You are on page 1of 170

‫‪0‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .

‬عبد الراضً أميه‬


‫‪1‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫مقدمة‬

‫الحمد هلل الذى عمـ اإلنساف ما لـ يعمـ‪ ،‬نحمده ونستعينو ونستيديو ونستغفره‪ ،‬ونؤمف بو ونتوكؿ عميو‪ ،‬ونعوذ باهلل‬
‫مف شرور أنفسنا ومف سيئات أعمالنا‪ ،‬مف ييد اهلل فبل مضؿ لو‪ ،‬ومف يضمؿ فػبل ىادى لو‪ .‬وأشػيد أف ال إلو إال‬
‫الذ ْك َرى (‪َ )9‬سيَ َّذ َّك ُر َمن يَ ْخ َ‬
‫شى (‪ )10‬ويَتَ َجنَّبُ َها األَ ْش َقى‬ ‫ت ّْ‬‫اهلل وحػده ال شريؾ لو‪ ،‬الذى عممنا (ف َذ ّْكر إن نَّ َف َع ِ‬
‫ْ‬
‫ك ْب َرى ( ‪ ) )12‬األعمى‪ .12 -9 :‬وأشيد أف محمدأ عبد اهلل ورسولو الذى عممنا‬ ‫َّار ال ُ‬ ‫ِ‬
‫صلَى الن َ‬
‫( ‪ )11‬الَذي يَ ْ‬
‫(‪ ،)1‬والذى عممنا‪:‬‬ ‫"أوثؽ عرى اإليماف المواالة فى اهلل والمعػاداة فى اهلل ‪ ،‬والحب فى اهلل والبػغض فى اهلل "‬
‫"سيأتى عمى الناس سنوات خداعات يصدؽ فييا الكاذب ويكذب فييا الصادؽ‪ ،‬ويؤتمف فييا الخػائف ويخوف فييا‬
‫األميف‪ ،‬وينطؽ فييا الرويبضة" قيؿ‪ :‬وما الرويبضة؟ قاؿ‪" :‬الرجؿ التافو يتحدث فى أمر العامة" (‪ .)2‬الميـ صؿ‬
‫عمى محمد وعمى آؿ محػمد‪ ،‬كما صميت عمى إبراىيـ وعمى آؿ إبراىيـ‪ ،‬وبارؾ عمى محمد وعمى آؿ محمد‪ ،‬كما‬
‫باركت عمى إبراىيـ وعمى آؿ إبراىيـ‪ ،‬إنؾ حميد مجيد‪...‬‬
‫أما بعد‪ :‬مما ال شؾ فيو أف قضية "بيت المقدس " ىى قضية العالـ اإلسبلمى المحورية‪ ،‬واغتصابيا عمى أيدى‬
‫‪ 4‬مايو ‪ ،1948‬قد عرض أمف‬ ‫اإلنجميز عاـ ‪ ،،1918‬ومف بعدىـ الصياينة وقوى االستعمار العالمى فى‬
‫العالـ اإلسبلمى كمو لمخطر؟ فمقد أثبتت الدراسات واألحػداث أف العدو الذى اغتصب القدس لف تقؼ أطماعو‬
‫(‪)3‬‬
‫عند ىذا الحد‪ ،‬بؿ إنو يحمـ بتمزيؽ العالـ إلى "كانتونات " عرقية وطائفية‪ ،‬واقامة دولة ييودية عالمية‬
‫عاصمتيا بيت المقدس‪ ،‬ومف أجؿ ىذا كاف لمعدو استراتيجػية ثابتة تقوـ عمى توجيو ضربات مباغتة ومفاجئة‬
‫لدوؿ المنطقة‪ ،‬ثـ التوقؼ حتى يتـ ىضـ المقمة التى ابتمعيا‪ ،‬وال مانع أثناءىا مف رفع شعارات‪ -‬السبلـ‪ -‬لتخدير‬
‫مشاعر الفريسة وأىميا ريثما يتـ توجيو الضربة التالية‪ ،،‬وىكذا‪.‬‬
‫والعقبة فى سبيؿ تحقيؽ ذلؾ‪ -‬كما يراىا الصياينة‪ -‬ىى عقيدة التوحيد‪ ،‬ووحدة األمة المسممة‪ ،‬وخصوبة النسؿ‪،‬‬
‫والصحػوة اإلسبلمية المتنامية‪ ،‬وامتداد رقعة العالـ اإلسبلمى ‪ ،‬ووفرة ثرواتو وموارده الطبيعية‪ ،‬ومف ىنا كانت‬
‫استراتيجية العدو التى تقوـ عمى ضرورة تفكيؾ أوصاؿ األمة إلى كيانات طائفية عرقية‪ ،‬مع إشاعة الفتنة بيف‬

