكل محكم ومنسجم‪.‬‬
‫تتموضع مدينة مكناس في قلب هضبة سايس‪ ،‬في الجهة التي تتعرض لنوع من التخديد والتآكل‪ ،‬ويعتبر‬
‫موضع مدينة مكناس موضعا هضبيا‪ ،‬وبما أن التضريس مقطع إلى عناصر هضبية‪ ،‬فإن ألاحياء تمتد فوق عنصرين‬

‫(‪ )1‬مصطفى كنكورة‪" ،‬املرافق العمومية بمكناس واقع الحال ‪:‬توقعات وثائق التعمير وإكراهات إلانجاز "سلسلة ندوات ومناظرات رقم ‪،1‬املدينة املغربية بين التخطيط‬
‫والعشوائية‪،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية الاداب والعلوم الانسانية سايس فاس‪ ،‬أكتوبر ‪ 2110‬ص‪.551 .‬‬
‫‪247‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫رئيسيين تحدهما مجاري هي أنهار وسالن‪ ،‬و"واد بوفكران" الذي يقطع املدينة في الوسط‪ ،‬إضافة إلى "واد بو اسحاق"‬
‫الذي يعزل "جماعة توالل" عن املدينة‪.‬‬
‫وتجدر إلاشارة إلى أن املوضع ألاصلي ملدينة مكناس هو املكان الذي تحتله حاليا املدينة القديمة‪ ،‬لكن مع‬
‫توسع املدينة غطت ألاحياء الجزء الجنوبي من املوضع ألاصلي وانتقلت إلى العنصر الهضبي الشرقي‪ ،‬وإذا كان املوضع‬
‫الحالي يشرف على الشمال‪ ،‬فإنه يتصل بالجنوب بالجزء الهضبي املسطح‪ ،‬الش يء الذي له عواقب على التوسع‬
‫الحضري للمدينة‪ ،‬إذ أن امتداد املدينة شماال يصطدم بعراقيل تتجسد في كثرة املنحدرات وإلارتفاعات ( الخريطة‬
‫رقم ‪.)2‬‬
‫خريطة رقم ‪ : 2‬توزيع المجال السكني حسب طبيعة االنحدارات‬

‫إذا كان البعض من هذه املعطيات يظهر إلى حد ما سلبيا‪ ،‬فإن للموضع جوانب إيجابية‪ ،‬فشكل العنصر‬
‫الهضبي يسهل تصريف املياه خالفا للمواضيع املنخفضة‪ ،‬أضف إلى ذلك التسطح الذي تتمي‪ ،‬به التضاريس يساعد‬
‫على امتداد العمران خصوصا في اتجاه املناطق املنبسطة‪.‬ويتمي‪ ،‬موضع مدينة مكناس بتوفره على موارد مائية جد‬
‫مهمة‪ ،‬وهذه املوارد يمكن تقسيمها إلى قسمين ‪ :‬العيون املنفجرة في حافة ألاطلس ما بين الحاجب وأكوراي ‪,‬وتوجد هذه‬
‫العيون كلها جنوب مكناس‪ ,‬وألانهار املتوجهة من الجنوب إلى الشمال في اتجاه روافد سبو(‪.)1‬‬

‫كل هذا ساهم في نمو مدينة مكناس في اتجاه الجنوب (انظر الخريطة رقم‪.)2‬‬

‫( ‪)1‬بوشتى بوعسرية‪ ،‬مكناس وأحوازها ‪:‬دراسة هيدروغرافية وادي بوفكران نموذجا ‪ ،‬منشورات عمادة جامعة موالي إسماعيل مكناس‪ ،‬أعمال ندوة واد‬
‫بوفكران البيئة والتاريخ وآفاق التهيئة يومي ‪ 21‬و‪ 26‬نونبر ‪،5440‬ص‪.54.‬‬
‫‪248‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫عوامل ومراحل التوسع الحضري بمدينة مكناس‪.‬‬


‫الجذور التاريخية ملدينة مكناس‪.‬‬

‫عرفت مدينة مكناس تعاقب عدة فترات تاريخية اتسمت كل فترة منها بمجموعة من املمي‪،‬ات والخصائص‬
‫العمرانية واملعمارية‪ ،‬بداية من العهد إلادريس ي؛ مرورا بمرحلة الحكم املرابطي واملوحدي واملريني؛ وصوال إلى العهد‬
‫العلوي الذي عرفت فيه مدنية مكناس أوج ازدهارها خالل عهد السلطان العلوي املولى إسماعيل (‪5929-5692‬م)‪.‬‬

‫وفي عهد املرابطين تمت السيطرة على مدائن مكناس‪ ،‬وذلك بعد تأسيس املرابطين في عهد يوسف بن تاشفين‬
‫حصن تاكرارت*‪ ،‬الذي يعتبر النواة ألاولى ملدينة مكناس(‪ .)1‬ومع مرور الزمن أصبحت الحاضرة املكناسية تحتضن عدة‬
‫أسواق وأحياء ومساجد‪ .‬ومما ال يزال قائما منها حتى اليوم‪ :‬حومة كناوة** ودرب الفتيان وغيرها‪.‬‬

‫وأما في العهد املوحدي فقد دخلت مكناس في مرحلة التمدن والحضارة‪ ،‬فزودت باملاء الذي جلب إليها من عين‬
‫تاكمة وذلك باستخدام قنوات من حجر متقنة البناء توضع في جوفها أنابيب الرصاص لحماية القاطنين باملدينة من‬
‫كل دنس(‪ ،)2‬فضال عن تشييد أربع حمامات هي‪ :‬حمام الكدية‪ ،‬حمام املولى عبد هللا بن أحمد‪ ،‬وحمام الجديد والحمام‬
‫الصغير(‪ .)3‬وفي إطار توسيع املدينة وتزويدها باملرافق العامة وألاركان العمرانية‪ ،‬أحدث املوحدون أحياء جديدة منها‪:‬‬
‫(‪.)4‬‬
‫تأسيس دار ألاشراف‪ ،‬حيث يوجد مقر املشرف على الجبايات‬

‫مع حلول العهد املريني اندثرت مدائن مكناس الواقعة على ضفاف واد ويسالن وبوفكران وتحولت إلى جنات‬
‫مغروسة‪ ،‬فن‪،‬ح أهلها إلى املدينة الجديدة لالستقرار في أحيائها‪ ،‬فشرع أبو يوسف املريني في بناء قصبة جديدة بمدينة‬
‫مكناس وتشييد جامعها املعروف حاليا بجامع لالعودة‪ ،‬فضال عن تأسيس املدرسة الفياللية واملدرسة البوعنانية‬
‫ومدرسة العدول‪ .‬وقد امتازت املنشآت املرينية بجنوحها إلى املزج بين الطابعين الفني املغربي وألاندلس ي‪ .‬وفي عهد‬
‫الوطاسيين والسعديين لم تشهد مكناس مشاريع عمرانية جديدة‪ ،‬نتيجة املرحلة القصيرة للحكم الوطاس ي باملغرب‪،‬‬
‫واتخاذ السعديين ملدنية مراكش عاصمة لهم فضال عن الانشغال بصد الغزو إلايبيري للسواحل املغربية‪ ،‬الذي جعل‬
‫الاهتمام ينصب على املدن الساحلية أكثر من الحواضر الداخلية‪.‬‬

‫ومما الشك فيه‪ ،‬أن أهم محطة عرفتها مدينة مكناس تجلت في اتخاذها عاصمة للدولة العلوية خالل حكم‬
‫السلطان املولى إسماعيل (‪ ،)5929-5692‬الذي شيد معالم عمرانية دينية وعسكرية ومدنية‪ ،‬من أهمها القصبة‬
‫إلاسماعيلية التي شيدت على أراض ي شاسعة أحيطت بأسوار من مختلف الجهات(‪ .)5‬وبذلك جعل منها مفخرة العصر‬

‫‪ -1‬العالمة محمد املنوني‪ :‬التخطيط املعماري ملدينة مكناس عبر أربعة عصور‪ ،‬مجلة الثقافة املغربية‪ ،‬ج ‪ ،5492 ،9‬ص‪.25 .‬‬
‫‪ -2‬ابن عذاري املراكش ي‪ :‬البيان املغرب في أخبار ألاندلس واملغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪ ،5481 ،‬ص‪.06 .‬‬
‫‪ -3‬ابن غازي‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21 .‬‬
‫‪ -4‬مدينة مكناس تاريخ ومعالم‪ ،‬منشورات ودادية رؤساء املصالح إلادارية بمكناس‪ ،‬رجب ‪5918‬هـ‪ /‬مارس ‪ ،5488‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬ص‪.51.‬‬
‫* تاكرارت‪ :‬تعني باألمازيغية الحصن أو املحلة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫** حومة كناوة‪ :‬تعرف اليوم بحومة الصباغين‪ ،‬وقد سميت بحومة كناوة نسبة إلى عناصر سودانية من الجيش املرابطي أس ِّكنوا بها‪.‬‬
‫‪Marianne Barrucand; 1980 : L’ARCHITECTURE DE LA QASBA DE MOULAY ISMAIL A MEKNES; édition Maghrébine; Casablanca; P .102. -5‬‬
‫‪249‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لدرجة جعلت املؤرخ الفرنس ي سان ألون سفير لويس الرابع عشر باملغرب يعبر عن إعجابه بالحاضرة إلاسماعيلية بقوله‪:‬‬
‫"لقد كان املولى إسماعيل يريد أن يحدث ألمته آية من آيات ملكه (‪.)1‬‬

‫مراحل التوسع الحضري بمدينة مكناس‪.‬‬

‫الهجرة عامل مهم في تضخم املدينة‪.‬‬

‫عرفت مدينة مكناس تذبذبا كبيرا في نمو سكانها من فترة إلى أخرى‪ ،‬يرتبط هذا التذبذب بعامل الطرد أو الجذب‬
‫الذي تمارسه املدينة‪ ،‬بحيث تعد مدينة مكناس من بين أهم املدن الداخلية املغربية التي عرفت تطورا ديمغرافيا‬
‫ملحوظا خالل القرن املاض ي‪":‬حضيت مكناس بمكانة بارزة ضمن استراتيجية الاستعمار الفالحي‪ ،‬نظرا ملؤهالت أراضيها‬
‫الخلفية –فالسطح منبسط والتربة جيدة‪ ،-‬فكانت هدفا لالستعمار‪ ،‬بلغت حصيلتها سلب مساحة ‪508218‬هكتار من‬
‫أجود ألاراض ي"‪ ،‬بينما حوصر ألاهالي على ألاراض ي الوعرة والفقيرة (سفوح ألاودية خاصة )‪.‬‬

‫لقد كان من النتائج املباشرة لهذه العملية هجرة أفواج ضخمة من أهالي هذه ألارياف نحو املدينة ليتكدسوا‬
‫داخل أسوار حاضرة الزيتون حيث اقتنى ذوو إلامكانيات منازل‪ ،‬فيما وجد الباقون مستقرا لهم وتساكنوا في منازل‬
‫كانت أصال مخصصة إليواء أسرة واحدة‪ ،‬ومنهم من تجمع حول املدينة في أحياء هشة البناء ليشكلوا الانطالقة ألاولى‬
‫‪.2‬‬ ‫ألحزمة الفقر‬

‫إلى جانب هذا العامل‪ ،‬ساهم النمو املهم للصناعة العصرية بمكناس‪ -‬معامل التصبير والتلفيف واملطاحن‬
‫والتجهي‪،‬ات اللوجستية املهمة التي أنجزت في هذه املدينة حتى تقوم بمهمة جمع ومعالجة املنتوجات الفالحية ألراضيها‬
‫الخلفية– في جذب أعداد مهمة من مختلف أنحاء املغرب‬
‫‪3.‬‬

‫جدول ‪ :2‬تطور عدد سكان مدينة مكناس ما بين ‪ 1932‬و‪ 2020‬بألف نسمة‪.‬‬

‫‪2121‬‬ ‫‪2015‬‬ ‫‪2151‬‬ ‫‪2111‬‬ ‫‪2111‬‬ ‫‪"49‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪"82‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪91‬‬ ‫‪"95‬‬ ‫‪"61‬‬ ‫‪"12‬‬ ‫‪"5406‬‬ ‫السنوات‬

‫عدد‬
‫‪959‬‬ ‫‪615‬‬ ‫‪145‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪999‬‬ ‫‪995‬‬ ‫‪088‬‬ ‫‪092‬‬ ‫‪006‬‬ ‫‪012‬‬ ‫‪298‬‬ ‫‪214‬‬ ‫‪589‬‬ ‫‪592‬‬ ‫‪99.1‬‬
‫السكان‬

‫معدل‬
‫‪5.6‬‬ ‫‪5.4‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2.0‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪2.6‬‬ ‫‪4.2‬‬ ‫‪6.0‬‬ ‫‪9.0‬‬ ‫‪1.9‬‬ ‫‪-‬‬
‫النمو‬

‫املصدر ‪ :‬املندوبية الجهوية للتخطيط مكناس والارقام التي تحمل العالمة " مصدرها إلاحصاءات العامة للسكان والسكنى‬

‫‪ -1‬مدينة مكناس تاريخ ومعالم‪ ،‬منشورات ودادية رؤساء املصالح إلادارية بمكناس‪،‬مرجع سابق‪.‬ص ‪51‬‬
‫(‪)2‬مدينة مكناس تاريخ ومعالم‪ ،‬منشورات ودادية رؤساء املصالح إلادارية بمكناس‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.29.‬‬
‫(‪ )3‬الطيب لشقار‪ ،5449-5446 ،‬ضاحية مكناس ‪:‬مقاربة جغرافية بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في الجغرافيا‪،‬كلية الاداب والعلوم إلانسانية جامعة محمد‬
‫الخامس الرباط‪،‬ص ‪.29‬‬
‫‪250‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لقد أدت هذه العوامل إلى نمو ديموغرافي كبير لساكنة مكناس‪ ،‬فاحتلت صدارة املدن باملغرب على مستوى‬
‫نسبة النمو السنوية بأكثر من ‪ ،% 9‬يظهر "الجدول رقم ‪ "2‬هذا التطور الكبير‪ ،‬حيث تضاعف عدد السكان ‪ 9‬مرات‬
‫تقريبا في مدة ‪ 61‬سنة فقط(‪. )5412-2151‬‬

‫رغم التراجع الكبير لوثيرة النمو الديموغرافي ملكناس خالل عقد السبعينات حيث انخفضت نسبة النمو السنوي‬
‫إلى ‪ % 2.26‬بين ‪5495‬و‪ ،5482‬ويعزى هذا التراجع إلى هجرة الجالية ألاوربية والطائفة اليهودية‪ ،‬حيث انخفض عددهم‬
‫من ‪ 09991‬نسمة سنة ‪ 5410‬إلى ‪ 5656‬فقط سنة ‪ ،"5482‬وللركود إلاقتصادي الذي أصاب املدينة بعد الحماية‪،‬‬
‫ولعل أهم مؤشر على ذلك الانخفاض عدد العمال في القطاع الصناعي من ‪ 1111‬عامل سنة ‪" 5410‬إلى ‪2811‬عامل‬
‫سنة ‪." 5490‬‬

‫رغم هذا التراجع استمر سكان مكناس في النمو بشكل مهم وإن كان بوتيرة أقل من السابق ‪.‬فقد أضيف إلى‬
‫لساكنة مكناس ‪ 515‬ألف نسمة ما بين ‪ 5461‬و‪ ،"5482‬و‪ 511‬ألف نسمة بين ‪،"5449-82‬كما يشير انتعاش نسبة‬
‫النمو السنوي حيث انتقل من ‪ ")82-95(% 2,26‬إلى ‪.1")49-82(% 2,8‬‬

‫لقد ساهمت الهجرة بقسط مهم في ارتفاع ساكنة هذه املدينة‪ ،‬إذ بلغت هذه النسبة ‪ %21‬بين (‪")82-95‬‬
‫مع تسجيل تفاوت هذه املساهمة بين املدينة وهالة التعمير املوازي(الضاحية)‪ ،‬حيث شهدت هذه التجمعات تحوال هائال‬
‫فقد تحولت نسب مساهمة الهجرة في تطور ساكنتها من نسب ضعيفة بين ‪%1,6(95-61‬و‪) %1,8‬على التوالي بالنسبة‬
‫"لتوالل" و"دوار السوس ي" (ويسالن حاليا)‪ ،‬إلى نسب فاقت نصف زيادة السكان (‪%11,0‬و‪)%61,2‬على التوالي بالنسبة‬
‫للمركزين بين ‪.82-95‬‬

‫وهكذا تظهر مساهمة الهجرة في نمو مكناس ديمغرافيا‪ ،‬كما تؤكد دور هالة التعمير املوازي كمجال استقبال‬
‫ألفواج الوافدين‪ ،‬ومجاال لحل مشكلة السكن التي تعاني منها املدينة‪.‬‬

‫من خالل الجدول يتضح أن ساكنة مكناس تعرف زيادة سكانية مهمة‪ ،‬بالرغم من انخفاض معدل‬
‫النمو‪ ،‬وهذا مرده إلى كون مدينة مكناس تجتذب اجتذابا يكاد يكون مطلقا مجموع املدن الصغيرة السائرة في طريق‬
‫التكون(‪ ،)2‬فحركة السكان مرتبطة أساسا بتحسين ظروف العيش‪ ،‬ذلك أن مستوى التنمية متفاوت بين املدن وألارياف‬
‫على مستوى الخدمات العمومية والتجهي‪،‬ات‪ ،‬إذن فالهجرة القروية شكل من أشكال البحث عن تحسين الوضعية‬
‫املعيشية فهي تشكل ‪ % 61‬من حركات السكان‪ ،‬أما الهجرة البيحضرية فتصل إلى ‪ % 09‬على مستوى املغرب(‪.)3‬‬

‫( ‪ ) 1‬كل الارقام التي تحمل نفس العالمة "مصدرها إلاحصاءات العامة للسكان والسكنى ‪.‬‬
‫( ‪ )2‬جون فرانسوا تروان‪،‬مرجع سابق ‪.‬ص ‪.591‬‬
‫( ‪ )3‬محمد الهيلوش ‪ ،‬سنة ‪،2114‬محاضرات "املقاييس املختلفة للتهيئة" ‪ ،‬كلية آلاداب والعلوم إلانسانية مكناس‪.‬‬
‫‪251‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫التطور العمراني ملدينة مكناس ‪.‬‬


‫فرغم بروز مدينة مكناس منذ القديم‪ ،‬ورغم الفترة الالمعة التي مي‪،‬تها في عهد موالي إسماعيل حيث كانت‬
‫تتصدر القرار السياس ي باملغرب‪ ،‬فإن مكانتها في مطلع القرن العشريين كانت هامشية كما يبدو ذلك من خالل تراجع‬
‫عشر(‪.)1‬‬ ‫عدد ساكنتها عما كانت عليه في أواخر القرن الثامن‬

‫ومن الواضح أنه إذا كانت هذه املدينة قد عرفت توسعا هائال خالل الفترة الاستعمارية حيث ارتقت مكانتها‬
‫وأصبحت أحد أهم مراكز الاستقطاب البشري في املغرب‪ ،‬وباملوازاة مع هذا عرفت مكناس تطورا عمرانيا‪ ،‬بحيث إن‬
‫هذه املدينة كانت تقع فوق هضبة على الضفة اليسرى لنهر بوفكران بمساحة كانت ال تتجاوز‪ 519‬هكتار قبل ‪،5451‬‬
‫و كانت تتكون من عدد محدود من ألاحياء (املدينة القديمة‪ ،‬قصبة هدراش‪ ،‬حي ألامل سيدي عمر قصبة سيدي علي‬
‫) (خريطة رقم ‪ ،)0‬وفي القرن العشرين‪ ،‬أنشأ الاستعمار املدينة الجديدة على الضفة ألاخرى من الوادي(‪( )2‬خريطة رقم‬
‫|‪ .) 0‬ودشنت رسميا سنة ‪ 5422‬ورافق ذلك تحوالت عميقة مست شروط العيش والعالقات الاجتماعية والسياسية‬
‫والنشاطات الاقتصادية لساكنة مكناس(‪.)3‬‬

‫وكلف املهندس هنري بروست فيما بين (‪ )5422 -5459‬بوضع تصاميم هندسية للعواصم املغربية وكان من‬
‫ضمنها مدينة مكناس التي تم إنجاز مخطط توجيهي للمدينة الجديدة‪ ،‬بهدف تأمين سكن ذي مستوى رفيع لألوربيين‬
‫(بناء محطة طرقية‪ ،‬املعامل الصناعية‪ ،‬والتجهي‪،‬ات الحضرية الكبرى والسكن ألاوربي ‪.)...‬‬

‫فظهور املدينة الجديدة خلق نوعا من التمايز الذي كان شرطا من شروط املقيم العام ليوطي في خطابه مع‬
‫بروست "عليك أن تطبق القواعد ألاكثر عصرية في التمدين"‪ .‬وبلغت مساحة املدينة الكلونيالية ‪ 094‬هكتار سنة‬
‫‪. )4(5404‬‬

‫كما سبق الذكر‪ ،‬إن السلطات الاستعمارية هي أول متدخل في إنتاج السكن بمواصفات حضرية‪ ،‬تلخص هذا‬
‫في بناء املدينة الجديدة (حمرية)‪ ،‬فإن ما تجدر إلاشارة إليه هو أن إلارث الاستعماري كان ثقيال على هذا املجال بسبب‬
‫ما خلفته هذه الحقبة رغم قصرها من عجز سكني هام‪ ،‬وما أحدثته من انكسار في توازن املجال الحضري ألاصيل‪،‬‬
‫وستعرف هذه النواة الحديثة (حمرية) تطورا هندسيا وعمرانيا بعد الاستقالل ورحيل الفرنسيين واستعادة املغاربة‬
‫للمساكن‪ .‬وهكذا انطلقت عمليات إضافة طوابق عليا وإعادة التهيئة الداخلية للمساكن كإغالق بهو العمارات وشرفها‪،‬‬
‫وظهرت "ممرات تجارية"ومقاهي خاصة بكل فئات الساكنة‪ ،‬زد على هذا ظهور أصحاب مهن حرة وبنوك و وكاالت‬
‫التأمين ‪.‬وبالتالي أنش ئ بها مركز ذو أنوية متعددة ‪ :‬وظيفة طرقية على املحور الرباط – فاس‪ ،‬وملء املنطقة الصناعية‬
‫السابقة (الاستعمار)باألنشطة التجارية واملساكن واملساكن‪.‬‬

‫(‪ )1‬والزيوت م الحسان ‪ :‬أشكال العمران الذاتي بمدينة مكناس "بحث لنيل ديبلوم الدرسات العليا في الجغرافيا‪،‬كلية الاداب والعلوم الانسانية ‪.‬الرباط ‪ ،5446‬ص‪.1.‬‬
‫( ‪ )2‬جون فرانسوا تروان ‪:‬ترجمة محمد بريان وعبد هللا عوينة وآخرون‪"،2116 ،‬املغرب مقاربة جديدة في الجغرافية الجهوية‪ ،‬ص‪.598 .‬‬
‫( ‪ )3‬رقية بلمقدم ‪" :‬ظروف بناء حمرية وتكوين املجتمع ألاوربي"‪ ،‬في أعمال ندوة الحاضرة إلاسماعيلية‪ ،‬ص‪.64 .‬‬
‫( ‪)4‬العمل الكرطوغرافي (برنامج ‪. )arcgis 10.5‬‬
‫‪252‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وقد نجم عن تدفق االساكنة املهاجرة إلى مكناس و رحيل بعض الساكنة الفقيرة من املدينة القديمة‪ ،‬ظهور‬
‫أحياء عشوائية وتناميها(سيدي بابا‪ ،‬برج موالي عمر‪ ،) ..‬تكونت في البدء أحياء الصفيح ثم السكن غير القانوني (جنوب‬
‫املدينة )جعل املدينة تتمدد بشكل عشوائي في اتجاه الضفة اليسرى من وادي بوفكران ‪ .‬في حين انتشرت تجزئات‬
‫فاخرة في الشرق على طريق فاس ( خريطة رقم ‪.)0‬‬
‫خريطة رقم ‪ 3‬أنواع السكن بمدينة مكناس‬

‫المصدر ‪ :‬عمل شخصي إعتمادا على تصميم التهيئة الحضرية لسنة ‪ 0222‬وصور األقمار االصطناعية لمدينة مكناس ‪.0200‬‬

‫واستمر هذا املسلسل من التمدين بعد الاستقالل (‪ )5491-5419‬بشكل أقل من الفترة السابقة كذلك (أنظر‬
‫خريطة تطور املباني بمكناس )‪.‬يعزى هذا التراجع لهجرة الجالية ألاوربية والطائفة اليهودية‪ ،‬وللركود إلاقتصادي الذي‬
‫أصاب املدينة بعد الحماية‪ ،‬ولعل أهم مؤشر لذلك انخفاض عدد العمال في القطاع الصناعي من ‪ 1111‬عامل سنة‬
‫‪ 5410‬إلى ‪ 2811‬عامل سنة ‪.5490‬‬

‫رغم هذا التراجع استمر مسسلسل التمدين في النمو بشكل مهم‪ ،‬لكن على حساب ضاحيتها‪ ،‬بحيث ساهمت‬
‫الهجرة بشكل كبير‪ ،‬مع تسجيل تفاوت مهم بين املدينة وضاحيتها‪ ،‬حيث شهدت هذه الضواحي تحوال كبيرا هائال فقد‬
‫تحولت نسب مساهمة الهجرة في تطور ساكنتها من نسب سلبية بين ‪% -1.6( 95-61‬و‪ )% -1.8‬على التوالي بالنسبة‬
‫لتوالل ودوار السوس ي (ويسالن حاليا)‪ ،‬إلى نسب فاقت نصف زيادة السكان (‪ % 11.0‬و‪ ) 61.2‬على التوالي بالنسبة‬
‫للمركزين بين ‪. 82-95‬‬

‫‪253‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وهكذا تظهر أهمية الهجرة في تطور املجال املبني‪ ،‬كما تؤكد دور الضاحية كمجال استقبال ألفواج الوافدين‪،‬‬
‫ومجاال لحل مشكلة السكن التي تعاني منه املدينة الرسمية‪ ،‬وهذا ما يفسر التطور الكبير الذي شهدته مكناس في الفترة‬
‫املمتدة بين (‪ ( )5491-2152‬خريطة رقـم‪.) 9‬‬

‫الخريطة رقم ‪ 3‬تطور املجال املبني بمدينة مكناس‬

‫لقد عرفت وثيرة التمدين إرتفاعا كبيرا بعد الاستقالل‪ ،‬بحيث عرف املجال املبني ارتفاعا كبيرا في العقدين‬
‫ألاخيرين(املبيان رقم ‪.)5‬‬

‫املبيان رقم ‪ :1‬تطور املجال املبني بمدينة مكناس‪.‬‬

‫‪800‬‬ ‫‪678‬‬
‫‪600‬‬
‫‪379‬‬
‫‪400‬‬ ‫‪213‬‬
‫‪166‬‬
‫‪200‬‬ ‫‪104‬‬
‫‪0‬‬

‫السكن غير القانوني باملراكز الضاحوية الريفية و انعكاساتها املجالية‬

‫لعل أهم مؤشر لرصد حدود الضاحية انتشار املباني –السكن أساسا‪ -‬الذي يمثل أهم حاجة مدننا وضواحيها‬
‫اليوم في ظل ألازمة العقارية العميقة التي تعيشها‪ ،‬حيث إن السكن يمثل املحرك ألاساس ي للتمدين فيهما‪ ،‬ويمتد هذا‬
‫‪254‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املشهد حول املدينة على مسافات تتراوح بين ‪51‬و‪ 51‬كلم‪ ،‬ثم نسجل انقطاعات مفاجئة فتقل املباني‪ ،‬حيث تظهر‬
‫وحدات متباعدة ومتناثرة في مشهد زراعي‪ ،‬فيظهر الحي‪ ،‬املبني املحيط باملدينة في شكل هالة متمي‪،‬ة واضحة املعالم‪،‬‬
‫وبهذا تظهر حدود الضاحية املكناسية‪ ،1‬واملالحظ أن دور الضاحية الريفية ال يقتصر في استيعاب جزء من الزيادة‬
‫العامة للحضريين بهذا املجال فحسب‪ ،‬بل إنها متنفس كبير للمدينة ‪ ،‬نتيجة تفاقم أزمة السكن التي تعاني منها مدننا‪،‬‬
‫ذلك أن عددا كبيرا من النازحين إليها وفدوا عليها خاصة من مختلف بقية أجزاء املجال الحضري الرسمي‪ ،‬وسنركز في‬
‫هذا الفصل على الجماعة القروية الدخيسة‪ ،‬لكون هذه ألاخيرة تعرف استقطابا كبيرا لتلك العناصر البشرية التي لم‬
‫تستطع ولوج سوق العقار "الرسمية "‪،‬وباإلضافة الى ذلك كونها أصبحت مركزا الحتضان مجموعة من ألانشطة التي‬
‫كان استقرارها باملجال الحضري عسيرا بسبب ما يطرحه املجال الحضري من منافسة وما يعرفه من اكتظاظ خاصة‬
‫في بعض أنواع الحرف والتي تسمح للسكان بالحصول على حاجياتهم اليومية ‪ .‬ولعل ضعف إلانتاج الفالحي وندرة املياه‬
‫حد من إمكانات التكثيف وساهمت في ترجيح كفة التوجه كريع لإلستعمال العقاري أفضل من ريع إلاستعمال الفالحي‪.‬‬

‫تتطور الدخيسة اليوم بتلقائية يعكسها تعدد الوظائف وتداخلها‪ ،‬يعكس هذا الوضع قوة التمدين وتهافته‪،‬‬
‫الناتج عن تراكم ديمغرافي قوي بدل التراكم الاقتصادي‪ ،‬لقد أصبحت الدخيسة‪ ،‬ونخص بالذكر في السنين ألاخيرة‪،‬‬
‫حي‪،‬ا مهما الستقبال فئات اجتماعية مختلفة قصدت املدينة فحطت رحالها على مشارفها أو اضطرت لالنسحاب منها‬
‫ألسباب مختلفة‪ ،‬فوجدت في الضاحية بشكل عام مكانا مالئما ملطلبها‪ ،‬والدخيسة بشكل خاص ‪:‬بقع أرضية بأقل ثمن‬
‫ووسط أكثر هدوء وموقع قريب من املدينة يسهل التردد عليها‪.‬‬

‫وعليه سنحاول التطرق في هذا القسم‪ ،‬إلى أهم املراكز الريفية الضاحوية‪ ،‬وسنركز في هذا إلاطار على" جماعة‬
‫الدخيسة "‪،‬ومعرفة مكونات جماعة الدخيسة‪ ،‬باعتبارها جماعة ضاحوية خاضعة لتأثير مدينة مكناس‪ ،‬انطالقا من‬
‫معرفة خصائصها الطبيعية‪ ،‬والديمغرافية والاقتصادية وغيرها من الخصائص التي تشكل تجلياتها املكانية مالمح لتغير‬
‫املشهد بها‪ ،‬وسنتطرق للسكن كأهم عنصر يبرز مظاهر التمدن ‪.‬‬

‫املراكز الضاحوية الريفية ‪ :‬نقط تمدن متعددة وعشوائية ‪.‬‬

‫تجمعات الدخيسة ‪ :‬مالمح جبهة تمدن ‪.‬‬

‫إذا كان املوقع هو الوضعية التي يحتلها املجال بالنسبة للوحدات الجغرافية الكبرى (جهات‪ ،‬طرق )‪ ،‬فإن وقوع‬
‫جماعة الدخيسة قرب مدينة مكناس‪ ،‬وعلى مجال هضبي (هضبة _سايس) ذي مؤهالت فالحية هامة ‪.‬‬

‫إن أي دراسة للسكن بجماعة الدخيسة‪ ،‬يجب أن تأخذ بعين الاعتبار املقاربة الهامشية التي تعتمد على تصنيف‬
‫الضاحية حسب وظائفها لصالح املجال الحضري‪ ،‬وخاصة وأن املؤشرات توضح كيف أن التطور الذي تعرفه الجماعة‪،‬‬
‫سيؤدي ال محالة إلى اصطدام قوي وصراع بين الفالحة و البناء ‪.‬‬

‫(‪)1‬الطيب لشقار ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪. 51 .‬‬


‫‪255‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وقد عرفت في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات مرحلة تطور متمي‪ ،‬تمثل بداية انتقال من تجمع فالحي إلى‬
‫جبهة تمدن‪ ،‬وقد زاد من حدة التطور ربط الدواوير بشبكة الكهرباء‪ ،‬حيث طمأن هذا التجهي‪ ،‬السكان على سكنهم من‬
‫أي نقل أو هدم محتمل‪ ،‬لقد انعكست هذه املعطيات مكانيا في التهافت على املساحات غير املبنية ‪.‬‬

‫وهكذا عرفت هذه الدواوير خاصة القريبة من الطريق إنشاء مرافق تجارية وخدماتية (دكاكين‪ ،‬مقاهي ‪،)...‬‬
‫وبدأت مالمح تحوالت عميقة تبرز سواء على مستوى النسيج‪ ،‬حيث أصبح كثيفا وبناء املنازل أصبح يتخد طابعا حضريا‬
‫(الصورة‪ ،)5‬أو على مستوى املضمون الاجتماعي حيث بدأت تتشكل فئات اجتماعية تمارس أنشطة غير فالحية بمكناس‪.‬‬

‫الصورة رقم ‪ : 1‬تحوالت على مستوى النسيج العمراني لجماعة الدخيسة ‪.‬‬

‫فقد ارتبط تموقع السكن بها منذ القدم باملاء‪ ،‬منذ كانت الخيمة هي السكن السائد‪ ،‬لكن املاء لم يعد يلعب‬
‫ذلك الدور املهم في تجمع السكن بجماعة الدخيسة في الوقت الحالي‪ ،‬بسبب قربها من مدينة مكناس‪ ،‬وبالتالي انفتاحها‬
‫بشكل مهم أمام البناء من جهة‪ ،‬وضعف إمكانية التكثيف الفالحي من جهة ثانية ( الصورة رقم ‪.)2‬‬
‫الصورة رقم‪ : 2‬تبرز ضعف إمكانية التكثيف الفالحي‬

‫‪256‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وتظهر أيضا حدة التهافت على ألارض بهذا التجمع‪ ،‬من خالل عملية "التجزيء العشوائي "‪،‬وارتفاع ثمن ألارض‪،‬‬
‫إذ بلغت ‪ 5111‬درهم للمتر مربع‪ ،1‬بعدما كانت تمنح مجانا للوافدين‪ ،‬وهكذا تشهد هذه التجمعات إنشاء مرافق تجارية‪،‬‬
‫وبدأت مالمح مركز ضاحوي تتحدد‪ ،‬إن على مستوى النسيج حيث يتم تكثيف بناء منازل من طراز حضري‪ ،‬ونخص‬
‫بالذكر "تجمع الزوالط"‪،‬والذي يضم ‪ 9‬دواوير(باعيش الرمل واملخاطير وأوالد عبد هللا بن رحو والزوالت)‪ ،‬في حين‬
‫الدواوير التي توجد وسط الجماعة فقد عرفت استيطانا قديما ومع ذلك مازال ينتشر بها السكن الهش‪ ،‬وتفتقر إلى‬
‫التجهي‪،‬ات‪ ،‬وهذا راجع باألساس إلى بعدها عن الطريق من جهة‪ ،‬و بعدها كذلك عن مدينة مكناس من جهة اخرى ‪.‬‬

‫السكن غير القانوني بتجمع الزوالط وانعكاساته املجالية‬

‫يعتبر السكن عنصرا مهما من عناصر التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬الذي يجعل منه في بعض الحاالت‬
‫ألاساس الضروري الذي يجب أن تنطلق منه كل استراتيجية تنموية تجعل من بين أهدافها توفير إطار عيش سليم للفرد‬
‫يمكنه من القيام بدوره داخل املجتمع‪ .‬فشروط السكن تؤثر بطريقة مباشرة على سلوك ألاشخاص‪ ،‬فقد أثبتت‬
‫الدراسات بأن ألاحياء السكنية الهامشية التي ال تتوفر على الشروط الضرورية إلطار العيش السليم‪ ،‬تعرف نموا في‬
‫الجريمة أكثر من ألاحياء التي تتوفر فيها كل شروط السكن السليم‪. 2‬إذ يشكل السكن أحد الحاجيات ألاساسية ألفراد‬
‫املجتمع والتي من املفروض أن يستجيب لعدد من مقاييس الرفاهية والتجهي‪،‬ات لضمان جودة حياة مناسبة‪ ،‬فظروف‬
‫السكن عامة تشكل أحد العناصر ألاكثر أهمية والتي تسمح بتحديد مستوى عيش ألافراد‪ ،‬وإبراز مستوى رقيهم‬
‫الاجتماعي‪ ،‬فالت‪،‬ايد السكاني السريع ملدينة مكناس كما ذكرنا في الفصل ألاول وقلة الاحتياطي العقاري أديا إلى بروز‬
‫أسواق موازية غير قانونية تكيفت مع ألاوضاع الاقتصادية والاجتماعية واملالية لشريحة ذات دخل محدود‪ ،‬ولبت‬
‫حاجياتها السكنية والتي تم إقصاؤها بسبب الطابع الانتقائي لألنظمة املؤسساتية العمومية والخاصة في عرض العقار‬
‫وغير املبني‪3.‬‬ ‫املبني‬

‫وفي خضم التوسع الكبير ملدينة مكناس نتيجة التراكم الديمغرافي واستن‪،‬اف الرصيد العقاري‪ ،‬واستفحال أزمة‬
‫السكن‪ ،‬و بفعل القرب من مدينة مكناس‪ ،‬تبلورت هالة التعمير املوازي التي اعتبرت مخرجا ملأزق فئات اجتماعية‬
‫عديدة لم تتمكن من تحقيق حاجياتها على ألارض الحضرية‪ ،‬واعتبرت جماعة الدخيسة بشكل عام‪ ،‬و"حي الزوالط‬
‫"بشكل خاص مجال استقبال كبير ملن طرد من املدينة الرسمية ‪ ،‬تنبع هذه الجاذبية من توفر ألارض بأثمنة أقل‪،‬‬
‫وسهولة إنجاز املشاريع (سكن – محالت‪ -‬نشاط‪ ،)...‬فاألمر هنا بسيط يتلخص في توفير مواد البناء َ‬
‫والبناء‪ ،‬فال تماطل‬
‫إداري وال إجراءات معقدة وال احترام لضوابط التعمير‪ ،‬وإلى جانب املؤشرات الاجتماعية التي تفسر استفحال السكن‬
‫غير القانوني‪ ،‬هناك مؤشرات سياسية لها دور في هذا الاستفحال‪.‬‬

‫وهذا التوسع الحضري كان له تأثير كبير على تنظيم املجال‪ ،‬وعلى سلوك ساكنتها وبنياتها الاجتماعية‪ ،‬فبارتفاع‬
‫الحجم الديمغرافي للسكان‪ ،‬ترتفع الحاجيات وتتنوع وتصبح أهميتها أكبر فتجلب التجهي‪،‬ات والخدمات تلو ألاخرى‪،‬‬

‫(‪ )1‬معاينة ميدانية‪.‬‬


‫(‪ )2‬محمد محجوبي ‪ ،2116،‬قراءة عملية في قوانين التعمير املغرية "مذيلة بمختلف قوانين التعمير وإجتهادات الغرفة بالجعلس ألاعلى واملحاكم إلادارية والدوريات‬
‫واملناشير املتعلقة بالتعمير "‪ ،‬الطبعة ألاولى‪،‬ص‪.505 .‬‬
‫(‪ )3‬ماجدة صواب‪"،‬إعادة هيكلة السكن غير القانوني بمديتة فاس‪ :‬الحصيلة وآلافاق "‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪ 2111، .‬ص ‪521‬‬
‫‪257‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫فيتحسن مستوى أدائها وترتفع مردوديتها فتكتسب ريع موقع أكبر‪ -‬بفعل القرب الكبير من املدينة‪ ،-‬فت‪،‬داد القيمة تبعا‬
‫ملدى تجهي‪،‬ها أوقربها من التجهي‪،‬ات‪.‬‬

‫لذلك كان من الضروري تسليط الضوء على السكن وأنواعه‪ ،‬وسنركز باألساس على السكن غير القانوني وعلى‬
‫املراحل التي قطعها لهيكلته بالجماعة القروية الدخيسةبشكل عام والزوالط بشكل خاص ؟‬

‫ويفهم من هذا النص أننا نوجد أمام تجزئة ناقصة إذ ما تم إحداث تجزئة دون رخصة إدارية وهو نفس املعنى‬
‫الذي يقصده الفصل ‪ 94‬من القانون ‪.21/41‬ويتجلى غياب ترخيص في غياب امللف إلاداري والتقني ودفتر التحمالت‪.‬‬

‫ومما ال شك فيه أن التجزئة غير املرخصة تفتقر أيضا إلى إلاعداد التقني من طرف املهندسين املساحيين‬
‫واملهندسين املعماريين‪ .‬ولكن هذا يكفي من منظور الظهير ‪ 5410‬العتبار التجزئة ناقصة‪ ،‬بل البد من توفر شرط ثان أال‬
‫وهو عدم إنجاز ألاشغال املتعلقة بالتطهير والطرق والبنيات ألاساسية ألاخرى‪. 1‬‬

‫ويبقى أن كل التسميات بين سري وعشوائي وغير قانوني‪،...‬تلتقي في إحالتها مجتمعة على خروج إنتاج سكن عن‬
‫مقتضيات التخطيط الحضري والضوابط العمرانية‪ ،‬إال أن تسميات السكن السري التي كثر تداولها داخل دواليب‬
‫إلادارة املغربية خالل عقد الثمانينيات لم تعد تغري بل فقدت كل مصداقيتها نظرا لعدم مالءمتها الواقع الذي أثبت‬
‫من ذاته انعدام السرية في وجوده وفي إنتاجه وحتى في تعامله مع السلطات الترابية ‪.‬فجل املدن املغربية أصبحت تعيش‬
‫على إيقاع بناء سري وكأن مختلف املرافق إلادارية املغربية فاقدة لكل حواسها ‪.‬‬

‫وفي إحالل نعث العشوائي ثم غير القانوني محله يتجلى في أن الهدف يتمثل باألساس في إبراز عدم خضوع هذا‬
‫النوع من السكن للضوابط ألاساسية املفروض توفرها ليكون البناء معياريا وقانونيا ‪.‬وفي ذلك إحالة على عدم إحترام‬
‫املعنيين باالمر لقوانين واملساطر الجاري بها العمل ‪ .‬وإذا كانت كل هذه التسميات تعمل على تبرئة ذمة إلادارة املسؤولة‬
‫في مراقبة البناء فإنها كلها تتضمن اعترافا صريحا بأمر واقع لم يكن ليتبلور وليكتس ي املكانة التي أصبحت له لوال‬
‫سياسة غض الطرف ‪. 2‬‬

‫مراحل تشكل وتطور السكن بالدخيسة ‪ :‬تطور مهم للسكن غير القانوني وتراجع واضح للسكن القروي‬

‫لقد أصبح السكن القروي أصعب أنواع السكن تحديدا سواء من حيث شكله ووظائفه أو تسميته‪ .‬فمن حيث‬
‫الشكل انقرضت ألاكواخ واملساكن التي يعتمد في بنائها على الحجارة والطين‪ ،‬لتحل محلها وحدات سكنية مبنية بنفس‬
‫املواد املستعملة في الوسط الحضري بما في ذلك السكن الصفيحي والسكن غير القانوني‪ .‬وال يعني هذا التحول أن‬
‫السكن القروي بمجموع مكوناته قد أصبح مندمجا ضمن السكن الحضري بقدر ما يعني خضوعه إلنتقائية مرتبطة‬
‫بمدى إكتساح املدينة للضواحي املحيطة بها‪ ،‬ومدى قدرة هذه الضواحي على مسايرة هذا الاكتساح‪ ،‬لذلك كان من‬

