You are on page 1of 84

‫اﻟﻌﺪد اŠول أﻛﺘﻮﺑﺮ ‪٢٠٢١‬‬ ‫ﺧﺼﻮﻣﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ اﻧﺘﺮﻧﺖ‬

‫محمود العبد‬
‫اﻟﻤﻨﻌـﻢ زﻣﺰم‬ ‫د‪ .‬رضا‬
‫اﻟﺪﻛﺘﻮر‪ /‬ﻋﺒﺪ‬
‫المنوفية‬
‫اﻟﻘﺎﻫﺮة‬ ‫جامعة ﺟﺎﻣﻌﺔ‬
‫الحقوقاﻟﺤﻘﻮق‬ ‫اﻟﺪوﻟﻲبكلية‬
‫اﻟﺨﺎص ﺑﻜﻠﻴﺔ‬ ‫اﻟﻘﺎﻧﻮنالمدني‬
‫القانون‬ ‫مدرس‬
‫أﺳﺘﺎذ‬
‫ﺣﺎﺻﻞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰة اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺨﺎص‬

‫الشخصية القانونية االفتراضية‬


‫نحو االعتراف بالشخصية‬
‫ﺧﺼﻮﻣﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴــﻢ‬
‫القانونية للروبوتات المزودة‬
‫ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ اﻧﺘﺮﻧﺖ‬
‫بالذكاء االصطناعي‬

‫المراسلة‪ :‬د‪ .‬رضا محمود العبد‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة المنوفية‪ ،‬مصر‬
‫اﻟﻤﺮاﺳﻠﺔ‪ :‬د‪ .‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌـﻢ زﻣﺰم‬

‫اﻟﺪوﻟﻲ اﻟﺨﺎص‪ ،‬ﻛﻠﻴﺔ اﻟﺤﻘﻮق ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫﺮة‬


‫‪https://doi.org/10.54873/jolets.v3i2.159‬‬ ‫اﻟﻘﺎﻧﻮن(‪:)DOI‬‬
‫أﺳﺘﺎذالرقمي‬
‫معرف الوثيقة‬
‫اﻟﺒﺮﻳﺪ اﻟﻜﺘﺮوﻧﻲ‪amzamzam@gmail.com :‬‬
‫البريد اإللكتروني‪reda.elabd2@gmail.com :‬‬
‫ﻧﺴﻖ ﺗﻮﺛﻴﻖ اﻟﺒﺤﺚ‪ :‬ﻋﺒﺪ اﻟﻤﻨﻌـﻢ زﻣﺰم‪ ،‬ﺧﺼﻮﻣﺔ اﻟﺘﺤﻜﻴﻢ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ‬
‫اﻟﻘﺎﻧﻮن واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ‪ ،‬اﻟﻤﺠﻠﺪ ‪ ،١‬اﻟﻌﺪد ‪ ،٢٠٢١ ،١‬ﺻﻔﺤﺎت‬
‫البحث‪:‬‬ ‫ﻣﺠﻠﺔ‬ ‫ا’ﻧﺘﺮﻧﺖ‪،‬‬
‫توثيق‬ ‫نسق‬
‫رضا محمود العبد‪ ،‬الشخصية القانونية االفتراضية‪ ،‬نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات‬
‫المزودة بالذكاء االصطناعي‪ ،‬بحث مقدم إلى المؤتمر العلمي الدولي الثالث ‪ :‬الجوانب القانونية‬
‫للتح��ول الرقمي‪ ،‬الفرص والتحديات‪ ،‬كلية القانون‪ -‬الجامع��ة البريطانية‪ ،‬الفترة من ‪ 18 : 17‬يونيو‬
‫‪ 2023‬م‪ ،‬مجلة القانون والتكنولوجيا‪ ،‬المجلد ‪ ،3‬العدد ‪ ،2‬أكتوبر ‪ ،2023‬صفحات ‪314- 231‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية‬


‫القانونية للروبوتات املزودة بالذكاء االصطناعي‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬
‫امللخص‪:‬‬
‫�أ�صب ��ح الذكاء اال�صطناع ��ي جز ًءا من حياتن ��ا‪ ،‬ومل يعد وج ��وده يقت�صر على جمرد‬
‫جم ��ال اخلي ��ال العلم ��ي‪ .‬وبعد ظهور اجلي ��ل الثالث م ��ن الروبوتات التي متتل ��ك الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي‪� ،‬أ�ضحت تتمتع بالقدرة على التوا�صل مع الب�ش ��ر �أو املناق�شة �أو التك ُيف مع‬
‫و�ض ��ع واقعي جديد‪ .‬و�إذا مل تكن �أنظمة ه ��ذه الروبوتات قد جعلتها ُم�ستقلة بالكامل فـي‬
‫الوق ��ت احلا�ضر‪ ،‬فال �ش ��ك �أن التطور الهائل فـي جمال تكنولوجي ��ا الذكاء اال�صطناعي‬
‫�سوف يق ��ود فـي امل�ستقبل القري ��ب �إىل ظهور الروبوتات املُزودة بذك ��اء ا�صطناعي قوي‬
‫وال ��ذي مينحها ا�ستقاللي ��ة القرار‪ ،‬وال جدال �أن هذه اال�ستقاللي ��ة التي �ستح�صل عليها‬
‫هذه الروبوتات �سوف تثري العديد من امل�سائل القانونية التي جتعل من تنظيم التفاعالت‬
‫بينها وبني الب�شر يبدو �أمر ًا ال مفر منه‪.‬‬
‫وفـ ��ي مواجهة هذه الث ��ورة الروبوتية‪ ،‬يبدو منطقي ًا اختب ��ار القواعد القانونية املعنية‬
‫حالي� � ًا لبيان وتقييم ما �إذا كانت �ستظ ��ل ُمنا�سبة ومالءمة حلكم الروبوتات ذات الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬من حيث الإطار القانوين للروبوتات الذكية‪ .‬وقد ثار الت�سا�ؤل حول الطبيعة‬
‫القانونية لتكنولوجيا الذكاء اال�صطناعي للبحث عن مكان الروبوتات الذكية فـي تق�سيم‬
‫القان ��ون الأ�شخا� ��ص والأ�شياء‪ ،‬كيف نتخي ��ل �أن الروبوت الذي يتمتع بك ��ل القدرات التي‬
‫مينحها له الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬يمُ كن اعتباره �شيئ ًا ب�سيط ًا وعادي ًا رغم �أنه مل يتم تزويده‬
‫بع ��د بذكاء ا�صطناعي ق ��وي‪� ،‬ألي�س من البديهي واحلال هك ��ذا �أن ندعي �أن فئة الأ�شياء‬
‫�أ�صغ ��ر من �أن ت�ستوعبها‪ ،‬م ��ع الت�سليم فـي الوقت نف�سه �أن فئة الب�شر تعترب �أكرث �إن�سانية‬
‫لك ��ي تقبلها‪ .‬هل يكفـي جمرد تكييف وتطبيق للمب ��ادئ القانونية احلالية التي تنظر �إىل‬
‫الروب ��وت بالفعل من خ�ل�ال تكييفه كمو�ضوع للقانون ك�شيء قان ��وين‪� ،‬أم يجب �أن نذهب‬
‫�إىل �أبع ��د من ذلك‪ ،‬والت�سا�ؤل ب�ش� ��أن �أهمية االعرتاف بو�ضع ونظام خا�ص للروبوت‪ ،‬من‬
‫وم�شروعا ما ذهب �إليه‬
‫ً‬ ‫خالل منح الروبوتات الذكية الأهلية القانونية‪ .‬ويبدو لنا منطقي ًا‬
‫البع�ض من �ض ��رورة �إ�سناد و�ضع �شخ�ص القانون لتلك الكيانات الذكية التي يرى جانب‬
‫من الفقه �أنها قادرة لدخول ال�ساحة القانونية‪.‬‬
‫الكلمات الرئيسية‪ :‬الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ال�شخ�صية القانونية االفرتا�ضية‪ ،‬ال�شخ�صية‬
‫القانونية للروبوتات‪ ،‬الثورة الروبوتية‪.‬‬

‫‪233‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

Towards the recognition of virtual legal personality


For AI-powered robots
Dr. Reda Mahmoud ELABD
Lecturer at Faculty of Law, Menoufia University
Abstract:
Artificial intelligence has become a part of our lives, and its existence is no
longer limited to just the field of science fiction. With the advent of the third
generation of AI-enabled robots, they have the ability to communicate with
humans, discuss or adapt to a new real-life situation. If the systems of these
robots have not made them fully autonomous at the present time, there is no
doubt that the tremendous development in the field of artificial intelligence
technology will lead in the near future to the emergence of robots equipped
with strong artificial intelligence, which gives them autonomy of decision.
This autonomy for these robots will undoubtedly raise many legal questions
that make regulating interactions between them, and humans seem inevitable.
In the face of this robotic revolution, it makes sense to test the legal rules
currently involved to demonstrate and assess whether they remain proper and
appropriate to the governance of AI robots, in terms of the legal framework for
intelligent robots. The question has arisen about the legal nature of artificial
intelligence technology to search for the place of intelligent robots in the
legal division between people and things. How can we imagine that a robot
with all the capabilities that artificial intelligence gives it, can be considered
something simple and ordinary even though it has not yet been equipped with
a powerful artificial intelligence? Isn’t it self-evident to claim that the class
of things is too small to comprehend it, while at the same time admitting that
the class of human beings is more human to accept it? Is it enough just to
adapt and apply the current legal principles that actually look at the robot by
adapting it in the subject of law as a legal object, or should we go further and
question the importance of recognizing a special robot status and system, by
granting smart robots legal capacity? It seems logical and legitimate to us that
some have argued that it is necessary to attribute the status of the person of
law to those intelligent entities that some jurisprudence believes are capable
of entering the legal arena.
Keywords: artificial intelligence, virtual legal personality, legal personality
of robots, robotic revolution.

234
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫ي�شه ��د العامل حالي ًا ث ��ورة رقمي ��ة « ‪� »révolution numérique‬ست�سف ��ر بال �شك عن‬
‫حت ��والت جذري ��ة على ال�صعيدي ��ن االقت�ص ��ادي واالجتماعي‪ .‬وعلى الرغم م ��ن الفوائد‬
‫أي�ضا خماط ��ر كبرية �ستحملها‬ ‫واملمي ��زات الهائلة املتوقع ��ة لهذا التح ��ول‪� ،‬إال �أن هناك � ً‬
‫عل ��ى جمتمعنا‪ .‬وم ��ن املتوقع بعد «�أمتت ��ة» ‪ l’automatisation‬العديد من عمليات الإنتاج‬
‫�سي�صب ��ح �أمتتة املجتمع هو اخلط ��وة التالية املتوقعة واملنتظرة(((‪ .‬وبالتوازي مع فر�ضية‬
‫�أمتت ��ة املُجتمع ‪ automatisation de la société‬ك�أثر لهذه الثورة ال�صناعية واالجتماعية‬
‫واالقت�صادي ��ة اجلدي ��دة‪� ،‬ستحدث حتم ًا تغي�ي�رات وتطورات جوهري ��ة فـي جماالت علم‬
‫النف� ��س والأخ�ل�اق والقانون(((‪ .‬وبع ��د اخرتاع �أجه ��زة الكمبيوتر فـي الق ��رن الع�شرين‪،‬‬
‫والت ��ي ُيعترب الإنرتنت امتدادًا لها‪ ،‬ميك ��ن القول �إن الثورة ال�صناعية التالية والتي بد�أت‬
‫مقدماتها بالفعل هي ثورة الروبوتات ‪ .la robotique‬وقيا�س ًا على ظهور ن�صو�ص قانونية‬
‫�شكل ��ت ما ي�سمى قانون «املعلوماتي ��ة» ‪ ، un droit de l’informatique‬ف�إنه يبدو منطقي ًا‬
‫�أن التط ��ور الهائ ��ل الذي �سينتج عن ث ��ورة الروبوتات �س ُي�ؤدي حتم� � ًا �إىل ظهور جمموعة‬
‫م ��ن الن�صو�ص القانونية اخلا�ص ��ة بالروبوت ��ات ‪de textes spécifiques à la robotique‬‬
‫‪ ،‬والت ��ي يمُ كن �أن يك ��ون حجرها الأول « �أوله ��ا» �إن�شاء نظام قانوين يت�ل�اءم ويتوافق مع‬
‫خ�صو�صيته ��ا‪ .‬وغن ��ي عن البي ��ان �أن الروبوتات‪ ،‬نظ ��ر ًا لتطورها وتنوعه ��ا‪ ،‬تمُ ثل داع ًما‬
‫اقت�صاد ًي ��ا حقيق ًيا قاد ًراعلى تعدي ��ل بع�ض النماذج االقت�صادي ��ة احلالية ب�شكل عميق‪،‬‬
‫حي ��ث يمُ ثل �سوق الروبوتات ‪ -‬ال ��ذي ُيقدر مبا يزيد على ‪ 100‬مليار دوالر منذ حلول عام‬
‫‪ - 2020‬ق�ضية اقت�صادية رئي�سية لكل دولة(((‪.‬‬
‫وال �ش ��ك �أن الذكاء اال�صطناعي قد �أ�صبح بالفعل جزء ًا من حياتنا – ومل يعد وجوده‬
‫يقت�ص ��ر عل ��ى جم ��رد جم ��ال اخلي ��ال العلم ��ي « ‪،(((»domaine de la science-fiction‬‬
‫تنوعا فـي‬
‫حي ��ث �إنه وبف�ض ��ل التطور العلمي قد غزا فـ ��ي الوقت املعا�صر �أكرث املج ��االت ً‬
‫‪(1) Jonathan POUGET , La réparation du dommage impliquant une intelligence artificielle , thèse , sous la direction‬‬
‫‪de Marc BRUSCHI , université d’Aix-Marseille , 2019, p. 7.‬‬
‫‪(2) S. Tisseron, Le jour où mon robot m’aimera – vers l’empathie artificielle, Albin Michel, 2015 ; S. Tisseron & F.‬‬
‫‪Tordo, Robots, de nouveaux partenaires de soins psychiques, éditions érès, 2018.‬‬
‫((( على �سبيل املثال‪ ،‬فقد حدد تقرير مبادرات الروبوتات الفرن�سية ‪ rapport France Robots Initiatives‬هد ًفا لفرن�سا والذي يتمثل‬
‫فـ ��ي �أن تكون « من ب�ي�ن الدول اخلم�س الرائدة فـي جمال الروبوتات فـي العامل» لي�س فقط من حيث روبوتات اخلدمة لال�ستخدام‬
‫ال�شخ�صي واملهني‪ ،‬ولكن �أي�ض ًا تطوير الإ�سهام الفرن�سي فـي جمال الآالت الذكية لزيادة ح�صتها فـي هذا ال�سوق الواعد‪.‬‬
‫‪(4) Communication {SWD(2018) 137 final} du 25 avril 2018 de la Commission européenne au Parlement euro-‬‬
‫‪péen, au Conseil de l’Europe et au Conseil économique et social, p.2.‬‬

‫‪235‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫احلي ��اة الواقعية للأ�شخا� ��ص‪ ،‬وال�سيما القطاع ��ات الع�سكرية وال�صناعي ��ة واللوج�ستية‬
‫والبن ��اء والقطاعات الطبية واملنزلية والتعلي ��م وال�صحافة والقطاعات القانونية‪ ،‬بحيث‬
‫ميك ��ن القول �إنه ��ا �أ�صبحت �أحد �أهم م�ص ��ادر االبتكار فـي القرن احل ��ادي والع�شرين‪،‬‬
‫وذل ��ك بعد ظه ��ور اجليل الثالث من الروبوتات التي متتل ��ك الذكاء اال�صطناعي(((‪ .‬ومع‬
‫روبوت ��ات اخلدمات‪ ،‬ت�صب ��ح الإمكانات ا�ستثنائية‪ ،‬على �سبيل املث ��ال بالن�سبة للروبوتات‬
‫اجلراحي ��ة ‪ ،robotique chirurgicale‬ولك ��ن � ً‬
‫أي�ضا ملا ي�سمى بجراح ��ة « �إعادة الت�أهيل»‬
‫‪ » chirurgie dite de » réhabilitation‬با�ستخ ��دام الأط ��راف اال�صطناعي ��ة ‪prothèses‬‬
‫وزرع الأجزاء امليكانيكية الآلية ‪ُ :‬ي�صبح الإن�سان بعد ذلك ُمعز ًزا(((‪ .‬و�إذا مل تكن �أنظمة‬
‫هذه الروبوتات ق ��د جعلتها ُم�ستقلة بالكام ��ل ‪ systèmes entièrement autonomes‬فـي‬
‫الوق ��ت احلا�ض ��ر‪ ،‬ف�إن التطور الهائل فـي هذا املجال يجع ��ل من ظهور مثل هذه الأنظمة‬
‫أي�ضا‪ ،‬يجب �أن يقودنا و�صول هذه الأنظمة‬ ‫فـي امل�ستقبل القريب يبدو �أمر ًا ال مفر منه‪ .‬و� ً‬
‫املُ�ستقل ��ة ‪ systèmes autonomes‬املُ�ستقبلي ��ة �إىل التفكري فـي قابلي ��ة الأنظمة القانونية‬
‫للتكيف والتعامل مع هذه امل�ستجدات(((‪.‬‬
‫جدير بالذكر �أنه فـي دي�سمرب عام ‪ ،2006‬مت تقدمي تقرير �إىل احلكومة الربيطانية‪،‬‬
‫تناول موا�ضيع ُم�ستقبلية مخُ تلفة (‪ - Horizon Scan‬م�سح �أفق )‪ ،‬مبا فـي ذلك مو�ضوع‬
‫عواقب تطور الروبوتات‪ .‬وقد ت�ساءل هذا التقرير حول ما �إذا كان من ال�ضروري من ذلك‬
‫الوق ��ت ف�صاعدا تعيني وتخ�صي� ��ص ومنح حقوق للروبوت ��ات ‪attribuer des droits aux‬‬
‫‪ ،robots‬نظ ��ر ًا �إىل �أن التهجني بني الإن�سان والآلة ‪l’hybridation entre l’homme et la‬‬
‫‪ machine‬يمُ كن مع التطور الهائل فـي هذا املجال �أن ي�ؤدي �إىل �أن�سنة حقيقية للأندرويد‬
‫مب ��ا يعني « �إ�ضفاء الطابع الإن�ساين للروبوت ��ات» ‪réelle humanisation des androïdes‬‬
‫�أو عل ��ى العك� ��س ‪ ،‬يمُ كن �أن ي�ؤدي �إىل �إ�ضفاء طابع الروبوت ��ات احلقيقي للإن�سان « ت�ألية‬
‫حقيقية للإن�سان»(((‪. réelle robotisation de l’homme‬‬

‫‪(1) Alexandra Mendoza-Caminade , Le droit confronté à l’intelligence artificielle des robots : vers l’émergence de‬‬
‫‪nouveaux concepts juridiques ? , Recueil Dalloz , 2016 , p.445.‬‬
‫‪(2) A. Mendoza-Caminade, La santé et la robotique, RLDI oct. 2014, suppl. au n° 108, n° 3603, p. 19 ; X. Bioy, Vers‬‬
‫‪un statut juridique des androïdes ?, Journ. intern. de bioéthique, 2013/4, vol. 33, p. 85.‬‬
‫‪(3) les secteurs militaire, industriel, logistique, construction, médical, domestique, éducation, journalistique ou‬‬
‫‪encore juridique, v. Alexandra Mendoza-Caminade , Le droit confronté à l’intelligence artificielle des robots :‬‬
‫‪vers l’émergence de nouveaux concepts juridiques ? , Recueil Dalloz , 2016 , p.445.‬‬
‫‪(4) Bioy Xavier, « Chapitre 7. Vers un statut juridique des androïdes ? », Journal International de Bioéthique,‬‬
‫‪2013/4 (Vol. 24), p. 85-98. disponible sur les sites suivants : https://www.cairn.info/revue-journal-internation-‬‬
‫‪al-de-bioethique-2013-4-page-85.htm https://www.researchgate.net/publication/269896677.‬‬

‫‪236‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫أهمية الدراسة ‪:‬‬


‫�أ�صبح ��ت عل ��وم التكنولوجي ��ا ‪ technoscience‬تعدن ��ا بروبوت ��ات �أندروي ��د �شبيه ��ة‬
‫بالب�شر(((‪ ،‬ولديها بالفعل حا�س ��ة الب�صر واللم�س وال�سمع وال�شم؛ و�سوف يكون ب�إمكانها‬
‫الت�صرف والعمل ب�سرعة كبرية �أف�ضل من الإن�سان‪ ،‬واعتماد التفكري االنعكا�سي الت�أملي‬
‫والتحليل ��ي ‪ .raisonnements réflexifs et analytiques‬والأف�ضل من ذلك �أي�ض ًا‪ ،‬هو �أن‬
‫الروب ��وت كيان توا�ص ��ل ‪ ، entité communicante‬والذي يمُ كن ��ه التعبري عن العواطف‪.‬‬
‫فق ��د كان اكامارو م ��ن ميت�سوبي�ش ��ي ‪ Wakamaru de Mitsubishi‬ق ��اد ًرا على التعرف‬
‫عل ��ى اثن�ي�ن من « �أ�صحاب ��ه» و ‪� 8‬أ�شخا� ��ص �آخرين‪ ،‬ويفه ��م �أكرث من ع�ش ��رة �آالف كلمة‬
‫ويمُ ك ��ن �أن ي�أخ ��ذ زم ��ام املُب ��ادرة فـ ��ي الك�ل�ام ‪ ، prendre l’initiative de parler‬وذلك‬
‫با�ستخ ��دام املعلومات الت ��ي ح�صل عليها عن طريق املُالحظ ��ة ‪� par observation‬أو عن‬
‫طريق املُذكرات « املُفكرة» التي �سوف ميل�ؤها ُم�سبق ًا‪ .‬وتراهن مايكرو�سوفت بالفعل على‬
‫برنام ��ج الروبوت القيا�س ��ي ‪ programme d’un robot standard‬ال ��ذي �سيتم بيعه مثل‬
‫�أجه ��زة الكمبيوتر اليوم لإدارة املن ��زل‪ .‬و ُيراهن �آخرون على الروبوتات ُمتعددة الأ�شكال‬
‫مثل الروبوتات اخلارقة من مخُ ترب الروبوتات ُمتعددة الأ�شكال التي تتحول وف ًقا لل ُمهمة‬
‫املطروح ��ة �أو التي يتعني القيام بها‪ .‬وقد ابتكر هريو�ش ��ي �إي�شيجورو ‪Hiroshi Ishiguro‬‬
‫م ��ن جامعة �أو�ساك ��ا ‪ l’université d’Osaka‬جيمينوي ��د ‪ ، Geminoid‬ن�سخة منه « �شبيه‬
‫والتالعب به عن ُبع ��د و�إعادة �إنتاج حركات وجهه وبدرجة‬ ‫ُ‬ ‫ل ��ه» والذي يمُ كنه ا�ستخدامه‬
‫�أقل احلركات اجل�سدية‪.‬‬
‫�أ�صب ��ح الروبوت الذي يتخذ مظهر ًا يجعله �شبي ًه ��ا بالإن�سان‪ُ ،‬م�ساعدً ا حلياة املر�ضى‬
‫�أو كب ��ار ال�سن �أو الأطفال‪ ،‬وذلك ف�ض ًال ع ��ن ظهور الروبوتات التي ميكن �أي�ض ًا �أن تقاتل‬
‫�إىل جان ��ب اجلنود‪ ،‬كما هو احلال مع الروبوت القات ��ل ‪ SGR-A1‬الذي ت�ستخدمه كوريا‬
‫اجلنوبي ��ة لتجنب التدخل فـ ��ي �أرا�ضيها‪ .‬وتتج ��ه الروبوتات �أكرث ف�أك�ث�ر وب�شكل متزايد‬
‫ال من الب�شر‪ ،‬بحيث ميكن �أن ُي�صبح الروبوت حُمر ًكا جتار ًيا ‪animateur‬‬ ‫لأداء امله ��ام بد ً‬
‫‪ ، commercial‬مث ��ل روب ��وت ‪ Pepper‬ال ��ذي ا�ستخدمت ��ه ن�ستل ��ه ‪ Nestlé‬لتحريك نقاط‬

‫((( د‪� .‬إي ��اد مط�ش ��ر �صيه ��ود‪ :‬ا�ست�ش ��راف الأثر القان ��وين لتكنولوجيا الذكاء اال�صطناع ��ي‪( ،‬الإن�س�آلة – الروب ��وت الذكي) ما بعد‬
‫الإن�سانية‪ « ،‬اجلن�سية – ال�شخ�صية – امل�سئولية – العدالة التنب�ؤية – املنهج التقني – الأمن ال�سيرباين»‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪.‬‬

‫‪237‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫املعلوم ��ات ونق ��اط البيع فـي اليابان ‪� ، points d’information et de vente‬أو قد ُي�صبح‬
‫حت ��ى ع�ض� � ًوا ُمنتخ ًبا فـي جمل� ��س �إدارة �شركة هون ��غ كونغ فـي ماي ��و ‪ 2014‬ولديه حقوق‬
‫الت�صوي ��ت هناك(((‪ ،‬عندما ال يكون قد �ص ��اغ بالفعل عقود �أو مقاالت �صحفية ‪contrats‬‬
‫‪ .ou des articles de journaux‬وتعترب وظائف الإن�سان الآيل الأندرويد ‪fonctionnalités‬‬
‫‪ de ces androïdes‬غري متجان�سة ‪ ،‬ولذلك يبدو من ال�ضروري اتخاذ قرار ب�ش�أن مفهوم‬
‫وملتب�س ��ا‪ ،‬لأنه ُي�ش�ي�ر �إىل حقائق‬
‫ً‬ ‫مفهوم ��ا ً‬
‫غام�ضا‬ ‫ً‬ ‫الروب ��وت‪ .‬و ُيعت�ب�ر مفهوم الروب ��وت‬
‫مخُ تلفة‪ :‬فلي�س هناك روبوت واحد ولكن العديد من الروبوتات‪.‬‬
‫وميك ��ن الق ��ول �إن الروبوتات امل ��زودة بذكاء ا�صطناع ��ي «قوي» تتمت ��ع بالقدرة على‬
‫التوا�ص ��ل ‪ capables de communiquer‬مع الب�ش ��ر‪� ،‬أو « املناق�شة »‪� ،‬أو التك ُيف مع و�ضع‬
‫جدي ��د ‪ . s’adapter à une situation nouvelle‬و ُيعت�ب�ر خري مث ��ال على ذلك ( الروبوت‬
‫�أ�سيم ��و ‪ ) robot Asimo‬حتى على الرغم م ��ن �أن هذا الروبوت حالي ًا غري قابل للت�سويق‬
‫جتاري� � ًا ب�سب ��ب تكلفت ��ه الباهظة‪ .‬وي�ستطي ��ع هذا الروب ��وت ‪ androïde‬ال ��ذي يبلغ طوله‬
‫‪�130‬س ��م تغيري �سلوكه وفق� � ًا للبيئة التي يتواجد بها وتنفيذ حرك ��ات �أكرث تعقيد ًا من �أي‬
‫وق ��ت م�ضى‪ ،‬وميكنه من خالل �أجهزة اال�ست�شع ��ار املُتعددة ‪ multiples capteurs‬املزود‬
‫به ��ا‪ ،‬التعرف عل ��ى الأ�شخا�ص من خالل وجوهه ��م و�أي�ض ًا عن طري ��ق �أ�صواتهم‪ ،‬ولديه‬
‫القدرة على التحرك واجلري للأمام واخللف‪ ،‬ويمُ كنه كذلك القفز على الأقدام ‪sauter‬‬
‫أي�ض ��ا القدرة على تغيري االجت ��اه ‪� changer de direction‬إذا مت‬ ‫‪ à cloche pied‬وميل ��ك � ً‬
‫و�ضع ��ه فـي و�ضعيه جتعله فـي مواجهة ومقابل ��ة �شخ�ص من �أجل جت ُنب �أي ت�صادم معه‪،‬‬
‫كم ��ا �أن ال�ش ��يء الأكرث روع ��ة هو �أنه قادر على دف ��ع عرب ��ة ‪ ، pousser un chariot‬وفتح‬
‫زجاج ��ة عن طريق حمله ��ا وفك غطاءها‪ ،‬وكذل ��ك �صب حمتوياتها فـي ك ��وب‪ ،‬ويمُ كنه‪،‬‬
‫ب�شك ��ل ُمه ��ذب‪ُ ،‬م�صافحة حُماوري ��ه ‪ serrer la main de ses interlocuteurs‬دون �سحق‬
‫�أيديهم‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬يحق لنا الت�سا�ؤل‪ ،‬كيف نتخيل �أن مثل هذا الروبوت الذي يتمتع بكل هذه‬
‫القدرات‪ ،‬يمُ كن اعتباره �شيئ ًا ب�سيط ًا وعادي ًا ‪ un simple et banal objet‬رغم �أنه مل يتم‬
‫تزويده بعد بــ « ذكاء ا�صطناعي قوي»‪� .‬ألي�س من البديهي واحلال هكذا �أن ندعي �أن فئة‬
‫الأ�شياء ‪� La catégorie des biens‬أ�صبحت �أ�صغر من �أن ن�ستوعبها‪ ،‬مع الت�سليم فـي نف�س‬
‫‪(1) G. Loiseau et M. Bourgeois, Du robot en droit à un droit des robots, JCP 2014. 1231.‬‬

‫‪238‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الوق ��ت �أن فئة الب�شر تعت�ب�ر �أكرث «�إن�سانية» ‪ »trop «humaine‬لك ��ي تقبلها‪ .‬ولذلك يبدو‬
‫وم�شروعا منا�شدة املُ�شرع لالعرتاف و�إ�سناد « و�ضع �شخ�ص القانون ‪la qualité‬‬ ‫ً‬ ‫منطقي ًا‬
‫‪ de sujet de droits‬لتلك «الكائنات ‪ » êtres‬التي يرى املُ�شرع �أنها قادرة على الدخول �إىل‬
‫ال�ساحة القانونية‪.‬‬
‫وتت�ض ��ح ال�صورة �أكرث عندم ��ا يتعلق الأم ��ر بالروبوت املُزود بذك ��اء ا�صطناعي قوي‬
‫وال ��ذي مينحه ا�ستقاللي ��ة الق ��رار « ‪ ،» autonomie décisionnelle‬ومما ال �شك فيه �أن‬
‫ه ��ذه اال�ستقاللية الت ��ي �ستح�صل عليها الروبوت ��ات تثري امل�سائ ��ل القانونية‪ ،‬وجتعل من‬
‫ال�ضروري تنظيم التفاع�ل�ات ‪ réguler les interactions‬بني الب�شر والروبوتات‪ ،‬ال�سيما‬
‫م ��ن حيث احلق ��وق وامل�سئوليات‪ .‬وتعت�ب�ر تلك امل�س�ألة م ��ن املو�ضوعات املعق ��دة واملثرية‬
‫للجدل بالفع ��ل(((‪ .‬ولذلك جند �أن املُفو�ضية الأوروبية ‪ Commission européenne‬قد‬
‫�شددت على �أهمية اال�ستعداد لو�صول الروبوتات املُ�ستقلة‪ ،‬والنظر فـي العواقب القانونية‬
‫وال�سيا�سية للذكاء اال�صطناعي(((‪.‬‬
‫إشكالية الدراسة ‪:‬‬
‫فـ ��ي مواجه ��ة الث ��ورة الروبوتي ��ة ‪ ،révolution robotique‬يبدو لن ��ا منطقي ًا فح�ص‬
‫واختبار القواعد القانونية املعنية حالي ًا لبيان وتقييم ما �إذا كانت تظل ُمنا�سبة ومالءمة‬
‫حلكم الروبوتات ذات الذكاء اال�صطناعي ‪ ،‬من حيث الإطار القانوين للروبوتات الذكية‪،‬‬
‫و�إذا مل يك ��ن الأم ��ر كذلك‪� ،‬سيكون من البديهي �أن نط ��رح الت�سا�ؤل ملُناق�شة مدى ونطاق‬
‫التغي�ي�ر فـ ��ي املفاهيم القانوني ��ة‪ ،‬وهل يكفـي جم ��رد تكييف وتطبيق للمب ��ادئ القانونية‬
‫احلالي ��ة‪ ،‬حي ��ث �إن القانون يحكم الروب ��وت بالفعل من خالل تكييف ��ه كمو�ضوع للقانون‬
‫«ك�ش ��يء قان ��وين» ‪� ، qualification en chose objet de droit‬أم يجب �أن نذهب �إىل �أبعد‬

‫((( ) ولتو�ضيح هذا الأمر‪ ،‬ن�شري �إىل �أن �أن الروبوت املزود بذكاء ا�صطناعي قوي يتم ت�صميمه ليكون ُم�ستق ًال‪ ،‬ولذلك يبدو متوقع ًا‬
‫�إمكاني ��ة �أن يفق ��د �صانع الروب ��وت ال�سيطرة على الروبوت اخلا�ص ب ��ه‪ .‬ومن ثم ميكن ت�صور ت�صرف ��ات الروبوت غري املنا�سبة‬
‫«غري املتوافقة» التي ميكن �أن تُ�شكل �أعماال �ضارة ‪ actes dommageables‬؛ �أو ا�ستخدامات ُمنحرفة للروبوت ‪usages déviants‬‬
‫‪ du robot‬م ��ن قب ��ل ُم�ستخدمه �أو من قبل طرف ثالث «الغري» الذي ُي�سيطر علي ��ه عن ُبعد ‪ ،‬والتي تُ�شكل �أعما ً‬
‫ال �إجرامية ‪actes‬‬
‫‪،délictueux‬‬
‫‪v. Alexandra Mendoza-Caminade , Le droit confronté à l’intelligence artificielle des robots : vers l’émergence‬‬
‫‪de nouveaux concepts juridiques ? , Recueil Dalloz , 2016 , p.445.‬‬
‫‪(2) V. la question parlementaire posée à la Commission européenne le 3 oct. 2013 et la réponse de Mme Kroes du‬‬
‫‪15 nov. 2013.‬‬

‫‪239‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫م ��ن ذلك والت�س ��ا�ؤل على وجه اخل�صو�ص ب�ش� ��أن �أهمية االعرتاف بو�ض ��ع ونظام خا�ص‬
‫للروب ��وت ‪ ،statut spécifique du robot‬م ��ن خ�ل�ال من ��ح الروبوت ��ات الذكي ��ة الأهلي ��ة‬
‫القانوني ��ة‪ ،‬وبالت ��ايل منحهم احلقوق؟ ‪ ..‬ولذلك ثارت ت�سا�ؤالت ح ��ول الطبيعة القانونية‬
‫له ��ذه التكنولوجيا للبحث عن مكان الذك ��اء اال�صطناعي فـي تق�سيم القانون ‪la summa‬‬
‫‪ divisio du droit‬الأ�شخا�ص والأ�شياء(((‪.‬‬
‫�إن ال�س� ��ؤال الذي يط ��رح نف�سه هو فـي الواقع ما �إذا كان الذكاء اال�صطناعي يمُ كن �أو‬
‫يجب �أن ُيحدث ثورة فـي القانون ؟ ‪ ..‬فـي الواقع ‪ُ ،‬يعترب هذا ال�س�ؤال وثيق ال�صلة بالفعل‬
‫فـي وجود التكنولوجيا التي ت�ستهدف �إن�شاء فاعلني اجتماعيني واقت�صاديني ُجدُد ‪acteurs‬‬
‫‪ sociaux-économiques‬بق ��درات معرفي ��ة �إدراكية بالن�سبة جلمي ��ع الفاعلني التابعني‬
‫للذك ��اء اال�صطناع ��ي وخ�صائ�ص ج�سدية بالن�سب ��ة للروبوتات الذكي ��ة ال�شبيهة بالب�شر‬
‫‪ .robots humanoïdes intelligents‬يتكون الروبوت الذكي من برنامج ذكاء ا�صطناعي‬
‫بالإ�ضاف ��ة �إىل جمموعة من �أجهزة اال�ست�شعار واملُ�ؤثرات امليكانيكية والإلكرتونية تحُ اكي‬
‫تل ��ك اخلا�ص ��ة بالب�ش ��ر‪ .‬هناك اجماع عل ��ى �أن القرن احل ��ادي والع�شري ��ن �سيكون قرن‬
‫الروبوتات ‪ ،siècle de la robotique‬وهكذا‪ ،‬مع تطور التكنولوجيا والذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫�سوف يكت�سب الروبوت املزيد من احلرية‪ ،‬مما يجعل �إ�شكالية تناوله القانوين مو�ضوعية‬
‫وعاجلة ب�شكل ملح‪.‬‬
‫خطة الدراسة ‪:‬‬
‫ميكن القول ب� ��أن مالءمة منح ال�شخ�صية القانونية االعتباري ��ة للروبوتات الذكية مل‬
‫نهجا حمفو ًفا‬
‫حتظ ب�إجماع فـي الفقه القانوين‪ .‬وفـي هذا ال�ش�أن‪ ،‬يرى البع�ض فـي ذلك ً‬
‫باملخاطر‪ ،‬فـي حني يرى �آخرون �أنه فر�صة مواتية لتقدمي ت�صنيف قانوين ‪catégorisation‬‬
‫‪ juridique‬م ��ن �أجل ا�ستمرارية �إدماج هذا الفاع ��ل اجلديد فـي املجتمع‪ .‬فـي املقابل‪ ،‬ال‬
‫ينطب ��ق الأم ��ر نف�سه عندما يتعلق الأم ��ر ب�إ�سناد ال�شخ�صية القانوني ��ة �إىل ( ُمنتجات )‬
‫ذات مظاه ��ر ب�شرية‪ ،‬وم ��ا ي�ستتبعه ذلك من �إمكانية �أن يك ��ون ال�شخ�ص القانوين مالك ًا‬
‫للحق ��وق‪ .‬وعلى ه ��ذا النحو‪ ،‬ف�إن املراك ��ز القانونية ل�ل��أداة الإلكرتوني ��ة ‪l’instrument‬‬

‫‪(1) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question , Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪240‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫‪ bionique‬ولك ��ن �أي�ض� � ًا للأ�شخا� ��ص االعتبارية ُت�شكل مث ��ا ًال على الرتقي ��ة القانونية �أو‬
‫التخفي� ��ض لكيان غري ب�شري ‪ ،entité non humaine‬وال ��ذي يمُ ِكن �أن ُيلهم �إن�شاء و�ضع‬
‫بحرية ‪» robots librement décisionnels‬‬ ‫خا�ص للروبوتات الذكي ��ة التي ت�صنع القرار ُ‬
‫( املبحث الأول )‪ .‬وهذا ما ي�سمح م�ستقب ًال بقبول كيانات الذكاء اال�صطناعي ك�أ�شخا�ص‬
‫قانوني ��ة(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يطرح ال�س�ؤال نف�سه حول �إمكانية منح ال�شخ�صية القانونية �إىل‬
‫كيان ��ات الذك ��اء اال�صطناعي(((‪ ،‬فه ��ذه الكائنات اجلدي ��دة تخرج من دائ ��رة الكيانات‬
‫االعتبارية غري امللمو�سة‪ ،‬ويقرتب من دائرة الكيانات املادية املح�سو�سة‪ ،‬والتي ميكن �أن‬
‫متنح ال�شخ�صية القانونية((( ‪.‬‬
‫وال �ش ��ك �أن االعرتاف بال�شخ�صي ��ة القانونية االعتبارية يعد �أحد �أهم الرموز اجللية‬
‫عل ��ى قدرة القان ��ون على التكيف مع التحدي ��ات التي ُتواجهه‪ ،‬فهي دلي ��ل على الإمكانية‬
‫الت ��ي ُيوفره ��ا القانون فـ ��ي االرتق ��اء ب�شكل قان ��وين بفاعل جدي ��د فـي البيئ ��ة الب�شرية‬
‫وفق� � ًا الحتياجاته ��ا‪ ،‬مم ��ا يمُ هد الطريق وفق� � ًا لنف�س املنط ��ق لإن�شاء �شخ�صي ��ة روبوتية‬
‫‪ ( personnalité robotique‬املبحث الثاين )‪.‬‬

‫((( د‪ .‬ن�س ��اخ فطيم ��ة‪ :‬ال�شخ�صي ��ة القانونية للكائن اجلدي ��د ال�شخ�ص االفرتا�ض ��ي والروبوت»‪ ،‬جملة الأ�ست ��اذ الباحث للدرا�سات‬
‫القانونية وال�سيا�سية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬املجلد ‪ .٥‬العدد ‪� ،2020 ،01‬ص ‪.221‬‬
‫((( د‪ .‬حمم ��د عرفان اخلطي ��ب‪ :‬الذكاء اال�صطناعي والقانون درا�سة نقدية مقارنة فـ ��ي الت�شريعني املدين الفرن�سي والقطري فـي‬
‫�ض ��وء القواع ��د الأوربية فـي القانون املدين للإن�س�ألة لعام ‪ 2017‬وال�سيا�سة ال�صناعية الأوروبية للذكاء اال�صطناعي والإن�س�آالت‬
‫لعام ‪ 2019‬جملة الدرا�سات القانونية‪ ،‬جامعة بريوت العربية‪ ،‬العدد ‪� ،٢٠٢٠ ،٤‬ص‪.12‬‬
‫((( �إن اجل ��دل القان ��وين القائم اليوم حول �إمكاني ��ة منح كيانات الذكاء اال�صطناعي ال�شخ�صي ��ة القانونية هو نقا�ش مهم ال ميكن‬
‫اهماله‪ ،‬فحتى ولو و�صفه البع�ض مبجرد الوهم فهذا الو�صف هو ما �أطلق على الكيانات املعنوية فـي النقا�شات التي دارت حول‬
‫�إمكانية منحها �صفة ال�شخ�صية القانونية فـي بدايات القرن التا�سع ع�شر‪.‬‬
‫وق ��د ج ��اء فـي حكم حمكمة النق� ��ض الفرن�سية عام ‪ ، ١٩٥٤‬ي�ؤكد عل ��ى �أن ال�شخ�صية القانونية من �صنع القان ��ون وبالتايل ميكن �أن‬
‫ينتمي �إليها �أي جمموعة تتمتع ب�إمكانية التعبري اجلماعي فـي الدفاع عن م�صاحلها امل�شروعة‪.‬‬
‫‪arret rendu le 28 janvier 1954. elle affirme : wla personnalité civile n’est pas une création de la loi; elle appar-‬‬
‫‪tient, en principe, à tout groupement pourvud’une possibilité d’expression collective pour la défense d’intérêts‬‬
‫‪licites, dignes, par suite, d’être juridiquement reconnus et protégés». Cass. 2ème civ, 28 janv. 1954,‬‬
‫‪https://www.legifrance.gouv.fr/juri/id/JURITEXT000006953231/‬‬
‫‪Mady Delvaux Un cadre légal en matière de robotique est nécessaire, https://www.europart.europa.eu/news/‬‬
‫‪fr/headlines/economy/20170109STO57505/mady-delvaux-un-cadre-legal-en-matiere-de-robotique-est-neces-‬‬
‫‪saire‬‬

