You are on page 1of 12

‫أقسام المعامالت المالية في اإلسالم‬

‫اعداد وتنسيق التلميذة هاجر الزهر اإلدريسي‬

‫مقدمة‬
‫تشكل المعامالت المالية أحد أهم أركان الحياة االقتصادية في المجتمعات‪ ،‬حيث تنبثق من تلك المعامالت العديد‬
‫من العالقات المالية التي تؤثر في توزيع الثروة وتحقيق الرفاهية االجتماعية‪ .‬ومن المهم لفهم هذا الجانب من‬
‫االقتصاد أن نتطلع إلى كيفية تنظيم تلك المعامالت في ضوء القيم والمبادئ اإلسالمية‪.‬‬

‫تعتبر الشريعة اإلسالمية مصدر الهداية في جميع جوانب الحياة‪ ،‬بما في ذلك المعامالت المالية‪ ،‬حيث توفر‬
‫توجيهات شرعية تهدف إلى تحقيق العدالة والتضامن االجتماعي ومنع الظلم واالحتكار‪ .‬تتنوع المعامالت المالية‬
‫في اإلسالم من خالل مجموعة من القواعد والتوجيهات التي تشمل البيع والشراء واإلقراض واالقتراض‬
‫والصكوك اإلسالمية والصدقات والزكاة وغيرها‪.‬‬

‫تهدف هذه الفقرة إلى استكشاف أقسام المعامالت المالية في اإلسالم وتحليل القيمة الشرعية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية لكل منها‪ .‬ساقوم بتقديم نظرة شاملة لكل قسم من هذه المعامالت ونوضح كيفية تطبيق القواعد‬
‫الشرعية في الواقع االقتصادي‪ ،‬مع التركيز على أهمية تلك المعامالت في بناء اقتصاد يتوافق مع مبادئ العدالة‬
‫واالستدامة في اإلسالم‪.‬‬

‫اوال‪ :‬قسم المعاوضات‬


‫سنناقش في هذا القسم احد اهم اركانه وهو البيع والشراء‬

‫يمكن تعريف عملية البيع بأنها تتم بين طرفين بمقابل مادي يحصل عليه البائع مقابل منح المشتري خدمة أو سلعة بحاجة‬
‫إليها‪ ،‬لذلك يمكن القول بأن عملية البيع شهدت تطور كبير حيث أصبحت كبري الشركات تعتمد عليها للحصول على‬
‫أرباح تساعد على التوسع في نشاط الشركة وعلو مكانتها في السوق‪ ،‬لذلك ستطرق لعملية البيع بصورة مستفيضة من‬
‫كافة النواحي‪.‬‬

‫ما هو تعريف البيع في االسالم؟‬


‫البيع ً‬
‫لغة‪ :‬هو ضد الشراء‪ ،‬والبيع كذلك يعني الشراء‪ ،‬فهما ‪-‬البيع والشراء‪ -‬من ألفاظ األضداد فيصدق استخدامهما في‬
‫المعنيين‪ ،‬يقال‪ :‬بعت الشيء؛ أي شريته‪،‬‬

‫واالبتياع‪ :‬هو االشتراء‪.‬‬

‫معنى عقد البيع اصطالحاً‪:‬‬


‫يرى علماء المذاهب األربعة المعتمدة عند أهل السنة أن لعقد البيع جملة من التعريفات‪ ،‬وبيان بعض ما ذهب إليه الفقهاء‬
‫في تعريف البيع ما يلي‪:‬‬

‫مال بمال تمليكا ً وتملّكاً‪.‬‬


‫يرى ابن قدامة الحنبلي ‪-‬من علماء الحنابلة‪ -‬أنّ البيع هو‪ :‬مبادلة ٍ‬

‫أما ابن عرفه المالكي فيرى أنّ البيع هو‪ :‬عقد معاوض ٍة يجري على غير منفعة وال على متعة لذة‪.‬‬

‫مال بمال على وج ٍه مخصوص‏)‪،‬‬


‫عرّ ف علماء الشافعية البيع بأنه‪:‬‏ (مقابلة ٍ‬

‫وقيل في تعريفه عند الشافعية كذلك أنه‪( :‬عقد معاوض ٍة ماليّة ُتفيد تملُّك العين أو المنفعة التي جرى عليها عقد البيع ملكا ً‬
‫على ال ّتأبيد ال على وجه القربة‏)‪ ،‬فقد خرجت بهذا التعريف العديد من األمور التي ال يص ُّح تسميتها بيعاً‪ ،‬فقولهم‬
‫(المعاوضة) تخرج به الهديّة وما يُشابهها في الحكم؛‬

‫لكون الهدية ليست بيعا ً بل هي عقد تبرُّ ع يكون بال مقابل‪ ،‬أما قولهم (الماليّة) فقد خرجت به العقود غير الماليّة؛ كعقد‬
‫ال ّنكاح الذي يجري على األبضاع‪ ،‬وهو من العقود ذات المكانة الخاصة في الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬أما قولهم (تملك العين)‬
‫فقد خرج به عقد اإلجارة الذي يقوم على تمليك المنافع ال األعيان‏‪.‬‏‬

‫ْأ‬ ‫اح ٍة م ْ‬
‫ُط َل ًقا ِبَأ َح ِد ِه َما َك َذل َِك على ال َّت ِيي ِد ف ِ‬
‫ِيه َما ِب َغي ِْر ِربًا‬ ‫وقد عرّ فه علماء المذهب الحنبلي بأ ّنه‏‪:‬‏ (هو ُم َبادَ َل ُة َعي ٍ‬
‫ْن أو َم ْن َف َع ٍة ُم َب َ‬
‫ض)‪.‬‬‫َواَل َقرْ ٍ‬

‫ويستوجب توافر ثالثة أركان نوضحها فيما يلي‪:‬‬

‫● العاقد‪ :‬ويتضمن كال من البائع والمشتري‪.‬‬


‫● المعقود عليه‪ :‬تشير إلى المنتج أو الخدمة محل البيع والثمن المتفق على دفعه نظير امتالكها‪.‬‬
‫● الصيغة‪ :‬المقصود بها التراضي وقبول الطرفين إتمام البيع‪.‬‬

