You are on page 1of 648

‫؟ب؟‬

‫معرفة اهلل تعایل باهلل‬


‫ال باألوهام‬
‫ّ‬
‫والعرفانیة‬ ‫ّ‬
‫الفلسفیة‬ ‫البشـر ّية‬
‫التوحید؛ ّ‬
‫احلجة؛ الوالية‬

‫امليــــــالن‬
‫ي‬ ‫الشیخ حســن‬

‫‪Kfe_qom@yahoo.com‬‬
‫تقدیم‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫وأول األمر باملعروف والعدل‬
‫«إعرفوا اهلل باهلل‏‪ ،‬والرسول بالرس���الة‪ ،‬ي‬
‫(((‬
‫واإلحسان»‪.‬‬
‫بن عیل أساس التوحید والعدل‪،‬‬ ‫ّ‬
‫إن الدین قد ي‬
‫ومها عیل معرفة ّ‬
‫احلجة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وقد ّ‬
‫حرفت الثالثة عند أ كثر املتأخر ین‪،‬‬
‫ً‬
‫ابتعادا عن العقل والبرهان‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫واتكاال عیل املوهومات‪ ،‬وتأویال للمحمكات إیل املتشاهبات‪،‬‬
‫ّ‬
‫الومهیة!‬ ‫ّ‬
‫‌االعتبارية‪ ،‬بل‬ ‫ّ‬
‫احلقیقية‌والوحدة‬ ‫احلقیق إیل الکثرة‬ ‫فأول التوحید‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫نف کل فاعل غیر اهلل تعایل!‬ ‫البر‪ ،‬بل ي‬‫والعدل واالختیار إیل ج‬
‫حجة!‬‫ومدع بال عصمة‌وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫واحلجة‌إیل ّکل منحرف عن ّ‬
‫املحجة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ضررا عیل بنیان الدین من ّ‬ ‫ً‬ ‫املبطلي ّ‬
‫الرد واإلنكار‪،‬‬ ‫أشد‬ ‫ن‬ ‫وحیث ّإن تأویل‬
‫فرأینا أن نكشف عن أخطاهئم الخ طیرة يف ذلك‪،‬‬
‫ّ‬
‫والدینية عیل أس���اس العق���ل والبرهان‬ ‫ّ‬
‫العقلي���ة‬ ‫وبی���ان م���ا یلی���ق باملع���ارف‬
‫والوحي‪،‬‬
‫ً‬
‫مستعینا يف ذلك باهلل تعایل وحججه؟مهع؟‪.‬‬
‫املیالن‬ ‫‌قم ّ‬
‫املشرفة‌‪ ،‬الشیخ حسن‬
‫ي‬
‫‪Kfe_qom@yahoo.com‬‬

‫‪ .1‬التوحيد‪ ،286 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫كیف و ِل َم ّ‬
‫نقر‬
‫بوجود الخالق المتعال؟!‬
‫‪6‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫یهدف هذا الفصل إلی الكالم عن‪:‬‬


‫لخ‬
‫(((‬
‫▪ إراءة الطر ی���ق الصحی���ح((( إىل اإل لتفات واملعرفة واإل ق���رار((( بوجود ا الق‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬وتعالیه((( عن وجود خلقه‪.‬‬
‫ن‬
‫البـراهی املذك���ورة يف‬ ‫▪ إثب���ات وج���ود الخ ال���ق تع���ایل بإقام���ة بـره���ان یبای���ن‬
‫ن ّ‬
‫البـراهی بأنه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫والعرفانیة‪ ،‬وهو میتاز عن غیره من‬ ‫ّ‬
‫الفلسفیة‬ ‫املعارف البشـر ّیة‬
‫ً‬ ‫لخ‬
‫الواقعي((( الذي یكون به ا ال���ق خالقا واملخلوق‬ ‫ّ‬ ‫ألف‪ :‬یكش���ف عن امل�ل�اك‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫خملوق���ا‪ ،‬وهو كون املخلوق امتداديا عددیا متجز ی���ا قابال للز یادة والنقصان‪،‬‬
‫ّ‬
‫والخ الق تعایل عىل خالف ذلك كله‪.‬‬
‫الت أقامها أصحاب الفلس���فة والعرفان عىل‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ب‪ :‬یتض���ح به بط�ل�ان البـراهی ي‬
‫إثبات واجهبم‪.‬‬
‫همّ‬ ‫ً‬ ‫لخ‬
‫ج‪ :‬إثب���ات تبای���ن ذات ا الق تعایل مع س���ائر املخلوقات‪ ،‬خالف���ا ملا تتو ه‬
‫ّ‬
‫العینية‪.‬‬ ‫مدرسة الفلسفة والعرفان من وحدة وجود الخ الق واملخلوق يف‬
‫د‪ :‬إثب���ات ح���دوث الع���امل ومجی���ع م���ا س���وی اهلل تع���ایل ووج���وده بع���د عدمه‬
‫خالفا ملا یزعمه أصحاب الفلس���فة والعرفان م���ن ّ‬ ‫ً‬
‫أزلیة وجود العامل‬ ‫يّ‬
‫احلقی�ق��‪،‬‬
‫شء‪.‬‬ ‫إیاد األشیاء ال من ي‬ ‫وامتناع ج‬

‫الت تذهب إلهيا مدارس املعرفة البش���ـر ّية إل ثبات وجود‬ ‫‪ .1‬ق���د أومأن���ا هبذا التعبير إىل بط�ل�ان الطرق ي‬
‫ّ‬
‫بي ذلك يف مبحث مالك املعلولية وغیره‪.‬‬ ‫الالق تعایل كما ّ ن‬ ‫خ‬
‫بی يف مبحث‬ ‫الالق تعایل مع معناه املحمول عىل غيره كما ّ ن‬ ‫‪ .2‬إمي���اء إىل تغاي���ر الوجود املحمول عىل خ‬
‫اص‪.‬‬ ‫الوجود العام خ‬
‫وال ّ‬
‫«الالق» هاهنا دون غيره من أمساء اهلل تبارك وتعاىل إىل أن طر يق معرفة‬ ‫‪ .3‬ق���د أومأن���ا بأخذ عنوان خ‬
‫ً‬ ‫خ‬
‫الالق تعایل ينحصـر بالدال لة عليه من جهة كونه تعاىل خالقا ملا س���واه ال غير‪ ،‬و يطلب التفصيل‬
‫من مواضع ّ‬
‫متكررة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫األدلة الت ال يثبت هبا كون خ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫علم���ا ّ‬
‫الالق جل وعال متعالي���ا عن وجود خلقه وتكون نتيجهتا‬ ‫ي‬ ‫ب���أن‬ ‫‪.4‬‬
‫ً‬ ‫خ‬
‫وحدة وجود الالق واللق وكون أحدمها ن‬ ‫خ‬
‫عي اآلخر فال يكون يف الواقع بـرهانا إل ثبات وجود اهلل‬
‫ّ‬
‫نف يف صورة اإل ثبات‪.‬‬ ‫جل وعال بل هي ي‬
‫الالق واملخل���وق _ كالوجوب‬ ‫بي خ‬ ‫‪ .5‬إش���ارة إىل أن امل�ل�ا كات ال�ت�� تعطهيا املعرفة البش���ـر ّية للف���رق ن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والش���دة والضعف يف‬ ‫واإلمكان‪ ،‬والتناهي وعد ‏م التناهي‪ ،‬والقدم واحلدوث عىل معنامها املتعارف‪،‬‬
‫واملعلولية و‪ ...‬ليس���ت بش���ـيء‪ ،‬وذلك أن بعضها موهوم من أصله‪ ،‬والبعض اآلخر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعلية‬ ‫الوجود‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مهنا حيتاج بنفسه إىل املالك أيضا‪ ،‬وقد بی مفصال يف مبحث‪ :‬مالك املعلولية واالحتياج‪.‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪7‬‬

‫إشارة‬
‫ً ً‬ ‫اللق إىل معرفة خ‬
‫ّإن ملدرس���ة الوحي اإلهلي‪ ،‬إلیصال خ‬
‫الالق تبارك وتعاىل بـرهانا ّبینا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مبتنیا عىل أصول ّ‬ ‫ً‬
‫واضحا‪ ،‬كثیر الفوائد‪ّ ،‬‬
‫وجدانیة‪ ،‬یثبت‬ ‫بدهییة‬ ‫ومقدمات‬ ‫هام النتائج‪،‬‬
‫اللل‬ ‫جلی ًا‪ ،‬و یكش���ف به الس���تر عن وجه خ‬
‫اللق ّ‬ ‫الال���ق املتعال عن وجود خ‬‫ب���ه وجود خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البش���ـري إل ثبات وجود‬ ‫ّ‬
‫والتعمق‬ ‫الت أقامهتا مدارس الفكر‬ ‫ن‬
‫الكثیر الذي وقع يف البـراهی ي‬
‫معبودهم‪.‬‬
‫ً‬
‫النبوة ومصباح الوالیة لالهتداء إىل ذلك ّأوال‪،‬‬
‫فنشیر إىل ما صدر عن مشكاة ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ونردف ذلك ّ‬
‫البدهییة وصورة البـرهان املشار إلیه ثانیا‪،‬‬ ‫باملقدمات‬
‫ً‬ ‫یتف���رع علیه بإیضاح ّ‬
‫ت���ام‪ ،‬مقارن���ا لتطبیق ذلك عىل‬ ‫ن‬
‫تبی�ی�� البـره���ان وأصول���ه وما ّ‬ ‫ّمث‬
‫ّ‬ ‫النصوص السماو ّیة والعلوم ّ‬
‫اإلهلیة إن شاء اهلل جل وعال يف مرحلة ثالثة‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫المرحلة األولى‪ :‬الهتاف من السماء إلى تعريف الخالق الحق جل وعال‬
‫ولیه ّ‬ ‫ّ ً‬
‫كا حببل والء ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫عجل اهلل فرجه‪:‬‬ ‫عز وجل ومتمس‬ ‫نقول مستعینا باهلل‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫‪8‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫<وُك ُّل َش ْـي ٍ‏ء ع ْن َد ُه بم ْقدار عال ُم ْال َغ ْي ‏ َّ َ ْ َ ُ ْ ُ َ‬


‫َ‬
‫ب َوالشهادةِ الك ِبير المت ِ‬
‫عال>‪.‬‬ ‫ِِ ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫ِ‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ألن ما س���واه من الواحد ّ‬
‫متجز ئ‪ ،‬وهو تبارك‬ ‫«واح���د ف ذاته فال واحد كواحد‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫وتعاىل واحد ال ّ‬
‫(((‬
‫یتجز ئ‪ ،‬وال يقع عليه العد»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ً مّ‬ ‫ّ ً‬
‫ألن كل‬ ‫ّ‬
‫املتجز ئ‬ ‫متجز یا أو خمتلفا‪ ،‬و إنا يخ تلف ويأتلف‬ ‫«تعاىل ّربنا أن يكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ئ ّ‬
‫(((‬
‫متوهم‪ ،‬والكثرة والقلة خملوقة دالة عىل خالق خلقها»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الواد؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ج‬


‫ّ‬ ‫متج���ز ئ وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم بالقلة‬ ‫متج���ز ئ‪ ،‬واهلل واحد أحد ال‬ ‫« ّإن ما س���وى الواحد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ئ‪ ،‬أو ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم بالقلة والكث���رة فهو خملوق دال عىل خالق‬ ‫وكل ّ‬ ‫والكث���رة‪،‬‬
‫(((‬
‫له»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّإن���ه تع���اىل لطیف‪ ،‬عظمی‪ ،‬كبیر‪ ،‬جلیل‪ّ ،‬‬
‫ولكن ذلك كله عىل خالف اللطافة والعظمة‬
‫ّ‬
‫املتجز ية‪:‬‬ ‫ّ‬
‫االمتدادية‬ ‫والاللة‬
‫والكبـر یاء ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫« ّإن ر ّ يب لطی���ف اللطاف���ة ف�ل�ا یوص���ف باللطف‪ ،‬عظ�ی�م العظمة ال یوصف‬
‫الالل���ة ال یوص���ف‬
‫بالعظ���م‪ ،‬كبی���ر الكبـر ی���اء ال یوص���ف بالكبـ���ر‪ ،‬جلی���ل ج‬
‫(((‬
‫بالغلظ»‪.‬‬

‫‪ .1‬الرعد (‪.11 _ 10 ،)13‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،67 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬االحتجاج‪406 / 2 ،‬؛ حبار األنوار‪.345 / 10 ،‬‬
‫الكاف ‪ ،116 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،154 /4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،304 / 4 ،‬التوحيد‪.308 ،‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪9‬‬

‫«بل هو الذي مل یتفاوت ف ذاته‪ ،‬ومل ّ‬


‫یتبعض بتجزئة العدد يف كماله»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫عما ینحله ّ‬ ‫«قبل ّكل غایة ّ‬
‫ومدة و إحصاء ّ‬
‫وعدة‪ ،‬تعاىل ّ‬
‫املحددون من صفات‬
‫األ قدار وهنایات األ قطار»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫امتدت به الهنایات ّ‬ ‫«لیس بذي كبـر ّ‬


‫فكبـرته جتسیما‪ ،‬وال بذي عظم تناهت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫به الغایات فعظمته جتسیدا‪ ،‬بل كبـر شأنا وعظم سلطانا»‪.‬‬
‫(((‬
‫ال ّبار أن یوصف مبقدار»‪.‬‬
‫«تعاىل امللك ج‬
‫واملتعال‬
‫ي‬ ‫بالالل بال متثیل‪...‬‬‫«احلمد هلل الالبس الكبـر یاء بال جت ّسد‪ ،‬واملرتدي ج‬
‫(((‬
‫عن الخ لق بال تباعد‪ ،‬والقر یب مهنم بال مالمسة»‪.‬‬
‫ن�ف�� الصفات عنه‪،‬‬
‫«‪ ...‬وكم���ال توحي���ده اإلخالص ل���ه‪ ،‬وكمال اإلخالص له ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لش���هادة كل صفة أنهّ ا غير املوصوف‪ .‬وش���هادة كل موصوف أنه غير الصفة‪.‬‬
‫جزأه‬ ‫هلل فق���د قرنه‪ ،‬ومن قرنه فقد ّثناه‪ ،‬ومن ّثن���اه فقد ّ‬
‫جزأه‪ ،‬ومن ّ‬ ‫مف���ن وصف ا ‏‬
‫فقد جهله»‪.‬‬‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫«جل عن أن حتله الصفات لشهادة العقول ّأن كل من حلته الصفات مصنوع‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫وشهادة العقول أنه جل جالله صانع ليس مبصنوع»‪.‬‬

‫نتعرض لالختالفات الیسیرة ن‬


‫بی املصادر‬ ‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحيد وأمال الصدوق‪ .‬ومل ّ‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫غالبا‪.‬‬
‫‪ .2‬حبار األنوار‪ ،307 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ .3‬حبار األنوار‪ ،261 / 4 ،‬هنج البالغة‪ ،‬صبحي صالح‪.269 ،‬‬
‫ّ‬
‫الطوسـي‪.220 ،‬‬ ‫أمال‬
‫‪ .4‬حبار األنوار‪ ،56 / 10 ،‬ي‬
‫ونف التشبيه‪.‬‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،266 / 4 ،‬التوحيد‪ ،33 ،‬باب التوحيد ي‬
‫‪ .6‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 7‬اإلرشاد‪ ،223 / 1 ،‬االحتجاج‪ ،200 / 1 ،‬وعنه حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬
‫‪10‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تصور فهو خبالفه»‪.‬‬


‫(((‬ ‫«ما ّ‬
‫(((‬
‫تصور يف األوهام فهو خبالفه»‪.‬‬
‫«ما ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«فاحلد لغیره مضـروب و إىل غیره منسوب»‪.‬‬
‫«وال تناله التجزءة والتبعیض»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«لیس بإله من عرف بنفسه‪ ،‬هو الدال بالدلیل علیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«دلیله آیاته‪ ،‬ووجوده إثباته»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ولتجزء كهنه»‪.‬‬ ‫«‪...‬إذا لتفاوتت ذاته‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وف حواصل‬ ‫«ألنه اهلل الذي مل یتناه يف العقول فیكون يف مهب فكرها مكیفا‪ ،‬ي‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫مصـرفا‪ ...‬ال���ذي ّملا ش�ّب�هّ ه العادلون بالخ لق‬ ‫ّ‬
‫روی���ات مهم النفوس حم���دودا‬
‫ّ‬
‫املبعض املحدود يف صفاته‪ ،‬ذي األ قطار والنواحي املختلفة يف طبقاته‪ ،‬وكان‬
‫ّ ّ‬
‫وجل املوجود بنفسه ال بأداته‪ ،‬انتىف أن یكون قدروه ّ‬
‫(((‬
‫حق قدره»‪.‬‬ ‫عز‬
‫«مفن وصف اهلل فقد قرنه‪ ،‬ومن قرنه فقد ّثناه‪ ،‬ومن ّثناه فقد ّ‬
‫جزأه»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام املجتىب؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫فیتج���ز ی‪ ،‬وال اخت�ل�اف صف���ة‬ ‫«احلم���د هلل ال���ذي مل یك���ن ل���ه‪ ...‬ش���خص‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬اإلرشاد‪ ،223 / 1 ،‬االحتجاج‪.200 / 1 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،307 /4 ،‬هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،319 /4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار ‪ .253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،254 /4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،277 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 9‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج‪.‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪11‬‬

‫فیتناهی»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫«لیس ّ‬
‫بـرب من طرح حتت البالغ أو وجد يف هواء أو غیر هواء»‪.‬‬
‫(((‬
‫یبعض»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«یوحد وال ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«وكل شء وقع علیه اسم شء فهو خملوق ما خال اهلل‪ّ ،‬‬
‫فأما ما ّ‬ ‫ّ‬
‫عبـرت األ لسن‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫عن���ه أو عمل���ت األیدي فی���ه فهو مل���وق‪ ...،‬وكل موص���وف مصنوع وصانع‬
‫مسمى‪ ،‬مل ّ‬ ‫حبد ّ‬ ‫األش���یاء غیر موصوف ّ‬
‫یتكون فتعرف كینونته بصنع غیره‪ ،‬ومل‬
‫لاّ‬
‫یتناه إىل غایة إ كان غیره‪.‬‬
‫أبدا وه���و التوحید الخ الص فاعتق���دوه ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وصدقوه‬ ‫ال ی���زل م���ن فهم هذا احلك���م‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ومن زعم أنه یعرف اهلل حبجاب أو بصورة أو مبثال‬ ‫وتفهموه بإذن اهلل‬
‫موحد‪ ،‬فكیف‬ ‫ألن احلجاب واملثال والصورة غیره‪ ،‬و مّإنا هو واحد ّ‬ ‫فهو مش���ـرك ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫یوحد من زعم أنه عرفه بغیره»‪.‬‬
‫ّ ّ ً‬ ‫باحل���واس‪ ،‬مدرك هبا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫احل���واس ممثال فهو‬ ‫حت���ده‬ ‫لكن���ا نق���ول‪ :‬كل موه���وم‬
‫ن‬ ‫ال ن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫املذمومتی‪:‬‬ ‫هت�ی��‬ ‫مل���وق‪ ،‬وال بد م���ن إثبات صانع األش���یاء خارج���ا من ج‬
‫والهة الثانیة التش���بیه بصفة‬
‫النف هو اإلبطال والعدم‪ ،‬ج‬
‫النف إذ كان ي‬
‫إحدهیما ي‬
‫املخلوق الظاهر التركیب والتألیف‪.‬‬
‫املصنوع�ی�� واالضط���رار مهنم أنهّ م‬
‫ن‬ ‫فل���م یكن ّبد م���ن إثبات الصان���ع لوجود‬

‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ .2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج‪.‬‬
‫‪ .4‬حبار األنوار‪ ،161 /4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وأن صانعهم غیرهم ولیس مثلهم»‪.‬‬


‫(((‬ ‫مصنوعون ّ‬
‫«ال ّ‬
‫ب���د م���ن الخ روج م���ن جهة التعطی���ل والتش���بیه‪ّ ،‬‬
‫ألن من نف���اه أنكره ورفع‬
‫ن‬
‫املصنوعی‬ ‫ن‬
‫املخلوق�ی��‬ ‫ّ‬
‫ربوبیت���ه وأبطله‪ ،‬ومن ش�ّب�هّ ه بغیره فق���د أثبته بصفة‬
‫ّ‬
‫یستحقون الر ّ‬
‫بوبیة‪.‬‬ ‫الذین ال‬
‫ّ‬ ‫ولكن ال ّبد من إثبات ذات بال ّ‬
‫ّ‬
‫كیفیة‪ ،‬ال یستحقها غیره‪ ،‬وال یشارك وال حیاط‬
‫هبا وال یعلمها غیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫«‪ ...‬فقال له أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬اسأل ّ‬


‫عما شئت‪ ،‬فقال‪ :‬ما الدلیل عىل حدوث‬
‫األجسام؟‬
‫ً‬
‫كبی���را إلاّ و إذا ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ضم إىل مثله صار أ كبـر‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬يإن ما وجدت ش���یئا صغیرا وال‬
‫ً‬
‫قدمیا((( ما زال وال حال‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫وف ذلك زوال وانتقال عن احلالة األوىل‪ ،‬ولو كان‬ ‫ي‬
‫الذي یزول وحیول جیوز أن یوجد ویبطل‪.‬‬
‫فیك���ون بوجوده بعد عدمه((( دخول يف احل���دث‪ ،‬يوف كونه يف األزل دخوله يف‬
‫القدم‪ ،‬ولن جتتمع صفة األزل واحلدوث‪ ،‬والقدم والعدم((( يف يشء واحد‪.‬‬
‫ن‬
‫والزمانی عىل ما ذكرت‬ ‫ن‬
‫احلالت�ی��‬ ‫فق���ال عبد الكر می‪ :‬هب���ك علمت يف جري‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،29 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪.247 ،‬‬
‫الاري علیه الزمان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي املتجزئ ج‬ ‫‪ . 3‬بخ الف الشـيء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .4‬إش���ارة إىل بداه���ة حك���م العق���ل بأن‪« :‬كل ممك���ن يكون حادث���ا»‪ ،‬خالفا ألهل الفلس���فة والعرفان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫القائلي بأن‪« :‬العامل أز ّل ف ن‬
‫ن‬
‫عي أنه يكون ممكنا ومس���تندا يف وجوده‬ ‫ي ي‬ ‫ّ‬
‫البدهيي‬ ‫املنكر ين هلذا األمر‬
‫إیل غيره»!‬
‫‪ .5‬إشارة إىل أن تقابل «احلادث» والقدمي» ال يكون من حيث تناهي وجود أحدمها من حيث الزمان‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫بقابلية الوجود والعدم والكون‬ ‫وعدم تناهي ذلك يف اآلخر‪ ،‬بل من حيث إن أحدمها يكون موصوفا‬
‫ً‬
‫قابلية النسبة إىل الوجود والعدم‪ ،‬واال ّتصاف بالزمان واملكان‬
‫متعاليا عن ّ‬ ‫يف الزمان‪ ،‬واآل خر يكون‬
‫ً‬
‫یأت مفصال‪.‬‬ ‫كما ي‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪13‬‬

‫واس���تدللت عىل حدوهثما‪ ،‬فلو بقیت األش���یاء عىل صغرها‪ ،‬من أین كان لك‬
‫ّ‬ ‫مّ‬ ‫ّ‬
‫أن تستدل عىل حدهثا؟ فقال العامل؟ع؟ ‪ :‬إنا نتكلم عىل هذا العامل املوضوع‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫شء أدل عىل احل���دوث من رفعنا ّإیاه‬ ‫فل���و رفعناه ووضعنا عامل���ا آخر‪ ،‬كان ال ي‬
‫ووضعنا غیره((( ولكن أجبتك من حیث ّقدرت أن تلزمنا ونقول‪ّ :‬إن األشیاء لو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء إىل مثله كان أ كبـر‪،‬‬
‫دام���ت عىل صغرها لكان يف الوهم أنه مىت م���ا ضم ي‬
‫وف ج���واز التغیی���ر علیه‪ ،‬خروجه من الق���دم(((‪ ،‬كما بان يف تغیی���ره دخوله يف‬
‫ي‬
‫(((‬
‫شء یا عبد الكر می»‪.‬‬
‫احلدث‪ ،‬لیس لك ورآءه ي‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬
‫شء يف السماوات واألرض إ بسبعة بقضاء وقدر و إرادة ومشیئة‬ ‫«ال یكون ي‬
‫وكت���اب وأجل و إذن‪ .‬مف���ن قال غیر هذا فقد كذب ع�ل�ى اهلل‏‪ ،‬أو ّرد عىل اهلل ّ‬
‫عز‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وجل»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫«‪ ...‬یونس بن عبد الرمحن عن يأب احلسن الرضا؟ع؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ال یكون إ‬
‫ما ش���اء اهلل وأراد وقضـى؟ فقال‪ :‬ال یكون إلاّ ما ش���اء اهلل وأراد ّ‬
‫وقدر وقضـى‪.‬‬
‫ق���ال‪ :‬قلت‪ :‬مفا معىن ش���اء؟ ق���ال‪ :‬ابتداء الفع���ل‪ .‬قلت‪ :‬مفا مع�ن�ى أراد؟ قال‪:‬‬
‫الثب���وت علیه‪ .‬قلت‪ :‬مف���ا معىن ّ‬
‫الشء م���ن طوله وعرضه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫تقدیر‬ ‫ق���ال‪:‬‬ ‫ر؟‬ ‫قد‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫قلت‪ :‬مفا معىن قضـى؟ قال‪ :‬إذا قضاه أمضاه‪ ،‬فذلك الذي ال مرد له»‪.‬‬

‫مقدمة للدال لة عىل أن العامل جيوز عليه الوجود‬‫متس َكنا بالتغيير والزوال املوجودين ف العامل‪ ،‬كان ّ‬
‫‪ّ .1‬إن ّ‬
‫ي‬
‫الالق‪ ،‬وحيث ّإنك ّ‬
‫تقر جبواز الوجود والعدم للعامل‬ ‫والعدم املستلزم حلدوثه املستلزم الحتياجه إىل خ‬
‫ف نفس الفرض‪ ،‬فنحن نأخذ بالنتيجة بال احتياج إىل تلك ّ‬
‫املقدمة‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ي‬
‫بخ‬
‫‪ .2‬وهو الذي ال يوصف به إ ما يكون الف االمتداد‪.‬‬
‫الكاف‪ ،76 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،47 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫الكاف‪.150 / 1 ،‬‬ ‫الصال‪359 / 2 ،‬؛ حبار األنوار‪88 / 5 ،‬؛‬ ‫‪ .4‬خ‬
‫ي‬
‫‪ . 5‬املحاسن‪ ،244 / 1 ،‬حبار األنوار‪.122 / 5 ،‬‬
‫‪14‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معروف بنفسه مصنوع»‪.‬‬
‫«خلقة اهلل الخ ل���ق حجاب بینه وبیهنم‪ ،‬ومباینته ّإیاه���م مفارقته ّ‬
‫أینیهتم‪...‬‬
‫وأدوه���م ّإیاهم دلیل ع�ل�ى أن ال أداة فیه‪ ،‬لش���هادة األدوات بفاق���ة ّ‬
‫املادین‪...‬‬
‫وبی خلقه‪ ،‬وغیوره حتدید ملا سواه»‪.‬‬
‫(((‬ ‫وكهنه تفر یق بینه ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ف���كل ما يف الخ لق ال یوجد يف خالق���ه‪ ،‬وكل ما میكن فیه میتنع يف صانعه‪...‬‬
‫(((‬
‫إذا لتفاوتت أجزاؤه»‪.‬‬
‫نف‬ ‫ّ‬
‫«أول عب���ادة اهلل معرفت���ه‪ ،‬وأص���ل معرفة اهلل توحی���ده‪ ،‬ونظام توحی���د اهلل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصف���ات عنه‪ ،‬لش���هادة العقول ّأن كل صفة وموصوف خملوق وش���هادة كل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫موصوف ّأن له خالقا لیس بصفة وال موصوف‪ ،‬وش���هادة كل صفة وموصوف‬
‫باال قتران‪ ،‬وش���هادة اال قت���ران باحلدث‪ ،‬وش���هادة احلدث باالمتن���اع من األزل‬
‫املمتنع من احلدث‪.‬‬
‫وحد من ا كتهنه‪ ،‬وال حقیقته‬‫فلیس اهلل عرف من عرف بالتشبیه ذاته‪ ،‬وال ّإیاه ّ‬
‫ّ‬
‫مثله‪ ،‬وال به ّ‬
‫صدق من ّهناه‪ ،‬وال صمد صمده من أش���ار إلیه‪ ،‬وال‬ ‫أص���اب م���ن‬
‫همّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ّإیاه عىن من شبهّ ه وال له تذلل من ّبعضه‪ ،‬وال ّإیاه أراد من تو ه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«بصنع اهلل یستدل علیه»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،288 /4 ،‬عن االحتجاج‪ ،‬التوحيد‪.35 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،230 /4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 4‬عي���ون أخب���ار الرض���ا‪ ،150 / 1 ،‬خطب���ة الرضا؟ع؟ يف التوحي���د‪ ،‬وكتاب التوحي���د‪ ،‬الصدوق‪،35 ،‬‬
‫وعهنما حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬و‪ 43 / 54‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ 228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪15‬‬

‫«وفهیا أثبت غیره ومهنا أنیط الدلیل»‪.‬‬


‫(((‬

‫«قال [الزندیق] ّ‬
‫فحده [أي صفه] يل‪ ،‬قال [اإلمام الرضا؟ع؟]‪:‬‬
‫ألن ّكل حمدود متناه إىل ّ‬ ‫ّ‬
‫«إنه ال ّ‬
‫حید [أي ال یوصف]‪ .‬قال‪َ :‬مل؟ قال‪ّ :‬‬
‫حد‪ ،‬فإذا‬
‫احتم���ل التحدید احتم���ل الز یادة‪ ،‬و إذا احتمل الز ی���ادة احتمل النقصان‪ ،‬فهو‬
‫متجز ئ‪ ،‬وال ّ‬‫غیر حمدود‪ ،‬وال متزائد‪ ،‬وال ّ‬
‫(((‬
‫متوهم»‪.‬‬
‫الثان؟ع؟ ‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر ي‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫«جل ّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫وعز عن أداة خلقه ومسات بـر ّیته وتعاىل عن ذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السماویة هو‪:‬‬ ‫إن المستفاد من هذه النصوص‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫متجز یا قابال لفرض الز یادة‬ ‫امتداديا‬ ‫‪ .1‬كل ما س���وی اهلل تبارك وتعاىل یكون خملوق���ا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫علی���ه والنقص���ان منه‪ ،‬واهلل جل جالله یخ الف خلقه يف كل ذلك‪ ،‬فهو خالق متعال عن‬
‫ّ‬
‫واالمتدادي هو كون‬ ‫ّ‬
‫واملقداري واالمت���داد‬ ‫االمت���داد واألج���زاء والعدد‪ .‬واملراد من املق���دار‬
‫ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫معینا‪ ،‬أو غیر حمدود وغیر متناه‪.‬‬ ‫متجز یا‪ ،‬سواء فرض حمدودا ومقدارا وامتدادا‬ ‫الشء‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬كل م���ا س���وى اهلل تعاىل قاب���ل للتعر یف والتوصیف والتحدی���د‪ ،‬وهو جل وعال ال‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫العقلیة علیه من وجود‬ ‫یوصف وال یعرف بذاته أبدا‪ ،‬وال سبیل للعلم بوجوده إ بالدال لة‬
‫خلقه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوجودیة باشتمال كل زمان ومكان‬ ‫‪ .3‬ال یكون كبـر اهلل تعاىل وعظمته مبعىن سعته‬
‫ّ‬
‫شء من األش���یاء‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬ال یكون من حیث كون ذاته تعاىل غیر متناهیة‬
‫ي‬ ‫وكل‬
‫ً ّ‬
‫شء‪.‬‬ ‫وكون وجوده حمیطا بكل ي‬
‫ب�ی�� اهلل خ‬
‫(الالق) وما س���واه (املخلوق) عىل‬ ‫‪ .4‬ال یعق���ل ف���رض وج���ود شء ثالث ن‬
‫ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .2‬حبار األنوار‪ ،15 / 3 ،‬عن علل الشرائع‪.‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،154 /4 ،‬عن‬
‫‪16‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الت ّبی ّناها هلما‪.‬‬


‫أساس مالك الصفات ي‬
‫‪ّ .5‬كل م���ا ّ‬
‫یتصو ر من الصف���ات واألحوال فهو ملكة للمقادی���ر واالمتدادات واألجزاء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قابلیة اال ّتصاف هبا شأنا وموضوعا‪.‬‬
‫واهلل تعاىل خارج عن ّ‬

‫وأم���ا البحث والفحص‬ ‫‪ّ .6‬إن كم���ال معرف���ة اهلل تع���اىل هو التصدیق بوج���وده ّ‬
‫فقط‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫حصولیا أو حضور ّیا أو‪ _ ...‬فهو تش���بیه‬ ‫جل وعال _ عىل ّ‬
‫أي حنو كان‪،‬‬ ‫ع���ن معرف���ة ذاته‬
‫وضاللة وتضلیل‪.‬‬
‫شء بخ الف األش���یاء _ فقد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫‪ .7‬من أنكر وجود الالق تعایل عىل ما عرفناه _ من أنه ي‬
‫اللق بال خالق یخ الفه‪.‬‬
‫أنكر بداهة ما حیكم به عقله من امتناع وجود خ‬

‫وبی خلقه‪ ،‬أو عىل‬ ‫‪ .8‬من أثبت وجود اهلل تعاىل عىل جهة التش���بیه واملسانخ ة بینه ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعینیة بیهنما فهو ضال عن املعرفة احلقة ضالال بعیدا‪.‬‬ ‫جهة الوحدة‬
‫ّ‬
‫وهناك مطالب أخری نذكرها يف حملها إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬
‫البـرهانیة السماو ّیة يف‬
‫ّ‬ ‫ولكن املعرفة البشـر ّیة (الفلسفة والعرفان) تخ الف العلوم‬
‫هذا‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل النقاط املذكورة كما سنتعرض إىل تفصیل ذلك بعون اهلل جل جالله‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬أصول البـرهان ّ‬
‫ومقدماته‬
‫األصل ّ‬
‫األول‪:‬‬
‫ّكل م���ا میكن أن یوجد میك���ن أن یوجد مثله _ و إلاّ مل میكن أن یوجد الفرد ّ‬
‫األول منه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ف���إن حك���م األمثال واحد _ كم���ا ّأن ذلك یكون قاب�ل�ا لالنعدام أیض���ا‪ ،‬وحیث ّإن قبول‬
‫ّ‬
‫الشء للز یادة والنقصان‪ ،‬وقبول‬ ‫ّ‬
‫التك���رر واالنعدام يف الوجود هو عب���ارة أخری عن قبول ي‬
‫ً‬
‫ّ (((‬
‫ًّ‬ ‫ال�ش��ء للز یادة والنقصان ّ‬
‫امتداديا متجز یا‬ ‫ال�ش��ء املتزائد واملتناقص‬
‫ي‬ ‫متفرع عىل كون‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫التحدث عن أسطورة ّ‬
‫املتومهي حوهلا يف حمله إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬ ‫املجردات وأوهام‬ ‫يأت‬
‫‪ .1‬و ي‬
‫املتصل واملنفصل من حيث الذات وحقيقة الشـيء القابل ّ‬
‫لالتصاف‬ ‫الكم ّ‬ ‫وليعلم ّأنه ال فرق ن‬
‫بي ّ‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪17‬‬

‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫متجز یا((( حمدودا‪.‬‬ ‫امتداديا‬ ‫حمدودا((( فكل ما میكن أن یوجد یكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أي خالق وموجد _‬‫علة _ ّ‬ ‫الثان‪ّ :‬إن كل ما میكن أن یوجد فال ّبد لوجوده من‬
‫األصل ي‬
‫ً‬
‫شء میكن أن یوجد بنفسه أبدا‪.‬‬ ‫فال ي‬
‫املعینة فال میكهنا أن تضیف إىل‬ ‫ّ‬
‫االمتدادية‪ ،‬حم���دودة حبدود أجزاهئا ّ‬ ‫تبصـ���رة‪ :‬احلقیقة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫نفسها شیئا وأن تكون موجدة ملثلها أبدا‪.‬‬

‫املتصل كما‬‫الكم ّ‬
‫خاص ف نفس موضوع ّ‬ ‫الكم املنفصل) هو اعتبار ّ‬ ‫فإن العدد (وهو ّ‬ ‫هبما وماهيته‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫بي ذلك يف مبحث معرفة حقيقة التوحيد‪.‬‬ ‫ّن‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫تصور موضوعه إ يف بعدي الزمان واملكان‪ ،‬وعليه فكل ما‬ ‫البدهي���ي أن االمتداد ال ميكن ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬و ّإن م���ن‬
‫ًّ‬ ‫ً ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬
‫ميكن أن يوجد ال ّبد وأن يكون امتداديا متجز يا حمدودا زمانيا مكانيا‪.‬‬
‫متجز ية وغير قابلة لالنقسام فباطل‪ ،‬وذلك ّأنا‬ ‫‪ .2‬وأما قول القائل بإمكان تعدد موجودات جم ّردة غير ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫إذا فرضنا جم ّردات عشـرة مثال فهي ّإما أن يكون كل واحد مهنا حميطا مبا دوهنا من حيث الوجود‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يكون لكل مهنا وجود مستقل عن غيرها وعیل كال التقدير ين فال ر يب يف كون التسعة مهنا جزءا‬
‫ً‬ ‫من عش���ـرهتا‪ ،‬وكذلك الثمانية والس���بعة خ‬
‫والمسة و‪ ...‬مهنا تكون أجزاء من العشـرة أيضا‪ ،‬وحينئذ‬
‫ّ‬ ‫فإن مل يكن ن‬
‫بي األجزاء املفروضة من الكل فرق لزم تس���اوي األجزاء املتفاوتة‪ ،‬و إن كان بيهنا فرق‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بكون الفرد العال مش���تمال عىل ما يكون الس���افل فاقدا له‪ّ ،‬‬
‫فإنه ال یعین من كون الشـيء متجز يا‬ ‫ي‬ ‫ًّ‬
‫امتداديا شـيء غير ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫مضافا إىل ّأن القول باس���تحالة تقس�ي�م أفراد املثال املذكور إىل أ كثر من أجزاء عش���ـرة مستلزم للقول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتجزئ الباطل يف نفس���ه‪ ،‬أضف إىل ذل���ك كله ّأن صحة ف���رض التقارن‬ ‫ال���زء ال���ذي ال‬
‫بوج���ود ج‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫متفرعا عىل كوهنما متجز ّي ن‬‫ش���يئي يكون ّ‬ ‫ن‬ ‫ثنيني���ة ن‬
‫واال ّ‬
‫املؤمني؟ع؟‪« :‬ومن قرنه‬ ‫ي كما ق���ال أمير‬ ‫بي‬
‫جزأه فقد جهله»‪( .‬حبار األن���وار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة‬ ‫جزأه‪ ،‬ومن ّ‬‫فق���د ّثن���اه‪ ،‬ومن ّثن���اه فقد ّ‬
‫واالحتجاج)‪.‬‬
‫ّ‬
‫املكانية‪ ،‬وأما‬ ‫ّ‬
‫االمتدادية‬ ‫ه���ذا ّكله من ناحية امتناع وجود األش���ياء املتع���ددة ّ‬
‫املجردة عن األج���زاء‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعدد والتكثر عن الزم���ان فبطالنه أوضح من أن يخىف‪،‬‬ ‫بتج���رد ما جيوز له الوج���ود والعدم‬ ‫الق���ول‬
‫ّ‬
‫البدهيي ّأن ج‬
‫إي���اد املوجود حمال‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وذل���ك ّأن كل م���ا ميكن وج���وده يكون وجوده ج‬
‫بإياد غي���ره‪ ،‬ومن‬
‫ً‬
‫وأن ّكل م���ا كان لوج���وده ابتداء فهو حادث جيري عليه الزم���ان‪ .‬مضافا إىل أن نفس ّ‬ ‫ّ‬
‫تصو ر التالزم‬
‫ش���يئي يوجب ّاتصافهما بالزمان‪ ،‬وهو جي ّر صاحبه إىل اال لتزام بكون خالق الزمان‬ ‫ن‬ ‫واملصاحبة ن‬
‫بي‬
‫ًّ‬
‫زمانيا وهو كان ير يد إثبات خملوق جم ّرد عن الزمان!‬
‫‪18‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫األص���ل الثال���ث‪ّ :‬إن كل ما یك���ون موجودا وكل ما میكن أن یز ی���د علیه یكون حمدودا‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫(((‬
‫متناهیا دامئا الستحالة وجود الال متناهي يف األجزاء واالمتداد والعدد مطلقا‪.‬‬

‫تقرير البـرهان‬
‫امتدادي ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫متجزئ حمدود‬ ‫كل ما یكون موجودا وكل ما میكن أن نفرضه زائدا علیه‪ ،‬فهو‬
‫حت من جهة زمان وجوده‪ ،‬وهذا نفس معىن حدوثه) وذلك ّإما‬ ‫من ّكل الهات‪( ،‬أي ىّ‬
‫ج‬
‫ّ‬
‫أن یك���ون حتققه بنفس���ه أو بغیره‪ ،‬وذلك الشء الذى یك���ون غیره ّ‬
‫فإما أن یكون مثله أو‬ ‫ي‬
‫بخ الفه _ أي بخ الف االمتداد والعدد‪.‬‬
‫ال�ش��ء القابل للز یادة والنقصان يف الوجود _ وهو مجیع العامل الذي یلزمه‬
‫ي‬ ‫أو فق���ل‪ّ :‬إن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فإما یز ید و ینقص بنفسه‪ ،‬أو مبثله‪ ،‬أو مبا یكون بخ الفه‪،‬‬
‫ومكانا) ّ‬ ‫التناهي مطلقا (أي زمانا‬
‫ی _ ال املجاز ن‬
‫یی كالسمن واهلزال _ مها الوجود والعدم ال غیر‪.‬‬ ‫احلقیقی ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن الز یادة والنقصان‬
‫ً‬ ‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫والثان أیضا باطل لألصل الثالث((( فالثالث‬
‫ي‬ ‫الثان؛‬
‫واألول باطل مبا بیناه يف األصل ي‬
‫ّ ن (((‬
‫هو املتعی‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ومتعالیا عن ّ‬
‫قابلیة‬ ‫الالق تبارك وتعاىل ش���یئا بخ الف األشیاء كلها‪،‬‬
‫فبالنتیجة یكون خ‬

‫اال ّتص���اف باالمتداد واألجزاء والعدد‪ ،‬والزم���ان واملكان‪ ،‬والتناهي وعدم التناهي‪ ،‬والصغر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتغیر‪ ،‬والبس���اطة والترك���ب‪ ،‬والوجدان والفقدان‪،‬‬ ‫والكبـر‪ ،‬والش���كل والش���بح‪ ،‬والثبات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واإلط�ل�اق والتقیی���د‪ ،‬والظه���ور خ‬
‫والش���دة‬ ‫والتعدد‪،‬‬ ‫والفاء‪ ،‬والش���هود والبط���ون‪ ،‬والتكثر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الك���م ّمتصال أم منفصال‪ ،‬بل المتناع وجود الالمتناهي‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬أي فردا وأفرادا‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬س���واء كان‬
‫ّن ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫مكررا‪.‬‬ ‫امتداديا كان الشـيء أو متعاليا عن االمتداد) كما بی‬ ‫مطلقا‪( .‬أي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫امتدادي هناك‬ ‫‪ .2‬وذلك ملا ّبيناه من ّأن كل ما ميكن أن يوجد فهو حمدود متناه فردا وأفرادا‪ ،‬فال شـيء‬
‫العلي���ة خ‬
‫وال ّ‬ ‫خارجا عن العامل املحدود املتناهي حیت ميكن اس���تناد ّ‬ ‫ً‬
‫القية إليه‪.‬‬ ‫ميك���ن ف���رض وجوده‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مضافا إىل ّأن احلقيقة االمتدادية ال ميكهنا أن تكون خالقة لغيرها أبدا كما تقدم‪.‬‬
‫وت ّ���رده باطل بالبداه���ة والدليل‪ ّ .‬ن‬
‫وبی‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬وعلي���ه‪ ،‬فادع���اء أصحاب الفلس���فة بإم���كان قدم املمكن ج‬
‫ّ‬
‫املعلولية‪.‬‬ ‫تفصيل ذلك يف مبحث مالك‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪19‬‬

‫والضعف‪ ،‬والنزول والصعود‪ّ ،‬‬


‫والقوة والفعل‪ ،‬والوحدة والكثرة‪ ،‬والوالدة والصدور‪ ،‬و‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعان كله���ا تكون من ملكات األ ق���دار واألش���یاء ذوات األجزاء‪ ،‬فخالق‬
‫ي‬ ‫ف���إن ه���ذه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املقادیر املخالف هلا بالذات یكون خارجا عن إمكان اال ّتصاف هبا موضوعا‪.‬‬
‫بـرهان آخر‬
‫ّإنه میكن إقامة البـرهان حبذف ّ‬
‫املقدمة الثالثة (أي استحالة الالمتناهي) بأن یقال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّإن تخ صی���ص وجود العامل ّ‬
‫بمكه وكیف���ه اللذین ّ‬
‫خص هبما یكون بغیره‪ ،‬وكل ما یكون‬
‫ًّ‬
‫أزلیا‪.‬‬ ‫بالغیر فهو حادث‪ ،‬فالعامل حادث و میتنع أن یكون‬
‫معی ن‬
‫نی‪،‬‬ ‫االمتدادی���ة ال تكون موجودة إلاّ ف ّ‬
‫ك���م وكیف ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبعب���ارة أخ���ری‪ّ :‬إن احلقیقة‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫معی ن‬
‫الس���تحالة خروج االمتداد ع���ن ّكم وكیف ّ‬
‫نی؛ _ وذلك كما ّأن الش���مس مثال تكون‬
‫ح���ارة عىل ع���دد ّ ن‬
‫مع�ّی�‪ ،‬وكان میكهنا أن تكون ع�ل�ى غیر ذلك الع���دد والصفات‬ ‫كرو ّی���ة ّ‬
‫الكم والكیف ال یكون باقتضاء ذاهتا‪،‬‬ ‫والكیفی���ات بالنظر إىل ذاهتا _ وتخ ّصصها بذین���ك ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫و إلاّ امتن���ع ّ‬
‫حتوهل���ا ّ‬
‫عم���ا هي علی���ه؛ وكل ما ال یكون بال���ذات فهو بغی���ره؛ وكل ما یكون‬
‫إیاد املوجود‪ ،‬ولبداهة امتناع التأثیر يف‬ ‫بغیره فهو حادث وذو بدء يف الوجود‪ ،‬الستحالة ج‬
‫األز ّيل القدمی‪ ،‬بل امتناع كون الزمان بنفسه غیرمتناه‪.‬‬
‫شك‬‫االمتدادیة لو فرضناها حادثة وموجودة بعد أن مل تكن فال ّ‬ ‫ّ‬ ‫إن قیل‪ّ :‬‬
‫«إن احلقیقة‬
‫الالق»‪.‬‬ ‫الالق‪ ،‬و ّإما إن فرضناها موجودة أزالً فال حتتاج إىل وجود خ‬‫ف دال لهتا عىل وجود خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االمتدادیة حم���ال بنفس هذا‬ ‫قلن���ا‪ّ :‬إن ف���رض عدم التناه���ي ّ‬
‫وأزلیة الوج���ود للحقیقة‬
‫ّ‬
‫بمكه وكیف���ه اللذین ّ‬ ‫تخ‬
‫خص هبما‬ ‫البـره���ان((( وذلك مل���ا قلنا من ّأن صیص وج���ود العامل‬
‫ّ (((‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫یكون بغیره‪ ،‬وكل ما یكون بالغیر فهو حادث فالعامل حادث و میتنع أن یكون أزلیا‪.‬‬

‫األول حيث ّإنه ال حنتاج في���ه إیل ّ‬


‫املقدمة الثالثة أي‬ ‫بي هذا البـرهان والبـره���ان ّ‬
‫‪ .1‬وه���ذا ه���و الف���ارق ن‬
‫ً‬
‫استحالة الالمتناهي بل يكون ذلك ثابتا هاهنا بنفس البـرهان‪.‬‬
‫‪ .2‬وم���ن هن���ا يعل���م ّأن «صفة ِالق َدم» هو كون الش���ـيء عىل خالف االمتداد والع���دد واألجزاء والزمان‬
‫‪20‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫قس���می‪:‬‬ ‫الثان‪ّ :‬إن ما بأیدینا من االنفعاالت تكون عیل‬‫ونقول يف توضیح الدلیل ي‬
‫ش���ك يف ّأنه یكش���ف عن وج���ود فاعله وخالقه‬ ‫أحدمه���ا‪ :‬هو فعل الفاعل املختار وال ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الق���ادر ع�ل�ی الفعل والترك الذي ال ّبد وأن یكون هو ش���یئا بخ الف األش���یاء ومتعالیا عن‬
‫ال ّ‬‫وماهیاهتا وأعیاهنا خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ارجیة دون جم ّرد‬ ‫االمتداد واألجزاء إذ كان موجدا لذوات األش���یاء‬
‫التغییر فهیا وحتو یلها عن صورة إیل أخری كما ّبی ّناه‪.‬‬
‫ثانهیم���ا‪ :‬ه���و ما نری من انفعاالت األش���یاء غیر القس���م ّ‬
‫األول _ وذل���ك كإحراق النار‬
‫شك يف ّأن هذا القسم حیث ال یكون باقتضاء ذوات‬ ‫و إش���ـراق الش���مس وأمثاهلما _ وال ّ‬
‫األش���یاء و إلاّ مل میكن س���لبه عن األش���یاء وف���رض كوهنا عیل ّ‬
‫كیفیة أخ���ری _ فال ّبد وأن‬
‫یستند إیل فعل الفاعل املختار‪.‬‬
‫قال اهلل تعایل‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ك فاطر َّ‬ ‫َ ٌّ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ماوات‏ َوالأ ْرض‏؟!>‬
‫الس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‏‬ ‫ش‬ ‫‏‬
‫هلل‬ ‫ا‬ ‫ي‬
‫‏‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫<أ‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫«‪ ...‬أمصن���وع أن���ت أم غیر مصن���وع؟ فقال عبد الكر می اب���ن يأب العوجاء‪ :‬بل‬
‫ً‬
‫أن���ا غیر مصنوع‪ ،‬فقال له العامل؟ع؟ ‪ :‬فصف يل لو كنت مصنوعا كیف كنت‬
‫جوابا وولع خبش���بة كانت ن‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫بی یدیه وهو‬ ‫ملیا ال حییر‬ ‫فبق عبد الكر می‬
‫تكون؟ ي‬
‫ّ‬ ‫یقول‪ :‬طویل‪ ،‬عر یض‪ ،‬عمیق‪ ،‬قصیر‪ّ ،‬‬
‫متحرك‪ ،‬سا كن‪ ،‬كل ذلك صفة خلقه‪.‬‬
‫ً‬
‫واملكان‪ ،‬ال كونه موجودا يف زمن غير متناه‪.‬‬
‫فيك���ون تقاب���ل احلادث والق���دمي من حيث تخ الفهم���ا وتبايهنما يف س���نخ ال���ذات واحلقيقة‪ ،‬وكون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬
‫متجز يا واآلخر متعالي���ا عن االمتداد واألجزاء‪ ،‬ال ك���ون أحدمها موجودا يف زمن‬ ‫امتدادي���ا‬ ‫أحدمه���ا‬
‫متناه واآلخر يف زمن غير متناه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ . 1‬وت���ری ّأن���ه تع���ایل يرش���دك إیل أن كون الس���ماوات واألرض مفطورا ومنفعال بفطر فاط���ر يكون أمرا‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫خالفا ملن ّ‬ ‫مفروغا عنه‪ ،‬فهو استدال ل ّ‬ ‫ً‬
‫يتوهم أن اآلية تدل عیل كون اإل قرار بوجود اهلل تعایل‬ ‫عقل‬
‫ي‬
‫غير ّ‬
‫عقل‪.‬‬‫ي‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪21‬‬

‫فق���ال له العامل؟ع؟ ‪ :‬فإن كن���ت مل تعلم صفة الصنعة غیرها فاجعل نفس���ك‬
‫ً‬
‫(((‬
‫مصنوعا‪ ،‬ملا جتد يف نفسك ّمما حیدث من هذه األمور»‪.‬‬
‫حجة عىل من یعلم‬ ‫«‪ ...‬فق���ال أب���و عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬أیهّ ا الرجل لیس ملن ال یعلم ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عن فإنا ال نش���ك يف اهلل أبدا‪.‬أ ما‬ ‫ف�ل�ا حجة للجاه���ل‪ .‬یا أخا أهل مصـر تفهم ي‬
‫لاّ‬
‫ترى الشمس والقمر واللیل والهنار جیر یان لیس هلما مكان إ مكاهنما‪ ،‬فإن‬
‫مضطر ین َ‬ ‫َ‬
‫فلم‬ ‫ّ‬ ‫كانا یقدران عىل أن یذهبا وال یرجعا ف َلم یرجعان؟ و إن مل یكونا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اضطرا واهلل یا أخ���ا أهل مصـر إىل دوامهما‪،‬‬ ‫ال یصی���ر اللیل هنارا والهنار لیال ؟‬
‫اضطرمها أحكم مهنما وأ كبـر مهنما‪ ،‬قال الزندیق صدقت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والذي‬
‫ّمث ق���ال أبو عبد اهلل؟ع؟ یا أخا أهل مصـر الذي تذهب���ون إلیه ّ‬
‫وتظنونه بالوهم‬
‫یردهم و إن كان ّ‬
‫فإن كان الدهر یذهب هبم َمل ال ّ‬
‫یردهم َمل ال یذهب هبم؟‬
‫مضطر ون یا أخا أهل مصـر‪ .‬الس���ماء مرفوع���ة واألرض موضوعة‪َ ،‬مل ال‬
‫ّ‬ ‫الق���وم‬
‫ومل ال تنحدر األرض فوق طباقها فال یتماسكان‬ ‫تسقط السماء عىل األرض؟ َ‬
‫وال یتماسك من علهیما؟ فقال الزندیق‪ :‬أمسكهما واهلل ر بهّ ما ّ‬
‫وسیدمها»‪.‬‬
‫(((‬

‫«فآم���ن الزندیق عىل یدي أب عبد اهلل؟ع؟ ‪ .‬فقال له محران بن ن‬


‫أعی‪ :‬جعلت‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فداك إن آمنت الزنادقة عىل یدیك فقد آمنت الكفار عىل یدي أبیك‪.‬‬
‫اجعلن من تالمذتك‪ .‬فقال‬‫ي‬ ‫فقال املؤمن الذي آمن عىل یدي يأب عبد اهلل؟ع؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أبو عبد اهلل؟ع؟ هلشام بن احلكم‪ :‬خذه إلیك فعلمه‪ .‬فعلمه هشام‪ ،‬فكان معلم‬
‫رض هبا أبو عبد اهلل؟ع؟ »‪.‬‬ ‫ىّ‬
‫أهل مصـر وأهل الش���ام‪ ،‬وحسنت طهارته حت ي‬
‫(((‬

‫الكاف‪ ،76 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،46 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬ينبغ���ي التأمل ج���دا ف أنه كيف مل يفحض األمام؟ع؟ عن موارد االس���تثناء ف عامل خ‬
‫اللق إل ثبات‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتخصص‬ ‫وج���ود البارئ تعایل‪ ،‬بل ألفت املخاطب إیل ّأن كل ما جنده يكون من موارد االنفعال‬
‫ّ‬
‫واالستثناء يف الوجود الدال عیل وجود البارئ احلاكم احلكمي القادر املختار‪.‬‬
‫الكاف‪74 / 1 ،‬؛ حباراألنوار‪ ،51 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪22‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«‪ ...‬ویلك وكیف احتجب عنك من أراك قدرته يف نفس���ك‪ ،‬نش���أك ومل تكن‪،‬‬
‫وقوتك بعد ضعفك‪ ،‬وضعفك بعد ّقوتك‪ ،‬وس���قمك بعد‬ ‫وكبـ���رك بعد صغرك‪ّ ،‬‬
‫وصحتك بعد سقمك‪ ،‬ورضاك بعد غضبك‪ ،‬وغضبك بعد رضاك‪،‬‬ ‫صحتك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وحزن���ك بعد فرح���ك‪ ،‬وفرحك بعد حزنك‪ّ ،‬‬
‫وحبك بع���د بغضك‪ ،‬وبغضك بعد‬
‫ّ‬
‫حب���ك‪ ،‬وعزم���ك بع���د إبائك‪ ،‬و إب���اءك بعد عزمك‪ ،‬وش���هوتك بع���د كراهتك‪،‬‬
‫وكراهتك بعد ش���هوتك‪ ،‬ورغبتك بعد رهبت���ك‪ ،‬ورهبتك بعد رغبتك‪ ،‬ورجاءك‬
‫بعد یأس���ك‪ ،‬ویأس���ك بعد رجائك‪ ،‬وخاطرك مبا مل یكن يف ومهك‪ ،‬وعزوب ما‬
‫أن���ت معتق���ده عن ذهن���ك‪ ،‬وما زال ّ‬
‫یع���د ّ‬
‫الت‬‫�س�� ي‬
‫الت هي يف نف ي‬ ‫عل قدرت���ه ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ىّ‬
‫(((‬
‫بین وبینه»‪.‬‬
‫ال أدفعها حت ظننت أنه سیظهر فیما ي‬
‫الاثلیق املدینة مع‬‫الفارس يف حدیث طویل یذكر فیه قدوم ج‬ ‫ّ‬ ‫«‪ ...‬عن سلمان‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی‬ ‫مائة من النصار ى وما س���أل عنه أبا بكر فلم جیبه ّمث أرش���د إىل أمیر‬
‫ّ‬
‫عل بن يأب طالب؟امهع؟ فس���أله عن‏ مس���ائل فأجابه عهنا‪ ،‬وكان يف ما س���أله‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫أن ق���ال له‪ :‬أخبـر ن عرف���ت اهلل ّ‬
‫مبحمد أم عرفت حممدا ب���اهلل عز وجل؟ فقال‬ ‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫عل ب���ن أب طالب؟امهع؟‪ :‬ما عرفت اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫مبحمد؟ص؟ ولك���ن عرفت حممدا باهلل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫حی خلقه وأح���دث فیه احلدود من طول وع���رض فعرفت أنه ّ‬ ‫ّ‬
‫ع���ز وجل ن‬ ‫ّ‬
‫مدبـر‬
‫وعرفهم نفسه‬ ‫مصنوع باستدال ل و إهلام منه و إرادة كما أهلم املال ئكة طاعته ّ‬
‫بال شبه وال كیف»‪.‬‬
‫(((‬

‫فن نفسه‪ ،‬قیل‪ :‬وكیف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬


‫«س���ئل أمیر املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬مب عرفت ربك؟ قال‪ :‬مبا عر ي‬
‫ّ‬ ‫ٌ‬
‫صورة وال ّ‬ ‫ّ‬
‫باحل���واس‪ ،‬وال یقاس بالناس‪،‬‬ ‫حیس‬ ‫عرفك نفس���ه؟ قال‪ :‬ال یش�ب�هه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء فوقه‪ ،‬أمام كل‬
‫ي‬ ‫یق���ال‬ ‫وال‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫قر ی���ب يف بع���ده‪ ،‬بعید يف قرب���ه‪ ،‬فوق‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.127 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.286 ،‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪23‬‬

‫شء‪ ،‬وخارج من‬


‫كشء داخل يف ي‬
‫شء وال یقال له أمام‪ ،‬داخل يف األش���یاء ال ي‬
‫ي‬
‫(((‬
‫شء‪ ،‬سبحان من هو هكذا وال هكذا غیره»‪.‬‬
‫كشء خارج من ي‬
‫األشیاء ال ي‬
‫ًّ‬
‫فطريا؟!‬ ‫تبصرة‪ :‬ما هو معنی كون التوحيد‬

‫وقال الشیخ الصدوق؟حر؟‪:‬‬


‫مصنف هذا الكت���اب القول الصواب في هذا الباب ه ��و أن یقال‪ :‬عرفنا اهلل‬ ‫«ق���ال ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل بأنبیائه ورسله‬ ‫عز وجل واهبها و إن عرفناه‬ ‫باهلل ألنا إن عرفناه بعقولنا فهو‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وج���ل باعثه ��م ومرس ��لهم ّ‬ ‫وحجج���ه؟مهع؟ فهو ّ‬
‫ومتخذهم حجج ��ا و إن عرفناه‬ ‫عز‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل محدثها فبه عرفناه‪.‬‬ ‫بأنفسنا فهو‬
‫وق���دق���الالص���ادق؟ع؟‪‘‘:‬ل���وال اهللم ��اعرفن ��اه‪،‬ول ��وال نح ��نم ��اع ��رفاهلل’’‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومعناه‪ :‬لو ال الحجج ما عرف اهلل حق معرفته‪ ،‬ولو ال اهلل ما عرف الحجج‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد س���معت بعض أهل الكالم یقول‪ :‬لو ّأن رج�ل�ا ولد في فالة من األرض ولم یر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أحدا یهدیه ویرش���ده ّ‬
‫حتى كبـر وعقل ونظر إلى السماء واألرض لدله ذلك على ّأن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لهم���ا صانعا ومحدثا‪ .‬فقلت‪ّ :‬إن هذا ش ��يء لم یكن وهو إخب ��ار بما لم یكن أن لو‬
‫ن ذلك الرجل إلاّ ّ‬
‫حجة اهلل تعالى‬ ‫كان كیف كان یكون‪ ،‬ولو كان ذلك لكان ال یكو ‏‬
‫ذكره على نفس���ه كما في األنبیاء؟مهع؟ منهم من بعث إلى نفس ��ه‪ ،‬ومنهم من بعث‬
‫ّ‬
‫إلى أهله وولده‪ ،‬ومنهم من بعث إلى أهل محلته‪ ،‬ومنهم من بعث إلى أهل بلده‪،‬‬
‫ومنهم من بعث إلى الناس كافة‪.‬‬
‫وأما استدالل إبـراهیم الخلیل؟ع؟ بنظره إلى الزهرة‪ّ ،‬ثم إلى القمر‪ّ ،‬ثم إلى الشمس‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََ َ ْ َ َ ّ‬
‫وقول���ه‪< :‬فل َّم���ا أفلت قال یا ق ْو ِم ِإنِي بـري ٌ‏ء ِم َّما تش���‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ـرك َ‬
‫نبیا ملهما‬ ‫ون> فإن ��ه؟ع؟ كان‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عز وجل‬ ‫مبعوث���ا مرس�ل�ا وكان جمی���ع قول���ه بإلهام اهلل ع � ّ�ز وجل ّإی ��اه وذلك قول ��ه‬

‫ً‬
‫الكاف‪.85 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،340 / 1 ،‬نقال عن‬
‫‪ .1‬ي‬
‫‪24‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ‬ ‫َ ْ َ َُ َ‬
‫یم َعل ‏ى ق ْو ِمهِ >‪.‬‬ ‫<و ِتلك ُح ّجتنا آتیناها ِإب ِ‬
‫ـراه َ‬
‫ّ‬
‫ولیس كل أحد كإبـراهیم؟ع؟‪ ،‬ولو استغنى في معرفة التوحید بالنظر عن تعلیم اهلل‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل ما أنزل من قوله‪< :‬ف ْاعل ْم أن ُه لا ِإ َله ِإلا اهلل>‬ ‫ع���ز وجل وتعریفه لما أنزل اهلل‬
‫َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫<بد ُیع َّ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫ماوات َوالأ ْر ِض أنى‬
‫الس ِ‬ ‫ومن قوله‪< :‬ق ْل ه َو اهلل أ َحد> إلى آخرها‪ .‬ومن قوله‪ِ َ :‬‬
‫َّ ُ ْ َ‬ ‫صاح َب ٌة> إلى قوله‪َ :‬‬ ‫ُ ُ َُ َ َ َ ُ َُ‬
‫<و ُه َو الل ِطیف الخ ِب ُیر> وآخر الحش���ـر‬ ‫یكون له َول ٌد َول ْم تك ْن له ِ‬
‫(((‬
‫وغیرها من آیات التوحید»‪.‬‬
‫البحران؟حر؟‪:‬‬ ‫وقال ّ‬
‫السید هاشم‬
‫ي‬
‫«واعل���م ّأیه���ا األخ ّأن بع���ض العلم ��اء ذهب إل ��ی ّأن معرف ��ة اهلل ّ‬
‫فطری ��ة ض ّ‬
‫ـروریة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبعضهم إلی أنها ثابتة باالستدالل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫وجدانيا‪ ،‬وهي اآلیات‬ ‫والصحی���ح الثاني‪ ،‬فإنها ثابتة باالس ��تدالل و إن كان دلیله ��ا‬
‫المنصوب���ة من الس���ماء واألرض وم ��ا فیهما وما بینهم ��ا‪ّ .‬‬
‫فإن جمیع المش ��اهدات‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وجمیع المحسوسات دالة علی وجوده داللة ّبینة واضحة منیرة منكشفة‪<ِ .‬إ ّن فِي‬
‫َ َ ُ َ ْ ٌ َ ْ َ ْ َ َّ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫وه َو ش ِ���هيد>‪ .‬جعلنا اهلل و ّإیا كم من‬ ‫ذ ِلك ل ِذكرى‏ ِل َم ْن‏ كان‏ له قلب أو ألقى الس���مع‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ذكر فنفعته الذكری»‪.‬‬
‫«وه���ذه الط���رق الت���ي ذكرناها عن أه ��ل العصمة؟مهع؟ ط ��رق واضحة االس ��تدالل‪،‬‬
‫بـراهین تفید العلم محتاجة إلی إبطال الدور والتسلس ��ل وما أحس ��ن قول الس � ّ�ید‬
‫ّ‬
‫وصیته البن ��ه قال‪ :‬و ّإیاك وطری ��ق المعتزلة فإنهم‬
‫الع���ارف العالم اب���ن طاووس في ّ‬
‫ّ‬ ‫ّبع���دوا القریب وعلیك بكت���اب اهلل ونهج البالغة وكتاب ّ‬
‫الحج���ة وكتاب المفضل‬
‫(((‬
‫بن عمر»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.288 ،‬‬
‫‪ . 2‬معامل الزلیف‪.19 ،‬‬
‫‪ . 3‬معامل الزلیف‪.21 ،‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪25‬‬

‫ً‬
‫فإن من الواضح ّأن ابن طاووس؟حر؟ أیضا مل ینكر أن تكون معرفة اهلل تعایل باالستدال ل‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫واملفك ن‬ ‫ّ‬
‫كی‪ ،‬بل هو‬ ‫التجرد والكش���ف والش���هود كالفالسفة والعرفاء‬ ‫ومل یذهب إیل طر یق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا كالبحران؟حر؟ قال ّ‬
‫وجدانیة وال حنتاج إیل سلوك‬ ‫العقلیة يف ذلك واضحة‬ ‫بأن األدلة‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املنحرفی‪.‬‬ ‫الطرق الغامضة املوهونة املصنوعة بید الفالس���فة والعرفاء‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫العقلیة‪ ،‬ولیست‬ ‫ّ‬
‫والقلبیة لیس���ت ش���یئا يف عرض املعرفة‬ ‫وعیل هذا فاملعرفة الفطر ّیة‬
‫هي مبعین شهود ذات اهلل تعایل من طر یق غیر دال لة العقل الواضحة‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫يعن‪:‬‬ ‫>‪،‬‬ ‫كان َل ُه َق ْل ٌ‬
‫���ب‬ ‫َ‬ ‫ى ِل َم ْ‬
‫ن‬ ‫‏‬ ‫���ر‬‫ك‬
‫َ َ ْ‬
‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫���ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫َّ‬
‫«ي���ا هش���ام ّإن اهلل يقول‪<ِ :‬إ‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫َََ ْ َْ ُْ َ ْ ْ َ‬
‫(((‬
‫مان ال ِحك َمة> قال‪ :‬الفهم والعقل‏»‪.‬‬ ‫العقل‪ ،‬وقال‪< :‬ولقد آتينا لق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التدبـر والتعقل وتفقه البیان واإلنذار‪ ،‬ال وجدان وشهود ذات اهلل‬ ‫فإن شأن القلب هو‬
‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫مبنیا عیل وحدة وج���ود العامل واملعلوم‪ ،‬والعقل‬ ‫احلضوري الذي لیس إ‬ ‫تع���ایل بالعل���م‬
‫ًّ ً‬ ‫واملعقول‪ ،‬خ‬
‫والالق واملخلوق‪ ،‬تعایل اهلل عن ذلك علوا كبیرا‪ .‬وقد قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ َْ ََ ُ َ َُ ْ ُ ُ ٌ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َََ‬
‫(((‬
‫<أ فلم ِیسیروا فِي الأر ِض فتكون لهم قلوب یع ِقلون ِبها>‬
‫(((‬
‫ون ِبها>‪.‬‬ ‫وب لا ْیف َق ُه َ‬ ‫<ل ُه ْم ُق ُل ٌ‬
‫َ‬
‫ُُ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُُ‬
‫(((‬
‫<فِي قل ِوب ِه ْم َم َرض خ َت َم اهلل عل ‏ى قل ِوب ِه ْم>‪.‬‬
‫َ ُْ ْ َ َ ْ َ ُ ُ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫(((‬
‫وب أقفالها>‪.‬‬ ‫<أ فلا یتدبـرون القرآن أم على‏ قل ٍ‬

‫ف العقول‪ ،386 ،‬حبار األنوار‪.135 / 1 ،‬‬


‫‪ . 1‬حت ‏‬
‫‪ّ .2‬‬
‫احلج (‪.46 ،)22‬‬
‫‪ . 3‬األعراف (‪.179 ،)7‬‬
‫‪ . 4‬البقرة (‪.7 ،)2‬‬
‫‪ّ .5‬‬
‫حممد (‪.24 ،)47‬‬
‫‪26‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َّ‬
‫(((‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫وب ال ِتي فِي الصد ِور>‪.‬‬ ‫لك ْن َت ْع َمى ْال ُق ُل ُ‬ ‫<ف ِإنها لا ت ْع َمى الأبصار َو ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫یؤاخذك ْم ِبما ك َس َبت‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫ل‬‫و‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ـان‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ی‬‫أ‬ ‫ي‬ ‫<لا یـ ِ ُ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـؤاخ ــذكم اهلل ِبالل ِ ِ‬
‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ـ‬ ‫و‬‫غ‬
‫ُُ ُ‬
‫(((‬
‫قل ُوبكم‏>‪.‬‬
‫���ان َع َرب ِ ّي‬ ‫س‬‫ل‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫���ن ْال ُم ْن ِذر َ‬
‫ین‬ ‫ـون ِم َ‬ ‫���ك ل َت ُك ـ َ‬
‫ِ‬
‫ین َعلى‏ َق ْلب َ‬ ‫وح ْال َأ ِم ُ‬
‫<ن َ���ز َل ب���هِ ال ـ ـ ُّ���ر ُ‬
‫َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫ُم ِبین‏>‪.‬‬
‫أب جعفر؟ع؟ يف قوله‪:‬‬ ‫وعن ي‬
‫(((‬
‫ون‏ ِبها>‪.‬‬ ‫م ُق ُل ٌ‬
‫وب‏ لا َي ْف َق ُه َ‬ ‫َ‬
‫<ل ُه ْ ‏‬
‫(((‬
‫<یقول‪ :‬طبع اهلل علیها فلا تعقل>‪.‬‬
‫أب عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬ ‫وعن ي‬
‫لهمها ُف َ‬ ‫َ‬
‫تأت وما تترك‪.‬‬ ‫ما‬ ‫هلا‬ ‫بی‬‫تقواها>‪ .‬قال‪ ّ :‬ن‬ ‫جورها َو َ‬ ‫«<فأ َ‬
‫ي‬
‫َ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ ً َ َ‬ ‫ً‬ ‫وقال‪< :‬إ َّنا َه َد ُ‬
‫���اكرا َو ِإ َّما كفورا> قال‪َ :‬ع َّرف َن ُاه ِإ ّما ِآخذ‬ ‫الس���ب َ َ‬
‫یل ِإ ّما ش ِ‬ ‫ِ‬
‫یناه َّ‬
‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫َ َ‬
‫َو ِإ ّما ت ِارك‪.‬‬
‫َ ْ‬ ‫ْ‬
‫اس َت َح ُّبوا ال َعمى‏ َعلى ال ُه َدى‏>‪.‬‬ ‫یناه ْم َف ْ‬
‫ود َف َه َد ُ‬ ‫<و َأ َّما َث ُم ُ‬
‫وعن قوله‪َ :‬‬
‫ال َدى َو ُه ْم ْیعر ُف َ‬
‫ون‪.‬‬ ‫َق َال‪َ :‬ع َّر ْف َن ُاه ْم َف ْاس َت َح ُّبوا ْال َع َمى َعلىَ هْ ُ‬
‫ِ‬
‫َ هَ‬
‫(((‬
‫ایة‪‘‘َ :‬ب ّی ّنا ُل ْم’’‪.‬‬ ‫وف ِر َو ٍ‬ ‫ِي‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪« :‬وال قلب من أثبته یبصـره»‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬

‫‪ّ .1‬‬
‫احلج (‪.46 ،)22‬‬
‫‪ . 2‬البقرة (‪.225 ،)2‬‬
‫‪ . 3‬الشعراء (‪.194 ،)26‬‬
‫‪ . 4‬األعراف (‪.179 ،)7‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،197 / 5 ،‬عن تفسير ّ‬
‫القم ّي‏‪.‬‬
‫الكاف‪.163 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.6‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪27‬‬

‫ع�ی�� البصیر‪ ،‬فال ن‬ ‫ّ‬


‫«دل���ت علی���ه أع�ل�ام الظهور‪ ،‬وامتن���ع عىل ن‬
‫ع�ی�� من مل یره‬
‫تنك���ره‪ ،‬وال قلب من أثبت���ه یبصـره‪ ...‬مل یطلع العقول ع�ل�ى حتدید صفته‪ ،‬ومل‬
‫حیجهبا عن واجب معرفته‪ ،‬فهو الذي تش���هد له أعالم الوجود عىل إقرار قلب‬
‫(((‬
‫ذي جحود»‪.‬‬
‫وقال الشیخ الصدوق أعیل اهلل مقامه‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل فطر مجی���ع الخ لق عىل التوحید‪،‬‬ ‫«اعتقادن���ا يف الفط���رة واهلدایة ّأن اهلل‬
‫َ َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الص ِادق؟ع؟‬ ‫الن َاس َعلیها>‪ .‬وقال‬ ‫<ف ْط َر َت اهلل ال ِتي فطر‬ ‫عز وجل‪ِ :‬‬ ‫وذلك قوله‬
‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫َّ َ ْ َ ْ َ ْ‬
‫���د ِإذ َهد ُاه ْم َحتى ُی َب ِّی َن‬ ‫یضل قوما بع‬ ‫َ‬
‫<وم���ا كان اهلل ِل ِ‬ ‫ف َق ْ���و ِل اهلل َع َّز َو َج ّل‪َ :‬‬
‫ِي‬
‫َ َ ُ ْ ُ ُ َ َ َ َ ْ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ىَ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل ُه ْم ما یتقون>‪ ،‬قال‪َ :‬حت َیع ّ ِرفه ْم َما ُی ْر ِض ِیه وما یس ِخطه‪ .‬وقال ِ يف قو ِل ِه عز‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ َ هَ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ َ َ ْ‬
‫َو َج���ل‪< :‬فأل َه َمها ف ُج َورها َوتقواها>‪ ،‬قال‪َ :‬ب ّ نَی َل���ا َما تأ ِ يت َو َما ت ْت ُر ُك‪َ .‬وقال ِ يف‬
‫ْ‬ ‫َ ُ ً َ َ‬
‫���اكرا َو ِإ َّما كفورا> قال‪َ :‬ع َّرف َن ُاه‬
‫ً‬
‫یل ِإ ّما ش ِ‬
‫الس���ب َ َ‬ ‫َق ْو ِل ِه َع َّز َو َج َّل‪< :‬إ َّنا َه َد ُ‬
‫یناه َّ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫اس���ت َح ّبوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫<وأ ّما ث ُمود ف َهدیناه ْم ف ْ‬ ‫َ‬ ‫ذا َو إ َّما َت���اركا‪َ .‬و ف ق ْو ِل ِه ع ّز َو َج���ل‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ِ ِي‬ ‫ِإم���ا ِآخ ِ‬
‫(((‬
‫ون»‪.‬‬ ‫ْال َع َمى‏ َع َلى ْال ُه َدى>‪،‬‏ َق َال‪َ :‬و ُه ْم ْیعر ُف َ‬
‫ِ‬
‫أب عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬ ‫عن ي‬
‫ْ‬ ‫لحْ‬
‫َُ ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫َ ُ َ‬
‫(((‬
‫اطل‏»‪.‬‬ ‫<ق ْوله فأل َه َمها ف ُجورها َوتقواها>‪ ،‬قال‪َ :‬م ْع ِرفة ا َ ِق ِم َن ال َب ِ‬
‫رض اهلل عنه يف الغرر والدرر‪:‬‬ ‫ّ‬
‫وقال السید املرتىض ي‬
‫ًّ‬ ‫بی امل���رء وقلبه بإزالة عقله و إبطال ّ‬ ‫«إن���ه حیول ن‬ ‫ّ‬
‫حیا‪ ،‬وقد یقال‬ ‫متیزه و إن كان‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ملن فقد عقله وس���لب متییزه‪ :‬إن���ه بغیر قلب‪ ،‬قال تعاىل‪<ِ :‬إ ّن فِ���ي ذ ِلك ل ِذكرى‏‬
‫َ َ َْ‬
‫(((‬
‫كان ل ُه قل ٌب>»‪.‬‬ ‫ِل َم ْن‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ، / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.308 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،196 / 5 ،‬عن العقائد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ .72 / 24 ،‬عن كنز جامع الفوائد وتأو يل اآليات الظاهرة‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪ ،432 ،‬حبار األنوار‪.206 / 5 ،‬‬
‫‪28‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫احلضوري _‬ ‫وأما الق���ول بالعلم‬ ‫ب���ل للعل���م واله���ل _ ومها من الكیف _ ّ‬
‫ح���د واضح‪ّ ،‬‬ ‫ج‬
‫الشء وذاته‪ ،‬فهو جوه���ر _ من التحر یفات‬
‫وه���و ذات املعل���وم يف ذات الع���امل‪ ،‬بل نفس ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫حصولیا وال حضور ّیا قطعا‪،‬‬ ‫الواضحة الفاضحة ملعین العلم‪ ،‬وعلم اهلل تعایل بخ لقه لیس‬
‫المتناع حصول صور األشیاء أو نفس ذواهتا يف ذات اهلل‪:‬‬
‫«قال عمران‪ ... :‬فأخبـر ين بأي‏ شـي‏ء علم ما علم‪ ،‬أ بضمير أم بغير ذلك؟‬
‫ً‬
‫قال الرضا؟ع؟ ‪ :‬أ رأيت إذا علم بضمير هل جتد ّبدا من أن جتعل لذلك الضمير‬
‫ّ ً‬
‫حدا ينهتى إليه املعرفة؟ قال عمران‪ :‬ال ّبد من ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫قال الرضا؟ع؟ ‪ :‬مفا ذلك الضمير؟ فانقطع ومل حير جوابا‪.‬‬
‫ق���ال الرضا؟ع؟ ‪ :‬ال بأس إن س���ألتك عن الضمير نفس���ه تعرف���ه بضمير آخر؟‬
‫فقال الرضا؟ع؟ ‪ :‬أفس���دت عليك قولك ودع���واك يا عمران‪ .‬أ ليس ينبغي أن‬
‫(((‬
‫تعلم ّأن الواحد ليس يوصف بضمير؟»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«قال الرضا؟ع؟ ‪ :‬واعلم أنه ال يكون صفة لغيـر موصوف‪ ،‬وال اسم لغيـر معىن‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬
‫حد لغير حمدود‪ ،‬والصفات واألمساء كلها تدل عىل المكال والوجود وال تدل‬
‫ّ‬
‫الت هي التر بيع والتثليث والتس���ديس‪،‬‬ ‫ي‬ ‫احلدود‬ ‫عىل‬ ‫تدل‬ ‫ع�ل�ى اإلحاطة‪ ،‬كما‬
‫وجل ّ‬‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وتقدس تدرك معرفته بالصفات واألمساء‪ ،‬وال تدرك بالتحديد‬ ‫ألن اهلل عز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالط���ول والعرض والقلة والكث���رة واللون والوزن وما أش���به ذلك‪ ،‬وليس حيل‬
‫وتقدس شـي‏ء من ذلك ىّ‬ ‫جل ّ‬ ‫ّ‬
‫حت يعرفه خلقه مبعرفهتم أنفسهم بالضـرورة‬ ‫باهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الت ذكرنا‪ .‬ولكن يدل عىل اهلل عز وجل بصفاته ويدرك بأمسائه ويستدل عليه‬ ‫ي‬
‫خبلق���ه حت ال حيتاج ف ذلك الطالب املرتاد إىل رؤية ن‬
‫عي‪ ،‬وال اس���تماع أذن‪،‬‬ ‫ىّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وال ملس كف‪ ،‬وال إحاطة بقلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلو كان���ت صفاته جل ثناؤه ال تدل عليه وأمس���اؤه ال تدعو إليه‪ ،‬واملعلمة من‬
‫‪ . 1‬التوحيد‪ ،431 ،‬وقر یب منه‪ :‬حبار األنوار‪.312_ 311 /10 ،‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪29‬‬

‫الخ لق ال تدركه ملعناه‪ ،‬كانت العبادة من الخ لق ألمسائه وصفاته دون معناه‪.‬‬
‫فل���و ال ّأن ذلك كذلك لكان املعب���ود ّ‬
‫املوحد غير اهلل تعاىل‪ّ ،‬‬
‫ألن صفاته وأمساءه‬
‫زدن‪.‬‬ ‫ّ‬
‫غيره‪ ،‬أ فهمت؟ قال‪ :‬نعم يا سيدي ي‬
‫ال ّهال أهل العمى والضالل ‪ ...‬قد علم ذوو األ لباب‬
‫قال الرضا؟ع؟ ‪ّ :‬إياك وقول ج‬
‫لاّ‬
‫ّأن االس���تدال ل عىل ما هن���اك ال يكون إ مبا هاهنا ومن أخ���ذ علم ذلك بـرأيه‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وطلب وجوده و إدرا كه عن نفس���ه دون غيرها مل ي���زدد من علم ذلك إ بعدا‪،‬‬
‫وجل جعل علم ذلك ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫خاصة عند قوم يعقلون ويعلمون ويفهمون»‪.‬‬ ‫ألن اهلل عز‬
‫وتأت للبحث ّ‬
‫تتمة كاملة((( إن شاء اهلل تعایل‪.‬‬ ‫ي‬
‫برهان ثالث‪:‬‬

‫انی���ة ّ‬
‫اإلهلية املودعة يف اآل فاق‬ ‫التدبر ف احلكم ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫البراهی ف املقام هو ّ‬
‫ن‬ ‫الثال���ث م���ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫واألنفس‪ ،‬الظاهرة بالعیان يف املخلوقات واملصنوعات‪ ،‬والتفكر يف النظام املتقن املحكم‬
‫سيما احلاصل منه ملن ّ‬
‫املتجل ف الكائنات‪ ،‬ال ّ‬‫ّ‬
‫تدبر يف الكتاب العز يز‪.‬‬ ‫ي ي‬
‫برهان رابع‪:‬‬
‫ً‬
‫قلیال ف أحوال االنبياء واحلجج ّ‬ ‫ً‬
‫اإلهلية وما صدر مهنم من املعجزات‪،‬‬ ‫ي‬ ‫سیرا‬ ‫من س���ار‬
‫وتدبر ف أخالقهم وأوصافهم وسيرهتم‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما من طالع أحوال من قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫من»‪.‬‬
‫«ما هلل آية ا كبر ي‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.438 ،‬‬
‫ّ‬
‫یس���مي العلاّ مة ّ‬
‫فطري القیاس ال احلضور والكش���ف والشهود املوهوم و یقول‪ّ :‬إنه‬
‫ّ‬ ‫احلل؟حر؟ ذلك‬
‫ّ ي‬
‫‪.2‬و ّ‬
‫الت تكون علومهم معها فطر ّية القياس‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعاىل مل جيعل لكل الناس القوة القدسية ي‬
‫قدسية يكون العلوم بالنسبة إلهيا من قبيل فطر ّية القياس‪...‬‬
‫ّ‬ ‫وقال‪ ... :‬املعصوم الذي نفسه‬
‫وقال‪ ... :‬التحقيق ّأن العلم بكون اإلمام ّ‬
‫حجة من قبيل فطر ّية القياس‪.‬‬
‫‪ . 3‬بصائر الدرجات‪77 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،206 / 23 ،‬عن تفسیر ّ‬
‫القم ّي‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وهو الذي أنزل اهلل تعاىل يف شأنه العظمی‪:‬‬


‫ُ‬ ‫َ ً‬ ‫ًُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ َ َ َ َ َ‬
‫ذين كف ُروا ل ْست ُم ْر َسلا ق ْل كفى‏ ِباهلل شهيدا َب ْيني‏ َو َب ْي َنك ْم َو َم ْن‬ ‫<ويقول ال‬
‫ْ‬ ‫ِع ْن َد ُه ِع ْل ُ‬
‫(((‬
‫تاب>‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫والعدو والصديق(((‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعام‪،‬‬ ‫اص‬ ‫أقر بفضله خ‬
‫ال ّ‬ ‫املؤمني؟ع؟ الذي قد ّ‬ ‫ن‬ ‫وهو موالنا أمير‬
‫التدبر ب�ل�ا تقصير في���ه فهو من‬ ‫اليق�ي�� باهلل وحجج���ه؟مهع؟ بعد ه���ذا ّ‬ ‫ن‬ ‫مف���ن مل حيص���ل ل���ه‬
‫ّ‬
‫املستضعفی وليس ف ذلك من املكل ن‬ ‫ن‬
‫في‪.‬‬ ‫ي‬
‫الل���ق هو ّأن إثبات كماال ت���ه وفضائله؟ع؟ من‬ ‫اإلهلیة عیل خ‬
‫وم���ن األ لط���اف الظاهرة ّ‬
‫اعتراف���ات خمالفی���ه وأعدائ���ه ومناوئی���ه لیس أصعب م���ن إثبات ذلك من جهة ش���یعته‬
‫ّ‬
‫وأحبائه!‬

‫ونتائجه‬
‫ِ‬ ‫المرحلة الثالثة‪ :‬إيضاح البـرهان األوّل وأصو ِله‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬


‫امتداديا متجزّیا محدودا)‪:‬‬ ‫عدديا‬ ‫تبيين األصل األوّل (وهو ّأن كل ما يمكن أن يوجد يكون‬

‫نتصوره من األش���یاء واملوج���ودات جیوز علیه ّ‬


‫التغیر‬ ‫ّإن ّكل م���ا نراه وندركه و میكن أن ّ‬
‫والتح���ول ّ‬
‫عما هو علیه إىل غیره‪ ،‬و میك���ن بالنظر إىل ذاته(((ف���رض الز یادة علیه‬ ‫ّ‬ ‫وال���زوال‬

‫‪ . 1‬الرعد (‪.43 ،)13‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬وم���ن املش���هور عیل لس���ان أعدائ���ه وأحبته‪« :‬ما ذا نق���ول يف رجل أخىف أعداؤه فضائله حس���دا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ال ن‬ ‫بي ذين وذين ما مأل خ‬ ‫خوفا‪ ،‬وظهر من ن‬ ‫ً‬ ‫وأخفاها ّ‬
‫للبحران‪،‬‬
‫ي‬ ‫افقي»‪ .‬راجع إیل‪ :‬حلیة األبرار‪،‬‬ ‫حمبوه‬
‫الهبية‪،‬‬ ‫ع�ل�� بن‌ أب‌ طال���ب؟ع؟‪264 ‌/ 2 ،‬؛ األن���وار ّ‬
‫للمامق���ان‪ ،‬ترمج���ة ّ‬
‫ّ‬ ‫ح املق���ال‪‌،‬‬
‫‪136 / 2‬؛ تنقي��� ‌‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ًي‬
‫للس���یوطي‪ .‬راجع أیضا‬‫ّ‬ ‫للقم ّي‪71 ،‬؛ س���فينة البحار‪ ،‬له أیضا؛ إحقاق احلق‪2 / 4 ،‬؛ بغیة الوعات‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إیل مبحث‪ :‬حرمة األخذ عن غير صاحب املعجزة عقال ونقال‪.‬‬
‫ً‬
‫تصو ر الز يادة عىل وجود الش���ـيء لو كان ممتنعا لذاته المتنع ّ‬ ‫‪ .3‬أضف إىل بداهة هذا احلكم ّأن ّ‬
‫تصو ر‬
‫تصو ر وجود الفرد ّ‬ ‫فإن حكم األمثال واحد _ وحيث ّإنه مل ميتنع ّ‬ ‫ً‬
‫أيضا‪ّ _ ،‬‬ ‫وجود الفرد ّ‬
‫األول‬ ‫األول منه‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫من���ه _ ب���ل يك���ون بعض أفراده موج���ودا عينا وخارجا _ فه���و قابل للتكرار والز ي���ادة والنقصان‪ ،‬فهو‬
‫ّ‬
‫عددي‪.‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪31‬‬

‫والنقصان منه‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫امتدادی���ة‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عددیة یس���توي له‬ ‫وماهیة‬ ‫متجز ية‪،‬‬ ‫وكل م���ا كان كذل���ك فیكون حقیقة‬
‫ّ لاّ‬
‫یتصور إ يف االمتداد والعدد‪،‬‬ ‫الوج���ود والعدم((( بداهة ّأن الز یادة والنقصان ال میكن أن‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وال یتحقق موضوعهما إ يف احلقیقة ذات األجزاء واألبعاض‪.‬‬
‫ً لاّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫تص���و را وال خارجا((( _ إ ذا امتداد وأج���زاء وعدد((( واحلكم‬ ‫ف�ل�ا نعق���ل موجودا _ ال‬
‫أي بـرهان‪.‬‬ ‫بدهیي ال حیتاج إىل ّ‬
‫ّ‬ ‫بذلك‬
‫وأضف إىل ذلك‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعدد‪ _ ،‬وذلك‬ ‫‪ّ .1‬إن كل ما میكن أن یوجد فهو قابل لوصف االنقس���ام واملس���اواة‬
‫ّ‬
‫خواص ّ‬
‫الكم و ّ‬
‫یتفرع عىل وجود االمتداد‬ ‫ّأنه قابل لفرض الز یادة علیه‪ ،‬وذلك یكون من‬
‫واألجزاء بالبداهة‪.‬‬
‫ّن‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والتعی‬ ‫‪ّ .2‬إن م���ا میك���ن أن یوج���د میتنع أن یتحقق مهبم���ا وال یوجد إ بالتش���خص‬
‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یتصو ر أن یتحقق إ باالمتداد واألجزاء‪ ،‬فال‬ ‫والتمیز ال‬ ‫الوجودیة‪ ،‬والتش���خص‬ ‫باحلدود‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء إ متجز یا امتدادیا‪.‬‬ ‫یتحقق ي‬

‫عما هو عليه الش���ـيء إىل غيره يكون آية حدوثه‪.‬‬ ‫والتحول ّ‬


‫ّ‬ ‫‪ّ .1‬إن جواز ّ‬
‫التغیر والزوال‬
‫ّ‬
‫االمتدادية القابلة للز يادة والنقصان هلي قابلة للوجود‬ ‫ّ‬
‫العددية واحلقيقة‬ ‫ّ‬
‫البدهيي أن الذات‬ ‫‪ .2‬و ّإن من‬
‫لاّ‬ ‫احلقيقي ن‬
‫ّ‬ ‫والعدم‪ّ ،‬‬
‫ي ليسا إ الوجود والعدم نفسهما‪.‬‬ ‫فإن الز يادة والنقصان‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ّ .3‬إن ك���ون الش���ـيء ذا امتداد وأجزاء وأبعاض‪ ،‬هو مالك كونه حادث���ا وقابال ّ‬
‫والتحول والز يادة‬ ‫للتغیر‬
‫والنقصان والوجود والعدم‪.‬‬
‫ن‬
‫حت الزمان واملكان‪ ،‬ولو عىل تقدير كوهنما جوهر ين ال صفتي‪.‬‬ ‫‪ .4‬ىّ‬
‫لاّ‬ ‫ن‬ ‫‪ّ .5‬‬
‫النقيضي وارتفاعهما وما يشهبه فليس ذاك إ حكم العقل باالمتناع‬ ‫وأما يف مورد موضوع اجتماع‬
‫ً لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادية‪ ،‬وال حكم هناك أيضا إ عىل ما يوجد يف االمتداد والعدد‪،‬‬ ‫املتصورة‬ ‫واالرتفاع عىل األمور‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الهل حبقيقته _‬‫كم���ا ّأن م���ا ال يقبل الوجود اس���تقالال كالعلم القامئ بالعامل أيضا _ مع الغ���ض عن ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫ليس إ موجودا يف االمتداد والعدد وقابال للز ياده والنقصان والوجود والعدم‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام املجتىب؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫فیتج���ز ی‪ ،‬وال اخت�ل�اف صف���ة‬ ‫«احلم���د هلل ال���ذي مل یك���ن ل���ه‪ ...‬ش���خص‬
‫(((‬
‫فیتناهی»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«فهو الواحد الذي ال واحد غیره ألنه ال اختالف فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫وجود‬ ‫أثبت‬ ‫أح���دا‬ ‫البـره���ان ّأنك ال جتد‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الوجدان‬
‫ي‬ ‫‪ّ .4‬إن���ه یش���هد هلذا احلك���م‬
‫ً‬ ‫ً لاّ‬
‫االمتدادیة _ متناهی���ا فرضه أم غیر متناه _ ح�ّت�ىّ أنهّ م وصفوا هبا‬
‫ّ‬ ‫مطلق���ا‪ ،‬إ اعتق���د فی���ه‬
‫(((‬
‫الذات املتعالیة!!‬
‫وه���و واض���ح من خالل ما أتين���ا به من ش���واهد كالمهم وتوضیح مرامه���م يف مواضع‬
‫كثیرة‪.‬‬
‫الارجة عن ّ‬
‫القطعیة خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حد اإلحصاء عىل استحالة‬ ‫الشـرعیة‬ ‫‪ .5‬دال لة مضمون األدلة‬
‫ً‬ ‫حتقق املوجود ّ‬ ‫ّ‬
‫وسیأت تفصیل البحث عن ذلك إن شاء اهلل‬
‫ي‬ ‫املجرد عن االمتداد مطلقا‪.‬‬
‫تعاىل ف مبحث «أسطورة ّ‬
‫املجردات»‪.‬‬ ‫ي‬
‫الواد؟ع؟ ‪:‬‬
‫اإلمام ج‬
‫ّ‬ ‫متجز ئ وال ّ‬
‫ّ‬ ‫«إن ما سوى الواحد ّ‬
‫ّ‬
‫متوهم بالقلة والكثرة‪،‬‬ ‫متجز ئ‪ ،‬واهلل واحد ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ئ أو ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫متوهم بالقلة والكثرة فهو خملوق دال عىل خالق له»‪.‬‬ ‫وكل ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،196 / 3 ،‬إهلیلجة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬و إن رأي���ت بعض أصحاب املدارس البش���ـر ية جيتنبون عن التصـر ي���ح بذلك أحيانا‪ ،‬فليس ذلك‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫مهن���م إ غفل���ة عما تقضـي ب���ه مبانهيم‪ ،‬أوحفظا لكلم���ة التوحيد الدائرة عىل ألس���ن أهل األديان‬
‫ً‬
‫والش���ـرائع‪ ،‬أووفقا ملا حتكم به بداهة قياس���ات عقوهلم املفطورة هبا أنفس���هم م���ن لزوم تباين وجود‬
‫الالق واملخلوق‪ ،‬ووجوب تعاىل ذات اإل له املعبود عن وجود خملوقاته ومصنوعاته‪.‬‬ ‫خ‬
‫الكاف‪،‬‏‪116 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،153 /4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪33‬‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫مّ‬
‫(((‬
‫«إنا یعقل ما كان بصفة املخلوق ولیس اهلل كذلك»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادي ّ‬
‫متجزئ‪ّ ،‬‬
‫فإن صفة الصنعة لیست إ ذلك‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫فكل ما سوى اهلل تعاىل خملوق‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«‪ ...‬أمصنوع أنت أم غیر مصنوع؟ فقال عبد الكر می ابن يأب العوجاء‪ :‬بل أنا غیر‬
‫ً‬
‫مصن���وع‪ ،‬فقال له العامل؟ع؟ ‪ :‬فصف يل لو كنت مصنوعا كیف كنت تكون؟‬
‫جوابا وولع خبشبة كانت ن‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫بی یدیه وهو یقول‪:‬‬ ‫ملیا ال حییر‬ ‫فبق عبد الكر می‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫طویل‪ ،‬عر یض‪ ،‬عمیق‪ ،‬قصیر‪ّ ،‬‬
‫متحرك‪ ،‬سا كن‪ ،‬كل ذلك صفة خلقه‪ ،‬فقال‬
‫ً‬
‫له العامل؟ع؟ ‪ :‬فإن كنت مل تعلم صفة الصنعة غیرها فاجعل نفسك مصنوعا‬
‫(((‬
‫ملا جتد يف نفسك ّمما حیدث من هذه األمور»‪.‬‬
‫ّ‬
‫بيان األصل الثاني (وهو‪ّ :‬أن كل ما يمكن أن يوجد فال ّبد لوجوده من خالق وموجد)‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة _ أو الوجود والعدم هل���ا _ لیس إ بالفاعل‬ ‫الز ی���ادة والنقص���ان يف ال���ذات‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫املوجد واملعدم‪ ،‬فال یصبح العدم بنفسه وجودا والوجود عدما أبدا بالبداهة‪.‬‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫َ َ‬ ‫َ ُ ُ‬
‫(((‬
‫<أ ْ ‏م خ ِلقوا ِم ْن‏ غ ْي ِر ش ْي‏ء؟!>‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إنك تعلم ّأن املعدوم ال حیدث شیئا»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،69 /4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الكاف‪ ،76 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،46 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬الطور (‪.35 ،)52‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،53 /3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪34‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«وال ّبد للمخلوق من الخ الق»‪.‬‬


‫(((‬

‫ً‬
‫بشء»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫لیس‬ ‫وهو‬ ‫شیئا‬ ‫بشء ال یقدر عىل أن خیلق‬ ‫«مفا لیس ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫«م���ع ّأن���ا مل جند ً‬
‫بن���اء من غیر ب���ان‪ ،‬وال أثرا م���ن غیر مؤث���ر‪ ،‬وال تألیف���ا من غیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫مؤلف»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مبن علمت ّأن له بانیا و إن كنت مل‬ ‫مش���ید ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫بناء‬ ‫إىل‬ ‫نظرت‬ ‫إذا‬ ‫ك‬ ‫أن‬ ‫«أال ترى‬
‫(((‬
‫البان ومل تشاهده؟»‬‫تر ي‬
‫ّ ً‬
‫مصورا عىل حائط‪ ،‬فقال لك قائل‪ّ :‬إن هذا ظهر هاهنا‬ ‫«لو رأیت متثال إنس���ان‬
‫من تلقاء نفس���ه مل یصنعه صانع‪ ،‬أ كنت تقبل ذلك؟ بل كنت تس�ت�هزئ به‪،‬‬
‫(((‬
‫احلي الناطق»‪.‬‬ ‫فكیف تنكر هذا ف متثال ّ‬
‫مصور مجاد وال تنكر يف اإلنسان ّ‬ ‫ي‬
‫املصنوعی واالضطرار مهنم إلیه أنهّ م‬
‫ن‬ ‫«فلم یكن ّبد من إثبات الصانع لوجود‬
‫مصنوعون»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫خ‬
‫(((‬
‫شء شیئا؟!»‬
‫«كیف یلق ال ي‬
‫ّ‬
‫هل هناك مانع من األخذ بالكتاب والسنة قبل إثبات اهلل تعالى أم ال؟!‬
‫الشـرعیة املشار إلهیا بأن یقال‪« :‬إنهّ ا ّ‬ ‫ّ‬
‫ظن ّیة»‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وال جمال لإلشكال يف األدلة‬
‫ً‬
‫وذل���ك لكثرهتا املذكورة حبیث حیصل القطع بص���دور مضموهنا املتواتر معین أو إمجاال‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.54 / 4 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،182 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫معان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،182 / 10 ،‬عن‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،195 / 10 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ّ‬
‫املروي عن املفضل بن عمر يف التوحيد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،88 / 3 ،‬خ‬
‫البـر‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،196 /3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬ ‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،158 /3 ،‬عن ّ‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪35‬‬

‫أو‪ _ ...‬ب���ل ّإن وجوب التس���لمی عن���د مضامیهنا من ضـرور ّیات الدین _ ملن راجع عش���ـر‬
‫ّ‬ ‫معش���ار م���ا ورد م���ن النصوص خ‬
‫والطب ال���واردة لبیان توحید الباري ج���ل وعال يف هنج‬
‫وال���كاف والتوحید واملحاس���ن والبح���ار و‪ ...‬وعىل هذا‬ ‫ّ‬
‫الس���جادیة‬ ‫البالغ���ة والصحیف���ة‬
‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫األدلة من الغفلة بل خ‬ ‫ّ‬
‫جدا‪.‬‬ ‫البط‬ ‫فیكون النظر يف أسناد تلك‬
‫ً‬ ‫قطعیة ّ‬
‫بـراهی ّ‬‫ن‬ ‫هذا ّكله‪ ،‬مع ّ‬
‫جلیة غالبا‬ ‫غض النظر عن اش���تمال تلك النصوص عىل‬
‫األدلة الت أقامهتا األ فكار البشـر ّیة إل ثبات املعارف ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهلیة‬ ‫ي‬ ‫حبیث ال یقاس هبا غیرها من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫إ ظلما وعدوانا وجورا واعتسافا‪.‬‬
‫ّ‬
‫العقلیة‬ ‫التعبد بقول الغیر يف املعارف‬ ‫كما ّأنه ال یرد اإلشكال فهیا بأن یقال‪« :‬ال جیوز ّ‬
‫والتقدم عىل غی���ره ذا كماالت یثبت هبا‬ ‫ّ‬ ‫ألن���ه إذا كان ّمدعي اإلمامة‬ ‫الس���تلزامه ال���دور»‪ّ ،‬‬

‫تقدم���ه ع�ل�ى غیره حیكم العق���ل بوجوب اتباعه‪ .‬وم���ن المكاالت املذك���وره هي نفس ما‬ ‫ّ‬

‫حت یلزم الدور‪ ،‬بل من‬ ‫إهلی ً���ا ىّ‬


‫فعال ّ‬‫ً‬
‫یص���در عن���ه بعنوان اإلعجاز ال من حیث كون ذلك‬
‫ّ ً‬
‫حیث دال لة املعجزة املذكورة عىل كمال صاحهبا وكونه مقدما عىل غیره من حیث العلم‬
‫والقدرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ب���ل میكن أن یقال‪ّ :‬إن وجود خ‬
‫وحجیة احلجج؟مهع؟ یثبتان معا يف مرتبة‬ ‫الالق تع���ایل‬
‫ّ‬
‫احلجیة‪ ،‬وال یكون‬ ‫واح���دة بإرائ���ة اإلعجاز _ ولو بعنوان ّأنه فعل ّ‬
‫اهلي _ م���ن ّمدعي مقام‬
‫حت ّ‬
‫یتوهم منه‬ ‫الالق تعاىل قبل ذلك ىّ‬‫متوق ًفا عىل إثبات وج���ود خ‬
‫ّ‬ ‫حجیة ّ‬
‫احلجة‬ ‫إثب���ات ّ‬
‫لزوم الدور‪.‬‬
‫الالق تعایل یقض ّ‬
‫بأن‬ ‫اإلهلیة ف هدایة األمم إىل معرف���ة خ‬
‫والتأم���ل ف س���یرة احلجج ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫استقر عىل هذا الوجه‪ ،‬ومل یكن الناس هیتدون إىل معرفة خالقهم قبل‬ ‫ّ‬ ‫أمر اهلدایة ّ‬
‫اإلهلیة‬
‫هّ‬ ‫اإلهلیة‪ ،‬ىّ‬
‫معرفهتم السفراء ّ‬
‫حت حیثم ذلك إىل الفحص عن وجود حججه بعد ذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫إن قلت‪ّ :‬إنا إذا أثبتنا وجود خ‬
‫الالق تعایل وكونه حكیما ال یصدر عنه القبیح‪ ،‬یلزم منه‬
‫ً‬
‫كذبا‪ّ ،‬‬ ‫یصدق اهلل ّمدعي ّ‬ ‫أن ال ّ‬
‫وأما يف املقام فال دلیل عىل امتناع صدور‬ ‫النبوة واإلمامة‬
‫‪36‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الكذب والقبیح عن الشخص املذكور‪.‬‬


‫ً‬ ‫قل���ت‪ّ :‬إن ّمدعي ّ‬
‫التقدم عىل غیره إذا أثبت لنفس���ه علم���ا وقدرة ال حیتاج معهما إىل‬
‫ّ ً‬ ‫غیره‪ ،‬فال یصدر عنه الكذب والقبیح بنفس ما ّدل عىل كون خ‬
‫منزها‬ ‫الالق تبارك وتعاىل‬
‫ً ًّ‬ ‫ً‬
‫غنیا عن غیره‪.‬‬ ‫عهنما‪ ،‬وهو كونه تعاىل عاملا قادرا‬
‫فقد ثبت هبذا البیان وجوب التس���لمی عند نصوص مدرس���ة الوحي‪ ،‬ولزوم ّاتباع أهله‬
‫ّ‬ ‫مطلق���ا ب�ل�ا فرق ف ذلك ن‬ ‫ً‬
‫شء مهنما‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫ال���دور‬ ‫یلزم‬ ‫وال‬ ‫وغیرها‪،‬‬ ‫ة‬ ‫االعتقادی‬ ‫األص���ول‬ ‫بی‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أصال‪ .‬ومع هذا كله ال یخىف أنا ال حنتاج إىل هذه املرحلة أصال‪ ،‬ألن األصول االعتقادیة‬
‫ً‬ ‫ببـراهی ال حنتاج معها إىل ّ‬ ‫ن‬ ‫ف مدرسة الوحي ّ‬
‫التعبد فهیا أبدا‪:‬‬ ‫مبینة‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫جاءك ْم ب ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ـرهان ِم ْن ر ِّبك ْم وأن َزلنا ِإل ْيك ْم نورا ُمبينا>‪.‬‬ ‫الن ُاس ق ْد َ‬ ‫<يا أ ّي َها ّ‬
‫صاد َ‬ ‫َ ُ ْ ُ ُْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫قين>‪.‬‬ ‫<ق ْل هاتوا بـرهانك ْم ِإن كنت ْم ِ‬
‫ك َث ُر ُه ْم لا َي ْع َل ُمونَ‬ ‫ُْ َ ْ َ َ َ ُْ َ ْ َْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫<ق ْل هاتوا بـرهانك ْم هذا ِذكر من م ِعي و ِذكر من قبلي‏ بل أ‬
‫(((‬
‫ون>‪.‬‬ ‫ْال َح َّق َف ُه ْم ُم ْعر ُض َ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫وه ْم ِإ ْن‬
‫َ‬
‫���م ق َتل ُت ُم ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫���ات وبالذي قل ُت ْم ف ِل َ‬ ‫َّ‬ ‫جاء ُك ْم ُر ُس ٌ ْ ْ‬
‫َ‬ ‫<ق ْل َق ْد َ‬ ‫ُ‬
‫���ل ِم���ن قبل ‏ي ِبالب ِين ِ ِ‬
‫صاد َ‬ ‫ُُْ‬
‫(((‬
‫قين>‪.‬‬ ‫كنت ْم ِ‬
‫جاءني ْال َب ّي ُ‬ ‫ون اهلل َل َّما َ‬ ‫ذين َت ْد ُع َ‬ ‫ُ ْ ّ ُ ُ َ ْ َ ْ ُ َ َّ‬
‫نات ِم ْن َربِّي‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫ون م ْن ُ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫<قل ِإنِي نهيت أن أعبد‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫(((‬ ‫وأ ِم ْر ُت أ ْن أ ْس ِل َم ِل َر ّب ْالعال َ‬
‫مين>‪.‬‬
‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ ً َََ َ‬ ‫َ َّ ُ ُ َّ ً‬
‫رين وأن َزل َم َع ُهمُ‬ ‫ـرين ُوم ْن ِذ َ‬ ‫ين ُم َب ّش��� َ‬ ‫النب ّي َ‬
‫واح���دة فبعث اهلل ِ ِ‬ ‫<كان الن���اس أمة ِ‬

‫‪ . 1‬النساء (‪.174 ،)4‬‬


‫‪ . 2‬البقرة (‪.111 ،)2‬‬
‫‪ . 3‬األنبیاء (‪.24 ،)21‬‬
‫‪ . 4‬آل عمران (‪.183 ،)3‬‬
‫‪ . 5‬الغافر (‪.66 ،)40‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪37‬‬

‫َّ‬ ‫ْ ََ‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫َ ْ َ ّ َ ْ ُ َ َ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬


‫فيما اخ َتلفوا فيهِ َوم���ا اخ َتلف فيهِ ِإلا‬ ‫الن ِاس‬ ‫ال ِكت���اب ِبالح ِق ِليحكم بي���ن‬
‫َّ ُ‬
‫نات َب ْغ ًيا َب ْي َن ُه ْم َف َه َدى اهلل َّال َ‬
‫ذين َآم ُنوا ِلماَ‬ ‫جاء ْت ُه ُم ْال َب ّي ُ‬ ‫ذين أ ُوت ُوه ِم ْن َب ْع ِد ما َ‬ ‫ال َ‬
‫ِ‬
‫(((‬
‫قيم>‪.‬‬ ‫ُ َ‬
‫ـراط م ْست ٍ‬ ‫شاء ِإلى‏ ص ٍ‬ ‫ْاخ َت َل ُفوا فيهِ ِم َن ْال َح ّق بإ ْذ ِنهِ واهلل َي ْهدي َم ْن َي ُ‬
‫ِ ِِ‬
‫َ‬ ‫َ ّ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ َ َّ ٌ ْ َ ّ ُ ْ ُ ً َ ْ ٌ َ‬
‫آيات‬ ‫دى ورح َم���ة ف َم ْن أظل ُم ِم ّم ْن كذ َب ِب ِ‬ ‫<فق���د جاءكم ب ِينة ِمن ر ِبكم وه‬
‫ُ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ذين َي ْصد ُف َ‬
‫ون َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫وء ال َعذ ِاب ِبما كانوا‬ ‫آياتنا س‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫وص َدف َع ْنها َس َن ْج ِزي‬ ‫اهلل‬
‫َي ْصد ُف َ‬
‫ون>‪.‬‬
‫(((‬
‫ِ‬
‫ميع َع ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫<ل َي ْه ِل َك َم ْن َهل َك َع ْن َب ّي َنةٍ َوي ْحيى‏ َم ْن َح َّي َع ْن َب ّي َنةٍ وإ َّن اهلل ل َس ٌ‬
‫(((‬
‫ليم>‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ ّ َ ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬
‫(((‬
‫شاهد ِمنه>‪.‬‬ ‫<أ فمن كان على‏ ب ِينةٍ ِمن ر ِبهِ ويتلوه ِ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫(((‬
‫واء ُه ْم>‪.‬‬
‫َّ‬
‫وات َب ُعوا أ ْه َ‬ ‫وء َع َم ِلهِ‬ ‫ك َم ْن ُز ّي َن َل ُه ُس ُ‬ ‫َ َ َ َّ ْ َ ّ َ‬
‫هِ‬‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ةٍ‬ ‫ن‬ ‫ي‬‫ب‬ ‫ى‬
‫‏‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫كان‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫<أ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫االمتدادية ال يمكن أن تكون خالقة وموجدة أبدا)‬ ‫تبيين النكتة القادمة (وهو ّأن الحقيقة‬

‫املعینة‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬


‫العددیة‪ ،‬تكون حم���دودة حبدود أجزاهئ���ا ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجز ي���ة‬ ‫ّ‬
‫االمتدادی���ة‬ ‫احلقیق���ة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫لشء أبدا‪ ،‬كأن‬‫میكهنا أن تضیف عىل نفسها شیئا بالبداهة‪ ،‬فال تكون موجدة ومعدمة ي‬
‫حجرا آخر مثله _ ومها ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متجزئان _ وال تغفل من ّأن مجیع ما س���وی اهلل‬ ‫یوج���د مث�ل�ا حجر‬
‫ً‬ ‫حت الروح والنفس ج ّ‬ ‫متج���زئ یّ‬
‫ّ‬
‫یأت مفصال يف مبحث أس���طورة‬ ‫والن وامللك‪ ،‬كما ي‬ ‫تع���ایل‬
‫املجردات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫فإن ّادعاء‪« :‬ز یادة الشء أو نقصانه بنفس���ه»‪ ،‬مس���او ّ‬ ‫ّ‬
‫الدعاء‪« :‬كونه موجدا ومعدما‬ ‫ي‬
‫املتجزئ إن فرضنا ّأنه وجدناه‬
‫ّ‬ ‫الشء‬ ‫لغیره»‪ ،‬وال اختالف بیهنما إلاّ باالعتبار‪ ،‬حیث ّ‬
‫إن‬
‫ي‬
‫‪ . 1‬البقرة (‪.213 ،)3‬‬
‫‪ . 2‬األنعام (‪.157 ،)6‬‬
‫‪ . 3‬األنفال (‪.42،)8‬‬
‫‪ . 4‬هود (‪.17 ،)11‬‬
‫‪ّ .5‬‬
‫حممد (‪.14 ،)47‬‬
‫‪38‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫یصح لنا أن نقول‪ّ :‬‬ ‫ً‬


‫«إنه ز َید علیه بال علة س���وى نفس���ه»‪،‬‬ ‫زائ���دا علی���ه شء آخر‪ ،‬فمكا ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كذلك ّ‬
‫یصح لنا أن نعبـر عن ذلك بقولنا‪« :‬إنه أوجد شیئا آخر زائدا عىل نفسه»‪.‬‬
‫شء وال‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫بل ال اختالف بی التعبیر ین املذكور ین وبی أن نقول‪« :‬إنه قد وجد هناك ي‬
‫إیاد‬ ‫علة له سوى نفسه» إلاّ باالعتبار‪ .‬وذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫شء بال استناد إىل ج‬ ‫ي‬ ‫یوجد‬ ‫أن‬ ‫جاز‬ ‫إذا‬ ‫ه‬ ‫أن‬
‫شء آخر‬ ‫ن‬ ‫خ‬
‫الالق املتعال‪ ،‬فال فرق يف ذلك بی أن ننظر إلیه وكان هناك من قبل يف جنبه ي‬
‫ّ‬ ‫أم ال‪ ،‬كما ّأنه ال فرق ف ذلك ن‬
‫بی أن نعتبـر أحدمها علة لآلخر أم ال‪.‬‬ ‫ي‬
‫القرآن الكرمی‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ ُُْ ُ ً َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ون اهلل‏ ل ْن َيخلقوا ذبابا ول ِو ْاج َت َم ُعوا له>‪.‬‬ ‫ِ<إ َن‏ ال ِذ َين‏ ت ْد ُع َ ‏‬
‫ون ِم ْن‏ ُد ِ ‏‬
‫َْ ُُ ْ ُ‬
‫(((‬
‫خالقون؟!>‬ ‫<أ ‏م هم‏ ال ِ‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«كیف ینشـئ األشیاء من ال میتنع من اإلنشاء»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫(((‬
‫«لعجز كل مبتدأ عن ابتداء غیره»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ف���كل ما يف الخ لق ال یوجد يف خالق���ه‪ ،‬وكل ما میكن فیه میتنع يف صانعه‪...‬‬
‫ً‬
‫(((‬
‫إذا لتفاوتت أجزاؤه»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ول���و اجتم���ع مجیع حیواهنا من طیره���ا وهبامئها وما كان من مراحها وس���امئها‬
‫وأصناف أس���ناخها وأجناسها وأ كیاسها‪ ،‬عىل إحداث بعوضة ما قدرت عىل‬

‫احلج (‪.73 ،)22‬‬‫‪ّ .1‬‬


‫‪ . 2‬الطور (‪.35 ،)52‬‬
‫‪ . 3‬حبار االنوار‪ ،230 /4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،228 /4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪39‬‬

‫ّ‬
‫ولتحیرت عقوهلا يف علم ذلك‬ ‫إیاده���ا‬
‫إحداهثا‪ ،‬وال عرفت كیف الس���بیل إىل ج‬
‫وتاهت‪ ،‬وعجزت قواها وتناهت‪ ،‬ورجعت خاس���ئة حسیرة‪ّ ...‬‬
‫مقرة بالعجز عن‬
‫إنشاهئا‪ ،‬مذعنة بالضعف عن إفناهئا»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬
‫ب�ش��ء‪ ،‬كذلك ما مل یكن‬
‫ي‬ ‫لیس‬ ‫وهو‬ ‫ش���یئا‬ ‫ب�ش��ء ال یقدر أن خیلق‬
‫«مف���ا لیس ي‬
‫ً‬
‫(((‬
‫فیكون شیئا یسأل فال یعلم كیف كان ابتداؤه»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«لشهادة العقول ّأن كل صفة وموصوف خملوق‪ ،‬وشهادة كل موصوف ّأن له‬
‫ً‬
‫(((‬
‫خالقا لیس بصفة وال موصوف»‪.‬‬
‫الواهر عرف أن ال جوهر‬
‫«بتش���عیره املش���اعر عرف أن ال مش���عر له‪ ،‬وبتجهیره ج‬
‫ففر ق هبا ن‬
‫بی قبل وبعد لیعلم أن ال قبل له وال بعد‪ ،‬شاهدة بغرائزها أن‬ ‫له‪ّ ...‬‬
‫ال غر یزه ّ‬
‫ملغر زها»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬
‫«‪ ...‬یونس بن عبد الرمحن عن يأب احلسن الرضا؟ع؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬ال یكون إ‬
‫ما ش���اء اهلل وأراد وقضـى؟ فقال‪ :‬ال یكون إلاّ ما ش���اء اهلل وأراد ّ‬
‫وقدر وقضـى‪.‬‬
‫ق���ال‪ :‬قلت‪ :‬مفا معىن ش���اء؟ ق���ال‪ :‬ابتداء الفع���ل‪ .‬قلت‪ :‬مفا مع�ن�ى أراد؟ قال‪:‬‬
‫ّ‬
‫الشء م���ن طوله وعرضه‪.‬‬ ‫الثب���وت علیه‪ .‬قلت‪ :‬مف���ا معىن قدر؟ ق���ال‪ :‬تقدیر ي‬
‫(((‬
‫قلت‪ :‬مفا معىن قضـى؟ قال‪ :‬إذا قضاه أمضاه‪ ،‬فذلك الذي ال مرد ّ له»‪.‬‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪275 ،‬؛ االحتجاج ‪.255 / 4‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،182 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫‪ . 5‬املحاسن‪ ،244 / 1 ،‬حبار األنوار‪.122 / 5 ،‬‬
‫‪40‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫فال یكون املوجد واملعدم إ ما هو بخ الف االمتداد‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َْ‬ ‫ََُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫<ق ْل أ َرأ ْي ُت ْم ُش َر َ ُ ّ َ َ ْ ُ َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون ا ّلل ِه أ ُرون ‏ي ما ذا خلقوا ِم َن الأ ْر ِض‬ ‫كاءك ُم الذين تدعون ِمن د ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ َ‬
‫(((‬
‫أم لهم ِشرك فِي السماوات‏>»‬
‫���اب َه ْال َخ ْل ُق َع َل ْيه ْم ُق���ل ا َّلل ُ‬ ‫َ ْ َ َ ُ َّ ُ َ َ َ َ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫خال ُق‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ش‬ ‫ت‬ ‫<أم جعل���وا ِلل ِه ش���ركاء خلقوا كخل ِقهِ ف‬
‫َْ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ َ‬
‫(((‬
‫واح ُد الق ّهار>»‪.‬‬
‫ك ِ ّل ش ْي ٍ‏ء َوه َو ال ِ‬
‫املتفرد خبلق‬
‫ل�ی��‪ ،‬امسي واحد وأنا األح���د ّ‬ ‫األو ن‬‫ورب آبائك ّ‬ ‫«ی���ا عیىس أنا ّرب���ك ّ‬
‫وكل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫إل راجعون»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫شء من صنعي‬ ‫شء‪ ،‬وكل ي‬ ‫كل ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫«انفرد بصنعه األشیاء‪ ،‬فأتقهنا بلطائف التدبیر»‪.‬‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫«یوجد املفقود ویفقد املوجود‪ ،‬وال جتتمع لغیره الصفتان يف وقت»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫وتف���ردت خبل���ق الخ لق كلهم‪ ،‬مفا من بارئ مص ّ���ور صانع متقن غیرك‪...‬‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأش���هد ّأن الذی���ن اتخ���ذوا م���ن دون���ك آهل���ة ّأن آهلهت���م ال خیلقون ش���یئا وهم‬
‫(((‬
‫خیلقون»‪.‬‬

‫‪ . 1‬الفاطر (‪.40 ،)35‬‬


‫‪ . 2‬الرعد (‪.16 ،)13‬‬
‫الكاف ‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ 289 / 14 ،‬عن‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫األمال للشيخ‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪،319 / 4 ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪.422 /95 ،‬‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪41‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫شء بعلة له»‪.‬‬
‫ي‬ ‫ولیس‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫ة‬ ‫عل‬ ‫ثناؤه‬ ‫جل‬ ‫«إنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫والتحول‪:‬‬ ‫التغیر‬ ‫بل لیس يف إمكان املوجود املتجزئ إ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معط منتقص سواه»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ومعالة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن ذل���ك صفة املخلوق‬ ‫ج‬ ‫یعان األش���یاء مبباش���ـرة‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫م���ن‬ ‫أجل‬ ‫«ه���و‬
‫لاّ‬
‫واملعال���ة‪ ،‬وهو تعاىل ناف���ذ اإلرادة‬
‫ج‬ ‫ال���ذي ال جیيء األش���یاء ل���ه إ باملباش���ـرة‬
‫(((‬
‫واملشيئة ّفعال ملا یشاء»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫شء صن���ع‪ ،‬واهلل الخ ال���ق اللطی���ف ج‬
‫اللیل خلق‬ ‫ي‬ ‫مف���ن‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫صان���ع‬ ‫كل‬ ‫«و إن‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫وصنع ال من ي‬
‫یتغیر اهلل بانغیار املخلوق‪ ،‬كما ال ّ‬
‫«ال ّ‬
‫(((‬
‫ینحد بتحدید املحدود»‪.‬‬
‫ف�ل�ا وجه لفرض اس���تناد وج���ود املمكنات واملحدث���ات إىل ممكن أو ح���ادث آخر‪_ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫حمتاجی إىل جتش���م‬ ‫كم���ا يف بـره���ان الوجوب واإلم���كان‪ ،‬أو احلدوث والقدم _ وال نكون‬
‫االستدال ل إلبطال الدور والتسلسل بل ظهر مبا ّبی ّناه ّأن فرضها باطل يف نفسه‪.‬‬
‫ّ‬
‫موضوعي وال حنتاج إلبطاهلما‬ ‫وبعبارة أخرى‪ّ :‬إن التسلسل والدور يف أمر ج‬
‫اإلیاد حمال‬

‫البـر املشهتر بتوحيد ّ‬


‫املفضل بن عمر‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬خ‬
‫‪ . 2‬هنج البالغة‪124 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،274 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.247 ،‬‬
‫الكاف‪ ،120 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،174 / 4 ،‬عن التوحيد والعیون‪ .‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪37 ،‬؛ حبار األنوار‪.229 / 4 ،‬‬
‫‪42‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫إىل إقامه الدلیل عىل استلزامها املحال‪.‬‬


‫ً‬
‫مضافا إىل ّ‬
‫مبان أصحاب مدرس���ة الفلسفة إن مل‬
‫ي‬ ‫عىل‬ ‫إبطاله‬ ‫میكن‬ ‫ال‬ ‫التسلس���ل‬ ‫أن‬
‫نقل ّإن بناء عقائدهم یكون عىل جواز التسلسل‪ّ ،‬‬
‫فإنه مع القول ببطالن التسلسل هیدم‬
‫بنیان معارفهم من األساس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫ال إن شاء اهلل تعاىل _ ّ‬
‫الت أقیمت عىل بطالن‬‫ي‬ ‫ة‬ ‫األدل‬ ‫أن‬ ‫یأت مفص‬
‫توضیح ذلك _ كما ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫قسمی‪ ،‬قسم مهنا یدل عىل بطالن التسلسل من حیث استحالة‬ ‫التسلسل تكون عىل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الهة‪.‬‬ ‫الالمتناهي مطلقا‪ ،‬وقس���م آخر مهنا فال یدل علیه من هذه ج‬
‫باطال من رأسه‪ ،‬والقسم ّ‬‫ً‬ ‫القسم الثان مهنما ال ّ‬
‫األول لیس ألهل‬ ‫یمت يف نفسه و یكون‬ ‫ي‬
‫یتمس���كوا به أل نهّ م ال یعترفون باس���تحالة مطلق الالمتناهي‪ ،‬بل اعترافهم‬
‫الفلس���فة أن ّ‬
‫ّ‬ ‫بذل���ك یس���تلزم بطالن ّكل معارفه���م املبتنیة ع�ل�ى ّ‬
‫أزلیة العامل وقدم املوج���ودات وحتقق‬
‫الالمتناهي يف االمتداد والعدد‪.‬‬
‫ّ‬
‫یس���تقر هلم حجر‬ ‫وبالملة‪ ،‬إنهّ م إن اعترفوا باس���تحالة الالمتناهي عىل إطالقه‪ ،‬فال‬
‫ج‬
‫عىل حجر و یهندم أساس مطالهبم‪ .‬و إن مل‏ یقولوا به فال دلیل هلم عىل إبطال التسلسل‬
‫و إثبات واجهبم‪.‬‬
‫تقول الفلسفة‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إنه تعالى واجد لما یعطیه من الخلقة وش ��ؤونها وأطوارها‪ ،‬مليء بما یهبه ویجود‬
‫�مانیة یصعب‬ ‫ّ‬
‫بالمادة وأحكامها الجس � ّ‬ ‫ب���ه‪ ،‬و إن كانت أفهامن���ا من جهة اعتیادها‬
‫ّ ّ‬ ‫علیها ّ‬
‫كیفیة اتصافه تعالى ببعض ما یفیض على خلقه من الصفات ونس ��بته‬ ‫تصور‬
‫إلیه تعالى»‪.‬‬
‫(((‬

‫وملء مبا هیبه» فال ّبد لكم من‬ ‫ّ خ‬


‫ونقول‪ :‬إذا قلمت بأن الالق تعاىل «هو واجد ملا یعطیه ي‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.104 / 2 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫لاع لما ا‬
‫قلخلا دوجوب ّرقن َمِلو فیك‬ ‫!؟ ت‬ ‫‪43‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اال لتزام ّ‬


‫وعینیة ذاهتما فضال عن الصفات _ فال یسعكم‬ ‫باتصافه بصفات األش���یاء _ بل‬
‫ّ‬
‫سمانیة»‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ّ‬ ‫أن تقولوا‪ّ :‬‬
‫«إن ذلك یكون من جهة اعتیاد أفهامنا باملادة وأحكامها ج‬
‫ّ ن ّ‬ ‫ّ‬
‫بی العلة واملعلول»‪ ،‬أو «كون املعلول مرتبة من‬ ‫فإن مع االعتقاد بـ ‪«:‬وجوب السنخیة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مراتب وجود العلة ورابطة بالنسبة إلهیا»‪ ،‬و«امتناع كون املعطي فاقدا» وأمثال ذلك من‬
‫الالق عن الصفات ّ‬
‫املاد ّیة املخلوقة أوضح‬ ‫بتنزه ذات خ‬
‫الفلسفیة‪ ،‬امتناع القول ّ‬
‫ّ‬ ‫القواعد‬
‫من أن یخىف‪.‬‬
‫الالمتناهي‪ ،‬حقيقة أم خيال؟!‬
‫‪46‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫بيان األصل الثالث (وهو امتناع وجود الالمتناهي مطلقا)‪:‬‬

‫تقول المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬

‫▪ حدوث العامل حمال‪ ،‬وأزمنة وجوده ال متناهیة‪،‬‬


‫ّ‬
‫▪ املعلول مرتبة من مراتب وجود العلة‪،‬‬
‫▪ للوجود مرتبة غیر متناهیة ّ‬
‫الشدة‪،‬‬
‫(((‬‫ال ّ‬
‫سمي‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي ج‬ ‫▪ اهلل تعاىل هو الوجود الالمتناهي‪ ،‬الالمتناهي‬
‫ّ‬
‫ونقصد هاهنا الردّ على ذلك كله ببیان‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫▪ استحالة حتقق موضوع الالمتناهي مطلقا‪،‬‬
‫ّ ً‬
‫املبتن عىل كون الوجود مشككا‪،‬‬
‫ي‬ ‫▪ إبطال بـرهاهنم إل ثبات واجهبم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسفی ني حقیقة معىن العلة واملعلول‪،‬‬ ‫▪ الكشف عن حتر یف‬
‫ّ ً‬
‫▪ إبطال كون الوجود مشككا‪،‬‬
‫ّ‬
‫تنزه وجود الخ الق عن الخ لق كله‪،‬‬
‫▪ بیان ّ‬

‫‪ . 1‬مال صدرا‪« :‬فليجز أن يكون يف الوجود جسم إهلي ليس كمثله شـيء وهو السميع البصير»‪ .‬شـرح‬
‫الكاف‪،‬‏‪.207 _ 205/ 3‬‬
‫ي‬ ‫أصول‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪47‬‬

‫حد «ال‬ ‫املتجزئ یس���تحیل أن تصل من طرف الز یاده إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العددیة واملوجود‬ ‫ّ‬
‫املاهیة‬
‫ً‬ ‫یتناه���ی» و»غی���ر حمدود»‪ّ ،‬‬
‫فإن نفس جواز التكرار فهیا دلیل عىل تناهيه دامئا‪ ،‬فال یكون‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫املتجزئ عىل حن���و ال میكنه الز یادة بل هي حمدودة وقابل���ة للز یادة علهیا دامئا‬ ‫املوج���ود‬
‫لاّ‬
‫و إ یلزم‪:‬‬
‫ألف‪ :‬خالف الذات‬
‫ب‪ :‬خالف الفرض‬
‫ج‪ :‬خالف البداهة‬
‫ً‬
‫ونقول مضافا إىل ذلك‪:‬‬
‫‪ّ .1‬إن ما فرض غیر حمدود وبال هنایة وغیر متزائد فهل له نصف وأجزاء أم ال ؟! فإن مل‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫عددیا _ وحینئذ فالتعبیر عنه باأل كبـر واأل كمل واأل كثر‬ ‫امتدادیا وال‬ ‫یكن له نصف فلیس‬
‫ّ‬
‫واألشد واألز ید واألوسع‪ّ ...‬مما ال یرجع إىل معىن معقول‪ ،‬و یستلزم التناقض‪_ .‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و إن كان له نصف‪ ،‬فالنصف منه ّإما یساوي الكل أو أقل منه أو أ كثر‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واألول خالف ما فرضناه نصفا‪،‬‬

‫ومما ناقض به صاحب األسفار وشيخه أصول مدرسهتما ومعتقداهتما هو قوله‪:‬‬ ‫‪ّ .1‬‬
‫ّ ّ‬
‫اإلهلية كل ما دخل يف الوجود فهو متناه»‪ .‬مال‬ ‫«ومن هذا القبيل قول الشيخ العر يّب يف التدبيرات‬
‫صدرا‪ ،‬األسفار‪ .306 / 2 ،‬و اهلل تعایل عندهم هو كل األشیاء!‬
‫‪48‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬


‫أیضا حمدود ّ‬ ‫ّ‬
‫ألنه لیس إ نصفا ونصفا‪ ،‬واملحدود مع املحدود‬ ‫والثان مفحدود فالكل‬‫ي‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫لیس إ حمدودا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫حمدودیة ما فرضناه غیر‬ ‫والثالث _ مضافا إىل ّأنه خالف ما فرضناه نصفا _ یدل عىل‬
‫ً‬
‫حمدود وبال هنایة أیضا‪.‬‬
‫ً ّ ً‬
‫معینا ّمما فرضناه غی���ر حمدود وال متناه فنقول‪:‬‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫نك���رر البـرهان بعد م���ا نقصنا مقدارا‬
‫ّ‬
‫الناقص ّإما أن یساوي الكل أو‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫‪ّ .3‬إن م���ا حیتم���ل الز یادة والنقص���ان فال یتحقق إ بتحقق متام أجزائه وتش���خصها‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ ً‬ ‫والالمتناه���ي ال هنایة ألجزائه ىّ‬
‫حت میكن أن یكون حمققا بتمام أجزائه و إ كان متناهیا‪.‬‬
‫مترتب���ة يف الوجود من حیث الزمان‬ ‫بی أن یكون األجزاء املفروضة ّ‬ ‫وال ف���رق ف ذل���ك ن‬
‫ي‬
‫الثان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫_ كنف���س أج���زاء الزمان _‪ ،‬أو مترتبة من حیث املكان _ كنفس أجزاء املكان _ فإن ي‬
‫لاّ‬ ‫أیضا ال میكن وجود ّ‬‫ً‬
‫أي جزء منه إ بعد فرض وجود عدد غیر متناه من تلك األجزاء يف‬
‫ّ‬ ‫نف���ساألم���ر ىّ‬
‫ح�ّتتمیكن���هأنیق���ع يفحمل���هأومرتبت���هاملخصوص���ةب���ه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ .4‬فرض وجود الشء بال هنایة یس���تلزم عدمه وذلك ّ‬
‫ألن نسبة كل النقاط املفروضة‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فیه مع الكل ّإما متساو یة و إما متفاوتة‪ ،‬فإن كانت متساو یة فالنقاط منطبقة والفواصل‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫معدومة فالكل عدم‪ ،‬و إن كانت متفاوتة فاختالف املقادیر احلاصل من النسب املختلفة‬
‫ّ‬
‫یستلزم تناهي الكل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫واقعیا _ ال میكن ف���رض الز یادة‬ ‫وع�ل�ى ه���ذا مفن زع���م ّأن الالمتناهي یكون موج���ودا‬
‫علیه‪ ،‬أو ال یتزاید مبا یزاد علیه‪ ،‬وال یتناقص مبا ینقص منه _ لقد خلط ن‬
‫بی أحكام العقل‬
‫والوهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫و إلیك بعض ما یدل على المالزمة بین العدد واالمتداد والتناهي‪:‬‬
‫يف مناظرة رسول اهلل صىل اهلل‏علیه‏و‏آله مع الدهر ّیة‪:‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪49‬‬

‫«أ ولسمت تشاهدون اللیل والهنار وأحدمها بعد اآلخر؟ فقالوا‪ :‬نعم‪ ،‬فقال؟ص؟‪:‬‬
‫أفتروهنم���ا مل ی���زاال وال یزالون؟ فقالوا‪ :‬نعم؛ ق���ال؟ص؟‪ :‬أفیجوز عندكم اجتماع‬
‫اللیل والهنار؟ فقالوا‪ :‬ال‪ ،‬فقال‪ :‬فإذن ینقطع أحدمها عن اآلخر فیسبق أحدمها‬
‫ً‬
‫الثان جاریا بعده‪ ،‬فقالوا‪ :‬كذل���ك هو‪ ،‬فقال؟ص؟‪ :‬قد حمكمت حبدوث‬
‫ویك���ون ي‬
‫ما ّ‬
‫(((‬
‫تقدم من لیل أو هنار ومل تشاهدومها فال تنكروا هلل قدرته»‪.‬‬
‫«أتقول���ون ما قبلكم من اللیل والهنار متناه أم غیر متناه؟ فإن قلمت غیر متناه‬
‫ّ‬
‫شء‬‫ي‬ ‫وال‬ ‫كان‬ ‫فق���د‬ ‫متناه‬ ‫ه‬‫إن‬ ‫فق���د وص���ل إلیكم آخر بال هنایة ّألول���ه‪ ،‬و إن قلمت‬
‫(((‬
‫مهنما»‪.‬‬
‫نبیكم يف املسیح من أین أثبت له الخ لق ونیف عنه‬ ‫عما قاله ّ‬ ‫فخبـر ن اآلن ّ‬
‫ي‬
‫«‪ّ ...‬‬
‫نی؟!»‬ ‫اإلهلیة وأوجب فیه النقص وقد عرفت ما یعتقد فیه كثیر من ّ‬
‫املتدی ن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتغیر‬ ‫أثبت له الخ لق بالتقدیر الذي لزمه‪ ،‬والتصویر‬ ‫املؤمنی؟ع؟ ‪ّ :‬‬
‫ن‬ ‫فقال أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الت مل ینفك عهنا والنقصان»‪.‬‬ ‫من حال إىل حال‪ ،‬والز یادة ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء إىل مثله كان أ كبـر»‪.‬‬ ‫«إنه مىت ما ضم ي‬
‫یس���ألن أحد عهن���ا قبلك وال‬
‫ي‬ ‫س���ألتن عن مس���ألة مل‬
‫ي‬ ‫«فق���ال له عبد الكر می‪:‬‬
‫ّ‬
‫یسألن أحد بعدك عن مثلها‪ ،‬فقال أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪ ...:‬إنك تزعم ّأن األشیاء‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫من ّ‬
‫(((‬
‫األول سواء((( فیكف قدمت((( وأخرت»‪.‬‬
‫‪ . 1‬االحتجاج‪.21 / 1 ،‬‬
‫‪ . 2‬االحتجاج‪ ،21 /1 ،‬عنه حبار االنوار‪.261 / 9 ،‬‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫األمال للشيخ‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪،56 / 10 ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،47 /3 ،‬التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 5‬ال ابتداء هلا وال تناهي‪.‬‬
‫‪ّ .6‬‬
‫فإن التقدمی والتأخیر فرع االمتداد‪ ،‬واالمتداد میتنع فیه عدم التناهي‪.‬‬
‫‪ . 7‬التوحيد‪.297 ،‬‬
‫‪50‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫تاما((( وما مل یكن‬ ‫«وم���ا احتم���ل الز یادة كان ناقصا((( وما كان ناقصا مل یك���ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫تاما كان عاجزا ضعیفا»‪.‬‬
‫ألب احلسن؟ع؟ ‪:‬‬ ‫قال بعض الزنادقة ي‬
‫ّ ّ‬ ‫«فح���ده((( ل‪ ،‬ق���ال‪ّ :‬إنه ال ّ‬
‫ّ‬
‫ألن كل حم���دود((( متناه إىل‬ ‫حی���د((( قال‪ :‬مل؟ ق���ال‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ح���د((( فإذا احتم���ل التحدید‪ ،‬احتم���ل الز ی���ادة‪ ،‬و إذا احتمل الز ی���ادة احتمل‬
‫متجز ئ وال ّ‬
‫النقصان‪ ...‬فهو غیر حمدود وال متزائد وال ّ‬
‫(((‬
‫متوهم»‪.‬‬
‫ّ‬
‫والكیفیة مستلزم لالمتداد املستلزم للتناهي‪:‬‬ ‫التجزي واختالف الصفة‬‫ّ‬ ‫ّإن‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬
‫(((‬
‫«ومل حتط به الصفات فیكون بإدرا كها ّإیاه باحلدود متناهیا»‪.‬‬
‫اإلمام املجتىب؟ع؟ ‪:‬‬
‫«الذي مل یكن له‪ ...‬اختالف صفة فیتناهی»‪.‬‬
‫(‪((1‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫(‪((1‬‬ ‫ّ‬
‫الكیفیة جهة الصفة واإلحاطة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«إن‬
‫ً‬
‫‪ . 1‬دامئا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ . 2‬أبدا‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار االنوار‪ ،194 / 3 ،‬اإلهلیلجة‪.‬‬
‫‪ . 4‬أي ِصفه‪.‬‬
‫‪ . 5‬أي ال یوصف فال یعرف‪.‬‬
‫‪ . 6‬أي موصوف‪.‬‬
‫فإن التعر یف والتوصیف فرع االمتداد املستلزم للتناهي‪.‬‬ ‫‪ّ .7‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،15 / 3 ،‬علل الشرائع‪.‬‬
‫‪ . 9‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 10‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 11‬التوحيد‪.247 ،‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪51‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫ّإن االمتداد قلیل دامئا جلواز الز یادة علیه أبدا‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«كل ّ‬‫ّ‬
‫(((‬
‫مسمى بالوحدة غیره قلیل»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلقیق فال یوصف بالقلة والكثرة موضوعا)‪.‬‬ ‫يّ‬ ‫(وأما الواحد‬
‫و«حت م» فرع االمتداد املستلزم للتناهي‪:‬‬ ‫ىّ‬ ‫ّإن قولنا‪« :‬إىل م»‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫غیاه»‪.‬‬ ‫«ومن قال‪‘‘ :‬إىل م؟’’ فقد ّهناه‪ ،‬ومن قال‪ :‬ىّ‬
‫‘‘حت م؟’’ فقد ّ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫كما ّأن الوصف ّ‬
‫واحلد لیس إ لالمتداد املستلزم للتناهي أیضا‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫«وال ّ‬
‫(((‬
‫حتد فتكون حمدودا»‪.‬‬
‫ّمث ّإن���ه كم���ا قلنا ّإن اهلل تع���اىل ال یوصف من حیث الذات والوج���ود بالتناهي وعدم‬
‫العددي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫فإنه إن فرض‬ ‫الذات عن العل���م‬ ‫ي‬ ‫لتعالیه‬ ‫‪،‬‬ ‫أیضا‬ ‫تعاىل‬ ‫م���ه‬‫عل‬ ‫التناه���ي‪ ،‬فكذلك‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫عددیا امتدادیا للزم تناهیه مطلقا‪:‬‬ ‫علمه‬
‫ال ّنة والنار؟‬ ‫ّ‬
‫«‪ ...‬مث ق���ال الرض���ا؟ع؟ ‪ :‬یا س���لیمان‪ ،‬هل یعلم اهلل مجیع م���ا يف ج‬
‫ّ ّ ّ‬
‫عز وج���ل أنه یكون من ذلك؟‬ ‫قال س���لیمان‪ :‬نعم‪ .‬ق���ال‪ :‬فیكون ما علمه اهلل‬
‫لاّ‬ ‫ىّ‬
‫شء إ كان‪ ،‬أیز یدهم أو یطویه‬ ‫ق���ال‪ :‬نع���م‪ .‬قال‪ :‬فإذا كان حت ال یبىق من���ه ي‬
‫عهنم؟ قال س���لیمان‪ :‬بل یز یدهم‪ .‬قال‪ :‬ف���أراه يف قولك‪ ،‬قد زادهم ما مل یكن‬
‫ّ‬
‫يف علمه أنه یكون‪ .‬قال‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬فاملز ید ال غایة له‪ .‬قال‪ :‬فلیس حییط‬
‫علم���ه عندكم مب���ا یكون فهیما إذا مل یعرف غایة ذل���ك! و إذا مل حیط علمه مبا‬

‫‪ . 1‬حباراألنوار‪ ،309 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،194 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫ّ‬
‫السجادية‪212 ،‬؛ حبار األنوار‪.263 / 93 ،‬‬ ‫‪ . 3‬الصحيفة‬
‫‪52‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عل���وا كبیرا»‪.‬‬
‫(((‬
‫فهیم���ا مل یعلم ما یكون فهیم���ا أن یكون! تعاىل اهلل عن ذلك‬
‫وف البحار‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبني على ّأن الغير‬
‫لعل هذا السؤال والجواب ّ‬ ‫المصنف في هامش الكتاب‪:‬‬ ‫«قال‬
‫يقفي يستحيل وجود أفراده بالفعل وخروجه من ّ‬
‫القوة إلى الفعل‪...‬‬ ‫المتناهي الال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن حقيق���ة ال�ل�ا ّ‬
‫يقفية تقتضي ذل ��ك‪ ،‬فإنه لو خ ��رج جميع أفرادها إل ��ى الفعل ولو‬
‫ّ‬
‫كانت غير متناهية يقف ما فرضنا أنه ال يقف‪ ،‬ويلزم في أجزاء الجس ��م الجزء الذي‬
‫ّ‬
‫العددية أن ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫يتصور فوقه عدد آخر‬ ‫يتج���زى كما ل���زم على النظام‪ ،‬وفي المراتب‬ ‫ال‬
‫وه���و خالف البديهة‪ ،‬بل مفهوم الجميع ومفهوم الال يقف متنافيان كما ّقرروه في‬
‫موضعه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكيفية ال يمكن اإلحاطة به‪ ،‬فلعله يكون‬ ‫وأما نحو علمه سبحانه بها فهو مجهول‬
‫على نحو ال يجري فيه بـراهين إبطال التسلسل واهلل يعلم»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫ن‬
‫بـراه�ي�� إبطال‬ ‫أق���ول‪ :‬قول���ه ّقدس اهلل روح���ه‪« :‬لعله يك���ون عىل حنو ال جي���ري فيه‬
‫ّ‬ ‫ً لاّ‬ ‫ّ‬ ‫التسلسل»‪ّ ،‬‬
‫العددیة‪ ،‬واهلل تعایل خالق‬ ‫یتصور موضوعا إ يف احلقیقة‬ ‫ألن التسلسل ال‬
‫األعداد‪ّ ،‬‬
‫ومنزه عهنا‪.‬‬

‫اآليات القرآنيّ ة في استحالة الال متناهي‬


‫ىّ‬ ‫وعىل القائل بعدم التناهي‪ ،‬أن ّ‬
‫یفسـر أمثال هذه النصوص‪ ،‬وأن له بذلك وهو یعتقد‬
‫َََ ُ َ‬ ‫بأن املوجودات غیر متناهیة‪ّ .‬‬
‫ق ك َل‏ شي‏ء>‬ ‫فإنه من الواضح ّأن أمثال قوله تعاىل‪< :‬خل ‏‬ ‫ّ‬
‫یستلزم تناهي وجود املخلوقات‪ ،‬ضـرورة ّأنه لو كانت املخلوقات ال متناهیة فال میكن أن‬
‫َََ ُ َ‬ ‫ً‬
‫<ی ِز ُید‬
‫یصح أن یقال‪َ :‬‬
‫ّ‬ ‫ق ك َّل‏ شي‏ء >‪ ،‬كما ال‬ ‫حت ّ‬
‫یصح أن یقال‪< :‬خل ‏‬ ‫أبدا ىّ‬ ‫ّ‬
‫یمت أمر خلقها‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،333 _ 332 /10 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.332 / 10 ،‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪53‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫لق َما َیش���اء> أو‪ ،...‬بل الالزم من ف���رض عدم تناهي املخلوقات هو امتناع وجود‬ ‫فِي الخ ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إیاد كل فرد من املخلوقات‬ ‫املخل���وق مطلقا فضال عن امتناع عدم تناههیا‪ ،‬وذل���ك ّأن ج‬
‫إیاد أفراد ال متناهیة أو أجزاء ال متناهیة من خ‬ ‫لاّ‬
‫اللق قبله‪ ،‬وحیث‬ ‫میتن���ع إ بع���د انقضاء ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء مطلقا‪.‬‬ ‫إن انقضاء ما ال یتناهی حمال فیلزم أن ال یوجد ي‬
‫َ ْ ً ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َ‬
‫(((‬
‫ل ش ْي‏ء>‪.‬‬ ‫<و ن َّزلنا َعل ْي َك‏ ال ِكتاب‏ ِتبيانا ِلك ِ ‏‬
‫َ ُ َ َ ْ َ َّ ْ ُ َ ْ‬
‫(((‬
‫ناه‏ تف ِصيلا>‪.‬‬ ‫<و كل‏ شي ٍ‏ء فصل‬
‫ْ‬ ‫َ ٌ َ َ َ ُ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ ُ ُ َ ُ َ َ ٌ َ ْ َ ُ ْ َ‬
‫(((‬
‫صاحبة وخلق كل شي‏ء>‪.‬‬ ‫ون له‏ ولد ولم‏ تكن‏ له‏ ِ‬ ‫<أنى‏ يك ‏‬
‫َ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫يل ك ِ ّل ش ْي‏ء>‪.‬‬ ‫يق ال ِذي‏ َب ْي َن‏ َي َد ْيهِ‏ َوتف ِص‬ ‫لك ْن‏ ت ْص ِد َ ‏‬‫<و ِ‬ ‫َ‬
‫َ ََ ُ َ ََ َ َْ‬
‫(((‬
‫<وخل َق‏ ك َل‏ ش ْي ٍ‏ء فق ّد َر ُه‏ تق ِديرا>‪.‬‬
‫َ ََ ُ َ ََ َ َْ‬
‫(((‬
‫<وخل َق‏ ك َل‏ ش ْي ٍ‏ء فق ّد َر ُه‏ تق ِديرا>‪.‬‬
‫َّ َ ْ َ َ ُ َ َ‬
‫(((‬
‫<ص ْن َ ‏ع اهلل‏ ال ِذي‏ أتقن‏ كل‏ شي‏ء>‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫(((‬ ‫ُ َ َ‬
‫ن اهلل‏ َعلى‏ ك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء ق ِدير>‪.‬‬ ‫<يز ُيد في‏ ْال َخ ْلق‏ ما َي ُ‬
‫شاء‪ِ ،‬إ َ ‏‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫(((‬
‫مام ُم ِبين‏>‪.‬‬ ‫<وك َل‏ ش ْي ٍ‏ء أ ْح َص ْي ُ‏‬
‫ناه فِي‏ ِإ ٍ ‏‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫(‪((1‬‬
‫<اهلل‏ خ ِال ُق‏ ك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء>‪.‬‬

‫‪ . 1‬النحل (‪.90 ،)16‬‬


‫‪ . 2‬اإلسـراء (‪.18 ،)12‬‬
‫‪ . 3‬األنعام (‪.102 ،)6‬‬
‫‪ . 4‬يوسف (‪.112 ،)12‬‬
‫‪ . 5‬الفرقان (‪.3 ،)25‬‬
‫‪ . 6‬النور (‪.46 ،)24‬‬
‫‪ . 7‬النمل (‪.89 ،)27‬‬
‫‪ . 8‬الفاطر (‪.2 ،)35‬‬
‫‪ . 9‬يس (‪.13 ،)36‬‬
‫‪ . 10‬الزمر (‪.63 ،)39‬‬
‫‪54‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ َّ َ ْ َ ُ َ َ ْ َ ْ َ ً ْ ً‬
‫وعلما>‪.‬‬
‫(((‬
‫<ربنا و ِسعت‏ كل‏ شي ٍ‏ء رحمة ِ‬
‫َّ ُ َّ َ ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫(((‬
‫ناه‏ ِبق َدر>‪.‬‬ ‫ِ<إنا كل‏ شي ٍ‏ء خلق‬
‫هادةِ ْال َكب ُير ْال ُم َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ َّ‬
‫الش َ‬ ‫َ ُ ُّ َ ْ ْ َ ُ ْ‬
‫عال‏>‪.‬‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫‏‬
‫ب‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ال‬ ‫‏‬
‫م‬ ‫عال‬
‫ِ‬ ‫<وكل شي ٍ‏ء ِعنده ِب ِم ٍ‬
‫ار‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫((( و (((‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ َ ْ َْ ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ َْ َ‬
‫(((‬
‫ل شي ٍ‏ء قدرا>‪.‬‬ ‫هلل ِلك ِ ‏‬
‫لا ‏‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫بالغ‏ أم ِرهِ‏ قد جع ‏‬ ‫ن اهلل‏ ِ‬‫ِ<إ َ ‏‬
‫ْ ً‬ ‫َْ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫حاط ِبك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء ِعلما>‪.‬‬ ‫<وأ َ ‏‬
‫ن اهلل‏ قد أ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫<وأ ْحصى‏ ك َل‏ ش ْي ٍ‏ء َع َددا>‪.‬‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ‬
‫(((‬
‫كتابا>‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫<وك َل‏ ش ْي ٍ‏ء أحصيناه‏ ِ‬ ‫َ‬

‫‪ . 1‬الغافر (‪.8 ،)40‬‬


‫‪ . 2‬القمر (‪.50 ،)54‬‬
‫‪ . 3‬الرعد (‪.11 _ 10 ،)13‬‬
‫ن‬
‫متناهيي فال إش���كال‪.‬‬ ‫‪ .4‬إن قيل يف أمثال هذه اآلية الش���ـر يفة‪ّ :‬إن العامل واملعلوم كلهيما غير‬
‫ً‬
‫قلن���ا‪ّ :‬إن ع���دد العامل واملعل���وم يز يد عىل املعلوم وحده‪ ،‬فهو متناه؛ كما أن عدد ما يكون غيبا وش���هادة‬
‫ً‬
‫يز يد عىل الغيب وحده وعىل الش���هادة وحدها فهم���ا متناهيان‪ ،‬مضافا إىل بداهة تناقض االعتقاد‬
‫بتعدد غير املتناهي يف نفسه‪.‬‬‫ّ‬
‫ً‬
‫غيرمتناهيي فهما ّمتحدتان مصداقا‪ ،‬قلنا‪:‬‬
‫ن‬ ‫إن قيل‪ :‬إذا كانت الذات وغيرها من الصفات واألشياء‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تحّ‬
‫ّإن���ه إن كان هن���اك صفة وموصوف فيمتنع احلك���م با ادمها ذاتا وعينيهتما مصداقا‪ ،‬لش���هادة كل‬
‫ّ‬
‫متعددين بالضـرورة‪ ،‬و إذا‬‫صف���ة أنهّ ا غير املوصوف وش���هادة ّكل موصوف ّأنه غير الصف���ة‪ ،‬فيكونان ّ‬
‫تعدد الذات والصفات دليل عىل امتناع عدم‬ ‫تعددا فيمتنع عدم تناههيما بالبداهة‪ ،‬وعليه ففرض ّ‬ ‫ّ‬
‫تعددمها وع���دم تناههيما‪ .‬هذا‪ ،‬مع العلم ّ‬
‫بأن ما‬ ‫عي ّ‬ ‫تهناههيم���ا ف أنفس���هما ال أنهّ ما ّمتحدتان ف ن‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫متج���زئ‪ ،‬واهلل جل وعال يخ الف االمتداد و يباي���ن العدد فيمتنع أن‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫س���وى خ‬
‫الال���ق تعایل‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مفصال إن ش���اءاهلل تعایل يف مبحث نس���بة‌اهلل تعایل‬ ‫یأت البحث عن ذلك‬ ‫يتحدا عينا ومصداقا و ي‬
‫مع الصفات‪.‬‬
‫‪ . 5‬الطالق (‪.4 ،)65‬‬
‫‪ . 6‬الطالق (‪.13 ،)65‬‬
‫ال ّن (‪.29 ،)72‬‬ ‫‪ .7‬ج‬
‫‪ . 8‬النباء (‪.30 ،)78‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪55‬‬

‫َ ْ ُ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ َّ ُ َ َ َّ‬
‫ن ل َعلك ْم‏ تذك ُرون‏>‪.‬‬
‫(((‬
‫<و ِمن‏ ك ِل‏ شي ٍ‏ء خلقنا زوجي ِ ‏‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ ُ َّ‬ ‫َ َّ‬
‫(((‬
‫واج كلها>‪.‬‬ ‫ق الأز ‏‬ ‫<س ْبحان‏ ال ِذي‏ خل ‏‬ ‫ُ‬
‫ُ َ َ‬
‫خال ُق‏ ك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء ف ْاع ُب ُدوه‏>‪.‬‬ ‫َ َّ ُ‬
‫(((‬
‫<لا ِإله‏ ِإلا ه َو ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ ًّ ُ َ َ ُّ ُ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َْ َ‬
‫(((‬
‫<قل‏ أ غير اهلل‏ أب ِغي‏ ربا وهو رب ك ِل شي‏ء>‪.‬‬
‫ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫شاء َور ْح َم ِتي‏ َو ِس َعت‏ ك َل‏ ش ْي‏ء>‪.‬‬ ‫يب‏ بهِ‏ َم ْن‏ أ ُ‬
‫ِ‬
‫<قال‏ َعذابي‏ أ ِص ُ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫ن َربِّي‏ َعلى‏ ك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء ح ِفيظ>‪.‬‬
‫َ‬ ‫ِ<إ َ ‏‬
‫ََْ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ُ َّ َ‬
‫(((‬
‫<قال‏ َر ّب َنا ال ِذي‏ أ ْعطى‏ ك َل‏ ش ْي ٍ‏ء خلق ُ ‏ه ث َم‏ َهدى‏>‪.‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫َ ُْ‬
‫(((‬
‫ن اهلل‏ َعلى‏ ك ِل‏ ش ْي ٍ‏ء ق ِدير>‪.‬‬ ‫شاء ِإ َ ‏‬ ‫ق اهلل‏ ما َي ُ‬ ‫<يخل ُ ‏‬
‫ٌ َّ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬
‫(((‬
‫<لا ِإ َله‏ ِإلا ُه َو ك ُل‏ ش ْي ٍ‏ء ها ِلك‏ ِإلا َو ْج َهه‏>‪.‬‬
‫ُ َ َ‬ ‫ُ ْ ُ َّ ْ َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫(‪((1‬‬
‫ن اهلل‏ َعلى‏ ك ِ ّل‏ ش ْي ٍ‏ء ق ِدير>‪.‬‬ ‫آخ َرة(‪ِ ((1‬إ َ ‏‬‫ئ النشأة ال ِ‬ ‫م اهلل‏ ين ِش ‏‬ ‫<ث َ ‏‬
‫ْ‬ ‫َّ َ ْ َ َ ُ َ َ ْ َ َ َ ُ َ َ َ َ ْ َ ْ ْ‬
‫(‪((1‬‬
‫سان‏ ِمن‏ ِطين‏>‪.‬‬ ‫ق ال ِإن ِ‬ ‫د خل ‏‬ ‫<ال ِذي‏ أحسن‏ كل‏ شي ٍ‏ء خلق ‏ه وب أ‬
‫ق م ْث َل ُه ْم‏ َبلى‏ ُ‬‫ن َي ْخ ُل ‏َ‬ ‫َ‬
‫وال َأ ْر َض بقادر َعلى‏ أ ‏ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ْ َّ‬
‫وهوَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫���ماوات‬
‫ِ‬ ‫<أ َولي َس ال ِذي خلق الس‬
‫ّ‬

‫‪ . 1‬الذار يات (‪.51 ،)51‬‬


‫‪ . 2‬يس (‪.37 ،)36‬‬
‫‪ . 3‬األنعام (‪.103 ،)6‬‬
‫‪ . 4‬األنعام (‪.165 ،)6‬‬
‫‪ . 5‬األعراف (‪.157 ،)7‬‬
‫‪ . 6‬هود (‪.58 ،)11‬‬
‫‪ . 7‬طه (‪.51 ،)20‬‬
‫‪ . 8‬النور (‪.46 ،)24‬‬
‫‪ . 9‬القصص (‪.89 ،)28‬‬
‫یّ‬ ‫ً‬ ‫‪ . 10‬فلو كان ما ّ‬
‫تقدم من عمر الدنیا غیر متناه مل ینته إیل هنایة أبدا حت میكن إنشاء نشأة‌أخری‪.‬‬
‫‪ . 11‬العنكبوت (‪.21 ،)29‬‬
‫‪ . 12‬السجدة (‪.8 ،)32‬‬
‫‪56‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ‬ ‫ْ َ َّ ُ ْ‬
‫الخلاق الع ِليم‏>‪.‬‬
‫(((‬

‫ق‬
‫ْ ُْ‬
‫ن َيخل َ ‏‬
‫َ‬
‫���اد ٌر َعل���ى‏ أ ‏‬ ‫ق‬ ‫‏‬
‫ض‬ ‫ر‬
‫َ‬
‫َ ْ ْ َ‬
‫���أ‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫���ماوات‬‫الس‬ ‫���م َي َ���ر ْوا َأ َّن اهلل ّال���ذي َخ َل َ‬
‫���ق َّ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ل‬
‫َََ‬
‫<أ و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬
‫(((‬
‫ِمثل ُهم‏>‪.‬‬
‫یتوهم ّأنه (∞ = الالمتناهي)‪:‬‬ ‫ّمث ّإنه قد ّ‬
‫∞=∞‪∞+‬‬
‫∞=∞ـ∞‬
‫∞=∞‪∞+‬‬
‫∞=‪∞÷a‬‬
‫∞=‪∞÷0‬‬
‫∞=‪a÷0‬‬
‫فلیعل���م ّأن بی���ان أمثال هذه العبارات ف علم الر ّ‬
‫یاضیات واهلندس���ة والفیز یا ال صلة‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫بیهن���ا ن‬
‫وبی االعتق���اد بوجود الالمتناهي املزع���وم أصال‪ ،‬بل املراد من تل���ك العبارات هو‬
‫ّ‬ ‫تبی�ی�� أح���كام الالمتناهي الذي ال یق���ف إیل ّ‬
‫ن‬
‫حد ولكن كل ما وج���د منه بالفعل یكون‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الفارسیة» يف معىن « المتناهي»‪:‬‬ ‫حمدودا متناهیا‪ ،‬وهو كما قد جاء يف «دائرة املعارف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متغیر دائما‪ّ ،‬إن المق ��دار الثابت مهما كان قلیال‬
‫الریاضی���ات ّ‬
‫ّ‬ ‫«الالمتناه���ي في علم‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الریاضیات»‪.‬‬ ‫وصغیرا [أو كثیرا] ال یكون الال متناهي المقصود في علم‬
‫قال صدر الفالسفة‪:‬‬
‫ّ‬
‫«قال���ت الحكماء كل كث���رة لها اجتم ��اع وترتیب في الطبع أو ف���ي الوضع فدخول‬
‫وأما إذا لم یجتمع كالحركات واألزمنة أو اجتمعت وال ترتیب ال‬‫الالنهایة فیها ممتنع ّ‬

‫في الطبع كالعلل والمعلوالت وال في الوضع كالمقادیر فاحتمال الزیادة والنقصان‬

‫‪ . 1‬يس (‪.82 ،)36‬‬


‫‪ . 2‬اإلسـراء (‪.100 ،)17‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪57‬‬

‫فیها ال یوجب التناهي‪.‬‬


‫(((‬

‫وقد أش���كل عل���ی كثیر من أهل النظر هذا إذا لم یش ��ترطوا ف ��ي احتمالهما للتناهي‬
‫إمكان المطابقة فصار ذلك ش���بهة عظیمة وقعوا بسببها في ضالالت كثیرة فمنهم‬
‫ّ‬
‫من جحد بقاء النفوس بعد بوار البدن‪ ...‬ومنهم من ذهب إلی حق ّیة التناسخ‪...‬‬
‫ومنهم م���ن ذهب إلی وجوب تناهي الحركات واالنفع ��االت و إن أوجب التعطیل‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫�أن كل ما یحتم ��ل الزائد‬ ‫ف���ي صن���ع اهلل وج���وده‪ ...‬كل ذل ��ك ألج ��ل اعتقادهم ب �‬
‫ّ ّ‬
‫بأن كل ما یحتمل‬ ‫والناقص فهو متناه‪ .‬والذي یكش���ف عن هذه الشبهة ّأن العلم‬
‫ً‬
‫(((‬
‫الزیادة والنقصان یكون متناهیا‪»...‬‬
‫إیل آخر كالمه الذي یأت؛ وقد أجاد ف ّ‬
‫الرد علیه من قال(((‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫«ف���إن قلت‪ّ :‬إن مراتب األع���داد غیر متناهیة‪ ،‬إذ ال عدد إلاّ وفوقه عدد‪ ،‬وال ش � ّ‬
‫�ك‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّأن ع���دد آحاده���ا یجب أن یك���ون أزید من ألوفه ��ا مثال‪ ،‬مع أنهما غی ��ر متناهیین‪.‬‬
‫ً‬
‫قلت‪ :‬هذا الذي یوجب استحالة وجود األعداد جمیعا إذ لو وجدت لزم أن یكون‬
‫آحادها ال یزید علی ألوفها وهو محال‪ ،‬فلیست األعداد موجودة بعین ما ذكرناه‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫بأن كل ما‬ ‫‪ ...‬وقد أغرب في هذا المقام صاحب األس ��فار حیث قال(((‪ّ :‬إن العلم‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫النظریات‪ّ ،‬‬
‫واألول‬ ‫ّ‬
‫البدیهیات أو من‬ ‫یحتمل الزیادة والنقصان یكون متناهیا ّإما من‬
‫ّ‬ ‫باطل و إلاّ لم یقع االختالفات فیه بین العقالء ّ‬
‫لكنهم اختلفوا‪ ...‬والمسلمون اتفقوا‬
‫عل���ی ّأن معلومات اهلل ومقدوراته ال نهایة لها‪ ...‬وكذلك یعلم بالبدیهة ّأن مراتب‬

‫‪ . 1‬أق���ول‪ :‬وه���ذا غفلة منه عن أن فرض املس���اواة والتف���اوت وقبول الز يادة والنقص���ان يف غير املقادير‬
‫واضح البطالن‪.‬‬
‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار األربعة‪،‬‏‪.27 / 4‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عل بن فضل اهلل‪ ،‬احلجة البالغة للحج���ة البالغة يف مقع املذاهب املختلفة‬ ‫املازن���دران‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلائ���ري‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الزائغة‪.17 _ 12 ،‬‬
‫‪ .4‬األسفار األربعة‪،‬‏‪.29 _ 28 / 4‬‬
‫‪58‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الع���دد غی���ر متناهیة‪ ،‬مع ّأن األلوف الغیر المتناهیة أ كثر م ��ن اآلحاد الغیر المتناهیة‬
‫بألف ّمرة‪ ،‬والحركات المس���تقبلة س � ّ�يما حركات أهل ّ‬
‫الجنة _ غی ��ر متناهیة‪ ،‬مع ّأن‬
‫لاّ ً‬
‫ك من هذه األمور قابل للزیادة والنقصان‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و إذا ضممنا هذه المعتقدات مع اعتقاد الفالسفة صار إجماعا منعقدا علی ّأن الغیر‬
‫ًّ‬ ‫المتناهي ّ‬
‫بدیهیا‪.‬‬ ‫مما یجوز أن یقبل الزیادة والنقصان‪ ،‬فكیف یكون العلم بامتناعه‬
‫ّ لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫یتقرر إ في‬ ‫القضیة ال یمكن الجزم بها إ بالبـرهان‪ ،‬وذلك البـرهان ال‬ ‫ف���إذن هذه‬
‫ما یحتمل التطبیق‪ ،‬وبیانه ّأن الموجب للتناهي هو ّأنه یجب انتهاء الناقص إلی ّ‬
‫حد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال یبقی منه ش���يء‪ ،‬ویبقی من الزائد بعده‪ ،‬وهذا إنما یجب أن لو تعذر وقوع جزء‬
‫لاّ‬
‫م���ن الجملة الناقصة في مقابلة جزئین من الزائ ��دة‪ ،‬و إ لم یجب انتهاء الناقص‬
‫في ّ‬
‫حد یكون بعده للزائد شيء بإزائه منه‪ ،‬وذلك في ما یحتمل االنطباق‪ ،‬وفي ما‬
‫یمتنع انطباق جزئین من إحدی الجملتین علی جزء واحد من األخری‪ ،‬كاستحالة‬
‫ّ‬ ‫وقوع جسمین في ّ‬
‫حیز واحد وكاستحالة وقوع علة ومعلول في مرتبة إحدیهما‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّأم���ا األمور الت���ي ال انطباق بینهم ��ا ال بالطبع وال بالوضع بل بالجع ��ل ّ‬
‫فقط‪ ،‬فكل ما‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫یجعل م���ن إحدی الجملتین ّ‬
‫الخیالیة بإزاء اآلخر من األخ ��ری یكون عددا‬ ‫بقوت ��ه‬
‫ً‬
‫متناهی���ا‪ ،‬لك���ن یمك���ن أن یبقی م ��ن الجملتین ما ال یق ��وی علی اس ��تحضاره‪ّ ،‬‬
‫ألن‬
‫عقولن���ا _ ونح���ن في هذه ال���دار _ ال تقدر علی أفعال وانفع ��االت غیر متناهیة‪ ،‬فلم‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫یظهر الخلف في البواقي إ بهذا الشـرط‪ .‬انتهی محل الحاجة من نقل كالمه»‪.‬‬
‫ّمث ّ‬
‫فصل ف ّ‬
‫الرد عیل األسفار بقوله‪:‬‬ ‫ي‬
‫ـروریة القاعدة من وق ��وع االختالفات بین‬‫«أق���ول‪ّ :‬أما ما اس���تند إلیه في إبط ��ال ض ّ‬
‫ً‬ ‫الضـروري قد ّ‬
‫ّ‬
‫یتحمل الشبهة فیقع من جهتها االختالف‪ ،‬وأیضا‬ ‫العقالء‪ ،‬فعجیب‪ ،‬إذ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ّإن البصائ���ر مختلفة كاألبص���ار ّقوة وضعفا‪ ،‬فكما ّأن بصـرا ی ��درك ما ال یدركه اآلخر‬
‫من المحسوس���ات‪ ،‬فكذلك قد تدرك بصیرة ما ال تدركه األخری من الض ّ‬
‫ـروریات‪.‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪59‬‬

‫وأعج���ب من���ه ما اس���تنتجه من األمثل ��ة التي ذكرها م ��ن إطباق العق�ل�اء علی جواز‬
‫فإن جملة من األمثلة من قبیل ما یستحیل‬ ‫قبول غیر المتناهي للزیادة والنقصان‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وجوده كذلك _ أي غیر متناه كمعلومات اهلل ومقدوراته _ فإنه یستحیل وجودهما‬
‫ً‬
‫تمام���ا في الخارج‪ .‬وكذلك أنواع األ كوان المقدورة والحركات المس ��تقبلة نحوها‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ف���إن الج���واب الذي ذكرن���اه في مراتب الع ��دد _ التي من جملة أمثلت ��ه أیضا _ هو‬
‫الجواب في أمثاله‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫بمجرد أنه لم یجد‬ ‫وأعج���ب منه حصـره الدلیل عل���ی القاعدة بالتطبیق الذي ّقرره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫دلیال آخر‪ ،‬وقد عرفت من تقریرنا في التنبیه علی هذه القاعدة أنه ال یتحقق الزیادة‬
‫لاّ‬
‫إ وال ّبد أن یكون للزائد مقدار ال یكون قدر ذلك المقدار بعینه للناقص في نفس‬
‫ّ‬
‫األمر‪ ،‬كالس���اعات لألزمنة‪ ...‬وال مس ��اس للقول بأنه یجوز أن یكون ما بإزاء ساعة‬
‫م���ن الناقص س���اعتین من الزائد‪ ،‬إذ لو جاز ذلك لج ��از أن یكون الناقص أزید من‬
‫الزائد بكثیر بهذا الحساب‪...‬‬
‫ف���إن قل���ت‪ّ :‬إن حكم العقل غیر قاب ��ل للتخصیص‪ ،‬فال ب � ّ�د أن ال یجري ما ذكرت‬
‫ف���ي موارد النق���وض التي أش���ـرت إلی بعضها‪ .‬قل ��ت‪ّ :‬أما النق ��وض بالموجودات _‬
‫كالنف���وس المفارقة وحركات األفالك ونحوها‪ ،‬من نق ��ض القاعدة بما هو منتقض‬
‫وكل من ّ‬ ‫ّ‬ ‫بنفس���ها‪ّ ،‬‬
‫یصححها‬ ‫فإن القاعدة حا كمة بامتناعه‪ ،‬وجوازه ف ��رع بطالنها‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫یصححه‪...‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّأما النقوض بالمعدومات كمراتب األعداد ونحوها‪ ،‬فالجواب ّأن ّ‬
‫‘‘أن الكل‬ ‫قضیة‬
‫ّ‬ ‫قضیة ّ‬
‫مقدرة الموضوع‪ ،‬یعن ��ي ّأن الكل إذا وجد فهو أعظم من‬ ‫أعظ���م من الجزء’’ ّ‬

‫وأما المعدوم الخارج عن الذهن والخارج فال یخبـر عنه وال میز فیه‪ ،‬فلیس‬ ‫الجزء‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فیه كل وال جزء وال زائد وال ناقص‪.‬‬
‫نص علیها المعصوم‪،‬‬ ‫ّثم ّإنه قد جزاه اهلل بإصـراره في إنكار القاعدة الش� �ـریفة التي ّ‬
‫‪60‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫بفضیحة الغلط في الحس���اب في قول ��ه‪‘‘ :‬مع ّأن األلوف الغی ��ر المتناهیة أ كثر من‬
‫ّ‬ ‫اآلح���اد الغی���ر المتناهی���ة بألف م � ّ�رة’’‪ ،‬ف � ّ‬
‫�إن الصحیح أن یق ��ول‪‘‘ :‬أقل منه ��ا بما ال‬
‫یتناهی»‪ ،‬ولفضیحة الدار األخری أخزی وأمر وأدهی‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن قلت‪ّ :‬إن المعدومات متحققة في علمه تعالی‪ .‬قلت‪ :‬تحققها في علمه بـريء‬
‫عن العدد‪ ،‬سبحانه أحصی األعداد من غیر أن یوجد فیه آحاد‪.‬‬
‫أي كثرة‬‫إذا عرف���ت م���ا تلوناه علیك فقد علم ��ت ّأن دخول الالنهایة ف ��ي الكثرة _ ّ‬
‫لاّ‬
‫كان���ت _ ممتن���ع‪ ،‬لعدم قبولها الوج ��ود إ بقدر متناه‪ ،‬س ��واء كان لها اجتماع أم ال‪،‬‬
‫وس���واء كان لها ترتیب في الطبع أو في الوضع أم ال‪ ،‬فیلزم وجوب تناهي الحركات‬
‫والترقیات‪ ،‬ووجوب تناهي ّكل ّ‬
‫قوي‬
‫ّ‬ ‫واالنفعاالت‪ ،‬ووجوب تناهي جمیع ّ‬
‫التنزالت‬
‫ّ‬
‫ینحل إلی الضعیف وشيء فوقه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأم���ا تهویل صاحب األس���فار بلزوم التعطیل في صنع اهلل وج ��وده‪ ،‬وانقطاع فیضه‬
‫ً‬ ‫بزماني ّ‬
‫ّ‬ ‫وكرم���ه‪ ،‬فیؤمننا الجواب عنه ّ‬
‫حتی یكون فارغا‬ ‫بأن اهلل تبارك وتعالی لی ��س‬
‫في زمان عن ش���أنه‪ .‬بل هو اهلل العظیم الشأن الخالق للزمان والمكان‪ ،‬لیس بینه‬
‫وبی���ن ش���أنه زمان ّ‬
‫حت���ی یلزم تعطیل ��ه فیه عن ذلك الش ��أن‪ ،‬ولیس انته ��اء الزمان‬
‫والزمانی���ات إل���ی عدم غی���ر زماني یوج ��ب انقطاع فیض ��ه وكرم ��ه‪ّ ،‬‬
‫ألن االنقطاع ال‬ ‫ّ‬
‫زماني ّ‬
‫فتأمل‪.‬‬ ‫یصدق إلاّ بعدم ّ‬
‫ّ‬
‫اإلمكانیة في الفیض‬ ‫ّثم ّإن انقطاع الفیض إن كان من لوازم إمكانه‪ ،‬فالنقصانات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والك���رم ال یوجب نقصا في الذات‪ .‬بل جعل الفی ��ض قدیما حینئذ یوجب انثالم‬
‫وح���دة الواجب تعال���ی ویفضي إلی أن یمتن ��ع عن األزل معناه‪ ،‬تعال ��ی اهلل الواحد‬
‫القیوم أن یثني فیضه بثناء نفسه‪ ،‬قال موالنا أمیر المؤمنین؟ع؟‪ :‬ولو كان شيء معه‬ ‫ّ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫قدیما لكان إلها ثانیا‪...‬‬
‫نس���أل اهلل التوفی���ق ألن نهتدي بداللة ّ‬
‫ولیه إلی س ��واء الطری ��ق‪ ،‬وأن یجعله لنا خیر‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪61‬‬

‫ّ‬
‫دلیل وخیر ورفیق‪ ،‬وصلی اهلل علیه وعلی آبائه صلوة بشأنه تعالی في حقهم تلیق‪...‬‬
‫ّ‬
‫واعلم ّأن كبـری هذا االس���تدالل من كالم اإلمام الصادق؟ع؟ ‪ ،‬حیث اس ��تدل به‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الجسمیة ّ‬
‫ّ‬
‫بأن الجسم محدود‪ ،‬و إذا كان محدودا كان قابال‬ ‫علی تنزیهه تعالی عن‬
‫للزیادة والنقصان‪ .‬وفي هذا القدر كفایة لمن استبصـر»‪.‬‬

‫«الموجود البسيط» موهوم آخر‬


‫ً‬
‫ق���د قلنا ّإن اهلل تعاىل ال ّیتصف بالتناهي وعدمه ش���أنا حی���ث ّإن ذلمكا من ملكات‬
‫األ قدار واألشیاء ذات عدد وامتداد وأجزاء ولیس اهلل تبارك وتعاىل كذلك؛ ونقول هاهنا‪:‬‬
‫االمتدادیة‪ ،‬وذلك بعد ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫غض‬ ‫ّإن وصف التركب والبساطة أیضا یكون من شؤون احلقیقة‬
‫موضوعی ًا ىّ‬
‫حت بالنس���بة إىل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫النظ���ر عن ّأن وصف البس���اطة أیضا یك���ون موهوما وحماال‬
‫املتجزئ القاب���ل للنقصان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمت���دادي‬ ‫ّ‬
‫العددی���ة واملوجود‬ ‫االمت���داد‪ ،‬وذل���ك ّأن احلقیق���ة‬
‫ً لاّ‬
‫واالنقس���ام بالذات‪ ،‬ال یخ رج بالتقس�ی�م عن االمتداد واألجزاء أبدا و إ لزم‪:‬‬
‫‪ .1‬خالف الذات‪ .2 ،‬خالف الفرض‪ .3 ،‬خالف البدهیة‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫وبدهیي ّأن‬
‫ّ‬ ‫عددیا‪،‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫وللزم أن یصبح العدم بتضعیفه بعدد غیر متناه‪ ،‬موجودا‬
‫ً ً‬
‫(((‬
‫العدم ال یصیر بالتكرار وجودا أبدا‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫«إن ما سواه من الواحد ّ‬
‫متجز ئ»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫«فهو الواحد الذي ال واحد غیره ألنه ال اختالف فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام أبواحلسن الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫حاكم ّ‬
‫بأن العدم والال شـيء‬ ‫ٌ‬ ‫‪ . 1‬وتضعيف الشـيء بعدد غير متناه و إن كان حماالً بالفعل ّ‬
‫ولكن العقل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال يصير شيئا وموجودا بالتضعيف مطلقا‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،67 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪،196 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫«واهلل ج���ل جالله واحد ال واحد غی���ره‪ ،‬ال اختالف فیه وال تفاوت وال زیادة وال‬
‫(((‬
‫نقصان»‪.‬‬
‫الواد؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ج‬
‫ّ‬ ‫متج���ز ئ وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم بالقلة‬ ‫متج���ز ئ‪ ،‬واهلل واحد أحد ال‬ ‫«إن م���ا س���وى الواحد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ئ‪ ،‬أو ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم بالقلة والكث���رة فهو خملوق دال عىل خالق‬ ‫وكل ّ‬ ‫والكث���رة‪،‬‬
‫(((‬
‫له»‪.‬‬
‫وال یرد اإلش���كال عىل االعتقاد باس���تحالة وجود املوجود البس���یط‪ ،‬بلزوم حصـر أجزاء‬
‫معی؛ وذلك ّأن االس���تحالة ال تكون يف مورد اجتماع أجزاء‬‫ب�ل�ا هنایة ف مقدار حمصور ّ ن‬
‫ي‬
‫ٌ‬ ‫ً‬
‫تنتصف دامئا‪ ،‬بل املقطوع به من موارد االستحالة هو ما إذا اجتمع ف حصـر ّ ن‬
‫أجزاء‬ ‫معی‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫ّ‬
‫عددي فال یتحقق عدد‬ ‫یس���تقل كل واحد مهنا عن اآلخر‪ .‬مضاف���ا إىل ّأن التنصیف أمر‬
‫ً‬
‫غیر متناه منه بالفعل مطلقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الفلسفي موضوعا‪.‬‬ ‫انتفاء التسلسل والواجب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبناء عىل ما قلناه من اس���تحالة وجود الالمتناهي ثبوتا وبالذات‪،‬‬
‫ّ‬
‫الفلسفیة القائلة بعدم بطالن التسلسل‬ ‫‪ .1‬ال یبىق للتسلسل موضوع‪ ،‬فتبطل العقیدة‬
‫ترتب األ فراد‪ ،‬أو عدم اجتماعها يف الوجود‪.‬‬ ‫ف صورة عدم ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫توضی���ح ذلك‪ّ :‬أنه حیكم العقل والبـرهان عىل اس���تحالة وجود ما ال هنایة له مطلقا _‬
‫صـرح بذلك أعالم العلم والدین حیث قالوا‪:‬‬ ‫وقد ّ‬
‫ّ‬
‫«إن وجود ما ال نهایة له محال»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،173 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الكاف ‪ ،116 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،154 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫ّ‬
‫الطوسـي‪ ،‬اال قتصاد‪.24 ،‬‬ ‫‪ . 3‬الشيخ‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪63‬‬

‫«فیل���زم ما قلناه م���ن وجود ما ال نهایة له‪ ،‬مع اس ��تحالته بدلی ��ل وجوب حصـر ما‬
‫(((‬
‫وجد»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«فیؤدي إلى وجود ما ال نهایة له»‪.‬‬
‫یؤدي إلى إیجاد ما ال یتناهى من المشتهیات»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«وذلك ّ‬
‫ّ‬
‫«وألن���ه یوج���ب علیه���م ّ‬
‫تقدم تكلی ��ف على تكلی ��ف إلى م ��ا ال نهایة ل ��ه‪ ...‬وذلك‬
‫(((‬
‫محال»‪.‬‬
‫«إن ذل���ك یقتضي ّ‬
‫تقدم تكلی���ف قبل تكلیف إلى ما ال یتناه ��ى‪ ،‬وذلك محال»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫«ألنه لو وجب ذلك ّ‬
‫(((‬
‫ألدى إلى وجوب ما ال یتناهى‪ ،‬وذلك محال»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«إن وجود ما ال یتناهى محال على ما یأتي»‪.‬‬
‫(((‬

‫فألن وجود ما ال یتناهى محال للتطبیق»‪.‬‬


‫(((‬ ‫جزئیاتها ّ‬ ‫«وأما تناهي ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫«وهك���ذا إل���ى ما ال یتناه���ى وهو محال‪ّ .‬أم ��ا ّأوال فلم ��ا ّبی ّنا من امتن���اع وجود ما ال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثانیا ّ‬ ‫ً‬
‫مطلقا‪ّ ،‬‬
‫فألن تلك االضاف ��ات موجودة دفعة ومترتبة في الوجود‬ ‫وأما‬ ‫یتناه���ى‬
‫تقدم بعض المضاف إلیه على بعض فیلزم اجتماع أعداد ال تتناهى دفعة‬ ‫باعتب���ار ّ‬
‫ً‬
‫ثالثا ّ‬ ‫ّ ً‬
‫فاقا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فألن وجود االضافات یس ��تلزم وجود المضاف‬ ‫وأما‬ ‫مترتبة وهو محال ات‬
‫وكل ذلك ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مما بـرهن‬ ‫إلی���ه فیلزم وج���ود ما ال یتناهى من األعداد دفعة من ترتبه ��ا‪،‬‬

‫احللب‪ ،‬تقر يب املعارف‪.76 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 1‬أبو الصالح‬


‫ي‬
‫احللب‪ ،‬تقر يب املعارف‪.81 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬أبو الصالح‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬تقر يب املعارف‪.87 ،‬‬ ‫‪ . 3‬أبو الصالح‬
‫ي‬
‫احللب‪ ،‬تقر يب املعارف‪.136 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 4‬أبو الصالح‬
‫ي‬
‫الكاف‪.53 ،‬‬ ‫احللب‪،‬‬‫ّ‬ ‫‪ . 5‬أبو الصالح‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الطوسـي‪ ،‬اال قتصاد‪.82 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 6‬الشيخ‬
‫ّّ‬ ‫لاّ‬
‫احلل‪ ،‬شـرح التجر يد‪.35 ،‬‬ ‫‪ . 7‬العلاّ مة ّ ي‬
‫احلل‪ ،‬شـرح التجر يد ‪.261‬‬ ‫‪ . 8‬الع مة ّ‬
‫ي‬
‫‪64‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫على استحالته»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫«وأم���ا ما ذك���ره آخرا من أنه ال یلزم التسلس ��ل المحال لفقدان ش� �ـرط الترتب الخ‪،‬‬
‫ّ‬
‫المتكلمین‪ّ ،‬‬
‫فإن وجود ما ال‬ ‫فدلیل على جهله بش���ـرائط اس ��تحالة التسلس ��ل عند‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫یتناه���ى في الخارج محال عندهم مطلقا س ��واء كان هناك ترتب أو ال‪ ،‬كما ص ّـرحوا‬
‫به وعرفه من له أدنى تحصیل»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬ ‫ً لاّ‬ ‫مع هذا ّكله قد تقول الفلسفة ّ‬


‫شـرطی‪:‬‬ ‫بأن وجود ما ال هنایة له ال یكون حماال إ مع‬
‫األول) اجتماع األ فراد يف الوجود‬ ‫ّ‬
‫الثان) وجود ّ‬
‫الترتب ن‬
‫بی األ فراد‬ ‫ي‬
‫بأن الع���امل ق���دمی‪ ،‬وحركات���ه ّ‬
‫أزلیة غی���ر متناهی���ة‪ ،‬وعدد‬ ‫ن‬
‫قائل�ی�� ّ‬ ‫وم���ن هاهن���ا تراه���م‬
‫النف���وس غی���ر متن���اه و‪...‬؛ وع�ل�ى ذلك فاملس���تحیل م���ن وجود م���ا ال هنایة ل���ه عندهم‬
‫ه���و م���ا اجتم���ع فیه الش���ـرطان الل���ذان ذكرنامه���ا‪ ،‬وذل���ك كالسلس���لة غی���ر املتناهیة من‬
‫ّ‬
‫مترتبة عىل وج���وده علته‬ ‫العل���ل واملعل���والت حی���ث ّإنه یك���ون فهیا وج���ود ّكل معل���ول ّ‬
‫ّ‬ ‫(وه���ذا ه���و الش���ـرط ّ‬
‫األول عنده���م)‪ ،‬و یك���ون مجی���ع أف���راد العل���ة واملعل���ول جمتمع���ة يف‬
‫ّ‬
‫الث���ان عندهم) وذل���ك ّأن املعلول ال وجود له یس���تقل عن‬ ‫ي‬ ‫الوج���ود (وهذا هو الش���ـرط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وج���ود علت���ه عنده���م‪ ،‬وذل���ك مبع�ن�ى ّأن���ه ال یكون ل���ه وجود خ���ارج عن وج���ود علته‪.‬‬
‫ن‬
‫للشـرطی‬ ‫الامع‬ ‫نهّ‬
‫واألمر األعجب األغرب هو أ م ال حیمكون باستحالة وجود هذا الفرد ج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أیض���ا يف هنای���ة أمرهم‪ ،‬بل حیمكون بوج���وب وجود ذلك فضال من اإل قرار باس���تحالته!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وذل���ك أنهّ م یقولون‪ّ :‬إن فوق كل مرتب���ة من مراتب الوجود املعلولة مرتبة أخرى هي علة‬

‫احلل‪ ،‬شـرح التجر يد‪.369 _ 368 ،‬‬‫‪ . 1‬العلاّ مة ّ ّ‬


‫ً‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الطوس���ـي‪ ،‬اال قتصاد‪31 _ 27 ،‬؛ الس���يد‬ ‫ّ‬
‫املرعش���ـي‪ ،‬ش���ـرح إحقاق احلق‪ .244 / 1 ،‬أيضا‪ :‬الش���يخ‬ ‫‪.2‬‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫احلل‪ ،‬املسلك يف‬‫الشاف يف اإلمامة‪162 / 1 ،‬؛ السيد املرتضـى‪ ،‬االنتصار‪407 ،‬؛ املحقق ي‬‫ي‬ ‫املرتضـى‪،‬‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬قواعد املرام يف علم الكالم‪.57 ،‬‬ ‫أصول الدين‪101 ،‬؛ ابن ميمث‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪65‬‬

‫حت یصل األمر إىل ما ال هنایة له ّ‬


‫شدة ّ‬
‫وقوة‪ ،‬وتلك املرتبة هي‬ ‫ملا حتهتا ومعلولة ملا فوقها ىّ‬
‫ّ‬
‫منفك ن‬ ‫العلة واملعلول عندهم ّ‬‫ّ ّ‬
‫ی‪،‬‬ ‫مترتبان متالزمان غیر‬ ‫واجبة الوجود لذاهتا!! هذا‪ ،‬مع أن‬
‫فالشـرطان لالستحالة فهیما موجودان‪.‬‬
‫فتری ّأن واجب وجودهم هذا هو نفس ما حمكوا باس���تحالة وجوده ّ‬
‫ألنه اجتمع فیه‬
‫الشـرطان املوجبان الستحالة ما ال هنایة له عندهم‪.‬‬
‫بأن الوص���ول إىل تلك املرتب���ة یكون بعد ّ‬
‫ع���د مراتب غیر‬ ‫إن قل���ت‪ :‬إنهّ���م ال یقول���ون ّ‬
‫شدة ّ‬ ‫بأن تلك املرتبة هي غیر متناهیة ّ‬ ‫العلة واملعلول‪ ،‬بل یقولون ّ‬ ‫ّ‬
‫وقوة‪.‬‬ ‫متناهیة من أفراد‬
‫ّ ّ‬
‫«إن كل مرتبة من مراتب الوجود حمدودة‪ ،‬وفوقها مرتبة حمیطة‬ ‫قلت‪ :‬بل إنهّ م یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یستمر إىل أن یصل إىل ما ال هنایة‬ ‫هبا‪ ،‬املحاط هو املعلول واملحیط هو العلة‪ ،‬وهذا األمر‬
‫ً‬
‫له وجودا»‪ ،‬وهذا نفس ما حمكوا بامتناع وجوده؛‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫مضافا إىل العلم ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن الوصول إىل ما ال هنایة له من املراتب ال میكن إ بعد‬ ‫هذا كله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتداد األمر بقدر غیر متناه بالضـرورة‪ ،‬و ّإن توقف ما ال یتوقف خالف الفرض‪.‬‬
‫الوهر أو غیره‪ ،‬وكون الزمان واملكان‬ ‫‪ .2‬یبطل القول بقدم وجود العامل ّ‬
‫وأزلیة احلركة يف ج‬
‫مبان الفلسفة‪.‬‬ ‫ن‬
‫غیر متناهیی‪ ،‬وأمثال ذلك من ي‬
‫ّ‬
‫املس���ماة باحلمكة املتعالیة _ القائلة‬ ‫ّ‬
‫الصدرائیة _‬ ‫‪ .3‬یظهر بطالن ما تعتقده الفس���لفة‬
‫ّ‬
‫الواجبیة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وأش���د املراتب فهیا هو احلقیق���ة‬ ‫ب���أن‪ :‬الوجود حقیق���ة ذات مراتب المتناهیة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وذلك ّأنه‪:‬‬
‫ً‬
‫وثبوت���ا‪ّ ،‬‬ ‫ً ً‬ ‫ّ‬
‫الت فرضناها‬
‫ي‬ ‫احلقیقة‬ ‫ألن‬ ‫ذاتا‬ ‫حماال‬ ‫یكون‬ ‫ذلك‬ ‫موضوع‬ ‫���ق‬‫حتق‬ ‫أل���ف) نفس‬
‫يّ‬
‫الالیقف‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬
‫املتصور فیه هو الالمتناهي‬ ‫ّ‬
‫عددیة‪ ،‬والالمتناهي‬ ‫ذات مراتب تكون حقیقة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ما ال یتحقق منه عدد غیر متناه مطلقا‪ ،‬بل كل ما میكن أن یوجد منه بالفعل فهو مقدار‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫متن���اه قاب���ل للز یادة علیه دامئا‪ ،‬وال یصل إىل ما ال یتناه���ی أبدا‪ .‬وعلیه فالقائلون بوجود‬
‫ً ً‬
‫يّ‬
‫الالیقف الذي یكون متناهیا دامئا بالالمتناهي‬ ‫الالمتناه���ي قد خلطوا أحكام الالمتناهي‬
‫‪66‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫ومهیا صـرفا‪.‬‬ ‫يّ‬
‫احلقیق الذي یكون موجودا‬
‫ب) ّإن احلقیق���ة ال�ت�� تكون كذلك فهي ّ‬
‫متجز ية بالبداهة‪ ،‬بل ً‬
‫بناء عىل الفرض‪ ،‬فال‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وجه للحكم علیه بالوجوب (ومن املسلم عندهم‪ :‬أن املركب حمتاج‪ ،‬واملحتاج ال یكون‬
‫ّ‬ ‫االمتدادیة خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الواقعیة‪.‬‬ ‫ارجیة‬ ‫واجبا)‪ .‬والبس���اطة مبعىن عدم التركیب عن األجزاء‬
‫نعم كیف میكن الفلس���فة أن تقول ببس���اطة ذات خ‬
‫الالق تعایل وهي قائلة‪:‬‬
‫ّ‬
‫«فالعلة هي نفس الوجود الذي يصدر عنه وجود المعلول»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫«إن العلة تمام وجود معلولها‪ّ ...‬أن تمام الش ��يء هو الش ��يء وما يفضل عليه‏»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجودي ومبدأ الكمال غير فاقد له ففي ذاته‬ ‫«إن ذات���ه المتعالية مبدأ ل���كل كمال‬
‫(((‬ ‫حقيقة ّكل كمال يفيض عنه وهو ّ‬
‫العينية»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«ال يشذ عنه وجود»‪.‬‬
‫(((‬

‫عينية ذات اهلل تعایل مع األش���ياء بال غير ّية‬ ‫و ُي َ‬


‫عتبـر ف كتاب بدایة احلمكة وهنايهتا ّ‬
‫ي‬
‫یتطور بصور األشياء املختلفة‪ ،‬و يعتبـر ّ‬ ‫ً‬
‫أصال‪ّ ،‬‬
‫وأن ذات اهلل تعاىل ّ‬
‫تقدم وجوده تعاىل عىل‬
‫التط���ور‪ ،‬و ُينىف فهیما كون العامل ج‬
‫بإي���اده تعاىل وخلقه وتأثيره‬ ‫ّ‬ ‫وج���ود املمكنات عىل حنو‬
‫ّ‬
‫وفاعليته وعل ّيته االختيار ّية‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«تقدم الوجود على الوجود فهو ّ‬
‫ّ‬
‫تقدم آخر غير ما بالعل ّية‪ ،‬إذ ليس بينهما تأثير وتأثر‬
‫مفعولية‪ ،‬بل حكمهما حكم ش ��يء واحد له ش ��ؤون وأطوار وله ّ‬
‫تطور‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬
‫فاعلية وال‬
‫من طور إلى طور»‪.‬‬
‫(((‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.166 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.269 _ 234 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.162 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪163 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.226 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪67‬‬

‫ّ‬
‫ّ‬
‫محصل‬ ‫«ق���ول بعضهم ّإن علة اإليجاد مش ��يئته و إرادته تعال ��ى دون ذاته كالم ال‬
‫له»‪.‬‬
‫(((‬

‫الكتابي الوجوب هلل خ‬ ‫ً‬


‫الالق املتعال ُي َثبت ذلك عیل العكس‬ ‫ن‬ ‫وبدال من أن ُي َثبت يف‬
‫لنفس وجود األعيان واألجسام واملخلوقات!‬
‫ثان‪،‬‬ ‫الكتابی وجود إله ثان‪ُ ،‬ینىف عیل العكس وجود ّ‬
‫ن‬ ‫وبدالً من أن ُ‬
‫شء ٍ‬
‫ي‬ ‫أي‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫نىف‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫شء عندهم ال یكون غیر وجود اهلل!‪:‬‬ ‫ي‬ ‫فكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن حقيق���ة الوج���ود التي هي عي���ن األعيان وح ��اق الواقع‪ ...‬يمتن ��ع عليها العدم‬
‫واجبة الوجود بالذات»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«حقيقة الوجود‪ ...‬ال ثاني لها فهي واجبة الوجود بالذات»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«واج���ب الوجود تعالى حقيقة الوجود الصـرف التي ال ثاني لها‪ ...‬إذ كل ما فرض‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ثانيا لها عاد ّأوال»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الوجودیة النازلة عندهم _ هي املفیضة‬ ‫بأن‪ :‬علة الكل _ بل وسائر املراتب‬ ‫وهي القائلة‬
‫ً‬
‫واملعطی���ة لوج���ود غیرها‪ ،‬واملعطي ال یكون عندهم فاقدا مل���ا یعطي ّمما یوجده يف ذوات‬
‫املمكن���ات‪ ،‬بل تكون املعل���والت _ وهي املراتب النازلة للوج���ود عندهم املحاطة حبیطة‬
‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫العلة ولو بنفس أعیاهنا خ‬
‫االمتدادیة‬ ‫ارجیة‬ ‫وجودات ما فوقها _ غیر خارجة عن وجود‬
‫ّ‬
‫املتجز ية‪.‬‬
‫كتاب بداية احلمكة وهنایهتا إىل ما ليس يف احلقيقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و يأول معىن العلية واملعلولية يف ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫بإياده‪،‬‬
‫متقوما بوجود الكل ال ج‬ ‫الزء الذي ليس خارجا عن الكل‪ ،‬بل يكون‬ ‫إ معىن ج‬

‫حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.162 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.268 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.156 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.157 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪68‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫ومن الغر يب أنهّ م ّمسوا ذلك تشكیكا ومحل حقيقة ورقيقة! وما التفتوا إىل ّأن ما ابتدعوه‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫واملعان ال يخ تلف‬
‫ي‬ ‫الزء وال���كل!‬
‫ومس���وه تش���كیكا ومحل حقيقة ورقيق���ة مها نفس معىن ج‬
‫بصـرف تغيير األ لفاظ والعبارات الفارغة‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫اإلمكانية كائنة ما كانت‪ ...‬محاطة له بمعنى ما ليس بخارج»‪.‬‬ ‫«الوجودات‬
‫ّ‬
‫«إن الموج���ود الرابط‪ ...‬هو موجود في غيره‪ ...‬بمعنى ما ليس بخارج‪ ...‬ال بمعنى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الجزئية والتركب‪ ...‬وهو نوع من حمل الحقيقة والرقيقة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«إن ما س���واه من الموجودات معاليل له‪ ...‬حاضـرة عنده بوجوداتها»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن ّ‬
‫شء مع إضافة غیره إلی���ه‪ ،‬فوجوده عندهم‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫و یعتبـ���ر فهیم���ا ذات اهلل تعاىل ع�ی��‬
‫تعاىل مساو لوجود مجیع األشیاء!‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫«إن العلة تمام وجود معلولها‪ّ ...‬إن تمام الش ��يء هو الش ��يء وما يفضل عليه»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«من الواجب في التشكيك أن يشمل الشديد على الضعيف وزيادة»‪.‬‬
‫بأن‪« :‬الواجب واجد لوجود غیره بنحو أعىل ّ‬
‫وأمت؟!»‬ ‫إن قلت‪ :‬مفا هو قوهلم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتخلص عن اإلش���كال‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والتمامیة عندهم‬ ‫العل���و‬ ‫فإن‬ ‫قل���ت‪ :‬كل ذلك ال یفید ش���یئا‬
‫ّ‬
‫«واجدیة العلة للمعلول وأن یفض���ل علیه»‪ ،‬و إنهّ م یقولون‪:‬حیث ّإن املعلول یكون‬
‫ّ‬ ‫ه���و‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫يف وج���وده حمدودا ووجود العلة غیر متناه‪ ،‬فه���ي واجدة لوجود املعلوالت بنفس أعیاهنا‬
‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫خ‬
‫ارجیة دون حدودها املس���تلزمة لكون العلة حمدودة ومتناهیة؛ وهذا هو معىن المكال‬
‫والتمام عندهم فال تغفل‪.‬‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.301 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.242 _ 241 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.290 _ 289 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.269 _ 234 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫‪ . 4‬الطباطباىئ‪ّ ،‬‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.118 ،‬‬‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪69‬‬

‫ّ‬
‫السبزواري يف حاشیة األسفار‪:‬‬ ‫قال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«وذل���ك الوجود الوس���یع أیضا ه���و هذه الوج ��ودات لكونه جامعا له ��ا بنحو أعلى‬
‫ً‬
‫وأبس���ط في مقام ذاته الش���امخ‪ ،‬وتلك الوج ��ودات أیضا هي ه ��و لكونها ظهوراته‪،‬‬
‫(((‬
‫فهي حا كیة ّإیاه بنحو الضعف وهو حاك ّإیاها بنحو التمام»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإنا إذا فرضنا دوائر موجودة بعضها أوس���ع من بعضها اآلخر حمیطة هبا لكان كل دائرة‬
‫حماطة بوجود دائرة أوس���ع مهنا‪ّ ،‬‬
‫ولكن الدائرة األوس���ع مهنا املحیطة هبا ال تكون حمدودة‬
‫حب���دود وج���ود الدائرة املحاطة‪ ،‬بل تفضل علهیا بز ی���ادة من الوجود الذي ال تكون تلك‬
‫ن‬
‫الدائرتی حتهتا‪،‬‬ ‫الز یادة للدائرة املحاطة‪ ،‬وكذلك الدائرة الثالثة األوسع مهنما حتیط بوجود‬
‫وكذلك حتیط دائرة رابعة مبا حتهتا من الدوائر‪ ،‬وهكذا إىل ما ال هنایة له عندهم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحاطیة تكون‬ ‫ه���ذه اإلحاط���ة تكون عندهم ه���ي واقع معىن العل ّی���ة‪ ،‬كما ّأن ه���ذه‬
‫بأن تقابل وجود خ‬
‫الالق‬ ‫یصـرحون ّ‬ ‫املعلولیة‪ ،‬وهلذا قد ترى أنهّ م ّ‬
‫ّ‬ ‫عندهم هي حقیقة معىن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن املعلول _ ىّ‬ ‫والكل‪ ،‬و یقولون ّ‬‫ّ‬
‫س���مان منه _‬
‫ي‬ ‫ال‬
‫املادي ج‬ ‫حت‬ ‫الزء‬
‫واملخل���وق هو تقابل ج‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املادي‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫سمي‬ ‫یكون حاضـرا يف وجود علته وحماطا به بنفس وجوده ج‬
‫جاء يف «هنایة احلمكة»‪:‬‬
‫«من الواجب في التشكیك أن یشمل الشدید على الضعیف وزیادة»‪.‬‬
‫(((‬

‫وف «تعلیقات كشف املراد»‪:‬‬


‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلحاطي حائز للجمیع‪ ،‬وال یشذ عن حیطته شيء»‪.‬‬
‫(((‬
‫الحقیقي‬ ‫«‪ ...‬وهذا اإلطالق‬
‫ّ‬
‫ونورانیته‪:‬‬ ‫السبزواري ف معىن ّ‬
‫شدة الوجود‬ ‫ّ‬ ‫و یقول‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتقدم والتأخ ��ر وغیرهما في أصل‬ ‫الش���دة والضع ��ف‬ ‫«إن الكث���رة التي من حیث‬

‫‪ . 1‬حاشية األسفار‪.33 / 1 ،‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.118 ،‬‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.502 ،‬‬‫‪ . 3‬حسن‏زادة ي‬
‫‪70‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫�ملیة واألوس � ّ‬
‫�عیة وفقد السلب بما هو سلب‬ ‫ّ‬
‫الوجودیة‪ ،‬كاش���فة عن األش � ّ‬ ‫الحقیقة‬
‫(((‬
‫الوجود»‪.‬‬
‫وف «تعلیقة هنایة احلمكة»‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعلق ��ه بالموجود ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماد ّي بما أنه‬ ‫حضوریا فیمكن‬ ‫«وأم���ا علم العل���ة بالمعلوم علما‬
‫بأنه‪ :‬ال حضور للموجود ّ‬ ‫ّ‬ ‫موج���ود ّ‬
‫الماد ّي لنفس ��ه فكیف یكون‬ ‫ماد ّي‪ .‬واإلش���كال‬
‫ً‬
‫حاضـ���را للعالم؟ مندف���ع ّ‬
‫بأن غیبوبة أجزائ ��ه بعضها عن بع ��ض ال تنافي حضورها‬
‫(((‬
‫للفاعل المفیض»‪.‬‬
‫وف كتاب «وحدت از دیدگاه عارف وحكمی»‪:‬‬
‫ي‬
‫«التش���كیك‪ ،‬في مرأى العارف ومشهد شهوده بمعنى سعة وضیق مجالي ومظاهر‬
‫(((‬
‫الحقیقة الواحدة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫السبزواري يف حاشیة األسفار‪:‬‬ ‫و یقول‬
‫ً‬ ‫المادة عن حیطت���ه بل حضورها له بنحو أش � ّ�د ّ‬ ‫ّ‬
‫یش���ذ ّ‬
‫ألن لها حض ��ورا للفاعل‬ ‫«ل���م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجمعیة وحضوره في كل دابـر‬ ‫بالوجوب‪ ...‬بالنس���بة إلى المبدإ المحیط ووحدته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متجدد وزائل وداثر‪ ،‬وأنه األصل الثابت في كل أصل‬ ‫وحاضـر وغابـر‪ ،‬وثباته في كل‬
‫ّ‬
‫وف���رع‪ ،‬والمعنى المحفوظ في كل صورة وش ��كل ووض ��ع‪ ،‬فالفرق بما هو فرق عین‬
‫الجمع‪ ،‬والغیبة بما هي غیبة عین الحضور»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫ومن هنا ترى أنهّ م عمدوا _ خالفا للعقل والبـرهان والضـرورة والوجدان _ إىل حتر یف معىن‬
‫ّ‬
‫«التركیب» عن معناه الواضح عند كلانسان بسیط‪ ،‬إىل معىن «التركیب من الوجود والعدم!»‬

‫‪ . 1‬حاشية األسفار‪.22 / 6 ،‬‬


‫اليزدي‪ّ ،‬‬
‫حممد يّ‬
‫تق‪ ،‬تعليقة عىل هناية احلمكة‪.352 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬املصباح‬
‫‪ . 3‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬وحدت از ديدگاه عارف و حكمي‪.61 ،‬‬
‫ّ‬
‫السبزواري‪ ،‬حاشية األسفار‪.164/ 6 ،‬‬ ‫‪ .4‬مال هادي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪71‬‬

‫الشء ذا أجزاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نهّ‬


‫الت تكون مبعىن‪« :‬عدم كون ي‬
‫كما ترى أ م حرفوا معىن «البساطة» ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للتجزي واالنقسام»‪ ،‬إىل معىن كونه «كل األشیاء»!‬ ‫وغیر قابل‬

‫التركيب عن الوجود والعدم!!‬


‫ّ ً‬ ‫ّإن الفلس���فة حی���ث عج���زت عن نف ك���ون خ‬
‫الالق تب���ارك وتعاىل مركبا ع���ن األجزاء‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫خ ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫االمتدادی���ة الارجی���ة _ وهم القائلون بك���ون الالق تعایل كل األش���یاء وال یكون ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من األش���یاء خارجا عن حیطة وجوده _ عمدوا خالفا للبـرهان والضـرورة والعرف واللغة‬
‫إىل حتر یف معىن التركیب والبس���اطة‪ ،‬وابتدعوا للبس���اطة معىن یناقض معىن البس���اطة‬
‫ف احلقیق���ة! وذل���ك أنهّ م قالوا‪ّ :‬إن من التركیب هو التركیب عن الوجود والعدم‪ ،‬وهو ّ‬
‫ش���ـر‬ ‫ي‬
‫التراكیب!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّمث ّ‬
‫شء غیر الواجب یكون حمدودا متناهیا فهو‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫إن‬ ‫حیث‬ ‫وقالوا‪:‬‬ ‫ذلك‬ ‫عىل‬ ‫عوا‬ ‫فر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشء املحدود وراء حده الاص به _‪ ،‬وأما الواجب‬ ‫ي‬ ‫عدم‬ ‫أي‬ ‫_‬ ‫وعدم!‬ ‫وجود‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫مرك‬
‫ً‬
‫حیث ّإنه یكون ال متناهیا وغیر حمدود بوجود خاص ال حید وجوده حدود وجود األشیاء‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ ً‬
‫شء آخر‪ ،‬وهذا هو معىن‬ ‫ي‬ ‫وعدم‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫وجود‬ ‫من‬ ‫با‬ ‫الواقعة يف حیطة وجوده‪ ،‬وال یكون مرك‬
‫ّ‬
‫شء وعدم‬ ‫ي‬ ‫وجود‬ ‫من‬ ‫ب‬ ‫املرك‬ ‫بساطته! فهو یكون ببساطته _ أي بوجوده الالمتناهي غیر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء مطلقا‪ .‬وقد جاء يف هنایة احلمكة‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وجوده‬ ‫حیطة‬ ‫عن‬ ‫یشذ‬ ‫وال‬ ‫األشیاء‪،‬‬ ‫كل‬ ‫شء آخر _‬ ‫ي‬
‫«وهذا المعنى‪ ...‬نوع من البس���اطة والتركیب في الوجود غیر البساطة والتركیب‪...‬‬
‫ّ‬
‫الوهمیة‪ّ ...‬إن المرتب ��ة‪ ...‬كلما عرجت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقلی ��ة أو‬ ‫ّ‬
‫الخارجیة أو‬ ‫م���ن جهة األج���زاء‬
‫واتس ��ع وجودها ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حت ��ى یبلغ أعلى‬ ‫وزادت قرب���ا م���ن أعل���ى المراتب قلت حدودها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجودي من غیر تحدی ��د ومطلقة من غیر‬ ‫المرات���ب فهي مش���تملة على كل كم ��ال‬
‫نهایة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.20 _ 18 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪72‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫وال تغف���ل ع���ن ّأن القول بوج���ود حقیقة غیر متناهیة ال جزء هل���ا‪ ،‬وال كل‪ ،‬وال امتداد‪،‬‬
‫وال زمان‪ ،‬وال مكان‪ ،‬وال جهة‪ ،‬وال كیف‪ ،‬وال صورة‪ ،‬و‪ ...‬وهو مع هذا ال یخ رج عن حیطة‬
‫بال ّد‪.‬‬
‫شء من األشیاء‪ ،‬أشبه باهلزل منه ج‬ ‫وجوده ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملحاطیة‪،‬‬ ‫الوجودیة‬ ‫والشدة والضعف هو اإلحاطة‬ ‫واملعلولیة‬ ‫ج) إذا كان معىن العل ّیة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وكان وج���ود كل مرتبة م���ن احلقیقة املفروضة معلال مبا فوق���ه‪ ،‬فلیكن كل ما فوق كذلك‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫اقتضاء لعدم انقطاع السلس���لة‪ ،‬وامتناع الوصول إىل املرتبة الالمتناهیة إ‬ ‫أیضا أبدا‪_ ،‬‬
‫حت‬ ‫بعد وجود عدد ال متناه من املراتب! _ فال یبىق حینئذ مال إلمكان وجود الواجب یّ‬
‫ج‬
‫لاّ‬ ‫فضال عن وجوب وجوده! ّ‬ ‫ً‬ ‫باإلمكان ّ‬
‫فإن املرتبة الالمتناهیة یستحیل وجودها إ‬ ‫العام‪،‬‬
‫ً‬
‫بعد وجود مراتب المتناهیة‪ ،‬وانهتاء الالمتناهي خالف كونه المتناهیا‪.‬‬
‫املعلولیة هاهنا دون هناك؛‬ ‫ّ‬ ‫األول هو أخذ عنوان‬ ‫بی هذا اإلشكال واإلشكال ّ‬ ‫(والفرق ن‬
‫والعجب من الفلس���فة حیث إنهّ ا مع االعتراف باس���تحالة عدم التناهي يف العلل‪ ،‬یستند‬
‫إىل الدلیل املذكور إل ثبات واجهبا!!)‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مضاف���ا إىل ّ‬
‫تقتض‬
‫ي‬ ‫أیضا‬ ‫األش���ـرف‬ ‫باإلمكان‬ ‫عندهم‬ ‫اة‬ ‫املس���م‬ ‫ة‬ ‫الفلس���فی‬ ‫القاعدة‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بنفس���ها أن ال یتحق���ق ممكن وال واج���ب‪ ،‬وذلك ّأن وجود كل ممك���ن یتوقف عىل وجود‬
‫خاصة‬ ‫فإنه ال موجب لتحدید املراتب املمكنة بالذات‪ ،‬مبرتبة ّ‬ ‫ممكن أشـرف مهنا وهكذا _ ّ‬
‫ً‬
‫شء من املمكنات مطلقا‪ ،‬هذا من ناحیة املمكنات‪.‬‬ ‫مهنا _ فیمتنع أن یوجد ي‬
‫ً‬
‫فإنه میتن���ع أن یكون هناك واجب وذلك ّأنه كما‬ ‫أیضا ّ‬ ‫وأم���ا من ناحیة وجود الواجب‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫قلنا ال موجب لتحدید مراتب الش���ـرافة مبرتبة ّ‬
‫خاصة مهنا‪ ،‬فكل مرتبة من املراتب جیب‬
‫أن یك���ون فوقها مرتبة أش���ـرف مهنا وهك���ذا‪ ،‬فال تصل النوبة إىل إم���كان وجود الواجب‬
‫ً‬
‫فضال عن وجوبه‪.‬‬
‫وقوهلم‪« :‬ال مناص عن وجود الواجب لذاته‪ ،‬الس���تحالة الدور والتسلس���ل» ال یفید‬
‫لاّ‬
‫إثبات الواجب إ بعد‪:‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪73‬‬

‫اال لت���زام بتناهي السلس���لة‪ ،‬والرج���وع عن‪« :‬الق���ول بكون الواجب ه���و نفس املرتبة‬
‫الالمتناهیة من مراتب السلسلة ذات املراتب»‪ ،‬وعن «القول بقدم العامل»؛‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫و إلاّ مفع عدم اال لتزام بكون خ‬
‫بالزء والكل‬
‫الالق تبارك وتعاىل متعالیا عن اال تصاف ج‬
‫والتناه���ي وع���دم التناه���ي وعن الوق���وع يف السلس���لة ذات املراتب‪ ،‬ومع إن���كار حدوث‬
‫ً‬
‫تناقضا ن‬ ‫لاّ‬
‫بی الدلیل‬ ‫العامل‪ ،‬و إنكار استحالة مطلق الالمتناهي‪ ،‬فلیس كالمهم املذكور إ‬
‫الوهر ّیة ّ‬
‫األزلیة وقدم العامل وعدم‬ ‫ّ‬
‫الذات واحلركة ج‬ ‫والنتیج���ة‪ ،‬بداهة ّأن القول باحل���دوث‬
‫ي‬
‫تناهي سلسلة املوجودات و إمكان وجود املرتبة الالمتناهیة حلقیقة الوجود یكون الكالم‬
‫شء من طر یق‬ ‫يّ‬
‫احلقیق فكی���ف میكن إثب���ات ي‬ ‫املذك���ور نف���س القول بالتسلس���ل مبعن���اه‬
‫إبطاله؟!‬
‫ّ‬
‫ونق���ول ببی���ان خمتصـر‪ّ :‬إن إثبات وجود املرتبة الالمتناهی���ة‪ ،‬یتوقف عىل إثبات امتناع‬
‫وجودها يف نفس االس���تدال ل من جهة اس���تحالة التسلسل وامتناع ذهاب السلسلة إىل‬
‫مرتبة المتناهیة‪ ،‬وهو تناقض ظاهر‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫«فإن كنت صنعهتا وكانت موجودة فقد استغنیت بوجودها عن صنعهتا»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬ال يخىف أنه يش���كل أمر إثبات الواجب عىل أصحاب الفلس���فة من ناحية عدم إمكان إبطال الدور‬
‫ً‬
‫یأت يف مبحث نقد برهان الوجوب واإلمكان‪.‬‬ ‫عىل مبانهيم أيضا كما ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫أزليا مالزما لوجود علته‪ ،‬فال وجه لتس���مية‬ ‫وذلك ّأنه إذا كان جيوز عندهم أن يكون ممكن الوجود‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املتالزمي يف الوجود واجبا واآلخر ممكنا‪ ،‬بل إذا جاز أن يكون الوجود األز ّيل‬
‫ن‬ ‫أح���د هذي���ن األمر ين‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫مس���تندا إىل غيره‪ ،‬فاملتالزمان يكونان يف هذا األمر س���واء‪ ،‬فيصبحان ممكني أزليي يس���تند وجود‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واإلياد يكون _ عىل هذا الفرض _ شيئا اعتبار ّيا صـرفا‪،‬‬ ‫ج‬ ‫كل مهنما إىل اآلخر‪ ،‬حيث ّإن أمر االستناد‬
‫ّ‬
‫االعتباري يتعاكس بتعاكس االعتبار‪.‬‬ ‫واألمر‬
‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟‪ :‬ولو‬ ‫وهذا هو نفس القول بالدور الباطل عند مجيع العقالء بالضـرورة‪ .‬وعن اإلمام أمير‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫كان قدميا لكان إهلا ثانيا‪( .‬حبار األنوار‪.)255 / 4 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪ ،290 ،‬عنه حبار األنوار‪.50 / 3 ،‬‬
‫‪74‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬
‫«كیف یكون خالقا ملن مل یزل معه؟!»‬
‫(((‬

‫بالشدة والضعف يف عرض االختالف بالز یادة‬ ‫ّ‬ ‫د) ّإن االعتقاد بكون اختالف األشیاء‬
‫ً‬
‫موجا كان أو ّ‬ ‫والنقصان ممنوع _ ىّ‬
‫ذرة‬ ‫حت يف املثال املشهور عىل ألسنهتم يف ذلك حبقیقة النور _‬
‫ّ‬
‫كال ّط والعدد واحلركة و‪...‬‬
‫لتبیی القول بالتشكیك خ‬ ‫ن‬ ‫الت میثلون هبا‬‫أو‪ _ ...‬بل يف سائر األمثلة ي‬
‫ّ‬ ‫ف���إن ّكل ما س���وى خ‬
‫الالق تعاىل فهو میكن أن یوج���ده و ّإن كل ما میكن أن یوجد فرد‬ ‫ّ‬
‫عددي ّ‬ ‫ّ‬
‫متجزئ ّكم ّي‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫من���ه فیج���وز أن یوجد له ثان‪ ،‬وكل ما میكن الز یادة علیه فهو‬
‫ّ لاّ‬ ‫الواضح ّأن اختالف ّ‬
‫یتصور إ بالز یادة والنقصان ال غیر؛ فال وجه للقول‬ ‫الكم والعدد ال‬
‫بالش���دة والضعف يف عرض اختالفها بالز ی���ادة والنقصان‪ ،‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫بكون اختالف األش���یاء‬
‫اعترفت بذلك الفلسفة حیث تقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫بالشدة والضعف وهو ض ّ‬
‫ـروري أو قریب منه‪ ،‬نعم‬ ‫«إن ّ‬
‫الكم ال یوجد فیه التشكیك‬ ‫ّ‬
‫خط أزید من ّ‬
‫خط في الطول‪ ،‬إذا‬ ‫یوجد فیه التشكیك بالزیادة والنقص كأن یكون ّ‬
‫ً‬
‫وجودا‪ ،‬ال في ّأن له ّ‬
‫ماهیة الخط‪ ،‬وكذا الس ��طح یزید وینقص من سطح‬ ‫قیس إلیه‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫التعلیمي»‪.‬‬ ‫آخر من نوعه‪ ،‬وكذا الجسم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لكنه ال وجه‬‫ممكنا ف نفس���ه ّ‬
‫ي‬ ‫أمرا‬ ‫ّ‬
‫بالش���دة والضعف‬ ‫هـ) ّإنا ولو فرضنا كون االختالف‬
‫ً‬ ‫الدع���اء كون ّ‬ ‫ّ‬
‫ش���دة الوجود مناطا للوجوب‪ .‬بل لقائل أن یعك���س األمر و یقول إذا كانت‬
‫اشتدت املرتبة ّ‬ ‫ّ‬
‫فكلما ّ‬
‫اشتد الفقر واالحتیاج‪.‬‬ ‫مرتبة ضعیفة من الوجود حمتاجة إىل غیرها‬
‫واأل لطف يف املقام هو أن یقول قائل بوجوب وجود اهلیوال! حیث ّإن اهلیوال _ أو ّمسه‬
‫فعلیته أن ال ّ‬
‫فعلیة له! كما یقولون‪:‬‬ ‫ما شئت _ عندهم هو ما یكون ّ‬
‫«إذا أخذنا مرتبة ضعيفة واعتبـرناها مقيسة إلى ما هي أضعف منها وهكذا ّ‬
‫حتى ننتهي‬

‫الكاف‪120 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،176 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.112 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪75‬‬

‫فعلية أن ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬
‫فعلية لها»‪.‬‬
‫(((‬
‫والفعلية ليس لها من الفعلي ��ة إ‬ ‫إل���ى مرتبة من الكمال‬
‫�تمر كمال بالنس ��بة إل ��ى ّ‬
‫حد م���ن حدود ه���ذا الوجود الواحد المس � ّ‬ ‫ّ‬
‫«ف���كل ّ‬
‫الحد‬
‫حتى ينتهي إلى كمال ال نقص معه‪،‬‬ ‫وقوة بالنسبة إلى ّ‬
‫الحد الالحق ّ‬ ‫السابق ونقص ّ‬
‫(((‬ ‫فعلية ال ّقوة معها كما ابتدء من ّقوة ال ّ‬
‫فعلية معها»‪.‬‬ ‫أي ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬
‫فعلية أنها ّقوة ال فعل‬ ‫«تنتهي حركة الجوهر من جانب البدء إلى ّقوة ال فعل معها إ‬
‫(((‬ ‫المادة األولى ومن جانب الخت ��م إلى فعل ال ّقوة معها وهو ّ‬
‫التجرد»‪.‬‬ ‫معه���ا وهو ّ‬

‫متقوم بالوج ��دان والق � ّ�وة ّ‬


‫متقومة‬ ‫ألن الفع ��ل ّ‬‫الق���وة ّ‬
‫حيثية ّ‬
‫«وحيثي���ة الفع���ل غي���ر ّ‬
‫ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫(((‬
‫فعلية أنه ّقوة محضة»‪.‬‬ ‫بالفقدان ففيه جوهر‪ ...‬ليس له من الفعلية إ‬
‫وفعلية ّأنها ّ‬
‫بالقوة»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كالمادة األولى التي لها قوة األشياء‬
‫ً‬ ‫«فعلیته أن ال ّ‬
‫ّ‬
‫فعلیة له أصال» هو «معدوم حمض»‪ ،‬بل هو «موجود‬ ‫أق���ول‪ :‬مفا یكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومعدوم»! فهو أحرى بأن ال یسأل عن علته‪ ،‬وما ال یسأل عن علته أحرى بأن ال یكون‬
‫ً‬
‫معلوال!! بل هو تناقض حمض!‬

‫نقد العقيدة الفلسفيّ ة القائلة بتشكيك الوجود‬

‫ّ‬
‫الصدرائیة‪:‬‬ ‫تزعم الفلسفة‬
‫«أن الوج���ود حقیق���ة واحدة بس���یطة ذات مراتب مختلفة بالش � ّ�دة والضعف‪ ،‬وال‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫یكون االختالف بین مراتبها المختلفة إ بنفس حقیقته البس ��یطة‪ ،‬كل مرتبة منها‬
‫ففوقها مرتبة ّ‬
‫أشد منها محیطة بها إلى أن تصل إلى مرتبتها الالمتناهیة‪ ،‬وهي مرتبة‬

‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.19 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.200 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪204 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسی‪ ،‬بداية احلمكة‪.72 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسی‪ ،‬بداية احلمكة‪.124 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪76‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫یتص���ور ّ‬
‫ّ‬
‫أش���د منها‪ ،‬بل هو فوق ما ال یتناهی بم ��ا ال یتناهی‪ ،‬ودون كل مرتبة منها‬ ‫ال‬
‫ً‬
‫أیضا مرتبة أضعف منها ّ‬
‫حتى تصل إلى مرتبة ال أضعف منها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فنقول‪ :‬إن القول بالشدة والضعف يف الوجود‪ ،‬إما أن ي‬
‫یبتن‪:‬‬
‫ّ‬
‫االستعدادي‬ ‫عىل اإلمكان‬
‫ّ‬
‫املاهوي‬ ‫و ّإما عىل اإلمكان‬
‫ّ‬
‫الفقري‬ ‫و ّإما عىل اإلمكان‬
‫املبان الثالثة ونقول‪:‬‬
‫فنبحث عن ذلك عىل ي‬
‫ّ‬
‫االس���تعدادي فبطالن‬ ‫ّ‬
‫الش���دة والضعف إن أر ید به‬ ‫‪ّ )1‬إن اإلمكان الذي ّ‬
‫تصورت فیه‬
‫ن‬
‫احلاكمی حبدوث العامل وكون املخلوقات بأس���ـرها ذات بدء‬ ‫املب�ن�ى عند العقل والنقل _‬
‫وبی تفصیل ذلك يف‬ ‫أزلی���ة الفعل بالذات _ یكون من الواضح���ات‪ ّ ،‬ن‬ ‫وح���دوث وامتناع ّ‬
‫ّ‬
‫املصنوعیة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املخلوقیة وآیة‬ ‫البحث عن مالك‬
‫ً‬
‫مضافا إىل ّأن التعبیر ّ‬
‫بالشدة والضعف يف الوجود عن االختالف يف االستعداد ال یناسبه‬
‫غض النظر عن ذلك ّكله‪ّ ،‬إن خ‬
‫الالق تعاىل ال‬ ‫طر ًا؛ ومع ّ‬
‫وأجنب عن حقیقة معناه ّ‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫أصال‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫القوة واالستعداد‪ ،‬وذلك حیث إنه تكون‬ ‫یقع بالذات ف ضمن سلسلة ال تأىب أفرادها عن ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪ ،‬واهلل تعاىل خالق املقادیر ومبائن هلا بالذات‪.‬‬ ‫ّ‬
‫القوة واالستعداد ملكة للموجود‬
‫ّ‬
‫املاهوي املقابل‬ ‫ّ‬
‫الش���دة والضعف اإلم���كان‬ ‫‪ .2‬إن أر ی���د باإلم���كان الذي ّادعیت فیه‬
‫الش���دة والضعف فی���ه مناقض حلقیقة معىن إمكانه‪ّ ،‬‬
‫فإن مع‬ ‫ّ‬ ‫للوجوب واالمتناع‪ ،‬ففرض‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طرف الوجود والعدم للممكن فإن كان الطرف اآلخر ممكنا‬‫فرض الش���دة واألولو یة ألحد ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أیضا‪ ،‬فاألولو ّیة لیس���ت بأولو ّی���ة‪ ،‬و إن مل یكن ممكنا فقد انقلب اإلمكان إىل الوجوب أو‬
‫االمتناع‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الالق جل وعال لیس مس���انخ ا مع أفراد سلس���لة جیوز‬
‫مضاف���ا إىل وض���وح ّأن وجود خ‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪77‬‬

‫علهیا الوجود والعدم بالذات ىّ‬


‫حت ّ‬
‫یصح البحث عن مرتبة وجوده تعاىل يف ضمن مراتب‬
‫تلك السلسلة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفقري لألش���یاء‪ ،‬فحیث‬ ‫‪ .3‬إن كان التش���كیك ف حقیقة الوجود ً‬
‫بناء عىل اإلمكان‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ّإن ذلك یبتىن عىل معرفة حقیقة معىن العلة واملعلول عند الفالسفة‪ ،‬فقبل بیان بطالن‬
‫ّ‬
‫الفقري‪ ،‬نبتدء بتعر یف الفلسفة‬ ‫االعتقاد بالتشكیك ف حقیقة الوجود ً‬
‫بناء عىل اإلمكان‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫عن معىن العلة واملعلول _ بل حتر یفها حلقیقهتما _ ونقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫تحريف معنى العلة والمعلول عن حقيقته‬
‫العل���ة ال تكون موجدة حلقیقة وجود املعل���ول عن عدم‪ ،‬خ‬‫ّ ّ‬
‫والالق‬ ‫تقول الفلس���فة إن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ال یك���ون موجدا لكیان األش���یاء ووجوده���ا بعد أن مل تكن‪ ،‬بل العلة لیس���ت يف حقیقة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وجودها ش���یئا مبائنا لوجود املعلول‪ ،‬كما ّأن املعلول أیضا لیس يف حقیقة وجوده ش���یئا‬
‫حقیقیة ف ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫البی‪.‬‬ ‫ي‬ ‫اثنینیة‬ ‫خارجا عن وجود العلة‪ ،‬فال‬
‫قال يف األسفار‪:‬‬
‫ّ‬
‫العل ّیة واإلفاضة إلى ّ‬
‫تطور المبدأ ّ‬
‫(((‬
‫األول بأطواره»‪.‬‬ ‫«رجعت‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫تعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قي بل وجوداتها لیس إ‬ ‫استقاللي وال‬ ‫«لیس لما س���وى الواحد الحق وجود ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الذاتیة»‪.‬‬ ‫تطورات الحق بأطواره وتشؤناته بشؤونه‬
‫شء سوى‬ ‫وجود‬ ‫امتناع‬ ‫تقتض‬ ‫أخرى‬ ‫قواعد‬ ‫لدهیم‬ ‫أن‬ ‫هذا ّكله مع ّ‬
‫غض النظر عن ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫واجهبم‪ ،‬وحیث ال وجود لغیره عندهم فال یبىق لدهیم موضوع میكن تسمیته باملعلول أو‬
‫ً‬
‫شء س���واه‪،‬‬‫ي‬ ‫وجود‬ ‫لفرض‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ج‬ ‫فال‬ ‫متناهیا‬ ‫غیر ذلك‪ ،‬وهي قوهلم‪ّ :‬إن الواجب یكون ال‬
‫ّ‬
‫العین هو حقیقة الوجود املحض غیر القابل للجعل‬ ‫ّ‬
‫املتأصل‬ ‫وقوهلم بأصالة الوجود وكون‬
‫ي‬

‫‪ . 1‬مالصدرا‪ ،‬املشاعر‪.54 ،‬‬


‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.305/2 ،‬‬
‫‪78‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫والعدم بالذات‪ ،‬و‪...‬‬


‫یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونسمیه الوجود المستقل‪ ...‬وما وجوده‬ ‫«ینقسم الموجود إلى ما وجوده في نفسه‬
‫ّ‬
‫ونس���میه الوجود الرابط‪ّ ...‬إن الوع ��اء الذي یتحقق فیه الوجود الرابط هو‬
‫ّ‬ ‫في غیره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوعاء ال���ذي یتحقق فیه وجود طرفی ��ه‪ّ ...‬إن تحقق الوج ��ود الرابط بین الطرفین‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الوجودي بینهما‪.‬‬ ‫یوجب نحوا من االتحاد‬
‫ّ‬
‫متحقق فیهم���ا غیر ّ‬ ‫ّ‬
‫متمیز ال ��ذات منهما وال خ ��ارج منهما‪ ،‬فوحدته‬ ‫وذل���ك لم���ا أنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫مستقرة‬ ‫الشخصیة تقضي بنحو من االتحاد بینهما‪ّ ...‬إن حاجة المعلول إلى العلة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫في ذاته‪ ،‬والزم ذلك أن یكون عین الحاجة وقائم الذات بوجود العلة ال استقالل‬
‫ّ‬
‫وجودیة بقیاس ��ها إلى‬ ‫ل���ه دونه���ا بوجه‪ ...‬فح���دود الجواه ��ر واألعراض‪ ...‬رواب ��ط‬
‫المبدأ ّ‬
‫األول تبارك وتعالى»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«إن م���ن الموجودات الرابطة ما یقوم بط ��رف واحد كوجود المعلول بالقیاس إلى‬
‫واحدا مستقلاّ هو الواجب ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬
‫عز اسمه‬ ‫تتضمن إ وجودا‬ ‫علته‪ّ ...‬إن نشأة الوجود ال‬
‫والباقي روابط ونسب و إضافات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن وج���ود المعلول بقیاس���ه إلى علت ��ه‪ ،‬وجود رابط موجود في غی ��ره‪ ،‬وبالنظر إلى‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫عرضي»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫جوهري أو‬ ‫ماهیته التي یطرد عنها العدم وجود في نفسه‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«ال حكم للمعلول إ وهو لوجود العلة وبه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ّ‬
‫العل���ة والمعل���ول بمعناهم ��ا المتع ��ارف ف ��ي األذه ��ان ال یج ��ري عل ��ى ّ‬
‫األول‬ ‫«إن‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.31 _ 28 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.31 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.157 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.176 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪79‬‬