‫‪241‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫املبحث األول‬
‫الشخصية القانونية االعتبارية كرمز لقابلية‬
‫توافق القانون مع احتياجات البشر‬
‫ُي َع ُّد مفهوم ال�شخ�صية القانونية عن�ص ًرا م�شرت ًكا فـي جميع الأنظمة القانونية‪ .‬وعلى‬
‫ب�شكل وا�س ��ع‪� ،‬إال �أن املعنى املق�ص ��ود من ال�شخ�صية‬ ‫الرغ ��م من انت�شار ه ��ذا امل�صطلح ٍ‬
‫مو�ضوعا مثري ًا الهتم ��ام الفقه والق�ض ��اء‪ .‬وميكن الق ��ول �إن القا�ضي �أو‬ ‫ً‬ ‫القانوني ��ة ظ ��ل‬
‫الباح ��ث ال يحتاج �إىل نظري ��ة عن ال�شخ�صي ��ة القانونية حلل �أو فه ��م الق�ضايا ال�سهلة‪،‬‬
‫ولك ��ن تن�ش� ��أ احلاجة ملثل تلك النظريات فـ ��ي الق�ضايا ال�صعبة‪ .‬وعندئ � ٍ�ذ يكون الو�صف‬
‫النظ ��ري الوحيد املتاح هو منظور ال�شخ�ص القان ��وين ك�صاحب حق‪ ،‬و ُب َنا ًء عليه يقت�ضي‬
‫مفهوم ال�شخ�صية القانونية �إما امتالك احلقوق وحتمل الواجبات �أو «الأهلية القانونية»‬
‫المتالك احلقوق وحتمل الواجبات‪ .‬وهذا التعريف لل�شخ�صية القانونية لي�س جمرد قول‬
‫اهتماما‬
‫ً‬ ‫أي�ض ��ا ت�أييدً ا وتداو ًال فيم ��ا بني فقهاء القان ��ون املهتمني‬
‫م�أث ��ور‪ ،‬ب ��ل �إنه قد لقي � ً‬
‫�شديدً ا مب�سائل تتعلق بال�شخ�صية القانونية‪.‬‬
‫و ُت َ�ش ِّك � ُ�ل الفك ��رة التقليدية التي تق ��وم على امل�ساواة ب�ي�ن «الكيان الب�ش ��ري» و«التمتع‬
‫ب�شخ�صي ��ة قانونية» م�صد ًرا للكثري من اجل ��دل القانوين فـي الوقت احلايل‪ .‬فعلى �سبيل‬
‫املثال‪ :‬تتن ��اول الدرا�سات فـي هذا املجال ق�ضايا حقوق احلي ��وان‪ ،‬والتح�سني البيولوجي‬
‫الب�ش ��ري‪ ،‬وما بعد الإن�ساني ��ة‪ .‬ويبدو �أن تلك الق�ضايا تث ُري جد ًال كب�ي ً�را ل�شيوع �سوء فهم‬
‫املق�ص ��ود احلقيق ��ي بكلمة «�شخ� ��ص» حيث ُت َع� � ُّد ال�شخ�صية �أحد ال�صف ��ات امل�شتقة من‬
‫«الطبيعة الب�شرية» �أو «اجلوهر الإن�ساين» امل�شرتك‪ ،‬ومن َث َّم فهي ت�ستبعد من عامل الفاعل‬
‫(امل�ؤث ��ر) واملفعول به (املت�أث ��ر) على امل�ستوى الأخالقي والقان ��وين �أي كائن غري ب�شري‬
‫بدرج ��ة �أكرث �أو �أقل‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬تظ ��ل م�س�ألة التمييز بني مفه ��وم الإن�سان وال�شخ�صية‬
‫ق�ضي ��ة فل�سفية جدلية عميقة بني �أهل الفل�سفة والقانون‪ ،‬فال�شخ�صية هي �صنعة قانونية‬
‫وجدت لتعالج بع�ض امل�ش ��اكل القانونية املرتبطة بن�شاط الإن�سان‪ ،‬بحيث ميكن القول �إن‬
‫الأدمي ��ة تعد ا�صطالح ًا فل�سفي� � ًا‪ ،‬بينما فـي املقابل تعترب ال�شخ�صي ��ة ا�صطالح ًا قانوني ًا‬
‫(املطلب الأول)‪ .‬وال �شك �أن هذا الأمر من �ش�أنه �أن ُيعلن عن قدرة القانون‪ ،‬فـي امل�ستقبل‬
‫القريب‪ ،‬على �إدراك وفهم وا�ستيعاب الروبوتات الذكية من خالل حتليل الأهمية الكبرية‬

‫‪242‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الت ��ي متثلها فـي �ضوء تن ��وع وتعدُد الروبوت ��ات ‪ ،la diversité des robots‬ومنحها املركز‬
‫واالع�ت�راف القانوين ال ��ذي يتنا�سب مع طبيعته ��ا وخ�صو�صيتها‪ .‬وع ��ن طريق القيا�س‪،‬‬
‫يمُ كن �أن نت�صور �أن القانون يمُ كن �أن ي�أخذ فـي االعتبار‪ .‬ومن ثم‪� ،‬سيكون من ال�ضروري‬
‫تو�ضيح �أن هذا البناء القانوين ‪ُ construction juridique‬ي�شكل رمز ًا لتكيف القانون مع‬
‫احتياج ��ات الإن�سان و ُم�ؤ�ش� � ًرا لإن�شاء و�ضع قانوين خا�ص للروبوت ��ات الذكية(((( املطلب‬
‫الثاين )‪.‬‬
‫املطلب األول‬
‫فصل مفهوم الشخصية القانونية عن مفهوم اإلنسانية‬
‫م ��ن نافلة القول �إن القانون اخلا�ص يعرف تفرق ��ة �أ�سا�سية بني الأ�شخا�ص والأ�شياء‪،‬‬
‫و�إن �صفة ال�شخ�صية القانونية تثبت لكل كائن �صالح الكت�ساب احلقوق وحتمل الواجبات‪،‬‬
‫وال ج ��دال فـي �أن ال�شخ�صية القانونية به ��ذا املعنى تثبت للإن�سان ب�صفته �إن�سان ًا ويطلق‬
‫علي ��ه ال�شخ�ص الطبيعي(((‪ .‬م ��ن جانب �آخر‪ ،‬ميكن �أن تثب ��ت ال�شخ�صية القانونية لغري‬
‫الإن�سان وهو ما يطلق عليه بال�شخ�ص املعنوي �أو االعتباري(((؛ حيث �إن هناك الكثري من‬
‫الأن�شطة والأهداف التي يعجز فيها اجلهد الفردي‪ ،‬وحتتاج �إىل جتميع اجلهود الب�شرية‬
‫فـ ��ي جماعات‪ ،‬و�ضم ر�ؤو� ��س الأموال والإمكانيات املادية فـ ��ي م�شروعات ميكنها �إر�ضاء‬
‫كل امل�صال ��ح وحتقيق ما يعجز عنه ال�شخ�ص مبفرده(((‪ .‬يت�ضح من ذلك‪� ،‬أن ال�شخ�صية‬
‫املعنوي ��ة �أو االعتباري ��ة قد ظهرت كا�ستجابة لل�ضرورات العملي ��ة والواقعية التي اقت�ضت‬
‫االعرتاف بحي ��اة م�ستقلة لل�شخ�ص املعنوي عن حياة الأ�شخا� ��ص املكونني له(((‪ .‬وجتدر‬
‫((( �صابر الهدام‪ :‬القانون فـي مواجهة الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬ر�سالة لنيل دبلوم املا�سرت فـي القانون اخلا�ص‪ ،‬جامعة‬
‫�سيدي حممد بن عبد اهلل‪ ،‬فا�س‪ ،‬املغرب‪� ،2022 ،‬ص ‪.84‬‬
‫((( د‪ .‬م�صطف ��ى حمم ��د اجلمال‪ ،‬د‪ .‬عبد احلميد حممد اجلمال‪ :‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،419‬د‪ .‬ح�سن كرية‪:‬‬
‫املدخ ��ل �إىل القان ��ون‪ ،‬مرج ��ع �سابق‪�� � ،‬ص ‪ ،514‬د‪� .‬أنور �سلطان‪ :‬املب ��ادئ القانونية العامة‪ ،‬مرجع �سابق‪�� � ،‬ص ‪ ،209‬د‪� .‬سليمان‬
‫�إبراهي ��م‪ :‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬جملة الدرا�س ��ات االجتماعية واالقت�صادية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬يوليو ‪� ،2014‬ص ‪ ،1‬د‪.‬‬
‫كاظم حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي نظرية احلق‪ ،‬ر�سالة دكتوراه‪ ،‬كلية القانون جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪،‬‬
‫‪� ،2021‬ص ‪ 175‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( راج ��ع د‪ .‬نوال جمدوب‪� :‬إ�شكاالت امل�سئولية القانونية عن تطبيقات نظم الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬املركز اجلامعي مغنية اجلزائر‪،‬‬
‫املجموعة العلمية للن�شر والتوزيع‪� ،2022 ،‬ص ‪ 66‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( د‪ .‬نعمان حممد خليل جمعة‪ :‬درو�س فـي املدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪� ،1979 ،‬ص ‪503‬‬
‫((( د‪ .‬حممد ح�سنی من�صور‪ :‬نظرية احلق دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬الإ�سكندرية ‪� ،2007‬ص ‪.٤٣٨‬‬

‫‪243‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫الإ�ش ��ارة �إىل �أن فكرة ال�شخ�صي ��ة القانونية االعتبارية ُتعد م ��ن املفاهيم القانونية التي‬
‫�أث ��ارت جد ًال فقهي ًا لدرجة دعت البع�ض �إىل القول ب� ��أن تطور القانون املقارن يدور حول‬
‫فكرة ال�شخ�ص االعتباري(((‪.‬‬
‫وال ج ��دال �أن �صف ��ة الإن�س ��ان ال متن ��ح �إال للكائ ��ن الطبيعي الب�ش ��ري «‪La personne‬‬
‫‪ »humaine‬لكن من جانب �آخر ف�إن �صفة ال�شخ�ص القانوين مل تعد حكر ًا على الب�شر(((‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪� ،‬إذا كان ارتباط �صفة ال�شخ�صية ب�صفة الآدمية �أمر ًا منطقي ًا وطبيعي ًا‪ ،‬كون‬
‫الآدمي ��ة هي �صفة �أ�سبق فـي الوجود من �أي نظام قانوين‪ ،‬ف�إن �صفة الإن�سانية �أو الآدمية‬
‫منف�صل ��ة فـ ��ي �أ�صلها الفل�سفـي عن �صف ��ة ال�شخ�صية مبفهومها القان ��وين‪ ،‬فال�شخ�صية‬
‫ه ��ي الإطار القانوين للآدمي ��ة؛ فال�شخ�صية القانونية ال متنح للإن�س ��ان ا�ستناد ًا ملفهوم‬
‫الآدمي ��ة؛ و�إمنا متنح باعتباره �أه�ل ً�ا الكت�ساب احلقوق وحتمل االلتزامات‪ .‬جدير بالذكر‬
‫�أن الإن�س ��ان فـي مرحلة ال ��رق والعبودية‪ ،‬مل يكن �شخ�ص ًا فـي نظ ��ر القانون‪ ،‬ومل تكن له‬
‫�شخ�صي ��ة طبيعي ��ة �أو قانونية‪ ،‬و�إمنا كان ي�أخذ حكم الأ�شي ��اء‪ ،‬وحينما �أ�صبح حر ًا و�أهال‬
‫الكت�ساب احلق وحتمل االلتزام وجدت احلاجة لإ�ضفاء �صفة ال�شخ�صية القانونية عليه‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬يغدو من البديه ��ي‪ ،‬فـي نظر البع� ��ض‪ ،‬القول �إن ال�شخ�صي ��ة القانونية هي‬
‫�إقرار قانوين لواقع‪ ،‬ولي�س ابتكار ًا قانوني ًا الفرتا�ض(((‪.‬‬
‫ويعني ذلك �أن ال�شخ�صية رغم ارتباطها بالإن�سان مل تكن تمُ نح لكل �إن�سان‪ ،‬بل فقط‬
‫مل ��ن يعرتف ل ��ه القانون ب�صفة الإن�سان‪ ،‬وم ��ن هنا بد�أ الف�صل والتميي ��ز بني ال�شخ�صية‬
‫الطبيعي ��ة الإن�سانية ونظريتها القانوني ��ة(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ال ي�سوغ فـي لغة القانون اخللط‬

‫((( راج ��ع د‪� .‬أب ��و زيد ر�ضوان‪ ،‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬جملة العلوم القانونية واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق‬
‫جامعة عني �شم�س‪ ،‬جملد ‪ ،12‬العدد ‪� ،1970 ،1‬ص ‪.216 – 163‬‬
‫((( د‪ .‬م�صطف ��ى حمم ��د اجلمال‪ ،‬د‪ .‬عبد احلميد حممد اجلمال‪ :‬النظرية العامة للقانون‪ ،‬دار اجلامعة‪ ،‬بريوت‪� ،1998 ،‬ص ‪،419‬‬
‫د‪ .‬ح�س ��ن كرية‪ :‬املدخل �إىل القان ��ون‪ ،‬من�شاة املعارف‪ ،‬الإ�سكندرية‪ ،‬الطبعة اخلام�سة ‪� ،1971‬ص ‪ ،514‬د‪� .‬أنور �سلطان‪ :‬املبادئ‬
‫القانونية العامة‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة للن�شر‪ ،‬الإ�سكندرية‪� ،2005 ،‬ص ‪.209‬‬
‫((( د‪ .‬حمم ��د عرف ��ان اخلطيب‪ :‬املرك ��ز القانوين لالن�س�آل ��ة (‪ )Robot‬ال�شخ�صي ��ة وامل�س�ؤولية درا�سة ت�أ�صيلي ��ة مقارنة قراءة فـي‬
‫القواع ��د االوربية فـي القانون املدين لالن�س�ألة لعام ‪ 2018‬جملة كلي ��ة القانون الكويتية العاملية‪ ،‬ال�سنة ال�ساد�سة‪ ،‬العدد الرابع‪،‬‬
‫‪� ،2018‬ص ‪.105‬‬
‫((( د‪ .‬حممد عرفان اخلطيب‪ :‬امل�سئولية املدنية والذكاء اال�صطناعي‪� ،‬إمكانية امل�ساءلة ؟‪ ،‬درا�سة حتليلية معمقة لقواعد امل�سئولية‬
‫املدنية فـي القانون املدين الفرن�سي‪ ،‬جملة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬ال�سنة الثامنة‪ ،‬العدد ‪ ،1‬العدد الت�سل�سلي ‪،2020 ،29‬‬
‫�ص ‪.115‬‬

‫‪244‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ب�ي�ن م�صطلح ال�شخ� ��ص والإن�س ��ان‪ ،‬فهما لي�س مرتادف�ي�ن‪ ،‬حيث ال ترتب ��ط ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة بال�صفة الإن�ساني ��ة وال بالإدراك وال بالإرادة‪ ،‬ولك ��ن ترتبط باحلقوق الواجبة‬
‫الرعاي ��ة القانونية ومن ُتن�سب له هذه احلقوق(((‪ .‬وق ��د ذهب البع�ض �إىل القول ب�أنه �إذا‬
‫كانت ال�شخ�صية الطبيعية قد ُمنحت للإن�سان باعتباره �إن�سان ًا‪ ،‬ف�إن ال�شخ�صية القانونية‬
‫ُمنح ��ت له باعتباره �أه ًال للحقوق وااللتزامات‪ ،‬بحيث ميكن القول �إن املعول فـي اكت�ساب‬
‫ال�شخ�صي ��ة القانونية من عدمه ��ا‪ ،‬لي�س هو معيار الإن�سانية فـي ح ��د ذاتها‪ ،‬و�إمنا معيار‬
‫القدرة على اكت�ساب احلقوق والتحمل بالواجبات‪ ،‬والتي تثبت للإن�سان وغريه‪ ،‬ف�أ�ضحت‬
‫�صف ��ة ال�شخ�صية تخرج من احليز ال�ضيق بارتباطها بالإن�سان فقط‪ ،‬وبد�أت فـي االت�ساع‬
‫تدريجي ًا لرتتبط بالقيمة االجتماعية(((‪ ،‬ومن هنا كان ميالد فكرة ال�شخ�صية القانونية‬
‫لل�شخ�ص االعتباري التي ظهرت مع بزوغ التجمعات املهنية والنقابية وال�شركات التجارية‬
‫التي كانت بحاجة �إىل ابتكار مركز قانوين يحدد طبيعتها وحقوقها والتزاماتها(((‪.‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫الشخصية القانونية االعتبارية رمز لقدرة القانون على التكيف‬
‫ال �ش ��ك فـي �أن الأ�شخا�ص االعتبارية «‪ »les personnes morales‬تتمتع بنف�س املعاملة‬
‫القانوني ��ة الت ��ي يتمتع بها الب�شر فـ ��ي كثري من النواحي‪ ،‬دون �أن يك ��ون لهم نف�س الو�ضع‬
‫القان ��وين «‪ .»statut juridique‬ويت ��م تعريفه ��م عل ��ى �أنه ��م جمموع ��ات �أو ُم�ؤ�س�سات مت‬
‫تنظيمه ��ا لتحقي ��ق غر� ��ض �أو م�صلحة خا�صة‪ ،‬والتي ع ��ادة ما تك ��ون م�صلحة جماعية‪.‬‬
‫يت�ض ��ح م ��ن ذلك �أن ال�شخ�ص االعتباري هو‪ ،‬على هذا النح ��و‪� ،‬شخ�ص قانوين ‪sujet de‬‬
‫‪ ،droit‬مبعنى �آخر‪� ،‬شخ�ص‪ ،‬باملعنى القانوين ‪ ،sens juridique‬ولكنه ممُ يز عن الأفراد‬
‫الذي ��ن يكونون ذل ��ك ال�شخ�ص يقومون ب�إدارته(((‪ .‬وي�سمح ه ��ذا البناء القانوين البحت‬
‫‪ construction purement juridique‬بتلبي ��ة ال�ضروري ��ات العملية واالرتقاء �إىل احلياة‬

‫((( كري�ستيان يو�سف‪ :‬امل�سئولية املدنية عن فعل الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ر�سالة ما�سرت بحثي فـي القانون اخلا�ص‪ ،‬اجلامعة اللبنانية‪،‬‬
‫كلية احلقوق والعلوم ال�سيا�سية والإدارية‪� ،2020 ،‬ص ‪.18‬‬
‫((( د‪ .‬حممد عرفان اخلطيب‪ :‬امل�سئولية املدنية والذكاء اال�صطناعي‪� ،‬إمكانية امل�ساءلة ؟‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.115‬‬
‫((( د‪� .‬سميح ��ة القليوبي‪ :‬ال�شرك ��ات التجارية‪ ،‬اجلزء الأول النظرية العامة لل�شركات و�شرك ��ات الأ�شخا�ص‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة ‪� ،1992 ،‬ص ‪.102‬‬
‫– ‪(4) P. Voirin et G. Goubeaux, Droit civil, Introduction au droit, Personne – Famille, Personnes protégées, Biens‬‬
‫‪Obligations, Sûretés, 35e éd., L.G.D.J Lextenso, 35e éd., 2015, p. 97 et s.‬‬

‫‪245‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫القانونية للكيان الذي لي�س له وجود ج�سدي �أو مادي �إىل مرتبة الو�ضع القانوين‪.‬‬
‫وال جدال فـي �أن نفـي ارتباط فكرة ال�شخ�صية القانونية بالإن�سان‪ ،‬وما يرتتب على ذلك‬
‫من �إمكانية �إ�ضافة �شخ�صية قانونية اعتبارية �أو بتعبري �أدق �شخ�صية قانونية افرتا�ضية‬
‫جدي ��دة لكائ ��ن جديد‪ ،‬ميه ��د الطريق نح ��و التعرف عل ��ى طبيعة وخ�صو�صي ��ة احلقوق‬
‫والواجبات املتعلقة بهذه ال�شخ�صية اجلديدة‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يطرح الت�سا�ؤل نف�سه حول ما‬
‫�إذا كان من املمكن �أن ي�ستوعب مفهوم ال�شخ�صية القانونية كيانات الذكاء اال�صطناعي‬
‫وخا�ص ��ة الذكاء اال�صطناعي القوي �أو امل�ستقل‪ .‬وجن ��د بالتايل من ال�ضروري �أن نعر�ض‬
‫للطبيعة القانونية لل�شخ�صية القانونية االعتبارية‪ ،‬وتنوع الأ�شخا�ص االعتبارية‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ -‬الطبيعة القانونية للشخص االعتباري‪:‬‬
‫�صاح ��ب ظه ��ور مفه ��وم ال�شخ�صي ��ة املعنوي ��ة ‪� ،la personnalité morale‬صعوب ��ات‬
‫وتعقي ��دات تتعلق بتحديد هذا املفهوم؛ حيث كان هناك �ص ��راع بني نظريتني رئي�سيتني‪،‬‬
‫انق�س ��م بينهما الفقه القانوين ب�ي�ن ُم�ؤيدي نظرية املجاز �أو االفرتا�ض القانوين ‪la thèse‬‬
‫‪ ،de la fiction‬والت ��ي مبوجبه ��ا لي�ست ال�شخ�صية االعتباري ��ة ‪ -‬العتبارها جمموعة من‬
‫الأ�شخا�ص الطبيعيني �شخ�ص ًا معنو ًيا ‪� -‬سوى حيلة‪ ،‬وبني ُم�ؤيدي نظرية الواقع �أو احلقيقة‬
‫القانوني ��ة ‪ ، la thèse de la réalité‬الذي ��ن يعت�ب�رون �أن املجموع ��ات تتمتع بوجود قانوين‬
‫حقيق ��ي ‪ ،existence juridique réelle‬بغ� ��ض النظر عن �أي قان ��ون(((‪ .‬وميكن القول �إنه‬
‫ورغ ��م ت�ضاد النظريتني من حيث البناء القان ��وين‪� ،‬إال �أنهما تنطلقان من بديهية واحدة‬
‫تتمث ��ل فـي ت�شبيه الكائن القانوين « املعنوي» بالكائن القانوين «الب�شري»‪ .‬من جانبها‪ ،‬ال‬
‫ت�ؤمن نظرية املج ��از �أو اخليال �إال بالكائن الب�شري حيث تعتربه هو ال�شخ�صية القانونية‬
‫احلقيقية‪ ،‬وما عداه ال ُيعد �شخ�ص ًا قانوني ًا �إال على �سبيل املجاز �أو اخليال‪ .‬وفـي املقابل‪،‬‬
‫تذهب نظرية احلقيقة �إىل �أن حقيقة ال�شخ�ص االعتباري �أو املعنوي متايل لدرجة �أقرب‬
‫للتطاب ��ق حقيق ��ة ال�شخ�ص الطبيع ��ي الب�شري(((‪ .‬ونعر� ��ض فيما يلي مل�ضم ��ون نظريات‬
‫ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬ثم نناق�ش تقييم هذه النظريات‪ ،‬وذلك على النحو التايل ‪:‬‬

‫‪(1) C. Albiges, Introduction au droit, Larcier, coll. Paradigme, 2e éd., 2015, p. 242 et s.‬‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 2‬من املقال‪.‬‬

‫‪246‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫‪ -1‬نظريات الشخصية القانونية االعتبارية ‪:‬‬


‫ن ��ادى الفقه القان ��وين بالعديد م ��ن النظريات فـ ��ي حماولة لتربير وج ��ود �شخ�صية‬
‫قانوني ��ة اعتبارية يتم منحها لكيان �آخر غري «ب�شري»‪� ،‬أي ‪ -‬فـي هذه احلالة ‪ -‬ملجموعة‪،‬‬
‫والت ��ي تقوم على �أ�سا�س خيال �أو حقيقة ‪ .une fiction ou une réalité‬ونعر�ض فيما يلي‬
‫ب�إيجاز للنظريات الفقهي ��ة التي قيلت فـي حتديد طبيعة ال�شخ�ص االعتباري لنقف على‬
‫م�ساهمتها فـي بناء املفهوم القانوين لل�شخ�صية القانونية االعتبارية‪.‬‬
‫نظرية املجاز أو االفتراض القانوني ‪:‬‬
‫ب ��ادئ ذي بدء‪ ،‬جت ��در الإ�ش ��ارة �إىل �أن الفقيه «�إهرجن ‪ »IHERING‬ع ��رف املجاز �أو‬
‫االفرتا�ض القانوين ب�أن ��ه « كذب فني تقت�ضيه ال�ضرورة»(((‪ ،‬ويقوم على �أ�سا�س افرتا�ض‬
‫�أم ��ر خمالف للحقيق ��ة‪ ،‬ويرتتب عليه تغيري حك ��م القانون دون تغي�ي�ر ن�صه‪ .‬وبال �شك‪،‬‬
‫ُيع ��د املجاز �أو االفرتا�ض القانوين و�سيلة هامة من و�سائل تطور القانون التي دعت �إليها‬
‫ال�ضرورات العملية(((‪.‬‬
‫يذه ��ب م�ؤيدو نظرية املجاز �أو االفرتا� ��ض القانوين‪� ،‬إىل �أن « الأ�شخا�ص» احلقيقيني‬
‫الوحيدي ��ن هم الب�ش ��ر ‪ ،les êtres humains‬ويعني ذلك �أن الإن�س ��ان وحده لديه القدرة‬
‫عل ��ى �أن يكون �شخ�ص ًا قانوني� � ًا ‪ un sujet de droits‬وبالتايل يتمتع ب�شخ�صية قانونية ‪la‬‬
‫‪ .personnalité juridique‬ووفق ًا لهذه النظرية‪ ،‬تفرت�ض ال�شخ�صية القانونية بال�ضرورة‬
‫وجود ًا ج�سدي ًا وع�ضوي ًا مبا يت�ضمنه من وجود بيولوجي وعقل و�أع�صاب وع�ضالت ت�سمح‬
‫باحلرك ��ة والتفكري والإرادة والتمييز والإدراك‪ ،‬وبالتايل ت�سمح بوجود الأهلية القانونية‪،‬‬
‫وال �ش ��ك �أن كل ذل ��ك من مكن ��ات وملكات ال تتواف ��ر �إال للإن�س ��ان(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ميكن‬
‫القول �إن ال�شخ�صية القانونية احلقيقية ال تثبت �إال للكائن الآدمي منظور ًا �إليه فـي ذاته‬
‫الفردي ��ة‪ .‬وت�أكي ��د ًا لهذا املعنى ذهب جانب م ��ن الفقه �إىل القول ب� ��أن الكائنات الآدمية‬
‫‪(1) Un mensonge technique consacré par nécessité‬‬
‫راج ��ع د‪� .‬أب ��و زيد عبد الباق ��ي م�صطفى‪ :‬االفرتا�ض ودوره فـي تط ��ور القانون‪ ،‬درا�سة نظرية وتطبيقية لفك ��رة االفرتا�ض القانوين‪،‬‬
‫مطبعة دار الت�أليف‪� ،1980 ،‬ص ‪.7‬‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد عبد الباقي م�صطفى‪ :‬االفرتا�ض ودوره فـي تطور القانون‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.7‬‬
‫((( د‪ .‬نعم ��ان حمم ��د خليل جمعة‪ :‬درو�س فـي املدخل للعلوم القانونية‪ ،‬دار النه�ضة العربي ��ة‪� ،1979 ،‬ص ‪ ،511‬د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪:‬‬
‫مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 3‬من املقال‪.‬‬
‫د‪� .‬سليمان �إبراهيم‪ :‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬جملة الدرا�سات االجتماعية واالقت�صادية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬يوليو ‪� ،2014‬ص ‪،1‬‬

‫‪247‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫ه ��ي الأ�شخا� ��ص فقط مبفهومها القان ��وين‪ ،‬ولها دون �سواها تتق ��رر احلقوق(((‪ .‬ويرتتب‬
‫على ذل ��ك‪� ،‬أن الكينونة الإن�سانية ترتبط بال�شخ�صية القانونية التي ت�صبح جمرد تعبري‬
‫قان ��وين عن اخل�صائ� ��ص التي تثبت للإن�سان باعتباره �إن�سان� � ًا‪ .‬وبالتايل‪ ،‬يعد االت�صاف‬
‫بالإن�ساني ��ة �شرط� � ًا كافي ًا للتمتع بال�شخ�صية؛ حيث يعترب كل بن ��ي الإن�سان �أ�شخا�ص ًا فـي‬
‫نظر القانون(((‪.‬‬
‫فـ ��ي املقاب ��ل‪ ،‬ي�ستطيع القان ��ون بوا�سطة االفرتا� ��ض واملجاز �إ�ضف ��اء �صفة ال�شخ�ص‬
‫القان ��وين عل ��ى حاالت معين ��ة ال تتوافر لها كل مقوم ��ات ال�شخ�صية‪ .‬وعل ��ى ذلك‪ ،‬تكون‬
‫ال�شخ�صي ��ة املعنوية �أو االعتبارية منح ��ة وهبة من امل�شرع قائمة على االفرتا�ض واخليال‬
‫القان ��وين « ‪ »Fiction Legale‬لأنه ��ا ال تعرب عن واقع موج ��ود فع ًال‪ .‬وال �شك �أن خلق �شيء‬
‫خمال ��ف للواقع يحت ��اج �إىل ن�ص قانوين �صري ��ح‪ ،‬ولذلك يكون على املُ�ش ��رع �أن ي�أذن �أو‬
‫ال ي� ��أذن ب�إن�ش ��اء «‪ »création‬كيان قان ��وين يعد مبثابة �شخ�ص اعتب ��اري جديد وحتديد‬
‫احلق ��وق املمنوح ��ة له(((‪ .‬وفـي هذا املعنى ي ��رى بع�ض الفقه �أن الإن�س ��ان وحده هو الذي‬
‫يكت�س ��ب ال�شخ�صية القانوني ��ة احلقيقية التي تكون ل�صيقة بوج ��وده احل�سي واجل�سدي‪،‬‬
‫ولكن من جهة �أخرى ف�إن امل�شرع عن طريق املجاز واخليال ُيخرج كائ ًنا من العدم ليقف‬
‫عل ��ى قدم امل�ساواة جنب ًا �إىل جنب مع الكائن ��ات احلقيقية‪ ،‬مبا يعني خيالية هذا الكائن‬
‫القان ��وين الذي يتمتع ‪ -‬بف�ضل الت�شريع ‪ -‬ب�شخ�صي ��ة قانونية جمازية لتلعب على م�سرح‬
‫احلي ��اة القانونية دور ًا جدي ��ر ًا باحلماية والرعاية(((‪ .‬وال �شك �أن ه ��ذا الوجود املجازي‬
‫لل�شخ�ص االعتباري ال يقوم على التحكم‪ ،‬و�إمنا يقوم على �أ�س�س مو�ضوعية‪.‬‬
‫نظرية احلقيقة القانونية‪:‬‬
‫وعل ��ى العك�س من النظري ��ة ال�سابقة‪ ،‬تذهب نظرية الواق ��ع �أو احلقيقة القانونية �إىل‬
‫�أن ال�شخ�صي ��ة القانونية متنح للإن�سان لي�س لأنه �إن�س ��ان ميتلك ج�سد ًا وروح ًا‪ ،‬فقد كان‬
‫للعبي ��د مثل ه ��ذا اجل�سد ومثل هذه الروح‪ ،‬ومع ذلك مل يت ��م االعرتاف لهم بال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة‪ ،‬بل ك ��ان الرقيق يعترب من « الأ�شياء « التي ميلكه ��ا ال�سيد‪ .‬وبنف�س املنطق‪ ،‬ال‬

‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 3‬من املقال‪.‬‬
‫((( د‪� .‬سليمان �إبراهيم‪ :‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪،3‬‬
‫‪(3)V. pour approfondir, P. Voirin et G. Goubeaux, op. cit.‬‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 3‬من املقال‪.‬‬

‫‪248‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫يتم من ��ح ال�شخ�صية القانونية للإن�سان لأنه ميتلك العق ��ل والتمييز والإرادة‪ ،‬فال جدال‬
‫�أن املجنون يفتقد هذه امللكات‪ ،‬ومع ذلك يعرتف له القانون بال�شخ�صية القانونية‪ .‬وعلى‬
‫ذل ��ك‪ ،‬ميكن القول �إن ال�شخ�صية القانونية هي ت�صوير من خلق القانون وتمُ نح للإن�سان‬
‫لأن ��ه كائن اجتماعي يحت ��اج فـي وجوده وممار�س ��ة ن�شاطه �إىل االع�ت�راف له باحلقوق‪،‬‬
‫يت�ض ��ح م ��ن ذلك �أن ال�شخ�صي ��ة القانونية تعد مبثابة عن�صر معن ��وي يتمثل الق�صد منه‬
‫فـ ��ي ت�سهيل التعامل فـي املجتمع‪ ،‬و�صفة ي�سبغها القانون على كائن معني حتى تلت�صق به‬
‫احلقوق والواجبات(((‪.‬‬
‫يت�ضح من منطق هذه النظرية‪� ،‬أن الإن�سان يمُ نح ال�شخ�صية القانونية بو�صفه �صاحب‬
‫م�صال ��ح وحق ��وق‪ .‬وقيا�س ًا على هذا املنطق‪ ،‬لي�س هناك ما مينع من �إ�ضفاء هذا الو�صف‬
‫القانوين �أو هذا الت�صوير املعنوي على �أي كائن اجتماعي طاملا كان له وجود حقيقي فـي‬
‫املجتمع‪ ،‬وطاملا كانت له م�صالح ذاتية جديرة باحلماية وجديرة باعتبارها حقوق ًا لهذا‬
‫الكائ ��ن(((‪ .‬وقد بدا لأن�صار ه ��ذه النظرية �أن اجلمعيات والهيئات الإن�سانية تعد كائنات‬
‫اجتماعية لها وجود مو�ضوعي وكينونة حقيقية تتماثل متام ًا مع الكائن الفرد(((‪ .‬ويرتتب‬
‫عل ��ى تبني هذا املفهوم �أن منح �أو حجب ال�شخ�صية القانونية ي�صبح رهن ًا مبح�ض �إرادة‬
‫امل�ش ��رع‪ ،‬دون الأخ ��ذ بعني االعتب ��ار لأمور غري قانوني ��ة؛ حيث ميك ��ن �أن ي�صبح �صاحب ًا‬
‫للحقوق‪ ،‬لي�س فقط الإن�سان‪ ،‬بل �أي �شيء �آخر �إذا قرر امل�شرع ذلك(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذلك‪ ،‬ف� ��إن جمموعات الأ�شخا� ��ص والأموال‪ ،‬الت ��ي تتكون وفق� � ًا لهيكل ُمنظم‬
‫‪� ،structure organisée‬سيك ��ون له ��ا م�صال ��ح ُمتميزة ع ��ن امل�صالح الفردي ��ة ‪intérêts‬‬
‫‪ distincts des intérêts individuels‬لكل �شخ�ص طبيعي تتكون منهم هذه املجموعات(((‪،‬‬
‫وه ��و الأم ��ر الذي ُي�ب�رر حقيقة �أن ه ��ذه املجموعات ت�ستفي ��د من وجود قان ��وين حقيقي‬
‫‪ .existence juridique réelle‬وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬ي ��رى �أن�ص ��ار نظرية احلقيق ��ة القانونية �أن‬
‫ال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة ت�صاح ��ب بال�ض ��رورة كل جماع ��ة �إن�سانية له ��ا م�صلحة جماعية‬

‫((( راج ��ع د‪ .‬حم ��دي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،274‬د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪.‬‬
‫مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 6‬من املقال‪.‬‬
‫((( د‪ .‬نعمان حممد خليل جمعة‪ :‬درو�س فـي املدخل للعلوم القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.214‬‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 11‬من املقال‪.‬‬
‫((( د‪� .‬سليمان �إبراهيم‪ :‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.6‬‬
‫‪(5) C. Albiges, op. cit.‬‬

‫‪249‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫جدي ��رة بحماية القانون وتتمتع بالإرادة التي ميكن التعب�ي�ر عنها بطريقة منظمة‪ .‬وفـي‬
‫ه ��ذا ال�ش�أن‪ ،‬يرى البع�ض �أن وج ��ود جماعة �إن�سانية ذات م�صلح ��ة جماعية وتتوافر لها‬
‫�إمكاني ��ة التعبري عن هذه امل�صلح ��ة‪ ،‬ال يعني بال�ضرورة �أن هذه اجلماعة ت�ستطيع الولوج‬
‫�إىل احلياة القانونية بطريقة تلقائية‪ ،‬لكنها حتتاج �إىل حكم تقريري �أو حكم مالءمة عن‬
‫طريق النظام القانوين �أو القانون الو�ضعي‪ .‬وميكن القول �إن امل�شرع لن مينح ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة « االعتبارية» ب�شكل حتكمي وفق ًا للأه ��واء‪ ،‬ولكنها �ستنجم عن ُمراعاة الواقع‬
‫ال ��ذي ت�شغله هذه اجلماع ��ة فـي الو�سط االجتماع ��ي‪ ،‬وبنا ًء على تقيي ��م للم�صلحة التي‬
‫متثلها ومدى مالءمة حمايتها عن طريق االعرتاف لها بال�شخ�صية القانونية(((‪.‬‬
‫نظرية الفن القانوني ‪:‬‬
‫نادى الفق ��ه الفرن�سي وعلى ر�أ�سه الأ�ست ��اذ «‪ »Leon Michoud‬بنظرية جديدة تعتمد‬
‫عل ��ى اجلانب الفن ��ي ملفهوم ال�شخ�صي ��ة القانونية‪ ،‬وق ��د هيمنت ه ��ذه النظرية وفر�ضت‬
‫وجودها على معظم الفقه املعا�صر(((‪ .‬وتذهب هذه النظرية �إىل جتريد مفهوم ال�شخ�صية‬
‫القانونية االعتباري ��ة من خمتلف االعتبارات واملعطي ��ات البيولوجية واالجتماعية‪ .‬وعلى‬
‫ذل ��ك‪ ،‬تهتم هذه النظرية باجلوانب القانونية فقط؛ حيث ت�ستبعد العوامل غري القانونية‬
‫�أي� � ًا كانت‪ ،‬وتعت�ب�ر ال�شخ�صية فكرة قانوني ��ة خال�صة لي�س لها �أ�س� ��س بيولوجية �أو نف�سية‬
‫وال ت�ستن ��د �إىل �أي �أفك ��ار اجتماعية �أو �أخالقية معينة‪ .‬يمُ كن تعريف ال�شخ�صية القانونية‬
‫‪ -‬وفق ًا لهذا الت�صور ‪ -‬على �أنها �صالحية اكت�ساب احلقوق والتحمل بااللتزامات وامل�شاركة‬
‫فـي احلياة القانونية‪ ،‬و�أن هذه ال�صالحية مينحها امل�شرع ابتغاء حتقيق �أهداف معينة(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬تعترب فك ��رة ال�شخ�صية القانونية جم ��رد و�سيلة قانونية وفني ��ة للتعبري عن‬
‫و�ض ��ع قان ��وين معني(((‪ .‬وال يهم فـي فقه ه ��ذه النظرية وجود اجل�سد �أو ال ��روح �أو الإرادة‬
‫باملفه ��وم الف�سيولوجي‪ ،‬و�إمنا يتمث ��ل حجر الزاوية فـي البناء القان ��وين �أو الفن القانوين‬

‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 11‬من املقال‪.‬‬
‫((( راجع فـي عر�ض النظرية د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة عني‬
‫�شم� ��س‪ ،‬ب ��دون تاريخ‪� ،‬ص ‪ ،276‬د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفه ��وم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 14‬من‬
‫املقال‪.‬‬
‫((( د‪� .‬سليمان �إبراهيم‪ :‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.5‬‬
‫((( راج ��ع د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ :‬مقدم ��ة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،276‬د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪:‬‬
‫مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 14‬من املقال‪.‬‬

‫‪250‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ملفهوم ال�شخ�صية االعتبارية فـي تلك املكنة �أو ال�صالحية لل�شخ�ص القانوين فـي لعب دور‬
‫حقيق ��ي على م�س ��رح احلياة القانونية‪ ،‬بحيث يكون قادر ًا عل ��ى �أن �صاحب حق «‪sujet de‬‬
‫‪� » droit‬أو مو�ضوع حق ميكن �أن يقع على عاتقه االلتزامات القانونية(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪ُ ،‬يعد ال�شخ�ص القانون ��ى‪ ،‬وفق ًا ملفهوم هذه النظري ��ة‪ ،‬كل كائن – �سواء‬
‫ك ��ان فرد ًا �أو جمموعة من الأفراد ‪� -‬صاحب م�صلحة م�شروعة ينه�ض القانون حلمايتها‬
‫ع ��ن طريق االعرتاف لها بق ��درة الإرادة التي متثلها وتدافع عنه ��ا‪ .‬يت�ضح من ذلك‪� ،‬أن‬
‫ه ��ذه النظرية تعتمد على توافر �شرطني يتمثل الأول فـي وجود م�صلحة م�شروعة جديرة‬
‫باحلماي ��ة‪ ،‬فـي ح�ي�ن يتمثل ال�شرط الآخر فـ ��ي �إرادة متثل هذه امل�صلح ��ة وتدافع عنها‪،‬‬
‫ميك ��ن ا�ستخال�صها من التنظيم القان ��وين(((‪ .‬وبتوافر هذين ال�شرط�ي�ن ي�صبح الكائن‬
‫القان ��وين �أه�ل ً�ا الكت�ساب احلق ��وق والتحمل بااللتزام ��ات‪ ،‬وي�ضفـي علي ��ه امل�شرع و�صف‬
‫ال�شخ�صية القانونية‪.‬‬
‫وال �ش ��ك �أن اعتب ��ار مفهوم ال�شخ�صي ��ة القانونية جمرد و�سيلة قانوني ��ة فنية للتعبري‬
‫ع ��ن و�ضع قان ��وين و�صالحيات قانونية معين ��ة‪ ،‬ي�صدق على كل م ��ن ال�شخ�ص الطبيعي‬
‫وال�شخ� ��ص االعتباري على ال�سواء‪ .‬من ناحية �أوىل‪ ،‬تع ��د ال�شخ�صية القانونية الطبيعية‬
‫للإن�س ��ان تعبري ًا عن مظاهر ونتائج انخراطه فـي جماعة منظمة من الناحية القانونية‪،‬‬
‫ويع ��د ذل ��ك �أمر ًا حتمي� � ًا لأفراد اجلماع ��ة لتتوافر لكل ف ��رد منهم الق ��درة وال�صالحية‬
‫ملمار�س ��ة احلياة القانوني ��ة مبا يعنيه ذلك م ��ن اكت�ساب احلقوق والتحم ��ل بااللتزامات‬
‫والق ��درة على ابرام الت�صرف القانونية‪ .‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬ال يثري مد نطاق ال�شخ�صية‬
‫القانونية ‪ -‬باعتبارها و�سيلة فنية قانونية ‪� -‬إىل غري الإن�سان �صعوبات �أو عقبات ج�سيمة؛‬
‫حي ��ث يقت�ضي تلبية حاجات تطور املجتم ��ع �إىل �ضرورة اعرتاف النظام القانوين لتجمع‬
‫الأموال والأ�شخا�ص بال�شخ�صية القانونية حتى يكون لهذا التجمع وجوده امل�ستقل وحياته‬
‫القانونية امل�ستقلة(((‪.‬‬
‫وجت ��در املالحظ ��ة �أن االعرتاف لل�شخ� ��ص االعتباري بال�شخ�صي ��ة القانونية ال يعني‬
‫متتعه بكاف ��ة احلقوق وال�صالحيات التي يتمتع بها ال�شخ�ص الطبيعي‪ .‬فمن نافلة القول‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 14‬من املقال‪.‬‬
‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 14‬من املقال‪.‬‬
‫((( د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.277‬‬

