You are on page 1of 22

‫د‪ .

‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬


‫‪The aesthetic trend in ancient Arabic criticism‬‬
‫‪DR. DJABIHAYET.‬‬ ‫د‪ .‬جابي حياة‬
‫جامعة محمد ملين دباغين سطيف‪,2‬‬
‫‪DJABIHAYET@GMAIL.COM‬‬
‫تاريخ االستالم‪ 2018/02/23 :‬تاريخ القبول‪2018/11/15 :‬‬
‫املخلصص‪:‬‬
‫يروم هذه املقال الوقوف على أهم األسس الجمالية التي ارتكز عليها نقدنا العربي‬
‫القديم في تقويم الظاهرة الفنية‪ ،‬سواء أكان ذلك على مستوى الذات الفاعلة املتأثرة‪ ،‬أو‬
‫على مستوى املوضوع الجمالي للوقوف على خصائصه الفنية التي تشكل بناءه‬
‫االستطيقي الذي يخلق تمييه وتفرده‪ ،‬ألن غالبية نقادنا آمنوا جميعا بأن األدب صناعة‬
‫فنية‪ ،‬تتمثل قيمته‪ ،‬في بنائه اللغوي وشكله الفني الذي يبدعه الفنان‪ ،‬ال في الفكرة‬
‫املجردة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬الفن‪ ،‬الجمالية‪ ،‬الخلق الفني‪ ،‬الذوق الفني‪ ،‬التأثير الفني‬
‫‪Abstract:‬‬
‫‪This study attempts to examine the different ideas expounded by the ancient‬‬
‫‪Arab critic and especially the aesthetic foundations considered as important bases‬‬
‫‪on which this discourse was established. Because the majority of our critics have‬‬
‫‪given importance to the image and the form of the poetry which was an artistic‬‬
‫‪production whose value rested on the linguistic form and on the artistic work,‬‬
‫‪created by the artist, and not around an abstract thought.‬‬
‫‪Key words: aesthetics; artistic creation; aesthetic foundations; artistic influence‬‬

‫‪148‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫مقدمة‬
‫مظاهر الجمال في حياتنا كثيرة ومتنوعة‪ ،‬تحيطنا من كل جانب‪ ،‬فهي موجودة في‬
‫تلك الرؤى الطبيعية كما هي موجودة في عالم الفكر وعالم األدب‪ ،‬في تلك القوافي‬
‫املبدعة والقصص املثيرة التي تفيض حركة وحياة‪ ،‬وفي تناسق األجزاء وتناغم الخطوط‬
‫واأللوان‪ ،‬وغيرها من املظاهر التي تطرب لها النفس وتسكن لها األرواح‪.‬‬
‫وبذلك تظهر لنا أهمية القيم الجمالية في حياتنا‪ ،‬فبدون اإلحساس بالجمال تصبح‬
‫الحياة ال طعم لها‪ .‬فكما أن اإلنسان في حاجة إلى إشباع حاجاته الضرورية املادية‪ ،‬فإنه‬
‫كذلك في مسيس الحاجة إلى وجدان قادر على استلهام الجمال وتأمله والبحث عنه‪،‬‬
‫ليكمل الجانب النفس ي منه فيلين وجدانه‪ ،‬وتنمو مشاعره‪ ،‬ويثرى خياله‪ ،‬وتتقوى لديه‬
‫ملكة الحس الجمالي‪ ،‬وهكذا يتحول الجمال إلى قيمة روحية كبيرة في حياتنا‪ ،‬تق ي على‬
‫تلك الرتابة واآللية وعلى تلك النظرة النفعية البغيضة‪ .‬ولعل أكثر الظواهر ارتباطا‬
‫بالجمال هي الظاهرة اإلبداعية "بسبب ما فيها من ابتكار ينم عن أصالة‪ ،‬وأصالة تنم عن‬
‫عبقرية‪ ،‬وعبقرية تكشف عن عظمة الفنان وجدته‪ ).‬حجازي‪ ،‬و أنور‪ ،2000 ،‬ص‪)21‬‬
‫أوال‪ :‬في معنى الجمالية‪:‬‬
‫عندما تستعمل الجمالية أو "الفن من أجل الفن" ال تشير إلى الجميل فحسب‪ ،‬وال‬
‫إلى محض الدراسة الفلسفية ملا هو جميل‪ ،‬وإنما هي رؤية خاصة للحياة والفن‪ ،‬تشير في‬
‫األعم األغلب إلى "اتجاه في الحياة األدبية والفنية‪ ،‬يكشف عن اهتمام كثير من الناس في‬
‫القرن التاسع عشر وبصورة جدية بقيمة الفن وطبيعته‪ ،‬وبعالقة الفن بالحياة " ‪.‬‬
‫(جونسون‪،1983،‬ص‪)296‬‬
‫ظهرت الجمالية أول ما ظهرت في القرن التاسع عشر‪ ،‬مشيرة إلى ش يء جديد‪ ،‬يمثل‬
‫أفكارا اتخذت بعد ذلك نمطا ممييا‪ ،‬وقدمت تحديا جديدا أو جديا بوجه أفكار أكثر‬
‫محافظة وتقليدا‪ .‬إنها ظاهرة أوروبية وأمريكية غريبة‪ ،‬رادها مجموعة من املفكرين‬

‫‪149‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫واألدباء من أمثال‪" :‬تيوفيل غوتييه" و"بودلير في فرنسا"‪ ،‬و"أوسكار وايلد" في انجلترا‪،‬‬


‫و"إدجار أالن بو" في أمريكا‪ .‬كانت صيحة معركة مفيدة للفنانين والنقاد الداعين إلى حرية‬
‫التعبير الفني‪ ،‬وتقدير الجمال بشكل حساس لم يسبق له مثيل‪ ،‬في وجه معارضة كبيرة‪،‬‬
‫تؤكد إلى حاجة الفرد إلى إنجاز شخص ي‪ ،‬إلى ش يء يعطي حياته معنى‪ ،‬فكان الفن ألجل‬
‫الفن هو السبيل الوحيد لتحقيق ذلك‪ .‬فمنذ بداية النصف الثاني من القرن التاسع‬
‫عشر وفي أول الستينات ينادي "سوينبرن" بمبدأ "الفن من أجل الفن" كما ينادي "وولتر‬
‫بيتر" بفكرة معالجة الحياة بروحية الفن‪.‬‬
‫وقد انبثق هذا املذهب عن املبادئ الكانطية في العقد الثاني من القرن التاسع عشر‬
‫في فرنسا‪ ،‬حيث عاد املثقفون املهاجرون إلى باريس‪ ،‬وحيث بدأت حقبة من علم الجمال‬
‫الكانطي الجديد والغامض‪ ،‬أشاعتها مدام "دي ستال" في كتابها عن الجمالية عن أملانيا‪،‬‬
‫و"فكتور كوزان" ومحاضرته بالسربون (‪ )1818-1816‬ثم طبعت عام ‪ 1936‬بعنوان‬
‫محاضرات في الفلسفة وفيها يقول‪" :‬إن الفن للفن وال يمكن أن يكون طريقا للنافع‪ ،‬وال‬
‫ّ‬
‫للخير‪ ،‬وال لألمور القدسية‪ ،‬ألن الفن ال يقود إال إلى ذات نفسه"‪( .‬عزام‪،1999 ،‬ص ‪)16‬‬
‫وكان "تيوفيل غوتييه" (‪ )1872-1811‬قد أعلن في مقدمة ديوانه "قصائد أولى" ‪1823‬‬
‫عدم خدمة األدب ألي غرض سوى الجمال‪ ،‬كما شبه الشاعر باملثال الذي يهتم اهتماما‬
‫شديدا بالشكل‪ ،‬فينحت شعره‪ ،‬كما ينحت املثال تمثاله‪ ،‬وهو يعتقد باستقالل الفن عن‬
‫كل غاية نفعية حيث يقول‪" :‬وكل فنان يهدف إلى غير الجمال ليس بفنان" ثم يصرح في‬
‫مقالة في الصحيفة التي عنوانها‪ :‬الفنان ‪ l’artiste‬بقوله‪" :‬نحن نعتقد في استقالل الفن‪،‬‬
‫فالفن لدينا‪ ،‬ليس وسيلة‪ ،‬ولكنه الغاية وكل فنان يهدف إلى ما سوى الجمال فليس‬
‫بفنان فيما نرى‪ ،‬ولم نستطع – قط ‪ -‬فهم التفرقة بين الفكر والشكل ‪ ...‬فكل شكل‬
‫جميل هو فكرة جميلة‪ ،‬إذ ما قيمة شكل ال يدل على ش يء" (غنيمي‪،1982،‬ص‪)305‬‬