‫ّ‬
‫الصمدی ��ة التي ال‬ ‫تعال���ى وآیات���ه الت���ي هي مظاه���ر أس ��مائه التي هي ش ��ؤون ذات ��ه‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تقابلیا‪ ،‬بل‬ ‫ج���وف لها‪ ،‬و ّإن التمای���ز بین الحق س ��بحانه وبین الخلق لیس تمای ��زا‬
‫ّ‬
‫اإلطالقي‪...‬‬ ‫تمیز المحی���ط عن المح ��اط ّ‬
‫بالتعین إإلحاط � ّ�ي والش ��مول‬ ‫التمای���ز ه���و ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلحاطي حائ ��ز للجمیع وال یش ��ذ عن حیطته ش ��يء فهو‬ ‫الحقیق���ي‬ ‫وه���ذا اإلط�ل�اق‬
‫الحي ّ‬‫ألنه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القیوم أي القائم لذاته‬ ‫الحقیقي وهو س���بحانه محیط بكل شيء‬ ‫الكمال‬
‫ّ‬
‫والمقیم لغیره‪ ...،‬وكون العلة والمعلول على النحو المعهود المتعارف في األذهان‬
‫(((‬ ‫الس���افلة لیس علی ما ینبغي ّ‬
‫بعز جالله وعظموته س ��بحانه وتعالى»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صمدي فهو الواحد الجمیع»‪.‬‬
‫(((‬
‫«حیث إنه تعالى وجود‬
‫یعدون‬‫نظریة وح���دة الوجود _ وف ��ي صدرهم العرفاء ّمن ��ا _ ّ‬
‫«إن المدافعی���ن ع���ن ّ‬ ‫ّ‬
‫نظریتهم لیس ف ��ي الدار غی ��ره ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن���ه على وف ��ق ّ‬ ‫ّ‬
‫دیار‪ ،‬وال‬ ‫منكری���ن لقان���ون العل ّیة‪،‬‬
‫واقعیة واحدة م���ن جمیع الجهات‪ ،‬وبالجملة ف�ل�ا ّ‬
‫اثنینیة في البین‬ ‫واقعیة س���وى ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫حت���ى یبحث عن ارتباط ّ‬
‫واقعی���ة مع األخرى‪ ،‬بل العرف ��اء القائلین بوحدة الوجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫والمعلولیة»‪.‬‬ ‫الممحضون في ذلك یجتنبون من استعمال لفظ العل ّیة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واملعلولیة بل‬ ‫وبالنظ���ر إىل م���ا ّقدمناه من اعتقاد أصحاب الفلس���فة يف معىن العل ّی���ة‬
‫ّ‬ ‫تصـرحیاهتم بذلك یظهر ّأنه ال تفاوت ن‬
‫بی أصحاب الفلس���فة والعرفان يف تفس���یر العل ّیة‬
‫فإنه یقول القائل نفسه‪:‬‬ ‫واملعلولیة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن حقیقة المخلوقات هي نفس ظهور ذات الحق وتجلیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫و یقول غیره‪:‬‬

‫‪ . 1‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.463 ،‬‬


‫‪ . 2‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.463 ،‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫املطهرى‪ ،‬مرتىض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪ ،195 / 3 ،‬نقلنا ذلك معر با‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪ ،110 / 5 ،‬نقلنا ذلك معر با‪.‬‬ ‫‪.4‬‬
‫‪80‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫«المعلول قائم بعلته المفیضة لوجوده‪ ،‬وما هذا ش ��أنه ال یكون خارجا عن وجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫علته‪ ...‬ف�ل�ازم الوقوع في حیطته وعدم الخروج عنها‪ ،‬كون األش ��یاء كلها حاضـرة‬
‫لدي ذاته»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫العیني المعلول لیس له اس ��تقالل عن وج ��ود علته المانحة للوجود‪،‬‬ ‫«إن الوج���ود‬
‫ّ‬
‫فهما لیسا بصورة موجودین مستقلین‪ ...‬ویعتبـر هذا الموضوع من أنفس المواضیع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلس���فیة التي أثبتها المرحوم صدر المتألهین‪ ،‬وقد فتح بذلك الس ��بیل لحل كثیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلسالمیة‪...‬‬ ‫من المعضالت‪ ،‬ویعتبـر هذا بحق من أروع ثمار الفلسفة‬
‫مكو ًنا مجموعة من الوجودات ّ‬
‫العینیة التي قوام‬ ‫وبناء على هذا یصبح ّكل الوجود ّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫محدودیة من حیث المرتبة‬ ‫كل حلق���ة منه���ا بالحلقة األعلى‪ ،‬وهي أضعف وأ كث ��ر‬
‫ّ‬
‫معلولیتها‪ ،‬ویس � ّ‬
‫�تمر‬ ‫ّ‬
‫والمحدودیة هو مالك‬ ‫ّ‬
‫الوجودیة بالنس���بة إلیها‪ ،‬وهذا الضعف‬
‫ّ‬
‫الوجودیة‪،‬‬ ‫حتى یصل إلى مبدأ الوجود الذي هو غیر متناه من حیث الش � ّ�دة‬ ‫ه���ذا ّ‬
‫ّ‬
‫الوجودي»‪.‬‬
‫(((‬ ‫اإلمكانیة ّ‬
‫ومقومها‬ ‫ّ‬ ‫ومحیط بجمیع المراتب‬
‫وف األسفار‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫«إنه كما ّأن الموجد لش���يء بالحقیقة ما یكون بحس ��ب جوهر ذاته وسنخ حقیقته‬
‫اضا بأن یكون ما بحس���ب تجوهر حقیقتها هو بعینه ما بحسب تجوهر ّ‬ ‫ّ ً‬
‫فاعلیتها‪،‬‬ ‫فی‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فیك���ون فاع�ل�ا بحت���ا ال أنه ش���يء آخر یوص ��ف ذلك الش ��يء بأنه فاع ��ل‪ ،‬فكذلك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫المعلول له هو ما یكون بذاته أثرا ومفاضا ال ش ��يء آخر غیر المس � ّ�مى معلوال یكون‬
‫أثرا ّ‬‫ً‬
‫حتى یكون هناك أمران ولو بحسب تحلیل العقل واعتباره أحدهما‬ ‫هو بالذات‬
‫شيء واآلخر أثر‪...‬‬
‫ف���إذا ثبت تناه���ي سلس���لة الوجودات م ��ن العلل والمعل ��والت إلى ذات بس ��یطة‬

‫ّ‬
‫الگلپايگان‪128 ،‬ـ ‪.129‬‬ ‫ان‬ ‫عل ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫الس���بحان‪ ،‬جعفر‪ ،‬تلخيص اإلهليات‪ ،‬تلخيص ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬تعلمی الفلسفة‪ ،‬املصباح اليزدي‪ ،‬حممد يّ‬
‫تق‪.‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪81‬‬

‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫الحقیق���ة ّ‬
‫متقدما عن ش ��وب كث ��رة ونقصان‪ ،‬و إم ��كان وقصور‬ ‫الوجودیة‬ ‫النوری���ة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخف���اء‪ ،‬بـ���ريء الذات عن تعلق بأمر زائد حال أو محل خارج أو داخل‪ ،‬وثبت أنه‬
‫منور للس ��ماوات واألرض‪ ،‬وبوجوده منش ��أ‬ ‫ّ‬
‫وبهویته ّ‬ ‫بذاته ّفیاض وبحقیقته س���اطع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تبین وتحق���ق ّأن لجمیع الموجودات أصال واحدا أو س ��نخا‬ ‫لعال���م الخلق واألم���ر‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫فاردا هو الحقیقة والباقي ش���ؤونه وهو الذات وغیره وأس ��ماؤه ونعوته وهو األصل‬
‫وما سواه أطواره وشؤونه‪ ،‬وهو الموجود وما ورائه جهاته وحیثیاته‪.‬‬
‫م���ن أح���د من هذه العبارات ّأن نس ��بة الممكنات إل ��ى ذات ّ‬
‫القیوم تعالى‬ ‫یتوه ّ‬‫وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫االثنینیة في‬ ‫والمحل ّیة ّ‬
‫مم ��ا یقتضی ��ان‬ ‫یك���ون نس���بة الحلول‪ ،‬هیه���ات ّإن الحال ّی ��ة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوجود بین الحال والمحل‪ ،‬وهاهنا أي عند طلوع شمس التحقیق من أفق العقل‬
‫ّ‬
‫المتن���ور بنور الهدای���ة والتوفیق‪ ،‬ظه ��ر أن ال ثاني للوج ��ود الواحد األحد‬ ‫ّ‬
‫اإلنس���اني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوهمیة‪ ،‬وارتفعت أغالیط األوهام‪.‬‬ ‫الحق‪ ،‬واضمحلت الكثرة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واآلن حصح���ص الح���ق‪ ،‬وس���طع ن ��وره الناف ��ذ ف ��ي هی ��ا كل الممكن ��ات یق ��ذف‬
‫مما یصف ��ون إذ قد‬ ‫ّ‬
‫وللثنویی ��ن الوی ��ل ّ‬ ‫ب���ه عل���ى الباط���ل فیدمعه ف���إذا هو زاه ��ق‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫انكش���ف ّأن كل ما یقع اس���م الوج ��ود علیه ولو بنح ��و من األنحاء فلیس إ ش ��أنا‬
‫ً‬ ‫م���ن ش���وؤن الواحد ّ‬
‫القی���وم‪ ،‬ونعتا من نع ��وت ذات ��ه‪ ،‬ولمعة من لمع ��ات صفاته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فما وصفناه ّأوال ّأن في الوجود علة ومعلوال بحس ��ب النظر الجلیل قد آل آخر األمر‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حقیقی ��ا والمعلول جهة من‬ ‫العرفاني إلى كون العل ��ة منهما أمرا‬ ‫بحس���ب الس���لوك‬
‫ّ‬ ‫تطوره ّ‬‫بالعلة وتأثیره للمعلول إلى ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بحیثیة ال‬ ‫وتحیثه‬ ‫المسمى‬ ‫جهاته‪ ،‬ورجعت عل ّیة‬
‫انفصال شيء مبائن عنه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السبزواري عند قوله «مفا وصفناه‪ »...‬بقوله‪:‬‬ ‫وعلق علیه‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الذهني‪ :‬إیجاده لألشیاء اختفاؤه‬ ‫«ما أقرب هذا من قوله قریبا من مبحث الوجود‬

‫‪ . 1‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.301 _ 299 / 2 ،‬‬


‫‪82‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫فیه���ا مع إظهاره ّإیاها‪ ،‬و إعدامه لها في القیامة الكبـرى ظهوره بوحدته وقهره ّإیاها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بإزال���ة ّ‬
‫تعیناته���ا‪ ،‬ولیس المراد أنه ظهر خ�ل�اف ما وضع بل إن ��ه كان یترائی البینونة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العزلی���ة ولی���س األمر كذل���ك فاحكم بالعل ّی ��ة ولكن تصـ � ّ�رف فیها بأنها التش ��أن ال‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫المعتزلي فإنه تعالى ل ��م یلد ولم یولد بل كل یوم هو‬ ‫التوحی���د [!!] مث�ل�ا كما یقوله‬
‫في شأن»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫وعلق عىل قوله «فكذلك املعلول له‪ »...‬بقوله‪:‬‬
‫ً‬
‫«ومعل���وم ّأن األثر لیس ش���یئا عل ��ى حیاله‪ ،‬بل هو ظهور مبدئ ��ه‪ ،‬والغرض من هذا‬
‫لاّ‬
‫الخاص ّـي في لس ��ان القوم إ ّأن الوجودات‬
‫ّ‬ ‫البیان أن لیس المقصود من التوحید‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الغني وروابط محضة إلى ّ‬‫فق���راء بحتة إلى اهلل ّ‬
‫القی ��وم الصمد ذواتا وصفاتا وأفعاال‪،‬‬
‫وظه���وره منطو في ظهوره كما ف ��ي الدعاء یا نور ّكل نور‪ ،‬و ّإن الوجودات ّ‬
‫متقومات‬ ‫ٍ‬
‫(((‬ ‫بذواتها بذاته‪ ،‬وذاته ّ‬
‫مقومة بذاته لذواتها»‪.‬‬
‫ً‬
‫وتقول الفلسفة أیضا‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موجودا في ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حد نفسه‪ ،‬ال یمكن أن یصیر موجودا بتأثیر‬ ‫«إن ما ال یكون وجودا وال‬
‫الغیر و إفاضته‪ ،‬بل الموجود هو الوجود وأطواره وشؤونه وأنحائه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫«فالوج���ود غیر مجعول مطلقا‪ ،‬كم ��ا أنه غیر قابل للعدم مطلقا الس ��تحالة انفكاك‬
‫الشيء عن نفسه وانقالبه إلى غیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن غیر المتناهي قد مأل الوجود كله‪ ...‬فأین المجال لفرض غیره»‪.‬‬

‫‪ . 1‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.300 / 2 ،‬‬


‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.299 / 2 ،‬‬
‫‪ . 3‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.341 / 2 ،‬‬
‫‪ . 4‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.477 ،‬‬
‫ّ‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬
‫عل بن مویس الرضا؟ع؟والفلسفة اإلهلية‪1374 ،36 ،‬ش‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 5‬جوادي ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪83‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫«كل ما عداه فهو فیضه‪ ،‬فال یكون أمرا مبائنا عنه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«وأما تفس���یر حصـر الوج���ود في اهلل بأن یكون اهلل هو الموجود بالذات وما س ��واه‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫�دا لغی ��ره فال یتالئ ��م مع الوحدة الش � ّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫�خصیة‬ ‫وج �‬
‫موج���ودا بالغی���ر وأن یك���ون اهلل م ِ‬
‫ً‬
‫(((‬
‫للوجود أبدا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫«لیس موجود إ اهلل وكل ما یكون غیر وجهه فهو معدوم دائما»‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫رابطیا كالعرض‪،‬‬ ‫«في العرفان لیست نسبة وجود العالم مع الواجب تعالى وجودا‬
‫ّ‬
‫المتألهین ّ‬ ‫ً ًّ‬
‫قدس س� � ّـره على ذلك ال یفید‬ ‫ربطیا كالحرف‪ ،‬و إصـرار صدر‬ ‫وال وج���ودا‬
‫�خصیة للوجود فللوجود مصداق واحد ّ‬ ‫ألن على أساس الوحدة الش � ّ‬ ‫ً‬
‫ش���یئا‪ّ ،‬‬
‫فقط‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫وهو الواجب الذى یكون مستق وال مصداق لغیره أبدا»‪.‬‬
‫«إذا ینبغ���ي أن یكون الهدف األس ��مى هو العود إلى ذلك األص ��ل واندراج وانطفاء‬
‫ّ‬
‫الواجبیة‪ ،‬كما تندرج القطرة في البحر‪ ،‬وهذا هو معنى الفناء‬ ‫ذواتن���ا في ّ‬
‫طي الذات‬
‫ّ‬
‫الحقیقي للذات‪ ،‬فال غضاضة بعد ذلك إذا ما س ��ئلت القطرة‪ :‬ما أنت؟ فتقول‪ :‬أنا‬
‫البحر!»‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«إن وجوده س���بحانه غیر متناه‪ ،‬وحیث یك ��ون كذلك‪ ،‬فال یمكن أن یفرض هناك‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫وجود‪ ...‬إ والحق سبحانه واجد لها»‪.‬‬
‫أق���ول‪:‬وم���عه���ذهالتصـرحی���اتالواضح���ةفكی���فمیك���نأن ّیدع���ى‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرفاني‬ ‫«وهذه الوحدة التي قال بها صدر المتألهین لیس ��ت ه ��ي وحدة الوجود‬

‫عل بن مویس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬


‫اإلهلية‪ 1374 ،9 ،‬هـ‪.‬‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‏‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 1‬جوادي ي‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حتر ير متهيد القواعد‪.65 / 1 ،‬‬‫‪ . 2‬جوادي ي‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حتر ير متهيد القواعد‪.395 / 3 ،‬‬
‫‪ . 3‬جوادي ي‬
‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حتر ير متهيد القواعد‪.72 / 1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 4‬جوادي ي‬
‫اللق إیل احلق‪ 1426 ،‬ق‪.87.‬‬ ‫احليدري‪ ،‬كمال‪ ،‬من خ‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ّ‬
‫احليدري‪،‬‏‪.99 / 1‬‬ ‫‪ . 6‬التوحيد‪ ،‬تقر ير دروس السيد كمال‬
‫‪84‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫الشخصیة!»‬
‫(((‬ ‫والصوفي‪ّ .‬‬
‫ویعبـر عنها بوحدة الوجود‬ ‫ّ‬ ‫التي یقولها العارف‬
‫ً‬
‫كما ال وجه ملا قد یقال تناقضا‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫الكم‪ .‬وسیأتي في ّ‬ ‫ّ‬
‫خواص ِ ّ‬
‫األخص أنه عند‬ ‫اإللهیات بالمعنى‬ ‫«التناهي وعدمه من‬
‫الحق سبحانه وتعالی غیر متناه فال یراد به التناهي الذي یعرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫ما یقال ّ‬
‫الكم‪،‬‬ ‫بأن‬
‫ً‬ ‫فلو فرض وجود غیر متناه آخر غیر اهلل تعالى ّ‬
‫فإن هذا ال یجعله واجبا‪ .‬إذ الالتناهي‬
‫(((‬ ‫في الواجب سبحانه وتعالى غیر الالتناهي الذي یعرض ّ‬
‫الكم!»‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فإن من الواضح ّأن من التفت إىل معىن الالمتناهي كما هو حقه ال یرى جماال لوجود‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫أس���اطی الفلس���فة والعرفان‬ ‫شء آخ���ر س���واه بوجه م���ن الوجوه‪ ،‬وقد اعترف بذلك‬ ‫ّ‬
‫أي ي‬
‫والتصوف‪ .‬ومن الطر یف ّأن القائل یقول بنفسه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫«وأن���ه تعالى غیر متناهي ال���ذات وال محدودها‪ ،‬فال یقابل ذات ��ه ذات و إلاّ ّ‬
‫لهدده‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫بالتحدید»‪.‬‬
‫و یقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن ص���در المتألهی���ن‪ ...‬بع���د تبل ��ور أفكاره في مس ��ائل ومباح���ث الوجود ذهب‬
‫ّ‬
‫الش���خصیة للوجود‪ ،‬وهي عین رأي العرف ��اء اإللهیین‪ .‬وص ّـرح‬ ‫إل���ى القول بالوحدة‬
‫أي ش ��يء في الوجود عدا الذات والصفات‬ ‫الش���یرازي‪ ...‬یش���یر به إلى عدم وجود ّ‬
‫ّ‬
‫واألفعال ّ‬
‫اإللهیة‪...‬‬
‫َّ‬
‫یق���ول [مال صدرا]‪ّ ...‘‘ :‬إن وجوده تعال ��ى‪ ...‬یكون كل الوجود ‪ ...‬فالحقیقة إذن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واح���دة وه���ي الحق تعال���ى‪ ،‬وما عداه ش ��ؤون وأط ��وار وانعكاس وظ ��ل لتجلیات‬
‫ٌ‬
‫عكوس في المرایا أو ظالل‪...‬‬ ‫اإللهیة‪ّ ...‬كل ما في الكون ٌ‬
‫وهم أو خیال أو‬ ‫ال���ذات ّ‬

‫ّ ‏ّ‬
‫احليدريّ‪.‬‬ ‫‪ . 1‬رزق‪ ،‬خليل‪ ،‬قراءة يف مرتكزات احلمكة املتعالية‪ ،164 ،‬من حماضـرات السيد كمال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫احليدري‏‪.‬‬ ‫‪ . 2‬شـرح بداية احلمكة‪،‬‏‪ ،380/1‬رزق‪ ،‬خليل‪ ،‬تقر يرا ألحباث السيد كمال‬
‫ّ‬
‫عقائدية‪،‬‏‪.38 / 3‬‬ ‫ّ‬
‫احليدري‪ ،‬كمال‪،‬‏حبوث‬ ‫‪.3‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪85‬‬

‫ً‬
‫ما نحن بصدده من ذي قبل إن شاء اهلل من إثبات وحدة الوجود والموجود ذاتا‬
‫تعینات‬‫وحقیقة‪ ،‬كما هو مذهب األولیاء والعرفاء‪ّ ...‬إن الوجودات‪ ...‬من مراتب ّ‬
‫ّ‬
‫الحق ّ‬
‫األول’’»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬


‫وج���ودي إ والحق (تعالی) واجد له بنحو البس ��اطة ألنه‬ ‫«م���ا م���ن وجود أو كمال‬
‫ّ‬
‫بسیط الحقیقة‪ ،‬وبسیطة الحقیقة كل األشیاء‪ .‬وعلیه فالواجب (تعالی) ال متناه بل‬
‫(((‬
‫فوق ما ال یتناهی بما ال یتناهی»‪.‬‬
‫املدعیة أنهّ ا تقابل الفلسفة والعرفان وهي نفس مدرسة‬
‫ّ‬ ‫وقد یقال يف مدرسة التفكیك‬
‫ّ‬
‫والتصوف‪:‬‬ ‫الفلسفة والعرفان‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫«لیس شيء غیره تعالى وغیر وجوده و إ یلزم التحدید»‪.‬‬
‫ً (((‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن واقع األمر هو أنه لیس في العالم شـرك أصال»‪.‬‬

‫ّ‬
‫احليدري‏‪.‬‬ ‫‪ . 1‬رزق‪ ،‬خليل‪ ،‬قراءة يف مرتكزات احلمكة املتعالية‪ ،171 _ 167 ،‬من حماضـرات السيد كمال‬
‫احليدري‪ ،‬كمال‪،‬‏دروس يف احلمكة املتعالية‪،‬‏‪.246 /1‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ّ‬
‫احللب‪.‬‬ ‫ّ‬
‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬ميرزا مهدي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اإلصفهان مبتدع مدرس���ة التفكيك‪ ،‬وهو كان يظهر املخالفة الش���ديدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫(واملؤل���ف ه���و امليرزا‬
‫ي‬
‫ولكن���ه مل يأت مع األس���ف بش���ـيء غير ما نس���جه العرفاء والفالس���فة يف مقام‬ ‫للفالس���فة والعرف���اء ّ‬
‫اإل ثبات‪ ،‬وهو مع هذا ّيدعي أن مدرس���ته هي مدرس���ة القرآن وأهل البيت؟مهع؟!‬
‫ّ‬
‫واملتكل ن‬ ‫ّ‬
‫مي‪،‬‬ ‫الديني���ة وعقايد الفقه���اء‬ ‫مف���ال إیل مدرس���ته بع���ض من ال خبـ���رة له حبقائق املع���ارف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وهلذا صار مذهب التفكيك من أعظم مصائب اإلس�ل�ام فعال‪ ،‬ألنه يروج أوهام الفالس���فة والعرفاء‬
‫ورد عليه مجيع العلماء واملراجع الذين‬ ‫صـرح بذلك ّ‬ ‫والصوفية باسم مدرسة أهل البيت؟مهع؟ كما قد ّ‬ ‫ّ‬
‫فقط ال من حيث مطالبه‬ ‫شخصيته ّ‬
‫ّ‬ ‫الظن به بعضهم من جهة‬ ‫مؤسسه و إن حيسن ّ‬ ‫رأوا مكتوبات ّ‬
‫ّ‬
‫العلمية‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأش���د ضـررا عیل ش���يعة أهل‬ ‫الش���يخية وهم أعظم خطرا‬ ‫الهة تكون كفرقة‬‫مفدرس�ت�هم من هذه ج‬
‫ّ ً‬
‫یأت البحث عهنم عیل وجه أبسط يف مبحث نقد‬ ‫البيت؟مهع؟ من نفس الفلسفة والعرفان جدا‪ ،‬و ي‬
‫مدرسة التفكيك‪).‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف اإلهلية‪( .755 ،‬واملؤلف من أساطي مدرسة التفكيك)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪86‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫رب ّ‬
‫العزة‪ .‬فهل أنت ذات‬ ‫ّ‬
‫مختصة بحضـرة ّ‬ ‫ّ‬
‫مختصة ب���ذات اهلل‪ ،‬الذات‬ ‫«الحقیقة‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واهلل أیض���ا هو ذات؟ هل أنت حقیقة واهلل أیضا هو حقیقة؟ ال‪ ،‬ال‪ ،‬ك ! هذا یكون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫غلطا محضا! یكون كفرا محضا! إن كان هكذا فأنت أیضا تكون موجودا فى قبال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫اهلل! وأنت تكون واحدا واهلل یكون واحدا آخر!»‬
‫ولهیة واندكا ّكیة؛ واإلنسان ال یقدر أن ّ‬
‫یتفوه بشيء»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«مشاهدته‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتي‪ .‬فما قیل‪‘‘ :‬إنه تعالى ظاهر باالس ��تدالل»‪،‬‬ ‫«إن ظه���وره تعالى یكون بظهوره‬
‫ًّ‬
‫(((‬
‫جدا»‪.‬‬ ‫ضعیف‬
‫«واقع األمر هو ّأنه ال یكون في العالم شـرك ّ‬
‫بأي وجه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫(((‬
‫«كل ما یكون موجودا في العالم فهو لیس خارجا عنك»‪.‬‬

‫السفسطة أم الفلسفة والعرفان‪:‬‬

‫والتفوه ّ‬
‫بأن العامل موهوم‬ ‫ّ‬ ‫ونف وجود ما س���وى اهلل‬ ‫ّ‬
‫من الواضح أن مذهب السفس���طة ي‬
‫هلي عقیدة باطلة عىل أساس ضـرورة العقل والبـرهان‪ ،‬وباال ّتفاق من مجیع أهل األدیان‪،‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن الفلسفة والعرفان یقوالن بأن ال وجود إ هلل وما سواه من املخلوقات واملوجودات‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫لیس إ أوهاما وخیاالت كما قالوا‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫أو عكوس في المرایا أو ظـالل»‬ ‫«كـل ما في الكون وهم أو خیال‬

‫اإلصفهان‪ ،‬معرفت نفس‪ ،‬حتر ير يگان���ه‪ ،356 _ 357 ،‬أبواب اهلدی‪ 1387 ،‬ش‪،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مه���دي‪،‬‬ ‫‪ . 1‬مي���رزا‬
‫ي‬
‫‪( .129‬رئيس مدرسة التفكيك)‪.‬‬
‫خطي‪ ،‬الدرس ‪.44‬‬ ‫ّ‬ ‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫امليان ّ‬
‫���ي‪ ،‬حممد باقر‪ ،‬توحيد اإلمامي���ة‪( .174 ،‬وهذا أيضا من أصحاب مدرس���ة التفكيك‬ ‫ج‬ ‫ّ‬
‫امللك���ي‬ ‫‪.3‬‬
‫الباطلة)‪.‬‬
‫خطي‪( .755 ،‬والقائل من أصحاب التفكيك)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف اإلهلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫خطي‪ ،‬الدورة الثانية‪.‬‬ ‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪ .6‬مال صدرا‪ ،‬األسفار ‪.47 /1‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪87‬‬

‫«چه ّ‬
‫شك داري در این كاین چون خیال است‬
‫كه با وحـــــــــدت دوئـي عــــــین ضالل اســــــــت»‪.‬‬
‫ألن مع الوحدة تكون اإل ّ‬
‫ثنینیة ضاللة‬ ‫أي ّ‬
‫شك لك ف ّأن هذا یكون كالخیال؟ ّ‬ ‫یعین‪ّ :‬‬
‫ي‬
‫واضحة‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫«كل ما یكون موجودا في العالم فهو لیس خارجا عنك»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫«ق���ال مح���ي الدین ّ‬


‫عربي في بیت ش ��عر في فصوص الحكم‪‘‘ :‬إنم ��ا الكون خیال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وهو حق في الحقیقة؛ كل من یعرف هذا حاز أسـرار الطریقة’’»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫«على أس���اس النظ���ر الدقیق كل م ��ا في دار الوج ��ود یكون وجوب ��ا‪ ،‬والبحث عن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫اإلمكان یكون هزال ولعبا»‪.‬‬
‫«چون یك وجود هست و بود واجب و صمد‬
‫(((‬
‫«از ممكن این همه سخنان فسانه چیست؟»‬
‫ً‬
‫یعن‪ :‬حیث ّإن الوجود یكون منحصـرا يف واحد وهو واجب وصمد‪ ،‬مفا هذه األساطیر‬
‫ي‬
‫والكلمات الالهیة عن وجود املمكن؟!‬
‫أي‬‫�طائیین م ��ن ّأول األم ��ر ونقول لی ��س لنا ّ‬
‫«وك���م نش���عر بالراح���ة أن نصی���ر سفس � ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أل���ف أصال‪ ،‬وم���ا أعجب أنه یج���ب علینا أخی ��را أن نصیر بأجمعنا في ه ��ذا الطریق‬
‫فقط‪،‬‬‫سفس���طائیین‪ ،‬ونق���ول ّإنا ال نكون موجودین وكذا غیرن ��ا‪ ،‬والموجود هو اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫ّأول ال���كالم وآخره هو اهلل‪ ،‬واهلل هو الذي یش ��تغل بكونه إله � ً�ا‪ ،‬وبعد ذلك فال ّ‬
‫هم‬
‫ً‬
‫(((‬
‫لإلنسان أصال ویستریح!»‬

‫ّ‬
‫خطي‪ ،‬الدورة الثانية‪.‬‬ ‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي ّ‬
‫‪ . 2‬راجع‪ :‬جت يل وظهور‪.107 ،‬‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬ممد اهلمم يف شـرح فصوص احلكم‪.107 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 3‬حسن زادة ي‬
‫اآلمل‪ ،‬داوود‪ ،‬مآثر آثار‪( ،‬منتخب آثار حسن زادة)‪.72/1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 4‬صمدي‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬داوود‪ ،‬شـرح هناية احلمكة‪.15 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 5‬صمدي‪ ،‬ي‬
‫‪88‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«الخل���ق ّ‬


‫متوهم والح���ق متحقق‪ ،‬بل الخلق عین الح ��ق‪ ...‬الحق تعالی هو جمیع‬
‫ً‬
‫(((‬
‫األشیاء ولیس شیئا منها بعینه»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫فقط وكل ما سواه وهم وخیال»‪.‬‬ ‫«الوجود ینحصـر باهلل‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«الحق هو المشهود‪ ،‬والخلق موهوم»‪.‬‬
‫یقول ابن ّ‬
‫عرب‪:‬‬
‫ي‬
‫الوجودی���ة ّإنم���ا هي حضـ ��رة الخیال ّثم ّ‬
‫تقس ��م ما تراه م ��ن الصور إلى‬ ‫ّ‬ ‫«فالحضـ���رة‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ومتخیل‪ ،‬والكل ّ‬ ‫ّ‬
‫متخیل وهذا ال قائل به إ من أشهد هذا المشهد‪...‬‬ ‫محس���وس‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫السوفسطائیة»‪.‬‬ ‫وال یقرب من هذا المشهد إ‬
‫ً‬ ‫«ان من علم حقایق ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫السموات‪ ،‬أدرج حقائها في وجوده فضال عن رقائقها»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫یعتبر ابن ّ‬
‫عرب يف فصوص احلكم كل املوجودات أعراضا لذات اهلل‪ ،‬و حیسب أهل‬ ‫ي‬
‫السفس���طائی ن‬
‫ّ‬ ‫طئی‪ ،‬و یس���تثن من هذا خ‬ ‫ّ‬
‫والبـراهی كلهم خم ن‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ی‬ ‫الطأ‬ ‫ي‬ ‫االس���تدال ل والتعق���ل‬
‫ّ (((‬ ‫فقط! یقول هو وشارحه خ‬
‫الوارزمي‪:‬‬ ‫ّ‬

‫«الحس���بانیه ف���ي جمیع العال���م ّاطلعوا ووقفوا عل ��ی هذا المعنی وقال ��وا‪‘‘ :‬مجموع‬
‫ّ‬

‫�بانیة المس � ّ�می‬


‫جهلوا الحس � ّ‬ ‫العال���م ّ‬
‫متب���دل في الص���ورة’’‪ .‬وأهل النظ ��ر بأجمعهم ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫بالسفسطائیة»‪.‬‬ ‫عندهم‬

‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬داوود‪ ،‬مآثر آثار‪( ،‬منتخب آثار حسن زادة)‪.72/1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 1‬صمدي‪ ،‬ي‬
‫‪ . 2‬ناسخ التوار يخ‪ ،238/3 ،‬جملد هبوط‪.‬‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬داوود‪ ،‬مآثر آثار‪( ،‬منتخب آثار حسن زادة)‪.89 / 2 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 3‬صمدي‪ ،‬ي‬
‫‪ . 4‬ابن‏عر يّب‪ ،‬الفتوحات‪.525 / 3 ،‬‬
‫ّ‬
‫سبزواري‪.170 ،‬‬ ‫‪ . 5‬شـرح األمساء احلسین‪ ،‬مال هادي‬
‫ّ‬
‫وارزمي‪.499 _ 445 / 1 ،‬‬ ‫‪ . 6‬شـرح الفصوص‪ ،‬خ‬
‫ال‬
‫تق‪ ،‬آفتاب وسايه‌ها‪ 1389 ،‬ش‪174 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال‪ ،‬حممد ي‬
‫خوارزمي‪ ،‬شـرح الفصوص‪ .499 _ 445 / 1 ،‬فع ي‬ ‫‪.7‬‬
‫ـ ‪179‬؛ عن اوشو‪ ،‬راز بزرگ‪.‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪89‬‬

‫عالم ّكل إنس ��ان ه ��و نفس ّ‬


‫تصوره‬
‫َ‬
‫توهم‪...‬‬ ‫«العال���م الذي نش���اهده ال یزی���د علی ّ‬
‫خارجي ولیس له ّ‬
‫واقعی ��ة‪ ...‬إن یكن العالم‬ ‫ّ‬ ‫ع���ن العالم‪ ...‬العالم لیس ل���ه وجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫خارجا ّ‬ ‫ً‬
‫تصوراتنا‪ .‬فكل أحد خالق نفس ��ه‪...‬‬ ‫عنا فأین هو؟ العالم لیس إ‬ ‫موجودا‬
‫الحقیقي إذا أطفأنا ذهنن ��ا ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فقط ولم نر جمیع‬ ‫إن���ا نصل إلی الكل المطل���ق والوجود‬
‫صور أذهاننا»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫«إن اهلل ال يك���ون منف���كا عنك���م‪ّ .‬إن اهلل يك ��ون منتهى وجودكم‪ ...‬مث ��ل الرقاص‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫ال���ذي ال يكون منفكا ع���ن رقصه‪ ،‬كل الوجود هو اهلل ف ��ي الواقع‪ ...‬إن اهلل يكون‬
‫في كل مكان فكيف يمكن أن ال يكون في تلك األصنام؟! فهو موجود في الوثن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الحجري أيضا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعلولی���ة وبعض ما یتعلق هبما‪،‬‬ ‫هذه هي آراء أصحاب الفلس���فة يف تفس���یر العل ّیة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫بأن ذلك یك���ون يف الواقع حتر یفا ملع�ن�ى العل ّیة إىل ما یكذهب���م فيه البـرهان‬ ‫وأن���ت خبی���ر ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والضـ���رورة‪ ،‬و یخ الف���ون يف ذلك اعتقاد أهل التوحید واألدیان الذی���ن یعبدون إهلا واحدا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صمدا مل ّ‬
‫شء‪ ،‬ومبدع الكائنات‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫وموجدها‬ ‫األشیاء‬ ‫خالق‬ ‫‪،‬‬ ‫ولدا‬ ‫وال‬ ‫صاحبة‬ ‫خذ‬ ‫یت‬
‫ً‬
‫بعد أن مل تكن مطلقا‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫والبدهیي ّأن ما یكون بأعیننا من الذوات واحلقایق لیست إ أشیاء‬ ‫ّ‬ ‫فإنه من الواضح‬
‫متجز ية قابلة للوجود والعدم والز ی���ادة والنقصان‪ ،‬وهي لو كانت نفس حقیقة‬ ‫امتدادی���ة ّ‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫الشء عن نفس���ه‪ ،‬وحیث ّإن‬ ‫ي‬ ‫س���لب‬ ‫امتناع‬ ‫لبداهة‬ ‫مطلقا‬ ‫الوج���ود مل���ا جاز علهیا العدم‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الفلسفیة‬ ‫للبدهیي‪ ،‬فال تبىق ّأية قیمة للعقیدة‬
‫ّ‬ ‫إنكار جواز العدم عىل األشیاء یكون إنكارا‬
‫ارجیة هي نفس حقیقة الوجود الالمتناهیة غیر‬ ‫ال ّ‬ ‫الواقعیة خ‬
‫ّ‬ ‫القائلة بأصالة الوجود وكون‬
‫القابلة للعدم لذاهتا‪.‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫تق‪ ،‬آفتاب و سايه ها‪ ،225 _ 223 ،‬نقال عن كاستاندا‪.‬‬
‫ال‪ ،‬حممد ي‬
‫‪ . 1‬فع ي‬
‫تق‪ ،‬آفتاب وسايه‌ها‪ 1389 ،‬ش‪ 174 ،‬ـ ‪179‬؛ عن اوشو‪ ،‬راز بزرگ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ال‪ ،‬حممد ي‬
‫‪ . 2‬فع ي‬
‫‪90‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫مقدمات عقیدة‬ ‫تفطن إىل ّأن القول بأصالة الوجود ال یكون من ّ‬ ‫ولیعل���م ّأن���ه ّقل من ّ‬

‫وحدة الوجود بل هو نفس القول بوحدة الوجود‪ ، ،‬كما ّأنه لیست عقیدة وحدة الوجود‬
‫ً‬
‫شء واحد‪ ،‬مفن زع���م ّأنه میكنه القول‬ ‫ي‬ ‫مها‬ ‫ب���ل‬ ‫‪،‬‬ ‫أیضا‬ ‫م���ن نتایج الق���ول بأصالة الوجود‬
‫خ ً ّ ً‬
‫جدا‪.‬‬ ‫بأصالة الوجود والفرار عن القول بوحدة الوجود یكون مطئـا‬
‫ّ‬
‫العلة واملعلول ّ‬
‫تطورات‬‫عم���ا یراه من ّ‬ ‫ّإن الفلس���فة أخذت عقیدهت���ا الباطلة يف معىن‬
‫ّ‬
‫وتغیراهتا بصورها املختلفة‪ ،‬فحصـر معین العل ّیة يف ذلك‬ ‫املخلوقات بأطوارها املتش���اكلة ّ‬
‫ً‬
‫إیاده األشیاء ال من‬ ‫الالق تبارك وتعاىل و ج‬ ‫ثانیا حیث قاس���ت فعل خ‬ ‫التطور‪ّ ،‬مث أخطأت‬ ‫ّ‬
‫بتطورات األشیاء ّ‬
‫وتغیراهتا‪.‬‬ ‫شء ّ‬
‫ي‬
‫الالق الذي یخ لق‬ ‫فإن اهلل تعاىل هو خ‬ ‫وهو حكم عىل غیر قیاس وقیاس بغیر مقیاس‪ّ ،‬‬
‫الالق البارئ‬ ‫ومدة‪ ،‬بل هو اهلل خ‬ ‫م���ادة ّ‬
‫م���ا یش���اء‪ ،‬و یفعل ما یر ید‪ ،‬وال حیتاج ف فعله إىل ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫القدوس العز یز الذي خلق ما خلق ال من ش���ـي‏ء‪ ،‬ال من أصول أزلیة‬ ‫الس���بوح ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املصور‬
‫ّ‬ ‫وال من أوائل ّ‬
‫أبدیة‪ ،‬كل ذلك عىل خالف مزعمة أصحاب الفلس���فة والعرفان‪ ،‬وهم قد‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء غیر حقیقة وجود العلة ذاتا‪ ،‬والعلة تكون موجدة‬ ‫یعترفون بأنفسهم بأن املعلول هو ي‬
‫ً‬
‫ل���ذات املعلول‪ ،‬فال یخىف ّأن هذا یكون رجوع���ا مهنم إىل اقتضاء ما یرتكز يف العقول من‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واملعلولیة وتبایهنما ذاتا‪ ،‬فإنهّ م یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫إدراك معىن العل ّیة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتص���ور عند كل ش ��خص من معن ��ى العلة هو ّأن العل ��ة تكون موجدة‬
‫ّ‬ ‫«المعن���ى‬
‫للمعلول»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬


‫ماد ّیا أو عالما أو فیلس ��وفا _ یذعن‬ ‫إلهیا أو‬ ‫«كل ش���خص _ متكلما كان أو حكیما أو‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫بهذا القانون ویعتقد ّأن العلة هي التي تكون موجدة للمعلول»‪.‬‬
‫ّ‬
‫والعل ��ة)‪ .‬فنرى ّأنه یجب أن تك ��ون ّ‬ ‫«ننظ���ر إل���ى ّ‬
‫واقعیته‬ ‫واقعیة المعط���ي (الموجد‬

‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪.120/3 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪ ،‬ملخصا‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪91‬‬

‫واقعیة نش ��أت منها ّ‬ ‫ّ‬


‫(العلة) هو ّ‬ ‫واقعیة اآلخ���ذ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫مس���تقلة عن ّ‬
‫واقعیة‬ ‫فإن المعط ��ي‬
‫ألبتة أن یكون ش ��يء منش � ً�أ لنفس ��ه‪ّ ،‬‬
‫فإن ذلك مس ��تلزم للصدفة‬ ‫أخرى‪ ،‬وال یمكن ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫واقعیتان وهما‬ ‫وتقدم الش���يء على نفسه المستلزم للمحال‪ ،‬فلیس في الخارج إ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وواقعیة المعلول»‪.‬‬ ‫واقعیة العلة‬
‫لكل ذي وجود ّ‬ ‫ّ‬
‫مما س ��واه یحتاج إلیه فیقصده‬ ‫«و إذا كان اهلل تعال���ى ه���و الموجد‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كل ما صدق علیه شيء غیره في ذاته وصفاته وآثاره»‪.‬‬

‫ّ‬
‫الفقري‬ ‫بطالن وحدة وجود الخالق والمخلوق ً‬
‫بناء على اإلمكان‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫واملعلولیة فنأخذ‬ ‫وهاهنا فبعد ما ّبی ّنا بطالن عقیدة الفلس���فة يف حقیقة معىن العل ّیة‬
‫بالش���دة والضع���ف ف الوجود ً‬
‫بناء عىل اإلمكان‬ ‫ّ‬ ‫يف بی���ان ما وعدناه من بطالن االعتقاد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الفلسفیون‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الفقري الذي ذهب إلیه‬
‫ّ‬
‫األحدية‬ ‫البدهيي عىل أس���اس ضـ���رورة العقل والبـره���ان واألديان ّأن ال���ذات‬
‫ّ‬ ‫ّإن م���ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تكون غير وجود خملوقاهتا‪ ،‬وليس���ت ّ‬
‫متجزئة ومركبة من وجود األشیاء‪ ،‬و ّإن فرض تركب‬
‫العدمية الت ابتدعته الفلسفة يكون من املوهومات ّ‬
‫املموهة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫شء من األجزاء‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫كتاب بدایة احلمكة وهنایهتا لبيان سعة وجود اهلل ومشوله جلميع األشياء‬‫وقد ميثل يف ي‬
‫لاّ‬ ‫بنور غير متناه شامل جلميع األنوار حبيث ال يبق جماالً لوجود ّ‬
‫أي نور آخر إ وهو داخل‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫األول وج���زء ّ‬
‫ف ّ‬
‫وحص���ة ومرتبة من ذل���ك! وال تظن أن هذا جمرد مث���ال هلم للتقر يب إىل‬ ‫ي‬
‫فقط‪ ،‬حیث ّإن ذلك نفس اعتقاده���م يف اهلل تعایل! بل ولو كان هذا جم ّرد مثال‬ ‫الذه���ن ّ‬

‫ونف وجود اهلل‪،‬‬‫هلم _ وليس كذلك _ لكان أبعد مثال عن التوحيد وأقرب مثال لإلحلاد ي‬
‫يأت مبثال يف ما حنن فيه أقبح وأوهن‬ ‫ّ‬
‫والتبعي���د عن معرفت���ه احلقيقية‪ ،‬وال ميكن ألحد أن ي‬
‫نص من كالمهم‪:‬‬ ‫وأغلط وأبطل من مثاهلم‪ ،‬و إليك ّ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪ .122 ،‬نقلنا ذلك ملخصا‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.388 / 20 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪92‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومتوحدة في عین كثرتها‪،‬‬ ‫«النور حقیقة واحدة بس���یطة متكثرة في عین وحدتها‬
‫ّ‬
‫والتقدم‬ ‫كذل���ك الوج���ود حقیقة واح���دة ذات مراتب مختلفة بالش � ّ�دة والضع ��ف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والدن���و وغیرها‪ ...‬وكان من ش ��أن المرتبة الضعیفة أنها ال تش ��تمل‬ ‫والعلو‬ ‫والتأخ���ر‬
‫على بعض ما للمرتبة الشدیدة من الكمال‪ ،‬لكن لیس شيء من الكمال الذي في‬
‫لاّ‬
‫المرتبة الضعیفة إ والمرتبة الشدیدة واجدة له‪.‬‬
‫ّ‬
‫كالمؤلفة من وج ��دان وفقدان فذاتها ّ‬
‫مقی ��دة بعدم بعض ما‬ ‫فالمرتب���ة الضعیف���ة‬
‫في المرتبة الش���دیدة من الكمال‪ ...‬و إذا فرضنا مرتبة أخرى فوق الشدیدة كانت‬
‫نس���بة الش���دیدة إلى هذه التي فرضنا فوقها كنس ��بة التي دونها إلیها‪ ...‬وعلى هذا‬
‫حتى تقف في مرتبة لیس فوقها مرتبة‪ ،‬فهي‬ ‫القیاس في المراتب الذاهبة إلى فوق ّ‬

‫المطلقة من غیر أن تكون محدودة‪.‬‬


‫واألم���ر بالعك���س ّ‬
‫مم���ا ذك���ر إذا أخذن ��ا مرتب ��ة ضعیف ��ة واعتبـرناه ��ا مقیس ��ة إلى ما‬
‫ّ‬
‫والفعلی ��ة لیس لها‬ ‫حت ��ى ننتهي إل ��ى مرتبة من الكم ��ال‬ ‫ه���ي أضعف منه���ا وهكذا ّ‬
‫فعلی���ة أن ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫فعلی ��ة له ��ا‪ ...‬وه ��ذا المعن ��ى‪ ...‬ن ��وع من البس ��اطة‬ ‫م���ن الفعلی���ة إ‬
‫ّ‬
‫الخارجیة‬ ‫والتركی���ب ف���ي الوج���ود غی���ر البس ��اطة والتركی ��ب‪ ...‬من جه ��ة األج ��زاء‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الوهمی���ة‪ّ ...‬إن المرتب ��ة‪ ...‬كلم ��ا عرج ��ت وزادت قرب ��ا م ��ن أعل ��ى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقلی���ة أو‬ ‫أو‬
‫واتس ��ع وجوده ��ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حت ��ى یبل ��غ أعل���ى المرات ��ب فه ��ي‬ ‫المرات���ب قل���ت حدوده���ا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجودي م ��ن غیر تحدی ��د ومطلقة م ��ن غیر نهای ��ة»‪.‬‬
‫(((‬
‫مش���تملة عل���ى كل كم���ال‬
‫تقدم _ وهي‪:‬‬‫ترد عىل هذا الكالم إشكاالت _ قد أشـرنا إىل بعضها ف ما ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫واألرضی كان سببا ألوهام هلم يف‬ ‫‪ .1‬كما ّأن جهل الفالسفة حبقیقة وجود السماوات‬
‫ذل���ك كاعتقادهم بكون األرض مركز الع���امل‪ ،‬ودوران األ فالك حول األرض‪ ،‬وكون أفالك‬
‫ّ‬
‫الزجاجي وغیر‬ ‫ّ‬
‫زجاجیة‪ ،‬والثوابث مس���امیر طرقت عیل سقف الس���ماء‬ ‫الس���ماء طبقات‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪20 _ 18 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪93‬‬

‫ّ‬ ‫ً لاّ‬ ‫ً‬


‫فالهل حبقیقة النور أوجب هلم أوهاما يف تلك أیضا‪ ،‬و إ فال أقل مع فرض كون‬ ‫ذلك‪ ،‬ج‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫موجا أو ّ‬
‫ذرة‪ ،‬بل القطع من جهة ّ‬
‫متجز یا فال یبىق‬ ‫مكانیا‬ ‫زمانیا‬ ‫احلس بكونه‬ ‫حقیقة النور‬
‫أي جمال للقول ببساطهتا أو التشكیك فهیا‪.‬‬
‫ف���إن ّادعاء بس���اطة مصداق حقیق���ة النور خطأ حمض‪ ،‬وال ینبغي االس���تناد إىل ذلك‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫یقرب من ّ‬ ‫حت بعنوان املثال ّ‬
‫فإن التمثیل بذلك ملعرفة الذات املتعالیة ما ّ‬ ‫ىّ‬
‫احلق شیئا وال‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫یز ید منه إ بعدا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫بأن النور موجود ّ‬ ‫وذلك ّأنه بعد العلم ّ‬
‫متجزئ مركب بال ش�ب�هة‪ ،‬فكیف جیوز التمثیل‬
‫الزء والبعض واالمتداد والعدد‪ ،‬هو خالق‬ ‫بذل���ك ومحل أحكامها عىل ذات متع���ال عن ج‬
‫ّ‬
‫األشیاء كلها وجاعل الظلمات والنور‪ ،‬ال یشبه خلقه وال عدیل له وال مثیل‪.‬‬
‫‪ّ .2‬إنه لو كانت حقیقة النور بس���یطة للزم أن تكون ببس���اطته ّكل األش���یاء ً‬
‫بناء عىل‬
‫بی املثال‬‫بأن بسیط احلقیقة ّكل األشیاء‪ ،‬وحینئذ مفا هو الفرق ن‬ ‫قاعدهتم الباطلة القائلة ّ‬
‫واملمثل به؟! وهل هذا املثال وهو حقیقة النور البس���یطة بزعمهم نفس وجود خ‬ ‫ّ‬
‫الالق أو‬
‫شـر یكه أو عدیله أو‪...‬؟! بل وعىل فرض ّ‬
‫صحة هذا التمثیل فأین املجال لفرض وجود‬
‫بس���یط آخ���ر هو الواج���ب؟ وهم یقولون مع ف���رض وجود املوجود البس���یط ال یبىق جمال‬
‫شء آخر؟!‬ ‫ّ‬
‫لوجود أي ي‬
‫ّ‬ ‫‪ .3‬یل���زم ع�ل�ى هذا املبىن أن تكون ذات خ‬
‫الالق املتع���ال ّ‬
‫متجزئة ومركبة عن عدد غیر‬
‫ّ‬
‫اضطروا إىل حتر یف معىن التركیب عن‬ ‫ّ‬
‫امتدادیة‪ ،‬ولذل���ك تراهم‬ ‫متن���اه من مراتب وأجزاء‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الواقعي إىل معىن التركب من الوجود والعدم!! كما یقولون‪:‬‬ ‫معناه‬
‫«وهذا المعنى‪ ...‬نوع من البس���اطة والتركيب في الوجود غير البساطة والتركيب‪...‬‬
‫ّ‬
‫الوهمية‪ّ ...‬إن المرتبة ‪ ...‬كلما عرجت وزادت‬
‫ّ‬ ‫الخارجية أو ّ‬
‫العقلية أو‬ ‫ّ‬ ‫من جهة األجزاء‬
‫ّ‬
‫واتس ��ع وجودها ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حتی يبل ��غ أعلی المراتب‬ ‫قرب���ا من أعل���ی المراتب قلت حدودها‬
‫‪94‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجودي من غير تحديد ومطلق م ��ن غير نهاية»‪.‬‬
‫(((‬
‫فهي مش���تملة علی كل كم���ال‬
‫ّ ً‬ ‫ً لاّ‬ ‫ّ‬
‫«وحيث إنه بس���يط محض‪ ،‬والبس ��يط المحض ال يفقد ش ��يئا و إ ص ��ار مركبا من‬
‫وج���دان ش���يء وفقدان ش���يء آخر‪ ،‬وه ��ذا هو ش� � ّـر الترا كيب _ كما قي ��ل _((( لعدم‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫رجوع���ه إلی البس���اطة أصال فال مجال حينئ ��ذ لفرض الواجب الثان ��ي‪ ،‬و إ لزم أن‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫يكون كل واحد منهما واجدا لنفسه وفاقدا لشقيقه‪ ،‬فيصير مركبا ال بسيطا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«شـر الترا كيب هو التركيب من الوجود والعدم»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ً‬
‫متجزئا‬ ‫وعلیه‪ ،‬فال مناص ألهل الفلس���فة والعرف���ان عن اال لتزام بكون وجود واجهبم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫ن�ف�� األجزاء‬
‫ي‬ ‫عن‬ ‫هتم‬‫أدل‬ ‫بضعف‬ ‫االعت���راف‬ ‫عن‬ ‫هلم‬ ‫والب���د‬ ‫ة‪،‬‬‫احلقیقی‬ ‫األج���زاء‬ ‫م���ن‬ ‫ب���ا‬‫مرك‬
‫ّ‬
‫الفلسفیة إل ثبات‬ ‫ن‬
‫البـراهی‬ ‫املقدار ّیة عنه تعاىل‪ .‬وقد جاء يف «هنایة احلمكة» يف وصف‬
‫وحدة واجهبم‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألنها أجزاء ّ‬ ‫ّ‬
‫بالقوة‬ ‫المقداریة كما قالوا‪،‬‬ ‫«وه���ذه البـراهین غیر كافیة في نفي األجزاء‬
‫الكم من مرحلة الجواهر واألعراض‪ ،‬وقد قیل في‬ ‫تقدم في بحث ّ‬ ‫ال بالفع���ل‪ ،‬كما ّ‬
‫نفیه���ا‪ّ :‬إنه ل���و كان للواجب جزء مق � ّ‬
‫�داري فهو ّإما ممكن فیل ��زم أن یخالف الجزء‬
‫ّ ّ‬
‫المق���داري كله في الحقیقة وهو محال((( و ّإما واج ��ب فیلزم((( أن یكون الواجب‬
‫(((‬ ‫بالذات غیر موجود بالفعل بل ّ‬
‫بالقوة وهو محال»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املستدل ن‬
‫ی‬ ‫أقول‪ :‬بل األ لیق هبم أن یعترفوا و یقولوا‪ّ :‬إن األدلة املشار إلهیا تخ بـر عن ّأن‬

‫حسي ‪ ،‬هناية احلمكة ‪20 _ 18 ،‬‬ ‫ن‬ ‫‪ . 1‬الطباطباي ‪ّ ،‬‬


‫حممد‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫السبزواري‪ ،‬حاشية األسفار‪.136/1 ،‬‬ ‫‪ . 2‬ارجع إیل‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬
‫اإلهلية‪.37 ،‬‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬جوادي ي‬
‫السبزواري‪ ،‬حاشية األسفار‪.136/1 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ً‬ ‫‪ .5‬وحيث ّإن لزوم هذا الالزم غير قابل لإلنكار فال ّ‬
‫مفر هلم عن االعتراف بكون املبىن باطال من أساسه‪.‬‬
‫ً‬ ‫أيضا يكشف عن بطالن املبىن‪ ،‬و إلاّ فال ّ‬ ‫ً‬
‫مفر هلم عن اال لتزام بلزوم هذا الالزم أيضا‪.‬‬ ‫‪ .6‬وهذا‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪276 ،‬‬‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.7‬‬
‫ي‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪95‬‬

‫ّ ً‬ ‫أدلهتم عىل ّ‬ ‫ّ‬


‫توهم كون اهلل تعاىل مركبا عن عدد غیر متناه من األجزاء املقدار ّیة‬
‫(((‬
‫هبا بنوا‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫لنف األجزاء املقدار ّیة عن اهلل تعاىل !‬
‫ي‬ ‫كافیا‬ ‫یكون‬ ‫ال‬ ‫هتم‬ ‫أدل‬ ‫ال أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لنف األج���زاء املقدار ّیة عن اهلل تعاىل ف�ل�ا یرتبط باألدلة‬ ‫وأم���ا ما أج���اب به يف املقام ي‬
‫ّ‬
‫نف األجزاء املقدار ّیة‬
‫ي‬ ‫عن‬ ‫القاصرة‬ ‫وأمثاله‬ ‫_‬ ‫الدلیل‬ ‫هبذا‬ ‫املستدل‬ ‫املذكورة‪ ،‬بل جیب عىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسفیة املذكورة من أصلها‪.‬‬ ‫عن اهلل تعاىل _ أن یعترف ببطالن األدلة‬
‫ّ ً‬ ‫مبنیة عىل كون وجود خ‬ ‫وذلك ملا قلنا من أنهّ ا تكون ّ‬
‫الالق تعایل مركبا عن عدد غیر متناه‬
‫الوجودیة املقدار ّیة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من األجزاء واألبعاض واحلصص واملراتب _ عىل التعابیر املختلفة _‬
‫والعجب أنهّ م حیصرون الوجود واملوجود باهلل تعایل من جهة و یقولون من جهة أخری‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن���ا ن���رى ف���ي ّأول م���ا نعق���ل ّأن له ��ذا العال ��م المش ��هود ال ��ذي ه ��و مؤل ��ف من‬
‫ً‬ ‫أش���یاء كثی���رة ّكل واحد منه���ا محدود في نفس ��ه ّ‬
‫متمیز م ��ن غیره وج ��ودا‪ ،‬ولیس‬
‫ً‬
‫وجوده وال وجود ش���يء م���ن أجزائه من نفس ��ه وقائما بذات ��ه‪ ...‬فوجوده ووجود‬
‫(((‬ ‫�میه ‘‘اهلل‏’’ ّ‬
‫عز اس ��مه»‪.‬‬ ‫أجزائ���ه‪ ...‬م���ن غیرها ولغیرها((( وهذا الغیر هو الذي نس � ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫بالتوجه إلى كل‬ ‫«إن الزم كون الوجود ال متناهیا((( هو أن تكون عالماته مشهودة‬
‫(((‬ ‫‏أین َما ُت َو ُّلوا َف َث َّم َو ُ‬
‫جه اهلل>‏»‪.‬‬ ‫جزء والتدبیر في ّكل شيء‪َ <:‬‬

‫(((‬ ‫‪ )4‬التش���كیك ف أمر الوجود باطل من أساس���ه وقد ّ‬


‫تقدم بیانه بالتفصیل‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫‪ . 1‬تقول الفلسفة‪ :‬الثابت بالبـرهان واملعتضد بالكشف والعيان أن ّ‬
‫احلق موجود مع أجزاء العامل‪ ،‬ومع كل‬
‫ّ ّ‬
‫جزء من أجزاء العامل‪ ،‬وكذا احلال يف نسبة كل علة مفيضة إىل معلوهلا‪ .‬مالصدرا‪ ،‬األسفار‪.331 / 7 ،‬‬
‫ّ‬
‫الربطي» أي‪« :‬الوجود يف غیره» وهو ما ال‬ ‫‪ . 2‬وال تغف���ل ع���ن أن ذاك یكون عندهم عىل حنو «الوجود‬
‫ً‬
‫یكون خارجا عن وجود ذاك الغیر‪ ،‬فهو جزئه يف احلقیقة‪.‬‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪ .26 / 12 ،‬أضف إىل ذلك أن ذاك الغير ليس غير نفس‬ ‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫األشياء عندهم عىل مبانهيم‪ ،‬بل وتصـر حياهتم أيضا‪.‬‬
‫‪ . 4‬وهو نفس ذات اهلل عندهم‪.‬‬
‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬مبدأ ومعاد‪.209 ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 6‬راجع إیل مبحث‪ :‬نقد العقیدة الفلسفیة القائلة بتشكیك الوجود‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫توقف السلس���لة القابلة لالش���تداد عند حصول مرتب���ة ّ‬
‫معینة من مراتهبا‬ ‫‪ )5‬وج���وب‬
‫لاّ‬
‫خالف ذاهتا‪ ،‬فال تقف السلسلة يف مرتبة إ وهي حمدودة متناهیة قابلة ألن تكون فوقها‬
‫مرتبة أخرى ّ‬
‫أشد مهنا‪.‬‬
‫«فعلیة ال ّ‬
‫فعلیة هلا» من أظهر مصادیق التناقض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ )6‬االعتقاد بوجود‬
‫‪ )7‬وص���ول ال���ذات القابلة للش���دة والضعف إىل مرتبة ال أضع���ف مهنا خالف ذات‬
‫املفروض‪.‬‬
‫املتجزئ‪ ،‬واهلل خ‬
‫الالق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادی���ة واملوجود‬ ‫‪« )8‬الوج���دان والفقدان»‪ ،‬ملكة للذات‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫اللی���ل _ جل���ت عظمته _ ال ّیتصف هبما ذاتا‪ ،‬فهو تعاىل خارج عن السلس���لة املوهومة‬
‫ج‬
‫املفروضة بالذات وغیر مسانخ هلا عىل اإلطالق‪.‬‬

‫نقد بـرهان أصحاب الفلسفة إلثبات واجبهم‬

‫ّ‬
‫الصدرائیة املسماة بـ «احلمكة املتعالیة» عند منتحلهیا‪:‬‬ ‫تقول الفلسفة‬
‫عینیة واحدة بس ��یطة ال اخت�ل�اف بین أفرادها لذاتها‬‫«إن الوج���ود كما ّمر‪ ،‬حقیقة ّ‬ ‫ّ‬
‫ماهیة ّ‬ ‫ّ‬
‫والش���دة والضعف‪ ،‬أو بأمور زائدة كما في أفراد ّ‬ ‫لاّ‬
‫نوعیة‪،‬‬ ‫إ بالكمال والنقص‬
‫أتم‬ ‫متعل ًقا بغیره‪ ،‬وال ّ‬
‫یتصور ما هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫وغای���ة كمالها ما ال ّ‬
‫أتم منه‪ ،‬وهو الذي ال یك ��ون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبین في ما س ��بق ّأن التمام‬
‫متعلق بغیره مفتقر إلى تمامه‪ .‬وقد ّ‬ ‫منه‪ ،‬إذ كل ناقص‬
‫ً‬
‫وبین أیضا ّأن تمام الش ��يء‬
‫القوة‪ ،‬والوجود قبل العدم‪ّ ،‬‬ ‫قبل النقص‪ ،‬والفعل قبل ّ‬

‫هو الشيء وما یفضل علیه‪ .‬فإذن الوجود ّإما مستغن عن غیره و ّإما مفتقر بالذات‬
‫واألول ه���و واجب الوج ��ود‪ ،‬وهو صـرف الوج ��ود الذي ال أت � ّ�م منه وال‬ ‫إل���ى غی���ره‪ّ ،‬‬
‫لاّ‬
‫یش���وبه عدم وال نقص‪ ،‬والثاني هو ما س ��واه من أفعاله وآثاره وال قوام لما س ��واه إ‬
‫الهویة‪ ،‬و ّإما مفتقر‬‫تام الحقیقة واجب ّ‬ ‫ب���ه‪ ...‬فإذن قد ثبت واتضح ّأن الوجود ّإما ّ‬
‫ویتبین ّأن وجود الواجب ّ‬ ‫ّ‬
‫متعلق الجوهر به‪ .‬وعلى القسمین یثبت ّ‬
‫غني‬ ‫الذات إلیه‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪97‬‬

‫(((‬
‫عما سواه وهذا ما أردناه»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الهویة ّ‬

‫النقد‪:‬‬
‫والواقعیة لنفس حقیقة البیاض((( واحلرارة و‪ ...‬دون األشیاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العینیة‬ ‫‪ )1‬كما ّأن فرض‬
‫ً ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جدا‬ ‫واحلارة‪ _ ...‬القابلة ألضدادها‪ ،‬بل القابلة للعدم من أساسها _‪ ،‬یكون موهوما‬ ‫املبیضة‬
‫العینیة لنفس حقیقة الوجود دون األشیاء املوجودة املخلوقة القابلة للعدم‬ ‫ّ‬ ‫فكذلك فرض‬
‫ً‬ ‫ف ّكل ما نراه ّ‬
‫وحنسه وندركه یكون موهوما وغیر معقول‪.‬‬ ‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الشیئیة إ ّأن املخلوق‬ ‫الشء حبقیقة‬‫بل احلق هو أن املوجود _ خالقا كان أو ملوقا _ هو ي‬
‫ّ‬
‫شء بخ الف األش���یاء‪ ،‬وهو‬ ‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه���و الذات االمتدادیة املتجز ية املوجودة‪ ،‬والالق تعاىل هو ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أیضا ثابت موجود غیر باطل وال موهوم‪ ،‬وال یدرك وال یعرف حقیقة ذاته مطلقا‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫«یا هو‪ ،‬یا من ال یعلم ما هو وال كیف هو وال أین هو وال حیث هو إ هو»‪.‬‬
‫شء خبالف األش���یاء‪،‬‬ ‫«‪...‬ق���ال [الزندیق]‪ :.‬ما هو؟ قال [الصادق؟ع؟ ]‪ :‬هو ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشیئیة غیر أنه ال جسم‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫شء‪ ،‬إىل إثبات معىن وأنه ي‬ ‫بقول‪ :‬ي‬ ‫ارجع ي‬
‫باحلواس الخ مس‪ ،‬ال تدركه األوهام‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫حیس وال ی���درك‬ ‫حیس وال ّ‬ ‫وال ص���ورة وال ّ‬
‫ومائیة؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ال‬ ‫یغیره األزمان‪ .‬قال السائل‪ :‬فله ّإن ّیة ّ‬ ‫تنقصه الدهور‪ ،‬وال ّ‬
‫بإن ّیة ّ‬ ‫لاّ ّ‬
‫(((‬
‫ومائیة»‪.‬‬ ‫الشء إ‬
‫یثبت ي‬
‫لاّ‬
‫العینیة الواقعة بأعیننا یك���ون من الغرائب‪ ،‬إ أنهّ م‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ )2‬إن ّادع���اء البس���اطة للحقیقة‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.269 _ 270 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫الت يثبت له‪ ،‬فالوجود أوىل من ذلك الش���ـيء‬‫كانت حقيقة كل ش���ـيء هي خصوصية وجوده ي‬ ‫‪«. 2‬ملا‬
‫ّ‬
‫بل من كل شـيء بأن يكون ذا حقيقة‪ ،‬كما أن البياض أوىل بكونه أبيض مما ليس ببياض و يعرض‬
‫له البياض‪ ...‬ال يقال يف العرف‪ّ :‬إن البياض أبيض‪ ».‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.40 _ 39 / 1 ،‬‬
‫ً‬ ‫‪ . 3‬دعاء املشلول؛ ّ‬
‫النان‪ ،‬نقال عن كتب الكفعمي ومهج الدعوات‪.‬‬ ‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫الواف‪.326 / 1 ،‬‬
‫الكاف‪ ،80 / 1 ،‬ي‬ ‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪98‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫حیرف���ون أحكام العقول ع���ن مواقعها _ وكذلك یفعلون _ فال ّ‬


‫هیمهم اال لتزام بتركیب ذات‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادیة‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ارجیة‬ ‫الالق عن األجزاء خ‬ ‫خ‬

‫ومهي غیر معقول‬ ‫ّ‬ ‫نف التركیب ع���ن واجهبم هو تعبیر عن معىن‬ ‫ّ‬
‫وذل���ك أن مرادهم من ي‬
‫االمتدادیة‪ّ ،‬‬
‫فإنه‬ ‫ّ‬ ‫نف التركیب عن األجزاء‬ ‫يف نفسه‪ ،‬وهو التركیب عن الوجود والعدم‪ ،‬ال ي‬
‫«أن اهلل‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة عن اهلل تعاىل وهم قائلون بـ ّ‬ ‫ّ‬
‫احلقیقیة‬ ‫نف األجزاء‬ ‫ال س���بیل هلم إىل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تع���اىل حمیط بنف���س وجوده بكل شء» و»هو ن‬
‫االمتدادی���ة حقیقة وغیرها‬ ‫عی األش���یاء‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اعتبارا»‪ ،‬و»املعلول ال وجود له خارجا عن وجود علته» وأمثال ذلك!!‬
‫‪ّ )3‬ادعاء التش���كیك ملصداق حقیقة الوجود باطل وذلك الس���تحالة وجود موضوعه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫للتضعف واالشتداد ثانیا‪.‬‬ ‫معقولیة قبول الوجود _ كیفما ّ‬
‫فسـر _‬ ‫ّ‬ ‫ّأوال _ كما ّبی ّناه((( _‪ ،‬ولعدم‬
‫ّ‬
‫عددیة قابلة للتزاید _ واالشتداد‬ ‫الت تكون ذات مراتب متزائدة‪ ،‬فهي‬ ‫ّ‬
‫‪ )4‬إن احلقیقة ي‬
‫ّ‬ ‫یتصور ّ‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫وأش���د من تلك‬ ‫أمت وأ كمل‬ ‫ع�ل�ى تعبیره���م _ أبدا‪ ،‬فاالعتقاد بوج���ود مرتبة مهنا ال‬
‫املرتبة یكون خالف ذاهتا‪ ،‬فوجود الواجب الذي یكون هذا البـرهان بصدد إثباته یكون‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫منتفیا ثبوتا‪ ،‬وحماال موضوعا‪.‬‬
‫ولكن املراتب متناهیة‪ ،‬قلت‪ّ :‬إن الوصول‬ ‫إن قلت‪ّ :‬إن آخر املراتب وهو الواجب غیر متناه ّ‬
‫لاّ‬
‫شء واحد ال‬‫ي‬ ‫مها‬ ‫بل‬ ‫متناه‪،‬‬ ‫غیر‬ ‫بعدد‬ ‫املراتب‬ ‫صعود‬ ‫بعد‬ ‫إیل املرتبة غیر املتناهیة ال میكن إ‬
‫ً‬
‫يّ‬
‫الفلسف _ وهو املرتبة غیر املتناهية من الوجود _ مستحیل الوجود ذاتا!‬ ‫شیئان‪ .‬فواجب الوجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ّیة ح�ّت�ىّ‬
‫امتدادیة ّ‬
‫ّ‬
‫یصح أن یقال‪« :‬هو متام كل‬ ‫‪ّ )5‬إن ال���ذات املتعالیة‪ ،‬لیس���ت‬
‫الشء وما یفضل علیه!»و ّإن الذات املتعالیة عن األجزاء‪ ،‬تباین‬
‫الشء هو ي‬
‫شء ومتام ي‬ ‫ي‬
‫تصو ر التفاضل أو عدم التفاضل بیهنما بوجه‪ ،‬و ّإن‬ ‫ّ‬
‫املوج���ود املتجزئ بالذات فال میكن ّ‬
‫الالق‬‫املتجزئ املخلوق فال ّیتصف خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التمامیة والنقصان‪ّ ،‬‬
‫والقوة والفعل‪ ،‬ملكات املوجود‬

‫ّ‬
‫الفلسفیة القائلة بتشكیك الوجود‪.‬‬ ‫‪ . 1‬راجع إیل مبحث‪ :‬نقد العقیدة‬
‫ً‬ ‫‪ . 2‬وقد ّ ن‬
‫بی تفصيل ذلك كرارا‪.‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪99‬‬

‫ً‬
‫بطرفیه مطلقا‪.‬‬
‫‪ )6‬تقس�ی�م املوجود إىل‪« :‬املفتقر وغیر املفتقر» ال یس���تقمی م���ع االعتقاد بوحدة حقیقة‬
‫املتجزئ هو جمموعة أجزائه‪ ،‬والشء ذو املراتب هو ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مصداق���ا‪ّ ،‬‬
‫عی‬ ‫ي‬ ‫املوجود‬ ‫فإن‬ ‫الوج���ود‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب�ی�� الشء ومراتب وأجزاء وجوده ٌ‬ ‫مراتب���ه‪ ،‬والفرق ن‬
‫یصح أن یكون مال كا‬ ‫اعتباري ال‬ ‫أمر‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الواقعی���ة‪ ،‬إلاّ أنهّ م ّ‬ ‫ّ ً ّ‬
‫واملعلولی���ة أیضا من‬ ‫یؤولون مع�ن�ى العل ّیة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعلولی���ة‬ ‫واقعی���ا للعل ّی���ة‬
‫ً‬
‫أیضا وقد ّ‬
‫تقدم‬ ‫حقیقت���ه إىل ما ال یس���اعدهم علیه االعتب���ار والبـرهان بل العرف واللغ���ة‬
‫تفصیل ذلك‪ .‬وقد قالوا‪:‬‬
‫الش���خصیة للوج ��ود فللوجود مص ��داق واح ��د ّ‬
‫فقط وهو‬ ‫ّ‬ ‫«عل���ى أس���اس الوحدة‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫الواجب الذى یكون مستق وال مصداق لغیره أبدا»‪.‬‬
‫«وأن���ه تعالى غیر متناهي ال���ذات وال محدودها‪ ،‬فال یقابل ذات ��ه ذات و إلاّ ّ‬
‫لهدده‬
‫ّ‬

‫بالتحدید»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬


‫خارجیا‪ ،‬فال میكن حتقق املوجود‬ ‫ذهن ولیس أمرا‬‫عقل ّ‬
‫ي‬
‫اعتباري ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫‪ّ )7‬إن اإلطالق أمر‬
‫الارج یّ‬ ‫ّ‬
‫ومش���خصات وج���وده ف خ‬ ‫ّ ً‬
‫حت‬ ‫ي‬ ‫قیوده‬ ‫عن‬ ‫دا‬ ‫ومر‬ ‫املطل���ق ع�ل�ى إطالقه وصـرافته ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الواقع���ي خ‬
‫الشء موجودا بش���ـرط‬ ‫ارجي‪ ،‬هذا كل���ه إذا فرضنا ي‬‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫میك���ن انطباق���ه عیل اهلل‬
‫ّ‬
‫اعتباري ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأما إذا فرضن���اه مطلقا ىّ‬‫إطالق���ه ّ‬
‫عقل‬
‫ي‬ ‫حت عن اإلطالق والتقیید‪ ،‬فهو أیضا أمر‬
‫املقیدات ومن هنا تراهم یعترفون‪:‬‬ ‫الارج جمموعة ّ‬ ‫قد یصبح ف خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫«الوج���ود الح���ق المطل���ق أي المطل ��ق عن اإلط�ل�اق والتقیی ��د على م ��ا ذهب إلیه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المحققون من أهل التوحید حقیقة واحدة ذات ش ��ؤون وشجون(((‪ ،‬ولكل شأن‬
‫ّ‬
‫حكم ال یتجافی عنه من حیث ّإن ذلك الحكم حكم ذلك الشأن و ّإن كل رقیقة‬

‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬عبد اهلل‪ ،‬حتر ير متهيد القواعد‪.72 / 1 ،‬‬
‫‪ . 1‬جوادي ي‬
‫ّ‬
‫عقائدية‪،‬‏‪.38 /َ 3‬‬ ‫احليدري‪ ،‬كمال‪،‬‏حبوث‬‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ٌ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬شجن‪ :‬الشج ُن‏‪ّ :‬‬
‫والمع أشجان وشجون‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫اهلم واحلزن‪ ،‬ج‬
‫‪100‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫محا كی���ة ع���ن حقیقته���ا‪ ،‬وكل حقیقة هي واج ��دة كمال مع ما علیها م ��ن الزیادة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الح���ق منصبغ بتل ��ك األحكام ف ��ي ّ‬
‫الذاتي‪،‬‬ ‫عز وحدت ��ه وغن ��اه‬ ‫فالوج���ود المطل���ق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األحدي‪ ،‬ولذا قال بعض مش ��ایخ‬ ‫الوجودي‬ ‫واالنصب���اغ في الحقیقة هو االتصاف‬
‫لاّ‬ ‫التوحید ّ‬
‫(((‬
‫بأن اهلل ال یعرف إ بجمعه بین األضداد في الحكم علیه بها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«ال حكم للمعلول إ وهو لوجود العلة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫اإلهلي تقول موافقا ملا یخ ضع لدیه العقل والبـرهان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫و ّ‬
‫لكن مدرسة الوحي‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تعالى خلو من خلقه وخلقه خلو منه‪ ،‬وكل ما وقع علیه اس ��م ش ��يء فهو‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫مخلوق ما خال اهلل‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫تجوز على ّربك ما جاز علیك»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«التوحید أن ال ّ‬

‫«كی���ف یج���ري علیه ما ه���و أجراه؟ ویع ��ود فیه ما هو أب ��داه؟ ویح ��دث فیه ما هو‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ولتجزأ كنهه و‪ ...‬المتنع من األزل معناه»‪.‬‬ ‫أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته‪،‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كل ما یوجد في الخلق ال یوجد في خالقه‪ ،‬وكل ما یمكن فیه یمتنع في صانعه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«من ّ‬
‫شبه اهلل بخلقه فهو مشـرك»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.469 _ 468 ،‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.176 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،322 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار ‪ ،264 / 4‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪40،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬اإلحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،299 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫!؟لايخ مأ ةقيقح ‪،‬يهانتماللا‬ ‫‪101‬‬

‫الالقواملخلوق‪،‬‬ ‫بعینیة خ‬
‫‪ّ )8‬إن االعتقادبوجود«ماسوىاهللتعاىل»ال یستقمیمعاالعتقاد ّ‬
‫ً ًّ‬
‫ربطیا بالنسبة إلیه غیر خارج عنه‪.‬‬ ‫أو كون املخلوق مرتبة من مراتب ذات خالقه‪ ،‬أو وجودا‬
‫ً‬
‫قامئا بذات خ‬ ‫‪ّ )9‬إن ما سوى خ‬
‫الالق املتعال‪ ،‬بل هو فعله سبحانه‬ ‫الالق تعاىل ال یكون‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫تطورا من‬ ‫شء‪ ،‬فال یكون ج���زءه وال كله وال مرتبة من مراتب وج���وده وال‬‫أنش���أه ال م���ن ي‬
‫أطوار حقیقته وال صورة من صور ذاته‪.‬‬
‫تقول الفلسفة والعرفان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتألهین‪ ،‬قائلون ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن الحق س ��بحانه لیس‬ ‫«إن أه���ل التحقیق في التوحید أعني‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ل���ه س���وى‪ ،‬فضال ع���ن أن یكون قدیم ��ا أو حادثا‪ ،‬بل لی ��س في الوج ��ود إ الحق‬
‫وآیاته»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫(((‬
‫«العلة واجدة للمعلول في رتبة ذاتها وفي مرتبة المعلول»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن وجود المعلول بقياسه إلى علته وجود رابط موجود في غيره»‪.‬‬
‫ّ‬
‫العل ��ة ّ‬
‫التام ��ة ووج ��ود معلولها ب � ّ‬ ‫ّ‬
‫�أي نحو‬ ‫«ال معن���ى لتخل���ل الع���دم بي���ن وج ��ود‬
‫ّ‬
‫العلة ّ‬
‫(((‬
‫التامة وال وجود لمعلولها بعد‪ ...‬خلف ظاهر»‪.‬‬ ‫ف���رض‪ ...‬ففرض‪ ...‬وجود‬
‫الالق تبارك وتعاىل لیس���ت وحدة اعتبار ّی���ة باجتماع أجزاء أو مراتب‬‫‪ّ )10‬إن وح���دة خ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫معینة وتسمیة ذلك وحدة أو توحیدا من حیث اإلطالق أو عدم التناهي أو‪ ...‬بل وحدته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والزء والكل‬
‫الذات عن اال تصاف باالمتداد ج‬ ‫ي‬ ‫عددية مبعىن تعالیه‬ ‫حقیقیة غیر‬ ‫تعاىل وحدة‬
‫ّ‬
‫العددیة بـ «الوجود‬ ‫واإلطالق والتقیید والتناهي وعدم التناهي‪ .‬وتفس���یر الفلسفة الوحدة‬
‫العددیة بـ «الوجود الالمتناهي»‪ ،‬خطأ حمض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫املحدود املتناهي» وعن الوحدة غیر‬

‫‪ . 1‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقة كشف املراد‪.478 _ 477 ،‬‬


‫ّ‬
‫السبزواري‪.78 / 1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض؛ شـرح منظومة‬ ‫‪.2‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪157 ،‬‏‪.‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.160 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪102‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫و العدم‬
‫‪104‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول الفلسفة والعرفان‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫حّ‬ ‫ّ‬
‫▪ باتصاف وجود الخ الق بصفات املخلوقات بل باتادمها عینا وخارجا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫▪وأن اهلل تعاىل هو حقیقة الوجود الالمتناهیة املوجود يف كل زمان ومكان‪،‬‬
‫▪ و میتنع حدوث الزمان واملكان‪،‬‬

‫ویهدف هذا الفصل إلی الردّ على ذلك ببیان ّأن‪:‬‬


‫▪ ّكل م���ا یدرك ّ‬
‫ویتوهم من الصفات‪ ،‬ملكة للمخلوق فال ینس���ب إىل الخ الق‬
‫ً‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تنزه وجود الخ الق تعایل عن اال تصاف بالزمان واملكان مطلقا‪،‬‬
‫▪ ّ‬

‫▪ كیف میكن أن یوجد الزمان واملكان‪،‬‬


‫الواب عن شهبات الفالسفة يف ذلك‪،‬‬
‫▪ ج‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪105‬‬

‫ن‬
‫متقابلی «اإلنسان والال إنسان»‪« ،‬الشجر والال شجر» «احلجر‬ ‫ن‬
‫معنیی‬ ‫لك أن تفرض‬
‫والال حجر»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫متقابلی أخر ین أیضا‪« ،‬البصـر والعم���ى»‪« ،‬الثقیل والال ثقیل»‪« ،‬املر یض‬ ‫ومعنی�ی��‬
‫والال مر یض»‪،‬‬
‫ً‬
‫اختالفا ن‬
‫بی األمثلة الثالثة األوىل مع الثالثة الثانیة أم ال ؟‬ ‫هل ترى‬
‫ّ‬
‫إذا قلت‪« :‬لیس يف الدار إنسان» فواضح ّأنك تر ید ّأن كل ما يف الدار لیس بإنسان‬
‫ّ‬
‫ب���ل هو ال إنس���ان‪ ،‬وكذا إذا قلت‪« :‬لیس يف الدار ش���جر»‪ّ ،‬إنك تر ی���د ّأن كل ما يف الدار‬
‫غیر شجر‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعن ّأن كل ما يف الدار‬
‫وأما إذا قلت‪« :‬لیس يف الدار بصیر» فهل یصح أن یقال‪ :‬إنك ي‬
‫الدار والكتاب والفرش و‪...‬؟!!‬ ‫ىّ‬
‫أعمى حت ج‬
‫ّ‬
‫تعن ّأن كل ما يف الدار سامل وغیر مر یض‬ ‫أم إذا قلت‪« :‬لیس يف الدار مر یض» فهل ي‬
‫ّ‬
‫الكرس والقلم؟!‬ ‫ىّ‬
‫حت‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫فبالف���رق الواضح ن‬
‫بی الثالثة األوىل مع الثالث���ة الثانیة یقال لكل من الثالثة األوىل‪:‬‬
‫ّ‬
‫واآلخرعدم���ي ال جیتمعان وال یرتفعان‪ ،‬فرفع‬ ‫ّ‬
‫وجودي‬ ‫«النقیض���ان»‪ ،‬ومها‪ :‬أمران أحدمها‬
‫ّ‬
‫أحدمها یالزم وضع اآلخر ووضع أحدمها یالزم رفع اآلخرـ‪ ،‬و یقال لكل من الثالثة الثانیة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫واآلخرعدمي أیضا ال جیتمعان معا ولكن‬ ‫وجودي‬ ‫«امللكه والعدم» _ ومها أمران أحدمها‬
‫‪106‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شأنیة اال ّتصاف هبما‪ ،‬فإنهّ ما ف مورد عدم ّ‬ ‫معا ف مورد ما لیس له ّ‬ ‫ً‬
‫صحة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جیوز ارتفاعهما‬
‫ً‬
‫ألن الس���لب حینئذ‬ ‫معا وال یلزم من رف���ع أحدمها وضع اآلخر‪ّ .‬‬ ‫اال ّتص���اف هبم���ا فیرتفع���ان‬
‫إیاب‬ ‫ّ‬
‫قابلیة املوضوع لالتص���اف بذلك املعىن‪ ،‬فال یس���تلزم ج‬ ‫لی���س إلاّ م���ن جهة ع���دم ّ‬
‫الطرف اآلخر‪.‬‬
‫نقیضی ىّ‬‫ن‬ ‫ً‬ ‫وعلیك ّ‬
‫حت یلزم من‬ ‫حینئذ يف ّأن هل الصغر والكبـر _ مثال _ یكونان‬
‫ٍ‬ ‫بالتأمل‬
‫ً‬
‫مطلقا یّ‬
‫حت ذات اهلل؟!‬ ‫شء كبـر غیره‬ ‫نف الصغر عن ذات ي‬ ‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫وصحة سلهبما عن خ‬‫أم مها ملكتان لالمتداد فقط ّ‬
‫الالق _ مثال _ لیس إ من حیث‬
‫لالتصاف بالصغر والكبـر؟‬ ‫قابلیة املوضوع _ وهو اهلل تعایل _ ّ‬‫عدم ّ‬

‫وحینئذ نقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ال ّ‬‫حیث ّإن املل���كات خ‬
‫اصة لالمتداد املخلوق املعلول املحتاج‪ ،‬أخذت عند مفكري‬
‫همّ‬
‫البشـر من النقائض‪ ،‬تو وا ّأن تلك السلوب عن اهلل تبارك وتعاىل تالزم إثبات ما یقابلها له‬
‫لاّ‬ ‫یتفطنوا إىل ّأن ّ‬ ‫ّ‬
‫جل وعال‪ ،‬ومل ّ‬
‫صحة سلب املوارد املذكورة عن اهلل تعاىل لیست إ من حیث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قابلیة ّاتصاف املوضوع بتلك الصفات فال یدل عىل إثبات الطرف املقابل له جل وعال‪.‬‬ ‫عدم ّ‬
‫ً‬ ‫همّ‬
‫خاص وال جیوز العدم‬ ‫حمدودا بزمان ّ‬ ‫ومن هنا تو وا ّأنه‪ :‬حیث ال یكون وجوده تعایل‬
‫ّ‬
‫علیه يف وقت‪ ،‬فهو موجود يف كل األزمان!‬
‫ّ‬ ‫یصح خروجه عن مكان ّ‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫خاص‪ ،‬فهو موجود يف كل مكان!‬
‫شء آخر‪ ،‬فهو‬ ‫ّ‬
‫شء وعدم ي‬ ‫وحی���ث مل یصح تركیبه من الوجود والعدم (أی من وجود ي‬
‫ّ‬
‫بسیط‪ ،‬أي لوجوده سعة وبسط غیر متناه‪ ،‬فهو كل األشیاء!‬
‫بالقوة‪ ،‬فهو بالفعل ّ‬
‫التام!!‬ ‫یصح أن یكون ّ‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫ً‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫یصح أن یكون متناهیا‪ ،‬فهو غیر متناه!‬
‫ً‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫یصح أن یكون صغیرا فهو كبیر!‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪107‬‬

‫ّ ً‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫متغیرا‪ ،‬فهو ثابت!!‬ ‫یصح أن یكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وحیث مل ّ‬
‫یصح أن یكون ناقصا‪ ،‬فهو كل الكل‪ ،‬وكل المكال‪ ،‬وكل األشیاء!!‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ‬ ‫اص‬ ‫ب���ل وحیث ّإنه تعاىل لیس مبعدوم‪ ،‬فهو موجود بالوجود خ‬
‫ال ّ‬
‫الوسیع!‬
‫ً‬
‫ش���یئا باملعىن خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اص الذي‬ ‫شء‪ ،‬فیلزم أن یكون‬ ‫وحی���ث إنه ال یص���ح أن یكون ال ي‬
‫ً‬
‫یكون موجودا بوجود متناه أو غیر متناه‪.‬‬
‫یتصو ر و یدرك بنفسه _ ملكات وأعدام ّ‬
‫خاصة‬ ‫مع وضوح ّأن ذلك ّكله((( _ بل ّكل ما ّ‬
‫خ‬ ‫ً‬
‫إثباتا إلاّ إلیه‪ّ ،‬‬
‫وصحة س���لب تلك املوارد عن الالق تعاىل لیس‬ ‫لالمتداد((( فال ینس���ب‬
‫ش���أنیة اال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫نف أحد‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫یلزم‬ ‫وال‬ ‫قدار‬ ‫األ‬ ‫بصفات‬ ‫ص���اف‬ ‫ت‬ ‫عن‬ ‫الذات‬
‫ي‬ ‫تعالیه‬ ‫حیث‬ ‫من‬ ‫إ‬
‫فنف الصغر عنه تعاىل ال یثبت‬ ‫ط���رف تلك الصفات عنه تعاىل إثبات الطرف اآلخ���ر له‪ ،‬ي‬ ‫ي‬
‫كبـره‪ ،‬وسلب التركیب عنه تعاىل ال یستلزم بساطته و‪...‬‬
‫املقدمة فنبحث عن أمر ین‪:‬‬ ‫وبعد الفراغ عن بیان هذه ّ‬
‫ّ‬
‫األول‪ :‬في نسبة وجود الخالق تعالى إلى الزمان والمكان‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬في نسبته تعالى إلى مطلق االمتداد والعدد‪.‬‬

‫األمر األوّل‪ :‬حدوث الزمان والمكان ونسبة وجود الخالق تعالى إليهما‬
‫كیف ّ‬
‫یتنزه وجود الخالق تعالى عن الزمان؟!‬
‫ّ‬
‫نتسائل‪ :‬أصحیح أن یقال‪ّ :‬إن اهلل كان و یكون يف كل زمان ومكان؟‬
‫ّ‬
‫تعيي بعض ما يصح أن ميثل به أل قسام التقابل‪ ،‬و ّإنا قد‬‫ن‬ ‫تش���تت كلمات أصحاب الفلس���فة يف‬ ‫‪ 1‬قد ّ‬
‫عد األمور املذكورة من أمثلة تقابل امللكة والعدم عىل بعض التسامح‪.‬‬ ‫جر ينا ف ّ‬
‫ّي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬هذا كله‪ ،‬مع الغض عن أن «الزمان واملكان غیر املتناهیی»‪« ،‬البساطة والكبـر املطلق»‪« ،‬الثبوت‬
‫ّ‬ ‫«الفعلیة ّ‬
‫ّ‬
‫التامة»‪« ،‬الك���ون الالمتناهي» و«الواحد يف ب���اب العدد» كل ذلك‬ ‫يّ‬
‫الفلس�ف��»‪،‬‬ ‫باملع�ن�ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫لیس إ أوهاما يف أنفسها‪ ،‬حماالت يف ذواهتا‪ ،‬فضال من إثباهتا له تعاىل‪.‬‬
‫‪108‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫مقدمة يف الزمان واملكان وهي ّأنه‪:‬‬‫ومتهیدا للجواب ال ّبد لنا عن تقدمی ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫امتدادیة فهو حمدود متناه دامئا‪،‬‬ ‫عددیة وذات‬ ‫شك يف ّأن الزمان حقیقة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ف���إن لن���ا أن نقول‪ :‬نصف األزمنة أقل من كلها بالبداهة‪ ،‬فالنصف حمدود والكل أیضا‬
‫میتنع أن یكون غیر متناه‪ ،‬فهو حمدود وله ّأول وابتداء‪.‬‬
‫وحینئذ ّ‬
‫یحق لنا أن نسأل‪:‬‬
‫مىت كان ابتداء الزمان؟! مىت خلق الزمان وما الذي كان قبله؟!!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا‪ّ ،‬‬
‫فإن نصفه أقل من كله‪ ،‬فالنصف‬ ‫وما قلناه جیري يف السؤال عن حقیقة املكان‬
‫ّ‬
‫حمدود فالكل كذلك‪.‬‬
‫فاس���أل حینئ���ذ‪ ،‬أین وج���د املكان؟ وما هو ال���ذي كان قبله وما ذا یك���ون بعد انهتاء‬
‫امل���كان؟! وه���ل امل���كان املح���دود واقع يف مكان أوس���ع؟! وه���ل الزمان ح���دث يف زمان‬
‫أبسط؟!‬
‫الزمان مىت خلق واملكان أین وجد؟! وانعدام الزمان واملكان كیف ّ‬
‫یتصو ر؟!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وحمدودیهتما _ لقیام‬ ‫نش���ك يف حدوث الزمان وامل���كان‬ ‫فنجیب���ك بأن���ه‪ :‬بینما حنن ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واالمتدادي مطلقا‬ ‫املتجزي‬ ‫ّ‬
‫القطعي عىل ذلك وهواس���تحالة الالتناهي يف‬ ‫العقل‬
‫ي‬ ‫الدلیل‬
‫لاّ‬
‫تص���ور موضوع حدوهثما بخ صوصه إ بأن ّ‬ ‫ّ‬ ‫_‪ّ ،‬‬
‫نتصو ر حدوهثما‬ ‫ولكنن���ا مع ذلك ال میكننا‬
‫يف زمان أو مكان أبسط!‬
‫ً‬ ‫نتصو ر حدوث الزمان أو املكان‪ ،‬ملا أمكننا ذلك إلاّ بأن ّ‬ ‫وكلما جهدنا أن ّ‬ ‫ّ‬
‫نتصو ر زمانا‬
‫ً‬
‫أوسع ولد فیه الزمان‪ ،‬أو مكانا أبسط وجد فیه املكان‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً لاّ‬
‫حقیقیا‪.‬‬ ‫إضافیا ال‬ ‫ومن الواضح ّأنه لیس هذا أیضا إ حدوثا‬
‫ً لاّ‬ ‫ّ‬ ‫كما ّأنا ال میكننا ّ‬
‫حمدودیهتما أیضا إ بالنسبة إىل زمان أو مكان أوسع وقعا فیه‪،‬‬ ‫تصور‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫حقیقیا؛‬ ‫إضافیا ال‬ ‫ولیس هذا إ تناهیا‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪109‬‬

‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫حقیقیا ممتنع لنا‪ ،‬وكمال العلم واملعرفة بالنسبة‬ ‫وحمدودیهتما‬ ‫فتصور موضوع حدوهثما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫لقطعیة الدلیل‬ ‫مبحدودیهتما اقتض���اء‬ ‫إىل ذل���ك لی���س إ التصدی���ق حبدوهثما واإل ق���رار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال���دال ع�ل�ى ذلك‪ .‬وواض���ح ّأن امتناع ّ‬
‫اإلضاف _‬
‫ي‬ ‫يّ‬
‫احلقی�ق�� _ ال‬ ‫تصور موض���وع احلدوث‬
‫ی قبل وجودمها‬ ‫احلقیقی ن‬
‫ّ‬ ‫للزم���ان واملكان ال مینعنا عن إم���كان احلكم حبدوهثما وعدمهما‬
‫ً‬
‫نتصور ما میكننا من معىن الزمان واملكان ّأوال ّمث حنكم بعد ذلك بعدمهما املطلق قبل‬ ‫بأن ّ‬
‫حدوهثما ووجودمها‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫«هو الذي ّأین األین ىّ‬
‫حت صار أین‪ ،‬فعرفت األین مبا ّأین لنا من األین»‪.‬‬
‫(((‬

‫تصور عدمهم���ا‪ ،‬بل یكىف لذلك ّ‬ ‫یتوقف احلكم بع���دم الزمان واملكان عىل ّ‬ ‫ّ‬
‫تصو ر‬ ‫ف�ل�ا‬
‫احلقیق دون حدوهثما‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫فإنه لیس للناقص‬ ‫يّ‬ ‫وجود الزمان واملكان ّمث احلكم عقال بعدمهما‬
‫الارجة عن إدراكه‪ ،‬وذلك كما ّأنه لیس لألحول‬ ‫والواقعیات خ‬
‫ّ‬ ‫يف إدراك���ه إنكار احلقائ���ق‬
‫قطعي عىل وجود ذلك؛‬ ‫ّ‬ ‫إنكار الواحد إذا ّدله دلیل ّ‬
‫عقل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫لألص���م إنكار وجود‬ ‫ّ‬
‫ولی���س لألعم���ى إن���كار وجود الل���ون بدلیل أنه ال ی���راه‪ ،‬ولیس‬
‫ّ‬
‫الق���اض الفصل واحلاكم الع���دل يف ذلك كله هو‬
‫ي‬ ‫األص���وات بدلی���ل ّأنه ال یس���معها! بل‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫العقل‪ ،‬و ّإننا أنفسنا ال میكننا ّ‬
‫تصو ر عدم النور والظلمة معا بل لیس حمكنا بعدمهما إ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نتص���ور وجودمها ّأوال ّمث حنكم بعد ذلك بعدمهما مجیع���ا عقال دون أن یخ لقهما اهلل‬ ‫ّ‬ ‫ب���أن‬
‫تعایل‪.‬‬
‫ً‬
‫ّإن الس���مك ال میكن���ه أن یعیش خارجا عن املاء‪ ،‬ب���ل یعیش يف املاء ولكن علیه أن‬
‫ّ‬
‫شء بخ الف حیاته املدركة إذا دله عىل ذلك دلیل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫حیكم بأن احلیاة خارج املاء ي‬
‫یتوقف عىل رؤ یته ذلك‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫یصح منه _‬ ‫فمكا ّأن التصدیق بوجود اللون من األ كمه ال‬
‫ب���ل جیب علیه _ التصدیق بوجود اللون بعد قیام الدلیل عىل وجود ذلك عنده والتفاته‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،298 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪110‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫حواس���ه و إدراكه‪ ،‬حبیث لیس ل���ه حینئذ إ أن یقول‪ :‬ال ّبد يل من اإل قرار‬
‫حمدودیة ّ‬ ‫ّ‬ ‫إىل‬
‫عما أدركه‪ ،‬وعدم إدراكي اللون بخ صوصه ال‬ ‫أحس به‪ ،‬وخارج ّ‬ ‫بوج���ود شء بخ�ل�اف ما ّ‬
‫ي‬
‫تصدیق بذلك‪،‬‬
‫ي‬ ‫مینعن عن جواز‬
‫ي‬
‫ً‬
‫فكذلك‪ ،‬أنت بعد اال لتفات إىل ّأن عىل وجودك وبصـرك وبصیرتك و إدراكك حجابا‬
‫يّ‬
‫حقیق‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واقعي‬ ‫الیر ی���ك إلاّ االمت���داد‪ ،‬لیس لك إلاّ التصدیق ّ‬
‫بأن عدم الزمان واملكان أمر‬
‫تصو ر عدم‬‫القطعي علی���ه و إن امتنع علیك ّ‬
‫ّ‬ ‫الب���د لك م���ن اإل قرار بذلك بعد قیام الدلیل‬
‫بالصوص‪.‬‬ ‫الزمان واملكان خ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫لاّ‬
‫«واهلواء متسكه القدرة‪ ،‬ولیس حتت الر یح العقمی إ اهلواء والظلمات‪ ،‬والر یح‬
‫عىل اهلواء‪ ،‬وال ورآء ذلك سعة وال ضیق وال شء ّ‬
‫(((‬
‫یتوهم»‪.‬‬ ‫ي‬
‫ً ّ‬ ‫تكلموا ف ما فوق العرش‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن قوما تكلموا يف‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫العرش‬ ‫دون‬ ‫ما‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫م���وا‬‫«تكل‬
‫بی یدیه فیجیب‬ ‫ىّ‬
‫م���ا فوق العرش فتاهت عقوهلم حت كان الرجل ینادی من ن‬
‫من خلفه‪ ،‬وینادی من خلفه فیجیب من ن‬
‫بی یدیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرواي���ات الدالّ���ة على ّ‬


‫تنزه الخال���ق جل وعال ع���ن االتصاف بالمكان‪ ،‬وبط�ل�ان االعتقاد‬
‫ّ‬
‫بكون ذاته تعالى في كل مكان‪:‬‬
‫ً‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬أین كان ّربنا قبل أن خیلق مساء وأرضا؟‬
‫ن‬ ‫«سئل أمیر‬
‫(((‬
‫فقال‪‘‘ :‬أین’’ سؤال من املكان وكان اهلل وال مكان»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،188 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪455 ،‬؛ حبار األنوار‪.259 / 3 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪326 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪111‬‬

‫ّ‬
‫«إن اهلل تب���ارك وتع���اىل ال یوص���ف بزم���ان وال م���كان‪ ،‬وال حرك���ة وال انتقال وال‬
‫س���كون‪ ،‬بل ه���و خالق الزمان وامل���كان واحلركة والس���كون‪ ،‬تع���اىل ّ‬
‫عما یقول‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫الظاملون‬
‫«‪ ...‬أخبـر ين عن اهلل تعاىل أین هو الیوم؟‬
‫ّ‬
‫نصـران‪ّ ،‬إن اهلل تعاىل جیل عن األین ویتعاىل عن‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬یا‬ ‫فقال أمی���ر‬
‫امل���كان‪ .‬كان ف ما مل یزل وال مكان وهو الی���وم عىل ذلك مل ّ‬
‫یتغیر من حال إىل‬ ‫ي‬
‫حال»‪.‬‬
‫(((‬

‫عل بن يأب طالب؟مهع؟ عن اهلل‬ ‫ن‬


‫احلسی بن ّ‬ ‫«‪ ...‬سألت زین العابدین ّ‬
‫عل بن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫جل جالله هل یوصف مبكان؟‬
‫ّ ً‬
‫حممدا؟ص؟ إىل الس���ماء؟!‬ ‫فقال‪ :‬تعاىل اهلل عن ذلك‪ ،‬قلت‪ :‬فلم أس���ـرى نبیه‬
‫(((‬
‫قال‪ :‬لیر یه ملكوت السماء وما فهیا من عجائب صنعه وبدائع خلقه»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل كان مل یزل بال زمان وال مكان وهو اآلن كما كان‪ ،‬ال خیلو‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫منه مكان‪ ،‬وال یشتغل به مكان‪ ،‬وال حیل يف مكان»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫همّ‬
‫فال تتو ّن ّأنه تعاىل موجود يف كل مكان وزمان اقتضاء لسعة وجوده وعدم تناهي‬
‫ذاته‪ ،‬كما تزعمه الفلسفة والعرفان واملعرفة البشـر ّیة‪:‬‬
‫<و ُه َو ُ‬
‫اهلل في َّ‬ ‫ّ ّ‬
‫الس َ���م َو ِ‬
‫ات َوفِي‬ ‫ِ‬
‫وجل‪َ :‬‬ ‫«س���ألت أب���ا عبد اهلل؟ع؟ عن قول اهلل ع���ز‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫رض> قال‪ :‬كذلك هو يف كل مكان‪ ،‬قلت‪ :‬بذاته؟!‬ ‫الأ ِ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪330 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬


‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،56 / 10 ،‬ي‬
‫أمال الصدوق‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪314 / 3 ،‬؛ عن ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪327 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬
‫‪112‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ق���ال‪ :‬وحی���ك! ّإن األما ك���ن أقدار‪ ،‬ف���إذا قلت يف م���كان بذاته لزم���ك أن تقول‬
‫ً‬
‫يف أق���دار وغی���ر ذل���ك‪ ،‬ولكن هو بائن م���ن خلقه‪ ،‬حمیط مبا خل���ق علما وقدرة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫و إحاطة وسلطانا‪ ،‬ولیس علمه مبا يف األرض بأقل ّمما يف السماء‪ ،‬ال یبعد منه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شء واألشیاء له سواء علما وقدرة وسلطانا وملكا و إحاطة»‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬
‫حممد؟امهع؟‪ :‬هل جی���وز أن نقول‪ّ :‬إن اهلل عز وج���ل يف مكان؟‬‫«قل���ت جلعفر ب���ن ّ‬
‫ً‬
‫حمدثا ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن‬ ‫فق���ال‪ :‬س���بحان اهلل وتعاىل ع���ن ذلك‪ ،‬إنه ل���و كان يف مكان ل���كان‬
‫الكائ���ن يف م���كان حمتاج إىل امل���كان واالحتی���اج من صفات احل���دث ال من‬
‫(((‬
‫صفات القدمی»‪.‬‬
‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫وجل‪< :‬ما َي ُك ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫ون ِم ْن ن ْج���وى‏ ثلاثةٍ ِإلا ُه َو‬ ‫«ع���ن يأب عبد اهلل؟ع؟ يف قول���ه عز‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ‬
‫ساد ُس ُ���ه ْم ولا أ ْدنى‏ ِم ْن ذ ِلك ولا أكث َر ِإلا ُه َو َم َع ُه ْم‬
‫راب ُع ُه ْم ولا خ ْم َس���ةٍ ِإلا ه َو ِ‬
‫َ ِ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أ ْي َ‬
‫أحدي الذات‪ ،‬بائن م���ن خلقه وبذاك‬ ‫���ن ما كان���وا>(((‪ ،‬فقال‪ :‬هو واح���د‪،‬‬
‫ّ‬
‫شء علمی‪ .‬حمیط باإلش���ـراف واإلحاط���ة والقدرة‪ ،‬ال‬ ‫ي‬ ‫ب���كل‬ ‫وصف نفس���ه وهو‬
‫یع���زب عنه مثقال ّذرة يف الس���موات وال يف األرض وال أصغر من ذلك وال أ كبـر‪،‬‬
‫ألن األما كن حمدودة حتو هیا حدود أربعة فإذا كان‬ ‫باإلحاطة والعلم ال بالذات‪ّ ،‬‬
‫بالذات لزمه احلوایة»‪.‬‬ ‫(((‬

‫ً‬ ‫قد یقال‪ّ :‬إن اهلل تعاىل تكون ذاته ف ّكل مكان ّ‬
‫ولكنه تعاىل ال یكون حمتاجا إىل املكان!‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫قسمی‪ :‬قسم‬ ‫ّ‬
‫املتوهم زعم ّأن األش���یاء الواقعة يف املكان تكون عىل‬ ‫فنقول‪ّ :‬‬
‫كأن هذا‬
‫مهنا حمتاج إىل املكان وقسم آخر منه غیر حمتاج إلیه! وهذا أمر غیر معقول يف نفسه وغفلة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حمتاجا إىل امل���كان‪ ،‬وذلك ّ‬
‫الشء حمتاجا‬
‫ي‬ ‫كون‬ ‫معىن‬ ‫أن‬ ‫الشء‬
‫واضح���ة عن معىن كون ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪323 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،327 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬املجادلة (‪.7 ،)58‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪323 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪113‬‬

‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬
‫متجز یا متمكنا‪ ،‬ولیس معىن كونه حمتاجا إیل املكان‬ ‫امتدادیا‬ ‫إىل امل���كان هو نفس كونه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شیئا غیر كونه موجودا يف املكان‪.‬‬
‫الاثلیق املدینة مع مأة من النصار ى‬ ‫وف حدیث طویل یذكر فیه قدوم ج‬ ‫«‪ ...‬ي‬
‫بعد ما قبض رس���ول اهلل؟ص؟ وسؤاله أبابكر عن مسائل مل جیبه عهنا‪ّ ،‬مث أرشد‬
‫عل بن يأب طالب؟امهع؟‪ ،‬فس���أله فأجابه‪ ،‬فكان يف ما س���أله‬ ‫ن‬
‫املؤمنی ّ‬ ‫إىل أمیر‬
‫ي‬
‫الرب‪ ،‬أین هو وأین كان؟‬ ‫أن قال له‪ :‬أخبـر ن عن ّ‬
‫ي‬
‫الرب جل جالله مبكان‪ ،‬هو كما كان وكان كما هو‪،‬‬ ‫عل؟ع؟ ‪ :‬ال یوصف ّ‬ ‫قال ّ‬
‫ي‬
‫ُ‬
‫مل یك���ن يف مكان‪ ،‬ومل یز ل من مكان إىل مكان‪ ،‬وال أحاط به مكان‪ ،‬بل كان‬
‫مل یزل بال ّ‬
‫حد وال كیف‪.‬‬
‫عل؟ع؟ ‪ :‬مل‬ ‫ق���ال‪ :‬صدقت‪ ،‬فأخبـر ن عن ّ‬
‫الرب أف الدنیا ه���و أو اآلخرة؟ قال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫مدبـر الدنیا وعامل باآلخرة‪ّ ،‬‬
‫فأم���ا أن حییط به الدنیا‬ ‫ی���زل ّربنا قبل الدنیا‪ ،‬ه���و ّ‬
‫(((‬
‫واآلخرة فال‪ ،‬ولكن یعلم ما يف الدنیا واآلخرة‪ ،‬قال‪ :‬صدقت یرمحك اهلل‏»‪.‬‬
‫«‪ّ ...‬إن بع���ض أحب���ار الهیود جاء إىل يأب بكر فقال له‪ :‬أنت خلیفة رس���ول اهلل‬
‫ّ‬ ‫ع�ل�ى ّ‬
‫األمة؟! فق���ال‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬إن���ا جند يف الت���وراة ّأن خلف���اء األنبیاء أعلم‬
‫فخبـر ين عن اهلل أین هو؟ يف الس���ماء هو أم يف األرض؟ فقال له أبوبكر‪:‬‬ ‫أممهم‪ّ ،‬‬
‫الهیودي‪ :‬فأر ى األرض خالیة منه فأراه عىل هذا‬ ‫ّ‬ ‫يف السماء عىل العرش‪ .‬قال‬
‫القول يف مكان دون مكان!‬
‫ّ ً‬ ‫لىّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫متعجبا‬ ‫عن و إ قتلتك! فو الرجل‬ ‫فقال أبوبكر‪ :‬هذا كالم الزنادقة‪ ،‬أعزب ي‬
‫هیودي قد عرفت‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ فقال له‪ :‬یا‬ ‫یس�ت�هزئ باإلسالم فاس���تقبله أمیر‬
‫ّ‬
‫ما سألت عنه وما أجبت به و إنا نقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ع���ز وج���ل ّأین األین ف�ل�ا أین له‪ ،‬وجل من أن حیویه م���كان وهو يف كل‬ ‫ّإن اهلل‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،334 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪114‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫خ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫شء من تدبیره‬ ‫م���كان بغیر مماس���ة وال جماورة‪ ،‬حییط علم���ا مبا فهیا وال یل���و ي‬
‫وأنك ّ‬
‫أحق مبقام ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫الهیودي‪ :‬أش���هد ّأن هذا هو ّ‬
‫ّ‬
‫نبیك‬ ‫احل���ق املبی‬ ‫تعاىل‪ ...‬فقال‬
‫ّممن استوىل علیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«فار ق األشیاء ال عىل اختالف األما كن ومتكن مهنا ال عىل املمازجة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫علما مبا فهیا وال خ‬ ‫«وهو ف ّكل مكان بغیر ّ‬
‫شء من‬
‫ي‬ ‫لو‬ ‫ی‬ ‫حییط‬ ‫اورة‬ ‫م‬
‫ج‬ ‫وال‬ ‫ة‬‫مماس‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫تدبیره تعاىل»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫«هو الذي ّأین األین ىّ‬
‫حت صار أین‪ ،‬فعرفت األین مبا ّأین لنا من األین»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫شء»‪.‬‬
‫(((‬
‫شء أبعد منه من ي‬‫شء وال ي‬‫شء من خلقه أقرب إلیه م���ن ي‬ ‫«ولی���س ي‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫قوما من ماورآء الهنر س���ألوا الرض���ا؟ع؟ ‪ ...:‬عن معتمد ّ‬ ‫ّ‬
‫العاملی أین‬ ‫رب‬ ‫«إن‬
‫شء؟‬ ‫كان وكیف كان إذ ال مساء وال أرض وال ي‬
‫ّ ّ ّ ّ‬
‫وكیف الكیف و ّإن ر ّ يب‬
‫فإنه ّأین األین ّ‬ ‫وأما معتمد الرب عز وجل‬ ‫فق���ال؟ع؟ ‪ّ :‬‬
‫(((‬
‫بال أین وال كیف وكان معتمده عىل قدرته سبحانه وتعاىل»‪.‬‬
‫«‪ ...‬فقال أبو ّقره‪ :‬مفن أقرب إىل اهلل‏‪ ،‬املال ئكة أو أهل األرض؟‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪310 / 3 ،‬؛ عن اإلرشاد واالحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،309 / 3 ،‬عن اإلرشاد‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،298 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،317 / 10 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫أب طالب‪.408 / 2 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪349 / 10 ،‬؛ عن مناقب آل ي‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪115‬‬

‫ّ‬ ‫قال أبو احلس���ن؟ع؟ ‪ :‬إن كنت تقول بالش���بـر والذراع‪ّ ،‬‬
‫فإن األش���یاء كلها باب‬
‫یدبـر أع�ل�ى الخ لق من حیث‬
‫واح���د هي فعله‪ ،‬ال یش���تغل ببعضها عن بعض‪ّ ،‬‬
‫ویدبـر ّأوله من حی���ث ّ‬
‫یدبـر أخره من غیر عناء وال كلفة وال مؤونة‬ ‫یدبـر أس���فله‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫وال مشاورة وال نصب‪ ،‬و إن كنت تقول من أقرب إلیه يف الوسیلة فأطوعهم له‪.‬‬
‫وأنمت تروون ّأن أقرب ما یكون العبد إىل اهلل وهو ساجد‪ ،‬ورویمت ّأن أربعة أمالك‬
‫التقوا‪ ،‬أحدهم من أعىل الخ لق وأحدهم من أسفل الخ لق أحدهم من شـرق الخ لق‬
‫ً ّ‬
‫أرسلن‬
‫ي‬ ‫اهلل‬ ‫عند‬ ‫من‬ ‫قال‪:‬‬ ‫هم‬‫فكل‬ ‫وأحدهم من غرب الخ لق فسأل بعضهم بعضا‬
‫(((‬
‫فف هذا دلیل عىل ّأن ذلك يف املنزلة دون التشبیه((( والتمثیل»‪.‬‬
‫بكذا وكذا‪ .‬ي‬
‫المعرفة البش ّ‬
‫ـرية تصف الخالق بالزمان والمكان‬

‫تقول الفلسفة‪:‬‬
‫الخارجي غیر محدود ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بحد‪ ،‬وغیر فاقد‬ ‫«إن الحق تعالى ال إشكال في كون وجوده‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫خارجیا»‪.‬‬ ‫حقیقیا‬ ‫لكمال‪ ،‬و إنه موجود في كل مكان وزمان وجودا‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫اإلسالمیة‪...‬‬ ‫تعرفه الفلسفة ّ‬
‫اإللهیة‬ ‫عرفه أنبیاؤه‪ ،‬الذي ّ‬ ‫الحقیقي الذي ّ‬
‫ّ‬ ‫«إن الخالق‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫هو موجود في جمیع األزمنة وفي كل األمكنة ویحیط بكل شيء‪..‬‬
‫الحق س���بحانه محیط بالعالم _ من ناحیة ّ‬ ‫ّ‬
‫األول واآلخر _ بإحاطة توجب له س ��بق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫وج���وده علی���ه‪ّ ،‬‬
‫ومعیته مع���ه‪ ،‬وبقائه بع ��ده‪ ،‬و إ لصار وج ��وده مح ��دودا متناهیا‬

‫‪ . 1‬فیظهر حینئذ ّأن‪« :‬قربه كرامته وبعده إهانته»‪ :‬اإلمام سيد الشهداء؟ع؟‪ ،‬حتف العقول‪245 ،‬؛ حبار‬
‫األنوار‪.301 / 4 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.347 _ 346 / 10 ،‬‬
‫ّ‬
‫امللكي‪ ،‬جواد‪ ،‬رسالة لقاء اهلل‪.169 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ري‪ ،‬املرتیض‪ ،‬حاشية أصول الفلسفة‪.106 / 5 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 4‬املطه ّ‬
‫‪116‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫وأبدیته»‪‌.‬‬ ‫ولفاتته ّ‬
‫أزلیته‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫«الثاب���ت بالبـره���ان والمعتض���د بالكش ��ف والعی ��ان ّأن الح ��ق موج ��ود م ��ع أجزاء‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫العالم‪ ،‬ومع كل جزء من أجزاء العالم‪ ،‬وكذا الحال في نس ��بة كل علة مفیضة إلى‬
‫(((‬
‫معلولها»‪.‬‬
‫ّ‬
‫عل ��ة أو ّ‬ ‫ّ‬
‫حیثیة أو‬ ‫«إن الواج���ب تعالى ه���و ال یتناهی إلى زمان أو مكان أو ش� �ـرط أو‬
‫مرتب���ة وال غی���ر ذلك‪ّ ...‬إن وجود الواجب صـرف الوجود إذ ال فقد له ّ‬
‫حتى یش ��وبه‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫العدم‪ ،‬بل هو كل الوجود وتمامه»‪.‬‬
‫ً‬
‫«فالزمان وسیع إذا كان صاحبه وسیعا! أما تسمع من اهلل تعالى في كتابه المجید‬
‫ً َ َ ّ ُ َ َّ‬ ‫َ‬
‫ين‏ أ ْل َف‏ َس َنة> ّ‬
‫كان ِم ْقد ُار ُه‏ َخ ْم ِس َ‬
‫ك ْره ْم ِبأي ِ‬
‫ام اهلل>‬ ‫فسماه یوما‪< ،‬وذ ِ‬ ‫َ‏‬ ‫یقول‪< :‬فِي‏ َي ْو ٍ ‏م‬
‫إلهي ألف أضعاف هذا‪ ،‬لم یكن نسبة إلى بقاء من هو غیر‬ ‫إلهیة أو یوم ّ‬ ‫فلو كان سنة ّ‬
‫ّ‬
‫األنوري‪:‬‬ ‫متناهي البقاء‪ ،‬إذ ال نسبة لغیر المتناهي إلى المتناهي ومن مقاالت الحكیم‬
‫(((‬
‫آحــاد شمـارنـد ألوف دوران را»‬ ‫باقي به دوامي كه در أعداد سنینش‬
‫ً‬
‫یعن‪ :‬هو باق بدوام تعتبـر ألوف الدهر بالنسبة إیل أعداد سنینه آحادا‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫«إنه س���بحانه وتعالى دائم الفضل على ما س ��واه بش ��ؤون جمیع أس ��مائه الحسنى‬
‫ّ ّ‬
‫وصفات���ه العلی���ا كم���ا أخبـ���ر ع���ن نفس ��ه بأن ��ه كل ی ��وم ه ��و في ش ��أن‪ ،‬ف�ل�ا تعطیل‬
‫ً ّ‬
‫ألن ��ه الح � ّ�ق األح � ّ‬
‫�دي الصم � ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫�دي الغن � ّ�ي»‪.‬‬ ‫ف���ي اس���م م���ن أس���مائه أزال وأب ��دا‪،‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬ظهور الشيعة‪.131 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.331 / 7 ،‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪ .3‬خ‬
‫ال ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حس�ي��‪.‬‬
‫ي‬ ‫رازي‪ ،‬حمس���ن‪ ،‬بداية املعارف‪ ،‬نقال عن أصول الفلس���فة‪،‬‬
‫السبزواري‪ ،‬مال هادي‪ ،‬شـرح األمساء‪.648 _ 647 ،‬‬‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ . 5‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.550 ،‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪117‬‬

‫هذه اآلراء تقع فهیا إشكاالت‪:‬‬


‫ً‬
‫‪ّ .1‬إن اهلل تع���اىل حمی���ط بالع���امل قدرة وس���لطانا‪ ،‬وال یكون إحاطته مبا س���واه من جهة‬
‫الوجودیة وعدم تناهي ذاته املستلزم ملقارنة وجوده مع غیره‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السعة‬
‫ّ‬
‫خارجي‬ ‫خارجي له‪ ،‬خ‬
‫والالق تبارك وتعاىل موجود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتباري ال واقع‬ ‫‪« .2‬الصـرافة» أمر‬
‫ّ‬
‫الشیئیة‪.‬‬ ‫وشء حبقیقة‬ ‫يّ‬
‫حقیق ي‬ ‫وواحد‬
‫ّ‬ ‫املتجزئ‪ .‬خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والالق جل وعال‬ ‫االمتدادي‬ ‫‪« .3‬الوجدان والفقدان» ملكة وعدم للذات‬
‫ّ‬
‫یتعاىل عن ذلك كله‪.‬‬
‫الالق تعاىل لیس من حیث الزمان‪.‬‬ ‫‪ .4‬بقاء خ‬
‫عما ینحله ّ‬
‫املحددون‬ ‫والالحمدودیة»‪ ،‬من أوصاف املقادیر‪ ،‬وتعاىل اهلل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«املحدودیة‬ ‫‪.5‬‬
‫من صفات األ قدار وهنایات األ قطار‪.‬‬
‫اللق‪ ،‬وحیث ّإن خ‬
‫الل���ق حادث و میتنع أن‬ ‫اللق ف���رع وجود خ‬ ‫‪ .6‬دوام الفض���ل ع�ل�ى خ‬
‫خالفا ألهل الفلسفة والعرفان _‪ ،‬فال وجه لالعتقاد بقدم العامل ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأبدیته من‬ ‫یكون قدمیا _‬
‫الالق تعاىل‪.‬‬ ‫جهة االعتقاد بدوام فضل خ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫‪ .7‬ما س���وى خ‬
‫ومش���یته و إرادته وال یكون حمققا بش���ؤون‬ ‫بإیاده‬
‫الالق تعاىل موجود ج‬
‫ّ‬
‫املتط���ورةبزعمه���م‪.‬‬‫ال�ت��ه���ينف���سذات���ه‬
‫أمسائ���هتع���اىلأوصفات���ه ي‬
‫أزلیة ّ‬
‫وأبدیة‪.‬‬ ‫‪« .8‬الیوم» حادثحبدوثالعامل‪ ،‬وحیثال یوم أزالًفلیسهو تعاىل ف شؤون ّ‬
‫ي‬
‫وأزلیته‪ ،‬فال وجه للقول بعدم التعطیل يف أمساء‬ ‫‪ .9‬الفعل ّكله حادث وال معىن لقدمه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفعلیة‪.‬‬ ‫اهلل الدالة عىل الصفات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتیة للخالق تعاىل‪ ،‬فخلط‬ ‫والصمدیة والغناء من األوصاف‬ ‫واألحدیة‬ ‫‪ .10‬احلق ّی���ة‬
‫ّ‬
‫الفعلیة خطأ‪.‬‬ ‫أحكامها مع مقتضیات الصفات‬
‫املتعالعن صفات األ قدار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ .11‬الزمان واملكان من ملكات االمتداد فال ّیتصف هبما خالقهما‬
‫‪118‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫نرد عىل من یصف خ‬ ‫وبكلم���ة خمتصـ���رة ّ‬


‫الالق جل وعال بالزمان واملكان مبا قاله موالنا‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫أمیر‬
‫ً‬ ‫«لیس بذي كبـر امتدت به الهنایات ّ‬
‫فكبـرته جتسیما‪ ،‬وال بذي عظم تناهت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫به الغایات فعظمته جتسیدا‪ ،‬بل كبـر شأنا وعظم سلطانا»‪.‬‬
‫جاء يف تفسیر «املیزان»‪:‬‬
‫ّ‬
‫مكانیة بمعنى‬ ‫«لیس���ت ّأو ّلیت���ه تعال���ى وال ّ‬
‫آخریته وال ظه ��وره وال بطون ��ه ّ‬
‫زمانی ��ة وال‬
‫تنزه عنهما س ��بحانه بل هو محیط باألش ��یاء‬ ‫مظروفیت���ه لهما‪ ،‬و إلاّ لم ّ‬
‫یتقدمهما وال ّ‬ ‫ّ‬
‫تصورت‪.‬‬ ‫أي نحو فرضت وكیفما ّ‬ ‫على ّ‬

‫األول واآلخر والظاهر والباطن‪ ،‬من فروع‬ ‫مما ّ‬


‫تقدم ّأن هذه األس���ماء األربع ��ة‪ّ :‬‬ ‫فبان ّ‬
‫ّ‬
‫اس���مه المحیط‪ ...‬ویمكن تفریع األسماء األربعة على إحاطة وجوده بكل شيء‪...‬‬
‫األول واآلخر والظاهر والباطن على اإلطالق‪ ،‬وما في غیره تعالى من هذه‬ ‫فهو تعالى ّ‬
‫إضافیة ّ‬
‫نسبیة»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬ ‫الصفات فهي‬
‫ّ‬
‫«إن حقیقة األزل كونه تعالى غیر متناه في ذاته وصفاته وال محدود‪ ،‬فإذا اعتبـر من‬
‫ّ‬ ‫حیث ّإنه غیر مسبوق بشيء ّ‬
‫یتقدم علیه كان هو أزله‪ ،‬و إذا اعتبـر من حیث إنه غیر‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ملحوق بشيء یتأخر عنه كان هو أبده‪ ،‬وربما اعتبـر من الجانبین فكان دواما»‪.‬‬
‫«كل ما یحمل معنى الفقد والنقص مسلوب عنه تعالى‪ ...‬كنفي الشـریك ونفي ّ‬ ‫ّ‬
‫التعدد‬
‫ونفي الجس���م والمكان والزمان والجه ��ل والعجز والبطالن وال���زوال وغیرها‪ّ .‬‬
‫فإن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إطالق وجوده وعدم ّ‬
‫عدمي أي إثبات الوجود مطلقا‬ ‫تقیده بقید‪ ،‬ینفي عنه كل معنى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وجودي»‪.‬‬ ‫فإن مرجع نفي النفي إلى اإلثبات‪‘‘ ...‬الكبیر’’ یفید سعته لكل كمال‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪269 ،‬؛ حبار األنوار‪.261 / 4 ،‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.145 / 19 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.96 / 6 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.236 / 16 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪119‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫«ولذلك وصفه تعالى بأنه صمد‪ ،‬وهو المصمت الذي ال جوف له وال مكان خالیا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بأنه ل���م یلد و‪ّ ...‬كل هذه األوصاف ّ‬
‫ً ّ‬
‫المحدودیة‬ ‫مما یس ��تلزم نوعا من‬ ‫فی���ه‪ ،‬وثانیا‬
‫واالنعزال»‪.‬‬
‫(((‬

‫وحنن نقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن وجود خ‬
‫ّإن القول ّ‬
‫الالق جل وعال هو الوجود املطلق الصـرف الالمتناهي عن كل‬
‫ّ‬
‫س���میة و‪ ...‬من ناحیة أخرى‬ ‫الهات من ناحیة‪ ،‬و إدعاء جت ّرده عن الزمان واملكان ج‬
‫وال‬ ‫ج‬
‫ّ‬
‫الزمانیة‬ ‫الالق عىل األش���یاء‬ ‫ّ‬
‫یك���ون م���ن أظهر مصادیق التناقض‪ ،‬والق���ول بتقدم وجود خ‬

‫عی القول جبر یان الزمان واملكان عىل الذات‬ ‫ّ‬


‫الوجودیة هو ن‬ ‫ّ‬
‫واملكانیة من حیث اإلحاطة‬
‫املتعالیة‪ .‬وال مناص ألصحاب الفلسفة والعرفان عن االعتراف بذلك وهم یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫نح���د وجود الواج ��ب ّ‬
‫یص���ح لنا أن ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بحد مح ��دود بأن نقول‪ :‬إن ��ه ذا صفة‬ ‫«إن���ه ال‬
‫ّ‬
‫فالن���ة ولیس بذي صف���ة فالنة‪ ،‬بل یكون فی ��ه صفات الممكن ��ات كلها على نحو‬
‫ّ‬
‫خواص ��ه الالمحدودة‪ ،‬ومرتبة‬ ‫وأت���م‪ّ ،‬إن ّكل واحد م���ن الممكنات ّ‬
‫حد من‬ ‫أعل���ى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫م���ن تجلیاته‪ ،‬ولذلك یقول أصح���اب العرفان‪ّ :‬إن كل واحد من الممكنات یكون‬
‫ً‬
‫مظهرا من أسمائه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والحق و إن كان استماع هذا الكالم ثقیال ّأن الشیطان أیضا یكون مظهر اسمه ‘‘یا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خواص‬ ‫مضل’’؛ بس���یط الحقیقة كل األش���یاء‪ ،‬إنا نرید أن ننس ��ب إلى وجود الحق‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كل األشیاء»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«ولهذا یقول مش���ایخ عل���م التوحید‪ :‬إنه عین األش ��یاء و إن اختلفت حدودها فهو‬
‫مسمى‬ ‫للحق‪ ،‬فهو الساري في ّ‬ ‫ّ‬ ‫یحد شيء إلاّ وهو ّ‬
‫حد‬ ‫بحد ّكل محدود‪ ،‬فما ّ‬ ‫محدود ّ‬
‫المخلوقات والمبدعات‪ ،‬ولو لم یكن كذلك ما ّ‬
‫صح الوجود‪ ،‬فهو عین الوجود»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.90 / 6 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الشعران‪.‬‬ ‫احلق‪70 _ 66 ،‬؛ نقال عن أستاذه‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة إنه ّ‬
‫ي‬
‫‪ . 3‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة ّإنه ّ‬
‫احلق‪.70 ،‬‬
‫‪120‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫االتص���اف بالزمان‪ ،‬وبطالن ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرواي���ات الدالّ���ة على ّ‬
‫توهم‬ ‫تنزه وجود الخالق جل وعال عن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كونه تبارك وتعالى موجودا في كل زمان‬

‫بقبلیة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫زمانیة بل كان اهلل تعاىل وال‬ ‫شء ال‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫ّإن اهلل تعاىل كان وال زمان‪ ،‬فهو قبل‬
‫ً‬ ‫وتصو ر املخلوق عن وجود خ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الالق عىل حنو یراه موجودا‬ ‫وج���ود لالمتداد والعدد مطلق���ا‪.‬‬
‫ً‬
‫ومقارنا مع األش���یاء ن‬
‫حی وجودها وقبل فناهئا‪،‬‬ ‫قبل وجود األش���یاء‪ ،‬وبعد فناء األش���یاء‪،‬‬
‫ً‬
‫عددیا؛ خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫تصو را عن كون خ‬‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫والالق تعاىل لیس كذلك‪.‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫زمانیا‬ ‫الالق‬ ‫لیس إ‬
‫ّ‬
‫الش���یئیة لی���س بوهم وال خیال‪،‬‬ ‫وشء حبقیقة‬ ‫ّ‬ ‫ّإن اهلل تب���ارك وتع���اىل موج���ود‬
‫واقعي ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫واقعي‬ ‫والع���دم ال ینس���ب إلیه تع���اىل بوجه من الوجوه‪ ،‬كم���ا ّأن املخلوق أیض���ا موجود‬
‫تص���و ر املقارنة ن‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫بی وجود‬ ‫حقی�ق�� لی���س بوهم وال خیال‪ ،‬و إنا ال���كالم يف بطالن‬‫يّ‬ ‫وشء‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫وتصورمه���ا معاصـر ین وموجودی���ن ف الزمان واملكان‪ّ ،‬‬
‫ف���إن ذلك توهم‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫الال���ق والل���ق‬ ‫خ‬
‫ي‬
‫قطعا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫باط���ل بالنس���بة إىل اهلل خ‬
‫فإن���ه كان اهلل وال زمان‪ ،‬كان اهلل‬ ‫الال���ق للزمان وامل���كان‬
‫ً‬
‫كذلك وكذلك هو الیوم‪ ،‬وهو كذلك الیزال أبدا‪ ،‬فال ینس���ب إلیه «كان» و«یكون» و«ال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫یزال» إ لإلشارة إىل عدم كونه تعاىل موهوما معدوما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فلی���س ّ‬
‫یتص���ور وجود اهلل تعاىل و یصفه بأن یكون ه���و جل وعال موجودا‬ ‫تصو ر من‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وتصو ره بالزمان‬ ‫قبل وجود األش���یاء وبعدها ومعها إ ناش���ئا عن احنصار إدراك املخلوق‬
‫ّ ً همّ ً‬ ‫ّ‬
‫تصو را وتو ا‪.‬‬ ‫والزمان‪ ،‬واستحالة خروجه عن ذلك ولو‬ ‫ي‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء غیره((( نورا ال ظالم فیه‪ ،‬وصادقا ال كذب فیه‪،‬‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل كان وال ي‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫شء‌هو إ هو‪ ،‬فلیس صفة وموصوفا‪،‬‬ ‫تعایل غیره‪ ،‬وليس ّهو ش���یئا غیر نفس���ه‪ ،‬وال لاّ ي‬ ‫شء هو‬‫‪ .1‬أي ال ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بخ‬
‫وذل���ك الف كل ش���ـيء‪ ،‬إذ إن كل ش���ـيء س���واه لي���س إ بأجزائ���ه وأدواته وصفات���ه‪ ،‬واألجزاء‬
‫واألدوات غير الش���ـيء ال نفس���ه‪ ،‬ومن هنا تخ تلف الصفات واألحوال عىل شـيء واحد‪ ،‬واهلل تبارك‬
‫وتعاىل ال تخ تلف عليه الصفات واألحوال‪ ،‬وال يقوم باألجزاء واألبعاض‪ ،‬فهو نفسه ونفسه هو؛ ّ ن‬
‫وبی‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪121‬‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬


‫وحیا ال موت فیه‪ ،‬وكذلك هو الیوم وكذلك ال یزال أبدا»‪.‬‬
‫(((‬
‫وعاملا ال جهل فیه‪،‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل ال یقدر قدرته‪ ،‬وال یق���در العباد عىل صفته‪ ،‬وال یبلغون‬
‫شء غی���ره‪ ،‬وهو نور لی���س فیه ظلمة‪،‬‬
‫كن���ه علم���ه‪ ،‬وال مبلغ عظمت���ه ولیس ي‬
‫وحق لیس فیه باطل‪ ،‬كذلك‬ ‫وصدق لیس فیه كذب‪ ،‬وعدل لیس فیه جور‪ّ ،‬‬

‫مل یزل وال یزال أبد اآلبدین‪.‬‬


‫وكذلك كان إذ مل تكن أرض وال مساء‪ ،‬وال لیل وال هنار وال مشس وال مقر وال جنوم وال‬
‫ً ّ‬ ‫سحاب وال مطر وال ریاح‪ّ .‬مث ّإن اهلل تبارك وتعاىل ّ‬
‫أحب أن خیلق خلقا یعظمون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عظمت���ه ّ‬
‫ویكبـرون كبـر یائ���ه وحیللون حالله‪ ،‬فقال‪ :‬كون���ا ظل نی‪ .‬فكانا كما‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫«إن اهلل تبارك وتعاىل كان مل یزل بال زمان وال مكان وهو اآلن كما كان‪ ،‬ال خیلو‬ ‫ّ‬
‫حیل ف مكان‪ ...‬لیس بینه ن‬ ‫ّ‬
‫وبی خلقه‬ ‫ي‬ ‫منه مكان‪ ،‬وال یش���تغل به مكان‪ ،‬وال‬
‫حجاب غیر خلقه‪ ،‬احتجب بغیر حجاب حمجوب واس���تتر بغیر ستر مستور‪ ،‬ال‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫إله إ هو الكبیر املتعال»‪.‬‬
‫ً‬ ‫فال یقارن خ‬
‫الالق تعاىل وجود األشیاء‪ ،‬بل األشیاء أنفسها تكون مقارنة‪ ،‬معاصـرة‪ ،‬قبال‪،‬‬
‫لاّ‬ ‫بعدا‪ ،‬ملتصقة‪ ،‬مفترقة‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫وأما هو فلیس لنا إ تنز هیه وتقدیسه من وصف اال قتران والدخول‬
‫ّ لاّ‬
‫والتوهم إ مبا یكون ملكة للمقادیر‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التصور‬
‫ّ‬
‫ألنه ال یتعلق‬ ‫نتصور ّ‬
‫ونتوهم‪ّ ،‬‬ ‫والروج ومن ّكل ما ّ‬ ‫خ‬

‫ّ‬
‫املخلوقية والوجود العام‪.‬‬ ‫تفصيل هذا املطلب عند البحث عن مالك‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،69 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،306 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،327 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪122‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫فإن اال قتران ّ‬ ‫ً‬


‫أبدا‪ّ ،‬‬
‫واملعیة‬ ‫شء‬‫شء وكذلك هو الیوم‪ ،‬ال یكون معه ي‬ ‫فكان اهلل ومل یكن معه ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫ال یكونان إ للمقادیر‪ ،‬فهو تعاىل مل یزل وال یزال كان و یكون‪ ،‬ال مصاحبا لألوقات ومقارنا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اصال‪ ،‬بل ّ‬
‫تطو ر‬ ‫هلا‪ ،‬وال مبرور الدهر علیه‪ ،‬وانقضائه عنه‪ ،‬ولیس معناه أنه تعایل مل یخ لق شیئا‬
‫توهم ّكل ّ‬
‫متوهم‪:‬‬ ‫بذاته بمیع الصور‪ ،‬فال شء غیره! كما تزعمه البسطاء‪ .‬فتعاىل اهلل عن ّ‬
‫ي‬ ‫ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫املكیف لألشیاء ومن مل یزل بال مكان وال یزول‬ ‫یكیف ّ‬ ‫«بل حارت األوهام أن ّ‬
‫باختالف األزمان»‪.‬‬
‫(((‬

‫«كان لیس له قبل‪ ،‬هو قبل القبل بال قبل‪ ...‬انقطعت عنه الغایات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫«مل یزل ّأوال قبل األشیاء بال ّأو ّلیة‪ ،‬وآخرا بعد األشیاء بال هنایة‪ ،‬عظم أن تثبت‬
‫ّ‬
‫ربوبیته بإحاطة قلب أو بصـر»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫والكینونیة والكائن‪ ...‬فأنت بادي‬ ‫«اللهم إنك كنت قبل األزمان‪ ،‬وقبل الكون‬
‫األبد وقادم األزل ودامئ القدم‪ ،‬ال توصف بصفات وال تنعت بنعت وال بوصف»‪.‬‬
‫(((‬

‫«كم���ا كان قبل ابتداهئ���ا كذلك یكون بعد فناهئا بال وق���ت وال مكان وال ن‬
‫حی‬
‫(((‬
‫وال زمان‪ ،‬عدمت عند ذلك اآلجال واألوقات وزالت السنون والساعات»‪.‬‬
‫«وما اختلف علیه دهر فیختلف منه احلال»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«ألنك مل تزل كنت‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫األول بك ال أنت به»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الكاف‪ ،89 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،336 / 3 ،‬عن املحاسن واالحتجاج‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،317 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 4‬الصحيفة العلو ّية‪.29 ،‬‬
‫ج البالغة‪276 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،256 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬ ‫‪ . 5‬هن ‏‬
‫ْ‬ ‫ُ ْ لأْ َ‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،274 / 4 ،‬عن هنج البالغة خط َب ِة ا ش َباح‪.‬‬
‫‪ . 7‬الصحيفة العلو ّية‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪123‬‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«سبق األوقات كونه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫واللیال وقب���ل األزمان‬
‫ي‬ ‫«أش���هد أنك ّربن���ا الذي ّإیاه نعب���د‪ ،‬كنت قبل األی���ام‬
‫ّ‬ ‫والدهور وقبل ّكل شء ّ‬
‫(((‬
‫شء فأحسنت كوهنا»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫نت‬ ‫وكو‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫«وال تصحبه األوقات»‪.‬‬
‫الالق وحتصیل احلاص���ل ممتنع؟! وذلك ّأنه لو كان‬ ‫كی���ف جی���ري الزمان واملكان عىل خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اهلل تعاىل جیري علیه الزمان فقد كان الزمان موجودا بوجوده تعاىل ال ّأن اهلل جل جالله‬
‫خالقه ُومبدعه ج‬
‫ومر یه‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تعاىل ال یوصف بزمان‪ ...‬بل هو خالق الزمان»‪.‬‬
‫«وتعاىل الذي لیس له وقت معدود وال أجل ممدود»‪.‬‬
‫(((‬

‫«واحلمد هلل أبد األبد وبعد األبد وقبل األبد‪ ،‬واهلل أ كبـر أبد األبد وبعد األبد وقبل‬
‫األبد‪ ،‬سبحان اهلل أبد األبد وبعد األبد وقبل األبد»‪.‬‬
‫(((‬

‫املؤمنیمىت كان ّربك؟‬


‫ن‬ ‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟فقالله‪:‬یاأمیر‬ ‫«جاءحبـرمناألحبار إىلأمیر‬
‫حت یقال مىت كان؟ كان ر ّ يب قبل القبل‬ ‫فق���ال له‪ :‬ثكلتك ّأمك ومىت مل یكن ىّ‬

‫ب�ل�ا قبل‪ ،‬ویك���ون بعد البعد ب�ل�ا بعد‪ ،‬وال غای���ة وال منهتى لغایت���ه‪ ،‬انقطعت‬

‫الكاف‪139 /1 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،421 / 92 ،‬من أصل قدمی‪.‬‬
‫‪ . 3‬هنج‏البالغة‪272 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،330 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،269 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َ ََ‬ ‫َّ ْ َ ْ ّ ً َ ْ َ ْ لاَ َ َّ‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ِ ،443 / 95 ،‬م ْن ُد َعاء َع ِظمي الشأ ِن مر ِو يا عن مو نا الص ِاد ِق صلوات اهلل عليه‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫‪124‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املؤمنی ّ‬ ‫ّ‬
‫فنب أنت؟ فقال‪:‬‬
‫ي‬ ‫الغای���ات عنه فهو منهتى كل غایة‪ .‬فق���ال‪ :‬یا أمیر‬
‫ویلك‪ ،‬مّإنا أنا ٌ‬
‫عبد من عبید ّ‬
‫(((‬
‫حممد؟ص؟»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟‪:‬‬
‫«كیف جیري علیه ما هو أجراه؟ أو یعود فیه ما هو ابتدأه»‪.‬‬
‫(((‬

‫بی قبل وبعد لیعلم أن ال قبل له وال بعد‪ ،‬خمبـرة بتوقیهتا‬ ‫«ففر ق هبا [األشیاء] ن‬
‫ّ‬
‫یوقته مىت‪ ،‬وال یشتمله ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حی»‪.‬‬ ‫أن ال وقت ملوقهتا‪ ...‬وال‬
‫ّ‬
‫باملتجزئ‪:‬‬ ‫تصان‬ ‫فال وجه للسؤال عنه تعاىل بأین ومىت‪ ،‬أل نهّ ما یخ ّ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ال ّ‬
‫(((‬
‫یتوهم دمیومته»‪.‬‬
‫«ج���اء رج���ل إىل يأب جعف���ر؟ع؟ فقال له‪ :‬یا أب���ا جعفر‪ ،‬أخبـر ين ع���ن ّربك مىت‬
‫مّ‬
‫(((‬
‫لشء مل یكن فكان‪‘‘ :‬مىت كان؟!’’»‬ ‫كان؟ فقال‪ :‬ویلك‪ ،‬إنا یقال ي‬
‫سید الشهداء؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬

‫«لیس عن الدهر قدمه»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫مّ‬
‫«إنا ّ‬
‫(((‬
‫حتد األدوات أنفسها وتشیر اآل لة إىل نظائرها»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.174 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحید‪40 ،‬؛ حبار األنوار‪.230 / 4 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عن التوحید و العیون‪.‬‬
‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟ املنسوب إلیه‪.‬‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن تفسير اإلمام‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،326 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬حتف العقول‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪125‬‬

‫ّ‬
‫«ومن قال ‘‘مىت؟’’ فقد وقته»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫كی���ف ّ‬
‫یتوهم وج���ود شء ال ّ‬
‫یتقدم ّأوله ع�ل�ى آخره‪ ،‬وال یتأخر آخره ع���ن ّأوله؟! واهلل‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والتوهم مطلقا‪:‬‬ ‫ّ‬
‫التصو ر‬ ‫بعی ّأنه ّأول‪ ،‬فال یدخل حتت‬ ‫بعی ّأنه آخر‪ ،‬وآخر ن‬
‫تعاىل هو ّأول ن‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«أو ّلیتك مثل آخر ّیتك وآخر ّیتك مثل ّأو ّلیتك»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ولی���س مع�ن�ى ذل���ك‪ّ :‬أن���ه ف ّ‬
‫األول واآلخ���ر س���واء وع�ل�ى حال���ة واحدة!! ب���ل املعىن‬ ‫ي‬
‫األول واآلخر له واحد ال إثنان‪.‬‬ ‫الصحیح هو ّأن ّ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«مل تس���بق له حال حاال فیكون ّأوال قبل أن یكون آخرا‪ ،‬ویكون ظاهرا قبل أن‬
‫ً‬
‫(((‬
‫یكون باطنا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املجلس «قده»‪:‬‬
‫ي‬ ‫مة‬ ‫یقول الع‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والزمانیات معدومة مطلق ��ا ونفي صـرف ال یجري فیه‬ ‫«قب���ل خلق العال���م‪ ،‬الزمان‬
‫أمثال هذه األوهام الكاذبة المخترعة الناشئة من األلفة بالزمان والمكان‪ ،‬فصاحب‬
‫ّ‬ ‫هذا المس���لك یقول‪ّ :‬‬
‫بأن الزمان والحركات وسلس ��لة الح ��وادث كلها متناهیة في‬
‫طرف الماضي‪ ،‬و ّإن جمیع الممكنات ینتهي في جهة الماضي في الخارج إلى عدم‬
‫قار ّیة وال س ��یالن‪،‬‬ ‫مطل���ق وال ش���يء بحت‪ ،‬ال امتداد فی ��ه وال ّ‬
‫تكم ��م وال تدریج وال ّ‬
‫لاّ‬
‫وقبل ابتداء الموجودات ال شيء إ الواحد القهار‪.‬‬
‫وقوله‪‘‘ :‬ینتهي الموجودات إلى عدم مطلق’’ وكذا قوله‪‘‘ :‬قبل ابتداء الموجودات‬
‫ال شيء محض’’ من ضیق العبارة‪ ،‬وال ّ‬
‫تتصور ّ‬
‫القبلیة واالنتهاء إلى العدم حقیقة‪...‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬


‫‪ . 2‬الصحيفة العلو ّية‪.30،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،309 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪126‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وق���د روي ع���ن الصادق؟ع؟ ّأنه ق ��ال بعد ّ‬


‫عد أجس ��ام العالم‪ :‬وال ورآء ذلك س ��عة‬
‫یتوهم‪ .‬فكذا الح ��ال في انقطاع الزم ��ان وجمیع الموجودات‬ ‫وال ضیق‪ ،‬وال ش���يء ّ‬
‫ً‬ ‫الممكنة في جهة الماضي ال ّ‬
‫یتصور فیه امتداد أصال‪ ،‬ال موجود كما زعم الحكماء‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال موهوم كما ّ‬
‫توهمه المتكلمون‪ (((.‬فال یمكن فیه حركات كما استدل به الحكماء‬
‫على عدم تناهي الزمان‪ ،‬بل ال شيء مطلق وعدم صـرف‪.‬‬
‫تعس� �ـر تص � ّ�ور عدمه على‬
‫القارة وجس ��م خلف جس ��م‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ولم���ا أل���ف الناس باألبعاد ّ‬
‫ّ‬
‫بع���ض المتكلمین‪ ،‬وذه���ب إلى األبعاد الموهومة غی ��ر المتناهیة وقال بالخأل وكذا‬
‫وزمانا قبل زمان‪ ،‬صعب علیهم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تصور الال شيء‬ ‫ّلما ش���اهدوا موجودا قبل موجود‪،‬‬
‫المح���ض‪ .‬فذهب طائفة من الحكماء إل ��ى ال تناهي الزمان الموجود‪ ،‬وطائفة من‬
‫ّ‬
‫المتكلمین إلى ال تناهي الزمان الموهوم‪.‬‬
‫تصور ال�ل�ا زمان المطلق أصع ��ب((( من ّ‬
‫تصور الال مكان ویحت ��اج إلى زیادة‬ ‫ولك���ن ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫دقة ولطف قریحة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومبا حققناه یظهر بطالن ما قد یقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫«ما ّ‬
‫صوره المتكلمون في حدوث العالم‪ ،‬یعني ما سوى الباري سبحانه زمانا بالبناء‬
‫ّ‬
‫اإلمكانیة‬ ‫ومحصله‪ّ :‬أن الموج ��ودات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الزماني ف ��ي الممكن‪،‬‬ ‫على اس���تحالة القدم‬
‫لاّ‬
‫منقطعة من طرف البدایة‪ ،‬فال موجود قبلها إ الواجب تعالى‪ ،‬والزمان ذاهب من‬
‫الجانبین إلى غیر النهایة وصدره خال عن العالم وذیله مش ��غول به ظرف له‪ ،‬ففیه‬
‫ّإن الزمان نفسه موجود ممكن مخلوق للواجب تعالى‪ ،‬فلیجعل من العالم الذي‬

‫ّ همّ‬ ‫ّ‬
‫املتكلم عن الزمان املوهوم هو نفس عدم الزمان الذي هو عدم واقعي ّ‬
‫یتو ه‬ ‫ولكن الوهم‬ ‫‪ .1‬لیكن مراد‬
‫ً‬
‫زمانا‪ ،‬فال یرد علیه إشكال‪.‬‬
‫تصور عدم الزمان واملكان بخ صوصهما حمال كما ّبيناه‪ ،‬كما ّأن األمر كذلك ف ّ‬
‫تصور عدم النور‬ ‫‪ .2‬بل ّ‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫والظلمة معا‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪.290 / 289 / 57 ،‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪127‬‬

‫هو فعله تعالى‪ ،‬وعند ذلك لیس وراء الواجب وفعله أمر آخر‪ ،‬فال قبل ّ‬
‫حتى یس � ّ‬
‫�تقر‬
‫ً‬
‫فیه عدم العالم اس���تقرار المظروف في ظرفه‪ ،‬عل ��ى ّأن القول بال تناهي الزمان ّأوال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الزماني‪.‬‬ ‫وآخرا یناقض قولهم باستحالة القدیم‬
‫ً‬
‫مضافا إلى ّأن الزمان ّ‬
‫كم عارض للحركة القائمة بالجسم وعدم تناهیه یالزم عدم‬
‫تناهي األجسام وحركاتها وهو قدم العالم المناقض لقولهم بحدوثه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ال���واب‪ّ :‬أن القائ���ل حبدوث العامل ال جیب علیه أن یق���ول بقدم الزمان _ كما‬ ‫توضی���ح ج‬
‫املجلس ّقدس ّ‬
‫س���ـره بذلك‪ ،‬و ی���أت ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫ّ‬
‫الكراجكي‬ ‫نص كالم‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫مة‬ ‫ظه���ر من تصـر یح الع‬
‫ً‬ ‫إن ش���اء اهلل تعاىل _ وال یخىف عىل ّ‬
‫املتأمل ّأن من ش���أن الفلس���فة غالبا هو إرائته مذهب‬
‫م�ی�� ع�ل�ى اإلطال ق‏ عىل حنو ّ‬ ‫ّ‬
‫املتكل ن‬
‫باملبان‬
‫ي‬ ‫حمرف واض���ح البطالن عند من ال خبـ���رة له‬
‫حت یسهل هلا النقض علهیم‪ .‬وهذا ذنب يف طر یق التحقیق ال یغفر‪،‬‬ ‫الكالمیة الرصینة ىّ‬
‫ّ‬
‫أعاذنا اهلل تعاىل منه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وقد ظهر أیضا مبا حققناه بطالن قول القائل‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن من قال بحدوث الزمان فقد قال بقدمه من حیث ال یشعر»‪.‬‬
‫(((‬

‫أو آخر وهو یقول‪:‬‬


‫متناهیا‪ ،‬وشخص واقف في انتهاء العالم‪ّ ،‬‬‫ً‬
‫یمد یده إلى الخارج من‬ ‫«افرضوا العالم‬
‫ً‬
‫�ادرا على أن ّ‬ ‫ك���رة العال���م وحینئذ ّ‬
‫یمد یده خ ��ارج الكرة‪ ،‬فیلزم‬ ‫فإما أن یكون هو ق �‬
‫ً‬
‫أن یك���ون ُالبعد في خ���ارج العالم موجودا‪ ،‬و ّإما أن ال یقدر على إخراج یده فیعلم‬
‫ً ً‬
‫بذلك ّأن هناك جس���م مانع فیل���زم أن یكون البعد هناك موج ��ودا أیضا‪ ،‬وال یكون‬
‫هناك إنتهاء العالم»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.325 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ً‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪ ،232 ،‬نقال من أرسطو‪.‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ّ ً‬ ‫ي‬
‫ُ‬
‫آيت حسن‪ ،80 ،‬نقلنا ذلك معر با‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ِ ،‬‬
‫‪128‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬ ‫التص���ورات خ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫والقائلی بقدم العامل تنش���أ من‬ ‫الاطئة ألرباب الفلس���فة‬ ‫ف���إن كل ه���ذه‬
‫خلط أحكام الوهم بالعقل كما أوضحنا ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫الكراجكي؟حر؟ أیضا يف ّرد شهبات الفالسفة إل ثبات قدم العامل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫یقول‬
‫«ولسنا نقول‪ّ :‬إن هذا ّ‬
‫التقدم موجب للزمان‪ّ ،‬‬
‫ألن الزمان أحد األفعال‪ ،‬واهلل تعالى‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا من شـرط ّ‬ ‫ّ‬
‫التقدم والتأخر في الوجود أن یكون‬ ‫متقدم لجمیع األفعال‪ ،‬ولیس‬
‫ّ‬
‫ذل���ك في زم���ان‪ ...‬والكالم في هذا الموضع جلیل‪ ،‬ومن فهم الحق فیه س ��قطت‬
‫عنه شبه كثیرة‪.‬‬
‫ً‬ ‫فل���و قلن���ا‪ّ :‬إن بین القدیم ّ‬
‫وأول األفع ��ال أوقاتا في الحقیق ��ة‪ ،‬لناقضناه ودخلنا في‬
‫مذه���ب خصمنا‪ ،‬نع���وذ باهلل من القول به ��ذا‪ ...‬ال ینبغي أن نق ��ول‪‘‘ :‬بین القدیم‬
‫ّ‬ ‫وبی���ن المحدث’’‪ّ ،‬‬
‫ألن ه���ذه اللفظة إنما تقع بین ش ��یئین محدودین‪ ،‬والقدیم ال‬
‫ّأول ل���ه‪ ،‬والواج���ب أن نقول‪ّ :‬إن وجود القدی ��م لم یكن عن عدم‪ ...‬ولس ��نا نرید‬
‫ّ‬
‫والتجدد‬ ‫مدة یزید امتدادها‪ّ ،‬‬
‫ألن هذا هو الحدوث‬ ‫بذل���ك‪ّ :‬أنه كان قبل أن فعل ّ‬

‫وهو معنى الزمان والحركة‪.‬‬


‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ف���إن ق���ال قائل‪ :‬إنه ال یثبت في األوهام إ هذا االمت ��داد‪ ،‬قیل له‪ :‬لیس یجب إذا‬
‫ً‬
‫(((‬
‫ثبت في الوهم أن یكون صحیحا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫األدلة ع�ل�ى قدم الزمان هو م���ا ّ‬
‫یعد عند أصحاب الفلس���فة ّ‬
‫أمهها‬ ‫وع�ل�ى ه���ذا فأوهن‬
‫حیث نقلنا عهنم قوهلم‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن من قال بحدوث الزمان قال بقدمه من حیث ال یشعر»‪.‬‬
‫(((‬

‫بل حنن نقول ّإن نس���بة عدم الش���عور إىل اإلنسان الظلوم ج‬
‫الهول الناظر بأوهامه إىل‬
‫اللق وهم‬‫خالقه املتعال عن الوهم ألیق من نسبته إىل أولیاء اهلل تعاىل الشهداء عىل خ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫للكرجكي‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،292 _ 291 / 57 ،‬نقال عن كنز الفوائد‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪ ،232 ،‬نقال من أرسطو‪.‬‬ ‫حممد‬ ‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪129‬‬

‫ً‬
‫يّ‬
‫احلقیق أیضا‬ ‫يّ‬
‫احلقیق ووجودمها‬ ‫ینادون بأعىل أصواهتم حبدوث الزمان واملكان وعدمهما‬
‫يّ‬
‫احلقیق‪.‬‬ ‫بعد العدم‬
‫فبناء أصحاب الفلسفة عىل استحالة حدوث الزمان _ بل وسایر األشیاء بتبعها _‪ ،‬وتأو یلهم‬
‫الهل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الدهري أو احلدوث والقدم باحلق أو‪ ...‬من تركیب ج‬ ‫الذات أو‬
‫ي‬ ‫احلدوث إىل احلدوث‬
‫وهم ودفع‪:‬‬
‫«إن حقیقة الزمان‬‫إن قی���ل‪ّ :‬إنك���م قلمت إل ثبات ح���دوث الزمان وامل���كان وتناههیم���ا‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫امتدادي قابل لفرض الز ی���ادة والنقصان فیه‪ ،‬فهما متناهیان‬ ‫امت���دادي وكل‬ ‫وامل���كان أمر‬
‫وحادث���ان»‪ ،‬م���ع ّأن من الواضح ّأن���ه ال میكن فرض الز یادة والنقصان بالنس���بة إىل واقع‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫قابلی لالرتفاع مطلقا‪،‬‬ ‫الزمان واملكان فإنهّ ما غیر‬
‫مرارا ّأن هذا ّ‬ ‫ً‬
‫عی‬‫التوهم ینش���أ من النظر إىل ع���دم الزمان واملكان من ن‬ ‫نق���ول‪ :‬قد ّبی ّنا‬
‫ف���إن حكم هذا الس���ائل بامتناع فرض الز ی���ادة والنقصان‬ ‫ال ُتر ین���ا إلاّ الزم���ان وامل���كان‪ّ ،‬‬
‫بالنس���بة إىل واق���ع الزم���ان وامل���كان‪ ،‬لیس إلاّ من جه���ة ّأنه ال میكنه الخ���روج عن ّ‬
‫تصو ر‬
‫ً‬
‫الزم���ان وامل���كان‪ ،‬فیزع���م ّأن هلما واقع���ا دون إحداهثما باهلل تعایل‪ ،‬فه���و یر ید أن ینظر يف‬
‫ً‬
‫مرآة االمتداد إىل عدم االمتداد‪ ،‬وهو ما قلناه مرارا من ّأن حكم أصحاب الفلس���فة بقدم‬
‫لاّ‬
‫الزم���ان لیس إ من حی���ث إنهّ م ینظرون إىل غیر االمتداد يف مرآة االمتداد‪ ،‬و ینظرون إىل‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫عی ال ُتر هیم إ الزمان واملكان‪ ،‬فیرون عدم الزمان زمانا وعدم‬ ‫عدم الزمان واملكان من ن‬
‫ً‬
‫املكان مكانا‪.‬‬
‫اثنی‪ ،‬فال لؤم علیه إن حكم جبهله بخ طأ‬ ‫نعم‪ّ ،‬إن األحول حیث یرى بعینه ّكل واحد ن‬
‫ثنی ن‬ ‫ً‬
‫واحدا واال ن‬
‫اثنی!!‬ ‫من یرى الواحد‬
‫‪130‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫لّ‬
‫ّ‬
‫يتصور ويدرك يكون ملكة‬ ‫األم���ر الثاني‪ :‬ما يد من نصوص علم الس���ماء على ّأن كل م���ا‬
‫لالمتداد فيسلب بطرفيه النقص والكمال عن اهلل تعالى‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«تأویل الصمد ال اس���م‪ ،‬وال جس���م‪ ،‬وال ش���به‪ ،‬وال صورة‪ ،‬وال متثال‪ ،‬وال ّ‬
‫حد‪ ،‬وال‬
‫ح���دود‪ ،‬وال موض���ع‪ ،‬وال م���كان‪ ،‬وال كی���ف‪ ،‬وال أی���ن‪ ،‬وال هنا‪ ،‬وال ّمث���ة‪ ،‬وال مأل‪،‬‬
‫ظلم���ان‪ ،‬وال ّ‬
‫نوران‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫وال خ�ل�أ‪ ،‬وال قیام‪ ،‬وال قعود‪ ،‬وال س���كون‪ ،‬وال حركة‪ ،‬وال‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫نفس���ان‪ ،‬وال خیلو منه موضع‪ ،‬وال یس���عه موضع‪ ،‬وال عىل لون‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫روحان‪ ،‬وال‬
‫ي‬
‫(((‬
‫منف عنه هذه األشیاء»‪.‬‬ ‫شم راحئة‪ ،‬ي ّ‬ ‫عىل خطر قلب‪ ،‬وال عىل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«جل عن أن حتله الصفات لشهادة العقول ّأن كل من حلته الصفات مصنوع‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫وشهادة العقول أنه جل جالله صانع ليس مبصنوع»‪.‬‬
‫أمتلف هو أم مؤتلف؟ قال‪ :‬ال‬ ‫«‪ ...‬سأل الزندیق عن الصادق؟ع؟ فقال‪ ...:‬خ‬
‫مّ‬
‫املتجز ئ ویأتلف ّ‬
‫املتبعض‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬ ‫یلی���ق به االختالف وال اال ئتالف‪ ،‬إنا خیتل���ف‬
‫(((‬
‫یقال له مؤتلف وال خمتلف»‪.‬‬
‫كشء من‬
‫شء داخل‪ ،‬وخارج من األشیاء ال ي‬
‫كشء يف ي‬
‫«داخل يف األش���یاء ال ي‬
‫(((‬
‫شء خارج‪ ،‬سبحان من هو هكذا وال هكذا غیره»‪.‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫شء وال یقال‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫«ال یش���به ص���ورة‪ ،‬وال یقاس بالناس‪ ،‬بعی���د يف قربه‪ ،‬ف���وق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫یقال‬ ‫وال‬ ‫ء‬‫ش‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫أمام‬ ‫فوقه‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫یقال‬ ‫وال‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫شء حتت���ه‪ ،‬وحتت‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫كشء يف‬
‫شء أمامه‪ ،‬داخل يف األش���یاء ال ي‬ ‫شء وال یقال ي‬‫خلف���ه‪ ،‬وخل���ف كل ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،230 / 3 ،‬عن جامع األخبار‪.‬‬


‫‪ . 2‬اإلرشاد‪ ،223 / 1 ،‬االحتجاج‪ ،200 / 1 ،‬وعنه حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،67 / 4 ،‬االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،271 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪131‬‬

‫شء‪ ،‬سبحان من هو هكذا ال هكذا غیره»‪.‬‬


‫(((‬
‫ي‬
‫«إن ر ّ يب ال یوصف بالبعد وال باحلركة وال بالس���كون وال بالقیام قیام انتصاب‬
‫ّ‬
‫وال جبیئ���ة وال بذهاب‪ ،‬لطیف اللطاف���ة ال یوصف باللطف‪ ،‬عظمی العظمة ال‬
‫الاللة ال یوصف‬
‫یوص���ف بالعظم‪ ،‬كبیر الكبـر یاء ال یوصف بالكبـر‪ ،‬جلیل ج‬
‫بالغلظ‪ ،‬رؤوف الرمحة ال یوصف ّ‬
‫بالرقة‪...‬‬
‫ه���و يف األش���یاء عىل غی���ر ممازجة‪ ،‬خ���ارج مهنا عىل غی���ر مباین���ة‪ ...‬داخل يف‬
‫(((‬
‫شء خارج»‪.‬‬‫كشء من ي‬ ‫شء داخل‪ ،‬وخارج مهن���ا ال ي‬ ‫كشء يف ي‬‫األش���یاء ال ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«من قال ‘‘كیف؟’’ فقد شبهّ ه‪ ،‬ومن قال ‘‘مل؟’’ فقد علله»‪.‬‬
‫«فلم حیلل فهیا [األش���یاء] فیقال‪ :‬هو فهیا كائن‪ ،‬ومل ینأ عهنا فیقال‪ :‬هو عهنا‬
‫بائ���ن‪ ،‬ومل خیل مهنا فیقال‪ :‬له أین‪ّ ،‬‬
‫لكنه س���بحانه أحاط هب���ا علمه وأتقهنا‬
‫صنعه وأحصاها حفظه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«هو يف األش���یاء كلها غیر متمازج هبا وال بائن عهنا‪ ،‬ظاهر ال بتأویل املباشـرة‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫متجل ال باسهتالل رؤیة‪ ،‬بائن ال مبسافة‪ ،‬قر یب ال مبداناة»‪.‬‬
‫(((‬
‫«لیس يف األشیاء بوالج وال عهنا خبارج»‪.‬‬
‫(((‬
‫«ال جتري علیه احلركة والسكون»‪.‬‬

‫‪ . 1‬جامع األخبار‪.5 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،27 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،270 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ّ .304 / 4 ،‬‬
‫فإن كل ذلك ليس إ ملكة لالمتداد‪.‬‬
‫‪ . 6‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 7‬التوحيد‪40 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪132‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«مفعان الخ لق عنه ّ‬


‫منفیة»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«وكل ظاهر غیره غیر باطن‪ ،‬وكل باطن غیره غیر ظاهر»‪.‬‬
‫«مل حیلل يف األشیاء فیقال‪ :‬هو فهیا كائن‪ ،‬ومل ینأ عهنا فیقال‪ :‬هو عهنا بائن‪ ،‬ومل‬
‫خیل مهنا فیقال‪ :‬أین؟ ومل یقرب مهنا باال لتزاق‪ ،‬ومل یبعد عهنا باالفتراق‪ ،‬بل هو يف‬
‫ّ‬ ‫األشیاء‪.‬بال ّ‬
‫(((‬
‫كیفیة‪،‬وهوأقربإلینامنحبلالوریدوأبعدمنالشبهمن كلبعید»‪.‬‬
‫اإلمام املجتىب؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫فیتج���ز ئ‪ ،‬وال اختالف صف���ة فیتناهی‪ (((.‬فال‬ ‫«ال���ذي مل یكن له‪ ...‬ش���خص‬
‫(((‬
‫تدرك العقول وأوهامها وال الفكر وخطراهتا وال األ لباب وأذهاهنا صفته»‪.‬‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ومیئه من غیر تنقل»‪.‬‬
‫«علوه من غیر توقل‪ ،‬ج‬
‫«هو يف األشیاء كائن ال كینونة حمظور هبا علیه((( ومن األشیاء بائن ال بینونة‬
‫(((‬
‫غائب عهنا»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟‪:‬‬
‫(((‬
‫«إن ر ّ يب ال یوصف بالبعد واحلركة والسكون والقیام»‪.‬‬
‫ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،309 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ لاّ‬ ‫‪ّ .4‬‬
‫ألن اخت�ل�اف الصف���ة ال يتص���ور إ يف ما كان امتداديا عدديا فيتناهی الس���تحالة عدم التناهي يف‬
‫ّ‬
‫االمتدادي املختلفة األجزاء والصفات‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫لاّ‬
‫االمتدادي املخلوق الذي ال يكون إ كذلك‪.‬‬‫ّ‬ ‫‪ . 7‬بخ الف‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 9‬حبار األنوار‪ 27 / 4 ،‬؛ ‪ ،118 / 10‬عن التوحيد‪.‬‬
‫مدعلا و ةكلملا ‬ ‫‪133‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫شء‪ ،‬أو خیلو‬
‫شء إیل ي‬ ‫شء‪ ،‬أو حیول م���ن ي‬ ‫شء‪ ،‬أو عىل ي‬
‫ّ‬
‫«م���ن زع���م أن اهلل يف ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫املخلوقی‪ .‬واهلل خالق كل‬ ‫شء‪ ،‬فقد وصفه بصف���ة‬ ‫شء‪ ،‬أو یش���تغل به ي‬ ‫منه ي‬
‫شء‪ ،‬ال یقاس بالقیاس وال یش���به بالناس‪ ،‬ال خیلو منه مكان وال یش���تغل به‬ ‫ي‬
‫مكان‪ ،‬قر یب يف بعده‪ ،‬بعید يف قربه‪ ،‬ذلك اهلل ّربنا ال إله غیره‪.‬‬
‫أحبه بغیر هذه الصفة‬ ‫املوحدین‪ ،‬ومن ّ‬ ‫وأحبه هبذه الصفة فهو من ّ‬‫مفن أراد اهلل ّ‬
‫فاهلل منه بـريء وحنن منه بـرءاء»‪.‬‬
‫(((‬

‫«إن اهلل تبارك وتعاىل ال یوصف بزمان وال مكان وال حركة وال انتقال وال سكون‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ًّ‬ ‫بل هو خالق الزمان واملكان واحلركة والسكون‪ ،‬تعاىل ّ‬
‫علوا‬ ‫عما یقول الظاملون‬
‫ً‬
‫(((‬
‫كبیرا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫(((‬
‫بكیفیة املخلوق»‪.‬‬ ‫«و إنا الكیف‬
‫«أما التوحید‪ ،‬فأن ال جت ّوز عىل ّربك ما جاز علیك»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫وخارج‬ ‫مكان‬ ‫كل‬ ‫«فاهلل تبارك وتعاىل داخل يف‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫أج���ل وأعظم م���ن أن ّ‬ ‫ّ‬
‫حید بی���د‪ ،‬أو رج���ل‪ ،‬أو حركة‪ ،‬أو‬ ‫«إن اهلل تب���ارك وتع���اىل‬
‫سكون‪ ،‬أو یوصف بطول‪ ،‬أو قصـر‪ ،‬أو‪»...‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،288 / 3 ،‬عن كفاية األ ثر ف ّ‬


‫النص عىل األ ّمئة اال ثىن عشـر‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،330 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،264 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫والكاف‪.104 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪298 / 4 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،300 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫وجل مل خ‬
‫شء إ‬ ‫ي‬ ‫عىل‬ ‫وال‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي ي‬‫ف‬ ‫ال‬ ‫ثابتا‬ ‫یزل‬ ‫ومل‬ ‫حلاجة‬ ‫شیئا‬ ‫لق‬ ‫ی‬ ‫«ولكنه عز‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّأن الخ لق میس���ك بعضه بعضا ویدخل بعض���ه ف بعض خ‬
‫ویرج منه‪ ،‬واهلل جل‬ ‫ي‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء وال یرج منه وال یؤوده‬ ‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫یدخل‬ ‫ولیس‬ ‫ه‬ ‫كل‬ ‫وتقدس بقدرته میس���ك ذلك‬
‫(((‬
‫حفظه وال یعجز من إمسا كه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫البـرائیة‪،‬‬ ‫استحق معىن الخ الق‪ ،‬وال بإحداثه البـرایا استفاد معىن‬ ‫ّ‬ ‫«لیس مذ خلق‬
‫ّ‬ ‫كی���ف وال ّ‬
‫تغیب���ه مذ‪ ،‬وال تدنیه قد‪ ،‬وال حیجبه لعل‪ ،‬وال یوقته مىت‪ ،‬وال یش���مله‬
‫حی‪ ،‬وال تقارنه مع‪ ،‬مّإنا ّ‬‫ن‬
‫(((‬
‫حتد األدوات أنفسها وتشیر اآل لة إىل نظائرها»‪.‬‬
‫«ومن قال‪‘‘ :‬كیف؟’’ فقد استوصفه»‪.‬‬
‫(((‬

‫الثان؟ع؟‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر ي‬
‫(((‬ ‫«الكیفیة للمخلوق ّ‬
‫املكیف»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،317 / 10 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عيون أخبار الرضا؟ع؟‪،‬‏‪.152 / 1‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،284 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪117 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،154 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫اهلل تعالى واحد‪،‬‬
‫ما معناه؟ وما هو البـرهان علیه؟!‬
‫‪136‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول الفلسفة والعرفان‪:‬‬


‫▪ الوجود الالمتناهي ال یقبل ّ‬
‫التعدد‪ ،‬وهذا هو دلیل إثبات وحدة الخ الق‪،‬‬
‫ّ‬
‫حمدودیة الوجود‪ ،‬وحقیقة التوحید هي سلب احلدود‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العددیة هي‬ ‫▪ الوحدة‬
‫لیّ‬
‫وت ذاته‪،‬‬ ‫▪ العامل ولید ذات الخ الق‪ ،‬وصادر عنه‪ ،‬ج‬

‫أهداف الفصل‪:‬‬
‫ً‬
‫▪ بیان انتفاء موضوع الالمتناهي ثبوتا‪،‬‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪،‬‬ ‫املتعال عن الوجود‬ ‫يّ‬
‫احلقیق هو‬ ‫▪ الواحد‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اعتباري صـرف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العددیة هي أمر‬ ‫▪ الوحدة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفلس���فیة‬ ‫باملبان‬
‫ي‬ ‫لت���زام‬ ‫اال‬ ‫م���ع‬ ‫وعال‬ ‫ج���ل‬ ‫▪ ال میك���ن إثب���ات وح���دة الخ الق‬
‫ّ‬
‫العرفانیة‪،‬‬
‫▪ إثبات وحدة الخ الق تعایل بعد الكش���ف عن عجز املدارس املعرفة البشـر ّیة‬
‫بأسـرها عن ذلك‪،‬‬
‫▪ تفنید القول بصدور األشیاء عن ذات الخ الق‪ ،‬أو جت ّل الخ الق ّ‬
‫عز امسه بصور‬ ‫ي‬
‫املخلوقات‪،‬‬
‫شء‪.‬‬ ‫▪ الخ لقة هي‪ :‬ج‬
‫اإلیاد ال من ي‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪137‬‬

‫ّإن كلمة التوحید هي الكلمة العلیا يف اإلس�ل�ام بل عند أهل األدیان بأس���ـرهم‪ ،‬القرآن‬
‫ّ‬
‫ومفسـرو‬ ‫املبی حلقیقهتا بأوكد بیان كما ّأن عترة الرسول؟ص؟ الذین هم أعدال الكتاب‬‫هو ّ ن‬
‫املؤكدون علیه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أش���د‬ ‫الق���رآن وحم���ال معرفة اهلل تعاىل هم‪ ،‬الكاش���فون عن حقیقة معناه‪،‬‬
‫التأ كید‪.‬‬
‫ّمث ّإن كلمة التوحید عندهم هو‪:‬‬
‫ّ‬
‫والزء وال���كل واال ّتصاف بالتناهي‬ ‫اإل ق���رار بوجود خال���ق متعال عن االمتداد والعدد ج‬
‫املنش لألش���یاء ال م���ن شء‪ ،‬خ‬
‫والالق‬ ‫ئ‬ ‫وع���دم التناه���ي‪ ،‬وعن وجود خ‬
‫اللق بأس���ـره‪ ،‬هو‬
‫ي‬
‫البارئ ملا سواه ال عن وجود سابق؛‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫حمرفا عن حقیقته إىل معىن‬ ‫ه���ذا‪ ،‬وقد أصبح هذا املع�ن�ى عند البعض من املتأخر ین‬
‫آخر‪ ،‬فالتوحید عند هؤالء هو ّأن‪:‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الواصفی وأوهام‬ ‫حقیق���ة الوج���ود _ وهو عندهم نفس ذات املعبود جل ع���ن وصف‬
‫ّن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫واملتعی‬ ‫املتجل بالص���ور املختلفة‪،‬‬
‫ي‬ ‫املتوهمّ�ی�� _ حقیقة حمض���ة صـرفة ال متناهیة‪ ،‬ه���ي‬
‫ّ‬ ‫وأبدا‪ ،‬وحیث ّإن هلذه احلقیقة ّ‬ ‫ً ً‬
‫وجودیة غیر‬ ‫ش���دة أي س���عة‬ ‫بأعیان األش���یاء املتبائنة أزال‬
‫متناهی���ة _ ب���ل ف���وق ما ال یتناهى [!] مب���ا ال یتناهى [!!] _ فال جم���ال لفرض وجود غیره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫مطلقا‪ .‬هو كل األشیاء وكل األشیاء هو‪ ،‬ولیس يف الدار غیره ّدیار‪.‬‬
‫هم املبهتجون بتحقیق هذا املعىن ّ‬
‫أش���د االبهتاج‪ ،‬و یعتبـرون ذلك من أعىل وأغىل ما‬

‫لاّ‬
‫‪ .1‬يقول ابن عر يّب‪« :‬وما يف الكون أحدية إ أحدية املجموع»‪ :‬كتاب املعرفة‪ ،‬له‪.36 ،‬‬
‫‪138‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫والتعمق ف معرفة الذات ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهلیة‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫وصلت إلیه ید التحقیق والتفكر‬
‫وحنن نروم باالختصار بیان معىن حقیقة التوحید عىل أساس البـرهان ونصوص الوحي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والقرآن ّأوال‪ّ ،‬مث نكشف احلجاب عن بطالن ما علیه أصحاب الفلسفة والعرفان يف ذلك ثانیا‪.‬‬

‫هو تعالى واحد‪ ،‬ما معناه؟ وما هو البـرهان عليه؟!‬


‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫يّ‬
‫حقیق؛ [وهناك‬ ‫اعتباري _ ولیس م���ن العدد إ ذاك _ ومعىن‬ ‫للواح���د معنیان‪ :‬معىن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الشء واحدا مبعین كونه مجیع األشیاء وكل األشیاء وأوسع‬
‫معین ثالث موهوم‪ ،‬وهو كون ي‬
‫األشیاء! وهو الالمتناهي املوهوم املستحیل الوجود]‪.‬‬
‫ً‬
‫واحدا‪ّ ،‬‬ ‫ً ّ ً‬
‫الشء‬
‫ي‬ ‫ذلك‬ ‫فتعد‬ ‫ء‬ ‫الش‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫نا‬ ‫ّ‬
‫االعتباري فهو أن تعتبـر مقدارا معی‬ ‫ّأم���ا املعىن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بإعتبار الواحد املفروض‪ ،‬فتعتبـر مثال اإلنس���ان واح���دا _ وهو يف احلقیقة أجزاء متكثرة _‬
‫فتعد أفراد قوم باعتبار آحادهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫واحدا _ وهو كثیر ف احلقیقة _ ّ‬ ‫ً‬
‫فتعد بإعتباره األ قوام‪ ،‬ولك‬ ‫ي‬ ‫شیئا‬ ‫ولك أن تفرض القوم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أن تعتبـر ّكل جزء من األجزاء املختلفة ف وجود اإلنسان واحدا ّ‬
‫فتعد باعتباره یدا ورجال‬ ‫ي‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫وبطنا ورأسا ومفا و‪...‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتعد كل عضو من أعضاء اإلنس���ان‬ ‫وتعتبـر كل جزء ّمما یتركب منه كل عضو واحدا‪،‬‬

‫الس���جاد؟ع؟‪« :‬مل يعل ف أحد من معرفة إدراكه أ كثر من العلم ّ‬


‫بأنه ال يدركه‪ ،‬فش���كر معرفة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .1‬اإلمام‬
‫ي‬ ‫ج‬
‫نهّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫العاملي أ م ال‬ ‫العارف�ي�� بالتقصي���ر عن معرفته‪ ،‬وجع���ل معرفهتم بالتقصير ش���كرا كما جعل عل���م‬
‫ً‬
‫يدركونه إميانا»‪ .‬حبار األنوار‪.142/78 ،‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟‪« :‬احلمد هلل الذي أعجز األوهام أن تنال إ وجوده»‪ .‬حبار األنوار‪.221/4 ،‬‬ ‫اإلمام أمير‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟‪« :‬مل جتعل للخلق طر يقا إىل معرفتك إ بالعجز عن معرفتك»‪ .‬حبار األنوار‪،‬‬ ‫اإلمام أمير‬
‫‪.150/94‬‬
‫الكاف‪93/1 ،‬؛ حبار األنوار‪.259/3 ،‬‬
‫ي‬ ‫اإلمام الصادق؟ع؟‪« :‬من نظر يف اهلل كيف هو‪ ،‬هلك»‪.‬‬
‫الطبة‪.1،‬‬ ‫أميراملؤمني؟ع؟‪« :‬كمال معرفته التصديق به»‪ .‬هنج البالغه‪ ،‬خ‬
‫ن‬ ‫اإلمام‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪139‬‬

‫ً ً‬ ‫ً‬
‫باعتبار الواحد املفروض حلما وعظما ودما و‪...‬‬
‫ً لاّ‬
‫تتصوره ّمث تعتبـ���ره واحدا‪ ،‬إ وهو قابل لز ی���ادة مثله علیه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شء‬ ‫ي‬ ‫م���ن الظاهر ّأن���ه ال‬
‫ً لاّ‬
‫تتصو ره وتعتبـ���ره واحدا إ وهو قابل‬ ‫ّ‬ ‫شء‬ ‫ي‬ ‫وبذل���ك یدخ���ل يف باب األعداد‪ ،‬كما ّأنه ال‬
‫ًّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫امتدادیا‬ ‫یتصو ر إ كان‬ ‫شء‬ ‫لالنقسام ًوالدخول يف باب األعداد‪ ،‬ولذلك نقول‪ :‬ما من ي‬ ‫ًّ‬
‫عددیا قابال للز یادة والنقصان‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتجز یة‪ ،‬فال جزء وال‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫احلقیق‪ ،‬فهو ما یكون بخ الف ال���ذات‬ ‫يّ‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا الواحد‬
‫ً‬ ‫حت ّ‬ ‫امت���داد هلا ىّ‬
‫تقس���مها أو تعتبـ���ر بعضها واحدا و یدخل باعتب���ار ذلك البعض يف باب‬
‫وأما ما یكون بخ الف‬ ‫وقابلیة املعدود للز یادة والنقصان‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫األع���داد‪ ،‬فالتعدید فرع االمتداد‬
‫قابلیة التعدید والتحدید يف موضوعه‪ ،‬فال شبیه‬ ‫یتعدد بذاته‪ ،‬وذلك النتفاء ّ‬ ‫االمتداد فال ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫له وال نظیر‪ ،‬وال شـر یك له وال عدیل‪ ،‬وال جزء له وال كل ثبوتا‪.‬‬
‫املتعال عن األشباه واألنداد والنظائر‪ ،‬وهو‬ ‫ّ‬
‫بوحدانیته‪،‬‬ ‫فهو الواحد األحد الفرد ّ‬
‫املتفرد‬
‫ي‬
‫املعبـر عنه بالصمد‪ ،‬أي ما ال جوف ل���ه‪ ،‬أي ال داخل له وال‬ ‫احلقی�ق�� ّ‬
‫يّ‬ ‫ّ‬
‫املس���مى بالواح���د‬
‫مدخل وال جزء وال بعض‪:‬‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫وأحدي املعىن واإلنس���ان واحد ّ‬
‫ثنوي املعىن‪ ،‬جسم‪ ،‬وعرض‪ ،‬وبدن‬ ‫ّ‬ ‫«اهلل واحد‬
‫(((‬
‫وروح»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«كل ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫مسمى بالوحدة غیره قلیل»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫یبعض»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«یوحد وال ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،309 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،309 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،293 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪140‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫وأما خ‬ ‫ً‬


‫دامئا‪ّ ،‬‬ ‫وذلك ّ‬
‫الالق جل وعال فال تنس���ب إلیه‬ ‫ألن االمتداد والعدد قابل للز یادة‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن كل ذلك فرع االمتداد والعدد‪:‬‬ ‫واملحدودیة وغیر املحدودیة‬ ‫القلة والكثرة‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«واحد ال من عدد»‪.‬‬
‫(((‬

‫«أحد ال بتأویل عدد»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫املتف���رد‪ ،‬واألحد والواحد مبعىن واحد وهو ّ‬
‫املتفرد الذي ال نظیر له‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«األحد الفرد‬
‫والتوحی���د اإل قرار بالوحدة وهو االنفراد؛ والواح���د‪ :‬املتبائن الذي ال ینبعث من‬
‫بشء‪.‬‬ ‫ّ‬
‫شء وال یتحد ي‬ ‫ي‬
‫وم���ن ّمث قالوا‪ّ :‬إن بناء العدد من الواحد ولیس الواحد من العدد‪ّ ،‬‬
‫ألن العدد ال‬
‫یق���ع عىل الواحد بل عىل اال ن‬
‫ثنی‪ ،‬مفعىن قوله‪ :‬اهلل أحد‪ ،‬أي‪ :‬املعبود الذي یأله‬
‫(((‬
‫بإهلیته متعال عن صفات خلقه»‪.‬‬ ‫بكیفیته فرد ّ‬
‫ّ‬ ‫الخ لق عن إدرا كه واإلحاطة‬
‫«‪ ...‬قال [الزندیق] فكیف هو اهلل الواحد؟‬
‫ق���ال [اإلمام الص���ادق؟ع؟ ]‪ :‬واحد ف ذاته فال واحد كواحد‪ّ ،‬‬
‫ألن ما س���واه من‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الواحد ّ‬
‫(((‬
‫متجز ئ وهو تبارك وتعاىل واحد ال متجز ئ وال یقع علیه العد»‪.‬‬
‫وكل يشء غیره تعاىل فهو ّ‬ ‫((( ّ‬ ‫لاّ‬
‫متجزئ‪،‬‬ ‫يّ‬
‫احلقیق إ الذات املتعالیة‪،‬‬ ‫فال مصداق للواحد‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،222/ 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الطبة‪.152 ،‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪229 / 4 ،‬؛ هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،223 _ 222 / 3 ،‬التوحيد‪.90 ،‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،67 / 4 ،‬االحتجاج‪.‬‬
‫ّ‬ ‫همّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتصو ره‪،‬‬ ‫طرف النقيض مما تتو ه‬
‫تبتن عىل أن تنسب إىل اهلل تعاىل أشـرف ي‬ ‫‪ . 5‬إن املعرفة البشـر ية ي‬
‫وحيث إنهّ ا تزعم أن املوجود ال ّبد وأن ينقسم إىل املتناهي وغير املتناهي و يكون غير املتناهي أشـرف‬
‫م���ن املتناه���ي فاهلل تبارك وتعاىل هو املوجود الالمتناهي بل ّ‬
‫أش���د و أعىل من الالمتناهي مبراتب ال‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪141‬‬

‫كثیر ّ‬
‫متعدد يف ذاته‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫حبد وال حیسب ّ‬
‫«ال یشمل ّ‬
‫(((‬
‫بعد»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫وحدانیة العدد»‪.‬‬ ‫«لك یا إهلي‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«واهلل ج���ل جالل���ه واحد ال واحد غیره ال اختالف فی���ه وال تفاوت وال ز یادة وال‬
‫نقصان»‪.‬‬
‫(((‬

‫متناهية!!‬
‫ّ‬ ‫وه���ذه الفك���رة ه���ي أصل خ‬
‫الطأ ومنش���أ الضاللة ع���ن املعرفة احلق���ة حيث ّإن تقس�ي�م املوجود إىل‬
‫ّ ً‬
‫جدا و ذلك أن‪:‬‬ ‫املتناهي و غير املتناهي تقسمي موهوم خاطئ‬
‫ألف) املوجود ينقسم إىل‪:‬‬
‫‪ .1‬املوجود ذو االمتداد و األجزاء القابل لالنقسام و الز يادة والنقصان (املخلوق)‪.‎‬‬
‫(الالق)‪.‬‬‫والتجزي خ‬
‫ّ‬ ‫املتعال عن االمتداد والعدد‬ ‫‪ .2‬املوجود‬
‫ي‬
‫فالتناهي وعدم التناهي من صفات الش���ـيء ذي االمتداد القابل للز يادة والنقصان ومها له كامللكة‬
‫الال���ق املتعال عن كونه ذا امتداد وأجزاء و ّ‬
‫املن���زه عن ّ‬
‫قابلية الز يادة‬ ‫فيختص���ان به‪ ،‬وأما خ‬
‫ّ‬ ‫والع���دم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫طرف التقس�ي�م بذينك‬ ‫ّ‬
‫والنقص���ان ف�ل�ا يتصف بالتناه���ي وعدم التناهي ثبوت���ا‪ ،‬و يكون خارجا عن ي‬
‫ً‬
‫موضوعا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫امتداديا (املخلوق) فهو حمدود دامئا وصيرورته غير متناه‬ ‫ب) كل ما احتمل الز يادة و النقصان وكان‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫جدا وهو باطل ثبوتا وموضوعا‪.‬‬ ‫يكون خالف ذاته‪ .‬فاالعتقاد بوجود الالمتناهي موهوم‬
‫ً‬
‫وأشد‪ ،‬فضال عن أن تكون تلك ّ‬ ‫ج‪ .‬إذا كان الشـيء غير متناه‪ ،‬فكيف يوجد شـيء أعىل منه ّ‬
‫الشدة‬
‫ً‬
‫أيضا مبراتب ال متناهية؟!‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ّ‬
‫السجادية‪ ،‬الدعاء ‪.28‬‬ ‫‪ . 2‬الصحيفة‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،173 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪142‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ذاتیة كم���ا ّأن ّ‬


‫التعدد‬ ‫ذاتیة له‪،‬كما ّأن الكثرة ملا س���واه تك���ون ّ‬ ‫الال���ق تع���اىل ّ‬‫وح���دة خ‬
‫ً ً‬
‫للموجود املخالف لالمتداد یكون مستحیال ثبوتا وبالذات‪ ،‬فكذلك یكون فرض الوحدة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والعددي حماال ثبوتا‪.‬‬ ‫املتجزئ‬ ‫للذات‬
‫الالق يف الفلسفة والفكرة البشـر ّیة‪،‬‬ ‫سـر ضعف ّكل دلیل أقمی عىل إثبات وحدة خ‬ ‫وهذا هو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الت أقیمت عىل‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫العقلی‬ ‫ة‬ ‫األدل‬ ‫بغموض‬ ‫قرار‬ ‫اإل‬ ‫إىل‬ ‫الباحثی‬ ‫من‬ ‫كثیر‬ ‫اضطر‬ ‫أیضا‬ ‫ومن هناك‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫إثبات توحید البارئ‪ّ ،‬‬
‫فإنه لیس ذلك إ من حیث إنهّ م یرومون إثبات ما ال میكن ثبوتا‬
‫املتعال‬ ‫يّ‬
‫احلقیق‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ والواحد‬ ‫ّ‬
‫االعتباري‬ ‫بی الواحد‬ ‫وبال���ذات‪ّ ،‬‬
‫ولكنك ترى بالتفرقة ن‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫شء‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫أسهل‬ ‫بل‬ ‫واضحا‬ ‫سهال‬ ‫عن االمتداد‪ّ ،‬أن الطر یق إىل إثبات توحیده تعاىل یصبح‬
‫ورد الشهبة املوهونة‬‫الالق ّ‬
‫و إن تعجب فاعجب مهنم حیث جیعلون مسألة إثبات وحدة خ‬

‫املعروف���ة الب���ن كمونة‪ ،‬من الصعوب���ة عندهم بدرجة یقولون‪ّ :‬إنه ل���و ظهر موالنا صاحب‬
‫ّ‬ ‫الزمان ّ‬
‫عجل اهلل تعاىل فرجه الشـر یف‪ ،‬ال نطلب منه معجزة سوى حل هذه املعضلة!!‬
‫ّ‬
‫وأعجب من ذلك وأغرب‪ ،‬هو حل تلك الش�ب�هة عىل مبان أوهن من أصل الشهبة _‬
‫عی الوحدة والوحدة ف ن‬
‫عی الكثرة‪،‬‬ ‫وادعاء الكثرة ف ن‬ ‫كالقول بصـرافة الوجود وأصالته‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ونف وجود الغیر مطلقا‪ ،‬وكون بسیط احلقیقة كل األشیاء‪ ،‬وأمثال ذلك _ ّمما یكون صـرحیا‬ ‫ي‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلقیق لذات املعبود‪ ،‬وحتر ی���ف معىن وحدة الالق تعاىل‬ ‫يّ‬ ‫يف اال لت���زام بالترك���ب والتعدد‬
‫احلقیقیة إىل الوحدة االعتبار ّیة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫من الوحدة‬
‫ّ‬
‫توضیح ذلك‪ّ :‬أن ّمما استدل به أصحاب الفلسفة إل ثبات وحدة واجهبم هو‪:‬‬
‫«لو كانهناكواجبوجودآخرلتشاركالواجبانفي كونهماواجبيالوجود‪،‬فال ّبدمن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تمیز أحدهما عن اآلخر بشيء وراء ذلك األمر المشترك‪ .‬وذلك یستلزم تركب كل منهما‬
‫من شیئین‪ :‬أحدهما یرجع إلى ما به االشتراك‪ ،‬واآلخر إلى ما به االمتیاز‪ ،‬وقد عرفت‬
‫ّ ً‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الخارجیة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العقلیة وال‬ ‫ّأن واجب الوجود بالذات بسیط لیس مركبا ال من األجزاء‬

‫ّ‬
‫الگلپايگان‪.50 ،‬‬ ‫ان‬ ‫اإلهليات‪ ،‬تلخيص ّ ّ‬
‫السبحان‪ ،‬جعفر‪ ،‬تلخيص ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫عل رب ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪143‬‬

‫ً‬
‫و یقال يف هذا املعىن أیضا‪:‬‬
‫«ل���و ّ‬
‫تع���دد الواجب بالذات‪ ،‬كأن یف ��رض واجبان بال ��ذات وكان وجوب الوجود‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مش���تركا بینهما وكان ّ‬
‫تمیزهما بأمر وراء المعنى المشترك بینهما فإن كان داخال في‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الذات لزم التركب وهو ینافي الوجوب»‪.‬‬
‫بطالن هذا االستدال ل واضح وذلك ّأن‪:‬‬
‫أل���ف) ّإن وج���وب الوجود‪ ،‬م���ن املعقوالت الثانی���ة‪ ،‬فال ذات وحقیقة ل���ه ف خ‬
‫الارج‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ف ع���رض حقیق���ة الشء الذي حك���م بوجوبه ىّ‬
‫حت یلزم الترك���ب املفروض من وجوب‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫الوجود وشء آخر‪ ،‬فإن للشجر واحلجر واالنسان و‪ ...‬ذواتا ف خ‬
‫الارج وال ذات لإلمكان‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والوج���وب والوحدة واحلدوث و‪ ...‬يف الخ���ارج‪ ،‬بل هي أحكام عقلیة للمعقوالت األویل‬
‫ّ‬
‫كالش���جرواحلجرواإلنس���انولس���یتبذواتمس���تقلة يفعرضها‪.‬‬
‫«قدس سـره»‪:‬‬ ‫قال العلاّ مة ّ ّ‬
‫احلل ّ‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ثبوتیا»‪.‬‬
‫(((‬
‫«وهذا إنما یتمشـی بعد إثبات كون الوجوب‬
‫وقال يف كشف املراد‪:‬‬
‫ّ‬
‫اعتبارية يعتبرها‬ ‫«ه���ذه الجهات الث�ل�اث أعني الوجوب واإلم ��كان واالمتناع أم ��ور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماهي ��ة وليس لها تحق ��ق في األعي ��ان لوجوه‪...‬‬ ‫العق���ل عند نس���بة الوجود إل���ى‬
‫ّ‬ ‫فل���و كانت هذه األمور ّ‬
‫ثبوتية لزم اتصافها بأحد الثالثة ويتسلس ��ل وهو محال»‪.‬‬
‫(((‬

‫الطوس‪:‬‬ ‫وقال خ‬
‫الواجة‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫ثبوتيا لزم إمكان الواجب»‪.‬‬
‫(((‬
‫«ولو كان الوجوب‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.278 ،‬‬‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي ّّ‬ ‫لاّ‬
‫احلل‪ ،‬أنوار امللكوت‪.95 ،‬‬
‫‪ . 2‬الع مة ي‬
‫‪ . 3‬كشف املراد يف شرح جتر يد االعتقاد‪.50 _ 49 ،‬‬
‫‪ . 4‬كشف املراد يف شرح جتر يد االعتقاد‪.50 ،‬‬
‫‪144‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫كما ّأن الفاضل املقداد ّ‬


‫«قدس سـره» أیضا یقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫عدمي‪،‬‬ ‫«إن مفه���وم واجب الوجود ش ��يء ما له وج ��وب الوجود‪ ،‬والوج ��وب أمر‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عدم���ي‪ ،‬فال یوجب االش ��تراك فی ��ه التركیب‪ ،‬وإلن س ��لمنا‬ ‫عدم���ي فهو‬ ‫وم���ا جزؤه‬
‫ثبوت���ي‪ّ ،‬‬
‫لك���ن الش � ّ‬
‫�یئیة والوج ��وب من المعق ��والت الثانی ��ة الالحقة‬ ‫ّ‬ ‫ّأن الوج���وب‬
‫ّ‬
‫للمعقوالت األولى‪ ،‬واالش���تراك فیهما ال یوجب االش ��تراك في ال ��ذوات‪ .‬كما أنه ال‬
‫یلزم من اش���تراك ممكنین في حمل هذا المعنى علیهما تركیبهما من هذا المفهوم‬
‫ومن فصل آخر»‪.‬‬
‫(((‬

‫ب) ال دلیل ألهل الفلسفة والعرفان عىل امتناع تركیب واجهبم‪ ،‬بل هذا ّ‬
‫االدعاء مهنم‬
‫يّ‬
‫احلقی�ق�� إىل معىن التركیب من الوجود‬ ‫أم���ر غر ی���ب وهم ّ‬
‫حیرفون معىن التركیب عن معناه‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫عی األشیاء خ‬
‫ال ّ‬ ‫والعدم!! و یلتزمون بكون واجهبم ن‬
‫املتجز ية مصداقا!!‬ ‫ارجیة املركبة‬
‫ّمث ّإنه ینسب إىل إبن كمونه ّأنه قال‪:‬‬
‫«ل���م ال یجوز أن یك���ون هناك ّ‬
‫ماهیتان بس ��یطتان مجهولتا الكن ��ه‪ ،‬متبائنتان بتمام‬
‫(((‬
‫الذات»‪.‬‬
‫ً‬
‫وجاء يف هنایة احلمكة ّردا عىل ما قاله «ابن كمونة»‪:‬‬
‫ّ‬
‫بأنها ّ‬
‫مبنی ��ة على انتزاع مفه ��وم واحد ع ��ن مصادیق كثیرة‬ ‫«وأجی���ب عن الش���بهة‬
‫متبائنة بما هي كثیرة متبائنة وهو محال»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫الواب واضح‪ ،‬ألنه‪:‬‬
‫ولكن بطالن هذا ج‬
‫ّ‬ ‫أجنب عن الش�ب�هة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ألنه یدل عىل اس���تحالة انتزاع مفهوم واحد‬ ‫ي‬ ‫الواب‬
‫أل���ف) هذا ج‬
‫تبتن عىل احلكم عىل حقائق متبائنة‬ ‫ّ‬ ‫نهّ‬
‫عن حقائق متبائنة مبا أ ا متبائنة‪ ،‬ولكن الشهبة ي‬
‫ن‬
‫الطالبي إىل هنج املسترشدين‪.250 ،‬‬ ‫‪ . 1‬الفاضل املقداد‪ ،‬إرشاد‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.2 ،‬‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.278 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪145‬‬

‫مبا هي مشتركة يف أمر واحد _ وهو وجوب الوجود املشترك بیهنما‏ـ‪ ،‬ال مبا هي متبائنة فال‬
‫ً‬
‫یلزم حمال أصال؛ بل كیف‪ ،‬وجواهبم هذا هو بعینه حكم واحد _ وهو امتناع انتزاع مفهوم‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واح���د_ع�ل�ىمصادی���قكثی���رةمتبائن���ة‪،‬فكی���فیك���ونأم���راممتنع���ا؟!‬
‫لشء یناقض فرض بس���اطته‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال���واب هو أن یق���ال‪ :‬إن فرض التعدد ي‬ ‫والصحی���ح يف ج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عددی���ا قابال ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫امتدادیا ّ‬‫ّ‬ ‫ألن ف���رض ّ‬
‫التعدد ّ‬ ‫بال���ذات‪ّ ،‬‬
‫للتعدد وهو‬ ‫متجز یا‬ ‫متفرع عىل كون���ه‬
‫ً‬
‫خالف فرض كونه بسیطا‪ ،‬فالشهبة ساقطة من أصلها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فه���ذا االس���تدال ل إل ثب���ات توحید خ‬
‫والواب عن‬ ‫الال���ق جل وعال‪ ،‬والش�ب�هة فی���ه‪ ،‬ج‬
‫ّ‬ ‫أجنب عن حقیقة معىن توحید ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ترى‪،‬ألن مبىن‬ ‫الرب تبارك وتعاىل كما‬ ‫ي‬ ‫ذلك‬ ‫كل‬ ‫الشهبة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الالق تعایل قابال ّ‬ ‫الكالم ف كل ذلك عىل كون خ‬ ‫ّ‬
‫للتعدد والتكثر وهو خروج عن املوضوع‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫الالئق بالالقیة والربوبیة‪.‬‬
‫جل وعال یتعاىل بنفس ذاته ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأن خ‬ ‫الواب هو تذكیر العقول ّ‬ ‫ّ‬
‫القدوس‪،‬‬ ‫الالق‬ ‫واحلق يف ج‬
‫ع���ن االمتداد والع���دد والز یادة والنقصان وس���ایر صفات األش���یاء ذوات االمتداد والعدد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتعدد والتكثر‪:‬‬ ‫القابلة للز یادة والنقصان‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«وخرج بسلطان االمتناع من أن یؤثر فیه ما يف غیره»‪.‬‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬
‫حج���ة‪ ...‬وال يف إبانت���ه ع���ن الخ لق ض�ی�م إ بامتناع‬
‫«لی���س ف حم���ال الق���ول ّ‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫ىّ‬
‫األز ي ّل أن یثن»‪.‬‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪273 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 /4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬عيون أخبار الرضا؟ع؟‪.126 /1 ،‬‬
‫‪146‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وب�ی�� خلقه المتناعه ّمم���ا میكن يف ذواهت���م‪ ،‬وإلمكان ذواهتم‬


‫«احلج���اب بینه ن‬
‫(((‬
‫ّمما میتنع منه ذاته‪ ،‬والفتراق الصانع واملصنوع»‪.‬‬
‫وعىل ما ّبی ّناه تعلم ّأن وجود الشـر یك هلل تعاىل حمال ّ‬
‫ثبوت‪ ،‬فال حنتاج لنفیه إىل إقامة‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واالمتدادیة آیة‬ ‫التعدد‪ ،‬و إمكان ّ‬
‫التعدد فرع االمتداد‪،‬‬ ‫تعدد اآلهلة فرع إمكان ّ‬ ‫الدلیل‪ ،‬فإن ّ‬

‫الالق املعبود املتعال‪.‬‬ ‫املخلوقیة وال تلیق باإل له خ‬


‫ّ‬

‫للتع���دد بالذات فال تلیق بأن تكون‬‫ّ‬ ‫مف���ا مل تف���رض الذات بخ الف االمتداد وغیر قابلة‬
‫إهلا‪ ،‬ولو فرضت بخ الف االمتداد فهي غیر قابلة ّ‬ ‫ً‬
‫للتعدد بنفسها ال بدلیل آخر‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الثان بعد إمكان فرض‬ ‫لنف ذلك ي‬‫ي‬ ‫الدلیل‬ ‫یطلب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ثانیا‬ ‫وعال‬ ‫جل‬ ‫مفن یفرض للخالق‬
‫ً ً‬
‫لوهیة وجعله خملوقا ّأوال‪ّ ،‬مث یفحص عن‬ ‫عما یلیق به من معىن األ ّ‬ ‫وجوده‪ ،‬فقد أخرجه ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وجود الدلیل جلعل املخلوق خالقا!! وإل ثبات كون الكثیر واحدا!! واحلال هذه‪ ،‬فإن هو‬
‫ألوفا مل ّ‬ ‫ً‬ ‫أثب���ت من ه���ذا املوجود القابل ّ‬
‫یضـرن���ا ذلك يف دعوانا من وحدة‬ ‫للتعدد بالذات‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫البارئ‪ ،‬و إن نىف وجود كلها _ أو أثبت وحدهتا عىل الفرض املحال _ مل ینفعنا ذلك شیئا‬
‫الالق الواحد املتعال‪ّ ،‬‬ ‫أیضا من إثبات خ‬ ‫ً‬
‫ألنه خارج عن الفرض‪ ،‬وكالمه حینئذ يف وحدة‬
‫الالق!!‬ ‫املخلوق ال خ‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫تعدد خ‬ ‫وق���د قلنا كم���ا ّأن ّ‬
‫الالق حمال ذات���ا‪ ،‬فكذلك وحدة املخلوق حم���ال أیضا ذاتا‬
‫فإن ّكل ثان دلیل عىل ّأنه نفسه وما ّ‬ ‫یتیسـر هلم إثبات ما هم بصدده؟! ّ‬ ‫فأن ّ‬ ‫ً ىّ‬
‫تقدم‬ ‫وثبوتا‪.‬‬
‫ً‬ ‫علیه كالمها خملوقان ّ‬
‫متجز يان فال میكن فرض الوحدة هلما فضال عن إثباهتا هلما!!‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّإن التوحید لیس مبعىن «كون خ‬
‫كثر»‪،‬فإن هذه الوحدة والكثرة‬ ‫الالق تعاىل واحدا أم أ‬
‫ّ‬
‫ملكتا املقادیر املخلوقة‪ ،‬بل یكون التوحید مبعىن كونه تعاىل بخ الف كل األشیاء واملقادیر‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫همّ‬
‫والتصورات‪ ،‬وكونه بال ش���بیه وال نظی���ر ثبوتا وبالذات‪ ،‬فالتوحید هو ما یقابل‬ ‫والتو ات‬
‫الثان والثالث‪.‬‬
‫العدد‪ ،‬ولیس معناه ما یقابل ي‬
‫‪ . 1‬التوحيد‪.56 ،‬‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪147‬‬

‫حتترى كیفأخرج؟ع؟‬ ‫بالتأملف كالمأمیرالكالمعلیهصلواتاهللامللكالعلاّ م ىّ‬ ‫وعلیك ّ‬


‫ي‬
‫ًّ‬ ‫جل وعال ّ‬ ‫ّ‬
‫عددیا وجعله يف معىن مقابل لالمتداد والعدد‪:‬‬ ‫عما یكون‬ ‫معىن توحید الباري‬
‫ّ ً‬
‫ن‬
‫املؤمنی‪،‬‬ ‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ فق���ال‪ :‬یا أمیر‬ ‫المل إىل أمیر‬
‫أعرابی���ا قام ی���وم ج‬ ‫«‪ّ ...‬إن‬
‫ّ‬
‫أعراب أما ترى ما فیه‬ ‫ّ‬
‫أتقول‪ :‬إن اهلل واحد؟ قال‪ :‬فحمل الناس علیه وقالوا‪ :‬یا ي‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬دع���وه‪ّ ،‬‬
‫فإن الذي‬ ‫ن‬ ‫املؤمنی من ّ‬
‫تقس���م القل���ب؟ فقال أمیر‬ ‫ن‬ ‫أمیر‬
‫ّ‬
‫األعراب هو الذي نر یده من القوم‪.‬‬ ‫یر یده‬
‫ي‬
‫أعراب‪ّ ،‬إن القول يف ّأن اهلل واحد عىل أربعة أقس���ام‪ ،‬فوجهان مهنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مث ق���ال‪ :‬ی���ا ي‬
‫وجل‪ ،‬ووجهان یثبتان فیه‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫فأما اللذان ال جیوزان علیه‬ ‫ال جی���وزان عىل اهلل عز‬
‫ثان‬ ‫ّ‬
‫فق���ول القائل‪‘‘ :‬واحد’’ یقصد به باب األع���داد فهذا ما ال جیوز‪ ،‬ألن ما ال ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل���ه ال یدخل يف باب األعداد‪ ،‬أما ترى أنه كفر من قال‪ :‬إنه ثالث ثالثة‪ .‬وقول‬
‫ّ‬
‫النس فهذا ما ال جیوز‪ ،‬ألنه‬‫القائ���ل‪ :‬هو واحد من الناس‪ ،‬یر ید به الن���وع من ج‬
‫تشبیه وجل ّربنا وتعاىل عن ذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأم���ا الوجهان اللذان یثبتان فی���ه فقول القائل‪ :‬هو واحد لیس له يف األش���یاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫یعن به‪ :‬أنه ال‬
‫ش���به‪ ،‬كذل���ك ربنا‪ .‬وقول القائ���ل‪ :‬إنه عز وجل أحدي املع�ن�ى‪ ،‬ي‬
‫ّ ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫ینقسم يف وجود وال عقل وال وهم‪ ،‬كذلك ربنا‬
‫التوحيد هو ّ‬
‫المدعى وهو الدليل‬
‫جل وعال تستلزم وحدته‪ ،‬فالدلیل هو نفس ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبا ّأن نفس حقیقة وجود خ‬
‫املدعى‪:‬‬ ‫الالق‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫<ش ِه َد اهلل‏ أنه‏ لا ِإله‏ ِإلا هو>‪.‬‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫لاّ‬
‫«اسم اهلل األعظم وعماد التوحید هلل‪ :‬ال إله إ هو‪ّ .‬مث قرء‪:‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪83 ،‬؛ حبار األنوار‪.207 _ 206 / 3 ،‬‬


‫‪ . 2‬آل عمران (‪.19 ،)3‬‬
‫‪148‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ُ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬


‫<ش ِه َد اهلل‏ أنه‏ لا ِإله‏ ِإلا هو>»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ُ‬
‫فكلمة «ال إله إلاّ اهلل‏» ال حتتاج إىل إثبات‪ ،‬بل هي ّ‬
‫املدعى وهي الدلیل‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«معرفته توحیده‪ ...‬وتوحی���ده متییزه من خلقه‪ ،‬وحكم التمییز بینونة صفة ال‬
‫(((‬
‫تصو ر فهو خبالفه»‪.‬‬
‫بینونة عزلة(((‪ ،‬ما ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫«جل عن األشباه واألضداد ّ‬
‫(((‬
‫وتكبـر عن الشـركاء واألنداد»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫نف‬ ‫ّ‬
‫«أول عب���ادة اهلل معرفت���ه‪ ،‬وأص���ل معرفة اهلل توحی���ده‪ ،‬ونظام توحی���د اهلل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الصف���ات عنه‪ ،‬لش���هادة العقول ّأن كل صفة وموصوف خملوق وش���هادة كل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫موصوف ّأن له خالقا لیس بصفة وال موصوف‪ ،‬وش���هادة كل صفة وموصوف‬
‫باال قتران‪ ،‬وش���هادة اال قت���ران باحلدث‪ ،‬وش���هادة احلدث باالمتن���اع من األزل‬
‫املمتنع من احلدث‪.‬‬
‫وحد من ا كتهنه‪ ،‬وال حقیقته‬‫فلیس اهلل عرف من عرف بالتشبیه ذاته‪ ،‬وال ّإیاه ّ‬
‫ّ‬
‫مثل���ه‪ ،‬وال به ّ‬
‫صدق من نهّ اه‪ ،‬وال صمد صمده من أش���ار إلیه‪ ،‬وال‬ ‫أص���اب من‬
‫همّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ّإیاه عىن من شبهّ ه وال له تذلل من ّبعضه‪ ،‬وال ّإیاه أراد من تو ه»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.222 / 3 ،‬‬


‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫ف���إن العزل���ة لیس���ت إ ملكة لألش���یاء ذوات األجزاء أیضا‪ ،‬وأما ما يتع���ایل عن ذلك فیتعایل عن‬
‫الدخول خ‬
‫والروج واال لتصاق واالنعزال و‪...‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،196 / 3 ،‬عن ّ‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،228 /4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪149‬‬

‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫ّ‬
‫جل ثناؤه ّ‬ ‫ً‬
‫وتقدس���ت‬ ‫«اهلل واح���د أحد‪ ،‬مل یلد ومل یولد ومل یكن له كفوا أحد‪...‬‬
‫(((‬
‫شء وهو السمیع البصیر»‪.‬‬ ‫أمسائه أن یكون له شبه‪ ،‬هو ال غیره‪ ،‬لیس كمثله ي‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫امتدادیا قابال للوجود والعدم‪ ،‬هو وجه تعلیل التوحید‪:‬‬ ‫ّإن كون ما سوى اهلل تعاىل‬
‫َ ْ ْ‬ ‫ٌ َّ‬
‫ك ُّل َش ْ‬ ‫َ َّ ُ َ ُ‬ ‫ً َ‬ ‫َ َ‬
‫���ي ٍ‏ء ها ِلك ِإلا َو ْج َه ُه ل ُه ال ُحك ُم‬ ‫<ولا ت ْد ُع‏ َم َع‏ اهلل‏ ِإلها آخ َر لا ِإ ‏‬
‫له ِإلا هو‬
‫َ ُ‬
‫(((‬
‫َو ِإل ْيهِ ت ْر َج ُعون‏>‪.‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ ّ‬
‫وع���ز وجل‬ ‫وتقدس عن مالمس���ة النس���اء‪،‬‬ ‫وتطهر ّ‬ ‫اتاذ األبن���اء‪ّ ،‬‬ ‫«وع�ل�ا ع���ن ّ خ‬
‫ض���د‪ ،‬وال ف ما ملك ّ‬ ‫ع���ن مش���اركة الش���ـركاء فلیس ل���ه ف ما خل���ق ّ‬
‫ن���د‪ ،‬ومل‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫یشـرك يف ملكه أحد»‪.‬‬
‫(((‬
‫اتاذ صاحبة وأوالد»‪.‬‬ ‫«وارتفع عن مشاركة األنداد‪ ،‬وتعاىل عن ّ خ‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء وهو السمیع البصیر»‪.‬‬ ‫«فذلك اهلل ال ّ‬
‫مسي له تعاىل لیس كمثله ي‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫وحدته تعاىل تخ ّ‬


‫الاري علیه‪:‬‬
‫تص به وال جتري عىل خلقه إ دون املعىن ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫بالوحدانیة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«وخص نفسه‬

‫الكاف‪.103 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬قصص (‪.88 ،)28‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،270 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،319 / 4 ،‬عن ي‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،270 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪150‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«التوحی���د ظاه���ره يف باطن���ه‪ ،‬وباطن���ه يف ظاه���ره‪ ،‬ظاه���ره موص���وف ال یرى‬


‫بكل م���كان‪ ،‬ومل خیل منه مكان طرفة ن‬ ‫ّ‬
‫عی‪،‬‬ ‫وباطن���ه موجود ال یخىف‪ ،‬یطلب‬
‫(((‬
‫حاضـر غیر حمدود‪ ،‬وغائب غیر مفقود»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫عل���و كهن���ه _ أح���د‪ّ ،‬‬ ‫وج���ل _ تبارك���ت أمس���اؤه وتع���اىل ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫«إن اهلل ّ‬ ‫ّ‬
‫توح���د‬ ‫ي‬ ‫ع���ز‬
‫توح���ده‪ّ ،‬مث أج���راه ع�ل�ى خلق���ه‪ ،‬فهو أح���د صمد مل���ك ّقدوس‪،‬‬ ‫بالتوحی���د ف ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء ویصم���د إلی���ه‪ ،‬وفوق الذي عس���ینا أن نبلغ‪ ،‬ربنا وس���ع كل‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫یعب���ده‬
‫ً‬
‫(((‬
‫شء علما»‪.‬‬ ‫ي‬
‫َّ‬ ‫ّإن ما یكون قابال للتجز یة والتولید بالذات _ وهو ّ‬ ‫ً‬
‫املعبـر عنه باإلناث‪ _ ،‬فال یوحد بالذات‪:‬‬
‫َّ ً‬ ‫<إ ْن َي ْد ُع َ‬
‫(((‬
‫ون ِم ْن ُد ِونهِ ِإلا ِإناثا>‪.‬‬ ‫ِ‬
‫یتعدد بالذات‪:‬‬ ‫املعبـر عنه بالصمد _ ال ّ‬ ‫كما ّأن ما یكون بخ الف ذلك و یتعاىل عنه _ وهو ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ُ َ َ ٌ ُ َّ‬ ‫الر ْحمن َّ‬ ‫< ب ْس���م ا َّلله َّ‬
‫الص َم ُد ‪ .‬ل ْم َي ِل ْد ول ْم ُيول ْد‪.‬‬ ‫الرحيم‏‪ .‬قل هو اهلل أح���د‪ .‬اهلل‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ِ ُ َ ُ ُ ُ ًِ َ‬
‫(((‬
‫ول ْم َيك ْن له كفوا أ َحد>‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّإن نفس فرض وجود اهلل تعاىل حبیث جیوز أن یكون خالقا مبدعا یستلزم كونه واحدا‬
‫ً‬ ‫وال ّ‬ ‫ألن مالك الوحدة خ‬ ‫ً‬
‫أحدا‪ّ ،‬‬
‫الشء متعالیا عن االمتداد‪:‬‬ ‫ي‬ ‫كون‬ ‫وهو‬ ‫واحد‬ ‫ة‬ ‫القی‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ٌ ََ‬ ‫َّ ُ ُ َ ُ َ َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫دي���ع َّ‬
‫صاح َبة وخل َق‬‫���ماوات والأر ِض أن���ى َيكون له َول ٌ���د ول ْم تك ْن ل���ه ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫<ب ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫خال ُق ك ِ ّل‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫���ي ٍ‏ء َعليم‪.‬‏ ِذل ُك ُ‬
‫���م ا َّلل ُه َر ُّب ُك ْ‬ ‫وه َ���و ِب ُك ّل َش ْ‬ ‫ُك َّل َش ْ‬
‫���ي ٍ‏ء ُ‬
‫���م لا ِإله ِإلا ه َ���و ِ‬ ‫ِ‬

‫معان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،264 / 4 ،‬عن‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،228 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬النساء (‪.117 ،)4‬‬
‫‪ . 4‬اإلخالص (‪.)112‬‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪151‬‬

‫َ َ‬
‫ش ْي ٍ‏ء ف ْاع ُب ُد ُوه>‪.‬‬
‫(((‬

‫األوهام حول التوحيد‬

‫الالق املتعال؛‬ ‫الیونانیة والسینو ّیة‪ّ :‬إن العامل صدر عن وجود خ‬ ‫ّ‬ ‫تقول الفلسفة‬
‫متوهم‪ ،‬لیس له‬ ‫إس�ل�امیهتما یق���والن‪ّ :‬إن العامل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتوهم‬ ‫ّ‬
‫الصدرائیة والعرفان‬ ‫واحلمكة‬
‫ّ‬
‫الالق یظهر بصور املخلوقات‪ ،‬فالعامل هو جتل وجود خ‬ ‫حقیق‪ ،‬و ّإن خ‬
‫الالق ورقص‬ ‫ي‬ ‫يّ‬ ‫وجود‬
‫الذات ّ‬
‫اإلهلیة‪.‬‬
‫االعتباري‪ ،‬یظهر ّأن‬
‫ّ‬ ‫وبی التوحی���د‬ ‫احلقی�ق�� والفرق بینه ن‬
‫يّ‬ ‫ومب���ا ّبی ّنا من معىن التوحید‬
‫الفلس���فة والعرفان يف حجاب مستور عن معرفة توحید اإل له‪ ،‬وال میكن للقائل بالصدور‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫التجل‪ ،‬االعتقاد بالتوحید ثبوتا فضال عن اإل ثبات‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أو‬
‫الالق تبارك‬ ‫بإیاد خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهل���ي القائلة ج‬ ‫وأم���ا التابع للبرهان وما جاءت به مدرس���ة الوحي‬
‫جل وع�ل�ا إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتع���اىل الع���امل ال من شء‪ ،‬فال حیتاج إل ثب���ات توحید خ‬
‫أي دلیل‬ ‫الالق‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫خالقیة خ‬ ‫ّ‬
‫والتجل الواهنة واملوهونة‪:‬‬
‫ي‬ ‫الالق و إبطال العقیدة القائلة بالصدور‬ ‫سوى إثبات‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«إنه ّكل یوم ف ش���أن‪ ،‬من إحداث بدیع مل یكن‪ ،‬الذي مل یولد فیكون ف ّ‬
‫العز‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫مشاركا‪ ،‬ومل یلد فیكون موروثا هالكا»‪.‬‬
‫ن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لشیئی متمایز ین‪ ،‬كواحد‬ ‫العددیة أمر حمال يف نفسها فضال عن إثبات معناها‬ ‫ّإن الوحدة‬
‫ّ ّ‬ ‫صدر عن واحد! أو واحدین ّمتحدین كالعاقل واملعقول! ودلیل توحید خ‬
‫عز وجل هو‬ ‫الالق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتجل والصدور من أصله‪:‬‬ ‫ي‬ ‫یناف القول‬
‫نفس الدلیل عىل عدم جتز یه تبارك وتعاىل‪ ،‬الذي ي‬
‫‪ . 1‬األنعام (‪.103 _ 102 ،)6‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفقهي الخ���اص بامللكية‬ ‫يّ‬
‫املن�ف�� هنا لي���س باملعىن‬ ‫‪ . 2‬حب���ار األن���وار‪ ،256 / 4 ،‬ع���ن التوحي���د‪ .‬اإلرث‬
‫نف االس���تحالة‬
‫الذات‪ ،‬فيكون مبعىن ي‬ ‫االعتبار ّية‪ ،‬بل املراد منه هو الوراثة يف نفس الوجود وحقيقة‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتجل‪.‬‬
‫ي‬ ‫والتطور‬ ‫الذاتية والصدور‬ ‫(من شـيء إیل شـيء) والتجزئة‬
‫‪152‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫مبشیته ال ّ‬
‫حید وال ّ‬ ‫«له القدرة وامللك أنشأ ما شاء ّ‬
‫یبعض وال یفىن»‪.‬‬
‫(((‬

‫لىّ‬ ‫ّ‬
‫ّإن التوحی���د یعلل ببطالن الص���دور والتج ‪ ،‬فكیف میكن ابتناء حقیقته عىل قاعدة‬
‫الالق تعایل املس���تلزم‬‫«الواح���د ال یص���در عنه االّ الواحد» وصدور األش���یاء عن ذات خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وت ّز یه جل وعال؟!‪:‬‬‫لتركبه ج‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«فردان ال خلقه فیه وال هو يف خلقه»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫شبه اهلل خبلقه فهو مشـرك‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتعاىل ال یشبه شیئا وال یشهبه‬ ‫«من ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء‪ ،‬وكل ما وقع يف الوهم فهو خبالفه»‪.‬‬ ‫ي‬
‫نف الشـر یك‪:‬‬ ‫نشیر بالتنز یه إىل تعلیل ي‬ ‫ومن هنا‬
‫ُ‬ ‫<أ ْ ‏م َل ُه ْم‏ إ ٌله‏ َغ ْي ُر اهلل‏ ُس ْب َ‬‫َ‬
‫(((‬
‫حان اهلل َع َّما ُيشـركون>‪.‬‬ ‫ِ‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫فحقیق���ة مع�ن�ى التوحید لیس إ التنز یه‪ ،‬وحقیقة معىن الش���ـرك لیس إ التش���بیه؛‬
‫الثان والثالث و‪:..‬‬
‫و«الوحدة» هي ما یقابل «الشباهة» ال ما یقابل ي‬
‫«س���أل بعض أصحابن���ا الصادق؟ع؟ فقال له‪ :‬أخبـ���ر ن ّ‬
‫أي األعمال أفضل؟‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫لخ‬
‫قال‪ :‬توحیدك لر ّبك‪ .‬قال‪ :‬مفا أعظم الذنوب؟ قال‪ :‬تشبهیك القك»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«التوحید أن ال جتوز عىل ّربك ما جاز علیك»‪.‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،286 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،299/3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬الطور (‪.43 ،)52‬‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،287/3 ،‬عن ي‬
‫معان األخبار ‪.264‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،/4 ،‬التوحيد‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪153‬‬

‫شء له ش���بیه‪ ...‬واإلنسان واحد يف االسم ولیس‬ ‫«واهلل واحد وهو له اس���م وال ي‬
‫بواحد يف االس���م واملعىن والخ لق‪ ،‬فإذا قی���ل هلل‪ ،‬فهو الواحد الذي ال واحد غیره‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ألنه ال اختالف فیه»‪.‬‬
‫«‪...‬س���ألت رمحك اهلل عن التوحید وما ذهب فیه من قبلك‪ ،‬فتعاىل اهلل الذي‬
‫عما یصف���ه الواصفون‬‫لی���س كمثل���ه شء‪ ،‬وهو الس���میع البصیر‪ ،‬تع���اىل اهلل ّ‬
‫ي‬
‫خ‬
‫املشبهّ ون اهلل تبارك وتعاىل بلقه‪ ،‬املفترون عىل اهلل‏‪.‬‬
‫واعلم رمحك اهلل ّأن املذهب الصحیح يف التوحید ما نزل به القرآن من صفات‬
‫ّ ّ‬
‫نف وال تشبیه‪ ،‬هو اهلل الثابت‬‫ي‬ ‫فال‬ ‫والتشبیه‬ ‫البطالن‬ ‫اهلل‬ ‫عن‬ ‫فانف‬ ‫‪،‬‬‫وجل‬ ‫اهلل عز‬
‫ّ‬ ‫املوجود‪ ،‬تعاىل اهلل ّ‬
‫(((‬
‫عما یصفه الواصفون وال تعد القرآن فتضل بعد البیان»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫نف وتش���بیه و إثبات بغیر تشبیه‪ ،‬مفذهب‬
‫«للناس يف التوحید ثالثة مذاهب‪ :‬ي‬
‫شء‪،‬‬ ‫ّ‬
‫النف ال جیوز‪ ،‬ومذهب التش���بیه ال جیوز ألن اهلل تبارك وتعاىل ال یشهبه ي‬
‫ي‬
‫(((‬
‫والسبیل يف الطر یقة الثالثة‪ ،‬إثبات بال تشبیه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫والعرفاني‬ ‫ّ‬
‫الفلسفي‬ ‫نقد عقيدة التوحيد‬

‫تقول الفلسفة والعرفان‪:‬‬


‫ّ‬
‫عدمي فیه‪ ،‬فهو‬ ‫«إن ذات الواج���ب لذاته عین الوجود ال ��ذي ال ّ‬
‫ماهیة له وال جزء‬
‫ّ‬
‫الحقة التي ال ّ‬
‫تتثني وال ّ‬
‫تتكرر‪ ،‬إذ ال‬ ‫صـرف الوجود‪ ،‬وصـرف الشيء واحد بالوحدة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫بتمیز آحادها باختصاص كل منهما بمعنی ال یوجد في غیره وهو‬ ‫تتحق���ق كثرة إ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ینافي الصـرافة‪ ،‬فكل ما فرضت له ثانیا عاد ّأوال‪ ،‬فالواجب لذاته واحد لذاته»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،196 _ 195 / 3 ،‬اإلهلیلجة‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،262 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،263 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.278 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪154‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«فرض ّ‬
‫التعدد والتكثر في الالمتناهي محال»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول‪:‬‬
‫«إن الموج���ود المحدود المتناهي مقهور للحدود‪ ،‬والقی ��ود حا كمة علیه‪ ...‬ومن‬ ‫ّ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫مفهومیة‪ ،‬ق ��ال الع مة‬ ‫ّ‬
‫عددی ��ة وال‬ ‫هن���ا ّیتض���ح ّأن وحدت���ه تعالى لیس ��ت وح ��دة‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫بالحد الذي‬ ‫ّ‬
‫النوعیة‪ ...‬مقهور‬ ‫ّ‬
‫العددیة والوحدة‬ ‫الطباطبائي‪ّ :‬إن كال من الوح���دة‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫یمیز الفرد عن اآلخر والنوع عن مثله‪ ،‬فإذا كان تعالى ال یقهره شيء هو القاهر فوق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫كل شيء فلیس بمحدود في شيء فلله من كل كمال محضه»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫«الموج���ود الالمتناهي ال یقبل ّ‬
‫التعدد؛ ّإن وج ��ود الواجب بالذات غیر متناه‪ّ ،‬‬
‫فإن‬
‫لتلبسه بالعدم وهو واضح‪ ،‬وعلى هذا األساس ال یمكن‬ ‫ّ‬
‫محدودیة الوجود مالزمة ّ‬
‫ّ‬
‫المحدودیة الفقدان واالنعدام بالنس ��بة‬ ‫اعتبار ذاته س���بحانه مح���دودة‪ّ ،‬‬
‫ألن الزم‬
‫ّ‬
‫الوجودي الموجود في النظیر‪ ،‬والفقدان مس ��اوق‬ ‫إل���ى مرتبة من الوجود والكمال‬
‫للنقص والحاجة وهي تنافي وجوب الوجود بالذات‪.‬‬
‫تعدد واج���ب الوجود بالذات‪ ،‬هو تع � ّ�دد موجودین غیر متناهیین‬
‫وبعب���ارة أخرى ّ‬

‫توضيح ذلك‪ّ :‬إن الصـرافة يراد مهنا معنيان‪ ،‬ومها‪:‬‬


‫ألف) عدم التناهي‬
‫ّ‬
‫واليتكرر‬ ‫ب) الصـرافة املاهو ّية الت يقال عهنا‪ :‬صـرف الشـيء ال يتثنىّ‬
‫ي‬
‫الثان الذي يكون‬ ‫يّ‬
‫الفلس�ف�� هو املع�ن�ى األول دون ي‬ ‫وامل���راد م���ن الصـراف���ة يف مبحث إثبات التوحيد‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫املقامي مع شدة وضوحه غر يب‪.‬‬ ‫باملرة‪ ،‬وخلط أعالم الفلسفة ن‬
‫بي‬ ‫أجنبي ًا عن املقام ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬املرتىض‪ ،‬شـرح املنظومة‪.170 _ 169 / 2 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ّ‬
‫الگلپايگان‪ ،52 _ 51 ،‬نقل ذلك‬ ‫ان‬ ‫عل ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫السبحان‪ ،‬جعفر‪ ،‬حماضـرات ف اإلهليات‪ ،‬تلخيص ّ‬‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬امليزان‪.89 _ 88 / 6 ،‬‬ ‫تلخيصا عن‪:‬‬
‫ي‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪155‬‬

‫الوجودیة‪ ،‬وهو یس ��تلزم تناه ��ي ّكل واحد منهما‪ّ ،‬‬


‫فإن‬ ‫ّ‬ ‫بلح���اظ الوجود والكماالت‬
‫حتى ّ‬
‫یصح‬ ‫التع���دد فرع التمایز‪ ،‬وهو مس���تلزم تناهي ّكل أمرین من بعض الجهات ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫أن نقول‪ :‬هذا غیر ذاك‪ ،‬هذا خلف»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫خارجي غیر محدود ّ‬
‫بحد في مرتبة من مراتب الوجود‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫«إن معنى تصدیق موجود‬ ‫ّ‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخارجي‪ ...‬ال یالئم القول بموجود‬ ‫مالزم للتصدیق بأنه ال ش���ـریك له في الوجود‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الخارجي»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫خارجي آخر غیر فاقد لمرتبة من مراتب الوجود‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ً‬
‫«إن م���ن عجائب األم���ور ّأن كثیرا من القش� � ّـریین یرون هذه اآلی ��ات واألحادیث‬
‫ّ‬

‫س���يما كالم أمی���ر المؤمنین وهي صـریحة في وح ��دة الوجود‪ ،‬ویقولون‬ ‫الكثیرة وال ّ‬
‫ّ‬
‫بأنفس���هم ّإن وجود الح���ق غیر محدود‪ ،‬ومع ذلك ال یقول ��ون بوحدة الوجود‪ّ ،‬إن‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وح���دة الوجود إن لم تكن صحیحة فیل ��زم أن یكون الحق تعالى محدودا‪ ،‬تعالى‬
‫ًّ ً‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫اهلل عن ذلك‬
‫ً‬
‫وتقول الفلسفة والعرفان أیضا‪:‬‬
‫«إن العقل والنقل ناهضان على ّأن وجوده سبحانه صـرف ال ّ‬
‫یتثنى وال ّ‬
‫یتكرر بذاته‬ ‫ّ‬

‫وحقیقته»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«الواحد الذي ال ّ‬
‫حد لمعناه وال نهایة له فال یحتمل فرض الكثرة‪ ...‬وال یش ��ذ عن‬

‫السبحان‪ ،‬جعفر‪ ،‬حماضـرات ف ّ‬


‫اإلهليات‪.51 _ 50 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫امللكي التبـر ّ‬
‫يزي‪ ،‬جواد‪ ،‬رسالة لقاء اهلل‪.170 _ 169 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة إنه ّ‬
‫احلق‪.67 _ 66 ،‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.409 / 1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪156‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫وجوده شيء من معناه‪ ...‬بل كل ما فرض له ثان في معناه فإذا هو هو»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«ل���ه تعالى م���ن ّكل كمال محضه‪ ،‬و إن ش ��ئت زی ��ادة ّ‬
‫تفهم وتفقه له ��ذه الحقیقة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫القرآنی���ة‪ ،‬فافرض أمرا متناهیا وآخ ��ر غیر متناه‪ ،‬تجد غیر المتناهي محیطا بالمتناهي‬
‫بحی���ث ال یدفعه المتناهي عن كمال ��ه المفروض ّ‬
‫أي دفع فرضته‪ ،‬بل غیر المتناهي‬
‫مس���یطر علیه بحیث ال یفقده المتناهي في ش ��يء من أركان كماله‪...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فكلما فرضنا ش���یئا من األشیاء ذا ش ��يء من الكمال في قباله تعالى لیكون ثانیا له‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وش���ـریكا‪ ،‬ع���اد ما بیده من الكمال هلل س ��بحانه محضا‪ ...‬وه ��ذا المعنى هو الذي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العددیة‪...‬فهو تعالى واحد بمعنى أنه من الوجود بحیث‬ ‫ینفي عنه تعالى الوحدة‬
‫حتى یمكن فرض ثان له في ما وراء ذلك ّ‬
‫الحد»‪.‬‬
‫(((‬ ‫یحد ّ‬
‫بحد ّ‬ ‫ال ّ‬