‫(‪)1‬‬
‫حديث خرجو الترمذى‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫حديث خرجو ابف ماجو فى باب الفتف‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫حسب ما ترويو توراتيـ المحرقة "وعقد الرب مع إبراـ عيداً‪ ،‬لنسمؾ أعطى األرض مف نير مصر إلى نير الفرات " سفر التكويف إصحاح‬
‫(‪)18/15‬‬
‫‪2‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ىذه الكيانات‪ .‬باإلضافة إلى محػاولة تحجيـ نسؿ المسمميف‪ ،‬وطمس معالـ عقيدة اإلسبلـ فى القموب‪ ،‬وضرب‬
‫مواقع القوة فى الجسد اإلسبلمى بشتى الوسائؿ‪ ،‬وقد استطاع العدو أثناء تنفيذ ىذه االستراتيجية‪ -‬تنويـ األمة‪-‬‬
‫مف خبلؿ معاىدات السبلـ‪ ،‬واجراءات التطبيع‪ ،‬ومف خػبلؿ توظيؼ المنظمات الدولية‪ ،‬وغالب األنظمة الحػاكمة‬
‫بمؤسساتيا السياسية والعسكرية واالقتصادية والتعميمية واإلعبلمية لتحقيؽ أىدافو ‪ ،‬ورغـ ىذا فيبدو أف قطاعأ‬
‫كبي أر مف األمة ال يدرؾ حجـ تمؾ األخطار‪.‬‬
‫ولما كاف مف واجب العمماء تنبيو األمة إلى األخطار المحدقة بيا‪ ،‬وتبصيرىا بضراوة اليجمة الصييونية‬
‫االستعمارية وأبعادىا التى لف تقؼ عند حد اغتصاب فمسطيف وحدىا‪ ،‬لعؿ األمة تنتبو‪ ،‬وتأخذ زماـ المبادرة فى‬
‫التصدى ليذا العدواف الواقع عمييا وتحرير القدس وغيرىا مف ديار اإلسبلـ‪ .‬كخطوة أولى نحو تحرير إرادة‬
‫األمة‪ ،‬واقامة ديف اهلل حتى ال تكوف فتنة ويكوف الديف كمو هلل‪.‬‬
‫مف أجؿ ىذا كػاف "الكتاب األوؿ "‪ ،‬وىو عبػارة عف قػراء! فى فكر بعض عممػاء االستراتيجػية والعموـ السياسية‬
‫والعسكرية المشيود ليـ بالكفاءة‪ ،‬وبعض الكتاب المعاصريف الذيف نبيوا‪ -‬جميعاً‪ -‬إلى تمؾ األخطار التى طوقت‬
‫األمة ا وبينوا كيفية مواجيتيا‪.‬‬
‫وقراءتنا ىذه جعمناىا فى ستة فصوؿ عمى النحو التالى‪-:‬‬
‫الفصؿ األوؿ‪ :‬قراءة فى فكر المواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪.‬‬
‫المبحث ا ألوؿ‪ :‬الجولة اإلسرائيمية‪ -‬العربية السادسة‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬صداـ محتمؿ مف أجؿ القدس‪.‬‬
‫الفصؿ الثانى‪ :‬قراءة فى فكر األستاذ الدكتور حامد عبد اهلل ربيع‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬لماذا‬ ‫المبحث األوؿ‪ :‬الصييونية واالستعمار يعدوف العدة لتمزيؽ مصر والمنطقة العربية‪.‬‬
‫يحرص الييود عمى تمزيؽ المنطقة العربية؟‬
‫المبحث الثالث‪ :‬األدوات التى تتبناىا السياسة األمريكية ‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مصر والحرب القادمة‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬أسباب نجاح مخططات االستعمار والصييونية فى العالـ العربى‪.‬‬
‫الفصؿ الثالث‪ :‬قراءة فى فكر رجاء جارودى‬
‫المبحث األوؿ‪ :‬حوؿ كتاب ‪" -1‬ممؼ إسرائيؿ "‪.‬‬
‫‪ " -2‬األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية"‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬إسرائيؿ ظاىرة استعمارية‬
‫المبحث الثالث‪ :‬استراتيجية إسرائيؿ فى الثمانينات والتسعينات مف خبلؿ تقرير المنظمة الصييونية العالمية‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ الرابع‪ :‬قراءة فى فكر دكتور جماؿ حمداف‬


‫مف خبلؿ كتاب " صفحات مف أوراقو الخػاصة " ‪.‬‬
‫الفصؿ الخامس‪ :‬قراءة فى فكر الدكتور صالح عبد الفتاح الخالدى‬
‫مف خبلؿ كتابو "الشخصية الييودية مف خبلؿ القرآف الكريـ "‬
‫(تاريخ‪ -‬وسمات‪ -‬ومصير)‪.‬‬
‫الفصؿ السادس‪ :‬قراءات متنوعة‪ ...‬ومقاالت صحفية‪:‬‬
‫المبحث األوؿ‪ :‬قراءة فى فكر د‪ .‬مراد ىوفماف‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬قراءة فى مقالة‪" :‬المصريوف فى ميب الريح "‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬قراءة فى فكر األستاذ سعد الديف وىبو‪.‬‬
‫المبحث الخػامس‪ :‬قراءة‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬قراءة فى مقالة الدكتور مصطفى محمود (دستور المصوص) ‪.‬‬
‫فى مقالة األستاذ أحمد بيجت (جذور العنؼ)‬
‫أييا القارىء الكريـ‪:‬‬
‫ال يفوتنا أف ننوه إلى أف دورنا فى ىذا اإلصدار‪ -‬األوؿ‪ -‬ىو دور المؤرخ الذى يقوـ بتجميع الوثائؽ التاريخية‪،‬‬
‫وترتيبيا‪ ،‬تمييداُ إلخضاعيا لمتقويـ والتحميؿ‪ ،‬واستخػبلص النتػائج‪ ،‬والفضؿ هلل‪ -‬سبحانو وتعػالى‪ -‬ثـ لمعمماء‬
‫والكتاب الذيف عايشوا القضايا واألحداث المصيرية ‪ ،‬وغاصوا فى أعماقيا ‪ ،‬وأدركوا خطورتيا ‪ ،‬فأدوا واجب‬
‫الببلغ ‪ ،‬ونبيوا إلى كيفية مواجيتيا ‪ ،‬ولكف األمة – حتى اآلف – لـ تستمع لما قالوا ‪ ،‬ولـ تنتبو إلى خطورة‬
‫الببلغ ‪.‬‬
‫بؿ إف مف أبناء ىذه األمة مف كاف ينظر إلى ىذا العالـ‪..‬أو ذاؾ قائبلً ‪( :‬خياؿ مريض!!) ‪.‬‬
‫لقد مضى بعض ىؤالء العمماء – ووقع بعض ما ذكروا – بؿ إف بعضيـ قد اختفى مف عمى مسرح الحياة فجأة‬
‫!! وفى ظروؼ غامضة !! ما أحس بو أحد ‪.‬‬
‫وفى الحقيقة أف ىؤالء قد أدوا واجبيـ – ونحسبيـ كذلؾ واهلل حسيبيـ ‪.‬‬
‫مف أجؿ ىذا كاف ىذا اإلصدار – األوؿ – تذكرة لؤلمة بتراث ىؤالء العمماء والمفكريف ‪ ،‬عميا تبحث عنو‬
‫وتدرسو وتنتفع بو ‪ ،‬وفى النياية ندعو اهلل – عز وجؿ – بالخير لمقائميف عمى دور النشر التى قامت بنشر فكر‬
‫ىؤالء العمماء ‪.‬‬
‫وأخر دعوانا أف الحمد هلل رب العالميف‬
‫إعداد‬
‫أ‪.‬د ‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‬
‫الشيخ ‪ .‬عبد الراضى أميف‬
‫‪4‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ األوؿ‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬الجولة اإلسرائيمية‪ -‬العربية السادسة‬