‫(‪ )5‬عز الدين حفيف الوكالة الحضرية للدار البيضاء‪" ،2119،‬السكن غير الالئق من زاوية قوانين و وثائق التعمير ‪،‬إلاتحاد الجغرافي املغربي‪،‬منشورات فرع الدار‬
‫البيضاء –عين الشق‪"،‬السكن غير الالئق بالدار البيضاء "‪ ،‬ص ‪.24.‬‬
‫(‪ )2‬املصطفى شويكي‪ ،‬عرض حول السكن غير الالئق "املفاهيم والدالالت "‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪،‬عين الشق الدار البيضاء‪،2119‬ص ‪.91‬‬
‫‪258‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الضروري تسليط الضوء على بعض املؤشرات الاعتيادية لحالة السكن بالدخيسة‪ ،‬ولإلحاطة بهذا املوضوع سيتم‬
‫التعرف على أنواع املساكن وشكلها ثم موقعها وتموضعها داخل الجماعة ‪.‬‬

‫شكل وتنظيم السكن بالدخيسة‪.‬‬


‫هناك ثالث أنواع رئيسية للسكن تمي‪ ،‬دواوير جماعة الدخيسة‪:‬‬

‫النوع ألاول‪ :‬يضم مساكن ريفية مبنية باألحجار وتهم الدواوير التي توجد داخل الجماعة مثل الكندول‪ ،‬وأوالد‬
‫ميمون وسيدي مبارك‪ ،‬يرتكز نشاطها ألاساس ي على الفالحة وتفتقر إلى التجهي‪،‬ات ‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬عبارة عن سكن حديث وغير قانوني‪ ،‬يوجد هذا النوع من السكن في الناحية الشرقية للجماعة‪،‬‬
‫بين وادي الزيفر وواد الشجرة‪ ،‬قد عرفت هذه التجمعات مرحلة تطورية متمي‪،‬ة حيث انتقلت من تجمعات فالحية إلى‬
‫جبهة تمدين‪ ،‬خاصة بعد تحول دوار السوس ي إلى مركز حضري (ويسالن)‪ ،‬يسود بهذه التجمعات السكن الريفي املبني‬
‫باإلسمنت املسلح والاجور(السكن غير القانوني)‪ ،‬ونجده على طول الطريق آلاتية من فاس إلى "عبد هللا بن رحو "وإلى‬
‫"الباعيش الرمل" و"الزوالط "تم إلى "املخاطير"‪ ،‬لتشكل كل هذه الدواوير السابقة الذكر تجمع كبير "حي الزوالط"‪،‬وهذا‬
‫ألاخير في تزايد مستمر‪،‬بحيث أنه يتواجد داخل أراض ي جماعية أو كيش والقادمون الجدد ال يهتمون باإلجراءات‬
‫القانونية ‪.‬‬

‫النوع الثالث ‪:‬عبارة عن تجمعات هشة اتخدت شكل وحدات منفردة منغرزة وسط دواوير الجيش‪ ،‬يتفاوت‬
‫حجمها بحسب عدد البراكات ‪.‬‬
‫السألة البيئية باملجال الحضري ‪:‬‬
‫الوضعية البيئية باملركز ‪:‬‬
‫يعاني مركز الزوالط من مجموعة من إلاكراهات البيئية‪ ،‬نتيجة لتفاقم السكن غير القانوني‪.‬‬
‫مبيان رقم ‪ : 2‬الوضع البيئي ملركز الزوالط‪.‬‬

‫‪29%‬‬ ‫جيد جدا‬


‫جيد‬
‫‪5%‬‬ ‫‪94%‬‬
‫‪1%‬‬ ‫متوسط‬
‫‪65%‬‬
‫متردي‬

‫إن ما يتأكد من معطيات املبيان هو كون جل ألاسر املبحوثة تعاني من مشاكل بيئية‪ ،‬فمركز " الزوالط " تجمع‬
‫سكني نشأ في غياب التخطيط العام‪ ،‬ويمثل خروجا عن القانون‪ ،‬وهو منطقة محرومة من كافة أنواع املرافق والخدمات‬

‫‪259‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ألاساسية مثل املاء الصالح للشرب‪ ،‬قنوات الصرف الصحي‪ ،‬والربط بالكهرباء‪ ،‬ونقط ألامن‪ ،‬والوحدات الصحية‪،‬‬
‫واملدارس واملواصالت‪ ،‬كما أن أزقتها ال تستطيع أن تمر منها سيارة إسعاف‪ ،‬أو مطافئ‪ ،‬أو ألامن‪ .‬وكنتيجة لغياب البنيات‬
‫التحتية في هذه املناطق‪ ،‬السيما‪ ،‬قنوات الصرف الصحي‪ ،‬تعاني الساكنة من غياب الحد ألادنى للمعيشة‪ ،‬وتعرف‬
‫انتشارا للمطارح العشوائية‪ ،.‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن قرب املركز من مدينة مكناس جعلها تتحمل مجموعة من ألاضرار‬
‫ذات طبيعة مختلفة وألاكثر خطورة هي ألاضرار البيئية ‪.‬‬

‫انتشار مطارح النفايات بشكل عشوائي ‪.‬‬


‫املشكل الذي يطرح نفسه بقوة داخل هذا املركز هو مشكل ألازبال فرغم املوارد املادية والبشرية التي تتوفر عليها‬
‫الجماعة‪ ،‬تستمر الساكنة في تجرع مرارة هذا املشكل العويص‪ ،‬فقد أفرزت كثرة السكن غير القانوني كثرة املطارح‬
‫العشوائية التي ساهم السكان في إقامتها وأكبر من هذا قربها من املنازل(أنظر الصورة رقم ‪ ،)0‬وأسباب عديدة أفرزت‬
‫مثل هذه املطارح كعدم قيام املجلس الجماعي بدوره في حل هذا املشكل وقلة وعي الساكنة بالضرر الذي يمكن أن‬
‫ينجم عن مثل هذه املطارح ‪.‬‬
‫صورة رقم ‪ :3‬التخلص من النفايات في ألاماكن الفارغة املوجودة بين املنازل‪.‬‬

‫املصدر‪ :‬العمل امليداني‬

‫مبيان رقم ‪ :3‬املخاطر البيئية التي تواجه مركز الزوالط‬

‫الفيضانات‬
‫‪11%‬‬

‫انتشار‬
‫النفايات‬
‫‪45%‬‬
‫رداءة قنوات‬
‫الصرف‬
‫‪44%‬‬

‫املصدر‪ :‬العمل امليداني‬

‫‪260‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ما يمكن استنتاجه من معطيات املبيان‪ ،‬أن ‪ % 91‬من املستجوبين يعانون من انتشار النفايات قرب منازلهم‪،‬‬
‫ثم تليها نسبة رداءة قنوات الصرف بنسبة جد مهمة‪.‬‬

‫املياه املستعملة ‪:‬محرك دورة التلوث‪.‬‬

‫جزء كبير من املياه املستعملة ملدينة مكناس ومركز ويسالن تقذف داخل واد الزيفر‪،‬وهذا ألاخير له دور كبير في‬
‫تزويد ساكنة الدخيسة وجزء من ويسالن باملاء الشروب‪.‬وتساهم الصناعة بقسط كبير في تلويث هذه املياه‪ ،‬حيث‬
‫تتخلص هذه املؤسسات من كميات املياه الهائلة بعد استعمالها بقذفها في وادي ويسالن دون معالجة‪.‬‬

‫معاصر الزيتون ترمي بنفاياتها وبمياهها املستعملة دون معالجة في املسيالت التي تصب في الوديان مما يجعل‬
‫مياهها مسودة وملوثة‪ .‬كما أنها تلقي بنفاياتها الصلبة داخل أراض ي غير مسيجة أو محجوزة‪ ،‬مما يلوث ألارض بالزيوت‪،‬‬
‫ويلوث في مجاري املياه ‪.‬‬

‫تشكل هذه املياه مصدر تهديد كبير للجماعة القروية الدخيسة‪ ،‬بالنظر إلى كمياتها الضخمة ودرجة تلوثها العالية‬
‫والخطيرة‪ ،‬واتساع مدى إعادة استعمالها فالحيا‪.‬‬

‫خاتمة ‪:‬‬

‫تعرف مدينة مكناس أزمة على مستوى استقبال السكان الوافدين باستمرار‪ ،‬وعلى مستوى تدهور وضعية‬
‫السكان الحضريين‪ ،‬فارتفاع الكثافة السكانية من جهة‪ ،‬وانتشار املضاربات العقارية من جهة أخرى‪ ،‬أدى إلى انتقال‬
‫بعض الفئات الاجتماعية من املدينة إلى ضاحيتها بحثا عن سكن مناسب‪ ،‬وهذا ما أدى إلى تدهور ألاوضاع السكنية‬
‫وإلى انتشار التجزئات السرية بضواحي املدن‪ ،‬وهي وضعية في الواقع تبين سوء توزيع املجال الذي أفرزته املضاربة‬
‫العقارية‪ ،‬وقد أبانت التجارب على أن املجال الحضري أو املدن تحتفظ في قلبها بالسكان الذين يملكون السلطة أو املال‬
‫ويمكنهم تحمل متطلبات التمدن‪ ،‬بينما تطرد ألاشخاص الذين يقل وزنهم في املجتمع‪.‬‬

‫إن مدينة مكناس ‪-‬كما ظهر من خالل تحليل القضايا ‪-‬تشهد بداية مرحلة تطور مهمة‪ ،‬تتمثل في استكمال‬
‫مالمح مجموعة حضرية‪ ،‬تتطور بسرعة كبيرة وتستلزم وضع خطة شاملة‪ ،‬توجه نموها وتجنبها التطور التلقائي وأثارها‬
‫السلبية على استعمال ألارض واستغالل املوارد‪ ،‬بالطبع هناك مشاكل مرتبطة بامللكية‪ ،‬باإلطار القانوني‪ ،‬لكن في املقابل‬
‫يجب على القانون أن يحدد كل متدخل ومسوؤلياته‪ ،‬فهناك مشاكل عديدة الزالت تتخبط فيها مدينة مكناس بشكل‬
‫خاص‪ ،‬واملدن الكبرى بشكل عام‪ ،‬ومن بين أبرز املشاكل نجد مشكل املراقبة‪ ،‬بحيث إن أغلب السكن غير القانوني هو‬
‫نتاج لسياسةعمومية إظافة إلى إلانتشار الواسع للمشاكل البيئية‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬

‫‪ ‬ابن عذاري املراكش ي‪ :‬البيان املغرب في أخبار ألاندلس واملغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬بيروت‪.5481 ،‬‬
‫‪ ‬بوشتى بوعسرية‪ ،‬مكناس وأحوازها‪ :‬دراسة هيدروغرافية وادي بوفكران نموذجا‪ ،‬منشورات عمادة جامعة موالي إسماعيل‬
‫مكناس‪ ،‬أعمال ندوة واد بوفكران البيئة والتاريخ وآفاق التهيئة يومي ‪ 21‬و‪ 26‬نونبر ‪.5440‬‬
‫‪ ‬جون فرانسوا تروان‪ "،‬املغرب مقاربة جديدة في الجغرافية الجهوية "‪.2116 .‬‬
‫‪ ‬رقية بلمقدم ‪" :‬ظروف بناء حمرية وتكوين املجتمع ألاوربي"‪ ،‬في أعمال ندوة الحاضرة إلاسماعيلية‪.‬‬

‫‪261‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬الطيب لشقار‪ ،5449-5446 ،‬ضاحية مكناس‪ :‬مقاربة جغرافية بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا في الجغرافيا‪ ،‬كلية الاداب‬
‫والعلوم إلانسانية جامعة محمد الخامس الرباط‪.‬‬
‫‪ ‬عز الدين حفيف‪ ،‬الوكالة الحضرية للدار البيضاء‪" ،‬السكن غير الالئق من زاوية قوانين ووثائق التعمير‪ ،‬إلاتحاد الجغرافي املغربي‪،‬‬
‫منشورات فرع الدار البيضاء –عين الشق‪"،‬السكن غير الالئق بالدار البيضاء‪2119 ،‬‬
‫‪ ‬ملنوني محمد ا‪ :‬التخطيط املعماري ملدينة مكناس عبر أربعة عصور‪ ،‬مجلة الثقافة املغربية‪ ،‬ج ‪.5492 ،9‬‬
‫‪ ‬ماجدة صواب‪"،‬إعادة هيكلة السكن غير القانوني بمديتة فاس‪ :‬الحصيلة وآلافاق "‪ ،‬أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه‪.2111 .‬‬
‫‪ ‬محمد الهيلوش‪ ،‬محاضرات "املقاييس املختلفة للتهيئة"‪ ،‬كلية آلاداب والعلوم إلانسانية مكناس‪2114 .‬‬
‫‪ ‬محم د محجوب‪ ،‬قراءة عملية في قوانين التعمير املغرية "مذيلة بمختلف قوانين التعمير وإجتهادات الغرفة بالجعلس ألاعلى‬
‫واملحاكم إلادارية والدوريات واملناشير املتعلقة بالتعمير "‪ ،‬الطبعة ألاولى‪2116.‬‬
‫‪ ‬املصطفى شويكي‪ ،2119،‬عرض حول السكن غير الالئق "املفاهيم والدالالت "‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق الدار البيضاء‬
‫‪ ‬مصطفى كنكورة‪ ،‬أكتوبر ‪" ،2110‬املرافق العمومية بمكناس واقع الحال‪ :‬توقعات وثائق التعمير وإكراهات إلانجاز "سلسلة ندوات‬
‫ومناظرات رقم ‪ ،1‬املدينة املغربية بين التخطيط والعشوائية‪ ،‬جامعة سيدي محمد بن عبد هللا كلية الاداب والعلوم الانسانية‬
‫سايس فاس‪.‬‬
‫‪ ‬والزيوت م الحسان‪"،‬أشكال العمران الذاتي بمدينة مكناس "بحث لنيل ديبلوم الدرسات العليا في الجغرافيا‪ ،‬كلية الاداب والعلوم‬
‫الانسانية‪.‬الرباط‪.5446.‬‬
‫;‪ Marianne Barrucand; 1980 : L’architecture De La Qasba De Moulay Ismail A Meknes; Edition Maghrebine‬‬
‫‪Casablanca.‬‬

‫‪262‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫مشكالت الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر خالل‬


)2020/2/29 ‫ إلى‬2019/12/29( ‫الفترة‬
‫ قسم‬،‫ طالب دراسات عليا بجامعة عمر املختار البيضاء – ليبيا‬،‫ فرع القبة‬،‫ معيد بجامعة درنة‬،‫زهير محمد عبد العاطي مسعود‬
.‫الجغرافيا – كلية آلاداب‬

‫امللخص‬
‫ بهدف معرفة ابرز املشكالت‬،‫اهتم هذا البحث بدراسة موضوع مشكالت الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬
‫ ومعرفة مدى تأثير مشكالت الحدود إلادارية لبعض البلديات‬،‫والصعوبات التي تواجه الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر‬
‫ ولتحقيق هذه الاهداف استخدم املنهج الوصفي والتاريخي والتحليلي وبعض ألاساليب العلمية‬،‫في منطقة الجبل الاخضر علي السكان‬
‫ خلصت الدراسة الي جملة من النتائج نذكر منها تداخل الحدود إلادارية للبلديات فنجد ان بلدية القيقب داخل‬،‫وألاساليب إلاحصائية‬
‫ وانشاء‬،‫ وكما يوجد مكتب اصدار الاحوال املدنية واحد ببلديتي الابرق والقيقب وكذلك ببلديتي البيضاء ووردامة‬،‫خريطة بلدية الابرق‬
.‫البلديات علي املعيار الاجتماعي والقبلي دون النظر للمعايير القانونية واملقومات التي يمكن الاعتماد عليها‬
‫ ومراعاة املعايير القانونية في انشاء‬،‫ويقترح هذا البحث ترسيم الحدود إلادارية بعالمات واضحة ونقاط دالة لتفادي تداخل الحدود‬
‫ وتزويد البلديات بالدراسات‬،‫ ودمج البلديات التي ال يوجد بها مقومات للبلدية لكي يسهل العمل علي دعمها وتوفير الخدمات لها‬،‫البلديات‬
.‫واملقترحات لتقوية التواصل بين املواطنين والبلدية‬
.‫ الجغرافية إلادارية‬،‫ الجبل ألاخضر‬،‫ مشكالت الحدود إلادارية‬:‫الكلمات املفتاحية‬
Problems of the administrative boundaries of some municipalities in the Jabal Al-
Akhdar region during the period (29/12/2019 to 29/6/2020)
Abstract
This research was concerned with studying the issue of administrative boundaries problems for some municipalities
in the Al-Jabal Al-Akhdar region, with the aim of knowing the most prominent problems and difficulties facing the
administrative boundaries of the municipalities in the Al-Jabal Al-Akhdar region, and knowing the extent of the impact of the
administrative border problems of some municipalities in the Al-Jabal Al-Akhdar region on the population. To achieve these
goals, the descriptive, historical and analytical approach and some scientific and statistical methods were used. The study
concluded with a number of results, including the overlapping of the administrative boundaries of the municipalities. We find
that the Al-Qayeb municipality is within the map of the municipality of Al-Abraq, and there is also one civil status office in the
municipalities of Al-Abraq and Al-Qayeb, as well as in the municipalities of Al-Bayda and Wardamah. And the establishment
of municipalities on the social and tribal criterion without regard to legal criteria and the elements that can be relied upon.
This research proposes the delineation of administrative borders with clear signs and pointing points to avoid border
overlap, observance of legal standards in the establishment of municipalities, integrating municipalities that do not have the
components of the municipality in order to facilitate work to support them and provide services to them, and provide
municipalities with studies and proposals to strengthen communication between citizens and the municipality.
Key words: problems of administrative borders, green mountain, administrative geography.

263 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املقدمة‬
‫ً‬
‫الحدود إلادارية هي حدود تفصل بين التقسيمات إلادارية داخل الدولة‪ ،‬وال يعترف بها دوليا ككيان مستقل‪،‬‬
‫وليس لها صفة شرعية او سيادية‪ ،‬ويمكن تعديلها او الغائها كلما اقتضت الظروف بحسب قوانين الدولة ولكل كيان‬
‫إداري حدوده املحيطة بمنطقته الجغرافية وتفصله عن املناطق إلادارية ألاخرى داخل الدولة‪ ،‬وليس للكيان إلاداري‬
‫كالبلدية أي سيادة عليها‪ ،‬وانما السيادة تكون من قبل الدولة وذلك إلدارة شؤونه الخاصة باستقاللية محدودة ونجد‬
‫هنا مشكالت علي الحدود الادارية والذي تتحكم به املعايير الاجتماعية والقبلية دون النظر إلى املعايير القانونية‬
‫واملقومات التي يمكن الاعتماد عليها وكما يوجد في منطقة الجبل ألاخضر العديد من البلديات الادارية وتقوم كل بلدية‬
‫بتوفير كافة الخدمات لسكانها‪ ،‬وخدمات هذه البلديات كثيرة ومتعددة وقد اقتصر الحديث في هذه الدراسة علي‬
‫مشكالت الحدود الادارية في منطقة الجبل الاخضر ونتيجة الستمرار تغير الحدود الادارية للبلديات وتنوع وكثرة الخدمات‬
‫التي تقدمها هذه البلديات دون وجود أي رقابة او قوانين دولية فعالة تم حدوث الكثير من املشاكل علي حدود هذه‬
‫البلديات اثناء تقديمها للخدمات كذلك حدوث بعض املشكالت في التقسيم غير املتساوي للخدمات التي تقدمها‬
‫للبلديات فعلي سبيل املثال نجد بعض املناطق تتبع اكثر من بلدية في تقديم الخدمات لها وبهذه الكيفية تحدث مشكالت‬
‫في الحدود الادارية للبلدية‪.‬‬
‫مشكلة الدراسة‬
‫ً‬
‫يعرف العديد من الباحثين مشكلة الدراسة بأنها عبارة عن تساؤل او عدة تساؤالت غير مجاب عليها‪ .‬واستنادا‬
‫الي ذلك فإن مشكلة الدراسة هنا تتلخص في التساؤالت التالية‪:‬‬
‫(‪ )5‬ما هو مدي تأثير مشكالت الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر على دولة ليبيا؟‬
‫(‪ )2‬هل اثرت املشكالت في الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر علي تقديم الخدمات لسكانها؟‬
‫(‪ )0‬هل يوجد مشكالت اخرى تعترض لها الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر– دولة ليبيا؟‬
‫(‪ )9‬ما هو ألاثر الجغرافي للوحدات إلادارية في منطقة الجبل الاخضر علي اداء خدمات البلدية؟‬
‫(‪ )1‬ما هو مدي تأثير مشكالت الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر على بعض البلديات املجاورة‬
‫لها؟‬
‫الفروض‬
‫(‪ )5‬إن تأثير مشكالت الحدود إلادارية للبلديات علي الدولة من ناحية ازدواجية الخدمات وخاصة للمناطق‬
‫الحدودية بين البلديتين يؤثر على اقتصاد الدولة‪.‬‬
‫(‪ )2‬يتبين تأثير مشكالت الحدود إلادارية للبلديات في تقديم الخدمات لسكانها من حيث عدم تقسيم العمل‬
‫بشكل متساوي بين البلديات وتتمثل في الامكانيات التي تمتلكها البلدية‪.‬‬
‫(‪ )0‬من املشكالت التي تعترض الحدود إلادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر هي تغير الحدود إلادارية‬
‫للبلديات بشكل مستمر‪.‬‬
‫(‪ )9‬ان ألاثر الجغرافي للوحدات إلادارية على أداء خدمات البلدية يتمثل في عدم ترسيم الحدود إلادارية للبلديات‬
‫بشكل مناسب‪.‬‬
‫(‪ )1‬إن تأثير مشكالت الحدود إلادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر علي بعض البلديات املجاورة لها من‬
‫حيث تداخل ووجود الحدود إلادارية لبعض البلديات داخل بلدية أخرى‪.‬‬

‫‪264‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫أهداف الدراسة‬
‫ان الهدف ألاساس ي أو الرئيس ي ألي بحث علمي هو إلاجابة عن ألاسئلة املطروحة وذلك باتباع قواعد وإجراءات‬
‫علمية‪ .‬من هذا املنطلق فإن هذه الدراسة تهدف إلي وضع إجابات لتساؤالتها والختبار فرضيتها للتأكد من مدي صحتها‬
‫من عدمه‪ .‬ومن الطبيعي أن تتفرع أهداف ثانوية من الهدف الرئيس ي للدراسة‪ ،‬لذا فإن تهدف هذه الدراسة ملعرفة ما‬
‫يلي‪:‬‬
‫‪ –5‬تهدف الدراسة الي معرفة مشكالت الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر‪ -‬دولة ليبيا‪.‬‬
‫‪ –2‬مدى توفر الخدمات لسكان البلديات في منطقة الجبل الاخضر ومعرفة مدي تأثير مشكالت الحدود الادارية‬
‫للبلديات في منطقة الجبل الاخضر علي السكان‪.‬‬
‫‪ –0‬معرفة ابرز املشكالت والصعوبات التي تواجه الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر‪ -‬دولة‬
‫ليبيا‪.‬‬
‫حدود منطقة الدراسة‬
‫يبين الشكل (‪ )5‬الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل الاخضر‪ ،‬حيث يحدها من جهة الشرق بلدية‬
‫درنة ومن الغرب بلدية الساحل ومن الشمال البحر املتوسط ومن الجنوب طريق ال ‪ ،211‬أما موقعها الفلكي فهي تمتد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بين خطي طول ‪ °16،25،02‬و ‪ °26،22،99‬شرقا ودائرتي عرض ‪ °02،02،90‬و‪ °05،02،15‬شماال‪ ،‬وبالنسبة للحدود‬
‫الزمنية تمتد الدراسة خالل الفترة (‪ 2154/52/24‬الي ‪.)2121/6/24‬‬
‫شكل (‪ )1‬الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬

‫املصدر‪ :‬عمل الباحث‪.‬‬


‫منهجية الدراسة‬
‫يعرف املنهج بأنه الطريق املؤدي الي الكشف عن الحقائق‪ ،‬وعليه فاملنهجية تمثل مجموعة من ألاساليب التي‬
‫يتبعها الباحث لتحليل املشكلة موضوع الدراسة‪ ،‬وأصبحت الجغرافية تعتمد علي مناهج عديدة‪ ،‬التي تبدأ من‬

‫‪265‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ً‬
‫املالحظات والتجربة (أي الاختبار) تمهيدا لصياغة الفرضية والتأكيد من صدقها‪ ،‬ومن ثم التوصل الي النتائج‪ ،‬وعلية‬
‫فقد اعتمدت الدراسة علي ثالثة مناهج تسعي الي تغطية ألاهداف علي النحو الاتي‪:‬‬
‫‪ –5‬املنهج الوصفي‪ :‬الذي يهدف لدراسة التقسيم الاداري للبلديات في منطقة الجبل الاخضر‪ ،‬وتوضيح مدي‬
‫التوافق في هذا التقسيم‪ ،‬وتحديد املتغيرات التي أثرت على التقسيم الاداري لحدود البلديات‪.‬‬
‫‪ –2‬املنهج التاريخي‪ :‬يستند هذا املنهج علي عرض وتحليل الاتجاهات والوقائع وألاحداث السابقة بالنسبة لظاهرة‬
‫معينة وربطها بالواقع الحالي أي إلافادة من املاض ي في فهم الحاضر‪ ،‬وذلك بربطها في سياق زمني‪ ،‬ومن ثم استقراء‬
‫الحقائق‪ ،‬وذلك من خالل التتبع التاريخي للتقسيم إلاداري لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‪.‬‬
‫‪ –0‬املنهج إلاحصائي التحليلي‪ :‬الذي يعتمد علي تحديد املشكلة من خالل مالحظة الوقائع التي يستدل بها في‬
‫هذه املشكلة والتي تتمثل في الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‪ ،‬ووضع الفروض التي تعبر عن‬
‫طبيعة العالقات بين املشكلة واملتغيرات املؤثرة‪ ،‬مع ألاخذ بعين الاعتبار الظروف الناتجة من واقع منطقة الدراسة‪،‬‬
‫ومعالجة املشكلة في إطار الاعتماد علي املؤثرات التي تفرزها نتائج الــدراسـة ووضـع ال ـح ـلــول الـمـنـاسـبـة ل ـهـا‪ ،‬وذلك من‬
‫خالل تحليل إلاحصاءات املتوفرة او إحصاءات الدراسة امليدانية‪.‬‬
‫اسلوب الدراسة‬
‫تمثلت ادوات الدراسة في جانبين هما‪:‬‬
‫‪ –1‬طرق جمع البيانات‪ ،‬وذلك من خالل‪:‬‬
‫الجانب املكتبي بحيث اشتملت بيانات هذا الجانب على البيانات الاحصائية‪( ،‬جمع املعلومات من املراجع‬
‫املختلفة والرسائل العلمية ذات العالقة)‪ ،‬وشبكة املعلومات الدولية " الانترنت " وذلك بالبحث عن املعلومات املتعلقة‬
‫بموضوع الدراسة في مواقع الشبكة املختلفة‪ ،‬والدراسة امليدانية وذلك عن طريق املالحظة العلمية واملقابالت‬
‫الشخصية مع عمداء بعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر ومدراء املؤسسات العامة لبلديات منطقة الدراسة‪.‬‬
‫‪ –2‬طرق عرض البيانات‪ :‬تم عرض البيانات باستخدام الوسائل آلاتية‪:‬‬
‫العرض الجدولي والتمثيل الكارتوجرافي" الخرائط "‪.‬‬
‫أسباب اختيار الدراسة‬
‫ترجع ألاسباب الرئيسية في اختيار موضوع البحث الي الاتي‪:‬‬
‫‪ –5‬ارتباط الباحث وميوله لدراسة مشكالت الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر الكتساب املعرفة‪.‬‬
‫‪ –2‬اهمية موضوع الدراسة وقله الدراسات السابقة في منطقة الدراسة‪.‬‬
‫‪ –0‬التوصل الي حقائق علمية بحيث يتم الاستفادة من هذه الدراسة‪.‬‬
‫الدراسات السابقة‬
‫تمثل الدراسات السابقة ألاساس النظري الذي تستند عليه الدراسة‪ ،‬وأهم هذه الدراسات حسب تسلسلها‬
‫الهجائي‪:‬‬
‫‪ –5‬الـدراسـة التــي قــام بـهــا س ـل ـي ـمــان ب ـطـارســة سنة ‪ 2119‬وهي بعنوان (التمويل الـمـحـلي دراسة تحليلية للتجربة‬
‫ألاردنية) وتناولت الدراسة كيفية دمج البلديات وايرادات املجالس البلدية والنفقات فيها واملشكالت إلادارية واملالية‬

‫‪266‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫للبلديات وتختلف دراستنا عن هذه الدراسة بدراستها للمشكالت املالية واكتفاء وتوسع دراستنا بدراسة مشكالت‬
‫الحدود الادارية‪.‬‬
‫‪ –2‬الـدراسـة الـتـي قـام بـهـا شاهر محمد احمد عبيد و سائد محمد احمد ربايـعة و ج ـمـال قــاسـم محمد حـبـش‬
‫سنة ‪ 2150‬وهي بعنوان (تقييم أفراد املجتمع املحلي ألداء أعضاء املجالس البلدية املنتخبين في بلديات محافظة جنين‬
‫في الدورة الانتخابية التي جرت عام ‪ )2111‬وتناولت الدراسة الخدمات التي تقوم بتقديمها البلديات ومدي تناسب‬
‫الخدمات بين البلديات في هذه املحافظة واهتمام البلدية باملجاالت التي تعمل عليها وتختلف هذه الدراسة علي دراستنا‬
‫بدراستها لصالحيات املجالس البلدية وتتفق هذه الدراسة مع دراستنا بدراستها ملدي تناسب الخدمات بين البلديات‬
‫والخدمات التي تقدمها البلدية‪.‬‬
‫‪ –0‬الــدراســة الـتــي قــام ب ـهــا جـمـال عـمـرو سنة ‪ 2118‬وهي بـعـنـوان (ادارة البلديات وأثرها علي تخطيط املدن في‬
‫فلسطين) وتناولت الدراسة الادارة الداخلية للبلديات وعالقة البلديات باملواطنين وعالقة البلديات بالدولة والعالقة‬
‫مع البلديات والجمعيات وتختلف دراستنا عن هذه الدراسة بدراستها بشكل واسع لإلدارة الداخلية للبلديات وتتفق‬
‫دراستنا مع هذه الدراسة في دراستها لعالقة البلدية مع البلديات الاخرى‪.‬‬
‫‪ –9‬الـدراسـة الـتـي قـام بـهـا شويح بن عثمان سنة ‪ 2155‬وهي بعنوان (دور الجماعات املحلية في التنمية املحلية‬
‫دراسة حالة البلدية) وتناولت الدراسة مراحل انشاء البلدية والاهتمام بهذه الوحدة إلاقليمية والتنظيم الاداري املحلي‬
‫كوسط للتنمية املحلية والعوامل املؤثرة فيه والابعاد البيئية للتنمية املحلية وتختلف دراستنا عن هذه الدراسة‬
‫بدراستها بشكل اوسع لعمل اللجان الدائمة واملؤقتة للمجلس البلدي وتتفق دراستنا مع هذه الدراسة بدراستها ملراحل‬
‫انشاء البلدية والاهتمام بالوحدات الادارية‪.‬‬
‫‪ –1‬الـدراسـة الـتـي قــام ب ـهـا غزير محمد الطاهر سنة ‪ 2159‬وهــي بـعـنـوان (آل ـيـات تـفـعـيـل دور ال ـبـلديـة فـي إدارة‬
‫الـتـنـمـيـة الـمـحـلـيـة بـالـجـزائـر) وتناولت الدراسة مظاهر الاستقالل من خالل وسيلة إنشاء البلدية وتكوين مجالسها‬
‫ومعوقات استقاللية املجالس املنتخبة وكيفية الحفاظ على البلديات ودخولها في التنمية وتختلف دراستنا عن هذه‬
‫الدراسة بدراستها لدور املوظفين في ادارة التنمية املحلية وتتفق هذه الدراسة مع دراستنا في كيفية إنشاء البلدية‬
‫وتكوين مجالسها وكيفية الحفاظ علي البلديات‪.‬‬
‫‪ –6‬الــدراســة الـتــي قــام ب ـه ــا محمد خ ـش ـم ــون سنة ‪ 2155‬وه ــي بعنوان (مشاركة املجالس البلدية في التنمية‬
‫املحلية) وتناولت الدراسة املركزية الادارية ملجالس البلدية ومشاركة الهيئات املحلية املنتخبة في ادارة شؤونها املحلية‬
‫محدودة او شبة منعدمة والاسلوب إلاداري املتبع في ادارة الشؤون املحلية للبلدية وتختلف دراستنا عن هذه الدراسة‬
‫بدراستها لقضية الوصاية إلادارية وقضية الخالفات بين أعضاء املجالس البلدية وتتفق هذه الدراسة مع دراستنا‬
‫بدراستها للمركزية إلادارية للمجالس البلدية والاسلوب إلاداري املتبع في إدارة الشؤون املحلية للبلدية‪.‬‬
‫‪ –9‬الـدراسـة الـتـي قـام بـهـا عـلـي محمد سنة ‪ 2152‬وهـي بـعـنـوان (مدى فاعلية دور الجماعات املحلية في ظل‬
‫التنظيم الاداري الجزائري) وتناولت الدراسة الاسلوب الاداري الذي يحقق مصالحها والتنظيم إلاداري علي اساس‬
‫تقسيم اداري ألقاليم الدولة ومدي استجابة التنظيم الاداري املحلي ملتطلبات التنمية وتختلف دراستنا عن هذه‬
‫الدراسة بدراستها ملدي مالءمة الهيكل التنظيمي إلاداري املحلي مع متطلبات التنمية وتتفق دراستنا مع هذه الدراسة‬
‫بدراستها لألسلوب إلاداري والتقسيم إلاداري ألقاليم الدولة‪.‬‬
‫‪ –8‬الـدراسـة الـتـي قـام بـهـا محمود عامر خليل قنداح سنة ‪ 2152‬وهي بعنوان (واقع دمج البلديات في الضفة‬
‫الغربية من وجهة نظر أعضاء املجالس البلدية واملنتفعين واليات مقترحة لتطويرها دراسة حالة محافظة رام هللا‬
‫والبيرة) وتناولت الدراسة اسباب ظهور الادارة املحلية ودور البلديات وتصنيفها واملبادئ ألاساسية لسياسة دمج الهيئات‬

‫‪267‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املحلية واهم املعايير لعملية دمج البلديات وتختلف دراستنا عن هذه الدراسة بدراستها بشكل شامل لكيفية دمج‬
‫الهيئات املحلية وتتفق هذه الدراسة مع دراستنا بدراستها لدور البلديات وتصنيفها واهم املعايير لعملية دمج البلديات‪.‬‬
‫‪ -4‬الدراسة التي قام بها خالد محمد بن عمور و عباس غالي داود سنة ‪ 2156‬وهي بعنوان (منطقة الجبل ألاخضر‬
‫في ليبيا‪ :‬دراسة في الجغرافية إلادارية‪ )2156 ،‬وتـنـاولـت الـدراسـة الحدود الادارية والتقسيمات الادارية كـمـوضـوع فـي‬
‫الجغرافيا الادارية و دور الجغرافيا في عملية التقسيمات الادارية والعوامل املؤثرة في الخريطة الادارية وتختلف دراستنا‬
‫عن هذه الدراسة بدراستها للمشكالت التي تعاني منها الخريطة الادارية وتتفق دراستنا مع هذه الدراسة بدراستها‬
‫للتقسيمات الادارية ملنطقة الجبل الاخضر‪.‬‬
‫‪ –51‬الدراسة التي قام بها شقرانه عزالدين و رابحي شوقي عطية سنة ‪ 2159‬وهي بعنوان (مساهمة إلادارة‬
‫املحلية في تفعيل الخدمات العامة البلدية نموذجا) وتناولت الدراسة خصائص البلدية وصالحياتها وتفعيل البلدية‬
‫للخدمات العامة والعراقيل التي تؤثر على فاعلية أدائها وعالقة البلديات ببعضها البعض وتختلف دراستنا عن هذه‬
‫الدراسة بدراستها للجان املجلس البلدي وكيفية سير عملة وتتفق دراستنا مع هذه الدراسة بدراستنا لخصائص البلديات‬
‫ومعرفه العراقيل التي تؤثر على فاعلية أداء خدماتها للسكان وتداخل الحدود‪.‬‬
‫الصعوبات التي واجهت الباحث‬
‫‪ –5‬قلة املراجع وعدم وجود دراسات سابقة بمنطقة الدراسة‪.‬‬
‫‪ –2‬عدم توفر الاحصاءات واملعلومات وقاعدة بيانات حقيقة لدى املؤسسات الحكومية‪.‬‬
‫‪ –0‬عدم تعاون الكثير من املوظفين بإعطاء البيانات لقلة الوعي بأهمية البحث العلمي‪.‬‬
‫‪ –9‬تكاليف النقل اثناء جمع املعلومات‪.‬‬
‫مشكالت الحدود إلادارية‬
‫تعتبر مشكالت الحدود إلادارية من املوضوعات التي يعني بها الباحثون في الجغرافيا السياسية‪ ،‬وال ينفرد‬
‫الجغرافيون وحدهم ببحث مشكالت الحدود بل هي ميدان ثري للمشتغلين بالعلوم السياسية واملؤرخون ورجال‬
‫ً‬
‫القانون الدولي‪ ،‬ولكن الجغرافي يتمي‪ ،‬عليهم جميعا بتفهمه للخصائص إلاقليمية وسهولة استخدامه للخرائط‪ .‬وان كانت‬
‫ً‬
‫هناك بعض مظاهر للن‪،‬اع ال يمكن للجغرافي ان يكون منافسا لغيره فيها‪ .‬كاتخاذ القرارات والحكم علي مدي قـانـونـيـة‬
‫ً‬
‫الـمـعـاهـدات والـمـنـاقـشـات الـتـي تـدور فـي صـالـح جـانـب او اخـر ولـكـن ال يـزال هـنـاك الـمـجـال كـبـيـرا أمـام الـجـغـرافـي لـكـي‬
‫يـضـيـف الـكـثـيـر إلجـالء الـمـواقـف الـمـخـتـلـفـة(‪.)1‬‬
‫ً‬
‫إن مصطلح مشكلة أو نزاع في الجغرافيا السياسية ال يعني أن هناك بالضرورة حلوال لهذه املشكلة كما يحدث‬
‫بالنسبة للحلول في أبحاث العلوم ألاخرى كالكيمياء والفي‪،‬ياء‪ ،‬ألن مشكالت الجغرافيا السياسية ترتبط بعالقات بشرية‬
‫ومكانية غاية في التعقيد متأثرة بالظروف التاريخية والاجتماعية والحضارية والاقتصادية‪.‬‬

‫لجيدجيد د ددد لجغيجد د د د ا م د د د ل را د د ددي لجمي د د درد ا لج د د ددج رةا ‪0202‬ا‬ ‫)‪ (1‬محمد د ددغ ي د د ددغلجغرا يد د ددسيغ ا لجاغ لر دد د ددج لجيدجيد د ددد لجمسجي د د درة غ لري د د د لجاغ لر دد د ددج يلجس د د ددج‬
‫ص‪.081‬‬
‫‪268‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لذلك عندما يقال مشكلة حدود سياسية فإن ذلك ال يعني إيجاد حل سليم قاطع لها‪ ،‬فقد يوجد الحل لها وفق‬
‫ً‬
‫ظروف معينة تمر بها املشكلة وسرعان ما تعود هذه املشكلة عندما تتغير الظروف‪ .‬وتمشيا مع الظروف الجديدة‬
‫الجديدة ‪.‬‬
‫(‪)1‬‬ ‫والدوافع املختلفة فإن البحث يدور حول إيجاد حل أخر يتفق مع الظروف‬
‫تطور الخريطة إلادارية‬
‫ً‬
‫عندما نتحدث علي بعض ألاقاليم نرسم لها في أذهاننا حدودا معينة تامة الوضوح تنطبق علي ما نشاهده في‬
‫الخرائط الجغرافية‪ ،‬غير أن هذا ألامر في العصور القديمة لم يكن بمثل هذا التحديد والثبات والوضوح‪ ،‬فاألقاليم في‬
‫ً‬
‫البداية كانت تحدد بالسكان الذين يقيمون فيها ثم تطورت عملية تحديد ألاقاليم فأصبحت تحدد الحدود سياسيا‬
‫بآخر املناطق التي تخضع لسلطات الدولة املالكة لإلقليم‪ ،‬وال يخفي علينا ما في هذا التحديد من صعوبة في تـعـيـيـن‬
‫الـحـدود بـالـنـسـبـة للـبـاحـث فـي الـتـاريـخ سـواء مـن الـنـاحـيـة الـجـغـرافـيـة الـبـشـريـة أو الـجـغـرافـيـة الـسـيـاسـيـة‪ ،‬فـالـشـعـوب ال‬
‫ً‬
‫يـمـكـن أن نـجـد لـهـا فـاصـال بـيـن حـدودهـا إال إذا فصل بينها فاصل طبيعي كالبحار أو الجبال أو الصحاري ومن هذا‬
‫املنطلق يدرس الباحث الخريطة الادارية حسب الـمـصـادر الـتـاريـخـيـة الـمـخـتـلـفـة(‪.)2‬‬
‫يمكننا القول قبل ان يعبأ في هذه الوحدات السياسية كانت هناك مساحات واسعة من ألارض غير صالحة‬
‫للتوطن البشري أو غير جذابة لظروف طبيعية غير مواتية‪ ،‬كأن تكون مغطاه باملستنقعات أو الغابات أو غير ذلك مثل‬
‫هذه املناطق كانت تقوم بوظيفة منع الاتصال‪ ،‬تفرق بين مجموعات بشرية تعيش علي جوانبها وتنمو في أمان واطمئنان‪،‬‬
‫ومع مرور الزمن تغلب الانسان علي هذه العقبات الطبيعية بطريق أو اخر‪ ،‬ودخلت هذه املناطق داخل الوحدات‬
‫السياسية(‪.)3‬‬
‫العوامل املؤثرة في الخريطة إلادارية ملنطقة الجبل ألاخضر‬
‫تتفاوت العوامل املؤثرة في التقسيم إلاداري ألي دولة أو اقليم في تأثيراتها ولكن ال يمكن فصل بعضها عن بعض‪،‬‬
‫وقد يختلف تأثيرها من دولة الي أخري ومن فترة الي أخري‪ ،‬وأهم العوامل املؤثرة علي التقسيم الاداري بمنطقة الجبل‬
‫الاخضر هي‪:‬‬
‫‪ -1‬مساحة الفروع إلادارية‪ :‬تؤثر مساحة الفروع إلادارية في أشكال الحدود إلادارية‪ ،‬حيث انه ال يمكن أن تتساوي‬
‫معظم الفروع إلادارية في املساحة فاملساحة الكبيرة ينتج عنها تفاوت في مساحة ألاقسام الداخلية كذلك تعدد‬
‫املستويات إلادارية املكانية‪ ،‬ومنطقة الجبل الخضر تختلف مساحة فروعها بحكم تباين خصائصها الطبيعية والبشرية‬
‫ً‬
‫مما ينعكس سلبا علي مساحة الفروع بها‪.‬‬
‫‪ -2‬تداخل الحدود إلادارية‪ :‬ارتبطت الحدود إلادارية مع الحدود القبلية لسكان منطقة الجبل ألاخضر مما جعل إي‬
‫ً‬
‫نزاع قبلي يعد نزاعا في الحدود إلادارية بين الفروع إلادارية‪.‬‬
‫‪ -3‬تضاريس منطقة الجبل ألاخضر‪ :‬تؤثر التضاريس من حيث الاستواء والارتفاع في شكل وحجم الفروع إلادارية‪،‬‬
‫حيث أن الفروع إلادارية الجنوبية (جردس‪ ،‬الخويمات‪ ،‬قندولة‪ ،‬مراوه) تـمـتـاز بـاتـسـاعـهـا وكـبـر مـسـاحـتـهـا الن جزء كبير‬