‫‪251‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫من ناحي ��ة �أوىل �أن الإن�سان ب�صفته الإن�سانية يتمتع بحقوق ال جتوز لغريه من الكائنات‪،‬‬
‫وم ��ن �أمثل ��ة هذه احلق ��وق احل�صرية للإن�س ��ان احلق ��وق الل�صيق ��ة بال�شخ�صية وحقوق‬
‫الأ�س ��رة واحلقوق ال�سيا�سية‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬ي�ستطيع الإن�سان بو�صفه مركز ًا للتنظيم‬
‫االجتماع ��ي �أن ميار� ��س �أن�شطة غري حم ��دودة‪ ،‬دون �أن يكون مقيد ًا فـ ��ي ممار�سته لهذه‬
‫الأن�شط ��ة �إال بح ��دود النظام الع ��ام والآداب العامة‪ .‬فـي املقاب ��ل‪ ،‬تنح�صر ال�صالحيات‬
‫القانوني ��ة لل�شخ�ص االعتب ��اري من ناحية �أوىل فـي احلدود الالزم ��ة لتحقيق الغر�ض �أو‬
‫الهدف املحدد الذي �أن�شئ من �أجله‪ .‬ومن ناحية ثانية‪ ،‬ي�ستطيع امل�شرع �صراحة �أن مينع‬
‫ال�شخ� ��ص االعتباري م ��ن ممار�سة وجه معني من �أوجه الن�ش ��اط �إذا قدر عدم �ضرورته‬
‫حتقيق ًا لأغرا�ض ال�شخ�ص االعتباري �أو خلطورته على ال�صالح العام(((‪.‬‬
‫وغن ��ي عن البيان‪� ،‬أخري ًا‪� ،‬أن ال�شخ�ص االعتباري يحت ��اج ً‬
‫�شخ�صا طبيع ًيا ليمثله فـي‬
‫ممار�س ��ة الن�شاط القانوين‪ ،‬على �أن تن�صرف �آثار الت�صرف ��ات والأعمال القانونية التي‬
‫يق ��وم بها هذا املمثل �إىل ال�شخ�ص االعتباري؛ حيث �إن هذا الأخري كوحدة م�ستقلة لي�س‬
‫له �إرادة حقيقية متكنه من الت�صرف لذاته بذاته(((‪.‬‬
‫‪ -2‬تقيمي نظريات الشخصية القانونية االعتبارية ‪:‬‬
‫ال �ش ��ك �أن مفهوم ال�شخ�ص فـي العلوم الطبيعي ��ة واالجتماعية يقت�صر على الإن�سان‬
‫دون غريه‪ ،‬ولكن فـي املقابل ين�صرف هذا املفهوم فـي علم القانون �إىل كل من كان �أه ًال‬
‫للتمت ��ع باحلق ��وق والتحمل بااللتزامات �سواء �أكان هذا ال�شخ� ��ص �إن�سان ًا �أو غري �إن�سان‪.‬‬
‫وعل ��ى ذلك‪ ،‬يعد �شخ�ص ًا فـ ��ي نظر القانون كل كائن طاملا ك ��ان �صاحل ًا للتمتع باحلقوق‬
‫والتحم ��ل بالواجب ��ات‪ .‬وبالتايل‪ ،‬مل يعد و�صف ال�شخ�صية القانوني ��ة حكر ًا على الإن�سان‬
‫الطبيع ��ي؛ حيث ميكن م ��د هذا الو�صف �إىل نطاق ��ات �أخرى‪ .‬وميكن الق ��ول �إن القانون‬
‫حينم ��ا مينح ال�شخ�صية القانونية �إمنا ي�ستجي ��ب ملتطلبات احلاجة االجتماعية هي التي‬
‫متلي على القانون منح ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬كما هو احلال فـي �ش�أن جمموعات الأموال‬
‫والأ�شخا�ص التي تطلبت �ضرورات احلياة االجتماعية منحها ال�شخ�صية القانونية(((‪.‬‬

‫((( د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.278‬‬
‫((( د‪ .‬حمدي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.278‬‬
‫((( راج ��ع د‪ .‬حم ��دي عبد الرحمن‪ :‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،276‬د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪:‬‬
‫مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 14‬من املقال‪.‬‬

‫‪252‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫وي ��رى البع�ض �أن �إ�ضف ��اء ال�شخ�صية القانونية كمفهوم قان ��وين على كائن اجتماعي‬
‫ي�ؤدي �إىل ميالد �شخ�ص قانوين‪ُ ،‬يعترب‪ ،‬بحكم قابليته للحياة االجتماعية‪ ،‬حم ًال لتنظيم‬
‫قانوين‪ ،‬وحتكمه جمموعة تنظيمية من القواعد القانونية‪ ،‬ويعد مبثابة بوتقة �أو باقة من‬
‫احلقوق ال�شخ�صية وااللتزامات وامل�سئوليات‪ .‬وي�ستطيع هذا الكائن القانوين �أن يتحرك‬
‫داخ ��ل النظ ��ام القانوين؛ حيث يتمكن م ��ن �إبرام العقود مع �أ�شخا� ��ص �آخرين و�أن يتمتع‬
‫بذمة مالية م�ستقلة ت�ستطيع مواجهة م�سئولياته والتزاماته‪ ،‬ويثبت له احلق فـي التقا�ضي‬
‫حلماية حقوقه(((‪.‬‬
‫موقف القانون الفرنسي ‪:‬‬
‫اتخ ��ذت حمكمة النق�ض الفرن�سية واملُ�شرع الفرن�س ��ي موقف ًا دقيق ًا ووا�ضح ًا من �أجل‬
‫حتدي ��د وتو�ضيح مفهوم «ال�شخ� ��ص االعتباري»‪ .‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن ه ��ذه الكيانات القانونية‬
‫التي مت منحها مركز الأ�شخا�ص االعتبارية تخ�ضع ملبد�أ التخ�ص�ص املرتبط بالغر�ض من‬
‫�إن�شائه ��ا‪ ،‬والذي ُيحدد جمال ونطاق ن�شاطها مع ت�سليط ال�ضوء على تنوع تلك الأن�شطة‪.‬‬
‫وفـ ��ي هذا ال�صدد‪ ،‬ميكن القول �إن حمكمة النق� ��ض الفرن�سية قد اختارت فـي �أول الأمر‬
‫وب�شك ��ل دقي ��ق اعتماد نظرية احليلة �أو املجاز �أو االفرتا� ��ض القانوين « ‪la théorie de la‬‬
‫‪ ،(((» fiction‬لكنه ��ا ف�ضل ��ت بع ��د ذلك وفـي مرحل ��ة الحقة �أن تتبع م�س ��ار ًا ونهج ًا واقعي ًا‬
‫«‪ » approche réaliste‬للبحث عن حل و�سط �أو ت�سوية ‪ .((( un compromis‬وفـي الواقع‪،‬‬
‫احتف ��ظ املُ�ش ��رع الفرن�سي ب ��دور مركزي فـي تكري� ��س االعرتاف بال�شخ�صي ��ة القانونية‬
‫االعتباري ��ة وه ��ذا‪ ،‬على وجه اخل�صو�ص ‪ ،‬من خالل حتديد تاريخ احل�صول على ‪la date‬‬
‫‪ d’acquisition‬تلك ال�شخ�صية‪.‬‬
‫ون�ش�ي�ر على وجه اخل�صو�ص �إىل احلكم ال�صادر عن حمكمة النق�ض الدائرة املدنية‬
‫فـي ‪ 25‬يوليو ‪ ،1933‬والتي مبوجبها ذهبت املحكمة �إىل �أنه ومبوجب االفرتا�ض القانوين‬
‫فـ ��ي القانون اخلا� ��ص ‪ُ ،fiction du droit privé‬تعترب ال�شركات التجارية «�شركات تتمتع‬
‫ال�شركاء الذي ��ن ُي�ؤلفونها»‪.‬‬ ‫ب�شخ�صي ��ة ُمتمي ��زة ‪ personnalité distincte‬ع ��ن �شخ�صية ُ‬

‫((( د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ :‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 23‬من املقال‪.‬‬
‫((( انظر على وجه اخل�صو�ص ‪ ،‬احلكم ال�صادر عن حمكمة النق�ض الدائرة املدنية فـي ‪ 25‬يوليو ‪، 1933‬‬
‫‪Cass. Civ., 25 juil. 1933, DP, 1936, 1, p. 121, selon lequel : « en vertu d’une fiction du droit privé, les sociétés‬‬
‫‪de commerce sont réputées jouir d’une personnalité distincte de celle des associés qui les composent ».‬‬
‫‪(3) C. Albiges, Introduction au droit, Larcier, coll. Paradigme, 2e éd., 2015, p. 242 et s.‬‬

‫‪253‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫وعلى هذا النحو‪ ،‬تتمتع ال�شركات بال�شخ�صية القانونية «االعتبارية» ُمنذ حلظة ت�سجيلها‬
‫‪ ، immatriculation‬وه ��ذا مبوج ��ب �أحك ��ام امل ��ادة ‪ 1842‬من القانون امل ��دين الفرن�سي‬
‫( فيم ��ا يتعل ��ق بال�شرك ��ات املدني ��ة ‪ ) les sociétés civiles‬وامل ��ادة ‪ 6-210‬الفقرة ‪ 1‬من‬
‫القان ��ون التجاري (املُتعلقة بال�شركات التجاري ��ة ‪ ،)les sociétés commerciales‬واملادة‬
‫‪ 1842‬من القانون املدين التي تق�ضي ب�أنه ‪« :‬تتمتع ال�شركات غري ال�شركات املُ�ساهمة ‪les‬‬
‫‪ sociétés en participation‬املُ�شار �إليها فـي الف�صل الثالث تتمتع بال�شخ�صية االعتبارية‬
‫‪ُ la personnalité morale‬من ��ذ حلظ ��ة ت�سجيله ��ا»(((‪ .‬وتق�ضي امل ��ادة ‪ 6-210‬الفقرة ‪1‬‬
‫�أن ��ه‪« :‬تتمتع ال�شرك ��ات التجارية بال�شخ�صية االعتبارية اعتب ��ار ًا من تاريخ ت�سجيلها فـي‬
‫�سجل التجارة وال�شركات ‪ .((( » registre du commerce et des sociétés‬وفـي حالة تعذر‬
‫ذلك‪ ،‬ال يمُ كن تعيني �شخ�صية قانونية للمجموعة ‪.groupement‬‬
‫وجت� � ُدر الإ�ش ��ارة فـ ��ي ه ��ذا ال�ص ��دد‪� ،‬إىل �أن املُ�ش ��رع الفرن�س ��ي‪ ،‬وذلك عل ��ى عك�س‬
‫االجته ��ادات الق�ضائية والفقهي ��ة‪ ،‬يعترب �أن ال�شخ�صية االعتباري ��ة هي افرتا�ض قانوين‬
‫‪ une fiction‬و�أن ��ه بالت ��ايل ُحر فـي منحه ��ا �أو رف�ض منحها تل ��ك ال�شخ�صية(((‪ .‬وعالوة‬
‫عل ��ى ذلك‪ ،‬توجد نف�س احلرية �أي�ض ًا فيما يتعلق بتال�ش ��ي �أو انتهاء ال�شخ�صية القانونية‬
‫للأ�شخا�ص االعتبارية(((‪.‬‬
‫موقف القانون املصري ‪:‬‬
‫ا�ستلزم القانون امل�صري تدخل امل�شرع ملنح ال�شخ�صية القانونية االعتبارية لأي جتمع‬
‫�س ��واء كان جتم ��ع �أ�شخا�ص �أو جتمع �أموال‪ .‬يتمثل �شكل هذا التدخل فـي �إحدى �صورتني‪،‬‬
‫الأوىل ما ي�سمى بـ «االعرتاف العام»‪ ،‬بينما الثانية ُتعرف بـ «االعرتاف اخلا�ص»‪ .‬وميكن‬
‫الق ��ول �إن االعرتاف العام يتحقق عن طريق و�ض ��ع امل�شرع ل�شروط عامة م�سبقة‪ ،‬يرتتب‬
‫على توافر هذه ال�شروط اكت�ساب و�صف ال�شخ�صية القانونية دون تدخل خا�ص من جانب‬
‫امل�ش ��رع‪ .‬فـي املقاب ��ل‪ ،‬قد ي�ستلزم امل�شرع �صدور ترخي�ص خا� ��ص فـي كل حالة على حدة‬
‫بحيث ال يتم �إ�ضفاء و�صف ال�شخ�صية القانونية لتجمع معني �إال ب�صدور هذا الرتخي�ص‪،‬‬
‫والذي ُيعرف باالعرتاف اخلا�ص‪.‬‬
‫‪(1) Art. 1842 du Code civil : « Les sociétés autres que les sociétés en participation visées au chapitre III jouissent de‬‬
‫‪la personnalité morale à compter de leur immatriculation ».‬‬
‫‪(2) Art. L. 210-6 al. 1er : « Les sociétés commerciales jouissent de la personnalité morale à dater de leur immatricu-‬‬
‫‪lation au registre du commerce et des sociétés ».‬‬
‫‪(3) R. Libchaber, Réalité ou fiction ? Une nouvelle querelle de la personnalité est pour demain : RTD civ. 2003, 166.‬‬
‫‪(4) V. pour approfondir, P. Malinvaud, Introduction à l’étude du droit, LexisNexis, 15e éd., 2015, p. 270.‬‬

‫‪254‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫وجدي ��ر بالذك ��ر �أن امل�شرع امل�صري قد جعل االعرتاف الع ��ام مبثابة القاعدة العامة‬
‫بالن�سبة ملنح ال�شخ�صية القانونية للدولة واملحافظات واملدن والقرى والأوقاف وال�شركات‬
‫واجلمعيات وامل�ؤ�س�سات اخلا�صة(((‪ .‬وفـي املقابل‪ ،‬ا�ستلزم امل�شرع االعرتاف اخلا�ص فيما‬
‫عدا ذلك و�ضرورة �صدور ترخي�ص خا�ص ملنح ال�شخ�صية القانونية االعتبارية‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬تنوع األشخاص االعتبارية ‪:‬‬
‫غن ��ي ع ��ن البيان �أن القان ��ون مينح مكان ًا ُمهم ًا ج ��د ًا ملفهوم ال�شخ�صي ��ة االعتبارية؛‬
‫حيث يتم التمييز بني الأ�شخا�ص االعتبارية العامة « ‪Les personnes morales de droit‬‬
‫ال�سلطات املحلية‪ ،‬على �سبيل املثال‬ ‫‪ ،» public‬من جهة �أوىل‪ ،‬والتي ت�شمل الدولة ومخُ تلف ُ‬
‫املناطق واملحافظات والإدارات والبلديات وبع�ض امل�ؤ�س�سات العامة التي تقوم ب�أداء مهمة‬
‫خدمة عامة من جانب‪ ،‬وب�ي�ن الأ�شخا�ص االعتبارية اخلا�صة « ‪personnes morales de‬‬
‫‪ ،»droit privé Les‬م ��ن جه ��ة ثانية‪ ،‬والتي يجب �أن ن�ضع متيي� � ًزا فرع ًيا فيما بينها‪ ،‬من‬
‫ناحية‪ ،‬بني ال�شركات الهادفة للربح‪ ،‬ومن ناحية �أخرى‪ ،‬اجلمعيات « ‪،» associations les‬‬
‫�أي املجموعات ذات الغر�ض غري الربحي(((‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬حتى لو كان من الناحية‬
‫النظري ��ة‪ ،‬يجب و�ضع جميع الأ�شخا�ص االعتبارية اخلا�صة فـي �إحدى هاتني الفئتني‪� ،‬إال‬
‫�أن ه ��ذا الت�صنيف غري ُمنا�سب فـي بع� ��ض الأحيان‪ ،‬ورمبا �سيكون من الأكرث دقة اعتبار‬
‫�أن بع�ض الكيان ��ات ُي�شكلون فئة و�سيطة (((‪constituant une catégorie intermédiaire‬‬
‫مثل اجلمعيات التعاونية «‪.»les coopératives‬‬
‫وانطالق� � ًا م ��ن القيا� ��س على ذل ��ك‪ ،‬واتباع نظري ��ة املج ��از �أو االفرتا� ��ض القانوين‪،‬‬
‫�سي� ��ؤدي ذل ��ك �إىل ا�ستنتاج مفاده �أنه م ��ن �أجل �أن يكون لها وج ��ود ب�شكل قانوين‪ ،‬يجب‬
‫((( تن�ص املادة ( ‪ ) 52‬من القانون املدين امل�صري على �أن الأ�شخا�ص االعتبارية هي ‪:‬‬
‫‪ -1‬الدولة وكذلك املديريات واملدن والقرى بال�شروط التي يحددها القانون‪ ،‬والإدارات وامل�صالح‪ ..‬وغريها من املن�ش�آت العامة‬
‫التي مينحها القانون �شخ�صية اعتبارية‪.‬‬
‫‪ -2‬الهيئات والطوائف الدينية التي تعرتف لها الدولة ب�شخ�صية اعتبارية‪.‬‬
‫‪ -3‬الأوقاف‪.‬‬
‫‪ -4‬ال�شركات التجارية واملدنية‪.‬‬
‫‪ -5‬اجلمعيات وامل�ؤ�س�سات واملن�ش�آت وفق ًا للأحكام التي �سي�أتي بيانها‪.‬‬
‫‪ -6‬كل جمموعة من الأ�شخا�ص والأموال تثبت لها ال�شخ�صية االعتبارية مبقت�ضى ن�ص القانون‪.‬‬
‫‪(2) V. pour approfondir, C. Albiges, Introduction au droit, Larcier, Paradigme, 2e éd., 2015, p. 242 – 243.‬‬
‫‪(3) V. en ce sens, P. Voirin et G. Goubeaux, Droit civil, Introduction au droit, Personne – Famille, Personnes proté-‬‬
‫‪gées, Biens – Obligations, Sûretés, 35e éd., L.G.D.J Lextenso, 35e éd., 2015, p. 98 - 99.‬‬

‫‪255‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫�صنع القرار ب�شكل ُح ��ر» مو�ضوع اعرتاف ت�شريعي«‪reconnaissance‬‬


‫�أن تك ��ون «روبوتات ُ‬
‫‪ ،»législative‬ويعن ��ي ذلك �أنه يجب �أن يتم االعرتاف الت�شريعي بها‪ ،‬حيث يمُ كن لل ُم�شرع‬
‫فقط �إعطاء م�ضمو ًنا لالعرتاف ب�أهميتها‪ .‬فـي املقابل‪ ،‬ومن ناحية �أخرى‪� ،‬إذا ما ف�ضلنا‬
‫عليه ��ا نظرية الواق ��ع �أو احلقيقة القانوني ��ة ‪ ، la théorie de la réalité‬ف� ��إن وجود و�ضع‬
‫قان ��وين خا� ��ص بالروبوت ��ات «الذكية واملُ�ستقل ��ة» مل ُيعد يعتمد على االع�ت�راف ال�صريح‬
‫‪ ،reconnaissance expresse‬ولكن �سيتم ا�ستنتاجه من التحقق منها و�إثبات وجودها ‪leur‬‬
‫‪ .((( présence‬وبعب ��ارة �أخرى‪ ،‬فـي حال �أ�صبحت الروبوتات « ُحرة فـي �صنع القرارات»‪،‬‬
‫ف� ��إن ُمراعاة خ�صائ�صها يمُ ك ��ن �أن ت�ؤدي �إىل ترقية و�ضعها القانوين ‪élévation de leur‬‬
‫‪.statut juridique‬‬
‫م ��ن �أجل ترقية حُمتمله للو�ض ��ع القانوين للروبوتات الذكية‪ ،‬ن�ستطي ��ع القول �إنه فـي‬
‫حالة ا�ستلهامنا من الت�صنيف القانوين للأ�شخا�ص االعتبارية‪ ،‬يمُ كننا �أن نتخيل التمييز‬
‫بني ال�شخ�صي ��ة الروبوتية املنزلية «‪ »domestique‬من ناحية‪ ،‬وبني ال�شخ�صية الروبوتية‬
‫ال�صناعية « ‪ » industrielle‬من ناحية �أخرى‪ .‬وعلى امل�ستوى العملي التطبيقي �أو الواقعي‪،‬‬
‫يعني ه ��ذا‪ ،‬على �سبيل املثال‪ ،‬التمييز بني ال�سيارات املُ�ستقل ��ة ذاتية القيادة والروبوتات‬
‫ال�صناعي ��ة‪ .‬ومن خ�ل�ال هذا التمييز‪� ،‬سيك ��ون من املُمكن ُمراع ��اة الذكاء اال�صطناعي‬
‫«الق ��وي» ال ��ذي �سيتم جتهي ��ز بع�ض الروبوت ��ات به‪ ،‬من �أج ��ل تكييف النظ ��ام القانوين‬
‫وحتقي ��ق و�ض ��وح ‪ une lisibilité‬فيما يتعل ��ق ب�إ�شكالية �إ�سناد امل�سئولي ��ة‪ .‬وال �شك �أن هذه‬
‫الفئ ��ات من الكائنات الذكية �ستجد فـي امل�ستقبل القريب مكان ًا حيوي ًا فـي �شتى جماالت‬
‫حياتنا املعا�صرة وذلك كنتيجة حتمية لتقدم التكنولوجيا وتنوع امل�صالح الب�شرية‪ .‬و�أمام‬
‫هذا الواقع للكيانات املزودة بالذكاء اال�صطناعي‪ ،‬والتي �سيتعني �أو لن يتعني على املُ�شرع‬
‫تكري�سها‪ ،‬من �أجل تلبية االحتياجات القانونية‪.‬‬

‫‪(1) B. Beignier, C. Bléry et A.-L. Thomat-Raynaud, Introduction au droit, L.G.D.J Lextenso, 4e éd, 2014, p. 254.‬‬

‫‪256‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫املبحث الثاني‬
‫عدم توافق النظام القانوني التقليدي‬
‫مع خصوصية الروبوتات الذكية‬
‫ال �ش ��ك �أن الروبوتات ال تدخل �ضمن ت�صني ��ف الب�شر وال �ضمن ت�صنيف احليوانات‪.‬‬
‫ونظ ��ر ًا ملا تتمتع به من ا�ستقاللية فـي اتخاذ الق ��رارات وبف�ضل ما لديها من حرية عمل‬
‫ن�سبي ��ة بف�ضل الذكاء اال�صطناعي القوي ال ��ذي �سيتم تزويدها به‪ ،‬من املُحتمل �أن ُتطور‬
‫�شخ�صي ��ة ا�صطناعي ��ة ‪ُ personnalité artificielle‬معين ��ة مث ��ل الأ�شخا� ��ص االعتبارية‪.‬‬
‫وت�سم ��ح فك ��رة ال�شخ�صي ��ة االعتباري ��ة ‪ La personnalité morale‬ب� ��أن يت ��م االعرتاف‬
‫لأ�شخا�ص افرتا�ضية ‪ »personnes» virtuelles‬بحقوق والتزامات والتي جتعلهم م�شابهني‬
‫من الناحية العملية للأ�شخا�ص الطبيعيني ‪ . personnes physiques‬ويعترب التمتع بذمة‬
‫مالية ‪ ،un patrimoine‬واحل�صول على تعوي�ض عن ال�ضرر �أمثلة على ذلك‪ ،‬ويعترب �أي�ض ًا‬
‫ذات �أهمي ��ة ُمبا�ش ��رة للروبوتات فـي حال ��ة منحهم حقو ًقا والتزام ��ات خا�صة ‪droits et‬‬
‫‪.obligations spécifiques‬‬
‫ال ج ��دال �أن تقنيات الذكاء اال�صطناعي احلالية مل ت�صل بعد �إىل درجة التطور التي‬
‫جتع ��ل م ��ن الروبوتات الذكية م�ستقل ��ة متام ًا فـي اتخ ��اذ القرار مبا ي�سم ��ح بتقبل فكرة‬
‫االع�ت�راف للروبوت بال�شخ�صي ��ة القانونية‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ت�أرجح موق ��ف امل�شرع الأوروبي‬
‫بني اجتاهني خمتلفني؛ حيث �شدد الربملان الأوروبي فـي مرحلة �أوىل‪ ،‬فـي قراره ال�صادر‬
‫بتاريخ ‪ 16‬فرباير ‪ 2017‬ب�إ�ص ��دار قواعد القانون املدين الأوروبي ب�ش�أن الروبوتات‪ ،‬على‬
‫�أن ا�ستقاللية الروبوتات الذكية و�أنظمة الذكاء اال�صطناعي تثري الت�سا�ؤل حول طبيعتها‬
‫القانوني ��ة ومكانتها بني الفئات القانونية احلالي ��ة‪ ،‬وما �إذا كان من ال�ضروري �إن�شاء فئة‬
‫قانونية جديدة تتفق مع خ�صو�صيتها و�سماتها اخلا�صة‪ .‬وذهب امل�شرع الأوروبي مبقت�ضى‬
‫هذه القواعد �إىل �إخ ��راج الذكاء اال�صطناعي والروبوتات الذكية من فئة الأ�شياء‪ ،‬حيث‬
‫تبنى نظرية النائب الإن�ساين امل�سئول عن �أنظمة الذكاء اال�صطناعي والروبوت بدي ًال عن‬
‫فكرة احلرا�س ��ة القانونية التقليدية‪ .‬وفـي مرحلة الحقة‪� ،‬أكد امل�شرع الأوروبي فـي قراره‬
‫ال�ص ��ادر بتاري ��خ ‪� 20‬أكتوبر ع ��ام ‪ 2020‬على �أنه ال توجد حاجة �أو �ض ��رورة �إىل مراجعة‬
‫كامل ��ة لأنظمة امل�سئولي ��ة‪ ،‬ولي�س هناك داع لالعرتاف للذك ��اء اال�صطناعي بال�شخ�صية‬

‫‪257‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫القانوني ��ة؛ حي ��ث ميك ��ن االكتفاء ب�إدخ ��ال تعديالت حم ��ددة ومنا�سبة ب�شك ��ل يت�سق مع‬
‫الت�شريع ��ات احلالي ��ة للم�سئولية املدنية وب�صفة خا�صة عل ��ى القواعد املنظمة للم�سئولية‬
‫عن املنتج ��ات املعيبة‪ ،‬بهدف تكييفها مع خ�صو�صيات الذك ��اء اال�صطناعي‪ .‬وعلى ذلك‬
‫يت�ضح �أن توجه امل�شرع الأوروبي فـي قراره ال�صادر عام ‪ 2020‬يختلف عن قراره ال�سابق‬
‫�صدوره عام ‪ 2017‬ب�ش�أن قواعد القانون املدين الأوروبي للروبوتات‪.‬‬
‫وغن ��ي عن البيان �أن التو�صي ��ات التي ي�صدرها الربملان الأورب ��ي لي�ست ملزمة لدول‬
‫االحت ��اد الأوربي‪ ،‬ولكنها تو�صيات عامة غري ملزمة لل ��دول الأع�ضاء ا�ست�شراف ًا مل�ستقبل‬
‫الذك ��اء اال�صطناع ��ي ال ��ذي غزا خمتلف مناح ��ي احلي ��اة املعا�صرة‪ .‬وق ��د ت�سببت هذه‬
‫التو�صي ��ات املت�ضارب ��ة فـي �إحداث ج ��دل قانوين عميق وتباين املواق ��ف بني الفقهاء فـي‬
‫�أوربا‪ .‬من جانبه انق�سم الفقه القانوين حول هذه الفكرة املبتكرة‪ ،‬حيث يقف البع�ض فـي‬
‫جانب االع�ت�راف بال�شخ�صية القانونية اخلا�ص ��ة ‪personnalité juridique spécifique‬‬
‫للروبوت ��ات الذكية(((‪ ،‬نظر ًا لأن هذا االع�ت�راف �سي�سمح لها باكت�ساب احلقوق القانونية‬
‫وممُ ار�سته ��ا‪ ،‬وحتديد الكيان ‪� l’entité‬صاحب تلك احلق ��وق(((‪ .‬وعلى عك�س ذلك‪ ،‬جند‬
‫فـ ��ي املقاب ��ل �أن جانب ًا �آخر من الفقه ال ي�شارك الفري ��ق الأول هذا االعتقاد‪ ،‬حيث يعتنق‬
‫ر�أي� � ًا مخُ تلف ًا مفاده �أن هذا اخليال فـي النظر �إىل الروبوتات الذكية واعتبارها على قدم‬
‫املُ�س ��اواة تقريب� � ًا مع الب�شر �سيكون �أم ��ر ًا خطري ًا ولن ُيلبي �أي احتياج ��ات اجتماعية(((‪.‬‬
‫ويب ��دو لن ��ا من املنا�س ��ب �أن نت�أمل هذا النقا� ��ش الفقهي اجلدير باالهتم ��ام فـي حماولة‬
‫للإجاب ��ة عن الت�سا�ؤل حول �إمكانية �إ�سناد احلقوق �إىل الروبوتات‪ ،‬مبا يجعل من املُ َر َجح‬
‫�أن يمُ ه ��د املُحي ��ط بظه ��ور ال�شخ�ص القان ��وين‪ .‬ونو�ضح فيم ��ا يلي م�ضم ��ون التوجيهات‬
‫الأوروبية ب�ش�أن حتديد الطبيعة القانونية للذكاء اال�صطناعي ( املطلب الأول )‪ .‬ونعر�ض‬
‫بع ��د ذلك للجدال الفقه ��ي الذي �أثارته فكرة منح ال�شخ�صي ��ة القانونية لكيانات الذكاء‬
‫اال�صطناعي ب�صفة عامة والروبوتات الذكية ب�صفة خا�صة((((املطلب الثاين)‪.‬‬

‫‪(1) A. BENSOUSSAN « les robots ont-ils une personnalité ? » Planète Robots, n°19, février 2013.‬‬
‫‪(2) A. BENSOUSSAN Droit des Robots Larcier 2015.‬‬
‫‪(3) G. LOISEAU et M. BOURGEOIS, Du robot en droit à un droit des robots, La Semaine Juridique Edition Gé-‬‬
‫‪nérale n°48, 24 novembre 2014BENSOUSSAN Droit des Robots Larcier 2015.‬‬
‫((( د‪ .‬عم ��رو طه بدوي حممد‪ :‬النظام القان ��وين للروبوتات الذكية‪ ،‬املزودة بتقنية الذكاء اال�صطناعي (الإمارات العربية املتحدة‬
‫ك�أمن ��وذج)‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارنة لقواعد القانون املدين للروبوتات ال�صادرة عن االحتاد الأوربي �سنة ‪ ،2017‬وم�شروع ميثاق‬
‫�أخالقيات الروبوت الكوري‪ ،‬جملة الدرا�سات القانونية واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة القاهرة‪.2020 ،‬‬

‫‪258‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫املطلب األول‬
‫تأرجح موقف املشرع األوروبي‬
‫بشأن الطبيعة القانونية للروبوتات الذكية‬
‫�أ�ص ��در الربملان الأوروبي بتاريخ ‪ 16‬فرباير عام ‪ 2017‬قرار ًا يطلب فيه من املفو�ضية‬
‫الأوربي ��ة ومقرها بروك�سل �أن تقدم اقرتاح ًا ب�ش�أن قواع ��د القانون املدين للروبوتات(((‪،‬‬
‫وذل ��ك من �أجل ا�ستحداث �إطار قانوين خا�ص ينظم امل�سئولية املدنية لأنظمة الروبوتات‬
‫الذكي ��ة التي تتمت ��ع با�ستقالل ميكنه ��ا من اتخاذ الق ��رارات بحرية‪ .‬وفـي ه ��ذا ال�ش�أن‪،‬‬
‫دع ��ا امل�شرع الأورب ��ي املفو�ضية الأوربي ��ة �إىل م�سايرة التطور الهائ ��ل لتكنولوجيا الذكاء‬
‫اال�صطناعي واالعرتاف فـي امل�ستقب ��ل للروبوتات امل�ستقلة القادرة على اتخاذ القرارات‬
‫بحرية وت�ستطي ��ع التفاعل ب�شكل م�ستقل مع الغري ب�شخ�صية قانونية خا�صة(((‪ ،‬والتعامل‬
‫معه ��ا ك�أ�شخا� ��ص قانونية الكرتونية م�سئولة ع ��ن �إحداث �أي �ضرر ق ��د يت�سببون فيه(((‪.‬‬
‫وميك ��ن الق ��ول �إن امل�شرع الأوروبي مل ين ��ا ِد مبنح الذكاء اال�صطناع ��ي �شخ�صية قانونية‬
‫كاملة‪ ،‬كذلك اقت�صرت التو�صية التي �أ�صدرها الربملان الأوربي فـي عام ‪ 2017‬على منح‬
‫ال�شخ�صي ��ة القانونية للذكاء اال�صطناعي القوي وامل�ستقل الذي يعتمد على �آليات التعلم‬
‫العميق ( الفرع الأول )‪.‬‬
‫م ��ن جانب �آخر‪ ،‬وافق الربمل ��ان الأوروبي فـي ‪� 20‬أكتوبر ع ��ام ‪ 2020‬على قرار جديد‬
‫يخال ��ف القرار ال�صادر فـ ��ي فرباير ‪2017‬؛ حيث يت�ضمن تو�صي ��ات جديدة موجهة �إىل‬
‫املفو�ضي ��ة الأوروبي ��ة بهدف حتديد نظ ��ام وا�ضح ومتنا�س ��ق للم�سئولي ��ة املدنية فـي دول‬
‫االحتاد الأوروبي تعمل على تطوير تقنيات الذكاء اال�صطناعي واملنتجات واخلدمات التي‬
‫ت�ستفي ��د منها‪ ،‬وتهدف �إىل توفري ا�ستقرار قانوين ملنتج ��ي وم�شغلي الذكاء اال�صطناعي‬
‫وكذل ��ك �ضحايا الأ�ض ��رار املحتملة التي قد يت�سب ��ب فيها‪ .‬و�أكد الربمل ��ان الأوروبي‪ ،‬فـي‬

‫((( ) د‪ .‬هم ��ام القو�صي‪ ،‬نظري ��ة ال�شخ�صية االفرتا�ضية للروبوت وف ��ق املنهج الإن�ساين‪ ،‬درا�سة ت�أ�صيلي ��ة حتليلية ا�ست�شرافية فـي‬
‫القانون املدين الكويتي والأوروبي‪ ،‬جملة جيل للأبحاث القانونية املعمقة‪ ،‬العدد ‪� 35‬سبتمرب ‪� ،2019‬ص ‪.20‬‬
‫((( ) د‪ .‬حمم ��ود ح�س ��ن ال�سحل ��ي‪� ،‬أ�سا�س امل�ساءلة املدني ��ة للذكاء اال�صطناعي امل�ستق ��ل‪ ،‬قوالب تقليدية �أم ر�ؤي ��ة جديدة ؟‪ ،‬جملة‬
‫احلقوق للبحوث القانونية واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة الإ�سكندرية‪ ،‬املجلد ‪ ،20200.2‬العدد ‪ ،1‬يوليو‪� ،2022 ،‬ص ‪.113‬‬
‫((( ) د‪ .‬مه ��ا رم�ض ��ان حمم ��د بطي ��خ‪ ،‬امل�سئولية املدنية ع ��ن �أ�ضرار �أنظم ��ة الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬درا�سة حتليلي ��ة مقارنة‪ ،‬املجلة‬
‫القانونية‪ ،‬جملة متخ�ص�صة فـي الدرا�سات والبحوث القانونية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة عني �شم�س‪� ،2021 ،‬ص ‪.1550‬‬

‫‪259‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫الق ��رار ال�ص ��ادر فـي ‪ ،2020‬على �أن ��ه لي�س هناك من حاج ��ة �إىل مراجعة كاملة لأنظمة‬
‫امل�سئولية التي تعمل ب�شكل جيد و�أنه لي�س من ال�ضروري منح �أنظمة الذكاء اال�صطناعي‬
‫�شخ�صية قانونية ( الفرع الثاين )‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي مبقتضى قواعد القانون‬
‫املدني األوروبي للروبوتات ‪2017‬‬
‫ميكن القول �إن املفو�ضية الأوروبية ‪ Commission européenne‬اختارت نهج ُمتوازن ًا‬
‫وفق� � ًا للم�صطلح ��ات التي ق ��د اتخذتها‪ ،‬وذلك فـ ��ي م�شروع تقريرها ال ��ذي يحتوي على‬
‫تو�صي ��ات �إىل جلنة قواعد القانون املدين‪ ،‬ب�ش� ��أن الروبوتات بتاريخ ‪ 31‬مايو ‪ .2016‬وقد‬
‫اقرتحت جلنة ال�شئون القانونية فـي الربملان الأوروبي(((‪� ،‬إن�شاء �شخ�صية قانونية خا�صة‬
‫بالروبوت ��ات ‪ ،une personnalité juridique spécifique‬بحي ��ث يمُ كن اعتبار الروبوتات‬
‫املُ�ستقل ��ة ذاتي ��ة احلرك ��ة الأك�ث�ر تط ��ور ًا ‪ les plus sophistiqués‬على الأق ��ل �أ�شخا�ص ًا‬
‫�إلكرتوني�ي�ن لهم حقوق وواجبات حُمددة‪ ،‬مبا فـي ذلك احلق فـي التعوي�ض عن �أي �ضرر‬
‫يلحق بالغري‪.‬‬
‫وقد �سعى الربملان الأوروبي �إىل �سن قواعد قانونية تنظم الطبيعة القانونية للروبوتات‬
‫الذكية من خ�ل�ال حتديد �أو�ضاعها القانونية؛ حيث ناق� ��ش املقرتحات والتو�صيات حول‬
‫م ��ا �إذا كان ��ت تعد �شخ�ص� � ًا طبيعي� � ًا �أو اعتباري� � ًا �أو تدرج �ضم ��ن فئة الأ�شي ��اء �أو تعامل‬
‫بنف� ��س معاملة احليوانات فـي القانون‪� ،‬أم �أن الأم ��ور ت�ستدعي �إن�شاء فئة قانونية جديدة‬
‫بجان ��ب نوعي ال�شخ�صية القانوني ��ة ( الطبيعية واالعتبارية )‪ ،‬يطلق عليها ( ال�شخ�صية‬
‫الإلكرتوني ��ة )‪ .‬وميكن القول �إن طبيعة الروبوتات الذكية امل�ستقلة هي التي ر�سمت �شكل‬
‫وحدود ال�شخ�صية القانونية الإلكرتونية؛ حيث ي�صعب ت�صور �أن تكون �شخ�صية اعتبارية‬
‫بنف�س مفهوم ال�شخ�صية االعتبارية لل�شركات واجلمعيات‪ ،‬نظر ًا لتمتع الروبوتات الذكية‬
‫املتقدم ��ة باال�ستقاللي ��ة والقدرة الذاتي ��ة على التفاع ��ل مع الآخري ��ن وامتالك خربات‬
‫مكت�سب ��ة نتيجة القدرة على التعلم الذاتي‪ ،‬مما ي�ستلزم االعرتاف لهذا الكيان القانوين‬
‫بال�شخ�صي ��ة القانونية من خالل �إن�شاء فئ ��ة قانونية جديدة ( ال�شخ�صية الإلكرتونية )‪،‬‬
‫تكون م�سئولة عن �إ�صالح �أي �ضرر قد ت�سببه للآخرين(((‪.‬‬
‫‪(1) La commission des affaires juridiques du Parlement européen.‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.114‬‬

