You are on page 1of 30

‫النقد الفني بين النظرية والتطبيق‬

‫د‪ .‬عبدالرحيم عوض حسين عبدالكريم‬

‫أستاذ مساعد‪ -‬كلية الفنون والتصميم‪ -‬جامعة العلوم التطبيقية الخاصة‬

‫‪2016‬‬

‫الملخص‬

‫يتناول هذا البحث موضوع النقد الفني والذي يعتبر بال شك ذو اهمية كبيرة جدا في اثراء الواقع الفني‬
‫الجمالي االبداعي‪ ،‬خاصة جميع اقطاب العملية الفنية التذوقية من ناقد وفنان وجمهور‪ ،‬وكذلك معلمو التربية الفنية‬
‫‪.‬وطالب المدارس والجامعات‪ ،‬وتبصيرهم بالفنون البصرية المختلفة‬

‫إن اإلرث اإلنساني الحضاري الذي ورثناه عبر الحقب الحضارية المختلفة منذ االنسان البدائي مرورا‬
‫بحضارة ما بين النهرين‪ ،‬ومصر القديمة‪ ،‬واالغريق‪ ،‬والرومان وغيرهم العديد‪ ،‬وكذلك فنون عصر‬
‫النهضة‪.....‬الخ‪ ،‬إلى يومنا هذا‪ ،‬والمدارس الفنية الحديثة والمعاصرة ‪ ،‬كل هذا فرض وادى الى ظهور النقد الفني‬
‫نهاية القرن التاسع عشر في اوروبا‪ ،‬وذلك من اجل شرح وتوضيح وتفسير االساليب الفنية من حيث المعاني‬
‫والمضامين لخلق حالة فنية غنية تؤدي الى اسعاد البشرية واغناء الحضارة االنسانية من خالل الفنون الجميلة‬
‫‪.‬الرائعة‬

‫من هنا نؤكد على أن هنالك مسببات كثيرة ادت الى قصور وضعف وتشوية لعملية النقد الفني‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫انتشار المفاهيم الخاطئة وعدم الحيادية من بعض النقاد‪ ،‬وكذلك المبالغة احيانا بالمديح الممجوج‪ ،‬اوالهجوم على‬
‫بعض الفنانين السباب شخصية‪ ،‬كل هذا أدى الى صراع على الصعيد الفني لألسف‪ ،‬مما ترك اثره على العملية‬
‫النقدية بشكل عام‪ ،‬وال ننسى دور بعض وسائل االعالم من صحافة او مجالت او مقاالت على وسائل التواصل‬
‫االجتماعي أو فضائيات‪ ،‬والتي لعبت دورًا منحازًا أحيانًا‪ ،‬وهجوميًا أحيانًا أخرى من أجل أمور إما مادية‬
‫أوشخصية أو‪...‬الخ‪ ،‬أدت إلى تلميع بعض الفنانين وبعض األعمال الفنية الهابطة ذات المستوى المتدني‪ ،‬وهذا‬
‫بدوره أضعف النقد الفني وافقده فاعليته‪ ،‬وأّثر على األعمال الفنية وخلق فجوة بين المشاهد واألعمال الفنية‪ ،‬وهذا‬
‫‪.‬ينسحب على جميع أنواع الفنون‬

‫نتيجة لذلك قام الباحث بعمل هذه الدراسة مبرزًا خطوات ومرتكزات النقد الفني‪ ،‬من أجل توجيه األفراد‬
‫والمشاهدين والمهتمين الثرائهم فنيا‪ ،‬آمال تحسين وتطوير مستوى االداء النقدي‪ ،‬حيث تم تلخيص خطوات النقد‬
‫الفني في الوصف‪ ،‬والتحليل‪ ،‬والتفسير‪ ،‬واصدار الحكم‪ ،‬وكذلك المحاور التي يرتكز عليها الناقد الفني فهي‪ :‬الفنان‪،‬‬

‫‪1‬‬
،‫ والمضمون‬،‫ ومذاهب الفن ومدارسه‬،‫ واألسس البصرية في الفن‬،‫ والعناصر البصرية في الفن‬،‫والموضوع‬
‫ ولغة النقد‬،‫ والقيم الكامنة‬،‫ووسائط التشكيل‬.

Artistic Criticism: Theory and Practice


Dr. Abdel-Rahim Awad Hussein Abdel-Karim
Assistant Professor
College of Fine Arts and Design
Private Applied Sciences University

Abstract
This paper addresses the topic of artistic criticism which undoubtedly, plays a very
significant role in enriching the creative and aesthetic state of art. More specifically, this work
highlight all components of the artistic process, namely, the critic, artist, public teachers of arts
education besides school and university students to enlighten them about different types of
optical arts.
The legacy of human heritage across ages starting with that of primitive humans, humans,
civilizations of ancient Iraq, Egypt, Greece, Rome, and the Renaissance and ending up with
modern and contemporary arts schools had imposed and led to the emergence of artistic criticism
towards the end of the nineteenth century Europe. This had also helped to illustrate artistic style
regarding meaning and content, thus creating a rich artistic state that ultimately led to human
happiness and enriched human civilization via wonderful modern artistic styles.
It is to be stressed here that there are many causes behind the weakness, decline and
distortion of artistic criticism process; this can be attributed to the spread of misconception and
bias on part of some critics, trite and exaggerated praise sometimes, or launching personal
attacks against some artists. Unfortunately, some artists, and some kind of conflict emerged
among artists fueled by the offensive or biased media, including some newspapers, magazines,
internet articles, etc. All this helped create a gap between the spectators and words of art.
In view of the above, the researcher has carried out this study by focusing on the basics
and cornerstones of artistic criticism to help guide individuals, spectators and all those interested,
aiming at improving and developing their level regarding artistic criticism. The researcher has
also summarized the critical procedures of artistic criticism used in description, analysis and
interpretation to help, then, in passing a judgment.
Besides, there has been a presentation of the components of artistic criticism a critic leans
on: artist, topic, optical elements in art, and optical basics in art, school of art, content, and
medium of formation, total values, and language of criticism.

2
‫المقدمة‬

‫استطاع الناقد الفني أن يتوصل الى تفسيرات للتراث االنساني منذ االنسان البدائي الى يومنا هذا‪ ،‬موضحًا‬
‫أن األعمال الفنية ما هي إال تجسيد لعوامل فكرية أو طقوس دينية أو أمور سحرية‪ ،‬استطاع الفنان ومنذ فجر‬
‫التاريخ أن يعِبر عن أحاسيسه بما قدمه للبشرية من أعمال فنية ورسومات مازالت قائمة إلى يومنا هذا‪ ،‬وهنا برز‬
‫دور الناقد الفني الذي فسر وحلل ووضح لنا ماهية هذه الفنون قديما وحديثا‪.‬‬

‫إن عملية النقد الفني ليس مجرد استعراض فني أو سرد أدبي أو مادة إعالمية يسجل من خالله الناقد‬
‫الفني األحداث والنشاطات الفنية من معارض فنية أواية أعمال أخرى نحتية أومعمارية أو زخرفية أو تشكيل فني‬
‫او ‪.....‬الخ‪ ،‬إنما هي عملية تؤكد على دراسة قضايا الفنون بواقعية وجدية وتعمق كبير‪ ،‬بحيث يجب استيعاب‬
‫االتجاهات النقدية المختلفة مؤكدًا على االبداع والتمرس على قراءة األعمال الفنية قراءة جيدة‪ ،‬وكذلك االطالع‬
‫على المستجدات الفنية من أجل حماية الفنون واألعمال الفنية‪ ،‬والتأكيد على األساليب الفنية المختلفة والتي قدمت‬
‫الكثير للبشرية‪.‬‬

‫وهنا أؤكد على ان النقد الفني يجب أن يقوم به متخصصون بالفنون‪ ،‬وفنانون لهم سجلهم واسمهم على‬
‫الساحة الفنية‪ ،‬أواكاديميون لهم خبراتهم الفنية‪ ،‬وليس صحفيون أو محامون أو علماء نفس أو اعالميون أو أدباء‬
‫وغيرهم من المسميات التي ليس لها عالقة بالفنون‪ ،‬ألن االختصاص هو األهم واألجدى بكل ما يتعلق بالنقد‬
‫واألمور الفنية واألساليب والمدارس الفنية‪ ،‬كما يجدر بنا االننسى دور النقاد في توجيه الجماهير وتعريفهم بكل ما‬
‫هو جديد في مجال الفنون‪ ،‬واستنباط المعايير الجمالية والفنية الخاصة بكل جديد‪ ،‬وتبصير الجمهور أيضا بالمعايير‬
‫التي يستندون إليها في إصدار األحكام‪ ،‬من أجل كسب ثقة الجمهور عندما يتم تقديم نقد فني حيادي غير منحاز‪.‬‬

‫ويأتي اليوم هذا البحث بعد أن انحسر النقد الفني وفقد فعاليته‪ ،‬وضعف مستواه‪ ،‬وأصبح منحازًا مجامًال‬
‫وغير حيادي‪ ،‬مما أدى الى غموض مهام النقد وكذلك غموض معاييره‪ .‬وفي أيامنا هذه حيث اختلطت األمور‬
‫نسمع من العديد من الفنانين‪ ،‬ونقرأ باالعالم وعلى شبكات التواصل عن عدم وجود النقد الواقعي القوي والفاعل‬
‫والمؤثر على الساحة الفنية‪ ،‬ومع ذلك نسعى ألن نكرس نقدًا فنيًا قائمًا على كسب ثقة الفنانين والجمهور معًا‪ ،‬ألن‬
‫للنقد دور اليستهان به في الوساطة بين ميدان العمل الفني االبداعي وبين المشاهدين‪ ،‬وأن صلة النقد بالفن صلة‬
‫وثيقة حيث يتمحور النقد حول العمل الفني ويعبر عن مقدرة الناقد على استيعاب تقنيات الفن‪.‬‬

‫هنا نقول بأن القدرة على التميز الفني يتعلق بالتكوين النفسي واالجتماعي وااليدولوجي للناقد‪ ،‬وأن يشتغل‬
‫الناقد على نفسه لزيادة خبراته‪ ،‬باالضافة إلى مقدرته على تطويراألداء الفني واستنباط االبتكارات الجمالية‬

‫‪3‬‬
‫واألفكار الجديدة‪ .‬ما يهمنا هو وجود نقد فني بناء متطور واقعي محايد ينهض بالفنون إلى أرقى المستويات‬
‫المطلوبة والمنشودة‪.‬‬

‫‪:‬مشكلة البحث‬

‫لماذا النقد الفني اآلن وفي هذه المرحلة تحديدًا بعد الهبوط الكبير في منظومة القيم المتنوعة بشكل عام‪،‬‬
‫والقيم الفنية بشكل خاص‪ ،‬والتي اتخذت طابعًا تجاريًا في األعمال الفنية المتنوعة والتصاميم غير الحَية‪ ،‬وادخل‬
‫التكنولوجيا ضمن العمل الفني حتى لربما افقد العمل الفني الحيوية‪ ،‬والذوق الرفيع واالبداع اليدوي والذي نحس به‬
‫بروحَي ة ونفسية وأحاسيس الفنان وشخصيته‪ .‬من هنا نقول أن غياب النقد الفني من ميادين الفنون بشكل عام‬
‫والتربية الفنية بشكل خاص في المجالين التطبيقي والنظري‪ ،‬يشكل فجوة واضحة ضمن أساليب األداء‪ ،‬أو ما‬
‫نشاهده من أعمال فنية ال ترتقى للمستوى المطلوب‪ ،‬ويعود ذلك إلى عدة أسباب نذكر منها ما يلي‪-:‬‬

‫عدم االهتمام بالنقد الفني وانتشار أ ساليب نقدية خاطئة على أسس غير سليمة أدت إلى الشخصنة والغرور لدى )‪1‬‬
‫البعض والتقوقع حول الذات والشللية‪ ،‬والتي جميعًا عملت حاجزًا بين المشاهد والعمل الفني والفنان والجمهور من‬
‫‪.‬ناحية أخرى‬

‫‪.‬غياب الثقافة الفنية بسبب شح المراجع العربية والتي تفتقر للمعرفة والمضمون الذي يخدم العملية النقدية )‪2‬‬

‫ومنذ أن أصبحت مادة التربية الفنية منهاجًا مقررًا من المناهج المدرسية في مختلف المراحل‪ ،‬تدّر س‬
‫كافة المجاالت المعرفية والبصرية الجمالية‪ ،‬لذلك ال بد من تدريب الطالب على ممارسة الخبرات البصرية‬
‫وتبصيرهم بأسس التصميم وعناصره‪ ،‬وتعريفهم بمختلف األدوات والخامات والتقنيات واألساليب الفنية وتاريخ‬
‫الفنون والنقد والتذوق الفني‪ ،‬وهذا هو األساس السليم‪ ،‬لكن يبدو أن المنهاج يسير عكس ما خطط له‪ ،‬وأصبح يقَد م‬
‫للطالب للرسم من الذاكرة أو المحاكاة اما للطبيعة أو لنموذج بصري معَي ن‪ ،‬بحيث أصبح المنهاج مجردًا من‬
‫الخبرات البصرية حسب رأي المدرس‪ ،‬وبما أن التربية الفنية بصرية جمالية أصًال‪ ،‬ال يمكن أن تقَد م للطالب‬
‫كمادة جافة دونما خبرات بصرية مباشرة‪ ،‬وهذا هو سبب الضعف العام لدى الطالب وافتقارهم ألسس التذوق‬
‫الفني الجمالي‪.‬‬

‫‪:‬الفرضيات‬

‫يفترض البحث أن تكون هنالك صلة وثيقة بين الفن والنقد الفني‪ ،‬ألن النقد هو حجر الزاوية ونقطة االرتكاز )‪1‬‬
‫في مختلف الفنون‪ ،‬ودور النقد الفني في خلق تذوق فني رفيع على أساس جيد وسليم‪ ،‬كما يحتم علينا اإلقرار‬
‫‪.‬بفرضية صعوبة ممارسة النقد وتقبله وممارسته‬

‫‪4‬‬
‫يفترض أيضا أن تعليم الطالب والفنان لممارسة النقد وتقبله وتطبيقه‪ ،‬من أجل إنجازات فنية غنية بالقيم الفنية )‪2‬‬
‫‪.‬ترقى للمستوى المطلوب وتحاكي العالمية‬

‫‪:‬أهداف البحث‬

‫إن النقد الفني بالعمل الفني خلق مع االنسان والذي انتقد ذاته حيث مارس النقد منذ بدء الحضارات على‬
‫هذه االرض‪ ،‬ومارس مختلف أنواع الفنون‪ ،‬من هنا جاءت أهداف البحث كاآلتي‪-:‬‬

‫التعرف بخطوات النقد ومرتكزاته ومحاوره كمقدمة الطار عملي تحليلي للتمكن من تفسير األعمال الفنية )‪1‬‬
‫‪.‬والحكم عليها وتقييمها‬

‫‪.‬تقديم المراجع الجيدة والمالئمة الحديثة في مجال النقد الفني إلثراء الناقد وكذلك معلمو التربية الفنية )‪2‬‬

‫‪:‬أهمية البحث‬

‫بسبب التطورات الراهنة امام ثورة المعلومات واستخدام وسائل االتصاالت الحديثة‪ ،‬وما يشهده الفن‬
‫المعاصر من تحديث وتطوير وتغيير في المفاهيم‪ ،‬قام الباحث برصد طبيعة ومفهوم النقد الفني المعاصر في‬
‫عصر الثورة المعلوماتية‪ ،‬ليساعد المهتمين بالكتابات الفنية والنقدية على فهم أهم النظريات المعاصرة في النقد‬
‫الفني ومعاييره وخطواته وطرقة‪ ،‬حيث يمكن أن يمثل هذا البحث مرجعًا معرفيًا لكل المهتمين بالفنون من فنانين‬
‫ونقاد وكتاب ومدرسين ومتذوقين‪ .‬وال نستطيع فصل النقد الفني عن ميادين الفنون بشكل عام‪ ،‬وميادين التربية‬
‫الفنية الجمالية بشكل خاص‪ ،‬ذات اإلتجاه المعرفي الجمالي‪ ،‬ألن النقد الفني أساسه تقدير اإلنتاج الفني‪ ،‬وخلق تذوق‬
‫فني راق معتمدًا على الحواس‪ ،‬والتي بدورها تحس بالجمال ومكامنه في العمل الفني‪ ،‬وهنا يبرز دور النقد الفني‬
‫المعِبر عن اإلحساس الفني الجمالي موضحًا وشارحًا ومبينًا بلغة نقدية مكتوبة أو منطوقة‪ ،‬جماليات العمل الفني‪،‬‬
‫ولفت اإلنتباه للتعرف على القيم والعالقات الجمالية وتنمية اإلدراك الحسي‪ ،‬وتطوير قدرات األشخاص في استخدام‬
‫خطوات النقد الفني للتعبير عن القيم‪ ،‬والعالقات الجمالية في الطبيعة والبيئة وأي عمل فني كان‪ ،‬وباعتبار أن‬
‫النقد الفني يشكل حجر األساس ونقطة االرتكاز في تعليم مختلف فروع الفن وخاصة فن الرسم‪ ،‬الذي هو أساس‬
‫أي عمل فني‪.‬‬

‫إن ما يقوم به مدرس الفنون داخل الغرفة الصفية‪ ،‬هو شكل من أشكال النقد الفني ألنه يعلم ويصف‬
‫ويحلل ويفسر ويجرب ويركب ويوزع األعمال الفنية‪ ،‬ويّتخذ من النقد والمدارس الفنية وسيلة للتعليم على أساس‬
‫التذوق واإلنتاج الفني‪ ،‬ألن أهداف التربية الفنية هو نقل خبرات المعلم للتالميذ‪ ،‬لتنمية ذوقهم وتقديرهم للفنون‪،‬‬
‫وهذا يتحقق عن طريق تدريس التربية الفنية‪ ،‬وكذلك تدريس وتدريب الطالب على النقد الفني لتثقيفهم فنيًا‬
‫وإ ثرائهم لغويًا‪ ،‬لخلق حركة ثقافية فنية إبداعية‪ ،‬من خالل رفد الطالب بالمعلومات والمفاهيم الفنية السليمة‬

‫‪5‬‬
‫المرتبطة بالفن المعاصر‪ ،‬من أجل التطبيق السليم واألمثل للمهارات الفنية من رسم وغيره‪ ،‬والذي ينطوي على‬
‫خبرات معرفية وبصرية ومهارية تبنى عليها المجاالت الفنية كافة‪.‬‬

‫من هنا يجب التأكيد على تطبيق النقد الفني فيما يخص الثقافة الفنية‪ ،‬عندما يناقش الطالب أو الفنان العمل‬
‫الفني موضحًا األسلوب والمعالجة التقنية الفنية والصعوبات والحلول وتبادل الخبرات وتقبل التوجيهات‪ ،‬ألن النقد‬
‫الفني هو وسيلة لبلوغ الغاية وليس غاية في حد ذاته (ويلسون‪ ،‬الغامدي ‪ 1999‬ص‪.)63‬‬