‫ي ا لحمغ جرينا أيس لجاغ لر دج لجيدجيد ا غلر لجف ر لجسر اا لج ج رةا ‪0998‬ا ص‪.032‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫غلر لجهغ ا ط رق‪ -‬جد دجا ‪0202‬اص‪.10‬‬ ‫ط د د ا لجاغ لر دج لجيدجيد ا م‬ ‫)‪ (2‬خججغ محمغ ن يميرا ل اج ج‬
‫)‪ )3‬محمغ ي غلجغرا يسيغ ا ميغر ي ق ذ رها ص‪.070‬‬
‫‪269‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫من مساحتها أراض ي صحراوية تتمي‪ ،‬باالستواء والاستقامة عكس املنطقة الشمالية التي يستغل فيها قمم منطقة الجبل‬
‫ألاخضر في تحديد حدود بعض الفروع إلادارية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -3‬السكان‪ :‬يلعب عامل توزيع السكان وكثافتهم وخصائصهم املختلفة دورا في تحديد الوحدات إلادارية املحلية‪ ،‬فغالبا‬
‫ً‬
‫ما تتم إلاحصاء السكاني وفقا للتقسيمات إلادارية السائدة‪ ،‬وهي بذلك تقوم بعملية تثبيت السكان واعتبار توزيعهم‬
‫هو أساس التقسيمات إلادارية‪ ،‬ولذا تحاول الدولة إنشاء مكاتب للسجل املدني لكل فرع إداري لتنظيم هذه العملية(‪.)1‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تهتم الدراسات الجغرافية باإلنسان‪ .‬لذا غدت دراسة السكان قسما مشتركا لدراسة اية قضية في كافة فروع الجغرافية‬
‫عامة والبشرية بصفة خاصة‪ ،‬ما يهمنا في مجال دراسة الجغرافية السياسية هو إيضاح املوضوعات التي تؤثر جليا في‬
‫الظاهرة السياسية ومنها‪ :‬حجم السكان وتوزيعهم والهجرة ونمو السكان هو احد العوامل الرئيسية املؤثرة في تاريخ‬
‫البشرية السياس ي والاقتصادي(‪.)2‬‬
‫‪ -2‬املشاركة في إلادارة املحلية‪ :‬تؤثر كثافة السكان علي مشاركتهم في أمور إلادارة وتتأثر بوعي وتقاليد السكان‪ ،‬ويرتبط‬
‫ذلك بمعدل استيعاب السكان لـمـفـهـوم املشاركة في إلادارة املحلية‪ ،‬بالرغم من أن هذا اتجاه عالمي يجد انعكاساته في‬
‫تنظيم الدولة الحديثة والذي يعزز هذا الاتجاه طبيعة النظام السياس ي ومدي مرونة النظام إلاداري فيه‪.‬‬
‫ً ً‬
‫‪ -2‬القاعدة الاقتصادية‪ :‬تلعب ألانشطة واملوارد الاقتصادية دورا بارزا في تحديد الخريطة إلادارية ألي منطقة‪ ،‬فالنظام‬
‫الاقتصادي الذي تنتجه الدولة يؤثر في التقسيم إلاداري وقد تأثرت املنطقة بالسياسات الاقتصادية التي حددتها الدولة‬
‫منذ سبعينيات القرن املاض ي وحتي الوقت الحالي خاصة في ظل محدودية املوارد الاقتصادية ملنطقة الجبل الاخضر‬
‫والتي ينحصر معظمها في الخدمات والزراعة والرعي‪.‬‬
‫‪ -2‬إدارة الدولة‪ :‬تـعـد الـتـقـسـيـمـات إلاداريـة مـن اخت ـصـاص أجـهـزة الدولـة ال ـعــليــا فــان ال ـمـخـطـط إلاداري الـذي يـحـاول‬
‫أن يـنـتـج خـريـطـة إداريـة قـد ال يـلـتـفـت الـي أي مـن ألاسـس والـمـعـاي ـيـر التــي ت ـحـدد حــدود الــوحــدات إلاداري ــة ال ـم ـحــلي ــة‪،‬‬
‫بـل يـأخـذ بـعـيـن الاع ـتـبـار مـصـلـحـة الـدولـة وسـيـاس ـتـهــا الـمـخـتـلـفـة(‪.)3‬‬
‫ً‬
‫يـعـتـبـر نـزاع الـحـدود إلاداريـة مـظـهـرا أو صورة من صـور الـتـوتـر الـدولـي لـمـشـكـلـة مـن مـشـكـالت الـحـدود‪ ،‬ألنـه قـد‬
‫تـكـون هـنـاك مـشـكـلـة ما دون ان تـثـيـر نـزاعـا وي ـت ـض ـمــن ن ـزاع ال ـحـدود بــوجــه عـام انـواع من الانماط ومن اهم هذه الانماط‬
‫قد يـنـشـأ نـتـيـجـة تـأثـر الخدمات أو الوظائف التي يـحـصـل ع ـلـيـهـا الـسـكـان من جـراء رسـم خـط حـدود مـعـيـن مـمـا يـتـرتـب‬
‫عـلـيـة مـشـكـالت للـحـدود الادارية(‪.)4‬‬
‫ماهية الاقليمية‬
‫‪ -5‬الاقليمية والنظرية السياسية‪ :‬الاقليمية اذن بدأت حركة ولكنها اشتدت فصارت ميال ‪ ،‬ثم أصبحت نظرية سياسية‬
‫كاملة‪ ،‬نظرية سياسية في توزيع الاثقال والقيم البشرية داخل الاجزاء املختلفة للدولة الواحدة‪.‬‬
‫فهي تمثل الجانب الجغرافي للعلم السياس ي‪ ،‬او الجانب السياس ي للعلم الجغرافي‪ ،‬ويلتقي فيها لذلك الجغرافي‬
‫والعالم السياس ي علي ارض مشتركة فـهـي عـلـي الـتـحـقـيـق تـعـد (فـلـسـفـة الـمـكـان الـسـيـاسـيـة)‪ ،‬هـي بـجـدارة (علم الشريعة‬

‫خججغ محمغ ن يميرا ميغر ي ق ذ رها ص‪.12‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫جدز محمغ لجسديجي ا لجاغ لر دج لجيدجيد لجمسجيرةا غلر لجمسر لجاجمسد ا لي رغرد ا ‪0222‬ا ص‪.97‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫)‪ )3‬خججغ محمغ ن يميرا ميغر ي ق ذ رها ص‪.10‬‬


‫محمغ ي غلجغرا يسيغ ا ميغر ي ق ذ رها ص‪.087‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫‪270‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الجغرافية) او (اخالقيات املكان) كما قد نقول‪ ،‬أي هي تحاول تحديد املبادئ السياسية التي نسترشد بها في معاملة‬
‫الرقع الجغرافية املختلفة التي تؤلف نسيج الدولة‪.‬‬
‫‪ -2‬الاقليمية والاشتراكية‪ :‬والبــد ان ي ـكـون قــد اتـضـح الان ان الاقليمية ب ـكــل م ـع ـنــي ال ـك ـل ـمـة هــي (اش ـتـراكـيـة الـمـكـان)‬
‫هـي الـتـرجـمـة الـمـكـانـيـة الـجـغـرافـيـة للنظرية الاشتراكية السياسية‪ ،‬وليس من الصدفة ان الذي تكلم في النظرية‬
‫الاق ـل ـي ـم ـيـة الـجـغـرافـيـة من علماء السياسية هم مفكرون اشتراكيون واذا كـانـت الاق ـل ـي ـم ـيـة ه ــي اش ـتــراك ـيــة ال ـم ـكــان‪،‬‬
‫ً‬
‫فـان الـعـاصـمـيـة والتركي‪ ،‬الال اقليمية ه ــي ت ـ ـمـ ــام ــا ال ـ ـرأس ـ ـم ــال ـيـة والاقـ ـط ــاع الـ ـم ـك ــانــي‪ ،‬ال ــذي فـ ـيــه تـ ـحـ ـت ـكـر مـ ـس ــاح ــة‬
‫ق ـ ـل ـيـ ـلـة او رق ـعــة م ـ ـحــدودة اكـ ـبــر قــدر مــن ث ـم ـرات ال ـح ـض ــارة وم ــرف ـه ــات ـهــا(‪.)1‬‬
‫وكما يعتبر الاقليم السياس ي هو الوحدة السياسية املحددة بمساحتها وحدودها وسلطاتها السياسية‪ ،‬ويمكن ان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يشكل الاقليم السياس ي دولة او جزءا من الدولة شرط أن يكون محددا بجغرافيته وسلطاته كالكيانات الادارية الصغرى‬
‫ذات الحكومات املحلية‪ ،‬وقد درج استعمال تعبير الاقليمية نسبة الي الاقليم وتعني التأكيد علي الشخصية الاقليمية‬
‫واملطالبة بالحكم الذاتي او الانفصال عن الدولة‪ ،‬ويستخدم هذا التعبير – الاقليمية – في معرض الداللة علي سياسة‬
‫الدولة في منطقة جغرافية محددة(‪.)2‬‬
‫تقسيم إدارة الدولة‬
‫قد تمثل املدن والعواصم مراكز السيطرة في خريطة العالم السياسية ولكن ينبغي عند النظر الــي الــدول‬
‫ً‬
‫الاقلي ـم ـيــة ان نــدرك انها ليـست مـعادال للدول واملدن التي عرفها املاض ي‪ ،‬ونظرا للمساحة الضخمة التي تملكها الدولة‬
‫ً‬
‫إلاقليمية‪ ،‬فإن املساحة الواقعة بين العاصمة وحدود الدولة ال تحتكم دائما ألمر العاصمة مهما بلغت ســطوة الح ـكــومــة‬
‫ال ـمــركــزيــة فـي الـعـاصـمـة‪ .‬ول ـهــذا ف ـإن الــدولــة ت ـل ـجــأ الــي ت ـقـسـيـم إدارة هذه املساحة الكبيرة علي سـلطات تـنـوب عـن‬
‫الـحـكـومـة الـمركـزيـة في تصريف الامـور‪ ،‬وكـمـا ان الـتـقـسيـم إلاداري ألراضــي الــدولـة يــرت ـبــط فـي الاسـاس بأهــداف دف ـاعيــة‬
‫واداري ــة(‪.)3‬‬
‫مشكالت الحدود إلادارية في منطقة الجبل ألاخضر‬
‫بعد ثورة ‪ 59‬فبراير حدثت تغيرات في الحدود الادارية ملنطقة الجبل الاخضر بسبب استحداث بلديات جديدة‬
‫ً‬
‫وحدثت التغيرات للحدود الادارية للبلديات السابقة والحديثة‪ ،‬ونظرا للتغيرات التي حدثت نتيجة للتركيب الاجتماعي‬
‫ملنطقة الجبل الاخضر والظروف الامنية للبالد‪.‬‬
‫وسوف تقتصر الدراسة علي مجموعة من البلديات وهي (بلدية البيضاء بلدية القبة – بلدية شحات – بلدية‬
‫الابرق – بلدية القيقب – بلدية وردامه)‪.‬‬

‫)‪ (1‬امجل حمغلنا (‪ )0997‬ادغد لر ددد لجدمدغن ا مد د د د يدججدم لجد د دب لج ج رةا ‪0997‬ا ص‪.382‬‬
‫)‪ )2‬يغرجن لجيدغ حيدنا لجاغ لر دج لجيدجيد يلال يجغد يلجي جرد ج سججم لجمسجيرا لجمؤيي لجاجمسد ج غرليج ا دري ا ‪0992‬ا ص‪.07‬‬
‫)‪ )3‬ا ددد د د د در ددد د د د ير د د ديجن ر د د د ا راد د ددم ي غلجيد د د م ر د د ديلنا ليد د ددحق ي د د ددغا لجاغ لر د د ددج لجيدجي د ددد جسججمرد د ددج لجمد د ددسجيرا غلر ي د ددججم لجدم دسدر د د د لج يدد د د د ا ‪0220‬ا‬
‫ص‪.023‬‬
‫‪271‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬


‫اوال‪ :‬بلدية البيضاء‬
‫ً‬
‫وهي املركز الرئيس ي لشعبية الجبل الاخضر سابقا ثم تم تشكيل مجلس محلي بها إبان ثورة السابع عشر من‬
‫فبراير وهي آلان بلدية مستقلة بذاتها وتعتبر من أكبر بلديات الجبل ألاخضر كثافة سكانية وكذلك من حيث املساحة‪.‬‬
‫يحدها من الشرق بلدية وردامه ويحدها من الغرب بلدية الساحل ويحدها من جهة الجنوب ما بعد طريق الـ‬
‫(‪ )211‬الرابط بين مدينتي طبرق واجدابيا ويحدها من الشمال بلدية الساحل‪ ،‬وال توجد خريطة معتمدة لدي املجلس‬
‫البلدي البيضاء نتيجة النفصال بعض أجزاء البلدية وتشكيل بلديات حديثة بها دون ترسيم حدود واضحة من قبل‬
‫جهات الاختصاص‪ ،‬وه ــي تـضـم عـددا مـن الـمـحـالت وعـددهـا ‪ 50‬مـحـلة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬بلدية القبة‬
‫لقد كانت في السابق شعبية على رقعة واسعة حيث تمتد من منطقة الابرق الي ما بعد منطقة التميمي ثم تم‬
‫ضمها الي شعبية درنة حتى قيام ثورة ‪ 59‬فبراير وهي آلان بلدية مستقلة‪.‬‬
‫يحدها من الشرق بلدية درنة ويحدها من الغرب بلدية الابرق والقيقب ويحدها من جهة الجنوب منطقة املخيلى‬
‫والعزيات ويحدها من الشمال البحر املتوسط‪ ،‬وهـي تـضـم عـدد مـن الـمـحـالت وعـددهـا ‪ 9‬مـحـالت‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬بلدية شحات‬
‫ً‬
‫وهي من ضمن املناطق التابعة لشعبية الجبل الاخضر سابقا ثم تم تشكيل مجلس محلي بها وهي الان بلدية‬
‫مستقلة بذاتها وتعتبر من البلديات الحديثة‪.‬‬
‫يحدها من الشرق بلدية الابرق ويحدها من الغرب بلدية وردامه ويحدها من جهة الجنوب ما بعد طريق الـ‬
‫(‪ )211‬ويحدها من الشمال سوسة التابعة لبلدية شحات‪ ،‬وهي تضم عدد (‪ )6‬فروع وكل فرع يضم عدد من املحالت‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬بلدية الابرق‬
‫ً‬
‫وهي من ضمن املناطق التابعة لشعبية القبة سابقا ثم تم ضمها الي شعبية درنة الي حين قيام ثورة ‪ 59‬فبراير‬
‫ثم تم تشكيل بها مجلس محلي وهي الان بلدية مستقلة بذاتها‪.‬‬
‫يحدها من الشرق بلدية القبة ويحدها من الغرب بلدية شحات ويحدها من جهة الجنوب بوابة ال ـ (‪ )211‬ويحدها‬
‫من الشمال بلدية شحات‪ ،‬وهـي تـضـم عـدد مـن الـمـحـالت وعـددهـا ‪ 6‬مـحـالت‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬بلدية القيقب‬
‫ً‬
‫وهي كذلك من ضمن املناطق التابعة لشعبية القبة سابقا ثم تم ضمها الي شعبية درنة الي حين قيام ثورة ‪59‬‬
‫فبراير ثم تم تشكيل مجلس محلي بها وهي الان بلدية مستقلة بذاتها وتشترك مع بلدية الابرق في بعض الخدمات مثال‬
‫مكتب اصدار الاحوال املدنية ومقره ببلدية الابرق وكذلك مدرية الامن الابرق القيقب ومقرها بمنطقة اللي التابعة‬
‫لبلدية الابرق كما تعتمد في بعض الخدمات علي البلديات املجاورة كاملصارف والجامعات واملعاهد العليا‪.‬‬
‫يحدها من الشرق بلدية القبة ويحدها من الغرب بلدية شحات ويحدها من جهة الجنوب بلدية القبة ويحدها‬
‫من الشمال بلدية الابرق‪ ،‬وه ــي ت ـض ــم ع ــدد م ــن ال ـم ـح ــالت وع ــدده ــا ‪ 0‬م ـح ــالت‪.‬‬

‫‪272‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫سادسا‪ :‬بلدية وردامه‬


‫ً‬
‫وهي من ضمن املناطق التابعة لشعبية الجبل الاخضر سابقا ثم تم تشكيل مجلس محلي بها وهي الان بلدية‬
‫مستقلة بذاتها وتعتبر من البلديات الحديثة وهي تفتقر الي الكثير من الخدمات وتعتمد علي بلدية البيضاء اعتماد كلي‬
‫في الخدمات التي يحتاج اليها املواطن لسبب عدم وجود بنية تحتية كاملقرات ووجود البلدية في نطاق ضيق محصور‬
‫بين بلديتي البيضاء وشحات‪ ،‬يحدها من الشرق بلدية شحات ويحدها من الغرب بلدية البيضاء ويحدها من جهة‬
‫الجنوب الطريق العام الرابط بين بلدية شحات وبلدية البيضاء ويحدها من الشمال البحر ألابيض املتوسط‪ ،‬وال يوجد‬
‫ببلدية وردامه فروع او محالت للبلدية كما هو موجود بالبلديات املجاورة ويعتمد السكان علي املجلس البلدي بشكل‬
‫مباشر في الخدمات التي تقدم اليهم‪ ،‬والجدول (‪ )5‬يوضح عدد محالت البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‪.‬‬

‫‪273‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫جدول (‪ )1‬يوضح عدد محالت البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬


‫محالت بلدية‬ ‫محالت بلدية‬ ‫محالت بلدية‬ ‫شحات(‪)3‬‬ ‫فروع بلدية‬ ‫محالت بلدية‬ ‫محالت بلدية‬
‫وردامه(‪)2‬‬ ‫القيقب(‪)2‬‬ ‫الابرق(‪)3‬‬ ‫القبة(‪)2‬‬ ‫البيضاء(‪)1‬‬

‫ال يوجد محالت‬ ‫محلة القيقب‬ ‫محلة الابرق الشمالي‬ ‫الفرع البلدي شحات‬ ‫محلة مللودة‬ ‫محلة البيضاء‬
‫بلدية‬ ‫الجنوبي‬ ‫ويضم ‪ 9‬محالت وهي‪:‬‬
‫املجموع ال يوجد‬ ‫محلة القيقب‬ ‫محلة الابرق الجنوبي‬ ‫محلة شحات الشرقية‬ ‫محلة ابشارة‬ ‫محلة مسة‬
‫الشمالي‬
‫‪/‬‬ ‫محلة بوذراع‬ ‫محلة ترت‬ ‫محلة شحات الغربية‬ ‫محلة القبة‬ ‫محلة الوسيطة‬
‫الشمالية‬
‫‪/‬‬ ‫املجموع ‪ 3‬محالت‬ ‫محلة خوالن‬ ‫محلة راس التراب‬ ‫محلة القبة‬ ‫محلة سيدى‬
‫الجنوبية‬ ‫عبدالواحد‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة اللي‬ ‫محلة حبون‬ ‫محلة الدبوسية‬ ‫محلة قصر مقدم‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة املخيلي‬ ‫محلة ابلخنة‬ ‫محلة بيت ثامر‬ ‫محلة الجهاد‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫املجموع ‪ 2‬محالت‬ ‫محلة الصفصاف‬ ‫محلة راس الهالل‬ ‫محلة قندولة‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة البقارة‬ ‫املجموع ‪ 2‬محالت‬ ‫محلة مراوة‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الفرع البلدي سوسة‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة اسلنطة‬
‫ويضم ‪ 0‬محالت وهي‪:‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة سوسة الجنوبية‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة عمر املختار‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة سوسة الشمالية‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة جردس الاحرار‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة سطية‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الاخويمات‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الفرع البلدي الفائدية‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة طرغونية‬
‫ويضم ‪ 9‬محالت وهي‪:‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الظفيرية‬ ‫‪/‬‬ ‫املجموع ‪ 13‬محلة‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الزاوية‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الفائدية الشمالية‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة اشنيشن‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة السابة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الناطات‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة ام الثعبان‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الفرع البلدي املنصورة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫ويضم ‪ 2‬محالت وهي‪:‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة صمبر‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة املنصورة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الفرع البلدي بلقس‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫ويضم ‪ 5‬محلة وهي‪:‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة بلقس‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫الفرع البلدي قرنادة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫ويضم ‪ 1‬محالت وهي‪:‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة قرنادة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة خنافس‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الاكوم‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة التوتة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫محلة الحنانة‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫املجموع ‪ 2‬فروع و‪22‬‬
‫محلة‬
‫املصدر‪ :‬الدراسة امليدانية للمجالس البلدية في منطقة الجبل ألاخضر‪.2121 ،‬‬

‫‪274‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫البلدية تقدم في خدماتها للمواطنين واملتمثلة في النظافة العامة وتوفير املياه والكهرباء وتقديم الخدمات الصحية‬
‫والتعليمية كما تقيم ببلدية البيضاء رئاسة مجلس الوزراء والعديد من الوزارات كما يوجد بها مستشفى الثورة وهو‬
‫من أقدم املستشفيات بمنطقة الجبل‪ ،‬كما تقوم املحالت في حل مشاكل املواطنين ورفعها الي البلدية واملساهمة في‬
‫تذليل الصعوبات التي تواجه البلدية‪.‬‬
‫الخدمات التعليمية في بلديات منطقة الجبل ألاخضر‬
‫يوجد في البلديات الثالث البيضاء والقبة وشحات العديد من املؤسسات التعليمية متمثلة في التعليم العالي‬
‫واملعاهد العليا واملتوسطة والتعليم الاساس ي واملتوسط‪ ،‬بينما يوجد في بلديتي الابرق والقيقب مؤسسات تعليمية متمثلة‬
‫في التعليم ألاساس ي والـمـتـوسـط‪ ،‬في حين يوجد في بلدية وردامة مؤسسة تعليمية متمثلة في التعليم ألاساس ي ونبين لكم‬
‫تفصيل الخدمات التعليمية علي النحو التالي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التعليم العالي في بلديات منطقة الجبل ألاخضر‬
‫يوجد ببلدية البيضاء مقر الادارة العامة لجامعة عمر املختار كما يوجد بها العديد من الكليات وهي كاالتي‪:‬‬
‫كـلـيـة الـطـب الـبـشـري‪ ،‬كـلـيـة الـهـنـدسـة‪ ،‬كـلـيـة الـزراعـة‪ ،‬كـلـيـة الـعـلـوم‪ ،‬كلية الـصـيـدلـة‪ ،‬كـلـيـة املوارد الطبيعية‪،‬‬
‫كلية الطب البيطري‪ ،‬كـلـيـة الـتـمـريـض كلية تقنية املعلومات‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬كلية الاقتصاد‪ ،‬كلية القانون‪ ،‬كلية آلاداب‪،‬‬
‫كلية اللغات‪ ،‬كلية الاثار والـسـيـاحـة وكـمـا يـوجـد ببلدية البيضاء معهد التقنية الطبية ومعهد عالي للمهن الهندسية‪.‬‬
‫ويوجد في بلدية القبة جامعة عمر املختار فرع القبة وتضم عدد ‪ 6‬كليات وهي كلية آلاداب والعلوم – كلية‬
‫التربية – كلية القانون – كلية الاقتصاد – كلية الهندسة – كلية املوارد‪ ،‬وكما يوجد ببلدية القبة املعهد العالي للمهن‬
‫الهندسية ويضم عدد ‪ 1‬اقسام وهي الهندسة الكهربائية والهندسة املعمارية والهندسة امليكانيكية وهندسة الحاسوب‬
‫وهندسة الاتصاالت‪.‬‬
‫وكذلك يوجد ببلدية شحات كليات تابعة لجامعة عمر املختار وهي كلية السياحة والاثار وكلية اللغات وكما يوجد‬
‫بها معهد عالي للمهن الهندسية ومعهد الفندقة العالي سوسة‪.‬‬
‫بينما ال يوجد في البلديات الثالثة الابرق والقيقب ووردامة جامعات وال معاهد عليا والطلبة القاطنين بهذه‬
‫البلديات الثالثة يواصلون دراستهم الجامعية بالجامعات واملعاهد العليا بالبلديات املجاورة كبلدية القبة وبلدية‬
‫البيضاء(‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعليم ألاساس ي واملتوسط واملعاهد املتوسطة في بلديات منطقة الجبل ألاخضر‬
‫يوجد ببلدية البيضاء عدد ثالثة معاهد وهي معهد املهن الشاملة بنات ومعهد الجبل للمهن الهندسية بنين‬
‫ومعهد املهن امليكانيكية والكهربائية بنين‪ ،‬ويوجد في بلدية القبة عدد اثنين معاهد وهما معهد البناء والتشييد واملعهد‬
‫التقني والفني‪ ،‬وكما يوجد في بلدية شحات عدد اربعة معاهد وهي معهد املهن الهندسية بنين ومعهد املهن الفندقية‬
‫بنين ومعهد املهن امليكانيكية والكهربائية بنين ومعهد املهن الشاملة بنات‪ ،‬وكذلك يوجد في بلدية الابرق معهد للتعليم‬
‫التقني والفني‪ ،‬بينما ال توجد معاهد متوسطة في بلديتي القيقب ووردامة(‪.)2‬‬

‫يلجمسج غ لجس دج مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬ ‫يلج يثدق ججاجمسج‬ ‫)‪ (1‬لجغرلي لجمدغلرد جم ج ب لجمس يمج‬
‫)‪ (2‬لجغرلي لجمدغلرد جم ج ب لجمسج غ لجفرد لجم ييط مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬
‫‪275‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وتقدم مراقبات التربية التعليم في بلديات منطقة الجبل ألاخضر العديد من الخدمات التعليمية علي مستوي‬
‫البلدية من التعليم الاساس ي الي التعليم الثانوي وتقسم هذه الخدمات التعليمية علي مكاتب التعليم ويقوم كل مكتب‬
‫بضم عدد من املدارس بحسب ما تحتاج الية املنطقة من الخدمات التعليمية وتقوم البلدية بمساعدة مراقبة التربية‬
‫ً‬
‫والتعليم وتوزيع الخدمات علي املكاتب‪ ،‬ولألسباب والتي تم ذكرها سابقا في اعتماد بلدية وردامه في خدماتها علي بلدية‬
‫البيضاء فانه يوجد مكتب واحد للخدمات التعليمية يضم عدد مدرستين فـقـط للـتـعـلـيـم ألاسـاسـي‪ ،‬وال يـوجـد مـدارس‬
‫للـتـعـلـيـم الـثـانـوي(‪.)1‬‬
‫الخدمات الصحية للبلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬
‫يوجد في بلدية البيضاء عدد من املستشفيات العامة واملراكز صحية منها ما يتبع وزارة الصحة مباشرة ومنها ما‬
‫يتبع إدارة الخدمات الصحية البيضاء وهي تقدم خدماتها لسكان البلدية والبلديات املجاورة وذلك لتوفر التخصصات‬
‫والعناصر الطبية التي ال تتوفر بتلك البلديات‪ ،‬ويوجد في بلدية القبة مستشفى عام ومراكز صحية منها ما يتبع وزارة‬
‫الصحة مباشرة ومنها ما يتبع ادارة الخدمات الصحية‪ ،‬وكما يوجد ببلدية شحات عدد (‪ )0‬مستشفيات ومراكز صحية‬
‫منها ما يتبع وزارة الصحة مباشرة ومنها ما يتبع ادارة الخدمات الصحية شحات وهي تقدم خدماتها لسكان البلدية‬
‫والبلديات املجاورة ومن ضمن هذه املستشفيات مستشفى الصدرية املنصورة ويعتبر املستشفى الوحيد بمنطقة الجبل‬
‫الاخضر وما حولها لعالج الدرن والامراض الصدرية‪ ،‬واما بالنسبة لبلدية الابرق يوجد بها عدد اثنين من املستشفيات‬
‫وهي مستشفى الابرق القروي ومستشفى املخيلي ومراكز صحية منها ما يتبع وزارة الصحة مباشرة ومنها ما يتبع ادارة‬
‫الخدمات الصحية الابرق‪ ،‬ويوجد في بلدية القيقب مستشفى قروي ومراكز صحية منها ما يتبع وزارة الصحة مباشرة‬
‫ومنها ما يتبع ادارة الخدمات الصحية القيقب‪ ،‬في حين يوجد في بلدية وردامة مركز صحي واحد يتبع إدارة الخدمات‬
‫الصحية كما يوجد بها مركز آخر تحت إلانشاء(‪.)2‬‬
‫ألانشطة التجارية والصناعية والخدمية للبلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬
‫توجد في بلديات منطقة الجبل ألاخضر انشطة تجارية وصناعية وحرفية مرخص لها أي تزاول النشاط برخص‬
‫سارية املفعول وتسدد الرسوم املقررة وفي املقابل تجد نفس ألانشطة تزاول نفس املهنة بدون ترخيص‪ ،‬ولذلك ال تجد‬
‫قاعدة بيانات حقيقية يمكن الاعتماد عليها‪ ،‬وعلي سبيل املثال نجد محالت املواد الغذائية في بلدية القبة (‪ )51‬محالت‬
‫وعلي ارض الواقع تفوق (‪ )011‬محل مواد غذائية‪ ،‬وكذلك بالنسبة للبلديات الاخرى وهذا نتيجة غياب عمل جهات‬
‫الاختصاص‪ ،‬وكما ان الانشطة التجارية والصناعية والخدمية الواقعة في بلديتي الابرق والقيقب تتبع مراقبة اقتصاد‬
‫بلدية القبة(‪.)3‬‬
‫التعداد السكاني في بلديات منطقة الجبل ألاخضر‬
‫إن التعداد السكاني ال يعطى الواقع الحقيقي بنسبة ‪ ،%511‬لسبب وجود أسر تقطن داخل بلدية البيضاء‬
‫ونجد سجالتها املدنية ببلديات أخرى‪ ،‬كما نجد اسر من خارج بلدية البيضاء وسجالتها املدنية داخل بلدية البيضاء‪،‬‬

‫لج ر د يلج س دم مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬ ‫)‪ (1‬لجغرلي لجمدغلرد جم لر ج‬


‫لجيحد مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬ ‫لجخغمج‬ ‫)‪ )2‬لجغرلي لجمدغلرد إلغل لر‬
‫لال يجغ مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬ ‫)‪ )3‬لجغرلي لجمدغلرد جم لر ج‬
‫‪276‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وكذلك بالنسبة للبلديات الاخري‪ ،‬وكما يوجد ببلدية البيضاء عدد مكتبين اصدار‪ ،‬مكتب اصدار البيضاء داخل املدينة‬
‫ويضم عدد تسع مكاتب خدمية من ضمنها املكتب الخدمي وردامه وهو داخل الحدود الادارية لبلدية وردامه‪ ،‬والاخر‬
‫مكتب إصدار قندولة ويضم عدد ثالثة مكاتب خدمية‪ ،‬كما أن منطقة عين مارة صدر بحقها قرار من رئاسة مجلس‬
‫الوزراء بضمها الي بلدية درنة ومكتب السجل املدني بها الزال يتبع مكتب اصدار السجل املدني ببلدية القبة‪ ،‬ولكون‬
‫بلديتي الابرق والقيقب بهما مكتب إصدار ألاحوال املدنية واحد‪ ،‬ومقرة في بلدية الابرق وذلك من أحد أسباب تداخل‬
‫عمل مكاتب ألاحوال املدنية ببلدية الابرق وبلدية القيقب(‪.)1‬‬
‫إلاسكان في بلديات منطقة الجبل ألاخضر‬
‫يتنوع إلاسكان في بلديات منطقة الجبل ألاخضر ما بين قروض عقارية ومساكن شعبية وشقق‪ ،‬وهذه املساكن‬
‫مسجلة بمصرف الادخار والاستثمار العقاري لهذه البلديات‪ ،‬كما يوجد مساكن كثيرة غير مسجلة بأمالك الدولة‪ ،‬وهم‬
‫ً‬
‫ال ِّذين قاموا بالبناء داخل املخططات العامة فعال‪ ،‬ولكن على حساب أنفسهم‪ ،‬كما يوجد مخططات أخرى عشوائية‬
‫على أطراف املدينة (مركز البلدية) وداخلها ‪،‬وهي كذلك غير مسجلة وال توجد لها أي إحصائية داخل البلدية‪ ،‬وتعتبر‬
‫بلدية البيضاء من أكثر البلديات التي تحوي مساكن و عمارات استثمارية غير مسجلة‪ ،‬وكذلك تشترك بلديتي الابرق‬
‫والقيقب مع بلدية القبة في املؤسسات العامة التي تختص باإلسكان(‪.)2‬‬
‫أشكال الحدود إلادارية بمنطقة الدراسة‬
‫ان ابرز ما يمي‪ ،‬الشكل الجغرافي للدولة اليوم هو الانتظام والاندماج الشديد فدولة ليبيا تخرج برقعة سياسية‬
‫ً‬
‫ملموسة الي أقص ى حد‪ ،‬تخلو تماما من الزوائد وألاطراف أو ألاسافين والجيوب الهامشية‪ ،‬بحيث يكاد الشكل الـجـغـرافـي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫للـدولـة أن يـكـون مـثـالـيـا تقريبا‪ ،‬شأنه في ذلك كثيرا شأن مصر املثل الكالسيكي لشكل الدولة النموذجي في كتب الجغرافيا‬
‫السياسية(‪.)3‬‬
‫وكما ان من اهم ما يمي‪ ،‬الوحدة الجغرافية هي خاصية الاندماج والتي توزع الخدمات وألانشطة الاقتصادية‬
‫على مساحة الوحدة إلادارية بصورة مناسبة او خاصية الاستطالة التي تعبر عن انحراف الشكل املساحي وتؤدي الي‬
‫مشكالت في مساحة الوحدة إلادارية‪.‬‬
‫وعند تطبيق مقياس بويس كالرك ومعيار نسبة الطول الي العرض‪ ،‬لتحديد أشكال البلديات التي تم دراستها في‬
‫منطقة الجبل ألاخضر ومعرفة درجة اندماجها جاءت النتائج على النحو املبين في الجدول (‪ )2‬يوضح أشكال ونسبة‬
‫ً‬
‫الطول الي العرض لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر وفقا لخرائط الحدود إلادارية للبلديات في منطقة الجبل‬
‫ألاخضر وهي كما يلي‪:‬‬

‫)‪ )1‬لجغرلي لجمدغلرد جم ج ب ليغلر ل حيلل لجمغرد مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬


‫)‪ )2‬لجغرلي لجمدغلرد جميرف لالغخجر يلالي ثمجر لجس جر يمي ح لم ك لجغيج مرط لجا ل ل خ را ‪.0202‬‬
‫)‪ )3‬ام د د د ددجل حم د د د ددغلنا لجدادمدج دددرد د د د د د لجدسدر دد د د د د د لج ددد دد د د د د د لجد دسد دد د د د د د لال د د لر دد د د د د د – غ لري د د د د د د د د د ددا لجدادغد لر ددد د د د ددج لجديدددجيدد د د د د د ا مد د د د د د د د مدغ ديجد د د د دداا لجد دج د د د د درةا ‪0991‬ا‬
‫ص‪.028‬‬
‫‪277‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫جدول (‪ )2‬أشكال ونسبة الطول الي العرض لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر باستثناء بلدية البيضاء‬
‫نسبة الطول الي‬
‫درجة الاندماج‬ ‫نوع الشكل‬ ‫مقياس بويس كالرك‬ ‫البلدية‬
‫العرض‬
‫عالية الاندماج‬ ‫‪5.1‬‬ ‫أقرب الي شكل املستطيل‬ ‫‪00‬‬ ‫القبة‬
‫ضعيفة الاندماج‬ ‫‪6.2‬‬ ‫أقرب الي شكل املستطيل‬ ‫‪89.8‬‬ ‫شحات‬
‫ضعيفة الاندماج‬ ‫‪9.8‬‬ ‫أقرب الي شكل املستطيل‬ ‫‪80.2‬‬ ‫الابرق‬
‫متوسطة الاندماج‬ ‫‪5.9‬‬ ‫أقرب الي شكل املستطيل‬ ‫‪19.6‬‬ ‫القيقب‬
‫عالية الاندماج‬ ‫‪5.1‬‬ ‫أقرب الي الشكل نجمة‬ ‫‪26‬‬ ‫وردامه‬
‫ً‬
‫املصدر‪ :‬عمل الباحث اعتمادا على أشكال الحدود إلادارية لبعض البلديات في منطقة الجبل الاخضر‪.‬‬
‫يتضح من الجدول (‪ )2‬والتي يوضح أشكال ونسبة الطول الي العرض لبعض البلديات في منطقة الجبل ألاخضر‬
‫ان بلدية القبة وبلدية شحات وبلدية الابرق وبلدية القيقب تتخذ شكل أقرب الي املستطيل وقد يؤدي هذا الشكل الي‬
‫مشكالت في الحدود الادارية نتيجة لتوزيع الخدمات بشكل غير متساوي واما بالنسبة لبلدية وردامه فأنها تأخذ شكل‬
‫أقرب إلى الشكل نجمة وهي كما تعتبر من البلديات منخفضة الكثافة السكانية‪.‬‬
‫الاستنتاجات‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ -1‬عدم وجود قاعدة بيانات حقيقية يمكن الاستناد اليها كليا سوي بمصلحة الاحوال املدنية او بمكاتب امالك الدولة‬
‫والسجل العقاري او مصرف الاستثمار والادخار العقاري وينطبق ذلك علي كافة البلديات‪.‬‬
‫‪ -2‬تداخل الحدود الادارية للبلديات وعدم وجود خرائط واضحه بذلك مثال بلدية الابرق نجد منطقة املخيلي وخوالن‬
‫واللي تتبع اليها ونجد ان بلدية القيقب داخل خريطة بلدية الابرق ومثال صدر قرار بضم منطقة عين مارة لبلدية درنة‬
‫وهي في السابق تتبع بلدية القبة دون اعادة ترسيم الحدود الادارية‪.‬‬
‫‪ -0‬إنشاء بلديات علي املعيار الاجتماعي والقبلي دون النظر للمعايير القانونية واملقومات التي يمكن الاعتماد عليها‪.‬‬
‫‪ -9‬نالحظ ان بلدية شحات بها فروع بلدية وبها محالت تتبع تلك الفروع وهي البلدية الوحيدة التي بها فروع بلدية‪.‬‬
‫‪ -1‬املالحظ ان بلدية وردامه ليس بها محالت تتبع البلدية‪.‬‬
‫‪ -6‬نالحظ ان بلديات البيضاء والقبة والقيقب والابرق يوجد بها محالت تابعة للبلدية‪.‬‬
‫‪ -9‬تبين من خالل الدراسة وجود مكتب اصدار الاحوال املدنية واحد ببلديتي الابرق والقيقب وكذلك ببلديتي البيضاء‬
‫و وردامه‪.‬‬
‫‪ -8‬عدم وجود تراخيص لألنشطة التجارية والخدمية‪ ،‬وينطبق ذلك علي كافة البلديات‪.‬‬
‫‪ -4‬نالحظ اعتماد أغلب البلديات علي بلدية البيضاء في خدماتها مثال الخدمات الصحية والتعليمية‪.‬‬
‫‪ -51‬اتضح من خالل الدراسة ان اكبر البلديات من حيث التعداد السكاني هي بلدية البيضاء‪ ،‬والتي بلغ عدد سكانها‬
‫حوالي ‪ 246،529‬نسمة وأصغر البلديات هي بلدية وردامة والتي بلغ عدد سكانها حوالي ‪ 961‬نسمة‪.‬‬
‫‪ -55‬نالحظ أن بلدية البيضاء تضم عددا من املدن الكبيرة‪ ،‬والتي كانت في السابق مؤتمرات شعبية مستقلة عن البيضاء‬
‫وهو ما يجعل بلدية البيضاء ذات كثافة سكانية مرتفعة‪.‬‬
‫التوصيات‬
‫‪ -5‬ضرورة مراعاة املعايير القانونية في انشاء البلديات‪.‬‬

‫‪278‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -2‬ترسيم الحدود إلادارية بعالمات واضحة ونقاط دالة لتفادي تداخل الحدود‪.‬‬
‫‪ -0‬إعداد قاعدة بيانات حقيقية بكل بلدية فيما يخص التعداد السكاني وعدد املساكن والتراخيص والانشطة التجارية‬
‫والخدمية‪.‬‬
‫‪ -9‬دمج البلديات التي ال يوجد بها مقومات للبلدية لكي يسهل العمل علي دعمها وتوفير الخدمات لها‪.‬‬
‫‪ -1‬حث البلديات علي توحيد اسلوب العمل الصحيح‪.‬‬
‫‪ -6‬التنويه علي وزارة الحكم املحلي علي املساواة بين البلديات سوي علي معيار العدد السكاني او الجغرافي‪.‬‬
‫‪ -9‬إصدار الئحة توضح عمل البلديات وواجباتها واختيار عمداء ذو كفاءة وخبرة‪.‬‬
‫‪ – 8‬حث البلديات على العمل في التنسيق فيما بينهما لتحقيق التعاون املشترك‪.‬‬
‫‪ - 4‬تزويد البلديات بالدراسات واملقترحات لتقوية التواصل بين املواطنين والبلدية‪.‬‬
‫‪ – 51‬الزام املواطنين بالتجاوب مع قرارات البلدية وتنفيذها ملساعدة البلدية في ترسم حدودها وتقديم خدماتها‬
‫للمواطنين‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫ان دراسة مشكالت الحدود الادارية للبلديات في منطقة الجبل الاخضر تعد مهمه وضرورية ملعرفة الحدود‬
‫الادارية للبلديات ومعرفة املشكالت التي تعترض لها الحدود الادارية للبلديات ومعرفة الخدمات التي تقدمها البلدية‬
‫لسكانها وتعتبر مشكالت الحدود الادارية للبلديات من اهم املشكالت التي تتعرض لها البلديات في تقديم خدماتها‪ ،‬تم‬
‫أجراء دراسة شاملة ملعرفة مشكالت الحدود الادارية للبلديات ومعرفة مقوماتها فنجد بعض البلديات تقدم خدماتها‬
‫ألغلب البلديات املجاورة لها وكما تشهد البلديات في هذه الفترة مشكالت في الحدود الادارية نتيجة لغياب القانون‬
‫واعتمادها علي املعايير الاجتماعية والقبلية بالرغم من سير العمل لهذه البلديات بشكل يتناسب مع متطلبات حاجة‬
‫السكان من هذه البلديات وكما يتأثر عمل هذه البلديات بتغير الحدود الادارية للبلديات وتداخل هذه الحدود الادارية‬
‫بين البلديات ولهذا تعرقل مشكالت الحدود الادارية للبلديات الخدمات التي تقوم بها البلدية لخدمة سكانها‪.‬‬
‫املراجع‪:‬‬
‫‪ -5‬إدارات الخدمات الصحية بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -2‬املجالس البلدية في منطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -0‬بـي ـتـر تـيــلور كـولن فلنت‪ ،‬ترجـمة عبدالسالم رضوان‪ ،‬اسحق عبيد‪ ،‬الجغرافيا السياسية لعاملنا املـعاصر‪ ،‬دار عالم الـم ـعـرفـة الكويـت‪،‬‬
‫‪2112‬‬
‫‪ -9‬جمال حمدان‪ ،‬الـجـمـاهـيـريـة الـعـربـيـة اللـيـبـيـة الـشـعـبـيـة الاشـتـراكـيـة – دراسـة فـي الـجـغـرافـيـا الـسـيـاسـيـة‪ ،‬مـكـتـبـة مـدبـولـي‪ ،‬الـقـاهـرة‪5446 ،‬‬
‫‪ -1‬جمال حمدان‪ ،‬جـغـرافـيـة الـمـدن‪ ،‬مـكـتـبـة عـالـم الـكـتـب‪ ،‬القاهرة‪5449 ،‬‬
‫‪ -6‬خالد محمد بن عمور‪ ،‬اتجاهات تطبيقية في الجغرافيا السياسية‪ ،‬مكتبة دار الهدي‪ ،‬طبرق‪ -‬ليبيا‪.2159 ،‬‬
‫‪ -9‬خالد محمد بن عمور‪ ،‬عباس غالي داود (منطقة الجبل ألاخضر في ليبيا‪ :‬دراسة في الجغرافية إلادارية)‪ ،‬م ـج ـلــة الاس ـتــاذ‪ ،‬الـعــدد (‪،)210‬‬
‫‪2156.‬‬
‫‪ -8‬سليمان بطارسة (التمويل املحلي دراسة تحليلية للتجربة ألاردنية)‪ ،‬الـمـؤتـمـر الـعـربـي الـثـانـي‪ ،‬جـامـعـة الـدول الـعـربـيـة‪ ،‬إلادارة الـمـحـلـيـة‬
‫القاهرة – جمهورية مصر العربية‪2119. ،‬‬