‫‪260‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬يمُ ك ��ن �أن ُيعترب �شخ�ص �إلك�ت�روين �أي روب ��وت يتخذ ق ��رارات ُم�ستقلة‬
‫بطريقة ذكية �أو يتفاعل ب�شكل ُم�ستقل مع الغري‪ .‬وقد اقرتحت جلنة ال�شئون القانونية فـي‬
‫الربملان الأوروب ��ي �إعطاء الذكاء اال�صطناعي ال�شخ�صي ��ة الإلكرتونية ‪la personnalité‬‬
‫‪ .((( électronique‬وجدي ��ر بالذك ��ر �أن االع�ت�راف بال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة اجلدي ��دة ال‬
‫ي�ش�ت�رط توافر قدر من الوعي يجب �أن تتمتع ب ��ه الروبوتات الذكية‪ ،‬حيث �إنها �شخ�صية‬
‫وظيفي ��ة‪ ،‬غر�ضها تلبي ��ة �أهداف عملية وت�شغيلي ��ة يتمثل �أهمها فـ ��ي �أن تكون الروبوتات‬
‫الذكي ��ة م�سئولة عن �أفعالها(((‪ .‬ويت�ضح من خالل الدع ��وة �إىل مثل هذا االختيار البديل‬
‫للقان ��ون التقلي ��دي‪� ،‬أن اللجنة قد تبنت موقف ًا توافقي ًا م ��ن �أجل التوفيق بني االختالفات‬
‫فـ ��ي الر�أي حول الو�ض ��ع القانوين للذك ��اء اال�صطناعي‪ .‬ويرى جانب م ��ن الفقه �أن هذا‬
‫احل ��ذر القانوين فـي مواجهة التكنولوجيا التي من غري املمكن فهمها و�إدراكها‪ ،‬ال يمُ كن‬
‫�إال �أن ُيبطئ االعرتاف احلتمي بال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ .‬وقد مت اعتماد‬
‫امل�ش ��روع من قبل الربملان الأوروبي فـي ‪ 16‬فرباير ‪ 2017‬ولكن القرار ُي�شري �إىل احلاجة‬
‫�إىل �إن�شاء نظام �أوروبي «لت�سجيل الروبوتات املُتقدمة» ‪d’immatriculation des robots‬‬
‫‪ ... avancés‬فـي �سجل على �أ�سا�س معايري معينة للت�صنيف؛ حيث �أكد الربملان الأوروبي‬
‫عل ��ى �ض ��رورة ت�سجي ��ل الروبوتات الذكي ��ة فـي �سجل خا� ��ص بناء على املعاي�ي�ر املعتمدة‬
‫لت�صنيف الروبوتات من قبل وكالة االحتاد الأوروبي للروبوتات والذكاء اال�صطناعي(((‪.‬‬
‫وق ��د �ص ��درت الن�صو�ص املعتمدة لقواع ��د القانون املدين الأوروبي ب�ش� ��أن الروبوتات‬
‫الذكية فـي اجتاه �إن�شاء فئة جديدة حتت م�سمى ( ال�شخ�صية الإلكرتونية )‪ ،‬ا�ستناد ًا �إىل‬
‫ا�ستقاللية الروبوتات الذكية وطبيعتها العملية التي تعد ال�سمة البارزة ملنحها ال�شخ�صية‬
‫القانونية واالع�ت�راف لها مبيزات هذه ال�شخ�صية القانونية كاملوطن واجلن�سية والأهلية‬
‫والذم ��ة املالي ��ة‪ ،‬وغري ذلك م ��ن اخل�صائ�ص والآث ��ار املرتتبة على اكت�س ��اب ال�شخ�صية‬
‫القانونية‪ .‬و�أ�صدر الربملان الأوروبي جمموعة من ال�ضوابط املحددة لل�شخ�صية القانونية‬
‫الإلكرتونية؛ حيث �أوجب �أن يكون لكل روبوت ذكي �شخ�صية �إلكرتونية ذات رقم ت�سل�سلي‬
‫‪(1) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪(3) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪261‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫يحت ��وي على اال�سم واللقب والرق ��م التعريفي‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل العلب ��ة ال�سرية ال�سوداء �أو‬
‫(ال�صندوق الأ�سود)‪ ،‬التي يتوافر به كافة املعلومات �أو البيانات عن الروبوت الذكي(((‪.‬‬
‫يدعم تقرير جمل�س ال�شيوخ الفرن�سي ‪ français rapport du Sénat‬املُ�ؤرخ‬ ‫من جانبه‪ُ ،‬‬
‫‪ 27‬نوفم�ب�ر ‪� « 2017‬إن�ش ��اء و�ضع قان ��وين فريد وخا� ��ص» ‪statut juridique sui generis‬‬
‫للأ�شخا� ��ص الإلكرتونيني‪ .‬و ُيعترب هذا اخليار فـي ُمواجه ��ة ال�شخ�صية القانونية باملعنى‬
‫خا�صا لأن ��ه ي�ضع امل�سئولية عن ال�ض ��رر الناجم عن‬ ‫ال�ضي ��ق والدقيق للم�صطل ��ح خيا ًرا ً‬
‫الذك ��اء اال�صطناعي على «القائم على عملية التعلي ��م ‪ »maître d’apprentissage‬ولي�س‬
‫عل ��ى اجله ��از �أو الآل ��ة‪ ،‬وذلك لأن الروب ��وت ال يمُ كنه حتمل امل�سئولية ع ��ن ذلك ال�ضرر‪.‬‬
‫و ُت�سل ��ط ه ��ذه املُالحظة من قب ��ل جمل�س ال�شيوخ ال�ض ��وء على الو�ض ��ع ال�صعب ‪difficile‬‬
‫‪ positionnement‬لالحت ��اد الأوروب ��ي فيم ��ا يتعل ��ق بالتكنولوجي ��ا التي ق ��د بد�أنا بالكاد‬
‫فهمها‪ .‬وهذا ما ُيف�س ��ره الو�ضع القانوين الفريد اخلا�ص ‪statut juridique sui généris‬‬
‫لل�شخ�صية الإلكرتونية للذكاء اال�صطناعي(((‪.‬‬
‫مم ��ا ال �شك فيه �أن ق ��رار الربملان الأوربي ال�صادر فـ ��ي ‪ 16‬فرباير عام ‪ 2017‬ب�ش�أن‬
‫« قواع ��د القان ��ون امل ��دين ب�ش� ��أن الروبوت ��ات ‪»Règles de droit civil sur la robotique‬‬
‫يمُ ث ��ل ابتكار ًا حقيقي ًا فـي هذا املجال‪ .‬وق ��د ت�ساءل الربملان الأوروبي عما �إذا كان تطوير‬
‫روبوت ��ات ُم�ستقل ��ة ذاتي ��ة احلركة ب�شك ��ل ُمتزايد وقادرة عل ��ى التعلم الذات ��ي ‪capables‬‬
‫‪ d’autoapprentissage‬ال يتطل ��ب �إع ��ادة التفك�ي�ر فـي امل�سئولية املدني ��ة فـي الروبوتات‪.‬‬
‫ووفق� � ًا للن�ص ال ��ذي مت الت�صويت علي ��ه‪ ،‬ال يمُ كن �أن يك ��ون الإطار القان ��وين املعمول به‬
‫حالي� � ًا كافي ًا لتغطي ��ة ال�ضرر الناجم عن اجلي ��ل اجلديد من الروبوت ��ات‪ ،‬لأنه �س ُي�صبح‬
‫م ��ن املُ�ستحيل �إ�سن ��اد امل�سئولية �إىل �إن�س ��ان‪ .‬ويرجع ذلك �إىل حقيق ��ة �أن قدرات اجليل‬
‫اجلدي ��د من الروبوتات املتط ��ورة �سيرتتب عليها قدر معني من ع ��دم القدرة على التنب�ؤ‬
‫فـي �سلوكهم؛ نظر ًا لأن هذه الروبوتات �ستتعلم ‪ -‬ب�شكل ُم�ستقل ‪ -‬من جتاربهم اخلا�صة‪،‬‬
‫وه ��ذا التعلم �سيتفاوت من روبوت �إىل �آخر‪ ،‬وق ��د تتفاعل مع بيئتها بطريقة فريدة وغري‬

‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ :‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪(2) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪262‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ُمتوقعة نتيجة ما تتمتع به من تقنية الذكاء اال�صطناعي القوي‪ .‬وعلى ذلك‪� ،‬شجع الربملان‬
‫املفو�ضي ��ة الأوروبي ��ة ‪ la Commission européenne‬على تقييم احلل ��ول التي يقرتحها‬
‫ل�ضم ��ان تعوي�ض ال�ضحايا‪� ،‬أي �إدخال نظ ��ام ت�أمني �إلزامي �أو �إن�شاء �صندوق للتعوي�ضات‬
‫‪.((( création d’un fonds de compensation‬‬
‫و ُي�ؤكد القرار ال�صادر من الربملان الأوروبي فـي ‪ 16‬فرباير عام ‪� 2017‬أنه كلما كان‬
‫الروب ��وت �أك�ث�ر ا�ستقاللية وذاتية احلركة‪ ،‬قل اعتباره ك ُمج ��رد �أداة ب�سيطة يتم التحكم‬
‫فيه ��ا ‪ simple outil contrôlé‬م ��ن خالل جه ��ات فاعلة �أخرى ( مث ��ل ال�شركة املُ�صنعة‬
‫واملُ�شغ ��ل واملال ��ك واملُ�ستخ ��دم‪� ... ،‬إلخ‪ ،).‬وعلى ذل ��ك‪ ،‬ف�إن ا�ستقاللي ��ة الروبوتات ُتثري‬
‫م�س�أل ��ة طبيعتها فـي �ضوء الفئ ��ات القانونية القائمة �أو احلاجة ال�ضرورية �إىل �إن�شاء فئة‬
‫جدي ��دة لها خ�صائ�صها الذاتية و�آثارها اخلا�صة‪ .‬وق ��د عرف امل�شرع الأوروبي املق�صود‬
‫با�ستقاللي ��ة الروبوت‪ ،‬وذلك فـي الفقرة ( ‪ ) AA‬من القرار امل�شار �إليه‪ ،‬حيث ن�ص على‬
‫�أنه ��ا ‪ « :‬القدرة على اتخاذ الق ��رارات وتنفيذها فـي العامل اخلارجي‪ ،‬ب�شكل م�ستقل عن‬
‫ال�سيط ��رة �أو الت�أث�ي�ر اخلارج ��ي‪ ،‬فـي حني �أن ه ��ذه اال�ستقاللية ذات طبيع ��ة تكنولوجية‬
‫بحت ��ة وتعتم ��د درجتها على مدى تط ��ور تفاعل الروبوت مع بيئت ��ه»(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يبدو‬
‫�أن ذل ��ك الق ��رار يعني �أن درج ��ة اال�ستقاللية وذاتية احلركة ت�ؤث ��ران ب�شكل ُمبا�شر على‬
‫طبيع ��ة الروب ��وت‪ ،‬والذي ُيعترب �أكرث من مجُ رد �شيء ب�سي ��ط‪ .‬ومن خالل اقرتاح حتويل‬
‫الروب ��وت �إىل �شخ�ص قان ��وين حقيقي ‪ ،véritable sujet de droit‬ف� ��إن القرار يدعو �إىل‬
‫�إع ��ادة النظر فـي الركائ ��ز الأ�سا�سية للقانون التي هي ‪ :‬التمييز بني الأ�شخا�ص والأ�شياء‬
‫‪ ،les personnes et les choses‬والتميي ��ز بني الأ�شخا�ص القانونية والأ�شياء القانونية ‪les‬‬
‫‪.((( sujets et les objets de droit‬‬
‫وميكن القول �إن امل�شرع الأوروبي ق�صد من هذا القرار �إيجاد نظام مبتكر للم�سئولية‬
‫‪(1) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOSSIER‬‬
‫‪, Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( د‪ .‬حم�س ��ن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ض ��رار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ر�سالة دكتوراه‪� ،‬أكادميية‬
‫�شرطة دبي‪ ،‬الإمارات العربية املتحدة‪� ،2022 ،‬ص ‪.159‬‬
‫‪(3) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOSSIER‬‬
‫‪, Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬

‫‪263‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫املدني ��ة للروبوت ��ات وتقني ��ات الذك ��اء اال�صطناع ��ي التي تتمت ��ع با�ستقاللية فـ ��ي اتخاذ‬
‫الق ��رارات‪ .‬وق ��د �شدد قرار الربملان الأوروب ��ي ال�صادر فـي ‪ 2017‬ب�ش� ��أن قواعد القانون‬
‫املدين للروبوتات على �أن ا�ستقاللية هذه التقنيات تبعدها عن كونها �شي ًئا �أو �آلة ب�سيطة‬
‫فـ ��ي يد الب�شر‪ ،‬و�أنه فـ ��ي �إطار القانون احلايل ال ميكن حتمي ��ل الروبوتات امل�سئولية عن‬
‫الأ�ض ��رار‪ ،‬وبالت ��ايل يكون امل�سئول هنا هو ( النائب الإن�س ��اين ) املتمثل فـي امل�صنعني �أو‬
‫امل�شغل�ي�ن �أو املالكني �أو امل�ستخدمني الذين يتحملون امل�سئولية كاملة عن �أفعال الروبوت‪.‬‬
‫وال �ش ��ك �أن امل�شرع الأوروبي قد �أخرج الروبوت ��ات من عداد الأ�شياء واجلمادات‪ ،‬ودليل‬
‫ذلك �أنه و�صف الإن�سان امل�سئول عن الروبوت والذكاء اال�صطناعي (بالنائب الإن�ساين)‬
‫ومل ي�ستخ ��دم م�صطل ��ح ( احلار� ��س ) املتع ��ارف عليه فـ ��ي جمال امل�سئولي ��ة عن الآالت‬
‫امليكانيكي ��ة �أو الأ�شي ��اء التي تتطل ��ب حرا�ستها عناية خا�صة �أو فـي جم ��ال امل�سئولية عن‬
‫احلي ��وان(((‪ .‬وق ��د فر�ض الربمل ��ان الأوروبي عبء امل�سئولي ��ة عن الأ�ضرار الت ��ي ي�سببها‬
‫الروبوت الذكي على هذا ( النائب الإن�ساين )‪ ،‬ذلك لعدم �إمكانية فر�ضها على الروبوت‬
‫والذكاء اال�صطناعي فـي �ضوء القواعد القانونية ال�سارية(((‪.‬‬

‫((( د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.161‬‬
‫((( د‪ .‬هم ��ام القو�ص ��ي‪� :‬إ�شكالي ��ة ال�شخ�ص امل�سئول ع ��ن ت�شغيل الروبوت‪ ،‬ت�أث�ي�ر نظرية النائب الإن�ساين على ج ��دوى القانون فـي‬
‫امل�ستقب ��ل‪ ،‬درا�س ��ة حتليلية ا�ست�شرافية فـي قواع ��د القانون املدين الأوروبي اخلا�ص بالروبوتات‪ ،‬جمل ��ة جيل الأبحاث القانونية‬
‫املعمقة‪ ،‬العدد ‪ ،25‬مايو ‪� ،2018‬ص ‪ ،84‬د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.161‬‬

‫‪264‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الفرع الثاني‬
‫الطبيعة القانونية للذكاء االصطناعي مبقتضى قرار البرملان‬
‫األوروبي الصادر عام ‪ 2020‬بشأن املسئولية املدنية للذكاء االصطناعي‬
‫تبن ��ى الربمل ��ان الأوروب ��ي فـ ��ي ‪� 20‬أكتوبر ع ��ام ‪ 2020‬ق ��رار ًا يت�ضم ��ن تو�صيات �إىل‬
‫املفو�ضي ��ة الأوروبي ��ة �أكد فيه ��ا على �ض ��رورة حتديد نظ ��ام متنا�سق للم�سئولي ��ة املدنية‬
‫للذك ��اء اال�صطناع ��ي‪ .‬وقد �أقر امل�ش ��رع الأوروبي فـي هذا القرار �إمكاني ��ة اعتبار الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي من قبيل املنتجات‪ ،‬ونادى ب�ضرورة حتديث وتطوير ت�شريعات دول االحتاد‬
‫الأوروبي اخلا�صة بامل�سئولية عن املنتجات املعيبة بحيث ميتد تعريف ( املنتجات ) لي�شمل‬
‫الذك ��اء اال�صطناعي‪ .‬ويعني ذلك‪ ،‬تو�سعة مفهوم املنتج فـي القوانني اخلا�صة بامل�سئولية‬
‫ع ��ن املنتجات املعيبة مب ��ا يواكب خ�صو�صي ��ة وا�ستقاللية تقنيات الذك ��اء اال�صطناعي‪،‬‬
‫وبالت ��ايل جعل جميع الأ�شخا�ص الفاعلني فـ ��ي �سل�سلة �أنظمة الذكاء اال�صطناعي بجميع‬
‫�أنواعه ��ا م�سئولني ع ��ن تعوي�ض الأ�ضرار التي قد ت�سببها هذه الأنظمة(((‪ .‬وهذا ما �أكدته‬
‫الفق ��رة ( ‪ ) 7‬م ��ن قرار الربملان الأوروبي امل�شار �إلي ��ه؛ حيث قررت �أنه مع عدم الو�ضوح‬
‫واال�ستقاللي ��ة فـي �أنظمة الذكاء اال�صطناع ��ي‪� ،‬أ�صبح من ال�صعب �أو رمبا من امل�ستحيل‬
‫�أن يت ��م تتب ��ع الأفع ��ال ال�ضارة النا�شئ ��ة من �أنظمة الذك ��اء اال�صطناع ��ي و�إ�سنادها �إىل‬
‫�أ�شخا�ص معينني من العنا�صر الب�شرية الفاعلة �أو �إ�سنادها �إىل �أ�سباب تعود �إىل ت�صميم‬
‫ه ��ذه الأنظم ��ة‪ .‬وبناء على ذل ��ك‪ ،‬ميكن جتاوز هذه ال�صعوبات فـ ��ي حتديد امل�سئول عن‬
‫ال�ض ��رر‪ ،‬وذلك وفق ًا ملفاهي ��م امل�سئولية املقبولة على نطاق وا�س ��ع فـي القوانني الوطنية‬
‫لالحت ��اد الأوروب ��ي‪ ،‬عن طريق جع ��ل جميع الأ�شخا� ��ص املختلفني الفاعلني فـ ��ي �سل�سلة‬
‫�أنظم ��ة الذكاء اال�صطناعي واملخاط ��ر املرتبطة بها‪ ،‬م�سئولني عن تعوي�ض الأ�ضرار التي‬
‫تقع للغري ب�سببها(((‪.‬‬
‫وعلى ذلك‪ ،‬ميكن القول �إن التوجه اجلديد للربملان الأوروبي يذهب �إىل عدم احلاجة‬
‫�إىل �إن�ش ��اء فئ ��ة قانونية جدي ��دة �أو االعرتاف للروبوت ��ات الذكية بال�شخ�صي ��ة القانونية‬

‫((( د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.176‬‬
‫((( انظر الفقرة ( ‪ ) 7‬من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م ب�ش�أن نظام امل�سئولية املدنية للذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.176‬‬

‫‪265‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫وه ��ذا ما يخالف التوجه الذي �سب ��ق �أن نادى به امل�شرع الأوروبي فـي القرار ال�صادر فـي‬
‫‪ 16‬فرباي ��ر ‪ .2017‬وفـي ه ��ذا ال�سياق‪� ،‬أكد امل�شرع الأوروبي فـ ��ي القرار ال�صادر فـي ‪20‬‬
‫�أكتوب ��ر ‪� 2020‬أن هدف �أي �إطار قانوين للم�سئولية املدنية موجه نحو امل�ستقبل هو توفري‬
‫اال�ستق ��رار القان ��وين جلميع الأطراف �سواء املُن ِت ��ج‪� ،‬أو املُ�شغل �أو امل�ض ��رور �أو �أي طرف‬
‫�أخر؛ حيث يتعني على هذا الإطار القانوين �أن ير�سخ الثقة فـي �سالمة وموثوقية وات�ساق‬
‫املنتج ��ات واخلدمات مبا فـي ذلك التكنولوجيا الرقمي ��ة‪ ،‬و�أن يعمل على حتقيق التوازن‬
‫بكفاءة وب�شكل عادل بني حماية ال�ضحايا املحتملني لل�ضرر من ناحية �أوىل‪ ،‬وبني �ضرورة‬
‫امل�ساع ��دة فـي بن ��اء الثقة وحتقيق اال�ستقرار الالزم لال�ستثم ��ار من خالل �إتاحة ف�سحة‬
‫كافي ��ة لتمك�ي�ن امل�ؤ�س�سات املعنية م ��ن تطوير تقنيات �أو منتج ��ات �أو خدمات جديدة من‬
‫ناحية �أخرى(((‪.‬‬
‫من جانبها‪ ،‬اعتربت الفقرة ( ‪ ) 8‬من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر عام ‪� 2020‬أن‬
‫قواعد امل�سئولية املدنية عن املنتجات املعيبة والتي �أقرها التوجيه الأوروبي ال�صادر عام‬
‫‪ 1985‬م‪ ،‬والت ��ي تبنته ��ا دول االحت ��اد الأوروبي فـي ت�شريعاتها الوطني ��ة‪ ،‬قد �أثبتت وعلى‬
‫م ��دار �أكرث م ��ن ‪ 30‬عام ًا �أنها و�سيلة فعالة للح�صول عل ��ى تعوي�ض عن الأ�ضرار الناجمة‬
‫ع ��ن املنتجات املعيب ��ة‪ .‬ول�ضمان احلماي ��ة الفعالة للم�ستهل ��ك‪ ،‬ف�إن ه ��ذه القواعد يلزم‬
‫مراجعتها لتتكيف مع العامل الرقمي حتى تكون قادرة على ا�ستيعاب وجمابهة التحديات‬
‫الت ��ي تفر�ضها التقني ��ات الرقمية احلديث ��ة والنا�شئة عن الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬وت�سمح‬
‫�أي�ض� � ًا بتغطية التطورات التكنولوجية امل�ستقبلية‪ .‬وفـي هذا االجتاه‪� ،‬أكد امل�شرع الأوروبي‬
‫عل ��ى �ضرورة تعري ��ف ( املنتجات ) بحيث يت ��م حتديد ما �إذا كان الذك ��اء اال�صطناعي‬
‫يدخ ��ل �ضمن نطاقها‪ ،‬مع �ضرورة تكييف عدد م ��ن املفاهيم مثل ( ال�ضرر ) و( العيب)‬
‫و( املُن َت ��ج )‪ ،‬وم ��ن ناحي ��ة �أخرى يج ��ب �أن ي�شمل مفه ��وم ( املُن ِتج ) ك َّال م ��ن امل�صنعني‬
‫واملطورين واملربجم�ي�ن ومقدمي اخلدمات وم�شغلي الواجه ��ة اخللفية والأمامية للذكاء‬
‫اال�صطناعي(((‪.‬‬

‫((( انظ ��ر الفق ��رة ( ‪ ) A‬والفقرة (‪ ) B‬من قرار الربملان الأوروبي ال�ص ��ادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م ب�ش�أن نظام امل�سئولية املدنية‬
‫للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع‬
‫�سابق‪� ،‬ص ‪.177‬‬
‫((( انظر الفقرة ( ‪ ) 8‬من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م ب�ش�أن نظام امل�سئولية املدنية للذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.178‬‬

‫‪266‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫يت�ض ��ح مما �سبق �أن امل�ش ��رع الأوروبي فـي قراره ال�صادر بتاري ��خ ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م‬
‫ق ��د تراج ��ع وتخلى عن التوجه ال�ساب ��ق الذي كان قد اعتمده فـي ق ��راره ال�صادر فـي ‪16‬‬
‫فرباي ��ر ‪ 2017‬م‪ ،‬عندما ابتدع م�صطلح ًا قانوني ًا جدي ��د ًا وتبنى نظرية النائب الإن�ساين‬
‫الت ��ي تفرت�ض وجود نيابة قانونية بني الروبوت املزود بالذكاء اال�صطناعي وبني الإن�سان‬
‫( ال�صان ��ع – امل�شغل – املال ��ك – امل�ستخدم ) الذي يتحمل م�سئولي ��ة تعوي�ض الأ�ضرار‬
‫النا�شئ ��ة عن �أفعال الروبوت الذكي‪ .‬وكان القرار ال�صادر عام ‪ 2017‬قد �أكد عدم كفاية‬
‫الإط ��ار القانوين لقواع ��د امل�سئولية التقليدية‪ ،‬ومنح الذك ��اء اال�صطناعي منزلة قانونية‬
‫خا�ص ��ة؛ حي ��ث �إن ا�ستقالليتها تثري الت�سا�ؤل ح ��ول طبيعتها فـي �ض ��وء الفئات القانونية‬
‫احلالي ��ة‪ ،‬وما �إذا ك ��ان ينبغي �إن�شاء فئة جدي ��دة لها �سماتها اخلا�ص ��ة التي تتنا�سب مع‬
‫ذاتية الأنظمة الذكية(((‪.‬‬
‫م ��ن ناحية �أخرى‪ ،‬حدد قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م نطاق‬
‫تطبيقه على �أي ن�شاط مادي �أو افرتا�ضي ي�سببه الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ويلحق �ضرر ًا بالغري‬
‫�أو �أي اتف ��اق بني م�شغل نظ ��ام الذكاء اال�صطناعي و�شخ�ص طبيع ��ي �أو اعتباري تعر�ض‬
‫ل�ضرر ب�سبب نظام الذكاء اال�صطناعي‪ .‬ويتبني من ذلك �أن امل�شرع الأوروبي قام ب�ضبط‬
‫امل�صطلح ��ات ب�شكل وا�ضح‪ ،‬حيث اقت�صر عل ��ى م�صطلح ( الذكاء اال�صطناعي ) فقط‪،‬‬
‫دون �إيراد �أية م�صطلحات �أخرى مثل‪ ( :‬الروبوت ) �أو ( الروبوت الذكي ) �أو ( الأنظمة‬
‫الذكية )‪ .‬وعرف امل�شرع الأوروبي م�صطلح الذكاء اال�صطناعي ب�أنه ‪ « :‬نظام يعتمد على‬
‫الربجميات �أو م�ضمن فـي الأجهزة‪ ،‬ويعر�ض �سلوك حماكاة الذكاء بجملة �أمور من بينها‬
‫جم ��ع البيانات ومعاجلته ��ا‪ ،‬وحتليل وتف�سري بيئتها‪ ،‬واتخاذ �إج ��راءات بدرجة معينة من‬
‫اال�ستقاللية‪ ،‬لتحقي ��ق �أهداف حمددة»(((‪ .‬و�أو�ضح ه ��ذا التعريف اخل�صائ�ص املتفردة‬
‫للذك ��اء اال�صطناعي فـي �أن له درجة م ��ن اال�ستقاللية‪ ،‬مبا يعني �أن �سلوك النظام مقيد‬
‫وم�ستهدف لتحقيق الهدف الذي �أعطي له‪ ،‬وخيارات الت�صميم الأخرى ذات ال�صلة التي‬
‫اتخذها مطور هذا النظام(((‪.‬‬
‫((( د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 171‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( انظر املادة ( ‪ ) A-3‬من الف�صل الأول الأحكام العامة من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م ب�ش�أن نظام‬
‫امل�سئولي ��ة املدني ��ة للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬د‪ .‬حم�سن حمم ��د حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ض ��رار النا�شئة عن الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.174‬‬
‫((( انظر املادة ( ‪ ) B-3‬من الف�صل الأول الأحكام العامة من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬م ب�ش�أن نظام‬
‫امل�سئولي ��ة املدني ��ة للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬د‪ .‬حم�سن حمم ��د حم�سن اخلباين‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ض ��رار النا�شئة عن الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪267‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫ويتبني �أن مفهوم اال�ستقاللية الذي تبناه امل�شرع الأوروبي بالقرار ال�صادر عام ‪،2020‬‬
‫يعت�ب�ر �أ�ضيق من مفهوم اال�ستقاللية الوارد فـي ق ��رار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪16‬‬
‫فرباي ��ر ‪ 2017‬ب�ش� ��أن قواعد القانون املدين للروبوتات والذي يح ��دد اال�ستقاللية ب�أنها ‪:‬‬
‫« القدرة على اتخاذ القرارات وتنفيذها فـي العامل اخلارجي‪ ،‬ب�شكل م�ستقل عن ال�سيطرة‬
‫�أو الت�أث�ي�ر اخلارجي‪ ،‬فـي حني �أن هذه اال�ستقاللية ذات طبيعة تكنولوجية بحتة‪ ،‬وتعتمد‬
‫درجته ��ا على مدى تطور تفاع ��ل الروبوت مع بيئته»(((‪ .‬ومت تقييد ه ��ذه اال�ستقاللية فـي‬
‫الق ��رار ال�صادر فـي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬ب� ��أن تكون وفق ًا ل�سلوك مقيد لتحقيق هدف حمدد‬
‫م�سبق ًا للنظام من قبل مطوري نظام الذكاء اال�صطناعي(((‪.‬‬
‫و�أخ�ي�ر ًا‪ ،‬جت ��در املالحظ ��ة �أن امل�ش ��رع الأوروبي عندم ��ا تراجع فـي الق ��رار ال�صادر‬
‫فـ ��ي ‪� 20‬أكتوبر ‪ 2020‬ع ��ن فكرة منح ال�شخ�صي ��ة القانونية للروبوتات امل ��زودة بالذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬وعاد العتناق فكرة كفاية القواعد العامة للم�سئولية التق�صريية وامل�سئولية‬
‫ع ��ن املنتجات املعيب ��ة فـي تنظيم الذك ��اء اال�صطناعي‪� ،‬إمنا كان يق�ص ��د �أنظمة الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي املتواجدة حالي ًا وب�آثارها املتوقعة فـ ��ي �ضوء �إمكانيات الذكاء اال�صطناعي‬
‫ال�ضعي ��ف‪ .‬وعل ��ى ذلك‪ ،‬اكتفى امل�ش ��رع الأوروبي فـي قرار ‪ 2020‬عل ��ى املطالبة بتحديث‬
‫وتطوير القواعد القانونية احلالية‪ ،‬وب�صفة خا�صة قواعد امل�سئولية عن املنتجات املعيبة‬
‫لت�شم ��ل �ضمن نطاق تطبيقها �أنظمة الذكاء اال�صطناعي‪ .‬و�شدد على تنقيح وتطويع هذه‬
‫القواعد مبا ي�سمح للذكاء اال�صطناعي �أن يندمج �ضمنها‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬نعتقد �أن قرار الربملان الأوروبي فـي ‪ 16‬فرباير ‪ 2017‬ب�ش�أن قواعد القانون‬
‫امل ��دين للروبوتات ج ��اء مب�ش ��ر ًا وم�ست�شرف ًا حالة قانوني ��ة مبتكرة ومتف ��ردة متثل فكر ًا‬
‫قانوني� � ًا جديد ًا‪ ،‬وقدم احللول الفريدة الت ��ي تعتمد على فكرة منح منزلة قانونية خا�صة‬
‫للذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬وتعرتف للروبوتات الذكية ب�شخ�صي ��ة قانونية خا�صة‪ .‬ويقوم هذا‬
‫التوج ��ه اال�ست�شرافـي على فكرة الظه ��ور املتوقع فـي امل�ستقبل غري البعيد لأنظمة الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي القوي والفائق‪ ،‬ويطلق البع�ض على ه ��ذا النوع م�سمى الذكاء اال�صطناعي‬
‫اخلارق‪ .‬وال �شك �أن القانون يجب �أن ي�ست�شرف امل�ستقبل‪ ،‬ويعد العدة ملجابهة التطورات‬
‫الهائل ��ة واملت�سارعة لتقنيات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬من خالل البحث عن احللول املنا�سبة‬
‫((( انظ ��ر الفق ��رة ( ‪ ) AA‬من قرار الربملان الأوروبي ال�صادر فـي ‪ 16‬فرباي ��ر ‪ 2017‬م ب�ش�أن قواعد القانون املدين للروبوتات‪ ،‬د‪.‬‬
‫حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.177‬‬
‫((( د‪ .‬حم�سن حممد حم�سن اخلباين‪ :‬امل�سئولية املدنية عن الأ�ضرار النا�شئة عن الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.175‬‬

‫‪268‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫و�إقرار النظم القانونية املالءمة‪ ،‬مع الأخذ بعني االعتبار جميع امل�صالح املعر�ضة للخطر‪،‬‬
‫وذل ��ك بعد املناق�شات امل�ستفي�ض ��ة لكافة اجلوانب القانوني ��ة واالقت�صادية واالجتماعية‬
‫و�أي�ض ًا الأخالقية لهذه التقنيات احلديثة‪.‬‬
‫املطلب الثاني‬
‫اجلدال الفقهي حول منح احلقوق للروبوتات الذكية‬
‫تباين ��ت وجهات النظر الفقهية حول م ��دى �إمكانية تطبيق ت�شريع م�ستقل ينظم عمل‬
‫الروبوتات و�أنظمة الذكاء اال�صطناعي(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ذهب البع�ض �إىل معار�ضة �إن�شاء‬
‫�شخ�صي ��ة قانوني ��ة لأنظمة الذك ��اء اال�صطناعي‪ .‬وق ��دم هذا الر�أي الفقه ��ي العديد من‬
‫حل َج ��ج من قبل فـي اجتاه عدم منح حقوق ال�شخ�صية االعتبارية للكيانات القانونية �أي‬ ‫ا ُ‬
‫لكي ��ان �آخر غ�ي�ر الإن�سان ( الفرع الأول )‪ .‬على النقي�ض م ��ن ذلك‪ ،‬ذهب البع�ض الآخر‬
‫�إىل قب ��ول فكرة االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوتات وكيانات الذكاء اال�صطناعي‬
‫امل�ستقل‪ .‬ولذلك‪ ،‬ف�إن هذا التحليل �ضروري وجوهري ملُراقبة والتحقق من الإمكانية التي‬
‫ُيتيحه ��ا القانون لدخول «�شخ�ص‪� »personne‬آخ ��ر‪� ،‬أو «�شخ�صية ‪� » personnalité‬أخرى‬
‫فـي امل�شهد القانوين (الفرع الثاين)‪.‬‬
‫الفرع األول‬
‫احلجج التي ُتنكر إسناد الشخصية القانونية للروبوتات الذكية‬
‫بادئ ذي بدء‪ ،‬جتدر الإ�شارة �إىل �أن هناك العديد من الأ�صوات التي تعالت �ضد فكرة‬
‫اعتبار الروبوت الذك ��ي املُ�ستقل �شخ�ص ًا‪ .‬ولي�س �أدل على ذلك من �أن اجلمعية الأوروبية‬
‫الداعم ��ة مل�شروع الروبوتي ��ك كم�شروع بحث مت دعمه من االحت ��اد الأوروبي لتطوير هذه‬
‫ال�صناع ��ة‪ ،‬مل ت�ؤيد فكرة االعرتاف بالروبوتات ككيانات قانونية لها مركز قانوين قريب‬
‫�أو �شبي ��ه بالإن�سان(((‪ .‬من جانبها‪ ،‬رف�ضت جلنة اخلرباء التي �شكلتها املفو�ضية الأوربية‬
‫((( د‪ .‬مه ��ا رم�ض ��ان حممد بطيخ‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار �أنظمة الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارنة‪ ،‬مرجع �سابق‪،‬‬
‫�ص ‪.1550‬‬
‫((( د‪� .‬سه ��ام درب ��ال‪� ،‬إ�شكالي ��ة االع�ت�راف بال�شخ�صي ��ة القانونية للروب ��وت الذكي‪ ،‬جملة االجته ��اد الق�ضائي‪ ،‬املجل ��د ‪ ،14‬العدد‬
‫أي�ض ��ا‪ ،‬د‪ .‬الكرار حبيب جهلول‪ ،‬ح�سام عبي�س عودة‪ ،‬امل�سئولية عن الأ�ضرار التي‬ ‫الت�سل�سل ��ي ‪ ،29‬مار�س ‪� ،2022‬ص ‪ ،453‬راجع � ً‬
‫ي�سببها الروبوت‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارنة‪ ،‬من�شور فـي ‪:‬‬
‫‪Route Educational and Social Science Journal, vol. 6 ( 5 ), May 2019.‬‬

‫‪269‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫فـ ��ي ‪ ،2020‬التو�صية التي �أطلقها الربمل ��ان الأوربي فـي قراره ال�صادر بتاريخ ‪ 16‬فرباير‬
‫‪ 2017‬ال ��ذي يدعو لالع�ت�راف للروبوت الذك ��ي امل�ستق ��ل بال�شخ�صي ��ة القانونية والذي‬
‫يه ��دف �إىل جع ��ل الروبوت الذك ��ي م�سئو ًال عن الأ�ض ��رار التي يت�سبب فيه ��ا للغري‪ .‬ور�أت‬
‫جلن ��ة اخلرباء امل�شار �إليها �أن ��ه ال يجوز منح ال�شخ�صية القانوني ��ة لأنظمة م�ستقلة‪ ،‬لأن‬
‫ال�ض ��رر ال ��ذي حتدثه يمُ كن ب ��ل يجب �أن ُين�س ��ب �إىل �أ�شخا�ص �أو منظم ��ات قائمة‪ .‬وفـي‬
‫نف�س االجتاه‪ ،‬رف�ض املجل�س االقت�صادي الأوروبي فكرة منح �شكل من �أ�شكال ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة للروب ��وت �أو الذكاء اال�صطناعي ب�صفة عامة‪ ،‬وذل ��ك ب�سبب املخاطر املعنوية‬
‫غري املقبولة لهذه اخلطوة‪.‬‬
‫وانته ��ت �إىل نف� ��س ال ��ر�أي‪ ،‬اللجن ��ة االقت�صادي ��ة واالجتماعي ��ة الأوروبي ��ة(((‪ ،‬الت ��ي‬
‫رف�ض ��ت فـي عام ‪ 2017‬منح �شكل من �أ�شكال ال�شخ�صي ��ة القانونية للروبوتات �أو الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي و�أنظم ��ة الذك ��اء اال�صطناع ��ي‪ ،‬ب�سبب املخاط ��ر الأخالقية غ�ي�ر املقبولة‬
‫املرتبط ��ة فـ ��ي مثل ه ��ذا النهج‪ .‬وذهب ��ت �إىل نف�س االجت ��اه اللجنة العاملي ��ة لأخالقيات‬
‫املعرف ��ة العلمية والتكنولوجيا(((‪ ،‬الت ��ي �أكدت‪ ،‬فـي تقريرها لع ��ام ‪ 2017‬عن الروبوتات‬
‫الأخالقية ‪ ،la robotique éthique‬على �أنه �سيكون من ال�سخف ومن غري املعقول و�صف‬
‫وتكييف الروبوتات ب�أنها �أ�شخا�ص‪ ،‬لأنها تفتقد لبع�ض ال�صفات الأخرى املُرتبطة عموم ًا‬
‫بالب�شر مثل الإرادة احلرة ‪ ،le libre arbitre‬والق�صد ‪ ،l’intentionnalité‬والوعي الذاتي‬
‫‪ ،la conscience de soi‬واحل� ��س الأخالق ��ي ‪ le sens moral‬وال�شع ��ور بالهوية ال�شخ�صية‬
‫‪ .(((»sentiment de l’identité personnelle‬وفـ ��ي ذات ال�سي ��اق‪ ،‬ر�أى املكت ��ب الربملاين‬
‫لالختي ��ارات العلمي ��ة والتكنولوجية فـ ��ي الربملان الفرن�س ��ي �أن اقرتاح من ��ح الروبوتات‬
‫الذكي ��ة �شخ�صية قانونية يفتق ��د لأي �أ�سا�س‪ ،‬و�أنه ما يزال �سابق� � ًا لأوانه وخطوة مبكرة‬
‫وغ�ي�ر مربرة(((‪ .‬وفـي ذات االجتاه‪ ،‬يرى جمل�س الدولة الفرن�سي �أنه لي�س من ال�ضروري‬
‫)‪(1) Comité économique et social européen (Cese‬‬
‫(‪(2) Commission mondiale d’éthique des connaissances scientifiques et des technologies )Comest‬‬
‫‪(3) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( د‪ .‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪270‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫�إ�سن ��اد �شخ�صية قانونية اعتبارية لهذه الكيان ��ات الذكية فـي ظل الو�ضع احلايل للتطور‬
‫التكنولوجي لأنظمة الذكاء اال�صطناعي(((‪.‬‬
‫وعلى ال�صعيد الفقهي‪ ،‬يتبني من ا�ستقراء �أغلب الآراء الفقهية على امل�ستوى الأوربي‬
‫والأمريك ��ي �أن االجت ��اه الغال ��ب يذه ��ب �إىل �أن فكرة االع�ت�راف بال�شخ�صي ��ة القانونية‬
‫لكيان ��ات الذكاء اال�صطناعي وب�صفة خا�صة الروبوتات الذكية امل�ستقلة‪ ،‬تبدو بعيدة عن‬
‫الواق ��ع وجتانب ال�ص ��واب‪ ،‬وتت�سم بعدم اجلدوى واخلطورة‪ .‬وحي ��ث �إن �أحد �أهم �أركان‬
‫القانون يتمثل فـي التمييز بني الأ�شخا�ص الطبيعية ( الب�شر ) عن الأ�شخا�ص االعتبارية‬
‫(ال�شرك ��ات‪ ،‬اجلمعيات‪ ،) ....،‬يذهب هذا االجت ��اه الفقهي الغالب �إىل الرف�ض القاطع‬
‫ملن ��ح الروبوتات الذكية �شخ�صية قانونية طبيعي ��ة مثيلة لتلك التي يتمتع بها الإن�سان من‬
‫جهة �أوىل ( �أو ًال )‪ ،‬ومن جهة ثانية �إىل التحفظ على االعرتاف لهذه الكيانات ب�شخ�صية‬
‫قانونية اعتبارية كالتي يتم منحها لل�شركات واجلمعيات ( ثاني ًا )‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ -‬رفض االعتراف للروبوتات الذكية بالشخصية القانونية الطبيعية‪:‬‬
‫من باب القيا�س‪ ،‬يرى جانب من الفقه �أنه �إذا كانت ال�سمة املميزة لل�شخ�ص الطبيعي‬
‫(الإن�سان) هي قدرته على التفكري وحتديد �أهدافه واتخاذ قراراته ب�صورة م�ستقلة‪ ،‬ف�إنه‬
‫م ��ن املتوقع مع ظهور الذكاء اال�صطناعي القوي وامل�ستق ��ل �أن تكت�سب الروبوتات الذكية‬
‫امل�ستقل ��ة قدرات �شبيه ��ة �إىل حد ما بقدرات الب�شر‪ ،‬مما ي�ستل ��زم �ضرورة عدم التعامل‬
‫معه ��ا باعتبارها من (الأ�شياء) بل يجب االع�ت�راف لها بال�شخ�صية القانونية من جانب‬
‫الأنظم ��ة القانونية(((‪ .‬م ��ن جهة �أخرى‪ ،‬يركز جان ��ب من الفقه عل ��ى م�س�ألة ( الإدراك‬
‫الذات ��ي ) باعتبارها �أ�سا�س منح ال�شخ�صية القانونية الطبيعية للإن�سان‪ ،‬وبالتايل يتعني‬
‫منحها لأي كيان �آخر قد يتمتع بها‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يذهب هذا االجتاه الفقهي �إىل �أن عن�صر‬
‫الإدراك الذات ��ي متواف ��ر ل ��دى الروبوتات فـي �شك ��ل م�صطنع وم�ؤمتت‪ ،‬حي ��ث �أ�صبحت‬
‫الروبوت ��ات الذكية ت�ستجي ��ب ب�شكل م�ستقل لأية متغريات قد حت ��دث فـي البيئة املحيطة‬

‫((( د‪ .‬كاظ ��م حم ��دان �صدخ ��ان البزوين‪� ،‬أثر الذك ��اء اال�صطناعي فـي نظرية احل ��ق‪ ،‬مرجع �سابق‪�� � ،‬ص ‪ ،198‬كري�ستيان يو�سف‪،‬‬
‫امل�سئولي ��ة املدني ��ة عن فع ��ل الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ر�سال ��ة ما�سرت بحثي فـي القان ��ون اخلا�ص‪ ،‬اجلامعة اللبناني ��ة‪ ،‬كلية احلقوق‬
‫والعلوم ال�سيا�سية واالدارية‪� ،2020 ،‬ص ‪.31‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬ر�سالة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق جامعة املن�صورة‪� ،2022 ،‬ص ‪.105‬‬