‫‪:‬حدود البحث ومنهجيته‬

‫تعتمد هذه الدراسة بحدودها ومنهجيتها على المنهج التحليلي النقدي والبحثي في تحليل مدى ممارسة النقد‬
‫الفني وتطبيقه بالشكل المطلوب والسليم‪ ،‬أي ليست دراسة ميدانية أو إحصائية‪ ،‬إنما تقوم برصد التطبيق السليم‬
‫للنقد الفني من خالل المعارض الفنية واإلعالم ومدارس التربية والتعليم‪ ،‬وبصفة مقدم البحث فنان تشكيلي ومعلم‬
‫تربية فنية مارس تدريس مادة التربية الفنية لسنوات طويلة‪ ،‬وعمل مديرًا لعدة مدارس حكومية‪ ،‬كان خاللها مواكبًا‬
‫للمنهاج‪ ،‬وأقام عدة معارض فنية وزار العديد من المعارض داخل األردن وخارجه‪ ،‬وشارك في اإلشراف على‬
‫تأليف مناهج التربية الفنية مع وزارة التربية والتعليم األردنية للعديد من السنوات‪ ،‬حيث أن هذه التجربة الشخصية‬
‫كفيلة بتقديم التحليل السليم لمدى ممارسة معلمو التربية الفنية للنقد الفني وتدريب الطالب على ممارسته‪ ،‬وطريقة‬
‫التعاطي مع المنهاج لخلق تذوق فني لدى الطلبة‪ ،‬وكذلك تابع الباحث ومن خالل اإلعالم والمجالت الفنية‪ ،‬ومن‬
‫خالل المعارض الفنية التي أقامها أو زارها‪ ،‬ومن خالل العالقات المباشرة مع صناع الفنون والفنانين‪ ،‬أساليب‬
‫النقد الفني ودور النقد في خلق حالة فنية غنية تثري الوسط الفني وترفده بكل جديد ومتطور فنيا ونقديا‪.‬‬

‫هذه التجربة الشخصية مكنت الباحث من االطالع والوقوف على إشكاليات هذه الدراسة ومعوقات النقد‬
‫الفني‪ ،‬وكذلك معوقات تطبيق منهاج التربية الفنية في المدارس بالشكل المطلوب والمخطط له من قبل وزارة‬
‫التربية والتعليم‪ ،‬وهذا األثر أصبح واضحًا عندما يأتي الطلبة لدراسة الفنون البصرية في الجامعات‪ ،‬حيث نرى‬
‫تدني الثقافة الفنية ثقافيًا وأدائيًا‪ ،‬ويبذل أعضاء هيئة التدريس في الجامعات األردنية جهودًا مضاعفة مع طلبتهم‬
‫إلصالح الخلل والضعف لدى الطالب حتى يصلوا إلى نتائج طيبة‪.‬‬

‫‪:‬الدراسات السابقة‬

‫لقد مر النقد الفني بمخاض طويل وبمراحل مختلفة‪ ،‬حيث لم يحصل الباحث على دراسات حديثة– على حد‬
‫علمه‪ -‬خاصة في عصر الثورة المعلوماتية وعصر الميديا والفضائيات الحديثة‪ ،‬ودورها في صناعة النقد الفني‬
‫والتأثير علية وربما سلبه بعضًا من مهنيته‪ ،‬وهنا يستعرض الباحث بعضا من هذه الدراسات ومنها‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫دراسة خصاونه (‪ ، )2010‬بعنوان دراسة مقاالت النقد التشكيلي األردني في مجلة أفكار األردنية بين‬
‫عامي ‪ ،2005-200‬حيث هدفت الدراسة إلى طرح قضية النقد لألعمال التشكيلية في اإلعالم األردني المقروءة‬
‫في مجلة أفكار التي تعنى بالنقد الفني‪ ،‬حيث أخذت الباحثة عينة من (‪ )24‬مقاًال من نفس الفترة تحدثت عن الفنان‬
‫وسيرته الفنية الذاتية‪ ،‬وقامت بتحليل المقاالت معتمدًة على أنواع النقد الفني المتعارف عليها‪ .‬واعتمدت الباحثة في‬
‫منهجية البحث إحصاءًا لالعداد التي احتوت المقاالت عن الفن التشكيلي‪ ،‬وكانت (‪ )24‬مقاًال عن سيرة الفنان‬
‫وتحليًال للمقاالت‪ .‬وقد خرجت بالنتائج والتوصيات التالية‪:‬‬

‫ا‪ -‬ينقد العمل الفني من خالل اإلحاطة بكل جوانب حياة الفنان وتاريخه‪ ،‬ماضيه وحاضره من أجل الحديث عن‬
‫‪.‬العمل الفني‬

‫‪.‬ب‪ -‬المقاالت كانت إنشائية في وصف األعمال الفنية وكان النقد بواسطة القواعد‬

‫‪.‬ج‪ -‬ركزت المقاالت على عدد من الفنانين والمعارض وأهملت األخرى‬

‫د‪ -‬محدودية المقاالت التي اعتمدت األسس العلمية للنقد الفني من وصف وتفسير وتقييم للعمل الفني‪ ،‬ومعرفة‬
‫‪.‬قصد الفنان‬

‫‪.‬ه‪ -‬التغطية للمعارض كانت ذات طابع صحفي سريع دون أسس لقراءة العمل الفني ونقده‬

‫دراسة الغامدي (‪ ، )1999‬بعنوان دور النقد الفني في انماء الثقافة الفنية ضمن دروس التربية الفنية في‬
‫مدارس التعليم العام في المرحلة المتوسطة– دراسة علمية‪ .‬وهدفت الدراسة إلى إيضاح أهمية التربية الفنية‬
‫(معارف‪ -‬معلومات‪ -‬نقد وتذوق فني)‪ ،‬من وجهة نظر معلمي ومشرفي التربية الفنية في (مكة‪ -‬جدة – الطائف)‬
‫لطالب المرحلة المتوسطة كما هدفت لمعرفة مدى تحقيق األهداف الثقافية والصعوبات التي تواجه المعلم‪ .‬وقد تم‬
‫استخدام المنهج الوصفي واالستبيانة معتمدًا الدراسة المسحية في أدوات واجراءات البحث‪ ،‬وقد خرجت الدراسة‬
‫بالنتائج التالية‪:‬‬

‫‪.‬ا‪ -‬محتوى المنهج الحالي قديم‬

‫‪.‬ب‪ -‬عدم اهتمام األسرة والمجتمع بالتربية الفنية‬

‫‪.‬ج‪ -‬عدم اهتمام المعلم بثقافة التلميذ الفنية والتركيز على إنتاج الطالب‬

‫‪.‬د‪ -‬عدم اهتمام اإلدارة المدرسية بالتربية الفنية‬

‫‪.‬ه‪ -‬عدم اهتمام المعلم بالتجديد واالبتكار‬

‫‪7‬‬
‫‪.‬و‪-‬عدم اهتمام الطالب بالمادة المنهجية ألنه ال يوجد بها رسوب‬

‫‪.‬ز‪ -‬وجود معوقات أمام المعلم والطالب‬

‫‪.‬ح‪ -‬عدم وجود وسائل تعليمية لإليضاح‬

‫‪.‬ط‪ -‬عدم معرفة المعلم باالتجاهات الفنية الحديثة بالتدريس‬

‫دراسة قزاز (‪ ، )2001‬بعنوان طبيعة النقد الفني المعاصر في الصحافة السعودية‪ -‬دراسة تحليلية‪ .‬وقد‬
‫هدفت الدراسةلدراسة طبيعة الوضع الراهن للنقد الفني في الصحافة السعودية‪ .‬اعتمد الباحث المنهج الوصفي‬
‫لتحليل المحتوى وذلك لمالءمته طبيعة البحث‪ ،‬مستخدمااألدب النظري من نظريات النقد الفني وأنواعه وخطواته‬
‫باإلضافة إلى المفاهيم المعاصرة في النقد الفني عند مجموعة من فالسفة النقد الغربيين كأداة للبحث‪ .‬وقد أظهرت‬
‫دراسته اختالفًا وتباينًا في مستوى الكتاب في الصحافة المحلية‪ ،‬حيث تراوحوا بين الناقد واألكاديمي والفنان‬
‫والصحفي والهاوي للكتابة عن الفن‪ ،‬حيث كانت ‪ %40‬من الكتابات انطباعية ناتجة عن آراء ذاتية‪ ،‬ونسبة اتباع‬
‫النقاد لطريقة النقد بالقواعد والطريقة السياقية ‪ ،%24‬اما الطريقة الشكلية في النقد بنسبة ‪.%12‬‬

‫وأوصت الدراسة بزيادة اهتمام المؤسسات الصحفية باصدار الصفحات المتخصصة في الفنون التشكيلية بصورة‬
‫مستمرة ومنتظمة‪ ،‬ودعوة الكتاب المتخصصين والنقاد واألكاديميين للمساهمة بالكتابات النقدية في هذه الصفحات‪،‬‬
‫واختيار النقاد في الصحافة من خالل معايير‪ ،‬وتدريس النقد الفني إلى جانب مجاالت التربية الفنية األخرى في‬
‫‪.‬المدارس والجامعات من قبل ذوي االختصاص‬

‫‪:‬نقدالدراسات السابقة‬

‫نالحظ عند تحليلنا للدراسات السابقة أنها لم تخض في مدى تأثر النقد الفني بالمستجدات الراهنة‪ ،‬ومدى‬
‫تأثير التكنولوجيا الحديثة وثورة المعلومات‪ ،‬والتطورات التي حدثت على صعيد الفنون التشكيلية من جانب‬
‫استخدام التكنولوجيا والبرمجيات الحاسوبية على النقد الفني‪ ،‬بل أخذت هذه الدراسات الجانب التقليدي في طرح‬
‫طريقة وأسلوب النقد الفني‪ ،‬ولم تتطرق نهائيًا للتطوير الذي حدث على الجانب الفني والنقدي‪ ،‬خاصة أننا األن أمام‬
‫واقع جديد وأزمة ثقافية فنية راهنة‪ ،‬ال بد لنا أن ندرس مدى تأثير كل ما ذكر على الفنون بشكل عام وعلى النقد‬
‫الفني بشكل خاص‪.‬‬

‫‪:‬العرض والتحليل‬

‫‪8‬‬
‫عند الحديث عن دور النقد الفني وأهميته البد من استعراض المعلومات واألساس النظري‪ ،‬والتي على‬
‫أساسها يتمكن الباحث من تحديد أبرز المرتكزات المحورية‪ ،‬والتي تشكل هيكلية النقد الفني وأساسه وأبرز هذه‬
‫المرتكزات هي‪:‬‬

‫معنى النقد الفني ومراحله التاريخية‬

‫النقدالفني ومفهومه قديمًا وحديثًا‪ :‬حاول اإلنسان ومنذ وجوده على األرض‪ ،‬أن يرسم على جدران‬
‫الكهوف التي سكنها‪ ،‬الحيوانات التي يشاهدها ويتعامل معها ويصطادها‪ ،‬من أجل متعنه وولعه بعمليات الصيد التي‬
‫تعني له استمرارية الحياة‪ ،‬ولذلك نجح في رسم وتطوير وتجميل هذه الرسومات‪ ،‬وكذلك تطوير أدوات الصيد‬
‫مكتشفًا األلوان الطبيعية من دماء الحيوانات وبقايا األشجار والعظام المحترقة وغيرها‪ ،‬ثم عمل في عصر‬
‫األسرات والحضارات المصرية القديمة وحضارات بالد الرافدين قديمًا‪ ،‬على وضع أسس وقوانين جمالية ووظيفية‬
‫لهذه الفنون التي مارسوها‪ ،‬حيث كانت النظرة عظيمة للفنانين والنحاتين والمهندسين والمصممين والمبدعين بشكل‬
‫عام‪ ،‬حيث ظل الفن محافظًا (استاتيكيًا) له قوانينه لدى تلك الحضارات‪.‬‬

‫ثم جاءت الحضارة اإلغريقية الباحثة عن الجمال بشكل عام‪ ،‬واضعين له المعايير والقيم الجمالية‪،‬‬
‫وبنسب جميله عظيمة‪ ،‬واضعين فكًر ا وفلسفة نقدية للفنون‪ ،‬استطاعوا أن يصلوا إلى النسبة الذهبية‪ ،‬وصوفية‬
‫األعداد والنغم ‪.......‬الخ‪ ،‬حيث كان مفهوم النقد عندهم هو فلسفة تبحث في الجمال‪ ،‬وكان لديهم فالسفة عظام مثل‬
‫(سقراط‪ ،‬وأفالطون‪ ،‬وأرسطو‪ ،‬وفيثاغورس‪ ،‬وغيرهم)‪ ،‬وكذلك األدباء والشعراء الغنائيين الذين تغنوا بالجمال مثل‬
‫(هوميروس‪ ،‬وهزيود‪ ،‬وأرابيوس‪ ،‬وغيرهم)‪ ،‬والذين تغنوا بالجمال والطبيعة والمرأة والشباب حيث اعتبروهم‬
‫ينبوع الجمال‪ .‬هؤالء جميعًا مثلوا مدرسًة عظيمًة أثرت بجميع الحضارات جماليًا وفنيًا بكافة معايير الجمال‪،‬‬
‫مطلقين مفردات الزلنا ليومنا هذا نستخدمها مثل الجمال اإلسمى‪ ،‬والكمال األمثل‪ ،‬والمثل العليا والحق والخير‬
‫والصدق واألخالق ‪....‬الخ‪.‬‬

‫وتحدثوا عن جمال الروح والعقل والطبيعة والشباب والشعر والموسيقى‪ ،‬وأثروا على الحضارات‬
‫الالحقة واهتموا بجمال الشباب والجسم البشري والذي اعتبروه نموذجًا للجمال‪.‬‬

‫ثم جاء الرومان والمسيحية التي ربطت الجمال واإلبداع بالدين والقوة االلهية‪ ،‬وأن الجمال والكمال‬
‫المطلق هو (اهلل)‪ ،‬حيث استخدم ووظف النقد والفن للدعوة للدين المسيحي‪ ،‬للتأثير على الذوق العام للناس لتوضيح‬
‫القصص الدينية‪ ،‬حيث رسمت الجداريات واأليقونات في الكنائس والكاتدرائيات‪ ،‬لكي تصل لنفوس المؤمنين لزيادة‬
‫إيمانهم وفهم الدين بشكل جيد‪.‬‬

‫وفي العصور الوسطى بعد انهيار الدولة الرومانية‪ ،‬خضعت الفنون والنقد الفي آلراء رجال الدين‪،‬‬
‫وكثرت الخرافات واألساطير‪ ،‬وكان لذلك أثره على تراجع الفنون والنقد الفني طوال عصور الظالم األوروبية‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وفي عصر ما قبل النهضة‪ ،‬بدأ الفن والنقد الفني يتحرر من سلطة األمراء ورجال الدين‪ ،‬ليصل إلى‬
‫الطبقة البرجوازية‪ ،‬حيث لبى حاجة الذوق العام لهذه الطبقة‪ ،‬وال ننسى عائلة (آل مديتشي) وتأثيرها في تقدم‬
‫وتطور وتشجيع الفنانين والفنون واإلبداع الفني‪.‬‬

‫وفي عصر النهضة العصر الذهبي للفنون ظهر الفنانين العظام أمثال (روفائيل‪ ،‬ودافنشي‪ ،‬ومايكل‬
‫أنجلو‪.......،‬الخ)‪ ،‬حيث أدى ظهورهم إلى اإلرتقاء بالذوق العام للمجتمع‪ ،‬وأصبحت هناك رؤية جديدة للحكم‬
‫الجمالي‪ ،‬حيث ظهر اإلبداع الفني اإلنساني وحسب (فيلبو البرتي– القرن الخامس عشر الميالدي)‪ ،‬والذي يعتبر‬
‫من أبرز نقاد تلك الحقبة‪ ،‬حيث عبر عن رؤية واضحة بأن مصدر المعرفة البشرية هو من خالل الرؤية الكونية‬
‫في حدود النفس البشرية‪ ،‬ومن هنا شكلت كتاباته بداية لما عرف بالحركة االنسانية‪.‬‬

‫وفي بداية القرن (‪ )17‬الميالدي عندما نشأ علم الجمال‪ ،‬أصبحت هناك استقاللية في التصوير والنحت‬
‫والشعر وغيرها وظهر ما يسمى (‪ ،)Fine Art‬مما جعل الفنون التطبيقية (‪ )Applied Art‬ترتبط بالنفعية‬
‫الصناعية‪ ،‬في حين ارتبطت الفنون الجميلة بالبهجة والمتعة الجمالية‪.‬‬

‫وفي القرن الثامن عشر اعتمد النقاد الدعوة إلى التذوق الرفيع واألسلوب الرفيع في الفن‪ ،‬وتم ربط الفن‬
‫بالجمال‪ ،‬والعمل على احترام الحضارات اإلنسانية‪ ،‬حيث اتجه الفالسفة اإلنجليز مع نهاية القرن الثامن عشر إلى‬
‫بناء نظرية جديدة سموها (نظرية الذوق الجمالي)‪ ،‬لتحل محل النظريات القديمة التي سادت منذ عهد أفالطون‪،‬‬
‫لذلك ظهر الفكر الجمالي الرومانسي والتاريخي وعصر التنوير الفرنسي‪ ،‬حيث أصبحت فرنسا موئل الفنانين‬
‫وتمركزهم‪ ،‬وظهرت المعارض الرسمية‪ ،‬ولعب (نابليون بونابرت) دورًا في تشجيع الفنون‪ ،‬مما هيأ المجال لتمدد‬
‫النقد والكتابات النقدية والتي تخص هذه المعارض‪ ،‬حيث أثر النقد على الذوق العام الفرنسي‪ .‬ومن هنا نشأت‬
‫الكالسيكية الجديدة ورائدها الفنان (دافيد) من أجل تعزيز الروح القومية والوطنية أيام (نابليون بونابرت)‪ .‬من هنا‬
‫أكد النقد على بث الروح الوطنية والقومية لدى الفنانين‪ ،‬من أجل مجد فرنسا‪ ،‬وظهر العديد من النقاد أمثال‬
‫(ديوفال‪ ،‬ودي بوسيه‪ ،‬وسان جيرمان وغيرهم)‪.‬‬

‫وفي هذه الفترة ظهر علم الجمال‪ ،‬كعلم مستقل على يد المفكر األلماني (بومغارتن ‪ )1735‬مؤكدًا على‬
‫المعرفة العليا والمعرفة الدنيا‪ ،‬التي تركز على الحس والشعور‪ ،‬والتي يصعب قياسها‪ ،‬مؤكدًا على المعرفة الحسية‬
‫لألشياء‪ .‬وهنا كانت بداية التجديد في مفهوم النقد الجمالي‪ ،‬وفي هذه المرحلة ظهرت أنماط فنية جديدة مع تأسيس‬
‫أاكاديمية الفنون الفرنسية‪ ،‬مثل الكالسيكية الجديدة التي أكدت على القيم الجمالية‪ ،‬والقواعد المحكمة التفصيل‬
‫والصرامة لتقدير الفنون‪ ،‬حيث اعتمدوا الجودة لالنتاج الفني مؤكدين على مبادئ اإلنسجام واإليقاع والتناسق‬
‫والنظام والهدوء‪ ،‬مستمدين ذلك من الفنون اإلغريقية الجميلة‪ ،‬وظهر طراز الركوكو(‪ )Rococo‬المتمرد على‬
‫الكالسيكية‪ ،‬وكذلك فن (الباروك )أيضًا والذي خرج عن التقاليد السائدة وضد الكالسيكية‪ ،‬واالهتمام باألمور‬
‫الدنيوية بدًال من األمور الدينية‪ ،‬مفضًال التباين بدل االنسجام‪ ،‬وبالجانب الحسي لألشياء‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫وأيضا ظهرت الرومانسية التي غلب عليها الطابع الروحي والحسي‪ ،‬وعبرت عن الخيال المعنوي‪ ،‬وعن‬
‫الالمتناهي من خالل العاطفة‪ ،‬حيث مثلت الرومانسية الشعور والوجدان‪.‬‬