‫ما هي أركان البيع األربعة؟‬


‫إلتمام الصفقات التجارية بنجاح يجب توافر األركان التالية‪:‬‬

‫المشتري أو العميل‪ :‬من أهم أركان البيع حيث تعكف الشركات التجارية على توفير منتجات تغطي احتياجات‬ ‫●‬
‫العمالء لذلك عملية إقناعه بالشراء تتطلب مهارات تسويقية من مندوب المبيعات أو البائعين‪.‬‬
‫توافر المنتج أو الخدمة‪ :‬البد من تقديم منتج مطابق للمواصفات القياسية‪ ،‬يتضمن الكثير من المزايا التي تحفز‬ ‫●‬
‫المشتري على اإلقبال على امتالك المنتج‪ ،‬باإلضافة إلى بناء رابط قوي بين البائع والمشتري من خالل‬
‫الخدمات المقدمة له قبل وبعد البيع‪.‬‬
‫تحديد المكان‪ :‬يجب على الباعة عرض منتجاتهم في مكان معروف‪ ،‬مثل المحال التجارية أو من خالل المتاجر‬ ‫●‬
‫اإللكترونية المنتشرة على شبكة اإلنترنت‪ ،‬مع الحرص على االستعانة بالحمالت الدعائية التي تساعد على‬
‫وصول المنتج ألكبر عدد من العمالء‪.‬‬
‫الزمان‪ :‬يجب تحديد الفترة الزمنية المناسبة للطرفين لعرض المنتجات أو إلتمام عملية البيع‪ ،‬مع الحرص على‬ ‫●‬
‫تقديم المنتج وذكر مواصفاته بطريقة جذابة تساعد المشتري على اتخاذ قرار الشراء‪.‬‬

‫ما هي شروط البيع؟‬


‫اشترط الفقهاء لكي يكون عقد البيع صحيحا ً أن تنتفي منه ستة أمور هي‪:‬‬
‫● الجهالة‪ :‬كأن يجهل أحد العاقدَ ين جنس المبيع أو نوعه أو جنس الثمن‪ ،‬أو وصف أحدهما‪ ،‬أو عدده‪ ،‬أو غير ذلك‬
‫من تفاصيلهما‪.‬‬
‫● الغرر‪ :‬والغرر هو ما يتردد بين الوجود والعدم‪ ،‬ويدخل فيه بيع ما يُجهل وجوده وعدمه؛ كبيع ما في بطن الشاة‬
‫أو اإلبل قبل والدتها‪ ،‬أو ما في ضرعها من الحليب قبل حلبها‪ ،‬أو البيع بمئة دون تحديد نوع السلعة أو جنسها‪.‬‬
‫● الضرر‪ :‬وهو اشتراط ما يُدخل الضرر في المبيع كأن يبيع ثوبا ً على أن يثقبه‪ ،‬أو يبيع صندوقا ً على أن يضع فيه‬
‫ً‬
‫خشبة أو غير ذلك مما يُلحق الضرر في المعقود عليه‪.‬‬
‫● اإلكراه‪ :‬وهو إجبار العاقد على إتمام العقد دون رضاه‪ ،‬وينقسم إلى إكرا ٍه ملجئ‪ :‬كأن يُهدد شخص أحد العاقدَ ين‬
‫بالقتل‪ ،‬ويُشير عليه بأداة يُقتل بها عاد ًة؛ كالمسدس‪ ،‬أو السكين‪ ،‬أو الحجر الضخم‪ ،‬والقسم الثاني هو اإلكراه غير‬
‫الملجئ‪ :‬كالتهديد بالضرب‪ ،‬أو الحبس‪ ،‬أو النفي‪.‬‬
‫خارجين عن أصلهما‪ ،‬ووظيفتهما الرئيسة‬
‫َ‬ ‫● التوقيت‪ :‬أي أن يكون البيع مؤقتا ً بمدة‪ ،‬فذلك يجعل البيع والشراء‬
‫وهي تملّك السلعة وامتالك التصرُّ ف فيها دون تحديد مدة‪.‬‬
‫يجر‬
‫ت النص الشرعي بإباحة اشتراطه‪ ،‬أو لم ِ‬ ‫أمر لصالح أحد المتعاقدَ ين لم يأ ِ‬
‫● الشروط المفسدة‪ :‬وهي اشتراط ٍ‬
‫العرف به‪ ،‬أو كان مخالفا ً لمقتضيات العقد‪ ،‬ومثاله أن يشترط أحد العاقدَ ين على اآلخر في العقد أن يقرضه مبلغا ً‬
‫من المال حتى يُت ّم العقد‪.‬‬

‫صور من البيوع المحرمة في اإلسالم‬


‫حرّ م اإلسالم بعضا ً من صور البيوع‪ ،‬وفيما يأتي بيان جان ٍ‬
‫ب منها‪:‬‬
‫غبن في الثمن أو نحو‬ ‫ٍ‬ ‫نوع من أنواع الغشّ ‪ ،‬كوجود عي ٍ‬
‫ب في المبيع أو‬ ‫الغش‪ :‬وهو البيع المُشتمل على أيِّ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫بيع‬ ‫●‬
‫ذلك‪.‬‬
‫تل ّقي ال ُركبان‪ :‬ومعناه التعرّ ض لمن يأتي بسلع ٍة إلى السوق حتى يبعيها‪ ،‬فيُخبره أنّ السوق كاس ٌد ليشتري منه‬ ‫●‬
‫السلعة بخسارةٍ‪ ،‬ث ّم يبيعها هو بما يُريد من المال‪.‬‬
‫بيع ال ُمحتكر‪ :‬أي امتناع أحد الباعة من عرض السلعة التي لديه في السوق إلى حين فُقدانها‪ ،‬وارتفاع ثمنها‪.‬‬ ‫●‬
‫البيع على البيع أو السوم على السوم‪ :‬ومعناه قيام اإلنسان بإغراء المشتري أثناء مدة الخيار أن يفسخ البيع‪،‬‬ ‫●‬
‫بسعر أقل‪ ،‬ويكون كذلك بإغراء البائع بفسخ البيع مُقابل أن يشتري منه‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬
‫سلعة أجود أو‬ ‫ويُلغيه مُقابل أن يبيعه‬
‫بسعر أعلى‪.‬‬‫ٍ‬ ‫السلعة‬
‫بيع ال ّن َجش‪ :‬ومعناه أن يزيد شخص في سعر السلعة المعروضة للبيع دون أن ينوي شراءها‪ ،‬وإ ّنما ليغترّ الناس‬ ‫●‬
‫بشرائها بأكثر من سعرها الحقيقي‪.‬‬