‫‪150‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫كما ُيع ّد "لو كونت دو ليل"‪ ،‬من أبرز رواد هذه املدرسة‪ ،‬فقد ثار على العاطفة‬
‫الذاتية وأبى أن يعرض قلبه على الدهماء‪ ،‬كما أبى أن يسف الشعر إلى حد الوسيلة التي‬
‫تستخدم لغرض ما‪ ،‬وذلك ليرد الشعر إلى طبيعته كفن جميل هدفه الصور واألخيلة‬
‫الجميلة في ذاتها‪ ،‬ويقول "لوكونت دوليل" مدافعا عن أهداف هذه املدرسة ومبادئها‪:‬‬
‫"عالم الجمال وهو مجال الفن الوحيد‪ ،‬غاية في ذاته‪ ،‬ال نهائي وال يمكن أن يكون لديه‬
‫صلة بأي إدراك آخر دونه مهما يكن‪ ،‬وليس الجمال خادما للحق‪ ،‬ألن الجمال يحتوي‬
‫على الحقيقة اإللهية واإلنسانية‪ ،‬فهو القيمة املشتركة التي تلتقي عندها طرق الفكر وما‬
‫عداها يدور في دوامة من املظاهر‪ .‬والشاعر الذي يحقق األفكار‪ ،‬أي األشكال املرئية وغير‬
‫املرئية في صورة حية مدركة‪ ،‬عليه أن يحقق الجمال بقدر ما تتيح له قواه ورؤاه النفسية‬
‫في تراكيب فنية الصنع‪ ،‬تنم عن عمق خبرة‪ ،‬محكمة النسج‪ ،‬منوعة األلوان موسيقية‬
‫األصوات‪ ،‬تمتاح من موارد شتى‪ ،‬من عاطفة وتفكير وعلم وأصالة‪ ،‬إذ أن كل عمل فكري‬
‫ال تتوافر فيه هذه الشروط لخلق جمال حس ي ال يمكن أن يكون عمال فنيا"‪.‬‬
‫(غنيمي‪،‬د‪.‬ت‪،‬ص‪)387‬‬
‫فالتجربة الجمالية عند كونت دو ليل تجربة جديرة بأن تدرس بذاتها ولذاتها‪،‬‬
‫بعيدة عن كل التأثيرات الخارجية عنها‪ ،‬ألن الجمال عنده أسمى من أن يكون تابعا لغيره‪،‬‬
‫ألنه يحمل في ذاته بذور الخير والحق وكل القيم اإلنسانية‪ ،‬كما يحرص من جهة أخرى‬
‫على استكمال النوامي الفنية للعمل الشعري‪ ،‬وذلك باالهتمام بالجانب الشكلي للنص‪،‬‬
‫من تراكيب جيدة الصنع‪ ،‬وألفا عذبة املوسيقي‪ ،‬والتي تكشف كلها عن عمق تجربة‬
‫الشاعر وأصالته‪ .‬أما برادلي في مقال له بعنوان الشعر للشعر يقول‪" :‬ما الذي تقوله لنا‬
‫نظرية الشعر ألجل الشعر" عن التجربة الشعرية ؟ إنها على حد فهمي لها ‪ -‬تقول هذه‬
‫األشياء‪:‬‬

‫‪151‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫أوال‪ :‬إن هذه التجربة غاية في ذاتها وإنها جديرة بالعيش لذاتها وأن قيمتها ذاتية‬
‫صرفة ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إن قيمتها الشعرية ليست إال هذه القيمة الذاتية عينها‪ ،‬قد يكون للشعر قيمة‬
‫بعيدة باعتباره وسيلة للثقافة والدين‪ ،‬ألنه قد يعلمنا شيئا أو يرقق من عواطفنا أو قد‬
‫يدعو إلى قضية خيرة‪ ،‬أو ألنه يجلب على الشاعر الشهرة أو املال أو راحة الضمير وليس‬
‫هذا مما يس يء للشعر في ش يء‪ ،‬وإنما هو العكس‪ ،‬فلندع الناس يقدرون الشعر لهذه‬
‫األسباب أيضا‪ ،‬ولكن هذه القيمة البعيدة للشعر ليست هي قيمته الشعرية باعتباره‬
‫تجربة خيالية مرضية وال يمكنها أن تحدد القيمة الشعرية‪ ،‬فالقيمة الشعرية ال يمكن‬
‫ّ‬
‫الحكم عليها إال من داخلها ‪ ...‬بل إن اعتبار الغايات البعيدة سواء كان ذلك عند الشاعر‬
‫أثناء عملية اإلبداع أو عند القارئ أثناء مروره بالتجربة إنما هو ينيع إلى التقليل من‬
‫القيمة الشعرية‪ ،‬وذلك ألن مثل هذا االعتبار يغير من طبيعة الشعر عن طريق إخراجه‬
‫من ميدانه الخاص به‪ ،‬فليست طبيعته في كونه جزءا أو صورة من العالم الحقيقي‬
‫(باملدلول الشائع لهذه العبارة) بل هي في كونه عاملا قائما بذاته كامال مستقال"‪( .‬‬
‫رتشاردز‪،1963،‬ص‪)126‬‬
‫تتضمن هذه النظرة أهم املبادئ التي يرتكز عليها هذا االتجاه الجمالي في تقويم‬
‫التجربة الشعرية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إن التجربة الشعرية غاية في ذاتها‪ ،‬وإنها تستأهل الحصول عليها لذاتها وأن‬
‫قيمتها متركزة فيها‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬إن قيمتها الشعرية تتركز فيها وحدها‪ ،‬باعتبارها تجربة جمالية كاملة وفريدة‪،‬‬
‫يمكن دراستها منفصلة عن غيرها من التجارب والقيم‪ ،‬فإذا تحققت للتجربة الجمالية‬
‫هذه الغاية فال ضير بعد ذلك‪ ،‬إذا حققت قيما ثانوية أو ما أسماها برادلي بالقيم‬
‫البعيدة‪ ،‬كأن يكون ‪ -‬أي الشعر‪ -‬أداة للثقافة والدين‪ ،‬أو يقدم املعرفة ويرقق املشاعر‪،‬‬

‫‪152‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫أو يعمق من دافع الخير‪ ،‬أو يجلب الشهرة واملال ‪ ....‬ومع ذلك فإن هذه القيم تبقى بعيدة‬
‫عن كونها تقويما للتجربة الشعرية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إن االهتمام بالغايات البعيدة سواء بالنسبة للشاعر أثناء عملية اإلبداع أو‬
‫بالنسبة للقارئ أثناء مروره بالتجربة‪ ،‬يقلل من القيمة الشعرية‪ ،‬ألنه ينقل التجربة لجو‬
‫ليس بجوها‪ ،‬فطبيعته (أي الشعر) ليست ً‬
‫جزءا وال نسخة من الحياة الواقعية ولكنها‬
‫على حد تعبير برادلي‪" :‬عالم بذاته‪ ،‬مستقل كامل مي كي تتملكه يجب أن تدخله‪ ،‬وتذعن‬
‫لقوانينه‪ ،‬وتتناس ى في هذا الوقت املعتقدات واألهداف واألمور الخاصة التي تهمك في‬
‫عالم الحقيقة اآلخر"‪(.‬اسماعيل‪،2000،‬ص‪)328‬‬
‫وبناء عليه‪ ،‬نجد أن مذهب "الفن للفن" وهو املذهب الجمالي الخالص الذي يؤكد‬
‫على أن الفن متميي وفريد‪ ،‬وهو أقدر األشياء على تبرير وجوده الخاص‪ ،‬دون أن يسىى‬
‫إلى تبرير مستمد من مجال آخر‪ ،‬لذلك نبذت الجمالية أو مذهب "الفن للفن" مبدأ‬
‫التعليم والفائدة ‪.‬‬
‫فالجمالي ال يستهدف من عمله الفني أن يكون ذا غاية نفعية كأن يستخدم للتعليم‬
‫أو الوعظ الديني أو ليحقق ثروة أو مجدا أو شهرة‪ ،‬وإنما يستهدف الكشف عن الحقيقة‬
‫الجمالية في الصور الحسية التي يبدعها والتي تنطوي على قيمة فنية خالصة‪ ،‬وهو ما‬
‫تؤكده روز غريب بقولها‪ ":‬النقد الجمالي هو نقد للفن مبني على أصول االستطيقا أو علم‬
‫الجمال يعني بدرس العمل الفني من حيث مزاياه الذاتية ومواطن الحسن فيه بقطع‬
‫النظر عن البيئة والعصر والتاريخ وعالقة هذا األثر بصاحبه‪ ،‬وهو يفترض للجمال‬
‫أصوال أو قواعد تجمعت عبر العصور وأصبح باإلمكان استخالصها من خالل األقوال‬
‫املتباينة واملباحث املتضاربة في املوضوع ثم استعمالها مقياسا للجمال في األثر الفني‬
‫الذي نريد نقده" ‪(.‬غريب‪،1993،‬ص‪)5‬‬