‫المبحث الثانى‪ :‬صداـ محتمؿ مف أجؿ القدس‬

‫تعريؼ بالمؤلؼ ‪:‬‬


‫المواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪.‬‬
‫* أستاذ االستراتيجية الشاممة بأكاديمية ناصر العسكرية‪.‬‬
‫* مف مواليد ‪.1942‬‬
‫* تخرج فى الكمية الحربية ‪. 1960‬‬
‫* تخرج فى حقوؽ القاىرة ‪. 1978‬‬
‫* حصؿ عمى الدكتوراة ‪.1986‬‬
‫‪ -)1987‬توفى فى ‪ 13‬رمضاف‬ ‫* حصؿ عمى درجػة الزمالة بكمية الدفاع الوطنى (أكاديمية ناصر العسكرية‬
‫‪ 1416‬ىػ‪ 2 -‬فبراير ‪1996‬‬
‫ولمكاتب (رحمو اهلل) مؤلفات عديدة أىميا‪:‬‬
‫* أىداؼ ومجػاالت السمطة فى الدولة اإلسبلمية ‪.‬‬
‫* النظاـ السياسى فى إسرائيؿ‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،‬المنصورة‪.‬‬
‫* آثار حرب الخميج عمى منظومة القيـ اإلسبلمية العميا‪.‬‬
‫* آثار تفكؾ االتحاد السوفيتى عمى أمف األمة اإلسبلمية‪ ،‬دار الوفاء ‪ ،‬المنصورة ‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫* ثقافتنا فى إطار النظاـ العالمى الجديد‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى‪ ،‬القاىرة‪.‬‬


‫* شيشاف والخطر المحدؽ بمسممى آسيا‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى ‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫* نحو نيضة أمة " كيؼ نفكر استراتيجيا "‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى‪ ،‬القاىرة‪.‬‬
‫ولمكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬بعض الترجمات أىميا‪:‬‬
‫* البعد اإلسبلمى فى حرب الخميج‪ ،‬عف المغة الفرنسية‪.‬‬
‫* الجواسيس غير الكامميف‪ ،‬عف المغة اإلنجميزية‪.‬‬
‫ولمكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬كتابات وأبحاث عديدة فى الصحؼ والمجبلت‪.‬‬
‫‪6‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الجولة اإلسرائيمية العربية السادسة‬


‫(‪)4‬‬
‫المواء أ‪.‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ أستاذ االستراتيجػية الشاممة بأكاديمية ناصر‬ ‫تحت ىذا العنواف كػتب‬
‫العسكرية‪:‬‬
‫"درجت إسرائيؿ عمى شف حرب عدوانية توسعية كؿ عقد مف الزماف فكانت الجولة األولى عاـ ‪ ،1948‬ثـ الثانية‬
‫عاـ ‪ ،1956‬والثالثة عاـ ‪ ،1967‬والرابعة عاـ ‪ ،1973‬أما الجولة الخامسة فقد كانت عاـ ‪ 1982‬فى لبناف ‪،‬‬
‫وليس مف قبيؿ اإلغراؽ فى استقراء األحداث المستقبمية أف نتحسب لجولة عدوانية إسرائيمية سادسة فى عقد‬
‫التسعينيات‪.‬‬
‫وعمى الرغـ مما يسمى بخطة "بوش " لمسبلـ فى الشرؽ األوسط ‪ ،‬فإف كؿ المؤشرات تدؿ عمى أف الجولة‬
‫السادسة سوؼ تقع حتماً بؿ إنيا وشيكة الحدوث‪.‬‬
‫وال غرو فما بدأ نزوح العدو إلى أرض فمسطيف منذ ثمانينيات القرف التاسع عشر إال بيدؼ االستيبلء عمى ما‬
‫يدعوف أنو أرض الميعاد‪ ،‬واقامة إسرائيؿ الكبرى‪ ،‬وطرد السكاف األصمييف‪ ،‬وبناء الييكؿ عمى أنقاض المسجد‬
‫األقصى"‪:‬‬
‫وعرض الكاتب ألسموب تفكير القػادة الصياينة مف خػبلؿ كػتػاب (‪ ،‬ريموند كػوىيف " "الثقافة والصراع فى‬
‫العبلقات المصرية اإلسرائيمية"‪.‬‬

‫يقوـ النزاع بيف العرب واسرائيؿ عمى أرض بعينيا‪ ،‬وبينما قبؿ العرب تدريجيا بفكرة تقسيـ األرض‪ ،‬ثـ توالت‬
‫تنازالتيـ فى ظؿ األرض مقابؿ السبلـ‪ ،‬فإف الفكر اإلسرائيمى يقوـ عمى أساس أف أرض إسرائيؿ ىى المكاف‬
‫الذى فيو شعب إسرائيؿ‪ ،‬وتشكمت فيو شخصيتيـ الدينية والسياسية‪ ،‬وعمى ىذه األرض أقاموا أوؿ دولة ليـ‪،‬‬