‫وتقول‪:‬‬
‫«إن أمتن البـراهین على توحید اهلل سبحانه‪ ،‬هو ّأنه موجود مطلق غیر ّ‬
‫مقید بشيء‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وال نهایة لوجوده‪ ،‬فحینئذ ال مجال لفرض إله آخر‪ ،‬ألنه فرض محال‪ ،‬ال أنه فرض‬
‫ً‬
‫للمح���ال‪ ،‬إذ إدراك الموج���ود المطلق الغیر المتناهي ال ی ��دع مجاال لفرض واجب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تولوا وجوه عقولكم ّ‬
‫فثم‬ ‫آخ���ر‪ ،‬حی���ث ّإن غیر المتناهي قد مأل الوجود كله‪ ،‬فأینم ��ا‬
‫وجه الواجب الغیر المحدود‪ ،‬فأین المجال لفرض غیره؟‬
‫ً‬
‫ـرفا غیر مح ��دود ّ‬ ‫ً‬
‫بحد وغی ��ر متناه‬ ‫وه���ذا األص���ل أعن���ي كون الواج ��ب موج ��ودا ص‬
‫إل���ى نهایة‪ ،‬هو األس���اس لغیر واحد من المعارف المس ��تفادة من العت ��رة الطاهرة‪.‬‬
‫ألن ّكل محدود فله ّ‬
‫حد‬
‫ً‬
‫مخلوقا ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫والدلیل علیه أیضا هو أنه لو كان محدودا لكان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حاد یعین ّ‬ ‫ً‬
‫واجدا لما وراء ّ‬
‫حده فله ّ‬
‫الخاص‪ ،‬فكل محدود‬ ‫حده‬ ‫ال یتعداه‪ ،‬ولیس‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.95 / 6 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.90 _ 89 / 6 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪157‬‬

‫ً‬
‫محتاجا إل ��ى خالق‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ألن وجوده‬ ‫مخل���وق‪ ،‬وكل مخل���وق فله خالق ال یك ��ون مثله‬
‫عی���ن ذاته فال یحتاج إلى غیره _ كم ��ا ّأن الحادث یحتاج إلى قدیم ال یكون مثله‪،‬‬
‫فمبدء الحادث‪ ،‬هو الممتنع من الحدوث وهو القدیم في األزل‪.‬‬
‫ّ‬
‫یستدل لوحدة الخالق بنفس وجوده الغیر المتناهي‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫فبهذا التحلیل یمكن أن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إطالق الوجود وعدم تناهیه لیس وصفا زائدا‪ ،‬فحینئذ یكون إطالقه وعدم تناهیه‬
‫ً‬
‫(((‬
‫الذي هو عبارة عن أصل وجوده ومتن حقیقته _ دلیال على وحدته»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ َ ُ َ َّ‬
‫اهلل أن ُه لا ِإ َله ِإل���ا ُه َو> أي‬ ‫ّ‬
‫الحري بأن یس���تفاد من قول ��ه تعالى‪< :‬ش ِ���هد‬ ‫«وه���ذا هو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألوهیته تش���هد بوحدته‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫المتناهیة‪ ،‬تكون ش ��اهدة بأنه‬ ‫األلوهیة المطلقة الغیر‬ ‫ألن‬
‫ً‬
‫ال شـریك له تعالى‪ ،‬وال مجال لفرضه أصال‪.‬‬
‫ّ‬
‫فه���و تعالى دلیل نفس���ه ف���ي التوحی ��د _ كما أنه كذل ��ك في أصل الثب ��وت ببـرهان‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ‬ ‫الصدیقین _ ّ‬
‫أزلیا‬ ‫ألن الوجود الحق الذي ال یش ��وبه شيء فهو واجب بذاته وجوبا‬
‫محله _ وحیث ّإنه صـ���رف الوجود وصـرف الش ��يء ال ّ‬ ‫ّ‬
‫تتكرر‪ ،‬فالواجب‬ ‫_ كم���ا ف���ي‬
‫الخالق ال ّ‬
‫یتثنى وال ّ‬
‫یتكرر‪.‬‬
‫ّ ً‬ ‫ً لاّ‬ ‫ّ‬
‫وحی���ث إنه بس���یط محض‪ ،‬والبس ��یط المح ��ض ال یفقد ش ��یئا و إ ص ��ار مركبا من‬
‫وجدان ش���يء وفقدان آخر‪ ،‬وهذا هو ش ّـر الترا كیب _ كما قیل((( لعدم رجوعه إلى‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫البس���اطة أص�ل�ا‪ ،‬فال مجال حینئ���ذ لفرض الواج ��ب الثاني و إ ل ��زم أن یكون كل‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫واحد منهما واجدا لنفسه وفاقدا لشقیقه‪ ،‬فیصیر مركبا ال بسیطا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫إذ لم یكــن لـه بـوجــه فاقدا‬ ‫«ولیس صـرف الــشيء إ واحدا‬

‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬


‫اإلهلية‪.36 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫السبزواري‪ ،‬يف حاشية األسفار‪.136 / 1 ،‬‬ ‫‪ . 2‬والقائل احلكمي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهلية‪.37 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪158‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫صـرف وجوده دلیل وحدته»‬


‫(((‬ ‫ّ‬
‫وعـــــزتــــــــه‬ ‫فــهــو لـقـ‌‌ـــدس ذاتـــــــه‬
‫اإلشكاالت الواردة عىل استدال ل أصحاب الفلسفة والعرفان إل ثبات التوحید‪:‬‬
‫لشء هو نفس حقیقة الوجود ال غیر‪ ،‬خطأ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ )1‬تصور العینیة والواقعیة ي‬
‫واقعیات ب���ل هي نفس‬ ‫ّ‬
‫ش���ك ف ّأن األش���یاء ه���ي حقای���ق وهل���ا ّ‬ ‫توضی���ح ذل���ك‪ :‬ال‬
‫ي‬
‫أي جماز كما‬ ‫ارجیة وهي مصادیق الوجود واملوجود عىل حنو احلقیقة دون ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫الواقعیات خ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫بأن األشیاء‬ ‫ن‬
‫القائلی ّ‬ ‫قال موالنا اإلمام الصادق؟ع؟ _ ّردا عىل أصحاب الفلسفة والعرفان‬
‫َْ ََُ ْ‬ ‫َ‬
‫آخرةَِ‬ ‫<و َم ْن كان فِي ِ‬
‫هذهِ أعمى‏ فهو فِي‏ ال ِ‬ ‫هي أوهام وخیاالت _ ف تفس���یر قول اهلل تعاىل‪َ :‬‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫أعمى‏ وأضل س ِبيلا>‪:‬‬ ‫َ‬

‫«یعن أعمى عن احلقائق املوجودة»‪.‬‬


‫(((‬
‫ي‬
‫وم���ع هذا ّكل���ه جند ّأن من الغر ی���ب ما یقوله أصحاب الفلس���فة ّ‬
‫ب���أن حلقیقة الوجود‬
‫وعینیة هي األصیلة وما س���واها أوهام واعتبارات _ وذلك كما أنهّ م یقولون ّإنه إن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعیة‬
‫وواقعیة فهي أوىل بكوهنا بیضاء ّمما یكون أبیض وال یكون حقیقة‬ ‫ّ‬ ‫كان للبی���اض حقیق���ة‬
‫وأبدیة غیر قابلة للعدم لذاهتا‪،‬‬ ‫أزلیة ّ‬
‫البیاض!((( _ هذه احلقیقة عندهم حقیقة ال متناهیة ّ‬
‫ّ‬
‫هي نفس ذات واجهبم املتجلیة بالصور املتخالفة‪.‬‬
‫هذا هو قوهلم بأصالة الوجود واعتبار ّیة غیره وهو نفس القول بوحدة الوجود ال غیر‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّمث ّإن ه���ذا االعتق���اد یغنینا عن بیان بطالنه نفس اس���تحالة موضوعه‪،‬فضال عن األدلة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ال�ت�� أقیم���ت عىل إبطاله‪ .‬وحی���ث ّإن بطالن هذا االعتقاد ّ‬
‫غن عن البی���ان ثبوتا و إثباتا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫فیهندم بذلك بنیان ما ّأسسوه إل ثبات وحدة واجهبم الذي یكون يف احلقیقة دلیال عىل‬
‫إثبات وحدة الوجود ال وحدة واجهبم يف الوجود‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ال ّ‬‫‪ .1‬خ‬


‫اإلصفهان‪.‬‬
‫ي‬ ‫رازي‪ ،‬حمسن‪ ،‬بداية املعارف‪ ،55 ،‬نقال عن أشعار املحقق‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.438 ،‬‬
‫‪ . 3‬راجعوا األسفار‪.39 _ 38/1 ،‬‬
‫!؟هیلع ناهرـبلا وه امو ؟هانعم ام ‪،‬دحاو ىلاعت هللا‬ ‫‪159‬‬

‫الشء غیر س���دید‪ ،‬بل أمر غر ی���ب وحتر یف واضح حلقیقة‬


‫‪ .2‬احتس���اب الع���دم جزء ي‬
‫ّ ً‬ ‫مع�ن�ى التركی���ب‪ّ .‬‬
‫جدا هو جعل اصطالح موهون للتركیب _ وهو التركیب‬ ‫فإن من الغر یب‬
‫عن الوجود والعدم! _ وتسمیة ذلك ّ‬
‫بشـر التراكیب؛‬
‫وأغ���رب منه عدم االعتناء بش���أن لزوم تركیب ال���ذات املتعالیة عیل مبناهم من أجزاء‬
‫ّ‬
‫خارجیة غیر متناهیة!‬
‫ّ‬
‫احلق���ة ال�ت�� ال ّ‬
‫ال�ش��ء لتعالیه عن‬
‫ي‬ ‫تتعدد بال���ذات‪ ،‬هي ما ّیتص���ف به‬ ‫ي‬ ‫‪ .3‬الوح���دة‬
‫ّ‬
‫االمت���داد واألجزاء وكونه بخ الف األش���یاء كلها‪ ،‬والصـرافة عند أصحاب الفلس���فة هي ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫یفسـر مبعىن عدم التناهي الذي یكون مصداقها نفس األشیاء خ‬ ‫ّ‬
‫املتجز ية‪،‬‬ ‫ارجیة املركبة‬
‫ّ‬ ‫احلقة؟! ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املس���مى بالواحد بالوحدة‬ ‫فإن الالمتناهي املزعوم‬ ‫تس���مى بالوحدة‬ ‫فبأي مناط‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلقة‪ ،‬متركب عن أجزاء ال متناهیة‪ ،‬فهو يف احلقیقة جمموعة أش���یاء وأجزاء ال متناهیة‪،‬‬
‫بی الواحد والال متناهي من البعد والفرق!!‬ ‫وكم ن‬
‫ً‬
‫‪ .4‬الالمتناهي حمال موضوعا‪.‬‬
‫املتجزئ املخلوق فال ّیتصف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫للشء‬‫‪« .5‬الوجدان والفقدان» ملكة وعدم ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هبما خ‬
‫الوجودیة خطأ حمضا‪.‬‬ ‫بواجدیة المكاالت‬ ‫الالق جل وعال و یكون توصیفه‬
‫توهم باطل‪ ،‬وذلك الستحالة وجود موضوعها‬ ‫‪ّ .6‬إن كون حقیقة الوجود ذات مراتب ّ‬
‫ً ً‬ ‫ثانیا‪ ،‬واستحالة فرض ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫التعدد ملا فرض بسیطا ثالثا‪،‬‬ ‫ّأوال‪ ،‬ووضوح بطالن ّادعاء بساطهتا‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ووضوح استناد ّ‬
‫العینیة ال غیر ذلك رابعا و‪...‬‬ ‫تعدد األشیاء بتمایز أجزاهئا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪ .7‬ال یلزم من عدم كون خ‬
‫املحدودیة‬ ‫الالق حمدودا أن یكون غیر حمدود وغیر متناه‪ ،‬بل‬
‫ّ‬
‫املحدودیة والال‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ‪ ،‬وعلیه فتسلب‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫للشء‬ ‫ّ‬
‫وغیر املحدودیة ملكة وعدم ي‬
‫ّ‬
‫قابلیة ّاتص���اف املوضوع هبما‬
‫جل جالله لع���دم ّ‬ ‫الالق‬ ‫حمدودی���ة بطرفهیم���ا ع���ن ذات خ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي بالذات‪ .‬فاس���تنتاج وجوب اال لتزام بوحدة‬ ‫وخروجه تعاىل عن س���نخ الوجود‬
‫ّ‬
‫الوجود‪ ،‬لكل من یقول ّإن اهلل تعاىل غیر حمدود‪ ،‬غیر وجیه‪.‬‬
‫‪160‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫‪ .8‬التعبیر عن حمدث العامل مببدء احلادث غیر سدید وغیر موافق ملا یقتضیه البـرهان‬
‫القائلی ّ‬
‫بأزلیة العامل وصدور‬ ‫ن‬ ‫واألدیان‪ ،‬بل التعبیر املذكور یوافق اعتقاد أصحاب الفلسفة‬
‫األشیاء عن ذات خ‬
‫الالق‪.‬‬
‫الفلسفیة الت ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كل خ‬
‫تؤول حقیقة معىن‬ ‫ي‬ ‫املبان‬
‫ي‬ ‫یالمئ‬ ‫ال‬ ‫خالق»‬ ‫له‬ ‫لوق‬ ‫م‬ ‫كما ّأن عبارة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫والتطور وما یشبه ذلك‪.‬‬ ‫والتجل‬
‫ي‬ ‫د‬ ‫والتول‬ ‫واإلیاد إىل معان خاطئة كالصدور‬
‫ج‬ ‫اللق‬
‫األوهام حول الالمتناهي!!‬
‫‪162‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫تتوهم المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬

‫▪ ّأن كماالت الخ الق والخ لق(((من سنخ واحد‪،‬‬


‫خ‬ ‫ّ‬ ‫لخ‬
‫شء‪،‬‬
‫شء‪ ،‬فال یرج عن حیطة وجوده ي‬ ‫▪ ا الق هو متام كل ي‬

‫وهذا الفصل من الكالم‪:‬‬

‫▪ یكش���ف ع���ن خطأهم يف ذلك ویكش���ف الس���تر ع���ن ختال���ف ذات الخ الق‬
‫ّ‬
‫الهات‪.‬‬‫والخ لق وتبایهنما من كل ج‬

‫‪ . 1‬كالوجود والعلم والقدرة و‪...‬‬


‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪163‬‬

‫الالق تعاىل م���ن حیث ما یقال‪ّ :‬‬


‫«إن���ه صـرف الوج���ود أو املرتبة الال‬ ‫إثب���ات وح���دة خ‬

‫ألن من‬ ‫متناهی���ة من���ه‪ ،‬فهو بوحدته ّكل األش���یاء ولیس ب�ش��ء مهنا»‪ ،‬واض���ح البطالن ّ‬
‫ي‬
‫یخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشء ذا املراتب هو نفس احلقیقة االمتدادیة العددیة وال رج عن االمتداد‬ ‫ّ ّ‬
‫البدهیي أن ي‬
‫أبدا‪ ،‬وس���لب االمتداد ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫واحلد عنه یساوي س���لب الوجود منه‪ ،‬واملوجود الال‬ ‫واملحدودیة‬
‫ّ‬
‫العقل‪،‬‬ ‫اإلطالق والبسیط املحض ال یتجاوز فرض وجوده عن االعتبار والفرض‬ ‫ّ‬ ‫بشـرط‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫املتجزئة ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫حتقق���ه خارج���ا إ بكونه ن‬ ‫ّ‬
‫املقیدة‬ ‫االمتدادیة املح���دودة‬ ‫عی األش���یاء‬ ‫وال میك���ن‬
‫وموج ٍد بخ الفها‪.‬‬
‫خالق ِ‬
‫ٍ‬ ‫املخلوقة املحتاجة إىل‬
‫احلد واالمتداد فیصل إىل ّ‬
‫حد‬ ‫ولیس ألحد أن یقول‪ّ :‬إن الشء یخ رج باالش���تداد عن ّ‬
‫ي‬
‫غیر متناه‪ _ ،‬بل فوق ما ال یتناهی!! مبا ال یتناهی!!! _‬
‫حد فرض وجوده فال‬ ‫أي ّ‬‫امتدادی ً���ا _‪ ،‬ف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یش���تد _ وه���و ال حمالة یكون‬ ‫وذل���ك ّ‬
‫ألن ما‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫إضافیا‪،‬‬ ‫یكون يف احلقیقة إ صغیرا قابال لالشتداد والز یادة دامئا فال ینسب إلیه الكبـر إ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فاحل���د _ وبالنتیج���ة النقص أیضا _ الزم ملا ال یأىب بالذات ع���ن قبول الوجود والتعر یف‬
‫ن‬
‫والتعیی والتشكیك‪.‬‬ ‫والتوصیف‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫املؤمنی؟ع؟ ّ‬
‫ن‬
‫توضیحیا حیث‬ ‫«حبد وال نقص» إ وصفا‬ ‫وعلیه فلیس قول موالنا أمیر‬
‫یقول؟ع؟‪:‬‬
‫«الذي س���ئلت األنبی���اء عنه فلم تصفه ّ‬
‫حب���د وال نقص‪ ،‬بل وصفت���ه بأفعاله‬
‫‪164‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫ودلت علیه بآیاته»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫«وال ّ‬
‫(((‬
‫حتد فتكون حمدودا»‪.‬‬
‫السم حمدود متناه‪ ،‬والصورة حمدودة متناهیة فإذا احتمل‬ ‫«ویله‪ّ ،‬أما علم ّأن ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫احلد احتمل الز یادة والنقصان‪ ،‬و إذا احتمل الز یادة والنقصان كان خملوقا‪.‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪ :‬مفا أقول؟‬
‫ومصور الصور‪ ،‬مل ّ‬
‫یتجزأ ومل‬ ‫ّ‬ ‫قال؟ع؟‪ :‬ال جس���م وال صورة وهو جم ّس���م األجسام‪،‬‬
‫یتناه ومل یتزاید ومل یتناقص‪.‬‬
‫ئ‬
‫املنش واملنش���أ‪،‬‬ ‫بی الخ الق واملخلوق فرق‪ ،‬وال ن‬
‫بی‬ ‫ل���و كان كم���ا یقول مل یكن ن‬
‫شء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ئ‬
‫لكن هو املنش‪ ،‬فرق بی من جس���مه وصو ره وأنشأه‪ ،‬إذ كان ال یشهبه ي‬
‫ً‬
‫(((‬
‫وال یشبه هو شیئا»‪.‬‬
‫ّإن تقس�ی�م االمت���داد وما هو قابل للز یادة _ أو االش���تداد _ إىل املتناه���ي القابل للز یادة‬
‫السم‬ ‫الشء إىل نفس���ه وغیره‪ ،‬كما ّأن تقسمی ج‬ ‫والالمتناهي غیر القابل هلا یكون تقس�ی�م ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫الشء‬
‫إىل قسمی يف قول من یقول‪« :‬إنه جسم ال كاألجسام»‪ ،‬هو أیضا یكون تقسمی ي‬
‫إىل نفسه وغیره‪.‬‬
‫السم عنوان ّ‬ ‫ً‬
‫عام جلمیع املقادیر و یشمل ما سوى اهلل تعاىل بأسـره‪:‬‬ ‫ومن هنا تعلم أیضا ّأن ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«لیس بذي كبـر ّ‬
‫امتدت به الهنایات ّ‬
‫فكبـرته جتسیما‪ ،‬وال بذي عظم تناهت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫به الغایات فعظمته جتسیدا‪ ،‬بل كبـر شأنا وعظم سلطانا»‪.‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،264 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ٌ َ ُ َْ ََََ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،263 / 98 ،‬دعاء آخر ِ يف يو ِم عرفة ع ِن الص ِاد ِق؟ع؟‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 4‬هنج البالغة‪269 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،261 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪165‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫احلواس فهو غیر‬ ‫شء ج���رى فیه أثر التركیب جلس���م‪ ...،‬مفا‪ ...‬نالت���ه‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫«إن‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫اهلل سبحانه‪ ،‬ألنه ال یشبه الخ لق‪ ...‬ولیس املخلوق كالخ الق»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الوجودیة ال�ل�ا متناهیة هلل تبارك وتعاىل‪ ،‬هل���و صـر یح االعتقاد‬ ‫ّإن االعتق���اد بالعظم���ة‬
‫بتجسده! ّ‬
‫یصـرح مال صدرا‪:‬‬ ‫ّ‬
‫وامتدادیته ونفس القول ّ‬ ‫جب ّ‬
‫سمیته‬
‫ّ‬ ‫مش���ـرقي يبتني عل ��ى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مقدمة وهي‪ :‬إنه ق ��د يكون لمعنى‬ ‫عرش���ـي وتوحيد‬ ‫«تحقيق‬
‫وماهية واحدة انحاء من الوجود‪ّ ...‬إن المعنى المس � ّ�مى بالجس ��م له انحاء‬ ‫ّ‬ ‫واحد‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫طبيعيا إلى‬ ‫والدنو من لدن كونه‬ ‫والعلو‬ ‫والخس ��ة‬ ‫من الوجود متفاوتة في الش���ـرف‬
‫ًّ‬
‫عقليا‪.‬‬ ‫كونه‬
‫فليج���ز أن يك���ون في الوجود جس ��م إلهي ليس كمثله ش ��يء وهو الس ��ميع البصير‬
‫انية‪ ،‬على ّأن الواجب تعالى ال يجوز‬ ‫اإللهية المنعوت بالنعوت ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫ّ‬
‫المسمى باألسماء ّ‬
‫ّ‬
‫األحدية‬ ‫ّ‬
‫الوجودية وليس ف ��ي ذاته‬ ‫أن يك���ون له في ذاته فقد ش���يء من األش ��ياء‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫جهة ينافي جهة وجوب الوجود وليس فيه سلب إ سلب األعدام والنقائص»‪.‬‬
‫و یقول ابن ّ‬
‫عرب‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ال أنه جسم وال أنه ليس بجسم»‪.‬‬
‫(((‬

‫وف مدرسة العقل والوحي‪:‬‬


‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫«م���ن زعم ّأن هلل وجها كالوجوه فقد أش���ـرك‪ ،‬ومن زع���م ّأن هلل جوارح كجوارح‬
‫ن‬
‫املخلوق�ی�� فهو كاف���ر باهلل‏‪ ،‬فال تقبلوا ش���هادته‪ ،‬وال تأ كل���وا ذبیحته‪ ،‬تعاىل اهلل‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،154 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪.207 _ 205/ 3‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬شـرح أصول‬
‫‪ . 3‬الفتوحات‪.81 / 3 ،‬‬
‫‪166‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املخلوقی»‪.‬‬
‫(((‬
‫عما یصفه املشبهّ ون بصفة‬
‫ّ‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫ألب إبـراه�ی�م؟ع؟ ‪ّ :‬إن هش���ام ب���ن احلک���م((( زع���م ّأن اهلل تعاىل جس���م‬
‫«قل���ت ي‬
‫ّ‬
‫شء‪ ،‬عامل مسی���ع بصیر‪ ،‬ق���ادر متكلم ناطق‪ ،‬وال���كالم والقدرة‬ ‫لی���س كمثل���ه ي‬
‫ً‬
‫شء مهن���ا خملوقا‪ ،‬فقال‪ :‬قاتله اهلل‏‪ّ ،‬أما علم‬ ‫والعل���م جیري جمرى واحد لیس ي‬
‫ّ‬
‫السم حمدود والكالم غیر املتكلم؟‬ ‫ّأن ج‬
‫ّ‬
‫مع���اذ اهلل‏‪ ،‬وابـ���رأ إىل اهلل م���ن ه���ذا القول‪ ،‬ال جس���م وال ص���ورة وال حتدید‪ ،‬وكل‬
‫ومش���یته من غیر كالم ّ‬ ‫مّ‬
‫وتردد‬ ‫ّ‬ ‫شء س���واه خملوق‪ ،‬و إنا تكون األش���یاء بإرادته‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫نفس وال نطق بلسان»‪.‬‬
‫یعن أبا احلس���ن؟ع؟_‌ ‪ :‬جعلت فداك أمر ين بعض موالیك أن‬
‫«‪ ...‬قلت له _ ي‬
‫شء املس���ألة؟ قلت‪ :‬يف التوحید‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫قال‪:...‬وف أي ي‬
‫ي‬ ‫أس���ألك عن مس���ألة‪،‬‬
‫شء من التوحید؟ قال‪ :‬یسألك عن اهلل جسم أو ال جسم؟‬ ‫ّ‬
‫وأي ي‬
‫النف‪،‬‬ ‫ّ‬
‫فق���ال‪ :‬إن للناس يف التوحید ثالثة مذاهب‪ ،‬إثبات بتش���بیه‪ ،‬ومذهب ي‬
‫النف ال‬
‫ومذهب إثبات بال تش���بیه‪ ،‬مفذهب اإل ثبات بتشبیه ال جیوز‪ ،‬ومذهب ي‬
‫جیوز‪ ،‬والطر یق يف املذهب الثالث إثبات بال تشبیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«أي فح���ش أو خن���اء أعظ���م م���ن قول م���ن یصف خالق األش���یاء جبس���م‪ ،‬أو‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫صورة‪ ،‬أو خبلقة‪ ،‬أو بتحدید وأعضاء‪ ،‬تعاىل اهلل عن ذلك‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،288 _ 287 / 3 ،‬كفاية األ ثر‪.‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أجل من ّ‬ ‫ّ‬
‫صحة هذه النسبة إلیه‪ ،‬وقد حقق ذلك يف مظانه فراجع‪.‬‬ ‫‪ّ .2‬إن هشاما‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،295 / 3 ،‬عن التوحيد واالحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،304 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪167‬‬

‫‪:‬إن بع���ض أصحابن���ا یزع���م ّأن هلل ص���ورة مثل‬


‫«‪ ...‬قل���ت ألب عب���د اهلل؟ع؟ ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلنس���ان‪ ،‬وق���ال آخ���ر‪ :‬إن���ه ف صورة أم���رد جعد قط���ط! ّ‬
‫فخ���ر أبوعبد اهلل؟ع؟‬ ‫ي‬
‫شء‪ ،‬وال تدركه‬ ‫ً ّ‬
‫س���اجدا مث رف���ع رأس���ه فقال‪ :‬س���بحان ال���ذي لی���س كمثل���ه ي‬
‫األبص���ار‪ ،‬وال حیی���ط به عل���م‪ ،‬مل یلد ّ‬
‫ألن الولد یش���به أباه ومل یولد فیش���به من‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫علوا‬ ‫كان قبل���ه‪ ،‬ومل یك���ن له من خلقه كف���وا أحد‪ ،‬تعاىل عن صفة من س���واه‬
‫ً‬
‫(((‬
‫كبیرا»‪.‬‬
‫الثان؟ع؟ ‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«ال تصلوا خلفهم وال تعطوهم الزكاة وابـرؤوا مهنم‪ ،‬بـرئ اهلل مهنم»‪.‬‬
‫الواد واهلادي؟امهع؟‪:‬‬
‫اإلمامان اهلمامان ج‬
‫ّ‬
‫بالسم فال تعطوه من الزكاة وال تصلوا وراءه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«من قال ج‬
‫مبان أصحاب‬ ‫ّ خ‬ ‫ّ‬
‫ومما یشهد بالصـراحة عىل وجوب اال لتزام جبسمیة الالق تعاىل عىل ي‬
‫ثبات (وهو قوهلم ّ‬
‫بأن‬ ‫الفلس���فة والعرفان هو فحصهم عن حقیقة ذاته تعاىل وحمكهم اإل ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ذات خ‬
‫الالق تعاىل هو حقیقة الوجود وهو كل األشیاء)‪ .‬يف جواب «ما هو؟»‪ ،‬بعد الفراغ‬
‫إی ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫اب بالنس���بة إىل الس���ؤال عن حقیقة‬
‫ي‬ ‫ج‬ ‫حكم‬ ‫كل‬ ‫ّ‬
‫البدهیي أن‬ ‫عن إثبات واجهبم‪ ،‬ومن‬
‫ذاته تعاىل بعد احلكم بوجوده ال یخ رج عن التشبیه والتجسمی‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«إن احل ّ���ق ال���ذي تطل���ب معرفته من األش���یاء هو أربع���ة أوجه‪ّ ،‬‬
‫فأوهل���ا‪ :‬أن ینظر‬ ‫ّ‬
‫والثان‪ :‬أن یعرف ما هو يف ذاته وجوهره؟ والثالث‪:‬‬
‫ي‬ ‫أموج���ود هو أم لیس مبوجود؟‬
‫ّ‬
‫أن یع���رف كیف هو وم���ا صفته؟ والرابع‪ :‬أن یعلم ملا ذا هو وألیة علة؟ فلیس من‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،304 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫أمال الصدوق‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،292 / 2 ،‬عن ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪168‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫هذه الوجوه شء میكن املخلوق أن یعرفه من الخ الق ّ‬


‫حق معرفته غیر أنه موجود‬ ‫ي‬
‫فق ّ���ط‪ ،‬فإذا قلنا‪ :‬كیف هو؟ مفمتنع عل���م كهنه وكمال املعرفة به‪ .‬وأما ملا ذا هو؟‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫شء بعلة له»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولیس‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫ة‬‫عل‬ ‫ثناؤه‬ ‫جل‬ ‫فساقط يف صفة الخ الق‪ ،‬ألنه‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫هل تكون ذات اهلل تعالى منبعا لكل كمال وواجدة لكل شيء؟!!‬

‫ولكنه لیس ذلك من حیث ّأنه واجد لذوات‬ ‫العاملی ّ‬


‫ن‬ ‫غن عن‬‫شك يف ّأن اهلل تعاىل ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫یشذ عنه شء حبیث أن لو خرج عنه شء یلزم نقصانه ّ‬ ‫ّ‬
‫وخلوه عن المكال!!‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ها‬ ‫كل‬ ‫األشیاء‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي الذي ال یأىب عن العدم‬ ‫بل هو أجل وأعظم شأنا من أن ّیتصف بالمكال‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الشء بوجدان ذلك المكال كامال وبفقدان���ه ناقصا! فهو متعال عن كل‬ ‫لذات���ه و یك���ون ي‬
‫ما یوجد و یفقد‪ ،‬وال ّیتصف بالوجدان والفقدان ومبا یقبل الوجود والعدم‪ ،‬وال تس���تمكل‬
‫االمت���دادي املخل���وق املحت���اج‪ ،‬أمل یعلم���وا ّأن واجدیة ذات خ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الالق األش���یاء‬ ‫بذل���ك إ‬
‫ًّ ً‬ ‫ّ‬
‫لتجز یه وتركبه؟ _ وتعاىل اهلل ّ‬ ‫مستلزم ّ‬
‫عما یقول الظاملون علوا كبیراـ‪:‬‬
‫هذا مالصدرا وهو یعترف و یقول‪:‬‬
‫المكونات الجس � ّ‬
‫�مانیة و إن كانت في حدود‬ ‫ّ‬ ‫«وال تص���غ إل���ى قول من یقول ه ��ذه‬
‫األول وعالم‬ ‫متغیرة‪ّ ،‬‬
‫لكنه ��ا باإلضافة إلى م ��ا فوقها من المب ��دأ ّ‬ ‫جس���مانیة ّ‬
‫ّ‬ ‫أنفس���ها‬
‫ملكوته ثابتة غیر ّ‬
‫متغیرة‪.‬‬
‫ألن نحو وجود الش���يء في نفس ��ه ال ّ‬
‫یتبدل بعروض اإلضافة‪ ،‬وكون الش ��يء‬ ‫وذلك ّ‬
‫ی���ا عبارة عن خصوصیات وجوده‪ّ ،‬‬
‫وماد ّیة الش ��يء ّ‬ ‫ّ ً‬
‫وتجرده عنها لیس ��ا صفتین‬ ‫ماد‬
‫ّ‬
‫الخاص ش ��يء واحد‪ ،‬وكذا‬ ‫ّ‬
‫جوهریة الجوهر ووجوده‬ ‫خارجتین عن ذات‪ ،‬كما ّأن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عرضیة العرض ووجوده‪ ،‬فكما ّأن وجودا واحدا ال یكون جوهرا وعرضا باعتبارین‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ ً ّ ً‬
‫(((‬
‫وماد ّیا باعتبارین»‪.‬‬ ‫كذلك ال یكون مجردا‬

‫البـر املشهتر بتوحيد ّ‬


‫املفضل بن عمر‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬خ‬
‫ّ‬
‫العرشية‪.225 ،‬‬ ‫‪ . 2‬مال صدرا‪،‬‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪169‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬ ‫«مفعان الخ لق عنه ّ‬
‫منفیة»‪.‬‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫«مبائن جلمیع ما أحدث يف الصفات»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تعاىل خلو من خلقه‪ ،‬وخلقه خلو منه»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء متعالیا‬
‫ي‬ ‫لكل‬ ‫مبائنا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫إ‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫«‪ ...‬ال یلیق بالذي هو خالق‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء سبحانه وتعاىل»‪.‬‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«‪ ...‬كل ما یوجد يف الخ لق ال یوجد يف خالقه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«‪ ...‬كیف جیري علیه ما هو أجراه أو یعود فیه ما هو بدأه؟!»‪.‬‬
‫وبی خلق���ه المتناعه ّمما میكن يف ذواهتم‪ ،‬وإلمكان ذواهتم ّمما‬
‫«احلجاب بینه ن‬
‫(((‬
‫میتنع منه ذاته‪ ،‬والفتراق الصانع واملصنوع»‪.‬‬
‫لكنه لیس ذاك من جهة ّأنه تعاىل‬ ‫وال ّ‬
‫شك ّأنه تعاىل له الكبـر یاء والعظمة والالل‪ّ ،‬‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫أ كبـر األش���یاء وأعظمها!! بل إنا هو یتعاىل عن أن ّیتصف مبا یقبل الصغر والكبـر‪ ،‬و جیل‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫فإن كل ما كان قاب�ل�ا للوجود والعدم ففرض وجوده‬ ‫ع���ن كبـ���ر ال یأىب عن الصغر لذاته‪،‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،322 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬خ‬
‫البـر املشهتر بتوحيد املفضل بن عمر‪.‬‬
‫‪ . 5‬عيون أخبار الرضا؟ع؟‪.125 /1 ،‬‬
‫‪ . 6‬عيون أخبار الرضا؟ع؟‪.126 _ 125 / 1 ،‬‬
‫‪ . 7‬التوحيد‪.56 ،‬‬
‫‪170‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املصنوعی���ةواالحتی���اج‪ ،‬خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أیض���انقصللذاتاملتعالیة ّ‬
‫والال���قیتع���اىلعن���ه‪:‬‬ ‫ألنهآی���ة‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬ ‫«‪ ...‬لیس بذي كبـر امتدت به الهنایات ّ‬
‫(((‬
‫فكبـرته جتسیما»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وتق���دس ّ‬ ‫وال ّ‬
‫ش���ك ّأن���ه تعاىل ّ‬
‫غن عن كل ق���ادر وقدرته‪ ،‬هو أق���در القادر ین وأعظم‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتجبـر ی���ن ّ‬
‫ّ‬
‫ولكن���ه لیس ذاك مبعىن أنه واجد لقدرة كل قادر بعیهنا وأ كثر كما تذهب إىل‬
‫ّ‬
‫أعز وأجل من أن ّیتصف بقدرة تكون باآل الت واألدوات‪،‬‬ ‫الاطئة‪ ،‬بل هو ّ‬ ‫ذلك األوهام خ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الشء بوجداهنا كام�ل�ا وبفقداهنا ناقصا‪ ،‬وال تأىب عن‬ ‫قابل���ة للز ی���ادة والنقصان‪ ،‬یصبح ي‬
‫املخلوقی فال تنسب إىل خ‬
‫الالق املتعال‪:‬‬ ‫ن‬ ‫العدم لذاهتا‪ ،‬هذه هي قدرة‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫ق���وة الخ لق لوقع علیه التش���بیه‪ ،‬وكان حمتمال للز یادة‬
‫«ولو كانت ّقوته تش���به ّ‬
‫مّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫ب�ش��ء‪ ،‬و إنا قلنا‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫یش���ب‬ ‫ال‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫واهلل‬ ‫‪...،‬‬ ‫ناقصا‬ ‫وم���ا احتم���ل الز یادة كان‬
‫القوي وكذلك قولن���ا العظمی الكبیر‪ ،‬وال ّ‬
‫یش���به هبذه األمساء‬ ‫ّ‬ ‫���وي للخلق‬‫ّإن���ه ق ّ‬
‫اهلل تبارك وتعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫الغن عن ّكل عامل وعلمه‪ ،‬ال ّ‬


‫ّإنه هو ّ‬
‫ألنه واجد بذاته لنفس علومهم وأ كثر! بل هو أجل‬ ‫ي‬
‫من أن ّیتصف بعلم ال یأىب عن العدم لذاته _ وهو العلم املخلوق _ فإن الوجدان والفقدان‬
‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ملك���ة وع���دم لالمتداد وهو تعاىل أج���ل من أن یكون كامال مبا یك���ون بفقدانه ناقصا!!‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫«ومل نصف علیما مبعىن غر یزة یعلم هبا‪ ،‬كما ّأن للخلق غر یزة یعلمون هبا»‪.‬‬
‫(((‬

‫«ه���و نور ال ظلمة فیه‪ ،‬وحیاة ال موت فیه‪ ،‬وعلم ال جهل فیه‪ّ ،‬‬
‫وحق ال باطل‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪ ،269 ،‬حبار األنوار‪ ،261 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار االنوار‪ ،194 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،194 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪171‬‬

‫فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫فإن العلم الذي یكون به العامل عاملا قابل للوجود والعدم والز یادة والنقصان‪ ،‬و یكون‬
‫ن‬ ‫ً ً‬
‫عاملی بوجدان‬ ‫حمدودا دامئا‪ .‬واهلل تبارك وتعاىل عامل ال كغیره من الذوات الذین یكونون‬
‫ّ‬
‫والتصو ر ال‬ ‫تتص���ور ّ‬
‫ألن اإلدراك‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫وجاهل�ی�� بفقدانه‪ ،‬فال ت���درك حقیقة علم���ه وال‬ ‫العل���م‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫یتعلقان إ باملقادیراملخلوقة مطلقا‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«‪ ...‬وال یبلغون كنه علمه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫فادعاء‪ّ :‬أن‪:‬‬
‫ً‬
‫بائنا منه لزم���ه النقص خ‬ ‫ً‬
‫وال ّلو عن المكال‬ ‫شء خارج���ا عن ذات اهلل تعاىل‬ ‫«ل���و كان ي‬
‫ّ‬
‫شء وفوق التمام»‪،‬‬ ‫والوجود‪ ،‬فهو متام كل ي‬
‫ً‬
‫كمایقولهأصحابالفلسفة_باطلمنرأسه‪،‬و یكونحمكهمبذلكناشئاعنرؤ یةاحنصار‬
‫الالق واملخلوق‪:‬‬‫والعددي‪ ،‬والغفلة عن وجوب تباین ذات خ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫المكال بالمكال‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن املخل���وق أجوف معتمل مركب‪ ،‬لألش���یاء فیه مدخل‪ ،‬وخالقنا ال مدخل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وأحدي املعین»‪.‬‬ ‫وأحدي الذات‬ ‫لألشیاء فیه‪ ،‬ألنه واحد‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬
‫حجة‪ ...‬وال يف إبانته عن الخ لق ضمی إ بامتناع األز ي ّل‬
‫«لیس ف حمال القول ّ‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫أن ىّ‬
‫یثن»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.146 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪128 ،‬؛ حبار األنوار‪.306 / 3 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪169 ،‬؛ حبار األنوار‪.227 / 3 ،‬‬
‫‪ . 4‬عيون أخبار الرضا؟ع؟‪.126 / 1 ،‬‬
‫‪172‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫ولتجزء كهنه والمتنع من األزل معناه‪ ،‬وملا كان للباري‬ ‫«‪ ...‬إذا لتفاوتت ذاته‬
‫معىن غیر املبـروء»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫هذا كله‪ ،‬وقد قالت املعرفة البشـر ّیة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كل م���ا هو بس���یط الحقیقة فه ��و بوحدته كل األش ��یاء‪ ،‬ال یعوزه ش ��يء منها‪ّ ...‬إن‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫البسیط كل الوجودات من حیث الوجود والتمام»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الذاتي ال یشذ عن شيء وال یشذ عنه شيء»‪.‬‬ ‫«إن اإلطالق‬
‫واحدا مطلق � ً�ا غیر محدود‪ ،‬فال غیر هن ��اك ّ‬
‫ً‬ ‫ّ لاّ‬
‫حتى یتباین‬ ‫«لی���س الموجود األزل���ي إ‬
‫معه‪ ،‬إذ ال مجال للغیر في تجاه الموجود الغیر المتناهي»‪.‬‬
‫(((‬

‫«الواج���ب بال���ذات وجود بحت ال س ��بیل للعدم إل ��ى ذاته وال یس ��لب عنه كمال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن ّكل كم���ال وج � ّ‬
‫وج���ودي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫�ودي ممكن فإن ��ه معلول مفاض م ��ن علته والعلل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫منتهی���ة إل���ى الواجب بال���ذات‪ ،‬ومعطي الش ��يء ال یكون فاقدا له‪ .‬فل ��ه تعالى كل‬
‫ّ‬
‫الواجبیة بس ��یط بحت فال‬ ‫ّ‬
‫وج���ودي من غی���ر أن یداخله ع ��دم‪ ،‬فالحقیق ��ة‬ ‫كم���ال‬
‫(((‬
‫یسلب عنها شيء وهو المطلوب»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن الواجب لذاته تمام كل شيء»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«إن تمام الشيء هو الشيء وما یفضل علیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫وجودي ّقط‪ ،‬فما في الوجود من كمال‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الواجبي ال یسلب عنه كمال‬ ‫ّ‬
‫«إن الوجود‬

‫ونف التشبيه‪ ،‬حبار األنوار‪.228 / 4 ،‬‬


‫‪ . 1‬التوحيد‪ ،40،‬باب التوحيد ي‬
‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬العرشية‪.221 ،‬‬
‫ّ‬
‫عىل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهليه‪.26 ،‬‬ ‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫عىل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬
‫اإلهلية‪.46 ،‬‬ ‫جوادي‪ ،‬عبداهلل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.276 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.277 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.6‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.269 ،‬‬‫ّ‬ ‫‪.7‬‬
‫ي‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪173‬‬

‫ّ‬
‫الواجبي واجد له بنحو أعلى وأش� �ـرف وهو محمول علیه‬ ‫كالعلم والقدرة فالوجود‬
‫(((‬ ‫على ما یلیق بساحة ّ‬
‫عزته وكبـریائه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫�كل كمال وج � ّ‬
‫�ودي بنحو أعلى‬ ‫«ال���ذات المتعالی���ة‪ ...‬هي وج���ود صـرف جامع ل �‬
‫وأشـرف‪ ...‬الذات المتعالیة‪ ...‬هي وجود صـرف ال یسلب عنه كمال»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«له كل كمال وكل الكمال»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الوجودي»‪.‬‬ ‫«إنه صـرف الوجود الذي ال یفقد شیئا من الكمال‬
‫وجاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫اإللهیة أنا نذعن بانتهاء كل ش ��يء‬ ‫«إن أق���دم ما نواجهه في البحث عن المعارف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إلی���ه‪ ،‬وكینونته ووجوده منه‪ ،‬فهو یملك كل ش ��يء لعلمنا أنه لو لم یملكها لم یكن‬
‫أن یفیضها ویفیدها إلى غیره‪ ...‬فهو سبحانه یملك ما وجدناه في الوجود من صفة‬
‫(((‬ ‫كمال كالحیوة والقدرة والعلم والسمع والبصـر والرزق والرحمة ّ‬
‫والعزة وغیر ذلك»‪.‬‬
‫ّ‬
‫وخصوصیات الوجود التي في األشیاء ترتبط إلى ذاته المتعالیة‬ ‫ّ‬
‫«إن جهات الخلقة‬
‫من طریق صفاته الكریمة‪ ،‬أي ّإن الصفات وس ��ائط بی ��ن الذات وبین مصنوعاته‪،‬‬
‫ّ‬
‫فالعلم والقدرة والرزق والنعمة التي عندنا بالترتیب تفیض عنه سبحانه بما أنه عالم‬
‫قادر رازق منعم بالترتیب‪ ...‬و إن ش ��ئت فقل بنظر آخر هو یقهرنا بقهره‪ّ ،‬‬
‫ویحدنا بال‬
‫محدودیته‪ّ ،‬‬
‫وینهینا بال نهایته‪...‬‬ ‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫فتبین أنا ننتس���ب إلیه تعالى بواس ��طة أسمائه‪ ،‬وبأسمائه بواس ��طة آثارها المنتشـرة‬
‫في أقطار عالمنا المش���هود‪ ،‬فآثار الجمال والجالل في ه ��ذا العالم هي التي تربطنا‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.283 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.291 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.307 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.286 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.350 / 8 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪174‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫بأس���ماء جماله وجالله من حیاة وعل ��م وقدرة ّ‬


‫وعزة وعظمة وكبـریاء‪ّ ،‬ثم األس ��ماء‬
‫تنسبنا إلى الذات المتعالیة التي تعتمد علیها قاطبة أجزاء العالم في استقاللها»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول الفلسفة‪:‬‬
‫ّ‬
‫الحق ف ��ي أعیان الممكن ��ات‪ ...‬فالعال ��م ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم ما له‬ ‫«كل م���ا ندركه فه���و وجود‬
‫ّ‬ ‫حقیقي‪ ،‬فهذا حكایة ما ذهب إلیه العرفاء ّ‬‫ّ‬
‫(((‬
‫اإللهیون واألولیاء المحققون»‪.‬‬ ‫وجود‬
‫«ومحص���ل ال���كالم ّإن جمیع الموج ��ودات عند أه ��ل الحقیقة والحكم ��ة ّ‬
‫اإللهیة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫نفس���ا أو ص ��ورة ّ‬ ‫ً‬
‫الحقیقي‬ ‫نوعی ��ة‪ ،‬من مرات ��ب أضواء الن ��ور‬ ‫المتعالی���ة عق�ل�ا كان أو‬
‫وتجلیات الوجود ّ‬
‫القی ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ومي»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫دیار‪ ،‬كلمایترائىفيعالمالوجودأنهغیرالواجبالمعبود‪،‬‬ ‫«لیسفيدار الوجودغیره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫فإنم���ا هو من ظهورات ذات���ه وتجلیات صفاته التي هي في الحقیقة عین ذاته»‪.‬‬
‫اإلشكاالت الواردة عىل ما قالته الفلسفة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء إىل اهلل تع���اىل وك���ون وجوده منه ممل���وكا له من‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫‪.1‬إن���ا كم���ا نذع���ن بانهت���اء‬
‫شء‪ ،‬فكذل���ك نذعن‬ ‫م���ن‬ ‫ال‬ ‫هلا‬ ‫تع���اىل‬ ‫اده‬ ‫بإی‬ ‫ل���ه‬ ‫لوق���ات‬ ‫م‬‫جه���ة ّأن األش���یاء ّكله���ا خ‬
‫ي‬ ‫ج‬
‫ب���أن ذل���ك ال میك���ن أن یك���ون ع�ل�ى حن���و واجدي���ة ذات���ه ل���ذوات األش���یاء وصدوره���ا‬ ‫ّ‬
‫املتع���ال ع���ن االمتداد‬ ‫الال���ق املتع���ال‪ ،‬أو بك���ون األش���یاء مرات���ب وج���وده‬ ‫ع���ن ذات خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واألج���زاء‪ ،‬أو جتلی���ه بصور األش���یاء املختلف���ة كما یتوهمّ���ه أصحاب الفلس���فة والعرفان‪.‬‬
‫ً‬ ‫َ لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ال�ش��ء ال میك���ن أن یكون مفیضا لوجود غیره وخالق���ه إ إذا كان متعالیا عن‬ ‫ي‬ ‫‪.2‬إن‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫وج���وده ال واج���دا له بذات���ه و إ لزم حتصیل احلاصل وهو حم���ال‪ ،‬وذلك عیل عكس ما‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.354 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.294 / 2 ،‬‬
‫‪ . 3‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.291 / 2 ،‬‬
‫‪ . 4‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.292 / 2 ،‬‬
‫!يهانتماللا لوح ماهوألا ‬ ‫‪175‬‬

‫ً‬ ‫همّ‬
‫تتو ه الفلسفة من لزوم كون املعطي واجدا ملا یعطیه‪.‬‬
‫الالق وما س���واه خط���أ حمض وموجب‬ ‫بی خ‬‫الس���نخي ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذات‬ ‫‪.3‬االعتق���اد باالرتب���اط‬
‫ي‬
‫الالق تعایل من األساس‪.‬‬ ‫وخالقیة خ‬
‫ّ‬ ‫الهندام بناء التوحید‬
‫ّ‬
‫امتدادی���ة خملوقة قابلة‬
‫ّ‬ ‫‪.4‬إن صف���ات األش���یاء م���ن العلم واحلی���اة والقدرة و‪ ...‬كله���ا‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫للوجود والعدم‪ ،‬خ‬
‫املتعال عن االمتداد واألجزاء یباین ذلك كله بالذات وال میكن‬ ‫ي‬ ‫والالق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أن یكون واجدا هلا بأعیاهنا‪ ،‬ومالكا هلا بنحو اال ّتصاف هبا‪.‬‬
‫ً‬
‫‪.5‬إن اهلل تعاىل ال ّیتصف بالصفات مطلقا‪،‬وذلك النتفاء موضوع اال ّتصاف يف شأنه‬ ‫ّ‬
‫تعاىل بل هو ذات علم قدرة حیاة نور‪...‬‬
‫ال�ت�� ال اس���تقالل هلا يف وجوده���ا _ ال میكن أن یف���رض هلا وجود‬
‫‪.6‬الصف���ة _ وه���ي ي‬
‫وشء‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫شء ي‬ ‫متوسط بی ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إیادا و إعداما وحمكا وس���لطانا‪ ،‬وال یكون‬‫‪.7‬القاهر ّی���ة هي التس���لط عىل املخل���وق ج‬
‫همّ‬ ‫ّ‬
‫الوجودیة كما تتو ه الفلسفة‪.‬‬ ‫باحلوایة واإلحاطة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪.8‬الالمتناهي منتف ثبوتا وموضوعا‪.‬‬
‫ً‬
‫معتمدا عىل الذات املتعالیة فكیف میكن االعتقاد ّ‬
‫بأن‬ ‫‪.9‬إذا كان العامل بقاطبة أجزائه‬
‫الالق متعال عن األجزاء واألبعاض؟!‬ ‫وجود خ‬
‫ً‬
‫وجاء يف املیزان أیضا‪:‬‬
‫«قوله ‘‘الكبیر المتعال’’ اسم من أسمائه تعالى الحسنى‪ ،‬والكبـر ویقابله الصغر من‬
‫فإن األجس���ام إذا قیس بعضه ��ا إلى بعض من حیث حجمها‬ ‫المعاني المتضایفة‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫المتف���اوت فما احت���وى على مثل حجم اآلخر وزیادة كان كبیرا وما لم یكن كذلك‬
‫ً‬
‫صغیرا‪ّ ،‬ثم ّ‬
‫توسعوا فاعتبـروا ذلك في غیر األجسام‪.‬‬ ‫كان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والذي یناس���ب ساحة قدس���ه تعالى من معنى الكبـریاء إنه تعالى یملك كل كمال‬
‫‪176‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫لشيء ویحیط به فهو تعالى كبیر أي له كمال كل ذي كمال وزیادة»‪.‬‬
‫(((‬

‫التوسع الذي ّیدعونه ال میكن أن یكون له مصداق غیر األجسام ذوات احلجم‬ ‫نقول‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫یصـرحون ّ‬ ‫القابلة للز یادة والنقصان الت ذكروها‪ ،‬وهم ّ‬
‫بأن‪« :‬له تعاىل كمال كل ذي كمال‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫ال ّ‬
‫سمي شیئا‪.‬‬ ‫وز یادة!!» بداهة ّأن املعىن الذي ذكره ما افترق عن معىن الكبـر ج‬
‫بـأن «اهلل تعاىل جس���م ال‬ ‫فتفس���یر اس���م «الكبی���ر» مب���ا زعموه‪ ،‬یكون كق���ول القائ���ل ّ‬
‫لالتصاف‬ ‫املتجزئ القابل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫الشء‬ ‫ّ‬
‫كاألجسام» حیث زعم أن للجسم معىن غیر ي‬
‫ّ‬
‫بالتوس���ع! وهذا هو اإلمام‬ ‫بالتناه���ي وع���دم التناهي‪ّ ،‬مث یعتبـرون اهلل تعاىل مصداق ذلك‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ یقول‪:‬‬ ‫أمیر‬
‫ً‬ ‫امتدت به الهنایات ّ‬ ‫«لیس بذي كبـر ّ‬
‫فكبـرته جتسیما‪ ،‬وال بذي عظم تناهت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫به الغایات فعظمته جتسیدا‪ ،‬بل كبـر شأنا وعظم سلطانا»‪.‬‬
‫املفسـر بعدم تناهي الذات‬‫ّ‬ ‫فالكبـر الالئق بساحة قدسه هو عظم الشأن واملقام‪ ،‬ال الكبـر‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫شءوأ كثر!!الذيتخ بـرعنهالفلسفةبقوهلا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫لذات‬ ‫ة‬ ‫ّ‬
‫والواجدی‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫بكل‬ ‫واإلحاطةالوجودیة‬
‫ّ‬
‫«إن���ه تعالى في نفس���ه موجود ذو كمال غیر متن ��اه ّ‬
‫وأي كمال فرض غیره فهو متناه‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫والمتناهي متعلق الوجود بغیر المتناهي»‪.‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.307 / 11 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬هنج البالغة‪269 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،261 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.411 / 1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫المجردات‬ ‫أسطورة‬
‫‪178‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تزعم المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬


‫▪ ال یصدر عن ذات الخ الق تعاىل إلاّ شء واحد‪ ،‬وذلك أنهّ ا تقول‪ّ :‬‬
‫‘‘إن الواحد‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫ال یصدر عنه إ الواحد’’‬
‫▪ ال حمی���ص ع���ن الق���ول بوجود وس���ائط جم ّردة ع���ن الزم���ان وامل���كان ّ‬
‫والقوة‬
‫حت یستقمی أمر الخ لقة وصدور‬ ‫سمان ىّ‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫بی الخ الق والعامل ج‬
‫ال‬ ‫واالس���تعداد و‪ ...‬ن‬
‫األشیاء عن ذات الخ الق املتعال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫▪ یب ّ‬
‫تعدد املوجودات ّ‬
‫املجردة وتكثرها‬ ‫ج‬

‫والعلوم اإللهیّ ة البـرهانیّ ة تشدّد اإلنكار على ذلك ببیان‪:‬‬

‫شء ولیس مبصدرها‬ ‫ّ‬


‫▪ أن اهلل تعاىل خالق األشیاء ال من ي‬
‫املتعال عن االمتداد‬
‫ي‬ ‫يّ‬
‫احلقیق‬ ‫▪ هو الواحد‬
‫ّ‬
‫دفع���ي ال یقبل‬ ‫ذات وذل���ك ّأن الخ لق���ة أمر‬
‫▪ التوس���یط ف أم���ر الخ لق���ة حم���ال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫التوسیط لذاته‬
‫ّ‬ ‫▪ ّ‬
‫والتجرد یتناقضان‬ ‫التعدد‬
‫▪ قاعدة الواحد تناقض نفسها‬

‫و إلیك تفصیل البحث عن ذلك‪:‬‬


‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪179‬‬

‫ّ ّ‬
‫قد حتقق أنه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألف)‪ّ .‬إن ما جیوز علیه الوجود والعدم _ وهو كل ما سوى اهلل تعاىل _ میتنع أن یتحقق‬
‫ّ‬
‫وقابلیة الز یادة والنقصان‪.‬‬ ‫و یوجد يف غیر االمتداد والعدد واحلدود واألجزاء‬
‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ب)‪ّ .‬إن خ‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫لكل‬ ‫مبائنا‬ ‫والعدد‪،‬‬ ‫االمتداد‬ ‫عن‬ ‫متعالیا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫الالق ال یلیق به إ‬
‫الال���قواملخل���وق‪،‬أي ن‬
‫ب�ی��االمت���دادوم���ایباین���ه‪.‬‬ ‫ب�ی�� خ‬
‫ج)‪.‬ال ثال���ث ن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫د)‪ .‬املوج���ود املبائ���ن لالمتداد ال ّ‬
‫املتجزئ أیضا ال‬ ‫یتعدد بال���ذات؛ كما ّأن املوج���ود‬
‫ّ‬
‫یتوحد بالذات‪.‬‬
‫مفا ترى إذا األسطورة احلاكیة عن وجود جم ّردات خارجة عن االمتداد واألجزاء والزمان‬
‫والتغیر واحلركة والسكون؟!!‬ ‫ّ‬ ‫واملكان ّ‬
‫والقوة‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ َ ُ ّ ُ َ َ ْ َّ َ َ َ ُ ْ َ‬
‫وخ َر ُقوا َل ُه َب َ‬
‫نات ِبغ ْي ِر ِعل ٍم ُس ْبحان ُه‬
‫نين َوب ٍ‬ ‫<وجعلوا ِلل ِه ش���ركاء ال ِجن وخلقهم‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫وتعالى‏ َع َّما َي ِصفون>‪.‬‬
‫التأمل يف النقاط املذكورة فینبغي أن نسأل‪:‬‬ ‫نعم‪ ،‬بعد ّ‬
‫ّ‬
‫الزمان؟!‬ ‫الذات واحلادث‬ ‫ّ‬ ‫واملتحرك!؟‪ ،‬احلادث‬ ‫ّ‬ ‫الشء إىل الثابت‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ما هو مالك تقسمی ي‬
‫املجرد ّ‬
‫واملاد ّي؟!‬ ‫بالقوة وما بالفعل؟! املتناهي والالمتناهي؟! الواجب واملمكن؟! ّ‬ ‫ما ّ‬

‫‪ . 1‬األنعام (‪.100 ،)6‬‬


‫‪180‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬


‫موضوعي‪ ،‬ولیست إ تقسیمات‬ ‫ّ‬ ‫فإن هذه التقسیمات لیست إ تقسیمات بال واقع‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لالمتدادي إىل نفسه وغیره‪ ،‬بل إىل نفسه و إىل ما میتنع حتققه ثبوتا!!‬
‫املتكثرة تش���هد ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن املوجود‬ ‫وضـرورة العقل والبـرهان وس���یاق _ بل صـر یح _ الروایات‬
‫ّ‬
‫الع���ددي القابل للز یادة‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫الثان هو‬ ‫الال���ق واملخل���وق‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫ال ینقس���م إلاّ إىل خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واألول هو ما یكون عىل خالف ذلك‪ ،‬ومها متبائنان بكلهما فال یدخل ّ‬ ‫والنقصان‪ّ ،‬‬
‫األول‬
‫ً‬ ‫ف الثان‪ ،‬وال الثان ف ّ‬
‫األول أبدا‪.‬‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بتعددها؟! مع ّأن ن‬
‫بی‬ ‫املجردات واالعتقاد ّ‬ ‫بتجرد ّ‬ ‫بی االعتقاد ّ‬ ‫المع ن‬ ‫ما ندري كیف میكن ج‬
‫التعدد متالزمان‪.‬‬ ‫التجرد واستحالة ّ‬ ‫البدهیي ّأن ّ‬
‫ّ‬ ‫بی‪ ،‬كما ّأن من‬ ‫التجرد تالزم ّ ن‬
‫الكثرة وعدم ّ‬
‫ذات ّ‬ ‫جل جالله عن الزمان وامل���كان واألجزاء أمر ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن خ���روج وجود خ‬
‫ثبوت له‪،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الالق‬
‫ج���ل وعال عن االمتداد واألجزاء الذي یخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫وه���و ّ‬
‫تص به تعاىل وال میكن‬ ‫متفرع عىل تعالیه‬
‫ً‬
‫أن یوصف بذلك غیره مطلقا‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«‪ ...‬وخرج بسلطان االمتناع من أن یؤثر فیه ما يف غیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫فإن ّ‬
‫التعدد‬ ‫املجردات‪ ،‬شاهدة عىل التناقض ف القول بوجودها‪ّ ،‬‬ ‫بتعدد ّ‬ ‫فنفس القول ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫للتجرد‪.‬‬ ‫فرع االمتداد املبائن‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن اهلل تب���ارك وتع���اىل ال یوص���ف بزم���ان وال م���كان‪ ،‬وال حرك���ة وال انتقال وال‬
‫س���كون‪ ،‬بل ه���و خالق الزمان وامل���كان واحلركة والس���كون‪ ،‬تع���اىل ّ‬
‫عما یقول‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫الظاملون‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪273 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪181‬‬

‫ً‬ ‫ّ لاّ‬
‫أبدا‪ ...‬وما یكون ّ‬
‫بالقوة ال‬ ‫ّإن ما یقبل الوجود ال یتحقق إ يف االمتداد وال یخ رج عنه‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫أبدا وال ّ‬
‫ینفك عهنا ذاتا‪ ،‬وما ّیتصف بالزمان واملكان ال یخ رج عهنما‬ ‫القوة مطلقا‬‫یخ رج عن ّ‬
‫ً لاّ‬ ‫ً‬ ‫مكیفا ّ‬ ‫ً‬
‫مقدرا حمدودا ال یخ رج عن ذلك أبدا إ باالنعدام‪.‬‬ ‫أبدا‪ ،‬وما یكون ّ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وبكلم���ة واح���دة‪ّ :‬إن م���ا یقبل الز ی���ادة والنقص���ان بذاته ال یك���ون إ قاب�ل�ا للز یادة‬
‫أب���دا‪ ،‬وخروج���ه عن ذلك یس���تلزم خروجه عن ذاته‪ .‬مفن املح���ال أن ّ‬ ‫ً‬
‫یتحرك‬ ‫والنقص���ان‬
‫ال�ش��ء يف جوهره وذات���ه فیصبح بال زمان وال مكان وال امتداد‪ ،‬فینقلب و یخ رج عن ذاته‬ ‫ي‬
‫خ‬ ‫ّ ّ‬
‫القامئ فهیا‪ ،‬فإن كل ملوق قامئ بأجزائه وأبعاضه‪.‬‬
‫حت یص���ل عامل ّ‬
‫التجرد؟!‬ ‫یتحرك ف جوهره ىّ‬ ‫التجرد ملا یق���ال ّإنه ّ‬
‫یص���ح ّادعاء ّ‬ ‫ّ‬ ‫كی���ف‬
‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫الشء زمانیا بالبداهة؟!‬‫ألیس احلركة والتغیر متفرعا عىل كون ي‬
‫بالبعدیة نفس ّاتصافه بالزمان؟!!‬‫ّ‬ ‫الشء‬‫أ ولیس اتصاف ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫بتجرد أش���یاء خ‬
‫وملوقات‪ ،‬مع ّأن كل ما س���وى اهلل تعاىل يف معرض‬ ‫وكیف میكن القول ّ‬
‫التغییر والزوال؟‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«إن���ه لیس شء إلاّ یبید أو ّ‬
‫یتغیر‪ ،‬أو یدخله التغییر والزوال‪ ،‬أو ینتقل من لون‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫إىل لون‪ ،‬ومن هیئة إىل هیئة‪ ،‬ومن صفة إىل صفة‪ ،‬ومن زیادة إىل نقصان ومن‬
‫ً‬ ‫ن ّ‬ ‫نقص���ان إىل زی���ادة‪ ،‬إلاّ ّ‬
‫العاملی‪ ،‬فإنه مل یزل وال ی���زال واحدا‪ ...‬ال ختتلف‬ ‫رب‬
‫علی���ه الصفات واألمساء كما ختتلف عىل غیره مثل اإلنس���ان الذي‪ّ ...‬‬
‫یتبدل‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل خبالف ذلك»‪.‬‬ ‫علیه األمساء والصفات واهلل‬

‫المجرّدات هي شـركاء اهلل تعالى!!‬

‫نف الش���بیه عن اهلل‬ ‫نهّ‬ ‫ّ‬


‫إن���ك ترى بالرج���وع إىل روایات أهل العصمة أ م؟مهع؟ يف مقام ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،182 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪182‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لوهیة فیه تعاىل‪ ،‬یكتفون بإقامة الدلیل‬ ‫تعاىل وبیان احنصار عنوان املعبود الالئق به األ ّ‬
‫سمیة والصورة والشبح والتخطیط واالمتداد عنه تعاىل‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫نف ج‬ ‫عىل ي‬
‫الالق واالمتداد املخلوق كما تزعمه الفلس���فة القائلة‬ ‫بی اهلل خ‬‫ولو كان هناك واس���طة ن‬
‫ً‬
‫كافیا لبیان ما یتمای���ز به خ‬ ‫بوج���ود عامل ّ‬
‫الالق عن‬ ‫املجردات‪ ،‬ملا كان االس���تدال ل بذل���ك‬
‫تص اهلل تعاىل به من التعر یف و یباین به غیره‪ ،‬بل كانت ّ‬
‫املجردات‬ ‫املخلوق ومتییز ما یخ ّ‬
‫الالق‪ ،‬وكان ذلك‬ ‫الالق‪ ،‬وكان یثبت ّ‬
‫تعدد اآلهل���ة ال وحدة خ‬ ‫حینئ���ذ تدخ���ل ف تعر یف خ‬
‫ي‬
‫إثبات التشبیه ال نفیه!!‬
‫الالق عن مطلق ما س���واه بس���لب‬ ‫وبالمل���ة فإنهّ���م؟مهع؟ اكتف���وا ف مقام متییز ذات خ‬
‫ي‬ ‫ج‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ لاّ‬ ‫صفات االمتداد عنه ّ‬
‫فقط‪ ،‬وذلك ال یصح إ إذا كان مطلق ما سواه امتدادیا متجزئا‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألنه ّ‬ ‫ّ‬
‫األول ال بدء له‪ ،‬وال ش���به‪ ،‬وال مثل‪ ،‬وال‬ ‫بكیفیة املخلوق‪،‬‬ ‫«و إنمّ���ا الكی���ف‬
‫ضد‪ ،‬وال ّند»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫الشیئیة‪،‬‬ ‫شء حبقیقة‬‫‘‘شء’’ إىل أنه ي‬
‫بقول‪ ،‬ي‬
‫شء بالف األشیاء‪ .‬إرجع ي‬ ‫«هو ي‬
‫باحلواس الخ مس‪ ،‬ال‬
‫ّ‬ ‫غیر ّأنه ال جسم‪ ،‬وال صورة‪ ،‬وال ّ‬
‫حیس‪ ،‬وال ّ‬
‫حیس‪ ،‬وال یدرك‬
‫تدركه األوهام‪ ،‬وال تنقصه الدهور‪ ،‬وال ّ‬
‫تغیره األزمان»‪.‬‬
‫(((‬

‫الثان؟ع؟ ‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر ي‬
‫ضد وال ّند وال‬
‫املكیف‪ ،‬فر ّبنا تبارك وتعاىل ال ش���به له وال ّ‬
‫«الكیفیة للمخلوق ّ‬‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫كیفیة وال هنایة وال تصاریف»‪.‬‬
‫االمتدادي‪ ،‬خ‬
‫والالق الصمد الواحد‬ ‫ّ‬ ‫فانظ���ر إىل التقابل املوجود ن‬
‫بی املخلوق األجوف‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫الكاف‪،‬‏‪ 81 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،258 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪ ،117 / 1‬حبار األنوار‪ ،154 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪183‬‬

‫املتعال عنه‪ ،‬واس���تنتج من ذلك عدم‬ ‫األح���د‪ ،‬أي ن‬


‫ب�ی�� املوج���ود ذو االمتداد واملوج���ود‬
‫ي‬
‫إمكان وجود الواسطة بیهنما‪،‬‬
‫ّ‬
‫فإنه من ناحیة یقال‪:‬‬
‫باحلواس الخ مس‪ ،‬وال یقع علیه‬
‫ّ‬ ‫حیس‪ ،‬وال ّ‬
‫میس‪ ،‬وال یدرك‬ ‫«احلم���د هلل الذي ال ّ‬
‫الوهم‪ ،‬وال تصفه األ لسن»‪.‬‬
‫(((‬

‫ومن ناحیة أخرى یقال‪:‬‬


‫ّ‬
‫(((‬
‫الواس‪ ،‬أو ملسته األیدي فهو خملوق»‪.‬‬ ‫احلواس‪ ،‬أو ّ‬
‫جسته ج‬ ‫حسته ّ‬
‫«فكل شء ّ‬
‫ي‬
‫الش���یاطی إىل السماء وهم أمثال الناس يف الخ لقة‬
‫ن‬ ‫«‪ ...‬فقال كیف صعدت‬
‫والكثافة؟! وقد كانوا یبنون لس���لیمان ب���ن داوود من البناء ما یعجز عنه ولد‬
‫آدم؟!‬
‫ّ‬
‫ق���ال‪[ :‬اإلمام الصادق؟ع؟ ]‪ :‬غلظوا لس���لیمان كما س���خروا‪ ،‬وهم خلق رقیق‬
‫مّ‬
‫التس�ّن�‪ ،‬والدلیل عىل ذلك صعودهم إىل السماء الستراق السمع‪ ،‬وال‬ ‫غذاهئم‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫السم الكثیف عىل االرتقاء إلهیا إ بسلم أو سبب»‪.‬‬‫یقدر ج‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«والروح جسم رقیق ألبس قالبا كثیفا»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ّ‬
‫جل ولطف عن ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ال یوصف اهلل تعاىل ّ‬
‫احلس والوهم والدرك‪:‬‬ ‫بأنه لطیف إ مبعىن أنه‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«وأم���ا اللطیف فلی���س عىل قلة وقضاف���ة وصغر‪ ،‬ولكن ذلك ع�ل�ى النفاذ يف‬

‫‪ . 1‬اإلمام الصادق؟ع؟‪ ،‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬اإلمام الصادق؟ع؟‪ ،‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،70 / 14 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،185 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪184‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫عن ه���ذا األمر‪ ،‬ولطف فالن‬ ‫ّ‬


‫األش���یاء واالمتناع من أن ی���درك‪ ،‬كقولك‪ :‬لطف ي‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫متعمقا‬ ‫يف مذهب���ه‪ ،‬وقوله خیبـرك أنه غمض فهبر العقل وف���ات الطلب وعاد‬
‫ّ ً‬
‫ف���ا ال یدرك���ه الوهم‪ ،‬فهكذا لطف اهلل تبارك وتع���اىل عن أن یدرك ّ‬
‫حبد أو‬ ‫متلط‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫بوصف‪ ،‬واللطافة ّمنا الصغر والقلة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولیس اللطیف يف أوصافه تعاىل مبعىن ّأنه لطف يف ذاته فأصبح ألطف األشیاء وأرقها‪،‬‬
‫ال ّ‬
‫سمیة واالمتداد و إن بلغ ما بلغ‪:‬‬ ‫یخ‬ ‫ّ ّ‬
‫الشء عن ج‬ ‫فإن شدة اللطافة يف الذات ال رج ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫بالتجسم»‪.‬‬
‫(((‬
‫«لطیف ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫جس���ما مبعناه ّ‬ ‫لاّ‬
‫العام الش���امل لكل ما یوجد و یتحقق يف‬ ‫ّإن ما س���واه تعاىل لیس إ‬
‫االمتداد واألجزاء‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫شء جرى فیه أثر تركیب جلسم»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫«إن‬
‫ّ‬ ‫ف�ف�� مق���ام تنز یه وجود خ‬
‫الالق جل وعال عن األش���باه واألنداد ومتیی���زه عن مطلق ما‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والسم عنه تعاىل فقط‪:‬‬ ‫یكف سلب الصورة ج‬ ‫سواه ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬
‫شء وهو السمیع البصیر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كمثله‬ ‫لیس‬ ‫هو‪،‬‬ ‫«سبحان من ال یعلم كیف هو إ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪،‬‬‫ال حی���د‪ ،‬وال حیس‪ ،‬وال حیس‪ ،‬وال می���س‪ ،‬وال یدركه احلواس‪ ،‬وال حییط به ي‬
‫(((‬
‫ال جسم‪ ،‬وال صورة‪ ،‬وال ختطیط‪ ،‬وال حتدید»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،178 / 4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،304 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،154 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،301 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪185‬‬

‫«‪ ...‬ویل���ه‪ ،‬أما علم ّأن ج‬


‫الس���م حمدود متناه‪ ،‬والصورة حم���دودة متناهیة‪ ،‬فإذا‬
‫ً‬ ‫احتم���ل ّ‬
‫احلد احتمل الز یادة و إذا احتمل الز یادة والنقصان كان خملوقا‪ .‬قلت‪:‬‬
‫مفا أقول؟!‬
‫ومصور الصور‪ ،‬مل ّ‬
‫یتجزأ‪ ،‬ومل‬ ‫ّ‬ ‫قال؟ع؟ ‪ :‬ال جسم وال صورة‪ ،‬هو جم ّسم األجسام‪،‬‬
‫بی الخ الق واملخلوق‬
‫یتن���اه‪ ،‬ومل یتزاید‪ ،‬ومل یتناقص‪ ،‬لو كان كما یقول مل یكن ن‬
‫جس���مه ّ‬
‫وصو ره‬ ‫بی من ّ‬
‫املنش‪ ،‬فرق ن‬
‫ئ‬ ‫ئ‬
‫املنش واملنش���أ‪ ،‬ولكن هو‬ ‫ف���رق‪ ،‬وال ن‬
‫بی‬
‫ً‬
‫(((‬
‫شء وال یشبه هو شیئا»‪.‬‬ ‫وأنشأه إذ كان ال یشهبه ي‬
‫اإلمام أبو احلسن اهلادي؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء ال جسم وال صورة»‪.‬‬
‫(((‬
‫«سبحان من لیس كمثله ي‬
‫املوجود ّإما له صورة وامتداد‪ ،‬و ّإما متعال عن ذلك وال ثالث غیرمها‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«حد األشیاء كلها عند خلقه ّإیاها»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ألن احلجاب‬ ‫«م���ن زعم ّأنه یعرف اهلل حبجاب أو بصورة أو مبثال فهو مش���ـرك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫یوح���د من زعم أنه عرفه‬‫موحد فكیف ّ‬ ‫واملث���ال والصورة غی���ره‪ .‬و مّإنا هو واحد ّ‬
‫مّ‬ ‫مّ‬
‫بغیره‪ ،‬إنا عرف اهلل من عرفه باهلل مفن مل یعرفه به فلیس یعرفه إنا یعرف غیره‪،‬‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ن لخ‬
‫شء‪ ،‬واهلل خالق األشیاء ال من ي‬
‫لیس بی ا الق واملخلوق ي‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟‪:‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،302 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،269 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،161/ 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪186‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫جسم األجسام وهولیس‬ ‫فإنه ّ‬ ‫«‪ ...‬كل جس���م مغذى بغذاء إ الخ الق الراز ق‪،‬‬
‫جبس���م وال ص���ورة‪ ،‬مل ّ‬
‫یتجزأ ومل یتن���اه ومل یتزاید ومل یتناقص‪ّ ،‬‬
‫مبـ���رأ من ذات ما‬
‫جس���مه وهو اللطیف الخ بیر‪ ،‬الس���میع البصیر‪ ،‬الواحد األحد‬‫ّركب ف ذات من ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫وم ّسم األجسام‬
‫الصمد‪ ،‬مل یلد ومل یولد ومل یكن له كفوا أحد‪ ،‬منشـئ األشیاء ج‬
‫لخ‬
‫ومص ّ���ور الصور‪ ،‬ل���و كان كما تقول املش�ّب�هّ ة((( مل یعرف ا ال���ق من املخلوق‪،‬‬
‫وال الراز ق من املرزوق‪ ،‬وال املنش���ـئ من املنش���أ‪ّ ،‬‬
‫لكنه املنش���ـئ‪ ،‬فرق ن‬
‫بی من‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جسمه وصوره وشیأه وبینه إذا كان ال یشهبه ي‬
‫(((‬

‫فهل ترى جماالً للقول بوجود املوجود ّ‬


‫املجرد‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل خلو من خلقه وخلقه خلو منه‪ ،‬وكل ما وقع علیه اس���م‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫وجل فهو خ‬
‫شء‪ ،‬تبارك الذي لیس‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫خالق‬ ‫واهلل‬ ‫لوق‪،‬‬‫م‬ ‫شء ما خال اهلل عز‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫كمثله ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫وج���ل‪ّ ،‬‬
‫فأما ما‬ ‫شء فهو خملوق ما خ�ل�ا اهلل عز‬‫شء وق���ع علی���ه اس���م ي‬ ‫«وكل ي‬
‫(((‬
‫عبـرت األ لسن عنه أو عملت األیدي فیه فهو خملوق»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الواد؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ج‬


‫ّ‬ ‫متج���ز ئ وال ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متوهم بالقلة‬ ‫متج���ز ئ‪ ،‬واهلل واحد أحد ال‬ ‫«إن م���ا س���وى الواحد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متجز ئ‪،‬أو ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫متوهمبالقلةوالكثرةفهو خملوقدالعىلخالقله»‪.‬‬ ‫وكل ّ‬ ‫والكثرة‪،‬‬

‫‪ .1‬م���ن الق���ول بالصدور والس���نخية وقاعدة الواحد ال�ل�ازم مهنا بزعمهم القول بوج���ود ّ‬
‫املجردات ليقع‬
‫مصححا لصدور األشياء عن ذات خ‬ ‫ّ‬ ‫الالق والعامل ّ‬‫بي وجود خ‬ ‫ً‬
‫بـرزخا ن‬
‫الالق‪.‬‬ ‫املاد ّي و يكون‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،291 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،263 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪ ،117 / 1‬حبار األنوار‪ ،154 /4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬‫ي‬ ‫‪.5‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪187‬‬

‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬


‫امتدادیا‪:‬‬ ‫متجز یا‬ ‫شء سواه تعاىل إ خمتلفا يف ذاته‬
‫فال ي‬
‫اإلمام املجتىب؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫فیتجز ئ وال اختالف صفة فیتناهی»‪.‬‬ ‫«احلمد هلل الذي مل یكن له‪ ...‬شخص‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«فهو الواحد الذي ال واحد غیره ألنه ال اختالف فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«ق���ال [الزندیق]‪ :‬فكی���ف هو اهلل الواح���د؟ قال [اإلمام الص���ادق؟ع؟ ] واحد‬


‫ألن ما س���واه م���ن الواحد ّ‬
‫متجز ئ‪ ،‬وهو تبارك وتعاىل‬ ‫ف ذاته فال واحد كواحد‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫واحد ال متجز ئ وال یقع علیه العد»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«واهلل ج���ل جالله واحد ال واحد غی���ره‪ ،‬ال اختالف فیه‪ ،‬وال تفاوت‪ ،‬وال ز یادة‪،‬‬
‫وال نقصان»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫ث���ان مع���ه یقیم���ه وال یعض���ده وال یكفه‪،‬‬
‫«ف���اهلل تب���ارك وتع���اىل ف���رد واحد ال ي‬
‫مّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫ومش���یته و إنا اختلف الن���اس يف هذا‬ ‫والخ ل���ق میس���ك بعضه بعضا ب���إذن اهلل‬
‫وحتیروا وطلب���وا الخ الص من الظلم���ة بالظلمة يف وصفهم‬ ‫الباب ح�ّت�ىّ تاهوا ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫اهلل بصفة أنفس���هم فازدادوا من ّ‬
‫ع���ز وجل بصفاته‬ ‫احل���ق بعدا‪ ،‬ولو وصفوا اهلل‬
‫(((‬ ‫ن‬
‫والیقی وملا اختلفوا»‪.‬‬ ‫ن‬
‫املخلوقی بصفاهتم لقالوا بالفهم‬ ‫ووصفوا‬
‫لاّ‬
‫االمتدادي وكذا العكس‪:‬‬‫ّ‬ ‫فال ینسب إىل ما بخ الف االمتداد إ ما میتنع منه‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،196 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،67 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،173 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،316 / 10 ،‬عن التوحيد و العيون‪.‬‬
‫‪188‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫«ال یوص���ف بالكون ع�ل�ى العرش ألنه لیس جبس���م‪ ،‬تعاىل ع���ن صفة خلقه‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫عددیا‪ ،‬مفا هو‬ ‫امتدادیا‬ ‫الشء خملوقا وكونه‬ ‫ن‬
‫إن كان میكن فرض عدم التالزم بی كون ي‬
‫خ ً‬ ‫ً‬
‫وملوقا بإحداثه؟!!‬ ‫بإیاده‬‫الطر یق إىل إثبات كون ما سوى اهلل موجودا ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫وجل ن‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫وجل ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫حی‬ ‫حممدا باهلل عز‬ ‫مبحمد؟ص؟‪ ،‬ولكن عرف���ت‬ ‫«م���ا عرفت اهلل عز‬
‫خلقه وأحدث فیه احلدود من طول وعرض»‪.‬‬
‫(((‬

‫األوهام حول عالم المجرّدات‬

‫ّ‬
‫والربوبية إىل غير اهلل‪ ،‬و إثبات‬ ‫تری ف كتاب هناية احلمكة وبدایهتا ف إس���ناد خ‬
‫اللقة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أرباب األنواع‪ ،‬وهي ف الواقع إثبات لآلهلة ّ‬
‫املتعددة‪:‬‬ ‫ي‬
‫متقدس عن ّ‬
‫القوة»‪.‬‬
‫(((‬ ‫المادة ّ‬
‫مجرد عن ّ‬ ‫‘‘إن هذا العالم ّ‬
‫الماد ّي معلول لعالم ّ‬
‫نوري ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقلي معلولة للواجب تعالى بال واس ��طة وعلة متوسطة لما دونها‬ ‫«مرتبة الوجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعلة لمرتبة ّ‬
‫(((‬
‫والماد ّيات»‪.‬‬ ‫المادة‬ ‫من المثال ومرتبة المثال معلولة للعقل‬
‫العقلية ّ‬
‫الكلية‪...‬‬ ‫ّ‬ ‫عقلي مفارق ّ‬
‫للمادة فيه جميع الصور‬ ‫ّ‬
‫العقلية جوهر ّ‬ ‫«مفيض الصورة‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الجزئية»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫المثالية‬ ‫مثاليمفارقفيهجميعالصور‬ ‫ّ‬
‫الجزئيةجوهر ّ‬ ‫ّ‬
‫العلمیة‬ ‫مفيضالصور‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،318 / 3 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،273 / 3 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.280 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.310 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.146 ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪189‬‬

‫علة مفيضة لعالم ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫المادة»‪.‬‬
‫(((‬
‫«إن عالم العقل علة مفيضة لعالم المثال وعالم المثال‬
‫علة مفيضة لعالم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫المادة»‪.‬‬ ‫«عالم العقل علة لعالم المثال وعالم المثال‬
‫املجردات‪:‬‬ ‫ّ‬
‫التحدث عن عامل ّ‬ ‫وتقول الفلسفة عند‬
‫لتعلقها بالبدن ّ‬‫ً ّ‬ ‫«العالم ّ‬
‫الماد ّي بل‬ ‫الماد ّي عالم الحرك���ة والتكامل‪ ،‬والنفس أیضا‬
‫ّ‬
‫اتحاده���ا به محك���وم بهذا الحكم فهي ال تزال تس ��یر في منازل الس ��یر وتعرج على‬
‫ّ‬
‫الح���ق تعالی ّ‬
‫حتى تصل إلى ثغ ��ور اإلمكان والوجوب‬ ‫م���دارج الكم���ال وتقرب إلى‬
‫َ َّ َ ّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫���ك ال ُم ْن َتهى‏>‪ .‬ومنازل الس ��یر هي‬‫فعندئ���ذ ینتهي الس���یر وتقف الحرك ��ة <وأن ِإل ‏ى ر ِب‬
‫المادة وبین أشـرف مراتب الوجود‪.‬‬ ‫المتوسطة بین ّ‬‫ّ‬ ‫المراتب‬
‫ماد ّیة وغیر ّ‬
‫ماد ّیة‪ ،‬واألولى هي المراحل التي تقطعها ّ‬
‫حتى‬ ‫وهي بوجه ینقس���م إلى ّ‬

‫الكمالیة العالیة فوق ذلك‪ ،‬وحیث ّإن نسبة‬


‫ّ‬ ‫تصل إلى ّ‬
‫التجرد‪ ،‬والثانیة هي المراتب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االسمي إلى‬ ‫كل مرتبة عالیة بالنسبة إلى ما تحته نسبة العلة إلى المعلول‪ ،‬والمعنى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحرفي‪ ،‬والمس���تقل إلى غیر المستقل‪ ،‬كانت المرتبة العالیة مشتملة على كماالت‬
‫المرتبة الدانیة من غیر عكس‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العدمیة‪،‬‬ ‫فكلما أخذ ق���وس الوجود في النزول ضعفت المراتب وكث ��رت الحدود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اش���تدت المراتب وقلت الحدود إل ��ى أن تصل إلى وجود‬ ‫وكلم���ا أخذ في الصعود‬
‫ً‬ ‫ال ّ‬
‫حد له أصال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ووص���ول النف���س إل���ى كل مرتبة عب ��ارة ع ��ن تعلقها بتل ��ك المرتبة‪ ،‬وبعب ��ارة أخرى‬
‫ً‬
‫بمش���اهدة النفس ارتباطها بها‪ ،‬بحیث ال ترى لنفسها اس ��تقالال بالنسبة إلیها‪ ،‬و إن‬
‫(((‬
‫مما له من الحدود بالنسبة إلیها»‪.‬‬ ‫شئت قلت‪ :‬بفنائها عن ذاتها وخروجها ّ‬

‫حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.172 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.315 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫تق‪ ،‬حاشية البحار‪.47 / 58 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اليزدي‪ ،‬حممد يّ‬ ‫‪ . 3‬املصباح‬
‫‪190‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫التحول والتكامل‪،‬‬ ‫الضـروري ّأن النش���أة نشأة ّ‬
‫المادة والحا كم فیها قانون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن من‬
‫فما من موجود من الموجودات التي هي أجزاء هذا العالم إلاّ وهو ّ‬
‫متدرج الوجود‪،‬‬
‫متوج���ه من الضعف إلى ّ‬
‫القوة ومن النقص إلى الكمال في ذاته وفي جمیع توابعه‬ ‫ّ‬
‫ولواحقه من األفعال واآلثار‪ .‬ومن جملتها اإلنس ��ان الذي ال یزال ّ‬
‫یتحول ویتكامل‬
‫في وجوده وأفعاله وآثاره التي منها آثاره التي ّ‬
‫یتوسل إلیها بالفكر واإلدراك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫فم���ا م���ن واحد ّمن���ا إ وهو یرى نفس ��ه كل یوم أ كمل من أمس وال ی ��زال یعثر في‬
‫الحین الثاني على س���قطات في أفعاله وعث ��راث في أقواله الصادرة منه في الحین‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫األول‪ .‬وهذا أمر ال ینكره من نفسه إنسان ذو شعور»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكونی ��ة المنطبقة‬ ‫المكون���ه تدریجا الحاصلة بتوس ��ط األس ��باب‬ ‫«إن ف���ي األش���یاء‬
‫على الزمان والمكان جهة مع � ّ�راة عن التدریج خارجة عن حیطة الزمان والمكان‬
‫ّ‬
‫تدریجیة مرتبطة‬ ‫ه���ي من تلك الجهة أمره وفعله وكلمت ��ه‪ّ ،‬‬
‫وأما الجهة التي هي بها‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫الكونیة منطبقة على الزم ��ان والمكان فهي بها خلق‪ .‬ق ��ال تعالى‪< :‬ألا‬ ‫باألس���باب‬
‫َ‬ ‫َ ُ َ‬
‫���ه الخ ُلق َوالأ ُمر> ((( فاألمر هو وجود الش ��يء من جهة اس ��تناده إلیه تعالى وحده‪،‬‬‫ل‬
‫ّ‬
‫الكونیة فیه»‪.‬‬
‫(((‬ ‫والخلق هو ذلك من جهة استناده إلیه مع ّ‬
‫توسط األسباب‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«ال ت���زال الخلقة تق���ع مرحلة بعد مرحل ��ة‪ ،‬وتنال غایة بعد غای ��ة ّ‬
‫حتى تتوقف في‬
‫َََ‬
‫<وأ ّن ِإلى‏ َر ِّب َك‬ ‫غای���ة ال غای���ه بعدها‪ ،‬وذلك رجوعها إلى اهلل س ��بحانه‪ ،‬قال تعال ��ى‪:‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.66 / 1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬األعراف (‪.54 ،)7‬‬
‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.197 / 13 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪191‬‬

‫ْ‬
‫(((‬
‫ال ُم ْن َتهى‏>»‪.‬‬
‫ّ‬
‫[السبزواری] في منظومته‪:‬‬ ‫ّ‬
‫اإلنسانیة یكون فوق ّ‬
‫التجرد‪ ...‬یقول‬ ‫«إن مقام النفس‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و إنه���ا بح���ت وج���ود ظ���ل ح���ق عن ��دي وذا ف ��وق التج � ّ�رد انطل ��ق‬
‫ً‬ ‫املجردات ّ‬ ‫وتقول الفلسفة لتوجیه ّ‬
‫تعدد أفراد ّ‬
‫ومتیزها عرضا‪:‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫األفرادیة في العقل‬ ‫ّ‬
‫مج���رد فنوع���ه منحصـر في ف ��رد ‪ ...‬نعم یمكن الكث ��رة‬ ‫ّإن كل‬
‫ّ‬
‫الذاتي والحركة‬ ‫المجرد فیما لو استكملت أفراد عن نوع ّ‬
‫ماد ّي _ كاإلنسان بالسلوك‬ ‫ّ‬
‫والفعلیة‪ ،‬فیستصحب ّ‬
‫التمیز‬ ‫ّ‬ ‫الجوهریة _ من نشأة ّ‬
‫المادة واإلمكان إلى نشأة ّ‬
‫التجرد‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫والقوة»‪.‬‬ ‫الفردي الذي كان لها عند كونها في ّأول وجودها في نش ��أة ّ‬
‫المادة ّ‬ ‫ّ‬

‫تقدم من عباراهتم‪:‬‬‫نقد و إشكال عیل ما ّ‬

‫الوهر ّیة إىل المكال تخ الف األدیان والوجدان‪:‬‬ ‫ّ‬


‫الفلسفیة القائلة باحلركة ج‬ ‫‪ّ . 1‬إن العقیدة‬
‫یقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َ ْ ْ َ َ ُ‬
‫(((‬
‫سان ل ِفي‏ خ ْسر‪>...‬‬‫ِ<إن‏ ال ِإن ‏‬
‫َ‬
‫ُ َّ َ َ ْ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫<ل َق ْد َخ َل ْق َنا ْالإ ْن َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ناه أ ْسف َل ِ‬
‫ساف ِلين‏>‪.‬‬ ‫سان‏ فِي‏ أ ْح َس ِن‏ تق ِو ٍيم‪ ،‬ثم ردد‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َِ ّ ُ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬
‫(((‬
‫ق أ فلا َي ْع ِقلون‏>‪.‬‬‫<و َم ْن ن َع ِّم ْر ُه‏ نن ِك ْس ‏ه فِي‏ الخل ِ ‏‬
‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫ً َ ْ ّ ْ ْ َُ ْ ُُ‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫ََ ْ ََْ‬
‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫���ن وال ِإن ِس‏ لهم قلوب ل���ا يفقهون ِبها‬ ‫م ك ِثي���را ِمن ال ِج‬ ‫<ولق���د ذرأن���ا ِلجهن ‏‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َُ ْ ٌ َ ْ َ ُ َ ُ َ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫عام َبلْ‬
‫ولئك كالأن ِ‬ ‫ول ُه ْم أعين لا يب ِصرون ِبها ولهم آذان لا يس���معون ِبها أ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫ُ ْ َ َ ُّ ُ َ ُ ُ ْ ُ‬
‫(((‬
‫غافلون‏>‪.‬‬ ‫ولئك هم ال ِ‬ ‫هم أضل أ ِ‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.197 / 13 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.316 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪ . 3‬العصر (‪.4 _ 3 ،)103‬‬
‫التي (‪.5 _ 4 ،)95‬‬‫‪ .4‬ن‬
‫‪ . 5‬يونس (‪.69 ،)10‬‬
‫‪ . 6‬األعراف (‪.185 ،)7‬‬
‫‪192‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ ُ‬ ‫ً‬ ‫َّ َ َ ْ ُ َّ‬


‫شاكرا ِوإ َّما كفورا>‪.‬‬
‫(((‬
‫يل ِإ ّما ِ‬
‫السب َ‏ َ‬
‫ِ<إنا هديناه‏ ِ‬
‫طان َف َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ ُ َّ‬
‫الش ْ���ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ ْ ََ‬
‫كان ِم َن‬ ‫آياتنا فانس���لخ ِمنها فأتبعه‬ ‫ِ‬ ‫‏‬
‫ناه‬ ‫ي‬ ‫آت‬ ‫‏‬
‫ي‬ ‫ذ‬‫<وات ُل‏عل ْي ِه ْم‏ ن َبأ ِ‬
‫ال‬
‫َّ ُ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َ َّ َ َ َ ُ َ َ ُ َ َ‬ ‫ين‪َ .‬و َل ْو ِش ْئنا َل َر َف ْع ُ‬ ‫ْالغاو َ‬
‫واه ف َمثل ُه ك َمث ِل‬ ‫ولكنه أخلد ِإلى الأر ِض واتبع ه‬ ‫ناه ِبها ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ ْ َّ َ َ ّ َُ‬
‫���ل عليهِ يلهث أو تتركه يلهث ذ ِلك مث ُل القو ِم ال ِذين كذبوا‬ ‫ْال َك ْل ِب إ ْن ت ْح ِم ْ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬
‫ون>‪.‬‬ ‫بآيات َنا‪....‬وأنف َس ُه ْم كانوا َيظل ُم َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫(((‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫(((‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض ِبغ ْي ِر ال َحق‏>‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫اس َتك َب ُروا فِي‏ الأ ْر ِ ‏‬
‫ْ‬ ‫عاد َف ْ‬‫<ف َأ َّما ٌ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ َ َّ َ ُ ُ َ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ ُّ ْ َ َ َ ْ‬
‫(((‬
‫م فاستحبوا العمى‏ على‏ الهدى‏>‪.‬‬ ‫<و أما ثمود فهديناه ‏‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ َ ُ َ َّ َ َّ ُ ُّ ُ َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ َ‬
‫(((‬
‫ناه ْم‏ ِل ّلن ِاس‏ َآية>‪.‬‬ ‫وح لما كذبوا الرسل‏ أغرقناهم‏ وجعل‬ ‫<و قوم‏ ن ٍ ‏‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ََ ْ َُُّْ َُ ّ ْ ُ ْ َْ َ‬
‫ق أ فل���ا َي ْع ِقلون> فإنه ّرد عىل الزنادقة الذین‬‫���ه فِي‏ الخل ِ ‏‬
‫«<ومن نع ِمر ‏ه نن ِكس ‏‬
‫‘‘إن الرج���ل إذا نكح امل���رأة وص���ارت النطفة يف‬ ‫یبطل���ون التوحی���د ویقول���ون‪ّ :‬‬
‫تلقته أش���كال من الغ���ذاء ودار علیه الفلك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ومر علی���ه اللیل والهنار‪،‬‬ ‫الرح���م‬
‫فیولد اإلنسان بالطبایع من الغذاء ومرور اللیل والهنار»‪.‬‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫<و َم ْن ن َع ِّم ْر ُه‏ ن َن ِك ْس ُ ‏ه فِي‏ الخل ِ ‏‬
‫ق‬ ‫فنقض اهلل علهیم قوهلم يف حرف واحد فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ََ َْ ُ‬
‫أ فل���ا يع ِقل���ون> قال‪ :‬ل���و كان هذا كما یقول���ون ینبغي أن یز ید اإلنس���ان أبدا‬
‫ما دامت األش���كال قامئ���ة‪ ،‬واللیل والهنار قامئان‪ ،‬والفل���ك یدور‪ ،‬فكیف صار‬
‫ّ‬ ‫یرج���ع إىل النقص���ان ّكلم���ا ازداد ف الكبـ���ر إىل ّ‬
‫الطفولیة ونقصان الس���مع‬ ‫حد‬ ‫ي‬

‫‪ . 1‬اإلنسان (‪.4 ،)76‬‬


‫‪ . 2‬األعراف (‪.178 _ 176 ،)7‬‬
‫‪ّ .3‬‬
‫فصلت (‪.14 ،)41‬‬
‫فصلت (‪.17 ،)41‬‬‫‪ّ .4‬‬
‫‪ . 5‬الفرقان (‪.38 ،)25‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪193‬‬

‫والقوة والفقه والعلم واملنطق ىّ‬


‫حت ینق���ص وینتكس يف الخ لق ولكن‬ ‫والبصـ���ر ّ‬
‫ذلك من خلق العز یز احلكمی وتقدیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫تحّ‬ ‫بتعلق النفس بالبدن ّ‬ ‫ّ‬


‫املاد ّي یناقض القول با ادمها‪.‬‬ ‫‪ . 2‬القول‬
‫الالق خ‬
‫واللق‬ ‫ة‪،‬فإن خ‬ ‫ّ‬
‫الوجودی ّ‬ ‫احلق تعایل لیس من حیث احلقیق���ة‬ ‫التق���رب إىل ّ‬
‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالكلیة فال ّ‬ ‫ً‬
‫الوجودي‪:‬‬ ‫یتصو ر بیهنما القرب والبعد‬ ‫متبائنان وجودا‬
‫سید الشهداء علیه‏السالم‪:‬‬‫ّ‬

‫«قربه كرامته وبعده إهانته»‪.‬‬


‫(((‬

‫الالق واملخلوق حجاب میكن رفعه‪ ،‬وال یكون بیهنما ثغر میكن اال قتراب‬ ‫بی خ‬‫لی���س ن‬
‫متج���زئ وذاك خالق متعال ع���ن االمتداد‬‫ّ‬ ‫امت���دادي خملوق‬
‫ّ‬ ‫والدن���و منه‪ّ ،‬‬
‫فإن اإلنس���ان‬ ‫ّ‬
‫حت میكن‬ ‫واألج���زاء‪ ،‬ولی���س التفاوت بیهنم���ا بالتفاض���ل أو التناقص‪ ،‬أو الصغ���ر والكبـر ىّ‬
‫لاّ‬ ‫التقرب منه بالتزاید‪ ،‬أو االش���تداد‪ ،‬أو التشابه‪ ،‬ولیس بینه تعاىل ن‬ ‫ّ‬
‫وبی خلقه حجاب إ‬
‫أنهّ���مخلق���هوفعل���ه‪،‬فكی���فمیك���نارتف���اعه���ذااحلج���ابأوترقیق���ه؟!‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«هو أقرب إلینا من كل قر یب‪ ،‬وأبعد من الشبه من كل بعید»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫وبی خلق���ه المتناعه ّمما میكن يف ذواهتم‪ ،‬وإلمكان ذواهتم ّمما‬
‫«احلجاب بینه ن‬
‫میتنع منه ذاته‪ ،‬والفتراق الصانع واملصنوع»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫‪ . 4‬إذا كان الس���یر ن‬


‫ب�ی�� درج���ات اإلم���كان والوج���وب ممكنا بالذات‪ ،‬مف���ا هو املوجب‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،231 / 4 ،‬عن تفسير ّ‬


‫القم ّي‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.56 ،‬‬
‫‪194‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫للتوق���ف ف درجة ّ‬
‫الوجودیة ممكنا بالذات مفا‬ ‫خاصة مهنا؟! واذا كان الصعود يف املراتب‬ ‫ي‬
‫هو املانع من الوصول إىل درجة الوجوب؟!‬
‫َ َّ َ ّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫���ك ال ُم ْن َتهى‏>‪ ،‬عىل فرض دال لهتا‬ ‫فاآلی���ة املستش���هد هبا وهي قوله تعاىل‪< :‬وأن ِإلى‏ ر ِب‬
‫بی الواجب واملمكن _ وهو فرض باطل _‬ ‫بی املراتب املوهومة الواقعة ن‬‫عىل إمكان السیر ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ینبغي أن یستدل هبا عىل وصول املمكن إىل مرتبة الوجوب ال التوقف دوهنا!!‬
‫بعینیة ذات‬ ‫واألعج���ب م���ن ذلك ّكله أنهّ���م یلتزمون هبذا التال الفاس���د و یعتق���دون ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫خ‬
‫الالق واملخلوق واندكاكها يف الذات املتعالیة مطلقا‪.‬‬
‫ّ ً‬
‫‪ . 5‬الوجود یستحیل أن یكون مشككا وذا مراتب‪.‬‬
‫ّ‬
‫املس���ماة‬ ‫ّ‬
‫الفلس���فیة‬ ‫‪ . 6‬وجود املمكن األش���ـرف حمال‪ ،‬وذلك ال قتضاء نفس القاعدة‬
‫لاّ‬ ‫ّ ّ‬
‫فإن كل مرتب���ة من مراتب اإلمكان جی���ب أن ال توجد إ بعد‬ ‫بقاع���دة إمكان األش���ـرف‪،‬‬
‫ً‬
‫وج���ود فرد أش���ـرف مهنا‪ ،‬فیج���ب أن ال یوجد فرد من أفراد السلس���لة مطلقا‪ ،‬وذلك ّ‬
‫ألنه‬
‫ن‬ ‫ن ّ‬
‫مرتبی من السلسلة‪ ،‬بل حتدید‬ ‫بی كل‬ ‫ال میكن حتدید مراتب المكال والش���ـرف الواقعة‬
‫خاصة مهنا خالف ذاهتا‪.‬‬ ‫السلس���لة القابلة للز یادة والنقصان مبرتبة ّ‬
‫ماد ّیة وغیر ّ‬
‫ماد ّیة باط���ل‪ ،‬والقول بوجود‬ ‫‪ . 7‬تقس�ی�م ما س���وی اهلل تعایل إىل مرات���ب ّ‬
‫املجرد عىل ما دونه من ّ‬
‫املادیات یخ الف‬ ‫التجرد وهم‪ ،‬بل نفس القول بإحاطة ذات ّ‬ ‫ّ‬ ‫عامل‬
‫ّ‬
‫التجرد و یناقضه‪.‬‬ ‫معىن‬
‫املتجزئ عن أجزائه یساوي عدمه‪ ،‬مفا هو معىن وصوله‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫الشء‬
‫‪ . 8‬خروج ي‬
‫ّ‬
‫التجرد باالستمكال؟!‬ ‫إىل مرتبة‬
‫یئا عن ّ‬‫ً‬ ‫‪ . 9‬إذا كان املوجود ّ‬
‫القوة واالس���تعداد‪ ،‬مفا هو‬ ‫منتحل الفلس���فة بـر‬
‫ي‬ ‫املجرد عند‬
‫ّ‬
‫التجرد؟!‬ ‫معىن السیر يف املراتب المكالیة العالیة فوق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واحلرف حتر یف ومتو یه ال یس���اعده‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫االمسي‬ ‫املعىن‬ ‫إىل‬ ‫واملعلول‬ ‫ة‬‫العل‬ ‫‪ . 10‬تأو یل معىن‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪195‬‬

‫العرف واللغة والبـرهان والوجدان‪.‬‬


‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫ف���إن عل���ة الوجود هي ما توجد املعل���ول‪ ،‬وال میكن أن یكون املعل���ول جزءا من ذات‬
‫ّ‬
‫العل���ة أو مرتب���ة من مراتب وجودها بالبداهة‪ ،‬وعدم اس���تقالل املعل���ول يف وجوده لیس‬
‫ّ‬
‫مبعىن دخوله يف ذات العلة وعدم خروجه عهنا بل یكون مبعىن قبوله الوجود بعد عدمه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إیادا و إبداعا‪.‬‬
‫بواسطة العلة ج‬
‫‪ . 11‬املرتبة املشتملة عىل مراتب وكماالت‪ ،‬تكون ّ‬
‫متجز ية وال میكن جت ّردها‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 12‬تفسیر الوصول إىل املراتب مبعىن التعلق تارة‪ ،‬ومبشاهدة عدم االستقالل أخرى‪،‬‬
‫ً‬
‫وبالفناء عن الذات ّمرة ثالثة‪ ،‬یكون تفسیرا باملتناقضات‪.‬‬
‫ّ‬
‫التجرد بعد‬ ‫ّ‬
‫الفردي للس���الك الواصل إىل نش���أة‬ ‫‪ . 13‬ما هو معىن اس���تصحاب ّ‬
‫التمیز‬
‫ّ‬
‫فقه���ي‪ ،‬أم أمر غر یب‬ ‫ّ‬
‫تعبدي‬ ‫ّ‬
‫أصولی���ة؟ أم حكم‬ ‫خروج���ه ع���ن عامل ّ‬
‫امل���ادة؟! أهو قاعدة‬
‫يّ‬
‫فلسف‪ ،‬أم‪...‬؟!‬
‫ّ‬
‫الجوهرية الموهومة‬ ‫الحركة‬

‫ّمث ّإنه ما هو الدلیل والبـرهان امللزم عىل جعل األصل يف جوهر األشیاء هي احلركة إىل‬
‫والحود الواقع بأعیننا‬ ‫ىّ‬ ‫ّ‬
‫التج���رد والمكال؟! حت یلزمنا تأو یل النقائ���ص واملعاصـي والكفر ج‬
‫إىل غیر واقعها ؟! وقد ّمر احلدیث عن اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ْ َُّ ُْ َُ ّ ْ ُ ْ َْ ََ‬
‫ق أ فل���ا َي ْع ِقلون> فإن���ه ّرد عىل الزنادقة‬
‫‪<‘‘ ...‬وم���ن نع ِم���ر ‏ه نن ِكس���ه‏ فِي‏ الخل ِ ‏‬
‫الذین یبطلون التوحید ویقول���ون‪ّ :‬إن الرجل إذا نكح املرأة وصارت النطفة يف‬
‫الرحم تلقته أشكال من الغذاء ودار علیه الفلك ّ‬
‫ومر علیه اللیل والهنار فیولد‬
‫اإلنسان بالطبائع من الغذاء ومرور اللیل والهنار‪.‬‬
‫ْ َْ‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫<و َم ْن ن َع ِّم ْر ُه‏ ن َن ِك ْس ُه‏ فِي‏ الخل ِ ‏‬
‫ق‬ ‫فنقض اهلل علهیم قوهلم يف حرف واحد فقال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ََ َْ ُ‬
‫أ فلا يع ِقلون؟> قال‪ :‬لو كان هذا كما یقولون ینبغي أن یز ید اإلنس���ان أبدا ما‬
‫‪196‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫دامت األش���كال قامئة واللیل والهن���ار قامئان والفلك یدور‪ ،‬فكیف صار یرجع‬
‫ّ‬ ‫إىل النقص���ان ّكلم���ا ازداد ف الكبـر إىل ّ‬
‫الطفولیة ونقصان الس���مع والبصـر‬ ‫حد‬ ‫ي‬
‫لخ‬ ‫ىّ‬
‫والقوة والفقه والعلم واملنطق حت ینقص وینتكس يف ا لق‪ ،‬ولكن ذلك من‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫خلق العز یز احلكمی وتقدیره»‪.‬‬
‫قیل لإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫تغیر فس���د‪ .‬قال‪ :‬ذل���ك قول الزنادق���ة‪ّ ،‬‬
‫فأما‬ ‫«‪ ...‬إنهّ���م یقول���ون ّإن الفل���ك إن ّ‬
‫لنبیه؟ص؟‪ّ ،‬‬ ‫شق اهلل القمر ّ‬ ‫املسلمون فال س���بیل هلم إىل ذلك‪ ،‬وقد ّ‬
‫ورد الشمس‬
‫قبل���ه لیوش���ع ب���ن نون‪ ،‬وأخبـ���ر بطول ی���وم القیام���ة وق���ال‪<َ :‬ك َأ ْلف َس َ���ن م ّماَ‬
‫ةٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ‬
‫(((‬
‫ت ُع ّدون‏>‪.‬‬
‫ً‬ ‫تقول الفلسفة حول عامل ّ‬
‫املجردات أیضا‪:‬‬
‫األول الذي یصدر من الواجب تعالى عقل واحد هو أش� �ـرف موجود‬ ‫ّ‬
‫«إن الص���ادر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ممكن و إنه نوع منحصـر في فرد‪ ،‬و إذ كان أش� �ـرف وأقدم في الوجود فهو علة لما‬
‫دونه وواس���طة في اإلیجاد‪ ،‬و ّإن فیه أ كثر من جهة واحدة ّ‬
‫یصح به صدور ما دون‬
‫ّ‬
‫العقلیة بما فیه من الكثرة البالغة‪.‬‬ ‫النشأة‬
‫ً‬
‫نزوال إلى ّ‬ ‫ّ‬
‫حد یحصل فیه من الجهات عدد‬ ‫فمن الواجب أن یترتب صدور العقول‬
‫یكافي الكثرة التي في النشأة التي بعد العقل»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن الممك���ن األش���ـرف یج���ب أن یك ��ون أقدم في مرات ��ب الوجود م ��ن الممكن‬
‫(((‬
‫األخس‪ ،‬فال ّبد أن یكون الممكن الذي هو أشـرف منه قد وجد قبله»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،231 / 9 ،‬عن تفسير ّ‬


‫القم ّي‪.‬‬
‫ن‬
‫الواعظي‪.264 / 2 ،‬‬ ‫ّ‬
‫النيشابوري‪ ،‬روضة‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫الفتال‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.317 _ 316 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.319 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪197‬‬

‫وتقول‪:‬‬
‫«وحیث ّإنه موجود بس���یط واحد محض‪ّ ،‬‬
‫یصح القول ب � ّ‬
‫�أن فیضه الصادر منه أمر‬
‫واحد بس���یط مطلق داخل في األش ��یاء ال بالممازجة وخ ��ارج عنه ال بالمبائنة‪ ،‬من‬
‫ألن العدد وغیره من‬‫�ددي‪ّ ،‬‬
‫دون أن ی���راد من الفیض الواح���د‪ ،‬الفعل الواحد الع � ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكم ّیات وهكذا س���ائر األعراض إنما تقع في المراتب النازلة والوس ��طى من مراتب‬
‫ّ‬
‫اإلطالقیة‪.‬‬ ‫ذلك الفیض الواحد بالوحدة‬
‫المعبـر عنه‬ ‫ّ‬
‫العددیة بالنس���بة إلى فیضه العمیم ولطفه المطلق _ ّ‬ ‫فال مجال للوحدة‬
‫�فیة الناطقة ّ‬
‫بأن‬ ‫بوجه اهلل والفیض المنبس���ط _ وهذا هو المراد من القاعدة الفلس � ّ‬
‫لاّ‬
‫‘‘الواحد ال یصدر عنه إ الواحد’’»‪.‬‬
‫(((‬

‫وتقول‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ق���د تحقق في مباحث العلة والمعلول ّأن الواح ��د ال یصدر منه إ الواحد‪ ،‬ولما‬
‫بسیطا من ّكل وجه‪ ،‬ال یتس ّـرب إلیه جهة كثرة ال ّ‬
‫عقلیة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان الواجب تعالى واحدا‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫تفصیلیا في عی ��ن اإلجمال‪ ،‬ال‬ ‫وجودي وجدان ��ا‬ ‫خارجی���ة‪ ،‬واجدا ل���كل كمال‬ ‫وال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وجودي لمكان المسانخة بین العلة‬ ‫یفیض إ وجودا واحدا بس���یطا به كل كمال‬
‫القوة واالستعداد‪.‬‬ ‫التامة من ّكل جهة‪ّ ،‬‬
‫والتنزه عن ّ‬ ‫الفعلیة ّ‬
‫ّ‬ ‫والمعلول‪ ،‬له‬
‫ّ‬ ‫الواجبي‪ ،‬فقیر إلیه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متقوم به‪ ،‬غیر مستقل دونه فیلزمه‬ ‫غیر أنه وجود ظل ّي للوجود‬
‫اإلمكانیة التي ّ‬
‫یتعین به ��ا مرتبتها في الوجود ویلزمها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمحدودیة‬ ‫ّ‬
‫الذات���ي‬ ‫النقص‬
‫ّ‬
‫اإلمكانیة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الماهیة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫والموج���ود الذي هذه صفتها عق���ل ّ‬
‫مجرد ذاتا وفعال متأخ ��ر الوجود عن الواجب‬
‫(((‬ ‫تعالى من غیر واس���طة‪ّ ،‬‬
‫متقدم في مرتبة الوجود على س ��ائر المراتب»‪.‬‬

‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬


‫اإلهلية‪.40 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.316 _ 315 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪198‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫نقد و إشكال لعباراهتم ّ‬


‫املتقدمة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ربطیة الوجود» _ كم���ا علیه صاحب الكالم‬ ‫واملعلولیة» مبع�ن�ى‬ ‫‪ . 1‬تفس���یر «العل ّی���ة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الصدرائیة _ یناقض تفس���یره مبعىن الصدور _ كما علیه إبن سینا يف‬ ‫املذكور تبعا للحمكة‬
‫لاّ‬
‫املبان يف الفلس���فات‬
‫ي‬ ‫بوحدة‬ ‫یعترفوا‬ ‫أن‬ ‫فلس���فته فكیف جیمع بیهنما يف كالم واحد؟ إ‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬ ‫املختلف���ة وهذا ّكله مع ّ‬
‫أجنبی���ان عن حقیقة معىن العلیة‬ ‫الغض عن ّأن كال التفس���یر ین‬
‫ّ‬
‫واملعلولیة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فإن ما سوى خ‬ ‫ّ‬
‫بإیاده جل وعال‪ ،‬ال بالصدور والتولد عن‬ ‫الالق تعاىل یكون موجودا ج‬
‫املقدس���ة يف صور األشیاء وأعیاهنا وكون الصادر واملصدر‬ ‫القدوس‪ ،‬وال بظهور ذاته ّ‬ ‫ذاته ّ‬
‫ً ً‬
‫واحدا عینا‪.‬‬
‫شء فال میكن أن‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬
‫شء‪ ،‬و إن ما یصدر عنه ي‬ ‫احلقیق ال میكن أن یصدر عن ذاته ي‬ ‫‪ . 2‬الواحد‬
‫ی ّ‬
‫متجز ن‬ ‫ّ‬
‫عددی ن‬ ‫ّ‬
‫امتدادی ن‬ ‫فإن صدور شء من شء ّ‬ ‫ً‬
‫واحدا‪ّ ،‬‬
‫ئی‪.‬‬ ‫ی‬ ‫متفرع عىل كوهنما‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫یكون‬
‫یتعدد بالذات‪ ،‬وعىل هذا‬ ‫احلقی�ق�� هو املتعال عن األجزاء واملقادی���ر فال ّ‬ ‫يّ‬ ‫‪ . 3‬الواح���د‬
‫ي‬
‫یتمیز وجود أحدمها‬ ‫تعددمه���ا وب َم ّ‬ ‫یصح ّ‬
‫فالواح���دان املذك���وران (الصادر واملصدر) كیف ّ‬
‫ِ‬
‫التعدد والصدور فهیما‪ ،‬یكش���ف عن بطالن وحدهتما‬ ‫عن اآلخر؟! فنفس فرض إمكان ّ‬
‫ّ‬
‫احلقیقیة‪.‬‬
‫وق���د ج���اء يف «تفس���یر املیزان» ما ه���و صـر یح يف اال لت���زام مبا ّبی ّناه م���ن امتناع فرض‬
‫ّ‬ ‫احلقیقیة مع ّ‬
‫ّ‬
‫التعدد والتكثر وذلك حیث یقول‪:‬‬ ‫الوحدة‬
‫ّ‬
‫«إن المفروضی���ن من الموجودین لو لم ّ‬
‫یتمیز أحدهما عن اآلخر بش ��يء خارج عن‬
‫ذاته‪ ،‬كان س���بب الكثرة المفروضة غیر خارج من ذاتهما فیكون الذات صـرفة غیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫مخلوط���ة‪ ،‬وصـرف الش���يء ال ّ‬
‫یتثنى وال ّ‬
‫یتكرر‪ ،‬فكان ما هو المف���روض كثیرا واحدا‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وهذا خلف‪ .‬فكل موجود مغایر الذات لموجود آخر»‪.‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.263 / 1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪199‬‬

‫ّ‬
‫والعرف���ان هو التركیب عن الوجود‬ ‫يّ‬
‫الفلس�ف��‬ ‫‪ . 4‬التركی���ب الباطل واملحال يف الواجب‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫العقلیة‪.‬‬ ‫ال ّ‬
‫ارجیة أو‬ ‫والعدم ال التركیب عن األجزاء خ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫املركبة خ‬ ‫كی���ف وأنهّ م قائلون بوحدة ذات خ‬
‫وعینیهتما معا‪،‬‬ ‫ارجیة‬ ‫الالق مع األش���یاء‬
‫ال ّ‬
‫ارجیة إلیه؛ وذلك‬ ‫العقلیة أو خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تس���ـرب الكثرة‬ ‫فال میكهنم ّإدعاء بس���اطة الذات وعدم‬
‫ّأن الفلسفة تقول‪:‬‬
‫«وهذا المعنى‪ ،‬أعني دخول األعدام في مراتب الوجود المحدودة وعدم دخولها‬
‫ّ‬
‫المؤدي إلى الصـرافة‪ ،‬نوع من البساطة والتركیب في الوجود غیر البساطة والتركیب‬
‫المصطل���ح علیه���ا في م���وارد أخ���رى _ وه ��و البس ��اطة والتركیب من جه ��ة األجزاء‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الوهمیة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العقلیة أو‬ ‫ّ‬
‫الخارجیة أو‬
‫اإلمجال» متناقضان فال جیتمعان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التفصیل» و«الوجدان‬ ‫ّ‬ ‫‪« . 5‬الوجدان‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ لاّ‬
‫ّ‬
‫العددیة واهلل‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫اإلمجال إ ال���ذات‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫التفصیل أو‬
‫ي‬ ‫‪ . 6‬ال ّیتص���ف بالوج���دان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جل جالله یتعاىل عن ذلك كله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وجودي وهلما‬ ‫‪ . 7‬إذا فرض كل واحد من الصادر واملصدر بسیطا واجدا لكل كمال‬
‫ّ‬
‫القوة واالس���تعداد‪ ،‬فمب یكون أحدمها علة واآلخر‬ ‫والتنزه عن ّ‬ ‫التامة من ّكل جهة ّ‬ ‫الفعلیة ّ‬
‫ّ‬
‫وجودي فرض عىل ما ّ‬
‫صـرح���وا ب���ه؟!‬ ‫ّ‬ ‫معل���والً وال یقصـ���ر أحدمها عن اآلخر ف ّ‬
‫أي كمال‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ن ّ‬
‫ب�ی�� العلة املوج���دة واملعلول حمال‪ ،‬ف���إن العلة املوج���دة هي ما توجد‬ ‫‪ . 8‬املس���انخ ة‬
‫لاّ‬
‫والالق ال یكون إ بخ الف خلقه‪:‬‬ ‫املعلول وتخ لقه‪ ،‬خ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء متعالیا عن‬
‫ي‬ ‫لكل‬ ‫مبائنا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫إ‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫«ال یلیق بالذي هو خالق‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء سبحانه وتعاىل»‪.‬‬
‫ي‬ ‫كل‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪ ،‬املرحلة األوىل‪ ،‬الفصل الثالث‪.‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬البـر املشهتر بتوحيد املفضل بن عمر‪.‬‬
‫‪200‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّإن ما ّ‬


‫یعد عند أصحاب الفلسفة علة ومعلوال _ وقد یوجد بیهنما املشاهبة واملسانخ ة‬
‫املوجد ف شء‪ ،‬بل هو ّ‬ ‫ّ‬
‫العلة املوج���دة واملعلول َ‬
‫شء واحد بأطوار‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫تط���و‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫_ فلی���س م���ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خمتلفة‪ّ ،‬‬
‫وتغیره بصور متكثرة؛ هذا‪ ،‬مع ّأن احللو قد ینتج حامضا واحلامض حلوا‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َْ َ‬ ‫<ي ْخ���ر ُج ْال َح َّي ِم َن ْال َم ِّي ِت ُوي ْخر ُج ْال َم ِّي َت ِم َن ْال َح ّ‬
‫حيي الأ ْرض َب ْع َد َم ْو ِتها‬
‫ِ‬
‫���ي ُ‬
‫وي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ون>‪.‬‬ ‫َوكذل َك ُت ْخ َر ُج َ‬
‫(((‬
‫ِ‬
‫وعن الرسول األعظم؟ص؟ يف حكایة املعراج‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«‪ّ ...‬مث رأی���ت مل���كا من املال ئكة جع���ل اهلل أمره عجبا‪ ،‬نصف جس���ده النار‪،‬‬
‫ئ‬
‫یط�ف�� النار‪ ،‬وهو ینادي‬ ‫والنص���ف اآلخر ثلج‪ ،‬فال الن���ار تذیب الثلج‪ ،‬وال الثلج‬
‫ّ‬ ‫بصوت رفیع ویقول‪ :‬س���بحان الذي ّكف ّ‬
‫حر هذه النار فال تذیب الثلج‪ ،‬وكف‬
‫بی الثل���ج والنار ّألف ن‬
‫بی‬ ‫مؤلف ن‬ ‫ّ‬ ‫حر هذه الن���ار‪ّ ،‬‬
‫اللهم یا‬ ‫یطف ّ‬ ‫بـ���رد الثل���ج فال ئ‬
‫(((‬ ‫ن‬
‫املؤمنی»‪.‬‬ ‫قلوب عبادك‬
‫الطبیعية ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫املاد ّیة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الس���نخیة املزعومة ال یس���تنتج إ من العلل‬ ‫ّ‬ ‫مضافا إىل ّأن وجوب‬
‫اإلی ّ‬ ‫ّ‬ ‫فبأي وجه ّ‬ ‫ّ‬
‫ادیة؟!‬ ‫یتسـرى حمكها إىل العلة ج‬
‫العلة‪ ،‬فال ّ‬ ‫ّ‬ ‫املستدل ن‬‫ّ‬
‫یصح التعبیر عنه بالوجود‬ ‫عی الربط إىل‬ ‫‪ . 9‬إذا كان املعلول عند‬
‫ّ‬
‫الربطي یكون‬ ‫فإن معىن الظ���ل أمر واضح ال خفاء فیه‪ ،‬والتعبیر به ع���ن الوجود‬
‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫الظ�ّل�‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬
‫مبعدا عن فهم املعىن املراد‪ ،‬وال یكون مقر با‪.‬‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬وهذا هو معىن كونه علة ملا س���واه‬ ‫‪ . 10‬إن اهلل تعاىل هو الالق ملا س���واه ال من ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واملعلولیة بكون‬ ‫وكون ما س���واه معلوال له‪ ،‬فقیرا إلیه‪ ،‬غیر مس���تقل دونه؛ فتفس���یر العل ّیة‬
‫صوره‬ ‫وتطو ًرا من ّ‬‫العلة‪ ،‬أو مرتب���ة من مراتب وجوده‪ ،‬أو ص���ورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املعل���ول ج���زءا من ذات‬

‫‪ . 1‬الروم (‪.19 ،)30‬‬


‫ّ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،323 / 8 ،‬عن تفسير القم ّي‪.‬‬
‫تادّرجملا ةروطسأ ‬ ‫‪201‬‬

‫وتطوراته _ كما علیه أصحاب الفلس���فة والعرف���ان‪ _ ،‬خالف الوجدان والبـرهان واألدیان‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫واملعلولیة‬ ‫ّ‬
‫والتق���وم بالغیر وعدم االس���تقالل‬ ‫ب���ل خ�ل�اف العرف واللغة‪ ،‬فتفس���یرهم الفقر‬
‫بذلك خطأ واضح‪.‬‬
‫مقد ن‬
‫متی‪:‬‬ ‫املجرد عن ّ‬
‫‪ . 11‬استنتج وجود العقل ّ‬
‫بی خ‬
‫الالق واملخلوق‬ ‫والسنخیة ن‬
‫ّ‬ ‫ألف)‪ .‬وجوب الشباهة‬
‫ّ‬
‫الوجودیة للمخلوق‬ ‫الرتبیة‬ ‫ّ‬
‫املحدودیة ّ‬ ‫ب‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫وبعد وضوح بطالن ّ‬
‫متی مبا ّبی ّناه مرارا تصبح النتیجة أیضا واضحة البطالن‪.‬‬ ‫املقد ن‬
‫أمورا ّ‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتكث���رة املزعومة ف العقول ّ‬
‫واقعیة فهیا فكیف‬ ‫املجردة إن كان���ت‬ ‫ي‬ ‫‪ . 12‬الوج���وه‬
‫ً‬
‫وت ّرده���ا؟ و إن كانت أمورا‬
‫ص���درت ع���ن الواحد ومل تنثلم هب���ا وحدة املصدر والعق���ول ج‬
‫ّ‬
‫الواقعیات الكثیرة املوجودة؟!‬ ‫واقعیة فكیف یس���تند إلهیا صدور‬ ‫ومهیة اعتبار ّیة غیر ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫الطوس ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الفلسفیة‪:‬‬ ‫«قدس سـره» يف شأن قاعدة «الواحد»‬ ‫ي‬ ‫نصیرالدین‬ ‫مة‬ ‫یقول الع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المجرد] مدخولة كقولهم‪‘‘ :‬الواحد ال یصدر عنه أمران’’»‪.‬‬
‫(((‬
‫«وأدلة وجوده [العقل‬
‫و یقول العلاّ مة ّ ّ‬
‫احلل ّ‬
‫«قدس سـره» بعد توضیح الكالم املذكور‪:‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫«إذا عرف���ت ه���ذا الدلیل فنق���ول بعد تس ��لیم أصوله‪ :‬إن ��ه إنما یلزم ل ��و كان المؤثر‬
‫فإن المختار ّ‬ ‫ً‬
‫موجبا‪ّ ،‬أما إذا كان مختارا فال‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫تتعدد آثاره وأفعاله»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫«قدس سـره» يف إثبات ّأنه تعاىل قادر‪:‬‬
‫الطوس ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫مة‬ ‫و یقول الع‬
‫اإلیاب‪ ،‬والواسطة غیر معقولة»‪.‬‬
‫(((‬
‫ینف ج‬‫«وجود العامل بعد عدمه ي‬
‫احلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«قدس سـره» يف توضیح كالمه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫مة‬ ‫و یقول الع‬

‫‪ . 1‬كشف املراد يف شـرح جتر يد االعتقاد‪.176 ،‬‬


‫‪ . 2‬كشف املراد‪.178 ،‬‬
‫‪ . 3‬كشف املراد‪.281 ،‬‬
‫‪202‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫«والدلی���ل عل���ى أنه تعالى قادر‪ ،‬أنا ق ��د ّبی ّنا ّأن العالم ح ��ادث فالمؤثر فیه إن كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫موجب���ا لزم حدوثه أو قدم م���ا فرضناه حادثا أعني العالم‪ ،‬والتالي بقس ��میه باطل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بیان المالزمة‪ّ :‬أن المؤثر الموجب یستحیل تخلف أثره عنه وذلك یستلزم ّإما قدم‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫العالم _ وقد فرضناه حادثا _ أو حدوث المؤثر ویلزم التسلسل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فظه���ر ّأن المؤثر للعالم قادر مختار‪ ...،‬والواس ��طة غیر معقول ��ة ألنا قد ّبی ّنا حدوث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والمعنى بالعالم كل ما س ��وى اهلل تعالى‪ ،‬وثبوت واس ��طة‬ ‫العالم بجملته وأجزائه‪،‬‬
‫بین ذات اهلل تعالى وبین ما سواه غیر معقول»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫التمسك بالمتشابهات إلثبات عالم المجرّدات‬

‫قد ّأولت الفالس���فة اآلی���ات والروایات الواردة يف أوصاف ال���روح واملالئكة إىل معان‬
‫وكل ما س���وى خ‬ ‫ّ‬
‫الالق‬ ‫التجرد‪ ،‬مع ّأن الروح وامللك‬ ‫تنطب���ق بزعمه���م عىل ما یعتقدون فیه ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫جل وعال یكون عند الشـرع _ كما ّ‬
‫تناف‬
‫ي‬ ‫بأوصاف‬ ‫وصف‬ ‫قد‬ ‫_‬ ‫أیضا‬ ‫العقل‬ ‫عند‬ ‫كذلك‬ ‫ه‬ ‫أن‬
‫التجرد‪ ،‬وال تخ رج عن االمتداد واألجزاء والصورة والشكل والزمان واملكان‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫التجرد‪:‬‬ ‫نصا يف عدم‬ ‫قال اهلل تبارك وتعاىل يف أوصاف املالئكة‬
‫جاع ِل‬ ‫ْ َْ‬ ‫���د لله فاط���ر َّ‬
‫الس‬ ‫م ْال َح ْم ُ‬‫الر ِحي��� ‏‬ ‫<ب ْس���م اهلل َّ‬
‫الر ْحم���ن َّ‬
‫���ماوات وال���أر ِض ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ ُ َّ‬ ‫َْ َ ُ ُ ً ُ َْ َ َْ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َْ‬
‫ى وثلاث ورباع‪ ،‬ي ِزيد فِي الخل ِق ما يشاء‪ِ ،‬إن‬ ‫لائكةِ رس���لا‪ ،‬أ ِولي‏ أج ِنحةٍ مثن ‏‬ ‫الم ِ‬
‫ُ َ َ‬
‫(((‬
‫اهلل َعلى‏ ك ِ ّل ش ْي ٍ‏ء ق ِدير>‪.‬‬
‫َُّ َْ َ ُ َْ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ ُ َّ ُ ْ َ‬
‫(((‬
‫لائكة تن ِزيلا>‪.‬‬ ‫مام ون ِزل الم ِ‬ ‫ماء ِبالغ ِ ‏‬ ‫ق الس‬ ‫<يوم‏ تشق ‏‬
‫ون ِب َح ْم ِد َر ِّب ِهم‏>‪.‬‬‫ن َح ْو ‏ل ْال َع ْرش‏ ُي َس ّب ُح َ‬ ‫<و َت َرى ْال َم ِ َ َ َ ّ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫لائكة ح ِافين‏ ِم ‏ ِ‬
‫(((‬
‫ِ‬

‫‪ . 1‬كشف املراد‪.281 ،‬‬


‫‪ . 2‬الفاطر (‪.2 _ 1 ،)35‬‬
‫‪ . 3‬الفرقان (‪.24 ،)25‬‬
‫‪ . 4‬الزمر (‪.74 ،)39‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪203‬‬

‫َ ْ َ َ ُ ُ ُّ ُ ْ َ َ ُ ًّ‬
‫(((‬
‫لائكة َصفا>‪.‬‬ ‫وح والم ِ‬ ‫وم الر ‏‬‫<يوم‏ يق ‏‬
‫ُ‬ ‫ً َ َّ‬ ‫َ ْ َُ َ َ ُ‬ ‫<و َن ّب ْئ ُه ْ‬
‫���م‏ ِإذ َدخلوا َعل ْيهِ فقالوا َس���لاما ق���ال ِإنا ِم ْنك ْم‬ ‫ـراهي‬ ‫���م‏ َع ْن‏ َض ْي ِ ‏‬
‫���ف ِإب ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫َّ ُ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫(((‬
‫لام َع ِليم‏>‪.‬‬‫َو ِجلون قالوا لا ت ْو َج ْل ِإنا نبشـرك ِبغ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ ُ ْ َ ُّ َ ْ ُ ْ َ ُ َ ُ َّ ُ ْ‬
‫(((‬
‫ون قالوا ِإنا أ ْر ِسلنا ِإلى‏ ق ْو ٍم ُم ْج ِر ِمين‏>‪.‬‬
‫<قال فما خطبكم‏ أيها المرسل ‏‬
‫َ‬ ‫ْ ُ ْ َ ُ َ َ َّ ُ َ‬ ‫َ َ َّ َ َ ُ‬
‫(((‬
‫ون قال ِإنك ْم ق ْو ٌم ُم ْنك ُرون‏>‪.‬‬ ‫وط المرسل ‏‬ ‫جاء آل‏ ل ٍ‬ ‫<فلما‬
‫َّ ُ‬ ‫َ َ‬
‫قال إ َّن ُ‬ ‫َ َ ْ ُ ْ َ َ َ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫َ َْ َ ُ‬ ‫هؤ ِ َ‬
‫ون واتقوا‬ ‫لاء ض ْي ِفي فل���ا تفضح ِ‬ ‫<وج���اء أهل‏ الم ِدينةِ َ يستبش���ـرون‏ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُْ‬
‫(((‬
‫ون قالوا أ ول ْم ن ْن َه َك َع ِن العال ِمين‏>‪.‬‬ ‫اهلل ولا تخز ِ‬
‫و یقول اإلمام الباقر؟ع؟ يف الروح‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫«إنمّ���ا إضافه إىل نفس���ه ألنه اصطفاه عىل س���ائر األرواح‪ ،‬كما اصطىف بیتا من‬
‫ّ‬
‫‘‘خلیل’’ وأشباه ذلك‪ ،‬وكل‬ ‫ي‬ ‫‘‘بیت»‪ ،‬وقال لرس���ول من الرس���ل‪:‬‬ ‫البیوت فقال‪ :‬ي‬
‫(((‬ ‫ذلك خملوق‪ ،‬مصنوع‪ ،‬حمدث‪ ،‬مر بوب‪ّ ،‬‬
‫مدبـر»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫مّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل أحد‪ ،‬صمد‪ ،‬لیس له جوف‪ ،‬و إنا الروح خلق من خلقه»‪.‬‬

‫‪ . 1‬األنبياء (‪.38 ،)21‬‬


‫‪ . 2‬احلجر (‪.53 ،51 _ 50 ،)15‬‬
‫‪ . 3‬احلجر (‪.58 _ 56 ،)15‬‬
‫‪ . 4‬احلجر (‪.62 _ 61 ،)15‬‬
‫‪ . 5‬احلجر (‪.69 _ 67 ،)15‬‬
‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،12 / 4 ،‬عن التوحيد‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،13 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪204‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫امتناع معرفة ذات اهلل تعالى‬
‫‪206‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول الفلسفة‪:‬‬

‫▪ ّإن كن���ه وج���ود الخ ال���ق ه���و حقیقة الوج���ود الالمتناهی���ة املتص ّ���و رة بالصور‬
‫املختلفة‪،‬‬

‫ویقول العرفان‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬
‫شء حاضـر وموجود عند نفسه حضورا‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫إن‬ ‫وحیث‬ ‫اهلل!‬ ‫وجود‬ ‫▪ ال وجود إ‬
‫ً‬
‫الشء عن نفسه _ فاألشیاء بأمجعها هي نفس‬ ‫ي‬ ‫سلب‬ ‫یستحیل‬ ‫حیث‬ ‫_‬ ‫ووجودا‬
‫وجود اهلل! وهذا احلضور والوجود هو نفس معین علم اهلل باألشیاء و إدرا كه هلا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لشء فقد ص���ار واجدا حلصة من ذات الخ الق بعیهنا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫واجدا‬ ‫صار‬ ‫من‬ ‫ف���كل‬
‫وهذا معین أدرا كه هلا وعلمه هبا‪.‬‬
‫نّ‬
‫ویهدف هذا الفصل الردّ على ذلك بأ ه‪:‬‬

‫▪ العلم لیس هو الوجود‬


‫ً‬
‫▪ ال تعرف ذات الخ الق تعایل مطلقا‪،‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫وأن كل معروف بنفسه مصنوع‪،‬‬ ‫االمتدادیة املخلوقة‪،‬‬ ‫▪ ال تعرف إ احلقیقة‬
‫▪ ال جمال للقول بوجود حقیقة الوجود الصـرف‪،‬‬
‫▪ الفحص عن حقیقة الذات املتعالیة جهالة أو زندقة‪،‬‬
‫▪ كمال معرفة الخ الق هو التصدیق بوجوده‪،‬‬
‫▪ تشبیه الخ الق خبلقه إحلاد‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫▪ حقیقة التوحید هي تنز یه وجود الخ الق تعایل عن كل ما سواه ذاتا ووصفا‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪207‬‬

‫ن‬
‫قسمی‪:‬‬ ‫املعرفة البشـر ّیة ّ‬
‫تقسم العلم إیل‬
‫ّ‬
‫احلضوري‬ ‫ألف ) العلم‬
‫احلصول‬ ‫ّ‬ ‫ب) العلم‬
‫ي‬
‫الشء يف نفسه ومن هاهنا تقول ّإن العلم‬ ‫والعلم احلضوري عندها هو نفس حضور ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أیضا تعترف ّ‬ ‫ً‬
‫احلضوري ال حیتمل النس���یان والتذكر‬ ‫بأن العلم‬ ‫هو الوجود ال غیر‪ .‬ومن هنا‬
‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬
‫الشء عن نفس���ه وهو حمال‪ ،‬وألن كل‬ ‫ي‬ ‫وجود‬ ‫س���لب‬ ‫یلزم‬ ‫كان‬ ‫والهل و‪ ...‬و إ‬ ‫والغفلة ج‬
‫احلضوري فه���و خارج عن إمكان اال ّتصاف‬ ‫ّ‬ ‫احلصول ّ‬
‫وأما العلم‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ذل���ك من ش���ؤون العلم‬
‫ً‬
‫بتلك األوصاف موضوعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫توجه ّ‬ ‫وأما من زعم ّأن ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنس���ان إیل نفسه یكون علما حضور ّیا مركبا بعد كونه عاملا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫واحلضوري ومل یصل إیل‬ ‫ّ‬
‫احلص���ول‬
‫ي‬ ‫بی العلم‬ ‫بس���یطا فقد خلط ن‬ ‫بنفس���ه علما حضور ّیا‬
‫توجه اإلنس���ان إیل نفس���ه من مصادیق‬ ‫احلضوري كما ینبغي‪ ،‬فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫حقیق���ة معین العلم‬
‫ن‬
‫القائلی به هو نفس وجود‬ ‫ّ‬
‫احلضوري عند‬ ‫احلضوري‪ّ ،‬‬
‫فإن العلم‬ ‫ّ‬ ‫احلصول ال العلم‬ ‫ّ‬ ‫العلم‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫التوجه والتذكر والغفلة و‪ ...‬موضوعا‪.‬‬ ‫بالتوجه وعدم ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشء‪ ،‬وذلك ال یقبل اال ّتصاف‬ ‫ي‬
‫و ّإن عند املعرفة البشـر ّیة‪:‬‬
‫الوجودیة (عند أهل الفلسفة) وبطوره خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫اص‬ ‫شء یكون واجدا وشامال مبرتبته‬ ‫ي‬ ‫كل‬
‫‪208‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫ب���ه (عن���د أهل العرف���ان) مرتب���ة أو حصة أو قبس���ا من حقیق���ة وجود اهلل تع���ایل‪ ،‬وهذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء بوجود‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫املس���می عندهم باحلضور والش���هود والوجدان هو معین علم‬ ‫الواجدیة‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫لربه‪ ،‬وذلك ّأنه ال وجود عندهم إ وجود اهلل‪ ،‬ووجود األشیاء لیس شیئا‬ ‫خالقه ومعرفته ّ‬
‫غیر وجود اهلل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مفعین وجدان ّكل شء ّ‬
‫لربه وكونه عارفا وعاملا به هو نفس كونه واجدا ملرتبة أو حلصة‬ ‫ي‬
‫ًّ ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫أو قبس أو جزء من وجود اهلل وجدانا حقیقیا ضـرور یا ذاتیا‪ ،‬وهذا العلم ال میكن س���لبه‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الوجودیة‪.‬‬ ‫الشء أجزاؤه وحصصه ومراتبه‬ ‫ي‬ ‫عن‬ ‫یسلب‬ ‫أن‬ ‫میكن‬ ‫أن‬ ‫یلزم‬ ‫شء‪ ،‬و إ‬ ‫عن ي‬
‫ّ‬
‫العقلیة أو‬ ‫ّ‬
‫العلمية أو‬ ‫فالعل���م حبقیقة كن���ه ذات اهلل تعایل إن كان باحلصول وبالصورة‬
‫ّ‬
‫ضـروري غیر قابل‬ ‫ّ‬
‫والواجدیة فهو‬ ‫الومهیة فهو باطل وحمال‪ ،‬و إن كان باحلضور والوجدان‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫شء مطلقا‪.‬‬ ‫للسلب عن ي‬
‫ّ‬
‫شء حیث ّإنه واجد لنفسه وغیر غائب عهنا فهو مع الغض عن حدود وجوده‬ ‫ي‬ ‫فكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعیناته الناش���ئة عن مرتبته أو حصته الوجودیة یكون حقیقة غیر متناهیة أزلیة أبدیة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ً لاّ‬ ‫ّ‬
‫فكل وجود هو اهلل‪ ،‬واهلل هو نفس وجود األشیاء بال متایز بیهنما أصال إ ّأنا إذا نظرنا إیل‬
‫ً‬ ‫اصة به ّ‬ ‫ال ّ‬‫الوجودیة خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتعینه فقد نراه ش���یئا غیر اهلل ومرتبة من‬ ‫شء أو احلصة‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫مرتبة‬
‫حصة من حصص ذاته الالمتناهیة‬ ‫مرات���ب الوجود الالمتناهي الذي یكون ه���و اهلل‪ ،‬أو ّ‬
‫ّ‬
‫األبدي‪.‬‬ ‫ال نفس وجوده الالمتناهي غیر ّ ن‬
‫املتعی األز ّيل‬
‫ً‬ ‫االعتباري خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الاطئ بل املوهوم ش���یئا غیر اهلل‪ ،‬ومن حیث‬ ‫شء یكون هبذا النظر‬ ‫ي‬ ‫فكل‬
‫وحصة وجزء من ذات اهلل‪ ،‬واهلل نفس وجود األشیاء بأمجعها‪،‬‬ ‫احلقیقة والواقع فهو مرتبة ّ‬
‫الفان غیر ناظر إیل‬ ‫يّ‬
‫احلقیق والسالك الواصل ي‬ ‫واألشیاء بأمجعها هي نفس ذات اهلل‪ .‬فالعارف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الاهل هو من یری لنفسه وجودا غیر وجود اهلل‪.‬‬
‫والتعینات أصال‪ ،‬واألحول ج‬ ‫املراتب واألجزاء‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبكلم���ة واحدة‪ :‬إن العلم احلضوري عند القائلی به هو كون ي‬
‫الشء نفس���ه‪ ،‬وحیث‬
‫ّ ّ‬
‫شء یك���ون ه���و هو بالضـرورة وال یكون وجوده غیر وج���وده‪ ،‬فأصبح معین العلم‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫إن‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪209‬‬

‫بالشء مبعناه الواقعي‪ ،‬وحیث ّإن وجود‬


‫ي‬ ‫الشء ال العلم‬ ‫ّ‬
‫احلضوري عندهم نفس وجود ي‬
‫ً‬
‫خارجا عنه مفعین علم خ‬ ‫األشیاء ال یباین وجود خ‬
‫الالق باألشیاء‬ ‫الالق عندهم وال یكون‬
‫الت هي غیر اهلل‪،‬‬ ‫خ‬ ‫خ‬
‫هو نفس وجود األشیاء يف ذات الالق ال علم الالق تعایل باألشیاء ي‬
‫كما ّأن وجودها (األش���یاء) يف ذات خالقها هو معین علمها بذات خالقها ووجداهنا لر بهّ ا‬
‫عندهم‪ .‬هذا متام كالم العرفاء والفالسفة يف معین العلم واحلضور والوجدان‪.‬‬
‫ً‬
‫ّمث ّإنه بعد وضوح ّأن هذه األوهام والخیاالت ال ربط هلا حبقیقة معین العلم أصال‪ ،‬وهي‬
‫شء باهلزل واللعب يف تعر یف العلم‪،‬‬ ‫يّ‬
‫احلقیق‪ ،‬بل وهي أشبه ي‬ ‫حتر یف واضح فاضح عن معناه‬
‫ً‬
‫حمیصا عن نقل أقواهلم ف ذلك ّأوالً‪ّ ،‬مث تلخیصها‪ّ ،‬مث ّ‬
‫الرد واإلشكال علهیا فنقول‪:‬‬ ‫ي‬ ‫فال نری‬
‫حت األجسام ّ‬
‫واملاد ّيات _ يف ذات‬ ‫ّإن الفالسفه یزعمون ّأن وجود األشیاء بأنفسها _ یّ‬

‫اهلل تعایل هو معین علم اهلل تعایل باألش���یاء! كما أنهّ م یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«العلم لیس إ الوج���دان‪ ،‬ومرتبة فوق التمام من حقیقة الوجود واجدة‪ ...‬لكل‬
‫الوجودات التي دون تلك المرتبة بنحو أعلى‪ ،‬فهي عالمة بها»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«العلم عباره عن وجود شيء بالفعل لشيء بل نقول العلم هو الوجود»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعلق ��ه بالموجود ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماد ّي بما أنه‬ ‫حضوریا فیمكن‬ ‫«وأم���ا علم العل���ة بالمعلوم علما‬
‫موجود ّ‬
‫ماد ّي‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫بأنه‪ :‬ال حضور للموجود ّ‬
‫الماد ّي لنفس ��ه فكیف یكون حاضـرا للعالم؟‬ ‫واإلش���كال‬
‫(((‬ ‫مندفع ّ‬
‫بأن غیبوبة أجزائه بعضها عن بعض ال تنافي حضورها للفاعل المفیض»‪.‬‬
‫الحضوري بالغیر غیر الزم‪ ،‬و ّإن غیبوبة الشيء ّ‬
‫الماد ّي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن ّ‬
‫تجرد المعلوم في العلم‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬
‫مجردا‬ ‫مادیا كان أو‬ ‫عن ذاته ال یستلزم غیبوبته عن فاعله المفیض‪ ،‬كیف والمعلول‬

‫‪. 1‬السبزواري‪ ،‬حاشية األسفار‪.24/6 ،‬‬


‫‪ . 2‬مال صدرا‪ ،‬األسفار ‪.354/ 3‬‬
‫اليزدي‪ّ ،‬‬
‫حممد يّ‬
‫تق‪ ،‬تعليقة عىل هناية احلمكة‪.352 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 3‬املصباح‬
‫‪210‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫لی���س إ عین الربط بالعلة فهي مهیمنة علیه ومحیط ��ة به بتمام معنی الكلمة‪ ،‬وال‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫یتم ذلك إ بحضوره عندها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصولي‪،‬‬ ‫«إن ش���أن العقل إنما هو إدراك المفاهیم‪ ،‬الذي هو أحد أقس ��ام العلم‬
‫(((‬ ‫عینی ��ة إلاّ بالعل���م الحض � ّ‬
‫�وري»‪.‬‬ ‫الخارج���ي ال یع���رف بم ��ا ّأنه حقیق ��ة ّ‬
‫ّ‬ ‫والوج���ود‬
‫تصور وتصدیق»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«معرفة الوجود بالوجود ومعرفة اهلل تعالی به تعالی‪ ...‬من غیر ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«یا الهي! كیف ال أ كون حاضـرا مع أني معلومك بل أنا علمك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن إدراك كل ش���يء ه���و بأن ینال حقیقة ذلك الش ��يء الم ��درك بما هو مدرك بل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫باالتحاد معه كما رآه طائفة من العرفاء وأ كثر المشائین والمحققون»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الخارجي‪ ،‬نسبته إلیه نسبته التمثال إلی‬ ‫«ولو كان الموجود في الذهن شبحا لألمر‬
‫ّ‬
‫الماهیة‪ ،‬ولزمت السفس ��طة‪ ،‬لعود علومنا‬ ‫ذي التمث���ال‪ ،‬ارتفعت ّ‬
‫العینیة من حیث‬
‫جهاالت»‪.‬‬ ‫(((‬

‫ّ‬
‫حضوري إش ّ‬ ‫ّ‬
‫الحق تعالى‪ّ ،‬‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ـراقي‪،‬‬ ‫ألن علمه بما سواه‬ ‫«إنه ما من موجود إ وهو علم‬
‫(((‬
‫لم یعزب عن علمه مثقال ذرة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫بماهیته وهو‬ ‫«وانقسام العلم إلی القسمین قسمة حاصـرة‪ .‬فحضور المعلوم للعالم‬
‫ّ‬
‫البدوي‬ ‫الحضوري‪ .‬هذا ما ّ‬
‫یؤدي إلیه النظر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصولي‪ ،‬او بوجوده وهو العلم‬ ‫العلم‬
‫والحضوري‪ ،‬وال ��ذي یهدي إلیه النظر العمیق ّأن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصولي‬ ‫من انقس���ام العلم إلی‬

‫تق‪ ،‬تعليقة عىل هناية احلمكة‪.395 ،‬‬ ‫حممد يّ‬ ‫اليزدي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 1‬املصباح‬
‫تق‪ ،‬تعليقة عىل هناية احلمكة‪.39 ،‬‬ ‫حممد يّ‬ ‫اليزدي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬املصباح‬
‫ّ‬
‫اإلصفهان‪ ،‬أبواب اهلدی‪.61 ،‬‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 3‬ميرزا‬
‫ي‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬اهلي نامه‪ ،‬چاپ اول‪.43 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 4‬حسن‏زادة ي‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة منفردة يف لقاء اهلل‏‪.209 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 5‬حسن زادة ي‬
‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.47 ،‬‬‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.6‬‬
‫ي‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة منفردة يف لقاء اهلل‏‪.199 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 7‬حسن زادة ي‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪211‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫حضوري»‪.‬‬
‫(((‬
‫الحصولي منه أیضا ینتهي إلی علم‬
‫«فللعلم معنى جامع يهدي إليه التحليل وهو حضور شيء لشيء»‪.‬‬
‫(((‬

‫العلمية للعال ��م كما ّ‬


‫تقدم‬ ‫ّ‬ ‫«علم الش���يء بالش���يء هو حصول المعلوم أي الص ��ورة‬
‫‏وحصول الش���يء وجوده‪ ،‬ووجوده نفسه‪ ،‬فالعلم هو عین المعلوم بالذات‪ ،‬والزم‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫حصول المعلوم للعالم وحضوره عنده اتحاد العالم به»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«الفصل الثاني في اتحاد العالم بالمعلوم وهو المعنون عنه باتحاد العاقل بالمعقول‪:‬‬
‫علم الش���يء بالش���يء هو حصول المعلوم‪ ...‬وحصول الش ��يء وج���وده‪ ،‬ووجوده‬
‫نفس���ه‪ ،‬فالعلم هو عي���ن المعلوم بالذات‪ ،‬والزم حص ��ول المعلوم للعالم وحضوره‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حصوليا‪.‬‬ ‫حضوريا أو‬ ‫عنده اتحاد العالم به سواء كان معلوما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحصولي إن كان أمرا قائما بنفس ��ه كان وجوده لنفسه وهو مع ذلك‬ ‫فإن المعلوم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫للعال���م فقد اتحد العالم مع المعلوم‪ ،‬ضـرورة امتناع كون الش ��يء موجودا لنفس ��ه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولغي���ره معا‪ ،‬و إن كان أمرا وج���وده لغيره وهو الموضوع وهو م ��ع ذلك للعالم فقد‬
‫ّ‬
‫اتح���د العالم بموضوع���ه‪ ،‬واألمر الموجود لغي ��ره ّمتحد بذلك الغير فه ��و ّمتحد بما‬
‫ّ‬
‫الحضوري مع العالم به»‪.‬‬
‫(((‬
‫ّيتحد به ذلك الغير‪ ،‬ونظير الكالم يجري في المعلوم‬
‫عربي وجمیع العرفاء باهلل‪ّ :‬إن معرفة اهلل ممكنة لإلنس ��ان‪ ...‬ولقائه هو‬
‫«یقول ابن ّ‬
‫ألن في غیر حالة الفناء هو لم یعرف‪ ،‬وفي حالة الفناء لم یبق غیره‬ ‫الفناء في ذاته‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫فقط»‪.‬‬ ‫شيء ّ‬
‫حتی یمكنه أن یعرف اهلل‪ .‬هناك یعرف اهلل نفسه ّ‬

‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.237 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.299 ،‬‬ ‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.240 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسی‪ ،‬هناية احلمكة‪.240 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫لاّ‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬طبعة سادسة‪ ،‬شعبان ‪ 1421‬هـ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫الهتران‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬روح جم ّرد‪ ،70 ،‬طبعة ع مة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلسيىن‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪212‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫الحضوري‬ ‫نقد العلم‬

‫ال�ش��ء يف إحاطة غیره من حیث الوجود‪ ،‬هو ّمما ال‬


‫ي‬ ‫ّإن تفس���یر العلم بالوجود‪ ،‬وكون‬
‫الضوع له بل ینكره العقل والبـرهان والضـرورة والوجدان بل العرف واللغة‪.‬‬ ‫میكن خ‬
‫ً‬
‫مضافا إیل ّأنه‪:‬‬
‫الشء عن���د العامل أي نفس‬ ‫ّ‬
‫ال���ف) حی���ث یكون معین العلم احلض���وري هو‪ :‬حضور ي‬
‫وجوده يف وجود العامل‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫تحّ‬ ‫ّ ّ‬
‫شیئی شیئا‬ ‫شء (وهو نفس معین اال اد وكون‬ ‫شء يف ي‬ ‫البدهیي أن وجود ي‬ ‫ب) ومن‬
‫ً ًّ‬ ‫ً‬
‫ذاتیا‪.‬‬ ‫واحدا) یكون حماال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫احلضوري أمرا موهوما موضوعا‪.‬‬ ‫فبالنتیجة یصبح العلم‬
‫شء‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الشء يف نفسه‪ ،‬وكون نفس نفسه‪ ،‬لیس من حقیقة معین العلم يف ي‬ ‫كما أن وجود ي‬
‫الشء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ومن هنا تری أن القائلی به اضطروا إیل اإل قرار بأن العلم احلضوري هو كون ي‬
‫الالق واملخلوق‪،‬‬ ‫وصـرحوا باتحّ اد العامل واملعلوم‪ ،‬والتزموا بوحدة وج���ود خ‬‫نفس���ه نفس���ه‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبأن معین كون اهلل تعایل عاملا باألشیاء حضورا هو كوهنا ّمتحدة يف الوجود معه‪ ،‬وعدم‬ ‫ّ‬
‫خروج األشیاء بذواهتا عن ذات خالقها!!‬
‫ً‬ ‫وهذا املعین _ مع ّ‬
‫غض النظر عن بطالنه يف نفس���ه _ یكون لعبا بل اس�ت�هزاء حبقیقة‬
‫ً‬ ‫معین العلم‪ ،‬وكون خ‬
‫إیادها‪ ،‬فسبحانه‬ ‫الالق تبارك وتعایل عاملا باألشیاء قبل تكو یهنا و ج‬
‫عما یصفه الواصفون‪.‬‬ ‫وتعایل ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إن قلت‪ :‬أفال یكون علم اإلنسان بنفسه علما حضور ّیا؟!‬
‫احلضوري جیب أن ال یعرضه الغفلة والنسیان والذهول‪ ،‬بل ال میكن‬ ‫ّ‬ ‫قلت‪ّ :‬إن العلم‬
‫ب���أي وجه م���ن الوجوه‪ّ ،‬كل ذل���ك یكون ً‬
‫بناء ع�ل�ی تعر یفه حیث‬ ‫التذك���ر به ّ‬‫ّ‬
‫أن یعرض���ه‬
‫الشء عن ذاته وارتفاع وجوده عن نفس���ه بالبداه���ة‪ ،‬وحیث ّإن علم‬ ‫ال مع�ن�ی لخ���روج ي‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪213‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احلضوري‪ ،‬والعجب من‬ ‫اإلنسان بنفسه یعرضه ذلك كله فال یصدق علیه تعر یف العلم‬
‫احلضوري بذلك‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫فاحلق هو ّأن‬ ‫ّ‬ ‫الذین غفلوا عن هذا األمر الواضح ومثلوا إل ثبات العلم‬
‫حصول‪.‬‬‫ّ‬ ‫علم اإلنسان بنفسه وهو الذي تعرضه الغفلة علم‬
‫ي‬
‫واحلب والبغض خ‬
‫والوف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الوجدانی���ات كاإلرادة والكراهة‬ ‫إن قلت‪ :‬مفا هو حكم س���ایر‬
‫والوع والعطش و‪...‬‬
‫والرجاء ج‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫قل���ت‪ :‬أوال حیث ّإن كل ذلك یس���لب عن النفس تارة و حیص���ل هلا أخری فیمتنع أن‬
‫ً‬
‫فضال عن ّ‬ ‫یكون ن‬
‫توهم جت ّردمها!‬ ‫عی النفس‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثانیا ال ر یب أنهّ ا صفات ّ‬
‫نفسانية وهي حتصل للنفس واقعا‪ ،‬ولكن وجودها‬ ‫وكیفیات‬
‫شء آخر‪.‬‬ ‫شء‪ ،‬وعلم النفس أو جهلها هبا ‪،‬والتفاهتا إلهیا أو غفلهتا عهنا ي‬
‫للنفس ي‬
‫باملجردات دون ّ‬
‫املادیات‪ّ :‬إن املوجود‬ ‫ّ‬ ‫ّمث ّإن الفلسفة تقول يف توجیه تخ صیص العلم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫التجرد‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مجعي له فال یكون عاملا وال معلوما مفن شـرط العلم هو‬ ‫املاد ّي ال وجود‬
‫ونق���ول‪ :‬ه���ذا الكالم باطل من أساس���ه وذل���ك ّأن املوج���ود ّإما خالق و ّإم���ا خملوق‪،‬‬
‫ّ‬
‫معیة حی���ث إنهّ ما من صفات‬ ‫ال ّ‬ ‫معیة وغی���ر ج‬‫بال ّ‬
‫فالال���ق ج���ل وعال ال یوصف ذات���ه ج‬ ‫خ‬
‫ف���إن ّكل فرد منه ّ‬
‫یتمیز عن‬ ‫وأما املخلوق ّ‬ ‫األ ق���دار وملكاهت���ا فال یوصف هبما م���ا یخ الفه‪ّ ،‬‬
‫خاص منه ّ‬
‫یتمیز عن‬ ‫أي فرد ّ‬ ‫املحقق���ة لوجوده‪ ،‬كما ّأن ّكل جزء من ّ‬ ‫ّ‬
‫مثل���ه بنفس أجزائه‬
‫شء‬ ‫ّ‬ ‫جزئی متمایز ی���ن‪ ،‬وعلیه ففرض ج ّ‬ ‫ن‬
‫المعی���ه لوجود أي ي‬ ‫جزئ���ه اآلخر بنف���س كوهنما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫یك���ون حم���اال موضوعا‪ ،‬و یلزم منه أن یكون كل جزء من كل یشء _ ومجیع ما س���وی اهلل‬
‫الزء اآلخر منه!‬‫متجزئ _ نفس ج‬ ‫تعایل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ه���ذا كل���ه من جه���ة‪ ،‬ومن جهة أخری یلزم عیل مبین الفلس���فة أن یكون كل جس���م‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ومادة علما وعاملا ومعلوما‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إن قل���ت‪ّ :‬إن امل���ادة ج‬
‫والس���م یك���ون كل جزء من���ه غائبا عن جزئه اآلخ���ر غیر حاضـر‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عنده‪ ،‬فضال عن أن یكون حاضـرا عند غیره‪.‬‬
‫‪214‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫قلت‪ :‬عدم حضور كل جزء منه عند جزئه اآلخر یكون خروجا عن الفرض‪ ،‬بل عیل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبین الفلسفة حیث ّإن كل جزء منه موجود يف نفسه وكل أجزائه موجود يف كل وجوده‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فیكون موجودا يف ما حییط به فیجب أن یكون معلوما لنفسه وملا یكون حمیطا به بالعلم‬
‫بناء عیل التعر یف‪.‬‬‫احلضوري ً‬
‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ف�ل�ا وجه ّ‬
‫والتجرد‪ ،‬ب���ل حیث ّإن كل حجر وم���در یكون موجودا‬ ‫ّ‬ ‫لتوهم ت�ل�ازم العلم‬
‫املادیات واألجس���ام _ یكون‬ ‫حت ّ‬ ‫ب���أن ّكل شء _ یّ‬ ‫ف نفس���ه‪ ،‬فیج���ب علهیم أن یلتزموا ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫احلضوري ب���ل علما وعامل���ا ومعلوما‪ ،‬كما أنه جی���ب علهیم اال لتزام‬ ‫عامل���ا بنفس���ه بالعلم‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫س���مانیة معلومة حضورا خلالقها‪،‬‬
‫ّ‬ ‫بكون األجس���ام واملادیات بنفس وجوداهتا املاد ّیة ج‬
‫ال‬
‫أي موجودة يف ذاته!‬
‫بأن ّكل موجود ّ‬
‫ماد ّي فهو حاضـر بنفس‬ ‫وهل���ذا ت���ری أنهّ م یلتزمون بذلك و ّ‬
‫یصـرحون ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سمان يف وجود علته‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال‬‫وجوده ج‬

‫ما هو سنخ معرفتنا باهلل تعالی بعد إبطال العلم الحضوريّ؟‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫حسا كان‪ ،‬أو عقال‪ ،‬أو ومها _ فهي حقیقة ذات اضافة‪ ،‬وال میكن‬ ‫ّإن املعرفة واإلدراك _‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫یتعل���ق ب�ش��ء إلاّ إذا كان ذلك ئ‬
‫ّ‬
‫متجز ی���ا‪ ،‬قابال للوجود والعدم‬ ‫عددیا‬ ‫امتدادیا‬ ‫الش‬ ‫ي‬ ‫أن‬
‫ّ‬
‫والز ی���ادة والنقصان‪ ،‬وما ال یكون كذلك مفحال أن یتعلق به اإلدراك واملعرفة‪ ،‬وال حیصل‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الالق ال یكون إ بخ الف‬ ‫الدال علیه _ وحیث ّإن خ‬ ‫العلم بوجوده إ من غیره _ وهو أثره‬
‫االمتداد والعدد فال یعرف بنفسه وبال واسطة خلقه وفعله‪ ،‬فهاهنا مطالب ثالثة‪:‬‬
‫ً‬ ‫المتعالیة ّ‬
‫ّ‬
‫اإللهیة ثبوتا‪.‬‬ ‫‪ . 1‬ال سبیل إلى معرفة الذات‬
‫‪ّ . 2‬إن ّكل ما عرف بنفسه فهو ّ‬
‫متجزئ مصنوع‪.‬‬
‫لاّ‬
‫‪ . 3‬ال یعرف الخالق تعالی إ بأثره وفعله‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪215‬‬

‫ً‬
‫المطلب األوّل‪ :‬ال سبيل إلى معرفة الذات المتعالية ثبوتا‬
‫ًّ ً‬ ‫ّ‬
‫امتدادیا ثبوتا‪ ،‬فال‬ ‫تعلق املعرفة واإلدراك والوصف لشء ّ‬
‫متف���رع عىل كونه‬ ‫ي‬ ‫ّإن ج���واز‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‪ّ ،‬‬ ‫س���بیل إىل معرفة ذات خ‬
‫الشء ما مل یكن متعالیا عن االمتداد ملا كان‬ ‫ي‬ ‫فإن‬ ‫الالق‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫للخالقی���ة‪،‬و إذا كانبخ�ل�افاالمت���دادف�ل�ایك���ونقاب�ل�األنیع���رف‪.‬‬ ‫ال ئق���ا‬
‫توضیح ذلك‪ :‬لو كان هناك أحول یر ید أن یرى الواحد بعینه‪ ،‬فكیف له السبیل إیل ذلك؟!‬
‫أو ل���و كان هناك إنس���ان أعمى قد ّ‬
‫أقر بوجود الل���ون لقیام دلیل علیه عنده‪ ،‬وهو یر ید‬
‫أن یرى اللون بعینه؛ مفا تصنع لتر یه مصداق اللون؟!‬
‫لاّ‬ ‫هل میكنك أن تر یه ذلك؟ أو هل میكنه أن ّ‬
‫حیس به و یدركه؟! وهل لك إ أن تقول‬
‫ً‬
‫شء وراء اإل قرار بوجوده‬ ‫ي‬ ‫لك‬ ‫ولیس‬ ‫‪،‬‬ ‫مطلقا‬ ‫له‪ :‬إعلم ّأن اللون ال س���بیل لك إىل إدراكه‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫وهو‬ ‫موجود‬ ‫اللون‬ ‫تقول‪:‬‬ ‫أن‬ ‫فقط‪ ،‬وغایة معرفتك املمكنة لك يف ش���أنه لیس���ت إ‬
‫بخ الف ما أدركه‪.‬‬
‫فقط‬‫وعىل هذا فال یكون كمال معرفة األعمى هاهنا إلاّ التسلمی واإل قرار بوجود اللون ّ‬
‫ً‬
‫وترك الفحص عن ورآء ذلك؛ وهو إن مل یكتف بذلك وطلب إدراك حقیقة اللون إعجابا‬
‫ً‬ ‫وغرورا‪ ،‬فیمكن أن یخ تار بهله وتاوزه عن ّ‬ ‫ً‬
‫حده مكان اللون ّإما صوتا و ّإما راحئة‬ ‫ج‬ ‫ج‬ ‫منه بنفسه‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫و إما‪ ...‬فیصبح بذلك جاهال بهله‪ ،‬وهو قد ّ‬
‫یقدر نفسه عارفا حبقیقة اللون ومدركا ملصداقه‪.‬‬ ‫ج‬
‫ألن اهلل تعاىل ومعرفته‪:‬‬ ‫واملتعمق ف معرفة ذات اهلل تعاىل أجهل من ذلك مبراتب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«بل فوق هذا املثال مبا ال هنایة له ّ‬
‫(((‬
‫ألن األمثال كلها تقصـر عنه»‪.‬‬
‫ذاتیی لإلنس���ان بل میكن س���لهبما عنه‪ّ ،‬‬
‫وأما الصور‬ ‫ن‬ ‫كیف و ّإن العمى واحلول لیس���ا‬
‫الالق املتعال‪ ،‬أم كیف میكن املخلوق أن‬‫املتجز ية املدركة فكی���ف یوصف هبا خ‬
‫ّ‬ ‫املعلوم���ة‬

‫البـر املشهتر بتوحيد ّ‬


‫املفضل بن عمر‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬خ‬
‫‪216‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شیئا غیر ّ‬ ‫ً‬ ‫یدرك و ّ‬


‫متجزئ؟!‬ ‫یتصور‬
‫َ ْ َ َْ‬
‫(((‬
‫<وهلل ال َمث ُل‏ الأ ْعلى‏>‪.‬‬
‫َْ‬ ‫<فلا َتض ُ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ـربوا هلل الأ ْمثال‏>‪.‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرب الذي ال مثل له أن تش�ّب�هّ وه من خلق���ه‪ ،‬أو تلقوا علیه‬
‫متثل���وا ّ‬ ‫«اتق���وا أن‬
‫األوه���ام‪ ،‬أو تعمل���وا فی���ه الفك���ر‪ ،‬أو تضـر ب���وا ل���ه األمث���ال‪ ،‬أو تنعت���وه بنعوت‬
‫ً‬ ‫املخلوقی‪ّ ،‬‬
‫ن‬
‫(((‬
‫فإن ملن فعل ذلك نارا»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬متعالیا‬
‫ي‬ ‫لكل‬ ‫مبائنا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫إ‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫خالق‬ ‫هو‬ ‫بالذي‬ ‫یلیق‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫«إن‬
‫ّ‬
‫شء‪ ،‬سبحانه وتعاىل‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬
‫ً‬
‫متعالی���ا‪ ،‬قیل هلم‪ّ :‬‬ ‫ً ّ‬
‫احلق‬ ‫شء‬ ‫ف���إن قالوا‪ :‬كی���ف یعقل أن یكون مبائن���ا لكل ي‬
‫الذي تطلب معرفته من األش���یاء هو أربعة أوجه‪ّ ،‬‬
‫فأوهلا‪ :‬أن ینظر أموجود هو أم‬
‫والثان‪ :‬أن یعرف ما هو يف ذاته وجوهره‪ ،‬الثالث‪ :‬أن یعرف كیف‬
‫ي‬ ‫لیس مبوجود‪،‬‬
‫ّ ّ‬
‫وألیة علة؟!‬ ‫هو وما صفته‪ .‬والرابع‪ :‬أن یعلم ملا ذا هو‬
‫ّ‬ ‫فلیس من هذه الوجوه میكن املخلوق أن یعرفه من الخ الق ّ‬
‫حق معرفته غیر أنه‬
‫موج���ود ّ‬
‫فقط‪ .‬فإذا قلن���ا‪ :‬كیف وما هو؟ مفمتنع علم كهن���ه وكمال املعرفة به‪،‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء ولیس‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫ة‬ ‫عل‬ ‫ثناؤه‬ ‫ج���ل‬ ‫وأما ملا ذا هو؟ فس���اقط يف صفة الخ الق‪ ،‬ألنه‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء بعلة له‪ّ ،‬مث لیس علم اإلنسان بأنه موجود یوجب له أن یعلم ما هو»‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪ . 1‬النحل (‪.61 ،)16‬‬


‫‪ . 2‬النحل (‪.75 ،)16‬‬
‫ن‬
‫الواعظي‏‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن روضة‬
‫ّ‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬خ‬
‫البـر املشهتر بتوحيد املفضل بن عمر‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪217‬‬

‫ً‬
‫كم���ا ّأن ع���دم رؤ یة اهلل تعاىل لیس ناش���ئا عن ضعف أبصارنا ح�ّت�ىّ میكن أن نراه مع‬
‫تقو ی���ة ن���ور األبص���ار‪ ،‬أو نقول بتخصیص عدم إم���كان الرؤ یة بق���وم دون آخر ین‪ ،‬بل ال‬
‫ً‬ ‫ّ ً ّ ً‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫متجز ی���ا واقع���ا يف جه���ة و‪...‬‬ ‫یك���ون ذل���ك إ من حیث ّإن ما یرى لی���س إ امتدادی���ا‬
‫ً‬
‫فكذلك امتناع معرفة كنه ذات اهلل تعاىل لیس ناش���ئا عن ضعف وقصور يف إدراكنا‬
‫حت میكن أن یظهر يف آخر الزمان نوابغ أو عباقرة!! قوي إدراكهم! فیدركوه بذاته‬ ‫وبصائرنا ىّ‬

‫و یدركوا حقیقة وجوده و یشاهدوا ذاته املتعالیة و حیمكوا بأوهامهم ّأن كنه ذاته هو حقیقة‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الوجود الصـرف الالمتناهیة وهي كل األشیاء! بل امتناع إدراكه ومعرفته تعاىل لیس إ‬
‫باالمت���دادي‪ّ ،‬‬ ‫ً لاّ‬ ‫ّ‬
‫وأن م���ا یباین���ه یباین���ه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫م���ن حیث ّإن اإلدراك واملعرفة ال یتعلقان ثبوتا إ‬
‫لی���س م���ن جی ّ���د يف طلب العل���م حبقیقة وج���ود اهلل تعاىل كم���ن یطلب العل���م بأبعاد‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫واألرض�ی�� بش���بـره‪ ،‬أو كمن یر ید كیل می���اه البحار بكفه ب���ل لیس إ كمن‬ ‫الس���ماوات‬
‫ّ‬
‫یطلب علم فواصل السیارات مبا یوزن به األشیاء‪ ،‬مفا أجهله وأضله!!‬
‫ً‬
‫كی���ف یدرك الفواصل واألبعاد باألوزان واملثاقیل؟! بل هو أس���وء حاال من هذا املثال‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫عددیان‪ ،‬وذاته‬ ‫ّ‬
‫امتدادیان‬ ‫عی أنهّ ما متبائنان إ ّأن كلهیما‬
‫ألن البع���د والوزن ف ن‬
‫ي‬
‫أیض���ا‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫احلیثیة أیضا‪.‬‬ ‫تعاىل تخ الف األشیاء من هذه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫والتعمق يف ذات‬ ‫املعصومی صلوات اهلل علهیم عن التفكر‬ ‫ّإن هني اهلل تعاىل وأولیائه‬
‫ً‬ ‫ً ّ ًّ‬
‫دیا صرف���ا‪ ،‬و إنهّ م ما أهبموا يف بی���ان وجه ذلك ودلیله‪،‬‬ ‫خ‬
‫الال���ق تع���اىل ال یكون هنیا تعب‬
‫حت میك���ن تأو یل كلماهت���م يف نواههیم الصـر حیة‬ ‫قصـ���روا ف التبلیغ ع���ن اهلل تعاىل ىّ‬
‫وم���ا ّ‬
‫ي‬
‫التفك���ر ف معرفة ذات املعبود‪ ،‬بل ّبینوا بأوضح بیان ّ‬ ‫ّ‬
‫س���ـر امتناع‬ ‫ي‬ ‫الش���دیدة الرادع���ة عن‬
‫خ‬ ‫ذلك‪ ،‬وبالغوا((( ف ن‬
‫حت جعلوا االعتراف بالعجز عن إدراك ذات الالق تعایل‬ ‫تبیی ذلك ىّ‬ ‫ي‬

‫‪ . 1‬فإنهّ م ّبینوا دلیل ذلك بوضوح‪ ،‬بل و إن فرضنا أنهّ م مل یكونوا ّبینوا لنا الدلیل عیل ذلك واستحالته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التعبد بأمره���م وهنهیم‪ّ ،‬‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإن فوق كل ذي‏علم‬ ‫الثبوتي���ة م���ا كان ینبغ���ي لنا التأو یل‪ ،‬وما كان لنا إ‬
‫علمی‪ ،‬وهم؟مهع؟ أبواب معرفة اهلل ومساكن توحیده‪.‬‬
‫‪218‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وحق‬ ‫أصح‪ ،‬جعلوا العلم ّ‬


‫بأنه ال یعل���م وال یدرك كمال العلم ّ‬ ‫حقیق���ة املعرف���ة _ بل بتعبیر ّ‬
‫َ‬ ‫املعرف���ة‪ ،‬وجعل���وا العلم ّ‬
‫ب���أن ما ال یعلم ال یعل���م‪ ،‬وما ال یعرف فال یع���رف‪ ،‬كمال العلم‪،‬‬
‫الهل‪.‬‬‫وخالفه هو غایة ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ن‬
‫الراس���خی يف العلم هم الذین أغناهم اهلل عن اال قتحام يف الس���دد‬ ‫«واعلم ّأن‬
‫املضـروب���ة دون الغی���وب‪ ،‬فلزم���وا اإل قرار جبمل���ة ما جهلوا تفس���یره من الغیب‬
‫ُ‬ ‫َ َّ‬
‫ند َر ِّب َنا>‪.‬‬
‫<آمنا ِبهِ ك ُّل ِمن ِع ِ‬ ‫املحجوب‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫ً‬
‫علما‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫ومسى‬ ‫عز وج���ل اعترافهم بالعجز ع���ن تناول ما مل حییطوا ب���ه‬ ‫مف���دح اهلل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تركهم ّ‬
‫التعمق يف ما مل یكلفهم البحث عنه مهنم رس���وخا‪ ،‬فاقتصـر عىل ذلك‬
‫ن‬ ‫وال ّ‬
‫(((‬
‫اهلالكی»‪.‬‬ ‫تقدر عظمة اهلل سبحانه عىل قدر عقلك فتكون من‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«مل جتعل للخلق طر یقا إىل معرفتك إ بالعجز عن معرفتك»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«من تفكر يف ذات اهلل أحلد»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«من تفكر يف ذات اهلل سبحانه تزندق»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫«‪ ...‬مل جیع���ل يف أحد م���ن معرفة إدرا كه أ كثر من العلم بأنه ال یدركه‪ ،‬فش���كر‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫العارفی بالتقصیر عن معرفته‪ ،‬وجعل معرفهتم بالتقصیر ش���كرا كما‬ ‫معرف���ة‬
‫ً‬
‫(((‬
‫العاملی أنهّ م ال یدركونه إمیانا»‪.‬‬
‫ن‬ ‫جعل علم‬

‫‪ . 1‬هنج البالغه‪ ،‬خ‬


‫الطبه‪.92 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،150 / 94 ،‬عن العدد القو ّية‪.‬‬
‫‪ . 3‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪.285 / 77 ،‬‬
‫‪ . 5‬حتف العقول‪ ،283‬حبار األنوار‪.142 / 78 ،‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪219‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«حنن الراسخون يف العلم»‪.‬‬
‫(((‬

‫«من نظر يف اهلل كیف هو هلك»‪.‬‬


‫(((‬

‫(‪)1‬‬
‫ّ‬
‫باحلس وم���ن یطلهبا بالعقل والوهم‬ ‫ب�ی�� من یطلب معرفة ذات خ‬
‫الالق‬ ‫م���ا هو الفرق ن‬
‫والبحث والكشف والشهود واحلال أنهّ ما یقیسان بغیر قیاس؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ‬ ‫باالمتدادي‬ ‫واحلس والعقل واملعرفة مطلقا ال یتعلق إ‬ ‫فإن البصـر والبصیرة‪،‬‬
‫املخلوق املصنوع‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫باحل���س م���ا ال یدرك‬ ‫«‪ ...‬وأعج���ب مهن���م مجیع���ا‪ ...‬الذی���ن رام���وا أن ی���درك‬
‫ّ‬
‫بالعق���ل‪ ...‬فقال���وا‪ :‬ومل ال یدرك بالعق���ل؟ قیل‪ :‬ألنه فوق مرتب���ة العقل كما ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫ی���درك البصـر ما هو فوق مرتبته فإنك لو رأیت حجرا یرتفع يف اهلواء علمت ّأن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رامی���ا رمى ب���ه فلیس هذا العلم من قبل البصـر بل هو من قبل العقل(((‪ .‬مث ّإن‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫علم اإلنسان بأنه موجود ال یوجب له أن یعلم ما هو»‪.‬‬
‫ًّ‬
‫علوا من تلقاء نفسه‪ ،‬أفال‬ ‫مییزه فیعلم ّأن احلجر ال یذهب‬ ‫«ألن العقل هو الذي ّ‬‫ّ‬
‫حده فلم یتجاوزه؟ فكذلك یقف العقل عىل ّ‬ ‫ترى كیف وقف البصـر عىل ّ‬
‫حده‬
‫ً‬ ‫م���ن معرفة الخ ال���ق فال یعدوه‪ ،‬ولكن یعقله بعقل ّ‬
‫أقر ّأن فیه نفس���ا ومل یعایهنا‬
‫ً‬
‫احلواس وعىل حس���ب هذا أیضا نقول‪ّ :‬إن العقل یعرف‬ ‫ّ‬ ‫ومل یدركها ّ‬
‫حباس���ة من‬

‫الكاف‪.213 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪.259 / 3 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬وحكم العقل بإثبات شـيء من حيث أثره ال يستلزم معرفة ذاته‪.‬‬
‫البـر املشهتر بتوحيد ّ‬
‫املفضل بن عمر‪.‬‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬خ‬
‫‪220‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الخ الق من جهة توجب علیه اإل قرار وال یعرفه مبا یوجب له اإلحاطة بصفته»‪.‬‬
‫(((‬

‫(‪)2‬‬
‫ّإن امتناع ذات اهلل تعاىل عن اإلدراك لیس بعد إمكان معرفته ىّ‬
‫حت حنتاج لنفیه إىل‬
‫ً ًّ ًّ‬
‫ذاتیا‪:‬‬ ‫إقامة الدلیل‪ ،‬بل یكون امتناع ذلك أمرا ثبوتیا‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«وممتنع عن اإلدراك مبا ابتدع من تصـر یف الذوات»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«فإن قالوا‪ :‬ومل استتر؟ قیل هلم‪ :‬مل یستتر حبیلة خیلص إلهیا كمن حیتجب عن‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫الناس باألبواب والستور‪ ،‬و إنا معىن قولنا‪ :‬استتر أنه لطف عن مدى ما تبلغه‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫علوا كبیرا _ كان ذلك خطأ‬ ‫األوه���ام‪ ...‬فإن قالوا‪ :‬ومل لطف؟ وتعاىل عن ذلك‬
‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء إ أن یك���ون مبائنا لكل‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫خال���ق‬ ‫هو‬ ‫بالذي‬ ‫یلیق‬ ‫ال‬ ‫���ه‬ ‫ألن‬ ‫م���ن القول‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫متعالیا‬ ‫شء‬
‫ي‬
‫(‪)3‬‬
‫حد له وال مثل وال شبح وال امتداد وال وصف؟!‬‫مب تعرف الذات الت ال ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ف�ل�ا إلیه ّ‬
‫حد منس���وب‪ ،‬وال له مثل مضـ���روب‪ ...‬تعاىل عن ضـ���رب األمثال‬
‫(((‬
‫والصفات املخلوقة»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫البـر املشهتر بتوحيد ّ‬
‫املفضل بن عمر‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬خ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬خ‬
‫البـر املشهتر بتوحيد املفضل بن عمر‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪221‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً ًّ‬ ‫ً‬


‫(((‬
‫صمدیا ال ظل له میسكه وهو میسك األشیاء بأظلهتا»‪.‬‬ ‫أزلیا‬ ‫«أحدا صمدا‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫وبی خلق���ه المتناعه ّمما میكن يف ذواهت���م‪ ،‬وإلمكان ذواهتم‬ ‫«فاحلج���اب بینه ن‬
‫ّ‬
‫واحلاد‬ ‫ّ‬
‫وال���رب واملر ب���وب‪،‬‬ ‫ّمم���ا میتنع من���ه ذاته‪ ،‬والفت���راق الصان���ع واملصنوع‪،‬‬
‫(((‬
‫واملحدود»‪.‬‬
‫ً‬
‫الهل‪ ،‬فكذلك ّإدعاء معرفة ما ال یدرك‬ ‫كما ّأن ادعاء رؤ یة ما ال یرى ذاتا یكون من ج‬
‫ّ‬
‫ً لاّ‬
‫الهل‪:‬‬‫بالذات لیس أیضا إ من ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«أحلم���د هلل ال���ذي ال یبلغ مدحت���ه القائلون‪ ...‬ال یدركه بع���د اهلمم‪ ،‬وال یناله‬
‫غ���وص الفط���ن‪ّ ،‬الذي لی���س لصفته ّ‬
‫حد حم���دود‪ ،‬وال نعت موج���ود‪ ،‬وال وقت‬
‫(((‬
‫معدود وال أجل ممدود»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«قد جهل اهلل من استوصفه‪ ،‬وقد ّ‬
‫(((‬
‫تعداه من استمثله‪ ،‬وقد أخطأه من ا كتهنه»‪.‬‬
‫(((‬
‫أحل َد فیه»‪.‬‬
‫«ومن وصفه فقد َ‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫«ال دیانة إ بعد معرفة‪ ،‬وال معرفة إ بعد إخالص‪ ،‬وال إخالص مع التشبیه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ن�ف�� مع إثبات الصفات للتش���بیه‪ ،‬فكل ما يف الخ ل���ق ال یوجد يف خالقه‪،‬‬
‫وال ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وكل ما میكن فیه میتنع يف صانعه»‪.‬‬

‫الكاف‪ ،‬باب النسبة‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،285 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واإلحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪36 ،‬؛ حبار األنوار‪.229 / 4 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪37 ،‬؛ حبار األنوار‪.229 / 4 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،230 /4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪222‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫باحلواس الظاهرة أم الباطنة؟! ومها ال یتعلقان إ باالمتداد‪:‬‬ ‫فمب یدرك؟‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫«وكمال معرفته التصدیق به»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫«احلم���د هلل ال���ذي أعجز األوه���ام أن تن���ال إ وجوده‪ ،‬وحج���ب العقول عن أن‬
‫تتخیل ذاته يف امتناعها من الشبه والشكل‪ ،‬بل هو الذي مل یتفاوت يف ذاته‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ومل ّ‬
‫یبتع���ض بتجزئ���ة العدد يف كماله‪ ...‬فس���بحانه وتعاىل ع���ن قول من عبد‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّخ ً‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫واتذ إهلا غیره‬ ‫سواه‬
‫ّ‬
‫«حم���رم ع�ل�ى ب���وارع ثاقب���ات الفط���ن حتدی���ده‪ ،‬وعىل عوام���ق ثاقب���ات الفكر‬
‫تكییفه‪،‬وع�ل�ى غوائ���ص س���احبات النظ���ر تصوی���ره‪ ...‬ممتنع ع���ن األوهام أن‬
‫ّ‬
‫تكتهن���ه‪ ،‬وعن األفهام أن تس���تغرقه‪ ،‬وع���ن األذهان أن متثله‪ ،‬قد یئس���ت من‬
‫استنباط اإلحاطة به طوامح العقول‪ ،‬ونضبت عن اإلشارة إلیه باال كتناه حبار‬
‫(((‬
‫العلوم‪ ،‬ورجعت بالصغر عن السمو إىل وصف قدرته لطائف الخ صوم»‪.‬‬
‫«ال تنال���ه األوه���ام ّ‬
‫ّ‬
‫احلواس‬ ‫فتق���دره‪ ،‬وال تتوهمّ���ه الفط���ن فتص ّ���وره‪ ،‬وال تدرك���ه‬
‫بشء من األج���زاء‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتحس���ه‪ ،‬وال تلمس���ه األی���دي فتمس���ه‪ ...‬وال یوص���ف ي‬
‫(((‬
‫بالوارح واألعضاء‪ ،‬وال بعرض من األعراض‪ ،‬وال بالغیر ّیة واألبعاض»‪.‬‬ ‫ج‬
‫َ‬
‫صار َو ُه َو ُي ْدر ُك ْالأ ْب َ‬ ‫َ‬
‫���ه ْالأ ْب ُ‬
‫‪ ...‬قل���ت ألب جعفر بن الرضا؟ع؟‪< :‬لا ُت ْدر ُك ُ‬
‫صار>‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فقال‪ :‬یا أبا هاشم‪ ،‬أوهام القلوب أدق من أبصار العیون أنت قد تدرك بومهك‬
‫الت مل تدخلها وال تدركه���ا ببصـرك‪ ،‬فأوهام القلوب ال‬
‫الس���ند واهلند والبلدان ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واإلحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ونف التشبيه؛ حبار األنوار‪.222 / 4 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪ ،70،‬باب التوحيد ي‬
‫‪ . 4‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن اإلحتجاج‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪223‬‬

‫تدركه فكیف أبصار العیون»‪.‬‬


‫(((‬

‫یعن أبا احلس���ن؟ع؟ _ ّإن من قبلن���ا من موالیك قد‬


‫«‪ ...‬كتب���ت إىل الرج���ل _ ي‬
‫اختلف���وا يف التوحی���د مفهن���م من یقول‪‘‘ :‬جس���م»‪ ،‬ومهن���م من یق���ول‪ :‬صورة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫خ‬
‫شء وهو‬
‫فكت���ب؟ع؟ بطه‪ :‬س���بحان من ال حی���د وال یوصف‪ ،‬لی���س كمثله ي‬
‫(((‬
‫السمیع العلمی‪ .‬أو قال‪ :‬البصیر»‪.‬‬
‫ن ّ‬ ‫ّ‬
‫شء؟!‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عی‬ ‫بل‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫فكیف میكن أن تراه يف‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬
‫ّ‬
‫«أیهّ ا الناس اتقوا هؤالء املارقة الذین یش�ّب�هّ ون اهلل بأنفس���هم‪ ،‬یضاهؤون قول‬
‫شء وهو الس���میع‬‫الذی���ن كف���روا من أهل الكت���اب‪ ،‬بل هو اهلل لی���س كمثله ي‬
‫البصیر‪ ،‬ال تدركه األبصار وهو یدرك األبصار وهو اللطیف الخ بیر‪...‬‬
‫ّ‬
‫وال یق���در الواصفون كنه عظمت���ه‪ ،‬وال خیطر عىل القلوب مبل���غ جبـروته‪ ،‬ألنه‬
‫لی���س ل���ه يف األش���یاء عدی���ل‪ ،‬وال تدركه العلم���اء بألباهب���ا‪ ،‬وال أه���ل التفكیر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫بشء من صفات‬ ‫ي‬ ‫یوص���ف‬ ‫ال‬ ‫ه‬‫ألن‬ ‫بالغیب‪،‬‬ ‫إیقانا‬ ‫بالتحقی���ق‬ ‫بتفكیره���م‪ ،‬إ‬
‫تصور يف األوهام فهو خالفه‪.‬‬ ‫املخلوقی‪ ،‬وهو الواحد األحد‪ ،‬ما ّ‬ ‫ن‬

‫لی���س بـرب من طرح حتت الب�ل�اغ‪ ،‬ومعبود من وجد يف ه���واء أو غیر هواء‪...،‬‬
‫وعمن يف الس���ماء احتجابه‬ ‫احتج���ب عن العقول كما احتج���ب عن األبصار‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫عمن يف األرض‪ ...‬یصیب الفكر منه اإلمیان به موجودا‪ ،‬ووجود اإلمیان ال وجود‬
‫صف���ة‪ ،‬به توصف الصفات ال هبا یوصف‪ ،‬وبه تع���رف املعارف ال هبا یعرف‪،‬‬
‫َ ْ َ َ ْ َ ْ ٌ ُ َ َّ ُ ْ‬
‫(((‬
‫ميع ال َبصير>‪.‬‬ ‫فذلك اهلل ال ّ‬
‫مسي له سبحانه‪< ،‬ليس ك ِمث ِلهِ شي‏ء وهو الس‬

‫‪ . 1‬الصدوق‪ ،،‬التوحيد‪.113 ،‬‬


‫الكاف‪،‬‏‪102 / 1‬؛ حبار األنوار‪.294 / 3 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪224‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املكیف ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املقدر‪:‬‬ ‫ال یعرف وال یوصف إ‬
‫اإلمام أبو احلسن الثالث؟ع؟ ‪:‬‬
‫«كی���ف الكیف بغیر أن یق���ال‪‘‘ :‬كیف»؟ ّ‬
‫وأین األین بال أن یق���ال‪‘‘ :‬أین»؟ هو‬ ‫ّ‬
‫جل جالله ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وتقدست أمساؤه»‪.‬‬ ‫واألینیة‪ ،‬الواحد األحد‪،‬‬ ‫الكیفیة‬ ‫منقطع‬
‫امتدادیة ّ‬
‫متجز ّیة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫التعر یف ال یكون إلاّ باألشباه والنظائر ّ‬
‫املتفرعة عىل كون الذات‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫املرائ ال مبحاضـرة‪ ،‬مل حتط به األوهام‬
‫«تتلقاه األذهان ال مبش���اعرة‪ ،‬وتشهد له ي‬
‫لىّ‬
‫(((‬
‫بل جت هلا هبا((( وهبا امتنع مهنا((( و إلهیا حا كمها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرب الذي ال مثل له‪ ،‬أو تش�ّب�هّ وه م���ن خلقه‪ ،‬أو تلقوا علیه‬‫متثلوا ّ‬ ‫«اتق���وا أن‬
‫ن‬
‫املخلوقی‪،‬‬ ‫األوهام‪ ،‬أو تعملوا فیه الفكر‪ ،‬وتضـر بوا له األمثال‪ ،‬أو تنعتوه بنعوت‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫فإن ملن فعل ذلك نارا»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫ال�ت�� ال یعلمها إ هو عند‬‫«واحنس���ـرت األبصار عن أن تناله فیكون بالذات ي‬
‫ً‬
‫(((‬
‫خلقه معروفا»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء‬
‫شء وهو السمیع البصیر كان نعته ال یشبه نعت ي‬
‫«من كان لیس كمثله ي‬
‫(((‬
‫فهو ذاك»‪.‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،303 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫املتعال عن االمتداد‪.‬‬ ‫الالق‬‫‪ . 2‬وجود االمتداد يكشف عن وجود خ‬
‫ي‬
‫امتدادي قابل للوجود والعدم‪ ،‬والقابل حمتاج معلول خملوق فبما أن ّكل ّ‬
‫متوهم‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫‪ . 3‬ال يتوهم إ ما هو‬
‫خملوق يعلم أنه تعاىل خارج وممتنع من األوهام‪.‬‬
‫‪ . 4‬هنج البالغة‪269 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،261 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ن‬
‫الواعظي‪.‬‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن روضة‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،304 / 4 ،‬عن جامع األخبار‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪225‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«وكل شء وقع علیه اسم شء فهو خملوق ما خال اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫فأما ما ّ‬ ‫ّ‬
‫عبـرت األ لسن‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫خ‬
‫عنه أو عملت األیدي فیه فهو ملوق‪ ،‬واهلل غایة من غایاه ىّ‬
‫واملغی غیر الغایة‬
‫وكل موصوف مصنوع وصانع األش���یاء غی���ر موصوف ّ‬ ‫ّ‬
‫حبد‬ ‫والغای���ة موصوف���ة‬
‫ّ‬
‫مسمى‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫مل ّ‬
‫یتكو ن((( فتعرف كینونته بصنع غیره((( ومل یتناه إىل غایة إ كان غیره‪.‬‬
‫ً‬
‫أب���دا‪ ،‬وهو التوحید الخ ال���ص فاعتقدوه ّ‬ ‫ّ‬
‫وصدقوه‬ ‫ال ی���زل م���ن فهم هذا احلكم‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪.‬‬ ‫وتفهموه بإذن اهلل‬
‫ومن زعم ّأنه یعرف اهلل حبجاب أو بصورة أو مبثال فهو مشـرك ّ‬
‫ألن احلجاب واملثال‬
‫ّ‬
‫یوحد من زعم أنه عرفه بغیره »‪.‬‬
‫((( (((‬ ‫موحد فكیف ّ‬ ‫والصورة غیره‪ ،‬و مّإنا هو واحد ّ‬

‫(‪)4‬‬
‫عامة وال عبارة وال بیان وال وصف يف توصیف ذوات‬ ‫خاصة وال ّ‬
‫ال جنس وال فصل وال ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫األش���یاء إ يف االمت���داد‪ ،‬كل ذات أدركهتا إىل اآلن و میك���ن أن تدركها إىل األبد ال تكون‬
‫اللیل بخ الف‬
‫الالق ج‬ ‫خارج���ة ع���ن االمتداد‪ ،‬وال یأىب عن الوجود والعدم بالذات‪ ،‬واهلل خ‬
‫ّ‬
‫ذلك كله‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ال كفو له فیكافیه وال نظیر فیساویه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬
‫امتدادیا قابال للوصف‪.‬‬ ‫مكیفا‬ ‫‪ . 1‬فیكون‬
‫باالمتدادي ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫املكیف القابل للوصف واإلدراك‪.‬‬ ‫فإن الصنع ال یتعلق إ‬
‫ًّ خ ً‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ . 3‬فإن كل مدرك ومعروف بنفسه یكون امتدادیا ملوقا فهو غیر اهلل سبحانه وتعاىل‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫الثقلي‪،‬‏‪715 /5‬عن هنج البالغة؛ حبار األنوار‪.255 / 4 ،‬‬ ‫ن‬ ‫‪ . 5‬تفسير نور‬
‫‪226‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«ما ّ‬
‫تصور يف األوهام فهو خالفه»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫«یا جابـر‪ ،‬ما أعظم فر یة أهل الشام عىل اهلل‪ّ ...‬إن اهلل تبارك وتعاىل ال نظیر له‬
‫ن‬ ‫ن ّ‬
‫املتوهمّی‪ ،‬واحتجب عن‬ ‫الواصفی وجل عن أوهام‬ ‫وال شبیه‪ ،‬تعاىل عن صفة‬
‫ن‬
‫عی الناظر ین»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫(((‬
‫ً‬
‫اتذ مع اهلل شـر یكا ویلهم»‪.‬‬ ‫«ومن شبهّ ه خبلقه فقد ّ خ‬
‫لاّ‬
‫شء‪ ،‬وهو الس���میع‬
‫ي‬ ‫كمثله‬ ‫لیس‬ ‫هو‪،‬‬ ‫«س���بحان من ال یعلم أح���د كیف هو إ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء وال هو جسم وال‬ ‫البصیر‪ ،‬ال حید وال حیس‪ ،‬وال تدركه األبصار‪ ،‬وال حییط به ي‬
‫(((‬
‫صورة وال بذي‪ ...‬ختطیط وال حتدید»‪.‬‬
‫عزت���ه‪ ،‬لبعده من أن‬ ‫«وال خیط���ر بب���ال أول الرویات خاطرة م���ن تقدیر جالل ّ‬
‫ي‬
‫مّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫یكون يف قوى املحدودین ألنه خالف خلقه‪ ،‬فال شبه له من املخلوقی‪ ،‬و إنا‬
‫(((‬
‫یشبه بغیر مثاله»‪.‬‬‫فأما ما ال عدیل له فكیف ّ‬ ‫یشبه الشء بعدیله‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬وكل م���ا وق���ع يف الوه���م فهو‬
‫«إن اهلل تع���اىل ال یش���به ش���یئا وال یش�ب�هه ي‬
‫(((‬
‫خالفه»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬


‫ّ ّ‬
‫اش‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،291 / 3 ،‬عن تفسیر العی ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ .406 / 36 ،‬عن كفاية األ ثر‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪.290 / 3 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،276 _ 275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬التوحيد‪80 ،‬؛ حبار األنوار‪.290 / 3 ،‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪227‬‬

‫ّ ّ َْ َ َ ْ‬ ‫ّ‬
‫���س ك ِمث ِلهِ‬ ‫الكیفی���ة فقل كم���ا قال اهلل ع���ز وج���ل‪ < :‬لي‬ ‫«واذا س���ألوك ع���ن‬
‫َ‬
‫(((‬
‫ش ْي ٌ‏ء>‪.‬‬
‫ن‬
‫الواصفی‪ ...‬فه���و‪ ...‬باملكان‬ ‫ن‬
‫املتوهمّی‪ ...‬وتالش���ت أوصاف‬ ‫«تاهت أوه���ام‬
‫الذي مل تقع علیه الناعتون بإشارة وال عبارة ههیات‪ ،‬ههیات»‪.‬‬
‫(((‬

‫«سأل الزندیق عن الصادق؟ع؟ ‪ّ :‬إن اهلل تعاىل ما هو؟ فقال؟ع؟ ‪ :‬هو خبالف‬
‫األشیاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش���یئیة غیر أنه ال جس���م وال صورة‬ ‫شء حبقیقة‬
‫ي‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫‘‘شء’’ إىل‬
‫بقول‪ :‬ي‬
‫ارجع ي‬
‫باحلواس الخ مس‪ ،‬ال تدرك���ه األوهام وال تنقصه‬
‫ّ‬ ‫حی���س وال ّ‬
‫حیس‪ ،‬وال ی���درك‬ ‫وال ّ‬
‫الدهور‪ ،‬وال ّ‬
‫تغیره األزمان»‪.‬‬
‫(((‬

‫«لیس جبنس فتعادله األجناس وال بش���بح فتضارعه األش���باح‪ ،‬وال كاألش���یاء‬
‫فتقع علیه الصفات»‪.‬‬
‫(((‬

‫(‪)5‬‬
‫نّ‬
‫ال يعرف الخالق تعالى أل ه خالق ومبدع‪:‬‬
‫ّ لاّ‬ ‫لاّ‬
‫املتجزئ ال یكون إ بخ الف االمتداد‪ ،‬واملعرفة ال تتعلق إ باالمتداد‪،‬‬
‫ّ‬ ‫مبدع املخلوق‬
‫ّ‬
‫فهو جل وعال‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمير‬
‫(((‬
‫«ممتنع من اإلدراك مبا ابتدع من تصـر یف الذوات»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.95 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪66 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،160 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪ 81 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،258 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحيد وعيون أخبار الرضا؟ع؟‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحيد وعيون أخبار الرضا؟ع؟‏‪.‬‬
‫‪228‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ألنه خلق ّ‬ ‫ّ‬
‫املاهیة‪ ،‬س���بحانه من عظمی تاهت الفطن‬ ‫«ال یق���ال له‪‘‘ :‬ما هو؟»‪،‬‬
‫أزلیته‪ّ ،‬‬
‫وحتیرت العقول يف‬ ‫ف ّتیار أمواج عظمته‪ ،‬وحصـرت األ لباب عند ذكر ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫أفالك ملكوته»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫إدراكی���ة ملعرفة ال���ذوات _ وغیره���ا إ ما یكون‬ ‫ال تن���ال األوه���ام _ وه���ي أعظ���م أداة‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ ّ ً‬
‫مصورا‪:‬‬ ‫مقدرا‪،‬‬ ‫امتدادیا‪،‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ال تنال���ه األوه���ام ّ‬
‫ّ‬
‫احلواس‬ ‫فتق���دره‪ ،‬وال تتوهمّ���ه الفط���ن فتص ّ���وره‪ ،‬وال تدرك���ه‬
‫(((‬ ‫فتحسه‪ ،‬وال تلمسه األیدي ّ‬
‫فتمسه»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫المطلب الثاني‪ّ :‬إن كل ما يعرف بنفسه فهو مصنوع‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫َ‬
‫«لیس بإله من ُع ِرف بنفسه‪ ،‬هو الدال بالدلیل علیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫«جل عن أن حتله الصفات لشهادة العقول ّأن كل من حلته الصفات مصنوع‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫وشهادة العقول أنه جل جالله صانع ليس مبصنوع»‪.‬‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫«لیس ّ‬
‫بـرب من طرح حتت البالغ»‪.‬‬

‫ن‬
‫الواعظي‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن روضة‬
‫‪ . 2‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتحاج‪.‬‬
‫‪ .3‬حبار األنوار ‪ .253 / 4 ،‬عن االحتحاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬اإلرشاد‪ ،223 / 1 ،‬االحتجاج‪ ،200 / 1 ،‬وعنه حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪229‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫«كل موصوف مصنوع‪ ،‬وصانع األشیاء غیر موصوف ّ‬
‫حبد ّ‬
‫(((‬
‫مسمى»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫«وكل ما وقع علیه ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫حد فهو خلق اهلل‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معروف بنفسه مصنوع»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ولتحول دلیال بعد ما كان مدلوال علیه»‪.‬‬ ‫«إذا لقامت فیه آیة املصنوع‪،‬‬
‫«وملا كان للبارئ معىن غیر املبـروء»‪.‬‬
‫(((‬

‫«واعل���م ّأن���ه ال تكون صف���ة لغیر موصوف‪ ،‬وال اس���م لغیر مع�ن�ى‪ ،‬وال ّ‬
‫حد لغیر‬
‫حمدود»‪.‬‬
‫(((‬

‫ًّ‬ ‫فاحلكم بتالزم الوصف والتعر یف‪ ،‬مع االمتداد ّ‬


‫بدهییا‪:‬‬ ‫واحلد واإلمكان یكون‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬
‫«وال خرق���ت األوهام حجب الغی���وب فتعتقد فیك حم���دودا يف عظمتك‪ ...‬وال‬
‫ً‬ ‫كیفیة ف ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫أزلیتك‪ ،‬وال ممكنا يف قدمك»‪.‬‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫«ومل یعلم لك ّ‬
‫(((‬
‫وماهیة فتكون لألشیاء املختلفة جمانسا»‪.‬‬ ‫مائیة‬
‫لاّ‬
‫لیس للقلب إ عقده عىل اإلمیان به ال إدراكه ووجدانه بذاته ونفس حقیقته‪:‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.161 / 4 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.438 ،‬‬
‫نف التشبيه‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪ ، 35 ،‬باب التوحيد و ي‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،305 / 10 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،262 _ 243 / 95 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،254 / 95 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪230‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أبو عبد اهلل‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫«ال تدركه العلماء وال أهل التفكیر بتفكیرهم إ بالتحقیق إیقانا بالغیب»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫(((‬
‫«یصیب الفكر منه اإلمیان به موجودا‪ ،‬ووجود اإلمیان ال وجود صفة»‪.‬‬
‫شیئا فتعتقد ّأنه هو اهلل تعاىل! ّ‬ ‫ً‬ ‫فاحلذر! احلذر! أن ّ‬
‫فإن‬ ‫تتوهم صورة أو جتد يف نفسك‬
‫ً‬
‫القل���ب بدقی���ق أوهامه ولطیف خطراته وكم���ال وجدانه جی ّد أن جید علم���ا بذات خالقه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التحیر والوله فیه!‬ ‫فیتخلص عن‬
‫ذاتا بال ّ‬ ‫ً‬ ‫میثله و یعلمه؟! هل ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا كی���ف ّ‬
‫حد وال هنایة‪ ،‬أ كبـر وأعظم‬ ‫یصوره‬ ‫یصوره ومب‬
‫ألن الالمتناهي منتف‬ ‫متجز ًیا‪ ،‬بل ّ‬
‫ألنه یلزم منه كونه تعایل ّ‬ ‫من ّكل شء؟! وذلك باطل ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫یتص���وره ذاتا بال جزء وال بع���د وال امتداد؟! وذاك عنده هو العدم نفس���ه‪،‬‬ ‫ثبوت���ا‪ ،‬أم ه���ل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مستحیل الوجود حمال ثبوتا أیضا‪.‬‬
‫یتصور بیهنما فهو ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مقدر حمدود خملوق حمتاج‪.‬‬ ‫وكل ما ّ‬ ‫بی ذاك وذین؟!!‬ ‫شیئا ن‬ ‫أم هل ّ‬
‫یتصوره‬
‫ن‬
‫النقیضی‪ ،‬مع اس���تحالة‬ ‫أم ه���ل یعتقد ّأنه هو الالمتناهي وال جزء له؟!! وهو اجتماع‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫«إنه كل األش���یاء‬ ‫املعان االعتبار ّیة فیقال‪:‬‬
‫ي‬ ‫اللهم إ أن یوؤل ذلك إىل‬ ‫طرفی���ه بذاهتم���ا‪،‬‬
‫عی الوحدة»!! كما‬ ‫ع�ی�� الكثرة وكثیر ف ن‬ ‫ولی���س بشء مهنا»!! أو یقال‪« :‬هو واحد ف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫یعترف بذلك القائلون به و ینصون علیه‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهل‪ ...‬وهل‪...‬؟! وكل هذه أوهام باطلة وحماالت واضحة‪.‬‬
‫احلضوري _ أي جی���ده بنفس وجدانه ذاته حی���ث ّإن احلضور‬‫ّ‬ ‫أو ه���ل یعرف���ه بالعل���م‬
‫ّ‬
‫العینی���ة العاقل واملعقول‪ ،‬والع���امل واملعلوم‪ ،‬كما‬ ‫ن‬
‫القائلی به هو نفس‬ ‫یك���ون معناه عن���د‬
‫تقول بذلك الفلسفة والعرفان وأصحاب مدرسة التفكیك _ وهذا هو نفس القول بوحدة‬
‫الالق املتعال عن خ‬
‫اللق!‬ ‫الوجود و إنكار وجود خ‬
‫ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪231‬‬

‫ً‬ ‫فلی���س للقلب إلاّ عقده عىل اإلمیان بوجود خ‬


‫الال���ق‪ ،‬معترفا بالعجز عن إدراكه ذاته‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫و یرجع عن كل ما وصل إلیه خاسئا حسیرا‪.‬‬
‫رتق عظمی غواش���ـي‬ ‫وف ّكل حرك���ة من���ه إىل وجدان ّرب���ه و إدراك معرفته‪ ،‬إن فتق له ُ‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جف���ون ح���دق عینیه بعنایة ربه‪ ،‬لعلم أن ما وصل إلی���ه لیس له بـرب‪ ،‬وأنه لیس له إ‬
‫متوهم إىل معرفة إخالص توحید خالقه‪،‬‬ ‫الرج���وع عن ّكل منهتى إىل مبدئه‪ ،‬وع���ن ّكل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء یراه و جیده أو عىس أن یصل إلیه و جیده‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫شء بخ الف‬ ‫و إىل اإل قرار بأنه ي‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫«اللهم يإن أسئلك یا من احتجب بشعاع نوره عن نواظر خلقه((( یا من تسـر بل‬
‫بالالل والكبـر یاء‬ ‫ّ‬
‫بالتجبـر يف قدسه‪ ،‬یا من تعاىل ج‬ ‫بالالل والعظمة‪ ،‬واشهتر‬ ‫ج‬
‫تفرد جمده‪ ...‬أسئلك مبعاقد ّ‬
‫العز من عرشك‪...‬‬ ‫ف ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وبكل اس���م هو لك ّمسیت به نفس���ك أو اس���تاثرت به يف عل���م الغیب عندك‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبكل اس���م هو لك أنزلته ف كتاب���ك أو ّ‬ ‫ّ‬
‫أثبته يف قلوب الصاف نی احلاف نی حول‬ ‫ي‬
‫ّ (((‬
‫عرش���ك‪ .‬فتراجعت القلوب إىل الصدور عن البی���ان((( بإخالص الوحدانیة‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الفردانیة‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫بالعبودیة وأنك أنت اهلل‏‪ ،‬أنت اهلل أنت اهلل‪.‬‬ ‫مقرة لك‬ ‫وحتقیق‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫ف�ل�ا إل���ه إ أن���ت‪ ،‬فال إل���ه إ أنت‪ ،‬ف�ل�ا إله إ أنت‪ ،‬وأس���ئلك باالس���م الذي‬
‫فتق���ت ب���ه رت���ق عظ�ی�م جف���ون عی���ون الناظر ی���ن الذین ب���ه تدبی���ر حمكتك‬
‫وش���واهد حجج أنبیائك یعرفونك بفطن القلوب((( وأنت يف غوامض ّ‬
‫مسـرات‬
‫بعلو ذاته ّ‬
‫املقدسة عن األجزاء ال بالستر واحلجاب‪.‬‬ ‫‪ . 1‬احتجب عن اإلدراك ّ‬
‫‪ . 2‬واإلدراك والتوصیف‪.‬‬
‫‪ . 3‬املمتنعة عن اإلدراك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫وحدانيتك والعلم بأنك‬ ‫‪4‬‏‪ .‬فل���م يك���ن حمصول غاية فطانة القلوب عن معرفة كهنك إ معرفة حقيقة‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مطلقا‪ّ ،‬‬
‫فردت ورجعت ّ‬
‫مقرة بالعبودية إىل مكاهنا يف كل نظارة إىل جالل ذاتك‬ ‫ممتن���ع ع���ن اإلدراك‬
‫وعظمة قدسك‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫‪ . 5‬إیقانا بالغیب وأنك ال تعرف مطلقا‪.‬‬
‫‪232‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫سـر یرات الغیوب»‪.‬‬


‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«البعید من حدس القلوب»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ً‬ ‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫متحیرا»‪.‬‬ ‫«مفن تفكر يف ذلك رجع طرفه إلیه حسیرا وعقله مهبوتا وتفكره‬
‫ّ‬
‫«ألن���ه اللطی���ف ال���ذي إذا أرادت األوه���ام أن تق���ع علیه يف عمیق���ات غیوب‬
‫لهّ‬ ‫ملك���ه‪ ،‬وحاولت الفكر ّ‬
‫املبـ���رات من خطر الوس���واس إدراك علم ذاته‪ ،‬وتو ت‬
‫القل���وب إلی���ه لتحوي من���ه ّ‬
‫مكیفا يف صفات���ه‪ ،‬وغمضت مداخ���ل العقول يف‬
‫إهلیته‪ ،‬ردعت خاسئة وهي جتوب مهاوي‬ ‫حیث ال تبلغه الصفات لتنال علم ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫س���دف الغیوب متخلصة إلیه س���بحانه‪ ،‬رجعت وجهبت معرفة بأنه ال ینال‬
‫(((‬
‫جبور االعتساف كنه معرفته»‪.‬‬
‫اإلمام ز ین العابدین؟ع؟ ‪:‬‬
‫حممد وآل ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫صل عىل ّ‬
‫حممد واجعلنا من الذین فتقت هلم رتق عظمی غواشـي‬ ‫«اللهم‬
‫(((‬ ‫جفون ح���دق القلوب ىّ‬
‫حت نظروا إىل تدبیر حمكتك وش���واهد حجج ّبیناتك‬
‫فعرف���وك مبحصول فطن القلوب((( وأنت يف غوامض س���ترات حجب القلوب‪.‬‬
‫أي فهم‬ ‫أي ن‬
‫عی تقوم هبا نصب نورك أم ترقأ إىل نور ضیاء قدسك‪ ،‬أو ّ‬ ‫فسبحانك ّ‬
‫یفهم ما دون ذلك‪ ،‬إلاّ األبصار الت كشفت عهنا حجب ّ‬
‫العمیة فرقت أرواحهم‬ ‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫عىل أجنحة املال ئكة ّ‬
‫البـروت عمارا‬
‫فسماهم أهل امللكوت زوارا ومساهم أهل ج‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،404 _ 403 / 94 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،243. / 95 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬يف فعلك وخلقك‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ . 6‬إیقانا بغیب ذاتك‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪233‬‬

‫ّ‬ ‫ّ ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫حی وتعلقوا حبجاب القدرة وناج���وا ر بهّ م عند كل‬ ‫فت���رددوا يف مصاف املس���ب‬
‫الالل يف‬ ‫بعی القلوب إىل ّ‬
‫حت نظروا ن‬ ‫شهوة‪ .‬فخرقت قلوهبم حجب النور ىّ‬
‫عز ج‬
‫النیات مبعرفة توحیدك فال‬ ‫عظم امللكوت‪ ،‬فرجعت القلوب إىل الصدور عىل ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫إله إلاّ أنت وحدك ال ش���ـر یك لك‪ ،‬تعالیت ّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫عما یقول الظاملون‬
‫عن هشام بن احلكم قال‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫والحواس إدرا كه ��ا على ثالثة‬ ‫بالحواس والقل ��ب‪،‬‬ ‫«األش���یاء ال ت���درك إ بأمری���ن‪:‬‬
‫معان‪:‬‬
‫بالمماسة‪ ،‬و إدرا ًكا بال مداخله وال ّ‬
‫مماسه‪ّ ،‬‬
‫فأما اإلدراك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إدرا كا بالمداخلة‪ ،‬و إدرا كا‬
‫ّ‬
‫بالمماس ��ة فمعرفة‬ ‫وأما اإلدراك‬ ‫ال���ذي بالمداخلة فاألصوات والمش � ّ‬
‫�ام والطعوم‪ّ ،‬‬
‫والحر والبـرد‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما اإلدراك‬ ‫األش���كال من التربیع والتثلیث ومعرفة اللین والخش ��ن‬
‫مماسة وال مداخلة في ّ‬
‫حیز غیره‬ ‫مماس���ة وال مداخلة فالبصـر یدرك األش ��یاء بال ّ‬
‫بال ّ‬
‫وال في ّ‬
‫حیزه‪ ،‬و إدراك البصـر له س���بیل وس ��بب‪ ،‬فس ��بیله الهواء وس ��ببه الضیاء فإذا‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫المرئي والس ��بب القائم أدرك م ��ا یالقي من األلوان‬ ‫كان الس���بب ّمتصال بینه وبین‬
‫واألشخاص‪.‬‬
‫ً‬
‫ف���إذا حمل البصـر على ما ال س���بیل له فیه رجع راجعا فحكى م ��ا ورآئه كالناظر في‬
‫ً‬
‫الم���رآة ال ینف���ذ بصـره في المرآة فإذا لم یكن له س ��بیل رجع راجعا یحكي ما ورآئه‪،‬‬
‫ً‬
‫وكذل���ك الناظ���ر في الماء الصافي یرج ��ع راجعا فیحكي ما ورائه إذ ال س ��بیل له في‬
‫إنفاذ بصـره‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ویتوهمه‪ ،‬فال‬ ‫فأما القلوب فإنما س���لطانه على الهواء فهو یدرك جمیع ما في الهواء‬
‫ً‬
‫ینبغ���ي للعاق���ل أن یحمل قلبه على ما لیس موجودا في اله ��واء من أمر توحید اهلل‬
‫ّ لاّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫یتوه ��م إ ما في الهواء موجود كم ��ا قلنا في أمر‬ ‫وعز‪ ،‬فإن���ه إن فعل ذلك لم‬ ‫ج���ل‬

‫ّ‬
‫الغروي‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪128 / 94 ،‬ـ ‪ ،129‬عن الكتاب العتيق‬
‫‪234‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫البصـر‪ ،‬تعالى اهلل أن یشبهه خلقه»‪.‬‬


‫(((‬

‫لاّ‬
‫المطلب الثالث‪ :‬ال يعرف الخالق إ بأثره وفعله‬
‫ّ‬
‫مقدمات‪:‬‬
‫ّ‬
‫بشء بنفسه وبال واسطة بأن نصل إىل ذاته‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫یتعل‬ ‫بالشء ّإما أن میكن أن‬
‫ي‬ ‫‪ّ . 1‬إن العلم‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً تحّ ً‬ ‫ً‬
‫حسا أو عقال أو ومها أو ا ادا وعینا وحضورا‪ ...‬و ّإما أن میتنع ذلك فال حیصل العلم‬ ‫وصفاته ّ‬
‫تصور ّ‬ ‫أي ّ‬ ‫الدال عىل وجوده دون ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫وتوهم و إدراك عن حقیقة ذاته‪.‬‬ ‫به إ بغیره _ وخلقه وفعله‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫‪ . 2‬القسم ّ‬
‫امتداديا‬ ‫متفرعا عىل كون املعلوم‬ ‫األول من قسمي العلم املذكور ین یكون‬
‫والتص���ور ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والتوه���م‪.‬‬ ‫عددي���اقاب�ل�اللوج���ودوالع���دموالزی���ادةوالنقص���ان‬
‫شء واإل قرار به من حیث دال لة آثاره علیه ال یستلزم معرفة‬
‫‪ . 3‬حصول العلم بوجود ي‬
‫حقیقة ذاته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫‪ .4‬خ‬
‫شء وكل امتداد‪ ،‬وم���ا یكون كذلك مفحال أن‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫بخ�ل�اف‬ ‫الال���ق ال یك���ون إ‬
‫یدرك و یعرف بذاته‪.‬‬
‫لاّ‬
‫النتیجة‪ :‬ال حیصل العلم واإل قرار بوجوده تعاىل إ من وجود أثره وفعله‪.‬‬
‫ّ‬
‫فنكتف باإلشارة إىل بعض ما یدل عىل ذلك من الروایات‪:‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«دلیله آیاته‪ ،‬ووجوده إثباته»‪.‬‬
‫(((‬

‫لىّ‬
‫(((‬
‫«هبا جت صانعها للعقول‪ ،‬وهبا امتنع من نظر العیون»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬

‫الكاف‪.99 /1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.253 ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪.253 ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪235‬‬

‫(((‬
‫ربوبیته يف إبداع الخ لق»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تعاىل أظهر ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬
‫«وال یعرف إ خبلقه تبارك وتعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫الت‬
‫«‪ ...‬ق���ال‪ :‬مف���ا الدلیل علی���ه؟ [قال أب���و عب���د اهلل؟ع؟ ] وج���ود األفاعیل ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫دلت عىل ّأن صانعا صنعها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫(((‬
‫بكیفیة املخلوق»‪.‬‬ ‫«و إنا الكیف‬
‫ّ‬
‫«أما التوحید‪ ،‬فأن ال جت ّوز عىل ّربك ما جاز علیك»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫من‬ ‫وخارج‬ ‫مكان‬ ‫كل‬ ‫«فاهلل تبارك وتعاىل داخل يف‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫ن‬
‫النبیی‬ ‫«یا هش���ام‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتعاىل أ كمل للناس احلجج بالعقول‪ ،‬ونصـر‬
‫(((‬
‫ّ‬ ‫بالبیان‪ ،‬ودلهّ م عىل ّ‬
‫ربوبیته باألدلة»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«بصنع اهلل یستدل علیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«وفهیا أثبت غیره ومهنا أنیط الدلیل»‪.‬‬


‫(((‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪ ،92 ،‬باب تفسير قل هو اهلل أحد إىل آخرها‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،195 / 10 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،264 / 4 ،‬عن التوحيد‬
‫الكاف‪.104 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 6‬حبار األنوار‪298 / 4 ،‬؛‬
‫الكاف‪.13 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.7‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 9‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪236‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«هبا جتىل صانعها للعقول»‪.‬‬


‫(((‬

‫«إهل���ي ب���دت قدرتك ومل تبد هیئته فجهلوك وبه ّ‬


‫ق���دروك والتقدیر عىل غیر ما‬
‫ّ‬
‫ب���ه وصف���وك‪ ،‬و يإن بـريء یا إهلي من الذین بالتش���بیه طلبوك‪ ،‬لیس كمثلك‬
‫شء‪ ،‬إهلي ولن یدركوك‪ ،‬وظاهر ما هبم من نعمك دلیلهم علیك لو عرفوك‪.‬‬ ‫ي‬
‫وف خلق���ك ی���ا إهل���ي مندوح���ة أن یتناول���وك‪ ،‬ب���ل س ّ���ووك خبلق���ك مف���ن ّمث مل‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یعرف���وك‪ ،‬واتخ���ذوا بع���ض آیاتك رب���ا فبذلك وصف���وك‪ ،‬تعالی���ت ر يب عما به‬
‫(((‬
‫املشبهّ ون نعتوك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ن ً‬ ‫ّ‬
‫وأبی أمرا م���ن اهلل تبارك وتع���اىل‪ ،‬فإنك ال تع���دم صنعته‬ ‫«ف���أي ظاهر أظه���ر‬
‫(((‬
‫توجهت وفیك من آثاره ما یغنیك»‪.‬‬ ‫حیثما ّ‬
‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫امتدادیا‪ ،‬فال میكن‬ ‫الشء دلیال عىل نفسه أو غیره إ إذا عرف بنفسه وكان‬ ‫ال یكون ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫أن یك���ون خ‬
‫الال���ق تعاىل إ مدلوال علیه وال یك���ون دلیال عىل غیره مطلقا‪ ،‬بل األمر عیل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫العك���س ّ‬
‫فإنه مدلول علیه دامئا‪ ،‬ولیس بدلیل ع�ل�ی غیره أبدا‪ ،‬وهذا احلكم من البداهة‬
‫یكون مبكان جیعل مقابله نتیجة خ‬
‫اللف يف االستدال ل‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫املدبـر هل���م‪ ،‬وأنهّ م‬
‫وأن���ه ّ‬ ‫«فبالعق���ل ع���رف العب���اد خالقه���م‪ ،‬وأنهّ م خملوق���ون‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الباق وهم الفانون‪ ،‬واس���تدلوا بعقوهلم عىل م���ا رأوا من خلقه‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫وأن‬ ‫املدبـ���رون‪،‬‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫من مسائه وأرضه ومشسه ومقره ولیله وهناره ّ‬
‫(((‬
‫ومدبـرا»‪.‬‬ ‫وبأن له وهلم خالقا‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫«‪...‬أخبـ���ر ن أعرف���ت اهلل ّ‬
‫[ع�ل�� بن يأب‬
‫ي‬ ‫حممدا باهلل‏؟! فقال‬ ‫مبحمد أم عرف���ت‬ ‫ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫األمال للصدوق‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪،293 / 3 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،178 / 4 ،‬عن التوحيد وعيون أخبار الرضا؟ع؟‪.‬‬
‫الكاف‪.29 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪237‬‬

‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫وج���ل ّ‬ ‫طال���ب؟امهع؟‪ ]:‬ما عرفت اهلل ّ‬
‫حممدا باهلل‬ ‫مبحمد؟ص؟‪ ،‬ولكن عرف���ت‬ ‫عز‬
‫حی خلقه وأح���دث فیه احلدود من طول وع���رض فعرفت ّأنه ّ‬
‫وجل ن‬ ‫ّ ّ‬
‫مدبـر‬ ‫ع���ز‬
‫مصنوع باس���تدال ل و إهل���ام منه و إرادة‪ ،‬كم���ا أهلم املال ئكة طاعت���ه‪ّ ،‬‬
‫وعرفهم‬
‫نفسه بال شبه وال كیف»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫یس���تحق األزل من ال میتن���ع من احلدث‪ ،‬وكیف ینش���ـئ األش���یاء من‬ ‫«كی���ف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ال میتن���ع من اإلنش���اء‪ ،‬إذا لقامت فیه آیة املصنوع ولتح ّ���ول دلیال بعد ما كان‬
‫ً‬
‫(((‬
‫مدلوال علیه»‪.‬‬
‫«‪ ...‬قال ما اإلمیان وما الكفر؟ [قال اإلمام الصادق؟ع؟ ‪ ]:‬اإلمیان‪ :‬أن ّ‬
‫یصدق اهلل‬
‫(((‬
‫الحود»‪.‬‬‫يف ما غاب عنه من عظمة اهلل لتصدیقه مبا شاهد من ذلك‪ ،‬والكفر‪ :‬ج‬
‫لاّ‬
‫بل كما ّأن العلم بوجود الذات املتعالیة ال حیصل إ من وجود أفعاهلا وآثارها‪ ،‬فكذلك‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫هو يف كل ما یوصف به من الصفات‪ ،‬فال تعرف هبا إ من ناحیة دال لة آثارها علهیا‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ربوبیته‪ ،‬وبعجزها عىل قدرت���ه‪ ،‬وبفطورها‬ ‫بكلیة األجناس ع�ل�ى ّ‬
‫«مستش���هد ّ‬
‫ّ‬
‫ع�ل�ى قدمه‪ ،‬وبزواهلا ع�ل�ى بقائه‪ ...‬كىف بإتقان الصنع هل���ا آیة‪ ،‬ومبركب الطبع‬
‫علهیا دال لة‪ ،‬وحبدوث الفطر علهیا قدمة‪ ،‬وبإحكام الصنعة هلا عبـرة»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«وحب���دوث خلق���ه عىل ّ‬
‫أزلیته‪ ،‬وباش���تباههم عىل أن ال ش���به له‪ ،‬املستش���هد‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،272 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار االنوار‪ ،230 /4 ،‬عن التوحید والعیون؛ التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،184 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪238‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫بآیاته عىل قدرته‪ ،‬املمتنع من الصفات ذاته»‪.‬‬


‫(((‬

‫ً‬
‫مطلقا فطر ی���ق العلم بوجود خ‬
‫الالق تعاىل منحصـر‬ ‫إذا كانت معرفة الذات مس���تحیلة‬
‫ّ‬
‫باآلیات والعالمات املخلوقة الدالة عىل وجوده‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«الظاه���ر بعجائ���ب تدبی���ره للناظر ی���ن‪ ،‬والباط���ن جب�ل�ال ّ‬
‫عزت���ه ع���ن فك���ر‬
‫(((‬ ‫ن‬
‫املتوهمّی»‪.‬‬
‫«مل یطل���ع العق���ول عىل حتدی���د صفته‪ ،‬ومل حیجهب���ا عن واج���ب معرفته‪ ،‬فهو‬
‫الذي تش���هد له أعالم الوجود عىل إقرار قلب ذي جحود‪ ،‬تعاىل اهلل ّ‬
‫عما یقول‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫الاحدون له‬‫املشبهّ ون به‪ ،‬ج‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫یبعض‪ ،‬معروف باآلیات‪ (((،‬موصوف بالعالمات»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«یوحد وال ّ‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫«مل ت���ره العی���ون مبش���اهدة العی���ان ورأت���ه القل���وب حبقائ���ق اإلمی���ان‪ ،‬ال یعرف‬
‫یش���به بالناس‪ ،‬موص���وف باآلیات‪ ،‬معروف‬ ‫باحلواس وال ّ‬‫ّ‬ ‫بالقی���اس‪ ،‬وال یدرك‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،284 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،319 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،308 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫الالق تعایل هي خلقه وفعله‪،‬‬ ‫‪ 4‬ينبغ���ي هاهن���ا التنبيه عیل أمر ين‪ :‬ألف) ّإن املراد من عالمات وجود خ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولي���س م���ن حنو كون أمواج البح���ر عالمة عىل وجود البحر اللذين يكونان ش���يئا واحدا يف احلقيقة‬
‫كما تقول بذلك الفلس���فة والعرفان‪ .‬ب) ّإن هذا الس���نخ من املعرفة هو شـيء بخ الف معرفة الشـيء‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الت تعرفها العلوم البش���ـر ّية‬
‫ي‬ ‫الوجوه‬ ‫من‬ ‫ذلك‬ ‫غير‬ ‫أو‬ ‫بالوج���ه»‬ ‫«معرفة‬ ‫أو‬ ‫»‬‫«حض���ورا‬ ‫أو‬ ‫»‬ ‫«حص���وال‬
‫وتصفها ألصحاهبا‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،297 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪239‬‬

‫بالعالمات»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«معروف بغیر تش���بیه‪ ،‬یعرف باآلیات ویثبت بالعالمات‪ ،‬فال إله غیره الكبیر‬
‫املتعال»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«ویس���تدل علیه خبلقه ىّ‬
‫حت ال حیتاج ف ذل���ك الطالب املرتاد إىل رؤیة ن‬
‫عی‪،‬‬ ‫ي‬
‫وال استماع أذن‪ ،‬وال ملس كف‪ ،‬وال إحاطة بقلب»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باحل���واس‪ ،‬وال یق���اس بالن���اس‪ ،‬مع���روف بغی���ر تش���بیه‪ ...‬ال میثل‬ ‫«ال ی���درك‬
‫میث���ل ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یبع���ض‪ ،‬یع���رف باآلی���ات ویثب���ت‬‫ویوح���د وال ّ‬ ‫خبلیقت���ه‪ ...‬حیق���ق وال‬
‫بالعالمات‪ ،‬فال إله غیره الكبیر املتعال»‪.‬‬
‫(((‬

‫الشء مستلزمة لكوهنا قابلة للز یادة والنقضان‪:‬‬ ‫ّ‬


‫إن معرفة ذات ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«مل یتع���اوره زیادة وال نقصان‪ ،‬بل ظهر يف العق���ول مبا أرانا من عالمات التدبیر‬
‫املتقن والقضاء املبـرم‪ ،‬مفن شواهد خلقه خلق السماوات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ألن اإلدراك بغیر ذلك ال یكون إلاّ باإلحاطة ّ‬


‫املتفرعة عىل كون ما‬ ‫فهو ال یعرف إلاّ بآثاره ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬
‫متجز یا خملوقا‪ ،‬وهو أجل وأعظم من أن حیاط به أو یوصف بصفات خلقه‪:‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫یدرك‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬ ‫«عظم أن تثبت ّ‬
‫ربوبیته بإحاطة قلب أو بصـر»‪.‬‬

‫أمال الصدوق‪.‬‬‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،26 / 4 ،‬عن ي‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،315 / 10 ،‬عن التوحيد وعيون أخبار الرضا؟ع؟‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،314 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،317 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪240‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫فخبـ���ر ن ع���ن اهلل تعاىل أ ُم َد ٌ‬


‫«‪ّ ...‬‬
‫باحلواس عندك فیس���ألك املسترش���د يف‬ ‫رك‬ ‫ي‬
‫احلواس‪ ،‬أم كیف طر یق املعرفة به إن مل یكن األمر كذلك؟‬ ‫ّ‬ ‫طلبه استعمال‬
‫ال ّب���ار أن یوصف مبق���دار‪ ،‬أو تدركه‬ ‫ن‬
‫املؤمن�ی��؟ع؟ ‪ :‬تع���اىل امللك ج‬ ‫فق���ال‪ :‬أمیر‬
‫ّ‬
‫احل���واس‪ ،‬أو یق���اس بالن���اس‪ ،‬والطر ی���ق إىل معرفته صنائعه الباه���رة للعقول‬
‫ّ‬
‫الدالة ذوي االعتبار مبا هو مهنا مشهود ومعقول‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ق���ال الاثلیق‪ :‬صدق���ت‪ ،‬هذا واهلل هو ّ‬
‫احل���ق الذي قد ضل عن���ه التاهئون يف‬ ‫ج‬
‫(((‬
‫الهاالت»‪.‬‬ ‫ج‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ََ‬ ‫ّ‬
‫بشء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«مفىت تفكر العبد يف مائیة الباري وكیفیته أله فیه وحتیر ومل حتط فكرته ي‬
‫ّ ّ ّ‬
‫وجل خالق الصور‪ ،‬فإذا نظر العبد إىل خلقه ثبت له ّأنه ّ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫یتصور له‪ ،‬ألنه عز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وجل خالقهم ومركب أرواحهم يف أجسادهم»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫الصدیقی واألنبیاء؟مهع؟ هو ما استدل علیه تعایل‬ ‫ومن هنا تقف عىل ّأن واقع بـرهان‬
‫فیه بقوله‪:‬‬
‫َ ْ َ َُ َْ‬
‫(((‬
‫<و ِتلك‏ ُح ّجتنا آتيناها ِإب ِ‬
‫ـراهيم>‪.‬‬
‫ْ‬
‫ون ِم َن ال ُم ِوقنين>‪.‬‬‫السموات‏ َو ْال َأ ْرض ول َي ُك َ‬ ‫ـراهيم‏ َم َل ُك َ‬
‫وت‏ َّ‬ ‫َ‬ ‫ََ َ ُ‬
‫<وكذ ِلك نري‏ ِإب‬
‫(((‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫وكل م���ا س���واه ّمما يعرف و ی���درك بذاته لیس إ أن ما یكون قاب�ل�ا للز یادة والنقصان‬
‫لوهیة‪ ،‬فال ّبد له من خالق بخ الفه‪:‬‬ ‫والتغیر واأل فول ال یلیق باأل ّ‬
‫ّ‬
‫َ َ َّ َ َ َ َ ُ ُّ ْ‬
‫(((‬
‫آف ِلين‏>‪.‬‬
‫ل قال‪ :‬لا أ ِحب ال ِ‬ ‫<فلما أف ‏‬

‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،56 / 10 ،‬عن ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،225 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬األنعام (‪.83 ،)6‬‬
‫‪ . 4‬األنعام (‪.75 ،)6‬‬
‫‪ . 5‬األنعام (‪.76 ،)6‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪241‬‬

‫ٌ َّ ُ ُ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ ْ ّ‬
‫<فلما أفلت قال يا قو ِ ‏م ِإن ِ ‏ي بـري‏ء ِمما تشـركون>‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫وكل ذلك خملوق مصنوع َ‬
‫حمدث مر بوب ّ‬
‫(((‬
‫مدبـر»‪.‬‬ ‫«‪...‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ألن األفول عن صفات املحدث‬ ‫اآلفلی ّ‬
‫ن‬ ‫«‪ ...‬فلم���ا أفل الكوكب قال‪ :‬ال ّ‬
‫أحب‬
‫ال م���ن صف���ات الق���دمی‪ّ ...‬إن العب���ادة ال ّ‬
‫حتق مل���ن كان بصفة الزه���رة والقمر‬
‫حتق العب���ادة لخ القها وخال���ق الس���موات واألرض‪ .‬وكان ما‬ ‫والش���مس‪ ،‬و إنمّ���ا ّ‬
‫َ ْ َ‬
‫<و ِتل���ك ُح َّج ُتنا‬ ‫ّ‬
‫احت���ج به ع�ل�ى قومه ما أهلم���ه اهلل وآتاه كما ق���ال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َآت ْيناها إ ْب َ‬
‫(((‬
‫راهيم َعلى‏ ق ْو ِمهِ >‪.‬‬ ‫ِ‬
‫س���ید الش���هداء‬ ‫إن قل���ت‪ :‬كی���ف تكون الدال لة عىل اهلل تعاىل منحصـرة باآل ثار وهذا ّ‬
‫لىّ‬
‫ص اهلل علیه وعىل آبائه وأوالده وأصحابه ورزقنا اهلل تعاىل شفاعته وز یارته یقول يف ما‬
‫ینسب إلیه من الضمیمة املشهورة إىل دعاء عرفة‪:‬‬
‫«إله���ي أن���ا الفقیر في غن���اي‪ ...‬إلهي ّ‬
‫ترددي ف ��ي اآلثار یوجب بعد الم ��زار‪ ...‬كیف‬
‫ّ‬
‫یستدل علیك بما هو في وجوده مفتقر إلیك‪.‬‬
‫حتى یكون هو المظهر لك‪ ،‬متى غبت ّ‬
‫حتى‬ ‫أ یك���ون لغیرك م���ن الظهور ما لیس لك ّ‬
‫یدل علیك‪ ،‬ومتى بعدت ّ‬‫ّ‬
‫حتى تكون اآلثار هي التي توصل إلیك‪،‬‬ ‫تحتاج إلى دلیل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫رقیب���ا‪ ...‬أنت ال ��ذي ّ‬
‫تعرفت ّ‬
‫إلي في كل ش ��يء فرأیتك‬ ‫عمی���ت عی���ن ال تراك علیها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ظاهرا في كل شيء وأنت الظاهر لكل شيء»‪.‬‬

‫‪ . 1‬األنعام (‪.78 ،)6‬‬


‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،12 / 4 ،‬عن التوحید‬
‫ن‬
‫الثقلي‪ ،736 _ 735 / 1 ،‬عن عيون األخبار‪.‬‬ ‫‪ . 3‬نور‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪.227 _ 225 / 98 ،‬‬
‫‪242‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املجلس ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«قدس س���ـره» يف‬ ‫ي‬ ‫مة‬ ‫قل���ت‪ :‬قد أغنانا عن ج‬
‫الواب عن ذلك ما أورده الع‬
‫حبار األنوار حیث یقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الكفعم���ي ‘‘ره’’ أیض ��ا هذا الدعاء ف ��ي البلد األمین‪ ،‬و إب ��ن طاووس في‬ ‫«ق���د أورد‬
‫ً‬
‫مصباح الزائر كما س���بق ذكرهما‪ ،‬ولكن لیس في آخ ��ره فیهما بقدر ورق تقریبا وهو‬
‫من قوله‪‘‘ :‬إلهي أنا الفقیر في غناي’’ إلى آخر هذا الدعاء‪.‬‬
‫ً‬
‫وك���ذا ل���م یوجد هذه الورقة في بعض النس ��خ العتیقة من اإلقب���ال أیضا‪ ،‬وعبارات‬
‫ً ّ‬
‫هذه الورقة ال تالئم س���یاق أدعیة الس ��ادة المعصومین أیض ��ا‪ ،‬و إنما هي على وفق‬
‫ّ‬
‫الصوفیة‪ ،‬ولذلك قد مال بعض األفاضل إلى كون هذه الورقة من مزیدات‬ ‫مذاق‬
‫ّ‬
‫الصوفیة ومن إلحاقاته و إدخاالته‪.‬‬ ‫بعض مشایخ‬
‫ً‬
‫وبالجمل���ة ه���ذه الزیادة ّإما وقع ��ت من بعضهم ّأوال في بع ��ض الكتب‪ ،‬وأخذ ابن‬
‫ً‬
‫ط���اووس عنه ف���ي اإلقبال غفلة عن حقیقة الحال‪ ،‬أو وقع ��ت ثانیا من بعضهم في‬
‫ّ‬
‫نف���س كتاب اإلقبال‪ ،‬ولع���ل الثاني أظهر على ما أومأنا إلی ��ه من عدم وجدانها في‬
‫بعض النسخ العتیقة وفي مصباح الزائر‪ ،‬واهلل أعلم بحقائق األحوال»‪.‬‬
‫(((‬

‫إن قلت‪ :‬مفا تقول يف روایة السفینة املشهورة وهي‪:‬‬


‫ّ‬
‫«ق���ال رجل للص���ادق؟ع؟ ‪ :‬یا بن رس���ول اهلل‏‪ ،‬دل ين عىل اهلل ما ه���و؟ فقد أ كثر‬
‫رون‪ .‬فقال له‪ :‬یا عبد اهلل‏‪ ،‬هل ركبت س���فینة ّقط؟ قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ع�ل�� املجادلون وحی ي‬
‫ي‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فهل كس���ـر بك حیث ال س���فینة تنجیك وال س���باحة تغنیك؟ قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬فهل تعلق قلبك هنالك ّأن شیئا من األشیاء قادر عىل أن خیلصك‬

‫ّ‬
‫الهتراین‪ ،‬يف كتابه‬ ‫ن‬
‫حس�ی��‬ ‫الس���ید ّ‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التصوف‬ ‫الفان يف‬ ‫‪ . 1‬حب���ار األن���وار‪ .227 / 98 ،‬وقد اعترف‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫«معرف���ة اهلل» ّ‬
‫بأنه‪ّ :‬إن هذا الدعاء من إنش���اء أمح���د بن حممد بن عبد الكرمي (تاج الدين) املعروف‬
‫ّ‬
‫اإلس���كندري (ت‪ )907 .‬و يوج���د يف كتابه (احلكم العطائي���ة ط) وابن عطاء هذا‬ ‫باب���ن عطاء اهلل‬
‫ّ‬
‫املرسـي أبو العباس‪.‬‬ ‫شاذل وهو من تالمذة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متصوف‬
‫ي‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪243‬‬

‫الشء هو اهلل القادر عىل‬


‫م���ن ورطتك؟ فقال‪ :‬نعم‪ .‬قال الصادق؟ع؟ ‪ :‬فذلك ي‬
‫اإلناء حیث ال منجي‪ ،‬وعىل اإلغاثة حیث ال مغیث»‪.‬‬
‫(((‬
‫ج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قلت‪ :‬هذه الروایة أیضا ال دال لة فهیا عىل كونه دلیال عىل وجود اهلل تعاىل يف عرض‬
‫حت ّ‬
‫یسمى ببـرهان الفطرة عىل معناه الباطل عندهم _ أو غیر ذلك‪.‬‬ ‫دال لة اآل ثار واأل فعال _ ىّ‬
‫ّ‬
‫املفس���ـر‬ ‫ال ّ‬
‫رجان‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫أب القاس���م ج‬
‫هذا‪ ،‬مع غض النظر عن انهتاء س���ندها إىل حممد بن ي‬
‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟‪.‬‬ ‫خ‬
‫الطیب‪ ،‬راوي التفسیر املنسوب إىل اإلمام‬
‫وقد جاء يف «معجم رجال احلدیث»‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟ بـروایته لم تثبت‪ ،‬فإنه رواه عن رجلین‬ ‫«التفسیر المنسوب إلى اإلمام‬
‫(((‬
‫سیار»‪.‬‬ ‫علي بن ّ‬
‫محمد بن ّ‬ ‫مجهول حالهما‪ ،‬وقد أشـرنا إلى ذلك في ترجمة ّ‬

‫الفطرية الفلسفيّ ة‬
‫ّ‬ ‫نقد المعرفة‬

‫جاء يف «تفسیر املیزان» حول املعرفة الفطر ّیة‪:‬‬


‫ّ‬
‫الرب القدیر الذي ال ینساه اإلنسان و ّإن نسي كل شيء‬
‫«إذا كان اهلل س���بحانه هو ّ‬
‫ویضطر إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫التوجه إلیه ببعث من نفسه عند الشدائد الفاضحة الحاطمة‬ ‫إ نفسه‪،‬‬
‫رب الناس دونها‪ ...‬على ما‬ ‫دون غیره من الشـركاء المسمین آلهة‪ ،‬فهو سبحانه هو ّ‬
‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان أن یشتغل عند إحاطة ّ‬ ‫ّ‬
‫البلیة به عن كل شيء بنفسه‪ ،‬وال یهم إ‬ ‫في غریزة‬
‫بنفس���ه لضیق المجال به أن ّ‬
‫یتلهی بما ال ینفعه‪ ،‬فاش ��تغاله والحال هذه بدعاء اهلل‬
‫ّ ّ‬
‫حجة أنه تعالى هو اهلل ال إله غیره وال معبود سواه‪.‬‬ ‫سبحانه ونسیانه األصنام أصـرح‬
‫ّ‬ ‫ّ ً ّ ً‬ ‫أص���ل الدعاء عند الش���دائد والمصائب‪ّ ،‬‬
‫توجها جبل ّی ��ا عند ما تطل‬ ‫وأن لإلنس ��ان‬
‫حجة أخرى غیر هذه‬ ‫البلیة وینقطع عنه ّكل سبب إلى من یكشفها عنه‪ ،‬فهو ّ‬‫علیه ّ‬
‫الحج���ة‪ ،‬والمطل���وب به���ذه ّ‬
‫الحجة _ وهي التي ف ��ي هذه اآلی ��ة _ التوحید‪ ،‬وبتلك‬ ‫ّ‬

‫‪ . 1‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.231 ،‬‬


‫ال ّ‬
‫وئ‪ ،‬معجم رجال احلديث‪ 156 ،17 ،‬و‪.157‬‬ ‫‪ . 2‬السید خ‬
‫ي‬
‫‪244‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫الحجة إثبات الصانع من غیر نظر إلى توحیده»‪.‬‬
‫ً‬ ‫جلی ًا ّأنه ال ّ‬
‫مطلقا ّ‬
‫وأن تفس���یر اآلیات املذكورة مبا‬ ‫حجة يف ما ّادعوه‬ ‫فبم���ا ّبی ّناه یظه���ر ّ‬
‫ّ‬ ‫یصح‪ ،‬فإن البـرهان عىل إثبات وجود خ‬ ‫ّ‬
‫الالق جل وعال منحصـر باالس���تدال ل‬ ‫فهم���وه ال‬
‫علیه من وجود خلقه بالعقل ّ‬
‫فقط‪.‬‬
‫تقول الفلسفة والعرفان حول مسألة معرفة اهلل باهلل‏‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن التفكر في أمر اهلل تعالى _ الذي جعله موالنا الرضا؟ع؟ أصل العباده ومغزاها‪،‬‬
‫ّ‬
‫لألوحدي من أولیائه الذین یعرفونه‬ ‫ّ‬
‫النفسیة وغیرها‪ ،‬عدا ما‬ ‫ّإنما ّ‬
‫یتم بمعرفة آیاته‬
‫ّ‬
‫تعالى به تعالى ویعرفون غیره به‪ ،‬ال أنهم یعرفونه بغیره إذ لیس لغیره من الظهور ما‬
‫(((‬
‫حتى یكون ذلك الغیر هو المظهر له»‪.‬‬‫لیس له ّ‬

‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأنه ال ّ‬
‫ماهی ��ة له‪‘‘ ،‬كل‬ ‫«ونح���و قول���ه؟ع؟ في ع���دم إمكان إال كتن ��اه بذاته تعال ��ى‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫معروف بنفس���ه مصنوع’’ حیث أفاد؟ع؟ ّ‬
‫بأن ما ال یكون مصنوعا لش ��يء أصال‪ ،‬بل‬
‫وماهیته‪ ،‬اذ ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ماهیة له‬ ‫هو صانع جمیع األش���یاء ال یكون معروفا بنفس ��ه أي بذاته‬
‫ورآء الوج���ود المحض الذي ال یدركه العقل بالكنه‪ ،‬إذ ال صورة له تحكیه وال مثال‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫له یحاذیه‪ ،‬ألنه لیس كمثله شيء»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الذاتي‬ ‫«ال إل���ه إ اهلل وحده وحده وحده‪ ،‬ناظر إل ��ى مراتب التوحید من التوحید‬
‫والفعلي‪ ،‬لفناء جمیع الذوات في ذاته تعالى‪ ،‬وفناء جمیع األوصاف في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والوصفي‬
‫ٌ َّ‬ ‫ّ ُ َ‬
‫ألن <ك ُّل ش���ـي ٍ‏ء ها ِلك ِإلا َو ْج َهه>‏‬ ‫وصفه تعالى‪ ،‬وفناء جمیع األفعال في فعله تعالى‪،‬‬
‫َ‬
‫<أ ْي َنم���ا ُت َو ُّلوا َف َث َّ‬
‫���م َو ْج ُه اهلل> ّ‬
‫ّ‬
‫الذاتي‬ ‫ألن اإلطالق‬ ‫حتى في نفس التولیة واألین‪ّ ...‬‬ ‫و‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.87 _ 86 / 7 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبداهلل‪ّ ،‬‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهلية‪.9 ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬جوادي ي‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلس���فة ّ‬
‫اإلهلية‪ 17 ،‬و‪.18‬‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبداهلل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬جوادي ي‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪245‬‬

‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬


‫لخواص أولیائه الذین‬ ‫ال یشذ عنه شيء‪ ،‬ومثل هذه المعرفة والتعریف ال یتیسـر إ‬
‫(((‬
‫عرفهم اهلل ّإیاه»‪.‬‬ ‫شیئا إلاّ ما ّ‬
‫ً‬
‫یعرفون اهلل باهلل‏‪ ...‬فحینئذ ال یعرفون‬
‫ترد إشكاالت عىل ما قالته الفلسفة والعرفان هاهنا وهي‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫األول‪ :‬ال میكن أن یعرف خ‬ ‫ّ‬
‫البدهیي ّأن التصدیق‬
‫ّ‬ ‫الالق تعاىل إ بأثره الدال علیه‪ ،‬ومن‬
‫بوجود شء من حیث دال لة أثره علیه ال یستلزم كونه ذا صورة حتكیه ومثال حیاذیه ّ‬
‫ألبتة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫الثان‪ّ :‬إن لغیر خ‬
‫الالق تعاىل من الظهور ما ال یكون له عز وجل‪ ،‬بل ال میكن أن یكون‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫له أبدا‪ ،‬وهو الظهور بالذات عقال أو حسا أو ومها أو‪...‬‬
‫ّ‬
‫والتغیر‬ ‫ّ‬
‫وقابلیة االنقسام‬ ‫ّ‬
‫والتجزي‬ ‫ّ‬
‫باملعلولیة‬ ‫الثالث‪ :‬ومن الظهور للمخلوق هو ظهوره‬
‫ً‬ ‫والتب���دل ال�ت�� یكون هب���ا دالاّ ً عىل وجود علت���ه‪ ،‬خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والالق تعاىل لیس مبعل���ول مطلقا وال‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫یكشف وجوده عن وجود غیره علة له _ بل مطلقا _ أبدا‪.‬‬
‫فكل شء دلیل عىل وجود خالقه خ‬ ‫ّ‬
‫والالق تعاىل ال یكشف بوجوده عن وجود غیره‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً لاّ‬
‫لتحول دلیال بعد ما كان مدلوال علیه كما قاله موالنا اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬ ‫مطلقا‪ ،‬و إ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ولتحول دلیال بعد ما كان مدلوال علیه»‪.‬‬ ‫«إذا لقامت فیه آیة املصنوع‪،‬‬
‫ومائیة غیر معقول‪ ،‬فال ّبد‬
‫الواقعیة لشء هو الوجود املحض بال هو ّیة ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫الرابع‪ :‬فرض‬
‫للقائل بذلك أن یرجع األمر إىل كون اهلل تعاىل نفس وجود األشیاء بأمجعها وأن ال یكون‬
‫ً‬ ‫له وجود غیر ذلك! ولذا تراهم تارة یقولون ّ‬
‫بأن هلل تعاىل وراء وجود األشیاء وجودا ال إسم‬
‫ً‬
‫شیئا وراء ّ‬ ‫بأن ّ‬ ‫له وال رسم‪ ،‬وتارة یعترفون ّ‬
‫أحدیة جمموع األشیاء!‬ ‫أحدیة اهلل تعاىل لیس‬
‫كما یقول ابن ّ‬
‫عرب‪:‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫أحدیة المجموع»‪.‬‬
‫(((‬
‫«وما في الكون أحدیة إ‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬
‫اإلهلية‪.26 ،‬‬ ‫اآلمل‪ ،‬عبداهلل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪ . 1‬جوادي ي‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪ . 3‬ابن عر يّب‪ ،‬كتاب املعرفة‪.36 ،‬‬
‫‪246‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وت���ارة أخ���رى حیث یرون وضوح بط�ل�ان اعتقادهم هذا ّ‬


‫یتبـرؤون منه و ینس���بونه إىل‬
‫ّ‬
‫الصوفیة والزنادقة واملالحدة كما یقول مالصدرا‪:‬‬ ‫الهلة من‬
‫ج‬
‫ّ‬
‫المقلدی ��ن الذین لم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یحصل ��وا طریق العلماء‬ ‫المتصوفین‬ ‫«إن بع���ض الجهلة م���ن‬
‫توهموا لضعف عقولهم ووهن عقیدتهم وغلبة‬ ‫العرفاء‪ ،‬ولم یبلغوا مق���ام العرفان‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األحدیة المنعوتة بألسنة‬ ‫سلطان الوهم على نفوسهم‪ ،‬أن ال تحقق بالفعل للذات‬
‫األحدیة وغیب ّ‬
‫الهویة وغیب الغیوب ّ‬
‫مجردة عن المظاهر والمجالي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫العرفاء بمقام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والحسیة‪ ،‬واهلل هو الظاهر المجموع‬ ‫الروحانیة‬ ‫بل المتحقق هو عالم الصورة وقواها‬
‫ال بدون���ه‪ ،‬وحقیقة اإلنس���ان الكبی ��ر والكتاب المبی ��ن الذي هذا اإلنس ��ان الصغیر‬
‫أنموذج ونسخة مختصـرة عنه‪.‬‬
‫وذل���ك القول كفر فضیح وزندقة صـرفة‪ ،‬ال ّ‬
‫یتفوه به م ��ن له أدنى مرتبة من العلم‪،‬‬
‫الصوفیة ورؤسائهم افتراء محض و إفك عظیم‪ ،‬یتحاشى‬ ‫ّ‬ ‫ونسبة هذا األمر إلى أ كابـر‬
‫ظن الجهلة به ��ؤالء األ كابـر‬‫عنه���ا أس���ـرارهم وضمائرهم‪ .‬وال یبعد أن یكون س ��بب ّ‬
‫ّ‬
‫إطالق الوجود تارة على ذات الحق‪ ،‬وتارة على المطلق الشامل‪ ،‬وتارة على المعنى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الكوني‪ ،‬فیحملونه‬ ‫العقلي‪ ،‬فانهم كثیرا ما یطلقون الوجود على المعنى الظل ّي‬ ‫العام‬
‫ّ‬
‫الخاصة‪ ،‬فیجري علیه أحكامها»‪.‬‬
‫(((‬ ‫على مراتب ّ‬
‫التعینات والوجودات‬
‫احل���ق ف املقام هو أن یق���ال‪ :‬ال موجود إلاّ وله ّ‬
‫ماهیة و ّإن ّی���ة وهو موجود بنفس‬ ‫ب���ل ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫قسمی‪:‬‬ ‫مائیته وحقیقته‪ ،‬إلاّ ّأن ّ‬
‫املائیة عىل‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫للتصو ر واإلدراك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫املتجز یة املخلوقة القابلة‬ ‫ألف)‪ّ .‬‬
‫املائیة واحلقیقة‬
‫ّ‬
‫التصو ر واإلدراك‪،‬‬ ‫املائیة واحلقیقة ّ‬
‫املنزهة عن األجزاء املتعالیة عن‬ ‫ب)‪ّ .‬‬
‫الالق تعاىل لیس من جه���ة ّأنه ال ّ‬
‫ماهیة له‪ ،‬بل ّ‬
‫ألن‬ ‫وع���دم إم���كان اال كتناه بذات خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫املتجزئ املخلوق‪.‬‬ ‫باالمتدادي‬ ‫اإلدراك ال یتعلق إ‬
‫ً‬
‫‪ . 1‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪« ،‬لقاء اهلل» ‪ ،55‬نقال عن مالصدرا‪.‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪247‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫إن قلت‪ :‬إن سلب املاهیة عن اهلل تعاىل لیس مبعىن سلب املائیة واهلو یة ي‬
‫الت یكون‬
‫الت یسأل هبا عن‬ ‫ّ‬ ‫الشء نفسه‪ ،‬بل يّ‬
‫املنف عنه هو ما یقال يف جواب «ما» احلقیقية ي‬ ‫هبا ي‬
‫الشء وحقیقته‪.‬‬ ‫ذات ي‬
‫حمصل‪ ،‬وذلك ّأن ذینك‬ ‫القسمی ال یرجع هاهنا إىل معىن ّ‬ ‫ن‬ ‫فنقول‪ّ :‬إن تقسمی «ما» إىل‬
‫فإن السؤال بـ «ما هو» تارة‬ ‫الواب عن السؤال بـ «ما هو؟»‪ّ ،‬‬ ‫القسمی كلهیما راجعان إىل ج‬‫ن‬
‫ّ‬
‫شء ال میكن أن یعرف‬ ‫ي‬ ‫حقیقة‬ ‫عن‬ ‫هبا‬ ‫یسأل‬ ‫أخرى‬ ‫وتارة‬ ‫بذاته‪،‬‬ ‫یعرف‬ ‫أن‬ ‫میكن‬ ‫مبا‬ ‫ق‬ ‫یتعل‬
‫ن‬
‫الصورتی عىل مس���توى واحد وهو الس���ؤال‬ ‫بذاته‪ ،‬وظاهر ّأن الس���ؤال بـ «ما هو» يف كلتا‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ومائیته بال فرق ن‬ ‫عن حقیقة الشء ونفس هو ّیته ّ‬
‫املقامی أصال‪.‬‬ ‫بی‬ ‫ي‬
‫عما سوی اهلل تعایل كان‬ ‫ّمث‌ بعد ذلك ّإن السؤال بـ «ما هو» إذا كان املراد به السؤال ّ‬
‫الشء وحدود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الواب ببیان كمه وكیفه وخصوصیات وجوده املتجز ية املخلوقة وشكل ي‬ ‫ج‬
‫شء بخ الف األشیاء وال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أجزائه‪ ،‬وأما إذا كان السؤال به عن ذات اهلل تعایل فیجاب بأنه ي‬
‫ّكم له وال كیف وال شكل له وال أجزاء‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفلسفیة الزاعمة ّأنه میكن أن یكون هناك حقیقة‬ ‫ّ‬ ‫هذا كله بعد وضوح بطالن العقیدة‬
‫عینی���ة هي الوجود املح���ض‪ ،‬حبیث یكون وجودها نفس هو ّیهتا‪ ،‬وهو ّیهتا نفس حقیقة‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الوجود‪ ،‬وحقیقة الوجود هو كل األشیاء!!‬
‫وذلك ّأن هذه العقیدة باطلة باستحالة وجود موضوعها الذي هو من املعقوالت الثانیة‬
‫ّ‬
‫خارجي دون األشیاء‪ ،‬بل‬ ‫ال ّ‬
‫ارجیة‪ ،‬ولیس له بنفس���ه واقع‬ ‫العقلیة للهو ّیات خ‬
‫ّ‬ ‫والصفات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ خ‬ ‫ّ‬
‫الشیئیة‪ ،‬أجل من أن تعرف ذاته‪ ،‬ومتعال‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫احلق هو أن الالق املوجود‪ ،‬هو ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالزء والكل والتناهي وع���دم التناهي‪ ،‬فال معىن لقول القائل «هو نفس‬ ‫ع���ن اال تصاف ج‬
‫ّ‬ ‫حقیقة الوجود الصـرف الالمتناهي بال ّ‬
‫مائیة وهو كل األشیاء»‪،‬‬
‫الخ ام���س‪ّ :‬إن الفلس���فة _ وكذا العرف���ان _ ّتدعي أنهّ ا عرفت كنه وج���ود خ‬
‫الالق تعاىل‪،‬‬
‫وعلمت ّأنه هو الوجود املطلق الالمتناهي الشامل جلمیع مراتب الوجود _ عند الفیلسوف‬
‫‪248‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫والام���ع جلمی���ع صور الكائنات _ عند العارف‪ ،‬فكیف میكهن���ا ّإدعاء امتناع معرفة كنه‬
‫_ ج‬
‫الالق تعاىل يف نفس الوقت؟!‬ ‫ذات خ‬

‫الالق تع���ایل باحلضور الذي یك���ون عندهم أعىل‬ ‫املدعون لوج���دان ذات خ‬‫ب���ل هم ّ‬
‫ّ‬
‫وواجدیة ذات اهلل _ كوجدان املوج ماء‬ ‫ّ‬
‫احلضوري‬ ‫مراتب املعرفة‪ ،‬بل حیسبون غیر العلم‬
‫البحر _ جهالة وضاللة!‬
‫والقلبیة والذر ّیة (نس���بة إیل عامل ّ‬
‫الذر)‬ ‫ّ‬ ‫وبناء عىل ما قلناه فلیس���ت املعرف���ة الفطر ّیة‬
‫ً‬
‫ً‬
‫یقا مس���تقلاّ بنفس���ها ّ‬
‫یعد‬ ‫معرفة يف عرض املعرفة احلاصلة من وجود اآل ثار‪ ،‬وال تكون طر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مقابال هلا‪ ،‬بل هي أیضا من أفراد الدال لة عیل اهلل تعایل بغیره‪ ،‬وموقفها أیضا من مواقف‬
‫ً‬
‫البـرهانیة االس���تدال ّلیة‪ ،‬ال املعرفة احلضور ّیة املس���تلزمة لكون اهلل تعایل جس���ما‬
‫ّ‬ ‫املعرفة‬
‫ً خ ً‬ ‫ّ ً‬
‫متجز یا ممكنا ملوقا الباطلة من أساسها‪.‬‬
‫ق���د یق���ال‪ّ :‬إن املعرفة احلاصلة من اآل ثار بعیدة االس���تنتاج‪ ،‬وعلم املخلوق بالنس���بة‬
‫ً‬
‫إىل خالق���ه یك���ون عىل خ�ل�اف ذلك حیث یك���ون حاضـرا عنده ب�ل�ا احتیاج إىل طول‬
‫ّ‬
‫االستدال ل من األ ثر إىل املؤثر‪.‬‬
‫ً‬
‫الش���هودیة واحلصول عیل املعرف���ة احلضور ّیة املوهومة‬
‫ّ‬ ‫فنق���ول‪ّ :‬أوال ّإن طر ی���ق املعرفة‬
‫شء ملنتحلیه‪ ،‬كما هو مذكور یف كتهبم ومسفوراهتم‪،‬‬ ‫ّ‬
‫أشق طر یق عیل سالكیه‪ ،‬وأغمض ي‬
‫فهو فرار عن املطر إیل املیزاب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حمل النزاع‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ف���إن النزاع لیس يف كون الدلیل الدال‬ ‫وثانیا‪ :‬إش���كالكم هذا خروج عن‬
‫ً‬
‫واضحا‪ ،‬بل النزاع ف س���نخ املعرفة‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وأنه هل هو‬ ‫ي‬ ‫س���هال‬ ‫أو‬ ‫غامضا‬ ‫عیل وجود اهلل تعایل‬
‫ّ‬
‫والتفكیكیون‪ ،‬أو بالدال لة‬ ‫حبضور ذات اهلل تعایل يف ذاتنا كما علیه الفالس���فة والعرف���اء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫العقلیة ولو كان دلیله سهال واضحا‪.‬‬
‫واللق عىل خ‬ ‫املؤثر‪ ،‬والصنع عىل الصانع‪ ،‬خ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الالق‪ ،‬للمخلوق‬ ‫وثالثا‪ّ :‬إن دال لة األ ثر عىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذي یكون بكل وجوده مسخر خالقه‪ ،‬یوجده و حیفظه‪ ،‬یشفیه و میرضه‪ ،‬حیییه و مییته‪،‬‬
‫لاعت هللا تاذ ةفرعم عانتما ‬ ‫‪249‬‬

‫یرمحه و یأنس به‪ ...‬أبده من أن تكون حمتاجة إىل ّ‬


‫مقدمات طو یلة بعیدة‪ ،‬وال ّ‬
‫سيما إذا‬
‫كان ذلك قد سبقه التعر یف واإل قرار يف موقف آخر عىل حنو تكون املعرفة ثابتة يف القلوب‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫مبجرد التذكیر بخ القه‬
‫عقال بوجود ّربه ّ‬ ‫منسیا‪ ،‬و یكون اإلنسان مفطورا باإلذعان‬ ‫واملوقف‬
‫ّ‬
‫البحران؟حر؟‪:‬‬ ‫السید هاشم‬ ‫وتقدسه ّ‬
‫وتنزهه عنه‪ .‬قال ّ‬ ‫والتنبیه عىل تعالیه عن ّكل شء ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫«واعل���م ّأیه���ا األخ ّأن بع���ض العلم ��اء ذهب إل ��ی ّأن معرف ��ة اهلل ّ‬
‫فطری ��ة ض ّ‬
‫ـروریة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وبعضهم إلی أنها ثابتة باالس���تدالل‪ .‬والصحیح الثاني‪ ،‬فإنها ثابتة باالستدالل و إن‬
‫ّ‬
‫وجدان���ي وهي اآلی���ات المنصوبة من الس ��ماء واألرض وم ��ا فیهما وما‬ ‫كان دلیله���ا‬
‫ّ‬ ‫بینهما ّ‬
‫فإن جمیع المشاهدات وجمیع المحسوسات دالة علی وجوده داللة ّبینة‬
‫واضحة منیرة منكش���فة ّإن في ذلك لذكری لمن كان له قلب أو ألقی الس ��مع وهو‬
‫شهید‪ .‬جعلنا اهلل و إیا كم من ذكر فنفعته الذكری»‪.‬‬
‫(((‬

‫«وهذه الطرق التي ذكرناها عن أهل العصمة؟مهع؟ طرق واضحة االستدالل‪ ،‬بـراهین‬
‫(((‬
‫تفید العلم محتاجة إلی إبطال الدور والتسلسل»‪.‬‬
‫وف إبطال‬
‫ه���ذا‪ ،‬وجاء يف «تفس���یر املی���زان» يف الدفاع عن هذه املعرف���ة الباطلة‪ ،‬بل ي‬
‫املعرفة الصحيحة‪:‬‬
‫ّ‬
‫اآلفاقیة سواء حصلت من قیاس‬ ‫ّ‬
‫الفكریة التي یفیدها النظر في اآلیات‬ ‫ّ‬
‫«أما المعرفة‬
‫ّ‬ ‫ذهنیة عن صورة ّ‬
‫فإنما هي معرفة بصورة ّ‬ ‫ّ‬
‫ذهنیة‪ ،‬وجل اإلله‬ ‫أو ح���دس أو غیر ذلك‬
‫أن یحی���ط به ذهن أو تس���اوي ذات ��ه صورة مختلق ��ة اختلقها خلق م ��ن خلقه‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫(((‬
‫یحیطون به علما»‪.‬‬

‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬معامل الزلیف‪.19 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬معامل الزلیف‪.21 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.172 / 6 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪250‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفكري حق استیفائها»‪.‬‬
‫(((‬
‫الحقیقیة ال تستوفي بالعلم‬ ‫«إن المعرفة‬
‫ونقول‪:‬‬
‫ال�ت�� یفیدها النظر إىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 1‬ب���ل إن املعرف���ة حق املعرف���ة هي املعرفة الفكر ی���ة والعقلیة ي‬
‫الالق‬‫العقل بوجود خ‬
‫ّ‬ ‫فاقیة واالستدال ل هبا عىل وجود خالقها‪ ،‬وهو التصدیق‬ ‫اآلیات اآل ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫املتعال عن اإلدراك واملعرفة بنفس���ه احلاصل من التفكر يف خلق اهلل تعایل‪ ،‬وال یس���تلزم‬ ‫ي‬
‫الالق تعایل بنفسه بوجه‪.‬‬ ‫تصور ذات خ‬ ‫ذلك ّ‬

‫الت تكون مبشاهدة السالك نفسه نفس ّربه‪ ،‬وحسبان وجوده‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما املعرفة النفس���یة ي‬
‫الاطئة معرفة‬ ‫وتس���مى ه���ذه املعرفة خ‬
‫ّ‬ ‫التعینات نفس وجود خالقه _‬ ‫ومتعر ًیا عن ّ‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫مطلق���ا‬
‫حق املعرفة _‬ ‫اهلل باهلل عند أصحاب الفلس���فة والعرفان والتفكیك‪ّ ،‬‬
‫وتعد عندهم املعرفة ّ‬
‫ّ‬
‫القطعیة‬ ‫ّ‬
‫والس���نة‬ ‫فهي ضاللة ّبینة یدفعها العقل والبـرهان والضـرورة والوجدان والكتاب‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫وال میكن الوصول إلهیا إ بتلقینات خاطئة‪ ،‬ور یاضات ش���اقة مز یلة الس���تقامة الطباع‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫ً ّ‬ ‫حت یرى السالك بتأثیرها ّكل ّ‬ ‫یّ‬
‫حق باطال وكل باطل حقا‪.‬‬
‫ّ‬
‫والبح���ث عن ذلك طو یل الذیل كش���فنا عنه القناع يف كتاب یس���تقل بالبحث عن‬
‫لاّ‬
‫ز ت الفالسفة والعرفاء يف السیر والسلوك‪.‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.176 / 6 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫نقد مدرسة التفكیك‬
‫‪252‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫كیكفتلا ةسردم دقن‬ ‫‪253‬‬

‫بأن هناك مدرسة تدعی بالتفكیك ّتدعي نقد الفلسفة والعرفان ّ‬ ‫ّ‬
‫ونذكركم ّ‬
‫والرد علهیما‪،‬‬
‫ً‬
‫ش���دیدا ف ظاهر ّ‬
‫وف نفس الوقت جاءت بنفس‬ ‫ي‬ ‫عاء‬ ‫االد‬ ‫ي‬ ‫قد خالفت الفالس���فة والعرفاء‬
‫ّ ((( ً‬
‫معتقداهتم الباطلة كما هو احلال يف مدرسة الشیخیة أیضا‪.‬‬
‫فهذه مناذج خمتصـرة من نصوصهم املوافقة للفلسفة والعرفان املخالفة لضـرورة العقول‬
‫واألدیان يف فصول‪:‬‬

‫الفصل األوّل‪ :‬نصوصهم في وحدة وجود الخالق والمخلوق و إنكار المعنى الحقيقي للخلقة‬

‫قالوا‪:‬‬
‫لاّ‬
‫«لیس شيء غیره تعالی وغیر وجوده و إ یلزم التحدید»‪.‬‬
‫(((‬

‫أیضا ّتدعي أنهّ ا آخذة هبدی آل ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫حممد‬ ‫ّ‬
‫اإلحس���ائ‬
‫ي‬ ‫الش���یخیة وهم أتباع الش���یخ أمحد‬ ‫‪ّ . 1‬إن مدرس���ة‬
‫ّ‬
‫أمجعی كما هو حقه وهي املخالفة لألوهام البش���ـر ّیة وقواعد الفلس���فة الباطلة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫صلوات اهلل علهیم‬
‫تأت بش���ـيء‬ ‫ّ‬ ‫نهّ‬ ‫ّ‬
‫واحل���ال أن ادعاهئ���ا هذا عیل خ�ل�اف الواقع حیث إ ا بعد ما ترد عیل الفالس���فة ال ي‬
‫يف مق���ام اإل ثب���ات باس���م مع���ارف أه���ل البی���ت صل���وات اهلل علهیم إال ما نس���جه الفالس���فة من‬
‫القواعد الباطلة‪ ،‬وقد نس���بت إیل األ ّمئة علهیم الس�ل�ام ّكل نقص وعی���ب و ّ‬
‫یظنون أنهّ م ّ‬
‫املروجون‬
‫واملبینون لفضائلهم علهیم الس�ل�ام! وذلك حیث إنهّ م یقولون ّإن األ ّمئة علهیم الس�ل�ام هم العلل‬ ‫ّ‬
‫یعن ّأن وجود مجیع الكائنات وأفعاهلا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫األربعة‌املادیة‌والصور ّیة والفاعلیة‌والغائية جلمیع العامل‪ ،‬وهذا ي‬
‫الش���یاطی والكفار والعصاة هي نفس وجود األ مئة‌علهیم الس�ل�ام وأفعاهلم‪ ،‬وهذا نفس قول‬ ‫ن‬ ‫حت‬‫یّ‬
‫ّ ّ‬
‫الضالون‪.‬‬ ‫الفالسفة والعرفاء‬
‫احللب‪.98 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 2‬ميرزا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪254‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫(((‬
‫«ال وجود إ وجود اهلل»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الجاعلیة‬ ‫«إن حی���ث ذات الكائنات ه���و الكون والتحقق به بال جعل‪ ...‬وهذه هو‬
‫ّ‬
‫الذاتی���ة بال فعل منه تعال���ی‪ ...‬یكون حیث ذات المجعوالت به ��ذا الغیر مجعولة‬
‫بالذات‪ ...‬بال جعل وال فعل وال تأثیر وال غیرها»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫بأنه نور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«كلم���ا ّ‬
‫محمد‬ ‫الهذیة ال مناص لك من القول‬ ‫توجهت إلی هذا النور بوجه‬
‫نوریت ��ه وغمضت العین عن ّ‬
‫هذیته‪ ،‬فقد صـرفت‬ ‫ومخل���وق‪ ...‬ولو نظرت إلی أصل ّ‬

‫هلل تعالی»‪.‬‬
‫(((‬ ‫بالكلیة ّ‬
‫وتوجهت إلی ا ‏‬ ‫ّ‬ ‫النظر عن الخلق‬
‫الحق للكماالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النوریة‪ ،‬أنوار العلم والحیاة‬ ‫[الس���نخیة] جاریة في إعطاء‬ ‫«القاعدة‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الذاتیة»‪.‬‬ ‫ذاتي للحق و إشـراقاته‬ ‫وسایر الكماالت ّ‬
‫النوریة علم ّ‬
‫ً‬
‫أبدا في عین كون هذه المخلوقات أس ��مائه ّ‬ ‫«فن���ور اهلل‏ مطلق غیر ّ‬
‫وتعیناته‬ ‫متعین‬
‫(((‬
‫وصفاته»‪.‬‬
‫«ف���ي الواق���ع ونف���س األمر مع قط ��ع النظ ��ر ع ��ن ّ‬
‫التعین ��ات والمضایق‪ ...‬ف ��إذا هو‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫[محمد؟ص؟] اهلل‏ تعالی»‪.‬‬
‫ً‬
‫«ما دام اإلنسان معتدال ذا شعور فلیس ألحد أن یقول له أنت اهلل!»‬
‫(((‬

‫«لیس في العالم شـرك بوجه من الوجوه»‪.‬‬


‫(((‬

‫احللب‪ ،‬حممود‪.784 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 1‬املعارف ّ‬


‫اإلهلية‪،‬‬
‫ي‬
‫اإلصفهان‪ ،‬معارف القرآن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مهدي‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬ميرزا‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫احللب ‪.65 ،‬‬ ‫ّ‬
‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 3‬ميرزا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫هتران‪238 ،‬ـ ‪.268‬‬ ‫صوف چه مي‌گو يند‪،‬‬ ‫‪ . 4‬عارف و‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫احللب‪.68 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬ ‫ّ‬ ‫مهدي‬‫ّ‬ ‫‪ . 5‬ميرزا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫احللب‪.68 _ 67 ،‬‬ ‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 6‬ميرزا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اإلهلية‪ ،‬نسخة مكتبة الرضو ّية يف مشهد املقدس‪.754،‬‬ ‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬املعارف ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫‪.7‬‬
‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪.755 ،‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 8‬املعارف اإلهلية‪،‬‬
‫ي‬
‫كیكفتلا ةسردم دقن‬ ‫‪255‬‬

‫ً‬
‫(((‬
‫«للشیطان أیضا نور الوجود‪ ،‬الوجود نور»‪.‬‬
‫(((‬
‫«حتی الشمر واجد نور الوالیة»‪.‬‬
‫«إن یك���ن في مقابل عل���م اهلل وقدرته علم وقدرة ووجود أخ ��ر یلزم أن یكون اهلل‬
‫َ‬
‫وفاقد علم وق ��درة غیره‪ ،‬فیلزم التركیب في اهلل‪ ...‬فعلی‬ ‫واجد علم وقدرة نفس���ه‪،‬‬
‫(((‬
‫هذا ال یكون وجود ونور وعلم وقدرة غیر وجود اهلل ونوره وعلمه وقدرته»‪.‬‬
‫«الكائن���ات ّ‬
‫أع���م م���ن ّ‬
‫النبي أو غی���ره ظالل‪ ...‬لیس ��ت قائم ��ة بالذات‪ .‬ه ��ي قائمة‬
‫بالغیر‪ ...‬رتبة البشـر لیست رتبه الحیاة والوجود‪ .‬فعلیه إن قلنا بهذا المطلب یكون‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شـركا محضا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«ومعنی كونها بالغیر في عالم التشبیه كظل الشيء»‪.‬‬
‫ّ‬
‫إمكانیة‪ ،‬وجودات رابط ��ة‪ ،‬هي معان‬ ‫«یق���ول مال ص���درا‪ ...‬الممكنات‏ وج ��ودات‬
‫(((‬ ‫الحرفي ال ‏استقالل له ّ‬
‫بأي وجه‪ .‬الحرف هو قائم بالغیر»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حرفیة محضة‪ ،‬المعنی‬
‫ّ‬
‫الحرفي‪ ،‬كنهه بالغیر‪ ،‬وهو قد فهم‬ ‫ّ‬
‫اإلمكاني مثل المعنی‬ ‫«یق���ول مال صدرا الوجود‬
‫ً‬
‫(((‬
‫األمر هاهنا صحیحا كما ینبغي»‪.‬‬
‫«في حقیقة الوجود ال یمكن أن یوجد شيء آخر‪ .‬في نور شمس الوجود‪ ،‬ال یوجد‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫موجود آخر و إ یحصل اجتماع النقیضین»‪.‬‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪.561 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلهلية‪،‬‬‫‪ . 1‬املعارف ّ‬
‫ي‬
‫الثان عشر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬املعارف ّ‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬الدورة الثانية‪ ،‬الدرس ي‬ ‫ي‬ ‫اإلهلية‪،‬‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪.755 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 3‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬
‫ي‬
‫اإلصفهان‪ ،‬معرفت نفس‪ ،‬حتر ير يگانه‪ ،360 _ 361 ،‬أبواب اهلدی‪ ،‬سنة ‪.130 ،1387‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 4‬ميرزا‬
‫ي‬
‫اإلصفهان‪ ،‬أنوار اهلداية‪ ،24 ،‬أبواب اهلدی‪ ،‬سنة ‪.123 ،1387‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 5‬ميرزا‬
‫ي‬
‫خطي‪.307 ،‬‬‫ّ‬ ‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬الدورة الثانية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 6‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫خطي‪.307 ،‬‬ ‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬حممود‪ ،‬الدورة الثانية‪،‬‬ ‫‪ . 7‬املعارف ّ‬
‫اإلهلية‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اإلصفهان‪ ،‬معرفت نفس‪ ،‬حتر ير يگانه‪ ،334 _ 335 ،‬أبواب اهلدی‪ ،‬س���نة ‪،1387‬‬ ‫ّ‬
‫مه���دي‬ ‫‪ . 8‬مي���رزا‬
‫ي‬
‫‪.130‬‬
‫‪256‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫رب ّ‬
‫العزة‪ .‬هل أنت ذات‪،‬‬ ‫مختصة بحضـرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مختصة ب���ذات اهلل‪ .‬الذات‬ ‫«الحقیقة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واهلل أیض���ا ذات؟ هل أنت حقیقة‪ ،‬واهلل أیضا حقیقة؟ ال‪ ،‬ال‪ ،‬ال‪ .‬هذا غلط محض‪،‬‬
‫كفر محض‪ .‬إن یكن هكذا فأنت في مقابل اهلل! فأنت واحد واهلل واحد آخر!»‬
‫(((‬

‫الفصل الثاني‪ :‬نصوصهم في السفسطة والكشف والشهود‬

‫ّ‬
‫الظلمانیة‬ ‫الضـروریة مظلمة الذات‪ ،‬واستكشاف الحقائق ّ‬
‫النوریة أو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن المعقوالت‬
‫ّ‬
‫به���ا عین الباطل‪ ،‬وطلب المعرفة من هذا الطریق عین الضالل المبین‪ ،‬فإنه طریق‬
‫(((‬
‫معوج‪ ،‬وهو سلوك المجانین»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«التصورات والتصدیقات ال یفیدان إ الیقین‪ ،‬وال أمان لخطأ الیقین»‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬نصوصهم في ادّ عاء معرفة ذات اهلل تعالی! بل كون ذلك بال واسطة خلقه‬
‫و ال من طریق العقل‬
‫«فالقول بامتناع معرفة اهلل‏ ّ‬
‫وسد باب معرفة الكنه كما قال العرفاء قول باطل وقد‬
‫ّ‬
‫األئمة عليهم‏الس�ل�ام في باب معرفة كنه الذات‪ ...‬والغرض ّأن شهود كنهه‬
‫تكلم ّ‬
‫هلل ّ‬
‫فقط‪ ،‬وليس شيء سواه‪ ،‬وال أحد غيره‪ ،‬وال يخلو‬ ‫تعالی ممكن‪ ...‬بل الظاهر هو ا ‏‬
‫(((‬
‫عنه مكان»‪.‬‬

‫‪ . 1‬معرفت نفس‪ ،‬حتر ير يگانه‪ ،356 _ 357 ،‬أبواب اهلدی‪ ،‬سال ‪.129 ،1387‬‬
‫‪ . 2‬أبواب اهلدی‪ ،‬الطبعة األویل‪ ،‬سنة ‪.294 ،1387‬‬
‫يّ‬
‫النجف‪.69 ،‬‬ ‫اإلصفهان‪ ،‬أبواب اهلدی‪ ،‬نسخة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫‪ . 3‬ميرزا‬
‫ي‬
‫احللب‪.70 _ 69 ،‬‬‫ّ‬ ‫اإلصفهان‪ ،‬التقر یرات‪ ،‬بتقر یر الشیخ حممود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 4‬ميرزا مهدي‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫احلس���ين‬
‫ي‬ ‫وم���ن أق���وال العرفاء‪« :‬یقول ابن عر يب ومجیع العرفاء باهلل‪ّ :‬إن معرفة اهلل ممكنة لإلنس���ان»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬الطبع الس���ادس‪ ،‬شعبان ‪1421‬‬ ‫ن‬
‫حس�ي��‪ ،‬روح جم ّرد‪ ،70 ،‬نش���ـر العالمة‬ ‫الهتران‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫هـ‪.‬ق‪.‬‬
‫كیكفتلا ةسردم دقن‬ ‫‪257‬‬

‫«واهلل‏ تعالی‪ ...‬هو الظاهر بذاته»‪.‬‬


‫(((‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫التوحیدية‪ ،‬هو العرفان ال العقیدة باهلل»‪.‬‬ ‫«المراد من الفطرة‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ومفهومية»‪.‬‬ ‫تصو ّرية‬
‫القلبي یحصل بال ّأية واسطة ّ‬
‫ّ‬ ‫«هذا الشهود‬
‫ً‬ ‫یع���رف ذات���ه ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تعال���ی ّ‬
‫المقدس ��ة في ه ��ذا العالم الدنی ��ا أیضا لطائف ��ة بآياته‬
‫خاصة بنفسه ّ‬
‫المقدسة»‪.‬‬
‫(((‬ ‫والتدوينية‪ ،‬ولطائفة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التكوينية‬
‫وقیل يف بیان عقائد مدرسة التفكیك‪:‬‬
‫«‪ ...‬طريق آخر في مسأله المعرفة‪ ...‬هو ‘‘عرفان اهلل باهلل’’‬
‫َّ ً ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أبدا‪ ،‬وال یدرك ّ‬
‫بأي درك من‬ ‫نظ���را إلی ّأن حضرة الح���ق ال یكون معقوال وال متصورا‬
‫والباطنية‪ ،‬فیمكن أن یقال‪ّ :‬إن اهلل تعالی یعرف من طريق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الظاهرية‬ ‫الدرك‬
‫ِ‬ ‫وس���ائل‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫عرفوا‬‫تعريف الذات بالذات‪ .‬بعض األجلة حملوا الروايات المشتملة علی عبارة ِ‘‘ا ِ‬
‫اهلل ب���اهلل’’ علی هذا المعنی‪ ،‬وبعض آخر خدش ��وا هذا المعنی علی أس ��اس بعض‬
‫التوجیهات‪ ...‬هذا المعنی الثاني غیر المعرفة من طريق الفطرة وطریق المعرفة من‬
‫جهة االستدالل باآليات‪...‬‬
‫‘‘ف َت َج ّلی َلهم س ��بحانه في كتابه ِمن غي ��ر أن َي ُكونوا َر ُ‬
‫أوه»‪ .‬هذا‬
‫َ‬
‫یق���ول اإلمام؟ع؟‪:‬‬
‫الفطرية هو ّأن في فطرة اإلنسان (بال‬ ‫ّ‬ ‫الفطرية‪ّ .‬إن معنی المعرفة‬
‫ّ‬ ‫المعرفة‬
‫ِ‬ ‫المعنی غیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫استدالل وال إعداد ّأیة ّ‬
‫مقدمة) یكون التعلق بحضرة الحق ظاهرا واضحا‪...‬‬
‫ّ‬
‫بالفارسیة بـ ‪:‬الجلوة]’’ _ هاهنا _ لیس‬ ‫واضح أن المراد من الجالء ّ‬
‫[عبر عنه في متنه‬
‫ّ‬ ‫ُّ‬
‫تطور اهلل أو ّ‬
‫تنزله؛ بل معناه هو ّأن آية من آيات حضرة الحق‪ ،‬غير هذه اآليات‬ ‫بمعنی‬

‫ّ‬
‫اإلمامية‪.276 ،‬‬ ‫حممد باقر‪ ،‬توحيد‬‫امللكي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫بـرنكار‪ ،‬رضا‪.132 ،‬‬ ‫مبان خدا شناسـي در فلسفه يونان و أديان ّ‬
‫اهلي‪ ،‬ج‬ ‫‪ .2‬ي‬
‫بـرنكار‪ ،‬رضا‪.145 ،‬‬ ‫مبان خدا شناسـي در فلسفه يونان و أديان ّ‬
‫اهلي‪ ،‬ج‬ ‫‪ .3‬ي‬
‫ّ‬
‫الهتراین‪ ،‬میزان املطالب‪ ،‬املقام الرابع‪.‬‬ ‫‪ .4‬املیرزا جواد‬
‫‪258‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫الظاهرية (التي یعتبر فیها مسألة االستدالل باآليات) تتحقق‬ ‫بالحواس‬ ‫المحسوسة‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل���ه‪ ،‬فیصیر هكذا‪‘‘ :‬فتجلی لهم س ��بحانه في كتابه من غي ��ر ان يكونوا رأوه’’ بال أن‬
‫ّ‬
‫الخاص‬ ‫یط���رح فیه الرؤیة بالبص���ر؛ فهو بمعنی الرؤیة بحقيقة اإليم ��ان وهو المعرفة‬
‫ّ‬
‫الواجدية ووجدان‬ ‫الوجدان���ي‪ .‬هاهنا یمكن أن یقال‪ّ :‬إن نفس هذا الوجدان هي‬
‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وتجلي حضرة الحق الموجود في القرآن‪ ،‬كاشف عن إعجاز القرآن أیضا»‪.‬‬
‫فنقول‪ّ :‬إنه بعد ما ّبی ّنا احنصار طر یق العلم بوجود اهلل تعایل وعلمه وقدرته و إحسانه‬
‫ً ً ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وغفرانه وعفوه وجوده ورمحته‪ ،‬وكونه أنیسا مونسا رحیما كر میا مسیعا جمیبا قر یبا باالستدال ل‬
‫ً‬ ‫علی���ه من خلق���ه ّ‬
‫فقط‪ ،‬وامتناع معرفة‌ذات اهلل تعایل مطلق���ا‪ ،‬فبطالن ما قالوه يف معین‬
‫معرفة اهلل باهلل ومعرفة الذات بالذات أوضح من أن یخیف‪.‬‬
‫ومع ذلك فنقول‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫اوال‪ :‬إن كان امل���راد م���ن معرفة اهلل باهلل تعایل معرفة‌ ذاته فه���ي ممتنعة مطلقا بالصورة‌‬
‫ّ‬
‫العقلی���ة أو غیر ذلك‪ ،‬واالس���تثناء ف ذلك ّ‬
‫بأي عن���وان وقع فهو غلط‬ ‫ّ‬
‫الومهی���ة كان���ت أو‬
‫ي‬
‫واض���ح‪ ،‬و إن كان امل���راد من ذلك معرفت���ه واإل قرار بوجوده وعلمه وقدرته وس���ایر صفاته‬
‫تعایل بعنوان ّأنه شء بخ الف األشیاء وعامل وقادر بخ الف خلقه ّ‬
‫املتغیر و‪ ...‬فال إشكال‬ ‫ي‬
‫متصو رة بصور كصور خلقه املتجز ّیة ّ‬‫ّ‬ ‫ً‬
‫املتغیرة‪ ،‬و إال‬ ‫فیه أصال وال یس���تلزم ذلك كون ذاته‬
‫یلزم إما التعطیل و إما القول بوحدة‌ الوجود واملوجود و إن ما یرده قائله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ثانیا‪ :‬إذا اعترفمت بأن اهلل ال یعرف ّ‬
‫تس���موا ذلك معرفة‬ ‫بأية وس���یلة فمب عرفتموه حیت‬
‫لاّ‬
‫اهلل باهلل؟! وهل هذا إ التناقض الواضح؟!‬
‫ً‬
‫بأي مدرك من مدارك���ي الظاهر ّية‬ ‫فالن���ا ّ‬ ‫وه���ل یس���وغ ألحد أن یق���ول‪« :‬أنا ال أعرف‬
‫ولكن أعرفه به»!؟‬ ‫والباطنية ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫اإلهلیات ف هنج البالغة‪ ،‬الدرس خ‬
‫الامس‪:‬‬ ‫سیدان‪ ،‬جعفر‪ّ ،‬‬
‫‪ّ .1‬‬
‫ي‬
‫ ‬ ‫‪http://www.maktabvahy.com/showart.aspx?id=239‬‬
‫كیكفتلا ةسردم دقن‬ ‫‪259‬‬

‫مف���ن ه���و العارف؟ وم���ا هو معین معرفته ب�ل�ا درك وبال مدرك؟! وه���ل ذلك إال القول‬
‫شء غیر وحدة الوجود واملوجود؟!‬ ‫بوجدان ذات اهلل تعایل حبضور ذاته؟! وهل هو ي‬
‫ثالثا‪ :‬إذا كانت املعرفة الفطر ّية ولو ف عامل ّ‬ ‫ً‬
‫الذر _ عیل مبلغه من الوضوح والظهور كما‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ّتدعون _ من غیر جهة العقل ومن غیر جهة معرفة آیات اهلل الدالة علیه‪ ،‬بل كانت كما‬
‫تعل ًقا باهلل تعایل ّ‬
‫فقط‪ ،‬مفا هي قیمة هذا الوجدان إذا مل‬
‫ّ‬
‫تقولون بأن جید االنس���ان لنفس���ه‬
‫یستند إیل إلزام العقل؟!‬
‫ن‬
‫الشیاطی أو الخیاالت الباطلة؟!‬ ‫ومب یعرف ّأن هذا الوجدان ال یكون من إلقاء‬
‫همّ‬
‫وم���ا ه���و الف���رق بین���ه وم���ا یتو ه العرف���اء والفالس���فة م���ن وج���دان ذات اهلل تعایل‬
‫باملكاشفات؟!‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫العلمي واالس���تدال ل‬ ‫الیقی واإلدراك‬ ‫رابعا‪ :‬إن «الوجدان» يف مصطلحهم لیس مبعین‬
‫ّ‬
‫العقلية وهو خالف ما ّ‬ ‫ّ لاّ‬
‫صرحوا به؛ بل ذلك عندهم مبعین‬ ‫العق�ل��‪ ،‬و إ رجع إیل املعرف���ة‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أن یصیر املخلوق واجدا لذات اهلل تعایل!‬
‫ن‬
‫القائلی‬ ‫واجدیة‌املخل���وق ل���ذات خ‬
‫الال���ق ه���و نفس ق���ول‬ ‫ّ‬ ‫البدهی���ي ّأن‬
‫ّ‬ ‫م���ع ّأن م���ن‬
‫بوحدة‌الوجود واملوجود‪.‬‬
‫ً لاّ‬ ‫ً‬
‫خامسا‪ :‬إذا وجدمت آیة من آیات اهلل تعایل‪ ،‬وزعممت أنهّ ا لیست شیئا دا علیه تعایل‬
‫وتنزال ته؟‬ ‫وتطو ًرا من ّ‬
‫تطوراته ّ‬ ‫بالعقل‪ ،‬فكیف ال تكون هي جلوة من جلوات ذاته ّ‬
‫ً لاّ‬
‫عی ّأنه لیس عندكم شیئا دا علیه بالعقل؟!‬ ‫فهل ذلك لیس ذات اهلل ف ن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫البدهیي‬ ‫بی ذات اهلل تعایل وغیره الدال علیه من خملوقاته؟ ّإن من‬ ‫وهل هناك واسطة ن‬
‫ّ‬
‫ّأن ذل���ك إذا مل یك���ن عندكم ّمما یدل علیه تعایل باالس���تدال ل‪ ،‬فال ّبد وأن یكون نفس���ه‬
‫وتطو ًرا من ّ‬
‫تطوراته‪ ،‬و إن أبیمت ع���ن اال لتزام بذلك أو مل تلتفتوا‬ ‫وجل���وة من جل���وات ذاته ّ‬
‫إلیه‪.‬‬
‫‪260‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً ّ‬
‫سادسا‪ :‬جل مقام القرآن ومعارفه العالية أن تنسب إلیه هذه املطالب املخالفة للعقل‬
‫والشرع بعنوان أنهّ ا من معجزاته وحقائق ّبیناته‪.‬‬
‫ّ‬
‫التعلق ّ‬ ‫ً‬
‫املدعی؟ وقد ورد‪:‬‬ ‫سابعا‪ :‬أین لكم إثبات هذا‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل خل���ق الن���اس كلهم‪ ...‬ال یعرفون إمیانا بش���ـر یعة وال كف���را جبحود((( مث‬
‫(((‬
‫بعث اهلل الرسل تدعوا العباد إىل اإلمیان به»‪.‬‬
‫وقد ّ‬
‫تقدم ما قاله الشیخ الصدوق؟حر؟‪:‬‬
‫ً‬
‫«قد س���معت بعض أهل الكالم یقول‪ :‬ل ��و ّأن رجال ولد في فالة من األرض ولم یر‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أحدا یهدیه ویرش���ده ّ‬
‫حتى كبـر وعقل ونظر إلى السماء واألرض لدله ذلك على ّأن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لهما صانعا ومحدثا‪.‬‬
‫فقلت‪ّ :‬إن هذا ش���يء لم یكن وهو إخبار بما لم یكن أن لو كان كیف كان یكون‪،‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫حجة اهلل تعالى ذكره على نفس ��ه كما‬ ‫ولو كان ذلك لكان ال یكون‏ ذلك الرجل إ‬
‫في األنبیاء؟مهع؟ منهم من بعث إلى نفسه‪ ،‬ومنهم من بعث إلى أهله وولده‪ ،‬ومنهم‬
‫ّ‬
‫م���ن بعث إلى أهل محلت���ه‪ ،‬ومنهم من بعث إلى أهل بل ��ده‪ ،‬ومنهم من بعث إلى‬
‫الناس كافة‪.‬‬
‫وأما استدالل إبـراهیم الخلیل؟ع؟ بنظره إلى الزهرة‪ّ ،‬ثم إلى القمر‪ّ ،‬ثم إلى الشمس‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ََ َ ْ َ َ ّ‬
‫وقول���ه‪< :‬فل َّم���ا أفلت قال یا ق ْو ِم ِإنِي بـري ٌ‏ء ِم َّما تش���‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ـرك َ‬
‫نبیا ملهما‬ ‫ون> فإن ��ه؟ع؟ كان‬
‫ّ ّ َ ْ َ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫<و ِتلك‬ ‫عز وجل ّإیاه وذلك قوله عز وجل‬ ‫مبعوثا مرسال وكان جمیع قوله بإلهام اهلل‬
‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫یم َعلى‏ ق ْو ِمهِ >‪.‬‬ ‫ُح ّجتنا آتیناها ِإب ِ‬
‫ـراه َ‬

‫ّ لاّ‬
‫الحود ال یتحقق إ بعد اال لتفات إىل املوضوع‪ ،‬بخ الف‬ ‫الحود‪ّ ،‬أن ج‬ ‫‪ .1‬والفرق ن‬
‫بي عدم اإلميان مع ج‬
‫عدم اإلميان ّ‬
‫فإنه أمر ممكن ولو مع عدم اال لتفات إىل املوضوع‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪417 / 2‬؛ حبار األنوار‪.212 / 69 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫كیكفتلا ةسردم دقن‬ ‫‪261‬‬

‫ّ‬
‫ولیس كل أحد كإبـراهیم؟ع؟ ‪ ،‬ولو استغنی في معرفة التوحید بالنظر عن تعلیم اهلل‬
‫َّ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل ما أنزل من قوله‪< :‬ف ْاعل ْم أن ُه لا ِإ َله ِإلا اهلل>‬ ‫ع���ز وجل وتعریفه لما أنزل اهلل‬
‫َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫<بد ُیع َّ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ ُ‬
‫ماوات َوالأ ْر ِض أنى‬
‫الس ِ‬ ‫ومن قوله‪< :‬ق ْل ه َو اهلل أ َحد> إلى آخرها‪ .‬ومن قوله‪ِ َ :‬‬
‫َّ ُ ْ َ‬ ‫صاح َب ٌة> إلى قوله‪َ :‬‬ ‫ُ ُ َُ َ َ َ ُ َُ‬
‫<و ُه َو الل ِطیف الخ ِب ُیر> وآخر الحش� �ـر‬ ‫یكون له َول ٌد َول ْم تك ْن له ِ‬
‫وغیرها من آیات التوحید»‪.‬‬
‫(((‬

‫البحران؟حر؟‪:‬‬ ‫وقول ّ‬
‫السید هاشم‬
‫ي‬
‫«واعل���م ّأیه���ا األخ ّأن بع���ض العلم ��اء ذهب إل ��ی ّأن معرف ��ة اهلل ّ‬
‫فطری ��ة ض ّ‬
‫ـروریة‪،‬‬
‫ّ‬
‫وبعضهم إلی أنها ثابتة باالستدالل‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫وجدانيا‪ ،‬وهي اآلیات‬ ‫والصحی���ح الثاني‪ ،‬فإنها ثابتة باالس ��تدالل و إن كان دلیله ��ا‬
‫المنصوب���ة من الس���ماء واألرض وم ��ا فیهما وما بینهم ��ا‪ّ .‬‬
‫فإن جمیع المش ��اهدات‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫وجمیع المحسوسات دالة علی وجوده داللة ّبینة واضحة منیرة منكشفة‪<ِ .‬إ ّن فِي‬
‫ّ‬ ‫َ َ ُ َ ْ ٌ َ ْ َ ْ َ َّ ْ َ ُ َ‬ ‫َ َ ْ‬
‫وه َو ش ِهيد>‪ .‬جعلنا اهلل و ّإیا كم من ذكر‬ ‫ذ ِلك ل ِذكرى‏ ِل َم ْن‏ كان‏ له قلب أو ألقى السمع‬
‫فنفعته الذكری»‪.‬‬
‫(((‬

‫سلسلة مشايخ مدرسة ميرزا مهدي اإلصفهاني وغيرها من العرفاء والفالسفة القائلين‬
‫بوحدة الوجود والموجود المعاصـرين‬
‫ً‬
‫وخالفا لضـرورة مدرس���ة الق���رآن وأهل البیت؟مهع؟ یوجد ملدرس���ة التفكیك يف بعض‬
‫دعاو هیم س���ند وسلسلة واهية‪ ،‬عیل أس���اس قصص غیر واقعية((( وهي نفس السلسلة‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.288 ،‬‬
‫‪ . 2‬معامل الزلیف‪.19 ،‬‬
‫ّ‬
‫الشیرازي‪ ،‬یف‬ ‫عل شاه نعمة ّ‬
‫اللهي‬ ‫‪ . 3‬راجعوا ملعرفة التفصیل إیل كتاب «طرائق‌احلقایق» _ لرمحت ي‬
‫ّ‬
‫الصوفیة‪ .‬وكتاب ّ‬
‫«لب اللباب»‬ ‫الصوفیة نعمة ّ‬
‫اللهية‪ ،‬يف شـرح أحوال مشایخ وأقطاب‬ ‫ّ‬ ‫بیان طر یقة‬
‫لب اللباب‪.)158 _ 154 ،‬‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫الهتران‪ ،‬حممد حسي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(احلسين‬ ‫ّ‬
‫الصوف‬ ‫ّ‬
‫الهتران‬ ‫ن‬
‫حممد حسی‬ ‫للسید ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪262‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫املختصة بسایر العرفاء والفالسفة املتأخر ین الذین یعتبـر التفكیك نفسه خمالفا هلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫اإلصفهان بـرؤ ية‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫املیرزا‬ ‫مدرسهتم‬ ‫مبدع‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫لتشـر‬ ‫قصة‬ ‫أحیانا‬ ‫كما أنهّ م ّیدعون‬
‫ً‬
‫أیضا ال أس���اس هلا‪ ،‬قد ّ‬ ‫موالن���ا صاح���ب الزمان ّ‬
‫صـرح املیرزا‬ ‫عجل اهلل تعایل فرجه وهي‬
‫ً‬
‫مكتوبا ّ‬ ‫ً‬ ‫اإلصفهان نفسه ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫فقط‪.‬‬ ‫بأنه رأی يف منامه قرطاسا‬ ‫ي‬

‫ّ‬
‫احللب‪ ،‬الدرس‬ ‫اإلصفهان‪ .‬واملعارف ّ‬
‫اإلهلية للشیخ حممود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مهدي‬ ‫ّ‬
‫ومقدمة كتاب تقر یرات درس میرزا‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األول‪.‬‬
‫ّ‬
‫احللب‪.‬‬ ‫‪ . 1‬راجعوا لذلك إیل آخر كتاب أبواب اهلدی‪ ،‬وكتاب املعارف اإلهلیة للشیخ حممود‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والخاص‬ ‫الوجود ّ‬
‫العام‬
‫‪264‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫تتوهم الفلسفة والعرفان ّأن‪:‬‬
‫لاّ‬
‫▪ حقیق���ة وجود الخ الق واملخلوق جنس واحد وس���نخ فارد‪ ،‬وال فرق بیهنما إ‬
‫ّ‬
‫بالتناه���ي وعدم التناهي‪ ،‬فوجود الخ الق هو نفس وجود كل خملوق مع ز یادة‪،‬‬
‫عی وجود الخ لق بأمجعه‪،‬‬
‫وهو ن‬

‫ویكشف هذا الفصل عن بطالن ذلك ببیان‪:‬‬

‫متجز ية‪ ،‬واهلل تعاىل یباین خلقه‬ ‫عددی���ة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫امتدادیة‬ ‫▪ ّأن وج���ود الخ لق حقیقة‬
‫اعتباری���ة _ كأن یكون أحدمها‬ ‫ّ‬ ‫بال���ذات ال أن یك���ون التفاوت بیهنما بأم���ور‬
‫حّ‬ ‫ً‬
‫جزءا أو مرتبة أو ّ‬
‫العین‪ ،‬بل یكون‬ ‫ّ‬ ‫الوجود‬ ‫ف‬ ‫اد‬ ‫االت‬ ‫مع‬ ‫_‬ ‫اآلخر‬ ‫وجود‬ ‫من‬ ‫ة‬ ‫حص‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الواقعیه وسنخ الوجود غایة التباین واالفتراق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بیهنما من حیث‬
‫ّ‬
‫املوجودية‬ ‫اص ب���ه (وه���و‬‫▪ ال حیك���م ع�ل�ى اهلل تع���اىل بالوج���ود إلاّ مبعن���اه الخ ّ‬
‫التحقق ف األج���زاء) أو مبعناه ّ‬ ‫ّ‬
‫العام (وهو ص���رف الثبوت وعدم‬ ‫ي‬ ‫املتعالي���ة ع���ن‬
‫البطالن الش���امل للخالق والخ لق)‪ ،‬وال یكون الوج���ود املحكوم به علیه وعىل‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫معنویا متام االشتراك (بأن یكون يف كلهیما حا كیا عن التحقق‬ ‫خلقه مش���تركا‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لفظیا أیضا‪.‬‬ ‫يف األجزاء‪ ،‬القابل للرفع برفع األجزاء)‪ ،‬كما أنه ال یكون مشتركا‬
‫متجز ئ‪،‬‬ ‫عددي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫والواقعیة ّإما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العینیة‬ ‫▪ الوجود واملوج���ود من حیث‬
‫ّ حّ‬ ‫السنخی تباین ّ‬ ‫ن‬ ‫و ّإما خبالفه‪ ،‬ویكون ن‬
‫تام‪ ،‬ال میكن التفوه باتادمها‬ ‫بی هذین‬
‫ّ‬
‫وعینیهتما بوجه‪.‬‬
‫خاص بالخ لق وهو ما میكن معرفته بنفسه يف ّكمه وكیفه‬ ‫للش���یئیة معین ّ‬
‫ّ‬ ‫▪ ّإن‬
‫خ���اص بالخ الق تعایل وه���و ما ال میكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الخ���اص به‪ ،‬ومن���ه معین ّ‬
‫اهلي‬ ‫وع���دده‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأنه شء خ‬‫لاّ ّ‬ ‫ّ‬
‫والتوهم‪،‬‬ ‫للتصو ر‬ ‫شء قابل‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫الف‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫تصوره بنفسه وال یعرف إ‬
‫القسمی هو معین الشء بعنوانه ّ‬
‫العام الشامل لكلهیما‪.‬‬ ‫ن‬ ‫واملقسم هلذین‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا دوجول‬ ‫‪265‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫يّ‬
‫احلقی�ق�� الذي یكون‬ ‫والشء‬
‫ي‬ ‫ة‪،‬‬ ‫الش���یئی‬ ‫حبقیقة‬ ‫ش���یئا‬ ‫ّ‬
‫الواقعي الذي یكون‬ ‫املوج���ود‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عددي قابل للز یادة والنقصان والوجود والعدم‪ ،‬متحقق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫واقعیا‪ ،‬فهو ّإما‬
‫موجودا ّ‬
‫ً‬
‫ومتقوم باحلدود واألعراض؛ و ّإما یكون بخ الف ذلك‪ ،‬ومتعالیا عن‬ ‫ف األجزاء واألبعاض‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ذلك‪ ،‬فال ّ‬
‫یتصور بنفسه‪ ،‬وال یعرف إ بأثره الدال عىل وجوده‪.‬‬
‫مف���ا میك���ن معرفته من مع�ن�ى الشء واملوجود‪ ،‬ه���و عنوان ّ‬
‫خاص من���ه _ وهو االمتداد‬ ‫ي‬
‫يّ‬
‫حقیق‬ ‫املوج���ود القابل للعدم لذاته _ وهو یكش���ف حبدوثه ووجوده‪ ،‬ع���ن وجود موجود‬
‫ّ‬ ‫الش���یئیة وراء ّ‬
‫ّ‬
‫قابلیة النس���بة إىل الوج���ود والعدم‪ ،‬والتحق���ق يف االمتداد‬ ‫وشء حبقیق���ة‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألج���زاء والز ی���ادة والنقصان‪ ،‬والدخول حتت التص���ور والتوهم والب�ل�اغ‪ .‬فهو موجود ال‬
‫وشء ال كاألشیاء‪ ،‬وذات ال كالذوات‪ ،‬وحقیقة ال كاحلقائق‪.‬‬ ‫كاملوجودات‪ ،‬ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والشء مصداقا وعینا‪ ،‬ولكن من ناحیة الوجود‬ ‫ي‬ ‫واملوجود‬ ‫الوجود‬ ‫ناحیة‬ ‫من‬ ‫ه‬‫كل‬ ‫هذا‬
‫ً‬
‫أیض���ا‪ ،‬معىن یخ ّ‬ ‫ّ‬
‫تص‬ ‫املحم���ول‪ ،‬واملحك���وم ب���ه عىل املوضوع���ات‪ ،‬فالوجود ل���ه معنیان‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫یتص���و ر له النقیض‬ ‫بالالق وهو ما ال‬‫ت���ص خ‬
‫بالل���ق وهو وج���ود یقبل نقیضه‪ ،‬ومعىن یخ ّ‬ ‫خ‬
‫القسمی هو معىن ّ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫حاك عن جم ّرد الثبوت‬ ‫عام للوجود وهو ٍ‬ ‫واملقابل ذاتا واملقس���م هلذین‬
‫ً‬
‫وعدم البطالن‪ ،‬كان قابال للمقابل أم مل یكن‪.‬‬
‫وأما خ‬
‫ذاتا‪ّ ،‬‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫الالق‬ ‫للنف‬
‫ي‬ ‫القابل‬ ‫التصدیق‬ ‫هذا‬ ‫هو‬ ‫املخلوق‬ ‫بوجود‬ ‫ق‬ ‫املتعل‬ ‫ّإن التصدیق‬
‫ّ‬
‫تب���ارك وتع���اىل فال یتعلق التصدیق بوجوده كالتصدیق بس���ائر األش���یاء‪ ،‬أي بعد إمكان‬
‫‪266‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫قابال للتجر ید عن الوج���ود خ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬


‫ّ‬
‫الواقعي‪،‬‬ ‫ال ّ‬
‫ارجي والتحقق‬ ‫متجز یا‬ ‫امتدادیا‬ ‫تص���و ره بنفس���ه‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫طرف الوج���ود والعدم‪ .‬بل لی���س وجوده إ إثبات���ه‪ ،‬وال حیكم علیه‬ ‫وقاب�ل�ا للنس���بة إىل ي‬
‫العام احلاكي عن جم ّرد الثبوت وعدم البطالن‪.‬‬ ‫تص به‪ ،‬أو مبعناه ّ‬ ‫بالوجود إلاّ مبعىن یخ ّ‬

‫الالق واملخلوق خلطوا‬ ‫القائلی بتباین املعان واملفاهمی املحمولة عیل خ‬ ‫ن‬ ‫ق���د یقال‪ّ :‬إن‬
‫ي‬
‫الالق واملخلوق‬ ‫بی مصداق خ‬ ‫بی املفهوم واملصداق حیث ّإن التخالف والتباین یكون ن‬ ‫ن‬
‫ي‬
‫ال املفاهمی املحمولة علهیما من الوجود والعلم والقدرة و‪...‬‬
‫ونقول‪ :‬هذا حتلیل باطل و إشكال غیر وارد‪ .‬وذلك حیث ّإن من الواضح ّأنا ال نقول‪:‬‬
‫«إن اهلل تعایل‬ ‫«ز ید عامل بخ الف عمرو» و»ز ید موجود ال كاملوجودات» و‪ّ ...‬‬
‫لكنا نقول‪ّ :‬‬
‫ی؛‬‫لكنا من امللحدین واملش�ّبشهّ ن‬‫ع���امل بخ الف ّكل عامل» و«موجود ال كاملوجودات» و إلاّ ّ‬

‫متعددة‬‫األول والثان بال ف���رق بیهنما _ تكون ّ‬ ‫م���ع ّأن املصادی���ق ف ّكل ذلك _ ف املثال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫واملعان املحمولة عیل‬
‫ي‬ ‫متبائنة متغایرة بال شهبة‪ ،‬فلیس األمر إ من جهة تباین املفاهمی‬
‫واللق‪.‬‬‫الالق خ‬ ‫خ‬
‫ثانیا‪ :‬إذا قلنا ز ید واحد‪ ،‬وعمرو واحد‪ ،‬واهلل واحد‪ ،‬فال ش�ب�هة ّأن مفهوم الوحدة ن‬ ‫ً‬
‫بی‬
‫شء واحد‪ ،‬ومع هذا فإن محل أحد نفس ذلك املفهوم عیل اهلل تعایل یكون‬ ‫ز ید وعمرو ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مشـركا ملحدا قطعا‪.‬‬
‫اللق‬‫الالق‪ ،‬حیث ّإنه ف خ‬ ‫اللق غیر املفهوم املحمول عیل خ‬ ‫فاملفه���وم املحم���ول عیل خ‬
‫ي‬
‫الالق‬‫یك���ون مبع�ن�ی وحدة أجزاء جمتمعة _ ولو بقدر غیر متناه ف أوهام الفالس���فة _ وف خ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫تعایل هو مبعین امتناع الشبیه والنظیر واملثل حیث ال أجزاء له وال امتداد‪ ،‬و إمكان التعدد‬
‫ّ‬
‫التجزئ‪.‬‬ ‫فرع‬
‫الالق تعاىل یشتركان يف‬‫اللق‪ ،‬مع الوجود املحمول عىل خ‬ ‫فالوجود املحكوم به عىل خ‬
‫يّ‬
‫احلقیق وعدم البطالن‪ ،‬و یفترقان‬ ‫عام وهو املعىن احلاكي عن جم ّرد الثبوت والوجود‬‫معىن ّ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬ ‫بأن ّ‬
‫ّ‬
‫ومتفرعا عىل معرفة ذوات قابلة‬ ‫األول مهنما یقبل مقابله ونقیضه و یكون متعلقا باملقادیر‪،‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا دوجول‬ ‫‪267‬‬

‫للدخول حتت البالغ واملعرفة بأنفسها‪ ،‬ومتساو یة النسبة مع الوجود والعدم‪ّ ،‬‬
‫ولكنه میتنع‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الالق تعایل ّالذي یكون بخ‬ ‫ذلك ّكله ف ما حیمل عىل خ‬
‫شء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫متعالیا‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫الف‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫امتدادي‪ ،‬حمتمل للز یادة والنقصان وقابل للوجود والعدم‪ ،‬وحمتاج‬ ‫ّ‬ ‫فبما ّأن كل موجود‬
‫شء حبقیقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫یخ‬ ‫یخ‬
‫إىل من لقه و یوجده‪ ،‬ضع العقل لدی اإل قرار بأنه ال بد أن یكون هناك ي‬
‫ّ‬
‫معقولية الذات‪ ،‬وانتزاع‬ ‫ّ‬ ‫حقیق بخ الف األشیاء كلها‪ ،‬متعال عن إمكان‬ ‫يّ‬ ‫الشیئیة وموجود‬ ‫ّ‬
‫والتحق���ق ف االمتداد واألج���زاء‪ ،‬ال میكن فرض عدم���ه لذاته‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن فرض‬ ‫ي‬ ‫املفاه�ی�م من���ه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫لشء فرع كونه امتدادیا قابال للرفع بارتفاع أجزائه‪.‬‬ ‫العدم ي‬
‫ً ً‬ ‫مّ‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا هو تع���اىل فإنا وجوده إثباته((( وال یكون ش���یئا مثبتا كس���ائر األش���یاء يالت میكن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫النف واإل ثبات‪ ،‬بل هو مثبت موجود غی���ر معدوم‪ ،‬كل ذلك باملعىن‬ ‫تصوره���ا جم���ردة عن ي‬
‫الع���ام الذي قد أوضحناه‪ ،‬و یك���ون حبیث ّإنه‬ ‫ّ‬ ‫خ���اص ال���ذي یلیق به تع���اىل أو باملعىن‬ ‫ال ّ‬
‫اص به‪ ،‬وهو إثبات ال یوجد‬ ‫ال ّ‬ ‫اص به یالزم إثباته خ‬ ‫ال ّ‬ ‫صـرف اال لتفات إىل حنو وجوده خ‬
‫یتقدمه ّ‬ ‫ذاتا‪ ،‬حیث ال ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تصور املوضوع‬ ‫له مثل أیضا‪ ،‬فال میكن فرض النقیض هلذا اإل ثبات‬
‫إثباتا ّ‬ ‫ً‬
‫والنف‬
‫ي‬ ‫والنقیض‬ ‫املقابل‬ ‫له‬ ‫ر‬ ‫یتصو‬ ‫للنف واإل ثبات بالذات‪ ،‬فال یكون إثباته‬ ‫القاب���ل ي‬
‫كما يف سایر األشیاء برفع أجزاهئا‪.‬‬
‫ّ‬
‫فهو موجود وراء كل ما یقبل الوجود والعدم‪ ،‬وهو كائن قبل الكون والكینونة مبعنامها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬‫خ‬
‫اص باملخلوقات‪ ،‬بل هو متعال عن قبول التحقق والوجود والعدم املمكن حتققهما‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫فإن كل ما میكن أن یفرض جم ّردا عن الوجود والعدم و یقبل‬ ‫و إمكاهنما له‪ ،‬ونسبهتما إلیه‪،‬‬
‫النس���بة إلهیما يف مرحلة من املراحل فاحلكم بضـرورة أحدمها له لذاته خالف الفرض‪.‬‬
‫اص ب���ه أو بعنوانه ّ‬
‫العام الطارد للعدم‬ ‫ال ّ‬ ‫ف�ل�ا حیكم علیه تع���اىل بالوجود إلاّ بعنوانه خ‬
‫ّ‬ ‫س���ـر وجوب تأو یل إثبات وج���ود خ‬ ‫فقط‪ ،‬وهذا هو ّ‬ ‫والن�ف�� والبطالن ّ‬
‫الالق جل وعال إىل‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫نف العدم‪ ،‬وعلیه أنا حت إذا قلنا إنه تعایل لیس مبعدوم نقول‪« :‬هو تعاىل لیس مبعدوم‬ ‫یّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟‪ ،‬حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬ ‫‪ .1‬وجوده إثباته‪ :‬أمير‬
‫‪268‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫كاملعدومات» وذلك ّأنه ّكل شء غیره تعاىل ال میتنع عدمه‪ ،‬بل میكن ّ‬
‫تصوره ّإما موجودا‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً لاّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫ولكن اهلل تعایل ال میكن تصوره معدوما إ بعد فرض ذاته متجز ية‪.‬‬‫معدوما‪ّ ،‬‬ ‫و ّإما‬
‫املتعال عن االمتداد‬ ‫الشء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫فالشء واملوجود االمتدادي املتجزئ (املخلوق)‪ ،‬یشترك مع ي‬ ‫ي‬
‫بأن املخلوق هو الكائن‬ ‫ن‬
‫باطلی و یفترقان ّ‬ ‫نهّ‬
‫(الالق)‪ ،‬ف أ ما كلهیما شیئان ّ‬
‫واقعیان ثابتان غیر‬ ‫خ‬
‫ي‬
‫يف األجزاء واالمتداد والعدد‪ ،‬حمتمل للز یادة والنقصان‪ ،‬جائز النسبة إىل الوجود والعدم لذاته؛‬
‫ّ‬
‫والالق یتعاىل عن ذلك كله كما ّبی ّناه‪.‬‬ ‫املتقابلی؛ خ‬
‫ن‬ ‫للتصور بنفسه‪ ،‬وللوضع والرفع‬ ‫ّ‬ ‫وقابل‬
‫خاص خ‬‫قسمی قسم منه ّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫باللق وهو صورة الذوات‬ ‫الشء أیضا عىل‬ ‫فظهر أن مفهوم ي‬
‫ّ‬ ‫واملوجودات املخلوقة القابلة ّ‬
‫للتعدد والتكثر والز یادة والنقصان‪ ،‬وقسم آخر منه هو املفهوم‬
‫ّ ً لاّ‬ ‫بالال���ق تعایل وهو ما ال میكن اال لتفات إلی���ه ّأوالً‪ ،‬بل ال ّ‬ ‫خ���اص خ‬ ‫ال ّ‬
‫یتوجه العقل أوال إ‬
‫شء‪ _ ،‬كما‬ ‫بخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء الف كل ي‬ ‫إیل األش���یاء املخلوق���ة املتجز یة‪ ،‬مث إلیه تعایل بعن���وان أنه ي‬
‫شرحنا ذلك يف معین الوجود حممول علیه تعایل الذي یخ الف معین الوجود املحمول عیل‬
‫ّ‬
‫الشیئیة‬ ‫العام احلاكي عن جم ّرد‬‫القسمی هو املفهوم مبعناه ّ‬ ‫ن‬ ‫سایر األشیاء _ واملقسم هلذین‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫القابلة ّ‬
‫للتوجه واال لتفات إلیه أوال وثانیا‪ ،‬املخرج له عن كونه جمهوال مطلقا‪.‬‬
‫فهاهنا حقائق ّ‬
‫متعددة‪:‬‬
‫ّ‬
‫املتجزئ وهو نفس مصادیق‬ ‫ّ‬
‫العی�ن��‬ ‫ّ‬
‫الواقعي الثابت‬ ‫الشء‬
‫ي‬ ‫‪ .1‬وج���ود املخلوق‪ :‬وهو ي‬
‫ال ّ‬
‫ارجیة املخلوقة‪.‬‬ ‫األشیاء خ‬
‫ّ‬
‫الش���یئیة‪ ،‬متعال عن االمتداد والعدد‪ ،‬ال‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫خ‬
‫‪ . 2‬وجود الالق املتعال‪ :‬وهو ي‬
‫ً‬ ‫یعرف وال ّ‬
‫یتصور بنفس���ه‪ ،‬وال مفهوم له قابال ألن یدرك‪ .‬فال یعلم ما هو‪ ،‬وال یدرك ما هو‪،‬‬
‫ّ‬
‫شء»‬ ‫ي‬ ‫«هو‬ ‫بقولنا‪:‬‬ ‫عنه‬ ‫واحلكایة‬ ‫ها‪،‬‬ ‫كل‬ ‫شء ال كاألشیاء‪ ،‬وذات بخ الف الذوات‬ ‫بل هو ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫أو «هو موجود» إش���ارة إىل كونه ش���یئا ّ‬
‫واقعیا ال موهوما وال معدوما‪ ،‬ال إخبارا عن حتقق‬
‫للتصو ر وقابلة للتجر ید عن الوجود والعدم يف ّأية مرحلة من املراحل‪،‬‬‫ّ‬ ‫أجزاء ّ‬
‫معینة قابلة‬
‫كما یكون األمر كذلك يف شأن ما سواه تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا دوجول‬ ‫‪269‬‬

‫باللق‪ :‬وهو نفس املفاهمی املدركة من األش���یاء‬ ‫اص خ‬ ‫ال ّ‬ ‫‪ . 3‬مفه���وم الوج���ود والشء خ‬
‫ي‬
‫الت میكن جتر یدها عن الوجود‬ ‫ّ‬
‫الت تطابق مصادیقها واحلكم بوجودها‪ ،‬وهي ي‬ ‫االمتدادیة ي‬
‫ً‬
‫والعدم ونسبهتا إلهیما ذاتا‪.‬‬
‫جل وعال ال صورة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف���إن خ‬
‫بالالق‪ّ :‬‬ ‫اص خ‬ ‫ال ّ‬‫‪ . 4‬مفه���وم الوج���ود والشء خ‬
‫ذهنیة‬ ‫الالق‬ ‫ي‬
‫لاّ‬ ‫یّ‬ ‫ل���ه‪ ،‬وال ّ‬
‫یتصور‪ ،‬وال میكن أن یلتفت إلیه بنفس���ه حت ینت���زع مفهوم منه‪ ،‬وال مفهوم له إ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫بخ‬
‫تتص���و ر وال تدرك مطلقا‪ ،‬وتكون‬ ‫الت ال‬
‫شء الف األش���یاء» و«الذات ي‬ ‫بعن���وان‪« :‬هو ي‬
‫خارجة عن حیطة البالغ»‪ ،‬و‪...‬‬
‫ً‬ ‫ّمث ّإن ن‬
‫االمتدادیة و«م���ا بخ الفه» یكون تباینا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العینیة لألش���یاء‬ ‫ّ‬
‫مص���داق احلقیقة‬
‫ي‬ ‫ب�ی��‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ ًّ‬
‫عددیا‪ ،‬وكون اآلخر متعالیا عن األجزاء)‪،‬‬ ‫متجز یا‬ ‫امتدادیا‬ ‫تاما (وهو كون أحدمها‬ ‫سنخیا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫للتص���ور واإلدراك أیضا حرفا حبرف‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫وذل���ك جیري علهیما م���ن حیث معنامها القابل‬
‫ال ّ‬ ‫املتحقق ف األجزاء واألبع���اض خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ال�ش��ء خ‬
‫ارجیة‪ ،‬یطابقه مفهومه من‬ ‫ي‬ ‫الواقعي‬ ‫ارجي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫بخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حیث ّ‬
‫التصو ر یة والتوهمّیة وما یكون الف ذلك عینا وواقعا‬ ‫تقومه باحلدود واألبعاض‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتوهمّیة أیضا‪.‬‬ ‫تصو ر ّیة‬
‫فال حدود له وال أجزاء ّ‬
‫خ���اص خ‬
‫باللق» هو‬ ‫بالال���ق‪« ،‬ال ّ‬‫خ���اص خ‬
‫ّ‬ ‫خ���اص خ‬
‫باللق‪ ،‬ومنه‬ ‫ّ‬ ‫«فاملفه���وم»‪ ،‬من���ه‬
‫بالالق» ما یكون بخ الف ذلك‬‫اص خ‬ ‫خ‬
‫و«ال ّ‬ ‫املتصور بنفسه يف أجزائه وحدوده وأبعاضه‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وتصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بأنه ما یكون بخ‬ ‫وال یعرف إلاّ ّ‬
‫وتوهم‪.‬‬ ‫شء‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫الف‬
‫تص‬‫املتقابلی الذین یخ ّ‬
‫ن‬ ‫باللق‪ :‬وهو معىن الوجود والعدم‬‫اص خ‬ ‫احلمل خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 5‬الوجود‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االمتدادیة املخلوقة القابلة للوجود والعدم بالذات‪.‬‬ ‫محلهما عىل األشیاء‬
‫اص خ‬
‫بالالق تبارك وتعاىل‪ :‬وهو معىن الوجود واإل ثبات الذي‬ ‫احلمل خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 6‬الوجود‬
‫ي‬
‫خ���اص خ‬
‫باللق هو املعىن‬ ‫فإن الوجود والعدم مبعنامها ال ّ‬ ‫الالق تعایل ّ‬
‫فق���ط؛ ّ‬ ‫حیم���ل عىل خ‬
‫ال ّ‬‫االمتدادي والشء مبعناه خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫اص‪،‬‬ ‫ي‬ ‫للذات‬ ‫وعدما‬ ‫ملكة‬ ‫فیكون‬ ‫‪،‬‬‫ذاتا‬ ‫ال���ذي یقبل مقابله‬
‫(وه���ذا الس���نخ من املوجودات واألش���یاء هو الذي ّ‬
‫یصح علیه احلك���م بامتناع اجتماعه‬
‫‪270‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫وأما خ‬ ‫وارتفاعه مع نقیضه بالشـروط الثمانیة‪ّ ،‬‬


‫الالق تعاىل فهو متعال عن ذلك موضوعا‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء من الش���ـروط‬ ‫ي‬ ‫یش���مله‬ ‫ما‬ ‫حتت‬ ‫یدخل‬ ‫وال‬ ‫‪،‬‬ ‫ذاتا‬ ‫یتص���ور له النقیض ورفع الوجود‬ ‫ال‬
‫فإن خ‬ ‫ً‬
‫ممكنا) ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫الثمانی���ة ّ‬
‫املتعال عن االمتداد میتنع‬
‫ي‬ ‫الالق‬ ‫عددیا‬ ‫ال�ش��ء‬
‫ي‬ ‫املتفرعة عىل كون‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تصور العدم له تعاىل ذاتا‪.‬‬
‫املتقابلی ىّ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫حت‬ ‫متصو رة جائزة النس���بة إىل الوجود والعدم‬ ‫ّ‬ ‫ّإن اهلل تعاىل ال یكون ذاتا‬
‫ّ‬
‫تصور ذاته جلت عظمته ّمتصفة بالعدم يف ّأية مرحلة‬ ‫میكن ّ‬ ‫میكن س���لب الوجود عنه‪ ،‬و َ‬
‫ّ لاّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي و یكونان‬ ‫یتص���ور إ للموجود‬ ‫م���ن املراح���ل؛ بل ّإن قبول الوجود وال قبوله ال‬
‫كامللكة والعدم له‪.‬‬
‫(((‬

‫اصة مبا یكون‬ ‫املوجودیة خ‬


‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫الالق تبارك وتعاىل _ وهي‬ ‫املوجودیة املنسوبة إىل خ‬
‫ّ‬ ‫وأما‬‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مبائن���ا لالمت���داد والعدد _ ال میكن فرض النقیض له ثبوتا‪ ،‬فال میكن فرض العدم للذات‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫رأس���ا‪ّ ،‬‬
‫تص���وره جم ّردا عن الوجود والعدم و میكن أن ینس���ب إلهیما‬ ‫فإن ما میكن‬ ‫املتعالی���ه‬
‫ًّ خ ً‬ ‫ًّ‬ ‫لاّ‬
‫بالذات لیس إ امتدادیا عددیا ملوقا‪.‬‬
‫حت‬‫وعىل هذا فوجود املخلوق یكش���ف عن وجود خالق ال میكن أن یفرض عدمه ىّ‬

‫اللق نعلم‬‫فإننا بعد أن علمنا بوجود خ‬‫اللق‪ ،‬أو انعدام املخلوقات‪ّ ،‬‬ ‫مع فرض عدم خلقه خ‬
‫ً‬ ‫ّأن اهلل تع���اىل موج���ود‪ ،‬ونعلم ّأنه ل���و مل یكن خ‬
‫اللق موجودا مل یكن لن���ا طر یق إىل العلم‬
‫ً‬ ‫بوج���ود خ‬
‫الال���ق‪ ،‬ونعلم أیضا بعد العلم بوج���وده تعاىل ّأن فرض ع���دم الوجود له تعاىل‬
‫حمال ّ‬
‫ذات‪.‬‬‫ي‬
‫ً‬
‫ف���إن ما ثبت وج���وده‪ ،‬وهو خمالف لالمتداد واألجزاء فقد یس���تحیل فرض عدمه ذاتا‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫وثبوت���ا‪ّ ،‬‬
‫ألن النس���بة إىل الوجود والع���دم‪ ،‬فرع إمكان جتر ید الذات ع���ن الوجود والعدم‪،‬‬

‫ً‬ ‫‪ .1‬وال يذهب عليك أنه ليس املراد من كون خ‬


‫الالق تبارك وتعاىل متعاليا عن قبول العدم لذاته‪ ،‬كونه‬
‫نفس مصداق الوجود البحت‪ ،‬وصـرف الوجود الال بش���ـرط املطلق املوهوم الذي اختلقته الفلسفة‬
‫ّ ً‬ ‫والواقعية حلقيقة الوجود من األوهام خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫والعرفان‪ّ ،‬‬
‫جدا‪.‬‬ ‫الاطئة‬ ‫العينية‬ ‫فإنه قد ّمر مرارا أن فرض‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا دوجول‬ ‫‪271‬‬

‫متجز ية خملوقة ولیس اهلل‬


‫امتدادیة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتص���ور الذات جم ّردة عن الوجود والع���دم فرع كوهنا‬
‫تبارك وتعاىل كذلك‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«وجوده إثباته»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«احلمد هلل الذي أعجز األوهام أن تنال إ وجوده»‪.‬‬
‫(((‬
‫«كمال معرفته التصدیق به»‪.‬‬
‫وبالوقوف عىل هذه احلقیقة یظهر ّأنه ال جمال ملا قد یقال‪:‬‬
‫اللق؟»‬ ‫الالق بعد أن خلق خ‬ ‫«ما هو املانع من انعدام خ‬
‫لوهیة‪ ،‬وطرحه ف ّ‬
‫حق‬ ‫احلقیق الالئق ب���ه األ ّ‬
‫يّ‬ ‫ّ‬
‫فإن هذا الس���ؤال خارج ع���ن املوضوع‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫االمتدادي القابل للوجود والعدم‬ ‫یتصور له العدم لذاته غلط‪ ،‬لتعالیه عن الكون‬‫ّ‬ ‫من ال‬
‫متج���زئ‪ ،‬خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والالق تعاىل‬ ‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫لذات���ه‪ .‬ب���ل ّإن كل ما میكن فرض عدمه لذات���ه‪ ،‬فهو‬
‫لیس كذلك‪.‬‬
‫ّ ً‬
‫الواب عن السؤال‬ ‫(ومن املوهون هاهنا جدا هو قول أصحاب الفلسفة والعرفان يف ج‬
‫«إن اهلل تع���اىل هو نفس حقیقة الوجود غیر القابلة للع���دم لذاهتا ّ ن‬
‫املتعی بصور‬ ‫بقوهل���م‪ّ :‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫مجیع األشیاء» الذي قد ّبی ّنا بطالنه موضوعا وحمكا مرارا)‪.‬‬
‫ّ‬
‫الواب عن الس���ؤال املذكور بقوله تعاىل‪:‬‬‫و میكن أن یس���تدل ملا جئنا به يف ج‬
‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌّ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫فاط ِر الس ِ‬
‫ماوات والأرض‏>‬ ‫<أ فِي اهلل شك ِ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫أقر بوجود خ‬ ‫إن ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأش���ك يف كونه‬ ‫حمدثا‬
‫الالق من حیث كونه ِ‬ ‫حی���ث إن���ه لو قال قائل‪ :‬ي‬
‫ً‬
‫باقیا؛‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫وأمال الصدوق‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحيد‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫الطبة‪.1 ،‬‬
‫‪272‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫واللق یدلاّ ن عىل كون خ‬


‫الالق والفاطر متعالیا عن اال ّتصاف‬ ‫یقال ف جوابه‪ّ :‬إن الفطر خ‬
‫ي‬
‫بالوجود القابل للعدم لذاته‪.‬‬
‫الالق‬‫العام الذي جیوز محل���ه عىل خ‬
‫الش���یئیة مبعن���اه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الع���ام‪ :‬وهو مفهوم‬ ‫‪ . 7‬املفه���وم‬
‫خ���اص خ‬
‫بالالق‪ ،‬وذلك كما إذا قلنا‪:‬‬ ‫باللق وال ّ‬ ‫اص خ‬ ‫ال ّ‬‫واملخلوق‪ ،‬وهو املقس���م للمفهوم خ‬
‫ّ‬
‫الشیئیة»‪.‬‬ ‫خ‬
‫«الالق واملخلوق شیئان حبقیقة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫واقعي لیس موهوما وال معدوما‬ ‫فاملقسم مشترك بیهنما و یكون مصداق ذلك كل أمر‬
‫للتصور (وهو ّكل ما یدرك من معان ذوات خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫اللق)‪ ،‬أو غیر‬ ‫ي‬ ‫وقابال‬ ‫كان‬ ‫ا‬ ‫امتدادی‬ ‫‪،‬‬‫باطال‬ ‫وال‬
‫التصو ر والبالغ بنفس���ه (وهو خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الالق تعاىل الذي میتنع‬ ‫امتدادي كان وخارجا عن إمكان‬
‫ّ‬
‫والتوهم بالذات»‬ ‫ّ‬
‫التصور‬ ‫الارج ع���ن‬ ‫تص���وره بنفس���ه و یكون عنوانه هو نفس «الشء خ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫و«الشء الذي یكون بخ الف األشیاء كلها»)‪.‬‬ ‫ي‬
‫العام‪ :‬وهو معىن الوج���ود واإل ثبات بعنوانه ّ‬
‫العام الذى یش���مل‬ ‫احلم�ل�� ّ‬
‫ّ‬ ‫‪ . 8‬الوج���ود‬
‫ي‬
‫ال ّ‬
‫اصان به تارة _ وهو‬ ‫تصور املحكوم علیه ف ّكمه وكیفه خ‬ ‫الال���ق واملخل���وق‪ ،‬وهو یالزم ّ‬ ‫خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫يف ما اذا كان موضوعه هو املخلوق املتحقق يف االمتداد واألجزاء والعدد _‪ ،‬و یتعایل عن‬
‫ال ّ‬‫متصو ر مبعن���اه خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫اص أي يف ّكم وكیف‬ ‫لشء‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫إثباتا‬ ‫ذل���ك تارة أخرى فیك���ون حینئذ‬
‫نی‪ ،‬منتزع من الذوات بأنفسها‪.‬‬ ‫معی ن‬
‫ّ‬
‫واملوض���وع ف هذا القس���م ه���و الشء الذي میتنع ّ‬
‫تصو ره بنفس���ه و یك���ون عنوانه هو‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫نف���س «الشء املخالف لكل األش���یاء خ‬
‫و«الشء‬
‫ي‬ ‫التصو ر والتوه���م بالذات»‬ ‫الارج عن‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الذي یكون بخ الف األشیاء كلها»‪ ،‬فال وجه لإلشكال يف ذلك باستحالة احلكم ال عىل‬
‫املوضوع أو عیل املجهول املطلق‪.‬‬
‫ّ‬
‫ویستنتج من ذلك كله‪:‬‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متبائنی بتمام الذات‪:‬‬ ‫سنخی‬ ‫‪ :1‬الوجود مفهوما ومصداقا وعینا یكون عىل‬
‫متجزئ هو املخصوص خ‬
‫باللق‪.‬‬ ‫امتدادي ّ‬
‫ّ‬ ‫الف) وجود‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا دوجول‬ ‫‪273‬‬

‫ب) وجود متعال عن االمتداد واألجزاء وهو ذات خ‬


‫الالق تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫باللق وهو قابل ّ‬
‫للتعدد‬ ‫خاص خ‬ ‫سنخی‪ :‬مفهوم ّ‬‫ن‬ ‫ّ‬
‫الشیئية والصفة یكون عىل‬ ‫‪ :2‬مفهوم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشء بخ الف‬ ‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتكث���ر كمفه���وم املثلث واملربع و‪ ،...‬ومفهوم خ���اص بالالق وهو مفهوم ي‬
‫القس���می هو مفهوم الشء بعنوانه ّ‬
‫العام‪.‬‬ ‫ن‬ ‫األش���یاء‪ .‬واملقس���م هلذین‬
‫ي‬
‫اص باهلل تعایل واملقسم الشامل له تعایل ولغیره‬ ‫والشیئیة خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫نكتة‪ّ :‬إن معین الوجود‬
‫ً‬
‫أمورا جدیدة قد أحدهثا خ‬ ‫ّ‬
‫الالق تبارك وتعاىل بتعر یفه نفسه إىل عباده‪،‬‬ ‫مهنما كلها تكون‬
‫ومل یك���ن خ‬
‫الل���ق یعرفها قبل ذلك _ بل ما كان میكن���ه أن هیتدي إىل ذلك دون تعلمی اهلل‬
‫حت‬ ‫مكررة من الكتاب _ ىّ‬
‫بی ف مواض���ع ّ‬ ‫تع���ایل والرجوع إىل مدرس���ة الوحي بعقله كما ّ ن‬
‫ي‬
‫ً‬
‫املعان ألفاظا وأسامي‪.‬‬
‫ي‬ ‫میكنه أن یضع بإزاء تلك‬
‫والطر یق إىل اإلش���ارة إىل تلك املعان واألوصاف ّ‬
‫املقدس���ة ینحصـر باالستعانة مبعرفة‬ ‫ي‬
‫اللق من األمساء واألوصاف ّمث محله عیل اهلل تعایل بعد إضافة قیود ّ‬
‫سلبیة‬ ‫ما جری عىل خ‬

‫«شء بخ�ل�اف األش���یاء» و«بصیر مسیع بغی���ر جارحة» و«داخل يف األش���یاء ال‬
‫كقولن���ا‪ :‬ي‬
‫شء خارج» و«فاعل بال آلة» و‪...‬‬ ‫كشء عن ي‬ ‫شء داخل‪ ،‬وخارج عهنا ال ي‬ ‫ك�ش��ء يف ي‬
‫ي‬
‫املعان البدیعة ال‬ ‫ّ‬
‫اللق إىل تلك الذات املقدس���ة ومعرف���ة تلك‬ ‫كم���ا ّأن بعد التفات خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫واللق بخ صوص كل واحد مهنما عىل حنو واحد وباش���تراك‬ ‫الالق خ‬ ‫یك���ون إجراهئا عىل خ‬
‫ً‬
‫معنوي أیضا‪ ،‬بل یكون عىل النحو الذي ّبی ّناه‪ ،‬وهو االس���تعانة مبا جیري عىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لفظ���ي بل‬
‫ّ‬
‫وتوضیحیة‪.‬‬ ‫اللق من األمساء واألوصاف مضافة إىل قیود ّ‬
‫سلبیة‬ ‫خ‬
‫ّ‬
‫فقط‪ ،‬بل یكون يف كل‬ ‫مصداقی ًا ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ومن هنا یعلم أیضا ّأن اختالف الوجودین ال یكون‬
‫ّ‬
‫واملصداقیة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املفهومیة‬ ‫الهات املذكورة‬ ‫ج‬
‫ولنعم ما قيل‪:‬‬
‫ّ‬
‫معنوي‬ ‫ّ‬
‫متصور في جميع الموجودات‪ ...‬وهو بهذا المعنى مش ��ترك‬ ‫«وهذا المعنى‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ‬
‫الكل ولو بنحو ص���دق العرض ّ‬
‫عاما‪ ،‬كما‬ ‫العام‪ ،‬ولهذا يس � ّ�مى وجودا‬ ‫ص���ادق على‬
‫‪274‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫الواجبي‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الخاص‬ ‫األول‪ :‬الوجود ّ‬
‫العام‪ .‬والثاني‪ :‬الوجود‬ ‫سيأتي‪ ...‬فالوجود ثالثة‪ّ :‬‬
‫الخاص الممكن � ّ�ي‪ّ .‬‬
‫وأما إطالق الوجود عل ��ى الموجود _ كما‬ ‫ّ‬ ‫[و] الثال���ث‪ :‬الوج���ود‬
‫ه���و ظاهر م���ا حكيناه عن بع���ض األفاضل [وهو الش ��یخ أحمد اإلحس ��ایی‪ ،‬مبتدع‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الش���یخیة]‪ ...‬فهو غير وجيه‪ ،‬إ على مذهب من يق ��ول بأصالة الوجود‪ ،‬أو وحدة‬
‫الوجود‪ ،‬وهو بما سيأتي مردود‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكيف كان فالوجود ّ‬
‫التصور مع بداهة الحكم به أيضا‪ ،‬كما ال يخفى‪.‬‬ ‫بديهي‬ ‫العام‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الممكني مجهول يستعلم بالكسب بأنه عرض قائم بذات الممكن‪ ،‬وبه‬ ‫والوجود‬
‫يكون الممكن منشأ لألثر‪.‬‬
‫ً‬ ‫الواجبي مجهول الكنه ال يمكن اس ��تعالم كنهه وال ّ‬‫ّ‬
‫يتصور أصال‪.‬‬ ‫والوجود‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متص���ور بالوجه((( وباآلثار وبم ��ا يصدق عليه‪ ،‬مثل أنه صان ��ع العالم‪ ...‬أو‬ ‫نع���م‪ ،‬هو‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫نحو ذلك‪ ،‬و إ ال يمكن التصديق بوحدته ونحوها‪ ،‬فال يتحقق اإليمان»‪.‬‬

‫‪ . 1‬أق���ول‪ :‬ب���ل كهنه ّأنه ش���ـيء بخ الف األش���یاء‪ ،‬متع���ال عن األجزاء واملث���ل والنظیر‪ ،‬كم���ا قال اإلمام‬
‫وبی خلقه‪( .‬حبار األنوار‪.)229 / 4 ،‬‬‫الرضا؟ع؟‪ :‬وكهنه تفر یق بینه ن‬
‫ن‬ ‫یّ‬ ‫االس���ترابادي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫البـراهي القاطعة يف ش���ـرح جتر يد العقائد الس���اطعة‪1 ،‬‬ ‫حممد جعفر‪ ،‬املتوف ‪،1263‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪.88 /‬‬
‫ّ‬
‫والخاص‬ ‫الوصف ّ‬
‫العام‬
‫‪276‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تزعم المعرفة البشـر یّ ة ّأن‪:‬‬


‫لاّ‬
‫▪ صف���ات الخ الق والخ لق حقیقة واحدة وال فرق بیهنما إ من حیث التناهي‬
‫ن ّ‬ ‫ً‬
‫عی كل خملوق مع ز یادة علهیا‪،‬‬ ‫وعدم التناهي‪ ،‬فالخ الق تعاىل ذاتا وصفة هو‬
‫عی األشیاء بأمجعها‪،‬‬ ‫وهو ن‬

‫▪ ّإن م���ا حیم���ل م���ن الصفات ع�ل�ى الخ الق والخ ل���ق یكون عىل حنو االش���تراك‬
‫ّ‬
‫املعنوي متام االشتراك‪،‬‬
‫▪ ال جیب بل ال میكن إرجاع صفات الخ الق إىل سلب مقابالهتا‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ویتحدث هذا الفصل عن بطالن ذلك كله ببیان ّأن‪:‬‬
‫ّ‬
‫امتدادیة قابلة للز یادة والنقصان‬ ‫▪ صف���ات الخ لق _ كأصل وجوده _ حقائ���ق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والوجود والعدم‪ ،‬والخ الق جل وعال یتعاىل عن ذلك كله‪،‬‬
‫لاّ‬
‫▪ ال ینسب إىل اهلل تعاىل العلم والقدرة واحلیاة والسمع والبصـر و‪ ...‬إ مبعناها‬
‫لاّ ّ‬ ‫اص به‪ ،‬أو مبعناها ّ‬ ‫الخ ّ‬
‫الهل والعجز و‪،...‬‬‫العام الذي ال یعرف إ بأنه خالف ج‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫فإن كل ما میكن‬ ‫▪ ال تعرف صفات اهلل إ بس���لب مقابالهتا عن���ه جل وعال‪،‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫امتدادیا خملوقا‪،‬‬ ‫املعان بأنفسها من الذوات والصفات یكون‬ ‫ي‬ ‫أن یعرف من‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪277‬‬

‫خ���اص خ‬
‫بالالق»‬ ‫خ���اص باملخلوقات» و«ال ّ‬
‫الش���یئیة والوجود إىل‪« :‬املعىن ال ّ‬
‫ّ‬ ‫تقس�ی�م‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫و»املعىن ّ‬
‫ّ‬
‫املقسمي الشامل هلما» مفهوما ومصداقا‪ ،‬جیري عىل حقیقة العلم والقدرة‬ ‫العام‬
‫واحلیاة وسائر ما توصف به الذات املتعالیة‪.‬‬
‫خ ً‬
‫لوق���ا و یخ ّ‬ ‫ّ‬
‫و«عام»‪ ،‬و«ال ّ‬ ‫ّ‬
‫تص باملخلوفات‬ ‫خ���اص» مفنه ما یكون م‬ ‫«خاص»‬ ‫فالعل���م‬
‫تص باهلل‬ ‫املتج���زئ القابل للز یادة والنقصان والوجود والع���دم _‪ ،‬ومنه ما یخ ّ‬
‫ّ‬ ‫_ وه���و العلم‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫ونتصو ره بنفس���ه من معىن‬ ‫تع���اىل وال یوص���ف به إ هو _ وهو خالف ما میكننا أن نعرفه‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫عددیا‬ ‫امتدادیا‬ ‫الهل سواء كان‬ ‫و«العام» هو املقسم هلما _ وهو ما یكون بخ الف ج‬
‫ّ‬ ‫العلم _‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫والتصو ر‪.‬‬ ‫للتصور بنفسه‪ ،‬أم كان بخ الف ذلك‪ ،‬وكان خارجا عن حیطة البالغ‬ ‫ّ‬ ‫قابال‬
‫اص باملخلوق» یشتركان يف ّأن كلهیما أمران‬ ‫بالالق» مع «العلم خ‬
‫ال ّ‬ ‫اص خ‬‫ال ّ‬‫«العلم خ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫بأن العلم خ‬
‫ال ّ‬ ‫واقعیان لیس���ا جبهل‪ ،‬و یفترقان ّ‬‫ّ‬
‫امتدادیا قابال للز یادة‬ ‫اص باملخلوق یكون‬
‫الالق تعایل لیس كذلك‪.‬‬ ‫والنقصان والوجود والعدم‪ ،‬والعلم املوصوف به خ‬

‫اصة‬‫وال ّ‬ ‫ال ّث���ة الواحدة واجتم���اع أجزاء ّ‬


‫معین���ة‪ ،‬خ‬ ‫والوح���دة خ‬
‫ال ّ‬
‫اص���ة باملخل���وق هو ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫بالال���ق هو التعال عن ّ‬ ‫خ‬
‫التجزي واملثل والش���به والنظیر ذات���ا‪ ،‬فیفترقان يف ذلك مصداقا‬ ‫ي‬
‫الدال عیل نف ّ‬
‫التعدد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫فقط‪.‬‬ ‫ي‬ ‫املقسم‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫یشتركان‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬‫ومفهوما‬
‫ولذلك إذا وصفنا خ‬
‫الالق تعایل بالعلم والقدرة والوجود واحلیاة والس���مع والبصـر و‪...‬‬
‫‪278‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫نقید ذلك بقولنا‪ :‬هو عامل ال كعامل‪ ،‬وقادر ال كقادر‪ ،‬وموجود ال كموجود‪،‬‬‫جی���ب علینا أن ّ‬
‫وواح���د ال كواح���د و‪ ،...‬بل إذا نفینا عنه ما یقابل هذه األوصاف بقولنا‪ّ :‬إنه تعاىل لیس‬
‫والسـر يف لزوم ذلك هو اإلشارة إیل كون وجوده وصفاته‬ ‫ّ‬ ‫جباهل وال عاجز وال معدوم و‪،...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تعایل مبائنا ملا نعرف من ذلك يف خلقه من املفاهمی فضال عن املصادیق‪.‬‬
‫أیضا یقال ّإنه جیب إرجاع صفات اهلل تعایل إیل نف مقابالهتا ّ‬ ‫ً‬ ‫وهلذا ّ‬
‫فإن يف هذا‬ ‫ي‬ ‫السـر‬
‫ً‬
‫النف أیضا إشارة إىل تخ الف معىن العلم والقدرة والوجود و‪ ...‬املنسوب إلیه‬ ‫اإلرجاع إىل ي‬
‫تعاىل مع املنسوب إیل خلقه‪.‬‬
‫لاّ‬
‫ومن هنا تعلم ّأن قولنا‪« :‬ز ید لیس جباهل» ال یفید إ فائدة قولنا‪« :‬ز ید عامل» وهلذا‬
‫نف مقابالهتا‪ ،‬وذلك بخ الف‬ ‫مل یق���ل أحد بوجوب إرجاع إثب���ات صفات املخلوقات إىل ي‬
‫املوحد العارف أن یص���ف اهلل تعاىل بخ الف ما‬‫فإنه حی���ث جیب عىل ّ‬ ‫قولن���ا «اهلل ع���امل» ّ‬

‫یصـرح للدال لة عىل هذا املعىن واإلش���ارة إلیه بوجوب إرجاع إثبات‬ ‫یوصف به خلقه قد ّ‬
‫ّ ّ ً‬
‫جیدا‪.‬‬ ‫نف مقابالهتا فتدبـر‬ ‫الصفات إىل ي‬
‫بأنه ما لیس جبهل‪،‬‬ ‫اص باهلل تعاىل ال یع���رف إلاّ ّ‬‫ال ّ‬ ‫وبعب���ارة أخ���ری ّإن العلم مبعناه خ‬

‫بالالق تعاىل یكون خالف ذاته‪ ،‬وال‬ ‫اص خ‬‫ال ّ‬‫تصو ر معىن العلم مبعناه خ‬ ‫حی���ث ّإن إمكان ّ‬
‫لاّ‬
‫س���بیل إىل إثب���ات علمه تعاىل إ من حیث كش���ف أحكام املخلوق���ات عن وجود علم‬
‫الالق تعاىل‪.‬‬‫التصور بالذات وهو علم خ‬ ‫ّ‬ ‫خارج عن إمكان‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ُ َ َّ ُ ْ َ‬
‫(((‬
‫ق وهو الل ِطيف‏ الخ ِبير>‪.‬‬
‫ن خل ‏‬
‫<أ لا يعلم م ‏‬
‫فإن نفس إحكام املصنوعات وأحكام املخلوقات‪ ،‬هي الكاشفة عن وجود علم قدمی‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املتجز ية‪ ،‬ال یعرف بذاته وال ّ‬
‫یتصو ر بكهنه‪،‬‬ ‫غی���ر حادث یخ الف علم املخلوقات املحدثة‬
‫وهو علم اهلل تبارك وتعایل‪.‬‬

‫‪ . 1‬امللك (‪.15 ،)67‬‬


‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪279‬‬

‫ن‬ ‫خ ً‬
‫لوقا و یخ ّ‬ ‫وخاص‪ ،‬خ‬
‫وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫أیضا‪ّ ،‬‬‫ً‬
‫باملخلوقی‬ ‫تص‬ ‫اص مفنه ما یكون م‬ ‫فعام‬ ‫ومعین القدرة‬
‫متجز ية‪ ،‬قابلة للز یادة والنقصان والوجود والعدم‬ ‫امتدادیة ّ‬
‫ّ‬ ‫الت تكون‬‫_ وهو معین القدرة ي‬
‫تص بخ الق القدرة والقادر ین _ وهو ما یكون بخ الف ذلك‪ ،‬وال س���بیل إىل‬ ‫_‪ ،‬ومن���ه م���ا یخ ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫إثباته إ من حیث ّإن اهلل تعاىل خلق ما خلق‪ ،‬وكشف هبا عن قدرته جلت عظمته _‪،‬‬
‫ًّ‬
‫امتدادیا أم مل یكن كذلك‪.‬‬ ‫والعام هو املقس���م هلما وهو ما یكون بخ الف العجز س���واء كان‬
‫ّ‬

‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬


‫َ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ ْ َّ‬
‫(((‬
‫ق الس ِ‬
‫ماوات والأرض ِبقادر>؟‬ ‫ّ‬ ‫ي خل ‏‬ ‫س ال ِذ ‏‬‫<أ َولي َ ‏‬
‫ّ‬
‫والس���ـر يف ذلك كله كما أش���ـرنا إلیه هو ّأنه ال میكن توصیف الذات املتعالیة بالوجود‬‫ّ‬
‫ً‬ ‫والعل���م والقدرة واحلی���اة و‪ ...‬إلاّ مبعرفة ّكل تلك املعان ومقابالهت���ا ف خ‬
‫اللق انتزاعا من‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫صوصیاهتما ع���ن خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مجیعا بخ‬
‫الالق تبارك وتعاىل‪ ،‬حی���ث ّإن إثبات كل‬ ‫ذوات���ه‪ ،‬وس���لهبما‬
‫ی‪ ،‬فال‬ ‫ّ‬
‫عددی ن‬ ‫�ی��‬ ‫ّ‬
‫امتدادی ن‬ ‫يّ‬
‫واملنف‬ ‫صف���ة ونفهی���ا عند املخلوق ی�ل�ازم ّ‬
‫تصور معین املثب���ت‬
‫التصو ر ّیة‬
‫ّ‬ ‫الصوصی���ات‬ ‫ینس���ب األوص���اف املذك���ورة إىل اهلل تعاىل إلاّ بعد س���لب متام خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعان‬
‫ي‬ ‫االمتدادية عهنا‪ ،‬ولإلش���ارة إیل هذا املعین الدقیق یقال بوجوب إرجاع كل تلك‬
‫ً‬
‫بأنه مثال لیس‬ ‫یعرف إلاّ ّ‬
‫تص باهلل تبارك وتعاىل ال���ذي ال ّ‬ ‫إىل املع�ن�ى ال���ذي یلیق بل یخ ّ‬
‫جبهل أو عجز أو‪...‬‬
‫بأنه ما ال یكون‬‫اص الذي یلیق باهلل تبارك وتع���اىل ال یعرف إلاّ ّ‬ ‫فالعل���م بعنوان���ه خ‬
‫ال ّ‬
‫بأنه م���ن لیس جباهل‪ .‬والقدرة‬ ‫جه�ل�ا‪ ،‬والعامل املوص���وف بذلك ال یعرف وال یوصف إلاّ ّ‬‫ً‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫اص الالئق باهلل تعاىل ال تعرف إ بأنهّ ا ما ال یكون عجزا‪ ،‬والقادر املوصوف‬ ‫مبعناها خ‬
‫ال ّ‬
‫بأنه من لیس بعاجز‪.‬‬ ‫اص ال یعرف وال یوصف إلاّ ّ‬ ‫بالقدرة بذلك املعىن خ‬
‫ال ّ‬
‫لاّ‬ ‫فوجوب إرجاع صفات خ‬
‫الالق تعایل إىل السلب يف مقام املعرفة والتوصیف‪ ،‬لیس إ‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫من حیث ّإن ّكل ما ّ‬
‫متجز یا قابال للوجود والعدم‪،‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫یتصور و یعرف بنفس���ه یكون‬

‫‪ . 1‬يس (‪.82 ،)36‬‬


‫‪280‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املتعال‬ ‫متجزئ قابل للوجود والعدم _ فال ینسب إىل اهلل‬ ‫فإن ّكل ما یعرف بنفسه فهو ّ‬
‫_ ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫شء‪ ،‬فهو لیس بصفة وال‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫ع���ن صفات األ قدار واملحدثات‪ .‬و ّإن اهلل تعاىل یخ ال���ف‬
‫موص���وف‪،‬ب���له���وذات‪،‬عل���م‪،‬ق���درة‪،‬حی���اة‪،‬ن���ور‪،‬مس���ع‪،‬بصـ���ر‪...،‬‬
‫الالق وصفاته‪:‬‬ ‫عینیة ذات خ‬ ‫قال بعضهم ف مسألة ّ‬
‫ي‬
‫«ومم���ا ّ‬
‫تق���دم یظهر فس���اد قول من ق ��ال‪ّ :‬إن معاني صفاته تعالى ترج ��ع إلى النفي‬ ‫ّ‬

‫رعای���ة لتنزیهه عن صفات خلقه‪ ،‬فمعنى العلم والقدرة والحیاة هناك عدم الجهل‬
‫والعجز والموت وكذا في سائر الصفات العلیا‪ ،‬وذلك الستلزامه نفي جمیع صفات‬
‫الكمال عنه تعالى»‪.‬‬
‫(((‬

‫«وربما یظهر من بعضهم المیل إلى قول آخر‪ ،‬وهو ّأن معنى إثبات الصفات نفي ما‬
‫ً‬
‫(((‬
‫یقابلها‪ ،‬فمعنى إثبات الحیوة والعلم والقدرة مثال نفي الموت والجهل والعجز»‪.‬‬
‫ّمث ّرد عیل ذلك بقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن الزمه فقدان الذات للكمال وهي ّفیاضة لكل كمال‪ ،‬وهو محال»‪.‬‬
‫(((‬

‫توضیح كالمه في ّ‬
‫الرد‪:‬‬
‫املنفي ن‬
‫ي عن اهلل تعاىل إن كانا يناقضان معىن العلم والقدرة فنفهيما‬ ‫الهل والعجز ّ‬‫ّإن ج‬
‫(الهل والعجز) يناقضاهنما‬ ‫تفرون عنه‪ ،‬و إن مل يكونا ج‬‫ي�ل�ازم إثبات العلم والقدرة وهو ما ّ‬
‫ً‬
‫(العل���م والق���درة) فإن مل نفهم مهنما معىن أص�ل�ا فيلزم التعطي���ل‪ ،‬و إن نفهم مهنما معىن‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(نف‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫ولكن���ه غير ما نفهم من معنامه���ا املناقض للعلم والقدرة اللذي���ن نعرفهما فال يد‬
‫ً‬
‫اله���ل والعج���ز) عىل إثبات مقابلهما (العلم والقدرة) فيك���ون اهلل تعاىل خاليا عن العلم‬ ‫ج‬
‫خلوه عن المكال‪.‬‬ ‫والقدرة وهو معىن ّ‬

‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.351 / 8 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.285 ،‬‬ ‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.287 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪281‬‬

‫ّ‬ ‫والحق ّأن هذا ّ‬


‫ّ‬
‫الرد مردود بأنه‪:‬‬
‫توهم تس���اوي واشتراك مفاهمی بل مصادیق صفات‬ ‫مبن عیل ّ‬‫ّأو ًال‪ّ :‬إن هذا اإلش���كال ّ‬
‫ي‬
‫نهّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الهات‪ ،‬وهو توهم باطل حیث إنا قد ّبینا أ ما یش���تركان‬ ‫اهلل تع���اىل مع خلقه م���ن كل ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫لفظیا وال معنو ّیا‪ ،‬مضافا إیل ّأنه تعایل یباین‬ ‫من جهة و یفترقان من جهة‪ ،‬فلیس اشتراكا‬
‫ً‬
‫خلقه يف املصداق ذاتا _‪.‬‬
‫خاص _ غی���ر ما یقال يف حنو‪« :‬ز ید لیس جباه���ل أو عاجز» _ بل‬ ‫فه���ذا الن�ف�� هو نف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ذل���ك للدال ل���ة عىل أن اهلل تعاىل ال یوصف مبا یعرف م���ن صفات املخلوقات بعیهنا‪ ،‬ال‬
‫فقط‪ ،‬وقد أوضحنا ذلك فال نعید‪.‬‬ ‫م ّرد تغییر لفظ ّ‬
‫ج‬
‫ال ّلو والوجدان‪ ،‬والمكاالت املوجودة ف خ‬ ‫ثانیا‪ّ :‬إن ذات اهلل تعایل متعالية عن خ‬ ‫ً‬
‫اللق‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الالق تبارك وتعاىل وخلقه ّإیاها ولیس���ت ن‬ ‫بإیاد خ‬
‫عی ذاته أو فیضا و إصدارا عن‬ ‫تكون ج‬
‫الفلس�ف�� یكون معن���اه جتزئة ّ‬
‫وتطور الذات‬ ‫يّ‬ ‫ذات���ه‪ ،‬والفرق بیهنما هو ّأن الفیض والصدور‬
‫وصدور األشیاء عهنا بل ّ‬
‫تعینه تعایل بصور األشیاء‪.‬‬
‫العینی���ة ن‬
‫بی الصادر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الس���نخیة بل‬ ‫وهل���ذا یعتبـ���ر فیه عند أصحاب الفلس���فة وجوب‬
‫وأما خ‬ ‫ّ‬
‫والعلة واملعلول‪ّ ،‬‬
‫شء»‪ ،‬فال موقع لقیاس وجود‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫اد‬ ‫«اإلی‬
‫ج‬ ‫فهي‪:‬‬ ‫لقة‬ ‫ال‬ ‫واملصدر‬
‫ن‬
‫املنطقیی)‬ ‫ّ‬
‫التمثیلیة (عیل اصطالح‬ ‫ّ‬
‫الفلس���فیة‬ ‫الال���ق باملخلوق ّ‬
‫وتوهم جر یان القواعد‬ ‫خ‬
‫املأخوذة عن املخلوقات عىل خ‬
‫الالق املبائن واملخالف هلا بذاته‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء‪ ،‬أو خیلو‬
‫شء إیل ي‬ ‫شء‪ ،‬أو حیول م���ن ي‬ ‫شء‪ ،‬أو عىل ي‬
‫ّ‬
‫«م���ن زع���م أن اهلل يف ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫املخلوقی‪ .‬واهلل خالق كل‬ ‫شء‪ ،‬فقد وصفه بصف���ة‬ ‫شء‪ ،‬أو یش���تغل به ي‬ ‫منه ي‬
‫شء‪ ،‬ال یقاس بالقیاس وال یش���به بالناس‪ ،‬ال خیلو منه مكان وال یش���تغل به‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫مكان‪ ،‬قر یب يف بعده‪ ،‬بعید يف قربه‪ ،‬ذلك اهلل ربنا ال إله غیره‪.‬‬
‫أحبه بغیر هذه الصفة‬ ‫املوحدین ومن ّ‬ ‫وأحبه هبذه الصفة فهو من ّ‬ ‫مف���ن أراد اهلل ّ‬
‫‪282‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫فاهلل منه بـريء وحنن منه بـرءاء»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫أيفحشأو خناءأعظممنأنیوصفخالقاألشیاء‬ ‫«إناهللتعاىلال یشهبهشء ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ًّ ً‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫جبسم أو صورة‪ ،‬أو خبلقة‪ ،‬أو بتحدید وأعضاء‪ ،‬تعاىل اهلل من ذلك‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫«إن م���ن یصف ّرب���ه بالقیاس ال یزال الدهر يف اال لتب���اس‪ ،‬مائال عن املهناج‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ظاعنا يف االعوجاج‪ ،‬ضا عن السبیل‪ ،‬قائال غیر مجیل»‪.‬‬
‫وحد م���ن ا كتهنه‪ ،‬وال‬ ‫«فلی���س اهلل ع���رف من ع���رف بالتش���بیه ذاته‪ ،‬وال ّإی���اه ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫حقیقته أصاب من مثله‪ ...‬وال ّإیاه عىن من شبهّ ه»‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫ش���به اهلل خبلقه فهو مش���ـرك‪ّ ...‬مث تال‪<ِ ...‬إنما َيفت ِري‏ الك ِذ َب‏ ال ِذ َين‏ لا‬ ‫«من ّ‬
‫َُ َ ُ ُ ْ‬ ‫ُي ْؤم ُن َ‬
‫(((‬
‫كاذ ُبون‏>»‪.‬‬
‫ولئك هم ِ‬
‫ال‬ ‫آيات اهلل‏ وأ ِ‬
‫ون‏ ِب ِ ‏‬ ‫ِ‬
‫عجل اهلل تعاىل فرجه‪:‬‬ ‫املهدي ّ‬
‫ّ‬ ‫یقول موالنا اإلمام‬
‫تغن اآلیات والنذر‬
‫«ال ألمر اهلل تعقلون‪ ،‬وال من أولیائه تقبلون‪ ،‬حمكة بالغة مفا ي‬
‫(((‬
‫عن قوم ال یؤمنون»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫االمتدادی���ة املخلوقة‪ ،‬واهلل تبارك‬ ‫ثالث���ا‪ّ :‬إن الوج���دان والفقدان ملك���ة وعدم للذوات‬
‫وتعاىل ال یوصف هبما‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،288 / 3 ،‬عن كفاية األ ثر ف ّ‬


‫النص عىل األ مئة اال ثىن عشـر‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .3‬التوحيد‪.47 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.35 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،299 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،36 / 91 ،‬االحتجاج‪.493 / 2 ،‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪283‬‬

‫ّ‬
‫الفلس���فیة الباطلة القائلة ّ‬ ‫ً‬
‫رابعا‪ّ :‬إن هذا ّ‬
‫الشء ال‬
‫ي‬ ‫معطي‬ ‫‪:‬‬‫بأن‬ ‫القاعدة‬ ‫عىل‬ ‫یبتن‬
‫ي‬ ‫الرد‬
‫ً‬
‫یكون فاقدا له‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬الواب بالنقض باعتراف صاحب ّ‬ ‫ً‬
‫الرد نفسه حیث یقول يف مقام آخر‪:‬‬ ‫ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫المفهومي بالنفي دائم ��ا‪ ،‬واحتیاجنا إل ��ى هذا النفي‬ ‫«نح���ن نحاف���ظ على اإلط�ل�اق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في مورد علة العالم أ كثر من س���ایر الموارد‪ ...‬فإنه ال ّبد لنا لمحافظة اإلطالق من‬
‫النفي‪ ،‬فنقول‪ :‬اهلل موجود ال كهذه الموجودات‪ ،‬ونقول‪ :‬یكون هلل الوجود والعلم‬
‫والقدرة والحیاة ولكن ال من هذه الوجودات وال من هذه العلوم‪ ،‬وال‪...‬‬
‫ً‬
‫وبالجمل���ة تكون صفات اهلل مطلق ��ات ویحافظ علیها بالنفي‪ ،‬كما ّأن الذات أیضا‬
‫تكون كذلك»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫و یقول أیضا‪:‬‬
‫«قد ّدل العقل والنقل ّأن ّكل صفة ّ‬
‫كمالیة فهي له تعالى وهو المفیض لها على غیره‬
‫من غیر مثال سابق فهو تعالى عالم قادر ّ‬
‫حي لكن ال كعلمنا وقدرتنا وحیاتنا بل بما‬
‫(((‬
‫مجردة عن النقائص»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الكمالیة ّ‬ ‫یلیق بساحة قدسه من حقیقة هذه المعاني‬
‫ً‬
‫و یقول أیضا‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن األس���ماء الحس���نى كلها له‪ ...‬واألس ��ماء الحس ��نة منها ما هو أحسن ال شوب‬
‫نقص وقبح فیه كالغنى الذي ال فقر معه‪ ...‬وهلل س ��بحانه األس ��ماء الحس ��نى وهي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أئمة الدین‪ّ :‬إن اهلل تعالى‬
‫یدل علیه قول ّ‬ ‫كل اسم هو أحسن األسماء في معناه كما‬
‫ّ‬
‫كاألعزة‪ ،‬علیم ال كالعلماء وهكذا‪ ،‬أي له‬ ‫غني ال كاالغنیاء‪ّ ،‬‬
‫حي ال كاألحیاء‪ ،‬عزیز ال‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫من كل كمال صـرفه ومحضه الذي ال یشوبه خالفه»‪.‬‬

‫حسي‪ ،‬أصول الفلسفة‪.146 _ 145 _ 144 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.343 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.223 / 13 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪284‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫أیض���ا ال ّ‬
‫مفر هلم ع���ن اال لتزام بوج���وب إرجاع صفات‬ ‫فت���رى ّأن أصحاب الفلس���فة‬
‫السلبية‪ ،‬ولكنهّ م قد وقعوا بعد ذلك يف ضاللة أفحش وأدهش‬ ‫ّ‬ ‫املعان‬
‫ي‬ ‫الالق تعاىل إىل‬ ‫خ‬
‫ال ّ‬
‫ارجية‬ ‫وهي أنهّ م زعموا ّأن نتيجة الس���لوب املذكورة هو امتناع سلب األشیاء بأعیاهنا خ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عن ذات اهلل تعایل والقول بوحدة الوجود وكون خ‬
‫الالق تعایل ال متناهيا جامعا وشامال‬
‫ال ّ‬
‫ارجية‪.‬‬ ‫لوجود األجسام وغیرها بأعیاهنا خ‬
‫ً‬ ‫بی ذات خ‬
‫الال���ق وصفاته مع خلقه بأن یك���ون ّ‬ ‫ً‬
‫سادس���ا‪ّ :‬إن التفرق���ة ن‬
‫األول مطلقا غیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫مقیدا متناهی���ا یكون خطأ حمضا‪ ،‬بل نتیجة هذه التفرقة هي أن ال یكون‬ ‫والثان‬
‫ي‬ ‫متن���اه‪،‬‬
‫ع�ی�� اآلخر‪ ،‬حیث ّإنه ال ّ‬ ‫ً‬
‫تع���دد وال غیر ّیة‬ ‫بیهنم���ا ف���رق أصال‪ ،‬و یل���زم أن یكون أحدمها ن‬
‫ن‬
‫بی الشء ومراتب وجوده (وذلك ً‬
‫بناء عىل تفس���یر أصحاب الفلس���فة من عقیدة وحدة‬ ‫ي‬
‫الوجود) أو حصصه (وذلك ً‬
‫بناء عىل تفسیر أصحاب العرفان مهنا) أو أجزائه (وذلك عىل‬
‫التعبیر الصحیح عیل مبناهم الذي یس���توحش من التصـر یح به الفلسفة والعرفان وذلك‬
‫لاّ‬
‫من جهة وضوح فساده وبطالنه) إ باالعتبار‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادیا‬ ‫واحلق يف جهة الفرق هو كون الوجود والعلم والقدرة واحلیاة و‪ ...‬يف املخلوق‬
‫ً‬ ‫متجز ًیا‪ ،‬وف خ‬‫ّ‬
‫الالق متعالیا عن االمتداد والعدد‪.‬‬ ‫ي‬
‫وبعب���ارة أخ���رى ّإن املطل���ق عن���د أصح���اب الفلس���فة والعرف���ان ه���و يف الواقع نفس‬
‫الالق واملخلوق عندهم‪،‬‬ ‫بی خ‬‫الوج���ودات والعلوم و‪ ...‬بأمجعها‪ ،‬ف�ل�ا تفرقة ف املصداق ن‬
‫ي‬
‫عی اآلخر بزعمهم‪ ،‬فكیف یقولون‪:‬‬ ‫بل أحدمها ن‬

‫«له الوجود والعلم والقدرة و‪ ...‬ال كهذه الوجودات‪ ،‬وال كهذه العلوم وال‪»...‬؟!‬
‫ب���ل اهلل تع���اىل عندهم هو نفس هذه الوجودات والعل���وم و‪ ...‬بأمجعها‪ ،‬وذلك حیث‬
‫ّ‬ ‫همّ‬
‫الن�ف�� هو للمحافظة عیل إطالق وجود اهلل وصفاته‪ ،‬وحنن‬
‫إنهّ���م تو وا أن االحتیاج إیل ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قد ّبی ّنا بطالن االعتقاد بكون وجود خ‬
‫الالق تعایل مطلقا غیر متناه موضوعا وحمكا‪.‬‬
‫وبالمل���ة ّإن العق���ل والنقل ّ‬
‫یش���ددان اإلنكار عىل أن یكون وجود األش���یاء عىل حنو‬ ‫ج‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪285‬‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫والتولد عن خ‬‫ّ‬ ‫ّن‬


‫الالق جل وعال‪ ،‬و ید ن عىل ّأن إفاضته تعاىل‬ ‫والتعی‬ ‫اإل فاضة والصدور‬
‫امتدادیة ّ‬
‫متجز ية قابلة‬ ‫ّ‬ ‫شء‪ ،‬وهي حقای���ق‬ ‫إیاده األش���یاء وكماالهتا ال من ي‬ ‫ه���ي نفس ج‬
‫الالق تعایل عن االمتداد‬ ‫للز ی���ادة والنقص���ان والوجود والعدم بذاهتا‪ ،‬فال تس���انخ ذات خ‬
‫الال���ق خ‬‫بی وجود خ‬ ‫ّ‬
‫بكلها‪ .‬فاالعتق���اد بالتفرقه ن‬
‫واللق بالتناهي وعدم‬ ‫واألج���زاء‪ ،‬وتبایهن���ا‬
‫ً‬ ‫الوجودیة واالش���تراك ف نفس املص���داق خ‬
‫ارجي باطل موضوعا‬ ‫ال ّ‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫التناهي مع املس���انخ ة‬
‫ً‬
‫وحمكا كما ّبی ّناه‪.‬‬
‫إشكال وجواب‪:‬‬
‫«إن اهلل عامل یكون مبعىن ّأنه لیس جباهل»‪ ،‬و«هو قادر یكون‬
‫ق���د یقال‪ّ :‬إنا إذا قلن���ا‪ّ :‬‬
‫مبعىن ّأنه لیس بعاجز» و‪...‬‬
‫ی معىن غیر املع�ن�ى املناقض للعلم والقدرة الذین‬ ‫املنفی ن‬
‫الهل والعجز ّ‬ ‫ف���إن أردنا من ج‬
‫ً‬
‫نعرفهم���ا فیل���زم التعطیل وعدم إفادة معىن أصال‪ ،‬و إن أردن���ا مهنما املعىن املناقض للعلم‬
‫الهل والعجز هو إثبات العلم والقدرة و یعود املحذور‪،‬‬
‫نف ج‬
‫والقدرة فیكون مفاد ي‬
‫والجواب هو‪:‬‬
‫املتجزئ املخلوق یشترك مع وصفه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫اص‬ ‫ّأن وصف الشء بالعلم مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫ي‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالعل���م مبعناه خ‬
‫الزء والكل الالئق باهلل الالق املتعال يف ّأن كلهیما‬ ‫املتعال عن ج‬
‫ي‬ ‫الاص‬
‫اص باملخلوق هو العلم‬ ‫ال ّ‬ ‫الهل و یناقضانه‪ ،‬ولكنهّ ما مع ذلك یفترقان ّ‬
‫بأن العلم خ‬ ‫ینفیان ج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫العام یكون بخ الف ذلك فال‬‫وأم���ا ّ‬
‫املتج���زئ القاب���ل للز یادة والنقصان مفهوما ومصداقا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الهل‪.‬‬ ‫لاّ ّ‬
‫یعرف إ بأنه خالف ج‬
‫الالق تعایل إىل الس���لب هو الدال لة عىل ّأن‬ ‫وحینئ���ذ فاملقصود من إرج���اع صفات خ‬
‫ً‬
‫علما حقیق���ة‪ ،‬و یناقض معىن اله���ل‪ّ ،‬‬
‫لكنه ال‬ ‫ج‬ ‫عی ّأنه یك���ون‬ ‫عل���م خ‬
‫الال���ق تع���اىل ف ن‬
‫ي‬
‫للتصور بنفس���ه املحتمل للز یادة والنقصان والوجود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ القابل‬ ‫یش���به علم املخلوق‬
‫والع���دم‪ ،‬وذل���ك بخ الف ق���ول القائل‪« :‬ز ید ع���امل» و»ز ید لیس جباه���ل»‪ ،‬حیث یكون‬
‫‪286‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫القول�ی��إلاّ م���نحی���ثاللف���ظ ّ‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫واح���داوالاخت�ل�اف ن‬
‫فق���ط‪.‬‬ ‫ب�ی��‬ ‫مفادمه���ا‬
‫الالق واملخلوق كما ینبغي‪،‬‬ ‫بی صفات خ‬ ‫فاإلشكال مّإنا نشأ من عدم ّ‬
‫التوجه إىل الفرق ن‬
‫«إن اهلل عامل» إىل معىن‪ّ :‬‬
‫«أنه لیس‬ ‫وم���ن قی���اس أحدمها باآلخر‪ ،‬حیث ّإن إرجاع قولنا‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫جباه���ل» یك���ون للدال لة ع�ل�ى ّأن العلم املثبت له تعاىل هو العل���م مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫اص به جل‬
‫بأنه‪« :‬ما لیس جبهل وهو مع‬ ‫التصور بنفسه‪ ،‬وذلك ال یعرف إلاّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتعال عن إمكان‬ ‫وعال‬
‫ي‬
‫املتجزئ احلادث ّ‬
‫املتغیر القابل للوجود والعدم» كما أوضحناه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هذا خالف علم املخلوق‬
‫ال ّ‬ ‫قائال مع اال لتفات إىل معىن العل���م خ‬ ‫ً‬
‫اص به تعایل قال‪:‬‬ ‫وع�ل�ى هذا فإن فرضن���ا ّأن‬
‫اص‬ ‫ال ّ‬‫«إن اهلل تعاىل عامل‪ ،‬أي لیس جباهل»‪ ،‬وأراد ف قوله ذلك من العلم العلم مبعناه خ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫وثبوتا‪ ،‬ملا بق ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بی قولیه فرق‬ ‫ي‬ ‫ذاتا‬ ‫تعایل‬ ‫له‬ ‫هل‬‫ال‬
‫ج‬ ‫امتناع‬ ‫أیضا‬ ‫الهل‬ ‫نف ج‬‫به تعایل‪ ،‬ومن ي‬
‫ً‬ ‫إلاّ ف اللفظ ّ‬
‫فقط‪ ،‬بل یكون قوله‪« :‬أي لیس جباهل» حینئذ زائدا غیر حمتاج إلیه‪.‬‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫ولیعل���م م���ع هذا ّأنه ال میكن الوص���ول إىل هذا الفرض وهذه املعرف���ة إ مبا ّبی ّناه من‬
‫ً‬
‫وجوب معرفة ذلك يف املخلوق وانتزاعها عنه ّأوال‪ّ ،‬مث نس���بته إیل اهلل تعایل بعد س���لب‬
‫الع���ام ال میكن الوصول‬ ‫ّ‬ ‫والتجزي عنه إیل اهلل تع���ایل‪ّ ،‬‬
‫ألن العلم مبعناه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املخلوقی���ة‬ ‫صف���ة‬
‫یتصو ر بنفس���ه وال یعرف إلاّ بع���د أن ّ‬
‫نتصو ر ما میكن‬ ‫ّ‬ ‫اص باهلل تعایل ال‬ ‫ال ّ‬ ‫إلی���ه ومبعن���اه خ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة املخلوقة مصداقا‬ ‫املعان والصفات املخلوقة _ وهي نفس احلقایق‬ ‫ي‬ ‫تصوره من‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫یتصو ر بنفس���ه وال‬ ‫ومفهوم���ا _ ّمث ننتق���ل مهنا إىل معىن من العلم والقدرة والوجود و‪ ...‬ال‬
‫للتصور واملعرفة‪ ،‬وهذا بیان ما قلناه‬ ‫ّ‬ ‫الهل والعجز والعدم القابل‬ ‫لاّ ّ‬
‫یع���رف إ بأن���ه خالف ج‬
‫نف مقابالته وال میكن الف���رار عن اال لتزام‬ ‫خ‬
‫م���ن وج���وب إرجاع صفات الالق تع���اىل إىل ي‬
‫بذلك بوجه من الوجوه‪.‬‬
‫الالق تعایل ّ‬
‫بأنه عامل‪ ،‬قادر‪،‬‬ ‫وعىل ما ّقدمناه فیظهر ّأنه ال إش���كال ف نف���س وصف خ‬
‫ي‬
‫حي‪ ،‬و‪ ...‬إذا حافظنا عىل جهة التنز یه ُ‬
‫وع ِلم ّأن الصفات ال تنسب إلیه تعاىل مبفاهیمها‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة الت هي كیفیات ال غیر‪ّ ،‬‬
‫فإنه تعاىل هو ذات‪ ،‬علم‪ ،‬قدرة‪ ،‬حیاة‪ ،‬نور‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اصة‬‫ال ّ‬‫خ‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪287‬‬

‫ً‬
‫هباء‪ ،‬عظمة‪ ،‬سلطنة‪ ،‬مسع‪ ،‬بصـر‪ ،‬بال إشكال يف ذلك من جهة اإل قرار واإل ثبات أبدا‪.‬‬
‫الالق تعاىل غیر‬ ‫ف�ل�ا موق���ع ّ‬
‫لتوهم ورود اإلش���كال ف ما قلناه بلزوم التعطیل أو ك���ون خ‬
‫ي‬
‫بأنه ال میكن االحتفاظ عىل‬ ‫فاملهم هو العل���م ّ‬
‫ّ‬ ‫ع���امل أو غیر ق���ادر أو‪ ...‬كما أوضحنا ذلك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫الالق تعاىل عن سنخ وجود خ‬ ‫تنز یه خ‬
‫اللق وصفاته‪ ،‬إ بأن نسلب عنه تعاىل كل مفهوم‬
‫الهل والعجز‬ ‫تصوره يف األجزاء من حقیقة معىن العلم والقدرة واحلیاة والوجود بل ج‬ ‫میكن ّ‬
‫ّ‬
‫واحلي‬ ‫ّ‬
‫حـ���ي مر ید ال كالعامل والقادر‬ ‫ونقر مع ذلك ّ‬
‫بأنه تعاىل عامل قادر‬ ‫وامل���وت والع���دم _ ّ‬
‫ً‬ ‫واملر ید من خلقه القابل للمعرفة بنفس���ه‪ ،‬كما هو ّ‬
‫نص الكتاب والس���نة خالفا ملدرس���ة‬
‫ّ‬
‫وتصو ر‬ ‫الفلس���فة والعرفان والتفكیك القائلة بامتناع وصف اهلل تعایل ّ‬
‫بأیة عبارة و إش���ارة‬
‫بالتجرد وشهود ذات اهلل بوحدة ذات العارف واملعروف ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وتصدیق‪ ،‬بل املعرفة عندهم‬
‫بی املفاهمی املحمولة عیل اهلل تعایل مع‬ ‫فظه���ر بذلك ّكله بطالن ّ‬
‫توهم عدم التفاوت ن‬
‫مشتركی معین واختالفهما ف املصداق ّ‬
‫فقط‪.‬‬ ‫ن‬ ‫خلقه‪ ،‬وكوهنما‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫ن‬
‫إنس���انی أو ش���جر ین أو حجر‬ ‫جلیا ّأنه إذا محلنا معین الوحدة مثال عیل‬ ‫ّ‬
‫ألنه قد ّبی ّنا‬
‫مشتركا بیهنما واالختالف ف املصداق ّ‬ ‫ً‬
‫فقط‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وش���جر وأمثال ذالك یكون املعین املحمول‬
‫ّأم���ا إذا محلن���ا معین الوح���دة بنفس هذا املعین _ وهو األج���زاء املجتمعة _ عیل اهلل تعایل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫یكون شـركا و إحلادا‪ ،‬بل نفس املفهوم واملعین املحمول عیل اهلل تعایل یخ تلف مع املعین‬
‫املحمول عیل خلقه یّ‬
‫حت من حیث املفهوم وكذا مفهوم العلم والقدرة و‪...‬‬

‫المعرفة «إحاطيّ ة» و«تصديقيّ ة»‬

‫باللق من الوجود والصفات میك���ن أن ّ‬


‫یعبـر عهنا باملعرفة‬ ‫خ���اص خ‬
‫ّإن معرف���ة املعىن ال ّ‬
‫ّ‬
‫التصدیقیة‪:‬‬ ‫اصباهللتعاىل مهناینبغي أن ّ‬
‫یعبـر عهنا باملعرفة‬ ‫العام خ‬
‫وال ّ‬ ‫اإلحاطیة‪ ،‬كما ّأناملعىن ّ‬
‫ّ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫أمیر‬
‫‪288‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫«احلمد هلل الذي أعجز األوهام أن تنال إ وجوده»‪.‬‬
‫(((‬

‫املعان وذلك‬ ‫ّ‬


‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل ألزم العباد أمساء م���ن أمسائه عىل اختالف‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫معنیی خم ن‬
‫تلفی»‪.‬‬ ‫ن‬ ‫كما جیمع االسم الواحد‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫الواد الكر می؟! قیل‬‫«ف���إن قالوا‪ :‬أو لیس قد نصفه فنقول‪ :‬ه���و العز یز احلكمی ج‬
‫ّ‬
‫هلم‪ :‬كل هذه صفات إقرار ولیست صفات إحاطة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن���ا نعل���م أنه حك�ی�م وال نعلم بكن���ه ذلك منه‪ ،‬وكذل���ك قدیر وجواد وس���ایر‬
‫صفاته‪ ،‬كما قد نرى الس���ماء وال ندري ما جوهرها‪ ،‬ونرى البحر وال ندري أین‬
‫منهتاه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ألن األمثال كله���ا تقصـر عنه‪ ،‬ولكنهّ ا تقود‬
‫ب���ل فوق ه���ذا املثال مبا ال هنایة له ّ‬
‫العقل إىل معرفته»‪.‬‬
‫(((‬

‫«إن العق���ل یعرف الخ الق من جهة توجب علیه اإل قرار‪ ،‬وال یعرفه مبا یوجب له‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫اإلحاطة بصفته»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«واعل���م ّأن���ه ال یكون صف���ة لغیر موصوف‪ ،‬وال اس���م لغیر مع�ن�ى‪ ،‬وال ّ‬
‫حد لغیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حم���دود‪ ،‬والصف���ات واألمساء كله���ا تدل عىل المك���ال والوج���ود‪ ،‬وال تدل عىل‬
‫تدل عىل احلدود الت هي التر بیع والتثلیث والتسدیس‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن اهلل‬ ‫ي‬ ‫اإلحاطة كما‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل تدرك معرفته بالصفات واألمساء وال تدرك بالتحدید بالطول والعرض‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ، 221 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬الصدوق‪ ،‬التوحيد والعيون‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬عن توحید املفضل‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪289‬‬

‫ّ‬
‫والقلة والكثرة واللون والوزن وما أشبه ذلك‪.‬‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء م���ن ذلك ح�ّتحىّ یعرفه خلق���ه مبعرفهتم‬‫ي‬ ‫س‬ ‫وتق���د‬ ‫ب���اهلل‬ ‫حی���ل‬ ‫ولی���س‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�ت�� ذكرنا‪ ،‬ولكن یدل عىل اهلل عز وج���ل بصفاته ویدرك‬ ‫أنفس���هم بالضـرورة ي‬
‫ّ‬
‫ویس���تدل علیه خبلقه ىّ‬
‫حت ال حیت���اج يف ذلك الطالب املرتاد إىل رؤیة‬ ‫بأمسائه‬
‫عی واستماع أذن وملس كف وال إحاطة بقلب‪.‬‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلو كانت صفاته جل ثناؤه ال تدل علیه وأمساؤه ال تدعو إلیه واملعلمة من الخ لق‬
‫ال تدرك���ه ملعناه‪ ،‬كانت العبادة من الخ ل���ق ألمسائه وصفاته دون معناه‪ ،‬فلو ال‬
‫ألن صفاته وأمسائه غیره»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّأن ذلك كذلك لكان املعبود ّ‬
‫املوحد غیر اهلل تعاىل ّ‬

‫نتیجة البحث إلى هنا ترتكز علی نقاط‪:‬‬


‫اص‬ ‫ال ّ‬‫الشیئیة مبعناها خ‬
‫ّ‬ ‫«شء» فاملراد منه هو‬ ‫ّ‬
‫‪ . 1‬إذا أطلق عىل اهلل تعاىل القول بأنه ي‬
‫ّ‬
‫التصو ر واإلدراك‬ ‫قابلیة‬‫الالئق به تعاىل‪ _ ،‬وهو املعىن املبائن لالمتداد والعدد املتعال عن ّ‬
‫ي‬
‫تص بخ لقه _ وهو املعىن املالزم لالمتداد والعدد يف املفهوم واملصداق‬ ‫_ ال املعىن الذي یخ ّ‬
‫اص الالئق به تعاىل‬ ‫_‪ .‬و إذا أطلق ذلك علیه تعاىل وعىل غیره فاملراد منه هو املعین خ‬
‫ال ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعیا‪ ،‬ال باطال وموهوما‪.‬‬ ‫الشء أمرا‬ ‫أو املعىن العام احلاكي عن جمرد كون ي‬
‫شء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬إذا قلن���ا «إن اهلل تع���اىل موجود م���ن املوجودات» فهو مس���اوق لقولنا «إنه ي‬
‫املتعال من‬ ‫اص الالئق ب���ه تعاىل أو ّ‬
‫العام‬ ‫ال ّ‬‫م���ن األش���یاء» واملراد من ذلك هو الوجود خ‬
‫ي‬
‫ونف البطالن‪،‬‬ ‫ّ‬
‫االمت���داد املبائن مع املوج���ود يف األجزاء والعدد‪ ،‬احلاكي عن جمرد الثبوت ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال املوجود مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫للتصور بنفسه املتحقق يف األجزاء واألبعاض‪.‬‬ ‫اص القابل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ونف املقابل وذلك كقولنا‪:‬‬ ‫ي‬ ‫السلب‬ ‫إىل‬ ‫ها‬ ‫كل‬ ‫الذاتیة العلیا‬ ‫‪ . 3‬جیب إرجاع صفات اهلل‬
‫ً‬ ‫اص خ‬ ‫ال ّ‬ ‫«هو عامل أي لیس جباهل»‪ ،‬بل نف املعىن املوافق خ‬
‫باللق أیضا كقولنا‪« :‬هو عامل‬ ‫ي‬
‫ال كعامل» و یكون القوالن إل فادة معىن واحد‪.‬‬
‫‪ . 1‬التوحيد‪.438 _ 437 ،‬‬
‫‪290‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫احلمل الذي حیمل عىل اهلل تعاىل يف قولنا‪« :‬اهلل موجود» والذي حیمل‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 4‬الوج���ود‬
‫ي‬
‫ً‬
‫عىل س���ائر األش���یاء كقولنا «اإلنس���ان موجود» (وه���و معىن اإل ثبات)‪ .‬ال یكون مش���تركا‬
‫ً‬
‫أیضا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫األول حیكي عن جم ّرد‬ ‫فإنه ف ّ‬
‫ي‬ ‫لفظیا‪ ،‬كما ّأنه لیس مش���تركا معنو ّیا متام االش���تراك‬
‫الواقعیة والثبوت إىل‬ ‫ّ‬ ‫الثان یكون مدلوله نس���بة‬ ‫ّ‬
‫وف ي‬ ‫ونف البط�ل�ان‪ ،‬ي‬ ‫الثب���وت والواقعیة ي‬
‫اص الالئق‬ ‫ال ّ‬ ‫املتجزئ القابل للمقابل‪ ،‬وال میكن اال لتفات إىل املعین خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫الشء‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫لشء أو نفیه عنه _ إ بأن هیدینا إیل ذلك‬ ‫ب���ه تع���اىل أو املعىن العام _ فضال عن إثباته ي‬
‫بی يف مبحث االنسداد‪.‬‬ ‫من ال تدركه األبصار وهو یدرك األبصار كما ّ ن‬

‫للش���یئیة والوجود واملوجود ومعىن اإل ثبات‪ ،‬ال یس���تلزم‬ ‫ّ‬ ‫اص‬‫وال ّ‬ ‫بالعام خ‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 5‬التقس�ی�م‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ال ّ‬ ‫العینیة والذات خ‬ ‫ّ‬
‫العین‬
‫ي‬ ‫ارجیة مطلق���ا‪ ،‬وعلیه مفن ناحیة الوجود‬ ‫االش���تراك يف احلقیقة‬
‫ً‬
‫تاما‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫الال���ق یباین وج���ود املخلوق تباینا ّ‬ ‫ارج���ي ال إش���كال ف ّأن خ‬ ‫خ‬
‫ف���إن املخلوق هو‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ال‬
‫ّ‬ ‫املتجز ي���ةالقابل���ةللوج���ودوالع���دم‪ ،‬خ‬ ‫االمتدادیة ّ‬ ‫ّ‬
‫والال���قبخ�ل�افذل���ك كل���ه‪.‬‬ ‫احلقیقة‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫بتصو ر‬ ‫الذاتی���ة العلیا القابل���ة للحمل علی���ه إ‬ ‫‪ . 6‬ال یع���رف اهلل تع���اىل يف صفات���ه‬
‫االمتدادیة املخلوقة‪،‬‬‫ّ‬ ‫اص باملخلوقات‪ ،‬ومعرفهت���ا يف املصادیق‬ ‫ال ّ‬ ‫تل���ك املفاهمی مبعناها خ‬

‫العام‪ ،‬أو مبعناها‬ ‫صوصیة و إثباهتا له بعنواهنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّمث س���لب تلك املفاهمی عنه تعاىل بتلك خ‬
‫ال‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫التصو ر‬ ‫خ���اص به جل وعال الدال عىل مطل���ق الوجود الذي یكون خارجا عن إمكان‬
‫ن‬
‫املتقابلی بالذات‪.‬‬ ‫والوصول إلیه به نفسه والوجود والعدم‬

‫بيان الروايات المشيرة إلى النقاط المذكورة في ضمن أقسام‪:‬‬

‫القس���م األوّل‪ :‬الروايات المش���يرة إلى ّأن اهلل تعالى شيء بحقيقة الش���يئيّ ة‪ ،‬وله الشيئيّ ة‬
‫ّ‬
‫الخاص بالخلق‪:‬‬ ‫بالمعنى ّ‬
‫العام ال‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪291‬‬

‫همّ‬ ‫همّ‬
‫شء فتو وا اهلل غیره»‪.‬‬
‫(((‬
‫«ما تو مت من ي‬
‫العام‪ّ ،‬‬
‫واألول‬ ‫اص الالئق به تع���اىل أو العنوان ّ‬ ‫ال ّ‬‫التوهم باملعین خ‬‫فالتوه���م الثان ه���و ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫اص باملخلوق فال تناقض‪.‬‬ ‫بالعنوان خ‬
‫ال ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وبذلك یرتفع أیضا التناقض املتراىئ بدوا يف قوله؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫شء خبالف األشیاء»‪.‬‬ ‫«هو ي‬
‫والثان هو‬ ‫ّ‬
‫الع���ام‪،‬‬ ‫اص الالئ���ق به تعاىل أو عنوانه‬ ‫ال ّ‬ ‫األول ه���و الشء باملعین خ‬ ‫ف���إن ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫اص خ‬
‫باللق‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الشء بعنوانه خ‬
‫ي‬
‫ومن هنا تقول‪:‬‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫«یا من ال یعلم ما هو‪ ،‬وال كیف هو‪ ،‬وال أین هو‪ ،‬وال حیث هو‪ ،‬إ هو»‪.‬‬
‫متفرعة عىل االمتداد وه���ي ملكة له‪ ،‬فال‬ ‫باللق تك���ون ّ‬ ‫اص خ‬ ‫ال ّ‬‫ّإن اهلو ّی���ة باملع�ن�ى خ‬

‫تنسب إىل ما هو یتعاىل عن االمتداد‪:‬‬


‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ألنه خلق ّ‬
‫(((‬
‫املاهیة»‪.‬‬ ‫«وال یقال له ما هو؟‬
‫«‪...‬فكان من س���ؤال الزندیق أن ق���ال‪ :‬مفا الدلیل علیه؟ قال أبو عبد اهلل؟ع؟‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت دلت ع�ل�ى ّأن صانعا صنعها‪ .‬أال ت���رى أنك إذا نظرت‬ ‫‪ :‬وج���ود األفاعی���ل ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مشید ّ‬ ‫إىل بناء ّ‬
‫البان ومل تشاهده‪.‬‬
‫مبن علمت أن له بانیا و إن كنت مل تر ي‬ ‫ي‬
‫‘‘شء’’ إىل‬‫شء بخ�ل�اف األش���یاء‪ ،‬ارج���ع بق���و يل ي‬ ‫ق���ال‪ :‬مف���ا ه���و؟ ق���ال‪ :‬ه���و ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش���یئیة غی���ر أن���ه ال جس���م وال ص���ورة وال‬ ‫شء حبقیق���ة‬ ‫إثب���ات مع�ن�ى وأن���ه ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،40 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪.80 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪327 / 1 ،‬؛ عن‬
‫‪ . 2‬اإلمام الصادق؟ع؟‪ ،‬ي‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الكفعمي ومهج الدعوات‪.‬‬ ‫النان‪ ،‬نقال عن كتب‬ ‫‪ . 3‬دعاء املشلول‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫ن‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن روضة الواعظي‪.‬‬
‫‪292‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫باحل���واس الخ مس‪ ،‬ال تدرك���ه األوه���ام‪ ،‬وال تنقصه‬


‫ّ‬ ‫حی���س وال ّ‬
‫حی���س وال ی���درك‬ ‫ّ‬
‫الدهور‪ ،‬وال ّ‬
‫یغیره الزمان‪.‬‬
‫ّ‬
‫قال السائل‪ :‬فتقول إنه مسیع بصیر؟!‬
‫قال‪ :‬هو مسیع بصیر‪ ،‬مسیع بغیر جارحة‪ ،‬وبصیر بغیر آلة‪ ،‬بل یسمع بنفسه ویبصـر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء آخ���ر‪ ،‬ولكن‬ ‫شء والنفس ي‬ ‫قول إنه یس���مع بنفس���ه إن���ه ي‬
‫بنفس���ه‪ ،‬لی���س ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫نفس إذ كنت مس���ؤوال‪ ،‬و إفهاما لك إذ كنت س���ائال‪ ،‬وأقول‪:‬‬ ‫أردت عبارة عن ي‬
‫ً‬ ‫الكل منه له بعض‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن أردت افهاما لك والتعبیر عن‬ ‫ي‬ ‫أن‬ ‫ال‬ ‫ه‪،‬‬ ‫بكل‬ ‫یس���مع‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫�س��‪ .‬ولی���س مرجع���ي يف ذل���ك إ إىل أنه الس���میع البصی���ر الع���امل الخ بیر‬ ‫نف ي‬
‫بال اختالف الذات وال اختالف املعىن‪.‬‬
‫الرب وهو املعبود وهو اهلل‏‪ (((.‬ولیس‬ ‫قال السائل‪ :‬مفا هو؟ قال أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬هو ّ‬
‫شء‬ ‫قو ل ‘‘اهلل‏’’ إثبات هذه احلروف‪ :‬ألف‪ ،‬الم‪ ،‬هاء‪ّ ،‬‬
‫ولكن أرجع إىل معىن هو ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫خالق األش���یاء وصانعه���ا‪ ،‬وقعت علیه هذه احلروف وهو املعىن الذي ّ‬
‫یس���مى‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬
‫وعز‪.‬‬ ‫به اهلل والرمحن والرحمی والعز یز وأش���باه ذلك من أمسائ���ه‪ ،‬وهو املعبود‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫قال السائل‪ :‬فإنا ال جند إ موهوما‪.‬‬
‫(((‬

‫ً ّ‬ ‫قال أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬لو كان ذلك كما تقول((( لكان التوحید ّ‬
‫عنا مرتفعا‪ ،‬ألنا‬
‫ألنه ال مناص من اإل قرار والتصديق‬ ‫اص الالئق به تعاىل ّ‬ ‫‪ .1‬باملعىن العام لتلك العناو ين‪ ،‬أو باملعىن خ‬
‫ال ّ‬
‫تصو ر تلك العناو ين بأنفسها يف‬ ‫وأما ّ‬‫هبا من حيث وجود آثار العلم والقدرة ف فعله وخلقه تعاىل‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫التصور واإلدراك واالمتداد‪.‬‬ ‫األجزاء فهي حمال‪ ،‬لتبايهنا مطلقا مع من يدخل حتت‬
‫ّ‬ ‫يصح التعبير عنه ف جواب السؤال عنه «مبا هو؟» بغير ذلك وأشباهه ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن وصف كل ذات بذاهتا‬ ‫ي‬ ‫‪ .2‬ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫يستلزم كوهنا امتدادية مصنوعا‪.‬‬
‫عما لدى السائل من احنصار اهلو ّيات واحلقايق الثابتة عنده مبا هلا‬ ‫‪ .3‬انظر إىل هذا التعبير كيف يكشف ّ‬
‫ّ‬
‫امتدادية‪.‬‬ ‫خاص وحقيقة‬ ‫مفهوم ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫الارج ّ‬ ‫‪ .4‬أي إن مل ميكن احلكم عىل شـيء بالوجود مبفهومه العام خ‬
‫عما يكون موهوما ومفهوما بعنوانه‬
‫اص باملخلوقات‪ ،‬ولو من حيث دال لة أفعال ذلك الشـيء وآثاره عليه‪.‬‬ ‫خ‬
‫ال ّ‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪293‬‬

‫نكلف أن نعتقد غیر موهوم(((‪ّ .‬‬ ‫ّ‬


‫ولكنا نقول‪:‬‬ ‫مل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫احل���واس ومتثله فهو خمل���وق‪ ،‬وال ّبد من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باحل���واس مدرك‪ ،‬مفا جتده‬ ‫كل موه���وم‬
‫النف إذ كان‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫الهت�ی�� املذمومتی إحدهیم���ا ي‬
‫إثب���ات صانع األش���یاء خارج من ج‬
‫والهة الثانیة التش���بیه‪ (((.‬إذ كان التش���بیه من‬
‫الن�ف�� هو اإلبط���ال والعدم‪ (((.‬ج‬
‫ي‬
‫صفة املخلوق الظاهر التركیب والتألیف‪.‬‬
‫ن‬ ‫فل���م یكن ّ‬
‫املصنوعی‪ ،‬واالضط���رار مهنم إلیه‬ ‫ب���د من إثب���ات الصانع لوج���ود‬
‫وأن صانعهم غیرهم ولیس مثلهم‪...‬‬ ‫أثبت أنهّ م مصنوعون ّ‬
‫قال السائل‪ :‬فقد ّ‬
‫حددته إذ ّ‬
‫أثبت وجوده‪.‬‬
‫(((‬

‫ق���ال أبو عب���د اهلل؟ع؟ ‪ :‬مل ّ‬


‫أح���ده(((‪ .‬ولك���ن ّ‬
‫أثبت���ه‪ (((.‬إذ مل یكن ن‬
‫ب�ی�� اإل ثبات‬
‫والنف منزلة‪.‬‬
‫ي‬
‫لاّ ّ‬
‫بإن ّیة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّّ‬
‫ومائیة»‪.‬‬
‫(((‬
‫الشء إ‬
‫قال السائل‪ :‬فله إنیة ومائیة؟! قال‪ :‬نعم‪ :‬ال یثبت ي‬
‫«قال السائل‪ :‬فله ّ‬
‫كیفیة؟!‬
‫الكیفیة جهة الصفة واإلحاطة‪ ،‬ولكن ال ّبد من الخ روج من جهة‬
‫ّ‬ ‫قال‪ :‬ال‪ّ ،‬‬
‫ألن‬
‫التعطیل والتشبیه‪ّ ،‬‬
‫ألن من نفاه أنكره ورفع ّ‬
‫ربوبیته وأبطله‪ ،‬ومن شبهّ ه بغیره فقد‬
‫بوبیة‪ ،‬ولكن ال ّبد من إثبات ذات‬
‫املخلوقی الذین ال یستحقون الر ّ‬
‫ن‬ ‫أثبته بصفة‬

‫ّ‬
‫البدهيي ّأنه ال ميكن احلكم عىل املجهول املطلق فكيف نكلف به؟!‬
‫ّ‬ ‫‪ .1‬وغير مفهوم ولو بعنوانه العام‪ّ ،‬‬
‫فإن من‬
‫ّ ّ‬
‫ألن كل مصنوع له صانع‪.‬‬ ‫‪ .2‬وهو باطل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .3‬واحلكم عىل الشـيء بعد ما فرض شيئا باملفهوم خ‬
‫ال ّ‬
‫اص وهو أيضا باطل‪.‬‬
‫يتفطن الس���ائل إىل أن إثبات الش���ـيء إذا كان من جهة دال لة آثاره عليه‪ ،‬ال يس���تلزم‬‫‪ .4‬فانظر كيف مل ّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪.‬‬ ‫اص‬ ‫تصوره باملفهوم خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫ً‬
‫حت يلزم أن يكون مفهوما باملفهوم خ‬ ‫تصو ُرته بنفسه ىّ‬‫‪ .5‬وما ّ‬
‫االمتدادي‪.‬‬ ‫اص‬
‫‪ .6‬من حيث دال لة آثاره عليه‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫شيئا باملفهوم خ‬
‫الاص أو العام‪.‬‬ ‫‪ .7‬سواء كان‬
‫‪294‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬ ‫بال ّ‬
‫كیفیة ال یس���تحقها غیره وال یشارك فهیا وال حیاط هبا وال یعلمها غیره»‪.‬‬
‫النقیضی ف شء‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ن‬ ‫فإنه من الواضح ّأن ّ‬
‫توهم غیر املوهوم هاهنا لیس من اجتماع‬ ‫ّ‬
‫ي ي‬
‫اصباملخلوق‪:‬‬ ‫ال ّ‬ ‫الامع املقسمي‪،‬والثانهو خ‬ ‫اصالالئقبهتعاىلأو ّ‬ ‫ال ّ‬‫األول هواملعین خ‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫العام ج‬
‫ً‬ ‫«‪ ...‬سألت أبا جعفر الثان؟ع؟ عن التوحید فقلت‪ّ :‬‬
‫أتوهم شیئا؟ فقال‪ :‬نعم‪،‬‬ ‫ي‬
‫خ‬
‫غی���ر معق���ول وال حم���دود‪ .‬مفا وقع ومه���ك علیه م���ن يشء فه���و بالفه‪ ،‬ال‬
‫(((‬ ‫(((‬

‫شء وال تدرك���ه األوه���ام‪ ،‬كی���ف تدركه األوه���ام وهو خ�ل�اف ما یعقل‬ ‫یش�ب�هه ي‬
‫ّ‬ ‫مّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء غیر معقول وال حمدود»‪.‬‬ ‫وخالف ما یتصور يف األوهام‪ ،‬إنا یتوهم ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل ما وقع يف الوهم فهو خبالفه»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالرب الذي ال مثل له‪ ،‬أو تش�ّب�هّ وه م���ن خلقه‪ ،‬أو تلقوا علیه‬ ‫متثلوا ّ‬ ‫«اتق���وا أن‬
‫ن‬
‫املخلوقی‪،‬‬ ‫األوهام‪ ،‬أو تعملوا فیه الفكر وتضـر بوا له األمثال‪ ،‬أو تنعتوه بنعوت‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫فإن ملن فعل ذلك نارا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫القس���م الثاني‪ :‬الروايات الدالة على ّأن اهلل تعالى موجود بالمعنى العامّ‪ ،‬وموجود بالمعنى‬
‫ّ‬
‫الخاص الالئق به تعالى‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬

‫ً‬
‫الكاف‪80 / 1 ،‬؛ التوحيد ‪ 244‬و‪.247‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪326 / 1 ،‬؛ نقال عن‬
‫‪ .1‬ي‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫‪ .2‬أي غير متوهم باملفهوم الاص باللق‪.‬‬
‫اص خ‬
‫باللق‪.‬‬ ‫ال ّ‬‫‪ .3‬وهو الشـيء مبعناه خ‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،226 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ .299 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن روضة الواعظي‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪295‬‬

‫«إن قی���ل ‘‘كان’’ فعىل تأوی���ل ّ‬


‫أزلیة الوجود‪ ،‬و إن قیل ‘‘مل ی���زل’’ فعىل تأویل‬
‫نف العدم»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«إن ر ّ يب تبارك وتعاىل كان‪ ...‬ومل یكن له كان»‪.‬‬
‫ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫(((‬
‫«احلمد هلل الذي كان‪ (((،‬قبل أن یكون كان‪ (((،‬مل یوجد لوصفه((( كان»‪.‬‬
‫(((‬
‫«فكان إذ ال كان»‪.‬‬
‫ّإن اهلل تع���اىل ه���و الواحد األحد الفرد الصمد املوجود بنفس���ه ال بأداته وأجزائه‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬
‫والتكو ن واملثل‪:‬‬ ‫املتعال عن الكون والفساد والوجود والعدم‬‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل املوجود بنفسه ال بأداته»‪.‬‬ ‫«وكان‬
‫ّ‬
‫«جل ّ‬
‫(((‬
‫وعز عن أداة خلقه ومسات بـر ّیته»‪.‬‬

‫وأمال الصدوق‪.‬‬
‫ي‬ ‫الكاف‪18 / 8 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحید‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪ ،88 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫اص به تعاىل ‪.‬‬ ‫العام أو خ‬
‫ال ّ‬ ‫‪ .3‬باملعىن ّ‬
‫اص‪.‬‬ ‫‪ .4‬باملعىن خ‬
‫ال ّ‬
‫‪ .5‬الختصاص ما يعرف من معىن الكون مبا يخ ّص باملقادير املخلوقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 6‬التوحي���د‪60 ،‬؛ حب���ار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن التوحید‪ّ .‬‬
‫و«التكو ن» هو قبول الوجود‬ ‫فإن «التحقق»‬
‫ّ‬
‫االمتدادية فال ينس���ب إىل اهلل تعاىل‪ ،‬كما ّأن محل‬ ‫باللق‪ ،‬و يكون ملكة لل���ذات‬‫خ���اص خ‬
‫مبعن���اه ال ّ‬
‫لاّ‬ ‫الوجود عىل الش���ـيء مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫اص باملخلوقات ال يكون إ إذا كان الش���ـيء يتس���اوی له الوجود‬
‫والعدم لذاته‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،277 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪117 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،154 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬‫ي‬ ‫‪.9‬‬
‫‪296‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«وال متثل فتكون موجودا»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫میثل‪ّ ،‬‬
‫ویوحد وال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫یبعض»‪.‬‬ ‫«حیقق وال‬
‫ً‬ ‫اص باملخلوقات والكینونة ّ‬ ‫ال ّ‬‫وذاك الوج���ود خ‬
‫املكیفة هو الذي یكون ش���یئا غیر ذات‬
‫ً‬
‫قابال للس���لب عهنا ّ‬ ‫ً‬
‫والتبدل علهیا‪ ،‬فلذا یس���لب عهنا و میكن أن‬ ‫الشء وزائدا علهیا أي‬
‫ي‬
‫والالق تعاىل یكون‬‫یتب���دل عهنا و یوجد الشء عىل غیر ما یك���ون علیه من الصفات‪ ،‬خ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫عىل خالف ذلك كله فهو كما عن اإلمام أمیر‬
‫«كان بال كینونة‪ ،‬كان بال كیف‪ ،‬كان مل یزل بال ّكم وال كیف»‪.‬‬
‫(((‬

‫عما هو علیه‪ ،‬ولك أن تسأل عنه بعد اإل قرار‬ ‫یتغیر ّ‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ هو ما میكنه أن ّ‬ ‫الشء‬ ‫ّ‬
‫فإن ي‬
‫الشء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بوج���وده بأن���ه‪« :‬كیف هو؟» و«ما هي صفاته؟» و«ما هو مقداره وأجزاؤه؟»‪ ،‬وأما ي‬
‫یصح الس���ؤال عنه بعد اإل ق���رار بوجوده ّ‬
‫بأن���ه‪« :‬ما هو؟»‬ ‫بخ�ل�اف االمت���داد والع���دد فال ّ‬
‫ً‬
‫و»كیف هو؟» و«ما هي صفته؟»‪ ،‬فهو هو لیس شیئا غیر نفسه‪ ،‬وال یكون له حال وصفة‬
‫عما علیه‬ ‫تغیره ّ‬
‫عما یكون علیه‪ ،‬ولذا ال میكن فرض ّ‬ ‫والتحول ّ‬
‫ّ‬ ‫وكیفی���ة ح�ّت�ىّ میكنه ّ‬
‫التغیر‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫املتقابلی‪ ،‬وال میكن فرض‬ ‫اص به بال���ذات‪ ،‬فال یوصف بالوجود والعدم‬ ‫م���ن الوجود خ‬
‫ال ّ‬
‫ً‬
‫عدمه بالذات‪ .‬مفن أوهن ما قیل هو ما یقال أحیانا‪:‬‬
‫إیاده املخلوقات؟»‬ ‫«ما هو املانع من أن یعدم خ‬
‫الالق بعد ج‬

‫ّ‬
‫الكفعمي‪671 ،‬؛ حبار األن���وار‪ ،263 / 98 ،‬عن إقبال األعمال‪.‬‬ ‫‪ . 1‬الصحیف���ة العلو ّی���ة‪210 ،‬؛ مصب���اح‬
‫للتصور ليس إلاّ لالمتداد املحدود القابل ّ‬
‫للتكو ن‬ ‫ّ‬ ‫اص خ‬
‫بالل���ق القابل‬ ‫وذل���ك ّأن الوجود مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫ّ‬ ‫والتمثل‪ ،‬واهلل تعاىل ّ‬ ‫ّ‬
‫منزه عن ذلك كله‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،336 / 3 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪297‬‬

‫اص‬ ‫فإن ما میكن أن یفرض له العدم و یس���لب عنه الوجود‪ ،‬هو املوجود بالوجود خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫موجودا ف االمت���داد والصفات واألحوال‪ ،‬خ‬
‫والالق ج���ل وعال یتعاىل عن‬ ‫ي‬ ‫ال���ذي یك���ون‬
‫ّ‬
‫ذلك كله بذاته‪.‬‬
‫وأما جواب الفلسفة والعرفان عن السؤال املذكور مبا قد یقال‪ّ :‬‬
‫«إن اهلل هو نفس حقیقة‬ ‫ّ‬
‫الوجود‪ ،‬وس���لب الوجود عن حقیقة الوجود حمال»‪ ،‬فهو أوهن عن السؤال‪ ،‬وفقد عرفت‬
‫موضوعا ف مواضع ّ‬ ‫ً‬
‫متكررة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫بطالنه‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ًّ‬
‫حیا بال كی���ف‪ ،‬ومل یكن‬ ‫«إن ر ّ يب تب���ارك وتع���اىل كان ب�ل�ا كیف‪ ،‬كان مل ی���زل‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫(((‬
‫له كان‪ ،‬وال كان لكونه كیف‪ ...‬وال ابتدع لكانه مكانا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫للتصو ر هو ما میكن ّ‬‫ّ‬ ‫املوجود بالوجود خ‬
‫ال ّ‬
‫تصوره جم ّردا عن الوجود والعدم‪،‬‬ ‫اص القابل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتعال‬
‫ي‬ ‫واملوجود‬ ‫عدمه‪،‬‬ ‫بعد‬ ‫وموجودا‬ ‫حادثا‬ ‫إ‬ ‫یكون‬ ‫فال‬ ‫ذاته‪،‬‬ ‫عىل‬ ‫زائدا‬ ‫فیكون حتققه‬
‫ّ‬
‫عن ذلك یكون عىل خالف ذلك كله بالذات‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«كائن ال عن حدث‪ ،‬موجود ال عن عدم»‪.‬‬
‫(((‬

‫«ال یق���ال له كان بعد أن مل یكن فتجري علی���ه الصفات املحدثات وال یكون‬
‫(((‬
‫بیهنا وبینه فصل‪ ،‬وال له علهیا فضل فیستوي الصانع واملصنوع»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫«اللهم إنك كنت قبل األزمان‪ ،‬وقبل الكون والكینونة والكائن»‪.‬‬
‫اإلمام أبو جعفر؟ع؟ ‪:‬‬

‫الكاف‪ ،88 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،247 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،255 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬الصحيفة العلو ّية‪.29 ،‬‬
‫‪298‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ًّ‬
‫حیا بال حیاة‪ ...‬وال كون موصوف وال كیف حمدود»‪.‬‬
‫(((‬
‫«مل یزل‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫یتكون فتعرف كینونته بصنع غیره»‪.‬‬ ‫«مل ّ‬
‫ّ ّ‬
‫وج���ل ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫مكو ن‬ ‫ع���ز وج���ل دامئ تعاىل ع���ن الكون والزوال‪ ،‬ب���ل هو اهلل عز‬ ‫«و إن���ه‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الكائنات الذي كان بتكوینه كل كائن»‪.‬‬
‫اص ب���ه‪ ،‬أو مبعناه ّ‬
‫العام‬ ‫ف�ل�ا حیمل علیه تعاىل وال ینس���ب إلیه الوج���ود إلاّ مبعناه خ‬
‫ال ّ‬
‫اللذین حیكیان عن نف العدم وطرده ّ‬
‫فقط‪:‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«كمال معرفته التصدیق به»‪.‬‬
‫(((‬

‫«وجوده إثباته»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«احلمد هلل الذي أعجز األوهام أن تنال إ وجوده»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«مل جتعل للخلق طر یقا إىل معرفتك إ بالعجز عن معرفتك»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«وحد املعرفة أن یعرف‪ ...‬أنه قدمی مثبت موجود غیر فقید‪ ...‬وال مبطل»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وج���ل مثبت موجود ال‬ ‫«‪ ...‬س���ئل أبو عبد اهلل؟ع؟ ع���ن التوحید فقال‪ :‬هو‬
‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ، 299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪ ،92 ،‬باب تفسير قل هو اهلل أحد إىل آخرها‪.‬‬
‫‪ . 4‬هنج البالغه‪ ،‬خ‬
‫الطبة‪.1،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،150 / 94 ،‬عن العدد القو ّیة‪.‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،55 / 4 ،‬عن كفاية األ ثر‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪299‬‬

‫مبطل وال معدود»‪.‬‬


‫(((‬

‫«من نظر يف اهلل كیف هو‪ ،‬هلك»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬
‫شء غیره تعاىل كذلك حیث ّإن نسبة الوجود إىل غیره تعاىل إخبار عن حتقق‬ ‫ولیس ي‬
‫ً‬
‫أجزاء وأبعاض‪ ،‬و إثبات لذات يف امتداد وعدد‪ ،‬قابلة للوجود والعدم فیكون زائدا علهیا‪.‬‬
‫ّ‬
‫وبالتوجه إىل هذا التقابل تعرف حقیقة معىن عدم ز یادة الوجود عىل الذات‪ ،‬وتعرف‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫یفس���ـرون معىن عدم‬ ‫بذل���ك أیضا خطأ أصحاب الفلس���فة والعرفان يف ذلك حیث إنهّ م‬
‫ّ‬
‫املاهیة عندهم كونه‬ ‫ّ‬
‫املاهیة‪ ،‬ومعین سلب‬ ‫شء عىل ذاته‪ ،‬بكونه مس���لوب‬ ‫ز یادة وجود ي‬
‫غیر حمدود وال متناه‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫«وكمال معرفته التصدیق به»‪.‬‬
‫«‪ ...‬أ جی���وز أن یق���ال هلل موج���ود؟ قال [اإلم���ام الباقر؟ع؟]‪ :‬نع���م‪ ،‬خترجه من‬
‫حد اإلبطال((( ّ‬ ‫احلدین‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وحد التشبیه »‪.‬‬
‫((( (((‬

‫القس���م الثال���ث‪ :‬الرواي���ات المش���يرة إلى وج���وب إرجاع صف���ات الخالق تعال���ى إلى معان‬
‫يضاف إليها قيود سلبيّ ة‬
‫ّ لاّ‬ ‫ّّ ّ‬
‫ثبوت إ بإرجاع ذلك إىل س���لب مقابله‪،‬‬‫قد بینا أنه ال ینس���ب إىل اهلل تعاىل عنوان ي‬
‫«إن اهلل تعاىل عامل‪ ،‬أي لیس جباهل»‪ .‬أو بضمیمة سلب ذلك العنوان عنه تعاىل‬ ‫كقولنا‪ّ :‬‬
‫اص؛ كقولنا‪ّ :‬‬
‫«إن اهلل تعاىل عامل ال كعامل» و«هو موجود ال كاملوجودات»‪.‬‬ ‫مبعناه خ‬
‫ال ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،68 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الكاف‪93 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪.259 / 3 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫خ‬
‫‪ .3‬هنج البالغه‪ ،‬الطبة ‪.1‬‬
‫‪ . 4‬أي العدم‪.‬‬
‫اص‪.‬‬ ‫خ‬
‫‪ . 5‬أي الوجود ال ّ‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،265 / 3 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪300‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫كل ذل���ك يف مق���ام املعرفة والتعر ی���ف‪ ،‬و إ مفن حیث الواقع فهو تع���اىل ذات القدرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والعلم و‪ ...‬ولیس بصفة وال موصوف‪ ،‬فیكون هذا البحث يف ذلك املقام منتفیا موضوعا‪.‬‬
‫الالق تعاىل ترجع إىل س���لب املفاهمی‬ ‫بأن إثبات صف���ات خ‬ ‫ف�ل�ا حمیص عن اال لت���زام ّ‬
‫ألن ّكل ما میكن أن ّ‬
‫یتصو ر من املفاهمی بنفسها‬ ‫االمتدادیة املخصوص هبا اإلدراك عنه تعاىل‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫لاّ‬
‫شء مهنا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫تعاىل‬ ‫إلیه‬ ‫ینس���ب‬ ‫فال‬ ‫والعدم‪،‬‬ ‫للوجود‬ ‫قابال‬ ‫‪،‬‬‫ا‬ ‫عددی‬ ‫���ا‬‫امتدادی‬ ‫ال یك���ون إ‬
‫ب���ل یقع اال لتف���ات إىل تلك الصفات املخلوقة ّ‬
‫مقدمة إل ثباهت���ا للخالق تعاىل باملعین‬
‫فقط‪.‬‬ ‫العام ّ‬
‫اص الالئق به تعاىل أو بعنواهنا ّ‬ ‫خ‬
‫ال ّ‬

‫فاملوجب إلرجاع الصفات إىل الس���لب ه���و التنبیه عىل ّأن اهلل تعاىل لیس بصفة وال‬
‫وكل موصوف یشهد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫بأنه غیر الصفة‪،‬‬ ‫فإن كل صفة تشهد بأنهّ ا غیر املوصوف‪،‬‬ ‫موصوف‪،‬‬
‫امتدادیة خملوقة‪ ،‬بل هو تعاىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عددیة‬ ‫وتشهد الغیر ّیة باال قتران‪ ،‬واال قتران آیة كون الذات‬
‫ّ‬
‫ذات‪ ،‬علم‪ ،‬قدرة‪ ،‬نور‪ ،‬حیاة‪ ،‬عظمت آال ؤه‪ ،‬وجلت كبـر یاؤه‪.‬‬
‫اإلمام أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬
‫«النع���وت نعوت الذات ال تليق إ باهلل تب���ارك وتعاىل‪ .‬واهلل نور ال ظالم فيه‪،‬‬
‫وح���ي ال م���وت ل���ه‪ ،‬وع���امل ال جهل في���ه‪ ،‬وصمد ال مدخ���ل فيه‪ّ .‬ربن���ا ّ‬
‫نوري‬ ‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫صمدي الذات»‪.‬‬ ‫حي الذات‪ ،‬عامل الذات‪،‬‬ ‫الذات‪ّ ،‬‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬
‫وع���ز ّربنا والعلم ذاته وال معلوم‪ ،‬والس���مع ذاته وال مس���موع‪،‬‬ ‫«مل ي���زل اهلل‬
‫والبصـر ذاته وال مبصـر‪ ،‬والقدرة ذاته وال مقدور»‪.‬‬
‫(((‬

‫لفظی ًا‪ّ ،‬‬


‫فإن‬
‫ً‬
‫اشتراكا ّ‬ ‫الالق واملخلوق‬‫بی صفات خ‬ ‫وال یلزم ّمما ّبی ّناه أن یكون االشتراك ن‬
‫اص الالئق ب���ه تعاىل‪ ،‬ال یكون عن‬ ‫الع���ام أو مبعناه خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫العل���م املثب���ت له تعاىل مبفهومه‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫تاما‬ ‫بالكلیة‪ ،‬وال یباینه تباینا‬ ‫أجنبیا‬ ‫معىن العلم املسلوب عنه تعاىل واملنسوب إىل خلقه‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.140 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.139 ،‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪301‬‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫ىّ‬


‫امتدادیا قابال‬ ‫الثان‬ ‫ّ‬
‫اللفظي‪ ،‬بل لیس اختالفهما إ من حیث كون ي‬ ‫حت یلزم االشتراك‬
‫األول‪.‬‬ ‫ّ‬
‫والتوهم‪ ،‬والوجود والعدم‪ ،‬بخ الف ّ‬ ‫ّ‬
‫والتصور‬ ‫لإلدراك‬
‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫بأن أحدمها‬‫فهما یش���تركان معىن ف ّأن كلهیما‪ ،‬مقابالن للجهل‪ ،‬و یفترقان ّ‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫للتصور واإلدراك بذاته‪ ،‬واآلخر لیس كذلك وال حیصل العلم بوجوده إ من حیث‬ ‫قابل‬
‫ّ ّ‬ ‫وجود آثاره‪ ،‬وذلك أن ّ‬
‫تصوره ومعرفة حقیقته بنفسه حمال‪ ،‬ألن كل معروف بنفسه مصنوع‪.‬‬
‫إن قی���ل (كم���ا يف قول الفالس���فة)‪ّ :‬إن مفاهمی صفاته تعاىل كالعل���م والقدرة‪ ،‬لو كانت‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫مغایرة ملا ّ‬
‫املخلوقی ملا كان قولنا‪« :‬اهلل عامل قادر» إذا مفیدا‬ ‫نتصور من معناها يف غیره من‬
‫إل ثبات العلم له‪.‬‬
‫توهم كون اش���تراك مفاهمی صف���ات اهلل تعاىل مع‬‫مبت عىل ّ‬‫قلن���ا‪ّ :‬إن ه���ذا اإلش���كال ن‬
‫وأما عىل ما ّبی ّناه من كون االختالف بیهنما ال بالتباین ّ‬
‫التام فال یرد‬ ‫لفظی ًا ‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫اشتراكا ّ‬ ‫غیره‬
‫ّ‬
‫للتصور واإلدراك‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ القابل‬ ‫اص‬ ‫املنف عن اهلل تعاىل هو املفهوم خ‬
‫ال ّ‬ ‫فإن يّ‬ ‫اإلش���كال‪ّ .‬‬
‫ّ‬
‫والتوهم‪.‬‬ ‫ّ‬
‫التصور‬ ‫بذاته‪ ،‬واملثبت له هو ذات العلم والقدرة املخالفة بذاهتا ملا یقع يف‬
‫الهل والعجز مقطوع هبا وال فرق يف‬ ‫نف ج‬ ‫ّ‬
‫وواض���ح أن دال ل���ة إثبات العلم والقدرة عىل ي‬
‫الهة‪ ،‬كما ّأن االختالف بیهنما من حیث‬ ‫الالق خ‬ ‫بی نسبهتما إىل خ‬ ‫ذلك ن‬
‫واللق من هذه ج‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫امتدادیا یس���اوي الوجود والعدم له دون اآلخر غیر قابل لإلنكار أیضا‪ .‬فهو‬ ‫كون أحدمها‬
‫كحي‪ ،‬وموجود ال كموجود‪ ،‬وهو تبارك وتعاىل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تعاىل عامل ال كعامل‪ ،‬وقادر ال كقادر‪ّ ،‬‬
‫وحي ال‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ‬
‫(((‬
‫<و ُه َو أق َر ُب ِإل ْي َنا ِم ْن َح ْب ِل ال َو ِر ِيد َوأ ْب ُع ْد ِم َن‏ الش َبهِ‏ ِم ْن‏ ك ِل‏ َب ِعيد>‪.‬‬
‫إن قیل (كما يف قول الفالس���فة)‪ّ :‬إن س���لب مقابل الصفات یرجع بالنتیجة إىل إثبات‬
‫الهل هو إثبات العلم‪ ،‬فیعود املحذور‪.‬‬ ‫ألن سلب العجز هو إثبات القدرة‪ ،‬وسلب ج‬ ‫الصفات‪ّ ،‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫‪302‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫فنجیب‪ :‬لیس املراد من وجوب اال لتزام بـرجوع إثبات الصفات إىل س���لب مفاهیمها‬
‫ّ‬
‫املتجزئ)‬ ‫اص (كالعلم‬ ‫املتجزئ) إل ثبات املقابل خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫املقابلة هلا هو سلب خ‬
‫ال ّ‬
‫اص (كالعلم‬
‫املتعال‬ ‫العام (كالعلم املتعال عن األجزاء) إل ثبات املقابل ّ‬
‫العام (كالعلم والقدرة‬ ‫أو سلب ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫حت یعود املحذور‪.‬‬ ‫عن األجزاء) ىّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء ال كاألش���یاء» یكون‬ ‫كم���ا أن���ه إذا نق���ول‪« :‬إن اهلل تعاىل عامل ال كع���امل‪ ،‬أو «هو ي‬
‫اص الالئق به تعاىل أو ّ‬
‫العام‪.‬‬ ‫ال ّ‬‫اص إل ثبات املعین خ‬ ‫املراد هو سلب املعىن خ‬
‫ال ّ‬
‫ن‬
‫النقیضی‪ ،‬بل یكون املراد هو التحذیر عن التشبیه وبیان‬ ‫لتوهم لزوم اجتماع‬‫فال مال ّ‬
‫ج‬
‫لاّ‬
‫اال لتف���ات إىل ّأن اهلل تع���اىل ال یوصف بالصفات إ مبعناها خ‬
‫ال ّ‬
‫اص الالئق به تعاىل أو‬
‫ً‬ ‫لقیة إلاّ ف نف مقابالهتا ّ‬ ‫العام الذي ال یش���ترك مع الصفات خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫فقط فال إش���كال مطلقا‪.‬‬ ‫ي ي‬
‫ً‬
‫توضیح اإلشكال‪ّ :‬إنه إذا فررنا من نسبة العلم مثال إیل اهلل تعاىل وقلنا بـرجوع ذلك إىل‬
‫الهل املقابل للعلم عنه تعاىل‪ ،‬فلقائل أن یقول‪ :‬ما هو الفرق ن‬
‫بی إثبات العلم له تعاىل‬ ‫سلب ج‬
‫بال واسطة‪ ،‬ن‬
‫وبی إثبات العلم له تعاىل من جهة مقابلته للجهل؟ فهذا ّكر عیل ما ّفر منه‪.‬‬
‫الواب‪ّ :‬إن معىن العلم الذي نثبته له تعاىل من حیث تقابله للجهل هو غیر‬ ‫وتوضیح ج‬
‫فإن ما یسلب عنه تعاىل و میكن‬ ‫العلم الذي یسلب عنه أو میكن أن ینسب إلیه بال واسطة‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫یتصو ر من معىن العلم ّأوال وبالذات وهو‬
‫أن ینس���ب إىل شء بال واس���طة هو ما میكن أن ّ‬
‫ي‬
‫الهل عنه‪.‬‬‫وأما ما یثبت له تعاىل بواسطة سلب ج‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ القابل للز یادة والنقصان‪ّ ،‬‬ ‫العلم‬
‫ّ‬
‫والتوهم‪ ،‬وال یعرف‬ ‫ّ‬
‫للتصور‬ ‫فه���و حقیق���ة العلم الذي یكون بخ الف االمتداد وغیر قابل‬
‫ّ لاّ‬ ‫لاّ ّ‬
‫املتج���زئ إ يف ّأن كلهیما مقابالن‬ ‫الهل‪ ،‬وال یش���ترك ذلك م���ع العلم‬
‫إ بأن���ه خ�ل�اف ج‬
‫لاّ‬
‫للجهل‪ ،‬و إ فال إش���كال يف نس���بة العلم إلیه تعاىل مع املحافظة عىل ّأن تلك احلقیقة‬
‫لكنه ال متكن املحافظة عىل‬ ‫والتصور‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫املنس���وبة إلیه تعاىل متعالیة عن االمتداد والعدد‬
‫لاّ‬
‫ذلك إ بإرجاع الصفات إىل سلب ما یقابلها بأن نقول‪« :‬هو عامل أي لیس جباهل»‪ ،‬أو‬
‫ّ‬
‫نقول‪« :‬هو عامل بخ الف كل عامل‪ ،‬فهو عامل ال كعامل وقادر ال كقادر‪».‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪303‬‬

‫وظهر مبا أوضحناه ّأنه ال وجه ملا یقال (كما ف قول الفالسفة) من ّ‬
‫«أن الوجود الذي‬ ‫ي‬
‫ننسبه إىل اهلل تعاىل و إىل غیره إن مل یكن مبعىن واحد فهیما للزم أن یكون الوجود املحكوم‬
‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫لفظیا‪ ،‬ولرجع املع�ن�ى إذا إىل ّأن اهلل لیس مبوجود‬ ‫ب���ه عىل اهلل تعاىل وعىل غیره مش���تركا‬
‫ألنه ال یعقل الواسطة ن‬ ‫ً‬
‫واقعا ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بی الوجود والعدم»‪،‬‬ ‫واقعا إذا كان ذلك مبعىن كونه موجودا‬
‫ّ‬
‫وخاصه _ یش���تركان معىن يف ّأن‬ ‫بأن احلكم بالوجود _ ّ‬
‫عامه‬ ‫فإن هذا اإلش���كال مردود ّ‬
‫ّ‬
‫كلهیم���ا یدلاّ ن عىل نف العدم والبطالن املس���تلزم إل ثبات الوج���ود مبعناه ّ‬
‫العام‪ ،‬كما أنهّ ما‬ ‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫خ‬ ‫بأن ال ّ‬‫یفترق���ان ّ‬
‫خ���اص باللق مالزم لالمتداد والعدد وال میكن فرض موضوعه جمردا عن‬
‫العام یكونان عىل خالف ذلك‪.‬‬ ‫اص الالئق به تعاىل أو ّ‬ ‫الوجود والعدم‪ ،‬واملعین خ‬
‫ال ّ‬

‫فبیهنم���ا اش���تراك يف املعىن من ناحیة وافت���راق من ناحیة أخرى‪ ،‬ف�ل�ا یلزم أن یكون‬
‫العی ومها متبائنان بتمام‬ ‫لفظی ًا كاشتراك الباصـرة والذهب ف التسمیة بلفظة ن‬‫االش���تراك ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫املعىن‪ ،‬كما ّأنه ال یلزم أن یكون االشتراك بیهنما معنو ّیا عىل حنو یكون املعىن يف كلهیما‬
‫ً‬
‫واحدا بتمام خصوصیاته‪.‬‬
‫ّ‬
‫االمتدادي القاب���ل للرفع الزائد‬ ‫املن�ف�� عن���ه تعاىل ه���و التصدیق بالوجود ال ّ‬
‫خ���اص‬ ‫يّ‬ ‫ّإن‬
‫وأما إثبات الوجود له بعنوانه خ‬
‫ال ّ‬ ‫تصور الشء بنفسه‪ّ ،‬‬
‫املتوقف عىل ّ‬ ‫ّ‬
‫اص به‬ ‫ي‬ ‫عىل الذات‬
‫فیصح احلكم به عىل اهلل تعاىل‬‫ّ‬ ‫تعاىل أو بعنوانه ّ‬
‫العام املناقض للعدم والبطالن بالذات‬
‫بال إشكال‪.‬‬
‫ب�ی�� الوجود والعدم أمر صحیح ال غب���ار علیه ّ‬
‫ولكنه أمر غیر‬ ‫وامتناع وجود الواس���طة ن‬
‫ّ‬
‫املتصو ر فال تغفل‪.‬‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫اص‬ ‫بی العدم والوجود خ‬
‫ال ّ‬ ‫امتناع الواسطة ن‬

‫و ّمما جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬


‫ََُ َ َ ُ ُ َ‬ ‫َ َ ُ ُ َ‬ ‫««إن ظاهر قوله‪َ :‬‬
‫الحسنى> ّأن معاني هذه‬ ‫الحسنى> <وله الأسماء‬ ‫<و ِل ِله الأس���ماء‬ ‫ّ‬

‫األسماء له تعالى حقیقة وعلى نحو األصالة ولغیره تعالى بالتبع‪ ...‬ومن الدلیل على‬
‫ّ‬
‫المعنوي ف���ي ما یطلق علیه تعالى وعلى غیره من األس ��ماء واألوصاف ما‬ ‫االش���تراك‬
‫‪304‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ورد من أسمائه تعالى بصیغة أفعل التفضیل كاألعلى واأل كرم‪»».‬‬


‫(((‬

‫بی أمساء اهلل تعاىل وخلقه غیر س���دید‪،‬‬‫اللفظي ن‬


‫ّ‬ ‫ولكنا ّبی ّنا‪ :‬كما ّأن القول باالش���تراك‬
‫ّ‬

‫فكذلك ال تكون أمساؤه تعاىل مع خلقه مشتركة معنو ّیة متام االشتراك‪.‬‬
‫غض النظر عن ّأن عىل مش���ـرب أصحاب الفلس���فة والعرفان حیث ّإن‬ ‫وهذا ّكله مع ّ‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الالق ّیتحد مع خ‬ ‫خ‬
‫لفظیا‬ ‫اللق مصداقا وعینا فال یبىق هلم جمال للبحث عن كون االشتراك‬
‫ً‬
‫أو معنو ّیا‪.‬‬
‫یكف لصحة اس���تعمال صیغة أفعل التفضیل يف املوارد املذكورة االش���تراك يف دال لة‬ ‫و ي‬
‫ّ‬
‫متصورا يف‬ ‫املعان دون االش���تراك يف س���نخها وك���ون مفهومهما‬ ‫األ لفاظ عىل جم ّرد ثبوت‬
‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫االمت���داد واألجزاء والعدد وك���ون مصداقها ف خ‬
‫متجز یا‬ ‫عددیا‬ ‫امتدادی���ا‬ ‫الالق واملخلوق‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫قابال للز یادة والنقصان واال ّتصاف بالتناهي وعدم التناهی‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«وهو‪ ...‬أبعد من‏ الشبه‏ من كل بعيد»‪.‬‬
‫«كنت عند أب جعفر الثان؟ع؟ ‪ :‬فس���أله رجل فقال‪ :‬أخبـر ن عن ّ‬
‫الرب تبارك‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وتعاىل أله أمساء وصفات يف كتابه؟ وهل أمساؤه وصفاته هي هو؟‬
‫ّ‬
‫وجهی؛ إن كنت تق���ول هي هو‪ ،‬أنه‬‫ن‬ ‫‪ ...‬فق���ال أب���و جعفر؟ع؟ ‪ّ :‬إن هل���ذا الكالم‬
‫ذو ع���دد وكث���رة فتع���اىل اهلل ع���ن ذل���ك‪ .‬واملذكور بالذك���ر هو اهلل الق���دمی الذي‬
‫ّ‬
‫واملعن هبا ه���و اهلل ال���ذي ال یلیق به‬
‫ي‬ ‫مل ی���زل‪ ،‬واألمس���اء والصف���ات خملوق���ات‬
‫مّ‬
‫ّ‬
‫املتجز ئ‪ ،‬وال یق���ال له قلیل‬ ‫االخت�ل�اف وال اال ئت�ل�اف‪ ،‬و إنا خیتلف ویأتل���ف‬
‫ّ‬
‫متج���ز ئ واهلل واحد ال‬ ‫وال كثی���ر ّ‬
‫ولكن���ه الق���دمی ف ذات���ه ّ‬
‫ألن ما س���وى الواحد‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫متج���ز ئ أو ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متج���ز ئ وال ّ‬
‫ّ‬
‫متوه���م بالقلة والكثرة‬ ‫متوهم بالقل���ة والكثرة‪ ،‬وكل‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.358 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪305‬‬

‫ّ‬
‫فهو خملوق دال عىل خالق له‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َّ َ َ ٌ‬
‫فقول���ك‪< :‬إن اهلل ق ِدیر>‪ ،‬خبـ���رت أنه ال یعجزه ي‬
‫شء فنفی���ت بالكلمة العجز‬
‫مّ‬
‫الهل وجعلت‬ ‫وجعلت العجز س���واه وكذلك قولك‪ :‬عامل‪ ،‬إنا نفی���ت بالكلمة ج‬
‫الهل سواه»‪.‬‬
‫(((‬
‫ج‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫«فق���ال الرجل‪ :‬فكی���ف ّمسینا ّربنا مسیع���ا؟ فقال‪ :‬ألنه ال یخ�ف�ى علیه ما یدرك‬
‫ً ّ‬
‫باألمس���اع ومل نصفه بالس���مع املعق���ول يف الرأس‪ (((.‬وكذلك ّمسین���اه بصیرا ألنه‬
‫ال یخ�ف�ى علی���ه ما ی���درك باألبصار من لون أو ش���خص أو غیر ذل���ك ومل نصفه‬
‫ببصـر طرفة ن‬
‫العی‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وكذلك ّ‬
‫الكیفیة للمخلوق‬ ‫بالشء اللطیف‪ ...‬بال كیف إذ‬ ‫ي‬ ‫لعلمه‬ ‫لطیفا‬ ‫یناه‬‫مس‬
‫ًّ‬
‫املكی���ف‪ ،‬وكذلك ّمسینا ّربنا قویا بال ق���وة البطش املعروف من ا لق‪ ...‬وربنا‬
‫ّ‬ ‫لخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ض���د وال ّ‬
‫ن���د وال ّ‬ ‫تب���ارك وتع���اىل ال ش���به له وال ّ‬
‫كیفی���ة وال هنای���ة وال تصاریف‪،‬‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬
‫وعز عن أداة خلقه ومسات بـر ّیته وتعاىل‬ ‫حم���رم عىل القلوب أن حتتمله‪...‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫عن ذلك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املتصو رة عنه‬ ‫مفعرفة حقیقة التوحید ال حتصل إ بسلب كل املعاىن واملفاهمی املدركة‬
‫تعاىل‪:‬‬
‫لكن���ك قلت‪ :‬األحد الصم���د‪ ،‬وقلت‪ :‬ال‬ ‫«‪ ...‬قل���ت‪ :‬أج���ل‪ ،‬جعل�ن�� اهلل فداك ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الوحدانیة؟!‬ ‫یشبه شیئا‪ ،‬واهلل واحد واإلنسان واحد ألیس قد تشاهبت‬
‫ق���ال؟ع؟ ‪ :‬ی���ا فتح‪ ،‬أحلت ّثبتك اهلل‏‪ ،‬مّإنا التش���بیه ف املع���اىن‪ّ ،‬‬
‫وأما يف األمساء‬ ‫ي‬
‫الهل س���واه! ومل يقل «بل جعلت‬
‫‪ .1‬وما ألطف تعبيره؟ع؟ بقوله‪ :‬بل جعلت العجز س���واه‪ ...‬وجعلت ج‬
‫ّ‬ ‫تقدس���ه ّ‬ ‫ّ‬
‫لعله تنبيه عىل ّ‬
‫وتنزهه تعاىل عن الوج���دان والفقدان واال تصاف بالصفات‬ ‫العجز لس���واه»‬
‫ً‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫امتداديا زائدا‪.‬‬ ‫ألن املعقول بذاته مطلقا ال يكون إ‬
‫الكاف‪،‬‏‪117 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،154/4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪306‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املس���مى وذلك ّأن اإلنس���ان و إن قی���ل واحد‪،‬‬


‫ّ‬ ‫فه���ي واح���دة وهي دال لة ع�ل�ى‬
‫ّ ّ‬
‫بإثنی‪ ،‬فاإلنس���ان نفس���ه لی���س بواحد ّ‬
‫ألن‬ ‫ن‬ ‫فإنمّ���ا خیبـ���ر أنه جثة واحدة ولیس‬
‫أعضائ���ه خمتلف���ة وألوان���ه خمتلفة كثی���رة غیر واح���دة وهو أجزاء جم ّزأة لیس���ت‬
‫ّ‬
‫س���واء‪ ،‬فاإلنس���ان واحد يف االس���م ال واحد يف املعىن واهلل ج���ل جالله واحد ال‬
‫(((‬
‫واحد غیره‪ ،‬ال اختالف فیه»‪.‬‬
‫بی مفاهمی صفاته تعاىل مع خلقه‪ ،‬أن ینس���ب‬ ‫اللفظي ن‬
‫ّ‬ ‫فال یلزم من بطالن االش���تراك‬
‫ّ‬ ‫عی املفاهمی الار یة عىل خلقه املأخوذة ف ّ‬ ‫جل وعال ن‬ ‫ّ‬
‫امتدادیة‬ ‫حاق معناها كوهنا‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫إلیه‬
‫یص���ح أن یق���ال (كما يف قول الفالس���فة)‪ّ :‬إن مفاهمی صفات���ه تعاىل مع غیره‬ ‫ّ‬ ‫خملوق���ة‪ ،‬وال‬
‫ً‬
‫عما ّتدعیه املعرفة البش���ـر ّیة من‬‫فضال ّ‬ ‫واح���دة و ینحصـر الف���رق بیهنما باملصداق ّ‬
‫فقط‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫وحدة خ‬
‫الالق واملخلوق مصداقا وعینا‪.‬‬
‫اإلمام أبو احلسن الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًّ‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫حیا ّقیوما ظاهرا باطنا لطیفا خبیرا‬ ‫فسمى نفسه مسیعا بصیرا قادرا قاهرا‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫قویا عز یزا حكیما علیما وما أشبه هذه األمساء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫املكذبون وقد مسعونا ّ‬ ‫ّ‬
‫حندث عن اهلل أنه ال‬ ‫فلم���ا رأى ذلك من أمسائه الغال���ون‬
‫ّ‬ ‫شء مثل���ه وال شء م���ن الخ ل���ق ف حاله قال���وا‪ّ :‬‬
‫خبـرونا إذ زعم�ت�م أنه ال مثل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫فإن‬ ‫فتس���میمت جبمیعها؟ ّ‬ ‫ّ‬ ‫هلل وال ش���بیه له كیف ش���اركتموه يف أمسائه احلس�ن�ى‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫يف ذل���ك دلی�ل�ا ع�ل�ى أنكم مثل���ه يف حاال ت���ه كله���ا أو يف بعضه���ا دون بعض‬
‫الطیبة‪ ،‬قیل هل���م‪ّ :‬إن اهلل تبارك وتعاىل أل���زم العباد أمساء‬ ‫إذ ق���د مجع�ت�م األمساء ّ‬
‫معنیی‬‫ن‬ ‫املع���ان وذلك كم���ا جیمع االس���م الواح���د‬ ‫م���ن أمسائ���ه عىل اخت�ل�اف‬
‫ي‬
‫خم ن‬
‫تلفی‪.‬‬
‫الائ���ز عندهم الس���ائر‪ ،‬وهو ال���ذي خاطب‬
‫والدلی���ل عىل ذل���ك قول الن���اس ج‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،173 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪307‬‬

‫فكلمه���م مبا یعقلون لیكون علهی���م ّ‬‫ّ‬ ‫ّ ّ‬


‫حجة يف تضییع‬ ‫ع���ز وجل به الخ لق‪،‬‬ ‫اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫م���ا ّ‬
‫ضیعوا وق���د یقال للرج���ل‪ :‬كلب ومح���ار وثور وس���كرة وعلقمة وأس���د كل‬
‫ألنه مل تق���ع األمساء عىل معانهی���ا الت بنی���ت علهیا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن‬ ‫ي‬ ‫ذل���ك عىل خالف���ه‪،‬‬
‫(((‬
‫اإلنسان لیس بأسد وال كلب فافهم ذلك رمحك اهلل»‪.‬‏‬
‫ّ‬ ‫«و إنمّ���ا ّ‬
‫تس���مى اهلل بالعامل لغیر عل���م حادث((( علم به األش���یاء‪ ،‬كم���ا أنا رأینا‬
‫مّ‬
‫علم���اء الخ لق إنا ّمسوا بالعلم لعلم ح���ادث((( إذ كانوا قبله جهلة ور مبا فارقهم‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫مّ‬
‫الهل‪ ،‬و إنا ّمسي اهلل عاملا ألنه ال جیهل شیئا‪ ،‬فقد‬ ‫العلم باألش���یاء فعادوا إىل ج‬
‫مجع الخ الق واملخلوق اسم العلم((( واختلف املعىن((( عىل ما رأیت‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مسیع���ا‪ّ ...‬‬
‫ولكنه ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وج���ل أخبـر أنه ال تخىف علی���ه األصوات لیس‬ ‫ومس���ي ّربنا‬
‫حد ما ّمسینا به حنن‪ ،‬فقد مجعنا االس���م بالسمیع واختلف املعىن‪ ،‬وهكذا‬ ‫عىل ّ‬
‫ً‬ ‫البصیر ال جبزء أبصـر به‪ّ ...‬‬
‫ولكن اهلل بصیر ال جیهل ش���خصا منظورا إلیه فقد‬
‫مجعنا االسم واختلف املعىن‪.‬‬
‫وأما الخ بیر فالذي‬
‫وأما اللطیف فلیس ع�ل�ى‪ّ ...‬‬ ‫وه���و قامئ لیس ع�ل�ى معىن‪ّ ...‬‬
‫وأما الظاهر فلیس من أج���ل‪ّ ...‬‬
‫وأما الباطن‬ ‫ال یع���زب عنه شء وال یفوت���ه‪ّ ...‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫فلی���س عىل مع�ن�ى‪ ...‬وأما القاه���ر فإنه لیس عىل‪ ...‬وهك���ذا مجیع األمساء‪.‬‬

‫عي ّأن���ه ليس كإطالقها عىل احلمار واألس���د حیت‬


‫ف���إن إط�ل�اق تلك األس���امي عىل اإلنس���ان‪ ،‬ف ن‬
‫ي‬
‫‪ّ .1‬‬
‫ًّ‬ ‫بالكلية ىّ‬ ‫ً‬
‫لفظيا‪.‬‬ ‫حت يكون االشتراك‬ ‫ّ‬ ‫یكون االشتراك معنو ّیا‪ ،‬ولكنه ال يطلق عليه مبعىن يباين ذلك‬
‫اص‪.‬‬ ‫والتصور واإلدراك مبفهومه خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادي قابل للوجود والعدم‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬قابل للرفع‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ . 4‬بال لزوم كون مفهوم أحدمها عی اآلخر‪.‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫اللفظي أیضا‪.‬‬ ‫‪ . 5‬بال لزوم االشتراك‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫‪ .6‬ال ينس���ب إلي���ه تعاىل إ مع س���لب تلك املفاهمي بعيهنا بعنواهنا الخ���اص باملخلوق عن اهلل تبارك‬
‫ً‬
‫مستقیما إلاّ مبفهومه خ‬
‫ال ّ‬ ‫ً‬ ‫وتعاىل ّ‬
‫اص فال جيوز نسبة ذلك إىل اهلل تعاىل‬ ‫ألن املخلوق ال يدرك شيئا‬
‫صوصية عنه‪.‬‬‫ّ‬ ‫إلاّ بعد سلب خ‬
‫ال‬
‫‪308‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫و إن ّكنا مل ّ‬
‫تكتف لالعتبار مبا ألقینا إلیك واهلل عوننا وعونك‬
‫ي‬ ‫فقد‬ ‫ها‬‫كل‬ ‫ها‬‫نسم‬
‫يف إرشادنا وتوفیقنا»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫الواد الكر می؟‬ ‫«فإن قالوا‪ :‬أو لیس قد نصفه فنقول‪ :‬هو العز یز احلكمی ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قیل هلم‪ :‬كل هذه صفات اقرار ولیس���ت صفات إحاطة((( فإنا نعلم أنه حكمی‬
‫وال نعل���م بكن���ه ذل���ك منه‪ ،‬كذلك قدی���ر وجواد وس���ائر صفاته‪ ،‬كم���ا قد نرى‬
‫الس���ماء وال ن���دري ما جوهره���ا ونرى البح���ر وال ندري أین منهت���اه((( بل فوق‬
‫ّ‬ ‫هذا املثال مبا ال هنایة له ّ‬
‫(((‬
‫ألن األمثال كلها تقصـر عنه(((‪ .‬ولكنهّ ا تقود العقل‬
‫(((‬
‫إىل معرفته»‪.‬‬
‫عل بن موىس صلوات اهلل علهیما‪:‬‬ ‫اإلمام الرضا ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«والصف���ات واألمس���اء كلها تدل عىل المك���ال والوجود وال ت���دل عىل اإلحاطة‬
‫ألن اهلل ّ‬
‫ت���دل عىل احل���دود الت ه���ي التر بیع والتثلی���ث والتس���دیس‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫عز‬ ‫ي‬ ‫كم���ا‬
‫ّ‬
‫وج���ل تدرك معرفته بالصفات واألمس���اء‪ ،‬وال تدرك بالتحدید بالطول والعرض‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‬ ‫والقل���ة والكث���رة واللون والوزن وما أش���به ذلك‪ ،‬ولكن یدل ع�ل�ى اهلل‬
‫ّ‬
‫بصفات���ه‪ ،‬وی���درك بأمسائ���ه‪ ،‬ویس���تدل علی���ه خبلقه ح�ّت�ىىّ ال حیت���اج يف ذلك‬

‫‪ . 1‬الصدوق‪ ،‬التوحيد والعيون‪.‬‬


‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫‪ . 2‬وهو إدراك وانتزاع عن الشـيء بنفسه املستلزم لكونه امتداديا عدديا زائدا عىل الذات‪.‬‬
‫بي ما نرى وما ال نرى من األمثلة بعيهنا‪،‬‬‫وبي خلقه هو الفرق ن‬ ‫‪ . 3‬وال تتوهمّ ّن ّأن الفرق ن‬
‫بي اهلل تعایل ن‬
‫الت ليست‬ ‫ّ خ‬ ‫يخ‬ ‫ّ‬
‫جوهر السماء ومنهتى ًالبحر ال رج عن اإلمكان وأما الالق تعاىل وصفاته ي‬ ‫ّ‬
‫فإن إدراك‬
‫لاّ‬
‫إ هو فال يتعلق هبا اإلدراك ثبوتا وبالذات‪.‬‬
‫‪ . 4‬أل نهّ ا ال تخ رج عن االمتداد والعدد‪.‬‬
‫ً‬
‫وتصديقا بوجوده ّ‬ ‫ً‬
‫وبأنه شـيء بخ الف األشياء‪.‬‬ ‫‪ . 5‬إقرارا‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪309‬‬

‫الطال���ب املرت���اب إىل رؤی���ة ن‬


‫ع�ی�� وال اس���تماع أذن وال مل���س ك���ف وال إحاطة‬
‫بقلب‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فل���و كانت صفاته ج���ل ثناؤه ال ت���دل علیه‪ ،‬وأمس���اؤه ال تدعوا إلی���ه واملعلمة‬
‫م���ن الخ ل���ق ال تدركه ملعن���اه‪ ،‬كانت العبادة م���ن الخ لق ألمسائ���ه وصفاته دون‬
‫معن���اه‪ ،‬فلوال ّأن ذلك كذلك لكان املعبود ّ‬
‫املوح���د غیر اهلل ّ‬
‫ألن صفاته وأمسائه‬
‫غیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫بالتوهم فقد كفر‪ ،‬ومن عبد االس���م دون املع�ن�ى فقد كفر‪ ،‬ومن‬ ‫«م���ن عب���د اهلل‬
‫عبد االس���م واملعىن فقد أش���ـرك‪ ،‬ومن عبد املعىن بإیقاع األمساء علیه بصفاته‬
‫الت وصف هبا نفس���ه فعقد علیه قلبه ونطق به لس���انه ف ّ‬
‫سـر أمره وعالنیته‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫ن‬
‫(((‬
‫فأولئك أصحاب أمیر املؤمنی؟ع؟ حقا»‪.‬‬
‫ألن ّ‬
‫األول هو‬ ‫تكو ن الكون‪ ،‬وال تناق���ض ّ‬ ‫فه���و عامل قبل وج���ود العلم‪ ،‬وهو كائن قب���ل ّ‬
‫اص‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫العام والثان هو خ‬
‫اص الالئق به تعاىل أو ّ‬ ‫املعین خ‬
‫ال ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫والكینونیة والكائن‪ ،‬وعلمت مبا‬ ‫«اللهم إنك كنت قبل األزم���ان وقبل الكون‬
‫تر ید قبل أن تكون‪ ،‬قبل تكوین األش���یاء‪ ،‬وكان علمك الس���ابق فیما تر ید أن‬
‫ً‬
‫تكون قب���ل التكوین والعلم‪ ،‬فعلمك دائبة غیر مكتس���ب‪ ،‬مل تزل كنت عاملا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والهل عنك نافیا‪ ،‬فأنت بادي األبد‪ ،‬وق���ادم األزل‪ ،‬ودامئ القدم‪ ،‬ال‬
‫موج���ودا ج‬
‫(((‬
‫توصف بصفات وال تنعت بوصف»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫یتص���ور‪،‬والتعبی���ر ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫یتص���وره‪:‬‬ ‫عم���اال یدرك���هوال‬ ‫فلی���سللمخلوقإ إدراكمای���راهو‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،312 / 10 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫الكاف‪.87 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪345 / 1 ،‬؛‬
‫‪ .2‬ي‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،357 / 92 ،‬عن فقه الرضا؛ الصحيفة العلو ية‪.29 ،‬‬
‫‪310‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«فأمسائه تعبیر‪ ،‬وأفعاله تفهمی»‪.‬‬
‫(((‬

‫واله���ل والقدرة والعجز واحلیاة‬


‫معان العلم ج‬ ‫من‬ ‫ر‬ ‫وخالص���ة الكالم ّأن ّكل م���ا ّ‬
‫یتصو‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫واملوت والس���مع والبصـر والزمان واملكان و‪ ...‬لیس إ ملكة للذات االمتدادیة‪ ،‬فیسلب‬
‫ً‬
‫والهل)‪ .‬مطلقا‪ ،‬وطرف المكال (كالعلم والقدرة)‪ .‬بقید‬ ‫عنه تعاىل طرف النقص (كالعجز ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫للتصور واإلدراك والتعقل‪.‬‬ ‫امتدادیا وقابال‬ ‫كونه‬
‫ونف‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫وكذل���ك معین الزمان وامل���كان والدخول والروج والفوق والقب���ل والبعد واملعية ي‬
‫املتجزئ خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املعی���ة وج���واز الوصف وعدمه و‪ّ ...‬‬ ‫ّ‬
‫اص‬ ‫املنف يف ذلك كله هو املع�ن�ی‬ ‫ف���إن يّ‬
‫اص باهلل تعایل فال تناقض‪:‬‬ ‫التجزي خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫املتعال عن‬ ‫باملخلوق‪ ،‬واملثبت هو املعین‬
‫ي‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫شء يكون بعده»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫قبله‬ ‫يكون‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫وآخره‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫«يا أول‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء ي���ا م���ن هو ف���وق كل‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫بع���د‬ ‫ه���و‬ ‫م���ن‬ ‫ي���ا‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫«ي���ا م���ن ه���و قب���ل‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫شء داخ���ل‪ ،‬وخ���ارج م���ن األش���یاء ال‬
‫ك�ش��ء يف ي‬
‫ي‬ ‫«داخ���ل يف األش���یاء ال‬
‫شء خارج‪ ،‬سبحان من هو هكذا وال هكذا غیره»‪.‬‬
‫(((‬
‫كشء من ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ...‬داخل‬ ‫شء‪ ...‬أم���ام كل ي‬ ‫«قر ی���ب يف بعده‪ ،‬بعی���د يف قربه‪ ،‬ف���وق كل ي‬
‫ك�ش��ء‬
‫ي‬ ‫شء‪ ،‬وخ���ارج م���ن األش���یاء ال‬
‫ك�ش��ء داخ���ل يف ي‬
‫ي‬ ‫يف األش���یاء ال‬

‫‪ . 1‬عيون األخبار‪141 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪ 227 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫ن‬
‫األمي‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،254 / 90 ،‬عن البلد‬
‫ن‬
‫األمي‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،386 / 91 ،‬عن البلد‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،271 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪311‬‬

‫(((‬
‫شء‪ ،‬سبحان من هو هكذا وال هكذا غیره»‪.‬‬ ‫خارج من ي‬
‫<و ُه َو ُ‬
‫اهلل في َّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ات‬ ‫الس َ���م َو ِ‬ ‫ِ‬
‫وج���ل َ‬ ‫«‪ ...‬س���ألت أب���ا عبد اهلل؟ع؟ ع���ن قول اهلل عز‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫رض> قال‪ :‬كذلك ه���و يف كل مكان‪ ،‬قلت‪ :‬بذات���ه؟! قال‪ :‬وحیك ّإن‬ ‫َوفِ���ي ال���أ ِ‬
‫األما ك���ن أق���دار‪ ،‬ف���إذا قل���ت يف م���كان بذاته لزم���ك أن تق���ول يف أق���دار وغیر‬
‫(((‬
‫ذلك»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل يف مكان؟‬ ‫حممد؟امهع؟‪ :‬هل جیوز أن نقول‪ّ :‬إن اهلل‬
‫«‪ ...‬قلت جلعفر بن ّ‬
‫فقال‪ :‬سبحان اهلل وتعاىل عن ذلك»‪.‬‬
‫(((‬

‫«مل أ ك���ن بال���ذي أعبد ّرب���ا مل أره‪ ...‬مل تره العيون مبش���اهدة األبصار ولكن رأته‬
‫(((‬
‫القلوب حبقائق اإلميان»‪.‬‬
‫«‪ ...‬حضـرت أبا جعفر؟ع؟ فدخل عليه رجل من الخ وارج فقال له‪ :‬يا أبا جعفر‬
‫شء تعبد؟ قال‪ :‬اهلل‪ .‬قال‪ :‬رأيته قال مل تره العيون مبش���اهدة العيان ولكن‬ ‫ّ‬
‫أي ي‬
‫(((‬
‫رأته القلوب حبقائق اإلميان»‪.‬‬
‫«إن ر ّ يب ال یوص���ف بالبع���د‪ ...‬لطی���ف اللطافة ال یوص���ف باللطف‪ ،‬عظمی‬ ‫ّ‬
‫الاللة‬
‫العظم���ة ال یوصف بالعظم‪ ،‬كبیر الكبـر یاء ال یوصف بالكبـر‪ ،‬جلیل ج‬
‫ال یوص���ف بالغل���ظ‪ ،‬رؤوف الرمحة ال یوص���ف ّ‬
‫بالرقة‪ ...‬هو يف األش���یاء عىل‬
‫كشء يف‬
‫غی���ر ممازج���ة‪ ،‬خارج مهنا ع�ل�ى غیر مباین���ة‪ ...‬داخل يف األش���یاء ال ي‬
‫(((‬
‫شء خارج»‪.‬‬
‫كشء من ي‬
‫شء داخل‪ ،‬وخارج مهنا ال ي‬
‫ي‬
‫ً‬
‫الكاف‪.85 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،340 / 1 ،‬نقال عن‬
‫‪ .1‬ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪323 / 3 ،‬؛ عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،327 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .4‬االختصاص‪.236 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.108 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،17 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪312‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«لیس يف األشیاء بوالج وال عهنا خبارج»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬
‫«هو يف األش���یاء كلها غیر متمازج هبا وال بائن عهنا‪ ،‬ظاهر ال بتأویل املباشـرة‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫متجل ال باسهتالل رؤیة‪ ،‬بائن ال مبسافة‪ ،‬قر یب ال مبداناة»‪.‬‬
‫«مل حیلل يف األش���یاء فیقال‪ :‬هو فهیا كائن‪ ،‬ومل ینأ عهنا فیقال‪ :‬هو عهنا بائن‪،‬‬
‫ومل یخ���ل مهنا فیقال أین‪ ،‬ومل یق���رب مهنا باال لتزاق‪ ،‬ومل یبعد عهنا باالفتراق‪،‬‬
‫كیفیة وهو أقرب إلینا من حبل الور ید وأبعد من الشبه‬ ‫بل هو ف األشیاء(((‪ .‬بال ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫من كل بعید»‪.‬‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬‫اإلمام ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ومیئه من غیر تنقل»‪.‬‬ ‫«علوه من غیر توقل‪ ،‬ج‬
‫«هو يف األشیاء كائن ال كینونة حمظور هبا علیه ((( ومن األشیاء بائن ال بینونة‬
‫(((‬
‫غائب عهنا»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء»‪.‬‬
‫(((‬
‫«فاهلل تبارك وتعاىل داخل يف كل مكان وخارج من كل ي‬
‫ّ‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل ال یوصف بزمان وال مكان وال حركة وال انتقال وال سكون‪،‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫لاّ‬ ‫ّ ّ‬
‫فإن كل ذلك ليس إ ملكة لالمتداد‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.304 / 4 ،‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫‪ .3‬وه���ذا ه���و معىن ّ‬
‫خاص م���ن الدخول ال يليق إ به تع���اىل وال يعرف إ بأنه م���ا ليس بدخول يف‬
‫األشياء‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪.301 / 4 ،‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي املخلوق الذي ال يكون إ كذلك‪.‬‬ ‫‪ . 6‬بخ الف‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪.301 / 4 ،‬‬
‫والكاف‪.104 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 8‬حبار األنوار‪298 / 4 ،‬‬
‫ا‬
‫ّصاخلاو ّماعلا فصول‬ ‫‪313‬‬