‫‪279‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -4‬شاهر محمد احمد عـبـيـد‪ ،‬سائد محمد احمد ربايعة‪ ،‬جمال قاسم محمد حبش (تقييم أفراد املجتمع املحلي ألداء أعضاء املجالس‬
‫البلدية املنتخبين في بلديات محافظة جنين في الدورة الانتخابية التي جرت عام ‪ ،)2111‬مجلة جامعة ألاقص ى‪ ،‬املجلد السابع عشر‪ ،‬العدد‬
‫الثاني‪ ،‬يونيو‪2150. ،‬‬
‫‪ -51‬شقرانه عزالدين عطية‪ ،‬رابحي شوقي‪ ،‬مساهمة إلادارة الـمـحـلـيـة فـي تـفـعـيـل الـخـدمـات الـعـامـة الـبـلديـة نـمـوذجـا‪ ،‬رســالــة مــاجـسـتـيـر‬
‫جامعة زيان عاشور بالجفلة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية – قسم الحقوق الجزائر‪2159. ،‬‬
‫‪ -55‬شويح بن عثمان‪ ،‬دور الجماعات املحلية في التمية املحلية دراسة حالة البلدية‪ ،‬رسالة ماجستير في القانون العام‪ ،‬جامعة ابو بكر‬
‫بلقايد تلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياس ي‪ ،‬الجزائر‪2155. ،‬‬
‫‪ -52‬عدنان السيد حسين‪ ،‬الجغرافيا السياسية والاقتصادية والسكانية للعالم املعاصر‪ ،‬املؤسسة الجامعية للدراسات‪ ،‬بيروت‪5449. ،‬‬
‫‪ -50‬علي احمد هارون‪ ،‬أسس الجغرافيا السياسية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪5448. ،‬‬
‫‪ -59‬علي محمد‪ ،‬مدى فاعلية دور الجماعات املحلية في ظل التنظيم الاداري الجزائري‪ ،‬رســال ــة مــاج ـس ـت ـيــر ف ــي ق ــانــون الادارة ال ـم ـحــلية‬
‫جامعة ابو بكر بلقايد تلمسان‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الجزائر‪2152. ،‬‬
‫‪ –51‬غزير محمد الطاهر‪ ،‬آليات تفعيل دور البلدية في إدارة التنمية املحلية بالجزائر‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق والعلوم السياسية – قسم الحقوق‪ ،‬الجزائر‪2159.،‬‬
‫‪ -56‬فايز محمد العيساوي‪ ،‬الجغرافيا السياسية املعاصرة‪ ،‬دار املعرفة الجامعية‪ ،‬اسكندرية‪2111. ،‬‬
‫‪ -59‬محمد خشمون‪ ،‬مشاركة املجالس البلدية في التنمية املحلية اطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة منتوري– قسنطينية‪ ،‬كلية العلوم الانسانية‬
‫والعلوم الاجتماعية– قسم علم الاجتماع‪ ،‬الجزائر‪2155. ،‬‬
‫‪ -58‬محمد عبدالغني سعودي‪ ،‬الجغرافيا السياسية املعاصرة دراسة الجغرافيا والعالقات السياسية الدولية‪ ،‬مكتبة ألانجلو املصرية‪،‬‬
‫القاهرة‪2151. ،‬‬
‫‪ -54‬محمود عامر خليل قنداح‪ ،‬واقع دمج البلديات في الضفة الغربية من وجهة نظر أعضاء املجالس البلدية واملنتفعين واليات مقترحة‬
‫لتطويرها دراسة حالة محافظة رام هللا والبيرة‪ ،‬رسالة ماجستير في التنمية الريفية املستدامة‪ ،‬جامعة القدس– معهد التنمية املستدامة‪،‬‬
‫فلسطين‪2152. ،‬‬
‫‪ -21‬مراقبات الاقتصاد بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -25‬مراقبات التربية والتعليم بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -22‬مصارف الادخار والاستثمار العقاري بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -20‬مكاتب التخطيط العمراني بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -20‬مكاتب اصدار ألاحوال املدنية بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -29‬مكاتب امالك الدولة بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -21‬مكاتب املعاهد الفنية املتوسطة بمنطقة الجبل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -26‬مكاتب املعلومات والـتـوثـيـق بـالـجـامـعـات والـمـعـاهـد الـعـلـيـا بـمـنـطـقـة الـجـبـل ألاخضر‪2121. ،‬‬
‫‪ -29‬وزارة الحكم املحلي ‪ -‬ليبيا‪.2121 ،‬‬

‫‪280‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب‬


‫امحمد عزيز‪:‬‬
‫باحث بسلك الدكتوراه تخصص قانون عام‪ ،‬مختبر الحكامة والتنمية املستدامة‪ .‬جامعة الحسن ألاول كلية الحقوق سطات‪ ،‬املغرب‬
‫‪azizmhammed8@gmail.com‬‬
‫امللخص‬

‫يندرج مفهوم الحكامة " ‪ ، "la Gouvernance‬من جهة‪ ،‬ضمن شبكة مفاهيمية لكونه يرتبط ارتباطا عميقا بمجموعة من املفاهيم‬
‫من قبيل ‪( :‬مفهوم التنمية‪ ،‬مفهوم املجتمع املدني‪ ،‬مفهوم املواطنة‪ ،‬مفهوم دولة الحق والقانون‪ ،)...‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فإن لهذا املفهوم‬
‫سيرورة تاريخية خاصة به‪ ،‬حيث ارتبط بكيفية إدارة الدول والحكومات للشأن العام‪ .‬لذلك أصبح لفظ حكامة‪ ، Gouvernance‬يفيد معنى‬
‫الرقابة والتوصية والتدبير‪ ،‬وأصبح منظرو الليبرالية الجديدة يلحون على أن املقصود بالحكامة هو الجمع بين الرقابة من ألاعلى‪ ،‬الدولة‪،‬‬
‫والرقابة من ألاسفل‪ ،‬املجتمع املدني‪.‬‬

‫إن موضوع متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب موضوع شاسع ومعقد‪ ،‬وهذا العرض‪ /‬املحاولة‪ ،‬سيقارب املوضوع من‬
‫خالل إلاجابة عن إلاشكاالت التي يطرحها‪ ،‬والتي يمكن تكثيفها في إشكالية مركزية‪ ،‬ما هي متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب؟‬

‫الكلمات املفتاحية‪ :‬التنمية الترابية‪ ،‬الحكامة املحلية‪ ،‬التدبير العمومي‪ ،‬الالمركزية والالتمركز‪.‬‬

‫‪The requirements of governance in territorial development in Morocco‬‬

‫‪Summary‬‬
‫‪On the one hand, the concept of "Governance" is a part of a conceptual system because it is deeply linked to a serie of concepts‬‬
‫‪such as: (the concept of development, the concept of civil society, the concept of citizenship, the concept of the rule of law and law...) On‬‬
‫‪the other hand, this concept has its own historical process, as it has been linked to how states and governments manage public affairs.‬‬
‫‪The term of Governance has thus become useful for the meaning of censorship, recommendation and management, and neoliberal‬‬
‫‪theorists have come to insist that governance is supposed to combine censorship from above, the state, and censorship from below, civil‬‬
‫‪society.‬‬
‫‪The subject of governance’s requirements in territorial development in Morocco is a vast and complex subject, and this‬‬
‫‪offer/attempt, will address the subject by responding to the problems it poses, which can be intensified in a central problem, what are‬‬
‫?‪the governance requirements in land development in Morocco‬‬
‫‪The objective of this study is therefore to study the requirements of governance in the experience of territorial development in‬‬
‫‪Morocco.‬‬
‫‪Keywords:‬‬
‫‪territorial development; local governance; public management; decentralization; deconcentration.‬‬
‫مقدمـ ـ ــة‬

‫إن تنامي التحوالت ذات ألابعاد املتعددة وتنوع الفاعلين املحليين‪ ،‬وتزايد إرادة الانخراط ورغبة الساكنة في‬
‫املشاركة في مسلسل اتخاذ القرار واملساهمة في املشاريع الترابية‪ ،‬قد أحدثت تغييرا جوهريا في معادلة الحكامة الترابية‪.‬‬
‫ولقد أدى تعدد مستويات الحكامة وانتشار بنياتها على املستوى الوطني والجهوي‪ ،‬وكذا تنوع املتدخلين‪ ،‬إلى جعل قضية‬
‫تدبير املجاالت الترابية‪ ،‬قضية تكتس ي درجة كبيرة من الصعوبة والتعقيد‪ .‬لذلك ال يمكن اخت‪،‬الها في مجرد عملية‬
‫تفويض قانوني لالختصاصات وتدابير نقل لبعض سلطات الدولة إلى الجماعات الترابية وهيئاتها املحلية‪ ،‬باعتبار أن‬
‫قضية الحكامة تستلزم تدبير مسلسل متكامل إلشراك ممثلي الساكنة في صناعة القرار الترابي‪.‬‬

‫‪281‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وأمام التحوالت الكبرى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي مي‪،‬ت السنوات ألاخيرة وأمام حجم التحديات‬
‫والرهانات الجديدة التي يعرفها املغرب‪ ،‬وجدت الدولة نفسها مدعوة ليس فقط ملتابعة جهودها في مجال التنمية‬
‫وتطوير التجهي‪،‬ات ألاساسية‪ 1‬بل أيضا للقيام بمهام أخرى ذات أهمية خاصةوهي تشجيع وتقوية إلادارة املحلية بشقيها‬
‫املعينة في إطار الالتمركزواملنتخبة في إطار الالمركزية‪ ،‬فلتحقيق التنمية الشمولية املستدامةواملنشودة أصبحت املراهنة‬
‫أكثر من أي وقت مض ى على املستوى الترابي‪ ،‬أو ما يسمى باملقاربة الترابية في التنمية‪ ،‬بعد أن أثبتت املقاربة املركزية‬
‫فشلها وعدم قدرتها على تحقيق متطلبات التنمية الحقيقية‪ .‬وفي هذا السياق فإنالدولة املغربية مدعوة للقيام بمجموعة‬
‫من إلاصالحات املحلية وسن العديد مناالستراتيجيات على جميع ألاصعدة واملستويات إلادارية‪ ،‬الاقتصادية‪،‬السياسية‪،‬‬
‫الاجتماعية والثقافية‪.‬ذلك باتباع سياسة عموميةمحلية متماسكة وشاملة قوامها الالمركزية الحقيقية والال تمركز‬
‫الفعال‪ ،‬وفي هذا الصدد برز دستور ‪ 2155‬كمحطة حاسمة في إبراز أهمية الجماعات الترابيةمن خالل القوانين‬
‫التنظيمية ‪550.59/552.59/555.59‬فمنذ ما يزيد عن عقد من الزمان أصبحت الدولة واملنظمات والهيئات الوطنية‬
‫والدوليةتتداول بمناسبة تدبيرها ألنشطتها وتقديمها لخدماتها مصطلحا أو مقاربة جديدة لتدبير الشأن العام أو الخاص‬
‫ويتعلق ألامر بالحكامة‪.‬‬

‫إن مفهوم الحكامة » ‪ « La Gouvernance‬يندرج من جهة‪ ،‬ضمن شبكة مفاهيمية كونه يرتبط ارتباطا عميقا‬
‫من املفاهيم من قبيل‪( :‬مفهوم التنمية‪ ،‬مفهوم املجتمع املدني‪ ،‬مفهوم املواطنة‪ ،‬مفهوم دولة الحق و القانون‪ )...‬ومن‬
‫جهة ثانية‪ ،‬فإن لهذااملفهوم سيرورة تاريخية‪ ،‬حيث ارتبط بكيفية إدارة الدول ‪،‬الحكومات للشأنالعام‪.‬لذلك أصبح لفظ‬
‫"حكامة" يفيد معنى الرقابة ‪ ،‬التوصية والتدبير وأصبح منظرو الليبرالية الجديدة يلحون على أن املقصود بالحكامة هو‬
‫الجمع بين الرقابة من ألاعلى‪ ،‬الدولة والرقابة من ألاسفل‪ ،‬املجتمع املدني‪ .‬ويعرف الدارسون والخبراء واملختصون هذا‬
‫املفهوم بأنه تعبير عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون املجتمع موارده املالية واملادية والبشرية‪ .‬ولكن تجدر‬
‫إلاشارة في هذا الصدد إلى أن هذا التعريف قديم‪ ،‬ألنه يركز ويدل فقط على آليات ومؤسسات تشترك في صنع القرار‪،‬‬
‫الش ئ الذي جعل هذا التعريف يطرأ عليه تطور بحيث أصبح مفهوم الحكامة يعني حكم تقوم به قيادات سياسية‬
‫ومنتخبةوأطر إدارية كفأه لتحسين نوعية حياة املواطنين وتحقيق رفاهيتهم‪ ،‬وذلك برضاهم وعبر مشاركتهم ودعمهم‪.‬‬

‫فما هي إذن متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب؟‬

‫ولتفكيك عناصر هذه إلاشكالية‪ ،‬فان ألامر يتطلب طرح مجموعة من التساؤالت الفرعية والتي تشكل إلاجابة‬
‫عنها مدخال ضروريا لإلحاطة بالجوانب املختلفة للموضوع من قبيل‪:‬‬

‫‪ ‬أين يتجلى السياق املرجعي لصدور القانون التنظيمي للجماعات الترابية؟‬


‫‪ ‬أين يكمن دور الديمقراطية التشاركية في املجال الترابي؟‬
‫‪ ‬ماهي مكونات الحكامة الترابية؟ ماهي الاكراهات واملنطلقات للحكامة الترابية؟‬

‫‪1‬علي السدجاري "الدولة وإلادارة بين التقليد والتحديث"‪ ،‬دار املناهل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪ 5449،‬صفحة ‪.59‬‬

‫‪282‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لإلجابة عن هذه ألاسئلة‪ ،‬و حتى يتسنى لنا دراسة متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب‪ ،‬فقد ارتأينا‬
‫أن نقسم املوضوع إلى مبحثين‪ ،‬نتطرق في املبحث ألاول إلى السياق املرجعي وقواعد الحكامة الترابية على أن نعالج في‬
‫املبحث الثاني‪ :‬مكانة الديمقراطية التشاركية والحكامة الترابية‪ :‬إلاكراهات‪ -‬املنطلقات ‪.‬‬

‫املبحث ألاول‪ :‬السياق املرجعي وقواعد الحكامة الترابية‬

‫املطلب ألاول‪ :‬السياق املرجعي لصدور القانون التنظيمي للجماعات الترابية‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬على مستوى الخطاب السياس ي‬

‫لقد أخد نظام الالمركزية إلادارية الترابية حي‪،‬ا هاما من اهتمام املؤسسات السياسية الرسمية وغير الرسمية‬
‫خاصة بالنسبة للمؤسسة امللكية ‪ 1‬بحكم مكانتها ومركزها في النظام السياس ي املغربي‪ ،‬فإنها مافتئت تدعو إلى تغيير‬
‫قوانين إلادارة املحلية باستمرار‪ ،‬من أجل تصور مجالي توافقي ملواجهة الرهانات والتحديات‪ ،‬حيث قال امللك في إحدى‬
‫خطاباته " كل ذلك في إطار استحضار واع ملا دعونا إليه‪ ،‬من تغيير في قوانين الالمركزية والال تمركز ووفق مفهوم جديد‪،‬‬
‫يجعل من السياسة التعاقدية أداة أساسيةلبلورة تصور مجالي توافقي" كما يؤكد على ضرورة إلاسراع بترسيخ‬
‫الالمركزية والال تمركز في اتجاه إفراز مجالس محلية وإقليمية وجهوية تجمع بين ديمقراطية التكوين وعقالنية التقطيع‪،‬‬
‫ونجاعة وشفافية وسالمة التدبير‪.‬‬

‫وإذا كان امللك محمد السادس من خالل ألافكار الواردة في خطاباته ألاولى‪ ،‬بعد تولي قيادة البالد في ‪ 05‬يوليوز‬
‫‪ 5444‬يبدو مقتنعا ومتشبثا أن التنمية املستدامة والشاملة هدف أسمى في البالد‪ ،‬ال يمكن تحقيقه إال من خالل‬
‫النهوض بمستوى الحكامة الترابية‪ ،‬فإن هذا الاقتناع سي‪،‬داد بالتدريج والتراكم مع كل مرحلة إال أن يتم إلاعالن عن‬
‫الجهوية املتقدمة‪ ،‬كورش جديد بنفس مستجد ومفتوح للحكامة الترابية‪ .‬ولقد شكل الخطاب امللكي بمناسبةالذكرى‬
‫الثالثة والثالثين للمسيرة الخضراء‪ ،‬في هذا إلاطار منعطفا تاريخيا ومهما في املغرب‪ ،‬ونقطة حاسمة النطالق العمل في‬
‫إطار مشروع الجهويةاملوسعة‪ .‬حيث أكد امللك محمد السادس عزمه على توطيد الجهوية املتقدمة بمنظور جديد‬
‫للتنمية املتوازنة‪ ،‬يخت‪،‬لها في مجرد‪ .‬ولقد شكل الخطاب امللكي بمناسبة الذكرى الثالثة والثالثين للمسيرة الخضراء‪ ،‬في‬
‫هذا إلاطار منعطفاتاريخيا ومهما في املغرب‪ ،‬ونقطة حاسمة النطالق العمل في إطار مشروع الجهوية املوسعة‪ .‬حيث أكد‬
‫امللك محمد السادس عزمه على توطيد الجهوية املتقدمة بمنظور جديد للتنمية املتوازنة‪ ،‬يخت‪،‬لها في مجرد أهداف‬
‫وأبعاد إداريةومؤسساتية وثقافية فقط بل يعتبر إصالحا هيكليا عميقا يقتض ي جهدا جماعيا لبلورته وإنضاجه وفضاء‬
‫خصبا للتنمية الشاملة واملتواصلة بالجهة ومن أجلها‪ .2‬وفي هذا إلاطار‪ ،‬فقد جاء في الخطاب امللكي ليوم ‪ 0‬يناير ‪2151‬‬
‫بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية " نتولى اليوم‪ ،‬تنصيب اللجنةالاستشارية للجهوية‪ .‬وهي لحظة قوية‪،‬‬

‫‪1‬عبد الرحمان جمجامة‪ ،‬إلادارة الال مركزية مع الالتمركز وسياسة القرب في الخطاب والنشاط امللكي من محمد الخامس إلى محمد السادس‪ ،‬دار السالم للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ 2119،‬الصفحة ‪.10‬‬
‫‪2‬الشرقي نصرو وشحش ي عبد الرحمان‪ ،‬الجهوية املوسعة في الخطب امللكية بين التحليل السيميائي والتحليل السياس ي‪ ،‬منشور بسلسلة الالمركزية املحلية العدد ‪6‬‬
‫الطبعة ألاولى ‪ 2151،‬الصفحة ‪.95‬‬
‫‪283‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫نعتبرها انطالقة لورش هيكلي كبير نريده تحوال نوعيا في أنماط الحكامة‪ ،‬كما نتوخى أن يكون انبثاقا لدينامية جديدة‬
‫لإلصالح املؤسس ي العميق"‪.1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬على مستوى املقتضيات القانونية‪.‬‬

‫لقد عرف دور الجماعات في منظومة التدبير العمومي املغربي نموا قانونيا ملموسا‪ ،‬وتطورا تدريجيا فمع كل‬
‫نص قانوني جديد يصدر لتنظيمالجماعات‪ ،‬يتطور دورها التنموي ويتعاظم وإذا كانت هناك في كل مرحلةمن املراحل‬
‫ومع كل نص قانوني لتنظيم تلك الجماعات‪ ،‬مالحظات وعيوب وانتقاداتموجهة إلى املقتضيات القانونيةالتي تتضمنها‪،‬‬
‫مقارنة مع ما هو رائج على املستوى الخطابي‪.‬فإنه على الرغم من ذلك نجد أن تلك النصوص القانونية حاولت إرساء‬
‫أدوار تنموية مهمة للجماعات الترابية الاقتصادية والاجتماعية والثقافيةوغيرها‪ .‬إنها بمجرد الحصول على الاستقالل‪،‬‬
‫عمل املغرب على تشييد دولة جديدة تقوم على أساس بناء مؤسسات عصرية تساهم في خدمة املواطن‪.‬‬

‫ولتحقيق ذلك‪ ،‬بادر إلى إصدار أول نص قانوني ينظم الجماعات الحضرية والقروية‪ ،‬ويتعلق ألامر بظهير ‪20‬‬
‫يونيو ‪ 5461‬الذي أعطى للجماعات الشخصية املعنوية والاستقالل املالي‪ ،‬وقد شكل هذا القانون اللبنة ألاولى للتنظيم‬
‫إلاداري الال مركزي بعد الاستقالل‪ .‬وبعده صدر دستور ‪ 59‬دجنبر ‪ 5462‬الذي نص على أن " الجماعات املحلية هي‬
‫العماالت وألاقاليم والجماعات‪ ،‬ويكون إحداثهابقانون"‪ .‬ولعل أهم ما كان يمي‪ ،‬التنظيم الجماعي في تلك املرحلة هو‬
‫طابعها التسييري فقط‪ .‬أما الطابع التنموي فقد كان ضعيفا‪ .‬وجاء ظهير ‪ 01‬شتنبر ‪5496‬ليتجاوز بعضا الاختالفات‬
‫وإلاشكاالت املسجلة في السابق حيث عمل على توسيع املهام التنموية والصالحيات التي أنيطت باملجلس الجماعي ومنحه‬
‫اختصاصات وصالحيات واسعة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪ .‬كما تم تخويل رئيسا ملجلس الجزء ألاكبر‬
‫من الاختصاصات التي كانت بيد السلطة املحلية(‪ )1‬وبعد سنوات من التطبيق‪ ،‬تم توجيه عدة انتقادات لهذه التجربة‬
‫السيما وأن ألامر يتعلق بنص قانوني عمر أزيد من ربع قرن من الزمن فكانت املشاكل متعددة الاختالالت كثيرة أبرزها‬
‫غموض املقتضيات القانونية‪ .‬فتم إصدار قانون جديد لعله يتجاوز ويصلح ما أفسد السابق وهو قانون ‪ 98.11‬املتعلق‬
‫بامليثاق الجماعي حيث جاء بعدة مستجدات على املستوى الاختصاصات والرقابة وعالقات الشراكة والتعاقد مع الدولة‬
‫ومؤسستها وقواعد التسيير والتدبير والحكامة عموما‪.‬‬

‫مع إقرار دستور ‪ 2155‬في بابه التاسع والذي سيؤسس املرجعيةالدستوريةللجماعات الترابية ‪555.59‬‬
‫و‪ 552.59‬و‪ 550.59‬واملتعلقة بكل منالجهات والعماالت وألاقاليم والجماعات‪2‬‬

‫‪1‬نص الخطاب امللكي املوجه إلى ألامة املغربية في ‪ 0‬يناير ‪ 2151‬بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية‪www.maroc.ma‬‬
‫‪2‬ميشل روس ي املؤسس إلاداري باملغرب‪ ،‬الشركة املغربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪ ،5448،‬ص‪. 117‬‬
‫‪284‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬قواعد الحكامة الترابية‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬أسس الحكامة الترابية‬

‫الحكامة هي‪ ،‬أوال وقبل كل ش يء‪ ،‬تعبير عن ممارسة السلطة السياسية وإدارتها لشؤون املجتمع وموارده؛ كما‬
‫يمكن اعتبارها مفهوما استعجاليا تبناه املنتظم الدولي لتجاوز حالة الخلل القائم في نماذج التنمية التي ال يجد فيها‬
‫املجتمع الفرصة املناسبة للتعبير عن رأيه ومواقفه وحمولته الثقافية في املشاريع التنموية التي تهدف إلى تحسين مستواه‬
‫املعيش ي؛ كما أنها تعتبر آلية للتدبير الرشيد والحكيم للموارد بهدف تحقيق التوازن في شتى امليادين‪ ،‬باإلضافة إلى أنها‬
‫تشكل دعامة ومدخال أساسيا من أجل الوصول إلى تحقيق التنمية البشرية املستدامة على أرض الواقع‪.‬‬

‫لقد اختلف مفهوم الحكامة الجيدة من دولة إلى أخرى‪ ،‬وهكذا تم تعريفها بكونها هي‪ :‬الديمقراطية‪ ،‬ألامن‪،‬‬
‫احترام حقوق إلانسان‪ ،‬احترام القانون؛ كما تم تحديد مفهومها في املراقبة واملحاسبة‪ ،‬الشراكة‪ ...،‬إلخ‪ .‬أما فيما يخص‬
‫أهميتها املرحلية فهي تكتسبها من خالل حضورها القوي في تقارير البرنامج إلانمائي لألمم املتحدة وتقارير البنك الدولي‬
‫وغيرهما من املؤسسات الدولية التي جعلتها لصيقة بمفهوم التنمية املستدامة‪.‬‬

‫فالحكامة‪ ،‬إذن‪ ،‬هي دعوة صريحة إلى تجاوز حالة الالتوازن الناتج عن أحادية صنع القرار دون مراعاة املنطق‬
‫العلمي املؤسس على عناصر املشاركة في مختلف مراحل إعداد املشروع من التشخيص إلى البرمجة والتنفيذ ثم التقييم‬
‫واملحاسبة‪ ،‬في إطار سيرورة تمتاز بالشفافية وحسن ألاداء‪.‬وتعد الجماعات الترابية وحدات إدارية تم تسخيرها لتقديم‬
‫مجموعة من الخدمات الاقتصادية الاجتماعية والثقافية املواطنة‪ .‬ومن هذا املنطلق‪ ،‬يمكننا القول إن سبب النشأة‬
‫يتجلى أساسا في تثبيت مبدأ القرب الخدماتي على أرض الواقع‪.‬‬

‫ولعل املتتبع للشأن الترابي املغربي يقر بالدور ألاساس ي املسند إلى املرافق الترابية واملرتبط ارتباطا وثيقا باملعيش‬
‫اليومي للمواطن؛ غير أن هناك مجموعة من النقاط السوداء التي الزالت تعيق مسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية‬
‫الترابية‪ ،‬ألامر الذي يتجلى أساسا في عدة جوانب وهي‪:‬‬

‫‪ ‬استمرار تفش ي ظاهرة الرشوة بشكل الفت للنظر داخل الوحدات الترابية؛‬
‫‪ ‬ضعف تكوين املنتخبين‪ ،‬ألامر الذي لطاملا انعكس سلبا على حسن تدبير الوحدات الترابية؛‬
‫‪ ‬استمرار التعامل بمنطق الزبونية واملحسوبية في الاستفادة من الخدمات املقدمة من قبل الجماعات الترابية؛‬
‫‪ ‬ضعف في إلامكانيات املادية‪ ،‬البشرية واللوجستية الترابية؛‬
‫‪ ‬غياب تام لعالمات التشوير الخدماتي الترابي‪ ،‬ألامر الذي لطاملا خلق حالة من التيه لدى املواطن داخل هذه‬
‫الوحدات الخدماتية بامتياز؛‬
‫‪ ‬ضعف تكوين ألاطر العاملة بالوحدات الترابية في امليادين املتعلقة بتدبير الشأن العام‪ ،‬مما أثر بصفة مباشرة‬
‫على جودة الخدمات املقدمة من طرف هذه الوحدات؛‬
‫‪ ‬التداخل في الاختصاصات الترابية‪ ،‬ألامر الذي لطاملا ضاعت معه مصالح املواطنين؛‬

‫‪285‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬اللجوء املتكرر إلى آلية التعاقد الخدماتي مع شركات أجنبية‪ ،‬مما أقص ى املقاولة املغربية العاملة في نفس‬
‫الخدمات التي يقوم بها ألاجانب؛‬
‫‪ ‬غياب رؤية استراتيجية واضحة املعالم فيما يتعلق بمسلسل التنمية الاقتصادية والاجتماعية الترابية‪ ،‬مما‬
‫ضيع الاستفادة من مجموعة من املوارد املادية وأثر كذلك بصورة سلبية على معدالت التنمية الترابية؛‬
‫‪ ‬عدم القيام بدراسات ميدانية يكون الهدف من ورائها هو الوقوف املباشر على الاختالالت التي تعصف‬
‫بمسلسل التنمية‪ ،‬ومن ثمة رسم خريطة التنمية الترابية الحاضرة واملستقبلة؛‬
‫‪ ‬ضعف استعمال الوسائل املعلوماتية الحديثة في التعاطي مع متطلبات وحاجيات املواطنين اليومية‪ ،‬الش يء‬
‫الذي يجعلنا أمام إدارة ترابية تقليدية مائة في املائة؛‬
‫‪ ‬غياب نهج شراكة فاعلة وفعالة بين القطاعين العام والخاص‪ ،‬من جهة‪ ،‬والقطاع العام واملجتمع املدني‪ ،‬من‬
‫جهة أخرى؛‬
‫‪ ‬ضعف الاعتماد على سياسة التوأمة املغربية ألاجنبية التي‪ ،‬إن أحسن استعمالها‪ ،‬ستعود بالنفع على تنمية‬
‫الخريطة الترابية للمملكة‪ ،‬هذا إذا ما علمنا بأن دوال متقدمة كثيرة استطاعت‪ ،‬بفضل منهاج التوأمة‪ ،‬حصد‬
‫نتائج تنموية اقتصادية واجتماعية انعكست إيجابيا على مستوى تقدم حياة املواطن‪ ،‬ومن ثمة على معدل‬
‫تنقيط الدولة في مجال التنمية‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫لقد دأب العالم بأسره‪ ،‬في السنين ألاخيرة‪ ،‬وارتباطا بتحديات العوملة املفرطة املرتبطة بالسرعة والدقة والجودة‪،‬‬
‫على الاعتماد على ميكاني‪،‬مات جديدة للعمل تم استنباطها من مبادئ الحكامة الجيدة املرتبطة بالتدبير الجيد واملعقلن‬
‫القائم على النتائج وسرعة ألاداء‪ ،‬وبالتالي فالحاجة ماسة إلى تبني الوحدات الترابية لسياسة الباب الخدماتي املفتوح‪،‬‬
‫معتمدة في ذلك على إمكانياتها املالية الترابية‪ ،‬من جهة‪ ،‬وعلى ضرورة تبنيها ملسلسل الشراكة البين قطاعية واملدنية‪،‬‬
‫من جهة أخرى؛ ألامر الذي يمكن أن يفهم معه أن النظرة ألاحادية الضيقة لتدبير املصالح قد أصبحت متجاوزة في ظل‬
‫عصر العوملة‪ ،‬عهد سرعة التدبير وجودة نتائجه‪.‬‬

‫إن الرقي بمسلسل التنمية البشرية الترابية في بالدنا مشروط بضرورة تحديد نقطة إلاقالع أو الانطالق‪ ،‬ثم نقطة‬
‫الوصول‪ ،‬عبر تأسيس بنك للمعلومات التنموية الترابية تتم تغذيته باملعطيات السابقة الحاضرة في أفق تسطير‬
‫إلاجراءات املستقبلية َ‬
‫ولم ال‪ ،‬ال لش يء إال ألن الحكامة الجيدة هي دعوة صريحة إلى بناء ديمقراطية تشاركية مؤسسة‬
‫على الدقة واملساهمة واملشاركة والتوافق في صنع وتنفيذ وتقييم برامج التنمية على أرض الواقع‪ ،‬كما أنها قناة أساسية‬
‫تمكن من الاستفادة من نتائج التنمية الترابية املستدامة‪ ،‬وبالتالي َ‬
‫فلم ال نجعل من الاستحقاقات الترابية املقبلة‬
‫استحقاقات للتقدم الاستراتيجي املندمج الذي يناغم بين املحاسبة واملساءلة كآليتين جوهريتين للتغيير والتطور‬
‫والازدهار التنموي الترابي املواطن‪.‬‬

‫فيما يخص الالت‪،‬ام بأسس الحكامة‪ ،‬فقد تضمنت القوانين املتعلقة بالجماعات الترابية مجموعة من القواعد‬
‫املتعلقة بحسن التطبيق ملبدأ التدبير الحر من خالل احترام العديد من القواعد املجسدة في املساواة بيناملواطنين في‬

‫‪286‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الولوج إلى املرافق العمومية التابعة للجماعات الترابية‪ ،‬وكذا الاستمرارية في أداء الخدمات وضمان جودتها وتكريس‬
‫قيم الديمقراطيةوالشفافية واملحاسبة واملسؤولية وترسيخ سيادة القانون والتشارك والفعالية والن‪،‬اهة‪.‬‬

‫‪ ‬مبدأ املساواة بين املواطنين في ولوج املرافق العمومية والتابعة للجماعة الترابية‪.‬‬
‫يلزم هذه املرافق العامة التابعة للجماعة الترابية بأن تؤدي الخدمات إلى مرتفقيها بنوع من التساوي ودون أي‬
‫تميي‪ .1،‬أما ألاساس الدستوري ملبدأ املساواة نجد في الفصل ‪ 26‬من دستور ‪.2155‬‬

‫‪ ‬مبدأ الاستمرارية في أداء الخدمات من قبل الجهة وضمان جودتها‬

‫تقوم املرافق العامة التابعة للجهة بخدمات أساسية للمرتفقين بانتظام واضطراد‪ ،‬وذلك دون انقطاع فإذا‬
‫توقف سيرها أو تعطلت ولو مؤقتا نتجت عن ذلك أضرار ومضايقات للمرتفقين(‪).4‬‬

‫‪ ‬تكريس قيم الديمقراطية والشفافية واملحاسبة واملسؤولية وترسيخ سيادة القانون‪.‬‬

‫الديمقراطية هي تلك العملية السليمة لتداول السلطة بين ألافراد أما الشفافية فهي ممارسة حق الحصول‬
‫على املعلومة وألاخبار تهم مواطنا بعينه‪ ،‬في حين تعني املحاسبة نوعا من التدقيق والاحتراس الذي يهم باألساس الشؤون‬
‫املالية‪ ،‬أما املسؤولية فتفيد بأن املسؤولين يتحملونها من جراءتدبيره للشأن العام انطالقا من دعامتين‪ :‬الشفافية‬
‫واملحاسبة ‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬آليات الحكامة الترابية‬

‫يشكل موضوع الحكامة الترابية أحد ا ملرتكزات ألاساسية للسياسات العمومية والبرامج الحكومية‪ ،‬اعتبارا‬
‫للدور الذي تلعبه الجماعات الترابية كفاعل أساس ي وشريك حقيقي في تدبير املجاالت الترابية وتحقيق التنمية بمختلف‬
‫أبعادها بالنظر أيضا إلى أهمية تدبير املرافق الترابية وارتباطها الوثيق باملعيش اليومي للمواطن‪ ،‬اذتهدف باألساس إلى‬
‫الاستعانة باألليات املتاحة لتعزيز الحكامة الترابية منها‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعزيز الال تمركز إلاداري‬

‫‪ .‬يشكل ميثاق الالتمركز إلاداري رافعة أساسية في دعم الحكامة الترابية من خالل ضمان نجاعة أكثر في تدبير‬
‫الشأن املحلي وتحقيق الالتقائية في السياسات العمومية وفي برمجة مختلف املشاريع القطاعية وذلكفي انسجام تام‬
‫مع برامج التنموية للجماعات الترابية‬

‫‪1‬مليكة الصروخ‪ ،‬العمل إلاداري‪ ،‬دار القلم القامرة الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ .2152 ،‬ص‪. 519 :‬‬
‫‪2‬الفصل ‪ 6‬من دستور ‪"2155‬القانون ألاسمى تعبير عن إرادة ألامة والجميع‪ ،‬أشخاصا ذاتيين واعتباريين‪ ،‬بما فيهم السلطات العمومية املتساوون أمامه‪ ،‬وامللزمون‬
‫باالمتثال له‪.‬‬

‫‪287‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ثانيا‪ :‬دعم برامج التنمية الجهوية‬

‫يعد برنامج التنمية الجهوية أهم آليات الحكامة على املستوى الترابي‪ ،‬باعتباره منطلقا لتحقيق الاندماج‬
‫والالتقائية بين التوجهات إلاستراتيجية لسياسة الدولة والحاجيات التنموية على املستوى الجهوي منخالل تنسيق‬
‫ألاعمال التنموية املقرر برمجتها أو إنجازها بتراب الجهة لتحقيق التنمية املستدامة ووفق منهج تشاركي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬دعم ومواكبة إعداد التصاميم الجهوية إلعداد التراب‬

‫يهدف التصميم الجهوي إلعداد التراب باعتباره الوثيقة املرجعية لتهيئة املجال ملجموع التراب الجهوي على‬
‫وجه الخصوص الى تحقيق التوافق بين الدولة والجهة حول تدابير تهيئة املجال وتأهيله وفقرؤية إستراتيجية‬
‫استشرافية‪ ،‬بما يسمح بتحديد توجهات واختيارات التنمية الجهوية وذلك من خالل‪:‬‬

‫‪ ‬وضع إلاطار العام للتنمية الجهوية املستدامة باملجاالت الحضرية والقروية‪،‬‬


‫‪ ‬تحديد الاختيارات املتعلقة بالتجهي‪،‬ات واملرافق العمومية الكبرى املهيكلة على مستوى الجهة‪،‬‬
‫‪ ‬تحديد مجالت املشاريع الجهوية وبرمجة إجراءات تثمينها وكذا مشاريعها املهيكلة‪.‬‬

‫وفي إطار تن‪،‬يل مقتضيات املادة ‪ 84‬من القانون رقم ‪ 555.59‬املتعلق بالجهات (مرسوم مؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪/2159‬‬
‫صدر بالجريدة الرسمية بتاريخ ‪ 2‬نونبر (‪ 2017‬املتعلق بتحديد مسطرة إعداد التصميم الجهوي إلعداد التراب‪.‬‬

‫ويهدف هذا املرسوم إلى تحقيق غايتين أساسيتين‪:‬‬

‫‪ ‬تمكين مجلس الجهة من بلورة منظور للتهيئة املجالية على مدى ‪ 21‬سنة من خالل إنجاز التصميم‬
‫الجهويألعداد التراب وفق توجهات السياسية العامة إلعداد التراب املعتمد على املستوى الوطني‪.‬‬
‫‪ ‬تعزيز التشاور وتحقيق الانسجام والتنسيق بين مختلف الفاعلين واملتدخلين في ميدان إعداد التراب على‬
‫املستوى الجهوي‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬دعم القدرات التدبيرية للجماعات الترابية‬

‫أ‪ -‬تعزيز الهياكل التنظيمية وتطوير أساليب التدبير إلاداري‪.‬‬

‫وذلك من خالل دعم ومواكبة إرساء إدارة الجماعات الترابية وهياكلها حيث عملت وزارةالداخلية على توجيه‬
‫الدوريات والدالئل التوضيحية ذات صلة بالجماعات الترابية والتي شملت إدارة الجهة وإدارة العمالة أو إلاقليم مرفقة‬
‫بنماذجللهياكل التنظيمية‪.‬‬

‫ب – املوارد البشرية‪.‬‬
‫تمكين الجماعات الترابية من املوارد البشرية املؤهلة للنهوض بأعباء إلادارة على املستوى الترابي من خالل‬
‫تفعيل آليات انتشار املوظفين فضال عن تفكير في اعتماد آلية التشغيل بموجب العقود بهدف استقطاب الكفاءات‬
‫والخبرات وسد الخصاص امللحوظ على املستوى املوارد البشرية املؤهلة واملتخصصة على مستوى الجماعات الترابية‪.‬‬
‫‪288‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خامسا‪ :‬تدبير ممتلكات الجماعات الترابية‬

‫لقد شكل تدبير ممتلكات الجماعات الترابية واملحافظة عليها دائما مثار جملة من الصعوبات وإلاكراهات‬
‫بسبب تعدد القوانين املنظمة لهذه املمتلكات‪ .‬ومن أجل تجاوز هذه الصعوبات فقد انكبت الوزارة الوصية على إعداد‬
‫مشروع قانون موحد يهدف باألساس إلى إقرار قواعد تتوخى تحديث أساليب ومساطر وتعزيز ألامالك العقارية للجماعات‬
‫الترابية واملحافظة عليها وتنميتها وتحسين مدا خيلها‪ ،‬بشكل يتالءم ومقتضيات الدستور الجديد والقوانين التنظيمية‬
‫للجماعات الترابية ويستجيب ملتطلبات التنمية املحلية‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬برامج التأهيل الحضري وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية‬

‫تعتبر برامج التأهيل الحضري وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية نموذجاللمشاريع التي يتم تنفيذها وفق‬
‫حكامة ترابية جيدة وتعمل الحكومة‪ ،‬في إطار مواكبتها للجماعات الترابية‪ ،‬على دعم ومتابعة هذه البرامج ا التي تشكل‬
‫جزءا من ألاوراشالكبرى التي تتوخى تحسين املشهد الحضري‪ ،‬وجاذبية املدن من خالل النهوض بالبنيات التحتية وتأهيل‬
‫املرافق وإعادة هيكلة ألاحياء الناقصة التجهي‪ ،‬إلىجانب معالجة املباني آلايلة للسقوط ‪.‬‬

‫املبحث الثاني‪ :‬مكانة الديمقراطية التشاركية والحكامة الترابية‪ :‬إلاكراهات‪ -‬املنطلقات‬

‫املطلب ألاول‪ :‬الديمقراطية التشاركية للحد من مركزية السلطة‬

‫كانت السلطة املركزية خالل مختلف العقود السالفة هي املستأثرة ملسلسل إعداد السياسات العامة وتنفيذها‪.‬‬
‫وعليه أثبتت الديمقراطية التمثيلية من خالل نخب البرملان وفي املجالس الترابية محدوديتها في إلاجابة عن مختلف‬
‫توقعات املواطنات واملواطنين وتطلعاتهم‪.1‬وقد حاول الدستور الحالي معالجة هذه إلاشكالية بهدف الحد مناملخاطر على‬
‫التوازن املؤسساتي ‪.‬‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬الديمقراطية التشاركية منهج استراتيجي إلعادة بناء املجال الترابي‬

‫نصت ديباجة دستور ‪ 2155‬على أن الهدف يكمن في تأسيس دولة حديثة‪ ،‬مرتكزاتها املشاركة والتعددية‬
‫والحكامة الجيدة‪ ،‬ونصت الفقرة الثانية من الفصل ألاول على أن النظام الدستوري للمملكة يقوم على أساس فصل‬
‫السلطات وتوازنهاوتعاونها والديمقراطية املواطنة والتشاركية وعلى مبادئ الحكامة الجيدة وربط املسؤولية باملحاسبة‪.2‬‬
‫وفي هذا السياق‪ ،‬ألزم النص الدستوري مجالس الجهات والجماعات الترابية ألاخرى من خالل الفصل ‪ 504‬من‬
‫الدستور املغربي بوضع آليات تشاركية للحوار والتشاور ‪،‬لتسير مساهمة املواطنات واملواطنين والجمعيات في إعداد‬
‫برامج التنمية وتتبعها وهو ألامر الذي سار عليه القانون التنظيمي للجهات تكملة وتن‪،‬يال للدستور‪ ،‬حيث نص في بابه‬
‫الرابع على" آلاليات التشاركية للحوار والتشاور" من القسم الثالث في املادة ‪ 556‬على إحداث مجالس الجهات آليات‬
‫للحوار والتشاور‪ ،‬وفي املادة ‪ 559‬حين نص على إحداث ثالث هيئات استشارية لدى مجلس الجهة‪ ،‬مما يجعل من ألامر‬

‫‪1‬محمد الغالي‪ ،‬دستور اململكة املغربية لسنة ‪ 2155‬في ضوء الربيع العربي‪ :‬جدلية الثابت واملتحول قضايا راهنة في التفكير العربي الحديث العدد ‪ ،2013،4‬ص‪.522:‬‬
‫‪2‬عبد الحق بلفقيه‪ ،‬قراءة دستورية في القوانين التنظيمية للجهات‪ ،‬مجلة مسالك للفكر والسياسة والاقتصاد‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ، 2011‬العدد‬
‫‪.09-00 :‬‬
‫‪289‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مبتغى يجعل من الحكامة التشاركية في التدبير التنموي للجماعات الترابية أحد ركائز التأهيل املؤسساتي للشأن الجهوي‬
‫باملغرب‪1.‬‬ ‫والترابي‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬مزايا الديمقراطية التشاركية‬