‫‪271‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫بها‪ ،‬مما يعزز االعتقاد ب�أنها متتلك ما ي�شبه الإدراك الذاتي اخلا�ص بها والذي ت�ستمده‬
‫م ��ن اخلربات املكت�سبة واملرتاكمة لديها‪ ،‬وما ي�ستتبع ذلك من منح ال�شخ�صية القانونية‬
‫له ��ذه الروبوتات والأنظمة والربامج الذكية‪ ،‬وبالتايل �إلق ��اء عبء امل�سئولية املدنية على‬
‫عاتقها عن �أية �أخطاء فنية مل ي�سهم فيها ال�صانع �أو امل�شغل(((‪.‬‬
‫فـ ��ي املقابل ومن منظ ��ور قانوين و�أخالقي‪ ،‬يرى جانب من الفقه ��اء �أنه ينبغي رف�ض‬
‫�إغ ��راء ما بعد الإن�ساني ��ة «‪ »transhumanisme‬واعتبار الروبوت املُ�ستقل الذاتي احلركة‬
‫والذي يتعلم من تلقاء نف�سه‪� ،‬شخ�ص ًا طبيعي ًا‪ ،‬وذلك يرجع لعدد من االعتبارات‪.‬‬
‫م ��ن جه ��ة �أوىل‪� ،‬أ�شار ق ��رار الربمل ��ان الأوروبي لإن�شاء ن ��وع جديد م ��ن الأ�شخا�ص‪-‬‬
‫الروب ��وت ‪ ،personne-robot‬ولكنه ال يو�ضح الو�ضع الدقيق له « ‪ .»le statut exact‬وعلى‬
‫ذل ��ك‪� ،‬إذا كان من ��وذج ال�شخ�ص املُ�ستهدف بالقرار هو من ��وذج ال�شخ�ص الطبيعي‪ ،‬فال‬
‫يمُ ك ��ن لأح ��د �أن يعرت�ض عل ��ى �أنه �سيكون من اخلط ��ر ومن الغري ��ب ا�ستخال�ص الو�ضع‬
‫القان ��وين للروبوت املُ�ستقل ذات ��ي احلركة منه‪ ،‬لأن الروبوت ال يق�ت�رب من الإن�سان ب�أي‬
‫�شك ��ل من الأ�شكال‪ .‬وفـي الواق ��ع‪ ،‬فـي احلالة الراهنة للروبوتات‪ ،‬ميك ��ن القول �إنه لي�س‬
‫ل ��دى الروبوت وعي �أو �إرادة خا�صة ب ��ه‪ ،‬وال �شعور �أو قدرة على املُعاناة والأمل(((‪ .‬ومما ال‬
‫�ش ��ك فيه �أن الروبوتات الذكية عل ��ى الرغم من تفاعلها مع الب�شر وقدرتها امل�ستقلة على‬
‫التج ��اوب مع املتغريات واكت�ساب اخلربات الذاتية‪� ،‬إال �أنها مل ت�صل �إىل مرحلة الإدراك‬
‫والتمييز والإرادة (وهي �صفات ب�شرية بحتة) التي ت�ؤهلها الكت�ساب ال�شخ�صية القانونية‬
‫الطبيعية التي يتمتع بها الإن�سان‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬يعد االعرتاف بال�شخ�صية القانونية لهذه‬
‫الكيانات‪ ،‬وفق ًا لهذا االجتاه الفقهي‪ ،‬حمل نقد لي�س فقط لأنها خماطرة ب�إعطاء الأهلية‬
‫للتمت ��ع باحلق ��وق والتحم ��ل بااللتزامات ملا هو جمرد �آل ��ة �أو �أداة‪ ،‬ولك ��ن � ً‬
‫أي�ضا لأن ذلك‬
‫�سيرتت ��ب عليه �إزالة احلدود ب�ي�ن الإن�سان والآلة‪ ،‬وطم�س اخلطوط الفا�صلة بني الإن�سان‬
‫احلي والأ�شياء اجلامدة(((‪.‬‬
‫((( د‪� .‬شريف حممد غنام‪ ،‬دور الوكيل الإلكرتوين فـي التجارة الإلكرتونية‪ ،‬درا�سة فـي �ضوء �أحكام اتفاقية الأمم املتحدة املتعلقة‬
‫با�ستخدام اخلطابات الإلكرتونية فـي العقود الدولية‪ ،‬جملة البحوث القانونية واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة الإ�سكندرية‪،‬‬
‫‪ ،2010‬الع ��دد ‪�� � ،2‬ص ‪ ،74‬د‪ .‬ط�ل�ال ح�س�ي�ن عل ��ي الرع ��ود‪ ،‬امل�سئولية املدنية ع ��ن �أ�ضرار م�شغ�ل�ات التكنولوجي ��ا ذات الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.106‬‬
‫‪(2) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.130‬‬

‫‪272‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫وبالإ�ضاف ��ة �إىل ذلك‪ ،‬ميك ��ن القول �إنه �إذا �أظهر الروبوت الذكي ُقدرات ُمتفوقة على‬
‫ومددة‪ ،‬مثل اللعب فـي لعبة ‪ ، jouer au go‬ف�إنه‬ ‫ق ��درات « الإن�س ��ان فـي جماالت خا�صة حُ‬
‫فـ ��ي جماالت كثرية �أخرى تكون ُقدرات ��ه �أقل بكثري من قدرات الإن�سان‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ف�إن‬
‫منح �شخ�صية قانونية طبيعية للروبوت على غرار الإن�سان �سيكون مبثابة االعرتاف بالآلة‬
‫عل ��ى قدم امل�ساواة مع الإن�سان‪ ،‬ومنحها حقو ًقا �أ�سا�سية‪ ،‬مثل احلق فـي الكرامة ‪droit à‬‬
‫‪� sa dignité‬أو احلق فـي ال�سالمة ‪� à son intégrité‬أو املواطنة ‪.(((»sa citoyenneté‬‬
‫وفـ ��ي هذا ال�صدد‪ ،‬ن�شري �إىل �أن غالبية الفقهاء فـ ��ي �أوربا و�أمريكا ترى انكار ا�سناد‬
‫ال�شخ�صي ��ة القانونية لكيانات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬للعديد من االعتبارات‪� ،‬أهمها �سبب‬
‫جوه ��ري مف ��اده �أن �أ�سا�س منح هذه احلقوق هو الكرام ��ة الإن�سانية �أي كرامة ال�شخ�ص‬
‫الإن�ساين ‪ ،dignité de la personne humaine‬وبالتايل يجب �أن يقت�صر منحها ح�صري ًا‬
‫للإن�س ��ان دون غريه من الأ�شياء‪ .‬وفـي نف�س هذا املعنى ُي�ؤكد الأ�ستاذ لويزو ‪G. Loiseau‬‬
‫�أن « الإن�س ��ان على هذا النحو‪ ،‬على عك�س ال�شيء‪ ،‬هو الكائن الوحيد الذي يتمتع بكرامة‬
‫ت�ستدع ��ي االح�ت�رام ‪ .(((»une dignité motivant le respect‬ولذل ��ك ‪ ،‬ف� ��إن ُمراع ��اة‬
‫الإن�سانية فـي كل فرد هو الذي ُيحدد �إ�سناد حقوق ال�شخ�صية ‪l’attribution des droits‬‬
‫‪� de la personnalité‬إىل اجلمي ��ع وذلك بق�صرها فق ��ط على الأ�شخا�ص الب�شريني فقط‬
‫حل َجة‪ ،‬التي قد تردد �صداها فـي‬ ‫‪ . seules personnes humaines‬وم ��ع ذلك‪ ،‬ف�إن هذه ا ُ‬
‫الأحك ��ام الق�ضائية الأوروبية(((‪ ،‬ينبغي و�ضعها فـي منظورها ال�صحيح؛ حيث �إن مفهوم‬
‫الكرام ��ة الإن�سانية ‪ ،le concept de dignité humaine‬وهو حق مو�ضوعي حقيقي ‪droit‬‬
‫‪ « ، objectif‬يتج ��اوز ح ��ق الأ�شخا�ص»‪ ،‬وبالتايل يمُ َ يزه عن حقوق ال�شخ�صية‪ ،‬التي حتمي‬
‫الأ�شخا�ص الطبيعيني �أو االعتباريني‪ ،‬فـي فرديتهم �أو متيزهم ‪.individualité‬‬
‫وي�ضي ��ف بع� ��ض الفق ��ه جان ًبا �آخر م ��ن املخ ��اوف واملخاطر ال ميكن قبول ��ه ينتج عن‬

‫‪(1) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOSSIER‬‬
‫‪, Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫‪(2) G. Loiseau, « Des droits patrimoniaux de la personnalité en droit français », Rev. Dr. McGill, Juin 1997, n° 142.‬‬
‫‪(3) CEDH, 2e Sect. 19 Juill. 2011, Uj c. Hongrie, Req. n° 23954/10, n° 22 : « There is a difference between the‬‬
‫‪commercial reputational interests of a company and the reputation of an individual concerning his or her social‬‬
‫‪status. Whereas the latter might have repercussions on one’s dignity, for the Court interests of commercial‬‬
‫‪reputation are devoid of that moral dimension ».‬‬

‫‪273‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫االع�ت�راف للروبوت ��ات الذكية بال�شخ�صي ��ة القانونية يتمثل فـي تهدي ��د اجلن�س الب�شري‬
‫نف�س ��ه عرب ن�شوء جمتمع �آخر (تقني) يتمتع بذات احلقوق التي يتمتع بها الب�شر بالرغم‬
‫م ��ن كونه جمتم ًعا غري ب�شري(((‪ .‬ف�ض ًال عن ذلك‪ ،‬م ��ن جهة ثانية‪ ،‬ذهب البع�ض �إىل �أن‬
‫منح ال�شخ�صية القانونية لكيانات الذك ��اء اال�صطناعي ومنها الروبوتات الذكية ينطوي‬
‫عل ��ى خط ��ورة �أخالقية نحو املتعاملني مع ��ه؛ لأنه و�إن ت�شابه الهيك ��ل اخلارجي مع ج�سد‬
‫الإن�س ��ان �إال �أن ��ه يبقى هيك ًال �آلي ًا‪� ،‬ش�أنه فـي ذلك �ش� ��أن �أي جماد �آخر‪ ،‬وبالتايل ي�ستحيل‬
‫علي ��ه �أن يت�شابه م ��ع الإن�سان فـي اكت�س ��اب ال�شخ�صية القانونية(((‪ .‬وفـ ��ي ذات ال�سياق‪،‬‬
‫ي ��رى البع� ��ض �أن منح ال�شخ�صي ��ة القانونية للروبوت الذكي �سوف يث�ي�ر �إ�شكالية حتديد‬
‫من تمُ نح له ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬وهل �ستثبت للهيكل اخلارجي الذي مت جت�سيد الذكاء‬
‫اال�صطناعي فيه �أي ج�سد وهيكل الروبوت‪� ،‬أم �سيتم منحها للذكاء اال�صطناعي نف�سه(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذلك‪ُ ،‬تعد فكرة منح ال�شخ�صية القانونية للروبوت فكرة خطرة لأنها �سوف ت�ؤدي‬
‫�إىل �إلغاء التق�سيم الأ�سا�سي امل�ستقر فـي القانون وهو التق�سيم �إىل �أ�شخا�ص و�أ�شياء(((‪.‬‬
‫وي�ستن ��د البع� ��ض فـ ��ي نفـي ت�شبي ��ه الروب ��وت الذكي بالإن�س ��ان �إىل ما �سب ��ق �أن �أكده‬
‫الفيل�س ��وف �أفالط ��ون ‪ Platon‬من �أن « الفكر هو اخلط ��اب ال�صامت الذي حتمله الروح‬
‫لنف�سه ��ا»‪ .‬وعلى ذل ��ك‪ ،‬ميكن ا�ستنتاج �أن الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬مهم ��ا تطور‪ ،‬فهو فقط‬
‫جم ��رد حُماكاة الذكاء الب�شري م ��ن خالل منذجة الوظائف املعرفية �أال وهي ‪ :‬الوظائف‬
‫اال�ستقبالية؛ الذاكرة والتعلم؛ املنطق والتفكري؛ الوظائف التعبريية والوظائف التنفيذية‪.‬‬
‫وق ��د �شرح الربوفي�سور جان غابرييل غانا�سيا ‪ Jean-Gabriel Ganascia‬هذه الوظائف‬
‫على النحو التايل(((‪:‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.130‬‬
‫((( د‪ .‬حمم ��د عرفان اخلطيب‪ ،‬امل�سئولية املدنية والذكاء اال�صطناعي‪� ،‬إمكانية امل�ساءلة ؟ درا�سة حتليلية معمقة لقواعد امل�سئولية‬
‫املدني ��ة فـ ��ي القانون املدين الفرن�سي‪ ،‬جملة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬الع ��دد ‪ ،1‬ال�سنة ‪ ،8‬الكويت مار�س ‪� ،2020‬ص ‪،122‬‬
‫د‪ .‬مها رم�ضان حممد بطيخ‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار �أنظمة الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارنة‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص‬
‫‪ ،1551‬فـ ��ي عر�ض هذه احلجج راجع‪ ،‬د‪ .‬حممود ح�سن ال�سحلي‪� ،‬أ�سا� ��س امل�سئولية املدنية للذكاء اال�صطناعي امل�ستقل‪ ،‬قوالب‬
‫تقليدية �أم ر�ؤية جديدة‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 132‬وما بعدها‬
‫((( د‪� .‬سهام دربال‪� ،‬إ�شكالية االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوت الذكي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.456‬‬
‫((( د‪ .‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.8‬‬
‫((( راجع ‪ https://www.youtube.com/watch?v=2C1Y2bD5ZSE&t=4678s :‬م�شار �إليه فـي ‪:‬‬
‫‪Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪274‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫‪1 -1‬تتي ��ح الوظائ ��ف اال�ستقبالي ��ة احل�صول عل ��ى املعلوم ��ات ومعاجلته ��ا وت�صنيفها‬
‫وتكاملها‪.‬‬
‫‪2 -2‬ت�سمح الذاكرة والتعلم بتخزين وا�ستدعاء املعلومات‪.‬‬
‫‪3 -3‬يتعل ��ق اال�ستدالل والتفكري بالتنظيم و�إعادة التنظي ��م العقلي للمعلومات‪ ،‬وكذلك‬
‫ا�ستخدامها‪.‬‬
‫‪4 -4‬الوظائف التعبريية هي التي جتعل التوا�صل ممُ كن ًا‪.‬‬
‫‪5 -5‬تتعلق الوظائف التنفيذية ب�صنع القرار والفعل‪.‬‬
‫وعل ��ى ذلك‪ ،‬يرى الربوفي�سور ‪� Jean-Gabriel Ganascia‬أنه حتى �إذا ما مت دمج تلك‬
‫الوظائف فـي الذكاء اال�صطناعي‪� ،‬إال �أن هذه الوظائف ال جتعل منه‪ ،‬رغم ذلك �شخ�ص ًا‪.‬‬
‫و ُيق ��دم دلي ًال على ذلك مثال الروبوت �صوفيا‪ ،‬ذل ��ك الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬والذي �أحدث‬
‫خطابه ��ا فـي الأمم املتحدة فـي ‪� 11‬أكتوب ��ر ‪� 2017‬ضجة كبرية‪� ،‬إال �أن الربوفي�سور جان‬
‫غابريي ��ل غانا�سيا يعت�ب�ر هذا الروبوت الذي يتخ ��ذ مظهر ًا ب�شري ًا ويح ��رك �شفتيه عند‬
‫التح ��دث لي�س �أكرث من دُمية «‪ُ »poupée‬تكرر خطاب ًا ُم�سج ًال ُم�سبق ًا‪ ،‬وهذا يعني �أن هذا‬
‫الروب ��وت لي�س ُم�ستق ًال متام ًا(((‪ .‬وي�ستند من جانب �آخ ��ر على قوانني الروبوتات الثالثة‬
‫الت ��ي ذكره ��ا �إ�سحاق �أ�سيم ��وف ‪ Isaac Asimov‬الت ��ي تفرت�ض مبد�أ احل ��د والتقليل من‬
‫الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬والذي يتمثل فـي هذه احلالة ‪ ،‬فـي روبوت‪ .‬وقد �أ�صبح هذا الأخري‬
‫«الروب ��وت» كائن‪ ،‬وال ��ذي كان بالت�أكي ��د ُم�ستق�ل ً�ا «‪»autonome‬؛ ولكن يبق ��ى ا�ستقالل‬
‫م َدد‪ ،‬ال يمُ كن ت�شبيهه بالقدرة الكلية على اتخاذ القرار �أو فهم و�إدراك مفاهيم‬ ‫ُجزئي حُ َ‬
‫ال�ص ��واب �أو اخلط�أ وماهية اخلري �أو ال�شر‪ .‬وقد مت الك�شف عن قوانني �إ�سحاق �أ�سيموف‬
‫الثالثة‪ ،‬لأول مرة‪ ،‬فـي ق�صته الق�صرية «‪� »Rounaround‬أو دورة مغلقة «‪.»Cycle fermé‬‬
‫وهذه القوانني الثالثة هي(((‪:‬‬
‫((( راجع ‪:‬‬
‫‪https://www.youtube.com/watch?v=2C1Y2bD5ZSE&t=4678s‬‬
‫م�شار �إليه فـي ‪:‬‬
‫‪ héo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪T‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫‪(2) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪275‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫القانون رقم ‪:1‬ال يمُ كن للروبوت �أن ي�ؤذي �إن�سان ًا �أو �إذا ظل �سلبي ًا �أن ي�سمح بتعري�ض‬
‫الإن�سان للخطر‪.‬‬
‫القانون رقم ‪:2‬يج ��ب على الروبوت �أن ُيطيع الأوامر ال�صادرة �إليه من قبل الإن�سان‪،‬‬
‫ما مل تتعار�ض هذه الأوامر مع القانون الأول‪.‬‬
‫القانون رقم ‪:3‬يج ��ب على الروبوت حماية وجوده طامل ��ا �أن هذه احلماية ال تتعار�ض‬
‫مع القانون الأول �أو الثاين‪.‬‬
‫من جهة �أخرى يرى االجتاه الفقهي‪ ،‬الذي يعار�ض منح ال�شخ�صية القانونية لكيانات‬
‫الذك ��اء اال�صطناعي ومنه ��ا الروبوت ��ات امل�ستقل ��ة‪� ،‬أن الفر�ضية الأولية لق ��رار الربملان‬
‫الأوروب ��ي‪ ،‬والتي مبوجبها قد ُيواجه قانون امل�سئولية فراغ� � ًا قانوني ًا مع الأجيال الأحدث‬
‫من الروبوتات‪ ،‬تعترب فر�ضية خاطئة‪ ،‬حيث تنطلق هذه الفر�ضية من �أن ق�ضية امل�سئولية‬
‫لي�س ��ت قابلة للحل فـي الروبوت ��ات املُ�ستقلة ذاتية احلركة‪ .‬ولكن ينبغ ��ي عدم �إغفال �أنه‬
‫حتى عندما تكون الآلة ُم�ستقلة ذاتية احلركة وتتعلم من تلقاء نف�سها‪ ،‬فقد مت ت�صميمها‬
‫وت�صنيعه ��ا وبيعه ��ا وا�ستخدامها‪ ،‬حتم ًا وبال�ضرورة من قبل �إن�س ��ان‪ ،‬ومل يختف الإن�سان‬
‫من �سل�سلة امل�سئوليات‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬ف�إن احلجة التي ُت�ؤكد عدم القدرة على التنب�ؤ‬
‫ب�سل ��وك هذه الروبوتات‪ ،‬والتي تفر�ض ُمراجعة قانون امل�سئولية املدنية ب�أكمله‪ ،‬هي � ً‬
‫أي�ضا‬
‫حج ��ة خاطئة‪ ،‬حيث �إنه �إذا ك ��ان �سلوك اجلهاز «الآلة» ال ميكن التنب�ؤ به‪ ،‬لدرجة �أنه قد‬
‫يت�سبب فـي حدوث ال�ضرر‪ ،‬فذلك لأنه يت�ضمن عي ًبا فـي ال�سالمة منذ مت ت�صميم اجلهاز‬
‫�أو الآل ��ة‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ي�سه ��ل من الناحية القانونية اعتباره مبثاب ��ة ُمنتَج َمعيب ‪produit‬‬
‫‪ ،défectueux‬ويخ�ضع بالتايل للنظم القانونية للم�سئولية عن املنتجات املعيبة(((‪.‬‬
‫م ��ن جانبه‪ ،‬ي ��رى الربوفي�س ��ور غانا�سي ��ا ‪� GANASCIA .J.G‬أ�ستاذ عل ��وم الكمبيوتر‬
‫�شخ�ص ��ا قانون ًي ��ا‬
‫ً‬ ‫والذك ��اء اال�صطناع ��ي فـ ��ي جامع ��ة باري� ��س ‪� ،6‬أن جع ��ل الروب ��وت‬
‫« ‪ » un sujet de droit‬من �ش�أنه �أن ُيعقد مفهوم الإن�سانية « ‪ ،»la notion d’humanité‬حيث‬
‫�سيت ��م اعتبار الروبوت م�سئو ًال فـي حالة الف�شل �أو التق�صري‪ .‬مما �سي�ضع حدًا للتحقيقات‪،‬‬
‫وبالت ��ايل مينعنا من معرفة �أين كان يكمن الف�ش ��ل �أو التق�صري‪ .‬وال �شك �أنه فـي �ضوء مثل‬
‫‪(1) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬

‫‪276‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ه ��ذه التحقيقات يمُ كن حت�س�ي�ن التكنولوجيا بع ��د الوقوف على �أ�سباب م ��ا قد يحدث من‬
‫�سلبيات(((‪.‬‬
‫ثاني ًا ‪ -‬التحفظ على منح الشخصية القانونية االعتبارية للروبوتات الذكية ‪:‬‬
‫غن ��ي عن البيان �أنه منذ الع�صور القدمية وحت ��ى اليوم‪ ،‬يعرتف القانون بال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة االعتباري ��ة للعدي ��د من الكيان ��ات القانوني ��ة كال�شرك ��ات �أو اجلمعيات‪ ،‬على‬
‫الرغ ��م من �أنها لي�ست كيانات ب�شرية‪ .‬وبداه ًة‪ ،‬رمبا يبدو من املالئم النظر فـي ا�شتقاق‬
‫الو�ض ��ع القان ��وين للروبوت الذكي املُ�ستقل ذاتي احلركة م ��ن و�ضع ال�شخ�ص االعتباري‪.‬‬
‫وفـ ��ي هذا ال�صدد‪� ،‬أ�ش ��ار البع�ض �إىل �أن ال�شخ�صية القانونية لي�س ��ت �سوى بنية قانونية‬
‫‪ construction juridique‬جتع ��ل من املمك ��ن الت�صرف فـي احلياة القانونية‪� ،‬سواء كان‬
‫ذل ��ك بالن�سبة ل�شخ�ص طبيع ��ي �أو اعتباري(((‪ .‬وحلماية م�صاحل ��ه اجلماعية‪ ،‬يجب �أن‬
‫يك ��ون �أي كي ��ان مالك ًا جلميع احلقوق املالية �أو غري املالي ��ة‪ ،‬مما ي�سمح بتحقيق �أهدافه‪،‬‬
‫حتى لو مل يتناول القانون ذلك‪ ،‬لأن ال�شخ�ص الطبيعي ككيان قانوين هو افرتا�ض قانوين‬
‫« ‪ »fiction juridique‬لذل ��ك يمُ يز بع�ض الفقه ��اء ال�شخ�ص الب�شري الطبيعي ‪personne‬‬
‫‪ humaine‬ع ��ن ال�شخ�ص القان ��وين ‪ .personne juridique‬وبالتايل‪ ،‬ف�إن تخيل �شخ�ص‬
‫�ا‪ ،‬لأن الو�ضع الذي مبوجبه يكون الب�شر بطبيعتهم ‪par‬‬ ‫قان ��وين ثالث لي�س �أمر ًا ُم�ستحي�ل ً‬
‫أ�شخا�صا قانوني�ي�ن ‪ ،sujets de droits‬هو بحكم هذه الأهلية الطبيعية(((‪ .‬وبناء‬ ‫ً‬ ‫‪� nature‬‬
‫عل ��ى ذل ��ك‪ ،‬ذهب جانب من الفق ��ه �إىل �أنه �إذا اعتربنا �أن من ��وذج ال�شخ�صية القانونية‬
‫املُخت ��ارة ملنحها لكيانات الذك ��اء اال�صطناعي ومنها الروبوت ��ات الذكية‪� ،‬سيكون منوذج‬
‫ال�شخ� ��ص االعتباري‪ ،‬ف�إن ال�س�ؤال ي�ستحق مزيد ًا م ��ن االهتمام للرد عليه‪ .‬وعلى الرغم‬
‫م ��ن وجاهة القيا� ��س على ال�شخ�صية القانونية لل�شخ�ص االعتب ��اري‪� ،‬إال �أن هذا القيا�س‬
‫تعر�ض لعدد من التحفظات نعر�ضها فيما يلي‪:‬‬

‫‪(1) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,‬‬
‫‪Université de La Réunion, 2017, p. 12.‬‬
‫((( وجت� �دُر الإ�ش ��ارة �إىل �أنه ُمنذ وقت لي�س ببعيد ‪ ،‬كان الرقيق ‪ُ l’esclave‬يع َتبرَ ‪ (،‬عل ��ى الرغم من كونه �إن�سان ًا ‪ ،)humain‬جمرد‬
‫�شيء ‪ une chose‬فـي نظر القانون‪.‬‬
‫‪V. pour approfondir, J.-M. Bruguière et B. Gleize, op. cit, n° 49.‬‬
‫‪(3) R. Martin, « Personne et sujet de droit », RTD civ., 1981, p. 785 ; F. Zénati et T. Revet, Manuel de droit des personnes,‬‬
‫‪PUF, 2006, n° 1., in J.-M. Bruguière et B. Gleize, Droits de la personnalité, Ellipses, Coll. Mise au point, 2015.‬‬

‫‪277‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫االعتراض من حيث املبدأ على فكرة الشخصية القانونية االعتبارية ‪:‬‬


‫م ��ن ناحي ��ة �أوىل‪ ،‬عار�ض جانب م ��ن الفقه االعرتاف م ��ن حيث املب ��د�أ بال�شخ�صية‬
‫القانونية االعتبارية‪ ،‬ال�سيما من خالل طرح النقا�ش حول جمال ونطاق الطبيعة القانونية‬
‫‪ nature juridique‬للأ�شخا� ��ص االعتباري ��ة ب�صفة عامة‪ ،‬وبالت ��ايل عار�ض نف�س االجتاه‬
‫الفقهي مرة �أخرى نظرية املجاز �أو االفرتا�ض القانوين ‪ la théorie de la fiction‬ونظرية‬
‫احلقيق ��ة القانوني ��ة ‪ ،la théorie de la réalité‬ك�أ�سا�س ومربرات لالعرتاف بال�شخ�صية‬
‫القانونية لكيان ��ات الذكاء اال�صطناعي‪ .‬وقد ذهب البع�ض �إىل معار�ضة �إن�شاء �شخ�صية‬
‫قانونية لأنظمة الذكاء اال�صطناعي على �أ�سا�س االختالف اجلوهري بني منح ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة لل�شخ�ص االعتباري واالعرتاف ب�شخ�صية الروبوت الذكي؛ حيث �إن ال�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري ي� ��ؤدي �إىل ن�ش� ��أة كي ��ان م�ستقل بذات ��ه وتتج ��اوز م�صلحته جمم ��وع م�صالح‬
‫�أع�ضائ ��ه وتختلف عن م�صلحة �أولئ ��ك الذين قاموا بتكوينه‪ ،‬وفـ ��ي املقابل ف�إن الروبوت‬
‫ال يت�ص ��رف مل�صلحته اخلا�ص ��ة‪ ،‬وبالتايل ال يوجد مثل هذا التمييز بني م�صالح الروبوت‬
‫وم�صال ��ح مالكه �أو م�ستخدمه(((‪ .‬ومن جهة �أخرى يرى البع�ض �أنه على عك�س ال�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري فـي القانون اخلا�ص‪ ،‬وهو جتمع �أ�شخا�ص ول ��ه مو�ضوع حمدد‪� ،‬إال �أن الهدف‬
‫م ��ن االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوت الذكي هو ت�أطري النتائج القانونية لأعمال‬
‫الروب ��وت الذكي‪ ،‬ولي�س من امل�ؤك ��د �أن املعاجلة القانونية �سوف تتح�سن فـي وجود روبوت‬
‫ذكي يتمتع بال�شخ�صية القانونية فيما يتعلق بتعوي�ض امل�ضرور(((‪.‬‬
‫غياب اجلدوى احلقيقية من إنش ��اء ش ��خصية قانونية مستقلة ألنظمة الذكاء‬
‫االصطناعي ‪:‬‬
‫رغم �أن هذا االجتاه الفقهي يعرتف �أنه ال �شك �أن منح ال�شخ�صية االعتبارية للروبوت‬
‫الذكي امل�ستقل‪ ،‬من �ش�أنه �أن ي�سمح له بتكوين ذمة مالية‪ ،‬مما يجعل من املُمكن بعد ذلك‬
‫�أن يتحم ��ل امل�سئولي ��ة عن تعوي�ض الأ�ض ��رار التي قد تلحق بالغري فـ ��ي حالة وقوع حادث‬
‫نتيج ��ة �سلوكه‪ .‬لكن فـي املقابل‪ ،‬يرى هذا اجلانب الفقه ��ي �أن امل�شكلة تتمثل فـي �أن هذا‬
‫الكي ��ان الذك ��ي الذي مت االعرتاف ل ��ه بال�شخ�صية االعتبارية‪ ،‬ال يعم ��ل من تلقاء نف�سه‪،‬‬

‫((( د‪ .‬مها رم�ضان حممد بطيخ‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار �أنظمة الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.1551‬‬
‫((( د‪ .‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.9‬‬

‫‪278‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫لأن ��ه دائم ًا ما يديره �إن�سان وال ��ذي يتخذ القرارات جلعله يت�صرف فـي املجال القانوين‪،‬‬
‫ورمب ��ا يك ��ون الروب ��وت املُ�ستقل ذاتي احلرك ��ة ‪ -‬الذي �أ�صب ��ح �شخ�ص� � ًا اعتباري ًا ‪ -‬غري‬
‫ق ��ادر على اتخاذ مثل هذه القرارات‪ ،‬كم ��ا �أن اللجنة االقت�صادية واالجتماعية الأوروبية‬
‫(‪ Le Comité économique et social européen (CESE‬قد �أو�ضحت �أي�ض ًا ب�شكل كبري‬
‫اجلانب عدم معقولية هذا احلل(((‪.‬‬
‫من جانب �آخر‪ ،‬يرى البع�ض غياب اجلدوى احلقيقية من �إ�ضفاء ال�شخ�صية القانونية‬
‫عل ��ى �أنظمة الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬وذلك ل�صعوبة ت�صور اعتب ��ار الروبوت املزود بالذكاء‬
‫اال�صطناعي مدين ًا بااللتزام‪ .‬ويف�ضل �أن�صار هذا الر�أي القيا�س على نظام امل�سئولية عن‬
‫حرا�سة احلي ��وان على �سبيل املثال‪ ،‬حيث يت�شابه لديه ��م مالك الروبوت مبالك احليوان‬
‫م ��ن حيث م�سئوليته عن الأ�ض ��رار التي ميكن �أن ي�سببها للغري‪ .‬وفـي هذا االجتاه‪ ،‬يذهب‬
‫البع� ��ض �إىل �أن الروبوت الذكي لي�س �إال �شيئ ًا يحتاج �إىل عناية خا�صة من جانب حار�سه‬
‫م ��ن الناحية القانونية‪ ،‬بحي ��ث تنعقد م�سئولية احلار�س ب�شك ��ل مفرت�ض دون حاجة �إىل‬
‫�إثبات اخلط�أ من جانبه عن �أي �ضرر قد ين�ش�أ عن ت�شغيل الروبوت(((‪.‬‬
‫م ��ن جهة �أخ ��رى‪ ،‬يرى جانب من الفق ��ه �أن فكرة االع�ت�راف بال�شخ�صية القانونية‬
‫للروب ��وت الذكي لي�ست مفيدة وال ت�سهم فـي ت�سهيل تعوي�ض امل�ضرور �إال �إذا كانت تتوافر‬
‫له ذمة مالية‪ ،‬وتتم تغطية م�سئوليته املدنية بنظام فعال لت�أمني امل�سئولية‪ ،‬ومن ثم يجب‬
‫�أن يت ��م متثيل الروبوت قانون ًا بوا�سطة �شخ� ��ص طبيعي مثل املنتج �أو املالك �أو امل�ستخدم‬
‫وذلك لإبرام العقود نيابة عنه‪ ،‬وبالتايل يطرح الت�سا�ؤل نف�سه ملاذا ال يكون هذا ال�شخ�ص‬
‫الطبيعي م�سئ ��و ًال وما جدوى هذا االلتفاف لتقرير م�سئولي ��ة الروبوت(((‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ال‬
‫تفع ��ل فكرة منح ال�شخ�صية القانونية للروبوت �سوى نق ��ل امل�شكلة‪ ،‬مبعنى �أن الأ�شخا�ص‬
‫الذين يق ��ع عليهم امل�ساهمة فـي تغذية الذمة املالية للروبوت بهدف التمكني من تعوي�ض‬

‫‪(1) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( د‪� .‬إي ��اد مط�ش ��ر �صهي ��ود‪ ،‬ا�ست�شراف الأث ��ر القانوين لتكنولوجيا الذك ��اء اال�صطناعي ( الإن�س�ألة – الروب ��وت الذكي – ما بعد‬
‫الإن�ساني ��ة )‪ ،‬دار النه�ض ��ة العربية‪ ،‬القاهرة ‪� ،2021‬ص ‪ ،41‬د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�س ��ن‪ ،‬واقع ال�شخ�صية القانونية للذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬جملة روح القوانني‪ ،‬العدد ‪� ،102‬إبريل ‪� ،2023‬ص ‪.172‬‬
‫‪(3) J. S. Borrghetti, L’accident généré par l’intelligence artificielle autonome, JCP, 2017, n. spécial, Le droit civil à‬‬
‫‪l’ère numérique, n. 41.‬‬

‫‪279‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫ال�ضحاي ��ا هم عل ��ى �أرجح الأحوال نف�س الأ�شخا�ص الذي ��ن �ستنعقد م�سئوليتهم فـي حال‬
‫تطبي ��ق القواع ��د العامة فـي امل�سئولية املدنية‪ .‬ف�ض ًال عن ذل ��ك‪ ،‬ي�ؤدي نقل امل�سئولية �إىل‬
‫الروب ��وت �إىل م�شكلة �أخرى تتعل ��ق ب�إعاقة وظيفة امل�سئولية املدنية فـ ��ي الردع والوقاية‪،‬‬
‫حيث لن يتحمل الأطراف التقليدية عبء دعاوى امل�سئولية التي �ستوجه �إليهم(((‪.‬‬
‫اخلط ��ورة الناجم ��ة م ��ن حتل ��ل مصنع ��ي ومس ��تخدمي الروبوت ��ات الذكي ��ة م ��ن‬
‫املسئولية ‪:‬‬
‫م ��ن جهة �أخ ��رى‪ ،‬يرى جانب م ��ن الفقه �أنه قد تنج ��م انحرافات خط�ي�رة فـي حال‬
‫االع�ت�راف للروبوت ��ات بال�شخ�صية القانوني ��ة‪ ،‬تتمثل �أهمها فـي �أنها ق ��د ت�ؤدي �إىل عدم‬
‫م�سئولي ��ة منتجي وم�ستعملي هذه الأنظمة الذكية‪ ،‬وتدين حر�صهم على ت�صنيع روبوتات‬
‫غري خطرية �أو �آمنة؛ لأن امل�سئولية فـي هذه احلاالت �ستقع على هذه الكيانات الذكية(((‪.‬‬
‫ووفق� � ًا لهذا املنطق‪ ،‬ف�إن �إن�شاء �شخ�صية قانوني ��ة للروبوت الذكي املُ�ستقل ذاتي احلركة‬
‫�سيكون له ت�أثري �سلبي‪ ،‬يتمثل فـي حتويل م�سئولية ال�شركة املُ�صنعة �إىل املُ�ستخدم الوحيد‪،‬‬
‫وقد تخاطر ال�شركة امل�صنعة ب�أن تكون �أقل يقظة و�أقل حيطة ب�ش�أن جودة الروبوت الذي‬
‫�ستق ��وم بت�سويق ��ه وطرحه للتداول فـي ال�سوق‪ ،‬طاملا �أنه ‪ -‬فـ ��ي حالة حدوث �ضرر منه ‪-‬‬
‫�سيكون اجلهاز نف�سه �أو ُم�ستخدمه هو امل�سئول‪ ،‬ولي�ست ال�شركة املُ�صنعة(((‪.‬‬
‫وال �شك �أن عدم �إلقاء امل�سئولية على عاتق امل�صممني �أو املنتجني �أو مالك وم�ستخدمي‬
‫الروب ��وت الذك ��ي‪ ،‬وخ�صو�ص ًا فـي املجال الطب ��ي على �سبيل املثال‪ ،‬ونق ��ل هذه امل�سئولية‬
‫عل ��ى عاتق الروبوت نف�س ��ه �سيكون من �ش�أنه �إحداث ت�ض ��ارب قانوين‪ ،‬ورمبا ي�شجع هذه‬
‫الفئ ��ات على ت�صميم �أو �إنت ��اج وتداول روبوتات ذكية تت�سم باخلط ��ورة‪ ،‬وهو ما ال ميكن‬
‫ال�سم ��اح ب ��ه(((‪ .‬و�أخري ًا ‪ ،‬ي�شري البع� ��ض �إىل �أن جميع اللوائح القانوني ��ة احلالية القائمة‬
‫((( د‪ .‬حمم ��د حمم ��د عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ ،9‬د‪.‬‬
‫كاظم حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي نظرية احلق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.229‬‬
‫((( انظر فـي عر�ض ذلك‪ ،‬د‪ .‬معمر بن طرية‪ ،‬د‪ .‬قادة �شهيدة‪� ،‬أ�ضرار الروبوتات وتقنيات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬حتد جديد لقانون‬
‫امل�سئولية املدنية احلايل‪ ،‬ملحات فـي بع�ض م�ستحدثات القانون املقارن‪ ،‬من�شور فـي �أعمال امللتقى الدويل « الذكاء اال�صطناعي‪:‬‬
‫حتد جديد للقانون ؟ حوليات جامعة اجلزائر‪ ،‬عدد خا�ص‪� ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪(3) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( راجع فـي ذلك‪ ،‬د‪ .‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬بحث مقدم‬

‫‪280‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫فـي دول االحتاد الأوربي ‪ -‬والتي تتطلب من ال�شركة املُ�صنعة االمتثال ملُتطلبات و�شروط‬
‫ال�صح ��ة وال�سالم ��ة الأ�سا�سية عن ��د طرح الآالت للت ��داول فـي ال�س ��وق– وخا�صة توجيه‬
‫الآالت ‪ directive Machines‬لع ��ام ‪ ، 2006‬وال ��ذي يتم تنقيحه ه ��و قيد املراجعة حالي ًا‪،‬‬
‫�أو الئح ��ة الأجهزة الطبي ��ة ‪ règlement Dispositifs médicaux‬لعام ‪ – 2017‬يمُ كن �أن‬
‫تفقد معناها(((‪.‬‬
‫صعوبة منح بعض احلقوق للروبوتات املزودة بالذكاء االصطناعي ‪:‬‬
‫ع�ل�اوة على ما تقدم‪ ،‬من ب�ي�ن ما مت تقدميه كاعرتا�ض على من ��ح حقوق ال�شخ�صية‬
‫للكيان ��ات القانوني ��ة االعتبارية(((‪� ،‬أن تل ��ك الكيانات ال يمُ كنها املُطالب ��ة بالتعوي�ض عن‬
‫ال�ض ��رر املعن ��وي «‪ » la réparation d’un préjudice moral‬الذي قد ينجم عن الطبيعة‬
‫«غ�ي�ر املالية» «‪ la nature « extrapatrimoniale‬واملعنوية ‪ morale‬لهذه احلقوق‪ .‬ونتيجة‬
‫لتبن ��ي ذلك املنطق‪ ،‬ال يمُ ك ��ن �أن تكون ال�شركة �صاحبة حقوق ال�شخ�صية ‪ ،‬مما يعني �أنه‬
‫�سيتم �أخذ املفهوم النف�سي لل�ضرر املعنوي فقط فـي االعتبار(((‪.‬‬
‫وم ��ع ذل ��ك‪ ،‬ال يمُ ك ��ن �أن يقت�صر ال�ض ��رر على ه ��ذا «ال ُبع ��د ‪ »dimension‬فقط‪ ،‬كما‬
‫يت�ض ��ح من عدد م ��ن الأحكام الق�ضائي ��ة((( ‪ .‬ولقد �أثب ��ت الأ�ست ��اذ �ستوفيل‪-‬مونك ‪Ph.‬‬
‫‪ ،Stoffel-Munck‬على وجه اخل�صو�ص‪ ،‬فيما يتعلق بالأ�شخا�ص االعتبارية‪� ،‬أن « ال�ضرر‬
‫االقت�ص ��ادي ‪ préjudice économique‬لل�شخ� ��ص االعتباري يقع لأن ��ه يخ�سر من �أ�صوله‬
‫فـي الوقت الذي يتكون فيه ال�ضرر املعنوي مما يمُ ثل تعد ًيا عليه فـي كيانه‪.‬‬
‫و ُيغط ��ي ه ��ذا كل م ��ا يمُ ث ��ل تف ��رده‪ُ ،‬كل م ��ا ُي�ساهم فـ ��ي هويت ��ه اخلا�ص ��ة ‪identité‬‬
‫‪ :propre‬ثقافت ��ه وقيم ��ه و�شعارات ��ه و�صورته وما �إىل ذلك‪ .‬ومن الوا�ض ��ح والبديهي الآن‬
‫�إىل م�ؤمت ��ر اجلوانب القانونية واالقت�صادية للذكاء اال�صطناع ��ي وتكنولوجيا املعلومات‪ 23 ،‬كلية احلقوق جامعة املن�صورة‪24-،‬‬
‫مايو ‪� ،2021‬ص ‪ ،7‬د‪ .‬كاظم حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي نظرية احلق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.225‬‬
‫‪(1) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫‪(2) V. également, L. Marino, Plaidoyer pour la liberté d’expression, droit fondamental de l’entreprise, RTD Com‬‬
‫‪2011, p. 1.‬‬
‫‪(3) ) H. Martron, Les droits de la personnalité des personnes morale de droit privé, Préf. J.-C. Hallouin, LGDJ,‬‬
‫‪2011, n° 33 et s., in J.-M. Bruguière et B. Gleize, op. cit., n° 50.‬‬
‫((( راجع فـي هذا املعنى العديد من الأحكام الق�ضائية التي متت الإ�شارة �إليها فـي مقال الفقيه ‪: ,Ph.Stoffel-Munck‬‬
‫‪Ph. Stoffel-Munck : in J.- M. Bruguière et B. Gleize, Droits de la personnalité, Ellipses, Coll. Mise au point,‬‬
‫‪2015, n° 50.‬‬