‫آداب البيع في اإلسالم‬


‫للبيع في اإلسالم آدابٌ عديدةٌ‪ ،‬يُذكر منها ما يأتي‪:‬‬
‫أن يُحبّ اإلنسان ألخيه ما يُحبّه لنفسه‪.‬‬ ‫●‬
‫كتابة الديون واإلشهاد عليها‪.‬‬ ‫●‬
‫الحلف في البيع حتى في حال الصدق‪.‬‬ ‫تج ّنب َ‬ ‫●‬
‫السماحة والسهولة في البيع‪.‬‬ ‫●‬
‫اإلكثار من إخراج الصدقات‪.‬‬ ‫●‬
‫عدم المُغاالة والمُبالغة في الربح‪.‬‬ ‫●‬
‫الصدق في التعامل‪.‬‬ ‫●‬

‫أقسام البيع‬
‫تنقسم أشكال البيع إلى قسمين‪ ،‬وهي على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أقسام البيع من حيث المبيع‬

‫أقسام البيع من حيث المبيع هي‪:‬‬


‫● البيع المطلق‬
‫وهو أشهر أنواع البيوع وأكثرها رواجً ا؛ فهو يعني مبادلة عين بمال‪ ،‬وهذه الصورة للبيع هي أول ما يتبادر إلى الذهن‬
‫عند ذكره‪.‬‬
‫● بيع السلم‬
‫ً‬
‫منضبطا‪ ،‬ووقت التسليم محدد على األغلب‪ ،‬كأن يشتري القمح المزروع ويستلمه‬ ‫هو بيع بأجل يكون وصف المبيع فيه‬
‫عند الحصاد‪.‬فإذا كان المبيع مما ينضبط بالوصف‪ ،‬ويغلب على الظن وجوده في وقت التسليم‪ ،‬فتبايعا على أن يوفر له‬
‫المبيع في موعده‪ ،‬فهذا هو بيع السلم‪ ،‬وهو جائز بالكتاب والسنة وعلى ذلك عامة علماء المسلمين‪.‬‬
‫● الربا‬
‫الربا هو مبادلة مال بمال مقابل زمن‪ ،‬وسيأتي الحديث حوله في عنوان البيوع المنهي عنها‪.‬‬

‫● بيع المقايضة‬
‫وهو شك ٌل يقتضي مبادلة عين بعين‪ ،‬وال وجود للنقود في هذا النوع من البيوع؛ وبشكل أبسط هو مبادلة سلعة بسلعة‪.‬‬

‫أنواع البيع من حيث الثمن‬

‫أقسام البيع من حيث الثمن هي‬


‫● بيع المساومة‬
‫وهذا النوع خالف المعهود يقتضي اقتراح المشتري سعرً ا على البائع‪ ،‬ال تحديد البائع لسعر ابتدا ًء كما هو األشهر‪ ،‬ويفعل‬
‫المشتري ذلك ليشتري السلعة المعروضة ويكون بينهما نقاش حتى ي ّتفقا على البيع أو عدمه‪ ،‬وهو نوع جائز بشروطه‪.‬‬
‫● بيع المزايدة‬
‫وهذا البيع يقتضي التنافس بين من يودّون شراء السلعة المعروضة‪ ،‬فيعرضها البائع بسعر ما‪ ،‬ثم يبدأ الراغبون في‬
‫الشراء بالزيادة على بعضهم في المبلغ حتى يظفر بها من يدفع الثمن األعلى‪.‬‬
‫● بيع األمانة‬
‫وقد سمي هذا البيع بذلك لكونه يعتمد على أمانة البائع في التصريح برأس المال وثمن السلعة كما هي عليه و بصدق‪،‬‬
‫وبعد أن يصرّ ح بثمنها األصلي قد يطلب ربحً ا؛ ويُسمى هذا بيع المرابحة‪ ،‬وقد يبيعها بنفس ثمنها فال يربح فيها وال‬
‫يخسر‪ ،‬وهذا النوع يُسمى بيع التولية‪ ،‬وقد يعرض ثمنها ويطلب ما هو أقل منه فيبيع سلعته بخسارة‪ ،‬وهذا النوع يُسمى‬
‫بيع الخسارة أو الوضيعة‪.‬‬
‫● البيع بالرقم‬
‫وهو وضع السعر على السلع وبيع السلع بهذا السعر المسجل عليها‪ ،‬وهو ما نسميه السلعة المسعّرة‪ ،‬وهي ما ال نحتاج‬
‫سؤال البائع عن سعرها‪ ،‬وهذا الشكل جائز كون الثمن معلوم ال جهالة فيه‪.‬‬
‫● اإلشراك في المبيع‬
‫يعني أن يشترك المشتري مع غيره في ثمن سلع ٍة ما‪ ،‬ويأخذ منها بقدر نصيبه ودفعه في ثمنها‪.‬‬