‫التالية‪2:‬‬ ‫من خالل دستور ‪ 2155‬تتمثل مزايا الديمقراطية التشاركية في الاعتبارات‬

‫‪ ‬تعتبر الديمقراطية التشاركية نظاما منهجيا في مجال التنمية‪ ،‬يمكن ألافراد والجماعات‪ ،‬عبر مسلسل‬
‫مؤسساتي تواصلي من تحديد حاجاتهم وأهدافهم والت‪،‬اماتهم على املستوى املحلي أو املجالي‪.‬‬
‫‪ ‬تعتبر الديمقراطية التشاركية نظاما يقوم على تثمين دور الوسطاء الاجتماعيين وتفعيله في مسلسل السياسات‬
‫العامة‪.‬‬
‫‪ ‬الديمقراطية التشاركية مجموعة من إلاجراءات والوسائل وآلاليات الكفيلة بتحقيق املشاركة الفعالة‬
‫للمواطنات واملواطنين‪ ،‬بصفتهم املباشرة في القرارات العامة التي تهم شؤون حياتهم إلى جانب الديمقراطية‬
‫التمثيلية‪ ،‬بهدف مصاحبتها وتجاوز بعض النقائص التي أفرزتها تطبيقاتها العملية من أجل تصحيح انحرافاتها‬
‫وتقويمها إذ يكمن الهدف في تعزيز أسس الحكم الصالح والرشيد‪.‬‬
‫‪ ‬الديمقراطية التشاركية إطارا ملساهمة السكان في عملية صنع السياسة على نحو يعزز الثقة بين الدولة‬
‫ومختلف مؤسساتها واملواطن‪ ،‬من أجل التعاون على إعطاء الحلول املناسبة للمشكالت املطروحة في مختلف‬
‫مراحل صنع القرار‪ ،‬حتى تدقيق تدبيره وتقييم نتائجه‪.‬‬

‫وعليه ومن أجل تحقيق هذه املقاصد أعطى دستور ‪ 2155‬مكانة أساسية للمجتمع املدني في مسلسل السياسات‬
‫العامة‪ ،‬فالفصل ‪ 52‬من دستور ‪" :2155‬تساهم الجمعيات املهتمة بقضايا الشأن العام‪ ،‬واملنظمات الغير الحكومية‪،‬‬
‫في إطار الديمقراطيةالتشاركية‪ ،‬في إعداد قرارات ومشاريع لدى املؤسسات املنتخبة والسلطات العمومية ‪.‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اكراهات منطلقات الحكامة الترابية‬

‫الفقرة ألاولى‪ :‬اكراهات الحكامة الترابية‬

‫‪ .1‬الاكراهات املوضوعية‬

‫تكمن هذه الاكراهات في ضعف شفافية التدبير املحلي الناتج عن عدة عوامل أبرزها‪:‬‬

‫‪ ‬طغيان التنظيم البيروقراطي‪،‬‬


‫‪ ‬انغالق التدبير وشخصانية السلطة‪،‬‬

‫‪1‬كريم لحرش الدستور الجديد للمملكة املغربية‪ ،‬شرح وتحليل‪ ،‬سلسلة العمل التشريعي والاجتهاد القضائي العدد ‪ .2152 ،0‬ص ‪. 595 :‬‬
‫‪2‬محمد الغالي نفس املرجع الصفحة‪.522 :‬‬

‫‪290‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ ‬تضخم املنظومة الهيكلية للجماعات والقواعد القانونية وتكاثر املساطر إلادارية والوثائق وإلافراط في اللجوء‬
‫إلى السلطة التقديرية للمسؤولين على املصالح‪،‬‬
‫‪ ‬بطء سير إلادارة وتعقد املساطر وضعف إلانتاجية وانتشار الال مباالة واتساع سياسة الكم على حساب‬
‫الجودة‪ ،‬بسبب غياب تنظيم عقالني في عملية التوظيف القائم على املحسوبية والزبونية‪،‬‬
‫‪ ‬وجود عدة نقائص على مستوى املوارد البشرية واملتمثلة في سوء توزيع الكفاءات وألاطر إداريا وجغرافيا‬
‫وعدم احترام مبادئ تكافئ الفرص وعدم تطبيق الحد ألادنى لألجور وغياب اشتراط املستوى التعليمي لتولي‬
‫مهام رئاسة الجهة وكذا عنصر الكفاءة في عضوية املجلس الجهوي‪.‬‬

‫الش ئ الذي يجعلنا أمام ضعف املخططات وهزاله الاستراتيجيات التنموية ناهيك عن غياب التنسيق والتعاون‬
‫فيما بين املصالح الخارجية وكذا مركزية القرار إلاداري‪.‬‬

‫إلى جانب ذلك‪ ،‬البد من إلاشارة في ذات السياق إلى ضعف املشاركة املباشرة للمواطنين في التدبير املحلي‪،‬‬
‫الش يء الذي يؤدي إلى ضعف استجابة إلادارة ويجعل مساطرها وهياكلها وإجراءاتها عوائق أمام التنمية الاقتصادية‬
‫املنشودة‪.‬‬

‫كما تعاني املالية املحلية أيضا من عدة اكراهات تعود أساسا إلى مسألة عدم تفعيل آليات الحكامة ومحدودية‬
‫استقاللية مي‪،‬انية الجماعات الترابية واعتمادها بشكل كبير على إمدادات الدولة وارتفاع مصاريف التسيير‪.1‬‬

‫‪ .2‬الاكراهات القانونية‬

‫كما هو معلوم ‪ ،‬جاءت القوانين التنظيمية للجماعات الترابية بعدة مستجدات على مستوى التدبير إلاداري‬
‫حيث تصب في اتجاه خلق حكامة ترابية جيدة على مستوى تدبير شؤونها وممارسة اختصاصاتها‪ ،‬إذ يالحظ على أن‬
‫الاختصاصات الحالية للجماعات الترابية هي نفسها التي كانت في القوانين السابقة باستثناء املستجد املتعلق‬
‫باالختصاصات املشتركة مع الدولة وباقي ألاشخاص العامة وهناك تشابه وتكرار لنفس الاختصاصات مع إشراك املجال‬
‫مع أصناف الجماعات الترابية ألاخرى‪ ،‬كما أنه تم التميي‪ ،‬بين مفهوم الاختصاصات و مفهوم الصالحيات ضمن القوانين‬
‫التنظيمية للجماعات الترابية بتخصيص كل واحدمنها قسما خاصا‪ ،‬بالرغم من تشابه هذين املصطلحين من جهة ‪،‬ومن‬
‫جهة أخرى فإن الباب التاسع من الدستور املتعلق بالجهات والجماعات الترابية يتحدث عن الاختصاصات فقط‪ ،‬لذلك‬
‫وجب التقييد بالنص‪.‬‬

‫أما فيما يتعلق بنظام املراقبة إلادارية‪ ،‬فلقد حافظ املشرع املغربي على املراقبة القبلية عبر التأشير على قرارات‬
‫املجلس والرئيس‪ ،‬حيث تمت تقوية دور الوالي والسلطات املكلفة بالداخلية في مجال املراقبة ومنح الوالة صالحيات‬
‫واسعة وأكبر من سلطات رؤساء الجهات كحق التعيين في الوظائف بالجهة وحق الرقابة إلادارية القبلية وهو مقتض ى‬

‫‪1‬حكيمة ماهر‪ ،‬الحكامة الترابية ورهان التنمية‪ ،‬املوقع إلالكتروني هسبريس‪ ،‬الجمعة ‪56‬فبراير ‪.2122‬‬

‫‪291‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫يتعارض مع الفصل ‪506‬من الدستور وكذلك الفصل ‪ 596‬الذي يمنح الجهات والجماعات حق تدبير شؤونها بكيفية‬
‫ديمقراطية‪.‬‬

‫وتشير أيضا القراءة املتأنية ملقتضيات القوانين التنظيمية املتعلقة بالجماعات الترابية إلى رصد مجموعة من‬
‫املالحظات املتمثلة أساسا في إحداث ‪ 0‬قوانين تنظيمية للجماعات الترابية‪ ،‬بالرغم من عدم تنصيص الدستور على‬
‫ذلك صراحة‪ ،‬حيث نص الفصل ‪596‬على أنه " تحدث بقانون تنظيمي بصفة خاصة شروط تدبير الجهات والجماعات‬
‫الترابية لشؤونها بكيفية ديمقراطية وعدد أعضاء مجالسها او القواعد املتعلقة بأهلية الترشيح وحاالت التنافي وحاالت‬
‫منع الجمع بين الانتدابات وكذا النظام الانتخابي" في حين أن املشرع الفرنس ي جمع كل هذه املقتضيات في مدونة‬
‫واحدة‪.‬‬

‫‪ .3‬الاكراهات البنيوية‬

‫لقد اصطدمت الحكامة الترابية بمجموعة من العراقيل نتيجة تباين وتفاوت بين الجماعات الترابية واختالف‬
‫القدرات الاقتصادية لكل منها‪،‬ناهيك عن التفاوت بين الجماعات على املستوى الاجتماعي خاصة الفقيرة منها‪،‬فعلى‬
‫الرغم من وجود كل املقومات التي تتطلبها تنمية الجماعات الترابية وتطورها‪ ،‬إال أنها تعرف ضعفا ملحوظا في عدة‬
‫مستويات‪ ،‬ويرتبط هذا الضعف أساسا في التفاوتات املجالية‪ ،‬التي تتجلى في انعدام املساواة بين الجهات في التوزيع‬
‫املجالي لالستثمارات و املؤسسات واملقاوالت العمومية حيث نجد استحواذأربع جهات على ما يناهز ‪ %68‬من الاستثمارات‬
‫املرصودة‪ ،‬وتتصدر قائمة هذه الجهات كل من جهة الرباط –سال – القنيطرة وجهة الدار البيضاء‪ -‬سطات ثم‬
‫جهةمراكش أسفي‪ ،‬وأخيرا جهة طنجة تطوان الحسيمة‪.‬‬

‫كما يتجلى أيضا هذا التفاوت بشكل جلي وواضح في قطاع التعليم الذي يعاني من غياب كل مقومات التعليم‬
‫العصري بغالبية املناطق القروية وعدم توفر هذه املناطق على مؤسسات التكوين املنهي وغياب التعليم العالي‬
‫واملؤسسات الجامعية في عدة جهات وتمركزها في املدن الكبرى وضعف البنيات التحتيةوالتجهي‪،‬ات وصعوبة التنقل‬
‫وتفاقم الهدر املدرس ي خصوصا بالعالم القروي‪ ،‬ما يعانيه قطاع التعليم من أزمة خانقة‪ .‬نجده أيضا في كل القطاعات‬
‫ألاخرى كالصحة والسكن‪...‬إلخ‪ .‬ومن أبرز مؤشرات التفاوت الاجتماعي نجد فئة كبيرة قدعانت وال زالت تعاني من عدة‬
‫مشاكل اجتماعية أبرزها الفقر والهشاشة والبطالة وألامية وإلاقصاء الاجتماعي وانتشار دور الصفيح‪. 1‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬منطلقات الحكامة الترابية‬

‫تعتبر الحكامة الترابية في املغرب كهدف مبتغى من جميع السياسات العمومية واملحلية ملستقبل واعد تنتظره‬
‫جميع املكونات الوطنية من سياسيين وأكاديميين‪ ،‬بل جميع املواطنين‪ ،‬وهي أيضا إحدى النتائج املستهدفة من الجهوية‬

‫‪1‬متطلبات الحكامة في التنمية الترابية ملفات أبحاث في الاقتصاد والتسيير العدد الرابع الجزء ألاول ‪:‬شتنبر ‪.2151‬‬
‫‪292‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫املتقدمة والال تمركز الواسع‪ .‬إال أن هذا املبتغى ال يمكن تحقيقه إال بدعم الجماعات الترابية برد الاعتبار ألسلوب‬
‫الالتركي‪ ،‬إلاداري‪1‬‬

‫وتعتبر التدابير املطلوبة لتفعيل مساهمة الال تمركز إلاداري باملغرب في التنمية الترابية ليست تلك إلاجراءات‬
‫أو ردود ألافعال الروتينية التي كانت مألوفة دائما في هذا املجال بل البد من إصالحات حقيقية وجوهرية وتتجلى أبرز‬
‫هذه إلاصالحات في تأهيل املصالح الال مركزية لتكون محورا فعليا لكل الوظائف التنفيذية واملحلية للدولة داخل‬
‫النطاق الترابي الذي تزاول فيه نشاطها‪ .‬لذا يجب العمل على تنمية إلادارة الترابية للدولة أوال بمنحها الوسائل املالية‬
‫والبشرية الضرورية للقيام بمهامها‪.2‬‬

‫ولعل من شأن إجراء نوع من الحركية وإعادة الانتشار بينموظفياإلدارةاملركزيةوموظفي املصالح املركزية أن‬
‫يمكن إلادارة الترابيةللدولة من كفاءات عليا وطاقات حيوية فهي في نفس الوقت أداة تؤدي إلى التجديد والتخفيف‬
‫للدولة‪3.‬‬ ‫من التباطؤ والتثاقل الذي كثيرا ما تؤاخذ عليه إلادارة الترابية‬

‫وفي هذا الصدد‪ ،‬نستحضر ما أشار إليه امللك الراحل الحسن الثاني في خاطبه بمناسبة افتتاح أشغال‬
‫املناظرة الوطنية السابعة للجماعات الترابية حيث قال " ‪...‬فعلينا إذن في هذه املناظرة أال نتعرف بأفكارنا في طرق عدة‬
‫ملتوية علينا أن نجعل الال مركزية ال تتعثر في الدروب الصغيرة وامللتوية لال تمركز‪ ،‬وأعتقد أن هذا يقتض ي منا قبل كل‬
‫ش يء ‪...‬أن نطلب من جميع الوزارات واملصالح العمومية أن توفد أحسن أبنائها إلى ألاقاليم والجهات وعلينا نحن في‬
‫الرباط في وزارتي الداخلية واملالية أن نرى كيف أن نوسع نطاق التعرف على لهؤالء املوظفين‪4.‬‬

‫إن عملية تحقيق التنمية الترابية ال يمكن اخت‪،‬الها في مجرد إصدار نصوص قانونية جديدة تضاف إلى‬
‫النصوص املوجودة‪ ،‬وال في تفريغ هياكل إدارية تضاف إلى جانب الهياكل املتوفرة‪ .‬بل البد من رؤية شمولية ومنهجية‬
‫علمية دقيقة ذات أهداف مدروسة ومسطرة‪.‬‬

‫وبناء عليه‪ ،‬ومن أجل النهوض باملقاربة الترابية للتنمية وجعلها فعلية وفعالة أصبح من الضروري الاعتماد‬
‫على منهجية علمية وتنظيمية في إلادارة املحلية املتعلقة بالال تمركز‪.‬‬

‫وال شك هنا أن تفعيل مبدأ التشارك أو املقاربة التشاركية‪ ،‬بين إلادارة املركزية ومصالحها الال ممركزة يعني‬
‫أن تنقل العالقة السائدة بينهما من التبعية إلى التعاقد‪ ،‬ويعني من جهة أخرى تزويد ا ملصالح بأكبر قدر من هامش‬
‫الحرية واملبادرة في تدبير إلامكانيات والوسائل املمنوحة ‪.‬‬

‫‪1‬نفس املرجع السابق‬


‫‪2‬عبد الكريم بخنوش " الال تركي‪ ،‬إداري حضوره في رفع مستوى التدبير إلاداري" منشورات املجلة املغربية إلادارة املحلية والتنمية عددمزدوج‪ 2116 ،69/66‬ص‪.94‬‬
‫‪3‬متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب ملفات أبحاث في الاقتصاد والتسيير العدد الرابع الجزء ألاول شتنبر ‪.2151‬‬
‫‪4‬الال مركزية وعدم التركي‪ ،‬أعمال املناظرة الوطنية السابعة للجماعات املحلية‪ ،‬الدار البيضاء ‪ 25-54‬أكتوبر ‪ 5448‬منشورات سلسلة نصوص ووثائق‪ ،‬العدد ‪.5444 ، 21‬‬

‫‪293‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ومن أجل تطوير الحكامة الجيدة وتفعيل قواعدها‪ ،‬ينبغي دعم القدرات التدبيرية للجماعات الترابية‪ ،‬عبر‬
‫تحديث أساليب التدبير‪ .‬وطاملا أنه قد تم إصدار الدوريات مرفقة بنماذج للهياكل التنظيمية الخاصة بالهيئات الترابية‪،‬‬
‫وإحداث الوكاالت الجهوية لتنفيذ املشاريع‪ ،‬وإعطاء الانطالقة ألنشطة عدد منها‪ ،‬باملصادقة على مي‪،‬انياتها ومنظماتها‬
‫وألانظمة ألاساسية ملوظفيها‪ ،‬فإن الظروف تعتبر مواتية إلعطاء دفعة قوية ملمارسة تدبيرية جديدة‪.‬‬

‫ومن أجل تقوية الهياكل التنظيمية‪ ،‬من الالزم التسريع بتفعيل وهيكلة البنيات التي نص عليها ميثاق الالتمركز‬
‫إلاداري‪ ،‬ودعم مجالس الجماعات الترابية بما فيها مجالس الجهات‪ ،‬على تحديث ومالئمة هياكلها ورقمنه أدوات عملها‪،‬‬
‫وتعزيز قدرات البنيات املنتخبة وإلادارية الصرفة‪ ،‬في هذا املجال‪ ،‬من أجل الشروع في اعتماد نظام معلوماتي جهوي‪،‬‬
‫يوفر شروط تفعيل نظام حديث للتدبير يرتكز أساسا على النتائج وألاهداف وغيرها من املقاربات التدبيرية التي من‬
‫شأنها تحسين حكامتها الترابية وضمان تواصلها البيني والخارجي‪ ،‬استجابة ملا تحتاجه من فاعلية وسرعة ونجاعة‪.‬‬

‫ولتلك الغاية‪ ،‬بات من املنطقي الدعوة إلى تمكين املجاالت الترابية من املوارد البشرية الالزمة من خالل العمل‬
‫على تكوين أطر في التخصصات املشار إليها أو باتخاذ تدابير إعادة انتشارها أو بالعمل على التوظيف أو التشغيل املباشر‪.‬‬
‫ومن املرتكزات القانونية في هذا املجال‪ ،‬صدور مرسوم ‪ 1‬غشت ‪ 2151‬الذي يؤسس لنقل املوظفين تلقائيا أو بناء على‬
‫طلب‪ .‬كما صدر مرسوم ‪ 01‬يناير ‪ ،2159‬الذي فتح إمكانية إلالحاق لدى الجماعات ملدة ‪ 0‬سنوات‪ ،‬قابلة للتجديد مع‬
‫القابلية لإلدماج‪ .‬وكيفما كان الحال‪ ،‬فإن الحاجة ماسة من أجل تأهيل املوظفين وتطوير الحكامة‪ ،‬إلى اعتماد التكوين‬
‫املستمر وجدولته لفائدة العاملين‪.‬‬

‫ويعتبر تدبير املمتلكات الخاصة بالجماعات الترابية‪ ،‬إحدى أهم القضايا التي ينبغي العناية الفائقة بحكامتها‪،‬‬
‫السيما ألن الحاجة ماسة في الوقت الراهن ملنظومة قانونية تستهدف تحديث أساليب ومساطر تدبير ألامالك العقارية‬
‫واملنقولة وتنميتها وإصالحها بشكل يستجيب لحاجيات ومتطلبات التنمية املحلية‪ .‬ومن املستحسن واملطلوب العمل على‬
‫توفير الخبرة الاستشارية والقانونية املتعلقة بالتدبير‪ ،‬وتنظيم الدورات التكوينية‪ ،‬وإعداد دليل عملي شامل ملختلف‬
‫املساطر‪ ،‬والعمل على تفعيل النصوص القانونية ذات الصلة باملوضوع‪ ،‬التي يتضمنها القانون التنظيمي ملجالس‬
‫العماالت وألاقاليم‪ ،‬وعلى وجه الخصوص مقتضيات الفصلين ‪ 229‬و ‪ 228‬منه‪ ،‬الذين يلزمان إلادارات الوصية بتصفية‬
‫قضايا توزيع املوظفين وحل مشاكل العقارات والبنايات في غضون ‪ 01‬شهرا من نشر القانون التنظيمي املشار إليه‪.‬‬

‫ومن أجل دعم حكامة صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات‪ ،‬فقد تم اعتماد املرسومين‬
‫الخاصين بهما‪ ،‬متضمنين ملعايير الاستفادة منهما‪ .‬وفي هذا الشأن تم تطبيق املادة ‪ 205‬من قانون تنظيم الجهات فيما‬
‫يخص صندوق التأهيل الاجتماعي بمقتض ى مرسوم ‪ 21‬نونبر ‪ ،2159‬وتحديد معايير الاستفادة من صندوق التضامن‬
‫بين الجهات بمقتض ى مرسوم صادر في نفس التاريخ بشأن معايير توزيع مداخيله بين الجهات‪ .‬ومن البديهي أن يتم‬
‫التفكير في سبل تقييم املمارسة العملية والتطبيق العملي ملعايير التوزيع املنصوص عليها في القوانين التنظيمية‪.‬‬

‫وفيما يخص برامج التأهيل الحضري‪ ،‬وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية‪ ،‬فقد كان من املفضل تحديد‬
‫نموذج للمشاريع التي يتم تنفيذها وفق حكامة ترابية جيدة‪ ،‬وذلك بإعادة هيكلة تدخالت الجماعات الترابية وإدراجها‬

‫‪294‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ضمن مقاربة شمولية تتوخى الاندماج والالتقائية عبر بلورة برامج تنموية متماسكة ومتكاملة قائمة على الشراكة‬
‫والتعاقد مع مختلف الفاعلين‪ ،‬مع إقرار دور للحكومة في مواكبة تلك البرامج‪.‬‬

‫خــاتـمـة‬

‫إن قراءة موضوعية للتجربة املغربية في ميدان املقاربة الترابية للتدبير العمومي ملا يزيد عن ‪ 11‬سنة بعد‬
‫حصول املغرب على استقالل ‪،‬تظهر على أن هناك تطورا في هذا املجال من خالل سعي الدولة إلى إرساء أسس نظام‬
‫التدبير الترابي للشؤون العمومية ‪ ،‬غير أن البحث في الاشكاليات التي يطرحها املوضوع متطلبات الحكامة الترابية باملغرب‬
‫كجزء من هذا النظام‪ ،‬وكيفية مقاربته من قبل السلطات العمومية في إطار املشاريع التنموية وإلاصالحية‪،‬تؤدي‬
‫بالباحث إلى الخروج بخالصة جوهرية مضمونها أن املغرب لم يعرف سياسة عمومية متكاملة وشاملة في مجال التنمية‬
‫الترابية‪ ،‬وإنما يعمل على إحداث أدواتها حسب متطلبات الظرفية‪ .‬ووفق النظرة التي يطغى عليها التصور املركزي‬
‫والتخصص القطاعي والصبغة العمودية والرؤية الانفرادية للقطاعات الوزارية املختلفة‪.‬‬

‫ولعل من أبرز ألادلة على ذلك تلك الفجوة الصارخة التي تكرست عبر تاريخ الدولة املغربية الحديثة‪ ،‬متمثلة‬
‫في مفارقة بنيوية عميقة ذات وجهين بمالمح عمودية وأفقية وأولها ما تم رصده على الدوام من تناقض وتضادومعاكسة‬
‫بين ما يقال على مستوى الخطاب السياس ي للمقاربة الترابية‪ ،‬وبين ما هو موجود ومكرس على مستوى املمارسة والواقع‬
‫العملي حيث توجد إدارة ترابية همها ألاساس ي الحفاظ على النظام وألامن وإدارة محلية منتخبة عاجزة وغير قادرة‬
‫ممثلة بنخب سياسية معظمها فاشلة وينخرها الفساد السياس ي‪.‬‬

‫املراجع‪:‬‬

‫حكيمة ماهر‪ ،‬الحكامة الترابية ورهان التنمية‪ ،‬املوقع الالكتروني هسبريس‪ 56،‬نونبر ‪2158‬‬ ‫‪‬‬
‫سعيد جفري الجماعات الترابية باملغرب" مطبعة الجديدة الدار البيضاء ‪.2156‬‬ ‫‪‬‬
‫الشرقي نصرو وشحش ي عبد الرحمان‪ ،‬الجهوية املوسعة في الخطب امللكية بين التحليل السيميائي والتحليل السياس ي‪ ،‬منشور‬ ‫‪‬‬
‫بسلسلة الالمركزية املحلية العدد ‪ 6‬الطبعة ألاولى ‪.2151،‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 5.55.45‬صادر ‪ 29‬شعبان ‪24/5902‬يوليوز ‪ 2155‬بتنفيذ نص الدستور عدد ‪ 01 /1469‬يوليوز‪ ،2011‬الصفحة‬ ‫‪‬‬
‫‪0629-0611‬‬
‫عبد الحق بلفقيه‪ ،‬قراءة دستورية في القوانين التنظيمية للجهات‪ ،‬مجلة مسالك للفكر والسياسة والاقتصاد مطبعة النجاح‬ ‫‪‬‬
‫الجديدة الدار البيضاء ‪ 2011‬العدد ‪09-00‬‬
‫عبد الرحمان جمجامة‪ ،‬إلادارة الالمركزية مع الالتمركز وسياسة القرب في الخطاب والنشاط امللكي من محمد الخامس إلى‬ ‫‪‬‬
‫محمد السادس‪ ،‬دار السالم للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.2119،‬‬
‫عبد الكريم بخنوش " الالتركي‪ ،‬إداري حضوره في رفع املستوى التدبير إلاداري" منشورات املجلة املغربية إلادارة املحلية والتنمية‬ ‫‪‬‬
‫عددمزدوج‪. 2116 ، 69/66‬‬
‫علي السدجاري "الدولة وإلادارة بين التقليد والتحديث"‪ ،‬دار املناهل للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط ‪.5449،‬‬ ‫‪‬‬
‫كريم لحرش الدستور الجديد للمملكة املغربية‪ ،‬شرح وتحليل‪ ،‬سلسلة العمل التشريعي والاجتهاد القضائي العدد ‪.2152 ،0‬‬ ‫‪‬‬
‫الال مركزية وعدم التركي‪ ،‬أعمال املناظرة الوطنية السابعة للجماعات املحلية‪ ،‬الدار البيضاء ‪ 25-54‬أكتوبر ‪ 5448‬منشورات‬ ‫‪‬‬
‫سلسلة نصوص ووثائق‪ ،‬العدد ‪.5444 ، 21‬‬
‫متطلبات الحكامة في التنمية الترابية باملغرب ملفات أبحاث في الاقتصاد والتسيير العدد الرابع الجزء ألاول شتنبر ‪.2151‬‬ ‫‪‬‬

‫‪295‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫متطلبات الحكامة في التنمية الترابية ملفات أبحاث في الاقتصاد والتسيير العدد الرابع الجزء ألاول ‪:‬شتنبر ‪2151‬‬ ‫‪‬‬
‫محمد الغالي دستور اململكة املغربية لسنة ‪ 2155‬في ضوء الربيع العربي‪ :‬جدلية الثابت واملتحول قضايا راهنة في التفكير العربي‬ ‫‪‬‬
‫الحديث العدد‪2150 ، 4‬‬
‫مليكة الصروخ العمل إلاداري دار القلم القامرة الرباط الطبعة ألاولى ‪.2152‬‬ ‫‪‬‬
‫ميشل روس ي املؤسس إلاداري باملغرب‪ ،‬الشركة املغربية للطباعة والنشر‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة ألاولى ‪.5448،‬‬ ‫‪‬‬
‫نص الخطاب امللكي املوجه إلى ألامة في ‪ 0‬يناير ‪ 2151‬بمناسبة تنصيب اللجنة الاستشارية للجهوية‪www.maroc.ma‬‬ ‫‪‬‬

‫‪296‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫التغايرية املناخية وصمود ألاوساط البيئية الهشة باملغرب‪:‬‬


‫حالة واحات درعة العليا والوسطى‬
‫‪Climate Variability and the Resilience of the Fragile Environmental Circles in‬‬
‫‪Morocco: The Case of High and Middle Drâa Oases‬‬

‫ابراهيم امليموني‬
‫أستاذ باحث‪ ،‬فريق بحث املجال واملجتمع والبيئة وإلاعداد والتنمية‬
‫كلية اللغات والفنون والعلوم إلانسانية أيت ملول‪ ،‬جامعة ابن زهر أكادير‪ ،‬املغرب‪.‬‬
‫‪b.elmaimouni@uiz.ac.ma‬‬

‫الملخص‪:‬‬
‫تعد واحات درعة من املنظومات البيئية الهش ـ ــة التي تتأثر بالتغايرية املناخية‪ ،‬إذ على س ـ ــبيل املثال تعرف س ـ ــيادة تغيرية مطرية‬
‫فصـ ـ ـ ــليـة وسـ ـ ـ ــنويـة‪ .‬وبمـا أن التس ـ ـ ـ ـاقطات ال تسـ ـ ـ ــهم كثيرا في توفير موارد مائية سـ ـ ـ ــطحية خاصـ ـ ـ ــة بدرعة الوسـ ـ ـ ــطى‪ ،‬إال في بعض الفترات‬
‫الاسـتثنائية‪ ،‬التي تشـهد زخات مطرية عنيفة ومركزة زمنيا ومجاليا‪ ،‬تنتج عنها غالبا فيضـانات سيلية‪ ،‬فإن تغطية العجز املائي الذي تعرفه‬
‫املنطقة يتم عبر الواردات آلاتية من درعة العليا‪ ،‬التي تتلقى تساقطات مطرية وثلجية مهمة‪.‬‬
‫في مقابل ذلك‪ ،‬تعرف املنطقة ارتفاعا في درجة الحرارة‪ ،‬التي تتمي‪ ،‬معدالتها بتغايرية ش ــهرية وفص ــلية كبيرة‪ ،‬مما يجعل الحص ــيلة‬
‫الهيدرولوجية تتسـم بالعجز الدائم‪ ،‬وبالتالي سـيادة الجفاف البنيوي‪ .‬الشـ يء الذي فرض على السـاكنة املحلية منذ استقرارها واستغاللها‬
‫للمجال‪ ،‬ابتكار أدوات وتقنيات مساعدة على التأقلم مع خصوصيات هذا الوسط البيئي الهش‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحة‪ :‬واحات درعة‪ ،‬ألاوساط البيئية‪ ،‬التغايرية املناخية‪ ،‬املوارد املائية‪ ،‬الهشاشة‪.‬‬

‫‪Abstract:‬‬
‫‪Oases of Drâa are among the fragile ecosystems that are afflicted by climatic variability‬‬
‫‪and the dominance of inconsistent seasonal and annual rainfall levels. Precipitation does not‬‬
‫‪contribute much to the provision of surface water resources especially in the Middle Drâa. Yet,‬‬
‫‪in some exceptional periods, the region witnesses violent and concentrated rain showers in time‬‬
‫‪and space, which often result in torrential floods. Hence, the water deficit in the region is‬‬
‫‪covered by imports coming from Upper Drâa, which receives important rain and snowfall.‬‬
‫‪In contrast, the region is characterized by the rise of temperature and large monthly and‬‬
‫‪quarterly heterogeneity rates which leads to a permanent hydrological deficit and the‬‬
‫‪predominance of structural drought. This impelled the local population since its inhabitance‬‬
‫‪and exploitation of this space to create tools and techniques to help adapt to the specificities of‬‬
‫‪this fragile environment.‬‬
‫‪Keywords: Drâa Oases, Environmental Cicles, Climate variability, Water Resources,‬‬
‫‪Vulnerability.‬‬

‫‪297‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مقدمة‬
‫تتمي‪ ،‬املنظومــات الواحيــة عمومــا بنــدرة املوارد املــائيــة‪ ،‬نظرا لتــداخ ـل عوامــل طبيعيــة وبش ـ ـ ـ ـريــة في إنتــاج هــذه‬
‫ألاوسـ ـ ــاط‪ ،‬يتجلى ذلك باألس ـ ـ ــاس في قلة التس ـ ـ ــاقطات املطرية وعدم انتظامها زمنيا ومجاليا‪ ،‬زد على ذلك كونها تعرف‬
‫تغايرية فص ــلية وس ــنوية متوس ــطة على العموم‪ .‬نفس الشـ ـ يء بالنس ــبة لدرجة الحرارة التي تش ــهد تغايرية كبيرة‪ ،‬حيث‬
‫التباينات الحرارية الشـ ـ ــهرية والفصـ ـ ــلية والسـ ـ ــنوية ملحوظة‪ ،‬مما يجعل املدى الحراري يكون مرتفعا‪ ،‬وهذه مؤش ـ ـ ـرات‬
‫دالة على أن هذه الواحات تتأثر بالتغايرية املناخية‪.‬‬

‫وفي ظل هذه الوضــعية‪ ،‬تعرف هذه ألاوســاط تردد ظواهر قصــوى تطبع املناخ املحلي بطابع صــحراوي‪ ،‬ســيماته‬
‫الجفاف الدائم والفيضـ ــانات الاسـ ــتثنائية‪ .‬غير أن حدة هذه الظواهر في تزايد مطرد‪ ،‬خاص ـ ــة في ظل التغيرات املناخية‬
‫املعاص ـ ـ ــرة‪ ،‬التي أثرت بش ـ ـ ــكل كبير على هذه املجاالت العطوبة‪ ،‬والتي زادت من وقع التغايرية املناخية على املنظومات‬
‫الواحية‪.‬‬
‫‪ .1‬إلاشكالية واملنهجية املعتمدة في التحليل والدراسة‬
‫‪ .1.1‬توطين مجال الدراسة‬
‫يمتد مجال الدراس ــة من الس ــفوح الجنوبية لألطلس الكبير إلى جنوب واحة امحاميد (الخريطة رقم‪ ،)5:‬ويض ــم‬
‫حوض ي درعة العليا ودرعة الوسطى‪:‬‬
‫‪ -‬درعـة العليـا ‪ :‬تمتـد من الس ـ ـ ـ ــفوح الجنوبيـة لألطلس الكبير إلى س ـ ـ ـ ــد املنصـ ـ ـ ـ ـور الذهبي بزاوية النورباز جنوب مدينة‬
‫ورزازات‪.‬‬
‫‪ -‬درعة الوسطى‪ :‬تمتد من سد املنصور الذهبي إلى واحة امحاميد‪ ،‬وتشمل ست واحات تنتظم تواليا من العالية إلى‬
‫السـ ـ ــافلة‪ ،‬وهي‪ :‬مزكيطة‪ ،‬وتن‪،‬ولين‪ ،‬وترناتة‪ ،‬وفزواطة‪ ،‬واكتاوة وامحاميد‪ ،‬على مسـ ـ ــافة تناهز ‪ 211‬كلم وبمسـ ـ ــاحة‬
‫إجمالية تقدر بحوالي ‪ 019.214‬هكتار ا (‪.)ORMVAO, juillet 1995, p1‬‬

‫‪298‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خريطة رقم ‪ :1‬توطين مجال الدراسة (حوض ي درعة العليا والوسطى)‬

‫‪modifiée. Source: Karmaoui A, et Autres, 2014, p2,‬‬

‫‪ .2.1‬إلاشكالية‬
‫يتمي‪ ،‬املجال الواحي بدرعة ألاوس ــط بحص ــيلة مائية س ــلبية‪ ،‬حيث التس ــاقطات املطرية ض ــعيفة وغير منتظمة‪،‬‬
‫كما أنها تعرف تغايرية متوسـ ـ ـ ــطة على العموم‪ ،‬وبالتالي فالوفرة املائية ترتبط بش ـ ـ ــكل وثيق بالفترات "الرطبة" التي قد‬
‫تنتج عنها فيضـ ــانات سـ ــيلية‪ ،‬بفعل تركز التسـ ــاقطات املطرية (زخات عنيفة) زمنيا ومكانيا‪ ،‬مما يوفر حجما مائيا مهما‬
‫يستغل في ري الواحات‪ .‬لكن تبقى الخاصية التي تطبع املناخ الواحي هي الجفاف البنيوي‪.‬‬

‫باعتبار أن درعة العليا هي املصدر املائي ألاساس ي لواحات درعة الوسطى‪ ،‬نظرا لتلقيها تساقطات مطرية وثلجية‬
‫مهمـة‪ ،‬فـإن دراس ـ ـ ـ ــة ظـاهرة التغـايريـة املناخية بدرعة العليا‪ ،‬السـ ـ ـ ــيما منها املرتبطة بالتغيرية املطرية‪ ،‬يحظى باألهمية‪،‬‬
‫حيــث أن معــالجــة موضـ ـ ـ ــوع املــاء بــالواحــات يقتض ـ ـ ـ ـ ي بــدايــة دراسـ ـ ـ ـ ــة هيــدرومنــاخيــة دقيقــة لحوض درعــة العليــا‪ .‬ومنــه‬
‫فالسؤال املحوري إلشكالية املوضوع هي كاآلتي‪:‬‬
‫ما مظاهر التغايرية املناخية بمجال الدراسة وما آثارها املجالية؟ وكيف استطاعت الساكنة املحلية التكيف والصمود‬
‫في ظل هذه الوضعية؟‬
‫‪ .3.1‬أهداف وفرضيات الدراسة‬
‫نهـدف من خالل هــذه املس ـ ـ ـ ــاهمــة إلى تش ـ ـ ـ ــخيص مظــاهر التغـايريــة املنــاخيـة بــدرعــة العليــا والوس ـ ـ ـ ــطى‪ ،‬ورص ـ ـ ـ ــد‬
‫انعكـاسـ ـ ـ ــاتهـا على املنظومـات البيئية الواحية‪ ،‬ثم التعرف على أشـ ـ ـ ــكال تكيف السـ ـ ـ ــاكنة املحلية مع آثار هذه الظاهرة‬
‫املناخية‪.‬‬
‫‪299‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫ولتحقيق هذه ألاهداف‪ ،‬تم صياغة الفرضيات آلاتية‪:‬‬


‫‪ -‬تؤثر ظاهرة التغايرية املناخية على املنظومات الواحية العطوبة‪ ،‬السـ ـ ــيما على املوارد املائية وعلى النشـ ـ ــاط الزراعي‬
‫الذي يعد محور اقتصاد الواحة؛‬
‫‪ -‬تزايد حدة آثار التغايرية املناخية في ظل التغيرات املناخية املعاصـ ـ ــرة‪ ،‬أثر باسـ ـ ــتمرار على املنظومة الواحية‪ ،‬وأنتج‬
‫تحوالت في آليات تدبير الوسط‪.‬‬
‫‪ .3.1‬منهجية الدراسة‬
‫إن دراسة موضوع يتعلق بإشكالية التغايرية املناخية وصمود ألاوساط الواحية الهشة بدرعة العليا والوسطى‪،‬‬
‫تطلب منهجية عمل خاص ــة؛ من تكوين رص ــيد نظري ومعرفي حول موض ــوع ومجال الدراس ــة‪ ،‬والاعتماد على س ــلس ــلة‬
‫مناخية تجاوزت ثالثين سـنة‪ ،‬تهم التساقطات املطرية لبعض محطات الرصد‪ .‬كما اعتمدنا على البحث امليداني الذي‬
‫من خالله تمكنا من معرفة أش ـ ــكال تكيف الس ـ ــاكنة املحلية عامة والفالحين بش ـ ــكل خاص مع آثار الظواهر القص ـ ــوى‬
‫املتطرفة كالجفاف والفيضـ ــانات‪ ،‬ومنه تم تشـ ــخيص مظاهر صـ ــمود هذه ألاوسـ ــاط البيئية الهشـ ــة في وجه التحديات‪،‬‬
‫السيما املرتبطة بندرة املوارد املائية باعتبارها إحدى العناصر ألاساسية املكونة للمنظومة الواحية‪.‬‬
‫كمــا وظفنــا في معــالجــة هــذا املوضـ ـ ـ ــوع‪ ،‬املنهج الجغرافي املبني على الوص ـ ـ ـ ــف واملقــارنــة والتحليــل‪ ،‬تجلى ذلــك في‬
‫تشخيص مظاهر التغايرية املناخية وتحليلها‪ ،‬مع رصد انعكاساتها على املجال الواحي بدرعة الوسطى‪ ،‬بتوظيف أدوات‬
‫التعبير الجغرافي‪.‬‬
‫‪ .2.1‬مصدر املعطيات املعتمدة‬
‫تم الحصول على املعطيات املعتمدة في هذه املقالة‪ ،‬واملتعلقة بالتساقطات املطرية والحرارة لبعض املحطات‬
‫الرصدية بدرعة العليا والوسطى‪ ،‬من جهات متنوعة‪ ،‬منها املديرية إلاقليمية للتجهي‪-،‬مصلحة املاء‪ -‬بورزازات‪ ،‬ووكالة‬
‫الحوض املائي لدرعة واد نون مندوبية ورزازات‪ ،‬ثم املكاتب الجهوية لالستثمار الفالحي بورزازات وبأكدز وزاكورة‪.‬‬
‫وقد تم استثمار هذه املعطيات خاصة املتعلقة بالتساقطات املطرية‪ ،‬في تحديد الخصائص املناخية املمي‪،‬ة‬
‫للمجال‪ ،‬وذلك بعد إخضاع هذه إلاحصائيات لدراسة نقدية بطرق مختلفة (الطريقة التراكمية والتراكم املزدوج)‪.‬‬
‫‪ .2‬تشخيص مظاهر التغايرية املناخية بحوض ي درعة العليا والوسطى‬
‫عمومــا‪ ،‬يتمي‪ ،‬حوض درعــة بقس ـ ـ ـ ــاوة الظروف املنــاخيــة‪ ،‬حيــث تزداد حــدة العنـاصـ ـ ـ ــر املنــاخيــة كلمــا اتجهنــا من‬
‫العالية نحو الس ــافلة‪ ،‬إذ تش ــكل جبال ألاطلس الكبير حاجزا طبيعيا أمام تس ــرب املؤثرات املناخية الرطبة القادمة من‬
‫املحيط‪ ،‬وباملقابل فاملنطقة منفتحة على املؤثرات الصـحراوية‪ ،‬مما يجعل املناخ املحلي يتسـم بالقساوة‪ .‬وبالتالي تعرف‬
‫درجة الحرارة ارتفاعا في فص ــل الص ــيف‪ ،‬تص ــل إلى مس ــتويات قياس ــية تتجاوز ‪ 91‬درجة في شـ ــهر يوليوز بزاكورة‪ ،‬وقد‬
‫تقل عن ‪ 51‬درجات في فصل الشتاء‪.‬‬

‫وبما أن املجال الحاض ـ ـ ــن للواحات املغربية ينتمي بشـ ـ ـ ــكل عام للنطاق الجاف الذي يمثل أحد النطاقات ألاربع‬
‫ألاســاســية املشــكلة للتراب الوطني‪ ،‬حيث يقع ثالث أرباعها ما بين خطوط تســاوي املطر ‪ 11‬و‪ 511‬ملم‪ ،‬بينما يقع الربع‬
‫املتبقي ما بين ‪ 511‬و‪ 211‬ملم (رحموني فريد وآخرون‪ ،2158 ،‬ص ‪ ،)514‬فإن واحات درعة تشـ ــكل جزءا مهما ضـ ــمن‬
‫املجاالت التي تتلقى في معظم الحاالت تساقطات أقل من ‪ 211‬ملم‪.‬‬
‫‪300‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫إن التس ـ ـ ـ ــاقطات املطرية بحوض درعة‪ ،‬تعرف تدرجا كلما اتجهنا من س ـ ـ ـ ــفوح ألاطلس الكبير نحو واحات درعة‬
‫الوسـ ــطى‪ :‬فاملعدل املطري ببعض املحطات الرص ـ ــدية املعتمدة في هذه الدراس ـ ــة‪ ،‬والتي تتجاوز س ـ ــلس ـ ــلتها املناخية ‪01‬‬
‫س ـ ـ ـ ــنة‪ ،‬يعرف تباينا وتدرجا باملحطات التالية‪ :‬أكويم‪ ،‬وامس ـ ـ ــمرير‪ ،‬وورزازات‪ ،‬وس ـ ـ ـ ــد املنص ـ ـ ـ ــور الذهبي‪ ،‬إذ بلغ معدلها‬
‫املطري على التوالي ‪ 262‬ملم‪ ،‬و‪ 259‬ملم‪ ،‬و‪ 516‬ملم‪ ،‬و‪ 46‬ملم (املبيــانــات رقم‪5:‬إلى‪ ،)9‬هــذا بــاإلض ـ ـ ـ ــافــة إلى أن املعــدل‬
‫املطري يعرف تغيرا كل خمسة سنوات بنفس املحطة (ليس تابتا)‪.‬‬

