You are on page 1of 63

‫وزارة التعليم العالي و البحث العلمي‬

‫جامعة محمد الشريف مساعدية‬


‫كلية العلوم االنسانية‬
‫فرع التاريخ‬

‫الحواضر الثقافية في الجزائر خالل العهد العثماني‬


‫ــــــــــ قسنطينة نموذج ـــــــــ‬
‫( ‪1518‬م ـــ‪1837‬م)‬

‫اعداد ‪:‬‬
‫ربعي رمزي‬

‫‪2019_2018‬‬
‫خطة البحث ‪:‬‬
‫مقدمة‬
‫اوال ‪ :‬مدخل‬
‫‪1‬ـ جغرافية اقليم قسنطينة‬
‫‪2‬ـ التسمية‬
‫‪3‬ـ محطات تاريخية‬
‫ثانيا ‪ :‬التعليم ومؤسساته‬
‫‪1‬ـ اوضاع التعليم‬
‫‪2‬ـ المؤسسات الثقافية‬
‫‪3‬ـ حقيقة المؤسسات الدينية والتعليمية (احصائيات)‬
‫ثالثا ‪ :‬علماء ومؤلفين في قسنطينة العثمانية‬
‫‪1‬ـ مكانة العلماء‬
‫‪2‬ـ علماء ومؤلفين‬
‫رابعا ‪ :‬االرث العمراني‬
‫النموذج ‪ : 01‬دار الدايخة بنت الباي‬
‫النموذج ‪ : 02‬دار بن طبال‬
‫النموذج ‪ : 03‬دار بن جلول‬
‫الخاتمة‬
‫المالحق‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫قسنطينة ‪ ،‬سرتا ‪ ،‬قرطن هي تلك الحاضرة الثقافية التي شهدتها‬


‫الجزائر خالل فترات زمنية مختلفة ومتفاوتة االبعاد والدالالت ‪ ،‬تميزت‬
‫بعدة خصائص مكنتها من احتالل مكانة في التاريخ الجزائري وجعلت‬
‫المؤرخين والكتاب ال يهملون هذا الجانب التاريخي الهام خاصة المتمثل‬
‫في الدراسة الثقافية التي شهدتها المنطقة وخلفت ورائها سجالت كثيرة‬
‫تعبر عن حالة العلم والتعليم واالبداع القسنطيني في فترة واحدة او اكثر‪.‬‬
‫لعل ما يميز الفترات التي مرت بها قسنطينة كقطب ثقافي بارز ومحط‬
‫دراسة هي الفترة العثمانية التي كشفت سر القوة العلمية في البالد قاطبة‬
‫وخاصة قسنطينة كعاصمة الشرق ‪ ،‬وربما الجوانب المهتمة بهذه‬
‫الدراسة تجسدت في الدور الالفت لمدينة قسنطينة فحسب ‪.‬‬
‫ما ادى الى اختالف اآلراء حول المدينة في حد ذاتها هل تستلزم دراسة شاملة‬
‫ام دراسة سطحية فقط ؟‪.‬‬
‫وقد وجهنا انظارنا في بحثنا هذا الى دراسة مدينة قسنطينة الحاضرة الثقافية‬
‫الجزائرية في العهد العثماني حيث عملنا على معالجة االشكال المتمثل في‬
‫الجانب الثقافي القسنطيني في الفترة الممتدة من ‪1518‬م الى غاية ‪1837‬م‬
‫تاريخ سقوط المدينة في ايدي االستعمار الفرنسي ‪.‬‬
‫وانطالقا من ذلك يمكن طرح تساؤالت فرعية ‪:‬‬
‫ما هو االمتداد الجغرافي لقسنطينة كمدينة واقليم ؟‬
‫ماهي التسميات التي اطلقت عليها ؟ ‪.‬‬
‫ماهي المحطات التي مرت بها ؟ ‪.‬ـــ من هم ابز المفكرين والعلماء الذين‬
‫مرو بها ؟ ‪.‬‬
‫فيما تتمثل الدراسة الثقافية لقسنطينة خالل العهد العثماني ؟ ‪.‬‬
‫من هذه المعطيات تفرع البحث الى اربعة اجزاء ‪ ،‬االول بعنوان مدخل‬
‫واحتوى على جغرافية مدينة قسنطينة ‪ ،‬التسمية ‪ ،‬الفترات التي مرت بها‬
‫اما الجزء الثاني كان بعنوان التعليم ومؤسساته والذي يندرج ضمنها عناوين فرعية هي ‪:‬‬
‫اوضاع التعليم والمؤسسات الثقافية وحقيقية المؤسسات الدينية والتعليمية في شكل‬
‫احصائيات اما الجزء الثالث بعنوان علماء ومؤلفين في قسنطينة العثمانية الذي يدرس‬
‫مكانة العلماء وذكر بعضهم والجزء االخير الذي ندرس فيه االرث العمراني وذكر نماذج‬
‫من العمران القسنطيني ‪ ،‬دون ان ننسى ذكر المقدمة والخاتمة وقائمة المراجع والمصادر‬
‫الموجودة في كل بحث ‪.‬‬
‫وقد اعتمدنا على المنهج التاريخي الوصفي األنسب لطبيعة الموضوع ودراسة‬
‫االشكاليات المطروحة سلفا بطريقة تاريخية تتماشى ومجريات البحث مع ادخال الجانب‬
‫التحليلي واإلحصائي في بعض االجزاء ‪.‬‬
‫اما عن المصادر والمراجع استعملنا على سبيل الذكر ‪:‬‬
‫‪ -‬محمد بن ميمون الجزائري كتاب التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بالد‬
‫الجزائر المحمية ‪.‬‬
‫‪ -‬احمد الشريف الزهار بمذكرات احمد الشريف الزهار ‪.‬‬
‫‪ -‬ابو القاسم سعد هللا كتاب تاريخ الجزائر الثقافي ‪.‬‬
‫ـ الجيالني عبد الرحمان بكتاب تاريخ الجزائر العام ‪.‬‬
‫اوال ‪ :‬مدخل‬
‫‪ – 1‬جغرافية اقليم قسنطينة‬
‫‪ – 2‬اصل التسمية‬
‫‪ – 3‬محطات تاريخية‬
‫جغرافية اقليم قسنطينة‬
‫الموقع الفلكي ‪:‬‬
‫يعتبر الموقع الفلكي لمدينة قسنطينة من اهم المواقع االستراتيجية ‪ ،‬اذ انها تتوسط‬
‫الشرق الجزائري فتقع بالشمال الشرقي للجزائر على خطي طول ‪ 35‬و‪7‬شرقا و‬
‫دائرتي عرض ‪ 13‬و ‪ 36‬شماال وترتفع ب‪ 621‬متر الى ‪ 740‬متر عن سطح البحر‬