‫البيوع المنهي عنها‬


‫أباح اإلسالم البيع لك ّنه حرم منه الصور التي تقتضي الظلم أو الغبن أو جلب البغض والمشاحنة بين الناس‪ ،‬وهو مما ال‬
‫يرضاه اإلسالم‪ ،‬وأبرز صور البيوع المحرمة هي‪:‬‬
‫● بيع المالمسة‬
‫وهو البيع الذي يقتضي قول البائع‪ :‬أيّ سلعة لمستها فهي بكذا‪ ،‬كأن يقول لك‪ :‬أي قميص لمسته فهو بعشرة دنانير‪ ،‬وهذا‬
‫الشكل محرم وفاسد للجهالة الحاصلة فيه‪.‬‬
‫● بيع النجش‬
‫وهو البيع الذي يقتضي أن يأتي أحدهم ويزيد في ثمن السلعة أمام المشتري فقط بقصد رفع ثمنها‪ ،‬وهذا محرّ م ألنه من‬
‫باب الخداع‪.‬‬
‫● بيع الرجل على بيع أخيه‬
‫مشتر على شراء سلعة معينة منه بثمن معين‪ ،‬ثم يغير رأيه عند وجود من يدفع له ثم ًنا أعلى‪ ،‬أو أن‬
‫ٍ‬ ‫كأن يتفق أحدهم مع‬
‫ثالث يعرض عليه السلعة من عنده بثمن أقل‪ ،‬وهو محرّ م ألنه باب كبير‬‫ٌ‬ ‫يتفق أحدهم على شراء سلعة من بائع‪ ،‬فيأتي‬
‫للمشاحنة والبغضاء‪.‬‬
‫● البيع بعد النداء الثاني لصالة الجمعة لمن وجبت عليه الصالة‪.‬‬

‫ما ال يجوز بيعه‬


‫[‪]١١‬‬
‫يُقصد بذلك وجود سلع يحرُم التجارة بها والكسب منها‪ ،‬وأبرز ما ال يجوز بيعه هو‪:‬‬

‫● الخمر‬
‫فهي محرمة والتجارة بها كذلك‪.‬‬
‫● الميتة والخنزير‬
‫كما أن أكلها محرم فبيعها واالتجار بها كذلك‪.‬‬
‫● الكالب‬
‫ثبت في السنة النبوية الشريفة أن ثمن الكلب منهي عنه‪.‬‬
‫● الثمر قبل بدو صالحه أو الزرع قبل اشتداد ح ّبه‬
‫يحرم بيع الثمار قبل نضوجها أو ظهورها لكون ذلك من باب الجهالة‪ ،‬فال يعلم أحد إن كانت ستنمو أصال وهل ستكون‬
‫صالحة أم ال‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬قسم التبرعات‬


‫تعريف عقود التبرعات‬
‫قسّم العلماء العقود من حيث العِوض إلى عقود معاوضات وعقود تبرعات‪ ،‬والتبرّ ع في اللغة يعني التطوّ ع‪،‬‬
‫أمّا عقود التبرّ ع اصطالحا ً عند الفقهاء فلم يضعوا له تعريفا ً جامعاً‪ ،‬وإ ّنما عرّ فوا أنواعه بالتفصيل؛ كالوقف‪ ،‬والهبة‪،‬‬
‫والوصية‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ويُستخلص من هذه التعريفات أنّ عقود التبرّ عات هي‪:‬‬
‫● العقود التي يجري فيها التمليك دون مقابل وبغير إلزام‪.‬‬
‫عوض بقصد البرّ والمعروف في‬
‫ٍ‬ ‫● أو هي ما يبذله الشخص من المنافع أو المال لغيره على سبيل التبرّ ع بدون‬
‫الغالب‪.‬‬
‫ومن هذه التعريفات يُعلم أنّ عقود التبرّ عات تختلف عن عقود المعاوضات في العديد من األمور‪ ،‬لِذا ال يص ّح قياس‬
‫المعاوضات عليها؛ ألنّ عقود التبرّ عات يُتسامح فيها ما ال يُتسامح في عقود المعاوضات؛ ترغيبا ً للناس على الخير‬
‫والمعروف وحثا ً لهم على ذلك‪.‬‬

‫حكم عقد التبرّ ع‬


‫ك أن التبرّ ع لوجه هللا مندوبٌ ومستحبٌّ من حيث‬ ‫الزم‪ ،‬ولكنّ الشرع عموما ً ّ‬
‫حث على الخير‪ ،‬وال ش ّ‬ ‫ٍ‬ ‫عقد التبرّ ع غير‬

‫(و َت َع َاو ُنوا َع َلى ْال ِبرِّ‬ ‫األصل‪ ،‬وقد ّ‬


‫حث الشرع على التوسّع فيه؛ أل ّنه مبنيٌّ على اإلحسان المحض‪ ،‬لقول هللا ‪-‬سبحانه‪َ :-‬‬

‫َوال َّت ْق َوى)‪.‬‬

‫أمّا من حيث الخصوص فقد ا ّتفق الفقهاء على أنّ عقد التبرّ ع تعتريه األحكام الخمسة‪ ،‬ومن األمثلة على ذلك الوصيّة‪ ،‬فهي‬

‫واجبة إذا كانت لتدارك فريض ٍة فاتت صاحبها؛ كالزكاة‪ ،‬وتكون مستحب ًَّة بحدود الثلث إذا‬
‫ً‬ ‫نو ٌع من عقود التبرّ ع‪ ،‬فتكون‬

‫لفقير بعيد مع وجود فقير من‬


‫ٍ‬ ‫ً‬
‫ومكروهة إذا أوصى بها‬ ‫كان الورثة أغنياء‪ ،‬وتكون محرَّ ً‬
‫مة إذا أوصى صاحبها بمعصية‪،‬‬
‫ً‬
‫ومباحة عند الوصية للغني بأقل من الثلث‪ ،‬وهكذا األحكام بالنسبة لبقية التبرّ عات‪.‬‬ ‫ذوي القُربى‪،‬‬

‫أبرز أنواع عقود التبرعات‬


‫إنّ لعقود التبرّ ع العديد من األنواع‪ ،‬ومنها‪ :‬الهبة‪ ،‬والصدقة‪ ،‬والوصية‪ ،‬والوديعة‪ ،‬والرّ هن‪ ،‬والوكالة‪ ،‬والوقف‪ ،‬وغيرها‪،‬‬

‫ومن هذه األنواع ما يكون تبرُّ عا ً بعين؛ كمن يهب سيّارته لفالن‪ ،‬ومنها ما يكون تبرُّ عا ً بمنفعة؛ كمن يهب غيره منزله‬