‫‪153‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫ثالثا‪ :‬االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬


‫ان املتأمل في خطابنا النقدي القديم يلحظ ذلك الولع الشديد بالنيعة الجمالية‪،‬‬
‫سواء على مستوى الذات‪ ،‬أو على مستوى املوضوع‪ ،‬باعتبار أن أهم مسألة أثيرت في‬
‫النقد الجمالي هي أن الحكم الجمالي يتطلب تدخال من الذات بمشاعرها وعواطفها في‬
‫عملية تامة تسبغ ذاتيتها على األثر الجميل‪ ،‬فتتفاعل معه وتتأثر به‪ ،‬كما ينصب الحكم‬
‫على املوضوع الجمالي للوقوف على خصائصه الفنية وقيمه الجمالية التي تتدخل في‬
‫صميم البناء االستطيقي فتصنع بذلك تمييه وتفرده‪.‬‬
‫فأما على مستوى الذات فقد ركز نقادنا القدامى على ركييتين أساسيتين وهما‪:‬‬
‫التأثير الفني‪ ،‬ومبدأ خفاء العلة في الوقوف على جماليات النص األدبي‪.‬‬
‫التأثيرالفني‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫كانت لالستجابة الفنية واإلقبال على العمل األدبي حضورهما املكثف في خطابنا‬
‫النقدي القديم‪ ،‬فالتأثير الفني سمة جوهرية يتمايز بها املعنى الشعري‪ ،‬وذلك بالتركيي‬
‫على مدى ما يتركه هذا الشعر عن طريق صياغته الفنية من أثر لدى املتلقي‪ ،‬فكان‬
‫معيار جودته عند النقاد هو لطف مدخله إلى النفس وحسن وقعه في القلب‪ ،‬ومن‬
‫دونهما يفقد النص حضوره مهما تهيأ له من براعة الوصف والتمكن في القول‪ ،‬إدراكا‬
‫منه أن املتلقي ينفعل للكلمة الحلوة والعبارة املوقعة والنظم املنسجم الذي ينحرف‬
‫بداللة اللفظ فيجعل له سلطانا من اإليهام يعصف بشعور املتلقي ويهز وجدانه‪ ،‬فيكون‬
‫طربه هذا ترجمة عملية ملوقفه من النص وحكما له بالشاعرية والجمالية‪ .‬ويدرك النقاد‬
‫حقيقة ذلك فيروا أن املعاني املباشرة ال تثير املتلقي‪ ،‬لذلك كان التصرف في املعنى‬
‫املبتذل والتحويل في داللته هو الذي يخلق هذا املعنى ويكسبه قيمة تخرجه من دائرة‬
‫اإلتباع إلى دائرة اإلبتداع‪ ،‬ومن رتابة املعاد اململول إلى جدة املستظرف املستغرب‪ ،‬وهذا‬
‫ما يؤكده قول القاث ي الجرجاني‪ ":‬وقد يتنازع منازعو هذه املعاني بحسب مرات هم من‬

‫‪154‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫العلم بصنعة الشعر‪ ،‬فتشترك الجماعة في الي يء املتداول وينفرد أحدهم بلفظة‬
‫تستعذب أو ترتيب يستحسن أو تأكيد يوضع موضعه أو زيادة اهتدى لها دون غيره‪،‬‬
‫فيريك املشترك املبتذل في صورة املبتدع املخترع"‪( .‬الجرجاني‪،1992،‬ص‪ )154‬كما أكد‬
‫نقادنا أيضا على ضرورة اإلحساس بماء الطبع يجري في النص ألنه كلما كان األديب أكثر‬
‫مجاراة لطبعه غرست في النص مؤثرات جمالية تؤهله إلثارة طرب املتلقي وأنسه‪ ،‬ألن‬
‫النفس عادة تأنس بالكالم السمح املنقاد الذي يقال عفو الخاطر‪ ،‬وتنفر من العص ي‬
‫املستكره لتكلفه وتصنعه‪ ،‬و هذا ما يؤكده معظم النقاد " ومع التكلف املقت وللنفس‬
‫عن التصنع نفرة‪ ،‬وفي مفارقة الطبع قلة الحالوة‪ ،‬وذهاب الرونق وإخالق الديباجة وربما‬
‫كان ذلك سببا لطمس املحاسن كالذي نجده كثيرا في شعر أبي تمام فإنه حاول من بين‬
‫املحدثين اإلقتداء باألوائل في كثير من ألفاظه فحصل منه على توعير اللفظ وتبجح في‬
‫غير موضع من شعره" (الجرجاني‪،1992،‬ص‪ )30‬وتأكيد نقادنا على هذا األساس يدل‬
‫داللة قاطعة على إيمانهم بفعالية اللغة الشعرية وتمايزها عن غيرها من وسائل الخطاب‬
‫األخرى ففصلوا بين األدب والعلم والحكمة‪ ،‬وأدركوا بالبديهة أن الشعر لم يوجد للوعظ‬
‫واإلرشاد بصورة مباشرة‪ ،‬وإنما هو عمل اإللهام واألحاسيس‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول‬
‫اآلمدي‪ ":‬فقد كان التجويد في الشعر ليس علته العلم ولو كانت علته العلم لكان من‬
‫يتعاطاه من العلماء أشعر ممن ليس بعالم‪ ،‬فقد سقط فضل أبي تمام من هذا الوجه‬
‫على البحتري وصار هذا أفضل وأولى بالسبق إذ كان معلوما شائعا أن شعر العلماء دون‬
‫شعر الشعراء" (اآلمدي‪،2006،‬ص‪، )11‬وهذا ما يؤكده رواد الجمالية الغربية عندما‬
‫يذهبون إلى أن الفن الذي يعجز عن التأثير فهو فن رديء‪ ،‬يقول ستولنيتي‪ ":‬ونحن عادة‬
‫نمتدح عمال فنيا بقولنا إنه مؤثر أو معبر ومن جهة أخرى نرفض عمال آخر بالقول إنه‬
‫عمل بال إحساس أو أنه يتركنا دون أن ننفعل" (ستولنيتي‪،1981،‬ص‪، )223‬وهكذا يجمع‬

‫‪155‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫النقاد على أن األدب الرفيع هو الذي يثير فينا بفضل خصائص صياغته‪ ،‬انفعاالت‬
‫عاطفيه وأحاسيس جمالية‪.‬‬
‫ترسيخ مبدأ خفاء العلة في الوقوف على جماليات النص‪:‬‬ ‫‪.2‬‬
‫أدرك النقاد القدامى أن الذوق في مجال الحكم على اآلثار الفنية أمر ال بد منه‪،‬‬
‫لذلك سعوا إلى ترسيخ مبدأ خفاء العلة في الوقوف على جماليات النص األدبي ألنها مزايا‬
‫خفية ال يقف عليها إال أصحاب األذواق الصافية التي صقلتها الدربة وطول املمارسة‪،‬‬
‫مؤكدين أن الصنعة الشعرية ذات خصائص فنية ال يحسن تذوقها أو الحكم عليها إال‬
‫الناقد املتخصص الذي هو أعرف بأسرارها وأقدر على تمييي الجيد من الرديء‪ .‬لذلك‬
‫كان الناقد عندهم هو ما جمع إلى جانب الطبع واملوهبة‪ ،‬الدربة والثقافة إذ بهما‬
‫يستطيع الفصل في العيب الخفي أو الجمال الخفي‪ ،‬خاصة إذا عرفنا أنه كثير ما تتشابه‬
‫األمور على السطح‪ ،‬ويختلط الجيد والرديء في الشعر فيتشابهان في نظر غير الناقد‬
‫العاجز على النفاذ إلى أعماق التجربة الشعرية للكشف عن تفردها‪ ،‬يقول اآلمدي‪ ":‬أال‬
‫ترى أنه قد يكون فرسان سليمان من كل عيب‪ ،‬موجود فيهما سائر عالمات العتق‬
‫والجودة والنجابة‪ ،‬ويكون أحدهما أفضل من اآلخر بفرق ال يعلمه إال أهل الخبرة والدربة‬
‫الطويلة‪ .‬وكذلك الجاريتان البارعتان في الجمال‪ ،‬املتقاربتان في الوصف‪ ،‬السليمتان من‬
‫كل عيب‪ :‬قد يفرق بينهما العالم بأمر الرقيق حتى يجعل بينهما في الثمن فضال كبيرا‪ ،‬فإذا‬
‫قيل له وللنخاس من أين فضلت أنت هذه الجارية على أختها ؟ ومن أين أنت فضلت هذا‬
‫الفرس على صاحبه؟ لم يقدر على عبارة توضح الفرق بينهما‪ ،‬وإنما يعرفه كل واحد منهما‬
‫بطبعه‪ ،‬وكثرة دربته وطول ممارسته وكذلك الشعر‪ :‬قد يتقارب البيتان الجيدان‬
‫النادران‪ ،‬فيعلم أهل العلم بصناعة الشعر أيهما أجود إن كان معناهما واحدا‪ ،‬أو أيهما‬
‫أجود في معناه إن كان معناهما مختلفا‪...‬حكى إيحاق املويصلي قال‪ :‬قال لي املعتصم‪:‬‬
‫أخبرني عن معرفة النغم‪ ،‬و بينها لي‪ :‬فقلت‪ :‬إن من األشياء أشياء تحيط بها املعرفة وال‬