‫مبيان رقم ‪ :1‬التغايرية البيسنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة أكويم (‪)2020-1922‬‬
‫‪500‬‬
‫‪400‬‬
‫‪y = -1,8092x + 53,086‬‬
‫‪300‬‬
‫‪R² = 0,0428‬‬
‫‪200‬‬
‫‪100‬‬
‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-100‬‬
‫‪-200‬‬
‫‪-300‬‬
‫‪68/69‬‬
‫‪62/63‬‬

‫‪65/66‬‬

‫‪71/72‬‬

‫‪74/75‬‬

‫‪77/78‬‬

‫‪80/81‬‬

‫‪83/84‬‬

‫‪86/87‬‬

‫‪89/90‬‬

‫‪92/93‬‬

‫‪95/96‬‬

‫‪98/99‬‬

‫‪01/02‬‬

‫‪04/05‬‬

‫‪07/08‬‬

‫‪10/11‬‬

‫‪13/14‬‬

‫‪16/17‬‬

‫‪19/20‬‬
‫التساقطات‬ ‫مستقيم االتجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫‪301‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مبيان رقم ‪ :2‬التغايرية البيسنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة امسمرير (‪)2020-1922‬‬
‫‪800‬‬
‫‪y = 1,1367x - 33,721‬‬
‫‪600‬‬
‫‪R² = 0,0292‬‬
‫‪400‬‬

‫‪200‬‬

‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-200‬‬

‫‪-400‬‬
‫‪71/72‬‬
‫‪62/63‬‬

‫‪65/66‬‬

‫‪68/69‬‬

‫‪74/75‬‬

‫‪77/78‬‬

‫‪80/81‬‬

‫‪83/84‬‬

‫‪86/87‬‬

‫‪89/90‬‬

‫‪92/93‬‬

‫‪95/96‬‬

‫‪98/99‬‬

‫‪01/02‬‬

‫‪04/05‬‬

‫‪07/08‬‬

‫‪10/11‬‬

‫‪13/14‬‬

‫‪16/17‬‬

‫‪19/20‬‬
‫التساقطات‬ ‫مستقيم االتجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫مبيان رقم ‪ :3‬التغايرية البيسنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة ورزازات (‪)2020-1929‬‬
‫‪150‬‬
‫‪y = 0,3664x - 7,8157‬‬
‫‪100‬‬
‫‪R² = 0,0068‬‬
‫‪50‬‬

‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-50‬‬

‫‪-100‬‬

‫‪17/18‬‬
‫‪79/80‬‬
‫‪81/82‬‬
‫‪83/84‬‬
‫‪85/86‬‬
‫‪87/88‬‬
‫‪89/90‬‬
‫‪91/92‬‬
‫‪93/94‬‬
‫‪95/96‬‬
‫‪97/98‬‬
‫‪99/00‬‬
‫‪01/02‬‬
‫‪03/04‬‬
‫‪05/06‬‬
‫‪07/08‬‬
‫‪09/10‬‬
‫‪11/12‬‬
‫‪13/14‬‬
‫‪15/16‬‬

‫‪19/20‬‬
‫التساقطات‬ ‫مستقيم االتجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫مبيان ‪ :3‬التغايرية السنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة سد املنصور الذهبي (‪)2020-1923‬‬
‫‪200‬‬
‫‪y = 0,5159x - 12,917‬‬
‫‪150‬‬
‫‪R² = 0,0152‬‬
‫‪100‬‬
‫‪50‬‬
‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-50‬‬
‫‪-100‬‬
‫‪-150‬‬
‫‪1976‬‬

‫‪1985‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪2009‬‬
‫‪1973‬‬

‫‪1979‬‬

‫‪1982‬‬

‫‪1988‬‬

‫‪1991‬‬

‫‪1994‬‬

‫‪1997‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪2018‬‬

‫التساقطات‬ ‫مستقيم اال تجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫عموما‪ ،‬فإن املعدل املطري يقل بش ـ ـ ــكل تدريجي من عالية درعة الوسـ ـ ــطى نحو س ـ ـ ــافلتها‪ ،‬إذ س ـ ـ ــجل باملحطتين‬
‫الرصـ ـ ـ ــديتين أكــدز وزاكورة على التوالي ‪ 86‬ملم و‪ 69‬ملم‪ ،‬خالل الفترة املمتــدة مــا بين ‪ 5484‬و‪( 2121‬املبيــانــات رقم‪1:‬‬

‫‪302‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫و‪ .)6‬من هنا يتبين أن التس ـ ـ ــاقطات املطرية باملنطقة ضـ ـ ــعيفة جدا‪ ،‬مما جعل درعة الوس ـ ـ ــطى تعرف ندرة في مواردها‬
‫املائية‪ ،‬حيث يصل مجموع املوارد املائية السطحية إلى حوالي ‪ 16‬مليون متر مكعب (وكالة الحوض املائي لسوس ماسة‬
‫درعة‪ ،2118 ،‬ص ‪ ،)56‬بينما يبلغ مجموع املوارد الباطنية ما يقارب ‪ 49‬مليون متر مكعب موزعة ومتفرقة‪ .‬فكل واحة‬
‫تحتض ــن فرش ــة مائية مس ــتقلة وغير مترابطة فيما بينها‪ .‬وتتباين املوارد املائية بها ما بين ‪ 4,5‬مليون متر مكعب (حالة‬
‫فرشة املحاميد) والتي توجد في سافلة درعة الوسطى‪ ،‬وتعرف عدة مشاكل على مستوى التجدد‪ ،‬وفرشات توفر موارد‬
‫مائية أهم تقدر س ــنويا ب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 22,6‬مليون متر مكعب‪ ،‬كما هو الحال لفرش ــة تن‪،‬ولين (باهني عبد الكبير ورامو حس ــن‪،‬‬
‫‪ ،2159‬صص ‪.)02-05‬‬

‫مبيان رقم ‪ :2‬التغايرية البيسنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة أكدز (‪)2020-1929‬‬
‫‪150‬‬
‫‪y = -1,7013x + 27,512‬‬
‫‪100‬‬
‫‪R² = 0,0861‬‬

‫‪50‬‬

‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-50‬‬

‫‪-100‬‬
‫‪1989/90‬‬

‫‪1991/92‬‬

‫‪1993/94‬‬

‫‪1995/96‬‬

‫‪1997/98‬‬

‫‪1999/00‬‬

‫‪2001/02‬‬

‫‪2003/04‬‬

‫‪2005/06‬‬

‫‪2007/08‬‬

‫‪2009/10‬‬

‫‪2011/12‬‬

‫‪2013/14‬‬

‫‪2015/16‬‬

‫‪2017/18‬‬

‫‪2019/20‬‬
‫التساقطات‬ ‫مستقيم االتجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫مبيان رقم ‪ :2‬التغايرية السنوية للتساقطات املطرية واتجاهها بمحطة أسرير بزاكورة (‪)2020-1929‬‬
‫‪100‬‬
‫‪y = -0,4559x + 7,2508‬‬
‫‪R² = 0,0204‬‬
‫‪50‬‬

‫‪0‬‬
‫ملم‬

‫‪-50‬‬

‫‪-100‬‬
‫‪2007‬‬

‫‪2019‬‬
‫‪1989‬‬

‫‪1991‬‬

‫‪1993‬‬

‫‪1995‬‬

‫‪1997‬‬

‫‪1999‬‬

‫‪2001‬‬

‫‪2003‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2009‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪2017‬‬

‫التساقطات‬ ‫مستقيم االتجاه‬ ‫المعدالت المتحركة (‪ 5‬سنوات)‬

‫من خالل تتبع الدراســة التفصــيلية للتغيرية املطرية ونزعتها العامة‪ ،‬ثم املعدالت املطرية لكل خمس ســنوات في‬
‫كل محطة على حدة بحوض درعة‪ ،‬يمكن استخالص النتائج التالية‪:‬‬
‫‪303‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -‬تغيرية مطرية متوســطة على العموم‪ ،‬مع عدم التســاوي بين الفترات الجافة التي تقل فيها التســاقطات املطرية عن‬
‫املعدل العادي والفترات "الرطبة" التي تتجاوز فيها التساقطات هذا ألاخير‪ ،‬حيث يعتبر التباين املطري بين املجالين‬
‫درعة العليا والوسطى كبيرا؛‬
‫‪ -‬بينت التغيرية املطرية مدى توالي السـ ـ ــنوات الجافة والسـ ـ ــنوات "الرطبة" في كل املحطات الرصـ ـ ــدية؛ وتعتبر س ـ ـ ـنتي‬
‫‪ 2115/2111‬و‪ 2121/2154‬بمثـابـة سـ ـ ـ ــنوات جفـاف حــادة‪ ،‬حيـث النقص الكبير في التس ـ ـ ـ ــاقطــات‪ ،‬مقـارنـة بـاملعــدل‬
‫العـادي‪ ،‬خــاصـ ـ ـ ــة بـدرعــة العليــا التي تعــد املورد املــائي لواحــات زاكورة‪ .‬غير أن هــذه الفترات الجــافــة تتخللهــا أحيــانـا‬
‫فترات رطبة نس ـ ـ ـ ــبيا‪ ،‬إذ تشـ ـ ـ ــهد تس ـ ـ ـ ــاقطات مطرية مهمة‪ ،‬كما حدث خالل موسـ ـ ـ ــمي ‪ 2159‬و‪ ،2151‬حيث كانت‬
‫التساقطات استثنائية؛‬
‫‪ -‬بعض املحطـات املنــاخيــة تعرف زيــادة طفيفـة في التس ـ ـ ـ ــاقطــات املطريــة‪ ،‬ممـا جعـل مس ـ ـ ـ ــتقيم الاتجـاه يرس ـ ـ ـ ــم منحى‬
‫تصاعديا‪ :‬بامسمرير تت‪،‬ايد التساقطات سنويا بـ ـ ـ ـ ‪ 5,5‬ملم بين ‪ 5462‬و‪ ،2121‬وبورزازات ارتفعت سنويا بـ ـ ـ ـ ‪ 1,0‬ملم‬
‫بين ‪ 5494‬و‪ ،2121‬وبســد املنصــور الذهبي تزايدت ســنويا كذلك ب ـ ـ ـ ـ ـ ‪ 1,1‬ملم بين ‪ 5490‬و‪ .2121‬بينما في املحطات‬
‫الرص ــدية ألاخرى س ــجل تناقص ـا طفيفا في التس ــاقطات املطرية‪ ،‬مما جعل مس ــتقيم الاتجاه يرس ــم منحى تناقص ــيا‪:‬‬
‫بأكويم تتراجع التساقطات سنويا ب ـ ـ ـ ‪ 5,8‬ملم بين ‪ 5462‬و‪ ،2121‬وبأكدز ب ـ ـ ـ ‪ 5,9‬ملم بين ‪ 5484‬و‪ ،2121‬وبزاكورة بـ‬
‫‪ 1,9‬ملم سنويا خالل نفس الفترة؛‬
‫‪ -‬يص ـ ـ ـ ــعب الجزم في اتجاه التس ـ ـ ـ ــاقطات املطرية بحوض درعة‪ ،‬نظرا لعدة عوامل‪ ،‬من بينها التباين في السـ ـ ـ ــلسـ ـ ـ ــلة‬
‫املناخية للمحطات املعتمدة‪ ،‬لكن يمكن القول أن من بين السـ ـ ــت املحطات الرصـ ـ ــدية املعتمدة‪ ،‬ثالثة منها عرفت‬
‫تزايدا ضعيفا في التساقطات املطرية‪ ،‬وتناقصا في باقي املحطات‪.‬‬
‫تجدر إلاش ــارة إلى أن التس ــاقطات املطرية بمجال درعة‪ ،‬تعرف على العموم تغايرية متوس ــطة‪ ،‬مما يبين على أن‬
‫منـاخ الواحـات موس ـ ـ ـ ــوم بـالجفاف البنيوي وبالفيض ـ ـ ـ ــانات الاس ـ ـ ـ ــتثنائية‪ ،‬والتي ترتبط بالعنف املطري‪ .‬غير أن التغيرية‬
‫املطرية بدرعة العليا‪ ،‬لها وقع كبير على درعة الوســطى‪ ،‬حيث تســتفيد من واردات مائية مهمة انطالقا من حقينة ســد‬
‫املنصور الذهبي‪ ،‬الذي يلعب دورا أساسيا في املوازنة املائية املوجهة نحو السافلة‪.‬‬

‫ومن بين مظاهر التغايرية املناخية باملنطقة أيض ـ ـ ــا‪ ،‬حدوث ظواهر اسـ ـ ــتثنائية متطرفة‪ ،‬من قبيل التس ـ ـ ــاقطات‬
‫الثلجية الاسـتثنائية‪ ،‬التي عرفها حوض درعة في شهر يناير ‪( 2158‬لوحة رقم‪ .)5:‬هذه الظاهرة غير املعتادة لم تشهدها‬
‫املنطقة حسب الرواية الشفهية‪ ،‬منذ حوالي نصف قرن‪ .‬وقد همت هذه ألاخيرة مدن ودواوير واحات زاكورة وورزازات‪.‬‬
‫فرغم آلاثار الس ـ ـ ــلبية لهذه الحالة الجوية الاس ـ ـ ــتثنائية على املباني الطينية‪ ،‬لكنها تسـ ـ ـ ــاهم في تطعيم الفرشـ ـ ـ ــة املائية‪،‬‬
‫خاصة أنها تتعرض لالستن‪،‬اف املفرط‪ ،‬بالنظر إلى الارتفاع املت‪،‬ايد للطلب على املاء‪.‬‬

‫‪304‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫لوحة رقم ‪ :1‬مشهد لتساقطات ثلجية بدوار أوالد عثمان بواحة تنزولين‬

‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ ،‬يناير ‪.2012‬‬

‫تجدر إلاش ـ ــارة إلى أن مناخ الواحات يتص ـ ــف باالمتداد الكبير للفترة الجافة خالل الس ـ ــنة‪ ،‬والتي تبدأ تقريبا من‬
‫شهر يناير وتنتهي في شهر شتنبر‪ ،‬أي ما يناهز تسعة أشهر (املبيان رقم‪ .)9:‬ويختلف ألامر نسبيا بدرعة العليا‪ ،‬من خالل‬
‫نموذج محطـة أكويم املتمركزة بـالسـ ـ ـ ــفح الجنوبي لألطلس الكبير (املبيـان رقم‪ ،)8:‬حيـث تمتــد الفترة الجـافـة من شـ ـ ـ ــهر‬
‫أبريل إلى شهر شتنبر‪ ،‬أي حوالي ستة أشهر‪.‬‬

‫مبيان رقم ‪ :2‬التوزيع الشهري للتساقطات والحرارة بمحطة أسرير بزاكورة (‪)2020-1929‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪15‬‬

‫الحرارة (‪)C°‬‬
‫التساقطات (ملم)‬

‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬
‫فبراير‬

‫أبريل‬

‫شتنبر‬

‫نونبر‬
‫يناير‬

‫مارس‬

‫ماي‬

‫دجنبر‬
‫أكتوبر‬
‫يونيو‬

‫يوليوز‬

‫غشت‬

‫التساقطات‬ ‫الحرارة‬

‫‪305‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مبيان رقم ‪ :2‬التوزيع الشهري للتساقطات والحرارة بمحطة أكويم (‪)2010 -1922‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪30‬‬
‫التساقطات (ملم)‬

‫الحرارة )‪(°c‬‬
‫‪40‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪0‬‬ ‫‪0‬‬

‫شتنبر‬
‫أبريل‬
‫مارس‬

‫دجنبر‬
‫فبراير‬

‫أكتوبر‬
‫غشت‬
‫يونيو‬

‫نونبر‬
‫يناير‬

‫ماي‬

‫يوليوز‬
‫التساقطات‬ ‫الحرارة‬

‫‪ .3‬تعددت انعكاسات التغايرية املناخية على املنظومات البيئية بحوض درعة‬


‫إن من بين الانعكاسـ ــات الناتجة عن التغايرية املناخية بحوض درعة‪ ،‬توالي سـ ــنوات الجفاف التي يكون تأثيرها‬
‫كبيرا كلما اتجهنا من س ــد املنص ــور الذهبي نحو الواحات الس ــت بدرعة الوس ــطى‪ ،‬حيث يبدو أثر الجفاف واض ــحا على‬
‫املشهد الواحي‪ .‬رغم أنها تعرف فترات شبه رطبة يمكن اعتبارها استثنائية‪ ،‬تنتج عنها أحيانا فيضانات سيلية‪.‬‬
‫‪ .1.3‬آثار الجفاف املناخي والهيدرولوجي على املنظومات الواحية‬
‫هناك عالقة ترابطية بين الجفاف املناخي والجفاف الهيدرولوجي؛ فالجفاف املناخي يمكن تقييمه بمدى‬
‫الانحراف النسبي واملؤقت للتساقطات املطرية املسجلة بمحطة محددة خالل فترة زمنية معينة‪ ،‬مقارنة بالقيمة العادية‬
‫التي يتم حسابها خالل فترة زمنية طويلة (حنشان محمد‪ ،2156 ،‬ص ‪ .)88‬بينما الجفاف الهيدرولوجي ينتج عن عجز‬
‫حاد في املوارد املائية بفعل شح التساقطات املطرية‪ ،‬ويترتب عن ذلك نزول مستوى الفرشة الباطنية عن مستواها‬
‫ألاصلي‪.‬‬

‫يتمي‪ ،‬مجال الدراس ـ ـ ــة من خالل املحطات الرص ـ ـ ــدية الس ـ ـ ــابقة (املبيانات رقم ‪5‬إلى ‪ )6‬بتردد س ـ ـ ــنوات الجفاف‪،‬‬
‫ويعتبر موسـ ـ ـ ــمي ‪ 2115/2111‬و‪ 2121/2154‬من بين الفترات الج ـاف ـة الاس ـ ـ ـ ــتثنــائي ـة بــاملنطقــة‪ ،‬حيــث س ـ ـ ـ ـجــل بمعظم‬
‫املحطات محليا تناقصـ ـ ـ ــا كبيرا في كمية التسـ ـ ـ ــاقطات املطرية‪ ،‬مما أثر سـ ـ ـ ــلبا على حقينة سـ ـ ـ ــد املنصـ ـ ـ ــور الذهبي‪ ،‬التي‬
‫تراجعــت بش ـ ـ ـ ـكــل ملحوظ‪ ،‬إذ بلغ حجمهــا خالل سـ ـ ـ ــنتي ‪ 2115/2111‬حوالي ‪ 19,21‬مليون متر مكعــب (املكتــب الجهوي‬
‫لالس ــتثمار الفالحي ورزازات‪ ،)2151 ،‬علما أن س ــعة الس ــد تص ــل إلى ‪ 928‬مليون متر مكعب (أعفير مص ــطفى وأخرون‪،‬‬
‫‪ ،2154‬ص ‪ ،)254‬وبالتالي ينخفض عدد الطلقات املائية املوجهة لواحات درعة الوسطى‪.‬‬

‫كما أثرت س ــنوات الجفاف الحاد على ص ــبيب العيون‪ ،‬الذي عرف تراجعا ملحوظا وتذبذبا بين أش ــهر وفص ــول‬
‫الس ـ ـ ـ ـنــة‪ ،‬كعين تــديلي بــدوار "تــاملوان ـت" بــالجمــاعــة الترابيــة تــديلي (لوحــة رقم‪ ،)2:‬وعين أكرد بــالجمــاعــة الترابيــة إغرم‬
‫نوكدال بدرعة العليا (الص ـ ـ ــورة رقم‪ .)5:‬كما أثر الجفاف الس ـ ـ ــنوي ألاخير على املوارد املائية بواحات زاكورة التي عرفت‬
‫تراجعا كبيرا‪ ،‬مما ترتب عنه الانقطاع املتكرر ملياه ش ـ ـ ــبكة توزيع املاء الش ـ ـ ــروب ببعض الدواوير‪ ،‬بفعل نض ـ ـ ــوب آلابار‬

‫‪306‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫الجماعية املخص ـصــة للشــرب وكذا بعض آلابار الفردية املخص ـصــة للري‪ ،‬الش ـ يء الذي أجبر مجموعة من الفالحين إلى‬
‫الزيادة في تعميق آلابار‪.‬‬

‫صورة ‪ :1‬عين أكرد بالجماعة الترابية إغرم نوكدال‬ ‫لوحة رقم ‪ :2‬عين تديلي بدوار تاملوانت بالجماعة الترابية تديلي‬

‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ ،‬أبريل وغشت ‪.2021‬‬

‫نش ــير كذلك إلى أن الجفاف الذي تعرفه واحات درعة‪ ،‬له نص ــيب أوفر في اندالع الحرائق‪ ،‬التي أص ــبحت تتكرر‬
‫بشكل دوري خالل الفصل الحار أي الصيف‪ ،‬الذي يشهد ارتفاعا في درجة الحرارة إلى مستويات قياسية‪ ،‬التي تتوافق‬
‫غالبا مع هبوب رياح "الش ــركي"‪ ،‬مما يس ــهم في اتس ــاع رقعة اش ــتعاليها في وقت وجي‪ ،،‬ويهدد املنظومات البيئية الواحية‬
‫بالتدهور‪.‬‬

‫على ســبيل املثال نســجل‪ ،‬أن املجال الواحي بدرعة الوســطى شــهد خالل صــيف ‪ 2125‬حرائق متكررة‪ ،‬اندلعت‬
‫في بعض الواحات‪ ،‬كما هو الش ـ ــأن بالجماعة الترابية أفرا بواحة مزكيطة‪ ،‬في ش ـ ــهر يوليوز (الص ـ ــورة رقم‪ ،)2:‬وبدواوير‬
‫"توغزا" و"تاكرســيفت" بالجماعة الترابية تمزموط بواحة تن‪،‬ولين بتاريخ ‪ 51‬غشــت ‪( 2125‬الصــورة رقم‪ ،)0:‬إضــافة إلى‬
‫حرائق أخرى متفرقــة بمختلف دواوير واحــات زاكورة انــدلعــت خالل صـ ـ ـ ــيف نفس السـ ـ ـ ـنــة‪ .‬لكن ال يجــب دائمــا ربط‬
‫اشـ ـ ـ ــتعــال هــذه الحرائق وتكرارهــا بظــاهرة الجفــاف‪ ،‬وإنمــا قــد تكون نتيجــة تــدخــل عوامــل بش ـ ـ ـ ــريــة‪ ،‬ارتبــاطــا بــالتحوالت‬
‫السوسيو‪-‬مجالية التي تعرفها املنطقة‪.‬‬

‫‪307‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫صورة رقم ‪ :3‬آثار الحرائق بدوار توغزا بواحة تنزولين‬ ‫صورة رقم ‪ :2‬اندالع الحرائق بجماعة أفرا بواحة مزكيطة‬

‫ذ‬

‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ ،‬غشت ‪.2021‬‬ ‫‪Source: https://athabat.net/article/231292‬‬

‫عمومـا‪ ،‬ينتج عن هـذه الحرائق الاس ـ ـ ـ ــتثنائية بالواحات إتالف عشـ ـ ـ ـ ـرات الهكتارات‪ ،‬من أش ـ ـ ـ ــجار النخيل املتمرة‬
‫وأصــناف أخرى من باقي املغروســات‪ ،‬مما يلحق أض ـرارا جســيمة بممتلكات الفالحين‪ ،‬ويؤثر على دخلهم الســنوي‪ ،‬علما‬
‫أن املنتوجات الزراعية و تربية املاش ـ ــية تس ـ ــاهم بنس ـ ــبة تقارب ‪ 27,5%‬من مجموع مص ـ ــادر عيش س ـ ــكان حوض درعة‬
‫ألاوسط (باهني عبد الكبير‪ ،2159 ،‬ص ‪ ،)15‬ويشكل فيها منتوج التمور نسبة مهمة‪.‬‬
‫‪ .2.3‬الفيضانات‪ :‬كارثة طبيعية وعنصر توازن إيجابي باملنظومة الواحية‬
‫تش ـ ـ ــكل الفيض ـ ـ ــانات باملناطق الجافة وش ـ ـ ــبه الجافة‪ ،‬حدثا هيدرولوجيا هاما‪ ،‬نظرا ملا تأتي به من موارد مائية‬
‫س ـ ـ ــطحية مهمة في وقت وجي‪ ،‬وبش ـ ـ ــكل فجائي‪ ،‬قد تتجاوز أحيانا في حجمها ما يوفره س ـ ـ ــد املنص ـ ـ ــور الذهبي بمجموع‬
‫طلقاته السـ ـ ــنوية‪ .‬ونشـ ـ ــير إلى أن هذه الفيضـ ـ ــانات ترتبط بالتس ـ ـ ــاقطات الوابلية‪ ،‬التي تتكرر عادة في فص ـ ـ ــلي الخريف‬
‫والشتاء‪ ،‬سواء بدرعة العليا أو بدرعة الوسطى‪.‬‬

‫ومثـال ذلـك‪ ،‬الفيض ـ ـ ـ ــانـات الاسـ ـ ـ ــتثنـائيـة التي عرفهـا حوض درعة‪ ،‬كما حدث في شـ ـ ـ ــتنبر ‪ ،2159‬حيث س ـ ـ ـ ــجلت‬
‫تســاقطات مطرية جد مهمة (ينظر املبيانات رقم‪ 5:‬إلى‪ ،)6‬نتج عنها ارتفاع منســوب مياه واد درعة‪ ،‬الذي ســجل صــبيبه‬
‫"بزاوية النورباز" حوالي ‪449‬م‪/0‬ث خالل يوم ‪ 25‬ش ـ ــتنبر ‪( 2159‬املكتب الجهوي لالس ـ ـ ـتثمار الفالحي بورزازات‪.)2151 ،‬‬
‫والج ــدير ب ــال ــذكر‪ ،‬أن فيضـ ـ ـ ـ ـ ــان ــات واد درع ــة ال ترتبط فقط ب ــالزخ ــات املطري ــة بحوض درع ــة العلي ــا‪ ،‬بينم ــا ك ــذل ــك‬
‫بالتســاقطات املطرية العنيفة التي تشــهدها ألاعالي‪" ،‬كالشــعاب" الجبلية املحيطة بواحات زاكورة‪ ،‬والتي تزود واد درعة‬
‫بحموالت مــائيــة في وقــت وجي‪ .،‬علمــا أنــه ال توجــد محطــات رصـ ـ ـ ـ ــديــة في هــذه املرتفعــات الجبليــة للقيــاس‪ ،‬ودليــل ذلــك‬
‫الفيض ــانات التي يعرفها واد درعة‪ ،‬التي يتنافى حجمها مع كمية التس ــاقطات املحلية التي تس ــجل بمحطات القياس‪ ،‬في‬
‫نفس اليوم أو الشـهر أو السـنة‪ ،‬كما هو الشـأن بالنسـبة لفيضـان يوم ‪ 05‬غشـت ‪( 2154‬الصـورة رقم‪ ،)9:‬الذي يتوافق‬
‫مع تهاطل مطري ض ــعيف جدا خالل نفس الش ــهر‪ ،‬إذ س ــجل على س ــبيل املثال بمحطة أكدز ‪ 9,1‬ملم وبمحطة أس ــرير‬
‫بزاكورة ‪ 0,1‬ملم (املكتب الجهوي لالستثمار الفالحي بأكدز وبزاكورة‪.)2125 ،‬‬

‫‪308‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫صورة ‪ :2‬حواجز صخرية لصد الفيضانات بواحة تنزولين‬ ‫صورة رقم ‪ :3‬فيضان بدوار إغرغر‪ ،‬واحة مزكيطة‬

‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ 10 ،‬غشت ‪.2021‬‬ ‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ 31 ،‬غشت ‪.2019‬‬

‫عموما‪ ،‬تنتج آثارا س ـ ــلبية عن الفيض ـ ــانات باألوس ـ ــاط البيئية الواحية من قبيل اتالف البنى التحتية واملنش ـ ــآت‬
‫الهيدروفالحية كالسـواقي والسدود التلية "أكوك" ثم الحقول الزراعية‪ .‬لكن في مقابل ذلك‪ ،‬تخلف آثارا إيجابية‪ ،‬حيث‬
‫توفر مياه فيض رغم أنها ال تسهم كثيرا في تطعيم السدائم املائية‪ ،‬لكنها توفر مياه لري الحقول الزراعية‪.‬‬
‫‪ .3‬بعض جهود تكيف ساكنة الواحات مع آثار التغايرية املناخية‬
‫تعددت مظاهر تكيف س ــاكنة الواحات مع الظواهر القص ــوى الناتجة عن التغايرية املناخية من قبيل الجفاف‬
‫والفيضانات‪ ،‬نبرز بعضها فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1.3‬التكيف مع الجفاف وندرة املياه‬
‫‪ -‬للتكيف مع ندرة املوارد املائية‪ ،‬وظفت املجتمعات الواحية رصيدا متكامال من الدريات املحلية‪ ،‬وذلك بابتكار طرق‬
‫وأدوات تقليدية مسـ ــتوحاة من البيئة املحلية‪ ،‬سـ ــواء السـ ــتغالل املياه الجوفية مثل تقنية "أغرور" التي بلغ عددها‬
‫‪ ،921‬وتقنية "الكنينة" حوالي ‪ ،)Ouhajou L, 1996, p115( 921‬أو اس ـ ـ ــتغالل املياه الس ـ ـ ــطحية ببناء سـ ـ ـ ــدود‬
‫تحويلية "أكوك"‪ ،‬لكن معظم هذه ألاســاليب تعرضــت لالندثار‪ ،‬خاصــة آلابار التقليدية بفعل التحوالت الســوســيو‪-‬‬
‫مجالية التي تعرفها املنطقة منذ النصف الثاني من القرن املاض ي؛‬
‫‪ -‬تجديد في تقنيات اسـ ـ ــتغالل املياه الجوفية من خالل حفر آبار الضـ ـ ــخ الجماعية‪ ،‬ليتم التخلي عنها مع مرور الزمن‬
‫وتعويض ـ ــها بآبار الض ـ ــخ الفردية‪ ،‬التي انتشـ ـ ــرت بش ـ ـ ـكل كبير في مجال الواحات‪ ،‬مما ترتب عنه اس ـ ــتن‪،‬اف مس ـ ـ ـتمر‬
‫للفرشـ ـ ـ ــة املـائيـة ونضـ ـ ـ ــوب بعض آلابـار (جفـاف بـاطني)‪ .‬وقـد س ـ ـ ـ ــاهمـت في تنـامي هـذه الظـاهرة مـا عرفـه املجـال من‬
‫دينامية اقتصـ ـ ـ ــادية‪ ،‬كإدخال زراعات تسـ ـ ـ ــويقية مسـ ـ ـ ــتهلكة للمياه‪ ،‬كالبطيخ ألاحمر الذي يتطلب هكتار واحد منه‬
‫حوالي ‪9.111‬م‪ 0‬من املياه خالل فترة إلانتاج التي تراوح أربعة أش ــهر (امليموني ابراهيم والس ــلوي عبد املالك‪،2125 ،‬‬
‫ص ‪ ،)00‬مقابل التخلي نس ـ ــبيا عن الزراعات التقليدية املوروثة والتي لها القدرة على التكيف مع خص ـ ــائص املناخ‬
‫شبه الصحراوي؛‬

‫‪309‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪ -‬بناء سـ ــدود لتعبئة املوارد املائية السـ ــطحية‪ ،‬مثل سـ ــد املنصـ ــور الذهبي بزاوية النورباز سـ ــنة ‪ 5495‬والذي من بين‬
‫أهدافه تخزين املياه أثناء الوفرة واس ـ ــتغاللها في فترات الندرة أو الجفاف لري الواحات الس ـ ــت بزاكورة‪ ،‬ثم حماية‬
‫هـذه الواحـات من الفيض ـ ـ ـ ــانـات‪ .‬وبعـده تم بنـاء س ـ ـ ـ ــد تويين بـدرعـة العليـا سـ ـ ـ ـ ـنـة ‪ 2151‬لت‪،‬ويـد إقليم ورزازات بـاملـاء‬
‫الصـ ـ ــالح للش ـ ــرب (امليموني ابراهيم‪ ،2159 ،‬ص ‪ ،)005‬إضـ ـ ــافة إلى ذلك تم الشـ ـ ــروع في بناء سـ ـ ــد أكدز منذ س ـ ــنة‬
‫‪ ،2159‬لت‪،‬ويد واحات املنطقة باملاء الصــالح للشــرب‪ ،‬حيث ال تزال ألاشــغال مســتمرة في حفر قنوات نقل املياه من‬
‫السد نحو مدن ودواوير واحات درعة الوسطى (لوحة رقم‪)0:‬؛‬

‫لوحة رقم ‪ :3‬أشغال شق قنوات تزويد منطقة زاكورة باملاء الشروب إنطالقا من سد أكدز بدرعة الوسطى‬

‫املصدر‪ :‬بحث ميداني‪ ،‬فبراير ودجنبر ‪.2021‬‬ ‫‪Source : https://tinghir.info/48095‬‬

‫‪ -‬للتأقلم مع ظاهرة الجفاف يلجأ بعض الفالحين إلى س ـ ــلوكات مختلفة؛ إما التقليل من املسـ ـ ــاحة الزراعية‪ ،‬أو ترك‬
‫ألارض بدون حرث‪ ،‬السيما ألاراض ي الزراعية التي ال تتوفر بها آبار للضخ أو البعيدة عنها‪.‬‬

‫‪ .2.3‬التكيف مع الفيضانات السيلية‬


‫‪ -‬رغم النتائج الس ـ ـ ــلبية لبعض الفيض ـ ـ ــانات التي تعرفها درعة‪ ،‬إال أنه يتم اس ـ ـ ــتغالل مياه الفيض في ري املحاص ـ ـ ــيل‬
‫الزراعية‪ ،‬فعلى سـ ــبيل املثال تسـ ــهم هذه املياه نسـ ــبيا إلى جانب عوامل أخرى في تس ـ ـريع انتشـ ــار مرض البيوض(‪،)1‬‬
‫حيث تعتبر املياه العامل ألاسـاس ي لنقل جرثومة البيوض من النخيل املصاب باملرض نحو النخيل السليم‪ ،‬كما هو‬
‫الشـ ـ ــأن بالنسـ ـ ــبة للري بالغمر (الربطة)‪ .‬فهي باملقابل تس ـ ــهم في تطعيم الفرش ـ ــة املائية‪ ،‬وتس ـ ــترجع أش ـ ــجار النخيل‬
‫نشاطها البيولوجي بعد سنوات الجفاف الهيدرولوجي؛‬
‫‪ -‬تشـ ـ ـ ــييد حواجز صـ ـ ـ ــخرية مثبتة باألس ـ ـ ــالك الحديدية‪ ،‬لحماية بعض الدواوير بوادي درعة من خطر الفيضـ ـ ـ ــانات‬
‫الفجائية‪ ،‬خاصة أن بعضها تتواجد بالقرب من "الشعاب" أو مباشرة على املجاري املائية (ينظر الصورة رقم‪.)1:‬‬

‫‪ -1‬مرض فطري يسـ ـ ــمى ‪ Fusruim Oxysporum‬أو جرثومي‪ ،‬ينتش ـ ـ ــر في التربة على عمق يفوق املتر الواحد‪ ،‬ظهر على أش ـ ـ ــجار النخيل خالل‬
‫الفترة ما بين ‪ 5899‬و‪ 5889‬في واحة درعة باملغرب (سدرة موالي الحسن‪ ،2152 ،‬ص ‪.)69‬‬
‫‪310‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫خاتمة‬
‫بنـاء على مـا سـ ـ ـ ــبق‪ ،‬يبـدو جليـا أن دراس ـ ـ ـ ــة ظاهرة التغايرية املناخية باملناطق الجافة وش ـ ـ ـ ــبه الجافة أمرا مهما‬
‫للغاية‪ ،‬السـ ـ ــيما منها التغيرية املطرية‪ .‬فعلى الرغم من أن دراسـ ـ ــة هذه الظاهرة بمجال الواحات بدرعة الوسـ ـ ــطى تبدو‬
‫أمرا غير مهما‪ ،‬نظرا لكونها تعرف دوما شـ ـ ــحا في التسـ ـ ــاقطات املطرية‪ ،‬وبالتالي سـ ـ ــيادة الجفاف البنيوي‪ .‬لكن دراسـ ـ ــتها‬
‫بدرعة العليا يعد أمرا أســاســيا‪ ،‬باعتبار أن العالية تتلقى تســاقطات مطرية مهمة مقارنة بالســافلة‪ ،‬وتعتبر بذلك املزود‬
‫الرئيس ي لواحات املنطقة بأحجام مائية‪ ،‬هي في أمس الحاجة إليها‪ ،‬خاصة في الفترة الصيفية‪.‬‬

‫إن من بين نتــائج التغــايريــة املنــاخيــة بــالواحــات‪ ،‬هو تردد ظواهر قص ـ ـ ـ ــوى مــألوفــة من قبيــل الجفــاف البنيوي‬
‫والفيضانات السيلية الاستثنائية‪ ،‬الناتجة عن التساقطات املطرية الفجائية املركزة زمنيا ومكانيا‪ ،‬وهذه من خصائص‬
‫املنـاخ الواحي‪ .‬لكن مـا هو غير مـألوف بــالنس ـ ـ ـ ـبـة لسـ ـ ـ ــاكنــة املنطقـة‪ ،‬هو تزايـد حــدة آثـار هـذه الظواهر‪ ،‬خـاصـ ـ ـ ــة في ظــل‬
‫التغيرات املناخية املعاصرة‪ ،‬التي يصل تأثيرها بشكل ملحوظ نحو هذه املناطق الهشة‪ ،‬فضال عن الدينامية السوسيو‪-‬‬
‫اقتصـ ـ ـ ــادية السـ ـ ـ ـريعة التي تعرفها املنطقة‪ ،‬والتي ال تتالءم وحجم املوارد الطبيعية املحدودة‪ ،‬السـ ـ ـ ــيما املائية التي تعد‬
‫املورد الحيوي والهاجس ألاكبر لدى الس ــاكنة‪ .‬ومنه وجب التفكير في بدائل ممكنة‪ ،‬تمكن من إعادة التوازن للمنظومة‬
‫الواحية‪ ،‬من خالل التدبير الحكيم واملتوازن للموارد الطبيعية عامة واملائية خاصة‪ ،‬باعتبارها الركي‪،‬ة ألاساس لتحقيق‬
‫التنمية املستدامة‪.‬‬

‫قائمة املراجع‬
‫‪ -‬أعفير مصــطفى وبوبرية عبد الواحد وبريول رضــوان وصــابري أبوبكر‪ ،2019 ،‬جهة درعة تافياللت بين املؤهالت الواعدة وإلاكراهات‬
‫املتنوعـة‪ ،‬كتـاب جمـاعي "الجهويـة والحكـامـة والتنميـة الترابيـة بـاملغرب‪ :‬إش ـ ـ ـ ـكـاليـة التصـ ـ ـ ــور وتحـديـات التن‪،‬يـل"‪ ،‬منشـ ـ ـ ــورات كليـة اللغـات‬
‫والفنون والعلوم إلانسانية‪ ،‬القطب الجامعي أيت ملول‪ ،‬جامعة ابن زهر أكادير‪( ،‬صص ‪.)201-259‬‬
‫‪ -‬امليموني ابراهيم والسـ ـ ـ ــلوي عب ــد امل ــال ــك‪ .2021 ،‬إش ـ ـ ـ ـك ــالي ــة ت ــدبير مي ــاه الري بواح ــات الجنوب الشـ ـ ـ ــرقي املغربي في ظ ــل التحوالت‬
‫السـوسـيواقتصـادية (حالة واحات درعة الوسـطى)‪ ،‬كتاب جماعي "املوارد الطبيعية باملغرب‪ :‬سـياسات التدبير ورهانات التنمية"‪ ،‬الطبعة‬
‫ألاولى‪ ،‬الناش ـ ـ ــر مختبر البحث في التدبير الترابي والتواص ـ ـ ــل والنمذجة‪ ،‬الكلية متعددة التخص ـ ـ ـص ـ ـ ــات خريبكة‪ ،‬جامعة الس ـ ـ ــلطان موالي‬
‫سليمان‪-‬بني مالل‪( ،‬صص ‪.)21-8‬‬
‫‪-‬امليموني ابراهيم‪ .2012 ،‬أثر التغيرات املناخية والتحوالت الس ـ ــوس ـ ــيومجالية على تدبير املوارد املائية بواحات درعة الوسـ ـ ــطى‪ ،‬أطروحة‬
‫الدكتوراه في الجغرافيا‪ ،‬جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء‪ ،‬كلية آلاداب والعلوم إلانسانية املحمدية‪ 955( ،‬ص)‪.‬‬
‫‪ -‬ب ــاهني عب ــد الكريم‪ .2013 ،‬منطق ــة زاكورة وظ ــاهرة زراع ــة البطيخ ألاحمر‪ ،‬مؤلف جم ــاعي "رهـ ــان ــات التنميـ ــة املس ـ ـ ـ ـتـ ــدام ــة بـ ــاملغرب‬
‫الصحراوي"‪ ،‬أعمال الندوة الجهوية ألاولى في موضوع الواحات املنعقدة بأسا‪ ،‬أيام ‪ 22 ،25‬و‪ 20‬نونبر‪( ،2159‬صص ‪.)69-90‬‬
‫‪ -‬بــاهني عبــد الكبير ورامو حسـ ـ ـ ــن‪ ،2012 ،‬تقني ــات ت ــدبير ن ــدرة املوارد امل ــائي ــة ب ــاملج ــاالت الواحي ــة‪ :‬نم ــاذج من واح ــات الجنوب املغربي‬
‫والتونس ـ ـ ـ ـ ي‪ ،‬كتــاب جمــاعي "ألامن املــائي وتــدبير املوارد املــائيــة بــالواحــات املغــاربيــة"‪ ،‬جــامعــة محمــد الخــامس بــالربــاط‪ ،‬منشـ ـ ـ ــورات املعهــد‬
‫الجامعي للبحث العلمي‪( ،‬صص ‪.)18-21‬‬
‫‪-‬حنش ـ ــان محمد‪ .2012 ،‬أثر التحوالت املناخية على ظاهرة الجفاف باملغرب من خالل دراسـ ـ ــة تاريخية‪ ،‬مجلة دعوة الحق‪ ،‬العدد ‪،921‬‬
‫مطبعة املعارف الجديدة الرباط‪( ،‬صص ‪.)49-81‬‬

‫‪311‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
Journal of Strategic and Military Studies 41 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

‫ الواحـات املغربيـة بين وقع التغيرات املنـاخيـة واسـ ـ ـ ــتراتيجيـات التكيف‬.2012 ،‫رحموني فريـد وبويحيـاوي عبـد العزيز وبلغيتري حسـ ـ ـ ــن‬-
.)509-511 ‫ (صص‬،‫ الطبعة ألاولى‬،"‫ مؤلف جماعي "التغيرات املناخية نحو فهم الصراع والاستراتيجيات املناخية‬،"‫"تافياللت نموذجا‬
‫ دولة‬،‫ العين‬،"‫ أعمال املؤتمر العربي ألاول "إدارة آفاق نخيل التمر‬،‫ مرض البيوض على نخيل البلح‬.2012 ،‫ س ـ ــدرة موالي الحس ـ ــن‬-
.)49 - 66 ‫ (صص‬،2152 ‫ سبتمبر‬21-20 ‫ بتاريخ‬،‫إلامارات العربية املتحدة‬
.‫ تقرير تقديمي‬،‫ مشروع املخطط املديري للتهيئة املندمجة للموارد املائية لحوض درعة‬.2002 ،‫وكالة الحوض املائي لسوس ماسة درعة‬-
-Karmaoui A, Messouli M, Yacoubi Khbiza M and Ifaadassan I, 2014. Earth Science climatic change, Environmental
Vulnerability to Climate Change and Anthropogenic Impacts in Dryland (Pilot Study: Middle Drâa Valley, South Morocco),
Faculty of Sciences Semlalia, Cadi Ayyad University, Marrakech, Morocco.
-Office régional de mise en valeur agricole d’Ouarzazate, juillet 1995. Etude d’amélioration de l’exploitation des
systèmes d’irrigation et de drainage de l’ORMVAO, phase I. Diagnostic de la situation actuelle, Rapport détaille du
diagnostic, volume 1.
- Ouhajou L, 1996. Espace Hydraulique et Société au Maroc, cas des Systèmes d’Irrigation dans la Vallée du Drâa, Publication
de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines Agadir, Série Thèses et Mémoires n° 7, (344 p).

