You are on page 1of 137

2

‫الــنــــــــــــــاشـــــــــر‪:‬‬
‫املركز الديمقراطي العربي‬
‫للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‬
‫أملانيا‪/‬برلين‬

‫‪Democratic Arabic Center‬‬


‫‪Berlin / Germany‬‬

‫ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو تخزينه‬


‫في نطاق استعادة املعلومات أو نقله بأي شكل من األشكال‪ ،‬دون إذن مسبق خطي من الناشر‪.‬‬
‫جميع حقوق الطبع محفوظة ‪:‬املركز الديمقراطي العربي برلين ‪-‬أملانيا‬

‫‪All rights reserved No part of this book may by reproducted.‬‬


‫‪Stored in a retrieval system or transmitted in any from or by any means without‬‬
‫‪Prior permission in writing of the published‬‬

‫املركز الديمقراطي العربي‬


‫للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية أملانيا‪/‬برلين‬

‫‪Tel: 0049-code Germany‬‬


‫‪54884375-030‬‬
‫‪91499898-030‬‬
‫‪86450098-030‬‬

‫البريد اإللكتروني‬
‫‪book@democraticac.de‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫رئيس املركزالديمقراطي العربي‪ :‬أ‪ .‬عمارشرعان‬

‫اسم الكتاب‪ :‬العالقات االسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫إعداد‪ :‬عبد الغني أحمد علي الحاوري‬

‫ضبط وتدقيق‪ :‬د‪ .‬عبد هللا بونعاج‬

‫مديرالنشر‪ :‬د‪ .‬أحمد بوهكو‬

‫رقم تسجيل الكتاب‪VR . 3383 - 6462. B :‬‬

‫الطبعة األولى‬

‫جانفي ‪ 2021‬م‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪1‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫د‪ .‬عبد الغني أحمد علي الحاوري‬

‫‪2021‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪3‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫د‪ .‬عبد الغني أحمد علي الحاوري‬

‫‪2021‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪4‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫إهداء‬

‫إىل والدي ‪....‬‬

‫إىل زوجتي ‪....‬‬

‫إىل أبنائي وأحفادي‪....‬‬

‫إىل إخواني وأخواتي‪....‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪5‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى‬


‫ً‬
‫وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند‬

‫اهلل أتقاكم إن اهلل عليم خبري " (احلجرات‪ ،‬اآلية ‪)13‬‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪6‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫كلمة شكر‬

‫في البداية أتقدم بشكري وامتناني هلل تعإلى الذي سهل ويسر لي‬
‫إنجاز هذا الكتاب‪ .‬شكري وتقديري للمعهد األلماني لألبحاث الشرقية‬
‫– بيروت الذي منحني زمالة هانز روبرت رميو‪ ،‬ووفر لي الفرصة‬
‫الكاملة‪ ،‬والوقت الالزم للتفرغ العلمي إلنجاز هذا الكتاب‪.‬‬

‫الشكر موصول لألستاذة الدكتورة‪ /‬برجيت شيبلر المدير العام‬


‫للمعهد التي ذللت لي كافة الصعوبات‪ ،‬وقدمت كافة المستلزمات‬
‫الستكمال تأليف هذا الكتاب‪ ،‬والشكر كذلك لكل باحثي المعهد وأخص‬
‫منهم الدكتور‪ :‬كريستوفر باهي‪ ،‬والدكتور‪ /‬فتح ارمس‪ ،‬والدكتورة‪/‬‬
‫مارا ألبرشت‪ ،‬وهي لكل موظفي المعهد وبشكل خاص لمسؤولي‬
‫المكتبة األستاذ‪ /‬ستيفن سيجر‪ ،‬واالستاذة فاطمة شاهين‪.‬‬

‫وال أنسى هنا أن أشرك كل زمالئي الباحثين والباحثات الذين سعدت‬


‫كثيرا من خبراتهم وأنشطتهم البحثية‪.‬‬
‫ً‬ ‫كثيرا بزمالتهم واستفدت‬
‫ً‬

‫الباحث‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪7‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫رقم‬ ‫فهرس املحتويات‬

‫الصفحة‬

‫‪4‬‬ ‫إهداء‬

‫‪6‬‬ ‫شكر‬

‫‪8‬‬ ‫املقدمة‬

‫‪12‬‬ ‫الفصل األول‬


‫األسرة والعالقات األسرية‬
‫‪12‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬أهمية األسرة ووظائفها وأشكالها‬

‫‪26‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬العوملة واألسرة‬

‫‪40‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬الحواراألسري‬

‫‪54‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬العالقات األسرية قبل وبعد ظهوروسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪64‬‬ ‫الفصل الثاني‬


‫وسائل التواصل االجتماعي‬
‫‪64‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬نشأة وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪67‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬أنواع وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪78‬‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪90‬‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪102‬‬ ‫الفصل الثالث‬


‫رؤية مقترحة لالستفادة من وسائل التواصل االجتماعي‬
‫‪103‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬دوراألسرة في مساعدة أبنائها‬

‫‪118‬‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬دورمؤسسات التنشئة االجتماعية‬

‫‪124‬‬ ‫الخاتمة‬

‫‪127‬‬ ‫املراجع‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪8‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫ً‬
‫ليس خافيا على أحد االنتشار الهائل الذي حققته وسائل التواصل االجتماعي ليس فقط لدى املجتمعات‬

‫واألسر املتقدمة‪ ،‬وإنما لدى الشعوب النامية واملتخلفة‪ ،‬فبحسب بعض اإلحصائيات فقد بلغ عدد مستخدمي‬

‫الفيس بوك ملياران وثالثمائة مليون‪ ،‬وبلغ عدد مستخدمي الواتس أب مليار وثالثمائة مليون‪ ،‬ومثله اليوتيوب‪،‬‬

‫وأقل بقليل منهما التويتر‪.‬‬

‫ً‬
‫هذا اإلقبال الكبير على استخدام وسائل التواصل االجتماعي لم يعد قاصرا على فئة بعينها أو جماعة بذاتها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أو طبقة من طبقات املجتمع‪ ،‬بل تكاد كل فئات املجتمع وشرائحه صغارا وكبارا ذكورا وإناثا مثقفين وغير مثقفين‬

‫يستخدمون تلك الوسائل ويشتركون في واحدة أو أكثر من حسابات هذه الوسائل االجتماعية‪.‬‬

‫واألسرة – بشكل عام – وحدة من وحدات املجتمع التي باتت تستخدم هذه الوسائل االجتماعية بشكل يومي‪،‬‬

‫وأصبح األب واألم واألبناء والبنات منهمكين في استخدام هذه الوسائط االجتماعية من بداية يومهم وحتى نهايته‪،‬‬

‫ال يبدئون يومهم إال باستعراض آخر ما وصلتهم من رسائل‪ ،‬وال ينامون إال بعد متابعة جديدها‪ ،‬حتى أثناء األكل‬

‫– وهي األوقات الرسمية التي تلتقي فيها األسرة – يتناول األب أو االم أو أحد األبناء األكل بيده اليمني‪ ،‬وفي يده‬

‫اليسرى يحمل املوبايل ويتصفح جديد املجموعات ويرد على رسائل األصدقاء‪.‬‬

‫هذا اإلفراط في استخدام هذه الوسائل االجتماعية أدى إلى فتور العالقات داخل األسرة وأصبحت في حدودها‬

‫الدنيا‪ ،‬واختفت الكثير من اللقاءات واالجتماعات والحوارات األسرية التي كانت تعقد داخل األسرة قبل ظهور‬

‫هذه الوسائل‪ ،‬بل انقرضت الكثير من األنشطة الثقافية والعلمية والترويحية والدينية التي كانت تجمع األسرة‬

‫بين الفينة واألخرى‪ ،‬وهو األمر الذي يستدعي من الباحثين واملختصين االهتمام بدراسة هذه املشكلة في محاولة‬

‫منهم لتقديم رؤى تتجاوز هذه التعقيدات وال تقفز على معطيات العصر ومتطلباته‪.‬‬

‫ومن هذا املنطلق واستجابة للتداعيات التي سببتها وتسببها هذه املشكلة‪ ،‬واآلثار النفسية واألسرية واالجتماعية‬

‫الناتجة عنها‪ ،‬فقد حظيت باهتمام الكثير من الباحثين واملختصين‪ ،‬وقد أشارت دراساتهم إلى وجود أثر لألنترنت‬

‫من الناحية االجتماعية‪ ،‬إذ أدى إلى تدني عدد الزيارات األسرية‪ ،‬وقلة األنشطة االجتماعية(‪ ،)1‬وإلى تراجع‬

‫‪ -1‬ساري‪ ،‬حلمي خضر‪ " ،‬تأثير االتصال عبر االنترنت في العالقات االجتماعية (دراسة ميدانية في املجتمع القطري"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬مج‪ ،24‬ع‪،2+1‬‬
‫(جامعة دمشق‪.)2008 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪9‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫منظومة القيم وعمليات التواصل داخل األسرة‪ ،‬وإلى بروز العديد من املشاكل مثل‪ :‬الشعور بالوحدة النفسية‬

‫واالكتئاب والعزلة االجتماعية (‪ ،)1‬كما أن الكثير من الوظائف األسرية تأثرت بشبكات التواصل االجتماعي (‪.)2‬‬

‫ويسعى هذا الكتاب إلى إبراز الجوانب اإليجابية وكذا السلبية التي تتميز بها وسائل التواصل االجتماعي حتى‬

‫تكون األسرة على دراية تامة بما يفيدها‪ ،‬وفي نفس الوقت على إدراك باألضرار التي يمكن أن تتسببها‪.‬‬

‫وال يقتصر هذا الكتاب على ذلك الهدف فحسب وإنما – وهو األهم ‪ -‬يحاول تقديم بعض اإلرشادات والرؤى‬

‫العملية لكيفية تعامل األسرة مع هذه الوسائل لحماية أبنائها‪ ،‬والحفاظ عليهم من الوقوع في إدمانها‪ ،‬معتمدين‬

‫في ذلك على التوازن في استخدامها دون إفراط وال تفريط‪ ،‬ألن االفراط في استخدامها يفقد األسرة الغرض‬
‫األساس ي الذي وجدت من أجله‪ ،‬بينما التوقف عن استخدامها يؤدي بالفرد إلى أن يعيش خارج الزمن‪ً ،‬‬
‫بعيدا عن‬

‫متطلبات العصر‪ ،‬ناهيك عن تخلفه عن مواكبة األحداث وجديد العلوم واملعارف‪.‬‬

‫وتكمن أهمية هذا الكتاب كونه سينضم إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها الباحثون للوقوف على كنه هذه املشكلة‬
‫ً‬
‫خصبا‪،‬‬ ‫من أجل سبر أغوارها وامتالك ناصيتها‪ ،‬والتمكن من مساراتها‪ ،‬مع العلم بأن مجال هذه الدراسة مازال‬

‫وهذه املشكلة لم تأخذ حقها من البحث والدراسة‪ ،‬والحاجة الزالت قائمة للمزيد من الدراسات وخاصة في‬

‫البلدان العربية‪.‬‬

‫ومن هنا فقد جاءت فكرة هذا الكتاب الذي يتكون من ثالثة فصول هي كما يلي‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬األسرة والعالقات األسرية‪ :‬وفيه تم الحديث عن األسرة من حيث وظائفها‪ ،‬وأهميتها التربوية‬

‫واالجتماعية وأشكالها‪ ،‬واألسرة في ظل العوملة‪ ،‬والحوار األسري‪ ،‬باإلضافة إلى العالقات األسرية قبل وبعد ظهور‬

‫وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬وسائل التواصل االجتماعي‪ :‬وفيه تم الحديث عن وسائل التواصل االجتماعي من حيث نشأتها‬

‫وأنواعها وايجابياتها وسلبياتها وكذا مشكلة اإلدمان على استخدامها‪ ،‬وبعض النظريات املفسرة لهذا االدمان‪.‬‬

‫‪ -1‬قطوش‪ ،‬سامية‪ ،‬دراسة سوسيولوجية لتأثير استخدام األنترنت في نمط االتصال األسري‪ ،‬مجلة الحكمة‪( ،‬الجزائر‪ ،‬مؤسسة كنوز الحكمة للنشر‬
‫والتوزيع‪.)2013 ،‬‬
‫‪ -2‬رمضان‪ ،‬عصام جابر‪ " ،‬انعكاسات شبكات التواصل االجتماعي على وظائف الضبط األسري كما يراها طلبة الجامعات السعودية "‪ ،‬مجلة جامعة القدس‬
‫املفتوحة لألبحاث والدراسات التربوية‪ ،‬مج‪ ،6‬ع‪ ،20‬تشرين األول‪( ،‬فلسطين‪.)2017 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪10‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬رؤية مقترحة لكيفية االستفادة من وسائل التواصل االجتماعي‪ :‬وفيه حاول الكتاب تقديم‬

‫معالجات مهمه ملشكلة اإلدمان‪ ،‬وارشادات ضرورية لألسرة للتعامل اإليجابي مع هذه الوسائل االجتماعية حتى‬

‫ال تقع األسرة أو أحد أفرادها في مشكلة اإلدمان‪ ،‬باإلضافة إلى توضيح لألدوار التي يمكن أن تقوم بها مؤسسات‬

‫التنشئة االجتماعية مثل‪ :‬املدرسة‪ ،‬اإلعالم‪ ،‬الجامعات واملراكز‪ ،‬وغيرها من املؤسسات في تقديم اإلرشادات‬

‫والرؤى للتعامل اإليجابي مع تلك الوسائل بما يحقق الفائدة الشاملة منها‪ ،‬ويبعد األفراد واألسر عن الوقوع في‬

‫إدمانها‪.‬‬

‫عبد الغني الحاوري‬

‫يناير ‪2021‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪11‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل األول‬

‫األسرة والعالقات األسرية‬


‫املبحث األول‪ :‬أهمية األسرة ووظائفها وأشكالها‬
‫املبحث الثاني‪ :‬العوملة واألسرة‬
‫املبحث الثالث‪ :‬الحواراألسري‬
‫املبحث الرابع‪ :‬العالقات األسرية قبل وبعد ظهور وسائل التواصل‬
‫االجتماعي‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪12‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل األول‬
‫األسرة والعالقات األسرية‬
‫في هذا الفصل سيتم تناول األسرة من حيث أهميتها ووظائفها وأشكالها وعالقتها بالعوملة كون األسرة أحد‬
‫ً‬
‫وسلبا‪ ،‬ثم نعرج على الحوار األسري كونه يعد العمود الفقري‬ ‫ً‬
‫إيجابيا‬ ‫وحدات املجتمع التي تأثرت بالعوملة‬

‫للعالقات األسرية‪ ،‬وله أهمية بالغة في بناء شخصية األبناء‪ ،‬ثم نختتم الفصل بالكشف عن مستوى العالقات‬

‫األسرية قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي وبعدها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫املبحث األول‬
‫أهمية االسرة ووظائفها وأشكالها‬
‫في هذا املبحث سيتم الحديث عن األسرة من حيث تعريفها وأهميتها ووظائفها وأشكالها‪:‬‬

‫تعريف األسرة‪:‬‬

‫المعني اللغوي لألسرة‪:‬‬

‫األسرة لغة تعني‪ :‬أسرة الرجل بمعني عشيرته ورهطه األدنون‪ ،‬واألسرة بمعنى عشيرة الرجل وأهل بيته (‪ .)1‬و"‬
‫وإسارا‪ ،‬قيده وأسره‪ ،‬أخذه ً‬
‫أسيرا‪ ،‬وهي تعني الدرع الحصينة‪ ،‬وأهل الرجل‬ ‫ً‬ ‫األسرة تعني القيد‪ ،‬يقال أسرة‪ً ،‬‬
‫أسرا‬

‫وعشيرته" (‪.)2‬‬

‫المعني االصطالحي لألسرة‪:‬‬

‫هناك تعريفات عديدة لألسرة فالبعض ينظر إليها على أنها تجمع للرجل واملرأة واألبناء‪ ،‬والبعض ينظر إليها من‬

‫زاوية اجتماعية باعتبارها مؤسسة اجتماعية أنشأت لتحقيق وظيفة اجتماعية وينظر إليها آخرون من ناحية‬

‫قانونية على اعتبار أنها ارتباط قانوني ألشخاص اتحدوا بروابط الزواج‪.‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‪ ،‬بدون)‪ ،‬ص‪.78‬‬


‫‪ -2‬املعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ ،1‬ص‪.36‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪13‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫يعرفها وطفه بأنها " وحدة اجتماعية اقتصادية ثقافية بيولوجية تتكون من أفراد تربطهم عالقات الزواج والدم‬

‫والتبني‪ ،‬ويوجدون في إطار من التفاعل عبر سلسلة من املراكز واألدوار‪ ،‬وتقوم بتأدية عدد من الوظائف التربوية‬

‫واالجتماعية والثقافية واالقتصادية" (‪.)1‬‬

‫ويعرفها بدوي بأنها " الوحدة االجتماعية األولى التي تهدف إلى املحافظة على النوع اإلنساني‪ ،‬وتقوم على‬

‫املقتضيات التي يرتضيها العقل الجمعي والقواعد املختلفة" (‪.)2‬‬

‫بينما يعرفها الحسن بأنها " عبارة عن منظمة اجتماعية تتكون من أفراد يرتبطون ببعضهم بروابط اجتماعية‬

‫وأخالقية ودموية وروحية‪ ،‬وهذه الروابط هي التي جعلت العائلة البشرية تتميز عن العائلة الحيوانية" (‪.)3‬‬

‫ً‬
‫اجتماعيا"(‪.)4‬‬ ‫" وهي نظام اجتماعي يتكون ً‬
‫أساسا من رجل وامرأة يرتبطان بطريقة منظمة‬

‫أهمية األسرة‪:‬‬

‫تحتل األسرة أهمية بالغة على مدى العصور واألزمنة‪ ،‬وال يمكن تصور حياة طبيعة ومستقرة لألفراد في ظل‬

‫العيش بدونها‪ ،‬فالحياة بتناقضاتها وتحدياتها ومشاكلها املتعددة تصيب اإلنسان بالضيق والخوف والتعب‬

‫واإلرهاق واأللم التي لن يتمكن من معالجة تلك املخاوف والتخفف من اآلالم واملتاعب إال في إطار األسرة التي هي‬

‫بمثابة الظل الوارف‪ ،‬واملكان اآلمن التي تحميه من مخاوف األيام ومتاعب الزمن‪.‬‬

‫وفي األسرة تتشكل شخصية الفرد‪ ،‬وتتكون ميوله واتجاهاته ومعتقداته وعاداته‪ ،‬وبالتالي تعد أخطر مؤسسة‬
‫تربوية إن تمكن اآلباء من بناء تلك الشخصية بشكل سليم فإن الفرد سيكون ً‬
‫قادرا على امتالك رؤية واسعة‬

‫وبصيرة ثاقبة لشق طريقة في الحياة‪ ،‬وتحقيق طموحاته الخاصة وطموحات األسرة بشكل عام‪.‬‬

‫واإلنسان يحتاج إلى األسرة في مراحل عمره املختلفة‪ ،‬فالطفل ال بد من نشأته في أسرة‪ ،‬وإال نما مبتور العواطف‬

‫شاذ السلوك‪ ،‬وحاجته إلى األسرة حاجة أصلية‪ ،‬ال يغنيه عنها حاجة أخرى‪ ،‬كذلك يحتاج اإلنسان إلى األسرة‬

‫‪ -1‬وطفة‪ ،‬على أسعد‪ ،‬علم االجتماع التربوي‪( ،‬سوريا‪ ،‬جامعة دمشق للنشر والتوزيع‪ ،)2013 ،‬ص‪.73‬‬
‫‪ -2‬بدوي‪ ،‬زكي في عاطف غيث‪ ،‬علم اجتماع النظم‪( ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار املعارف‪ ،)1967 ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ -3‬الحسن‪ ،‬احسان محمد‪ ،‬البناء االجتماعي والطبقية‪( ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الطبعة‪ ،)1993 ،‬ص‪.233‬‬
‫‪ -4‬عمر‪ ،‬عصام ومبروك‪ ،‬فتح‪ .)2009( .‬الرعاية االجتماعية لألسرة والطفولة‪ ،‬ط‪( ،1‬مصر‪ ،‬املكتبة العصرية للنشر والتوزيع‪ ،)2009 ،‬ص‪.22‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪14‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬ ‫مفتقرا ً‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أبدا إلى حماها‪ ،‬متعطشا إلى‬ ‫شابا وكهال‪ ،‬وال يجد رعاية في غيرها‪ ،‬وال ترض ى فطرته بديال عنها‪ ،‬فيضل‬

‫عواطفها ومشاعرها (‪.)1‬‬

‫وأهميتها للفرد تكمن في أنها تمثل له الحضن الدافئ‪ ،‬واملسكن املريح الذي يعيد فيها ترتيب حياته‪ ،‬والتخطيط‬

‫ملستقبله‪ ،‬فهي نقطة االنطالق للفرد لتحقيق أهدافه وطموحاته‪ .‬أما بالنسبة للمجتمع فاألسرة تعد العمود‬

‫الفقري للبناء االجتماعي للمجتمع‪ ،‬واملصنع الرئيس إلنتاج األفراد الذين سيساهمون في بناء املجتمع وتحقيق‬

‫تطوره‪ ،‬فتقدم املجتمع مرهون بتقدم األسرة‪ ،‬فاملجتمع السليم نتاج لألسرة السليمة‪ ،‬واملجتمع املتعلم ثمرة‬

‫لألسرة املتعلمة‪.‬‬

‫وظائف األسرة‪:‬‬

‫تعد األسرة واحدة من أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية – إن لم تكن أهمها ‪ -‬فهي املؤسسة األولى املناط بها‬

‫بناء شخصية الطفل‪ ،‬وتلبية احتياجاته وميوله‪ ،‬وهو بين يديها صفحة بيضاء‪ ،‬وعجينة يشكلها اآلباء وفق الرؤية‬

‫التي يريدونها‪ ،‬واملعايير التي يمتلكونها‪ ،‬وبالتالي فشخصية الطفل تعتمد على الخبرات واملهارات والقدرات‬

‫واملعتقدات التي يمتلكها اآلباء‪.‬‬

‫وتقوم األسرة بالعديد من الوظائف واملسؤوليات تجاه أعضاءها‪ ،‬والتي ال تقتصر على األكل والشرب والسكن‪،‬‬

‫بل تمتد لتشمل العديد من الوظائف والتي من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬الوظيفة البيولوجية‪:‬‬

‫هي تلك الوظائف التي تتعلق بتنظيم السلوك الجنس ي واالنجابي‪ ،‬واشباع الحاجات األساسية للفرد من أكل‬

‫وشرب وسكن‪ ،‬وتوفر الرعاية والعناية وامللبس والتدفئة والراحة (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬الوايلي‪ ،‬حصة بنت عبد الرحمن‪ .)2010( .‬الحوار األسري‪ :‬التحديات واملعوقات‪( ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬مركز امللك عبد العزيز للحوار الوطني‪،‬‬
‫‪ ،)2010‬ص‪.21‬‬
‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.56‬‬
‫‪ -2‬أحالم‪ ،‬بوهالل‪ " ،‬تأثير استخدام شبكة االنترنت على العالقات األسرية الجزائرية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة العربي‬
‫التبس ي‪-‬تبسة‪ ،)2016 ،‬ص‪.36‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪15‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .2‬الوظيفة النفسية‪:‬‬

‫هي تلك التي تهتم بإشباع الحاجات النفسية للفرد مثل‪ :‬الحاجة للحب‪ ،‬والحاجة لألمن واالستقرار‪ ،‬والحاجة‬

‫للتقدير واالحترام واملكانة‪ ،‬فاألطفال والصغار – بشكل خاص ‪ -‬هم بأمس الحاجة إلى مشاعر الحنان والدفء‬

‫األبوي العاطفي‪ ،‬واالنسيابية في مشاعر الحب والقبول والرضا والتقدير‪ ،‬فحرمان الطفل من هذه املشاعر تؤدي‬

‫إلى تشكل شخصية ممتلئة بمشاعر الحرمان والقلق والخوف واالكتئاب ونقص التقدير الذاتي‪ ،‬وضعف الثقة‬

‫بالنفس وغيرها من األمراض التي ما كان لها أن تتشكل لوال إغفال األسرة واآلباء ‪ -‬بشكل خاص ‪ -‬ملثل هذه الوظيفة‬

‫النفسية‪.‬‬

‫‪ .3‬الوظيفة التربوية‪:‬‬

‫وفيها تتكفل األسرة بإكساب أعضاءها اللغة وثقافة املجتمع‪ ،‬كما تقوم بتنشئة أفرادها على املبادئ والقيم‬

‫واألخالق‪ ،‬وعلى غرس العادات االجتماعية وحب الوطن‪ ،‬باإلضافة إلى دورها التربوي في تحذير أبنائها من‬

‫السلوكيات السيئة والعادات الضارة مثل‪ :‬التدخين‪ ،‬والقمار‪ ،‬وغيرها من العادات‪.‬‬

‫‪ .4‬الوظيفة االجتماعية‪:‬‬

‫وفيها تهتم األسرة بتعليم أفرادها املعايير االجتماعية‪ ،‬ومسائل الحقوق والواجبات‪ ،‬ومهارات التكيف‬

‫االجتماعي‪ ،‬وأساليب التفاعل مع املحيط االجتماعي‪ ،‬كما أن تقاليد املجتمع وعاداته واتجاهاته يتم اكتسابها من‬

‫خالل األسرة التي تزوده بكل تلك املهارات‪ ،‬بل وتدربه على ممارسة العادات التي تنسجم مع ثقافة املجتمع‬

‫ومعاييره‪.‬‬

‫وتتجلى هذه الوظيفة في عملية التنشئة االجتماعية التي يبدو تأثيرها في السنوات الخمس األولى في حياة الطفل‬
‫على وجه الخصوص‪ ،‬ففي هذا السن يتم تطبيع الطفل اجتما ً‬
‫عيا‪ ،‬وتعويده على النظم االجتماعية‪ ،‬والعادات‬

‫والتقاليد والقيم (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.37‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪16‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬الوظيفة االقتصادية‪:‬‬

‫األسرة عبارة عن وحدة اجتماعية اقتصادية مسؤولة عن توفير الحاجات املادية ألفرادها من أجل إعداد األبناء‬

‫للعمل والتفاعل االجتماعي‪ ،‬وتوفير الدعم املادي من أجل حياة كريمة لجميع أفراد هذه األسرة (‪.)1‬‬

‫وليس بالضرورة أن تمارس األسرة عمليات اإلنتاج أو البيع والشراء حتى نقول عليها أنها تحقق الوظيفة‬

‫االقتصادية‪ ،‬إذ أنه بمجرد كونها تستهلك وتشتري السلع فهي تقوم بوظيفة اقتصادية‪ ،‬فاالستهالك يعد محور‬

‫العملية االقتصادية ألننا كلما استهلكنا بات علينا أن ننتج ما نستهلك من جديد (‪.)2‬‬

‫تلك كانت أهم وظائف األسرة غير أن ما يجب أن تدركه األسرة أن وظائفها في هذا العصر تختلف عن وظائفها‬

‫في العصور السابقة‪ ،‬فاألسرة في العصور املاضية كانت تمثل كل شيئ بالنسبة ألفرادها‪ ،‬وعليها تقع مسؤولية‬

‫التنشئة والتنمية‪ ،‬ومع مر العصور انتقل جزء من تلك الوظائف إلى املسجد وإلى املدرسة وإلى غيرها من‬

‫املؤسسات‪.‬‬

‫أما في هذا العصر – الذي يطلق عليه عصر العوملة‪ ،‬عصر املعرفة‪ ،‬عصر التكنولوجيا – فقد حدثت بعض‬

‫التغييرات في وظائف األسرة وخاصة فيما يتعلق بتزويد أعضاءها باملعارف واملهارات والقيم‪ ،‬فاليوم ومع االنفجار‬

‫املعرفي الذي يشهده هذا العصر‪ ،‬واكتشاف االنترنت وظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وامتالك األفراد‬
‫لألدوات العديدة الكتساب املعارف واملعلومات‪ ،‬أصبح دور األسرة ً‬
‫ثانويا‪ ،‬فالفرد يعلم نفسه بنفسه‪ ،‬وبإمكانه‬
‫تطوير مهاراته واكتساب معارفه ً‬
‫بعيدا عن تدخل األسرة أو مساعدتها‪.‬‬

‫وفي املقابل ونتيجة ملا أفرزه هذا العصر من تغيرات‪ ،‬وما رافقه من مشاكل وسلبيات فقد أضيفت وظائف أخرى‬

‫إلى وظائف األسرة تتمثل فيما يمكن أن نطلق عليه الدور التكنولوجي‪ ،‬فاألسرة ينبغي أن ال تكون غائبة عن‬

‫التطور التكنولوجي واالنفجار املعرفي الذي يحيط بها‪ ،‬بل عليها أن تكيف تلك التكنولوجيا بما يخدم أفرادها‪،‬‬

‫ويحقق أهدافها‪ ،‬وان ترشد أبنائها لالستفادة من اإليجابيات واالبتعاد عن السلبيات‪ ،‬ناهيك عن دورها املحوري‬

‫‪ -1‬هداج‪ ،‬العيد‪ " ،.‬تأثير العوملة على دور األسرة في التنشئة االجتماعية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة سطيف‪،)2014 ،‬‬
‫ص‪.97‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪17‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫في تنمية مهارات التفكير والنقد والتحليل واملراجعة والتمحيص لدى أفرادها كونها من أهم املهارات التي تتناسب‬
‫ً‬
‫معرفيا وثورة في التواصل والنشر‪.‬‬ ‫مع هذا العصر الذي يشهد ثر ًاء‬

‫ويجب أن نؤكد هنا أن من أهم وظائف األسرة تنمية الثقة بالنفس لدى أعضاءها فالشخص املهزوز قليل الثقة‬
‫ً‬
‫مضطربا‪،‬‬ ‫في ذاته لن يقتصر ضرره على نفسه‪ ،‬وإنما سيمتد إلى أسرته ومجتمعه‪ ،‬وسيعيش حياته ً‬
‫خائفا‬
‫وستكون عالقات االجتماعية ضعيفة‪ ،‬وقدراته الفكرية متدنية‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى أن يعيش حياته ً‬
‫تعيسا‬
‫ً‬
‫مكتئبا ثم ينزع في النهاية إلى ممارسة التدمير الذاتي لنفسه من خالل الدخول مع جماعات متشددة‪ ،‬أو التورط‬

‫في عادات مضرة مثل‪ :‬تعاطي املخدرات‪ ،‬أو التدخين أو الهوس بالجنس وغيرها من العادات‪.‬‬

‫أشكال األسرة‪:‬‬

‫ً‬
‫هناك أشكاال عديدة لألسرة‪ ،‬والشكل الذي تبدو عليه أسرة ما قد يختلف عن الشكل الذي تبدو عليه أسرة‬

‫أخرى‪ ،‬وهذه األشكال بيانها كما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ .‬من حيث الحجم‪:‬‬

‫‪ .1‬األسرة النووية‪ :‬وهي تلك األسرة التي تتكون من الزوج والزوجة واألبناء غير املتزوجين‪ ،‬فهي تتكون من‬

‫جيلين فقط هما جيل اآلباء وجيل األبناء‪ ،‬وال تشمل أبناء األبناء أو آباء اآلباء‪ ،‬وتنتشر هذه األسرة في‬
‫املناطق الحضرية واألماكن األكثر ً‬
‫تعليما أو ذات الطابع املتمدن‪.‬‬
‫ً‬
‫وأحيانا‬ ‫‪ .2‬األسرة املمتدة‪ :‬وهي تلك األسرة التي تضم بداخلها أكثر من جيل‪ ،‬فتضم اآلباء واألبناء واألحفاد‪،‬‬

‫الجد والجدة واألعمام أو العمات‪ ،‬وتنتشر هذه األسرة بشكل كبير في املناطق الريفية والقبلية‬
‫واملجتمعات األقل ً‬
‫تعليما‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .3‬األسرة املركبة‪ :‬وهي التي تتكون من أسرتين نواتين أو أكثر مرتبطة بزيجات جماعية‪ ،‬فاألب مثال متزوج‬

‫بأكثر من أمرأه‪ ،‬وهو يلعب دور الزوج واألب في أكثر من أسرة‪ ،‬وال يشترط في هذه األسرة أن تعيش في بيت‬

‫واحد‪ ،‬وهذا النوع من األسر ينتشر في املجتمعات العربية واإلسالمية التي تبيح تعدد الزوجات (‪.)1‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.93‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪18‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .4‬أسرة التوجيه‪ :‬وهي األسرة التي تلقى فيها الفرد تعاليمه وتنشئته األسرية‪ ،‬وفيها تكونت شخصيته‬

‫واستمد قيمه ومهاراته ومعارفه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬من حيث السلطة‪:‬‬


‫ً‬

‫‪ .1‬األسرة األبوية‪ :‬وهي التي يكون فيها زمام األمور بيد األب‪ ،‬فهو صاحب السلطة في البيت‪ ،‬والذي ينظم‬
‫ً‬
‫حركة األسرة‪ ،‬ويدير أمورها ويصدر التوجيهات واألوامر لبقية أفراد األسرة‪ ،‬وليس شرطا أن تكون‬

‫األمور املالية بيد األب‪ ،‬ولكن املقصود أن األب هو املتحكم في قرارات األسرة وبإمكانه توزيع األدوار بين‬

‫أعضاء األسرة‪ ،‬وتتواجد هذه األسرة بكثرة في املجتمعات العربية التي تعلي من قيمة الرجل على املرأة‪.‬‬

‫‪ .2‬األسرة األمومية‪ :‬وهي األسرة التي تتولى فيها األم قيادة األسرة‪ ،‬وتسيير أمورها وإدارة شؤونها‪ ،‬واالمساك‬

‫بزمامها‪ ،‬وتتواجد هذه األسرة في بعض املجتمعات العربية‪ ،‬لكن تقل نسبتها مقارنة باألسرة األبوية‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬من حيث أسلوب اإلدارة‪:‬‬

‫ً‬
‫هذا التصنيف قد يتواجد في أي نوع من أنواع األسر السابقة‪ ،‬فال يشترط لتحقيقه مثال أن تكون األسرة نووية‬

‫أو ممتدة‪ ،‬وال أن تكون أبوية أو أمومية‪ ،‬وإنما يمكن تواجده في أي شكل من األشكال السابقة كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬األسرة الديمقراطية‪ :‬هي األسرة التي تنتهج األسلوب الديمقراطي في تسيير أمورها‪ ،‬وتتبنى الحوار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومزيدا‬ ‫واملشاركة مع أعضاءها في إدارة أمورها واتخاذ قراراتها‪ ،‬وفيها تتاح لألفراد هامشا من الحرية‪،‬‬

‫من الحقوق‪ ،‬ووجهات النظر في مختلف القضايا‪ ،‬كما يتم فيها االستماع إلى اآلراء ووجهات النظر‬

‫املختلفة حول مختلف القضايا واألنشطة التي تهم األسرة‪.‬‬

‫‪ .2‬األسرة الدكتاتورية‪ :‬وهي تلك األسرة التي تقف على النقيض من األسرة الديمقراطية‪ ،‬فهي ال تؤمن‬

‫بالحوار واملشاركة الفاعلة بين أعضاءها في إدارة شؤونها‪ ،‬وتحديد مصيرها‪ ،‬كما أنها ال تستمع لوجهات‬

‫نظر أفرادها‪ ،‬وال توفر لهم مساحة من الحرية‪ ،‬فالقرار يصدر من األب أو األم أو األخ األكبر وعلى‬

‫الجميع التنفيذ‪ ،‬دون االلتفات إلى وجهات النظر‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪19‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬األسرة املنفلتة‪ :‬وهي تلك األسرة التي ال يضبطها ضوابط محددة‪ ،‬وال توجد قوانين تسير عليها وتردع‬

‫أفرادها‪ ،‬فال هي ديمقراطية تتيح ألفرادها مساحة من الحرية وال هي دكتاتورية يتحكم في مصيرها األب‬

‫أو األم‪ ،‬وإنما هي أسرة أشبه باألسرة الفوضوية‪ ،‬كل عضو فيها يعمل ما يريد ومتى ما يريد‪.‬‬

‫خصائص المراهقين واحتياجاتهم وميولهم ورغباتهم‪:‬‬

‫التربية السليمة والصحيحة هي تلك التي ال تنظر إلى األفراد في كل مستوياتهم العمرية بمنظار واحد‪ ،‬وال تتعامل‬

‫مع الصغار مثلما تتعامل مع الكبار‪ ،‬وال تتعامل مع اإلناث كتعاملها مع الذكور‪ ،‬فلكل فئة عمرية خصائصها التي‬

‫تميزها واحتياجاتها التي تتطلبها‪ ،‬إن تم االهتمام بتلبيتها اكتمل نمو الفرد بشكل سليم‪ ،‬وتخطى العقد والعقبات‬
‫التي يمكن أن تشكل له ً‬
‫ثقوبا سوداء‪ ،‬ودوائر مأهولة باملثبطات التي تحول دون تحقيق طموحه وبناء مستقبلة‪.‬‬

‫ومن أهم املراحل في حياة الفرد – بعد مرحلة الطفولة املبكرة – هي مرحلة املراهقة التي يعي فيها الفرد ذاته‪،‬‬

‫وينفتح على مجتمعه‪ ،‬ويدرك حقوقه وواجباته‪ ،‬وهي املرحلة التي يركز عليها هذا الكتاب‪ ،‬كون األفراد في هذه‬
‫ً‬ ‫املرحلة هم أكثر الفئات االجتماعية ً‬
‫تعلقا وارتباطا بتطورات العصر الحالي ومستحدثاته التكنولوجية ووسائل‬

‫التواصل االجتماعي بشكل خاص‪.‬‬

‫وتبدأ مرحلة املراهقة في العادة في سن الثالثة عشر وتنتهي في الثامنة عشر (قد تمتد إلى الواحدة والعشرين)‬
‫مبكرا ً‬‫تبعا لطبيعة املراهق وتكوينه الجسمي‪ ،‬إذ تبدأ ً‬ ‫ً‬
‫قليال ً‬
‫نسبيا عند ذوي األجسام‬ ‫وإن اختلفت هذه السنوات‬

‫الصحيحة والبنية القوية‪ ،‬بينما يتأخر بلوغ ضعاف الصحة (‪.)1‬‬

‫ومرحلة املراهقة هي تلك املرحلة التي تبدأ بمرحلة البلوغ وتنتهي بمرحلة الرشد‪ ،‬وفيها ينتقل الفرد من مرحلة‬

‫الطفولة واالعتماد على األخرين والوالدين والكبار إلى مرحلة الرشد التي يستقل فيها عن اآلخرين وعن الوالدين‪،‬‬

‫ويعتمد فيها على نفسه في قراراته واختياراته وتصرفاته ومجمل حياته‪ ،‬وهي تبدأ من سن ‪ 20-12‬لإلناث‪ ،‬ومن‬
‫‪ 21-13‬للذكور‪ ،‬وهذه املرحلة تعد مرحلة حرجة ً‬
‫جدا‪ ،‬وحساسة في حياة كثير من املراهقين‪ ،‬فاملراهق في صراع‬

‫مستمر مع نفسه بين طفولة تجذبه نحوها‪ ،‬ورشد يخش ى عواقبه وتبعاته‪ ،‬ومن أبرز خصائصها‪:‬‬

‫‪ -1‬محمود‪ ،‬إبراهيم وجيه‪ ،‬املراهقة خصائصها ومشكالتها‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار املعارف‪ ،)1981 ،‬ص‪.16‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪20‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .1‬النمو الجسمي والجنسي السريع‪:‬‬

‫تتميز هذه املرحلة بالنمو الجنس ي والجسمي السريع مثل‪ :‬االحتالم عند الذكور‪ ،‬والحيض والدورة الدموية عند‬

‫اإلناث‪ ،‬وتكامل الجهاز الجنس ي‪ ،‬وزيادة الطول والوزن‪ ،‬وظهور شعر الشارب والذقن‪ ،‬وتغير الصوت وغيرها من‬

‫الخصائص‪.‬‬

‫ويالحظ املراهق هذه التغييرات بنوع من القلق والخوف واالحراج‪ ،‬فهو يخاف من انتقاد املحيطين به للتغيرات‬
‫التي تحدث في صورته‪ ،‬وفي بروز الشعر على شاربه‪ ،‬ونحافته أو بدانته وغيرها من التغييرات ً‬
‫سواء عند الذكر او‬

‫األنثى التي تجعلهم في توتر مستمر وقلق دائم‪.‬‬

‫وهنا على األسرة أن تعمل على توعية املراهق بأن مثل هذه التغييرات طبيعية‪ ،‬وأن جميع املراهقين تظهر عليهم‬

‫هذه التغيرات‪ ،‬وأن ال داعي من الخوف أو االحراج من كالم الناس‪ ،‬وتحاول األسرة قدر اإلمكان أن تمنع أي‬

‫انتقادات من قبل أفرادها‪.‬‬

‫‪ .2‬النمو العقلي والمعرفي‪:‬‬

‫تتميز هذه املرحلة ً‬


‫أيضا بزيادة النمو العقلي للمراهق‪ ،‬فتتوسع مداركه‪ ،‬ويفهم املحيطين به بشكل أوسع‪،‬‬

‫ويتملكه حب شديد لالستطالع‪ ،‬ناهيك عن الخيال الواسع والذكاء املتقد والقدرات العقلية العديدة‪.‬‬

‫‪ .3‬مرحلة عواصف وصراع نفسي‪:‬‬

‫هذه من أبرز ما يميز املراهقة‪ ،‬وهي أشبه ما تكون بالعواصف واألمواج والرياح الشديدة‪ ،‬ففيها يشتد الصراع‬

‫الداخلي للمراهق‪ ،‬صراع بين الرغبة الجنسية وما بين املعايير األخالقية‪ ،‬بين تطلعه لالستقالل وبين رغبة اآلباء‬

‫في إبقاء السيطرة عليه‪ ،‬صراع ما بين النزعة للحرية وما بين امليل للقفز على قيود املجتمع‪ ،‬صراع ما بين التقاليد‬
‫والعادات وما بين الحداثة والعصرنة وغيرها من أنواع الصراعات التي تتجاذب املراهق وتصيبه ً‬
‫أحيانا بمشاعر‬
‫ً‬
‫وأحيانا أخرى بمشاعر السعادة والفرح والسرور‪ ،‬مشاعر اإليمان واليقين ومشاعر‬ ‫اليأس واإلحباط والقلق‪،‬‬

‫الشك والقنوط‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪21‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وقد ذكر أحمد عزت أهم تلك الصراعات منها‪ :‬صراع بين الطفولة والرجولة‪ ،‬صراع بين جيله وبين جيل‬

‫املاض ي‪ ،‬صراع بين املثالية وبين الواقعية‪ ،‬صراع بين التحرر وبين القيود‪ ،‬صراع بين الشعور بالذات والشعور‬

‫بالجماعة (‪.)1‬‬

‫‪ .4‬حب الظهور والشهرة‪:‬‬

‫يعد حب الظهور من أبرز خصائص مرحلة املراهقة‪ ،‬فاملراهق ال يرى في هذا الكون سوى ذاته وال يحب سوى‬

‫نفسه‪ ،‬وهو يحاول أن يلفت انتباه اآلخرين والظهور أمام الجميع‪ ،‬وخاصة أمام الجنس اآلخر‪ ،‬فالفتاه تجدها‬

‫تهتم بشدة بجسمها ومالبسها وشكلها‪ ،‬وتتملكها رغبة في جذب انباه الشباب‪ ،‬وكذلك الشباب يهتم بمالبسه‬

‫وقصة شعرة واناقته وجماله لعله يحظى بحب فتاة أو انتباه امرأة‪.‬‬

‫وهنا على اآلباء أن يدركوا خصائص مرحلة املراهقة‪ ،‬ويتعاملوا مع أبنائهم وفق تلك الخصائص‪ ،‬لكي تلقى‬

‫تعليماتهم استجابة‪ ،‬وحتى ال يشعروا بتمرد ابنائهم أو انحرافهم أو خروجهم على العادات‪ ،‬وهذه الخصائص‬
‫ً‬
‫طبيعيا ينبغي أن ال تقلق منها األسرة‪ ،‬وهي تأخذ فترة معينة ليعود املراهق بعد‬ ‫والتغيرات والسلوكيات تعد ً‬
‫أمرا‬

‫ذلك إلى مرحلة االتزان والسالم‪ ،‬وعلى اآلباء أن يدركوا أن الضغط الشديد على األبناء دون مراعاة لهذه‬
‫ً‬
‫وعقليا‪.‬‬ ‫ً‬
‫ونفسيا‬ ‫ً‬
‫وأخالقيا‬ ‫ً‬
‫اجتماعيا‬ ‫الخصائص سيؤثر أو يؤخر ‪ -‬بشكل كبير ‪ -‬نمو أبناءهم‬

‫مشاكل المراهقة‪:‬‬

‫مع بداية مرحلة املراهقة تظهر العديد من املشاكل للمراهق‪ ،‬فنتيجة للصراع الذي يمر به يقوم بعدة مشاكل‬

‫تجعل اآلباء واألسرة في صراع مستمر معه‪ ،‬ومن أبرز تلك املشاكل ما يأتي‪.‬‬

‫‪ .1‬التمرد على العادات والتقاليد والقيم‪:‬‬

‫من أبرز املشاكل التي يقع فيها املراهق محاولته التمرد على تقاليد املجتمع وعاداته‪ ،‬وكسر بعض مسلمات‬
‫املجتمع ألنه يجد فيها ً‬
‫قيدا على حريته واستقالله‪ ،‬وخاصة إذا تمكن من االستقالل عن أسرته ووالديه‪ ،‬األمر‬

‫‪ -1‬عزت‪ ،‬أحمد‪ ،‬أصول علم النفس‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الطالب‪ ،)1989 ،‬ص‪.211‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪22‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الذي يغريه على التحرر من قيود املجتمع وعاداته‪ ،‬وهو في هذه الحالة يعرض نفسه للعديد من االنتقادات التي‬

‫قد تؤثر على شخصيته‪ ،‬وتصيبه باالضطراب والقلق واعتزال املجتمع‪ ،‬أو الشعور باالغتراب (‪.)1‬‬

‫‪ .2‬الميل للعزلة واالنطواء‪:‬‬

‫ً‬
‫كثيرا ما تنتاب املراهق نوبات من الضيق والقلق تجعله يميل إلى العزلة وحب االنطواء‪ ،‬والشعور بالحاجة إلى‬
‫أحيانا‪ ،‬ولذا يالحظ اآلباء ً‬
‫أحيانا أبنائهم يغلقون األبواب على غرفهم الخاصة‪،‬‬ ‫االبتعاد عن املجتمع‪ ،‬وعن أسرته ً‬

‫ويمتنعوا عن االختالط مع أسرهم وأقاربهم‪ ،‬وهم بذلك ال يعلموا أن املراهق يحاول إعادة ترتيب ذاته‪ ،‬خاصة‬
‫بعد الصراعات والصدمات التي يتلقاها ً‬
‫يوميا من املحيطين به‪ ،‬والتغيرات النفسية والجسدية التي يالحظها على‬

‫شكله ومظهره‪.‬‬

‫‪ .3‬سرعة االنفعال والغضب‪:‬‬

‫نتيجة للصراع الذي يعاني منه املراهق‪ ،‬والعواصف التي يمر بها مع قلة الخبرة التي يتمتع بها فهو في مزاج غير‬

‫مستقر‪ ،‬وانفعال سريع‪ ،‬فيغضب ألبسط األشياء‪ ،‬ويشعر أن الكالم املوجه إليه من قبل اآلخرين يستهدف‬