‫ًّ‬ ‫بل هو خالق الزمان واملكان واحلركة والسكون‪ ،‬تعاىل ّ‬


‫علوا‬ ‫عما یقول الظاملون‬
‫ً‬
‫(((‬
‫كبیرا»‪.‬‬
‫حي ال يك���ون غيرك‬ ‫«الله���م ّربن���ا كن���ت ومل يكن قبل���ك شء وأنت تك���ون ن‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مس���تقرك أنت‬ ‫شء‪ ...‬ال يس���تطيع أحد أن ينعت عظمتك وال يعلم أحد أين‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫شء ومع كل ي‬ ‫شء وأمام كل ي‬ ‫شء وأنت وراء كل ي‬ ‫فوق كل ي‬
‫اإلمام أبو احلسن اهلادي؟ع؟ ‪:‬‬
‫ن‬
‫الواصفی‪ ...‬فه���و‪ ...‬باملكان‬ ‫ن‬
‫املتوهمّی‪ ...‬وتالش���ت أوصاف‬ ‫«تاهت أوه���ام‬
‫الذي مل تقع علیه الناعتون بإشارة وال عبارة ههیات‪ ،‬ههیات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫ّ‬
‫املتجزئ‬ ‫وغیرها ّمما ال حییص من النصوص والعبارات‪ ،‬وقلنا ّإن يّ‬
‫املنف يف ذلك كله هو املعین‬
‫اص باهلل تعایل فال تناقض‪.‬‬‫ال ّ‬‫التجزي خ‬
‫اص باملخلوق‪ ،‬واملثبت هو املعین املتعال عن ّ‬ ‫خ‬
‫ال ّ‬
‫ي‬
‫قال الصدوق ّقدس سـره‪:‬‬
‫بكل صف���ة عنها ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضدها‪،‬‬ ‫إذا وصفن���ا اهلل تب���ارك وتعالى بصفات ال ��ذات فإنما ننفي‬
‫ّ‬ ‫فمت���ى قلن���ا‪ّ :‬إنه ّ‬
‫حي‪ ،‬نفینا عنه ّ‬
‫ضد الحیاة وهو الم ��وت‪ ،‬ومتى قلنا‪ :‬إنه علیم‪ ،‬نفینا‬
‫ضد العلم وهو الجهل‪ ...،‬ومتى قلنا‪ :‬قادر‪ ،‬نفینا عنه العجز‪ ،‬ولو لم نفعل ذلك‬ ‫عنه ّ‬
‫ً‬
‫بصیرا‪ّ ...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫فلما‬ ‫حیا علیما س ��میعا‬ ‫أثبتن���ا معه أش���یاء لم تزل معه‪ ،‬ومتى قلنا‪ :‬ل ��م یزل‬
‫ضدها أثبتنا‬‫جعلن���ا معنى ّكل صفة من ه���ذه الصفات التي هي صفات ذاته نف���ي ّ‬
‫ً‬
‫ّأن اهلل لم یزل واحدا ال ش���يء معه‪ .‬ولیست اإلرادة والمشيئة والرضا والغضب وما‬
‫ّ‬
‫یشبه ذلك من صفات األفعال بمثابة صفات الذات ألنه ال یجوز أن یقال‪ :‬لم یزل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫مریدا شائیا كما یجوز أن یقال‪ :‬لم یزل قادرا عالما‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،330 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫َ‬ ‫مْ ُ تهَ َ ّ ُ َ ْ َ َ لأْ َ ن َ لإْ ْ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،128 / 87 ،‬عن ال ِجد‪ ،‬والبلد ا ِمي‪ ،‬وا ِ خ ِتيار‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪،160 / 4 ،‬عن اإلحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.148 ،‬‬
‫نسبة اهلل تعالی مع الصفات‬
‫‪316‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬


‫ً‬
‫▪ ّإن اهلل تعاىل یوصف بصفات عینا أو زائدة‪...‬‬

‫ّ‬
‫الحق ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن‪:‬‬ ‫وهذا الفصل یحقق‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫▪اهلل جل وعال متعال عن الصفات مطلقا‪،‬‬
‫افصلا عم یلاعت هللا ةبسن ‬ ‫‪317‬‬

‫ّ‬
‫جل وع�ل�ا أهي ن‬ ‫صف���ات خ‬
‫عی ذات���ه أم زائدة علهی���ا أم ال ذاك ال ذا؟! هاهنا‬ ‫الال���ق‬
‫نظر یات‪:‬‬
‫‪ّ . 1‬إن اهلل تعاىل ّمتصف بصفات زائدة عىل ذاته‪،‬‬
‫صفاتا _ هي من باب الصفة واملوصوف _ وهي ن‬ ‫ً‬
‫عی ذاته املتعالیة‪،‬‬ ‫‪ّ . 2‬إن هلل تعاىل‬
‫یتی كلتهیما‬ ‫احل���ق ّأن النظر ن‬ ‫ولكن ّ‬ ‫مدرس���ة الفلس���فة ّتدعي ّ‬
‫صح���ة النظر ّیة الثانی���ة‪ّ ،‬‬
‫لاّ‬ ‫فإن البحث عن ز یادة الصفات عىل الذات أو ّ‬ ‫باطلتان‪ّ ،‬‬
‫عینیهتا معها ال یستقمی إ بعد‬
‫لاّ‬ ‫ف���رض كون ال���ذات قابلة ّ‬
‫لالتصاف بالصفات‪ ،‬وذلك ال میك���ن إ بعد فرض أن یكون‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وموصوفا‪ ،‬وذلك ّ‬
‫الشء‬ ‫ي‬ ‫فرضنا‬ ‫إذا‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫عددی‬ ‫ة‬ ‫امتدادی‬ ‫الذات‬ ‫كون‬ ‫عىل‬ ‫ع‬ ‫متفر‬ ‫هناك صفة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عینیة ذاته مع الصفات حماال ثبوتا‪ ،‬لشهادة كل صفة أنهّ ا‬ ‫عددیا‪ ،‬فیكون فرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫امتدادیا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مجیعا باال قتران ّ‬
‫املتفرع‬ ‫غیر املوصوف‪ ،‬وش���هادة كل موصوف ّأنه غیر الصفة‪ ،‬وشهادهتما‬
‫املتعال عن االمتداد واملبائن‬ ‫امتدادیة الشء املس���تلزم حلدوثه‪ ،‬فال یكون خ‬
‫الالق‬ ‫ّ‬ ‫عىل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫للعدد بصفة وال موصوف‪.‬‬
‫ّ‬
‫عددیة‬ ‫ّ‬
‫امتدادیة‬ ‫یتفرع عىل كون الذات‬ ‫وكما ّأن احلكم بز یادة الصفات عىل الذات‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫أیضا ّ‬‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متفرع عىل فرض أن یكون هناك صفة وموصوفا‪،‬‬ ‫بالعینیة‬ ‫متجزئة‪ ،‬فكذلك احلكم‬
‫ّ‬
‫البدهییات‪.‬‬ ‫عینیة الذات والصفة من‬ ‫وحینئذ فامتناع ّ‬
‫‪318‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫منزهة ع���ن اال ّتصاف‬


‫وأم���ا إذا كان���ت ال���ذات متعالیة ع���ن االمتداد والع���دد‪ّ ،‬‬
‫ه���ذا‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫العینیة‪ ،‬بل هو تعاىل هو‪ ،‬لیس شیئا غیره‪،‬‬ ‫بالصفات‪ ،‬فال یبىق جمال للبحث عن الز یادة أو‬
‫ً‬
‫واحد ال من عدد‪ ،‬فال صفة وال موصوف هناك موضوعا‪ ،‬وهو ذات‪ ،‬علم‪ ،‬قدرة‪ ،‬حیاة‪،‬‬
‫وكل هذه صفات إقرار ال إحاطة ّ‬ ‫ّ‬
‫وتوهم ذات املستلزم لالمتداد واألجزاء‪.‬‬ ‫نور‪ ،‬مسع‪ ،‬بصـر‪،‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫بعضا ىّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امتدادیا‬ ‫حت یكون‬ ‫فهو علم كله‪ ،‬قدرة كله؛ حیاة كله‪ ،‬ال ّأن الكل منه یكون له‬
‫ّ ً‬
‫متجز یا‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫نف الصفات‬ ‫ّ‬
‫«أول عبادة اهلل معرفت���ه‪ ،‬وأصل معرفته توحیده‪ ،‬ونظام توحیده ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن���ه‪ ،‬جل عن أن حتله الصفات لش���هادة العق���ول ّأن كل من حلته الصفات‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫مصنوع وشهادة العقول أنه جل جالله صانع ليس مبصنوع»‪.‬‬
‫ن�ف�� الصفات عنه‪،‬‬
‫«‪ ...‬وكم���ال توحی���ده اإلخالص ل���ه‪ ،‬وكمال اإلخالص له ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫لشهادة كل صفة أنهّ ا غیر املوصوف‪ .‬وشهادة كل موصوف أنه غیر الصفة‪.‬‬
‫جزأه‬ ‫مف���ن وصف اهلل فق���د قرنه‪ ،‬ومن قرنه فقد ّثناه‪ ،‬ومن ّثن���اه فقد ّ‬
‫جزأه‪ ،‬ومن ّ‬
‫(((‬
‫فقد جهله»‪.‬‬
‫«‪ ...‬ولیس‪ ...‬كاألشیاء فتقع علیه الصفات»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«ال توصف بصفات‪ ،‬وال تنعت بنعت وال بوصف»‪.‬‬

‫‪ . 1‬اإلرشاد‪ ،223 / 1 ،‬االحتجاج‪ ،200 / 1 ،‬وعنه حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬


‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً لاّ‬
‫‪ .2‬فال صفة وال موصوف هناك أصال‪ ،‬و إ فبعد فرض أن يكون هناك صفة وموصوفا ففرض العينية‬
‫حمال و ّإدعاؤه جزاف‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬الصحيفة العلو ّية‪ ،‬حبار األنوار‪.29 ،‬‬
‫افصلا عم یلاعت هللا ةبسن ‬ ‫‪319‬‬

‫«ال یقال له‪‘‘ :‬كان بعد أن مل یكن’’ فتجري علیه الصفات املحدثات»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫وكل موصوف مصنوع‪ ،‬وصانع األشیاء غیر موصوف ّ‬
‫حبد ّ‬
‫(((‬
‫مسمى»‪.‬‬ ‫«‪...‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«‪ ...‬فأمس���اؤه تعبی���ر‪ ،‬وأفعاله تفهمی‪ ،‬وذات���ه حقیقة‪ ،‬وكهنه تفر ی���ق بینه ن‬
‫وبی‬
‫خلقه‪ ،‬وغیوره حتدید ملا س���واه‪ ،‬فقد جهل اهلل من استوصفه‪ ...‬ومن ّ‬
‫جزأه فقد‬
‫وصفه‪ ،‬ومن وصفه فقد أحلد فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫أب احلسن؟ع؟ ‪:‬‬ ‫بخ‬


‫ط ي‬
‫«‪ ...‬املمتنع من الصفات ذاته»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫فإن نفس اال ّ‬


‫عددیا خملوقا‪:‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫الشء‬
‫ي‬ ‫لكون‬ ‫مستلزم‬ ‫بالصفات‬ ‫صاف‬ ‫ت‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬
‫(((‬
‫«‪ ...‬ومل حتط به الصفات فیكون بإدرا كها ّإیاه باحلدود متناهیا»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫«وال ّ‬
‫(((‬
‫[امتدادیا]»‪.‬‬ ‫حتد [أي ال توصف] فتكون حمدودا‬
‫«هو مسیع بصیر‪ ،‬مسیع بغیر جارحة‪ ،‬وبصیر بغیر آلة‪ ،‬بل یسمع بنفسه‪ ،‬ویبصـر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ش‏ء والنفس‬
‫قول‪‘‘ :‬إنه يسمع‏ بنفس��� ‏ه ويبصـر بنفسه»‪ ،‬أنه ي‬
‫بنفس���ه‪ ،‬ولیس ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،255 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،229 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،284 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ٌ َ ُ َْ ََََ‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،263 / 98 ،‬دعاء آخر ِ يف يو ِم عرفة ع ِن الص ِاد ِق؟ع؟‪.‬‬
‫‪320‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫نفس إذ كنت مس���ئوال و إفهام���ا لك إذ‬ ‫ولك�ّن�ي أردت عب���ارة ع���ن ي‬
‫ي‬ ‫شء آخ���ر‪،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫بعض‪،‬ولكن أردت إفهامك‬
‫ي‬ ‫كنت س���ائال‪ ،‬فأقول‪ :‬یس���مع بكله ال أن كله ل���ه‬
‫لاّ ّ‬
‫�س��‪ ،‬ولیس مرجع���ي يف ذلك إ أن���ه الس���میع البصیر العامل‬ ‫والتعبی���ر ع���ن نف ي‬
‫(((‬
‫الخ بیر بال اختالف الذات وال اختالف معىن»‪.‬‬
‫تقول املعرفة البشـر ّیة‪:‬‬
‫الكمالیة _ التي تكون عین ال ��ذات _ فكمال التوحید هو إثباتها له‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ّ‬ ‫«الصف���ات‬
‫ال���ذات الفاق���دة لها تك���ون مح ��دودة لخروجها عن تل ��ك الذات _ وال ش ��يء من‬
‫ّ‬
‫كمالیة هي عین ذاته فقد‬ ‫المح���دود بواجب وال خالق _ فمن وصفه تعال ��ى بصفة‬
‫وحده فقد ّنزهه عن العدد‪ ،‬ومن ّ‬
‫قدس ��ه عن العدد فقد أثبت أزله‪،‬‬ ‫وحده‪ ،‬ومن ّ‬
‫(((‬
‫وكذلك یوصف اهلل سبحانه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المنفیة‪ ،‬هي الزائدة منها على الذات ألنها التي تش ��هد على‬ ‫«الم���راد من الصف���ات‬
‫(((‬
‫المغایرة كشهادة الموصوف بها علیها»‪.‬‬
‫ّ‬
‫البشـریة من نواح‪:‬‬ ‫یقع اإلشكال في ما قالته المعرفة‬

‫األوىل‪ :‬كم���ال التوحی���د واإلخ�ل�اص يف التوحی���د‪ ،‬ه���و ي‬


‫ن�ف�� الصفات ع���ن اهلل تعاىل‬
‫لاّ‬
‫صـرح به أولیاء الوحي‪ ،‬و إ بعد فرض كون الذات ّمتصفة بالصفات‬ ‫عىل اإلطالق كما ّ‬
‫ّ‬
‫القمي يف شـرح خطبة موالنا اإلمام‬ ‫القاض السعید‬ ‫ّ‬
‫موضوعي‪ ،‬یقول‬ ‫ّ‬
‫العینیة حمال‬ ‫فإدعاء‬‫ّ‬
‫ي‬
‫الرضا؟ع؟ عند قوله ؟ع؟‪« :‬وأصل معرفة اهلل توحیده»‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫«‪ ...‬وذل���ك أي ه���ذا التوحی���د إنم ��ا ینتظ ��م ب ��أن ننف ��ي الصفات عن ��ه تعال ��ى عینا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وزی���ادة‪ ،‬بمعنى أن���ه لیس ذاته س ��بحانه مصداقا لتل ��ك المفهومات كم ��ا ّأن غیره‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،70 / 4 ،‬عن التوحید ‪.‬‬


‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬
‫اإلهلية‪.47 _ 46 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهلية‪.46 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫افصلا عم یلاعت هللا ةبسن ‬ ‫‪321‬‬

‫كذل���ك‪ ،‬ب���ل صفاته ج���ل س���لطانه ‘‘صفات إق ��رار’’ ال ‘‘صف ��ات إحاط ��ة’’ وانتزاع‪.‬‬
‫و إلى هذا أش���ار؟ع؟ بقول���ه‪ :‬ونظام توحید اهلل نفي الصفات عن ��ه‪ .‬أي الذي ینتظم‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫حقیقیا‪ ،‬هو نفي الصفات عنه‪،‬‬ ‫موحدا‬ ‫الحقیقي ویصیر به العارف باهلل‬ ‫ب���ه التوحید‬
‫بمعنى إرجاع جمیع صفاته الحسنى إلى سلب نقائصها ونفي متقابالتها ال ّأن هاهنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ذاتا وصفة قائمة بها أو بذواتها أو أنها عین الذات‪ ...‬لشهادة العقول ّأن كل صفة‬
‫وموصوف مخلوق‪.‬‬
‫ه���ذا إبطال للق���ول بالصف���ات ّ‬
‫العینیة والزائ ��دة العارض ��ة‪ ،‬أي العق ��ل الصـریح غیر‬
‫بمخلوقیة الصفة والموصوف سواء كانت الصفة‬ ‫ّ‬ ‫المشوب بالشبه والشكوك یحكم‬
‫ّ‬
‫عینیة أو زائدة قائمة بذاته تعالى»‪.‬‬
‫ً‬
‫ّمث یقول بعد توضیح البـرهان عىل بطالن القول بالصفات عینا وز یادة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«هذا ّكله مع قطع النظر عن استحالة ّ‬
‫العینیة وامتناع اتحاد الذات والصفة‪ .‬إذ الذات‬
‫ه���و المحتاج إلیه المس���تغني بذاته‪ ،‬والصفة هي المحت ��اج المفتقر إلى الموصوف‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ومن ّ‬
‫البین امتناع اتحادهما للزوم كون المحتاج محتاجا إلیه وبالعكس‪ ،‬المستلزم‬
‫الحتیاج الشيء إلى نفسه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«قدس اهلل روحه»‪:‬‬ ‫السیوري ّ ّ‬


‫احلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫و یقول الفاضل املقداد بن عبد اهلل‬
‫ي‬
‫ً‬
‫أصال كما أشار إلیه ّ‬ ‫ّ‬
‫ولي اهلل بقوله‪:‬‬ ‫«إنه لیس له صفة زائدة على ذاته بل لیس له صفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وكمال اإلخالص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غیر الموصوف»‪.‬‬
‫ّ‬
‫واملخلوقیة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املعلولیة‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ وآیتا‬ ‫الثانیة‪ :‬الوجدان والفقدان ملكة وعدم للموجود‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والالحمدودیة أیضا تكون من صفات األ قدار وملكاهتا‪.‬‬ ‫املحدودیة‬ ‫الثالثة‪:‬‬

‫حممد بن ّ‬
‫حممد‪ ،‬شـرح توحيد الصدوق‪.119 _ 115 / 1 ،‬‬ ‫القم ّي‪ّ ،‬‬
‫‪ . 1‬القاضـي‪ ،‬سعيد ّ‬
‫‪ .2‬الفاضل املقداد‪ ،‬اللوامع ّ‬
‫اإلهلية‪.79 ،‬‬
‫‪322‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫داخال فیه ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ خ‬
‫فإن‬ ‫شء خارجا عنه أو‬ ‫الرابعة‪ :‬إن الالق تبارك وتعاىل ال یوصف بكون ي‬
‫ّ‬
‫االمتدادیة‪.‬‬ ‫شء ملكة للذات‬ ‫خ‬ ‫خ‬
‫الروج وعدم الروج عن ي‬
‫الشء عن االمتداد واألجزاء والوجدان والفقدان‬‫ي‬ ‫الخ امسة‪ :‬التنز یة من العدد‪ ،‬هو تنز یه‬
‫ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومتحدا مع‬ ‫الشء المتناهیا صـرفا‬
‫والالحمدودیة‪ ،‬فال یصح تفس���یرها بكون ي‬ ‫واملحدودیة‬
‫ً‬
‫األشیاء بأعیاهنا واجدا لذواهتا وكماالهتا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫السادس���ة‪ :‬إذا كانت هناك ذات وصفات‪ ،‬ف�ل�ازم عدم تناهي كل مهنا هو غیر ّية كل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الزء اآلخ���ر‪ ،‬بل التناق���ض وحتدید كل مهنا ألخهت���ا‪ ،‬ال احلكم‬
‫ج���زء م���ن كل صف���ة مع ج‬
‫ً‬
‫وعینیهتا مع الذات كما ّتدعي الفلسفة ذلك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بعینیهتا مجیعا‬
‫جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫أي كثرة تمایز ال في‬‫القرآني‪ ...‬یثبت من الوحدة ما ال یستقیم معه فرض ّ‬‫ّ‬ ‫«التعلیم‬
‫ّ‬
‫ال���ذات وال ف���ي الصفات‪ ،‬وكل ما فرض من ش ��يء في هذا الب ��اب كان عین اآلخر‬
‫ّ‬ ‫لع���دم ّ‬
‫(((‬
‫الحد‪ ،‬فذاته تعالى عین صفاته‪ ،‬وكل صفة مفروضة ل ��ه عی ��ن األخ ��رى»‪.‬‬
‫ً‬
‫�ارة یبطل التفرقة _ ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫أي تفرق ��ة مفروضة _ بین‬ ‫«إن ك���ون ذات���ه المتعالیة واحدة قه �‬
‫ال���ذات والصفات‪ ،‬فالذات عین الصف ��ات والصفات بعضها عین بعض فمن عبد‬
‫الذات عبد الذات والصفات‪ ،‬ومن عبد علمه فقد عبد ذاته‪ ،‬ومن عبد علمه ولم‬
‫یعبد ذاته فلم یعبد ال علمه وال ذاته وعلى هذا القیاس»»‬
‫(((‬

‫علو ونزاهة‪ ...‬من أن ّیتصف بشيء من األمثال الحسنة والصفات‬


‫«هو سبحانه ذو ّ‬
‫الجمیل���ة الكریمة بمعانیها التي ّیتصف بها غی ��ره كالحیوة والعلم والقدرة و‪ّ ...‬‬
‫فإن‬
‫الكمالیة الممكنات محدودة متناه‪ّ ...‬‬
‫لكن‬ ‫ّ‬ ‫الذي یوجد من هذه الصفات الحسنة‬
‫الذي له سبحانه من الصفات محض الكمال وحقیقته غیر محدودة وال متناه‪.»...‬‬
‫(((‬

‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.91 / 6 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.176 / 11 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.279 / 13 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫افصلا عم یلاعت هللا ةبسن ‬ ‫‪323‬‬

‫ّ‬
‫«إن الكم���االت التي هي صفات الوجود كالعلم والقدرة والحیوة والس ��مع والبصـر‬
‫عد في اآلیات السابقة أو‬‫مما ّ‬
‫والوحدة والخلق والملك والغنى والحمد والخبـرة _ ّ‬
‫لم ّ‬
‫یعد _ صفات قائمة به تعالى على حس ��ب ما یلیق بس ��احة كبـریائه ّ‬
‫وعز قدسه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وجودیة والوجود قائم به تعالى»‪.‬‬ ‫ألنها صفات‬
‫و نقول‪:‬‬
‫الال���ق تعایل ال یوصف‬‫بأن خ‬ ‫الواقع���ي تقول ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلهل���ي والبـرهان‬ ‫‪ّ .1‬إن مدرس���ة الوح���ي‬
‫ً‬
‫مطلق���ا‪ ،‬وتقول ّإن امتن���اع ّ‬
‫التعدد والتمایز يف ال���ذات املتعالیة یكون من جهة‬ ‫بالصف���ات‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫منزها عن االمت���داد و إمكان اال ّتصاف بالتناهي وع���دم التناهي‪ ،‬ال من‬ ‫كون���ه ج���ل وعال‬
‫ً‬
‫حیث كونه ال متناهیا وغیر حمدود‪.‬‬
‫‪ّ .2‬إن الزم كون الذات والصفات ال متناهیة غیرحمدوده _ كما تفرضه الفلسفة والعرفان‬
‫عی األخرى‪،‬‬‫عینیهتا وكون ّكل مهنا ن‬‫_ ه���و تعارض الوجودات الالمتناهیة ف الوجود ال ّ‬
‫ي‬
‫خ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الت تكون أمرا موهوما من ضیق الناق‬ ‫ي‬ ‫الصـرف‬ ‫الوجود‬ ‫حقیقة‬ ‫إىل‬ ‫ذلك‬ ‫كل‬ ‫و إرجاعهم‬
‫لاّ‬ ‫وألج���ل الوصول إىل النتیجة الت ّ‬
‫عینوها من قبل و إ فتعارض الوجودات الالمتناهیة‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫مفما ال یعتر یه ر یب‪.‬‬ ‫مصداقا مع الفرض املذكور ّ‬ ‫وامتناع كوهنا ّمتحدة‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .3‬إن كم���ال التوحی���د هو نف الصفات عن خ‬
‫الال���ق جل وعال‪ ،‬و إ مفع فرض وجود‬ ‫ي‬
‫ً ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذات والصفة وقیام الصفات الوجودیة به تعاىل فعینیهتما تكون حماال ثبوتا‪ ،‬وعلیه مفن‬
‫ً‬
‫عبد الذات والصفات فقد أشـرك باهلل ومن عبد الصفات فلم یعبد شیئا‪.‬‬
‫املحدودی���ة يف الوجود خطأ واضح‪ ،‬مفا تقوله الفلس���فة من‬‫ّ‬ ‫‪ .4‬تفس���یر القهار ّی���ة بعدم‬
‫ّ‬
‫املحدودیة وعدم‬ ‫واللق هو القهار ّیة واملقهور ّی���ة مبعىن‬‫الال���ق خ‬ ‫بی صفات خ‬ ‫ّأن الف���ارق ن‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫الالق خ‬ ‫املحدودیة حبیث یصبح بالنتیجه كون خ‬ ‫ّ‬
‫واللق واحدا ذاتا وصفة ال ینس���ب إىل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬
‫البـرهانیة إ جورا واعتسافا‪.‬‬ ‫القرآنیة‬ ‫التعالمی‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.236 / 16 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪324‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫هل أسماء اهلل تعالى وأوصافه‬
‫ّ‬
‫توقیفیة أم ال؟!‬
‫‪326‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّتدعي المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬


‫▪ أنهّ���ا میكهنا الوصول إىل معرف���ة الخ الق ّ‬
‫حق معرفته‪ ،‬فله���ا توصیف الذات‬
‫ّ‬
‫املتعالیة مبا تفهمه وتصل إلیه‪،‬‬
‫نّ‬
‫ویردّ هذا الفصل علیها بأ ه‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫بتوهم أنه من صفات الخ الق یكون خطأ وجهالة‪،‬‬ ‫▪ كل ما وصل إلیه املخلوق‬
‫لاّ‬
‫▪ ّإن اهلل تعاىل ال یوصف إ مبا وصف به نفسه‬
‫ّ‬
‫موضوعي‪،‬‬ ‫▪ وصول املخلوق إىل ما یلیق بالخ الق من الصفات واألمساء حمال‬
‫ً‬
‫فال تصل النوبة إىل البحث عن جواز التسمیة والوصف بذلك شـرعا‪ ،‬بل هذا‬
‫ّ‬
‫التوقیفية يف احلقیقة‬ ‫هو املراد من‬
‫ّ‬ ‫▪ ّكل واص���ف غیر أهل‏بیت ّ‬
‫النبوة _ وهم ترامجة وحي اهلل وحمال توحیده _ فقد‬
‫وصف الخ الق بصفات الخ لق‬
‫عی التش���بیه والتش���بیه ف ن‬
‫عی التنز یه’’ خطأ فاحش‪،‬‬ ‫▪ القول ‘‘بالتنز یه ف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وأفحش من ذلك قول القائل بـ ‘‘التنز یه عن التنز یه والتشبیه’’‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪327‬‬

‫االمتدادي ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬


‫املكیف‪ ،‬فلیس املراد‬ ‫ّ‬ ‫ّإن املخلوق ال یصل بكل ما میلكه إ إىل املخلوق‬
‫ّ‬
‫التوقف عىل األ لف���اظ من حیث إنهّ ا الفاظ ّ‬ ‫ّ‬
‫فق���ط مع إمكان درك‬ ‫توقیفی���ة األمساء‪،‬‬ ‫م���ن‬
‫حت یبحث عن جواز التوصیف والتسمیة أو عدم‬ ‫األوصاف واألمساء الالئقة باهلل تعاىل ىّ‬
‫ً‬
‫جوازمها شـرعا‪.‬‬
‫ّ‬
‫املتعمق���ون ف ذات اهلل بعقوهل���م و یضعون بإزاء م���ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف�ب�م ّ‬
‫یتصو رون‬ ‫ي‬ ‫یغت���ر املتفك���رون‬
‫ً‬
‫بأوهامهم من إدراك ذات اهلل وصفاته ألفاظا وأسامي فیصفونه هبا؟!‬
‫املعان واملفاهمی الصحیحة محلها عىل اهلل تعاىل خارجة عن ما یصل إلیه املخلوق‬ ‫ي‬ ‫ّإن‬
‫ً‬ ‫ىّ‬
‫حت یضع بإزائه ألفاظا وأسامي‪ ،‬فال تصل النوبة إىل البحث عن جواز التسمیة وعدمه‬
‫ّ‬
‫الشـرعي‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«لیس له صفة تنال وال له ّ‬
‫حد یضـرب فیه األمثال»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل أعىل وأجل من أن یبلغ كنه صفته‪ ،‬فصفوه مبا وصف به نفس���ه وكفوا‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫عما سوى ذلك»‪.‬‬
‫‪ . 1‬الغارات‪.172 / 1 ،‬‬
‫الكاف‪.102 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪328‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام اهلادي؟ع؟ ‪:‬‬


‫ن‬
‫الواصفی‪ ...‬فه���و‪ ...‬باملكان‬ ‫ن‬
‫املتوهمّی‪ ...‬وتالش���ت أوصاف‬ ‫«تاهت أوه���ام‬
‫الذي مل تقع علیه الناعتون بإشارة وال عبارة ههیات‪ ،‬ههیات»‪.‬‬
‫(((‬

‫أی���ن األعم���ى عن رؤ ی���ة أل���وان الطواو یس؟! وأین األح���ول عن رؤ ی���ة الواحد بعینه‬
‫ً یّ‬ ‫ىّ‬
‫احلوالء؟! وأن للعقل إدراك ما ال یدرك مطلقا‪ ،‬وأن له الوصول إیل املعرفة الالئقة باهلل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫تعایل ىّ‬
‫التوقیفیة شـرعا؟!‪:‬‬ ‫حت یبحث عن جواز الوصف أو التسمیة أو‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫احلواس أن تدركه؟»!‬ ‫«وكیف یوصف الذي تعجز‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ن‬
‫املتوهمّی»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«وفات ّ‬
‫لعلوه عىل األشیاء مواقع رجم‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء من الصفة‪ ،‬فقال فرفع یدیه إىل السماء‬ ‫«‪ ...‬سألت أبا عبد اهلل؟ع؟ عن ي‬
‫(((‬
‫تی»‪.‬‬ ‫ال ّبار‪ّ ،‬إنه من تعاطى ما ّمث هلك‪ ،‬یقوهلا ّ‬
‫مر ن‬ ‫ّ‬
‫مث قال‪ :‬تعاىل اهلل ج‬
‫ومل خیتل���ف فیه؟ قیل هل���م‪ :‬لقصـر األوهام ع���ن مدى عظمته‬
‫«‪...‬ف���إن قال���وا َ‬
‫ّ‬
‫وتعدهی���ا أقدارها يف طلب معرفته‪ ،‬وأنهّ ا تروم اإلحاطة به وهي تعجز عن ذلك‬
‫الت یقع علهیا البصـر ویدركها احلس‪،‬‬
‫وما دونه‪ ...‬و إذا كانت هذه الش���مس ي‬
‫ق���د عجزت العقول ع���ن الوقوف ع�ل�ى حقیقهتا فكیف ما لط���ف عن ّ‬
‫احلس‬
‫واستتر عن الوهم؟!»‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،160 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،303 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،264 / 3 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪329‬‬

‫ن‬
‫تعیی كنه وجود‬ ‫ومن هنا ترى الذین ّادعوا معرفة حقیقة الذات ّ‬
‫اإلهلیة والوصول إىل‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫خ‬
‫الال���ق وصفات���ه ال یعرفونه وال یصفونه إ مبا یكون كماال عندهم وضاللة وجهالة عند‬
‫غیرهم من أهل املعرفة والمكال‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫عما یصفه الواصفون املش�ّبشهّ ون اهلل تبارك وتعاىل خبلقه‪ ،‬املفترون‬
‫«تعاىل اهلل ّ‬
‫عىل اهلل‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«إهل���ي بدت قدرت���ك ومل تبد هیئته فجهل���وك وبه ّ‬
‫ق���دروك‪ ،‬والتقدیر عىل غیر‬
‫ّ‬
‫ما به وصفوك‪ ،‬و يإن بـريء یا إهلي من الذین بالتشبیه طلبوك‪ ،‬لیس كمثلك‬
‫شء‪ ،‬إهلي ولن یدركوك‪ ،‬وظاهر ما هبم من نعمك دلیلهم علیك لو عرفوك‪.‬‬ ‫ي‬
‫ثمَ َّ‬
‫وف خلق���ك ی���ا إهل���ي مندوح���ة أن یتناول���وك‪ ،‬ب���ل س ّ���ووك خبلق���ك ِمف���ن مل‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یعرف���وك‪ ،‬واتخ���ذوا بعض آیات���ك رب���ا فبذلك وصف���وك‪ ،‬تعالی���ت ر ب ّ‬
‫عما به‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫املشبهّ ون نعتوك»‪.‬‬
‫(((‬
‫یسم به نفسه»‪.‬‬ ‫«‪ ...‬فلیس لك أن ّ‬
‫تسمیه مبا مل ّ‬
‫ًّ‬
‫جلیا بطالن ما قد یقال‪:‬‬ ‫وبذلك فقد یظهر لك‬
‫ّ‬
‫توقیفیة أسماء اهلل تعالى‬ ‫مما ّ‬
‫تقدم أن ال دلیل على‬ ‫تبین ّ‬
‫توقیفیة؟ ّ‬
‫ّ‬ ‫«هل أسماء اهلل‬
‫ّ‬
‫الفقهي‬ ‫التفسیري و ّإما البحث‬
‫ّ‬ ‫من كالمه بل األمر بالعكس‪ ...‬هذا بالنظر إلى البحث‬
‫فن الفقه‪ ،‬واالحتیاط في الدین یقتضي االقتصار في التسمیة بما ورد من‬‫فمرجعه ّ‬
‫(((‬
‫مجرد اإلجراء واإلطالق من دون تس ��میة فاألمر فیه س ��هل»‪.‬‬ ‫طریق الس���مع ّ‬
‫وأما ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،361 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫أمال الصدو ق‏‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،293 / 3 ،‬عن ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،326 / 10 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.359 _ 358 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪330‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإن س���بیل العقالء يف هذا املضمار لیس إ سبیل النملة يف طلب معرفة خالقه من‬
‫تلقاء نفسه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫میزمت���وه بأوهامك���م يف أدق معانی���ه خملوق مصنوع مثلك���م‪ ،‬مردود‬‫«كل م���ا ّ‬
‫ولعل النمل الصغار ّ‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫زبانیتی‪.‬‬ ‫تتوهم ّأن هلل تعاىل‬ ‫إلیكم‪،‬‬
‫ف���إن ذلك كماهلا ّ‬
‫وتتوه���م ّأن عدمها نقصان ملن ال ّیتصف هبما‪ ،‬وهكذا حال‬ ‫ّ‬
‫العقالء يف ما یصفون اهلل تعاىل به»‪.‬‬
‫(((‬

‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫لاّ‬
‫«إن الخ ال���ق ال یوصف إ مبا وصف به نفس���ه‪ ،‬وكیف یوص���ف الخ الق الذي‬ ‫ّ‬
‫احل���واس أن تدركه واألوه���ام أن تناله والخ طرات أن ّ‬
‫ّ‬
‫حت���ده واألبصار عن‬ ‫تعج���ز‬
‫ّ‬
‫ج���ل ّ‬
‫عما یصفه الواصفون‪ ،‬نأى يف قرب���ه‪ ،‬وقرب يف نأیه‪ ،‬كیف‬ ‫اإلحاط���ة به‪،‬‬
‫ّ‬
‫الكیفیة فال یقال له‪ :‬كیف‪ ،‬وأین األین فال یقال له‪ :‬این‪.‬‬
‫واألینونی���ة‪ ،‬فه���و األح���د الصم���د كما وصف نفس���ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكیفوفی���ة‬ ‫ه���و منقط���ع‬
‫َ ْ َ َْ َ ُ َ ُ ُ ُ ً َ‬
‫(((‬
‫ن له‏ كفوا أ َحد>»‪.‬‬‫والواصفون ال یبلغون نعته <ل ْم َي ِلد َول ْم ُيولد َول ْم‏ َيك ْ ‏‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫امل َح ّ ِددون من صف���ات األ قدار وهنای���ات األ قطار وتأثل‬
‫عما ینحل���ه ُ‬
‫«تع���اىل ّ‬
‫ومتكن األما كن‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫(((‬
‫فاحلد لخ لقه مضـروب و إىل غیره منسوب»‪.‬‬ ‫املسا كن‬
‫أجل م���ن أن ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حت���ده ألباب البش���ـر بالتفكی���ر‪ ،‬الحتیط ب���ه املال ئكه عىل‬ ‫«إن���ه‬
‫(((‬ ‫قر هبم من ملكوت ّ‬
‫عزته بتقدیر»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.293 / 69 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،304 / 3 ،‬عن كفاية األ ثر‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،307 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪331‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫عما یصفه الواصفون املش�ّبشهّ ون اهلل تب���ارك وتعاىل خبلقه املفترون‬
‫«تعاىل اهلل ّ‬
‫عىل اهلل‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫«ال تستطاع وصفك‪ ...‬وال تصف العقول صفة ذاتك»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«م���ن وصف اهلل خبالف ما وصف به نفس���ه فقد أعظ���م الفر یة عىل اهلل‏‪ .‬قال‬
‫ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ َّ ُ ْ َ‬
‫وه َو اللطيف الخبير>‪.‬‬ ‫اهلل‪< :‬لا تد ِركه الأبصار وهو يد ِرك الأبصار‬
‫ن مّ‬
‫ال�ت�� يف القل���وب ال تقع‬
‫ي‬ ‫األبصار‬ ‫ه���ي‬ ‫ا‬‫إن‬ ‫ه���ذه األبصار لیس���ت ه���ي األع�ی��‬
‫(((‬
‫علیه األوهام وال یدرك كیف هو»‪.‬‬
‫وعلی���ه ف�ل�ا یكون من یص���ف اهلل تعاىل بغیر ما وصف به نفس���ه واملتجاوز عن حرمی‬
‫ً‬ ‫ّ لاّ‬
‫التوقیفیة إ مشبهّ ا‪:‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«من قال بالتشبیه‪ ...‬فهو كافر مشـرك وحنن منه بـرءاء يف الدنیا واآلخرة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مّ‬
‫والبـر الغ�ل�اة الذین صغروا‬ ‫ی���ا بن خال���د‪ ،‬إنا وضع األخب���ار عنا يف التش���بیه ج‬
‫أحبنا‪ ،‬ومن‬‫عظم���ة اهلل تع���اىل مفن أحبهّ���م فقد أبغضن���ا ومن أبغضه���م فق���د ّ‬
‫وااله���م فق���د عادانا ومن عاداه���م فقد واالن���ا‪ ،‬ومن وصلهم فق���د قطعنا ومن‬
‫قطعهم فقد وصلنا‪ ،‬ومن جفاهم فقد ّبـرنا ومن ّبـرهم فقد جفانا‪ ،‬ومن أ كرمهم‬
‫فق���د أهانن���ا ومن أهاهن���م فقد أ كرمن���ا‪ ،‬ومن قبلهم فق���د ّردنا وم���ن ّردهم فقد‬
‫قبلنا‪ ،‬ومن أحس���ن إلهیم فقد أس���اء إلینا ومن أس���اء إلهیم فقد أحس���ن إلینا‪،‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،261 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،263 / 98 ،‬من أدعیة یوم العرفة‪.‬‬
‫اش‪.‬‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،53 / 4 ،‬عن تفسیر العی ي‬
‫‪332‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫صدقنا‪ ،‬ومن أعطاهم فقد ّ‬ ‫صدقهم فقد ّكذبنا ومن ّكذهبم فق���د ّ‬ ‫وم���ن ّ‬
‫حرمنا‬
‫حرمهم فق���د أعطانا‪ ،‬یابن خالد من كان من ش���یعتنا فال ّیت ّ‬
‫خذن مهنم‬ ‫وم���ن ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫ولیا وال نصیرا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫كیف میكن أن یوصف من ال یوصف‪ ،‬وكیف میكن أن یصف خ‬
‫الالق جل وعال من ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املتجزي؟‬ ‫االمتدادیة واملوجود‬ ‫یدرك وال یصف إ احلقیقة‬
‫بأنه هو ّكل األش���یاء ن‬
‫وعی‬ ‫تتفوه ت���ارة ف وصف اهلل تع���اىل ّ‬ ‫ّ‬
‫ف���إن الفلس���فة والعرف���ان ّ‬
‫ي‬
‫شء و‪...‬‬ ‫یخ‬
‫األعیان وال موجود سواه وال رج عنه ي‬
‫وتناقض نفسها تارة أخرى بقوهلا‪:‬‬
‫حد له‪ ،‬ال شبح له وال صورة!‬ ‫ّإن اهلل لیس بسم! ال ّ‬
‫ج‬
‫ال جزء له وال بعض!‬
‫ماهیته ّإن ّیته‪ ،‬ال نقص فیه وال شبه له وال مثل وال ّ‬
‫ضد! ال شـر یك له!‬ ‫ّ‬

‫عی ذاته!‬‫صفاته ن‬
‫وهو قادر خمتار یر ید و یفعل ال ّ‬
‫یتغیر وال یزول‪ ،‬أز ّل ّ‬
‫أبدي! خالق! موجود بنفسه‪ ،‬ال‬ ‫ي‬
‫إمكان فیه و‪!!...‬‬
‫ّ‬
‫فإن مع وضوح ّأن األشیاء كلها ّمتصفة هبذه األوصاف فكیف میكن سلهبا عن اهلل تعاىل‬‫ّ‬
‫الالق خ‬
‫والالق هو نفس األش���یاء بأعیاهنا؟!!‬ ‫عی وجود خ‬ ‫بأن األش���یاء هي ن‬ ‫مع االعتقاد ّ‬

‫القرآن الكرمی‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫حان اهلل‏ َر ِب‏ ال َع ْر ِش‏ َع َّما َي ِصفون‏>‪.‬‬
‫<ف ُس ْب َ ‏‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،294 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬األنبياء (‪.22 ،)21‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪333‬‬

‫ُ‬ ‫َ َّ َ ُ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ ُ ُ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ن شـركائِي‏ ال ِذين‏ كنتم‏ تزعمون‏>‪.‬‬
‫(((‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م ف َيقول‏ أي ‏‬ ‫ناد ِيه ْ ‏‬ ‫<و َي ْو َم‏ ُي ِ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ُ‬
‫(((‬
‫وار ُدون‏>‪.‬‬
‫ِ‬ ‫ها‬ ‫ل‬ ‫هلل حصب‏ جهنم‏ أنتم‏‬ ‫ون ِم ْن‏ ُد ِ ‏‬
‫ون ا ‏‬ ‫‏<إنك ْم‏ َوما ت ْع ُب ُد َ ‏‬ ‫ِ‬
‫املؤمنی؟ع؟ يف قوله تعاىل‪:‬‬ ‫ن‬ ‫قال اإلمام أمیر‬
‫ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مالا‪ّ .‬ال َ‬
‫َ ْ ً‬ ‫ُ ْ َُ ُ َْ ْ‬
‫ذين َض َّل َس ْ���ع ُي ُه ْم فِى ال َحيوةِ ّالدنيا‬ ‫���ل َه ْل نن ِّب ُئك ْم ِبالأخس���ـرين اع‬ ‫<ق‬
‫َ‬
‫ون‏ ّان ُه ْم‏ ُي ْحس ُن َ‬ ‫ُ‬
‫ون‏ ُص ْن ًعا>‪:(((.‬‬ ‫ِ‬
‫وه ْم‏ َي ْح َس ُب َ‬

‫احل���ق فابتدع���وا يف أدیاهن���م وهم‬ ‫«كف���رة أه���ل الكت���اب‪ ...‬وق���د كان���وا ع�ل�ى ّ‬
‫ً‬
‫(((‬
‫حیسبون أنهّ م حیسنون صنعا»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«إن اهلل تبارك وتعاىل أنزل عىل عبده ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد؟ص؟ أنه‪:‬‬
‫َ َّ ُ َ ْ َ ُّ ْ َ‬
‫ّ‬
‫ویس���مى هبذه األمساء الرمح���ن الرحمی العز یز‬ ‫���ي الق ُّـيوم‏>‬‫<ل���ا ِإلـ���ه ِإلا هـو الحـ‬
‫ّ‬
‫الع�ل�� العظمی‪ .‬فتاهت هنال���ك عقوهلم واس���تخفت حلومهم‪ ،‬فضـر بوا‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ال ّبار‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ل���ه األمثال وجعلوا له أندادا وش�ّب�هّ وه باألمثال ومثلوه باألش���باه وجعلوه یزول‬
‫وحیول فتاهوا يف حبر عمیق ال یدرون ما غوره وال یدركون ّكم ّیة بعده»‪.‬‬
‫(((‬

‫التوقف عىل ما وصف اهلل به نفس���ه وع���دم التجاوز عن ذلك‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫فإن‬ ‫ف�ل�ا حمیص عن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫الالق مل ّیتخذ لنفسه ّربا إ خملوقا مربوبا‪ ،‬كما ّأن‬‫املخلوق إن وكل إىل نفسه ف معرفة خ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫همّ‬
‫اتذت ر بهّ ا عىل مبىن تو ها مل ّتتخذه إ كامال مبا یكون كماال عندها‪.‬‬ ‫النملة إن ّ خ‬

‫وقد ّمر احلدیث‪:‬‬

‫‪ . 1‬القصص (‪.62 ،)28‬‬


‫‪ . 2‬األنبياء (‪.98 ،)21‬‬
‫‪ . 3‬الكهف (‪.105 _ 104 ،)18‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،123 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،296 / 3 ،‬عن تفسير ّ‬
‫القم ّي‪.‬‬
‫‪334‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫میزمت���وه بأوهامك���م يف أدق معانی���ه خمل���وق مصنوع مثلك���م مردود‬‫«كل م���ا ّ‬
‫فإن ذل���ك كماهلا ّ‬
‫زبانیتی‪ّ ،‬‬ ‫ولعل النمل الصغار ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتوهم‬ ‫ن‬ ‫تتوه���م ّإن هلل‬ ‫إلیك���م‬
‫ّأن عدمهم���ا نقصان مل���ن ال ّیتصف هبما‪.‬وهكذا ح���ال العقالء يف ما یصفون‬
‫اهلل تعاىل به»‪.‬‬ ‫(((‬

‫یستثن نفسه عن ذلك فیلسوف أو‬


‫ي‬ ‫تص مبخلوق دون خملوق كی‬ ‫وهذا القصور ال یخ ّ‬
‫ال ّن واإلنس وامللك‪:‬‬
‫غیره‪ ،‬بل یشترك يف ذلك ج‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫(((‬ ‫«وعمن ف السماء احتجابه ّ‬
‫عمن يف األرض»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫من‪ ،‬قال ّ‬ ‫م�ّنم‪ ،‬وال أ كرم علیه ّ‬ ‫خلقا أفضل ّ‬ ‫ً‬
‫ع�ل��؟ع؟ ‪ :‬فقلت‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫«م���ا خل���ق اهلل‬
‫ّ‬
‫یا رس���ول اهلل فأنت أفضل أم جبـرئیل؟ فق���ال؟ص؟‪ّ :‬إن اهلل تبارك وتعاىل فضل‬
‫ن‬ ‫وفضلن عىل مجیع ّ‬ ‫ّ‬
‫واملرسلی‬ ‫النبی نی‬ ‫ي‬ ‫بی‪،‬‬‫املقر ن‬
‫املرسلی عىل املال ئكة ّ‬ ‫ن‬ ‫أنبیائه‬
‫وخدام ّ‬ ‫واألمئةمنبعدك‪،‬و ّإناملال ئكةلخ ّدامنا ّ‬ ‫عل ّ‬ ‫والفضلبعديلكیا ّ‬
‫حمبینا‪.‬‬ ‫ي‬
‫ون ب َح ْمد َر ّبه ْم ُوي ْؤم ُن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ون ال َع ْرش َوم ْن َح ْول ُه ُي َس ّ���ب ُح َ‬‫ذين َي ْحم ُل َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫ون‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫<ال‬ ‫یا ّ‬
‫ع�ل��‪،‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ي َ ْ َ َّ‬
‫َ‬
‫ِبهِ وي ْستغ ِف ُرون ِللذين آمنوا> بوالیتنا‪.‬‬
‫ال ّن���ة وال النار وال الس���ماء‬ ‫ع�ل��‪ ،‬ل���و ال حنن م���ا خل���ق اهلل آدم وال ح���وا وال ج‬ ‫ی���ا ّ‬
‫ي‬
‫وال األرض‪ ،‬وكی���ف ال نك���ون أفضل م���ن املال ئكة وقد س���بقناهم إىل التوحید‬
‫ألن ّأول م���ا خلق اهلل ّ‬ ‫وجل وتس���بیحه وتقدیس���ه وهتلیله‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫عز‬ ‫ومعرف���ة ربنا عز‬
‫ّ‬
‫وجل أرواحنا فانطقنا بتوحیده ومتجیده‪.‬‬
‫واحدا استعظموا أمورنا ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّمث خلق املال ئكة‪ّ ،‬‬
‫فسبحنا‬ ‫فلما ش���اهدوا أرواحنا نورا‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.293 / 69 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن تفسير القم ّي‪.‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪335‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منزه عن صفاتنا‪ّ ،‬‬
‫فس���بحت املال ئكة‬ ‫وأنه ّ‬ ‫لتعل���م املال ئكة أن���ا خلق خملوقون‬
‫ّ‬ ‫ونزهته عن صفاتنا‪ّ ،‬‬ ‫لتسبیحنا ّ‬
‫فلما شاهدوا عظم شأننا هللنا لتعلم املال ئكة‬
‫ّ‬ ‫أن ال إل���ه إلاّ اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫فلم���ا ش���اهدوا كبـ���ر حملنا ّكبـرن���ا اهلل لتعل���م املال ئكة ّإن اهلل‬
‫املحل‪ّ .‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فلما ش���اهدوا ما جعله اهلل لنا من القدرة‬ ‫أ كبـر من أن ینال‪ ،‬وأنه عظمی‬
‫العل العظ�ی�م‪ ،‬لتعل���م املال ئكة أن ال‬ ‫والق���وة‪ ،‬قلن���ا‪ :‬ال ح���ول وال ّقوة إلاّ ب���اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫حول وال ّقوة إ باهلل‏‪ ،‬فقالت املال ئكة‪ :‬ال حول وال ّقوة إ باهلل‏‪.‬‬
‫فلم���ا ش���اهدوا ما أنعم اهلل به علینا وأوجبه من ف���رض الطاعة لنا قلنا‪ :‬احلمد‬ ‫ّ‬
‫حیق هلل تع���اىل ذكره علینا من احلمد عىل نعمه‪ ،‬فقالت‬ ‫هلل لتعل���م املال ئكة ما ّ‬

‫املال ئكة‪ :‬احلمد هلل‪ ،‬فبنا اهتدوا إىل معرفة اهلل وتسبیحه وهتلیله وحتمیده‪.‬‬
‫ً‬
‫ّمث ّإن اهلل تعاىل خلق آدم؟ع؟ وأودعنا صلبه وأمر املال ئكة بالسجود له تعظیما‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫عبودیة‪ ،‬وآلدم أ كراما وطاعة لكوننا يف‬ ‫عز وجل‬ ‫لنا وأ كراما‪ ،‬وكان سجودهم هلل‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫صلبه‪ ،‬فیكف ال نكون أفضل من املال ئكة وقد سجدوا آلدم كلهم أمجعون»‪.‬‬
‫ً‬
‫الالق فلرمبا یزعم ّأنه ینبغي أن‬‫أیضا لو وكل إىل نفس���ه ف س���بیل معرفة خ‬
‫ي‬ ‫واإلنس���ان‬
‫الالق تعایل فیقول‪:‬‬ ‫یكون أ كبـر األشیاء هو خ‬
‫«ال یخل���و أحد _ ّ‬
‫حتى الس���فیه _ عن ّ‬
‫تصور ذات ال ش ��يء أ كبـر منه ��ا‪ ،‬وتلك الذات‬
‫ّ ّ‬
‫ألبتة فإنه إن لم تكن موجودة لزم أن یكون أ كبـر األشیاء أ كبـر منها وهذا‬ ‫موجودة‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫تصورا وواقعا وهو اهلل‏!»‬
‫(((‬
‫خلف‪ ،‬فبالیقین یكون هناك شيء هو أ كبـر األشیاء‬
‫ّ‬ ‫یغتر مبش���اعره فیحس���ب ّأن ّ‬
‫وآخ���ر قد ّ‬
‫التعم���ق والتفكر يف ال���ذات املتعالیة عن أوهام‬
‫ّ‬ ‫قی ّ‬ ‫ّ‬
‫املتعم ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫املغتر ین‪ ،‬فیقتحم مبركب‬ ‫املتوهمّ�ی�� وخطرات املتفكر ین جیوز له وألمثاله م���ن‬

‫‪ . 1‬الصدوق‪ ،‬إكمال الدين‪ ،254 / 1 ،‬الباب ‪.23‬‬


‫الفروغي‪ّ ،‬‬
‫حممد ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫عل‪ ،‬س���ير حمكت در ارو پا‪،‬‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫املطهري‪ ،‬مرتیض‪ ،‬جمموعة اآل ثار‪،‬‏‪ ،991 / 6‬نقال عن‬ ‫‪.2‬‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫املسيحي‪.‬‬ ‫نقال من سنت آنسلم من أولياء الدین‬
‫‪336‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫یتوقف و ّ‬ ‫ّ‬


‫یتحرز عنه الراسخون يف العلم‪ ،‬فال یرى المكال إ كماالت نفسه‬ ‫جهله إىل ما‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‪ ،‬وال النقصان إ نقائص نفسه املخلوقة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فیضم المكال إىل المكال و یس���لب عنه‬ ‫فیس���مى المكال وج���ودا والنقائص أعداما‪،‬‬
‫ً‬
‫متناهیا‪ ،‬بل فوق ما ال یتناهی ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ش���دة!!‬ ‫األعدام‪ ،‬فیخلق يف عامل أوهامه وجودا صـرفا ال‬
‫الربوبیة و یعتقد فیه األ ّ‬
‫لوهیة!‬ ‫ّ‬ ‫فیجعل خملوق ّ‬
‫تصو راته وأوهامه عىل عرش‬
‫«هكذا حال العقالء يف ما یصفون اهلل تعاىل به»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫همّ‬ ‫نعم ال میكن أن یتجاوز املخلوق عن ّ‬


‫حد إدراكه وتو ه‪ ،‬فال ّیتخذ خالقا لنفسه إ‬
‫اللیل وهو یقول عىل لس���ان‬ ‫ما یراه أعظم األش���یاء وأ كملها عنده‪ ،‬وهذه حكایة إبـراهمی خ‬
‫خ‬
‫اللق‪:‬‬
‫َ ْ‬ ‫َ ً َ‬ ‫َّ‬ ‫َََ ََ‬
‫بازغة قال هذا َربِّي هذا أكبـر>‪.‬‬
‫(((‬
‫ِ‬ ‫س‬‫الش ْم َ‬ ‫ى‬ ‫أ‬ ‫<فل ّما ر‬
‫ّ ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫احلجة البالغة ّ‬ ‫وأما ّ‬
‫ّ‬
‫منزها‪:‬‬ ‫اإلهلیة یذكر دامئا و یقول مسبحا‬
‫همّ‬ ‫همّ‬
‫(((‬
‫شء فتو وا اهلل غیره»‪.‬‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫مت‬ ‫«ما تو‬
‫هذا‪ ،‬وتقول املعرفة البشـر ّية حول مسألة التشبيه والتنز يه‪:‬‬
‫التح���رز عن التنزیه الصـرف‪ ،‬كما یجب ّ‬
‫التنزه عن التش ��بیه المحض‪ ،‬للزوم‬ ‫ّ‬ ‫«یجب‬
‫(((‬ ‫االتقاء عن ّ‬
‫حدي التعطیل والتشبیه»‪.‬‬
‫«لی���س ألهل التفریط م���ن الجهل أن یتهاون عن الخوض في معرفة اهلل س ��بحانه‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫(((‬
‫اعت���ذارا بأنه مس���لك وع���ر وبحر عمیق وحم � ً�ى ممنوع ألن ��ه موج ��ب للتعطیل»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.293 / 69 ،‬‬


‫‪ . 2‬األنعام (‪.78 ،)6‬‬
‫‪ . 3‬اإلمام الرضا؟ع؟‪ ،‬حبار األنوار‪ ،40 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة ّ‬
‫اإلهلية‪25 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهلية‪23 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪337‬‬

‫وتقول‪:‬‬
‫«اعل���م ّأن التنزیه عند أهل الحقایق في الجناب اإلله � ّ�ي‪ ،‬عین التحدید والتقیید‪،‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫والمنزه ّإما جاهل و ّإما صاحب سوء أدب»‪.‬‬
‫وقم في مقعد صدق»‬ ‫ّ‬
‫وشــــــبهــه‬ ‫ّ‬
‫«ونــــزهــه‬
‫ً‬
‫«ال یغایر وال یباین شیئا‪ ،‬وال یباینه شيء»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«اإلن ّیة المحضة التي أثبتها الش���یخ في الفص ��ل الرابع من مقالة الثامن من إلهیات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(رحل���ي ‪ ،226 / 2‬ط ‪ ،)1‬ه ��ي تكون تنزیها عین التش ��بیه ولیس تنزیها عن‬ ‫الش���فاء‬
‫التنزیه والتشبیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬
‫مقیدا‬ ‫و إن قلت بالتنــزیه كـنت‬ ‫محددا‬ ‫«فإن قلت بالتشبیه كنت‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫سیدا»‬ ‫وكنت إماما في المعــارف‬ ‫مسددا‬ ‫و إن قلت باألمرین كنت‬
‫وتقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّإن س���ـریان ّ‬
‫الهویة ّ‬
‫اإللهی���ة في الموج ��ودات كلها أوجب س� �ـریان جمیع الصفات‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫وجزئیها»‪.‬‬ ‫اإللهیة فیها من الحیاة والعلم والقدرة والسمع والبصـر وغیرها ّ‬
‫كلیها‬ ‫ّ‬

‫«صف���ات الممك���ن نوع���ان‪ ،‬نوع من ��ه الزم جهة وج ��وده وه ��ذا ال یخالف صفات‬
‫الواجب بل یشبهها»‪.‬‬
‫(((‬

‫فنقول‪ :‬یقع اإلشكال ف ما نقلناه عهنم من نواح یّ‬


‫شت‪:‬‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫الالق تعاىل دون ّ‬ ‫‪ّ . 1‬إنا إذا أقررنا بوجود خ‬
‫أي فحص عن معرفة ذاته جل وعال (علما‬
‫ً‬ ‫‪ . 1‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة ّأنه ّ‬
‫احلق‪ ،‬نقال من ابن عر يّب‪.42 ،‬‬
‫‪ . 2‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة ّأنه ّ‬
‫احلق‪.45 ،‬‬
‫‪ . 3‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة ّأنه ّ‬
‫احلق‪.46 ،‬‬
‫‪ . 4‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬رسالة ّأنه ّ‬
‫احلق‪.61 ،‬‬
‫امللكي التبـر ّ‬
‫يزي‪ ،‬امليرزا جواد‪ ،‬رسالة لقاء اهلل‪.192 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫‪338‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وتوهم) فقد خرجنا عن‬ ‫جلت عظمته شء بخ الف األش���یاء ومتعال عن ّكل ّ‬
‫تصور ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫بأنه‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫فإن التعطیل هو إنكار وجود خ‬ ‫التعطیل‪ّ ،‬‬
‫الالق والتوقف دون إثبات وجوده وصفاته وأفعاله‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وأم���ا بعد مرحل���ة اإل ثبات واإل ق���رار بوجود خ‬
‫ّ‬
‫الالق تع���اىل وصفاته الالئق���ة به‪ ،‬فكل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫فحص عن كنه معرفة حقیقة وجود خ‬
‫الالق تعاىل وصفاته یكون جهال وتشبهیا‪ ،‬وموجبا‬
‫ّ‬ ‫ألن نعتقد آخر اآلمر ّأنه ن‬
‫عی األشیاء‪ ،‬وكل األشیاء و‪ ...‬أمثال ذلك من األوهام الواضحة‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫البطالن‪ّ ،‬‬
‫والتحرز عن التشبیه مطلقا بعد مرحلة اإل ثبات واإل قرار‬ ‫فاحلق هو التنز یه الصـرف‬
‫الالق املتعال‪.‬‬‫بوجود خ‬
‫الوض ف مسألة ن‬ ‫والتحرز عن خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التفكر ف ذات خ‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫تعیی حقیقه‬ ‫ي‬ ‫الق‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫التجنب عن‬
‫ذات خ‬
‫الالق وصفاته وهو املسلك الوعر والبحر العمیق واحلمى املمنوع الذي قد هلكت‬
‫بی ذات‬ ‫فیه الفلس���فة زاعمة أنهّ ا تخ رج بذلك عن التعطیل! _ واالعتقاد بعدم التش���ابه ن‬
‫ً‬
‫وهتاونا ف معرفة خ‬ ‫ً‬ ‫الالق وصفاته مع خلقه هو ن‬ ‫خ‬
‫الالق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫یطا‬ ‫عی حقیقة التوحید ولیس تفر‬
‫ّ‬
‫وعینیة‬ ‫الالق واملخلوق‬‫بی خ‬ ‫بالسنخیة والتشابه ن‬
‫ّ‬ ‫بل التجاوز عن ذلك ّ‬
‫یؤدي إىل القول‬
‫الالق خ‬ ‫ً‬
‫معا‪ ،‬بل إىل االعتقاد بوحدة وجود خ‬
‫واللق وأوهام أخرى من هذا القبیل‪.‬‬ ‫وجودمها‬
‫عی التحدید والتقیید والتشبیه؟!!وكیف یكون ّ‬
‫املنزه‬ ‫‪ . 3‬كیف میكن أن یكون التنز یه ن‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫واملشبه مشـرك‪.‬‬ ‫جاهال أو صاحب سوء أدب!! مع ّأن التنز یه هو أصل املعرفة‬
‫فإن التنز یه هو عدم التشبیه‪ ،‬والتشبیه‬‫‪ . 4‬التنز یه والتشبیه نقیضان فكیف جیتمعان؟! ّ‬
‫هو عدم التنز یه‪:‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«یا جاهل‪ ،‬إذا قلت لیست هي فقد جعلهتا غیره‪ ،‬و إذا قلت لیست هي غیره‬
‫فقد جعلهتا هو»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.453 ،‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪339‬‬

‫ّ‬
‫امتدادیة‪ ،‬فصفات األ قدار من احلیوة والعلم‬ ‫اللق فه���و حقیقة‬‫‪ّ . 5‬كل م���ا یكون ف خ‬
‫ي‬
‫والقدرة والس���مع والبصـر وغیرها تس���انخ ه‪ ،‬واهلل تعاىل هو ذات���ه‪ ،‬علم‪ ،‬قدرة‪ ،‬حیاة‪ ،‬مسع‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫بصـر‪ ،‬ال یشبه خلقه ذاتا ووصفا ووجودا‪.‬‬
‫احلقة ّ‬‫ّ‬ ‫الالق خ‬ ‫بی خ‬ ‫‪ّ . 6‬إن االعتقاد بالتغایر والتباین ن‬
‫اإلهلیة‪.‬‬ ‫واللق هو أساس املعارف‬
‫ّ‬ ‫‪ .7‬خ‬
‫الالق جل وعال ال یس���ـري هبو ّیته يف خلقه‪ ،‬بل هو الذي خلق األش���یاء ال من‬
‫ً‬
‫مادة وال ّمدة‪ ،‬خالفا ملا یعتقده أصحاب العرفان والفلسفة‪.‬‬ ‫شء‪ ،‬وأنشأها ال من أصل بال ّ‬
‫ي‬
‫یتفوه به بعض أصحاب الفلسفة‬ ‫منزه عن «التنز یه عن التنز یه»الذي ّ‬ ‫‪ّ . 8‬إن اهلل تعاىل ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحیانا‪ّ ،‬‬
‫فإن «التنز یه عن التنز یه» هو التشبیه بعینه إن مل یكن إهباما وجهالة‪.‬‬ ‫والعرفان‬

‫هل تعرف ذات الخالق تعالى بالعقل؟!‬


‫یغتر بنفس���ه و ّ‬
‫یتوهم ّأنه میكنه أن یع���رف حقیقة وجود خالقه بعقله‪،‬‬ ‫ّإن املخل���وق قد ّ‬
‫الالق هو نفس حقیقة الوجود ال غیر‪،‬‬ ‫و یقول‪ّ :‬إن كنه وجود خ‬
‫یتوهم ّ‬
‫متوهم‪:‬‬ ‫كما ّأنه قد ّ‬
‫ّ‬
‫والومهیة‪ ،‬فال دال لة فهیا عىل‬ ‫ّ‬
‫احلس���یة‬ ‫«إن املعرفة ّ‬
‫املنفیة يف اآلیات والروایات‪ ،‬هي‬ ‫ّ‬
‫امتن���اع معرف���ة حقیقة ذات اهلل تع���اىل بالعقل‪ ،‬وحن���ن ّندعي معرفة حقیق���ة ذاته تعاىل‬
‫ّ‬
‫وخیالیة و‪»...‬‬ ‫ّ‬
‫وحسیة‬ ‫بالعقل بال صورة ّ‬
‫ومهیة‬
‫فنجیب‪:‬‬
‫ّأو ًال‪ّ :‬إن ه���ذا ّ‬
‫التوه���م یبتن ع�ل�ى ّ‬
‫توهم أن یكون العق���ل أداة ملعرفة الذوات واحلقائق‬ ‫ي‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العینی���ة القامئ���ة بالذات وراء الوهم وأدق منه‪ ،‬وذلك مالف للوجدان ولس���یاق وصـر یح‬
‫النص���وص الص���ادرة ف هذا الباب عن مع���ادن علم ّ‬
‫النبوة‪ ،‬فإنهّ���م‪ :‬يف مقام بیان امتناع‬ ‫ي‬
‫ىّ‬
‫مطلق اإلدراك واملعرفة لذات اهلل تعاىل نفوا إمكان املعرفة حت بدقائق األوهام‪ ،‬ولو كان‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫إدراك العقل ذاتا فوق إدراكها بالوهم ملا كان قول قوم هم أمراء الكالم يف ذلك إ مبنزلة‬
‫‪340‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«إن سیف هذا ّ‬


‫ألحد من العصا!»‬ ‫قول القائل‪ّ :‬‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫باحل���واس الخ مس‪،‬‬
‫ّ‬ ‫حیس وال ّ‬
‫می���س وال ی���درك‬ ‫حی���س وال ّ‬
‫«احلم���د هلل ال���ذي ال ّ‬
‫ّ‬ ‫وكل شء ّ‬ ‫ّ‬
‫احلواس أو ملس���ته‬ ‫حس���ته‬ ‫ي‬ ‫وال یق���ع علیه الوهم‪ ،‬وال تصفه األ لس���ن‪،‬‬
‫(((‬
‫األیدي فهو خملوق»‪.‬‬
‫ألب جعفر بن الرضا؟ع؟ ‪:‬‬ ‫قلت ي‬
‫َْ‬ ‫«<لا ُت ْدر ُك ُه ْال َأ ْب ُ‬
‫وه َو ُي ْد ِر ُك الأ ْبصار> فقال‪ :‬یا أبا هاش���م‪ ،‬أوهام القلوب‬
‫صار ُ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫الت مل‬
‫أدق م���ن أبص���ار العیون أنت قد تدرك بومهك الس���ند واهلن���د والبلدان ي‬
‫تدخلها وال تدركها ببصـرك‪ ،‬فأوهام القلوب ال تدركه فكیف أبصار العیون»‪.‬‬
‫(((‬

‫عفري عن يأب احلسن الرضا؟ع؟ قال‪:‬‬ ‫ال ّ‬ ‫«‪ ...‬يأب هاشم ج‬


‫ّ ّ‬
‫عز وجل هل یوصف؟ فقال‪ّ :‬أما تقرء القرآن؟! قلت‪ :‬بىل‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫سألته عن اهلل‬
‫ُ ْ ُ ُ ْ َ ْ ُ ُ َ ُ ْ ُ ْ َْ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪< :‬لا تد ِركه الأبصار وهو يد ِرك الأبصار>؟‬ ‫ّأما تقرء قوله‬
‫قلت‪ :‬بىل‪،‬‬
‫قال‪ :‬فتعرفون األبصار؟ قلت‪ :‬بىل‪ ،‬قال‪ :‬وما هي؟ قلت‪ :‬أبصار العیون‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ّإن أوه���ام القل���وب أ كثر من أبص���ار العیون‪ ،‬فه���و ال تدركه األوه���ام وهو یدرك‬
‫األوهام»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫وثانی���ا‪ّ :‬إن ّ‬
‫املدع���ي معرف���ة ذات اهلل تعاىل بالعقل لو كان صادق���ا يف دعواه تنز یه اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وومهیة‪ ،‬فكیف یراه جل وعال يف نفس‬ ‫وخیالیة‬ ‫وجسمیة‬ ‫حس���یة‬ ‫تعاىل عن كل صورة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الوق���ت ن‬
‫شء‪ ،‬املتجلیة بكل صورة وامتداد؟ وكیف‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عی حقیقة الوجود الس���ار یة يف‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،300 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.113 ،‬‬
‫‪ . 3‬الصدوق‪ ،،‬التوحيد‪.113 _ 112 ،‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪341‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ّ‬ ‫ّ‬


‫یع�ن�� كل الوجود‪ ،‬ومبدء ص���دور الوجود‪،‬‬ ‫ي‬ ‫المكال‬ ‫وكل‬ ‫األش���یاء‬ ‫كل‬ ‫ع�ی��‬ ‫كونه‬ ‫ع���ي‬‫ید‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ومصی���ر ذوات الكائنات‪ ،‬وموج���ودا يف كل األزمنة واألمكنة؟!! و إن یكن األمر هكذا‪ ،‬مفا‬
‫ً‬
‫وملموسا _ ولو جبزء أو ّ‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬
‫حصة من وجوده؟!‬ ‫مدركا وحمسوسا‬ ‫هو املانع من أن یكون إهلهم‬
‫ً‬
‫مطلق���ا‪ ،‬وال ف���رق ف ذلك ن‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ً‬
‫وثالث���ا‪ :‬ق���د ّ‬
‫تق���دم ّ‬
‫بی‬ ‫ي‬ ‫باالمت���داد‬ ‫إ‬ ‫���ق‬‫یتعل‬ ‫ال‬ ‫اإلدراك‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقلیة املتعلقة‬ ‫أن یك���ون امل���درك هو العقل أم غیره ومن الواضح ّأن���ه إن مل تكن املعرفة‬
‫بالذوات مس���تلزمة للصورة والش���كل واالمتداد‪ ،‬ملا كان وجه لالس���تدال ل بامتناع معرفة‬
‫الالق بامتناع ذاته من الشبه والشكل‪:‬‬ ‫ذات خ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫لاّ‬
‫«احلم���د هلل ال���ذي أعجز األوه���ام أن تن���ال إ وجوده‪ ،‬وحج���ب العقول عن أن‬
‫(((‬
‫تتخیل ذاته يف امتناعها من الشبه والشكل»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫احلواس‬ ‫«ال تنال���ه األوه���ام فتق���دره‪ ،‬وال تتوهمّ���ه الفط���ن فتص ّ���وره‪ ،‬وال تدرك���ه‬
‫(((‬
‫فتمسه‪ ،‬وال تلمسه األیدي فتلمسه»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫أجل وأعظم من أن ّ‬ ‫ّ‬
‫حید بید أو رجل أو حركة أو س���كون‬ ‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل‬
‫(((‬
‫أو یوصف بطول أو قصـر‪ ،‬أو تبلغه األوهام‪ ،‬أو حتیط بصفته العقول»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«ممتن���ع عن األوهام أن تكتهن���ه‪ ،‬وعن األفهام أن تس���تغرقه‪ ،‬وعن األذهان ّأن‬
‫(((‬
‫متتثله»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬هنج البالغة‪ ،274 ،‬حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،300 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪342‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫بل مطلق خ‬


‫الطور ال یكون إ بالتحدید‪:‬‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫احل���واس أن تدرك���ه‪ ،‬واألوه���ام أن تناله‪،‬‬ ‫«كی���ف یوص���ف الخ الق ال���ذي تعجز‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬ ‫والخ طرات أن ّ‬
‫(((‬
‫عما یصفه الواصفون»‪.‬‬ ‫حتده‪ ،‬واألبصار عن اإلحاطة به‪،‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«قد یئست عن اإلحاطة به طوامح العقول»‪.‬‬
‫(((‬

‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«فكل ما ّقدره عقل أو عرف له ِمثل فهو حمدود»‪.‬‬
‫«وال ّ‬
‫(((‬
‫تقد ُره العقول»‪.‬‬
‫ّ‬
‫مرجحن نی(((‪،‬‬ ‫بی يف حجرات القدس‬‫املقر ن‬
‫«جبـرئیل ومكائیل وجنود املال ئكة ّ‬
‫ُّ‬ ‫لهّ‬
‫(((‬ ‫حید ُوا أحسن الخ ن‬
‫القی»‪.‬‬ ‫متو ة عقوهلم أن‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟‪:‬‬
‫«وال تضبطه العقول»‪.‬‬
‫(((‬

‫مصـرحة أو مش���یرة إىل ّأن املعرفة‪ّ ،‬‬


‫عقلیة كانت أو غیرها ال‬ ‫بی ّ‬ ‫وروایات هذا الباب ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫توضیحیة‪.‬‬ ‫تكون إ بالتحدید والتقدیر فالقیود كلها‬
‫ّ‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫حمم���د بن مس���لم‪ ...‬قال‪ ...:‬قلت یزعم���ون أنه بصیر عىل م���ا یعقلونه‪،‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،283 / 36 ،‬عن كفایة األ ثر‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫َ‬
‫اهتز‪ .‬و ْار َجح ّن‪ :‬وقع ّمبرة‪(.‬لس���ان العرب)‬
‫َ‬ ‫‪ .5‬رجحن‪ْ :‬ار َج َح َّ ‏ّ‬
‫نّ‪ ،‬الش ُ‏ء‪ّ :‬‬
‫ي‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،314 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،263 / 4 ،‬عن علل الشرایع‪.‬‬
‫ا‬
‫مأ ةّیفیقوت هفاصوأو ىلاعت هلل ءامسأ له‬ ‫؟ال‬ ‫‪343‬‬

‫فق���ال [اإلمام الباقر؟ع؟ ]‪ :‬تعاىل اهلل‏‪ ،‬إنمّ���ا یعقل ما كان بصفة املخلوق ولیس‬
‫اهلل كذلك»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل أجل وأعظم من أن‪ ...‬حتیط بصفته العقول»‪.‬‬
‫ّمث ّإن���ه ع�ل�ى فرض أن یراد م���ن العقل معىن میكن به إدراك األش���یاء‪ ،‬فهو هبذا املعىن‬
‫أیضا عاجز عن إدراك حقیقة ذات خ‬ ‫ً‬
‫الالق املتعال‪:‬‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫«احتج���ب عن العقول كما احتجب عن األبصار‪ّ ،‬‬
‫وعمن يف الس���ماء احتجابه‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫عمن يف األرض»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«قد ضلت العقول يف أمواج ّتیار إدرا كه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«وتاهت يف أدىن أدانهیا طاحمات العقول يف لطیفات األمور»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،69 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،300 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،269 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعالی إ بفعله ال بذاته‬
‫‪346‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫یهدف الفصل إلی بیان ّأن‪:‬‬

‫▪ طر یق معرفة الخ الق تعایل منحصـر بالدال لة علیه من وجود فعله وخلقه ال غیر‪،‬‬

‫وذلك ّأن أصحاب الفلسفة والعرفان والمعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬

‫▪ یزعمون ّأن طرق الوصول إىل اهلل كثیرة‪،‬‬


‫ّ‬
‫▪ ویقولون أنه میكن أن تعرف ذات الخ الق بنفسها بال وساطة خلقه‪،‬‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫املس���مى عندهم‬ ‫▪ یتوهمّ���ون أن���ه میكن إثبات وج���ود الخ الق بدال ل���ة البـرهان‬
‫ّ‬
‫ببـره���ان الفطرة‪ ،‬وهو عندهم بـرهان مس���تقل إل ثبات وج���ود الخ الق يف عرض‬
‫العقلیة عىل وجود الخ الق من وجود خلقه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الدال لة‬
‫ّ‬ ‫▪ ّ‬
‫ویدعون أنه میكن شهود الذات املتعالیة‪،‬‬
‫ّ‬
‫فإلیك تفصیل الردّ على ذلك كله‪:‬‬
‫ب ال هلعفب اّلإ یلاعت هللا فرعي ال‬ ‫‪347‬‬

‫ّ‬
‫ّإن���ا م���ا رأینا _ و ّإنك ل���ن ترى _ أن یصف اهلل جل وعال ذات���ه املتعالیة ألحد‪ ،‬وكذلك‬
‫ّ‬
‫أمجعی‪ ،‬فإنهّ م كلما س���ئلوا عن اهلل تبارك وتعاىل‬ ‫ن‬ ‫أولیاؤه املعصومون صلوات اهلل علهیم‬
‫ودلوا علیه بآیاته‪ ،‬وذلك ّأن الوصف یستلزم ّ‬ ‫ّ‬
‫احلد والنقص‪،‬‬ ‫بـ‪« :‬ما هو؟»‪ ،‬وصفوه بأفعاله‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬ ‫و ّ‬
‫یتفرع عىل كون ما یوصف امتدادیا متجز یا‪.‬‬
‫َْ‬ ‫َ َْ ْ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ‬
‫قال َر ُّب َّ‬
‫���ماوات َوالأ ْر ِض َوم���ا َب ْي َن ُه َما ِإ ْن‬
‫ِ‬ ‫الس‬ ‫<قال‏ ِفرع���ون‏ وما رب‏ العال ِمين‏‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫آبائك ُم الأ َّو ِل َ‬‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُك ْن ُت ْ‬
‫ين‬ ‫ين قال ِل َم ْن َح ْوله أ لا ت ْس���ت ِم ُعون قال ر ّبك ْم َور ّب ِ‬ ‫���م ُم ِوق ِن‬
‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ َ ُ ُ َّ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ ْ ُ ٌ َ َ ُّ ْ‬
‫ـرق والمغ ِر ِب وما‬ ‫قال ِإن رس���ولكم ال ِذي أر ِسل ِإليكم لمجنون قال رب المش ِ‬
‫َ ُ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫َب ْي َن ُهما ِإ ْن ك ْن ُت ْم ت ْع ِقلون‏>‪.‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«وظهر يف العقول مبا یرى يف خلقه من عالمات التدبیر‪ ،‬الذي سئلت األنبیاء‬
‫ّ‬ ‫عن���ه‪ ،‬فلم تصفه ّ‬
‫حبد وال نقص‪ (((.‬ب���ل وصفته بأفعاله ودلت علیه بآیاته‪ ،‬وال‬
‫املتفكر ین جحده‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫ألن من كانت السموات واألرض فطرته وما‬ ‫تستطیع عقول‬
‫شء‬ ‫لخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فهی���ن وما بیهنن‪ ،‬وهو الصانع هلن فال مدفع لقدرت���ه بان من ا لق فال ي‬
‫(((‬
‫كمثله»‪.‬‬

‫‪ . 1‬الشعراء (‪.29 _ 24 ،)26‬‬


‫ىّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫ف���إن الوصف مس���تلرم للحد والنق���ص واالمتداد مطلقا‪ ،‬فالقيدان توضيحيان وليس���ا لالحتراز حت‬
‫ميكن أن يقال فهو غير حمدود وال متناه‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.32 / 31 ،‬‬
‫‪348‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«‪ ...‬قال السائل‪ :‬مفا هو؟ قال أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء خالق األش���یاء وصانعه���ا‪ ...‬وهو‬ ‫ّ‬
‫ه���و ال���رب وه���و املعبود وه���و اهلل‪ ...‬ه���و ي‬
‫املعىن الذي ّ‬
‫یس���مى به اهلل والرمح���ن والرحمی والعز یر وأش���باه ذلك من أمسائه‪،‬‬
‫ّ (((‬
‫ّ‬
‫وهو املعبود جل وعز»‪.‬‬
‫ّ‬
‫شء هو؟ قال‪ :‬هو نور مبع�ن�ى أنه هاد لخ لقه من‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ق���ال عمران‪ :‬یا س���یدي فأي ي‬
‫(((‬
‫عل أ كثر من توحیدي((( ّإیاه»‪.‬‬ ‫أهل السماء وأهل األرض ولیس لك ّ‬
‫ي‬
‫ألنه خلق ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫املاهیة»‪.‬‬ ‫«وال یقال له ما هو‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫فال سبیل إىل حتصیل العلم بوجود خ‬
‫الالق تعاىل إ إمیانا به و إیقانا بوجوده من جهة‬
‫الالق‬ ‫دال لة اآل ثار واأل فعال عىل وجود خالقها‪ ،‬فال تراه إلاّ ف فعله وصنعه‪ ،‬وال یتجلىّ خ‬
‫ي‬
‫لىّ‬ ‫لاّ‬
‫«ت‬ ‫ن‬
‫املؤمن�ی��؟ع؟ حیث یقول‪ :‬ج‬ ‫خللق���ه إ بخ لق���ه ّإیاهم‪ ،‬وهذا هو امل���راد من كالم أمیر‬
‫ّ‬ ‫خللقه بخ لقه»‪ ،‬ال ما توهمّ ه الفیلسوف ّ‬
‫ومدعي العرفان حیث زعما ّأن املراد منه هو جت يل‬
‫همّ‬ ‫همّ‬ ‫ج���ل وعال ف صور املخلوقات‪ ،‬وتعاىل اهلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ذات خ‬
‫عم���ا یتو ه املتو ون و یقوله‬ ‫ي‬ ‫الال���ق‬
‫ًّ ً‬
‫علوا كبیرا‪.‬‬ ‫الظاملون‬
‫موت فق���د زار اهلل’’‪ ،‬ودرجة‬ ‫«وق���ال ّ‬
‫حی���وت أو بعد ي‬
‫ي‬ ‫النب؟ص؟‪‘‘ :‬م���ن زار ين يف‬‫ي‬
‫ّ‬
‫الن���ة من منزله‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الن���ة أرفع الدرج���ات‪ ،‬مف���ن زاره إىل درجته يف ج‬ ‫الن�ب��؟ص؟ يف ج‬
‫ي‬
‫فقد زار اهلل تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫‪ ...‬ق���ال‪ :‬فقل���ت له‪ :‬یا بن رس���ول اهلل‏‪ ،‬مفا معىن الخ بـر ال���ذي رووه ّأن ثواب ‘‘ال‬
‫لاّ‬
‫إله إ اهلل النظر إیل وجه اهلل‏؟’’‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.245 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ 2‬وتنز هيه عن كل ما يوصف و يعرف و يتوهم‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،312 / 10 ،‬عن التوحید وعیون األخبار‪.‬‬
‫ن‬
‫الواعظي‪.‬‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن روضة‬
‫ب ال هلعفب اّلإ یلاعت هللا فرعي ال‬ ‫‪349‬‬

‫فق���ال؟ع؟ ‪ :‬یا أبا صلت‪ ،‬من وصف اهلل بوج���ه كالوجوه فقد كفر‪ ،‬ولكن وجه‬
‫اهلل أنبیاؤه ورس���له وحججه صلوات اهلل علهیم‪ .‬هم الذین هبم ّ‬
‫یتوجه إىل اهلل‬
‫َ‬ ‫ّ ّ ُ ُ َ ََ َ َ‬ ‫ّ ّ‬
‫ان َو َیبقى‬
‫ع���ز وجل و إىل دین���ه ومعرفته‪ .‬وقال اهلل عز وج���ل‪< :‬ك ّل من علیه���ا ف ٍ‬
‫���ه>‪ .‬فالنظر إىل أنبیاء‬ ‫ـيء َها ِل ٍك إ َّلا َو َ‬
‫جه ُ‬ ‫ّ ّ ُ َ‬
‫عز وجل‪< :‬ك ُّل ش��� ٍ‬ ‫���ه َر ِّب َك> وق���ال‬
‫َوج ُ‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫للمؤمنی یوم القیامة‪.‬‬ ‫اهلل ورسله وحججه؟مهع؟ يف درجاهتم ثواب عظمی‬
‫بی�ت�� وعت���ر يت مل ی���ر ين ومل أره یوم‬ ‫ّ‬
‫الن�ب��؟ص؟‪‘‘ :‬م���ن أبغ���ض أه���ل ي‬
‫وق���د ق���ال ي‬
‫یفارقن’’‪ ،‬یا أبا صلت‪،‬‬ ‫یران بع���د أن‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫القیام���ة’’‪ .‬وقال؟ص؟‪‘‘ :‬إن فیكم من ال ي‬
‫(((‬
‫ّإن اهلل تبارك وتعاىل ال یوصف باملكان‪ ،‬وال یدرك باألبصار واألوهام»‪.‬‬
‫لعل بن موىس الرضا؟امهع؟‪ :‬یا إبن رس���ول اهلل م���ا تقول يف احلدیث‬ ‫«‪ ...‬قل���ت ّ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫ال���ذي یروی���ه أه���ل احلدی���ث‪‘‘ :‬أن املؤمن�ی�� ی���زورون ر بهّ���م م���ن منازهلم يف‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫حممدا؟ص؟‬ ‫نبیه‬‫فضل ّ‬ ‫الن���ة’’؟ فقال؟ع؟ ‪:‬یا أباصلت‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتع���اىل‬ ‫ج‬
‫�ی�� واملال ئكة وأهل طاعته‪ ،‬وجعل طاعته طاعته‪،‬‬ ‫عىل مجیع خلقه من ّ‬
‫النبی ن‬
‫ّ ّ‬
‫<م ْن‬
‫وج���ل‪َ :‬‬ ‫ومبایعت���ه مبایعت���ه‪ ،‬وزیارت���ه يف الدنیا واآلخ���رة زیارته‪ ،‬فقال عز‬
‫ذين ُيباي ُع َون َك إ َّنما ُيباي ُع َ‬
‫ون اهلل َيدُ‬ ‫الر ُس َول َف َق ْد َأ َ‬
‫طاع اهلل>‪ ،‬وقال‪< :‬إ َّن َّال َ‬ ‫ُي ِط ِع َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬
‫ديهم>‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اهلل فوق أي ِ‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«إن كل�ی�م اهلل موىس بن عمران؟امهع؟ علم ّأن اهلل تع���اىل عن أن یرى باألبصار‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ع���ز وجل وقرب���ه جن ّیا رج���ع إىل قومه فأخبـره���م‪ّ :‬إن اهلل‬ ‫ولكن���ه ّمل���ا كلمه اهلل‬
‫حت نس���مع كالمه كما‬ ‫وقر ب���ه وناجاه‪ ،‬فقال���وا‪ :‬لن نؤمن لك ىّ‬ ‫وجل ّكلمه ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ع���ز‬
‫ّ‬
‫مسعت‪ ...‬فقالوا‪ :‬إنك لو س���ألت اهلل أن یر ی���ك تنظر إلیه ألجابك وكنت ختبـرنا‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،4 _ 3 / 4 ،‬عن التوحید وعیون األخبار‪.‬‬


‫‪ . 2‬التوحید‪.117 ،‬‏‬
‫‪350‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫كی���ف ه���و فنعرفه ّ‬


‫ح���ق معرفته!! فق���ال موىس؟ع؟ ‪ :‬ی���ا ق���وم‪ّ ،‬إن اهلل ال یرى‬
‫باألبص���ار وال ّ‬
‫كیفیة له‪ ،‬و إنمّ���ا یعرف بآیاته ویعلم بأعالم���ه‪ ،‬فقالوا‪ :‬لن نؤمن‬
‫حت تسأله‪...‬‬ ‫لك ىّ‬
‫ّ ّ‬
‫بن إس���ـرائیل وأن���ت أعلم‬ ‫فق���ال م���وىس؟ع؟ ‪ :‬ی���ا رب إنك ق���د مسع���ت مقالة ي‬
‫ّ‬
‫اس���ألن ما س���ألوك فلن‬
‫ي‬ ‫موىس‬ ‫یا‬ ‫إلیه‪:‬‬ ‫جالل���ه‬ ‫ج���ل‬ ‫بصالحه���م‪ ،‬فأوح���ى اهلل‬
‫َ ّ َ َ ْ ُ ْ َ ْ َ َ َْ‬
‫أؤاخ���ذك جبهله���م‪ .‬فعند ذلك قال موىس؟ع؟ ‪< :‬ر ِب أ ِرن���ي‏ أنظر ِإليك قال لن‬
‫َ َ َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ولك ِن انظ ْر ِإلى ال َج َب ِل ف ِإ ِن ْاس َتق َّر َمكان ُه> وهو هیوي <ف َس ْوف تراني‏ فل َّما‬ ‫تراني‏ ِ‬
‫حانكَ‬ ‫َ ً َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ‬ ‫َ َ ًّ َ‬ ‫َ َّ ُ ْ‬
‫<ج َعل ُه َدكا وخ َّر ُموسى‏ ص ِعقا فلما أفاق قال سب‬ ‫ت َجلى َر ّب ُه ِلل َج َب ِل> بآیاته‬
‫َ َ َ َ َّ ُ‬ ‫���ت إ َل ْي َ‬
‫ُْ ُ‬
‫معرف�ت�� بك ع���ن جهل قوم���ي <وأن���ا أول‬ ‫ي‬ ‫إىل‬ ‫رجع���ت‬ ‫���ول‪:‬‬‫ق‬ ‫ی‬ ‫>‬ ‫���ك‬ ‫تب ِ‬
‫ْ‬
‫ال ُم ْؤ ِمنين> مهنم بأنك ال ترى»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬

‫الالق تعایل لدال ل���ة آثاره وأفعاله علیه‬ ‫الیقی بوجود خ‬ ‫ن‬ ‫فالرؤ ی���ة بالقلب إن أر ی���د مهنا‬
‫أي ّ‬ ‫فكل ّادعاء ف س���بیل معرفة خ‬ ‫ّ‬ ‫فنعم‪ّ ،‬‬
‫وف ّأية مرحلة‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫مد‬ ‫الالق‪ ،‬عن ّ‬
‫ي‬ ‫وأما وراء ذلك‬
‫والذر و‪ _ ...‬كان‪ ،‬فهو مردود وجهالة وزندقة ومستلزم للتشبیه‪:‬‬ ‫_ الدنیا واآلخرة والقیامة ّ‬
‫ّ‬ ‫«س���ألن أبو ّ‬
‫املح���دث أن أدخل���ه إىل يأب احلس���ن الرضا؟ع؟ فاس���تأذنته‬ ‫ق���رة‬ ‫ي‬
‫ىّ‬
‫ذل���ك فأذن يل فدخل علیه‪ ،‬فس���أله ع���ن احلالل واحلرام واألح���كام حت بلغ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫قس���م الرؤیة والكالم‬ ‫وجل ّ‬ ‫ق���رة‪ :‬إنا ّرو ینا ّأن اهلل عز‬ ‫س���ؤاله التوحید‪ ،‬فقال أبو‬
‫فقسم ملوىس؟ع؟ الكالم ّ‬
‫وملحمد؟ص؟ الرؤیة‪.‬‬ ‫اثنی‪ّ ،‬‬
‫بی ن‬ ‫ن‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫ال ّن واإلنس‪:‬‬ ‫ن‬
‫الثقلی ج‬ ‫عز وج���ل إىل‬ ‫فقال أبو احلس���ن؟ع؟ ‪ :‬مف���ن املبلغ عن اهلل‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫<و َلا ُیح ُیط َ‬ ‫ُْ ُُ َْ ُ ُ ْ ُ َْ َ‬
‫یس‬‫و<ل َ‬ ‫ون ِبهِ ِعلما>‪،‬‬ ‫<ل���ا تد ِركه الأ ْبصار وه َو ُيد ِرك الأ ْبصار>‪ِ َ ،‬‬
‫حممد؟ص؟؟ قال‪ :‬بىل‪ ،‬قال‪ :‬فكیف جیي‏ء رجل إىل الخ لق‬ ‫ـيء> ألیس ّ‬‫َك ِم ِثلهِ َش ٌ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مجیعا فیخبـرهم أنه جاء من عند اهلل وأنه یدعوهم إىل اهلل بأمر اهلل ویقول‪< :‬لا‬

‫األمال والتوحيد والعيون‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪ . 1‬الصدوق‪،‬‬
‫ب ال هلعفب اّلإ یلاعت هللا فرعي ال‬ ‫‪351‬‬

‫َ ْ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫حيط َ‬
‫ون ِبهِ ِعلما>‪ < ،‬ل ْي َس ك ِمث ِلهِ‬ ‫<و لا ُي ُ‬ ‫وه َو ُي ْدر ُك ْال َأ ْب َ‬
‫صار>‪َ ،‬‬ ‫صار ُ‬ ‫ُت ْدر ُك ُه ْال َأ ْب ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َش ْ‬
‫بعین‪ ،‬وأحطت ب���ه علما‪ ،‬وهو عىل صورة البش���ـر!‬ ‫ي‬ ‫رأیته‬ ‫أن���ا‬ ‫���ول‪:‬‬ ‫ق‬ ‫ی‬ ‫مث‬ ‫‏ء>‬ ‫���ي‬
‫بشء‪ّ ،‬مث‬ ‫عن اهلل ي‬ ‫یأت‬
‫ي‬ ‫ّأما تستحیون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترمیه هبذا أن یكون‬
‫َ ََ ْ َ ُ َ ًَُ ْ‬ ‫ّ‬
‫ءآه ن ْزلة أخرى‏>‪ .‬فقال‬ ‫یأت خبالفه من وجه آخر‪ .‬قال أبو ّقرة‪ :‬فإنه یقول‪< :‬و لقد ر‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫أبو احلسن؟ع؟ ‪ّ :‬إن بعد هذه اآلیة ما یدل عىل ما رأى حیث قال‪َ :‬‬
‫<ما ك ِذ َب‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫حممد؟ص؟ ما رأت عیناه‪ّ ،‬مث أخبـر مبا رأى‬ ‫الف َ���ؤ ُاد َما َرأى> یقول‪ :‬ما كذب فؤاد ّ‬
‫ََ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ََ‬
‫<ولا‬ ‫ات َر ِّبهِ الكب َـرى> فآیات اهلل غیر اهلل‏‪ ،‬قد قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫آی‬‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬‫<ولقد ر ِ‬
‫ى‬ ‫أ‬ ‫فق���ال‪َ :‬‬
‫ً‬ ‫ُیح ُیط َ‬
‫(((‬
‫ون ِبهِ ِعلما> فإذا رأته األبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت املعرفة»‪.‬‬ ‫ِ‬

‫نؤمن وال نعرف؟!!‬

‫بشء وال نعرفه؟!‬‫لك أن تقول‪ :‬كیف میكن أن نؤمن ي‬


‫تصور ّ‬‫أي ّ‬ ‫ً‬
‫متعالی���ا عن إمكان ّ‬ ‫ّ‬
‫وتوهم عن ذاته‬ ‫فأق���ول‪ :‬ألیس لك أن تعرفه جل وعال‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حی���ا مسیعا بصیرا مر یدا‬ ‫إمیان���ا و إیقان���ا به من دال لة أفعاله علی���ه‪ ،‬وتراه عاملا قادرا خالقا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كارها رمحانا رحیما ّبـرا ودودا غفورا و‪...‬‬
‫فكیف ال تراه وكیف احتجب عنك؟!‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫«ف���إن قال���وا‪ :‬فأنمت اآلن تصف���ون عن قصور العل���م عنه وصفا ح�ّت�ىّ كأنه غیر‬
‫معلوم‪ ،‬قیل هل���م‪ :‬هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كهنه واإلحاطة به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وهو من جهة أخرى أقرب من كل قر یب إذا اس���تدل علیه بالدال ئل الشافية‪،‬‬
‫فه���و من جهة كالواضح ال یخىف عىل أح���د‪ ،‬وهو من جهة كالغامض ال یدركه‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،36 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪352‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫أحد‪ ،‬وكذلك العقل أیضا ظاهر بشواهد ومستور بذاته»‪.‬‬
‫(((‬

‫«إن العق���ل یعرف الخ الق من جهة توجب علیه اإل قرار‪ ،‬وال یعرفه مبا یوجب له‬
‫ّ‬
‫اإلحاطة بصفته»‪.‬‬
‫(((‬

‫حت ال حیتاج ف ذل���ك الطالب املرتاد إىل رؤیة ن‬ ‫ّ‬


‫«ویس���تدل علیه خبلقه ىّ‬
‫عی‪،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وال استماع أذن‪ ،‬وال ملس كف‪ ،‬وال إحاطة بقلب»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«بالعقول یعتقد التصدیق باهلل وباإل قرار یمكل اإلمیان به»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫یستدل علیه‪ ،‬وبالعقول یعتقد معرفته‪ ،‬وبالفكر تثبت ّ‬
‫(((‬
‫حجته»‪.‬‬ ‫«بصنع اهلل‬
‫لاّ‬
‫«احلم���د هلل ال���ذي أعجز األوه���ام أن تن���ال إ وجوده‪ ،‬وحج���ب العقول عن أن‬
‫(((‬
‫تتخیل ذاته يف امتناعها من الشبه والشكل»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬


‫ً‬
‫(((‬
‫«یصیب الفكر منه اإلمیان به موجودا‪ ،‬ووجود اإلمیان ال وجود صفة»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«ظاهر ال بتأویل املباشـرة‪ ،‬متجل ال باسهتالل رؤیة»‪.‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،149 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،315 / 10 ،‬باب ذكر جملس الرضا؟ع؟ مع أهل األديان وأصحاب املقاالت يف التوحيد‬
‫عند املأمو ن‏‪.‬‬
‫‪ . 4‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.73 ،‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ب ال هلعفب اّلإ یلاعت هللا فرعي ال‬ ‫‪353‬‬

‫«قال‪ :‬كیف یعبد اهلل الخ لق ومل یروه؟! قال [اإلمام الصادق]؟ع؟ ‪:‬‬
‫رأت���ه القلوب بن���ور اإلمیان‪ ،‬وأثبتت���ه العقول بیقظهتا إثبات العی���ان‪ ،‬وأبصـرته‬
‫األبص���ار مب���ا رأته من حس���ن التركی���ب و إحكام التألی���ف‪ّ ،‬مث الرس���ل وآیاهتا‪،‬‬
‫والكت���ب وحممكاهتا‪ ،‬واقتصـرت العلماء عىل ما رأت من عظمته دون رؤیته‪،‬‬
‫ً‬
‫ق���ادرا أن یظهر هلم ىّ‬
‫حت یروه ویعرفوه فیعب���د عىل ن‬
‫یقی؟ قال‪:‬‬ ‫ق���ال‪ :‬ألیس هو‬
‫لیس للمحال جواب»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫وبالملة ّإن استحالة تعلق اإلدراك به تعاىل ال یستلزم جواز إنكار وجوده‪ ،‬بل نفس‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫خروجه عن إمكان تعلق اإلدراك به هو ّ‬
‫وربوبیته‪:‬‬ ‫بالوهیته‬ ‫املسوغ للحكم‬
‫حواس���ـي فلیس عندي‬ ‫«‪ّ ...‬إن ال أر ى ّ‬
‫حواس���ـي الخ مس أدركته وما مل تدركه ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫مبوج���ود‪ .‬ق���ال [اإلمام الصادق؟ع؟ ]‪ :‬إن���ه ّملا عجزت ّ‬
‫حواس���ك عن إدراك اهلل‬
‫حواسـي عن إدراك اهلل تعاىل ّ‬
‫أنكرته‪ ،‬وأنا ّملا عجرت ّ‬
‫(((‬
‫صدقت به»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫شء خبالف‬ ‫ّ‬
‫«وحن���ن إذا عج���زت حواس���نا عن إدرا ك���ه أیقن���ا أنه ربن���ا‪ ،‬وأن���ه ي‬
‫(((‬
‫األشیاء»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫أشء‬
‫ي‬ ‫وجل‬ ‫«قال يل أبو احلسن؟ع؟ ‪ :‬ما تقول إذا قیل لك‪ :‬أخبـر ين عن اهلل عز‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل نفس���ه ش���یئا حیث یقول‪:‬‬ ‫شء هو؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬قد أثبت اهلل‬ ‫هو أم ال ي‬
‫ّ‬ ‫َ ٌ َ ََ َ ُ‬ ‫ُ َ ُّ َ َ َ ُ َ َ َ ً ُ‬
‫شء‬ ‫ـيء أكبـر شهادة‪ ،‬ق ِل اهلل ش ِهید ب ِیني وبینكم>‪ ،‬فأقول‪‘‘ :‬إنه ي‬‫<قل أي ش ٍ‬
‫ّ‬
‫الشیئیة عنه أبطاله ونفیه‪.‬‬ ‫نف‬
‫ال كاألشیاء’’ إذ يف ي‬
‫(((‬
‫قال يل‪ :‬صدقت وأصبت»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،164 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،154 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،37 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،263 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪354‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫ّ‬
‫أظهر من كل ظاهر‬
‫‪356‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫یهدف هذا الفصل وتالیاه إلی التذكّ ر ّ‬


‫بأن‪:‬‬
‫▪ خف���اء الخ ال���ق تعاىل یك���ون من حیث أن تع���رف ذاته ّ‬
‫وأما م���ن حیث دال لة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫األدلة عىل وجوده فهو أظهر من كل ظاهر‪،‬‬
‫ً‬
‫▪ احلك���م بوجود الخ ال���ق املجهول الكنه ال یكون حمكا ع�ل�ى املجهول املطلق‬
‫املصطلح‪،‬‬
‫يّ‬
‫احلقیق‪،‬‬ ‫والتحیر يف معرفة ذات الخ الق هو العرفان‬
‫ّ‬ ‫▪ الوله‬
‫نّ‬
‫وذلك حیث ّإن المعرفة البشـر یّ ة تزعم أ ه‪:‬‬

‫▪ میكن شهود ذات الخ الق بنفسه‪ ،‬وظهوره بال واسطة خلقه‪،‬‬
‫ً‬ ‫▪ ّإن���ا إن مل ّ ن‬
‫نع�ّی� حقیق���ة وج���وده تع���اىل یك���ون حمكن���ا بوج���وده حمك���ا عىل‬
‫ً‬
‫املجهول املطلق‪ ،‬أو تعطیال للعقل‪،‬‬
‫بأن اهلل هو الوجود املطلق الالمتناهي وش���هود ذاته‬ ‫▪ حقیقة املعرفة هي العلم ّ‬
‫ّ‬
‫شء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫تعاىل يف صورة‬
‫ّ ً‬
‫مفصال‪:‬‬ ‫فلنأخذ بالنقد على ذلك‬
‫نم‬
‫رهظأ‬ ‫رهاظ ّلك‬ ‫‪357‬‬

‫جل وع�ل�ا فهو یخ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن ّكل م���ا ّبی ّناه من اس���تحالة معرفة خ‬
‫تص مبن أراد أن یعرف‬ ‫الالق‬
‫الالق من ناحیة وجود املخلوقات مفن الضـرورة‬ ‫وأما إثبات وجود خ‬ ‫حقیقة الذات املتعالیة‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫یشك فیه أبدا‪:‬‬ ‫والبداهة یكون مبثابة ال‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك فاطر َ‬ ‫َ ٌّ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ماوات َوالأ ْرض‏>؟‬
‫ِ‬ ‫ّ‬
‫الس‬ ‫ِ ِ‬ ‫‏‬ ‫ش‬ ‫‏‬
‫اهلل‬
‫ِ ِ‬ ‫ي‬
‫‏‬ ‫ف‬ ‫<أ‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫«ف���أي ظاهر أظه���ر ن‬ ‫ّ‬
‫وأبی وأوضح أم���را من اهلل تب���ارك وتعاىل‪ ،‬فأن���ك ال تعدم‬
‫(((‬
‫توجهت وفیك من آثاره ما یغنیك»‪.‬‬ ‫صنعته حیثما ّ‬
‫ّ‬
‫املتفكر ی���ن جح���ده ّ‬
‫ألن م���ن كانت الس���ماوات واألرض‬ ‫«ال تس���تطیع عق���ول‬
‫(((‬
‫هلن فال مدفع لقدرته»‪.‬‬ ‫فطرته وما فهین وما بیهنن وهو الصانع ّ‬

‫الشء فیحكم علیه بغیر ما هو‬ ‫یرى‬ ‫قد‬ ‫بل‬ ‫ببصـره‪،‬‬ ‫یراه‬ ‫ما‬ ‫ف‬ ‫ّ‬
‫یش���ك‬ ‫ّإن اإلنس���ان قد‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وأما العقل مفحال أن ّ‬ ‫ً‬
‫سـرابا‪ّ ،‬‬
‫یشك يف اضطرار‬ ‫علیه يف الواقع‪ ،‬فیری السـراب ماء‪ ،‬واملاء‬
‫الالق‪:‬‬‫املصنوع إىل الصانع‪ ،‬واحتیاج املخلوق إىل خ‬

‫‪ . 1‬إبـراهمي (‪.10 ،)14‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،178 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،266 _ 265 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪358‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫وأبی ّمما تراه العیون»‪.‬‬
‫أحق ن‬‫املبی‪ّ ،‬‬
‫احلق ن‬‫«هو اهلل ّ‬

‫فال یعرف وال ینكر‪:‬‬


‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫عی البصیر‪ ،‬فال ن‬
‫«دلت علیه أعالم الظهور‪ ،‬وامتنع عىل ن‬‫ّ‬
‫عی من مل یره تنكره‪،‬‬
‫وال قلب من أثبته یبصـره‪ ...‬مل یطلع العقول عىل حتدید صفته‪ ،‬ومل حیجهبا عن‬
‫واجب معرفته‪ ،‬فهو الذي تشهد له أعالم الوجود عىل إقرار قلب ذي جحود»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫اله���ال من قبل ر بهّ���م وأنهّ م لیرون ال���دال الت الواضحات‬
‫«ولعم���ري ما يأت ج‬
‫البینات يف خلقهم‪ ،‬وما یعاینون من ملكوت الس���موات واألرض‬ ‫والعالم���ات ّ‬
‫ّ‬
‫والصنع العجیب املتقن الدال عىل الصانع‪.‬‬
‫ولكنهّ م قوم فتحوا عىل أنفس���هم أبواب املعاصـي‪ّ ،‬‬
‫وس���هلوا سبیل الشهوات‪،‬‬
‫فغلب���ت األهواء عىل قلوهبم‪ ،‬واس���تحوذ الش���یطان بظلمه���م علهیم‪ ،‬وكذلك‬
‫یطب���ع اهلل ع�ل�ى قلوب املعتدین‪ ،‬العج���ب من خملوق یزع���م ّأن اهلل یخىف عىل‬
‫عب���اده وه���و یرى أث���ر الصنع‪ ،‬يف نفس���ه بتركیب یهب���ر عقل���ه‪ ،‬وتألیف یبطل‬
‫حجته‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫تفك���روا ف ه���ذه األمور العظ���ام لعاینوا م���ن أمر التركی���ب ّ ن‬
‫البی‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ولعم���ري لو‬
‫حتوهلا من‬‫ولط���ف التدبیر الظاهر‪ ،‬ووجود األش���یاء خملوقة بع���د أن مل تكن‪ّ ،‬مث ّ‬
‫ّ‬
‫طبیع���ة إىل طبیعة وصنیعة بعد صنیعة‪ ،‬ما یدلهّ���م ذلك عىل الصانع فإنه ال‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫شء مهنا م���ن أن یكون فی���ه أثر تدبیر وتركی���ب یدل ع�ل�ى ّأن له خالقا‬ ‫یل���و ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،317 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،308 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫نم‬
‫رهظأ‬ ‫رهاظ ّلك‬ ‫‪359‬‬

‫ّ ً‬
‫(((‬
‫مدبـرا‪ ،‬وتالیف بتدبیر هیدي إىل واحد حكمی»‪.‬‬
‫«فق���ال إب���ن يأب العوج���اء‪ :‬ذك���رت اهلل‏‪ ،‬فأحل���ت عىل غائ���ب‪ ،‬فق���ال أبو عبد‬
‫ً‬
‫اهلل؟ع؟‪ :‬ویلك! كیف یكون غائبا من هو مع خلقه ش���اهد‪ .‬و إلهیم أقرب من‬
‫(((‬
‫حبل الور ید یسمع كالمهم ویرى أشخاصهم ویعلم أسـرارهم»‪.‬‬

‫كيف يمكن الحكم على المجهول المطلق؟!‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫یتوجه _ إثباتا ونفیا _ إىل املجهول املطلق‪ ،‬وحیث ّإنه‬ ‫إن قالوا‪ّ :‬إن احلكم ال میكن أن ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتع���ال عن االمتداد مطلقا‪ ،‬فیلزم ّإما أن یكون‬ ‫ي‬ ‫ال میك���ن عندكم تعلق اإلدراك باملوجود‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫احلكم بوجود خ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪.‬‬ ‫الالق حماال‪ ،‬و ّإما أن ال ینحصـر تعلق اإلدراك باملوجود‬
‫ً‬
‫قلنا‪ :‬املجهول املطلق الذي‌میتنع احلكم علیه هو الذي ال التفات إیل مطلقا ولیس اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لكنه لیس ذلك بأن ّ‬ ‫كذلك‪ ،‬بل هو الذي نلتفت إلیه بال إشكال ّ‬
‫نتصو ره أوال ومستقیما ذا‬
‫یتوجه‬ ‫صورة وش���كل كما میكننا ذلك ف غیره تعایل‪ ،‬بل ف مقام اال لتفات إلیه تعایل ما ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫حت یلزم امتناع احلكم علیه تع���ایل أو تعممی اإلدراك‪ ،‬بل ال‬ ‫حمكن���ا بال���ذات إلیه تعاىل ىّ‬
‫املتجزئ املخلوق ّمث حیكم العقل ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫املقداري‬ ‫بأن‬ ‫ّ‬
‫االمت���دادي‬ ‫یتوج���ه ّأوال وبالذات إ إىل‬
‫االمت���دادي قاب���ل للز یادة والنقصان والوجود والعدم وذلك یس���تلزم وج���ود خالق مبائن‬ ‫ّ‬
‫والتوهم واإلدراك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التصور‬ ‫لالمتداد وخارج عن دائرة‬
‫وشء بخ الف األشیاء‬ ‫نهّ‬ ‫ّ‬
‫ّ ومن الواضح بال ّإشكال أن اإلشارة إیل ذات بعنوان أ ا خالقة ي‬
‫ونتصوره بخ صوصه يف‬ ‫ّ‬ ‫ونتوهم فال یلزم أن ندرك���ه‬ ‫كله���ا‪ ،‬خ���ارج عن كل ما ن���درك ونعقل ّ‬
‫االمتداد واألجزاء والعدد‪:‬‬
‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الص َم ُد‪.‬ل ْم َي ِل ْد َول ْم ُيول ْد َول ْم‏‬ ‫الر ِح ِيم ق ْل ُه َو اهلل أ َح ٌ���د‪ .‬اهلل‬
‫الر ْحمن َّ‬ ‫َّ‬
‫<بس ِ���م اهلل َ ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫َيك ْن‏ ل ُه‏ كفوا أ َحد>‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،153 _ 152 / 3 ،‬عن ّ‬


‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪ ،125 / 1‬حبار األنوار‪.33 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬اإلخالص (‪.)112‬‬
‫‪360‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الس ِ‬ ‫ئ ْال ُم َص ّو ُر َل ُه ْال َأ ْس ُ‬


‫ماء ْال ُح ْسنى‏ ُي َس ّب ُح َل ُه ما في َّ‬ ‫‏‬
‫ْ ُ ْ ُ‬
‫بار‬ ‫ُ‬
‫<ه َو اهلل‏ ال ِ‬
‫ماوات‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫خالق‏ ال ِ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫(((‬
‫َوالأ ْر ِض َو ُه َو ال َع ِز ُيز ال َح ِكيم‏>‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫عزت���ه‪ ،‬لبعده من أن‬‫الرویات خاط���رة من تقدیر جالل ّ‬ ‫«وال خیط���ر بب���ال أول ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫یكون يف قوى املحدودین ألنه خالف خلقه»‪.‬‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬
‫(((‬
‫تصور يف األوهام فهو خالفه»‪.‬‬ ‫«ما ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مبن‪ ،‬علم���ت ّأن له بانیا و إن كنت‬ ‫ّ‬
‫مش���ید ّ‬
‫ي‬ ‫«أال ت���رى أنك إذا نظرت إىل بناء‬
‫شء خبالف األش���یاء‪ ،‬ارجع‬ ‫البان ومل تش���اهده‪.‬قال‪ :‬مف���ا هو؟ قال‪ :‬ه���و ي‬ ‫مل ت���ر ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الش���یئیة غیر أنه ال جس���م‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫‘‘شء ‘‘ إىل إثبات معىن وأنه ي‬ ‫بق���ول ي‬‫ي‬
‫لخ‬ ‫ّ‬
‫باحل���واس ا مس ال تدرك���ه األوهام‬ ‫���س وال ی���درك‬ ‫حی���س وال جی ّ‬
‫وال ص���ورة وال ّ‬
‫(((‬
‫یغیره الزمان»‪.‬‬ ‫وال تنقصه الدهور وال ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل ما وقع يف الوهم فهو خالفه»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫همّ‬ ‫همّ‬
‫(((‬
‫شء فتو وا اهلل غیره»‪.‬‬ ‫«ما تو مت من ي‬

‫‪ . 1‬احلشـر (‪.25 ،)59‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،276 _ 275 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.245 _ 244 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،290 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،40 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫نم‬
‫رهظأ‬ ‫رهاظ ّلك‬ ‫‪361‬‬

‫ً‬ ‫«سألت أبا جعفر الثان؟ع؟ عن التوحید فقلت‪ّ :‬‬


‫أتوهم شیئا؟‬ ‫ي‬
‫شء فهو‬
‫فق���ال‪ :‬نع���م‪ ،‬غی���ر معق���ول وال حم���دود‪ ،‬مف���ا وق���ع ومهك علی���ه م���ن ي‬
‫شء وال تدركه األوه���ام‪ ،‬كیف تدركه األوه���ام وهو خالف‬ ‫خالف���ه‪ ،‬ال یش�ب�هه ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء غی���ر معقول وال‬
‫م���ا یعق���ل وخ�ل�اف ما یتص���و ر يف األوه���ام؟ إنمّ���ا یتوه���م ي‬
‫(((‬
‫حمدود»‪.‬‬

‫التحيّ ر‪ ،‬ضاللة أم هدى؟!‬


‫ّ‬ ‫الالقبخ الف ّكل ّ‬
‫تصور ّ‬ ‫بناءعىلأنیكون خ‬ ‫إنقلت ً‬
‫وتوهم‪،‬و یكون كلماوصلناإلیهأو میكن‬
‫لاّ ً ّ ً‬
‫وحتیرا؟!!‬ ‫أن نصل إلیه غیره‪ ،‬فقد حارت عقولنا يف معرفة ذاته‪ ،‬وما زادنا البحث عنه إ وهلا‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫وثبتك علیه‪،‬‬‫ووهلا‪ ،‬فبارك اهلل لك ف التوحید ونفعك به ّ‬
‫ي‬ ‫فیه‬ ‫را‬ ‫قلنا‪ :‬زادك اهلل و ّإیانا حتی‬
‫فاس���تمع ملا یتىل علیك وأمحد اهلل تعاىل عىل ما أنعم به علیك من معرفة توحیده‪ ،‬وقل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ي َل ْو لا أ ْن َهد َانا اهلل َل َق ْد َ‬
‫جاءتْ‬ ‫ك َّنا ِل َن ْه َت ِد ‏َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫<ال َح ْم ُد ِلله الذي هدانا ِلهذا وما‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْ‬
‫(((‬
‫ُر ُس ُل َر ِّبنا ِبال َح ّق>‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«اهلل‏؛ معن���اه املعب���ود ال���ذي یأله فی���ه الخ لق ویؤل���ه واهلل هو املس���تور عن درك‬
‫(((‬
‫األبصار‪ ،‬املحجوب عن األوهام والخ طرات»‪.‬‬
‫«س���بحانه من عظمی تاهت الفطن يف ّتیار أمواج عظمته‪ ،‬وحصـرت األ لباب‬
‫(((‬ ‫عند ذكر ّ‬
‫أزلیته»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،267 _ 266 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬األعراف (‪.44 ،)7‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،222 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ .297 / 3 ،‬عن روضة الواعظی‪.‬‬
‫‪362‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫ضلت العق���ول ف أمواج ّتیار إدرا ك���ه‪ّ ،‬‬
‫وحتیرت األوهام ع���ن إحاطة ذكر‬ ‫ي‬ ‫«ق���د‬
‫(((‬
‫أزلیته‪ ،‬وحصـرت األفهام عن استشعار وصف قدرته»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ ّ‬
‫«إن الكفار نبهّ وا عن آهلهتم حبرف إش���ارة الش���اهد امل���درك‪ ،‬فقالوا‪ :‬هذه آهلتنا‬
‫حت‬‫حممد إىل إهلك الذي تدعو إلیه ىّ‬ ‫املحسوسة املدركة باألبصار‪ ،‬فأشـر أنت یا ّ‬
‫ٌ‬ ‫ُ ُ ُ َ‬
‫َ‬
‫ن���راه وندركه وال نأله فیه!!فأنزل اهلل تبارك وتع���اىل‪< :‬قل ه َو اهلل أحد>‪ .‬فاهلاء‬
‫ّ‬
‫احلواس‪ ،‬واهلل‬ ‫تثبیت للثابت والواو إش���ارة إىل الغائب عن درك األبصار وملس‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫احلواس»‪.‬‬ ‫تعاىل عن ذلك بل هو مدرك األبصار ومبدع‬
‫ّ‬
‫بكیفیته‪،‬‬ ‫مائیته واإلحاط���ة‬ ‫«اهلل‏‪ ،‬معن���اه املعب���ود الذي َ‬
‫أل���ه الخ لق ع���ن درك ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الشء فلم حیط به علم���ا‪ ،‬فاإل له هو‬
‫ویق���ول العرب‪ :‬أل���ه الرجل‪ ،‬إذا حتی���ر يف ي‬
‫(((‬
‫حواس الخ لق»‪.‬‬
‫املستور عن ّ‬
‫ُ َ‬
‫<اهلل أ َح ٌد>‪ ،‬أي املعبود الذي یأل���ه الخ لق عن إدرا كه واإلحاطة‬ ‫«مفع�ن�ى قوله‪:‬‬
‫بإهلیته متعال عن صفات خلقه»‪.‬‬
‫(((‬ ‫بكیفیته فرد ّ‬
‫ّ‬
‫مائیته ّ‬
‫وكیفیته ّ‬
‫حبس أو بوهم‬ ‫«ألن تفسیر ‘‘اإل له’’ هو الذي أله الخ لق عن درك ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫احلواس»‪.‬‬ ‫ال بل هو مبدع األوهام وخالق‬
‫وكیفیته إله فیه ّ‬
‫مائیة الباري ّ‬
‫تفكر العبد ف ّ‬ ‫ّ‬
‫بشء‬
‫ي‬ ‫فكرته‬ ‫حتط‬ ‫ومل‬ ‫ر‬ ‫وحتی‬ ‫ي‬ ‫«فإذا‬
‫ّ ّ ّ‬
‫وجل خالق الصور‪ ،‬فإذا نظر العبد إىل خلقه ثبت له ّأنه ّ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫یتصور له‪ ،‬ألنه عز‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 _ 221 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،222 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،222 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫نم‬
‫رهظأ‬ ‫رهاظ ّلك‬ ‫‪363‬‬

‫ّ‬
‫وجل خالقهم»‪.‬‬
‫(((‬

‫عل بن ّ‬
‫حممد اهلادي؟امهع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أبو احلسن ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الواصفی‪،‬‬ ‫ن‬
‫الطارفی‪ ،‬وتالش���ت أوصاف‬ ‫ن‬
‫املتوهمّی وقصـر طرف‬ ‫«تاهت أوهام‬
‫ن‬
‫املبطلی عن ال���درك لعجیب ش���أنه‪ ،‬والوق���وع بالبلوغ‬ ‫واضمحل���ت أقاوی���ل‬
‫ع�ل�ى ّ‬
‫علو مكانه‪ ،‬فهو باملوضع ال���ذي ال یتناهی‪ ،‬وباملكان الذي مل تقع علیه‬
‫الناعتون بإشارة وال عبارة ههیات ههیات»‪.‬‬
‫(((‬

‫الالق تعایل ال یخ ّ‬
‫تص بنا بل‪:‬‬ ‫والتحیر ف إدراك ذات خ‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫مرجحن نی‪،‬‬ ‫املقر ن‬
‫بی يف حجرات القدس‬ ‫«جبـرئیل ومیكائی���ل وجنود املال ئكة ّ‬
‫حیدوا أحسن الخ ن‬‫متولهّ ة عقوهلم أن ّ‬
‫(((‬
‫القی»‪.‬‬
‫«س���بحان من ال ت���درك كنه صفته محلة العرش عىل ق���رب ربواهتم من ّ‬
‫كرس‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫كرامته وال املال ئكة ّ‬
‫املقر بون من أنوار سبحات جالله»‪.‬‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫«وعمن ف السماء احتجابه ّ‬
‫عمن يف األرض»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،225 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪ ،66 ،‬حبار األنوار‪ ،160 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،314 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،127 / 10 ،‬عن إرشاد القلوب‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫بم یباین اهلل تعالى خلقه؟!‬
‫‪366‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪367‬‬

‫الالق واملخلوق؟ ّ‬
‫وبأي مالك یقس���م املوجود إىل «املحتاج إىل‬ ‫م���ا هو وجه تبای���ن خ‬
‫ّ‬
‫والعلة»‪« ،‬احلادث والق���دمی»‪« ،‬املخلوق خ‬ ‫ّ‬
‫والالق»‬ ‫واملس���تغن عهنا»‪« ،‬املعل���ول‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫العل‬
‫وعىل بعض التعابیر إىل «الواجب واملمكن»؟‬
‫ّ‬
‫و«املجرد» عن‬ ‫ّ‬
‫«املتحرك»‪،‬‬ ‫ّ‬
‫و«املحرك» عن‬ ‫ومب میتاز «الالمتناهي» عن «املحدود»‪،‬‬
‫ّ‬
‫و«التام» عن «الناق���ص»‪ ،‬و«الثابت» عن‬ ‫ّ‬
‫«امل���اد ّي»‪ ،‬و«ما بالفعل» عن «م���ا ّ‬
‫بالقوة»‬
‫املعان املتقابلة املذكورة؟!‬ ‫احلقیق ن‬
‫بی‬ ‫يّ‬ ‫ّ‬
‫«املتغیر»؟ وما هو الفارق‬
‫ي‬
‫هل میكن أن حیسب الشمس والقمر والشجر واحلجر واألرض والسماء وحقیقة الوجود‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املطلق���ة الالمتناهیة‪ ،‬معبودا و إهلا وخالقا مس���تغنیا عن العلة؟ أم یكون مالك االحتیاج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يف كل هذه املذكورات ظاهرا أیضا؟!!‬
‫الالق عن املخلوق فال نأمن‬ ‫حقیقی ًا‪ ،‬به میتاز خ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫واقعیا وفارقا‬
‫ً‬
‫ّإنا ما دمنا مل نعرف مال كا‬
‫خ ً‬
‫لوق���ام���كان خ‬
‫الال���قاملعب���ودفهنل���كم���نحی���ثال نعل���م‪.‬‬ ‫م���نأننخ ت���ارم‬
‫الالق واملخلوق‪:‬‬ ‫بی حقیقة وجود خ‬ ‫احلقیق ن‬
‫يّ‬ ‫ّ‬
‫الواقعي والفارق‬ ‫فاملالك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ .1‬ه���ل میك���ن أن یكون ه���و الصغر والكبـر فیكون أ كبـر األش���یاء خالقا ومس���تغنیا عن‬
‫ّ‬
‫العلة؟!‬
‫ّ‬
‫النورانی���ة فیكون النار أو‬ ‫‪ .2‬أم ه���ل میك���ن أن یك���ون ذلك املالك هو ّ‬
‫ش���دة احلرارة أو‬
‫‪368‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫الشمس أو‪ ...‬خالقا وواجبا؟!‬
‫‪ .3‬أم هل یكون ذاك هو احلدوث والقدم‪ ،‬وحینئذ مفا هو املراد مهنما؟!‬
‫ّ‬
‫املتصور مهنما؟!‬ ‫‪ .4‬أم هل یكون ذلك هو اإلمكان والوجوب‪ ،‬و إذا مفا هو‬
‫ماهیته هو م�ل�اك اإلمكان‬ ‫ّ‬
‫املحدودی���ة الالزمة للشء م���ن حیث ّ‬ ‫‪ .5‬أم ه���ل یك���ون‬
‫ي‬
‫ً‬
‫ش���یئا ف ّ‬
‫أش���د مراتب الوجود مب���ا ال هنایة له‪ ،‬بل فوق ما‬ ‫ي‬ ‫واالحتی���اج حبیث لو أن فرضنا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ال یتناهی! مبا ال یتناهی!؟ یكون واجبا لذاته‪ ،‬مس���تغنیا عن العلة كما تزعمه الفلس���فة‬
‫ّ‬
‫املسماة باحلمكة املتعالیة؟!‬ ‫ومدرسة مال صدرا‬
‫احلق هو‬ ‫خیالیة‪ ،‬والواقع ّ‬
‫ّ‬ ‫واملاهیات واألشیاء املدركة لنا أمور ّ‬
‫ومهیة‬ ‫ّ‬ ‫‪ .6‬أم هل احلدود‬
‫ّ‬
‫صـرف الوجود الالمتناهي املوجود بنفسه املستغن عن العلة وهو ن‬
‫عی األشیاء كما علیه‬ ‫ي‬
‫أصحاب العرفان؟! فنقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫والنورانیة _‬ ‫والث���ان من امل�ل�ا كات املذكورة _ وهي الصغ���ر والكبـر واحل���رارة‬ ‫ّأم���ا ّ‬
‫األول‬
‫ي‬
‫ً‬
‫امتدادیة قابلة للز ی���ادة والنقصان فال تصلح ألن تكون مال كا‬‫ّ‬ ‫ف�ل�ا ش�ب�هة يف أنهّ ا حقایق‬
‫ّ‬
‫والالحمدودیة _ فقد ّبی ّنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املحدودیة‬ ‫الامس مهنا _ وه���ي‬‫العلة‪ ،‬كما ّأن خ‬ ‫لالس���تغناء ع���ن‬
‫ً‬
‫مرارا ّ‬
‫بأن التقسمی إىل املتناهي والالمتناهي وهم‪.‬‬ ‫بطالنه‬
‫عی السفس���طة فقد كشفنا عن‬ ‫وأما الس���ادس مهنا فبعد ّ‬
‫غض النظر عن أنهّ ا تكون ن‬ ‫ّ‬
‫بطالن االعتقاد به يف أ كثر من موضع‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأما الرابع _ وهو الوجوب واإلمكان _ فنقول‪:‬‬
‫لاّ‬
‫‪ )1‬ال ممكن إ وهو حادث‬
‫لاّ‬ ‫ممكنا ال یثبت وجود خ‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫الال���ق تعاىل بوجه من الوجوه إ من‬ ‫الشء‬
‫إن صـ���رف ك���ون ي‬
‫ً‬
‫حادثا‪ ،‬واملس���تلزم لوج���ود خ‬ ‫لاّ‬
‫الالق هو حدوث األش���یاء‬ ‫حی���ث ّأن املمك���ن ال یك���ون إ‬
‫املخلوقة بعد أن مل تكن‪.‬‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪369‬‬

‫قدمیا غیر حادث (كما تقول به الفلس���فة مع ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫غض‬ ‫فإنن���ا إن أمكننا أن نفرض موجودا‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫النظ���ر عن ك���ون ذلك حماال كما أش���ـرنا إلیه) فاحلك���م باحتیاجه إىل املؤث���ر ّأول الكالم‪،‬‬
‫مقدمة إل ثبات وجود‬ ‫فكی���ف یكون مال ًكا للحكم باحتیاج ال�ش��ء إىل غیره‪ ،‬وكیف یقع ّ‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫الواجب الذي خلقته ید الفلس���فة؟ بل تس���میة ذلك حینئذ بـ «املمكن الوجود» ضاللة‬
‫واضحة‪ّ .‬إن حكم العقل باحتیاج املمكن القدمی إىل املوجد من حیث إمكانه‪ ،‬معارض‬
‫حلمكه بعدم احتیاجه إىل غیره من حیث قدمه املفروض له‪.‬‬
‫مّ‬
‫والتعارض إنا نش���أ من اش���تباههم يف أص���ل الفرض‪ ،‬حیث إنهّ م زعم���وا ّأن املوجود‬
‫قدمیا‪ّ ،‬‬‫ً‬
‫فأولوا حدوث األش���یاء _ عىل خالف م���ا یقتضیه العقل‬ ‫املمك���ن جی���وز أن یك���ون‬
‫يّ‬
‫احلقیق‬ ‫الذات املخترع من عند أنفسهم‪ ،‬دون احلدوث مبعناه‬ ‫ّ‬ ‫والنقل واللغة _ باحلدوث‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫الذي یكون هو الوجود بعد العدم ّ ّ‬
‫البت للمخلوقات كلها‪.‬‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن ال���ذي ی���زول وحی���ول جیوز أن یوج���د ویبطل [وه���و ّ‬
‫املعبـر عن���ه باملمكن‬
‫عنده���م] فیكون بوجوده بعد عدمه دخول يف احلدث [وذلك ّأن وجود املمكن‬
‫وف كون���ه يف األزل دخوله يف الق���دم‪ ،‬ولن جتتمع صفة‬
‫وحدوث���ه متالزم���ان]‪ ،‬ي‬
‫شء واحد»‪.‬‬
‫(((‬
‫األزل واحلدوث‪ ،‬والقدم والعدم يف ي‬
‫ً‬
‫‪ )2‬القديم ال يكون مفعوال‬

‫الشء لو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫شء وهو موجود أز يل قدمی وحتصیل ًاحلاصل حمال؟! إن ي‬ ‫إیاد ي‬
‫كیف میكن ج‬
‫ً‬
‫إلیاده‪ ،‬و إن وجد بغیره فال یكون قدمیا‪:‬‬ ‫كان قدمیا فال معىن ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«ولو كان قدمیا لكان إهلا ثانیا»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،47 _ 46 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬هنج البالغة‪272 ،‬؛ عنه حبار األنوار‪.314 / 74 ،‬‬
‫‪370‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«فإن كنت صنعهتا وكانت موجودة فقد استغنیت بوجودها عن صنعهتا»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬
‫«كیف یكون خالقا ملن مل یزل معه؟!»‬
‫(((‬

‫عی ّأنه أز ّل یكون من فع���ل اهلل‏»‪ ،‬واإلمام ّ‬


‫عل بن‬ ‫الفلس���فة ّتدع���ي‪ّ :‬‬
‫«أن العامل ف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫موىس الرضا؟امهع؟ یرسل بطالن هذا ّ‬
‫االدعاء إرسال املسلمات‪:‬‬
‫مّ‬
‫«‪ ..‬قال س���لیمان‪ :‬إنا عنیت أنهّ ا من فع���ل اهلل مل یزل!! قال‪ :‬أال تعلم ّأن ما مل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫یزل ال یكون مفعوال‪ ،‬وحدیثا وقدمیا يف حالة واحدة؟ فلم حیر جوابا‪.‬‬
‫ً (((‬
‫‪ّ ...‬مث أعاد الكالم إىل أن قال؟ع؟ ‪ّ :‬إن ما مل یزل ال یكون مفعوال»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«‪ ...‬ق���ال (س���لیمان)‪ :.‬بل ه���ي فعل‪ ،‬قال‪ :‬ق���ال فهي حمدث���ة ّ‬
‫ألن الفعل كله‬
‫حمدث‪،‬‬
‫قال‪ :‬لیست بفعل‪ ،‬قال‪ :‬مفعه غیره مل یزل»‪.‬‬
‫(((‬

‫متعددین ّ‬
‫فبأي مناط حیكم بالوجوب عىل واحد وباإلمكان‬ ‫إذا جاز أن یكون القدماء ّ‬

‫عىل آخر ین؟!‬


‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُْْ َ ُ ُ‬
‫آباؤك ْم ما أن َزل‬ ‫ك إ ًذا ِق ْس َ���م ٌة ِض َيزى‏ إ ْن ِه َي إ ّلا أ ْس ٌ‬
‫���ماء َس َّم ْي ُت ُموها أنتم و‬
‫ْ َ‬
‫َِ‬ ‫ِ‬ ‫<تل ‏ ِ‬‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ون إلا الظ ّن َوما ت ْه َوى الأنف ُس َولق ْد َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ْ َ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬
‫جاءه ْم ِم ْن‬ ‫طان ِإن يت ِبع ِ‬‫اهلل ِبها ِمن س َ���ل ٍ‬
‫َ َّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َّ ُْ‬
‫(((‬
‫سان ما ت َمنى>‪.‬‬ ‫ر ِب ِه ُم الهدى‏ أ ْم ِلل ِإن ِ‬

‫‪ . 1‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.290 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،176 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،57 / 54 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،57 / 54 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 5‬النجم (‪.25 _ 23 ،)53‬‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪371‬‬

‫و إذا كان القدماء ّ‬


‫متعددین‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«فبما یستدل عىل ّأن أحدمها خالق لصاحبه؟!»!‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إلنه مل یزل معه‪ ،‬فكیف یكون خالقا ملن یزل معه؟!»‬
‫بدهیي ّأن احلكم باإلمكان لواحد وبالوجوب آلخر _ ومها ّ‬
‫أزلیان ال یسبقهما العدم وال‬ ‫ّ‬
‫واقعي _ تخ صیص بال خمصص‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فرق بیهنما إلاّ بالتسمیة دون ّ‬
‫أي مالك‬
‫تع���دد القدم���اء بالتمثیل حبركة اإلصب���ع خ‬
‫والامت‪ ،‬أو القف���ل واملفتاح‪،‬‬ ‫وتوجی���ه إمكان ّ‬
‫ً‬
‫خروجا من الف���رض‪ّ ،‬‬
‫ألن مورد الف���رض موجودان قدمیان‬ ‫أو الش���مس وش���عاعها‪ ،‬یكون‬
‫ّ‬
‫أحدمها معلول لآلخر‪ ،‬ال موجودان حادثان معلوالن لعلة ثالثة‪.‬‬
‫ً‬ ‫العل ّی���ة ف مجیع تلك األمثلة منتفیة‪ ،‬وذلك ّأن حرك���ة اإلصبع خ‬ ‫ّ ّ‬
‫والامت معا معلولة‬ ‫ي‬ ‫ف���إن‬
‫ّّ‬ ‫ّ‬
‫لعلة أخرى دوهنما‪ ،‬وال علیة بیهنما‪.‬‬
‫ب�ی�� حركة اإلصبع خ‬‫عل ّیة ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫والامت‪ ،‬أو‬ ‫كم���ا ّأن األم���ر يف القفل واملفتاح أیضا كذلك‪ ،‬فال‬
‫الالق واملخلوق‪.‬‬ ‫حت یشهد تعاصـرمها عىل إمكان تعاصـر وجود خ‬ ‫القفل واملفتاح ىّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كما ّأن الش���مس أیضا ال عل ّیة هلا بالنس���بة إىل ش���عاعها بل مها _ عیهنا وش���عاعها _‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذات مركب���ة خملوق���ة لعلة أخرى‪ ،‬كما ّأن البخار احلاصل من غلیان املاء لیس ش���یئا غیر‬
‫نفس أجزاء املاء وهو صورة أخرى من حقیقة وجوده‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫مّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء غیره»‪.‬‬
‫ي‬ ‫لیس‬ ‫هو‬ ‫ا‬ ‫إن‬ ‫«إن الضوء من السـراج لیس بفعل منه وال كون‪ ،‬و‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،321 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،74 / 57 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،313 / 10 ،‬عن التوحید وعیون األخبار‪.‬‬
‫‪372‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫ن‬ ‫وأعجب من هذا ّكله أنهّ م كیف غفلوا من ّأن التعاصـر ن‬
‫شیئی ال میكن إ بكون‬ ‫بی‬
‫ّ‬ ‫واقعا ف الزمان واالمتداد والعدد؟! واهلل خ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الالق البارئ األجل األعىل ال تصحبه‬ ‫ي‬ ‫كل مهنما‬
‫اللیال واألیام‪...‬‬
‫ي‬ ‫األوقات‪ ،‬وال تخ تلف علیه‬
‫الوهر ّیة ّ‬
‫األزلیة‪،‬‬ ‫بناء عىل احلركة ج‬ ‫وال یذهب علیك ّأن احلدوث الذي ّتدعیه الفلسفة ً‬
‫ً‬
‫هو أیضا نفس القول بقدم العامل‪ ،‬وهو باطل من أساسه الستلزامه‪:‬‬
‫ً‬
‫العددیة ّأوال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ـ جتو یز ما ال یتناهی‪ ،‬بل إنهتاء ما ال یتناهی من ّ‬
‫التغیرات‬
‫ً‬
‫ـ وقدم الزمان ثانیا‪،‬‬
‫ًّ ً‬ ‫ـ وكون وجود خ‬
‫زمانیا ثالثا‪،‬‬ ‫الالق‬
‫ً‬
‫ونف القدرة واالختیار عن اهلل تعاىل رابعا‪،‬‬ ‫ـ ي‬
‫ً‬ ‫ـ وكون وحدة خ‬
‫عددیة إعتبار ّیة خامسا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الالق‬
‫ً‬
‫ـ وقدم إالرادة‪ ،‬بل نفهیا وتأو یلها إىل معىن العلم سادسا و‪...‬‬
‫ّ‬
‫وكل ذلك واضح البطالن‪.‬‬

‫الفلسفة تقول بأزليّ ة العالم‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫هویة من ّ‬‫«ال ّ‬
‫األشخاص فلكا كان أو عنصـرا‪ ،‬بسیطا كان أو‬ ‫الهویات وال شخص من‬
‫ً ًّ‬ ‫ً لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫(((‬
‫زمانیا»‪.‬‬ ‫مركبا‪ ،‬جوهرا كان أو عرضا إ وقد سبق عدمه وجوده ووجوده عدمه سبقا‬
‫بل یقول العرفان‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫المتألهین ف ��ي التوحید قائل ��ون ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن الحق‬ ‫«إن أه���ل التحقی���ق في التوحي ��د أعني‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫سبحانه لیس له سوی‪ ،‬فضال عن أن یكون قدیما أو حادثا»‪.‬‬
‫املجلس ّقدس اهلل ّ‬
‫سـره ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الرد عىل ذلك‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫مة‬ ‫و یقول الع‬
‫ّ‬
‫العرشية‪.230 ،‬‬ ‫‪ . 1‬مال صدرا‪ ،‬رسالة‬
‫ّ‬
‫اآلمل‪ ،‬حسن‪ ،‬تعلیقة كشف املراد‪.477 ،‬‬‫‪ . 2‬حسن زادة ي‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪373‬‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الدهری ��ة والمالحدة‬ ‫«كان ف���ي قدی���م الزم���ان ال ینس���ب الق ��ول بالق ��دم إ إل ��ى‬
‫والفالسفة المنكرین لجمیع األدیان‪...‬‬
‫وف���ي قریب م���ن عصـرنا ّلما ول���ع الناس بمطالع ��ة كتب المتفلس ��فین‪ ،‬ورغبوا عن‬
‫والسنة وأخبار ّ‬
‫أئمة الدین‪ ،‬وصار بعد العهد عن أعصارهم؟مهع؟‬ ‫الخوض في الكتاب ّ‬
‫ً‬
‫س���ببا لهجر آثارهم‪ ،‬وطمس أنوارهم‪ ،‬واختلطت الحقائق الش� � ّ‬
‫ـرعیة بالمصطلحات‬
‫ّ‬
‫الفلسفیة‪ ،‬صارت هذه المسألة معترك اآلراء ومصطدم األهواء‪.‬‬
‫ّ‬
‫المضلین‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وروجوها‬ ‫المتسمین بالعلم المنتحلین للدین إلى شبهات‬ ‫فمال كثیر من‬
‫ّ‬
‫وقلوا‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حتى ّأن‬ ‫حتى ملوا‬ ‫بین المسلمین‪ ،‬فضلوا وأضلوا‪ ،‬وطعنوا على أتباع الشـریعة‬
‫بعض المعاصـرین منهم یمضغون بألس ��نتهم ویسودون األوراق بأقالمهم أن لیس‬
‫ف���ي الح���دوث إلاّ خبـر واحد وهو ‘‘كان اهلل ولم یكن معه ش ��يء’’ ث � ّ�م ّ‬
‫یؤولونه بما‬
‫یوافق آرائهم الفاسدة‪.‬‬
‫فل���ذا أوردت ف���ي ه���ذا الباب أ كث ��ر اآلی ��ات واألخبار المزیح ��ة للش � ّ‬
‫�ك واالرتیاب‪،‬‬
‫ّ‬
‫وقفیته���ا بمقاصد أنیقة‪ ،‬ومباحث دقیقة‪ ،‬تأتي بنیان ش ��بههم من قواعدها‪ ،‬وتهزم‬
‫وتجن ًبا من مس ��اخط ّ‬
‫رب‬ ‫�ییدا لقواعد الدین‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫جنود ش���كوكهم من مراصدها‪ ،‬تش �‬
‫العالمین‪ ،‬كما روي عن ّ‬
‫سید المرسلین؟ص؟‪:‬‬
‫لاّ‬
‫إذا ظه���رت البدع ف���ي أمتي‪ ،‬فلیظهر العال ��م علمه‪ ،‬و إ فعلیه لعن ��ة اهلل والمالئكة‬
‫والناس أجمعین»‪.‬‬
‫(((‬

‫«إن ال���ذي ثبت بإجم���اع أهل الملل والنص ��وص المتواترة هو ّأن جمیع ما س ��وى‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الحقتعالىأزمنةوج���ودهف���يجان���باألزلمتناهی ��ةوف ��يوج ��ودهابت ��داء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«وق���ال صاح���ب المل���ل والنحل في كت ��اب ‘‘نهایة األق ��دام’’ ّ‬
‫وصحح ��ه المحقق‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.234 _ 233 / 57 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.237 / 57 ،‬‬
‫‪374‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطوس���ي ره‪ :‬مذه���ب أهل الحق من المل ��ل كلها ّأن العالم مح ��دث مخلوق‪ ،‬له‬
‫ّ‬
‫ّأول‪ ،‬أحدث���ه الباري تعالى وأبدع ��ه بعد أن لم یكن‪ ،‬وكان اهلل ولم یكن‪ ،‬وكان اهلل‬
‫ولم یكن معه شيء‪ ...‬و ّإنما القول بقدم العالم ّ‬
‫وأزلیة الحركات بعد إثبات الصانع‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والقول بالعلة األولى إنما ظهر بعد أرسطاطالیس ألنه خالف القدماء صـریحا وأبدع‬
‫ً‬ ‫هذه المقالة على قیاسات ّ‬
‫ظنها ّ‬
‫حجة وبـرهانا‪.‬‬
‫وقال ّ‬
‫السید في القبسات‪ :‬القول بقدم العالم نوع شـرك‪ ،‬وقال في موضع آخر منه‪:‬‬
‫ّ‬
‫إنه إلحاد‪...‬‬
‫طیب اهلل روحه ّ‬
‫القد ّ‬ ‫الطوسي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وسي‪ ...‬في كتاب الفصول‪ :‬أصل؛ قد‬ ‫وقال المحقق‬
‫ً‬
‫ثبت ّأن وجود الممكن من غیره‪ ،‬فحال إیجاده ال یكون موجودا‪ ،‬الستحالة إیجاد‬
‫ً‬
‫الموجود فیكون معدوما‪ ،‬فوجود الممكن مس ��بوق بعدمه‪ ،‬وهذا الوجود یس � ّ�مى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حدوثا والموجود محدثا‪.‬‬
‫ّ‬
‫فكل ما س���وى الواجب من الموجودات محدث‪ ،‬واستحالة الحوادث ال إلى ّأول‬
‫ّ‬
‫الفلسفي ال یحتاج إلى بیان طائل بعد ثبوت إمكانها المقتضي لحدوثها‪...‬‬ ‫كما یقول‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫السید ّ‬
‫وسأل ّ‬
‫مهنا بن سنان الع مة الحل ّي _ ره _ في جملة مسائله‪:‬‬
‫س���یدنا فیمن یعتقد التوحید والع ��دل ّ‬
‫ولكنه یقول بقدم العالم؟ ما یكون‬ ‫ما یقول ّ‬

‫حكمه في الدنیا واآلخرة؟‬


‫فأج���اب ره‪ :‬من اعتقد ق���دم العالم فهو كافر بال خالف‪ّ ،‬‬
‫ألن الفارق بین المس ��لم‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫والكافر ذلك‪ ،‬وحكمه في اآلخرة حكم باقي الكفار باإلجماع»‪.‬‬
‫وقال ّ‬
‫«قدس اهلل روحه» بعد بیان اعتقادات أصحاب الفلسفة يف مسألة قدم العامل‪:‬‬
‫«و ّإنم���ا أوردن���ا ه���ذه المذاهب الس ��خیفة لیعل ��م ّأن أس ��اطین الحكماء ّ‬
‫تمس ��كوا‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.247 _ 238 / 57 ،‬‬


‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪375‬‬

‫ّ‬ ‫به���ذه الخرافات ّ‬


‫وتفوه���وا بها‪ ،‬ویتبعه ��م أصحابهم ویعظمونهم‪ ،‬و إذا س ��معوا من‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ش���یئا ّ‬
‫واألئمة‬ ‫مما أخذوه من كتاب اهلل وكالم س � ّ�ید المرسلین‬ ‫أصحاب الش���ـریعه‬
‫ّ‬
‫الراشدین؟مهع؟ ینكرون ویستهزؤون‪ ،‬قاتلهم اهلل أنى یؤفكون»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫الكراجكي؟حر؟‏‪:‬‬ ‫و یقول‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫«إعلم ّأیدك اهلل ّأن من المالحدة فریقا یثبتون الحوادث ومحدثها ویقولون‪ :‬إنه ال‬
‫ّأول لوجوده وال ابتداء لها‪ ،‬ویزعمون ّأن اهلل سبحانه لم یزل یفعل وال یزال كذلك‪،‬‬
‫وأن أفعاله ال ّأول لها وال آخر‪ ،‬فقد خالفونا في قولهم ّإن األفعال ال ّأول لها‪ ،‬إذ ّكنا‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫نعتقد ّأن اهلل تعالى ابتدئها‪ ،‬وأنه موجود قبلها‪...‬‬
‫ـرمدیة ال ّأول له وال آخر‪ّ ،‬‬
‫وأن‬ ‫الدهریة القائلون ّ‬
‫بأن الدهر س� � ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهؤالء ّأیدك اهلل هم‬
‫تح���رك بها الفل���ك فقد ّ‬
‫تحرك قبله ��ا بحركة قبلها حركة‪ ،‬م ��ن غیر نهایة‪،‬‬ ‫ّكل حرك���ة ّ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وس���یتحرك بعده���ا بحركة بعدها حركة‪ ،‬ال إلى غایة‪ ،‬وأن ��ه ال یوم إ وقد كان قبله‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫لیل���ة‪ ،‬وال لیل���ة إ وق���د كان قبلها ی ��وم‪ ،‬وال إنس ��ان إ یكون من نطف ��ة‪ ،‬وال نطفة‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫تكونت إ من إنس���ان‪ ،‬وال طائر إ من بیضة‪ ،‬وال بیضة إ من طائر‪ ،‬وال ش ��جرة إ‬
‫ّ لاّ‬ ‫من ّ‬
‫حبة إ من شجرة‪.‬‬ ‫حبة‪ ،‬وال‬
‫ّ‬
‫وأن هذه الحوادث لم تزل تتعاقب وال تزال كذلك‪ ،‬لیس للماضي فیها بدایة‪ ،‬وال‬
‫یتقدمها‪ ،‬وحكمة من حكیم‬ ‫للمستقبل منها نهایة‪ ،‬وهي مع ذلك صنعة لصانع لم ّ‬
‫لم یوجد قبلها‪ّ ،‬‬
‫وأن الصنعة والصانع قدیمان لم یزاال‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعالى اهلل الذي ال قدیم س���واه‪ ،‬وله الحمد على ما أس ��داه من معرفة الحق وأواله‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وأنا بعون اهلل أورد لك طرفا من األدلة على بطالن ما ّادعاه الملحدون وفس ��اد ما‬
‫ّ‬
‫الدهریون»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫تخیله‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪.251 / 57 ،‬‬


‫ّ‬
‫الكراجكي‪ ،،‬كنز الفوائد‪.3 _ 2 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪376‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫إشارة إلى بعض ما ورد دا على حدوث مطلق ما سوى اهلل تعالى‪:‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«مل خیل���ق األش���یاء من أص���ول ّ‬
‫أزلیة وال م���ن أوائ���ل ّ‬
‫أبدیة‪ ،‬بل خل���ق ما خلق‬
‫وصور ما ّ‬‫حده ّ‬ ‫فأقام ّ‬
‫(((‬
‫صور فأحسن صورته»‪.‬‬
‫ً‬ ‫مّ‬
‫«إنا كالمه س���بحانه فعل منه أنش���أه ومثله مل یكن من قب���ل ذلك كائنا‪ ،‬ولو‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫كان قدمیا لكان إهلا ثانیا»‪.‬‬
‫(((‬
‫شء ّكون ما قد كان»‪.‬‬‫شء كان وال من ي‬ ‫«احلمد هلل الذي ال من ي‬
‫(((‬ ‫«الذي صدرت األمور عن ّ‬
‫مشیته»‪.‬‬
‫اإلمام املجتىب؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«خل���ق الخ لق فكان بدیئا بدیعا‪ ،‬ابتدأ ما ابتدع وابتدع ما ابتدأ‪ ،‬وفعل ما أراد‬
‫ن‬
‫العاملی»‪.‬‬
‫(((‬ ‫وأراد ما استزاد‪ ،‬ذلكم اهلل ّ‬
‫رب‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الشء مل یكن ل���ه انقطاع أبدا‪،‬‬ ‫الشء من ي‬ ‫«ل���و كان أول ما خلق من خلق���ه‪ ،‬ي‬
‫یتقدمه‪ّ ،‬‬ ‫إذا ومعه شء لیس هو ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شء غیره»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫كان‬ ‫ه‬ ‫ولكن‬ ‫ي‬ ‫ومل یزل اهلل‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل‬ ‫شء ومن زع���م ّأن اهلل‬ ‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل‪ ...‬خلق األش���یاء ال من ي‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشء ال���ذي خلق منه‬ ‫ي‬ ‫ذلك‬ ‫كان‬ ‫ل���و‬ ‫ه‬ ‫كفر‪،‬ألن‬ ‫شء فق���د‬ ‫خل���ق األش���یاء من ي‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪.57 _ 27 ،‬‬


‫‪ . 2‬هنج البالغة‪272 ،‬؛ عنه حبار األنوار‪.314 / 74 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،221 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،276 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،289 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪.67 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 6‬الروضة من‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪377‬‬

‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫أزلیا»‪.‬‬
‫(((‬
‫الشء‬
‫األشیاء قدمیا معه يف أزلیة وهویته‪ ،‬كان ذلك ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫شء فهو خملوق ما خال اهلل‬ ‫«وكل ما وقع علیه اسم ي‬
‫ً‬
‫شء غی���ره‪ ،‬ومل ی���زل عاملا مبا ّكون‪ ،‬فعلمه به قبل كونه كعلمه به‬ ‫«كان اهلل وال ي‬
‫(((‬
‫بعد ما ّكونه»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫َْ َ‬
‫ماوات َوالأ ْرض‬ ‫<ال َح ْم ُد لله َّالذي َخ َل َق َّ‬
‫الس‬
‫ْ‬ ‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬أنزل اهلل‪:‬‬ ‫«قال أمیر‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُ‬ ‫ك َف ُروا ب ّ‬ ‫َ‬
‫َ ُّ َ ُ َ ّ َ َ‬ ‫ُّ ُ‬
‫(((‬
‫ـرب ِه ْم‏ َي ْع ِدلون>»‬
‫ِ‬ ‫مات والنور ثم‏ ال ِذين‏‬ ‫َو َج َع َل الظل ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫«مل ی���زل اهلل ج���ل امسه عاملا بذاته وال معل���وم‪ ،‬ومل یزل ق���ادرا بذاته وال مقدور‪،‬‬
‫ما؟ قال‪ :‬ال���كالم حمدث كان اهلل ّ‬ ‫ّ ً‬
‫عز‬ ‫قل���ت له‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬فل���م یزل متكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجل ولیس مبتكلم ّمث أحدث الكالم‪.‬‬
‫ََ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬
‫وكان يف هذه اآلیة ّردا عىل ثالثة أصناف مهنم ّملا قال‪< :‬ال َح ْم ُد ِل ِله الذي خل َق‬
‫ً‬ ‫َْ َ‬
‫ماوات والأ ْرض> فكان ّردا عىل الدهر ّیة الذین قالوا‪ّ :‬إن األشیاء البدو هلا‬ ‫الس ِ‬
‫َّ‬

‫<إیاك نعبد> أي‬ ‫وهي دامئة‪ّ .‬مث قال‪ ...:‬فقال رسول اهلل؟ص؟ ألصحابه‪ :‬قولوا‪ّ :‬‬
‫ً‬
‫(((‬
‫نعبد واحدا ال نقول كما قالت الدهر ّیة‪ّ :‬إن األش���یاء ال بدو هلا وهي دامئة»‪.‬‬
‫(((‬
‫«أنت ابتدعت واخترعت واستحدثت‪ ،‬ما أحسن صنعك»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬

‫ن‬
‫الثقلي‪.5 _ 4 ،‬‬ ‫‪ . 1‬احلو ّ‬
‫يزي‪ ،‬نور‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬عن التوحيد‪.86 / 4 ،‬‬
‫‪ . 4‬األنعام (‪.2 ،)6‬‬
‫‪ . 5‬االحتجاج‪.25 / 1 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪.263 / 98 ،‬‬
‫‪378‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫حی شاء ّ‬
‫مبشیته وقدرته»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«أنشأ ما شاء ن‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«احلم���د هلل فاط���ر األش���یاء أنش���اء ومبتدعها إبت���داء بقدرته وحمكت���ه‪ ،‬ال من‬
‫لعلة فال ّ‬‫ّ‬
‫یصح االبتداع خلق ما ش���اء كیف ش���اء‪،‬‬ ‫شء فیبط���ل االختراع‪ ،‬وال‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫متوحدا بذلك إلظهار حمكته وحقیقة ربوبیته»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫اللیل خلق‬ ‫شء صن���ع‪ ،‬واهلل الخ ال���ق اللطی���ف ج‬
‫ي‬ ‫مف���ن‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫صان���ع‬ ‫كل‬ ‫«و إن‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫وصنع ال من ي‬
‫(((‬
‫وبینه»‪.‬‬ ‫وشیأه ّ‬‫«جسمه ّ‬ ‫ّ‬

‫شء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫شء خل���ق األش���یاء؟ ق���ال؟ع؟ ‪ :‬ال م���ن ي‬
‫«مث ق���ال الزندی���ق‪ :‬م���ن أي ي‬
‫شء؟!‬ ‫شء ي‬
‫فقال‪ :‬كیف جییء من ال ي‬
‫شء‪ ،‬فإن‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫شء أو من غیر ي‬ ‫قال؟ع؟ ‪ :‬إن األش���یاء ال تلو أن تكون خلقت من ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الشء قدمی والقدمی ال یكون حدیثا‬ ‫شء كان معه فإن ذلك ي‬ ‫كانت خلقت من ي‬
‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫الشء من أن یكون جوهرا واحدا ولونا واحدا‪.‬‬ ‫وال یفىن وال یتغیر‪ ،‬وال یلو ذلك ي‬
‫والواهر الكثی���رة املوجودة يف هذا العامل‬
‫مف���ن أین جائت ه���ذه األ لوان املختلفة ج‬
‫شت؟‬ ‫من ضـروب ىّ‬
‫ًّ‬
‫حیا؟ أو من‬ ‫الشء الذي أنش���أت منه األش���یاء‬
‫وم���ن أی���ن جاء املوت إن كان ي‬
‫حي ّ‬ ‫ً‬ ‫أین جاءت احلیاة إن كان ذلك الشء ّ‬
‫ومیت‬ ‫میتا‪ ،‬وال جیوز أن یكون من ّ‬ ‫ي‬
‫ًّ‬ ‫احلي ال جییء منه ّ‬ ‫قدمیی مل یزاال‪ّ ،‬‬
‫ن‬
‫میت وهو مل یزل حیا‪ ،‬وال جیوز أن یكون‬ ‫ألن ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،298 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.263 / 4 ،‬عن علل الشرایع‪.‬‬
‫الكاف‪ ،120 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،174 / 4 ،‬عن التوحيد والعیون‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،291 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪379‬‬

‫ألن ّ‬‫قدمیا مل یزل ملا هو به من املوت‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫املیت ال قدرة له وال بقاء‪.‬‬ ‫املیت‬
‫أزلیة؟! ق���ال‪ :‬هذه مقالة قوم جح���دوا ّ‬
‫مدبـر‬ ‫ق���ال‪ :‬مفن أی���ن قالوا‪ّ :‬إن األش���یاء ّ‬
‫فكذبوا الرس���ل ومقالهتم واألنبی���اء وما أنبؤوا عن���ه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ومسوا كتهبم‬ ‫األش���یاء‪...‬‬
‫ً‬ ‫األو ن‬ ‫أساطیر ّ‬
‫(((‬
‫لی‪ ،‬ووضعوا ألنفسهم دینا بآراهئم واستحساهنم»‪.‬‬
‫موجودا بإرادته و إیاده و إبداعه‪ ،‬وال ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫شك ّأن إرادته تعاىل‬ ‫ج‬ ‫شء ّمما سواه تعاىل إ‬ ‫ال ي‬
‫ً‬
‫إیاده‪ ،‬وذلك ّأن الفاعل إذا كان متعالیا عن االمتداد والعدد میتنع أن یكون إرادته‬ ‫نفس ج‬
‫ً‬
‫اإلیاد أمر حادث فكیف یكون ما یوجد‬ ‫البدهیي أیضا ّأن ج‬ ‫ّ‬ ‫إیاده‪ ،‬ومن‬ ‫غیر نفس فعله و ج‬
‫ّ‬ ‫ً لاّ‬
‫هبا قدمیا؟! إ أن تقول أن ال مانع من سبق وجود املعلول عىل العلة!‬
‫لاّ‬
‫س���یدي إ ختبـر ين عن اإلبداع خلق هو أم غیر خلق؟ قال الرضا؟ع؟ ‪ :‬بل‬ ‫«یا ّ‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫مّ‬
‫شء حمدث‪ ،‬واهلل الذي أحدثه فصار خلقا له‪،‬‬ ‫خل���ق‪ ...‬و إنا صار خلقا ألنه ي‬
‫وج���ل وخلقه ال ثالث بیهنما وال ثالث غیرمه���ا‪ ،‬مفا خلق اهلل ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز‬ ‫إنمّ���ا هو اهلل عز‬
‫ّ‬
‫وجل مل ُ‬
‫(((‬
‫یعد أن یكون خلقه»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫شء وال كان معه‬
‫ي‬ ‫وجل‬ ‫«واهلل تبارك وتعاىل س���ابق لإلبداع ألنه لیس قبله عز‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬
‫ي‬
‫(((‬
‫«املشيئة حمدثة»‪.‬‬
‫ً‬
‫«املش���يئة واإلرادة م���ن صف���ات األفعال‪ ،‬مفن زع���م ّأن اهلل تعاىل مل ی���زل مر یدا‬
‫شائیا فلیس ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫مبوحد»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،166 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،316 / 10 ،‬عن التوحيد والعیون؛ التوحيد‪.438 ،‬‬
‫‪ . 3‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.437 ،‬‬
‫‪ . 4‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.336 ،‬‬
‫‪ . 5‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.338 ،‬‬
‫‪380‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«إن املر ی���د غیر اإلرادة‪ ،‬و ّإن املر ید قب���ل اإلرادة‪ ،‬و ّإن الفاعل قبل املفعول وهذا‬ ‫ّ‬
‫شء واحد»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫یبطل قولكم‪ :‬إن اإلرادة واملر ید ي‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫«إن اهلل املب���دئ الواح���د الكائن ّ‬ ‫ّ‬


‫ثان‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫فردا‬ ‫معه‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫واح���دا‬ ‫األول مل یزل‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫منس���یا‪ ،‬وال‬ ‫مع���ه‪ ،‬ال معلوم���ا وال جمهوال‪ ،‬وال حممكا وال متش���اهبا وال مذكورا وال‬
‫ً‬
‫شء من األش���یاء غیره‪ ،‬وال من وق���ت كان وال إىل وقت‬ ‫ي‬ ‫اس���م‬ ‫علیه‬ ‫یقع‬ ‫ش���یئا‬
‫شء استكن‪.‬‬ ‫شء استند وال يف ي‬ ‫شء یقوم‪ ،‬وال إىل ي‬ ‫بشء قام وال إىل ي‬ ‫یكون‪ ،‬وال ي‬
‫ّ‬
‫شء غیره‪ ،‬وم���ا أوقعت علیه م���ن الكل فهي‬ ‫ال‬ ‫إذ‬ ‫ل���ق‪،‬‬ ‫وذل���ك ّكله قب���ل الخ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫صفات حمدث���ة وترمجة یفهم هبا من فهم‪ ،‬واعلم أن اإلبداع واملش���يئة واإلرادة‬
‫معناها واحد وأمساؤها ثالثة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ ً‬
‫ج���دا إهیام أصحاب الفلس���فة غیرهم أنهّ م یعتقدون حبدوث األش���یاء‬ ‫وم���ن الغر یب‬
‫وكوهنا موجودة بعد العدم حیث یقولون‪:‬‬
‫توحده بإبقاء الخلق بعد إحداثه ّ‬
‫فإن م ��ن ّ‬
‫البین الذي ال یرتاب فیه‬ ‫«احت���ج على ّ‬
‫ّ‬
‫ّأن حدوث الش���يء وأصل ّ‬
‫تلبس ��ه بالوجود بعد العدم غیر بقائه ّ‬
‫وتلبس ��ه بالوجود‬
‫بعد الوجود على نحو االس���تمرار‪ ،‬فبقاء الش ��يء بعد حدوثه یحتاج إلى إیجاد بعد‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫إیجاد على نحو االتصال واالستمرار»‪.‬‬
‫«األشیاء كما تستفیض منه تعالى الوجود في ّأول كونها وحدوثها‪ ،‬كذلك تستفیض‬
‫ً‬
‫منه ذلك في حال بقائها وامتداد كونها وحیاتها‪ ،‬فال یزال الشيء موجودا ما یفیض‬
‫علیه الوجود‪ ،‬و إذا انقطع عنه الفیض انمحى رسمه عن لوح الوجود»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،332 / 10 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،314 / 10 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.55 / 17 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.300 / 7 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫؟هقلخ ىلاعت هللا نیابی مب ‬ ‫‪381‬‬

‫بأن اهلل تعاىل خلق األش���یاء ال من‬‫یصح إلاّ ّممن یعتقد ّ‬


‫ّ‬ ‫فإن ّ‬
‫التفوه هبذه الكلمات ال‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫یصح صدورها ّممن‬ ‫مطلقا‪ ،‬وال ّ‬ ‫يّ‬
‫احلقیق غیر املجامع مع وجوده‬ ‫شء وأوجده���ا بعد العدم‬
‫ي‬
‫الالق تعایل مثّ‬‫واللق و یقول بس���ط وجود األشیاء عن نفس ذات خ‬ ‫اإلیاد خ‬
‫ینكر حقیقة ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫متجل ًیا بصورة خ‬
‫ّ‬ ‫قبضها إلیه‪ ،‬بل بكون خ‬
‫اللق بنفس ذاته املتعالیة أزال وأبدا‪.‬‬ ‫الالق‬
‫فظهر بذلك بطالن ما جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫ً‬
‫وبطالنا لها على ما ّ‬
‫نتوهمه‪،‬‬ ‫«نفاد وجود األشیاء و إنتهائها إلى أجلها لیس فناء منها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ب���ل رجوعا وعودا منها إلى عنده وقد كانت نزلت من عنده‪ ،‬وما عند اهلل باق فلم‬
‫لاّ‬
‫یكن إ بس���طا ّثم قبضا‪ ،‬فاهلل س���بحانه یبدؤ األش ��یاء بس ��ط الرحمة‪ ،‬ویعیدها إلیه‬
‫بقبضها وهو المعاد الموعود»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫«ال ت���زال الخلقة تق���ع مرحلة بعد مرحل ��ة‪ ،‬وتنال غایة بعد غای ��ة ّ‬
‫حتى تتوقف في‬
‫َ ََ‬
‫<و أ ّن ِإلى‏ َر ِّب َك‬ ‫غای���ة ال غایة بعدها‪ ،‬وذلك رجوعها إلى اهلل س ��بحانه‪ ،‬قال تعال ��ى‪:‬‬
‫ْ‬
‫(((‬
‫ال ُم ْن َتهى>»‪.‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.11 / 10 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.42 / 11 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫اإلرادة هي صفة الفعل‬
‫‪384‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول الفلسفة والعرفان‪:‬‬

‫▪ ّإن إرادة اهلل تعاىل من صفات الذات‪ ،‬وعلیه فالعامل أز ي ّل‪،‬‬


‫ّ‬
‫الذات أو‪...‬‬
‫▪ اإلرادة هي العلم‪ ،‬أو الرضا‪ ،‬أو االبهتاج ي‬
‫▪ ‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن البـرهان والعلوم اإللهیّ ة یدفع ذلك كله ببیان‪:‬‬
‫ًّ‬
‫أزلیة‪ ،‬فالعامل حادث‪،‬‬ ‫▪ ّأن اإلرادة هي فعل فال تكون‬
‫▪ تأویل معىن اإلرادة إىل غیر معىن الفعل خطأ واضح‪،‬‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪385‬‬

‫ّإن اإلرادة ه���ي م���ن صفات األ فعال‪ ،‬وصفة الفعل هي نف���س فعل الفاعل وال یكون‬
‫البدهیي ّأن الفعل میتنع أن‬
‫ّ‬ ‫وكیفیاته كما هو شأن الصفة‪ ،‬ومن‬ ‫كیفیة من أحواله ّ‬ ‫حالة أو ّ‬
‫ً ّ ً لاّ‬
‫شء‪.‬‬
‫ي ي‬ ‫ف‬ ‫الفعل‬ ‫معىن‬ ‫من‬ ‫یكون‬ ‫فال‬ ‫یكون قدمیا أزلیا و إ‬
‫إیاده لألش���یاء‪ ،‬وهي نفس‬ ‫ینیة ه���ي نفس فعله وتكو ینه و ج‬ ‫ف���إرادة اهلل تعاىل التكو ّ‬
‫ّ‬
‫مصدري‬ ‫واإلیاد واإلحداث هي معىن‬ ‫ج‬ ‫إعمال قدرته و إحداثه ملا س���واه‪ ،‬فبما ّأن اإلرادة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫لشء مطلقا‪.‬‬‫وحمدث بالذات‪ ،‬فیمتنع أن تكون قدمیة وصفة أزلیة ي‬
‫واتصافه بنقیضه‬ ‫یصح سلبه عنه تعاىل ّ‬ ‫الفعلیة‪ ،‬هي ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومن هنا ترى ّأن صفات اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«إن اهلل تعاىل خلق ش���یئا ومل یخ لق ش���یئا آخ���ر» و«أراد ه���ذا‪ ،‬ومل یرد ذاك»‬ ‫كم���ا یق���ال‪ّ :‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املعاقبی‬ ‫وأش���د‬ ‫للمؤمنی‪،‬‬ ‫الرامحی‬ ‫و«رزق ش���خصا ومل یرزق ش���خصا آخر» و«هو أرحم‬
‫فإنه میتنع س���لهبا عنه تعاىل بوجه وال‬‫ی» وذلك بخ الف صفة الذات ّ‬ ‫للملحدین املش�ّب�هّ ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطلقا‪ ،‬فال ّ‬
‫یصح أن یقال‪« :‬علم اهلل تعاىل شیئا ومل یعلم شیئا آخر»‪ ،‬أو‬ ‫یوصف بنقیضها‬
‫ًّ ً‬
‫«قدر ومل یقدر» تعاىل اهلل عن ذلك علوا كبیرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫إنقلت‪:‬إن كانتاإلرادةحادثةفتحتاجإىلحمدثفیلزمالتسلسلوعدمحتققاملرادمطلقا‪.‬‬
‫ً‬
‫فنجی���ب ّأوال بالنق���ض مبا حیدث من احل���وادث الواقع���ة بأعیننا‪ ،‬و إن���كار ذلك إنكار‬
‫ّ‬
‫الضـروري‪.‬‬
‫‪386‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬


‫وثانیا ّ‬
‫واإلیاد و إعمال القدرة فال تتوقف‬
‫ج‬ ‫بأنا نقول‪ّ :‬إن اإلرادة لیست إ نفس الفعل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫قادرا ّ‬ ‫لاّ‬
‫بإیاد‬
‫شء یتحقق و یوجد ج‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫فإن‬ ‫والترك‪،‬‬ ‫الفعل‬ ‫منه‬ ‫یصح‬ ‫الفاعل‬ ‫كون‬ ‫عىل‬ ‫إ‬
‫اإلیاد نفس���ه فال معىن‬
‫وأما ج‬ ‫و إعم���ال قدرة من له القدرة والس���لطنة عىل الفعل والترك؛ ّ‬
‫حت ّ‬ ‫ً‬
‫موج���دا بإیاد و إعمال قدرة آخر ىّ‬
‫یتصور لزوم التسلس���ل‪ ،‬بل هو نفس فعل‬ ‫ج‬ ‫لكون���ه‬
‫الفاعل املختار‪ ،‬فهو فعل بنفسه ال بفعل آخر‪:‬‬
‫قال اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«خلق اهلل املشيئة بنفسها‪ّ ،‬مث خلق األشیاء باملشيئة»‪.‬‬
‫(((‬

‫فاملشيئة واإلرادة واإلیاد تغایر املراد واملوجود الذي وجد باإلیاد‪ ،‬و ّ‬
‫یتقدم علیه تغایر‬ ‫ج‬ ‫ج‬
‫الفعل واملفعول ّ‬
‫وتقدمه علیه‪.‬‬
‫ولكنه ل���ه حنو وجود ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا خل���ق وأمر حادث ّ‬ ‫ّ‬
‫خاص‬ ‫وأم���ا نف���س الفعل واملصدر فهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫العرضية املحققة‬ ‫الوهر ّية أو‬
‫املتأصلة ج‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫به‪ ،‬ولیس موجودا كس���ائر املوجودات‬
‫بأجزاهئا القامئة بأعیاهنا‪:‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫الت تصنع األش���یاء وتعملها‬ ‫لخ‬
‫«ومهن���ا [أي من أنواع ا لق] العم���ل واحلركات ي‬
‫فأما األعمال واحلركات فإنهّ ا‬ ‫وتغیره���ا من حال إىل حال‪ ،‬وتز یدها وتنقصه���ا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الشء‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫ف���رغ‬ ‫فإذا‬ ‫إلی���ه‪،‬‬ ‫حیتاج‬ ‫ما‬ ‫ق���در‬ ‫من‬ ‫كثر‬ ‫أ‬ ‫هل���ا‬ ‫وقت‬ ‫ال‬ ‫���ه‬ ‫ألن‬ ‫تنطل���ق‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ویري جمرى الكالم الذي یذهب ویبىق أثره»‪.‬‬ ‫وبق األ ثر‪ ،‬ج‬‫انطلق باحلركة ي‬
‫وال تغفل عن ّأن اهلل تعاىل فاعل بال آلة وال حركة وال نصب وال معاناة‪.‬‬
‫اإلهلیات» الذي هو كتاب فلسفة يف احلقیقة‬ ‫هذا‪ ،‬وقد جاء ف كتاب «حماضـرات ف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫و ّ‬
‫یتسمى بالكالم‪:‬‬
‫الكاف‪.110 / 1 ،‬‬ ‫ّ‬
‫الكلين‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،312 / 10 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪387‬‬

‫تفس���ـر إرادته س���بحانه بإعمال القدرة ویقال‪ّ :‬إنا ال ّ‬


‫نتصور إلرادته تعالى معنى‬ ‫ّ‬ ‫«ربما‬
‫تامة من جمیع الجهات وال‬ ‫ولما كانت سلطنته تعالى ّ‬ ‫غیر إعمال القدرة والسلطنة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫یتصور فیه النقص أبدا‪ ،‬فبطبیعة الحال یتحقق الفعل في الخارج‪ ،‬ویوجد بصـرف‬
‫توقفه على ّأیة ّ‬ ‫ّ‬
‫مقدمة أخرى كما هو مقتضى قوله سبحانه‪:‬‬ ‫إعمال القدرة من دون‬
‫َّ َ ْ ُ ُ َ َ َ ْ ً َ ْ َ ُ َ َ ُ ُ ْ َ َ ُ‬
‫ِ<إنما أمره ِإذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون>‪.‬‬
‫ّ‬
‫اضطراري‪،‬‬ ‫ّ‬
‫اختیاري له سبحانه أو‬ ‫یالحظ علیه‪ّ :‬إن إعمال القدرة والسلطنة ّإما فعل‬
‫مضطر ًا‪ ،‬وعلى ّ‬
‫األول فما هو‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وال س���بیل إلى الثاني ألنه یستلزم أن یكون تعالى فاعال‬
‫ً ّ‬
‫م�ل�اك كونه مخت���ارا‪ ،‬ألنه ال ّبد أن یكون هناك قبل إعمال الس ��لطنة وتنفیذ القدرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شيء یدور علیه كونه فاعال مختارا»‪.‬‬
‫اإلهلیات» عن «املحاضـرات يف أصول الفقه»‬ ‫فنق���ول ما نقله كتاب «حماضـ���رات ف ّ‬
‫ي‬
‫صحة إعمال القدرة‬ ‫فإن م�ل�اك ّ‬
‫حق واضح ال غبار علیه و إش���كاله غیر وارد علیه‪ّ ،‬‬‫ه���و ّ‬
‫ً‬
‫قادرا حبیث ّ‬
‫یصح منه الفعل والترك بال مانع له من إعمال قدرته‪.‬‬ ‫والسلطنة هو كون الفاعل‬
‫ً‬
‫وهذا هو نفس معىن كون الفاعل قادرا خمتارا‪ ،‬ولیس حیتاج كون الذات قادرة خمتارة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مس���لطة عىل الفعل والترك إىل مالك ومناط غیر نفس كوهنا قادرة خمتارة مس���لطة عىل‬
‫لاّ‬
‫الفعل والترك‪ ،‬و إ یلزم التسلسل و یرد اإلشكال عىل املستشكل نفسه بعینه‪.‬‬
‫ّمث ّإن من العجیب قول املستش���كل وهو یقول‪ّ :‬‬
‫«إن إعمال القدرة والسلطنة ّإما فعل‬
‫ّ‬
‫اضطراري»‬ ‫ّ‬
‫اختیاري له سبحانه‪ ،‬أو‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وذلك ّأنا ال نفهم معىن كون إعمال القدرة والس���لطنة اضطرار ّیا! بل نرى ّأن كل من‬
‫عمن غفل عن‬ ‫صح عنه إعمال القدرة والسلطنة فهو خمتار‪ ،‬والتفكیك بیهنما ال یصدر إلاّ ّ‬
‫ّ‬
‫حقیقة معىن االختیار‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بإیاد آخر‪ ،‬بل‬
‫واإلیاد موجود ال ج‬
‫ج‬ ‫واتضح يف ما تقدم ّأن كل حادث موجود ج‬
‫باإلیاد‪،‬‬
‫الگلپايگان‪ّ ،‬‬
‫عل‪.148 _ 147 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫اإلهليات‪ ،‬تلخيص‪ّ ،‬رب ّ‬
‫ان‬ ‫الس���بحان‪ ،‬جعفر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪388‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫املبتن عىل فعل و إرادة أخرى‪.‬‬


‫ي‬ ‫اإلی���اد ه���و نفس فعل القادر املختار و إعمال قدرته غیر‬
‫ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وق���د تقدم أیضا اإلش���ارة إىل الصحیحة عن ّ‬
‫أب عمیر‬
‫عل ب���ن إبـراهمی عن أبیه عن ابن ي‬ ‫ي‬
‫أب عبد اهلل؟ع؟ قال‪:‬‬
‫عن عمر بن أذینة عن ي‬
‫(((‬
‫«خلق اهلل املشيئة بنفسها ّمث خلق األشیاء باملشيئة»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫مكونا مبـروءا علهیا‪ ،‬مفطورا حتت‬ ‫الت صدر عهنا العامل‬
‫«اللهم یا ذاالق���درة ي‬
‫بأنك أنت اهلل ال إله إلاّ أنت‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مكونه‬ ‫ظل العظمة‪ ،‬فنطقت شواهد صنعك فیه‬
‫شء‪ ،‬وال لوحش���ة‬
‫شء‪ ،‬وال يف ي‬
‫شء‪ ،‬وال ع�ل�ى ي‬
‫وبارئ���ه ابتدعت���ه ال م���ن ي‬
‫دخل���ت علیك إذ ال غی���رك‪ ،‬وال حاجة بدت لك يف تكوینه وال اس���تعانة منك‬
‫ً‬
‫عىل الخ لق بعده‪ ،‬بل أنش���أته لیكون دلی�ل�ا علیك‪ ،‬بائن من الصنع فال یطیق‬
‫بصحة املعرفة جحودك»‪.‬‬
‫(((‬ ‫املنصف لعقله إنكارك‪ ،‬واملوسوم ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وال تتوهمّ���ن ّأن القدرة هي ذات حمققة متأصلة يف الخ���ارج جوهرا أو عرضا كاملقدور‪،‬‬
‫بانت مهنا األشیاء أو ظهرت هبا‪:‬‬
‫«قلت للرضا؟ع؟‪ :‬خلق اهلل األشیاء بالقدرة أم بغیر القدرة؟! فقال؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫ال جیوز أن یكون خلق األش���یاء بالقدرة‪ ،‬ألنك إذا قلت‪ :‬خلق األش���یاء بالقدرة‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫فكأنك قد جعلت القدرة شیئا غیره‪ ،‬وجعلهتا آلة له هبا خلق األشیاء وهذا شـرك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مّ‬
‫و إذا قل���ت‪ :‬خلق األش���یاء بقدرة فإنا تصفه أنه جعله���ا باقتدار علهیا وقدرة‪،‬‬
‫ولك���ن لیس ه���و بضعیف وال عاجز وال حمت���اج إىل غیره‪ ،‬بل هو س���بحانه قادر‬
‫لذاته ال بالقدرة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫ّ‬
‫املصدري _ أي غیر‬ ‫البدهیي ّأن املراد من املشیئة واإلرادة لو كان شیئا غیر املعىن‬
‫ّ‬ ‫ومن‬

‫الكاف‪110 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪.147 _ 145 / 4 ،‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫املؤمني‪ ،‬عن مصباح الزائر ّ‬
‫ن‬ ‫النان‪ ،‬ز يارة جامعة ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬املحدث ّ‬
‫للسيد بن طاووس‪.‬‬ ‫أمئة‬ ‫القم ّي‪ ،،‬مفاتيج ج‬
‫‪ . 3‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.130 ،‬‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪389‬‬

‫ً‬ ‫توقف الشء عىل نفسه املحال‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬


‫فإنه إن فرضت املشيئة جوهرا _ غیر‬ ‫ي‬ ‫اإلیاد _ للزم‬‫نفس ج‬
‫ً‬
‫احلق تعایل (كما قالت بذلك الفلس���فة‪ ،‬فلم جتد ّبدا‬ ‫صادرا عن ذات ّ‬ ‫ّ‬
‫املصدري _‬ ‫املعىن‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫�ّل ذات اهلل تعاىل بصور األش���یاء وظهوره يف أعیاهنا)‬ ‫م���ن أن ت���ؤول معىن اللق إىل جت ي‬
‫توقف الشء عىل نفسه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما إن فرضت املشيئة نفس الفعل‬ ‫ي‬ ‫هو‬ ‫بنفسها‬ ‫قها‬ ‫حتق‬ ‫فإدعاء‬
‫ّ‬
‫واإلیاد فال یبىق إشكال يف إمكان حتققها بالفاعل املختار بال واسطة‪.‬‬ ‫ج‬ ‫واملعین املصدري‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫كاملوجد‬ ‫ّ‬
‫خارجیة مس���تقلة بنفس���ها‬ ‫واإلیاد ذاتا‬
‫ج‬ ‫ّمث ّإن���ه ال یلزم من عدم كون اإلرادة‬
‫اإلیاد ه���و الفعل واملصدر وما‬ ‫اإلیاد نفس َ‬
‫املوج���د واملوجود‪ ،‬بل ج‬ ‫باإلی���اد‪ ،‬أن یك���ون ج‬
‫ج‬
‫خف‪.‬‬‫واإلیاد واملوجود غیر يّ‬
‫ج‬ ‫یكون به املفعول واملوجود‪ ،‬ومباینة معىن الفعل واملفعول‪،‬‬
‫ّ‬ ‫همّ‬
‫وقد یظهر بذلك بطالن ما قالته الفلس���فة حیث تو ت ّأن احتیاج املعلول إىل العلة‬
‫«اإلی���اد واملوجود» و«اإل فاضة واملف���اض» و«اإلعطاء‬ ‫ج‬ ‫يف البق���اء یكون م���ن جهة كون‬
‫واحدا‪ ،‬وذلك ّأنه ّاتضح ّأن التغایر ن‬‫ً‬ ‫ً‬
‫واإلیاد واملوجود‪،‬‬
‫بی الفعل واملفعول‪ ،‬ج‬ ‫واملعطي» شیئا‬
‫الت قد خفیت علهیم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫والوهر خ‬ ‫ّ‬
‫العین یكون من الواضحات ي‬ ‫ي‬ ‫ارجي‬ ‫املصدري ج‬ ‫واملعىن‬
‫واملوجد معىن یخ ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تص به و یباین به اآلخر‪.‬‬ ‫واإلیاد‬
‫ج‬ ‫املوجد‬
‫وأن لكل من ِ‬
‫س���يدي أ ال ختبـ���ر ين عن اإلبداع خلق ه���و أم غير خلق؟ قال‬ ‫«ق���ال عمران‪ :‬يا ّ‬
‫ً ّ‬ ‫مّ‬
‫الرضا؟ع؟ ‪ :‬بل خلق س���ا كن ال يدرك بالس���كون و إنا صار خلقا ألنه ش���ـي‏ء‬
‫ّ ّ‬ ‫مّ‬ ‫ً‬
‫عز وجل وخلقه ال ثالث‬ ‫حم���دث واهلل الذي أحدثه فصار خلقا له و إنا هو اهلل‬
‫ّ ّ‬ ‫وكل ما وقع عليه ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‪...‬‬ ‫حد فهو خلق اهلل‬ ‫بيهنما وال ثالث غيـرمها‪...‬‬
‫ً ّ ً‬
‫واعلم ّأن الواحد الذي هو قامئ بغير تقدير وال حتديد خلق خلقا مقدرا بتحديد‬
‫مّ‬ ‫اثني التقدير ّ‬
‫خلق�ي�� ن‬
‫ن‬
‫واملقدر‪ ...‬و إنا اختلف الناس‬ ‫وتقدير وكان الذي خلق‬
‫وحتيـروا وطلب���وا الخ الص من الظلم���ة بالظلمة يف‬ ‫ف ه���ذا الباب ىّ‬
‫حت تاه���وا ّ‬
‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وصفه���م اهلل بصفة أنفس���هم فازدادوا من احل���ق بعدا ولو وصف���وا اهلل عز وجل‬
‫واليقي وملا اختلفوا ّ‬
‫فلما‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫املخلوقي بصفاهتم لقالوا بالفه���م‬ ‫بصفات���ه ووصفوا‬
‫‪390‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫طلب���وا م���ن ذل���ك ما ّ‬


‫حتيـ���روا في���ه ارتبك���وا واهلل هيدي م���ن يش���اء إىل صـراط‬
‫مستقمي‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫تقول الفلسفة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن في ش���أن العلة والمعلول‪ ،‬یكون اآلخذ واألخذ وما یؤخذ (المجعول والجعل‬
‫ً‬
‫واحدا‪ ،‬هذا مع العلم ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫الموجد‬
‫ِ‬ ‫بأن‬ ‫الموجد واإلیجاد والوجود)‪ .‬ش ��یئا‬ ‫وم���ا یجعل‪،‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬
‫واقعیة مس ��تقلة عن ّ‬‫(الجاع���ل والمعطي)‪ .‬له ّ‬
‫الموج ��د واإلیجاد والوجود‪،‬‬ ‫واقعیة‬
‫ّ‬
‫ف���إن المعطي والموجد هو ما تنش ��أ عن ��ه ّ‬
‫واقعیة أخرى‪ ،‬وال یمكن أن یكون ش ��يء‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫منشأ لنفسه»‪.‬‬
‫وهذا الكالم مردود من جهات هي‪:‬‬
‫ّ‬
‫مصدري فیباین املوجودات‬ ‫والعل معین واحد وهو مع�ن�ى‬ ‫واإلیاد ج‬
‫ج‬ ‫‪ّ .1‬أن لإلعط���اء‬
‫تحّ‬ ‫ً‬ ‫ال ّ‬ ‫العینی���ةالقامئ���ةبأجزاهئ���ا خ‬
‫ّ‬
‫ارجی���ةذات���اوالمیك���نا ادمه���ابوج���ه‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ّ .2‬أن أصحاب الفلسفة _ ومهنم القائل نفسه _ ال یعترفون باستقالل وجود العلة عن‬
‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫یع���دون املوجودات واملعلوالت خ‬ ‫املعلول‪ ،‬بل ّ‬
‫ارجیة بأمجعها نفس حقیقة العلة جبمیع‬
‫مراتهبا‪ ،‬فقول القائل‪:‬‬
‫ّ‬
‫«العلة هي معطي الوجود للمعلول»‪.‬‬
‫(((‬

‫وقوله‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واقعیتان‪ّ :‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫وواقعیة المعلول»‪.‬‬
‫(((‬
‫واقعیة العلة‬ ‫«لیس في الخارج إ‬
‫ألصول «أصول الفلس���فة»‪ ،‬كما ّأنه یقول‬
‫ِ‬ ‫املبان‪ ،‬ومناقض‬
‫ي‬ ‫فهذه الكلمات غفلة عن‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.439 ،‬‬
‫ّ‬
‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬أصول الفلسفة‪ ،‬احلاشية‪.122 _ 121 / 5 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬أصول الفلسفة‪.125 _ 120 / 5 ،‬‬
‫‪ . 4‬أصول الفلسفة‪122 / 5 ،‬‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪391‬‬

‫القائل نفسه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إنحقیق���ةالمخلوق���اته���يعی���نظه ��ورالح ��قوتجلی ��هالذات � ّ�ي»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«المعلولیة تساوي الظهور والتشأن والتجلي»‪.‬‬
‫ّ‬
‫العل ّیة واإلفاضة إلى ّ‬
‫تطور المبدأ ّ‬
‫(((‬
‫األول بأطواره»‪.‬‬ ‫«رجعت‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫تعل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قي بل وجوداتها لیس إ‬ ‫استقاللي وال‬ ‫«لیس لما س���وى الواحد الحق وجود ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الذاتیة»‪.‬‬ ‫تطورات الحق بأطواره وتشؤناته بشؤونه‬

‫قدم اإلرادة عند أصحاب الفلسفة‪:‬‬

‫اللق والرزق عىل اهلل تعاىل وكوهنما‬ ‫قال ف كتاب هناية الكحمة وبدایهتا ف وجوب خ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫بإياده ّإياها‪:‬‬
‫يعن بظهور ذات اهلل بصور األش���ياء ال ج‬
‫باإلش���ـراق ي‬
‫«فكون���ه تعال���ى بحي���ث يخلق وكون ��ه بحيث ي ��رزق إلى غي ��ر ذلك صف ��ات واجبة‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫اإلشـراقية»‪.‬‬ ‫ومرجعها إلى اإلضافة‬
‫من املعلوم ّأن العامل ومجيع ما س���وى اهلل تع���اىل خملوق وحادث حبقيقة معىن الكلمة‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ًّ‬ ‫ً‬
‫عز وجل‪،‬‬ ‫وأزليا ومتعاصـرا ومتالزما لوجود احلق‬ ‫والزمان أيضا حادث حبدوثه‪ ،‬وليس قدميا‬
‫الكتاب�ي�� الق���ول بقدم الع���امل وتخ طئة الق���ول حبدوثه‪ ،‬بل ّ‬
‫ع���د العقيدة‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ولكن���ك ت���رى يف‬
‫حب���دوث الع���امل _ الذي هو من ضـرور ّیات األدیان وعقائد أمئتنا؟مهع؟ _ أس���خف األ قوال!‬
‫ن‬
‫القائلی هبا! حيث ّأن فهيما‪:‬‬ ‫وناشئة من عدم شعور‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبدئيته لإليجاد وعل ّيته لما سواه وهي عين الذات المتعالية‬
‫ّ‬ ‫«إن قدرته تعالى هي‬

‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬أصول الفلسفة‪ ،‬احلاشية‪.110 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬


‫املطهري‪ ،‬مرتىض‪ ،‬أصول الفلسفة‪ ،‬احلاشية‪.123 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬مالصدرا‪ ،‬املشاعر‪.54 ،‬‬
‫‪ . 4‬مال صدرا‪ ،‬األسفار‪.305/2 ،‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.57 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪392‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬
‫والزم ذلك دوام الفيض»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫«وأما الحدوث بمعنى كون وجود الزمان مسبوقا بعدم خارج من وجوده‪ ...‬ففيه‪...‬‬
‫ّ‬
‫األول‪ّ :‬أن من قال بح ��دوث الزمان فقد قال‬
‫المعلم ّ‬ ‫و إلى ذلك يش���ير م���ا نقل عن‬
‫(((‬
‫بقدمه من حيث ال يشعر»‪.‬‬
‫ذاتا مس ��بوق الوجود بوجود الواجب لذاته‪ّ ...‬‬ ‫ً‬
‫وأما‬ ‫«العالم بجميع أجزائه حادث‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ما ّ‬
‫صوره المتكلمون في حدوث العالم يعني ما س ��وى الباري س���بحانه زمانا بالبناء‬
‫(((‬
‫الزماني في الممكن‪ ...‬ففيه ّأن‪»...‬‬
‫ّ‬ ‫على استحالة القدم‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫خارجي‪...‬‬ ‫زماني فإنه مس���بوق بقوة الوج ��ود‪ ...‬وهذا اإلمكان أم ��ر‬ ‫«كل ح���ادث‬
‫زماني ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫مادة س ��ابقة عليه تحمل ّقوة وجوده»‪.‬‬ ‫لكل حادث ّ‬ ‫فإذن‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫العلة ّ‬ ‫«بع���ض من لم يجد ّ‬
‫بأن علة العالم هي‬ ‫التامة لمعلولها قال‬ ‫ب���دا من إيجاب‬
‫إرادة الواجب دون ذاته تعالى وهو أسخف ما قيل في هذا المقام»‪.‬‬
‫(((‬

‫تامة ّ‬
‫عامة وليس���ت مبح���دودة بوجوب صدور واحد‬ ‫البدهيي ّأن قدرة اهلل تعاىل ّ‬
‫ّ‬ ‫م���ن‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫عنه ّ‬
‫الكتابي خالف ذلك كله حيث ّأن فهيما‪:‬‬ ‫فقط‪ ،‬ولكن يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫«الواجب تعالى‪ ...‬ال يفيض إ وجودا واحدا»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّإن عىل أساس ضـرورة حكم العقل وتعالمي مدرسة الوحي ّأن إرادة اهلل تعاىل حادثه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وهي غير علمه‪ ،‬وهي فعله تعاىل وليست ن‬
‫الكتابي خالف ذلك كله‬ ‫عي ذاته‪ ،‬ولكن يف‬
‫حيث ّأن فهيما‪:‬‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.326 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.232 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.325 _ 324 ،‬‬‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.119 _ 118 ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.163 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.316 _ 315 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.6‬‬
‫ي‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪393‬‬

‫ّ‬
‫«وعلمه الذي هو عين ذاته علة لما سواه»‪.‬‬
‫(((‬

‫وف تأو يل قدرة اهلل تعاىل مببدئية ذاته لصدور األشياء‪:‬‬


‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبدئيته لكل شيء سواه بذاته»‪.‬‬
‫(((‬
‫«قدرته‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مبدئيت���ه لإليج ��اد وعل ّيت ��ه لم ��ا س ��واه وهي عي ��ن الذات‬
‫ّ‬ ‫«إن قدرت���ه تعال���ى ه���ي‬
‫(((‬
‫المتعالية»‪.‬‬
‫وتقول الفلسفة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن نس���بة العل ّیة إل���ى إرادة الواجب بالذات ونفیها عن ال ��ذات تقتضي بالمغایرة‬
‫ّ‬
‫بین الواجب و إرادته‪ ،‬فهذه اإلرادة ّإما مستغنیة عن العلة فالزمه أن تكون واجبة‬
‫تعدد الواجب‪ ،‬وهو محال‪.‬‬ ‫الوجود والزمه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫و ّإما مفتقرة إلى العلة فإن كانت علتها الواجب‪ ،‬كانت اإلرادة علة العالم والواجب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عل���ة لها وعلة العلة علة فالواجب علة العال ��م‪ .‬و إن كانت علتها غیر الواجب ولم‬
‫ً‬
‫(((‬
‫ینته اس���تلزم واجبا آخر تنتهي إلیه‪ ،‬وهو محال»‪.‬‬
‫وتقول‪:‬‬
‫فعلیةمنتزعةعنمقامالفعل كانالفعل ّ‬
‫متقدما‬ ‫«إناإلرادةالمذكورة‪...‬إن كانتصفة ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫قوال ّ‬
‫(((‬
‫بتقدم المعلول على العلة‪ ،‬وهو محال»‪.‬‬ ‫علیها‪ ،‬فكان إسناد إیجاد الفعل إلیها‬
‫ً‬
‫جوابا ّ‬
‫عما ذكر‪:‬‬ ‫فنقول‬
‫ّ‬ ‫ّ خ‬
‫املوجب والعلة لوجود العامل‪ ،‬ال ینكر‬
‫‪ .1‬إن الالق تعاىل هو الفاعل لفعله‪ ،‬وفعله هو ِ‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.309 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.307 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.326 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.286 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.286. _ 285 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪394‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ ّ‬
‫عل ّیة خ‬ ‫لاّ‬
‫الال���ق لفعله تكون عىل حنو إعمال‬ ‫ّ‬
‫امله���م هو أن یعلم أن‬ ‫شء‪ ،‬إ ّأن‬
‫م���ن ذل���ك ي‬
‫الق���درة واإلحداث ع���ن االختیار ّ‬
‫التام‪ ،‬ال ّ‬
‫بتطو ر ذاته‪ ،‬وال میك���ن أن یكون الفاعل نفس‬
‫شك‪:‬‬‫فإنه ال ّ‬
‫الفعل واإلیاد واإلرادة بالبداهة‪ّ ،‬‬
‫ج‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫«إنه جل ثناؤه علة‬
‫ّ‬
‫عل ّیة خ‬
‫الالق تبارك وتعاىل لوجود العامل الذي‬ ‫ولكن الفلسفة أخطأت يف تفسیر معىن‬
‫یقتض بنفسها وجود العامل‬ ‫تعاىل‬ ‫الق‬ ‫واإلیاد‪ ،‬وتوهمّ ت ّأن ذات خ‬
‫ال‬ ‫اللقة‬‫یكون مبعىن خ‬
‫ي‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫وتتصور بصور املخلوقات‪ّ ،‬‬
‫والتحول تارة عل ّیة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ومست ه���ذا ّ‬
‫التغیر‬ ‫ّ‬ ‫وتصدر عهنا األش���یاء‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫وأخرى صدورا‪ ،‬وثالثة جتلیا وظهورا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مضاف���ا إىل ّأن املغای���رة ن‬ ‫ً‬
‫ال�ت�� ال یعتر هیا ر یب‪ ،‬فال‬
‫ي‬ ‫ات‬ ‫البدهیی‬ ‫من‬ ‫وفعله‬ ‫الفاعل‬ ‫ب�ی��‬
‫الالق و إرادته ال���ذي یكون نفس فعله‬ ‫بی ذات خ‬ ‫جم���ال للنق���ض ف ذلك بل���زوم املغایرة ن‬
‫ي‬
‫تحّ‬
‫إیاده‪ ،‬بل ّادعاء ا ادمها منقوض بالوجدان والبـرهان‪.‬‬ ‫و ج‬
‫خاص به‪ ،‬وهو منتزع عن نفس‬ ‫مصدري وله حنو وجود ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلی���اد والفع���ل معىن‬ ‫‪ّ .2‬إن ج‬
‫ومقارنا لصدور الفعل عنه‪ ،‬فالنقض بلزوم ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تقدم وجود املعلول‬ ‫مقام كون الفاعل فاعال‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عىل العلة يف غیر حمله‪.‬‬
‫عما قد یقال‪:‬‬ ‫الواب ّ‬ ‫ّ‬
‫ومبا قدمناه قد یظهر ج‬
‫ّ‬
‫التام ��ة‪ ،‬وبعض من لم یجد ّبدا من‬
‫العلة ّ‬ ‫«إن المعل���ول یجب وجوده عند وجود‬ ‫ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫العلة ّ‬
‫بأن عل ��ة العالم ه ��ي إرادة الواجب دون ذاته‬ ‫التام���ة لمعلولها قال‬ ‫إیج���اب‬
‫تعالى‪ ،‬وهو أسخف ما قیل في هذا المقام»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الذاتیة كان ��ت عین الذات وكان القول‬ ‫ّ‬
‫«ف���إن المراد بإرادت���ه إن كانت هي اإلرادة‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬عن توحید ّ‬


‫املفضل‪.‬‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪395‬‬

‫یفرق بینهما بقبول أحدهما ّ‬


‫ورد اآلخر‪.‬‬ ‫بعلیة اإلرادة عین القول ّ‬
‫بعلیة الذات‪ ،‬وهو ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الفعلیة وهي من صفات الفعل الخارجة من الذات كانت‬ ‫و إن كان���ت هي اإلرادة‬
‫أحد الممكنات وراء العالم ونستنتج منها وجود أحد الممكنات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫فإنا نقول‪:‬‬
‫أحق ما میكن أن یقال‬ ‫عد هاهنا أسخف ما قیل ف املقام‪ ،‬هلو ّ‬ ‫‪ .1‬سبحان اهلل‏! ّإن ما ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫به من املرام‪ ،‬بل هو بال ر یب ّ‬
‫نص مذهب األ ّمئة الكرام‪ ،‬ومعلمي العقول واأل فهام‪ ،‬فنعوذ‬
‫لاّ‬
‫الذاتیة هلو من خمترعات‬
‫ّ‬ ‫ب���اهلل من التجاس���ـر عىل أولیاء امللك الع م‪ ،‬بل القول ب���اإلرادة‬
‫ّ‬
‫املتوغ ن‬
‫لی يف األوهام‪.‬‬ ‫الفالسفة‬
‫بی معىن‬‫اللط الواض���ح ف الكالم املذكور ن‬ ‫وم���ن الواضح���ات عند ذوي األ فهام هو خ‬
‫ي‬
‫الت‬
‫الفعل والذات اللذین یتباینان بتمام الذات‪ ،‬والغلط الواضح فیه يف تفسیر اإلرادة _ ي‬
‫ال یعقل له معىن غیر معىن فعل الذات _ مبعىن نفس الذات!!‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫هذا كله مضافا إىل ّأن القائل املذكور قد خلط يف املقام خلطا آخر وهو ّأنه خرج عن ما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ش���ك يف ّأنه إذا تعلقت إرادته تعایل بوجود‬ ‫اإلهلیة ّ‬
‫ألنه ال‬ ‫الالف ف اإلرادة ّ‬
‫ي‬
‫حمل خ‬ ‫یكون‬
‫أي اختیار للع���امل من ناحیة قبول الوجود‬ ‫باإلیاب ودون ّ‬ ‫الع���امل فالب���د وأن یوجد العامل ج‬
‫ً‬ ‫وعدمه وهذا واضح‪ ،‬و مّإنا البحث خ‬
‫إیاده أیضا‬ ‫والالف هو يف ّأن نفس إرادة اهلل تعاىل و ج‬
‫أي اختیار له تعاىل يف ذلك‪ ،‬أم له املش���يئة‬ ‫باإلیاب ودون ّ‬
‫ه���ل یص���در عن ذاته تعاىل ج‬
‫إیاده العامل؟‬ ‫املطلقة واالختیار ّ‬
‫التام يف إرادته و ج‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ونف االختیار عن اهلل جلت عظمته وتعالت‬ ‫ي‬ ‫اب‬ ‫باإلی‬
‫ج‬ ‫أیضا‬ ‫فإن الفلسفة تقول هاهنا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كبـر ی���اؤه‪ ،‬وال یخ ض���ع لدى االعتقاد بأن یكون اهلل جل جالله فاع�ل�ا خمتارا يف أن یوجد‬
‫ی���ؤول معىن املش���يئة واالختیار ع�ل�ى اإلطالق مب���ا ال یخ رج عن‬
‫الع���امل أو ال یخ لق���ه‪ ،‬ب���ل ّ‬
‫الضـرورة يف مجیع املوارد‪.‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.164 _ 163 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪396‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫إیاب إرادة اهلل مراده فال كالم ألحد‬‫إیاب اإلرادة إن كان هو ج‬ ‫وبالملة ّ‬
‫فإن املراد من ج‬ ‫ج‬
‫ّ‬
‫إیاده‬
‫يف ذلك‪ ،‬و إن كان املراد كون ذات اهلل جلت عظمته بال اختیار يف نفس إرادته و ج‬
‫العامل _ كما هو نفس قول الفالسفة _ فهو أسخف ما میكن أن یقوله قائل يف املقام‪.‬‬
‫كما ّأنه إن كان املراد من اإلرادة يف الروایة الشـر یفة هي نفس فعل اهلل القادر املختار‬
‫ً‬
‫الذي یكون من املمكن له أن یفعل ما یشاء و حیكم ما یر ید فال حمذور فیه أصال‪ ،‬و إن كان‬
‫ال ّ‬
‫ارجیة _ كما علیه الفالسفة‬ ‫الوهر ّیة القامئة بأعیاهنا وأجزاهئا خ‬‫املراد مهنا أحد املمكنات ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والش���یخیة واملفككة _ فاإلش���كال یكون يف سوء فهم الفلسفة وأختهیا وغلطها يف تفسیر‬
‫حقیقة اإلرادة واملشيئة ال غیر‪.‬‬
‫یقول «املحاضـرات يف أصول الفقه»‪:‬‬
‫ً ّ‬
‫«إن من الواضح ّأن مفهوم اإلرادة لیس هو االبتهاج والرضا‪ ،‬ال لغة وال عرفا‪ ،‬و إنما‬ ‫ّ‬
‫خاص من الفالسفة‪ ،‬حیث ّإنهم فس ّـروا اإلرادة ّ‬
‫األزلیة بهذا التفسیر‪،‬‬ ‫ذلك اصطالح ّ‬
‫ً‬
‫ولك���ن ه���ذا التفس���یر خاطئ ج � ّ�دا وذل ��ك ّأن اإلرادة ال تخلو من أن تك ��ون بمعنى‬
‫إعمال القدرة‪ ،‬أو بمعنى الش���وق األ كید‪ ،‬وال ثالث لهما‪ ،‬وحیث ّإن اإلرادة بالمعنى‬
‫تتعین اإلرادة بالمعنى ّ‬
‫األول له س ��بحانه وهو المش ��يئة‬ ‫الثان���ي ال تعقل لذاته تعالى ّ‬

‫و إعمال القدرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفعلیة كس ��خطه تعال ��ى‪ ،‬ولیس من‬ ‫وأض���ف إل���ى ذل���ك ّأن الرضا م ��ن الصف ��ات‬
‫لصحة سلبه عن ذاته تعالى فلو‬‫الذاتیة كالعلم والقدرة ونحوهما‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصفات‬
‫ً‬ ‫كان من الصفات العلیا لم ّ‬
‫یصح السلب أبدا‪.‬‬
‫نص به قوله س ��بحانه‪:‬‬‫ق���د ّدلت الروایات الكثی���ره على ّأن إرادته تعالى فعله كما ّ‬
‫َ َ َ ًَ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫راد ش ْ���يئا أ ْن َيقول ل ُه ك ْن ف َيكون> ولیس في ش ��يء من هذه الروایات إیماء‬ ‫ِ<إذا أ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فض�ل�ا ع���ن الداللة على ّأن ل���ه تعالى إرادة ّ‬
‫ذاتی ��ة أیضا‪ ،‬بل فیها ما ی ��دل على نفي‬
‫ذاتیة كصحیحة عاصم بن حمید عن أبي عبداهلل؟ع؟ ‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫كون إرادته س���بحانه ّ‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪397‬‬

‫لاّ‬ ‫ً‬
‫‘‘قل���ت‪ :‬ل���م یزل اهلل مری���دا؟ قال‪ّ :‬إن المری ��د ال یكون إ المراد مع ��ه‪ ،‬لم یزل اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫عالما قادرا ّثم أراد‪».‬‬
‫الجعفري قال‪ :‬قال الرضا؟ع؟ ‪‘‘ :‬المشيئة من صفات األفعال فمن زعم ّأن‬
‫ّ‬ ‫«وروایة‬
‫ً‬
‫ش���ائیا فلیس ّ‬
‫بموحد‪ ’’.‬فهاتان الروایتان ّ‬ ‫ً‬
‫تنصان على نفي اإلرادة‬ ‫اهلل لم یزل مریدا‬
‫ّ‬
‫الذاتیة عنه سبحانه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ومشیته هما مختلفان أم ّمتفقان؟ فقال‪ :‬العلم‬‫ّ‬ ‫«قلت ألبي عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬علم اهلل‬
‫ّ‬
‫لیس هو المش���يئة‪ ،‬أال ترى أنك تقول‪ :‬س ��أفعل كذا إن شاء اهلل‏‪ ،‬وال تقول‪ :‬سأفعل‬
‫ّ‬
‫كذا إن علم اهلل‏‪ ،‬فقولك‪‘‘ :‬إن شاء اهلل’’ دلیل على أنه لم یشأ‪ ،‬فإذا شاء كان الذي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫للمشیة»‪.‬‬ ‫شاء كما شاء‪ ،‬وعلم اهلل سابق‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ضعیفا قبل أن ّ‬ ‫ً‬
‫یكون ش���یئا‪ ...‬وال كان‬ ‫«وال ق���وي بع���د ما ّكون ش���یئا‪ ،‬وال كان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خل���وا من القدرة ع�ل�ى امللك قبل إنش���ائه‪ ،‬وال یكون منه خل���وا بعد ذهابه‪ ،‬مل‬
‫ً ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً ً‬
‫(((‬
‫جبارا بعد إنشائه للكون»‪.‬‬ ‫ینش شیئا‪ ،‬وملكا‬ ‫قادرا قبل أن ئ‬ ‫یزل‪ ...‬ملكا‬
‫الشء‬ ‫ّ‬
‫«قال س���لیمان‪ :‬ألن إرادته علمه‪ ،‬قال الرضا؟ع؟ ‪ :‬یا جاهل‪ ،‬فإذا علم ي‬
‫فقد أراده؟! قال سلیمان‪ :‬أجل‪ ،‬قال؟ع؟ ‪ :‬فإذا مل یرده مل یعلمه‪ ،‬قال سلیمان‪:‬‬
‫أجل‪ ،‬قال؟ع؟ ‪ :‬من أین قلت ذاك‪ ،‬وما الدلیل عىل ّأن إرادته علمه وقد یعلم‬
‫ْ َ َ ْ َ َ َّ َ‬
‫<و َل ِئ ْن‏ ِش���ئنا لنذه َب ّ‬
‫���ن‏ ِبال ِذي‏ أ ْو َح ْينا‬
‫ّ ّ‬
‫وجل‪َ :‬‬ ‫ً‬
‫م���ا ال یر یده أبدا؟ وذلك قوله عز‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫ِإل ْي َك>((( فهو یعلم كیف یذهب به وهو ال یذهب به أبدا‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،‬عن التوحيد‪.144 / 4 ،‬‬


‫حممد اسحاق‪ ،‬املحاضـرات‪ ،‬التقر يرات‪.37 _ 36 / 2 ،‬‬‫الفياض‪ّ ،‬‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،‬عن التوحيد‪.144 / 4 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.173 ،‬‬
‫‪ . 5‬اإلسـراء (‪.87 ،)17‬‬
‫‪398‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ّ‬
‫قال س���لیمان‪ :‬ألن���ه قد فرغ من األمر فلیس یز ید فیه ش���یئا‪ .‬قال الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫<اد ُعوني‏ أ ْس َت ِج ْب لكم> قال سلیمان‪:‬‬
‫وجل‪ْ :‬‬ ‫هذا قول الهیود‪ ،‬فكیف قال عز‬
‫إنمّ���ا عىن بذلك ّأنه قادر علیه‪ ،‬قال؟ع؟ ‪ :‬أفیع���د ما ال یف به؟ فكیف قال ّ‬
‫عز‬ ‫ي‬
‫ُ َ ُ ُْ ُ‬ ‫ّ ّ‬
‫وجل‪َ :‬‬
‫<ي ْم ُحوا اهلل ما يشاء ويث ِبت‬ ‫زيد في ْال َخ ْلق ما َيش ُ‬
‫���اء> وقال عز‬ ‫ّ َ ُ‬
‫ِ‬ ‫وجل‪<ُ :‬ي ِ‬
‫ً‬ ‫ْ‬
‫(((‬
‫وع ْن َد ُه أ ُّم ال ِكتاب‏> وقد فرغ من األمر؟! فلم حیر جوابا»‪.‬‬
‫ِ‬
‫ومالف حلقیقة‬ ‫والفعلیة احلادثة خطأ واضح خ‬ ‫ّ‬ ‫الذاتیة ّ‬
‫األزلیة‬ ‫ّ‬ ‫فظهر ّأن تقسمی اإلرادة إىل‬
‫لاّ‬
‫الت ال میكن أن تكون إ حادثة‪.‬‬ ‫معىن اإلرادة ي‬
‫هذا‪ ،‬وقد جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫وجردنا النظر ّ‬ ‫ّ‬
‫«إنا إذا نظرنا إلى األشیاء ّ‬
‫ومحضناه في كونها صنع اهلل وفعله المحض‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫حقة ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعیة _ ل ��م یتحقق فیها إ‬ ‫المنفك من���ه وال المنفصل عنه _ وهي نظ ��رة‬ ‫غی���ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫بوحدانیته»‪.‬‬ ‫التسلیم هلل و إرادته والتذلل لكبـریائه‪ ...‬واإلیمان‬
‫عز اس ��مه والش ��يء الذي یوجد ال ثالث بینهما‬‫«من المعلوم ّأنه لیس هناك إلاّ اهلل ّ‬
‫والس���ببیة إلى إرادت ��ه دون ��ه تعال ��ى _ واإلرادة صفة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فعلی ��ة منتزعة‬ ‫و إس���ناد العل ّی���ة‬
‫م���ن مق���ام الفعل كما ّ‬
‫تقدم _ یس ��تلزم انقطاع حاجة األش ��یاء إلی ��ه تعالى من رأس‬
‫وتقدس‪.‬‬ ‫الستیجابه استغناء األشیاء بصفة منتزعة منها عنه تعالى ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫یسمى إیجادا ووجودا‪ّ ،‬ثم ّیتصل‬
‫ومن المعلوم أن لیس هناك أمر ینفصل عنه تعالى ّ‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫بالشيء فیصیر به موجودا وهو ظاهر فلیس بعده تعالى إ وجود الشيء فحسب‪.‬‬
‫(((‬
‫‪ّ ...‬إن كلمة اإلیجاد وهي كلمة كن هي وجود الش ��يء الذي أوجده»‪.‬‬
‫فنقول‪:‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.452 _ 451 ،‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.105 / 10 ،‬‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.116 _ 115 / 17 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫لعفلا ةفص يه ةدارإلا‬ ‫‪399‬‬

‫ش���یئا غیر ذات الفاع���ل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫فإن الفعل‬ ‫تق�ض�� بكون الفعل‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫الواقعی‬ ‫���ة‬‫احلق‬ ‫‪ . 1‬النظ���رة‬
‫مصدري وهو ما یصدر عن الفاعل املختار‪ ،‬ولذا تراه تعاىل میكنه أن یترك‬ ‫ّ‬ ‫والصن���ع مع�ن�ى‬
‫ّ‬
‫الفعل وال میكن أن یترك ذاته‪ ،‬وهو یقول جل وعال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ‬
‫(((‬
‫<ول ِئن‏ ِشئنا لنذهبن‏ ِبال ِذي‏ أوحينا ِإليك>‪.‬‬
‫ن‬ ‫ی عن خ‬ ‫ّ‬
‫منفك ن‬ ‫ّ‬
‫منفصلی‬ ‫الالق غیر‬ ‫وأما ما تقوله الفلس���فة من كون اإلرادة والفعل غیر‬
‫�ی�� للخالق تع���ایل بل نفس ذات���ه املتعالیة فه���و ّمما تدفع���ه الضـرورة‬ ‫ذاتی ن‬‫عن���ه وكوهنم���ا ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والبـرهان‪ ،‬ضـرورة امتناع كون الفاعل فعال أو الفعل فاعال‪.‬‬
‫الالق وخلقه عىل حنو أن یك���ون ذاك الثالث‬ ‫ب�ی�� خ‬‫‪ّ . 2‬إن ف���رض وج���ود شء ثالث ن‬
‫ي‬
‫َ‬ ‫خ‬ ‫خ‬ ‫ً ً‬
‫املوجد (الالق)‪ .‬أو املوجد املوجود‬ ‫ارجي _ كنفس وجود ِ‬ ‫شیئا قامئا بذاته يف وجوده ال ّ‬
‫الشء الثالث عىل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باإلیاد (املخلوق)‪ .‬مفما ال شهبة يف امتناعه‪ ،‬وأما إنكار وجود ذلك ي‬ ‫ج‬
‫شء غیر حقیقة وجود‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والفعل الصادر عن الفاعل املخت���ار _ وهو ي‬ ‫ي‬ ‫املصدري‬ ‫حن���و املع�ن�ى‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫واملوجد _ كما یفعله أصحاب الفلسفة والعرفان فهو أیضا من الباطل بال شهبة‪.‬‬ ‫املوجد‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ی كأنهّ م مل یلتفت���وا إىل حقیقة مع�ن�ى اإلرادة والفعل أصال‬ ‫الفلس���فی ن‬
‫ّ‬ ‫ب���ل العج���ب من‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫الشء فیج���ب أن یكون أم���را ینفصل عن ذات‬ ‫و یزعم���ون أنهّ���ا إذا مل تكن ع�ی�� ذات ي‬
‫الفاعل ّمث ّیتصل باألشیاء!!‬
‫ًّ‬
‫ّ‬
‫واقعي له حنو وجود‬ ‫يّ‬
‫حقیق‬ ‫انتزاعیا بل هي أمر‬ ‫‪ّ . 3‬إن اإلرادة والفع���ل ال یك���ون معىن‬
‫خ���اص ب���ه‪ ،‬والفعل هو ما یكون به املفعول وال یكون نفس املفعول‪ ،‬كما ّأنه یكون فعل‬ ‫ّ‬
‫الفاعل املختار وال یكون نفس وجوده‪.‬‬
‫الالق تعایل دون ذاته ّ‬ ‫ّ‬
‫املقدس���ة ّمما ال‬ ‫والس���ببیة إىل إرادة خ‬
‫ّ‬ ‫‪ . 4‬وجوب إس���ناد العل ّیة‬
‫لاّ‬ ‫یعتر یه ر یب‪ ،‬وال ینبغي أن ّ‬
‫یتوهم ّأن ذلك یس���تلزم انقطاع حاجة األش���یاء إلیه تعاىل إ‬
‫ً‬
‫إذا جعلنا اإلرادة شیئا غیر نفس الفعل واملصدر الذي یفعله الفاعل و یوجد به األشیاء‪،‬‬
‫‪ . 1‬االسـراء (‪.87 ،)17‬‬
‫‪400‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫وأما إذا جعلناها نفس فعل الفاعل املختار و إعمال قدرته‪ ،‬ففرض االستقالل يف الوجود‬
‫لاّ‬ ‫املصدري یكون ّمما ال میكن أن ّ‬
‫ّ‬
‫یتفوه به إ مع الغفلة الواضحة عن‬ ‫لذلك الفعل واملعىن‬
‫حقیقة معىن الفعل واملصدر‪.‬‬
‫ً‬
‫الشء موجودا _ كما‬
‫اإلیاد وما یكون به ي‬‫اإلیاد وهي كلمة «كن» نفس ج‬ ‫‪ّ . 5‬إن كلمة ج‬
‫باإلیاد‪.‬‬ ‫الشء الذي یوجد‬ ‫ّّ‬
‫ج‬ ‫بیناه _ وال میكن أن یكون نفس وجود ي‬
‫شء بع���د وجود اهلل تب���ارك وتعاىل ال یتالمئ م���ع اعتقاد أصحاب‬
‫‪ .6‬الق���ول بوج���ود ي‬
‫ّ‬
‫وتلیات الذات املتعالیة‬
‫الفلسفة والعرفان _ ومهنم القائل نفسه _ بكون األشیاء مراتب ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الواقعیة‪.‬‬ ‫عن االمتداد بل أوهاما وخیاالت بالنظرة احلقة‬
‫ّ‬
‫المعلولیة واالحتیاج‬ ‫مالك‬
‫‪402‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫قد تبحث المدارس الفكر یّ ة البشـر یّ ة عن‪:‬‬


‫ّ‬
‫واملخلوقیة ئ‬
‫وتنب يف ذلك عن أوهام واهیة وأمور مس���تحیلة‬ ‫▪ مناط الخ ّ‬
‫القیة‬
‫الوجود بالذات‪،‬‬

‫فیبحث هذا الفصل عن‪:‬‬

‫▪ بطالن تلك اآلراء‪،‬‬


‫ّ‬
‫واملخلوقیة‪،‬‬ ‫▪ الكشف عن حقیقة مالك الخ ّ‬
‫القیة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الت یباین هبا الخ الق خلقه‪ ،‬ویكون هبا الخ الق خالقا والخ لق خلقا‪،‬‬
‫الهة ي‬ ‫▪ ج‬
‫▪ إثبات حدوث العامل وبطالن اعتقاد أصحاب الفلسفة والعرفان قدم العامل‪،‬‬
‫بی وجود الخ الق والخ لق‪،‬‬
‫ذات ن‬
‫بأي ربط ّ‬
‫ي‬
‫▪ بطالن االعتقاد ّ‬
‫ّ‬
‫الدامئي‪،‬‬ ‫▪ ّأن القدم لیس هو الوجود‬
‫ایتحالاو ةّیلولعملا كالم‬ ‫‪403‬‬

‫ّ‬
‫والتبعض والكون يف الزمان واملكان‬ ‫ّ‬
‫والتجزي‬ ‫ّ‬
‫املعلولیة واالحتیاج هو االمتداد‬ ‫ّإن آی���ة‬
‫وقب���ول الز ی���ادة والنقصان املالزم جلواز الوجود والعدم املس���تلزم للح���دوث والوجود بعد‬
‫ّ‬ ‫الع���دم‪ .‬وآی���ة كون الشء بخ�ل�اف ذلك هو خالف ذلك‪ّ ،‬‬
‫فإن املعل���ول هو ما یتحقق يف‬ ‫ي‬
‫أجزائه وأبعاضه‪ ،‬فهو موجود يف غیره وبغیره ال يف نفسه وبنفسه‪ .‬وهذا هو املعىن الصحیح‬
‫الربطي» أي»عدم خروج‬‫ّ‬ ‫من معین قیامه ف غیره‪ّ ،‬‬
‫وأما تفس���یر القیام يف الغیر بـ «الوجود‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫املعلول جبمیع أجزائه وأبعاضه عن ذات علته» مفن مترعات األوهام البشـر یة وهو عىل‬
‫خ�ل�افم���ایقتضی���هالوح���يوالبـره���انواللغ���ةوالع���رفوالوج���دان‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل قامئ يف سواه معلول»‪.‬‬
‫ّإن املعلول هو الذي یقوم عىل ساقه‪ ،‬وأجزائه وأبعاضه ّ‬
‫وحده وامتداده‪ ،‬ووجود خ‬
‫الالق‬
‫ّ‬
‫تبارك وتعاىل یكون عىل خالف ذلك كله‪:‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«ه���و ق���امئ لی���س عىل مع�ن�ى انتصاب وقی���ام عىل س���اق يف كبد كم���ا قامت‬
‫األشیاء»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،178 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪404‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لالتصاف بالصفات أم ال‪ ،‬فإن مل تكن فهي خارجة عن االمتداد‬ ‫فإن الذات ّإما قابلة ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتوهم‪ ،‬و إن كانت قابلة للصفات (ومهنا الصغر والكبـر وامتدادها الذي ال‬ ‫ّ‬
‫والتصور‬ ‫والعدد‬
‫واتصافها بصفات أخرى‬ ‫یصح خروجها عهنا ّ‬‫ینفك عهنا)‪ ،‬فتكون الصفات غیر الذات‪ ،‬ولذا ّ‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫صادقا‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫امتدادیة فهي قابلة‬ ‫فإن الذات إن كانت‬ ‫دوهنا‪ ،‬كما ّأن عكس ذلك أیضا یكون‬
‫تبدل األمساء والصفات علیه‪:‬‬ ‫للصفات‪ ،‬و إن مل تكن فغیر قابلة للصفات‪ ،‬وخارج عن إمكان ّ‬

‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«لشهادة كل صفة أنهّ ا غیر املوصوف‪ ،‬وشهادة كل موصوف أنه غیر الصفة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫امتدادی���ة‪ ،‬وجواز التغییر ع�ل�ى االمتداد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ذات ل���ه‪ ،‬بل إن مل تكن‬‫ي‬ ‫ف���إن الصف���ات كلها‬
‫شء سلبه عن ذاته‪ ،‬ومن هنا نقول‬ ‫الصفات غیر الذات للزم يف صورة سلب الصفة عن ي‬
‫الالق تبارك وتعاىل‪ :‬ال یخ تلف علیه األمساء والصفات كما یخ تلف عىل غیره‪:‬‬ ‫ف توصیف خ‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫العاملی‪ ...‬ال ختتلف علیه الصفات‬ ‫ن‬ ‫یتغیر‪ ...‬إلاّ ّ‬
‫رب‬ ‫«إنه لیس شء إلاّ یبید أو ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ودما‪ّ ،‬‬
‫ومرة‬ ‫مرة‪ّ ،‬‬
‫ومرة حلما‬ ‫ترابا ّ‬ ‫واألمساء كما ختتلف عىل غیره مثل اإلنسان یكون‬
‫ّ‬ ‫ورمیما‪ّ ...‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫وعز خبالف ذلك»‪.‬‬ ‫جل ّ‬ ‫فتتبدل علیه األمساء والصفات واهلل‬ ‫رفاتا‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫ومن هنا أیضا ال میكن معرفة التوحید إ بسلب الصفات عنه تعاىل‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫نف الصفات عنه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«وكمال توحیده اإلخالص له‪ ،‬وكمال اإلخالص له ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫یتصو ر وكل ما‬ ‫ش���یئی أحدمها بنفس���ه واآلخر يف غیره‪ ،‬بل ّإن كل ما‬ ‫ال میكن ّ‬
‫تصور‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫یتحق���ق ال یكون إ معلوال ومتحققا يف غیره‪ ،‬أي يف أجزائه وأبعاضه وامتداده وعدده‪،‬‬

‫الطبة‪.1 ،‬‬ ‫‪ . 1‬هنج البالغه‪ ،‬خ‬


‫الكاف‪.115 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫خ‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪ ،‬الطبه‪.1 ،‬‬
‫ایتحالاو ةّیلولعملا كالم‬ ‫‪405‬‬

‫ّ‬
‫والكیفیات ذات األش���یاء‪ ،‬ولذا جی���وز علهیا التغییر‬ ‫ولیس���ت األجزاء واألبعاض واحلدود‬
‫ّ‬
‫والتبدل إىل أجزاء وصور وحدود وغیرها‪.‬‬
‫الشء وغیر قابل للسلب عنه كالدسومة للسمن وامللوحة‬ ‫وما یفرضه الفیلسوف ّ‬
‫ذات ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والزوجیة لألربعة فهو باطل ال أصل له‪ ،‬حیث ّإن ذلك كله یكون من باب الضـرورة‬ ‫للملح‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فإن الذات الواحدة قد تكون نارا وقد تكون شجرا والذات ذات‪ ،‬كما ّأن‬ ‫بشـرط املحمول‪ّ ،‬‬
‫األولیة تسلب عهنا أ كثر صفاهتا والذات ذات‪.‬‬ ‫امللح واملاء والسمن بعد التجزئة إىل عناصـرها ّ‬
‫ً‬
‫فردا‪ّ .‬‬ ‫ً‬
‫وأما اهلل‬ ‫وكما ّأن الفرد یصیر بالز یادة والنقصان والتجزئة والتقس�ی�م زوجا‪ ،‬والزوج‬
‫فإنه ال بعض له وال‬ ‫الالق تعایل املوجود بنفسه ال بأداته یكون عىل خالف ذلك ّكله‪ّ ،‬‬ ‫خ‬
‫ّ‬
‫جزء وال صورة‪ ،‬بل هو بخ الف االمتداد فیكون بخ الف األشیاء كلها‪ .‬فال یشبه اهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫وال میثل باملوجود الذي یكون‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل املوجود بنفس���ه‬ ‫«ذي األ قط���ار والنواحي املختلف���ة يف طبقاته‪ ،‬وكان‬
‫(((‬
‫ال بأداته»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء إ بظله وامتداده واهلل تعاىل بخ الف ذلك‪:‬‬ ‫ال یتحقق ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً ًّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫صمدیا‪ ،‬ال ظل له میسكه وهو میسك األشیاء بأظلهتا»‪.‬‬ ‫أزلیا‬ ‫«أحدا صمدا‬
‫نبیكم يف املس���یح من أین أثبت ل���ه الخ لق ونىف‬ ‫عم���ا قاله ّ‬ ‫ّ‬
‫«‪...‬فخبـ���ر ن اآلن ّ‬
‫ي‬
‫نی؟!‬ ‫اإلهلیة وأوجب فیه النقص وقد عرفت ما یعتقد فیه كثیر من ّ‬
‫املتدی ن‬ ‫عنه ّ‬
‫املؤمن�ی��؟ع؟ ‪ :‬أثبت ل���ه الخ ل���ق بالتقدیر ال���ذي لزم���ه والتصویر‬
‫ن‬ ‫فق���ال أمی���ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الت مل ینفك عهنا والنقصان»‪.‬‬ ‫والتغیر من حال إىل حال والز یادة ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الشء بذاته عن جواز تعلق املعرفة به‪:‬‬ ‫ومن آیات املعلولیة‪ ،‬عدم إباء ي‬
‫ن‬
‫أميراملؤمني؟ع؟‪ ،‬حبار األنوار‪ ،277 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬ ‫‪ . 1‬اإلمام‬
‫الكاف‪ ،‬باب النسبة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الكلين‪،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،56 / 10 ،‬عن ي‬
‫‪406‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬


‫(((‬
‫بـرب من طرح حتت البالغ أو وجد يف هواء أو غیر هواء»‪.‬‬ ‫«لیس ّ‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معروف بنفسه مصنوع»‪.‬‬
‫سـر خطأ مدارس املعرفة البشـر ّیة يف معرفة الذات الالئقة باأل لوهیة‬ ‫ومن هنا تعلم ّأن ّ‬
‫وضاللهت���ا يف س���بیل معرف���ة اهلل تعاىل‪ ،‬ه���و فحصها عن ال���ذات املتعالية ع���ن اإلدراك‬
‫والارجة عن حیطة الوصول إلهیا يف حیطة إدراكاهتا املنحصـرة بإدراك املخلوق‪ ،‬وتقسیمها‬ ‫خ‬
‫حادثا معلوالً إىل الواجب واملمكن واملمتنع‪ّ ،‬‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫فإن‬ ‫ذل���ك املدرك الذي ال یكون إ خملوقا‬
‫الشء إىل نفس���ه وغیره‪ .‬أو فقل یكون تقس�ی�م‬ ‫ه���ذا التقس�ی�م یكون يف احلقیقة تقس�ی�م ي‬
‫ّ‬
‫الشء إىل نفسه وما یباینه بكله‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فینس���د عىل البش���ـر خ‬ ‫ً‬
‫الاطئ الناظر بأوهام���ه و إدراكاته الناقصة إىل‬ ‫وم���ن هاهنا أیضا‬
‫ً‬
‫الالق تبارك وتعاىل‪ ،‬فیصبح ّإم���ا منكرا لوجود خ‬ ‫خالق���ه طر یق التصدیق بوج���ود خ‬
‫الالق‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وصوفیا!!‬ ‫ودهر ّیا!! و ّإما منكرا لوجود املخلوق عارفا وفیلس���وفا‬
‫البدهیي ّأنه ال میكن صدور وجود املخلوق املتبائن بتمام ذاته وسنخ وجوده مع‬ ‫ّ‬ ‫ومن‬
‫الالق‬ ‫خالفا ألهل الفلس���فة _ وال میكن جت ّل خ‬
‫ً‬
‫الالق تبارك وتعاىل _‬ ‫خالق���ه عن وج���ود خ‬
‫ي‬
‫خالفا ملا ّیدعیه أصحاب العرفان _ ّكل ذلك لوضوح استحالة ّ‬ ‫ً‬
‫أي ربط‬ ‫بصورة املخلوق _‬
‫املتعال‬ ‫ّ‬
‫املتجزئ مع املوجود‬ ‫بی الوجود‬ ‫الالق واملخلوق‪ ،‬واملبائنة ّ‬
‫التامة ن‬ ‫بی وجود خ‬‫ذات ن‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫عن االمتداد والعدد واألجزاء كما ّبی ّناه‪.‬‬
‫فكل ما سوى اهلل خلقه وفعل منه‪ ،‬أنشأه سبحانه ال من شء‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وكونه بعد ما مل یكن‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫إیاده و إنش���اؤه األش���یاء بال فكر وضمیر ومهة‬
‫ومش���یته‪ .‬ولیس إرادته تعاىل إ ج‬ ‫بإرادته‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ایتحالاو ةّیلولعملا كالم‬ ‫‪407‬‬

‫وكیف وآلة ونطق‪:‬‬


‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«یقول وال یلفظ‪ ...‬یر ید وال یضمر»‪.‬‬
‫(((‬