‫‪156‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫تؤديها الصفة" (اآلمدي‪ 2006،‬ص ص‪ ،)413،414‬ففي هذا النص إشارات نقدية رائعة‬
‫من اآلمدي حيث يوقفنا عند التمييي بين جميلين أين يبدو األمر شخصيا بحتا‪ ،‬إذ ليس‬
‫هناك قاعدة تفرق بين جميل وجميل‪ ،‬وإنما يعتمد هذا التفريق على الطبع والفطنة‬
‫والدربة‪ ،‬كما هو الشأن في سائر الصناعات‪ ،‬ال يمهر فيها ويكون خبيرا بأمورها إال من‬
‫البسها وطالت فيها تجربته‪ ،‬وتربى عليها إحساسه‪ .‬وليس هذا ببعيد عما قاله القاث ي‬
‫الجرجاني عندما يبرز دور الذوق في اإلحساس بالجمال فيقول‪ ":‬وأنت قد ترى الصورة‬
‫تستكمل شرائط الحسن‪ ،‬وتستوفي أوصاف الكمال‪ ،‬وتذهب في النفس كل مذهب‪،‬‬
‫وتقف من التمام بكل طريق‪ ،‬ثم تجد أخرى دونها في انتظام املحاسن‪ ،‬والتئام الخلقة‬
‫وتناصف األجزاء‪ ،‬وتقابل األقسام وهي أحظى بالحالوة‪ ،‬وأدنى إلى القبول‪ ،‬وأعلق بالنفس‬
‫وأسرع ممازجة للقلب‪ ،‬ثم ال تعلم إن قايست واعتبرت‪ ،‬ونظرت وفكرت‪ ،‬لهذه املزية‬
‫سببا‪....‬ولو قيل لك كيف صارت هذه الصورة وهي مقصورة عن األولى في اإلحكام‬
‫والصنعة والترتيب والصيغة‪...‬أحلى وأرشق‪ ،‬وأح ى وأوقع‪ ،‬ألقمت السائل مقام املتعنت‬
‫املتجانف‪....‬ولكن أقص ى ما في وسعك‪ ،‬وغاية ما عندك أن تقول موقعه في القلب ألطف‪،‬‬
‫وهو بالطبع أليق‪...‬كذلك الكالم منثوره ومنظومه‪...‬تجد منه املحكم الوثيق والجزل‬
‫القوي‪ ،‬املصنوع املحكك‪ ،‬واملنمق املوشح‪ ،‬قد هذب كل تهذيب‪ ،‬وثقف غاية تثقيف‪،‬‬
‫وجهد فيه الفكر‪ ،‬وأتعب ألجله الخاطر‪ ،‬حتى احتمى ببراءته من املعايب‪...‬تم تجد لفؤادك‬
‫عنه نبوة وترى بينه وين ضميرك فجوة " (الجرجاني‪،1992،‬ص‪ ،)315‬فالحكم الجمالي‬
‫في هذه الحالة حكم ذوفي‪ ،‬أساسه النفس البشرية وما ينتابها من رضا وقبول أو إدبار‬
‫ونفور‪ ،‬وكأن الجميل عنده كامن في البواطن ال ظاهر فوق السطح‪ ،‬ألنه قد يكون الكالم‬
‫محكما مستوفيا لكل مقومات التعبير ساملا من العيوب الظاهرة‪ ،‬ومع ذلك ال يجد طريقا‬
‫يعبره إلى قلب القارئ‪ ،‬لذلك قيل ‪ ":‬إن الصحة النحوية ال تكفي لتحقيق البالغة‪ ،‬كما أن‬
‫األفكار قد تكون صحيحة في ذاتها‪ ،‬وهي أبعد ما تكون عن البالغة وحسن البيان‪ ،‬ألنها ال‬

‫‪157‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫ترث ي الذوق‪ ،‬ولم يتحقق فيها اإلقناع الرومي والنفس ي" (الشايب‪،1966،‬ص ص‪،26‬‬
‫‪ )27‬وهذا ما تؤكده الجمالية الغربية على لسان إدموند بيرك حيث يقول‪ " :‬إن اللذة‬
‫الناشئة عن تذوق األشياء املحسوسة هي لذة الذوق الفطري الذي ال يدخل فيه الفكر‪،‬‬
‫كذلك التأثر باألهواء تأثر فطري‪ ،‬أما حيث تتعقد األشياء‪ ،‬حيث يجب تقدير األعمال‬
‫الفنية ومسائل التنسيق والتناسب‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬هناك ال بد من عمل الفهم وال بد من‬
‫صقل الذوق بالدرس واملمارسة وإطالة النظر"‪( .‬غريب‪،1993،‬ص‪)70‬‬
‫أما على مستوى املوضوع حيث يتجه االهتمام إلى العمل الفني مباشرة‪ ،‬وقوفا على‬
‫جمالياته واستنطاقا لخصائصه‪ ،‬تلك الخصائص املجردة التي تصنع تمييه وتفرده‪،‬‬
‫خاصة أن املضمون عند غالبية نقادنا مهما كانت أهميته ال يمكن أن يكون ذا قيمة في‬
‫ذاته‪ ،‬بل تظل هذه املضامين موضوعات خارجة حتى تنتشر الرؤية الشعرية في جميع‬
‫أطراف العمل الفني وتتسرب إليها جميعا‪ ،‬لذلك ألحوا على جودة األداء لتقديم املحتوى‬
‫تقديما جماليا مؤثرا مهما كانت طبيعة هذا املحتوى‪ ،‬ومن العبارات املحملة باليقين‬
‫الجمالي والتي كانت بعيدة األثر في تفكيرنا النقدي الجمالي ما قاله الجاحظ " واملعاني‬
‫مطروحة في الطريق‪ ،‬يعرفها العجمي والعربي والقروي واملدني‪ ،‬إنما الشأن في إقامة‬
‫الوزن وتخير اللفظ‪ ،‬وسهولة املخرج‪ ،‬وكثرة املاء‪ ،‬وصحة الطبع‪ ،‬وجودة السبك‪ ،‬فإنما‬
‫الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير"‪( .‬الجاحظ‪،1984،‬ص‪،)131‬وما‬
‫دامت اإلجادة الفنية في الشعر هي الغاية القصوى‪ ،‬فإن خوض املبدع في معان فاحشة‬
‫متعارضة مع أخالقيات املجتمع ومعتقداته ال ينقص من قيمة العمل األدبي‪ ،‬وهكذا‬
‫تصبح " املعاني كلها معرضة للشاعر وله أن يتكلم منها‪ ،‬فيما أحب وآثر‪ ،‬من غير أن‬
‫يحظر عليه معنى يروم الكالم فيه‪ ،‬إذ كانت املعاني للشعر بمنيلة املادة املوضوعة‪،‬‬
‫والشعر فيها كالصورة‪ ،‬كما يوجد في كل صناعة من أنه ال بد فيها من ش يء موضوع يقبل‬
‫تأثير الصور‪ ،‬مثل الخشب للنجارة‪ ،‬والفضة للصياغة‪ ،‬وعلى الشاعر إذا شرع في كل‬