‫(‪)4‬‬
‫راجع مجمة استراتيجيا العدد ‪ -،109‬السنة التاسعة‪ -‬نوفمبر‪ /‬ديسمبر ‪ ،1991‬ص ‪.33 :28‬‬
‫* وانطبلقا مف ىذه الخمفية الثقافية نجد أف جابوتنسكى يقوؿ‪ :‬إف التوراة والسيؼ أنزلتا عمينا مف السماء‪ .‬ويقوؿ تمميذه مناحيـ بيجيف الذى وقع‬
‫اتفاقية السبلـ‪ :‬إف قوة التقدـ فى التاريخ ليست لمسبلـ وانما لمسيؼ ‪ ،‬وانطبلقاً مف ىذه الخمفية الثقافية أيضا يؤمف قادة إسرائيؿ جميعأ ببل‬
‫استثناء سواء مايسمونيـ الصقور أو ما يسمونيـ الحمائـ‪ ،‬أف الوسيمة الوحيدة لتحقيؽ أمف إسرائيؿ جميعاً ىى اليجوـ والتوسع عمى حساب‬
‫األرض العربية والسكاف العرب ‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وشكموا القيـ الثقافية ذات الداللة العالمية‪ ،‬ومنحوا سفر األسفار‪ ،‬وبالتالى فإف فكرة تقسيـ األرض كانت وال تزاؿ‬
‫غير مقبولة‪.‬‬
‫إف قادة إسرائيؿ اليروف تعارضاً منطقياً بعرض السبلـ‪ ،‬وفى الوقت الذى يمجؤوف فيو الستخداـ القوة المسمحة‪،‬‬
‫ويعتبر القادة اإلسرائيميوف أف الضربات العسكرية ىى بمثابة إشارات تحذيرية‪ ،‬كى يعدؿ العدو (يقصد العرب)‬
‫مسار تصرفاتو المستقبمية بما يتواءـ وأىدافيـ تجنبا لما قد ينزؿ بو مف عقاب " ‪.‬‬
‫وذكر الكاتب أيضأ ما قالو "إسحاؽ شامير" لجريدة ىاأرتس فى يناير سنة ‪.1987‬‬
‫"ال سبلـ يدوـ إلى األبد‪ ،‬إف االستقرار الدولى واإلقميمى يقوـ عمى قواعد لمعبة قواميا الردع المستمر"‪.‬‬
‫"كما أف قادة إسرائيؿ ببل استثناء يؤمنوف أف الوسيمة الوحيدة لتحقيؽ أمف إسرائيؿ ىى اليجوـ والتوسع عمى‬
‫حساب األرض العربية والسكاف العرب‪.‬‬
‫وبعد أف يقرر "فرانؾ برنابى" ىذه الحقيقة يتساءؿ‪ :‬ومف ذا الذى يستطيع أف يموميـ عمى ذلؾ"؟ ‪.‬‬
‫ويواصؿ فوزى طايؿ حديثو‪" :‬قد أزعـ أنى ال أتجاوز الحقيقة إذا قمت‪ :‬إنو بينما كاف العرب فى غفمة قامت‬
‫إسرائيؿ بتمييد الظروؼ الدولية‪ -‬اإلقميمية والمحمية‪ -‬وقامت بدعـ قواتيا البشرية واإلقتصادية واالجتماعية‬
‫والعسكرية استعداداً لجولة عقد التسعينات‪ ،‬وربما ال أتجاوز الحقيقة إف قمت‪ :‬إف ىذا االستعداد الضخـ قد‬
‫استغرؽ أكثر مف عشريف عاماً مف العمؿ المتواصؿ‪ ،‬لتحقيؽ أىداؼ محددة‪:‬‬
‫فتح باب ىجرة الييود السوفييت وكذلؾ الييود األثيوبييف إلى إسرائيؿ عمى مصراعيو بأكثر مما يمكف أف‬
‫تستوعبو الدولة برقعتيا المحدودة حالياً‪.‬‬
‫ىجرة أعداد متزايدة مف المياجريف مف أوروبا والواليات المتحدة األمريكية وجنوب أفريقيا‪ ،‬وبعض الببلد العربية‬
‫واألقطار اإلسبلمية‪ ،‬بعد أف كانت الصييونية العالمية تعتمد عمى قوى كبرى لمساندتيا‪ ،‬أصبحت اآلف تتبنى‬
‫فكرة تسخير قوى عظمى لتحقيؽ أىدافيا‪ .‬ىذه القوى ىى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬التى تضـ أكبر تجمع‬
‫ييودى فى العالـ " لتحقيؽ األىداؼ الصييونية‪ ،‬وقد بمغ التغمغؿ الصييونى فى المجتمع األمريكى وفى‬
‫مؤسسات صنع القرار‪ ،‬وتوجيو الرأى العاـ‪ ،‬بؿ وفى مؤسسات صوغ وادارة األمف القومى األمريكى‪ ،‬إلى حد‬
‫تسخير الواليات المتحدة األمريكية لخدمة التحرؾ الصييونى‪ .‬وقد يحتاج القارئ لبعض التفاصيؿ‪ ،‬حتى اليكوف‬
‫األمر غامضاً‪:‬‬
‫* أسست الجالية الييودية فى الواليات المتحدة األمريكية منظمات لمتحرؾ السياسى اصطمح عمى تسميتيا‬
‫بالموبى الييودي وىى تتكوف مف‪:‬‬
‫* المجنة األمريكية اإلسرائيمية لمشؤوف العامة (اإليباؾ) ‪ AIPAC‬تأسست عاـ ‪.1959‬‬
‫* رؤساء المنظمات الييودية‪.‬‬
‫* مؤتمر رؤساء المنظمات الييودية األمريكية الكبرى وتأسس العاـ نفسو‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪NATAPAC‬‬ ‫* لجاف العمؿ السياسى (باكس) ‪ ،PACS‬وأىميا المجنة القومية لمعمؿ السياسى (ناتباؾ)‬
‫وتأسس عاـ ‪.1982‬‬
‫* معاىد الرأى وأشيرىا معيداف‪:‬‬
‫أ‪ -‬المعيد الييودي لشؤوف األمف القومى (جينسا ‪ JINSA‬الذى تأسس عاـ ‪ 1977‬ليكوف مرك از لمتابعة‬
‫و ازرة الدفاع األمريكية (البنتاغوف) وأداة إلقناع الرأى العاـ األمريكى باالرتباط الحتمى بيف أمف الواليات المتحدة‬
‫األمريكية وأمف إسرائيؿ‪ ،‬وغالبا ما تتسرب المعمومات العسكرية السرية األمريكية إلى إسرائيؿ عبر ىذا المعيد‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫األدنى‪ ،‬وييتـ ىذا المعيد بالتحرؾ المؤيد إلسرائيؿ فى أوساط المثقفيف‬ ‫ب‪ -‬معيد واشنطف لسياسة الشرؽ‬
‫والعمماء ورجاؿ اإلدارة والسياسة وشؤوف األمف القومى فى أمريكا‪.‬‬
‫وقد نجحت ىذه المنظمات‪ -‬إلى حد كبير‪ -‬فى جذب تعاطؼ الشعب األمريكى مف غير الييود‪ ،‬خبلؿ التركيز‬
‫عمى وحدتو الثقافية الييودية النصرانية‪.‬‬
‫"وتعمؿ ىذه المنظمات عمى السيطرة بطرؽ مباشرة وغير مباشرة عمى قمة السمطة فى اتخاذ القرار‬
‫األمريكى‪ ،‬عف طريؽ إحاطة رئيس الواليات المتحدة األمريكية ونائبو وأعضاء الكونجرس بعدد مف الييود الذيف‬
‫يقيموف معيـ عبلقات شخصية وعبلقات عمؿ‪ ،‬فضؤل عف إيصاؿ شخصيات إلى المناصب العميا فى و ازرات‬
‫الخارجية والدفاع والخزانة ومجمس األمف القومى‪ ،‬بؿ إلى مركز القرار نفسو‪ ،‬وتيتـ تمؾ المنظمات بالسيطرة عمى‬
‫مراكز إمداد أجيزة صنع القرار بالمعمومات‪ ،‬وعمى مراكز توجيو الرأى العاـ (صحافة‪ -‬دور نشر‪ -‬إذاعة‪-‬‬
‫تمفاز‪ -‬والسينما)‪ ،‬بؿ وعمى الجامعات (ىيئة التدريس والطمبة) "‪.‬‬
‫"إف النتيجة الحتمية لكؿ ىذا‪ :‬أف الق اررات األمريكية لـ تعد تتخذ لمراعاة أمف ومصمحة إسرائيؿ فقط ‪ ،‬بؿ إف‬
‫الق اررات أصبحت تتخذ فى كثير مف األحياف مستيدفة حماية أمف إسرائيؿ ومصمحػتيا‪ ،‬وندلؿ عمى ذلؾ ببعض‬
‫األمور التى تمت فى الثمػانينات ومطمع التسعينات‪:‬‬
‫‪ ،1981‬والتى‬ ‫أوالًال‪ :‬توقيع اتفاقية التفاىـ االسراتيجى بيف البمديف‪ -‬إسرائيؿ وأمريكا‪ -‬فى الثبلثيف مف نوفمبر‬
‫بموجبيا يتـ إجراء التدريب المشترؾ بيف قوات البمديف فى شرؽ البحر المتوسط‪ ،‬واقامة منشآت البنية التحتية‪،‬‬
‫فضبل عف التعاوف فى مجاؿ البحث والتطوير ‪ -‬فى كؿ النواحػى العسكرية الحديثة‪ -‬بما فى ذلؾ برنامج مبادرة‬
‫الدفاع االستراتيجى ‪. SDI‬‬