‫ومن أبرز المنظرين للرومانسية (هيجل) الفيلسوف األلماني صاحب النظرية الجدلية‪ ،‬وكذلك الفالسفة‬
‫(ايمانويل كانت) و(وليم هوجارت)‪ ،‬ومع ظهور الرومانسية تطور النقد الفني ليعبر عن الذوق العام للمجتمع‪،‬‬
‫وداعمًا للفن الذي تم ربطه بالظروف السياسية واالجتماعية والحياة اليومية للناس‪.‬‬

‫ومع ظهور( كانت) تم ربط الجمال باللذة بعيدًا عن الماديات‪ ،‬ومن هنا ترَفع بالفن ليضع نظريته‬
‫المعروفة ب (الجليل والجميل)‪ ،‬حيث الجليل هو الغموض الذي يجعلنا نؤمن بالحياة والبقاء‪ ،‬والجميل هو الذي‬
‫يشعرنا بالحب والسرور واالرتياح‪.‬‬

‫أما (وليم هوجارت) فقد ربط الجمال باإلحساس‪ ،‬وأن الطبيعة هي معيار مقياس الجمال‪ ،‬واضعًا مبادئ‬
‫عامة لتميز العمل الفني الجيد والجميل وهي (التناسب‪ ،‬والتنوع‪ ،‬واإلطراد‪ ،‬والبساطة‪ ،‬والتعقيد‪ ،‬والضخامة)‪.‬‬

‫ومع مطلع القرن التاسع عشر وجه الفالسفة اهتماماتهم إلى (نظرية حب الجمال واإلدراك الجمالي) أكثر‬
‫من تركيزهم على نظريات الجمال أو النظريات التقليدية للفن ( ديلي‪)1971 ،‬‬

‫في القرن التاسع عشروالقرن العشرين ومع التحوالت للمجتمعات الصناعية واالختراعات العلمية‪ ،‬تبدلت‬
‫المفاهيم الجمالية للفن من خالل محاوالت الفنانين للتجديد واإلبداع لتطوير مفهوم الفن‪ ،‬األمر الذي دعا هؤالء‬
‫الفنانين إلى تاسيس جماعة متجانسه ذات فلسفه خاصة واتجاه فني موَح د مثل (التعبيرية ‪، Expressionism‬‬
‫وكذلك االنطباعيه ‪ ،Impressionism‬والباربيزون ‪ ،Fauvism‬وكذلك المدرسه الوحشية‬
‫‪ ،)Postimpressionism‬ومن هنا بدأ التجديد في الفن‪ ،‬وكذلك مع تعدد االتجاهات والتيارات الفنية‪ ،‬أدى ذلك إلى‬
‫تشتت الحركه النقدية وأصبح لكل اتجاه نقاده ومنظريه‪ ،‬مما جعل النقاد يقعون في هفوات وخالفات كبيرة (حسب‬
‫كرومر ‪ ،) 1990‬وجعلت هؤالء النقاد يرفضون بعض األعمال الفنية الجميلة وذات القيمة لبعض الفنانين‪ ،‬والذين‬
‫اصبحوا أعالمًا مثل (رينوار‪ ،‬وسيزان‪ ،‬ومانيه‪ ،‬وبيسارو‪ ،‬وغيرهم)‪ ،‬ومن هنا زادت الحاجة إلى النقد الفن في ظل‬
‫التغيرات الحاصلة في المدارس الفنية الحديثة‪ ،‬وما صاحبها من غموض وتعقيد في بعض مفاهيمها وفلسفاتها‪ ،‬اذ لم‬
‫تعد األعمال الفنية تحاكي الصورة الواقعيه‪.‬‬

‫وحسب (كرومر‪ )1990 ،‬فإن بعض النقاد قاموا بدور الوسطاء بين الفنانين والجمهور لتذوق الفنون‪،‬‬
‫وقاوموا بتوفير طريقة للتعامل مع الفن‪ ،‬مرتكزًة على التلقائيه والخيال‪ ،‬ولسد الفجوة بين الفن القديم والفن الحديث‪،‬‬
‫مما أدى إلى ظهور (النظرية الشكلية) في النقد الفني‪ ،‬والتي فسحت المجال لتقبل الفن الحديث والتيارات المتنوعه‬
‫الجديدة‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫ويؤكد (البسيوني‪ )1986 ،‬على الحاجة إلى نقد متزن المغاالة فيه حيث يقول "يجب أن تبرز المحاسن‬
‫والرؤى الكليه‪ ،‬ويقلل االهتمام الهفوات كيال تضيع المعالم الرئيسيه في العنايه غير المحدودة بالتفاصيل" ص‪.73‬‬

‫ويرى (عرابي‪ )1990 ،‬أن الناقد يتحرى الحقائق المطلقه في الشكل واللون‪.‬‬

‫وقد ارتبط النقد الفني منذ نشأته بالحكم الجمالي على الفن‪ ،‬ألن اإلبداع الفني ينتج صورًا جديدة تتوافر‬
‫فيها صفة الجمال‪ ،‬وأصبح النقد الفني عبارة عن نقل وجهة نظر الفنانين‪ ،‬من اتجاه فكري معين لتوضيح األعمال‬
‫الفنيه للناس الذين يصعب عليهم فهما‪.‬‬

‫من هنا نستنتنج أن معنى النقد هو تحليل دقيق لمحتويات مادة علمية أو عمل فني للتاكد من أصوله‬
‫وصفاته بقصد تقييمه‪ ،‬وحسب (مغلن هوغتن‪ ،)1980 ،‬وكذلك عَر ف (اليوت ايزنر‪ )1972 ،‬بأن النقد يهدف‬
‫إلى إعادة التدريب على اإلدراك‪ ،‬ويزود الفرد بأدوات تجعله يشير إلى زوايا مختلفة من مكونات العمل الفني‪،‬‬
‫تؤدي إلى اإلدراك والفهم لمحتوياته‪.‬‬

‫ويرى ( بقشيش‪ )1997 ،‬أن النقد يشارك في صنع الفنانين واألعمال الفنيه‪ ،‬ولذلك يحتمل الناقد عبء‬
‫التفسير للعمل الفني الذي يظل ناقصًا على ا لدوام‪.‬‬

‫والحقيقه أن النقد يعني لنا وصف وتحليل وتفسير وتقييم األعمال الفنيه من قبل الناقد المثقف بعلم تاريخ‬
‫الفن‪ ،‬والذي ينظر للعمل الفني كمكِو ن متكامل والعالقة بين مكوناته‪ ،‬وارتباطها بمجمل البناء الفني للموضوع‪.‬‬

‫وظيفة النقد الفني‪:‬‬

‫الوظيفة الرئيسية للنقد الفني تكمن في جعل التجربة الجمالية أفضل مما هي عليه‪ ،‬وأكثر إقناعا لآلخرين‪،‬‬
‫وأكثر تفسيرًا بتوجيه اآلخرين‪ ،‬والتوضيح لهم الرموز‪ ،‬ومقاصد الفنان وتعريف الجهود بالقيم الفنيه الجمالية في‬
‫األعمال الفنية المتنوعه‪ ،‬وتدريبهم وتعويدهم على الذوق الرفيع‪.‬‬

‫من هنا نقول أن الناقد هو من يفسر ويصف ويقّي م ويعمل المراجعات النظرية والفلسفية لالعمال الفنية‪،‬‬
‫وهنا تقع على عاتق النقد الفني مساعدة الناس لتحسين معارفهم وفهمهم للفن المعاصر ويأخذ بأيديهم لتذوق الفنون‪.‬‬

‫دور الناقد الفني‪:‬‬

‫هو من يحاول تفسير وتوضيح العمل الفني‪ ،‬برموزه ومعانيه وبنائه ودالالته‪ ،‬وربط هذا العمل الفني‬
‫بالمدارس والتيارات الفنية‪ ،‬والقواعد الفنيه والجمالية‪ ،‬وله دور تاريخي في توضيح االتجاهات والطرز من‬
‫الحضارات اآلخرى‪ ،‬وكذلك موجه ومرشد ومشجع‪ ،‬ومتبنيًا اتجاهًا معينًا‪ ،‬ومن هنا يجب على الناقد أن يكون ملمًا‬
‫بعلم تاريخ الفن‪ ،‬وكذلك االطالع على أحدث التغيرات في مجال النظريات الفنية‪ ،‬ليتمكن من مناقشة العمل الفني‬

‫‪12‬‬
‫وفقًا للنظريات المعاصره‪ ،‬ليساهم في تحديد القيمة الفنية والمادية للعمل‪ ،‬ويوجه ويقِو م الفنانين والحركات الفنية‪،‬‬
‫ويعمل على تطوير ثقافة المجتمع الفنية‪.‬‬

‫‪:‬األصول الجماليه للنقد الفني‬

‫ال شك بأن النقد الفني يجب أن يكون مدخًال للتدوق الفني‪ ،‬وللتعريف بمكامن الجمال في العمل الفني‪،‬‬
‫وهو في النهايه يقدم الحكم على العمل الفني والفنان المبدع‪ ،‬لذلك ال بد للناقد من اإللمام بتاريخ الفن‪ ،‬وفي مختلف‬
‫العصور حتى يومنا هذا‪ ،‬ملمًا بخصائص كل حضاره من الحضارات القديمة والمتوسطة والحديثة والمعاصرة‪،‬‬
‫معرجًا على المدارس الفنيه واألساليب الفنية الحديثة‪ ،‬مبينًا إبراز القيم الجديدة وتعريف الناس بها‪ ،‬ألن هذا السلوك‬
‫الجيد من الناقد يبرز محاسن العمل الفني الجيد من أجل أن تستقيم المسيرة الفنية الجمالية‪ ،‬وتشجيع الفنون‬
‫والفنانين من خالل تقديم كل جديد خالق وجميل‪ ،‬مواكبًا المسيرة الفنية مؤكدًا على الذوق الرفيع بعيدًا عن‬
‫الشخصنة والتعصب لمذهب فني معين‪.‬‬

‫‪:‬خطوات (مضمون النقد الفني)‬

‫مما ال شك فيه أن النقد الفني يركز بشكل كبير على الفن الحديث والمعاصر‪ ،‬وهذا ال يعني إهمال فن‬
‫الفترات السابقه‪ ،‬وليس عدم االلمام بها‪ ،‬ولكن سبب هذا التركيز على الفن الحديث والمعاصر هو من أجل تقدم‬
‫الفنون وتطويرها ولتقدم قيم فنية جمالية جديدة تؤثر بالجمهور المتلقي‪ ،‬وتكريس هذه القيم في المجتمع‪ ،‬لخلق‬
‫جيل مفكر مبدع إيجابي‪ ،‬يتذوق الجمال ويمارسه في حياته اليوميه‪ ،‬بعيدًا عن التشويهات والسلبيات‪.‬‬

‫من هنا يرى (ريتشارد سالوم وجاك هوبز‪ )1991 ،‬أن النقد هو بحث منظم لألعمال الفنية ضمن أربع‬
‫خطوات هي‪:‬‬

‫الوصف (نفس المرجع (ص‪:)349‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫يقوم على وصف الناقد للعمل الفني وصفًا دقيقأ‪ ،‬من أجل تأكيد قواعد الفن‪ ،‬وهو أول مواجهة مع العمل‬
‫الفني‪ ،‬والوصف يعطي الناقد فرصة الحصول على موافقة األشخاص الذين يشاهدون العمل الفني‪ ،‬حول ما يقوله‬
‫الناقد ويكتبه بقلمه‪ ،‬بتعريف العمل الفني مشيرًا إلى هذا العمل بكلمات تجلب انتباه المشاهدين‪ ،‬ببراعة ورؤية‬
‫جمالية واضحة‪ ،‬وأحيانًا يكون النقد الفني بغرض كشف مقاصد الفنان من خالل العمل الفني وكذلك أسلوبه‪.‬‬

‫وحيث يقول غوته (‪" ),1811Gautie- 1872‬مثلما ينقل لنا الموسيقي سمفونيته إلى آالت العزف‪ ،‬كذلك‬
‫الناقد كأنه يصنع عمًال فنيًا بقلمه‪ ،‬بتعبيرات جميلة جذابة‪ ،‬مما يعكس على القارئ بهجة وإ ثارة"‪ ،‬وكذلك (فيلدمان)‬
‫"يقول الكلمات تستخدم لجلب انتباه المشاهد لشيء يستحق المشاهدة‪ ،‬لمواجهة التفاصيل الغامضة في العمل الفني‪،‬‬
‫وتبعًا لطبيعة األسلوب فاألعمال الواقعية سهلة الوصف ألنها واضحة‪ ،‬في حين أن العديد من االتجاهات والمدارس‬

‫‪13‬‬
‫الفنية الحديثة نجدها صعبة الفهم‪ .‬وهنا يبرز دور الناقد الذي يصف لنا هذه األعمال بشمولية ليسهل عليه إقناع‬
‫المتلقي‪ ،‬ومن هنا فالوصف الجيد الواضح المعّب ر يعتمد على الناقد في إقناع الناس بالعمل الفني الماثل أمامهم‪ ،‬من‬
‫خالل التعريفات الوصفية السم العمل‪ ،‬وخامته‪ ،‬وفكرته‪ ،‬ومقاساته‪ ،‬وتاريخ انتاجه‪ ،‬وبيئة العمل‪ ،‬وسيرة الفنان‪،‬‬
‫وأسلوبه‪.‬‬

‫)‪Fildman, 1992‬عند مجموعة من الباحثين "الوصف بأنه إجراء لعمل قائمة جرد )‬ ‫ويعرف فيلدمان‬
‫لعناصر العمل الفني أو مالحظة ما هو مرئي فيه مباشرة"‪ .‬ص‪128 ،‬‬

‫وعًر ف باريت (‪ )Barrett, 1994‬عملية الوصف "بأنها نوع من الصياغات اللفظية التي توضح‬
‫خصائص ومكونات العمل الفني‪ ،‬والتي يمكن مالحظتها وتقديرها‪ ،‬ويبني الناقد على هذه الصياغات اللفظية تحليله‬
‫وتفسيره وحكمه على العمل الفني"‪.‬‬

‫وال ننسى بأن تسمية األشياء التي ندركها باللوحات التجريدية تكون أكثر صعوبة منها في اللوحات‬
‫الواقعية‪ ،‬وحسب (فيلدمان‪( )1987،‬عند مجموعة من الباحثين ‪ 1993‬ص (‪" ،)129‬يحتاج النقاد في حال وصف‬
‫العناصر التجريديه إلى معرفة أوسع بمجال التقنيات وأساليب األداء"‪.‬‬

‫ب‪ -‬التحليل‪ /‬حسب رأي (فيلدمان)"هو إيجاد العالقه بين األشكال وتأثير أحدها على اآلخر ويشمل التحليل ناحيتين‬
‫‪":‬هما‬

‫التحليل الشكلي (‪:)formal analysis‬هو الكشف عن العالقه بين األشياء والعناصر التي يحددها‬ ‫‪-1‬‬
‫الناقد في الوصف‪ ،‬حيث أن اختالف مواقع األشكال المتشابهة ضمن العمل الفني يؤثر على‬
‫المشاهد‪ ،‬لذا البد من نظام يربط األشكال واأللوان والمالمس والتي تعكس في مجملها التشكيالت‬
‫داخل إطار العمل الفني‪.‬‬

‫وحسب رأي (فليدمان‪ ،1987 ،‬ص‪" )357‬أن عالقة األحجام واأللوان والمالمس وكافة عناصر‬
‫التصميم‪ ،‬لها تأثيرها على مجمل العمل الفني‪ ،‬ألن عناصر العمل الفني تتفاعل ضمن إطار وكيان واحد يؤثر‬
‫أحدها في اآلخر واآلجزاء بالكل"‪.‬‬

‫ويعتمد التحليل كما أسلفنا على الوصف‪ ،‬كما أنه يبحث عن المعاني التي تعكسها األشكال‪ ،‬سواءًا كانت‬
‫معاني ظاهرية أو معاني ضمنية‪ ،‬حيث أن المعاني الظاهرية تتعلق بالقيم الفنية‪ ،‬والمقومات الخارجية للعمل‪،‬‬
‫وارتباط العمل بطراز أو أسلوب معين‪.‬‬

‫تحليل المعاني (‪ :)content analysis‬أما المعاني الضمنية فتتعلق بالمقومات الموجود داخل العمل‬ ‫‪-2‬‬
‫الفني‪ ،‬مثل تقديم رمٍز ما‪ ،‬أو سياق أيديولوجي‪ ،‬أو تاريخي ‪....‬الخ‪ ،‬وهنا دور الناقد أن يعبر عما‬

‫‪14‬‬
‫أدركه في تللك األشكال‪ ،‬من خالل الفكرة الموجودة داخل العمل الفني‪ ،‬للوصول لتفسير الغرض الدي‬
‫أنتج هذا العمل الفني من أجله‪ ،‬ألن الشكل والوظيفة هما محور اهتمام المشاهد ألنهما يشكالن‬
‫الموضوع األساسي الذي يركز عليه الفنان‪.‬‬

‫ج‪ -‬التفسير ‪ :‬هو عملية البحث في المعاني الكامنة ضمن أشكال الفن‪ ،‬وموضوعاته‪ ،‬والذي قدمه الناقد بالوصف‬
‫والتحليل من ناحية الشكل والمضمون‪ ،‬وحسب رأي (فيلدمان‪ ،‬ص‪ ")362‬بأن التفسير هو جملة وتعليق يدور حول‬
‫‪".‬العمل الفني ليجعل من جملة المشاهدات التي توفرت لدى المشاهد كيانًا واحدًا لتصبح ذات معنى‬

‫ومن هنا تكمن مهمة الناقد في مساعدة اآلخرين على معرفة األفكار والمعاني التي يحتويها العمل الفني‪،‬‬
‫وال ننسى بأن عملية التفسير هي من أعقد خطوات النقد الفني‪.‬‬

‫ويؤكد (فيلدمان) "أن التفسير يختلف عن الوصف‪ ،‬اذ يشتمل على احساسات المشاهدين لمضمون العمل‬
‫الفني وما يشتمل عليه من معاني" (فليدمان‪ ،1987 ،‬ص‪.)362‬‬

‫والتفسير هنا يوضح المضمون‪ ،‬وأفضل أنواع التفسير ذلك الذي يستخلص المعاني من أكبر كيان فني‬
‫بصري‪ ،‬ويربط هذه المعاني بحياة أفراد المجتمع الذين يشاهدونه (فيلدمان‪ ،1987 ،‬ص‪ ،)363‬ألن التفسير يعتمد‬
‫على ثقافة الذي يفسر‪ ،‬من خالل وضع فرضيات حول العمل الفني‪ ،‬لتفسير المعاني التي تكشف عن القيم الفكرية‬
‫والمعتقدات والحقائق والتي وصفها الفنان بعمله الفني‪ ،‬وال شك بأن اللغة التعبيرية التي يستخدمها الناقد سوف‬
‫تلعب دورًا في تقريب القيم الشكلية والحسية‪ ،‬وتأثيرها على المشاعر‪ ،‬من خالل األعمال الفنية التي تؤكد على هذه‬
‫القيم‪ ،‬وال ننسى بأن التفسير يقَد م للعمل الفني ال للفنان‪ ،‬وهذا التفسير يساعد على تفسير معنى الفن‪ ،‬وإ ن اختلف‬
‫من شخص إلى آخر‪ ،‬ومن فترة زمنية معينه لفترة زمنية أخرى‪ ،‬وأي تفسير قابل ألن يصحح من تلقاء نفسه‬
‫( باريت‪ ،1994 ،‬ص‪)45‬‬