‫‪158‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫معنى كان‪ ،‬من الرفعة والضعة‪ ،‬والرفث والنياهة‪ ،‬والبذخ والقناعة‪ ،‬واملدح والعضيهة‪،‬‬
‫وغير ذلك من املعاني الحميدة والذميمة‪ :‬أن يتوخى البلوغ من التجويد في ذلك إلى الغاية‬
‫املرجوة " ( قدامة‪،1938 ،‬ص‪ ،)19‬وعلى هذا األساس فمن عاب بيتي امرئ القيس‪:‬‬
‫فألهيتها عن ذي تمائم محول‬ ‫فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع‬
‫بشق وتحتي شقها لم يح ــول‬ ‫إذا ما بكى خلفها انصرفت ل ــه‬
‫ملا فيهما من فحش في املعنى‪ ،‬إنما يصدر حكما غير نقدي ال عالقة له بتمييي جيد‬
‫الشعر من رديئه " فليس فحاشة املعنى في نفسه مما يزيل جودة الشعر فيه‪ ،‬كما ال‬
‫يعيب جودة النجارة في الخشب مثال رداءته في ذاته" (قدامة‪ ،1938 ،‬ص‪ ،)20‬كما كان‬
‫القاث ي الجرجاني أشد مؤازره لهذا االتجاه‪ ،‬حيث يرى أن الحكم الديني على الشعر‬
‫ش يء والحكم الجمالي ش يء آخر‪ ،‬ألنه في رأيه قد يخالف الشاعر مبادئ الدين‪ ،‬بل وقد‬
‫يكون كافرا وتظل لشعره رغم ذلك قيمة‪ ،‬ودليله على ذلك شعر الجاهليين الذين تشهد‬
‫عليهم األمة بالكفر يقول‪ ":‬فلو كانت الديانة عارا على الشعر‪ ،‬وكان سوء االعتقاد سببا‬
‫لتأخر الشاعر‪ ،‬لوجب أن يم ى اسم أبي نواس من الدواوين‪ ،‬ويحذف ذكره إذا عدت‬
‫الطبقات ولكان أوالهم بذلك أهل الجاهلية‪ ،‬ومن تشهد عليهم األمة بالكفر‪ ،‬ولوجب أن‬
‫يكون كعب بن زهير وابن الزبعرى وأضرابهما‪ ،‬ممن تناول رسول هللا"صلى هللا عليه‬
‫وسلم" وعاب أصحابه بكما خرصا وبكاء مفحمين‪ ،‬ولكن األمرين متباينان والين بمعزل‬
‫عن الشعر"‪( .‬الجرجاني‪ ،1992،‬ص‪ )66‬و في ظل رواج هذه النيعة الجمالية لألدب يرى‬
‫قدامة أن الشاعر ال يحاسب على معتقده‪ ،‬وإنما يحاسب على الصورة التي أخرج فيها‬
‫هذا املعتقد وبالكيفية التي عبر بها عنه‪ ،‬فيقول‪ ":‬ووصف الشاعر لذلك هو الذي‬
‫يستجاد ال اعتقاده‪ ،‬إذ كان الشعر إنما هو قول‪ ،‬فإذا أجاد فيه القائل لم يطالب‬
‫باإلعتقاد‪( ".‬قدامة‪،1938،‬ص‪.)128‬‬

‫‪159‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫كما كان لدعوة هؤالء بحرية العمل الفني أي عزل الدين واألخالق عن الشعر وعدم‬
‫اتخاذهما أساسا يرفعون بهما شاعرا أو يخفضون بهما آخر‪ ،‬واستبعادهم الخيرية من‬
‫ميدان الحكم النقدي‪ ،‬وربما رأوا أن منيع الشر أقرب إلى طبيعة الشعر‪ ،‬أو على األقل‬
‫مما يحسن به فن الشعر‪ ،‬كل ذلك أدى إلى رواج شعر املجون واالحتفاء به كشعر أبي‬
‫نواس وغيره ممن تناولوا املواضيع املخلة بأخالقيات املجتمع واملفسدة للنفوس وهذا ما‬
‫يؤكده أدونيس عندما يقول‪ " :‬ففي النص النواس ي لهب يلتهم كل عائق‪ ،‬سواء كان دينيا‬
‫أو اجتماعيا وفي هذا ما يفسر كونه ال ينقل الفرح بممارسة الحرام املحرم‪ ،‬فهو يرى أن‬
‫خرق املحرم يولد فوث ى الغبطة‪ ،‬التي هي نوع من هدم النظام الثقافي األخالفي القائم‬
‫ونوع من الوعد الواثق بمجيء ثقافة ال قمع فيها وال قيد‪ ،‬ثقافة تخرج على قيم األمر‬
‫والنهي‪ ،‬وتتيح الحياة بشكل يتم فيه التآلف بين إيقاع الجسد وإيقاع الواقع في موسيقى‬
‫الحرية" (أدونيس‪،1989،‬ص‪ ،)62‬وهكذا نالحظ كيف مال نقادنا في غالبيتهم إلى إعفاء‬
‫األدب من االلتيامات الخلقية والدينية وكان تشديدهم منصبا على الناحية الشكلية‪،‬‬
‫فكانت هذه نواة مماثلة تماما ملا نادت الجمالية الغربية وفي هذا يقول بندته كروتشيه‪" :‬‬
‫إن تقييم العمل الفني ال يكون على مستوى األخالق أو عدمها‪ ،‬واللوحة الفنية التي‬
‫تجذب القارئ ليس من شروطها أن تكون ذات مسحة أخالقية‪ ،‬أو دينية‪ ،‬أو متيمتة‪ ،‬أو‬
‫أن يكون مضمونها دعوة للخير أو الحب‪ ،‬فالفعل الفني هو الخلق الخاص بذاته الذي ال‬
‫ينقص من قدره أو يزيد أن يكون على مستوى معين من األخالق فالكثير من األعمال‬
‫الفنية كاللوحات‪ ،‬والقصص األدبية واألفالم السينمائية أحيانا ما ترمي غلى مضامين ال‬
‫تخلو من شر أو فزع إال أنه ال يمكن أن يقال عنها أنها خالية من الفن أو هابطة في‬
‫املوضوع أو األسلوب" (كروتشيه‪،1947،‬ص‪.)30‬‬
‫وما دام املضمون في غالبية خطابنا النقدي القديم لم يعد أساسا للتمييي بين‬
‫املبدعين وإنما الشأن في تلك الصيغ الفنية التي يبدعها الشاعر‪ ،‬فكانت أولى العنا صر‬

‫‪160‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫اإلبداعية التي توقف عندها النقاد القدامى هي لغة النص الشعري باعتبارها خلقا فنيا‬
‫خاصا‪ ،‬وابتكارا متفردا للجمال‪ ،‬فحرصوا على تحقيق الجمال في الكلمة املفردة على‬
‫أساس أنها اللبنة األساسية في بناء النص العام‪ ،‬فرأوا بضرورة تمييها بالعذوبة‬
‫والسهولة‪ ،‬كما استنكروا أن تكون غريبة وحشية ينفر منها السمع ويستثقلها اللسان‬
‫ويأباها الذوق السليم‪ ،‬وهذا ما يؤكده القاث ي الجرجاني إذ يقول‪ ":‬فلما ضرب اإلسالم‬
‫بجرانه واتسعت ممالك العرب‪ ،‬وكثرت الحواضر‪ ،‬وفشا التأدب والتظرف‪ ،‬اختار الناس‬
‫من الكالم ألينه وأسهله وعمدوا إلى كل ش يء ذي أسماء كثيرة فاختاروا أحسنها سمعا‬
‫وألطفها من القلوب موقعا‪ ،‬وإلى ما للعرب فيه لغات فاقتصروا على أسلسها وأشرفها "‬
‫الجرجاني‪،1992،‬ص ص‪)29،30‬‬
‫وألجل ذلك نجد استنكارا شامال لطريقة أبي تمام الذي رام اإلغراب فجاء باملحال‪،‬‬
‫وبالتالي صدم السمع وأذى الذوق العربي‪ ،‬مقابل استحسانهم لطريقة البحتري لتجنبه‬
‫التعقيد ومستكره األلفا ووحي ي الكالم‪ ،‬يقول اآلمدي‪ ":‬ووجدت أكثر أصحاب أبي‬
‫تمام ال يدفعون البحتري عن حلو اللفظ وجودة الرصف وحسن الديباجة وكثرة املاء‬
‫وأنه أقرب مأخذا وأسلم طريقا من أبي تمام" (اآلمدي‪،‬ج‪ ،2006 ،1‬ص ‪.)423‬‬
‫كما اهتم نقادنا أيضا بحسن السبك وجودة الرصف وجمال الديباجة‪،‬‬
‫فالتأليف بين العناصر املشكلة للعمل األدبي يجب أن يكون تأليفا جماليا مؤثرا‪ ،‬ألن‬
‫الجميل يتركز في عالقة األجزاء ببعضها البعض وعالقة كل جزء بالكل‪ ،‬وهذا ما يؤكده‬
‫أبو هالل العسكري قائال‪ ":‬فإن اللفظة إذا لم تقع موقعها ولم تصل إلى مركزها ولم‬
‫تتصل بسلكها‪ ،‬وكانت قلقة في موضعها‪ ،‬نافرة عن مكانها‪ ،‬فال تغص ها اغتصاب األماكن‬
‫والنيول في غير أوطانها" (العسكري‪ ،1989 ،‬ص ص‪.)153 ،152‬‬