‫(‪)5‬‬
‫وقد تأسس ىذا المعيد عاـ ‪ 1982‬تحت شعار أنو مؤسسة تعميمية خاصة لتشجيع البحث العممى والحوار البناء فى مجاؿ المصالح‬
‫األمريكية فى الشرؽ األدنى‪ ،‬ويرأسو حاليا (والتر منديؿ‪ -‬نائب الرنيس األمريكى السابؽ) ومف أعضائو "لورانس إيفمبر غر‪ ،‬والكسندر ىيج "‬
‫وتقوـ ىذه المنظمات بإدارة عمميا فى تسخير الواليات المتحدة لخدمة األىداؼ الصييونية مف خبلؿ التنسيؽ الجيد بينيما‪ ،‬وتوزيع األدوار‬
‫واستثمار الوالء الدينى لمييود الذى نما بشكؿ واضح منذ حرب عاـ ‪. 1967‬‬
‫‪9‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ولقد سار البمداف شوطاً طويبلً فى ىذا المجػاؿ‪ ،‬فقاـ وزير الدفاع األمريكى "ريتشارد تشينى" بزيارة إلسرائيؿ فى‬
‫األسبوع األخير مف شير مايو عاـ ‪ ،1991‬وقع فى نيايتيا اتفاقا لمتعاوف االستراتيجى بيف البمديف‪ ،‬وأعمف أف‬
‫ببلده تقوـ بتمويؿ برنامج إنتاج الصػاروخ اإلسرائيمى‪ ،‬كما أف أمػريكا قد بدأت منذ وقت قػريب فى تكديس مخػزوف‬
‫استراتيجى مف األسمحػة فى إسرائيؿ‪ ،‬يسمح ألى الدولتيف باستخدامو تحسباً لنشوب حرب جديدة بالشرؽ األوسط‪.‬‬
‫ثانياًال‪ :‬قامت الواليات المتحدة بتحويؿ معوناتيا العسكرية إلى العديد مف دوؿ العالـ الثالث إلى إسرائيؿ‪ ،‬مقابؿ أف‬
‫تقوـ إسرائيؿ بتوريد األسمحة والخبرة العسكرية لتمؾ الدوؿ فى أفريقيا وآسيا وأمريكا البلتينية‪ ،‬وذلؾ دعماً‬
‫القتصادىا وصناعتيا الحربية‪.‬‬
‫"لئف كػاف قياـ الواليات المتحدة األمريكية بافتعاؿ أزمة الخميج وتنفيذ عممية (درع الصحراء) يستيدؼ مصالح‬
‫اقتصادية واستراتيجية أمريكية‪ ،‬فإف األسموب الذى تـ بو تدمير القوى الشاممة لمعراؽ‪ -‬والذى اليزاؿ مستم اًر‪-‬‬
‫كاف اليدؼ منو إزالة أقوى تيديد إلسرائيؿ‪ ،‬واستكمػاؿ عزؿ سوريا بوصفػيا اليدؼ األوؿ‪ ،‬وميػداف المعركػة‬
‫الرئيسى لممستقبؿ فى الجولة اإلسرائيمية‪ -‬العربية السادسة‪ -‬حسب ما جػاء فى الدراسة التى أعمنيا معيد‬
‫واشنطف لسياسات الشرؽ األدنى ونشرت عاـ ‪ 1995‬تحت عنواف "ميداف المعركة المستقبمى والصراع العربى‬
‫اإلسرائيمى"‪.‬‬
‫"وفى ىذا السياؽ‪ ،‬فإف مف غير المستغرب أف نرى الكونجرس األمريكى وقد أصدر قانوناً فى مطمع عاـ ‪،1995‬‬
‫يعتبر فيو "القدس " عاصمة دولة إسرائيؿ‪ ،‬ضاربا عرض الحػائط بكؿ ق اررات مجمس األمف التى تعتػبػر "القدس "‬
‫‪Special international‬‬ ‫الموحػدة كػيػانأ مستػقؤل " ‪"Separatum Corpus‬تخضع لنظاـ دولى خػاص‬
‫‪ regime‬وال يجوز بالتالى إخضاعيا ألية دولة ييودية أو عربية‪ ،‬فى أية تسوية مستقبمية لممشكمة‪ ،‬وليس مف‬
‫المستغرب أيضآ أف يسعى "الكونجػرس " والرئيس األمريكى شخصيآ إللغاء‬