‫ليسكنه مدّة شهر‪ ،‬ومنها ما يكون في الحال؛ كمن يهب سيّارته لغيره في الحال‪ ،‬أو مؤجَّ الً؛ كمن يهب من راتبه لفالن في‬

‫آخر الشهر‪ ،‬ومنها ما يكون مُضافا ً لِما بعد الموت؛ كالوصية‪.‬‬

‫ونذكر أبرز أنواع عقود التبرعات على سبيل المثال ال الحصر فيما يأتي‪:‬‬

‫● الوقف‬

‫مال أو منفع ٍة بقطع التصرّ ف بها من الواقف وغيره مع بقاء عينها على وج ٍه مباح شرعا ً أو بصرف ريع‬
‫الوقف هو حبس ٍ‬
‫الوقف في وجوه الخير والبرّ واإلحسان لوجه هللا ‪-‬تعالى‪ ،-‬وهو مندوبٌ ومستحبٌّ من حيث األصل عند جمهور الفقهاء‪،‬‬
‫ِين آ َم ُنوا َأ ْن ِفقُوا مِنْ َط ِّي َبا ِ‬
‫ت َما َك َس ْب ُت ْم َو ِممَّا‬ ‫أل ّنه يفيد اإلنفاق في وجوه الخير‪ ،‬ودليل استحبابه قول هللا ‪-‬تعالى‪َ ( :-‬يا َأ ُّي َها الَّذ َ‬

‫َأ ْخ َرجْ َنا َل ُك ْم م َِن اَأْلرْ ِ‬


‫ض)‪.‬‬

‫● الصدقة‬
‫ٌ‬
‫مشروعة ومستحبّة في األصل؛‬ ‫مال أو منفع ٍة دون مقابل على وجه التقرّ ب إلى هللا ‪-‬سبحانه‪ ،-‬وهي‬
‫الصدقة هي تمليك ٍ‬
‫ً‬
‫وإغاثة للملهوف‪ ،‬وقد ثبت فيها العديد من‬ ‫ً‬
‫وإعانة للفقير والضعيف والعاجز‪،‬‬ ‫ألنّ فيها شكراً هلل ‪-‬تعالى‪ -‬على نِعمه‪،‬‬

‫النصوص الشرعية التي تبيّن فضلها وأنواعها‪.‬‬

‫● الهبة‬

‫مقابل‪ ،‬وهي مشروعة في القرآن والسنة واإلجماع‪ ،‬ومن ذلك قول هللا ‪-‬تعالى‪َ ( :-‬فِإنْ‬
‫ٍ‬ ‫مال في الحال دون‬
‫الهبة هي تمليك ٍ‬
‫طِ ب َْن َل ُك ْم َعنْ َشيْ ٍء ِم ْن ُه َن ْفسًا َف ُكلُوهُ َه ِنيًئ ا َم ِريًئ ا)‪،‬ومن ذلك ّ‬
‫حث النبي ‪-‬صلى هللا عليه وسلم‪ -‬على الهدية‪ ،‬وقد تعتريها‬
‫األحكام الخمسة كما أوضحنا سابقاً‪ ،‬فقد تكون مكروهة إذا قصد الواهب بفعله الرياء‪ ،‬وقد تصبح محرَّ ً‬
‫مة إذا كان فيها‬
‫ٌ‬
‫إعانة على الظلم‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫معصية أو رشوةٌ أو‬

‫● الوصية‬

‫عين أو منفع ٍة إلى ما بعد الموت تبرُّ عاً‪ ،‬وقد تكون مطلقة؛ كمن يوصي لفالن بمنفع ٍة دون تقييد ذلك‬
‫ٍ‬ ‫الوصية هي تمليك‬

‫لفالن بكذا‪ ،‬وقد تكون مقيّدة؛ كمن يوصي لفالن بشي ٍء إن مات في مرضه هذا في بلدة كذا‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫بشي ٍء محدّد‪ ،‬فيقول‪ :‬أوصيت‬

‫وتعتري الوصية األحكام الخمسة‪ ،‬وقد ت ّم بيان ذلك في مبحث حكم عقود التبرعات‬

‫ثالثا‪ :‬قسم الشركات‬


‫قسّم الفقهاء الشركات إلى أقسام باعتبارات عدّة‪ ،‬فإذا كان المال هو أساس قيام الشركة فهي شركة أموال‪ ،‬وإذا قامت على‬

‫أساس العمل فهي شركة أعمال أو أبدان‪ ،‬أمّا إذا قامت على الضمان فهي شركة وجوه‪ ،‬وفي حالة اجتماع المال والعمل‬

‫كقاعدتين لقيام الشركة فهي شركة مضاربة‪.‬‬

‫أوالً‪ -‬شركات األموال‪:‬‬


‫شركة األموال “هي الشركة التي يتراضى فيها اثنان أو أكثر على أن يشترك ك ّل منهم بمبلغ معيّن من رأس المال‬

‫للتجارة‪ ،‬على أن يكون الربح أو الخسارة بينهم”‪.‬‬

‫وتنقسم شركة األموال إلى نوعين‪ :‬شركة المفاوضة‪ ،‬وشركة العنان‪.‬‬

‫شركة المفاوضة‪ :‬المفاوضة في اللغة مشتقة من التفويض بمعنى ر ّد األمر إلى جهة أخرى‪ ،‬واالشتراك في ك ّل شيء‪ ،‬أو‬

‫هي من المساواة‪.‬‬

‫أ ّما في االصطالح فقد اختلف الفقهاء في تعريفها على النحو اآلتي‪:‬‬


‫أ‪-‬عند الحنفية‪ :‬هي شركة مشتملة على الوكالة والكفالة والتساوي في الربح ورأس مال الشركة‪ ،‬فال تجوز إالّ بين‬

‫المسل َميْن الحُرَّ يْن البالغيْن لتساويهما في أهلية جميع التصرّ فات‪ ،‬وهي جائزة عندهم‪ ،‬ووجه جوازها االستحسان‪ ،‬وإن كان‬