‫‪161‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫فأساس كل جميل هو ذلك التناسب والتالؤم الذي يحدث بين العناصر املشكلة له‬
‫"ألن العناصر التي يختارها الفنان من وسيطه املادي ترتب في العمل على نحو من شأنه‬
‫مضاعفة يحرها وحيويتها" (ستولنيتي‪ ،1981 ،‬ص ‪.)339‬‬
‫‪ .‬يقول اآلمدي‪ ":‬وحسن التأليف وبراعة اللفظ يزيد املعنى املكشوف بهاء وحسنا‬
‫ورونقا حتى كأنه أحدث فيه غرابة لم تكن‪ ،‬وديباجة لم تعهد‪.....‬وإذا جاء لطيف املعاني‬
‫في غير بالغة سبك جيد وال لفظ حسن‪ ،‬كان ذلك مثل الطراز الجيد على الثوب الخلق‪،‬‬
‫أو نقش العبير على خد الجارية القبيحة الوجه" (اآلمدي‪ ،‬ج‪ ،2006 ،1‬ص ‪ )425‬ولم‬
‫يكن هذا مبدأ اآلمدي وحده‪ ،‬بل شاركه في ذلك جمع كبير من النقاد‪ ‬الذين ألحوا على‬
‫ضرورة إحكام نسيج العمل الفني تنظيرا وتطبيقا‪ ،‬لذلك حرسوا على ضرورة تجنب سوء‬
‫الرصف ورداءة التأليف ملا لها من انعكاسات سلبية في عملية التلقي لذلك استنكروا ما‬
‫يعيق تناسق الكالم كاستنكارهم للمعاظلة وما ينتج عنها من تداخل الكالم وتشبثه‬
‫ببعضه البعض كقول أبي تمام‪:‬‬
‫عنه فلم يتخون جسمه الكمد‬ ‫خان الصفاء أخ خان الزمان أخا‬
‫فانظر إلى أكثر ألفا هذا البيت‪...‬ما أشد تشبث بعضها ببعض‪ ،‬وما أقبح ما‬
‫اعتمده من إدخال ألفا في البيت من أجل ما يش هها‪ ،‬وهي قوله "خان" و"يتخون" وقوله‬
‫"أخ" و"أخا"‪ ،‬فإذا تأملت املعنى مع ما أفسده من اللفظ لم تجد له حالوة وال فيه كبير‬
‫فائدة" ( اآلمدي‪ ،‬ج‪ ،2006 ،1‬ص ‪.)294‬‬
‫فاالستنكار هنا راجع إلى إصرار الشاعر على تكرار فعل واحد بصيغة زمنية مع تغير‬
‫اإلسناد فقط‪ ،‬مما أدى إلى اهتياز الصياغة اللغوية وانحالل العالقات التي تربط بين‬
‫األشكال الذهنية لأللفا وهذا ما يؤكده أبو كريشة قائال‪ ":‬وهذا التصادم املعنوي‬
‫يحسه القارئ حين يفقد االستراحة الذهنية بين معنى وآخر‪ ،‬وهي ش يء مطلوب في فهم‬

‫‪162‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫الكالم ليحس أنه يفهم ما يسمع‪ ،‬فإذا توالت الكلمات دون هذا الفاصل الرقيق الذي ال‬
‫يكاد يحس‪ ،‬أحس الذهن بإجهاد فكري يفقده القدرة على الفهم ويجبره على التوقف‪،‬‬
‫ليعيد الكالم مرات ومرات ويقلبه ظهرا لبطن‪ ،‬ويقدم فيه ويؤخر حتى يعثر على هذه‬
‫الفواصل الرقيقة التي تعطي املعاني على دفعات‪ ،‬يقبلها الذهن‪ ،‬ويستريح إليها الفكر"‬
‫(أبو كريشة‪ ،1996،‬ص‪.)300‬‬
‫كما حرص نقادنا القدامى على إخراج البناء الشعري وهو مكسو بكثير من أسرار‬
‫الجمال التي تشيع في النص قدرا كبيرا من األنس واإلطراب‪ ،‬فرأوا بضرورة اتصال أجزاء‬
‫القصيدة وأال ينفصل جزء منها عن جزء‪ ،‬فيجيد الشاعر تجاور مواضيعها في جو من‬
‫التآلف النفس ي حتى تخرج وقد أحكم نسجها وتالحمت أجزاؤها فتلف القصيدة بجمال‬
‫يحري يأخذ بلب القارئ‪ ،‬ألن تفكك األجزاء تنفر منه النفس وتستوحشه‪ ،‬وقد برع ابن‬
‫طباطبا في تفصيل ذلك قائال‪" :‬وينبغي للشاعر أن يتأمل تأليف شعره وتنسيق أبياته‬
‫ويقف على حسن تجاورها أو قبحه‪ :‬فيالئم بينها لتنتظم له معانيها ويتصل كالمه فيها‪،‬‬
‫وال يجعل بين ما قد ابتدأ وصفه وبين تمامه فضال من حشو وليس من جنس ما هو فيه‪،‬‬
‫فينس ى السامع املعنى الذي يسوق القول إليه كما أنه يحترز من ذلك في كل بيت‪ ،‬فال‬
‫يباعد كلمة عن أختها‪ ،‬وال يحجر بينها بين تمامها بحشو يشينها‪ ،‬ويتفقد كل مصراع هل‬
‫يشاكل ما قبله فربما اتفق للشاعر بيتان يضع مصراع كل منهما في موضع اآلخر فال ينتبه‬
‫على ذلك إال من دق نظره ولطف فهمه" (ابن طباطبا‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪ .)165‬وهكذا نالحظ‬
‫كيف حرص ابن طباطبا على إحكام نسيج القصيدة والتوفيق بين معانيها وألفاظها‬
‫وقوافيها‪ ،‬حتى تخرج القصيدة كالكلمة الواحدة‪ ،‬وهذا ما يؤكده عبد القادر هني إذ يرى‬
‫أن وقوف الشاعر على "طبيعة العالقات بين الوحدات الدالة في العمل األدبي هي التي‬
‫تجعل من النص نصا أدبيا أو تقف به عند حدود الكالم العادي‪ ،‬فكلما كان املبدع أعمق‬
‫نظرا في إدراك العالقات‪ ...‬كان نصه أكثر أدبية من سواه" (هني‪ ،1999 ،‬ص‪ ،)208‬وهذا‬

‫‪163‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫ما يذهب إليه رائد النقد الجمالي جيروم ستولنيتي عندما يؤكد على أن قيمة العمل الفني‬
‫وجماله لن تكون إال بالوقوف على طبيعة العالقات القائمة بين عناصره املشكلة له‬
‫فيقول‪ " :‬فلن تكون مناقشا ألي عنصر من عناصر الفن مناقشة مستنيرة إال إذا تذكرنا‬
‫على الدوام طريقة ارتباطه بالعناصر األخرى‪ .‬بل إن املناقشة ذاتها ستذكرنا على الدوام‬
‫بهذه العالقات املتبادلة في مواضع متعددة إذ نجد أننا ال نستطيع حتى أن نتكلم في أي‬
‫عنصر واحد كالما ذا معنى إال إذا تذكرنا مكانه داخل الكيان الكامل للعمل"‬
‫(ستولنيتي‪ ،1981،‬ص‪.)324‬ومعنى ذلك أن ال قبح في الفن إال لنقص وحدته وانفصال‬
‫أجزائه بعضها عن بعض‪ ،‬بحيث ال تجري الحياة في أجزاء العمل الفني‪ ،‬وبذلك يكون‬
‫التناسب أساس كل فن رفيع ملا يولده في النفس من خفة وإيناس وبهجة‪ ،‬والجمال‬
‫مرهون بمدى إدراكنا لهذا التناسب‪.‬‬
‫وبنفس الولع واالهتمام وقف نقادنا القدامى طويال عند املوسيقى وعناصر‬
‫اإليقاع ملا لهما من أهمية في خلق أدبية النص سواء بالنسبة للنثر أو للشعر‪ ،‬غير أنها في‬
‫الشعر كانت أكثر كثافة‪ ،‬فاملوسيقى بالنسبة للشعر كما يقول محمد مندور‪ ":‬من‬
‫مقوماته األساسية التي إذا فقدها فقد خاصية من الخصائص الكبرى التي تمييه عن‬
‫النثر الذي ال بد هو اآلخر أن تكون له موسيقاه وأن يكون له إيقاعه النفس ي‪ ،‬لكنها‬
‫موسيقى وإيقاع يختلفان في نسقهما أكثر اختالفا عن موسيقى الشعر الواضحة املعبرة‬
‫وعن إيقاعه املنظم املحدد" (مندور‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪ .)40‬وبما أن املوسيقى هي جوهر الشعر‪،‬‬
‫وأقوى عناصر اإليقاع فيه‪ ،‬فقد ركز نقادنا على االنتظام اإليقاعي لعناصره اللغوية فهو"‬
‫كالم منظوم بائن عن املنثور الذي يستعمله الناس في مخاطباتهم‪ ،‬بما خص به من‬
‫النظم الذي إن عدل عن جهته مجته األسماع وفسد عن الذوق‪ ،‬ونظمه معلوم محدود"‬
‫(ابن طباطبا‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.)41‬‬