‫مّ‬
‫«یق���ول مل���ا أراد كونه‪‘‘ :‬ك���ن’’ فیكون‪ ،‬ال بص���وت یقرع‪ ،‬وال نداء یس���مع‪ ،‬و إنا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫كالمه س���بحانه فعل منه أنش���أه ومثله‪ ،‬مل یكن من قبل ذلك كائنا‪ ،‬ولو كان‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫قدمیا لكان إهلا ثانیا‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء وال كیف بال عالج وال معان���اة وال فكر وال‬ ‫لخ‬
‫«خل���ق ا لق واألش���یاء ال م���ن ي‬
‫ّ‬ ‫مّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫بكیفیة املخلوق»‪.‬‬ ‫كیف كما أنه ال كیف له و إنا الكیف‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫مّ‬ ‫ّ‬
‫ومشیته من غیر كالم وال‬‫ّ‬ ‫شء س���واه خملوق و إنا تكون األشیاء بإرادته‬ ‫ي‬ ‫«وكل‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫تردد يف نفس وال نطق ببیان»‪.‬‬
‫ً مّ‬ ‫مّ‬
‫«و إنا أمره كلمح البصـر أو هو أقرب إذا شاء شیئا فإنا یقول له‪‘‘ :‬كن’’ فیكون‬
‫(((‬
‫مبشیته و إرادته‪ (((.‬و»كن’’ منه صنع وما یكون به املصنوع»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل ومن الخ لق‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫ألب احلسن؟ع؟ ‪ :‬أخبـر ين عن اإلرادة من اهلل‬ ‫«قلت ي‬
‫ّ ّ‬ ‫اإلرادة من الخ لق الضمیر وما یبدو له بعد ذلك من الفعل‪ّ ،‬‬
‫عز وجل‬ ‫وأما من اهلل‬
‫ّ‬ ‫یروي وال ّ‬ ‫ألنه ال ّ‬‫ّ‬
‫هی���م وال یتفكر‪ ،‬وهذه الصفات‬ ‫فإرادت���ه إحداث���ه ال غیر ذلك‪،‬‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،255 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪106 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،295 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ . 5‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪440. ،‬‬
‫‪ . 6‬الصدوق‪ ،‬التوحيد‪.436 ،‬‬
‫‪408‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫منفی���ة عنه‪ ،‬وهي من صفات الخ لق ف���إرادة اهلل هي الفعل ال غیر ذلك‪ ،‬یقول‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ل���ه‪‘‘ :‬كن’’ فیكون بال لفظ وال نطق بلس���ان وال ّمه���ة وال تفكر‪ ،‬وال كیف لذلك‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كما أنه بال كیف»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫يصح أن يكون القدم مالكا لالستغناء عن العلة؟‬ ‫هل‬
‫ً‬
‫قابال للز یادة والنقصان هو آیة خم ّ‬
‫لوقیته‪ّ ،‬‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ّ‬
‫وأن حدوثه‬ ‫امتدادیا‬ ‫الشء‬
‫ال شك أن كون ي‬
‫وأما القدم فهل ّ‬
‫یصح ّأن‬ ‫هو مناط احتیاجه إىل الغیر‪ ،‬وهو املثبت لوجود حمدثه وخالقه‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الشء إهلا غیر حمتاج إىل العلة؟!‬‫ي‬ ‫لكون‬ ‫مناطا‬ ‫یعد‬
‫ّ‬
‫ال�ش��ء يف كل عصـر وزمان‪ ،‬فال ش�ب�هة يف‬
‫ي‬ ‫فنق���ول‪ :‬إن أر ی���د من الق���دم‪ ،‬دوام وجود‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫بطالن ذلك موضوعا‪ ،‬حیث ّإن احلكم بعدم التناهي لنفس الزمان ‪ ،‬فضال عن مقارناته‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫امتدادي مطلقا‪ ،‬وال یخ رج وجود الزمان عن‬
‫ّ‬ ‫شء‬ ‫ي‬
‫فإن���ه ال میكن فرض عدم التناهي ّ‬
‫ألي‬
‫ً‬
‫هذا اإلطالق أیضا‪.‬‬
‫للشء كونه بخ الف االمتداد والعدد والزمان‪ ،‬فال إشكال‬ ‫ّ‬
‫و إن أر ید من القدم واألزلیة ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫صالحیة هذا املعىن ألن یكون مال كا لالستغناء عن العلة ومناطا لعدم االحتیاج إىل‬ ‫يف‬
‫الغیر‪ ،‬وقد ّقدمنا توضیح ذلك مبا ال مز ید علیه‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء متعالیا‬‫ي‬ ‫ل���كل‬ ‫مبائنا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫إ‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫«ال یلی���ق بال���ذي هو خال���ق‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء‪ ،‬سبحانه وتعاىل»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬
‫«أنه واحد» _ من امتناع ّ‬
‫تعدد ما یخ الف االمتداد‬ ‫وباال لتفات إىل ما ّقدمناه ف مبحث ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والعدد بالذات _ یظهر لك ّأن االعتقاد بإمكان تعدد القدماء ناش عن س���وء فهم املعىن‬

‫‪ . 1‬هنج البالغة‪272 ،‬؛ عنه حبار األنوار‪.314 / 74 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬عن توحید ّ‬
‫املفضل‪.‬‬
‫ایتحالاو ةّیلولعملا كالم‬ ‫‪409‬‬

‫ّ‬ ‫امل���راد ع���ن املوجود «القدمی» و«األز ّل»‪ّ ،‬‬


‫وتوهم كون الق���دم مبعىن الوجود الدامئ يف كل‬ ‫ي‬
‫األزمنة والدهور‪.‬‬
‫يّ‬
‫احلقی�ق�� _ وهو ما یك���ون عىل خالف االمت���داد ال ما یكون‬ ‫وذل���ك ّأن الق���دمی مبعناه‬
‫ذاتا‪ ،‬وذلك ّأن ّ‬ ‫ً‬ ‫دامئی ًا _ ال یامع ّ‬ ‫ّ‬
‫التعدد فرع االمتداد‪ ،‬ففرضه ملا یكون عىل خالف‬ ‫التعدد‬ ‫ج‬
‫االمتداد‪ ،‬ناش من االشتباه ف فهم حقیقة معىن ّ‬
‫األزلیة‪.‬‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫تصور ال�ش��ء واقعا ف الزمان دلی���ل عىل جواز ّ‬ ‫ّإن نف���س ج���واز ّ‬
‫التغی���ر علیه‪ ،‬وذلك‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫حالتی‪ ،‬وجواز ّ‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫التغیر‬ ‫زمانی فال یس���تحیل أن یكون ع�ل�ى‬ ‫ّأن كل م���ا جی���وز أن یكون يف‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وموجودا بعد العدم‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫فإن نفس الوجود والعدم أیضا حالتان‬ ‫الشء حادثا‬‫مستلزم لكون ي‬
‫له عارضتان علیه‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫«إن األش���یاء ل���و دام���ت ع�ل�ى صغرها ل���كان يف الوه���م أنه مىت ما ض���م ي‬
‫وف جواز التغیی���ر علیه خروجه من الق���دم‪ ،‬كما بان يف‬‫إىل مثل���ه كان أ كبـ���ر‪ ،‬ي‬
‫تغییره دخوله يف احلدث»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«إن ال���ذي ی���زول وحیول جی���وز أن یوجد ویبط���ل‪ ،‬فیكون بوج���وده بعد عدمه‬
‫دخول يف احلدث»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬ ‫ً‬
‫وجهی‪:‬‬ ‫مفا جیوز علیه التغییر و یكون مقارنا للزمان یلزمه احلدوث من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ . 1‬استحالة ما ال یتناهی مطلقا‪ ،‬فیتناهی الزمان أیضا‪.‬‬
‫‪ . 2‬ج���واز نس���بته إىل الوج���ود والعدم املس���تلزم لكون وج���وده بالغی���ر واحتیاجه إىل‬
‫خ‬
‫الالق‪ ،‬املستلزم حلدوثه ووجوده بعد عدمه‪:‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،47 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،46 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪410‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«األول ال عن ّأول قبله‪ ،‬وال عن بدء س���بقه‪ (((.‬وآخر ال من هنایة كما یعقل من‬
‫ّ‬
‫املخلوقی‪ (((.‬ولكن قدمی ّأول آخر‪ ،‬مل یزل وال یزال‪ ،‬بال بدء وال هنایة وال‬ ‫ن‬ ‫صفات‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫یقع علیه احلدوث‪ ،‬وال حیول من حال إىل حال‪ ،‬خالق كل ي‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫���ه‬‫أن‬ ‫عىل‬ ‫العاقل‬ ‫���ت‬‫دل‬ ‫«إن اهلل تب���ارك وتع���اىل ق���دمی‪ ،‬والق���دم صف���ة‬
‫ّ‬ ‫دمیومیته‪ ،‬فقد بان بإق���رار ّ‬ ‫ّ‬
‫العامة مع معجزة الصفة أنه‬ ‫شء معه يف‬ ‫قبل���ه وال ي‬
‫(((‬
‫شء مع اهلل يف بقائه»‪.‬‬ ‫شء قبل اهلل وال ي‬ ‫ال ي‬
‫جل وعال فال ئ‬ ‫ّ‬ ‫«األول» و«اآلخر» و«القبل» و«البعد» إذا ّاتصف هبا خ‬ ‫ّ‬
‫ینب عن‬ ‫الالق‬
‫یؤول إىل معىن ّ‬ ‫األو ّلیة له تعاىل ّ‬ ‫الوجودي‪ ،‬بل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫سلب _ كسائر صفات اهلل‬ ‫ي‬ ‫التقدم والتأخر‬
‫شء علیه تعاىل‪ ،‬كما ّأن آخر ّیته تعاىل یكون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تع���اىل الثبوتیة _ و یكون مبعىن عدم تقدم ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء یتأخر عنه وجودا‪:‬‬ ‫مبعىن أنه لیس ي‬

‫ّ‬
‫القبلية والسبق‬ ‫األول أو عن بدء سبق ُ‬
‫اهلل ذاك البدء‪ّ ،‬‬
‫فإن هذه‬ ‫‪ . 1‬أي ال عن ّأول كان اهلل قبل ذاك ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫لاّ‬
‫زمانيا أيضا‪ .‬وهو تعاىل خالف الزمان بل خالقه‪ ،‬فيكون مدلول الرواية هو أن سبق وجود‬ ‫ليس إ‬
‫ً ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫الالق تعاىل عىل الزمان ليس بسبقة زمانية عىل ابتداء الزمان‪ ،‬فإن هذا السبق يكون سبقا زمانيا‬
‫ًّ ّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫باألولية زمانيا وكل‬ ‫والزم���ان يف ه���ذه الصورة قد فرض موجودا قبل ابتداء وج���وده‪ ،‬فيكون ّاتصافه‬
‫زمان فهو حادث‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫خ‬
‫واحلاصل أن سبق وجود الالق عىل الزمان ال يكون عىل حنو سبق شـيء شيئا آخر ومها ذو زمان‪،‬‬
‫ً‬
‫بل يكون سبقه بخ روجه عن اال ّتصاف بالزمان‪ ،‬وتعاليه عن جواز العدم عليه مطلقا‪.‬‬
‫فإن احلكم باآلخر ّية‬ ‫‪ . 2‬أي ال تك���ون آخر ّيت���ه تع���اىل من جهة بقائه تعاىل بعد هناية وجود األش���ياء‪ّ ،‬‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫فأوليت���ه وآخر ّيته تعاىل ليس إ مبعىن‬
‫واالمتدادي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الزمان‬
‫ي‬ ‫ع�ل�ى ه���ذا النحو ال يليق إ بالش���ـيء‬
‫تعال وجوده عن اال ّتصاف بالزمان‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.313 ،‬‬
‫ً‬
‫الكاف‪.120 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،484 / 1 ،‬نقال عن‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪ ،186 ،‬ي‬
‫ایتحالاو ةّیلولعملا كالم‬ ‫‪411‬‬

‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ ْ ََ ُ ْ‬
‫باط ُن َو ُه َو ِبك ِ ّل ش ْي ٍ‏ء َع ِليم>‏‪.‬‬
‫(((‬
‫آخ ُر َوالظ ِاه ُر َوال ِ‬
‫<ه َو الأ ّو ‏ل َوال ِ‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«أو ّلیتك مثل آخر ّیتك وآخر ّیتك مثل ّأو ّلیتك»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«احلمد هلل الذي مل تسبق له حال حاال فیكون ّأوال قبل أن یكون آخرا»‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫واملعیة لیس إ للمخل���وق الذي یكون موجودا يف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والبعدیة‬ ‫ّ‬
‫بالقبلی���ة‬ ‫ّإن اال ّتص���اف‬
‫الالق تعاىل بوصف كونه‪« :‬قبل أو بعد أو مع األش���یاء» ٌ‬
‫وهم‪،‬‬ ‫تصور وجود خ‬ ‫وأما ّ‬‫الزمان‪ّ ،‬‬
‫فإنه ال قبل وال بعد له تعایل‪:‬‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫بی قبل وبعد لیعلم أن‬ ‫فف���ر ق ن‬
‫بی األش���یاء عرف أن ال قر ین له‪ّ ...‬‬ ‫«مبقارنته ن‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ال قبل له وال بعد‪ ...‬خمبـرة بتوقیهتا أن ال وقت ملوقهتا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الالق تعاىل ّ‬ ‫ف�ل�ا یك���ون معىن قدم وجود خ‬
‫وأزلیته هو دوام وجوده يف كل زمان وأوان‪،‬‬
‫ًّ ًّ‬
‫زمانیا فقد‬ ‫بل هو إخبار عن كونه تعاىل بخ الف االمتداد والعدد‪ ،‬ومن هنا مفن جعله دامئیا‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫عددیا‪:‬‬ ‫امتدادیا‬ ‫جعله‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«ومن ّ‬
‫(((‬
‫عده فقد أبطل أزله»‪.‬‬
‫ّإن «لألزل»‪ ،‬معىن یباین البینونة واملقارنة أل نهّ ما ّ‬
‫یتفرعان عىل االمتداد‪:‬‬

‫‪ . 1‬احلديد (‪.4 ،)57‬‬


‫‪ . 2‬الصحيفة العلو ّية‪.‬‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪96 ،‬؛ حبار األنوار‪.309 _ 308 / 4 ،‬‬
‫الكاف‪.138 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،434 / 1 ،‬عن‬‫‪ .4‬ي‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،285 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪412‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«لش���هادة كل صف���ة أنهّ ا غی���ر املوصوف وش���هادة املوصوف أنه غی���ر الصفة‪،‬‬
‫ً‬
‫(((‬
‫وشهادهتما مجیعا عىل أنفسهما بالبینة املمتنع مهنا األزل»‪.‬‬
‫ّ‬
‫واألزلیة‪:‬‬ ‫یصح نسبته إىل الزمان میتنع عن القدم‬ ‫فإن ّكل ما ّ‬ ‫ولذلك ّ‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«منعهتا [األشیاء] ‘‘مذ’’ القدمة‪ ،‬ومحهتا ‘‘قد’’ ّ‬
‫األزلیة»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،285 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫نقد بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫‪414‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫یقول أصحاب المعرفة البشـر یّ ة‪:‬‬

‫البـراه�ی�� إل ثبات وج���ود الخ الق‬


‫ن‬ ‫▪ ّإن بـره���ان الوج���وب واإلم���كان هو أش���ـرف‬
‫املتعال‬

‫ویهدف هذا الفصل الردّ على ذلك ببیان‪:‬‬


‫ً‬
‫▪ ّأن بـره���ان الوجوب واإلم���كان ال صلة له بإثبات الخ ال���ق تعایل مطلقا‪ ،‬بل‬
‫بأزلیة وجود العامل ووجوب وجوده لذاته ال غیر‪،‬‬‫هو نفس القول ّ‬

‫▪ تقس�ی�م م���ا فرض���وه إىل ‘‘الواج���ب’’ و ‘‘املمك���ن’’ و ‘‘املمتن���ع’’ ه���و تقس�ی�م‬


‫الشء إىل نفسه وغیره‪ ،‬وهو باطل بالبداهة‪،‬‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫مببان املعرفة البشـر ّیة ال میكن إبطال التسلسل‪ ،‬بل الدور أیضا‪،‬‬
‫▪ أنه مع اال لتزام ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫▪ ّأن ف���رض الوجود مل���ا یفرضه البـرهان املذكور واجبا حم���ال‪ ،‬فضال عن ّادعاء‬
‫وجوب الوجود لذلك‪،‬‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪415‬‬

‫ً‬
‫یبتن عىل تقس�ی�م املوجود إىل‬
‫ي‬ ‫واجهبم‬ ‫ثبات‬ ‫إل‬ ‫بیانا‬ ‫ّإن ألصح���اب املعرف���ة البش���ـر ّیة‬
‫ً‬ ‫الواجب واملمكن ّأوالً‪ّ ،‬مث استنتاج وجود الوجود ملا ّ‬
‫یسمونه بـ «واجب الوجود» ثانیا‪.‬‬
‫إنهّ م یقولون‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫«م���ن البـراهی���ن علیه أن���ه ال ریب ّأن هناك موج ��ودا ما‪ ،‬فإن كان هو أو ش ��يء منه‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫واجبا بالذات فهو المطلوب‪ ،‬و إن لم یكن واجبا بالذات وهو موجود فهو ممكن‬
‫ّ‬ ‫بال���ذات بالضـ���رورة‪ّ ،‬‬
‫فرجح وجوده على عدم ��ه بأمر خارج من ذات���ه‪ ...‬وعلته ّإما‬
‫ممكنة مثله أو واجبة بالذات‪ّ ...‬‬
‫فإما أن یدور أو یتسلسل وهما محاالن‪ ،‬أو ینتهي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫إلى علة هي غیر معلولة هي الواجب بالذات‪ ،‬وهو المطلوب»‪.‬‬
‫و یقولون‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«ال ّ‬
‫ّ‬
‫اإلمكانی ��ة‪ ،‬بدلی ��ل أنها توجد‬ ‫ش���ك ّأن صفح���ة الوج���ود ملیئة بالموج ��ودات‬
‫ّ‬
‫والتغیر إلى غیر ذلك من الحاالت التي‬ ‫وتنعدم وتحدت وتفنى‪ ،‬ویطرء علیها ّ‬
‫التبدل‬
‫هي آیات اإلمكان وسمات االفتقار‪ ،‬وأمر وجودها ال یخلو عن الفروض التالیة‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫ألن كل ممكن‬ ‫‪ .1‬ال علة لوجودها‪ ،‬أو ّإن كال منها علة لوجود نفس ��ه‪ ،‬وهذا باطل‬
‫ّ‬
‫یحتاج إلى علة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .2‬البعض منها علة لبعض آخر وبالعكس‪ ،‬وهو محال لبطالن الدور‪.‬‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.270 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪416‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫‪ .3‬بعضها معلول لبعض آخر وذلك البعض معلول آلخر من غیر أن ینتهي إلى علة‬
‫لیست بمعلول‪ ،‬وهو ممتنع الستحالة التسلسل‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫اإلمكانیة علة لیس ��ت بمعلولة بل یكون واجب الوجود‬ ‫‪ .4‬وراء تل���ك الموجودات‬
‫لذاته وهو المطلوب»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫أصولیة وهي‪:‬‬ ‫فنقول‪ :‬أدلهتم هذه ال تثبت شیئا وترد علهیا إشكاالت عدیدة‬
‫ملنتحل املعرفة البشـر ّیة إىل إبطال التسلسل‪ ،‬وذلك ّأن ما‬ ‫اإلش���كال ّ‬
‫األول) ال س���بیل‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قس���می‪ ،‬قس���م مهنا یدل عىل‬ ‫اس���تدل به عىل بطالن التسلس���ل من األدلة یكون عىل‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫الثان مهنا یستدل به‬
‫ي‬ ‫والقسم‬ ‫‪،‬‬‫مطلقا‬ ‫بطالن التسلس���ل من حیث اس���تحالة الالمتناهي‬
‫لذلك ال من جهة بطالن الالمتناهي بل من جهات ّمدعاة أخرى‪.‬‬
‫ًّ‬
‫تاما يف نفس���ه ولك���ن املعرفة البش���ـر ّیة حی���ث ال تذعن‬ ‫القس���م ّ‬
‫األول مهن���ا یك���ون‬
‫ّ‬ ‫ببطالن الالمتناهي عىل إطالقه فهي ممنوعة عن ّ‬
‫التمسك هبذا القسم من األدلة‪ ،‬وذلك‬
‫وأزلیة احل���ركات‪ ،‬وتأو یل حدوث‬‫العتقاده���ا بقدم وجود العامل‪ ،‬وع���دم تناهي النفوس‪ّ ،‬‬
‫المع ن‬
‫بی هذه االعتقادات الباطلة‬ ‫فإن ج‬ ‫الوهر ّیة ّ‬
‫األزلیة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫الذات واحلركة ج‬ ‫العامل باحلدوث‬
‫ي‬
‫من ناحیة‪ ،‬واالعتقاد ببطالن التسلسل من جهة استحالة الالمتناهي من ناحیة أخرى‪،‬‬
‫یكون من أظهر مصادیق التناقض؛‬
‫ّ‬
‫األدلة املذكورة‪ ،‬فهو غیر ّ‬ ‫ّ‬
‫تام يف نفسه‪ ،‬وباطل من أساسه وهي قوهلم‪:‬‬ ‫الثان من‬
‫وأما القسم ي‬
‫«التسلس���ل ف���ي العلل مح���ال‪ ،‬والبـره ��ان علیه ّأن وج ��ود المعلول رابط بالنس ��بة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ ّ‬ ‫ّ‬
‫تقومه كما تق � ّ�دم‪ ،‬و إذا كان ��ت علته معلولة‬
‫والعل ��ة ّ‬ ‫إل���ى علت���ه‪ ،‬ال یق���وم إ بعلته‪،‬‬
‫ّ‬
‫لثال���ث وهك���ذا كانت غیر مس ��تقلة بالنس ��بة إل ��ى ما فوقه ��ا‪ ،‬فلو ذهبت السلس ��لة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إل���ى غی���ر النهای���ة ول���م تنته إل���ى علة غی ��ر معلول ��ة تك ��ون مس ��تقلة غیر رابط ��ة‪ ،‬لم‬

‫ّ‬
‫التصـرف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫گلپايگان‪ ،35 ،‬مع‬ ‫ان‬ ‫اإلهليات‪ ،‬تلخيص ّ ّ‬
‫السبحان‪ ،‬جعفر‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫عل رب ي‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪417‬‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬


‫(((‬
‫یتحق���ق ش���يء عن أجزاء السلس���لة‪ ،‬الس ��تحالة وجود الراب ��ط إ مع مس ��تقل»‪.‬‬
‫وهذا البـرهان باطل وذلك ّأن‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«الرابط» عندهم هو الذي یقوم بغیره‪ ،‬رابطا فرض ذلك الغیر أیضا أو مستق ‪ ،‬فقول‬
‫حمله‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ألن مع فرض ذهاب‬ ‫املس���تدل‪« :‬الستحالة وجود الرابط إ مع مستقل» لیس يف‬
‫ً‬ ‫ّ لاّ‬ ‫السلس���لة إىل غیر الهنایة كما هو ّ‬
‫املدعی‪ ،‬ال میكن إثبات املس���تقل إ مصادرة‪ ،‬مضافا‬
‫إیل ّأن مع فرض عدم ذهاب السلس���لة إیل غیر الهنایة _ كما ّأن ذلك أس���اس الفلسفة _‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فال یبیق حمل لفرض وجود طرف مستقل أصال‪.‬‬
‫وقوهلم يف بـرهان ثان هلم‪:‬‬
‫«بـره���ان آخر‪ ،‬وهو المعروف ببـرهان الوس ��ط والطرف‪ ،‬أقامه الش ��یخ في الش ��فاء‪،‬‬
‫ّ‬
‫حی���ث ق���ال‪ ...:‬لیس یج���وز أن تكون جمل ��ة علل موج ��ودة ولیس فیه ��ا علة غیر‬
‫ّ‬
‫وعلة أولى‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫فإن جمیع غیر المتناهي كواس ��طة بال طرف‪ ،‬وهذا محال»‪.‬‬ ‫معلولة‬
‫ً‬
‫فإن القول بوجود الوسط بال طرف هو نفس ّمدعي‬ ‫أیضا واضح البطالن‪ّ ،‬‬ ‫هذا البـرهان‬
‫فالرد عليه بذلك‪ ،‬وجاء يف الشفاء وارتضاه الناقل مصادرة واضحة‪.‬‬ ‫القائل بالتسلسل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫یص���ح أن یقال‪« :‬مجی���ع غیر املتناهي‬ ‫مضاف���ا إىل ّأن م���ا ال یتناه���ی فال یتناهی‪ ،‬فال‬
‫كواس���طة بال ط���رف»‪ ،‬بل هو عند القائل بالتسلس���ل _ بل عند صاحب الش���فاء وناقل‬
‫ً‬
‫أبدا‪ ،‬فال ّ‬ ‫كالمه‪ ،‬بل عند أصحاب املعرفة البشـر ّیة بأمجعهم _ ال ینهتي إىل ّ‬
‫یتصو ر له‬ ‫حد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫يّ‬
‫حقیق مطلقا‪ ،‬فال جیتمع أفراده يف جمموعة أبدا‪.‬‬ ‫طرف‬
‫و یقولون يف بـرهان ثالث هلم‪:‬‬
‫ّ‬
‫للفارابي‪ ...،‬اآلحاد الال متناهیة بأسـرها‬ ‫ّ‬
‫باألسد األخصـر‬ ‫«بـرهان آخر‪ :‬وهو المعروف‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫یص���دق علیه���ا أنها ال تدخل في الوجود ما لم یكن ش ��يء م ��ن ورائها موجودا من‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.168 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪ 168 ،‬و ‪ ،169‬عن الشفاء البن سينا‪.327 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪418‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫بأنه من أین یوجد في تلك السلس ��لة شيء ّ‬
‫حتى‬ ‫قبل‪ ،‬فإذن بداهة العقل قاضیة‬
‫(((‬
‫یوجد شيء ما بعده»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فإن للقائل بالتسلسل أن ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا مصادرة‪ّ ،‬‬
‫یرد عىل ذلك و یقول‪ :‬ولكن كل‬ ‫وهذا البـرهان‬
‫ً‬
‫موجودا ّ‬
‫شء آخر‪ ،‬كما ّأن ذلك نفس عقیدتكم‬‫ي‬ ‫قبله‬ ‫وجد‬ ‫قد‬ ‫ه‬‫ألن‬ ‫فرد من اآلحاد یكون‬
‫وأصل مذهبكم!‬
‫وقد أجیب عن هذا ّ‬
‫الرد مبا قد قیل‪:‬‬
‫ّ‬
‫«یج���ب أن یعتق���د أو یالحظ في ه ��ذه الوجوه م ��ن األدلة ّأن سلس ��لة الممكنات‬
‫ً‬
‫الموج���ودة بالفع���ل معا قائمة بذاته ��ا ال ّبد أن تنتهي إلى واج ��ب قائم لذاته مقیم‬
‫القیوم‪ ،‬ومع ّ‬
‫التوجه إل ��ى هذا األصل القوی ��م كان النظر فیه غیر‬ ‫لغی���ره أي الوج���ود ّ‬

‫مستقیم وتعلیله بالمصادرة علیل»‪.‬‬


‫(((‬

‫ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫همّ‬ ‫وأن���ت خبیر ّ‬


‫البـراهی‬ ‫بأن مع النظر إىل هذا األصل عند م���ن یتو ه قو میا أیضا تكون‬
‫املذكورة ونفس هذا الكالم مصادرة واضحة‪ ،‬والدفاع عن املصادرة أمر علیل‪.‬‬
‫يّ‬
‫الفلس�ف��)‪ :‬ال دلی���ل ألصحاب‬ ‫الث���ان (ع�ل�ی بـره���ان الوج���وب واإلم���كان‬
‫ي‬ ‫اإلش���كال‬
‫ً‬
‫املعرفة البشـر ّیة عىل بطالن الدور أیضا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء من العلة واملعلول عندهم معدوما‬ ‫فإن وجود املمكن عندهم جیامع عدمه‪ ،‬فال ي‬
‫حت یس���تلزم ذلك ّ‬ ‫ً‬
‫مطلقا ىّ‬ ‫ّ ً‬
‫الشء عىل نفس���ه الباطل‪ ،‬و یس���تنتج من ذلك‬‫ي‬ ‫م‬‫تقد‬ ‫���ا‬ ‫واقعی‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بطالن الدور‪ .‬بل ّإن تأخر وجود املعلول املجامع وجوده مع عدمه عن العلة یكون عندهم‬
‫حقیق فال مانع من اعتبار عكسه‪ ،‬یعن كما ّ‬
‫یصح أن يقال‪:‬‬ ‫يّ‬ ‫ّ‬
‫اعتباري غیر‬ ‫بالرتبة وهو أمر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫وجود البحر متوقف عیل وجود حصص املاء‪ ،‬فیمكن عكس���ه بأن یقال‪ :‬وجود حصص‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫امل���اء متوق���ف عیل وجود البحر‪ ،‬وهذا عیل أس���اس الفلس���فة والعرف���ان يف تعر یف العلة‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪169 ،‬؛ نقال عن األسفار‪.166 / 2 ،‬‬ ‫حممد‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حسن‏زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬تعليقات كشف املراد‪.509 ،‬‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪419‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫واملعلول‪ ،‬فكیف یكون دورا باطال؟!‬
‫الفلسف)‪ّ :‬أن مطلوب املعرفة البشـر ّیة‬
‫يّ‬ ‫اإلشكال الثالث (عیل بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫البـراهی‪ ،‬وذلك أنهّ م یقولون‪ّ :‬‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫«إن واجب الوجود هو املوجود‬ ‫یكون منقوضا بنفس هذه‬
‫الواقع يف املرتبة الال متناهیة من هذه السلسلة»‪ ،‬وحنن نقول‪:‬‬
‫حت‬‫البـراهی‪ ،‬فأین یوجد هلا مرتبة ال متناهیة ىّ‬
‫ن‬ ‫إن كنمت اعترفمت بتناهي السلسلة هبذه‬
‫تسمى بالواجب أو غیره؟!‬ ‫ّ‬
‫لاّ‬
‫ألی���س ّأنه ال تصل السلس���لة إىل مرتبة غیر متناهیة إ بع���د وجود أفراد أو مراتب ال‬
‫ن‬
‫البـراهی؟‬ ‫متناهیة؟! وهو حمال بنفس ّادعائكم يف هذه‬
‫فأصب���ح هب���ذا البی���ان ّأن مطلو هبم «الواجب الوج���ود لذاته»‪ ،‬جی���ب أن یكون ممتنع‬
‫الوجود لذاته!‬
‫ّ‬ ‫وبعبارة أخرى‪ّ :‬إن ما ّ‬
‫یرد علیه يف هذه األدلة _ وهو اس���تحالة وجود أفراد غیر متناهیة‬
‫متسلسلة _ هو نفس ما تعتقده املعرفة البشـر ّیة من عدم تناهي مراتب الوجود‪ ،‬وال فرق‬
‫لاّ‬
‫وبی الدهر ّیة يف حقیقة ما یقولون بوجوده إ يف جم ّرد تس���میة تلك املجموعة أو‬ ‫بیهنم ن‬
‫ّ‬
‫فرد من أفرادها بـ «العلة»‪ ،‬أو بـ «الواجب الوجود»‪ ،‬أو بـ «املوجود بنفسه»‪ ،‬أو‪ !...‬وعىل‬
‫شء _ غیر نفسها _ تنقض؟!‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫هذا مفا ندري عىل من ترد املعرفة البشـر یة وعىل أي ي‬
‫الفلس�ف��)‪ّ :‬إن املعرفة البشـر ّیة تعتقد‬
‫يّ‬ ‫اإلش���كال الرابع (عیل بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫یتق���دم يف الوجود عىل غی���ره» ومن ناحیة‬ ‫بأن‪« :‬املمكن األش���ـرف یب أن ّ‬ ‫م���ن ناحی���ة ّ‬
‫ج‬
‫ن‬
‫هاتی‬ ‫ّ‬
‫فبالتأمل يف‬ ‫أشد ّمما حتهتا مبراتب ال متناهیة»؛‬ ‫«إن املرتبة الواجبة هي ّ‬
‫أخرى تقول‪ّ :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫الناحیت یظهر ّأن بـرهان الوجوب واإلمكان یصبح عقیما وقاصـرا عن إفادة مطلو هبم يف‬
‫إثبات واجهبم‪.‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫فإنه باقتضاء قاعدة «إمكان األشـرف» یكون حتقق كل مرتبة من املراتب متوقفا عىل‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حتقق مراتب ال متناهیة قبلها‪ _ ،‬وذلك إلمكان وجود أش���ـرف من كل شـر یف ذاتا _ ومن‬
‫‪420‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫املعلوم ّأن انهتاء ما ال یتناهی حمال‪ ،‬واملتوقف عیل املحال أیضا یكون حماال‪.‬‬
‫عما حتهتا مبراتب ال متناهیة‪ ،‬لیجب أن‬ ‫كما ّأنه باقتضاء وجوب ّ‬
‫أشدیة املرتبة الواجبة ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫یكون كل فرد من أفراد السلسلة املفروضة ممكنا‪ ،‬و یكون الواجب املفروض فوقه وهكذا‪،‬‬
‫ً‬
‫وذلك ال قتضاء امتناع الوصول إىل انهتاء السلسلة الال متناهیة أبدا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫املتوهم ّ‬
‫املدعى‪ ،‬فض�ل�ا عن وجوب‬ ‫ف�ل�ا یب�ق�ى حینئذ جمال إلم���كان وجود الواج���ب‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫املبتن ع�ل�ی امتناع التسلس���ل إ اال لتزام‬‫ي‬ ‫املس���مى بالبـرهان‬ ‫وج���وده‪ .‬فلی���س واقع هذا‬
‫ونف وجود الواج���ب يف احلقیقة‪ ،‬فتس���میته ببـرهان‬ ‫بالتسلس���ل يف سلس���لة املمكن���ات‪ ،‬ي‬
‫لاّ‬
‫إثب���ات الواج���ب من أعج���ب العج���اب‪ ،‬إ أن یر یدوا ّأن هذه السلس���لة ال�ل�ا متناهیة‬
‫املتسلسلة املستحیلة الوجود واجبة الوجود لذاهتا‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ ّ َ‬‫َ‬ ‫َ َّ َ ُ َ ُّ ْ َ ُ ُ َ‬ ‫َ ُ‬
‫وت َون ْحيا‪َ .‬وم���ا ُي ْه ِلكنا ِإلا ّالد ْه ُر َوما ل ُه ْم‬ ‫<وقال���وا ما ِهي ِإلا حياتنا الدنيا نم‬
‫َّ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫ِبذ ِلك ِم ْن ِعل ٍم ِإ ْن ُه ْم ِإلا َيظ ّنون>‪.‬‬
‫الفلس�ف��)‪ :‬ال وجه لفرض اس���تناد‬ ‫يّ‬ ‫اإلش���كال الخ امس (عیل بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫ّ‬
‫فینتف حینئ���ذ موضوع الدور‬ ‫ي‬ ‫مهنا‪،‬‬ ‫آخر‬ ‫عىل‬ ‫املمكن���ة‬ ‫السلس���لة‬ ‫أفراد‬ ‫من‬ ‫فرد‬ ‫كل‬ ‫وج���ود‬
‫یوجد وال یف�ن�ى وال یز ید وال ینقص‬ ‫والتسلس���ل من حیث الثب���وت‪ ،‬وذلك ّأن املمكن ال َ‬
‫واإلیاد واإلعدام بوجه من الوجوه‬ ‫اللق‬‫إلاّ بخ ال���ق بخ الفه‪ ،‬ف�ل�ا شء هناك یقدر عىل خ‬
‫ج‬ ‫ي‬
‫بی يف ّأول الكتاب‪.‬‬ ‫كما ّ ن‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫تطو رات‬ ‫اإلی���اد واإلعدام عند الفالس���فة حم���االن بال���ذات‪ ،‬ولیس عنده���م إ‬ ‫ب���ل ج‬
‫شء آخر؟!‬
‫شء عیل ي‬
‫الوجود‪ ،‬فأین هناك استناد يف وجود ي‬
‫ّ‬
‫الفلسف)‪ّ :‬إن كل ما یعقله املخلوق‬
‫يّ‬ ‫اإلشكال السادس (عیل بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫ّ‬
‫و جی ّ���وز ل���ه الوجود _ وهو كل ما میكن أن یعرف بنفس���ه _ ال یخ���رج واقعه عن «املمكن»‬
‫و«االمتداد املحتاج»‪ ،‬مفا یقال من ّأن‪:‬‬
‫الاثية (‪.25 ،)45‬‬
‫‪ .1‬ج‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪421‬‬

‫ّ‬
‫كل معق���ول ّإما أن یكون واجب الوجود يف الخ���ارج لذاته‪ ،‬و ّإما ممكن الوجود لذاته‪،‬‬
‫و ّإما ممتنع الوجود لذاته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الشء إىل نفس���ه وغیره‪ ،‬ولیس قوهلم‪« :‬كل ما یفرض و ینسب إىل‬ ‫ي‬ ‫تقس�ی�م‬ ‫لیس إ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الوجود ّإما ممكن أو واجب أو ممتنع» إ كأن یقال‪« :‬كل ما میكن أن یسمع فهو ّإما أن میتنع‬
‫أن یسمع لذاته‪ ،‬و ّإما أن میكن أن یسمع‪ ،‬و ّإما أن جیب أن یسمع لذاته!!»‬
‫ّ‬
‫أو یقال‪« :‬كل ما میكن أن تراه فهو ّإما أن جیب أن تراه لذاته‪ ،‬و ّإما أن میكن أن تراه‪ ،‬و ّإما‬
‫أن میتنع أن تراه لذاته!!»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الثالث املذك���ور إ كأن یقال للمخلوق‪ :‬كل ما تراه _‬ ‫ي‬ ‫وبالمل���ة لیس مرجع التقس�ی�م‬
‫ج‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وه���و منحصـ���ر بال���ذات يف االمتداد والع���دد‪ ،‬وال جتده وال ت���راه وال تعقل���ه إ حمتاجا إىل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫العل���ة‪ ،‬وقاب�ل�ا للوجود والعدم لذاته _ فهو ّإما قاب���ل للوجود والعدم لذاته‪ ،‬و ّإما غیر قابل‬
‫للعدم لذاته‪ ،‬و ّإما غیر قابل للوجود لذاته!!»‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«كل ما ّقدره عقل‪ ...‬فهو حمدود »‪.‬‬
‫((( (((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫مّ‬
‫(((‬
‫«إنا یعقل ما كان بصفة املخلوق ولیس اهلل كذلك»‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتوهم‬ ‫ّ‬
‫والتصو ر‬ ‫كی���ف میك���ن أن یعقل املخلوق حقیقة خارجة عن االمت���داد والعدد‬
‫ً‬
‫ذاتا ىّ‬
‫شء بنفسه‬ ‫ي‬ ‫إىل‬ ‫یلتفت‬ ‫أن‬ ‫میكن‬ ‫ال‬ ‫وهو‬ ‫معدومة‪،‬‬ ‫أو‬ ‫موجودة‬ ‫یفرضها‬ ‫أن‬ ‫میكنه‬ ‫حت‬
‫لاّ‬
‫إ يف العدد واالمتداد؟!‬
‫وكیف میكن مقایس���ة ذات ال تنس���ب إىل قبل وبعد والدوام والزوال والزمان واملكان‬
‫ّ‬
‫امتدادي قابل للوجود والعدم وأن يكون له مثل وشبيه‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .3‬حبار األنوار‪ ،69 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪422‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الثان له؟! ّ‬
‫فإن املقایس���ة‬ ‫ّ‬ ‫و‪ ...‬م���ع الوج���ود والعدم((( ىّ‬
‫حت حیك���م بوجوب األول وامتناع ي‬
‫طرفی‪ ،‬فهو تعبیر آخر عن اإلمكان‪،‬‬‫ن‬ ‫مع الوجود والعدم‪ ،‬فرع جواز النس���بة واملقایس���ة إیل‬
‫ً‬
‫وعلی���ه فینحصـر وجود أقس���امهم الثالثة باملمكن‪ ،‬وحینئذ فكیف یكون اإلمكان قس���ما‬
‫ً‬ ‫من املقس���م الذي هو اإلمكان بعینه؟! وكیف ّ‬
‫یعد الوجوب واالمتناع قس���ما من املقس���م‬
‫الذي یكون هو نفس اإلمكان يف احلقیقة‪.‬‬
‫إن قلت‪ّ :‬إن ّ‬
‫صحة النسبة فرع جواز النسبة باإلمكان ّ‬
‫العام فال إشكال‪،‬‬
‫القضية‪ ،‬وهو یرجع من جهة ّ‬
‫املادة ال حمالة ّإما إیل ممكنة‬ ‫ّ‬ ‫قلت‪ :‬اإلمكان ّ‬
‫العام هو جهة‬
‫خاصة كقولنا‪« :‬اإلنسان موجود باإلمكان ّ‬
‫العام» و ّإما إیل الوجوب كقولنا‪« :‬اهلل موجود‬ ‫ّ‬
‫الع���ام»‪ ،‬وحی���ث إنهّ م فرض���وا الذات املفروضة ف املقس���م ّمما یعق���ل و ّ‬
‫یتصو ر‬ ‫ّ‬ ‫باإلم���كان‬
‫ي‬
‫و یعرف بنفسه‪ ،‬فیعود املحذور‪.‬‬
‫قضیة تكون ّ‬
‫مادهتا‬ ‫یعبـر هبا عن ّ‬
‫العام قد ّ‬ ‫القضیة ّ‬
‫املوجهة باإلمكان ّ‬ ‫ّ‬ ‫توضیح ذلك‪ّ :‬إن‬
‫هي الضـرورة كقولنا‪« :‬اإلنسان حیوان باإلمكان ّ‬
‫العام»‪،‬‬
‫اص كقولنا‪« :‬اإلنس���ان كاتب‬ ‫قضیة تكون ّ‬
‫مادهتا هي اإلمكان خ‬
‫ال ّ‬ ‫یعبـ���ر هبا عن ّ‬
‫وق���د ّ‬
‫باإلمكان ّ‬
‫العام»‪.‬‬
‫ّ‬
‫قسما من املعقوالت واألشیاء الت میكن أن ّ‬ ‫ومع فرض أن یكون خ‬
‫یتوجه‬ ‫ي‬ ‫الالق تعاىل‬
‫قضیة «اهلل موجود» من‬‫إلهیا بنفس���ها وتنس���ب إىل الوجود والعدم‪ ،‬فال میكن أن تكون ّ‬
‫القسم ّ‬
‫األول‪.‬‬
‫شء س���وى اهلل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ب���ل األح���ق هو أن یقال إن الضـرورة عىل حقیقة‏معناها ال توجد يف ي‬
‫ّ‬
‫بكله من موارد الضـرورة بش���ـرط املحمول یّ‬
‫حت يف‬ ‫تعاىل‪ ،‬بل یكون ما س���وی اهلل تعایل‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مفصال‬ ‫الضـروري بنفس���ه‪ ،‬وللبحث عن ذلك‬ ‫والضـروري بش���ـرط هو غیر‬ ‫صفة الوجود‪،‬‬

‫ن‬
‫املؤمني؟ع؟ إىل هذا املعىن حيث يق���ول‪ ...:‬ووجوده إثباته‪( .‬حبار‬ ‫‪ .1‬و ميك���ن أن يكون قد أش���ار أمي���ر‬
‫األنوار‪.)253 / 4 ،‬‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪423‬‬

‫ً‬
‫جم���ال آخر‪ ،‬خالف���ا ملا ّیدعیه أصح���اب املعرفة البش���ـر ّیة‪ ،‬وذلك ّأن جتو ی���ز الوجود ّألیة‬
‫ً لاّ‬
‫ذات مفروضة الوجود بنفس���ها ال میكن مطلق���ا إ إذا كانت معقولة قابلة لاللتفات إلهیا‬
‫أیضا‪ ،‬وهذا هو معىن اإلمكان خ‬
‫ال ّ‬ ‫ً‬
‫اص ال‬ ‫بنفسها‪ ،‬وما كان كذلك فیجوز نسبته إىل العدم‬
‫شء _ یكون‬ ‫بوجود‬ ‫حاكمة‬ ‫ة‬ ‫العامة ف ّكل ّ‬
‫قضی‬ ‫اصة واملمكنة ّ‬ ‫العام‪ .‬ففرق املمكنة خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫یتصور و میكن أن ّ‬ ‫داخال ف دائرة ما یعقل و ّ‬ ‫ً‬
‫یتوجه إلیه بنفسه _‪ ،‬هو يف جهة‬ ‫ي‬ ‫الشء‬
‫ذلك ي‬
‫فقط ال ف ّ‬
‫مادهتما‪.‬‬ ‫تی ّ‬ ‫القضی ن‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫الالقوالتقولله جبواز العدم؟!‬ ‫فإنقلت‪:‬مفاتصنعأنتبنفساإلشكالحیثحتكمبوجود خ‬
‫مّ‬ ‫ّ‬
‫لشء میكن أن یلتفت إلیه بنفسه‬ ‫أقول‪ :‬إن اإلشكال إنا نشأ من جهة فرض الوجود ي‬
‫فإن يف ه���ذه الصورة حیث ال میكن فرض‬ ‫و یع���رف و یعلم بذاته‪ّ ،‬مث نس���بته إىل الوجود؛ ّ‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫عددیا‪ ،‬فیلزم أن یكون تقس�ی�م املفروض إىل الواجب‬ ‫امتدادیا‬ ‫بتصوره‬ ‫لشء إ‬‫الوجود ي‬
‫الشء إىل نفس���ه وغیره‪ ،‬وحنن يف فس���حة عن ورود اإلشكال‪،‬‬ ‫واملمكن واملمتنع تقس�ی�م ي‬
‫ّ‬
‫وتعقلها بنفس���ها‪ ،‬ىّ‬ ‫یتقدمه ّ‬ ‫الالق ال ّ‬ ‫ألن حمكن���ا بوج���ود خ‬ ‫ّ‬
‫حت‬ ‫التوجه إىل الذات املتعالیة‬
‫ًّ‬
‫امتدادیا‬ ‫یدخل بذلك يف ما یدخل فیه غیره ّمما یتس���اوى له الوجود والعدم‪ ،‬و یلزم كونه‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عددیا جائزا علیه الوجود والعدم‪ ،‬بل نقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(ولعله هو ّ‬
‫س���ـر ما قاله موالنا الرضا؟ع؟ ‪ :‬كل معروف بنفس���ه‬ ‫ّإن كل ما یعرف بنفس���ه‬
‫مصن���وع((() و میك���ن أن یلتفت إلیه و ینس���ب إىل الوج���ود‪ _ ،‬وهو الذي جیوز أن ینس���ب‬
‫ً‬
‫حمتاج���ا إىل خ‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫الالق يف وجوده‪ ،‬وما یكون هبذه‬ ‫عددیا‬ ‫امتدادیا‬ ‫إىل الع���دم أیض���ا _ یكون‬
‫ّ‬
‫شء بخ الف األشیاء كلها‪ ،‬متعال‬ ‫األوصاف فیكش���ف حبدوثه وس���نخ وجوده عن وجود ي‬
‫التص���ور بذاته وعن قبول الوج���ود والعدم‪ ،‬حبیث یكون فرض العدم بالنس���بة إلیه‬ ‫ّ‬ ‫ع���ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫مستحیال بالذات‪ّ ،‬‬
‫املتجز ية‪.‬‬ ‫االمتدادیة‬ ‫فإن جواز العدم ال جیري إ عىل سنخ الذات‬
‫ً‬
‫شء میكن النظر واال لتفات إلیه ّأوال وبالذات‬ ‫ن‬
‫وبالمله ففرق واضح بی أن ننظر إىل ي‬ ‫ج‬

‫ونف التشبيه؛ حبار األنوار‪.228 / 4 ،‬‬


‫‪ .1‬التوحيد‪ ،35 ،‬باب التوحيد ي‬
‫‪424‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫نقسمه وحنكم عىل بعض أقسامه بالوجوب وعىل اآلخر ین باإلمكان‪ _ ،‬بل باالمتداد‬ ‫ّمث ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫عددیا ممكنا‬ ‫امتدادی���ا‬ ‫وبی أن ننظر إلی���ه فنعلم ّأنه ال یكون إ‬
‫أیضا _‪ ،‬ن‬ ‫وغی���ر االمت���داد‬
‫لاّ‬ ‫بأن ّكل ذل���ك خملوق ّ‬ ‫ً‬
‫جائ���زا علی���ه الوج���ود والع���دم‪ّ ،‬مث ّ‬
‫نقر ّ‬
‫بإیاد‬
‫ج‬ ‫متجزئ ال یوج���د إ‬
‫همّ‬ ‫ومالف له‪ ،‬میتنع ّ‬ ‫خالق مبائن معه خ‬
‫تصوره وتو ه ومعرفته بنفس���ه‪ ،‬و یستحیل النظر إلیه‬
‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫امتدادي‬ ‫بأن كل‬ ‫ّأوال وبال���ذات‪ ،‬ب���ل طر یق التصدیق به لیس إ من جهة حكم العقل‬
‫ّ‬
‫خملوق وكل خملوق حیتاج إىل خالق بخ الفه ومن هاهنا نقول‪:‬‬
‫باطال إیضا ّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬
‫ألنه لیس‬ ‫النقیضی» یكون‬ ‫ّإن التمثیل لـ «املمتنع الوجود» بـ ‪« :‬اجتماع‬
‫النقیضی موضوع يف عرض املمكن‪ ،‬بل موضوع ذلك هو نفس املمكن الوجود‬ ‫ن‬ ‫الجتماع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫امتدادیا ممكن���ا‪ّ ،‬مث حنكم علیه ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫بأن���ه يف حال وجوده میتن���ع أن یكون‬ ‫ب���أن نف���رض ش���یئا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وف حال عدمه ال میكن أن یكون موجودا؛‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬‫معدوما‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املتصو ر الذي حیكم العقل‬ ‫االمت���دادي املمكن‬ ‫ف�ل�ا یكون موضوع ذلك إ املوجود‬
‫ّ‬
‫باس���تحالة اجتماع وجوده مع عدمه‪ ،‬ال موضوع مس���تقل عن املمكن‪ ،‬فهو حكم جدید‬
‫ّ‬
‫عیل املمكن‪ ،‬ال موضوع جدید يف عرض ممكن الوجود‪ ،‬فال یثلث به املقسم‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن شـر یك الباري لو تعقلناه‬ ‫یصح‬ ‫كما ّأن املثال لذلك بـ «ش���ـر یك الباري» ال‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ذاتا ّ‬‫ً‬ ‫ً‬
‫تصح نسبته إىل الوجود والعدم‪ ،‬فال یكون إ ممكنا‪ ،‬واحلكم بامتناعه‬ ‫شیئا وفرضناه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لذات���ه حینئ���ذ ّأول ال���كالم بل هو حم���ل املنع‪ ،‬ولذا ت���رى ضعف أدلهتم _ ب���ل بطالهنا _‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫عىل امتناع وجود الش���ـر یك للمعبود تعایل مطلقا‪ ،‬ولیس ذلك إ من حیث أنهّ م فرضوا‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫الشـر یك ّأوال ذاتا قابلة للمقایسة مع الوجود والعدم _ وهو املمكن ال غیر _ ّمث ّمسوه ممتنعا‪،‬‬
‫فوقعوا يف حیص وبیص من حیث طلهبم الدلیل عىل إثبات امتناع املمكن بالذات!‬
‫ّ‬ ‫تصو رهم الباطل من حقیقة واجهبم ّ‬
‫وأما عیل مبین املعرفة احلقة‬ ‫ه���ذا ّكل���ه عیل مبین ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتصو ر‬ ‫يف اهلل تع���ایل فاحلك���م بامتن���اع وجود ش���ـر یكه ال یكون عیل موضوع مس���تقل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫والتوهم قابال للمعرفة واال لتفات إلیه ّأوال وبالذات‪ ،‬بل هو أیضا حكم واحد من األحكام‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪425‬‬

‫املنزهة عن االمتداد‬ ‫ّ‬


‫والتوهم ّ‬ ‫ّ‬
‫التصور‬ ‫ّ‬
‫العقلیة املحكوم هبا عیل الذات املتعالیة عن‬ ‫الكثیرة‬
‫واألجزاء والعدد‪.‬‬
‫ً‬
‫بل إن مل یكن ذلك حمكا عیل امتناع ثان لنفس موضوع الباري تعایل بعینه‪ ،‬مل یكن‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫أجنبیا عن مسألة وحدة الباري‪ ،‬فال یثلث املقسم بذلك أیضا‪.‬‬ ‫دلیال عیل التوحيد‪ ،‬وكان‬
‫أیضا عىل بطالن التقسمی املذكور هو تعبیرهم فیه عن خ‬ ‫ً‬
‫املتعال‬
‫ي‬ ‫الق‬‫ال‬ ‫ومن الش���واهد‬
‫شء أو عدم‬ ‫ّ‬
‫عن قبول الوجود والعدم بـ «الواجب الوجود»‪ ،‬فإن احلكم بوجوب وجود ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وجوب���ه ع�ل�ی طر یقهتم ال میك���ن إ بعد إمكان فرضه جم ّردا عن الوج���ود والعدم ّأوال‪ّ ،‬مث‬
‫احلكم علیه بوجوب الوجود أو غیره‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫(الشء)‬
‫ي‬ ‫فرضه‬ ‫میكن‬ ‫فكیف‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫ء‬ ‫الش‬
‫ي‬ ‫عىل‬ ‫زائدا‬ ‫فالوجود املفروض وجوبه لیس إ‬
‫ّ ً‬
‫دا عن���ه (الوجود) ف مرحلة ىّ‬
‫(الشء) يف‬
‫ي‬ ‫له‬ ‫(الوجود)‬ ‫ذلك‬ ‫بوجوب‬ ‫علیه‬ ‫حیكم‬ ‫حت‬ ‫ي‬ ‫جم���ر‬
‫عی فرض ّأنه نفسه حمال بالضـرورة‪.‬‬ ‫فإن سلب الشء عن نفسه ف ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫مرحلة أخری؟! ّ‬

‫احلل ّقدس اهلل روحه‪:‬‬ ‫قال العلاّ مة ّ ّ‬


‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتي»‪.‬‬
‫(((‬
‫«‪ ...‬والتشكك في النسب الممتنع تحققه في‬
‫الالق‬‫ومن لطائف ما یشتمل علیه البـرهان الذي أقامته مدرسة الوحي إل ثبات وجود خ‬
‫املتع���ال‪ ،‬هو ّأنه ال یش���یر إىل اهلل تعاىل إلاّ بعد إیص���ال خ‬
‫اللق إىل مرحلة املعرفة ّ‬
‫بأن اهلل‬
‫جل وعال ال میكن أن یلتفت إلیه بنفسه‪ ،‬وال یطلب منه قبل اال لتفات إیل خ‬ ‫ّ‬
‫اللق اإل قرار‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بوجود خ‬
‫الالق تعایل أصال‪ ،‬خالفا للمعرفة البشـر ّیة حیث تقول‪« :‬ال ر یب ّأن هناك شیئا‬
‫ّ‬
‫اإلهلي اإل قرار بوجود‬ ‫فهو ّإما واجب أو ممكن»‪ ،...‬بل ال تطلب مدرس���ة الوحي والبـرهان‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الالق تعایل من أحد إ بعد تعلیمه ّأن كل ما یعرف و یعقل بنفسه فهو خملوق مصنوع‪،‬‬ ‫خ‬
‫یتصور بذاته ومتعال عن جواز‬ ‫وال ّبد لكم من اإل قرار بوجود شء هو خالف ما یعقل و ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫نسبته إىل الوجود والعدم املتقابلی بالذات‪.‬‬
‫‪ .1‬كشف املراد يف شـرح جتر يد االعتقاد‪.26 ،‬‬
‫‪426‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ ً‬
‫إهلي وهي معجزة‬ ‫یكف إل ثبات ّأن معارف أهل البیت؟مهع؟ علم ّ‬ ‫ا‬ ‫وه���ذا أمر جلیل جد‬
‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬
‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫<س ْب َ‬
‫اهلل ع ّما َي ِصفون‏‪ِ .‬إلا ِعباد ِ‬
‫اهلل ال ُمخلصين>‪.‬‏‬ ‫ِ‬ ‫بنفسها ُ‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ولكن���ا ّ‬
‫ضل من قبلنا ّ‬‫ّ‬ ‫« ل���و ّأنا ّ‬
‫ببینة من ّربنا‬
‫حدثنا ّ‬ ‫حدثن���ا بـرأینا ضللنا كمن‬
‫(((‬ ‫لنبیه؟ص؟ ّ‬
‫فبینه لنا»‪.‬‬ ‫ّبیهنا ّ‬

‫الفلس�ف��)‪ّ :‬إن إبطال التسلسل يف‬ ‫يّ‬ ‫اإلش���كال الس���ابع (عیل بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫ّ‬ ‫علة ومعلوالً ف بـرهاهنم لیس مفاده إلاّ تخ صیص ّ‬ ‫ّ‬
‫كلیة قانون العل ّیة‬ ‫ي‬ ‫السلسلة املفروضة‬
‫شء من األشیاء‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫دون ّ‬
‫واقعي میكن الوصول إلیه و یصح أن یكون بذلك املالك ي‬ ‫أي مالك‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫یبتن البـرهان؟!‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫فعىل‬ ‫التخصیص‬ ‫هذا‬ ‫جواز‬ ‫ومع‬ ‫ة‪،‬‬ ‫العل‬ ‫عن‬ ‫مستغنیا‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫متعارضتی بدوا عند العقل ومها‪:‬‬ ‫قاعدتی‬ ‫توضیح ذلك‪ّ :‬أن هاهنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألف) ّإن كل معلول حیتاج إىل علة‪،‬‬
‫ً‬
‫متناهی���ا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تصورته أو غیر متناه (و إن‬ ‫ب) كل موج���ود عن���دي فهو متحقق يف األجزاء _‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫متجزئ فهو خملوق معلول‪،‬‬ ‫وكل ّ‬ ‫الثان مهنما _ أي غیر املتناهي _ ومها)‪،‬‬ ‫كان ي‬
‫كلیة القاعدة األویل وتخ صیصها بغیره تعایل یكون‬ ‫ف���إن إخ���راج اهلل تبارك وتعایل عن ّ‬ ‫ّ‬
‫همّ‬ ‫صیصا بغیر خم ّصص عند من یكون ّكل ما ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫واضحا وتخ‬ ‫ً‬
‫یتصو ره و یتو ه و حیتمل‬ ‫تناقض���ا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املتجز ية‬ ‫االمتدادیة‬ ‫وج���وده و میكن أن یلتف���ت إلیه ّأوال وبال���ذات منحصـرا يف احلقیق���ة‬
‫ّ لاّ‬
‫الالق‪ ،‬وال میكن أن یخ رج عن هذا ج‬
‫الهل املركب إ هبدایة من‬ ‫العددی���ة املحتاج���ة إىل خ‬ ‫ّ‬
‫ال تدركه األبصار وهو یدرك األبصار‪.‬‬
‫ن‬ ‫الهل فهو معذور ف رؤ یة التناق���ض ن‬ ‫ً‬
‫القاعدتی‬ ‫بی‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ه���ذا‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫باقیا‬ ‫وم���ادام املخل���وق‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫املذكورتی و یكون تكلیفه باملعرفة يف هذه احلالة تكلیفا له مبا ال یطاق‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،172/2 ،‬عن بصائر الدرجات‪.‬‬


‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪427‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫الدال بالدلیل علیه‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫واملؤدي باملعرفة إلیه»‪.‬‬ ‫«هو‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ألب عبد اهلل؟ع؟ ه���ل جعل يف الن���اس أداة ینالون هب���ا املعرفة؟ قال‪:‬‬ ‫«قل���ت ي‬
‫َُّ َ َْ ً‬ ‫َ ّ ُ َ َ ْ ً َّ‬
‫ال‪ّ ،‬إن عىل اهلل البیان <لا ُيك ِلف ا ّلل ُه نفسا ِإلا ُو ْس َعها>‪< ،‬لا ُيك ِلف ا ّلل ُه نفسا‬
‫َّ‬
‫(((‬
‫ِإلا ما آتاها>»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«مل یكلف اهلل العباد املعرفة‪ ،‬ومل جیعل هلم إلهیا سبیال»‪.‬‬
‫ف���إن املمكن حمتاج‬‫وم���ا یق���ال م���ن ّأن���ه‪« :‬ال ّبد من اإل ق���رار بوج���ود موجود لذات���ه‪ّ ،‬‬
‫والتسلسل باطل»‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فهو تعبیر آخر عن التخصیص املذكور‪ ،‬و یكون اعترافا بورود اإلشكال ولیس جوابا عنه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّن‬ ‫ّ‬
‫شء من األشیاء غیر حمتاج إىل العلة وخارجا‬ ‫حیث إنه مل یبی فهیا مالك یصح أن یكون به ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫العل ّیة‪ ،‬وما مل ّ ن‬ ‫عن ّ‬
‫یبی ذاك املالك فال میكن اإل قرار بوجود موجود بنفسه أبدا‪.‬‬ ‫كلیة قاعدة‬
‫ّ‬
‫أجنب ع���ن بیان مالك كون‬ ‫وحكم العقل باس���تحالة التسلس���ل أمر صحی���ح ّ‬
‫ولكنه‬
‫ي‬
‫ً‬
‫موجودا بنفس���ه‪ ،‬فال یرتفع به التعارض املتراىئ بینه ن‬
‫وبی حكم العقل باستحالة‬ ‫الشء‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تخ صیص كلیة العلیة بال مصص‪.‬‬
‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫یقولون‪ّ :‬إن ذاك واجب وهذا ممكن‪ ،‬وذاك وجوده من نفسه وهذا من غیره‪ ،‬وذاك علة‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫بالتخصص ال‬ ‫وهذا معلول‪ ،‬ذاك كان دامئا وهذا مل یكن ّمث كان‪ ،‬فخروج الواجب یكون‬
‫بالتخصیص‪ ،‬كما نقلوا عن مستشكل‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫والمعلولیة لوجب أن نثبت هلل أیضا‬ ‫«إن أثبتنا للعالم إله ��ا علی مقتضـی قانون العل ّیة‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬إثبات اهلداة‪ ،53 / 1 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ 222 / 5 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪428‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫علة»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّمث أجابوا عن إشكاله بقوهلم‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«لی���س من الصحیح أن نقول ّإن كل موج ��ود یطلب علة‪ ،‬بل الصحیح هو ّأن كل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حادث له علة‪ ،‬یعني كل ما لم یكن فوجد یلزم أن تكون له علة بالضـرورة»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن ّ‬
‫بی العلة واملعلول باالسم‪ ،‬و یكون تخ صیصا‬ ‫ونقول‪ :‬بل یكون قولكم هذا صـرف التفرقة‬
‫ّ‬ ‫للقاع���دة دون إرائة ّ‬
‫ال�ش��ء غیر املحتاج إیل العلة عن‬
‫ي‬ ‫ّ‬
‫واقعي للس���ائل لتمییزه‬ ‫أي مالك‬
‫ً‬
‫املحتاج الهیا‪ ،‬وما دممت مل تعطوه ذاك املالك ال یفیدكم شیئا‪ ،‬عیل ّأن يف فلسفتكم لیس‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫شء عندكم قدمی!‬ ‫ي‬ ‫وكل‬ ‫العامل‬ ‫بل‬ ‫‪،‬‬ ‫أصال‬ ‫وللشء الذي مل یكن ّمث كان‬
‫ي‬ ‫للحدوث معین‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫البش���ـرية بـرهان���ا إلثبات‬ ‫خالص���ة اإلش���كاالت ال���واردة على ما زعم���ه أصح���اب المعرفة‬
‫واجبهم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�ت�� أقیمت يف‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫األدل‬ ‫یبت�ن�� عىل إبطال التسلس���ل مع ّأن‬
‫ي‬ ‫األول‪ّ :‬إن بـرهاهن���م ذل���ك‬
‫املعرفة البشـر ّیة إلبطال التسلسل عقیمة‪.‬‬
‫ً ّ ّ‬
‫فإن تأخر وجود املعلول‬ ‫الثان‪ :‬ال دلیل ألصحاب املعرفة البشـر ّیة عىل بطالن الدور أیضا‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حقیق فال مانع من اعتبار عكسه‪،‬‬ ‫يّ‬ ‫اعتباري غیر‬ ‫املجامع وجوده مع عدمه عن العلة‪ ،‬أمر‬
‫ّ‬ ‫تقدم الشء عىل نفسه املحال ىّ‬ ‫وال یلزم من ذلك ّ‬
‫حت یستدل بذلك عىل بطالن الدور‪.‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬ال دلیل ألصحاب املعرفة البشـر ّیة عىل بطالن فرض كون ممكن علة‬
‫ّ‬
‫ُ‬
‫وجوده َ‬
‫عدمه‪،‬‬ ‫لآلخ���ر وعیل العكس‪ ،‬وذلك كما ّقدمناه م���ن ّأن العل ّیة للممكن املجامع‬
‫إی ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتباري صـرف‪ ،‬بل متناقض‪،‬‬‫ّ‬ ‫يّ‬
‫احلقیق‪ ،‬بل هي أمر‬ ‫ادیة للمعدوم‬ ‫حقیقیة ج‬ ‫لیست عل ّیة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فال مانع من كون كل مهنما علة لآلخر بتعاكس االعتبار‪.‬‬

‫ّ‬
‫املطهري‪،‬‏‪.926 / 6‬‬ ‫‪ . 1‬جمموعة‏آثار‬
‫ّ‬
‫املطهري‪،‬‏‪.926 / 6‬‬ ‫‪ . 2‬جمموعة‏آثار‬
‫ناكمإلاو بوجولا ناهرـب دقن‬ ‫‪429‬‬

‫ً‬ ‫نتیجة للبـرهان املذكور ن‬‫ً‬ ‫الثالث‪ّ :‬إن ن‬


‫وبی ما یكون مشتمال علیه البـرهان‬ ‫بی ما یطلب‬
‫واضحا وذلك ّأنه یطلب مهنا بالنتیجة إثبات ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الت تكون‬ ‫ي‬ ‫العلیا‬ ‫املرتبة‬ ‫أن‬ ‫هتافتا‬ ‫بنفسه یكون‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫أشد ّمما حتهتا مبراتب ال متناهیة هي احلقیقة الواجبة (كما ّأن الفلسفة القدمیة أیضا تقول‬
‫ّ‬ ‫بأن املمكنات تكون بأسـرها قدمیة ّ‬ ‫ّ‬
‫أزلیة فیكون قبل وجود كل ممكن ممكن آخر وهكذا)؛‬
‫مع ّأن البـرهان یقول بنفسه‪ّ :‬إنه ال میكن أن تكون األ فراد أو املراتب الذاهبة إىل فوق‬
‫لاّ‬
‫ال متناهیة و إ یلزم التسلسل‪.‬‬
‫ً‬ ‫مضافا إىل ّأن السلسلة املفروضة تكون ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫عددیة‪ ،‬فالالمتناهي منتف فهیا ثبوتا‪،‬‬ ‫هذا كله‬
‫ً‬
‫واملطلوب يف البـرهان املذكور یستحیل وجوده موضوعا‪.‬‬
‫ً‬
‫مفن الواضح ّأن إبطال التسلسل ما مل یكن مستلزما حلدوث األشیاء بعد عدمها املطلق _‬
‫شیئا ف إثبات خ‬ ‫ً‬
‫الالق تعاىل‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كما ّأن أصحاب املعرفة البشـر ّیة ال یرون بیهنما مالزمة _ فال یفید‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن كل ممكن حیتاج إىل‬ ‫وبعبارة أخرى‪ّ :‬إن املستدل ببـرهان الوجوب واإلمكان یقول‪:‬‬
‫ّ‬
‫علة» وهذا القول ال یوافق اعتقادهم بقدم املمكن‪ ،‬بل تس���میة املفروض يف هذه احلالة‬
‫فإن احتیاج هذا املمكن املفروض إىل غیره من‬ ‫ب���ـ «املمك���ن» جمازفة إن مل تكن خمادعة‪ّ ،‬‬
‫ً ًّ‬
‫أزلیا‪.‬‬ ‫حیث إمكانه‪ ،‬معارض بعدم احتیاجه إىل غیره من حیث كونه قدمیا‬
‫ًّ‬ ‫مّ‬
‫أزلیا عندهم‪،‬‬ ‫وال تغفل عن ّأن اإلشكال إنا نشأ من أصل بطالن فرض كون املمكن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫و إ مفن عرف ّأن املمكن ال یكون إ حادثا فال تناقض عنده أصال‪.‬‬
‫الرابع‪ّ :‬إن النتیجة احلاصلة من البـرهان املذكور ال یكون هلا كثیر فائدة‪ ،‬بل ال فائدة هلا‬
‫ً‬
‫أصال‪ّ ،‬‬
‫شء ما ولو كان ذلك هو الدهر ونفس العامل‪ ،‬کما هو اعتقاد‬ ‫ي‬ ‫بوجوب‬ ‫لتزام‬ ‫اال‬ ‫فإن‬
‫ن‬
‫القائلی بقدم العامل واألدوار واأل كوار‪.‬‬ ‫ی‬ ‫مجیع الدهر ّی ن‬

‫الالق تعایل تكون نقطة بدئه غیر ما یفیده هذا‬ ‫وعىل هذا فالبحث عن إثبات وجود خ‬
‫ًّ‬ ‫وأما هذا البـرهان _ ىّ‬ ‫ً‬
‫شیئا _ ّ‬
‫تاما يف نفسه _ فلیس‬ ‫حت مع فرض أن یكون‬ ‫البـرهان _ إن أفاد‬
‫ً‬ ‫فضال عن أن یكون _ ولو ّ‬ ‫ً‬
‫بأمت تقار یره _ بـرهانا ش���ـر یفا أو‬ ‫ن‬
‫البـراهی‪،‬‬ ‫فیه ّأیة فائدة تفیدها‬
‫‪430‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫البـراهی!‬ ‫أشـرف‬
‫ف�ل�ا من���اص ألصحاب املعرفة البش���ـر ّیة م���ن اإل ق���رار بعجزهم عن إثب���ات واجهبم‪،‬‬
‫القائلی حبدوث العامل‪ ،‬وامتناع قدم املمكن‪ ،‬وبطالن الالمتناهي‪،‬‬ ‫ن‬ ‫والتس���لمی ألهل ّ‬
‫احلق‬
‫ً‬
‫واستحالة التسلسل مطلقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫املخلوقی هو نفس ما جیوز علیه العدم أیضا و یكون‬ ‫الخ امس‪ّ :‬إن ما جیوز وجوده عند‬
‫متجز ًیا فینحصـر ذلك باملمكن الوجود وال ّ‬
‫یصح تقس�ی�م معقوهلم إىل «املمكن»‬ ‫امتدادی ًا ّ‬
‫ّ‬
‫و»الواجب» و»املمتنع»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلمكانیة»‪ ،‬ال یستقمی‬ ‫«یب وجود واجب وراء املوجودات‬ ‫السادس‪ّ :‬إن قوهلم بأنه‪ :‬ج‬
‫م���ع اعتقادهم ّ‬
‫ب���أن‪« :‬الواجب هو املرتبة املش���تملة عىل مجیع مراتب الوج���ود الواقعة يف‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫حیطهتا‪ّ ،‬‬
‫املتحد معها عینا وخارجا»‪.‬‬
‫«تعدد وجود الواجب» و»وحدة‬ ‫السابع‪ :‬لقائل أن یستنتج من نفس البـرهان املذكور ّ‬
‫ّ‬ ‫وج���ود املمك���ن»‪ ،‬وذلك بأن یقول‪ّ :‬‬
‫«إن وجود املرتبة الال متناهیة معلل بوجود مراتب ال‬
‫ّ‬
‫متناهیة حتهتا‪ ،‬وهذه املراتب املحدودة الضعیفة هي علة لوجود املرتبة الال متناهیة‪ ،‬وحیث‬
‫ّ‬
‫معلل بوج���ود املراتب الضعیفة‪ّ ،‬‬ ‫ّإن وج���ود ّ‬
‫متقوم هب���ا‪ ،‬فهو ممكن‪ ،‬واملراتب‬ ‫أش���د املراتب‬
‫ّ‬
‫الضعیفة هي الواجبات املتكثرة الال متناهیة!!»‬
‫حقیقة األشیاء‬
‫‪432‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ‬ ‫ُ‬
‫▪ ترى املعرفة البش���ـر ّیة حقیقة الوجود واحدة بس���یطة مطلقة‪ ،‬وهي عندهم‬
‫ّ‬
‫حقیقة ذات الخ الق املتعال‪ ،‬متجلیة مبختلف الصور واألحوال‪،‬‬
‫ً‬
‫▪ وترى األشیاء أوهاما وخیاالت و‪...‬‬
‫▪ ولك���ن العق���ل والبـره���ان والضـ���رورة والكتاب والس���نة ّ‬
‫یش���دد النكیر عىل‬
‫ن ّ‬
‫ّ‬
‫الش���یئیة بال فرق‬ ‫ن‬
‫ش���یئی حبقیق���ة‬ ‫ع�ی�� أنه ی���رى الخ الق والخ لق‬ ‫وف‬‫ذل���ك ي‬
‫ب�ی�� الخ الق واملخل���وق یقول‪ّ :‬إن ما س���وى الخ الق تعایل هي أش���یاء‬
‫ف ذل���ك ن‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫مبش���یته و إرادت���ه جل وعال ال بنفس ذاته‬ ‫بإیاده تعاىل‪ ،‬قامئ‬
‫ملوقة موجودة ج‬
‫وأما اهلل تبارك وتعاىل هو املوجود بنفسه ّ‬ ‫ّ‬
‫املقدسة املتعالیة‪ّ ،‬‬
‫الغن عن غیره‪،‬‬ ‫ي‬
‫و إلیك تفصیل البحث عن ذلك‪:‬‬
‫ءایشألا ةقیقح‬ ‫‪433‬‬

‫ّ‬
‫وتشمها وتلمسها؟!‬ ‫وبی یدیك أشیاء تراها وتسمعها وتذوقها‬ ‫ما ترى ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ألیس���ت أش���كاال وأزواجا‪ ،‬أش���باها وأضدادا‪ ،‬أجزاء وأبعاضا‪ ،‬صغارا وكب���ارا‪ ،‬امتدادا‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬
‫مقدرا ومس���خرا؟! قابلة للز یادة والنقصان‪ ،‬وجائزا علهیا الوجود والعدم؟!‬ ‫ومتغیرا؟!‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن املخلوق أجوف معتمل مركب لألشیاء فیه مدخل»‪.‬‬
‫«واألجسام قامئة بأعیاهنا‪ ،‬كاحلجر واحلدید»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهل لك أن ترى األش���یاء‪ ،‬حقیقة واحدة غیر ّ‬


‫شء‪،‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫یة‬ ‫س���ار‬ ‫بة‬ ‫مرك‬ ‫متجز ية وال‬
‫ً‬
‫وت���رى األش���كال واألضداد واألبعاض واألج���زاء و‪ ...‬أوهاما وخی���االت؟!! أم هل لك أن‬
‫تراه���انف���سحقیق���هالوج���ود‪،‬وحقائ���قغی���رقابل���هللع���دملذاهت���ا؟!‬
‫یقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُُ َ ْ‬ ‫َ َ َ َّ ُ ُ َّ ً‬
‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َََ‬
‫ين‬
‫���ن الي ِم ِ‬ ‫<أ ول���م ي���روا ِإلى‏ ما خل���ق اهلل ِمن ش���ي ٍ‏ء يتفيؤا س���جدا ِلله ِظلاله ع ِ‬
‫ُ‬ ‫َّ‬
‫(((‬
‫داخ ُرون>‪.‬‬
‫مائ ِل‏ َوه ْم‏ ِ‬ ‫َوالش ِ‬
‫داب ُ‬
‫وه َو َعلى‏ َج ْم ِع ِه ْم‬
‫َ‬
‫فيهما ِم ْن ّ ةٍ‬
‫َ َّ‬ ‫وال َأ ْ‬
‫ْ‬ ‫<وم ْن آياتهِ َخ ْل ُق َّ‬
‫ِ‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫وما‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫الس ِ‬
‫ماوات‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬

‫الكاف‪،‬‏‪.110 / 1‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫معان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،184 / 10 ،‬عن‬
‫‪ . 3‬النحل (‪.48 ،)16‬‬
‫‪434‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شاء َق ٌ‬
‫دير>‪.‬‬
‫(((‬ ‫إذا َي ُ‬
‫ِ‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫«فطورا ختاهلم نصاری يف أش���یاء وطورا دهر ّیة‪ ،‬یقولون‪ّ :‬إن األش���یاء عىل غیر‬
‫(((‬
‫احلقیقة»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل وم���ن الخ لق‪،‬‬ ‫ألب احلس���ن؟ع؟ ‪ :‬أخبـ���ر ين عن اإلرادة م���ن اهلل‬ ‫«قل���ت ي‬
‫وأما من‬ ‫فق���ال‪ :‬اإلرادة م���ن الخ لق الضمیر وما یب���دو له بعد ذلك من الفع���ل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫یروي وال ّ‬ ‫ألن���ه ال ّ‬‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫هی���م وال یتفكر‪،‬‬ ‫ع���ز وج���ل فإرادت���ه إحداثه ال غی���ر ذلك‪،‬‬ ‫اهلل‬
‫منفیة عنه‪ ،‬وهي من صفات الخ لق ف���إرادة اهلل هي الفعل ال‬ ‫وه���ذه الصفات ّ‬
‫ّ‬
‫غی���ر ذلك‪ ،‬یقول له‪‘‘ :‬كن’’ فیكون بال لفظ وال نطق بلس���ان وال ّمهة وال تفكر‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وال كیف لذلك كما أنه بال كیف»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«قال يل أبو جعفر؟ع؟ ‪ :‬إنه كان يف ما مىض قوم تركوا علم ما وكلوا به وطلبوا علم‬
‫وجل ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ما ّكفوه ىّ‬
‫فتحیروا‪ .‬فإن كان الرجل لیدعی‬ ‫حت انهتى كالمهم إىل اهلل عز‬
‫(((‬
‫بی یدیه»‪.‬‬‫بی یدیه فیجیب من خلفه‪ ،‬ویدعى من خلفه فیجیب من ن‬ ‫من ن‬

‫مفا أعظم إعجاز اختالف املراتب _ عند الفیلسوف _ واالختالف باالعتبار واألوهام _‬
‫ّ‬
‫املتجز ية الالمتناهیة ذات‬ ‫عند العارف _ حیث یصبح هبما حقیقة الوجود البس���یطة غیر‬
‫ّ‬
‫وتلیات وأجزاء وأبعاض ومقادیر!!‬
‫ألوان ج‬
‫و إن أنت ّ‬
‫مغتر بش���عر كالمهم ومعجب بسحر بیاهنم فاستمع ملا یلىق إلیك من الوحي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫املبی عىل لسان الشهداء عىل خ‬
‫ن‬
‫أمجعی ردعا عن ذلك كله‪:‬‬ ‫اللق‬

‫‪ . 1‬الشوری (‪.29 ،)42‬‬


‫‪ . 2‬االحتجاج‪.89 /2 ،‬‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪272 ،‬؛ عنه حبار األنوار‪.314 / 74 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.456 ،‬‬
‫ءایشألا ةقیقح‬ ‫‪435‬‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«ف���اهلل تب���ارك وتع���اىل ف���رد واحد ال ث���ان مع���ه یقیم���ه وال یعض���ده وال ّ‬
‫یكنه‪،‬‬ ‫ي‬
‫مّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫ومش���یته‪ ،‬و إنا اختل���ف الناس يف هذا‬ ‫والخ ل���ق میس���ك بعضه بعضا بإذن اهلل‬
‫وحتیروا وطلب���وا الخ الص من الظلم���ة بالظلمة يف وصفهم‬ ‫الباب ح�ّت�ىّ تاهوا ّ‬
‫ً‬ ‫اهلل بصفة أنفسهم فازدادوا من ّ‬
‫احلق بعدا‪.‬‬
‫ن‬ ‫ّ ّ‬
‫املخلوقی بصفاهت���م لقالوا بالفهم‬ ‫عز وجل بصفات���ه ووصفوا‬ ‫ول���و وصف���وا اهلل‬
‫والیق�ی�� ومل���ا اختلفوا‪ ،‬فلم���ا طلبوا من ذلك م���ا ّ‬
‫حتیروا فیه ارتبك���وا فیه‪ ،‬واهلل‬ ‫ن‬
‫هیدي من یشاء إىل صـراط مستقمی‪.‬‬
‫ّ‬ ‫قال عمران‪ :‬یا ّ‬
‫س���یدي‪ ،‬أش���هد أنه كما وصفت ولكن بقیت يل مسالة‪ .‬قال‪:‬‬
‫شء هو؟ وه���ل حییط به‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫س���ل عم���ا أردت‪ ،‬قال‪ :‬أس���ئلك عن احلك�ی�م يف أي ي‬
‫شء؟‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬أو به حاجة إىل ي‬ ‫شء إىل ي‬ ‫شء؟ وهل یتحول من ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫ق���ال الرضا؟ع؟ ‪ :‬أخبـرك یا عمران فاعقل ما س���ألت عنه فإنه من أغمض ما‬
‫املخلوقی يف مس���ائلهم‪ ،‬ولیس یفهمه املتفاوت عقله العازب حلمه‬ ‫ن‬ ‫یرد عىل‬
‫وال یعجز عن فهمه أولوا العقل املنصفون‪.‬‬
‫ّأم���ا ّأول ذل���ك فلو كان خلق ما خلق حلاجة منه جل���از لقائل أن یقول‪ّ :‬‬
‫یتحول‬
‫ً‬ ‫ّ ّ ّ‬
‫عز وجل مل خیلق ش���یئا حلاجة ومل یزل‬ ‫إىل م���ا خل���ق حلاجته إىل ذل���ك‪ ،‬ولكنه‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫شء إ ّأن الخ ل���ق میس���ك بعض���ه بعض���ا ویدخ���ل‬ ‫ي‬ ‫ع�ل�ى‬ ‫وال‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ف‬
‫ي ي‬ ‫ال‬ ‫ثابت���ا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫بعضه يف بعض ویرج منه‪ ،‬واهلل جل وتقدس بقدرته میسك ذلك كله‪ .‬ولیس‬
‫شء وال یخ���رج من���ه وال ی���ؤوده حفظ���ه وال یعج���ز ع���ن إمس���ا كه‪.‬‬
‫یدخ���ل يف ي‬
‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬
‫عز وجل ومن اطلعه علیه من رسله‬ ‫وال یعرف أحد من الخ لق كیف ذلك إ اهلل‬
‫مّ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫واملستحفظی من ّ‬ ‫وأهل ّ‬
‫القامئی بشـر یعته‪ ،‬و إنا أمره كلمح‬ ‫سـره وخزانه‬ ‫س���ـره‬
‫ّ‬ ‫ً مّ‬
‫مبش���یته و إرادته‪،‬‬ ‫البصـر أو هو أقرب إذا ش���اء ش���یئا فإنا یقول له‪ :‬كن‪ ،‬فیكون‬
‫‪436‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شء‪.‬‬ ‫شء أبعد منه م���ن ي‬ ‫شء وال ي‬


‫شء م���ن خلق���ه أق���رب إلی���ه م���ن ي‬‫ولی���س ي‬
‫س���یدي ق���د فهمت‪ ،‬وأش���هد ّأن اهلل عىل ما‬
‫أفهم���ت ی���ا عمران؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬یا ّ‬
‫ً‬ ‫دا عبده املبعوث باهلدى ودین ّ‬
‫احلق‪ّ .‬مث ّ‬ ‫ّ ّ ً‬ ‫وصفته ّ‬
‫خر س���اجدا‬ ‫ووحدته وأن حمم‬
‫حنو القبلة وأسلم‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫املتجز ية‪ ،‬طو یلة‪ ،‬عر یضة‪ ،‬ثقیلة‪،‬‬ ‫كیف میكن أن تصبح حقیقة الوجود البس���یطة غیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫خفیف���ة‪ّ ،‬‬
‫ح���ارة‪ ،‬ب���اردة‪ّ ،‬‬
‫متحركة‪ ،‬س���اكنة‪ ،‬أضدادا وأش���كاال وأزواجا؟! ألیس���ت املرتبة‬
‫الشدیدة واجدة للضعیفة عندهم وأ كثر؟! وهم ّ‬
‫مصـرحون بقوهلم‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن الواجب لذاته تمام كل شيء‪ّ (((.‬إن تمام الشيء هو الشيء وما یفضل علیه!!»‬
‫(((‬ ‫ّ‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫أمیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء بلطف تدبی���ره موضعه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫«فق���در م���ا خلق فأحكم تقدی���ره‪ ،‬ووض���ع‬
‫شء حم���دود منزلته ومل یقصـ���ر دون االنهتاء إىل‬ ‫ّ‬
‫ووجه���ه جبه���ة فلم یبلغ منه ي‬
‫مسه‪ ،‬وال‬ ‫باملض إىل إرادته‪ ،‬بال معاناة للغوب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مش���یته‪ ،‬ومل یس���تصعب إذ أمر‬
‫ي‬
‫فمت خلقه وأذعن لطاعته‪...‬‬ ‫مكائدة ملخالف له عىل أمره‪ّ .‬‬
‫ّ‬ ‫وهنى مع���امل حدودها‪ ،‬وال مئ بقدرته ن‬ ‫فأقام من األش���یاء أودها‪ّ ،‬‬
‫متضاداهتا‪،‬‬ ‫بی‬
‫ً‬
‫وفرقها أجناسا خمتلفات يف األ قدار‬ ‫بی ألواهنا‪ّ ،‬‬ ‫ووصل أسباب قرائهنا وخالف ن‬
‫والغرائز واهلیئات‪ ،‬بدایا خال ئق أحكم صنعها‪ ،‬وفطرها عىل ما أراد وابتدعها‪...‬‬
‫اللیل بتبائن أعضاء خلقه‪ ،‬وبتالحم أحقاق‬ ‫شبه ّربنا ج‬‫أیهّ ا السائل؛ إعلم ّأن من ّ‬
‫ّ‬
‫مفاصله���م املحتجبة بتدبیر حمكته أنه مل یعقد غیب ضمیره عىل معرفته‪ ،‬ومل‬
‫ّ‬ ‫ن ّ‬
‫ن‬
‫املتبوعی‪،‬‬ ‫ن‬
‫التابعی عن‬ ‫كأنه مل یسمع ّ‬
‫بتبـر ي‬ ‫الیقی بأنه ال ّند له‪،‬‬ ‫یشاهد قلبه‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.439 ،‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.277 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.269 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ءایشألا ةقیقح‬ ‫‪437‬‬

‫َُ ّ ُ‬ ‫ك َّنا َلفي َض َلال ُ‬‫ُ‬ ‫َ‬


‫الم ِی َن>‪.(((.‬‬
‫الع َ‬
‫یكم ب َـر ّب َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ین ِإذ نس ِو‬
‫ٍ‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ِ‬ ‫اهلل‬
‫ِ‬ ‫<ت‬ ‫وهم یقولون‪:‬‬
‫بشء فقد عدل ب���ه‪ ،‬والعادل به كافر مب���ا نزلت به حممكات‬ ‫ّ‬
‫مفن س���اوى ربن���ا ي‬
‫آیات���ه‪ ،‬ونطقت به ش���واهد حج���ج ّبیناته‪ ،‬الذي ّملا ش�ّب�هّ ه العادل���ون بالخ لق‬
‫املبع���ض املح���دود يف صفات���ه‪ ،‬ذي األ قطار والنواح���ي املختلف���ة يف طبقاته‪،‬‬ ‫ّ‬
‫وج���ل املوج���ود بنفس���ه ال بأدات���ه‪ ،‬انتىف أن یك���ون قدروه ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ح���ق قدره‬ ‫وكان ع���ز‬
‫وارتفاع���ا عن قی���اس ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املقدر ین له‬ ‫فق���ال تنز هیا لنفس���ه عن مش���اركة األنداد‬
‫ًَ َ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫<وما ق َد ُر وا الل���ه َح ّق ق ْد ِرهِ َوال���أ ْرض َجميعا ق ْبض ُت ُه‬ ‫باحلدود من كف���رة العباد‪:‬‬
‫(((‬
‫ون>‪.‬‬‫حان ُه َو َتعالى‏ َع َّما ُي ْشر ُك َ‬
‫ُْ َ‬
‫مينهِ سب‬ ‫ُ ْ َ ٌ‬
‫السماوات َمط ِو ّيات ِب َي ِ‬
‫يامةِ َو َّ‬ ‫َي ْو َم ْال ِق َ‬
‫ِ‬
‫وبی معرفته ّ‬ ‫فاتبعه لیوصل بین���ك ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وائمت به‪،‬‬ ‫مفا دل���ك القرآن علیه من صفته‬
‫واس���تض بنور هدایت���ه‪ ،‬فإنهّ ا نعمة وحمك���ة أوتیهتا فخذ م���ا أوتیت وكن من‬ ‫ئ‬
‫ّ‬
‫الش���ا كر ین‪ .‬وما دلك علیه الش���یطان ّمما لیس يف الق���رآن علیك فرضه وال يف‬
‫وجل ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫س���نة الرس���ول ّ‬
‫‪،‬فإن ذلك منهتى‬ ‫وأمئة اهلدى أثره فكل علمه إىل اهلل ع���ز‬
‫(((‬
‫حق اهلل علیك»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«تع���اىل ّ‬
‫املح���ددون من صفات األ ق���دار وهنایات األ قط���ار وتأثل‬ ‫عما ینحله‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فاحل���د لخ لقه مضـ���روب‪ ،‬و إىل غیره منس���وب‪،‬‬ ‫املس���ا كن‪ ،‬ومتك���ن األما ك���ن‪.‬‬
‫مل خیل���ق األش���یاء م���ن أص���ول ّ‬
‫أزلیة‪ ،‬وال م���ن أوائ���ل ّ‬
‫أبدیة‪ ،‬بل خل���ق ما خلق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫لشء منه امتناع‪ ،‬وال له‬
‫فأقام حده‪ ،‬وصور ما صور فأحس���ن صورته‪ ،‬لی���س ي‬
‫(((‬
‫شء انتفاع»‪.‬‬ ‫بطاعة ي‬

‫‪ . 1‬الشعراء (‪.98 _ 97 ،)26‬‬


‫‪ . 2‬الزمر (‪.67 ،)39‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،277 _ 276 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،307 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرفانیة الضالة‬ ‫الوحدة‬
‫‪440‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪441‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّإن ما سوى النور ّ‬


‫شء هلو املسخر‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫املتعال عن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫السـرمدي‬ ‫القدوس األز ّيل القدمی‬
‫ومشیته؛ الفان بإفنائه‪ ،‬فكیف میكن ّ‬
‫التفوه بوحدة وجود الوجود‬ ‫ّ‬ ‫بإیاده‬
‫بإرادته؛ املوجود ج‬
‫ي‬
‫الالق واملخلوق؟!‬‫وعینیة ذات خ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫وكیف ّ‬
‫ّ‬
‫والعرفانیة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫الفلسفیة‬ ‫اإلهلیة بالوحدة االعتبار ّیة‬
‫احلقة ّ‬ ‫یصح تأو یل معىن الوحدة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والقول ّ‬
‫املتجز ية املتكثرة بالوجدان والضـرورة؟!!‬ ‫املتعالیة مع األشیاء املتبائنة‬ ‫بعینیة الذات‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ع�ی�� وحدته؟! و یصب���ح الواحد األحد‬ ‫وكثیرا ف ن‬
‫ي‬ ‫كثرت���ه!!‬ ‫واح���دا ف ن‬
‫عی‬ ‫ي‬ ‫ح�ّت�ىّ یكون‬
‫ّ ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫ومتجز یا مبا ال یتناهی م���ن املراتب واألجزاء؟!!‬ ‫الف���رد الصم���د واحدا باالعتبار‪ ،‬ومتكث���را‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫هل اعتبارك الشء ال بش���ـرط جیعل ّ‬
‫واقعیة وجوده مطلقا ال بش���ـرط‪ ،‬وخارجا عن‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫العینیة والكیفیات الواقعیة؟! یقول اإلمام الصادق؟ع؟ يف شأن اللعی الرجمی‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫األجزاء‬
‫(((‬ ‫أقر مع معصیته لر ّبه بـر ّ‬
‫بوبیته»‪.‬‬ ‫العدو الذي ذكرت‪ ...‬قد ّ‬ ‫«إن هذا ّ‬ ‫ّ‬

‫شء ممتنعة _ كما یقوله العارف والفیلسوف _ وال میكن‬ ‫إن كانت خلقة األشیاء ال من ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫والتجل والظه���ور أو بتعبیر أصـرح عىل حنو‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫والتول‬ ‫الصدور‬ ‫حن���و‬ ‫عىل‬ ‫تفس���یر وجودها إ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتغیر‪ ،‬مفن الذي یعذبه اهلل تعاىل بظلمه عىل نفسه وغیره‪،‬‬ ‫االستحالة والتبعیض والتجزئة‬
‫الاطئة ّ‬ ‫اإلهلیة إىل األوهام واأل فكار خ‬ ‫احلقة ّ‬ ‫ّ‬
‫الترابیة؟!‬ ‫وضاللته و إضالله الناس عن املعارف‬
‫ّ ُ ُُ ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ُ َ َّ‬
‫ى َن ْح ُن أ ْب ُ‬
‫ناء اهلل َوأ ِح َّب ُاؤ ُه ق ْل ف ِل َم ُي َع ِذ ُبك ْم ِبذن ِوبك ْم‬ ‫النصار ‏‬ ‫<وقال ِت اليهود و‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،168 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪442‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َ ْ ُ ْ َ َ ٌ َّ ْ َ َ َ َ ْ ُ َ ْ َ ُ َ ُ َ ّ ُ َ ْ َ ُ َ ُ ْ ُ‬
‫بل أنتم بشر ِممن خلق يغ ِفر ِلمن يشاء ويع ِذب من يشاء و ِلله ملك الس ِ‬
‫ماوات‬
‫َ ْ‬ ‫َْ‬
‫(((‬
‫َوالأ ْر ِض َوما َب ْي َن ُهما ِوإل ْيهِ ال َمصير>‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وقد تعترف الفلسفة‪:‬‬
‫ّ‬
‫والس���نة ّأن اهلل تعاىل ال‬ ‫ّ‬
‫الضـ���روري الثابت بالضـرورة م���ن الكتاب‬ ‫ّ‬
‫«إن م���ن‬
‫يقض باحلدوث‪،‬‬
‫ي‬ ‫يوصف بصفة األجس���ام‪ ،‬وال ينع���ت بنعوت املمكنات ّمم���ا‬
‫ويالزم الفقر واحلاجة»‪.‬‬
‫(((‬

‫الالق‪ ،‬وروابط بالنسبة‬‫عي وجود خ‬‫وللسائل أن يسأل‪ :‬إذا كانت املوجودات عندكم ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ضـ���روري ما يدل عليه‬ ‫إلي���ه غي���ر خارجة عنه‪ ،‬فكيف ميكن اال لت���زام مبا تعتـرفون ّأن من‬
‫الكتاب والسنة هو ّأنه تعاىل ال يوصف بصفة األجسام‪ ،‬وال ينعت بنعوت املمكنات ؟!‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتغير باألطوار واألحوال‬ ‫جل وعال ال تكون قابلة ّ‬
‫للتطور‬ ‫البدهیي ّأن ذات اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّإن من‬
‫بتطو ر ذات اهلل تعاىل‬‫والش���ؤون املختلفة‪ ،‬ولكن املعرفة البش���ـر ّية مبتنية عىل االعتق���اد ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫كتاب هناية‬
‫وعينية وجود الالق واملخلوق خالفا للعقل وضـرور يات األديان‪ ،‬وترى يف ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بأن ّ‬‫احلمك���ة وبدایهتا الق���ول ّ‬
‫بالتط���ور ال بالتأثیر‬ ‫تقدم الوجود ع�ل�ى الوجود مطلقا یكون‬
‫واإلیاد! كما ّأن فهيما‪:‬‬‫ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«تق���دم الوجود على الوجود فهو ّ‬
‫ّ‬
‫بالعلية إذ ليس بينهما تأثير وتأثر‬ ‫تقدم آخر غير ما‬
‫مفعولية بل حكمهما حكم ش ��يء واحد له ش ��ؤون وأطوار وله ّ‬
‫تطور‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬
‫فاعلية وال‬
‫من طور إلى طور»‪.‬‬
‫(((‬

‫لي���س لذات اهلل تعاىل وعلمه داخل وخارج و إمجال وتفصيل‪ ،‬والقول بذلك موهون‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ّ ً‬
‫الكتاب�ي��خالف���الضـ���رورةالعق���لوالوح���ي‪:‬‬‫ج���دابلتناقضواض���حولك���نت���رى يف‬

‫‪ . 1‬املائدة (‪.19 ،)5‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.411/1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.226 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪443‬‬

‫ًّ‬ ‫ً‬
‫إجماليا في عين‬ ‫بناء على ما س ��يجي‏ء من ّأن ل ��ه تعالى علم ��ا‬
‫«وكالواج���ب تعال���ى ً‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫التفصيلي»‪.‬‬ ‫الكشف‬
‫ًّ‬ ‫ً‬
‫تفصيليا في‬ ‫«فما سواه من شيء فهو معلوم له تعالى في مرتبة ذاته المتعالية علما‬
‫وأما ّ‬ ‫ًّ‬
‫الماد ّية‬ ‫المجردة منها فبأنفسها ّ‬
‫ّ‬ ‫إجماليا في عين التفصيل‪ّ ...‬أما‬ ‫عين اإلجمال و‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫إجمالي في‬ ‫م���ر ّأن للواجب تعالى علما‪ ...‬وأنه علم‬ ‫المجردة‪ّ .‬‬
‫فتبين بما ّ‬ ‫ّ‬ ‫فبصوره���ا‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫التفصيلي ّ‬
‫ّ‬
‫تفصيليا بما سوى ذاته من الموجودات‬ ‫وأن له تعالى علما‬ ‫عين الكشف‬
‫ً‬
‫ف���ي مرتب���ة ذواته���ا خارج���ا م���ن ال ��ذات المتعالي ��ة وه ��و العلم بع ��د اإليج ��اد»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫اإلمكانية كائنة ما كان ��ت‪ ...‬محاطة له بمعنى م ��ا ليس بخارج»‪.‬‬ ‫«الوج���ودات‬
‫«‪ ...‬يكش���ف بتفاصي���ل صفات���ه الت ��ي هي عي ��ن ذاته ّ‬
‫المقدس ��ة عن إجم ��ال ذاته‬
‫(((‬
‫كالواجب تعالى‪.»...‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«ولم���ا كان الواج���ب تعال���ى واح ��دا بس ��يطا م ��ن كل وج ��ه ال يتس� � ّـرب إليه جهة‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬ ‫كث���رة ال ّ‬
‫تفصيليا في عين‬ ‫وجودي وجدان ��ا‬ ‫خارجية واجدا لكل كم ��ال‬ ‫عقلي���ة وال‬
‫(((‬
‫اإلجمال»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫التفصيلي»‪.‬‬
‫(((‬
‫إجماليا في عين الكشف‬ ‫«فهو معلوم عنده علما‬
‫ّ‬
‫والس���نة ىّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حت تظه���ر قیمة ما قالت���ه العرفاء يف هذا‬ ‫فهلم���وا نت���ل نصوصا من الكتاب‬
‫املضمار‪:‬‬

‫حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.91 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.289 ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.301 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ن‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.308 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.315 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬بداية احلمكة‪.163 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.6‬‬
‫ي‬
‫‪444‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ْ َّ َ ْ َ َ ُ‬
‫���ة َو ُه ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫���ج ُد م���ا ف���ي َّ‬
‫<و ِلل���ه َي ْس ُ‬
‫���م ل���ا‬ ‫لائك‬ ‫���ماوات َوم���ا فِ���ي‏ ال���أ ْر ِ ‏‬
‫ض ِم���ن‏ داب���ةٍ والم ِ‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ْ‬
‫(((‬
‫َي ْس َتكبـرون‏>‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬
‫(((‬
‫«وال ینقلب شأنا بعد شأن»‪.‬‬
‫«مل حیلل فهیا فیقال‪ :‬هو فهیا كائن»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«متملك عىل األشیاء‪ ..‬قد خضعت له رواتب الصعاب يف حمل ختوم قرارها‪،‬‬
‫وأذعنت له رواصن األسباب يف منهتى شواهق أقطارها‪ ..،‬فال هلا حمیص عن‬
‫إدرا ك���ه ّإیاه���ا‪ ،‬وال خروج عن إحاطت���ه هبا‪ ،‬وال احتجاب ع���ن إحصائه هلا‪ ،‬وال‬
‫امتناع عن قدرته علهیا»‪.‬‬
‫(((‬

‫یتغی���ر حبال‪ ،‬وال ّ‬


‫یتبدل باألحوال‪ ،‬وال تبلیه اللیال واألیام وال ّ‬ ‫«وال ّ‬
‫یغیره الضیاء‬ ‫ي‬
‫بالوارح واألعضاء‪ ،‬وال بعرض من‬ ‫ب�ش��ء من األجزاء وال ج‬
‫والظالم‪ ،‬وال یوصف ي‬
‫ّ‬
‫األعراض‪ ،‬وال بالغیر ّیة واألبعاض‪ ...‬وال ّأن األشیاء حتویه فتقله أو هتویه(((‪ ،‬وال‬
‫ّأن األشیاء حتمله فیمیله ویعدله‪ ،‬لیس يف األشیاء بوالج‪ ،‬وال عهنا خبارج‪...،‬‬
‫(((‬
‫یقول ملا أراد كونه‪ :‬كن‪ ،‬فیكون»‪.‬‬
‫والعال‬
‫ي‬ ‫«وهو الظاهر علهیا بس���لطانه وعظمته‪ ،‬والباط���ن هلا بعلمه ومعرفته‪،‬‬
‫عىل ّكل شء مهنا جبالله ّ‬
‫وعزته‪ ،‬ال یعجزه مهنا طلبه‪ ،‬وال میتنع علیه فیغلبه‪،‬‬ ‫ي‬

‫‪ . 1‬النحل (‪.49 ،)16‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .5‬أن األش���ياء ال حتو يه فتقله أي ترفعه أو هتو يه أي جتعله هاو يا إىل جهة حتت‪( .‬ش���رح‏ هنج‏البالغة‬
‫أب احلدید‪.)83 /13 ،‬‬ ‫البن ي‬
‫‪ . 6‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،255 _ 254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪445‬‬

‫ّ‬
‫وال یفوت���ه الس���ـر یع مهنا فیس���بقه‪ ...‬خضعت األش���یاء له فذلت مس���تكینة‬
‫لعظمته‪ ،‬ال تس���تطیع اهلرب من س���لطانه إىل غیره فتمتنع من نفعه ّ‬
‫وضـره‪...‬‬
‫حت یصیر موجوده���ا كمفقودها‪ .‬ولیس فناء الدنیا‬ ‫هو املفن هل���ا بعد وجودها ىّ‬
‫ي‬
‫بع���د ابتداعه���ا بأعجب من إنش���اهئا واختراعها‪ ...‬بال قدرة مهن���ا كان ابتداء‬
‫خلقه���ا‪ ،‬وبغی���ر امتناع مهن���ا كان فناؤه���ا‪ّ ...‬مث هو یفنهیا بع���د تكویهنا‪ّ ...‬مث‬
‫یعیدها بعد الفناء من غیر حاجة منه إلهیا»‪.‬‬
‫(((‬

‫«خال ئق مر بوبون وعباد داخرون»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫(((‬
‫«تصعق األشیاء كلها من خیفته»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫شء فقد كفر»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫عىل‬ ‫أو‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي ي‬‫ف‬ ‫أو‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫من‬ ‫وجل‬ ‫«من زعم ّأن اهلل عز‬
‫ّ‬
‫خلفوا وراهئم مهناج الدین ّ‬
‫وزینوا ألنفس���هم الضالالت وأمرجوا أنفسهم‬ ‫«قد‬
‫ف الش���هوات‪ ،‬وزعموا ّأن الس���ماء خاویة ما فهیا شء ّمما یوصف‪ّ ،‬‬
‫وأن ّ‬
‫مدبـر‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫هذا العامل يف صورة املخلوقی‪ ...‬وأنه ال جنة وال نار وال بعث وال نشور‪ ،‬والقیامة‬
‫عندهم خروج الروح من قالبه وولوجه يف قالب آخر‪...‬‬
‫احلجة زاغوا ّ‬
‫وحادوا‬ ‫فلما سئلوا ّ‬‫فاستقبح مقالهتم ّكل الفرق ولعهنم ّكل األمم ّ‬
‫ّ‬
‫فك���ذب مقالهتم التوراة ولعهنم الفرقان وزعموا م���ع ذلك ّأن إهلهم ینتقل من‬
‫ّ ّ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫جرا جتري‬ ‫الت كانت يف آدم‪ ،‬مث هلم‬ ‫قالب إىل قالب‪ ،‬وأن األرواح األزلیة هي ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،256 _ 255 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،270 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،333 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪446‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫إىل یومن���ا ه���ذا يف واح���د بعد آخر‪ .‬ف���إذا كان الخ ال���ق يف ص���ورة املخلوق فبما‬
‫ّ‬
‫یستدل عىل ّأن أحدهم خالق صاحبه؟!‬
‫ّ‬
‫وقال���وا ّإن املال ئك���ة من ولد آدم‪ ،‬كل من صار يف أع�ل�ى درجة دیهنم خرج من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫منزل���ة االمتح���ان والتصفیة فهو ملك‪ ،‬فطورا ختاهلم نصاری يف أش���یاء وطورا‬
‫(((‬
‫دهر ّیة‪ ،‬یقولون‪ّ :‬إن األشیاء عىل غیر احلقیقة»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«استوىل عىل ما دق وجل»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫أجل ّأنه عال األشیاء بـركوب فوقها وقعود علهیا وتسنمّ‬ ‫ّ‬
‫«وأما الظاهر فلیس من‬
‫لذراها‪ ،‬ولكن ذلك لقهره وغلبته األش���یاء وقدرته علهیا كقول الرجل‪ :‬ظهرت‬
‫أعدائ‪ ،‬وأظهر ين اهلل عىل خصمي خیبـر عن الفلج والغلبة فهكذا ظهور‬ ‫ي‬ ‫عىل‬
‫اهلل عىل األشیاء‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املدبـر لكل ما یرى‪،‬‬ ‫شء‪ ،‬وأن���ه‬
‫ي‬ ‫علیه‬ ‫یخىف‬ ‫ال‬ ‫أراده‬ ‫ملن‬ ‫الظاه���ر‬ ‫ه‬‫أن‬ ‫ووج���ه آخر‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فأي ظاهر أظهر وأوضح أمرا من اهلل تبارك وتعاىل فإنك ال تعدم صنعته حیثما‬
‫توجهت وفیك من آثاره ما یغنیك‪ ،‬والظاهر ّمنا البارز بنفسه واملعلوم ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حبده»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«وأم���ا القاه���ر‪ ...‬فإنه لیس عىل ع�ل�اج ونصب‪ ...‬ولكن ذل���ك من اهلل تبارك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتع���اىل ع�ل�ى ّأن مجیع ما خلق ّ‬
‫متلب���س به الذل لفاعله وقل���ة االمتناع ملا أراد‬
‫ّ‬ ‫به مل خیرج منه طرفة ن‬
‫(((‬
‫عی غیر أنه یقول له‪ :‬كن‪ ،‬فیكون»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،177 _ 176 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،181 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،179 _ 178 / 4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار ‪ ،179 ،4‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪447‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬


‫شء‬‫شء لعزته‪ ،‬واستس���لم كل ي‬ ‫شء مللكت���ه‪ ،‬وذل كل ي‬ ‫«ال���ذي خض���ع كل ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء علمه‪،‬‬ ‫شء لس���لطانه وعظمت���ه‪ ،‬وأح���اط ب���كل ي‬ ‫لقدرت���ه وتواض���ع كل ي‬
‫(((‬
‫وأحصـى عدده‪ ،‬فال یؤوده كبیر‪ ،‬وال یعزب عنه صغیر»‪.‬‬
‫خ‬ ‫ً‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫«<ث َّم َخ َل َق َّ‬
‫ُ‬
‫ام>‪ ...‬وكان قادرا عىل أن یلقها‬ ‫ات َوالأرض فِي ِس���تةِ أی ٍ‬ ‫الس َ���م َو ِ‬
‫(((‬
‫عی»‪.‬‬‫ف طرفة ن‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتغیر من حال إىل ح���ال‪ ،‬وأنه جیري‬ ‫«وحی���ك كیف جتترئ ّأن تص���ف ّربك‬
‫ن‬
‫املخلوقی؟!»‬
‫(((‬
‫علیه ما جیري عىل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مش���تمال عىل ّ‬ ‫ً‬
‫والفلس���فیة وتصو یرهم مسألة‬ ‫العرفانیة‬ ‫املبان‬
‫ي‬ ‫أهم‬ ‫فننقل هاهنا كالما‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫خ‬
‫الت ال ترتبط يف واقع األمر مبسألة وحدة الباري جل وعال أصال‪ ،‬بل‬ ‫وحدة الالق تعایل ي‬
‫الالق ووحدته؛ ّمث نأخذ بالنقد علیه‬‫هو نفس الدلیل عىل وحدة الوجود و إنكار وجود خ‬
‫ً‬
‫إمجاال‪ ،‬وهو ما جاء يف تفسیر «املیزان» من قوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫«أطبق���ت البـراهین عل���ى ّأن وجود الواجب تعالى بما أن ��ه واجب لذاته مطلق غیر‬
‫مقید بقید وال مش� �ـروط بش� �ـرط‪ _ ،‬و إلاّ انعدم في م ��ا ورآء ّ‬
‫حده‬ ‫مح���دود ّ‬
‫بح���د وال ّ‬
‫ً‬
‫وبطل على تقدیر عدم قیده أو شـرطه وقد فرض واجبا لذاته‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫إطالقا ال ّ‬ ‫فهو واحد وحدة ال ّ‬
‫یتحمل تقییدا‪ .‬وقد ثبت أیضا‬ ‫یتصور لها ثان ومطلق‬
‫ّأن وج���ود ما س���واه أثر مجعول ل���ه ّ‬
‫وأن الفعل ضـ � ّ‬
‫�روري المس ��انخة لفاعله‪ ،‬فاألثر‬
‫لاّ ّ‬
‫تركبت ذاته من ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫حد‬ ‫الص���ادر منه واحد بوحدة حقة ظل ّی ��ة مطلق غیر محدود و إ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتیة إلى ذات فاعله‬ ‫ومحدود وتألفت من وجود وعدم وسـرت هذه المناقضة‬
‫ّ‬
‫لمكان المسانخة بین الفاعل وفعله‪ ،‬وقد فرض أنه واحد مطلق‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،263 / 4 ،‬عن العيون‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،318 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪131 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،347 / 10 ،‬االحتجاج‪.189 / 2 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪448‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫فالوج���ود الذي هو فیضه وأثره المجعول واح ��د غیر كثیر ومطلق غیر محدود وهو‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫فم���ا یترائى في الممكنات من جهات االختالف التي تقضي بالتحدید من النقص‬
‫والكمال والوجدان والفقدان عائدة إلى أنفسها دون جاعلها‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فال���ذي تفیضه العلة المفیضة من األثر واحد مطلق‪ ،‬لكن القوابل المختلفة تكثره‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫بإختالف ّ‬
‫قابلیتها‪ ...‬كالشمس التي تفیض نورا واحدا متشابه األجزاء لكن األجسام‬
‫تتصـرف فیه على حسب ما عندها من ّ‬
‫القوة واالستعداد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القابلة لنورها‬
‫واقعیة‪ ،‬فإن كان ما ّ‬
‫عد منش ��أ لها‬ ‫ّ‬ ‫فإن قلت‪ :‬ال ریب في ّأن هذه االختالفات أمور‬
‫وهمیة غیر ّ‬ ‫ً‬
‫أمورا ّ‬ ‫ّ‬
‫واقعیة لم یكن إلس ��ناد هذه األمور‬ ‫الماهیات واالس���تعدادات‬ ‫من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الواقعیة إلیها معنى ورجع األمر إلى الوجود الذي هو أثر الجاعل الحق وهو خالف‬
‫ً‬
‫وهمیة كانت من سنخ‬ ‫واقعیة غیر ّ‬
‫أمورا ّ‬ ‫ما ّادعیتموه من إطالق الفیض‪ ،‬و إن كانت‬
‫ً‬
‫الوجود الختصاص األصالة به‪ ،‬فكان االس ��تناد أیضا إلى فعله تعالى وثبت خالف‬
‫ّ‬
‫المدعى‪.‬‬
‫قل���ت‪ :‬ه���ذا النظ���ر یعی���د الجمی ��ع إل ��ى س ��نخ الوج ��ود الواح ��د وال یبق ��ى معه من‬
‫ظل ّي قائم بوجود واحد ّ‬ ‫ّ‬
‫أصلي وال یبقى‬ ‫االختالف أثر‪ ،‬بل یكون هناك وجود واحد‬
‫ّّ‬
‫لهذا البحث معه من االختالف أثر‪ ،‬بل یكون هناك وجود واحد ظلي قائم بوجود‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫واحد ّ‬
‫أصلي وال یبقى لهذا البحث على هذا محل أصال‪.‬‬
‫وبعب���ارة أخرى‪ :‬تقس���یم الموجود المطلق إلى ّ‬
‫ماهیة ووجود‪ ،‬وكذا تقس ��یمه إلى ما‬
‫وقسم األشیاء إلى ّ‬
‫ماهیة‬ ‫ّ‬
‫بالقوة وما بالفعل هو الذي أظهر الس ��لوب في نفس األمر ّ‬
‫ّ‬
‫وفعلیة تقابلها‪.‬‬ ‫ّ‬
‫للفعلیة‬ ‫للماهیة‪ ،‬وكذا إلى ّقوة فاقدة‬
‫ّ‬ ‫قابلة للوجود ووجود مقبول‬
‫ّ‬
‫وأم���ا إذا رجع الجمیع إل���ى الوجود الذي هو حقیقة واحدة مطلقة لم یبق للبحث‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫عن س���بب االختالف محل وعاد أثر الجاعل وهو الفیض واحدا مطلقا ال كثرة فیه‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪449‬‬

‫وال ّ‬
‫حد معه فافهم ذلك»‪.‬‬
‫(((‬

‫ونشیر إىل اإلشكاالت الواردة عىل الكالم املذكور يف النقاط التالیة‪:‬‬


‫الالق تعایل أو‬‫حت یوصف به خ‬ ‫عقلی ًا وال وجود ّ‬
‫عین له ىّ‬ ‫ً‬
‫أمرا ّ‬ ‫لاّ‬
‫‪ّ . 1‬إن اإلطالق لیس إ‬
‫ي‬
‫الشیئیة‪ ،‬ال ّأنه موجود ّ‬
‫ذهن‬ ‫ّ‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫غیره من املوجودات الواقعیة‪ .‬واهلل تعاىل هو ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ومه���ي؛ هذا كله إذا أر ید من اإلطالق هو اإلطالق يف مقابل التقیید _ كما‬ ‫اعتب���اري أو‬ ‫أو‬
‫وأما إذا أر ید منه اإلطالق يف مقابل التحدید _ وهو معىن عدم‬ ‫هو ظاهر الكالم املنقول _ ّ‬
‫التناه���ي يفالوج���ود_فبی���انبطالن���هق���دم�ض�ى يفأكث���رم���نموض���ع‪.‬‬
‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫‪« . 2‬اإلطالق والتقیید» و«التناهي وعدم التناهي» من ملكات املوجودات‬
‫ّ‬ ‫املخلوقة فال ینسب شء من ذلك إىل خ‬
‫املتعال عن االمتداد املبائن لألشیاء كلها‬
‫ي‬ ‫الالق‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫موضوعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ . 3‬الالمتناهي منتف ثبوتا ومستحیل الوجود موضوعا‪.‬‬
‫‪ . 4‬املوجود الذي حیكم بوجوب وجوده لعدم تناهیه يف الوجود‪ ،‬و میكن فرض عدمه‬
‫حده وعىل تقدیر عدم قیده وش���ـرطه هلو‬ ‫حمدودیت���ه وعدم وجوده ف ما ورآء ّ‬
‫ّ‬ ‫ع�ل�ى تقدیر‬
‫ي‬
‫املمك���ن بال���ذات‪ ،‬خ‬
‫والال���ق تعایل ه���و موجود میتنع ف���رض عدمه لذاته ال لع���دم تناهیه‬
‫الزء‬ ‫حمدودیته‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫و إم���كان انعدامه ف ما ورآء ّ‬
‫املتعال عن ج‬
‫ي‬ ‫فإنه املوجود‬ ‫حده عىل فرض‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والكل واالمتداد والعدد غیر القابل لالنتساب إىل العدم بالذات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ . 5‬ع���دم إم���كان ّ‬
‫تصو ر ثان للخالق جل وعال یكون م���ن ناحیة تعالیه عن االمتداد‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتجزي والتحدید‪ ،‬ال إلطالقه يف‬ ‫املتجزئة القابلة للتكثر‬ ‫والعدد وتباینه مع املوجودات‬
‫ّ‬ ‫الوج���ود وعدم تناهیه ف ال���ذات‪ّ ،‬‬
‫فإن احلقیقة الالمتناهیة ذات املراتب تكون مركبة من‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وجودیة ال متناهیة _ ً‬
‫بناء عىل مذهب أصحاب الفلسفة _ ومتشكلة من عدد ال‬ ‫مراتب‬
‫ّ‬
‫بناء عىل مسلك ّمدعي العرفان _ ومركبة عن أجزاء ال متناهیة _‬ ‫متناه من الصور املختلفة _ ً‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.77 _ 75 / 13 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪450‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫طابیة والشعر ّیة املغر یة‬ ‫ال ّ‬ ‫والتحرز عن إغفال الناس بالوجوه خ‬ ‫ّ‬ ‫یقض به االنصاف‬ ‫عىل ما‬
‫ي‬
‫احلقة الت ال تتثنىّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫صح أن ّ‬ ‫‏ـ‪ ،‬فإن ّ‬
‫ي‬ ‫بالوحدة‬ ‫واحدا‬ ‫بة‬ ‫املرك‬ ‫املعان‬
‫ي‬ ‫تسمى أمثال ذلك من‬
‫لاّ‬ ‫وال ّ‬
‫تتكرر‪ ،‬مفا هي إ مضاهئة لقول الذین خالفوا العقل والنقل من قبل‪:‬‬
‫ك ْم ما َأ ْن َز َل اهلل بها م ْن ُس ْلطان إنْ‬ ‫ْ َ َّ َ ْ ٌ َ َّ ْ ُ ُ َ ْ ُ ْ َ ُ ُ‬
‫ِ<إن ِهي ِإلا أس���ماء س���ميتموها أنتم‏ وآباؤ‬
‫ٍ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َّ َّ‬
‫الظ َّن َوما َت ْه َوى ْال َأ ْن ُف ُس َو َل َق ْد َ‬
‫(((‬
‫جاء ُه ْم ِم ْن َر ِّب ِه ُم ال ُهدى>‪.‬‬ ‫يت ِبعون ِإلا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء مقتضیا‬ ‫‪« . 6‬األ ثر املجعول» عند أصحاب الفلس���فة هو ما یفس���ـر بكون وجود ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫شء وعن قدرة‬ ‫ي‬ ‫م���ن‬ ‫ال‬ ‫آخر‬ ‫ش���یئا‬ ‫ء‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫اد‬ ‫بإی‬
‫ج‬ ‫موجودا‬ ‫شء آخ���ر‪ ،‬ال م���ا یكون‬ ‫لوج���ود ي‬
‫تام‪ ،‬فإنهّ م یقولون‪:‬‬ ‫واختیار ّ‬
‫«م���ن المبـرهن علیه ّأنه فاعل ّ‬
‫تام لمجموع ما س ��واه‪ ...‬فهو مبدء لما س ��واه‪ ،‬منبع‬
‫لكل خیر ورحمة بذاته‪ ،‬واقتضاء المبدأ لما هو مبدء له ض ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ـروري»‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا التفس���یر خمالف ملا یدل علیه العقل والنقل من ّأن اهلل تعاىل هو خالق األش���یاء‬
‫شء‪ ،‬وال يكون وجود األشیاء من مقتضیات ذاته وال مراتب وجوده أو‬ ‫وموجدها ال من ي‬
‫ً‬
‫صورا خمتلفة عن حقیقته‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫متعالیا‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫لكل‬ ‫مبائنا‬ ‫یكون‬ ‫أن‬ ‫إ‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫‪ . 7‬ال یلیق بالذي هو خالق‬
‫عددیة ّ‬‫امتدادیة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سبحانه وتعاىل‪ّ ،‬‬
‫متجزئة وبذلك تكون قابلة للوجود‬ ‫فإن األشیاء كلها ذوات‬
‫بی خ‬‫جل وعال یكون عىل خالف ذلك ّكله‪ ،‬فالقول بضـرورة املسانخ ة ن‬ ‫ّ‬ ‫والعدم‪ ،‬خ‬
‫الالق‬ ‫والالق‬
‫الطأ‪.‬‬‫بی اهلل تعاىل وخلقه من أوضح خ‬ ‫الفاعل املختار وفعله‪ ،‬واالعتقاد بوجوب التسانخ ن‬
‫‪ . 8‬الق���ول ّ‬
‫بتعدد املوجود املطلق غیر املحدود (الص���ادر واملصدر)‪ .‬من الغرائب وهم‬
‫یعترف���ون بامتناع ذلك بأعىل أصواهتم‪ ،‬بل هو نفس دلیلهم عىل وحدة الوجود واحنصار‬
‫الوجود عىل زعمهم بوجود واجهبم‪.‬‬

‫‪ . 1‬النجم (‪.24 ،)53‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.46 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪451‬‬

‫ّ‬
‫‪ . 9‬الذات غیر املمتنعة عن التركب لذاهتا _ بل بش���ـرط عدم تناههیا ووحدة الصادر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتیة إلهیا ولو‬ ‫عهنا وعدم تألفها من وجود وعدم و‪ _ ...‬وهي القابلة لسـر یان املناقضة‬
‫عىل بعض التقادیر املمكنة فهو الواجب املشـروط ال الواجب لذاته كما قلناه‪.‬‬
‫ًّ ًّ‬
‫الواقعیة بألفاظ شعر ّیة‬
‫ّ‬ ‫عقلیا فال یناسبه التعبیر عن احلقائق‬ ‫‪ . 10‬إذا كان البحث بـرهانیا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت تلزم مهنا املحاالت‪.‬‬‫ووجوه خطابیة _ كالوحدة احلقة الظلیة _ ي‬
‫‪ . 11‬جهات اختالف املمكنات راجعة إىل إرادة منشهئا وخالقها الذي خلقها وأنشأها‬
‫ال من شء‪ ،‬وال معىن إلرجاع ذلك إىل أنفس���ها واختالف قابلیاهتا واس���تعداداهتا‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ي‬
‫شء لیس له وجود سابق‪،‬‬ ‫ّ‬
‫استعداد الىشء متفرع عىل وجوده السابق‪ ،‬واملخلوق ال من ي‬
‫واستعداده _ كأصل وجوده _ ینسب إىل موجده ال نفسه‪ ،‬و إن كانت الفلسفة والعرفان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫البدهییة من بدو تولدمها إىل اآلن‪.‬‬ ‫مل تخ ضعا هلذه احلقیقة الواضحة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وم���ا مث���ل به لذلك من إفاضة الش���مس نورا واحدا متش���ابه األجزاء عىل األجس���ام‬
‫فإن وجود األشیاء القابلة للنور ال تنسب ّ‬
‫قابلیاهتا ال إىل‬ ‫ّ‬
‫القابلیة ال یناسب املقام‪ّ ،‬‬ ‫املختلفة‬
‫شء‪.‬‬ ‫الشمس وال إىل أنفسها‪ ،‬بل تنسب إىل خالقها وموجدها ال من ي‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫مبعدا عن معرفة‬ ‫‪ . 12‬التمثیل بالشمس وكون نورها واحدا متشابه األجزاء إن مل یكن‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫یقرب مهنا شیئا‪ ،‬بل التمثیل بذلك یؤ ّید ما ّبی ّناه مرارا عدیدة من عدم إمكان فرار‬ ‫اهلل فال ّ‬
‫الال���ق تعایل وفیضه الصادر عهنا‬ ‫أصح���اب الفلس���فة والعرفان من اال لتزام بكون ذات خ‬
‫ً‬
‫تصـرحیا ّ‬ ‫وتطو رات‪ّ .‬‬‫عددیة ذات أجزاء وأبعاض ّ‬ ‫ّ‬
‫بأن النور و إن‬ ‫فإن يف ذلك‬ ‫عندهم حقیقة‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّمسي حقیقة واحدة بسیطة ّ‬
‫ولكنه یكون مركبا ذا مراتب خمتلفة‪ ،‬ومتشكال من أجزاء متشاهبة‪.‬‬
‫ّ‬
‫واملاهیة مب���ا ّقرروه باطل‬ ‫‪ . 13‬الق���ول بإصال���ة الوجود بل وتصو یرهم مس���ألة الوجود‬
‫ً‬
‫موضوعا‪ .‬بل األنسب مبا یر یدونه من مسألة أصالة الوجود هو أن یقال يف تصو یرها‪:‬‬
‫والواقعیات هل هي حقیقة حمضة ال متناهیة موجودة بذاهتا‬ ‫ّ‬ ‫ّإن م���ا ن���راه من احلقائق‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫املتحصصة باحلصص املختلفة واملتجلیة بالصور املتبائنة أزال‬ ‫غیر قابلة للعدم مطلقا‪ ،‬هي‬
‫‪452‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬


‫الذهنیة املنتزعة من صور تل���ك احلقیقة‪ ،‬فال خالق‪ ،‬وال‬ ‫واملاهیات هي احل���دود‬ ‫وأب���دا‪،‬‬
‫خمل���وق‪ ،‬وال جاع���ل‪ ،‬وال جمع���ول‪ ،‬وال حادث‪ ،‬وال حمدث‪ (((.‬أم لیس���ت هي نفس حقیقة‬
‫لاّ‬ ‫ىّ‬
‫حقیقیة خملوقة ج‬
‫بإیاد خالقها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫إیادها‪ ،‬بل إن هي إ أش���یاء‬‫الوجود حت میتنع خلقها و ج‬
‫(((‬
‫وهي قابلة للوجود والعدم لذاهتا؟‬
‫ولنعم ما قيل‪:‬‬
‫«الماهية قد تطلق على ما يقال في جواب ‘‘ما هو؟’’ وقد تطلق على ما به الشيء‬ ‫ّ‬

‫يعبـر عنه بـ‬ ‫الماهية بالمعن ��ى ّ‬


‫األول الذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫هو ه���و بالفعل‪ ،‬والموجود في الذهن هو‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫أيض���ا‪ّ ،‬‬
‫ي الخارج‪ ،‬وما ذكر‬‫الماهي ��ة بالمعنى الثاني فال توجد إ ف� � ‏‬ ‫وأما‬ ‫‘‘األش���باح’’‬
‫الماهية بالمعنى الثاني ال ّ‬
‫األول‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫[من اآلثار كإحراق النار] من لوازم‬
‫ّ‬
‫خارجي‪ ،‬كما‬ ‫وم���ن ق���ال بأصالة الوج���ود إن كان م ��راده ّأن الوج ��ود له مص ��داق‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫الماهية‪ ،‬وكونه ��ا أيضا‬ ‫ومصداق���ا ّ‬
‫ذهني ��ا من غي ��ر أن ينف ��ي أصال ��ة‬ ‫ّأن ل���ه مفهوم���ا‬

‫ن‬
‫الباحثي‬ ‫املاهية‪ ،‬و إن مل ّ‬
‫يتنبه إىل ذلك كثير من‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 1‬وهذا هو حقیقة مذهب أصالة الوجود واعتبار ية‬
‫واملفن�ي�� عمرهم يف ذلك‪ .‬فتنزل عىل أس���اس هذه النظر ّية‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫الفان�ي�� يف دراس���ة الفلس���فة والعرفان‪،‬‬
‫ً‬
‫مسألة أن يخ لق اهلل تعاىل شيئا ال من شـيء أو يعدمها و ميحو رمسها عن صفحة الوجود _ وهو أساس‬
‫ما تخ ضع لديه العقول وترمسه لنا األديان _ منزلة األساطير املوهومة!‬
‫بإياد خالقها‪،‬‬ ‫‪ .2‬واعلم ّأنه إذا قلنا بكون األشياء حقائق واقعية قابلة للوجود والعدم لذاهتا خ‬
‫وملوقة ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الت‬‫بطالن القول بأصالة الوج���ود‪ ،‬يدل عىل بطالن القول بأصال���ة املاهية ي‬ ‫فمك���ا يدل ذلك ع�ل�ى‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫تصورها لنا الفلسفة أيضا‪.‬‬
‫الت قد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وذلك أن املاهية ال تكون عىل هذا املسلك احلق هي احلدود املنتزعة عن حقيقة الوجود ي‬
‫ّ‬
‫املاهية عىل هذا الوجه يكون بنفس���ه من‬ ‫ال ّ‬
‫ارجية‪ ،‬بل تعر يف‬ ‫ف���رض أصالته وه���ي غير اهلو ّيات خ‬
‫املحرف عن‬ ‫املاهية عىل هذا التعر يف َّ‬
‫ّ‬ ‫متفرعات القول بأصالة الوجود‪ ،‬فكيف ميكن القول بأصالة‬ ‫ّ‬
‫حقيقة معناه؟‬
‫تخ ّ‬
‫والعجب ّممن يزعم ّأنه ميكنه القول بأصالة الوجود مع إمكان لصه عن االعتقاد بوحدة الوجود‪،‬‬
‫ّ‬ ‫واالحتراز عن اال لتزام بكون خ‬
‫املتجل بصور األعيان والكائنات‪،‬‬
‫ي‬ ‫الالق تعایل هو املوجود الال متناهي‬
‫يتنبه إىل ّأن القول بأصالة الوجود هو نفس القول بوحدة الوجود ال غير!!‬‫ومل ّ‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪453‬‬

‫موج���ودة ف���ي الخ���ارج وذات مص ��داق خارج � ّ�ي باعتب ��ار المعن ��ى الثان ��ي‪ ،‬بمعنى‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والماهي���ة مع���ا بكونهم ��ا موجودي ��ن في الخ ��ارج بإيج ��اد واحد‪،‬‬ ‫أصال���ة الوج���ود‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الماهي���ة موج���ودة بالوج���ود‪ ،‬والوج ��ود موج ��ودا بنفس ��ه دفعا للتسلس ��ل‬ ‫وك���ون‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫حدا له وس ��ببا‬ ‫والماهي ��ة‬ ‫م���ن غي���ر الحكم بك���ون الوجود أص�ل�ا من ه ��ذه الجهة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أصال وجه ��ة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التقوم بنفس ��ه‪ ،‬والوجود أص�ل�ا من جهة‬ ‫الماهية‬ ‫لتعين���ه‪ ،‬ب���ل تك���ون‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫تركيبيا‪ ،‬فهو حق ال يناف ��ي ما ذكرنا‪.‬‬ ‫التحصل بنفس���ه‪ ،‬ويك���ون كل ممكن زوج ��ا‬
‫ّ‬
‫الماهية بالمعنى الثاني‪ ،‬فال اعتبار به؛ لبداهة حكم العقل‬ ‫ّ‬
‫اعتبارية‬ ‫و إن كان مراده‬
‫ّ‬
‫والماهية بالمعنى الثاني‪ ،‬كما ال يخفى‪.‬‬ ‫بوجود الذات‬
‫الماهي���ة بالمعنى ّ‬
‫األول‪ ،‬وأصالة الوجود بالمعنى المذكور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اعتبارية‬ ‫و إن كان مراده‬
‫ّ‬ ‫لفظي؛ ف � ّ‬ ‫ّ‬
‫ولكن النزاع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الماهية‬ ‫�إن القائل بأصالة‬ ‫س���يما بمعنى منش���أ األثر فهو حق‪.‬‬
‫ّ‬
‫وعرضية الوجود ال ع ��دم كونه ذا‬ ‫الماهية بالمعن���ى الثان ��ي ال ّ‬
‫األول‬ ‫ّ‬ ‫يق���ول بأصال���ة‬
‫ّ‬
‫حقيقي‪،‬‬ ‫ّ‬
‫خارجي‪ ،‬والقائل بأصالة الوجود يقول بكونه ذا مصداق‬ ‫ّ‬
‫حقيقي‬ ‫مصداق‬
‫الماهية بالمعنى ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫األول ال الثاني‪.‬‬ ‫اعتبارية‬ ‫ال عدم كونه عرضا في الممكن مع‬
‫ّ‬ ‫فما يثبته أحد الفريقين ال ينفيه اآلخر‪ ،‬وما ينفيه اآلخر ال يثبته ّ‬
‫األولون‪ ،‬فمتعلق النفي‬
‫(((‬ ‫واإلثبات مختلف‪ ،‬وليس النزاع إلاّ بحسب اللفظ‪ ،‬وليس هذا ّ‬
‫مما يليق بالعلماء»‪.‬‬
‫ّ‬
‫القائلی بخ لق العامل ال‬
‫ن‬ ‫املتكل ن‬
‫می‬ ‫وهذا كما قلت موافق لعقيدة أهل األدیان وعلمائنا‬
‫شء‪.‬‬‫من ي‬
‫يّ‬
‫الفلسف‪:‬‬ ‫ّمث هو ّقدس ّ‬
‫سـره یقول يف أصالة الوجود‬
‫ّ‬
‫المتنزل‬ ‫«والحم���ل على أصالة الوجود بمعنى كون جميع الوج ��ود وجود الواجب‬
‫التصوف _ موجب للكفر والخروج عن الدين»‪.‬‬‫ّ‬ ‫في الممكنات _ كما يقوله أهل‬

‫القائلی خ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫واملتكل ن‬
‫باللق ال من شـيء‪.‬‬ ‫می‬ ‫‪ . 1‬أقول‪ :‬وهذا موافق لعقيدة أهل األدیان‬
‫ن‬ ‫یّ‬ ‫االسترابادي‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫حممد جعفر‪ ،‬املتوف ‪ ،1263‬البـراهي القاطعة يف شـرح جتر يد العقائد الساطعة‪101 _ 100 ،‬‏‪.‬‬ ‫‪.2‬‬
‫‪454‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫‪ّ . 14‬إن االختالف���ات املوج���ودة يف األش���یاء ه���ي أمور ال یعتر هیا ر ی���ب‪ ،‬و إنكار ذلك‬
‫یكون من أظهر مصادیق السفسطة والعمى‪ ،‬وقد قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ََُ ْ‬
‫ً (((‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آخرةِ أعمى‏ وأضل سبيلا>‪.‬‬ ‫<و َم ْن كان في‏ ِ‬
‫هذهِ أعمى‏ فهو فِي ال ِ‬ ‫َ‬

‫وقال اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«یعن أعمى عن احلقائق املوجودة»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الواقعیة املوجودة‪ ،‬أو إرجاع أمرها إىل وحدة الوجود‬ ‫فكی���ف میكن إنكار االختالفات‬
‫املوهومة؟!‬
‫ً‬ ‫ً ًّ‬
‫ومهیا صـرفا فكیف‬ ‫الظل؟ إن كان هو وجودا‬ ‫‪ . 15‬م���ا ه���و املعىن املقصود من الوجود ّ ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«الظل ّ‬ ‫یوص���ف ىّ‬
‫بشء آخر»؟! و إن مل‬‫ي‬ ‫و«القیام‬ ‫األصالة»‬ ‫و«عدم‬ ‫ة»‬ ‫«الفرعی‬ ‫و‬ ‫ة»‬ ‫ی‬ ‫حت بـ‬
‫یكن كذلك فقد یعود املحذور‪.‬‬
‫واملاهیة ّ‬
‫والقوة والفعل و‪ ...‬إىل غیر حقیقهتا‪ ،‬مفا هو‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 16‬إذا رجع���ت مباح���ث الوجود‬
‫تعد من أنفس العل���وم والذخائر ومن‬ ‫الفلس���فیة واملعارف البش���ـر ّیة الت ّ‬
‫ّ‬ ‫قیم���ة املباحث‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أعظم ما ّ‬
‫تبتن بكلها عىل أس���اس‬
‫ي‬ ‫قد‬ ‫وهي‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫غیرهم‬ ‫عىل‬ ‫البش���ـر‬ ‫ري‬ ‫مفك‬ ‫من به‬
‫أمثال هذه املباحث غیر املرتبطة بالواقع باعتراف أرباهبا؟!‬
‫ً‬
‫المیع إىل الواحد املطلق‪،‬‬ ‫ولعمري ّأن مبا أجیب به عن اإلشكال أخیرا _ وهو رجوع ج‬
‫خط البطالن ّ‬ ‫حقیقی���ة _ فقد ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫خطه عىل‬ ‫الواقعیة أوهاما غیر‬ ‫واحتس���اب األم���ور املختلفة‬
‫ّ‬
‫مجی���ع املع���ارف والعل���وم واملباحث الراجع���ة إىل املبدأ واملع���اد و‪ ...‬وع�ل�ى كل ما أىت به‬
‫صاحب التفس���یر املذكور من ش���ـرح وتوضیح وتأو یل وبیان يف میزانه البالغ إیل عشـر ین‬
‫ل���دا‪ ،‬ال���ذي ّقل ما یوجد فی���ه _ إن وجد _ مبحث ّ‬ ‫ً‬
‫عقل خال عن اإلش���كال واإلیراد‪،‬‬‫ي‬ ‫جم‬
‫ف�ل�ا خال���ق وال خملوق‪ ،‬وال عاب���د وال معبود‪ ،‬وال معاد وال تكلی���ف‪ ،‬وال وعد وال وعید و‪...‬‬

‫‪ . 1‬اإلسـراء (‪.72 ،)17‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪.438 ،‬‬
‫ا‬
‫ةّلاضلا ةّینافرعلا ةدحول‬ ‫‪455‬‬

‫المیع راجع إىل الوجود الذي هو حقیقة واحدة مطلقة‪ ...‬وهو نفس وجود خ‬
‫الالق‬ ‫ّ‬
‫ف���إن ج‬
‫املتعال‪ ،‬وهو قوهلم‪« :‬لیس ف الدار غیره ّدیار»!! یقول إبن ّ‬
‫عرب‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الس���ـر الذي ف���وق هذا في مثل هذه المس ��ألة ّأن الممكن ��ات على أصلها من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«ثم‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫الع���دم ولی���س وج���ود إ وجود الحق بص ��ور أحوال م ��ا هي علی ��ه الممكنات في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫أنفسها وأعینها فقد علمت من یلتذ ومن یتألم»‪.‬‬
‫«شـرح‪ :‬أي األعیان الممكنة باقیة على أصلها من العدم‪ ،‬غیر خارجة من الحضـرة‬
‫شمت رائحة الوجود بعد‪ ،‬ولیس وجود‬ ‫تقدم‪ :‬واألعیان ما ّ‬‫العلمیة كما قال في ما ّ‬
‫ّ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫متلبس ��ا بصور أحوال الممكنات ف�ل�ا یلتذ بتجلیاته إ‬ ‫ف���ي الخارج إ وجود الحق‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الحق‪ ،‬وال یتألم منه سواه»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫فما ّثم موصـول ومـا ّثم بائن‬ ‫«فلم یبق إ الحق لم یــبق كائن‬
‫ُ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫بعیـني إ عیــنـه إذ اعــاین»‬ ‫بـذا جاء برهــان العیـان فمــا أری‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫بحد كل‬ ‫«إنه عین األشیاء واألشیاء محدودة و إن اختلفت حدودها فهو محدود‬
‫مسمیات المخلوقات‬ ‫للحق‪ ،‬فهو الساري في ّ‬ ‫ّ‬ ‫یحد شيء إلاّ وهو ّ‬
‫حد‬ ‫محدود‪ ،‬فما ّ‬

‫والمبدعات»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫«ف���إن للحق في كل خلق ظهورا‪ ،‬فهو الظاهر في كل مفهوم‪ ،‬وهو الباطن عن كل‬
‫ّ‬ ‫فهم إلاّ عن فهم من قال‪ّ :‬‬
‫‘‘إن العالم صورته ّ‬
‫وهویته وهو االس ��م الظاهر»‪ ،‬كما أنه‬
‫ً (((‬ ‫ّ‬
‫بالمعنى روح ما ظهر في الباطن‪ ...‬وصور العالم ال یمكن زوال الحق عنها أصال»‪.‬‬
‫«فصاحب العقل ینشد‪:‬‬

‫ّ‬
‫اليعقوب‪.96 / 1 ،‬‬ ‫الفص‬ ‫‪ . 1‬ابن عر ّب‪ ،‬فصوص احلكم‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ .2‬شـرح فصوص احلكم‪.674 ،‬‬
‫‪ . 3‬ابن عر يّب ‪ ،‬فصوص احلكم‪.93 ،‬‬
‫اهلودي‪.111 ،‬‬‫ّ‬ ‫الفص‬‫‪ . 4‬ابن عر ّب‪ ،‬فصوص احلكم‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 5‬ابن عر يب‪ ،‬فصوص احلكم‪ ،‬الفص النوحي‪.68 ،‬‬
‫‪456‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تــدل على أنه واحد‬ ‫وفي كــل شيء له آیة‬
‫ّ‬
‫وصاحب التجلي ینشد في ذلك‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تدل على أنـه عــینه‬ ‫وفي كــل شيء له آیـة‬
‫فسبحان من أظهر األشیاء وهو عینها»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫فضال ع���ن تناقضه مع ما ّ‬
‫تقدم من القائل‬ ‫وم���ن عجیب الكالم املتناقص يف نفس���ه‪،‬‬
‫نفسه هو قوله‪:‬‬
‫ّ‬
‫«فهوعین كلشيءفيالظهور وماهوعیناألشیاءفيذواتها‪،‬بلهوهوواألشیاءأشیاء»‪.‬‬
‫(((‬

‫«فالرب ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫رب‪ ،‬والعبد عبد»‪.‬‬ ‫(((‬
‫«فالحق حق‪ ،‬واإلنسان إنسان»‪.‬‬
‫واألعج���ب من ذلك ّكل���ه مزعمة من ّ‬
‫توهم ّأن هذه الكلمات املتناقضات يف أنفس���ها‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫عرب» صـر حی���ا يف االعتقاد بـ «وحدة‬
‫تك���ون هي وج���ه التوفیق بی ما صدر ع���ن «إبن ي‬
‫یقض به العقل والبـره���ان والضـرورة والكتاب‬ ‫اللق‪ ،‬ن‬
‫وبی م���ا‬ ‫الوج���ود» و إن���كار وجود خ‬
‫ي‬
‫شء «هو هو» و»هو‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والس���نة م���ن ضاللة من تفوه هبذه اهلف���وات‪ ،‬فإن االعتقاد بك���ون ي‬
‫غیره» یكون من أظهر مصادیق التناقض عند العقول السلیمة الت تعرف الرجال ّ‬
‫باحلق‬ ‫ي‬
‫احلق بغیره‪ .‬قال موالنا اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬ ‫وال تعرف ّ‬

‫«یا جاهل‪ ،‬إذا قلت لیس���ت هو فقد جعلهتا غیره‪ ،‬و إذا قلت لیست غیره فقد‬
‫جعلهتا هو»‪.‬‬
‫(((‬

‫والنف منزلة»‪.‬‬ ‫ن‬


‫«مل یكن بی اإل ثبات ي‬
‫((( ((‬

‫املكية‪.459 /2 ،‬‬‫‪ . 1‬ابن عر ّب‪ ،‬الفتوحات ّ‬


‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ . 2‬ابن عر يب‪ ،‬الفتوحات املكية‪.484 / 2 ،‬‬
‫‪ . 3‬ابن عر ّب‪ ،‬الفتوحات ّ‬
‫املكية‪.183 / 1 ،‬‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫‪ . 4‬ابن عر يّب‪ ،‬الفتوحات املكية‪.224 / 3 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد ‪.453 /‬‬
‫‪ . 6‬التوحيد‪.246 ،‬‬
‫‪ . 7‬الشعراء (‪.228 _ )26‬‬
‫ّ‬
‫اهلل جل جالله أهو خالق األشیاء؟‬
‫أم نفس األشیاء ومصدرها؟!‬
‫‪458‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تقول الفلسفة القدیمة‪:‬‬

‫▪ ّإن األش���یاء صدرت عن نف���س ذات الخ الق تعایل فیج���ب أن یكون بیهنما‬
‫سنخیة ّ‬
‫تامة وشباهة كاملة‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫املنتمی إلهیا بـ ‪‘‘ :‬احلمكة املتعالیة»‪:‬‬ ‫الدیدة ّ‬
‫املسماة عند‬ ‫وتقول الفلسفة ج‬
‫ً‬
‫▪ ّإن األشیاء هي مراتب ذات الواحد األحد وال موجود سواه مطلقا‬
‫ّ‬
‫المتسمون بالعرفاء‪:‬‬ ‫ویقول‬
‫▪ ّإن األش���یاء هي ت ّلیات ال���ذات ّ‬
‫القدوس‪ ،‬واألش���كال املختلفة من حقیقة‬ ‫ج‬
‫ّ‬
‫متش���تتة و‪ ...‬لی���س يف الدار غیره ّدیار‪ ،‬ال خالق‬ ‫وجود الخ الق‪ّ ،‬‬
‫املتغیرة بصور‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ لاّ‬ ‫وال خملوق‪ ،‬وال عابد وال معبود‪ ،‬وال ّ‬
‫تعدد وال تكثر إ ومها وجهال‬
‫ّ‬
‫ویردّ هذا الفصل على ذلك كله ببیان‪:‬‬

‫متجزئة قابل���ة للز یادة والنقص���ان والوجود‬ ‫امتدادی���ة ّ‬


‫ّ‬ ‫▪ ّأن املخل���وق حقیق���ة‬
‫ّ‬ ‫والع���دم‪ ،‬والخ ال���ق تع���اىل یباین ذلك ّكل���ه بنفس ذات���ه ّ‬
‫القدوس‪ ،‬ف�ل�ا یتولد‬
‫یتغیر‪ ،‬وال یتص ّ���و ر‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬
‫یتج���ز ي‪ ،‬وال ّ‬ ‫شء‪ ،‬وال‬ ‫شء‪ ،‬وال یص���در ه���و ع���ن ي‬‫عن���ه ي‬
‫ّ ّ‬
‫یش���اهد‪ ،‬وال ی���رى‪ ،‬وال یدرك‪ ،‬وال یوص���ل إلیه‪ ،‬فإن كل ذل���ك ملكة لالمتداد‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫فال ینسب إىل ما عىل خالف ذلك إ جهال‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪459‬‬

‫(‪)1‬‬
‫بخ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫خ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء أبعد من‬
‫إن االمتداد ال یكون إ ملوقا‪ ،‬وخالقه ال یكون إ الفه‪ ،‬وعلیه فال ي‬
‫حقیقة معىن التوحید وأقرب إىل القول بالدهر _ بل هو القول بالدهر بعینه _ من احلكم بصدور‬
‫ّ‬ ‫ذوات األشیاء عن صممی ذات خ‬
‫الالق‪ ،‬أو جتلیه يف صورة ذوات األشیاء وأعیان املمكنات‪.‬‬
‫الالق واملخلوق‪ ،‬وامتناع انفكاك وجوده عن‬ ‫بی خ‬‫السنخیة ن‬
‫ّ‬ ‫وال جمال للقول بوجوب‬
‫خلقه‪ ،‬ووجوب كون األش���یاء بذواهتا ف ذات���ه املتعالیة _ ولو بنحو أعىل ّ‬
‫وأمت‪( ،‬وال تغفل‬ ‫ي‬
‫تغن القائل هبا‬
‫ي‬ ‫ع���ن ّأن أمثال هذا القیود هي صـرف ألف���اظ ال یعدو معناها ألفاظها‪ ،‬وال‬
‫ً‬ ‫مشتمال بذاته عىل مجیع األجسام ّ‬‫ً‬
‫واملادیات شیئا)‬ ‫عن وجوب اال لتزام بكون وجود إهله‬
‫_ املبتنیة عىل قاعدة امتناع إعطاء الفاقد وأمثال ذلك من املوهومات‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل ما یوجد يف الخ لق ال یوجد يف خالقه‪ ،‬وكل ما میكن فیه میتنع يف صانعه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫االمت���دادي من األجزاء القابلة للز یادة والنقصان‪ ،‬هو نفس‬ ‫ّ‬
‫ف���إن ما یوجد يف املوجود‬
‫الدلیل عىل فقره واحتیاجه وحدوثه‪ ،‬فكیف یكون ذلك ف خالقه وال یلزم منه خم ّ‬
‫لوقیته!؟!‬ ‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬متعالیا‬
‫شء إ أن یكون مبائنا لكل ي‬‫«إنه ال یلیق بالذي هو خالق كل ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫شء‪ ،‬سبحانه وتعاىل»‪.‬‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫ّ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،148 / 3 ،‬عن توحید املفضل‪.‬‬
‫‪460‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫ولتجزأ كهنه‪ ،‬والمتنع م���ن األزل معناه‪ ،‬وملا كان للباري‬ ‫«إذا لتفاوت���ت ذاته‪،‬‬
‫(((‬
‫معىن غیر املبـروء»‪.‬‬
‫ً‬
‫(((‬
‫«إذا لقامت فیه آیة املصنوع»‪.‬‬
‫وبی خلقه المتناع���ه ّمما میكن يف ذواهت���م وإلمكان ذواهتم‬ ‫«فاحلج���اب بین���ه ن‬
‫ّ‬
‫واحلاد‬ ‫ّ‬
‫وال���رب واملر ب���وب‪،‬‬ ‫ّمم���ا میتنع من���ه ذاته‪ ،‬والفت���راق الصان���ع واملصنوع‪،‬‬
‫واملحدود»‪.‬‬ ‫(((‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫«فردان ال خلقه فیه وال هو يف خلقه»‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الالق جل وعال یتعاىل عن كل ما یوجد يف خلقه ال ّأنه یكون واجدا لمكاالت‬ ‫ّإن خ‬
‫اللق بأسـرها!!‬ ‫_ أي وجودات _ خ‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء فهو‬
‫ي‬ ‫إسم‬ ‫علیه‬ ‫وقع‬ ‫ما‬ ‫وكل‬ ‫«إن اهلل تعاىل خلو من خلقه وخلقه خلو منه‪،‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل»‪.‬‬ ‫خملوق ما خال اهلل‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬
‫ي‬ ‫بكل‬ ‫أحدي الذات بائن من خلقه‪ ،‬وبذاك وصف نفس���ه وهو‬ ‫«هو واحد‬
‫(((‬
‫حمیط باإلشـراف واإلحاطة والقدرة»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫«‪ ...‬تعاىل عن صفة خلقه‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،285 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪.91 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ، 322 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،322 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،318 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪461‬‬

‫وبی خلقه‪ ،‬وغیوره حتدید ملا سواه»‪.‬‬


‫(((‬ ‫«كهنه تفر یق بینه ن‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫(وذل���ك ّأن ّ‬
‫متجز یا قابال‬ ‫احل���د فرع االمت���داد‪ ،‬كما ّأن االمت���داد ال یكون إ حم���دودا‬
‫للز یادة والنقصان فهما متالزمان)‪.‬‬
‫ّ‬
‫بالوحدانیة‪ ،‬هو أن یعرف ّأنه جل وعال مبائن‬ ‫ّ‬ ‫فأول ما جیب عىل من یر ید معرفة ّربه‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪:‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫متعال‬ ‫ء‬ ‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫مع‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‘‘العل العظ�ی�م’’ ألنه أعىل األمس���اء كلها‪ ،‬مفعناه اهلل‬
‫ي‬ ‫«ف���أول ما اختار لنفس���ه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وامسه ّ‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫العل العظمی‪ ،‬هو أول أمسائه ألنه عال كل ي‬ ‫ي‬
‫بی خ‬ ‫لاّ‬
‫فإنه لیس معرفة حقیقة التوحید إ معرفة التباین ن‬ ‫ّ‬
‫الالق وما سواه‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ومعرفت���ه توحیده‪ ،‬وتوحیده متییزه من خلقه‪ ،‬وحك���م التمییز بینونة صفة ال‬
‫بینونة عزلة»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«واملتعال عن الخ لق بال تباعد»‪.‬‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«وأما التوحید فأن ال جت ّوز عىل ّربك ما جاز علیك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫فال ّ‬‫خ‬
‫السنخیة‪ ،‬مفا هلم كیف حیمكون؟!‬ ‫القیة ال متكن إ بالتباین ال‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬

‫ونف التشبيه‪.‬‬
‫‪ . 1‬التوحيد‪ ،36 ،‬باب التوحيد ي‬
‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،175 / 4 ،‬عن التوحید‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ونف التشبيه‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪ ،33 ،‬باب التوحيد ي‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،264 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪462‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«‪ ...‬كیف الكیف فال یقال له‪‘‘ :‬كیف؟’’‪ّ ،‬‬


‫وأین األین فال یقال له‪‘‘ :‬أین؟’’‪ ،‬هو‬
‫واألینونیة‪ ،‬فهو األحد الصمد كما وصف نفسه والواصفون‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكیفوفیة‬ ‫منقطع‬
‫ً‬
‫(((‬
‫ال یبلغون نعته‪ ،‬مل یلد ومل یولد ومل یكن له كفوا أحد»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ألنه خلق ّ‬ ‫ّ‬
‫املاهیة»‪.‬‬
‫(((‬
‫«ال یقال له‪‘‘ :‬ما هو؟’’‪،‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل ّأین األین فال أین له»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل‬
‫«كی���ف جیري علیه ما ه���و أجراه؟ ویعود فیه ما هو أب���داه؟ وحیدث فیه ما هو‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ولتجزأ كهنه و‪ ...‬المتنع من األزل معناه»‪.‬‬ ‫أحدثه؟ إذا لتفاوتت ذاته‪،‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل ال یوصف بزمان وال مكان وال حركة وال انتقال وال سكون‪،‬‬
‫بل هو خالق الزمان واملكان واحلركة والس���كون‪ ،‬تعاىل اهلل ّ‬
‫عما یقول الظاملون‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫والكیفیة»‪.‬‬ ‫«إن األبصار ال یدرك إلاّ ما له لون ّ‬
‫وكیفیة‪ ،‬واهلل خالق األ لوان‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«لش���هادة العق���ول ّأن كل صفة وموصوف خملوق‪ ،‬وش���هادة كل موصوف ّأن‬
‫ً‬
‫(((‬
‫له خالقا لیس بصفة وال موصوف»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،304 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫ن‬
‫الواعظي‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن روضة‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،209 / 3 ،‬عن اإلرشاد‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،254 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،330 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫أمال الصدوق‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،31 / 4 ،‬عن ي‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،228 /4 ،‬عن التوحيد والعيون‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪463‬‬

‫«كی���ف الكیف ف�ل�ا یقال له‪‘‘ :‬كیف؟’’‪ّ ،‬‬


‫وأین األین ف�ل�ا یقال له‪‘‘ :‬أین؟’’‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫واألینونیة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫الكیفوفیة‬ ‫هو مبدع‬
‫ّ‬
‫«ابت���داؤه ّإیاهم دلیل ع�ل�ى ّأن ال ابتداء له لعجز كل مبت���دء عن ابتداء غیره‪،‬‬
‫وأدوه ّإياهم دليل عىل أن ال أداة فيه لشهادة األدوات بفاقة ّ‬
‫(((‬
‫املتأدين»‪.‬‬
‫الشء ال یكون معطیه؟ م���ع ّأن احلكم بخ الف ذلك‬ ‫ّ‬
‫فكی���ف میكن احلكم بأن فاق���د ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بدهی���ي ّ‬
‫واالمتدادي ال یكون وجوده إ بالغیر‪،‬‬ ‫والتغیر والوالدة‪،‬‬ ‫التط���ور‬ ‫ألن الصدور هي‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫أبدا‪ ،‬خ‬‫ً‬
‫شء وكل امتداد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫متعالیا‬ ‫إ‬ ‫یكون‬ ‫ال‬ ‫الق‬ ‫فال‬ ‫وال یز ید وال ینقص بنفسه‬
‫ّ‬
‫شء ال بتجزئة أو‬
‫ي‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫األش���یاء‬ ‫اد‬ ‫بإی‬
‫ج‬ ‫إعطائه‬ ‫یكون‬ ‫و‬ ‫معط‪،‬‬ ‫كل‬ ‫بل هو معط بخ الف‬
‫لاّ‬
‫انقسام أو إصدار من ذاته‪ ،‬وال موجد وال خالق إ هو‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معط منتقص سواه»‪.‬‬
‫الدال عىل وجوده خبلقه‪ ،‬وحبدوث خلقه عىل ّ‬ ‫ّ‬
‫أزلیته‪ ،‬وبأشتباههم‬ ‫«احلمد هلل‬
‫عىل أن ال شبه له»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫الواهر عرف أن ال جوهر‬ ‫«بتش���عیره املش���اعر عرف أن ال مش���عر له‪ ،‬وبتجهیره ج‬
‫ضد له‪ ،‬ومبقارنته ن‬ ‫بی األشیاء عرف أن ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ومبضادته ن‬
‫بی األمور عرف أن ال‬ ‫له‪،‬‬
‫ّ‬
‫والسو بالبلل‪ ،‬والصـرد باحلرور‪.‬‬‫والالیة بالهبم‪ ،‬ج‬‫قر ین له‪ .‬ضاد النور بالظلمة‪ ،‬ج‬
‫ّ‬
‫دالة بتفر یقه���ا عىل ّ‬ ‫مفر ق ن‬ ‫مؤل���ف ن‬
‫ب�ی�� متعادیاهتا‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫مفرقها‪،‬‬ ‫ب�ی�� متدانیاهتا‪،‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار ‪ ،290 / 4‬عن التوحيد‪.‬‬


‫‪ . 2‬االحتجاج‪ ،399 / 2 ،‬وتوحيد الصدوق‪ ،36 ،‬وحبار األنوار‪.228 / 4 ،‬‬
‫‪ . 3‬هنج البالغة‪124 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،274 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،284 / 4 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪464‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ین‬ ‫ََْ َْ َ‬ ‫ّ ّ َ ْ ُ ّ‬ ‫ّ‬


‫وبتألیفه���ا عىل مؤلفها‪ .‬ذلك قوله عز وجل‪< :‬و ِمن ك ِل ش���يء خلقنا زوج ِ‬
‫َ َ َّ ُ ْ َ َ َّ‬
‫ك ُر َ‬
‫ون‏>‪.‬‬ ‫لعلكم تذ‬
‫بی قبل وبعد لیعلم أن ال قبل له وال بعد‪ ،‬شاهدة بغرائزها أن ال غر یزة‬ ‫ففر ق هبا ن‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ملغرزها‪ ،‬دالة بتفاوهتا أن ال تفاوت ملفاوهتا‪ ،‬خمبـرة بتوقیهتا أن ال وقت ملوقهتا»‪.‬‬
‫فال لؤم عىل من یرى خالقه تبارك وتعاىل منبع ّكل شء أن ّ‬
‫یفسـر «التكبیر» مبعىن ّأنه‬ ‫ي‬
‫بخ‬ ‫ّ‬
‫شء ارج عنه! كما یقولون‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ولیس‬ ‫الوجود!‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫یتناهی‬ ‫ال‬ ‫ء!‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫تعاىل أ كبـر من‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫اإلمكاني���ة كائنة ما كان ��ت‪ ...‬محاطة له بمعنى ما لي ��س بخارج»‪.‬‬ ‫«الوج���ودات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وجودي»‪.‬‬ ‫«‪‘‘ ...‬الكبیر’’ یفید سعته لكل كمال‬
‫حد من الوضوح یقع‬ ‫الالق واملخلوق یكون من البداهة عیل ّ‬ ‫بی خ‬
‫ّإن وجوب التباین ن‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫نقیضه نتیجة بـرهان خ‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫للشـرطیة حیث یقول اإلمام أمیر‬ ‫اللف‪ ،‬وتالیا فاسدا‬
‫«وال یكون بیهنا وبینه فصل وال له علهیا فضل‪ ،‬فیستوي الصانع واملصنوع‪،‬‬
‫ویتكافأ املبتدع والبدیع»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫وبی خلقه‪ ،‬فسبحانه ّ‬ ‫«ولو ال ذلك ما فصل بینه ن‬
‫وتقدست أمساؤه»‪.‬‬
‫(((‬

‫«ول���و كان یص���ل إىل ّ‬


‫املكو ن األس���ف والضجر [ومطلق ما يف غی���ره] وهو الذي‬
‫ً ّ‬ ‫أحدهثما وأنش���أمها جلاز لقائل أن یق���ول‪ّ :‬إن ّ‬
‫املكو ن یبید یوم���ا ألنه إذا دخله‬
‫الضج���ر والغضب دخله التغییر‪ ،‬و إذا دخله التغیی���ر مل یؤمن علیه اإلبادة‪ ،‬ولو‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،228 /4 ،‬عن التوحيد والعيون‪ .‬التوحيد‪.38 ،‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.301 ،‬‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.236 / 16 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪ . 4‬هنج البالغة‪274 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،255 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،194 / 3 ،‬عن ّ‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪465‬‬

‫املكو ن من َّ‬
‫املكو ن‪ ،‬وال القادر من املقدور‪ ،‬وال الخ الق‬ ‫ّ‬
‫كان ذلك كذلك مل یعرف ِ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫من املخلوق‪ ،‬تعاىل اهلل عن هذا القول‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«ل���و كان كم���ا یقول املش�ّب�هّ ة مل یع���رف الخ الق م���ن املخلوق‪ ،‬وال ال���راز ق من‬
‫وصو ره‬‫جس���مه ّ‬ ‫بی من ّ‬ ‫املنش فرق ن‬ ‫ئ‬ ‫لكنه هو‬‫املنش من املنش���أ‪ّ ،‬‬ ‫ئ‬ ‫املرزوق‪ ،‬وال‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫وشیأه إذ كان ال یشهبه ي‬
‫(((‬

‫مطلقا‪ ،‬بل ّكل ما ّ‬ ‫ً‬ ‫ّمث اعلم ّأنه ال یوجد مصداق للتناقض ف ما ّ‬
‫عد يف‬ ‫یتصور و یدرك‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫املنط���ق م���ن أمثلة التناقض ومصادیقه لیس إ ملكة لالمتداد‪ ،‬ومن هنا ال میكن ّ‬
‫تصو ر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫الالق واملخل���وق بعنوانه خ‬‫تبای���ن خ‬
‫شء و یكون ملكة‬ ‫ي‬ ‫بكل‬ ‫ق‬ ‫یتعل‬ ‫اص الذي میكن أن‬
‫أیضا _ ال میكن إلاّ بعد ّ‬ ‫ً‬ ‫ال ّ‬‫فإن احلكم بالتباین مبعناه خ‬ ‫لالمتداد‪ّ ،‬‬
‫تصو ر‬ ‫اص _ بل بالتشابه‬
‫تصو ر‬‫الالق واملخلوق حیث ّإن ّ‬ ‫بی خ‬ ‫طرفیه بخ صوصهما‪ ،‬وذلك بخ الف احلكم بالتباین ن‬
‫تصو ر طرف واحد‬ ‫وبی غیره إلاّ بعد ّ‬ ‫الالق ممتنع بالذات فال یكون احلكم بالتباین بینه ن‬ ‫خ‬
‫لكل ما میكن أن یدرك و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یتصو ر‪.‬‬ ‫شء مبائن‬ ‫_ وهو االمتداد _ مث احلكم بوجود ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املعان املتبائنة أو املتشاهبة‬ ‫ي‬ ‫من‬ ‫م‬‫ونتوه‬ ‫ر‬ ‫نتصو‬ ‫أو‬ ‫للتباین‬ ‫األمثلة‬ ‫من‬ ‫به‬ ‫نأت‬
‫ي‬ ‫ما‬ ‫فكل‬
‫وأما تباین‬‫معی‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫خاص وعدد ن‬ ‫تصور طرفیه بخ صوصهما ف امتداد ّ‬ ‫ال یخ���رج عن إم���كان ّ‬
‫ي‬
‫مقدمة للحكم بالتباین‬ ‫فقط لیكون ّ‬ ‫املتبائنی ّ‬
‫ن‬ ‫بتصور ذات أحد‬ ‫الالق واملخلوق فیكون ّ‬ ‫خ‬
‫ّ‬ ‫الالق واملخلوق‪ ،‬فال ّ‬ ‫بی خ‬ ‫وع���دم التش���ابه بعنوانه ّ‬
‫العام ن‬
‫ب���د لنا بعد كل مثال لذلك من‬
‫أن نقول‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«بل فوق هذا املثال مبا ال هنایة له‪ّ ،‬‬
‫ألن األمثال كلها تقصـر عنه((( لكنهّ ا تقود‬

‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،66 _ 65 / 4 ،‬عن التوحيد‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.62 ،‬‬
‫‪ . 3‬أل نهّ ا ال یخ رج عن إرائة احلقیقة االمتدادیة العددیة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪466‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫العقل إىل معرفته»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬
‫تص���ور طرفیه‬ ‫ن‬
‫ش���یئی بعد إم���كان‬ ‫ّ‬
‫خ���اص _ وه���و احلك���م بتخالف‬ ‫فللتبای���ن مع�ن�ى‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫ش���یئی ولو مع امتناع ّ‬ ‫بخ صوصهما _ ومعىن ّ‬
‫تصور طرفیه معا‪،‬‬ ‫عام _ وهو احلكم بتخالف‬
‫فقط _ فال وجه ملا یقال‪:‬‬‫بتصور طرف واحد مهنما ّ‬ ‫بل ّ‬
‫ً‬
‫ش���یئا غیر التباین ن‬ ‫ب�ی�� خ‬
‫إن كان مع�ن�ى التبای���ن ن‬
‫ب�ی�� املخلوقات فال‬ ‫الالق واملخلوق‬
‫فائدة يف احلكم به علیه‪.‬‬
‫ّ‬
‫ألنا نقول‪:‬‬
‫املتبائنی بخ صوصهما يف املقدار والعدد ال یكون‬
‫ن‬ ‫طرف‬ ‫ّ‬
‫إن احلكم بالتباین بعد تصور ي‬
‫ّ‬
‫بتصو ر أحد طرفیه بنفسه مع امتناع ّ‬
‫شیئی ّ‬‫ن‬ ‫وأما احلكم بالتباین ن‬‫للمتجزئ‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫تصو ر‬ ‫بی‬ ‫إ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫طرفه اآلخر إ بعنوان ّأنه شء بخ الف األشیاء _ بال ّ‬
‫تصوره بنفسه _ ال مانع منه أصال‪،‬‬ ‫ي‬
‫ن‬ ‫ً‬
‫وال یقصـ���ر عن إف���ادة معىن التباین بیهنما ش���یئا‪ ،‬وبذلك ظهر الفرق ب�ی�� ّ‬
‫تصور موضوع‬
‫ّ‬
‫والعام‪.‬‬ ‫اص‬ ‫ال ّ‬ ‫التباین خ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«ومن قرنه فقد ّثناه‪ ،‬ومن ّثناه فقد ّ‬
‫جزأه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫(((‬
‫«لشهادة كل صفة أنهّ ا غیر املوصوف»‪.‬‬
‫(((‬
‫«مبائن جلمیع ما أحدث يف الصفات(((»‪.‬‬
‫«ولیس جبنس فتعادله األجناس‪ ،‬وال بش���بح فتضارعه األشباح‪ ،‬وال كاألشیاء‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،147 / 3 ،‬عن توحید ّ‬


‫املفضل‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،247 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تنف���ك عنه حمدث‪ ،‬فالقید یكون للتوضیح ولذا قال؟ع؟ يف الروایة املتقدمة‪ :‬وال كاألش���یاء‬ ‫ال�ت�� ال‬
‫‪ .4‬ي‬
‫فتقع علیه الصفات‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪467‬‬

‫فتقع علیه الصفات»‪.‬‬


‫(((‬

‫شء كمثله»‪.‬‬ ‫لخ‬


‫«الذي بان من ا لق فال ي‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬
‫(((‬
‫«والنعوت نعوت الذات ال یلیق إ باهلل تبارك وتعاىل»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ َ َ َ‬ ‫ّ‬
‫���س ك ِم ِثلهِ‬‫الكیفی���ة فق���ل كما ق���ال اهلل عز وج���ل‪< :‬لی‬ ‫«و إن س���ألوك ع���ن‬
‫(((‬
‫يء>»‪.‬‬‫َش ٌ‬
‫«‪ ...‬فكیف هو؟! فقال؟ص؟‪ :‬وكیف أصف ر ّ يب بـ ‪«:‬الكیف’’ والكیف خملوق‪،‬‬
‫(((‬
‫واهلل ال یوصف خبلقه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«معروف بغیر تشبیه‪ ...‬ال میثل خبلیقته»‪.‬‬
‫بی الخ الق واملخلوق؟!!‬ ‫بالسنخیة والشباهة ن‬‫ّ‬ ‫وحینئذ فكیف میكن اال لتزام‬
‫ویقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫لق»‪.‬‬ ‫خ‬ ‫بهّ‬
‫عرفن من ش ين ب ي‬ ‫«ما‬
‫(((‬
‫ي‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«س���أل بعض أصحابن���ا الصادق؟ع؟ فقال له‪ :‬أخبـ���ر ن ّ‬
‫أي األعمال أفضل؟‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫قال‪ :‬توحیدك لخ القك‪ ،‬قال‪ :‬مفا أعظم الذنوب؟ قال‪ :‬تشبهیك القك»‪.‬‬
‫لخ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،266 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،68 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،221 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،332 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 7‬حبار األنوار‪ ،191 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشيخ‬
‫ي‬ ‫‪ . 8‬حبار األنوار‪ ،8 / 3 ،‬عن ي‬
‫‪468‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬
‫ً‬ ‫«ومن شبهّ ه خبلقه فقد ّ خ‬
‫اتذ مع اهلل شـر یكا»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫أيفحشأوخناءأعظممنأنیوصفخالقاألشیاء‬ ‫«إناهللتعاىلال یشهبهشء ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ًّ ً‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫جبسم أو صورة‪ ،‬أو خبلقة‪ ،‬أو بتحدید وأعضاء‪ ،‬تعاىل اهلل من ذلك‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«ما عرف اهلل من شبهّ ه خبلقه»‪.‬‬
‫َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َّ ْ َ‬
‫ش���به اهلل خبلقه فهو مش���ـرك‪ّ ...‬مث تال‪<ِ ...‬إنما َيفت ِري‏ الك ِذ َب‏ ال ِذ َين‏ لا‬
‫«من ّ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُي ْؤم ُن َ‬
‫(((‬
‫كاذ ُبون>‏»‪.‬‬
‫ولئك ه ُم ال ِ‬
‫آيات اهلل‏ َوأ ِ‬
‫ون‏ ِب ِ ‏‬ ‫ِ‬
‫اإلمام اهلادي؟ع؟ ‪:‬‬
‫«وتعاىل اهلل عن االشتباه»‪.‬‬
‫(((‬

‫السنخیة إلاّ ن‬
‫بی‬ ‫ّ‬ ‫الالق واملخلوق مع ّأنه ال متكن‬
‫بی خ‬‫بالس���نخیة ن‬
‫ّ‬ ‫كیف میكن احلكم‬
‫ش���یئی یوز علهیما االس���تحالة والتجز یة والتركیب والتغییر والتبدی���ل ّ‬
‫والتبدل و یكونان‬ ‫ن ج‬
‫ن‬
‫امتدادیی‪:‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫«إن م���ن یصف ّرب���ه بالقیاس ال یزال الدهر يف اال لتب���اس‪ ،‬مائال عن املهناج‪،‬‬
‫ّ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ظاعنا يف االعوجاج‪ ،‬ضا عن السبیل‪ ،‬قائال غیـر مجیل»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،54 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،303 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،297 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،299 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،34 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬التوحيد‪.47 ،‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪469‬‬

‫وحد م���ن ا كتهنه‪ ،‬وال‬ ‫«فلی���س اهلل ع���رف من ع���رف بالتش���بیه ذاته‪ ،‬وال ّإی���اه ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫حقیقة أصاب من مثله‪ ...‬وال ّإیاه عین من شبهّ ه»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫یتصور وال یرى وال یدرك إ االمتداد وما یلزم االمتداد من االس���تحالة‬ ‫م���ا ملخل���وق ال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتغیر و‪ ...‬یتكلم من تلقاء نفسه يف املبداء واملعاد؟! أهم‬ ‫والسنخیة‬ ‫والتجز یة والتركیب‬
‫اللق إذ یقول اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫الشهداء عىل خ‬
‫ُ ْ ُ ُ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َْ َ َ ْ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َْ َُُْْ َْ‬
‫ماوات والأر ِض ولا خلق أنف ِس ِهم وما كنت مت ِخذ‬ ‫ق الس ِ‬ ‫<ما أش���هدتهم‏ خل ‏‬
‫ُْ ّ َ ُ‬
‫(((‬
‫ين َعضدا>‪.‬‬ ‫الم ِض ِل‬
‫ًّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫فیحسب كل جهل علما وكل باطل حقا!!‬
‫ون َس ِبيلا>‪.‬‬ ‫ثال َف َض ُّلوا َفلا َي ْس َتط ُيع َ‬ ‫ُ َ َ َْ َ‬
‫ك الأ ْم ‏‬
‫ُْ َ َ‬
‫<انظ ْر ك ْيف‏ ضـربوا ل ‏‬
‫(((‬
‫ِ‬
‫عجل اهلل تعاىل فرجه وأظهر به كلمة التوحید‪:‬‬ ‫املهدي ّ‬
‫ّ‬ ‫یقول موالنا اإلمام‬
‫���ة َفما ُت ْغن‏ ْال ُ‬
‫آيات‬
‫ْ َ ٌ َ ٌ‬
‫بالغ‬
‫ِ‬ ‫<حكمة ِ‬ ‫«ال ألم���ر اهلل تعقل���ون‪ ،‬وال من أولیائه تقبلون ِ‬
‫َ‬ ‫َ ُّ ُ‬
‫(((‬
‫النذ ُر َع ْن ق ْو ٍم لا ُي ْؤ ِم ُنون‏>»‪.‬‬ ‫و‬
‫لاّ‬
‫فط���وىب ّمث طوىب المرء ع���رف قدره ومل یرجع يف حتصیل معارف���ه إ إىل العلماء باهلل‬
‫معلمي العقول وه���داة النفوس إىل اهلل تبارك وتعاىل و إىل املعارف‬ ‫اللق ّ‬ ‫الش���هداء عىل خ‬
‫ّ‬
‫احلقیقیة‪:‬‬ ‫ّ‬
‫البـرهانیة‬ ‫ّ‬
‫اإلهلیة‬
‫«كن���ت عند أب جعفر الثان؟ع؟ فأجر یت اختالف الش���یعة‪ ،‬فقال‪ :‬یا ّ‬
‫حممد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ ً ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫بوحدانیته مث خلق حممدا وعلیا وفاطمة‪،‬‬ ‫ّ‬
‫متف���ردا‬ ‫ّإن اهلل تب���ارك وتعاىل مل یزل‬
‫مفكثوا ألف دهر‪ّ ،‬مث خلق األشیاء‪ ،‬فأشهدهم خلقها‪ ،‬وأجرى طاعهتم علهیا‪،‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.35 ،‬‬
‫‪ . 2‬الكهف (‪.52 ،)18‬‬
‫‪ . 3‬الفرقان (‪.9 ،)25‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،92 / 99 ،‬ز یارة آل یس‪.‬‬
‫‪470‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫وفوض أمورها إلهیم‪.‬‬ ‫ّ‬


‫لاّ‬ ‫حیلون ما یش���اؤون‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وحیرمون ما یش���اؤون‪ ،‬ولن یش���اؤوا إ أن یش���اء اهلل‬ ‫فهم‬
‫حمم���د‪ ،‬هذه الدیان���ة الت من ّ‬
‫تب���ارك وتع���اىل‪ّ .‬مث قال‪ :‬یا ّ‬
‫تقدمه���ا مرق‪ ،‬ومن‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫خت ّلف عهنا حمق‪ ،‬ومن لزمها حلق‪ ،‬خذها إلیك یا ّ‬
‫حممد»‪.‬‬
‫فنسأل اهلل تعاىل ّمبنه وكرمه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أبدا ما حييت عىل مواال تكم ّ‬ ‫ّ‬
‫قن لطاعتكم‬
‫ي‬ ‫ووف‬ ‫ودينكم‬ ‫تكم‬ ‫وحمب‬ ‫تن اهلل‬
‫«فثب ي‬
‫وجعلن‬ ‫ن‬
‫التابعي ملا دعومت إليه‬ ‫وجعلن من خيار مواليكم‬ ‫ورزقن ش���فاعتكم‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫ّممن يقتص آثاركم ويسلك سبيلكم و هيتدي هبدا كم‏»‪.‬‬
‫ّ‬
‫فأین امللوك وأبناء امللوك من شـرف هذا املقام ّ‬
‫وعلو شأنه!‬
‫ّ‬
‫الدالة عىل تباین ذات خ‬
‫الالق‬ ‫ولنرج���ع إىل م���ا ّكنا فیه من التذكر بالروایات الش���ـر یفة‬
‫ّ‬
‫والسنخیة بیهنما‪:‬‬ ‫واملخلوق‪ ،‬وبطالن االعتقاد بالتشابه‬
‫ّ‬
‫النصـران‪:‬‬ ‫قال اإلمام الرضا؟ع؟ البن ّقرة‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫«م���ا تق���ول ف املس���یح؟ قال‪ :‬یا ّ‬
‫س���یدي إنه م���ن اهلل‏‪ ،‬فقال‪ :‬وم���ا تر ید بقولك‬ ‫ي‬
‫‘‘م���ن’’؟ و‘‘م���ن’’ عىل أربعة أوج���ه ال خامس هل���ا‪ ،‬أتر ید بقولك ‘‘م���ن’’‪ ،‬ك ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫مبعضا؟ أو ك ‪‘‘ :‬الخ���ل من الخ مر’’ فیكون عىل‬ ‫‘‘البع���ض من ال���كل’’ فیكون‬
‫سبیل االستحالة؟ أو ك ‪‘‘ :‬الولد من الوالد’’ فیكون عىل سبیل املنا كحة‪،‬؟ أو‬
‫ك ‪‘‘ :‬الصنعة من الصانع’’ فیكون عىل سبیل املخلوق من الخ الق؟ أو عندك‬
‫وجه آخر ّ‬
‫فتعرفناه؟ فانقطع»‪.‬‬
‫(((‬

‫الرب ّ‬
‫ان واحلمكة‬ ‫ینبغي ّ‬
‫التأمل ف هذه الروایة الش���ـر یفة الت صدرت عن معدن العلم ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الكاف‪.441 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬عيو ن‏ أخبار الرضا؟ع؟‪.276 / 2 ،‬‬
‫أب طالب؟ع؟‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،349 / 10 ،‬عن مناقب آل ي‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪471‬‬

‫مبـرر للقول بصدور األشیاء‬ ‫حت تعلم هل یكون هناك ّ‬ ‫اإلهلیة ف وضوح معناها ودال لهتا‪ ،‬ىّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ع���ن الواح���د الصمد الذي مل یلد ومل یول���د‪ ،‬ومل یكن له كفوا أح���د؟! أو االعتقاد بتجلیه‬
‫الالق‬ ‫بی خ‬
‫بالس���نخیة والش���باهة ن‬
‫ّ‬ ‫وظهوره يف صور األش���یاء وأعیاهنا؟!! أو إمكان القول‬
‫واملخلوق؟!‬
‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َْ ُ َ ْ َ ْ َ ُْ ُ ُ ّ‬ ‫َّ‬
‫(((‬
‫الص ُدور>‪.‬‬ ‫وب‏ ال ِتي‏ فِي‏‬‫لكن تعمى‏ القل‬ ‫ِ<إنها لا تعمى الأبصار و ِ‬
‫ُ‬ ‫َ ُ ًَ َ‬ ‫َ َ‬
‫(((‬
‫<و َم ْن ل ْم‏ َي ْج َع ِل‏ اهلل‏ ل ُه‏ نورا فما ل ُه‏ ِم ْن‏ نور>‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫َ َُ‬ ‫ً‬ ‫َُ ُ ً‬ ‫ََ ْ َ‬
‫هلل له‏ نورا>‪ :‬إماما من ولد فاطمة علهیا الس�ل�ام <فما له‏‬ ‫لا ‏‬ ‫���ن ل ْم‏ َي ْج َع ِ ‏‬‫«<وم‬
‫ُ‬
‫(((‬
‫ِم ْن‏ نور>‪ :‬إمام یوم القیامة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ومع هذا كله فالعجب من الفلسفة وهي تقول‪:‬‬
‫(((‬ ‫مما ال یعتریه ریب‪ ،‬وال ّ‬
‫یتطرق إلیه شائبة دغدغة»‪.‬‬ ‫السنخیة بین الفاعل وفعله ّ‬
‫ّ‬ ‫«إن‬‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫«إن الواحد ال يصدر عنه إ الواحد ولما كان الواجب تعالى واحدا بسيطا من كل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وجودي لمكان المسانخة‬ ‫وجه‪ ...‬ال يفيض إ وجودا واحدا بسيطا له كل كمال‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫بين العلة والمعلول»‪.‬‬
‫سنخیة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ذاتیة»‪.‬‬ ‫«من الواجب أن یكون بین المعلول وعلته‬
‫كتاب هناية احلمكة وبدایهتا وجود ما یساوي اهلل تعاىل من خلقه‪ ،‬وعجزه‬ ‫ُ َ‬
‫و يثبت يف ي‬
‫تعاىل عن خلق غیر ذلك!‪:‬‬

‫احلج (‪.46 ،)22‬‬ ‫‪ّ .1‬‬


‫‪ . 2‬النور (‪.40 ،)24‬‬
‫الكاف‪.195 / 1 ،‬‬ ‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ . 4‬حسن زادة‪ ،‬حسن‪ ،‬كشف املراد‪ ،‬التعليقات‪.506 ،‬‬
‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.316 _ 315 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.166 ،‬‬ ‫‪.6‬‬
‫ي‬
‫‪472‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬


‫(((‬
‫وجودي»‪.‬‬ ‫«الواجب تعالى‪ ...‬ال يفيض إ وجودا واحدا بسيطا له كل كمال‬
‫لاّ‬
‫التناقض في قاعدة‪« :‬الواحد ال يصدر عنه إ الواحد»‬

‫الفلس���فیة ن‬
‫أبی‬ ‫ّ‬ ‫ّإن التناقض يف نفس قاعدة «الواحد» املبتنیة علهیا أصول املعارف‬
‫ً‬ ‫فإن نفس املقارنة ن‬ ‫من الشمس ف رائعة الهنار‪ّ ،‬‬
‫بی الصادر واملصدر _ فضال عن االعتقاد‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫امتدادیة وكون‬ ‫بصدور األش���یاء من الذات املتعالیة _ مس���تلزم لكون ذاته تعاىل ّ‬
‫متجزئة‬
‫عددیة اعتبار ّیة‪:‬‬
‫ّ‬ ‫وحدته تعاىل وحدة‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫جزأه‪ ،‬ومن ّ‬
‫جزأه فقد جهله»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«‪...‬ومن قرنه فقد ّثناه‪ ،‬ومن ّثناه فقد ّ‬
‫واحدا ف حقیقته ومعناه فبما ّ‬ ‫ً‬
‫یتمی���ز الواحد عن الواحد‪ ،‬والصادر‬ ‫ي‬ ‫إن كان املف���روض‬
‫ی متمایز ین؟!‬ ‫حقیقی ن‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫شیئی‬ ‫عن املصدر؟!! ومب یكونان‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫بشء‪ ،‬ومن ّمث قالوا‪:‬‬ ‫ّ‬
‫شء‪ ،‬وال یتحد ي‬ ‫«والواح���د‪ ،‬املتبائن الذي ال ینبعث م���ن ي‬
‫ّإن بناء العدد من الواحد ولیس الواحد من العدد‪ّ ،‬إن العدد ال یقع عىل الواحد‬
‫بل یقع عىل اال ن‬
‫ثنی»‪.‬‬
‫(((‬

‫فال نعید ما فرغنا عن تفصیله ف مبحث ّ‬


‫«أنه واحد» فراجع‪.‬‬ ‫ي‬
‫وبی ما یكون بخ الف‬ ‫االمتدادي القاب���ل ّ‬
‫للتعدد ن‬ ‫ّ‬ ‫الذاتیة ن‬
‫بی‬ ‫ّ‬ ‫وبالوق���وف عىل التفرقة‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الفلسفیة‬ ‫واالعتباري‪ ،‬تعرف أیضا قیمة اآلراء‬ ‫يّ‬
‫احلقیق‬ ‫ذلك موضوعا‪ ،‬ومبعرفة معىن الواحد‬
‫ّ‬ ‫تحّ‬
‫و«ت ّرد‬
‫احلض���وري»‪ ،‬و«احللول واالتحّ���اد»‪ ،‬ج‬ ‫ح���ول‪« :‬ا اد العاق���ل واملعقول»‪ ،‬و«العلم‬

‫حسي‪ ،‬هناية احلمكة‪.316 _ 315 ،‬‬‫ن‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬


‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار ‪ 247 / 4 ،‬عن هنج البالغة واالحتجاج؛ هنج البالغة‪.247 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪ ،90 ،‬باب تفسير قل هو اهلل أحد إىل آخرها‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪473‬‬

‫ّ‬
‫الثبوتیة‪.‬‬ ‫الاطئة واملحاالت‬ ‫و«ت ّرد حقیقة العلم»‪ ،‬وغیر ذلك من األوهام خ‬ ‫النفس» ج‬
‫ُ ََ‬
‫���ماوات‏ َي َتف ّط ْر َن‏ ِم ْن ُ ‏ه‬ ‫الس‬ ‫الر ْح ُمن َو َل ًدا َل َق ْد ج ْئ ُت ْم َش ْ���ي ًئا إ ًّدا َت ُ‬
‫كاد َّ‬ ‫قال���وا َّات َخ َذ َّ‬ ‫َ ُ‬
‫<و‬
‫َ ْ َْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫���ق ال���أ ْر ُض َو َتخ ُّر الجبال َه ًّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َو َت ْن َش ُّ‬
‫���دا أ ْن َد َع ْوا ِل َّلر ْح ِمن َولدا َوم���ا َين َب ِغي ِل ّلرح ِمن أن‬ ‫ِ ِ‬
‫الر ْح ِمن َع ْبدا>‪.‬‬ ‫السماوات َو ْال َأ ْرض إ َّلا آتي َّ‬ ‫ك ُّل َم ْن في َّ‬ ‫َ َّ َ َ َ ً ْ ُ‬
‫يت ِخذ ولدا ِإن‬
‫(((‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫حان ُ ‏ه ُه َو ْال َغن ُّي َل ُه ما في َّ‬ ‫ََ ً ُ ْ َ‬ ‫ُ َّ َ َ‬
‫���ماوات َوما فِي الأ ْر ِض ِإ ْن‬ ‫ِ‬ ‫الس‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫���ب‬‫س‬ ‫د‬
‫ا‬ ‫ل‬‫و‬ ‫هلل‬
‫‏‬ ‫ا‬ ‫ذ‬ ‫<قالوا اتخ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع ْن َد ُك ْم م ْن ُسلطان بهذا أ َتقول َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫(((‬
‫ون َعلى اهلل ما لا ت ْعل ُمون‏>؟‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫ضاه ُؤ َن ق ْول‏ ال ِذ َين‏ كف ُروا ِم ْن ق ْب ُل قاتل ُه ُم اهلل أنى‬ ‫واه ِه ْم ُي ِ‬ ‫<ذ ِل���ك ق ْول ُه ْم ِبأف ِ‬
‫َ ُ‬
‫(((‬
‫ُي ْؤفكون>‪.‬‬
‫ُ ْ ً َّ ْ ْ َ َ َ ُ‬ ‫َ ُ َُ‬
‫(((‬
‫سان لكف ٌور ُم ِبين‏>‪.‬‬ ‫بادهِ‏ جزءا ِإن ال ِإن‬ ‫<و َج َعلوا له‏ ِم ْن‏ ِع ِ‬
‫كنْ‬ ‫َ ْ ً َ َّ َ ُ ُ َ ُ ُ‬ ‫َ َ ْ َ َّ َ ْ َ َ ُ ْ َ ُ َ‬
‫ن يت ِخذ ِمن‏ ول ٍد س���بحانه ِإذا قضـى‏ أم���را ف ِإنما يقول له‬ ‫كان ِلله أ ‏‬ ‫‏‬ ‫<م���ا‬
‫َ ُ‬
‫(((‬
‫ف َيكون‏>‪.‬‬
‫َّ ُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ ُ ْ ْ ْ ْ َ َ ُ ُ َ َ َ‬
‫(((‬
‫كاذ ُبون>‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫وإ‬
‫ِ‬ ‫‏‬
‫هلل‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫ون و‬ ‫<أ لا ِإنهم ِمن‏ ِإف ِك ِهم‏ ليقول ‏‬
‫َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ََ‬
‫(((‬
‫كاذبين‏>‪.‬‬ ‫<فن ْج َع ْل ل ْعنت اهلل َعلى ال ِ‬
‫هلل ال ُمخل ِصين>‪.‬‬
‫ْ َْ‬
‫باد ا ‏‬ ‫ون إ َّلا ِع َ‬ ‫َ َّ َ ُ َ‬ ‫ُْ َ‬
‫<سبحان اهلل عما ي ِصف ِ‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫اللقة ّ‬ ‫إن تكن خ‬


‫التجل‪:‬‬
‫ي‬ ‫مؤولة بالصدور أو‬

‫‪ . 1‬مرمي (‪.95 _ 89 ،)19‬‬


‫‪ . 2‬يونس (‪.69 ،)10‬‬
‫‪ . 3‬التوبة (‪.31 ،)9‬‬
‫‪ . 4‬الزخرف (‪.16 ،)43‬‬
‫‪ . 5‬مرمي (‪.36 ،)19‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 6‬الصافات (‪.153 ،)37‬‬
‫‪ . 7‬آل عمران (‪.62 ،)3‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 8‬الصافات (‪.161 _ 160 ،)37‬‬
‫‪474‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫«ف���إن كان ذلك كذلك مفن أی���ن جاء املوت والفناء [ومها غیر مس���انخ ّ‬
‫للحي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫األز ّل]‪ ...‬هذه مقالة‪ّ ...‬‬
‫أش���د الزنادقة ق���وال وأمهلهم مثال‪ ،‬نظروا يف كتب قد‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫صنفها أوائلهم وحبـروها هلم بألفاظ مزخرفة من غیر أصل ثابت وال حجة توجب‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫إثبات ما ّادعوا‪ ،‬كل ذلك خالفا عىل اهلل وعىل رسله وتكذیبا مبا جاؤوا عن اهلل‏‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الش���ـر [و إنه‬ ‫وأم���ا من زع���م ّأن الن���ور [وهو عنده���م حقیقة الوج���ود] ال یعمل‬
‫الس���نخي‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫وتوهم ّأن الوجود‬ ‫ّ‬ ‫عدم���ي] والظلمة ال تعمل الخ ی���ر [للزوم‬
‫ّ‬ ‫عندهم‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والش���ـر عدم حمض] فال جیب علهی���م أن یلوموا أحدا عىل معصیة‬ ‫خیر حمض‬
‫وأن ذلك عىل الظلمة غیر مس���تنكر‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫وال رك���وب حرمة‪ ،‬وال إتیان فاحش���ة‪ّ ،‬‬
‫بالس���نخیة والص���دور ووحدة الخ الق‬
‫ّ‬ ‫ذلك فعلها [وس���نخها]‪ ،‬وال له [وللقائل‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫یتضـرع إىل‬ ‫ّ‬
‫وال���رب ال‬ ‫رب‬ ‫یتضـرع إلی���ه ّ‬
‫ألن النور ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملخل���وق] أن یدع���و ّربا وال‬
‫نفسه‪ ،‬وال یستعیذ بغیره‪.‬‬
‫وال ألح���د من أهل هذه املقالة أن یقول‪‘‘ :‬أحس���نت’’ و«أس���أت»‪ّ ،‬‬
‫ألن اإلس���ائة‬
‫ً‬
‫م���ن فع���ل الظلم���ة [باقتضاء ذات���ه]‪ ...‬واإلحس���ان من الن���ور [ذات���ا واقتضاء‬
‫ّ‬
‫الس���نخیه!! ال ع���ن اختی���اره] وال یقول النور لنفس���ه‪‘‘ :‬أحس���نت یا‬ ‫لوج���وب‬
‫حمس���ن»‪ ،‬ولیس هناك ثالث [غیر النور والظلم���ة‪ ،‬أو فقل‪ :‬غیر حقیقة الوجود‬
‫املاهیات ّ‬
‫وتعین���ات الوجود]‬ ‫الناش ع���ن ّ‬
‫ئ‬ ‫ّ‬
‫املتأص���ل عندهم والع���دم احلاصل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تدبیرا ّ‬ ‫ً‬
‫وأعز أركانا‪.‬‬ ‫فكانت الظلمة عىل قیاس قوهلم أحكم فعال وأتقن‬
‫ّمث حبس���ت النور يف حبس���ها والدولة هلا [لس���ـر یان حقیقة الوج���ود يف األعیان‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملاهیات‪ ،‬فال فعل له إلاّ ف حبس ّ‬
‫املاهیة واحلدود‪ ،‬حیث إنه میتنع حتقق الال‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫لاّ‬
‫بشـرط يف الخ ارج إ بشـرط]‪.‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‬ ‫وما ادعوا بأن العاقبة س���وف تكون للن���ور [فال یبىق عی من األعیان وال ي‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪475‬‬

‫من األش���یاء بعد الفناء ورجوع األمر إىل الوحدة املطلقة!!] فدعوى [بال دلیل‪،‬‬
‫ّ‬
‫مع غض النظر عن امتناع ذلك بذاته]‪.‬‬
‫وینبغي عىل قیاس قوهلم أن ال یكون للنور [وحقیقة الوجود األصیلة عندهم]‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما الخ ارج عن‬
‫[وحمقق ف األعیان بأعیاهنا وحدودها وذواهتا‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫فعل ألنه أس���یر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫واملتعر ي عن احلدود فال وجود له إ ذهنا وومه���ا ال واقعا وعینا] ولیس‬ ‫ذل���ك‬
‫له س���لطان فال فعل له وال تدبیر‪ .‬و إن كان له مع الظلمة تدبیر‪ ،‬مفا هو بأس���یر‬
‫ّ‬ ‫الش���یئیة خ‬
‫ّ‬
‫وبالف األشیاء كلها‪ ،‬ولیس‬ ‫شء حبقیقة‬ ‫بل هو مطلق عز یز [وهو ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حبقیقة الوجود املوهومة األسیرة ّ‬
‫املتعینة يف احلدود لزوما‪ ،‬واملتجلیة يف األعیان‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادی���ة ال حمال���ة]‪ .‬ف���إن مل یكن كذل���ك [مطلقا عز ی���زا مبائنا‬ ‫املتجز ي���ة‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫متعالیا بل] وكان أس���یر الظلم���ة [وموجودا بوجود األعی���ان ومتحققا يف ذوات‬
‫وأنه یظهر ف هذا العامل إحس���ان وخیر مع فس���اد ّ‬ ‫ّ‬
‫وشـر‪ ،‬فهذا‬ ‫ي‬ ‫األش���یاء وأعیاهنا]‬
‫یدل ّأن الظلمة حتسن الخ یر وتفعله كما حتسن ّ‬ ‫ّ‬
‫الشـر وتفعله!‬
‫فإن قالوا‪‘‘ :‬حمال ذلك»‪ ،‬فال نور وال ظلمة [ولیس التقسمی إىل الوجود األصیل‬
‫ن‬
‫املتوهمّی و] بطلت دعواهم‬ ‫العدمية إلاّ من أس���اطیر ّ‬
‫األو ن‬
‫لی وأوه���ام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملاهی���ة‬
‫ّ‬ ‫توهم ّ‬ ‫[مما ّ‬
‫ویرجع األمر إىل ّأن اهلل واحد وما سواه ّ‬
‫وألوهیته كالنور والظلمة‬ ‫أزلیته‬
‫وحقیقة الوجود و‪ ]...‬باطل»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً ً‬ ‫ً‬
‫ال�ش��ء [املصدر] من أن یكون جوهرا واح���دا ولونا واحدا‪ ،‬مفن‬
‫ي‬ ‫«وال خیل���و ذلك‬
‫والواهر الكثیرة املوج���ودة يف هذا العامل من‬
‫أی���ن جائت هذه األ ل���وان املختلفة ج‬
‫الشء الذي أنشأت منه األشیاء‬ ‫�ّت�ىّ‬
‫ضـروب ش ؟ ومن أین جاء املوت إن كان ي‬
‫ّ ً‬ ‫ًّ‬
‫(((‬
‫میتا؟»‬ ‫الشء‬
‫ي‬ ‫ذلك‬ ‫كان‬ ‫إن‬ ‫احلیوة‬ ‫جاء‬ ‫أین‬ ‫من‬ ‫أو‬ ‫؟‬‫ا‬ ‫حی‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،210 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،166 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪476‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫بإیاده وتكو ینه تبارك وتعاىل‪:‬‬ ‫فال یشبه خ‬


‫الالق ما یوجد ج‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً ّ ً‬
‫(((‬
‫مكونا»‪.‬‬ ‫«وال یشبه شیئا‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫«وال یشهبه شء ّ‬
‫مكو ن»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫املخلوقی‪،‬‬ ‫إن كانت األشیاء بانت من اهلل تعاىل بالصدور عن ذاته أو بتجلیه يف صورة‬
‫فكیف میكن االعتقاد بقدرته واختیاره يف خلق ما خلق؟!‬
‫عمن زعم ّأن الخ لق مل یزل یتناس���لون ویتوالدون‬‫«ق���ال [الزندیق]‪ :‬فأخبـ���ر ن ّ‬
‫ي‬
‫ویيء ق���رن‪ ،‬تفنهیم األم���راض واألعراض وصن���وف اآلفات‪،‬‬ ‫ویذه���ب ق���رن ج‬
‫األول‪ ،‬وینبئك الخ لف عن الس���لف‪ ،‬والق���رون عن القرون‬ ‫خیبـ���رك اآلخ���ر ع���ن ّ‬
‫ّ‬
‫أنهّ���م وج���دوا الخ لق ع�ل�ى ه���ذا الوصف مبنزل���ة الش���جر والنب���ات‪ ،‬يف كل دهر‬
‫ً‬ ‫یخ���رج منه حكمی عل�ی�م مبصلحة الناس بصیر بتألیف ال���كالم‪ّ ،‬‬
‫وصنف كتابا‬
‫ً‬
‫بی الناس یأمرهم بالخ یر‬‫حاضـرا ن‬ ‫وحسنه حبمكته‪ ،‬قد جعله‬ ‫قد حبـره بفطنته ّ‬
‫لاّ‬
‫وحیثهّ���م علی���ه ویهناهم عن الس���وء والفس���اد ویزجره���م عنه لئ یهتاوش���وا‬
‫ً‬
‫ویقتل بعضهم بعضا؟!‬
‫ق���ال [اإلم���ام الصادق؟ع؟ ]‪ :‬وحیك‪ّ ،‬إن من خرج م���ن بطن أمه أمس ویرحل‬
‫ً‬
‫(((‬
‫عن الدنیا غدا‪ ،‬ال علم له مبا كان قبله وال ما یكون بعده‪.»...‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫«مث خلق الس���موات واألرض ف ّ‬
‫ّ‬
‫س���تة أیام‪ ...‬وكان‪ ...‬قادرا عىل أن خیلقها يف‬ ‫ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،299 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،298 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،182 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪477‬‬

‫(((‬ ‫طرفة ن‬
‫عی»‪.‬‬
‫أیضا نقول‪ّ :‬‬ ‫ً‬
‫شء أبعد من معرف���ة حقیقة التوحید وأقرب إىل اعتقاد‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫إن‬ ‫وم���ن هن���ا‬
‫ّ‬ ‫الدهر ّیة‪ ،‬من القول بتفسیر خ‬
‫التجل والظهور‪:‬‬
‫ي‬ ‫اللقة عىل وجه الصدور أو‬
‫«‪ ...‬كتب���ت إىل يأب احلس���ن الرض���ا؟ع؟ ‪ :‬س���ألته ع���ن آدم‪ :‬ه���ل كان فیه من‬
‫كتاب‪ :‬لیس صاحب هذه املس���ألة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء؟! فكتب يإل جواب ي‬ ‫جوهر ی���ة الرب ي‬
‫(((‬ ‫عىل شء من ّ‬
‫السنه‪ ،‬زندیق»‪.‬‬ ‫ي‬
‫«‪ ...‬قال يل یونس‪ :‬ا كتب إىل يأب احلس���ن؟ع؟ ‪ ،‬فاسأله عن آدم‪ :‬هل فیه من‬
‫شء! قال‪ :‬فكتبت إلیه‪ ،‬فأجاب‪ :‬هذه املسألة مسألة رجل عىل‬ ‫ّ‬
‫جوهر یة اهلل ي‬
‫الس���نة‪ .‬فقلت لیونس‪ ،‬فقال‪ :‬ال یس���مع ذا أصحابنا فیبـرؤون منك‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫غیر‬
‫ّ‬
‫من أو منك؟!»‬ ‫ّ‬
‫قلت لیونس‪ :‬یتبـر ؤون ي‬
‫(((‬

‫ّإن الصدور هو الوالدة ال غير‪ ،‬و ّإن السنخيّ ة هي العينيّ ة نفسها‪:‬‬

‫اإلمام أبو عبد اهلل الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫شء‪ ،‬وال تدركه األبصار‪ ،‬وال حییط به علم‪ ،‬مل‬ ‫«سبحان اهلل الذي لیس كمثله ي‬
‫ألن الوالد یشبه أباه‪ ،‬ومل یولد فیشبه من كان قبله‪ ،‬ومل یكن له من خلقه‬ ‫یلد ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫كفوا أحد‪ ،‬تعاىل عن صفة من سواه‬
‫شء وال كیف بال عالج وال معان���اة وال فكر وال‬ ‫لخ‬
‫«خل���ق ا لق واألش���یاء ال م���ن ي‬
‫ّ‬
‫ألنه ّ‬ ‫ّ‬ ‫مّ‬ ‫ّ‬
‫األول ال بدو له‪،‬‬ ‫بكیفیة املخلوق‪،‬‬ ‫كیف كما أنه ال كیف له‪ ،‬و إنا الكیف‬
‫ضد‪ ،‬وال ّند»‪.‬‬
‫(((‬ ‫وال شبه‪ ،‬وال مثل‪ ،‬وال ّ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،318 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫الكش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،292 / 3 ،‬عن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫الكش‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،292 / 3 ،‬عن‬
‫ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،304 / 3 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫املفضل بن عمر يف التوحيد املشهتر باإلهليلجة‪.‬‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬عن ّ‬
‫‪478‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام ابو احلسن الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ ّ‬
‫اللیل خلق وصنع‬ ‫شء صنع‪ ،‬واهلل الخ الق اللطیف ج‬ ‫ي‬ ‫مفن‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫صانع‬ ‫كل‬ ‫«إن‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬ ‫ال من ي‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫باإلیاد بل بالتجز یة‬
‫شء غیره فلیس إعطاؤه ج‬ ‫ي‬ ‫وكل‬ ‫تعاىل‪،‬‬ ‫اهلل‬ ‫ال یعط���ي الوج���ود إ‬
‫وانتقاص الذات‪:‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معط منتقص سواه»‪.‬‬
‫ومن هنا نرى یقول اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أرض ّأملوا مجیعا ّمث أعطیت كل واحد مهنم مثل ما ّأمل‬
‫مسوات وأهل ي‬
‫ّ‬
‫«لو أن أهل ي‬
‫(((‬
‫المیع ما انتقص من ملكي مثل عضو ّذرة‪ ،‬وكیف ینتقص ملك أنا ّقیمه؟!»‬ ‫ج‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫و یقول موالنا أمیر‬
‫ّ‬
‫البال‪ ،‬وضحكت عن���ه أصداف البحار‬ ‫«ولو وهب ما تنفس���ت عن���ه معادن ج‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫من ّ‬
‫اللجی وس���بائك العقیان ونضائد املرجان لبعض عبیده‪ ،‬ملا أثر ذلك‬ ‫الفلز‬
‫يف جوده وال أنفد س���عة ما عنده‪ ،‬ولكان عنده من ذخائر اإلفضال ما ال ینفده‬
‫ّ‬
‫مطالب الس���ؤال وال خیطر لكثرته عىل بال‪ ،‬ألنه ج‬
‫ال���واد ال تنقصه املواهب‪...‬‬
‫َّ َ ْ ُ ُ َ َ َ ً َ ُ َ َ ُ َ ُ‬
‫(((‬
‫راد ش ْيئا أ ْن َيقول ل ُه ك ْن ف َيكون‏>‪.‬‬ ‫ِ<إنما أمره ِإذا أ‬

‫بعض متشابهات الصدور والسنخيّ ة‪:‬‬


‫ّ‬
‫یتش���بث هبا القائل‬ ‫ال�ت�� میكن أن‬
‫ولنذك���ر هاهن���ا بعض متش���اهبات اآلیات واألخبار ي‬

‫الكاف‪ ،120 / 1 ،‬حبار األنوار‪ ،174 / 4 ،‬عن التوحيد والعیون‪.‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬هنج البالغة‪124 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،274 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،131 / 71 ،‬عن‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،274 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪479‬‬

‫ن‬ ‫ّ‬
‫الراس���خی يف العلم‪،‬‬ ‫والتجل والظهور‪ ،‬مع تأو یله الصادر عن أهله‪ ،‬أهل الذكر‬
‫ي‬ ‫بالصدور‬
‫ن‬
‫القائلی بالظنون الباطلة واألهواء املردیة‪.‬‬ ‫غیر‬
‫مفهنا قوله تعاىل‪:‬‬
‫َََ ْ ُ‬
‫(((‬
‫ن ُر ِوحي>‪.‬‬
‫ت ِفيهِ‏ ِم ْ ‏‬
‫<ونفخ ‏‬
‫ّ ّ َََ ْ ُ‬
‫ن ُر ِوحي>؟‬
‫<ونفخ���ت‏ ِفيهِ‏ ِم ْ ‏‬ ‫«‪ ...‬س���ألت أبا جعف���ر؟ع؟ عن قول اهلل عز وجل‬
‫ق���ال‪ :‬روح إختاره اهلل واصطفاه وخلقه وأضافه إىل نفس���ه‪ ،‬وفضله عىل مجیع‬
‫(((‬
‫األرواح فأمر فنفخ منه يف آدم؟ع؟ »‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫مّ‬
‫«‪ ...‬و إنا أضافه إىل نفس���ه ألنه اصطفاه عىل سائر األرواح‪ ،‬كما اصطىف بیتا‬
‫‘‘خلیل’’ وأشباه ذلك‪،‬‬
‫ي‬ ‫‘‘بیت»‪ ،‬وقال لرس���ول من الرس���ل‪:‬‬
‫من البیوت فقال‪ :‬ي‬
‫وكل ذلك خملوق‪ ،‬مصنوع‪ ،‬حمدث‪ ،‬مر بوب‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫مدبـر»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫مّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل أحد صمد لیس له جوف و إنا الروح خلق من خلقه»‪.‬‬
‫ومهنا قوله؟ص؟‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل خلق آدم عىل صورته»‪.‬‬ ‫«إن اهلل‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل خلق آدم عىل صورته؟‬ ‫عما ی���روون ّأن اهلل‬
‫«‪ ...‬س���ألت أبا جعفر؟ع؟ ّ‬
‫فق���ال‪ :‬هي صورة حمدث���ه خملوق���ة اصطفاه���ا اهلل واختارها عىل س���ائر الصور‬
‫املختلفة فأضافها إىل نفس���ه كما أضاف الكعبة إىل نفس���ه والروح إىل نفسه‬

‫‪ . 1‬احلجر (‪.30 ،)15‬‬


‫معان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،11 / 4 ،‬عن‬
‫‪ 3‬حبار األنوار‪ ،12 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،13 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪480‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ََ ْ ُ‬
‫(((‬
‫ت ِفيهِ‏ ِم ْن‏ ُر ِوحي>»‪.‬‬
‫‘‘بیت»‪ ،‬وقال‪< :‬نفخ ‏‬
‫فقال‪ :‬ي‬
‫ومهنا قوله تعاىل‪:‬‬
‫َْ‬ ‫<اهلل ُن ُور َّ‬
‫(((‬
‫ماوات َوالأ ْرض‏>‪.‬‬
‫الس ِ ‏‬
‫َْ‬ ‫ّ ّ‬
‫وجل‪< :‬اهلل ُن ُور َّ‬
‫ماوات‏ َوالأ ْرض>‪.‬‬
‫الس ِ‬ ‫«‪ ...‬سألت الرضا؟ع؟ عن قول اهلل عز‬
‫(((‬
‫فقال‪ :‬هاد ألهل السماء وهاد ألهل األرض»‪.‬‬
‫«‪‘‘ ...‬مثل نوره»‪ :‬مثل هداه يف قلب املؤمن‪...‬‬
‫س���یدي‪ ،‬إنهّ م یقول���ون‪ :‬مثل نور ّ‬
‫الرب!‬ ‫‪ ...‬قل���ت جلعفر؟ع؟ ‪ :‬جعلت فداك یا ّ‬
‫َْ‬ ‫َ َ ْ‬
‫(((‬
‫قال‪ :‬سبحان اهلل‏! لیس هلل مبثل‪ ،‬ما قال اهلل‏‪< :‬فلا تض ِـر ُبوا ِل ِله‏ الأ ْمثال>‏»‬
‫ومهنا قوله تعاىل‪:‬‬
‫���ه>‪ .‬وقوله تعاىل‪<ُ :‬ك ُّل َمن َع َل َیها َف���ان َو َی َبقى َو ُ‬
‫جه‬ ‫جه ُ‬‫���يء َها ِل ٌك إ َّلا َو َ‬ ‫ُ َ‬
‫«<ك ُّل ش ٍ‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َر ِّب َك>‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫ّ ّ ُ َ‬
‫ـيء َها ِلك‬
‫عز وجل‪< :‬ك ُّل ش ٍ‬ ‫«‪ّ ...‬كنا عند يأب عبد اهلل؟ع؟ فسأله رجل عن قول اهلل‬
‫شء إ وجهه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫لاّ‬
‫كل‬
‫ّ‬
‫هیلك‬ ‫یقولون‪:‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫فیه؟!‬ ‫یقولون‬ ‫ما‬ ‫قال‪:‬‬ ‫>؟‬ ‫ه‬ ‫جه ُ‬ ‫إ َّلا َو َ‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء إ وجهه الذي یؤ ىت منه‪ ،‬وحنن وجه اهلل الذي یؤىت منه»‪.‬‬ ‫هیلك كل ي‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫َُ َ‬ ‫َ‬
‫عی اهلل ولس���انه الص���ادق ویده وجنب اهلل الذي یق���ول‪< :‬أن تقول‬ ‫«‪ ...‬وأنا ن‬
‫َ‬ ‫َ ٌ َ َ َ َ َ َ َ َّ ُ‬
‫اهلل>‪ ،‬وأنا ید اهلل املبس���وطة عىل‬ ‫نب ِ‬‫نف���س یا حس���ـرتِي على ما فرطت فِ���ي ج ِ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،13 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬النور (‪.36 ،)24‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،15 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،18 / 4 ،‬عن تفسیر ّ‬
‫القم ّي‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،5 / 4 ،‬عن بصائر الدرجات‪.‬‬
‫هردصمو ءایشألا سفن مأ ؟ءایشألا قلاخ وهأ هلالج ّلج هللا‬ ‫‪481‬‬

‫ح�ّق�ي فقد عرف‬ ‫ّ‬ ‫عب���اده بالرمح���ة واملغفرة‪ ،‬وأن���ا باب ّ‬


‫عرفن وعرف ي‬ ‫ي‬ ‫حطة‪ ،‬م���ن‬
‫وحجته ع�ل�ى خلق���ه‪ ،‬ال ینكر ه���ذا إلاّ ّ‬
‫نبی���ه ف أرض���ه‪ّ ،‬‬
‫وصـ���ي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫راد‬ ‫ي‬ ‫ألن‬
‫رب���ه‪ ،‬ي‬
‫(((‬
‫عىل اهلل ورسوله»‪.‬‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫عل بن‬ ‫اإلمام ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫«حنن وجه اهلل الذي یؤ ىت منه»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل أعظم من أن یوصف بالوجه»‪.‬‬ ‫«إن اهلل‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«من وصف اهلل بوجه كالوجوه فقد كفر‪ ،‬ولكن وجه اهلل أنبیاؤه ورسله وحججه‬
‫(((‬ ‫صلوات اهلل علهیم‪ ،‬هم الذین هبم ّ‬
‫یتوجه إىل اهلل و إىل دینه و إىل معرفته»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،9 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،5 / 4 ،‬عن بصائر الدرجات‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،5 / 4 ،‬عن بصائر الدرجات‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،31 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪482‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫إذا كان كمال معرفة اهلل التصدیق به‬
‫فما هو حكم استزادة معرفة اهلل تعالى؟!‬
‫‪484‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫تتوهم الفلسفة وهي الباحثة عن معرفة ذات الخالق‪:‬‬
‫▪ ّإن���ا إن اقتصـرن���ا ف طر یق معرفة الخ الق عیل إثبات وجوده ّ‬
‫فقط ومل نفحص‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫عن معرفة كنه ذاته‪ ،‬فقد جعلنا املعارف اإلهلیة عىل سعهتا حمدودة ومقصورة‬
‫عىل غیر ما یلیق هبا‪ ،‬فال ّبد لنا عن دراسة الفلسفة الفاحصة عن معرفة كنه‬
‫وجود الخ الق‬
‫▪ إذا كان كمال معرفة اهلل تعاىل هو التصدیق بوجوده‪ ،‬فكیف میكن اس���تزاده‬
‫معرفة الخ الق تعایل ّ‬
‫وحمبته؟!‬

‫ویجیب هذا الفصل عن ذلك ویردّ دعواهم ببیان‪:‬‬

‫▪ ّأن استحالة معرفة الذات املتعالیة أمر ّ‬


‫ثبوت‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫▪ ال یز ید التفكر يف ذات اإل له إ تهیا وضاللة‪ ،‬وال ینتج إ زندقة و إحلادا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫التفك���ر ف فعل الخ ال���ق الودود ّ‬
‫الوهاب مفتوح���ة‪ ،‬وتنفتح من كل‬ ‫ي‬ ‫▪ ّأن أب���واب‬
‫باب مهنا آالف األبواب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫▪ ّأن اهلل تع���اىل ه���و ّ‬
‫الذاتیة‪،‬‬ ‫الفعال ملا یش���اء وال یكون أس���یرا لقانون العل ّی���ة‬
‫والري عىل ما تقتضیه ذاته ّ‬
‫املقدسة كما تقوله األوهام الخ اطئة‬ ‫ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫االمتدادي القاب���ل للوجود والع���دم‪ ،‬خالفا ملا‬ ‫▪ ال ینحصـ���ر المك���ال بالمك���ال‬
‫تصل إلیه األفهام البشـر ّیة‬
‫ال�ت�� تنس�ب�ها الفلس���فة إىل اهلل _ وه���و ع���دم‬
‫▪ أ كم���ل األوص���اف والمك���االت ي‬
‫التناه���ي يف ال���ذات والوج���ود _ ه���و ّأم النقائ���ص وأقب���ح األوص���اف للخال���ق‬
‫املتعال عن الوصف واالمتداد‬ ‫ي‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪485‬‬

‫‪ )1‬ذات‪ ،‬علم‪ ،‬نور‪ ،‬قدرة‪ ،‬حياة‪ ،‬سمع‪ ،‬بصـر‬


‫فقط وكان ّكل ّ‬
‫تعمق‬
‫ّ‬
‫لعله أن یقول قائل‪ :‬إذا كان كمال معرفة اهلل هوالتصدیق بوجوده ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وتفكر يف معرفته بعد احلكم بوجوده تشبهیا وجهال مفا هو حكم حتصیل الز یادة يف معرفته‬
‫اإلهلیة عىل سعهتا مقصورة عىل التصدیق‬‫وحمبته؟ وكیف یعقل أن تكون املعارف ّ‬ ‫تعاىل ّ‬
‫الالق ّ‬
‫فقط؟!‬ ‫بوجود خ‬
‫ّ‬
‫فنجیبه بأنه‪:‬‬
‫ً‬
‫ّأوال‪ :‬هل احلسن ج‬
‫والمال منحصـر بغیر ما یرى بالباصـرة و إن حكم بذلك األعمى؟!‬
‫ّ‬
‫األصم؟!‬ ‫والمال و إن مل یدركها‬ ‫ّ‬
‫الداوودیة مبعزل عن احلسن ج‬ ‫وهل األحلان‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫باحل���واس الظاهرة؟! وهل‬ ‫وه���ل اال لتذاد والس���ـرور واالبهت���اج ال حیصل إ مبا یدرك‬
‫المكال ینحصـر باالمتداد والعدد املحدود العاجز الفقیر املحتاج؟!‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫والالل والكبـر یاء ّ‬ ‫وهل ّ‬
‫بالتجس���د‬ ‫والبـروت ال یكون إ‬
‫وعلو املقام ج‬ ‫العزة والعظمة ج‬
‫ً‬
‫وج���ودا‪ّ ،‬‬ ‫الوجودی���ة فتحكم عىل معبودك ّ‬
‫ّ‬
‫وبأنه هو‬ ‫بأنه أ كبـر األش���یاء وأوس���عها‬ ‫والس���عة‬
‫احلقیقة الال متناهیة؟!‬
‫ّ‬
‫ال���ود والكرم واإلیثار لكبـر‬
‫وه���ل تعظم العلماء والصلحاء واألولیاء واألس���خیاء وأهل ج‬
‫ّ‬
‫أجسادهم وعظم هیاكلهم؟!‬
‫لاّ‬
‫هل ال یسمع إ من له اذن! واهلل تعاىل هو السمع ذاته؟!‬
‫‪486‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫عی! وهو ن‬
‫العی ذاهتا؟!‬ ‫وهل ال یرى إلاّ من له ن‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وهل ال یعلم إ من یكون عاملا بعلم!! وهو العلم ذاته الذي ال تخیف علیه خافیة؟!‬
‫لاّ‬
‫وهل القادر لیس إ أنت العاجز!! وهو القدرة ذاهتا‪ ،‬یفعل ما یشاء و حیكم ما یر ید؟!‬
‫ن‬ ‫ن‬
‫املسكی!! وهو ّ‬ ‫لاّ‬ ‫وهل ّ‬
‫العاملی‪.‬‬ ‫غن عن‬‫ي‬ ‫الفقیر‬ ‫أنت‬ ‫الغن لیس إ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫املتجزئ ّ‬ ‫لاّ‬
‫بإیاد‬
‫املتبعض املحدود املوجود ج‬ ‫وهل املوجود ال یكون إ أنت ومثلك املحتاج‬
‫غیرك؟!! وهو املوجود بنفسه البأجزائه وأبعاضه؟!‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أحدي املع�ن�ى‪ ،‬ولیس مبعان كثیرة‬ ‫«م���ن صفة الق���دمی أنه واحد‪ ،‬أحد‪ ،‬صمد‪،‬‬
‫(((‬
‫خمتلفة»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«ه���و نور ال ظلمة فیه‪ ،‬وحیاة ال موت فیه‪ ،‬وعلم ال جهل فیه‪ّ ،‬‬
‫وحق ال باطل‬
‫فیه‪ .‬قال هشام‪ :‬فخرجت وأنا أعلم الناس بالتوحید»‪.‬‬
‫(((‬

‫«واهلل ن���ور ال ظ�ل�ام فی���ه‪ّ ،‬‬


‫وحي ال م���وت له‪ ،‬وع���امل ال جهل فی���ه‪ ،‬وصمد ال‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫صمدي الذات»‪.‬‬ ‫حي الذات‪ ،‬عامل الذات‪،‬‬ ‫نوري الذات‪ّ ،‬‬ ‫مدخل فیه‪ّ ،‬ربنا ّ‬
‫جل ّ‬ ‫ّ‬
‫وع���ز ّربنا والعلم ذاته وال معلوم‪ ،‬والس���مع ذاته وال مس���موع‪،‬‬ ‫«مل ی���زل اهلل‬
‫فلما أحدث األش���یاء وكان‬‫والبصـ���ر ذاته وال مبصـ���ر‪ ،‬والقدرة ذات���ه وال مقدور‪ّ ،‬‬
‫املعل���وم وق���ع العلم من���ه عىل املعلوم‪ ،‬والس���مع ع�ل�ى املس���موع‪ ،‬والبصـر عىل‬
‫(((‬
‫املبصـر‪ ،‬والقدرة عىل املقدور»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.144 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.146 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.140 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.139 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪487‬‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل ذات ع مة مسیعة بصیرة قادرة»‪.‬‬

‫‪ )2‬القريب المحتجب بالنور‬


‫الق���دوس املتعال عن االمتداد ال ي���درك وال ّ‬
‫يتوهم وال‬ ‫ّإن ال���ذات العل���م القدرة النور ّ‬
‫ي‬
‫ميس وال جي ّس و‪ ،...‬فليس احلجاب والستر عىل ذاته‪ ،‬بل‬ ‫حيس وال ّ‬
‫يتصور وال يعرف وال ّ‬‫ّ‬
‫لاّ‬
‫عىل بصـرك وبصيرتك؛ مفا ذنبه وأنت ال ترى الوجود إ لك وملثلك؟!‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫«املحتجب بنوره دون خلقه ف األفق الطامح‪ّ ،‬‬
‫والعز الش���امخ‪ ،‬وامللك الباذخ‪،‬‬ ‫ي‬
‫لخ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتجل لقه من غير أن يكون يرى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫دنا‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫ومن‬ ‫ع�ل�ا‪،‬‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬ ‫ف���وق‬
‫فأحب االختصاص بالتوحي���د إذا احتجب بنوره‪ ،‬ومسا يف‬ ‫ّ‬ ‫وه���و باملنظر األعىل‪،‬‬
‫(((‬
‫علوه‪ ،‬واستتر عن خلقه»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫فاحتجاب���ه ليس مبا ّ‬
‫نتصو ره من معىن احلجاب واالحتجاب‪ ،‬بل ليس هو إ حجابا‬
‫ّ‬
‫ونتصو ره‪:‬‬ ‫بخ الف ما نعرفه من معىن احلجاب والستر‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫(((‬
‫<ون ْح ُن أق َر ُب‏ ِإل ْيهِ‏ ِم ْن‏ َح ْب ِل‏ ال َو ِريد>‪.‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬‫ن‬ ‫اإلمام امیر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«وأقرب إلینا من كل قر یب‪ ،‬وأبعد من الشبه من كل بعید»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.144 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،288 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬ق (‪.16 ،)50‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.79 ،‬‬
‫‪488‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫«واهلل هو املستور عن درك األبصار املحجوب عن األوهام والخ طرات»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫مّ‬
‫(((‬
‫«و إنا منظره يف القرب والبعد سواء‪ ،‬مل یبعد منه قر یب‪ ،‬ومل یقرب منه بعید»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«احتجب بغیر حجاب حمجوب‪ ،‬واستتر بغیر ستر مستور»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫والالل والعظمة إ ما یناسب االمتداد‪ ،‬واهلل تعاىل ال‬
‫نتصور من الكبـر یاء ج‬ ‫ولكنا ال‬
‫لاّ‬
‫یوصف إ مبا یخ الف ذلك‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫واملتعال‬
‫ي‬ ‫«احلم���د هلل الالبس الكبـر یاء بال جت ّس���د‪ ،‬واملرتدي ج‬
‫بالالل بال متثل‪،‬‬
‫(((‬
‫عن الخ لق بال تباعد مهنم»‪.‬‬
‫بل هو‪:‬‬
‫«لطی���ف اللطافه فال یوصف باللطف‪ ،‬عظمی العظم���ة فال یوصف بالعظم‪،‬‬
‫(((‬
‫الاللة فال یوصف بالغلظ»‪.‬‬ ‫كبیر الكبـر یاء فال یوصف بالكبـر‪ ،‬جلیل ج‬
‫«ال تش���مله املش���اعر‪ ،‬وال حیجب���ه احلج���اب‪ .‬فاحلج���اب بین���ه ن‬
‫وب�ی�� خلق���ه‬
‫المتناع���ه ّمم���ا میك���ن يف ذواهتم وإلمكان ذواهت���م ّمما میتنع منه ذات���ه‪ ،‬والفتراق‬
‫(((‬
‫الصانع واملصنوع»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪ ،89 ،‬باب تفسير قل هو اهلل أحد إىل آخرها‪.‬‬


‫الكاف‪،‬‏‪125 / 1‬؛ حبار األنوار‪ ،311 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.98 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.33 ،‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،304 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬التوحيد‪.56 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪489‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫حس ّكل ّ‬ ‫«حمجوب عنه ّ‬
‫(((‬
‫متوهم‪ ،‬مستتر غیر مستور»‪.‬‬
‫بی موضع قدمی���ك إىل عرش ّربك؟ قال‪...:‬‬ ‫املؤمنی‪ ،‬كم ن‬
‫ن‬ ‫«‪ ...‬ق���ال‪ :‬ی���ا أمیر‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫من موضع قدمي إىل عرش ر ّ يب أن یقول قائل خملصا‪‘‘ :‬ال إله إ اهلل‏’’»‪.‬‬
‫«‪ ...‬فق���ال ل���ه اب���ن يأب العوج���اء‪ :‬ذك���رت اهلل‏‪ ،‬فأحل���ت ع�ل�ى غائ���ب‪ ،‬فقال‬
‫ً‬
‫الص���ادق؟ع؟ ‪ :‬كیف یكون _ ویلك _ غائبا من هو مع خلقه ش���اهد‪ ،‬و إلهیم‬
‫أقرب من حبل الورید‪ ،‬یسمع كالمهم ویعلم أسـرارهم‪ ،‬ال خیلو منه مكان‪ ،‬وال‬
‫یشغل به مكان‪ ،‬وال یكون منه مكان أقرب من مكان‪ ،‬یشهد له بذلك آثاره‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ویدل علیه أفعاله»‪.‬‬
‫«‪ ...‬فق���ال أبو ق���رة‪ :‬فأی���ن اهلل‏؟ فقال أبو احلس���ن؟ع؟ ‪‘‘ :‬أین’’ م���كان‪ ،‬وهذه‬
‫ّ‬
‫مس���ألة شاهد عن غائب‪ ،‬واهلل تعاىل لیس بغائب‪ ،‬وال یقدمه قادم‪ ،‬وهو بكل‬
‫(((‬
‫مدبـر‪ ،‬صانع‪ ،‬حافظ‪ ،‬ممسك السموات واألرض»‪.‬‬ ‫مكان موجود‪ّ ،‬‬
‫«‪ ...‬لی���س لك مكان یعرف وال ل���ك موضع ینال‪ ...‬بل أی���ن ّ‬
‫توجه الواجهون‬
‫ن‬
‫حمتجبی‪،‬‬ ‫ن‬
‫املخلوقی وهم عنك غیر‬ ‫فأن���ت هناك مل تزل‪ ...‬حمتجب ع���ن رؤیة‬
‫ت���رى وال ت���رى وأن���ت يف املال األع�ل�ى‪ ،‬تس���مع وت���رى‪ ،‬وتعلم ما یخ�ف�ى وأخىف‪،‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫فتباركت وتعالیت ّ‬
‫(((‬
‫علوا كبیرا»‪.‬‬ ‫عما یقولون‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإن الستر واحلجاب ال یلیق إ باالمتداد ولیس إ لغیره تعاىل‪:‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.191 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،122 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ً‬
‫وف اإلرشاد أیضا‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،210 / 10 ،‬عن االحتجاج ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،346 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،357 / 92 ،‬عن فقه الرضا‪.‬‬
‫‪490‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫وبی خلقه غیر خلقه»‪.‬‬
‫(((‬ ‫«حجب بعضها عن بعض لیعلم أن ال حجاب بینه ن‬
‫ًّ‬ ‫لاّ‬
‫طرا ال ّادعائه‬ ‫ّ‬
‫املخلوقیة ال یرفع عن املخلوق إ بانعدامه‬ ‫البدهیي ّأن حجاب‬
‫ّ‬ ‫ومن‬
‫الوحدة مع خالقه!‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫مّ‬
‫«إنا یدرك بالصفات ذوو اهلیئات واألدوات ومن ینقض أمد ّ‬
‫(((‬
‫حده بالفناء»‪.‬‬ ‫ي‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫مّ‬
‫«إنا ّ‬
‫(((‬
‫حتد األدوات أنفسها‪ ،‬وتشیر اآل لة إىل نظائرها»‪.‬‬

‫‪ )3‬حجاب المعصية‬
‫ً‬
‫و ّإن هن���اك نوع���ا آخ���ر م���ن االحتجاب وه���و احلرمان عن نع���م اهلل الس���ابغة‪ ،‬وآال ئه‬
‫ولذة مناجاته واألنس به‪ ،‬وذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫مسبب عن الغفلة واملعصیة‬ ‫السیمة‪ ،‬ورمحته الواسعة‪،‬‬ ‫ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫بالعطیات‪ ،‬مفا ذنبه وحنن يف حجاب املعصیة والغفلة عنه وعن تفضله؟‬ ‫و إ فهو املنان‬
‫ن‬
‫املؤمنی والباقر والصادق صلوات اهلل علهیم‪:‬‬ ‫األ ّمئة أمیر‬
‫ّ‬
‫والق���وة علیه بك‪،‬‬ ‫«فس���بحانك تثیب ع�ل�ى ما بدؤه من���ك‪ ،‬وانتس���ابه إلیك‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫واإلحسان فیه منك‪ ،‬والتوكل يف التوفیق له علیك»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إنك ال حتتجب عن خلقك إ أن حتجهبم األعمال السیئة (اآلمال)‪ .‬دونك»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،305 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،315 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬
‫ونف التشبيه‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪ ،39 ،‬باب التوحيد ي‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،404 / 95 ،‬مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ . 5‬عقاب األعمال‪.68 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪491‬‬