‫كرامته وشخصيته‪.‬‬

‫‪ .4‬تذبذب السلوك‪:‬‬

‫من أبرز املشاكل التي تتميز بها املراهقة أن سلوك املراهق في حالة تذبذب مستمر‪ ،‬فهو يراوح ما بين الشك‬

‫واليقين‪ ،‬وااللحاد وااليمان‪ ،‬والصدق والكذب‪ ،‬واملعايير والالمعايير‪ ،‬فتارة تجده في أقص ى اليمين‪ ،‬وتارة أخرى في‬

‫أقص ى اليسار‪.‬‬

‫ونوع العادات والتقاليد التي يأخذ بها املراهق غير مستقرة‪ ،‬والخط العام لتفكيره ليس له معيار ثابت‪ ،‬وأن كل‬

‫رأي من آرائه ابن وقته‪ ،‬وهي الصورة التي تالحظ على املراهقين في مناقشاتهم وتصرفاتهم‪ ،‬فبينما يتمسكون بوجهة‬

‫نظر معينة اليوم نجدهم يأخذون الوجه املضادة في الغد (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬العيسوي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬الصحة النفسية والعقلية‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،)1992 ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ -2‬محمود‪ ،‬إبراهيم وجيه (‪ ،)1981‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪23‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬البحث عن اإلثارة والمتعة والضحك‪:‬‬

‫هذه واحدة من أهم املشاكل التي تتميز بها هذه املرحلة‪ ،‬والتي تؤرق اآلباء ً‬
‫كثيرا‪ ،‬فاملراهق يلهث وراء كل ما‬
‫يتعلق باإلثارة والتسلية واملتعة والضحك ً‬
‫بعيدا عن املعنى أو الفائدة‪ ،‬وهذا ما يقلق اآلباء‪ ،‬فاملراهقون يقدمون‬
‫ثانيا إلدراكه أنه مقدم على مرحلة الزواج والجنس‪ ،‬فهو يحاول ً‬ ‫ً‬
‫أوال طبيعة املرحلة‪ً ،‬‬
‫دائما‬ ‫على ذلك كونها‬

‫استكشاف هذا العالم‪ ،‬ولذا فأغلب املواقع التي يرتادها املراهق على االنترنت أو منصات التواصل االجتماعي هي‬

‫ما يتعلق بالجنس واملتعة والضحك والتسلية والنكات‪ ،‬وقلما يهتم باملواقع التي تضيف إلى معلوماته‪ ،‬وتطور‬
‫مهاراته وقدراته‪ ،‬إذ يشعر أن هذه األشياء الزال الوقت ً‬
‫مبكرا عليها‪.‬‬

‫‪ .6‬الخوف والقلق والخجل والشعور بالنقص والدونية‪:‬‬

‫وهذه من أخطر املشاكل التي يجب أن يتنبه لها اآلباء‪ ،‬فنتيجة للتغيرات النفسية والفسيولوجية واالجتماعية‬
‫ً‬
‫سواء الساخرة أو غير‬ ‫التي يمر بها املراهق‪ ،‬وحجم التعليقات واالنتقادات األسرية واالجتماعية التي يتلقاها‬

‫الساخرة على شكله وجسمه وملبسه وعالقاته تجعله في توتر مستمر‪ ،‬وفي الغالب يصل إلى مرحلة الرفض‬

‫لجسمه ومظهره‪ ،‬ولذا تجده ‪-‬وخاصة البنات‪ -‬أمام املرآة لساعات طويلة‪ ،‬تتأكد من جمالها‪ ،‬وتعاين جسمها‪،‬‬

‫وتفحص وزنها ولون بشرتها‪ ،‬ونتيجة ملا تقدم فاملراهق يعيش مشاعر القلق والتوتر والخجل والدونية والنقص‪.‬‬

‫احتياجات المراهق‪:‬‬

‫هناك العديد من االحتياجات التي يسعى املراهق للحصول عليها‪ ،‬ويمثل تلبيتها مدخل للسواء النفس ي والصحة‬

‫العقلية‪ ،‬وفي نفس الوقت يجنب األسرة املزيد من املشاكل‪ ،‬وهو ما يعني أن تهتم األسرة بمساعدة املراهق على‬

‫تلبية تلك االحتياجات كجزء من وظيفتها‪ ،‬ومن أهم تلك االحتياجات ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬تحقيق الصداقة‪:‬‬

‫من أبرز الحاجات التي يبحث عنها املراهق أن يكون لديه أصدقاء ينتمي إليهم وينتمون إليه‪ ،‬يشعر بوجوده‬

‫بينهم‪ ،‬ولذا فهو في بحث مستمر عن فريق أو شله ينتمي إليها‪ ،‬قد تكون الشلة أبناء الحارة أو أصدقاء الدراسة‬

‫أو أصدقاء الجامعة أو أي شكل من أشكال الفرق والشلل‪ ،‬واملراهق يبحث عن األصدقاء لكي يناقش معهم بعض‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪24‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫القضايا واملواضيع التي لم يتمكن من مناقشتها في األسرة أو في املجتمع مثل قضية الجنس أو الزواج واملستقبل‬

‫والعمل‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فاملراهق يبحث عن األصدقاء لكي يعينوه على تحمل صعاب الحياة وتحدياتها‪ ،‬فهناك‬

‫الكثير من املشاعر واألحاسيس التي ال يستطيع الحديث عنها إال في وجود الشلة‪ ،‬ولذا فاألصدقاء بالنسبة‬

‫للمراهق أحد عوامل الصحة النفسية وتحقيق الذات واكتساب مهارات العالقات االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .2‬معرفة معايير السلوك االجتماعي السليم‪:‬‬

‫يظل املراهق في بحث دائم عن معايير السلوك االجتماعي املقبول حتى يتمثلها ليشعر باألمان واالستقرار‪،‬‬

‫ويبعد نفسه عن النقد وتأنيب املجتمع‪ ،‬وفي هذه الحالة هو يطمح ألن يجد له موطئ قدم داخل املجتمع‪ ،‬وأن‬

‫يكون له حضور اجتماعي ملفت‪ ،‬ولهذا فهو يحاول االشتراك في املناسبات االجتماعية‪ ،‬وعمليات التطوع‬

‫واملساعدات اإلنسانية داخل الحارة أو خارجها‪.‬‬

‫توجيها ً‬
‫سليما‪ ،‬ومناقشتهم مناقشة حرة واعية مدركة‬ ‫ً‬ ‫وهنا يجب على اآلباء بذل الجهود نحو توجيه املراهقين‬

‫للمعايير والقيم واملبادئ وموقفهم من كل منها‪ ،‬وملاذا يتم اتخاذ هذا املوقف (‪.)1‬‬

‫‪ .3‬تفهم وتقبل التغييرات التي تط أر على جسمه وعقله‪:‬‬

‫من أصعب التحديات التي يمر بها املراهق هي قبول التغيرات التي تحدث على شكله وجسمه‪ ،‬وهو في قلق دائم‬
‫منها وخاصة إذا واجه العديد من االنتقادات – وهو بالتأكيد لن يسلم منها ً‬
‫أبدا ‪ -‬أو السخريات من أقاربه‬

‫وأصدقائه على شكله وجسمه ونحافته وطول أنفه‪ ،‬وفي هذه الحالة هو أحوج ما يكون ملساعدة والديه وأقاربه‬

‫وأصدقائه لتقبل نفسه وصورته كما هو‪ ،‬وأن يقللوا من التعليقات الساخرة أو االستهزاء – حتى ولو كانت مزاح‬

‫– على شكله ووجه وشعره وأي ش يء في جسمه ألنهم بهذا االستهزاء لن يصيبوه بالقلق والخوف فقط وإنما‬
‫سيفقدوه الثقة بنفسه ويجعلونه يكون صورة سلبية عن ذاته تؤثر علي مستقبله ومجريات حياته وتمثل ً‬
‫عائقا‬
‫جدا ملثل هذه التعليقات فهي تجعله منهمك ً‬
‫جدا في‬ ‫ذهنيا في تحقيق طموحاته‪ ،‬فاملراهق في هذه املرحلة حساس ً‬
‫ً‬

‫‪ -1‬للمرجع السابق‪ ،‬ص‪.20‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪25‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫التركيز على جسده‪ ،‬وعلى تلك األماكن التي القت تعليقات ساخرة أو استهزاء ولربما تحول ذلك التركيز إلى عقدة‬

‫نقص تالزمه عشرات السنين‪.‬‬

‫‪ .4‬االستقالل عن الوالدين‪:‬‬

‫ما يحتاجه املراهق حتى وإن لم يصرح بذلك أن يستقل عن والديه وعن الكبار من حوله‪ ،‬وأن يشعر بأنه أصبح‬
‫ر ً‬
‫اشدا يمكن االعتماد عليه‪ ،‬وهنا يأتي دور األسرة والوالدين بشكل خاص في مساعدته على االستقالل عنهم‪ ،‬وأن‬
‫ً‬
‫تدريجيا على االعتماد على ذاته في علميات الشراء والبيع وكل احتياجاته‪.‬‬ ‫يعودوه‬

‫فاملراهق في نظر نفسه أصبح ً‬


‫كبيرا له حياته الخاصة وتطلعاته الخاصة‪ ،‬وله فكره املستقل‪ ،‬وتصبح صورته من‬

‫ثم أمام األبوين غير صورته وهو طفل‪ ،‬صورة غريبة لم يتعود عليها‪ ،‬صورة إنسان يريد أن يستقل بنفسه ويفكر‬

‫لنفسه‪ ،‬صورة إنسان يرى نفسه ًندا للكبار (‪.)1‬‬

‫‪ .5‬معرفة متطلبات الزواج واالسرة‪:‬‬

‫يحتاج املراهق في هذه املرحلة أن يعرف كل ما يتعلق بالزواج والجنس‪ ،‬وكيفية التعامل مع الزوجة‪ ،‬فهو في‬

‫مرحلة يتهيأ فيها لالرتباط بشريكة حياته‪ ،‬وتكوين أسرته‪ ،‬وبالتالي فهو بحاجة إلى مزيد من املعرفة عن ذلك‪ ،‬وهنا‬

‫تبرز أهمية أن يكون الوالدان مصدر مهم لتزويده باملعلومات الصحيحة واملفيدة حول ذلك املوضوع حتى ال‬

‫يضطر للبحث عنها من األصدقاء أو عبر وسائل التواصل االجتماعي أو االنترنت (‪.)2‬‬

‫هذه أبرز االحتياجات التي تمثل مطالب مهمة للمراهق‪ ،‬وفي نفس الوقت تؤكد أهمية األسرة والوالدين على‬

‫وجه الخصوص في تلبيتها حتى يثق بنفسه‪ ،‬ويصل إلى النضج العقلي والسواء النفس ي واالنفعالي‪ ،‬بما يجعل منه‬
‫ً‬
‫مساهما في بناء مجتمعه وأمته‪ ،‬ويمثل عدم إشباع تلك الحاجات للمراهق‬ ‫صالحا في نفسه‪ً ،‬‬
‫معينا ألسرته‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فردا‬
‫ً‬
‫ثقوبا سوداء وفراغات في الذاكرة تتكون على شكل عقد تحجبه من النظر إلى مستقبله أو الوعي بنفسه وذاته‬

‫واملحيطين به‪.‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪ -2‬خير هللا‪ ،‬سيد‪ ،‬بحوث نفسية وتربوية‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪.)1990 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪26‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثاني‬
‫العوملة واألسرة‬
‫هناك العديد من التحديات املعاصرة التي تواجه املجتمعات والثقافات واألسر تقف في مقدمتها االنفجار‬

‫املعرفي والثورة التكنولوجية والعوملة وغيرها من التحديات‪ ،‬والتي تتطلب من تلك املجتمعات بشكل عام واألسرة‬

‫على وجه الخصوص االستعداد والتفاعل اإليجابي معها ال االنكفاء على ذاتها أو الخوف منها‪ ،‬فهي قدر هذه‬

‫املجتمعات‪ ،‬وحقيقة من حقائق هذا العصر‪ ،‬فلكل عصر تحدياته ومتغيراته‪ ،‬ومن الحكمة أن يتم التعامل معها‬

‫بعقل منفتح وفكر ناقد بحيث يتم األخذ باملفيد منها‪ ،‬وترك غير املفيد‪.‬‬

‫وقد ظهر مصطلح العوملة عقب انتهاء الحرب الباردة‪ ،‬وسقوط املعسكر االشتراكي في تسعينات القرن‬

‫العشرين‪ ،‬وبروز الواليات املتحدة األمريكية كقوة وحيدة في العالم‪ ،‬وتطلعها – بعد شعورها بنشوة االنتصار على‬
‫ً‬
‫وثقافيا وفق الرؤية التي تراها‪،‬‬ ‫ً‬
‫واقتصاديا‬ ‫ً‬
‫واجتماعيا‬ ‫ً‬
‫سياسيا‬ ‫املعسكر الشرقي – إلى إعادة صياغة العالم‬

‫واأليديولوجية التي تؤمن بها – ناسين أو متناسين – طبيعة االختالف بين البشر‪ ،‬وضرورة التنوع الثقافي‬

‫والفكري‪ ،‬وصعوبة تأطير الجميع في إطار واحد‪ ،‬ونتيجة لذلك فقد واجهت العوملة عمليات صد ومقاومة من‬
‫مختلف الثقافات واملجتمعات ً‬
‫سواء املتقدمة منها أو املتخلفة‪.‬‬

‫ً‬
‫ارتباطا ً‬
‫وثيقا‬ ‫ونتيجة للعالقة الوطيدة بين العوملة وبين األسرة‪ ،‬وألن العوملة تعد من أبرز التحديات التي ترتبط‬

‫باألسرة‪ ،‬وكون العوملة – والقائمين عليها – يريدوا لها أن تعم جميع أنحاء العالم لتصبغ املجتمعات واألفراد‬

‫واألسر وفق الصبغة أو النمط األمريكي‪ ،‬نتيجة لكل ذلك ومحاولة من الكتاب للتصدي لتلك النزعة الغربية في‬
‫ً ً‬
‫عوملة العالم بمجتمعاته وأسرة وفق الثقافة والهوية الغربية‪ ،‬فقد افرد الكتاب مبحثا كامال‪ ،‬يتناولها بشكل‬

‫مفصل حتى تكون األسرة على بينة من أمرها لتأخذ من العوملة إيجابياتها وتبتعد عن سلبياتها وسيتم في هذا‬

‫املبحث تعريف العوملة وأنواعها وايجابياتها وسلبياتها باإلضافة إلى آلياتها كما يأتي‪:‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪27‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫تعريف العولمة‪:‬‬

‫تعددت التعريفات التي تناولت مفهوم العوملة وتنوعت وجهات النظر حول هذا املصطلح‪ ،‬فالبعض يرى أنها‬
‫مشتقة من العالم‪ ،‬وجمعها عوالم على وزن فوعل وعوملة على وزن فوعله‪ ،‬ومعناها جعل الش يء ً‬
‫عامليا أي‬

‫توسيعه على نطاق عاملي‪ ،‬وتسهيل حركته دون عوائق أو حواجز" (‪.)1‬‬

‫ويعرفها بخوش بأنها " ظاهرة اجتماعية ومرحلة جديدة من مراحل تطور النظام الرأسمالي العاملي التي تحاول‬

‫من خالله نشر مجموعة من القيم السياسية واالجتماعية واالقتصادية والثقافية " (‪.)2‬‬

‫وترى بكر بأنها تعني " الرؤية االستراتيجية لقوى الرأسمالية األمريكية الرامية إلى إعادة تشكيل العالم وفق‬

‫مصالحها وأطماعها" (‪.)3‬‬

‫أما شومان فيرى أن املقصود بها " العالقة بين مستويات متعددة لتحليل االقتصاد والسياسة والثقافة‬

‫وااليديولوجيا وتشمل‪ :‬إعادة اإلنتاج وتداخل الصناعات عبر الحدود وانتشار أسواق التمويل‪ ،‬وتماثل السلع‬

‫املستهلكة ملختلف الدول" (‪.)4‬‬

‫وبحسب تعريف العوملة على الويكيبيديا فأنها تعني جعل الش ئ ً‬


‫عامليا أو جعل الش ئ دولي االنتشار في مداه أو‬

‫تطبيقه (‪.)5‬‬

‫والعوملة تعني القضاء على الخصوصية وإلغاء اآلخر وخاصة الضعيف‪ ،‬وهي تعني تعميم النمط الغربي األمريكي‬

‫في االقتصاد والسياسة والحكم‪ ،‬وتأطير املجتمعات وفق النمط األمريكي الغربي في العيش واملأكل وامللبس‪.‬‬

‫ً‬
‫واقتصاديا‬ ‫ً‬
‫واجتماعيا‬ ‫ً‬
‫وثقافيا‬ ‫ً‬
‫سياسيا‬ ‫وتختلف العوملة عن العاملية‪ ،‬إذ تشير األولى إلى محاولة تنميط العالم‬
‫ً‬
‫ثقافيا‬ ‫وفق النمط األمريكي أو الغربي‪ ،‬بينما يشير مصطلح العاملية إلى التعدد والتكامل واالعتراف باآلخر‬

‫‪ -1‬بخوش‪ ،‬أحمد‪ ،‬االتصال والعوملة‪ ،‬دراسة سوسيولوجية ثقافية‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪ ،)2008 ،‬ص‪.106‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -3‬بكر‪ ،‬ليلى سليمان علي‪ ،‬طاهرة العوملة وموقف اإلسالم منها‪ ،‬ط‪( ،1‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،)2007 ،‬ص‪.16‬‬
‫‪ -4‬شومان‪ ،‬نعيمة‪ ،‬العوملة بين النظم التكنولوجية الحديثة‪ ،‬ط‪( ،1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ :‬مؤسسة الرسالة‪ ،)1998 ،‬ص‪.40‬‬
‫‪5‬‬‫‪-‬‬
‫‪https://www.google.com/search?q=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9+%‬‬
‫‪D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7&oq=%D8%A7%D9%84‬‬
‫‪%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%88%D9%8A&aqs=chrome.1.69i57j0l5.6731j1j7&so‬‬
‫العوملة على الويكيبيديا بتاريخ‪urceid=chrome&ie=UTF-8 .2021 1-1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪28‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫وسياسيا‪ .‬وهذا املصطلح هو األفضل للمجتمع واألسر‪ ،‬فاالنفتاح ً‬
‫عامليا على املجتمعات األخرى‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واقتصاديا‬

‫والثقافات املختلفة للشعوب تحمل من اإليجابيات الكثيرة إذ توفر لهذه املجتمعات االحتكاك الحضاري وتمكنها‬

‫من اإلفادة واالستفادة من اآلخرين‪.‬‬

‫ولعل من أسوأ ما جاءت به العوملة أو أثرت به على املجتمعات والثقافات املختلفة أنها سعت أو تسعى للقضاء‬

‫على التعددية الثقافية‪ ،‬فالثقافات الضعيفة أو التي ال تمتلك أسس قوية معرضة لالنقراض واالختراق والهيمنة‬

‫من قبل الثقافات القوية مثل الثقافة الغربية واألمريكية‪.‬‬

‫وكون من أطلق هذا املصطلح هي الواليات املتحدة األمريكية انطالقا من موقعها كقائدة للعالم وصاحبة القطب‬

‫األوحد فيه‪ ،‬فهي ترى أن النمط األمريكي في الحياة والسياسة واالقتصاد والثقافة هو األنسب لكل املجتمعات‬

‫والشعوب والبلدان‪ ،‬وبالتالي ال بد أن يسود وأن يعم كل املجتمعات والشعوب‪ ،‬وما على البلدان إال أن تفتح‬

‫نوافذها لهذا الوافد دون أي اعتبار لثقافاتها أو مرجعياتها أو عاداتها وتقاليدها‪ ،‬وهو ما يشكل خطورة ليس فقط‬

‫على الثقافات األخرى وإنما على الثقافة األمريكية نفسها التي هي بهذا التوجه تقض ي على التنوع الثقافي والتعدد‬

‫االجتماعي الذي هو سنة من سن الحياة‪ ،‬فالناس واملجتمعات ال يمكن أن تعيش في قالب واحد أو نمط متشابه‬

‫وإنما هم بحاجة إلى خيارات متعددة‪.‬‬

‫والحقيقة فيما يتعلق بالعوملة بشكل عام فهناك العديد من اآلراء في كيفية التعامل معها‪ ،‬الرأي األول يطالب‬

‫باالنفتاح الواسع على العوملة والتماهي في مكوناتها وأنواعها املختلفة‪ ،‬وهو بهذه النظرة يرى أنه يمثل الحداثة أو‬

‫التطور‪ ،‬بينما يرى الرأي الثاني أنه يجب رفض فكرة العوملة بكل أبعادها وأنواعها وآلياتها كونها تمثل النموذج‬

‫الغربي‪ ،‬وهي تخدم مصالحه وأهدافه‪ ،‬ولن نجني منها إال الهوان والتحلل والتبعية الثقافية واالجتماعية‬

‫واالقتصادية‪.‬‬

‫أما الرأي الثالث فيحاول التوفيق بين الرأيين السابقين‪ ،‬فيرفض االنغالق التام على العوملة واعتبارها شر‬

‫محض‪ ،‬وفي نفس الوقت يرفض االنفتاح الكامل باعتبارها خير محض‪ ،‬ولكنه يطالب باالنفتاح الواعي عليها‬

‫بحيث نستفيد من إيجابياتها – وهي كثيرة – وفي نفس الوقت نحافظ على هويتنا وثقافتنا وتاريخنا وشخصيتنا‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪29‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫أنواع العولمة‪:‬‬

‫العوملة كمنظومة شاملة لها العديد من األنواع أو الوحدات الفرعية املكونة لها‪ ،‬فهناك عوملة سياسية وهناك‬

‫عوملة اقتصادية‪ ،‬وهناك ثقافية وأخرى اجتماعية وإعالمية وغيرها من تلك األنواع وتوضيح ذلك كما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬العولمة االقتصادية‪:‬‬

‫وهي تعني دمج كل االقتصاديات العاملية في اقتصاد واحد‪ ،‬وبحسب الرؤية األمريكية فإن ذلك يعني أن‬

‫تندمج أو ترتبط باالقتصاد األمريكي" القائم على املنافسة الحرة وتحرير األسواق والتجارة‪ ،‬وعدم‬

‫تدخل الدولة في ذلك" (‪ ،)1‬ومن مظاهر هذا النوع النمو السريع للتجارة الدولية‪ ،‬وتزايد عدد الشركات‬

‫متعددة الجنسيات‪.‬‬

‫‪ .2‬العولمة السياسية‪:‬‬

‫وهي ترمي إلى تعميم النموذج الغربي في الحكم‪ ،‬الذي يؤمن بالحرية السياسية والتعددية الحزبية‪،‬‬
‫ً‬
‫وطريقا للوصول إلى السلطة‪ ،‬بما يتضمنه من‬ ‫ً‬
‫أسلوبا‬ ‫والديمقراطية وباالنتخابات وصناديق االقتراع‬

‫إنشاء مجالس ومؤسسات منتخبة‪ ،‬ومن مظاهر العوملة السياسية‪ ،‬سقوط األنظمة الدكتاتورية‬

‫والتحوالت الديمقراطية في العديد من البلدان والتعددية الحزبية‪.‬‬

‫‪ .3‬العولمة الثقافية‪:‬‬

‫واملقصود بها تعميم الثقافة األمريكية والغربية على مختلف الثقافات واملجتمعات‪ ،‬بما تتضمنه من‬

‫انتقال األفكار والقيم إلى جميع أنحاء العالم‪ ،‬وتتميز هذه العملية باالستهالك واالستخدام الشائع‬

‫للثقافات املنتشرة‪ ،‬ومن الجوانب البارزة في العوملة الثقافية انتشار مطاعم الوجبات السريعة مثل‬

‫ماكدونالدز‪ ،‬وستاربكس (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬العمر‪ ،‬بشير‪ "،‬العوملة صياغة جديدة للعالم واألسرة‪ .‬خطرها على تمكين األسرة وزعزة بنيانها "‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪،‬‬
‫مج‪ ،25‬ع‪( ،1‬جامعة دمشق‪ ،)2009 ،‬ص‪.832‬‬
‫‪2 -‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A9_%D8%AB%D9%82%D8%A7‬‬
‫العوملة الثقافية على الويكيبيديا بتاريخ ‪%D9%81%D9%8A%D8%A9.2021-1-1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪30‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .4‬العولمة االجتماعية‪:‬‬

‫وهذا نوع آخر من أنواع العوملة والتي تهتم بعادات املجتمع وتقاليده‪ ،‬وهو يسعى إلى تكييف أو تغيير‬

‫عادات املجتمعات وتقاليدها وأساليب حياتها بما ينسجم مع عادات وأساليب حياة املجتمعات الغربية‬
‫واألمريكية ً‬
‫سواء في امللبس أو نمط الحياة بشكل عام‪.‬‬

‫‪ .5‬العولمة اإلعالمية واالتصالية‪:‬‬

‫شهد العالم ظهور آالف القنوات الفضائية واالنترنت ووسائل التواصل االجتماعي التي تربط بين جميع‬

‫األفراد في مختلف أنحاء العالم‪ ،‬بحيث جعلت العالم يعيش في قرية واحدة‪ ،‬وأصبح بإمكان أي شخص‬

‫مواكبة األحداث التي تقع في أي بقعة في العالم أو التواصل مع أي شخص‪.‬‬

‫إيجابيات وسلبيات العولمة‪:‬‬

‫ليس من املنطق أن ننظر إلى العوملة على أنها شر محظ‪ ،‬أو خير محظ‪ ،‬واملفهوم في األساس كما هو يحمل‬

‫بداخله العديد من السلبيات ‪-‬وخاصة للمجتمعات والثقافات الضعيفة – هو يحمل بداخله العديد من‬

‫اإليجابيات‪ ،‬والسر هنا يكمن في قدرة األفراد واألسر واملجتمعات على التفاعل اإليجابي مع هذا التحدي الخارجي‬

‫بما يمكنها من االستفادة من إيجابياتها واالبتعاد قدر اإلمكان عن سلبياتها‪ ،‬وهنا سيتم استعراض أهم اإليجابيات‬
‫التي جاءت بها العوملة ً‬
‫سواء للمجتمع بشكل عام أو لألسرة بشكل خاص‪ ،‬ثم نعرج على أبرز السلبيات التي رافقتها‬

‫كما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ .‬اإليجابيات‪:‬‬

‫هناك العديد من اإليجابيات التي جاءت بها العوملة يقف في مقدمتها ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬الثورة العلمية واالنفجار المعرفي‪:‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪31‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ال يخفى على أحد ما يشهده العالم بمجتمعاته وشعوبه من ثورة علمية وتكنولوجية ومعرفية هائلة ُوصفت‬

‫باالنفجار من كثافة اإلنتاج وغزارة املعارف التي يتم تداولها‪ ،‬واملعرفة التي يتم انتاجها في هذا العصر يفوق أي‬

‫ى حتى يقال أن املعرفة تتضاعف كل ‪ 18‬ساعة (‪.)1‬‬ ‫عصر مض‬

‫ً‬
‫واسعا أمام األسر واألفراد واملجتمعات‬ ‫وهذه من أبرز اإليجابيات التي تزخر بها العوملة‪ ،‬فقد فتحت املجال‬
‫لالغتراف من بحور املعرفة املختلفة‪ ،‬فقد تزايدت املعرفة في هذا العصر بشكل هائل ً‬
‫جدا‪ ،‬وأصبح اآلن بإمكان‬

‫أي شخص الدخول على االنترنت والبحث عن أي موضوع علمي أو سياس ي أو اقتصادي أو اجتماعي أو صحي‬

‫‪....‬الخ ليجد عشرات املراجع والكتب واألبحاث والدوريات التي ما كان له أن يحصل عليها لوال هذا الفضاء الجديد‪.‬‬

‫‪ .2‬انتشار مبادئ الحرية والديمقراطية والتعددية السياسية‪:‬‬

‫للعوملة دور كبير في انتشار قيم الديمقراطية والحرية والتعددية الحزبية وتكوين األحزاب‪ ،‬وتعدد اآلراء لدى‬

‫الكثير من بلدان العالم بما فيها العالم العربي‪ ،‬وقد القت هذه القيم مقاومة كبيرة من قبل األنظمة الشمولية‪،‬‬

‫ومن بعض االتجاهات املتطرفة ألن مثل هذه القيم ستعمل على زوال سلطاتهم املطلقة ومصالحهم املختلفة‪،‬‬

‫لكن مع ذلك فقد تغلغلت بفعل العوملة وأدواتها – وخاصة اإلعالمية ‪ -‬لدى الكثير من فئات املجتمع‪ ،‬وأصبحت‬

‫الكثير من الكيانات واملنظمات والهيئات وخاصة املدنية تنادي بتطبيقها وممارستها‪.‬‬

‫وما يحدث في عاملنا العربي اليوم وخاصة منذ ‪ 2011‬يؤكد انتشار مثل تلك القيم‪ ،‬وأنها كانت املحرك األساس ي‬

‫لثورات الربيع العربي‪ ،‬فاالحتكاك الحضاري واالطالع على خبرات الشعوب األخرى التي استفادت من تلك القيم‬

‫واملبادئ في تطوير نظمها السياسية وأساليب اإلدارة والحكم في تحقيق الرخاء والتقدم لشعوبها هو الذي ساهم‬

‫في انتشار تلك املبادئ لدى املواطن العربي الذي ما إن فتحت له الفرصة حتى خرج بصوت واحد في معظم‬

‫البلدان العربية من تونس واملغرب والجزائر وليبيا ومصر حتى اليمن وسوريا والعراق وغيرها من البدان العربية‬
‫ً‬
‫مطالبا بالديمقراطية والحرية والتعددية السياسية‪.‬‬

‫ً‬
‫‪ -1‬أنظر كال من‪:‬‬
‫‪ https://twitter.com/kasimf/status/837322872620220417 -‬تغريده لفيصل القاسم‪ ،‬في ‪ 3‬مارس ‪.2017‬‬
‫‪ https://www.youtube.com/watch?v=D7G_VQlfUfA -‬مقابلة مع د عدنان إبراهيم‪.2017 / 8 /21 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪32‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬االنفتاح على األخر‪:‬‬

‫ال يستطيع أحد أن ينكر ما حققته العوملة من انفتاح واسع على مختلف املعارف والخبرات والتجارب والعلوم‬

‫واألبحاث اإلقليمية والدولية‪ ،‬فاالطالع اآلن على خبرات وتجارب جامعة ما أو مركز أو مؤسسة أو هيئة أو جمعية‬

‫أو حتى على خبرات األشخاص لم يعد باألمر الصعب‪ ،‬فقد أصبحت هذه الخبرات متاحة على االنترنت وعلى غيرها‬

‫من الوسائل‪ ،‬وكمثال بسيط للتدليل على ذلك‪ :‬قضايا الجودة الشاملة واالعتماد األكاديمي التي انتشرت لدى‬

‫معظم الجامعات والكليات واملؤسسات والشركات واملصانع في العالم‪ ،‬وأصبحت تلك الجامعات واملؤسسات‬

‫قادرة على االطالع على خبرات العديد من الجامعات واملؤسسات في الجودة واالعتماد األكاديمي لالستفادة منها أو‬
‫االعتماد عليها واعتبارها أ ً‬
‫ساسا لتطوير ذاتها والنهوض ببرامجها‪.‬‬

‫‪ .4‬نشؤ المجتمع المدني‪:‬‬

‫أدت العوملة إلى نشؤ املجتمع املدني وانتشاره بشكل واسع‪ ،‬فاالحتكاك الحضاري وسهولة االطالع على خبرات‬

‫وتجارب املجتمعات األخرى ساعد هذه املجتمعات في اكتساب الخبرات واالستفادة من التجارب املختلفة‪ ،‬ويرى‬

‫برهان غليون أن " وجود املجتمع املدني في العالم العربي يدين به إلى عصر العوملة ألنها وفرت تقنية االتصاالت‪،‬‬

‫ومكنت األفراد والجمعيات من الحصول على الحد األدنى من االستقالل (‪.)1‬‬

‫‪ .5‬تعزيز حقوق اإلنسان‪:‬‬

‫وقد تجلى ذلك من خالل تفعيل دور وسائل االعالم في الكشف عن أي امتهان لحقوق اإلنسان‪ ،‬وفي تبني الكثير‬
‫ً‬
‫جديدا تحفظ فيه الكرامة‪ ،‬وتصان فيه األسرة‪ ،‬وقد أخذت‬ ‫من زعماء املنظمات الدولية الكبرى ً‬
‫نظاما ً‬
‫عامليا‬
‫حقوق االنسان تظهر إلى العيان بوصفها ً‬
‫شعارا تعمل به الدول وتتباها‪.‬‬

‫‪ -1‬غليون‪ ،‬برهان‪ " ،‬العوملة وأثرها على املجتمعات العربية" ‪ ،‬ورقة مقدمة إلى اجتماع خبراء اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا حول‪ :‬تأثير العوملة‬
‫على الوضع االجتماعي في املنطقة العربية‪( ،‬بيروت ‪ 21-19‬ديسمبر‪ ،)2005 ،‬ص‪.17‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪33‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .6‬أخرجت المرأة من العزلة‪:‬‬

‫ساعدت العوملة املرأة على امتالك بعض حقوقها‪ ،‬وعلى حريتها وخروجها من العزلة االجتماعية التي فرضت‬
‫عليها‪ ،‬وبعض العادات والتقاليد التي قيدت حركتها‪ ،‬حيث يرى ‪ً -‬‬
‫أيضا – برهان غليون أن العوملة مكنت املرأة من‬

‫الخروج من العزلة التاريخية نحو الحرية‪ ،‬فقد تمت الحركة النسوية وما ارتبط بها من نمو الهيئات والجمعيات‬

‫املدنية الخاصة باملرأة (‪.)1‬‬

‫هذه كانت أبرز اإليجابيات الخاصة بالعوملة‪ ،‬وهناك إيجابيات أخرى ال يتسع املقام لذكرها‪ ،‬وما نود التأكيد‬

‫عليه هنا أننا كمجتمع أو أسر ال نستطيع أن نعيش بمعزل عما يدور في العالم‪ ،‬ومن الخطأ إغالق نوافذنا أمام‬

‫التغيير بحجة املحافظة على الذات‪ ،‬ناسين أن هذا االغالق سوف يجعلنا في تراجع مستمر‪ ،‬فالعصر في حركة‬

‫دائمة وفي تغير سريع إن لم نستطع أن نواكبه فإننا سنكتشف أنفسنا خارج إطار العصر بعيدين عن أدواته‬

‫ووسائله‪ ،‬وليس املطلوب منا تغيير جلودنا أو االنسالخ من هويتنا أو قيمنا‪ ،‬وإنما أن نستفيد من اآلخر في تطوير‬

‫أدواتنا وزيادة خبراتنا لنتمكن من بناء أمتنا والسيطرة على مستقبلنا‪.‬‬

‫وما ينبغي التنبيه له أال يتوسع ذلك االنفتاح حتى يتجاوز كل املعايير والخطوط الحمراء التي ال بد أن تكون‬

‫حاضرة لدى هذه الثقافات املنفتحة‪ ،‬والتي من خالل تلك املعايير نستطيع القبول بكل ما ينسجم مع مبادئنا‬

‫وشخصيتنا ونرفض كل ما يتناقض مع ثقافتنا وخصوصيتنا‪ ،‬فال بد أن يكون لكل مجتمع ثقافته التي يعتز بها‬

‫ويشعر باالنتماء إليها‪ ،‬ألنه في غياب ذلك الشعور يظهر إلى السطح شخصيات ال تشعر بانتماء لثقافتها األم‪ ،‬وال‬

‫هي قادرة على االندماج كلية مع الثقافة الوافدة وهنا تكمن املشكلة‪.‬‬

‫والعوملة تعد ً‬
‫منبرا للحوار بين الثقافات والحضارات‪ ،‬ووسيلة لالحتكاك مع ثقافات الشعوب املختلفة‪ ،‬وهي أداة‬

‫تمكن كل ثقافة من األخذ والعطاء واالستفادة املتبادلة‪ ،‬وهو ما يجعل كل ثقافة تمارس على نفسها عمليات‬

‫التحديث للقيم والعادات واالخالقيات‪ ،‬وخاصة تلك القيم والعادات التي أصابها الذبول وسيطر عليها الجمود‬
‫ً‬
‫محضا‪ ،‬وإنما تحمل في طياتها‬ ‫والتقوقع واالنكفاء على الذات‪ ،‬وكما اتفقنا من البداية أن العوملة ليست ً‬
‫شرا‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.19‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪34‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫جوانب مشرقة وإيجابية وباإلمكان االستفادة من تلك اإليجابيات بما يعزز الهوية الوطنية ويرسخ القيم‬

‫االجتماعية‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬السلبيات‪:‬‬
‫ً‬

‫ً‬
‫تهديدا لألسرة‬ ‫بعد أن عرفنا أبرز اإليجابيات التي تتميز بها العوملة ها نحن نذكر أبرز السلبيات التي تمثل‬
‫وسياسيا وعل ً‬
‫ميا‪ ،‬وبالتالي من األهمية بمكان‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اقتصاديا‬ ‫واملجتمعات‪ ،‬وخاصة تلك املجتمعات الهشة أو املتخلفة‬

‫أن تكون األسرة على وعي بتلك السلبيات حتى تتجنبها‪ ،‬ومن أهم تلك السلبيات ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬التبعية لآلخر وتهميش الثقافات األخرى‪:‬‬

‫لعل من أبرز السلبيات التي جاءت بها العوملة أنها تحاول جعل املجتمعات الضعيفة في وضعية التابع‪ ،‬فتلك‬

‫املجتمعات مشدودة ‪ -‬بوعي أو بدون وعي ‪ -‬نحو تلك املجتمعات القوية ال ترى فيها إال كل ما هو إيجابي‪ ،‬وال تنظر‬

‫إليها إال بإعجاب‪ ،‬وفي نفس الوقت تنظر إلى مجتمعها وثقافتها نظرة ازدراء ودونية باعتبارها ثقافة بالية وتقليدية‬

‫تمثل التخلف والجهل وال تتناسب مع معطيات العصر ومتطلبات القرن الحادي والعشرين‪.‬‬

‫وفي ظل العوملة أصبحت الثقافات الضعيفة تعاني من التهميش والتراجع املستمر أمام طغيان الثقافات الغربية‬

‫واألمريكية‪ ،‬وهو ما أفقدها القدرة على الصمود والبقاء‪ ،‬وبالتالي اهتزت ثقة أبناءها‪ ،‬وأصبح البعض منهم ينظر‬

‫إليها نظرة احتقار‪ ،‬وفي هذا خطر على التعدد الثقافي والتنوع االجتماعي‪ ،‬وفي نفس الوقت يفرض على تلك‬

‫الثقافات أن تطور من أدواتها‪ ،‬وأن تبدع في أساليبها‪ ،‬وأن ترفض االنكفاء على الذات فال مكان في هذا الزمن‬

‫للثقافات الراكدة‪.‬‬

‫‪ .2‬تراجع االقتصادات الوطنية وانتهاك السيادة‪:‬‬

‫من أبرز ما يميز العوملة أنها ألغت الحدود السياسية واالقتصادية بين الدول‪ ،‬وشجعت على التجارة الحرة‪،‬‬

‫واقتصاد السوق وهذا ما أدى إلى ظهور مآت الشركات عابرات الحدود‪ ،‬متعددة الجنسيات‪ ،‬لديها قدرات‬
‫ً‬
‫جديدا ملصلحة الدول الكبرى ويصيب االقتصادات الوطنية‬ ‫عامليا‬ ‫ً‬
‫اقتصادا ً‬ ‫مالية هائلة‪ ،‬هذا الوضع خلق‬

‫بالتراجع والتقزم‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪35‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫سعيدا له كون العوملة أدت إلى‪ :‬تدويل‬ ‫وهنا يرى برهان غليون أن دخول العالم العربي عصر العوملة لم يكن‬

‫األمن الوطني واإلقليمي وتهديد االستقالل‪ ،‬وتعزيز التسلطية وتفجير النزاعات األهلية‪ ،‬وتعميم الفقر والبطالة‪،‬‬

‫وتباطؤ النمو االقتصادي‪ ،‬وتبعيته لالقتصاد العاملي‪ ،‬وفتحت الباب أمام تحلل الثقافة الوطنية والقيم املرتبطة‬

‫بها (‪.)1‬‬

‫‪ .3‬تركز الثروة في أيادي قلة من البشر‪:‬‬

‫من ابرز سلبيات العوملة أنها ركزت الثروة في ايادي قلة من البشر‪ ،‬ومن أبرز األمثلة على ذلك أن ثروة ثالثة‬

‫أمريكيين وهم (بيل جيتس‪ ،‬وجيف بيزوس ومارك زوكربيرغ ) تفوق ما يملكه ماليين الناس‪.‬‬

‫‪ .4‬إحداث خلل في الهوية وأزمة في القيم‪:‬‬

‫ً‬
‫عندما هبت رياح العوملة على العالم قدمت ومعها قيم وعادات الثقافة الوافدة‪ ،‬ما أحدثت خلال في هوية‬
‫املجتمعات املتخلفة‪ ،‬وأزمة في القيم وصر ً‬
‫اعا مع الذات واغتر ًابا عن النفس‪ ،‬وخاصة لدى املراهقين والشباب‬

‫الذين اهتزت لديهم القيم بشكل كبير‪ ،‬وأدت بالكثير منهم إلى النظر إلى قيم مجتمعة نظرة ازدراء وتخلف‪ ،‬وفي‬
‫ً‬
‫وعنوانا للتحضر‪،‬‬ ‫املقابل ينظر إلى قيم الثقافة الوافدة ‪-‬مهما كانت صائبة أو خاطئة – على أنها ً‬
‫رمزا للتقدم‬
‫ً‬
‫واضحا في سلوكيات الكثير من الشباب الذين يحاولوا تقليد الفنانين واملغنين‬ ‫وعالمة للتطور‪ ،‬وقد بدا ذلك‬

‫واملمثلين والرياضيين في ملبسهم ومأكلهم وأسلوب حياتهم‪ ،‬معتقدين أن العوملة –هي مرادف للتقدم من وجهه‬

‫نظرهم – تعني تغيير نمط االستهالك وطريقة اللباس ونوع املوسيقى واألفالم‪ ،‬وتغافل عما يمكن أن توفره له من‬

‫فضاءات معرفية واسعة‪ ،‬ومن أطر فكرية كثيرة‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك الخلل فقد أثرت العوملة على أخالقيات األفراد وخاصة الشباب‪ ،‬إذ لوحظ تأثر الكثير منهم‬
‫ً‬
‫أخالقيا‪ ،‬وإدمانهم على متابعة املواقع املشبوهة مع ما توفره من صورة ومقاطع جنسية واباحية ناهيك انها سهلت‬

‫للبعض إدمان املخدرات والقمار وغيرها من األنواع املنافية لألخالق اإلسالمية واإلنسانية‪.‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪36‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬التفكك األسري وتراجع دور األسرة‪:‬‬

‫من اآلثار السلبية التي دخلت على األسرة مع دخول العوملة أنها أدت إلى التفكك األسري‪ ،‬وزيادة نسبة املشاكل‬

‫والخالفات األسرية نتيجة لظهور بعض املظاهر أو الظواهر األخالقية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬باإلضافة إلى بروز‬
‫بعض السلوكيات واالنحرافات التي زادت ً‬
‫أيضا من عمق املشاكل‪ ،‬ووسعت الفجوة بين األجيال‪ ،‬وهذا ما أشارت‬

‫إليه بعض الدراسات التي أكدت أن العوملة أدت إلى زيادة نسبة التفكك األسري والعدوانية واالكتئاب والتقليد‬

‫األعمى لعادات وثقافات الغرب‪ ،‬باإلضافة إلى زيادة معدالت االنحراف والجريمة (‪.)1‬‬

‫وقد أدت العوملة – بأدواتها اإلعالمية ‪ -‬إلى تراجع دور األسرة ً‬


‫عموما‪ ،‬ودور اآلباء بشكل خاص في التعليم والتربية‬

‫وتنمية القيم‪ ،‬فمع ظهور االنترنت ووسائل التواصل االجتماعي بمختلف أنواعها ومسمياتها أصبح دور الوالدين‬
‫ً‬
‫ثانويا‪ ،‬وكأنهم أوكلوا تلك املهمة إلى تلك األدوات متناسين أن األبناء الزالوا في مرحلة هم بحاجة إلى االشراف‬

‫واملتابعة والتوجيه حتى ال يقعوا فريسة سهلة لتلك الوسائل‪.‬‬

‫وقد ساعد على ذلك انحسار دور األب بسبب غيابه لفترات طويلة عن البيت ً‬
‫سواء من أجل توفير الحاجات‬

‫املادية ألفراد أسرته‪ ،‬أو هروبه بسبب عدم قدرته على تأمين هذه الحاجات أو فقدانه القدرة على مواجهة‬
‫ً‬
‫صعوبات التنشئة االجتماعية تاركا بذلك املجال للمرأة التي خرجت للعمل" (‪.)2‬‬

‫‪ .6‬النزوع نحو الماديات‪:‬‬

‫أدت العوملة باألسرة إلى االنجراف نحو الجوانب املادية وجعلت الكثير من األسر تلهث وراء الكماليات حتى‬
‫ً‬
‫أحيانا‬ ‫أصبحت تلك الكماليات ‪ -‬خاصة لدى النساء ‪ -‬من أشد الضروريات‪ ،‬ومن أوجب الواجبات دون مراعاة‬
‫لظروف األب أو رب األسرة‪ ،‬وهو ما يضيف ً‬
‫أعباء إضافة على األسرة وعلى رب األسرة‪ ،‬ورما أدت تلك املطالب إلى‬
‫توتر العالقات األسرية‪ ،‬وتوسيع الشرخ بين الزوجين ليصل ً‬
‫أحيانا إلى الطالق الحقيقي أو الطالق العاطفي‪.‬‬

‫‪ -1‬السيد‪ ،‬فاطمة علوي‪ " .)2009( .‬العوملة وتأثيرها على دور األسرة في التنشئة االجتماعية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬جامعة البحرين‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم‬
‫االجتماعية‪.)2009 ،‬‬
‫‪ -2‬هداج‪ ،‬العيد‪ .)2014( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.43‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪37‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .7‬تأثرت اللغة العربية‪:‬‬

‫جدا أمام التيا ات الفكرية الوافدة جعلتها تفقد ً‬


‫أحيانا الكثير من أنصارها‪،‬‬ ‫واجهت اللغة العربية صعوبة كبيرة ً‬
‫ر‬
‫فتوجه الكثير من الشباب إلى تعلم لغات أخرى وخاصة اللغة اإلنجليزية‪ ،‬وهذا ليس ً‬
‫عيبا أو خطأ ولكن الخطأ‬
‫أن يتم نسيان اللغة العربية‪ ،‬أو النظر إليها على أنها تمثل ً‬
‫رمزا للتخلف أو لغة للتقوقع‪ ،‬بينما يتم النظر إلى‬

‫اللغات األخرى على أن ها لغة العلم والتحضر واالنفتاح‪ ،‬ناهيك أن الكثير من املصطلحات العربية تم استبدالها‬

‫بمصطلحات انجليزية أو فرنسية وأصبحت لدى بعض املواطنين لغة تخاطب وتعامل مع اآلخرين حتى وإن كانوا‬

‫يعيشون في بلد عربي وفي مجتمع عربي‪.‬‬

‫ويبدو أن القوى املهيمنة على العالم وخاصة الواليات املتحدة األمريكية أدركت أن استعمار الشعوب والبلدان‬