‫الموقع الجغرافي ‪:‬‬


‫يعد اقليم قسنطينة من اكبر اقاليم االيالة الجزائرية مساحة ومكانا ‪ ،‬فاعتبره بعض‬
‫المؤرخين انه شبه مملكة ‪ ،‬يحدها شماال البحر االبيض المتوسط ومن الجنوب‬
‫الصحراء الى ما وراء بسكرة ووادي سوف وجنوبا ورقلة اما الجهة الشرقية الحدود‬
‫التونسية ‪،‬وهذا االقليم في الفترة العثمانية يتضمن عدة مدن مثل سطيف ـ قالمة ـ‬
‫قسنطينة ـ سوق اهراس ـ تبسة ـ بسكرة ـ تقرت اضافة الى مدن ساحلية عنابة ـ القل‬
‫ـ سكيكدة ‪.‬‬
‫ويمكن القول ان قسنطينة كمدينة مستقلة عن هذه المناطق ‪ ،‬تجسد في‬
‫قسنطينة في حد ذاتها كعاصمة اوال ‪ ،‬وثانيا كحاضرة ثقافية دون ذكر‬
‫المدن االخرى والمرتبطة بها كإقليم يندرج ضمن ايالة الشرق في‬
‫الجزائر خالل الفترة العثمانية ‪.‬‬
‫التسمية‬
‫سرتا ‪:‬‬
‫من بين اقدم االسماء التي عرفت بها المدينة سرتا الذي يقال انه سامي‬
‫االصل وانه تحريف لالسم الحقيقي كرتن ومعناه المدينة او القلعة ‪ ،‬كما‬
‫يمكن االشارة ان اسم سرتا يعود الى بداية االحتالل الروماني لنوميديا‬
‫الذي يؤرخ له سنة ‪ 46‬قبل الميالد ‪ ،‬حين اصبحت سرتا عاصمة السرتي‬
‫الذي انشاه المغامر تيتيوس ومنه جاء اسم مستعمرة سيتيوس‬
‫بلد الهوى (بلدة الهوى) ‪:‬‬
‫جاء في البحث الذي قدمه االستاذ جوليود من كلية العلوم بباريس في‬
‫ملخصه الذي تحدث عن موقع وادي قسنطينة ‪ ،‬وروعة منظر مجراه‬
‫الطبيعي في اعماق الشقوق الصخرية ‪ ،‬وقد فسر عمر الوزان معنى‬
‫الكلمتين في رسالة الى حسن اغا اذ قال ‪ :‬فالبلدة المسماة ببلدة الهوى‬
‫حسي ومعنوي ‪.‬‬
‫الحصن االفريقي ‪:‬‬
‫يعود سبب هذه التسمية الى اسوارها المنيعة وقالعها المحصنة ضد‬
‫العدوان الخارجي ‪ ،‬والصور التي وجدت للعمالت القديمة والتي كانت‬
‫عليها قلعة ضخمة منيعة اسسها قسطنطين حين قدومه لهذه المدينة‬
‫والتي صمدت طويال في وجه الغارات االوروبية وسبب التسمية‬
‫االفريقي لوقوعها في الجزائر الدولة االفريقية ‪.‬‬
‫قصر طينة ‪:‬‬
‫االرجح ان االسم مكون من قسمين قصر ـ طينة فامتزجت الكلمتان‬
‫وتغيرت فيما بعد بحكم النطق وتغير الزمن ‪ ،‬ومن جهة اخرى نجد‬
‫المغاربة يسمونها في كتبهم التاريخية قسم طينة ‪ ،‬وظهر لها اسم اخر‬
‫وهو ‪ :‬حصن طينة وهاذا ما نجده عند احمد ابن الخطيب ‪ ،‬وجاء كذلك‬
‫هاذا االسم عند ابن غازي الذي ذكرها على انها قصر طينة ‪.‬‬
‫قسنطينة ‪:‬‬
‫نشير الى انه يزيد عمقا في التاريخ عن بداية القرن الرابع ميالدي ‪ ،‬وهو‬
‫نسبة الى قسطنطين الكبير الذي اعاد بناءها ورمم اسوارها واعطاها هذا‬
‫االسم سنة ‪ 313‬ميالدي ‪ ،‬وذلك بعد ان هدمها الصراع بين امبراطور‬
‫روما ماكسانس و الكسندر والذي اتخذها عاصمة له ‪.‬‬
‫ويذكر التاريخ ايضا انه كانت لقسطنطين اختا تدعى بهذا االسم وقد سما‬
‫المدينة باسمها حسب بعض المصادر ‪.‬‬