‫‪281‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫�أن ه ��ذه العنا�ص ��ر موجودة بالفعل فـ ��ي حالة ال�شخ�ص االعتباري‪ ،‬حي ��ث جند �أن بع�ض‬
‫و�سمعة‪ ،‬باخت�صار �شخ�صية باملعنى االجتماعي‬ ‫الأ�شخا�ص االعتباريني لهم تاريخ وثقافة ُ‬
‫للم�صطلح‪.((( »...‬‬
‫يب ��دو �أن الفق ��ه قد انق�سم حول هذه امل�س�ألة فـ ��ي اجتاهني متباينني‪ ،‬حيث يرى فريق‬
‫�أول من الفقهاء ا�ستبعاد �إمكانية متتع ال�شخ�ص االعتباري باحلقوق الأ�سا�سية على غرار‬
‫الأ�شخا�ص الطبيعية‪ ،‬نظر ًا لأن تلك احلقوق خا�صة بالب�شر ح�صري ًا‪ ،‬و�أن هذا االعرتاف‬
‫�س ��وف يثري م�شكالت حادة �أكرث م ��ن تلك التي تثور بالن�سب ��ة للأ�شخا�ص االعتبارية(((‪.‬‬
‫بينم ��ا يرى جانب �آخ ��ر من الفقه‪ ،‬على العك�س م ��ن ذلك‪� ،‬أن من املُنا�س ��ب‪ً ،‬‬
‫قيا�سا على‬
‫ذلك جعل ال�شخ�ص االعتباري ي�ستفيد من تلك احلقوق(((‪ .‬ويبدو �أن اجتاهات الق�ضاء‬
‫ُتقدم ا�ستجابة �إيجابية ‪ réponse positive‬من خالل �أحكام عديدة مخُ تلفة‪ ،‬نحو جت�سيد‬
‫وا�ض ��ح للمجموع ��ات ‪ .(((»manifeste personnification des groupements‬وفـ ��ي هذا‬
‫ال�ص ��دد‪ ،‬جت� �دُر الإ�ش ��ارة �إىل �أن املحكمة الأوروبي ��ة حلقوق الإن�سان ق ��د اعتربت بوجه‬
‫خا� ��ص فـي حك ��م ُم�ؤَ َرخ ‪� 16‬أبري ��ل ‪� 2002‬أن هن ��اك �أ�شخا�ص اعتباري�ي�ن‪ ،‬بعد تدخالت‬
‫عدي ��دة من حُمققي الإدارة العام ��ة لل ُمناف�سة واال�ستهالك و ُمكافح ��ة الغ�ش فـي مقرات‬
‫و�أماك ��ن عمله ��م‪ ،‬كانوا قد تعر�ضوا النته ��اك املادة (‪ )8‬من االتفاقي ��ة الأوروبية حلقوق‬
‫الإن�س ��ان(((‪ .‬و ُمنذ ذلك احلني ‪ ،‬كر�س ��ت االتفاقية الأوروبية حلق ��وق الإن�سان با�ستمرار‬
‫وب�شك ��ل دائم حماية حقوق ال�شخ�صية ل�صالح الأ�شخا�ص االعتبارية‪ ،‬وال�سيما من خالل‬
‫وال�سمعة(((‪ .‬وقد حذت حمكم ��ة العدل الأوروبي ��ة ‪ CJCE‬حذوها‬ ‫حماي ��ة املُرا�س�ل�ات((( ُ‬
‫فـي �ش� ��أن حماية املعلومات ال�سرية والأ�سرار التجاري ��ة(((‪ .‬وب�صورة �أكرث عمومية ودقة‪،‬‬
‫مت ا�سته ��داف تطبيق دقي ��ق لهذه احلقوق‪ ،‬من �أجل ُمراع ��اة خ�صو�صية املجموعات‪ ،‬مع‬
‫‪(1) Ph.Stoffel-Munck, op. cit‬‬
‫((( د‪ .‬حممد حممد عبد اللطيف‪ ،‬امل�سئولية عن الذكاء اال�صطناعي بني القانون اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪(3) C. Albiges, op. cit.‬‬
‫‪(4) V. concernant la liberté d’expression : Cass. Ass. plèn., 12 juill. 2000, Bull. civ., n° 7 ; V. concernant le principe‬‬
‫‪d’égalité : Déc. Cons. const., 21 juin 1993, DC, n° 93-320 et concernant la protection du domicile : C.E.D.H., 16‬‬
‫‪avr. 2002, Société Colas Est c. France, n° 37971/97, § 41, JCP G, 2002, I, 153, obs. R. Besrour, in C. Albiges,‬‬
‫‪Introduction au droit, Larcier, 2e éd., 2015, p. 247.‬‬
‫‪(5) CEDH, 16 avr. 2002, Sté Colas Est et autres c/ France, D. 2003. Somm. 1541, obs. A. Lepage. direction générale de la‬‬
‫اإلدارة العامة لل ُمنافسة واالستهالك و ُمكافحة الغش)‪Concurrence, de la Consommation et de la Répression des fraudes (DGCCRF‬‬
‫‪(6) CEDH, 28 juin 2007, Ekimdjev c/ Bulgarie, n° 62540/00.‬‬
‫‪(7) CEDH, 19 juillet 2011, Uj c/ Hongrie, n° 23954/10.‬‬
‫‪(8) CJCE, 14 févr. 2008, Varec c/ Belgique, C-450/06.‬‬

‫‪282‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫اال�ستبع ��اد ب�شك ��ل منطقي للحقوق التي تتعلق فقط بالأ�شخا� ��ص الطبيعيني مثل احلقوق‬
‫املتعلقة باحلياة الأ�سرية على �سبيل املثال(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪� ،‬سيكون م ��ن املُمكن من ��ح بع�ض احلق ��وق للروبوتات وا�ستبع ��اد البع�ض‬
‫الآخ ��ر‪ ،‬لأن تلك احلق ��وق حمفوظة ح�صري ًا للأ�شخا�ص الطبيعي�ي�ن‪ .‬وعالوة على ذلك‪،‬‬
‫مبا �أن ال�شخ�ص االعتباري لي�س �إن�سان ًا‪ ،‬فال ميكنه ممُ ار�سة حقوقه �إال من خالل ممُ ثليه‬
‫‪ ،représentants‬الذي ��ن ه ��م حتم ًا �أ�شخا�ص طبيعيون‪ .‬ونتيج ��ة لذلك ‪ ،‬يمُ كن �أن ينطبق‬
‫ال�ش ��يء نف�سه على الروبوتات التي يمُ ك ��ن �أن تمُ ار�س حقوقها من ِق َبل ال�شخ�ص الطبيعي‬
‫�أو ال�شخ�ص االعتباري الذي ميثله‪.‬‬
‫التخوف من العواقب االقتصادية الوخيـمة التي قد تنجم عن إنش ��اء ش ��خصية‬
‫قانونية للروبوتات ‪:‬‬
‫و�أخ�ي�ر ًا‪ ،‬يحذر جان ��ب من الفقه الأوروبي م ��ن �أن �إن�شاء �شخ�صي ��ة قانونية للروبوت‬
‫�ستكون له عواقب اقت�صادية وخيمة على ال�صعيدين الوطني والدويل‪ .‬ووفق ًا لهذا الر�أي‪،‬‬
‫ف� ��إن �إدارة هذا الو�ض ��ع اجلديد �ست� ��ؤدي بالت�أكيد �إىل ن�شاط اقت�ص ��ادى كبري من حيث‬
‫االقت�ص ��اد الوطني‪ ،‬ولكنه �سيك ��ون قبل كل �شيء م�صدر ًا لأعب ��اء جديدة لل ُم�ستخدمني‪.‬‬
‫وبيان ذلك‪� ،‬أنه �إذا يمُ كن لل ُم�ستخدم املُحرتف « ‪� ،»L’utilisateur professionnel‬صاحب‬
‫�أ�سطول م ��ن الروبوتات الذكية امل�ستقلة‪ ،‬حت ُمل تكلفة �إدارة الو�ضع اجلديد لآالته‪� ،‬إال �أن‬
‫ه ��ذه القدرة املالية �ستكون نادرة فـي حالة املُ�ستهلك الب�سيط ‪simple consommateur‬‬
‫ال ��ذي ي�ستخ ��دم الروبوت الحتياجاته اخلا�صة‪ ،‬مثلما هو احل ��ال بالن�سبة ل�شخ�ص ُم�سن‬
‫م ��ع روبوت ُي�ستخدم للم�ساعدة فـي تقدمي الرعاية «‪ »robot d’assistance aux soins‬فـي‬
‫املن ��زل‪ .‬وال �ش ��ك �أن هذا الو�ضع ق ��د يدفع الأفراد لعدم اال�ستثم ��ار فـي هذه االبتكارات‬
‫التكنولوجية ‪ .innovations technologiques‬ومن الناحية الدولية‪ ،‬ف�إن �إن�شاء �شخ�صية‬
‫قانوني ��ة للروبوتات الأوروبي ��ة وحدها �س ُي�ؤثر حتم� � ًا وبال�ضرورة على الق ��درة التناف�سية‬
‫لل�شرك ��ات الأوروبي ��ة ‪ la compétitivité des entreprises européennes‬عل ��ى امل�ستوى‬
‫العاملي(((‪.‬‬
‫‪(1) J. Rochfeld, Les grandes notions du droit privé, coll. Thémis, Paris, P.U.F., 2001, p. 90 ; N. Mathey, « Les droits‬‬
‫« ‪et libertés fondamentaux des personnes morales de droit privé », RTD civ., 2008, p. 205 ; V. Wester-Ouisse,‬‬
‫‪La jurisprudence et les personnes morales – Du propre de l’homme aux droits de l’homme », JCP, 2009, I, 121.‬‬
‫‪(2) NATHALIE NEVEJANS , Le statut juridique du robot doit-il évoluer ?, LA JAUNE ET LA ROUGE , DOS-‬‬

‫‪283‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫الفرع الثاني‬
‫التوجه نحو االعتراف بشخصية قانونية خاصة للروبوتات الذكية‬
‫ال �ش ��ك �أن التطور ال ��ذي و�صلت �إليه الروبوت ��ات الذكية‪ ،‬ف�ض ًال ع ��ن التطور امل�أمول‬
‫فـ ��ي امل�ستقبل لدرجة يجعلها حتاك ��ي الب�شر‪ ،‬يعد �أمر ًا يدعو للتفك�ي�ر فـي تعزيز النظام‬
‫القان ��وين احلايل ملواجهة التحديات الت ��ي ميكن �أن يثريها الذك ��اء اال�صطناعي‪ .‬وعلى‬
‫ذل ��ك‪ ،‬يتعني �إعداد النظام القانوين ليتوافق مع التغ�ي�ر التكنولوجي الهائل حتى يتحقق‬
‫التفاعل الأمثل بني الب�شر وهذه الكائنات الذكية عند ظهور الأجيال اجلديدة منها ذات‬
‫القدرة على التفكري والتعلم والت�أقلم واتخاذ القرارات ب�شكل م�ستقل دون تدخل من قبل‬
‫الإن�س ��ان‪ .‬وال جدال فـ ��ي �أن االهتمام بتطوير الذكاء اال�صطناع ��ي وت�شجيع االبتكار فـي‬
‫ه ��ذا املجال احليوي يع ��د �ضروري ًا ال�ستمرار رخاء الب�شرية‪ ،‬م ��ع مراعاة تفادي �سلبياته‬
‫ومواجه ��ة تهديدات ��ه‪ .‬ويتطلب ذل ��ك �إن�شاء �آلي ��ة تنظيمية و�أخالقية حتك ��م عمل الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي‪ ،‬وت�ساع ��د على تطويره وحتدد وظائفه ومهامه‪ ،‬ع�ب�ر �صياغة قوانني فعالة‬
‫وو�ضع منظوم ��ة حتكم التفاعل مع الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬وت�ضمن احلفاظ على احلقوق‬
‫الأ�سا�سية للب�شر(((‪.‬‬
‫وانطالق� � ًا م ��ن هذه الر�ؤية‪ ،‬يذه ��ب جانب من الفق ��ه �إىل �ضرورة �إع ��ادة النظر فـي‬
‫املفه ��وم التقلي ��دي لل�شخ�صي ��ة القانونية ( الطبيعية – االعتباري ��ة )‪ ،‬والتفكري فـي منح‬
‫ال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة �إىل كيانات الذك ��اء اال�صطناع ��ي ب�صفة عام ��ة‪ ،‬وب�صفة خا�صة‬
‫للروبوت ��ات الذكي ��ة امل�ستقل ��ة‪ ،‬وذلك ا�ستن ��اد ًا �إىل فك ��رة الواقع االجتماع ��ي‪ ،‬وما لهذه‬
‫الكيانات من دور اجتماعي فـي احلياة العملية‪ ،‬حيث تعترب ال�شخ�صية القانونية انعكا�س ًا‬
‫للواق ��ع االجتماعي(((‪ .‬وقد �سب ��ق القول �إن مفهوم ال�شخ�ص فـ ��ي القانون مل يعد يتطلب‬
‫�صفة الإن�سانية �أو الآدمية‪ ،‬حيث مينح القانون ال�شخ�صية القانونية االعتبارية ملجموعات‬
‫‪SIER , Robotique et intelligence artificielle , Décembre 2019 N° 750, pp. 40-43 ; article disponible sur le site‬‬
‫‪suivant :‬‬
‫‪https://www.lajauneetlarouge.com/wp-content/uploads/2019/11/La_jaune_et_la_rouge_750_40-43.pdf‬‬
‫((( راج ��ع د‪ .‬عب ��د اهلل �سعيد عبد اهلل ال ��وايل‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار تطبيقات الذكاء اال�صطناع ��ي فـي القانون الإماراتي‪،‬‬
‫درا�سة حتليلية مقارنة‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪� ،2021 ،‬ص ‪ ،267‬د‪ .‬كاظم حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي‬
‫نظرية احلق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 215‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪(2) Francisco Andrade, Paulo Novais, José Machado, José Neves, Intelligent Contracting: Software Agents, Cor-‬‬
‫‪porate Bodies And Virtual Organizations, Establishing the Foundation of Collaborative Networks IFIP, Gui-‬‬
‫‪marães, Portugal, Springer US, Vol. 243, 2007. p.219‬‬

‫‪284‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫من الأ�شخا�ص �أو الأموال‪ ،‬متى توافرت لها اخل�صائ�ص االجتماعية لل�شخ�ص الطبيعي‪،‬‬
‫فتك ��ون لها هوية خا�صة وهدف مع�ي�ن ت�سعى لتحقيقه‪ .‬ويعرتف القان ��ون لهذه الكيانات‬
‫ب�شخ�صي ��ة قانونية م�ستقلة عن الأ�شخا�ص الذين تتكون منهم‪� ،‬أو الذين ميثلونها‪ ،‬وتكون‬
‫لها �إرادة خا�صة وكل �صفات ال�شخ�صية القانونية الأخرى(((‪ .‬ويعني ذلك‪� ،‬أن امل�شرع قد‬
‫اع�ت�رف لكيانات معنوي ��ة بال�شخ�صية القانونية على الرغم من ع ��دم امتالكها الإدراك‬
‫والإرادة والوع ��ي‪ ،‬ولكن ا�ستدعى ذلك احلاجة االجتماعي ��ة واالقت�صادية ودورها الهام‬
‫فـي احلياة اليومية(((‪.‬‬
‫ً‬
‫أوال‪ -‬أسانيد االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات الذكية ‪:‬‬
‫عل ��ى عك�س التي ��ار الراف�ض ملنح الذك ��اء اال�صطناعي ال�شخ�صي ��ة القانونية‪ ،‬ظهرت‬
‫وتعال ��ت على اجلان ��ب الآخر العديد من الأ�ص ��وات التي تنادي‪� ،‬س ��واء بطريقة �صريحة‬
‫�أو �ضمني ��ة‪ ،‬بت�أييد االعرتاف لأنظمة الذكاء اال�صطناع ��ي بال�شخ�صية القانونية‪ ،‬بحيث‬
‫يكون له ��ا القدرة على اكت�ساب احلقوق والتحمل بااللتزام ��ات‪ .‬وا�ستندت هذه الدعوات‬
‫�إىل عدد من املربرات والأ�سانيد‪ ،‬نعر�ضها فيما يلي ‪:‬‬
‫فصل الشخصية القانونية عن الطبيعة البشرية ‪:‬‬
‫انطالق� � ًا م ��ن فكرة «�أن كل الب�شر ه ��م �أ�شخا�ص‪ ،‬ولكن لي� ��س كل الأ�شخا�ص بب�شر»‪،‬‬
‫و�أن الإن�س ��ان يكت�س ��ب احلقوق ويتحمل بااللتزام ��ات بحكم هويت ��ه الإن�سانية‪ ،‬و�أن فكرة‬
‫ال�شخ�صية القانونية ما هي �إال حيلة قانونية من ت�صور الإن�سان واعتمدها امل�شرع لتنظيم‬
‫املجتم ��ع‪ ،‬يح ��ق لن ��ا �أن نت�ساءل ما ال ��ذي مينع من ا�ستعم ��ال حيلة �أخ ��رى وتغيري البيئة‬
‫نوعا جديدً ا من الأ�شخا�ص مل‬ ‫القانوني ��ة احلالية والو�صول �إىل بناء قانوين جدي ��د يقبل ً‬
‫يعرف ��ه القانون من قبل‪ ،‬بحي ��ث يتم قبول كيانات الذكاء اال�صطناع ��ي امل�ستقلة وب�صفة‬
‫خا�ص ��ة االجيال اجلديدة من الروبوتات الذكية �ضمن فئة الأ�شخا�ص‪ ،‬حيث �إن الروبوت‬
‫لي�س �إن�سان ًا ولي�س حيوان ًا‪ ،‬و�إمنا هو نوع جديد ميثل فئة قانونية جديدة(((‪.‬‬

‫((( راج ��ع د‪ .‬نوال جمدوب‪� ،‬إ�شكاالت امل�سئولية القانونية عن تطبيقات نظم الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬املركز اجلامعي مغنية اجلزائر‪،‬‬
‫املجموع ��ة العلمية للن�شر والتوزيع‪� ،2022 ،‬ص ‪ 66‬وما بعده ��ا‪ ،‬د‪ .‬كاظم حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي‬
‫نظرية احلق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.220‬‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.133‬‬
‫((( د‪ .‬فطيم ��ة ن�س ��اخ‪ ،‬ال�شخ�صية القانونية للكائن اجلدي ��د « ال�شخ�ص االفرتا�ضي والروبوت»‪ ،‬جملة الأ�ست ��اذ الباحث للدرا�سات‬
‫القانونية وال�سيا�سية‪ ،‬جامعة اجلزائر ‪ ،1‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪ ،1‬ال�سنة ‪� ،2020‬ص ‪.220‬‬

‫‪285‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫وفـ ��ي الت�شريع ��ات احلديثة‪� ،‬أ�صبح م ��ن نافلة القول �إن ال�شخ�صي ��ة القانونية ال تثبت‬
‫للإن�س ��ان فق ��ط‪ ،‬بل تثبت �أي�ض� � ًا لكائنات غ�ي�ر �إن�سانية‪ .‬وعلى ذل ��ك‪ ،‬مل يعد االعرتاف‬
‫بال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة يقت�ص ��ر عل ��ى الب�ش ��ر ب ��ل امت ��د لي�شمل كيان ��ات �أخ ��رى تتمتع‬
‫باال�ستقاللي ��ة ع ��ن الأ�شخا�ص املكونني لها‪ ،‬ومتار�س �أن�شط ��ة قانونية‪ ،‬ن�ش�أت من اجتماع‬
‫جمموعة من الأ�شخا�ص الطبيعيني‪� ،‬أو من تخ�صي�ص جمموعة من الأموال لإجناز هدف‬
‫معني بغ�ض النظر عن �شخ�صية من قام بتخ�صي�ص هذه الأموال(((‪.‬‬
‫وجت ��در الإ�ش ��ارة فـي هذا املق ��ام �إىل �أن بع� ��ض الت�شريعات احلديثة ق ��د اجتهت �إىل‬
‫االع�ت�راف بال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة للطبيعة �أو بع� ��ض عنا�صرها‪ ،‬حي ��ث ي�سهم ذلك فـي‬
‫ت�سهي ��ل الدفاع عن احلقوق القانونية للطبيعة ق�ضائي ًا(((‪ .‬وفـي هذا ال�ش�أن منح الد�ستور‬
‫الإكوادوري‪ ،‬ال�صادر عام ‪ ،2008‬ال�شخ�صية القانونية للطبيعة؛ حيث اعرتف لها باحلق‬
‫فـي احرتام تكامل وجودها‪ ،‬واملحافظ ��ة وتنامي دوائرها احليوية‪ ،‬وتكوينها‪ ،‬ووظائفها‪،‬‬
‫وعملي ��ات تطورها‪ .‬وم ��ن جانبه‪ ،‬يعرتف القان ��ون البوليفـي للطبيع ��ة باحلق فـي احلياة‬
‫والتن ��وع والت ��وازن‪ ،‬واحل�ص ��ول على املياه واله ��واء ال�صافـ ��ي‪ ،‬والت�أهي ��ل والوجود بدون‬
‫تلوث(((‪.‬‬
‫واجلدير بالذكر ‪-‬كذلك‪� -‬أنه ال ي�شرتط لثبوت و�صف ال�شخ�ص القانوين لكائن معني‬
‫�أن تثب ��ت له ال�صالحية والقدرة على اكت�ساب جميع احلقوق والتحمل بجميع الواجبات‪،‬‬
‫ولكن يكفـي للتمتع بال�شخ�صية �أن تتوافر له ال�صالحية لك�سب حق واحد(((‪ .‬وال جدال �أن‬
‫م�صطل ��ح ال�شخ�ص وم�صطلح الإن�سان لي�س مرتادف�ي�ن‪ ،‬و�أن مناط ال�شخ�صية القانونية‬
‫�إمنا هو القيمة االجتماعية‪ .‬وغني عن البيان �أن ال�شخ�ص الطبيعي ( الإن�سان ) موجود‬
‫قب ��ل �أن تعطى له ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬و�أن االع�ت�راف لل�شخ�ص االعتباري بال�شخ�صية‬

‫((( د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�سن‪ ،‬واقع ال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.142‬‬
‫((( راج ��ع فـي ه ��ذا املو�ضوع ‪ :‬د‪ .‬ر�ضا حممود العبد‪ ،‬نح ��و االعرتاف باحلقوق القانونية للطبيعة‪ ،‬ورق ��ة بحثية مقدمة �إىل امل�ؤمتر‬
‫الدويل ال�سنوي الثاين والع�شرين‪ ،‬لكلية احلقوق جامعة املن�صورة‪ ،‬بعنوان « اجلوانب القانونية واالقت�صادية للتغريات املناخية»‬
‫وال ��ذي ُعقد يومي ‪ 20-19‬مار� ��س ‪ ،2023‬و�أي�ضا د‪ .‬ر�ضا حممود العبد‪ ،‬احلماية القانونية للطبيعة‪ ،‬بحثنا قيد الن�شر فـي جملة‬
‫كلية احلقوق جامعة مدينة ال�سادات‪ ،‬عدد يونيو ‪.2023‬‬
‫((( د‪ .‬حمم ��د حمم ��د عبد اللطيف‪ ،‬دعاوى املناخ‪ ،‬دار النه�ضة العربية‪ ،‬القاه ��رة‪� ،2021 ،‬ص ‪ ،92‬د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�سن‪،‬‬
‫واقع ال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.148‬‬
‫((( د‪� .‬سهام دربال‪� ،‬إ�شكالية االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوت الذكي‪ ،‬جملة االجتهاد الق�ضائي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.457‬‬

‫‪286‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫القانوني ��ة دليل على �أن مفهوم ال�شخ�صية هو مفه ��وم جمرد‪ ،‬حيث �إن مناط ال�شخ�صية‬
‫القانونية لي�س الإدراك وال الإرادة وال ال�صفة الإن�سانية(((‪.‬‬
‫القياس على الشخصية القانونية االعتبارية‪:‬‬
‫«�صدعا»‬
‫ً‬ ‫ال �شك �أن االع�ت�راف بال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي �سوف ميثل‬
‫فـي التق�سي ��م التقليدي للقانون الذي �أكدت عليه املفو�ضية الأوروبية والربملان الأوروبي‪،‬‬
‫حي ��ث يعرتف القانون بنوعني فقط من الأ�شخا�ص هما الأ�شخا�ص الطبيعية والأ�شخا�ص‬
‫االعتباري ��ة‪ .‬وي�ؤدي تو�صيف وتكييف كيان غري حي مثل �شركة جتارية ( �شركة ال�شخ�ص‬
‫الواح ��د ذات امل�سئولية املح ��دودة ‪� -‬شركة ذات امل�سئولية املح ��دودة ‪� -‬شركة ُم�ساهمة)‬
‫ك�شخ� ��ص اعتب ��اري‪� ،‬إىل �ش ��رح وتو�ضي ��ح االختي ��ار التحكم ��ي «‪»un choix arbitraire‬‬
‫للإن�س ��ان ال ��ذي ُيق ��رر‪ ،‬م ��ن خ�ل�ال احليل ��ة القانوني ��ة « ‪ ،» fiction juridique‬منح هذا‬
‫الكي ��ان االعتب ��اري �سمات تنتمي بطبيعة احلال للإن�سان‪ .‬ويذه ��ب �أن�صار نظرية املجاز‬
‫�أو االفرتا� ��ض القان ��وين �إىل �أن الإن�سان ي�سن ��د‪ ،‬ال�شخ�صية االعتباري ��ة‪� ،‬إىل الأ�شخا�ص‬
‫ال�صوري ��ة « ‪ »personnes fictives‬لأنها تك ��ون مر�آة لنف�سه‪ ،‬حيث �إن ال�شخ�ص االعتباري‬
‫هو فقط نتيجة الن�شاط الب�شري ويعمل ل�صالح �أو حتت �سيطرة الب�شر‪ .‬ويرى هذا الفقه‬
‫�أن �أي ُمنظم ��ة دولي ��ة لي�ست �سوى انعكا� ��س للب�ش ��ر « ‪ »projection des humains‬الذين‬
‫يقومون بتوجيهها و�إدارتها‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬يقوم الإن�س ��ان بتحري ��ك و�إدارة بني ��ة غ�ي�ر ب�شري ��ة « ‪structure non‬‬
‫‪ » humaine‬من خالل قرار مجُ رد وحتكمي و�شخ�صي « ‪décision abstraite, arbitraire‬‬
‫‪ .(((» et personnelle‬وانطالق ًا من هذا املنطق‪ ،‬ب�سط املُ�شرع مفهوم ال�شخ�صية القانونية‬
‫م ��ن خالل من ��ح ال�شخ�صي ��ة القانونية االعتباري ��ة لكيانات عديدة؛ حي ��ث مت االعرتاف‬
‫للجمعي ��ات وال�شركات التجاري ��ة والنقابات العمالي ��ة بال�شخ�صية القانوني ��ة االعتبارية‬
‫عل ��ى الرغم م ��ن عدم وجود �ش ��يء ُيقربها م ��ن الإن�س ��ان(((‪ .‬وقد كان من ��ح ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة فـي هذه احل ��االت �أمر ًا �ضروري ًا ملنحه ��م حقو ًقا والتزام ��ات خا�صة حُ َ‬
‫وم َد َدة‬
‫((( د‪ .‬فطيمة ن�ساخ‪ ،‬ال�شخ�صية القانونية للكائن اجلديد « ال�شخ�ص االفرتا�ضي والروبوت»‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.221‬‬
‫‪(2) (Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫‪(3) (M. CAHEN, « Vers la création d’un droit sui generis. Cependant, le robot pourrait-il être assimilé à une per-‬‬
‫‪sonne morale ? », cité par Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de‬‬
‫‪MASTER Droit du patrimoine, Université de La Réunion, 2017, p. 15.‬‬

‫‪287‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫له ��ذه الكيان ��ات‪ .‬ومنذ ذلك احلني‪� ،‬أ�صب ��ح لهذه الكيانات القانوني ��ة �شخ�صية اعتبارية‬
‫وبطاق ��ة هُ وية حقيقي ��ة « ‪ »véritable carte d’identité‬والتي تحُ دد اال�سم‪ ،‬والذمة املالية‬
‫‪ ،un patrimoine‬واملوطن �أو املقر ‪.((( domicile‬‬
‫وجدي ��ر بالذكر �أن ال�شخ�ص االعتب ��اري يتمتع بال�شخ�صية القانونية الالزمة لتحقيق‬
‫�أهدافه؛ حي ��ث تن�ش�أ ال�شخ�صية االعتبارية لتحقيق غر�ض معني‪ ،‬ومثال ذلك جمموعات‬
‫الأم ��وال ( الأوق ��اف ) الت ��ي تخ�ص� ��ص لغر�ض م ��ن �أغرا�ض ال�ب�ر‪ ،‬و�أي�ض� � ًا جمموعات‬
‫الأ�شخا� ��ص الت ��ي قد يتمثل الغر�ض منها فـي حتقيق الرب ��ح ( ال�شركات ) �أو املنفعة غري‬
‫الربحي ��ة ( اجلمعيات )‪ .‬وال تدخل ه ��ذه الكيانات االعتبارية فـي نطاق احلياة القانونية‬
‫�إال من خالل اعرتاف امل�شرع بها �سواء كان هذا االعرتاف عام ًا �أو خا�ص ًا(((‪.‬‬
‫م ��ن ناحي ��ة �أخرى‪ ،‬ميكن الق ��ول �إن اكت�ساب الروبوتات الذكي ��ة امل�ستقلة لل�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة يعني �إف�ساح املجال لعن�صر فعال فـي املجتمع؛ حيث ينتج عن ذلك وجود كيان‬
‫قان ��وين يتمتع باحلقوق‪ ،‬بجانب ال�شخ�صية الطبيعية التي تفيد جميع الب�شر بالنظر �إىل‬
‫�صفته ��م الإن�سانية‪ ،‬وبجانب ال�شخ�صية الوظيفية للكيان ��ات املعنوية التي يحدد القانون‬
‫�ش ��روط اكت�سابها‪ .‬وي�ؤدي منح ال�شخ�صية القانونية لأنظم ��ة الذكاء اال�صطناعي ب�صفة‬
‫عامة والروبوتات الذكية ب�صفة خا�صة‪� ،‬إىل قدرة الكيان الذكي الذي ي�ستفيد منها على‬
‫اكت�ساب احلقوق والتحمل بااللتزامات‪.‬‬
‫االستناد إلى سمات االستقاللية وحرية صنع القرار التي يتـمتع بها الذكاء االصطناعي ‪:‬‬
‫وذهب البع�ض �إىل �أن �أ�سا� ��س االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوت الذكي يكمن‬
‫فـي درجة اال�ستقاللية التي يتمتع بها وقدرته على اتخاذ القرارات بحرية؛ حيث تربر هذه‬
‫اال�ستقاللي ��ة‪ ،‬التي يتمتع بها الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬تطبيق قواعد قانونية قريبة من تلك‬
‫اخلا�ص ��ة بالب�شر مع وجود مرجعية �أخالقية وثقافية‪ .‬وجدير بالذكر �أن متتع الروبوتات‬
‫الذكي ��ة باال�ستقاللي ��ة‪ ،‬وحرية �صنع الق ��رار « ‪ » liberté décisionnelle‬ق ��د �شهد تزايد ًا‬
‫كب�ي ً�را فـي ال�سنوات الأخ�ي�رة‪ .‬ويق�صد با�ستقاللية الروبوت الذك ��ي وفق ًا للقانون املدين‬
‫الأوروب ��ي للروبوتات قدرته على اتخاذ القرارات وتنفيذه ��ا ب�شكل م�ستقل دون �أي ت�أثري‬
‫خارج ��ي ودون تدخ ��ل الإن�سان(((‪ .‬من جه ��ة ثانية‪ ،‬يتم تعريف مفه ��وم اال�ستقاللية «‪La‬‬

‫‪(1) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,‬‬
‫‪Université de La Réunion, 2017, p. 15.‬‬
‫((( د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�سن‪ ،‬واقع ال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.144‬‬
‫‪(3) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,‬‬

‫‪288‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫‪ » notion d’autonomie‬من خالل معيار �أيزو ‪ 2012 :8373‬ب�أنه القدرة على �أداء املهام‬
‫املُ َجد َو َل ��ة اعتبار ًا من احلالة الراهنة واالكت�شاف ��ات‪ ،‬دون تدخل ب�شري‪ .‬وبعبارة �أخرى‪،‬‬
‫يتخ ��ذ الروبوت الذكي قرار ًا ب�ش�أن الإجراء ال ��ذي �س ُينفذه‪ ،‬ويجب �أن يكون هذا الإجراء‬
‫الأك�ث�ر عقالنية قدر الإمك ��ان « ‪ .(((» la plus rationnelle possible‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬ف�إن‬
‫الروب ��وت الذكي �سيكون قاد ًرا عل ��ى اتخاذ هذه القرارات بحرية‪ ،‬حي ��ث �سيكون الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي قاد ًرا على الإدراك والعقل ‪ -‬على النح ��و الأمثل‪ ،‬من �أجل حتديد الإجراء‬
‫الأك�ث�ر مالءم ��ة والت�أكي ��د فـي نهاية الأم ��ر على اجلانب�ي�ن الإيجابي وال�سلب ��ي فـي ذلك‬
‫الإج ��راء‪ .‬ومن هذا املُنطلق‪� ،‬سيعمل الذكاء اال�صطناع ��ي �أي�ض ًا على تطوير قدرة التع ُلم‬
‫‪ capacité d’apprentissage‬الت ��ي ُتزيد من ذكاء الروب ��وت وتقويه وتعززه‪ .‬وعلى الرغم‬
‫م ��ن �أن الذك ��اء اال�صطناعي يتم تقيي ��ده وحتديد نطاق حريته وح�ص ��ره �ضمن احلدود‬
‫الت ��ي و�ضعها الإن�سان ل ��ه‪� ،‬إال �أنه من ال�صعب التنب�ؤ بفعل الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬حيث ال‬
‫يمُ ك ��ن التنب�ؤ ب�سلوكه ب�شكل كامل‪ ،‬حيث �إن حري ��ة الروبوت الذكي تبقى قائمة وموجودة‬
‫‪ résiduelle‬ويمُ كنه ممُ ار�سة هذه احلرية فـي اتخاذ القرارات امل�ستقلة دون تدخل ب�شري‬
‫ب�شكل غري متوقع(((‪.‬‬
‫وعل ��ى ذل ��ك‪ ،‬يرى البع�ض �أن ��ه كلما كان الروب ��وت الذكي قادر ًا على اتخ ��اذ القرارات‬
‫وتنفيذه ��ا دون تدخل الإن�سان‪ ،‬فال ميك ��ن اعتباره من قبيل ( ال�شيء ) املراقب من جانب‬
‫الغ�ي�ر‪� ،‬س ��واء كان هذا الغري ه ��و ال�صانع �أو امل�صم ��م �أو املالك �أو امل�ستخ ��دم‪ ،‬وطاملا كان‬
‫الروبوت م�ستق ًال على هذا النحو ويتمتع بوعي ذاتي و�إرادة م�ستقلة ف�إنه يكون �أه ًال للتمتع‬
‫بال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة(((‪ .‬ويعزز هذه الأهلي ��ة للتمتع بال�شخ�صية القانوني ��ة ما تتمتع به‬
‫الروبوت ��ات الذكي ��ة من �سم ��ات وخ�صائ�ص فريدة كالق ��درة على التمت ��ع الذاتي وتخزين‬
‫املعلوم ��ات والبيان ��ات ال�ضخمة‪ ،‬واكت�س ��اب املعارف من اخلربات املرتاكم ��ة‪ ،‬والتكيف مع‬
‫البيئ ��ة املحيطة‪ ،‬والقدرة على االبتكار والإبداع ال ��ذي يجعلها قادرة على اتخاذ القرارات‬
‫امل�ستقل ��ة بحرية(((‪ .‬وميكن الق ��ول �إن التفكري فـي منح ال�شخ�صي ��ة القانونية ا�ستناد ًا �إىل‬
‫‪Université de La Réunion, 2017, p. 17.‬‬
‫‪(1) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,‬‬
‫‪Université de La Réunion, 2017, p. 17.‬‬
‫‪(2) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,‬‬
‫‪Université de La Réunion, 2017, p. 17.‬‬
‫((( د‪ .‬فطيم ��ة ن�س ��اخ‪ ،‬ال�شخ�صي ��ة القانونية للكائن اجلديد «ال�شخ� ��ص االفرتا�ضي والروبوت»‪ ،‬مرجع �ساب ��ق‪� ،‬ص ‪ ،221‬د‪ .‬كاظم‬
‫حمدان �صدخان البزوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناعي فـي نظرية احلق‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.217‬‬
‫((( د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�سن‪ ،‬واقع ال�شخ�صية القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.158‬‬

‫‪289‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫ التي يتمتع بها الروبوت‬la liberté décisionnelle ‫درج ��ة اال�ستقاللية وحرية �صنع الق ��رار‬
.(((‫ ولكن ميثل �أي�ض ًا توجه ًا فل�سفي ًا واجتماعي ًا‬،‫ لي�س فقط جزء ًا من االجتاه القانوين‬،‫الذكي‬
‫ مثل‬،‫ ع�َّب�رَّ بع� ��ض الفال�سفة عن م ��دى مالءمة من ��ح حقوق للروب ��وت‬،‫وفـ ��ي الواق ��ع‬
‫ الذي يرى �أنه «عندما‬Patrick LINK ‫الباح ��ث والفيل�سوف فـي كاليفورنيا باتريك لينك‬
،‫ قد يكون من املعقول �إ�سناد امل�سئولية للروبوت نف�سه‬،‫ُت�صبح الروبوتات �أكرث ا�ستقاللية‬
‫�أي �أن ��ه يك ��ون قادر ًا على �إظه ��ار ما يكفـي م ��ن اخل�صائ�ص وال�سمات الت ��ي تحُ دد عادة‬
‫ �أن ��ه « من خالل‬Olivier SARRE ‫ وي ��رى الربوفي�س ��ور �أوليفييه �س ��اري‬.(((»‫ال�شخ�صي ��ة‬
،‫ وبغ�ض النظر ع ��ن الطريقة التي يتم بها ت�ص ��ور هذه احلقوق‬،‫من ��ح حقوق للروبوت ��ات‬
.(((‫ فـي من ��ط وجود كائن تقني‬impératifs moraux ‫يتم �إدخال ال�ض ��رورات الأخالقية‬
‫ويح ��اول البع�ض تقريب ه ��ذه الفكرة التي تعتم ��د على معيار اال�ستقاللي ��ة واحلرية فـي‬
»tendance sartrienne « ‫اتخ ��اذ القرار من �أفك ��ار الفيل�سوف ال�شهري جون بول �سارت ��ر‬
‫ حتى‬néant ‫ وبالعدم‬،conscience ‫ُم�ؤ�س�س املدر�سة الوجودي ��ة والذي كان ُمهتما بالوعي‬
‫ وت�ستن ��د نظرية �سارتر‬.ce qu’est un être ‫يتمك ��ن م ��ن حتديد وتعري ��ف ماهية الكائ ��ن‬
‫م َد َدة ُم�سبق ًا‬
َ ُ‫ ُح َرة ولي�س ��ت ح‬actions de l’homme ‫�إىل حقيق ��ة �أن ت�صرفات الإن�س ��ان‬
théorie à « ‫ يرى البع�ض �أنه �إذا قربنا هذه النظرية‬،‫ وعلى ذلك‬.(((‫و�أنه ��ا ُت�شكل وج ��وده‬
،‫ » �إىل مفه ��وم ُحرية اتخ ��اذ القرار من جانب الروبوت الذكي‬la liberté décisionnelle
.(((‫ف ُيمكن القول �إن الروبوت ال ميكن اعتباره �شيئ ًا عادي ًا �ضمن فئة الأ�شياء‬

(1) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,
Université de La Réunion, 2017, p. 17.
(2) ) P. LINK Robot Ethics: The Ethical and Social Implications of Robotics « as robots become more autonomous, it
may be plausible to assign responsibility to the robot itself, that is, if it is able to exhibit enough of features that typi-
cally define personhood », Cite par Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire
de MASTER Droit du patrimoine, Université de La Réunion, 2017, p. 18. P. LINK Robot Ethics: The Ethical and
Social Implications of Robotics « as robots become more autonomous, it may be plausible to assign responsibility
to the robot itself, that is, if it is able to exhibit enough of features that typically define personhood».
(3) http://www.implications-philosophiques.org/recherches/le-droit-des-robots/droits-des-robots-et- hypermoder-
nite/
Cite par, Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du
patrimoine, Université de La Réunion, 2017, p. 18.
(4) SARTE, l’être et le néant, essai d’ontologie phénoménologique 1943, Cite par Charlotte TROI, Le Droit à
l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine, Université de La Réunion,
2017, p. 18.
(5) Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine,
Université de La Réunion, 2017, p. 18.