‫القياس يقتضي عدم جوازها؛ لتضمّنها الوكالة بمجهول وك ّل ذلك فاسد بانفراده‪ ،‬كما أنّ الناس يتعاملون بها من غير إنكار‬

‫من زمن الرسول إلى يومنا هذا‪ ،‬فيكون هذا إجماعا ً سكوتياً‪.‬‬

‫ب‪ -‬عند المالكية‪ :‬هي أن يطلق ك ّل واحد منهما التصرّ ف لصاحبه في المال الذي اشتركا فيه‪ ،‬في الغيبة والحضور والبيع‬

‫والشراء والكراء واالكتراء‪ ،‬سواء كان اإلطالق في جميع األنواع أو في نوع خاصّ ‪ ،‬ولذلك سمّيت مفاوضة‪ ،‬وهي‬

‫مشروعة على هذه الصفة بشرط أن يكون التصرّ ف بيد المسلم إذا كان مشاركا ً لكافر‪ ،‬رغم أنّ ذلك يُسقط شرط المساواة‬

‫في التصرّ ف‪.‬‬

‫ت‪ -‬عند الشافعية‪ :‬هي االشتراك بين اثنين أو أكثر ليكون بينهما كسبهما‪ ،‬وعليهما ما يعرض من غرم‪ ،‬سواء كان بغصب‬

‫أو إتالف أو بيع فاسد وغير ذلك‪ ،‬وهم يمنعونها أل ّنها تتضمّن الغرر المنهي عنه‪ ،‬كما أ ّنها تتضمّن الكفالة بمجهول‪،‬‬

‫والكفالة بالمجهول ال تصحّ‪ ،‬كما أ ّنها تتضمّن الوكالة بمجهول الجنس‪ ،‬وذلك ال يص ّح مع االنفراد‪.‬‬

‫ث‪ -‬عند الحنابلة‪ :‬المفاوضة تكون على صورتين‪ :‬إحداهما أن يشتركا في جميع أنواع الشركة‪ ،‬مثل أن يجمعا بين‬

‫شركات العنان والوجوه واألبدان‪ ،‬وهذه جائزة؛ ألنّ ك ّل نوع منها يص ّح على انفراده فص ّح مع غيره‪ ،‬والثانية أن يدخال‬

‫بينهما في الشركة االشتراك فيما يحصل لك ّل واحد منهما من ميراث أو يجده من ركاز أو لقطة‪ ،‬ويلزم ك ّل واحد منهما ما‬

‫يلزم اآلخر من أرش جناية وضمان غصب وقيمة متلف‪ ،‬وغرامة الضمان أو كفالة‪ ،‬وهذه غير جائزة‪.‬‬

‫شركة العنان‪ :‬العنان في اللغة مشتق من عنّ يعنّ إذا ظهر أمامك‪ ،‬وذلك لظهور مال ك ّل واحد منهما لصاحبه‪ ،‬وقيل هي‬

‫مشت ّقة من المعا ّنة وهي المعارضة‪ ،‬لمعارضة ك ّل واحد منهما صاحبه بمال‪ ،‬وعملُه فيه مثل عملِه بيعا ً وشراءً‪.‬‬

‫أ ّما في االصطالح فقد اختلف الفقهاء في تعريفها على النحو اآلتي‪:‬‬

‫أ‪ -‬عند الحنفية‪ :‬هي أن يشارك صاحبه في بعض األموال ال في جميعها‪ ،‬ويكون ك ّل واحد منهما وكيالً عن صاحبه في‬

‫التصرّ ف في النوع الذي عيّنا من أنواع التجارة‪ ،‬أو في جميع أنواع التجارة إذا عيّنا ذلك أو أطلقا‪ ،‬ويبيّنان قدر الربح‪،‬‬

‫وهي جائزة عندهم باتفاق؛ أل ّنها تقتضي الوكالة في التصرّ ف عن ك ّل واحد منهما لصاحبه‪ ،‬والتوكيل صحيح شرعا‪.‬‬

‫ب‪ -‬عند المالكية‪ :‬هي أن يشتركا على أن ال يطلق ك ّل منهما التصرّ ف لصاحبه‪ ،‬بل الب ّد من حضرتهما وموافقة ك ّل منهما‬

‫لآلخر‪ ،‬أو هي االشتراك في نوع خاصّ من أنواع التجارة‪ ،‬وهي جائزة عندهم وصحيحة في الحالتين‪.‬‬

‫ت‪ -‬عند الشافعية‪ :‬هي اشتراك في مال لي ّتجرا فيه‪ ،‬أو هي أن يشتركا في شيء خاصّ دون سائر األموال‪ ،‬وهي صحيحة‬

‫باإلجماع؛ لسالمتها من جميع أنواع الغرر‪.‬‬


‫ث‪ -‬عند الحنابلة‪ :‬هي أن يشترك اثنان فأكثر بماليهما ليعمال فيه ببدنيهما وربحه بينهما‪ ،‬أو أن يشترك اثنان فأكثر بماليهما‬

‫على أن يعمل فيه أحدهما بشرط أن يكون له من الربح أكثر من ربح ماله‪ ،‬وهي جائزة عندهم وصحيحة أيضاً‪.‬‬

‫ثانياً‪ -‬شركات األعمال‪:‬‬


‫شركة األعمال هي أن يشترك اثنان أو أكثر في عمل معيّن أو في تقبّل األعمال‪ ،‬ويكون ما يكسبانه مشتركا ً بينهما بحسب‬

‫االتفاق‪ ،‬أو هي أن يشترك اثنان أو أكثر فيما يكتسبونه بأيديهم‪ ،‬كالص ّناع يشتركون على أن يعملوا في صناعاتهم أو‬

‫يشتركوا فيما يكتسبونه من المباح كاالصطياد والنجارة والحدادة‪ ،‬فهي غالبا ً ما تنعقد بين أصحاب الحرف‪ ،‬وتعتمد هذه‬

‫الشركة على الجهد البدني أو الفكري‪ ،‬وتسمّى أيضا ً شركة األبدان وشركة الصنائع‪ ،‬وهي على نوعين أيضاً‪ :‬مفاوضة‬