‫وللجدير بالذكر ان اصول هذه التسمية التي تعود‬ ‫مالحظة ‪:‬‬


‫الى قسطنطين هي ذريعة اوجدتها ادارة االحتالل والمؤرخون الفرنسيون‬
‫الن قسطنطين عندهم هو مجددها ‪ ،‬فكانما هذا الشخص هو الذي احدث‬
‫مدينة قسنطينة في التاريخ من العدم ‪.‬‬
‫رغم اختالف هذه المصطلحات إال انها تعني مكان جغرافي واحد‬
‫وطاقات بشرية اندمجت وتفاعلت مع من حولها في حركية اكدت‬
‫التواصل االنساني لتشكل فيما بعد ارث ثقافي محل دراسة ‪،‬والتي‬
‫تعرف باسمها االخير قسنطينة ‪.‬‬
‫محطات تاريخية ‪:‬‬
‫الفترة الرومانية ‪:‬‬
‫كانت قسنطينة في العهد النوميدي تدعى كرطا او سرتا وتعني المدينة اتخذها‬
‫ماسينيسا عاصمة لدولته تميزت في عهده بمكانة اقتصادية مرموقة جعلها‬
‫محطة تجارية واسعة لكن هذا الرخاء لم يدم طويال حتى سيطر عليها الروم‬
‫وتحولت الى حاضرة رومانية وضلت منطقة صراع وتم تهديم اسوارها عام‬
‫‪ 308‬لتعود على يد االمبراطور قسطنطين الذي اصلح ما دمرته الحرب‬
‫واعطاها اسم جديد ‪ ،‬ثم خضعت للوندال وبعدها البزنطيين وبقيت منطقة عداء‬
‫حتى ظهر االسالم في افريقيا ‪.‬‬
‫الفترة االسالمية ‪:‬‬
‫وصل االسالم الى شمال افريقيا على يد عقبة بن نافع مؤسس مدينة القيروان ‪،‬‬
‫جعلها عاصمة اسالمية وقاعدة اسالمية في ان واحد ‪ ،‬لينطلق الى بقية المناطق‬
‫المغرب ‪ ،‬ويرجع تاريخ دخول االسالم الى قسنطينة على االرجح الى ابي‬
‫مهاجر دينار ‪.‬‬
‫‪:‬‬ ‫الفترة العثمانية‬
‫نجد عدة اختالفات حول وصول االتراك اليها ‪ ،‬فاالمبيري مثال يجعله سنة‬
‫‪1526‬م في حين يرى مؤرخ قسنطينة الشيخ احمد المبارك بن العطار في‬
‫كتابه تاريخ بلد قسنطينة دخول االتراك عام ‪ 1520‬م بعد ان هاجمها حسن قائد‬
‫خير الدين باشا واحتلها ثم خرجت عن سيطرته الى الحفصيين واستردها سنة‬
‫‪1534‬م ويتجلى من هذه االقوال اختالف اخضاع المدينة تحت الحكم‬
‫العثماني وكل هذا يعود الى االختالفات السياسية آنذاك بين مؤيد ومعارض‬
‫للتواجد العثماني بقسنطينة ‪.‬‬
‫اول بايات قسنطينة رمضان تشوالق واخرهم الحاج احمد باي وتوالى على‬
‫حكم البايلك ‪ 48‬بايا ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬التعليم ومؤسساته‬
‫‪ -1‬اوضاع التعليم‬
‫‪ -2‬المؤسسات الثقافية‬
‫‪ -3‬حقيقة المؤسسات الدينية والتعليمية (احصائيات )‬
‫اوضاع التعليم ‪:‬‬
‫ان السلطة العثمانية في الجزائر ركزت اهتمامها في المحافظة على‬
‫االستقرار السياسي والحفاظ على امن الحدود وجمع الضرائب التي كانت‬
‫تستخدم في المجال العسكري من اجور الجنود والمعدات الحربية ‪،‬‬
‫وكذلك توزيع الهبات والهدايا على السلطان العثماني وموظفي دولته ‪،‬‬
‫ولم تكن اهتمامات الدولة تتعلق بثقافة المجتمع وتطوره عدا بعض االمور‬
‫الدينية كبناء المساجد وكتاتيب لتعليم القران ولذلك كانت سياسة السلطة‬
‫عدم التدخل في شؤون التعليم ‪ ،‬باستثناء الجهود الفردية التي قام بها‬
‫بعض البايات من خالل االهتمام بالتعليم المرتبط بالجانب الديني وذلك‬
‫لتلبية الشعور الديني ال العلمي وجلب الشهرة بالتالي التعليم كان يقوم‬
‫على جهود االفراد وليس السلطة ‪.‬‬
‫ما يؤكد لنا ايضا ان التعليم قد انتشر بصورة واضحة في المدن اكثر من‬
‫القرى واالرياف وهذا ما نجده في كتاب التحفة المرضية لمحمد بن‬
‫ميمون الجزائري ‪ :‬ان قسنطينة كانت على عهد االتراك عاصمة دينية‬