290
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ووف ًق ��ا لهذا النهج‪ ،‬يدع ��و �آالن بن�سو�س ��ان ‪� Alain Bensoussan‬إىل �إن�شاء �شخ�صية‬
‫الروب ��وت فـي القان ��ون الو�ضع ��ي ‪ .droit positif‬وتن� ��ص املادة (‪ )2‬من م�ش ��روع امليثاق‬
‫املق�ت�رح عل ��ى �أن « الروبوت هو كائ ��ن ا�صطناعي يتمتع ب�شخ�صي ��ه قانونية خا�صة يطلق‬
‫عليه ��ا �شخ�صية الروب ��وت ‪ .la personnalité robot‬ويكون للروب ��وت ا�سم ورقم تعريفـي‬
‫‪ numéro d’identification‬ور�أ� ��س مال وممُ ثل قانوين ‪ représentant légal‬والذي يمُ كن‬
‫�أن يكون �شخ�ص ًا طبيعي ًا لل�شخ�ص االعتباري»‪ .‬وبالتايل ‪ ،‬ف�إن الروبوت الذكي �سيكون له‬
‫فئة جديدة تتكيف وتتوافق مع خ�صو�صيته(((‪.‬‬
‫االستناد إلى الضرورات العملية التي تبرر منح الشخصية القانونية للذكاء االصطناعي ‪:‬‬
‫يتمثل الهدف من االعرتاف بال�شخ�صي ��ة القانونية لأنظمة الذكاء اال�صطناعي لي�س‬
‫أي�ضا فـي حماية الذكاء اال�صطناعي‬ ‫فـي جمرد منحها جمموعة من احلقوق‪ ،‬ولكن يتمثل � ً‬
‫ذاته من اعتداء الغري‪ ،‬وفـي نف�س الوقت حماية الإن�سان عن طريق �إمكانية تلك الأنظمة‬
‫م ��ن خالل حتديد امل�سئ ��ول عن الأ�ضرار الت ��ي ت�سبب فيها الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬والذي‬
‫ميك ��ن الرجوع عليه للمطالب ��ة بتعوي�ض امل�ضرور م ��ن �أخطاء هذه الكيان ��ات الذكية(((‪.‬‬
‫وعلى هذا الأ�سا�س‪ ،‬يتم االنتقال من مرحلة امل�سئولية ب�سبب عمل الروبوتات �إىل مرحلة‬
‫م�سئولي ��ة الروبوتات ذاتها ع ��ن تعوي�ض كافة الأ�ضرار التي قد تلح ��ق بالغري‪ ،‬مما يعني‬
‫�أن ت�صب ��ح للروبوتات ذمة مالي ��ة‪ .‬وجدير بالذكر �أن القانون امل ��دين الأوربي للروبوتات‬
‫�أك ��د على �أنه فـي احلاالت التي ميكن فيه ��ا للروبوتات �أن تتخذ قرارات م�ستقلة‪� ،‬ستكون‬
‫القواع ��د العامة للم�سئولي ��ة القانونية التقليدية غري كافية لأنها لن ت�ستطيع حتديد هوية‬
‫ال�شخ�ص امل�سئول عن تعوي�ض ال�ضرر(((‪.‬‬
‫وال ج ��دال �أن احلاج ��ة امللح ��ة ل�ضم ��ان حماي ��ة فعال ��ة للمجتمع م ��ن الآث ��ار ال�سلبية‬
‫لال�ستخ ��دام املف ��رط لأنظم ��ة الذك ��اء اال�صطناع ��ي ب�صفة عام ��ة والروبوت ��ات الذكية‬
‫ب�صف ��ة خا�صة حتتم �ضرورة متييز هذه الكيان ��ات الذكية بقواعد م�ستحدثة تتنا�سب مع‬
‫خ�صو�صيته ��ا وذاتيته ��ا‪ ،‬ومبا يتنا�سب م ��ع املخاطر وامل�شكالت القانوني ��ة التي يمُ كن �أن‬
‫‪(1) Projet de Charte des droits des robots. A. BENSOUSSAN, Charlotte TROI, Le Droit à l’épreuve de l’intelligence‬‬
‫‪artificielle , mémoire de MASTER Droit du patrimoine, Université de La Réunion, 2017, p. 20.‬‬
‫((( ) راجع فـي عر�ض هذه احلجج‪ ،‬د‪ .‬حممود ح�سن ال�سحلي‪� :‬أ�سا�س امل�سئولية املدنية للذكاء اال�صطناعي امل�ستقل‪ ،‬قوالب تقليدية‬
‫�أم ر�ؤية جديدة‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪ 119‬وما بعدها‪.‬‬
‫((( د‪� .‬سهام دربال‪� ،‬إ�شكالية االعرتاف بال�شخ�صية القانونية للروبوت الذكي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.461‬‬

‫‪291‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫يثريها انت�شار الذكاء اال�صطناعي فـي �شتى املجاالت‪ ،‬والتي قد تف�شل القواعد القانونية‬
‫التقليدية عن مواجهتها(((‪.‬‬
‫االقتص ��ار على نط ��اق محدود للحق ��وق التي تتناس ��ب مع الش ��خصية القانونية‬
‫للذكاء االصطناعي ‪:‬‬
‫ك ��ن �أن ُيقدمه قان ��ون ال�شخ�صية ه ��ذا ‪droit de la‬‬ ‫م ��ن خ�ل�ال الت�س ��ا�ؤل ب�ش�أن ما يمُ‬
‫‪ personnalité‬فـي املُ�ستقبل للأ�شخا�ص االعتبارية(((‪ ،‬فقد فتح بع�ض الفقهاء �أي�ض ًا باب‬
‫التفكري فيما يتعلق مبنح حقوق ال�شخ�صية ‪ droits de la personnalité‬لروبوتات « ُ�صنع‬
‫بحرية»‪ .‬وفـ ��ي الواقع‪ ،‬فيما يتعل ��ق بالأ�شخا�ص االعتبارية‪ُ ،‬يو�ض ��ح لنا �أن هناك‬ ‫الق ��رار ُ‬
‫طريقتني لبناء حقوق ال�شخ�صية ل�صالح الأ�شخا�ص االعتبارية(((‪.‬‬
‫�سيك ��ون م ��ن املُمك ��ن‪� ،‬أو ًال وقب ��ل كل �شيء‪ ،‬اال�ستله ��ام من امل ��ادة ‪ ( 19‬فقرة ‪ )3‬من‬
‫القان ��ون الأ�سا�سي الأمل ��اين ‪ ،la loi fondamentale allemande‬والتي مبوجبها يمُ كن �أن‬
‫تنتمي احلقوق الأ�سا�سية ‪� droits fondamentaux‬إىل �أ�شخا�ص اعتبارية بقدر ما ت�سمح‬
‫ب ��ه طبيع ��ة هذا احلق(((‪ .‬على �سبي ��ل املثال‪� :‬سيتم ا�ستبعاد احلق ��وق التي تفرت�ض وجود‬
‫ج�س ��م بيولوج ��ي ‪ ،corps biologique‬وب�شك ��ل عام �سيتم ا�ستبعاد احلق ��وق التي تقت�ضي‬
‫االنتم ��اء �إىل الإن�سانية‪ .‬وفـ ��ي �ضوء هذا املفهوم‪ ،‬ال يمُ كن �أن تك ��ون هناك حقوق خا�صة‬
‫ترتبط باجلانب احل�سي �أو العقلي �أو بامل�شاعر الإن�سانية والتي ال ميكن ت�صورها بالن�سبة‬
‫لروبوتات اتخاذ القرارات با�ستقالل وحرية‪.‬‬
‫�إن الطريقة الثانية التي مت عر�ضها تعترب فـي هذا ال�صدد �أكرث �إثارة لالهتمام؛ حيث‬
‫تتمثل فـ ��ي اعتبار �أن حقوق ال�شخ�صية هي �أدوات �ضروري ��ة لتحقيق الهدف االجتماعي‬
‫وينجم عن هذه الطريقة‬ ‫‪ l’objet social‬للكيانات القانونية االعتبارية « ‪ُ »entités morales‬‬

‫((( د‪ .‬حمم ��د حمم ��د القطب م�سعد‪ ،‬م ��دى مالءمة قواعد امللكية الفكري ��ة فـي مواجهة حتديات الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬جملة كلية‬
‫ال�شريع ��ة والقان ��ون‪ ،‬فرع جامعة الأزه ��ر بطنطا‪ ،‬العدد ‪�� � ،2021 ،36‬ص ‪ ،85‬د‪ .‬ح�سام الدين حممود ح�س ��ن‪ ،‬واقع ال�شخ�صية‬
‫القانونية للذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.158‬‬
‫‪(2) J.-M. Bruguière et B. Gleize, Droits de la personnalité, Ellipses, Coll. Mise au point, 2015, p. 54 et s.‬‬
‫((( حول هذه املالحظة بخ�صو�ص احلقوق الأ�سا�سية للأ�شخا�ص االعتباريني ‪ ،‬انظر‪:‬‬
‫‪X. Dupré de Boulois, « Les droits fondamentaux des personnes morales », Revue électronique des droits et‬‬
‫‪libertés fondamentaux.‬‬
‫‪(4) V. pour approfondir, J.-M. Bruguière et B. Gleize, Droits de la personnalité, Ellipses, Coll. Mise au point, 2015,‬‬
‫‪p. 54 et s.‬‬

‫‪292‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الثاني ��ة عن�ص ��ران‪� ،‬أال وهما‪ ،‬من ناحي ��ة‪ ،‬عدم «اللجوء �إىل من ��وذج ال�شخ�ص ‪recourir‬‬
‫‪ ،»au modèle de la personne‬وم ��ن ناحي ��ة �أخ ��رى‪« ،‬االنطالق م ��ن م�صالح ال�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري ‪ intérêts de la personne morale‬واالع�ت�راف �أحيان� � ًا له� ��ؤالء الأ�شخا� ��ص‬
‫باحلقوق اخلا�صة لل�شخ�صية ‪.»droits de la personnalité propres‬‬
‫وبالت ��ايل‪ ،‬عن طري ��ق القيا�س‪ ،‬يمُ ك ��ن �أن نعترب حق ��وق ال�شخ�صية كو�سيل ��ة لل�سماح‬
‫للروبوت ب�أداء املهمة املُ َو َك َلة �إليه ‪ ،tâche qui lui est dévolue‬ومن ثم ننطلق من م�صالح‬
‫«الروبوت» ‪ ، intérêts du robot‬لكي نعرتف له فـي النهاية بحقوقه بنف�س الطريقة متام ًا‬
‫كم ��ا بالن�سبة للأ�شخا� ��ص االعتبارية»‪ .‬وميك ��ن �أن ن�سوق فـي هذا ال�ش� ��أن بع�ض احلجج‬
‫امل�ؤي ��دة ملنح الروبوتات الذكية ال�شخ�صية القانونية الإلكرتونية �أو االفرتا�ضية‪ ،‬ما يتعلق‬
‫مبب ��د�أ املالءمة القانونية‪ ،‬حيث تع�ت�رف الأنظمة القانونية الغربي ��ة لل�سفن بال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة االعتبارية؛ حيث تعرتف بوجودها القان ��وين ومتنحها �أو�ضاع ًا قانونية معينة‪،‬‬
‫وم ��ا يرتتب على ذلك م ��ن امتالكها ذمة مالية م�ستقلة و�إمكاني ��ة احلجز عليها‪ .‬وقيا�س ًا‬
‫عل ��ى ذلك من ب ��اب �أوىل‪ ،‬والعتبارات �أخالقية واجتماعية‪ ،‬يتع�ي�ن االعرتاف للروبوتات‬
‫الذكية بال�شخ�صية القانونية الإلكرتونية �أو االفرتا�ضية املنف�صلة عن �صانعها وم�شغلها‪.‬‬
‫وال �ش ��ك �أن من ��ح ه ��ذه الكيان ��ات ال�شخ�صية القانوني ��ة التي متنحه ��م حقو ًقا وحتملهم‬
‫بالتزام ��ات ُيع ��د ت�أ�سي�س ًا لو�ضع قانوين �أك�ث�ر مالءمة يتنا�سب مع طبيع ��ة هذه الكيانات‬
‫الذكية بد ًال من �إخ�ضاعها لأطر قانونية تقليدية متت �صياغتها فـي ظروف خمتلفة(((‪.‬‬
‫وي ��رى البع�ض �أن التق�سيم الثنائ ��ي للأ�شخا�ص ( طبيعية – اعتبارية ) يعرب عن الر�ؤية‬
‫املُ�ستقل ��ة الذاتي ��ة «‪ » vision égocentrique‬للإن�س ��ان ال ��ذي ُيع�ب�ر عن خوفه فـ ��ي ُمواجهة‬
‫م ��ا ال ي�ستطي ��ع ال�سيطرة عليه‪ ،‬حيث‪ ،‬جت ��در املالحظة �أنه فـي حالة �إن�ش ��اء �شركة ومنحها‬
‫ال�شخ�صية القانونية االعتبارية عند ت�صفيتها �أو التنازل عنها �أو �أي نقل لها‪ ،‬يكون الإن�سان‬
‫دائ ًم ��ا هو من يقوم بالتحكم فيها‪ .‬وفـ ��ي مواجهة الذكاء اال�صطناعي الذي يتناف�س ويتفوق‬
‫فـ ��ي كثري من الأحيان عل ��ى الب�شر‪ ،‬فـي جماالت كثرية مثل الط ��ب والقانون والإلكرتونيات‬
‫وال ��ذي تتجاوز قدراته احل�سابية والتحليلية املعرف ��ة املُحدَ دَة ُم�سبق ًا التي متنحها الربجمة‬
‫«‪ُ ،» la programmation‬يعرب الب�شر عن خوفهم ؛ اخلوف من فقدان ال�سيطرة‪ ،‬اخلوف من‬
‫ر�ؤي ��ة الآلة وهي تتحكم فـي عامل كان يوجد فيه الإن�سان ‪ -‬منذ �آالف ال�سنني ‪ -‬هو امل�سيطر‬
‫((( د‪ .‬طالل ح�سني علي الرعود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا ذات الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مرجع �سابق‪� ،‬ص ‪.126‬‬

‫‪293‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫عل ��ى الآلة‪ .‬ولك ��ن بعد التطور التكنولوج ��ي ُي�صبح الإن�سان كل يوم �أق ��رب �إىل ما ميكن �أن‬
‫ُيطل ��ق عليه «�إن�سان رقمي»‪ ،‬ويخ�شى �أن ينته ��ي به احلال �أ�سري الآلة و�أ�سري ًا للنظام الرقمي‬
‫والعديد من التطبيقات التي يدخل الذكاء اال�صطناعي فـي جميع مكوناتها(((‪.‬‬
‫وختام� � ًا‪ ،‬ن�شري �إىل م ��ا ذهب �إليه البع�ض ب� ��أن منح ال�شخ�صي ��ة القانونية للروبوتات‬
‫امل ��زودة بتقني ��ات الذكاء اال�صطناعي لي� ��س �سوى تف�سري جديد للتميي ��ز بني الأ�شخا�ص‬
‫والأ�شياء‪ .‬ومن خالل جلب الذك ��اء اال�صطناعي �إىل الوجود ل ُي�صبح متمتع ًا بال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة‪ ،‬يحدد الإن�سان من فئة الأ�شياء العن�صر ال ��ذي يعتربه جدير ًا باال�ستفادة من‬
‫و�ض ��ع ال�شخ� ��ص القانوين‪ .‬وال �ش ��ك �أن هذا هو اخلي ��ار الذي يعك�س واق ��ع عامل ُمتطور‬
‫‪ ،monde en évolution‬وه ��و الع ��امل ال ��ذي في ��ه ُي�صبح الذكاء اال�صطناع ��ي وقد اتخذ‬
‫طبيعة �إن�سانية وعاطفية‪ ،‬و�أنتج روبوت �شبيه بالإن�سان‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ف�إن �إن�شاء �شخ�صية‬
‫قانونية خا�صة للذكاء اال�صطناعي ومنح الروبوتات الذكية امل�ستقلة �صفة ال�شخ�ص « ‪La‬‬
‫‪ »qualité de personne‬عل ��ى و�ش ��ك �أن ُي�صبح حقيقة بالن�سبة للبع�ض وهو بالفعل كذلك‬
‫بالن�سبة للبع�ض الآخر(((‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬آثار االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات الذكية ‪:‬‬
‫على الرغم من كونه جمموعة من الأفراد‪ ،‬ف�إن ال�شخ�ص االعتباري يتمتع ب�شخ�صية‬
‫قانوني ��ة م�ستقلة‪ ،‬مبا يعني �أنها ال تنح�ص ��ر �أو يتم اختزالها فـي �شخ�صية �أع�ضائه‪ ،‬مما‬
‫يجع ��ل م ��ن هذا الكيان بالتايل �شخ�ص ًا فـي القان ��ون ‪ .sujet de droit‬وبهذا املعنى ‪ ،‬ف�إن‬
‫لدي ��ه ذم ��ة مالي ��ة ‪ patrimoine‬والتي يمُ كنه �إدارته ��ا من خالل �أع�ضائ ��ه‪ ،‬والتي يمُ كنه‬
‫ت�أكيدها وحمايتها والدفاع عنها �أمام الق�ضاء‪ ،‬ويتمتع ال�شخ�ص االعتباري كذلك بحقوق‬
‫ال�شخ�صية ‪ ،droits de la personnalité‬مثل احلق فـي اال�سم واحلق فى ال�شرف ‪ ...‬وما‬
‫�إىل ذلك‪.‬‬
‫متاما مثل‬
‫يت�ض ��ح من ذل ��ك‪� ،‬أن ال�شخ� ��ص االعتب ��اري لديه بال�ض ��رورة ذمة مالي ��ة ً‬
‫الذم ��ة املالية التي يتمتع بها ال�شخ�ص الطبيعي‪ ،‬والتي مبوجبها ت�ستهدف الأ�صول �سداد‬

‫‪(1) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫‪(2) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪294‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫الدي ��ون(((‪ .‬ونظر ًا لأنها تتكون فـي الأ�صل من املُ�ساهمات التي يقدمها �أع�ضاء ال�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري‪� ،‬إال �أن ال�شخ�ص الطبيعي الع�ض ��و املُ�ساهم فـي تكوين الذمة املالية لل�شخ�ص‬
‫االعتباري يفقد �أي حق خا�ص على تلك املُ�ساهمات‪ .‬وبالتايل‪ ،‬تتمثل �أهمية الذمة املالية‬
‫فـ ��ي ال�سماح لدائن ��ي الكيان القانوين «ال�شخ� ��ص االعتباري» بالت�ص ��رف بناء على تلك‬
‫الأهمية لأنهم ال ميكنهم الت�صرف بنا ًء على الذمة املالية لأع�ضائه‪ .‬وفـي املقابل ‪ ،‬يجب‬
‫�أال يتزاحم ه�ؤالء الدائنون مع الدائنني ال�شخ�صيني لأع�ضاء الكيان القانوين « ال�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري»‪ .‬ومرة �أخرى‪ ،‬من ال�ض ��روري �ضمان التعوي�ض املُمك ��ن لل�ضحايا املُحتملني‪،‬‬
‫وهو ما ي�سمح به تكوين الذمة املالية ‪.constitution d’un patrimoine‬‬
‫وجت ��در الإ�ش ��ارة �إىل �أن ه ��ذا اال�ستق�ل�ال امل ��ايل « ‪autonomie patrimoniale‬‬
‫ال�شخ� ��ص االعتباري»‪ ،‬فيما يتعلق بالأف ��راد الذين ُي�شكلونه‪ ،‬ي�شهد ح ��دود ًا ُمعينة‪ .‬على‬
‫�سبي ��ل املثال‪ ،‬فـي حالة م ��ا ُي�سمى ب�شركات الأ�شخا�ص على وج ��ه اخل�صو�ص « ‪sociétés‬‬
‫‪ ،» dites de personnes‬يك ��ون ال�شرك ��اء م�سئول�ي�ن فى الت�ضام ��ن و�إىل �أجل غري ُم�سمى‬
‫‪ solidairement et indéfiniment‬ع ��ن دي ��ون ال�شركة(((‪ .‬وبناء عل ��ى ذلك ‪ ،‬ف�إن تزويد‬
‫الروبوتات بذمة مالية‪ ،‬ور�أ�س مال �شركة ‪ ،capital social‬بحيث يمُ كن للدائنني املُحتملني‬
‫الت�صرف بناء عليه هو حل قابل للتطبيق على �إ�شكالية امل�سئولية‪.‬‬
‫وجت ��در الإ�ش ��ارة �إىل �أن �إن�شاء مثل ر�أ� ��س املال هذا يكون فعا ًال بالفع ��ل ‪ ،effectif‬فـي‬
‫الوالي ��ات املتح ��دة الأمريكية‪ ،‬فـ ��ي �سياق تداول ال�سي ��ارات املُ�ستقلة ذاتي ��ة احلركة ‪Les‬‬
‫‪ ،voitures autonomes‬نظر ًا للحاجة �إىل �أربعة ماليني دوالر ملواجهة �أي دعوى تعوي�ض‬
‫متثل تهديد ًا ملثل هذه ال�سيارات‪.‬‬
‫ويرى جانب من الفقه �أن معاجلة ثروة الروبوتات الذكية واالعرتاف لها بالذمة املالية‬
‫امل�ستقل ��ة يعد ركن� � ًا �أ�سا�سي ًا فـي م�س�ألة منح هذه الكيان ��ات ال�شخ�صية القانونية‪ .‬وميكن‬
‫متوي ��ل الذمة املالية للروبوت الذكية من خ�ل�ال الأتعاب املالية التي يدفعها امل�ستفيد من‬
‫خدمات هذا الروبوت ‪،‬ومنها على �سبيل املثال اخلدمات الطبية التي تقدمها الروبوتات‬
‫الطبي ��ة مبقاب ��ل م ��ايل‪� ،‬أو اخلدمات املالي ��ة التي تقدمه ��ا الروبوت ��ات اخلا�صة بتقدمي‬
‫اال�ست�شارات املالية �أو تقدير املخاطر املالية للم�شروعات مقابل �أتعاب مالية(((‪.‬‬
‫‪(1) C. Albiges, op. cit., 394.‬‬
‫‪(2) C. Albiges, Introduction au droit, Larcier, 2e éd., 2015, 394.‬‬
‫((( د‪ .‬ط�ل�ال ح�س�ي�ن علي الرع ��ود‪ ،‬امل�سئولية املدنية ع ��ن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجي ��ا ذات الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬مرجع �سابق‪،‬‬
‫�ص ‪.125‬‬

‫‪295‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫من جان ��ب �آخر‪ ،‬يتميز ال�شخ�ص االعتباري « ب�أهلية حمدودة ‪ capacité limitée‬بناء‬
‫عل ��ى الغر� ��ض الذي �أن�شئ من �أجله وفق� � ًا ملبد�أ التخ�ص� ��ص ‪.le principe de spécialité‬‬
‫وفـ ��ي الواقع‪ ،‬خالف ًا للأ�شخا�ص الطبيعيني‪ ،‬الذين يتمتع ��ون ب�أهلية «كاملة » « ‪capacité‬‬
‫‪ ،((( « complète‬ف� ��إن الأ�شخا�ص االعتبارية ال يتمتع ��ون بالعديد من احلقوق غري املالية‬
‫‪ droits extrapatrimoniaux‬الت ��ي تثب ��ت ح�صري ًا للب�شر‪ ،‬مثل احل ��ق فـي حرمة احلياة‬
‫اخلا�ص ��ة �أو احلق فـي اخل�صو�صية»‪ .‬من جهة �أخرى‪ ،‬يختلف النظام القانوين لل�شخ�ص‬
‫االعتب ��اري بح�س ��ب ن ��وع «‪ » type‬هذا الكي ��ان القانوين املُخت ��ار‪ .‬على �سبي ��ل املثال‪ ،‬فـي‬
‫ح�ي�ن �أن ال�شرك ��ات �سيك ��ون لها‪� ،‬أهلي ��ة مالي ��ة ‪ capacité patrimoniale‬كامل ��ة تقريب ًا‪،‬‬
‫ف� ��إن اجلمعي ��ات ‪ les associations‬لن حت�ص ��ل عليها �إال على �سبي ��ل اال�ستثناء‪ ،‬وبح�سب‬
‫�سند �إن�شائها واالع�ت�راف لها باخت�صا�صها باملنفعة العامة‪ .‬من جانب �آخر‪ُ ،‬يحظر على‬
‫ال�شخ�ص االعتباري‪ ،‬وفق ًا ملبد�أ تخ�ص�ص الأ�شخا�ص االعتبارية ‪principe de spécialité‬‬
‫‪ des personnes morales‬القي ��ام ب�أفع ��ال �أو �أن�شطة ال تتواف ��ق مع حتقيق الغر�ض الذي‬
‫�أن�شئ ��ت من �أجله‪ ،‬واملن�صو� ��ص عليه فـي البداية فـي النظام الأ�سا�س ��ي‪� ،‬أو فـي القانون‪،‬‬
‫والذي يتوافق مع الهدف االجتماعي له‪.‬‬
‫وفـ ��ي جمال الروبوتات‪ ،‬يمُ كن �أن ينعك� ��س تطبيق مبد�أ التخ�ص�ص فـي االلتزام الذي‬
‫يقع على امل�سئول عن املُعاجلة ‪ responsable du traitement‬وذلك باالمتثال لغر�ض تلك‬
‫بحرية ‪librement‬‬ ‫املعاجل ��ة‪ .‬وبعبارة �أخرى‪ ،‬يمُ كن �أن ُتواجه روبوت ��ات « ُ�صنع القرارات ُ‬
‫‪ »décisionnels‬قي ��ودًا عل ��ى اال�ستخدام والت ��ي من �ش�أنها �أن تختلف �س ��واء اعتمادًا على‬
‫طبيعة البيانات التي متت ُمعاجلتها ‪� ، la nature des données traitées‬أو بناء على نوع‬
‫الذك ��اء اال�صطناع ��ي الذي يتم جتهيزها وتزويدها به‪ .‬وه ��ذا يعني الأخذ بعني االعتبار‬
‫خل�صائ�صه ��ا ‪ ،caractéristiques‬والت ��ي م ��ن املُحتم ��ل �أن تختلف من روب ��وت �إىل �آخر‪.‬‬
‫وعندئ ��ذ ‪� ،‬سيكون من املُمكن �إ�سناد احلقوق �إليها وفق ًا لقدراتها و�إمكانياتها ‪aptitudes‬‬
‫‪ ،et capacités‬مع رف�ض �أن ُي�س َند �إليها جميع احلقوق املُكر�سة واخلا�صة بالإن�سان‪ .‬وهكذا‬
‫وقيا�س ًا على املركز القانوين للأ�شخا�ص االعتبارية‪ ،‬يت�ضح �إمكانية منح حقوق ال�شخ�صية‬
‫للكيانات غري الب�شرية « لكيانات �أخرى غري الب�شر» ‪.entités autres qu’humaine‬‬
‫م ��ن الوا�ض ��ح �أن الروبوتات‪ ،‬مهم ��ا كانت ُم�ستقل ��ة وذكية‪ ،‬ال يمُ كنه ��ا �أن حتوز نف�س‬

‫‪(1) P. Malinvaud, Introduction à l’étude du droit, LexisNexis, 15e éd., 2015, p. 272-273.‬‬

‫‪296‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫ذات الو�ضع القانوين للأ�شخا� ��ص االعتبارية‪ ،‬نظر ًا لأن الروبوتات ت�ستجيب وتتوافق مع‬
‫منط ��ق خا�ص بها‪ ،‬ويمُ ك ��ن �أن تكون احلقوق م�ستوحاة منه وذلك من خالل �إ�سناد حقوق‬
‫ال�شخ�صية للروبوتات‪ ،‬والتي ُتعترب‪ ،‬من الناحية النظرية ‪ ،‬حقو ًقا ح�صرية للب�شر‪.‬‬
‫و�إذا مت ط ��رح ال�س� ��ؤال حول الأ�شخا� ��ص االعتبارية‪ ،‬فذلك لأن حق ��وق ال�شخ�صية ُت�شكل‬
‫و�سمعته ��ا وموطنها‬‫و�سيل ��ة لعم ��ل الأ�شخا� ��ص االعتباري ��ة‪ ،‬بحيث يت ��م احرتام ا�سمه ��ا ُ‬
‫و�سري ��ة ُمرا�سالتها‪ ...‬وم ��ا �إىل ذلك‪ .‬و�إذا كان ��ت روبوتات �صنع الق ��رار بحرية حَممية‬
‫قانون� � ًا‪ ،‬ف�سيكون ذل ��ك ب�سبب فائدتها للب�شر ودجمه ��ا « ‪ » incorporation‬فـي امل�صلحة‬
‫الب�شري ��ة �أي م�صلح ��ة الإن�سان ‪ ،l’intérêt humain‬على �سبي ��ل املثال ك�صراف ‪caissier‬‬
‫�أو ناق ��ل ‪ .transporteur‬وبالت ��ايل‪ ،‬ف� ��إن جمال ال�شيئي ��ة �أو نطاق الأ�شي ��اء « ‪La sphère‬‬
‫‪ »de la choséité‬ال يعت�ب�ر ب� ��أي حال من الأحوال �سجن ًا قانوني� � ًا ‪ prison juridique‬لهذه‬
‫الروبوت ��ات‪ ،‬لأنه �إذا دعت احلاج ��ة‪ ،‬ف�إن القانون يكون قاد ًرا عل ��ى ت�صميم و�ضع خا�ص‬
‫ومنا�س ��ب له ��م ‪ leur tailler un costume sur mesure‬؛ وه ��ذا �سيك ��ون هو احلال نظر ًا‬
‫لتطور الروبوتات‪.‬‬
‫وم ��ع ذل ��ك‪ ،‬ال يمُ كن �إن�ش ��اء �شخ�صي ��ة قانوني ��ة ممُ اثلة لتل ��ك ال�شخ�صي ��ة التي يتم‬
‫�إ�سناده ��ا للأ�شخا�ص االعتباري ��ة طاملا �أنها ال تتوافق مع نف�س املنط ��ق‪ .‬ال يتمتع الكيان‬
‫« ‪ » L’organisme‬بحرية �أو ا�ستقاللية ‪ d’une liberté ou d’une autonomie‬مبعنى تلك‬
‫التي مينحها الذكاء اال�صطناعي‪.‬‬
‫ون�ش�ي�ر �أخ�ي�ر ًا �إىل �أن اململك ��ة العربية ال�سعودية ق ��د ا�ستخدمت الأ�سل ��وب القانوين‬
‫التقلي ��دي لتحدي ��د الو�ض ��ع القان ��وين للذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬من خالل من ��ح ال�شخ�صية‬
‫القانونية لروبوت مزود بالذكاء اال�صطناعي‪ .‬وبيان ذلك �أنه ُمنذ ‪� 25‬أكتوبر ‪ ،2017‬فـي‬
‫نهاي ��ة ُم�ؤمتر مبادرة م�ستقبل اال�ستثمار فـي الريا�ض‪� ،‬أ�صبح �إ�سناد ال�شخ�صية القانونية‬
‫للذك ��اء اال�صطناعي حقيق ��ة واقعة‪ ،‬حيث �إن �صوفي ��ا ‪ - Sophia‬الروبوت ال ��ذي �أن�ش�أته‬
‫�شركة هان�سون الروبوتات ‪ Société Hanson Robotics‬ومقرها هونغ كونغ ‪ -‬قد ح�صلت‬
‫على اجلن�سية ال�سعودية(((‪.‬‬
‫م ��ن جهة �أخرى‪ ،‬يتع�ي�ن التنوي ��ه �إىل �أن اال�ستخ ��دام ملُ�صطلحي املواطن ��ة واجلن�سية‬
‫‪(1) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪297‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫‪ citoyenneté et nationalité‬ب ��دون متيي ��ز م ��ن قب ��ل و�سائ ��ل الإع�ل�ام لتحدي ��د ال�صلة‬
‫القانوني ��ة بني هذا الذكاء اال�صطناع ��ي الآيل واململكة العربية ال�سعودية يدل على �صعوبة‬
‫�إجراء مثل هذا الأمر‪ .‬و ُت�شري الأبحاث ب�ش�أن ال�صلة القانونية بني الروبوت �صوفيا واململكة‬
‫العربي ��ة ال�سعودية ُت�شري ‪ -‬ب�شك ��ل ح�صري تقريب ًا ‪ -‬للجن�سية املمنوح ��ة للروبوت ال�شبيه‬
‫للإن�سان(((‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬جتد الإ�شارة �إىل �أن اجلن�سية واملواطنة لي�سا مفهومني متطابقني‪،‬‬
‫ال من مفهوم اجلن�سية واملواطنة ‪la nationalité‬‬ ‫ولذلك ‪ ،‬ينبغي �أن نعرف وب�شكل �سريع ك ًّ‬
‫‪et la citoyenneté‬؛ حي ��ث �إن م�صطلح اجلن�سية ي�شري �إىل مفهوم قانوين و�سيا�سي ب�شكل‬
‫ح�ص ��ري‪ ،‬فـي حني �أن م�صطلح املواطنة ي�شمل فـي الوقت نف�سه مفهو ًما قانون ًيا و�سيا�س ًيا‬
‫واجتماع ًي ��ا‪ ،‬وحتى �أخالق ًيا‪ .‬فاجلن�سي ��ة تربط ال�شخ�ص بالدولة‪ .‬ويت ��م تعريف اكت�ساب‬
‫اجلن�سية ‪ L’acquisition de la nationalité‬من قبل الدولة فـي القانون(((‪.‬‬
‫فـ ��ي اململكة العربية ال�سعودية ‪ُ ،‬يطبق قانون اجلن�سية املُ�ؤرخ ‪� 23‬سبتمرب ‪ .1954‬ويتم‬
‫�إ�سن ��اد اجلن�سي ��ة عن طريق الن�سب ‪� ،‬أو بناء على الطل ��ب‪� ،‬أو عن طريق الزواج �أو بقرار‬
‫�إداري‪ .‬ويظل منح اجلن�سية من اخت�صا�ص الدولة التي يجوز لها‪ُ ،‬مببادرة منها‪� ،‬أن ُتقرر‬
‫منحها ب�صفة دائمة �أو ُم�ؤقتة ل�شخ�ص ما‪� ،‬شريطة �أن ُيوافق هذا ال�شخ�ص على اال�ستفادة‬
‫منه ��ا‪ .‬وفـي الواقع‪ ،‬يمُ كن احل�صول عل ��ى اجلن�سية بنف�س القدر الذي فيه ميكن فقدها‪.‬‬
‫وقد ينجم ُفقدان اجلن�سية عن طبيعة تلك اجلن�سية ذاتها‪ .‬وهذا هو احلال مع اجلن�سية‬
‫املُكت�سب ��ة ُم�ؤقت ًا‪ .‬على �سبيل املثال‪ :‬يتم من ��ح جن�سية الفاتيكان ‪la nationalité vaticane‬‬
‫لع ��دد من رجال الكهنوت والع�سكري�ي�ن ‪ une partie du Clergé et des militaires‬الذين‬
‫ُيدي ��رون نيابة عن الكر�سي الر�سويل ‪� ،Saint Siège‬أو ل�سكان هذه الدولة‪ .‬وال ي�سري هذا‬
‫االمتياز �إال لوقت وظيفتهم �أو وجودهم فـي الفاتيكان(((‪.‬‬
‫فـ ��ي املقابل‪ ،‬يتطلب للتمت ��ع باملواطنة‪ ،‬بالإ�ضافة �إىل ح�ص ��ول ال�شخ�ص على جن�سية‬
‫أي�ض ��ا على حقوق ��ه املدني ��ة وال�سيا�سية‪ .‬ويعن ��ي ذل ��ك‪� ،‬أن املُواطن‬
‫الدول ��ة‪ ،‬احل�ص ��ول � ً‬
‫‪(1) Aberkane (Idriss), L’âge de la connaissance, Editions Robert Laffont, 13 septembre 2018, pp.374 ; Cardon‬‬
‫‪(Dominique), Culture numérique, Editions Sciences po. 7 mars 2019, p. 432 ; De Streel (Alexandre) (dir),‬‬
‫‪Hervé Jacquemin (dir), L’intelligence artificielle et le droit, Editions Larcier, 9 novembre 2017, p. 48.‬‬
‫‪(2) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫‪(3) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪298‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫« ‪ »un citoyen‬ه ��و ال�شخ�ص احلا�ص ��ل على اجلن�سية والذي مل ُيح َرم من حقوقه املدنية‬
‫وال�سيا�سي ��ة‪ ،‬ومنه ��ا احل ��ق فـ ��ي الت�صوي ��ت‪ ،‬والأهلية خلو� ��ض االنتخاب ��ات ( الرئا�سية‬
‫والت�شريعية والبلدية )‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬ميكن القول �إن املواطنة هي النتيجة املنطقية للتمتع‬
‫باجلن�سي ��ة‪ .‬وبالت ��ايل ُتعت�ب�ر املواطنة امتدادًا له ��ا وقيمتها املُ�ضافة؛ حي ��ث �إن اجلن�سية‬
‫ترب ��ط ال�شخ�ص بالدولة‪ ،‬لكن املُواطنة ُت�ؤكد هذا االرتب ��اط وقيمته القانونية ‪sa valeur‬‬
‫‪ juridique‬والعاطفي ��ة واملدني ��ة والأخالقي ��ة ‪ .((( affective, civile et morale‬وينتج عن‬
‫ذلك‪� ،‬أن ال�شخ�ص يمُ كن �أن يحمل جن�سية دولة ما‪ ،‬دون �أن يكون ُمواطن ًا فـي تلك الدولة‪.‬‬
‫وعل ��ى العك�س من ذلك‪ ،‬ال يمُ كن لل�شخ�ص �أن يكون مواطن ًا فـي دولة ‪citoyen d’un Etat‬‬
‫دون �أن يك ��ون �أح ��د رعاياها‪ .‬وهذا يجعل م ��ن اجلن�سية حدً ا �أدنى للح ��ق عند مقارنتها‬
‫باملواطنة(((‪.‬‬
‫وانطالق� � ًا من هذه التفا�صي ��ل والإي�ضاحات ال�ضرورية لفهم حال ��ة «�صوفيا» ‪ ،‬ميكن‬
‫واط َن ��ة ‪ nature complexe de la citoyenneté‬جتعلن ��ا‬ ‫الق ��ول �إن الطبيع ��ة املُعق ��دة لل ُم َ‬
‫نق ��ول �إن �صوفي ��ا لديه ��ا اجلن�سية ولي�س املواطن ��ة ال�سعودية‪ .‬ومع ذل ��ك‪ ،‬ف�إن هذا احلق‬
‫املُخت ��زل له نتيجة مهمة بالن�سبة ل�صوفي ��ا لأن اجلن�سية تعرتف بال�شخ�صية القانونية ‪la‬‬
‫‪ personnalité juridique‬ل�صاحبه ��ا‪ .‬ومبعن ��ى �آخر ‪� ،‬صوفيا له ��ا �شخ�صية قانونية(((‪.‬‬
‫وبي ��ان ذلك‪� ،‬أن القانون ال�سعودي منح احلق م�ؤخر ًا للمواطنات ال�سعوديات‪ ،‬ولأول مرة‪،‬‬
‫احل ��ق فـي الت�صويت فـ ��ي االنتخابات البلدية‪ ،‬لكن بال �شك �سيك ��ون من ال�صعب ت�صور‬
‫�أن تك ��ون الروبوت �صوفيا قادرة ‪ -‬فـي �أحد الأيام ‪ -‬على الت�صويت فـي انتخابات اململكة‬
‫العربية ال�سعودية‪.‬‬
‫وجت ��در الإ�ش ��ارة �إىل �أن ال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة هي الق ��درة للأ�شخا� ��ص الطبيعيني‬
‫واالعتباري�ي�ن ليكونوا �أ�صحاب حقوق‪ ،‬ولأن يخ�ضعوا اللتزامات‪ ،‬حتى لو كان الأمر يتعلق‬
‫بح ��ق مجُ ��رد ‪ .droit abstrait‬وعلى ذلك‪ ،‬ف� ��إن الطبيعة ال�صورية له ��ذا احلق «‪nature‬‬

‫‪(1) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬
‫جدي ��ر بالذك ��ر �أن املواط ��ن الأوروبي ال ��ذي ُيقيم فـي فرن�سا يك ��ون له احلق فـي الت�صوي ��ت فـي االنتخاب ��ات البلدية ‪élections‬‬ ‫(((‬
‫‪ municipales‬والأوروبية �شريطة �أن يكون ُم�سج ً‬
‫ال فـي القوائم االنتخابية الفرن�سية ‪» listes électorales françaises‬‬
‫‪https://www.service-public.fr/particuliers/vosdroits/F1937‬‬
‫‪(3) Théo Doh-Djanhoundy, Le statut juridique de l’intelligence artificielle en question, Le droit du numérique ,‬‬
‫‪novembre 2019 , article disponible sur le site :‬‬
‫‪https://www.researchgate.net/publication/337438902‬‬

‫‪299‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫‪ » fictive La‬جتعل من املُمكن بالن�سبة للكيانات غري الب�شرية ‪structures non humaines‬‬
‫اال�ستفادة منها‪ .‬وال �شك �أن التعبري عن �سيادة الدولة هو الذي يمُ كن امل�شرع من �أن مينح‬
‫اجلن�سي ��ة ملن يريد احل�صول عليها‪ .‬ووفق ًا لهذا املنط ��ق‪� ،‬سيكون من القانوين متام ًا �أن‬
‫متن ��ح الدولة اجلن�سية للذكاء اال�صطناعي‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬اتخ ��ذ امللك ال�سعودي باعتباره‬
‫رئي�س ًا ملجل�س الوزراء ( ال�سلطة الت�شريعية فـي اململكة )‪ ،‬قرار ًا بجعل الروبوت «�صوفيا»‬
‫‪ Sophia‬مواطنة �سعودية‪ ،‬حيث �إن من �صالحيات ال�سلطة العامة منح اجلن�سية ملثل هذا‬
‫ال�ش ��يء ولي�س ل�شيء �آخر؛ ملثل هذا ال�شخ�ص ولي�س ل�شخ� ��ص �آخر‪ .‬وا�ستناد ًا على ذلك‪،‬‬
‫قد ُتقرر الدولة عدم �إ�صدار �أي بطاقة هوية وطنية‪� ،‬إال �إذا مت تقدمي طلب للح�صول على‬
‫بطاقة هوية وطنية للروبوت‪ .‬وال �شك �أنه يجب �أن تكون �صوفيا ‪ Sophia‬على علم ودراية‬
‫ب�أهمي ��ة و�ضرورة هذه الوثيقة لتقدمي مثل هذا الطلب‪ ،‬وه ��ذا ي�ستلزم منها القدرة على‬
‫التفكري‪ ،‬ولي�س هذا هو احلال فـي الوقت الراهن‪ .‬وما يهمنا فـي هذا ال�ش�أن من الناحية‬
‫القانوني ��ة‪� ،‬أن ال�شخ�صي ��ة القانونية للروب ��وت «�صوفيا» �أ�صبحت حقيق ��ة واقعة منذ �أن‬
‫�أ�ضحت ُمعترَ َف ًا بها من ِق َبل اململكة العربية ال�سعودية(((‪.‬‬

‫‪(1) Violaine Morain, « Sophia, robot saoudienne et citoyenne », Le Monde, 4 novembre 2017,‬‬
‫‪https://www.lemonde.fr/idees/article/2017/11/04/sophia-robot-saoudienne-et-citoyenne_5210094_3232.html‬‬

‫‪300‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫خامتة‬
‫ب�شك ��ل عام‪ ،‬يتم �إن�ش ��اء القانون وا�ستيعاب ��ه وتطبيقه على مدى ف�ت�رة زمنية ُمعينة‪.‬‬
‫وبالتايل‪ ،‬ف�إن التطور ال�سريع وامللحوظ وغري املُتوقع للتكنولوجيا وا�ستخداماتها و�آثارها‬
‫يح ��دث على م�ستوى �آخر من النط ��اق �أو امل�ستوى الزمن ��ي « ‪.(((» l’échelle temporelle‬‬
‫وك ��ان نتيجة هذه املُالحظة التي �أدىل به ��ا جون فراي�سينيه ‪ ،Jean Frayssinet‬الإ�شكالية‬
‫القانوني ��ة الكبرية املُتعلق ��ة بالروبوتات الذكية‪ ،‬وهي كيفية توف�ي�ر حلول قانونية متميزة‬
‫جلدد‪ ،‬الذين ُيعانون من بع�ض « اجلمود « القانوين ب�سبب‬ ‫وم�ستقرة لأ�صحاب امل�صلحة ا ُ‬
‫ه ��ذا االختالف الزمن ��ي ‪ .différence temporelle‬ويمُ ثل هذا الزم ��ان ‪ /‬املكان اجلديد‬
‫للقان ��ون ‪� » nouvel espace-temps pour le droit‬إ�شكالية بالن�سبة للروبوتات‪ ،‬لأنه كما‬
‫ه ��و احل ��ال فـي الفيزي ��اء الفلكية‪ ،‬هناك عالق ��ات تربط املكان والزم ��ان باملادة‪ ،‬يمُ كن‬
‫ُمالحظ ��ة �أن قان ��ون التكنولوجيا ُيكر�س التقدم الكبري لقانون ما هو غري مادي ‪droit de‬‬
‫‪ ،l’immatériel‬و ُي�سل ��ط ال�ضوء على �أوجه الق�صور فـ ��ي القانون الو�ضعي‪ ،‬وكذلك بع�ض‬
‫الإ�شكاليات التي �ستُعاين منها الروبوتات فـي جمملها بالت�أكيد‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬من خالل حل‬
‫ه ��ذه الثغرات املُتعلقة بظهور تكنولوجيا جدي ��دة‪ ،‬مت ا�ستخال�ص مبادئ قانونية حقيقية‬
‫هام ��ة ذات فوائد ال يمُ ك ��ن �إنكارها‪ .‬وبنا ًء علي ��ه ف�إن الروبوتات‪ ،‬من خ�ل�ال و�ضع قدرة‬
‫القانون على حمك التكيف والتوافق‪ ،‬يمُ ثل بالتايل فر�صة قانونية حقيقية‪.‬‬
‫و�صى‬ ‫من �أجل جتنب تق�سيم القانون وفق ًا للتكنولوجيا التي تتوافق مع نف�س املجال‪ُ ،‬ي َ‬
‫‪ -‬عل ��ى امل�ست ��وى الأوروبي والوطني ‪ -‬با�ستخ ��دام ما ُي َ�س َمى مببد�أ «احلي ��اد التكنولوجي‬
‫‪ ،»neutralité technologique‬وال ��ذي �ستك ��ون نتيجته تطبيق نف� ��س القواعد على جميع‬
‫التقني ��ات ذات ال�صلة‪ .‬ومع ذل ��ك‪ ،‬ف�إن الواقع مخُ تلف متام ًا لأنه لكي يظل القانون فعا ًال‬
‫يج ��ب �أن يدمج مبد�أ الواق ��ع التكنولوجي ‪ ،» principe de réalité technologique‬والذي‬
‫ُيعترب رغم ذلك عامل متا ُيز وتعقيد القاعدة ‪différenciation et de complexité de la‬‬
‫‪ ،»norme‬وتطبيقه على الروبوتات‪.‬‬
‫ال ُبد و�أن الروبوتات‪ ،‬تلك الثورة التكنولوجية‪� ،‬ست�ؤدي بال�ضرورة وحتم ًا �إىل �إعادة النظر‬
‫فـ ��ي املفاهيم والفئات القانونية الأ�سا�سية ‪des concepts et des catégories juridiques‬‬