‫قرار الجمعية العامة لبلمـ المتحدة رقـ ‪ 3379‬الصادر فى العاشر مف تشريف الثانى (نوفمبر) ‪ 1975‬باعتبار‬
‫‪ 73‬فى اليوـ التالى مباشرة‪ ،‬ميدداً‬ ‫"الصييونية أحد أشكاؿ التمييز العنصرى" فيصدر "الكونجرس " ق ارره رقـ‬
‫بإعادة تقويـ مساىمات الواليات المتحدة األمريكية فى اجتماعات الجمعية العامة لؤلمـ المتحدة مستقببل… ثـ يتـ‬
‫تجديد ىذا الموضوع‪ ،‬وبعد ممارسة الضغوط عمى األميف العاـ لبلمـ المتحدة "خافيير بيريز دى كويار" يصدر‬
‫بياناً فى شير أيار (مايو) ‪ ،1991‬ينتقد فيو قرار الجمعية العامة بشدة ويدعو إللغائو‪ ،‬فى أوؿ سابقة مف نوعيا‪،‬‬
‫يخرج فييا شاغؿ مثؿ ىذا المنصب العالمى عف حياده بيذه الصورة السافرة‪.‬‬
‫وأخي اًر‪ :‬فميس مف المستغرب أف يمغى " الكونجرس " األمريكى فى شير حزيراف (يونيو)‬
‫‪ 1991‬القانوف الذى يحرـ االتحػاد السوفيتى مف المساعدات األمريكية‪ ،‬ومف تطبيؽ شرط "الدولة األولى بالرعاية"‬
‫عند التعػامؿ معو‪ ،‬فى مقابؿ القانوف الذى أصدره االتحػاد السوفيتى فخففا القيود عف ىجرة الييود السوفيت األمر‬
‫‪10‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الذى رفع عدد ىؤالء المياجريف إلى ‪ 380‬ألفا فى عاـ ‪ ،1990‬بدال مف العدد الذى لـ يكف يتجػاوز ‪ 200‬مياجر‬
‫فى العاـ الواحد"‪.‬‬
‫ثالثاًال ‪" :‬وفى إطار التحرؾ اإلسرائيمى لمحاصرة المنطقة العربية‪ -‬دبموماسيا واقتصاديا‪ -‬فإف إسرائيؿ قد تمكنت‬
‫مف تحسيف عبلقاتيا‪ ،‬واقامة جسر مف المصالح المشتركة مع العديد مف الدوؿ األفريقية واآلسيوية‪ ،‬بما فى ذلؾ‬
‫دوؿ إسبلمية‪ ،‬مثؿ نيجيريا وتركيا‪ ،‬بؿ ووصمت إلى إقامة ىذه العبلقات مع دوؿ كػانت ترفضيا تقميديا‪ ،‬مثؿ‬
‫اليند والصيف الشعبية‪ .،.‬ناىيؾ عف العبلقات القوية والمتشابكة مع دوؿ أخرى كجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية‬
‫وتايواف‪ ،‬ومعظـ دوؿ أمريكا البلتينية"‪.‬‬
‫رابعاًال‪ :‬أما عمى صعيد دعـ القدرات اإلسرائيمية الممتزجة بمعاناة المجتمع اإلسرائيمى مف مشكبلت حػالية وممحػة‪،‬‬
‫فإنو يعد فى تقديرى بمثابة مؤشر واضح عمى حتمية الجولة السادسة‪ -‬التى أزعـ أنيا وشيكة الوقوع‪ -‬فإذا ما‬
‫انتقمنا إلى محاولة رصد المؤشرات الدالة عمى قرب وقوع الجولة السادسة‪ ،‬وتمؾ التى تحػدد مبلمحػيا الرئيسية‬
‫فيمكننا مبلحظة مايمى‪:‬‬
‫‪ -1‬اشتداد أزمة نظاـ األمف العربى‪:‬‬
‫"لقد نشأ النظاـ اإلقميمى العربى فى إطار "جػامعة الدوؿ العربية" منذ الحػادى عشرمف أيار (مايو) عاـ ‪،1945‬‬
‫نظاماً تعتريو الكثير مف العيوب‪ ،‬أخطرىا وأىميا‪ :‬أنو كػاف خمواً مف أى فكر "أيديولوجػى" أصيؿ‪ ،‬وال يستيدؼ‬
‫الوحدة العربية حقيقة‪ ،‬كما لـ يحدد األىداؼ القومية العربية‪ ،‬أو المصالح المشتركػة‪ ،‬ولـ تكف أىداؼ الحػركة‬
‫الصييونية وأبعادىا الحقيقية واضحة فى أذىاف القادة الذيف شاركوا فى صوغ ىذا النظاـ‪ ،‬فجػاء خالياً تماماً مف‬
‫أى ترتيبات لؤلمف والدفاع الجماعى‪.‬‬
‫أخي ارًال‪ :‬فإف معيار "العروبة" لـ يحدد منذ قياـ النظاـ العربى حتى اآلف‪ ،‬فنتج عف ذلؾ مشكمة نفسانية خطيرة ىى‬
‫مشكمة "الوالء" (*)‪.‬‬
‫‪،،1950‬‬ ‫"وعمى الرغـ مف توقيع اتفاؽ الدفاع المشترؾ والتعاوف االقتصادى فى الثالث مف نيساف (أبريؿ) عاـ‬
‫فإف ىذا االتفاؽ لـ يوضع موضع التطبيؽ العممى‪ ،‬الميـ إال فى صورة شكمية غير فاعمة‪ ،‬عقب مؤتمر القمة‬
‫العربى الذى عقد فى السابع عشر مف كانوف الثانى (يناير) عاـ ‪ ،1964‬وبذا خاض العرب ثبلث جوالت فاشمة‬
‫مع إسرائيؿ أتت بنتائج نفسانية خطيرة… وال يمكف اعتبار التنسيؽ الموقوت الذى تـ بيف مصر وسوريا قبيؿ‬
‫حرب رمضاف ‪1393‬ىػ‪( -‬أكتوبر ‪ )1973‬دليبلً عمى أنو كاف ىناؾ " أمف عربى"‪ ،‬فإذا ما عممنا أف بعض‬
‫أطراؼ الصراع العربى اإلسرائيمى قد آثر السبلمة والسبلـ الواقعى ‪ DEFAVTO‬مع إسػرائيؿ منذ عػاـ ‪،1967‬‬