‫وكان العلماء يتمتعون بالسيادة المطلقة والنفوذ التام كما انها كانت عامرة بعدد كبير من‬
‫الطلبة يفترقون من خمسة وعشرون مدرسة للعلوم الدنيوية واالخروية ‪.‬‬
‫لعب الكثير من حكام البايلك دورا مهما في التعليم خاصة في الفترة االخيرة وخاصة‬
‫صالح باي الذي اعطا اهتماما كبيرا للعلم كما عمل على مؤسسات ثقافية وعلمية‬
‫كالمدارس والمساجد وخصص لها انظمة يتقيد بها الدارسون والمدرسون كما خصص‬
‫لها اوقاف لتسيير شؤونها المادية‬
‫كان التعليم في تلك الفترة يعتمد على حفظ القران في التعليم االبتدائي ‪ ،‬ومعرفة بعض‬
‫العلوم القرآنية في مرحلة التعليم الثانوي والعالي ايضا ‪ ،‬وكانوا في المرحلة االخيرة‬
‫يتجهون الى المساجد الكبرى والجامعات العربية مثل االزهر ‪ ،‬الزيتونة ‪ ،‬وال يدخلها اال‬
‫المتفوقون ‪.‬‬
‫كان التعليم يقسم على فترتين ‪ ،‬فصل الشتاء وفصل الربيع ‪ ،‬وكانت في هذه الفترة تزخر‬
‫بالمكتبات العلمية الكبيرة التي تحوي المخطوطات الكبيرة والمجلدات والكتب المتنوعة ‪،‬‬
‫وكانت بعض المكتبات الخاصة بالعائالت الكبيرة ‪.‬‬
‫المؤسسات الثقافية ‪:‬‬
‫يمكن احصاء المؤسسات الفاعلة في قسنطينة الى ‪ :‬الزوايا ‪،‬‬
‫المساجد‪ ،‬المدارس ‪ ،‬المكتبات ‪ ،‬الوقف ‪.‬‬
‫‪ .1‬الزوايا ‪ :‬هي عبارة عن مسجد صغير بدون مئذنة وال منبر ‪،‬‬
‫تضم ميضأة كما تضم في بعض االحيان مدافن االسرة ‪ ،‬تقام بها‬
‫الصلوات الخمس ماعدا صالة العيدين وصالة الجمعة ولها شيخ‬
‫وخدم وموظفون لرعاية المقيمين ‪ ،‬فهي مكان للتعبد ومدرسة‬
‫دينية ‪.‬‬
‫وظائفها ‪:‬‬
‫الوظيفة الدينية ‪ :‬هي الوظيفة المحورية في حياة االفراد حيث‬
‫كانت اماكن روحانية سامية لتلقي العلوم الدينية ‪.‬‬
‫الوظيفة التربوية ‪ :‬مؤسسة تربوية تعليمية بالدرجة االولى بهدف‬
‫تعديل السلوك وتهذيب النفوس بالقيم القرآنية ‪.‬‬
‫وظيفة االيواء واالطعام ‪ :‬مرتبطة باألخريين حيث كان من الضروري توفير‬
‫الشروط الالزمة للتعلم من مسكن ومشرب ومأكل خاصة القادمين من خارج‬
‫المنطقة ‪.‬‬
‫تقسم الزوايا الى قسمين االول يختص بتحفيض القران ويتردد عليه غالبا الذين‬
‫تعلموا الحروف الهجائية وحفظوا بعض السور ‪ ،‬اما القسم الثاني يختص‬
‫بتدريس العلوم كالفقه والعقائد وقواعد النحو والصرف وفنون البالغة‬
‫والمنطق وبعض المبادئ في علم الفلك ويتردد على هذا القسم الطالب‬
‫الحفظة للقران الكريم ‪.‬‬
‫وبلغ عددها ‪ 16‬زاوية وقيل انها في عهد صالح باي ‪ 13‬زاوية وهذا يفسر دورها االيجابي‬
‫في نشر التعليم والوعي‬
‫اشهر الزوايا ‪:‬‬
‫سيدي الكتاني ‪ ،‬زاوية سيدي المناطقي ‪ ،‬زاوية سيدي عبد المومن ‪ ،‬سيدي مخلوف ‪ ،‬سيدي‬
‫التلمساني ‪ ،‬سيدي راشد ‪.‬‬
‫كما نجد زوايا العائالت الكبيرة مثل اوالد الفكون ‪ ،‬ابن نعمون ‪ ،‬اوالد جلول ‪.‬‬
‫الكراغلة ‪ :‬زاوية رضوان خوجة الذي كان قائد الدار ‪ ،‬زاوية خنقة سيدي ناجي ‪ ،‬المقران ‪.‬‬
‫‪ .2‬المساجد ‪:‬‬
‫يختص بالنظر في المسائل العامة ويعتبر جامعة او معهد تعقد فيه حلقات الدرس للطلبة ‪ ،‬لقي اهتمام‬
‫كبير من المجتمع الجزائري وقد عرفت قسنطينة التطور في الميدان الفكري الذي ساهم فيه‬
‫االهالي واالتراك من خالل المساجد ‪،‬فال تخلو قرية في المدينة من مسجد ‪ ،‬فبحسب االحصائيات‬
‫نجد ‪ 5‬مساجد كبرى و‪ 70‬مسجد صغير و‪ 7‬خارج المدينة ‪.‬‬
‫اشهر المساجد ‪ :‬مسجد سيدي محمد ‪ ،‬مسجد سيدي علي ‪ ،‬الجامع الكبير ‪،‬‬
‫الجامع االخضر ‪.‬‬