‫د‪ -‬إصدار الحكم (‪ :)Judgment‬ويعتبر إصدار الحكم أصعب مرحلة من مراحل النقد الفني‪ ،‬ألنه يترتب على‬
‫الناقد إعطاء قيمة مادية أو معنوية للعمل الفني‪ ،‬وقد يكون تفاوت من ناقد إلى آخر على إصدار حكم معين‪ ،‬ألن‬
‫ذلك يعود لثقافة الناقد وميوله واتجاهاته الفنية‪ ،‬حيث يتم التركيز على ثالثة اتجاهات (أنماط) فنية توجه الناقد‬
‫حسب مايلي (فليدمان)‪:‬‬

‫اإلتجاه الشكلي (‪ :)formalism‬وهذا يعتمد على الطريقة التي يتم فيها تنظيم‪ ،‬وتناسق العناصر الشكلية‬ ‫‪‬‬
‫في التكوين العام للعمل الفني‪ ،‬حيث يكون الحكم من منظار جمالي‪.‬‬
‫اإلتجاه التعبيري ((‪ : expressionism‬يعتمد هذا اإلتجاه على عمق التجربة والخبرة التي يقدمها العمل‬ ‫‪‬‬
‫الفني‪ ،‬وهنا يكمن دور الناقد في قدرته على نقل وإ يصال األفكار والمشاعر لآلخرين‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫اإلتجاه الوظيفي الغائي (‪ :)instrumentalism‬هذا يعتمد على مدى وصول العمل الفني وتحقيقه للغرض‬ ‫‪‬‬
‫الذي وضع أو عمل من أجله‪ ،‬والرسالة التي يجب أن يوصلها العمل الفني لآلخرين‪ ،‬سواء كان الهدف‬
‫ديني أو سياسي أو جمالي أو تجاري ‪ .......‬الخ‪.‬‬
‫وكافة هذه اإلتجاهات يعتمدها بعض النقاد في عملية إعطاء الحكم‪ ،‬بينما يعتمد نقاد آخرون على معايير‬
‫ذاتية أو خاصة‪ ،‬في إتجاه فني معين يناسب أسلوب الناقد في النقد‪ ،‬للحكم على العمل الفني‪.‬‬

‫ويرى (مكفي جون‪ ،)1970 ،‬أن خطوات النقد تتم على النحو التالي‪:‬‬

‫اإلدراك ‪ : Perception‬وهي المشاهدة األولى للعمل الفني واستيعابه بصريًا ولحظة التآلف مع‬ ‫‪‬‬
‫العمل الفني بجميع جوانبه‪.‬‬
‫التنظيم ‪ : Organization‬وهي خطوات تنظيم األشكال من الجزء للكل‪ ،‬وعالقة اأشكال معًا‬ ‫‪‬‬
‫ببعضها‪ ،‬ومواقع هذه األشكال‪ ،‬وتوزيعها ضمن العمل الفني‪.‬‬
‫الترميز ‪ :Symbolization‬هنا يكون حصر األشكال وترميزها ضمن تسميات معينة‪ ،‬حيث‬ ‫‪‬‬
‫يستخلص المشاهد مفهوم ما حول العمل الفني‪.‬‬
‫التعبير ‪ :Expression‬وهي مرحلة يصلها المشاهد بعد الوصول إلى معرفة كاملة بالعمل الفني‪،‬‬ ‫‪‬‬
‫بكافة أجزائه وعناصره‪ ،‬وعالقة ذلك بالمعنى والمضمون‪ ،‬وهنا يتم التفسير والحكم على العمل الفني‪،‬‬
‫من خالل ماجمعه المشاهد (الناقد) من حقائق ومفاهيم‪.‬‬
‫وبعد تقديم خطوات النقد حسب (فيلدمان)‪ ،‬وحسب رأي (هوبز)‪ ،‬تبقى هذه الخطوات منقوصة‪ ،‬ألنها لم‬
‫تدخل جوهر التقييم‪ ،‬وبقيت بعيدة عن تحديد المضمون‪ ،‬والقيم المختلفة والمتنوعة‪ ،‬وبقيت بدون تفاصيل‪ ،‬حيث‬
‫اختصرها (بالشكلية‪ ،‬والتعبيرية‪ ،‬والغائية)‪ ،‬مكتفين بخطوات النقد الفني كسلوك ناتج من تفاعل المشاهد مع العمل‬
‫الفني‪ ،‬بعيدًا عن مرتكزات النقد وأسسه‪ ،‬من أجل أن نقرأ العمل الفني بشكل صحيح وسليم‪ ،‬وبشكل منهجي‬
‫متكامل‪.‬‬

‫وحسب رأي (البسيوني‪" ،)68 ،1986 ،‬األصل في النقد الفني أن يكون مدخًال للتذوق واالستجابة للقيم‬
‫الجمالية في العمل الفني"‪.‬‬

‫محاور النقد‬

‫إن أبرز المحاور األساسية للنقد الفني هي التي ال يمكن إغفالها‪ ،‬وتكمن فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -3‬العناصر البصريه في الفن ‪ -4‬األسس البصريه في الفن‬ ‫‪ -2‬الموضوع‬ ‫الفنان‬ ‫‪-1‬‬

‫‪ -9‬لغة النقد‬ ‫‪ -7‬وسائط التشكيل الفني ‪ -8‬القيم الكامنة‬ ‫‪ -5‬مذاهب الفن ومدارسه ‪ -6‬المضمون‬

‫‪16‬‬
‫الفنان ‪ :‬هو الذي يمتلك الموهبة الفنية‪ ،‬والخلق واالبتكار‪ ،‬وهو المسلح بالوعي‪ ،‬واألقدر على تكريس‬ ‫‪-1‬‬
‫خبرته‪ ،‬وموهبته‪ ،‬وتنميتها بمتابعة تجارب اآلخرين وثقافتهم‪ ،‬ألنه ناقل الحضارات عبر العصور‬
‫واألزمان‪ ،‬وهو من صاغ فكر مجتمعه وبيئته‪.‬‬

‫ويشكل الفنان أهمية كبيرة للناقد‪ ،‬من خالل سيرتة الذاتية‪ ،‬وأسلوبه‪ ،‬ومدرسته‪ ،‬التي ينتمي إليها‪ ،‬وخبراته‪،‬‬
‫وثقافته‪ ،‬ألنه ناقل للثقافات والفنون‪ ،‬في الماضي والحاضر‪ ،‬والفنان هو عامل التغير في مجتمعة الصغير والكبير‪،‬‬
‫ألنه المرشد إلى فتح أبواب التذوق للبيئة والطبيعة‪ ،‬ويعالج قضايا مجتمعه‪ ،‬وقادر على تغيير فكر هذا المجتمع‪،‬‬
‫والنهوض بأبنائه وتعزيز انتمائهم لوطنهم وأمتهم‪ ،‬ألنه خير مجسد لألحداث التي تعيشها المجتمعات‪ ،‬ومثال على‬
‫هذا لوحة الفنان (بابلو بيكاسو) (جورنيكا)‪ ،‬التي أاحدثت ثورة لدى الشعب األسباني‪ ،‬لما حملته وتحمله من معان‬
‫عن الحرب األهلية األسبانية عام ‪ ،1937‬ولألسف يقوم النقاد بتجاوز هذا الفنان واستثنائة‪ ،‬بحجة الموضوعيه ليتم‬
‫التركيز على العمل الفني مما يفقد النقد أحد األصول التي أثرت في العمل الفني شكًال ومضمونًا‪.‬‬

‫الموضوع‪ :‬الموضوع ميدان واسع ممتد‪ ،‬يحدده الفنان‪ ،‬حيث يختلف الموضوع من عصر الى آخر‪ ،‬تبعًا‬ ‫‪-2‬‬
‫للظروف والمالبسات‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والمعيشة التي تميز حضارة عن األخرى‪ .‬وهنا دور الفنان في اختيار‬
‫زاوية معينه من هذا العالم الممتد‪ ،‬تالئم المفاهيم التي يطرحها للمشاهد‪ ،‬واختيار جانب من الموضوع هو‬
‫الفكرة في حد ذاتها‪ ،‬والفكرة هي أساس اإلبداع‪ ،‬ألن الفنان هنا يطرح افكاره لآلخرين من خالل‬
‫الموضوع‪ ،‬فعندما يختار الفنان موضوع معين‪ ،‬أو لقطة معينة‪ ،‬كتأثير شروق أوغروب الشمس على‬
‫منظر ما‪ ،‬مثل البحر والجبل‪ ،‬هنا يعكس الفنان مضمونًا يحمل معان جمالية‪ ،‬تدل على النقاء والصفاء‪،‬‬
‫وتأثير سقوط الشمس على صفحات الماء وجمال الصخور تحت الشمس‪.‬‬

‫وهنا يأتي دور الناقد‪ ،‬الذي يهمه من الموضوع تلك المعاني التي سيتم ايصالها للجمهور‪ ،‬من خالل‬
‫العناصر الفنية المختلفة‪ ،‬واإلخراج النهائي للموضوع الفني بشكل جميل متماسك‪ ،‬ليعكس أسلوب الفنان وابتكاره‪،‬‬
‫واختلف الموضوع في العمل الفني من عصر آلخر‪ ،‬منذ حضارات الشعوب البدائية‪ ،‬والتي ركزت على‬
‫موضوعات الصيد والقتال والرقص‪ ،‬إلى الفن المصري القديم الذي أكد على صور النباتات واألشجار واألزهار‬
‫إلى الحيوانات والحياة اليومية‪ ،‬التي جسدها الفنان المصري لحياة المصريين القدماء‪ ،‬إلى رسومات المراعي‬
‫وحفالت الطرب‪ ،‬والزخارف الجميلة في القبور والقصور‪ ،‬ونحت المعابد وواجهاتها‪ ،‬حيث حقق النحت المصري‪،‬‬
‫أهدافًا دينية وفنية‪ ،‬عّب رت عن السمو والعظمة والخلود لآللهة‪ ،‬والملوك واألمراء‪.‬‬

‫وكذلك حضارة مابين النهرين‪ ،‬والذين استمدوا موضوعاتهم من المعتقدات السائدة‪ ،‬والتي ركزت على قوة‬
‫آلهة الطبيعة‪ ،‬وآلهة السماء والشمس‪ ،‬وآلهة الحب والخصب‪ ،‬والقصص األسطورية التي تحاكي حياة ملوكهم‪،‬‬
‫فشيدوا القصور والمعابد (الزاقورات) السترضاء اآللهه‪ ،‬وشرعوا بعمل التماثيل لألسود والثيران المجنحة‪ ،‬لحماية‬

‫‪17‬‬
‫المعابد والمدن من األرواح الشريرة‪ ،‬والحيوانات والطيور الخرافية‪ ،‬وكذلك صمموا األختام األسطوانية لتنظيم‬
‫أمورهم‪.‬‬

‫وكذلك كان الموضوع عند اإلغريق‪ ،‬معبرًا عن الجمال اإلنساني‪ ،‬حيث قدسوا اآللهة واألبطال‪ ،‬واأللعاب‬
‫الرياضية األولمبية إرضاءًا آللهتهم‪ ،‬وعبروا بفن النحت عن قيم جمالية بنسب ذهبية حقيقية‪ ،‬للمعابد‪ ،‬وتماثيل‬
‫اآللهه مثل أبولو‪ ،‬وزيوس‪ ،‬وأفروديت‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫وكذلك الرومان الذين استمدوا موضوعاتهم من األساطير والقصص اإلغريقية‪ ،‬وبنوا القالع والمعابد‬
‫والقصور وأقواس النصر والعمائر المدنية‪ .‬من هنا نقول بأن الموضوع هو محور هام يتمكن من خالله الفنان‬
‫طرح أفكاره لآلخرين‪.‬‬

‫العناصر البصرية في الفن ‪ :‬تعتبر العناصر الفنية البصرية بمثابة اللبنات األولى لتكوين أي عمل فني‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫سواءًا كان رسمًا أم تصويرًا ام نحتًا‪ ،‬وحيث يعتبر العمل الفني‪ ،‬له عناصره وأسسه‪ ،‬والتي تحكم بنائه‪،‬‬
‫يطلق عليه البناء الفني أو التكوين‪......‬الخ‪ ،‬وهو القالب الذي تصاغ فيه العناصر‪ ،‬وتندمج وتكمل‬
‫بعضها‪.‬‬
‫والعمل الفني الجيد التنفصل عناصره‪ ،‬وأحيانا يبرز أحد العناصر في عمل فني ما‪ ،‬على حساب‬
‫العناصر األخرى‪ ،‬شريطة عدم إلغاء دور هذه العناصر‪ ،‬وأي خلل في أحد هذه العناصر يؤدي إلى إفساد العمل‬
‫الفني كله‪ ،‬وعلى الفنان أن يدرس عمله الفني‪ ،‬ويحسب حسابًا دقيقًا لكل عنصر‪ ،‬وكيف يدمجه في عمله مع بقية‬
‫العناصر‪ ،‬ويختلف معالجة هذه العناصر‪ ،‬وربطها معًا‪ ،‬والتعبير عنها حسب المذاهب المختلفة‪ ،‬وحسب مقدرة‬
‫الفنان وخبرته وممارسته الفنية‪ ،‬علمًا بأن للفنان الحق والحرية لكي يستمد عناصر عمله من الطبيعة‪ ،‬أو من‬
‫الخيال‪ ،‬أو من األشكال المجردة‪ ،‬النتاج عمل فني معبر يشد المتلقين‪ ،‬وفيما يلي توضيح لمفهوم هذه العناصر‬
‫وهي‪-:‬‬

‫أ‪ -‬الخط ‪ :‬الخط له مدلول واسع يبدأ من أنه مسار نقطة‪ ،‬إلى أن يكون مكان اتصال المساحات‪ ،‬أو خط الحافة‪ ،‬أو‬
‫محيط بالشكل‪ .‬وللخط وظائف يؤديها في تحديد معالم األشكال‪ ،‬والمساحات والكتل والمالمس‪.....‬الخ‪ .‬وإ ظهار‬
‫اإلحساس بالحركة‪ ،‬والربط بين األشكال‪ ،‬وإ ظهار البعد الثالث لألشكال المسطحة من خالل تحقيق (نقطة التالشي‪،‬‬
‫العمق أو السمك لالشكال‪ ،‬والقريب‪ ،‬والبعيد)‪ ،‬والخط هو أحد أساليب تحقيق السيادة للعمل الفني‪ ،‬وهوالحد الفاصل‬
‫بين تونات اللون الواحد‪ ،‬ويضفي قيمة جمالية على األعمال الفنية‪ ،‬ويترجم األفكار المجردة إلى أشكال مرئية‪.‬‬
‫والخطوط أنواع منها‪:‬‬

‫الخطوط المستقيمة‪ :‬ذات اتجاه أفقي أو عمودي أو قطري‪ ،‬ثم تأخذ اتجاهات وأشكال متنوعة‪ ،‬منها ‪1-‬‬
‫‪.‬الخطوط المنكسرة والخطوط غير المنتظمة‬

‫‪18‬‬
‫‪.‬الخطوط المنحنية‪ :‬وتأخذ انحناء دائري في حركتها وتكون حلزونية أومتعرجة ‪2-‬‬

‫وجميعها لها دالالتها في العمل الفني‪ ،‬فالخطوط المستقيمة الحادة أوالمنفرجة أو القائمة‪ ،‬تترك أثرًا‬
‫فسيولوجيًا تثير القلق لدى المشاهد وعدم االستقرار‪ ،‬مثل تصدع األبنية‪ ،‬وصور البرق‪ ،‬بينما الخطوط غير‬
‫المنتظمة‪ ،‬فهي عشوائية توحي بعدم الرضا والتعقيد والصعوبة‪.‬‬

‫وتلعب الخطوط بأنواعها دورًا في الفنون التعبيرية‪ ،‬والكاريكاتيرية‪ ،‬بخاصة بالفنون االسالمية‪ ،‬والفنون‬
‫التي تعبر عن القضايا اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬علمًا بأن بدايات الفنون البدائية القديمة كانت بالحز وعمل الخطوط‬
‫برسومات تعبيرية على جدران الكهوف‪ ،‬وكذلك الفنون المصرية القديمة والتي وظفت الخطوط في فنونهم‬
‫التعبيرية‪.‬‬

‫ب‪ -‬الشكل ‪ :‬عندما يغلق الخط فإنه يكون مساحة‪ ،‬والمساحات تكون على أشكال مختلفة‪ ،‬فقد تكون هندسية منتظمة‬
‫ذات بعدين مثل (المثلث‪ ،‬والمربع‪ ،‬والمستطيل)‪ ،‬وقد تكون غير منتظمة مثل (أوراق األشجار‪ ،‬أو الحجارة)‪ ،‬أو‬
‫أشكال خيالية‪ ،‬أو أشكال تجريدية‪ ،‬أو أشكال تحويرية‪ ،‬أو أشكال تركيبية‪ ،‬والشكل يتكون من مجموعة مفردات‬
‫وعناصر متكاملة مترابطة‪ ،‬محاطة بإطار وخطوط وأشكال وتكوينات وألوان‪ ،‬والقصد من الشكل ما ينفذه الفنان‪،‬‬
‫من تنفيذ لموضوعه الفني‪ ،‬مستخدمًا العناصر الفنية المختلفة‪ ،‬على خلفية يختارها الفنان‪ ،‬بقصد إبراز األشكال‬
‫المنفذة وإ يضاحها‪ ،‬مثل الرسومات اآلدمية والنباتية على األواني‪ ،‬أو رسم أشكال للطبيعة على أرضية من القماش‪،‬‬
‫‪.‬وإلبراز الخلفية القصد منها إعطاء قوة للقيمة الجمالية‬

‫ج‪ -‬الكتلة والفراغ (الحجم والفضاء) ‪ :‬الكتلة بوزنها وصالبتها وهيئتها تشغل حيزًا في الفراغ‪ ،‬والكتلة هي‬
‫تجمع مساحات في تكوين فني معين‪ ،‬يربطها الفنان ضمن كيان واحد‪ ،‬واألحجام على هيئات كثيرة مثل‬
‫(المكعب والكرة واألسطوانة والمخروط‪.....‬الخ)‪ ،‬وهذه األحجام والكتل ُتستخدم كوحدة بناء وتشكيل في‬
‫األعمال ذات األبعاد الثالثية‪ ،‬مثل العمارة والنحت‪ ،‬حيث يتم تحديد الحجم من خالل الفراغات التي يشغلها‪ ،‬أو‬
‫الفراغات المحيطة به‪ ،‬وهنا نقول أن الفراغ يصبح عنصرًا في التشكيل الفني‪ ،‬ألنه الفضاء الذي يجمع‬
‫‪.‬عناصر العمل الفني‪ ،‬أو هو الحيز الذي تتحرك داخله عناصر العمل الفني‬

‫‪:‬ويمكن تقسيم الفراغ في العمل الفني حسب تناسقه مع التكوين المنفذ إلى‬

‫الفراغ المحيط بالتكوين مثل (الشعارات والبوسترات)‬ ‫‪‬‬


‫الفراغ المحيط بالتكوين مثل (الزخارف الهندسية ذات الوحدات التكرارية أو األشكال الطبيعية)‬ ‫‪‬‬
‫الفراغ الموزع في أنحاء مختلفة من التكوين مثل (تصميم شعارات تجريدية أو تحويرية)‬ ‫‪‬‬