‫َِّ‬ ‫َّ‬
‫الوالء‪ :‬يقوؿ ا هلل تعالى ة!( َّإن َما ولُِّي ُك ُـ الموُ َ‬
‫(*)‬
‫آمُنوا ) (المائدة‪ ،) 55 :‬وقاؿ‪ -‬صمى ا هلل عميو وسمـ‪":‬أوثؽ عرى اإليماف المواالة‬
‫يف َ‬
‫ور ُسولُوُ والذ َ‬
‫فى اهلل والمعاداة فى اهلل‪ ،‬والحب فى اهلل‪ ،‬والبغض فى اهلل " حديث صحيح‪ ،‬السمسمة الصحيحة برقـ ‪ .998‬والوالء معناه‪ :‬الحب والنصرة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ )1973‬ىى أخػر الحػروب‪ ،‬وتـ‬ ‫وأف أطرافاً أخرى اتبعت "استػراتيجػية السػبلـ " وأف حرب رمضػاف (أكػتوبر‬
‫تسػجػيؿ ىذه االستراتيجية فى صورة معاىدة سبلـ‪ ،‬بدأ تطبيقيا منذ عاـ ‪.1979‬‬
‫وأخي ارًال‪ :‬فقد أعطى الطرؼ الرئيسى فى الصراع العربى اإلسرائيمى‪ -‬وىو منظمة التحرير الفمسطينية‪ -‬أقصى ما‬
‫يمكف تصوره مف تنازالت‪ .‬إف جػاز لنا أف نتساءؿ ىؿ ال تزاؿ إسرائيؿ ىى العدو األوؿ لمعرب؟ وىؿ ىناؾ ما‬
‫يسمى حقيقة األمف العربى؟ "‪" .‬لقد أخمت "حػرب الخميج " ونتائجػيا بفكرة األمف العربى إخػبلالً تمثؿ فى االقتتاؿ‬
‫العربى‪ /‬العربى مف البداية‪ ،‬والى إخراج أحد أكبر القوى العربية مف حمبة الصراع مع إسرائيؿ لسنوات طويمة‬
‫مقبمة‪ ،‬وخمؽ فراغ قوة ‪ Power Vacum‬خمؼ "سوريا " التى تعد بمثابة خط الدفاع األوؿ ضد إسرائيؿ فى‬
‫الجولة القادمة‪ ،‬فصار خطاً يفتقد العمؽ االستراتيجػى"‪".‬وفى محاولة أخػيرة لصوغ نظاـ "لؤلمف العربى الخالص "‬
‫عمى حد التعبير المتداوؿ‪ -‬تجاه إعبلف دمشؽ‪ ،‬ليضع الكثير مف عبلمات االستفياـ أىميا‪:‬ىؿ اقتصر مفيوـ‬
‫األمف العربى عمى سوريا ومصر والسعودية وامارات الخميج؟ وىؿ يجوز أف يكوف ىناؾ نظاـ أمف غير موجو‬
‫ضد أحد؟ "إف الموقؼ المائع فى البحػر األحػمر وبخػاصػة فى ظؿ جػو مف الجػفاء بيف اليػمف والسوداف مف‬
‫جػانب‪ ،‬وبيف مصر والمممكة العربية السعودية مف جػانب آخػر‪ ،‬وفى ظؿ‬
‫(‪)6‬‬
‫واطباؽ كؿ مف الواليات المتحدة األمريكية واسرائيؿ عمى مجريات األمور ىناؾ‪،‬‬ ‫غموض الموقؼ فى أثيوبيا‬
‫وأخي اًر فى ظؿ االنييار الكامؿ الذى حدث فى الصوماؿ‪ ،‬وتزايد الوجود الغربى واإلسرائيمى عند المدخػؿ الجنوبى‬
‫لمبحر األحمر‪ -‬ليجعؿ تأميف ىذا البحر أم اًر يكاد يكوف مستحيبلً‪ ،‬وال يخفى أف قياـ مصر بالتعاوف مع‬
‫جميوريتى اليمف بتأميف جنوب البحر األحمر فى أثناء سير عمميػات رمضاف (أكتوبر ‪ )1973‬كػانت لو نتائج‬
‫استراتيجية عمى جانب كبير مف األىمية‪ .،‬وكيؼ يمكف تأميف البحر األحمر فى ظؿ نزوح البلجئيف مف القرف‬
‫‪ 15‬مميونا فى ىذه المنطقة جوعاً"‪ (.‬لقد أثبتت‪(،‬حرب‬ ‫األفريقى إلى اليمف والسوداف واحتماؿ موت أكثر مف‬
‫الخميج) خطر الموقع االستراتيجى‪ ،‬وخطر ثقؿ (تركيا)‪ ،‬وتأثيرىا عمى مجريات أى جولة قادمة مع إسرائيؿ‪،‬‬
‫باعتبار (تركيا‪ ،‬عضوا فى حمؼ شماؿ األطمنطى‪ ،‬وحميفا رئيسيا لمواليات المتحدة األمريكية وسوؼ تكوف‬