‫‪ .3‬المدارس ‪:‬‬
‫قدرت بحوالي ‪ 90‬مدرسة تحوي ‪ 1350‬طفل لم يتبقى منهم سوى ‪ 60‬يتابعون التعليم‬
‫الثانوي‬
‫اما التعليم الثانوي قدرت مدارسه ب‪ 7‬تتسع ل ‪ 600‬او ‪ 700‬طالب يتلقون فيها دروس‬
‫من اشخاص ذوي سمعة واسعة يحضرها جمع غفير من الطالب ‪.‬‬
‫اشهر المدارس ‪ :‬المدرسة الكتانية ‪ ،‬مدرسة الجامع االخضر‬
‫‪ .4‬المكتبات ‪:‬‬
‫تحوي مدينة قسنطينة مكتبات قيمة وذلك بشهادة الفرنسيين غداة االحتالل من‬
‫اشهرها ‪ :‬المكتبة الكتانية كمكتبة عامة وعرفت بكثرة المكتبات الخاصة ‪ ،‬حيث‬
‫كان اهل قسنطينة مولعين باقتناء الكتب والمخطوطات حيث قدرت المكتبات‬
‫الخاصة ب ‪ 17‬مكتبة تحوي ‪ 14‬الف كتاب ‪.‬‬
‫اهم المكتبات ‪ :‬مكتبة عائلة الفكون التي يضرب بها المثل حيث احتوت على‬
‫‪ 2500‬مجلد اشتمل على ‪ 50‬كتاب في الفقه والعقيدة و‪ 30‬في التوحيد و‪300‬‬
‫في الحديث و‪ 130‬في علوم القران ونذكر بعض العناوين ‪ :‬تاريخ الدولة‬
‫العثمانية ‪ ،‬وفيات العيان البن خلكان ‪ ،‬نفح الطيب للمقري ‪ ،‬حسن المحاضرة‬
‫للسيوطي ‪ ،‬ديوان الخفاجي ‪ ،‬الصحاح للجوهري ‪.‬‬
‫الى جانب مكتبة باش تارزي التي تحوي ‪ 500‬مخطوط ومكتبة ابن العربي‬
‫ومكتبة الزاوية الرحمانية ‪.‬‬
‫‪ .5‬الوقف ‪:‬‬
‫هو عبارة عن وثيقة شرعية قانونية تسجل عند القاضي بحضور صاحب الوقف‬
‫والشهود مع ذكر التاريخ وتوقيع الشهود من اغراضه ‪:‬‬
‫‪‬العناية بالعلم والعلماء والفقراء والمساكين‬
‫‪‬انفاق على رجال العلم والطلبة‬
‫‪‬التأثير الديني والسياسي خارج الحدود كإرسال النقود الى فقراء مكة والمدينة‬
‫‪‬التكفل بالبعثات والرحالت العلمية‬
‫‪‬تمويل المساجد والكتاتيب‬
‫‪‬تحصيص اموال لبناء الزوايا والمساجد‬
‫قد تطورت في العهد العثماني حيث انشات مؤسسة خاصة باألوقاف تعمل على‬
‫المحافظة على الدين ‪.‬‬
‫حقيقة المؤسسات الدينية والتعليمية في قسنطينة (احصائيات)‪:‬‬
‫كشفت الوثائق العثمانية الرسمية عن حجم المؤسسات الدينية والتعليمية‬
‫التي عرفتها قسنطينة قبل السقوط ‪ ،‬حيث نجد وثيقة ختمت من قبل صالح‬
‫باي في ‪ 1776‬م تتعلق بالسجل العام للمؤسسات الدينية الموجودة في‬
‫المدينة وهي سبب نهوض صالح باي باألوقاف ‪،‬وتم التوصل من خالل‬
‫التسجيالت في وضع القوائم االسمية للمساجد والزوايا والمدارس التي تبين‬
‫البنية الدينية والثقافية للمدينة خالل الفترة العثمانية ‪.‬‬
‫وقد تم ذكر تقرير فيرو سنة ‪ 1817‬م الذي جاء فيه االحصائيات التالية ‪:‬‬