‫ونهب ثرواتها بالطرق التقليدية املتمثلة في االستعمار املسلح لم يعد مجديا‪ ،‬وتكلفته املادية والبشرية باهضه‬
‫ً‬
‫جدا‪ ،‬بل يؤدي أحيانا إلى جروح عميقة وعواقب وخيمة على الدول املستعمرة‪ ،‬لذلك فقد فطنت إلى نوع آخر من‬

‫االستعمار‪ ،‬خاصة وقد اكتشفت من الوسائل واألدوات ما يحقق لها تلك األهداف التي سيحققها االستعمار‬

‫املسلح واملتمثلة في األدوات اإلعالمية بكل أنواعها وأشكالها‪ ،‬واألدوات االقتصادية بكل كياناتها ومسمياتها‪ ،‬وهو‬

‫األمر الذي جعل العديد من دول العالم وخاصة املتخلفة في حكم املستعمرة من قبل تلك البلدان القوية‪،‬‬

‫وخيراتها تصب في خزينة تلك البلدان‪ ،‬إضافة إلى أنها لم تعد قادرة على السيطرة على فضاءها وحدودها ومواردها‬

‫االقتصادية وقيمها االجتماعية والثقافية‪.‬‬

‫آليات العولمة‪:‬‬

‫هناك العديد من اآلليات التي من خاللها يتم تحقيق العوملة من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬الشركات متعددة الجنسيات‪:‬‬

‫وهي شركة ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة‪ ،‬كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة‪،‬‬

‫وتمارس نشاطها في بلدان متعددة تتجاوز الحدود الوطنية واإلقليمية‪ ،‬وهي تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪38‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫ونقل املواد وعناصر اإلنتاج فضال عن املزايا التقنية‪ ،‬وهذه الشركات تساهم في تحقيق العوملة من خالل تأثيرها‬

‫في بلورة خصائص وآليات النظام االقتصادي العاملي الجديد‪ ،‬وتعد من آليات العوملة األساسية‪ ،‬وتتمتع بعدد‬

‫من الخصائص منها‪ :‬ضخامة اإلنتاج‪ ،‬وازدياد درجة تنوع األنشطة‪ ،‬واالنتشار الجغرافي والقدرة على تحويل‬

‫اإلنتاج واالستثمار على مستوى العالم وإقامة التحالفات االستراتيجية واملزايا االحتكارية (‪.)1‬‬

‫‪ .2‬منظمة التجارة العالمية‪:‬‬

‫هي منظمة عاملية مقرها مدينة جنيف بسويسرا مهمتها الرئيسية انسياب التجارة بقدر أكبر من السالسة‬
‫ً‬
‫استثنائيا في التجارة العاملية حيث زادت‬ ‫واليسر والحرية‪ ،‬وقد تأسست في ‪ 1995‬بعد أن شهد العالم ً‬
‫نموا‬

‫صادرات البضائع بمتوسط ‪ ،%6‬وقد اتضم لعضويتها ‪ 164‬دولة‪ ،‬إضافة إلى ‪ 20‬دولة كمراقب (‪.)2‬‬

‫‪ .3‬البنك الدولي‪:‬‬

‫وهو أحد الوكاالت املتخصصة في األمم املتحدة التي تعني بالتنمية‪ ،‬وقد بدأ نشاطه باملساعدة في إعمار أوروبا‬

‫بعد الحرب العاملية الثانية‪ ،‬وقد زاد من تركيزه في هذه املرحلة على التخفيف من الفقر‪ ،‬ومقر البنك في واشنطن‬

‫بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ويبلغ عدد الدول األعضاء في ‪ 185‬دولة‪ ،‬والهدف العام من البنك هو تشجيع‬

‫االستثمار لرؤوس األموال بغرض تعمير وتنمية الدول املنظمة إليه والتي تحتاج ملساعدته في انشاء مشروعات‬
‫ضخمة تكلف ً‬
‫كثيرا وتساعد في األجل الطويل على تنمية اقتصاد الدول‪ ،‬ويمتلك البنك خمس مؤسسات هي‪:‬‬

‫البنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬ومؤسسة التنمية الدولية‪ ،‬مؤسسة التمويل الدولي‪ ،‬وهيئة ضمان االستثمار‬

‫املتعدد األطراف‪ ،‬واملركز الدولي لتسوية نزاعات االستثمار (‪.)3‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D8%A9_%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%AF‬‬
‫موقع الشركات ‪%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AA‬‬
‫متعددة الجنسيات على الويكيبيديا بتاريخ ‪2021-1-2‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA‬‬
‫‪%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%‬‬
‫منظمة التجارة العاملية على الويكيبيديا بتاريخ ‪D8%A9.2021-1-2‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%AF‬‬
‫البنك الدولي ويكيبيديا بتاريخ ‪%D9%88%D9%84%D9%8A.2021-1-2‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪39‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .4‬صندوق النقد الدولي‪:‬‬

‫ُ‬
‫هو وكالة متخصصة تابعة لألمم املتحدة أنشأ عام ‪ 1944‬للعمل على سالمة االقتصاد العاملي‪ ،‬ومقره في واشنطن‬

‫ويضم في عضويته ‪ 189‬دولة‪ ،‬ويستهدف الصندوق منع وقوع األزمات في النظام النقدي الدولي عن طريق تشجيع‬

‫البلدان املختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة‪ ،‬وتستفيد منه الدول األعضاء ملعالجة ما يتعرضون له‬

‫من مشكالت في ميزان املدفوعات‪.‬‬

‫ويهدف الصندوق إلى تيسير التوسع والنمو املتوازن في التجارة الدولية‪ ،‬وتحقيق استقرار أسعار الصرف‪،‬‬

‫وتجنب التخفيض التنافس ي لقيم العمالت‪ ،‬ويقوم كذلك بمراقبة التطورات والسياسات االقتصادية واملالية في‬

‫البلدان األعضاء‪ ،‬واقراض البلدان التي تمر بمشكالت‪ ،‬وتقديم املساعدة الفنية والتدريب‪ ،‬وقد تعرض‬
‫الصندوق لعدة انتقادات منها أنه يترك البلدان أكثر ً‬
‫فقرا وخاصة الدول النامية ودول العالم الثالث (‪)1‬‬

‫‪ .5‬وسائل التواصل والقنوات اإلعالمية‪:‬‬

‫من أهم اآلليات التي تعتمد عليها الدول املتقدمة لتحقيق العوملة وترسيخ أركانها ونشر مبادئها وسائل اإلعالم‬

‫املرئية واملسموعة واملقروءة باإلضافة إلى وسائل االعالم الجديد املتمثل في الفيس بوك والتويتر واليوتيوب‬

‫والواتس أب وغيرها من الوسائل واسعة االنتشار‪ ،‬فهذه الوسائل تعمل على الترويج للعوملة بكل أنواعها‬

‫السياسية واالقتصادية والثقافية واالجتماعية ونشر املبادئ واألفكار التي تتضمنها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82_%D8%A7%D9%84%D9%86‬‬
‫صندوق النقد الدولي ويكيبيديا بتاريخ ‪%D9%82%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-1-2‬‬
‫‪.2021‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪40‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثالث‬
‫الحواراألسري‬
‫الحوار حق من حقوق األبناء على اآلباء‪ ،‬وما يقوم به اآلباء ‪ -‬وما ينبغي أن يقوموا به من حوار مع أبناءهم ‪ -‬ال‬
‫ً‬
‫فاستنادا إلى كل التوجيهات الدينية‬ ‫يعد بمثابة تفضل منهم أو حق زائد على حقوقهم أو ال يدخل في واجباتهم‬

‫والنظريات التربوية واالرشادية فإن الحوار يعد حق من حقوق األبناء مثله مثل الحق في التعليم والحق في الرعاة‬

‫والصحة وغيرها من الحقوق‪ ،‬فدور اآلباء ال ينتهي عند توفير املالبس أو الطعام‪ ،‬أو تزويد أبناءهم بأحدث‬

‫الوسائل التكنولوجية وأغلى األجهزة االلكترونية‪ ،‬إذ ال بد أن يتحاور اآلباء مع أبناءهم بين الحين واآلخر حتى‬
‫ً‬
‫أساسيا‬ ‫يصبح الحوار عادة يومية‪ ،‬وأسلوب حياة لم تفرضه ظروف البقاء تحت سقف واحد‪ ،‬وإنما يعد ً‬
‫مطلبا‬
‫من متطلبات العيش الكريم‪ ،‬والحياة املستقرة التي في إطارها تنمو الشخصية اإلنسانية السوية ً‬
‫بعيدا عن العقد‬

‫واملشاكل واألمراض النفسية مثل القلق واالكتئاب والخوف والرهاب االجتماعي وغيرها من األمراض‪.‬‬

‫ً‬
‫وبناء على ما تقدم ً‬
‫ونظرا لألهمية البالغة التي يحتلها الحوار ليس فقط لألبناء وإنما لألزواج والكبار والصغار‬

‫فسوف يتم التطرق له بشكل موسع من حيث تعريفه وأهميته وضوابطه ومعوقاته وتأثير وسائل التواصل‬

‫االجتماعي عليه كما يأتي‪:‬‬

‫تعريف الحوار‪:‬‬

‫يعرف الحوار لغة بأنه " الرجوع في الش يء إلى الش يء‪ ،‬واملحاورة هي‪ :‬املجاوبة ومراجعة املنطق‪ ،‬والكالم في‬

‫املخاطبة‪ ،‬ويقال يتحاورون أي يتراجعون الكالم" (‪ .)1‬و " يحاوره يخاطبه‪ ،‬ويقال تحاور الرجالن إذا رد كل منها على‬

‫صاحبه " (‪ ،)2‬وفي مختار الصحاح يعني " الحوار املجاوبة والتحاور التجاوب " (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.432‬‬


‫‪ -2‬املصري‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬البيان في تفسير غريب القرآن‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪.)1992 ،‬‬
‫‪ -3‬الرازي‪ ،‬محمد‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬مادة حور‪( ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بدون)‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪41‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫والحوار عبارة عن " محادثة بين طرفين أو أكثر يتفهم فيه كل طرف وجهة نظر الطرف اآلخر‪ ،‬ويعرض فيه‬

‫أدلته التي رجحت لديه‪ ،‬ملعرفة الحقيقة‪ ،‬وتبصير كل منهما صاحبه باألماكن املظلمة والتي خفيت عنه‪ ،‬واألخذ‬

‫بيده في طرق االستدالل الصحيح للوصول إلى الحق وفق األصول العامة للحوار" (‪.)1‬‬

‫وهو يعني " املراجعة في الكالم‪ ،‬وحديث بين طرفين أو عدة أطراف لعرض وجهات نظرهم حول مسألة ما بقصد‬

‫التوصل إلى حل أو نتيجة مناسبة لجميع األطراف املتحاورة" (‪.)2‬‬

‫والحوار األسري يعني " التفاعل بين أفراد األسرة الواحدة‪ ،‬والحديث عما يتعلق بشؤونهم من أهداف ومقومات‬

‫وعقبات‪ ،‬ويتم وضع حلول لها عن طريق تبادل األفكار واآلراء من خالل محاوره متنوعة مما يساعد في تنمية جو‬

‫من األلفة والتواصل" (‪.)3‬‬

‫أهمية الحوار‪:‬‬

‫تكمن أهمية الحوار فيما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬الحوار ضرورة لغوية‪:‬‬

‫يعد الحوار ضرورة لغوية إذ عن طريقه يكتسب الطفل اللغة‪ ،‬ويتم إمداده بثروة من املعلومات عن العالم‬

‫املحيط‪ ،‬والتي لن يحصل عليها دون فهمه للغة واستخدامه لها‪ ،‬باإلضافة إلى أن اللغة تساعده على التعبير عن‬

‫أفكاره وحاجاته ورغباته (‪.)4‬‬

‫‪ .2‬الحوار يشبع الجانب الروحي‪:‬‬

‫يؤدي الحوار إلى غرس حب هللا في قلوب الناشئة‪ ،‬حب يجعلهم يحرصون على ارضائه في كل أقوالهم وأعمالهم‬

‫وسلوكياتهم وتصرفاتهم‪ ،‬ويمتنعون عن كل ما يغضبه‪ ،‬فاإلنسان إن أحب إنسان سعى إلى إرضائه وعدم‬

‫إغضابه‪ ،‬فكيف إن كان الحبيب هو هللا الخالق جل شأنه‪ ،‬والتربية الروحية تعد عماد التنشئة املتكاملة ومن‬

‫‪ -1‬الفتياني‪ ،‬تيسير محجوب‪ ،‬كيف تحاور اآلخرين؟ الحوار تاريخ ومفاهيم‪( ،‬عمان‪ ،‬بيت األفكار الدولية‪ ،)2005 ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ -2‬الوايلي‪ ،‬حصة بنت عبد الرحمن‪ .)2010( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.21‬‬
‫‪ -4‬حماد‪ ،‬سهيلة بنت زبن العابدين‪ .)2009( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪42‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫دونها ال يستقيم بناء الشخصية اإلنسانية التي تصبح معرضة للخلل واالضطراب نتيجة ألبسط الهزات واألزمات‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ .3‬توجيه االنفعاالت والتحكم فيها‪:‬‬

‫يعمل الحوار على توجيه االنفعاالت والعواطف واملشاعر واألحاسيس اإلنسانية الوجه الصحيحة‪ ،‬وتهذيبها‬
‫دون كبتها حتى يكتمل نضجها‪ ،‬ويصبح الفرد ً‬
‫قادرا على ضبط النفس‪ ،‬والتحكم في نوازعها وأهدافها‪ ،‬وإشباعها‬

‫بالسبل املشروعة‪ ،‬وعدم االنسياق وراء تياراتها املدمرة للفرد والجماعة فيتحقق التوازن النفس ي والسواء الذاتي‬

‫(‪.)2‬‬

‫وهناك الكثير من املشاعر السلبية التي اكتسبها الفرد خالل عالقاته االجتماعية أو الدراسية‪ ،‬وضغوط الحياة‬

‫املختلفة‪ ،‬ولذا وحتى ال تتراكم تلك املشاعر املكبوتة‪ ،‬وتصيبه بالعديد من األمراض كاالكتئاب أو االنكفاء على‬
‫ً‬
‫جسميا فتصيبه بالعديد من األمراض مثل‪ :‬ضعف النظر‪ ،‬نحوله‬ ‫الذات أو الرهاب االجتماعي‪ ،‬أو تؤثر عليه‬

‫الجسم أو بدانته‪ ،‬والتقزم وغيرها من األمراض لكل ما تقدم فإن الحوار يساعد الفرد على التحرر من تلك‬

‫املشاعر السلبية والتخلص من املشاعر املكبوتة‪.‬‬

‫‪ .4‬تكوين الشخصية االجتماعية‪:‬‬

‫ً‬
‫صالحا في‬ ‫ً‬
‫إنسانا‬ ‫يساعد الحوار الفرد على تكوين الشخصية االجتماعية وممارسة الضبط االجتماعي ليكون‬

‫أسرته ومجتمعه‪ ،‬فال يطغى بفرديته على مجتمعه‪ ،‬وال يسمح ملجتمعه أن يطغى على تفرده‪ ،‬وهو يساهم في‬
‫ً‬
‫مساهما في بناء مجتمعه ووطنه وأمته‪.‬‬ ‫إعداده ليكون ً‬
‫فردا‬

‫‪ .5‬يساعد على اكتشاف المواهب‪:‬‬

‫عن طريق الحوار يستطيع اآلباء اكتشاف مواهب أبناءهم ومها اتهم وقد اتهم‪ ،‬بل حتى الطفل نفسه ً‬
‫أحيانا ال‬ ‫ر‬ ‫ر‬

‫يدرك أن لديه موهبة إال بعد أن يخوض مع اآلخرين بعض الحوارات‪ ،‬ويجري بعض النقاشات ليكتشف أن لديه‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪26‬‬


‫‪ - 2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.29‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪43‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫موهبة مثل‪ :‬مهارة التفاوض‪ ،‬إدارة الحوار‪ ،‬مهارة حل املشكالت‪ ،‬مهارات النقد وتقبل االختالف والعديد من‬

‫املهارات‪.‬‬

‫‪ .6‬حماية األسرة من التفكك وتعزيز العالقة فيما بينها‪:‬‬

‫ً‬
‫يساعد الحوار األسرة على حل مشاكلها أوال بأول‪ ،‬وحمياتها من التصدع والتشقق‪ ،‬والحفاظ عليها من التفكك‬

‫ألن الحوار يزيل التباينات ويقرب وجهات النظر املختلفة‪ ،‬كما أنه يعمل على تنمية عالقة ودودة بين أفراد األسرة‪،‬‬

‫ويساعد على نشأة األبناء نشأة سوية (‪.)1‬‬

‫‪ .7‬يمكن الطفل من تحمل المسؤولية‪:‬‬

‫من خالل الحوار يدرك الطفل مسؤولياته املختلفة ً‬


‫سواء تجاه نفسه أو تجاه أسرته ومجتمعه‪ ،‬أو مسؤولياته‬

‫األخرى تجاه مهنته وعمله‪ ،‬أو تجاه وطنه ودينه‪.‬‬

‫‪ .8‬تقبل النقد واحترام آراء اآلخرين‪:‬‬

‫الحوار البناء فيه ترويض للنفس على قبول النقد واحترام آراء اآلخرين‪ ،‬وتحريرها من الصراعات واملشاعر‬

‫العدوانية‪ ،‬ويعد وسيلة بنائية عالجية تساعد في حل الكثير من املشاكل (‪.)2‬‬

‫‪ .9‬الثقة بالنفس واحترام الذات‪:‬‬

‫غرس احترام الذات والثقة بالنفس لن يتم إال من خالل الشعور باملقدرة والجدارة واالحساس الداخلي بالتمكن‬

‫والكفاءة الذي يوجد في أعماق النفس‪ ،‬فاحترام النفس وتقديرها هو جوهر الصحة العقلية‪ ،‬وهذا االحترام لن‬

‫يتأتى إال من خالل الحوار الذي يتم داخل األسرة (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬األحمري‪ ،‬فاطمة بنت محمد‪ " ،‬أثر استخدام وسائل التواصل الحديثة على الحوار األسري‪ ،‬الهاتف الجوال والشبكة العنكبوتية (االنترنت)"‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير‪( ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬جامعة امللك سعود‪ ،)2014 ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ -2‬حماد‪ ،‬سهيلة بنت زين العابدين (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.64‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪44‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫والحوار يزيد من ثقة األبناء بأنفسهم‪ ،‬وينمي استقالليتهم وقدراتهم على اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تعزز‬

‫قدراتهم على التواصل مع اآلخرين بحيث يكونوا قادرين على التوافق مع مجتمعاتهم (‪.)1‬‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم فالحوار يعمل على غرس القيم واألخالق واملبادئ واملثل لدى األطفال‪ ،‬ويكسبهم‬

‫الشجاعة والجرأة واالقدام‪ ،‬ويساعدهم على االبتعاد عن التعصب والعنصرية واألنانية وحب الذات‪ ،‬وينمي‬

‫لديهم روح العمل الجماعي والتعاوني‪ ،‬ويدعم جوانب النمو املختلفة‪ ،‬كما يستطيع اآلباء من خالله الدخول إلى‬

‫عالم األبناء‪.‬‬

‫وخالصة القول تكمن أهمية الحوار في اآلثار التي يمكن ان يسببها تركه‪ ،‬فإهمال الحوار يؤدي إلى االنحراف‬

‫واالنجراف وراء الشهوات وامللذات واالرتماء في حضن الجماعات اإلرهابية والعصابات املسلحة‪ ،‬وإذا غاب الحوار‬

‫فإن ذلك سيؤدي بالطفل إلى العديد من املشاكل من أهمها‪ :‬مصادقة األوالد لقرناء السوء‪ ،‬ووقوعهم في مستنقع‬

‫اإلدمان‪ ،‬وتعرضهم لالبتزاز (‪.)2‬‬

‫أنواع الحوار األسري‪:‬‬

‫هناك ً‬
‫أنواعا مختلفة من الحوار‪ ،‬ومن أهم تلك األنواع ما يلي (‪:)3‬‬

‫‪ .1‬الحوار اإليجابي‪:‬‬

‫وهو الحوار الذي يدعم الروابط األسرية وينمي التفاهم ويكون باستخدام أحد الطرائق اآلتية‪:‬‬

‫ً‬
‫خصوصا في األمور‬ ‫أ‪ .‬الحوار النقاشي‪ :‬وهو من أكثر األساليب التي يتم من خاللها الحوار بين طرفين‬
‫التي تنحى منحى‪ُ ،‬‬
‫وكثير من األسر لم تتعود على هذا النوع من الحوار‪.‬‬

‫‪ -1‬الهاجري‪ ،‬تهاني والرشددي‪ ،‬غازي والعبد الغفور‪ ،‬محمد‪ " ،‬واقع الحوار األسري بين الوالدين واألبناء في دولة الكويت"‪ ،‬مجلة دراسات تربوية ونفسية‪،‬‬
‫ع‪ ،89‬ج‪ ،1‬أكتوبر‪( ،‬كلية التربية بالزقازيق‪ ،)2015 ،‬ص‪.3‬‬
‫‪ -2‬حماد‪ ،‬سهيلة بنت زين العابدين‪ ،)2009( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.48‬‬
‫‪ -3‬الوائلي‪ ،‬حصة (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪..74-71‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪45‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ً‬
‫شيوعا داخل األسرة‪ ،‬وممارسة هذا الحوار عادة ما يكون‬ ‫ب‪ .‬الحوار العابر‪ :‬وهو من أكثر أنواع الحوار‬
‫ً‬
‫تلقائيا‪ ،‬ومن دون الشعور أنه حوار كالتعليق على حدث ما‪ ،‬او شرح ملوضوع معين‪.‬‬

‫‪ .2‬الحوار السلبي‪:‬‬

‫ً‬
‫مصدرا للمشكالت األسرية ويكون بالطرق اآلتية‪:‬‬ ‫وهو الحوار الخاطئ‪ ،‬الذي يعد‬

‫‪ .1‬الحوار التعجيزي‪ :‬وفيه ال يرى أحد طرفي الحوار أو كليهما إال السلبيات واألخطاء وينتهي الحوار بدون‬

‫فائدة ‪.‬‬

‫‪ .2‬حوار المناورة‪ :‬حيث ينشغل كل طرف بالتفوق اللفظي على اآلخر‪ ،‬وبصرف النظر عن الثمرة‬

‫الحقيقية والنهائية لذلك‪.‬‬

‫‪ .3‬الحوار المبطن‪ :‬وفيه ُيعطي ظاهر الكالم غير باطنه وذلك بكثرة ما يحتويه من تورية وألفاظ مبهمة‪.‬‬

‫‪ .4‬الحوار التسلطي (اسمع واستجب)‪ :‬وهو نوع شديد من العدوان‪ ،‬حيث يلغي فيه أحد األطراف كيان‬

‫الطرف اآلخر‪ ،‬ويعتبره أدنى من أن يتم الحوار معه‪ ،‬وعليه فقط االستماع إلى األوامر واالستجابة دون‬

‫مناقشة أو تضجر‪.‬‬

‫وقدر ورد الحوار في القرآن بعدة أنواع منها‪ :‬الحوارالخطابي الذي يكون فيه الخطاب إلى الناس أو إلى الرسول‬

‫صلى هللا عليه وسلم أو أحد األنبياء‪ ،‬والحوار البرهاني ويبرهن هللا تعالى بالحجة واملنطق على بعض املعطيات‬
‫ً‬
‫تعليميا يقوم على حوار املخاطب عما‬ ‫ً‬
‫حوارا‬ ‫واألهداف واالعتقادات التي جاءت في القرآن الكريم‪ ،‬وقد يكون‬
‫ً‬
‫وصفيا بأن يصف حالة نفسية أو واقعه بين املتحاورين وهدفه‬ ‫ً‬
‫حوارا‬ ‫يعرفه بالحس أو البداهة‪ ،‬وقد يكون‬
‫ً‬
‫قصصيا حيث يمثل فيه كل طرف من أطراف‬ ‫التربوي االقتداء بصالح األعمال واالبتعاد عن سيئها‪ ،‬وقد يكون‬

‫القصة دوره بأسلوب واضح (‪.)1‬‬

‫وهناك نوع آخر من الحوار يسمى الحوار مع الذات " وهو منطلق للحوار مع اآلخرين‪ ،‬فكيف يتقبل اإلنسان‬

‫إي حوار مع غيره إن لم يتعلم الحوار مع ذاته‪ ،‬ولذا فالحوار مع الذات ضرورة حياتيه تساعدنا على الحوار مع‬

‫‪ -1‬الصديقي‪ .‬سحر بنت عبد الرحمن‪ ،‬مكانة الحوار ومعوقاته في تنشئة األبناء في األسرة السعودية‪( ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬مركز امللك عبد العزيز‬
‫للحوار الوطني‪ ،)2010 ،‬ص ص‪.42-38‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪46‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫اآلخرين (‪ ،)1‬ورغم أن هذا الحوار يعد أحد أهم أنواع الحوار إال أن الكثير من الناس ال يستطيعون االصغاء إلى‬

‫ذواتهم والحوار مع أنفسهم‪.‬‬

‫مبادئ في الحوار األسري‪:‬‬

‫هناك مجموعة من املبادئ للحوار الفعال واملثمر واملفيد إن التزم بها املتحاورون سوف يتوصلوا إلى نتائج‬

‫إيجابية ومفيدة‪ ،‬واستطاعوا من خالله تحقيق األهداف التي من أجلها تم الحوار‪ ،‬ومن تلك املبادئ ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬مصادقة األبناء‪:‬‬

‫يعد هذا املبدأ من أهم املبادئ وأفضلها على اإلطالق‪ ،‬إذ أنها تزيل املخاوف‪ ،‬وتبدد مشاعر الرهبة من اآلباء‪،‬‬

‫وتسهل لآلباء الدخول إلى عالم األبناء‪ ،‬بل وتمكن األبناء من االنفتاح في الحديث وفي عرض الخبرات والتجارب‬

‫مع آباءهم‪.‬‬

‫ومن هنا فإن الصداقة بين اآلباء واألبناء يكسر حالة الصمت‪ ،‬وتمنح األبناء الحب والحنان واالحساس باألمان‬

‫ليبوحوا بما يعرقل صفو حياتهم‪ ،‬وما يواجههم من مشاكل وتهديدات أو إغراءات (‪.)2‬‬

‫‪ .2‬إيجاد البيئة المناسبة‪:‬‬

‫من الضروري تهيئة بيئة مناسبة للحوار‪ ،‬وتقع مسؤولية ذلك بشكل رئيس ي على اآلباء‪ ،‬وال يمكن إجراء حوار‬

‫في وضع متشنج أو مضطرب‪ ،‬أو مع وجود مشاعر الخوف والكبت والقلق‪ ،‬وال يستطيع األبناء إجراء الحوار وهم‬

‫يشعروا بالسياط تقع على ظهورهم‪ ،‬أو يالحظوا مشاعر االستهزاء والتأنيب من قبل آباءهم‪.‬‬

‫‪ .3‬اختيار الوقت المناسب‪:‬‬

‫ً‬
‫ومفيدا يجب أن يختار الوالدان الوقت املناسب إلجرائه‪ ،‬فال يمكن أن يتم ذلك الحوار‬ ‫ً‬
‫مجديا‬ ‫حتى يكون الحوار‬

‫في الوقت الذي يكون فيه األبناء منشغلين بالواجبات املدرسية‪ ،‬أو بمتابعة برنامج مهم بالنسبة لهم‪ ،‬وال يمكن‬
‫أيضا إجراءه في وقت يشعر فيه األبناء بالنوم أو األرق أو الهم أو الحزن‪ ،‬وهنا نؤكد أنه ً‬
‫أحيانا ال يدرك اآلباء أهمية‬ ‫ً‬

‫‪ -1‬الوائلي‪ ،‬حصة (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬


‫‪ -2‬حماد‪ ،‬سهيلة بنت زين العابدين‪ ،)2009( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.49‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪47‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫مثل هذه األمور‪ ،‬ويعتبرونها ً‬
‫أمورا غير ذي فائدة‪ ،‬لكن الحقيقة أن مثل هذه األمور حتى ولو بدت غير مهمة في‬
‫أثرا ً‬
‫كبيرا على الحوار الناجح‪.‬‬ ‫نظر البعض إال أن لها ً‬

‫‪ .4‬توفر القدوة الحسنة داخل األسرة‪:‬‬

‫ً‬
‫وإيجابا‪ ،‬والحوار اإليجابي الذي ينشأ بينهما ال شك أنه ينتقل‬ ‫يمثل األب واألم القدوة ألبنائهم في كل ش يء ً‬
‫سلبا‬

‫كقيمة إيجابية إلى األوالد‪ ،‬فهذا الحوار يرسخ لدى األبناء اإليمان بأهمية الحوار وقيمته في حواراتهم مع إخوانهم‬

‫أو أصدقائهم أو جيرانهم‪.‬‬

‫‪ .5‬المحافظة على الهدوء وتجنب الغضب أو التوتر‪:‬‬

‫ً‬
‫مجديا فإنه يحتاج إلى الهدوء وتجنب الغضب‪ ،‬واالبتعاد عن التوتر ألن تلك املشاعر لن تزيد‬ ‫لكي يكون الحوار‬
‫الحوار إال ً‬
‫سوءا‪ ،‬وستؤدي بالطرف اآلخر إلى التوقف عن الحوار أو االختصار قدر اإلمكان‪ ،‬أو تجعله يوافق في‬

‫الظاهر لكنه في الباطن يرفض ذلك الحوار‪ ،‬وبالتالي سيقوم بالعمل الذي يقتنع به حتى وإن خالف موافقته التي‬

‫أبداها في ذلك الحوار املتوتر‪.‬‬

‫ولذا ينبغي أن يتحكم املحاور في نفسه ويحافظ على هدوئه وأعصابه وأن يمتص غضبه أمام أي تصرف أو‬

‫سلوك يبديه الطرق اآلخر (‪.)1‬‬

‫‪ .6‬مراعاة سن المتحاور ونوعه‪:‬‬

‫هذا أحد املبادئ املهمة في الحوار‪ ،‬وحري باآلباء االنتباه له في حواراتهم‪ ،‬فالحوار مع البنات يختلف عن الحوار‬

‫مع الذكور‪ ،‬والحوار مع الصغار يختلف عن الحوار مع الكبار‪ ،‬والحوار مع املراهقين يختلف عن الحوار مع‬

‫الراشدين‪ ،‬فكل فئة لها خصائصها املميزة‪ ،‬واحتياجاتها الالزمة وعلى الوالدين إدراك تلك الخصائص‬

‫واالحتياجات حتى يتمكنوا من إجراء الحوار املناسب‪.‬‬

‫تلك كانت أهم املبادئ الخاصة بالحوار وهناك مبادئ أخرى كاالستعداد للتخلي عن األفكار أو املعتقدات أو‬

‫التصورات التي يتم الحوار حولها إن ظهر عدم صوابها‪ ،‬أو امتلك الطرف اآلخر املنطق والحجة ألفكار أو‬

‫‪ -1‬كريمة‪ ،‬كروش‪ " ،‬الحوار بين اآلباء واألبناء"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬كلية العلوم االجتماعية‪ ،)2010 ،‬ص‪.40‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪48‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫معتقدات أخرى‪ ،‬فالحوار سيكون ً‬
‫عقيما‪ ،‬وسيضيع املتحاورون أوقاتهم دون أي فائدة‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فمن‬

‫مبادئ الحوار أن ال يدخل املتحاور إلى الحوار بنية التغلب على اآلخر وافحامه وفرض القناعة عليه‪ ،‬وإنما‬

‫الدخول بنية الفهم والرؤية بشكل أوضح وأوسع‪ ،‬والنظر إلى املوضوع من زوايا مختلفة‪ ،‬والدخول إلى الحوار مع‬

‫احتمالية أن تكون الحقيقة لدى الطرف اآلخر‪ ،‬وخير مقولة يمكن أن تساعد املتحاورين في هذا الشأن ما قاله‬

‫اإلمام أبو حنيفة رأيي صواب يحتمل الخطأ‪ ،‬ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم فمن أهم املبادئ الثقة بقدرة الحوار على إحداث نتيجة مطلوبة‪ ،‬وأخذ الحوار على‬

‫محمل الجد‪ ،‬وإدراك متطلبات العصر (‪.)1‬‬

‫معوقات الحوار األسري‪:‬‬

‫ً‬
‫مطوال أو ً‬ ‫قد يكون الحوار األسري عديم الفائدة‪ ،‬وال يحقق الهدف املرجو منه حتى ولو كان ً‬
‫عميقا نتيجة‬ ‫حوارا‬

‫الحتوائه على مجموعة من العوائق التي تمثل حائط الصد‪ ،‬ومن أهم تلك العوائق‪:‬‬

‫‪ .1‬التعصب لألفكار والدخول إلى الحوار بمسلمات ال تحتمل الخطأ‪:‬‬

‫عندما يدخل طرفي الحوار أو أحدهما إلى الحوار بأفكار متعصبة دون االستعداد للقبول بوجهة النظر األخرى‬

‫حتى وإن تبدى صوابها‪ ،‬أو خطأ ما يعتقده أو يحمله من آراء ووجهات نظر فإن الحوار في هذه الحالة محكوم‬
‫ً‬
‫سواء البينية أو‬ ‫عليه بالفشل‪ ،‬وهذه املشكلة يقع فيها كثير من املتحاورون‪ ،‬وهي السمة الغالبة على حواراتنا‬

‫العامة املعروضة على وسائل االعالم املختلفة‪ ،‬فكل طرف يحشد من األدلة والقرائن والبراهين على صوابيه وجهة‬

‫نظره‪ ،‬وعلى خطأ وجهات النظر األخرى‪ ،‬وال يدرك أو ال يريد أن يدرك أن هذه ليست الحقيقة كاملة‪ ،‬وأن تلك‬

‫الرؤية مبنية على قناعاته وقراراته وبيئته التي عاش فيها‪ ،‬والتي ربما تكون خاطئة أو غير شاملة‪ ،‬وهو األمر الذي‬

‫يدخل املتحاورين في عملية واسعة من التشدد والتقوقع والجدال والخوف من اآلخر وغيرها من األمراض‪ ،‬وفي‬

‫هذه الحالة لنا أن نتساءل عن أي فائدة مرجوه من هذه الحوارات‪ ،‬وما هي النتيجة التي سيصل إليها املتحاورون؟‬

‫‪ -1‬الوائلي‪ ،‬حصة (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪.107 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪49‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫أحكاما مسبقة على الطرف اآلخر ألن هذا من شأنه أن يعرقل سير عملية الحوار‬ ‫ومن هنا على املحاور أال يصدر‬

‫بشكلها الطبيعي (‪.)1‬‬

‫‪ .2‬الخالفات األسرية المستمرة‪:‬‬

‫من األسباب التي تؤدي إلى إعاقة الحوار أو تعثره الخالفات األسرية املستمرة ألنها تقض ي على البيئة الصحية‬
‫واملناسبة لنشوء الحوار‪ ،‬وهنا يجب أن يحرص األزواج إلى حل مشاكلهم الزوجية ً‬
‫بعيدا عن أبناءهم حتى ال تتكون‬

‫لدى األبناء مجموعة من العقد واملشاعر السلبية تجاه الزواج واألسرة والحياة برمتها‪.‬‬

‫‪ .3‬جهل الوالدان بالطرق الصحيحة في الحوار‪:‬‬

‫قد تتوفر الرغبة األكيدة لدى األزواج واآلباء أو األبناء في إجراء الحوارات املختلفة‪ ،‬لكنهم يجهلون الطرق‬

‫الصحيحة أو الفنيات الالزمة عند إجراء الحوارات مثل‪ :‬االبتسامة والترحيب في بداية الحوار بالطرف اآلخر‪،‬‬

‫الهدوء وضبط النفس‪ ،‬التدرج في الحوار‪ ،‬احترام وجهة نظر الطرف اآلخر‪ ،‬وغيرها من الفنيات التي يجب عليهم‬

‫معرفتها واالطالع عليها حتى يتمكنوا من إجراء حوار فعال‪.‬‬

‫‪ .4‬انتشار وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬

‫تعد وسائل التواصل االجتماعي أحد أهم العقبات التي تقف أمام الحوار األسري ألنها جعلت األبناء وحتى اآلباء‬

‫في شغل دائم مع تلك الوسائل‪ ،‬بل إنها سببت اهمال األبناء وكذا اآلباء للكثير من واجباتهم ومسؤولياتهم‬

‫الشخصية واألسرية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ .5‬اتباع أسلوب التحدي وتعمد إيقاع األخر في الخطأ‪:‬‬

‫من األفضل أن يبتعد اآلباء عن أسلوب التسلط أو القمع أو الكبت وإمالء األوامر والتوجيهات على األبناء ألنهم‬

‫يتعاملون مع نفس بشرية – حتى ولو كانوا أبناءهم – وهذه النفس تحتاج إلى ش يء من االحترام والتقدير حتى‬
‫تتقبل ما ُيقال لها‪ ،‬وإال فإن مثل تلك التوجيهات ستؤدي باألبناء إلى التصرف بشكل مخالف ً‬
‫تماما ملا يريده اآلباء‪.‬‬

‫‪ -1‬كريمة‪ ،‬كروش (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪50‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .6‬ضغوطات الحياة وانشغال الوالدان‪:‬‬

‫كل فرد داخل األسرة يمر بالعديد من الضغوطات والتحديات التي يواجهها في حياته اليومية وتؤثر على حالته‬

‫النفسية واستقراره‪ ،‬وهو األمر الذي يؤدي بالبعض إلى رفض الحوار أو طلب تأجيله أو اقتضابه‪ ،‬وأن تم إجراؤه‬
‫ً‬
‫فإنه ليس بذلك الحوار املثمر واملفيد‪ ،‬ومن هنا يستحسن أن يتم التخفف أوال من تلك التوترات والضغوط ثم‬

‫الدخول إلى الحوار بنفس هادئة وعقل مستنير‪.‬‬

‫كما أن على اآلباء اقتطاع مساحة من أوقاتهم للجلوس مع أبناءهم حتى لو كانت تلك الفترة قليلة وإجراء‬
‫ً‬
‫خصوصا واألسرة بشكل عام‪.‬‬ ‫الحوارات في مختلف القضايا التي تهم األبناء‬

‫‪ .7‬التمييز في المعاملة‪:‬‬

‫هذا أحد األسباب التي تضعف الحوار األسري أو قد تؤدي إلى توقفه‪ ،‬فعندما يشعر أحد األبناء أن هناك‬

‫تمييز في املعاملة كأن يتعامل األب مع أحد األبناء بمنتهى الحب واالحترام‪ ،‬بينما يتعامل معه بنوع من االستهزاء أو‬

‫التكلف أو التصنع فإن الولد أو البنت في هذه الحالة سوف ينصرف عن الحوار ويتجنب إجراءه قدر اإلمكان‬

‫ألنه يشعر باإلهانة والتمييز‪.‬‬

‫عقليا‪:‬‬
‫نفسيا أو ً‬
‫ً‬ ‫‪ .8‬اضط ارب أحد الوالدين‬

‫ال يمكن أن يتم إجراء حوار أسري في حالة معاناة أحد الوالدين أو كالهما من اضطراب نفس ي أو عقلي ألن‬

‫الحوار في هذه الحوار سيكون غير منظم وال يسير وفق أهداف محددة‪.‬‬

‫‪ .9‬عدم مراعاة خصائص النمو وحاجات األوالد‪:‬‬

‫ً‬
‫مجديا معهم يستحسن أن يدرك اآلباء خصائص نمو األبناء‬ ‫لكي يستجيب األبناء للحوار األسري ويكون‬

‫واحتياجاتهم ومشاكلهم‪ ،‬ولذا يفضل أن يراعي اآلباء تلك الحاجات والخصائص عند حواراتهم مع أبنائهم حتى‬
‫ً‬
‫مجديا ويستجيب األبناء لذلك (‪.)1‬‬ ‫يكون الحوار‬

‫‪ ‬انظر هذا الكتاب ص ص ‪.22-20‬‬


‫‪ -1‬الوائلي‪ ،‬حصة (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.86‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪51‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫التفاوت بين األجيال‪:‬‬ ‫‪.10‬‬

‫ً‬
‫يالحظ أن هناك فروقا واسعة بين جيل اآلباء وجيل األبناء وخاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا ومستحدثات‬

‫العصر‪ ،‬وعلى اآلباء أن يحاولوا ردم الهوة التي بينهم وبين أبناءهم حتى يتمكنوا من الحوار معهم‪ ،‬والتعامل باللغة‬

‫التي يتقنونها‪ ،‬فمن املعيب أن نجد بعض اآلباء – ليس فقط األميين منهم ‪ -‬ال يدرك أبجديات التكنولوجيا‪ ،‬وال‬

‫ماهية وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وهو بهذه الحالة يعمق الهوة بينه وبين أبناءه‪ ،‬ويضع حواجز كبيرة أمام أي‬

‫حوار بينه وبينهم‪ ،‬فأبناء هذا الجيل لديهم شغف كبير بهذه التكنولوجيا وباألدوات والوسائل الحديثة‪ ،‬ويمثل‬

‫اإلملام بها من قبل اآلباء أحد أدوات التقارب بينهم وبين أبنائهم‪.‬‬

‫وال ينطبق هذا التفاوت فقط فيما يتعلق بالتكنولوجيا ومستحدثات العصر‪ ،‬وإنما بشكل عام قد يكون الفرق‬
‫شاسع بين ثقافة األبناء وبين ثقافة اآلباء ً‬
‫سواء لصالح اآلباء أو لصالح األبناء‪ ،‬وفي هذه الحالة يقف هذا األمر‬

‫حجر عثرة أمام أي حوار ناجح‪.‬‬

‫وقد كشفت بعض الدراسات عن قصور معرفة اآلباء بمضامين مواقع التواصل االجتماعي وتأثيرها على األبناء‪،‬‬

‫وغلى تقصيرهم في الرد على استفسارات األبناء املتالحقة حول الهويات االلكترونية املزيفة على مواقع التواصل‬

‫االجتماعي‪ ،‬وإلى تدني دورهم في الحفاظ على أبنائهم‪ ،‬من تأثير مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬ناهيك عن تقصيرهم‬

‫في تفعيل ثقافة الحوار األسري (‪.)1‬‬

‫اختالف وجهات نظر الوالدين في أساليب التربية‪:‬‬ ‫‪.11‬‬

‫أسلوبا ً‬
‫معينا مثل‪:‬‬ ‫ً‬ ‫قد يتعثر الحوار بسبب اختالف وجهات النظر لآلباء حول أساليب التربية‪ ،‬فاألب قد يتبنى‬

‫األسلوب الديمقراطي والتعامل بحرية مع أبناءه‪ ،‬بينما تتبنى األم العكس من ذلك‪ ،‬وال تتقن سوى األسلوب‬

‫التسلطي أو الدكتاتوري أو التوجيهي‪ ،‬وهنا تكمن املشكلة ويصبح من الصعب إجراء الحوار في هذه الحالة‪.‬‬

‫‪ -1‬حسين‪ ،‬هالة حاجي عبد الرحمن‪ " ،‬التنشئة األسرية للمراهقين في ضوء تأثير مواقع التواصل االجتماعي"‪ ،‬دراسات عربية في التربية وعلم النفس‪ ،‬ع‪،75‬‬
‫يوليو‪( ،‬القاهرة‪ ،)2016 ،‬ص‪.536‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪52‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ضعف الثقة بين اآلباء واألبناء‪:‬‬ ‫‪.12‬‬

‫قد يتعثر الحوار بسبب ضعف الثقة بين اآلباء وبين ابناءهم‪ ،‬فقد يشعر االبن أو البنت بأن والده ال يثق به وال‬
‫ً‬
‫شعورا باإلحباط لدى األبناء يؤدي‬ ‫يؤمن بقدراته‪ ،‬أو أن األم ترى أبنائها غير مؤهلين للحوار معها‪ ،‬وهذا يسبب‬

‫بهم إلى التوقف عن الحوار مع آبائهم‪ ،‬أو محاولة اقتضاب أي حوار واختصاره قدر اإلمكان‪.‬‬

‫كيفية تنشئة األبناء على الحوار‪:‬‬

‫التربية عملية صعبة ومعقدة‪ ،‬والجميع بحاجة إلى فهم وإدراك لهذه العملية وخاصة الوالدان اللذان هما‬

‫بمثابة املهندس األول للشخصية اإلنسانية‪ ،‬فإما أن يبنوا شخصية مكتملة الجوانب متشبعة بالثقة بالنفس‬

‫وقادرة على تحمل املسؤولية‪ ،‬أو يهملوا تلك الشخصية تاركينها لألحداث تشكلها كيفما تشاء فقد تشكلها تلك‬

‫األحداث شخصية انسحابيه أو عدوانية أو أنانية أو أي شكل آخر من أشكال الشخصيات غير السوية‪.‬‬

‫ولذا ال بد من التخطيط الواعي واالطالع الواسع على األساليب التربوية السليمة‪ ،‬وإذا كان الحوار يعد أحد‬

‫أهم األدوات التي ينفذ من خاللها اآلباء إلى شخصيات أبنائهم فإنه من الضرورة إدراكهم لكيفية تنشئة أبنائهم‬

‫على الحوار‪ ،‬حتى تصبح عادة يمارسونها في حياتهم اليومية ولعل أهم األساليب ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬تزويد األبناء بأدوات ومهارات الحوار‪:‬‬

‫هذه أول خطوة يمكن أن يقوم بها اآلباء‪ ،‬وهي أن يزودوا أبنائهم املعلومات واملعارف املتعلقة بالحوار من حيث‪:‬‬

‫آدابه ومبادئه وأهميته وضوابطه وكل ما يتلق به‪ ،‬وهذا اإلجراء مهم لألبناء حتى تتكون لديهم معرفة كافية‬

‫وقناعات راسخة عن أهميته في حل مختلف املشاكل والقضايا التي تواجههم أو تواجه األسرة‪.‬‬

‫‪ .2‬ممارسة الحوار بشكل مستمر مع األبناء‪:‬‬

‫ال يكفي تزويد األبناء باملعارف واملعلومات الخاصة بالحوار وإنما يجب ممارسته بشكل إيجابي ومستمر‪ ،‬كون‬

‫املمارسة أفضل طريقة وأسرع أسلوب لترسيخ املعلومات وتنمية الحوار‪ ،‬فاألبناء يصدقون األفعال أكثر من‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪53‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫تصديقهم األقوال‪ ،‬وهنا يستحسن باآلباء الصبر على جلسات الحوار وخاصة في مراحلها األولى حتى تترسخ لدى‬

‫األسرة عادة الحوار في أي قضية أو تحدي يواجهوه‪.‬‬

‫‪ .3‬تكليف األبناء بإدارة الحوار‪:‬‬

‫من األمور املهمة التي تشجع األبناء على الحوار تكليف اآلباء ألبنائهم بإدارة الحوار‪ ،‬ففي كل جلسة تعقدها‬

‫األسرة يمكن أن ُيكلف أحد األبناء بإدارة عملية الحوار األسري‪ ،‬وتوزيع الكلمات واستخالص النتائج التي توصلت‬

‫إليها الجلسة الحوارية‪ ،‬وهم في هذه الحالة يرسخوا لديهم العديد من القيم منها‪ :‬قيمة الحوار وأهميته‪ ،‬وتحمل‬

‫املسؤولية‪ ،‬والثقة بالنفس‪ ،‬باإلضافة إلى تنمية مهارات أخرى كمهارة القيادة واالستماع وغيرها من القيم‪.‬‬