‫‪19‬‬
‫د‪ -‬الل‪OO‬ون‪ :‬لّل ون أهمي‪rr‬ة كب‪rr‬يرة في العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ .‬وه‪rr‬و ذل‪rr‬ك االنعك‪rr‬اس ال‪rr‬ذي يظه‪rr‬ر للعين‪ ،‬عن‪rr‬دما يق‪rr‬ع الض‪rr‬وء على‬
‫األشكال من حولنا‪ .‬وقد اختلفت اآلراء حول تفسيرات ماهية اللون‪ ،‬حيث اعتبر البعض أن‪rr‬ه ذل‪rr‬ك األث‪rr‬ر الفس‪rr‬يولوجي‬
‫الن‪rr r‬اتج على ش‪rr r‬بكية العين‪ ،‬وأن األل‪rr r‬وان ناتج‪rr r‬ة من تفس‪rr r‬ير اإلحس‪rr r‬اس الواص‪rr r‬ل إلى ال‪rr r‬دماغ‪ ،‬ض‪rr r‬من ت‪rr r‬ردد معين‪ ،‬أو‬
‫موجات ضوئية تؤكدها العين‪ ،‬وهناك رأي آخر يؤكد أن اللون هو إحساس بصري تدركه العين عن طريق الضوء‬
‫المنبعث من الجسم إليها‪.‬‬

‫أما رأي العلم‪ :‬أن األشياء في الطبيعة ال ل‪r‬ون له‪r‬ا (الوج‪r‬ود لل‪r‬ون في الطبيع‪r‬ة) وإ نم‪r‬ا ل‪r‬ه أث‪r‬ر (كت‪r‬اب التربي‪r‬ة‬
‫الفني‪rr‬ة للص‪rr‬ف العاش‪rr‬ر وزارة التربي‪rr‬ة والتعليم االردني‪rr‬ة ط‪ ،2006 ،1‬ص‪ )46‬ولّل ون ص‪rr‬فة تم‪rr‬يز ك‪rr‬ل ل‪rr‬ون عن بقي‪rr‬ة‬
‫األلوان‪ ،‬وله أيضا درجة نقاء وصفاء‪ ،‬تسمى شدة اللون‪ ،‬ولّلون أيضا قيمة‪ ،‬أي تنوع درجات اإلظهار اللونية‪.‬‬

‫وقد تم تقسيم األلوان في دائرة اللونية إلى ألوان دافئة حارة‪ ،‬وأل‪r‬وان ب‪r‬اردة ألنه‪rr‬ا مرتبط‪r‬ة في أذهانن‪r‬ا بالن‪r‬ار‬
‫والش ‪rr‬مس‪ ،‬أو الس ‪rr‬ماء والم ‪rr‬اء والبح ‪rr‬ر والنب ‪rr‬ات‪ ،‬ولألل ‪rr‬وان ارتباط ‪rr‬ات ومع ‪rr‬اني نفس ‪rr‬ية في نف ‪rr‬وس البش ‪rr‬ر نتيج ‪rr‬ة ت ‪rr‬راكم‬
‫خبرات عاشها اإلنسان‪ ،‬ومارسها وّلدت لديه أحاسيس نحو ألوان دون غيرها‪.‬‬

‫فمثًال ارتب ‪rr‬ط الل ‪rr‬ون األبيض بالص ‪rr‬فاء والنق ‪rr‬اء‪ ،‬واألس ‪rr‬ود ب ‪rr‬المجهول والخ ‪rr‬وف والظالم‪ ،‬واألحم ‪rr‬ر بال ‪rr‬دفء‪،‬‬
‫واألصفر بالنشاط والشباب والقمح والذهب‪ ،‬واألزرق مهدئ لألعصاب ليش‪rr‬عرك بالس‪rr‬كينة‪ ،‬والبرتق‪rr‬الي يث‪r‬ير الحيوي‪r‬ة‬
‫واالنفع‪rr‬ال‪ ،‬والبنفس‪rr‬جي ارتب‪r‬ط ب‪r‬االتزان واالح‪r‬ترام‪....‬وهك‪rr‬ذا‪ ،‬علم‪ًr‬ا ب‪r‬إن ه‪r‬ذه ال‪r‬دالالت غ‪rr‬ير مؤك‪rr‬ده فهي نتيج‪r‬ة الحس‬
‫الشعبي عبر األزمن‪r‬ة المختلف‪r‬ة‪ .‬من هن‪r‬ا نؤك‪r‬د على أن الل‪r‬ون م‪r‬دلول في العم‪r‬ل الف‪r‬ني‪ ،‬ويتم وض‪r‬عه على العم‪r‬ل الف‪r‬ني‬
‫ضمن أسس معينة‪ ،‬سواء ك‪r‬انت دال‪r‬ة على االنس‪r‬جام الّل وني أو التب‪r‬اين الل‪r‬وني أو أحاس‪r‬يس الفن‪r‬ان وارتباطات‪r‬ه‪ ،‬أي أن‬
‫العمل الفني تحكمه معايير فنية مختلفة‪.‬‬

‫هـ‪ -‬مالمس السطوح‪ :‬لكل خامة خاصية بنائية تحدد صفة س‪r‬طحها‪ ،‬وللس‪r‬طوح مالمس متفاوت‪r‬ة النعوم‪r‬ة والخش‪r‬ونة‪،‬‬
‫حيث يدل الملمس على ظ‪r‬اهرة تم‪r‬يز الس‪r‬طوح المختلف‪r‬ة‪ ،‬ويمكن ادراك الملمس‪ ،‬أم‪r‬ا ب‪r‬اللمس بالي‪r‬د‪ ،‬أو ب‪r‬النظر ب‪r‬العين‬
‫أو بكليهم‪r‬ا‪ .‬وتنب‪r‬ع أهمي‪r‬ة الملمس من كون‪r‬ه األث‪r‬ر‪ ،‬والدالل‪r‬ة لحال‪r‬ة الفن‪r‬ان‪ ،‬وطبيعت‪r‬ه وص‪r‬فاته‪ ،‬عن‪r‬د تنفي‪r‬ذ أس‪r‬طح العم‪r‬ل‬
‫الفني‪ ،‬وبخاصة الحالة النفسية‪ ،‬ألية مرحلة من عمره في التعبير‪ ،‬واألثر والملمس ومن العوامل الم‪rr‬ؤثرة في إدراك‬
‫الملمس‪ ،‬وطبيعة الضوء الساقط على السطح‪ ،‬وزاوية الس‪r‬قوط عليه‪r‬ا‪ ،‬وك‪r‬ذلك أداة اإلدراك عن‪r‬د االنس‪r‬ان‪ ،‬أم‪r‬ا العين‬
‫أو اليد وكذلك طبيعة تكوين السطح المرسوم‪ ،‬وقرب صفاته من الواقع أو بعدها عنه‪.‬‬

‫والننس‪rr r‬ى أن المالمس ال‪rr r‬تي ت‪rr r‬درك ب‪rr r‬النظر‪ ،‬هي الناعم‪rr r‬ة أو الخش‪rr r‬نة‪ ،‬وال‪rr r‬تي ت‪rr r‬درك ب‪rr r‬اللمس هي المالمس‬
‫الحقيقية‪ ،‬أو المالمس الوهمية‪ ،‬والتي تدرك باللمس والنظر معًا‪ ،‬هي المالمس المنتظمة‪ ،‬والمالمس غ‪r‬ير المنتظم‪r‬ة‪،‬‬
‫ومثال على ذلك عند النظر إلى صورة (عرنوس) الذرة‪ ،‬يتولد لدينا إحساس بالخشونة علمًا بأن ملمس الصورة ه‪rr‬و‬
‫أملس وهكذا‪....‬الخ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫و‪ -‬الظ‪OO‬ل والن‪OO‬ور‪ :‬أو الض ‪rr‬وء والظ ‪rr‬ل‪ :‬وه ‪rr‬و يمث ‪rr‬ل العالق ‪rr‬ة بين المعتم والمض ‪rr‬يء‪ ،‬وم ‪rr‬ا بينهم ‪rr‬ا من ع ‪rr‬دد ال ‪rr‬درجات‬
‫الضوئية‪ ،‬ويعتبر عنصرا الضوء والظل‪ ،‬من العناصر الهامة ج‪r‬دًا في إب‪r‬راز خص‪rr‬ائص األجس‪rr‬ام وطبيعته‪rr‬ا الذاتي‪r‬ة‪،‬‬
‫ويبرزها ويزيدها وضوحًا‪ ،‬ويساهمان في تحقيق التوازن واإلحساس بالعمق الفراغي‪ ،‬ويتحقق اتزان المساحات في‬
‫العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬نتيج‪rr‬ة االنتق‪rr‬ال والت‪rr‬درج من قيم‪rr‬ة لوني‪rr‬ة إلى قيم‪rr‬ة لوني‪rr‬ة أخ‪rr‬رى‪ ،‬حيث يعطي اإلحس‪rr‬اس بالفص‪rr‬ل بين‬
‫المساحات‪ ،‬وهذا التدرج الل‪r‬وني تحكم‪r‬ه نس‪r‬ب الض‪r‬وُء والظ‪r‬ل‪ ،‬حيث ي‪r‬وحي الض‪r‬وء‪ ،‬في العم‪r‬ل الف‪r‬ني للن‪r‬اظر‪ ،‬بالنق‪r‬اء‬
‫والص ‪rr‬راحة والتف ‪rr‬اؤل والص ‪rr‬دق واالس ‪rr‬تقرار‪ ،‬بينم ‪rr‬ا ي ‪rr‬وحي الظالم واالعت ‪rr‬ام واالس ‪rr‬وداد‪ ،‬للن ‪rr‬اظر ب ‪rr‬الغموض والخ ‪rr‬وف‬
‫والمجه‪rr‬ول وع‪rr‬دم االس‪rr‬تقرار‪ .‬وت‪rr‬راعى النس‪rr‬ب بين الض‪rr‬وء والظ‪rr‬ل‪ ،‬عن‪rr‬د تنفي‪rr‬ذ العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني باألش‪rr‬كال المض‪rr‬يئة أوًال‪،‬‬
‫على أساس أن الخلفية معتمه‪ ،‬أو العكس إذا نفذ العمل الفني باألشكال المعتمه أوًال على أساس أن الخلفية مضاءة‪،‬‬
‫وعند تنفيذ العمل الفني باألشكال المضاءة والمعتمه معًا‪ ،‬على أساس التوافق والتساوي بينهما‪.‬‬

‫‪ -4‬األسس البصرية في الفن‪ :‬يعت‪rr‬بر العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني وح‪rr‬دة واح‪rr‬دة‪ ،‬ول‪rr‬ه عناص‪rr‬ر وأس‪rr‬س فني‪rr‬ة تحكم بنائ‪rr‬ه‪ ،‬يطل‪rr‬ق‬
‫عليه التكوين أو التصميم أو البناء الفني‪ ،‬وه‪r‬و الق‪r‬الب ال‪r‬ذي تص‪r‬اغ في‪r‬ه العناص‪r‬ر وتن‪r‬دمج لتكم‪r‬ل بعض‪r‬ها بعض‪ًr‬ا‪،‬‬
‫لكي يظه‪rr‬ر العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني متماس‪rr‬كًا محكم‪ًr‬ا ل‪rr‬ه طابع‪rr‬ه وأس‪rr‬لوبه الخ‪rr‬اص‪ ،‬ال‪rr‬ذي يم‪rr‬يز الفن‪rr‬ان‪ ،‬وه‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر يس‪rr‬عى‬
‫الفن ‪rr‬ان إلى تحقيقه ‪rr‬ا في العم ‪rr‬ل الف ‪rr‬ني‪ ،‬وال ‪rr‬تي تح ‪rr‬دد بمجمله ‪rr‬ا مكان ‪rr‬ة العم ‪rr‬ل الف ‪rr‬ني جمالي‪ًr r‬ا‪ ،‬ومن ه ‪rr‬ذه العناص ‪rr‬ر‬
‫البصرية هي‪:‬‬

‫(الوحدة‪ ،‬التوازن‪ ،‬االنسجام‪ ،‬نقطة التركيز‪ ،‬الحركة‪ ،‬اإليقاع‪ ،‬التناسب)‪.‬‬


‫الوح‪OO‬دة‪ :‬تع‪rr‬ني وح‪rr‬دة بن‪rr‬اء عناص‪rr‬ر العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬وتماس‪rr‬كه‪ ،‬وتراب‪rr‬ط ه‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر لتص‪rr‬بح جميعه‪rr‬ا وح‪rr‬دة‬ ‫أ‪.‬‬
‫واح‪rr‬دة‪ ،‬متجانس‪rr‬ة مترابط‪rr‬ة‪ ،‬وليس ش‪rr‬رطًا لتحقي‪rr‬ق الوح‪rr‬دة‪ ،‬التش‪rr‬ابه الت‪rr‬ام بين عناص‪rr‬ر العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني الواح‪rr‬د‬
‫ومكونات ‪rr‬ه وأجزائ ‪rr‬ه‪ ،‬وق ‪rr‬د يك ‪rr‬ون اختالف كب ‪rr‬ير بينهم ‪rr‬ا‪ ،‬ولكن هن ‪rr‬ا ي ‪rr‬برز دور المص ‪rr‬مم الفن ‪rr‬ان‪ ،‬لجم ‪rr‬ع ه ‪rr‬ذه‬
‫األجزاء في شكل متماسك‪ ،‬وربطها برابط فني واح‪r‬د على األق‪r‬ل‪ ،‬ويتم الرب‪r‬ط من خالل العالق‪r‬ة بين أج‪r‬زاء‬
‫العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني ببعض‪rr‬ها‪ ،‬وعالق‪r‬ة الرب‪r‬ط بين ك‪rr‬ل ج‪r‬زء من أج‪r‬زاء العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني المص‪ّr‬م م‪ ،‬وبقي‪r‬ة أج‪r‬زاء العم‪rr‬ل‬
‫الف‪r‬ني نفس‪r‬ه‪ ،‬وذل‪r‬ك من خالل المعالج‪r‬ة الفني‪r‬ة للفراغ‪r‬ات بين األش‪r‬كال‪ ،‬والعالق‪r‬ة بين الش‪r‬كل والحجم‪ ،‬والل‪r‬ون‬
‫والقيم الس ‪rr‬طحية‪ ،‬والننس ‪rr‬ى التناس ‪rr‬ق الجم ‪rr‬الي‪ ،‬بين الج ‪rr‬زء م ‪rr‬ع التك ‪rr‬وين الع ‪rr‬ام‪ ،‬واألداء ال ‪rr‬وظيفي من خالل‬
‫التصميم ككل‪ ،‬وهنا يبرز إبداع الفنان وجودة التنفيذ‪.‬‬
‫االتزان (الت‪O‬وازن)‪ :‬ه‪rr‬و تع‪rr‬ادل الق‪rr‬وى المض‪rr‬ادة في الطبيع‪rr‬ة‪ ،‬وال‪rr‬ذي يعطي االس‪rr‬تقرار واإلحس‪rr‬اس بالراح‪rr‬ة‪،‬‬ ‫ب‪.‬‬
‫وه‪rr‬و مرحل‪rr‬ة االس‪rr‬تقرار في العالق‪rr‬ات‪ ،‬بين األوزان الفني‪rr‬ة داخ‪rr‬ل العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬ويتم تنفي‪rr‬ذ ه‪rr‬ذا اإلت‪rr‬زان بين‬
‫أش‪rr‬كال وأوزان وحج‪rr‬وم العناص‪rr‬ر الفني‪rr‬ة‪ ،‬من خالل احس‪rr‬اس الفن‪rr‬ان بثق‪rr‬ل وحجم ووزن العم‪rr‬ل فني‪ًr‬ا‪ .‬وبم‪rr‬ا أن‬
‫االت‪rr‬زان ظ‪rr‬اهرة حقيقي‪rr‬ة‪ ،‬موج‪rr‬ودة في الطبيع‪rr‬ة‪ ،‬وعلي‪rr‬ه فانه‪rr‬ا تخض‪rr‬ع لق‪rr‬وانين الطبيع‪rr‬ة وتفس‪rr‬يراتها‪ ،‬والت‪rr‬وازن‬
‫يلعب دورًا مهمًا في تقييم العم‪r‬ل الف‪r‬ني ونجاح‪r‬ه‪ ،‬بحيث تك‪r‬ون الخط‪r‬وط والمس‪r‬احات واألش‪r‬كال‪ ،‬في األم‪r‬اكن‬
‫المناسبة‪ ،‬ليحقق الراحة‪ ،‬ألن جميع عناصر العمل الف‪rr‬ني ت‪r‬ؤثر في عين المش‪rr‬اهد‪ ،‬وله‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر مع‪rr‬ادالت‬