‫هذا ما ورد في تقرير فيرو علما ان مصادر‬ ‫مالحظة ‪:‬‬


‫اخرى تحدثت عن وجود ‪ 16‬زاوية و‪ 90‬مدرسة ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬علماء ومؤلفين في قسنطينة العثمانية‬
‫‪ 1‬ـ مكانة العلماء‬
‫‪ 2‬ـ علماء ومؤلفين‬
‫مكانة العلماء ‪:‬‬
‫بما ان الطابع الغالب في ذلك العصر هو الطابع الديني العلمي فكلمة علماء‬
‫تعني رجال الدين الن الحياة الفكرية كانت دينية صوفية ‪ ،‬فكان رجال الدين‬
‫هم العلماء فكل فقيه او مفسر يعد عالم في نضر الناس ويلقب بسيدي فالن ‪.‬‬
‫يندرج ضمن فئة العلماء كل من المفتي واالمام والخطيب ‪ ،‬الواعظ‬
‫والمؤدب ‪ ،‬القائم بشؤن المساجد وخادم االضرحة اضافة الى المثقفون‬
‫االحرار ‪.‬‬
‫يأتي العالم خالل العهد العثماني في المرتبة الثالثة في طبقة المجتمع ‪ ،‬فهم‬
‫لم يطمحوا الى مناصب سياسية بل اكتفوا بالمناصب الدينية ‪ ،‬وكإنو واسطة‬
‫بين الشعب والسلطة ‪ ،‬وهذا الضرف كان يخضع للظروف االجتماعية‬
‫واالقتصادية التي وضعت العلماء في مستويات مختلفة ‪.‬‬
‫علماء المدن يترفعون عن علماء الريف ويعارضون توليتهم للوظائف وهذا‬
‫ما ضهر جليا في قسنطينة ‪ ،‬واكتسبوا امتيازات بفضل توليهم التدريس‬
‫والمهام القانونية والشرعية ‪ ،‬لكنهم استاءوا لبحثهم عن الغناء من خالل‬
‫توريث الوظائف واحتكار العائالت الكبرى وضيفة لعدة سنوات ‪.‬‬
‫ارتبط العلماء بالمجتمع عن طريق التوعية الفكرية والدينية‬
‫والوقوف في وجه االنحراف السياسي والتعسف الضريبي وهذا‬
‫ما زاد من مكانتهم ‪.‬‬
‫وقد حظيت هذه الفئة باالحترام والتقدير االجتماعي حيث كان‬
‫االحترام المتبادل هو اساس العالقة بين االهالي والعلماء وكانوا‬
‫محل اجالل وتقدير ‪ ،‬وقد اظهر العديد من الحكام اهتمام كبير‬
‫بهذه الفئة باعتبارهم حواضر ثقافية فيتم منحهم العطايا واسقاط‬
‫المطالب المخزية عنهم ومنحهم اقطاعات وامتيازات خاصة ‪.‬‬
‫علماء ومؤلفين ‪:‬‬
‫‪‬عبد الكريم بن الفكون ‪:‬‬
‫هو العالمة ابو محمد عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم الفكون التميمي‬
‫القسنطيني ينتمي الى عائلة علمية شهيرة يرجع اصله الى فقونة قرية في‬
‫جبل االوراس ولد عام ‪1580‬م ‪.‬‬
‫كانت اسرته مؤيدة للعثمانيين وخدمة الدين والدولة وكانت لهم امتيازات‬
‫اقتصادية وامتلكوا العقارات واالراضي وكانت لهم زاوية خاصة بهم ‪.‬‬
‫بعد وفاة جده اسندت له امارة ركب الحج من قبل علي باشا وادارة جميع‬
‫اوقاف الجامع الكبير ‪ ،‬واعفيت عائلته من الضرائب وال يتعرضون له بأي‬
‫عقوبة ولو بدرجة ارتكاب جريمة وكان له الكلمة العليا لتطبيق الشريعة ‪،‬‬
‫ذكره المقري انه عالم قسنطينة وصالحها وكبيرها ومفتيها ووارث المجد‬
‫وكابر عن كابر له عدة مؤلفات اهمها ‪:‬‬
‫منشور الهدايا في كشف حال من ادعى العلم والوالية‬
‫ديوان شعر في مدح الرسول صلى هللا عليه وسلم‬
‫فتح الهادي في النحو‬
‫‪ ‬صالح بن احمد العنتري ‪:‬‬
‫هو صالح بن احمد العنتري ولد بقسنطينة ‪1790‬م ‪ ،‬نسب الى عائلة عريقة‬
‫في وضائف الكتابة والمهام االدارية تلقى تعليمه على يد شيوخ اجالء‬
‫اشهرهم احمد العباسي وعلي التونسي وعمار المغربي ‪ ،‬تولى كتابة‬
‫وتحرير الكتابات ‪ ،‬اشتغل بالتدريس ‪ ،‬تولى القضاء اشتهر بكتابين هما ‪:‬‬
‫االخبار في تاريخ قسنطينة والثاني سنين القحط ‪.‬‬
‫‪ ‬عبد الرحمان باش تارزي ‪:‬‬
‫العالمة الولي الشيخ الحاج عبد الرحمان باش ترزي بن احمد حمودة بن‬
‫مامش باش تارزي الجزائري ناشر الطريقة الرحمانية في قسنطينة اخذه‬
‫عنه الشيخ عبد الرحمان القشطولي الزواوي االزهري توفي بقسنطينة‬
‫ودفن بزاويته ‪.‬‬
‫‪ ‬ابو عمار منضور عمار الشريف القسنطيني ‪:‬‬
‫كان من نخبة قسنطينة واعيانها ‪ ،‬فقيه مشارك في جميع الفنون ‪ ،‬تقلد نضارة‬
‫االوقاف والقضاء ‪ ،‬والخطابة بجامع رحبة الصوف ‪.‬‬
‫‪ ‬عبد القادر الراشدي القسنطيني ‪:‬‬
‫فقيه مالكي ‪ ،‬قاضي اصله من الرواشد وهو عالمة قضى حياته في قسنطينة‬
‫تولى التدريس في مدرسة صالح باي بالجامع االخضر ‪ ،‬كان رجل كفاح‬
‫من اهم مؤلفاته ‪:‬‬
‫كتاب شرح فيه سادسة عقائد السنوسي‬
‫عقد الآللئ المستضيئة لنفي ظالم التلبيس‬
‫له رسالة التوحيد في غاية النفاسة‬