‫هذه أبرز األساليب لتنشئة األبناء على الحوار وهناك أساليب أخرى مهمة‪ ،‬كتنويع وتجديد أساليب الحوار‪،‬‬

‫والتعرف على طريقة تفكير األبناء‪ ،‬واالهتمام بخصائص النمو لألبناء ومحاولة إشباعها‪ ،‬ومنح األبناء الثقة‬

‫الكافية‪ ،‬التخلص من الشعور بالفوقية أو الدونية‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪54‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الرابع‬

‫العالقات األسرية قبل وبعد ظهوروسائل التواصل االجتماعي‬

‫في هذا املبحث سيأخذ الكتاب القارئ الكريم إلى املاض ي القريب‪ ،‬وبالتحديد إلى ما قبل ظهور وسائل‬

‫التواصل االجتماعي الستحضار الصورة التي كانت عليها األسرة والعالقات األسرية قبل ظهور هذه الوسائل‬

‫لينقله بعد ذلك إلى الواقع الحالي لتلك العالقات األسرية بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي بمختلف‬

‫أنواعها ومسمياتها مثل‪ :‬الفيس بوك والتويتر والواتس أب والتلجرام واليوتيوب وغيرها من الوسائل التي‬

‫يمتلئ بها الفضاء اإللكتروني‪.‬‬

‫أوًال‪ .‬العالقات األسرية قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬

‫ال شك أن القارئ الكريم وخاصة إن كان من جيل التسعينات وما قبلها يعرف كيف كانت تبدو عليه العالقات‬

‫األسرية قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ونحن هنا ال نقول أنها أفضل أو أسوأ بقدر ما نحاول تقديم‬

‫صورة عن تلك الروابط واألنشطة التي كانت سائدة أو قائمة لدى كل أسرة‪ ،‬فالغالبية تدرك أن العديد من‬
‫األنشطة ً‬
‫سواء الروحية أو الترفيهية أو العلمية أو الثقافية أو غيرها من األنشطة كانت تمارس داخل كل أسرة‬

‫بمفردها أو بين عدة أسر مجتمعة‪ ،‬ولعل من أهم تلك األنشطة ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬األنشطة العلمية والثقافية واألكاديمية‪:‬‬

‫هناك العديد من األنشطة الثقافية والعلمية ذات الطابع الفكري التي كانت تعقد داخل األسرة بشكل متسمر‪،‬‬
‫ً‬
‫سواء كانت في إطار األسرة الواحدة أو في إطار عدة أسر مجتمعة‪ ،‬وقد تكون تلك األنشطة على شكل مسابقات‬

‫ثقافية أو تحديات فكرية كاأللغاز أو حل الكلمات املتقاطعة‪ ،‬حيث يقسم أفراد األسرة إلى قسمين إما الذكور في‬

‫فريق‪ ،‬واإلناث في فريق آخر‪ ،‬أو أي شكل آخر من التقسيم‪ ،‬لتبدأ بعد ذلك األنشطة‪ ،‬وقد تكون برعاية وإشراف‬

‫الوالدان أو أحدهما‪ ،‬وربما تتم بدون رعايتهما‪.‬‬

‫ً‬
‫أكاديميا حيث تلتقي األسرة في حلقات علمية دراسية يتابع فيها اآلباء‬ ‫طابعا‬ ‫وقد تأخذ تلك األنشطة ً‬
‫أيضا ً‬

‫أبنائهم در ً‬
‫اسيا ويشرفون على واجباتهم‪ ،‬ويقومون بعمليات املراجعة والتدريس وغيرها من العمليات‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪55‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫صحيح لم تختفي هذه األنشطة بشكل كامل بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي لكنها قلت بشكل كبير عما‬
‫كان ً‬
‫سائدا قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪ .2‬األنشطة الفنية‪:‬‬

‫كانت األسرة ما قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي غنية بالكثير من األنشطة الفنية مثل‪ :‬الرسم والغناء‬

‫والنحت التي كانت تزخر بها العديد من البيوتات واألسر‪ ،‬وكان األبوان مهتمان بمتابعة أنشطة أبنائهم الفنية‪،‬‬

‫وإذا تطلب األمر فيقوما بشراء بعض املواد واملستلزمات التي تتطلبها تلك األنشطة أو تلك الهوايات‪.‬‬

‫وهذه األنشطة لم تختفي ً‬


‫تماما بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي فهناك بعض األسر الزالت تمارس فيها‬

‫تلك األنشطة‪ ،‬غير أنها ليست بذلك الشكل الذي سبق ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وربما ما هو موجود‬

‫بكثرة هو لدى األسر التي لم تتوفر لديها خدمات األنترنت‪ ،‬أو لم تتمكن من شراء أجهزة التلفون الحديثة التي‬

‫يتوفر فيها تطبيقات وبرامج التواصل االجتماعي كالفيس بوك والواتس أب والتويتر وغيرها‪.‬‬

‫‪ .3‬األنشطة الترويحية‪:‬‬

‫هذه األنشطة ً‬
‫أيضا كانت تمتلئ بها األسر قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي كاأللعاب بمختلف أنواعها‬

‫مثل األلعاب ذات الطابع الشعبي التقليدي‪ ‬أو األلعاب الوافدة الحديثة مثل‪ :‬كرة القدم‪ ،‬ألعاب الشطرنج‪،‬‬

‫األلعاب الورقية بأنواعها‪ ،‬الدمنة وغيرها من األلعاب‪.‬‬

‫وكما هو في النشاطين السابقين لم تختفي هذه األنشطة ً‬


‫تماما بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬غير أنها‬

‫تراجعت بشكل كبير‪ ،‬وربما ظهرت العديد من البدائل وخاصة ما يتعلق منها بألعاب الكمبيوتر واالنترنت التي‬

‫تصل إلى آالف األلعاب‪.‬‬

‫‪ ‬تختلف كل منطقة عن األخرى‪ ،‬وكل بلد عن األخر في تلك األلعاب واملقصود من ذلك أن كل منطقة أو مدينة كانت تحتفظ بالعديد من األلعاب التقليدية‬
‫التي كانت بمثابة أنشطة ترفيهية لألسرة واألبناء بشكل خاص‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪56‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .4‬األنشطة االقتصادية اإلنتاجية‪:‬‬

‫كانت األسرة قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي تزخر بالعديد من األنشطة االقتصادية واإلنتاجية‪،‬‬

‫واهتمت بتشجيع أفرادها على انتاج العديد من املنتجات مثل‪ :‬امللبوسات أو مستلزمات الطبخ واألكل أو تلك‬

‫املتعلقة بالنسيج والخياطة الخاصة بالفرش واالثاث وملبوسات أفراد األسرة وغيرها التي عملت على سد بعض‬
‫ً‬
‫وأحيانا كانت تأخذ منحى تسويقي‪.‬‬ ‫حاجات األسرة‪،‬‬

‫وهذه األنشطة كذلك لم تختفي ً‬


‫تماما كما هو في األنشطة السابقة لكنها تراجعت بشكل كبير‪ ،‬فاألسرة بجميع‬

‫افرادها مشغولة بمتابعة وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وغير مهتمة بإنتاج مثل تلك األشياء وخاصة مع توفر جميع‬

‫تلك املنتجات في األسواق‪.‬‬

‫‪ .5‬األنشطة الجمالية‪:‬‬

‫هناك الكثير من األنشطة الجمالية التي كانت تتم داخل األسرة كأنشطة التزيين التي كانت تضيف ملسات‬

‫جميلة على املنزل مثل‪ :‬بعض التشكيالت الورقية‪ ،‬أو بعض اللوحات ذات املغزى الجمالي أو ما شابه ذلك من‬

‫تشكالت كانت تهتم بها األسرة‪ ،‬وخاصة البنات التي كن يتميزن بحسهن الجمالي أكثر من الذكور‪ ،‬وبالتالي كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منظرا جميال على املنزل‪.‬‬ ‫الكثير في زوايا البيوت أو غرف الطعام تزخر بالتشكيالت الجميلة التي تضفي‬

‫هذه أبرز األنشطة التي كانت تتم داخل األسرة بين الفينة واألخرى‪ ،‬وبشكل مستمر ومع بساطة بعض تلك‬

‫األنشطة وقلة املعلومات التي تستفيد منها األسرة مقارنة بما تزخر به وسائل التواصل االجتماعي من معلومات‬
‫هائلة‪ ،‬إال أنها كانت توفر ً‬
‫جوا من األلفة واملودة بين جميع أفراد األسرة‪ ،‬وهذا ما لم تتمكن الوسائل الحديثة من‬

‫توفيره‪ ،‬بل إنها قطعت الكثير من الروابط وباعدت الكثير من املسافات بين أفراد األسرة الواحدة‪.‬‬

‫ليس ذلك فقط – جو األلفة واملودة – ما كانت توفره تلك األنشطة‪ ،‬وإنما تمكنت – إلى حد ما ‪ -‬من املحافظة‬

‫على نشاط العقل وحيوته وإبداعه‪ ،‬فالعقل في حرية‪ ،‬وهو بعيد عن القيود واألغالل‪ ،‬فتلك األنشطة ال تمثل‬
‫ً‬
‫قيدا لألفراد‪ ،‬وال يصل معها الفرد إلى مرحلة اإلدمان كما هو الحال مع وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪57‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫قد يرى البعض أن هذا املوقف تقليدي وفيه نزعة إلى املاض ي والقطيعة مع وسائل التواصل االجتماعي وحذف‬

‫كل البرامج املرتبطة بها أو منع األبناء من استخدامها‪ ،‬والحقيقة أن هذا املوقف ليس ضد التكنولوجيا‪ ،‬وال ضد‬
‫متطلبات العصر‪ ،‬ومن الخطأ ً‬
‫جدا اهمال أدوات العصر أو اتخاذ موقف سلبي منها‪ ،‬وما نود ذكره هنا هو أن‬

‫يكون هناك توازن في التعامل معها‪ ،‬فال إفراط وال تفريط حتى نستطيع أن نحقق الفائدة املرجوة منها‪ ،‬وفي نفس‬
‫الوقت ال تتأثر بسلبياتها‪ ،‬فما زاد عن حده انقلب ضده ً‬
‫سواء في تعاملنا مع هذه الوسائل أو في غيرها‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم فهناك نداءات عديدة يطلقها اآلباء واألسر والباحثين واملهتمين واإلعالميين‪ ،‬نداءات‬

‫استغاثة‪ ،‬يرفعون فيها من وتيرة القلق إزاء تسلط هذه الوسائل عليهم وعلى أوالدهم وأسرهم حتى أنها افقدت‬

‫بعض األبناء البوصلة التي يسير عليها في حياته‪ ،‬والتهمت عليهم الكثير من األوقات الثمينة التي كان باإلمكان‬
‫ً‬
‫واقتصاديا ناهيك عن األضرار الجسمية والنفسية التي لحقت بهم‪.‬‬ ‫ً‬
‫واجتماعيا‬ ‫االستفادة منها ً‬
‫علميا‬

‫ثانيا‪ .‬العالقات األسرية بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬


‫ً‬
‫بعد أن عرضنا للقارئ بعض األنشطة التي كانت سائدة داخل األسرة قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ها نحن ننقله إلى واقع األسرة بعد أن ظهرت وسائل التواصل االجتماعي لنجري مقارنة بين تلك الحالتين وذلك‬

‫الواقعين في محاولة منا ألدراك الخلل الذي اعترى األسرة وإعادة التوازن لتلك األسرة بعد أن أربكتها هذه الوسائل‬

‫االجتماعية‪ ،‬وفيما يلي أبرز ما يميز العالقات األسرية بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬

‫‪ .1‬تغيرت طريقة تعامل األفراد‪:‬‬

‫باإلضافة إلى انحسار العديد من األنشطة التي ذكرناها ً‬


‫سابقا فقد أدت هذه الوسائل إلى تغير طريقة تعامل‬
‫ً‬
‫االفراد داخل األسرة‪ ،‬فبدال من أن تجتمع األسرة في لقاء عام‪ ،‬تتحاور فيه في أمورها وما يهم أفرادها‪ ،‬ويضع كل‬
‫ً‬ ‫فرد التحديات التي يواجهها ً‬
‫سواء كانت أسرية أو اجتماعية أو دراسية‪ ،‬بدال من ذلك فإن كل فرد داخل األسرة‬

‫يتجه إلى زاوية من زوايا البيت‪ ،‬أو إلى غرفته الخاصة مبتدآ استخدام هاتفه الجوال‪ ،‬والدخول على مواقع‬

‫التواصل االجتماعي للحديث مع هذا وذلك‪ ،‬وإجراء الحوارات حتى أن بعض الحوارات األسرية تتم من خالل هذه‬

‫الوسائل إذ يتم االتفاق داخل األسرة على إجراء بعض األنشطة أو توجيه بعض األوامر‪ ،‬فاآلباء من خالل‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪58‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫مجموعة على الواتس أب تضم أفراد أسرته يتحاورون معا حول قضية معينة‪ ،‬ويتفقوا على بعض اإلجراءات‪،‬‬

‫ويصلوا إلى بعض القرارات التي تهمهم‪ ،‬وكل فرد من أفراد األسرة في غرفته الخاصة‪ ،‬أو في أي زاوية من زوايا البيت‪.‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫جوهريا وأخذت تلك العالقات شكال آخر عما كانت عليه قبل ظهور شبكة‬ ‫فالعالقات األسرية تحولت تحوال‬

‫االنترنت (‪ ،)1‬كما ساهمت وسائل التواصل االجتماعي في تغيير العالقات التقليدية داخل األسرة وإحداث تغييرات‬
‫ً‬
‫على عالقات الفرد بأسرته وعالقات األسرة باملجتمع‪ ،‬فظهرت أشكاال متعددة من طرق الترابط والتعلم والحوار‬

‫واملجامالت ونشر األخبار وتحقيق الربح (‪ ،)2‬وقد كشفت بعض الدراسات أن وسائل التواصل االجتماعي أدت إلى‬

‫تغير نمط حياة الشباب وسلوكياتهم (‪.)3‬‬

‫‪ .2‬كل فرد يعيش في عالمه االفتراضي‪:‬‬

‫اصبح األفراد يجتمعون في بيت واحد لكن كل واحد منهم يعيش في عامله‪ ،‬وهذه من املشاكل التي جاءت بها هذه‬

‫الوسائل وهي مالحظة في أغلب البيوت فأجسادهم في نفس البيت‪ ،‬لكن قلوبهم في عوالم مختلفة‪ ،‬فكل واحد في‬
‫عامله االفتراض ي الذي بناه وشيد أعمدته وكون أركانه ً‬
‫يوما بعد آخر‪ ،‬فهمومه ومشاكله يبثها ألصدقائه وأصحابه‬

‫في هذا العالم‪ ،‬وحواراته ونقاشاته تتم مع هذا أو ذاك على هذه املواقع‪ ،‬حتى تسليته وأوقات فرحه وسروره‬
‫يحصل عليها من هذه الوسائل‪ ،‬وهو ما يعني أنه لم يعد ينظر إلى البيت إال كونه ً‬
‫مكانا إلشباع حاجاته األساسية‬

‫من أكل وشرب ونوم‪.‬‬

‫وهذا مؤشر خطير يكشف أن التواصل االفتراض ي بدأ يحل محل التواصل اإلنساني‪ ،‬حيث ظهر الصمت‬

‫والجمود في العالقات اإلنسانية نتيجة ملئ الفراغ الذي أحدثه ذلك التواصل (‪.)4‬‬

‫والشاب يتجه إلى هذا العالم نتيجة ألن الواقع الذي يحلم به لم يحقق له كل ما يريده أو لم يشعر معه‬

‫باالستقرار والراحة بسبب ضعف مهاراته االجتماعية واألسرية والشخصية‪ ،‬فلذا فخير وسيله للتخلص من ذلك‬

‫‪ -1‬نصار‪ ،‬أنور شحادة‪ " ،‬واقع استخدام شبكات التواصل االجتماعي لدى طلبة كليات التربية بجامعة غزة ودورها في تعزيز الهوية الثقافية "‪ ،‬مجلة جامعة‬
‫فلسطين لألبحاث والدراسات‪ ،‬مج‪ ،6‬ع‪ ،1‬مارس‪( ،‬فلسطين‪ ،)2016 ،‬ص‪.163‬‬
‫‪ -2‬العسيلي و الجبريني‪ ،‬عبد هللا عبد املنعم‪ ،‬و مازن خليل‪ " ،‬وسائل التواصل الحديثة وأثرها على العالقات األسرية"‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع‬
‫لكلية الشريعة جامعة النجاح " وسائل التواصل االجتماعي وأثرها على املجتمع‪( ،‬فلسطين‪ ،)2014 ،‬ص‪.198‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Mechel, Vansoon. (2010). Facebook and the Vision Technical communities, N Y,hall press.‬‬
‫‪ -4‬املطوع‪ ،‬عبد الع زيز " تأثير شبكة الواتس أب على بعض املتغيرات لدى عينة من املتزوجين في املجتمع السعودي"‪ ،‬مجلة البحث العلمي في التربية‪ ،‬ع‪،16‬‬
‫(مصر‪ ،)2015 ،‬ص‪.88‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪59‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫هو الهروب من هذا الواقع إلى واقع آخر‪ ،‬أو إلى عالم آخر هو عالم من األشخاص واألفراد واألصدقاء قد يكون‬

‫في عالقه واقعية معهم‪ ،‬أو قد ال يعرفهم وال تربطه بهم أي عالقه على أرض الواقع‪ ،‬ولذا فهو يعيش مع هذا العالم‬

‫االفتراض ي‪ ،‬يمارس فيه هواياته ونزواته‪ ،‬وكل ما لم يتمكن من تحقيقه في عامله الواقعي (‪ ،)1‬فقد يدخل في عالقة‬

‫حب مع هذه أو تلك‪ ،‬ويمارس هواياته في السيطرة والتسلط على هذا وذاك‪ ،‬ويوزع صوره هنا وهناك لعله يجد‬
‫القبول واملديح والثناء من اآلخرين‪ ،‬وهو في هذه الحالة ال يدرك أنه ينسحب ً‬
‫يوما بعد آخر عن عامله الواقعي‪.‬‬

‫ومن هنا ننبه من خطورة االستغراق في العالم االفتراض ي واالبتعاد عن العالم الواقعي ألن الفرد – مهما وصل‬

‫مستوى رفضه لعامله الواقعي ‪ -‬هو يعيش في محيط اجتماعي وأسري‪ ،‬والبد له من التعامل واالحتكاك بهذا‬

‫املحيط‪ ،‬واللقاء بالعديد من األشخاص في هذا العالم‪ ،‬واملشكلة أن يصل بعض األفراد إلى قناعة تامة بعدم‬

‫جدوى ذلك العالم الواقعي‪ ،‬بل ويعمل على إغالق قلبه نحو املجتمع‪ ،‬وهنا تكمن املشكلة ألنه في هذه الحالة يقع‬

‫فريسة سهلة للكثير من األمراض واالضطرابات مثل‪ :‬القلق واالكتئاب والخوف‪.‬‬

‫ونتيجة لكل ما تقدم فإن العالقات األسرية تشهد ً‬


‫ضعفا في عالقاتها الداخلية‪ ،‬وتغلب عليها الطابع الفردي مما‬
‫أدى إلى انخفاض التفاعل االجتماعي إلى أدنى حد وتأثرت العالقات األسرية ً‬
‫سوءا بين الزوجين أو بينهم وبين‬

‫األبناء أو بين األسرة واألقارب (‪.)2‬‬

‫فاألبعاد التي أدخلتها وسائل التواصل االجتماعي قد تكون في الحقيقة مؤشر إلى تغير في بنية االتصال‬

‫االجتماعي في املجتمع العربي‪ ،‬ذلك التغير الذي يهدد حيوية العالقات االجتماعية السائدة في املجتمع العربي‪،‬‬

‫ويشكل خطورة على متانة التماسك األسري‪ ،‬وقوة التضامن العائلي واندماج الشباب االجتماعي فيه (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬كتانه‪ ،‬دعاء عمر‪ " ،‬وسائل التواصل االجتماعي وأثرها على األسرة ‪-‬دراسة فقهية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬فلسطين‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪ ،‬كلية الدراسات‬
‫العليا‪ ،)2015 ،‬ع‪.37‬‬
‫‪ -2‬حسين‪ ،‬هالة (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.529‬‬
‫‪ -3‬ساري‪ ،‬حلمي خضر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.345‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪60‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬االغتراب االجتماعي‪:‬‬

‫بسبب استغراق الفرد في عامله االفتراض ي فإنه يصل إلى مرحلة االغتراب عن واقعه االجتماعي‪ ،‬وهنا تكمن‬

‫املشكلة ألنه في هذه الحالة يفقد الكثير من املهارات األسرية والشخصية واالجتماعية‪ ،‬ويصبح غير قادر على‬

‫مواكبة التطورات واألحداث واملهارات‪ ،‬وهو األمر الذي يبتعد فيه كل يوم عن أسرته‪ ،‬ويقترب أكثر من املشاكل‬

‫واملخاطر املتمثلة في اإلدمان واالنحراف والجريمة والتفكير في االنتحار‪ ،‬وزوال املعنى من الحياة وغيرها من‬

‫األفكار التي تراوده بسبب انكفاءه على نفسه واغترابه عن واقعه‪.‬‬

‫‪ .4‬انتقل جزء كبير من دور األسرة إلى هذه الوسائل‪:‬‬

‫تمتلك هذه الوسائل الكثير من اإليجابيات التي حققتها لألسرة بشكل عام ولألفراد بشكل خاص في كل‬

‫املجاالت‪ ،‬فاملعرفة أصبحت في متناول الجميع‪ ،‬وأصبحت هذه الوسائل تزود األفراد باملعلومات القيمة واملفيدة‬
‫والثرية في مختلف املجاالت ً‬
‫سواء الصحية أو الجسمية أو الثقافية أو السياسية أو االقتصادية‪ ،‬وأصبح الواحد‬

‫منا يتلقى في يومه آالف املنشورات التي تغذي عقله وتشبع رغبته في املعرفة‪ ،‬وهو األمر الذي خفف على األسرة‬

‫جزء كبير من دورها في تربية األبناء وتثقيفهم‪ ،‬وأصبح بإمكان اآلباء إن أحسنوا استغالل هذه الوسائل أن يحققوا‬

‫رسالتهم تجاه األبناء أن يزودوا أبنائهم وأفراد أسرتهم باملعلومات التي يريدونها من خالل تكوين مجموعة على‬

‫الواتس أب أو أي وسيلة أخرى‪.‬‬

‫‪ .5‬الصراع المستمر بين اآلباء واألبناء‪:‬‬

‫ً‬
‫كابوسا تسلط عليها‪ ،‬فاألب واألم يظل‬ ‫الكثير من األسر تنظر إلى وسائل التواصل االجتماعي باعتبارها ً‬
‫رعبا أو‬

‫في عراك مستمر مع األبناء بسبب هذه الوسائل‪ ،‬ألنها إما أبعدتهم عن مهامهم وواجباتهم األسرية فانشغلوا عنها‪،‬‬

‫أو قصروا في القيام بما عليهم من واجبات تجاه األسرة واملجتمع‪ ،‬أو ألنها شغلتهم عن أهدافهم الرئيسية‬

‫ومستقبلهم الحقيقي املتمثل في الجانب الدراس ي واألكاديمي‪ ،‬أو ألنها – وهذا هو األخطر‪ -‬سهلت لهم الدخول إلى‬

‫بعض املواقع املشبوهة أو ألنها في أحسن األحوال جعلتهم يستخدمونها فقط للترفيه واملحادثات غير املجدية‬
‫والنكات فأفرطوا في استخدامها ليصل استخدام البعض منهم إلى ما يقارب عشر ساعات ً‬
‫يوميا‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪61‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫والشكاوى تكثر من قبل اآلباء واألسر واملهتمين‪ ،‬وهذا ما نالحظه على أغلب األسر واآلباء‪ ،‬فقد تولد لدى الكثير‬

‫منهم إحساس بالعجز تجاه أبنائهم لكثرة التوجيهات واألوامر التي يطلقونها من دون استجابة تذكر‪ ،‬أو ردود فعل‬

‫إيجابية‪ ،‬وربما على العكس من ذلك يزداد عناد األبناء‪ ،‬وتتوسع شهيتهم للتعامل مع هذه الوسائل‪ ،‬بل يتعمق‬

‫حبهم لها‪ ،‬وتزداد عدد الساعات‪ ،‬وقد لوحظ ذلك على بعض الشباب الذين يربطون الليل بالنهار‪ ،‬أو يستمرون‬

‫حتى بزوغ الفجر‪.‬‬

‫‪ .6‬بعدت القريب وقربت البعيد‪:‬‬

‫ً‬
‫بدال من أن تعمل هذه الوسائل على زيادة األلفة والقرب داخل األسرة كونها وفرت املعلومات واملعارف الغنية‬
‫ً‬
‫واملتنوعة التي تستطيع األسرة من خاللها تقوية روابطها وتنمية عالقاتها‪ ،‬بدال من ذلك فقد توسعت الفجوة بين‬

‫أفرادها‪ ،‬وأصبح األعضاء يشعروا بتباعد املسافات فيما بينهم‪ ،‬فاألقارب بعيدين‪ ،‬بينما األباعد قريبين‪ ،‬فقد‬

‫يكون الزوج بجوار زوجته‪ ،‬وفي غرفه واحدة وعلى سرير واحد لكن بقلبه ومشاعره وحواراته في بلد آخر‪ ،‬أو في‬

‫مكان ما في أقص ى الشرق أو أدنى الغرب مع شخص أخر‪.‬‬

‫ً‬
‫فعوضا من أن يتحاور‬ ‫واصيح التواصل بين افراد األسرة يقتصر على الجمل القصيرة التي تفتضيها الضرورة‪،‬‬

‫اآلباء مع األبناء‪ ،‬واألزواج مع الزوجات حول مشكالتهم الدراسية والعاطفية يفضلون التوجه إلى االنترنت‪ ،‬وكأن‬

‫البحث عن الحلول ملشاكلهم في العالم االفتراض ي أفضل من العالم الحقيقي (‪.)1‬‬

‫‪ .7‬انشغال اآلباء عن القيام بأدوارهم‪:‬‬

‫بعض اآلباء ال يقل استخدما لوسائل التواصل االجتماعي عن أبنائهم‪ ،‬وهو ما يمثل عقبة أمام أي حل‪،‬‬

‫فاألبناء يقتدون بآبائهم ويمارسون نفس السلوك الذي يمارسه آبائهم‪ ،‬واآلباء في هذه الحالة كأنهم يرسلون برسالة‬

‫إلى أبنائهم مفادها‪ :‬ال عليكم إن أنتم أفرطتم أو أدمنتم استخدام هذه الوسائل‪ ،‬وليس عليكم ذنب إن أنتم‬

‫قصرتم في واجباتكم املدرسية‪ ،‬أو فرطتم في بعض عالقاتكم األسرية واالجتماعية‪ ،‬فهذه هي الرسائل التي‬

‫سيفهمها األبناء من استخدام آبائهم املفرط لها‪.‬‬

‫‪ -1‬أحالم‪ ،‬بو هالل‪ .)2016( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪62‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .8‬التقليد والمحاكاة للغرب‪:‬‬

‫باإلضافة إلى شكل العالقات األسرية الذي تغير بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فالبعض يرى أن تلك‬
‫ً‬
‫الوسائل أدت إلى انصراف الشباب داخل األسرة إلى التقليد واملحاكاة للنموذج الغربي فظهرت بين الشباب أشكاال‬

‫عدة للزواج منها‪ :‬الزواج العرفي‪ ،‬زواج املتعة‪ ،‬الزواج باألنترنت (‪.)1‬‬

‫هذه كانت أبرز مظاهر العالقات األسرية بعد ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ويحب أن يكون واضحة أننا ال‬

‫نطالب بحرمان األبناء من استخدامها أو التوقف عن التعامل معها‪ ،‬وأن ال يفهم من كل ما تقدم أن تتوقف‬

‫األسرة أو األبناء عن استخدام هذه الوسائل‪ ،‬واالنقطاع كلية لدروسهم وواجباتهم املدرسية أو األسرية‬
‫ً‬
‫واالجتماعية وغيرها من الواجبات‪ ،‬أو يعودوا إلى ما قبل ظهور وسائل التواصل االجتماعي فهذا ليس حال‪ ،‬بل هو‬

‫خروج عن العصر ومتطلبات الزمن‪ ،‬وهي تضع األسرة في مربع التقوقع واالنكفاء على الذات‪ ،‬فالعالم في حركة‬

‫مستمرة‪ ،‬والناس في تفاعل‪ ،‬ومن الحكمة أال تنفصل األسرة بأفرادها عن هذا التفاعل‪ ،‬غير أن املطلوب هو‬

‫التعامل الذكي واملتوازن مع هذه الوسائل‪ ،‬الذي يقل فيه ساعات االستخدام‪ ،‬ويزيد من حجم الفائدة العلمية‬

‫والنفسية والثقافية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬حسن‪ ،‬هالة (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.530‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪63‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل الثاني‬
‫وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث األول‪ :‬نشأة وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أنواع وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثالث‪ :‬إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل‬

‫االجتماعي‬

‫املبحث الرابع‪ :‬اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪64‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل الثاني‬
‫وسائل التواصل االجتماعي‬
‫سيتناول هذا الفصل وسائل التواصل االجتماعي من حيث نشأتها وأنواعها ودوافع االستخدام وايجابياتها‬

‫وسلبياتها ومشكلة اإلدمان على استخدامها والنظريات املفسرة لذلك اإلدمان كما يأتي‪:‬‬

‫املبحث األول‬
‫نشأة وسائل التواصل االجتماعي‬
‫قبل الحديث عن نشأة وسائل التواصل االجتماعي يستحسن تعريف هذه الوسائل إذ يشير مصطلح وسائل‬

‫التواصل االجتماعي إلى استخدام تكنولوجيا االنترنت والتقنيات املتنقلة (الهاتف) لتحويل االتصاالت إلى حوار‬

‫تفاعلي (‪.)1‬‬

‫وتعرف بأنها" تلك العملية الفعالة التي ترسل من خاللها معلومات وأفكار من جهة إلى أخرى باستخدام وسائل‬

‫وتقنيات مختلفة من خالل تفاعل اجتماعي مباشر أو غير مباشر‪ ،‬بهدف تقوية الصالت االجتماعية في املجتمع‬

‫عن طريق تبادل املعلومات واألفكار واملشاعر (‪.)2‬‬

‫وعرفها رمضان بأنها " مواقع تتشكل من خالل االنترنت تسمح لألفراد بتقديم ملحة عن حياتهم العامة‪ ،‬وتتيح‬

‫لهم الفرصة لالتصال بقائمة املسجلين‪ ،‬والتعبير عن وجهة نظرهم "(‪.)3‬‬

‫ويعرفها هذا الكتاب بأنها تلك التطبيقات والبرامج املرتبطة باألنترنت ذات الطابع االجتماعي‪ ،‬والتي توفر‬

‫ملشتركيها خدمة إرسال الرسائل النصية والصور والفيديوهات وامللفات والروابط‪.‬‬

‫ويعد االنترنت املظلة الكبرى التي نشأت فيها وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فبعد ظهوره في سبعينات القرن املاض ي‬

‫على يد وزارة الدفاع األمريكية‪ ،‬وانتشاره في الواليات املتحدة األمريكية ومنها إلى جميع أنحاء العالم ظهرت العديد‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84_%D8%AA%D9%88%D87%‬‬
‫موقع وسائل التواصل ‪D8%B5%D9%84_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A‬‬
‫االجتماعي على ويكيبيديا املوسوعة الحرة‪ ،‬تاريخ الدخول ‪2020/7/1‬‬
‫‪ -2‬األحمري‪ ،‬فاطمة‪ ،)2014( ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫‪ -3‬رمضان‪ ،‬عصام جابر‪ " ،‬انعكاسات شبكات التواصل االجتماعي على وظائف الضبط األسري كما يراها طلبة الجامعات السعودية"‪ ،‬مجلة جامعة القدس‬
‫املفتوحة لألبحاث والدراسات التربوية‪ ،‬مج‪ ،6‬ع‪ ،20‬تشرين األول‪( ،‬فلسطين‪ ،)2017 ،‬ص ‪.49‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪65‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫من األفكار لدى املهتمين بالتواصل منها؛ أنه باإلمكان االستفادة من اإلمكانات واملزايا التي يوفرها في ربط الناس‬

‫بعضهم البعض بما يسهل عملية التواصل والتفاعل‪ ،‬ولذلك فقد تم إبداع الكثير من البرامج والتطبيقات التي‬

‫تحقق ذلك التواصل‪ ،‬فمع كل مشكلة‪ ،‬أو تحد كانت تواجه االنسان كان ُيعمل فيها عقله حتى يصل إلى الحلول‬

‫التي تتجاوز ذلك التحدي‪ ،‬ولذلك فإن أغلب االبداعات واالختراعات إن لم نقل جميعها كانت قائمة على فكرة‬
‫ذلك التحدي ً‬
‫سواء كانت في التنقل أو التواصل‪ ،‬أو كانت في املجاالت التكنولوجية أو السياسية أو االقتصادية‬

‫أو االجتماعية أو أي مجال آخر‪.‬‬

‫وقد مرت شبكات التواصل االجتماعي خالل نشأتها وتطورها بمرحلتين‪ :‬املرحلة األولى‪ :‬هي مرحلة الجيل األول‬

‫في الويب (‪ ،)web.1.0‬واملرحلة الثانية هي مرحلة الجيل الثاني من الويب (‪ ،)web.2.0‬وقد ازدادت شبكات‬
‫التواصل االجتماعي ً‬
‫عددا وشهرة في املرحلة الثانية (‪.)1‬‬

‫الجيل األول من الويب (‪ )Web.1.0‬عبارة عن صفحات ثابتة تتضمن محتوى يتم وضعه من قبل فرد أو‬

‫مؤسسة‪ ،‬واملعلومات التي تنشر عليه تنشر بطريقة ثابتة وال يمكن تغييرها إال من قبل صاحب املوقع‪ ،‬وفي هذا‬

‫النوع يستطيع الفرد قراءة املعلومات املنشورة دون القدرة على التعليق على ما يقرأوه‪ ،‬ومن أهم خدمات هذا‬

‫الجيل خدمة البريد االلكتروني‪ ،‬القوائم البريدية‪ ،‬مجموعات األخبار‪ ،‬الفصول االفتراضية‪ ،‬الفيديو التفاعلي‪،‬‬

‫مؤتمرات الفيديو (‪.)2‬‬

‫و" من أبرز الشبكات التي ظهرت في الجيل األول من الويب موقع كالس ميت ‪ ،classmates‬وقد ظهر عام ‪،1995‬‬

‫وموقع سكس دقري ‪ sixdegree‬وظهر في عام ‪ ،1997‬كما ظهرت شبكات أخري مثل موقع اليف جورنال‬
‫ُ‬
‫‪ ،livegournal‬وموقع بالك بالنت ‪ ،black planet‬وموقع آسيان افنيو ‪ ،Asian avenue‬وفي ‪ 2003‬ابتكر موقع‬

‫فبس ماتش " (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬إبراهيم‪ ،‬خديجة عبد العزيز‪ " ،‬واقع استخدام شبكات التواصل االجتماعي في العملية التعليمية بجامعات صعيد مصر‪-‬دراسة ميدانية"‪ ،‬العلوم التربوية‪،‬‬
‫ع‪ ،3‬ج‪ ،2‬يوليو‪( ،‬القاهرة‪ ،)2014 ،‬ص‪.428‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D9%88‬‬
‫موقع أجيال الويب – ويكيبيديا الموسوعة الحرة بتاريخ ‪%D9%8A%D8%A8.2021-1-4‬‬
‫ً‬
‫أنموذجا"‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة‬ ‫‪ -3‬لكحل وزايدي‪ ،‬حليمة‪ ،‬رينة‪ " ،‬أثر استخدام مواقع التواصل االجتماعي في العالقات األسرية‪ -‬الفيس بوك‬
‫زيان عاشور الحلفة‪ ،)2017 ،‬ص‪.35‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪66‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫أما الجيل الثاني من الويب (‪ )Web.2.0‬فهو الذي يركز على مشاركة الناس والتفاعل مع ما يقرأوه‪ ،‬ومن أهم‬

‫خدماته املدونات‪ ،‬وهو مصطلح يشير إلى مجموعة من التقنيات الجديدة التي أدت إلى تغيير سلوك الشبكة‬

‫العنكبوتية‪ ،‬ومن أهم خصائصه أنه يسمح للمستخدمين بالتعبير عن أنفسهم واهتماماتهم وثقافتهم‪ ،‬وتعديل‬

‫قواعد البيانات وإمكانية تصنيف املحتوى وفرزه (‪.)1‬‬

‫ومن أبرز الشبكات التي ظهرت في هذا الجيل موقع التواصل االجتماعي الشهير ‪ Myspace‬الذي ظهر في ‪،2003‬‬

‫وموقع ‪ Linkedin.com‬ثم كانت النقلة الكبيرة بإطالق موقع التواصل االجتماعي الشهير الفيس بوك ‪Facebook‬‬

‫في ‪ 4‬فبراير ‪ ،2004‬والذي تطور من املحلية إلى الدولية في عام ‪.)2( 2006‬‬

‫وقد مثل العقد األول من القرن الحادي والعشرين مرحلة يمكن أن نطلق عليها مرحلة االزدهار أو االنتشار‬

‫الواسع لوسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬إذ سارت هذه الوسائل في مسارين األول‪ :‬االنتشار إذ انتشرت بشكل هائل‬

‫تخطت جميع الحدود‪ ،‬ووصلت إلى كل البلدان واملجتمعات واألفراد واألسر حتى املجتمعات واألسر الفقيرة أو‬
‫األشد ً‬
‫فقرا‪ ،‬ودخلت إلى قطاعات األعمال واملؤسسات والجامعات واملراكز البحثية والعلمية‪ ،‬فأصبح لكل‬

‫مؤسسة أو جامعة أو مركز أو معهد أو منظمة حساب على واحد أو أكثر من وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ومن‬

‫خالله تنشر أنشطتها وتتواصل مع أعضاءها ومتابعيها‪.‬‬

‫الثاني‪ :‬التنوع وكفاءة الخدمات إذ ظهرت عشرات البرامج االجتماعية ً‬


‫سواء ما كان منها ذات طابع اجتماعي أو‬

‫منهي أو سياس ي أو اقتصادي أو ترفيهي‪ ،‬رافق ذلك التنوع توسع في الخدمات التي تقدمها‪ ،‬فلم تعد قاصرة على‬

‫إرسال الرسائل النصية أو الصور املحدودة‪ ،‬وإنما توسعت خدماتها وتعددت لتشمل‪ :‬الصور بال حدود‬

‫والفيديوهات وامللفات والروابط وغيرها من الخدمات‪.‬‬

‫‪ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D9%8A%D8%A8_2.0 -1‬ويب ‪ 2‬على ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬


‫‪ -2‬سعاد‪ ،‬بن جديري‪" ،‬عالقة النرجسية باإلدمان على شبكة التواصل االجتماعي "الفيس بوك" لدى املراهقين الجزائزي‪ ،‬دراسة ميدانية على عينة من تالميذ‬
‫السنة الثانية ثانوي بمدينة سكره" رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خضير‪ ،‬بسكرة‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،)2016 ،‬ص‪.121‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪67‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثاني‬
‫أنواع وسائل التواصل االجتماعي‬
‫هناك العشرات من شبكات التواصل االجتماعي التي انتشرت في اآلونة األخيرة في كل أنحاء العالم‪ ،‬وأصبحت‬

‫في متناول العديد من األفراد واملجتمعات‪ ،‬ونتيجة للعد الكبير منها‪ ،‬ولعدم قدرة الكتاب على استيعابها بالكامل‬
‫ً‬
‫واسعا في العالم العربي‪ ،‬ويغلب على جميع األسر‬ ‫ً‬
‫انتشارا‬ ‫فسوف يتم استعراض أبرز تلك الوسائل‪ ،‬والتي القت‬

‫استخدامها‪ ،‬ولعل على رأسها الفيس بوك والواتس أب والتويتر واليوتيوب والتلجرام‪.‬‬

‫أوًال‪ .‬الفيس بوك ‪:Facebook‬‬

‫يعد الفيس بوك أشهر موقع للتواصل االجتماعي‪ ،‬وذلك بالنظر إلى عدد املشتركين فيه‪ ،‬وللمزايا الكثيرة التي‬

‫يقدمها‪ ،‬باإلضافة إلى سهولة االستخدام وغيرها من املزايا التي سيأتي الحديث عنها‪.‬‬

‫يشير أسم الفيس بوك ‪ Facebook‬إلى دليل الصور الذي تقدمه الكليات واملدارس التمهيدية في الواليات املتحدة‬
‫األمريكية إلى أعضاء هيئة التدريس والطلبة الجدد‪ ،‬والذي يتضمن ً‬
‫وصفا ألعضاء الحرم الجامعي كوسيلة‬

‫للتعرف عليهم (‪.)1‬‬

‫وقد تأسس الفيس بوك في ‪ 4‬فبراير ‪ 2004‬من قبل مارك زوكير بيرغ‪ ،‬وداستين موسكوفيتر‪ ،‬وادوار سافرين‪،‬‬

‫وأندرو ماكولوم‪ ،‬ومقره الرئيس ي في كالفورنيا بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬ويضم ‪ 30275‬موظف‪ ،‬ويبلغ عدد‬

‫املشتركين ‪ 2.23‬مليار مستخدم‪ ،‬وهو متوفر بحوالي ‪ 140‬لغة (‪.)2‬‬

‫ويوفر الفيس بوك إمكانية االنضمام إلى الشبكات التي تنظمها املدينة أو جهة العمل أو املدرسة أو اإلقليم‬

‫وذلك من أجل االتصال باآلخرين والتفاعل معهم‪ ،‬ويمكن للمستخدمين إضافة أصدقاء إلى قائمة أصدقائهم‬

‫‪ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83 1‬الفيس بوك على‬


‫ويكيبيديا‪ ،‬بتاريخ ‪.2020/11/1‬‬
‫‪ ‬ولد في ‪ 14‬مايو ‪ 1984‬في مدينة نيويورك بالواليات املتحدة األمريكية ألسرة يهودية‪ ،‬أبوه طبيب أسنان وأمة طبيبة نفسية‪ ،‬اهتم منذ طفولته ببرامج الكمبيوتر‬
‫واأللعاب وقام بتطوير العديد منها وهو في سن الثانية عشر‪.‬‬
‫‪ ‬ولد في ‪22‬مايو ‪1984‬في والية فلوريدا بالواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬في ‪ 2008‬غادر الفيس بوك ليؤسس شركة أسايا‪ ،‬وهو يدين بالديانة اليهودية‪ ،‬درس‬
‫االقتصاد في جامعة هارفارد‪.‬‬
‫‪ ‬ولد في مارس ‪ 1982‬في البرازيل ويعتبر أحد املؤسسين الخمسة للفيس بوك درس في جامعة هارفارد وتخرج منها بدرجة البكالوريوس في االقتصاد‪.‬‬
‫‪ ‬ولد في ‪ 4‬سبتمبر ‪ 1983‬والتحق بجامعة هارفارد وهو أحد مؤسس ي الفيس بوك‪.‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪2020/10/30 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪68‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وإرسال الرسائل إليهم‪ ،‬وتحديث ملفاتهم الشخصية وتعريف األصدقاء بأنفسهم‪ ،‬وقد قام مارك زوكيربيرغ‬

‫بتأسيس الفيس بوك باالشتراك مع كل من داستين موسكو فيتر الذين تخصصا في دراسة الحاسوب‪ ،‬وكانا في‬

‫سكن الجامعة عندما كانا طالبين في جامعة هارفارد‪ ،‬وقد كانت عضوية املوقع مقتصرة في بداية األمر على طلبة‬

‫الجامعة‪ ،‬ولكنها امتدت بعد ذلك لتشمل الكليات األخرى في مدينة بوسطن‪ ،‬وجامعة ستانفورد ثم اتسعت‬
‫وأخيرا أي شخص يبلغ من العمر ‪ً 13‬‬
‫عاما فأكثر(‪.)1‬‬ ‫ً‬ ‫لتشمل أي طالب جامعي‪ ،‬ثم طلبة املدارس الثانوية‬

‫يتضمن الفيس بوك ً‬


‫عددا من السمات منها سمة ‪ wall‬أو لوحة الحائط‪ ،‬وهي عبارة عن مساحة مخصصة في‬

‫صفحة امللف الشخص ي ألي مستخدم تتيح لألصدقاء إرسال الرسائل املختلفة إلى هذا املستخدم‪ ،‬وسمة ‪pokes‬‬

‫أو النكزة التي تتيح للمستخدمين إرسال "نكزة" افتراضية إلثارة االنتباه إلى بعضهم البعض‪ ،‬وهي عبارة عن إشارة‬

‫يخطر املستخدم بأن أحد األصدقاء يقوم بالترحيب به‪ ،‬وسمة ‪ photos‬أو الصور التي تمكن املستخدمين من‬

‫تحميل األلبومات والصور من أجهزتهم إلى املوقع‪ ،‬وكذلك سمة ‪ status‬أو الحالة التي تتيح للمستخدمين إمكانية‬

‫إبالغ أصدقائهم بأماكنهم وما يقومون به من اعمال في الوقت الحالي‪ ،‬كذلك سمة ‪ new feed‬أو التغذية الجديدة‬

‫التي تظهر على الصفحة الرئيسية لجميع املستخدمين حيث يقوم بتمييز بعض البيانات مثل‪ :‬التغييرات التي‬

‫تحدث في امللف الشخص ي‪ ،‬وكذا االحداث املرتقبة مثل أعياد امليالد‪ ،‬وكذلك سمة ‪ Gift‬أو الهدايا التي تتيح‬

‫للمستخدمين إرسال هدايا افتراضية إلى أصدقائهم تظهر على امللف الشخص ي للمستخدم الذي يقوم بإرسال‬

‫الهدية‪ ،‬ومن املزايا أيضا زر االعجاب‪ ،‬وكذا خدمة املالحظات وهذه األخيرة ينفرد بها الفيس بوك حيث يسجل‬

‫فيها املشترك أهم املواعيد واالرتباطات الخاصة به (‪.)2‬‬

‫وفي ‪ 12‬أبريل ‪ 2012‬استحوذت شركة فيس بوك على تطبيق انستغرام بصفقة بلغت مليار دوالر أمريكي‪ ،‬وفي‬

‫‪ 19‬فبراير ‪ 2014‬قامت الشركة بشراء تطبيق واتس أب بمبلغ ‪ 19‬مليار دوالر أمريكي (‪.)3‬‬

‫يشير تقرير اإلعالم االجتماعي الصادر عن كلية دبي لإلدارة الحكومية إلى أن موقع الفيس بوك يواصل احتالل‬
‫ً‬
‫شيوعا في املنطقة العربية" (‪ ،)4‬حيث يساعد مشتركيه على‬ ‫موقع الصدارة كأكثر أدوات التواصل االجتماعية‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪.2020/10/30 ،‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪.2020/10/30 ،‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪.2020/10/30 ،‬‬
‫‪ -4‬تقرير االعالم االجتماعي‪ .)2011( .‬كلية دبي لإلدارة الحكومية‪ ،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬مايو‪ ،‬ص‪.1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪69‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫تبادل املعلومات وامللفات والصور ومقاطع الفيديو والتعليق عليها وإمكانية املحادثة أو الدردشة الفورية‪ ،‬ويسهل‬