‫‪21‬‬
‫في الثق ‪rr‬ل تحس‪rr‬ها العين‪ ،‬فترت‪rr‬اح إلى توازنه ‪rr‬ا‪ ،‬ويك ‪rr‬ون ه‪rr‬ذا الت‪rr‬وازن أحيان ‪ًr‬ا في الكت‪rr‬ل وأحيان ‪ًr‬ا في الف ‪rr‬راغ‪،‬‬
‫وغالبًا ما يكون التوازن بين الكتل‪ ،‬ومجموع الفراغات‪ ،‬وحسب الفنان المنفذ للعمل الفني‪ ،‬والذي له تأثير‬
‫كب‪rr‬ير على الت‪rr‬وزان بالعم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬وخ‪rr‬ير مث‪rr‬ال على الت‪rr‬وازن لعب‪rr‬ة (السيس‪rr‬و) ونقط‪rr‬ة االرتك‪rr‬از ال‪rr‬تي يلعبه‪rr‬ا‬
‫األطفال‪.‬‬
‫ج‪ .‬االنسجام‪ :‬ويع‪rr‬ني دمج العناص‪rr‬ر الفني‪rr‬ة المكون‪rr‬ة للتص‪rr‬ميم م‪rr‬ع بعض‪rr‬ها‪ ،‬أي ت‪rr‬آلف ه‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر وتجمعه‪rr‬ا في‬
‫عالق‪rr‬ة واح‪rr‬ة وص‪rr‬فات مش‪rr‬تركة‪ ،‬ويق‪rr‬ع على ع‪rr‬اتق الفن‪rr‬ان عم‪rr‬ل التواف‪rr‬ق المناس‪rr‬ب بين ه‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر‪ ،‬خالل‬
‫تنفي‪rr‬ذ التص‪rr‬ميم الف‪rr‬ني‪ ،‬بحيث ال يك‪rr‬ون أح‪rr‬د العناص‪rr‬ر ش‪rr‬اذًا بش‪rr‬كله ولون‪rr‬ه‪ ،‬وتتع‪rr‬ايش ه‪rr‬ذه العناص‪rr‬ر دون أن‬
‫يطغى اح‪rr‬دها على األخ‪rr‬ر‪ ،‬ألن العين تنف‪rr‬ر من العناص‪rr‬ر المتن‪rr‬افرة‪ ،‬وغ‪rr‬ير المتكامل‪rr‬ة‪ ،‬ومث‪rr‬ال على ذل‪rr‬ك ل‪rr‬ون‬
‫صارخ ضمن عمل فني هادئ الخطوط‪.‬‬
‫د‪ .‬نقط‪OO‬ة الترك‪OO‬يز(مرك‪OO‬ز الس‪OO‬يادة)‪ :‬وهي النقط‪rr‬ة ال‪rr‬تي تنطل‪rr‬ق منه‪rr‬ا عين المش‪rr‬اهد‪ ،‬للتج‪rr‬ول في أج‪rr‬زاء اللوح‪rr‬ة ثم‬
‫تع‪rr‬ود اليه‪rr‬ا‪ ،‬ألن لك‪rr‬ل عم‪rr‬ل ف‪rr‬ني فك‪rr‬رة رئيس‪rr‬ية‪ ،‬بحيث تك‪rr‬ون ه‪rr‬ذه النقط‪rr‬ة أو(الن‪rr‬واة) ظ‪rr‬اهرة للعين من أول‬
‫نظرة إلى العم‪r‬ل الف‪r‬ني‪ ،‬لكونه‪r‬ا نقط‪r‬ة الج‪r‬ذب الرئيس‪r‬ية لعين المش‪r‬اهد‪ ،‬وي‪r‬تركز فيه‪r‬ا لب الموض‪r‬وع‪ ،‬وأحيان‪ًr‬ا‬
‫تكون السيادة لونية أو خطية أو تقنية‪ ،‬باستخدام خامة محددة ومميزة‪.‬‬
‫ه‪ .‬الحرك‪O‬ة‪ :‬تع‪rr‬ني أن العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني متحرك ‪ًr‬ا و ليس جام‪rr‬دًا‪ ،‬ألن الحرك‪rr‬ة تع‪rr‬ني الحي‪rr‬اة والتط‪rr‬ور والنش‪rr‬اط‪ ،‬وهي‬
‫قيمة جمالية يطمح إليها اإلنسان في حياته اليومية‪ ،‬وواقعه‪ ،‬ويظهره‪r‬ا في فن‪r‬ه‪ ،‬وق‪r‬د تك‪r‬ون الحرك‪r‬ة واض‪r‬حة‬
‫على األشكال المرسومة‪ ،‬مثل لوحة س‪r‬باق الخي‪r‬ل‪ ،‬وق‪r‬د تك‪r‬ون حس‪r‬ية‪ ،‬تالح‪r‬ظ عين المش‪r‬اهد ال‪r‬تي تنس‪r‬اب م‪r‬ع‬
‫انس‪rr‬ياب الخط‪rr‬وط واالتجاه‪rr‬ات في ص‪rr‬عودها وهبوطه‪rr‬ا‪ ،‬والعين هي ال‪rr‬تي تس‪rr‬تجيب لم‪rr‬ؤثرات الل‪rr‬ون‪ ،‬بحيث‬
‫تنتقل من لون آلخ‪r‬ر‪ ،‬حس‪r‬ب ق‪r‬وة ج‪r‬ذب تل‪r‬ك األل‪r‬وان‪ ،‬أو من خالل إظه‪r‬ار مالمس الس‪r‬طوح المنف‪r‬ذة‪ .‬وك‪r‬ذلك‬
‫ف‪rr‬إن توزي‪rr‬ع الكت‪rr‬ل على أس‪rr‬اس البن‪rr‬اء اله‪rr‬رمي مثًال‪ ،‬ي‪rr‬وحي بالرس‪rr‬وخ واله‪rr‬دوء‪ ،‬والتوزي‪rr‬ع المفت‪rr‬وح وال‪rr‬دائري‬
‫يوحيان بالحركة‪.‬‬
‫و‪ .‬االيقاع‪ :‬االيقاع موسيقيًا‪ ،‬هو عبارة عن تواصل بين الف‪r‬ترات الزمني‪r‬ة‪ ،‬وفواص‪r‬ل بين الجم‪r‬ل الموس‪r‬يقية‪ ،‬كم‪r‬ا‬
‫يح‪rr r‬ددها الموس‪rr r‬يقي‪ ،‬وفي اللوح‪rr r‬ة الفني‪rr r‬ة ه‪rr r‬و تك‪rr r‬رار متن‪rr r‬وع‪ ،‬أو تنوي‪rr r‬ع متك‪rr r‬رر يعَّب ر عن‪rr r‬ه بتك‪rr r‬رار النق‪rr r‬اط‬
‫والخط‪rr‬وط المكون‪rr‬ة لألش‪rr‬كال الفني‪rr‬ة‪ ،‬بحيث ي‪rr‬ؤدي إلى تن‪rr‬اغم ن‪rr‬اتج عن الفص‪rr‬ل بين عناص‪rr‬ر التص‪rr‬ميم الف‪rr‬ني‪،‬‬
‫بين األش ‪rr‬كال والخط ‪rr‬وط والنق ‪rr‬ط والحج ‪rr‬وم ودرج ‪rr‬ات الل ‪rr‬ون‪ ،‬حيث تحت ‪rr‬اج العين للتنق ‪rr‬ل بين عناص ‪rr‬ر العم ‪rr‬ل‬
‫الف‪rr‬ني‪ ،‬من عنص‪rr‬ر إلى آخ‪rr‬ر‪ ،‬ومن ل‪rr‬ون إلى ل‪rr‬ون‪ .‬وهن‪rr‬اك إيق‪rr‬اع ط‪rr‬بيعي موج‪rr‬ود في الطبيع‪rr‬ة‪ ،‬مث‪rr‬ل زه‪rr‬ور‬
‫النباتات‪ ،‬وهناك إيقاع صناعي كما في الوحدات الهندسية‪ ،‬والمباني‪ ،‬واآلالت‪ ،‬وصفوف األشجار‪ ،‬وأعم‪rr‬دة‬
‫الهاتف ‪.......‬الخ‪.‬‬
‫ز‪ .‬التناسب‪ :‬وهو إظهار الصفة الرئيسية التي تربط مجموعة من األش‪r‬كال‪ ،‬والنس‪r‬ب في العم‪r‬ل الف‪r‬ني ه‪r‬و عم‪r‬ل‬
‫مقارنة بين شكليين متشابهين فقط‪ ،‬أما مفه‪r‬وم التناس‪r‬ب بين ثالث‪r‬ة أش‪r‬كال أو أك‪r‬ثر من الن‪r‬وع نفس‪r‬ه‪ ،‬من أج‪r‬ل‬
‫ربطها بسمة مش‪r‬تركة بينه‪r‬ا‪ ،‬ويعتم‪r‬د التناس‪r‬ب على كم األج‪r‬زاء وع‪r‬ددها‪ ،‬وحج‪r‬وم ه‪r‬ذه األج‪r‬زاء والمس‪r‬احات‬

‫‪22‬‬
‫المطروح‪rr‬ة‪ ،‬واألبع‪rr‬اد (األط‪rr‬وال)‪ ،‬وزواي‪rr‬ا التنفي‪rr‬ذ لألش‪rr‬كال داخ‪rr‬ل العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني المنف‪rr‬ذ‪ ،‬وبع‪rr‬د مواق‪rr‬ع األش‪rr‬كال‬
‫وقربها‪.‬‬
‫‪ -5‬مذاهب الفن أو مدارسه‪ :‬البد من اإللمام بمدارس الفن كافة‪ ،‬من أجل معرفة وتحديد األس‪rr‬لوب الف‪rr‬ني ال‪rr‬ذي‬
‫يعكس أي عم‪rr r‬ل ف‪rr r‬ني‪ ،‬وك‪rr r‬ذلك الب‪rr r‬د من المعرف‪rr r‬ة والثقاف‪rr r‬ة الفني‪rr r‬ة‪ ،‬بأش‪rr r‬هر الفن‪rr r‬انين الع‪rr r‬الميين وأعم‪rr r‬الهم الفني‪rr r‬ة‬
‫وإ ب‪rr‬داعاتهم‪ ،‬وكيفي‪rr‬ة ت‪rr‬أثيرهم على المس‪rr‬يرة الفني‪rr‬ة االنس‪rr‬انية العالمي‪rr‬ة‪ .‬وك‪rr‬ذلك دراس‪rr‬ة ت‪rr‬اريخ الفن‪rr‬ون من‪rr‬ذ الفن‪rr‬ون‬
‫البدائي‪rr‬ة الحجري‪rr‬ة ح‪rr‬تى يومن‪rr‬ا ه‪rr‬ذا‪ ،‬وم‪rr‬ا تخلل‪rr‬ه من عص‪rr‬ر النهض‪rr‬ة ال‪rr‬ذهبي والم‪rr‬دارس الكالس‪rr‬يكية‪ ،‬والرومانس‪rr‬ية‪،‬‬
‫والواقعي‪rr r‬ة‪ ،‬واالجتماعي‪rr r‬ة‪ ،‬واالنطباعي‪rr r‬ة‪ ،‬والتكعيبي‪rr r‬ة‪ ،‬والتعبيري‪rr r‬ة‪ ،‬والتجريدي‪rr r‬ة‪ ،‬والس‪rr r‬ريالية‪..... ،‬الخ‪ .‬ألن ه‪rr r‬ذا‬
‫اإللمام يزود الناقد ودارسي الفنون بالمه‪r‬ارات والخ‪r‬برات‪ ،‬إلدراك العالق‪r‬ات والخص‪r‬ائص والم‪r‬يزات‪ ،‬ال‪r‬تي تم‪r‬يز‬
‫ك‪rr‬ل مدرس‪rr‬ة فني‪rr‬ة‪ ،‬وم‪rr‬ا يم‪rr‬يز ك‪rr‬ل مدرس‪rr‬ة وأس‪rr‬لوبها الف‪rr‬ني عن غ‪rr‬يره‪ ،‬من أج‪rr‬ل إص‪rr‬دار الحكم والمق‪rr‬درة الص‪rr‬ادقة‬
‫الدقيقة على أي عمل فني‪.‬‬

‫الشكل والمضمون ‪ :‬يتكون الشكل في العمل الفني من مجموعة مفردات‪ ،‬وعناصر متكاملة مترابطة‪ ،‬وهي‬ ‫‪-6‬‬
‫عبارة عن المساحات المحاطة باإلطار‪ ،‬والخطوط واألشكال‪ ،‬والتكوينات واأللوان‪ ،‬ومضمون العمل الف‪rr‬ني‬
‫هو تلك األفك‪r‬ار‪ ،‬وال‪r‬رؤى والعواط‪r‬ف الكامن‪r‬ة‪ ،‬في نفس الفن‪r‬ان ومخيلت‪r‬ه‪ ،‬أي ه‪r‬و حق‪r‬ائق وقيم‪ ،‬يص‪r‬بو الفن‪r‬ان‬
‫إليصالها للمشاهد‪ ،‬من خالل العمل الفني‪ .‬والعم‪r‬ل الف‪r‬ني ه‪r‬و نت‪r‬اج لثقاف‪r‬ة الفن‪r‬ان‪ ،‬وعقائ‪r‬ده وعادات‪r‬ه وتقالي‪r‬ده‪،‬‬
‫وفلس ‪rr‬فته في الحي ‪rr‬اة والمجتم ‪rr‬ع ال ‪rr‬ذي يعيش في ‪rr‬ه‪ .‬ومض ‪rr‬مون اللوح ‪rr‬ة الفني ‪rr‬ة والعم ‪rr‬ل الف ‪rr‬ني‪ ،‬يع ‪rr‬بر عن الحب‬
‫والسالم والحرب والجمال والطبيعة والمرأة وحياة المجتمع‪...‬الخ ‪ .‬والمض‪rr‬امين في الفن متع‪rr‬ددة ومتنوع‪rr‬ة‪،‬‬
‫تسمى أنماط المضمون‪ ،‬والبد للناقد والمشاهد من التعرف عليها ليتمكن من تص‪r‬نيف العم‪r‬ل الف‪r‬ني وأبرزه‪r‬ا‬
‫وهي‪:‬‬
‫المض‪OO‬مون االجتم‪OO‬اعي‪ :‬يع ‪rr‬بر عن موض ‪rr‬وعات تهتم ب ‪rr‬التراث‪ ،‬والتقالي ‪rr‬د‪ ،‬والحي ‪rr‬اة االجتماعي ‪rr‬ة‪ ،‬والحي ‪rr‬اة‬ ‫أ‪-‬‬
‫اليومي‪rr‬ة للن‪rr‬اس‪ ،‬وهم‪rr‬وهم‪ ،‬مث‪rr‬ل لوح‪rr‬ة اس‪rr‬ماعيل ش‪rr‬موط (جم‪rr‬ل المحام‪rr‬ل)‪ ،‬ولوح‪rr‬ة ه‪rr‬نري دوميي‪rr‬ه (رك‪rr‬اب‬
‫الدرج‪rr‬ة الثالث‪rr‬ة)‪ ،‬ولوح‪rr‬ة (ج‪rr‬امعو فض‪rr‬الت الطع‪rr‬ام) للفن‪rr‬ان فرانس‪rr‬وامييه‪ ،‬وجميعه‪rr‬ا تهتم بالحي‪rr‬اة اليومي‪rr‬ة‬
‫واالجتماعية للناس‪.‬‬
‫المضمون الديني‪ :‬يهتم الفن‪rr‬ان بالقص‪rr‬ص الديني‪rr‬ة‪ ،‬كم‪rr‬ا أب‪rr‬دع فن‪rr‬انوا عص‪rr‬ر النهض‪rr‬ة قص‪rr‬ص العه‪rr‬د الق‪rr‬ديم‬ ‫ب‪-‬‬
‫والعهد الجديد‪ ،‬مثل العذراء والمسيح والقديسيين‪ ،‬وقصص األنبياء‪ ،‬وكذلك الفنان المس‪rr‬لم (كم‪rr‬ال به‪rr‬زاد)‬
‫الذي صور قصص اإلسراء والمعراج‪ ،‬من أجل تعزيز اإليمان في نفوس المؤمنين‪.‬‬
‫ج‪ -‬المض‪OO‬مون الفلس‪OO‬في‪ :‬س ‪rr‬اد ه ‪rr‬ذا النم ‪rr‬ط ق ‪rr‬ديمًا‪ ،‬حيث ص ‪rr‬ور ق ‪rr‬دماء المص ‪rr‬ريين‪ ،‬وبالد الراف ‪rr‬دين واإلغري ‪rr‬ق‪،‬‬
‫فلسفتهم الدينية والحياتية‪ ،‬التي ظهرت جلية في فنونهم وتماثيلهم‪ ،‬مثل رسوم المق‪rr‬ابر والحي‪rr‬اة واآلخ‪rr‬رة عن‪rr‬د‬
‫الفراعنة‪ ،‬وكذلك النحت اإلغ‪r‬ريقي‪ ،‬ال‪r‬ذي ع‪r‬بر عن األلع‪r‬اب األولمبي‪r‬ة‪ ،‬إرض‪r‬اءًا لألله‪r‬ة على جب‪r‬ل األولمب‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫ورب‪rr‬ات الجم‪rr‬ال‪ ،‬وك‪rr‬ذلك الفن‪rr‬ان في بالد الراف‪rr‬دين‪ ،‬ال‪rr‬ذي ع‪rr‬بر عن اآلله‪rr‬ة عش‪rr‬تار‪ ،‬وص‪rr‬ورها وتماثيله‪rr‬ا وهي‬
‫تمطي األسود‪ ،‬وكذلك حديثًا لوحة الفنان (غوغان) من نحن؟ من أين أتينا؟ وإ لى اين؟‬
‫د‪-‬المضمون السياسي‪ :‬تع‪rr‬بر معاني‪rr‬ة القض‪rr‬ايا السياس‪rr‬ية‪ ،‬وقض‪rr‬ايا الحري‪rr‬ة والتح‪rr‬رر من االس‪rr‬تعمار واالحتالل‪،‬‬
‫والث‪r‬ورة‪ ،‬وض‪r‬د الح‪r‬روب وال‪r‬دمار الش‪rr‬امل‪ ،‬مث‪r‬ل لوح‪r‬ات ك‪rr‬ل من (بيكاس‪rr‬و – جرنيك‪rr‬ا)‪ ،‬ولوح‪r‬ة (ديالك‪rr‬روا ‪-‬‬
‫الحرية تقود الشعب) وأعمال الفنانين الفلسطينين‪ ،‬التي تعبر عن الثورة وظلم االحتالل والمعاناة اليومية‪.‬‬
‫ه‪ -‬المض ‪OO‬مون الجم ‪OO‬الي‪ :‬يجب أن ي‪rr r‬ؤثر المض‪rr r‬مون الجم‪rr r‬الي في كاف‪rr r‬ة األعم‪rr r‬ال الفني‪rr r‬ة‪ ،‬من أج‪rr r‬ل تعزي‪rr r‬ز القيم‬
‫الجمالي ‪rr‬ة داخ ‪rr‬ل العم ‪rr‬ل الف ‪rr‬ني‪ ،‬ومن أج ‪rr‬ل ت ‪rr‬ذوق ه ‪rr‬ذه األعم ‪rr‬ال من قب ‪rr‬ل المش ‪rr‬اهد‪ ،‬وال ننس ‪rr‬ى جمالي ‪rr‬ات الخ ‪rr‬ط‬
‫الع‪rr‬ربي‪ ،‬وفن األرابيس‪rr‬ك االس‪rr‬المي وغيره‪rr‬ا‪ ،‬من أعم‪rr‬ال الفن‪rr‬انين‪ ،‬مث‪rr‬ل لوح‪rr‬ة (المون‪rr‬اليزا المش‪rr‬هورة للفن‪rr‬ان‬
‫دافنشي)‪ ،‬التي ما زالت تعبر عن جمال إغريقي بنظ‪r‬رات تالحق‪r‬ك‪ ،‬وابتس‪r‬امه غامض‪r‬ة‪ ،‬عكس‪r‬ت جم‪r‬ال م‪r‬ؤثر‬
‫إلى يومنا هذا في نفوس الناس‪.‬‬
‫وسائط التشكيل الفني‪ :‬تعتبر مقدرة الفنان وخبرته في استخدام األدوات والخام‪rr‬ات وتطويعه‪rr‬ا خدم‪rr‬ة للعم‪rr‬ل‬ ‫‪-7‬‬
‫الف‪rr‬ني‪ ،‬وهي ج‪rr‬انب مهم ج‪rr‬دًا في ص‪rr‬ياغة وبن‪rr‬اء العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬ومن هن‪rr‬ا نق‪rr‬رأ مق‪rr‬درة ومهني‪rr‬ة وكف‪rr‬اءة الفن‪rr‬ان‪،‬‬
‫إلخراج العمل الفني بأحسن وأجمل حال‪ ،‬وبمستوى راٍق ‪ُ ،‬يحوز على استحسان وثناء المش‪r‬اهدين‪ .‬وبم‪r‬ا أن‬
‫وس‪rr‬ائط التش‪rr‬كيل‪ ،‬تت‪rr‬ألف من األدوات والخام‪rr‬ات‪ ،‬وال‪rr‬تي له‪rr‬ا دور كب‪rr‬ير في إظه‪rr‬ار أي عم‪rr‬ل ف‪rr‬ني بالص‪rr‬ورة‬
‫المطلوب‪rr‬ة‪ ،‬وهن‪rr‬ا يجب أن ال تغف‪rr‬ل دور الخام‪rr‬ة المس‪rr‬تخدمة‪ ،‬ألنه‪rr‬ا الوس‪rr‬يط الم‪rr‬ادي في البن‪rr‬اء الف‪rr‬ني‪ ،‬وتجس‪rr‬د‬
‫فكرة الموضوع‪ ،‬حيث أنه على الناقد عند تقديم وقراءة العمل الفني أن اليعامل خامة الصلص‪rr‬ال مثًال‪ ،‬كم‪rr‬ا‬
‫يعامل خامة النحاس‪ ،‬ألن عناصر التص‪r‬ميم الف‪r‬ني وأسس‪r‬ه تكمن ض‪r‬من الخام‪r‬ة المس‪r‬تخدمة‪ ،‬وهن‪r‬ا ُأؤك‪r‬د على‬
‫أن مقدرة الفنان والخامة وتوظيفه‪r‬ا خدم‪r‬ة لمض‪r‬مون العم‪r‬ل الف‪r‬ني‪ ،‬وتحويله‪r‬ا إلى أش‪r‬كال جميل‪r‬ة نافع‪r‬ة متين‪r‬ة‪،‬‬
‫تجعل منه كيانًا ذا معنى‪ ،‬لها قيمة فنية‪ ،‬وقوة تعبيرية عالية‪ ،‬ومثال على ذلك الخزف ذو البريق المعدني‪.‬‬