‫‪164‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫ومعنى ذلك أن الشعر يتميي عن النثر‪-‬غالبا‪ -‬بالوزن والقافية بحس هما عنصرين‬
‫يضفيان على املنظوم سمات إيقاعية غير متوفرة في الكالم املنثور وهذا ما يؤكده ابن‬
‫سنان حيث يقول‪ ":‬فالذي يصلح أن يقوله من يفضل النظم أن الوزن يحسن الشعر‬
‫ويحصل للكالم به من الرونق ما ال يكون للكالم املنثور‪( ".‬الخفاجي‪ ،1982 ،‬ص‪،)287‬‬
‫فهذا االهتمام باملوسيقى في العمل األدبي ليس من باب الترف والتسلية بقدر ما هي‬
‫وسيلة لكسب مودة املتلقي‪ ،‬وقد كان ابن طباطبا واعيا لهذه الحقيقة‪ ،‬حيث ارتبط‬
‫نجاح الشعر عنده في أداء وظيفته باالمتياج الرومي الذي يحصل بينه وبين متلقيه‪،‬‬
‫وتلعب العناصر اإليقاعية في القصيدة دورا كبيرا في تحقيق هذا االمتياج يقول‪ ":‬فإذا ورد‬
‫عليك الشعر اللطيف املعنى الحلو اللفظ التام البيان املعتدل الوزن‪ ،‬مازج الروح والءم‬
‫الفهم‪ ،‬وكان أنفذ من نفث السحر وأخفى دبيبا من الرفى وأشد إطرابا من الغناء‪ ،‬فسل‬
‫السخائم وحلل العقد وسخى الشحيح وشجع الجبان‪ ،‬وكان كالخمر في لطف دبيبه‬
‫وإلهائه وهزه وإيثاره" (ابن طباطبا‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪.)16‬‬
‫وبنفس الولع واالهتمام كانت القافية الركن الثاني واألصيل في بناء موسيقى الشعر‬
‫العربي‪ ،‬ايمانا منهم بأنها الحد الفاصل بين الكالم املوزون الذي ال قوافي فيه‪ ،‬وبين الكالم‬
‫املوزون املقفى على حد تعبير قدامة بن جعفر" وقولنا مقفى‪ :‬فصل بين ما له من الكالم‬
‫املوزون قواف‪ ،‬وبين ما ال قوافي له وال مقاطع" (قدامة‪،1978،‬ص‪ ،)17‬فهي إذا تشترك‬
‫مع الوزن في اختصاصها بالشعر وبدونها يفقد أهم عناصره الجوهرية ومكوناته‬
‫األساسية وهذا ما أكده حازم القرطاجني عندما أشار إلى تميي الشعر العربي عن غيره من‬
‫أشعار األمم األخرى بالقافية فيعرف الشعر قائال‪" :‬إنه كالم مخيل موزون مختص في‬
‫لسان العرب بزيادة التقفية" (القرطاجني‪ ،1966،‬ص‪ .)89‬وملا كانت القافية بهذه املنيلة‬
‫ملا لها من دور جمالي كبير كدور السجع في النثر "وإن كانت القافية غير مستغنى عنها‪،‬‬
‫والسجع مستغنى عنه" (ابن وهب‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬ص‪ )165‬فقد لقيت من اهتمام النقاد‬

‫‪165‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫والشعراء اهتماما متيايدا‪ ،‬فكانت آية جمالها أن تحتل مكانها الالئق بها ‪ ،‬فال تفرض على‬
‫البيت الشعري وال تكون نابية عنه‪ ،‬ويعمق أبو هالل العسكري هذه الفكرة مؤكدا أن‬
‫أحسن القوافي وأجودها ما كانت " مستقرة في قرارها ومتمكنة في موضعها‪...‬حتى ال يسد‬
‫مسدها غيره" (العسكري‪،1989،‬ص‪ ،)508‬لذلك استجادوا اإليغال والتوشيح‪ ،‬وباملقابل‬
‫استقبحوا كل ما يخل بهذا االنسجام اإليقاعي والتماثل الصوتي كاإلقواء والسناد‪،‬‬
‫واعتبروا أن التصريع في أوائل القصائد صفة الفحول من الشعراء‪ .‬وبهذا يتبين لنا كيف‬
‫كانت األذواق النقدية العربية تستسيغ هذا النغم املتوازي في نظام القصيدة وتطرب له‪.‬‬
‫ولم تقف عناية نقادنا باملوسيقى عند حدود الوزن والقافية‪ ،‬بل اهتموا أيضا‬
‫بالبنية اإليقاعية املمتدة عبر نسيج النص‪ ،‬وذلك من خالل البنى املوسيقية املتصلة‬
‫باإليقاع اللفظي كالتصريع‪ ،‬املوازنة‪ ،‬الجناس والسجع‪ ،‬أو اإليقاع املعنوي كالتقسيم‪،‬‬
‫الطباق‪ ،‬املقابلة وااللتفات وغيرها من عناصر تحسين اإليقاع‪ ،‬مما يؤكد حرص هؤالء‬
‫النقاد على توفير العنصر اإليقاعي الجمالي في النص النثري حتى بلغت أحيانا درجة تقربه‬
‫من املنظوم‪ ،‬إدراكا منهم للوظيفة الجمالية التي تقوم بها املحسنات البديعية‪ ،‬فهي تكمل‬
‫جمال الصورة في القصيدة الشعرية أو النص النثري ملا لها من تأثير ‪ ،‬على أن تكون سهلة‬
‫متيسرة بال كلفة أو مشقة‪ ،‬وأن توضع في املوضع الذي يليق بها وتحسن فيه‪ ،‬ألنها ليست‬
‫في كل موضع تحسن وال في كل موضع تليق‪ ،‬وإنما هي جماليات تستدعى عن طريق تشوف‬
‫املعنى لها‪ ،‬فهي إذن عنصر مكمل للعملية الفنية‪" ،‬وليست وسيلة تأنق وزينة زائدة‬
‫يمكن االستغناء عنها" (رحماني‪ ،1987،‬ص ‪ .)178‬ومن هذه املحسنات التي ولعوا على‬
‫تحقيقها في النص األدبي شعرا كان أم نثرا االزدواج أو املوازنة وذلك ملا يضفيه من نغم‬
‫موسيقي عذب تطرب له األذن‪ ،‬ويقع في النفس موضع االستحسان‪ ،‬والذي ال يأتيه من‬
‫تساوي الفواصل في أحرف خواتمها‪ ،‬وإنما يأتيه من تساوي ألفاظها في وزنها فيكسبه هذا‬
‫االعتدال الحاصل بين ألفا الفواصل طالوة ورونقا‪ ،‬فهذا أبو هالل العسكري يعده‬

‫‪166‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫عنصرا إيقاعيا مالزما للنثر ويرى في خلوه منه فقدانا لخاصية مهمة من خصائص الكالم‬
‫الجميل‪ ،‬يقول‪ ":‬ال يحسن منثور الكالم وال يعلو حتى يكون مزدوجا وال نكاد نجد لبليغ‬
‫كالما يخلو من االزدواج‪ ،‬ولو استغنى كالم عن االزدواج لكان القرآن ألنه في نظمه خارج‬
‫من كالم الخلق وقد كثر فيه حتى حصل في أوساط اآليات فضال عما تزاوج في الفواصل‬
‫منه كوله تعالى‪ :‬فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب" (العسكري‪ ،1989 ،‬ص‪ ،)285‬كما‬
‫كشف ابن األثير عن وظيفتها الجمالية فيقول‪ ":‬وهي أن تكون ألفا الفواصل في الكالم‬
‫املنثور متساوية في الوزن‪ ،‬وأن يكون صدر البيت الشعري وعجزه متساوي األلفا وزنا‪،‬‬
‫وللكالم بذلك طالوة ورونق سببه االعتدال ألنه مطلوب في جميع األشياء‪ ،‬وإذا كانت‬
‫مقاطع الكالم معتدلة وقعت من النفس موقع االستحسان" (ابن األثير‪،1959،‬ص ص‬
‫‪ .)378 ،377‬ومكمن هذا االستحسان عند هؤالء النقاد راجع إلى تلك الرنة الصوتية‬
‫الواقعة في الكلمات حين توازن كل لفظ صوتيا مع اللفظ الذي يقابله كما يلحظ في اآلية‬
‫السابقة "فانصب" توازنت مع "فارغب" مما أدى إلى هذا التعادل واالتزان الذي أكسب‬
‫الكالم رونقا وجماال‪ .‬وهكذا يصبح الجمال األدبي عناصر محققة يمكن البحث عنها‬
‫وكشفها والوقوف عليها وهذا ما يقربهم من النقاد الجماليين الغربيين الذين يعزون علة‬
‫الجمال إلى ما ينطوي عليه الشعر من تجانس بين العناصر واألجزاء وهذا ما يؤكده راي‬
‫"‪ "Rey‬أحد رواد النقد الجمالي فيقول‪" :‬إن الصورة وحدها تكسب العمل جماال‪،‬‬
‫والقصيدة تؤثر ال بالفكر الذي يومي بها‪ ،‬وال باملوضوع الذي تعالجه‪ ،‬ولكن بكمال‬
‫تنسيقها وانسجام إيقاعها وبقوة التعبير وغناه" (إسماعيل‪ ،2000 ،‬ص‪.)327‬‬
‫خاتمة‬
‫وبناء على ما تقدم‪ ،‬نستطيع أن نؤكد بأن نقدنا العربي القديم قد انبنى في جملته‬
‫على أسس جمالية خالصة‪ ،‬وهي األسس التي تهتم بالصورة والشكل‪ ،‬ويحاول الوقوف‬
‫على املقومات الفنية التي تخلق أدبية النص‪ ،‬ومن ثم آمن بأن الشعر صناعة فنية‬