‫إمكانية تكوين عالقات في فترة قصيرة (‪.)1‬‬

‫وقد تجاوز الفيس بوك وظيفته االجتماعية وأصبح قناة تسويقية تعتمدها آالف الشركات والصحف‬
‫واألشخاص‪ ،‬فسوق الفيس بوك أصبح ر ً‬
‫ائجا‪ ،‬وعدد املستخدمين يغري شركات اإلنتاج والتسويق والتوزيع‪ ،‬فلم‬

‫تعد أدوات التسويق قاصرة على القنوات الفضائية أو الصحف الرسمية وغير الرسمية‪ ،‬وإنما دخل التسويق‬

‫بقوة في االنترنت وبشكل خاص في شبكات التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم فيتميز الفيس بوك على غيره من مواقع التواصل االجتماعي بتوفر آالف األلعاب التي‬

‫يرتادها الكثير من هواة هذا النوع من األلعاب خاصة الشباب‪ ،‬وهي من وجهة نظر الباحث – وخاصة إن كان‬
‫أمرا ً‬
‫مفيدا ملستخدميها‪ ،‬فمن ناحية تزيل عن مستخدمها الكثير من الهموم‪ ،‬وتضع عن‬ ‫ً‬
‫متوازنا – ً‬ ‫استخدامها‬

‫كاهله العديد من املشاكل‪ ،‬وهي في نفس الوقت تصرفه من الوقوع في إدمان املواقع الجنسية والصور اإلباحية‬

‫وغيرها من املواقع الضارة ولكن شريطة أن يتم ممارسة تلك األلعاب بشكل متوازن‪.‬‬

‫ويواجه الفيس بوك – بشكل خاص – العديد من االنتقادات منها تأثيره السلبي واملباشر على األسرة‪ ،‬إذ يساهم‬

‫في انفراط العالقات‪ ،‬ويؤدي إلى انهيار الصالت األسرية (‪ )2‬إضافة إلى ذلك فأصابع االتهام توجه إليه في تحريك‬

‫املظاهرات وتأجيج الشارع ضد األنظمة السياسية‪.‬‬

‫ونتيجة للدور السياس ي الذي لعبه الفيس بوك في تعبئة الشارع وإذكاء روح الثورات في العديد من البلدان‬

‫العربية وغير العربية فقد تم حظره في العديد من الدول كما حدث في سوريا وإيران ومصر‪ ،‬كما تم حظر‬

‫استخدامه في العديد من جهات العمل إلثناء املوظفين عن إهدار أوقاتهم‪ ،‬وقد مثلت انتقادات موجهة إلى املوقع‬

‫مخاوف بشأن الحفاظ على الخصوصية (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬األحمري‪ ،‬فاطمة (‪ ،)2014‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.42‬‬


‫‪ -2‬حسين‪ ،‬هالة (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.518‬‬
‫‪.2020/6/30 ، https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%83-3‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪70‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ثانيا‪ .‬الواتس أب ‪:WhatsApp‬‬


‫ً‬

‫هو تطبيق تراسل فوري متعدد املنصات للهواتف الذكية‪ ،‬يمكن من خالله إرسال النصوص والصور‬

‫والرسائل الصوتية والفيديوهات والوسائط‪ ،‬وقد تأسس في ‪ 2009‬من قبل األمريكي بريان أكتون‪،Brian Acton ‬‬

‫واألوكراني جان كوم‪ ‬وكالهما من املوظفين السابقين في شركة ياهو‪ ،‬ويقع موقع الشركة في سانتا كالرا‬

‫بكاليفورنيا في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وفي ‪ 2012‬سجل البرنامج عدد عشرة مليارات رسالة يومية‪ ،‬وقد قامت‬

‫شركة الفيس بوك بشرائه في ‪ 19‬فبراير بمبلغ ‪ 19‬مليار دوالر (‪.)1‬‬

‫في ‪ 22‬أبريل ‪ 2014‬كان لدى الواتس أب أكثر من ‪ 500‬مليون مستخدم نشط ً‬


‫شهريا‪ ،‬ويتم من خالله تبادل ‪700‬‬
‫ً‬
‫واعتبارا من فبراير ‪ 2017‬فقد أصبح لدى واتس أب أكثر من ‪1.2‬‬ ‫مليون صورة و‪ 100‬مليون مقطع فيديو ً‬
‫يوميا‪،‬‬

‫مليار مستخدم حول العالم (‪.)2‬‬

‫وهناك بعض املخاطر األمنية التي أكد عليها خبراء أمن املعلومات‪ ،‬والتي تحيط بمستخدمي تطبيق املحادثة‬

‫الواتس أب‪ ،‬فبعد أن قامت شركة فيس بوك باالستحواذ عليه فإن هناك بعض املخاطر منها (‪:)3‬‬

‫‪ .1‬سياسة الخصوصية التي ستقوم إدارة فيس بوك بتعديلها لتوافق سياستها مثلما حصل بعد‬

‫استحواذها على انستغرام‪.‬‬

‫‪ .2‬تعاون إدارة فيس بوك مع األجهزة االستخبارية وخاصة وكالة األمن القومي األمريكي‪.‬‬

‫‪‬‬
‫هو مبرمج كمبيوتر ورائد اعمال انترنت أمريكي‪ ،‬كان يعمل في شركة ياهو وفي ‪ 2009‬قام مع جان كوم بتأسيس الواتس أب‪.‬‬
‫‪ ‬ولد في ‪ 24‬فبراير ‪ 1974‬في مدينة كييف بأوكرانيا‪ ،‬وهو مهندس كمبيوتر والرئيس التنفيذي لواتس أب‪.‬‬
‫‪-1‬ا ‪ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%A7%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%A8‬الواتس أب على ويكيبيديا تاريخ‪2020/12/1‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬بتاريخ ‪.2020/12/1‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬بتاريخ ‪.2020/7/1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪71‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ثال ًثا‪ .‬التويتر ‪:Twitter‬‬

‫انطلق هذا املوقع‪ ‬في مارس ‪ 2006‬على يد مؤسسة جاك دورس‪ Jack Dorsey ‬ونوح غالس‪ ،‬وقد القى شعبية‬

‫كبيرة في جميع أنحاء العالم‪ ،‬ويعد أحد أشهر شبكات التواصل االجتماعي‪ ،‬حيث يقدم خدمة التدوين املصغر‬
‫ً‬
‫التي تسمح للمستخدم التغريد بحد أقص ى ‪ 280‬حرفا للرسالة الواحدة‪ ،‬وقد اصبح تويتر متوفر باللغة العربية‬
‫ً‬
‫واعتبارا من ‪ 2016‬صار لدى تويتر أكثر‬ ‫منذ مارس ‪ ،2012‬ويعد من ضمن قائمة أكثر ‪ 10‬مواقع زيارة في العالم‪،‬‬
‫شهريا‪ ،‬وزادت ً‬
‫شهريا بشكل كبير خالل االنتخابات الرئاسية األمريكية في ‪2016‬‬ ‫من ‪ 319‬مليون مستخدم نشط ً‬

‫حيث أثبت املوقع ً‬


‫فعليا أنه مصدر األخبار العاجلة (‪.)1‬‬

‫بداية خدمة تويتر على يد شركة ‪ obvious‬األمريكية‪ ،‬ويعتبر أسرع وسيلة لطرح التساؤالت على األصدقاء وتلقي‬

‫اإلجابات الفورية‪ ،‬ويتيح التويتر إمكانية إرسال االخبار الهامة والسريعة واملحيطة بالشخص كاالستغاثة أو‬

‫األخبار العاجلة‪ ،‬كما يمنح هذا املوقع للمستخدمين متابعة أخبار العالم فور وقوعها‪ .‬ومن خالل التويتر تستطيع‬

‫أن تحصل على االستشارة‪ ،‬وإجراء حوار مع أناس مشهورين‪.‬‬

‫كما يسمح تويتر بعدد من املزايا والسمات بما في ذلك استخدام عالمة املربع أو العبارات املسبوقة بعالمة ‪،#‬‬

‫وهناك ميزة أخرى تتمثل في إعادة تغريد الرسائل‪ ،‬أو إعادة مشاركتها‪ ،‬وفي عام ‪ 2016‬أعلن تويتر أن الوسائط‬
‫ً‬
‫مثل الصور ومقاطع الفيديو بات من املمكن نشرها دون التأثير على خاصية ‪ 140‬حرفأ‪ ،‬وبحلول ‪ 2017‬زاد تويتر‬
‫ً‬
‫التغريدة إلى ‪ 280‬حرفا (‪.)2‬‬

‫ويتميز املوقع ً‬
‫أيضا بعبارة " املواضيع الرائجة" التي تساعد مستخدمي املوقع على فهم ما يحدث في العالم وآراء‬
‫ً‬
‫أحيانا ملنع انتشار بعض الهشتاجات‬ ‫الناس حول ذلك‪ً ،‬‬
‫ونادرا ما يفرض تويتر رقابة على املحتوى لكنه يتدخل‬

‫املسيئة أو املهينة‪ ،‬وقد عملت شركة تويتر على تصميم تطبيق يعمل على مختلف الهواتف واألجهزة املحمولة بما‬

‫في ذلك آي فون‪ ،‬وآي باد‪ ،‬وأندروير‪ ،‬ويندوز ‪ ،10‬ويندون فون‪ ،‬بالك بيري‪ ،‬ونوكيا اس‪ ،40‬يمكن للمستخدمين‬

‫‪ ‬يقع مقر شركة تويتر في سان فرانسيسكو بالواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬


‫‪ ‬ولد جاك دورس في نوفمبر ‪ 1976‬في والية ميسوري بالواليات املتحدة األمريكية وهو يشغل منصب املدير التنفيذي لشركة تويتر‪.‬‬
‫‪ ‬هو مواطن أمريكي وأحد مؤسس ي املوقع الرسمي لشبكة التواصل اإلجتماعية تويتر ‪ ،‬وكذلك موقع أوديو للبحث‪ ،‬وكان غالس أبدع في برنامج أدوبي فالش وساهم لدعم نظام الرسوم‬
‫املتحركة واإلعالم املتعدد مايسمى مليتميديا‬
‫‪ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1 -1‬بتاريخ ‪.2020/9/2‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪.2020/11/2 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪72‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫ايضا التغريد عن طريق إرسال الرسائل القصير‪ ،‬وفي أبريل ‪ 2017‬قدم تويتر تطبيق تويتر اليف وهو مصمم‬

‫للعمل في املناطق التي تعاني من بطئ في سرعة النت مع استهالك اقل للبيانات وتخزين محدودة (‪.)1‬‬

‫في ديسمبر ‪ 2011‬استثمر الوليد بن طالل ‪ 300‬مليون دوالر في تويتر‪ ،‬وفي ‪ 2015‬طرح تويتر ميزة استطالع الرأي‬

‫وبحلول ‪ 2016‬ركز تويتر على تطوير خوارزميات تساعد في بث الفيديوهات املباشرة‪ ،‬وفي مارس ‪ 2018‬حل تويتر‬

‫املرتبة الثانية عشر على قائمة املواقع األكثر زيارة بحسب بعض املؤشرات‪ ،‬وبحس تقرير مجلة فوريس لعام‬

‫‪ 2016‬فإن قيمة تويتر أصبح ‪ 15.7‬مليار دوالر (‪.)2‬‬

‫ابعا‪ .‬اليوتيوب ‪:YouTube‬‬


‫رً‬

‫هو موقع ويب يسمح ملستخدميه برفع التسجيالت املرئية ومشاهدتها عبر البث الحي ومشاركتها والتعليق عليها‪،‬‬

‫وقد تم تأسيسه في فبراير ‪ 2005‬من قبل ثالثة موظفين سابقين في شركة باي بال وهم تشار هيرلي‪ ‬وستيف‬

‫تشين‪ ‬وجاد كريم‪ ‬في مدينة سان برونر‪ ،‬ومحتوى املوقع متنوع ما بين مقاطع األفالم‪ ،‬التلفاز‪ ،‬املوسيقى وكذلك‬

‫الفيديو وينتج من قبل الهواة‪ ،‬ولدى اليوتيوب أكثر من ‪ 1000‬موظف‪ ،‬وفي أكتوبر ‪ 2006‬أعلنت شركة ‪Google‬‬

‫التوصل إلى اتفاق لشراء املوقع مقابل ‪ 1.65‬مليار دوالر (‪.)3‬‬

‫يعتبر موقع يوتيوب بحسب إحصائية موقع اليكسا ثالث أكثر املواقع شعبية في العالم بعد موقعي فيس بوك‬

‫وجوجل‪ ،‬فبعد انطالقه أصبح من السهل نشر األفالم ليشاهدها املستخدمون حول العالم‪ ،‬وأصبح العديد من‬

‫الهواة مثل الكوميديون والسياسيون واملوسيقيون ينشرون مقاطع فيديو بشكل مستمر‪ ،‬وقد تعدى عدد‬

‫املشاهدين لبعض تلك املقاطع املليار مشاهد كما هو لفيديو "بيبي" للمغني جاسن بيبر الذي وصل عدد‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪.2020/11/2 ،‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪.2020/11/2 ،‬‬
‫‪ ‬ولد هيرلي في بنسلفانيا بالواليات املتحدة األمريكية في ‪ 24‬يناير ‪ ،1977‬وهو رجل أعمال وصحفي وسياس ي والرئيس التنفيذي ليوتيوب‬
‫‪ ‬ولد تشين في ‪ 18‬أغسطس ‪ 1978‬بتايوان‪ ،‬وهاجر مع أسرته إلى الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬وهو رائد انترنت ورجل أعمال أمريكي‪.‬‬
‫‪ ‬ولد كريم في ‪ 1979‬بأملانيا الشرقية‪.‬‬
‫‪ https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D8%AA%D9%8A%D9%88%D8%A8 -3‬موقع يوتيوب على‬
‫ويكيبيديا املوسوعة الحرة‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪73‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫مشاهديه أكثر من مليار شخص‪ ،‬والفيديو للمغني الكوري الجنوبي ساي الذي تجاوز ملياري مشاهدة‪ ،‬و"‬

‫ديسباسيتو" التي تجاوزت ‪ 6‬مليار مشاهدة‪ ،‬واليوتيوب أصبح اآلن متاح ب‪ 54‬لغة (‪.)1‬‬

‫خامسا‪ .‬التيليجرام ‪:Telegram‬‬


‫ً‬

‫هو عبارة عن تطبيق للتراسل الفوري‪ ،‬حر ومجاني ومتعدد املنصات‪ ،‬باإلمكان تبادل الرسائل والصور‬

‫والفيديوهات والوثائق‪ ،‬وقد أعلن التيليجرام في مارس ‪ 2018‬عن وصول عدد مستخدميه النشطين إلى ‪200‬‬
‫ً‬
‫شهريا‪ ،‬ويعود تأسيسه إلى عام ‪ 2013‬على يد األخوين نيكوالي‪ ‬وبافيل دووف‪ ‬مؤسسا موقع‬ ‫مليون شخص‬

‫فكونتاكي (أكبر شبكة اجتماعية روسية)‪ ،‬وقد نجحا في إطالق برنامج تيليجرام ثم سجاله ملنظمة مستقلة تتخذ‬
‫من العاصمة األملانية برلين ً‬
‫مقرا لها (‪.)2‬‬

‫ويمكن ملستخدمي التيليجرام فتح حسابهم على أجهزة متعددة واستقبال الرسائل على أي جهاز‪ ،‬كما يمكن‬
‫ً‬
‫جميعا مرة واحدة‪ ،‬وعلى عكس الواتس أب فإن‬ ‫إزالة األجهزة املفتوح فيها الحساب بشكل فردي‪ ،‬أو يمكن إزالتها‬

‫الرسائل في التيليجرام يمكن الوصول إليها من على أي من األجهزة املتصلة للمستخدم الذي يمكنه مشاركة‬

‫الصور ومقاطع الفيديو والرسائل الصوتية وامللفات األخرى التي قد يصل حجمها إلى ‪ 1.5‬جيجا لكل ملف‪ ،‬كما‬

‫يمكن للمستخدمين إرسال رسائل إلى مستخدمين آخرين بشكل فوري‪ ،‬ويمكن تحرير الرسائل املرسلة وحذفها‬

‫من كال الجانبين في غضون ‪ 48‬ساعة بعد إرسالها بما يمنح املستخدمين القدرة على تصحيح األخطاء وسحب‬

‫الرسائل التي تم إرسالها عن طريق الخطأ (‪.)3‬‬

‫يوفر التطبيق للمستخدمين إمكانية فتح قناة يتحكم بها املشرف حيث يستطيع نشر الرسائل للمنضمين‬

‫للقناة‪ ،‬كما يمكن تغيير صورة العرض‪ ،‬ويمكن للمشتركين قراءة الرسائل ومعرفة عدد الذين قرأوا رسالة معينة‪،‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%85‬‬
‫بتاريخ ‪.2020/12/8‬‬
‫‪ ‬ولد في ‪ 21‬نوفمبر ‪ 1980‬هو رياضياتي ومبرمج روس ي‪ .‬وهو األخ األكبر لبافيل دوروف‪ ،‬الذي أسس معه موقع التواصل االجتماعي فكونتاكتي[‪ ،]1‬وفي وقت‬
‫الحق تيليجرام‪.‬‬
‫ً‬
‫والحقا تيليجرام هو الشقيق األصغر لنيكوالي‬ ‫‪ ‬ولد في ‪ 10‬أكتوبر ‪ 1984‬هو رائد أعمل روس ي اشتهر بكونه مؤسس موقع التواصل االجتماعي فكونتاكتي‪،‬‬
‫دوروف‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪.2020/7/2 ،‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪.2020/12/2 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪74‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ويمتاز التطبيق بالعدد غير املحدود للمشتركين حيث ال تفرض الشبكة أية قيود على عدد املنتسبين إلى القناة‪،‬‬

‫كما يتوفر بالبرنامج العديد من املزايا مثل تثبيت ملصقات وإجراءات الدردشات السرية التي يتم فيها تشفير‬

‫الرسائل وخدمة املكاملات الصوتية‪ ،‬ووجود منصة الستضافة الفيديوهات لدى تلسكوب حيث يمكن أن يصل‬

‫طول املقطع إلى دقيقة وتفتح بشكل تلقائي (‪.)1‬‬

‫هذه كانت أهم وأبرز وسائل التواصل االجتماعي التي ستحدث لألسرة‪ ،‬ومن أبرز ما يميز هذه الوسائل أنها عاملية‬

‫فليست مصممة ملجتمع معين‪ ،‬أو لبلد بذاته وإنما بإمكان أي شخص في العالم الدخول عليها‪ ،‬واالشتراك في‬

‫واحدة أو أكثر كما تتميز بالتفاعل واملشاركة‪ ،‬فاملشترك ليس متلقي سلبي لكل ما ينشر فيها ومن خاللها وإنما‬

‫يمتلك حق النشر والرد والتفاعل مع ما ينشر فيها‪ ،‬وهذا األمر يعد من أهم املزايا التي رفعت من قيمة هذه‬

‫الوسائل‪ ،‬والقت هذا االنتشار الواسع‪ ،‬باإلضافة إلى ما تقدم فهذه الوسائل تتميز بالسرعة الفائقة في نقل‬
‫ُ‬
‫البيانات واملعلومات‪ ،‬فلم يعد للزمن أي معنى‪ ،‬وبإمكان الرسائل التي تبعث من أقص ى الشرق أن تصل في جزء‬

‫من الثانية إلى شخص آخر يقع في أقص ى الغرب‪.‬‬

‫وما يميز هذه الوسائل ‪ً -‬‬


‫أيضا ‪ -‬أنها تعطي املشترك إمكانية اختيار األسلوب املناسب في التعبير عن نفسه ً‬
‫سواء‬

‫من خالل الرسائل النصية أو الصور أو الفيديوهات أو التسجيل الصوتي أو الروابط أو أي أسلوب آخر‪.‬‬

‫دوافع االستخدام‪:‬‬

‫تتعدد الدوافع التي تجذب املشترك نحو وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فالبعض ينجذب لها من أجل التوسع في‬

‫عالقاته االجتماعية وصداقاته املتعددة‪ ،‬واآلخر ينجذب لها كونها توفر له فرصة لتبادل املعارف والخبرات بينه‬

‫وبين اآلخرين‪ ،‬أما البعض اآلخر فاملتعة والتسلية والفكاهة هي التي تجذبه نحو هذه الوسائل‪ ،‬وآخرون ينجذبون‬

‫إليها كي يشبعوا حاجتهم العاطفية للحب والغزل وكل ما يتعلق بالجنس اآلخر‪ ،‬وآخرون ال يجذبهم شيئ سوى أنهم‬

‫وجدوا الناس يمتلكون حسابات على هذه الوسائل فقرروا أن يكون لهم حساب حتى ال يتهموا بأنهم متخلفين أو‬

‫بعيدين عن أدوات العصر ومتطلباته‪.‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪.2020 /12/2 ،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪75‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ويؤكد بوهالل أن التعرض لوسائل التواصل االجتماعي يرتبط بمجموعة من الحاجات تتلخص في حاجات‬

‫معرفية أي الحاجة إلى املعرفة بشكل عام‪ ،‬وحاجات عاطفية كالحاجة إلى اإلحساس باألخوة والحب والفرح‪،‬‬

‫وحاجات اجتماعية‪ ،‬وحاجات تحقيق الذات‪ ،‬والحاجة إلى الترفيه‪ ،‬يضاف إليها الحاجة إلى الهروبية إلزالة التوتر‬

‫(‪.)1‬‬

‫بينما يرى كامل أن الذكور يلجؤون الستعمال االنترنت للحصول على القوة واملكانة والسيطرة واملتعة‪ ،‬بينما‬
‫ً‬
‫تجد اإلناث أكثر دخوال على مواقع الشات أو الدردشة من أجل عقد الصداقات مع نفس الجنس أو الجنس‬

‫اآلخر إلشباع الحاجة للحب واملشاركة االجتماعية (‪.)2‬‬

‫وبشكل عام فإن أبرز الدوافع التي تجذب املستخدمين لهذه الوسائل تتمثل في‪:‬‬

‫‪ .1‬المعرفة واكتساب الخبرة‪:‬‬

‫ً‬
‫يتوفر من خالل هذه الوسائل االجتماعية املعارف واملعلومات والخبرات الواسعة‪ ،‬وهي للبعض تعد موئال‬
‫ومصدرا ً‬
‫مهما للمعارف والخبرات‪ ،‬واالحتكاك الثقافي واملعرفي بما من شأنه اإلضافة إلى معلوماتهم وزيادة‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جيدا‪،‬‬

‫رصيدهم املعرفي‪.‬‬

‫‪ .2‬الحب والعاطفة‪:‬‬

‫هي بالنسبة للبعض – خاصة الشباب واملراهقين ومن وجدوا صعوبة في الحب الواقعي – سوق غنية‬

‫بالعواطف واملشاعر واألحاسيس‪ ،‬فمن خاللها يستطيع الشاب أن يكون عالقات عاطفية‪ ،‬وأن يدخل في حب مع‬

‫الجنس اآلخر‪ ،‬وأن ينفس عن املشاعر املكبوتة التي بداخله‪ ،‬ويستمع إلى كلمات الغزل والحب التي طاملا حلم بها‬

‫في عامله الحقيقي‪.‬‬

‫‪ -1‬أحالم‪ ،‬بوهالل (‪ ،)2010‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ -2‬كامل‪ ،‬سلمى حسين‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته بالدافعية نحو التحصيل الدراس ي لدى طلبة جامعة ديالي"‪ ،‬مجلة الفتح‪ ،‬ع‪ ،68‬كانون األول‪،)2016 ،‬‬
‫ص‪.28‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪76‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬التسلية والمرح والفرح‪:‬‬

‫ً‬
‫رواد هذا املجال غالبيتهم من الشباب واملراهقين‪ ،‬ومن ال يمتلكون أهدافا واضحة من االشتراك في وسائل‬
‫التواصل االجتماعي‪ ،‬فهم يتركوا كل ما يفيد ويبحثوا عما يمتعهم فقط ً‬
‫سواء من فيديوهات مضحكة ومسلية‪،‬‬

‫أو العاب الكترونية أو منشورات نصية ذات طابع كوميدي‪.‬‬

‫البعض يبحث من خالل هذه الوسائل ‪ -‬عن السعادة التي ربما لم يتمكن من الحصول عليها داخل األسرة‪ ،‬أو‬

‫في العالم الواقعي املحيط به‪ ،‬ولذا فهو يستغرق في متابعة املنشورات ذات الطابع الفكاهي أو املسلي من األفالم‬
‫ً‬
‫ضروريا ألي شخص‪ ،‬ومن املهم أن ينفس‬ ‫والصور والنصوص والروابط‪ ،‬وهذا األمر ليس بمشكلة‪ ،‬بل يعد ً‬
‫شيئا‬
‫على نفسه‪ ،‬وأن يضفي على حياته ً‬
‫جوا من املرح والسعادة حتى يتمكن من تحقيق أهدافه بشكل أفضل‪ ،‬غير أن‬

‫ما ينبغي التحذير منه أن يكثر متابعة تلك املواقع بشكل مفرط‪ ،‬وأن يصبح هدف الفرد البحث فقط عن كل ما‬
‫يفرح ويسلي‪ ،‬وهنا تكمن املشكلة إذ يتحول ذلك الفرح ً‬
‫سلبا على الشخص‪ ،‬ويفقد الفائدة املرجوة منه‪.‬‬

‫‪ .4‬تكوين العالقات والصداقات االجتماعية‪:‬‬

‫هناك من يجد فيها فرصة كبيرة لنسج عالقاته االجتماعية‪ ،‬وتأسيس روابطه املهنية‪ ،‬وتكوين دائرة واسعة من‬

‫األصدقاء واملعارف‪ ،‬وخاصة أولئك الذين وجدوا صعوبة في تأسيس تلك الروابط والصالة في عاملهم الحقيقي‪،‬‬
‫فهم يجدوا ً‬
‫مكانا آخر لتعويض ما يرونه ً‬
‫ناقصا في حياتهم‪.‬‬

‫‪ .5‬الهروب من الواقع‪:‬‬

‫ً ً‬ ‫ويجد فيها البعض – وهنا تكمن املشكلة ويبدأ اإلدمان – ً‬


‫مكانا ً‬
‫آمنا وعاملا وارفا بالظالل يقيهم من عاملهم‬

‫الحقيقي الذي لم يجدوا فيه ما كانوا يحلمون به‪ ،‬فهم يهربون إلى هذا العالم ليحققوا األمن والثقة بالنفس‬

‫والحب والتقدير واالحترام الذي افتقدوه في عاملهم الحقيقي‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪77‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وتشير بعض الدراسات إلى أن الكثير من الشباب يدخلون وسائل التواصل االجتماعي بهدف الهروب من الواقع‬

‫وأن الكثير من األوقات يهدرونها ما بين ألعاب وتسلية وجدال (‪.)1‬‬

‫‪ .6‬التسوق واالعالن‪:‬‬

‫يستخدم البعض من الناس هذه الوسائل كمكان لإلعالن وسوق للتسويق عن منتجاته أو خدماتهم كما يجد‬

‫البعض فيها فرصة لإلعالن عن نفسه وخدماته كالتدريب واالستشارة‪ ،‬ولذا فهي وسيلة مجدية وسهلة لإلعالن‬

‫عن الذات والخبرات واملهارات التي يمكن تسويقها وخاصة الشركات أو املصانع أو املحال التجارية بمختلف‬

‫أنواعها وتصنيفاتها‪.‬‬

‫‪ .7‬االطالع على جديد األخبار‪:‬‬

‫هذا يعد من أبرز الدوافع ملستخدمي وسائل التواصل االجتماعي في عاملنا العربي وخاصة بعد األحداث التي‬

‫عمت املنطقة العربية في ‪ 2011‬ومازالت حتى اآلن‪ ،‬فاملواطن العربي يتابعها بشغف إلشباع حاجات أساسية لديه‬

‫تتمثل في معرفة الجديد من األخبار واألحداث ومجريات األمور على أرض الواقع‪.‬‬

‫‪ -1‬الحاوري‪ ،‬عبد الغني والحاوري‪ ،‬علي واليزيدي‪ ،‬أمين‪ " ،‬مهارات التعامل الفعال مع وسائل التواصل االجتماعي الالزمة لطلبة املرحلة الثانوية بالجمهورية‬
‫اليمنية ومدى امتالكهم لها"‪ ،‬املجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية‪ ،‬ع‪( ،9‬املركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪ ،‬أملانيا‪.)2020 :‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪78‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثالث‬
‫إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل االجتماعي‬
‫في هذا املبحث سيتطرق الكتاب ألبرز اإليجابيات – وهي كثيرة – التي تتضمنها هذه الوسائل حتى تكون األسرة‬

‫بأفرادها على معرفة تامة بذلك لتستفيد من تلك اإليجابيات‪ ،‬وفي نفس الوقت تبتعد عن السلبيات التي تفرقها‬

‫وتبعدها عن الغاية الرئيسية التي وجدت من أجلها‪.‬‬

‫ومن الصعب على أي فرد أو مجتمع أن يعيش ً‬


‫بعيدا عن هذه الوسائل فقد تغلغلت هذه الشبكات في حياة‬

‫األسرة واملجتمع محملة باملشاعر والعواطف واألحاسيس‪ ،‬وأصبح األفراد بوعي أو بدون وعي يتسارعون في‬
‫متابعتها والتعامل معها كونها أصبحت ً‬
‫جزءا ال يتجزأ من حياتهم االجتماعية والسياسية والدينية‪ ،‬وبالتالي من‬
‫الصعب على أي أسرة أو أي مجتمع أن يعيش ً‬
‫بعيدا عنها ألنه ‪ -‬في هذه الحالة ‪ -‬يحكم على نفسه باالنكفاء‪ ،‬وينزع‬
‫نحو التقوقع ليكتشف نفسه بعد فترة من الزمن ً‬
‫بعيدا عما يدور حوله من أحداث وتطورات ومعارف‪.‬‬

‫واملشكلة أن االبتعاد عن هذه الوسائل ال يخرج األسرة أو الفرد مما يدور حوله من أحداث أو تطورات فقط‪،‬‬

‫وإنما يمنع نفسه عن مصدر مهم من مصادر املعرفة‪ ،‬ورافد رئيس ي من روافد املعلومات‪ ،‬فمآت املعارف‬
‫واملعلومات والخبرات والنصائح واالرشادات التي تتوفر ً‬
‫يوميا من خالل هذه الوسائل االجتماعية‪ ،‬والتي تضيف‬
‫ً‬ ‫معارف إلى معارفنا ً‬
‫بعيدا عن الصعوبات التي تحملها أي وسيلة أخرى كقراءة الكتب مثال أو مشاهدة بعض‬

‫املحاضرات على التلفاز‪.‬‬

‫لقد أحدثت شبكات التواصل االجتماعي هزات وتغيرات في مناحي عديدة من حياتنا املعاصرة‪ ،‬كما فرضت‬
‫العديد من التحديات ً‬
‫سواء ما يتعلق منها بالجانب الفكري أو الثقافي أو االجتماعي أو السياس ي أو االقتصادي‪،‬‬
‫ً‬
‫وخلقيا‪ ،‬مما أثر في املثل والقيم‬ ‫ً‬
‫وفكريا‬ ‫وأفرزت معطيات جديدة انعكست على حياة األفراد واملجتمعات ً‬
‫ماديا‬
‫واملعايير وأنماط الحياة وطرائقها‪ ،‬وخلقت ً‬
‫آثارا كبيرة على النسيج االجتماعي منها اإليجابي ومنها السلبي (‪.)1‬‬

‫هناك وجهات نظر متباينة بين مؤيد لوسائل التواصل االجتماعي وبين معارض‪ ،‬فالبعض يرى في هذه الوسائل‬

‫فرصة للبشرية لتبادل الخبرات واملعارف وزيادة التقارب وإنشاء عالقات جديدة‪ ،‬بينما يرى البعض اآلخر أنها‬

‫‪ -1‬شكيرب‪ ،‬أسيا‪ .)2016( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.79‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪79‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫حقيقيا على العالقات االجتماعية‪ ،‬ألنها تنتج مجتمع يحمل عوامل القطيعة مع التقاليد والعادات‬ ‫تشكل ً‬
‫خطرا‬

‫القديمة‪ ،‬باإلضافة إلى العديد من املشاكل والسلبيات التي يمكن أن تحققها على املستوى الفردي أو األسري أو‬

‫االجتماعي أو حتى الوطني‪ ،‬فهم يرون أنها شر محض حل باملجتمعات واألفراد‪ ،‬ويدعون إلى التوقف عن التعامل‬

‫معها ومقاطعتها‪ ،‬وسنذكر هنا أبرز اإليجابيات ثم نعرج على أهم السلبيات كما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ .‬اإليجابيات‪:‬‬

‫ال ينكر أحد أن هناك العديد من اإليجابيات التي جاءت به وسائل التواصل االجتماعي ً‬
‫سواء على مستوى‬

‫األفراد أو األسر واملجتمعات‪ ،‬ولعل أبرز تلك اإليجابيات ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬تعد أداة الكتساب المعارف وزيادة الخبرات‪:‬‬

‫من أبرز اإليجابيات التي تحسب لهذه الوسائل أنها ساعدت الناس على اكتساب املعارف وزيادة الخبرات‪ ،‬وهو‬
‫األمر الذي مكن البعض من تغيير حياته‪ ،‬وتطوير مهاراته‪ ،‬فكم املعلومات التي يتعرضون لها ً‬
‫يوميا‪ ،‬وحجم‬

‫الخبرات واملهارات التي يكتسبونها من خالل هذه الوسائل يساعدهم على تمثل تلك املعارف وتحويلها إلى سلوك‪،‬‬

‫وقد وفرت هذه الوسائل لبعض الفرص العديدة والخيارات الكثيرة نحو الترقي الوظيفي واملنهي والتطور العلمي‬

‫واالجتماعي‪ ،‬بل إنها مثلت للبعض خاصة أولئك الذين لم يتمكنوا من دخول املدرسة أو إكمال دراستهم الجامعية‬

‫أن ينهلوا منها املعارف والدروس في كافة الجوانب الشخصية والنفسية واالجتماعية‪.‬‬

‫فوسائل التواصل االجتماعي تعد من أهم الوسائل والتقنيات التي تسهم في تعميم املعرفة ونشرها على مسافات‬

‫واسعة من العالم‪ ،‬وفي تبادل الخبرات واملعارف ومد جسور التواصل بين أقطاب العالم (‪ ،)1‬باإلضافة إلى ذلك‬

‫فهي أداة لتقريب املفاهيم والرؤى مع اآلخر‪ ،‬واالطالع والتعرف على ثقافات الشعوب املختلفة (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬بن جديري‪ " ،‬عالقة النرجسية باإلدمان على شبكة التواصل االجتماعي "الفيس بوك" لدى املراهقين الجزائري‪ ،‬دراسة ميدانية على عينة من تالميذ‬
‫السنة الثانية ثانوي بمدينة سكره"‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خضير‪ ،‬بسكرة‪ ،)2016 :‬ص‪.146‬‬
‫‪ -2‬حسين‪ ،‬هللة (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.518‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪80‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .2‬قربت المسافات وألغت الحدود‪:‬‬

‫ال يستطيع أحد أن ينكر أن هذه الوسائل جعلت العالم أكثر ً‬


‫قربا‪ ،‬فقربت البعيد واختصرت املسافات‪،‬‬

‫وبإمكان األسرة – على سبيل املثال ‪ -‬التي يتوزع أفرادها في أماكن شتى داخل البلد الواحد‪ ،‬أو في العالم أن‬
‫تتواصل مع بعض وتتابع تفاصيل حياتهم اليومية لحظة بلحظة وكأنهم يعيشون ً‬
‫معا تحت سقف واحد أو في بيت‬

‫مشترك‪.‬‬

‫حيث ألغت الحواجز الجغرافية واملكانية وحطمت الحدود الدولية‪ ،‬ويستطيع الفرد في الشرق التواصل مع‬

‫الفرد اآلخر في الغرب بكل سهولة وبساطة (‪.)1‬‬

‫‪ .3‬من أفضل األدوات لتحقيق األهداف‪:‬‬

‫ً‬
‫الكثير من الناس – وخاصة من يمتلك أهدافا واضحة في الحياة – أصبحت هذه الوسائل بالنسبة لهم من‬

‫أفضل األدوات وأسهلها وأسرعها لتحقيق أهدافه وإنجاز طموحاته‪ ،‬ويستطيع الفرد من خاللها أن يتواصل مع‬

‫املنظمات واملؤسسات والجامعات واملراكز التي تدخل في إطار اهتماماته وأهدافه‪ ،‬وأن يصل إلى الكثير من‬

‫األهداف التي ما كان له أين يحققها بدون هذه الوسائل‪.‬‬

‫وقد فتحت هذه الوسائل األفق ً‬


‫واسعا أمام األشخاص – وخاصة ذوي الطموح املرتفع – أن يتخطوا الحواجز‬
‫ً‬
‫سواء الثقافية أو السياسية أو االقتصادية‪ ،‬وكانت بالنسبة لهم بمثابة جواز سفر أو تذكرة عبور‬ ‫والحدود‬

‫لتحقيق ما يسعون إليه من أهداف‪.‬‬

‫‪ .4‬أداة من أدوات التغيير االجتماعي‪:‬‬

‫تعد هذه الشبكات من األدوات الفاعلة في التغيير السياس ي‪ ،‬وفي إذكاء روح الثورات‪ ،‬وقد لوحظ دورها في‬

‫ثورات الربيع العربي من تونس ومصر وحتى اليمن وسوريا وليبيا والجزائر وغيرها من البلدان العربية فيما يسمى‬

‫بثورات الربيع العربي‪ ،‬وقد كان للفيس بوك اليد الطولى في الحشد وتعبئة الرأي العام للخروج للشارع (‪ ،)2‬ودعوة‬

‫‪ -1‬طلحة‪ ،‬كوتاوي‪ " ،‬استخدام األبناء لشبكات التواصل االجتماعي وانعكاساتها على العالقات األسرية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة وهران‪ ،‬كلية‬
‫العلوم االجتماعية‪ ،)2015 :‬ص‪.81‬‬
‫ً‬
‫‪ -2‬أنظر كال من‪:‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪81‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املواطنين للمظاهرات‪ ،‬وهو الش يء نفسه ما تم في إيران في ‪ 2006‬من تحريك للشارع اإليراني وتأليب املواطنين‬

‫ضد النظام السياس ي‪ ،‬وكذا ما تم في تركيا في ‪ 2017‬عندما تمكن الرئيس التركي من كسر محاولة االنقالب‪ ،‬ودعوة‬

‫املواطنين لحماية املكتسبات الديمقراطية والجمهورية‪ ،‬بوسيلة واحدة من وسائل التواصل االجتماعي هي‬

‫السكاي بي‪.‬‬

‫وفي هذا الصدد يكشف تقرير االعالم االجتماعي الذي أصدرته كلية دبي لإلدارة الحكومية أن دور االعالم‬

‫االجتماعي في الثورات التي اكتسحت املنطقة العربية كان مثار جدل كبير‪ ،‬وأنه املحرض الرئيس لتلك الثورات‪،‬‬
‫ويمكن القول أن الدعوات لالحتجاج في املنطقة العربية انطلقت من الفيس بوك ً‬
‫أساسا (‪.)1‬‬

‫ويضيف التقرير أن مستخدمي الفيس بوك في مصر وتونس ذهبوا إلى أن املوقع استخدم ً‬
‫أساسا لرفع الوعي في‬

‫بلدانهم بشأن الحركات االجتماعية ونشر املعلومات إلى العالم بشأن تلك الحركات والتنسيق بين الناشطين‬

‫وتنظيم التحركات (‪.)2‬‬

‫كما يؤكد التقرير حقيقة أن وسائل االعالم االجتماعي تمكنت من تشكيل اآلراء وتحقيق التغيير‪ ،‬وأنه بسبب‬

‫وجود نسبة كبيرة من الشباب في املنطقة العربية‪ ،‬وتزايد معدالت استخدامهم لوسائل االعالم االجتماعي فإن‬

‫ذلك اإلعالم سيستمر في لعب دور متزايد في التطورات السياسية واملجتمعية واالقتصادية في املنطقة العربية (‪.)3‬‬

‫‪ .5‬مصدر مهم للمعلومات واألخبار‪:‬‬

‫تمثل هذه الوسائل مصدر رئيس ي لتلقي املعلومات واالخبار السياسية ومجريات األحداث وخاصة لدى‬

‫الشعوب واملجتمعات التي تواجه حروب ومشاكل في هذه الفترة مثل سوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها من‬

‫البلدان‪ ،‬وبسببها تراجعت نسبة مشاهدة القنوات الفضائية‪ ،‬وشراء الجرائد اليومية والصحف الرسمية‪،‬‬

‫فسهولة استخدامها ومجانيتها من أهم أسباب تراجع نسبة متابعة تلك الوسائل األخرى‪ ،‬وألنه بإمكان الشخص‬

‫‪ -‬حسين‪ ،‬هالة (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.518‬‬


‫‪ -‬لكحل و زايدي‪ ،‬حليمة‪ ،‬رينة‪ .)2017( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪ -1‬تقرير االعالم االجتماعي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪ -3‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.24‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪82‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫حتى وإن كان في الشارع العام‪ ،‬أو في مقر عمله‪ ،‬أو في األسواق العامة أن يتلقى جديد األحداث‪ ،‬وآخر التطورات‬
‫دون أن يخسر ً‬
‫شيئا‪ ،‬أو يضطر لالنتظار حتى يعود إلى البيت ملشاهدة التلفاز والقنوات الفضائية‪.‬‬

‫‪ .6‬اختصار للوقت واختزال لإلجراءات‪:‬‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم من إيجابيات فقد ساعدت هذه الوسائل الناس على اختصار الكثير من الوقت والجهد‪،‬‬
‫ً‬
‫فبدال من السفر والتنقل بين املحافظات والبلدان إلنجاز بعض املهام مع ما يرافقه من مشقة ووقت طويل‬

‫إلنجاز تلك املهام يستطيع الفرد أن ينجز تلك املهام وهو متكئ على أريكته‪ ،‬ومستلقي على سريره دون تكبد عناء‬

‫السفر‪ ،‬أو إنفاق الكثير من املال والوقت‪.‬‬

‫قدرا ً‬
‫كبيرا من اإلجراءات‪ ،‬وسهلت الكثير من املعامالت‪ ،‬فباإلمكان اآلن أن تربط‬ ‫كما أن هذه الوسائل اختزلت ً‬

‫املؤسسة أو املركز أو الجامعة أو املركز موظفيها بواحدة من وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ومن خاللها تقوم‬

‫بتزويدهم بالتوجيهات واإلجراءات ومواعيد العمل واملهام املوكلة إليهم‪ ،‬بل إن الكثير من املؤسسات تنفذ العديد‬

‫من االجتماعات واللقاءات التي تتخذ من خاللها القرارات واإلجراءات التي تهم املؤسسة‪.‬‬

‫وهي اقتصادية في الجهد والوقت واملال في ظل مجانية االشتراك والتسجيل‪ ،‬فالفرد البسيط يستطيع امتالك‬
‫حيز على الشبكة للتواصل االجتماعي وليست ً‬
‫حكرا على أصحاب األموال أو أي فئة أخرى (‪.)1‬‬

‫‪ .7‬وسيلة لنسج العالقات االجتماعية‪:‬‬

‫استطاعت وسائل التواصل االجتماعي توسيع دائرة العالقات بين األفراد‪ ،‬ومدهم بصداقات اجتماعية على‬

‫مستوى املجتمع العربي (‪ .)2‬كما أن هذه الوسائل تعد وسيلة عابرة للحدود‪ ،‬فقد أتاحت لألفراد تكوين صداقات‬

‫من دول أخرى كما سهلت لهم ممارسة األنشطة الثقافية واالجتماعية التي تهدف إلى التقارب بين األفراد‪،‬‬

‫وتسهيل عملية التواصل مع اآلخرين (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬طلحة‪ ،‬كوتاوي (‪ ،)2015‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.344‬‬
‫‪ -3‬لحكل وزايدي (‪ ،)2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.37‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪83‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫اتصاليا ً‬ ‫ً‬
‫مهما في عصرنا هذا‪ ،‬فقد قفزت على الحضور الفيزيائي والتقارب الجغرافي‬ ‫وتمثل هذه الوسائل وسيطا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جديدا‪ ،‬يركز على الفضاءات االتصالية االفتراضية‪،‬‬ ‫تواصليا‬ ‫والتوافق الزمني والتماثل الثقافي‪ ،‬ووفرت مناخا‬

‫يلتقي من خالله أفراد أو جماعات من مختلف البيئات والثقافات إليصال أفكارهم وأحاسيسهم وتفاعالتهم‬

‫إلقامة عالقات افتراضية قد تنتهي عند حدود العالم االفتراض ي وقد تستمر في الواقع (‪.)1‬‬

‫‪ .8‬تمكن الفرد من اخراج طاقاته‪:‬‬

‫كل فرد يمتلك بداخله طاقات هائلة ومهارات عديدة وقدرات واسعة تحتاج فقط إلى من يستخرجها‪ ،‬ولذا يجد‬

‫الكثير من الناس في هذه الوسائل أفضل وسيلة لتفجير طاقاته وتنمية إبداعاته العلمية واألدبية والفنية‪ .‬فهي‬
‫ً‬
‫متنفسا على صفحاتهم الشخصية التي تمنحهم‬ ‫تساعد األفراد على إبراز ذواتهم‪ ،‬وإشباع حاجاتهم‪ ،‬ليجدوا‬

‫الشعور باالستقاللية والثقة بالنفس‪ ،‬وتقدير الذات بالصورة التي يرغبونها (‪ .)2‬إضافة إلى ذلك فهي تساعدهم‬

‫على اإلعالن عن الذات‪ ،‬وتمكنهم من أن يصبحوا صانعي املحتوى‪ ،‬ومن الوصول إلى جمهور أوسع (‪.)3‬‬

‫‪ .9‬تعد منصة للتدريب والتعليم‪:‬‬

‫تستطيع بعض الجامعات أو الكليات واملدارس أن تستخدم هذه الوسائل كأدوات مساعدة في التعليم‪،‬‬

‫ومنصات لتزويد الطالب باملراجع والخبرات واالستشارات وغيرها من األمور‪.‬‬

‫وقد أدركت بعض املدارس في الواليات املتحدة األمريكية الحاجة إلى دمج هذه الوسائل في الفصول الدراسية‪،‬‬

‫وبدأت بتقبل فكرة دخول وسائل االعالم االجتماعي في الفصول‪ ،‬ففي عام ‪ 2013‬قدمت مدرسة مقاطعة بيل‬

‫) ‪ )The peel District School Board‬على سياسة " احضار الجهاز الخاص بك" (‪ .)4‬وفيها يسمح للطالب بإحضار‬

‫أجهزة املوبايل واستخدامه أثناء عملية التدريس‪.‬‬

‫‪ -1‬شكيرب‪ ،‬أسيا‪ ،)2016( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81‬‬


‫‪ -2‬سعاد‪ ،‬بن جديري (‪ ،)2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.297‬‬
‫‪3‬‬‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84_%D8%AA%D9%88%D8%A‬‬
‫موقع وسائل التواصل ‪7%D8%B5%D9%84_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A‬‬
‫االجتماعي على ويكيبيديا تاريخ ‪.2021/1/2‬‬
‫‪ -4‬املرجع السابق‪ ،‬بتاريخ ‪.2020/7/1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪84‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫اإلبقاء على اتصال دائم بالعالم‪:‬‬ ‫‪.10‬‬

‫في السابق كان الفرد يجد صعوبة في الوصول السريع إلى أحد أقاربه أو زمالئه ومعاريفه وخاصة عندما يكون‬
‫في مدينه أو دولة أخرى‪ ،‬إذ يتطلب ذلك الوصول ً‬
‫أياما وربما أشهر حتى تصل إليه رسالة أو خبر عن موضوع‬