‫تحفة االخوان في تحريم الدخان‬
‫رابعا ‪ :‬االرث العمراني‬
‫‪ 1‬ـ النموذج االول ‪ :‬دار الدايخة بنت الباي‬
‫‪ 2‬ـ النموذج الثاني ‪ :‬دار بن طبال‬
‫‪ 3‬ـ النموذج الثالث ‪ :‬دار بن جلول‬
‫النموذج ‪ : 01‬دار الدايخة بنت الباي‬
‫تقع بحي السويقة في الجهة السفلية بين نهج قدور من الجهة الغربية ونهج‬
‫كوزيات من الجهة الشمالية تعود تسميته حسب الروايات انه ينسب الى‬
‫حفيدة احدى بايات قسنطينة ‪ ،‬تتكون الدار من ثالثة طوابق ‪ ،‬ارضي‬
‫وطابقين علويين ولها واجهتين رئيسيتين تتميز ببساطة مظهرها الذي تميز‬
‫بالفن العثماني البارز من خالل الزخارف والنقوش التي نجد منها‬
‫الزخارف النباتية والهندسية كالورود والنجمة الثمانية باإلضافة الى وجود‬
‫الدعامات القوية وغياب القبات ‪ ،‬والملفت لالنتباه ان شكل هذا البيت مشابه‬
‫لبيوت في طرابلس وتركيا والسعودية هذا ما يدل على انتشار الفن‬
‫االسالمي العثماني المعماري في مغلب البلدان العربية نتيجة التمازج بينهم‬
‫والسعي الى تطوير النمط المتبع ‪.‬‬
‫يعد هذا النموذج من ابسط النماذج المتبعة في البنايات القسنطينية في هذه‬
‫الفترة ‪.‬‬
‫النموذج ‪ : 02‬دار بن طبال‬
‫تقع بدرب ميلة الصغيرة المفضي الى درب االربعين شريفا ‪،‬‬
‫مالصقة لدار بن شريف وسميت بالدار الصغيرة ألنها اصغر دار‬
‫بهذا الدرب ‪ ،‬تتكون من ثالثة طوابق في كل طابق اربعة غرف‬
‫تقع واجهتها الرئيسية بالجهة الشرقية وبها ستة نوافذ ومدخنة‬
‫مربعة الشكل ‪ ،‬وقد جددت جدران السقيفة الخارجية بمادة‬
‫االسمنت والحجارة ‪.‬‬
‫يوجد بالدار خزان ماء من الجهة الشمالية مبني بالحجارة شكله‬
‫قريب من المستطيل مغطى حاليا بغطاء حديدي ‪ ،‬به غرف‬
‫المجالس بالطابق االرضي متشابه الشكل ‪ ،‬ابوابها مصنوعة من‬
‫خشب العرعار ‪ ،‬وعلى العموم الطابق االول به اربعة اروقة‬
‫خالية من الزخارف تجسد فكر اخر للعمارة العثمانية في قسنطينة‬
‫وان تعددت االوصاف والتفاصيل الجزئية التي تعبر عن مدى‬
‫االهتمام بالجانب العمراني والعمل على ترسيخ هذا الفن ‪.‬‬
‫كما لها سلم صاعد الى غرفة بأعلى البيت بنيت بالقرميد مما اعطى الشكل الهرمي‬
‫للدار ‪.‬‬
‫يمكن القول ان هذا الطابع بقي في المدينة حتى بعد الفترة العثمانية وظل متعلقا بالفكر‬
‫العثماني واالسلوب االسالمي الذي يبين مدى تعدد التأثير على شكل العمران في‬
‫المدينة ‪.‬‬
‫النموذج ‪ : 03‬دار بن جلول‬
‫تقع في حي القصبة الى الجانب الغربي من جامع ومدرسة سيدي‬
‫الكتاني يطل على سوق العصر ‪ ،‬وقد تم بنائها في حكم صالح‬
‫باي خالل نفس الفترة التي بني بها الجامع والمدرسة ‪.‬‬
‫تحتوي الدار على واجهتين فالواجهة الشرقية تطل على جامع‬
‫سيدي الكتاني وجزء من ساحة سوق العصر فتحت بها ستة نوافذ‬
‫خشبية ‪ ،‬كما فتحت بها مجموعة حوانيت تجارية ذات وظائف‬
‫مختلفة ‪ ،‬اما الواجهة الشمالية فهي الرئيسية يتوسطها المدخل‬
‫الرئيسي للدار يؤدي الى جامع سيدي الكتاني ‪ ،‬كما فتحت بها‬
‫ثالثة حوانيت وهي مالصقة للمدرسة االبتدائية ‪ ،‬البنت المسلمة ‪،‬‬
‫نفس الشيء ينطبق على الجهة الجنوبية التي ال تظهر للعيان ‪.‬‬
‫من خالل النماذج الثالثة نستنتج ان النمط العمراني اعطى الحياة‬
‫االسالمية اطارها االمثل ‪ ،‬اذ تأقلم مع مناخ االسرة التي وفر لها‬
‫محيط التستر ‪ ،‬مراعيا بذلك الحرمة التي يحث عليها االسالم‬
‫اي حفظ اسرار االسرة المسلمة ويظهر ذلك من خالل المخطط االسالمي‬
‫العثماني على عكس االغريق والرومان ‪.‬‬
‫يمكن القول ان مداخل المساكن خشيبة الصنع مؤطرة بأعمدة حجرية او‬
‫الواح رخامية مزينة بزخارف متنوعة تختلف من بيت ألخر حسب الشكل‬
‫المتبع في طريقة الدار ‪.‬‬
‫من هذا يتبين ان االدارة العثمانية عهدت الى النهوض بالقطاع الثقافي‬
‫وخاصة الجانب العمراني ألهميته عند الطبقة الحاكمة ‪ ،‬وتغلب الطابع‬
‫العثماني على المباني لتمكنها في هذا المجال ‪ ،‬وبهذا فرضت نفوذها‬
‫وطغت بصمتها على جميع الجوانب ‪ ،‬وتسبب في اثراء الجانب الفني‬
‫واستطاعت ان تبرز كحاضرة ثقافية مكتملة في الجزائر خالل العهد‬
‫العثماني ‪.‬‬
‫الخاتمة‬
‫الخاتمة‬
‫‪‬عرفت قسنطينة الحاضرة الثقافية اهتماما كبيرا لدى الرحالة‬