‫«‪ ...‬ق���ال الرج���ل‪ :‬فلم احتج���ب؟! قال أب���و احلس���ن؟ع؟ ‪ّ :‬إن االحتجاب عن‬
‫(((‬
‫الخ لق لكثرة ذنوهبم»‪.‬‬
‫ن‬
‫الراغبی إلیك ش���ارعة‪ ،‬وأعالم‬ ‫ن‬
‫املخبتی إلیك واهله‪ ،‬وس���بل‬ ‫«اللهم ّإن قلوب‬
‫ّ‬
‫ن‬
‫الداعی‬ ‫ن‬
‫العارفی منك فازع���ة‪ ،‬وأصوات‬ ‫القاصدی���ن إلیك واضح���ة‪ ،‬وأفئدة‬
‫مفتح���ة‪ ،‬ودعوة من ناجاك مس���تجابة‪،‬‬‫إلی���ك صاع���دة‪ ،‬وأبواب اإلجاب���ة هلم ّ‬
‫وتوب���ة من أناب إلیك مقبولة‪ ،‬وعبـرة من بك���ى من خوفك مرحومة‪ ،‬واإلغاثة‬
‫ملن استغاث بك موجودة‪ ،‬واإلعانة ملن استعان بك مبذولة‪ ،‬وعداتك لعبادك‬
‫ن‬
‫العاملی لدیك حمفوظة‪ ،‬وأرزاقك‬ ‫منجزة‪ ،‬وزلل من استقالك مقالة‪ ،‬وأعمال‬
‫إىل الخ ال ئق من لدنك نازلة‪ ،‬وعوائد املز ید إلهیم واصلة‪ ،‬وذنوب املستغفر ین‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫الس���ائلی عن���دك موفرة‪،‬‬ ‫مقضی���ة‪ ،‬وجوائز‬ ‫مغف���ورة‪ ،‬وحوائ���ج خلق���ك عندك‬
‫املس���تطعمی ّ‬
‫ن‬
‫معدة‪ ،‬ومناه���ل الظماء مترعة‪.‬‬ ‫وعوائد املز ی���د متواترة‪ ،‬وموائد‬
‫حبق ّ‬
‫حممد‬ ‫وب�ی�� أولیائ‪ّ ،‬‬
‫اللهم فاس���تجب دع���ائ‪ ،‬وأقبل ثنائ‪ ،‬وامجع بین ن‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫نعمائ»‪.‬‬ ‫واحلسی‪ّ ،‬إنك ّ‬
‫ول‬ ‫ن‬ ‫وعل وفاطمة واحلسن‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫‪ )4‬رياض القرب‬
‫ّ‬
‫م���ا لك ال تدخل يف حدائق قرب اهلل جلت عظمته‪ ،‬ومس���اكن الذین قال فهیم أمیر‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«هتكت بینك وبیهنم حجب الغفلة فسكنوا يف نورك»‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإن‪:‬‬
‫(((‬
‫«قربه كرامته‪ ،‬وبعده إهانته»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.252 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 2‬كامل الز يارات‪39 ،‬؛ مصباح املهتجد‪ ،738 ،‬حبار األنوار‪.261 / 2 ،‬‬
‫ّ‬
‫الغروي‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،95 / 94 ،‬عن الكتاب العتيق‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪492‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لىّ‬
‫فاذا جت لك بـرأفته فقل‪:‬‬
‫رب البیت العتیق‪ ،‬یا‬‫«یا جاري اللصیق‪ ،‬یا ركن الوثیق‪ ،‬یا إهلي بالتحقیق‪ ،‬یا ّ‬
‫ي‬
‫هم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فكن من حلق املضیق‪ ،‬واصـرف ع�ّن�ي كل ّ‬ ‫ّ‬
‫وغم وضیق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ش���فیق یا رفیق‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫وأعن عىل ما أطیق»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كفن شـر ما ال أطیق‪ ،‬ي‬ ‫وا ي‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«فأس���ألك بامس���ك ال���ذي ظهرت ب���ه لخ ّ‬
‫اص���ة أولیائ���ك فوج���دوك وعرفوك‪،‬‬
‫بوبیتك عىل حقیقة اإلمیان‬ ‫تعرفن نفس���ك ال ّقر ل���ك بـر ّ‬ ‫فعبدوك حبقیقتك‪ ،‬أن ّ‬
‫ي‬
‫واحلظ�ن�� بلحظة من‬
‫ي‬ ‫عل�ن�� ی���ا إهلي ّممن یعب���د االس���م دون املعىن‪،‬‬‫ب���ك‪ ،‬وال جت ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حلظاتك تن ّ���ور هبا قلب مبعرفتك ّ‬
‫شء‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫عىل‬ ‫ك‬ ‫إن‬ ‫خاصة ومعرف���ة أولیائك‪،‬‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫قدیر»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫املؤمنی صلوات اهلل علیه مولیا مبادرا فقلت‪:‬‬ ‫البكال‪ :‬رأی���ت أمیر‬‫ي‬ ‫«‪ ...‬نوف‬
‫ّ‬
‫م�ن�� يف املحبوب‪،‬‬‫آم���ال تقد ي‬‫ي‬ ‫دعن یا ن���وف‪ّ ،‬إن‬
‫أی���ن تر ید ی���ا موالي! فق���ال‪ :‬ي‬
‫فقلت‪ :‬یا موالي‪ ،‬وما آمالك؟‬
‫ً‬
‫ق���ال‪ :‬قد علمها املأمول‪ ،‬واس���تغنیت ع���ن تبییهنا لغیره‪ ،‬وك�ف�ى بالعبد أدبا أن‬
‫ن ّ‬
‫املؤمن�ی��‪ ،‬يإن خائف عىل‬ ‫ال یش���ـرك يف نعم���ه وأربه غی���ر ّربه‪ .‬فقلت‪ :‬ی���ا أمیر‬
‫ّ‬
‫�س�� من الش���ـره(((‪ ،‬والتطلع إىل طمع م���ن أطماع الدنیا‪ ،‬فق���ال‪ :‬وأین أنت‬ ‫نف ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫عن عصمة الخ ن‬
‫العارفی؟ فقلت‪ :‬دل ين علیه‪.‬‬ ‫ائفی وكهف‬
‫ّ‬
‫هبمك‪،‬‬ ‫تفضله‪ ،‬وتقب���ل علیه ّ‬ ‫الع�ل�� العظمی یصل أملك حبس���ن‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ق���ال‪ّ :‬إن اهلل‬
‫ّ‬
‫وأع���رض ع���ن النازلة يف قلب���ك‪ ،‬فإن أحل���ك هبا فأن���ا الضامن م���ن موردها‪.‬‬

‫ّ‬
‫الكفعمي ومهج الدعوات‪.‬‬ ‫النان‪ ،‬عن كتب‬
‫‪ . 1‬دعاء املشلول‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،95 / 94 ،‬عن عقاب األعمال‪.‬‬
‫ن‬
‫‪ . 3‬شره‪ :‬رجل شره‪ :‬شرهان النفس‪ ،‬حر يص‪( .‬كتاب العی)‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪493‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وج�ل�ال أل ّقطعن أم���ل كل من‬
‫ي‬
‫فإنه یق���ول‪ّ :‬‬
‫وعز يت‬ ‫وانقط���ع إىل اهلل س���بحانه‬
‫(((‬
‫یؤمل غیري بالیأس و‪»...‬‬ ‫ّ‬

‫اإلمام ز ین العابدین؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫توش���حت((( ّ‬
‫(ترس���خت((()‪ .‬أش���جار الشوق إلیك يف‬ ‫«إهلي فاجعلنا من الذین‬
‫حدائ���ق صدوره���م‪ ،‬وأخ���ذت لوعة ّ‬
‫حمبت���ك مبجام���ع قلوهبم‪ ،‬فه���م إىل أوكار‬
‫وف ریاض القرب واملكاش���فة یرتعون‪ ...‬قد كش���ف الغطاء‬
‫األف���كار یأوون‪ ،‬ي‬
‫عن أبصارهم‪ ...‬وانش���ـرحت بتحقی���ق املعرفة صدورهم‪ّ ...‬‬
‫وق���رت بالنظر إىل‬
‫(((‬
‫حمبوهبم أعیهنم»‪.‬‬
‫«أس���ألك بس���بحات وجهك‪ ،‬وبأنوار قدس���ك‪ ،‬وأبهتل إلیك بعواطف رمحتك‬
‫ظن مبا ّ‬ ‫ّ‬
‫حتقق ّ‬
‫أؤمله م���ن جز یل إ كرامك ومجیل إنعامك يف‬ ‫ي‬ ‫ولطائ���ف ّبـرك‪ ،‬أن‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫والتمتع بالنظر إلیك»‪.‬‬ ‫القریب منك والزلىف لدیك‪،‬‬
‫«إهل���ي فاجعلن���ا ّممن اصطفیت���ه لقربك ووالیت���ك‪ ،‬وأخلصته ّ‬
‫ل���ودك ّ‬
‫وحمبتك‪،‬‬
‫ّ‬
‫ورضیته بقضائك‪ ،‬ومنحت���ه بالنظر إىل وجهك‪ ...‬ن‬ ‫ّ‬
‫وامن‬ ‫وش���وقته إىل لقائك‪،‬‬
‫بالنظر إلیك ّ‬
‫عل»‪.‬‬ ‫(((‬
‫ي‬
‫حت هتون علیه الدنیا وتصغر يف‬ ‫«‪ّ ...‬أما احلیاة الباقیة فهي أن یعمل لنفسه ىّ‬

‫حت أجعل‬‫حب ًا ىّ‬ ‫ُ‬


‫أس���كنت قلب���ه ّ‬ ‫عین���ه‪ ،‬وتعظم اآلخرة عنده‪ ...‬فإذا فعل ذلك‬
‫الت أنعمت هبا عىل أهل‬ ‫ّ‬
‫قلبه يل‪ ،‬وفراغه واش���تغاله ومهه وحدیثه من النعمة ي‬

‫‪ . 1‬الصحيفة العلو ّية‪.‬‬


‫وحشة (لسان العرب)‪.‬‬ ‫رض‪ :‬صارت ْ‬ ‫‪َ .2‬تو َّح َشت األَ ُ‬
‫ً‬
‫الش ُ‏ء َي ْر َس ُخ ُر ُسوخا‪ :‬ثبت يف موضعه‏‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬
‫خ ي‬ ‫‪َ .3‬ر َس َ ‏‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،151 _ 150 / 91 ،‬عن العدد القو ّیه‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،145 / 94 ،‬عن العدد القو ّیه‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،149 / 94 ،‬عن العدد القو ّیه‪.‬‬
‫‪494‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫عی قلبه ومسعه ىّ‬


‫حت یس���مع بقلبه‪ ،‬وینظر بقلبه إىل‬ ‫ّ‬
‫حمب�ت�� من خلق‪ ،‬وافتح ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫وعظمت»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫جالل‬
‫ي‬
‫و یقول اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫مؤمل من‬‫ع���ن أمل ّكل ّ‬
‫ومدي وارتفاعي عىل عرش���ـي أل ّقط ّ‬ ‫وجالل ج‬ ‫ّ‬
‫«وعز يت‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وألحن ّینه من‬
‫املذلة عند الناس‪ّ ،‬‬ ‫الناس ّأمل غیري بالیأس‪ ،‬وأل كس���ونه ثوب‬
‫دنه من وصل‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫أیؤمل غیري يف الشدائد والشدائد بیدي؟ ویرجو‬ ‫ي‬ ‫قرب‪ ،‬وألبع‬
‫ي‬
‫وباب‬
‫غی���ري ویقرع بالفكر باب غی���ري وبیدي مفاتیح األبواب وه���ي مغلقة ي‬
‫دعان؟‬ ‫ي‬ ‫مفتوح ملن‬
‫رجان لعظیمة فقطعت‬ ‫ّ‬
‫لن لنوائبه فقطعته دوهنا‪ ،‬ومن ذا الذي ي‬ ‫مفن ذا الذي أم ي‬
‫م�ّن�؟ جعلت آمال عبادي عندي حمفوظة فلم یرضوا حبفظي‪ ،‬ومألت‬ ‫ّ‬
‫رجاه ي‬
‫وبی عبادي‬‫مس���اوات ّممن ال ّمیل تس���بیحي وأمرهتم أن ال یغلقوا األب���واب بین ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫نوائب أنه ال میلك كش���فها أحد‬
‫بقول‪ ،‬أ مل یعلم من طرقته نائبة من ي‬ ‫فلم یثقوا ي‬
‫ً‬
‫الهیا ّ‬ ‫لاّ‬
‫عن؟‬ ‫ي‬ ‫أراه‬ ‫ل‬‫ي‬ ‫مفا‬ ‫‪،‬‬‫إذن‬
‫ي‬ ‫بعد‬ ‫غیري إ‬
‫یس���ألن ّرده وسأل غیري‪...‬‬
‫ي‬ ‫یس���ألن ّمث أنزعته عنه فلم‬
‫ي‬ ‫أعطیته جبودي ما مل‬
‫س���ائل؟ أ خبیل أنا‬
‫ي‬ ‫فی���ران أب���دء بالعطایا قبل املس���ألة‪ّ ،‬مث أس���أل فال أجیب‬ ‫ي‬ ‫أ‬
‫ّ‬
‫الود والك���رم يل؟ أولیس العف���و والرمحة بیدي؟ أ‬ ‫ل�ن�� عب���دي؟ أ ولیس ج‬ ‫فیبخ ي‬
‫ّ‬
‫دون؟‬ ‫ولیس أنا حمل اآلمال مفن یقطعها ي‬
‫یؤملوا غیري؟‬ ‫املؤملون أن ّ‬ ‫أ فال خیشـی ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫أرض ّأملوا مجیعا ّمث أعطی���ت كل واحد مهنم مثل‬
‫مساوات وأه���ل ي‬
‫ي‬ ‫فل���و ّأن أهل‬
‫المیع ما انتقص من ملكي مثل عض���و ّذرة‪ ،‬وكیف ینقص ملك أنا‬ ‫م���ا ّأمل ج‬
‫َ َ‬ ‫ْ َ ُْ ُ‬
‫وب ِل ّلد ْيل ِم ّي‪.‬‬
‫اب ِإرش ِاد القل ِ‬
‫َ ْ َ‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،78 / 77 ،‬عن ِكت ِ‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪495‬‬

‫ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫یراقبن»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫عصان ومل‬
‫ي‬ ‫رمحت‪ ،‬ویا بؤسا ملن‬
‫قیمه‪ ،‬فیا بؤسا للقانطی من ي‬
‫‪ )5‬الخالق العاجز؟!‬

‫ونعود إىل حبثنا ف جواب من اس���تغرب إمكان اس���تزادة معرفة اهلل تعاىل ّ‬
‫وحبه عىل‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫فرض كون التوحید هو اإل ثبات واإل قرار فقط‪ .‬فنقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألی���س من العج���ب أن یكون االعتقاد مبعب���ود یخ الف كل امتداد وع���دد و یباین كل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء‪:‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫عن‬ ‫یتعاىل‬ ‫و‬ ‫م‪،‬‬‫ومتوه‬ ‫متصور‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َُ ْ َ ْ ُ َ ْ َُْ َ‬ ‫َّ‬ ‫���مس َو ْال َق َم َر َو ُّ‬ ‫َّ‬
‫وم ُم َس���خ ٍ‬
‫رات ِبأم ِرهِ ألا له الخل���ق والأمر تبارك اهلل‬ ‫الن ُج َ‬ ‫<الش َ‬
‫عال َ‬‫َ ُّ ْ َ‬
‫(((‬
‫مين>‪.‬‬ ‫رب ال‬
‫ّ‬
‫یدع���و عبده الضعی���ف يف كل آن إىل االنغم���ار يف حبار عفوه ورمحت���ه ونعمته وجوده‬
‫وحنانه‪:‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫«‪ ...‬احلمد هلل الذي‪ ...‬انتظر مراجعتنا بـرأفته حلما»‪.‬‬
‫(((‬

‫رب هو هكذا غیر قابل للز یادة!! وتری االعتقاد مبوجود كبیر عظمی‬ ‫فكی���ف تری معرفة ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعلولیة‪،‬‬ ‫ال یعرف رأسه من ذنبه‪ ،‬ال قدرة له وال اختیار‪ ،‬بل یكون مسخر قانون العل ّیة‬
‫ً‬ ‫خ‬ ‫ّ‬
‫الشامون!! خوفا من لزوم‬ ‫بشء ال یرىض له بذلك عباده العرفاء‬
‫ي‬ ‫عهنا‬ ‫ف‬ ‫التخل‬ ‫إن أراد‬
‫الصدفة واال ّتفاق واملحال! أعىل مراتب العرفان والتوحید!!‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التفصـي عن‬ ‫«س���بحان اهلل وتعایل ما أعجز إهل���ا یوصف بالقدرة ال یس���تطیع‬

‫الكاف ‪.66 / 2‬‬


‫ي‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار ‪ ،131 / 71‬عن‬
‫‪ . 2‬األعراف (‪.55 ،)7‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬الصحيفة السجادية‪ ،‬الدعاء األول‪.‬‬
‫‪496‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬
‫الطینة»‪.‬‬
‫رب قادر علمی‬ ‫ن‬
‫اللعی ألبناء البش���ـر حیث ال یرىض هلم مبعرفة ّ‬ ‫تتعجب من خدعة‬ ‫ّ‬ ‫أال‬
‫ّ‬
‫حكمی خمتار مر ید یفعل ما یشاء و حیكم ما یر ید‪ ،‬و یتعاىل عن كل ما ّ‬
‫یتوهم‪ ،‬فیذهب هبم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والتخلف ّ‬
‫عما ألزموه به من‪« :‬قانون العل ّیة‬ ‫الروج‬‫إىل أن یخ تاروا ألنفسهم ّرب ًا ال جیوز له خ‬

‫السنخیة» و «قاعدة الواحد» و‪ ...‬حیث یقولون‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫البـر ّیة» و «لزوم‬‫ج‬


‫ّ‬ ‫روحانیتي ّ‬
‫ّ‬
‫المتصله بالروح األعلى! تض ّـرعي إلى العلة التي أنت معلولة من جهتها‬ ‫«یا‬
‫صح ��ة مزاجي ما دمت في عالم التركیب ودار‬ ‫الفعال في ّ‬‫عني إلى العقل ّ‬‫لتتضـ���ر ع ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫التركیب»‪.‬‬
‫ّ‬
‫ولعله ال ّبد هلذا املعبود املوهوم حینئذ من أن جییبه بلسان حاله‪ ،‬فینادیه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وصفات! إن جاز يل‬
‫ي‬ ‫أمس���ائ‬
‫ي‬ ‫ل‬‫وت ي‬ ‫ذات! ج‬ ‫ع�ّن� باقتضاء ي‬ ‫لبی���ك! لبی���ك! یا من صدر ي‬
‫ّ‬
‫العل ّ‬ ‫ّ‬
‫مینعن ع���ن إجابتك لزوم التخصیص‬ ‫ي‬ ‫ومل‬ ‫ة‪،‬‬‫ی‬ ‫قانون‬ ‫ع���ن‬ ‫ف‬ ‫التخل‬ ‫_ مع���ذرة عنك! _‬
‫ّ‬ ‫العق�ل��! فع�ل�ى عین‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ألن‬
‫ولكن مع األس���ف معذور من إجابت���ك و إغاثتك ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يف احلك���م‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذاتیة!!‬ ‫واملعلولیة‬ ‫بنفس أنا الواجب املسجون يف سجن قانون العل ّیة‬ ‫ي‬
‫كما ّأنه ال ّبد للوجود الصـرف الال متناهي أن جییبه فیقول‪:‬‬
‫صحة املزاج ف أسـر دار التركیب وعامل التركیب‪ّ ،‬‬ ‫أیضا إىل ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأما‬ ‫ي‬ ‫بنفس‬
‫ي‬ ‫املحتاج‬ ‫أنا‬ ‫إن‬‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫عل! حیث تعتبـر نفس���ك غیري‪ ،‬وتثبت لنفسك وجودا يف‬ ‫أنت مفا أش���ـركك وما أجرئك ي‬
‫ّ‬
‫كون ووجودك وجودي‪ ،‬لعذبتك بعذاب مل‬ ‫بصـرافت‪ ،‬إن مل یكن كونك ي‬ ‫ي‬ ‫قبال‪ ،‬أل قس���م‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫یخ طر عىل بالك أبدا!؟‬
‫فنقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫التفصـي من‬ ‫«س���بحان اهلل وتع���ایل‪ ،‬ما أعجز إهلا یوصف بالقدرة ال یس���تطیع‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،177 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ً‬ ‫ال ّ‬ ‫‪ .2‬خ‬
‫يراتية‪ ،261 / 2 ،‬نقال عن أفالطون‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪497‬‬

‫(((‬
‫الطینة»‪.‬‬
‫نعم‪:‬‬
‫«وهكذا حال العقالء يف ما یصفون اهلل تعاىل به»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫یأت علیه س���بعون س���نة‪ ،‬أو مثانون سنة‪ ،‬یعیش يف ملك‬‫«‪ ...‬ما أقبح بالرجل ي‬
‫(((‬
‫حق معرفته!»‬ ‫اهلل‏‪ ،‬ویأ كل من نعمه‪ّ ،‬مث ال یعرف اهلل ّ‬

‫ه���ذا‪ ،‬وقد جاء يف «تفس���یر املیزان» يف ّرد من اعتقد أن یكون هلل تعاىل إس���م یدعى‬
‫به فیستجاب‪:‬‬
‫وخواصها یدف ��ع ذلك ّكله ف � ّ‬
‫�إن التأثیر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحقیق���ي ع���ن العلة والمعل ��ول‬ ‫«والبح���ث‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحقیقي یدور مدار وجود األشیاء في ّقوته وضعفه‪ ،‬والمسانخة بین المؤثر والمتأثر‪...‬‬
‫ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫اإللهیة واسمه األعظم ّ‬ ‫واألسماء ّ‬
‫خاصة و إن كانت مؤثرة في الكون وسائط وأسبابا‬
‫ّ‬ ‫لنزول الفیض من الذات المتعالیة في هذا العالم المشهود ّ‬
‫(((‬
‫لكنها تؤثر بحقائقها»‪.‬‬
‫«م���ن المبـرهن علیه ّأنه فاعل ّ‬
‫تام لمجموع ما س ��واه‪ ...‬فهو مبدء لما س ��واه‪ ،‬منبع‬
‫لكل خیر ورحمة بذاته‪ ،‬واقتضاء المبدء لما هو مبدء له ض ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ـروري»‪.‬‬
‫لتوهم انتساب إجابة الدعوات إىل ّ‬
‫واقعية األ لفاظ من أمساء اهلل‬ ‫فنقول‪ّ :‬إنه ال وجه ّ‬
‫ّ‬ ‫تعاىل‪ ،‬وأوهن من ذلك ّ‬
‫توهم كون األمساء والصفات ذات مصادیق مؤثرة يف أسـر قانون‬
‫الالق البارئ القادر ّ‬ ‫واملعلولیة البـر ّیة‪ ،‬بل ّ‬
‫احلق هو ّأن املجیب هو اهلل خ‬ ‫ّ‬
‫الفعال ملا‬ ‫ّ ج‬ ‫العل ّیة‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،209 / 3 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪.293 / 69 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،54 / 4 ،‬عن كفایة األ ثر‪.‬‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪ 354 / 8 ،‬و‪.355‬‬‫ن‬ ‫حممد‬‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.46 / 8 ،‬‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪498‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫مس���بب األس���باب والقادر عىل اإلجابة من غیر س���بب وال أس���باب‪ ،‬و إن كان من‬ ‫یش���اء‬
‫لاّ‬
‫حمكته وكمال قدرته أن ال جیري األمور إ باألسباب‪.‬‬

‫‪ )6‬أدنى مرتبة المعرفة هي أعالها‬


‫ً‬
‫واحدا وهو العلم ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ ً‬
‫بأنه‬ ‫م���ر مرارا ّأن أعىل مراتب معرفة اهلل تعاىل وأدناها لی���س إ‬ ‫ق���د‬
‫شء بخ الف األشیاء‪:‬‬ ‫ّ ّ‬
‫تعاىل موجود فقط وأنه ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«وكمال معرفته التصدیق به‪ ،‬وكمال التصدیق به توحیده»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫«ومل جتعل طر یقا إىل معرفتك إ بالعجز عن معرفتك»‪.‬‬
‫یعن أبا احلس���ن موىس؟ع؟ _ ما ال���ذي ال جتزي معرفة‬ ‫ّ‬
‫«كتب���ت إىل الطیب _ ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لخ‬
‫شء ومل یزل مسیعا وعلیم���ا وبصیرا وهو‬
‫ا ال���ق بدون���ه فكتب‪ :‬لیس كمثل���ه ي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫الفعال ملا یر ید»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫«‪ ...‬وباإل قرار یمكل اإلمیان به»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«‪[ ...‬عن يأب احلس���ن]؟ع؟ ‪ :‬قال‪ :‬س���ئلته عن أدىن املعرفة‪ ،‬فقال‪ :‬اإل قرار بأنه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال إل���ه غی���ره‪ ،‬وال ش���به له وال نظی���ر‪ ،‬وأنه قدمی مثب���ت موجود غیر فقی���د‪ ،‬وأنه‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬
‫لیس كمثله ي‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،247 / 4 ،‬عن هنج البالغة‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،150 / 94 ،‬عن العدد القو ّیة‪.‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.284 ،‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،230 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.283 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪499‬‬

‫ّ‬
‫التفكر في ذات اهلل‏‬ ‫‪)7‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫للتفك���ر إلاّ ف فعله تعاىل‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫فإن���ه ال یز ید التفك���ر يف ذاته إ تهی���ا وجهالة‬ ‫ي‬ ‫ف�ل�ا جم���ال‬
‫وضاللة‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ ّ ً‬ ‫تكلموا ف اهلل‏‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حتیرا»‪.‬‬ ‫فإن الكالم يف اهلل ال یز ید إ‬ ‫ي‬ ‫وال‬ ‫اهلل‬ ‫خلق‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫موا‬ ‫«تكل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء وال تكلموا يف اهلل‏»‪.‬‬ ‫«تكلموا يف كل ي‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫تهی���ا‪ّ ،‬‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫والتفك���ر ف اهلل‏‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل‬ ‫ألن اهلل‬ ‫ف���إن التفكر يف اهلل ال یز ید إ‬ ‫ي‬ ‫«إیا ك���م‬
‫(((‬
‫ال تدركه األبصار وال یوصف مبقدار»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إیا ك���م والتفك���ر يف اهلل‏‪ ،‬ولكن إذا أردمت أن تنظ���روا‏إىل عظمة اهلل فانظروا إىل‬
‫(((‬
‫عظم خلقه»‪.‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ّ ّ َ َ‬
‫<وأ ّن ِإلى‏ َر ِّب َك ال ُم ْن َتهى>‪:‬‬ ‫اإلمام الصادق؟ع؟ يف قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل فأمسكوا»‪.‬‬ ‫«إذا انهتى الكالم إىل اهلل‬
‫«خرج رسول اهلل؟ص؟ عىل أصحابه فقال‪ :‬ما مجعكم؟ قالوا‪ :‬اجتمعنا نذكر ّربنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ونتفكر يف عظمته‪ ،‬فقال‪ :‬لن تدركوا التفكر يف عظمته»‪.‬‬
‫شء من التوحید‪ ،‬فرفع یدیه إىل السماء وقال‪:‬‬ ‫«‪...‬س���ألت أبا جعفر؟ع؟ من ي‬
‫(((‬
‫ال ّبار‪ّ ،‬إن من تعاطى ما ّمث هلك»‪.‬‬ ‫تعاىل ج‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.454 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.455 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.457 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.458 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.456 ،‬‬
‫‪ . 6‬التوحيد‪.455 ،‬‬
‫‪ . 7‬التوحيد‪.456 ،‬‬
‫‪500‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یتكلم���ون ف الر ّ‬
‫بوبیة‪ ،‬فقال‪ :‬اتقوا اهلل‏‪،‬‬ ‫ي‬ ‫«‪ ...‬دخ���ل علیه قوم من هؤالء الذین‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وعظموا اهلل‏‪ ،‬وال تقولوا ما ال نقول‪ ،‬فإنكم إن قلمت وقلنا‪ ،‬ومتمّ ومتنا‪ّ ،‬مث بعثكم‬
‫(((‬
‫وكنا»‪.‬‬‫اهلل وبعثنا‪ ،‬فكنمت حیث شاء اهلل ّ‬
‫ّ‬ ‫«‪ّ ...‬إن الناس ال یزال هبم املنطق ىّ‬
‫حت یتكلموا يف اهلل‏‪ ،‬فاذا مسعمت ذلك فقولوا‪:‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫ال إله إ اهلل الواحد الذي <ل ْي َس ك ِمث ِلهِ ش ْي ٌ‏ء>»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أعراب إىل ّ‬
‫من من غرائب العلم‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ي‬ ‫عل‬ ‫النب؟ص؟ فقال‪ :‬یا رس���ول اهلل‬ ‫ي‬ ‫«جاء ي‬
‫حت تسأل من غرائبه؟!‬ ‫ما صنعت ف رأس العلم ىّ‬
‫ي‬
‫ق���ال الرجل‪ :‬ما رأس العلم یا رس���ول اهلل‏؟ ق���ال‪ :‬معرفة اهلل ّ‬
‫ح���ق معرفته‪ ،‬قال‬
‫ّ‬
‫حق معرفته؟ قال‪ :‬تعرفه بال مثل‪ ،‬وال شبه‪ ،‬وال ّند‪ ،‬وأنه‬ ‫األعراب‪ :‬وما معرفة اهلل ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫حق معرفته»‪.‬‬‫واحد‪ ،‬أحد‪ ،‬ظاهر‪ ،‬باطن‪ّ ،‬أول‪ ،‬آخر‪ ،‬ال كفو له‪ ،‬وال نظیر‪ ،‬فذلك ّ‬
‫ّ‬
‫املتعمقون والرام���ون وراء تعالمی الوحي‬ ‫ف�ل�ا جمال ّ‬
‫للتعم���ق ف معرفة ذاته تعایل‪ّ ،‬‬
‫فإن‬ ‫ي‬
‫هم اهلالكون‪:‬‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫عل بن‬‫اإلمام ّ‬
‫ي‬
‫متعمق���ون فأنزل اهلل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ع���ز وج���ل علم أنه یك���ون ف آخر الزمان أقوام ّ‬‫«إن اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫عز‬ ‫ي‬
‫ّ ُ ْ ُ َ ُ َ َ ٌ ُ َّ‬
‫الص َم ُد> واآلیات من س���ورة احلدید إىل قوله‪َ :‬‬
‫<و‬ ‫وجل‪< :‬قل هو اهلل أحد‪ .‬اهلل‬
‫الص ُدور>‪ ،‬مفن رام وراء هنالك هلك»‪.‬‬ ‫ليم بذ ِات ُّ‬
‫َُ َ ٌ‬
‫هو ع ِ‬
‫(((‬

‫اإلمام أبو عبداهلل؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫فتكل���م ف ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الرب تب���ارك وتعاىل‬ ‫ي‬ ‫ل���ه‬ ‫ل���س‬ ‫م‬
‫ج‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫كان‬ ‫الش���أن‬ ‫عظ�ی�م‬ ‫مل���كا‬ ‫«إن‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.457 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.256 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.285 / 284 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.284 / 283 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪501‬‬

‫ففقد مفا یدری أین هو»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬
‫«إن���ه كان يف م���ن كان قبلك���م قوم تركوا عل���م ما وكلوا بعلم���ه وطلبوا علم ما‬
‫عما فوق الس���ماء فتاهت قلوهبم‪،‬‬ ‫حت س���ألوا ّ‬ ‫مل یوكل���وا بعلم���ه‪ ،‬فلم یبـرحوا ىّ‬

‫ب�ی�� یدیه فیجی���ب من خلفه‪ ،‬ویدع���ى من خلفه‬ ‫ف���كان أحده���م یدعى من ن‬


‫(((‬ ‫فیجیب من ن‬
‫بی یدیه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الضال ن‬ ‫ن‬
‫ی حیث یقول موالنا اإلمام‬ ‫اهلالكی‬ ‫وم���ن هنا تعرف املراد من أصحاب الكالم‬
‫أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ابی علینا‪ ،‬فإنهّ م ترك���وا ما أمروا بعلمه‬
‫والكذ ن‬ ‫«إی���اك وأصحاب الخ صوم���ات‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫وتكلفوا علم السماء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫می هم النجباء»‪.‬‬ ‫املسل ن‬ ‫«هیلك أصحاب الكالم وینجو املسلمون‪ّ ،‬إن‬
‫ّ‬ ‫«متكلموا هذه العصابة من ّ‬‫ّ‬
‫(((‬
‫شـر من هم منه من كل صنف»‪.‬‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫املتكل ن‬ ‫ّ‬
‫املذمومی‬ ‫می‬ ‫فإنك تعلم باملراجعة إىل معتقدات أصحاب الفلسفة ّأن املراد من‬
‫ه���م أصحاب الفلس���فة‪ ،‬وأن���ت تراهم وعقائدهم م���ن قوهلم بقدم الع���امل‪ّ ،‬‬
‫وأزلیة اإلرادة‪،‬‬
‫واملعلول‪ّ ،‬‬
‫وادعاء اس���تغناهئم عن تعالمی‬ ‫ّ‬ ‫والبـر ّ‬
‫العل‬ ‫وص���دور العامل من ذات خ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫الال���ق‪ ،‬ج‬
‫ّ‬
‫أه���ل الوحي والتنز یل مبا ینالون إلیه بأوهامهم وأفكارهم و إدراكاهتم ال املتکلم املصطلح‬
‫علیه عندنا‪:‬‬
‫ّ‬
‫«ع���ن یونس ب���ن یعقوب ع���ن يأب عب���د اهلل؟ع؟ ‪ ...:‬قال‪ :‬قل���ت‪ :‬يإن مسعتك‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.458 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.457 / 451 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.459 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.258 ،‬‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.460 ،‬‬
‫‪502‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تهن���ى عن الكالم وتقول‪ :‬ویل أله���ل الكالم یقولون‪ :‬هذا ینقاد وهذا ال ینقاد‪،‬‬
‫وه���ذا ینس���اق وه���ذا ال ینس���اق‪ ،‬وهذا نعقل���ه وه���ذا ال نعقله؛ فق���ال أبو عبد‬
‫(((‬
‫اهلل؟ع؟ ‪ :‬قلت ویل هلم إن تركوا ما أقول وذهبوا إىل ما یر یدون»‪.‬‬

‫‪ )8‬المراد من المعرفة القلبيّ ة‬


‫لاّ‬ ‫ً‬
‫مطلق���ا‪ّ ،‬‬ ‫فلی���س للمخل���وق النظ���ر إىل ذات خ‬
‫ألن النظر ال میك���ن أن یقع إ إىل‬ ‫الالق‬
‫ّ‬
‫یتفكر فیه‪ّ .‬‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإن ذلك‬ ‫الع���ددي املخل���وق‪ ،‬فال میكنه إ أن ینظر إىل فعل اهلل تعاىل وأثره و‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫مضاف���ا إىل ّأن���ه یدله عىل وجود اهلل تع���اىل من حیث ّإنه خالق وفاع���ل وصانع‪ ،‬یز یده‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وحمبة له و یقینا به وتوكال علیه وشوقا إىل لقائه‪ ،‬وذلك ّأنه تعاىل ال یفعل‬ ‫خشوعا لدیه ّ‬
‫لاّ‬
‫بغیره إ ما ینتج ذلك‪ ،‬وهذه هي املعرفة واإلمیان القابل للز یادة والمكال‪.‬‬
‫ً‬ ‫فال میكن أن یكون املراد من املعرفة ّ‬
‫القلبیة أیضا معرفة يف عرض دال لة اآل ثار واأل فعال‬
‫وتوهم و إدراك ومعرفة بنفسه‪ ،‬فتقسمی‬ ‫تصور ّ‬ ‫الالق املتعال بالذات عن ّكل ّ‬ ‫عىل وجود خ‬
‫ي‬
‫ومدعي العرفان إىل أقس���ام ومراتب خمتلف���ة من‪« :‬املعرفة‬ ‫بع���ض أه���ل البحث للمعرف���ة ّ‬
‫(((‬
‫بشء‪.‬‬
‫باآل ثار» وبـ «احلقیقة» وبـ «معرفة الذات بالذات» وأمثال ذلك لیس ي‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫«احتجب عن القلوب كما احتجب عن األبصار‪ّ ،‬‬
‫وعمن يف الس���ماء احتجابه‬
‫(((‬
‫عمن يف األرض»‪.‬‬‫ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫«حمرم عىل القلوب أن حتتمله»‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعل���ق املعرفة بذات خ‬
‫الال���ق تعایل ن‬
‫بی أن تك���ون تلك املعرفة‬ ‫وال ف���رق يف اس���تحالة‬

‫‪ . 1‬إثبات اهلداة‪ ،65 / 1 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫ً‬
‫‪ . 2‬راجع أیضا إیل مبحث نقد مدرسة التفكیك‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪117 / 1‬؛حبار األنوار‪ ،154 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪503‬‬

‫بالقلب‪ ،‬أو بالبصـر‪ ،‬أو بالعقل‪ ،‬أو بالوهم؛ وأن تكون ف الدنیا‪ ،‬أو ف اآلخرة‪ ،‬أو ف ّ‬
‫الذر؛‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫أو يف الیقظة‪ ،‬أو يف النوم‪:‬‬
‫ّ ّ ّ‬ ‫ً‬
‫عز وجل يف منامه!‬ ‫حممد؟امهع؟‪ّ :‬إن رجال رأى ربه‬ ‫«‪ ...‬قلت للصادق جعفر بن ّ‬
‫مف���ا یكون ذلك!؟ فقال‪ :‬ذاك رجل ال دین ل���ه‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتعاىل ال یرى يف‬
‫(((‬
‫الیقظة وال يف املنام وال يف الدنیا وال يف اآلخرة»‪.‬‬
‫حممد؟امهع؟ عن اهلل تب���ارك وتعاىل هل یرى‬ ‫«‪ ...‬س���ألت أبا عب���د اهلل جعفر بن ّ‬
‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عل���وا كبیرا! یابن الفضل‪ّ ،‬إن‬ ‫يف املعاد؟! فقال‪ :‬س���بحان اهلل وتعاىل عن ذلك‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫والكیفیة»‪.‬‬ ‫األبصار ال تدرك إلاّ ما له لون ّ‬
‫وكیفیة‪ ،‬واهلل خالق األ لوان‬
‫ً‬ ‫راس���ان ّقدس ّ‬
‫‏األمة‪ّ ،‬ردا عیل‬ ‫س���ره ف كتابه هدایة ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫حممد جواد خ‬
‫ال‬ ‫وقد قال الش���یخ ّ‬
‫ّ‬
‫الصوفیة والفالسفة والعرفاء‪:‬‬ ‫ی وأمثاهلم من‬‫التفكیكی ن‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫«إن���ه ّ‬
‫تخی���ل (بع���ض المعاصـری���ن) أن‪ ...‬ال مانع م ��ن أن ّ‬
‫یعرف اهلل‏ تعال ��ی أولیائه‬
‫المقدس ��ة‪ ...‬وزعم ّأن هذا من معرفة الذات‬ ‫المقدس���ة بالذات ّ‬‫الخاصة‪ ...‬ذاته ّ‬ ‫ّ‬
‫هلل من أمثال هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫التوهمات _ ‪.‬‬ ‫بالذات وأنه شيء استفاده من الروایات _ أعاذنا ا ‏‬
‫المدعی من مذهب أهل البیت؟مهع؟ ّأن كش ��ف الذات و إدرا كه من حیث هو‬ ‫بل ّ‬
‫صوفی ًا أم لم ّ‬
‫یسم‪ ،‬قیل معه بالفناء أم لم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ذاته تعالی ممتنع بالذات‪ّ ،‬‬
‫س���مي كش ��فا‬
‫بأنه هو الوجود أم لم یقل‪ ،‬قیل ّ‬ ‫ّ‬
‫بأهلیة‬ ‫یق���ل‪ ،‬قیل بوحدة الوجود أم لم یقل‪ ،‬قیل‬
‫(((‬
‫الكاشف أم لم یقل»‪.‬‬
‫ّ‬
‫تحنن الخالق ّ‬
‫وتجري المخلوق‬ ‫‪)8‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫جوابا عن سؤالك من حكم استزادة معرفة اهلل ّ‬
‫وحبه أیضا وقد سألناك‪:‬‬ ‫ّمث نقول‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ 32 / 4 ،‬عن أماىل الصدوق‪.‬‬


‫أمال الصدوق‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،31 / 4 ،‬عن ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫راسان‪ّ ،‬‬
‫حممد جواد‪ ،‬هداية األمة إیل معارف األ مئة‪.278 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ .3‬خ‬
‫ال‬
‫ي‬
‫‪504‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫ّ‬
‫الوجودی���ة؟! فال تعظم‬ ‫ّ‬
‫بالتجس���د والس���عة‬ ‫ّأن���ه هل العظمة والش���موخ ال یكون إ‬
‫لاّ‬
‫ال���ود والكرم واإلیث���ار إ لكبـر أعضاهئم‬
‫العلم���اء والصلحاء والرمحاء واألس���خیاء وأهل ج‬
‫ّ ّ‬
‫وعظم أجس���ادهم؟! ح�ّت�ىّ یلزم أن یكون خالقه���م العظمی كل كلهم‪ ،‬وبصـرافته وس���عته‬
‫ّ‬
‫الوجودية حیو هیم بأمجعهم؟!!‬
‫وت ّللهم لكبـر ش���أهنم ّ‬
‫وعلو فضائلهم املعلومة مهنم بآثار علمهم‬
‫ّ‬ ‫أو ّ‬
‫تكبـرهم وتعظمهم ج‬
‫وقدرهتم وفضلهم وعفوهم وجودهم و‪...‬؟!‬
‫وحینئذ فارجع إىل نفسك وما فعل بك ّربك‪ ،‬وما بارزته به ج‬
‫وت ّرأت به علیه‪:‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ً َ َََ ُ َ ً‬ ‫<ما َل ُك ْم لا َت ْر ُج َ‬
‫(((‬
‫ون ِل ِله َوقارا َوق ْد خلقك ْم أ ْطوارا>‪.‬‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام‬
‫«ی���ا موالي أنت ال���ذي مننت‪ ،‬أنت الذي أنعمت‪ ،‬أنت الذي أحس���نت‪ ،‬أنت‬
‫الذي أمجلت‪ ،‬أنت الذي أفضلت‪ ،‬أنت الذي أ كملت‪ ،‬أنت الذي رزقت‪ ،‬أنت‬
‫ّ‬
‫الذي وفقت‪ ،‬أنت الذي أعطیت‪ ،‬أنت الذي أغنیت‪ ،‬أنت الذي أقنیت‪ ،‬أنت‬
‫الذي آویت‪ ،‬أنت الذي كفیت‪ ،‬أنت الذي هدیت‪ ،‬أنت الذي عصمت‪ ،‬أنت‬
‫ّ‬
‫الذي س���ترت‪ ،‬أنت الذي غفرت‪ ،‬أن���ت الذي أقلت‪ ،‬أنت الذي مكنت‪ ،‬أنت‬
‫الذي أعززت‪ ،‬أنت الذي أعنت‪ ،‬أنت الذي عضدت‪ ،‬أنت الذي ّأیدت‪ ،‬أنت‬
‫ال���ذي نصـرت‪ ،‬أنت الذي ش���فیت‪ ،‬أنت الذي عافی���ت‪ ،‬أنت الذي أ كرمت‪،‬‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫تباركت وتعالیت‪ .‬فلك احلمد دامئا‪ ،‬ولك الشكر واصبا أبدا‪.‬‬
‫بذنوب فاغفرها يل؛ أنا الذي أس���أت‪ ،‬أنا الذي أخطات‪،‬‬
‫ي‬ ‫ّمث أنا یا إهلي املعترف‬
‫أن���ا الذي مهمت‪ ،‬أن���ا الذي جهلت‪ ،‬أن���ا الذي غفلت‪ ،‬أنا الذي س���هوت‪ ،‬أنا‬

‫‪ . 1‬نوح (‪.14 _ 13 ،)71‬‬


‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪505‬‬

‫ال���ذي اعتمدت‪ ،‬أنا الذي ّ‬


‫تعم���دت‪ ،‬أنا الذي وعدت‪،‬أنا ال���ذي أخلفت‪ ،‬أنا‬
‫(((‬ ‫الذي نكثت‪ ،‬أنا الذي أقررت‪ ،‬أنا اعترفت بنعمتك ّ‬
‫عل وعندي‪»...‬‬‫ي‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الاهل الذي علمته‪ ،‬وأنا الضال الذي‬ ‫«س���یدي أنا الصغیر الذي ّربیته‪ ،‬وأنا ج‬
‫ّ‬
‫هدیت���ه‪ ،‬وأنا الوضی���ع الذي رفعته‪ ،‬وأن���ا الخ ائف الذي آمنت���ه‪ ،‬ج‬
‫والایع الذي‬
‫أش���بعته‪ ،‬والعطش���ان الذي أرویت���ه‪ ،‬والعاري ال���ذي كس���وته‪ ،‬والفقیر الذي‬
‫أغنیت���ه‪ ،‬والضعی���ف ال���ذي ّقو یته‪ ،‬والذلی���ل ال���ذي أعززته‪ ،‬والس���قمی الذي‬
‫شفیته‪ ،‬والسائل الذي أعطیته‪ ،‬واملذنب الذي سترته‪ ،‬والخ اطئ الذي أقلته‪،‬‬
‫ّ‬
‫وأنا القلیل الذي كثرته‪ ،‬واملستضعف الذي نصـرته‪ ،‬أنا الطر ید الذي آویته‪.‬‬
‫أن���ا ی���ا ّ‬
‫رب ال���ذي مل أس���تحیك يف الخ�ل�أ‪ ،‬ومل أراقب���ك يف امل�ل�أ‪ ،‬أن���ا صاح���ب‬
‫س���یده اجت���رى‪ ،‬أنا الذي عصی���ت ّ‬
‫جبار‬ ‫الدواه���ي العظم���ى‪ ،‬أن���ا الذي عىل ّ‬
‫(((‬ ‫اللیل ّ‬
‫الرشا»‪.‬‬ ‫السماء‪ ،‬أنا الذي أعطیت عىل معاصـي ج‬
‫«كی���ف أدعوك وأنا العاصـي‪ ،‬وكیف ال أدع���وك وأنت الكر می‪ ،‬وكیف أفرح وأنا‬
‫العاصـي‪ ،‬وكیف أح���زن وأنت الكر می‪ ،‬وكیف أدعوك وأنا أنا‪ ،‬وكیف ال أدعوك‬
‫وأنت أنت»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ )9‬الدعاء‬

‫حبب الضاللة والعمى‪ ،‬مفا لك ال تر ید ز یادة معرفة ّربك ّ‬ ‫ً‬


‫مشغوفا ّ‬
‫وحمبته‬ ‫إن مل یكن قلبك‬
‫وظلما‪ ،‬وال تر یدمها من باب فتحه موال ك ّ‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫ألي‬ ‫إ من باب ال ینفتح ثبوتا وال یكون إ جهال‬
‫الت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إنسان وبأي مكان وزمان؟! فإن باب املناجاة والعبودیة احلرة واالستزادة مهنا _ وهي ي‬
‫النان‪ ،‬دعاء یوم العرفة‪.‬‬ ‫‪ . 1‬املحدث ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫ّ‬
‫الثمال‪.‬‬ ‫أب محزة‬ ‫‪ . 2‬املحدث ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫ي‬ ‫النان‪ ،‬دعاء ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،139 / 94 ،‬عن العدد القو ّیة‪.‬‬
‫‪506‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫عزة وعظمة وجالل وأبهّ ة ورمحة ورأفة ّ ن‬


‫وحتن وجود وكرم ومغفرة وشفقة وقرب‬ ‫تر یك ّربك ف ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫أمجعی‪ .‬یقول خ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الالق جل وعال‪:‬‬ ‫وكرامة لیس هلا حد وال هنایة _ مفتوحة لك وللخالئق‬
‫ُ ْ ََُْ ُ ْ َ ّ َْ ُ ُ ُ‬
‫(((‬
‫عاؤك ْم>‪.‬‬‫<قل ما يعبؤا ِبكم ربِي لو لا د‬
‫والرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«الدعاء مخ العبادة»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫«أعلم الناس باهلل أ كثرهم له مسألة»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل مبثل البداء»‪.‬‬ ‫«ما عظم اهلل‬

‫‪ )10‬التوكّ ل والتسليم والخشوع والحياء و‪...‬‬

‫الال���ق تبارك وتعاىل تز ی���د وتز ید ولكن ال من حیث ما توهمّ���ه أولیاء املعرفة‬ ‫مفعرف���ة خ‬
‫ّ‬
‫والعرفانیة‪ ،‬بل من حیث ازدیاد التوكل علیه‪ ،‬والتسلمی‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلسفیة‬ ‫البشـر ّیة وزعماء األ فكار‬
‫ّ‬ ‫والش���وع خ‬ ‫والیقی به‪ ،‬خ‬ ‫ن‬
‫والضوع عنده‪ ،‬واالس���تحیاء منه‪ ،‬والتذلل‬ ‫له‪ ،‬والتفو یض إلیه‪،‬‬
‫ّ‬
‫بعبودیتن���ال���ه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لدی���ه‪،‬وحتصی���لرض���اه‪ّ ،‬‬
‫وربوبیت���هلن���ا‪:‬‬ ‫والتع���زز‬‫والتنع���موالتل���ذذ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫عزا أن أ كون لك عبدا‪ ،‬وكىف يب فخرا أن تكون يل ّربا‪ ،‬أنت كما‬ ‫«إهل���ي كىف يب‬
‫(((‬ ‫أحب فاجعلن كما ّ‬
‫حتب»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬

‫‪ . 1‬الفرقان (‪.77 ،)25‬‬


‫ّ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،300 / 93 ،‬وعدة الداعي‪.‬‬
‫‪ . 3‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،107 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 5‬الصحيفة العلو ّية‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪507‬‬

‫والعجب من هذا املستز ید من معرفة اهلل تعاىل القائل هل من مز ید وهو یعتبر نفسه‬
‫الهبیة الت أش���ـرنا إلهیا مع ّأنه یعتقد ّ‬ ‫ً‬
‫الالق هو الذات‬‫ب���أن خ‬
‫ي‬
‫اللق الثمینة ّ‬ ‫صف���ا هب���ذه خ‬ ‫ّمت‬
‫ّ‬
‫املتجلیة بصور الكائنات ّ‬
‫املتغیرة‬ ‫الال متناهیة الصادر عهنا األشیاء باقتضاء ذاهتا‪ ،‬أو هي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملعلولیة؟!‬ ‫املتبدلة‪ ،‬األسیرة يف قید قانون العل ّیة‬
‫ً‬ ‫فاعرف حكم استزادة معرفة اهلل تعاىل ّ‬
‫وحبه جمانبا عن ضاللة عقیدة وحدة الوجود‬
‫ّمما نتلوه علیك‪:‬‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫«م���ن عرف اهلل وعظمه منع فاه عن الكالم‪ ،‬وبطنه من الطعام‪ ،‬وعىن نفس���ه‬
‫بالصیام والقیام»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«من سكن قلبه العلم باهلل سبحانه سكنه الغىن عن الخ لق»‪.‬‬
‫(((‬

‫«یسیر املعرفة یوجب الزهد يف الدنیا»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ‬
‫یتعظم‪ّ ،‬‬
‫فإن رفعة الذین یعلمون ما عظمته‬ ‫«ال ینبغي ملن عرف عظمة اهلل أن‬
‫(((‬
‫أن یتواضعوا له»‪.‬‬
‫«ینبغي ملن عرف اهلل سبحانه أن ال خیلو قلبه من رجائه وخوفه طرفة ن‬
‫عی»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫(((‬
‫«ینبغي ملن عرف اهلل أن یتوكل علیه»‪.‬‬

‫الكاف‪.237 / 2 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 3‬غرر احلكم‪.‬‬
‫خ‬
‫‪ . 4‬هنج البالغة‪ ،‬الطبة ‪.147‬‬
‫‪ . 5‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 6‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪508‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫یشتد خوفه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«عجبت ملن عرف اهلل كیف ال‬
‫(((‬
‫«غایة املعرفة الخ شیة»‪.‬‬
‫«غایة العلم الخ وف من اهلل‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«أ كثر الناس معرفة بنفسه أخوفهم لر ّبه»‪.‬‬
‫«من كان باهلل أعرف كان من اهلل أخوف»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬


‫ن‬
‫الراغبی إلیك ش���ارعة‪ ،‬وأعالم‬ ‫ن‬
‫املخبتی إلیك واهلة‪ ،‬وس���بل‬ ‫«اللهم ّإن قلوب‬
‫ّ‬
‫ن‬
‫الداعی‬ ‫ن‬
‫العارفی منك فازع���ة‪ ،‬وأصوات‬ ‫القاصدی���ن إلیك واضح���ة‪ ،‬وأفئدة‬
‫إلی���ك صاع���دة‪ ،‬وأبواب اإلجاب���ة هلم ّ‬
‫مفتح���ة‪ ،‬ودعوة من ناجاك مس���تجابة‪،‬‬
‫وتوب���ة م���ن أن���اب إلی���ك مقبول���ة‪ ،‬وعبـ���رة م���ن بك���ى م���ن خوف���ك مرحومة‪،‬‬
‫واإلغاثة ملن استغاث بك موجودة‪ ،‬واإلعانة ملن استعان بك مبذولة‪ ،‬وعداتك‬
‫ن‬
‫العاملی لدیك حمفوظة‪،‬‬ ‫لعبادك منجزة‪ ،‬وزلل من اس���تقالك مقالة‪ ،‬وأعمال‬
‫وأرزاق���ك إىل الخ ال ئ���ق من لدنك نازل���ة‪ ،‬وعوائد املز ید إلهی���م واصلة‪ ،‬وذنوب‬
‫ن‬
‫السائلی عندك‬ ‫ّ‬
‫مقضیة‪ ،‬وجوائز‬ ‫املس���تغفر ین مغفورة‪ ،‬وحوائج خلقك عندك‬
‫املس���تطعمی ّ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫مع���دة‪ ،‬ومناهل الظماء‬ ‫موف���رة‪ ،‬وعوائد املز ی���د متواترة‪ ،‬وموائد‬
‫(((‬
‫مترعة»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬

‫‪ . 1‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 2‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 3‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 4‬غرر احلكم‪.‬‬
‫ن‬
‫الواعظی‪.‬‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،393 / 70 ،‬عن روضة‬
‫أمي اهلل‪ ،‬املحدث ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫النان‪ ،‬عن كامل الز يارات وغيره‪.‬‬ ‫‪ . 6‬ز يارة ن‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪509‬‬

‫ّ ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل»‪.‬‬
‫(((‬
‫عز وجل من عرف اهلل‬ ‫«أحق خلق اهلل أن یسلم ملا قضـى اهلل‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«من عرف اهلل خاف اهلل‏‪ ،‬ومن خاف اهلل سخت نفسه عن الدنیا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإنه‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ََْ ُ ُ‬
‫الن َاس ِبما ك َس ُبوا ما ت َر َك َعلى‏ ظ ْه ِرها ِم ْن َد ّابةٍ >‪.‬‬
‫(((‬
‫ؤاخذ اهلل‬
‫<ولو ي ِ‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫وجل ما ّ‬‫ّ ّ‬
‫م���دوا أعیهنم إىل ما منح‬ ‫«ل���و یعلم الناس م���ا يف فضل معرفة اهلل عز‬
‫ّ‬
‫اهلل ب���ه األعداء من زهرة احلیوة الدنی���ا ونعیمها‪ ،‬وكانت دنیاهم أقل عندهم ّمما‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫یطؤون���ه بأرجلهم‪ّ ،‬‬
‫وعز‪ ،‬وتلذذوا هبا تلذذ من مل یزل يف‬ ‫ولنعموا مبعرفة اهلل جل‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل أنس من كل وحش���ة‪،‬‬ ‫النان مع أولی���اء اهلل‏‪ّ .‬إن معرفة اهلل‬
‫روض���ات ج‬
‫ّ‬ ‫وصاحب من ّكل وحدة‪ ،‬ونور من ّكل ظلمة‪ّ ،‬‬
‫وقوة من كل ضعف‪ ،‬وشفاء من‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كل سقم»‪.‬‬
‫ً‬
‫(((‬
‫«أعرف الناس باهلل‏‪ ،‬أعذرهم للناس و إن مل جید هلم عذرا»‪.‬‬
‫(((‬
‫متبسم‪ ،‬وقلبه وجل حمزون»‪.‬‬ ‫«العارف وجهه مستبشـر ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل عاقل مغموم‪ ،‬كل عارف مهموم»‪.‬‬
‫ً‬ ‫وم���ع ه���ذا _ فب���اهلل علی���ك _ هل لك أن ّ‬
‫تس���مي س���لوكا غایته أن یع���ري العارف عن‬
‫الكاف‪.62 / 2 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الواطر‪.417 ،‬‬‫‪ . 2‬تنبيه خ‬
‫‪ . 3‬فاطر‪.45 ،‬‬
‫الكاف‪.248 / 8 ،‬‬
‫ي‬ ‫الكاف‪346 ،‬؛ فروع‬
‫ي‬ ‫‪ . 4‬روضة‬
‫‪ . 5‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 6‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 7‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪510‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫عی وجود خ‬
‫الالق‪ ،‬معرفة اهلل‏!؟ بل‬ ‫ّ‬
‫العبودیة والش���ـر یعة‪ ،‬و یرى الس���الك ش���خصه ن‬ ‫قید‬
‫أعىل مراتب التوحید والعرفان؟! واألعجب هو ّأن بعض من یعتقد بوحدة وجود خ‬
‫الالق‬
‫ّ‬
‫الدینیة و یأمر هبا غیره‪،‬‬ ‫واملخلوق یلتزم بآداب الش���ـر یعة و یتعب نفس���ه بإتیان التكالیف‬
‫ّ‬
‫العبودیة والش���ـر یعة ه���و ولید االعتقاد بوح���دة الوجود‬ ‫م���ع وض���وح ّأن ّ‬
‫التعري ع���ن قید‬
‫بالصـراحة‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«وقال���وا‪ّ :‬إن كل م���ن صار يف أعىل درجة من دیهنم خ���رج من منزلة االمتحان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والتصفیة فهو ملك‪ ،‬فطورا ختاهلم نصاری يف أشیاء وطورا دهر ّیة‪ ،‬یقولون ّإن‬
‫(((‬
‫األشیاء عىل غیر احلقیقة»‪.‬‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫«‪ ...‬فإذا عرفوه عبدوه‪ ،‬و إذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة ما سواه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫احلسی؟امهع؟‪:‬‬ ‫عل بن‬‫اإلمام ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫«سبحانك أخىش خلقك منك أعلمهم بك»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«وم���ا العلم باهلل والعمل إ إلفان مؤتلفان‪ ،‬مفن عرف اهلل خافه‪ ،‬وحثه الخ وف‬
‫ع�ل�ى العمل بطاع���ة اهلل‏‪ ،‬و ّإن أرباب العلم وأتباعهم الذی���ن عرفوا اهلل فعملوا‬
‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫العل َم ُاء>‪ ،‬فال‬ ‫ل���ه‪ ،‬ورغبوا إلیه‪ ،‬وق���د قال اهلل‏‪<ِ :‬إن َما َیخش���ى اهلل ِم���ن ِع َب ِ‬
‫���ادهِ‬
‫ً‬
‫تلتمس���وا ش���یئا ّمما يف هذه الدنیا مبعصیة اهلل‏‪ ،‬واش���تغلوا يف هذه الدنیا بطاعة‬
‫ً‬
‫(((‬
‫اهلل‏‪ ،‬واغتنموا ّإیامها‪ ،‬واسعوا ملا فیه جناتكم غدا من عذاب اهلل‏»‪.‬‬

‫‪ . 1‬االحتجاج‪.89 / 2 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،83 ،23 ،18 / 7 ،‬عن علل الشرایع‪.‬‬
‫ّ‬
‫السجادية‪ ،‬دعاء ‪.52‬‬ ‫‪ . 3‬الصحيفة‬
‫الكاف‪.25 ،1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 4‬الروضة من‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪511‬‬

‫‪ )11‬الضيافة اإللهيّ ة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ج���ل جالله ما أ كرم ّ‬ ‫ّإن خ‬
‫بشء‬
‫ي‬ ‫عنده‬ ‫ضیافة‬ ‫أجل‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫إلیه‬ ‫وأحبهّ���م‬ ‫عبیده‬ ‫أعز‬ ‫الال���ق‬
‫(((‬
‫غیر إرائة آیاته‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫���ج ِد‬‫س‬‫���دهِ‏ َل ْي ًلا ِم َن ْال َم ْ‬
‫ِ‬ ‫ب‬‫ي أ ْس���رى‏ ب َع ْ‬ ‫‏‬ ‫ذ‬
‫ِ‬ ‫ال‬ ‫حان‬ ‫«‪ ...‬وس���أله م���ن قول اهلل‏‪ُ :‬‬
‫<س ْ���ب ‏‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫أسـرى‬ ‫ال َحرام‏>‪ .‬فقال أبو احلسن‪ :‬قد أخبـر اهلل تعاىل أنه أسـرى به‪ّ ،‬مث أخبـر ِل َم‬
‫ُ‬
‫(((‬
‫<لن ِر َی ُه ِمن َآی ِات َنا> فآیات اهلل غیر اهلل‏»‪.‬‬ ‫به فقال‪ِ :‬‬
‫وقال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬
‫<ل َق ْد َ‬
‫(((‬
‫آيات‏ َر ِّبهِ‏ الك ْبرى‏>‪.‬‬
‫ِ‬ ‫‏‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ى‬
‫‏‬ ‫أ‬ ‫ر‬
‫و یقول الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫ً‬
‫«مل���ا أس���ـرى يب إىل الس���ماء بل���غ يب جبـرئی���ل مكان���ا مل یطأه جبـرئی���ل ّقط‪،‬‬
‫ّ‬
‫وجل من نور عظمته ما ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫أحب»‪.‬‬ ‫فأران اهلل عز‬
‫فكشف يل ي‬
‫عل بن يأب طالب؟مهع؟ عن اهلل‬ ‫ن‬
‫احلسی بن ّ‬ ‫عل بن‬ ‫«‪ ...‬سألت زین العابدین ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫جل جالله‪‘‘ :‬هل یوصف مبكان؟!’’ فقال‪ :‬تعاىل عن ذلك‪ .‬قلت‪ :‬فلم أسـرى‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫حممدا؟ص؟ إىل السماء؟!‬ ‫نبیه‬
‫ق���ال‪ :‬لیر یه ملكوت الس���موات وم���ا فهیا من عجائب صنع���ه وبدائع خلقه‪،‬‬
‫ّ ّ ُ َّ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫وسین أو أدنى>؟‬ ‫قلت‪ :‬فقول اهلل عز وجل‪< :‬ثم دنى فتدلى فكان قاب ق‬
‫ق���ال‪ :‬ذاك رس���ول اهلل؟ص؟ دنا من حجب الن���ور فرأى ملكوت الس���موات‪ّ ،‬مث‬
‫ن‬ ‫ىّ ّ ّ‬ ‫لىّ‬
‫قوس�ی��‬ ‫ظن أنه القرب كقاب‬ ‫ت���د فنظر من حتته إىل ملك���وت األرض حت‬

‫‪ . 1‬اإلسـراء (‪.2 ،)17‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،346 ،345 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 3‬النجم (‪.18 ،)53‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،39 ،38 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪512‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫أو أدىن»‪.‬‬
‫(((‬

‫وال تغفل عن قول ّ‬


‫سید الشهداء؟ع؟ وهو یقول‪:‬‬
‫(((‬
‫«قربه كرامته وبعده إهانته»‪.‬‬

‫ّ‬
‫الحقيقي‬ ‫‪ )12‬المحبوب‬
‫لاّ‬
‫فلیس لك إ أن جتد ّربك يف ألطافه و إكرامه و إنعامه وكالمه وحنانه ورمحته الواسعة‬
‫ّ‬ ‫ّ لىّ‬ ‫ّ‬
‫فإنه جت لك فهیا‪ ،‬وكل ذلك أفعاله ال ذاته‪:‬‬ ‫الشاملة لك بكلك‪،‬‬
‫«‪ ...‬قال‪ :‬مل احتجب عهنم؟‪ ...‬قال‪ ...:‬ویلك‪ ،‬وكیف احتجب عنك من أراك‬
‫وقوتك بعد ضعفك‪...‬‬ ‫قدرته ف نفس���ك‪ ،‬نشؤك ومل تكن‪ ،‬وكبـرك بعد صغرك‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ىّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ال�ت�� ال أدفعه���ا‪ ،‬حت ظنن���ت أنه‬
‫�س�� ي‬‫ال�ت�� يف نف ي‬
‫وم���ا زال یع���د ع�ل�ی قدرت���ه ي‬
‫(((‬
‫بین وبینه!»‬
‫سیظهر يف ما ي‬
‫القرآن الكرمی‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ‬
‫(((‬
‫<ون ْح ُن أق َر ُب ِإل ْيهِ‏ ِم ْن‏ َح ْب ِل‏ ال َو ِريد>‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«واهلل هو ّ‬
‫العل حیث ما یبتغى یوجد»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫من‪،‬‬
‫شء من األوقات ي‬ ‫عن ولیس یلو يف ي‬ ‫«‪ ...‬عن اهلل تعاىل‪ :‬عجبا ملن ضل ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كیف خیلو وأنا أقرب إلیه من كل قر یب‪ ،‬وأدىن إلیه من حبل الورید»‪.‬‬

‫ن‬
‫الثقلي‪ ،735 / 1 ،‬عن علل الشـرائع‪.‬‬ ‫‪ . 1‬نور‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،43 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 4‬ق (‪.16 ،)50‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،298 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،454 / 95 ،‬عن صحيفة إدر يس ّ‬
‫النب؟ع؟‪.‬‬
‫ي‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪513‬‬

‫ً‬
‫وعودا عىل بدء جنیبك عن سؤالك عن حكم استزادة معرفة اهلل تعاىل ّ‬
‫وحمبته ونقول‪ :‬هل‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الفان؟!‬
‫سمي ي‬‫ال ّ‬ ‫والمال ج‬
‫بالهل؟!والقدرةاملشوبةبالعجز؟! ج‬‫احلبلیسإ للعلماملشوب ج‬
‫و إذا كان���ت تل���ك احلقائق املخلوقة تلیق بأن تك���ون حمبوبة‪ ،‬مفا هو حكم ذات العلم‬
‫والقدرة والهباء والسناء والعظمة؟!‬
‫ً‬
‫والود واإلیثار من العبید جیعلك عبدا هلم‪ ،‬وهم یر یدونك‬
‫و إذا كان اإلنع���ام واإل كرام ج‬
‫والود واحلنان لك ّممن یر یدك لنفسك ال لنفسه؟!‬
‫ألنفسهم‪ ،‬مفا هو حكم اإلنعام واإل كرام ج‬
‫وعن اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫من‪.‬‬ ‫شء یر یدك ألجله‪ ،‬وأنا أریدك ألجلك فال تفر ي‬
‫«یا بن آدم‪ ،‬كل ي‬
‫ًّ‬ ‫حمب‪ّ ،‬‬‫وحق لك ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حمبا»‪.‬‬ ‫فبحق علیك كن يل‬
‫ي‬ ‫یا بن آدم‪ ،‬أنا ي‬
‫حتب من ّ‬
‫حیبك لنفع عائد إىل نفسه وهو حمتاج إلیك و إىل أمثالك‪،‬‬ ‫و إذا ّ‬
‫ن‬
‫العاملی؟!‬ ‫غن عنك وعن مجیع‬ ‫ی وهو ّ‬ ‫املحب ن‬
‫حب ّ‬ ‫حیبك فوق ّ‬ ‫حق من ّ‬ ‫مفا هو ّ‬
‫ي‬
‫حمبة ّربك صعقة‬‫و إذا كان عفو خملوق عنك قد مییتك استحیاء‪ ،‬مفا لك ال تصعق من ّ‬
‫تكون فهیا نفسك؟‬
‫وكیف ال متوت حیاء منه‪ ،‬وأنت العاصـي املذنب املجترئ عىل ّربك ّ‬
‫جبار السموات‬
‫ن‬
‫واألرضی‪ ،‬أقدر القادر ین وهو أعلم بك من نفسك‪:‬‬
‫القرآن الكرمی‪:‬‬
‫ُُ ُ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫<ي ْد ُعوك ْم‏ ِل َيغ ِف َر لك ْم‏ ِم ْن‏ ذن ِوبكم>‪.‬‬
‫َ‬

‫ونقرء يف احلكایات‪:‬‬
‫ً‬ ‫ّ ًّ‬ ‫ّ ً‬
‫حبا ش ��دیدا‪ ،‬فمرض العبد فجاة‬ ‫مقربا عنده‪ ،‬وكان یحبه‬ ‫«‪ ...‬كان لس���لطان عبد‪،‬‬

‫‪ . 7‬ابن فهد ّ ّ‬
‫احلل‪ّ ،‬‬
‫عدة الداعي‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ . 8‬إبـراهمي (‪.11 ،)14‬‬
‫‪514‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫األطباء‪ ،‬فحدس طبیب حاذق ّأن‬


‫حتى یئس عن معالجته ّ‬ ‫واش���تد مرضه ّكل یوم ّ‬
‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬
‫معنوي‪ ،‬فخلى به وكلمه في ذلك‪،‬‬ ‫روحي‬ ‫جسمیا بل یكون من سبب‬ ‫مرضه لیس‬
‫ًّ‬ ‫بأن‪ّ :‬‬
‫عدة من أعداء الس ��لطان ّ‬ ‫فأقر الغالم ّ‬
‫ّ‬
‫سما في شـراب‬ ‫غروه فأدخلوا بواسطته‬
‫السلطان‪.‬‬
‫قال الغالم‪ّ :‬‬
‫فتفطن الس���لطان إلى ذلك حینما كنت أش� �ـربه فاجتنب من الشـرب‪،‬‬
‫إلي‪ ،‬فأصبحت من ّ‬
‫شدة االستحیاء‬ ‫ّ‬
‫ومحبته ّ‬ ‫وتلطفه‬ ‫ّ‬
‫ولكنه مع ذلك زاد في إ كرامي ّ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫منه بحیث تراني‪ ،‬و إني على علم أنه ال یعالجني إ الموت!»‬
‫و یقول ّربك الودود‪:‬‬
‫َ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ُّ َ ْ ْ ُ َ َّ َ ّ َ ْ َ‬
‫ريم‪ .‬الذي خلقك فسواك فعدلك>‪.‬‬ ‫ـربك الك ِ‬ ‫<يا أيها ال ِإنسان ما غرك ب ِ‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫و ّإن له تعاىل ف ّكل نظرة علیك نعم ال ّ‬


‫(((‬
‫وف كل حلظة آالء ال حتیص‪:‬‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫تعد‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً ّ‬
‫«‪ ...‬آج���رت دارا واتخ���ذت كلبا یح ��رس الدار‪ ،‬وكنت أخرج إلى ال ��درس كل لیلة‬
‫وأغل���ق الب���اب وكان الكل���ب یقعد عل ��ى الباب ّ‬
‫حتى أرج ��ع‪ ،‬فیدخل مع ��ي الدار‪.‬‬
‫ّ‬
‫فأتفق لیلة أن طال رجوعي وكانت لیلة شدیدة البـرودة بحیث كنت أدخلت رأسي‬
‫في لباس���ي وأخفیت رأس���ي وأذني ویدي وأخفیت وجهي دون عیني‪ ،‬وعلى هذه‬
‫الهیئة وصلت إلى الدار‪ّ ،‬‬
‫فلما أردت فتح الباب‪ ،‬اشتبه األمر على الكلب فما عرفني‬
‫وعرفته نفس ��ي‪ّ ،‬‬
‫فلما عرفني جلس على‬ ‫وأخذ بلباس���ي‪ ،‬فأخرجت رأس ��ي ونادیته ّ‬
‫وكلما جهدت أن أدخله الدار لم ّ‬ ‫ّ‬
‫یتیس� �ـر لي ذلك‪ ،‬فدخلت‬ ‫حاش���یة الطریق حیاء‬
‫وأغلق���ت الب���اب ونمت‪ّ .‬‬
‫فلما أن أصبحت خرجت إلی ��ه ألن أری ما كان من أمره‪،‬‬
‫فرأیته قد مات من ّ‬
‫شدة الحیاء»‪.‬‬

‫‪ . 1‬االنفطار (‪.7 _ 6 ،)83‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،453 / 95 ،‬من صحيفة إدر يس ّ‬
‫النب‪.‬‬
‫ي‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪515‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬ ‫ع���دت ف ّ‬ ‫«ی���ا ّ‬
‫ولی‬
‫وحدت‪ ،‬ی���ا ي‬
‫ي‬ ‫�س�� يف‬
‫غرب�ت��‪ ،‬یا مون ي‬
‫ي‬ ‫ش���د يت‪ ،‬ی���ا حافظي يف‬ ‫ي ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتس���لمن األ ق���ارب خ‬ ‫ف نعم�ت��‪ ،‬ی���ا كهف ن‬
‫ذلن كل‬‫ي‬ ‫وی‬ ‫ي‬ ‫تعیی�ن�� املذاهب‬
‫ي‬ ‫حی‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫صاحب‪ .‬یا عماد من ال عماد له‪ ،‬یا س���ند من ال س���ند له‪ ،‬یا ذخر من ال ذخر‬
‫ل���ه‪ ،‬ی���ا حرز من ال ح���رز له‪ ،‬یا كهف من ال كهف له‪ ،‬یا كن���ز من ال كنز له‪ ،‬یا‬
‫ركن من ال ركن له‪ ،‬یا غیاث من ال غیاث له‪ ،‬یا جار من ال جار له‪.‬‬
‫رب البیت العتیق‪ ،‬یا‬ ‫ی���ا جاري اللصیق‪ ،‬یا ركن الوثیق‪ ،‬یا إهلي بالتحقیق‪ ،‬یا ّ‬
‫ي‬
‫هم ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فكن من حل���ق املضیق واصـرف ع�ّن�ي كل ّ‬ ‫ّ‬
‫وغم وضیق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ش���فیق یا رفیق‪ ،‬ي‬
‫ّ‬
‫وأعن عىل ما أطیق»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫كفن شـر ما ال أطیق ي‬‫وا ي‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫حممد وآل ّ‬‫صل عىل ّ‬‫ّ ّ‬


‫حمم���د وحفظا حفظا لغراس غرس���ها بید الرمحن‬ ‫«الله���م‬
‫النان أن یكون بید الش���یطان جت ّز‬‫وناهتا بدخول ج‬
‫وش���ـر هبا من ماء احلی���وان ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وبفأس���ه ّ‬
‫وحت���ز‪ ،‬إهلي مفن أوىل من���ك بأن یكون عن حر می���ك دافعا ومن‬ ‫تقطع‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫أجدر منك بأن یكون عن محاك حارسا ومانعا»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫رب‪ ،‬الذي مل أستحیك يف الخ أل ومل أراقبك يف املأل»‪.‬‬ ‫«وأنا یا ّ‬
‫ً لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«إهلي أدعوك آمنا‪ ،‬واس���ألك مستأنس���ا‪ ،‬ال خائفا وال وجال‪ ،‬مد علیك يف ما‬
‫ولعل الذي أبطأ ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عن‬
‫ي‬ ‫هل علیك‬ ‫عن عتبت جب ي‬ ‫قصدت فیه إلیك‪ ،‬ف���إن أبطأ ي‬
‫هو خیر يل لعلمك بعاقبة األمور‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ ّ‬ ‫ً‬
‫فأول عنك‪،‬‬
‫تدعون ي‬
‫ي‬ ‫رب‪ ،‬إنك‬ ‫عل یا‬
‫فلم أر موىل كر میا أصبـر عیل عبد لئمی منك ي‬
‫‪ . 1‬املحدث ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫النان‪ ،‬دعاء املشلول‪.‬‬
‫ّ‬
‫املهدية‪.33 ،‬‬ ‫‪ . 2‬الصحيفة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الثمال‪ ،‬عن مصباح املهتجد‪.‬‬
‫ي‬ ‫أب محزة‬
‫النان‪ ،‬دعاء ي‬‫‪ . 3‬املحدث القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫‪516‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫كأن ل ّ‬ ‫إیل فال أقبل منك‪ّ ،‬‬ ‫فأتبغض إلیك‪ّ ،‬‬


‫وتتودد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتحبب ّ‬
‫التطول علیك‬ ‫ي‬ ‫إیل‬
‫ّ‬
‫والتفضل ّ‬ ‫فل���م مینعك ذلك من الرمحة ل واإلحس���ان ّ‬
‫عل جبودك وكرمك‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إل‪،‬‬‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الاهل‪ ،‬وجد علیه بفضل إحسانك إنك جواد كر می»‪.‬‬ ‫فارحم عبدك ج‬
‫(((‬
‫«احلمد هلل عىل حلمه بعد علمه‪ ،‬واحلمد هلل عىل عفوه بعد قدرته»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫«احلمد هلل الذي جییبن ن‬
‫عیل كل عورة وأنا أعصیه‪ ،‬ویعظم‬ ‫حی أنادیه ویستر‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫النعمة ّ‬
‫عل فال أجازیه»‪.‬‬
‫ي‬
‫ً‬
‫«احلم���د هلل الذي أدع���وه فیجیبن و إن كنت بطیئا ن‬
‫یدعون‪ ،‬واحلمد هلل‬
‫ي‬ ‫ح�ی��‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫الذي أس���ئله فیعطین و إن كنت خبیال ن‬
‫یستقرضن‪ ...‬احلمد هلل الذي ال‬
‫ي‬ ‫حی‬ ‫ي‬
‫دعائ‪ ،‬واحلمد هلل الذي ال أرجو غیره‬
‫ي‬ ‫أدعو غیره ولو دعوت غیره مل یستجب يل‬
‫یكلن‬
‫ي‬ ‫كرمن ومل‬
‫وكلن إلیه فأ ي‬
‫رجائ‪ ،‬واحلمد هلل الذي ي‬
‫ولو رجوت غیره ألخلف ي‬
‫عن‪ ،‬واحلمد هلل‬ ‫إیل وهو ّ ّ‬ ‫إىل الن���اس فهیینون‪ ،‬واحلم���د هلل الذي ّ‬
‫حتبب ّ‬
‫غ�ن�� ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ىّ ّ‬
‫شء عندي وأحق حبمدي‪...‬‬ ‫فرب أمحد ي‬
‫كأن ال ذنب يل‪ ،‬ي‬‫عن حت ي‬ ‫الذي حیلم ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫و ّإن الراحل إلیك قر یب املس���افة وأنك ال حتتجب عن خلقك إ أن حتجهبم‬
‫األعمال (اآلمال)‪ .‬دونك‪...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضلهِ ّإن‬ ‫َ‬
‫<واس���أ ُلوا اهلل ِم���ن ف ِ‬
‫الله���م أنت القائل وقول���ك ّ‬
‫حق ووعدك صدق‪َ :‬‬ ‫ّ‬
‫ما> ولیس من صفاتك یا ّ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ ُ َ‬
‫س���یدي أن تأمر بالسؤال ومتنع‬ ‫حی‬
‫اهلل كان ِبكم ر ِ‬
‫بالعطی���ات عىل أهل مملكت���ك والعائد علهی���م ّ ن‬
‫بتحن‬ ‫ّ‬ ‫العطی���ة وأن���ت ّ‬
‫املنان‬ ‫ّ‬
‫أمل‬ ‫ّ‬
‫رأفت���ك‪ ...‬یا خیر م���ن دعاه داع وأفضل م���ن رجاه راج‪ ،‬عظم یا س���یدي ي‬
‫ئن عىل معصیتك‬ ‫رب وما خط���ري‪ ...‬حیملن ج ّ‬ ‫وس���اء عمل‪ ...‬وما أنا یا ّ‬
‫ویر ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫املهتجد‪ ،577 ،‬دعاء اال فتتاح‪.‬‬ ‫‪ . 1‬الهتذيب‪108 / 3 ،‬؛ مصباح‬
‫ّ‬
‫املهتجد‪ ،577 ،‬دعاء اال فتتاح‪.‬‬ ‫‪ . 2‬الهتذيب‪108 / 3 ،‬؛ مصباح‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬الهتذيب‪108 / 3 ،‬؛ مصباح املهتجد‪ ،577 ،‬دعاء اال فتتاح‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم ةدازتسا مكح وه امف هب قیدصتلا هللا ةفرعم لامك ناك اذإ‬ ‫‪517‬‬

‫المیل‪ ،‬أین‬ ‫ّ‬


‫عن ویدعون إىل قلة احلیاء س���ترك ّ‬
‫عل‪ ...‬أین س���ترك ج‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫حلمك ي‬
‫اللیل‪ ،‬أین فرجك القر یب‪ ،‬أین غیاثك السـر یع‪...‬‬
‫عفوك ج‬
‫حتبب‬ ‫مفا ندري ما نش���كر‪ ،‬أمجیل ما تنش���ـر أم قبیح ما تس���تر‪ ...‬یا حبیب من ّ‬
‫عی من الذ بك وانقطع إلیك‪ ،‬أنت املحس���ن وحنن املس���یئون‪...‬‬ ‫إلیك ویا ّقرة ن‬
‫ّ‬ ‫فوعزت���ك یا ّ‬ ‫ّ‬
‫هنرتن ما بـرحت م���ن بابك‪ ،‬وال كففت ع���ن متلقك ملا‬ ‫ي‬ ‫س���یدي ل���و‬
‫رب ختلف ظنوننا أو خت ّیب‬ ‫إىل من املعرفة جب���ودك وكرمك‪ ...‬أفتراك یا ّ‬ ‫انهت���ى ّ‬
‫رب‪ّ ،‬إن لنا‬ ‫ظننا بك وال ه���ذا فیك طمعنا‪ .‬یا ّ‬ ‫آمالن���ا‪ ،‬كلاّ یا كر می‪ ،‬فلیس هذا ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فیك أمال طویال كثیرا‪ ...‬عصیناك وحنن نرجو أن تستر علینا‪...‬‬
‫ّ‬
‫وش���ـرنا إلیك‬ ‫تتحب���ب إلین���ا بالنع���م ونعارضك بالذن���وب‪ ،‬خیرك إلین���ا نازل‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫صاعد‪ ...‬كذب العادلون باهلل وضلوا ضالال بعیدا وخسـروا خسـرانا مبینا‪.‬‬
‫حمم���د‪ ...‬وما أن���ا یا ّ‬
‫حمم���د وآل ّ‬ ‫ّ‬
‫ص���ل عىل ّ‬ ‫ّ‬
‫هبن‬
‫ي‬ ‫خط���ري‬ ‫وما‬ ‫دي‬ ‫س���ی‬ ‫الله���م‬
‫ّ‬
‫الاهل الذي علمته‪ ،‬وأنا‬ ‫س���یدي‪ ...‬أنا الصغیر ال���ذي ّربیته‪ ،‬وأنا ج‬
‫بفضلك یا ّ‬
‫ّ‬
‫الض���ال الذي هدیت���ه‪ ..‬وأنا الطر ید الذي آویته‪ ،‬أنا یا ّ‬
‫رب الذي مل أس���تحیك‬
‫يف الخ�ل�أ ومل أراقب���ك يف امل�ل�أ‪ ،‬أن���ا صاحب الدواه���ي العظمى‪ ،‬أن���ا الذي عىل‬
‫جبار السماء‪...‬‬ ‫سیده اجتری‪ ،‬أنا الذي عصیت ّ‬ ‫ّ‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫إىل م���ن یذهب العبد إ إىل مواله؟ و إىل م���ن یلتجئ املخلوق إ إىل خالقه؟‬
‫ب�ی�� األش���هاد ودللت عىل‬ ‫إهل���ي ل���و قرنت�ن�� باألصف���اد ومنعتن س���یبك م���ن ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فضاحئ���ي عی���ون العب���اد وأم���رت ب إىل الن���ار وحل���ت بی�ن�� ن‬
‫وبی األبـ���رار ما‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وبی املصطىف‬ ‫حبك من قلب‪ ...‬امج���ع بین ن‬ ‫قطع���ت رجائ من���ك‪ ...‬وال خرج ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وآل���ه خیرتك م���ن خلقك‪ ...‬فاألم���ر لك وحدك ال ش���ـر یك ل���ك والخ لق كلهم‬
‫ن‬ ‫وكل شء خاضع لك تباركت یا ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫العاملی»‪.‬‬ ‫رب‬ ‫ي‬ ‫وف قبضتك‬ ‫عیالك ي‬
‫ّ‬
‫الثمال‪.‬‬ ‫أب محزة‬ ‫‪ . 1‬املحدث ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫ي‬ ‫النان‪ ،‬دعاء ي‬
‫‪518‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬
‫اإلقرار بوجود الخالق تعالى‬
‫ّ‬
‫تعبدي‪ ،‬أم ال ذاك وال ذا؟!‬ ‫ّ‬
‫عقلي أم‬
‫‪520‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّإن البحث عن اهلل تعالى ومعرفته یقع في مقامین‪:‬‬

‫شء خبالف‬
‫بشء هو خالق األشیاء وهو ي‬
‫ّ‬
‫▪ األول) مقام إثبات الوجود واإل قرار ي‬
‫األشیاء‪،‬‬
‫والثان) مقام معرفة ّأن اهلل تعاىل ما هي حقیقة ذاته‪ ،‬وما هو كنه وجوده‪،‬‬
‫ي‬ ‫▪‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن تعلق املعرفة بالنسبة إىل الذات‬ ‫الثان وقلنا‪:‬‬
‫وحیث إنا قد فرغنا عن املقام ي‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫املتعالی���ة حمال ذاتا وثبوتا‪ ،‬ولیس للمخلوق إ اإل قرار والتصدیق بوجود ذات‬
‫خبالف األشیاء‪ ،‬حمجوبة عن األوهام واألفكار والعقول والخ طرات»‬

‫فقد بقي شيء وهو‪:‬‬

‫ّ‬
‫العق�ل�� بوجود اهلل تعاىل هل‬ ‫▪ ّأن املق���ام ّ‬
‫األول _ وهو مق���ام التصدیق واإل قرار‬
‫ي‬
‫لاّ‬
‫میكن أن حیصل بالعقل مس���تق عن اهلادي والبیان‪ ،‬أم لیس للعقل بال بیان‬
‫ً‬
‫من الخ الق نفسه سبیل إىل ذلك أیضا؟!‬
‫الثان _ أي عىل فرض أن ال یكون للعقل باس���تقالله س���بیل‬ ‫▪ وعىل الفرض ي‬
‫ّ‬
‫تعبدیة غیر‬ ‫إىل اإل ق���رار بوج���ود املعبود تعایل _ فهل یل���زم أن تكون املعرف���ة إذا‬
‫بـرهانیة غیر ّ‬
‫عقلیة‪ ،‬أم ال؟!‬ ‫ّ‬
‫؟اذ الو كاذ ال مأ ‪ّ،‬يدبعت مأ ّيلقع ىلاعت قلاخلا دوجوب رارقإلا‬ ‫‪521‬‬

‫ّ‬
‫نقدم أمثلة‪:‬‬
‫مقتض له لتقسمی احلیاة من عند نفسه إىل احلیاة‬ ‫األول) الس���مك یعیش يف املاء وال‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫وأما إذا كان هناك موجود یدرك ما وراء ما یدركه الس���مك‪،‬‬ ‫ف امل���اء واحلیاة خارج املاء‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫بخ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫شء الف احلیاة املدركة له فهو‬ ‫و یلفته إىل أن احلیاة خارج املاء تكون حیاة أیضا‪ ،‬وهي ي‬
‫أول ما یفتح له السبیل إىل قبول ذلك أو إنكاره‪.‬‬
‫ّ‬
‫الث���ان) اإلنس���ان یعل���م اآلن بوجود أصوات وأن���وار حوله تكون أمواجه���ا أ كثر أو أقل‬
‫ي‬
‫ولكنه قبل أن حیصل له العل���م بوجود هذه األصوات‬ ‫ط���والً ّمم���ا یدركه هو بعینه وأذن���ه‪ّ ،‬‬

‫واأل لوان ما كان له بنفسه مقتض لتقسمی األصوات واأل لوان إىل األصوات واأل لوان ذات‬
‫طول موج وراء ما یسمعه و یراه وما دونه‪.‬‬
‫ً‬
‫الضـروري ّأنه ال‬
‫ّ‬ ‫الثالث) نفرض ّأن هناك إنس���انا أ كم���ه و یعیش كذلك‪ ،‬وحینئذ مفن‬
‫مقتض هلذا اإلنسان بنفسه لاللتفات إىل وجود األ لوان واألنوار املحسوسة املدركة لغیره‬
‫ي‬
‫ن‬
‫بالعی وما یدرك‬ ‫من أفراد اإلنس���ان‪ .‬فیمتنع له بنفس���ه تقسمی املحسوس���ات إىل ما یرى‬
‫ً‬
‫بغیرها فضال عن أن میكنه إثبات وجود األنوار واأل لوان أو إنكارها بخ صوصها‪.‬‬
‫الراب���ع) ّإن الصفح���ة املس���تو یة ال میكهنا أن ت���درك وجود املوج���ود ذي أبعاد ثالثة‪،‬‬
‫مقتض هلا بنفس���ها أن یقس���م املوجود إىل «ما یكون ذا أبع���اد ثالثة» و«ما یكون ذا‬
‫ي‬ ‫وال‬
‫بعدین» و«ما یكون ذا بعد واحد»‪.‬‬
‫‪522‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫أحكاما ّ‬ ‫ّمث ّ‬
‫خاصة‪:‬‬ ‫الت ذكرناها‬
‫ي‬ ‫األمثلة‬ ‫ملوضوع‬ ‫إن‬
‫ّ‬
‫األول) ال میك���ن العل���م بوجود تل���ك املوضوع���ات واال لتفات إلهیا لتلك األش���خاص‬
‫بأنفس���هم‪ .‬وذلك لعدم وجود املقتض ّ‬
‫للتوج���ه إىل ذلك‪ ،‬و إن مل یكن هناك مانع مینعهم‬ ‫ي‬
‫عن ذلك‪.‬‬
‫الثان) ال میكن ألولئك األش���خاص معرفة ذوات موضوعات تلك األمثلة‪ ،‬وال حیصل‬
‫ي‬
‫بخ‬ ‫نهّ‬
‫هلم العلم حبقیقهتا أ كثر من علمهم بأ ا «أشیاء الف ما یدركونه و یعرفونه»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫الثالث) ال میكن إثبات وجود تلك املوضوعات لألشخاص املذكور ین إ من حیث‬
‫ّ‬
‫دال لة األدلة ووجود آثارها علهیا‪.‬‬
‫الرابع) لیس هلؤالء األشخاص إنكار وجود تلك املوضوعات بعد دال لة الدلیل علهیا‪.‬‬
‫ّ‬
‫قطع���ي عىل وجود ذلك‪،‬‬ ‫فمك���ا ّأنه لیس لألح���ول إنكار الواح���د إذا ّدله دلیل ّ‬
‫عقل‬
‫ي‬
‫القاض الفصل‬
‫ي‬ ‫لألصم إن���كار وجود األصوات بدلیل ّأنه ال یس���معها‪ ،‬بل یكون‬
‫ّ‬ ‫ولی���س‬
‫ّ‬
‫واحلاكم العدل يف ذلك كله هو العقل؛‬
‫یتوقف عىل رؤ یته ذلك‪ ،‬و ّ‬ ‫ّ‬
‫یصح منه‬ ‫وكم���ا ّأن التصدیق بوجود اللون م���ن األ كمه ال‬
‫_ بل جیب علیه _ التصدیق بوجود اللون بعد قیام الدلیل عىل وجود ذلك عنده‪ ،‬وبعد‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫حمدودیة ّ‬
‫حواس���ه و إدراكات���ه‪ ،‬ولیس له حینئذ إ أن یق���ول‪« :‬عدم إدراكي‬ ‫التفات���ه إىل‬
‫تصدیق بذلك ب���ل ال ّبد يل من اإل ق���رار بوجود‬
‫ي‬ ‫مینع�ن�� عن ج���واز‬
‫ي‬ ‫الل���ون بخ صوص���ه ال‬
‫أحس به‪ ،‬وخارج ّ‬
‫عما أدركه»‪،‬‬ ‫شء بخ الف ما ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وكم���ا أنا أنفس���نا ال میكننا ّ‬
‫تصو ر عدم النور والظلمة مع���ا بل ال میكن حمكنا بعدمهما‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً لاّ‬
‫نتص���ور وجودمه���ا ّأوال‪ّ ،‬مثحنك���مبعدمهم���امجیع���اعق�ل�ا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مع���اإ ب���أن‬
‫_ وكذل���ك يف س���ایر األمثلة _ فكذلك حنن بعد اال لتف���ات إىل ّأن عىل وجودنا وبصـرنا‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫املتجز ية‪ ،‬ال ّبد لنا من‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫وبصیرتنا و إدراكنا حجابا ال یر ینا إ األشیاء املخلوقة‬
‫؟اذ الو كاذ ال مأ ‪ّ،‬يدبعت مأ ّيلقع ىلاعت قلاخلا دوجوب رارقإلا‬ ‫‪523‬‬

‫لاّ‬ ‫اإل ق���رار بوجود خ‬


‫الالق تعایل بعد قی���ام الدلیل عىل ذلك ولیس لنا إ التصدیق واإل قرار‬
‫الش���یئیة و بخ الف األش���یاء‬
‫ّ‬ ‫شء حبقیقة‬‫حقیق وهو ي‬‫يّ‬ ‫ّ‬
‫واقعي‬ ‫ّ‬
‫ب���أن اهلل تعاىل موجود ثابت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كلها‪ ،‬واس���تحالة تعلق علمنا حبقیقة ذاته تع���اىل ال مینعنا عن إمكان التصدیق بوجوده‪،‬‬
‫واإلمیان بوجوده الغائب عن مطلق ّ‬
‫حواسنا و إدراكاتنا‪.‬‬
‫الخ ام���س) ّإن حصول اال لتف���ات إىل تلك املوضوعات ألولئك األش���خاص و إن كان‬
‫ولكنه ال یلزم من ذلك أن یكون العلم واإل قرار بوجود تلك‬ ‫میتنع أن حیصل هلم بأنفسهم‪ّ ،‬‬
‫عقل‪ّ ،‬‬
‫أمرا غیر ّ‬ ‫ً‬
‫فإن‬ ‫ي‬ ‫املوضوع���ات هلم _ بعد اال لتفات إىل املوضوع ودال لة الدلیل علیه _‬
‫الشء غیر مرحلة إثباته و إن���كاره‪ ،‬وأحكامهما متغایرة‪ .‬فال منافاة‬ ‫مرحل���ة اال لتف���ات إىل ي‬
‫عقل‪ ،‬وعلیه‬ ‫وبی أن یكون اال لتف���ات إىل موضوعه غیر ّ‬ ‫تعبدي ن‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫ب�ی�� أن یك���ون أمر غیر‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تعبدیة‪ ،‬بعد‬ ‫الالق تعایل ّ‬
‫عقلیة غیر‬ ‫التصدیقیة بوجود خ‬
‫ّ‬ ‫بی أن تكون املعرفة‬ ‫فال منافاة ن‬
‫ً‬ ‫ّ ً‬ ‫أن یكون س���بیل اال لتفات إىل املوضوع الالئق به األ ّ‬
‫منسدا عىل العقل‪ ،‬وحمتاجا‬ ‫لوهیة‬
‫الالق تعایل نفسه‪.‬‬ ‫إىل تعر یف خ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الس���ادس) ّإنه ال جیوز تكلیف من مثلنا هبم باإل قرار والتس���لمی‪ ،‬إ ‪:‬‬
‫واملحدودیة يف إدراكاهتم بواسطة غیر شخصهم‬ ‫ّ‬ ‫ألف) بعد توجهیهم إىل وجود النقصان‬
‫ً‬
‫وهو الذي یكون مدركا هلم ولنقصان إدراكاهتم‬
‫ب) بعد توجهیهم إىل تلك املوضوعات وتعر یفها هلم‬
‫لاّ‬
‫و إ كان تكلیف أولئك األشخاص بالتصدیق بوجود املوضوعات املذكورة قبل بیان‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حمدودیة إدراكاهتم‪ ،‬وقبل توجهیهم إىل تلك املوضوعات وتعر یفها هلم‪ ،‬تكلیفا مبا ال یطاق‪.‬‬
‫وحینئذ نقول يف مسألة معرفة اهلل سبحانه‪:‬‬
‫‪ّ )1‬إنه لیس للعقل بال بیان من اهلل تعاىل الوصول إىل مقام التصدیق بوجود خ‬
‫الالق‪،‬‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‬ ‫الالق _ هو إدراك املوجود‬ ‫فإن غایة ما عند املخلوق _ بنفس���ه ال ببیان من خ‬
‫ّ‬
‫یقس���مه إىل املتناهي والالمتناهي‪ ،‬وقد ّبی ّن���ا ّأن ذلمكا كلهیما امتدادیان‬ ‫ّ‬
‫املتج���زئ الذي ّ‬
‫‪524‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫خملوقان‪ ،‬بل الثان مهنما ٌ‬


‫وهم‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل ما ّقدره عقل‪ ...‬فهو حمدود»‪.‬‬
‫املتعال عن االمتداد واألجزاء‪ ،‬وتقس�ی�م املوجود‬ ‫التوجه واال لتفات إىل املوجود‬ ‫وأم���ا ّ‬‫ّ‬
‫ي‬
‫ً‬
‫االمت���دادي وم���ا یكون بخ الفه‪ ،‬فلیس للمخلوق إلیه س���بیل مطلق���ا‪ ،‬لعدم احتماله‬
‫ّ‬ ‫إىل‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫املقتض‬
‫ي‬ ‫وجود‬ ‫لعدم‬ ‫وذلك‬ ‫_‬ ‫والعدد‬ ‫واألجزاء‬ ‫االمتداد‬ ‫ف‬
‫ي‬ ‫ق‬ ‫یتحق‬ ‫ملا‬ ‫وتو ی���زه الوجود إ‬ ‫ج‬
‫هلذا اإلدراك بالنسبة إلیه‪ ،‬فال جمال للسؤال عن مانع ذلك اإلدراك له _‪.‬‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام‬
‫(((‬ ‫«لیس ّ‬
‫بـرب من طرح حتت البالغ»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫�ی�� أم عیل هدى؟ ق���ال‪ :‬مل یكونوا عىل‬ ‫«‪ ...‬قی���ل‪ :‬أ فض�ّل�اّ ًال كان���وا قبل ّ‬
‫النبی ن‬
‫َ‬ ‫َْ َ َْ‬
‫���ق ا ّلله>‏‏‪ ،‬ومل‬‫الت فطرهم علهیا <ل���ا تبديل ِلخ ِ‬
‫ل‬ ‫ه���دى‪ ،‬كانوا عىل فط���رة اهلل ي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حت هیدهیم اهلل‏‪ .‬أما تس���مع ق���ول إبـراهمی‪< :‬ل ِئ ْن ل ْم َي ْه ِدني‏ َربِّي‬
‫یكونوا لهیتدوا ىّ‬
‫ً‬ ‫َّ ّ‬ ‫َْ‬ ‫ََ ُ َ‬
‫(((‬
‫لأكون َّن ِم َن الق ْو ِم الض ِالين> أي ناسیا للمیثاق»‪.‬‬
‫الالق وتوجهیه‬ ‫فاملوج���ود املتع���ال عن االمت���داد واألجزاء _ مع قطع النظر عن بی���ان خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫املكل���ف إىل املوضوع املبائن لالمتداد واألجزاء ال���ذي تلیق به األ ّ‬
‫لوهیة _ جمهول مطلق‬
‫عنده‪ ،‬فكیف میكنه أن یثبت ذلك أو ینفیه؟!‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫«أرأی���ت لو كان معك كیس فیه جواهر‪ ،‬فقال لك قائل‪ :‬هل يف الكیس دینار؟‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،294 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫اش‪.‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصاف‪ ،‬عن تفسير العي ي‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫؟اذ الو كاذ ال مأ ‪ّ،‬يدبعت مأ ّيلقع ىلاعت قلاخلا دوجوب رارقإلا‬ ‫‪525‬‬

‫فنفی���ت كون الدین���ار يف الكی���س‪ ،‬فقال لك قائ���ل‪ :‬ص���ف يل الدینار وكنت‬


‫تن�ف�� كون الدین���ار عن الكی���س وأنت ال‬
‫غی���ر ع���امل بصفته هل كان ل���ك أن ي‬
‫ّ‬
‫تعل���م؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬فق���ال؟ع؟ ‪ :‬العامل أ كبـ���ر وأطول وأعرض م���ن الكیس‪ ،‬فلعل‬
‫يف الع���امل صنعة من حیث ال تعل���م صفة الصنعة من غی���ر الصنعة‪ ،‬فانقطع‬
‫(((‬
‫عبد الكر می»‪.‬‬
‫ً ّ ً‬ ‫ّ‬
‫خاصا؟!‬ ‫فإن من ال یعلم صفة الدینار بعینه كیف میكنه أن یثبت وجوده أو ینفیه نفیا‬
‫ّ‬ ‫وكذل���ك م���ن ال یرى ف ّ‬
‫أدق صور أوهام���ه ومعقوال ته وكل ما یصل إلی���ه مبطلق إدراكاته‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫إ االمت���داد والعدد والزم���ان واملكان‪ ،‬وال یلتفت إىل غیر ذلك أصال‪ ،‬فكیف یثبت وجود‬
‫ً ّ ً‬
‫خاصا؟!‬ ‫شء خارج عن ذلك أو ینفیه نفیا‬ ‫ي‬
‫ّّ‬
‫یكف املخلوق يف هذا املقام علمه ببداهة قانون العلیة وكشف وجود‬ ‫إن قلت‪ :‬ألیس ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كل أثر عن وجود مؤثره؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العقل الدال عىل ّأن «كل خملوق ال ّبد له من س���بب وعلة»‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قلت‪ّ :‬إن القانون ّ ّ‬
‫الكل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فإن وجوب اإل قرار بأنّ‬ ‫ً‬
‫أصال‪ّ .‬‬ ‫ّ‬
‫ال صلة له مبقام اال لتفات إىل املوضوع الالئق باأل لوهیة‬
‫ش���یئا هو الواجب ّردا للدور والتسلسل‪ ،‬أمر صحیح ال غبار علیه ف نفسه‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫ولكنه‬ ‫ي‬ ‫هناك‬
‫لاّ‬ ‫ش���یئا ف إثبات وجود خ‬ ‫ً‬
‫الالق تعایل إ بع���د التفات العقل إىل املوضوع الالئق‬ ‫ي‬ ‫ال یفی���د‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫لإلقرار بكونه خالقا غیر خملوق‪ ،‬وذلك أمر ال میكن حتصیله من حكم العقل بأصل العل ّیة‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإن املخلوق مادام ال یرى الوجود إ ملا یراه موجودا يف االمتداد والعدد واألجزاء یكون‬
‫ن‬ ‫ن‬ ‫معذورا ف رؤ یة التناقض ن‬ ‫ً‬
‫القاعدتی‪:‬‬ ‫هاتی‬ ‫بی‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ألف) ّإن كل خملوق حیتاج إىل خالق وسبب وعلة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫میكن�ن�� أن أفرض���ه موج���ودا ال یلیق ب���أن یكون إهل���ا‪ ،‬وال میكن أن یكون‬ ‫ي‬ ‫م���ا‬ ‫كل‬ ‫ب)‬
‫ّ‬
‫مستغنیا عن وجود العلة خ‬ ‫ً‬
‫والالق‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،46 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪526‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ناش من عدم س���بیل‬ ‫فظه���ر ّأن انس���داد طر ی���ق العق���ل إىل إثب���ات وجود خ‬
‫الال���ق‪ ،‬ئ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫القیة ىّ‬ ‫شیئا یلیق خ‬
‫بال ّ‬ ‫ً‬
‫العقل‪،‬‬
‫ي‬ ‫حت یكون موضوعا لتصدیقه و إقراره‬ ‫للمخلوق إىل أن جید‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫باملرة‪ ،‬فأصل العل ّیة يف‬
‫أجنب عن هذا املقام _ أي مقام إثبات املوضوع _ ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫العل ّ‬
‫ی‬ ‫وأصل‬
‫ً‬
‫أبدا‪ ،‬إلاّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫عی ّ‬
‫ن‬
‫یكف املخلوق لإلقرار بوجود‬ ‫ي‬ ‫ذاك‬ ‫لیس‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫والتردید‬ ‫للش���ك‬ ‫قابل‬ ‫غیر‬ ‫ه‬ ‫أن‬
‫باالمتدادي ّ‬
‫فقط‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الالق مع حصـر املوجود عنده‬ ‫خ‬

‫یصح وجوده عند املخلوق يف مجیع حمتمالته یساوي االمتداد _‬ ‫وبالملة إذا كان ما ّ‬ ‫ج‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ّإما متناهیا و ّإما غیر متناه‪ ،‬مع ّأن الثان مستحیل الوجود ذاتا‪ّ ،‬‬
‫واألول هو املعلول املحتاج‬ ‫ي‬
‫النف بعنوان‬
‫القاب���ل للز ی���ادة والنقصان والوجود والعدم _ فال یبىق له موضوع لإلثبات أو ي‬
‫ّ‬
‫والربوبیة‪ .‬و جیوز أن یكون م���ا قاله موالنا اإلمام‬ ‫والرب الالئق ب���ه األ ّ‬
‫لوهیة‬ ‫الال���ق ّ‬ ‫ّأن���ه خ‬

‫الصادق؟ع؟ إشارة إىل ذلك حیث یقول‪:‬‬


‫«ولو ال ذلك مل یدر أحد من خالقه ورازقه»‪.‬‬
‫(((‬

‫وملیق���ل؟ع؟‪:‬ول���وال ذل���كملیعل���مأح���د ّأن���هال ّ‬


‫ب���دل���هم���نخال���قورازق‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،237 / 5 ،‬عن تفسير ّ‬


‫القم ّي‪.‬‬
‫االنسداد وعجز العقول عن إثبات‬
‫لاّ‬
‫وجود الخالق المتعال إ بإغاثة اهلل تعالی‬
‫‪528‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫البدهیي ّأن معرفة حقیقة وجود الخ الق تعایل مستحیلة مطلقا‪ ،‬بالعقل‬
‫ّ‬ ‫▪ من‬
‫لاّ‬ ‫كانت أم بغیر ذلك‪ّ ،‬‬
‫وأما إثبات وجوده تعاىل فهل میكن بالعقل مستق أم ال؟!‬

‫قد ّتدعي المعرفة البشـر یّ ة إمكان ذلك بل وقوعه‪ ،‬ونحن نخالفهم في ذلك ونقول‪:‬‬
‫لاّ‬
‫▪ ّإن العلم بوجود الخ الق تعایل ال میكن أن حیصل بالعقل مس���تق عن البیان‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪،‬‬ ‫اإلهل���ى‪ ،‬وذلك ّأن إدراك املخلوق منحصـر باحتم���ال وجود املوجود‬
‫ّ‬
‫مقتض ال لتفاته إلیه _ بال احتی���اج إىل مانع مینعه عن‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا ما وراء ذلك ف�ل�ا‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ذل���ك _ فیك���ون عنده جمهوال مطلقا‪ ،‬واس���تحالة احلكم _ نفی���ا و إثباتا _ عىل‬
‫املجهول املطلق من البداهة مبكان‪.‬‬
‫دی ًا غیر ّ‬
‫عقل‪ّ ،‬‬ ‫تعب ّ‬ ‫ً‬
‫أمرا ّ‬ ‫▪ ّمث ّإنه ال یلزم مع ذلك أن یكون إثبات وجود الخ‬
‫ألن‬ ‫ي‬ ‫الق‬
‫ّ‬
‫توجه املخل���وق إىل املوضوع الال ئق لأللوهیة _‬‫التصدی���ق بوجود الخ الق‪ ،‬بعد ّ‬
‫ّ‬
‫العقل‬ ‫ل‬ ‫واالستدال‬ ‫صـرف‪،‬‬ ‫الذي ال حیصل إلاّ بتعر یف الخ الق نفسه _ أمر ّ‬
‫عقل‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬
‫عقلیا بكون اال لتفات إىل موضوعه من غیر ناحیة العقل‪.‬‬ ‫ال یخ���رج عن كونه‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪529‬‬

‫یقی بالنظر إىل نفسه‪ ،‬ومها‪:‬‬ ‫لیس للمخلوق _ وحاله ما ّبی ّناه _ إلاّ سلوك أحد طر ن‬
‫غافال عن ّأن ما یراه و ّ‬
‫یصح‬
‫ً‬
‫یصح عنده وجوده‪_ ،‬‬ ‫ألف) أن یخ تار لنفسه ّرب ًا ّمما یراه و ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫عنده وجوده ال یلیق خ‬
‫القیة _ فیختار خالقه ّإما نارا‪ ،‬و ّإما نورا‪ ،‬و ّإما مشسا‪ ،‬و ّإما مقرا‪،‬‬‫بال ّ‬
‫كبیرا! وسيعا! بال ّ‬‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حد وال هنایة‪ ،‬و‪...‬‬ ‫و ّإما بقرا‪ ،‬و ّإما شجرا‪ ،‬و ّإما وجودا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ب) أن یكون تاركا للفحص‪ ،‬آیس���ا عن احلصول عىل النتیجة‪ ،‬ملا یرى من التعارض‬
‫الالق‪ ،‬ن‬ ‫العل ّیة املوجبة لإلقرار بوجود خ‬‫ّ‬ ‫ن‬
‫وبی رؤ یة احنصار املوجود عنده مبا ال‬ ‫ب�ی�� أص���ل‬
‫عام‪ ،‬فیقول‪:‬‬ ‫الالق بعنوان ّ‬ ‫القیة‪ ،‬املستلزمة إلنكار وجود خ‬ ‫یلیق خ‬
‫بال ّ‬
‫ّ‬
‫«كان أبي یقول لي‪ّ :‬إن هذا السؤال‪ :‬من خلقني؟ ال جواب له‪ ،‬ألنه ینبغي أن یسأل‬
‫ّ‬
‫بعده‪ :‬فمن خلق اهلل‏؟ فظهر لي بهذا السؤال الساذج كذب بـرهان علة العلل‪ ،‬وهو‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫كاذب عن���دي إلى اآلن‪ ،‬ألنه إن یلزم أن تكون لكل ش ��يء عل ��ة‪ ،‬فیجب أن تكون‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً ّ‬
‫للخالق أیضا علة‪ ،‬و إن جار أن یكون شيء موجودا بال علة‪ ،‬فیجوز أن یكون ذلك‬
‫الشيء هو اهلل أو العالم نفسه»‪.‬‬
‫(((‬

‫َ‬
‫وعقله وغایة ما یدركه و یفهمه‪ّ ،‬‬
‫ولكنه بالنظر إىل هدایة‬ ‫نعم‪ ،‬هذا هو حكم اإلنس���ان‬
‫ّرب���ه وخالق���ه‪ ،‬فإن أدركه البیان والتوجیه إىل نقصان���ه يف مطلق إدراكه _ يف هذا العامل أو‬

‫ّ‬
‫مسيحیا؟‪.9 _ 8 ،‬‬ ‫‪ . 1‬ملا ذا ال أ كون‬
‫‪530‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ ً‬
‫الذر مثال‪ ،‬أو يف عامل الدنیا بتذكیر احلجج وهدایهتم بعد نسیان عامل‬ ‫يف عامل سابق كعامل‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫فأقر بوجود خ‬ ‫الذر‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫الالق تعایل یكون مؤمنا‪ ،‬و إن أنكره بعد ذلك یكون جاحدا‪.‬‬
‫(((‬
‫ميع َعليم>‪.‬‬ ‫<ل َي ْه ِل َك َم ْن َه َل َك َع ْن َب ّي َنةٍ َو َي ْحيى‏ َم ْن َح َّي َع ْن َب ّي َنةٍ َو إ َّن اهلل َل َس ٌ‬
‫ِ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬
‫ونز ید البحث توضیحا‪:‬‬
‫والاه���ل املطلق بالنس���بة إىل حقیقة الرؤ ی���ة البصـر ّیة ووجود‬ ‫ّ‬
‫ال ش���ك ّأن األ كم���ه‪ ،‬ج‬
‫ً‬ ‫نقصانا ف إدراكه‪ ،‬بل ّ‬ ‫ً‬
‫یتوهم ّأن املحس���وس مطلقا هو‬ ‫ي‬ ‫األ لوان‪ _ ،‬وهو ال یرى وال حیتمل‬
‫ً ً‬ ‫ً‬ ‫حبواسه _ ال ّ‬ ‫ما یصل هو إلیه ّ‬
‫یتوجه حمكه إىل وجود اللون نفیا و إثباتا أبدا‪ ،‬وهو مع هذا‬
‫دلیل ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫شء خارج عن إدراكه وه���و اللون فهو معذور يف رؤ یة‬ ‫ي‬ ‫وجود‬ ‫عىل‬ ‫عقل‬‫ي‬ ‫���ه‬‫دل‬ ‫ف���إن‬
‫ّ‬ ‫حواس���ه‪ ،‬وال ّ‬ ‫نقصانا ف ّ‬ ‫ً‬
‫املحدودیة يف إدراكاته‪ ،‬فإن‬ ‫یتوجه إىل‬ ‫ي‬ ‫التناق���ض ما دام ال یرى‬
‫لاّ‬ ‫حمدودیة إدراكاته ونقصان ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان هناك مدرك غیره ّ‬
‫حواسه فلیس له حینئذ إ‬ ‫فوجهه إىل‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫القطعي الدال عىل وجود اللون ّأوال‪ ،‬والتفاته‬ ‫ّ‬ ‫اإل قرار بوجود ذلك‪ ،‬وذلك ال قتضاء الدلیل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء خارج ع���ن كل ما یدركه و حیتمل‬ ‫إىل نقص���ان حواس���ه و إدراكات���ه واحتماله وجود ي‬
‫ً‬
‫وجوده ثانیا‪.‬‬
‫اللتی أش���ـرنا إلهیم���ا‪ ،‬وال میكن أن‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫القاعدتی‬ ‫بی‬‫ف�ل�ا یرتف���ع التناقض املت���راىئ عنده ن‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫هیتدي إىل ّ‬
‫حمدودیة إدراكاته‪.‬‬ ‫احلق والواقع‪ ،‬إ بتعر یف وهدایة من جانب من یرى‬
‫مثال آخر‪:‬‬
‫محراوتی وهو عىل حاله هذا غیر ّ‬
‫متوجه إىل ذلك‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫عدستی‬ ‫هناك إنسان عىل عینیه‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫قطعي عىل وج���ود لون خمالف ملا ی���راه _ كاألبیض مثال _ یكون‬
‫ّ‬ ‫وحینئ���ذ ف���إن دله دلیل‬
‫ً‬
‫معذورا يف رؤ یة التناقض مادام غیر ملتفت إىل النقصان يف إبصاره‪ _ ،‬كیف وهو ال یرى‬
‫هاد هیدیه ّ‬
‫فوجهه إىل نقص���ان إدراكاته فال عذر له يف‬ ‫غی���ر ما ی���رى _ ّ‬
‫وأما إن كان هناك ٍ‬
‫لاّ‬
‫الح���ود واإلنكار‪ ،‬وال یس���عه حینئذ إ التس���لمی واإل قرار بوجود الل���ون األبیض اقتضاء‬‫ج‬
‫‪ . 1‬األنفال (‪.42 ،)8‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪531‬‬

‫ّ‬
‫لقطعیة الدلیل الدال عىل وجود ما ال یدركه‪.‬‬
‫وحینئذ فنقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّإن املخلوق‪ ،‬بصـره وبصیرته‪ ،‬معقوله ومتوهمّ ه‪ّ ،‬‬
‫حسه و إدراكه‪ ،‬مفروضه وحمتمله‪ ،‬كل‬
‫املتجزئ املعلول املحتاج القاب���ل للوجود والعدم‪ ،‬فهو معذور يف‬‫ّ‬ ‫ذل���ك منحصـر باملوجود‬
‫بی‪:‬‬ ‫رؤ یة التناقض ن‬
‫ّ‬
‫ألف) أصل العل ّیة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ب) عدم ّ‬
‫للخالقیة واالستغناء عن العلة‬ ‫قابلیة ما میكنه فرض وجوده‬
‫حت ّ‬ ‫ً‬
‫مطلقا ىّ‬ ‫ّ‬
‫شء خارج عن‬ ‫ي‬ ‫فرض‬ ‫له‬ ‫یصح‬ ‫حمدودیة إدراكه‬ ‫كیف وهو غیر ملتفت إىل‬
‫َ‬
‫یلتفت‬ ‫عما حیتمل وجوده‪ ،‬ىّ‬
‫وحت‬ ‫میكنه احتمال وج���ود شء خارج ّ‬ ‫إدراك���ه ومفروضه‪ ،‬و َ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫حت یثبته و یتخل���ص عن التناقض املتراىئ له يف‬ ‫إىل شء خ���ارج ع���ن ّكل شء عنده ىّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫خ‬
‫طر یق إثبات وجود الالق‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فإنه ال یری غیر ما میكن أن یراه‪ ،‬و إ ملا كان ّمما ال ميكن أن یراه‪،‬‬
‫یتصوره‪ ،‬و إلاّ ملا كان ّمما ال میكن أن ّ‬
‫یتصو ره‪،‬‬ ‫یتصو ر غیر ما میكن أن ّ‬‫وال ّ‬
‫لاّ‬
‫وال یفهم غیر ما میكن أن یفهمه‪ ،‬و إ ملا كان ّمما ال میكن أن یدركه و یفهمه‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً لاّ‬
‫فال یتوقع من فارض ال یفرض موجودا إ يف االمتداد والعدد أن یفرض شیئا خارجا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً‬
‫ها عنه ىّ‬
‫حت یثبته أو ینفیه‪ّ .‬‬
‫فإن استحالة احلكم عىل املجهول املطلق نفیا و إثباتا‬ ‫منه‪ ،‬منز‬
‫ّ‬
‫بدهیي لغایته‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل خل���ق الن���اس كلهم‪ ...‬ال یعرفون إمیانا بش���ـر یعة وال كفرا جبحود‪ (((،‬مث‬

‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫الحود‪ّ ،‬‬ ‫‪ .1‬وال تغف���ل ع���ن الفرق ن‬


‫الحود ال یتحق���ق إ بعد اال لتفات إىل‬ ‫ف���إن ج‬ ‫ب�ي�� عدم اإلميان مع ج‬
‫املوض���وعبعين���هبخ الفع���دماإلمي���ان ّ‬
‫فإن���هأم���رممك���نول���وم���عع���دماال لتف���اتإىلاملوض���وع‪.‬‬
‫‪532‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫بعث اهلل الرسل تدعوا العباد إىل اإلمیان به»‪.‬‬


‫(((‬

‫ّ ً‬ ‫ً ً ً ّ ً‬ ‫فیكون طر یق العلم بوجود خ‬


‫منسدا‪ ،‬والتكلیف بذلك‬ ‫خاصا _‬ ‫الالق _ إثباتا ونفیا‪ ،‬نفیا‬
‫الالق تعاىل ُ‬ ‫ً‬
‫قبیح���ا إلاّ أن یبتدء خ‬
‫نفس���ه بالتعر یف واهلدایة‪ ،‬وه���و الذي ینادي‪:‬‬ ‫یك���ون‬
‫ّ َ َْ‬
‫(((‬
‫ِ<إ َن‏ َعل ْينا لل ُهدى>‪.‬‬
‫ً‬ ‫فیوج���ه املخل���وق إىل العلم ّ‬ ‫ّ‬
‫ب���أن املوجود ال یك���ون منحصـرا مبا میك���ن أن یصل إلیه‬
‫مّ‬ ‫املخل���وق و ی���رى له الوجود‪ ،‬و ّ نَ‬
‫یبی له ّأن رؤ یة التناقض عنده إنا نش���أ عن خطأه يف ما‬
‫ً‬ ‫وجوده و ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫همّ‬
‫میكنه أن یفرضه موجودا‪،‬‬ ‫تو ه من كون املوجود منحصـرا مبا حیتمل هو بنفسه‬
‫حمدودیة ف إدراكاته‪ّ ،‬‬
‫ألنه میتنع له اال لتفات‬ ‫ّ‬ ‫ألبتة ما دام ال یرى‬‫الطأ ّ‬ ‫وهو معذور ف هذا خ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫امتدادیا معل���وال حمتاجا‪ ،‬ىّ‬ ‫ً‬
‫حت یثبته أو ینفیه‬ ‫ّ‬ ‫شء خارج ّمما یكون‬ ‫_ واحل���ال ه���ذه _ إىل ي‬
‫الارج ّمم���ا تدركه األوهام والعقول‬ ‫العلة خ‬ ‫ّ‬
‫الالق غیر املحتاج إىل‬ ‫خاص ًا بعنوان ّأن���ه خ‬ ‫ً‬
‫نفی���ا ّ‬
‫والطرات والضمائر‪.‬‬ ‫خ‬

‫المعرفة من صنع اهلل‏‬

‫فظهر ّأنه لو مل ّ‬
‫یعرف اهلل تعاىل نفسه إىل خلقه مل یعرفه أحد‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫فعرفهم نفسه ولو ال ذلك لن یعرف أحد ّربه»‪.‬‬
‫«‪ّ ...‬‬

‫«‪ ...‬ولو ال ذلك مل یدر أحد من خالقه وال من رازقه»‪.‬‬


‫(((‬

‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬

‫الكاف‪،‬‏‪417 / 2‬؛ حبار األنوار‪.212 / 69 ،‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬الليل (‪.13 ،)92‬‬
‫‪ . 3‬إثبات اهلداة‪47 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪.250 / 5 ،‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،243 / 5 ،‬عن علل الشرایع‪.‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪533‬‬

‫ودعوتن إلیك‪ ،‬ولو ال أنت مل أدر ما أنت»‪.‬‬


‫(((‬
‫ي‬ ‫دللتن علیك‪،‬‬
‫ي‬ ‫«بك عرفتك‪ ،‬وأنت‬
‫ّ‬
‫«عن يأب عبد اهلل؟ع؟ ‪ :‬أنه س���ئل عن املعرفة أمكتس���بة ه���ي؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬فقیل‬
‫ل���ه‪ :‬مفن صن���ع اهلل وعطائه ه���ي؟ قال‪ :‬نع���م‪ ،‬ولیس للعباد فهی���ا صنع‪ ،‬وهلم‬
‫(((‬
‫ا كتساب األعمال»‪.‬‬
‫الحود بعد أن ّ‬
‫عرفه اهلل تعایل نفسه)‪.‬‬ ‫(ومن أعماله هو اإل قرار أو ج‬
‫«‪ ...‬قلت للعبد الصالح؟ع؟ ‪ :‬هل يف الناس استطاعة یتعاطون هبا املعرفة؟‬
‫ق���ال‪ :‬ال‪ ،‬إنمّ���ا هو ّ‬
‫تطول من اهلل‏‪ ،‬قل���ت‪ :‬أفلهم عىل املعرفة ث���واب إذا كان لیس‬
‫فهیم ما یتعاطونه مبنزلة الركوع والس���جود ال���ذي أمروا به ففعلوه؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬هو‬
‫(((‬ ‫تطول من اهلل علهیم ّ‬
‫وتطول بالثواب»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الب احلس���ن الرضا؟ع؟ ‪ :‬للناس يف املعرف���ة صنع؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬فقلت‪:‬‬


‫«‪ ...‬قلت ي‬
‫(((‬ ‫یتطول علهیم بالثواب كما ّ‬
‫یتطول علهیم باملعرفة»‪.‬‬ ‫هلم علهیا ثواب؟ قال‪ّ :‬‬
‫وه���م؟مهع؟ ّ‬
‫مصـرحون بانس���داد طر ی���ق املعرفة عىل العب���اد بال بیان م���ن اهلل تعاىل‪،‬‬
‫لی ذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫معل ن‬
‫بأنه تكلیف مبا ال یطاق‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫الدال بالدلیل علیه‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫واملؤدي باملعرفة إلیه»‪.‬‬ ‫«هو‬
‫ألب عبد اهلل؟ع؟ هل جعل يف الناس أداة ینالون هبا املعرفة؟ قال‪ :‬ال‪ّ ،‬إن‬
‫«قلت ي‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫عىل اهلل البیان ال یكلف اهلل نفسا إ وسعها وال یكلف اهلل نفسا إ ما آتاها»‪.‬‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،82 / 95 ،‬عن إقبال األعمال‪.‬‬
‫‪ . 2‬إثبات اهلداة‪ ،48 / 1 ،‬عن التوحيد‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،223 / 5 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪ . 4‬إثبات اهلداة‪ ،50 / 1 ،‬عن قرب اإلسناد‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،253 / 4 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪ . 6‬إثبات اهلداة‪ ،53 / 1 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪534‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«مل یكلف اهلل العباد املعرفة‪ ،‬ومل جیعل هلم إلهیا سبیال»‪.‬‬
‫یعرفهم‪ ،‬وهلل عىل الخ لق‬
‫«لی���س هلل عىل خلقه أن یعرفوا‪ ،‬وللخلق ع�ل�ى اهلل أن ّ‬
‫(((‬ ‫إذا ّ‬
‫عرفهم أن یقبلوا»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وج���ل‪ ،‬لیس للعباد فیه‬ ‫«املعرف���ة صنع من هي؟ ق���ال؟ع؟ ‪ :‬من صنع اهلل‬
‫(((‬
‫صنع»‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫فال میكن الوصول إىل حقیقة معرفة التوحید إ بعد معرفة ّأن املوجود لیس منحصـرا‬
‫ون ّو ز له الوجود‪ ،‬بل الصحیح هو أن یقال بعد أن هدانا اهلل تعایل‬ ‫يف م���ا حنتم���ل وجوده ج‬
‫والثان هو ما ال‬ ‫امتدادي و ّإما بخ الفه‪ّ ،‬‬
‫واألول ه���و ما حنتمل وجوده‬ ‫ّ‬ ‫إیل ّأن املوج���ود ّإم���ا‬
‫ي‬
‫حنتمل بأنفسنا وجوده‪،‬‬
‫والثان ال یدرك‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واألول یدرك‬
‫ي‬
‫متعال عن قبول الوجود‪،‬‬ ‫والثان ال یوجد‪ ،‬بل هو‬ ‫واألول یوجد‬ ‫ّ‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والثان لیس قابال للعدم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫واألول یعدم‬
‫ّ‬
‫والشدة والضعف‪ ،‬والز یادة‬ ‫فالصغر والكبـر‪ ،‬والوضع والرفع‪ ،‬والنقص والمكال‪ ،‬والفقر ‪،‬‬
‫ن‬
‫متناهیی _ والقرب والبعد‪،‬‬ ‫ن‬
‫متناهی�ی�� فرضا أو غیر‬ ‫والنقص���ان‪ ،‬والكون يف زمان ومكان _‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتغیر والثبوت‪ ،‬خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والفاء والظهور‪ ،‬والتحقق وعدم التحقق‪ ،‬والصفة مطلقا‪،‬‬ ‫والقوة والفعل‪،‬‬
‫تص به‪ ،‬وال ینسب بطرفیه إىل ما هو یكون بخ الف االمتداد‪،‬‬‫ّكل ذلك ملكة لالمتداد و یخ ّ‬
‫ً‬
‫قابلیة ّاتصاف املوضوع بذلك مطلقا‪.‬‬
‫لعدم ّ‬
‫ً‬ ‫باملحدودیة‪ّ ،‬‬
‫ّ‬
‫ولكنه لیس ذلك من حیث كونه وجودا غیر حمدود‬ ‫نعم ّإن اهلل ال یوصف‬

‫‪ . 1‬وحبار األنوار‪ ،222 / 5 ،‬عن املحاسن‬


‫الكاف؛ التوحيد‪.412 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬إثبات اهلداة‪ ،44 / 1 ،‬عن‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.410 ،‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪535‬‬

‫ّ‬ ‫ً‬
‫وذاتا بال هنایة‪ ،‬بل ّ‬
‫للمحدودیة‪:‬‬ ‫ألن الوصف فرع االمتداد املالزم‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ َ ُ ُ‬
‫درك ُه‬ ‫ّ‬
‫«عظ���م ربنا ع���ن الصفة‪ ،‬وكیف َیوص���ف مبحدودیة من ال حید و<ل���ا ت ِ‬
‫ّ‬
‫َ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َُ ُ ُ َ‬
‫(((‬
‫بص َار َو ُه َو الل ِطیف الخ ِب ُیر>»‪.‬‬
‫الأ َ‬ ‫درك‬
‫الأبصار وهو ی ِ‬
‫هذا‪ ،‬وقد جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإنه ّ‬ ‫مما یرجع فیه إلى بیان ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن التوحید ونفي الشـركاء لیس ّ‬
‫مما یستقل به‬ ‫النبوة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫العق���ل وتقضي به الفطرة فال معنى ّ‬
‫لعده فضال على الناس من جهة االتباع بل هم‬
‫ّ‬
‫واألنبیاء في أمر التوحید على مستوى واحد وشـرع سواء‪ ،‬ولو كفروا بالتوحید فإنما‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫كفروا لعدم إجابتهم لنداء الفطرة ال لعدم اتباع األنبیاء»‪.‬‬
‫ونقول‪:‬‬
‫قد ظهر مبا ّبی ّناه _ بل وباملراجعة إىل ما ّتدعي الوصول إلیه الفلسفة والعرفان من معرفة‬
‫عی حقیقة وجودهم‬ ‫املعبود وتوصیفهم ّإیاه بصفات أنفسهم‪ ،‬واعتقادهم بكون وجوده ن‬
‫لاّ‬ ‫وبی ّنا ّأن معرفة خ‬
‫الالق تعاىل ّ‬ ‫حد وال هنایة _ ّ‬ ‫بال ّ‬
‫حق معرفته ال میكن أن حیصل ألحد إ‬
‫ّ‬
‫احلقیقیة _ وهم األنوار األربعة عش���ـر صلوات اهلل علهیم‬ ‫باملراجع���ة إىل أبواب معرفة اهلل‬
‫أمجعی بتعر یفهم ّإیاهم معبودهم‪ ،‬و إنقاذهم‬
‫ن‬ ‫الالئق‬‫املن والفضل عىل خ‬ ‫ن‬
‫أمجع�ی�� _ فلهم ّ‬
‫الهالة وحیرة الضاللة‪.‬‬ ‫عن تیه ج‬
‫األنبیاء وس���ائر الناس يف أمر التوحید عىل مستوى واحد‪ ،‬فهو أمر صحیح‬ ‫بأن ّ‬ ‫والقول ّ‬
‫ّ‬
‫يف نفس���ه ولكن ال من جهة كفایة العقل املس���تقل هلم للوصول إىل معرفة املعبود تعایل‬
‫الالق تعاىل ّ‬
‫یعرف‬ ‫حق املعرفة كما تزعمه املعرفة البشـر ّیة‪ ،‬بل من حیث ّإنه لو مل یكن خ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫مطلقا _ ىّ‬
‫حت األنبی���اء _ ‪ ،‬وقد فرغنا عن‬ ‫نفس���ه إىل العب���اد مل تكن حتصل املعرف���ة ألحد‬
‫ً‬
‫الكاف‪.100 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،410 / 1 ،‬نقال عن‬
‫‪ .1‬ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.173 / 11 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫‪536‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫البحث عن ذلك بالتفصیل‪.‬‬


‫قال اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ولكن���ا ّ‬
‫ضل من قبلنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫« ل���و ّأنا ّ‬
‫ببینة من ّربنا‬
‫حدثنا ّ‬ ‫حدثن���ا بـرأینا ضللنا كمن‬
‫(((‬ ‫لنبیه صلیّ اهلل علیه وآله ّ‬
‫فبینه لنا»‪.‬‬ ‫ّبیهنا ّ‬

‫وبالملة فالعجب ّممن ّیدعي اس���تغنائه عن مدرسة النبوة واإلمامة يف معرفة املعبود‬ ‫ج‬
‫تب���ارك وتعاىل م���ع ما یرى من وضوح بطالن ما وصل إلیه العق�ل�اء بآراهئم وأفكارهم يف‬
‫بالبـر والتشبیه ووحدة الوجود ّ‬
‫وأزلیة وجود العامل و‪ ...‬وبذلك‬ ‫س���بیل ذلك من االعتقاد ج‬
‫ًّ‬
‫جلیا بطالن ما قد یقال‪:‬‬ ‫یظهر‬
‫ّ‬
‫«فالح���ق ال���ذي ال محی���ص عنه ف ��ي المرحلتی ��ن‪ّ :‬أن العق ��ل النظ � ّ‬
‫�ري مصیب في‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الحقیقیة المتعلقة به تعال ��ى‪ ،‬فإنا إنما نثبت‬ ‫ما یش���خصه ویقضي به من المع ��ارف‬
‫ل���ه تعالى م���ا نجده عندن���ا من صف ��ة الكم ��ال كالعلم والق ��درة والحیاة واس ��تناد‬
‫ّ‬
‫الفعلیة العلیا كالرحمة والمغفرة والرزق واإلنعام‬ ‫الموجودات إلیه‪ ،‬وسائر الصفات‬
‫والهدایة وغیر ذلك على ما یهدي إلیه البـرهان‪.‬‬
‫ّ‬
‫محدودیة وهو تعالى أعظم‬ ‫ّ‬
‫الكمالیة ال یخلو عن‬ ‫غیر ّأن الذي نجده من الصفات‬
‫ّ ّ‬ ‫م���ن أن یحیط به ّ‬
‫ألن كل مفهوم مس ��لوب عن غیره‬ ‫ح���د‪ ،‬والمفاهیم ال تخلو عنه‬
‫الذاتي ّ‬
‫فتوسل العقل إلى رفع هذه النقیصة‬ ‫ّ‬ ‫منعزل ّ‬
‫مما سواه‪ ،‬وهذا ال یالئم اإلطالق‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫السلبیة تنزیها‪ ،‬وهو تعالى أ كبـر من أن یوصف بوصف‪ ،‬وأعظم‬ ‫بش���يء من النعوت‬
‫من أن یحیط به تقیید وتحدید‪ ،‬فمجموع التشبیه والتنزیه ّ‬
‫یقربنا إلى حقیقة األمر»‪.‬‬
‫(((‬

‫نحكم العقل علیه تعالى ّ‬‫ّ‬


‫فنقید إط�ل�اق ذاته غیر المتناهیة‬ ‫«فم���ن عظی���م الجرم أن‬
‫ّ‬
‫فنحده بأحكامه المأخوذة من مقام التحدید والتقیید‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،172 / 2 ،‬عن بصائر الدرجات‪.‬‬


‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.57 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪537‬‬

‫ً‬
‫وم���ن عظیم الج���رم أیضا أن نعزل العقل عن تش ��خیص أفعال ��ه تعالى في مرحلتي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫والعملیة»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫النظریة‬ ‫التكوین والتشـریع أعني أحكام العقل‬
‫الالق تعایل بأوص���اف املخلوقات واحلكم علیه بعدم‬ ‫الرم هو توصیف خ‬ ‫ّ‬
‫ف���إن أعظم ج‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ال���ذات الذي یكون وصفا موهوما يف نفس���ه وممتنعا بالنظر إىل موضوعه‪ ،‬فضال‬
‫ي‬ ‫التناه���ي‬
‫ّ‬ ‫عن أن یوصف به خ‬
‫الالق جل وعال‪.‬‬
‫ّ‬ ‫البدهی���ي ّأن من حیكم عىل خ‬
‫الال���ق جل وعال بذلك هو ال���ذي قد عزل العقل‬ ‫ّ‬ ‫وم���ن‬
‫ّ ّ‬ ‫الالق واملخلوق‪ّ ،‬‬ ‫عن حمكه الصـر یح بوجوب تباین ذات خ‬
‫عز وجل عن جمانسة‬ ‫وتنزهه‬
‫ّ‬
‫املتجز ي���ة القابلة للز ی���ادة والنقصان والوجود‬ ‫ّ‬
‫االمتدادیة‬ ‫خملوقاته ومش���اهبة مصنوعات���ه‬
‫والعدم بالذات‪.‬‬
‫ّ‬ ‫یقر بن���ا إىل حقیقة معرف���ة خ‬ ‫ً‬
‫معا ّ‬ ‫ّمث ّإن الق���ول ّ‬
‫الالق جل وعال‬ ‫ب���أن التش���بیه والتنز ی���ه‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫ففس���اده أوض���ح من أن یخ�ف�ى‪ ،‬بل اهلل تعاىل ال یعرف إ بالتنز ی���ه عن كل ما تصل إلیه‬
‫ً‬ ‫عقول خ‬
‫الالئق من معرفة الذوات واألشیاء مطلقا‪.‬‬

‫اإلغاثة قبل االستغاثة‬


‫ّ‬
‫ّإن اهلل جلت آال ؤه وعظمت كبـر یاؤه حیث یرى ّأن املخلوق ال س���بیل له إىل إثبات‬
‫ّ‬
‫العبودی���ة واملعرفة _ مفا ترك‬ ‫وج���ود خالق���ه إن مل هیده إىل ذلك‪ _ ،‬وأس���اس خ‬
‫اللق���ة عىل‬
‫ن‬
‫تاهئی يف الضالل���ة‪ ،‬بل أحضـرهم قبل اهلبوط إىل األرض يف الس���ماء يف‬ ‫خلق���ه س���دى‬
‫صورة ّ‬
‫الذر‪ ،‬وجعل فهیم ما إذا س���أهلم أجابوه‪ ،‬فأرس���ل إلهیم أولیائه صلوات اهلل علهیم‬
‫وعرفهم هبم نفسه‪ ،‬وأخرجهم بذلك‬ ‫بعد أن منحهم املعرفة قبل ذلك‪ ،‬فأراهم هبم صنعه ّ‬
‫م���ن ظلمة الش���ـرك والضاللة إىل نور اإلمی���ان واهلدایة‪ .‬مفن الناس م���ن آمن هناك بقلبه‬
‫فقط وأنكر بقلبه‪ ،‬وهم قد نسوا املوقف بعد ذلك وثبتت‬ ‫ولسانه‪ ،‬ومهنم من آمن بلسانه ّ‬

‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.55 / 8 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫‪538‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫يف قلو هبم املعرفة‪.‬‬


‫ّ‬
‫باألدل���ة القاطعة ّأن ّ‬
‫الرب الودود قد إغاث الن���اس يف واد املعرفة قبل‬ ‫نع���م‪ ،‬قد ثبت‬
‫الذر‪ ،‬والتعر یف هبذا التعر یف‬ ‫وعرفهم نفسه قبل والدهتم ف عامل ّ‬
‫یسمى بعامل ّ‬ ‫استغاثهتم‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫یخ ّ‬
‫ّ‬
‫اإلهلي وال میكن أن یصدر إ عن أولیاء اهلل تعاىل الش���هداء عىل‬ ‫ّ‬
‫الوحي‬ ‫تص مبدرس���ة‬
‫ن‬
‫الناطقی عن أوهام‬ ‫وأم���ا غیرهم من أصحاب املعارف البش���ـر ّیة وأهل التفكی���ر‬ ‫خ‬
‫الل���ق‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫فان هلم ّ‬‫یّ‬
‫اللیلة الغالیة‪ ،‬وأین هم‬ ‫شأنیة التكلم والبحث عن هذه األمور ج‬ ‫وظنون وأهواء‪،‬‬
‫عن الوصول إىل هذه احلقایق الش���ـر یفة والعلوم ّ‬
‫املقدس���ة الثمینة ىّ‬
‫حت یثبتوها أو یكونوا‬
‫هلا من املنكر ین؟!‬
‫فحقی���ق هب���م أن یحدوا ذل���ك املوقف من التعر یف واهلدایة ّ‬
‫أش���د اإلن���كار‪ ،‬و ّ‬
‫یؤولوا‬ ‫ج‬
‫اآلیات املش���یرة إلهیا واألخبار ّ‬
‫الناصة علهی���ا إىل معان بعیدة عن العقل والفهم _ وكذلك‬
‫یفعل���ون _ وم���ن هاهن���ا ترى أصحاب الفلس���فة والعرف���ان قد ینكرون ذلك ّ‬
‫أش���د اإلنكار‬
‫و ّ‬
‫یؤولون ما ورد يف الباب من األخبار‪ ،‬إىل معان واهیة‪.‬‬
‫ولنأخ���ذ بتفصی���ل بیان ذلك املوقف‪ ،‬فاس���تمع ملا یتىل علیك من الش���واهد علیه ّمما‬
‫نطق به كتابا اهلل الصامت والناطق‪:‬‬
‫َْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫���ن َبني‏ َآد َم‏ ِم ْن‏ ُظ ُ‬
‫َ‬
‫<و إ ْذ أ َخ َ���ذ َر ُّب َك‏ ِم ْ‬
‫ور ِه ْم‏ ذ ّ ِر ّي َت ُه ْم َوأش َ���ه َد ُه ْم َعلى‏ أنف ِس ِ���ه ْم‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫‏‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫قالوا‪َ :‬بلى‏ َشه ْدنا َأ ْن َت ُق ُولوا َي ْو َم ْالق َ َّ ُ َّ َ‬ ‫ََ ْ ُ ّ ُ ْ ُ‬
‫غاف ِلين‏‬ ‫يامةِ ِإنا كنا ع ْن هذا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـربكم؟‬ ‫َألست ب ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ًَ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـرك ُ‬ ‫َ‬
‫أ ْو َت ُق ُولوا إ ّنما أش��� َ‬
‫َ‬
‫آباؤنا ِم ْن ق ْب ُل َوك ّنا ذ ّ ِر ّية ِم ْن‏ َب ْع ِد ِه ْم‏ أ ف ُت ْه ِلكنا ِبما ف َع َل‬ ‫ِ‬
‫ْ ُ‬
‫(((‬
‫ال ُم ْب ِطلون>‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ ُّ‬
‫ن ب ِني‏ آدم>‬ ‫ك ِم ‏‬
‫«‪...‬عن زراره‪ ،‬سألت أبا جعفر؟ع؟ عن قول اهلل‪< :‬و ِإذ أخذ رب ‏‬
‫<ا ْن ُف ِس���ه ْم> قال‪ :‬أخرج اهلل من ظه���ر آدم ّ‬ ‫َ‬
‫ذریته إىل یوم القیامة‪ ،‬فخرجوا‬ ‫ِ‬ ‫إىل‪:‬‬
‫فعرفهم نفس���ه‪ ،‬وأراهم نفس���ه‪ ،‬ول���و ال ذلك ما عرف أح���د ّربه‪ ،‬وذلك‬ ‫كالذر‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬

‫‪ . 1‬األعراف (‪.173 _ 172 ،)7‬‬


‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪539‬‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ َْ َ ََ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ََْ ُ ْ َ ْ َ َ‬


‫ماوات‏ والأرض ليقولن اهلل>‪.‬‬
‫(((‬
‫ق الس ِ‬ ‫قوله‪< :‬ول ِئن سألتهم‏ من‏ خل ‏‬
‫َ ْ ُ َّ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬
‫���م؟ قالوا‪:‬‬‫«س���أل أبو بصیر اإلم���ام الصادق؟ع؟ عن قول اهلل‪< :‬أ لس���ت ِبر ِبك‬
‫ّ‬
‫شء‬ ‫بل���ى> ق���ال‪ :‬قلت‪ :‬قالوا بألس���نهتم؟ قال‪ :‬نع���م وبقلوهبم‪ ،‬فقل���ت‪ :‬وأي ي‬
‫(((‬
‫كانوا یومئذ؟ قال‪ :‬صنع مهنم ما ا كتىف به»‪.‬‬
‫اإلمام أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬
‫وأس���ـر بعضهم خالف ما أظهر‪ ،‬قلت‪ :‬كیف علموا القول حیث قیل هلم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫«‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ََ ْ ُ‬
‫(((‬
‫<أ لست ِبر ِبكم>؟ قال‪ :‬إن اهلل جعل فهیم ما إذا سأهلم أجابوه»‪.‬‬
‫«‪ ...‬كان ذل���ك معاین���ة اهلل فأنس���اهم املعاین���ة وأثب���ت اإل ق���رار يف صدورهم‪،‬‬
‫َْ‬ ‫ََ‬
‫<ول ِئ ْن َس���أل َت ُه ْم‏ َم ْ ‏‬
‫ن‬ ‫ول���و ال ذلك ما عرف أحد خالق���ه وال رازقه‪ ،‬وهو قول اهلل‪:‬‬
‫َََ َ ُ ُ‬
‫(((‬
‫خلق ُه ْم‏ ل َيقول َن‏ اهلل>»‪.‬‬
‫«‪ ...‬إبن مس���كان‪ ...‬قلت معاینة كان هذا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فثبتت املعرفة ونس���وا‬
‫املوقف وس���یذكرونه‪ ،‬ول���و ال ذلك مل یدر أحد من خالق���ه ورازقه‪ ،‬مفهنم من ّ‬
‫أقر‬
‫َ َّ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫نق ْبل>»‪.‬‬ ‫بلسانهوملیؤمنبقلبه‪،‬فقالاهلل‏‪<:‬فماكانوا ِل ُي ْؤ ِم ُنوا ِبماكذبوا ِم ‏‬
‫ّ‬
‫«‪ ...‬فطرهم عىل التوحید عند املیثاق عىل معرفة أنه ر بهّ م‪ ،‬قلت‪ :‬فخاطهبم؟‬
‫(((‬
‫فطأطأ راسه‪ّ ،‬مث قال‪ :‬لو ال ذلك مل یعلموا من ر بهّ م وال من رازقهم»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫حی ش���اء تقدیر الخ لیقة وذرء البـر ّیة وأبداع املبدعات‪ ،‬نصب الخ لق‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل ن‬

‫اش‪.‬‬ ‫ّ ّ‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،258 / 5 ،‬عن تفسیر العی ي‬
‫اش‪.‬‬‫ّ ّ‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،258 / 5 ،‬عن تفسیر العی ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪.259 _ 258 / 5 ،‬‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،223 / 5 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،237 / 5 ،‬عن تفسير ّ‬
‫القم ّي‪.‬‬
‫‪ . 6‬خمتصر البصائر‪ ،398 ،‬إثبات اهلداة‪.49 / 1 ،‬‬
‫‪540‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫يف صور كاهلباء قبل دحو األرض ورفع السماء‪ّ ...‬مث اجتمع النور يف وسط تلك‬
‫حممد؟ص؟ فقال اهلل ّ‬
‫عز من قائل‪ :‬أنت‬ ‫الص���ور الخ ّفیة فوافق ذلك صورة ّ‬
‫نبین���ا ّ‬
‫نوري وكنوز هدای�ت�ی‪ ...‬انصب أهل بیتك‬ ‫املختار املنتجب وعندك مس���تودع ّ‬
‫ّ‬
‫ووحدانی يت‪.‬‬ ‫ن‬
‫واملنبهّی عىل قدر يت‬ ‫للهدایة‪ ...‬واجعلهم ّ‬
‫حج يت عىل بـر ّی يت‬
‫ّ‬
‫وبالوحدانیة‪ ،‬فبعد أخذ ما‬ ‫بوبیة واإلخ�ل�اص‬‫ّمث أخذ اهلل الش���هادة علهیم بالر ّ‬
‫حممد وآله‪ ،‬وأراهم ّأن اهلدایة معه‬ ‫أخذ من ذلك ش���ات ببصائر الخ لق انتخاب ّ‬
‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫متقدما‪ّ ،‬مث‬ ‫والن���ور له واإلمام���ة يف آله‪ ،‬تقدمیا لس���نة العدل ولیكون اإلع���ذار‬
‫أخىف اهلل الخ لیقة يف غیبه‪...‬‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫حمم���دا؟ص؟ يف ظاهر‬ ‫ومل ی���زل اهلل تع���اىل خیبأ النور حتت الزم���ان إىل أن فضل‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫س���ـرا و إعالنا واس���تدعى؟ع؟‬ ‫الفترات‪ ،‬فدعى الناس ظاهرا وباطنا‪ ،‬وندهبم‬
‫الذر قبل النس���ل‪ ،‬مف���ن وافقه وقبس من‬ ‫التنبی���ه عىل العه���د الذي ّقدمه إىل ّ‬
‫مصب���اح الن���ور ّ‬
‫املقدم اهتدى إىل ّ‬
‫س���ـره واس���تبان واضح أمره‪ ،‬ومن أبلس���ته‬
‫(((‬

‫(((‬ ‫ّ‬
‫استحق السخط»‪.‬‬ ‫الغفلة‬
‫ُ‬
‫هذا‪ ،‬وقد أ ّول عامل ّ‬
‫الذر عىل غیر حقیقته يف «تفسیر املیزان» حیث جاء فیه‪:‬‬
‫�انیة هي هي بعینها‬ ‫ّ‬
‫الدنیویة مسبوقة بنشأة أخرى إنس � ّ‬ ‫ّ‬
‫اإلنس���انیة‬ ‫ّ‬
‫«إن هذه النش���أة‬
‫ّ‬
‫وحدانیته‬ ‫غیر ّأن اآلحاد موجودون فیها غیر محجوبین عن ّربهم یش ��اهدون فیها‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الربوبی���ة بمش���اهدة أنفس ��هم ال من طری ��ق االس ��تدالل‪ ،‬ب ��ل ألنهم ال‬ ‫تعال���ى ف���ي‬
‫ّ ّ‬
‫ینقطع���ون عن���ه وال یفقدونه‪ ،‬ویعترفون ب ��ه وبكل حق من قبله‪ّ ،‬أما قذارة الش� �ـرك‬
‫ّ‬
‫الدنیویة دون تلك النشأة التي لیس‬ ‫وألواث المعاصـي فهو من أحكام هذه النشأة‬
‫لاّ‬
‫فیها إ فعله تعالى القائم به فافهم ذلك‪.‬‬

‫الس‏‪َ :‬‬
‫احل ْيرة‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫‪ .1‬اإل ْب ُ‬
‫ِ‬
‫ّ‬
‫املسعودي‪ ،‬مروج الذهب‪.43 _ 42 / 1 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪541‬‬

‫ً‬ ‫ّ‬ ‫‪ ...‬والنش���أة السابقة‪ ...‬ال تفارق هذه النشأة اإلنس � ّ‬


‫الدنیویة زمانا بل هي معها‬ ‫�انیة‬
‫(((‬ ‫<كن َف َی ُك ُ‬
‫ون>»‪.‬‬
‫ُ‬
‫لكنها سابقة علیها السبق الذي في قوله تعالى‪:‬‬ ‫محیطة بها ّ‬

‫«ال حجاب بینهم وبین ّربهم في تلك النشأة فلو فرض هناك علم منهم كان ذلك‬
‫ً‬
‫إش���هادا وأخذ میثاق‪ّ ،‬‬
‫وأما هذه النشأة فالعلم فیها من ورآء الحجاب وهو المعرفة‬
‫من طریق االستدالل»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«‪ ...‬فلم یحتجبوا عنه‪ ،‬وعاینوا أنه ّربهم كما ّأن كل شيء بفطرته یجد ّربه من نفسه‬
‫من غیر أن یحتجب عنه»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلنساني ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫ّ‬
‫التدریجي‬ ‫الماد ّي‬ ‫ّ‬ ‫إنس���انیا آخر غیر هذا العالم‬ ‫«إن آیات ّ‬
‫الذر تثبت عالما‬
‫المشوب باآل الم والمصائب والمعاصـي واآلثام المشهود لنا من طریق ّ‬
‫الحس‪ ،‬وهو‬
‫ً‬
‫نوعا من المقارنة ّ‬
‫لكنه غیر محكوم بهذه األحكام‬ ‫مقارن لهذا العالم المحس���وس‬
‫ّ‬
‫الماد ّیة‪.‬‬
‫تقدم � ً�ا بالزمان بل بنوع آخر من ّ‬
‫التقدم المس ��تفاد‬ ‫تقدم���ه على عالمنا هذا ّ‬ ‫ولی���س ّ‬
‫و<ی ُك ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ ُ َ َ ُ ُ ((( ّ ُ‬
‫<ك���ن> َ‬
‫���ون> یحكیان عن‬ ‫م���ن قول���ه‪< :‬أن یقول ل���ه كن فیك���ون> فإن‬
‫ً‬
‫مص���داق واح���د وه���و وج���ود الش ��يء خارج ��ا لك ��ن ه ��ذا الوج ��ود بعین ��ه بوجهه‬
‫ّ‬
‫تدریجي‬ ‫الربان � ّ�ي غی ��ر‬ ‫ّ‬
‫متق���دم علی���ه بوجه ��ه اآلخر‪ ،‬وه ��و بوجه ��ه ّ‬ ‫ال���ذي إل���ى اهلل‬
‫زمان���ي وال غائ���ب ع���ن ّرب���ه وال منقط ��ع عن ��ه بخ�ل�اف وجهه إل ��ى الخل ��ق»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬ ‫وال‬
‫نقول‪ :‬هذا التأویل باطل من وجوه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫شیئی يف كل األحكام أو بعضها وأحدمها هو اآلخر بعینه‬ ‫‪ . 1‬ال میكن احلكم بتخالف‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.321 / 8 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.323 / 8 ،‬‬ ‫ن‬ ‫حممد‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.322 / 8 ،‬‬‫ّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪ . 4‬يس (‪.82 ،)36‬‬
‫ن‬
‫حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.105 / 10 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫‪.5‬‬
‫ي‬
‫‪542‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫ّ‬
‫الواقعیة‪.‬‬ ‫والهات غیر‬ ‫ال یخ تلفان إ باالعتبارات ج‬
‫ًّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ّ‬
‫امتدادیا‬ ‫عددیا‬ ‫الشء باملقارنة‪ ،‬یس���تلزم كون���ه‬
‫البدهی���ي أن صـرف توصیف ي‬ ‫‪ . 2‬م���ن‬
‫ً‬
‫املادة مطلقا‪ ،‬فیناقض ذلك كونه ذا وجه ّرب ّ‬ ‫ً‬
‫زمانیا حمكوما بأحكام ّ‬ ‫ً‬ ‫متجز ًیا ّ‬ ‫ّ‬
‫ان غیر تدر جی ّي‬
‫ي‬
‫زمان و‪...‬‬ ‫وال ّ‬
‫ي‬
‫ّ ً‬ ‫‪ . 3‬ال معىن ألن یكون الشء املقارن هلذا العامل املحسوس _ ّ‬
‫أي حنو فرض _ مقدما‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫حت یبحث عن ّ‬
‫كیفیة تقدمه‪.‬‬ ‫علیه ىّ‬

‫تقدم املعىن‬‫تقدم اإلیاد عىل ما یوجد به‪ ،‬وهو ّ‬ ‫تقدم «كن» عىل «یكون» هو ّ‬ ‫‪ّ . 4‬إن ّ‬
‫ج‬
‫ارجي‪ ،‬فال معىن إلحاطة وجود أحدمها‬ ‫ال ّ‬ ‫الفعل عىل وجود املفعول واملخلوق خ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املصدري‬
‫ي‬
‫النشأتی بوجه من الوجوه‪.‬‬‫ن‬ ‫فسـر به وجود‬ ‫باآلخر‪ ،‬وال ینطبق ذلك عىل ما ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 5‬تأو ی���ل آیات ّ‬
‫الفلس���فیة املوهونة البعیدة عن املعارف احلقة‬ ‫املعان‬
‫ي‬ ‫الذر إىل هذه‬
‫مقدمة تفس���یره حیث‬ ‫_ بل املمتنعة ف نفس���ها _ خالف ما التزم به صاحب التفس���یر ف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫یقول‪:‬‬
‫فرضیة ّ‬
‫علمیة‪ ،‬أو إلى‬ ‫فلسفیة أو إلى ّ‬
‫ّ‬ ‫حجة ّ‬
‫نظریة‬ ‫«قد اجتنبنا فیها عن أن نركن إلى ّ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫عرفانیة»‪.‬‬ ‫مكاشفة‬
‫ّ‬
‫اللفظیة على ما یعطیها اللفظ‬ ‫«والبحث الصحیح یوجب أن تفس� � ّـر هذه البیان ��ات‬
‫في العرف واللغة»‪.‬‬
‫(((‬

‫والتفسیر املذكور مشحون بأمثال هذا املورد املتجاوز به عن حرمی ما التزم به صاحبه‬
‫كما ال یخىف عىل املراجع‪.‬‬
‫ً لاّ‬ ‫ب�ی�� خ‬
‫‪ . 6‬احلج���اب ن‬
‫املبان‬
‫ي‬ ‫ع�ل�ى‬ ‫الال���ق وخلق���ه هو نفس خلق���ه فال یرتف���ع أبدا إ‬
‫اللقة من رأسها‪ ،‬والقول ّ‬
‫بأن حقیقة وجود‬ ‫والعرفانیة الذاهبة إىل إنكار معىن خ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الفلس���فیة‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.12 / 1 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.89 / 1 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪543‬‬

‫املخل���وق هو نف���س وجود خ‬


‫الالق بعینه حبیث حتصل مبش���اهدة النفس مش���اهدة ذات‬
‫الالق املتعال!!‬ ‫خ‬

‫الالق تعایل منحصـر باالستدال ل علیه بخ لقه‪.‬‬ ‫‪ . 7‬الطر یق إىل معرفة خ‬


‫ّ‬ ‫‪ . 8‬قیام فعل خ‬
‫الالق تعایل به جل وعال ال یكون عىل حنو كون ذلك مرتبة من مراتب وجوده‬
‫الالق تعایل كما‬‫حت حتصل بوجدان ذلك وجدان حقیقة ذات خ‬ ‫أو ت ّل ًیا من ت ّلیات ذاته ىّ‬
‫ج‬ ‫ج‬
‫ّ‬
‫الفعل بوجود الفاعل املختار كما قلناه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫تزعمه الفلسفة والعرفان‪ ،‬بل هو قیام املعىن املصدري ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والزء والكل‪ ،‬وعن‬ ‫الرب تعایل هو تعالیه ّ‬
‫الذات عن االمتداد والعدد ج‬‫ي‬
‫وحدانیة ّ‬ ‫‪ّ . 9‬إن حقیقة‬
‫ً‬
‫حیطة واإلدراك واملشاهدة مطلقا‪ ،‬مفشاهدهتا يف ّأية نشأة فرضت تكون من أوضح املحال‪.‬‬
‫الالق تعایل خالف البـرهان وضـرورة املذهب‬ ‫وجودیة بوجود خ‬
‫ّ‬ ‫‪ . 10‬االعتقاد بقیام نشأة‬
‫بأن صفات‬ ‫بأن اهلل تعاىل له صفات قامئة به وتذهب إىل القول ّ‬ ‫حت عن القول ّ‬ ‫الت تتحاىش ىّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫بی املتأخر ین _ ّ‬ ‫عی ذاته _ عىل املشهور ن‬ ‫اهلل جل جالله ن‬ ‫ّ‬
‫ومنفیة عهنا مطلقا _ عىل التحقیق _‪.‬‬
‫‪ . 11‬احلكم باختصاص قذارة الش���ـرك وألواث املعاصـي هبذه النش���أة دون عامل ّ‬
‫الذر‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الذر‪ ،‬فإنهّ ا تدل بالصـراحة عىل وجود من‬‫األدلة املثبتة لوجود عامل ّ‬ ‫خالف ما تدل علیه‬
‫أول األ فهام مدى تخ الف‬ ‫أق���ر هناك بلس���انه مبا أنكره بقلبه‪ ،‬و هبذا االختالف یظه���ر عىل ي‬
‫ّ‬
‫مبان األنظار البش���ـر ّیة مع ما یصدر عن مصدر اهلدایة ّ‬
‫اإلهلیة‪.‬‬ ‫ي‬
‫اختصت تلك النشأة بكوهنا فعل اهلل تعاىل القامئ به عند أصحاب الفلسفة‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 12‬إذا‬
‫دون هذه النشأة‪ ،‬مفا هو حكم هذه النشأة الدنیو ّیة؟! فهل هناك من خالق غیر اهلل‏؟! أم‬
‫اللقة؟!‬ ‫هلم تفسیر آخر ملعىن خ‬
‫َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫خالق َغ ْي ُ���ر اهلل َي ْر ُز ُق ُك ْم ِم َ‬ ‫َ ْ ْ‬
‫���ماء والأ ْر ِض ل���ا ِإ َله ِإلا ُه َ���و فأنى‬
‫الس ِ‬ ‫���ن َّ‬
‫<ه���ل ِم���ن ِ ٍ‬
‫ون>‪.‬‬ ‫ُت ْؤ َف ُك َ‬
‫ُْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ْ ُ َ ّ ُ َ ََ ُ ّ ْ‬
‫وك فق ْد ك ِذبَت ُر ُس ٌل ِم ْن ق ْب ِلك ِوإلى اهلل ت ْر َج ُع الأ ُم ُور>‪.‬‬ ‫<و ِإن يك ِذب‬
‫‪544‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ْ‬ ‫َ ُ َّ َّ ُ‬ ‫َ ٌّ َ َ ُ َّ َّ ُ ُ ْ َ ُ ُّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َّ ُ َّ‬


‫<يا أيه���ا الناس ِإن وعد اهلل حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم ِباهلل‬
‫َْ‬
‫الغ ُر ُور>‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ َّ‬
‫حاب‬ ‫ص‬ ‫طان َل ُك ْم َع ُد ٌّو َف َّات ِخ ُذ ُوه َع ُد ًّوا إ َّنما َي ْد ُعوا ِح ْز َب ُه ِل َي ُك ُونوا ِم ْن أ ْ‬‫الش ْي َ‬ ‫ِ<إن‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ‬
‫عير>‪.‬‬ ‫الس ِ‬
‫ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ ُ َ ُ ْ َ ٌ َ ٌ َّ َ َ ُ َ ُ‬
‫حات ل ُه ْم َمغ ِف َرة‬ ‫الص ِال ِ‬ ‫وع ِملوا‬ ‫<الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا‬
‫ك ٌ‬ ‫ٌَْ َ‬
‫بير>‪.‬‬ ‫وأجر‬
‫َ‬
‫شاء َوي ْهدي َم ْن َيشاءُ‬ ‫وء َع َم ِلهِ َف َر ُآه َح َس ًنا َفإ َّن اهلل ُي ِض ُّل َم ْن َي ُ‬ ‫<أ َف َم ْن ُز ّي َن َل ُه ُس ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ليم بما َي ْص َن ُع َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ َ َْ َ َ‬
‫(((‬
‫ون>‪.‬‬ ‫ـرات ِإن اهلل ع ِ‬ ‫فلا تذه ْب نف ُسك عل ْي ِه ْم َحس ٍ‬

‫ما هو معنى معاينة اهلل ومخاطبته؟!‬


‫ق���د وقع التعبیر عن التعر یف ّ‬
‫الذر ّي يف الروایات باملعاینة واملخاطبة و إرائة اهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫العرف���ان ومن حی���ذو حذوهم و یتب���ع نعاهلم من‬ ‫نفس���ه‪ ،‬ول���ذا قد ّ‬
‫یتوه���م أهل الس���لوك‬
‫ي‬
‫تعلقت هناك بذات خ‬ ‫ّ‬
‫الالق املتعال‪ ،‬بال وساطة‬ ‫ی وغیرهم ّأن املعرفة الذر ّیة قد‬
‫التفكیكی ن‬
‫ّ‬
‫آثاره ودال لة خلقه علیه‪ ،‬و ّیدعون ّأن الس���الك جید اهلل تعاىل بكنه ذاته بوجدان نفس���ه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا بعد الغفلة ّ‬
‫الالعقلیة‬ ‫الوجودیة والوصول إىل مرحلة‬ ‫التامة ع���ن كل تعلقاته‬ ‫هاهن���ا‬
‫والالومهیة والالفكر ّیة‪.‬‬
‫ّ‬
‫لاّ‬ ‫عی وجود خ‬ ‫وذلك ّأن وجود املخلوق عندهم ن‬
‫الالق بكهنه‪ ،‬وال فرق بیهنما إ حبدود‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫الواقعیة (وال یخىف ّأن تسمیهتم ما یكون هذا حاله أمرا‬ ‫ّ‬
‫الومهیة أو‬ ‫املاهیات االعتبار ّیة أو‬
‫ّ‬
‫ّ لاّ‬
‫فقط و إ مفع صـرف النظر‬ ‫توجهات النفس و إشاراهتا‬ ‫واقعی ًا كما ترى!) الت حتصل من ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫عن هذا ّ‬
‫التوجه واإلشارة فلیس شیئا غیر اهلل تعاىل!‬
‫ّ‬
‫إرادي‪ ،‬وقد حیصل‬ ‫و یزعم���ون ّأن الوص���ول إىل تل���ك احلالة قد حیصل عىل حنو غی���ر‬

‫‪ . 1‬الفاطر (‪.9 _ 4 ،)35‬‬


‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪545‬‬

‫ّ‬
‫فكري‬ ‫املاهیات‏والال‬‫ّ‬ ‫إرادی ًا بسبب ر یاضات ومتار ین من جهة حتصیل الغفلة ّ‬
‫التامة عن‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫والتعینات‪.‬‬ ‫معراة عن احلدود‬ ‫ووجدان ّكل نفس نفسها ّ‬
‫لاّ‬
‫الت لیست يف الواقع إ تلقینات باطلة‬ ‫وقد كشفنا عن حقیقة حال هذه الر یاضات ي‬
‫ّ‬
‫العرفان‪ ،‬و ّإنا بعد أن‬‫ي‬ ‫شیطانیة‪ ،‬يف كتابنا((( الذي كتبناه لبیان بطالن السلوك‬‫ّ‬ ‫وتصـرفات‬ ‫ّ‬
‫أوضحنا ّأن العلم واملعرفة باهلل تعاىل ال حیصل إلاّ من جهة العلم بأثره وفعله وصنعه‪ّ ،‬‬
‫وبی ّنا‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫ّأنه ال حیصل العلم بوجوده تعاىل إ بواسطة خلقه‪ ،‬وال میكن أن جنده بذاته مطلقا‪ ،‬فال‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ش���ك ف بطالن اآلراء املذكورة‪ّ ،‬‬ ‫یب�ق�ى ّ‬
‫الت‬‫ي‬ ‫والذات‬ ‫‪،‬‬ ‫إمكانا‬ ‫ال���ذات ال ینقلب‬
‫ي‬ ‫فإن املحال‬ ‫ي‬
‫تكون عىل خالف العدد والزمان واملكان ال تكون قابلة للمش���اهدة واإلدراك والوجدان‬
‫ً‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫لاّ‬
‫یقولون‪ :‬حیث ّإن إدراك الذات املتعالیة حمال فال یكون ذلك إ من صنعه تعاىل‪ ،‬وال‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫حیصل إ بفعله‪ ،‬وال ینسب إ إلیه!‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ونقول‪ّ :‬إناملحال ّ‬
‫الذاتال یتعلقبهالفعلمطلقا‪،‬واهللجلجاللهیتعاىلعنإرادةاملحال‪.‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬
‫«ممتنع عن اإلدراك مبا ابتدع من تصـر یف الذوات»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا صلوات اهلل علیه‪:‬‬
‫«لیس ف حمال القول ّ‬
‫حجة‪ ،‬وال يف املسألة عنه جواب‪ ،‬وال يف معناه له تعظمی‪،‬‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫وال يف إبانته عن الخ لق ضمی إ بامتناع األز ي ّل((( أن یثن »‪.‬‬
‫((( (((‬

‫‪ . 1‬وهو سیطبع إن شاء اهلل تعایل‪.‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،222 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .3‬املخالف لالمتداد والعدد غير القابل لإلدراك والوجدان‪.‬‬
‫ً‬ ‫ًّ‬ ‫ًّ‬
‫وعدديا قابال لإلدراك والوجدان بنفسه‪.‬‬ ‫امتداديا‬ ‫‪ 4‬وأن يكون‬
‫‪ . 5‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫‪546‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ألن احلجاب لیس إلاّ نفس خم ّ‬ ‫ً‬


‫أبدا ّ‬ ‫فال یرفع احلجاب بینه ن‬
‫لوقیة املخلوق‬ ‫وبی خلقه‬
‫فكیف میكن سلهبا عنه‪.‬‬
‫(((‬
‫«خلق اهلل الخ لق حجاب بینه وبیهنم»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫وبی خلقه حج���اب غیر خلقه‪ ،‬احتجب بغی���ر حجاب حمجوب‬ ‫«لیس بین���ه ن‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫واستتر بغیر ستر مستور‪ ،‬ال إله إ هو الكبیر املتعال»‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫وبی خلقه المتناعه ّمما میكن يف ذواهتم وإلمكان ذواهتم ّمما‬
‫«فاحلج���اب بینه ن‬
‫(((‬
‫میتنع منه ذاته»‪.‬‬

‫إرائة اآليات أم إرائة الذات؟!‬


‫ً‬
‫ّإن رفع احلجاب عن معرفة ذات اهلل تعایل ال میكن أبدا‪ ،‬بل ونفس الروایات الواردة‬
‫ً‬ ‫ف بی���ان املعرف���ة الذر ّیة ّ‬
‫مصـرحة ّ‬
‫ب���أن التعر یف يف ذل���ك املوقف أیضا وق���ع بإرائة صنع‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫املصـرحة هبا يف‬ ‫الالق تعاىل وبدال لة املخلوقات عىل وجوده‪ ،‬فیكون املراد من املعاینة‬ ‫خ‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫تلك الروایات هو ّ‬
‫الیقی احلاصل من رؤ یة األ ثر والصنع عىل وجود املؤثر والصانع‪.‬‬ ‫ش���دة‬
‫ن‬
‫والیقی احلاصل من الصنع‬ ‫حیث ّإن التعبیر باملعاینه واالرائة واملخاطبة عن كمال العلم‬
‫يف غایة احلسن والبالغة وال عكس‪:‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫كال���ذر ّ‬
‫فعرفهم وأراهم‬ ‫«وأخ���رج من ظهر آدم ّ‬
‫ذریته إىل ی���وم القیامة‪ ،‬فخرجوا‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.36 _ 35 ،‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،327 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،285 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪547‬‬

‫ّ‬
‫صنع���ه‪ ،‬ول���وال ذلك مل یعرف أحد ّرب���ه‪ ،‬وقال‪ :‬قال رس���ول اهلل؟ص؟‪ :‬كل مولود‬
‫ّ ّ‬ ‫یول���د ع�ل�ى الفطرة‪ ،‬یعن ع�ل�ى املعرفة ّ‬
‫ع���ز وجل خالق���ه‪ ،‬فذلك قوله‪:‬‬ ‫بأن اهلل‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫السماوات َوالأرض ل َیقول ّن ُ‬ ‫َ‬ ‫<و َلإن َس َئ َلت ُهم َمن َخ َل َق ّ‬
‫َ‬
‫(((‬
‫اهلل>»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫فالتعبیر عن هذه احلالة يف أمثال املقام أمر شائع بلیغ وال دال لة فهیا عىل وقوع املعرفة‬
‫ً ً‬ ‫عىل الذات بال واسطة ّ‬
‫فإن املحال ال ینقلب إمكانا أبدا‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل هل ی���راه املؤمنون یوم القیامة؟! قال‬ ‫«‪ ...‬قل���ت له‪ :‬أخبـر ين عن اهلل‬
‫[اإلم���ام الص���ادق؟ع؟]‪ :‬نعم وق���د رأوه قبل ی���وم القیامة فقل���ت‪ :‬مىت؟! قال‪:‬‬
‫ََ ُ‬
‫���ت ب َـر ّب ُكم َق ُالوا‪َ :‬ب َلى>‪ّ ،‬مث س���كت س���اعة‪ّ ،‬مث قال‪ :‬و إنّ‬ ‫ن‬
‫حی قال هلم‪< :‬ألس ِ ِ‬
‫املؤمنی لیرونه يف الدنیا قبل یوم القیامة؛ ألست تراه يف وقتك هذا؟!‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫قال أبو بصیر‪ :‬قلت له‪ :‬جعلت فداك‪ّ ،‬‬
‫فأحدث هبذا عنك؟! فقال‪ :‬ال‪ ،‬إنك إذا‬
‫حدثت به فأنكره منكر جاهل مبعىن ما تقوله ّمث ّقدر ّأن ذلك تشبیه وكفر‪ ،‬ولیست‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫واملحددون»‪.‬‬ ‫عما یصفه املشبهّ ون‬
‫بالعی تعاىل اهلل ّ‬
‫ن‬ ‫الرؤیة بالقلب كالرویة‬
‫ّ‬ ‫والتعر یف باآلیات والعالمات هو طر یق تعر یف خ‬
‫الالق نفس���ه للعباد يف كل املواطن‬
‫واملواقف وال ینحصـر به التعر یف ف عامل ّ‬
‫الذر‪:‬‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫املتجل لخ لقه خبلقه‪ ،‬والظاهر لقلوهبم ّ‬
‫(((‬
‫حبجته»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫«احلمد هلل‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬ ‫مّ‬
‫«إنا ّ‬
‫(((‬
‫عز وجل نفسه إىل خلقه بالكالم والدال الت علیه واألعالم»‪.‬‬ ‫عرف اهلل‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.331 _ 330 ،‬‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،45 _ 44 / 4 ،‬عن التوحيد‪.117 ،‬‬
‫الطبة‪.108 ،‬‬ ‫‪ . 3‬هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫الكاف‪.276 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 4‬الروضة من‬
‫‪548‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شء غیره؟ قال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫شء عرفن���اه؟ قال؟ع؟ ‪ :‬بغی���ره‪ ،‬قال‪ّ :‬ف���أي ي‬ ‫«‪ ...‬ق���ال ب���أي ي‬
‫مش���یته وامسه وصفته وما أش���به ذل���ك‪ ،‬وكل ذلك حمدث خملوق‬ ‫ّ‬ ‫الرضا؟ع؟‪:‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫مدبـر»‪.‬‬
‫(((‬
‫ربوبیته يف إبداع الخ لق»‪.‬‬
‫«إن اهلل أظهر ّ‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫(((‬ ‫«وهبا [األشیاء] ّ‬
‫عرفها اإل قرار»‪.‬‬
‫العی عن صـر یح الروایات وواض���ح دال لهتا‪ ،‬وعدم ّ‬
‫التوجه إىل‬ ‫فكی���ف جی���وز غمض ن‬
‫املعان املرادة‬
‫ي‬ ‫ومازها‪ ،‬والغفلة م���ن حقایق‬
‫بلیغ تش���بهیها واس���تعارهتا وكنایهتا وحقیقهتا ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واللفظیة املنصوبة علهیا؟!‬ ‫العقلیة‬ ‫مهنا الدال علهیا‪ ،‬والقرائن الواضحة‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«كل معروف بنفسه مصنوع»‪.‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«لیس بإله من عرف بنفسه‪ ،‬هو الدال بالدلیل علیه»‪.‬‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬
‫«لیس ّ‬
‫بـرب من طرح حتت البالغ»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫ولتحول دلیال بعد ما كان مدلوال علیه»‪.‬‬ ‫«إذا لقامت فیه آیة املصنوع‪،‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.433 ،‬‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪92 ،‬؛ حبار األنوار‪.224 / 3 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪39 ،‬؛ حبار األنوار‪.230 / 4 ،‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪35 ،‬؛ حبار األنوار‪.228 / 4 ،‬‬
‫‪ . 5‬اإلحتجاج عىل أهل اللجاج‪،‬‏‪.201 / 1‬‬
‫حبار األنوار‪.253 / 4 ،‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪ . 7‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪549‬‬

‫«وملا كان للبارئ معىن غیر املبـروء»‪.‬‬


‫(((‬

‫جلی ًا ّأن القائل بإمكان وجدان ذات خ‬


‫الالق بنفسها من جهة معرفة‬ ‫ومبا أوضحناه یظهر ّ‬
‫وعینیة ذات خ‬
‫الالق واملخلوق بعینه‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫النفس ووجداهنا أو غیرها‪ ،‬هو القائل بوحدة الوجود‬
‫نعوذ باهلل تعاىل من القول بذلك‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفطرية؟!‬ ‫المعرفة‬
‫ّ‬
‫ومما جاء يف «تفسیر املیزان»‪:‬‬
‫ّ‬
‫«إذا اش���تغل اإلنس���ان بالنظر إلى آیات نفسه‪ ،‬وشاهد فقرها إلى ّربها‪ ،‬وحاجتها في‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫جمی���ع أطوار وجودها وج���د أمرا عجیبا‪ .‬وجد نفس ��ه متعلقة بالعظم ��ة والكبـریاء‪،‬‬
‫ّمتصل���ة في وجوده���ا وحیاتها وعلمها وقدرتها وس ��معها وبصـره ��ا و إرادتها ّ‬
‫وحبها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وسائر صفاتها وأفعالها بما ال یتناهی بهاء وسناء وجماال وكماال من الوجود والحیاة‬
‫والعلم والقدرة وغیرها من الكمال‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتتوجه إلى ّربها‪ ،‬وتنس ��ى كل شيء وتذكر ّربها‪.‬‬ ‫وعند ذلك تنصـرف عن كل ش���يء‬
‫حق المعرفة الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫قدر إلنسان‪.‬‬ ‫فال یحجبه عنها حجاب‪ ،‬وال تستتر عنه بستر‪ ،‬وهو‬
‫(((‬ ‫وهذه المعرفة األحرى بها أن ّ‬
‫تسمى بمعرفة اهلل باهلل‏‪.‬‬
‫ّ‬
‫ّإن اإلنسان إذا اشتغل بآیة نفسه وخال بها عن غیرها انقطع إلى ّربه من كل شيء‪،‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وعق���ب ذل���ك معرف���ة ّربه معرفة بال توس ��یط وس ��ط‪ ،‬وعلما بال تس ��بیب س ��بب‪ ،‬إذ‬
‫ّ‬
‫االنقطاع یرفع كل حجاب مضـروب‪ ،‬وعند ذلك یذهل اإلنس ��ان بمشاهدة ساحة‬
‫(((‬
‫العظمة والكبـریاء عن نفسه‪ ،‬وأحرى بهذه المعرفة أن تس � ّ�مى معرفة اهلل باهلل‏»‪.‬‬

‫‪ . 1‬التوحيد‪.40 ،‬‬
‫ن‬
‫حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.172 / 6 ،‬‬ ‫الطباطبائ‪ّ ،‬‬
‫حممد‬ ‫ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الطباطبائ‪ ،‬حممد حسي‪ ،‬تفسير امليزان‪.175 / 6 ،‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫‪550‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ونقول‪:‬‬
‫املعرفة املذكورة ووجدان األمر العجیب عندهم مبتنیة عىل ما ّیدعیه أصحاب العرفان‬
‫ً‬ ‫ً ً‬
‫الالق واملخلوق ّمتحدا عینا وخارجا _ بأن تكون املخلوقات‬
‫والفلسفه من كون وجود خ‬
‫ّ‬ ‫الالق تعایل أو نفس صوره ّ‬‫مراتب وجود خ‬
‫املتعینة بصور املخلوقات واملتجلیة يف األ قدار‬
‫املتخالفة _‬
‫وعلیه فإذا وجد السالك نفسه بال واسطة وال حجاب فقد وجد ّربه وخالقه عندهم‬
‫الاطئة املخالفة للوجدان والبـرهان وضـرورة األدیان‬ ‫بال س���تر وال س���بب!! وهذه املعرفة خ‬

‫الت تكون يف احلقیق���ة معرفة املخلوق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫تع���د عنده���م املعرفة حق املعرفة‪ .‬وه���ذه املعرفة ي‬
‫الالق حتسب عندهم معرفة اهلل باهلل‏‪.‬‬ ‫بعنوان خ‬

‫هیمت هبا أصحاب الفلسفة والعرفان‬ ‫وال یذهب علیك ّأن روایات معرفة النفس الت قد ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫ش���دیدا‪ ،‬وه���ي القائلة ّ‬
‫بأن‪« :‬من عرف نفس���ه فقد عرف ربه»‪ ،‬هلي م���ن أهون الروایات‬
‫ً‬
‫یفس���ـرها أصحاب الفلس���فة والعرفان مع�ن�ى‪ .‬حیث إنهّ ا‬ ‫ّ‬ ‫م���دركا‪ ،‬ومن أفس���د الروایات مبا‬
‫ّ‬
‫املحق ن‬ ‫لاّ‬
‫قی املش���تملة عىل الروایات‬ ‫ال توج���د الغال���ب مهنا إ يف الكتب غیر املعتبـرة عند‬
‫ّ‬
‫اللئال» و«غرر احلكم»‬
‫ي‬ ‫«غوال‬
‫ي‬ ‫الت ال توجد أمثاهلا يف كتبنا املعتبـرة املشهورة كـ ‪:‬‬
‫ي‬ ‫ة‬ ‫الشاذ‬
‫و«مصباح الشـر یعة»‪.‬‬
‫ّ‬
‫العرفان‬ ‫تفس���ـر به الروای���ات املذكورة عن���د أهل الس���لوك‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا بط�ل�ان املعىن الذي ّ‬
‫ي‬
‫والفلسف فأظهر من الشمس للناظر يف مباحثنا واحلمد هلل‪.‬‬ ‫يّ‬
‫إن قلت‪ :‬ما هو فائدة التعر یف ف عامل ّ‬
‫الذر؟‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫قلت‪ :‬حتتمل وجوها‪:‬‬
‫ُ‬
‫مهن���ا‪ّ :‬أن���ه إن مل یكن ذل���ك التعر یف لك ّنا يف تلك املواطن قب���ل النزول إیل الدنیا غیر‬
‫موحدین‬‫عارفی ّ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫الذري أصبحنا‬ ‫عارفی باهلل تعایل‪ّ ،‬‬
‫وأما بعد ما أنعم اهلل علینا بالتعر یف‬ ‫ن‬
‫بـربنا وملحدین‪.‬‬ ‫جاهلی ّ‬
‫ن‬ ‫حت يف تلك املواطن قبل النزول إیل الدنیا‪ ،‬ال‬ ‫یّ‬
‫اعت هللا ةثاغإب اّلإ لاعتملا قلاخلا دوجو تابثإ نع لوقعلا زجعو دادسنالا‬ ‫‪551‬‬

‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫ن‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫«إن اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫واحلس�ی�� من نور‪،‬‬ ‫علی���ا وفاطمة واحلس���ن‬ ‫خلق�ن�� وخلق‬
‫ي‬ ‫وج���ل‬ ‫ع���ز‬
‫فس���بحوا‪ّ ،‬‬
‫فس���بحنا ّ‬
‫فعصـ���ر ذل���ك النور عصـرة فخرج منه ش���یعتنا‪ّ ،‬‬
‫وقدس���نا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فوحدوا‪ّ ،‬مث خلق الس���موات‬‫ووحدنا ّ‬‫مفجدوا‪ّ ،‬‬ ‫ومدنا ّ‬‫فهللوا‪ّ ،‬‬
‫ج‬ ‫وقدس���وا‪ ،‬وهللنا‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫واألرض�ی�� وخل���ق املال ئكة مفكث���ت املال ئكة ماة ع���ام ال تعرف تس���بیحا وال‬
‫وقدس���نا ّ‬
‫فس���بحت املال ئكة‪ّ ،‬‬
‫فس���بحت شیعتنا ّ‬ ‫فسبحنا ّ‬ ‫ً‬
‫تقدیس���ا‪ّ ،‬‬
‫فقدست‬
‫شیعتنا ّ‬
‫فقدست املال ئكة‪...‬‬
‫وجل كما ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫املوحدون حیث ال ّ‬ ‫فنح���ن ّ‬
‫اختصنا‬ ‫موحد غیرنا‪ ،‬وحقیق عىل اهلل عز‬
‫ن‬
‫علیی‪.‬‬ ‫ّ‬
‫واختص شیعتنا أن ینزلنا وشیعتنا يف أعىل‬
‫ً‬
‫ّإن اهلل اصطفانا واصطىف ش���یعتنا من قبل أن نكون أجس���اما‪ ،‬فدعانا فأجبنا‬
‫فغفر لنا وشیعتنا من قبل أن نستغفر اهلل تعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫الذري أن أصبحن���ا يف الدنیا أقرب إیل‬ ‫ومهن���ا‪ّ :‬أن���ه میكن أن یكون م���ن آثار التعر یف‬
‫ّ‬
‫ولعله إن مل ّ‬
‫یتقدم لنا ذلك التعر یف كان فهم التوحید‬ ‫قبول هدایة األنبیاء وتعر یفهم لنا‪،‬‬
‫ّ‬
‫وقبوله من األنبیاء؟مهع؟ أصعب علینا‪ .‬هذا كله بعد ما ّبی ّناه من ّأنه إن مل ّ‬
‫یعرف اهلل نفسه‬
‫ً‬ ‫لنا لكان یّ‬
‫حت تصدیقنا بوجوده تعایل من عند أنفسنا حماال‪.‬‬

‫‪ . 1‬كشف ّ‬
‫الغمة‪.458 / 1 ،‬‬
‫شأن العقل‬
‫في طریق معرفة اهلل تعالى‬
‫‪554‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫▪ إن���ك ال ت���رى أح���دا م���ن الفالس���فة والعرف���اء وعقالء البش���ـر _ فض�ل�ا عن‬
‫مصیبا ف طر ی���ق معرفة اهلل ویعرفه ّ‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫ح���ق معرفته‪ ،‬وذلك ّأن‬ ‫ي‬ ‫جهاهل���م _ یك���ون‬
‫وعلو شأنه فشأنه ش���أن الباصـرة بالنسبة إیل النور حیث‬ ‫العقل عىل ش���ـرافته ّ‬
‫لاّ‬
‫ال ینف���ع وجوده���ا إ مع وجوده‪ .‬والن���ور هاهنا هو بیان الخ ال���ق تعایل وأولیائه‬
‫املعصومون؟مهع؟‪ ،‬كما ّأن العقل يف املقام مبنزلة البصر‪.‬‬
‫یصح ترجیح إحدى‬‫احلجة بقیام أحدمها دون األخرى فال ّ‬ ‫تمت ّ‬‫▪ ّمث ّإنه حیث ال ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫احلج ن‬
‫فإن كل واحد‬ ‫يّ‬
‫الفلسف‬ ‫تی _ من العقل والبیان _ عىل األخرى كما یفعله‬
‫یمكل ّ‬
‫حجیة اآلخر‪ ،‬ویقصـ���ر عن إفادة املطلوب باس���تقالله‪ ،‬فال وجه‬ ‫مهنم���ا ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫لتوهم املعارضة بیهنما أصال‪.‬‬
‫ً‬ ‫احلج���ة إلاّ مبعرفة ّ‬
‫▪ ف�ل�ا حتص���ل املعرفة وال ت�ت�م ّ‬
‫احلجة س�ل�ام اهلل علی���ه أبدا‪،‬‬
‫وتصب���ح بذلك أص���ول الدی���ن منحصـ���رة بأصل واح���د وهو معرف���ة املعصوم‬
‫والتسلمی املطلق لدیه ال غیر‪،‬‬

‫و إلیك تفصیل البحث‪:‬‬


‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪555‬‬

‫عظم شأن العقل‬


‫لاّ‬
‫لك أن تسأل‪ :‬إذا كان ال حتصل معرفة اهلل تعاىل إ ببیان منه تعایل وهدایته مفا شأن‬
‫العقل ف طر یق معرفة اهلل‏‪ ،‬وكیف ال یلزم أن تكون املعرفة عىل ما قلت ّ‬
‫تعبدیة غیر ّ‬
‫عقلیة؟!‬ ‫ي‬
‫فأقول‪ :‬ال شهبة يف شـرافة قدر العقل وعظمة شأنه‪ ،‬وهو الذي ورد فیه عن العصمة‬
‫ّ‬
‫الرب ّ‬
‫انیة‪:‬‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫(((‬
‫«قوام املرء عقله‪ ،‬ال دین ملن ال عقل له»‪.‬‬
‫«ال عدم ّ‬
‫(((‬
‫أشد من عدم العقل»‪.‬‬
‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«إن اهلل تبارك وتعاىل بشـر أهل العقل والفهم يف كتابه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫َ َ َ َ َّ َ َ‬
‫أولئ َك الذی َن َه َد ُاهمُ‬ ‫َ َ ُ (((‬
‫الذی َن َیس َ���ت ِم ُعون القول ف َیت ِب ُعون أحسنه‬ ‫ََّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫<فب ِشـر ِعب ِاد ِ‬

‫ن‬
‫الواعظي‪4 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪.158 . 94 / 1 ،‬‬ ‫‪ . 1‬كنز الفوائد‪31 / 2 ،‬؛ روضة‬
‫ّ‬
‫الطوس‪.‬‬ ‫أمال الشیخ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،88 / 1 ،‬عن ي‬
‫ّ‬ ‫‪ . 3‬وعىل هذا التفسير فيكون قوله تعاىل <أحسنه> مفعوال مطلقا لبيان ّ‬
‫كيفية اال تباع وليس مبفعول به‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫همّ‬
‫فال تتو ّن أنه جيوز الرجوع إىل كل متكلم واالستماع منه‪.‬‬
‫‪556‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ُ َ‬
‫(((‬
‫اب>‪.‬‬‫ِ‬ ‫لب‬‫الأ َ‬ ‫أولئ َك ُهم أولو‬ ‫ُ‬
‫اهلل َو ِ‬
‫الب ُ‬‫الص ُّم ُ‬‫ُّ‬ ‫ذم الذین ال یعقلون فقال‪< ...:‬إ َّن َش��� َّـر َّالد ّ َ‬ ‫«‪ّ ...‬مث ّ‬
‫كم‬ ‫واب ِعند ِ‬
‫اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬
‫عق ُلو َن> »‪.‬‬
‫الذین لا َی ِ‬
‫َ‬

‫شء عب���د اهلل به أفضل‬ ‫ن‬


‫«كان أمی���ر املؤمن�ی�� صل���وات اهلل علیه یقول‪ :‬ما من ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫م���ن العقل‪ ...‬و ّإن ضوء الروح العقل‪ ،‬ف���إذا كان العبد عاقال كان عاملا بـر ّبه‪،‬‬
‫قس���م اهلل ن‬ ‫ً‬
‫عاملا بـر ّبه أبصـر دینه‪ ...‬ما ّ‬
‫ب�ی�� العباد أفضل من العقل‪،‬‬ ‫و إذا كان‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫نبی���ا إ عاقال ىّ‬‫ً‬ ‫الاه���ل‪ ،‬وما بعث اهلل ّ‬
‫حت یكون‬ ‫ن���وم العاقل أفضل من س���هر ج‬
‫عقل���ه أفضل م���ن مجیع جهد املجهتدین‪ ،‬وم���ا ّأدی العبد فر یضة من فرائض‬
‫(((‬ ‫اهلل ىّ‬
‫حت عقل عنه»‪.‬‬

‫العقل أو المعصوم؟!‬
‫ً‬
‫فأقول جوابا عن سؤالك عن شأن العقل يف معرفة اهلل تعاىل‪:‬‬
‫الالق بال رجوع إىل البیان‪ ،‬و إنسداد طر یق‬ ‫ّإن امتناع حصول العلم واإل قرار بوجود خ‬

‫عقل‪ ،‬فال‬ ‫دی ًا غیر ّ‬ ‫الالق إلاّ من بیان احلجج ال یستلزم أن یكون األمر ّ‬
‫تعب ّ‬ ‫إثبات وجود خ‬
‫ي‬
‫بی وجوب الرجوع إیل البیان واألخذ بالعقل‪.‬‬ ‫منافاة ن‬
‫ّ‬
‫شء فیجیب���ك فتقبل قوله ال‬ ‫توضی���ح ذل���ك‪ :‬إنك تارة ترجع إیل البیان وتس���أله عن ي‬
‫مثال فهو ّ‬
‫تعبد ال غیر‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ومرة‬ ‫ع���ن فه���م علة احلكم ومال كه _ كوجوب اإلخفات يف الظهر _‬
‫ً‬ ‫ن‬ ‫ً‬
‫النقیضی مثال‬ ‫أخرى تفهم ش���یئا بنفسك بال رجوع إىل أحد كاحلكم باستحالة اجتماع‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومرة ثالثة تفكر يف مش���كلة ف�ل�ا تقدر عىل حلها‪ّ ،‬مث ترجع إىل غیرك‬ ‫ّ‬
‫عق�ل�� صـرف‪ّ ،‬‬
‫ي‬ ‫وذاك‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فیس���تدل لك علهی���ا ببـرهان تعقله وتفهمه بعقلك‪ ،‬فتحل عقدتك من بیانه باس���تدال ل‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪.81 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم والعقل‪.83 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم والعقل‪.‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪153 / 1 ،‬؛‬
‫ي‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪557‬‬

‫شء‪.‬‬ ‫ّ‬
‫عقل منه وقنوع من نفسك‪ ،‬فلیس هذا من التعبد يف ي‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫فللعقل يف هذه املس���ألة الثالثة ش���أن عظمی حبیث ّأنه لو ال ّأنك كنت عاقال ملا نفعك‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عظیما ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ألنه لو مل یكن لكان عقلك بنفسه قاصـرا‬ ‫البرهان‪ ،‬كما ّأن للبیان أیضا هاهنا لشأنا‬
‫ّ‬
‫عن حل املشكلة‪.‬‬
‫ً‬
‫أیضا ال ینفع إلاّ من له ن‬ ‫لاّ‬ ‫وذلك كما ّأن صحیح ن‬
‫عی سليمة‪،‬‬ ‫العی ال یرى إ بالنور‪ ،‬والنور‬
‫معا‪ .‬وهذا هو احلال بعینه ف حصول العلم بوجود اهلل تعاىل‪ّ ،‬‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫فإنه لو‬ ‫ي‬ ‫هبما‬ ‫وال حتصل الرؤ یة إ‬
‫مل یكن التعر یف والبیان من اهلل تعاىل ملا حصلت املعرفة ولو ألشـرف خملوق وأ كمل موجود‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«لو ال اهلل ما عرفناه»‪.‬‬
‫كم���ا ّأنه ل���و مل ّ‬
‫مین أصح���اب الوحى؟مهع؟ بتعر ی���ف خ‬
‫الالق تعاىل لغیره���م ملا حصلت‬
‫ً‬
‫املعرفة ألحد أبدا‪:‬‬
‫«ولو ال حنن ما عرف اهلل‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫«بن���ا عب���د اهلل‏‪ ،‬وبن���ا ع���رف اهلل‏‪ ،‬وبن���ا ّ‬
‫وح���د اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫وحمم���د حج���اب اهلل تب���ارك‬
‫وتعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬
‫(((‬
‫«بنا عرف اهلل‏‪ ،‬وبنا عبد اهلل‏‪ .‬حنن األد ء عىل اهلل‏‪ ،‬ولو ال نا ما عبد اهلل‏»‪.‬‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ 273 / 3 ،‬عن الصدوق يف كتاب التوحيد‪.‬‬


‫الكاف‪ 144 / 1 ،‬؛ التوحيد‪ 290 _ 151 ،‬؛ حبار األنوار‪.273 / 3 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪ ،145 / 1‬باب النوادر‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.152 ،‬‬
‫‪558‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫املهدي؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫«حنن صنائع ّربنا والخ لق بعد صنائعنا»‪.‬‬
‫(((‬

‫یعن ّأدهبم لنفس���ه کما اصطنع‬ ‫ّ‬


‫حی���ث إن اهلل تعایل اصطفاهم واصطنعهم لنفس���ه _ ي‬
‫اللق بعد ذلك‪.‬‬‫مویس لنفسه _ وهم؟مهع؟ ّأدبوا خ‬
‫لاّ‬ ‫ً ّ‬ ‫ً‬ ‫لاّ‬
‫ولی���س ذلك من اهلل تعاىل بالنس���بة إلهیم إ إكراما لش���أهنم و إعظام���ا حلقهم‪ ،‬و إ‬
‫ً‬ ‫فال حیتاج اهلل ف إیصال جوده وكرمه وهدایته إیل خ‬
‫اللق‪ ،‬إیل توس���یط وس���ائط‪ ،‬خالفا‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والشیخیة والتفكیك و‪...‬‬ ‫للفالسفة والعرفاء‬
‫َّ‬
‫ذات يف أن یلهم اهلل تعاىل معرفته لكل أحد بال واس���طة‪ ،‬ولكن‬ ‫فلیس هناك امتناع ّ‬
‫ي‬
‫اهلل تع���اىل مل یفعل ذل���ك بل اقتضت حمكته البالغة أن جیعل الرس���ول األعظم وآله؟ص؟‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫أبوابا ملعرفته وحما لتوحیده‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«إن اهلل ل���و ش���اء ّ‬
‫لعرف العباد نفس���ه‪ ،‬ولك���ن جعلنا أبوابه وصـراطه وس���بیله‬
‫والوجه الذي یؤىت منه»‪.‬‬
‫(((‬

‫َّ‬
‫«وس���د األب���واب إلاّ بابه فقال‪ :‬أن���ا مدینة العل���م ّ‬
‫وعىل باهبا‪ ،‬مف���ن أراد املدینة‬
‫واحلمكة فلیأهتا من باهبا»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬ ‫مف���ن الباط���ل أن یق���ال‪ّ :‬إنه میتن���ع التعر یف _ بل خ‬


‫واإلیاد _ م���ن اهلل تعاىل إ‬
‫ج‬ ‫اللق���ة‬
‫بالواسطة‪ّ ،‬‬
‫بتوهم اقتضاء قاعدة إمكان األشـرف وحفظ مراتب الوجود‪ ،‬وأمثال ذلك من‬
‫ّ‬
‫والشیخیة الواهیة‪.‬‬ ‫قواعد مدرسة الفلسفة‬
‫وع�ل�ى م���ا ّقدمناه ّ‬
‫فتمس���ك القائل بع���دم جواز الرج���وع إىل املعص���وم إل ثبات وجود‬
‫ّ‬
‫الطوس‪285 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،178 / 53 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬ ‫‪ . 1‬الغيبة‪،‬‬
‫ي‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬إثبات اهلداة‪ ،59 / 1 ،‬عن‬
‫النان‪ ،‬دعاء الندبة‪.‬‬ ‫‪ّ .3‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪559‬‬

‫الال���ق بل���زوم التعبد والدور‪ ،‬أو ّ‬


‫بتوه���م خروج معرفة التوحید عىل ه���ذا البیان عن كونه‬ ‫خ‬
‫التفوه به‪ّ ،‬‬
‫فإن���ه ال منافاة ن‬
‫بی كون‬ ‫بالعق���ل ودخول���ه ف م���ا یكون بالتعبد‪ّ ،‬مما ال ینبغ���ي ّ‬
‫ي‬
‫((( ّ‬ ‫ّ ً‬
‫تفضال من اهلل تعاىل ومن أولیائه حمال معرفته وأبواب توحیده بالنسبة إىل من‬ ‫املعرفة‬
‫ّ‬ ‫وبی كوهنا ّ‬ ‫س���واهم‪ ،‬ن‬
‫عقلیة بعد توجیه املكلف إىل املوضوع الالئق باإل ثبات من ناحیة‬
‫خ‬
‫الالق تعاىل‪:‬‬
‫ْ ُ ْ ْ َ َ ََ ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ََ َ ْ‬
‫(((‬
‫<ول ْو لا فض ُل‏ اهلل َعل ْيك ْم‏ َو َر ْح َم ُت ُه ما َزكى‏ ِمنكم ِمن أح ٍد أبدا>‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫ن‬
‫املؤمنی صلوات اهلل علیه»‪.‬‬ ‫«الفضل‪ ،‬رسول اهلل؟ص؟ ؛ والرمحة‪ ،‬أمیر‬
‫ّ‬ ‫یعد العق���ل والبیان ف معرفة اهلل تع���ایل ّ‬ ‫ف�ل�ا ّ‬
‫حجتان مس���تقلتان إحدهیما يف عرض‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫األخ���رى ىّ‬
‫تعبدیة‪ ،‬بل تقصـر كل واحدة مهنما باالس���تقالل‬ ‫حت یصبح ما حیصل بالبیان‬
‫تعدان ّ‬ ‫ً‬
‫معا ّ‬ ‫احلجیة واإل فادة ف طر یق إثبات وجود خ‬ ‫ّ‬
‫حجة واحدة‪:‬‬ ‫الالق املتعال‪ ،‬ومها‬ ‫ي‬ ‫عن‬
‫َ َّ ُ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫(((‬
‫ك ُي َب ِّي ُن‏ اهلل‏ لك ْم‏ ِ‬
‫آياتهِ‏ ل َعلك ْم‏ ت ْع ِقلون‏>‪.‬‬ ‫<كذ ِل ‏‬

‫ن ّ‬ ‫فلما رفع الصادق؟ع؟ يده قال‪ :‬احلمد هلل ّ‬ ‫‪ّ ... . 1‬‬
‫العاملي‪ ،‬اللهم هذا منك ومن رسولك صلىّ‏ اهلل‬ ‫رب‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‏عليه‏ و‏آله‏وسلم‪ ،‬فقال ابو حنيفة‪ :‬يا أبا عبداهلل أجعلت مع اهلل شـر يكا؟!‬
‫َ ْ‬ ‫ُ‬
‫اهلل َو َر ُسول ُه ِم ْن فض ِله‏>‪،‬‬ ‫<وما َن َق ُموا إ َّلا َأ ْن َأ ْغ ُ‬
‫ناه ُم ُ‬ ‫فقال؟ع؟‪ :‬و يلك ّإن اهلل تبارك وتعاىل يقول ف كتابه‪َ :‬‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫<و َل ْو َأ َّن ُه ْم َر ُضوا ما آتاه ُم ُ‬
‫اهلل َو َر ُس���ول ُه َوقالوا َح ْس ُ���بنا الل ُه َس ُيؤتينا اهللُ‬ ‫ُ‬ ‫وجل ف موضع آخر‪َ :‬‬ ‫ّ ّ‬
‫و يقول عز‬
‫ُ ي‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِم ْن فض ِلهِ َورسوله>‪.‬‬
‫ُ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫كأن ما قرأهتما ّقط من كتاب اهلل وال مسعهتما إ يف هذا الوقت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫فقال أبو حنيفة‪ :‬واهلل‬
‫َ ََ ُُ‬
‫وب‬ ‫وف أش���باهك‪< :‬أم على قل ٍ‬ ‫ومسعهتما ولك���ن اهلل أنزل فيك ي‬ ‫فق���ال أب���و عبد اهلل؟ع؟‪ :‬ب�ل�ى قد قرأهتما‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬
‫كس���بون> حبار األنوار‪ 216 /10 ،‬عن كنز‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫وا‬ ‫ان‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ِِ‬‫وب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ان‬ ‫ر‬ ‫ل‬‫ب‬ ‫ا‬ ‫ل‬‫<ك‬ ‫تعاىل‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫���ا>‬ ‫ه‬ ‫ال‬ ‫أقف‬
‫ّ‬
‫للكراجكي‪.196 ،‬‬ ‫الفوائد‬
‫‪ . 2‬النور (‪.21 ،)24‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،194 / 9 ،‬عن تفسیر ّ‬
‫القم ّي‪.‬‬
‫‪ .4‬األنبياء (‪.10 ،)21‬‬
‫‪560‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫َ َّ ُ َ ُ‬ ‫َ ْ َّ َّ َ ُ ْ‬
‫آيات‏ ل َعلك ْم‏ ت ْع ِقلون‏>‪.‬‬
‫(((‬
‫<قد َبينا لك ُم‏ ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُُْْ ََ َْ ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ َْ َ ْ َْ ُ‬
‫(((‬
‫كتابا ِفيهِ‏ ِذكركم‏ أ فلا تع ِقلون>‪.‬‬ ‫<لقد أنزلنا ِإليكم‏ ِ‬
‫َ َّ ُ َ‬
‫ون ل َّلناس‏ َعل ‏ى اهلل‏ ُح َّج ٌة َب ْع َد ُّ‬
‫(((‬
‫الر ُسل>‪.‬‬ ‫<لئلا َيك ‏ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫(((‬ ‫«إن اهلل أ كمل للناس احلجج بالعقول‪ ،‬ونصـر ّ‬
‫النبی نی بالبیان»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫(((‬
‫وبی اهلل العقل»‪.‬‬ ‫بی العباد ن‬ ‫النب‪ّ ،‬‬
‫واحلجة ف ما ن‬ ‫«حجة اهلل عىل العباد ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ‬
‫<و ِتل���ك الأمثال نض ِـر ُب َه���ا ِل ّلن ِاس َو َما‬ ‫ب�ّی� ّأن العق���ل مع العلم فقال‪:‬‬‫«‪ّ ...‬مث ّ ن‬
‫العال ُم َ‬ ‫َ ُ َّ‬
‫(((‬
‫ون>»‪.‬‬ ‫عقل َها ِإلا َ ِ‬
‫ی ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫«ال جن���اة إ بالطاع���ة‪ ،‬والطاع���ة بالعلم‪ ،‬والعل���م بالتعلم‪ ،‬والتعل���م بالعقل‬
‫(((‬ ‫یعتقد‪ ،‬وال علم إلاّ من عامل ّرب ّ‬
‫ان ومعرفة العامل بالعقل»‪.‬‬‫ي‬
‫فأما الظاهرة فالرسل‬ ‫وحجة باطنة‪ّ ،‬‬ ‫حجة ظاهرة‪ّ ،‬‬ ‫تی‪ّ :‬‬ ‫حج ن‬‫«إن هلل عىل الناس ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫وأما الباطنة فالعقول»‪.‬‬ ‫واألمئة؟مهع؟ ّ‬
‫واألنبیاء ّ‬
‫لاّ‬
‫«ما بعث اهلل أنبیائه ورسله إىل عباده إ لیعقلوا عن اهلل‏‪ ،‬فأحسهنم استجابة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أحس�ن�هم معرف���ة‪ ،‬وأعلمهم بأمر اهلل أحس�ن�هم عقال‪ ،‬وأ كمله���م عقال أرفعهم‬
‫(((‬
‫درجة يف الدنیا واآلخرة»‪.‬‬

‫‪ .1‬آل عمران (‪.118 ،)3‬‬


‫‪ .2‬األنبياء (‪.10 ،)21‬‬
‫‪ .3‬النساء (‪.165 ،)4‬‬
‫‪ . 4‬إثبات اهلداة‪.41 / 1 ،‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪25 /1‬؛ إثبات اهلداة ‪.42 / 1‬‬ ‫ي‬ ‫‪.5‬‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العقل‪.83 ،‬‬ ‫‪ . 6‬العنكبوت (‪42 ،)29‬؛‬
‫ي‬
‫الكاف‪،‬‏‪17 /1‬؛ إثبات اهلداة‪.41 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.7‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪16 / 1‬؛ إثبات اهلداة‪.4 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.8‬‬
‫الكاف‪.16 / 1 ،‬‬‫ي‬ ‫‪.9‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪561‬‬

‫«بالعقل استخرج غور احلمكة‪ ،‬وباحلمكة استخرج غور العقل»‪.‬‬


‫(((‬

‫احلجة ع�ل�ى الخ لق الیوم؟ فقال الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫«وف خبـر إبن الس���كیت قال‪ :‬مفا ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫العقل‪ ،‬تعرف به الصادق عىل اهلل فتصدقه‪ ،‬والكاذب عىل اهلل فتكذبه»‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫وجل ال�ت�� یؤ ىت مهنا‪ ،‬ول���وال هم ما ع���رف اهلل ّ‬
‫عز‬ ‫ي‬ ‫«األوصی���اء أب���واب اهلل ع���ز‬
‫وجل‪ ،‬وهبم ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫احتج اهلل عىل خلقه»‪.‬‬

‫أبواب المعرفة‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬
‫ال ینتج النظر والقیاس احلاصل من االستبداد بالتعقل والتفكر إ شـركا وضالال‪ ،‬وال جتد‬
‫لاّ‬
‫يّ‬
‫احلقیق وحقیقة معرفة التوحید إ يف بیوت أذن اهلل أن ترفع و یذكر فهیا امسه‪:‬‬ ‫معرفة التوحید‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫وحممد حجاب اهلل تبارك وتعاىل»‪.‬‬
‫(((‬ ‫وحد اهلل‏‪ّ ،‬‬‫«بنا عبد اهلل‏‪ ،‬وبنا عرف اهلل‏‪ ،‬وبنا ّ‬

‫حج ّیة حكم العق���ل ومطابقته م���ع الواقع‪ ،‬ولكن‬ ‫ش���ك ف ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال یذه���ب علی���ك ّأن���ه ال‬
‫ي‬
‫ً‬
‫كثیرا ما یخ لطون ن‬
‫بی أحكام العقل والوهم والظنون واألهواء‪ ،‬مفا یصدر من العقالء‬ ‫العقالء‬
‫ً‬
‫الطأ ولیس حبكم العقل دامئا‪ّ ،‬‬ ‫الائز علهیم خ‬
‫وأما أولیاء الوحي؟مهع؟ فهم‬ ‫هو أحكام العقالء ج‬
‫ً‬
‫املعصومون عن خلط أحكام العقل بالوهم مطلقا‪.‬‬
‫ّ‬
‫یس���تبدوا بآراهئم ورجعوا إىل أبواب املعرفة‬ ‫وعىل ذلك ّمفدعو العقل من البش���ـر إن مل‬
‫اإلهلی���ة الحنصـ���ر االخت�ل�اف خ‬
‫والطأ مب���وارد قلیل���ة كفهم متش���اهبات ما ورد م���ن اآلیات‬ ‫ّ‬
‫والروایات‪ ،‬ولكانوا معذور ین عند العقل والش���ـرع ف ما یصدر عهنم من خ‬
‫الطأ واالشتباه‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫إحیانا‪:‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪28 /1‬؛ إثبات اهلداة‪.42 / 1 ،‬‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪،‬‏‪25 / 1‬؛ حبار األنوار‪.105 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬إثبات اهلداة‪ ،60 / 1 ،‬عن‬
‫الكاف‪،‬‏‪ ،145 / 1‬باب النوادر‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪562‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫قال رسول اهلل؟ص؟ ّ‬


‫لعل؟ع؟ ‪:‬‬‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«إنك واألوصیاء من بعدك عرفاء ال یعرف اهلل إ بسبیل معرفتكم»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫ع���ز وجل بطاعته ّقیض اهلل له ش���یطانا فهو له‬ ‫«م���ن ت���رك األخذ ّ‬
‫عمن أمر اهلل‬
‫(((‬
‫قر ین»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬
‫«بلي���ة الناس علين���ا عظيمة‪ ،‬إن دعوناهم مل يس���تجيبوا لن���ا‪ ،‬و إن تركناهم مل‬
‫(((‬
‫هيتدوا بغيرنا»‪.‬‬
‫«عن یونس بن عبدالرمحن قال‪ :‬قلت ألب احلسن؟ع؟ ‪ :‬مبا ّ‬
‫أوحد اهلل‏؟ فقال‪ :‬یا‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫تكونن مبتدعا‪ ،‬من نظر بـرأیه هلك‪ ،‬ومن ترك أهل بیت نبیه ضل‪،‬‬ ‫یونس‪ ،‬ال‬
‫ومن ترك كتاب اهلل وقول ّ‬
‫نبیه كفر»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫العقلی���ة واألحكام‬ ‫ف�ل�ا فرق ف م���ا جیب فیه الرج���وع إىل احلجج؟مهع؟ ن‬
‫ب�ی�� املعارف‬ ‫ي‬
‫وف القس���م‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ لاّ ّ‬
‫التعبدیة إ أن يف القس���م األول یبی احلجة الدلیل والبـرهان عیل املطلب‪ ،‬ي‬
‫الثان لیس كذلك‪.‬‬ ‫ي‬
‫عیل؟ع؟ لرسول اهلل؟ص؟‪:‬‬ ‫قال ّ‬
‫أمنا اهل���داة أم من غیرنا؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬بل ّمن���ا إىل یوم القیامة‪ .‬بنا‬
‫«یا رس���ول اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫استنقذهم اهلل من ضاللة الشـرك‪ ،‬وبنا استنقذهم اهلل من ضاللة الفتنة‪ ،‬وبنا‬
‫ً‬
‫(((‬
‫یصبحون إخوانا بعد الضاللة»‪‌.‬‬

‫الصال‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،99 / 23 ،‬عن خ‬


‫الصال‪.429 / 2 ،‬‬‫‪ .2‬خ‬
‫أمال الصدوق‪609 ،‬؛ حبار األنوار‪.288 / 46 ،‬‬
‫‪ .3‬ي‬
‫الكاف‪56 / 1 ،‬؛ إثبات اهلداة‪.57 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.4‬‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،42 / 23 ،‬عن إكمال الدین‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪563‬‬

‫اإلمامان أبو عبد اهلل وأبو جعفر؟امهع؟‪:‬‬


‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء من العلم‬ ‫ي‬ ‫وكل‬ ‫«إن العل���م ال���ذي أهبط مع آدم مل یرفع‪ ،‬والعلم یت���وارث‪،‬‬
‫ّ ًّ‬
‫علیا عامل‬ ‫وآثار الرس���ول واألنبیاء مل یكن من أهل هذا البی���ت وهو باطل‪ ،‬و إن‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫األمة‪ ،‬و إنه لن میوت ّمنا عامل إ خلف من بعده من یعلم مثل علمه»‪.‬‬ ‫هذه ّ‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬
‫«یا أبا محزة‪ ،‬خیرج أحدكم فراس���خ فیطلب لنفس���ه دلیال‪ ،‬وأنت بطرق السماء‬
‫ً‬
‫(((‬
‫أجهل منك بطرق األرض فاطلب لنفسك دلیال»‪.‬‬
‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام‬
‫«لو ال ّ‬
‫حممد واألوصیاء من ولده كنمت حیاری كالهبامئ»‪.‬‬
‫(((‬

‫الامعة الكبیرة‪:‬‬
‫وف ز یارة ج‬
‫ي‬
‫أعزك���م هب���داه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫حم���ال معرف���ة اهلل‏‪ّ ...‬‬
‫وخصك���م ببـرهان���ه‪...‬‬ ‫«الس�ل�ام ع�ل�ى‬
‫ً‬
‫ورضیكم‪ ...‬أركانا لتوحیده‪ ...‬فالراغ���ب عنكم مار ق‪ ،‬والالزم لكم الحق‪...‬‬
‫ون���وره وبـرهان���ه عندكم‪ ...‬من أتا كم جنى‪ ،‬ومن مل یأتك���م هلك‪ ...‬من أراد اهلل‬
‫(((‬
‫وحده قبل عنكم»‪.‬‬‫بدء بكم ومن ّ‬

‫الدين بكماله هو معرفة ّ‬


‫الحجة ال غير‬
‫ً‬
‫وبی جواز‬‫تبعیة احلج���ج؟مهع؟ ن‬
‫ب�ی�� االعتقاد بوج���وب ّ‬
‫تنافیا ن‬ ‫والعج���ب ّمم���ن ال یرى‬
‫ّ‬ ‫الرج���وع إىل غیره���م ال كتس���اب املعارف! ّ‬
‫کأن���ه ال یرى االختالف ّ ن‬
‫الب�ّیا بیهنما يف جل‬
‫المع بیهنما إلاّ بتأو یل حممكات أقوال احلجج ّ‬
‫اإلهلیة‬
‫ّ‬
‫املس���ائل بل كلها حبیث ال میكنه ج‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،39 / 23 ،‬عن إكمال الدین‪.‬‬


‫الكاف‪.184 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،100 / 23 ،‬عن علل الشـرائع‪.‬‬
‫‪ . 4‬من‏ ال حيضره‏الفقيه‪.616 / 2 ،‬‬
‫‪564‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫فضال عن متش���اهباهتا إىل معان منطبقة عىل فلس���فة أهل الش���ـرك والضالل‪ ،‬وأعجب‬
‫ّ‬
‫واألرضیة‪،‬‬ ‫بی املعارف الس���ماو ّیة‬ ‫تنبه إىل املبائنة والتناف ن‬
‫ي‬
‫م���ن ذلك إنكارهم ع�ل�ى من ّ‬
‫احلقیق ال إىل أهل الظنون واأله���واء‪ ،‬فینكرون عىل‬ ‫يّ‬ ‫وأوج���ب الرج���وع إىل معادن العل���م‬
‫حقهم و ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫والمود و‪...‬‬
‫یسموهنم أهل الظاهر ج‬ ‫أهل احلق‬
‫معروفا حیث ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫یسمى مدافعو معارف األدیان‬ ‫فیا عجبا قد أصبح املعروف منكرا واملنكر‬
‫والمود!! و ّ‬
‫یس���مى‬ ‫الدیان أهل الظاهر ج‬ ‫والبـراه�ی�� الس���اطعة الصادرة عن أولیاء املل���ك ّ‬
‫ن‬
‫ّ‬ ‫أهل الظنون الواهیة واألهواء املردیة خ‬
‫وم ّر بو بنیان الشـر یعة بإدخال آراء املدارس الضالة‬
‫ن‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تبیی عقائد أهل الش���ـرك‬ ‫الت لیس���ت يف الواقع إ‬ ‫البش���ـر یة _ وهي الفلس���فة الیونانیة ي‬
‫شـركهم عیل صورة ّفن ّیة _ أهل الفهم والعقل والبـرهان!!‬
‫وفروعا حیث ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫یعدون أنفسهم‬ ‫وهذا هو بعینه ما یفعله املخالفون ألهل البیت؟مهع؟ أصوال‬
‫النىب؟ص؟ ّمث یأخذون معامل دیهنم م���ن غیرهم! فیا لیهتم وافق قوهلم‬ ‫ن‬
‫موال�ی�� أله���ل بیت ّ‬
‫حت ال ّ‬
‫یغتر الناس هبم‪ ،‬و یعرفوهم حبقیقة أمرهم‪.‬‬ ‫فعلهم یّ‬

‫حمم���د علیه أفض���ل الصلوة‬‫«‪ ...‬أىت أب���و حنیف���ة إىل أب عب���د اهلل جعف���ر ب���ن ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫والس�ل�ام‪ ،‬فخرج إلیه یتوكأ ع�ل�ى عصا‪ ،‬فقال أبو حنیفة‪ :‬ما ه���ذه العصا یا أبا‬
‫الس���ن ما كنت حتتاج إلهیا‪ ،‬قال‪ :‬أجل‪ ،‬ولكنهّ ا عصا‬ ‫ّ‬ ‫عبد اهلل‏؟ ما بلغك من‬
‫ّ‬
‫أتبـرك هبا‪ .‬قال‪ّ :‬أما يإن ل���و علمت ذلك وأنهّ ا عصا‬‫رس���ول اهلل؟ص؟ ف���أردت أن ّ‬
‫رسول اهلل لقمت ّ‬
‫وقبلهتا‪.‬‬
‫فقال أبو عبداهلل؟ع؟ ‪ :‬سبحان اهلل‏! _ وحسـر عن ذراعه _ وقال‪:‬‬
‫واهلل یا نعمان‪ ،‬لقد علمت ّأن هذا من شعر رسول اهلل؟ص؟ ومن بشـره مفا ّقبلته!‬
‫ّ‬ ‫فتطاول أبو حنیفه ّ‬
‫(((‬
‫لیقبل یده‪ ،‬فاستل((( ّكمه وجذب یده ودخل منزله»‪.‬‬

‫ْ‬ ‫ُ‬
‫انتزاع الش‏ء و إ ُ‬ ‫َّ ُ‬
‫خراجه يف ِرفق‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫ي ِ‬ ‫السل‏‪:‬‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬دعامئ اإلسالم‪،‬‏‪95 /1‬؛ حبار األنوار‪.222 / 10 ،‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪565‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫واملنتحلی ّ‬
‫مودتن���ا‪ّ ،‬إیا كم وأصحاب ال���رأي فإنهّ م أعداء‬ ‫ن‬ ‫«یا معش���ـر ش���یعتنا‬
‫ن ّ‬
‫الس�ن��‪ .‬تفلت���ت((( مهن���م األحادی���ث أن حیفظوه���ا وأعیهتم الس���نة أن یعوها‬
‫لخ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫فاتخ���ذوا عب���اد اهلل خ���وال((( ومال���ه دوال‪ ،‬فذلت هل���م الرق���اب‪ ،‬وأطاعهم ا لق‬
‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ومتثلوا ّ‬ ‫أش���باه الكالب‪ ،‬ونازعوا ّ‬
‫الصادقی وهم من الكفار‬ ‫باألمئة‬ ‫احلق أهله‪،‬‬
‫عما ال یعلمون فأنفوا إن یعترفوا بأنهّ م ال یصلحون‪ ،‬فعارضوا‬ ‫املالعی‪ ،‬فسئلوا ّ‬‫ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫الدین بآراهئم فضلوا وأضلوا»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫لاّ‬
‫«حنن األعراف الذي ال یعرف اهلل إ بسبیل معرفتنا‪ ،‬إىل أن قال‪ّ :‬إن اهلل لو شاء‬
‫لعرف العباد نفس���ه‪ ،‬ولكن جعلنا أبوابه وصـراطه وسبیله والوجه الذي یؤىت‬ ‫ّ‬
‫من���ه‪ ،‬إىل أن قال‪ :‬وال س���واء حیث ذهب الناس إىل عی���ون كدرة‪ ،‬یفرغ بعضها‬
‫يف بعض‪ ،‬وذهب من ذهب إلینا إىل عیون صافیة ال نفاد هلا وال انقطاع»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬
‫«من دان اهلل بالرأي مل یزل دهره يف ارمتاس»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬ ‫«كذب من زعم ّأنه من شیعتنا وهو ّ‬
‫متمسك بعروة غیرنا»‪.‬‬
‫ً‬
‫«م���ن دان اهلل بغیر مس���اع من صادق ألزمه اهلل التیه الفن���اء‪ ،‬ومن ّادعى مساعا‬
‫ن‬
‫األمی‬ ‫م���ن غی���ر الباب الذي فتح���ه اهلل لخ لقه فهو مش���ـرك‪ ،‬وذلك الب���اب هو‬
‫َ َ‬ ‫ْ ُ َّ َ ُّ‬
‫مَ ُّ‬
‫الش‏ء ف ْجأ ًة‪ ،‬من غير َتكث‏‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫من‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫الت‬ ‫‪:‬‬ ‫الت‬‫ف‬‫ِ‬ ‫واالن‬ ‫‪،‬‬‫الت‬‫الت َف ُّل ُت‪ ،‬واإل ْف ُ‬‫َّ‬
‫‪.1‬‬
‫ي‬ ‫ِ‬
‫‪ .2‬ال َول‪ :‬العبيد واإل ُ‬ ‫َ‬ ‫خ‬
‫ماء وغيرهم من احلاشية‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫‪ . 3‬التفسير املنسوب إىل اإلمام احلسن العسكري؟ع؟‪47 ،‬؛ حبار األنوار‪.84 / 2 ،‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 4‬إثبات اهلداة‪ ،59 / 1 ،‬عن‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 5‬إثبات اهلداة‪ ،64 / 1 ،‬عن‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،98 / 2 ،‬عن صفات الشیعة للصدوق‪.‬‬
‫‪566‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫سـر اهلل املكنون»‪‌.‬‬


‫(((‬ ‫املأمون عىل ّ‬

‫األول وهو يف الس���جن‪:‬‬ ‫إل أبو احلس���ن ّ‬‫���ائ‏‪ :‬كت���ب ّ‬


‫الس ِ ّ‬ ‫ع�ل�� بن س���ويد َّ‬
‫«ع���ن ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫تأخذن مع���امل دینك عن‬ ‫ّ‬ ‫عل‪ ،‬مم���ن تأخذ معامل دین���ك؟ ال‬ ‫ّ‬ ‫وأم���ا م���ا ذكرت یا ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫ن‬ ‫تعدیهتم أخذت دینك عن الخ‬ ‫فإن���ك إن ّ‬ ‫ّ‬
‫ائن�ی�� الذین خانوا اهلل‬ ‫غیر ش���یعتنا‪،‬‬
‫ّ‬
‫ورس���وله وخان���وا أماناهت���م‪ .‬إنهّ���م اؤمتن���وا ع�ل�ى كتاب اهلل ج���ل وع�ل�ا ّ‬
‫فحرفوه‬
‫ّ‬
‫آب���ائ الكرام البـررة‬
‫وبدل���وه‪ ،‬فعلهیم لعنة اهلل ولعنة رس���وله ومال ئكته ولعنة ي‬
‫(((‬
‫شیعت إىل یوم القیامة»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولعنت ولعنة‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫شء سببا‪ ،‬وجعل لكل‬ ‫«أىب اهلل أن جیري األش���یاء إ بأس���باب‪ ،‬فجعل لكل ي‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫س���بب شـرحا‪ ،‬وجعل لكل شـرح علما‪ ،‬وجعل لكل علم بابا ناطقا‪ ،‬عرفه من‬
‫عرفه‪ ،‬وجهله من جهله‪ ،‬ذاك رسول اهلل؟ص؟ وحنن»‪.‬‬
‫(((‬

‫وجل ال�ت�� یؤ ىت مهنا‪ ،‬ول���وال هم ما ع���رف اهلل ّ‬‫ّ ّ‬


‫عز‬ ‫ي‬ ‫«األوصی���اء أب���واب اهلل ع���ز‬
‫وجل‪ ،‬وهبم ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫احتج اهلل عىل خلقه»‪.‬‬
‫العقلية مهنا بال رجوع إىل احلجج ّ‬ ‫ّ‬ ‫احلقة یّ‬‫ّ‬
‫اإلهلیة‪،‬‬ ‫حت‬ ‫فال میكن الوصول إىل املعارف‬
‫وال تتوهمّ ّن ّأنه میكن أن یوصل إلهیا ولكن اهلل ال یقبل ذلك وال یؤجر علیه‪ ،‬ال‪ ،‬بل ّ‬
‫احلق‬
‫تنتف معرفة اهلل تعاىل بانتفاء معرفة اإلمام‪:‬‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫أن‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ن‬
‫احلسی؟ع؟‪ :‬ما معرفة اهلل‏؟ قال‪ :‬معرفة أهل كل زمان‬ ‫«‪ ...‬س���ئل أبو عبد اهلل‬
‫(((‬
‫إمامهم الذي جتب علهیم طاعته»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫والكاف‪.‬‬ ‫ّ‬
‫النعمان‪،‬‬ ‫‪ . 1‬إثبات اهلداة‪ ،71 / 1 ،‬عن غيبة‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الكش‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،82 / 2 ،‬عن‬
‫ي‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬إثبات اهلداء‪ ،59 / 1 ،‬عن‬
‫الكاف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ . 4‬إثبات اهلداة‪ ،60 / 1 ،‬عن‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،83 / 23 ،‬عن علل الشرایع‪.‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪567‬‬

‫ّ ّ‬
‫عز وج���ل ویعبده من عرف اهلل وعرف إمام���ه ّمنا أهل البیت‪،‬‬ ‫«إنمّ���ا یعرف اهلل‬
‫مّ‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل وال یعرف اإلمام ّمنا أه���ل البیت فإنا یعرف ویعبد‬ ‫وم���ن ال یعرف اهلل‬
‫ً (((‬
‫غیر اهلل هكذا واهلل ضالال»‪.‬‬
‫لاّ‬
‫احلق معنا وفینا ال یقول ذلك س���وانا إ ك���ذاب مفتر وال ّیدعیه‬ ‫«ولیعلم���وا ّأن ّ‬
‫ضال ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫(((‬
‫غوي»‪.‬‬ ‫غیرنا إ‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل بعبادة جیهد فهیا نفس���ه وال إمام له من اهلل فس���عیه‬ ‫«كل من دان اهلل‬
‫ش���أن ألعماله‪ ...‬واهلل یا ّ‬
‫ئ‬ ‫ضال ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد‪ ،‬من أصبح‬ ‫متحیر واهلل‬ ‫غی���ر مقبول‪ ،‬وهو‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫م���ن هذه ّ‬
‫األم���ة ال إمام له م���ن اهلل عز وجل ظاه���ر عادل أصبح ض���ا تاهئا‪،‬‬
‫و إن مات عىل هذه احلالة مات میتة كفر ونفاق‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حممد‪ّ ،‬أن أمئة ج‬
‫الور وأتباعهم ملعزولون عن دین اهلل قد ضلوا واضلوا‪،‬‬ ‫واعلم یا ّ‬
‫ّ‬
‫اش���تدت ب���ه الر یح يف یوم عاصف‪ ،‬ال یقدرون‬ ‫الت یعملوهنا كرماد‬
‫فأعماهلم ي‬
‫شء‪ ،‬ذلك هو الضالل البعید»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫مما كسبوا عىل ي‬
‫(((‬

‫«‪ ...‬س���ألت أبا عبد اهلل؟ع؟ عن قول رسول اهلل؟ص؟‪ :‬من مات ولیس له إمام‬
‫ّ‬
‫جاهلیة؟! فقال‪ :‬نعم‪ ،‬إىل أن قال‪ :‬فقلت‪ :‬میتة كفر؟ فقال‪ :‬میتة‬ ‫مات میت���ة‬
‫ضالل‪ ...‬إىل أن قال‪ :‬میتة كفر ونفاق وضالل»‬
‫(((‬

‫ً ًّ‬ ‫ً‬
‫عقلیا آخر وهو‪« :‬وجوب‬ ‫یصح لنا أن ننكر _ بداعي ّاتباع العقل! _ حمكا صـرحیا‬
‫كیف ّ‬
‫الاهل باملبدأ واملعاد و‪ ...‬إىل العامل الشاهد عىل خ‬
‫اللق ال إىل األوهام والظنون»‪،‬‬ ‫رجوع ج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫البدهییات عند العقل بل یكون طر یق الوصول إىل احلقائق منحصـرا‬ ‫الت هي من أبده‬
‫ي‬

‫‪ . 1‬الكاف‪،‬‏‪ ،181 / 1‬باب معرفة اإلمام ّ‬


‫والرد إليه‪.‬‬ ‫ي‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،190 / 3 ،‬عن إكمال الدین‪.‬‬
‫الكاف‪.184 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪ . 4‬إثبات اهلداة‪ ،126 / 1 ،‬عن املحاسن‪.‬‬
‫‪568‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ لاّ‬
‫بذلك وال نكلف إ به‪:‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫«إنمّ���ا ّكلف الناس ثالثة‪ :‬معرفة ّ‬
‫األمئة‪ ،‬والتس���لمی هل���م ف ما ورد علهیم‪ّ ،‬‬
‫والرد‬ ‫ي‬
‫إلهیم يف ما اختلفوا فیه»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬
‫«یا أبا محزة‪ ،‬خیرج أحدكم فراس���خ فیطلب لنفس���ه دلیال وأنت بطرق الس���ماء‬
‫ً‬
‫(((‬
‫أجهل منك بطرق األرض فاطلب لنفسك دلیال»‪.‬‬

‫الدين على أصل واحد‬


‫ً‬ ‫ً‬
‫وم���ن هن���ا تعل���م ّأنه ال دور أصال يف جع���ل أصول الدین منحصـ���را بأصل واحد وهو‬
‫احلجة والتسلمی له ّ‬
‫فقط ال غیر‪.‬‬ ‫معرفة ّ‬

‫الاهلون‬ ‫ّ‬ ‫احلجة ال بعنوان ّأنه ّ‬‫وذلك ّأن معرفة ّ‬


‫حجة اهلل‏‪ ،‬بل بعنوان أنه العامل وحنن ج‬
‫ً ّ ًّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫دیا‪ ،‬كما ّأن‬ ‫یك���ون أمرا قاب�ل�ا للتجربة واالختبار لكل أحد من الناس وال یكون أم���را تعب‬
‫عقل ولیس من ّ‬ ‫ً‬
‫أیضا أمر ّ‬
‫شء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫التعب‬ ‫ي‬ ‫الاهل للعامل‬ ‫وجوب تسلمی ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫هذا ّكله‪ ،‬مع ّأن ّ‬
‫بالتعبد‪ ،‬بل هو‬ ‫العقلیة‬ ‫احلجة أیضا بعد الرجوع إلیه ال یدل عىل املعارف‬
‫ن‬ ‫معلم العقول وهادهیا إىل ما ال میكن إلیه الوصول بإقامة البـرهان بل ّ‬‫ّ‬
‫البـراهی وأوضحها‪.‬‬ ‫بأمت‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫الضـروري‪ ،‬وكل من أنكر شیئا‬ ‫ّمث من املعلوم ّأنه بنفس التعر یف یخ رج عن الدین منكر‬
‫بأنه من الدین‪ ،‬وال حنتاج إلخراجهما ع���ن الدین واحلكم بكفرمها‬ ‫م���ن الدین مع علم���ه ّ‬
‫ّ‬ ‫و إحلاقهما مبنكر التوحید ّ‬
‫والنبوة واملعاد إىل تكلف التقیید وز یادة التوضیح‪.‬‬
‫أب عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬ ‫عن یونس بن یعقوب عن ي‬
‫ّ‬
‫«‪ ...‬ق���ال قلت ل���ه‪ :‬يإن مسعتك تهني ع���ن الكالم وتقول‪ :‬وی���ل ألهل الكالم‬
‫یقولون‪ :‬هذا ینقاد‪ ،‬وهذا ال ینقاد‪ ،‬وهذا ینس���اق وهذا ال ینس���اق‪ ،‬وهذا نعقله‬
‫الكاف‪.390 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪.184 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪569‬‬

‫وهذا ال نعقله‪ .‬فقال أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬


‫مّ‬
‫(((‬
‫إنا قلت ویل هلم إن تركوا ما أقول وذهبوا إىل ما یر یدون»‪.‬‬
‫َ‬
‫وال یخ���ف علیك‪ّ ،‬أن املراد من أهل الكالم هاهنا هم الفالس���فة‪ ،‬فإنهّ م هم الذین ّإما‬
‫ً‬ ‫املعصومی؟مهع؟‪ ،‬و ّإما ّ‬
‫یؤولون كالمهم طبقا آلراهئم البش���ر ّیة‬ ‫ن‬ ‫ال یرجعون يف معارفهم إىل‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یس���موا باملتكل���م ف اصطالحنا‪ ،‬ولی���س املراد منه الذی���ن ال ّ‬ ‫ّ‬
‫یقررون إ‬ ‫ي‬ ‫مل‬ ‫إن‬ ‫و‬ ‫���ة‬‫الضال‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫البـراه�ی��‪ ،‬وال یتبعون إ إیاهم‪ ،‬فإنه لی���س املتكلم املذموم يف‬ ‫م���ا صدر عهنم؟مهع؟ من‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫مصطلحهم؟مهع؟ إ أهل األهواء واآلراء بال رجوع إلهیم علهیم السالم‪ ،‬والذین یتكلمون‬
‫يف ذات اهلل وقد ورد يف ذلك‪:‬‬
‫اإلمام أبو جعفر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫شء وال تكلموا يف اهلل‏»‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫موا‬ ‫«تكل‬
‫اإلمام أبو عبد اهلل؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫می هم النجباء»‪.‬‬ ‫املسل ن‬ ‫«هیلك أصحاب الكالم وینجو املسلمون‪ّ ،‬إن‬
‫ّ‬
‫«‪ ...‬دخ���ل علي���ه [اإلم���ام يأب عبد اهلل؟ع؟ ] ق���وم من هؤالء الذي���ن يتكلمو ن‏‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف الر ّ‬
‫بوبي���ة‪ ،‬فقال‪ :‬اتقوا اهلل وعظم���وا اهلل وال تقولوا ما ال نقول‪ ،‬فإنكم إذا قلمت‬ ‫ي‏‬
‫(((‬ ‫وقلنا ممت ومتنا؛ ّمث بعثكم اهلل وبعثنا فكنمت حيث شاء اهلل ّ‬
‫وكنا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الفقهیة كما‬ ‫وال یذه���ب علی���ك ّأن���ه ال وجه لتخصیص ه���ذه الروایة وأمثاهلا بالف���روغ‬
‫یتوهم‪ ،‬بل األهم يف ذلك هو القیاس���ات البش���ـر ّیة املوهوم���ة يف طر یق معرفة حقائق‬‫قد ّ‬
‫املعارف ّ‬
‫اإلهلیة‪.‬‬