‫معين‪ ،‬لكن هذه الوسائل جعلت األشخاص في اتصال دائم مع العالم‪ ،‬فالفرد ‪-‬وفي أي نقطة في العالم‪ -‬هو في‬

‫حالة اتصال مع الجميع‪ ،‬وال يحتاج جزء من الثانية حتى يصله حدث معين كخبر وفاة قريب أو فرح عزيز عليه‬

‫أو ما شابه ذلك‪.‬‬

‫السماح بالديمقراطية‪:‬‬ ‫‪.11‬‬

‫من أبرز اإليجابيات التي وفرتها هذه الوسائل أنها أتاحت للجميع ً‬
‫نوعا من الديمقراطية والحرية في التعبير عن‬
‫آرائهم‪ ،‬واإلدالء بوجهات نظرهم املختلفة‪ ،‬فالفرد لم يعد ذلك الشخص املتلقي السلبي‪ ،‬وإنما أصبح ً‬
‫قادرا على‬

‫التعليق والنقد والتحليل واالبداع واإلضافة بكل حرية وديمقراطية‪.‬‬

‫وكما أن الفرد مستقبل وقارئ فهو مرسل وكاتب ومشارك‪ ،‬فهذه الوسائل تلغي السلبية املقيتة في اإلعالم القديم‬

‫وتعطي حيز للمشاركة الفاعلة (‪.)1‬‬

‫هذه كانت أهم وأبرز إيجابيات وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وهناك إيجابيات أخرى لم نتمكن من ذكرها‪ ،‬وما‬

‫نود أن نؤكد عليه أن طريقة االستخدام والتوازن في استعمالها هي املفتاح األساس ي لالستفادة من هذه‬
‫اإليجابيات‪ ،‬وفي نفس الوقت االستخدام السيئ سينعكس ً‬
‫سلبيا على املستخدم‪ ،‬وعندها تتحول هذه الوسائل‬

‫إلى أدوات للهدم ووسائل لتدمير الذات وسيصاب الشخص بالعدوانية واالكتئاب‪ ،‬واالعتزال واالغتراب‬

‫االجتماعي‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬السلبيات‪:‬‬
‫ً‬

‫كغيرها من األجهزة واألدوات والوسائل كالتلفاز أو االنترنت فإن وسائل التواصل االجتماعي تحمل بجوار‬

‫اإليجابيات العديد من السلبيات التي ينبغي على األسرة أن تتنبه لها حتى ال تقع فريسة سهلة لها مما يؤدي إلى‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.81‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪85‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫االبتعاد عن الغرض الذي من أجله وجدت هذه الوسائل‪ ،‬ولعل من أهم السلبيات التي رافقت هذه الوسائل ما‬

‫يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬العزلة االجتماعية‪:‬‬

‫من أبرز سلبيات وسائل التواصل االجتماعي أنها أوصلت بعض األفراد إلى مرحلة العزلة االجتماعية‪ ،‬فقد‬
‫ً‬
‫واسعا أمام العوالم االفتراضية البديلة عن العوالم الواقعية فبعض األفراد لم يتمكن من تحقيق‬ ‫فتحت الباب‬
‫ً‬
‫فشيئا عن هذا العالم‪،‬‬ ‫ما يريده في عامله الواقعي‪ ،‬ويشعر فيه بالغبن والقهر واملعاناة‪ ،‬ولذا فهو يبتعد ً‬
‫شيئا‬

‫ويقترب أكثر من عامله االفتراض ي‪ ،‬ليجد نفسه في يوم من األيام أمام معضلة العزلة االجتماعية‪ ،‬والنفور من‬

‫املشاركة االجتماعية‪.‬‬

‫وقد أكدت بعض الدراسات أن زيادة استخدام االنترنت ووسائل التواصل االجتماعي أدت إلى شعور املراهقين‬
‫ً‬
‫اتساعا أكثر‪ ،‬ولكن ليست بعمق‬ ‫بالوحدة النفسية‪ ،‬وأنها أثرت على نوعية التواصل مع اآلباء (‪ ،)1‬كما أنها تتيح‬

‫العالقات التي يحتاج إليها البشر (‪.)2‬‬

‫‪ .2‬وسيلة لبث الشائعات‪:‬‬

‫ألن هذه الوسائل متاحة لجميع األفراد للدخول إليها‪ ،‬واملشاركة بحرية دون أي قيود أو ضوابط فإنها تعد من‬

‫أسهل وأسرع الوسائل لبث الشائعات‪ ،‬فبإمكان أخبار كاذبة يتم نشرها من قبل بعض األشخاص بنية اإلشاعة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأحيانا بدون نية تنتقل في غالبية املجموعات والوسائل االجتماعية املختلفة‪ ،‬ليجد املجتمع نفسه غارقا في كم‬

‫هائل من االشاعات‪ ،‬التي تجعل الفرد يقع في وهم األكاذيب واإلشاعات‪ ،‬وفي أحسن األحوال تجعله يتوقف عن‬

‫تصديق أي منشور إال ما ندر‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Apple,M and Holtz, p & Stiglbaurti, B, Barinic, B. (2012). Parents as a resource; communication quality‬‬
‫‪affects the relationship between adolescent internet use and loneliness, Journal of Adolescence, 35,‬‬
‫‪pp. 1641-1648.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪-‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84_%D8%AA%D9%88%D8%A‬‬
‫موقع وسائل التواصل ‪7%D8%B5%D9%84_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A‬‬
‫االجتماعي على ويكيبيديا تاريخ ‪.2019/7/1‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪86‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬تدني مستوى التحصيل الدراسي‪:‬‬

‫أدت هذه الوسائل إلى تدني مستوى التحصيل الدراس ي والعلمي األكاديمي لدى الطالب‪ ،‬وهذا ما تكشفه‬
‫ً‬
‫العديد من الدراسات واألبحاث (‪ ،)1‬فبدال من أن تساهم في زيادة الحصيلة العلمية‪ ،‬وتكمل النقص الذي لم‬

‫تتمكن املدرسة أو األسرة من تحقيقه‪ ،‬نجدها تؤثر على ذلك املستوى‪ ،‬وهنا نود التأكيد أن الخطأ ليس في هذه‬

‫الوسائل بقدر ما هو في طريقة استخدام الطالب لها‪ ،‬فاستخدامهم املبالغ فيه إلى حد االفراط أو اإلدمان هو‬

‫الذي أدى إلى اهمال الواجبات املدرسية‪ ،‬والغياب املتكرر عن املدرسة‪ ،‬أو الذهاب إليها بجسم منهك وعقل نائم‬

‫أو غير ذلك مما أدى إلى أن ينعكس ذلك على مستوى التحصيل الدراس ي‪.‬‬

‫ً‬
‫إضافة إلى ذلك فغالبية الطالب مستخدمي هذه الوسائل ال يحملون أهدافا تعليمية أو علمية محددة عند‬

‫استخدامها‪ ،‬والصورة الذهنية لديهم – كما هي لدى غالبية األفراد واألسر – أن هذه الوسائل وجدت للترفيه‬

‫والتسلية وتكوين الصداقات وتعبئة العواطف‪ ،‬وهو ما جعل الهدف العلمي يغيب لدى الكثير منهم‪ ،‬رغم امتالك‬

‫هذه الوسائل للمعلومات الغنية واملفيدة والقيمة‪ ،‬غير أنه ال يتم االلتفات إليها‪ ،‬أو يتم املرور عليها دون إعمال‬

‫العقل في استيعابها وفهما‪.‬‬

‫وقد أشارت بعض الدراسات ضعف امتالك الطلبة ألهداف واضحة ومحددة من استخدام وسائل التواصل‬

‫االجتماعي (‪.)2‬‬

‫وقد قامت شركة تحليالت املواقع في سان أنطونيو بتحليل حوالي ‪ 2000‬تغريدة صادرة من الواليات املتحدة‬

‫األمريكية ومكتوبة باللغة اإلنجليزية في ‪ 2009‬وقامت بتدوين النتائج من خالل تقسيمها إلى ست فئات وحسب‬
‫النتائج فإن الثرثرة أو الكالم غير املفيد أحتل الصدارة بنسبة بلغت ً‬
‫تقريبا ‪ ،%40‬بينما حلت املحادثات في املرتبة‬

‫الثانية بنسبة ‪ ،%38‬أما املرتبة الثالثة فكانت من نصيب أمور أخرى بنسبة ‪ ،%9‬ثم جاءت رسائل البريد‬
‫االلكتروني املزعج في املرتبة الرابعة بنسبة ‪ ،%6‬ثم ً‬
‫أخيرا التغريدات حول األخبار بنسبة ‪.)3( %1‬‬

‫‪ -1‬كامل‪ ،‬سلمى حسين‪ .)2016( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص‪.301-269‬‬


‫‪ -2‬الحاوري‪ ،‬عبد الغني والحاوري‪ ،‬علي واليزيدي‪ ،‬أمين (‪ ،)2020‬مرجع سابق‪.‬‬
‫‪-3‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪87‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫سلبا على العالقات الزوجية واألسرية‪:‬‬


‫‪ .4‬أثرت ً‬

‫عملت هذه الوسائل على زيادة الشكوك بين الزوجين‪ ،‬وإلى إهمال الزوج ألمور البيت واألوالد والزوجة‪ ،‬وإلى برود‬

‫العواطف الزوجية‪ ،‬بل إنها أدت إلى ارتفاع نسبة الطالق‪ ،‬فقد أشارت بعض الدراسات إلى اآلثار الوخيمة لوسائل‬

‫التواصل االجتماعي خاصة الفيس بوك في ظل االستخدام الخاطئ على األسرة الفلسطينية وفقدان الثقة‪ ،‬وما‬

‫ترتب عليها من مشاكل وتصدع في املجتمع‪ ،‬وإلى ارتفاع نسبة الطالق (‪ .)1‬وأنه كلما زادت عدد الساعات التي يقضيها‬

‫الفرد على الواتس أب كان له تأثير على العالقات االجتماعية والزواجية واألسرية والوحدة النفسية (‪.)2‬‬

‫كما تعمل هذه الوسائل على تفاقم املشاكل األسرية واالجتماعية‪ ،‬ألنها تؤدي باألبناء إلى إهمال واجباتهم‬

‫ومسؤولياتهم الدراسية واألسرية واالجتماعية ليصل ذلك اإلهمال إلى مرحلة خطيرة يكون مادة خصبة للخالفات‬

‫األسرية واالجتماعية‪ ،‬مما يفاقم تلك املشاكل ويوسع الشرخ األسري‪.‬‬

‫وقد أشارت العديد من الدراسات إلى وجود تأثير سلبي الستخدام االنترنت على العالقات األسرية داخل املنزل‬

‫(التفكك األسري) بسبب قضاء وقت أطول في تصفح األنترنت‪ ،‬وانخفاض مستوى املشاركة في األمور العائلية‪،‬‬

‫كما أشارت إلى وجود تأثير سلبي على عالقات التواصل االجتماعي مع أصدقاء املجتمع املحلي (‪.)3‬‬

‫كما أشارت إلى أن الوقت الذي يقضيه الفرد أمام االنترنت ال يساعد في التعرف على مشاكل أسرته ً‬
‫سواء األخوة‬

‫أو األم أو األب أو الزوجة‪ ،‬وأن األفراد أصبحوا ال يجلسون مع أسرهم بسبب وسائل التواصل (‪ .)4‬وأن ثمة سلبيات‬

‫كثيرة على الصعيدين االجتماعي والثقافي بسبب استخدام تطبيقات الثورة الرقمية منها‪ :‬تفسخ العالقات األسرية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬سيادة روح الفردية‪ ،‬انعدام التفاعل والتواصل بين أفراد األسرة مما زاد من حدة الفجوة بين أفراد‬

‫األسرة (‪.)5‬‬

‫ً‬
‫نموذجا "‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي‬ ‫‪ -1‬الكرد‪ ،‬ضياء أحمد‪ " ،‬أثر شبكات التواصل االجتماعي على التوافق الزواجي في األسرة الفلسطينية " الفيس بوك‬
‫الرابع لكلية الشريعة" وسائل التواصل االجتماعي وأثرها على املجتمع"‪( ،‬جامعة النجاح‪ ،)2014 :‬ص‪.94‬‬
‫‪ -2‬املطوع‪ ،‬عبد العزيز بن صالح‪ .)2015( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ -3‬جعفر ومسلم‪ ،‬ضمياء عبد هللا‪ ،‬وسعاد حمود‪ "،‬أثر استخدام االنترنت في التفكك األسري االجتماعي‪ -‬دراسة مسحية لطلبة الجامعات العراقية"‪ ،‬مجلة‬
‫املستنصرية للدراسات العربية والدولية‪ ،‬ع‪( ،39‬جامعة املستنصرية‪ :‬بدون)‪ ،‬ص‪.232‬‬
‫‪ -4‬األحمري‪ ،‬فاطمة بنت محمد‪ .)2014( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪ -5‬محمد‪ ،‬سعيد أمين‪ " ،‬تأثير التكنولوجيا الرقمية – شبكة االنترنت – على كفاءة وأداء األسرة‪ ،‬تحليل سوسيولوجي لتأثيرات استخدام االنترنت"‪ ،‬مجلة‬
‫الفكر الشرطي‪ ،)2014( ،)23(90 ،‬ص ص ‪.298-275‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪88‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬أضرار صحية وجسمية‪:‬‬

‫يؤدي االفراط في استخدام وسائل التواصل االجتماعي إلى العديد من األضرار الجسيمة لعل من أهمها‪ :‬أضر ًار‬

‫على اليدين‪ ،‬واألذنين‪ ،‬وتصيب بعض األشخاص بالبدانة‪ ،‬وآالم في الرجلين والعمود الفقري‪ ،‬كما أنها تعود‬

‫الطفل على البالدة والكسل‪ ،‬وتؤدي إلى أوجاع في الرأس‪ ،‬وظهور آالم في الرقبة والظهر‪.‬‬

‫ويعاني مدمن وسائل التواصل االجتماعي من اآلالم في العينيين‪ ،‬وتلك الهاالت السوداء حولها‪ ،‬وآالم الرسغ وقلة‬

‫ساعات النوم والتعب واالرهاق الذي يؤدي إلى التقاعس عن الذهاب إلى العمل واملدرسة واهمال واجباته‬

‫املختلفة األسرية واألكاديمية (‪.)1‬‬

‫‪ .6‬االستغالل الجنسي‪:‬‬

‫تستخدم هذه الوسائل من بعض ضعاف النفوس‪ ،‬ومنعدمي الضمير في التحرش واالستغالل الجنس ي‪،‬‬

‫ويستخدمها البعض في تتبع املواقع التي تنشر الرذيلة والعري‪ ،‬وأكثر من يقع في هذه املشكلة هم املراهقون‬

‫والشباب الذين تتغيب عنهم – في الغالب ‪ -‬أو لم تتضح الرؤية واألهداف من هذه الحياة وال من دخول هذه‬

‫املواقع‪ ،‬ونتيجة ألنهم يعيشون بال أهداف أو غايات يسعون إلى تحقيقها‪ ،‬فهم أسهل ما يكون للوقوع فريسة‬

‫إلدمان مثل هذه املواقع‪.‬‬

‫وتجمع ً‬
‫تقريبا معظم الدراسات العربية التي بحثت في املوضوع أن الهدف الرئيس ي لعدد كبير من مستخدمي‬

‫االنترنت ووسائل التواصل االجتماعي هو الترفيه والتسلية وعلى رأسهم املراهقين وأن أكثر املواقع التي يدمنون‬

‫عليها هي‪ :‬حجرات الحوارات الحية أو غرف الدردشة‪ ،‬املواقع اإلباحية‪ ،‬األلعاب االلكترونية‪ ،‬نوادي النقاش أو‬

‫املنتديات (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬بو بعاية‪ ،‬سمية‪ " ،‬اإلدمان على االنترنت وعالقته بظهور اضطرابات النوم لدى عينة من الشباب الجامعي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد‬
‫بوضياف‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،)2017 :‬ص‪.22‬‬
‫‪ -2‬سليمة‪ ،‬حمودة‪ " ،‬اإلدمان على االنترنت‪ :‬إضطراب العصر"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،21‬ديسمبر‪ ،)2015( ،‬ص‪.219‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪89‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .7‬الترويج للعنف واإلرهاب والعدوانية‪:‬‬

‫يستغلها البعض وخاصة الجماعات املتشددة في الترويج ألفكارها املتطرفة وعمليات اإلرهاب‪ ،‬واستقطاب‬

‫الشباب وصغار السن ممن يسهل أدلجتهم واقناعهم بأفكارها التي في ظاهرها التدين‪ ،‬وفي باطنها التطرف‬

‫واإلرهاب والتشدد‪ ،‬وقد انتشرت مجموعة من املواقع املعادية للمعتقدات واألديان او املشجعة على االنتحار‬

‫وتعاطي املخدرات والعنف والشذوذ الجنس ي وغيرها (‪.)1‬‬

‫‪ .8‬التشوش الذهني والعصبي‪:‬‬

‫هذه من أبرز املشاكل التي تسببها وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬إذ أن الكم الهائل من املعلومات التي ينشر عليها‬
‫ً‬
‫يوميا مع تعدد تلك الوسائل تؤدي باملتابع واملشترك إلى مرحلة اإلغراق املعلوماتي واملعرفي‪ ،‬والتشتت الذهني‪،‬‬
‫وعسر الهضم ً‬
‫تماما كما يحدث للشخص إن هو أفرط في تناول الطعام والشراب‪.‬‬

‫‪ .9‬التباين في المعلومات المتاحة‪:‬‬

‫من أبرز السلبيات التي يواجهها مستخدمو هذه الوسائل هو التباين في املعلومات التي يتعرضون لها‪ ،‬فنتيجة‬

‫لعدم وجود هيئة أو مؤسسة رسمية تعد هي املسؤولة عن مصدر هذه املعلومات‪ ،‬وألن مصدر هذه املعلومات‬

‫هم األفراد عند ذلك تتباين املعلومات التي تتدفق على هذه الوسائل‪ ،‬وهذا أمر طبيعي وفي نفس الوقت تعد‬

‫مشكلة‪ ،‬فمن الصعب ضبط تلك املعلومات من خالل مؤسسة أو هيئة أو مركز‪ ،‬فاملعلومات متاحة لكل األفراد‪،‬‬
‫وهم يقومون بنشر املعلومات التي تصلهم ً‬
‫سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة‪.‬‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬جاد‪ ،‬سالمة األطفال على االنترنت‪ ،‬دراسة وطنية حول تأثير االنترنت على األطفال في لبنان‪(،‬لبنان‪ ،‬بدون)‪ ،‬ص‪.3‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪90‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الرابع‬
‫اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫في هذا املبحث سيتم تناول موضوع اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي الذي يعد من أبرز املشاكل التي‬

‫تؤرق الكثير من األسر واملجتمعات في هذا العصر‪ ،‬وهو الهدف األساس ي الذي يسعى إليه هذا الكتاب في محاولة‬

‫ملعالجته‪ ،‬وإعادة التوزان في استخدام هذه الوسائل الجديدة‪ ،‬وهي محاولة من الكاتب ملساعدة األفراد واألسر‬
‫واملراهقين بشكل خاص حتى ال يقعوا في مشكلة اإلدمان ألنه في هذه الحالة سيعاني الفرد ً‬
‫كثيرا من صعوبة‬
‫ً‬
‫التخلص منه إن هو أدرك وقوعه في هذه املشكلة‪ ،‬وسوف يتم تعريف اإلدمان أوال‪ ،‬ثم التطرق ألسباسبه‬

‫وأعراضه وأنواعه والنظريات املفسرة له كما يأتي‪:‬‬

‫تعريف اإلدمان‪:‬‬

‫اإلدمان هو في األساس هروب من الواقع الذي لم يتمكن صاحبه من تحمله‪ ،‬فالحياة يختلف النظر إليها من‬

‫شخص إلى آخر‪ ،‬فمن ينظر إليها على أنها تحديات وفرص ومغامرات ونجاحات فسوف يتجاوز كل عقبه تواجهه‬

‫أو تحدي يمر به‪ ،‬أما من ينظر إليها على أنها هموم ومشاكل ونكد وكبد فسيكون فريسة سهلة لالكتئاب والقلق‬

‫واإلدمان‪ ،‬ألنه يجد في اإلدمان وسيلة للهروب من تلك املشاكل والتحديات التي تواجهه‪ ،‬ويشعر باألمان – الخادع‬

‫– الذي افتقده في مجريات الحياة وتحدياتها‪ ،‬لكنه يجهل أن ذلك األمان الذي يوفره له أو تلك املتعة التي يجدها‬
‫ً‬
‫ليست سوى مسكن لحظي أو مخدر آني سرعان ما يزول أثره ليجد نفسه محاطا بكم هائل من املشاكل والهموم‪.‬‬

‫وقبل ظهور مصطلح إدمان وسائل التواصل االجتماعي ظهر مصطلح إدمان االنترنت الذي ُعرف " عام ‪1995‬‬

‫عندما نشر أونيل ‪ Oneill‬مقالة بعنوان سحر وإدمان الحياة على شبكة االنترنت‪ ،‬تبعه اقتراح جولد برغ‬

‫‪ Goldbern‬عام ‪ 1996‬بأن إدمان االنترنت هو اضطراب مميز بالفعل‪ ،‬وقد رأي أن هناك تشابه بين اإلدمان على‬

‫الكحول وبين السلوكيات املرتبطة باألنترنت" (‪)1‬‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬بن جديري (‪ ،)2016‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪146‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪91‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وتعد عاملة النفس األمريكية كيمبرلي يونغ ‪ Kimberly Young‬أول من وضعت مصطلح إدمان االنترنت ‪Internet‬‬

‫‪ Addection‬وهي من أوائل أطباء النفس الذين عكفوا على دراسة ظاهرة إدمان االنترنت في الواليات املتحدة‬

‫األمريكية (‪.)1‬‬

‫و" مصطلح ‪ Addiction‬هو مصطلح التيني كان يطلق على العبيد في الحضارة الرومانية وهو يدل على املديونية‬

‫والتبعية الجسدية ألسيادهم" (‪.)2‬‬

‫ويركز مفهوم اإلدمان في العلوم الطبية والنفسية على الزيادة واالفراط في استعمال العقاقير أو املؤثرات‬

‫الخارجية األخرى التي تؤثر في االستجابة الكيميائية والسلوكية " (‪.)3‬‬

‫ويعرفه البعض بأنه " االستخدام املرض ي للشبكة الذي يؤدي إلى اضطرابات في السلوك " (‪.)4‬‬

‫بينما تعرفه الزيدي بـ" االستخدام املطول لشبكة االنترنت ملدة ست ساعات أو أكثر في اليوم وعدم قدرة الفرد‬

‫االستغناء عنه" (‪.)5‬‬

‫كما عرفه عبد هللا بـ" ضعف مقاومة املستخدم لألنترنت من حيث تركه أو محاولة االبتعاد عنه‪ ،‬حيث يستحوذ‬
‫ً‬
‫قسريا مما يؤدي إلى ضعف األداء الوظيفي واملنهي‬ ‫ً‬
‫معتمدا عليه‬ ‫عليه بشكل قسري‪ ،‬بحيث يصبح الشخص‬

‫واالجتماعي"(‪.)6‬‬

‫أما الجمعية االمريكية للطب النفس ي ‪ APA‬فقد عرفته بأنه " اضطراب سيكولوجي قسري نتيجة عدم االشباع‬

‫من استخدام االنترنت‪ ،‬واملصاب بهذا االضطراب يعاني من أعراض عديدة" (‪.)7‬‬

‫‪ -1‬الزيدي‪ ،‬أمل بنت علي‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته بالتواصل االجتماعي والتحصيل الدراس ي لدى طلبة جامعة نزوى"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬جامعة نزوى‪ ،‬كلية‬
‫العلوم واآلداب‪ ،)2014 :‬ص‪.12‬‬
‫‪ -2‬قدوري‪ ،‬يوسف‪ " ،‬إدمان استخدام االنترنت وعالقته ببعض أعراض االضطرابات النفسية" ‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،19‬جوان‪ ،‬ص‪،273‬‬
‫(الجزائر‪ ،)2015 ،‬ص ص‪.284-271‬‬
‫‪ -3‬عبد هللا‪ ،‬محمد قاسم‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته بسمات الشخصية املرضية لدى األطفال املراهقين‪-‬دراسة ميدانية في حلب"‪ ،‬مجلة الطفولة العربية‪،‬‬
‫ع‪( ،62‬الكويت‪ ،‬بدون)‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫‪ -4‬سعاد‪ ،‬جاد (بدون)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫‪ -5‬الزيدي‪ ،‬أمل بنت علي بن ناصر‪ .)2014( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪ -6‬عبد هللا‪ ،‬محم قاسم (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -7‬سليمة‪ ،‬حمودة‪ .)2015( .‬مرجع سابق‪،‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪92‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وقد " ظهر مصطلح يطلق عليه انطوائية الكمبيوتر التي تعبر عن استمرار الفرد في الجلوس أمام الحاسوب‬

‫ساعات طويلة بشكل يشبه اإلدمان على القمار‪ ،‬وتوجد هذه الحالة لدى أفراد انعزاليين يلجأون لألنترنت ليفرغوا‬

‫فيها طاقاتهم وهموهم" (‪.)1‬‬

‫أعراض اإلدمان‪:‬‬

‫هناك العديد من األعراض التي يعاني منها الشخص املدمن على وسائل التواصل االجتماعي تقع في مقدمتها ما‬

‫يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬االكتئاب واإلحباط‪:‬‬

‫من أبرز األعراض التي تظهر لدى الشخص املدمن لوسائل التواصل االجتماعي االكتئاب والشعور باإلحباط‪،‬‬

‫فالشخص املفرط في استخدامها‪ ،‬هو أكثر األشخاص عرضة للمشاكل واالضطرابات النفسية مثل‪ :‬القلق‬

‫واالكتئاب ألنه كلما زاد من إفراطه في االستخدام كلما تراجعت مهاراته االجتماعية والشخصية واألسرية‪ ،‬األمر‬

‫الذي يؤدي به إلى مواجهة صدمات نفسية مع املجتمع واألسرة واملحيطين به‪ ،‬لتتحول تلك الصدمات إلى حالة‬

‫من االكتئاب‪.‬‬

‫ومن عالمات اإلدمان إصابة الشخص املدمن بالتوتر والعصبية إن توقف االنترنت‪ ،‬أو لم يتمكن من الدخول‬
‫ً‬
‫وضيقا وغير قادر على االسترخاء حتى‬ ‫ً‬
‫متوترا‬ ‫إليه نتيجة لعطل أو خلل في الجهاز أو أي ش يء آخر‪ ،‬فيجد نفسه‬

‫يتمكن من الدخول إلى االنترنت‪ .‬وقد أشارت بعض الدراسات واألبحاث إلى مستوى مرتفع من إدمان االنترنت‬

‫لدى طلبة الجامعات في فطاع غزة وأن هناك عالقة طردية بين إدمان االنترنت وبين االكتئاب (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬بو بعاية‪ ،‬سمية‪ .)2017( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬


‫‪ -2‬بشبس‪ ،‬صبا منير حسين‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته باالكتئاب والوحدة النفسية لدى طلبة الجامعات في قطاع غزة"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجامعة‬
‫اإلسالمية بغزة‪.)2018 :‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪93‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .2‬العزلة االجتماعية والشخصية االنسحابية‪:‬‬

‫من األعراض التي يسببها اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي انخفاض مستوى االندماج واملشاركة‬

‫االجتماعية‪ ،‬واالتصاف بالشخصية االنسحابية التي يرافقها إحساس بضعف مهارات التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫فالناس بحاجة إلى أن يروا بعضهم البعض‪ ،‬ويتكلموا مع بعضهم البعض ويشعروا ببعضهم البعض ويلمسوا‬
‫بعضا في أحيان ما وهذه املسائل غير واردة ً‬
‫مطلقا على وسائل التواصل االجتماعي (‪.)1‬‬ ‫بعضهم ً‬

‫‪ .3‬فقدان العديد من المهارات والهوايات‪:‬‬

‫نتيجة ألن الهدف الرئيس للشخص املدمن الهروب من الواقع‪ ،‬بمعنى أن ذلك الواقع يتطلب منه تحمل‬

‫مسؤولياته االجتماعية واألسرية والدراسية وغيرها من املسؤوليات التي تحتاج إلى تطوير مهاراته الذاتية لتواكب‬

‫تلك املسؤوليات‪ ،‬ونتيجة ألنه يرفض ذلك التطوير ‪ -‬حتى وإن لم يعي ذلك الرفض ‪ -‬فإن تلك املهارات في تراجع‬

‫مستمر‪ ،‬فالعصر بتغيراته املستمرة وتطوراته الهائلة تحتم على الشخص تطوير ذاته بشكل مستمر ليواكب ذلك‬
‫العصر وإال سيجد نفسه في يوم من األيام خارج إطار الزمن ً‬
‫بعيدا عن إيقاعاته‪.‬‬

‫‪ .4‬مشكالت عديدة مع األسرة والمجتمع‪:‬‬

‫يؤدي اإلدمان بالفرد إلى أن يدخل في مشاكل مختلفة مع كل من يحيط به من أخوه ووالدين ومجتمع ومدرسة‪،‬‬

‫فهو في صراع دائم ألنه يقصر في دوره األسري‪ ،‬وفي دوره االجتماعي‪ ،‬يقصر حتى مع نفسه وال يدرك أو ال يريد ان‬

‫يدرك أنه مقصر‪ ،‬هذا التقصير هو الذي يدخله في مشاكل مستمرة‪ ،‬مع كل من يحيط به ألنه انكفأ على ذاته‬

‫واغترب عن أسرته ومجتمعه‪.‬‬

‫وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن الوقت الذي يقضيه األفراد مع وسائل التواصل املختلفة ال يساعدهم في‬

‫التعرف على مشاكل األسرة‪ ،‬وأن االفراد ال يجلسون مع أسرهم بسبب تلك الوسائل الحديثة (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬فطاير‪ ،‬جواد‪ ،‬اإلدمان أنواعه ومراحله وعالجه‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الشروف‪ :‬بدون)‪ ،‬ص‪.123‬‬
‫‪ -2‬االحمري‪ ،‬فاطمة بنت محمد‪ .)2014( .‬مرجع سابق‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪94‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫اهتماما باالنخراط أو االنسجام مع من حولهم في الحياة‪ ،‬فهم أقل‬ ‫والناس املشدودين لهذه الوسائل هم أقل‬
‫ً‬ ‫اهتماما بذويهم وجيرانهم وزمالئهم في العمل‪ ،‬وهناك من يقض ي ً‬
‫ً‬
‫وقتا طويال أمام هذه الوسائل أكثر مما يهم‪ ،‬أو‬

‫يعتني بإصالح عالقات متوترة مع اآلخرين‪ ،‬وهناك من يفقد اإلحساس بالزمان واملكان عندما يرتبط بهذه الوسائل‬

‫(‪.)1‬‬

‫‪ .5‬الشعور بالحاجة إلى المزيد من الوقت‪:‬‬

‫يشعر املدمن بالحاجة املستمرة إلى املزيد من الوقت على وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬حتى ولو سبق له أن‬
‫ً‬ ‫قض ى ً‬
‫وقتا طويال‪ ،‬إال أنه يشعر بالرغبة في العودة مرة أخرى واالستمرار في استخدام تلك الوسائل‪ ،‬ولذلك فهو‬

‫غير قادر على التحكم في الوقت الذي يقضيه فهو يدخل على هذه املواقع بنية البقاء لساعة أو ما يقاربها‪ ،‬إال أن‬

‫الساعات تمش ي عليه الواحدة تلو األخرى دون التمكن من التحكم في ذلك الوقت املهدور‪ ،‬وكلما حاول التوقف‬

‫عن االستخدام راودته أفكار ترغبه في االستمرار في استخدام تلك الوسائل‪.‬‬

‫وفي نظر عاملة النفس األمريكية كميرلي يونج وهي أول من أهتم بإدمان األنترنت فإن استخدامه ألكثر من ‪38‬‬
‫ً‬
‫مؤشرا على اإلدمان (‪.)2‬‬ ‫ً‬
‫سبوعيا يعد‬‫ساعة أ‬

‫‪ .6‬إخفاء الفترة الحقيقية‪:‬‬

‫املدمن على وسائل التواصل االجتماعي ال يستطيع إعطاء الحقيقة ألسرته وأقاربه عن الوقت الحقيقي الذي‬
‫يقضيه مع هذه الوسائل‪ ،‬ألنه يشعر بالتأنيب املستمر لذا فهو يحاول ً‬
‫دائما الكذب عليهم‪ ،‬واظهار عدم اكتراثه‬

‫بوسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫تلك كانت أهم األعراض التي يعاني منها املدمن على وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ويجب اإلشارة إلى أن هناك فرق‬

‫بين من يستخدم وسائل التواصل االجتماعي الن عمله يتطلب ذلك‪ ،‬وبين من يستخدمها بدون هدف‪ ،‬فبعض‬
‫األشخاص الذين ربما يعد ذلك ً‬
‫جزءا من عملهم ووظيفتهم التي تتطلب تواصل مع الزبائن أو املشتركين‪ ،‬ولذا فال‬

‫يعد مثل هؤالء األشخاص مدمنون ألنهم ال يشعرون بالقيود التي تلفهم من كل جانب‪ ،‬فبمجرد االنتهاء من تلك‬

‫‪ -1‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124‬‬


‫‪ -2‬األحمري‪ ،‬فاطمة بن محمد (‪ ،)2014‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪95‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املهام املوكلة إليهم بإمكانهم القيام بأعمالهم الطبيعية دون الدخول القسري لتلك الوسائل كما هو بالنسبة‬

‫للمدمن‪.‬‬

‫النظريات المفسرة لإلدمان‪:‬‬

‫يصبح الفرد غير مدمن لوسائل التواصل االجتماعي إذا قام بمهامه ومسؤولياته العائلية واألسرية واالجتماعية‬

‫واألكاديمية بشكل جيد‪ ،‬وإذا تمكن من القيام بواجباته وهواياته مثل القراءة والتسوق‪ ،‬مع توفر خدمة االنترنت‬

‫ولديه الحرية الكاملة في استخدامه لكنه يفضل القيام بمهامه وهواياته‪.‬‬

‫وهناك العديد من النظريات التي تفسر عملية اإلدمان كالنظرية السلوكية‪ ،‬واالتجاه املعرفي‪ ،‬واالتجاه‬

‫االجتماعي‪ ،‬وكذا السيكودينامي وغيرها من النظريات‪.‬‬

‫وكل نظرية تساهم في تكوين نظرة تساعدنا على فهم إدمان وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فالنظرية السلوكية‬

‫نظرت إلى أن هذا االدمان على أنه عبارة عن سلوك متعلم‪ ،‬ويمكن حله من خالل التحكم في املثيرات الخارجية‪،‬‬

‫أما االتجاه السيكودينامي فينظر له على أنه هروب من الواقع املليء باملشاكل كواقع بديل‪ ،‬ويرجع االتجاه‬

‫االجتماعي مسببات االدمان إلى ثقافة املجتمع وباإلمكان التحكم في اإلدمان من خالل التحكم في ثقافة املحيط‪،‬‬

‫ويرى أصحاب االتجاه املعرفة أن إدمان االنترنت يرجع إلى البنى املعرفية الخاطئة لدى الشخص‪ ،‬ويمكن التحكم‬

‫بإدمان االنترنت من خالل تصحيح البنى املعرفية وقد ساهمت هذه النظريات في خلق نظرة شمولية إلدمان‬

‫االنترنت" (‪.)1‬‬

‫ويضيف االتجاه املعرفي أن املعارف التي تسبب سوء التكيف مع البيئة واملحيطين كافية للشباب في ظهور‬

‫مجموعة من األعراض املرتبطة باضطراب إدمان االنترنت‪ ،‬فانخفاض كفاءة الذات‪ ،‬وتقدير الذات السلبي‪،‬‬

‫والتشوهات املعرفية حول الذات‪ ،‬هي تشوهات معرفية وإدراكات سلبية يتبناها األفراد الذين يعانون من‬

‫‪ -1‬بشبس‪ ،‬صبا منير (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪96‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫مشكالت نفسية عن ذواتهم وعن شخصيتهم‪ ،‬تجعلهم يفضلون االندماج والتفاعل في األنشطة والخدمات التي‬
‫يقدمها االنترنت باعتباره أقل ً‬
‫تهديدا من التفاعل مع اآلخرين" (‪ ،)1‬وهذا هو السبب الذي يؤدي إلى اإلدمان‪.‬‬

‫" التفسير السيكودينامي على خبرات مرحلة الطفولة أو ما يسمى بالطفولة املبكرة‪ ،‬وارتباط ذلك ببعض سمات‬

‫الشخصية‪ ،‬واالضطرابات وامليول والنزاعات املوروثة لدى الفرد" (‪.)2‬‬

‫أسباب اإلدمان‪:‬‬

‫هناك العديد من األسباب التي تؤدي إلى اإلدمان من أهمها‪:‬‬

‫‪ .1‬الهروب من الواقع‪:‬‬

‫االدمان ينتج بسبب عدم قدرة الشخص على التعامل مع واقعه‪ ،‬ألن الحياة بشكل عام فيها الكثير من التحديات‬
‫التي تواجه كل فرد‪ ،‬وهو يواجه ً‬
‫يوميا العديد من الضغوطات التي لم يكن يتوقعها‪ ،‬ضغوطات من األصدقاء‪،‬‬

‫ومن األسرة‪ ،‬واملجتمع‪ ،‬وجهة العمل‪ ،‬باإلضافة إلى ضغوطات دراسية وثالثة سياسية ومالية وغيرها الكثير من‬

‫الضغوطات‪ ،‬ونتيجة ألن الكثير من الناس غير مدرك لكيفية مواجهة تلك الضغوطات فإنه يعلن عجزه عن‬
‫املواجهة‪ ،‬وكتعبير عن ذلك العجز فإنه يتجه إلى تدمير ذاتيه من خالل اإلدمان ً‬
‫سواء على التدخين أو الكحول‬
‫ً‬
‫أو الجنس أو وسائل التواصل االجتماعي‪ .‬بدال من مواجه تلك الضغوطات والتحديات بنفس قوية وعزيمة ال‬

‫تنكسر‪.‬‬

‫إن أولئك الذين يعانون من اضطرابات عاطفية أو من خجل اجتماعي زائد‪ ،‬أو نقص في املهارات االجتماعية‬

‫العامة أو يعانون من انعدام أو نقص الثقة بالنفس أو حب نسبي للناس هم املعرضون أكثر ألن يقعوا فريسة‬

‫لإلدمان (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬بن جديري (‪ ،)2016‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.152‬‬


‫‪ -2‬بو بعاية‪ ،‬سمية‪ .)2017( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.20‬‬
‫‪ -3‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.123‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪97‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وقد خلصت بعض الدراسات إلى أن األسباب املؤدية لإلدمان على الفيس بوك هي أسباب نفسية بالدرجة‬

‫األولى‪ ،‬والهروب من الواقع املعاش ورغبة من املدمنين في رسم صورة خاصة للذات تسمح لهم بإعادة تقدير ذواتهم‬

‫املنخفضة (‪.)1‬‬

‫‪ .2‬الشخصية العصابية‪:‬‬

‫الفرد ذو الشخصية العصابية قد يكون ضحية سهلة لإلدمان أكثر من الفرد ذي الشخصية املتزنة والسوية‬
‫ً‬
‫تعرضا وحساسية لإلدمان من الشخص الذي‬ ‫واملتكاملة‪ ،‬والشخص الذي يتمتع بتوازن وانسجام عاطفي أقل‬
‫ً‬
‫عاطفيا (‪.)2‬‬ ‫يعاني‬

‫وقد أكدت بعض الدراسات وجود عالقة وطيدة بين الشخصية العصابية والوحدة النفسية من جهة‪،‬‬

‫واإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي واالنترنت من جهة أخرى (‪.)3‬‬

‫‪ .3‬االفتقار للحب‪:‬‬

‫االفتقاد للعاطفة يجعل املراهقين يلهثون وراء االشباع الوهمي واللذة املؤقتة‪ ،‬وإطالق الرغبات الدفينة والتعبير‬

‫عنها عبر غرف الدردشة‪ ،‬وتفريغ شحنات الغضب والكبت والعدوانية (‪.)4‬‬

‫االدمان قد يشير إلى خيبة األمل من الناحية العاطفية‪ ،‬وإلى االفتقار للجانب الوجداني للفرد‪ ،‬ولذا فهو يبحث‬

‫عن ذلك االشباع عن طريق وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬من خالل التواصل مع الجنس اآلخر لعله يشبع ذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واستجداء لتلك املشاعر العاطفية عند هذه‬ ‫الجانب الذي يفتقده‪ ،‬وهو ما يجعله يقض ي الساعات الطوال بحثا‬

‫الفتاة أو تلك‪ ،‬والعكس كذلك عند البنات‪.‬‬

‫وقد أظهرت بعض الدراسات أن اإلناث مدمنات على االنترنت أكثر من الذكور‪ ،‬وهن يعانين من االضطرابات‬

‫النفسية أكثر من تعرض الذكور‪ ،‬وقد فسرت تلك النتائج بسبب ضعف اإلناث إذ ال يستطعن مواجهة العالم‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬بن جديري (‪ ،)2016‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.293‬‬


‫‪ -2‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫‪3‬‬
‫‪- Hardie, Elizabeth & Tee, Ming (2007). Excessive Internet Use; The Role of Personality, Loneliness and‬‬
‫‪Social Support Networks in Internet Addiction, Australian Journal of Emerging Technolgies and Society,‬‬
‫‪5,(1); pp 34-47.‬‬
‫‪ -4‬سليمة‪ ،‬حمدوة‪ .)2015( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.217‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪98‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الواقعي بتغيراته وتطوراته فتلجأ إلى العالم االفتراض ي وتستخدم فيه كافة امليكانيزمات الدفاعية للوصول إلى‬

‫األمن النفس ي الغير متحقق في العالم الحقيقي (‪.)1‬‬

‫‪ .4‬فقدان الصحة النفسية‪:‬‬

‫توصلت بعض الدراسات إلى أن فقدان الصحة النفسية والشعور بالقلق واالكتئاب والعزلة االجتماعية‬
‫ً‬
‫نفسيا (ادمان‬ ‫الناتجة عن سوء استخدام وسائل التواصل االجتماعي هو الذي يولد االعتماد على االنترنت‬
‫السعادة) يجعل الفرد ً‬
‫مدمنا للسلوك أو الشعور الذي يؤدي إلى اإلحساس بالسعادة املؤقتة (‪.)2‬‬

‫‪ .5‬البطالة أو الفراغ‪:‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫عمال‪ ،‬أو أن لديه ً‬ ‫يجد البعض في وسائل التواصل االجتماعي ً‬
‫وقتا طويال‬ ‫مكانا لقضاء وقت الفراغ‪ ،‬فربما ال يجد‬
‫ً‬
‫ال يدري أين ينفقه‪ ،‬ولذا فهو يتجه لتبديده متنقال بين هذه الوسائل االجتماعية‪ ،‬ومن هنا تبدأ املشكلة وتظهر‬
‫ً‬
‫االنحرافات‪ ،‬فالشخص العاطل عن العمل‪ ،‬أو الذي ال يحمل أهدافا في حياته هو األكثر عرضة لكل أنواع‬

‫املشاكل واالنحرافات واألمراض النفسية والعضوية‪.‬‬

‫ففي البداية يتجه الفرد نحو املادة أو الش يء املسبب لإلدمان‪ ،‬ثم يحاول تجربتها بهدف الفضول أو حب‬

‫االستطالع أو التقليد أو إثبات الذات دون أن يقصد اإلدمان عليها‪ ،‬ودون علمه بأنها ستسبب له مشاكل فيما‬
‫قدرا ً‬
‫كبيرا من‬ ‫بعد‪ ،‬وهذه املرحلة هي البداية األولى الحتمال حدوث اإلدمان‪ ،‬فإذا كانت التجربة قد أحدثت ً‬

‫السعادة واالنشراح وتم تفسير ذلك على أنه إيجابي فإنه سيكرر التجربة مرة أخرى‪ ،‬وهكذا حتى يعتاد عليها‬

‫وبعدها يصبح مدمن عليها‪ ،‬أما إذا أحدثت له رد فعل سلبية فإنه سينفذ من اإلدمان (‪.)3‬‬

‫‪ -1‬قدوري‪ ،‬يوسف (‪ ،)2015‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.283‬‬


‫‪ -2‬سراج‪ ،‬ثريا محمد‪ " ،‬سوء ا ستخدام االنترنت وعالقته ببعض سمات الشخصية لدى عينة من طالب الجامعة (دراسة سيكومترية ‪-‬‬
‫اكلينيكية)"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ( ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬كلية التربية‪ ،)2007 :‬ص‪.25‬‬
‫‪ -3‬سليمة‪ ،‬حمدوة‪ .)2015( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.215‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪99‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫أنواع اإلدمان‪:‬‬

‫يمثل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي مشكلة كبيرة تؤرق الوالدين‪ ،‬وتعاني منها الكثير من األسر‬

‫وهناك العديد من الدراسات واألبحاث وكذا مقاالت الصحف والجرائد الرسمية وغير الرسمية التي تشير إلى تلك‬

‫املشكلة التي تعاني منها األسرة‪ ،‬فاألبناء والبنات ينهمكون مع وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ونسوا أو تناسوا‬
‫واجباتهم ومسؤولياتهم الشخصية واألسرية واالجتماعية والدينية وغيرها من املسؤوليات‪ .‬وهناك ً‬
‫أنواعا عديدة‬

‫من اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي منها‪:‬‬

‫‪ .1‬إدمان المواقع الجنسية‪:‬‬

‫بعض الشباب واملراهقين يقع فريسة إدمان املواقع الجنسية‪ ،‬أو تلك املواقع ذات اإليحاءات الجنسية مثل‪:‬‬

‫الرقص وصور الفنانين والفنانات وعارضات األزياء ومسابقات الجمال باإلضافة إلى متابعة القصص الجنسية‪.‬‬

‫‪ .2‬إدمان المحادثات وغرف الدردشة‪:‬‬

‫يقع البعض من الشباب في إدمان غرف الدردشة ً‬


‫سواء كانت الدردشة تتم مع أشخاص من نفس الجنس أو‬

‫من الجنس اآلخر‪ ،‬مع أن الغالب على ذلك هو الدردشة مع أشخاص من الجنس اآلخر في محاولة منهم لبناء‬
‫ً‬
‫عالقات عاطفية‪ ،‬واالستماع إلى عبارات الهوى والحب‪ ،‬ونجد البعض يقض ي الليل كله متنقال من محادثة إلى‬

‫أخرى‪.‬‬

‫‪ .3‬إدمان األلعاب االلكترونية‪:‬‬

‫يدمن بعض الشباب األلعاب االلكترونية‪ ،‬وهذا النوع من اإلدمان يعد أخف ً‬
‫ضررا من إدمان املواقع الجنسية‪،‬‬

‫وكذا إدمان الدردشات‪ ،‬غير أنه قد يؤدي بعض األضرار بالشخص املدمن مثل‪ :‬جمود العقل‪ ،‬وتبلد اإلحساس‬

‫ألن ذلك اإلدمان يؤدي إلى توقف الشخص عن تطوير ذاته‪ ،‬وإعمال عقله فيما ينفعه ويفيده‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪100‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .4‬اإلدمان على المعلومات واألخبار‪:‬‬