‫وبناءًا على هذا فان الحرفية‪ ،‬أوالفخامة التقنية تعني بالنسبة لنا المنطق‪ ،‬باستخدام هذه األدوات‬
‫والخامات‪ ،‬والتوافق بين الشيء الفني المنتج وشكله‪ ،‬والمعنى والوظيفة‪ ،‬وسيطرة الفنان على األداة‪ ،‬وفهم‬
‫الخامة وخصائصها‪ ،‬وطريقة التعامل معها‪ ،‬من أجل اإلبداع واإلخراج الفني‪ ،‬بشكل جيد وجميل‪ ،‬وعكس‬
‫ذلك يكون العمل الفني مهتزًا ضعيفًا‪ ،‬شكًال ومضمونًا‪ ،‬وهنا البد من أحكام عناصر التكوين‪ ،‬ووحدة‬
‫الموضوع‪ ،‬خدمة للعمل الفني وإ برازه‪ ،‬إلرضاء المشاهد وجذبه‪.‬‬

‫القيم الكامنة‪ :‬إنطالقًا من أن العمل الفني المنتج بصري‪ ،‬له ماهية وكينون‪rr‬ة‪ ،‬وص‪rr‬يرورة تطوري‪rr‬ة‪ ،‬مرتبط‪rr‬ة‬ ‫‪-8‬‬
‫أساسًا بالقيمة البصرية الفنية التشكيلية باإلنسان المبتكر بذاته االبداعية‪ ،‬وهذه القيمة الفنية تقوم على أساس‬
‫ح ‪rr‬دس اإلنس ‪rr‬ان وإ نفعاالت ‪rr‬ه‪ ،‬وتص ‪rr‬وراته‪ ،‬وبنيت ‪rr‬ه التفكيري ‪rr‬ة‪ ،‬وطريق ‪rr‬ة ص ‪rr‬ياغة أش ‪rr‬كاله وخطوط ‪rr‬ه‪ ،‬وملونات ‪rr‬ه‬
‫وس ‪rr‬طوحه وخامات ‪rr‬ه‪ ،‬وتوزي ‪rr‬ع عناص ‪rr‬ره في خط ‪rr‬وط حركي ‪rr‬ة‪ ،‬ومالمس كتلي ‪rr‬ة‪ ،‬وملون ‪rr‬ات مس ‪rr‬احية تدريجي ‪rr‬ة‪،‬‬
‫ومتداخل‪rr r‬ة ومتجانس‪rr r‬ة‪ ،‬في محموالته‪rr r‬ا الفني‪rr r‬ة‪ .‬والفك‪rr r‬رة الرمزي‪rr r‬ة للتن‪rr r‬اغم واالنس‪rr r‬جام والت‪rr r‬وازن‪ ،‬والوح‪rr r‬دة‬

‫‪24‬‬
‫العض‪rr‬وية م‪rr‬ا بين الش‪rr‬كل والمض‪rr‬مون‪ ،‬في معالج‪r‬ة تقني‪r‬ة تطوري‪r‬ة‪ ،‬تفس‪rr‬ح المج‪r‬ال للح‪r‬دس والخي‪r‬ال والش‪rr‬عور‪،‬‬
‫ورصد اللحظات الحدسية االنفعالية‪ ،‬من تعبيرات حّس ية‪ ،‬إلى مدركات عقلية‪ ،‬في خصوص‪rr‬ية تأليفي‪rr‬ة فردي‪rr‬ة‬
‫ابداعي‪rr‬ة متم‪rr‬يزة عن س‪rr‬واها في المج‪rr‬ال االبتك‪rr‬اري المماث‪rr‬ل‪ .‬ه‪rr‬ذه القيم البص‪rr‬رية مرتبط‪rr‬ة بق‪rr‬درات االنس‪rr‬ان‪،‬‬
‫وأنم‪rr‬اط وعي‪rr‬ه من الواق‪rr‬ع البي‪rr‬ئي االجتم‪rr‬اعي‪ ،‬وبم‪rr‬ا يكتنف‪rr‬ه من مرئي‪rr‬ات‪ ،‬وثقاف‪rr‬ة وجمالي‪rr‬ات‪ ،‬ينقله‪rr‬ا الف‪rr‬رد بم‪rr‬ا‬
‫يمتلك‪rr r‬ه من مكون ‪rr‬ات (وجداني ‪rr‬ة عقلي ‪rr‬ة)‪ ،‬في س‪rr r‬ياق منتج ‪rr‬ات فني ‪rr‬ة‪ ،‬ملبي ‪rr‬ة لمجموع‪rr r‬ة الحاج ‪rr‬ات البيولوجي ‪rr‬ة‪،‬‬
‫والنفسية‪ ،‬والحسية‪ ،‬والشعورية‪ ،‬والمدركات العقلية‪ ،‬ووعي اإلنسان لذاته وحدسه ومكوناته الثقافية‪.‬‬
‫هن ‪rr‬ا نق ‪rr‬ول ب ‪rr‬أن القيم الفني ‪rr‬ة الكامن ‪rr‬ة‪ ،‬هي موق ‪rr‬ف ذاتي مع ‪rr‬بر عن رغب ‪rr‬ة وال ‪rr‬تزام إنس ‪rr‬اني‪ ،‬يختاره ‪rr‬ا الف ‪rr‬رد‬
‫والفنان والمتفاعلة على تقدير الذات‪ ،‬والشعور بالرضى‪ ،‬الختيارها ومزاول‪r‬ة منتجاته‪r‬ا البص‪r‬رية‪ ،‬كممارس‪r‬ات‬
‫عملي‪rr‬ة متط‪rr‬ورة باس‪rr‬تمرار‪ ،‬في قيم فني‪rr‬ة جمالي‪rr‬ة متج‪rr‬ددة‪ ،‬من هن‪rr‬ا وبع‪rr‬د انج‪rr‬از العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني بعناص‪rr‬ره الفني‪rr‬ة‬
‫وأسس ‪rr‬ه‪ ،‬والبن ‪rr‬اء الس ‪rr‬ليم‪ ،‬وتحدي ‪rr‬د المض ‪rr‬مون‪ ،‬وامكاني ‪rr‬ات الفن ‪rr‬ان وقدرات ‪rr‬ه وخبرات ‪rr‬ه وأس ‪rr‬لوبه‪ ،‬فعلى الناق ‪rr‬د أن‬
‫يصدر حكمًا يحدد فيه القيم الكامنة في العمل الفني‪ ،‬ومن أبرز هذه القيم الجمالية (‪Aesthetic Value(:‬‬

‫القيمة التعبيرية ‪ :‬هي مقدار ما يثيره العمل الفني بالمشاهد من انفعاالت‪ ،‬كالسرور واالرتياح‪ ،‬أو الندم‪ ،‬أو‬ ‫أ‪.‬‬
‫الحزن‪ ،‬أو الغضب‪ ،‬أو الحنين‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫القيمة الفنية‪ :‬هي البناء الفني السليم القوي المتين‪ ،‬وجودة االداء السليم للعمل الفني في بناء األشكال‪.‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫القيمة االبداعي‪O‬ة‪ :‬وهي مق‪rr‬درة الفن‪rr‬ان على الطروح‪rr‬ات الحديث‪rr‬ة‪ ،‬وم‪rr‬ا تعكس‪rr‬ه ه‪rr‬ذه الطروح‪rr‬ات‪ ،‬من رص‪rr‬انة‬ ‫ج‪.‬‬
‫واصالة‪ ،‬وعمق وشمولية‪ ،‬وربط الفرد والجماعة بالمجتمع والبيئة‪.‬‬

‫وتتوقف جودة العمل الفني على الخبرة الجمالية الفنية وهي‪ :‬عند الح‪r‬ديث في موض‪rr‬وع الخ‪r‬برة الجمالي‪r‬ة‪،‬‬
‫يجب أن ال ننس ‪rr‬ى ان الناحي ‪rr‬ة الجمالي ‪rr‬ة‪ ،‬ت ‪rr‬دخل في الخ ‪rr‬برة اإلنس ‪rr‬انية‪ ،‬لتزي ‪rr‬دها غ ‪rr‬نى في المع ‪rr‬نى‪ ،‬وارتفاع‪ًr r‬ا في‬
‫مس ‪rr‬توى االس ‪rr‬تمتاع‪ ،‬وهن ‪rr‬ا يجب أن نف ‪rr‬رق بين ن ‪rr‬وعين من الخ ‪rr‬برة الجمالي ‪rr‬ة‪ ،‬األول‪ :‬الخ‪OO‬برة الفردي‪OO‬ة‪ ،‬والث‪OO‬اني‪:‬‬
‫الخبرة النوعية‪ ،‬والخ‪rr‬برة الفردي‪rr‬ة تح‪rr‬دث نتيج‪rr‬ة تفاع‪rr‬ل الف‪rr‬رد م‪rr‬ع البيئ‪rr‬ة‪ ،‬وه‪rr‬ذا معن‪rr‬اه أن الف‪rr‬رد يح‪rr‬اول أن يش‪rr‬كل‬
‫البيئ ‪rr‬ة‪ ،‬ونتيج ‪rr‬ة ه ‪rr‬ذا التفاع ‪rr‬ل يكتس ‪rr‬ب الف ‪rr‬رد الخ ‪rr‬برة الفردي ‪rr‬ة (محم ‪rr‬د ل ‪rr‬بيب النجيحي‪ ،1967 ،‬فلس ‪rr‬فةالتربية‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫المكتبة التربوية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص ‪.)659‬‬

‫أما الخبرة النوعي‪r‬ة فتتعل‪r‬ق بخ‪r‬برة الجنس البش‪r‬ري كك‪r‬ل‪ ،‬أي رص‪r‬يد الحض‪r‬ارات الس‪r‬ابقة المتعاقب‪r‬ة‪ ،‬وق‪r‬د تب‪r‬دأ‬
‫الخبرة فردية‪ ،‬ولكنها تتوارث جيًال بعد جيل (نفس المصدر السابق)‪.‬‬

‫إن االستمتاع الجمالي في معناه الواسع‪ ،‬يكون في كل خبرة نستمتع بها لذاتها‪ ،‬وكما يقول (جون ديوي) "أن كل‬
‫نشاط عملي يتص‪r‬ف بالتكام‪r‬ل ويتح‪r‬رك ب‪r‬دافع داخلي نح‪r‬و اإلنج‪r‬از يتص‪r‬ف بالص‪r‬فة الجمالي‪r‬ة"‪ ،‬وه‪r‬ذا يع‪r‬ني أن‪r‬ه بل‪r‬غ‬
‫درجة االتقان في العمل الفني‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫)‪(John Dewey: 934، Art as Experience، Minton، Balchand.co. New York، P: 39‬‬

‫ويقول (مونروبيردسلي ‪ ،1969‬ص ‪" ،)6‬بأن الخبرة الجمالية هي خبرة تشكلها الذاتية والموض‪rr‬وعية مع‪rr‬ا‪،‬‬
‫اذا تشتمل مجمل العناصر التي ادركها المشاهدون‪ ،‬في أعمال الفن خالل ف‪rr‬ترة المش‪rr‬اهدة‪ ،‬باستثناءالعناص‪rr‬ر غ‪rr‬ير‬
‫المرتبطة بذلك العمل الفني"‪.‬‬

‫وعرفها (النير ‪ ،)1963‬أنها "مجمل الخ‪r‬برة الفني‪r‬ة الش‪r‬املة للف‪r‬رد‪ ،‬في أق‪r‬وى ح‪r‬االت اس‪r‬تجابته للعم‪r‬ل الف‪r‬ني‪،‬‬
‫ش‪rr‬كًال ومض‪rr‬مونًا‪ ،‬بكاف‪rr‬ة جوانب‪rr‬ه الوجداني‪rr‬ة والذهني‪rr‬ة ووالعملي‪rr‬ة متكامل‪rr‬ة‪ ،‬فالقيم‪rr‬ة الجمالي‪rr‬ة هي م‪rr‬ا يش‪rr‬د المش‪rr‬اهد‪،‬‬
‫ويثير اهتمامه‪ ،‬فهي كل متكامل ضمن اعمال الفن الجيدة"‬

‫‪ -9‬لغة النقد‪ :‬هي الوس‪rr‬يط بين الناق‪rr‬د والمش‪rr‬اهد‪ ،‬لش‪rr‬مولها المف‪rr‬ردات والمص‪rr‬طلحات الفني‪rr‬ة المتعلق‪rr‬ة بالعم‪rr‬ل‬
‫الف‪rr‬ني ومكونات‪rr‬ه وخامات‪rr‬ه ومض‪rr‬امينه‪ .‬وه‪rr‬ذا يتطلب من الناق‪rr‬د إنتق‪rr‬اء مفردات‪rr‬ه الفني‪rr‬ة‪ ،‬وك‪rr‬ذلك المش‪rr‬اهد‪ ،‬وال‪rr‬ذي ه‪rr‬و‬
‫بحاج‪rr‬ة إلى مف‪rr‬ردات وتفس‪rr‬يرات تناس‪rr‬ب مس‪rr‬تواه الثق‪rr‬افي‪ .‬وتعت‪rr‬بر لغ‪rr‬ة النق‪rr‬د أداة الناق‪rr‬د للتعب‪rr‬ير عن جمي‪rr‬ع خبرات‪rr‬ه‬
‫ومالحظات‪rr‬ه في العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬بطريق‪rr‬ة واض‪rr‬حة س‪rr‬ليمة مرن‪rr‬ة‪ ،‬متقن ‪ًr‬ا ب‪rr‬ذلك إنتق‪rr‬اء ه‪rr‬ذه المف‪rr‬ردات ب‪rr‬دون مغ‪rr‬االة وال‬
‫غبن‪ ،‬من أج‪rr‬ل أن ي‪rr‬ؤدي دوره بش‪rr‬كل جي‪rr‬د ومقب‪rr‬ول‪ .‬وعلى الناق‪rr‬د اس‪rr‬تخدام األس‪rr‬لوب التك‪rr‬املي بالنق‪rr‬د‪ ،‬لع‪rr‬دم تمكن‪rr‬ه‬
‫استخدام أسلوبًا واحدًا‪ ،‬وذلك خدمة للعملية النقدية من كافة جوانبها الفنية‪.‬‬

‫الدور التربوي للنقد الفني‪:‬‬

‫كي‪rr‬ف ي‪rr‬ؤثر النق‪rr‬د الف‪rr‬ني في تط‪rr‬وير الفن‪rr‬ون وتوجي‪rr‬ه س‪rr‬لوك األف‪rr‬راد فني‪ًr‬ا‪ ،‬وتط‪rr‬وير ذوقهم‪ ،‬من خالل ت‪rr‬وعيتهم‬
‫بص ‪rr‬ريًا وذهني‪ًr r‬ا‪ ،‬ولتط ‪rr‬وير مه ‪rr‬ارات الطالب س ‪rr‬واء في الم ‪rr‬دراس أو الجامع ‪rr‬ات‪ ،‬وتنمي ‪rr‬ة ه ‪rr‬ذه المه ‪rr‬ارات وتعزيزه ‪rr‬ا‬
‫وتوجيهها‪.‬‬

‫ومن أج ‪rr‬ل أن يأخ ‪rr‬ذ ه ‪rr‬ذا النق ‪rr‬د الف ‪rr‬ني دوره الحقيقي‪ ،‬ض ‪rr‬من ب ‪rr‬رامج موجه ‪rr‬ة الب ‪rr‬د من الترك ‪rr‬يز على المعلم‪،‬‬
‫والذي بدوره يقوم بتوصيل المهارات الفنية‪ ،‬والمعلومات‪ ،‬وتعزيز هذا المعلم‪ ،‬وعقد دورات له وفق الحاج‪rr‬ات‪ ،‬لكي‬
‫يق‪rr‬وم ب‪rr‬دوره على أكم‪rr‬ل وج‪rr‬ه‪ ،‬وهن‪rr‬ا يحض‪rr‬رنا ق‪rr‬ول (هيج‪rr‬ل)‪" ،‬ليس جميًال إال م‪rr‬ا يجي‪rr‬د تعب‪rr‬يره في الفن بوص‪rr‬فه خلق ‪ًr‬ا‬
‫روحي ‪ًr‬ا‪ ،‬وال يس‪rr‬تأهل الجم‪rr‬ال الط‪rr‬بيعي ه‪rr‬ذا االس‪rr‬م اال في نط‪rr‬اق عالقت‪rr‬ه ب‪rr‬الروح" (هيج‪rr‬ل ‪ ،1980:‬الم‪rr‬دخل إلى علم‬
‫الجمال‪ ،‬ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬دار الطليعة‪ ،‬بيروت ط‪ 3‬ص‪.)8‬‬