312 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

La dépollution des sols des pesticides dans la commune de Mnasra


selon le concept du développement durable
Mohammed Anouar AINOUZa, Etudiant Chercheur au cycle doctoral, Faculté des Sciences Humaines et
sociales, Université IbnTofail, Kenitra.
Aissa EL BOUZIDIb, Professeur au Département de Géographie, Faculté des Sciences Humaines et sociales,
Université IbnTofail, Kenitra.
Email : a ainouzmedanouar@gmail.com belbouzidiaissa@yahoo.fr

Résumé
La plaine du Gharb est l’une des plus grandes zones agricoles irriguées du nord-ouest du Maroc,
ce qui contribue à l’utilisation excessive de pesticides et d'engrais, qui représente un réel danger dans la
région, entraînant la détérioration de la qualité des sols et des eaux souterraines. En 2019, 10 cultures
agricoles consomment près de 80% des pesticides à usage agricole (11,25% pour les tomates de serre,
9,21% pour les betteraves à sucre, 9,12% pour les agrumes, ...). Les sols contaminés par les pesticides
sont devenus un dilemme économique et environnemental, ainsi qu'une source de danger pour la
population vivant à proximité des sites de pulvérisation et de dispersion des pesticides. La dépollution
est nécessaire, mais elle doit se faire dans le cadre du développement durable. Ce que nous cherchons à
travers cet article est d'identifier les principaux pesticides utilisés dans la commune de Mnasra (Gharb),
et de déterminer les techniques adaptées aux types de polluants et aux caractéristiques des sols prévalant
dans l'environnement.
Mots-clés : Commune de Mnasra, pesticides, sols, développement durable, danger,
environnement.

‫معالجة تلوث التربة من امليبداا الراايدة بمااية املاارة سب مهوو الناادة‬


‫املبناامة‬

‫ملخص‬
‫ مما يسهم في استخدام مفرط ملبيدات آلافات‬،‫يعد سهل الغرب من بين أكبر املناطق الزراعية املسقية في شمال غرب املغرب‬
ً ً
‫ استهلكت‬،9102 ‫ ففي عام‬.‫ يمكننا مالمسة ذلك في تدهور جودة التربة واملياه الجوفية‬،‫وألاسمدة و هو ما يمثل خطرا حقيقيا في املنطقة‬
٪2.09 ،‫ للشمندر السكري‬٪2.90 ،‫ طماطم املغطاة‬٪00.91( ‫ من مبيدات آلافات لالستخدام الزراعي‬٪01 ‫ محاصيل زراعية ما يقرب من‬01
ً
‫فضال عن كونها مصدر خطر على السكان الذين يعيشون‬ ،‫ أضحت التربة امللوثة باملبيدات تشكل معضلة اقتصادية وبيئية‬.)... ،‫للحمضيات‬
‫ إن ما نسعى‬.‫ ولكن يجب أن يتم ذلك في إطار تحقيق تنمية مستدامة‬،‫ فإن إزالة التلوث أمر ضروري‬،‫ لذلك‬،‫بالقرب من مواقع رشها ونثرها‬
‫ وتحديد التقنيات املالئمة ملعالجة أنواع‬،)‫ هو تحديد املبيدات الرئيسية املستهلكة بجماعة املناصرة (الغرب‬،‫إليه من خالل هذا املقال‬
.‫امللوثات وخصائص التربة السائدة في البيئة‬
.‫ بيئة‬،‫ خطر‬،‫ تنمية مستدامة‬،‫ تربة‬،‫ مبيدات‬،‫ جماعة املناصرة‬:‫الكلاا املهناسدة‬

7 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

"La terre est en train de mourir... Elle se noie, elle


est écrasée sous un déluge de pesticides et de pollutions
toxiques. La science ne la sauvera pas. La technologie
ne la sauvera pas. Elles sont ses ennemis, la véritable
source de l’horreur et de la contagion. Nous devons nous
Introduction

L’évolution de l'agriculture traditionnelle vers une agriculture intensive moderne se


caractérise par l'utilisation importante d'intrants chimiques (pesticides, engrais). Par exemple,
le développement extensif des terres agricoles et la mauvaise utilisation des produits
phytosanitaires, ont un impact très négatif sur la santé humaine et l'environnement. Ces effets
nécessitent une intervention de l'État pour organiser l'utilisation des pesticides et lutter contre
la contamination par les pesticides. Pourtant, le Maroc doit encore surmonter les pratiques de
pesticides inadéquates pour amener les terres à une utilisation agricole durable. Les pesticides
sont considérés dans ce cas, comme une source majeure de pollution dans les zones irriguées.
Bien que plusieurs techniques de restauration des sols soient développées, elles ne sont pas
toujours utilisées et varient en fonction des circonstances de chaque pays. Il est donc nécessaire
de lancer des recherches pour identifier certaines de ces techniques propres au traitement des
sols marocains. Enfin il ne faut pas négliger la limitation de l’impact sur la Santé et
l’environnement, le volet « Economie » doit être pris en compte afin de trouver des solutions
innovantes au problème de la pollution. De même, il faut tout au tant identifier les techniques
écologiques aussi bien qu'économiques.
Notre travail consiste à identifier les types et les quantités de pesticides utilisés dans la
Commune de Mnasra à Kénitra et leur impact sur la dégradation des sols. Par la suite, le choix
et la discussion des techniques de dépollution s’avèrent nécessaires pour proposer les plus
efficaces, les plus économiques et les plus écologiques.
Le but de cette étude est de déterminer la technique adéquate, ou la plus durable parmi
les techniques de réhabilitation disponibles au Maroc. Il existe sept techniques de réhabilitation
environnementale (Dufresne M.,2013), à savoir la biodégradation/ bioventilation, la
phytoremédiation, l'oxydation chimique, le lavage chimique des sols, la désorption thermique,
l'incinération, et l'excavation/décharge. Dans ce cadre, des outils de comparaison sont
présentés, après quoi les résultats sont justifiés par de nombreuses explications.

8 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Figure 1 : Localisation de la Commune de "Mnasra"

Source : carte géologique Souk El Arba Beni Hssane au 1/100000 (MEN, 2004), modifiée

La Commune de Mnasra s’inscrit dans la continuité géographique de la plaine du Gharb vers


le sud, le long de la côte atlantique, une zone qui s'étend sur une superficie de 600 km² entre la
ville de Kenitra au sud, l'oued Sebou à l'Est, Sidi Mohamed ben Mansour au nord. Elle a une
forme allongée de 60 km du nord vers le sud, plus large à l’intérieur des terres au nord, mais
plus se rétrécie à l’extrême sud. Elle a une largeur moyenne de 7 km vers l’aval du barrage de
Garde, et s'étendant sur plus de 12 km vers le nord (El Hebil. 2006).

1- Outils et Méthodes
Pour se rapprocher de la méthodologie utilisée, nous avons effectué des recherches sur les
méthodes de traitement phytosanitaire, dans plusieurs parcelles agricoles de la commune de
Mnasra. De même, l’étude des sols est déterminante et nécessite aussi des outils et des méthodes
d’analyse pour une bonne connaissance des éléments de base et des types.

1.1- Méthodologie de l’étude sur terrain


Une enquête a été menée dans la Commune de Mnasra à vocation agricole. A travers
laquelle, plusieurs agriculteurs ont été interrogés sur les principales cultures et les types de
pesticides utilisés en insistant sur leur quantité et la fréquence de leur utilisation. Nous avons
également analysé un certain nombre de type de sol pour déterminer l'étendue de la pollution
due aux pesticides.

9 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Figure 2 : Localisation de certaines cultures dans la commune de Mnasra

Source : carte géologique Souk El Arba Beni Hssane au 1/100000 (MEN, 2004), modifiée

L'agriculture de Mnasra se caractérise par sa diversité, mais la dominance des cultures


dépend de la demande du marché. Selon l'enquête de terrain, les principales cultures sont la
banane, le haricot blanc et le haricot vert. Pour cette raison, nous avons choisi la commune
Mnasra comme zone de recherche en raison de la grande réputation de ces deux produits.

Photo 1: Exemple de culture de bananes et de haricots dans la zone de Mnasra

Prise de vue : avril 2018

10 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Photo 2: Exemple de pesticides utilisés sur des bananiers

Prise de vue : avril 2018

De nombreux types de pesticides sont utilisés dans la commune de Mnasra pour lutter
contre les ravageurs et les maladies des cultures. L’utilisation de pesticides dépend du type de
culture et du type de maladie et /ou de ravageur.

Tableau 1 : Les principaux pesticides consommés.


Culture Pesticides Matière active
Gramoxone Paraquat
Larouinne Thiophale methyl
Goldazim Carbendazime
Bananiers
Salvador Methomyl
Vertimec Abamectine
Choke Chlorpyriphos
Larouinne Thiophale methyl
Haricot Noctuelle Methomyl
Dithane Mancozèbe
Source : index phytosanitaire de l’ONSSA

Les agriculteurs doivent utiliser une variété d’agents antiparasitaires, y compris des
pesticides, pour assurer le rendement des cultures et répondre à la demande des consommateurs.
Une utilisation prudente des pesticides est essentielle, car les pesticides non seulement tuent les
ravageurs, mais peuvent également nuire aux insectes utiles. Leur utilisation présente un risque
pour la santé des utilisateurs, de leur entourage, des consommateurs alimentaires et de
l’environnement. La plupart des pesticides utilisés dans la zone d’étude sont enregistrés, mais
les agriculteurs ne respectent pas le dosage ni la fréquence de traitement. Ce traitement
phytosanitaire inapproprié réduit la qualité des sols et des écosystèmes, ainsi que la qualité de
l’eau potable et d’irrigation. De plus, les pesticides sont considérés comme des polluants
hautement toxiques pour la santé humaine et l’environnement, et leur accumulation dans le sol
réduit considérablement la production agricole.

11 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Tableau 2 : Liste des pesticides utilisés pour le traitement des haricots verts
Délai
Dosage
Parasite Matière active Produit de D.A.R L.M.R
recommandé /hl
retour
Bacillus Thuringiensis Bactospeine
80 à 100 g/hl 24H - -
CHLINNE Var Hpwp
Bifenthrine Talstar 10 Ec 30-40 cc/hl 24H 3j 0.5
Imidacloprine
Confidor 200od 30 à 50 cc/hl 24H 3j 2

Pyrimicarbe 50 % Pirimor 50 Dg 75g/hl 24H 7j 1


PUCERONS Delmamethrine Decis Fluxx 0.3 l/ha 24H 3j 0.2
Bifenthrine Talstar 10 Ec 30-40 cc/hl 24H 3j 0.5
Lambada Cyhalothrine
Karate 5 Ec 25 cc/hl 24H 7j 0.2
50 G/L
POURRITURE
Iprodione Ippon 500 Sc 120 cc/hl 24H 14j 5
GRISE
Soufre 80% Kumulus Df 300g/hl 24H 5j 50
OIDIUM
Soufre 80% Thiovit Jet 300g/hl 24H 5j 50
Bifenthrine Talstar 10 Ec 60-80 cc/hl 24H 3j 0.5
ACARIENS
Abamectine 18 G/L Vertimec 50 cc/hl 24H 7j 0.01
Spiromesifene 240 G/L Oberon 240 Sc 60cc/hl 24H 3j 1
MOUCHE
Pymetrozine Chess 50 Wg 40g/hl 24H 7j 2
BLANCHE
Bifenthrine Talstar 10 Ec 30-40 cc/hl 24H 3j 0.5
ANTHRACNOSE Azoxystrobine 250 G/L Ortiva 25 Sc 1l/ha 24H 7j 3
Source : index phytosanitaire de l’ONSSA

La répartition des pesticides entre les phases solide, liquide et gazeuse dépend des propriétés
physico-chimiques des molécules et les propriétés du sol (Carson R.L., 1962). Selon nos
recherches de terrain, la production de la matière organique à l’hectare est l’un des principaux
facteurs affectant la rétention des pesticides dans la phase solide du sol. Pour la plupart des
pesticides, il existe une corrélation positive entre la rétention dans le sol et la teneur en matière
organique (Spark, K et al., 2002). Le pH du sol, l’argile et les oxydes affectent également la
rétention (Laird D et al. 1992).
Les phénomènes de rétention jouent un rôle fondamental dans le devenir des pesticides dans
le sol, notamment leur persistance (De Jonge R et al. 1996). Ils correspondent principalement à
l'adsorption1 des contaminants adhérant à la surface solide (adsorbant) à partir de la phase

1
- L' adsorption est un phénomène plus ou moins réversible qui dépend de certains paramètres. La désorption
est souvent caractérisée par une hystérésis car elle se fixe sur le sol et forme des résidus de pesticides qui ne
peuvent pas être extraits (G. Bertin、M。Schiavon、1989).

12 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

gazeuse, de la phase liquide ou de la phase de solution solide, et à la désorption, qui est l'inverse
de l'adsorption, par laquelle les molécules adsorbées étant séparées du substrat.

1.2- Typologie et analyse des sols


Notre étude dans la commune de Mnasra, nous a permis d'observer à l'œil nu, les constituants
du sol, qui sont des éléments de base des activités agricoles.

1.2.1- Typologie des sols


Les sols de la commune de Mnasra sont composés de cinq principaux types : Les sols
Sesquioxydes ; les Vertisols ; les sols calcimaghésimorphes les sols Hydromorphes et les sols
peu évolués.

Figure 3: Carte des sols dans la commune Mnasra

Océan Atlantique

Source : Etude Pédologique au 1/100000ème Projet Sebou

 Les sols sableux (Sesquioxydes ; calcimaghésimorphes)


Ces sols sont présents sur le cordon dunaire et les dunes intérieures. Ils sont profonds et
caractérisés par une texture très sableuse, ils reposent sur un sous-sol perméable constitué
de formations sableuses meubles ou de grès dunaire à lumachelles. Hormis les sommets des
dunes, soumis à l'érosion éolienne, ces sols font l'objet d'une culture intensive et sont
principalement utilisés pour la culture de l'arachide. (El Hebil A., 2006).
 Sols noirs des dépressions inter- dunaires

13 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Présents dans les zones basses et les dépressions inter-dunaires, ces sols sont caractérisés
par une texture plus ou moins argileuse sur les 50 premiers centimètres, et une teneur en
matière organique plus élevée qui leur donne une couleur noire caractéristique. Du fait de
leur position au fond des dépressions, ces sols sont intensivement irrigués par pompage
d'eaux souterraines dont le niveau est organisé à faible profondeur. (El Hebil A., 2006).
 Sols des merjas
Sols hydromorphes plus ou moins sales des merjas côtières et des merjas dunaires
intérieures, sont immergés dans l’eau plus de 4 à 5 mois par an, et de façon quasi-
permanente pour certaines merjas intérieures (El Hebil A., 2006). Ces sols sont cultivés
après leur assèchement au printemps pour la culture du tournesol.
 Sols peu évolués
Ces sols sont situés sur les remblais d'alluvions légères de l'oued Sebou. Ces sols sont
peu représentés, et limités aux bords directs de l'oued Sebou. Ils ont une texture argileuse à
boueuse, et se drainent naturellement bien grâce à leur remplacement topographique
légèrement élevé, et leur bonne perméabilité, ce qui leur confère une aptitude particulière
pour toutes les cultures.
1.2.2- Analyse d’échantillons de sol
Les analyses des échantillons en laboratoire nécessitent plusieurs matériels et passent
par plusieurs étapes. Elles permettent de déchiffrer et de comprendre les principales causes
de la pollution, ce qui incite à effectuer des investigations sur place, pour approfondir les
connaissances et enrichir l’évaluation avec les informations.
Tableau 3: Résultat de l’analyse des sols
Elément Valeur Adéquat
Statue acido-basique
pH eau 8.0 6.7 à 7.5
pH KCL - -
Calcaire Total 0.3 < 15
Calcaire Actif - -
CaO mg/kg 2425 654 à 968
Eléments échangeables / assimilables.
Acide Phosphorique P2O5
197 17 à 30.4
mg/kg
Potasse K2O mg/Kg 275 78 à 169
Magnésie MgO mg/Kg 158 88 à 110
Oligo-éléments
Cuivremg/kg 8.7 0.2 à 0.35
Manganèsemg/kg 4.41 3à8
Fermg/kg 4.75 10 à 20
Zincmg/kg 0.98 0.68 à 1.3
Bore solublemg/kg - -
État humique (%).
Matière organique 0.7 >1.5
Azote Total - -
Extrait aqueux 1/5 mg/100g de sol
Amonium (N-NH4) 0.65 0.2 à 0.5
Nitrate (N-NO3) 3.32 5à8
Chlorures (Cl) 6.3 < 25
pH eau 8.0 6.7 à 7.5
pH KCL - -

14 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Calcaire Total 0.3 < 15


Calcaire Actif - -
CaO mg/kg 2425 654 à 968
Source : Hassan El Idrissi, FSK département biologie, 2016

Le tableau ci-dessus montre que les articles commercialisables dépassent les valeurs
correspondantes. Par conséquent, les agriculteurs mettent à disposition des engrais de
manière incontrôlée.

2- Analyse et traitements des données des pesticides


Il n'y a pas de meilleur moyen d'évaluer les perspectives que de mener des enquêtes sur
le terrain, et de recueillir des données sur les pratiques agricoles, l'utilisation et les taux
d'application des engrais et des pesticides.

2.1- Principaux pesticides utilisés


Bien que la plupart des pesticides utilisés au niveau de la commune Mnasra soient
homologués, les agriculteurs ne respectent pas le dosage et la fréquence de traitement. Cette
mauvaise pratique de traitement par des pesticides provoque la dégradation de la qualité des
sols, des eaux et de l’écosystème en général (leur accumulation dans le sol induit la
diminution remarquable du rendement agricole). En outre les pesticides sont considérés
comme un polluant très toxique pour la santé de l’homme.

Tableau 4 : Les principaux pesticides utilisés dans la commune de Mnasra


Culture Pesticide Matière active
Gramoxone Paraquat
Larouinne Thiophanate méthyl
Goldazim Carbendazime
Bananier
Salvador Méthomyl
Vertimec Abamectine
Choke Chlorpyriphos
Larouinne Thiophanate methyl
Haricot Noctuelle Méthomyl
Dithane Mancozèbe
Source : index phytosanitaire de l’ONSSA

Selon l’OMS (Organisation mondiale de la santé) Les pesticides sont des substances ou
des combinaisons de substances utilisées pour repousser, détruire ou contrôler les ravageurs,
y compris les porteurs de maladies indésirables chez les humains, les animaux et les plantes
(OMS,2011).

2.2- Analyse comparative des techniques de dépollution


Le développement durable est un terme qui est inclus dans l'usage courant depuis la
publication du rapport de Brundland en 1987. Ce rapport est une réponse à la demande
spécifique de l'Assemblée générale des Nations unies en 1983 pendant la tenue de la
Commission mondiale sur le développement environnemental.
Dans ce sens, le Maroc s'est engagé depuis 2008 dans l’application de la politique
de développement durable, une politique qui représente une série de changements qui

15 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

doivent être réalisés à tout prix pour compromettre la survie de la planète et de ses habitants,
en tenant compte des besoins des sociétés.
En effet, l'analyse comparative sera présentée selon trois (3) volets : environnemental,
social et économique.

Figure 4 : Les trois piliers du développement durable

Le développement durable n'est pas seulement un équilibre entre l'environnement, la société


et l'économie. Il représente aussi une série de changements devant être réalisés, au prix de la
survie de la planète et de ses habitants.

Tableau 5 : Nomenclature des techniques


B1 PH C1 C2 T1 T2 EX

Oxydation Lavage Désorption


Bioventilation Phytoremédiation Incinération Excavation
chimique des sols thermique
Source : Dufresne M.,2013

Le Tableau 5, Présente la structure des tableaux classés dans l'ordre et les sept
techniques évaluées par chaque critère.

Tableau 6 : Pondération pour chaque technique


Nulle Très faible Faible Moyen Elevé Très élevé
0 1 2 3 4 5
Source : Pondération utilisée sur SPSS d’après Dufresne M.,2013

Le tableau 6 indique les valeurs spécifiques des scores. Cet outil a été créé pour que les
scores élevés aient des conséquences négatives. Par exemple, si la technique a un impact
environnemental de 5, elle est "très élevée" et donc négative. Des points seront attribués pour
chacune des quatre composantes. Les valeurs des trois techniques ayant obtenu les scores les
plus bas dans cette section sont indiquées en rouge et soulignés ; puis en ajoutant ces résultats
au grand total indiqué dans le tableau 12.

16 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Tableau 7 : Avantages et inconvénients des principales techniques de dépollution des sols


Méthode
Avantage Inconvénient
- Injection homogène est difficile à réaliser ;
- Les contaminants sont traités in - Micro-organismes introduits in situ peuvent
situ ; ne pas être adaptés à leur nouvel
Bioventilation

- Faible impact sur l'écosystème environnement ;


(B1)

de surface du sol ; - Technologie peut générer des métabolites ;


- Production limitée de déchets ; - Concentration trop élevée de contaminants
- Technologie peu coûteuse par peut être toxique pour les
rapport aux techniques ex-situ. microorganismes ;
- Processus peut être lent (ADEME, 2015).
- Sols ne doivent pas contenir plus de 50% de
particules fines ;
- La technologie est transférable - Installation de l'unité de traitement
Lavage des sols

sur le site ; nécessite beaucoup d'espace ;


-Elle peut constituer une solution - Solution de lavage doit être disponible et en
(C2)

permanente ; grande quantité ;


-La durée du traitement est - Le solvant utilisé pour laver le sol peut
relativement courte rester dans le sol (ADEME, 2015).
(Environnement Canada 2002). - Les coûts peuvent être élevés
(Environnement Canada, 2002).

-Temps de traitement
Oxydation chimique

relativement court ;
-De nombreux contaminants - Oxydation peut être incomplète ;
peuvent être traités par cette - Pas très efficace si les concentrations de
(C1)

méthode. Méthode sûre contaminants sont élevées (Environnement


(USEPA. 2008). Canada 2002).

- Beaucoup moins coûteux que


Phytoremédiation
chimique (PH)

les traitements traditionnels ; - Lenteur de la méthode ;


- Les plantes peuvent être -Coût supplémentaire dû au stockage de la
facilement contrôlées ; biomasse contenant des produits dangereux
- Méthode la moins destructrice ;
de l'environnement initial du sol ( -Installation assez lourde (ADEME, 2015).
Bois, P. , 2009).
-Émissions potentielles de particules et de
Désorption thermique à

COV
-Diversité des contaminants
haute température

-Sols très humides sont difficiles à traiter ;


organiques traités ;
-Coûts très élevés (Environnement Canada.
-La technologie est transférable
2002)
(T1)

sur le site ;
-Sols riches en argile et en limon augmentent
- Peut être une solution
le temps de traitement ;
permanente (Environnement
-Sol traité peut ne pas soutenir l'activité
Canada 2002).
microbienne (ADEME, 2015).

17 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- Taux de destruction des


contaminants de 99,9 % atteint ; - Coûts élevés ;
Incinération - Peut traiter un large éventail de - Emissions possibles de gaz toxiques ;
contaminants ; besoins énergétiques élevés ;
- Peut être une solution - Quantité limitée pouvant être traitée en une
(T2)

permanente (Environnement seule fois ;


Canada 2002) ; - Faible acceptation sociale de la technologie
- Les petites unités peuvent être (FRTR. 2007).
transportables (FRTR. 2007).

- Excavation ne constitue qu’une phase


préliminaire de traitement/réhabilitation ;
- Excavation s'applique généralement à des
profondeurs de 5-6 m ;
- Excavation nécessite souvent l'arrêt de
l'activité sur la zone de travaux
- Technique simple et rapide,
- Excavation entraîne des perturbations sur
- Technique fiable et éprouvée,
les zones avoisinantes (trafic, bruit …),
- Présente une garantie de
Excavation

- Plus, la pollution est étendue, plus le


résultats
(EX)

volume de terres à excaver est important et


- Technique bien adaptée pour
les travaux sont difficiles à organiser et à
éliminer une source de
réaliser,
pollution très concentrée et
- Excavation nécessite souvent des mesures
limitée dans l’espace (hot spot)
spécifiques qui rendent l’opération plus
coûteuse et moins rapide,
- Risques typiques des terrassements
doivent être considérés :
- Endommagement d’infrastructures
enterrées
Source : travail bibliographique

Le tableau 8 sert d'outil pour analyser diverses techniques de contrôle de la pollution et


montre les forces et les faiblesses de chaque technique à travers un aperçu général des diverses
stratégies de gestion de la contamination des sols. Cette recherche nous a permis d'étudier
chaque technique liée à ces différents enjeux de durabilité.
L'analyse comparative des techniques se fonde sur des critères de durabilité dans trois
domaines : l'environnement, la société et l'économie. Nous avons utilisé cet outil d'analyse pour
évaluer et comparer les sept options de réhabilitation envisagées dans cette étude.

3- Résultats et discussion
Avant d'aborder les conséquences, rappelons que la pollution des sols est un véritable
problème de santé publique et d'environnement. Pour cette raison, la réhabilitation des sols
contaminés est devenue une priorité pour les scientifiques et les autorités.

3.1- Résultats statistiques des techniques utilisées pour le


traitement
Le choix des critères a été sélectionné sur la base d'une étude de (Dufresne M., 2013) après
des recherches approfondies sur le développement durable. Ils permettent de couvrir tous les
aspects de la durabilité affectant l'environnement de la réhabilitation environnementale.

18 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Tableau 8 : Techniques utilisées pour le traitement et leurs impacts sur


l’environnement
Environnement
Critère B1 PH C1 C2 T1 T2 EX
Risque de contamination des eaux souterraines 2 0 2 5 2 1 1
Risque de contamination de l’air 2 0 1 3 4 5 2
Risque de contamination des sites voisins 1 0 2 1 2 1 1
Risque d'impact sur la biodiversité (faune et flore) 3 2 2 3 4 4 5
Impact

Risque de modification de la structure et des


3 1 3 3 5 5 5
paramètres physiques du sol
Déchets à éliminer 0 3 0 1 3 5 5
Consommation d’énergie fossile 3 0 2 4 5 5 3
Consommation d’eau 1 4 1 5 2 2 1
Total 15 10 13 25 27 28 23
Source : Résultats d’analyse des données avec SPSS

Les résultats des composantes environnementales sont présentés dans le tableau 8. Ainsi, on
constate que les trois (3) techniques les plus durables sur le plan environnemental sont
l'oxydation chimique et la phytoremédiation ; l'efficacité de cette dernière dépend des propriétés
physicochimiques, des concentrations et de la biodisponibilité des polluants, mais aussi du
potentiel dégradant du microbiote du sol (Tissut et al., 2006).

Tableau 9: Techniques utilisées pour le traitement et leur impact social


Social
Critère B1 PH C1 C2 T1 T2 EX
Impact sur la santé des travailleurs 2 1 1 1 4 4 1
Impac

Nuisances (bruit, poussière et visuel) 2 1 1 2 5 5 4


t

Impact sur la population avoisinante 2 0 1 2 3 3 2


Total 6 2 3 5 12 12 7
Source : Résultats d’analyse des données avec SPSS

L'utilisation des techniques thermiques (T1 et T2) peut entraîner des incendies, des
explosions, les techniques (C1 et PH) peuvent affecter la santé des travailleurs lors de la
manipulation de produits dangereux, alors que l'excavation (EX) est une tâche physique qui
nécessite une manipulation prudente de l'équipement, bien que le risque pour la santé des
travailleurs soit faible. Les techniques de terrain (T1, T2 et EX) sont plus destructives en raison
de leur équipement de traitement volumineux et bruyant.

Tableau 10:Techniques utilisées pour le traitement et leur poids sur l’économique


Economie
Critère B1 PH C1 C2 T1 T2 EX
Coût de la mobilisation du personnel et des
3 3 2 3 5 5 2
équipements
Impact

Coût du traitement 3 4 3 4 5 5 4
Coût de l'énergie 3 3 2 4 5 5 2
Utilisation des ressources (employés) 1 4 1 3 4 3 3
Total 10 14 8 14 19 18 11
Source : Résultats d’analyse des données avec SPSS

19 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Les coûts associés à la mobilisation du personnel et de l'équipement sont principalement


liés à la taille et à la complexité de l'équipement et au temps requis pour le traitement. En outre,
la distance entre le site de recherche et le bureau de la société de dépollution, ou la distance
jusqu'à la décharge la plus proche, peuvent avoir un impact important sur les coûts de
mobilisation. L'excavation (EX) ne nécessite qu'un transport, tandis que les méthodes de
désorption thermique (T1), d'incinération (T2) et de nettoyage des sols (C2) exigent le montage
des équipements lourds et complexes. Cependant, la durée du traitement est un facteur qui
influence les coûts de mobilisation (voir tableau, application et critères). L'incinérateur (T2) est
particulièrement coûteux en termes de dépollution. Le coût du traitement biologique (B1) et du
traitement par oxydation chimique (C1) est modéré et varie en fonction de différents critères
spécifiques.

Tableau 11 : Comparaison des techniques utilisées pour le traitement par


application
Application
Critère B1 PH C1 C2 T1 T2 EX
Difficulté de trouver une entreprise offrant cette
4 2 2 3 4 4 1
technologie
Durée du traitement 5 5 1 3 4 1 1
Conditions spécifiques à respecter (type de sol,
type de contaminants...) 5 3 1 3 2 1 1

Risque d'échec du traitement 5 3 1 2 1 2 1


Niveau d'expertise requis pour appliquer
4 3 2 3 3 4 1
correctement le traitement
Complexité de l'équipement de traitement 2 1 1 3 5 5 2
Impact

Nécessité de combiner plusieurs traitements 2 2 2 5 4 5 3


Difficulté à suivre le traitement 4 4 1 3 4 3 1
Total 31 23 11 25 27 25 11
Source : Résultats d’analyse des données avec SPSS

Le Tableau ci-dessus indique que le niveau de difficulté à trouver une entreprise qui
fournit les services de réhabilitation ciblés est plus élevé pour les techniques thermiques (T1
et T2) et de bioventilation (B1), car elles ne sont pas largement utilisées au Maroc.
L'excavation (EX) et l'oxydation chimique sont en tête, ceci est principalement dû à la facilité
d'utilisation de ces deux solutions et à leur capacité à traiter tous les types de sols et de
polluants.

Tableau 12 : Comparaison des résultats


Critère Environnement Social Economique Application Total
Bioventilation 15 6 10 31 62
Techniques

Phytoremédiation 10 2 14 23 49
Oxydation
13 3 8 11 35
chimique
Lavage des sols 25 5 14 25 69

20 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Désorption
27 12 19 27 85
thermique
Incinération 28 12 18 25 83
Excavation 23 7 11 11 52
Source : Résultats d’analyse des données avec SPSS

Si l'on compare les résultats des différentes techniques sur les différents aspects de la
durabilité, l'oxydation chimique est la technique la plus durable.
Pour l'Association française de Normalisation (AFNOR), la durabilité d'un système nécessite
la préservation des composantes de l'écosystème, soit les plantes, les animaux et les humains,
pour les générations présentes et futures, tout en assurant un équilibre entre la satisfaction des
besoins des sociétés, soit les conditions environnementales, sociales, culturelles et
économiques.

3.2- Discussion de l’étude comparative


Des études comparatives sur les techniques de dépollution montrent que l'oxydation
chimique (C1) est la technique la plus durable avec un score de 60. Non seulement cette
technique est acceptée par le public et le gouvernement, mais elle est plus économique que les
autres techniques et peut compléter la réhabilitation des zones affectées par des problèmes
organiques sans générer de déchets. Cependant, il est important de mentionner que son
application quelque peu complexe ne peut être gérée par n'importe qui. Dans de tels projets de
réhabilitation, il faut faire appel à des spécialistes pour éviter des mois de traitement sans
conséquences. Même avec l'application plus complexe des techniques biologiques (PH et B1),
ces techniques sont parmi les plus durables en raison des mauvais résultats obtenus avec d'autres
composants. En fait, leurs faibles coûts d'application et leurs impacts environnementaux
négligeables sont suffisants pour soutenir ces techniques par rapport aux procédés thermiques
(T1 et T2) et au lavage des sols (C2). Le score final est plus faible pour la technique d'oxydation
chimique (C1), est faible et le score final de l'excavation (EX) est supérieur à C1. Les techniques
thermique (T1 et T2) et le lavage chimique des sols (C2) obtiennent des scores élevés en raison
de leur impact négatif sur toutes les composantes de durabilité utilisées dans cette étude, En
effet, ils ont un impact négatif sur l'environnement, présentent des risques pour la population et
les travailleurs dans le cas de la technique thermique, sont coûteuses et les équipements
nécessaires au traitement sont complexes et chers. Ces trois solutions ne constituent pas une
option globalement lucrative, malgré une efficacité de traitement proche de 100 %.

3.2.1- Solutions sélectionnées pour le traitement des sols


D'abord et avant tout, l'oxydation chimique vient en premier. En effet, il est relativement
peu coûteux et permet de traiter tous les sols contaminés sans déchets. Bien entendu, son
application nécessite l'intervention d'experts en géologie et/ou hydrogéologie et chimie pour
assurer la réussite du traitement. De tels professionnels sont actuellement sur le marché.
L'application de cette technique sur le terrain (in- situ) impose certaines restrictions en termes
de contrôle éventuel du traitement pendant les travaux. Contrairement à l'excavation, à
l'incinérateur et à la phytoremédiation, l'oxydation chimique permet un traitement sur le terrain
(in-situ) sous l'infrastructure sans perturber les activités des entreprises concernées. Le
problème est que dans le cas des sols argileux, l'oxydation chimique ne peut pas avoir lieu, et
son effet sur les polluants organiques est limité. Pour Le problème des sols argileux, il existe la

21 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

possibilité de traiter par oxydation chimique ex-situ sur site, dans le champ des unités mobiles
rotatives.

3.2.2- Dimensionnement
Le temps de traitement et la quantité d'oxydant requis pour traiter une quantité donnée de
contaminants sont basés sur les résultats des tests en laboratoire et d'expériences pilotes. Ces
informations sont ensuite utilisées pour dimensionner le processus de traitement en fonction de
l'emplacement de la contamination, du niveau de contamination, de son étendue, et des
caractéristiques du sol telles que la porosité, la perméabilité et les besoins en oxydants naturels
(Jacobs J. A. et Testa S.M., 2003).

a- Choix d’oxydant
- Formations à bonne perméabilité : sable et gravier (conductivité hydraulique > 5x106
m/s). Les réactifs sont facilement distribués, principalement par advection. Les oxydants stables
et instables fonctionnent bien.
- Formations à faible perméabilité : Limon et argile (conductivité hydraulique <5x107
m/s). Le processus de diffusion joue un rôle important dans le mouvement des réactifs. En
raison de la dispersion lente de ce type, seuls des oxydants stables (permanganates) ont été mis
en évidence.
- Formations à perméabilité moyenne et faible : Sable limoneux, sable argileux etc.,
Dans ces formations, le mouvement des réactifs est dû à des phénomènes d'advection et de
diffusion (Bruxelles Environnement. 2015).

Tableau 13 : choix du réactif oxydant en fonction de la perméabilité du sol à traiter


Percarbonate de Persulfate de
Perméabilité du Permanganate Eau oxygénée Ozone
soude Sodium
sol MnO4- H2O2 O3
2Na2CO3.3H2O2 Na2S2O8
Bonne +++ +++ +++ +++ +++
Mauvaise ++ - -/+ ++ -
faible à moyenne ++/+++ - +/++ ++/+++ -
Source : Bruxelles Environnement, 2015
Légende : - = peu efficace, + = moyennement efficace, ++ = efficace, +++ = très efficace

Des réactions complexes1 peuvent se produire lors de l'ajout de peroxyde d'hydrogène

b- Méthodes d’apport des réactifs oxydants.


Tableau 14 : méthodes d’apport de réactifs d'oxydation
Infiltration
Profondeur de Infiltration Mélange
Injection passive (puits
la couche à active (sous Recirculation sur le
direct ou
traiter en (m) pression) sol
drains)
<5 +++ +++ +++ +++ +++
De 5 à 10 +++ +++ +++ - +++

1
- Oxydation directe : H2O2 + 2H+ + 2 e -  2H2O
- Réaction des radicaux libres : H2O2 + 1e-  OH- + OH / OH + H2O2  H2O + HO2

22 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

De 10 à 25 +++ ++ +++ -- -
De 25 à 50 ++ + ++ -- --
>50 ++ -- ++ -- --
Source : Bruxelles Environnement, 2015
Légende : -- = non envisageable, - = mauvais, + = moyen, ++ = bon, +++ = très bon
En général, lorsque le sol est pollué par des pesticides, les éléments des polluants se
concentrent à la surface. D'après cette observation, la profondeur des résidus de pesticides est
inférieure à 5 m. Selon la matrice de sélection de la méthode d'apport d'oxydant, toutes ces
méthodes sont réalisables, mais l'injection directe est plus réalisable et applicable dans le
contexte de la commune de Mnasra.
Dans cette méthode, les contaminants sont injectés à partir d'un puits ou directement sur le
sol à l'aide d'une sonde d'injection. Le succès de cette méthode dépend du rayon d'influence de
l'injection, et donc du nombre de puits/points d'injection nécessaires pour couvrir la zone à
dépolluer (Bruxelles Environnement 2015).

Figure 5 : Représentation schématique d'un approvisionnement


en réactifs par injection directe

Source : Bruxelles Environnement, 2015.

En guise de conclusion le calcul du coût économique du traitement des sols contaminés par
des techniques d'oxydation chimique in situ est très complexe. En effet, la dépollution des sols
dépend d'une part du type de polluant, de la concentration du polluant et du type d'oxydant.
D'autre part, de la structure et de la texture du sol. Par conséquent, nous avons utilisé des
normes pédologiques et climatiques et l’utilisation accrue de pesticides, pour estimer le coût
de la dépollution des sols dans la zone d'étude. Nous avons utilisé la méthode suivante pour
calculer le coût économique du traitement d'un hectare de terre.

100m×100m×0.2m = 2000 m3
On estime qu'un m3 correspond à 1,45 tonne de sol (Leclerc B., 2001). Par conséquent,
une surface agricole d'une superficie de 1 hectare équivaut à 2900 tonnes.
La société du BRGM (Bureau de Recherches Géologiques Minières) propose une valeur
relative de 30 € à 35 € la tonne.
Le coût est donc de :
2900 tonnes × 30 euros = 87000 euros = 87000 × 10.6 DH = 922200 DH
2900 tonnes × 35 euros = 101500 euros = 101500× 10.6DH = 1075900 DH
Enfin, la dépollution d'une surface de 8 hectares nécessite un coût variant entre :
7377600 DH et 8607200 DH.

23 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Figure 6 : Représentation schématique de la zone à dépolluer.

Source : schéma personnel de la zone à dépolluer

Sur la base de l'étude de (Leclerc B., 2001), nous avons sélectionné 8 hectares de terres
cultivées avec des bananes et des haricots. Cela s'explique par le fait que les pesticides sont
concentrés à 20 cm de profondeur.

Conclusion
Actuellement, les méthodes les plus courantes de dépollution des sols sont de type physique
et chimique par traitement thermique ou en un lavage avec des solvants après excavation de ces
sols.
Selon des études menées dans la commune de Mnasra, la majorité des agriculteurs ne
respectent pas les doses et les fréquences des utilisations recommandées des pesticides, des
pratiques que nous avons constaté dans d'autres communes du Gharb comme celles de Souk
Tlet El Gharb, Sidi Allal Tazi, et bien d'autres. Ce sont des utilisations chaotiques et
incontrôlées responsables de la toxication par les substances polluantes, portant atteintes aux
sols et aux eaux superficielles et souterraines.
En fait, la dépollution des sols pollués de pesticides, peut améliorer l'empreinte
environnementale de la technique choisie. Cette empreinte dépend non seulement des matériaux
utilisés, mais aussi de l'énergie consommée. L'objectif de la dépollution, est d'améliorer la
qualité de l'environnement.
Il existe de nombreuses techniques possibles pour atteindre ces objectifs (l'oxydation
chimique, l'excavation, la bioventilation, etc….), mais leurs effets négatifs doivent également
être réduits. Par conséquent, la santé humaine et la protection de l'environnement doivent être
prises en compte lors du choix des critères de sélection des techniques à utiliser. En outre, ces
critères doivent inclure une analyse des impacts sanitaires, sociaux et économiques.
Il convient donc de choisir la technique la plus opportune et celle qui convient le plus.
D’après l'analyse des différentes techniques à l'aide des grilles de durabilité, il s’avère que
l'oxydation chimique se place en tête de liste parmi les techniques les plus compatibles en
termes de développement durable.
Afin de minimiser l'impact environnemental des pesticides, il est nécessaire d'améliorer le
cadre juridique des produits phytosanitaires, d'exiger la vérification et le contrôle d’utilisation
de ces produits, de former et de sensibiliser les agriculteurs à l'utilisation des systèmes
phytosanitaires, en organisant des ateliers de formation et de communication pour discuter les
mesures correctives de dépollution.

24 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Références

- ADEME (Agence De l'Environnement et de la Maîtrise de l'Énergie). (2015). Lavage des sols ex situ., 35
p.
- Bertin, G., & Schiavon, M. (1989). Les résidus non extractibles de produits phytosanitaires dans les
sols. Agronomie, 9(2), 117-124.
- Bois, P. (2010). Développement d'un procédé de traitement de matrices d'origine viticole polluées par des
herbicides par couplage bioaugmentation/phytoremédiation: sélection d'un triplet «bactéries-sorbant-plante»
testé en microcosme (Doctoral dissertation, Université de Haute Alsace-Mulhouse).
- Brundtland, G. H. (1987). Notre Avenir à Tous, rapport de la commission mondiale sur l'Environnement et
le Développement. Les Editions du Fleuve, Paris (traduction française de Our Common Future.
- Bruxelles environnement. (2015). Code de bonne pratique 3, oxydation chimique in situ. Belgique, Bruxelles.
- Carson, R. L. (1962). Silent Spring, Riverside Press. Cambridge, MA, USA.
- De Jonge, R. J., Breure, A. M., & van ANDEL, J. G. (1996). Reversibility of adsorption of aromatic
compounds onto powdered activated carbon (PAC). Water research, 30(4), 883-892.
- Dufresne, M. (2013). Les technologies de traitement des sols contaminés : Lesquelles sont durables
? (Doctoral dissertation, éditeur non identifié).
- El Hebil, A. (2006). Etude de diagnostic de la nappe de Mnasra, agence du bassin hydraulique du Sebou.
Maroc rapport provisoire.
- Environnement Canada. (2002). Technologies d'assainissement ex situ des lieux contaminés. Ontario.
- Environnemental Protection Agency. (2008). Green Remediation: Incorporating Sustainable Environmental
Practices into Remediation of contaminated Sites.
- FRTR (Federal Remediation Technologies Roundtable Register ). (2007). Incineration. In u.s. army
environmental center.
- Hammani, A., & Yechi, H. (2009). Caractérisation des pompages des eaux souterraines et étude de leurs
performances techniques dans la zone côtière du Gharb. IAV Hassan II.
- Jacobs, J. A., & Testa, S. M. (2003). Design considerations for in situ chemical oxidation using high pressure
jetting technology. International Journal of Soil, Sediment and Water, 51-60.
- Laird, D. A., Barriuso, E., Dowdy, R. H., & Koskinen, W. C. (1992). Adsorption of atrazine on
smectites. Soil Science Society of America Journal, 56(1), 62-67.
- Leclerc, B.(2001). Guide des matières organiques : Tome 1.238 p. ITAB, Paris, France.
- OMS (Organisation mondiale de la Santé). (2011). Code international de conduite pour la distribution et
l'utilisation des pesticides : directives pour le contrôle de la qualité des pesticides (No.
WHO/HTM/NTD/WHOPES/2011.4). Genève.
- Spark, K. M., & Swift, R. S. (2002). Effect of soil composition and dissolved organic matter on pesticide
sorption. Science of the Total Environment, 298(1-3), 147-161.
- Tissut, M., Raveton, M., & Ravanel, P. (2006). Ecoremediation. Cooperation between plants and soil
microorganisms, molecular aspects and limits. In Soil and Water Pollution Monitoring, Protection and
Remediation (pp. 489-504). Springer, Dordrecht. Monitoring, Protection and Remediation. Springer,
Dordrecht, pp. 489–504.
- United Kingdom Environment Agency. (2002), Environmental performance reviews (1st cycle) conclusions
and recommendations, OECD (Organisation for economic co-operation and development).