‫ضررا‪ ،‬وفيه يدمن الشخص على متابعة االخبار واألحداث‪ً ،‬‬


‫سواء كانت سياسية‬ ‫هذا يعد أخف أنواع اإلدمان ً‬

‫كالحروب واملشاكل والصراعات وكل ما يتعلق بالتغييرات السياسية‪ ،‬أو كانت أحداث فنية كمتابعة أخبار‬

‫الفنانين وتحركاتهم وحفالتهم‪ ،‬أو كانت أحداث علمية أو اجتماعية أو أي نوع آخر‪.‬‬

‫تلك كانت بعض أنواع اإلدمان التي يجمعها قاسم مشترك يتمثل ذلك في الهروب من الواقع‪ ،‬واالنسحاب من‬

‫املجتمع نتيجة لبعض االضطرابات وضعف املهارات االجتماعية‪ ،‬فالشخص السعيد الواثق من نفسه ال يبحث‬

‫عن سعادته في شيئ سيتحول فيما بعد إلى مصدر للتعاسة واالكتئاب‪ ،‬والشخص الذي يتمتع بعالقات اجتماعية‬

‫وأسرية سليمة هو في مأمن من الوقوع في تلك االنتكاسات‪ ،‬فمتانة العالقات والصداقات التي يتمتع بها تحميه‬

‫من االنزالق في ذلك اإلدمان‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪101‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل الثالث‬
‫رؤية مقترحة لكيفية االستفادة من وسائل التواصل‬
‫االجتماعي‬

‫املبحث األول‪ :‬دوراألسرة في مساعدة أبنائها‬

‫املبحث الثاني‪ :‬دورمؤسسات التنشئة االجتماعية‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪102‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الفصل الثالث‬
‫رؤية مقترحة لكيفية االستفادة من وسائل التواصل االجتماعي‬
‫بعد أن تناولنا في الفصلين السابقين األسرة والعالقات األسرية ووسائل التواصل االجتماعي بايجابياتها‬

‫وسلبياتها‪ ،‬ومشكلة اإلدمان على استخدامها‪ ،‬ها نحن نقدم للقارئ خالصة عامة‪ ،‬أو رؤية مقترحة لكيفية‬

‫التعامل الذكي مع تلك الوسائل بما ال يتجاهلها أو يهرب منها‪ ،‬أو يمتنع عن استخدامها‪ ،‬وفي نفس الوقت ال يفرط‬

‫في التعامل معها حتى يصل إلى مرحلة اإلدمان‪ .‬وهذه الرؤية تتوزع على منحيين األول‪ :‬وفيه يتم تناول الدور الذي‬

‫يمكن أن تقوم به األسرة لحماية أفرادها من الوقوع في إدمان تلك الشبكات‪ ،‬واملنحنى الثاني‪ :‬الدور الذي يمكن‬

‫أن تقوم به مؤسسات التنشئة االجتماعية كاملدرسة واملسجد واالعالم والجامعات واملراكز وغيرها من املؤسسات‬

‫كدور مكمل ملساعدة األسرة بأفرادها على االستفادة اإليجابية من وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬واالبتعاد قدر‬

‫اإلمكان عن سلبياتها‪.‬‬

‫وهذه الرؤية تتضمن بشكل رئيس ي الدور الذي يمكن أن تقوم به األسرة – كونها من أهم مؤسسات التنشئة‬

‫االجتماعية – تجاه أفرادها من ناحيتين األول‪ :‬مساعدة أفرادها على االستفادة من هذه الوسائل حتى ال يقعوا‬

‫فريسة إدمانها‪ ،‬والثانية‪ :‬تعامل األسرة مع األفراد الذين وقعوا فريسة لإلدمان رهينة اإلدمان‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪103‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث األول‬
‫دوراألسرة في مساعدة أبنائها لالستفادة من وسائل التواصل االجتماعي‬
‫مهمة اآلباء ال تتوقف عند توفير متطلبات األكل والشرب والراحة والنوم ألبنائهم‪ ،‬فهذه وإن كانت مهمة‬
‫وضرورية ‪ -‬وخاصة للصغار ‪ -‬إال أن هناك ً‬
‫أدوارا أهم وأخطر من هذه املهام‪ ،‬تتمثل في مهمة بناء اإلنسان‪ ،‬هذا‬

‫اإلنسان الذي سيكون في يوم من األيام رب أسرة‪ ،‬وفرد في املجتمع‪ ،‬وعضو في جماعة‪ ،‬وعامل في شركة‪ ،‬وبالتالي‬
‫ً‬
‫ومحكما فسيتمكن الفرد من أداء أدواره بشكل سليم‪ ،‬ومن هنا على اآلباء أن يتعلموا فنون‬ ‫إن كان البناء ً‬
‫سليما‬

‫التربية‪ ،‬وفي مقدمتها تربية األبناء بما يتناسب مع متطلبات العصر‪ ،‬عصر املعرفة‪ ،‬وعصر التكنولوجيا‪.‬‬

‫فغزارة املعلومات واملعارف التي يتعرض لها الفرد ً‬


‫يوميا من القنوات الفضائية ووسائل التواصل االجتماعي‬

‫وغيرها من األدوات تحتم عليه أن يمتلك مهارات عقلية عليا مثل‪ :‬مهارات التحليل‪ ،‬والنقد والتمحيص واالبداع‬

‫والرفض والفهم وغيرها من املهارات التي من خاللها سيتمكن من التفاعل اإليجابي مع هذه املعارف وتمحيص‬

‫املعلومات التي ال تنسجم مع املنطق‪ ،‬وإال فإنهم سيقعوا ضحية الكثير من التيارات الفكرية الهدامة‪ ،‬أو أسري‬
‫العديد من العادات السلبية‪ ،‬أو أشبه بالقشة في مهب الريح يسيروا ً‬
‫يمينا ألن الناس يسيروا كذلك‪ ،‬ثم يعودوا‬
‫ً‬
‫يسارا ألن الناس يريدوا ذلك‪.‬‬

‫وهناك حرص دائم من اآلباء على أن يبعدوا أبنائهم عن كل مصادر االنحراف وسوء االستعمال‪ ،‬ولكنهم وصلوا‬

‫إلى مرحلة أصبحوا فيها شبه عاجزين عن ضبط مثيرات البيئة‪ ،‬وعلى األخص ما يتعلق بتقنية االنترنت ووسائل‬

‫التواصل االجتماعي فال سبيل ملع أبنائهم من دخول الويب وتصفح الفيس بوك أو البريد االلكتروني والتواصل‬

‫مع أصدقاء من شتى بقاع األرض‪ ،‬ومعرفة معلومات مختلفة ابتداء باملعلومات الشخصية البسيطة وانتهاء‬

‫باملعلومات الجنسية والسياسية (‪.)1‬‬

‫من هنا تكمن أهمية توفير الدعم النفس ي واملعنوي لألوالد من خالل توفير بيئة آمنة‪ ،‬وملئ فراغهم بالبرامج‬

‫املفيدة واملوجهة مثل‪ :‬البرامج الرياضية واالجتماعية والثقافية وغيرها‪ ،‬وتنمية عالقاتهم االجتماعية وتشجيعهم‬

‫‪ -1‬عبد هللا‪ ،‬محمد قاسم‪( .‬بدون)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،12‬ص ص‪32-9‬ئ‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪104‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫على بناء صداقات حقيقية‪ ،‬وتحديد أوقات استخدام االنترنت واملدة وضبطها‪ ،‬وأخذ الحيطة والحذر إلى ما ينتج‬

‫من عالقات عبر صفحات التواصل االجتماعي‪ ،‬واالبتعاد عن أسلوب التحقيق وإصدار األحكام (‪.)1‬‬

‫أوًال‪ .‬إرشادات للتعامل مع األفراد الذين لم يصلوا إلى مرحلة اإلدمان‪:.‬‬

‫توجد العديد من اإلرشادات واملقترحات التي تستطيع األسرة القيام بها تجاه أفرادها حتى تقيهم من الوقوع في‬

‫إدمان وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وفي نفس الوقت تمكنهم من االستفادة اإليجابية من تلك الوسائل ومن تلك‬

‫اإلرشادات ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬مساعدة األبناء في اختيار الوسيلة المناسبة‪:‬‬

‫يستطيع اآلباء أن يجلسوا مع أبنائهم بشكل ودي وصادق‪ ،‬والحوار معهم حول مختلف الوسائل االجتماعية‬

‫– وهي كثيرة – من حيث أهمية كل وسيلة واملزايا التي تمتلكها والتطبيق األنسب لها‪ ،‬ألن هناك بعض الوسائل‬

‫ال يمثل دخولها أهمية بالغة للفرد‪ ،‬وخاصة إن كان لديه حساب أو حسابين في وسائل أخرى‪ ،‬وبالتالي فإن كثرة‬

‫االشتراكات في وسائل التواصل االجتماعي لن تشكل لهم أي إضافة حقيقية على معارفهم ومهاراتهم وعالقاته‪،‬‬

‫وفي املقابل – وهو الغالب – وإن زيادة عدد الساعات سيؤدي إلى االنشغال عن الكثير من املهام الدراسية‬

‫واألسرية واالجتماعية‪.‬‬

‫‪ .2‬تكثيف معرفة اآلباء بوسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬

‫هذا الدور يعتبر ً‬


‫مهما لكي يتمكن اآلباء من مساعدة أبناءهم بشكل أفضل‪ ،‬وحتى يكونوا على اطالع ومعرفة‬
‫ً‬ ‫بما ينفع أبنائهم وما يضرهم‪ ،‬واألمر ليس بالصعب عليهم‪ ،‬ولن يأخذ منهم ً‬
‫وقتا طويال‪ ،‬وكل ما عليهم هو الدخول‬

‫على االنترنت‪ ،‬والبحث عن أي سؤال يخطر على بالهم حول تلك الوسائل وسيتلقون اإلجابة بكل سهولة ويسر‪،‬‬
‫ً‬
‫وفي نفس الوقت سيتمكنون من إفادة أبناءهم بشكل أكثر إيجابية‪ ،‬وهنا نؤكد أن الكثير من اآلباء ال يلقي باال‬

‫للمعرفة بهذه الوسائل‪ ،‬وال يحاول أن يغذي معلوماته حول ما تمتلكه من ايجابيات ومن سلبيات‪ ،‬وهو في هذه‬

‫‪ -1‬سعاد‪ ،‬بن جديري (‪ ،)2016‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪.157-155‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪105‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬سيساهم – بتكاسله – في زيادة الهوة بين األجيال‪ً ،‬‬
‫ثانيا‪ :‬لن يكون الهتمامه‬ ‫الحالة يقصر من عدة نواحي‪،‬‬

‫في مساعدة أبناءه أي معنى‪ ،‬أو على أحسن األحوال ستكون تلك التوجيهات محدودة الفاعلية ألنها لن تكون‬

‫مستندة إلى معرفة واسعة‪ ،‬ناهيك أنه سيحرم أبنائه من توجيهاته املستندة على املعرفة‪ ،‬وفي نفس الوقت‬

‫سيتركهم عرضة لسلبيات تلك الوسائل‪.‬‬

‫هذه املعرفة ستمكن اآلباء من توعية أبنائهم حول بعض املفاهيم ذات الصلة بوسائل التواصل االجتماعي مثل‪:‬‬

‫الخصوصية‪ ،‬الكشف عن الذات‪ ،‬وغيرها من املفاهيم‪.‬‬

‫فقد يتعرض االبناء إلى محتويات مزعجة مذلة مهينة محرجة عدوانية في رسائل البريد والدردشات‪ ،‬والبيع‬

‫غير املشروع لألسلحة والبضائع املسروقة واملخدرات واملواد املمنوعة‪ ،‬واالستغالل والتحرش الجنس ي‪ ،‬والعالقات‬

‫العاطفية‪ ،‬والتعرض ملحتويات غير الئقة‪ ،‬وانتهاك الخصوصية‪ ،‬واالحتيال والخدع‪ ،‬والقمار وامليسر‪ ،‬وخطر‬

‫تبادل امللفات‪ ،‬وجرائم املعلومات واقتحام أجهزة الحواسيب للشركات واملؤسسات الحكومية وتدمير معلوماتها‬

‫وسرقة البرامج وقرصنتها‪ ،‬والفيروسات (‪ ،)1‬وهو ما يعني أن تلك التوعية ستحميهم من استغالل الخصوصية أو‬

‫التعرض ملحتويات مزعجة‪.‬‬

‫وقد أشارت بعض الدراسات إلى قصور في معرفة أولياء األمور بمضامين مواقع التواصل االجتماعي‪ ،‬وتأثيرها‬

‫على األبناء‪ ،‬وعن تقصيرهم في الرد على استفسارات األبناء املتالحقة حول الهويات االلكترونية املزيفة في مواقع‬

‫التواصل االجتماعي‪ ،‬باإلضافة إلى جهلهم بما يتعلق بمسألة الخصوصية لهذه املواقع (‪.)2‬‬

‫‪ .3‬الثقة والحوار اإليجابي مع األبناء‪:‬‬

‫إذا أراد اآلباء أن ينفذوا إلى قلوب وعقول أبناءهم فعليهم بناء جدار قوي من الصراحة بينهم وبين أبناءهم‪ ،‬وأن‬

‫تكون العالقة معهم مبنية على الثقة‪ ،‬وأن يكون هناك حوار قائم على أساس الصراحة‪ ،‬ألن ذلك الحوار يمكن‬

‫األبناء من احترام أنفسهم‪ ،‬وتحمل مسؤولياتهم تجاه أنفسهم‪ ،‬وأسرهم ومجتمعاتهم‪ ،‬والعكس صحيح فإذا كانت‬
‫العالقة مبنية على الشك وتصيد األخطاء واالتهام املستمر فإن املشكلة ستستمر بل وستزيد ً‬
‫يوما بعد آخر‪.‬‬

‫‪ -11‬سعاد‪ ،‬جاد (بدون)‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19-14‬‬


‫‪ -2‬حسين‪ ،‬هالة حاجي عبد الرحمن‪ .)2016( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪538 -517‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪106‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ومن أبرز األساليب والفنيات التي تفيد في توجيه األبناء نحو الوجهة السليمة في التعامل السوي مع وسائل‬

‫التواصل االجتماعي احترام األبناء واالستماع إلى وجهات نظرهم‪ ،‬وتقبل ذواتهم كما هم عليه‪ ،‬وإجراء حوار خالي‬

‫من التأنيب أو االستهزاء أو التحقير أو أي شكل من أشكال اإلهانة‪.‬‬

‫فمن خالل هذا الحوار يستطيع اآلباء غرس وتنمية الكثير من القيم واملهارات والعادات حول أسلوب التعامل‬

‫مع وسائل التواصل االجتماعي مع محاولة إعطاء أمثلة من الواقع املعاش الناس أو أشخاص تمكنوا من‬

‫االستفادة منها بشكل إيجابي في حياتهم الشخصية أو األسرية أو الدراسية أو االجتماعية‪ ،‬أو ألشخاص لم‬

‫يستفيدوا من هذه الوسائل فأسرفوا في استخدامها حتى تمكنت منهم وأوقعتهم في إدمانها‪.‬‬

‫‪ .4‬اإلجابة على استفسارات األبناء‪:‬‬

‫هناك الكثير من األسئلة واالستفسارات التي تدور في خلد األبناء‪ ،‬وال يعرفون ً‬
‫جوابا لها‪ ،‬وهنا يظهر دور اآلباء‬
‫بأن يكونوا مصدر من مصادر املعرفة ألبنائهم‪ ،‬وهذا يحتم عليهم ‪-‬كما ذكرت ً‬
‫سابقا – أن يطلعوا على كل ما هو‬

‫جديد حول هذه الوسائل من حيث املميزات وااليجابيات والسلبيات وغيرها حتى يتمكنوا من إعطاء أبناءهم‬

‫املعلومات الصحيحة‪ ،‬وحتى ال يضطر األبناء إلى استقاء معلومات مغلوطة من أصدقائهم وجيرانهم وزمالئهم قد‬
‫تمثل لهم برمجة سلبية أو ً‬
‫عائقا ً‬
‫ذهنيا لفترة طويلة‪.‬‬

‫‪ .5‬ربط األبناء باألقارب واألصدقاء‪:‬‬

‫من ضمن األنشطة التي يستطيع اآلباء مساعدة أبنائهم في التفاعل اإليجابي مع هذه الوسائل‪ ،‬والتخفيف من‬

‫سيطرتها عليهم إشراكهم في حضور املناسبات االجتماعية‪ ،‬والعالقات األسرية املختلفة‪ ،‬فهي من ناحية‬
‫ً‬
‫تساعدهم من اإلفالت قليال من هذه الوسائل‪ ،‬ومن ناحية أخرى تنشط لديهم مهارات التواصل والعالقات‬
‫االجتماعية واإلنسانية التي ربما تضررت ً‬
‫كثيرا بسبب االفراط في التعامل مع وسائل التواصل االجتماعية‪.‬‬

‫‪ .6‬االبتعاد عن القسوة وأسلوب التحقيق‪:‬‬

‫إذا تعامل اآلباء مع أبناءهم بقسوة وشدة فلن يتمكنوا من إفادتهم أو غرس املفاهيم التي يريدونها‪ ،‬وال اقناعهم‬
‫من االعتدال في استخدامها ألن تلك القسوة ستولد لديهم كبت وخوف ينعكس ً‬
‫سلبا على سلوكياتهم‪ ،‬فمثل تلك‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪107‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫األساليب العنيفة لن تتمكن من الوصول إلى عقول األبناء أو تغيير قناعتهم‪ ،‬ولذا فإن خير أسلوب هو أسلوب‬

‫التشجيع والتحفيز‪ ،‬كأن يوضح األب أو األم أنه سعيد بقدرة األبناء على االستفادة من هذه الوسائل إيما فائدة‪،‬‬

‫وأنهم – األبناء – لن يسمحوا لها أن تهدم شخصياتهم أو تؤثر على قيمهم وعاداتهم‪.‬‬

‫ً‬
‫وقد كشفت بعض الدراسات إلى أن النهج األقل تسلطا الذي يستخدمه اآلباء مع أبنائهم عند استخدامهم‬

‫لألنترنت يميل إلى أن يكون أكثر فعالية (‪.)1‬‬

‫ولذا فمن أقس ى األساليب التي تنفر األبناء من اآلباء‪ ،‬وتزيد من تعلقهم املرض ي بوسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫استخدام أسلوب التحقيق أو االتهام‪ ،‬أو أي أسلوب آخر يشعر األبناء بالخطأ‪ ،‬فهذه األساليب لن تعدل سلوكا‪،‬‬
‫ً‬
‫ولن تحقق هدفا‪ ،‬بل على العكس من ذلك ستؤدي نتائج سلبية‪ ،‬فهي إما أن تزيد من استخدام األبناء وبشكل‬

‫مفرط‪ ،‬حتى الوصول إلى مرحلة اإلدمان‪ ،‬أو تصيبهم بالعديد من االضطرابات النفسية مثل االكتئاب والقلق‬

‫والشعور بالخوف الشديد‪.‬‬

‫‪ .7‬شغل األبناء بالهوايات‪:‬‬

‫هذا األسلوب يعد من أفضل األساليب التي يمكن أن يستخدمها اآلباء في التخفيف من وطأة هذه الوسائل‬
‫على ابنائهم‪ ،‬وباإلمكان العودة – وليس ً‬
‫عيبا – إلى بعض األنشطة التي كانت موجودة قبل ظهور وسائل التواصل‬
‫ً‬
‫سابقا‪ ،‬ولعل من أهم تلك األنشطة املسابقات العلمية والثقافية والفنية‬ ‫االجتماعي وقد ذكرت أغلبها‬

‫والترويحية حيث يعمل اآلباء على التخطيط والتنظيم إلجراء مثل تلك األنشطة‪ ،‬فهي من ناحية ترسخ لدى‬
‫ً‬
‫مضطرين للبحث عن تلك املعلومات ليتمكنوا من الفوز باملسابقة‪،‬‬ ‫االبناء الكثير من املعلومات ألنهم سيكونوا‬

‫ومن ناحية ثانية تمكنهم من العيش خارج دائرة وسائل التواصل االجتماعي ليكتشفوا أن هناك العديد من‬

‫األنشطة املمتعة غير تلك الوسائل‪ ،‬ومن ناحية ثالثة تمكنهم من توطيد عالقاتهم األسرية واالجتماعية‪ ،‬وهناك‬

‫فوائد أخرى ال يتسع املقام لذكرها اآلن‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪- Astin, E & Kistler, M. (2015). Family mediation of children Media/ Internet use, The International‬‬
‫‪Encyclopedia of Interpersonal communication, Available on‬‬
‫‪ ‬أنظر الكتاب ص ‪.56‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪108‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ولعل أفضل ما في هذا األسلوب أنه يساعد اآلباء على إشعال الفتيل الذي بداخل أبنائهم‪ ،‬فكل طفل ممتلئ‬

‫بالطاقة والحيوية والنشاط‪ ،‬وهو يحتاج فقط إلى من يساعده على إخراج تلك الطاقة‪ ،‬ويفضل أن يتحرى اآلباء‬

‫واألسرة – بشكل عام ‪ -‬من االستهزاء من أي هواية من تلك الهوايات‪ ،‬حتى ولو بدت في بداية األمر مثيرة للسخرية‬

‫أو غريبة األطوار‪ ،‬ألن ذلك االستهزاء يقتلها في مهدها‪.‬‬

‫ومن الجميل واملفيد أن يتلقى األبناء تغذية راجعة من آباءهم على األنشطة اإليجابية التي قاموا بها ً‬
‫بعيدا عن‬

‫وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فذلك التشجيع سوف يقود األبناء إلى التوسع في تلك األنشطة‪ ،‬بل وإبداع أنشطة‬

‫أخرى‪ ،‬ويستحسن باآلباء أن يستمروا في تشجيعهم حتى ولو كانت أنشطة بسيطة‪ ،‬وأن يوفروا لهم األدوات‬

‫واملستلزمات التي تتطلبها مثل تلك األنشطة‪.‬‬

‫‪ .8‬تحذير األبناء من الشائعات‪:‬‬

‫مهمة اآلباء تنبيه أبناءهم أن وسائل التواصل االجتماعي تحمل العديد من االشاعات واألخبار الكاذبة‪ ،‬وأن‬

‫عليهم أال ينسابوا مع تلك اإلشاعات‪ ،‬بل عليهم أن يتثبتوا من أي منشور – وخاصة تلك املنشورات التي تتناول‬
‫ً‬
‫خصوصا أن هناك‬ ‫بعض الشخصيات السياسية أو الفنية واإلعالمية – ويجب أن يكون في علم األسرة واألبناء‬
‫بعض األشخاص متفرغين ً‬
‫تماما لبث مثل تلك اإلشاعات‪ ،‬وال يهمه من تضرر أو تأذى‪ ،‬وهو ال يستطيع أن يعيش‬

‫إال في مثل هذا الجو‪ ،‬ومن هنا تكمن أهمية دور اآلباء في تنبيه أبنائهم من ذلك‪.‬‬

‫‪ .9‬أن تكون األسرة خير صديق‪:‬‬

‫يمر كل شخص في هذه الحياة بالعديد من التحديات واملشاكل والصراعات التي تفقده ً‬
‫قدرا من الثقة بالنفس‪،‬‬

‫وتصيبه ببعض االضطرابات مثل‪ :‬القلق والخوف واالكتئاب‪ ،‬وتزداد تلك املشاكل حدة إن لم يجد األذن التي‬

‫تصغي له‪ ،‬أو القلب الذي يحتويه‪ ،‬أو الصديق الذي يبث له همومه‪ ،‬ومن هنا يبدأ االنحراف أو اإلدمان كوسيلة‬

‫للهروب من تلك املشاكل ومن ذلك الواقع الذي يمر به‪ ،‬أو هو نوع من االنتقام من اآلخرين ومن نفسه‪ ،‬ولذا وحتى‬

‫ال يقع الشباب في هذا االنحراف واالدمان فعلى اآلباء أن يكونوا خير صديق ألبنائهم‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪109‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وقد أشارت بعض الدراسات إلى أنه كلما تمكن اآلباء من مصادقة أبنائهم‪ ،‬وتعددت صور الدعم املقدم لهم‬

‫املتمثل في‪ :‬مشاهدة التلفزيون مع بعض‪ ،‬تناول وجبات الطعام‪ ،‬الدردشة‪ ،‬التسوق مع بعض‪ ،‬قضاء وقت في‬

‫الخارج مع األبناء كلما قل مستوى اإلدمان لألنترنت ولوسائل التواصل االجتماعي (‪.)1‬‬

‫ويستطيع اآلباء كذلك مصادقة أبنائهم افتر ً‬


‫اضيا‪ ،‬فهذا األسلوب يمكن اآلباء من النفاذ إلى العالم االفتراض ي‬

‫ألبنائهم مما يشجعهم على املشاركة اإليجابية‪ ،‬وهذا األسلوب من ناحية يساعد اآلباء على أن يتعرفوا على‬

‫األصدقاء الذين يحيطون بأبنائهم‪ ،‬ومن ناحية ثانية يستطيعوا أن يكتشفوا من متابعتهم ملنشورات أبنائهم الكثير‬

‫من األمور التي ربما لن يتمكنوا من ذلك في عالقتهم الواقعية‪.‬‬

‫تحديد الهدف من دخول وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬ ‫‪.10‬‬

‫كون األبناء في مرحلة عمرية صغيرة‪ ،‬وال يدركون أهمية أن يكون لهم أهداف واضحة في حياتهم بشكل عام‪،‬‬

‫وأثناء دخولهم وسائل التواصل االجتماعي بشكل خاص‪ ،‬وألنهم ال يجيدون االستفادة املثلى من تلك الوسائل‪،‬‬

‫يستطيع اآلباء مناقشة أبنائهم عن األهداف من دخولهم هذه الوسائل‪ ،‬والفوائد التي يرجونها‪ ،‬واالتفاق معهم‬

‫على مجموعة من األهداف التي يمكن أن تتوزع على املجاالت الدراسية والترفيهية واالجتماعية والعلمية والدينية‬

‫وغيرها من املجاالت‪.‬‬

‫الرقابة األسرية‪:‬‬ ‫‪.11‬‬

‫قد ال ُي ًف ً‬
‫ضل استخدام مثل هذا األسلوب وخاصة إذا عرف األبناء أنهم تحت املراقبة‪ ،‬لكن وحتى ال يترك اآلباء‬

‫الحبل على الغارب ليجدوا أبناءهم في يوم من األيام وقد وقعوا فريسة اإلدمان فال بأس أن يعمل اآلباء على رقابة‬

‫أبناءهم وسؤالهم عن املواقع التي يرتادونها‪ ،‬واألشخاص الذين يتواصلوا معهم‪ ،‬وأن يعطوهم بعض التوجيهات‬
‫ً‬
‫التي تمثل خطوطا حمراء ينبغي على األبناء عدم تجاوزها‪.‬‬

‫وتكمن أهمية األسرة في تنظيم استخدام وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وفرض ً‬


‫قدرا من الرقابة تساعد أبنائهم‬

‫على االستفادة من اإليجابيات كزيادة فرص التفاعل مع أفراد األسرة‪ ،‬وكذلك املساعدة في الحصول على‬

‫‪1‬‬
‫‪- Gunc, S & Dogan, D. (2012). The relationship between Turkish adolescents internet addiction their‬‬
‫‪perceived social support and family activities, computers in Human behavior, 29(6), pp, 2197- 2207.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪110‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املعلومات في مختلف املجاالت‪ ،‬واالنشغال بما يعود بالنفع عليهم‪ ،‬وتنمية مهارات التواصل وحماية األبناء من‬

‫اآلثار الضارة لوسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫وهنا تشير بعض الدراسات إلى أن لشبكات االنترنت العديد من اآلثار التي تحتم على الوالدين انتهاج العديد‬

‫من أنماط الرقابة وقواعد التدخل والسيطرة املتعددة كوظائف للضبط األسري (‪.)1‬‬

‫فمرتادو وسائل التواصل االجتماعي ليسوا بنفس الطيبة واالحترام التي يتوقعها اآلباء أو األبناء‪ ،‬فهناك بعض‬

‫األشخاص يحمل من الخبث واملكر ما يحتم على اآلباء تحذير أبناءهم بشكل مستمر‪ ،‬وقد سقط الكثير من‬
‫األشخاص فريسة ملثل أولئك األشخاص ً‬
‫سواء بعالقات مشبوه انتهت بالجنس‪ ،‬أو عالقات عاطفية سببت ملن‬

‫دخلوا معهم في تلك العالقات العديد من اإلضرابات واألمراض النفسية‪ ،‬أو تلك العالقات التي أدت إلى عمليات‬

‫نصب وابتزاز وما أكثر تلك الحوادث‪ ،‬ومن هنا تكمن أهمية أن يكون اآلباء متيقظين ملثل تلك العالقات‪ ،‬وأن‬

‫يحذروا أبناءهم من الوقوع في شراك أولئك األشخاص‪.‬‬

‫تنمية الوازع الديني‪:‬‬ ‫‪.12‬‬

‫يمثل الدين أحد أهم الضوابط التي تقي الفرد من االنزالق في العديد من الشهوات واالنحرافات‪ ،‬وهو أحد‬

‫أهم املفاتيح التي يستطيع اآلباء النفاذ من خالله إلى عقول وقلوب أبنائهم‪ ،‬فبعض األبناء قد ال يقتنع من أي‬

‫حوار أو فوائد أو أضرار يسردها لهم آبائهم‪ ،‬لكن مجرد أن يتم تذكيره بالجوانب الدينية أو الوازع الديني فإنه‬

‫يمتثل بكل حب لذلك‪.‬‬

‫وقد أوصت بعض الدراسات بتنمية الوازع الديني لدى الشباب من خالل الحوار واملناقشة الهادفة‪ ،‬وضرورة‬

‫إرشادهم لكيفية استبدال تصفح االنترنت ووسائل التواصل االجتماعي بممارسة التمارين الرياضية وغيرها من‬

‫الهوايات واألنشطة املتنوعة (‪.)2‬‬

‫‪ -1‬رمضان‪ ،‬عصام جابر (‪ ،)2017‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.51‬‬


‫‪ -2‬كامل سلمى (‪ ،)2016‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.293‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪111‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫فالعلم والتقنية يبقيان محدودان إذا ما غاب الوازع الديني من البرنامج العالجي‪ ،‬فغياب ذلك الوازع يعد معوقا‬
‫ً‬
‫أساسيا للعالج أو التشافي فال إيمان مع اإلدمان ولذا علينا أال نتوقع أي تشاف يذكر من غيره (‪.)1‬‬

‫عمل بطاقات تذكير باإليجابيات والسلبيات‪:‬‬ ‫‪.13‬‬

‫وهذا يعد أحد أهم الجوانب االبداعية التي يستطيع اآلباء من خاللها اختيار عدة لوحات وكتابة بعض‬

‫العبارات القصيرة التي تتضمن قائمة بأبرز اإليجابيات التي يمكن االستفادة منها‪ ،‬وقائمة أخرى تتضمن أبرز‬

‫السلبيات التي تطالهم إن هم أساؤا استخدامها‪ ،‬ثم تثبت تلك البطاقات في غرف األبناء‪ ،‬وفي غرفة الطعام أو‬

‫االنترنت بما من شأن تلك البطاقات أن تمثل تذكير دائم لهم‪ ،‬وتنبيه مستمر باإليجابيات والسلبيات‪.‬‬

‫تحمل مسؤولية إخوانهم الصغار‪:‬‬ ‫‪.14‬‬

‫هنا يعمل اآلباء على تكليف أبنائهم الكبار أو من هم في سن املراهقة على مساعدة إخوانهم الصغار في كيفية‬

‫االستفادة من إيجابيات هذه الوسائل‪ ،‬واالبتعاد عن سلبياتها‪ .‬فاألبناء الكبار في هذه الحالة ستزداد ثقتهم‬

‫بأنفسهم‪ ،‬ويتمكنوا من النظر إلى تلك الوسائل بنوع من االتزان واالعتدال‪ ،‬وفي نفس الوقت هذا األسلوب يمثل‬

‫وقاية لهم من الوقوع في إدمانها أو االفراط في استخدامها‪ ،‬ألن ذلك املراهق يحاول أن يحتفظ بثقة والديه وأن‬

‫يكون عند مستوى املسؤولية التي حماله إياها‪.‬‬

‫إطفاء الروتر قبل النوم‪:‬‬ ‫‪.15‬‬

‫يمكن أن يستخدم اآلباء مثل هذا األسلوب في بعض الحاالت التي يالحظوا فيها أن أبناءهم غير قادرين على‬

‫التحكم في أوقات االنترنت‪ ،‬أو أدت بهم تلك الوسائل إلى اهمال واجباتهم املدرسية‪ ،‬وهي وسيلة قد تشعر األبناء‬
‫ً‬
‫أحيانا‪ ،‬وبالطبع يرافق ذلك اإلطفاء استخدام أسلوب االقناع‪،‬‬ ‫بنوع من املرارة‪ ،‬لكنها قد تكون وسيلة البد منها‬

‫وتبرير مثل هذا العمل حتى يعي املراهق أن مثل ذلك العمل إنما هو في األساس ملصلحته الشخصية‪.‬‬

‫‪ -1‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.151‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪112‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫استراحة لعدة دقائق بعد كل فترة‪:‬‬ ‫‪.16‬‬

‫وهذه تعد من التقنيات املفيدة ألن االستمرار بشكل متواصل في االستخدام يصيب العقل بالتشتت‪ ،‬وربما‬

‫التوقف أو اإلغالق‪ ،‬وهنا يستطيع اآلباء االتفاق مع أبناءهم أو عمل الئحة داخل األسرة بأن يتم اخذ استراحة‬
‫ً‬
‫كل ساعة مثال أو كل ساعة ونصف‪ ،‬أو في أوقات األكل‪ ،‬أو في أي أوقات معينة‪ ،‬والغرض من ذلك إعطاء العقل‬

‫استراحة قصيرة يتمكن فيها من استعادة نشاطه وترتيب معلوماته السابقة‪.‬‬

‫تدريبهم على تصفح المواقع المفيدة‪:‬‬ ‫‪.17‬‬

‫يستطيع اآلباء إرشاد أبنائهم ملتابعة املواقع التي يتضمنها األنترنت والتي تقع خارج إطار وسائل التواصل‬

‫االجتماعي‪ ،‬فهناك العديد من املواقع العلمية والصحية واالجتماعية والفنية الغنية باملعلومات واملفيدة‬

‫واملتوفرة على صفحات االنترنت‪ ،‬وهو بمثابة نشاط مثله مثل تدريب األبناء على ممارسة الهوايات واألنشطة‬

‫الثقافية‪ ،‬وفي نفس الوقت تعد محاولة من اآلباء إلبعاد أبناءهم من االنغماس في وسائل التوصل االجتماعي أو‬

‫اإلدمان على استخدامها‪.‬‬

‫تنمية مهارات التفكير الناقد‪:‬‬ ‫‪.18‬‬

‫خافيا على أحد – كما ذكرنا ذلك ً‬


‫سابقا – أننا نعيش في عصر املعرفة‪ ،‬هذا العصر الذي يشهد انفجارات‬ ‫ليس ً‬

‫معرفية هائلة لم يسبق لها مثل‪ ،‬والجميع يتفاعل مع املعرفة ً‬


‫سواء من خالل وسائل التواصل االجتماعي أو من‬

‫غيرها‪ ،‬وبالتالي فقد اختلط الغث بالسمين‪ ،‬واملفيد مع الضار‪ ،‬والجيد مع السيئ‪ ،‬وهو ما يعني أننا بحاجة إلى‬
‫ً‬ ‫إنسان بمواصفات خاصة‪ ،‬إنسان ليس ً‬
‫قادرا فقط على القراءة والفهم‪ ،‬وإنما ممتلكا ملهارات التحليل والنقد‬

‫واملحاكمة‪ ،‬فكم املعلومات املتدفقة عبر هذه الوسائل يتطلب اخضاعها للعمليات العقلية العليا املتمثلة في‬

‫التمحيص والتحليل والتركيب والنقد‪ ،‬ناهيك عن اإلضافة واالبداع والخلق والتجديد في هذه املعرفة‪ ،‬وهذا لن‬

‫يتأتى إال من خالل امتالك مهارات التفكير الناقد‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪113‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫تخصيص مكان واحد لالتصال باألنترنت‪.‬‬ ‫‪.19‬‬

‫يفضل أن تخصص األسرة ً‬


‫مكانا واح ًدا لالتصال باألنترنت يلتقي فيه جميع أفراد األسرة ألنه في هذه الحالة‬

‫سيتمكن اآلباء من صرف أنظار أبنائهم عن متابعة بعض املواقع غير املفيدة‪ ،‬وسيجعلونهم يركزون على ما‬

‫يفيدهم‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬إرشادات للتعامل مع األشخاص المدمنين‪:‬‬


‫ً‬

‫أصبحت وسائل التواصل االجتماعي ً‬


‫جزءا ال يتجزأ من حياة الكثير من األفراد واألسر‪ ،‬وتغلغلت في حياتهم‬
‫ً‬
‫واسعا في نفوسهم وقلوبهم‪ ،‬وارتبطت‬ ‫االجتماعية والد اسية والعلمية واالقتصادية واملهنية‪ ،‬وأخذت ً‬
‫مكانا‬ ‫ر‬

‫بمشاعر السعادة والحزن والفرح واأللم‪ ،‬وهو ما يعني أنه في هذه الحالية ‪ -‬وخاصة لدى املدمنين ‪ -‬يصعب‬

‫التخلص منها بسهولة‪ ،‬وهي كغيرها من أنواع اإلدمان تحتاج إلى التدرج في عالجها ليتمكن الفرد من التحرر من‬

‫أسرها‪ ،‬والعودة إلى مرحلة التوازن في استخدامها‪.‬‬

‫والهدف أن يصل املدمن إلى قناعة تامة بقدرته على ممارسة حياته لبعض األوقات أو بعض األيام بدونها‪ ،‬وأن‬
‫حياته لها معنى ً‬
‫بعيدا عنها‪ ،‬فإذا وصل الفرد إلى هذا اإليمان‪ ،‬وهذه القناعة فإنه بالفعل قد تخلص من مرض‬
‫ً‬
‫متوازنا في التعامل معها‪.‬‬ ‫ً‬
‫شخصا‬ ‫اإلدمان وأصبح‬

‫ونحن هنا ال ندعو إلى تجنب االستخدام أو حرمان الناس والشباب من التعامل معها‪ ،‬ألن هذا لن يستقيم مع‬

‫متطلبات العصر‪ ،‬وال مع ضرورات الزمن‪ ،‬بل سنحرم أنفسنا ونحرم أبنائنا من اإليجابيات الكبيرة التي توفرها‪،‬‬

‫ولكن املطلوب هو االعتدال في استخدامها‪ ،‬وعدم االفراط في التعامل معها‪ ،‬ألن االفراط الشديد سيقابله تفريط‬
‫في الكثير من االلتزامات والواجبات ً‬
‫سواء األسرية أو االجتماعية أو األكاديمية أو الشخصية‪ ،‬ناهيك عما سيسببه‬

‫من تراجع في املهارات الذاتية واالجتماعية واألسرية وغيرها من املهارات‪.‬‬

‫وفيما تقدم من إرشادات يمكن االستفادة منها مع األشخاص غير املدمنين الذين ربما يستخدموا وسائل‬

‫التواصل االجتماعي بشكل كبير‪ ،‬لكنهم لم يصلوا إلى مرحلة اإلدمان وهي املرحلة الخطيرة‪ ،‬وقد شرحنا ووضحنا‬

‫الكثير من األمور املتعلقة بها‪ ،‬لكن في هذه الجزئية هناك بعض اإلرشادات التي تفيد بشكل خاص األشخاص‬

‫املدمنين على استخدامها حتى يعودوا إلى وضعهم الطبيعي واملتوازن‪ ،‬ويتمكنوا من أداء أدوارهم وواجباتهم‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪114‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الشخصية واالسرية واالجتماعية دون اإلحساس بسيطرة مشاعر اإلدمان نحو تلك الوسائل‪ ،‬ومن أهم تلك‬

‫االرشادات ما يلي‪.‬‬

‫‪ .1‬تنظيم الوقت‪:‬‬

‫من الخطوات املهمة التي تنفع مع الشخص املدمن على وسائل التواصل االجتماعي مساعدته في تنظيم أوقاته‪،‬‬

‫ألن عدم قدرته على تنظيم حياته ووقته تعد أحد األسباب التي تؤدي إلى أن يتملكه اإلدمان‪ ،‬ومن هنا يفضل أن‬
‫ً‬
‫عموما ووسائل التواصل‬ ‫يجلس الوالدان مع أبنائهم ويتفقا على تنظيم وقت ومواعيد الدخول على االنترنت‬
‫ً‬
‫خصوصا‪ ،‬ومواعيد االستراحة‪ ،‬ومواعيد النوم‪ ،‬ومواعيد املذاكرة وغيرها من األوقات‪.‬‬ ‫االجتماعي‬

‫واملختصون ينصحون بتنظيم ساعات العمل على االنترنت‪ ،‬ومتابعة استخدام األبناء لإلنترنت من حيث الفترة‬

‫واملدة واملضمون مع ضبط الوقت‪ ،‬واستخدام بعض برامج الحماية ملنع دخولهم إلى املواقع التي تشكل تربة‬

‫خصبة لإلدمان‪ ،‬وإرشادهم إلى املواقع الناجحة والهادفة التربوية (‪.)1‬‬

‫وعلى املتشافي أن يتقبل بعض اإلجراءات واألفعال وااللتزامات وتنظيم األوقات حتى يتسنى له االستمرار في‬

‫تشافيه‪ ،‬ألن اإلدمان عملية انتحار بطيئة‪ ،‬والتشافي عملية بناء طويلة األمد (‪.)2‬‬

‫‪ .2‬التدريب على مهارات االسترخاء البدني والذهني ورياضة التأمل‪:‬‬

‫هذه تقنية مهمة ً‬


‫جدا في العالج وتتمثل في تدريب املدمن على ممارسة االسترخاء‪ ،‬فالحياة مليئة بالتحديات‬

‫واملشاكل التي تجعل الشخص في ضغط مستمر‪ ،‬وهو ما يؤدي ببعض األشخاص إلى الهروب من الواقع إلى إدمان‬

‫بعض العادات السلبية كالتدخين أو الكحول وإدمان وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وبالتالي فإن هذه التقنية تعيد‬

‫العقل إلى مرحلة التوازن والهدوء‪ ،‬فالشخص املضغوط لن يصل إلى معرفة الطرق الناجعة للتخلص من تلك‬

‫الضغوط‪ ،‬فهو في صراع مستمر مع العديد من االضطرابات النفسية مثل االكتئاب والقلق والخوف واملشاعر‬

‫السلبية‪ ،‬ولذا فمن أفضل الوسائل أن يمارس رياضة االسترخاء‪ ،‬وتقنية التنفس البطني‪ ،‬كونها تعد املدخل‬

‫املناسب لالتصال بالعقل الالواعي الذي يعد مخزن املشاعر والعواطف والخبرات السابقة‪.‬‬

‫‪ -1‬سليمة‪ ،‬حمدوة‪ .)2015( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.222‬‬


‫‪ -2‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪115‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫وفي هذه الحالة سيتمكن الشخص املدمن من النظر إلى شعوره والتكفير في إدمانه‪ ،‬وما الذي أدى إلى تطور ذلك‬
‫ً‬
‫اإلدمان وكيفية إشباع املرء لحاجاته بطرق طبيعية بدال من األساليب اإلدمانية (‪.)1‬‬

‫‪ .3‬العالج التبصري‪:‬‬

‫واملقصود بهذا األسلوب أن يصل املدمن إلى معرفة حقيقة ذاته‪ ،‬وأنه أصبح ً‬
‫واقعا في دائرة اإلدمان‪ ،‬ألن الكثير‬

‫من املدمنين يصعب عالجهم ألنهم ال يدركون أنهم مدمنون رغم أنهم يمارسون نفس األفعال التي يمارسها املدمن‪،‬‬
‫جزءا ً‬
‫كبيرا من‬ ‫ومن هنا فإن إد اك الشخص بأنه صار ً‬
‫مدمنا تعتبر أولى الخطوات الصحيحة للعالج وفيها يتحمل ً‬ ‫ر‬

‫مسؤولية العالج‪ .‬وقبول املشكلة وقدرة اإلنسان على أن يتقبل أنه مدمن هما خطوة أساسية للعالج والشفاء (‪.)2‬‬

‫‪ .4‬التدريج في العالج‪:‬‬

‫عالج شخص قض ى في إدمانه عدة سنوات أمر فيه صعوبة بالغة‪ ،‬والعالج املكثف أو املستعجل قد يسبب‬
‫ردات فعل عكسية تجعله ينفر ً‬
‫تماما من أي عالج‪ ،‬ويقاوم أي خطوة للتغيير‪ ،‬ولذا فإن التدرج في العالج يعد من‬

‫أفضل األساليب في مثل هذه الحاالت‪ ،‬وفي القرآن الكريم مثال على ذلك عندما أراد هللا تعالى ان يحرم الخمر لم‬

‫تنزل آية التحريم مباشرة‪ ،‬وإنما سبقتها عدة خطوات تمثلت الخطوة األولى في بيان أضراه ومنافعه وأن ضرره‬

‫أكبر من نفعه‪ ،‬تلتها الخطوة الثانية املتمثلة في منع شرب الخمر اثناء أداء الصالة‪ ،‬ليأتي التحريم النهائي وقد‬
‫تهيأت النفوس لذلك‪ ،‬وهو ما تمثل في موافقة املسلمين على ترك الخمر ً‬
‫تماما بعد نزول آية التحريم‪ ،‬واألمر ذاته‬

‫ينصح به األطباء واملختصون وعلماء النفس على مدمني التدخين‪ ،‬فاألسلوب السليم معه أن يطالب بالتخفيف‬
‫ً‬
‫منها أوال كخطوة أولى‪ ،‬ليستمر معه ملدة شهر أو أسابيع‪ ،‬ثم يمنع في أوقات معينة‪ ،‬إلى أن يصل إلى القرار األخير‬

‫والنهائي وقد تهيأ العقل وتقبل فكرة التوقف‪ ،‬وهذا األسلوب ينفع كذلك مع الشخص املدمن على استخدام‬

‫وسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬

‫‪ -1‬املرجع السابق‪ ،‬ص‪.128‬‬


‫‪ -2‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪116‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬أسلوب الضبط الذاتي‪:‬‬

‫لن يستطيع أحد أن يعالج املدمن إن هو قرر أن ال يتوقف عن إدمانه‪ ،‬وهو في هذه الحالة ال بد أن يتحمل‬

‫مسؤولية عالج نفسه بمساعدة الوالدين أو املختصين‪ ،‬ومن هنا يستطيع الوالدان أن يدرباه على أسلوب الضبط‬

‫الذاتي‪ ،‬بمعني أن يتمكن من إدارة ذاته في تعامله مع وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فال يستسلم ألي فكرة تدعوه‬

‫لالستمرار في استخدام تلك الوسائل‪ ،‬وإنما يعود نفسه وعقله على أن يرفض بعض الطلبات‪ ،‬وأن ال ينساق‬

‫خلف ما يراه على وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وفي هذه الحالة يتم تنمية مهارة التحكم في الذات‪ ،‬والقدرة على‬

‫إدارة العواطف واملشاعر‪ ،‬وهي البدايات السليمة للتخلص من اإلدمان‪.‬‬

‫وفي أسلوب الضبط الذاتي يتمكن املدمن من كبح جماح نفسه‪ ،‬وممارسة الرياضة أو التواصل مع األهل‬