‫‪167‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫تتمثل قيمتها في الشكل اللغوي الذي يبدعه الشاعر‪ ،‬ال في الفكرة املجردة‪ ،‬فكم من‬
‫أفكار سامية ال قيمة لها ما لم تعرض في شكل فني جميل‪ ،‬مع تركييهم القوي على الذوق‬
‫الفني الرفيع الذي يتحسس الجمال ويستكشف بواطنه وخفاياه ‪.‬وبذلك كان نقدنا‬
‫نقدا جماليا في مجمله‪ ،‬وكان نقادنا نقادا جمالين باملعنى الصحيح‪.‬‬
‫قائمة املصادرو املراجع‬
‫‪ .3‬رتشاردز‪ ،‬إ‪.‬أ ‪ ،2005،‬مبادئ النقد األدبي‪ .‬ترجمة أحمد مصطفى بدوي‪ ،‬ط‪ .5‬املؤسسة املصرية‬
‫العامة للتأليف والطباعة‬
‫‪ .4‬ابن األثير‪ ،‬ضياء الدين‪ ،1959 ،‬املثل السائر في أدب الكاتب والشاعر‪ ،‬تحقيق أحمد الحوفي وبدوي‬
‫طبانة‪ ،‬نهضة مصر‬
‫‪ .5‬الخفاجي‪ ،‬ابن سنان‪ ،1982 ،‬سر الفصاحة‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ .6‬ابن طباطبا‪ ،‬محمدبن أحمد‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬عيار الشعر‪ ،‬تحقيق محمد زغلول سالم‪ ،‬ط‪ ،3‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫منشأة املعارف‬
‫‪ .7‬ابن وهب‪ ،‬إيحاق‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬البرهان في وجوه البيان‪ ،‬تحقيق حفني محمد شرف‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مطبعة‬
‫الشباب‬
‫‪ .8‬العسكري‪ ،‬أبو هالل‪ ،1989 ،‬الصناعتين‪ ،‬تحقيق مفيد قمحة‪ ،‬ط‪ ،3‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار الكتب‬
‫العلمية‬
‫‪ .9‬الشايب‪ ،‬أحمد‪ ،1966 ،‬األسلوب‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪ ،‬مكتبة النهضة املصرية‬
‫‪ .10‬رحماني‪ ،‬أحمد‪ ،1987 ،‬النقد التطبيقي الجمالي واللغوي في القرن الرابع الهجري‪ ،‬رسالة ماجستير‪،‬‬
‫جامعة الحاج لخضر‪ ،‬باتنة‪ ،‬الجزائر‬
‫‪ .11‬أدونيس‪ ،‬على أحمد سعيد‪ ،1989 ،‬الشعرية العربية‪ ،‬ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬دار اآلداب‬
‫‪ .12‬اآلمدي‪ ،‬أبو القاسم الحسن بن بشر‪ ،2006 ،‬املوازنة بين أبي تمام والبحتري‪ ،‬تحقيق السيد أحمد‬
‫صقر‪ ،‬ط‪ ،5‬القاهرة‪ ،‬دار املعارف‬
‫‪ - . .13‬القرطاجني‪ ،‬حازم‪ ،1966 ،‬منهاج البلغاء وسراج األدباء‪ ،‬تحقيق محمد الحبيب بن خوجة‪،‬‬
‫تونس‪ ،‬دار الكتب الشرقية‬

‫‪168‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬
‫د‪ .‬جابي حياة‬ ‫االتجاه الجمالي في النقد العربي القديم‬

‫‪ .14‬الجاحظ‪ ،‬أبو عثمان عمرو بن بحر‪ ،1984 ،‬الحيوان‪ ،‬ج‪ ،3‬تحقيق عبد السالم هارون‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫طبعة الحلبي‬
‫‪ .15‬الجرجاني‪ ،‬القاث ي‪ ،1992 ،‬الوساطة بين املتنبي وخصومه‪ ،‬تقديم وتحقيق أحمد عارف الزين‪،‬‬
‫سوسة‪ ،‬تونس‪ ،‬دار املعارف للطباعة والنشر‬
‫‪ .16‬كروتشيه‪ ،‬بندته‪ ،1947 ،‬املجمل في فلسفة الفن‪ ،‬ترجمة سامي الدروبي‪ ،‬بيروت‪-‬لبنان‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪-‬املغرب‪ ،‬املركز الثقافي العربي‬
‫‪ .17‬ستولنيتي‪ ،‬جيروم‪ ،2007 ،‬النقد الفني‪ ،‬دراسة جمالية وفلسفية‪ ،‬ترجمة فؤاد زكريا‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر‬
‫‪ .18‬جونسون‪ ،‬ر‪.‬ف ‪ ،1983 ،‬الجمالية ضمن موسوعة املصطلح النقدي‪ ،‬ترجمة عبد الواحد لؤلؤة‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬بيروت‪ ،‬املؤسسة العربية للدراسات والنشر‬
‫‪ .19‬غريب‪ ،‬روز‪ ،1993 ،‬النقد الجمالي وأثره في النقد العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار الفكر العربي‬
‫‪ .20‬أبو كريشة‪ ،‬طه مصطفى طه ‪ ،1996 ،‬أصول النقد األدبي‪ ،‬ط‪ ،1‬القاهرة‪ ،‬الشركة املصرية العاملية‬
‫للنشر‪ ،‬لونجمان‬
‫‪ .21‬هني‪ ،‬عبد القادر‪ ،1999 ،‬نظرية اإلبداع في النقد العربي القديم‪ ،‬الجزائر‪ ،‬ديوان املطبوعات‬
‫الجامعية‬
‫‪ .22‬اسماعيل‪ ،‬عز الدين‪ ،2000 ،‬األسس الجمالية في النقد العربي‪ ،‬عرض وتفسير ومقارنة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫دار الفكر العربي‬
‫‪ .23‬علي‪ ،‬عبد املعطي محمد‪ ،‬وأنور‪ ،‬فائزة‪ ،2002 ،‬فلسفة الجمال والفن‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬دار املعرفة‬
‫الجامعية‬
‫‪ - .24‬قدامة‪ ،‬بن جعفر‪ ،1978 ،‬نقد الشعر‪ ،‬تحقيق كمال مصطفى‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الخانجي للطبع‬
‫والنشر والتوزيع‬
‫‪ .25‬محمد‪ ،‬عزام‪ ،1999 ،‬املنهج املوضوعي‪ ،‬دمشق‪ ،‬اتحاد كتاب العرب‬
‫‪ .26‬محمد‪ ،‬غنيمي هالل‪ ،1982 ،‬النقد األدبي الحديث‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪ ،‬دار العودة‬
‫‪ .27‬محمد‪ ،‬غنيمي هالل‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬األدب املقارن‪ ،‬ط‪ ،5‬بيروت‪ ،‬دار الثقافة‬
‫‪ .28‬محمد‪ ،‬مندور‪ ،‬د‪.‬ت‪ ،‬النقد والنقاد املعاصرون‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة نهضة مصر‬

‫‪169‬‬ ‫مجلة وحدة البحث في تنمية املوارد البشرية املجلد ‪ 9‬العدد ‪ 4‬ديسمبر ‪2018‬‬

You might also like