Remerciements
Je tiens à remercier mon professeur, EL Bouzidi Aissa, pour ses compétences hors pair, son
ouverture d'esprit et ses conseils avisés, qui n'a pas hésité à relire et à vérifier les résultats
du document.
Je tiens également à remercier le chercheur Hassan El Idrissi, du département de biologie,
Faculté des Sciences, Université Ibn Tofail, Kenitra, lui serait reconnaissant pour son
soutien et ses encouragements, qui m'ont motivé à aller de l'avant dans la rédaction de cet
article, et sans lui, il n'aurait pas vu le jour.

25 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Communes territoriales entre les stratégies d'intervention


Et les enjeux Du développement durable Dans les centres
émergents des Doukkala
Cas Moulay Abdallah, Oualidia, Sidi Ismail et et Arbaa laaounate
AMIRY Younes
Chercheur, Faculté des Lettres et Sciences Humaines, El Jadida

Résumé
Les centres émergents de Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail et Arbaa Laaounate
du doukkala constituent des agglomérations qui connaissent une démographie et des conditions
historiques d’émergences différentes. Ces centres ont connu des mutations socio-spatiales
importantes qui ont produit une nouvelle réalité territoriale. La population de ces centres est
plus attirée par les métropoles voisines comme El Jadida, Settat, Casablanca. Ces dernières
monopolisent les flux d'approvisionnement en biens et services et les services sociaux
fondamentaux. Les carences que connaissent ces centres sont dues à plusieurs contraintes. Elles
sont liées à la faiblesse et une mauvaise gestion des budgets des communes territoriales.
Ajoutons à cela d’autres facteurs : d’une part, nous avons l’Elu qui n'est pas à la hauteur pour
la gestion et de la prise des décisions et d’autre part, le manque de ressources humaines
spécialisées dans les communes locales. Cela se manifeste dans le décalage du niveau
d’enseignement des acteurs locaux et la composition politique du conseil communal. Cela
empêche toute élaboration de stratégie globale de développement durable. Ce frein d'ordre
humain des conséquences sur le temps de la prise des décisions qui est souvent très lent pour
prendre des décisions au niveau du conseil communal et de la planification de développement
local. De plus, L'absence des élites locales œuvrant dans le travail associatif donne naissance à
une société civile incapable de diagnostiquer les besoins de sa population, et de prendre les
décisions adéquates pour d'adopter les choix pertinents pour un développement territorial. Une
qualification de ce capital humain s’impose pour un développement durable.
Mots clés: Doukkala, Communes territoriales, Centres émergents, Communes territoriales,
Développement durable.
‫الجماعات الترابية بين استراتيجيات التدخل وتحديات التنمية المستدامة بالمراكز الناشئة‬
‫ وأربعاء العونات‬،‫ سيدي إسماعيل‬،‫ الواليدية‬،‫ حاالت موالي عبد هللا‬:‫لدكالة‬
‫ملخص‬
‫تشكل املراكز الناشئة موالي عبد هللا والواليدية وسيدي إسماعيل وأربعاء العونات بدكالة تجمعات سكانية بأحجام ديمغرافية‬
‫ مما‬،‫ لم يواكبها تطور على مستوى البنيات التحتية والخدمات العمومية‬.‫ عرفت تحوالت مجالية مهمة‬،‫وظروف نشأة ووظائف مختلفة‬
‫يجعلها مستقطبة من طرف ألاقطاب الحضرية القريبة كالدار البيضاء والجديدة وسطات على مستوى استقطاب تيارات التزود بالسلع‬
‫ ترجع الاختالالت املجالية باملراكز ألاربعة إلى عدة اكراهات مرتبطة بضعف وسوء تدبير‬.‫والخدمات واليد العاملة والخدمات الاجتماعية‬
‫ إضافة إلى ضعف مساهمة املنتخبين املحليين واملوارد البشرية باملجال املدروس في تطور املراكز بسبب تفاوت‬.‫ميزانيات الجماعات الترابية‬
‫ مما ينعكس بشكل‬،‫ والنقص الحاد في املوارد البشرية املتخصصة‬،‫املستوى التعليمي للفاعلين املحليين واختالف انتماءاتهم السياسية‬
‫ كما أن غياب نخب محلية تقود العمل الجمعوي‬.‫ وال يسمح بوضع خطة شمولية للتنمية املحلية‬،‫سلبي على الوثيرة التي تأخذ بها القرارات‬
‫ واملساهمة في صنع القرار املحلي والاختيارات الاستراتيجية للتنمية‬،‫يضعف مساهمة املجتمع املدني في تشخيص حاجيات الساكنة‬
.‫املستدامة‬
.‫ التنمية املستدامة‬،‫ املراكز الناشئة‬،‫ الجماعات الترابية‬،‫ دكالة‬:‫الكلاا املهاتدح‬

26 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

1. Problématique
Les centres émergents de Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail et Arbaa Laaounate
constituent des agglomérations qui connaissent une démographie et des conditions historiques
d’émergences différentes. Ces centres ont connu des mutations socio-spatiales importantes qui
ont produit une nouvelle réalité territoriale. Les centres étudiés ont apparu et se sont développés
durant le protectorat. L’entreprise coloniale pour sa gestion territoriale, elle s’appuyait d’une
part sur les centres administratifs et militaires et d’autre part sur les souks hebdomadaires. Aux
lendemains de l’Indépendance, ces centres ont continué leur évolution grâce à l’émigration
rurale et à l’installation des grands projets comme le complexe portuaire et industriel Jorf
LaSfar. Cette évolution est dûe aussi à l’apparition des projets touristiques surtout aux centres
de (Moulay Abdelah et El Oualidia). Quant aux centres de notre étude du bassin interne de
doukkala (Arbaa Laaounate et Sidi Smail), ils ont connu des aménagements hydro-agricoles.
Ces changements ne se sont pas accompagnés par un développement au niveau des
infrastructures et des services publics. La population de ces centres est plus attirée par les
métropoles voisines comme El Jadida, Settat, Casablanca. Ces dernières monopolisent les flux
d'approvisionnement en biens et services et les services sociaux fondamentaux.

Les communes territoriales sont considérées comme l'organe chargé de gérer les services
administratifs des pôles émergents et de la communauté dans son ensemble. C'est
l'établissement chargé d'assurer le développement économique, social et culturel. Il constitue
les composantes les plus importantes du développement local, car il représente l'espace qui vise
à encadrer l'action politique et à promouvoir les valeurs de la pratique démocratique pour
parvenir à un développement durable.

La problématique de l'article s'articule autour de la question centrale suivante: Quelle est


la nature des stratégies d'intervention des collectivités territoriales dans le champ du
développement dans les pôles émergents de Moulay Abdallah, El Oualidia, Sidi Ismail et Arbaa
Laaounate, et les enjeux de développement dans l’espace étudié ?

2. Méthodologie et outils de travail

Dans cet article, pour mettre en lumière la problématique des stratégies d'intervention des
communes territoriales des Doukkala et les enjeux du développement durable dans les centres
émergents de Moulay Abdallah, El Oualidia, Sidi Ismail et Arbaa Laaounate, nous nous
sommes appuyés sur une étude statistique et spatiale, à travers l'analyse des données statistiques
liées aux documents officiels et au travail de terrain, basée sur :
- Approche analytique déductive : elle repose sur la lecture et l'analyse de diverses
études, références et documents ayant traité cette problématique.

27 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- Travail de terrain basé sur un formulaire de terrain : La méthodologie de travail


s'est basée sur plusieurs outils (formulaires, inspection et entretiens de terrain), où un
questionnaire a été complété qui comprenait un échantillon de 726 ménages appartenant
à 10% de l’ensemble des familles de chaque centre (297 pour le Centre Moulay
Abdallah, et 180 pour le centre El Oualidia, 135 pour le centre Sidi Ismail, et 114 pour
le centre Arbaa Laaounate), et des entretiens avec divers acteurs locaux.

3. Localisation du domaine d'études et de ses caractéristiques

Doukkala s'étend sur une superficie de 7700 km2, délimitée par la rivière Oum Er Rbia
au Nord, l'Océan Atlantique à l'Ouest, les collines de Rhamna à l'Est, et par les collines de
Mouissat et Abda au Sud. C’est-à-dire toute zone correspondant aux frontières régionales de
Sidi Bennour et El Jadida. La fonction administrative a constitué un facteur important dans
l'émergence et la croissance des centres émergents aux Doukkala ainsi que leur développement,
notamment dans les communes territoriales suivantes (Carte 1) :
- Commune territoriale Moulay Abdallah: Fondée en 1959, elle appartient à la
province d'El Jadida dans la région de Casablanca-Settat, Elle est bordée au nord par la
ville d'El Jadida, à l'Est par la commune Haouzia, les communes Oulad Hcine et Sidi
Abed au Sud, et par l'océan Atlantique à l'Ouest. Sa population est estimée à 74671
personnes, selon le recensement de 2014. Elle comprend 60 douars et trois centres, à
savoir, le centre Moulay Abdallah, dont la population est estimée à 12456, le centre
Ouled Ghadhban qui comprend 6152 habitans, et le centre Sidi Bouzid. centre, qui a
une population d'environ 6174, selon les statistiques de 2014.
- Commune territoriale El Oualidia: Fondée en 1992, elle appartient à la province de
Sidi Bennour dans la région de Casablanca-Settat. Sa population est estimée à 18616
habitans, selon le recensement de 2014. Elle comprend 13 douars et le centre d’EL
Oualidia qui en comprend 7770 habitans. Il est bordé au Nord par la commune Oulad
Ghanem, les communes Oulad Sbeita et Lgharbia à l'Est, la commune Ayir au Sud, et
par l'océan Atlantique à l'Ouest.
- Commune territoriale Sidi Ismail : Elle appartient à la province d'El Jadida dans la
région de Casablanca-Settat. Elle a été créée en 1959. Elle est habitée par 28733
habitans, selon le recensement de 2014. Elle est bordée au Nord par la commune Oulad
Aissa, au sud par les Zaouiat Saiss et Saniat Berguig, à l'Ouest par la commune Oulad
Fraj, et par les communes Zaouiat Saiss et Sabt Saiss à l'Est. Il se compose de 36 douars,
et du centre de Sidi Ismail, qui compte une population de 5565 habitants.

28 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- Commune territoriale Laaounate: Elle a été créée en 1959. elle appartient à la


province de Sidi Bennour dans la région de Casablanca-Settat. Elle est bordée au Nord
par les communes de Bni Tsiriss et Laamria, les communes Metrane et Oulad Si
Bouhaya au Sud, les communes Metrane et Oulad Boussaken à l'Ouest, et par les
communes Metrane et Oulad Boussaken à l'Est. Elle appartient à la province de Sidi
Bennour, avec une population de 17850 habitants répartir sur 38 douars, et au centre
d'Arbaa Laaounate, qui comprend environ 5185 habitants1.
Carte 1: Localisation des centres émergents étudiées dans doukkala

Source: Diagnostic Territorial de la Commune rurale de Moulay Abdellah (P:10), El Oualidia (P:9), Sidi Smail
(P: 9), Laaounate (P:11), Royaume du Maroc, Ministère de l'Intérieur, Direction Générale des
Collectivités Locales & Agence de Développement Social & L'Initiative Nationale pour le Développement
Humain, 2010, (avec modification).

1 Recensement général de la population et de l'habitat au Maroc 1994, 2014.

29 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

4. Discussion des conséquences générales

4.1 La faiblesse des ressources financières et sa mauvaise gestion dans les


communes territoriales étudiées mènent à une planification stratégique
territoriale limitée dans ses centres émergents

4.1.1 La gestion collectives des communes territoriales étudiées se caractérise par une
planification stratégique territoriale limitée dans les centres émergents
A partir de l’étude de la nature des projets qui proviennent des planifications des stratégies
collectives du développement des communes territoriales de Moulay Abdallah, El Oualidia,
Sidi Ismail et Arbaa Laaounate entre 2009 et 2015 nous déduisons que les efforts déployés pour
la réalisations de projets ont peuvent de rendre accessible les services sociaux fondamentaux
comme l’électricité, l’eau potable et l’aménagement des routes rurales avoisinant les centres
(Tableau 1).
Ce qui limite l’investissement dans le renforcement de l’infrastructure dans les centres
étudiées et surtout dans le domaine économique pour rébaliter l’économie locale. Les efforts
déployés dans les services sociaux fondamentaux empêchent également le développement des
revenues des communes territoriales chargées de la gestion et la direction des centres émergents
étudiés.
Tableau 1: Nature des projets issus des planifications collectives pour développement des
communes territoriales de Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate 2009-
2016
Centres
Laaounate Sidi Smail El Oualidia Moulay Abdellah
Renforcement de l’infrastructure 1 1 0 5
L’accès à l’eau et à l’éctricité 2 2 3 5
Réalisation des établissements 1 3 8 7
socio-culturels
Amélioration de l’accès au 1 2 4 6
service sanitaire et la
qualification des activités
culturelles et sportives
Qualification de l’économie 0 1 3 5
locale et développement des
revenues des communes
Organisation du l’espace urbain 1 3 5 9
Protection de l’environnement 1 3 10 4
Qualification des ressources 0 1 1 2
humaines
Source: Stratégies collectives du développement des communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi
Smail, Laaounate, 2011-2016.

30 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

4.1.2 La faiblesse de ressources financières et sa mauvaise gestion limite de la contribution


des communes territoriales étudiées dans le développement territoriale

Les ressources financières des communes étudies sont constituées des ressources
personnelles et des revenus du Taxe sur la Valeur Ajoutée (TVA). Les recettes propres
constituent la partie la plus importante de la commune territoriale de Laaounate et Sidi Smail,
surtout les revenues des souks qui atteignent le tiers des revenus de la commune territoriale de
Sidi Smail où les revenues du Taxe sur la Valeur Ajoutée (TVA) sont les plus importants.

La concentration sur les revenues des souks devient ainsi une source de précocité. En
effet, les ressources des deux communes sont affectées quand il y a une baisse des revenus des
souks hebdomadaires. Ceci est dû à l’absence de concurrence lors de la location des souks
s’affaiblissent ou déterminait du Taxe sur la Valeur Ajoutée (TVA) comme c’est le cas en 2015.
En cette année les revenues du Taxe sur la Valeur Ajoutée (TVA) ont constitué 37.30% dans la
commune territoriale d’Arbaa Laaounate et 66.63% dans la commune territoriale Sidi Smail et
92.88% dans la commune territoriale d’El Oualidia1.

Figure 1: L’évolution du budget communal entre 2009-2015

Source : Communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, .6102
Par contre les revenues de la commune territoriale de Moulay Abdellah du Taxe sur la
Valeur Ajoutée (TVA) est très faible. Les revenues ont constitué seulement 1.11% en 2015 de
l’ensemble du budget. Tandis que les revenus provenant des recettes propres constituent
environ 98.89% de l’ensemble du budget. Cette contribution est due à l’existence du port Jorf

‫ وأربعاء‬,‫ سيدي إسماعيل‬,‫ الواليدية‬,‫ سيرورة التحوالت السوسيومجالية ورهانات التنمية المحلية حالة موالي عبد اهلل‬:‫ "المراكز الناشئة بدكالة‬:) 9102( ،‫عاميري يونس‬ 1

.171 :‫ ص‬,‫ الجديدة‬،‫ كلية اآلداب والعلوم اإلنسانية‬،‫ جامعة شعيب الدكالي‬،‫ أطروحة دكتوراه في الجغرافيا‬،"‫العونات‬

31 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Lasfar et aux impôts imposés sur les activités industrielles dans ce cas. De même nous
remarquons, à travers l’examen des différentes sources de revenus de la commune Moulay
Abdellah, que les ressources sont multiples. En effet, la richesse des ressources de la commune
est due à l’activité concentrée dans ce centre territorial tel que l’industrie et le tourisme.

A cela s’ajoute des sources de revenues plutôt internes qu’externes, car le budget de la
commune est en perpétuelle évolution due à la concentration des activités industrielles et
touristiques comme nous l’avons déjà souligné (Figure 1).

2.1.3 Les obstacles dus à l’exploitation de toutes les ressources financières des communes
territoriales étudiées dans les dépenses relatives à la gestion personnelles

En 2015, le budget de la gestion a atteint 64.77% à Moulay Abdellah, 64.79% à EL


Oualidia, 78.51% à Laaounate et 74.48% dans la commune territoriale de Sidi Smail. En ce qui
concerne le budget de l’équipement, il a atteint 35.33% dans la commune de Moulay Abdellah,
35.31% à El Oualidia, 21.45% à Laaounate et 20.67% à Sidi Smail. Nous remarquons
également que le budget de l’équipement diminue en faveur du budget de la gestion à cause de
la baisse du budget générale. Ce budget général affecte le budget d’équipement quand il
diminue. Nous constatons aussi que le budget de l’équipement avoisine le budget de la gestion.
Cela revient au fait que le budget général de la commune augmente et non la diminution du
budget de la gestion. En effet l’augmentation du budget générale implique une augmentation
du budget de l’équipement comme c’était le cas en 2013 dans la commune territoriale Sidi
Smail.

A travers l’examen des données relatives aux dépenses du budget des communes étudiées,
nous remarquons que le côté financier est le premier obstacle devant la gestion des affaires
locales surtout dans les communes territoriales d’El Oualidia, Sidi Smail et Laaounate. De ce
fait, ces communes cherchent d’autres ressources financières à travers des partenariats pour
faire face à cette rareté des ressources financières.

Ainsi, l’approche de gestion participative constitue l’avenir du travail des communes


locales car les besoins des habitants sont de plus en plus nombreux. Ce qui nécessite de
mobiliser toutes compétences et les possibilités avec une bonne méthode.

32 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Figure 2: L’évolution du budget d’équipement communal entre 2009-2015

Source: communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, 2016.
En ce qui concerne la commune territoriale de Moulay Abdellah et en établissant une
comparaison entre dépenses de la gestion et les dépenses d’investissement liées à la réalisation
de quelques petits projets de construction d’établissement on la réparation de l’infrastructure
ou les dépenses de festival annule, nous remarquons que cette commune réalise un excédent
financier qui s’accumule dans la trésorerie générale de l’état sans investissement. Malgré ces
bénéfices, la commune est caractérisé par une fragilité précocité spatiale car cet excédant n’est
pas investi dans des projets concret. Cala se voit à travers l’augmentation du budget de gestion
au détriment du budget d’investissement. Le côté financier ne constitue donc pas un obstacle
devant le développement de la commune, mais il y a d’autres facteurs en relations avec le député
élu chargé de la gestion et la prise de décision (Figure 2).

4.2 La contribution limitée des acteurs institutionnels et locaux l’élaboration


des politiques territoriales intégrées dans les centres émergents étudiés

4.2.1 Faiblesse au niveau de la formation des cadres et des fonctionnaires des communes
territoriales et leur nombre limité

A partir de l’étude de la structure et de la formation des fonctionnaires des communes


territoriales étudiées, nous remarquons que les fonctionnaires ne sont pas bien formés
quantitativement et qualitativement. La moyenne d’encadrement dans les quatre communes est
un fonctionnaire pour 425 habitants, ce nombre est plus redit dans la commune territoriale
Moulay Abdellah ou le taux d’encadrement est un fonctionnaire pour 375 fonctionnaire, le taux
d’encadrement est un fonctionnaire pour 343 habitants dans la commune territoriale de

33 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

Laaounate. Ce taux est plus élevé à Sidi Smail ou il atteint un fonctionnaire pour 870 habitants,
alors que dans la commune pour 1676 habitants.

Figure 3: Structure du personnel communal

Source: communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, 2016.
Nous avons remarqué que le nombre des agents administratives et techniques est plus
élevé que le nombre des cadres supérieurs ce moyenne de 64.65% dans les quatre communes
territoriales étudiées. Le taux de l’augmentation du nombre des auxiliaires administratif et des
techniciens par rapport aux cadres supérieurs 8 atteint 77.27% dans la commune territoriale d’El
Oualidia, 67.50% dans la commune territoriale de Moulay Abdellah, 65.38% dans la commune
territoriale de Laaounate, 48.48% dans la commune territoriale de Sidi Smail. Nous remarquons
ainsi un manque de Sidi Smail. Nous remarquons ainsi un manque de cadres supérieurs qui
atteint la moyenne de 21.90% dans les quatre communes. Ainsi nous trouvons de 21.90% dans
les quatre communes. Ainsi nous trouvons que le taux des cadres supérieures atteint 33.33% à
Sidi Smail, 23% dans la commune territoriale de Moulay Abdellah. Ce taux s’abaisse jusqu’à
15.35% dans la commune territoriale de Laaounate et 15.91% dans la commune territoriale d’El
Oualidia (Figure 3).

Les communes sur lesquelles portent notre étude, souffrent d’un grand manque au niveau
des cadres supérieurs dans les domaines tels que l’architecture, les prélèvements locaux, la
gestion des propriété immobilières et la main d’œuvre spécialisé dans les domaine de
construction et de la désinfection des liquides et solides ainsi, les techniciens qui mettent les
plans stratégiques de développement de la gouvernance locale et l’élaboration de stratégies et
projets.

34 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

4.2.2 Faiblesse au niveau de la formation des cadres et des fonctionnaires des communes
territoriales et leur nombre limité

Le niveau éducatif des membres des conseils communaux différent dans le domaine
étudié. Ainsi, nous trouvons que la moyenne de ceux qui ont un niveau d’enseignement
supérieur est 26.96% s’élève jusqu’à 31.03% dans le conseil communal de Sidi Smail et à 44%
dans le conseil communal de Laaounate. Ce niveau s’abaisse jusqu’à 11.54% à El Oualidia et
17.14% à Moulay Abdellah (Figure 4).

Cette différence des niveaux éducatifs se répercute négativement sur l’unité du travail et
la cohérence au sein de la commune. Le niveau éducatif et l’expérience du conseil communal
joue un rôle important et fait de lui un acteur du développement local et quelqu’un qui est
qualifié pour contribue dans le développement du domaine étudié. Cette nécessite d’avoir un
élu avec un bon niveau éducatif revient à l’apparition de nouvelles formes de gestion et
d’organisation comme la planification participative, la planification stratégique, la forme
gouvernance et la gestion participative.

Figure 4: Niveau d’instruction des élus

Source: communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, 2016.
Nous constatons que les membres élus appartiennent à des partis politiques différents
surtout dans la commune territoriale de Moulay Abdellah où les Partis de la Fédération de la
Gauche Démocratique et l’Union Socialiste et le Mouvement Populaire occupent la plupart des
sièges du conseil communal local. Le reste des sièges et occupé par les trois partis suivants : le
Partis d’Istiqlal et rassemblement national des indépendants et l’union constitutionnelle. En ce
qui concerne la commune territoriale Laaounate, c’est le Parti Authenticité et Modernité )PAM(
et Parti de la Justice et du Développement )PJD( qui occupent la majorité des sièges des conseils

35 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

atteignant un taux de 80% de l’ensemble des sièges. Le reste des sièges et occupé par cinq
partis. Ces différences sont moindre dans la commune territoriale d’EL Oualidia où le Parti
Authenticité et Modernité )PAM( détient la majorité avec 69.23% de l’ensemble des sièges,
tandis que le Parti de l'Istiqlal (PI) et le Parti de la Justice et du Développement )PJD) de Sidi
Smail, la majorité des sièges est occupé par le c’est le Parti Authenticité et Modernité )PAM(
avec un taux de 68% et le Mouvement Populaire )MP( avec 32% (Figure 5).

Figure 5: L’appartenance politique des élus

Source : communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, 2016.
L’appartenance à différents partis politiques affecte négativement la prise des décisions
et entrave le développement local à cause de certains conflits politiques entre les élus. Ceci est
dû au fait que les ports politiques entre ont des programmes et des idéologies tout à fait
différents. De même, les conseils communaux sont également affectés par les polémiques entre
partis politique qui apparaissent à l’intérieur du conseil. A cela s’ajoute que la dominance de
l’appartenance tribale joue un rôle important dans la prise de décision. Ces différences entrave
le développement du fait que les ressources des communes sont dispersés pour la réalisation de
petits projets tel que l’accès au l’eau potable et l’électricité. Ces petits projets empêchent ainsi
la réalisation de grands projets permettant le développement des centres émergents et la
réalisation du développement local.

4.2.3 La contribution des associations de la société civiles est limitée et ne favorise pas la
création d’une dynamique de développement local

La plupart des associations qui se trouvent dans les domaines étudiées sont actives dans
le domaine sportif, la chasse, la fantasia comme l’association Amal des sports maritimes
l’association Ibotiques du karate dans le centre d’EL Oualidia, l’association Amazigh de la
Fantasia et du patrimoine traditionnelle, l’association Moulay Abdelah de la course des

36 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

pigeâmes voyageurs, l’association Achbal Laaounate du karate, l’association de Hand Ball de


Sidi Smail, l’association de la chasse et du tir à Sidi Smail. Ces associations forment les jeunes
dans les jeux sportifs (Figure 6).

Figure 6: Les domaines d’intervention des associations

Source : communes territoriales Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, .6102
Nous trouvons que les associations qui s’intéressent au développement local sont très
rares. Les associations Moulay Abdeslam pour le développement social au centre d’El Oualidia,
l’association Ismaili pour le développement au centre Sidi Smail, l’association du quartier PAM
au centre Arbaa Laaounate sont considérées comme les plus importantes associations qui
travaillent sur le développement social et culturel et environnement des centres.

Par conséquent, le travail associatif constitue un moyen efficace pour développer la


société dans ces centres émergents, car ses politiques sont destinées surtout au citoyen qui joue
un rôle participatif. Ces associations sont le fruit des interventions entre l’état et la société
civile1.

Synthèse :
Il s’est avéré, d’après nous intervieux avec les élus et l’examen des documents officiels,
que les communes sont incapables de réaliser un développement durable dans les centres
émergents. Cela est dû à la faiblesse et la mauvaise gestion des ressources des communes
territoriales étudiées. De plus, ce développement est entravé également par les conflits
politiques issus de la faiblesse des représentants des centres émergents dans les conseils
communaux. Par contre les douars qui est bien représenté dans les conseils communaux, ce qui

.9100 ‫ يوليوز‬92 ‫ بتاريخ‬,‫ مكرر‬،4295 ‫ الجريدة الرسمية عدد‬،0.00.20 ‫ الظهير الشريف رقم‬،136 ‫ الفصل‬,‫دستور المملكة المغربية الصادر‬ 1

37 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

fait que la plupart des projets sont concentrés dans les douars malgré le fais que les centres
émergents est la source de tous les revenus personnels des communes territoriales qui n’en
profitent pas.

Pour améliorer les conditions de vie des habitants des centres émergents étudiés, il faut
réaliser les enjeux suivants :

- L’habitat et l’infrastructure : Résoudre les problèmes liées aux problèmes


immobilière et la réhabilitions et l’équipement des quartiers fragiles.

- L’enseignement : La consolidation de la demande par des structure fondamentales et


la qualification de l’équipement des établissements scolaire existants et la réalisation des
ateliers de formation professionnelle dans les domaines industrielles, agricultures et
touristiques.

- La santé : Qualification des établissements sanitaires par le matériel et des


équipements, ainsi que l’augmentation du personnel.

- Sport et culture : Qualification des maisons des jeunes et des clubs féminins,
réalisation des terrains de proximité et des clubs de fantasia et les sports aquatiques.

- L’environnement : S’intéresser aux jardins publics et l’organisation de l’assainissement


solide et liquide et la construction de station de traitement des eaux usées et le travail sur la
création des dépotoirs équipés.

- La situation actuelles des centres émergents impose l’adaptation d’un nouveau modèle
de développement à travers une bonne exploitation des ressources et des qualifications du
domaine surtout le capital humain pour réaliser le développement durable. Cela demande :

- L’organisation des ateliers de formation pour le développement des compétences des


élus et les acteurs sociaux et les cadres des communes locales dans le domaine de la gestion et
de la planification afin de les qualifier pour la participation dans le dynamisme que connaissent
les centres.

- Consolidation et la mise en œuvre de la collaboration entre les conseils élus et les


établissements de l’état concernés, le secteur privé et les acteurs sociaux. Cette collaboration
constitue une bonne stratégie pour dépasser les contraintes qui entrave le développement
générale des centres émergents étudiées.

Référence :

38 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
Journal of Strategic and Military Studies 14 ‫ العدد‬/ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬

- KHYATI, S., (2002): "Développement agricole et aménagement de l’espace rurale dans le


périmètre irrigué des doukkala". Thèse de Doctorat d’État. Université Chouaib Doukkali, Faculté des
Lettres et des Sciences Humaines, El Jadida.
- Kerzazi. M, (2010) : "Centres ruraux et Petits Centres Urbains, Outil de Structuration de
l'espace rural au MAROC, L’urbanisation de la compagne", publications de de l’Université AGDAL,
Faculté des Lettres et des Science Humaines de RABAT, N°1.
- Diagnostic Territorial de la Commune rurale de Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail,
Laaounate, Royaume du Maroc, Ministère de l'Intérieur, Direction Générale des Collectivités Locales &
Agence de Développement Social & L'Initiative Nationale pour le Développement Humain, 2010.
- Monographie de la commune Moulay Abdellah, El Oualidia, Sidi Smail, Laaounate, 2003,
2006, 2010. Commune Territoriale Moulay Abdellah & Oualidia & Sidi Smail & Laaounate.

،‫ المجلة المغربية لإلدارة والقانون والتنمية‬,"‫ "الحكامة المحلية بالمغرب وسؤال التنمية البشرية‬:)0202( ،‫بنمير المهدي‬ -
.‫ مراكش‬،‫ مطبعة وليلي للطباعة والنشر‬،‫الطبعة األولى‬

‫ سيرورة التحوالت السوسيومجالية ورهانات التنمية المحلية حالة‬:‫ "المراكز الناشئة بدكالة‬:)0202( ،‫عاميري يونس‬ -
‫ كلية‬،‫ جامعة شعيب الدكالي‬،‫ أطروحة دكتوراه في الجغرافيا‬،"‫ وأربعاء العونات‬,‫ سيدي إسماعيل‬,‫ الواليدية‬,‫موالي عبد اهلل‬
.‫ الجديدة‬،‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‬

,‫ سيدي اسماعيل‬,‫ الواليدية‬,‫المشاريع المنبثقة عن المخطط الجماعي للتنمية بالجماعة القروية موالي عبد اهلل‬ -
.‫ العونات‬،‫ سيدي إسماعيل‬،‫ الواليدية‬,‫ الجماعة الترابية موالي عبد اهلل‬,9109-9100 ,‫العونات‬

92 ‫ بتاريخ‬,‫ مكرر‬،4295 ‫ الجريدة الرسمية عدد‬،0.00.20 ‫ الظهير الشريف رقم‬,‫دستور المملكة المغربية الصادر‬ -
.9100 ‫يوليوز‬

,9115 ,0225 ,0299 ,0290( ‫السكان القانونيون للمغرب حسب اإلحصاء العام للسكان والسكنى لسنتي‬ -
.‫ الرباط‬،‫ المندوبية السامية للتخطيط‬،)9105

39 ‫ برلين‬- ‫ املانيا‬/ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫قواعد النشر بالمجلة‬

‫§ أن يكون البحث أصيال معدا خصيصا للمجلة‪ ،‬وأل يكون جزءا من رسالة ماجستير أو أطروحة‬
‫دكتوراه‪.‬‬

‫§ تقبل البحوث واملقالت باللغة العربية مع ضرورة مراعاة الوضوح وسالمة النص واجتناب ألاخطاء‬
‫النحوية وإلامالئية واللغوية‬

‫§ تقبل مجلة الدراسات إلاستراتيجية والعسكرية‪ ،‬البحوث املتعلقة بموضوعات الدراسات‬


‫إلاستراتيجية والعسكرية وألامنية والجيوسياسية‪ ،‬وفي مجال العالقات الدولية‪ ،‬وقضايا التخطيط‬
‫الاستراتيجي للتنمية‪ ،‬وإعداد وتهيئة املجال والحكامة الترابية‪ ،‬واملواضيع املتعلقة بوضع السياسات‬
‫والبرامج وتقييمها‪ِ ،‬إ ْن في املجال الاقتصادي واملالي أو في املجال الاجتماعي‪ ،‬سواء كانت هذه القضايا‬
‫ذات بعد وطني‪ ،‬إقليمي أو دولي؛ إضافة إلى البحوث في العلوم إلانسانية والاجتماعية‪.‬‬

‫§ أل يكون البحث قد نشر جزئيا أو كليا في أي وسيلة نشر إلكترونية أو ورقية‪.‬‬

‫§ أن يرفق البحث بسيرة ذاتية للباحث باللغة العربية واللغة الانجليزية أو الفرنسية‪.‬‬

‫§ تخضع ألابحاث والترجمات إلى تحكيم سري من طرف هيئة علمية واستشارية دولية‪ ،‬وألابحاث‬
‫املرفوضة يبلغ أصحابها دون ضرورة إبداء أسباب الرفض‪.‬‬

‫§ يبلغ الباحث باستالم البحث ويحول بحثه مباشرة للهيئة العلمية الاستشارية‪.‬‬

‫§ يخطر أصحاب ألابحاث املقبولة للنشر بقرار اللجنة العلمية وبموافقة هيئة التحرير على نشرها‪.‬‬

‫§ ألابحاث التي ترى اللجنة العلمية أنها قابلة للنشر وعلى الباحثين إجراء تعديالت عليها‪ ،‬تسلم للباحثين‬
‫قرار املحكم مع مرفق خاص باملالحظات‪ ،‬على الباحث الالتزام باملالحظات في مدة تحددها هيئة‬
‫التحرير‪.‬‬

‫§ يستلم كل باحث قام بالنشر ضمن أعداد املجلة‪ :‬شهادة نشر وهي وثيقة رسمية صادرة عن إدارة‬
‫املركز الديمقراطي العربي وعن إدارة املجلة تشهد بنشر املقال العلمي الخاضع للتحكيم‪ ،‬ويستلم‬
‫الباحث شهادته بعد أسبوع كأقص ى حد من تاريخ إصدار املجلة‪.‬‬

‫§ للمجلة إصدار إلكتروني حصري صادر عن املركز الديمقراطي العربي كما أنها حاصلة على الترميز‬
‫الدولي‪ISSN 2626-093X :‬‬

‫‪1‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫§ ل يراعى أي أسبقية في نشر املواد العلمية ضمن أعداد املجلة‪ ،‬بحيث أن املعيار ألاساس ي لقبول النشر‬
‫ضمن أعداد املجلة هو جودة وأصالة املادة العلمية وسالمة اللغة والعناية بكل ما يتعلق بالضوابط‬
‫املنهجية في البحث العلمي‪.‬‬

‫§ أي تقرير صادر من اللجنة العلمية بما يتعلق بالسرقة العلمية فسيحمل الباحث تبعات وإجراءات‬
‫كما هو متعارف عليه في سياسات املجلة العلمية الدولية‪.‬‬

‫تعتبر جميع ألافكار املنشورة في املجلة عن آراء أصحابها‪ ،‬كما يخضع ترتيب ألابحاث املنشورة‪.‬‬ ‫§‬

‫§ تعرض املقالت إلى مدققين ومراجعين لغويين قبل صدورها في أعداد املجلة‪.‬‬

‫§ لغات املجلة هي‪ :‬العربية‪ ،‬الانجليزية والفرنسية‪.‬‬

‫في حالة الترجمة يرجى توضيح سيرة ذاتية لصاحب املقال ألاصلي وجهة إلاصدار باللغة ألاصلية‪.‬‬ ‫§‬

‫ترسل املساهمات منسقه على شكل ملف ما يكروسفت وورد‪،‬‬


‫إلى البريد إلالكتروني‪strategy@democraticac.de :‬‬

‫كيفية اعداد البحث للنشر‪:‬‬


‫§ يكتب عنوان البحث باللغتين العربية وإلانكليزية‪ ،‬وتعريف موجز بالباحث واملؤسسة العلمية التي‬
‫ينتمي اليها‪.‬‬

‫§ امللخص التنفيدي باللغة العربية‪ -‬إلانكليزية‪ ،‬ثم الكلمات املفتاحية في نحو خمس كلمات‪ ،‬كما يقدم‬
‫امللخص بجمل قصيرة ‪ ،‬دقيقة وواضحة‪ ،‬إلى جانب إشكالية البحث الرئيسية‪ ،‬والطرق املستخدمة‬
‫في بحثها والنتائج التي توصل اليها البحث‪.‬‬

‫§ تحديد مشكلة البحث‪ ،‬أهداف الدراسة وأهميتها‪ ،‬وذكر الدراسات السابقة التي تطرقت ملوضوع‬
‫الدراسة‪ ،‬بما في ذلك أحدث ما صدر في مجال البحث‪ ،‬وتحديد مواصفات فرضية البحث أو أطروحته‪،‬‬
‫وضع التصور املفاهيميي‪ ،‬تحديد مؤشراته الرئيسية‪ ،‬وصف منهجية البحث‪ ،‬وتحليل النتائج‬
‫والاستنتاجات‪.‬‬

‫§ كما يجب أن يكون البحث مرفوقا بقائمة بيبليوغرافية‪ ،‬تتضمن أهم املراجع التي استند إليها الباحث‪،‬‬
‫إضافة إلى املراجع ألاساسية التي استفاد منها ولم يشر إليها في الهوامش‪ ،‬وتذكر في القائمة بيانات‬
‫البحوث بلغتها ألاصلية (ألاجنبية) في حال العودة إلى عدة مصادر بعدة لغات‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫§ أن يتقيد البحث بمواصفات التوثيق وفقا لنظام إلاحالت املرجعية الذي يعتمده” املركز الديمقراطي‬
‫العربي” في أسلوب كتابة الهوامش وعرض املراجع‪.‬‬

‫§ تستخدم ألارقام املرتفعة عن النص للتوثيق في متن البحث‪ ،‬ويذكر الرقم واملرجع املتعلق به في قائمة‬
‫املراجع‪.‬‬

‫§ ترتب أرقام املراجع في قائمة املراجع بالتسلسل‪ ،‬وذلك بعد مراعاة ترتيب املراجع هجائيا في القائمة‬
‫حسب اسم املؤلف وفقا لالتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬إذا ا كان املرجع بحثا في دورية‪ :‬إسم الباحث (الباحثين) عنوان البحث وإسم الدورية‪ ،‬رقم‬
‫املجلد‪ ،‬رقم العدد‪ ،‬أرقام الصفحات‪ ،‬سنة النشر‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا كان املرجع كتابا‪ ،‬اسم املؤلف (املؤلفين)‪ ،‬عنوان الكتاب‪ ،‬اسم الناشر وبلد النشر‪ ،‬سنة‬
‫النشر‪.‬‬
‫ج‪ -‬إذا كان املرجع رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه‪ :‬يكتب اسم صاحب البحث‪ ،‬العنوان‪،‬‬
‫يذكر رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه بخط مائل‪ ،‬إسم الجامعة‪ ،‬السنة‪.‬‬
‫د‪ -‬إذا كان املرجع نشرة أو إحصائية صادرة عن جهة رسمية‪ :‬يكتب إسم الجهة‪ ،‬عنوان التقرير‪،‬‬
‫أرقام الصفحات‪ ،‬سنة النشر‪.‬‬

‫يتراوح عدد كلمات البحث بين ‪ 0222‬و‪ 0222‬كلمة‪ ،‬وللمجلة أن نتشر بحسب تقديراتها‪ ،‬وبصورة‬
‫استثنائية‪ ،‬بعض البحوث والدراسات التي تتجاوز هدا العدد من الكلمات‪.‬‬

‫يتم تنسيق الورقة على قياس )‪ ، (A4‬بحيث يكون حجم ونوع الخط كالتالي‪:‬‬

‫‪ ‬نوع الخط في ألابحاث باللغة العربية هو‪Sakkal Majalla‬‬

‫‪ ‬حجم ‪ 61‬غامق بالنسبة للعنوان الرئيس‪ 61 ،‬غامق بالنسبة للعناوين الفرعية‪ ،‬و‪ 61‬عادي‬
‫بالنسبة لحجم املتن‪.‬‬

‫‪ ‬حجم ‪ 66‬عادي للجداول وألاشكال‪ ،‬وحجم ‪60‬عادي بالنسبة للملخص و ‪ 62‬عادي للهوامش‪.‬‬

‫‪ ‬نوع الخط في ألابحاث باللغة الانجليزية أو الفرنسية ‪ ، Times New Roman‬حجم ‪ 61‬غامق‬
‫بالنسبة للعنوان الرئيس‪ ،‬حجم ‪ 60‬غامق للعناوين الفرعية ‪ 60 ،‬عادي ملتن البحث وترقيم‬
‫الصفحات‪ 66 ،‬عادي للجداول وألاشكال‪ 62 ،‬عادي للملخص والهوامش‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫وتعتمد “مجلة الدراسات الاستراتيجية والعسكرية” في انتقاء محتويات أعدادها املواصفات‬


‫الشكليةواملوضوعية للمجالت الدولية املحكمة‪ .‬واملجلة تصدر بشكل ربع دوري “كل ثالث أشهر” ولها‬
‫هيئة تحرير اختصاصية وهيئة استشارية دولية فاعلة تشرف على عملها‪ .‬وتستند إلى ميثاق أخالقي‬
‫لقواعد النشر فيها والعالقة بينها وبين الباحثين‪ .‬كما تستند إلى لئحة داخلية تنظم عمل التحكيم‪ ،‬وإلى‬
‫لئحة معتمدة باملحكمين في الاختصاصات كافة‪.‬‬

‫وتشمل الهيئة الاستشارية الخاصة باملجلة مجموعة كبيرة ألفضل ألاكاديميين من الدول العربية‪،‬‬
‫وألافريقية حيث يتوجب على الاستشاريين املشاركة في تحكيم ألابحاث الواردة إلى املجلة‪ .‬حيث أن “املركز‬
‫الديمقراطي العربي للدراسات إلاستراتيجية والسياسية والاقتصادية” جهة إصدار “مجلة الدراسات‬
‫الاستراتيجية والعسكرية”‬

‫املركز الديمقراطي العربي‬


‫للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية أملانيا‪/‬برلين‬
‫‪Tel: 0049-code Germany‬‬
‫‪030-54884375‬‬
‫‪030-91499898‬‬
‫‪030-86450098‬‬

‫‪4‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية‬


‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬

‫رئيس املركز الديمقراطي العربي‪ :‬أ‪ .‬عمار شرعان‬

‫رئيس التحرير‪ :‬د‪ .‬عبد القادر التـايري‬

‫نائب رئيس التحرير‪ :‬د‪ .‬خالد شيات‬

‫مدير التحرير‪ :‬دة‪ .‬ليلى الرطيمات‬

‫ضبط وتدقيق‪ :‬د‪ .‬يوسف بليط‬

‫د‪ .‬محمد الحسني‬

‫رئيس اللجنة العلمية‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬جمال ابراهيم‬


‫الطبعة ألاولى‬
‫مارس‪ /‬آذار ‪ 2022‬م‬
‫البريد الالكتروني للمجلة‪:‬‬
‫‪strategy@democraticac.de‬‬
‫‪International Standard Serial Number‬‬
‫‪ISSN (ONLINE) 2626-093X‬‬

‫‪5‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪Journal of Strategic and Military Studies‬‬ ‫مجلة الدراسات اإلستراتيجية والعسكرية ‪ /‬العدد ‪41‬‬

‫‪6‬‬ ‫إصدارات املركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية ‪ /‬املانيا ‪ -‬برلين‬

You might also like