‫واألصدقاء‪ ،‬وضبط أوقات الدخول إلى االنترنت وعدد ساعات االستخدام ومجاالتها‪.‬‬

‫‪ .6‬بناء الب ارمج اإلرشادية‪:‬‬

‫يحتاج الشخص املدمن على وسائل التواصل االجتماعي بناء بعض البرامج اإلرشادية والتوعوية التي يتم فيها‬

‫توعيته بأضرار اإلدمان واملشاكل النفسية واألسرية واالجتماعية التي تنتج عنه (‪.(1‬‬

‫‪ .7‬التحرر من النمطية‪:‬‬

‫يعيش املدمن وفق نمط معيش ي معين‪ ،‬يشكل ذلك النمط الحدود أو القيود التي يلتزم بها‪ ،‬وفي هذه الحالة فإن‬

‫أول ش يء يمكن أن تقوم به األسرة هو تحرير ذلك املدمن من تلك القيود ومن ذلك النمط‪ ،‬وتزويده بأدوات‬

‫جديدة للعيش بتناغم وسالم‪ ،‬فالشفاء من اإلدمان يعد عملية طويلة األمد‪ ،‬فكما أن اإلدمان لم يتطور في يوم‬

‫وليلة فإن الشفاء لن يتم في يوم وليلة‪ ،‬ولذا فإن العالج السليم يجب أن يزود املدمن باألدوات الالزمة التي تمكنه‬

‫من كسر دائرة اإلدمان‪ ،‬وتمكنه من حياة معقولة لها معنى وهدف (‪.)2‬‬

‫وهناك بعض املهارات املعرفية والسلوكية التي تمكن الفرد من كسر قيود السلوك اإلدماني منها(‪:)3‬‬

‫‪ -1‬بشبش‪ ،‬صبا منير (‪ ،)2018‬مرجع سابق‪،‬‬


‫‪ -2‬فطاير‪ ،‬جواد (بدون)‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫‪ -3‬بو بعاية‪ ،‬سمية‪ ،)2017( .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪117‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .1‬أن يبدع الفرد لنفسه بعض األنشطة والهوايات‪.‬‬

‫‪ .2‬أن يدرب نفسه على أسلوب حياة صحي من حيث مواعيد النوم واالستيقاظ‪ ،‬واألكل والدخول على‬

‫االنترنت وغيرها‪.‬‬

‫‪ .3‬تعلم املزيد من املهارات مثل‪ :‬لغة أجنبية‪ ،‬الرسم‪ ،‬تعلم حرفة معينة‪ ،‬تعليم اآلخرين بعض املهارات التي‬

‫يمتلكها‪.‬‬

‫‪ .4‬أن يخطط الفرد ملمارسة مجموعة من األنشطة املشتركة مع األصدقاء أو أفراد األسرة مثل الرحالت‪،‬‬

‫زيارة األقارب إلخ‪.‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك على الفرد أن يقاوم فكرة الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر‪ ،‬أو التلفون بكل عزم وحزم لخلق‬

‫إرادة قوية وواعية‪ ،‬من خالل اإللهاء السلوكي والذهني‪ ،‬فعندما يشعر الفرد بحاجة ملحة الستخدام االنترنت‬

‫والدخول على وسائل التواصل االجتماعي عليه أن يقوم ببعض األعمال واألنشطة املختلفة مثل‪ :‬تنظيف املنزل‪،‬‬

‫إجراء محادثة تلفونية‪ ،‬الصالة وقراءة القرآن‪ ،‬إعداد وجبة غذائية لنفسه وألفراد أسرته‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪118‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املبحث الثاني‬
‫دورمؤسسات التنشئة االجتماعية‬
‫األضرار التي يسببها اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي ال تصيب األفراد فقط أو األسرة‪ ،‬وإنما تصيب‬

‫املجتمع بشكل عام‪ ،‬وبالتالي تستطيع مؤسسات التنشئة االجتماعية أن تقوم بدور رائد في توعية األجيال‬

‫بالتعامل اإليجابي مع وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وأن تكمل الدور الذي تقوم به األسرة‪ ،‬ومن أهم املؤسسات‬

‫االجتماعية التي يمكن أن تقوم بذلك الدور ما يأتي‪:‬‬

‫أوًال‪ .‬المدرسة‪:‬‬

‫تعد املدرسة من أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية التي أنشأها املجتمع لتكمل الدور الذي تقوم به األسرة‪،‬‬

‫ولتزود الناشئة باملعارف واملهارات والقيم التي لم تتمكن األسرة من القيام بها‪ ،‬فاملدرسة بنظامها وأساليبها‬

‫ومناهجها وأدواتها املختلفة تستطيع أن تؤثر في الناشئة‪ ،‬وتعدل ما أفسدته األسرة‪ ،‬أو قصرت فيه مؤسسات‬

‫التنشئة االجتماعية املختلفة‪.‬‬

‫وتستطيع املدرسة إعطاء محاضرات للتالميذ حول التصفح اآلمن‪ ،‬والتحدث معهم عن مخاطر وسلبيات‬

‫وايجابيات وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬والرد على استفسارات التالميذ بصدر رحب‪ ،‬وبأسلوب مهذب وعلمي‬
‫ودقيق‪ ،‬وأن تقوم بتوعيتهم في بعض النواحي الجنسية حتى ال يصبح ً‬
‫هوسا لديهم‪ ،‬كما تستطيع أن تشارك‬

‫التالميذ تجارب غير سعيدة حصلت لبعض التالميذ بسبب استخدامهم لوسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬والتواصل‬

‫الدائم مع األهالي‪ ،‬باإلضافة إلى حمالت توعية لألهالي والتالميذ بفوائد ومخاطر تلك الوسائل‪ ،‬وطلب مساعدة‬
‫ً‬
‫وضوحا يمكن للمدرسة القيام بما يلي‪:‬‬ ‫بعض املرشدين االجتماعيين‪ ،‬وبشكل أكثر‬

‫‪ .1‬التوعية بوسائل التواصل االجتماعي في المناهج‪:‬‬

‫ال يمكن أن تتنصل املدرسة عن هذا الدور على اعتبار أنه ال يهمها أو ال يدخل في اختصاصها‪ ،‬والحقيقة فإن‬

‫أي قضية من قضايا املجتمع أو مشكلة من مشكالته هي تقع في إطار الدور االجتماعي للمدرسة‪ ،‬فاملدرسة تعيش‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪119‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫في محيط اجتماعي وليست منفصلة عنه‪ ،‬وبالتالي ال بد أن تستجيب لتغيرات املجتمع‪ ،‬ومتطلبات العصر ومن‬

‫هنا يمكن أن تعمل املدرسة من خالل املناهج الدراسية على تزود الطالب باملعلومات القيمة عن وسائل التواصل‬

‫االجتماعي وما تحمله من إيجابيات وسلبيات‪ ،‬وارشادهم إلى أفضل الطرق في استخدامها‪.‬‬

‫‪ .2‬ارشاد التالميذ الختيار الوسائل االجتماعية السليمة‪:‬‬

‫بإمكان املدرسة كذلك أن ترشد التالميذ الختيار أفضل الوسائل االجتماعية‪ ،‬وهناك الكثير من األبحاث‬

‫والدراسات التي تقترح أن تقوم املدرسة – من خالل وزارة التربية والتعليم – بإعداد وتأليف مقرر دراس ي – كما‬

‫هو مقرر الكمبيوتر – يتناول وسائل التواصل االجتماعي من حيث االيجابيات التي تحققها لألفراد‪ ،‬والسلبيات‬
‫التي عليهم تجنبها‪ ،‬باإلضافة إلى بعض االرشادات لالستخدام األمثل لتلك الوسائل التي صارت ً‬
‫جزءا ال يتجزأ من‬

‫حياة املجتمعات واألفراد وخاصة املراهقين وطلبة الثانوية العامة‪.‬‬

‫‪ .3‬التربية الجنسية السليمة‪:‬‬

‫ً‬
‫عموما هو‬ ‫ً‬
‫خصوصا واالنترنت‬ ‫من األسباب التي تدفع بعض التالميذ إلى استخدام وسائل التواصل االجتماعي‬

‫البحث عن إجابات لبعض االستفسارات التي تدور في عقولهم حول العالقات الجنسية بين الرجل واملرأة‪،‬‬

‫فاإلجابات حول هذه القضية من قبل األسرة أو املدرسة تكاد تكون منعدمة‪ ،‬ولذا فالكتابات التربوية تقترح أن‬

‫يتم تزويد التالميذ في مراحلهم الدراسية املختلفة بمثل تلك املعلومات من خالل بعض املوضوعات داخل املناهج‬

‫الدراسية‪.‬‬

‫‪ .4‬مشاركة التالميذ تجارب غير سعيدة‪:‬‬

‫تستطيع املدرسة في سعيها لخلق أجيال قادرة على التعامل السليم مع وسائل التواصل االجتماعي أن تشارك‬
‫التالميذ ً‬
‫سواء من خالل املناهج الدراسية أو األنشطة املدرسية أو طرق التدريس بعض التجارب غير السعيدة‬

‫ألشخاص أفرطوا في استخدام وسائل التواصل االجتماعي وتضرروا من ذلك االفراط حتى يتمكن التالميذ من‬

‫التعامل السليم واملتوازن مع تلك الوسائل‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪120‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .5‬التواصل الدائم مع األهالي‪:‬‬

‫يعد هذا الدور من األدوار املهمة التي يمكن أن تقوم بها املدرسة‪ ،‬فهناك بعض الطالب الذين يتغيبون عن‬

‫الحضور بسبب انشغالهم بتلك الوسائل‪ ،‬أو يحضروا إلى املدرسة في وقت متأخر‪ ،‬أو يناموا داخل فصول‬

‫الدراسة بسبب سهرهم طوال الليل في متابعة تلك الوسائل‪ ،‬ومن هنا تستطيع املدرسة التواصل مع األهالي‬

‫للعمل على حل هذه املشكلة‪.‬‬

‫‪ .6‬عمل حمالت توعية‪:‬‬

‫ال بأس أن تقوم املدرسة بن الحين واآلخر بعمل حمالت توعية لألهالي واألسر في األحياء املحيطة بها‪ ،‬وأن تعطي‬

‫األهالي فكرة عن أهمية مثل هذه الوسائل لألبناء‪ ،‬وكذا األضرار التي يمكن أن تسببه لهم في حالة اإلفراط في‬

‫استخدامها‪ ،‬وكذا إرشادات في كيفية االستخدام األمثل لهذه الوسائل‪.‬‬

‫‪ .7‬طلب مساعدة بعض المرشدين االجتماعيين وأساتذة الجامعات‪:‬‬

‫يمكن للمدرسة أن تقوم بطلب مساعدة بعض االخصائيين النفسيين أو االجتماعيين ملساعدة الطالب الذين‬

‫تبين إدمانهم لهذه الوسائل‪ ،‬وكذا باإلمكان االستعانة ببعض أساتذة الجامعات إللقاء بعض املحاضرات‬

‫التوعوية حول إيجابيات وسلبيات هذه الوسائل‪ ،‬والطريقة املثلى للتعامل مع مثل هذه الوسائل الحديثة‪.‬‬

‫ثانيا‪ .‬االعالم‪:‬‬
‫ً‬

‫يمثل االعالم أحد أهم مؤسسات التنشئة االجتماعية ملا يتمتع به من قوة في التأثير على األفراد واملجتمعات‪،‬‬

‫ولذا فإن املجتمعات املتقدمة تحاول توجيهه ملا يخدم قضاياها‪ ،‬ويبني شخصيات أبنائها‪ ،‬وهنا بعض اإلجراءات‬

‫التي يمكن أن يقوم به منها‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪121‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .1‬بناء استراتيجية إعالمية بشأن وسائل التواصل االجتماعي‪:‬‬

‫يفضل أن يكون لدى اإلعالم استراتيجية واضحة توجه نحو األسرة لزيادة معارفها بوسائل التواصل االجتماعي‬

‫من حيث اإليجابيات والسلبيات‪ ،‬ومجموعة من االرشادات الضرورية للتعامل الجيد مع هذه الوسائل‪ .‬وينبغي‬

‫أن يتناغم هذا الدور مع دور األسرة فال يعمل االعالم على هدم ما تقوم به األسرة أو العكس‪.‬‬

‫‪ .2‬تقديم بعض البرامج التوعوية‪:‬‬

‫يمكن لإلعالم أن يقدم بعض البرامج التوعوية التي تعنى بمشاكل األسرة‪ ،‬وتحدياتها ومناقشة تلك املشاكل التي‬
‫منها ما يتعلق بوسائل التواصل االجتماعي وكيفية مساعدة أفراد األسرة على االستخدام املعتدل واملتوازن ً‬
‫بعيدا‬

‫عن املنع والكبت والحرمان‪.‬‬

‫‪ .3‬استضافة بعض المتخصصين والمهتمين‪:‬‬

‫كذلك باإلمكان استضافة بعض املتخصصين وأساتذة الجامعات واملهتمين بقضايا الشباب والتربية لتقديم‬

‫مجموعة من االرشادات لألسرة عن الطرق املناسبة في التعامل مع مثل هذه الوسائل التكنولوجية الحديثة‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ .‬المسجد‪:‬‬

‫يعد املسجد من مؤسسات التنشئة االجتماعية املهمة التي يمكن أن يساهم بدور إيجابي وفاعل في حل مشكلة‬

‫التعامل مع وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬ويكمل الدور الذي تقوم به مؤسسات التنشئة املختلفة‪ ،‬فمن خالله‬

‫يستطيع الخطباء تخصيص بعض الخطب لتناول وسائل التواصل االجتماعي وانعكاساتها أو آثارها اإليجابية‬

‫والسلبية على األسرة وعلى األفراد‪ ،‬ويفضل أن ال يتجه الخطباء في هذه الخطب إلى دعوة اآلباء ملنع أبنائهم من‬

‫استخدامها أو تشديد الرقابة عليهم‪ ،‬أو اعتبار هذه الوسائل شر محظ‪ ،‬وإنما عليهم أن يؤكدوا على أهمية‬

‫التوازن واالعتدال في الحديث عنها فكما أن فيها بعض السلبيات واملخاطر فهي تحمل بداخلها العديد من‬

‫اإليجابيات والفوائد االجتماعية والدراسية والعلمية وغيرها من الفوائد‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪122‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ابعا‪ .‬الجامعات والمراكز والمعاهد‪:‬‬


‫رً‬

‫ال يتوقف دور مؤسسات التنشئة االجتماعية على األسرة واملدرسة واالعالم‪ ،‬وإنما تستطيع الجامعات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫والكليات واملراكز واملعاهد ان تقوم بدور يتفق مع أهدافها وتوجهاتها‪ ،‬وهو يعد ً‬
‫موجها ملا تقوم به‬ ‫دورا مكمال أو‬

‫مؤسسات التنشئة املختلفة‪ ،‬فالنخب األكاديمية التي تمتلكها هذه املؤسسات يؤهل تلك املؤسسات ألن تكون‬

‫بيت خبرة ومخزن للعديد من املعارف‪ ،‬وبالتالي يمكنها القيام بالكثير من األنشطة يأتي في مقدمتها ما يأتي‪.‬‬

‫‪ .1‬عمل الدراسات والبحوث‪:‬‬

‫من أهم األدوار التي يمكن أن تقوم به الجامعات واملؤسسات التابعة لها إجراء وتنفيذ العديد من الدراسات‬

‫واألبحاث عن هذه التطبيقات الجديدة‪ ،‬وأبرز نقاط القوة التي تمتلكها‪ ،‬ونقاط الضعف‪ ،‬وكذا اإليجابيات‬

‫والسلبيات‪ ،‬باإلضافة إلى كيفية توجيه تلك الوسائل االجتماعية بما يخدم أهداف املجتمع واألسرة‪ ،‬ويحقق‬

‫التنمية الثقافية واالجتماعية املنشودة‪.‬‬

‫‪ .2‬إلقاء المحاضرات العامة وعقد الندوات والدروس والمؤتمرات‪:‬‬

‫تستطيع الجامعات واملراكز أن تقوم بدور مكمل لدورها السابق املتمثل في إجراء الدراسات والبحوث وهو‬

‫إقامة املحاضرات العامة والندوات والورش وكذا املؤتمرات العلمية التي تهدف من خاللها إلى توعية الطالب‬

‫بشكل خاص‪ ،‬واملجتمع واألسرة بشكل عام بكيفية االستخدام اإليجابي لهذه الوسائل‪.‬‬

‫وهنا تؤكد بعض الدراسات أهمية عقد الندوات لتوعية املجتمعات بمخاطر ومحاذير استخدام شبكات‬

‫التواصل االجتماعي من قبل املراهقين ورقابة أكبر من قبل الراشدين على سلوك أبناءهم ومحاورتهم حول‬

‫املمارسات السليمة في استخدامها‪.)1( .‬‬

‫ً‬
‫‪ -1‬أنظر كال من‪:‬‬
‫‪ -‬الزيون‪ ،‬محمد سليم‪ ،‬وأبو صعليك‪ ،‬ضيف هللا عوده‪ " ،‬اآلثار االجتماعية والثقافية لشبكات التواصل االجتماعي على األطفال في سن املراهقة في األردن" ‪،‬‬
‫املجلة األردنية للعلوم االجتماعية‪ ،‬مج‪ ،7‬ع‪( ،2‬األردن‪ ،)2014 ،‬ص‪.249‬‬
‫‪ -‬قدوري‪ ،‬يوسف (‪ ،)2015‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.283‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪123‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ .3‬عمل نشرات وملصقات‪:‬‬

‫في هذا اإلجراء تستطيع الجامعات القيام بالتوعية العامة بوسائل التواصل االجتماعي من خالل عمل النشرات‬

‫وامللصقات واملطويات التي تتضمن أبرز اإليجابيات التي تحملها وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وأهم السلبيات التي‬

‫تعاني منها‪ ،‬وقد أشارت بعض الدراسات إلى أهمية مثل هذا اإلجراء الذي يحمي الشباب من االنسياق وراء البرامج‬

‫غير الهادفة‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪124‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الخاتمة‪:‬‬
‫في ختام هذا الكتاب ينبغي التأكيد على أنه ال يمكننا ان نعيش في جزيرة معزولة عن العالم‪ ،‬أو ننكفئ على‬

‫ذواتنا‪ ،‬وال بد أن نتعامل بشكل فاعل مع متغيرات العصر ومستحدثاته التكنولوجية‪ ،‬وأن نشجع أبنائنا – بدون‬

‫خوف – على التعامل اإليجابي مع وسائل التواصل االجتماعي يما ينمي معارفهم ومهاراتهم العلمية واالجتماعية‬

‫والدينية واألخالقية‪ ،‬وأن ننبههم من الوقوع في شراك تلك الوسائل وفي ادمانها أو االفراط في استخدامها‪ ،‬وأن‬

‫نحاول إرشادهم إلى التوازن في استخدامها فال إفراط وال تفريط‪ ،‬وأن نساعدهم في اختيار األهداف املتعددة من‬

‫استخدامها‪.‬‬

‫فنحن اآلن نعيش في عصر العوملة‪ ،‬هذا العصر الذي يعني االنفتاح على اآلخر‪ ،‬والتالقح الفكري والثراء املعرفي‪،‬‬

‫فاملعرفة في تزايد مستمر‪ ،‬وجميع األمم والثقافات والشعوب تشارك اآلخرين خبراتها ومعارفها وتجاربها‪ ،‬وهو ما‬
‫ً‬
‫أوال‪ :‬أن نشارك العالم هذا االحتفال املعرفي‪ ،‬وأن نساهم فيه بإبداعاتنا وإضافاتنا وما تنتجه قرائحنا‪ً ،‬‬
‫وثانيا‪:‬‬ ‫يعني‬

‫أن ننمي لدى أجيالنا العديد من املهارات التي تتناسب وهذا التدفق املعرفي‪ ،‬واالنفتاح الفكري‪ ،‬وفي مقدمة تلك‬

‫املهارات‪ :‬مهارات التفكير العليا املتمثلة في القدرة على التحليل‪ ،‬والنقد والتمحيص واملراجعة ‪..‬الخ‪.‬‬

‫وهنا نؤكد أن العالقات األسرية أصابها ً‬


‫قدرا من التباعد واالضمحالل بعد ظهور وسائل التواصل االجتماع‪،‬‬

‫فالجميع يعيشون في بيت واحد بينما كل واحد منهم في عامله االفتراض ي‪ ،‬وقد أصبحت العالقات األسرية –‬

‫بحسب الكثير من الدراسات – في حدودها الدنيا مقتصرة على بعض الحوارات املقتضبة والجمل القصيرة‪ ،‬حتى‬

‫أثناء تناول األكل الجميع منشغل بتلك الوسائل‪ ،‬وهو األمر الذي يعني أن على األسرة أن تحاول التخفف من‬

‫ذلك االستخدام‪ ،‬وأن تعيد الكثير من األنشطة الفنية والترويحية واالجتماعية والعلمية التي كانت سائدة قبل‬

‫ظهور وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬فمن شأنها أن تعيد ترميم العالقات األسرية‪ ،‬باإلضافة إلى دورها في إراحة‬
‫ً‬
‫العقل قليال من سطوة تلك الوسائل‪.‬‬

‫ويفضل أن تستخدم األسرة الحوار في ترتيب أمورها وحل مشاكلها‪ ،‬فالحوار األسري من أفضل األساليب‬

‫التربوية وأجداها‪ ،‬وخاصة مع الشباب واملراهقين الذين إن شعروا باحترام األسرة لهم‪ ،‬وتقدير الوالدين لذواتهم‪،‬‬
‫فإنهم سيكونون إضافات نوعية لألسرة وللمجتمع‪ ،‬وسيتمكنوا من بناء شخصياتهم بشكل إيجابي وسليم ً‬
‫بعيدا‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪125‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫عن مشاعر القلق والخوف واالكتئاب واالضطرابات النفسية التي تسببها لهم صدمات الحياة وتحدياتها‪ ،‬وهو ما‬

‫يعني أن الحوار سيكون وقاية لهم من الوقوع في إدمان هذه الوسائل االجتماعية‪.‬‬

‫فإذا أفرط الشاب في استخدام وسائل التواصل االجتماعي وأصبح ً‬


‫مدمنا لها فإنه سيعاني ً‬
‫كثيرا‪ ،‬وستتحول تلك‬

‫اإليجابيات املتوقعة من تلك الوسائل إلى سلبيات‪ ،‬وسيخسر فرصة التنمية الذاتية‪ ،‬واالغتراف من املعرفة‪ ،‬بل‬
‫سيظل ً‬
‫أسيرا لدردشات أو حوارات أو متابعات ال تسمن وال تغني من جوع‪ ،‬وفي هذه الحالة لن تتراجع مهاراته‬
‫اجعا ً‬
‫حادا‪ ،‬ولن يشعر معها باالنتماء أو‬ ‫الشخصية فقط‪ ،‬وإنما ستشهد مهاراته االجتماعية وعالقاته األسرية تر ً‬
‫ً ً‬
‫عبئا ثقيال إلى أعبائها‪.‬‬ ‫الحب‪ ،‬وهنا تصبح املشكلة عويصة أمام األسرة وستضاف‬

‫ومن هنا فاألسرة – كونها أهم مؤسسة من مؤسسات التنشئة االجتماعية – مطالبة اليوم بالقيام بدورها‬

‫اإليجابي تجاه أفرادها‪ ،‬وأن ترشدهم بشكل مستمر إلى الفوائد وااليجابيات التي يمكن أن يستفيدوا منها‪ ،‬وأن‬

‫تحذرهم وتنبههم إلى أماكن الخطر‪ ،‬ونقاط الضعف التي يمكن أن تسببها لهم في عالقاتهم بأنفسهم أو عالقاتهم‬

‫األسرية واالجتماعية‪ ،‬ومن األحرى باألسرة أن تساعد أبنائها على اختيار الوسيلة املناسبة لهم‪ ،‬وأن تتعامل معهم‬

‫بنوع من الثقة واالحترام ال بمنطق الشك والتأنيب واالستهزاء‪ ،‬وأن تحاول بين الفينة واألخرى إجراء بعض‬

‫األنشطة البعيدة عن وسائل التواصل االجتماعي مثل ‪ :‬املسابقات الثقافية واأللعاب الترويحية والزيارات‬

‫العائلية التي تقوي الروابط األسرية‪ ،‬وتعيد ترميم ما أحدثه العالم االفتراض ي باألبناء‪.‬‬

‫وال تنس ى األسرة أن تنبه أفرادها من خطر االشاعات‪ ،‬ومن بعض العالقات التي تنتج من وسائل التواصل‬
‫ً‬
‫عاطفيا‪.‬‬ ‫ً‬
‫جنسيا أو‬ ‫سواء ً‬
‫ماليا أو‬ ‫االجتماعي‪ ،‬فالبعض يحمل نوايا سيئة ويستهدف إيقاع فرائسه ً‬

‫باإلضافة إلى ما تقدم تستطيع األسرة أن تقوم ببعض األدوار – وخاصة لألشخاص املدمنين –مثل تنظيم‬

‫األوقات وتحديد ساعات الدخول وساعات العمل واملذاكرة‪ ،‬وتدريب أفرادها على مهارات االسترخاء والتأمل‬

‫والتفكير والضبط الذاتي‪ ،‬ومساعدهم على إدراك أنهم أصبحوا مدمنين‪ ،‬وأن الحل بأيدهم من خالل تحمل‬
‫ً‬
‫طبيعيا‪.‬‬ ‫مسؤولية تحرير أنفسهم من ذلك اإلدمان والتدرج في العالج حتى يصبح تعاملهم معها ً‬
‫أمرا‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪126‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬
‫ً‬
‫وأخيرا على مؤسسات التنشئة االجتماعية األخرى أال تتقاعس عن أداء دورها فالكل مكمل لبعض‪ ،‬وبعض‬

‫الشباب ال يقتنع بش يء معين إال إذا سمعه من اإلعالم‪ ،‬والبعض اآلخر ال ينفع معه إال استخدام الوازع الديني‪،‬‬

‫وآخرين يأتي إرشادهم من خالل املدرسة‪ ،‬او من خالل الجامعات وأساتذتها وخبرائها‪.‬‬

‫وبالتالي عندما تتكامل جميع هذه املؤسسات في التوعية بإيجابيات وسلبيات هذه الوسائل عند ذلك تتمكن‬

‫األسرة واملجتمع من االستفادة القصوى من هذه الوسائل‪ ،‬وتتجنب الوقوع في شراكها ومخاطرها‪ ،‬وهو ما سنصل‬

‫معه إلى اإلنسان أو الفرد النافع لنفسه وأسرته ومجتمعه‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪127‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫املراجع‪:‬‬
‫‪ .1‬إبراهيم‪ ،‬خديجة عبد العزيز‪ ،‬واقع استخدام شبكات التواصل االجتماعي في العملية التعليمية‬

‫بجامعات صعيد مصر‪-‬دراسة ميدانية‪ ،‬العلوم التربوية‪ ،‬ع‪ ،3‬ج‪ ،2‬يوليو (معهد البحوث التربوية‪،‬‬

‫القاهرة‪.)2014 ،‬‬

‫‪ .2‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار املعارف‪ ،‬بدون)‪ ،‬ص‪.78‬‬

‫‪ .3‬األحمري‪ ،‬فاطمة بنت محمد‪ " ،‬أثر استخدام وسائل التواصل الحديثة على الحوار األسري‪ ،‬الهاتف‬

‫الجوال والشبكة العنكبوتية (االنترنت)"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬جامعة امللك‬

‫سعود‪.)2014 :‬‬

‫‪ .4‬بخوش‪ ،‬أحمد‪ ،‬االتصال والعوملة‪ ،‬دراسة سوسيولوجية ثقافية‪( ،‬القاهرة‪ :‬دار الفجر للنشر والتوزيع‪،‬‬

‫‪..)2008‬‬

‫‪ .5‬بدوي‪ ،‬زكي في عاطف غيث‪ ،‬علم اجتماع النظم‪ ،‬ج‪( ،2‬بيروت‪ :‬دار املعارف‪.)1967 ،‬‬

‫‪ .6‬بشبش‪ ،‬صبا منير حسين‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته باالكتئاب والوحدة النفسية لدى طلبة الجامعات‬

‫في قطاع غزة"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجامعة اإلسالمية بغزة‪.)2018 :‬‬

‫‪ .7‬بكر‪ ،‬ليلى سليمان علي‪ ،‬طاهرة العوملة وموقف اإلسالم منها‪ ،‬ط‪( ،1‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكر‬

‫الجامعي‪.)2007 :‬‬

‫‪ .8‬بو هالل أحالم‪ " ،‬تأثير استخدام شبكة االنترنت على العالقات األسرية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪،‬‬

‫جامعة العربي التبس ي‪.)2016 ،‬‬

‫‪ .9‬بو بعاية‪ ،‬سمية‪ " ،‬اإلدمان على االنترنت وعالقته بظهور اضطرابات النوم لدى عينة من الشباب‬

‫الجامعي"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد بوضياف‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪:‬‬

‫‪.)2017‬‬

‫تقرير االعالم االجتماعي‪ ،‬كلية دبي لإلدارة الحكومية‪ ،‬اإلصدار الثاني‪ ،‬مايو (‪.)2011‬‬ ‫‪.10‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪128‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫جعفر ومسلم‪ ،‬ضمياء عبد هللا‪ ،‬وسعاد حمود‪" ،‬أثر استخدام االنترنت في التفكك األسري‬ ‫‪.11‬‬

‫االجتماعي‪ -‬دراسة مسحية لطلبة الجامعات العراقية"‪ ،‬مجلة املستنصرية للدراسات العربية والدولية‪،‬‬

‫ع‪( 39‬جامعة املستنصرية‪ ،‬بدون)‬

‫الحاوري‪ ،‬عبد الغني أحمد‪ " ،‬العوملة وآثارها على دور األسرة اليمنية في التنشئة االجتماعية‬ ‫‪.12‬‬

‫من وجهة نظر اآلباء"‪ ،‬مجلة جامعة الناصر(جامعة الناصر‪ ،‬الجمهورية اليمنية‪ ،‬ع‪.)2017 ،9‬‬

‫الحاوري‪ ،‬عبد الغني أحمد والحاوري‪ ،‬علي أحمد واليزيدي‪ ،‬أمين عبد هللا‪ " ،‬مهارات التعامل‬ ‫‪.13‬‬

‫الفعال مع وسائل التواصل االجتماعي الالزمة لطلبة املرحلة الثانوية بالجمهورية اليمنية ومدى‬

‫امتالكهم لها"‪ ،‬املجلة الدولية للدراسات التربوية والنفسية‪ ،‬ع‪( ،9‬املركز الديمقراطي العربي‪ ،‬برلين‪،‬‬

‫أملانيا‪.)2020 :‬‬

‫الحسن‪ ،‬احسان محمد‪ ،‬البناء االجتماعي والطبقية‪( ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الطبعة‪.)1993 :‬‬ ‫‪.14‬‬

‫حماد‪ ،‬سهيلة بنت زبن العابدين‪ ،‬حوار األباء مع األبناء " حق لألبناء‪( ،‬اململكة العربية‬ ‫‪.15‬‬

‫السعودية‪ ،‬مركز امللك عبد العزيز للحوار الوطني‪.)2009 :‬‬

‫حسين‪ ،‬هالة حاجي عبد الرحمن‪" ،‬التنشئة األسرية للمراهقين في ضوء تأثير مواقع التواصل‬ ‫‪.16‬‬

‫االجتماعي"‪ ،‬دراسات عربية في التربية وعلم النفس‪ ،‬ع‪.)2016( ،75‬‬

‫خير هللا‪ ،‬سيد‪ ،‬بحوث نفسية وتربوية‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪.)1990 ،‬‬ ‫‪.17‬‬

‫الرازي‪ ،‬محمد‪ ،‬مختار الصحاح‪ ،‬مادة حوار‪( ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بدون)‪.‬‬ ‫‪.18‬‬

‫رمضان‪ ،‬عصام جابر‪" ،‬انعكاسات شبكات التواصل االجتماعي على وظائف الضبط األسري‬ ‫‪.19‬‬

‫كما يراها طلبة الجامعات السعودية"‪ ،‬مجلة جامعة القدس املفتوحة لألبحاث والدراسات التربوية‪،‬‬

‫مج‪ ،6‬ع‪( ،20‬جامعة القدس املفتوحة‪.)2017 :‬‬

‫الزيدي‪ ،‬أمل بنت علي بن ناصر‪" ،‬إدمان االنترنت وعالقته بالتواصل االجتماعي والتحصيل‬ ‫‪.20‬‬

‫الدراس ي لدى طلبة جامعة نزوى"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬جامعة نزوى‪ ،‬كلية العلوم واآلداب‪.)2014 :‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪129‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫الزيون‪ ،‬محمد سليم‪ ،‬وأبو صعليك‪ ،‬ضيف هللا عوده‪" ،‬اآلثار االجتماعية والثقافية لشبكات‬ ‫‪.21‬‬

‫التواصل االجتماعي على األطفال في سن املراهقة في األردن"‪ ،‬املجلة األردنية للعلوم االجتماعية‪ ،‬مج‪،7‬‬

‫ع‪( 2‬األردن‪.)2014 ،‬‬

‫ساري‪ ،‬حلمي خضر‪" ،‬تأثير االتصال عبر االنترنت في العالقات االجتماعية (دراسة ميدانية في‬ ‫‪.22‬‬

‫املجتمع القطري)"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق‪ ،‬مج‪ ،24‬ع‪( 2+1‬جامعة دمشق‪.)2008 ،‬‬

‫سراج‪ ،‬ثريا محمد‪ " ،‬سوء استخدام االنترنت وعالقته ببعض سمات الشخصية لدى عينة‬ ‫‪.23‬‬

‫من طالب الجامعة (دراسة سيكومترية ‪-‬اكلينيكية)"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪( ،‬جامعة الزقازيق‪ ،‬كلية التربية‪:‬‬

‫‪.)2007‬‬

‫سعاد‪ ،‬بن جديري‪" ،‬عالقة النرجسية باإلدمان على شبكة التواصل االجتماعي "الفيس بوك"‬ ‫‪.24‬‬

‫لدى املراهقين الجزائزي‪ ،‬دراسة ميدانية على عينة من تالميذ السنة الثانية ثانوي بمدينة سكره"‪،‬‬

‫رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة محمد خضير‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.)2016 :‬‬

‫سعاد‪ ،‬جاد‪ ،‬سالمة األطفال على االنترنت‪ ،‬دراسة وطنية حول تأثير االنترنت على األطفال في‬ ‫‪.25‬‬

‫لبنان‪( ،‬بدون)‪.‬‬

‫سليمة‪ ،‬حمودة‪" ،‬اإلدمان على االنترنت‪ :‬اضطراب العصر"‪ ،‬مجلة العلوم اإلنسانية‬ ‫‪.26‬‬

‫واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،21‬ديسمبر (‪.)2015‬‬

‫السيد‪ ،‬فاطمة علوي‪ " ،‬العوملة وتأثيرها على دور األسرة في التنشئة االجتماعية"‪ ،‬رسالة‬ ‫‪.27‬‬

‫ماجستير‪( ،‬جامعة البحرين‪ ،‬كلية اآلداب والعلوم االجتماعية‪.)2009 ،‬‬

‫شومان‪ ،‬نعيمة‪ ،‬العوملة بين النظم التكنولوجية الحديثة‪ ،‬ط‪( ،1‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬مؤسسة‬ ‫‪.28‬‬

‫الرسالة‪.)1998 :‬‬

‫الصديقي‪ .‬سحر بنت عبد الرحمن‪ ،‬مكانة الحوار ومعوقاته في تنشئة األبناء في األسرة‬ ‫‪.29‬‬

‫السعودية‪( ،‬اململكة العربية السعودية‪ ،‬مركز امللك عبد العزيز للحوار الوطني‪.)2010 :‬‬

‫عزت‪ ،‬أحمد‪ ،‬أصول علم النفس‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الطالب‪.)1989 :‬‬ ‫‪.30‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪130‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫العسيلي والجبريني‪ ،‬عبد هللا عبد املنعم‪ ،‬ومازن خليل‪" ،‬وسائل التواصل الحديثة وأثرها على‬ ‫‪.31‬‬

‫العالقات األسرية"‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع لكلية الشريعة جامعة النجاح " وسائل‬

‫التواصل االجتماعي وأثرها على املجتمع‪( ،‬جامعة النجاح‪.)2014 ،‬‬

‫العمر‪ ،‬بشير‪ " ،‬العوملة صياغة جديدة للعالم واألسرة‪ .‬خطرها على تمكين األسرة وزعزة‬ ‫‪.32‬‬

‫بنيانها"‪ ،‬مجلة جامعة دمشق للعلوم االقتصادية والقانونية‪ ،‬مج‪ ،25‬ع‪( ،1‬جامعة دمشق‪.)2009 ،‬‬

‫عمر‪ ،‬عصام توفبق ومبروك‪ ،‬فتح‪ ،‬الرعاية االجتماعية لألسرة والطفولة‪ ،‬ط‪( ،1‬املنصورة‪،‬‬ ‫‪.33‬‬

‫مصر‪ ،‬املكتبة العصرية للنشر والتوزيع‪.)2009 :‬‬

‫العيسوي‪ ،‬عبد الرحمن‪ ،‬الصحة النفسية والعقلية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار النهضة العربية‪:‬‬ ‫‪.34‬‬

‫‪.)1992‬‬

‫غليون‪ ،‬برهان‪ " ،‬العوملة وأثرها على املجتمعات العربية"‪ ،‬ورقة مقدمة إلى اجتماع خبراء‬ ‫‪.35‬‬

‫اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا حول‪ :‬تأثير العوملة على الوضع االجتماعي في املنطقة‬

‫العربية‪( ،‬بيروت ‪ 21-19‬ديسمبر‪.)2005 ،‬‬

‫الفتياني‪ ،‬تيسير محجوب‪ ،‬كيف تحاور اآلخرين؟ الحوار تاريخ ومفاهيم‪( ،‬عمان‪ ،‬بيت األفكار‬ ‫‪.36‬‬

‫الدولية‪.)2005 :‬‬

‫عبد هللا‪ ،‬محمد قاسم‪" ،‬إدمان االنترنت وعالقته بسمات الشخصية املرضية لدى األطفال‬ ‫‪.37‬‬

‫املراهقين‪-‬دراسة ميدانية في حلب"‪ ،‬مجلة الطفولة العربية‪ ،‬ع‪( ،62‬الكويت‪ ،‬بدون)‪.‬‬

‫قدوري‪ ،‬يوسف‪" ،‬إدمان استخدام االنترنت وعالقته ببعض أعراض االضطرابات النفسية"‪،‬‬ ‫‪.38‬‬

‫مجلة العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬ع‪ ،19‬جوان‪( ،‬الجزائر‪.)2015 ،‬‬

‫قطوش‪ ،‬سامية‪" ،‬دراسة سوسيولوجية لتأثير استخدام االنترنت في نمط االتصال األسري"‪،‬‬ ‫‪.39‬‬

‫مجلة الحكمة‪( ،‬الجزائر‪ ،‬مؤسسة كنوز الحكمة للنشر والتوزيع‪.)2013 :‬‬

‫كامل‪ ،‬سلمى حسين‪ " ،‬إدمان االنترنت وعالقته بالدافعية نحو التحصيل الدراس ي لدى طلبة‬ ‫‪.40‬‬

‫جامعة ديالي"‪ ،‬مجلة الفتح‪ ،‬ع‪ ،68‬كانون األول‪( ،‬العراق" ‪.)2016‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
‫‪131‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫كتانه‪ ،‬دعاء عمر محمد‪ " ،‬وسائل التواصل االجتماعي وأثرها على األسرة ‪-‬دراسة فقهية‪،‬‬ ‫‪.41‬‬

‫ع‪( ،37‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬جامعة النجاح الوطنية‪.)2015 :‬‬

‫الكرد‪ ،‬ضياء أحمد‪" ،‬أثر شبكات التواصل االجتماعي على التوافق الزواجي في األسرة‬ ‫‪.42‬‬
‫ً‬
‫نموذجا "‪ ،‬املؤتمر العلمي الدولي السنوي الرابع لكلية الشريعة" وسائل‬ ‫الفلسطينية " الفيس بوك‬

‫التواصل االجتماعي وأثرها على املجتمع"‪( ،‬جامعة النجاح‪.)2014 :‬‬

‫لكحل وزايدي‪ ،‬حليمة‪ ،‬رينة‪" ،‬أثر استخدام مواقع التواصل االجتماعي في العالقات األسرية‪-‬‬ ‫‪.43‬‬
‫ً‬
‫أنموذجا"‪ ،‬رسالة ماجستير‪( ،‬الجزائر‪ ،‬جامعة زيان عاشور الحلفة‪.)2017 :‬‬ ‫الفيس بوك‬

‫محمد‪ ،‬سعيد أمين‪ " ،‬تأثير التكنولوجيا الرقمية – شبكة االنترنت – على كفاءة وأداء األسرة‪،‬‬ ‫‪.44‬‬

‫تحليل سوسيولوجي لتأثيرات استخدام االنترنت"‪ ،‬مجلة الفكر الشرطي‪.)2014( ،)23(90 ،‬‬

‫املصري‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬البيان في تفسير غريب القرآن‪( ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،‬دار الصحابة للتراث‪،‬‬ ‫‪.45‬‬

‫القاهرة‪.)1992 :‬‬

‫املطوع‪ ،‬عبد العزيز بن صالح‪ " ،‬تأثير شبكة الواتس أب على بعض املتغيرات لدى عينة من‬ ‫‪.46‬‬

‫املتزوجين في املجتمع السعودي"‪ ،‬مجلة البحث العلمي في التربية‪ ،‬ع‪( ،16‬القاهرة‪.)2015 ،‬‬

‫نصار‪ ،‬أنور شحادة‪ " ،‬واقع استخدام شبكات التواصل االجتماعي لدى طلبة كليات التربية‬ ‫‪.47‬‬

‫بجامعة غزة ودورها في تعزيز الهوية الثقافية"‪ ،‬مجلة جامعة فلسطين لألبحاث والدراسات‪ ،‬مج‪ ،6‬ع‪،1‬‬

‫مارس‪( ،‬فلسطين‪.)2016 ،‬‬

‫هداج‪ ،‬العيد‪ " ،‬تأثير العوملة على دور األسرة في التنشئة االجتماعية"‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬ ‫‪.48‬‬

‫(الجزائر‪ ،‬جامعة سطيف‪ ،‬كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.)2014 :‬‬

‫الوايلي‪ ،‬حصة بنت عبد الرحمن‪ ،‬الحوار األسري‪ :‬التحديات واملعوقات‪( ،‬اململكة العربية‬ ‫‪.49‬‬

‫السعودية‪ ،‬مركز امللك عبد العزيز للحوار الوطني‪.)2010 :‬‬

‫وطفة‪ ،‬على أسعد‪ ،‬علم االجتماع التربوي‪( ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬جامعة دمشق للنشر والتوزيع‪:‬‬ ‫‪.50‬‬

‫‪.)1993‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
132 ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫ كلية‬،‫ جامعة وهران‬،‫ (الجزائر‬،‫ رسالة ماجستير‬،"‫ " الحوار بين اآلباء واألبناء‬،‫ كروش‬،‫كريمة‬ .51

.)2010 :‫العلوم االجتماعية‬

:‫المراجع اإلنجليزية‬

52. Mechel, Vansoon. (2010). Facebook and the Vision Technogical communities,
N Y,hall press.
53. Apple,M and Holtz, p & Stiglbaurti, B, Barinic, B. (2012). Parents as a resource;
communication quality affects the relationship between adolescent internet use
and loneliness, Journal of Adolescence, 35, pp. 1641-1648.
54. Sahin, C. (2011). An analysis of internet addiction levels of individuals
according to various variables, the Turkish Online Journal of Eduvation
Technology- October, volume 10 Issue 4. Kirsehir. Turkey. Ahi Evran
university. Faculty of Education. Pp. 60-65
55. Hardie, Elizabeth & Tee, Ming (2007). Excessive Internet Use; The Role of
Personality, Loneliness and Social Support Networks in Internet Addiction,
Australian Journal of Emerging Technolgies and Society, 5, (1); pp 34-47.
56. Astin, E & Kistler, M. (2015). Family mediation of children Media/ Internet
use, The International Encyclopedia of Interpersonal communication,
Available on
57.Gunc, S & Dogan, D. (2012). The relationship between Turkish adolescent's
internet addiction their perceived social support and family activities,
computers in Human behavior, 29(6), pp, 2197- 2207.

:‫المراجع االلكترونية‬
‫ على ويكيبيديا‬2 ‫ ويب‬https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D9%8A%D8%A8_2.0 .58

.‫الموسوعة الحرة‬

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%AC%D9%8A%D8%A7%D9%84_% .59
‫ موقع أجيال الويب – ويكيبيديا الموسوعة‬D8%A7%D9%84%D9%88%D9%8A%D8%A8
.‫الحرة‬

‫ برلين‬- ‫ المانيا‬/‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‬


133 ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

60.https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84_%
D8%AA%D9%88%D87%D8%B5%D9%84_%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85

%D8%A7%D8%B9%D9%8A ،‫موقع وسائل التواصل االجتماعي على ويكيبيديا الموسوعة الحرة‬

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%88%D9%84%D .61
9%85%D8%A9_%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%

.‫ العولمة الثقافية على الويكيبيديا‬A9

https://twitter.com/kasimf/status/837322872620220417 .62

.‫تغريده لفيصل القاسم‬

‫ مقابلة‬https://www.youtube.com/watch?v=D7G_VQlfUfA - .63

.‫مع د عدنان إبراهيم‬

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D8%B1%D9%83%D .64
8%A9_%D9%85%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%A9_%D8
%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%A

‫ موقع الشركات متعددة الجنسيات على الويكيبيديا‬A

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B8%D .65
9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8
%B1%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%8

.‫ منظمة التجارة العالمية على الويكيبيديا‬5%D9%8A%D8%A9

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D .66
9%86%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%AF-
.‫ البنك الدولي ويكيبيديا‬%D9%88%D9%84%D9%8A
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D9%86%D8%AF%D .67
9%88%D9%82_%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF_%D8

‫ برلين‬- ‫ المانيا‬/‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‬


‫‪134‬‬ ‫العالقات األسرية في ظل اإلدمان على وسائل التواصل االجتماعي‬

‫‪ %A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A‬صندوق النقد الدولي‬

‫ويكيبيديا‪.‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D‬‬ ‫‪.68‬‬
‫‪ 8%A8%D9%88%D9%83‬الفيس بوك على ويكيبيديا‪.،‬‬
‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D8%A7%D8%AA%D‬‬ ‫‪.69‬‬

‫‪ 8%B3%D8%A7%D8%A8‬الواتس اب على ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%8A%D8%B3%D8%A8%D9%8‬‬

‫‪ 8%D9%83‬التويتر على ويكبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D8%AA%D‬‬ ‫‪.70‬‬

‫‪ 9%8A%D9%88%D8%A8‬موقع يوتيوب على ويكيبيديا الموسوعة الحرة‪.‬‬

‫‪https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%8A%D9%84%D‬‬ ‫‪.71‬‬
‫موقع التيليجرام على ويكيبيديا‬ ‫‪9%8A%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%85‬‬

‫املوسوعة الحرة‪.‬‬

‫‪https://www.google.com/search?q=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88‬‬
‫‪%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%88%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A8‬‬
‫‪%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7&oq=%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9‬‬
‫‪%88%D9%84%D9%85%D8%A9+%D9%88%D9%8A&aqs=chrome.1.69i57j‬‬

‫‪ 0l5.6731j1j7&sourceid=chrome&ie=UTF-8‬العولمة على الويكيبيديا‪.‬‬

‫إصدارات المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية والسياسية واالقتصادية‪ /‬المانيا ‪ -‬برلين‬
2

You might also like