‫والمؤرخين وذلك لما لها من خصائص مميزة عن الحواضر الجزائرية‬
‫االخرى فهي اغناها ثروة واكثرها سكانا ‪ ،‬ومواصفاتها الطبيعية‬
‫والجغرافية والشروط المناخية جعلت منها مكانة استراتيجية كبيرة‬
‫طيلة العهد العثماني ‪.‬‬
‫‪‬اطلقت تسميات عديدة على مدينة قسنطينة من قصر طينة وسرتا وبلد‬
‫الهوى ‪ ،‬حصن افريقيا وقرطن وتعددت االسماء واختلفت مواضع‬
‫ذكرها حسب الدراسات التاريخية واالدبية اال أن المكان واحد هو‬
‫قسنطينة لم تغيرها المصطلحات وال الزمان ‪.‬‬
‫‪‬تميزت الحياة العلمية والثقافية في قسنطينة في العهد العثماني بالنشاط‬
‫رغم عدم اهتمام العثمانيين باألوضاع الثقافية وتوحيد جهود المثقفين‪،‬‬
‫اال انه لم يمنع من نشر التعليم بجميع مستوياته وهذا بفض الدور الذي‬
‫لعبته مختلف المؤسسات الثقافية مثل ‪ :‬المساجد والمدارس القرآنية‬
‫والزوايا والمكتبات ‪.‬‬
‫‪‬ان مردود الوقف ساعد في توظيف المعلمين والعناية بالمؤسسات‬
‫الخاصة بالتعليم ودفع االجور للموظفين بها وكان لها االثر الكبير في‬
‫تغيير مالمح الحياة العلمية والثقافية وهذا ما يفند مزاعم الذين يدعون‬
‫انعدام الثقافة قبل الوجود االستعماري ‪.‬‬
‫‪‬ان الحركة العلمية والفكرية بقسنطينة كانت غنية بالرصيد لدى‬
‫المجتمع وهذا راجع الى الموروث الثقافي الذي عرف اواخر اعهد‬
‫العثماني نشاطا علميا لم يتأثر بمختلف التطورات السياسية التي عرفتها‬
‫المنطقة ودلك بفضل علمائها ومثقفيها الذين غلبت عليهم الروح الفقهية‬
‫والعقائدية ‪.‬‬
‫‪‬واخيرا يمكن القول ان قسنطينة بتاريخها ستبقى حاضرة من الحواضر‬
‫الثقافية التي شهدتها الجزائر في الفترة العثمانية وستبقى كذلك ‪.‬‬
‫المالحق‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫المصادر والمراجع ‪:‬‬
‫‪ – 1‬ابو القاسم سعد هللا ‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي من القرن الرابع الى القرن‬
‫الرابع عشر ‪ ،‬ج‪ ، 2‬الشركة الوطنية للنشر و التوزيع‪ ،‬الجزائر‪1981 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ - 2‬ابو القاسم سعد هللا‪ :‬تاريخ الجزائر الثقافي (‪1500‬ـ ‪ ، )1830‬ج‪، 1‬‬
‫دار المغرب االسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪1989 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ – 3‬الجيالني عبد الرحمان ‪ :‬تاريخ الجزائر العام ‪ ،‬ج‪ ، 1‬دار الثقافة‬
‫بيروت ‪ ،‬لبنان ‪1980 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ – 4‬الصيد سليمان ‪ :‬نفخ االزهار عما في قسنطينة من اخبار ‪ ،‬ط‪، 1‬‬
‫المطبعة الجزائرية ‪ ،‬الجزائر ‪1994 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ – 5‬بومهلة تواتي ‪ :‬قسنطينة حصن افريقيا ‪ ،‬دار المعرفة ‪ ،‬الجزائر ‪،‬‬
‫‪2009‬م ‪.‬‬
‫‪ – 6‬سالم عبد العزيز ‪ :‬المغرب الكبير في العصر االسالمي‪،‬ج‪ ،2‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪1981 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ – 7‬لعروق محمد الهادي ‪ ،‬فيالني عبد العزيز ‪ :‬مدينة قسنطينة دراسة في‬
‫التطور التاريخي والبيئة الطبيعية ‪،‬ط‪ ،1‬دار الطباعة للبعث والنشر ‪ ،‬قسنطينة ‪،‬‬
‫الجزائر ‪1984 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ 8‬ــ محمد المهدي بن شعيب ‪ :‬ام الحواضر في الماضي والحاضر ‪،‬ط‪ ، 1‬مطبعة‬
‫البعث ‪ ،‬قسنطينة ‪ ،‬الجزائر ‪ 1980،‬م ‪.‬‬
‫‪ 9‬ــ ناصر الدين سعيدوني ‪ :‬ورقات جزائرية دراسات وابحاث في تاريخ الجزائر‬
‫في العهد العثماني ‪ ،‬دار الغرب االسالمي ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬لبنان ‪ 2000 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ محمد بن ميمون الجزائري التحفة المرضية في الدولة البكداشية في بالد‬
‫الجزائر المحمية ‪ ،‬تقديم وتحقيق عبد الكريم ‪ ،‬ط‪ ، 2‬الشركة الوطنية للنشر‬
‫والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪1979 ،‬م ‪.‬‬
‫‪ 11‬ـ محمد الشريف الزهار ‪ ،‬مذكرات احمد الشريف الزهار ‪ ،‬تقديم احمد توفيق‬
‫المدني ‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪ 1979 ،‬م ‪.‬‬
‫وشكرا‬

You might also like