‫وعنان‪.‬‬

‫وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز التعامل بهذه الشركة بقسميها‪ ،‬إالّ أنّ المالكية يشترطون‬

‫لذلك اتحاد الصنعة والمكان‪ ،‬وذلك أل ّنها تتضمّن الوكالة‪ ،‬وتوكيل ك ّل من الشريكين لآلخر بتقبّل العمل صحيح‪ ،‬وصحّ ة‬

‫الوكالة وجوازها يد ّل على صحّ ة الشركة باألعمال‪ ،‬ألنّ المشتمل على الجائز جائز‪.‬‬

‫أمّا الشافعية والظاهرية فيرون أنّ شركة األعمال بنوعيها غير جائزة ابتداءً‪ ،‬فإن وقعت فإ ّنها تعتبر باطلة؛ أل ّنها تنطوي‬

‫على غرر كثير وجهالة‪ ،‬إذ عمل ك ّل من الشركاء مجهول عند صاحبه‪ ،‬كما أنّ عمل ك ّل واحد منهما ملك له يختصّ به‪،‬‬

‫فلم يجز أن يشاركه اآلخر بدله‪.‬‬

‫ثالثاً‪ -‬شركات الوجوه‪:‬‬


‫وهي أن يشترك اثنان أو أكثر ليس لهما مال‪ ،‬ولكن لهما وجاهة عند الناس توجب الثقة‪ ،‬على أن يشتريا سلعة بثمن مؤجّ ل‬

‫ويبيعا بالنقد‪ ،‬ويكون الربح بينهما على شرط‪ ،‬فهي إ ّنما تقوم على االشتراك والتعامل في البيع والشراء‪ ،‬نتيجة لما يتم ّتع‬

‫به الشركاء من الوجاهة وثقة التجّ ار بهم‪ ،‬دون أن يكون هناك رأس مال للشركة من مال أو عمل‪ ،‬وهي تص ّح مفاوضة‬

‫وعناناً‪.‬‬

‫وقد ذهب فقهاء المالكية والشافعية إلى عدم جواز شركة الوجوه‪ ،‬وحجّ تهم في ذلك عدم وجود أصل للنماء كما في شركة‬

‫األبدان؛ ألنّ الشركة الب ّد أن تقوم على أحد أمرين‪ :‬إما المال وإما العمل‪ ،‬وكالهما معدوم في شركة الوجوه؛ فال تجوز‬

‫لهذا االعتبار‪ ،‬كما أ ّنها تشتمل على الغرر؛ ألنّ ك ّل واحد من الشريكين عارض صاحبه بكسب غير محدود بصناعة وال‬

‫عمل‪ ،‬فلذلك تكون فاسدة‪ ،‬وهي ال تجوز أيضا ً الشتراك الذمم‪.‬‬

‫أمّا فقهاء الحنفية والحنابلة فقالوا إنّ شركة الوجوه جائزة؛ أل ّنها تتضمّن وكالة ك ّل من الشركاء لآلخر في البيع والشراء‪،‬‬

‫كما أ ّنها تتضمّن الكفالة بالثمن‪ ،‬وكال األمرين جائز‪ ،‬وهي أيضا ً تشتمل على المصلحة من غير مفسدة فلذلك تجوز‪.‬‬
‫رابعاً‪ -‬شركات المضاربة‪:‬‬
‫بمال من أحد الجانبين والعمل من جانب آخر‪ ،‬والعمل يكون بالتجارة‪ ،‬والربح بينهما‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وهي عق ٌد على الشركة‬

‫والمضاربة ْبذ ُل ن ْفع بن ْفع‪ ،‬فإنّ هذا بذ َل ن ْفع بدنه وهذا بذ َل ن ْفع ماله‪ ،‬وهو عقد معونة وإرفاق يجوز بين المتعاقدين ما أقاما‬

‫عليه مختارين وليس بالزم لهما‪ ،‬ويجوز فسخه لمن شاء منهما‪.‬‬

‫وهي تسمّى شركة القراض بلغة أهل الحجاز‪ ،‬أل ّنها من القرض من صاحب رأس المال‪ ،‬وتسمّى شركة المضاربة بلغة‬

‫يستحق الربح بعمله وسعيه‪ ،‬ويطلق عليها أيضا ً شركة المعاملة‪ ،‬ألنّ فيها عمل الشريك‬
‫ّ‬ ‫أهل العراق‪ ،‬ألنّ المضارب‬

‫اآلخر‪.‬‬

‫وشركة المضاربة جائزة بإجماع العلماء‪ ،‬وقد نقل هذا اإلجماع كثير من الفقهاء‪ ،‬حيث قال ابن رشد الحفيد‪“ :‬وال خالف‬

‫بين المسلمين في جواز القراض‪ ،‬وأ ّنه ممّا كان في الجاهلية فأقرّ ه اإلسالم”‪.‬‬

‫وقال الكاساني‪“ :‬وأمّا اإلجماع فإ ّنه روي عن جماعة من الصحابة أ ّنهم دفعوا مال اليتيم مضاربة‪ ،‬منهم سيّدنا عمر وسيّدنا‬

‫عثمان وسيّدنا عليّ وابن مسعود… ولم ينقل أ ّنه أنكر عليهم من أقرانهم أحد‪ ،‬ومثله يكون إجماعاً”‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬قسم التوثيقات‬


‫توثيق الشيء شده وتقويته وإحكامه‪ ،‬ومنه الوثيقة في العقد؛ ألنها تربط المتعاقدين‪ ،‬وتؤكد العقد‪ ،‬وتقوي االلتزام‪.‬‬

‫والتوثيقات سواء كانت عقودا أو غيرها يقصد بها‪ :‬الوسائل التي يستوفى منها الحق‪ :‬كالضمان‪ ،‬والكفالة‪ ،‬والرهن‪ ،‬أو‬

‫يستوفى بها‪ :‬كالشهادة‪ ،‬والكتابة‪ ،‬ونحوها‪.‬‬

‫ويمكن تعريف التوثيقات من حيث اإلجمال بأنها‪ :‬ما يؤكد الحقوق وااللتزامات‪ ،‬ويثبتها على وجه‪ :‬يصح االحتجاج به‪،‬‬