‫‪(1) J. Frayssinet, « Droit, droits et nouvelles technologies », Droit et Innovation, p. 543 – 553.‬‬

‫‪301‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫‪ fondamentaux‬وه ��ذا من خالل �إيجاد وحتديد خ�صائ�صها فـي ظل الطبقات الزمنية‬


‫غ�ي�ر املُتما�سك ��ة واملُ�ؤرخ ��ة ‪.« sous les strates temporelles peu cohérentes, datées‬‬
‫وللقي ��ام بذل ��ك‪� ،‬سيكون من ال�ض ��روري العودة �إىل « املعن ��ى الأول الأ�سا�س ��ي للمفاهيم‬
‫والفئ ��ات ‪ « sens premier des notions et catégories‬حت ��ى نتمك ��ن م ��ن تطبيقها على‬
‫البيئ ��ة التي �شكلتها الروبوتات‪ ،‬وال�سيما الروبوتات الذكاء‪ .‬وبهذه الطريقة ‪� ،‬سيكون من‬
‫املُمك ��ن ُمالحظة « �أهميتها‪ /‬مدى ارتباطها ‪ » pertinence‬و «فائدتها ‪ » utilité‬و«قدرتها‬
‫عل ��ى التط ��ور ‪ .»capacité d’évolution‬وهذا هو احلال‪ ،‬كم ��ا يو�ضح لنا جون فراي�سينيه‬
‫‪ ، Jean Frayssinet‬بالن�سب ��ة ملفاهي ��م مث ��ل امللكية �أو احلياة اخلا�ص ��ة �أو امل�سئولية والتي‬
‫تتعلق ُمبا�شر ًة بالروبوتات الذكية ‪ la robotique intelligente‬والتي يمُ كن �أن ُتغري امل�شهد‬
‫القانوين ‪ le paysage juridique‬فـي نهاية املطاف‪.‬‬
‫ال �ش ��ك �أن التكنولوجيا احلديث ��ة وا�ستخداماتها املتطورة‪ ،‬ال�سيما فـي القرن احلادي‬
‫والع�شري ��ن ع ��ن طريق الإنرتنت على وجه اخل�صو�ص‪ُ ،‬تعترب عاب ��رة للحدود‪ ،‬ولذا ف�إنها‬
‫تث�ي�ر الت�س ��ا�ؤالت ب�ش�أن العديد من احل ��دود القانونية‪ .‬ويمُ كن للتكنولوجي ��ا �أن ت�ؤدي �إىل‬
‫�إف�س ��اد جمي ��ع التق�سيم ��ات والف ��روق الكال�سيكية التقليدي ��ة‪ ،‬القانون الوطن ��ي املحلي‪،‬‬
‫القان ��ون الأوروب ��ي‪ ،‬والقانون الدويل‪ ،‬والقانون اخلا�ص‪ ،‬والقان ��ون العام‪ ،‬لأنها �أ�صبحت‬
‫بحك ��م تكاملها من �أجل و�ضع قانون‬ ‫فرو ًق ��ا وتق�سيم ��ات غري ُمربرة ب�شكل متزايد‪ ،‬وهذا ُ‬
‫يتكيف ويتوافق مع تلك التكنولوجيا‪.‬‬
‫فـي املُ�ستقبل القريب‪� ،‬سيكون التحدي الذي يواجه جميع ال�شركات املُ�صنعة و�أ�صحاب‬
‫امل�شاري ��ع فـي جمال الروبوتات هو معرفة اللوائ ��ح الواجب تطبيقها ‪la réglementation‬‬
‫‪ applicable‬على �إنتاج الروبوتات‪ ،‬ولي�س على اقتناء �أو توفري �أو �إمكانية ا�ستخدام روبوت‬
‫من ��زيل �أو روبوت ُمراقب ��ة �أو روبوت حرا�سة �أو روبوت ترفي ��ه �أو روبوت لتقدمي املُ�ساعدة‬
‫ال�شخ�صية‪� ... ،‬إلخ‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ف�إن م�شكلة اختيار اللوائح الواجب تطبيقها تمُ ثل ُم�شكلة‬
‫حقيقي ��ة؛ لأن الروبوت ��ات تقع فـي ُمف�ت�رق طرق العديد من القطاع ��ات التي ُيطلق عليها‬
‫القطاعات املُتقدمة‪.‬‬
‫ولذل ��ك يتطل ��ب حتدي ��د الإط ��ار القان ��وين للروبوت ��ات جتمي ��ع ودم ��ج العدي ��د م ��ن‬
‫التخ�ص�صات القانونية العامة �أو اخلا�صة‪ ،‬وبالتايل خلق وايجاد عالقات جديدة‪ .‬ونتيجة‬
‫ه ��ذه املالحظ ��ة هي تراك ��م طبقات من احلقوق املطبق ��ة على بيئة قانوني ��ة معينة‪ ،‬مما‬

‫‪302‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫يجع ��ل من ال�صعب على القانوين ال�سفر ب�ي�ن هذه التعرجات القانونية‪ .‬وفـي غياب �إطار‬
‫قانوين خا�ص للروبوتات‪� ،‬سيكون لدينا جمموعة من اللوائح والتي ي�ص ُعب على ال�شركات‬
‫ال�صغرية واملتو�سطة فهمها‪ ،‬والتي �ستُ�شكل عائق ًا �أمام تطور وتنمية هذا القطاع‪.‬‬
‫تدف ��ع التكنولوجي ��ا ‪ -‬مع تفه ��م و�إدراك القانون للروبوت ��ات ‪ -‬لإثارة الت�س ��ا�ؤل ب�ش�أن‬
‫بع� ��ض التق�سيمات اجلام ��دة للمعارف والأفك ��ار القانونية‪ ،‬بحيث �أن ��ه من خالل دجمها‬
‫واجلمع بينها بطريقة جديدة‪ ،‬يمُ كن للقانون �أن ُيدرك خ�صو�صية هذه العوامل اجلديدة‬
‫وا�ستيف ��اء وحتقي ��ق وظائفها املعياري ��ة والتنظيمية‪ .‬وهو ما قد خل�صه ج ��ون فراي�سينيت‬
‫‪ Jean Frayssinet‬ب�شك ��ل مثايل من خالل قوله ‪ُ « :‬ت�سه ��م التكنولوجيا‪ ،‬مثل هيكل وتكوين‬
‫الأر�ض «‪ ،»la tectonique de la Terre‬فـي ر�سم جيولوجيا ور�سم خرائط جديدة‪ ،‬وحدود‬
‫جديدة للقانون وذلك عن طريق ا�ستهداف حركات ح�سا�سة �أو غري ح�سا�سة ملواد القانون‪.‬‬
‫نتائج الدراسة‪:‬‬
‫عدد من نتائج الدراسة فيـما يلي‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫وميكن إجمال‬
‫•تبني غياب تعريف فقهي �أو ت�شريعي موحد ومن�ضبط �سواء للذكاء اال�صطناعي �أو‬
‫للروبوت ��ات الذكية‪ ،‬وذلك نتيجة للتنوع الكبري فـي تطبيقات الذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫ف�ض�ل ً�ا عن اختالف الطبيع ��ة القانونية لكل منها بح�سب كونها مادية �أو ال مادية‪،‬‬
‫بالإ�ضافة �إىل تعدد الروبوتات وتباين ا�ستخداماتها فـي �شتى املجاالت‪.‬‬
‫•ك�شف ولوج كيانات الذكاء اال�صطناعي وال�سيما الروبوتات الذكية امل�ستقلة للحياة‬
‫القانوني ��ة‪ ،‬عدم كفاي ��ة النظريات القانونية الكال�سيكية وع ��دم مالءمة التق�سيم‬
‫القان ��وين الثنائي التقليدي للأ�شخا�ص والأ�شي ��اء ال�ستيعاب جوانب عديدة للثورة‬
‫التكنولوجي ��ة الرقمية التي �أفرزته ��ا الثورة ال�صناعية الرابع ��ة‪ ،‬و�أن احلاجة �إىل‬
‫تطوي ��ر هذه النظريات و�إعادة النظر فـي هذا التق�سي ��م التقليدي �أ�صبحت ملحة‬
‫حتى نتمكن من ا�ستيعاب هذه ال�صور من التكنولوجيا اجلديدة‪.‬‬
‫•ات�ض ��ح جلي� � ًا تردد الفق ��ه وتباين اجتاهات ��ه ومذاهبه‪ ،‬ف�ض ًال ع ��ن ت�أرجح موقف‬
‫الربملان الأوروبي فـ ��ي �ش�أن االعرتاف للذكاء اال�صطناعي بال�شخ�صية القانونية‪،‬‬
‫خا�ص ��ة الروبوتات املزودة بالذكاء اال�صطناعي القوي وامل�ستقل‪ ،‬وذلك على غرار‬
‫ال�شخ�صية القانونية االعتبارية �أو املعنوية‪.‬‬

‫‪303‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫•ات�ض ��ح عدم وج ��ود نظام قانوين �أو تنظي ��م ت�شريعي �شامل ‪� -‬س ��واء فـي م�صر �أو‬
‫على ال�صعي ��د العربي والدويل ‪ -‬خا�ص بالذك ��اء اال�صطناعي وخا�صة للروبوتات‬
‫الذكية‪ ،‬ي�ضبط �إنتاجها وتداولها وكيفية ا�ستخدامها وفق ميثاق �أخالقي‪ .‬وبالرغم‬
‫م ��ن اجلهود احلثيثة وب�صفة خا�صة م ��ن الربملان الأوروبي والتي ظهرت جلية فـي‬
‫التو�صيات التي �صدرت عنه فـي عامي ‪ 2017‬و ‪� ،2020‬إال �أن هناك فراغ ًا ت�شريعي ًا‬
‫فـي غالبية الأنظمة القانونية الأوروبية يتمثل فـي عدم وجود قواعد قانونية تنظم‬
‫ا�ستخدام الكيانات املزودة بتقنيات الذكاء اال�صطناعي املتطور وامل�ستقل‪.‬‬
‫•ال �ش ��ك فـ ��ي �أن غياب �أ�سا�س قانوين ي�سمح با�ستق ��رار املركز القانوين للروبوتات‬
‫الذكي ��ة وغريها من تطبيقات الذكاء اال�صطناعي – مع خ�صو�صيتها وتفردها –‬
‫يجعل الت�شريعات القانوني ��ة القائمة حالي ًا غري قادرة على ا�ستيعاب كافة النتائج‬
‫النا�شئة ع ��ن ا�ستخدامات الذكاء اال�صطناعي‪ .‬وال ج ��دال �أن هذا الو�ضع �سينتج‬
‫عنه حالة من اال�ستخدام غري املن�ضبط للذكاء اال�صطناعي وتطبيقاته املتنوعة‪.‬‬
‫•ات�ض ��ح فـ ��ي ظ ��ل غي ��اب التنظي ��م القانوين اخلا� ��ص ال�ستخ ��دام �أنظم ��ة الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي وب�صف ��ة خا�ص ��ة الروبوت ��ات‪� ،‬أن احلاج ��ة �أ�صبحت ملح ��ة لإر�ساء‬
‫نظام قان ��وين خا�ص ي�ستوعب ويتواك ��ب مع التطورات امل�صاحب ��ة لأنظمة الذكاء‬
‫اال�صطناعي ويكون قادر ًا على مواجهة تداعياتها القانونية املتنوعة‪.‬‬
‫توصيات الدراسة ‪:‬‬
‫بعدد من التوصيات‪ ،‬ميكن إجمالها فيـما يلي ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫تنتهي الدراسة‬
‫•�ض ��رورة �إر�ساء قواعد خا�صة تت�ضمن تنظيم� � ًا قانوني ًا �شام ًال يحكم ا�ستخدامات‬
‫تكنولوجيا الذكاء اال�صطناعي بتطبيقاته املختلفة‪ ،‬ويراعى خ�صو�صية وتفرد هذه‬
‫التقني ��ات احلديثة‪ ،‬وذلك لتف ��ادي الآثار ال�سلبية الناجمة ع ��ن الفراغ الت�شريعي‬
‫‪ -‬فـ ��ي غالبي ��ة دول العامل ‪ -‬فـ ��ي هذا املجال احليوي ال ��ذي �أ�صبح يغطي خمتلف‬
‫جوانب احلياة املعا�صرة‪.‬‬
‫•بجان ��ب �إن�ش ��اء النظام القان ��وين اخلا�ص الذي يحك ��م وجود الروبوت ��ات الذكية‬
‫وغريه ��ا من تطبيقات الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬يجب تبني ميث ��اق �أخالقي �أو تقنني‬
‫تعام ��ل �أخالقي ميك ��ن اعتباره مبثابة « قان ��ون �أخالقيات الذك ��اء اال�صطناعي»‪،‬‬

‫‪304‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫وبحي ��ث يكون النظام القانوين وامليثاق االخالقي قادرين على ربط التخ�ص�صات‬
‫القانوني ��ة املُختلف ��ة‪ ،‬م ��ن �أجل تر�سي ��خ وج ��ود الروبوت ��ات وكافة �أنظم ��ة الذكاء‬
‫اال�صطناعي فـي القانون الو�ضعي ب�شكل من�ضبط و�آمن‪.‬‬
‫•االع�ت�راف بالطبيع ��ة القانوني ��ة الفريدة لكيان ��ات الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬وب�صفة‬
‫خا�ص ��ة الروبوتات الذكي ��ة امل�ستقلة‪ ،‬مما يقودن ��ا للتوجه نحو �إ�سن ��اد ال�شخ�صية‬
‫القانوني ��ة االفرتا�ضي ��ة لهذه الكيان ��ات‪ ،‬وذلك على غ ��رار ال�شخ�صي ��ة القانونية‬
‫االعتبارية التي تعرتف بها الأنظمة القانونية للأ�شخا�ص املعنوية‪.‬‬
‫•يتع�ي�ن الت�أكي ��د عل ��ى �أن ال�شخ�صي ��ة القانوني ��ة االفرتا�ضي ��ة لكيان ��ات الذك ��اء‬
‫اال�صطناعي تختلف عن ال�شخ�صي ��ة االعتبارية املمنوحة لباقي الكيانات املعنوية‬
‫كال�شركات؛ حيث �إن الروبوتات الذكية وغريها من تطبيقات الذكاء اال�صطناعي‬
‫�سيك ��ون لديها القدرة على التفكري الآيل الذاتي امل�ستقل‪ ،‬ولي�س التفكري الب�شري‪،‬‬
‫وهذا يربر بال �شك منحها الذمة املالية امل�ستقلة‪.‬‬
‫•�إر�ساء نظام ت�أمني �إلزامي يغطي امل�سئولية املدنية النا�شئة عن ا�ستخدام تطبيقات‬
‫الذك ��اء اال�صطناعي وب�صفة خا�ص ��ة الروبوتات الذكية‪ ،‬لي�ضم ��ن توفري احلماية‬
‫القانوني ��ة للم�ضرورين من عمل هذه الأنظمة الذكية‪ ،‬والتعوي�ض العادل للأ�ضرار‬
‫الناجمة عنها‪.‬‬
‫•�إن�شاء �صندوق �ضمان خا�ص لتعوي�ض امل�ضرور‪ ،‬وذلك فـي احلاالت التي ال حتظى‬
‫بالتغطية الت�أميني ��ة الكافية‪ ،‬وذلك وفق ًا لتو�صية امل�شرع الأوروبي‪ ،‬الذي حث دول‬
‫االحت ��اد الأوروبي على �إن�شاء �صندوق تعوي�ض لتلبي ��ة االحتياجات التي ت�ستلزمها‬
‫جرب اال�ضرار اجل�سيمة الناجمة عن ن�شاط تطبيقات الذكاء اال�صطناعي وجتاوز‬
‫حدود مبالغ التعوي�ض املقررة وفق النظام الت�أميني‪.‬‬
‫فـي اخلتام‪ ،‬يتعني الت�أكيد �أن الروبوتات‪ ،‬من خالل تطوير الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬تفتح‬
‫الي ��وم جماالت و�آفا ًقا جديدة للتفكري القانوين‪ ،‬فـ ��ي « نظرية املعرفة للقانون‪ ،‬والقانون‬
‫املُق ��ارن‪ ،‬والتعاون املو�ضوعي �أو اجلماعي بروح الفريق مع العلماء و ُمطوري التكنولوجيا‬
‫‪ »promoteurs des technologies‬التي يتعني تناولها والرتكيز عليها من �أجل اال�ستجابة‬
‫ب�شكل �أف�ضل للإ�شكاليات التي �سيثريها الذكاء اال�صطناعي فـي املُ�ستقبل القريب جد ًا‪.‬‬

‫‪305‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫وغالب ًا ما ُتعطي التكنولوجيا ال�شعور ب�أنك خارج الإطار القانوين املُخ�ص�ص لها‪ ،‬وكل‬
‫الت�س ��ا�ؤالت ح ��ول الروبوتات‪ُ ،‬تو�ضح وتبني ذلك الأمر‪ .‬وملواجه ��ة التحديات النا�شئة عن‬
‫التط ��ورات التكنولوجية‪ ،‬يتعني على القانون تق ��دمي ا�ستجابات وحلول ُمتوافقة ورا�سخة‪،‬‬
‫والتي ُتتيح ملُختلف اجلهات الفاعلة �إمكانية فهم التدابري‪ .‬وللقيام بذلك‪ ،‬يجب �أن يكون‬
‫للقانون رد فعل متفاعل ‪ réactif‬ولكن �أي�ض ًا يجب �أن يكون منتب ًها للتكنولوجيا وعلى وعي‬
‫به ��ا‪ ،‬وكذلك على وعي بالآثار ال�سيا�سية واالقت�صادية واالجتماعية والأخالقية‪ ،‬وما �إىل‬
‫ذلك‪ ،‬والتي ترتبط ُمبا�شر ًة بتلك التكنولوجيا‪.‬‬
‫على ذلك‪ ،‬نعتقد �أن خال�صة ونتيجة التفكري القانوين‪ ،‬فيما يتعلق بالطبيعة القانونية‬
‫للروبوت ��ات الذكية وغريها من تطبيقات الذك ��اء اال�صطناعي‪� ،‬ستكمن فـي �إن�شاء نظام‬
‫قان ��وين خا�ص وميثاق �أخالقي‪ ،‬قادرين على رب ��ط التخ�ص�صات القانونية املُختلفة‪ ،‬من‬
‫�أجل تر�سيخ وجود الروبوتات فـي القانون الو�ضعي ‪.droit positif‬‬

‫‪306‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫قائمة املراجع‬
‫ً‬
‫أوال ‪ -‬باللغة العربية‪:‬‬
‫(‪ )1‬املراجع العامة‪:‬‬
‫•د‪� .‬أن ��ور �سلط ��ان‪ ،‬املب ��ادئ القانوني ��ة العام ��ة‪ ،‬دار اجلامع ��ة اجلدي ��دة للن�ش ��ر‪،‬‬
‫الإ�سكندرية‪.2005 ،‬‬
‫•د‪ .‬ح�س ��ن ك�ي�رة‪ ،‬املدخ ��ل �إىل القانون‪ ،‬من�ش� ��أة املع ��ارف‪ ،‬الإ�سكندري ��ة‪ ،‬الطبعة‬
‫اخلام�سة ‪.1971‬‬
‫•د‪ .‬حم ��دي عبد الرحمن‪ ،‬مقدمة القانون املدين‪ ،‬احلقوق واملراكز القانونية‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق‪ ،‬جامعة عني �شم�س‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د ح�س�ی�ن من�صور‪ ،‬نظري ��ة احل ��ق‪ ،‬دار اجلامعة اجلدي ��دة‪ ،‬الإ�سكندرية‬
‫‪.2007‬‬
‫•د‪ .‬م�صطف ��ى حمم ��د اجلمال‪ ،‬د‪ .‬عبد احلمي ��د حممد اجلم ��ال‪ ،‬النظرية العامة‬
‫للقانون‪ ،‬دار اجلامعة‪ ،‬بريوت‪.1998 ،‬‬
‫•د‪ .‬نعم ��ان حمم ��د خليل جمعة‪ ،‬درو� ��س فـي املدخل للعلوم القانوني ��ة‪ ،‬دار النه�ضة‬
‫العربية‪.1979 ،‬‬
‫(‪ )2‬املراجع املتخصصة‪:‬‬
‫•د‪� .‬أبو زيد ر�ضوان‪ ،‬مفهوم ال�شخ�صية املعنوية بني احلقيقة واخليال‪ ،‬جملة العلوم‬
‫القانونية واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة عني �شم�س‪ ،‬يناير ‪ ،1970‬املجلد ‪،12‬‬
‫العدد ‪ ،1‬ال�صفحات من ‪.216 – 193‬‬
‫•د‪� .‬إياد مط�شر �صيهود‪ ،‬ا�ست�شراف الأثر القانوين لتكنولوجيا الذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫( الإن�س�آل ��ة ‪ -‬الروب ��وت الذك ��ي ) ما بع ��د الإن�سانية‪ « ،‬اجلن�سي ��ة ‪ -‬ال�شخ�صية ‪-‬‬
‫امل�سئولي ��ة – العدالة التنب�ؤية ‪ -‬املنهج التقني ‪ -‬الأم ��ن ال�سيرباين»‪ ،‬دار النه�ضة‬
‫العربية‪ ،‬القاهرة‪.‬‬

‫‪307‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫•د‪ .‬خال ��د مم ��دوح �إبراهي ��م‪ ،‬التنظيم القان ��وين للذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬دار الفكر‬
‫اجلامعي‪.2022 ،‬‬
‫•�صاب ��ر الهدام‪ ،‬القانون فـي مواجهة الذك ��اء اال�صطناعي‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬ر�سالة‬
‫لنيل دبلوم املا�سرت فـي القانون اخلا�ص‪ ،‬جامعة �سيدي حممد بن عبد اهلل‪ ،‬فا�س‪،‬‬
‫املغرب‪.2022 ،‬‬
‫•د‪ .‬طالل ح�سني علي الرع ��ود‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار م�شغالت التكنولوجيا‬
‫ذات الذك ��اء اال�صطناع ��ي‪ ،‬درا�سة مقارنة‪ ،‬ر�سالة دكت ��وراه‪ ،‬كلية احلقوق جامعة‬
‫املن�صورة‪.2022 ،‬‬
‫•د‪� .‬سليمان �إبراهي ��م‪ ،‬ماهية ال�شخ�صية القانونية‪ ،‬جمل ��ة الدرا�سات االجتماعية‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬ليبيا‪ ،‬العدد الثاين‪ ،‬يوليو ‪.2014‬‬
‫•د‪ .‬عادل عبد النور‪ ،‬مدخل �إىل عامل الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬مدينة امللك عبد العزيز‬
‫للعلوم والتقنية‪ ،‬الريا�ض‪ ،‬اململكة العربية ال�سعودية‪ 1426 ،‬هـ ‪ 2005 -‬م‪.‬‬
‫•د‪ .‬عب ��د ال ��رازق وهبة �سيد �أحم ��د حممد‪ ،‬امل�سئولي ��ة املدنية عن �أ�ض ��رار الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي‪ ،‬درا�سة حتليلية‪ ،‬جملة جيل الأبح ��اث القانونية املعمقة‪ ،‬العدد ‪،43‬‬
‫�أكتوبر ‪.2020‬‬
‫•د‪ .‬عب ��د اهلل �سعيد عبد اهلل الوايل‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن �أ�ضرار تطبيقات الذكاء‬
‫اال�صطناعي فـ ��ي القانون الإماراتي‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارنة‪ ،‬دار النه�ضة العربية‬
‫م�صر ودار النه�ضة العلمية الإمارات ‪.2021‬‬
‫•د‪ .‬عم ��اد عب ��د الرحيم الدحي ��ات‪ ،‬نحو تنظيم قان ��وين للذك ��اء اال�صطناعي فـي‬
‫حياتنا‪� :‬إ�شكالي ��ة العالقة بني الب�شر والآلة‪ ،‬جملة االجته ��اد للدرا�سات القانونية‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬املجلد ‪ ،8‬العدد ‪ ،5‬ال�سنة ‪.2019‬‬
‫•د‪ .‬عم ��رو طه ب ��دوي حممد‪ ،‬النظام القان ��وين للروبوتات الذكي ��ة‪ ،‬املزودة بتقنية‬
‫الذك ��اء اال�صطناع ��ي (الإم ��ارات العربي ��ة املتحدة ك�أمن ��وذج)‪ ،‬درا�س ��ة حتليلية‬
‫مقارن ��ة لقواع ��د القانون امل ��دين للروبوتات ال�ص ��ادرة عن االحت ��اد الأوربي �سنة‬
‫‪ ،2017‬وم�ش ��روع ميثاق �أخالقي ��ات الروبوت الكوري‪ ،‬جمل ��ة الدرا�سات القانونية‬
‫واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلقوق جامعة القاهرة‪.2020 ،‬‬

‫‪308‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫•د‪ .‬فري ��دة ب ��ن عثمان‪ ،‬الذك ��اء اال�صطناع ��ي‪ ،‬مقارب ��ة قانونية‪ ،‬دفات ��ر ال�سيا�سة‬
‫والقانون‪ ،‬املجلد ‪ ،12‬العدد ‪.2020 ،2‬‬
‫•د‪ .‬فطيم ��ة ن�س ��اخ‪ ،‬ال�شخ�صية القانوني ��ة للكائن اجلدي ��د « ال�شخ�ص االفرتا�ضي‬
‫والروب ��وت»‪ ،‬جمل ��ة الأ�ست ��اذ الباح ��ث للدرا�سات القانوني ��ة وال�سيا�سي ��ة‪ ،‬جامعة‬
‫اجلزائر ‪ ،1‬املجلد ‪ ،5‬العدد ‪ ،1‬ال�سنة ‪.2020‬‬
‫•د‪ .‬كاظ ��م حمدان �صدخان الب ��زوين‪� ،‬أثر الذكاء اال�صطناع ��ي فـي نظرية احلق‪،‬‬
‫ر�سالة دكتوراه‪ ،‬كلية القانون جامعة بغداد‪ ،‬العراق‪.2021 ،‬‬
‫•د‪ .‬الك ��رار حبيب جهلول‪ ،‬ح�سام عبي�س عودة‪ ،‬امل�سئولية عن الأ�ضرار التي ي�سببها‬
‫الروبوت‪ ،‬درا�سة حتليلية مقارن ��ة‪ ،‬من�شور فـي ‪Route Educational and Social:‬‬
‫‪.2019 May ,) 5 ( 6 .Science Journal, vol‬‬
‫•د‪ .‬كري�ستي ��ان يو�س ��ف‪ ،‬امل�سئولي ��ة املدني ��ة عن فع ��ل الذكاء اال�صطناع ��ي‪ ،‬ر�سالة‬
‫ما�سرت بحثي‪ ،‬اجلامعة اللبنانية‪ ،‬كلية احلقوق والعلوم ال�سيا�سية والإدارية ‪2019‬‬
‫‪.2020 /‬‬
‫•د‪ .‬حممد �أحمد املعداوي‪ ،‬امل�سئولية املدنية عن الروبوتات ذات الذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫املجل ��ة القانونية‪ ( ،‬جملة متخ�ص�صة فـي الدرا�س ��ات والبحوث القانونية )‪ ،‬كلية‬
‫احلقوق – جامعة بنها‪.‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د ال�سعي ��د ال�سيد امل�شد‪ ،‬نحو �إط ��ار قانوين �شام ��ل للم�سئولية املدنية من‬
‫�أ�ض ��رار نظ ��م الذك ��اء اال�صطناعي غ�ي�ر املراقب‪ ،‬بح ��ث مقدم مل�ؤمت ��ر اجلوانب‬
‫القانوني ��ة واالقت�صادية للذكاء اال�صطناع ��ي وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬كلية احلقوق‬
‫جامعة املن�صورة‪ 24-23 ،‬مايو ‪.2021‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د ربي ��ع �أنور فتح الباب‪ ،‬الطبيع ��ة القانونية للم�سئولية عن �أ�ض ��رار الروبوتات‪،‬‬
‫درا�س ��ة حتليلي ��ة مقارنة‪ ،‬بحث مق ��دم مل�ؤمتر اجلوان ��ب القانوني ��ة واالقت�صادية للذكاء‬
‫اال�صطناعي وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬كلية احلقوق جامعة املن�صورة‪ 24-23 ،‬مايو ‪.2021‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د عرفان اخلطيب‪ ،‬الذكاء اال�صطناع ��ي والقانون‪ ،‬درا�سة نقدية مقارنة‬
‫فـ ��ي الت�شريعني املدين الفرن�سي والقطري فـي �ضوء القواعد الأوربية فـي القانون‬

‫‪309‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

‫امل ��دين للإن�س�آلة لع ��ام ‪ 2017‬وال�سيا�سة ال�صناعية الأوربي ��ة للذكاء اال�صطناعي‬
‫والإن�س�آالت لعام ‪ ،2019‬من�شورة فى‪:‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪https://digitalcommons.bau.edu.lb/lsjournal/vol/iss2020l4‬‬

‫•د‪ .‬حممد عرف ��ان اخلطيب‪ ،‬املركز القان ��وين للإن�س�آل ��ة(‪« )Robots‬ال�شخ�صية»‬
‫القانونية وامل�سئولية‪ ،‬درا�سة ت�أ�صيلية مقارنة‪ ،‬قراءة فـي القواعد الأوربية للقانون‬
‫املدين للإن�س�آلة لعام ‪ ،2017‬جملة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬ال�سنة ال�ساد�سة‪،‬‬
‫العدد ‪ ،4‬العدد الت�سل�سلي ‪ ،24‬دي�سمرب ‪.2018‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د عرف ��ان اخلطي ��ب‪ ،‬امل�سئولي ��ة املدنية والذك ��اء اال�صطناع ��ي‪� ،‬إمكانية‬
‫امل�ساءل ��ة‪ ،‬درا�س ��ة حتليلية معمق ��ة لقواعد امل�سئولي ��ة املدنية فـ ��ي القانون املدين‬
‫الفرن�س ��ي‪ ،‬جملة كلية القانون الكويتية العاملية‪ ،‬العدد ‪ ،1‬ال�سنة ‪ ،8‬الكويت مار�س‬
‫‪.2020‬‬
‫•د‪ .‬حمم ��د حممد عب ��د اللطيف‪ ،‬امل�سئولية ع ��ن الذكاء اال�صطناع ��ي بني القانون‬
‫اخلا�ص والقانون العام‪ ،‬بح ��ث مقدم �إىل م�ؤمتر اجلوانب القانونية واالقت�صادية‬
‫للذكاء اال�صطناعي وتكنولوجيا املعلومات‪ 23 ،‬كلية احلقوق جامعة املن�صورة‪24-،‬‬
‫مايو ‪.2021‬‬
‫•م�صعب ثائر عبد ال�ستار‪ ،‬ب�شار قي�س حممد‪ ،‬امل�سئولية التق�صريية املتعلقة بالذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي‪ ،‬جملة العلوم القانونية وال�سيا�سية‪ ،‬كلية القانون والعلوم ال�سيا�سية‪،‬‬
‫جامعة ديايل‪ ،‬املجلد العا�شر‪ ،‬العدد الثاين‪.2021 ،‬‬
‫•د‪ .‬م�صطف ��ى �أب ��و مندور مو�س ��ى عي�سى‪ ،‬مدى كفاي ��ة القواعد العام ��ة للم�سئولية‬
‫املدني ��ة فـي تعوي�ض �أ�ضرار الذكاء اال�صطناعي‪ ،‬درا�سة حتليلية ت�أ�صيلية مقارنة‪،‬‬
‫جمل ��ة حقوق دمي ��اط للدرا�س ��ات القانوني ��ة واالقت�صادية‪ ،‬كلية احلق ��وق جامعة‬
‫دمياط‪ ،‬العدد اخلام�س يناير ‪.2022‬‬
‫•د‪ .‬معمر بن طرية وقادة �شهيدة‪� ،‬أ�ضرار الروبوتات وتقنيات الذكاء اال�صطناعي‪،‬‬
‫حتد جديد لقانون امل�سئولية املدنية احلايل‪ ،‬ملحات فـي بع�ض م�ستحدثات القانون‬
‫املق ��ارن‪ ،‬بحث من�ش ��ور �ضمن �أعم ��ال امللتقى الدويل‪ ،‬الذك ��اء اال�صطناعي‪ :‬حتد‬
‫جديد للقانون؟ ‪ 28 – 27‬نوفمرب ‪ ، 2018‬حوليات جامعة اجلزائر‪ ،‬عدد خا�ص‪.‬‬

‫‪310‬‬
‫د‪ .‬رضا محمود العبد‬

‫•د‪ .‬مه ��ا رم�ض ��ان حمم ��د بطي ��خ‪ ،‬امل�سئولي ��ة املدنية ع ��ن �أ�ض ��رار �أنظم ��ة الذكاء‬
‫اال�صطناع ��ي‪ ،‬درا�س ��ة حتليلية مقارنة‪ ،‬املجل ��ة القانونية‪ ،‬جمل ��ة متخ�ص�صة فـي‬
‫الدرا�سات والبحوث القانونية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة عني �شم�س‪.2021 ،‬‬
‫•د‪ .‬مي ��ادة حممود الع ��زب‪ ،‬امل�سئولية املدني ��ة فـي جمال اجلراح ��ات الإلكرتونية‪،‬‬
‫درا�سة مقارنة‪ ،‬ر�سالة دكتوراه‪ ،‬كلية احلقوق جامعة املن�صورة‪.2022 ،‬‬
‫•د‪ .‬ن ��وال جم ��دوب‪� ،‬إ�شك ��االت امل�سئولي ��ة القانوني ��ة ع ��ن تطبيقات نظ ��م الذكاء‬
‫اال�صطناعي‪ ،‬املركز اجلامعي مغنية اجلزائر‪ ،‬املجموعة العلمية للن�شر والتوزيع‪،‬‬
‫‪.2022‬‬
‫•د‪ .‬ن ��ورة حمم ��د ال�سلمان‪ ،‬النظ ��ام القانوين للإن�س ��ان الآيل‪ ،‬املفه ��وم وامل�سئولية‬
‫املدنية‪ ،‬ر�سالة دكتوراه‪ ،‬جامعة ال�شارقة‪ ،‬الإمارات العربية املتحدة‪.2023 ،‬‬
‫•د‪ .‬نيل ��ة علي خمي�س املهريي‪ ،‬امل�سئولية املدني ��ة عن �أ�ضرار الإن�سان الآيل‪ ،‬درا�سة‬
‫حتليلية‪ ،‬ر�سالة ماج�ستري‪ ، -‬جامعة الإمارات العربية املتحدة‪.2020 ،‬‬
‫•د‪ .‬هم ��ام القو�صي‪� ،‬إ�شكالية ال�شخ� ��ص امل�سئول عن الروبوت‪ ،‬جملة جيل الأبحاث‬
‫القانونية املعمقة‪ ،‬العدد ‪.25‬‬
‫•د‪ .‬هم ��ام القو�صي‪ ،‬نظرية ال�شخ�صية االفرتا�ضية للروبوت وفق املنهج الإن�ساين‪،‬‬
‫درا�س ��ة ت�أ�صيلية حتليلية ا�ست�شرافية فـي القان ��ون املدين الكويتي والأوربي‪ ،‬جملة‬
‫جيل الأبحاث القانونية املعمقة‪ ،‬العدد ‪� ،35‬سبتمرب ‪.2019‬‬
‫ثاني ًا‪ -‬باللغة الفرنسية‪:‬‬
‫‪I. OUVRAGES GÉNÉRAUX ET SPÉCIAUX:‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪C. Albiges, Introduction au droit, Larcier, coll. Paradigme, 2e éd., 2015 A.‬‬
‫‪BENSOUSSAN, J. BENSOUSSAN, Droit des robots. 2eéd., Larcier, 2015.‬‬

‫‪-‬‬ ‫– ‪B. Beignier, C. Bléry et A.-L. Thomat-Raynaud, Introduction au droit, LGDJ‬‬


‫‪lextenso éditions, Manuel 4e éd, 2014.‬‬

‫‪-‬‬ ‫‪A. Bensoussan et J. Bensoussan, Préf. B. Maisonnier et O. Guilhem, Droit des‬‬


‫‪robots, Larcier éd., Minilex, 2015.‬‬

‫‪311‬‬ ‫المجلد الثالث‪ ،‬العدد الثانى‪ ،‬أكتوبر ‪2023‬‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

- D. Bourcier, P. Hassett et C. Roquilly (dir.), Droit et Intelligence artificielle.


Une révolution de la Connaissance Juridique, Paris, Romillat, 1994.

- J.-M. Bruguière et B. Gleize, Droits de la personnalité, Ellipses, mise au point, 2015.

- Y. Buffelan-Lanore et V. Larribau-Terneyre, Droit civil – Introduction-Biens


- Personnes-Famille, Sirey éd., LMD, 19e éd., 2015.

- C. Castets-Renard, Droit de l’internet : droit français et européen,


Montchrestien, lextenso éditions, LMD. 2012.

- A. David, Structure de la personne humaine. Limite actuelle entre la personne


et la chose, préface H. Battifol, Paris, PUF, 1955.

- G. Grimaldi, Droit des biens, LGDJ - lextenso éditions, 2016.

- A. HAMMOUI, La responsabilité civile médicale à l’épreuve de l’intelligence


artificielle, mémoire de Master de Droit privé général, Université Paris II,
Panthéon-Assas, 2020.

- P. Malinvaud, Introduction à l’étude du droit, LexisNexis, Manuel, 15e éd., 2015

- R. Martin, « Personne et sujet de droit », RTD civ., 1981, p. 785.

- H. Martron, Préf. J.-C. Hallouin, Les droits de la personnalité des personnes


morale de droit privé, LGDJ – lextenso éditions, 2011.

- F. TERRE, P. SIMLER, Y. LEQUETTE, F. CHENEDE, Droit civil, Les obligations,


12e éd., Précis Dalloz, 2018.

II. ARTICLES ET NOTES JURIDIQUES:

- L. ARCHAMBAULT et L. ZIMMERMANN, « La réparation des dommages


causés par l’intelligence artificielle : le droit français doit évoluer », Gaz. Pal. 6
mars 2018, n°9, p. 17.

- A. BENSAMOUN et G. LOISEAU, « L’intégration de l’intelligence artificielle


dans l’ordre juridique en droit commun : questions de temps », Dalloz IP/IT
2017, p. 239.

- A. BENSAMOUN et G. LOISEAU, «L’intelligence artificielle: faut-il légiférer?»,


Recueil Dalloz 2017, p. 581.

- A. BENSAMOUN et G. LOISEAU, « Nouvelles technologies - La gestion des


risques de l’intelligence artificielle De l’éthique à la responsabilité », JCP G n°
46, 13 Novembre 2017, doctrine 1203.

312
‫ رضا محمود العبد‬.‫د‬

- A. BENSAMOUN, « Stratégie européenne sur l’intelligence artificielle : toujours


à la mode éthique... », Recueil Dalloz 2018, p. 1022.

- X. Bioy, « Vers un statut légal des androïdes? », Journal International de


Bioéthique, 2013, Vol. 24, p. 8598-.

- J. S. Borrghetti, L’accident généré par l’intelligence artificielle autonome, JCP,


2017, n. spécial, Le droit civil à l’ère numérique.

- C. CASTETS-RENARD, « Comment construire une intelligence artificielle


responsable et inclusive », Recueil Dalloz 2020, p. 225.

- A-S. CHONE-GRIMALDI et P. GLASER, « Responsabilité civile du fait du robot


doué d’intelligence artificielle : faut-il créer une personnalité robotique ? »,
Contrats Concurrence Consommation n° 1, Janvier 2018, alerte 1.

- C. COULON, « Du robot en droit de la responsabilité civile : à propos des


dommages causés par les choses intelligentes», RCA n° 4, avril 2016, étude 6.

- G. COURTOIS, « Robots intelligents et responsabilité : quels régimes, quelles


perspectives? », Dalloz IP/IT 2016, p. 287.

- B. DONDERO, « Les événements de l’Association Droit & Affaires - Table ronde


n° 2 – l’intelligence artificielle, vers un statut autonome ? (suite) - Intelligence
artificielle : repenser la gestion des risques », Revue Droit & Affaires n° 15,
Décembre 2018, 12.

- S. DORMONT, « Quel régime de responsabilité pour l’intelligence artificielle ?


», CCE n° 11, novembre 2018, étude 19.

- L. GODEFROY, « Les algorithmes : quel statut juridique pour quelles


responsabilités ? », CCE. novembre 2017, n°11, étude 18.

- Ph. Guttinger, E. Wéry, D. Janiszek, J. Laplace, R. Hasselvander, « Robots


partoutJustice nulle part ? », Planète robots, n° 11, p. 6268-.

- G. HAAS, « Les événements de l’Association Droit & Affaires - Table ronde n°


2 –l’intelligence artificielle, vers un statut autonome ? La responsabilité liée à
l’emploi de l’IA », Revue Droit & Affaires n° 15, Décembre 2018, 13.

- G. LOISEAU, « Des droits humains pour personnes non humaines », D., 2011,
p. 2558.

313 2023 ‫ أكتوبر‬،‫ العدد الثانى‬،‫المجلد الثالث‬


‫الشخصية القانونية االفتراضية نحو االعتراف بالشخصية القانونية للروبوتات المزودة بالذكاء االصطناعي‬

- G. LOISEAU et M. BOURGEOIS, « Du robot en droit à un droit des robots »,


JCP G n° 48, 24 novembre 2014, doctrine 1231.

- A. MENDOZA-CAMINADE, « Le droit confronté à l’intelligence artificielle des


robots : vers l’émergence de nouveaux concepts juridiques ? », Recueil Dalloz
2016, p. 445.

- N. Mathey, « Les droits et libertés fondamentaux des personnes morales de


droit privé », RTD civ., 2008, p. 205

- K. Neri, L. Hennebel et H. Tigroudja (coord.), « Humanisme et Droit –


L’humanité, un sujet de droit ? », En hommage au Professeur J. D’ Dhommeaux
, A. Pedone éd., 2013, p. 357 et s.

- V. M.-P. Peis-Hitier, « Recherche d’une qualification juridique de l’espèce


humaine», D. 2005, Chron., p. 865

- Y. Strickler, « Droit des biens : évitons la dispersion », D. 2007, p. 1149

- F. Terré, « L’être et l’avoir ? La personne et la chose », Mélanges Groutel,


2006, p. 459 et s.

- A. TOUATI, « Il n’existe pas, à l’heure actuelle, de régime adapté pour gérer


les dommages causés par des robots », Revue Lamy Droit civil, n°145, 1er
février 2017.

314

You might also like