‫وهذا ما يجب أن نركز عليه‪ ،‬من أجل خلق أجيال مثقفًة فنيًا لديها ذوق فني‪ ،‬ألن الشعور بالجمال والفن‪r‬ون‬
‫واالهتم‪rr‬ام به‪rr‬ا‪ ،‬ينم عن روح طيب‪rr‬ة وخ‪rr‬يرة وثم‪rr‬ة راب‪rr‬ط بين الجم‪rr‬ال واألخالق‪ .‬وبم‪rr‬ا أن الفن ه‪rr‬و خل‪rr‬ق أش‪rr‬كال ممتع‪rr‬ه‬
‫جميلة‪ ،‬فالجمال الناتج عن الفنون هو الشعور الذي تثيره هذه األشكال الفنية في النفس‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وحيث أن الخ‪rr‬براء وال‪rr‬تربويون اعت‪rr‬بروا النق‪rr‬د نهج تعليمي موض‪rr‬وعي‪ ،‬ف‪rr‬التعليم ه‪rr‬و ش‪rr‬كل من أش‪rr‬كال النق‪rr‬د‬
‫الموضوعي البن‪r‬اء‪ ،‬ك‪r‬ون النق‪r‬د أداة الوص‪r‬ف التحلي‪r‬ل والتفس‪r‬ير للفن‪ ،‬من أج‪r‬ل تبص‪r‬ير المش‪r‬اهد ب‪r‬القيم الفني‪r‬ة الجمالي‪r‬ة‪،‬‬
‫واإلبداعية‪ ،‬والتعبيري‪r‬ة الكامن‪r‬ة في األعم‪r‬ال الفني‪r‬ة‪ ،‬وتثقي‪r‬ف وتوعي‪r‬ة األف‪r‬راد بمع‪r‬اني وتقني‪r‬ات الفن‪r‬ون‪ ،‬وت‪r‬اريخ الفن‪r‬ون‬
‫ع‪rr‬بر العص‪rr‬ور‪ ،‬واألس‪rr‬اليب الفني‪rr‬ة الحديث‪rr‬ة والقديم‪rr‬ة والمتوس‪rr‬طة‪ ،‬والتعري‪rr‬ف ب‪rr‬األلوان والتقني‪rr‬ات والخام‪rr‬ات واألدوات‪،‬‬
‫وعناصر العمل الف‪r‬ني‪ ،‬وأس‪r‬س البن‪r‬اء الف‪r‬ني‪ ،‬من أج‪r‬ل األخ‪r‬ذ بأي‪r‬دي األف‪r‬راد لممارس‪r‬ة الفن‪r‬ون وتطبيقاته‪r‬ا‪ ،‬وت‪r‬ذوق ه‪r‬ذه‬
‫الفن‪rr‬ون‪ ،‬وت‪rr‬دريب التالمي‪rr‬ذ والطلب‪rr‬ة على التح‪rr‬دث عن اعم‪rr‬الهم الفني‪rr‬ة ونق‪rr‬دها فني‪rr‬ا‪ ،‬دونم‪rr‬ا ت‪rr‬ردد او مجامل‪rr‬ة‪ ،‬من أج‪rr‬ل‬
‫إحداث خبرة جمالية‪ ،‬نتيجة الممارس‪r‬ة الفني‪r‬ة لألعم‪r‬ال الفني‪r‬ة‪ ،‬وك‪r‬ذلك للمش‪r‬اهدات الفني‪r‬ة لألعم‪r‬ال‪ ،‬والمع‪r‬ارض الفني‪r‬ة‪،‬‬
‫والتدريب على النقد‪ ،‬وصفًا وتحليًال وتفسيرًا وإ صدار األحكام بكل ثقة ووعي‪ .‬وهذا يتطلب إقامة المع‪rr‬ارض الفني‪rr‬ة‪،‬‬
‫وزيادة المعارض المقامه‪ ،‬والمتاحف‪ ،‬واالماكن االثرية التاريخية‪ ،‬واقترح عمل منهاج فني جمالي لت‪rr‬دريب الطالب‬
‫عليه وتطبيقه‪ ،‬ويحتوي ه‪r‬ذا المنه‪r‬اج على ال‪r‬تراث اإلنس‪r‬اني‪ ،‬فيم‪r‬ا يتعل‪r‬ق ب‪r‬الفنون بش‪r‬كل ع‪r‬ام‪ ،‬لم‪r‬ا يحوي‪r‬ه ه‪r‬ذا ال‪r‬تراث‬
‫من خ ‪rr‬برات وتنوع ‪rr‬ات وأس ‪rr‬اليب ف ‪rr‬ذة عظيم ‪rr‬ة‪ ،‬نتيج ‪rr‬ة ت ‪rr‬راكم خ ‪rr‬برات البش ‪rr‬رية ع ‪rr‬بر الت ‪rr‬اريخ‪ ،‬وه ‪rr‬ذا من أج ‪rr‬ل تط ‪rr‬وير‬
‫س‪rr‬لوكيات األف‪rr‬راد ورف‪rr‬دهم بالثقاف‪rr‬ة الجمالي‪rr‬ة‪ ،‬لالرتق‪rr‬اء بهم في كاف‪rr‬ة أنظم‪rr‬ة التف‪rr‬اعالت الحياتي‪rr‬ة‪ ،‬وه‪rr‬ذا يحق‪rr‬ق ت‪rr‬وازن‬
‫انفعالي‪ ،‬نتيجة تذوق الفنون‪ ،‬لخلق تكيف اجتم‪r‬اعي للف‪r‬رد من خالل الفن‪r‬ون‪ .‬وهن‪r‬ا نؤك‪r‬د على النق‪r‬د الف‪r‬ني ال‪r‬ذي يس‪r‬تند‬
‫إلى الذوق الرفيع‪ ،‬ومواكب‪r‬ة الحرك‪r‬ة الفني‪r‬ة‪ ،‬والس‪r‬مو به‪r‬ا‪ ،‬لتط‪r‬وير األف‪r‬راد والمجتمع‪r‬ات اإلنس‪r‬انية‪ ،‬وتق‪r‬دمها حض‪r‬اريًا‪،‬‬
‫من خالل االرتق‪rr‬اء ب‪rr‬ذوق اإلنس‪rr‬ان ومس‪rr‬تواه‪ ،‬ألن النق‪rr‬د يس‪rr‬عى إلى إعالم وتعليم الجمي‪rr‬ع‪ ،‬وح‪rr‬تى الفن‪rr‬انين للفن والقيم‬
‫االجتماعية والجمالية وتوحيد المشاعر اإلنسانية داخل المجتمع‪.‬‬

‫التوصيات‪:‬‬

‫من أج ‪rr‬ل أن يق ‪rr‬وم النق ‪rr‬د الف ‪rr‬ني بال ‪rr‬دور المطل ‪rr‬وب‪ ،‬وعلى أكم ‪rr‬ل وج ‪rr‬ه‪ ،‬وبفعالي ‪rr‬ة عالي ‪rr‬ة س ‪rr‬ليمة‪ ،‬وأن يأخ ‪rr‬ذ دوره في‬
‫المجتمع‪ ،‬على الصعيد الفني اقترح ما يلي‪:‬‬

‫توفير مادة ذات محتوى متكامل يوضح عملية النقد‪ ،‬وخطواته‪ ،‬وتطبيقاته‪ ،‬لتعزيز دور الناقد والمعلم‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫اقترح عمل مراجعة شاملة ودراسات مستفيضة للنظري‪r‬ات النقدي‪r‬ة المعروف‪r‬ة حالي‪ًr‬ا‪ ،‬وخاص‪r‬ة في ه‪r‬ذا ال‪r‬زمن‬ ‫‪-2‬‬
‫الذي اختلطت به االمور‪ ،‬ولم تعد األعمال الفنية التقليدية تلقى إعجاب المتلقين‪.‬‬
‫أن يق ‪rr‬وم اإلعالم بش ‪rr‬كل ع ‪rr‬ام بال ‪rr‬دور المطل ‪rr‬وب من ‪rr‬ه على الص ‪rr‬عيد الف ‪rr‬ني‪ ،‬وفي مج ‪rr‬ال النق ‪rr‬د الف ‪rr‬ني لتثقي ‪rr‬ف‬ ‫‪-3‬‬
‫الجمهور بعملية النقد الفني‪ ،‬وكذلك على االعالم ان يبتعدعن العالقات الشخصية وصناعة النجوم‪.‬‬
‫اقام ‪rr‬ة المع ‪rr‬ارض الفني ‪rr‬ة وتش ‪rr‬جيعها ودعم الدول ‪rr‬ة للفن ‪rr‬ون وحث الجمه ‪rr‬ور والطالب على زيارته ‪rr‬ا وك ‪rr‬ذلك‬ ‫‪-4‬‬
‫التشجيع على زيارة المتاحف واألماكن األثرية‪ ،‬إلثراء الطالب والجمهور فنيا بشكل عملي حي‪.‬‬
‫توف‪rr‬ير الكتب والمراج‪rr‬ع وأجه‪rr‬زة الحاس‪rr‬وب والع‪rr‬رض االلك‪rr‬تروني‪ ،‬في قاع‪rr‬ات متخصص‪rr‬ة الث‪rr‬راء التجرب‪rr‬ة‬ ‫‪-5‬‬
‫النقدية‪ ،‬ولعرض األعمال الفنية المميزة من التراث اإلنساني قديمًا وحديثًا وعالميًا وعربيًا‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫تدريب معلموا المدارس لتزويدهم بالمعرفة في ميدان الفنون عالميًا ومحليًا‪ ،‬من أجل خلق نقد وتذوق فني‪،‬‬ ‫‪-6‬‬
‫وتوفير م‪r‬دربين حقيق‪r‬يين من خ‪r‬ارج وزارة التربي‪r‬ة والتعليم‪ ،‬وت‪r‬دريبهم وف‪r‬ق اح‪r‬دث ال‪r‬برامج‪ ،‬وآخ‪r‬ر التقني‪r‬ات‬
‫الفنية الحديثة‪.‬‬
‫إعداد وتجهيز مؤلفات خاصة بالمصطلحات لمختلف ميادين الفنون‪.‬‬ ‫‪-7‬‬

‫الخالصة‪:‬‬

‫الش‪rr‬ك ب‪rr‬ان النق‪rr‬د الف‪rr‬ني سلس‪rr‬لة منظم‪rr‬ة من المواق‪rr‬ف‪ ،‬ال تتوق‪rr‬ف عن‪rr‬د قاع‪rr‬ات المع‪rr‬ارض أو إحص‪rr‬اء اللوح‪rr‬ات‬
‫المعروضة‪ ،‬إنما هو عملية تتطلب التعمق في دراسة قضايا الفن‪ ،‬واس‪rr‬تيعاب االتجاه‪rr‬ات النقدي‪rr‬ة المختلف‪rr‬ة‪ ،‬واالطالع‬
‫على كاف‪r‬ة المس‪r‬تجدات الفني‪r‬ة‪ ،‬والمنج‪r‬زات الفني‪r‬ة ع‪r‬بر العص‪r‬ور‪ ،‬واألس‪r‬اليب والم‪r‬دارس الفني‪r‬ة‪ ،‬وأن يك‪r‬ون الناق‪r‬د على‬
‫دراية بأسس وعناصر الفن‪ ،‬والمضمون‪ ،‬والفنان وشخصيته‪ ،‬واألدوات والخامات‪ ،‬واللغة التي تالئم المشاهدين‪.‬‬

‫إن ص‪rr‬لة النق‪rr‬د ب‪rr‬الفن ص‪rr‬لة وثيق‪rr‬ة‪ ،‬ألن النق‪rr‬د يتمح‪rr‬ور ح‪rr‬ول العم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬وينب‪rr‬ع من التحلي‪rr‬ل والتمي‪rr‬يز‪ ،‬ألن‬
‫اختالف األس‪rr‬اليب والم‪rr‬دارس الفني‪rr‬ة‪ ،‬جع‪rr‬ل هنال‪rr‬ك فج‪rr‬وة بين المش‪rr‬اهد والعم‪rr‬ل الف‪rr‬ني‪ ،‬وهن‪rr‬ا نق‪rr‬ول التمكن من ق‪rr‬راءة‬
‫األعمال الفنية والتعرف عليها‪ ،‬من ناحية خصائصها ومعرفة تقنياتها‪ ،‬والقدرة على التمي‪r‬يز الف‪rr‬ني‪ ،‬ب‪r‬التكوين النفس‪rr‬ي‬
‫واالجتم‪rr r‬اعي واألي‪rr r‬دولوجي للناق‪rr r‬د‪ ،‬باإلض‪rr r‬افة إلى قدرت‪rr r‬ه على اكتش‪rr r‬اف االبتك‪rr r‬ارات الجمالي‪rr r‬ة‪ ،‬واألفك‪rr r‬ار الحديث‪rr r‬ة‪،‬‬
‫الكتساب الخبرة وتعليم اآلخرين وتوجيههم‪.‬‬

‫وهن‪rr‬ا يجب التأكي‪rr‬د على كس‪rr‬ب ثق‪rr‬ة الجمه‪rr‬ور‪ ،‬عن‪rr‬دما يتخلى الناق‪rr‬د عن الشخص‪rr‬نة في النق‪rr‬د بش‪rr‬كل ع‪rr‬ام‪ ،‬وفي‬
‫البالد العربية بشكل خ‪r‬اص‪ ،‬ألن الناق‪r‬د في بالدن‪r‬ا مختل‪r‬ف تمام‪r‬ا عن الناق‪r‬د في ال‪r‬دول الغربي‪r‬ة‪ ،‬ألن اإلع‪r‬داد والتك‪r‬وين‬
‫والحاض‪rr‬نة الفكري‪rr‬ة والثقافي‪rr‬ة والفلس‪rr‬فية‪ ،‬وطبيع‪rr‬ة المرجعي‪rr‬ات‪ ،‬مختلف‪rr‬ة تمام‪rr‬ا في بالدن‪rr‬ا‪ ،‬وال ننس‪rr‬ى ب‪rr‬أن الغ‪rr‬رب ابتك‪rr‬ر‬
‫نظريات‪rr‬ه النقدي‪rr‬ة المتص‪rr‬الحة والمتفاعل‪rr‬ة م‪rr‬ع الس‪rr‬ياقات الثقافي‪rr‬ة والفني‪rr‬ة األخ‪rr‬رى‪ ،‬ونحن لألس‪rr‬ف نفتق‪rr‬د ه‪rr‬ذه الحواض‪rr‬ن‪.‬‬
‫والمطلوب جراحة كاملة للوضع النقدي بشكل عام‪ ،‬وذلك بتوفير ك‪r‬ادر نق‪r‬دي ع‪r‬الي الخ‪r‬برة والمؤه‪r‬ل والمعرف‪r‬ة‪ ،‬ألن‬
‫المش‪rr‬هد النق‪rr‬دي مح‪rr‬دود للغاي‪rr‬ة في الواق‪rr‬ع الع‪rr‬ربي‪ .‬ونحن مط‪rr‬البين باتخ‪rr‬اذ خط‪rr‬وات لتط‪rr‬وير وتجدي‪rr‬د الثقاف‪rr‬ة العربي‪rr‬ة‪،‬‬
‫واالس ‪rr‬تفادة من األبح ‪rr‬اث المعاص ‪rr‬رة‪ ،‬للقي ‪rr‬ام بال ‪rr‬دور المطل ‪rr‬وب بش ‪rr‬كل جي ‪rr‬د ومتم ‪rr‬يز‪ ،‬وهن ‪rr‬ا نع ‪rr‬ود للمعلم ناق ‪rr‬ل المعرف ‪rr‬ة‬
‫والتجرب‪rr‬ة والخ‪rr‬برة للطالب‪ ،‬واالهتم‪rr‬ام بثقاف‪rr‬ة المعلم وتط‪rr‬ويره‪ ،‬للتخلص من األس‪rr‬اليب التقليدي‪rr‬ة في ت‪rr‬دريس الفن‪rr‬ون‪،‬‬
‫وتط ‪rr‬بيق اس ‪rr‬تراتجيات الت ‪rr‬دريس الح ‪rr‬ديث‪ ،‬وممارس ‪rr‬ة النق ‪rr‬د‪ ،‬والت ‪rr‬دريب علي ‪rr‬ه اليص ‪rr‬ال المعرف ‪rr‬ة والمه ‪rr‬ارات بالش ‪rr‬كل‬
‫المطلوب‪ ،‬البتكار ذوق فني فعال لتحقيق المتعة والسرور لدى الطالب‪ ،‬نتيجة ممارسة الفنون وتذوقها‪.‬‬

‫المراجع العربية‪:‬‬

‫‪ -‬اسماعيل‪ ،‬عزالدين (‪ .)1986‬األسس الجمالية في النقد العربي‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الفكرالعربي للنشر‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪.‬البسيوني‪ ،‬محمود (‪ .)1986‬تربية الذوق الجمالي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار المعارف ‪-‬‬

‫‪.‬البسيوني‪ ،‬محمود (‪ .)1994‬أسرار الفن التشكيلي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬عالم الكتب ‪-‬‬

‫‪.‬بقشيش‪ ،‬محمود (‪ .)1997‬نقد وابداع‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬الدار المصرية اللبنانية ‪-‬‬

‫‪.‬بهنسي‪ ،‬عفيف (‪ .)1997‬النقد الفني وقراءة الصورة‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬دار الكتاب العربي ‪-‬‬

‫خصاونه‪ ،‬فاطمة (‪ .)2010‬مقاالت النقد التشكيلي األردني في مجلة أفكار األردنية بين عامي ‪- ،2005 -2000‬‬
‫‪.‬المجلة األردنية للفنون‪ ،‬مجلد ‪ ،4‬عدد‪ ،1‬جامعة اليرموك‪ ،‬اربد‪ ،‬األردن‬

‫ستولينتز‪ ،‬جيروم (‪ .)1981‬دراسة جمالية وفلسفية‪ ،‬ط‪ ،2‬ترجمة‪ :‬فؤاد زكريا‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ :‬المؤسسة ‪-‬‬
‫‪.‬العربية للدراسات والنشر‬

‫‪ -‬عبدالكريم‪ ،‬عبدالرحيم (‪ .)2009‬القيم الجمالية والتربية‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ :‬دار يافا للنشر‪.‬‬

‫‪ -‬عرابي‪ ،‬أسعد (‪ .)1990‬النقد الفني بين الشرعية واالدانة‪ ،‬المركز القومي للثقافة‪ ،‬مجلة الوحدة‪ ،‬العدد‪،70/71‬‬
‫المغرب‪.‬‬

‫الغامدي‪ ،‬أحمد (‪ .)1999‬دور التذوق الفني في إنماء الثقافة الفنية‪ ،‬رسالة ماجستير غير منشورة‪ ،‬قسم التربية ‪-‬‬
‫‪.‬الفنية‪ ،‬كلية التربية‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬السعودية‬

‫طارق‪ ،‬قزاز (‪ .)2001‬طبيعة النقد الفني المعاصر في الصحافة السعودية‪ -‬دراسة تحليلية‪ ،‬رسالة ماجستير ‪-‬‬
‫‪.‬منشورة‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬

‫‪.‬النجيحي‪ ،‬محمد (‪ .)1967‬فلسفة التربية‪ ،‬ط‪ ،2‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ :‬المكتبة التربوية ‪-‬‬

‫‪ -‬هيجل (‪ .)1980‬المدخل الى علم الجمال ترجمة جورج طرابيشي‪ ،‬ط ‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ :‬دار الطليعة للنشر‪.‬‬

‫‪ -‬وزارة التربية والتعليم األردنية (‪ .)2006‬دليل المعلم في التربية الفنية للصف العاشر‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان ‪ ،‬األردن‪:‬‬
‫المطبعة الوطنية‪.‬‬

‫‪:‬المراجع االجنبية‬

‫‪-‬‬ ‫‪Barrett, terry (1994). Criticizing Art Understanding the Contemporary,‬‬


‫‪Mayfield Publishing Company, Mountain View, California. USA.‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪Beardsley, M. C. (1958). Aesthetics: Problems in the philosophy of criticism.‬‬
‫‪New York: Harcourt, Brace, & World.‬‬

‫‪29‬‬
- Broudy, H. S (1972). Enlightened cherishing: An essay on aesthetic education.
Urbana-Champing: University of Illinois Press.
- Bruaner, J. (1962): On Knowing. Mass, Harvard University, P.120.
- Cromer, Jim. (1990). History Theory and Practice of Art Criticism in Art
Education, National Art Education Association, Reston, Virginia, USA.
- Dickie. (1971). Aesthetics: An institutional. New York: Bobbs- Merrill,
Company.
- Dickie. (1974). Art and the Aesthetics: An institutional analysis. Ithaca:
Cornell University Press.
- Dewey. J (1934). Art as experience. New York: G.P. Putnam’s sons.
- Eisner, E. W. (1965). Toward a new era in art education. Studies in Art
Education, 6 (2), 54-62.
- Feldman. (1967). Art in image and idea .Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall.
- Feldman. (1970). Becoming human through art: Aesthetic experience in the
school. Englewood Cliffs, NJ: Prentice-Hall.
- Hobbs J. & Salome.) 1991). The visual experience, Teachers edition. Worcester,
Mass: Davis Publications.
- Houghton, Mifflin, (1970). The American Dictionary of the English Language.
Boston: Houghton Mifflin Company.
- Lanier. (1963). Schizogenesis in contemporary art education. Studies in art
Education, 5, (1), 10-19.
- McFee, J.K (1970). Preparation for Art, 2nd Edition, BELMONT, CA:
Wodswworth. PP. 236-246.
- McFee, J.K (1977). Art Culture and Art Education, Dubuque, Iowa, USA:
Kendal Hunt Publishing Co.P.95.

30

You might also like