‫واالستناد إليه؛ ليرجع له عند التنازع والحاجة‪ ،‬أو يستوفى منه الحق عند تعذر استيفائه من المدين‪.‬‬

‫والكالم هنا إنما هو في عقود التوثيقات التي يستوفى منها الحق سواء منها ما كان بمال كالرهن‪ ،‬أو بذمة كالكفالة‪.‬‬

‫أهمية عقود التوثيقات‪:‬‬


‫للتوثيق أهمية بالغة في ضبط معامالت الناس‪ ،‬وتوكيدها‪ ،‬وجعلها على أساس مكين‪ ،‬من االطمئنان والراحة عند التعامل‬

‫وتظهر أهمية تلك العقود في أمور أهمها‪:‬‬

‫● أوال‪ :‬حماية حقوق الناس‪ ،‬وإغالق أبواب الحيل‪ ،‬وسد ذرائع المنازعات وقطع أسباب الخصومات‪.‬‬

‫● ثانيا‪ :‬في عقود التوثيق‪ ،‬ما يبعث روح الطمأنينة لدى المتعاملين على حقوقهم‪ ،‬ويدفع الريبة والشك بينهم‪ ،‬مما‬

‫يشجع االستثمار‪ ،‬ويفتح أبواب التعاون‪ ،‬بين الناس؛ ألن من استوثق بحقه بكفالة‪ ،‬أورهن‪ ،‬أو غير ذلك اطمأن‬

‫باله وارتاح ضميره وضمن أداء حقه‪.‬‬


‫● ثالثا‪ :‬عقد التوثيق سواء كان ضمانا‪ ،‬أو رهنا‪ ،‬أو كفالة‪ ،‬أو غيرها‪ :‬يعتبر تأمينا لحق الدائن‪ ،‬فيما لو عجز المدين‬

‫عن السداد‪ ،‬أو ماطل فإنه يمكن للدائن استيفاء حقه من الرهن بشروط ذلك ‪ ،‬أو الرجوع على الضامن أو الكفيل‪.‬‬

‫تعريف أهم عقود التوثيقات باختصار‪:‬‬


‫● الرهن‪ :‬حبس مال عينا أو منفعة في ٍّ‬
‫حق يمكن استيفاؤه منه عند االستحقاق بشروط وضوابط يذكرها الفقهاء‪.‬‬

‫الضمان أو االلتزام‪ :‬ضم ذمة الضامن إلى ذمة المضمون في التزام الحقوق المستحقة‪ ،‬حاال أو مآال‪.‬‬

‫● الكفالة ‪ :‬ضم ذمة الكفيل إلى ذمة األصيل في المطالبة بنفس أو دين أو عين أو عمل‪ ،‬وهذا التعريف لفقهاء‬

‫األحناف‪ .‬وعند غيرهم من االئمة يعرفونها‪ :‬بأنها ضم الذمتين في المطالبة والدين‪.‬‬

‫والمقصود بالكفالة في مقابلة الضمان الكفالة بالنفس‪ .‬وإال فيطلق كل منهما على اآلخر‪.‬‬

‫● الحوالة ‪ :‬مأخوذة من التحويل وهي عقد يقتضي نقل دين من ذمة إلى أخرى‪ ،‬وهي مستثناة – كما يقول بعض‬

‫الفقهاء – من بيع الدين بالدين‪ .‬وذلك للحاجة إليها فكثيرا ما يكون المدين مماطال‪ ،‬يؤذي دائنيه بتسويفه‪ ،‬أو‬

‫بمشاغباته وضيق ذات يده‪ ،‬وربما كان له دين على آخر هو ألين عريكة‪ ،‬وأحسن معاملة‪ ،‬وأوفر رزقا‪ ،‬فيرغب‬

‫دائنو األول في التحول إلى هذا توفيرا للجهد والوقت‪ ،‬واتقاء ألخطار الخصومات‪ ،‬وتحصيال لجزء من المال‬

‫عاطل‪ ،‬يمكن أن تنمى به ثروة‪ ،‬أو تسد به خلة‪ .‬فرخص في الحوالة من أجل هذا وما شاكله‪ ،‬إذ لو لم تشرع‬

‫لفاتت كل هذه األغراض الصحيحة‪ ،‬ولحقت بالدائنين أضرار جمة‪.‬‬

‫خاتمة‬
‫باختتام هذه الفقرة‪ ،‬نجد أن دراسة أقسام المعامالت المالية في اإلسالم تكشف عن وجود إطار شامل ومتكامل‬
‫يحكم العالقات المالية بطريقة تتوافق مع المبادئ والقيم اإلسالمية‪ .‬فهذه األقسام ليست مجرد مبادئ نظرية‪ ،‬بل‬
‫تعتبر دليالً على كيفية تطبيق مبادئ العدالة والتضامن والمساواة في االقتصاد اإلسالمي‪.‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬تظل هناك تحديات تواجه تطبيق مبادئ المعامالت المالية اإلسالمية في العالم المعاصر‪ ،‬مثل التوافق‬

‫مع األنظمة القانونية غير اإلسالمية وتحقيق الشفافية والرقابة الفعالة‪ .‬ولذا‪ ،‬يتطلب تعزيز هذه المبادئ التعاون‬

‫بين العلماء والمؤسسات المالية والحكومات لتطوير إطار قانوني واقتصادي يعزز تطبيق مبادئ المعامالت‬

‫المالية اإلسالمية بشكل فعال‪.‬‬

‫في النهاية‪ ،‬يمكن القول بأن فهم أقسام المعامالت المالية في اإلسالم وتطبيقاتها يعد مهمة حيوية لتحقيق االزدهار‬

‫االقتصادي واالجتماعي بطريقة تتماشى مع التعاليم اإلسالمية‪ .‬ومن خالل تعزيز هذه المبادئ‪ ،‬يمكن أن نساهم‬

‫جميعًا في بناء مجتمعات أكثر عدالة وتضام ًنا‪ ،‬وتحقيق الرفاه واالزدهار للجميع‬

You might also like