‫‪ . 1‬إثبات اهلداة‪ ،65 / 1 ،‬عن التوحيد‪.‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪.455 ،‬‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪458 ،‬؛ بصائر الدرجات‪ ،521 ،‬حبار األنوار‪.132 / 2 ،‬‬
‫‪ . 4‬إثبات اهلداة بالنصوص واملعجزات‪،‬‏‪ ،89 /1‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪570‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام أبواحلسن الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬ ‫ّ‬
‫«إن���ه من یصف ّربه بالقیاس ال یزال الده���ر يف اال لتباس‪ ،‬مائال عن املهناج‪،‬‬
‫لاّ ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫ظاعنا يف االعوجاج‪ ،‬ضا عن السبیل»‪.‬‬
‫ومع هذا فالعجب ّمما قد یقال‪:‬‬
‫ّ‬
‫الفاراب _ وس���ائر الفالسفة‬ ‫«الفیلس���وف الكامل هو اإلمام _ حس���ب ما ّ‬
‫عرفه‬
‫ي‬
‫ألن ذلك الفیلس���وف الكامل هو‬ ‫�ی�� ّأمت���ه وحوار یه وصحبه وتالمی���ذه‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫اإلهلی ن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتفك���رون ف الفلس���فة ّ‬ ‫الع���امل الر ّب ّ‬
‫اإلهلی���ة ه���م املتعلمون عىل‬ ‫ي‬ ‫���ان‪ ،‬وه���ؤالء‬
‫ي‬
‫(((‬
‫سبیل النجاة»‪.‬‬
‫وقد جاء‪:‬‬
‫«قال رجل للصادق؟ع؟ ‪ :‬فإذا كان هؤالء القوم من الهیود ال یعرفون الكتاب‬
‫إلاّ مبا یس���معونه من علماهئم ال س���بیل هلم إىل غیره‪ ،‬فكیف ّ‬
‫ذمهم بتقلیدهم‬
‫ّ ّ‬ ‫لاّ‬ ‫والقب���ول من علماهئم؟ وهل ّ‬
‫كعوامنا یقلدون علماهئم؟ فإن‬ ‫عوام الهی���ود إ‬
‫مل جیز ألولئك القبول من علماهئم مل جیز هلؤالء القبول من علماهئم؟!‬
‫ّ‬
‫ع���وام الهیود وعلماهئم فرق من جهة‬ ‫بی عوامنا وعلمائنا ن‬
‫وبی‬ ‫فق���ال؟ع؟ ‪ :‬ن‬
‫عوامنا بتقلیدهم علماهئم‬ ‫ذم ّ‬ ‫وتسویة من جهة‪ّ ،‬أما من حیث استووا ّ‬
‫فإن اهلل قد ّ‬
‫وأما من حی���ث افترقوا فال‪ .‬ق���ال‪ ّ :‬ن‬
‫بی يل یا بن رس���ول اهلل‏‪.‬‬ ‫عوامه���م‪ّ ،‬‬‫ذم ّ‬ ‫كم���ا ّ‬
‫ّ‬
‫ع���وام الهی���ود كان���وا قد عرف���وا علماهئ���م بالك���ذب الصـر یح‪،‬‬ ‫ق���ال؟ع؟ ‪ّ :‬إن‬
‫وبأ كل احلرام‪ ،‬والرش���اء‪ ،‬وبتغییر األحكام عن واجهبا بالشفاعات والعنایات‬
‫بالتعصب الش���دید الذي یفارق���ون به أدیاهنم‪ ،‬وأنهّ م‬
‫ّ‬ ‫واملصانعات‪ ،‬وعرفوهم‬
‫ّ‬
‫یس���تحقه من ّ‬ ‫تعصبوا أزالوا حقوق من ّ‬
‫إذا ّ‬
‫تعصبوا‬ ‫تعصبوا علیه‪ ،‬وأعطوا ما ال‬
‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟املنسوب إليه‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،303 / 4 ،‬عن تفسیر اإلمام‬
‫ّ‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟ والفلسفة اإلهلية‪.4 ،‬‬ ‫ّ‬
‫جوادي‪ ،‬عبد اهلل‪ّ ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫ىلاعت هللا ةفرعم قیرط يف لقعلا نأش‬ ‫‪571‬‬

‫ل���ه من أم���وال غیره���م وظلموهم م���ن أجلهم‪ .‬وعرفوه���م یقارف���ون ّ‬


‫املحرمات‬
‫واضط���ر وا مبع���ارف قلوهب���م إىل ّأن من فع���ل ما یفعلون���ه فهو فاس���ق ال جیوز‬
‫ّ‬
‫بی الخ ل���ق ن‬
‫وبی اهلل‏‪ ،‬فلذل���ك ّ‬ ‫ّ‬
‫یص���دق ع�ل�ى اهلل وال ع�ل�ى الوس���ائط ن‬
‫ذمهم‬ ‫أن‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مل���ا قل���دوا من ق���د عرفوا وق���د علموا أن���ه ال جیوز قب���ول خبـ���ره وال تصدیقه يف‬
‫یؤدیه إلهیم ّ‬ ‫حكایات���ه وال العمل مبا ّ‬
‫عمن مل یش���اهدوه‪ ،‬ووج���ب علهیم النظر‬
‫بأنفس���هم يف أم���ر رس���ول اهلل؟ص؟ إذ كانت دال ئل���ه أوضح من أن تخىف وأش���هر‬
‫من أن ال تظهرهلم‪.‬‬
‫ّ‬
‫والعصبیة الش���دیدة‬ ‫عوام ّأمتنا إذا عرفوا من فقهاهئم الفس���ق الظاهر‬
‫وكذلك ّ‬
‫یتعصبون علیه و إن كان‬ ‫والتكالب عىل حطام الدنی���ا وحرامها و إهالك من ّ‬

‫تعصبوا له و إن‬ ‫بالبـر واإلحس���ان عىل م���ن ّ‬ ‫مس���تحق ًا‪ ،‬والترفرف ّ‬


‫ّ‬
‫إلص�ل�اح أمره‬
‫ًّ‬
‫كان لإلذال ل واإلهانة مستحقا‪.‬‬
‫ذمهم اهلل‬ ‫عوامن���ا مثل ه���ؤالء الفقهاء فهم مث���ل الهیود الذی���ن ّ‬ ‫مف���ن ّقل���د من ّ‬
‫ً‬ ‫تع���اىل بالتقلید لفس���قة فقهاهئم‪ّ ،‬‬
‫فأما م���ن كان من الفقهاء صائنا لنفس���ه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حافظ���ا لدینه‪ ،‬خمالفا عىل ه���واه‪ ،‬مطیعا ألمر مواله‪ ،‬فللعوام أن یقلدوه‪ ،‬وذلك‬
‫فأم���ا من ركب م���ن القبائح‬ ‫ال یك���ون إلاّ بع���ض فقه���اء الش���یعة ال مجیعهم‪ّ ،‬‬
‫ً‬ ‫العام���ة ف�ل�ا تقبل���وا مهن���م ّ‬
‫والفواح���ش مرا ك���ب فس���قة فقه���اء ّ‬
‫عنا ش���یئا وال‬
‫ألن الفس���قة‬ ‫عنا أهل البیت لذلك‪ّ ،‬‬ ‫یتحمل ّ‬ ‫كرام���ة‪ ،‬و مّإنا كث���ر التخلیط ف ما ّ‬
‫ي‬
‫فیحرفونه بأس���ـره جلهلهم‪ ،‬ویضعون األش���یاء عىل غیر وجوهها‬ ‫عنا ّ‬ ‫یتحملون ّ‬ ‫ّ‬
‫یتعمدون الك���ذب علینا ّ‬ ‫لقل���ة معرفهتم‪ ،‬وآخر ی���ن ّ‬ ‫ّ‬
‫لیجر وا م���ن عرض الدنیا‬
‫نص���اب ال یقدرون ع�ل�ى القدح فینا‬ ‫مّ‬
‫جه�ّن�‪ ،‬ومهنم قوم ّ‬ ‫م���ا ه���و زادهم إىل نار‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فیتوجهون به عند ش���یعتنا وینتقصون‬ ‫فیتعلم���ون بعض علومنا الصحیح���ة‬
‫نصابنا‪ّ ،‬مث یضیفون إلیه أضعافه وأضع���اف أضعافه من األ كاذیب‬ ‫بنا عن���د ّ‬
‫‪572‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫الت حنن منه بـ���رءاء مهنا‪ ،‬فیقبله املستس���لمون من ش���یعتنا عىل أنه‬ ‫علین���ا ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من علومنا فضلوا وأضلوا‪.‬‮‬
‫ن‬
‫احلس�ی�� بن‬ ‫أضـر عىل ضعفاء ش���یعتنا من جیش یز ید علیه اللعنة عىل‬ ‫وهم ّ‬
‫ع�ل��؟امهع؟ وأصحابه‪ ،‬فإنهّ م یس���لبوهنم األرواح واألموال وهؤالء علماء الس���وء‬
‫ّ‬
‫ي‬
‫الناصب���ون املتش�ّب�هّ ون بأنهّ���م لنا موال���ون وألعدائنا معادون یدخلون الش���ك‬
‫فیضلوهنم و مینعوهنم عن قصد ّ‬ ‫ّ‬
‫احلق املصیب‪.‬‬ ‫والش�ب�هة عىل ضعفاء شیعتنا‬
‫ّ‬
‫املضلون ّ‬
‫عنا‪ ،‬القاطعون للطرق‬ ‫ّمث قال‪ :‬قال رسول اهلل؟ص؟ شـرار علماء ّأمتنا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫إلینا‪ّ ،‬‬
‫املسمون أضدادنا بأمسائنا‪ ،‬امللقبون أندادنا بألقابنا‪ ،‬یصلون علهیم وهم‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للعن مستحقون‪...‬‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬م���ن خیر خلق اهلل بعد ّ‬
‫أمئة اهلدى ومصابیح‬ ‫ن‬ ‫ّمث ق���ال‪ :‬قیل ألمیر‬
‫الدج���ى؟ ق���ال‪ :‬العلم���اء إذا صلح���وا‪ .‬قی���ل‪ :‬ومن ّ‬
‫ش���ـر خلق اهلل بع���د إبلیس‬
‫ّ‬
‫املتلق ن‬
‫بی بألقابكم واآلخذین‬ ‫املتس���م نی بأمسائكم‪ ،‬وبعد‬
‫ّ‬ ‫وفرعون ومنرود وبعد‬
‫واملتأمر ین يف ممالككم؟ قال‪ :‬العلماء إذا فسدوا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ألمكنتكم‬
‫ّ ّ‬
‫<أولئ َك‬
‫عز وجل‪ِ :‬‬ ‫هم املظهرون لألباطیل الكامتون للحقائق وفهیم قال اهلل‬
‫َ َ ُ ُ ُ ُ َ َ َ ُ ُ ُ َّ ُ َ َّ َّ َ‬
‫(((‬
‫ون إلا ال ِذ َین ت ُابوا> اآلیة»‪.‬‬ ‫یلعنهم اهلل ویلعنهم اللا ِعن‬

‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟املنسوب إلیه‪.‬‬ ‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،89 _ 87 / 2 ،‬عن تفسیر اإلمام‬
‫حرمة األخذ عن غير صاحب المعجزة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عقال ونقال‬
‫‪574‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫▪ هناك روایات تقول‪:‬‬


‫ّ‬
‫▪ احلمكة ضالة املؤمن‪ ،‬یأخذها حیث وجدها‪،‬‬
‫یتوهم ّأن ذلك مع���ارض ملا ّادعیناه من امتناع حص���ول معرفة اهلل تعاىل‬ ‫وق���د ّ‬
‫ً‬ ‫املعصوم�ی��؟مهع؟‪ّ ،‬‬
‫فیتوه���م أحیانا أنهّ ا‬ ‫ن‬ ‫م���ن غی���ر بیان الخ ال���ق تعایل وأولیائ���ه‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ت���دل ع�ل�ی جواز الرج���وع إیل كل أح���د يف حتصیل املع���ارف والعل���م واالعتقاد‬
‫الصحیح‬

‫وهذا الفصل من الكالم یجیب عن ذلك ببیان‪:‬‬

‫▪ املعىن املراد من احلمكة‬


‫ّ‬
‫▪ الكشف عن تفسیر آیة‪< :‬فبشـر عباد‪>...‬‬
‫▪ من هو املأمور باألخذ عن ّ‬
‫أي أحد‬
‫▪ الناقل لعلوم األولیاء لیس كالقائل باألهواء واآلراء‬
‫ّ‬
‫▪ احلمكة ضالة املؤمن‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪575‬‬

‫إن سألت‪ :‬كیف یخ ّ‬


‫تص العلم بأولیاء الوحي وكیف ال جیوز الرجوع إىل غیرهم وهم‬
‫الذین یقولون بأنفسهم‪:‬‬
‫َّ‬ ‫َ ْ َ َ َ َّ َ َ َ ُ ُ‬ ‫<ف َب ّشـر ع َّ َ َ‬ ‫َ‬
‫ولئ َك ال ِذ َين َهد ُاه ُم اهلل‬
‫باد ال ِذ َين ي ْست ِم ُعون‏ الق ْو ‏ل ف َيت ِب ُعون‏ أ ْح َسنه أ ِ‬
‫ِ ِ‬
‫ُ ُ ْ َْ‬ ‫ُ‬
‫(((‬
‫ولئ َك ُه ْم أولوا الألباب>‪.‬‬ ‫َوأ ِ‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«احلمكة ضالة املؤمن یأخذها حیث وجدها»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ن‬
‫املشـركی»‪.‬‬
‫(((‬
‫«خذوا احلمكة ولو من‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫«احلمكة ضالة املؤمن‪ ،‬فخذ احلمكة ولو من أهل النفاق»‪.‬‬
‫(((‬
‫«خذ احلمكة ّممن أتاك هبا‪ ،‬وانظر إىل ما قال‪ ،‬وال تنظر إىل من قال»‪.‬‬

‫‪ . 1‬الزمر (‪.20 ،)39‬‬


‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪.411 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اللئال العز يز ية يف األحاديث الدينية‪،‬‏‪81/ 4‬؛‬ ‫عوال‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪411 ،‬عن املحاسن‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪ ،411 ،‬هنج البالغة‪.482 ،‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ي‬
‫‪ .5‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪576‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬


‫یضـرك���م من ن‬
‫ن�ت�� القطران إذا‬ ‫«م���ن وصایا املس���یح ع�ل�ى ّ‬
‫نبینا وآل���ه و؟ع؟‪ :‬مل ّ‬
‫(((‬
‫أصابكم سـراجه‪ ،‬خذوا العلم ّممن عنده وال تنظروا عمله»‪.‬‬
‫ً‬
‫قل���ت‪ّ :‬أوال‪ :‬إن كان امل���راد م���ن احلمك���ة عل���م الش���ـرایع واألدی���ان واملع���ارف والتوحید‬
‫ن‬
‫واملش���ـركی وأهل األهواء‬ ‫واملب���دأ واملعاد فكیف میك���ن أن نأخذه عن الهی���ود والنصاری‬
‫لاّ‬
‫والض الت؟!!‬
‫حمم���د ب���ن مس���لم ع���ن يأب جعف���ر؟ع؟ قال‪ :‬قل���ت ل���ه‪ّ :‬إن م���ن عندنا‬ ‫«ع���ن ّ‬
‫ُ ُ َ َ َ‬
‫عل ُم َ‬ ‫َ َُ َ َ ّ‬
‫ون> إنهّ م الهیود‬ ‫كر ِإن كنتم لا ت‬ ‫ّ‬
‫یزعمون أن قول اهلل‪< :‬فاسألوا أهل ِ ِ‬
‫الذ‬
‫والنص���اری‪ .‬ق���ال‪ :‬إذا یدعونك���م إىل دیهن���م‪ ،‬ق���ال‪ّ :‬مث أوم���أ بی���ده إىل صدره‬
‫(((‬
‫وقال‪ :‬حنن أهل الذكر وحنن املسؤولون»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫و إن كان املراد مهنا النصایح والوصایا الت یوافق العدل ّ‬
‫واحلق الذي یعرفها كل أحد‬ ‫ي‬
‫باقتضاء الفطرة البشـر ّیة كوجوب اإلنصاف وترك اللذات الفانیة الدنیو ّیة والزهد والعفاف‬
‫وأشباه ذلك‪.‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫مفا هو املانع حینئذ من أخذه من كل أحد ولو كان ضا يف اعتقاده فاسقا يف عمله؟!‬
‫أیضا ال یرجى ّممن نال صاف عیون احلمكة ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫ً‬
‫انیة من علوم أهل بیت‬ ‫ي‬ ‫غیر ّأن ذلك‬
‫ن‬
‫أمجعی‪.‬‬ ‫ّ‬
‫النبوة صلوات اهلل علهیم‬
‫حی أتاه عمر فقال‪ّ :‬إنا نس���مع أحادیث م���ن الهیود تعجبنا‪،‬‬ ‫الن�ب�ى؟ص؟ ن‬
‫ّ‬ ‫وف حدی���ث‬
‫ي‬
‫فترى أن نكتب بعضها؟ فقال رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫هتوكت الهیود والنصاری؟! لقد جئتكم هبا بیضاء ّ‬
‫نقیة‪ ،‬ولو‬ ‫«أفهتوك���ون كما ّ‬
‫ّ‬

‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪.412 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫آبادي‪ ،‬تأو يل اآليات الباهرة‪،‬‬ ‫‪ .2‬بصائر الدرجات ف فضائل آل ّ‬
‫حممد صىل اهلل علهيم‪،‬‏‪41 / 1‬؛ االستر‬ ‫ي‬
‫‪.324 / 1‬‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪577‬‬

‫لاّ ّ‬ ‫ًّ‬
‫حیا ملا وسعه إ اتباعي»‪.‬‬
‫(((‬
‫كان موىس‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«أول احلمكة ترك اللذات‪ ،‬وآخرها مقت الفانیات»‪.‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫«حد احلمكة اإلعراض عن دار الفناء والتوله بدار البقاء»‪.‬‬
‫ّ‬
‫«م���ن احلمكة أن ال تن���ازع من فوقك‪ ،‬وال تس���تذل من دون���ك‪ ،‬وال تتعاطی ما‬
‫ّ‬
‫لیس يف قدرتك‪ ،‬وال خیالف لس���انك قلبك‪ ،‬وال قول���ك فعلك‪ ،‬وال تتكلم فیما‬
‫(((‬
‫ال تعلم»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«قی���ل للقمان‪ :‬ما جیمع من حمكتك؟ قال‪ :‬ال أس���أل ّ‬
‫عما كفیته‪ ،‬وال أتكلف‬
‫یعنین»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬ ‫ما ال‬
‫حتب للناس ما ّ‬
‫حتب لنفسك‪ ،‬وتكره هلم ما‬ ‫«وأحسن كلمة حكم جامعة‪ :‬أن ّ‬
‫تكره هلا»‪.‬‬
‫(((‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫وثانیا‪ّ :‬أنه میكن أن یكون قوله «أحسنه» يف اآلیة الشـر یفة مفعوال مطلقا مبعین اال ّتباع‬
‫فسـره اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬ ‫األحسن أی ّیتبعونه أحسن اال ّتباع ال مفعوالً به وذلك كما ّ‬
‫ّ ّ َّ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫«‪ ...‬س���ألت الص���ادق؟ع؟ عن ق���ول اهلل عز وج���ل‪< :‬ال ِذین یس���ت ِمعون القول‬
‫ّ‬ ‫َ َّ َ َ‬
‫حممد‪ ،‬الذین إذا مسعوا‬ ‫املسلمون آل ل ّ‬ ‫حس َن ُه> إىل آخر اآلیة‪ ،‬قال‪ :‬هم‬
‫ون أ َ‬‫ف َیت ِب ُع‬
‫(((‬
‫احلدیث مل یز یدوا فیه ومل ینقصوا عنه وجاوؤا به كما مسعوه»‪.‬‬
‫ّ‬
‫الراوندي‪.‬‬ ‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،99 / 2 ،‬عن دعوات‬
‫‪ .2‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 3‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ . 4‬غرر احلكم‪.‬‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،417 / 13 ،‬عن قصص األنبیاء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الكلین يف كتاب الرس���ائل؛ حبار األنوار‪ ،208/77 ،‬من وصية‬ ‫‪ .6‬مكاتيب األ ّمئة؟مهع؟‪،‬‏‪ ،546 /1‬عن‬
‫ي‬
‫احلنفية من طرق كثیرة‪.‬‬‫ّ‬ ‫حممد بن‬ ‫عل و إىل ّ‬ ‫ن‬
‫املؤمني إىل احلسن بن ّ‬ ‫أمير‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬تفسير البـرهان‪.72 / 4 ،‬‬ ‫‪.7‬‬
‫ي‬
‫‪578‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫فیتبعونه ّاتباعا حسنا‪.‬‬ ‫فیكون املعىن حینئذ‪ّ :‬‬

‫حممد اهلادي؟امهع؟‪:‬‬ ‫عل بن ّ‬ ‫اإلمام أب احلسن ّ‬


‫ي‬ ‫ي‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ون أ ْح َس َ���ن ُه> أي‪ :‬أحمكه‬ ‫ون الق ْول فیتب ُع َ‬
‫ُِ‬
‫«وقال‪< :‬ف َبش���ـر عباد الذ َین ْیس َ���تم ُع َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ‬
‫(((‬
‫ولئك هم أولوا الألباب>»‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ولئك ال ِذین هداهم اهلل وأ ِ‬ ‫َ‬ ‫وأشـرحه‪< .‬أ ِ‬
‫ً‬
‫و یشهد هلذا املعىن صدر اآلیة أیضا حیث یقول‪:‬‬
‫ابوا إ َلى اهلل َف َل ُه ُم ُ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َّ ُ َ َ‬ ‫<و َّالذ َین َ‬
‫البش َـرى>‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وها َوأ َن ُ‬ ‫عبد‬ ‫ی‬‫وت أن َ‬ ‫اغ‬ ‫الط‬ ‫وا‬ ‫اجت َن ُ‬
‫ب‬ ‫َ ِ‬
‫ِ‬
‫التسلم ملن یقول عن رأیه ال عن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫حجة ّ‬
‫إهلي‪:‬‬ ‫فإن من عبادة الطاغوت هو‬
‫الواد؟ع؟ ‪:‬‬
‫اإلمام ج‬
‫«م���ن أصغى إىل ناط���ق فقد عبده‪ ،‬ف���إن كان الناطق عن اهلل فق���د عبد اهلل‏‪،‬‬
‫(((‬
‫و إن كان الناطق ینطق عن لسان إبلیس فقد عبد إبلیس»‪.‬‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ َ ُ َ َّ‬
‫الط ُاغ َ‬
‫���وت> ّ‬
‫(املدعي غیر املعص���وم) <أن‬ ‫فیك���ون املعىن حینئ���ذ‪< :‬ال ِذی���ن یجت ِنب���ون‬
‫َ ََ ُ َ‬ ‫َی ُ ُ َ‬
‫اهلل> (بـرجوعهم إىل املعصوم واألخذ عنه)‬ ‫عبدوها> (أن یستسلموا لقوله) <وأنابوا ِإلى ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ َ‬ ‫ََُ ُ ُ َ ََّ َ ّ َ َ َ ُ َ َ َ‬
‫ون القول> (قول املعصوم)‪< ،‬ف َیت ِب ُعون أحسنه>‬
‫َ‬ ‫<فلهم البشـرى‪ ،‬فب ِشـر ِعب ِاد ال ِذین یست ِمع‬
‫(یتبعونه أحسن اال ّتباع)‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وثالث���ا‪ :‬ال تع���ارض ن‬
‫بی ما دل عىل ج���واز أخذ العلم واحلمكة م���ن كل أحد‪ ،‬وما دل‬
‫ن‬ ‫لاّ‬
‫ناقلی لعلوم‬ ‫ع�ل�ى ّأن العلم الصحی���ح ال یوجد إ عندهم؟مهع؟‪ ،‬وذلك إذا كان���وا أولئك‬
‫ً‬ ‫املعصومی؟مهع؟ ال ملا یقتضیه أهواهئم وآراهئم وأفكارهم‪ّ ،‬‬ ‫ن‬
‫ألنه ال مانع من كون غیرهم ناقال‬
‫ً‬ ‫لعلومه���م؟مهع؟ ف ن‬
‫ع�ی�� ضاللهتم‪ ،‬وحینئذ فال بأس باألخ���ذ بنقلهم إذا كانوا موثوقا هبم‪:‬‬ ‫ي‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬

‫ف العقول‪.458 ،‬‬‫‪ . 1‬حت ‏‬


‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،94 / 2،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪579‬‬

‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫«إن لن���ا أوعی���ة منأله���ا علم���ا وحمكا ولیس���ت هلا بأه���ل‪ ،‬مفا منأله���ا إ لتنقل‬
‫ّ‬
‫إىل ش���یعتنا‪ ،‬فانظ���روا إىل م���ا يف األوعی���ة‪ ،‬فخذوه���ا ّمث صفوها م���ن الكدورة‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫واألوعیة فإنهّ ا وعاء سوء فتنكبوها»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫نقیة‪،‬‬‫تأخذوهنا بیضاء ّ‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫الصادون عن اهلل‏‪ّ ،‬مث‬ ‫«اطلبوا العلم من مع���دن العلم‪ ،‬و ّإیا كم والوال ئج فهیم‬
‫فإن‬‫ق���ال‪ :‬ذه���ب العلم وب�ق�� غبـرات العل���م ف أوعیة س���وء فأح���ذروا باطهنا ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫يف باطهنا اهلالك‪ ،‬وعلیكم بظاهرها فإن يف ظاهرها النجاة»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫فتعصب له ّ‬ ‫ً ً‬
‫كدرا ّ‬ ‫ً‬
‫وتوهم ّأن ذلك أعذب املیاه وألذها‪ ،‬ینبغي أن‬ ‫ورابعا‪ّ :‬أن من وجد ماء نتنا‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫حت ترى هل ّأنك تكون‬ ‫امتحانا‪ ،‬وت ّرب میاه خمتلفة ىّ‬
‫ج‬ ‫یقال له‪ :‬علیك بشـرب قطرة من كل ماء‬
‫ّ‬ ‫بالواقع عىل املاء العذب الصاف أم ال‪ّ ،‬‬
‫وأما من اهتدى إىل عذب ماء یعترف بصفوه كل‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫سافلی؟!‬ ‫ومالف وموافق‪ ،‬فكیف جیوز له أن یرجع القهقرى فیصبح يف أسفل‬ ‫عامل وجاهل خ‬

‫حت هیتدي إىل هداه‪،‬‬ ‫الضال عن معرفة اإلمام النور أن یفحص عن ّكل شء ىّ‬ ‫ّ‬
‫فعىل‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ولیس عىل املهتدي إلیه أن یخ رج من النور إیل الظلمة‪ ،‬ومن حقه إىل باطل غیره‪.‬‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫حیی أمركم؟ قال‪ :‬یتعلم علومنا‬ ‫ي‬ ‫كیف‬ ‫له‪:‬‬ ‫فقلت‬ ‫أمرن���ا‪،‬‬ ‫أحىی‬ ‫عبدا‬ ‫«رحم اهلل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ویعلمها الناس‪ّ ،‬‬
‫(((‬
‫فإن الناس لو علموا حماسن كالمنا ال تبعونا»‪.‬‬
‫ّ‬
‫فإن‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ْ َ َّ ْ ُ َّ ُ ْ َ ُ َ َ ْ َ َ‬
‫شاء ل َهداك ْم أجمعين>‪.‬‬
‫(((‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫<قل ف ِلل ِه الحجة ال ِ‬
‫بالغة فلو‬

‫ََ‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪.394 ،‬‬
‫ي‬ ‫اب َز ْي ٍد ّالز ّراد‪124 ،‬؛‬‫‪ .1‬األصول الس���تة عش���ر‪ِ ،‬ك َت ُ‬
‫ََ‬
‫ّ‬
‫البحران‪ ،‬العوامل‪ ،‬كتاب العلم‪.399 ،‬‬
‫ي‬ ‫اب َز ْي ٍد ّالز ّراد‪،‬‬‫‪ .2‬األصول الستة عشر‪ِ ،4 ،‬ك َت ُ‬
‫معان األخبار‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،30 / 2 ،‬عن‬
‫‪ . 4‬األنعام (‪.149 ،)6‬‬
‫‪580‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫اإلمام‬


‫ّ‬ ‫«هلل ّ‬
‫احلجة البالغة علهيم بالرس���ل والرس���الة والبيان والدعوة وهو أجل من أن‬
‫َ َ‬
‫حجة مفن أجاب���ه فله النور والكرامة ومن‏ أنكره <ف ِإ ّن‬
‫يك���ون ألحد مهنم عليه ّ‬
‫َ ََُْ َ ُ ْ‬ ‫َّ َ َ َ ْ َ‬
‫(((‬
‫حاسبين>»‪.‬‬‫الله غ ِن ٌّي ع ِن العالمين‏> <وهو أسرع ال ِ‬
‫وأمتها‪ ،‬صاحب املعج���زات ومثبت احلقایق‪ ،‬وال حیتاج إیل‬ ‫أبی احلجج ّ‬ ‫واإلم���ام نور‪ ،‬ن‬
‫مثبت غیر نفسه‪:‬‬
‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫َ ُ‬
‫ور ال ِذي أن َزلنا>‪،‬‬ ‫َ ُ‬
‫«‪ ...‬سألت أبا جعفر؟ع؟ عن قوله‪< :‬ف ِآمنوا ِباهلل ورسو ِلهِ والن ِ‬
‫حممد؟ص؟ إىل يوم القيامة‪ ،‬وهم واهلل‬ ‫األمئة من آل ّ‬ ‫فقال‪ :‬يا أبا خالد‪ ،‬النور واهلل ّ‬
‫نور اهلل الذي أنزل وهم واهلل نور اهلل يف السماوات واألرض‪.‬‬
‫املؤمني أنور من الشمس املضيئة بالهنار وهم‬‫ن‬ ‫يا أبا خالد لنور اإلمام يف قلوب‬
‫ن يش���اء فتظلم قلوهبم‪،‬‬‫عم ‏‬ ‫املؤمن�ي�� وحيجب اهلل نورهم ّ‬
‫ن‬ ‫واهلل ين ّ‬
‫���ور ون قلوب‬
‫يطهر اهلل قلب���ه وال ّ‬
‫يطهر اهلل قلب‬ ‫حت ّ‬‫حيبنا عب���د ويتولاّ نا ىّ‬
‫واهلل ي���ا أبا خالد ال ّ‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عبد ىّ‬
‫حت يس���لم لنا ويكون سلما لنا‪ ،‬فإذا كان سلما لنا سلمه اهلل من شديد‬
‫احلساب وآمنه من فزع يوم القيامة األ كبـر»‪.‬‬
‫(((‬

‫هو الش���اهد عیل نفس���ه بنفس���ه كما ّأن اهلل تعایل كذل���ك مبا هلما من العل���م والقدرة‬
‫والمكاالت الظاهرة‪ ،‬فلیس ألحد أن یقول‪ :‬ما هو شاهد اإلمام؟‬
‫كما ّأنه لیس ألحد أن یس���أل‪ :‬مب یری النور؟ ّ‬
‫ألن النور هو الذي یری به األش���یاء وال‬
‫بشء آخر‪:‬‬
‫یری هو ي‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ َ َ‬
‫ألب جعفر؟ع؟‪< :‬ق ْل كفى‏ ِباهلل ش ِهيدا َب ْي ِني َو َب ْي َنك ْم َو َم ْن ِع ْن َد ُه ِعل ُم‬
‫«‪ ...‬قلت ي‬
‫النب؟ص؟‪.‬‬ ‫وأولنا وخيرنا بعد ّ‬ ‫وعل أفضلنا ّ‬‫ْال ِكتاب> قال‪ّ :‬إيانا عىن ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬
‫‪ . 1‬التوحيد‪.240 ،‬‬
‫ّ‬
‫الكاف‪193 / 1 ،‬؛ تفسير القم ّي‪.371 / 2 ،‬‬ ‫‪.2‬‬
‫ي‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪581‬‬

‫ْ‬ ‫ك ّفى‏ باهلل َش���هي ًدا َب ْيني َوب ْي َن ُك ْم َو َم ْ‬


‫���ن ِع ْن َد ُه ِعل ُم‬
‫ُ ْ َ‬
‫‪ ...‬س���ألته عن قوله‪< :‬قل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األمئة بع���ده‪ّ ،‬‬
‫وعل‬ ‫عل بعد رس���ول اهلل؟ص؟ وف ّ‬ ‫ْال ِكت���اب> فق���ال‪ :‬نزل���ت ف ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ِ‬
‫عنده علم الكتاب‪.‬‬
‫ََ ْ َْ ُ ْ ُ ْ‬
‫تاب> ق���ال نزلت يف‬ ‫‪ ...‬ع���ن يأب جعف���ر؟ع؟ يف قوله‪< :‬وم���ن ِعنده ِعل���م ال ِك ِ‬
‫(((‬ ‫األمة بعد ّ‬
‫النب‏»‪.‬‬ ‫عل؟ع؟ ّأنه عامل هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫لاّ‬
‫«أش���هد أن ال إله إ اهلل وحده ال ش���ـر يك له كما شهد اهلل لنفسه وشهدت له‬
‫َ َّ ُ َ ْ َ ُ ْ‬
‫(((‬
‫زيز ال َحكيم‏>‪.‬‬ ‫مال ئكته وأولو العلم من خلقه <لا ِإله ِإلا هو الع‬
‫ّ‬
‫فإنهّ ا ظاهرة لكل أحد وال یقبل اإلنكار‪ ،‬ومن كان ّممن وسعه إنكار ذلك فهو خارج من‬
‫دائرة التكلیف‪:‬‬
‫املقر ن‬
‫مي وأع�ل�ى منازل ّ‬ ‫املكر ن‬
‫حمل ّ‬ ‫ّ‬
‫ب�ي�� وأرفع درجات‬ ‫«فبل���غ اهلل بكم أش���ـرف‬
‫ن‬
‫املرس���لي حي���ث ال يلحقه الح���ق وال يفوقه فائق وال يس���بقه س���ابق وال يطمع‬
‫يف إدرا كه طامع‪.‬‬
‫ح�ّت�ىّ ال يب�ق�ى مل���ك ّ‬
‫مق���رب وال ّ‬
‫ن�ب�� مرس���ل وال صدي���ق وال ش���هيد وال ع���امل‬
‫ي‬
‫دن وال فاض���ل وال مؤم���ن صال���ح وال فاج���ر طال���ح وال ّ‬
‫جب���ار‬ ‫وال جاه���ل وال ّ‬
‫ي‬
‫لاّ‬
‫بي ذل���ك ش���هيد إ ّ‬ ‫عني���د وال ش���يطان مر ي���د وال خلق ف م���ا ن‬
‫عرفهم جاللة‬ ‫ي‬
‫أمرك���م وعظ���م خطركم وكبـر ش���أنكم ومت���ام نورك���م وصدق مقاعدك���م وثبات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وخاصتكم لديه‬ ‫مقامكم وش���ـرف حملكم ومنزلتكم عن���ده وكرامتكم علي���ه‬
‫وقرب منزلتكم منه»‏‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫وحی���ث ّإن الفضل ما ش���هدت به األعداء‪ ،‬فكیف حنتاج إل ثب���ات حق ّية مذهبنا إیل‬

‫ّ‬
‫العياشـي‪.220 / 2 ،‬‬ ‫‪ . 1‬تفسير‬
‫ن أخبار الرضا؟ع؟‪.273 / 2 ،‬‬‫‪ . 2‬عيو ‏‬
‫‪ . 3‬من ال حیضره الفقیه‪.613 / 2 ،‬‬
‫‪582‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫شء آخر؟!‪:‬‬
‫ي‬
‫أب احلدید‪:‬‬
‫قال ابن ي‬
‫ّ‬
‫ياش���ـي روى خبـره ونقلته أنا من كتاب عبد اهلل‬ ‫فإن الر‬ ‫ّ‬
‫«فأما ضـرار بن ضمرة ّ‬
‫ّ‬
‫احللب يف التذييل عىل هنج البالغة‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫بن إمساعيل بن أمحد‬
‫ي‬
‫عل؟ع؟ ‪ ،‬فقال له معاوية‪:‬‬ ‫دخل ضـرار عىل معاوية وكان ضـرار من صحابة ّ‬
‫ي‬
‫ًّ‬
‫وتعفين!‬
‫ي‬ ‫أ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫!‬‫ا‬ ‫يا ضـرار‪ ،‬صف يل علي‬
‫قال‪ :‬ال أعفيك‪...‬‬
‫وذكر أبو عمر بن عبد البـر يف كتاب اإلستيعاب هذا الخ بـر فقال‪...‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫اعف�ن�� يا أمير‬
‫ي‬ ‫قال‪:‬‬ ‫!‬‫ا‬ ‫الضباب‪ :‬ي���ا ضـرار ص���ف يل علي‬
‫ي‬ ‫ق���ال معاوية لضـ���رار‬
‫ن‬
‫املؤمني!‬
‫لتصفنه! قال‪ّ :‬أم���ا إذ ال ّبد من وصفه‪ ،‬فكان واهلل بعيد املدى‪ ،‬ش���ديد‬
‫ّ‬ ‫ق���ال‪:‬‬
‫ً‬
‫عدال‪ّ ،‬‬ ‫ً‬
‫يتفجر العلم م���ن جوانبه‪ ،‬وتنطق احلمكة‬ ‫القوى‪ ،‬يق���ول فصال‪ ،‬وحيكم‬
‫م���ن نواحيه‪ ،‬يس���توحش من الدنيا وزهرهت���ا‪ ،‬ويأنس بالليل ووحش���ته‪ ،‬وكان‬
‫غز ي���ر العبـ���رة‪ ،‬طويل الفك���رة‪ ،‬يعجبه من اللب���اس ما قصـر‪ ،‬وم���ن الطعام ما‬
‫خش���ن‪ ،‬كان فينا كأحدنا‪ ،‬جييبنا إذا سألناه‪ ،‬وينبئنا إذا استفتيناه‪ ،‬وحنن واهلل‏‬
‫ّ‬
‫مع تقر يبه ّإيانا‪ ،‬وقربه ّمنا ال نكاد نكلمه هيبة له‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويقرب املس���ا ن‬
‫كي‪ ،‬ال يطمع الق ّ‬ ‫ّ‬
‫���وي يف باطله‪ ،‬وال ييأس‬ ‫يعظ���م أه���ل الدين‪،‬‬
‫الضعيف من عدله‪.‬‬
‫وأش���هد لقد رأيت���ه يف بعض مواقفه وقد أرخى الليل س���دوله‪ ،‬وغارت جنومه‪،‬‬
‫ً‬
‫قابضا عىل حليته‪ ،‬يتململ متلمل السلمي‪ ،‬ويبكي بكاء احلز ين ويقول‪ :‬يا دنيا‬
‫تعرضت؟ أم إل ّ‬
‫تش���وقت؟ ههي���ات! ههيات! قد باينتك‬ ‫غ���ر ي غيري! أ ب ّ‬‫ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪583‬‬

‫ً‬
‫ثالث���ا ال رجعة يل فهيا! فعم���رك قصير‪ ،‬وخطرك حقير‪ .‬آه م���ن قلة الزاد‪ ،‬وبعد‬
‫السفر‪ ،‬ووحشة الطر يق‪.‬‬
‫فبكى معاوية وقال‪ :‬رحم اهلل أبا حسن‪ ،‬كان واهلل كذلك‪.‬‬
‫فكيف حزنك عليه يا ضـرار؟ قال‪ :‬حزن من ذبح ولدها يف حجرها»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫«‪ ...‬كنت أنا وابن يأب العوجاء وعبد اهلل بن املقفع يف املسجد احلرام‪ ،‬فقال ابن‬
‫ّ‬
‫املقف���ع‪ :‬ترون هذا الخ لق؟ وأومأ بيده إىل موضع الطواف‪ ،‬ما مهنم أحد أوجب‬
‫حممد؟امهع؟ ّ‬
‫الالس‪ ،‬يعن جعفر ب���ن ّ‬ ‫لاّ‬
‫فأما‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫الش���يخ‬ ‫ذلك‬ ‫له اس���م اإلنس���انية إ‬
‫الباقون فرعاع وهبامئ‪.‬‬
‫فق���ال له ابن يأب العوجاء‪ :‬وكيف أوجبت هذا االس���م هلذا الش���يخ دون هؤالء؟‬
‫ّ‬
‫ألن رأيت عنده ما مل أر عندهم‪.‬فقال ابن يأب العوجاء‪ :‬ما ّبد من اختبار‬
‫قال‪ :‬ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فإن أخاف أن يفس���د عليك‬ ‫م���ا قلت فيه منه‪ .‬فقال له ابن املقفع‪ :‬ال تفعل‪ ،‬ي‬
‫ولكنك ختاف أن يضع���ف رأيك عندي يف‬ ‫م���ا ف ي���دك! فقال‪ :‬ليس ذا رأي���ك ّ‬
‫ي‬
‫همّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إحالل���ك ّإياه املحل الذي وصفت! فقال ابن املقف���ع‪ّ :‬أما إذا تو ت ّ‬
‫عل هذا‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫وحتفظ ما استطعت من الزلل‪ ،‬وال ن‬‫ّ‬
‫تث عنانك إىل استرسال يسلمك‬ ‫فقم إليه‬
‫إىل عقال‪ ،‬ومسه ما لك أو عليك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قال فقام ابن يأب العوجاء وبقيت أنا وابن املقفع فرجع إلينا فقال‪ :‬يا ابن املقفع‪،‬‬
‫ً‬ ‫روحان ّ‬
‫ّ‬
‫يتجس���د إذا ش���اء ظاهرا ويتروح إذا‬ ‫ي‬ ‫ما هذا ببش���ـر! و إن كان يف الدنيا‬
‫ً‬
‫شاء باطنا فهو هذا!‬
‫ابتدأن‬ ‫فلما مل يب���ق عنده غيري‬‫فق���ال له‪ :‬وكيف ذاك؟ فقال‪ :‬جلس���ت إليه‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫يعن أهل الطواف‬ ‫فق���ال‪ :‬إن يكن األمر عىل ما يقول هؤالء وهو عىل ما يقولون ي‬
‫مت و‪»...‬‬
‫(((‬
‫فقد سلموا وعطب ‏‬

‫ج البالغة‪.226 _ 225 / 18 ،‬‬


‫ح هن ‏‬
‫أب احلدید‪ ،‬شـر ‏‬
‫‪ . 1‬ابن ي‬
‫‪ . 2‬التوحيد‪.126 ،‬‬
‫‪584‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫تعد وال حتیص‪.‬‬‫وكم هلذا من نظائر ف ّكل حلظة وآن وقدم من حیاهتم املباركة ال ّ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ )‬ ‫وارج���ع إیل حب���ار األن���وار‪ ،117 / 40 ،‬باب‪ :‬ما ج���رى من مناقبه (أمی���ر‬
‫ومناقب األ ّمئة من ولده؟مهع؟ عىل لس���ان أعداهئم‪ ،‬وغیر ذلك‪.‬‬
‫أب احلدید‪:‬‬
‫وقال ابن ي‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫«فأما فضائله؟ع؟ فإنها قد بلغت من العظم والجاللة واالنتش ��ار واالش ��تهار مبلغا‬
‫التع���رض لذكرها والتص � ّ�دي لتفصيلها‪ .‬فصارت كما ق ��ال أبو العيناء‬
‫ّ‬ ‫يس���مج((( معه‬
‫ّ‬
‫لعبيد اهلل بن يحيى بن خاقان وزير المتوكل والمعتمد‪:‬‬
‫«رأيتن���ي في م���ا أتعاطى من وصف فضل ��ك كالمخبـر عن ضوء النه ��ار الباهر والقمر‬
‫ّ‬
‫الزاه���ر ال���ذي ال يخف���ى على الناظ ��ر‪ ،‬فأيقنت أني حي ��ث انتهى بي القول منس ��وب‬
‫مقصـر عن الغاي���ة‪ ،‬فانصـرفت عن الثناء عليك إلى الدعاء لك‪ ،‬ووكلت‬ ‫إل���ى العجز‪ّ ،‬‬

‫اإلخبار عنك إلى علم الناس بك»‪.‬‬


‫أقر له أع���داؤه وخصومه بالفضل‪ ،‬ول ��م يمكنهم جحد مناقبه‬ ‫وم���ا أقول في رجل ّ‬
‫ّ‬
‫وال كتم���ان فضائل���ه‪ ،‬فق���د علمت أنه اس ��تولى بنو أمية على س���لطان اإلس�ل�ام في‬
‫ّ‬
‫شـرق األرض وغربها‪ ،‬واجتهدوا بكل حيلة في إطفاء نوره والتحريض عليه‪ ،‬ووضع‬
‫وتوعدوا مادحيه‪ ،‬بل حبسوهم‬ ‫المعايب والمثالب له‪ ،‬ولعنوه على جميع المنابـر‪ّ ،‬‬
‫ً‬
‫ذكرا‪ّ ،‬‬ ‫وقتلوهم‪ ،‬ومنعوا من رواية حديث ّ‬
‫حتى حظروا‬ ‫يتضمن له فضيلة‪ ،‬أو يرفع له‬
‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫لاّ‬ ‫أن ّ‬
‫�موا‪ ،‬وكان كالمسك كلما ستر‬ ‫يس���مى أحد باس���مه‪ ،‬فما زاده ذلك إ رفعة وس �‬
‫وكلما كتم ّ‬ ‫ّ‬
‫تضوع((( نشـره‪ ،‬وكالشمس ال تستر بالراح‪ ،‬وكضوء النهار إن‬ ‫انتشـر عرفه‪،‬‬
‫حجبت عنه عين واحدة أدركته عيون كثيرة‪.‬‬

‫َ َ ٌ‬ ‫َ ُ َ َ ْ ُ ُ سمَ َ ً‬
‫َ‬ ‫الحة‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫اجة ِإذا مل يكن فيه م‬ ‫الش ُ‏ء‪ ،‬بالضم‪ :‬قبح‪ ،‬يسمج‬
‫ي‬ ‫‪ .1‬سمَ ُ َج‬
‫َّ‬ ‫ً‬
‫الطيبة أي‬
‫ِ‬ ‫الض ْو ُع‪َ :‬ت َض ُّ���و ُع الر ِيح‬ ‫ضوعا‪ :‬نفح���ت‏‪( .‬كتاب ن‬
‫العی)‪ .‬و‬ ‫‪ . 2‬ض���وع‪ ،‬ضي���ع‪ :‬ضاعت الر يح‬
‫ْ‬
‫َنف َحتهُ ا‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪585‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫وم���ا أقول في رج���ل تعزى إليه كل فضيل ��ة‪ ،‬وتنتهي إليه كل فرق ��ة‪ ،‬وتتجاذبه كل‬
‫ّ‬
‫طائفة‪ ،‬فهو رئيس الفضائل وينبوعها‪ ،‬وأبو عذرها وسابق مضمارها‪ ،‬ومجلي حلبتها‪،‬‬
‫ّ‬
‫كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتذى‪.‬‬
‫اإللهي‪ّ ،‬‬
‫ألن ش� �ـرف العلم بشـرف المعلوم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد عرفت ّأن أش���ـرف العلوم هو العلم‬
‫ومعلومه أش���ـرف الموجودات‪ ،‬فكان هو أش� �ـرف العلوم‪ ،‬ومن كالمه؟ع؟ اقتبس‬
‫وعنه نقل و إليه انتهى ومنه ابتدأ‪...‬‬
‫‘‘اللهم اهد قلبه‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً ّ‬ ‫ّ‬
‫وثبت‬ ‫وروى‏ الكل أيضا أنه؟ع؟ قال له وقد بعثه إلى اليمن قاضيا‪:‬‬
‫لسانه’’ قال‪ :‬فما شككت بعدها في قضاء بين اثنين‪ .‬وهو؟ع؟ الذي أفتى في المرأة‬
‫التي وضعت لس���تة أش���هر‪ ،‬وهو الذي أفتى في الحامل الزانية‪ ،‬وهو الذي قال في‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫الفرضي فيها فكرا طويال الستحسن‬ ‫المنبـرية‪‘‘ :‬صار ثمنها تسعا’’ وهذه المسألة لو فكر‬
‫ً‬ ‫من���ه بع���د طول النظر ه���ذا الجواب‪ .‬فما ّ‬
‫ظنك بم ��ن قاله بديهة واقتضب ��ه ارتجاال‪.‬‬
‫ومن العلوم علم تفسير القرآن‪ ،‬وعنه أخذ ومنه فرع‪ ،‬و إذا رجعت إلى كتب التفسير‬
‫عباس‪ ،‬وقد علم الناس حال‬ ‫صحة ذلك ّ‬
‫ألن أ كثره عنه وعن عبد اهلل بن ّ‬ ‫علم���ت ّ‬
‫ّ‬ ‫ابن ّ‬
‫عباس في مالزمته له وانقطاعه إليه وأنه تلميذه وخريجه‪ ،‬وقيل له‪ :‬أين علمك‬
‫عمك؟ فقال‪‘‘ :‬كنسبة قطرة من المطر إلى البحر المحيط»‪.‬‬ ‫من علم ابن ّ‬

‫التصوف(((‪ ،‬وقد عرفت ّأن أرباب هذا‬


‫ّ‬ ‫ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة وأحوال‬
‫ّ‬
‫الفن في جميع بالد اإلس�ل�ام إليه ينتهون وعنده يقفون‪ ،‬وقد ص ّـرح بذلك الش � ّ‬
‫�بلي‬
‫ّ‬
‫الكرخي وغيرهم‪...‬‬ ‫ّ‬
‫البس���طامي وأبو محفوظ معروف‬ ‫ّ‬
‫وس���ـري وأبو يزيد‬ ‫والجنيد‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫والعربية‪ ،‬وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه‬ ‫ومن العلوم علم النحو‬
‫ّ‬
‫الدؤلي جوامعه وأصوله‪.‬‬ ‫وأملى على أبي األسود‬

‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬


‫ش���ك ّأن م���ن عظم���ة أهل البی���ت؟مهع؟ أن كل فرقة تفتخر باالنتماء إلهیم‪ ،‬و إ مفن املس���لم من‬ ‫‪ . 1‬ال‬
‫ّ‬
‫التصوف‪.‬‬ ‫نهّ‬
‫مذهب أهل البیت؟مهع؟ أ م بـرءاء من‬
‫‪586‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫من جملتها‪‘‘ :‬الكالم كله ثالثة أشياء‪ :‬اسم وفعل وحرف»‏‪.‬‬
‫ومن جملتها‪ :‬تقس���يم الكلمة إلى معرفة ونكرة‪ ،‬وتقس ��يم وجوه اإلعراب إلى الرفع‬
‫القوة البش� � ّـرية ال تفي‬ ‫والجر والجزم‪ ،‬وهذا يكاد يلحق بالمعجزات‪ّ ،‬‬
‫ألن ّ‬ ‫ّ‬ ‫والنص���ب‬
‫بهذا الحصـر‪ ،‬وال تنهض بهذا االستنباط‪.‬‬
‫ّ‬
‫والدينية وجدته ابن‬ ‫الخلقية والفضائ ��ل النفس � ّ‬
‫�انية‬ ‫ّ‬ ‫و إن رجع���ت إل���ى الخصائص‬
‫جالها وطالع((( ثناياها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما الشجاعة‪ ،‬فإنه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله‪ ،‬ومحا اسم من يأتي بعده‪،‬‬
‫ومقاماته في الحرب مش���هورة يضـ ��رب بها األمثال إلى يوم القيامة‪ ،‬وهو الش ��جاع‬
‫ً لاّ‬
‫ق���ط وال ارتاع من كتيبة‪ ،‬وال ب ��ارز أحدا إ قتله‪ ،‬وال ضـ ��رب ضـربة ّقط‬
‫ال���ذي م���ا ّفر ّ‬

‫فاحتاجت األولى إلى ثانية‪.‬‬


‫وف���ي الحدي���ث‪‘‘ :‬كان���ت ضـرباته وت � ً�را»‪ّ ،‬‬
‫ولما دع ��ا معاوية إل ��ى المبارزة ليس ��تريح‬
‫الن���اس م���ن الحرب بقتل أحدهم ��ا قال له عم ��رو‪‘‘ :‬لقد أنصفك!’’ فق ��ال معاوية‪:‬‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫‘‘ما غشش���تني منذ نصحتني إ اليوم‪ ،‬أ تأمرني بمبارزة أبي الحس ��ن وأنت تعلم أنه‬
‫الشجاع المطرق؟! أراك طمعت في إمارة الشام بعدي‏!’’‬
‫وكان���ت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب ف ��ي مقابلته‪ّ ،‬‬
‫فأما قتاله فافتخار رهطهم‬
‫بأنه؟ع؟ قتلهم أظهر وأ كثر‪ ،‬قالت أخت عمرو بن عبد ّ‬ ‫ّ‬
‫ود ترثيه‪:‬‏‬
‫ً‬
‫لو كان قاتل عمرو غير قاتله بكيتــه أبدا ما دمت في األبد‬
‫ّ‬
‫لكن قـاتـــلــــه من ال نـظـــير له وكان يـدعى أبوه بيضة البلد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وانتبه يوما معاوية فرأى عبد اهلل بن الزبير جالس ��ا تحت رجليه على سـريره‪ ،‬فقعد‬
‫فقال له عبد اهلل يداعبه‪‘‘ :‬يا أمير المؤمنين لو ش ��ئت أن أفتك بك لفعلت!’’ فقال‪:‬‬

‫ْ‬
‫الش‏ء‪ِ :‬مل ُؤه‪( .‬لسان العرب)‪.‬‏‬ ‫‪ِ .1‬ط ُ ‏‬
‫الع ي‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪587‬‬

‫‘‘لقد ش���جعت بعدنا يا أبا بكر!’’ قال‪ :‬وما الذي تنكره من ش ��جاعتي؟ وقد وقفت‬
‫ّ‬ ‫في الصف إزاء ّ‬
‫علي بن أبي طالب!’’ قال‪‘‘ :‬ال جرم أنه قتلك وأباك بيس� �ـرى يديه‪،‬‬
‫وبقيت اليمنى فارغة يطلب من يقتله بها’’‪.‬‬
‫ّ‬
‫وجملة األمر ّأن كل شجاع في الدنيا إليه ينتهي‪ ،‬وباسمه ينادي في مشارق األرض‬
‫ومغاربها‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأما ّ‬
‫القوة واأليد فبه يضـرب المثل فيهما‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫قال ابن قتيبة في المعارف‪‘‘ :‬ما صارع أحدا ّقط إ صـرعه’’‪.‬‏‬
‫وه���و الذي قلع باب خيبـر واجتمع عليه عصبة من الناس ليقلبوه فلم يقلبوه‪ ،‬وهو‬
‫ً ًّ‬
‫جدا وألقاه إلى األرض‪ ،‬وهو الذي‬ ‫ال���ذي اقتلع هبل من أعلى الكعبة وكان عظيما‬
‫ّ‬
‫اقتلع الصخرة العظيمة في أيام خالفته؟ع؟ بيده بعد عجز الجيش كله عنها وأنبط‬
‫الماء من تحتها‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما السخاء والجود فحاله فيه ظاهرة‪ ،‬وكان يصوم ويطوي ويؤثر بزاده وفيه أنزل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً َ ً َّ ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ ْ ُ َ َّ‬
‫عام َعلى‏ ُح ِّبهِ ِم ْس ِكينا َوي ِتيما وأ ِسيرا ِإنما ن ْط ِع ُمك ْم ِل َو ْجهِ اهلل لا ن ِر ُيد‬
‫الط َ‬ ‫<ويط ِعمون‬
‫ُ ُ ً‬ ‫ِم ْن ُك ْم َج ً‬
‫زاء ولا شكورا>‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فتصدق بدرهم ليال وبدرهم‬ ‫المفس���ـرون أنه لم يكن يملك إ أربع ��ة دراهم‬ ‫وروى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هار‬
‫َّ‬ ‫ّ َ ُْ ُ َ ْ َُ ْ ّْ‬ ‫ًّ‬ ‫ً‬
‫نهارا وبدرهم سـرا وبدرهم عالنية‪ ،‬فأنزل فيه‪< :‬ال ِذين‏ ين ِفقون أموالهم ِباللي ِل والن ِ‬
‫َ ً‬
‫لان َية>‪.‬‬‫سـرا وع ِ‬
‫وروى عن���ه ّأنه كان يس���قي بيده لنخل قوم من يهود المدين ��ة ّ‬
‫حتى مجلت((( يده‬
‫ً‬ ‫ويتصدق باألجرة ّ‬ ‫ّ‬
‫ويشد على بطنه حجرا‪.‬‬

‫وأملها العمل إذا مرنت وصلبت‪( .‬کتاب ن‬


‫العی)‪.‬‬ ‫‪ .1‬جملت يده فهي جملة‪ ،‬ج‬
‫‪588‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الشعبي وقد ذكره؟ع؟ ‪‘‘ :‬كان أسخى الناس‪ ،‬كان على الخلق الذي ّ‬
‫يحبه اهلل‬ ‫ّ‬ ‫وقال‬
‫السخاء والجود‪ ،‬ما قال ال لسائل ّقط’’‪.‬‬
‫وقال ّ‬
‫عدوه ومبغضه الذي يجتهد في وصمه وعيبه معاوية بن أبي سفيان لمحفن‬
‫الضبي لما قال له‪‘‘ :‬جئتك من عند أبخل الناس!’’ فقال‪‘‘ :‬ويحك!‬ ‫ّ‬ ‫بن أبي محفن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫كي���ف تق���ول إنه أبخل الناس؟! لو مل ��ك بيتا من تبـر وبيتا من تب ��ن ألنفد تبـره قبل‬
‫تبنه’’‪.‬‬
‫ّ‬
‫ق���ال‪‘‘ :‬وه���و الذي كان يكنس بي ��وت األموال ويصلي فيها»‪ ،‬وه ��و الذي قال‪‘‘ :‬يا‬
‫غري غيري’’‪.‬‬ ‫صفراء ويا بيضاء ّ‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وهو الذي لم يخلف ميراثا‪ ،‬وكانت الدنيا كلها بيده إ ما كان من الشام‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأم���ا الحلم والصفح فكان أحل ��م الناس عن ذنب‪ ،‬وأصفحهم عن مس� �ي‏ء‪ ،‬وقد‬
‫ث ظفر بم ��روان بن الحكم وكان أعدى الناس‬ ‫ظه���ر ّ‬
‫صحة ما قلناه يوم الجمل حي ‏‬
‫ً‬ ‫له ّ‬
‫وأشدهم بغضا فصفح عنه‏‪.‬‬
‫وكان عب���د اهلل ب���ن الزبي���ر يش ��تمه عل ��ى رءوس األش ��هاد وخط ��ب ي ��وم البصـ ��رة‬
‫فق���ال‪‘‘ :‬ق���د أتا ك���م الوغ���د اللئيم عل � ّ�ي بن أب ��ي طال ��ب!’’ وكان عل � ّ�ي؟ع؟ يقول‪:‬‬
‫ً‬
‫رج�ل�ا ّمنا أهل البيت ّ‬
‫حتى ش � ّ‬
‫�ب عب ��د اهلل!’’ فظفر به ي ��وم الجمل‬ ‫‘‘م���ا زال الزبي���ر‬
‫ً‬
‫أس���يرا فصف���ح عن���ه وق ��ال‪‘‘ :‬اذه ��ب ف�ل�ا ّ‬
‫أرين ��ك’’ لم ي ��زده عل ��ى ذلك‏‪.‬‬ ‫فأخ���ذه‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫�دوا فأعرض عنه ولم‬ ‫وظفر بس���عيد ب���ن العاص بعد وقعة الجمل بمكة وكان له ع �‬
‫ً‬
‫يقل له شيئا‪.‬‬
‫وقد علمتم ما كان من عائشة في أمره ّ‬
‫فلما ظفر بها أ كرمها وبعث معها إلى المدينة‬
‫وقلدهن بالس ��يوف‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫عش���ـرين امرأة من نس���اء عبد القي ��س ّ‬
‫فلما‬ ‫عممهن بالعمائم‬
‫ّ‬
‫كانت ببعض الطريق ذكرته بما ال يجوز أن يذكر به‪ ،‬وتأففت وقالت‪‘‘ :‬هتك ستري‬
‫بـرجال���ه وجن���ده الذين وكلهم بي!’’ ّ‬
‫فلم ��ا وصلت المدينة ألقى النس ��اء عمائمهن‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪589‬‬

‫ّ‬
‫وقلن لها‪‘‘ :‬إنما نحن نسوة’’‪.‬‬
‫وحاربه أهل البصـرة وضـربوا وجهه ووجوه أوالده بالسيوف‪ ،‬وشتموه ولعنوه‪ّ ،‬‬
‫فلما‬
‫ّ‬
‫ظفر بهم رفع الس���يف عنهم ونادى مناديه في أقطار العس ��كر‪‘‘ :‬أال ال يتبع مول‪ ،‬وال‬
‫يجهز على جريح‪ ،‬وال يقتل مستأس� �ـر‪ ،‬ومن ألقى س�ل�احه فه ��و آمن‪ ،‬ومن ّ‬
‫تحيز إلى‬
‫ً‬
‫عس���كر اإلمام فهو آمن»‪ ،‬ولم يأخذ أثقالهم‪ ،‬وال س ��بى ذراريهم‪ ،‬وال غنم ش ��يئا من‬
‫أموالهم‏‪.‬‬
‫ولكنه أبى إلاّ الصفح والعفو‪ّ ،‬‬
‫وتقبل س � ّ�نة رسول‬ ‫ولو ش���اء أن يفعل ّكل ذلك لفعل ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل؟ص؟ يوم فتح مكة‪ ،‬فإنه عفا واألحقاد لم تبـرد واإلساءة لم تنس‪.‬‬
‫ولما ملك عسكر معاوية عليه الماء وأحاطوا بشـريعة الفرات وقالت رؤساء الشام له‪:‬‬
‫‘‘اقتلهم بالعطش كما قتلوا عثمان عطش � ً�ا»‪ ،‬سألهم ّ‬
‫علي؟ع؟ وأصحابه أن يشـرعوا‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لهم ش���ـرب الماء فقالوا‪‘‘ :‬ال واهلل وال قطرة ّ‬
‫حتى تموت ظمأ كما مات ابن عفان!’’‬
‫ّ‬
‫فلم���ا رأى؟ع؟ أن���ه الم���وت ال محالة تق � ّ�دم بأصحابه وحمل على عس ��ا كر معاوية‬
‫ّ‬

‫حتى أزالهم ع���ن مرا كزهم بع ��د قتل ذريع س ��قطت منه الرءوس‬‫حم�ل�ات كثيف���ة ّ‬

‫واأليدي‪ ،‬وملكوا عليهم الماء‪ ،‬وصار أصحاب معاوية في الفالة ال ماء لهم‪ ،‬فقال له‬
‫أصحابه وشيعته‪‘‘ :‬امنعهم الماء يا أمير المؤمنين كما منعوك‪ ،‬وال تسقهم منه قطرة‪،‬‬
‫ً‬
‫واقتله���م بس���يوف العطش‪ ،‬وخذهم قبضا باأليدي‪ ،‬فال حاج ��ة لك إلى الحرب’’‪،‬‬
‫فقال‪‘‘ :‬ال واهلل! ال أ كافئهم بمثل فعلهم‪ ،‬افسحوا لهم عن بعض الشـريعة ففي ّ‬
‫حد‬
‫السيف ما يغني عن ذلك‏’’‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فهذه إن نس���بتها إلى الحلم والصفح فناهيك بها جماال وحس ��نا‪ ،‬و إن نس ��بتها إلى‬
‫الدين والورع فأخلق بمثلها أن تصدر عن مثله؟ع؟ ‪.‬‬
‫سيد المجاهدين‪ ،‬وهل‬ ‫وعدوه ّأنه ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وأما الجهاد في سبيل اهلل‪ ،‬فمعلوم عند صديقه‬
‫لاّ‬
‫الجه���اد ألحد من الناس إ له؟! وقد عرفت‏ ّأن أعظم غزاة غزاها رس ��ول اهلل؟ص؟‬
‫‪590‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫وأش���دها نكاية في المش���ـركين بدر الكبـرى‪ ،‬قتل فيها سبعون من المشـركين‪ ،‬قتل‬
‫ّ‬
‫علي نصفهم‪ ،‬وقتل المسلمون والمالئكة النصف اآلخر!‬
‫و إذا رجع���ت إل���ى مغازي ّ‬
‫محمد ب ��ن عمر الواق � ّ‬
‫�دي‪ ،‬وتاريخ األش� �ـراف ألحمد بن‬
‫الب�ل�اذري‪ ،‬وغيرهما علم ��ت ّ‬
‫صحة ذلك‪ .‬دع من قتل ��ه في غيرها‬ ‫ّ‬ ‫يحي���ى ب���ن جابـر‬
‫ّ‬
‫كأحد والخندق وغيرهما‪ ،‬وهذا الفصل ال معنى لإلطناب فيه ألنه من المعلومات‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الضـرورية كالعلم بوجود مكة ومصـر ونحوهما‪.‬‬
‫ّ‬
‫وأم���ا الفصاح���ة‪ ،‬فهو؟ع؟ إم���ام الفصحاء وس � ّ�يد البلغاء‪ ،‬وفي كالم ��ه قيل‪‘‘ :‬دون‬
‫ّ‬
‫كالم الخال���ق وفوق كالم المخلوقين»‪ ،‬ومنه تعل ��م الناس الخطابة والكتابة‪ .‬قال‬
‫عب���د الحميد بن يحيى‪‘‘ :‬حفظت س ��بعين خطبة من خط ��ب األصلع ففاضت ّثم‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫فاض���ت»‪ .‬وقال اب���ن نباتة‪‘‘ :‬حفظت م ��ن الخطابة كنزا ال يزيده اإلنفاق إ س ��عة‬
‫وكثرة‪ ،‬حفظت مائة فصل من مواعظ ّ‬
‫علي بن أبي طالب»‪.‬‬

‫ولم���ا ق���ال محفن بن أبي محفن لمعاوية‪‘‘ :‬جئتك من عن ��د أعيا الناس!’’ قال له‪:‬‬
‫‘‘ويحك‏! كيف يكون أعيا الناس؟ فو اهلل ما س � ّ�ن الفصاحة لقريش غيره!’’‏‬
‫ّ‬
‫ويكف���ي ه���ذا الكت���اب ال���ذي نح ��ن ش ��ارحوه دال ل ��ة عل ��ى أن���ه ال يج ��ارى ف ��ي‬
‫�دون ألحد م ��ن فصحاء‬ ‫الفصاح���ة‪ ،‬وال يب���ارى ف���ي البالغ ��ة‪ ،‬وحس ��بك ّأن ��ه لم ي � ّ‬
‫مم ��ا ّ‬
‫دون له‪ ،‬وكف ��اك في هذا الب ��اب ما يقوله‬ ‫الصحاب���ة العش���ـر وال نصف العش� �ـر ّ‬

‫أب���و عثمان الجاحظ ف���ي مدحه في كتاب البي ��ان والتبيين‪ ،‬وفي غي ��ره من كتبه‪.‬‬
‫ّ‬
‫والتبسم‪ ،‬فهو المضـروب به‬ ‫ّ‬
‫وأما س���جاحة((( األخالق وبش� �ـر الوجه وطالقة المحيا‬
‫ّ‬ ‫المثل فيه ّ‬
‫حتى عابه بذلك أعداؤه‏‪ ،‬قال عمرو بن العاص ألهل الشام‪‘‘ :‬إنه ذو دعابة‬
‫ً‬
‫‘‘عجبا البن النابغة! يزعم ألهل الش ��ام ّأن ّ‬ ‫ش���ديدة!’’ وقال ّ‬
‫في‬ ‫علي؟ع؟ في ذاك‪:‬‬

‫‪ .1‬سجح‪ :‬اإلسجاح‏‪ :‬حسن العفو‪( .‬کتاب ن‬


‫العی)‪.‬‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪591‬‬

‫ّ‬ ‫ّ‬
‫دعابة!((( وأني امرؤ تلعابة!((( أعافس وأمارس‏!(((’’ وعمرو بن العاص إنما أخذها عن‬
‫عمر بن الخطاب لقوله له ّلما عزم على استخالفه‪‘‘ :‬هلل أبوك! لو ال دعابة فيك!’’‪....‬‬
‫ق���ال صعصعة بن صوح���ان وغيره من ش ��يعته وأصحابه‪‘‘ :‬كان فين ��ا كأحدنا‪ ،‬لين‬
‫وكنا نهابه مهابة األس ��ير المربوط للس ��ياف‬ ‫ّ‬
‫وش���دة تواضع‪ ،‬وس���هولة قياد‪ّ ،‬‬ ‫جانب‪،‬‬
‫الواقف على رأسه‏’’‪.‬‬
‫ًّ ًّ‬
‫وقال معاوية لقيس بن سعد‪‘‘ :‬رحم اهلل أبا حسن! فلقد كان هشا بشا ذا فكاهة’’‬
‫ً‬
‫قال قيس‪‘‘ :‬نعم كان رس���ول اهلل؟ص؟ يمزح ويبتسم إلى أصحابه وأراك تس ّـر حسوا‬
‫ف���ي ارتغ���اء((( وتعيبه بذل���ك‪ّ ،‬أما واهلل لق ��د كان مع تلك الفكاه ��ة والطالقة أهيب‬
‫من ذي لبدتين قد ّ‬
‫مس���ه الطوى‪ ،‬تلك هيبة التق ��وى وليس كما يهابك طغام أهل‬
‫الشام!’’‬
‫ً‬
‫متنافال في ّ‬ ‫ً‬
‫محبيه وأوليائه إلى اآلن‪ ،‬كما بقي الجفاء‬ ‫وق���د بقي هذا الخلق متوارث���ا‬
‫والخش���ونة والوع���ورة((( ف���ي الجانب اآلخر‪ ،‬ومن ل ��ه أدنى معرف ��ة بأخالق الناس‬
‫وعوائدهم يعرف ذلك‪.‬‬
‫س���يد الزه ��اد‪ ،‬وب ��دل األب ��دال‪ ،‬و إليه تش � ّ�د الرحال‪،‬‬
‫وأم���ا الزه���د ف���ي الدنيا‪ ،‬فهو ّ‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫وعن���ده تنف���ض األحالس‪ ،‬ما ش���بع م ��ن طعام ق � ّ�ط‪ ،‬وكان أخش ��ن الن ��اس مأ كال‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫وملبس���ا‪ ،‬ق���ال عب���د اهلل ب���ن أبي راف ��ع‪‘‘ :‬دخل ��ت إليه ي ��وم عي ��د‪ ،‬فق � ّ�دم جرابا‬
‫عابة ا ِمل ُ‬ ‫ُّ ٌ َّ ُ ُّ ُ‬
‫زاح‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫‪ .1‬الدعابة‪ :‬الل ِعب‪ .‬الد‬
‫َّ‬
‫كثير الل ِع ِب‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫‪ .2‬رجل ِت ْلعابة إذا كان يتلع ُب‪ ،‬وكان َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫املعاف َسة‪ :‬املداعبة واملمارسة‪(.‬لسان العرب)‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪.3‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ .4‬االرتغاء‪ :‬حس���و الرغوة‪ ،‬واحتساؤها‪ ،‬و إنه لذو حس���و يف ارتغاء‪ ،‬يضرب مثال ملن يظهر طلب القليل‬
‫يسر أخذ الكثير‪( .‬کتاب ن‬
‫العی)‪.‬‬ ‫وهو ّ‬
‫ُ ُ َّ‬
‫ورة‪ِ :‬القلة‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫‪ُ .5‬الوع َ‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫عاء‪َ ،‬م ْع ُروف‪ ،‬و قيل هو ِامل ْز َو ُد‪ ،‬و العامة تفتحه‪ ،‬فتقول ج َ‬
‫المع أ ْج ِر بة و ُج ُر ٌب‬ ‫ال ُ‬
‫راب‪ ،‬و ج‬ ‫راب‏‪ :‬الو ُ‬
‫ِ‬
‫ال ُ‬ ‫‪ِ . 6‬ج‬
‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫راب‏‪ :‬و ٌ‬ ‫ُ‬
‫ال ُ ِ‬
‫عاء من إهاب الشاء ال يوعى فيه إال يابس‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫ْ ٌ‬
‫و جرب‪ .‬جِ‬
‫‪592‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬


‫مختوم���ا‪ ،‬فوجدن���ا في���ه خبز ش ��عير يابس ��ا مرضوضا‪ ،‬فق � ّ�دم فأ كل‪ ،‬فقل ��ت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمني���ن‪ ،‬فكيف تختمه؟! قال خفت هذين الولدين أن يلتاه بس ��من أو زيت!’’‬
‫ً‬
‫وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة‪ ،‬وليف أخرى‪ ،‬ونعاله من ليف‪ ،‬وكان يلبس الكرباس‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الغليظ‪ ،‬فإذا وجد ّكمه طويال قطعه بشفرة ولم يخطه فكان ال يزال متساقطا على‬
‫ّ‬ ‫ذراعي���ه ّ‬
‫حتى يبقى س���دى ال لحمة ل ��ه‪ ،‬وكان يأتدم إذا ائتدم بخ ��ل أو بملح‪ ،‬فإن‬
‫ّ‬
‫ترق���ى عن ذلك فبعض نب���ات األرض‪ ،‬فإن ارتفع عن ذلك فبقليل من ألبان اإلبل‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫وال ي���أ كل اللح���م إ قليال‪ ،‬ويقول‪‘‘ :‬ال تجعلوا بطونك ��م مقابـر الحيوان»‪ .‬وكان مع‬
‫ً‬ ‫ذل���ك ّ‬
‫أش���د الناس ق���وة وأعظمهم أيدا‪ ،‬ال ينق ��ض الجوع ّقوت ��ه‪ ،‬وال يخون اإلقالل‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ّمنته‪ (((،‬وهو الذي طلق الدنيا وكانت األموال تجبى إليه من جميع بالد اإلسالم إ‬
‫يفرقها ويمزقها ّثم يقول‏‪:‬‬
‫من الشام‪ ،‬فكان ّ‬
‫ّ‬
‫إذ كل جان يده إلى فيه‏‬ ‫هذا جناي وخياره فيه‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأم���ا العبادة‪ ،‬ف���كان أعبد الناس وأ كثرهم صالة وصوم ��ا‪ ،‬ومنه تعلم الناس صالة‬
‫ظنك بـرجل يبلغ من محافظته على ورده‬ ‫اللي���ل ومالزمة األوراد وقيام النافلة‪ ،‬وما ّ‬
‫ّ‬
‫أن يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه‬
‫ً‬
‫وش���ماال‪ ،‬فال يرتاع لذلك وال يقوم ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫حتى يفرغ من وظيفته‪،‬‬ ‫وتمر على صماخيه يمينا‬
‫ظنك بـرجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده‪.‬‬ ‫وما ّ‬

‫وأن���ت إذا ّ‬
‫تأمل���ت دعواته ومناجات ��ه ووقفت على ما فيها من تعظيم اهلل س ��بحانه‬
‫لعزته واالستخذاء له‪ ،‬عرفت ما‬‫يتضمنه من الخضوع لهيبته والخشوع ّ‬‫و إجالله‪ ،‬وما ّ‬
‫أي قلب خرجت‪ ،‬وعلى ّ‬
‫أي لسان جرت‪.‬‬ ‫ينطوي عليه من اإلخالص‪ ،‬وفهمت من ّ‬

‫وقي ��ل لعل � ّ�ي ب ��ن الحس ��ين؟ع؟ وكان الغاية ف ��ي العب ��ادة‪‘‘ :‬أين عبادتك م ��ن عبادة‬
‫جدي عند عبادة رسول اهلل؟ص؟’’‪...‬‬ ‫جدي كعبادة ّ‬ ‫جدك؟’’ قال‪‘‘ :‬عبادتي عند عبادة ّ‬ ‫ّ‬

‫بالضم‪َّ :‬‬ ‫َُُ‬


‫القوة‪( .‬لسان العرب)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫امل ّنة‪،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫القنو ًالقع ةزجعملا بحاص ريغ نع ذخألا ةمرح‬ ‫‪593‬‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫ّ‬
‫وأصحهم تدبيرا‪ ،‬وهو الذي أش ��ار‬ ‫وأما الرأي والتدبير‪ ،‬فكان من أس�� ّ�د الناس رأيا‪،‬‬
‫ّ‬
‫على عمر بن الخطاب ّلما عزم على أن ّ‬
‫يتوجه بنفس ��ه إلى حرب الروم والفرس بما‬
‫أشار‪ ،‬وهو الذي أشار على عثمان بأمور كان صالحه فيها ولو قبلها لم يحدث عليه‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متقيدا بالشـريعة ال يرى خالفها‪،‬‬ ‫ما حدث‪ ،‬و إنما قال أعداؤه‪ :‬ال رأي له! ألنه كان‬
‫وال يعمل بما يقتضي الدين تحريمه‪.‬‏‬
‫وقد قال؟ع؟ ‪‘‘ :‬لو ال الدين والتقى لكنت أدهى العرب’’‪.‬‬
‫ً‬
‫وغيره من الخلفاء كان يعمل بمقتضـى ما يستصلحه ويستوفقه سواء أ كان مطابقا‬
‫للش���ـرع أم ل���م يكن‪ ،‬وال ري���ب ّأن من يعمل بما ي � ّ‬
‫�ؤدي إليه اجته ��اده وال يقف مع‬
‫ّ‬
‫الدنيوية إلى‬ ‫ضواب���ط وقي���ود يمتن���ع ألجلها ّ‬
‫مم ��ا يرى الص�ل�اح فيه تك ��ون أحوال ��ه‬
‫ّ‬
‫الدنيوية إلى االنتثار أقرب‪.‬‬ ‫االنتظام أقرب‪ ،‬ومن كان بخالف ذلك تكون أحواله‬
‫ً‬
‫خشنا في ذات اهلل‪ ،‬لم يراقب ابن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫عمه‬ ‫وأما السياس���ة‪ ،‬فإنه كان شديد السياسة‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫في عمل كان و ه ّإياه‪ ،‬وال راقب أخاه عقيال في كالم جبهه((( به‪...‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ومن جملة سياس���ته في حروبه ّأيام خالفته بالجم ��ل وصفين والنهروان وفي أقل‬
‫ّ ّ‬
‫فإن كل س���ائس في الدنيا لم يبلغ فتكه وبطش ��ه وانتقامه مبلغ‬ ‫القليل منها مقنع‪،‬‬
‫العشـر ّ‬
‫مما فعل؟ع؟ في هذه الحروب بيده وأعوانه‪.‬‬
‫فه���ذه ه���ي خصائص البش���ـر ومزاياه ��م قد أوضحن ��ا ّأنه فيه ��ا اإلم���ام ّ‬
‫المتبع فعله‬
‫والرئيس المقتفى أثره‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الذمة على تكذيبهم ّ‬ ‫تحبه أهل ّ‬‫وما أقول في رجل ّ‬
‫بالنبوة‪ ،‬وتعظمه الفالسفة على‬
‫الملة‪ّ ،‬‬‫ّ‬
‫وتصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها‬ ‫معاندتهم ألهل‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ً‬
‫وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها‪ ،‬كان‬ ‫مش���مرا لحربه‪،‬‬ ‫حامال سيفه‬
‫على سيف عضد الدولة بن بويه وسيف أبيه ركن الدولة صورته‪ ،‬وكان على سيف‬
‫‪ .1‬جهبته‪ :‬استقبلته بكالم فيه غلظ‪( .‬کتاب ن‬
‫العی)‪.‬‬
‫‪594‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫ألب أرسالن وابنه ملكشاه صورته‪ ،‬كأنهم يتفاءلون به النصـر والظفر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ويتحسن‬ ‫وود ّكل أحد أن ّ‬
‫يتجمل‬
‫ّ‬
‫يتكثر به‪ّ ،‬‬ ‫ّ ّ‬
‫أحب كل واحد أن‬ ‫وما أقول في رجل‬
‫ّ لاّ‬ ‫باالنتساب إليه ّ‬
‫حتى ّ‬
‫حدها إ تستحسن من نفسك‬ ‫الفتوة التي أحسن ما قيل في‬
‫ً‬ ‫فإن أربابها نس ��بوا أنفس ��هم إليه‪ّ ،‬‬
‫ما تس���تقبحه م���ن غيرك‪ّ ،‬‬
‫وصنفوا ف ��ي ذلك كتبا‪،‬‬
‫ً‬
‫إس���نادا أنهوه إليه ّ‬
‫(((‬
‫وقصـروه عليه‪ ،‬وس � ّ�موه س � ّ�يد الفتيان‪ ،‬وعضدوا‬ ‫وجعلوا لذلك‬
‫ّ ّ‬
‫المروي أنه سمع من السماء يوم أحد‪:‬‬ ‫مذهبهم إليه بالبيت المشهور‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫ّ‏‬
‫علي‬ ‫وال فتـى إ‬ ‫ال سيف إ ذو الفقار‬
‫ّ‬ ‫وما أقول في رجل أبوه أبو طالب ّ‬
‫سيد البطحاء وشيخ قريش ورئيس مكة‪ ،‬قالوا‪‘‘ :‬قل‬
‫تسميه الشيخ‪.‬‬‫أن يس���ود فقير’’‪ ،‬وس���اد أبو طالب وهو فقير ال مال له وكانت قريش ّ‬
‫ّ‬ ‫الكندي ّلما رأى ّ‬
‫ّ‬
‫النبي؟ص؟ يصلي في مبدء الدعوة ومعه غالم‬ ‫وفي حديث عفيف‬
‫ّ‬ ‫وامرأة قال‪ :‬فقلت للعباس‪ّ :‬‬
‫‘‘أي شي‏ء هذا؟’’ قال‪‘‘ :‬هذا ابن أخي‪ ،‬يزعم أنه رسول‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫من اهلل إلى الناس‪ ،‬ولم يتبعه على قوله إ هذا الغالم‪ ،‬وهو ابن أخي أيضا‪ ،‬وهذه‬
‫االم���رأة وهي زوجته’’‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪‘‘ :‬ما الذي تقولونه أنتم؟’’ قال‪‘‘ :‬ننتظر ما يفعل‬
‫الشيخ’’‪ ،‬يعنى أبا طالب‏‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وأبو طالب هو الذي كفل رس���ول اهلل؟ص؟ صغي ��را‪ ،‬وحماه وحاطه كبيرا‪ ،‬ومنعه من‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مش���ـركي قريش‪ ،‬ولقي ألجله عنتا عظيما‪ ،‬وقاس ��ى بالء ش ��ديدا‪ ،‬وصبـر على نصـره‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫والقي���ام بأم���ره‏‪ .‬وجاء ف���ي الخبـر أنه لما توف ��ي أبو طالب أوحي إلي ��ه؟ع؟ وقيل له‪:‬‬
‫‘‘اخرج منها فقد مات ناصـرك’’‪.‬‬
‫سيد ّ‬
‫األولين واآلخرين‪ ،‬وأخاه جعفر‬ ‫وله مع شـرف هذه األبوة ّأن ابن ّ‬
‫عمه ّ‬
‫محمد ّ‬

‫فمر يحجل‬ ‫ذو الجناحين الذي قال له رسول اهلل؟ص؟‪‘‘ :‬أشبهت خلقي وخلقي’’‪ّ ،‬‬
‫سيدا ش ��باب أهل ّ‬
‫س���يدة نس���اء العالمين‪ ،‬وابنيه ّ‬ ‫ً‬
‫فرحا‪ّ .‬‬
‫وزوجته ّ‬
‫الجنة‪ ،‬فآباؤه آباء‬
‫‪ . 1‬فالن يعضد فالنا‪ :‬يعينه‪ .‬و عضدن عليه‪ ،‬أي‪ :‬أعانن‪( .‬كتاب ن‬
‫العی)‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪595‬‬

‫وأمهاته ّأمهات رسول اهلل‪ ،‬وهو مسوط((( بلحمه ودمه‪ ،‬لم يفارقه منذ‬
‫رس���ول اهلل‪ّ ،‬‬
‫خلق اهلل آدم إلى أن مات عبد المطلب‪ ،‬بين األخوين عبد اهلل وأبي طالب ّ‬
‫وأمهما‬
‫األول وهذا التالي‪ ،‬وهذا المنذر وهذا الهادي‪.‬‬ ‫سيد الناس‪ ،‬هذا ّ‬
‫واحدة فكان منهما ّ‬
‫ّ‬
‫وما أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى‪ ،‬وآمن باهلل وعبده وكل من في األرض‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫يعبد الحجر ويجحد الخالق‪ ،‬لم يس ��بقه أحد إلى التوحيد إ الس ��ابق إلى كل خير‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬
‫محمد رسول اهلل ؟ص؟‪ .‬ذهب أ كثر أهل الحديث إلى أنه؟ع؟ ّأول الناس اتباعا لرسول‬ ‫ّ‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ً‬
‫اهلل؟ص؟ إيمانا به‪ ،‬ولم يخالف في ذلك إ األقلون‏‪ .‬وقد قال هو؟ع؟ ‪‘‘ :‬أنا الصديق‬
‫ّ‬ ‫األ كبـر‪ ،‬وأنا الفاروق ّ‬
‫األول‪ ،‬أس���لمت قبل إس�ل�ام الناس‪ ،‬وصلي ��ت قبل صالتهم»‪.‬‏‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وم���ن وقف على كتب أصحاب الحديث تحقق ذلك وعلمه واضحا‪ ،‬و إليه ذهب‬
‫رجحه ونصـ ��ره صاحب كتاب‬‫الطبـري‪ ،‬وه ��و القول ال ��ذي ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الواق���دي واب���ن جري���ر‬
‫اإلس���تيعاب‪ .‬وألن���ا ّإنما نذك���ر في ّ‬
‫مقدمة ه ��ذا الكتاب جملة م ��ن فضائله عنت‬
‫(((‬

‫بالع���رض ال بالقصد وجب أن نختصـر ونقتصـر‪ ،‬فلو أردنا ش� �ـرح مناقبه وخصائصه‬
‫الحتجنا إلى كتاب مفرد يماثل حجم هذا بل يزيد عليه وباهلل التوفيق»‏‪.‬‬
‫(((‬

‫(ممع البحر ین)‪.‬‬ ‫‪ .1‬و ف حديث فاطمة علهیا السالم‪ :‬مسوط حلمها بدمي وحلمي أي ممزوج خ‬
‫وملوط‪ .‬ج‬ ‫ي‬
‫ن‬
‫‪ .2‬عنت أمور واعتنت‪ ،‬أي‪ :‬نزلت و وقعت‪( .‬کتاب العی)‪.‬‬
‫أب احلديد‪،‬‏‪.30 _ 16/1‬‬
‫‪ . 3‬شـرح هنج البالغة البن ي‬
‫معرفة اهلل تعالی باهلل‏‬
‫‪598‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫▪ قد یستشهد أصحاب الفلسفة والعرفان عىل عقیدهتم الباطلة من احلصول‬


‫عىل معرفة ذات الخ الق تعاىل وش���هودها بنفس���ه مبا ورد من النصوص القائلة‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫بأنه‪‘‘ :‬ال یعرف اهلل تعاىل إ به»‬
‫نّ‬
‫وحینئذ فعلینا بیان أ ه‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ینحل ما ّ‬
‫یتوه���م من التعارض ن‬ ‫ّ‬
‫بی ما دل عىل أن���ه‪‘‘ :‬ال یعرف اهلل إ‬ ‫▪ كی���ف‬
‫ّ‬
‫باهلل‏’’ وما دل عىل ّأن‪‘‘ :‬معرفة الخ الق بنفسه حمال»؟!‬

‫ویصطاد الجواب عن خالل إیضاح األمور التالیة‪:‬‬

‫یصح تعر یفه باألمثال واألشباه‪،‬‬ ‫▪ ّإن الشء إذا امتنع عن األشباه والنظائر فال ّ‬
‫ي‬
‫لاّ‬
‫فال یعرف إ بنفسه‬
‫املتعال عن االمتداد‬ ‫ّ‬
‫لاللوهیة _ وهو الوج���ود‬ ‫▪ إذا كان وج���ود املوجود الال ئ���ق‬
‫ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫_ جمه���وال مطلق���ا عند املخلوق‪ ،‬حبی���ث ال میكنه اال لتفات إىل ذلك بنفس���ه‪،‬‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫ف�ل�ا حیصل ذلك إ بتعر یف الخ الق له نفس���ه‪ ،‬فال یعرف اهلل تبارك وتعاىل إ‬
‫بنفسه‬
‫َ َ ْ َ َّ َ ْ َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َّ‬
‫▪ <ما أصابك ِمن حسنةٍ ف ِمن الل ِه و ما أصابك ِمن س ِيئةٍ ف ِمن نف ِسك>‬
‫لاّ‬
‫▪ ال میك���ن الوص���ول إىل دفائن العقول ومواثیق الفطر م���ن معرفة اهلل تعاىل إ‬
‫ن‬
‫أمجع�ی�� وعلیه مفن من مات ولیس‬ ‫بتذكی���ر احلجج ّ‬
‫اإلهلیة صلوات اهلل علهیم‬
‫له إمام مات میتة كفر وضالل ونفاق‬
‫لاّ‬
‫▪ ال یعرف اهلل تعاىل إ بآثاره وأعالمه من خلقه‬

‫و إلیك تفصیل ذلك‪:‬‬


‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪599‬‬

‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعالى إ باهلل ‪1‬‬

‫ال یخ�ف�ى ع�ل�ى من له أدىن أن���س بأنوار الروای���ات املأثورة عن مع���ادن العلم واحلمكة‬
‫بأن معرفة اهلل تعاىل به ال بغیره‪،‬‬ ‫صـرحوا ّ‬ ‫أمئة أهل البیت صلوات اهلل علهیم ّ‬ ‫اإلهلیة‪ّ ،‬أن ّ‬
‫ّ‬
‫بی ما ّقدمن���اه من احنصار طر ی���ق معرفة اهلل تعاىل باآل ث���ار ن‬ ‫ّ‬
‫فلعل���ك أن ت���رى ن‬
‫وبی تلك‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فإن هاهنا معان أربعة‬ ‫یدا‪ّ ،‬‬ ‫بالتأمل جتد نفسك ملا ّبی ّناه مؤ‬‫ولكنك ّ‬ ‫وتنافیا‪ّ ،‬‬ ‫الروایات تناقضا‬
‫ّ‬
‫صحیحة تدل الروایات املذكورة علهیا‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫األول‪ :‬أنه بعد ما ثبت‪:‬‬
‫لاّ‬
‫الف) ّأن اإلدراك واملعرفة فرع االمتداد والعدد‪ ،‬فال یعرف إ ما هو كذلك‪ ،‬وال یوصف‬
‫لاّ‬
‫شء إ باألشباه والنظائر‬ ‫ي‬
‫وتصور ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وتوهم‬ ‫ّ‬ ‫شء بخ الف األش���یاء‪ ،‬خمالف لكل امتداد وعدد‬ ‫ب) أنه تعاىل ي‬
‫حت ّ‬
‫یعرفه‬ ‫أي شء مرأة إلرائت���ه ىّ‬ ‫فواض���ح ّأن���ه تع���اىل ال یعرف إلاّ به‪ ،‬أي ال یك���ون ّ‬
‫ي‬
‫ّ لاّ‬ ‫و یر یه‪ ،‬بل ما من شء ّ‬
‫یتوهم إ وهو غیره‪.‬‬ ‫یتصو ر و‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫مثال‪ :‬بینما أنت تعرف شیئا وتر ید أن ّ‬
‫الاهل به‪ ،‬فلك أن تصف له ذلك‬ ‫تعرفه لغیرك ج‬
‫ً‬ ‫ومتثله باألمثال واألشباه والنظائر‪ ،‬ىّ‬ ‫ّ‬
‫حت یصبح عارفا به و إن مل یكن یراه‪.‬‬
‫شیئا وال ّ‬‫ً‬ ‫ّ‬
‫تتوهم‬ ‫وأما إذا أردت أن تصف ذات اهلل تعاىل لنفسك أو لغیرك‪ ،‬فال تصف‬
‫ً‬ ‫ص���ورة إلاّ وه���و تعاىل یك���ون غیرمها‪ ،‬وال ّ‬
‫یقر بان���ك من تعر یفه ومعرفته تعاىل ش���یئا‪ .‬فال‬
‫لاّ‬ ‫یعرف خ‬
‫الالق إ به‪ ،‬وال یعرف بغیره من األشباه والنظائر‪.‬‬
‫‪600‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫(((‬ ‫وأما ما ال عدیل له فكیف ّ‬
‫یشبه بغیر مثاله»‪.‬‬ ‫یشبه الشء بعدیله‪ّ ،‬‬ ‫«و مّإنا ّ‬
‫ي‬
‫فن نفسه‪ ،‬قیل‪ :‬وكیف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬
‫«س���ئل أمیر املؤمنی؟ع؟ ‪ :‬مب عرفت ربك؟ قال‪ :‬مبا عر ي‬
‫ّ‬ ‫صورة وال ّ‬‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫باحل���واس‪ ،‬وال یقاس بالناس‪،‬‬ ‫حیس‬ ‫عرفك نفس���ه؟ قال‪ :‬ال یش�ب�هه‬
‫ّ‬
‫شء فوق���ه‪ ،‬أمام‬ ‫ي‬ ‫یق���ال‬ ‫وال‬ ‫ء‬‫ش‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫قر ی���ب يف بع���ده‪ ،‬بعی���د يف قرب���ه‪ ،‬ف���وق‬
‫ّ‬
‫شء‪،‬‬ ‫ي ي‬‫ف‬ ‫داخ���ل‬ ‫ء‬ ‫ك�ش��‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫األش���یاء‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫داخ���ل‬ ‫أم���ام‪،‬‬ ‫ل���ه‬ ‫یق���ال‬ ‫وال‬ ‫ء‬ ‫ش‬
‫ي‬ ‫كل‬
‫شء‪ ،‬س���بحان من ه���و هكذا وال‬
‫كشء خ���ارج م���ن ي‬
‫وخ���ارج م���ن األش���یاء ال ي‬
‫هكذا غیره»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫(((‬
‫حیس بلمس‪ ،‬وال یعرف خبلقه»‪.‬‬
‫«ال یدرك ببصـر‪ ،‬وال ّ‬
‫مّ‬
‫«إنمّ���ا عرف اهلل م���ن عرفه باهلل‏‪ ،‬مفن مل یعرفه به فلیس یعرف���ه‪ ،‬إنا یعرف غیره‪.‬‬
‫ب�ی�� الخ الق واملخل���وق شء‪ ،‬واهلل خالق األش���یاء ال من شء‪ّ ،‬‬
‫یس���مى‬ ‫لی���س ن‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫بأمسائ���ه وهو غیر أمسائه واألمس���اء غیره واملوصوف غیر الواص���ف‪ ،‬مفن زعم أنه‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫یؤمن مبا ال یعرف فهو ضال عن املعرفة»‪.‬‬
‫ألن احلجاب‬‫«ومن زعم ّأنه یعرف اهلل حبجاب أو بصورة أو مبثال فهو مش���ـرك‪ّ ،‬‬
‫ّ‬ ‫موحد فكیف ّ‬
‫یوح���د من زعم أنه عرفه‬ ‫واملث���ال والصورة غی���ره‪ ،‬و مّإنا هو واحد ّ‬
‫(((‬
‫بغیره»‪.‬‬

‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،276 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫ً‬
‫الكاف‪.85 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫الواف‪ ،340 / 1 ،‬نقال عن‬
‫‪ .2‬ي‬
‫‪ .3‬حبار األنوار‪ ،193 / 3 ،‬اإلهليلجة‪.‬‬
‫‪ .4‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪601‬‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫بشء یشهبه»‪.‬‬
‫(((‬
‫«ولیس هلل حد وال یعرف ي‬
‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«فلیس اهلل عرف من عرف بالتشبیه ذاته»‪.‬‬
‫ّ لاّ‬
‫حت یعرف به‪ ،‬كما ّأنه ال أحد ّیدعي الرس���الة والوالیة بغیر حق إ‬
‫ال ش���به له تعاىل ىّ‬

‫و یفضح نفسه بأباطیله ومنكراته يف القول والفعل‪:‬‬


‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫وأول األم���ر باملع���روف والع���دل‬
‫«إعرف���وا اهلل ب���اهلل‏‪ ،‬والرس���ول بالرس���الة‪ ،‬ي‬
‫واإلحسان»‪.‬‬
‫(((‬

‫ّ‬ ‫«ی���ا من ّدل عىل ذات���ه بذاته‪ّ ،‬‬


‫وتنزه عن جمانس���ة خملوقاته‪ ،‬وج���ل عن مالمئة‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫كیفیاته»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬
‫شء وهو الس���میع البصیر كان نعته ال یش���به نعت‬
‫«م���ن كان لی���س كمثل���ه ي‬
‫شء فهو ذاك»‪.‬‬
‫(((‬
‫ي‬
‫هو هو‪ ،‬ال جزء له وال بعض‪ ،‬وال صورة له وال شكل‪ ،‬وال شء میكن أن ّ‬
‫یعرفنا به ذاته‬ ‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫القدوس‪ ،‬فلیس هو إ هو‪:‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬

‫‪ .1‬التوحيد‪.141 ،‬‬
‫‪ .2‬حبار األنوار‪ ،228 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .3‬التوحيد‪ ،286 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫املجلسـي‪ ،‬عن مصباح ّ‬
‫السيد بن الطاووس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النان‪ ،‬دعاء الصباح‪ ،‬عن‬ ‫‪ّ .4‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،304 / 4 ،‬عن جامع األخبار‪.‬‬
‫‪602‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫«ی���ا ه���و‪ ،‬یا من هو هو‪ ،‬یا من لیس هو إ هو‪ .‬یا هو‪ ،‬ی���ا م���ن ال ه���و إ ه���و»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬
‫«ی���ا ه���و‪ ،‬یا م���ن ال یعلم م���ا ه���و‪ ،‬وال كیف ه���و‪ ،‬وال أین ه���و‪ ،‬وال حی���ث هو إ‬
‫(((‬
‫هو»‪.‬‬
‫لاّ‬ ‫لاّ‬
‫«یا اهلل یا هو‪ ،‬یا هو‪ ،‬یا من لیس كهو إ هو‪ ،‬یا من ال هو‪ ،‬إ هو»‪.‬‬
‫(((‬

‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعالى إ باهلل ‪2‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫قد ّ‬
‫ّ‬
‫االمتدادي‪ ،‬متناهیا فرضه أم غیر‬ ‫تقدم ّأن املخلوق ال حیتمل الوجود إ للموجود‬
‫ً‬
‫خارجا ّ‬ ‫ً‬
‫عما حیتمل وجوده وهو‬ ‫شء‬ ‫ي‬ ‫وجود‬ ‫حیتمل‬ ‫وال‬ ‫إدراكه‪،‬‬ ‫وراء‬ ‫شیئا‬ ‫متناه‪ ،‬وال یدرك‬
‫الارج عن ذلك جاهل‬ ‫الالق خ‬ ‫ال یلتفت إىل هذا النقصان ف إدراكه‪ ،‬فهو بالنس���بة إىل خ‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫خاصا‪ .‬فإنه ینظ���ر إىل املوجود من ن‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مطل���ق‪ ،‬ال میكن���ه إثباته وال نفیه نفیا ّ‬
‫عی ال یر یه إ‬
‫ً‬
‫عینا أخرى له ّ‬ ‫ً‬
‫أعم مهنا‪ ،‬وذلك‬ ‫شء أو نفیه خارجا عن االمتداد یطلب‬ ‫املخلوق‪ ،‬فإثبات ي‬
‫ن‬
‫بالع�ی��الواح���دةاألوىل‪.‬‬‫ال میك���نل���هم���عاحنص���ار املوج���ودعن���دهمب���ای���رى‬
‫الالق بأن یلفته إىل نفس���ه‬ ‫الال���ق إلاّ بعد إغاثة خ‬ ‫ف�ل�ا طر یق للمخل���وق إىل إثبات خ‬
‫ّ‬
‫باالمتدادي‪ ،‬فاملعرفة من صنعه وب���ه‪ ،‬ولیس من صنع‬ ‫ّ‬
‫الق���دوس‪ ،‬و إىل احنص���ار إدراك���ه‬
‫تقدم روای���ات الباب يف مبحث االنس���داد)‪ ،‬ولیس للعقل باس���تقالله‬‫املخل���وق‪( ،‬وق���د ّ‬
‫ن‬ ‫ّ ً‬ ‫خ‬
‫جزئی‪:‬‬ ‫الت یكون مركبا من‬
‫الوصول إىل إثبات وجود الالق حبقیقته ي‬
‫‪ .1‬اإل ثبات‬
‫‪ .2‬بال تشبیه‬
‫أو فقل‪:‬‬
‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،158 / 95 ،‬عن مكارم األخالق‪.‬‬
‫احلصي‪337 ،‬؛ ّ‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫النان‪ ،‬دعاء املشلول‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫األمي و الدرع‬ ‫‪ .2‬البلد‬
‫بـراه َمي علیه و آله‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫للكفعمي (جنة األمان الواقية)‪295 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،170 / 95 ،‬من دع ِاء ِإ ِ‬ ‫‪ .3‬املصباح‬
‫لىَ َّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مَ‬
‫السالم لا رمي ِب ِ ‏ه ِإ النار‪.‬‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪603‬‬

‫‪ .1‬ال تعطیل‬
‫‪ .2‬ال تشبیه‬
‫ً‬
‫ب���ل یصبح العقل باس���تبداده بنفس���ه واس���تقالله يف النظر إىل خالقه ّإم���ا منكرا و ّإما‬
‫الالق تعاىل فهو‬ ‫لاللوهیة بواس���طة خ‬
‫ّ‬ ‫مش�ّب�هّ ًا‪ّ ،‬‬
‫وأم���ا بعد اال لتف���ات إىل املوضوع الالئ���ق‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫یصبح ّإما مؤمنا بالتس���لمی عند س���لطان عقله‪ ،‬و ّإما جاحدا تبعا هلواه‪ ،‬واإلمیان هو اإل قرار‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫والتس���لمی ال صرف املعرف���ة و إ كان إبلیس مؤمنا!‪ ،‬والكف���ر املوجب للعذاب هواإلنكار‬
‫ّ ً‬ ‫لاّ‬
‫والحود ال صرف عدم العلم واملعرفة‪ ،‬و إ کان املستضعف القاصر معذبا!‬ ‫ج‬
‫بی منكر‬ ‫یترددون ن‬ ‫وقد ترى باملراجعة إىل ّكل مدارس املعرفة البشـر ّیه ّأن أهلها بأمجعهم ّ‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫أوثانا ّ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫مصورة متناهیة أو المتناهیة موهومة إ من أخذ من احلجج؟مهع؟‪:‬‬ ‫ومشبه‪ ،‬وال یعبدون إ‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫«ومن أراد احلمكة فلیأهتا من باهبا»‪.‬‬
‫(((‬

‫(((‬ ‫«وسد األبواب إلاّ بابه‪ ...‬فقال‪ :‬أنا مدینة العلم ّ‬


‫وعىل باهبا»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعالى إ باهلل ‪3‬‬
‫ّ‬
‫معان ك���ون معرفة اهلل باهلل ه���و‪ّ :‬أن كل ما لنا من احلس���نات _ و یكون‬ ‫ي‬ ‫الثال���ث م���ن‬
‫لاّ‬
‫أشـرفها وأعالها هو اإلمیان باهلل تعاىل _ لیس إ به تعاىل‪.‬‬
‫الوجود‪ ،‬العقل‪ ،‬العلم‪ ،‬القدرة‪ ،‬التوفیق واهلدایة للمخلوق لیس إلاّ من فضل خ‬
‫الالق‬
‫ّ‬ ‫تعاىل وكرمه وجوده ّ‬
‫ومنه‪ ،‬فكل ما نكتسب من الخیرات واحلسنات فهو به أوىل‪:‬‬
‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫(((‬
‫صاب َك ِم ْن َس ِ ّي َئةٍ ف ِم ْن نف ِسك‏>‪.‬‬
‫هلل َوما أ َ‬ ‫صاب َك ِم ْن‏ َح َس َنةٍ ف ِم َ ‏‬
‫نا ‏‬ ‫<ما أ َ‬

‫ّ‬
‫املشهدي)‪ ،576 ،‬دعاء الندبة‪.‬‬ ‫‪ .1‬املزار الكبير (البن‬
‫‪ّ .2‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫النان‪ ،‬دعاء الندبة‪.‬‬
‫‪ .3‬النساء (‪.79 ،)4‬‬
‫‪604‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َّ ْ َ َ َ َ ٌ ُ َّ‬


‫(((‬ ‫َ‬ ‫<إن النف َس لأ ّمارة ب ّ‬
‫الس ِوء ِإلا ما ر ِحم‏ ربِي‏>‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫<ول ْ���و لا فض ُل اهلل َعل ْيك ْ َ ْ ُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لك ّن اهلل‬ ‫���م َورح َمته ما زكى‏ ِمنك ْم‏ ِم ْن‏ أ َح ٍ���د أ َبدا َو ِ‬ ‫َ‬
‫َُ ّ‬
‫(((‬
‫كي َم ْن َيشاء>‪.‬‬ ‫يز ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ْ َ ُ ُّ َ َ َ ْ َ ُ‬
‫لامك ْم‏ َب ِل‏ اهلل‏ َي ُم ُّن َعل ْيك ْم أ ْن‬ ‫<يمنون عليك أن أس���لموا قل لا تمنوا علي‏ ِإس‬
‫ْ ُ ُْ‬ ‫َ ُ ْ ْ‬
‫(((‬
‫صاد ِقين‏>‪.‬‬ ‫يمان ِإن كنت ْم ِ‬ ‫هداكم ِل ِ ِ‬
‫إ‬ ‫ل‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫«ع���ن ّ‬
‫ع�ل�� ب���ن يأب طالب؟ع؟ أنه س���ئل عن تفس���یر ال حول وال ق���وة إ باهلل‬ ‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫الع�ل�� العظ�ی�م‪ .‬فقال‪ :‬ال حول ع���ن املعصیة إ بعصمة اهلل تع���اىل‪ ،‬وال قوة يل‬ ‫ي‬
‫ّ ّ‬ ‫لخ لاّ‬
‫(((‬
‫عىل ا یر إ بعون اهلل عز وجل‏»‪.‬‬
‫وف الدعاء عن ّ‬
‫النب؟ص؟‪:‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫«ی���ا من فتق العقول مبعرفته‪ ،‬وأطلق األ لس���ن حبم���ده‪ ،‬وجعل ما نّ‬
‫امت به عىل‬
‫حممد وآل ّ‬ ‫صل عىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫حممد و‪»...‬‬ ‫عباده كفاء لتادیة حقه‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫«‪...‬فجعلت يل مسعا یس���مع آیاتك‪ ،‬وعقال یفهم إمیانك‪ ،‬وبصـرا یرى قدرتك‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫وفؤادا یعرف عظمتك‪ ،‬وقلبا یعتقد توحیدك»‪.‬‬
‫(رض اهلل عن���ه) يف حدی���ث طوی���ل یذكر فی���ه قدوم‬ ‫ّ‬
‫الف���ارس ي‬
‫ي‬ ‫«ع���ن س���لمان‬
‫الاثلی���ق املدینة م���ع مأة من النصاری‪ ،‬وما س���أل عنه أبابك���ر فلم جیبه‪ّ ،‬مث‬
‫ج‬

‫‪ .1‬يوسف‪.53 ،‬‬
‫‪ .2‬النور (‪.21 ،)24‬‬
‫‪ .3‬احلجرات (‪.18 ،)49‬‬
‫العفر ّيات‪.238 ،‬‬ ‫‪ .4‬ج‬
‫ّ‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،204 / 95 ،‬عن جنة األمان‪.‬‬
‫ّ‬
‫الیمان‪.‬‬ ‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،257 / 95 ،‬من دعاء احلرز‬
‫ي‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪605‬‬

‫ع�ل�� بن يأب طالب؟ع؟ فس���أله عن مس���ائل فأجابه‬ ‫ن‬


‫املؤمنی ّ‬ ‫أرش���د إىل أمی���ر‬
‫ي‬
‫عهن���ا‪ ،‬وكان ف م���ا س���أله أن قال ل���ه‪ :‬أخبـر ن أعرف���ت اهلل ّ‬
‫مبحم���د أم عرفت‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ ً‬
‫حممدا باهلل‏؟‬
‫وجل ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫فقال ّ‬
‫مبحمد؟ص؟ ولكن عرفت‬ ‫عل بن يأب طالب؟ع؟ ‪ :‬ما عرفت اهلل عز‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ً‬
‫���دا ب���اهلل عز وج���ل‪ ،‬ن‬
‫حی خلق���ه‪ ،‬وأحدث فی���ه احلدود من ط���ول وعرض‬ ‫حمم‬
‫فعرف���ت ّأنه ّ‬
‫مدبـر مصنوع باس���تدال ل و إهل���ام منه و إرادة‪ ،‬كم���ا أهلم املال ئكة‬
‫طاعته ّ‬
‫وعرفهم نفسه بال شبه وال كیف»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی والباقر والصادق؟مهع؟‪:‬‬ ‫األ ّمئة أمیر‬
‫ّ‬
‫والق���وة علیه بك‪،‬‬ ‫«فس���بحانك تثیب ع�ل�ی ما بدؤه من���ك‪ ،‬وانتس���ابه إلیك‪،‬‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫واإلحسان فیه منك‪ ،‬والتوكل يف التوفیق له علیك»‪.‬‬
‫َّ ْ‬ ‫زاء ْالإ ْ‬ ‫ّ ّ‬
‫وجل‪َ :‬‬
‫���ان ِإلا ال ِإ ْحس���ان>‬
‫ِ‬ ‫س‬‫ح‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫���ل َ‬
‫ج‬ ‫ْ‬ ‫<ه‬ ‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ يف ق���ول اهلل عز‬ ‫ع���ن أمی���ر‬
‫قال؟ع؟‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل ق���ال‪ :‬ما جزاء من أنعمت علیه‬ ‫«مسعت رس���ول اهلل؟ص؟ یقول‪ّ :‬إن اهلل‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫النة؟»‬
‫بالتوحید إ ج‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ ‪:‬‬
‫(((‬
‫«به توصف الصفات ال هبا یوصف‪ ،‬وبه تعرف املعارف ال هبا یعرف»‪.‬‬
‫اإلمام السجاد؟ع؟ ‪:‬‬

‫‪ .1‬حبار األنوار‪ ،272 / 3 ،‬عن التوحید‪.‬‬


‫‪ .2‬حبار األنوار‪ ،404 / 95 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ .3‬التوحيد‪.28 ،‬‬
‫‪ .4‬حبار األنوار‪ ،301 / 4 ،‬عن حتف العقول‪.‬‬
‫‪606‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫(((‬
‫ودعوتن إلیك‪ ،‬ولوال أنت مل أدر ما أنت»‪.‬‬
‫ي‬ ‫دللتن علیك‬
‫ي‬ ‫«بك عرفتك‪ ،‬وأنت‬
‫(((‬
‫«ولو ال أنت ر ّ يب ما اهتدینا إىل طاعتك‪ ،‬وال عرفنا أمرك‪ ،‬وال سلكنا سبیلك»‪.‬‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫بالوحدانی���ة‪ ،‬وحبان مبعرفة الر ّ‬
‫ّ‬
‫صن من‬‫ي‬ ‫وخل‬ ‫بوبی���ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أحتف�ن�� باإل قرار‬
‫ي‬ ‫«یا من‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫الشك والعمى»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫لاّ‬
‫معالة يف أبداهنم املخلوقة إ بـر بهّ م»‪.‬‬
‫(((‬
‫«مل یقدروا عىل عمل وال ج‬
‫لاّ‬ ‫ً لاّ‬
‫(((‬
‫«ال یدرك خملوق شیئا إ باهلل وال تدرك معرفة اهلل إ باهلل‏»‪.‬‬
‫شیئا من نعتك إلاّ ما ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫حددته‬ ‫«فلیس أحد أن یبلغ شیئا من وصفك‪ ،‬وال یعرف‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫له ووفقته إلیه وبلغته ّإیاه»‪.‬‬
‫م�ّن�‪ ،‬عملت‬ ‫ّ‬
‫«یاب���ن آدم‪ ،‬أن���ا أوىل حبس���ناتك من���ك‪ ،‬وأن���ت أوىل بس���یئاتك ي‬
‫الت جعلهتا فیك»‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املعاصـي بقو يت ي‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬ ‫«‪...‬وهكذا مجیع األمساء و إن ّكنا مل ّ‬
‫تكتف لالعتبار مبا ألقینا‬
‫ي‬ ‫فقد‬ ‫ها‬ ‫كل‬ ‫ها‬ ‫نسم‬
‫(((‬
‫إلیك؛ واهلل عوننا وعونك يف إرشادنا وتوفیقنا»‪.‬‬

‫ّ‬
‫الثمال‪.‬‬ ‫أب محزة‬ ‫‪ّ .1‬‬
‫القم ّي‪ ،‬مفاتيح ج‬
‫َ‬ ‫لأْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫النان‪ ،‬دعاء َ ي‬
‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ات ق َد َم ِاء ا ْص َحاب‏‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ِ ،425 / 95 ،‬م ْن أ ْص ٍل ق ِد ٍمي ِم ْن ُمؤلف ِ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،338 / 95 ،‬عن مهج الدعوات‪.‬‬
‫‪ .4‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫‪ .5‬حبار األنوار‪ ،161 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َ َ لأْ َ‬ ‫ْ ُ َ َّ َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫ات قدم ِاء ا صحاب‏‪.‬‬ ‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،421 / 95 ،‬عن اإل قبال ِمن أص ٍل ق ِد ٍمي ِمن مؤلف ِ‬
‫‪ .7‬التوحيد‪.363 ،‬‬
‫‪ .8‬حبار األنوار‪ ،179 / 4 ،‬عن التوحید‪.‬‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪607‬‬

‫ُ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫���ل ْال َك ْو َك ُ‬ ‫َ َ ََ‬


‫آف ِلي���ن> ((( ّ‬
‫ألن األ ف���ول ع���ن‬ ‫���ب‏ ال ِ‬‫���ب‏ ق���ال‏ ل���ا أ ِح‬ ‫«<فل َّم���ا أف َ‏‬
‫صف���ات املح���دث ال م���ن صف���ات الق���دمی‪ّ ...‬إن العب���ادة ال ّ‬
‫حت���ق مل���ن كان‬
‫حت���ق العب���ادة لخ القه���ا وخال���ق‬ ‫بصف���ة الزه���رة والقم���ر والش���مس‪ ،‬و إنمّ���ا ّ‬

‫احت���ج ب���ه ع�ل�ی قوم���ه م���ا أهلم���ه اهلل وأت���اه‬ ‫ّ‬ ‫الس���موات واألرض‪ ،‬وكان م���ا‬
‫َ ََ َ‬ ‫���ك ُح َّج ُت َن���ا َآت َین َ‬
‫َ َ‬
‫(((‬
‫وم���هِ >»‪.‬‬
‫ی���م عل���ی ق ِ‬ ‫اه���ا ِإب َـر ِاه‬ ‫كم���ا ق���ال اهلل تع���ایل‪< :‬و ِتل‬
‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعالى إ باهلل ‪4‬‬

‫بتفضله لینظر هل حنن‬‫م���ن علینا مبعرفته وصنعها فین���ا ّ‬‫ّإن اهلل تب���ارك وتع���ایل بعد أن ّ‬
‫مقرون شاکرون أم جاحدون کافرون‪:‬‬ ‫مؤمنون ّ‬
‫َ ُ ً‬ ‫ً‬ ‫<إ َّنا َه َد ْي ُ‬
‫(((‬
‫شاكرا َو ِإ َّما كفورا>‪.‬‬ ‫الس َ َ‬
‫بيل ِإ ّما ِ‬
‫ناه َّ‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫غافل�ی�� عن معرفته‬ ‫فق���د عرضنا نس���یان نعمته بع���د نزولن���ا إیل دار الدنیا‪ ،‬وأصبحنا‬
‫بالال���ق إیل مرحلة أخری من التعر ی���ف بالتذكیر من‬ ‫فعلی���ة املعرفة واإل قرار خ‬ ‫فاحتاج���ت ّ‬
‫سفرائه الكرام البـررة‪.‬‬
‫بی من اشتغل بالدنیا‬ ‫و یشهد لذلك املراجعة إیل توار یخ األمم ّكلها حیث إنهّ م مل یزالوا ن‬
‫وبی من اسهتدف النظر إیل ما وراء احلیاة الدنیا‪،‬‬ ‫باملرة‪ ،‬ن‬
‫الفانیة وغفل عن املبدأ واملعاد ّ‬
‫لاّ‬
‫ولكنهّ م مع األسف مفا وصلوا بدقیق نظرهم وقیاس أفكارهم إ إیل أوهام وظنون باطلة‪،‬‬
‫ً‬ ‫لاّ‬
‫اتذوا آهلهتم إ أوثانا يف احلقیقة بصورها املختلفة من النور والنار والش���مس والقمر‬ ‫وما ّ خ‬
‫والكواكب والبشـر وحقیقة الوجود الالمتناهیة املوهومة وأمثال ذلك ّمما ال یلیق باأل ّ‬
‫لوهیة‪.‬‬
‫ّ‬
‫العقلية‬ ‫ن‬
‫بتبیی اآلی���ات‬ ‫ولكن الرس���ل واحلج���ج ّ‬
‫اإلهلیة صلوات اهلل علهی���م أثاروا هلم‬
‫انیة الذر ّیة‬ ‫ال ّلية دفائن عقوهلم‪ ،‬وجعل���وا للمعرفة الفطر ّیة واهلدایة ّ‬
‫الرب ّ‬ ‫وتذكی���ر ّ‬
‫البینات ج‬
‫‪ . 1‬األنعام (‪..74 ،)6‬‬
‫ن‬
‫الثقلي‪ ،736 _ 735 / 1 ،‬عن عيون األخبار‪.‬‬ ‫‪ . 2‬نور‬
‫‪ .3‬اإلنسان (‪.3 ،)76‬‬
‫‪608‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫املودعة ف قلو هبم ّ‬


‫فعلیة وظهورا‪.‬‬ ‫ي‬
‫و هبذا یعلم ّأن املعرفة الذر ّیة ال تكون مغنیة عن الرجوع إیل الرس���ل واحلجج ّ‬
‫اإلهلیة‬
‫يف دار الدنیا‪.‬‬
‫ين‬ ‫���ك َل ِم َن ْال ُم ْر َس ِ���ل َ‬
‫الرحي���م‏ ي���س َو ْال ُق ْ���رآن ْال َحكيم إ َّن َ‬‫َ‬
‫���ن ّ ِ‬ ‫���م اهلل‏ َّ‬
‫الر ْحم‬ ‫<ب ْس ِ ‏‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫آباؤ ُه ْم ف ُه ْم‬‫الرحيم ل ُت ْنذ َر ق ْوما م���ا أ ْنذ َر ُ‬ ‫َ‬
‫ي���ل ال َع ِز ِيز ّ ِ ِ ِ ِ‬ ‫يم َت ْنز َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ـراط مس���ت ِق ٍ ِ‬ ‫عل ‏ى ص ٍ‬
‫ُ‬
‫(((‬
‫غافلون‏>‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫«فبعث فهیم رس���له‪ ،‬وواتر إلهیم أنبیائه لیستأدوهم میثاق فطرته‪ ،‬ویذكروهم‬
‫ویروهم‬ ‫منس نعمت���ه‪ ،‬وحیتجوا علهیم بالتبلیغ‪ ،‬ویثیروا هل���م دفائن العقول‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫آیات املقدرة»‪.‬‬
‫ً‬ ‫إلناز دعوته و إمتام ّ‬ ‫ّ ً‬
‫نبوته‪ ،‬مأخوذا‬ ‫حممدا؟ص؟‪ ،‬ج‬ ‫«‪ ...‬إیل أن بعث اهلل س���بحانه‬
‫�ی�� میثاقه‪ ...‬وأه���ل األرض یومئذ مل���ل ّ‬
‫متفرقة وأهواء منتش���ـرة‪،‬‬ ‫ع�ل�ی ّ‬
‫النبی ن‬
‫مش���به هلل خبلقه‪ ،‬أو ملحد يف امسه‪ ،‬أو مشیر إیل غیره‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫متش���تتة‪ ،‬ن‬
‫بی‬ ‫وطرائق‬
‫(((‬
‫الهالة»‪.‬‬
‫فهداهم به من الضاللة‪ ،‬وأنقذهم مبكانه من ج‬
‫ً‬ ‫هذا وقد حكم بعضهم ّ‬
‫بأنه «إن عاش إنسان وحده يف البـراري والفلوات لكان مؤمنا‬
‫ً‬ ‫ّ ً ًّ‬
‫بالربوبیة» تخ ّرصا بالغیب!!‬
‫ّ‬ ‫ومقرا هلل‬ ‫موحدا‬
‫و یقول اإلمام أبو عبد اهلل؟ع؟ يف قوله تعایل‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ّ َ ُ َ ّ‬ ‫َ ً َََ َ‬ ‫َ َّ ُ ُ َّ ً‬
‫واحدة فبعث اهلل الن ِب ِيين مبشـرين ومن ِذرين‏> ‪:‬‬
‫(((‬
‫<كان الناس أمة ِ‬

‫‪ .1‬يس (‪.7 _ 1 ،)36‬‬


‫‪ .2‬هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫الطبة‪.1 ،‬‬
‫‪ .3‬هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫الطبه‪.1 ،‬‬
‫‪ . 4‬البقرة (‪.213 ،)2‬‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪609‬‬

‫ذریته‪ ،‬بق ش���یث ّ‬


‫وصی���ه ال یقدر عیل‬ ‫«وذل���ك ّأن���ه ّمل���ا انقرض آدم وصال���ح ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫إظه���ار دین اهلل الذي كان علی���ه آدم وصالح ذریته‪ ،‬وذل���ك أن قابیل توعده‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫بالتقیة والكتمان‪ ،‬فازدادوا كل یوم‬ ‫بالقتل كما قتل أخاه هابیل‪ ،‬فس���ار فهیم‬
‫ً‬
‫ّ‬
‫الوصـ���ي جبز یرة يف البح���ر یعبد اهلل‏‪ ،‬فبدا هلل تب���ارك وتعایل‬ ‫ض�ل�اال ح�ّتحىّ حلق‬
‫أن یبعث الرسل‪.‬‬
‫مّ‬ ‫َ ََ َ َ َ‬
‫شء حیكم‬ ‫ي‬ ‫هو‬ ‫ا‬ ‫إن‬ ‫وكذبوا‬ ‫>‬ ‫���ر‬
‫الهال لقالوا‪< :‬قد فرغ من َ ِ‬
‫م‬‫الأ‬ ‫ولو س���ئل هؤالء ج‬
‫ی���م> فیحكم اهلل تبارك‬ ‫ك‬ ‫ك ُّل أمر َ‬
‫ح‬
‫َ ُ َُ ُ‬
‫ق‬ ‫فر‬‫ی‬ ‫ا‬‫<فیه‬ ‫ق���رء‪:‬‬ ‫ب���ه اهلل ف ّكل عام ّ‬
‫مث‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫وتع���ایل ما یكون يف تلك ألس���نة من ش���دة أو رخاء أو مط���ر أو غیر ذلك‪ .‬قیل‪:‬‬
‫النبی نی أم عیل هدى؟ ق���ال‪ :‬مل یكونوا عىل هدى‪ ،‬كانوا‬ ‫أ فض�ّل�اّ ًال كانوا قب���ل ّ‬
‫َْ َ َْ َ‬
‫���ق ا ّلله>‏‏‪ ،‬ومل یكونوا لهیتدوا‬ ‫الت فطرهم علهیا <لا تبديل ِلخل ِ‬ ‫ع�ل�ى فطرة اهلل ي‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حت هیدهیم اهلل‏‪ .‬أما تس���مع ق���ول إبـراهمی‪< :‬ل ِئ ْن ل ْم َي ْه ِدن���ي‏ َربِّي لأكون َّن ِم َن‬ ‫ىّ‬
‫ً‬ ‫َّ ّ‬ ‫َْ‬
‫(((‬
‫الق ْو ِم الض ِالين> أي ناسیا للمیثاق»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫حی خلقه‬ ‫حی یفعله العب���د ومل خیلق اهلل العبد ن‬ ‫«والكفر‪ ،‬إس���م یلحق الفعل ن‬
‫ً‬
‫وقت���ا لزمته ّ‬ ‫ً ّ مّ‬
‫احلجة م���ن اهلل تعاىل‪ ،‬فعرض‬ ‫كاف���را‪ ،‬إن���ه إنا كفر م���ن بعد أن بلغ‬
‫ً‬ ‫احلق فجحده‪ ،‬فبإنكار ّ‬ ‫علیه ّ‬
‫(((‬
‫احلق صار كافرا»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الت فطرهم علهیا‪ ،‬ال یعرفون‬ ‫ي‬ ‫الفطرة‬ ‫عىل‬ ‫هم‬ ‫كل‬ ‫عز وجل خلق الناس‬ ‫«إن اهلل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫إمیان���ا بش���ـر یعة وال كفرا حبج���ود‪ّ ،‬مث بعث اهلل الرس���ل تدعوا العب���اد إىل اإلمیان‬
‫(((‬
‫به»‪.‬‬

‫اش‪.‬‬‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫الصاف‪ ،‬عن تفسير العي ي‬ ‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،171 / 10 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫الكاف‪.69 _ 417 / 2 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.3‬‬
‫‪610‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫كمُ َ ْ ْ َ َّ َ‬ ‫َ لاَ‬
‫النخ ِع ِّي‪:‬‬ ‫املؤمنی؟ع؟ ِل ي ِل ب ِن ِز ي ٍاد‬ ‫ن‬ ‫َ«و ِم ْن ك ٍم ألمیر‬
‫ً َ َ ً‬ ‫َ َ َ ً ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ �َل�ىَ لاَ َ ْ ُ لأْ َ ُ‬
‫ختلو ا ْرض ِم ْن ق���ائمِ ٍ ِهلِل ِب ُح ّج ٍة ِإ ّما ظ ِاهرا َمش ُ���هورا و ِإ ّما خا ِئفا‬ ‫الله���م ب‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫اَ‬
‫ْ ً َ َ‬ ‫ّ‬
‫َمغ ُمورا ِلئل ت ْب ُطل ُح َج ُج اهلل َوب ِّي َنات ُه وك ْم ذا وأ ْي َن أول ِئك؟‬
‫ون ع ْن َد اهلل َق ْ���د ًرا َي ْح َف ُظ اهلل ْم ُح َج َجهُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لأْ َ َ ُّ َ َ َ ً لأْ َ ْ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫بهِ ِ‬ ‫أول ِئ���ك واهلل ا قلون ع���ددا وا عظم ِ‬
‫ُ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ ُ ْ ُْ‬ ‫وي ْز َر ُع َ‬ ‫وها ُن َظ َر َاء ُه ْم َ‬ ‫َوب ّي َناته َح ّىَت ُيود ُع َ‬
‫وب أشب ِاه ِهم هجم بهِ ِ م ال ِعلم‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ف‬‫ِي‬ ‫ا‬ ‫وه‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬
‫ُ‬ ‫لمْ‬ ‫لاَ‬
‫واس َ���ت ُنوا َما ْاس َ���ت ْو َع َر ُه ا ُ ْت َرف َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ �َل�ىَ َ‬
‫ون‬ ‫ي ْ‬ ‫ع ح ِقيق ِة ال َب ِص َير ِة وباش���ـروا ُر وح ال َي ِق نِ‬
‫َ ْ َ ْ َ َ ْ ُ ْ َ ُ َ َ ُ ُّ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ ُ َ ُ َ َّ َ ٌ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ال ِاهلون وص ِحبوا الدنيا ِبأب���د ٍان أر واحها معلقة‬ ‫وأ ِنس���وا مِبا اس���توحش ِمنه ج‬
‫لىَ‬ ‫ّ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫لمْ َ َ ّ لأْ َ ْ لىَ ُ َ َ ُ َ َ‬
‫(((‬ ‫ْ‬
‫ِبا ح ِل ا ع أول ِئك خلفاء اهلل ِ يف أر ِض ِه والدعاة ِإ ِد ِين ِه»‪.‬‬ ‫ُ‬

‫حجة هلل فهیا ظاهر مش���هور أو خائف‬ ‫«مل یخ���ل اهلل األرض منذ خل���ق آدم من ّ‬
‫مغمور‪ ...‬وال ختلو إىل أن تقوم الس���اعة م���ن ّ‬
‫حجة هلل فهیا‪ ،‬ولو ال ذلك مل یعبد‬
‫اهلل‏‪ .‬قال سلیمان‪ :‬فقلت للصادق؟ع؟ ‪ :‬فكیف ینتفع الناس ّ‬
‫باحلجة الغائب‬
‫(((‬
‫املستور؟ قال‪ :‬كما ینتفعون بالشمس إذا سترها السحاب»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«احلم���د هلل املحتج���ب بالنور دون خلق���ه‪ ...‬وابتعث فهیم ّ‬
‫النبی نی مبش���ـر ین‬
‫َ َ‬ ‫َ‬
‫<ل َي ْه ِلك َم ْن َهلك َع ْن َب ِ ّي َن���ةٍ َو َي ْحيـى‏ َم ْن َح َّي َع ْن َب ِ ّي َنةٍ > ((( ولیعقل‬
‫ومنذری���ن‪ِ ،‬‬
‫(((‬
‫العباد عن ر بهّ م ما جهلوا»‪.‬‬
‫َ َ ُّ َ َ َ َ َ َّ‬ ‫ّ ّ ََ‬
‫الن َاس‬ ‫<ول ْو ش���اء رب���ك لجعل‬ ‫«س���ئل أبو عبد اهلل؟ع؟ عن قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ ً َ َ ُ َ ُ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ‬
‫َ‬ ‫ُ َّ ً‬
‫(((‬
‫واحدة ولا يزالون مخت ِلفين ِإلا من ر ِحم ربك و ِلذ ِلك خلقهم‏>‪.‬‬ ‫أمة ِ‬

‫ج البالغة‪.497 ،‬‬ ‫‪ .1‬هن ‏‬


‫‪ .2‬إثبات اهلداة ‪ ،107 / 1‬عن إكمال الدين‪.‬‬
‫‪ . 3‬األنفال (‪.42، )8‬‬
‫‪ .4‬إثبات اهلداة‪ ،119 / 1 ،‬عن ثواب األعمال‪.‬‬
‫‪ . 5‬هود (‪.119 _ 118 ، )11‬‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪611‬‬

‫(((‬
‫احلجة»‪.‬‬ ‫النبی نی ّ‬
‫لیتخذ علهیم ّ‬ ‫فقال‪ :‬كانوا ّأمة واحدة‪ ،‬فبعث اهلل ّ‬

‫الحجة إلاّ بوجود ّ‬


‫الحجة‪:‬‬ ‫وال تتم ّ‬

‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬


‫ون ل َّلناس‏ َعلى‏ اهلل‏ ُح َّج ٌة َب ْع َد ُّ‬‫َ َّ ُ َ‬
‫(((‬
‫الر ُسل>‪.‬‬ ‫<لئلا َيك ‏ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫<ل َئلا َيقول‏ أ َح ٌد ل ْو لا أ ْر َسلت‏ ِإل ْينا َر ُسولا ُم ْن ِذرا َوأق ْمت ل َنا َعلما َه ِاديا>‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟‪:‬‬
‫ً‬
‫واحدا بغیر ّ‬ ‫ً‬
‫حجة منه عىل الناس منذ یوم‬ ‫«لیس تبىق األرض یا أبا خالد یوما‬
‫(((‬
‫خلق اهلل آدم وأسكنه األرض»‪.‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫رجل�ی�� كان أحدمها اإلمام‪ .‬آخر من می���وت اإلمام‪ ،‬لئال ّ‬
‫حتتج‬ ‫ن‬ ‫«ل���و كان الناس‬
‫(((‬ ‫أحد عىل اهلل ّأنه تركه بغیر ّ‬
‫حجة هلل علیه»‪.‬‬
‫ً‬ ‫ّ ً ّ‬
‫فإن أجد هلم كتبا‪...‬‬
‫«‪ ...‬ق���ال فأخبـر ين عن املجوس أبعث اهلل إلهیم نبی���ا؟ ي‬
‫نب بكتاب من عند اهلل‬‫ق���ال‪ :‬ما من ّأمة إلاّ خىل فهیا نذی���ر‪ ،‬وقد بعث إلهیم ّ‬
‫ي‬
‫فأنكروه وجحدوا الكتاب»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الرضا؟ع؟ ‪:‬‬


‫لاّ‬ ‫«إن ّ‬‫ّ‬
‫(((‬ ‫احلجة ال تقوم هلل عىل خلقه إ بإمام ّ‬
‫حي یعرف»‪.‬‬
‫‪ . 1‬إثبات اهلداة‪ ،119 / 1 ،‬عن علل الشـرائع‪.‬‬
‫‪ .2‬النساء (‪.165 ،)4‬‬
‫‪ . 3‬طه (‪.20 ،)20‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪. 4‬إثبات اهلداة‪ ،80 / 1 ،‬عن‬
‫الكاف‪180 / 1 ،‬؛ إثبات اهلداة‪.80 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.5‬‬
‫‪ . 6‬حبار األنوار‪ ،179 / 10 ،‬اإلمام الصادق؟ع؟‪.‬‬
‫‪.7‬إثبات اهلداة‪ ،139 / 1 ،‬عن االختصاص‪.‬‬
‫‪612‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬ ‫ن‬
‫بتبیی آیاته و إرس���ال رس���له لئ یكون للناس عىل‬ ‫«وقد قطع اهلل عذر عباده‬
‫(((‬
‫حجة بعد الرسل‪ ،‬ومل خیل أرضه من عامل مبا حیتاج إلیه الخ لیقة»‪.‬‬
‫اهلل ّ‬
‫«ع���ن زرارة ف الصحی���ح عن أب جعفر؟ع؟ ق���ال‪ :‬إذا كان ی���وم القیامة ّ‬
‫احتج‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ب�ی�� ّ‬
‫النبی ن‬ ‫وج���ل ع�ل�ى مخس���ة؛ عىل الطف���ل‪ ،‬وال���ذي مات ن‬ ‫ّ ّ‬
‫�ی�� أي يف‬ ‫اهلل ع���ز‬
‫ّ‬
‫واحل���ق‪ ،‬وال���ذي أدرك ّ‬
‫النب؟ص؟ وهو‬ ‫ال���ور وخفاء ّ‬
‫احلجة‬
‫ي‬ ‫زم���ان الفت���رة وغلبة ج‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واألصم واألبكم‪ ،‬فكل واحد مهنم‬ ‫ال یعق���ل‪ ،‬واألبله‪ ،‬واملجنون الذي ال یعقل‪،‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫بع ُث ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫اهلل ِإل ِیهم َر ُسولا>»‪.‬‬ ‫<ف َی َ‬ ‫عز وجل‪ .‬قال‪:‬‬ ‫ّ‬
‫حیتج عىل اهلل‬
‫نب مرس���ل‪ ،‬أو كتاب منزل‪ ،‬أو ّ‬
‫حجة الزمة‪،‬‬ ‫«ومل خیل اهلل س���بحانه خلقه من ّ‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫أو ّ‬
‫حمجة قامئة»‪.‬‬
‫«ع���ن اإلمام يأب احلس���ن الرضا؟ع؟ ‪ ...:‬قلت له‪ :‬أتب�ق�ى األرض بغیر إمام قال‪:‬‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫ال‪ ،‬قلت‪ :‬فإنا نروي عن يأب عبد اهلل؟ع؟ أنهّ ا ال تبىق بغیر إمام إ أن یس���خط‬
‫ً‬
‫(((‬
‫اهلل عىل أهل األرض أو عىل العباد‪ .‬قال‪ :‬ال‪ ،‬ال تبىق‪ ،‬إذا لساخت»‪.‬‬
‫النتیجة‪:‬‬
‫فبما أوضحناه يف املباحث األربعة‪:‬‬
‫بی‪« :‬احنصار طر یق معرفة اهلل تعاىل‬ ‫ال یعرف اهلل إلاّ باهلل ‪ 1‬إیل ‪ ،4‬یظهر ّأنه ال تناف ن‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫بأفعال���هوآثاره» ن‬
‫وبی«كونمعرفتهتع���اىلب���ه‪،‬وامتن���اعمعرفت���هبغی���ره»بوج���ه‪،‬فإن���ه‪:‬‬
‫ً‬
‫قد یسأل ّأوال‪ :‬هل هلل تعاىل شبیه ونظیر وعدیل فیعرف به؟‬
‫ّ‬
‫بأنه‪ :‬ال‪ ،‬بل ّإنه یعرف به ّ‬
‫فقط ال بغیره‪ ،‬حیث ال غیر یكون مرآ ة ملعرفته تعاىل‪،‬‬ ‫فیجاب‬

‫‪. 1‬االحتجاج‪.368 / 1 ،‬‬


‫خ‬ ‫ن‬
‫اليقي‪ ،106 / 2 ،‬عن الصال‪.‬‬ ‫الشبـر‪ّ ،‬‬
‫حق‬ ‫‪ّ .2‬‬
‫الطبة‪.1 ،‬‬‫‪ .3‬هنج البالغة‪ ،‬خ‬
‫الكاف والعلل‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ .4‬إثبات اهلداة‪ ،79 _ 78 / 1 ،‬عن‬
‫لاب یلاعت هللا ةفرعم‬ ‫‪613‬‬

‫لاّ‬
‫وهو ما ّبی ّناه حتت عنوان‪« :‬ال یعرف اهلل إ باهلل ‪»1‬‬
‫الالق بعینه ىّ‬
‫ثانیا‪ :‬هل للمخلوق بنفسه احتمال وجود خ‬ ‫ً‬
‫حت یثبت وجوده؟!‬ ‫وقد یسأل‬
‫بأنه‪ :‬لیس ذاك مبمكن‪ ،‬بل اهلل هو الذي ّ‬ ‫ّ‬
‫یعرف نفسه إىل خلقه فاملعرفة من‬ ‫فیجاب‬
‫لاّ‬
‫صنعه ال غیر‪ .‬وهو ما ّبی ّناه حتت عنوان‪« :‬ال یعرف اهلل إ باهلل‪»2‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫وق���د یس���أل ثالثا‪ :‬هل املخل���وق يف معرفته وفعله وقدرته و‪ ...‬مس���تقل مس���تغن عن‬
‫خالقه؟!‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫فیجاب بأنه‪ّ :‬إن املخلوق ال یفعل وال یدرك وال‪ ...‬إ باهلل تعاىل‪ .‬وهو ما ّبی ّناه حتت‬
‫لاّ‬
‫عنوان‪« :‬ال یعرف اهلل إ باهلل ‪»3‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وقد یسأل رابعا‪ :‬هل اإلنسان بعد اهلبوط إىل الدنیا یكون عارفا باهلل مؤمنا به بالفعل‪،‬‬
‫لاّ‬
‫ال ّلية؟!‬ ‫ّ‬
‫العقلية ج‬ ‫أم ال هیتدي إلیه تعاىل إ بتعلمی احلجج وتنبهیهم ّإیاهم بالدال ئل‬
‫ن‬
‫الش���یاطی‬ ‫فیق���ال‪ّ :‬إنه ال یخ لص اإلنس���ان من ورطة الش���هوات احلاضـرة وش�ب�هات‬
‫ن‬ ‫ّ لاّ‬ ‫ّ‬
‫أمجعی‪.‬‬ ‫املضل���ة‪ ،‬وال هیتدي إىل املعارف احلقة إ بعد تبلیغ احلجج صلوات اهلل علهیم‬
‫لاّ‬
‫وهو ما ّبی ّناه حتت عنوان‪« :‬ال یعرف اهلل إ باهلل‪»4‬‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫وقد یس���أل يف مقابل ذلك كله خامسا‪ :‬هل املعرفة تتعلق بذات اهلل تعاىل بال واسطة‬
‫لاّ‬
‫خلقه‪ ،‬أم ال حیصل العلم بوجوده تعاىل إ من آیاته وأعالمه وصنعه وخلقه؟‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫فیج���اب‪ :‬ال یعرف اهلل تعاىل إ بآثاره وأعالم���ه وآیاته وكل ذلك خلقه‪ .‬وهو ما ّبی ّناه‬
‫لاّ‬
‫حتت عنوان‪« :‬ال یعرف اهلل تعاىل إ بأثره وفعله»‪.‬‬
‫ّ‬
‫مرائي المعرفة في العوالم كلها‬
‫‪616‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬


‫▪حی���ث ثبت ّأن اهلل جل وعال ال یعرف إ بخلقه الموجود ال من ش���يء مطلقا فیكون هذا‬
‫الفصل من الكالم بصدد بیان‪:‬‬

‫▪ ّأن اهلل تع���اىل أق���ام األن���وار األربع���ة عش���ـر _ وه���م الرس���ول األعظ���م وآل���ه‬
‫فعرف الخ ال ئق هبم قدس���ه‪،‬‬ ‫املعصوم���ون؟مهع؟_ مقام نفس���ه ف مجی���ع العوامل‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫الهالة وحیرة الضاللة‪ ،‬فهم أصول الكرم وأولیاء النعم‬ ‫وأنقذهم هبم عن تیه ج‬
‫وحم���ال املعرف���ة ومس���ا كن التوحید‪ ،‬وهلم ّ‬ ‫ّ‬
‫امل���ن والوالیة املطلق���ة بذلك عىل ما‬
‫ً‬
‫سوى خالقهم مطلقا‪.‬‬
‫اهّلك ملاوعلا يف ةفرعملا يئارم ‬ ‫‪617‬‬

‫لاّ‬ ‫حی���ث ّإنه ال میكن تعر یف خ‬


‫الالق تعاىل نفس���ه لعب���اده إ يف مرآة إرائة صنعه وفعله‬
‫ك���رس كرامة ّربه‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫فأي خملوق یلیق بأن یس���ند عىل‬ ‫وخلق���ه و میتن���ع أن یكون بغیر ذل���ك ّ‬
‫لاّ‬ ‫ً‬
‫و یك���ون مرآة ملعرفته ودلیال عىل عظمته إ من هو أش���ـرفهم وأ كملهم وأ كرمهم عىل ّربه‪،‬‬
‫ّ‬
‫للج���ن واإلنس وامللك‬ ‫الالق‬ ‫حت حتصل معرف���ة خ‬ ‫الالی���ق باهلل وأعبده���م له‪ ،‬ىّ‬
‫أع���رف خ‬

‫الالی���ق وبتعر یفهم وتس���بیحهم وتنز هیهم وهتلیلهم وتقدیس���هم للمعبود‪،‬‬ ‫مبعرف���ة أولئك خ‬
‫ّ‬
‫والعبودیة‪.‬‬ ‫بـربوبیة ر بهّ م و یذعنوا له بالطاعة‬
‫ّ‬ ‫فیؤمنوا‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫ب�ی�� یدیه ّمث قال هلم‪:‬‬
‫وجل أن خیلق الخ لق خلقهم ونش���ـرهم ن‬ ‫ّ‬
‫«مل���ا أراد اهلل عز‬
‫من ّربكم؟‬
‫املؤمن�ی�� ّ‬
‫واألمئة صل���وات اهلل علهیم‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫ف���أول من نط���ق رس���ول اهلل؟ص؟ وأمی���ر‬
‫فحملهم العلم والدی���ن‪ّ ،‬مث قال للمال ئكة‪ :‬هؤالء‬‫أمجع�ی��‪ ،‬فقال���وا‪ :‬أنت ّربنا‪ّ ،‬‬
‫ن‬
‫خلق وهم املسؤولون‪.‬‬ ‫وأمنائ عىل ي‬‫ي‬ ‫دین وعلمي‬ ‫محلة ي‬
‫بوبیة وهلؤالء النف���ر بالطاعة والوالی���ة‪ .‬فقالوا‪:‬‬ ‫ّمث ق���ال لب�ن�� آدم‪ّ :‬‬
‫أق���ر وا هلل بالر ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫نع���م ّربنا‪ ،‬أقررنا‪ .‬فق���ال اهلل جل جالله للمال ئكة اش���هدوا‪ ،‬فقالت املال ئكة‪:‬‬
‫ین َأو َت ُق ُولوا إ َّن َما َأش��� َـركَ‬‫افل َ‬ ‫ً َّ ُ َّ َ َ َ َ‬
‫غ‬ ‫ش���هدنا عىل أن ال یقولوا غدا‪<ِ :‬إنا كنا عن هذا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََُ َ ُ‬ ‫َ ُ ُ َّ ُ َ ً‬ ‫ُ‬
‫مبطلون>‪ ،‬یا داوود‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عد ِهم أفتهلكنا ِبما فعل ال ِ‬ ‫بل َوكنا ذ ِر ّیة ِمن َب ِ‬ ‫َآبائ َن���ا ِمن ق‬
‫‪618‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫األنبیاء مؤكدة علهیم يف املیثاق»‪.‬‬
‫(((‬

‫َُ‬ ‫ّ ّ َ َ َ ٌ َ ُّ ُ‬
‫الأولى>‪،‬‬ ‫الن���ذ ِر‬ ‫«س���ألت الص���ادق؟ع؟ عن قول اهلل عز وجل <ه���ذا ن ِذیـر ِمن‬
‫ً‬
‫األول أقامه���م صفوفا ّقدامه‬ ‫ق���ال‪ّ :‬إن اهلل تب���ارك وتعاىل مل���ا ذرأ الخ لق ف ّ‬
‫ال���ذر ّ‬
‫ي‬
‫ّ ّ ّ ً‬
‫حممدا؟ص؟ حیث دعاهم فآمن ب���ه قوم وأنكره قوم‪ ،‬فقال‬ ‫وبع���ث اهلل عز وجل‬
‫ّ ً‬ ‫َُ‬ ‫ّ َ َ َ ٌ َ ُّ ُ‬ ‫اهلل ّ‬
‫حممدا؟ص؟ حیث دعاهم‬ ‫یع�ن�� به‬‫ي‬ ‫ى>‬ ‫ل‬ ‫الأو‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫عز وج���ل <هذا ن ِذیـر ِمن الن‬
‫الذر ّ‬
‫وجل ف ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫األول»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إىل اهلل عز‬
‫الامعة الكبیرة‪:‬‬ ‫وف الز یارة ج‬
‫ي‬
‫أمئة اهلدى واملثل األع�ل�ى‪ ...‬وحجج اهلل عىل أهل الدنیا واآلخرة‬ ‫«الس�ل�ام عىل ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫واألوىل‪ ...‬وحمال معرفة اهلل‏‪ ،‬ونوره وبـرهانه وأركانا لتوحیده وشهداء عىل خلقه‬
‫ّ‬ ‫وأعالما لعباده‪ ...‬أش���هد ّأنكم ّ‬ ‫ً‬
‫املهدی���ون املعصومون‪ ...‬املصطفون‪...‬‬ ‫األمئة‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القوامون بأمره‪ ...‬وكدمت میثاقه‪...‬‬
‫توجه بكم‪ ...‬ال‬ ‫وح���ده قبل عنكم‪ ،‬ومن قص���ده ّ‬ ‫م���ن أراد اهلل ب���دء بكم‪ ،‬ومن ّ‬

‫أحصـي ثنائكم‪ ،‬وال أبلغ من املدح كهنكم‪ ،‬ومن الوصف قدركم‪ ...‬بكم فتح‬
‫ّ‬
‫اهلل وبكم خیمت‪ ...‬وبكم أخرجنا اهلل من الذل‪...‬‬
‫تمّ‬ ‫ّ‬
‫مبواال تك���م علمنا اهلل معامل دیننا‪ ...‬ومبواال تك���م ت الكلمة‪ ...‬ائتمنكم عىل‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املكرمی‪ ،‬وأعىل‬ ‫س���ـره واس���ترعا كم أمر خلق���ه‪ ...‬فبلغ اهلل بكم أش���ـرف حم���ل‬
‫ن‬
‫املرس���لی‪ ،‬حیث ال یلحقه الح���ق‪ ،‬وال یفوقه‬ ‫بی‪ ،‬وأرف���ع درجات‬ ‫املقر ن‬
‫من���ازل ّ‬
‫حت ال یبىق ملك ّ‬
‫مقرب‪،‬‬ ‫فائق‪ ،‬وال یسبقه سابق‪ ،‬وال یطمع ف إدرا كه طامع‪ ،‬ىّ‬
‫ي‬
‫نب مرس���ل‪ ،‬وال ّ‬
‫صدیق‪ ،‬وال شهید‪ ،‬وال عامل‪ ،‬وال جاهل‪ ،‬وال ّ‬ ‫وال ّ‬
‫دن‪ ،‬وال فاضل‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫وال مؤم���ن صال���ح‪ ،‬وال فاجر طالح‪ ،‬وال ّ‬
‫جبار عنید‪ ،‬وال ش���یطان مر ید‪ ،‬وال خلق‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،224 / 5 ،‬عن علل الشـرائع والتوحيد‪.320 _ 319 ،‬‬


‫عل بن إبـراهمي‪.‬‬ ‫ن‬
‫الثقلي‪ ،173 / 5 ،‬عن تفسير ّ‬ ‫‪ . 2‬نور‬
‫ي‬
‫اهّلك ملاوعلا يف ةفرعملا يئارم ‬ ‫‪619‬‬

‫عرفهم جاللة أمركم‪ ،‬وعظم خطركم‪ ،‬وكبـر شأنكم‪،‬‬‫بی ذلك ش���هید إلاّ ّ‬
‫ف ما ن‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫ومت���ام نوركم‪ ،‬وص���دق مقاعدكم‪ ،‬وثبات مقامكم‪ ،‬وش���ـرف حملكم ومنزلتكم‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫وخاصتكم لدیه‪ ،‬وقرب منزلتكم منه‪»...‬‬ ‫عنده‪ ،‬وكرامتكم علیه‪،‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫وب‬
‫ْ َْ ُ َ َ َْ َ ُ َ ُُ‬
‫ل‬ ‫ق‬ ‫‏‬
‫ى‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫���ع‬‫ب‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫ل‬‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫ك‬ ‫���ل‬‫ب‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫���هِ‬‫ب‬ ‫وا‬ ‫ب‬‫ك َّذ ُ‬
‫َ‬
‫���ا‬ ‫م‬‫ب‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫كان���وا ل ُي ْؤم ُ‬ ‫���ا‬ ‫م‬
‫َ‬
‫<ف‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫(((‬
‫ال ُم ْع َت ِدين‏>‪.‬‬
‫وقال أبو جعفر وأبو عبد اهلل؟امهع؟‪:‬‬
‫ّ ً‬
‫حمم���دا؟ص؟ مفهنم من آمن به‬ ‫«إن اهلل خل���ق الخ لق وهي أظلة فأرس���ل رس���وله‬
‫ّ‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫ومهنم من كذبه»‪.‬‬
‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫وعل ما عبد اهلل‏‪ ،‬ولوال أنا ّ‬
‫وعل ما كان‬ ‫وعل ما عرف اهلل‏‪ ،‬ولوال أنا ّ‬‫«ل���وال أنا ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ًّ‬
‫ثواب وال عقاب‪ .‬وال یس���تر علیا عن اهلل س���تر‪ ،‬وال حیجبه عن اهلل حجاب‪ ،‬وهو‬
‫وبی خلقه»‪.‬‬
‫(((‬ ‫بی اهلل ن‬ ‫الستر واحلجاب ف ما ن‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫وقال رسول اهلل؟ص؟ يف أمیر‬
‫«ه���ذا اإلمام األزهر‪ ،‬ورمح اهلل األطول‪ ،‬وب���اب اهلل األ كبـر‪ ،‬مفن أراد اهلل فلیدخل‬
‫وحج���ة اهلل عىل خلق���ه ّإن اهلل تعاىل مل یزل ّ‬
‫حیتج ب���ه عىل خلقه يف‬ ‫الب���اب‪ّ ...‬‬
‫ًّ‬ ‫ّ‬
‫نبیا‪.‬‬ ‫األمم كل ّأمة یبعث فیه‬
‫ن‬
‫املخلصی نفس���ه‪،‬‬ ‫فعرف عباده‬ ‫ّ‬
‫ووحدانیته ّ‬ ‫تفرد مبلك���ه‬‫ّإن اهلل تب���ارك وتعاىل ّ‬

‫‪ . 1‬من‏ ال حيضره‏الفقيه‪.616 / 2 ،‬‬


‫‪ . 2‬يونس (‪.75 ،)10‬‬
‫اش‪.‬‬‫ّ ّ‬
‫‪ .3‬حبار األنوار‪،‬‏‪ ،259 / 5‬عن العی ي‬
‫ّ‬
‫اهلالل‪.‬‬ ‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،96 / 40 ،‬عن سلمی ابن قیس‬
‫ي‬
‫‪620‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫مف���ن أراد أن هیدی���ه ع���رف والیته‪ ،‬وم���ن أراد أن یطمس عىل قلبه أمس���ك عنه‬
‫حق معرفتنا؟‬‫معرفته‪ّ ...‬ملا عرج ب‪ ...‬فقلت‪ :‬مال ئكة ر ّب تعرفوننا ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫فقالوا‪ :‬یا رس���ول اهلل مل ال نعرفكم وأنمت ّأول خلق خلقه اهلل‏‪ ،‬خلقكم اهلل أشباح‬
‫نور يف نور من نور اهلل‏‪ ،‬جعل لكم مقاعد يف ملكوته بتسبیح وتقدیس وتكبیر‬
‫ل���ه‪ّ ،‬مث خل���ق املال ئكة ّمم���ا أراد من أنوار ش�ّت�ىّ ّ‬
‫وكنا ّمنر بكم وأنمت تس���بحون اهلل‬
‫وهنلل ّ‬‫ّ‬ ‫فنسبح ّ‬ ‫وهتللون ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتقدس���ون ّ‬ ‫ّ‬
‫ونكبـر‬ ‫ونقدس وحنمد‬ ‫وتكبـرون وحتمدون‬
‫بتس���بیحكم وتقدیس���كم وحتمیدك���م وهتلیلك���م وتكبیرك���م مف���ا ن���زل من اهلل‬
‫فإلیكم‪ ،‬وما صعد إىل اهلل تعاىل مفن عندكم‪ ،‬فلم ال نعرفكم؟»‬
‫(((‬

‫الرسول األعظم؟ص؟‪:‬‬
‫ن‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫«إن اهلل ّ‬
‫ّ‬
‫واحلس�ی�� من نور‪،‬‬ ‫علی���ا وفاطمة واحلس���ن‬ ‫خلق�ن�� وخلق‬
‫ي‬ ‫وج���ل‬ ‫ع���ز‬
‫فس���بحوا‪ّ ،‬‬
‫فس���بحنا ّ‬
‫فعصـ���ر ذل���ك النور عصـرة فخرج منه ش���یعتنا‪ّ ،‬‬
‫وقدس���نا‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فوحدوا‪ّ ،‬مث خلق الس���موات‬‫ووحدنا ّ‬‫مفجدوا‪ّ ،‬‬ ‫ومدنا ّ‬‫فهللوا‪ّ ،‬‬
‫ج‬ ‫وقدس���وا‪ ،‬وهللنا‬
‫ً‬ ‫ن‬
‫واألرض�ی�� وخل���ق املال ئكة مفكث���ت املال ئكة ماة ع���ام ال تعرف تس���بیحا وال‬
‫وقدس���نا ّ‬
‫فس���بحت املال ئكة‪ّ ،‬‬
‫فس���بحت شیعتنا ّ‬ ‫فسبحنا ّ‬ ‫ً‬
‫تقدیس���ا‪ّ ،‬‬
‫فقدست‬
‫شیعتنا ّ‬
‫فقدست املال ئكة‪...‬‬
‫وجل كما ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫املوحدون حیث ال ّ‬ ‫فنح���ن ّ‬
‫اختصنا‬ ‫موحد غیرنا‪ ،‬وحقیق عىل اهلل عز‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واختص شیعتنا أن ینزلنا وشیعتنا يف أعىل عل ّی نی‪.‬‬
‫ً‬
‫ّإن اهلل اصطفانا واصطىف ش���یعتنا من قبل أن نكون أجس���اما‪ ،‬فدعانا فأجبنا‬
‫فغفر لنا وشیعتنا من قبل أن نستغفر اهلل تعاىل»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬حب���ار األن���وار‪ 57 / 40 ،‬عن كنز جامع الفوائد وتأو يل اآلي���ات الظاهرة عن كنز جامع الفوائد وتأو يل‬
‫اآليات الظاهرة‪.‬‬
‫‪ . 2‬كشف ّ‬
‫الغمة‪.458 / 1 ،‬‬
‫اهّلك ملاوعلا يف ةفرعملا يئارم ‬ ‫‪621‬‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫ّ‬
‫من»‪.‬‬
‫«ما هلل آیة أ كبـر ي‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام الصادق؟ع؟ يف ز یارة أمير‬
‫(((‬
‫«السالم عليك يا آية اهلل العظمى‏»‪.‬‬

‫تفسير معاينة اهلل ومخاطبته‬

‫وتتلق مواجههتم معاینة‬‫املكرمی معرفة اهلل‏‪ ،‬ىّ‬ ‫ن‬ ‫وعیل ما ّبی ّناه فتكون معرفة هؤالء العباد‬
‫وماطبهتم خماطبة اهلل‏‪ ،‬ولقاؤهم لقاء اهلل‏‪ ،‬ورؤ یهتم رؤ یة اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫اهلل خ‬

‫منا ِم ُنهم>‪:‬‬ ‫<ف َل َّما َآس ُف َونا َ‬


‫انت َق َ‬ ‫ّ ّ َ‬
‫اإلمام أبو عبد اهلل؟ع؟ يف قول اهلل عز وجل‪:‬‬
‫ولكنه خلق أولیاء لنفس���ه یأس���فون‬ ‫«إن اهلل تبارك وتعاىل ال یأس���ف كأس���فنا ّ‬ ‫ّ‬
‫مدبـ���رون فجعل رضاهم لنفس���ه رىض‪ ،‬وس���خطهم‬ ‫ویرض���ون وه���م خملوقون ّ‬
‫ألنه جعلهم الدعاة إلی���ه ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫واألدالء علیه فلذلك صاروا‬ ‫لنفس���ه س���خطا‪ ،‬وذلك‬
‫كذل���ك‪ ،‬ولیس أن ذلك یصل إىل اهلل كم���ا یصل إىل خلقه ولكن هذا معىن ما‬
‫ً‬
‫ودعان‬
‫ي‬ ‫باملحاربة‬ ‫ن‬‫ي‬ ‫بارز‬ ‫فقد‬ ‫ولیا‬ ‫ل‬‫ي‬ ‫أه���ان‬ ‫‘‘من‬ ‫أیضا‬ ‫ق���ال من ذلك وقد قال‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الر ُس���ول َف َقد أ َط َ‬
‫اع َّ‬ ‫َ‬
‫<من أ َط َ‬ ‫ً‬
‫اهلل> وقال أیضا‪<ِ :‬إ ّن ال ِذی َن‬
‫اع َ‬ ‫أیضا‪َ :‬‬ ‫إلهیا’’ وقال‬
‫ّ‬ ‫ون َ‬ ‫َ‬
‫ُی َبای ُع َون َك إ ّن َما ُی َبای ُع َ‬
‫(((‬
‫اهلل>‪ ،‬وكل هذا وشهبه عىل ما ذكرت لك»‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫(((‬ ‫ياب ُه ْم ُث َّم‏ إ َن‏ َع َل ْينا ِح َ‬
‫ساب ُهم‏>‪.‬‬ ‫<إ َّن إ َل ْينا إ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬

‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،206 / 23 ،‬عن تفسیر ّ‬


‫القم ّي‪.‬‬
‫ّ‬
‫والسید ابن الطاووس‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،373 / 97 ،‬عن الشیخ املفید والشهید‬
‫‪ . 3‬التوحيد‪.169 _ 168 ،‬‬
‫‪ . 4‬الغاشية (‪.27 _ 26 ،)88‬‬
‫‪622‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً‬
‫قاعدا مع أب احلسن ّ‬
‫األول؟ع؟ والناس يف الطواف يف جوف اللیل‬ ‫ي‬ ‫«‪ ...‬كنت‬
‫(((‬
‫فقال يل‪ ...:‬إلینا إیاب هذا الخ لق وعلینا حساهبم»‪.‬‬
‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫ّ‬ ‫«عل دیان هذه ّ‬ ‫ّ‬
‫(((‬
‫واملتول حلساهبا»‪.‬‬
‫ي‬ ‫األمة والشاهد علهیا‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫(((‬
‫موت فقد زار اهلل جل جالله»‪.‬‬‫حیات أو بعد ي‬
‫ي‬ ‫«من زار ين يف‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬
‫ً‬
‫خلقا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫«إن اهلل واح���د أحد ّ‬ ‫ّ‬
‫ففوض إلهیم‬ ‫متف���رد بأمره‪ ،‬خلق‬ ‫بالوحدانیة‬ ‫متوحد‬
‫حجة اهلل يف عباده وش���هداؤه عىل‬ ‫أم���ر دینه فنح���ن هم‪ .‬یابن أب یعف���ور‪ ،‬حنن ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫خلق���ه‪ ،‬وأمناؤه عىل وحیه وخزان���ه عىل علمه‪ ،‬ووجهه الذي یؤىت منه وعینه‬
‫ّ‬
‫يف بـر ّیته‪ ،‬ولسانه الناطق‪ ،‬وقلبه الواعي‪ ،‬وبابه الذي یدل علیه‪.‬‬
‫وحنن العاملون بأمره‪ ،‬والداعون إىل س���بیله‪ .‬بنا عرف اهلل‏‪ ،‬وبنا عبد اهلل‏‪ ،‬حنن‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫األد ء عىل اهلل‏‪ ،‬ولو ال نا ما عبد اهلل‏»‪.‬‬
‫قال اهلل تعاىل‪:‬‬
‫<و ُی َح ّذ ُر ُك ُم ُ‬
‫اهلل َن َ‬
‫فس ُه>‪.‬‬ ‫َ ِ‬
‫أب األ ّمئة صلوات اهلل وسالمه علیه‪:‬‬
‫وف ز یارة ي‬
‫ي‬
‫ن‬
‫بالسن‪ ...‬ویده الباسطة بالنعم‪ ...‬أشهد‬ ‫«الس�ل�ام عىل نفس اهلل القامئة فیه‬
‫(((‬ ‫ّأنك مازي الخ لق‪ ،‬وش���افع الرز ق‪ ،‬واحلا كم ّ‬
‫باحلق‪ ...‬فالخ یر منك و إلیك»‪.‬‬ ‫ج‬

‫الكاف‪.‬‬ ‫ن‬
‫الثقلي‪ ،568 / 5 ،‬عن روضة‬ ‫‪ . 1‬نور‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫اهلالل‪.‬‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،97 / 40 ،‬عن كتاب سلمی ابن قیس‬
‫ي‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،31 / 4 ،‬عن التوحید والعیون‪.‬‬
‫‪ . 4‬التوحيد‪.152 ،‬‬
‫ّ‬
‫الغروي‪.‬‬ ‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،331 / 100 ،‬من الكتاب العتیق‬
‫اهّلك ملاوعلا يف ةفرعملا يئارم ‬ ‫‪623‬‬

‫اإلمام الكاظم؟ع؟ ‪:‬‬


‫خزان علم���ه وبلغاء إىل خلق���ه‪ ،‬أقامهم مقام‬‫«اصطفاه���م لنفس���ه‪ ،‬وجعلهم ّ‬
‫كیفیته وال ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن���ه ال یرى وال یدرك وال تع���رف ّ‬
‫أینیت���ه‪ .‬فهؤالء الناطقون‬ ‫نفس���ه‪،‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫املتصـرفون يف أمره وهنیه‪ .‬فهبم یظهر قدرته‪ ،‬ومهنم ترى آیاته‬ ‫املبلغ���ون عنه‪،‬‬
‫ومعجزات���ه‪ ،‬وهبم ومهن���م عرف عباده نفس���ه‪ ،‬وهبم یطاع أم���ره‪ ،‬ولوال هم ما‬
‫عرف اهلل وال یدري كیف یعبد الرمحن‪ .‬فاهلل جیري أمره كیف یشاء يف ما یشاء‬
‫(((‬ ‫وال یسأل ّ‬
‫عما یفعل وهم یسألون»‪.‬‬
‫الامعة الكبیرة‪:‬‬‫وف الز یارة ج‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫یأت علهی���ا إ رضا كم‪ ...‬من أطاعكم‬
‫بی�ن�� وبی اهلل عز وج���ل ذنوبا ال ي‬
‫«إن ي‬
‫فقد أطاع اهلل‏‪ ،‬ومن عصا كم فقد عىص اهلل‏‪ ،‬ومن ّ‬
‫أحبكم فقد ّ‬
‫أحب اهلل‏‪ ،‬ومن‬
‫أبغضكم فقد أبغض اهلل‏»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫أقر بوالیت فقد ّ‬
‫شك ف إمیانه‪ ،‬ومن ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫أقر بوالیة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والیت فقد‬
‫«یا أصبغ‪ ،‬من شك يف ي‬
‫كهاتی _ ومجع ن‬
‫ن‬ ‫ّ ّ‬
‫وجل‪ ،‬ووالیت ّ‬
‫بی أصابعه _ یا أصبغ‪،‬‬ ‫متصلة بوالیة اهلل‬ ‫ي‬ ‫اهلل عز‬
‫والیت فقد خاب وخسـر وهوي يف النار‪ ،‬ومن‬ ‫من ّ‬
‫بوالیت فقد فاز‪ ،‬ومن أنكر ي‬‫ي‬ ‫أقر‬
‫ً‬
‫(((‬
‫دخل النار لبث فهیا أحقابا»‪.‬‬

‫ً‬ ‫‪ . 1‬البرهان يف تفس���ير القرآن‪193 /4 ،‬؛ املس���تنبط‪ ،‬القطرة من حبار مناقب ّ‬


‫النب والعترة‪ .32 / 1 ،‬نقال‬
‫ي‬
‫يّ‬
‫النجف‪.‬‬ ‫عن تأو يل اآليات الظاهرة ف العترة الطاهرة ّ‬
‫للسيد شـرف الدين‬ ‫ي‬
‫‪ . 2‬من‏ ال حيضره‏الفقيه‪.616 / 2 ،‬‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار ‪ ،84 / 1‬عن االحتجاج‪.121 ،‬‬
‫تفسیر والیة األولیاء‬
‫والتفویض إلیهم‬
‫‪626‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫خّ‬
‫مل ص ما یأتي في هذا الفصل من الكالم‪:‬‬
‫ً‬
‫▪ ّأن والیة األولیاء األربعة عش���ـر؟مهع؟ عىل ما سواهم من املخلوقات لیس أمرا‬
‫ّ ّ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬
‫اإلهلیة كلها‬ ‫جعلیا صـرفا بل یكون ذلك من فروع توس���یطهم يف إیصال النعم‬
‫إىل غیره���م ویكون توس���یطهم ف ذل���ك ّ‬
‫باملن واالختیار املطل���ق مهنم يف املنع‬ ‫ي‬
‫واإلعطاء‬
‫مفوضة إلهیم ال عىل وجه انعزال الخ الق تعایل عهنا بل عىل‬ ‫▪ وتكون األم���ور ّ‬
‫لاّ‬
‫حنو أنهّ م ال یش���اؤون إ ما ش���اء اهلل تعایل‪ ،‬و ال یفعل اهلل تعایل إال ما یرضون‬
‫ّ‬
‫واملعلول‪ ،‬أو ضـرورة‬ ‫اإلی���اب ّ ّ‬
‫العل‬ ‫به و یش���اؤونه‪ ،‬وال یكون ذلك عىل جهة ج‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫والصع���ودي كما یزعم���ه أصحاب الفلس���فة‪ ،‬بل عىل‬ ‫ّ‬
‫النزول‬ ‫ترتی���ب الس���یر‬
‫ي‬
‫الصادرتی عن االختی���ار املطلق من جانب الخ الق تعایل‬
‫ن‬ ‫تی‬ ‫ّ‬
‫املش���ی ن‬ ‫حنو توافق‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫وأولیاء أمره؟مهع؟ فتصبح األدلة املثبتة لوالیهتم املطلقة عىل ما سواهم إرشادا‬
‫إخب���ارا ع���ن حقیقة ما هلم م���ن ّ‬‫ً‬
‫املن بذلك ع�ل�ى غیرهم وال تكون‬ ‫إىل الواق���ع و‬
‫ّ‬ ‫صرفا بال حلاظ ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عبودیهتم‪.‬‬ ‫شأنیهتم لذلك واستحقاقهم وکمال‬ ‫جعال‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪627‬‬

‫ً‬
‫صـرفا ب�ل�ا اقتضاء ّ‬ ‫ً‬ ‫ّإن والی���ة األن���وار األربعة عش���ـر؟مهع؟ ال تكون ّ‬
‫أي أمر‬ ‫جعلیة جعال‬
‫ً‬
‫مطلقا ّ‬ ‫ً‬
‫مثال بل ه���م األولیاء عىل خ‬ ‫ّ‬ ‫تكو ّ‬
‫مبجرد‬ ‫اللق‬ ‫ی�ن�� يف ذل���ك كوالیة املوكل عىل وكیله‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫كوهنم وسائط يف التعر یف وبنفس كوهنم حمال التوحید‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪:‬‬ ‫أب عبد اهلل؟ع؟ يف قول اهلل‬ ‫عن اإلمام ي‬
‫َ‬ ‫َّ َ َ َ َّ‬
‫الن َاس َعل ْيها>(((‪:‬‬ ‫<ف ْط َر َت اهلل التي‏ فطر‬
‫ِ‬
‫قال‪:‬‬
‫(((‬ ‫ن‬
‫املؤمنی»‪.‬‬ ‫وحممد رسول اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫وعل أمیر‬ ‫«التوحید‪ّ ،‬‬
‫ي‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ؤم ٌن> فقال‪:‬‬ ‫كاف ٌر َو ِمنكم ُم ِ‬
‫<فمنكم ِ‬ ‫«سألت الصادق؟ع؟ عن قوله‪ِ :‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز وجل إمیاهنم بوالیتنا‪ ،‬وكفرهم بتركها یوم أخذ علهیم املیثاق وهم‬ ‫عرف اهلل‬
‫(((‬
‫ّذر يف صلب آدم؟ع؟»‪.‬‬
‫قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ َْ َْ‬
‫يم َو ُموس���ـى‏ َو ِع َ‬
‫يسـى‬ ‫ين‏ ِميثاق ُه ْم‏ َو ِمنك َو ِم ْن ن ٍوح ِوإب ِ‬
‫ـراه َ‬ ‫النب ّي َ‬
‫ِِ‬ ‫‏‬
‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫نا‬ ‫ذ‬ ‫<و ِإذ أخ‬

‫‪ . 1‬الروم (‪.30 ،)30‬‬


‫‪ . 2‬التوحيد‪.330 _ 329 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪.234 / 5 ،‬عن تفسیر القم ّي‪.‬‬
‫‪628‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ً َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ََْ َ ََ َْ‬


‫اب ِن مريم وأخذنا ِمنهم ِميثاقا غ ِليظا>‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫مأخ���وذا علهی���م هلل بالر ّ‬
‫وألمیراملؤمنی‬ ‫بالنب���وة‬ ‫بوبیة ولرس���وله‬ ‫«كان املیث���اق‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نبیكم ّ‬
‫وعل؟ع؟‬ ‫وحممد؟ص؟ ّ‬ ‫واألمئة؟مهع؟ باإلمامة‪ ،‬فقال‪< :‬أل ْس ُت ب َـر ّبك ْم> ّ‬
‫ّ‬
‫ي‬ ‫ِ ِ‬
‫(((‬
‫أمئتكم؟ قالوا‪ :‬بىل»‪.‬‬ ‫واألمئة اهلادین؟مهع؟ ّ‬
‫إمامكم ّ‬

‫ال ّن���ة والنار‪ ،‬تدخ���ل أعداهئا النار وتدخ���ل أولیاؤها‬ ‫ّ‬


‫«إن اهلل أمه���ر فاطم���ة‪ ...‬ج‬
‫(((‬
‫ال ّنة‪ ،‬وهي الصدیقة الكبـرى وعىل معرفهتا دارت القرون األوىل»‪.‬‬ ‫ج‬
‫والواب يف قوله تعاىل‪:‬‬
‫و یشهد لذلك وحدة السیاق يف السؤال ج‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ََ ُ‬
‫(((‬
‫<أ ل ْست ِب َر ِّبك ْم؟ قالوا‪َ :‬بلى‏>‪.‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫واألمئة اهلادون ّ‬
‫أمئتكم؟ فقالوا‪:‬‬ ‫وعل إمامكم ّ‬
‫نبیكم ّ‬ ‫«ألس���ت بـر ّبكم ّ‬
‫وحممد ّ‬
‫ي‬
‫(((‬
‫بىل»‪.‬‬
‫جعلیة حمضة لكان للناس أن جییبوا عن الس���ؤال املذكور‬ ‫ّ‬ ‫فإنه لو كانت والیهتم؟مهع؟‬‫ّ‬
‫لاّ‬ ‫ًّ‬
‫ولیا فنعم و إ فال‪.‬‬ ‫بأن یقولوا‪ :‬إن جتعلهم لنا‬
‫ً‬
‫والهل هبم هو الش���ـرك والضاللة‬‫وهل���ذا أیضا تكون معرفهتم ه���ي معرفة اهلل تعاىل‪ ،‬ج‬
‫سـر امتناع التفكیك والتفرقة ن‬ ‫مطلقا‪ ،‬وهذا هو ّ‬‫ً‬
‫بی التوحید والوالیة‪:‬‬
‫َّ َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫اإلمام ّالرضا؟ع؟ عن اإلمام السجاد؟ع؟ ف قوله ْ َ‬
‫ْ‬ ‫‏‪<:‬فط َرت ِ‬
‫اهلل ال ِتي فطر الناس عليها>‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬

‫‪ . 1‬األحزاب (‪.8 ،)33‬‬


‫‪ . 2‬البـرهان‪.293 / 3 ،‬‬
‫أمال الشيخ‪.‬‬ ‫ّ‬
‫‪ . 3‬املستنبط ‪ ،‬السيد أمحد‪ ،161 ،‬عن ي‬
‫‪. 4‬األعراف (‪172 ،)7‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 5‬حبار األنوار‪ ،236 / 5 ،‬عن تفسیر القم ّي‪.‬‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪629‬‬

‫وعل ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لاّ‬


‫ول اهلل‪ .‬إىل‏ هاهنا التوحيد»‪.‬‬
‫(((‬
‫«هو ال إله إ اهلل وحممد رسول اهلل ي ي‬
‫مبجرد خ‬
‫اللق‬ ‫جعلیة ب���ل حتصل ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبالمل���ة فمكا ّأن والیة ّ‬
‫الرب تبارك وتعاىل لیس���ت‬ ‫ج‬
‫واإلیاد‪ ،‬فكذلك والیة األولیاء األربعة عش���ـر؟مهع؟ لیس���ت ّ‬
‫جعلیة حمضة بعد توسیط اهلل‬ ‫ج‬
‫ّإیاهم يف التعر یف‪ ،‬وال حیتاج إىل ّأية مرحلة أخرى من ج‬
‫العل س���وى كوهنم وس���ائط ن‬
‫بی‬
‫الالق خ‬
‫واللق‪.‬‬ ‫خ‬

‫وال یذه���ب علیك ّأن القول بوالیهتم؟ع؟ من حیث وجوب كوهنم وس���ائط لوجود ما‬
‫الالق وصدور غیرهم‬ ‫األول عن ذات خ‬
‫الفلسف وكوهنم الصادر ّ‬
‫يّ‬ ‫س���واهم عىل حنو الصدور‬
‫عهن���م وأمثال ذلك من التعابیر فهي أوهام ال یخىف علیك بطالهنا لوضوح بطالن مبانهیا‬
‫ّ‬
‫ونتائها‪.‬‬
‫ج‬ ‫وأدلهتا‬
‫املقدس���ة األربعة عش���ـر عىل ما س���وى اهلل تعاىل ال تكون من‬ ‫واعلم ّأن والیة األنوار ّ‬
‫ّ‬ ‫حی���ث توس���یطهم ف التعر یف ّ‬
‫فق���ط‪ ،‬بل هم أولیاء النعم كلها ولی���س إیصاهلم النعم إىل‬ ‫ي‬
‫الال���ق تعاىل إىل خ‬ ‫تكلیفا علهیم كتوس���یط املالئكة ف إیصال فیوضات خ‬ ‫ً‬
‫اللق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫غیره���م‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ب���ل ّإن اهلل تع���اىل أعطاهم ومل یكلفهم اإلعطاء إكراما هلم و إعظاما لش���أهنم‪ ،‬فإلهیم املنع‬
‫املن بذلك عىل ما سوى اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫واإلعطاء‪ ،‬وهلم ّ‬
‫َ َ ََ َُ َ ُ َ َ‬
‫مس���ك‬ ‫«‪ ...‬س���ألت أب���ا عب���د اهلل؟ع؟ يف قوله تعاىل‪< :‬ه���ذا عطاؤنا فامنن أو أ ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫���اب> ق���ال‪ :‬أعطى س���لیمان ملكا عظیم���ا ّمث جرت ه���ذه اآلیة يف‬ ‫َ‬
‫ی���ر ِحس ٍ‬‫ِبغ ِ‬
‫رس���ول اهلل؟ص؟ فكان له أن یعطي ما ش���اء من ش���اء و مینع من شاء‪ ،‬وأعطاه‬
‫َ ُ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ ُ َ ُ ُ‬
‫الر ُسول فخذ ُوه َو َما ن َهاكم‬ ‫اهلل أفضل ّمما أعطى سلیمان لقوله‪< :‬ما آتاكم‬
‫(((‬ ‫نه َف َ‬
‫انت ُهوا>»‪.‬‬ ‫َع َ‬

‫‪ . 1‬تفسير ّ‬
‫القم ّي‪،‬‏‪.155 / 2‬‬
‫الكاف‪.268 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫‪630‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ف���وض إلیه فقال ّ‬‫حت ّقومه عىل ما أراد‪ّ ،‬مث ّ‬ ‫وجل ّأدب رس���وله ىّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫«إن اهلل ع���ز‬
‫نه َف َ‬ ‫اكم َع َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ ُ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫انت ُهوا> مفا فوض اهلل إىل‬ ‫ذكره‪< :‬ما آتاكم الرسول فخذوه وما نه‬
‫(((‬
‫رسوله؟ص؟ فقد ّفوضه إلینا»‪.‬‬
‫َّ َ َ‬ ‫ّ ّ‬
‫فلما أ كمل له األدب قال‪<ِ :‬إن َك ل َعلى‬ ‫نبیه فأحسن أدبه‪ّ ،‬‬ ‫وجل ّأدب ّ‬ ‫«إن اهلل عز‬ ‫ّ‬
‫<ما‬‫وجل‪َ :‬‬‫ّ ّ‬
‫واألمة لیسوس عباده‪ ،‬فقال عز‬ ‫ُخ ُلق َع ِظیم> ّمث ّفوض إلیه أمر الدین ّ‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََُ ََ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫آتاكمالرسولفخذوهومانهاكمعنهفانتهوا>و إنرسولاهلل؟ص؟ كانمسددا‬
‫ّ‬ ‫ّ ً ّ ً‬
‫(((‬
‫شء ّمما یسوس به الخ لق»‪.‬‬ ‫ي ي‬‫ف‬ ‫طئ‬ ‫ی‬‫یزل وال خ‬ ‫ال‬ ‫القدس‪،‬‬ ‫بـروح‬ ‫دا‬ ‫موفقا مؤی‬
‫حممد‬ ‫نبیه ّ‬ ‫یفوض إلیه‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتعاىل ّفوض إىل ّ‬ ‫«إن رسول اهلل؟ص؟ كان ّ‬ ‫ّ‬
‫نه َف َ‬
‫اكم َع َ‬ ‫َ َ ُ ُ َّ ُ ُ َ ُ ُ ُ َ َ َ َ ُ‬
‫انت ُهوا>»‪.‬‬ ‫فقال‪< :‬ما آتاكم الرسول فخذوه وما نه‬
‫ّ ً‬
‫مفوضا إلی���ه يف الزرع والضـ���رع‪ ،‬فلوى‬ ‫فق���ال رج���ل‪ :‬إنمّ���ا كان رس���ول اهلل؟ص؟‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫شء»‪.‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫واهلل‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ي‬ ‫كل‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫فقال‪:‬‬ ‫مغضبا‬ ‫جعفر؟ع؟ عنه عنقه‬
‫اإلمام الباقر؟ع؟ ‪:‬‬
‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ًّ‬
‫ول مبنزلة سلیمان بن داود‪ ،‬قال اهلل تعاىل‪< :‬امنن أو‬
‫ي‬ ‫ما‬ ‫ف‬‫ي‬ ‫كان‬ ‫؟ع؟‬ ‫ا‬ ‫«إن علی‬
‫َ‬
‫اب>»‪.‬‬ ‫س‬‫مسك ب َغیر ِح َ‬ ‫أ‬
‫ِ ِ ِ‬
‫(((‬
‫ٍ‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫وارزمي يف مناقبه‪:‬‬ ‫الطیب خ‬
‫ال‬ ‫وقد روى التفو یض ف أمر الدین من غیر الشیعة هو خ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫دعاهن فأجبنه فعرض‬ ‫«قال رسول اهلل؟ص؟‪ّ :‬إن اهلل ّملا خلق السموات واألرض‬

‫الكاف‪.268 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪.266 / 1 ،‬‬
‫ي‬ ‫‪.2‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 3‬الصفار‪ ،‬بصائر الدرجات‪.380 ،‬‬
‫ّ‬
‫‪ . 4‬الصفار‪ ،‬بصائر الدرجات‪.385 ،‬‬
‫‪ . 5‬الصفحة ‪ ،80‬طبعة تبـر يز‪.‬‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪631‬‬

‫عل بن أب طالب؟ع؟ فقبلتامها‪ّ ،‬مث خلق الخ لق ّ‬


‫وفوض‬ ‫ّ ّ‬
‫نبو ت ووالیة ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬ ‫علهین ي‬
‫ّ‬
‫ش�ق�� بنا‪ ،‬حنن املحللون‬ ‫يّ‬
‫والشق من ي‬ ‫إلینا أمر الدین‪ ،‬فالس���عید من س���عد بنا‪،‬‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫واملحرمون حلرامه»‪.‬‬ ‫حلالله‬
‫الثان؟ع؟ فأجر یت اختالف الشیعة فقال‪:‬‬ ‫«‪ ...‬كنت عند يأب جعفر ي‬
‫ّ ً ًّ‬ ‫ّ ً‬
‫وعلیا‬ ‫بوحدانیته ّمث خلق حممدا‬
‫ّ‬ ‫متف���ردا‬ ‫حممد‪ّ ،‬إن اهلل تبارك وتعاىل مل یزل‬
‫ی���ا ّ‬
‫وفاطم���ة مفكثوا ألف ده���ر‪ّ ،‬مث خلق مجیع األش���یاء فأش���هدهم خلقها وأجرى‬
‫حیللون ما یش���اؤون ّ‬‫ّ‬ ‫طاعهت���م علهیا ّ‬
‫وحیرمون ما‬ ‫وفوض أموره���ا إلهیم‪ ،‬فهم‬
‫لاّ‬
‫یشاؤون ولن یشاؤوا إ أن یشاء اهلل تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫حممد هذه الدیانة الت من ّ‬ ‫ّمث ق���ال‪ :‬یا ّ‬
‫تقدمها م���رق‪ ،‬ومن ختلف عهنا حمق‪،‬‬ ‫ي‬
‫(((‬ ‫ومن لزمها حلق‪ ،‬خذها إلیك یا ّ‬
‫حممد»‪.‬‬
‫الامعة الكبیرة‪:‬‬
‫وف الز یارة ج‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املكرمی الذین‬ ‫«السالم علیكم یا أهل البیت ّ‬
‫النبوة‪ ...‬وأولیاء النعم وعباده‬
‫ال یس���بقونه بالقول وه���م بأمره یعمل���ون‪ ...‬العاملون بإرادت���ه‪ ...‬إیاب الخ لق‬
‫إلیكم وحس���اهبم علیك���م‪ ...‬وأمره إلیكم‪ ...‬بكم فت���ح اهلل وبكم خیمت‪ ،‬وبكم‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫ینزل الغیث وبكم میس���ك الس���ماء أن تقع ع�ل�ى األرض إ بإذنه‪ ،‬بكم ینفس‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫شء لكم‪...‬‬‫ي‬ ‫كل‬ ‫الضـر‪ ...‬وذل‬ ‫اهلم وبكم یكشف‬
‫لاّ‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّإن بی�ن�� ن‬
‫یأت علهیا إ رضا كم‪ ...‬واس���ترعا كم أمر‬
‫ي‬ ‫ال‬ ‫ذنوبا‬ ‫وجل‬ ‫وبی اهلل ع���ز‬ ‫ي‬
‫(((‬
‫خلقه»‪.‬‬
‫«‪ ...‬اختلف أصحابن���ا يف التفویض وغیره مفضیت إىل يأب طاهر بن بالل أیام‬

‫ّ‬
‫التستري‪ ،‬إحقاق احلق‪.253 / 7 ،‬‬ ‫‪.1‬‬
‫الكاف‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 2‬حبار األنوار‪ ،340 / 25 ،‬عن‬
‫‪ . 3‬من‏ ال حيضره‏الفقيه‪.616 / 2 ،‬‬
‫‪632‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اما فع���دت فأخرج ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اس���تقامته ّ‬


‫إل‬‫ي‬ ‫فعرفته الخ�ل�اف‪ ،‬فقال‪ :‬أخ���ر ين‪ ،‬فأخرته أی‬
‫ً‬
‫حدیثا بإسناده إىل يأب عبد اهلل؟ع؟ قال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫املؤمنی؟ع؟ واحدا بعد واحد إىل‬‫ن‬ ‫إذا أراد أمرا عرضه عىل رسول اهلل؟ص؟ ّمث أمیر‬
‫أن ینهت���ي إىل صاحب الزمان؟ع؟ ‪ّ ،‬مث یخ���رج إىل الدنیا‪ ،‬و إذا أراد املال ئكة أن‬
‫ً‬ ‫ّ ّ‬
‫عز وجل عمال عرض عىل صاح���ب الزمان؟ع؟ ‪ّ ،‬مث خیرج عىل‬ ‫یرفع���وا إىل اهلل‬
‫ّ ّ‬
‫واحد واحد إىل أن یعرض عىل رس���ول اهلل؟ص؟‪ّ ،‬مث یعرض عىل اهلل عز وجل‪ ،‬مفا‬
‫ن���زل من اهلل فعىل أیدهیم‪ ،‬وما عرج إىل اهلل فعىل أیدهیم‪ ،‬وما اس���تغنوا عن اهلل‬
‫وجل طرفة ن‬ ‫ّ ّ‬
‫(((‬
‫عی»‪.‬‬ ‫عز‬
‫اإلمام ّ‬
‫سید الشهداء؟ع؟ يف قنوته‪:‬‬
‫«الله���م منك البدء ولك املش���يئة ول���ك احلول ولك ّ‬
‫القوة‪ ،‬وأن���ت اهلل الذي ال‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسكنا ّ‬ ‫لاّ‬
‫ملشیتك وممكنا إلرادتك‪ ،‬وجعلت‬ ‫إله إ أنت‪ ،‬جعلت قلوب أولیائك‬
‫عقوهلم مناصب أوأمرك ونواهیك‪ ،‬فأنت إذا شئت ما تشاء ّ‬
‫حركت من أسـرارهم‬
‫كوامن ما أبطنت فهیم‪ ،‬وأبدأت من إرادتك عىل ألس���نهتم ما أفهممت به عنك‬
‫(((‬
‫يف عقودهم بعقول تدعوك وتدعو إلیك حبقائق ما منحهتم به»‪.‬‬
‫ً‬ ‫قاعدا ذات یوم هو ّ‬ ‫ً‬
‫وعل؟ع؟ إذ مسع قائال یقول‪ :‬ما شاء‬ ‫ي‬ ‫«كان رس���ول اهلل؟ص؟‬
‫عل‪ ،‬فقال رسول اهلل؟ص؟‪ :‬ال‬ ‫حممد‪ ،‬ومسع آخر یقول‪ :‬ما شاء اهلل وشاء ّ‬ ‫اهلل وشاء ّ‬
‫ي‬
‫وجل‪ ،‬ولكن قولوا‪ :‬ما شاء اهلل ّمث شاء ّ‬ ‫ّ ّ‬ ‫ًّ‬ ‫ّ ً‬
‫حممد‪ ،‬ما شاء‬ ‫علیا باهلل عز‬ ‫حممدا وال‬ ‫تقرنوا‬
‫الت ال تساوى وال تكاىف وال تداىن‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اهلل ّمث شاء ّ ّ‬
‫عل‪ ،‬إن مشیة اهلل هي القاهرة ي‬
‫(((‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫األمئة؟مهع؟ أن خیلقوا‬
‫عز وجل ّفوض إىل ّ‬ ‫اختلف مجاعة من الش���یعة ف ّأن اهلل ّ‬
‫ي‬

‫ّ‬
‫الطوسـي‪.238 ،‬‬ ‫‪ . 1‬كتاب الغيبة للشيخ‬
‫‪ . 2‬مهج الدعوات‪.48 ،‬‬
‫ّ‬
‫العسكري؟ع؟ املنسوب إلیه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫العامل‪ ،‬إثبات اهلداة‪ ،768 / 3 ،‬عن تفسير اإلمام‬ ‫‪ّ .3‬‬
‫احلر‬
‫ي‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪633‬‬

‫ویرزق���وا‪ ،‬فقال قوم‪ :‬هذا حمال‪ ،‬وقال آخ���رون‪ :‬بل اهلل أقدرهم عىل ذلك‪ ،‬فقال‬
‫ّ ّ‬ ‫قائ���ل‪ :‬ما لكم ال ترجعون إىل أب جعفر ّ‬
‫العمري فإنه الطر یق‬ ‫حممد بن عثمان‬ ‫ي‬
‫إىل صاحب األمر؟ع؟ ‪ ،‬فكتبوا املس���ألة وأنفذوه���ا إلیه فخرج إلهیم من جهته‬
‫توقیع نسخته‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ّإن اهلل تعاىل هو الذي خلق األجسام وقسم األرزاق ألنه لیس جبسم وال حال يف‬
‫األمئة؟مهع؟ فإنهّ م یسألون‬ ‫فأما ّ‬ ‫جسم‪ ،‬لیس كمثله شء وهو السمیع البصیر‪ّ .‬‬
‫ي‬
‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫(((‬
‫إیابا ملس���ألهتم و إعظام���ا حلقهم»‪.‬‬ ‫اهلل تعاىل فیخلق‪ ،‬ویس���ألونه فیرز ق‪ ،‬ج‬
‫حممد؟ع؟‪.‬‬ ‫املدن إىل أب ّ‬ ‫واملقصـرة كامل بن إبـراهمی ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجه قوم من ّ‬
‫املفوضة‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ لاّ‬
‫معرفت وقال‬‫ي‬ ‫عرف‬ ‫من‬ ‫النة إ‬‫نفس‪ :‬أس���أله ال یدخل ج‬ ‫قال كامل‪ :‬فقلت يف ي‬
‫ّ‬ ‫س���یدي أب ّ‬ ‫فلما دخلت عىل ّ‬ ‫مبقال؟ قال‪ّ :‬‬
‫حممد؟ع؟ ‪ ...‬فس���لمت وجلس���ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫إىل باب علیه ستر مرخى فجائت الر یح فكشف طرفه فإذا أنا بفىت كأنه فلقة‬
‫سنی أو مثلها‪ ،‬فقال يل‪:‬‬ ‫مقر من أبناء أربع ن‬

‫س���یدي‪.‬‬‫یا كامل بن إبـراهمی‪ ،‬فاقش���عررت من ذلك وأهلمت أن قلت‪ّ :‬لبیك یا ّ‬


‫لاّ‬
‫ال ّنة إ من عرف‬ ‫وحجته وبابه تس���أله‪ :‬ه���ل یدخل ج‬ ‫فقال‪ :‬جئت إىل و ّل اهلل ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫معرفت���ك وقال مبقالت���ك؟ فقلت‪ :‬إي واهلل‏‪ ،‬ق���ال‪ :‬إذن واهلل یق���ل داخلها‪ ،‬واهلل‬
‫احلق ّیة‪ .‬قلت‪ :‬یا ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫س���یدي‪ ،‬ومن هم؟ قال‪ :‬قوم من‬ ‫أنه لیدخلها قوم یقال هلم‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حبهّ م ّ‬
‫لعل؟ع؟ حیلفون حبقه وال یدرون ما حقه وفضله‪.‬‬ ‫ي‬
‫عن س���اعة‪ ،‬مث قال‪ :‬وجئت تس���أله عن مقالة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مث س���كت صل���وات اهلل علیه ي‬
‫<و َما‬
‫ملش���یة اهلل‏‪ ،‬فإذا شاء شئنا‪ ،‬واهلل یقول‪َ :‬‬ ‫املفوضة‪ ،‬كذبوا‪ ،‬بل قلوبنا أوعیة ّ‬ ‫ّ‬
‫اهلل> ّمث رجع الستر عىل حالته فلم أستطع كشفه‪.‬‬ ‫ون إ َّلا َأن َی َش َاء ُ‬
‫ََ ُ َ‬
‫تشاؤ ِ‬
‫ّ ً‬ ‫إل أبو ّ‬ ‫فنظر ّ‬
‫متبسما فقال‪ :‬یا كامل‪ ،‬ما جلوسك‪ ،‬قد أنبأك حباجتك‬ ‫حممد؟ع؟‬ ‫ي‬
‫‪ . 1‬حبار األنوار‪ ،329 / 25 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫‪634‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫احلجة من بعدي‪ ،‬فقمت وخرجت ومل أعاینه بعد ذلك»‪.‬‬


‫(((‬ ‫ّ‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫وف ز یارة أمیر‬
‫ي‬
‫ومىل إرادة اهلل‏‪ ،‬وموضع‬
‫وممض حكم اهلل‏‪ ،‬ج‬ ‫«الس�ل�ام علیك یا حافظ ّ‬
‫سـر اهلل‏‪،‬‬
‫ي‬
‫(((‬ ‫ّ‬
‫مشیة اهلل‏»‪.‬‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫«اإلم���ام كلم���ة اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫وحجة اهلل‏‪ ،‬ووج���ه اهلل‏‪ ،‬ونور اهلل‏‪ ،‬وحج���اب اهلل‏‪ ،‬وآیة اهلل‏‪،‬‬
‫ویعل فیه ما یش���اء ویوجب له بذل���ك الطاعة والوالیة عىل مجیع‬ ‫خیتاره اهلل ج‬
‫خلق���ه‪ .‬فهو ّ‬
‫ولیه يف مساواته وأرضه أخذ له بذلك العهد عىل مجیع عباده‪ ،‬مفن‬
‫ّ‬
‫تقدم علیه كفر باهلل من فوق عرشه‪ ،‬فهو یفعل ما یشاء و إذا شاء اهلل شاء‪...‬‬
‫ّ‬
‫مش���یته وین���ادي له‬ ‫ویع���ل قلبه مكان‬ ‫فه���ذا ال���ذي خیت���اره اهلل لوحی���ه‪ ...‬ج‬
‫بالس���لطنة ویذعن له باإلم���رة‪ّ ...‬إن اإلمامة‪ ...‬خالفة اهلل وخالفة رس���ل اهلل‏‪،‬‬
‫فهي عصمة ووالیة وس���لطنة‪ ...‬فهي مرتبة ال یناهلا إلاّ من إختاره اهلل ّ‬
‫وقدمه‬
‫كمّ‬ ‫لاّ‬
‫وو ه وح ه‪...‬‬
‫حممد ال یش���اركهم فیه مشارك‪...‬‬ ‫فالوالیة هي‪ ...‬تدبیر األمور‪ ...‬هذا ّكله آل ل ّ‬
‫بی الكاف والنون‪،‬‬ ‫خلقهم اهلل من نور عظمته وولاّ هم أمر مملكته فهم‪ ...‬أمره ن‬
‫إىل اهلل یدعون‪ ،‬وعنه یقولون‪ ،‬وبأمره یعملون‪...‬‬
‫ل�ی��‬ ‫األمئ���ة الطاه���رون‪ ...‬والخ لف���اء الراش���دون‪ ...‬وحج���ج اهلل ع�ل�ى ّ‬
‫األو ن‬ ‫ه���م ّ‬
‫ً لاّ‬
‫ّ‬
‫بالوحدانیة والوالیة‬ ‫واآلخر ین‪ ...‬و ّإن اهلل مل خیل���ق أحدا إ وأخذ علیه اإل قرار‬
‫حت كتب علیه‬ ‫یس���تقر ىّ‬
‫ّ‬ ‫الزكیة والبـرائة م���ن أعداهئم‪ ،‬و ّإن العرش مل‬ ‫ّ‬
‫للذری���ة ّ‬
‫(((‬ ‫عل ّ‬
‫ول اهلل‏»‪.‬‬ ‫حممد رسول اهلل‏‪ّ ،‬‬‫بالنور‪ ،‬ال إله إلاّ اهلل‏‪ّ ،‬‬
‫ي ي‬
‫ّ‬
‫الطوس‪ ،‬الغيبة‪ ،149 _ 148 ،‬حبار األنوار‪.336 / 25 ،‬‬ ‫‪ . 1‬الشيخ‬
‫ي‬
‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟‪.‬‬ ‫ّ‬
‫املشهدي)‪304 ،‬؛ حبار األنوار‪ ،348 / 100 ،‬ز یارة أمیر‬ ‫‪ . 2‬املزار الكبير (البن‬
‫ن‬
‫‪ . 3‬حبار األنوار‪ ،174 _ 169 / 25 ،‬عن مشارق أنوار الیقی‪.‬‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪635‬‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ً‬
‫موردا إلرادته‪ ،‬فإذا ش���اء اهلل ش���اوؤا وهو قول اهلل ّ‬ ‫«إن اهلل جعل قلوب ّ‬ ‫ّ‬
‫عز‬ ‫األمئة‬
‫َ‬
‫ّ َ َ ُ َ َّ ْ َ َ َ‬
‫(((‬
‫شاء ا ّلله‏>‏»‪.‬‬ ‫وجل <وما تشاؤن ِإلا أن ي‬
‫ن‬
‫احلسی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫أب عبد اهلل‬ ‫الكاف عن ي‬ ‫ي‬ ‫وف الز یارة املرو ّیة يف‬‫ي‬
‫(((‬
‫الرب يف مقادیر أموره هتبط إلیكم وتصدر من بیوتكم»‪.‬‬ ‫«و إرادة ّ‬

‫احلجة املنتظر صلوات اهلل علیه‪:‬‬ ‫وف ز یارة ّ‬


‫ي‬
‫لاّ‬ ‫ّ‬
‫شء إ وأنمت له السبب و إلیه السبیل‪...‬‬ ‫«مفا منا ي‬
‫أنت‪ ...‬دلیل إرادته‪...‬‬
‫ّ‬
‫واملمحوم���ا ال اس���تأثرت ب���ه‬ ‫ّ‬
‫مش���یتكم‪،‬‬ ‫والقض���اء املثب���ت م���ا اس���تأثرت ب���ه‬
‫(((‬
‫سنتكم»‪.‬‬ ‫ّ‬

‫رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫«‪ ...‬فقلت مال ئكة ر ّب تعرفوننا ّ‬
‫حق معرفتنا؟ فقالوا‪:‬‬ ‫ي‬
‫یا رس���ول اهلل‏‪ ،‬مل ال نعرفك���م وأنمت ّأول خلق خلقه اهلل‏‪ ...‬مف���ا نزل من اهلل تعاىل‬
‫فإلیكم‪ ،‬وما صعد إىل اهلل تعاىل مفن عندكم»‪.‬‬
‫(((‬

‫اإلمام الباقر؟ع؟‪:‬‬
‫«حنن ّ‬
‫حجة اهلل‪ ،‬وحنن باب اهلل‪ ،‬وحنن لس���ان اهلل‪ ،‬وحنن وجه اهلل‪ ،‬وحنن ن‬
‫عی‬
‫اهلل يف خلقه‪ ،‬وحنن وال ة أمر اهلل يف عباده»‪.‬‬
‫(((‬

‫‪ . 1‬املستنبط‪ ،‬القطرة‪ ،22 _ 21 ،‬البحار‪ ،372 / 25 ،‬عن البصائر وتفسير البـرهان‪.‬‬


‫‪ . 2‬املستنبط‪ ،‬القطرة‪ ،22 ،‬البحار‪.153 / 101 ،151 / 22 ،‬‬
‫ّ‬
‫املشهدي)‪571 ،‬؛ املستنبط‪ ،‬القطرة‪.22 ،‬‬ ‫‪ . 3‬حبار األنوار‪،‬‏‪39 / 91‬؛ املزار الكبير (البن‬
‫‪ . 4‬املستنبط‪ ،‬القطرة‪ ،71 ،‬عن البحار ‪.57 / 40‬‬
‫‪ . 5‬املستنبط‪ ،‬القطرة‪ ،15 / 2 ،‬عن البحار والبصائر‪.‬‬
‫‪636‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫اإلمام الصادق؟ع؟ ‪:‬‬


‫ّ‬
‫علة الوجود ّ‬
‫وحجة املعبود»‪.‬‬
‫(((‬
‫«‪ ...‬وحنن‬
‫«ل���و أذن لنا أن نعل���م الناس حالنا عند اهلل ومنزلتنا منه ملا احتملمت‪ .‬فقال له‪:‬‬
‫ّ ّ‬
‫عز وجل‪ ،‬ال یشاء‬ ‫يف العلم؟ فقال‪ :‬العلم أیسـر من ذلك‪ّ ،‬إن اإلمام وكر إلرادة اهلل‬
‫لاّ‬
‫(((‬
‫إ ما یشاء اهلل‏»‪.‬‬
‫خلقا‪ ،‬خلقهم من نوره ورمحته لرمحته‪ ،‬فهم ن‬‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ّ‬
‫عی اهلل الناظره‬ ‫عز وجل خلق‬ ‫«إن اهلل‬
‫وأذنه السامعة ولسانه الناطق يف خلقه بإذنه‪ ،‬وأمناؤه عىل ما أنزل من عذر أو‬
‫حجة‪ ،‬فهبم میحو اهلل السیئات وهبم یدفع الضمی وهبم ینزل الرمحة‪ ،‬وهبم‬ ‫نذر أو ّ‬
‫ًّ‬ ‫ّ ً‬
‫یقض يف خلقه قضائه‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وهبم‬ ‫خلقه‪،‬‬ ‫یبتل‬
‫ي‬ ‫وهبم‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫حی‬ ‫مییت‬ ‫وهبم‬ ‫‪،‬‬‫تا‬ ‫حیی می‬
‫ي‬
‫(((‬
‫قلت‪ :‬جعلت فداك من هؤالء؟ قال‪ :‬األوصیاء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫«حنن باب اهلل ّ‬
‫وحجته وأمناؤه عىل خلقه وخزانه يف مسائه وأرضه‪ ،‬حللنا عن اهلل‏‪،‬‬
‫َ َ ُ َّ َ‬
‫<و َما تشاؤون إلا أن‬
‫وحرمنا عن اهلل‏‪ ،‬ال حنتجب عن اهلل إذا شئنا وهو قوله تعاىل‪َ :‬‬ ‫ّ‬
‫ً‬ ‫اهلل> وهو قوله؟ص؟‪ّ :‬إن اهلل جعل قلب ّ‬‫َی َش َاء ُ‬
‫(((‬
‫ولیه وكرا إلرادته فإذا شاء اهلل شئنا»‪.‬‬
‫احلجة الغائب املنتظر صلوات اهلل علیه‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬

‫«حنن صنائع ّربنا والخ لق بعد صنائعنا»‪.‬‬


‫(((‬

‫ولیعلم ّأن والیة اهلل تبارك وتعاىل عىل غیره و إحاطته مبا سواه ال تكون من جهة كون‬
‫ّ‬
‫وتلیاهتا كما یزعمه أصحاب الفلسفة‬‫األشیاء حماطة بوجوده وكوهنا مراتب ذاته املتعالیة ج‬

‫لأْ َ‬ ‫َ‬
‫‪ . 1‬املستنبط‪ ،‬القطرة‪ ،19 / 2 ،‬عن البحار عن َمش ِار ِق ا ْن َوار‪.‬‬
‫‪ . 2‬املستنبط‪ ،،‬القطرة‪ ،15 / 2 ،‬عن البحار‪.385 / 25 ،‬‬
‫ومعان األخبار‪.‬‬
‫ي‬ ‫‪ . 3‬املستنبط‪ ،،‬القطرة‪ ،‬عن التوحيد‬
‫‪ . 4‬حبار األنوار‪ ،256 / 26 ،‬عن تفسير الفرات‪.‬‬
‫‪ .5‬املستنبط‪ ،،‬القطرة‪ ،24 / 2 ،‬عن االحتجاج‪.‬‬
‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪637‬‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬


‫إیادا و إعداما و إشـرافا علیه‬
‫والعرفان‪ .‬بل تكون من حیث سلطانه جل وعال عىل غیره ج‬
‫ً‬
‫واقتدارا‪ّ ،‬‬
‫فإنه هو الفاعل بال آلة‪:‬‬
‫اإلمام الصادق؟ع؟‪:‬‬
‫ومعال���ة ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن ذلك صفة‬ ‫ج‬ ‫یع���ان األش���یاء بنفس���ه مبباش���ـرة‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫م���ن‬ ‫أجل‬ ‫«ه���و‬
‫لاّ‬
‫واملعالة‪ ،‬وه���و تعاىل نافذ‬
‫ج‬ ‫املخل���وق الذي ال جیيء األش���یاء له إ باملباش���ـرة‬
‫(((‬
‫اإلرادة واملشيئة ّفعال ملا یشاء»‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مش���یة اهلل تبارك وتعاىل فكذلك یكون حتقق األمور‬ ‫ّ‬ ‫شء دون‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫یتحق‬ ‫ّمث ّإنه كما ال‬
‫ّ‬ ‫متوق ًفة عىل ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫مشیة األنوار األربعة عشـر صلوات اهلل علهیم مبا أعطاهم اهلل جل وعال‬ ‫كلها‬
‫ّ‬ ‫لاّ‬
‫من املنزلة والرفعة‪ ،‬ولكنهّ م ال یشاؤون إ ما یشاء اهلل و إذا شاء اهلل شاؤوا‪ ،‬كل ذلك مبا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫من اهلل علهیم وأعطاهم ما أعطاهم‪ ،‬أ كراما هلم و إعظاما لشأهنم‪ .‬قال اهلل تبارك وتعاىل‪:‬‬
‫َْ ُ‬ ‫َّ َ‬
‫<النب ُّي‏ أ ْولى‏ ب ْال ُم ْؤ ِم ِن َ‬
‫(((‬
‫ين‏ ِم ْن‏ أنف ِس ِهم>‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫وقال رسول اهلل؟ص؟‪:‬‬
‫فعل م���واله‪ّ ،‬‬
‫اللهم وال من وااله‪ ،‬وعاد من عاداه‪ ،‬وانصـر من‬ ‫«م���ن كنت مواله ّ‬
‫ي‬
‫نصـره‪،‬و اخذل من خذله»‪.‬‬
‫(((‬

‫ن‬
‫املؤمنی؟ع؟ ‪:‬‬ ‫اإلمام أمیر‬
‫َ َّ ُ َ ُ‬ ‫َّ ْ َ ْ ُ‬
‫<ي َت َوفاك ْم‏ َمل ‏‬
‫ك‬ ‫ين‏ َم ْو ِتها>‪ ،‬وقوله‪:‬‬ ‫فأم���ا قوله‪< :‬اهلل َي َت َوفى‏ الأنف َ ‏‬
‫س ِح َ‬ ‫«‪ّ ...‬‬
‫ْ‬
‫ال َم ْوت‏>‪...‬‬
‫وملل���ك املوت أعوان من مال ئكة الرمحة والنقم���ة‪ ،‬یصدرون عن أمره‪ ،‬وفعلهم‬

‫الكاف‪85 / 1 ،‬؛ التوحيد‪.247 ،‬‬


‫ي‬ ‫‪.1‬‬
‫‪ . 2‬االحزاب (‪.7 ،)33‬‬
‫الس���يد ش���ـرف الدين العام�ل�ى‪ ،‬املراجعات‪ ،‬التعليقات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ . 3‬راج���ع للوقوف عىل مصادر احلديث إىل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ ً‬ ‫‪211_173‬وه���يتخ ّ‬
‫ت���صبذك���رمص���ادر الرواي���ة_وه���ي كثي���رةج���دا_وم���ايتعل���قهب���افق���ط‪.‬‬
‫‪638‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬
‫فعله‪ ،‬وكل ما یأتون منس���وب إلی���ه‪ ،‬و إذا كان فعلهم فعل ملك املوت‪ ،‬وفعل‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫یتوف األنفس عىل ید من یش���اء‪ ،‬ویعطي و مینع‪،‬‬ ‫مل���ك املوت فع���ل اهلل‏‪ ،‬ألنه ي‬
‫ویثی���ب ویعاقب ع�ل�ى ید من یش���اء وأن فعل أمنائ���ه فعله‪ ،‬كما ق���ال‪َ :‬‬
‫<وما‬
‫َ ُ َ َ َ‬
‫شاء اهلل>»‪.‬‬‫ون إ ّلا أ ْن‏ َي َ‬
‫تشاؤ ِ‬
‫(((‬

‫ّ‬
‫والوحدانیة‪ ،‬هو‬ ‫«إن اهلل تب���ارك وتعاىل امسه عىل ما وصف به نفس���ه باالنف���راد‬ ‫ّ‬
‫یتغیر‪ ،‬وحیكم ما یشاء خ‬
‫ویتار‪،‬‬ ‫النور األز ّل القدمی الذي لیس كمثله شء‪ ،‬ال ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫وال معق���ب حلمك���ه وال راد لقضائ���ه‪ ،‬وال ما خل���ق زاد يف ملكه وع���زه‪ ،‬وال نقص‬
‫مّ‬
‫ن‬
‫بـراهی‬ ‫ن‬
‫وتبیی‬ ‫منه ما مل خیلقه‪ ،‬و إنا أراد بالخ لق إظهار قدرته وأبداء سلطانه‬
‫حمكته‪ ،‬فخلق ما ش���اء كما ش���اء‪ ،‬وأجرى فعل بعض األشیاء عىل أیدي من‬
‫���ن ُي ِط ِع‏‬
‫<وم ْ‬‫اصط�ف�ى م���ن أمنائه وكان فعله���م فعله‪ ،‬وأمرهم أم���ره‪ ،‬كما قال‪َ :‬‬
‫َ‬ ‫َ َ ََ ْ َ‬
‫طاع اهلل>‪.‬‬
‫ول فقد أ ‏‬ ‫ّ‬
‫الر ُس ‏‬
‫وع���رف الخ لیق���ة فض���ل منزلة أولیائ���ه‪ ،‬وفرض علهیم م���ن طاعهتم مثل‬
‫‪ّ ...‬‬
‫ً ّ‬ ‫الذي فرضه منه لنفسه‪ ،‬وألزمهم ّ‬
‫احلجة بأن خاطهبم خطابا یدل عىل انفراده‬
‫وبأن له أولی���اء جتري أفعاهل���م وأحكامهم جمرى فعل���ه‪ ،‬فهم العباد‬ ‫وتوح���ده ّ‬ ‫ّ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َّ َ َّ‬ ‫َ ْ ُ َ ُ َْ ْ َ ُ ْ َْ َْ َ ُ‬
‫املكرمون <لا يس ِ���بقونه‏ ِبالقو ِ ‏ل وهم ِبأم ِرهِ يعملون> <هو ال ِذي‏ أيدهم‏ ِبر ٍ ‏‬
‫وح‬
‫ِم ْنه>‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫���ب فلا ُيظ ِه ُر َعلى‏‬ ‫وع���رف الخ ل���ق اقتدارهم عىل علم الغیب بقوله‪ْ َ ْ ُ ِ :‬‬ ‫ّ‬
‫<عالم الغي ِ‬
‫َ َ‬
‫َغ ْيبهِ أ َح ًدا إ ّلا َمن‏ ْار َتضى‏ ِم ْن‏ َر ُس���ول‏> وهم النعمی الذي یسأل العباد عنه‪ّ ،‬‬
‫ألن‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫اهلل تبارك وتعاىل أنعم هبم عىل من اتبعهم من أولیاهئم‪.‬‬
‫ّ ّ‬
‫قال السائل‪ :‬من هؤالء احلجج؟ قال‪ :‬هم رسول اهلل ومن حل حمله من أصفیاء‬
‫اهلل الذي قرهنم اهلل بنفسه ورسوله وفرض عىل العباد من طاعهتم مثل الذي‬

‫‪ . 1‬االحتجاج‪368 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪،‬‏‪.233 / 56‬‬


‫مهیلإ ضیوفتلاو ءایلوألا ةیالو ریسفت‬ ‫‪639‬‬

‫َ‬
‫فرض علهیم مهنا لنفس���ه‪ ،‬وهم وال ة األم���ر الذین قال اهلل فهیم‪< :‬أ ِط ُيعوا اهلل‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫<و َل ْو َر ُّد ُوه‏ إ َلى‏ َّ‬
‫الر ُس ِ ‏‬
‫���ول َو ِإلى‏‬ ‫���ول‏ وأولي ْال َأ ْمر ِم ْن ُكم‏> وقال فهیم‪َ :‬‬ ‫س‬ ‫وأ ِط ُيعوا ّ‬
‫الر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ‬
‫أ ِولي الأ ْم ِر ِم ْن ُه ْم ل َع ِل َم ُه ال ِذ َين ي ْستن ِبطونه ِمن ُهم>‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫الت‬ ‫ّ‬ ‫قال السائل‪ :‬وما ذاك األمر؟ قال ّ‬


‫عل؟ع؟‪ :‬الذي به تنز ل املالئكة يف اللیلة ي‬ ‫ي‬
‫ّ‬
‫یفرق فهیا كل أمر حكمی من خلق ورزق وأجل وعمل وعمر وحیاة وموت‪ ،‬وعلم‬
‫لاّ‬
‫الت ال تنبغي إ هلل وأصفیائه والسفرة بینه‬ ‫غیب السموات واألرض‪ ،‬واملعجزات ي‬
‫ُ ََ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫���م َو ْج ُ ‏ه اهلل>‪ ،‬هم ّ‬
‫بقیة‬ ‫وب�ی�� خلقه وهم وجه اهلل الذي ق���ال‪< :‬فأ ْي َنما ت َولوا فث َّ ‏‬ ‫ن‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫یأت عند انقضاء هذه النظرة‪ ،‬فیمأل األرض قس���طا وعدال‬ ‫یع�ن�� املهدي _ ي‬ ‫اهلل _ ي‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كما ملئت ظلما وجورا‪ ،‬ومن آیاته الغیبة واال كتتام عند عموم الطغیان وحلول‬
‫(((‬
‫االنتقام»‪.‬‬
‫عل بن موىس الرضا؟ع؟‪:‬‬ ‫اإلمام ّ‬
‫ي‬
‫ّ‬
‫تنامن قبل طلوع الش���مس فإن أ كرهها لك‪ّ ،‬إن اهلل ّ‬‫ّ‬
‫یقس���م يف‬ ‫ي‬ ‫«یا أبا محزة‪ ،‬ال‬
‫(((‬
‫ذلك الوقت أرزاق العباد وعىل أیدینا جیر هیا»‪.‬‬
‫حممد وآله الطاهر ین‪.‬‬‫وصلیّ اهلل عیل ّ‬ ‫ ‬

‫‪ . 1‬االحتجاج‪376 _ 374 / 1 ،‬؛ حبار األنوار‪،‬‏‪119 / 90‬؛ البرهان يف تفس���ير القرآن‪،‬‏‪837 / 5‬؛ تفس���ير‬
‫ن‬
‫الثقلي‪،‬‏‪.626 / 4‬‬ ‫نور‬
‫‪ . 2‬بصائر الدرجات‪،‬‏‪343 / 1‬؛ حبار األنوار‪.185 / 76 ،‬‬
‫الفهرس‬
‫‪642‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫‪3...............................................................‬‬ ‫تقدمی‬
‫‪5..................................‬‬ ‫نقر بوجود خ‬
‫الالق املتعال؟!‬ ‫ّ‬ ‫كیف ولمِ َ‬
‫إشارة ‪7..............................................................................‬‬
‫ّ ّ‬ ‫املرحلة األوىل‪ :‬اهلتاف من السماء إىل تعر يف خ‬
‫احلق جل وعال‪7...............‬‬ ‫الالق‬
‫املرحلة الثانية‪ :‬أصول البـرهان ّ‬
‫ومقدماته ‪16...........................................‬‬
‫تقر ير البـرهان‪18.....................................................................‬‬
‫ً‬
‫تبصرة‪ :‬ما هو معین كون التوحيد فطر ّيا؟! ‪23........................................‬‬
‫برهان ثالث‪29...................................................................... :‬‬
‫برهان رابع‪29........................................................................:‬‬
‫ونتائه‪30...............................‬‬
‫ِج‬ ‫وأصوله‬
‫ِ‬ ‫املرحلة الثالثة‪ :‬إيضاح البـرهان ّ‬
‫األول‬
‫تبيي األصل ّ‬
‫األول ‪30................................................................‬‬ ‫ن‬
‫الثان ‪33...............................................................‬‬
‫بيان األصل ي‬
‫ّ‬
‫والسنة قبل إثبات اهلل تعاىل أم ال ؟! ‪35..........‬‬ ‫هل هناك مانع من األخذ بالكتاب‬
‫ن‬
‫تبيي النكتة القادمة ‪37.............................................................‬‬
‫‪45.......................................‬‬ ‫الالمتناهي‪ ،‬حقيقة أم خيال؟!‬
‫ّ‬
‫القرآنية يف استحالة الال متناهي‪53...........................................‬‬ ‫اآليات‬
‫«املوجود البسيط» موهوم آخر ‪61....................................................‬‬
‫ً‬
‫يّ‬
‫الفلسف موضوعا‪63.......................................‬‬ ‫انتفاء التسلسل والواجب‬
‫التركيب عن الوجود والعدم!! ‪71.....................................................‬‬
‫ّ‬
‫الفلسفية القائلة بتشكيك الوجود ‪76....................................‬‬ ‫نقد العقيدة‬
‫ّ‬
‫حتر يف معىن العلة واملعلول عن حقيقته ‪77..........................................‬‬
‫السفسطة أم الفلسفة والعرفان‪87.................................................. :‬‬
‫سرهفلا ‬ ‫‪643‬‬

‫ّ‬
‫الفقري ‪91....................‬‬ ‫بناء عىل اإلمكان‬ ‫بطالن وحدة وجود خ‬
‫الالق واملخلوق ً‬
‫نقد بـرهان أصحاب الفلسفة إل ثبات واجهبم ‪96.....................................‬‬
‫امللكة و العدم ‪103..........................................................‬‬
‫األول‪ :‬حدوث الزمان واملكان ونسبة وجود خ‬
‫الالق تعاىل إلهيما‪107...............‬‬ ‫األمر ّ‬
‫الالق تعاىل عن الزمان؟! ‪107......................................‬‬ ‫یتنزه وجود خ‬ ‫كیف ّ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫الالق ج���ل وعال عن اال ّتصاف بامل���كان‪ ،‬وبطالن االعتقاد‬‫تنزه خ‬‫الدال���ة عىل ّ‬ ‫الرواي���ات‬
‫ّ‬
‫بكون ذاته تعاىل يف كل مكان‪110...................................................:‬‬
‫الالق بالزمان واملكان ‪115....................................‬‬‫املعرفة البشـر ّية تصف خ‬
‫جل وعال عن اال ّتصاف بالزمان‪ ،‬وبطالن ّ‬ ‫ّ‬ ‫تنزه وجود خ‬ ‫ّ‬
‫الدال���ة عىل ّ‬
‫توهم‬ ‫الالق‬ ‫الرواي���ات‬
‫ّ‬ ‫ً‬
‫كونه تبارك وتعاىل موجودا يف كل زمان ‪120...........................................‬‬
‫يدل من نصوص علم الس���ماء عىل ّأن ّكل ما ّ‬
‫يتصور و يدرك يكون ملكة‬
‫ّ‬
‫الثان‪ :‬ما‬
‫األمر ي‬
‫لالمتداد فيسلب بطرفيه النقص والمكال عن اهلل تعاىل‪130...........................‬‬
‫‪135..................‬‬ ‫اهلل تعاىل واحد‪ ،‬ما معناه؟ وما هو البـرهان علیه؟!‬
‫هو تعاىل واحد‪ ،‬ما معناه؟ وما هو البـرهان عليه؟! ‪138...............................‬‬
‫التوحيد هو ّ‬
‫املدعى وهو الدليل‪147..................................................‬‬
‫األوهام حول التوحيد ‪151............................................................‬‬
‫ّ‬
‫والعرفان ‪154............................................‬‬ ‫يّ‬
‫الفلسف‬ ‫نقد عقيدة التوحيد‬
‫ي‬
‫‪161..........................................‬‬ ‫األوهام حول الالمتناهي!!‬
‫ّ‬ ‫ً ّ‬
‫شء؟!! ‪168...............‬‬
‫ي‬ ‫لكل‬ ‫وواجدة‬ ‫كمال‬ ‫لكل‬ ‫هل تكون ذات اهلل تعاىل منبعا‬
‫‪177................................................‬‬ ‫أسطورة ّ‬
‫املجردات‬
‫ّ‬
‫املجردات هي شـركاء اهلل تعاىل!!‪181.................................................‬‬
‫األوهام حول عامل ّ‬
‫املجردات‪188.....................................................‬‬
‫‪644‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫الوهر ّية املوهومة‪195.........................................................‬‬


‫احلركة ج‬
‫التمسك باملتشاهبات إل ثبات عامل ّ‬
‫املجردات ‪202.....................................‬‬ ‫ّ‬
‫‪205........................................‬‬ ‫امتناع معرفة ذات اهلل تعاىل‬
‫ّ‬
‫احلضوري ‪212.............................................................‬‬ ‫نقد العلم‬
‫ّ‬
‫احلضوري؟ ‪214......................‬‬ ‫ما هو سنخ معرفتنا باهلل تعایل بعد إبطال العلم‬
‫ً‬ ‫املطلب ّ‬
‫األول‪ :‬ال سبيل إىل معرفة الذات املتعالية ثبوتا ‪215...........................‬‬
‫ألنه خالق ومبدع‪227....................................... :‬‬ ‫الالق تعاىل ّ‬ ‫ال يعرف خ‬
‫ّ‬
‫الثان‪ّ :‬إن كل ما يعرف بنفسه فهو مصنوع‪228...............................‬‬ ‫املطلب ي‬
‫لاّ‬ ‫املطلب الثالث‪ :‬ال يعرف خ‬
‫الالق إ بأثره وفعله ‪234..................................‬‬
‫ّ‬
‫الفلسفية‪243....................................................‬‬ ‫نقد املعرفة الفطر ّية‬
‫‪251................................................‬‬ ‫نقد مدرسة التفكیك‬
‫احلقيق‬ ‫األول‪ :‬نصوصه���م ف وح���دة وج���ود خ‬
‫الال���ق واملخل���وق و إنكار املع�ن�ى‬ ‫الفص���ل ّ‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫للخلقة ‪253.........................................................................‬‬
‫الثان‪ :‬نصوصهم يف السفسطة والكشف والشهود‪256........................‬‬ ‫الفصل ي‬
‫الفص���ل الثال���ث‪ :‬نصوصهم يف ّادع���اء معرفة ذات اهلل تعایل! بل كون ذلك بال واس���طة‬
‫خلقه و ال من طر یق العقل ‪256.....................................................‬‬
‫ن‬
‫القائلي‬ ‫اإلصفهان وغيرها من العرفاء والفالسفة‬ ‫سلس���لة مش���ايخ مدرس���ة ميرزا مهدي‬
‫ي‬
‫بوحدة الوجود واملوجود املعاصـر ين ‪261.............................................‬‬
‫‪263.............................................‬‬ ‫اص‬ ‫العام خ‬
‫وال ّ‬ ‫الوجود ّ‬
‫‪275.............................................‬‬ ‫اص‬ ‫العام خ‬
‫وال ّ‬ ‫الوصف ّ‬
‫ّ‬
‫و«تصديقية»‪287................................................‬‬ ‫ّ‬
‫«إحاطية»‬ ‫املعرفة‬
‫بيان الروايات املشيرة إىل النقاط املذكورة يف ضمن أقسام‪290....................... :‬‬
‫سرهفلا ‬ ‫‪645‬‬

‫ّ‬
‫الشيئية باملعىن‬ ‫ّ‬
‫الشيئية‪ ،‬وله‬ ‫شء حبقيقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫القسم األول‪ :‬الروايات املشيرة إىل أن اهلل تعاىل ي‬
‫اص خ‬
‫باللق‪290......................................................... :‬‬ ‫العام ال خ‬
‫ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫الدالة عىل ّأن اهلل تع���اىل موجود باملعىن ّ‬
‫العام‪ ،‬وموجود باملعىن‬ ‫الثان‪ :‬الروايات‬
‫القس���م ي‬
‫اص الالئق به تعاىل ‪294........................................................‬‬ ‫ال ّ‬‫خ‬

‫الالق تعاىل إىل معان يضاف‬ ‫القسم الثالث‪ :‬الروايات املشيرة إىل وجوب إرجاع صفات خ‬
‫إلهيا قيود ّ‬
‫سلبية ‪299................................................................‬‬
‫‪315.......................................‬‬ ‫نسبة اهلل تعایل مع الصفات‬
‫ّ‬
‫توقیفیة أم ال ؟! ‪325........................‬‬ ‫هل أمساء اهلل تعاىل وأوصافه‬
‫هل تعرف ذات خ‬
‫الالق تعاىل بالعقل؟!‪339.........................................‬‬
‫لاّ‬
‫‪345...............................‬‬ ‫ال يعرف اهلل تعایل إ بفعله ال بذاته‬
‫نؤمن وال نعرف؟!! ‪351..............................................................‬‬
‫ّ‬
‫أظهر من كل ظاهر ‪355.................................................‬‬
‫كيف ميكن احلكم عىل املجهول املطلق؟! ‪359.......................................‬‬
‫ّ‬
‫التحير‪ ،‬ضاللة أم هدى؟! ‪361......................................................‬‬
‫‪365........................................‬‬ ‫مب یباین اهلل تعاىل خلقه؟!‬
‫لاّ‬
‫‪ )1‬ال ممكن إ وهو حادث ‪368.....................................................‬‬
‫ً‬
‫‪ )2‬القدمي ال يكون مفعوال ‪369......................................................‬‬
‫الفلسفة تقول ّ‬
‫بأزلية العامل‪372..................................................... :‬‬
‫لاّ‬
‫إشارة إىل بعض ما ورد دا عىل حدوث مطلق ما سوى اهلل تعاىل‪376............ :‬‬
‫‪383............................................‬‬ ‫اإلرادة هي صفة الفعل‬
‫قدم اإلرادة عند أصحاب الفلسفة‪391.............................................. :‬‬
‫‪401...........................................‬‬ ‫ّ‬
‫املعلولیة واالحتیاج‬ ‫مالك‬
‫‪646‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫ّ‬ ‫ً‬ ‫هل ّ‬


‫يصح أن يكون القدم مال كا لالستغناء عن العلة؟‪408...........................‬‬
‫‪413.......................................‬‬ ‫نقد بـرهان الوجوب واإلمكان‬
‫ً‬
‫خالص���ة اإلش���كاالت ال���واردة ع�ل�ى م���ا زعم���ه أصح���اب املعرف���ة البش���ـر ّية بـرهان���ا‬
‫إل ثبات واجهبم‪428................................................................ :‬‬
‫‪431....................................................‬‬ ‫حقیقة األشیاء‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العرفانیة الضالة ‪439...........................................‬‬ ‫الوحدة‬
‫ّ‬
‫اهلل جل جالله أهو خالق األشیاء؟ أم نفس األشیاء ومصدرها؟! ‪457.....‬‬
‫لاّ‬
‫التناقض يف قاعدة‪« :‬الواحد ال يصدر عنه إ الواحد»‪472..........................‬‬
‫ّ‬
‫العينية نفسها‪478..................:‬‬ ‫ّ‬
‫السنخية هي‬ ‫ّإن الصدور هو الوالدة ال غير‪ ،‬و ّإن‬
‫ّ‬
‫والسنخية‪479........................................... :‬‬ ‫بعض متشاهبات الصدور‬
‫إذا كان كم���ال معرف���ة اهلل التصدی���ق ب���ه مف���ا ه���و حك���م اس���تزادة معرف���ة‬
‫‪483................................................‬‬ ‫اهلل تع���اىل؟!‬
‫‪ )1‬ذات‪ ،‬علم‪ ،‬نور‪ ،‬قدرة‪ ،‬حياة‪ ،‬مسع‪ ،‬بصـر ‪485......................................‬‬
‫‪ )2‬القر يب املحتجب بالنور ‪487.....................................................‬‬
‫‪ )3‬حجاب املعصية ‪490.............................................................‬‬
‫‪ )4‬ر ياض القرب ‪491.................................................................‬‬
‫‪ )5‬خ‬
‫الالق العاجز؟! ‪495.............................................................‬‬
‫‪ )6‬أدىن مرتبة املعرفة هي أعالها ‪498................................................‬‬
‫ّ‬
‫‪ )7‬التفكر يف ذات اهلل‏‪499...........................................................‬‬
‫ّ‬
‫القلبية‪502.......................................................‬‬ ‫‪ )8‬املراد من املعرفة‬
‫وت ّري املخلوق ‪504.................................................‬‬
‫الالق ج‬ ‫حتن خ‬‫‪ ّ )8‬ن‬
‫‪ )9‬الدعاء ‪506......................................................................‬‬
‫سرهفلا ‬ ‫‪647‬‬

‫ّ‬
‫التوكل والتسلمي خ‬
‫والشوع واحلياء و‪506....................................... ...‬‬ ‫‪)10‬‬
‫‪ )11‬الضيافة ّ‬
‫اإلهلية ‪511...............................................................‬‬
‫يّ‬
‫احلقيق‪512.............................................................‬‬ ‫‪ )12‬املحبوب‬
‫تعبدي‪ ،‬أم ال ذاك وال ذا؟! ‪519........‬‬ ‫ّ‬ ‫الالق تعاىل ّ‬
‫عقل أم‬ ‫اإل قرار بوجود خ‬
‫ي‬
‫لاّ‬ ‫اال نس���داد وعج���ز العق���ول ع���ن إثب���ات وج���ود خ‬
‫الال���ق املتع���ال إ بإغاث���ة‬
‫‪527....................................................‬‬ ‫اهلل تع���ایل‬
‫املعرفة من صنع اهلل‏‪532.............................................................‬‬
‫اإلغاثة قبل االستغاثة‪537..........................................................‬‬
‫ما هو معىن معاينة اهلل خ‬
‫وماطبته؟! ‪544...............................................‬‬
‫إرائة اآليات أم إرائة الذات؟! ‪546...................................................‬‬
‫املعرفة الفطر ّية؟! ‪549...............................................................‬‬
‫‪553...............................‬‬ ‫شأن العقل يف طر یق معرفة اهلل تعاىل‬
‫عظم شأن العقل‪555................................................................‬‬
‫العقل أو املعصوم؟!‪556.............................................................‬‬
‫أبواب املعرفة‪561.................................................................. :‬‬
‫الدين بمكاله هو معرفة ّ‬
‫احلجة ال غير ‪563............................................‬‬
‫الدين عىل أصل واحد‪568..........................................................‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حرمة األخذ عن غير صاحب املعجزة عقال ونقال ‪573....................‬‬
‫‪597..............................................‬‬ ‫معرفة اهلل تعایل باهلل‏‬
‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعاىل إ باهلل ‪599.................................................... 1‬‬
‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعاىل إ باهلل ‪602....................................................2‬‬
‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعاىل إ باهلل ‪603................................................... 3‬‬
‫‪648‬‬ ‫معرفة اهلل تعالی باهلل ال باألوهام‬

‫لاّ‬
‫ال يعرف اهلل تعاىل إ باهلل ‪607....................................................4‬‬
‫احلجة إلاّ بوجود ّ‬
‫احلجة‪611..................................................:‬‬ ‫وال تمت ّ‬
‫ّ‬
‫مرائ املعرفة يف العوامل كلها ‪615........................................‬‬ ‫ي‬
‫وماطبته ‪621......................................................‬‬‫تفسير معاينة اهلل خ‬

‫تفسیر والیة األولیاء والتفو یض إلهیم ‪625................................‬‬


‫الفهرس ‪641...........................................................‬‬

You might also like