‫(‪)6‬‬
‫‪ 1995‬ص‬ ‫راجع كتاب‪ :‬المجتمع اإلسبلمى المعاصر (ب) أفريقيا‪ -‬د‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‪ -‬أ‪ .‬عمى لبف دار الوفاء‪ -‬طبعة أولى‬
‫‪ 121‬سطر ‪ 19‬وما بعده‪ (:‬فالسيطرة عمى المدخؿ الجنوبى لمبحر األحمر مسالة استراتيجية ميمة؟ ولذلؾ حرص الغرب عمى عدـ استقبلؿ‬
‫"أريتريا " وعمؿ عمى ضميا إلى الحبشة عاـ ‪ ،1962‬متحديا إرادة الشعب األريترى‪ ،‬ومتحديا قرار ا ألمـ المتحدة‪ ،‬وفى ىذا يقوؿ " داالس "‬
‫وزير خػارجية أمريكا‪" :‬إف اعتبارات األمف فى منطقة البحػر األحمر ىى التى حكمت عمينا أف نضـ أريتريا إلى الحبشة"‪ ،‬وترجع أىمية البحر‬
‫األحمر إلى أنو بحيرة إسبلمية عربية باستثناء ميناء إيبلت "المحتؿ " فى الشماؿ‪ ،‬وموانى أريتريا فى الجنوب‪ ،‬حيث نجػح الييود فى توقيع‬
‫ثبلث اتفاقيات عسكرية وزراعية وصناعية مع أريتريا فى شير فبراير ‪ .،1993‬وتقوؿ المعمومات‪ :‬إف ىناؾ ثبلث قواعد عسكرية ييودية فى‬
‫‪ . 1996‬ومعروؼ أف‬ ‫ثبلث مدف أريترية ىى " أسمرة " العاصمة و" دانكاليا " و سنييف " عمى أف تزيد ىذه القواعد إلى ست قواعد قبؿ عاـ‬
‫الوجور الييودى فى ىذه المنطقة خطر عمى المصالح العربية واإلسبلمية العميا‪ .‬ألف ىذا الوضع يمكف إسرائيؿ مف التحكـ فى منابع النيؿ‬
‫ومدخؿ البحر األحمر‪..،‬‬
‫‪12‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫بالتالى حميفا إلسرائيؿ‪ ،‬وخصوصاًال فى ظؿ وجود عالقات استراتيجية سابقة بيف البمديف‪ ،‬وحموؿ قدر مف‬
‫المصالح المشتركة بينيما مؤخرا‪ ،‬فيؿ يصاغ األمف العربى عمى أساس أف تركيا الدولة المسممة ىى عدو؟‪.)،‬‬
‫"تضافرت مجػموعة كػبيرة مف العوامؿ عمى حػدوث خمؿ فى كػفاية تسميح القوات المسمحة‪ ،‬خصوصاً تمؾ‬
‫المحيطة بإسرائيؿ‪ ،‬بسبب اعتماد كؿ مف مصر وسوريا اعتماداً كامبلً عمى استيراد السبلح مف االتحػاد‬
‫السوفيتى‪ ،‬حتى مطمع الثمانينات‪ ،‬واستمرار سوريا عمى ىذا الوضع حتى اآلف‪ .‬ونظ اًر لمضغوط االقتصادية‬
‫الداخمية التى تتعرض ليا ىذه األقطار العربية‪ ،‬وزيادة مديونيػاتيا ووقوع االتحػاد السوفيتى رىف ظروؼ يصفيا‬
‫الغرب بأنيا مقدمات "السقوط النيائى"‪ ،‬وبالتالى لـ يعد قرار تصدير السبلح الشرقى لممنطقة ح اًر‪ ،‬وانما صارت‬
‫الواليات المتحدة األمريكية تتحكـ فيو بطريؽ مباشر أو غير مباشر‪ ،‬نظ اًر ليذه االعتبارات وغيرىا‪ ،‬فإف الفجوة "‬
‫التكنولوجية" والنوعية بيف السبلح اإلسرائيمى والسبلح العربى تزداد)‪.،‬‬
‫"ويزيد ىذا الوضع سوءاً فى ظؿ مػا يسمى"خطة بوش " التى تسػمح إلسػرائيؿ باالحتفاظ باألسمحػة النووية‪،‬‬
‫وحرماف غيرىا مف بمداف المنطقة مف أف تنتج أسمحػة نظيرة‪ ،‬أو حتى بديمة‪ ،‬كما تضع تحت يد إسرائيؿ مخزوناً‬
‫ىائبلً مف السبلح األمريكى المتقدـ‪ ،‬فضبل عما تنتجو إسرائيؿ بالتعاوف مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬أو‬
‫بتمويؿ أمريكى‪ ،‬أو بتقنية إسرائيمية خالصة‪ ،‬فى الوقت الذى سيتـ فيو التحكـ فى نوعية وكمية السبلح الذى‬
‫يصؿ إلى الدوؿ العربية"‪.‬‬
‫(‪)7‬‬
‫(أليس مف الطبيعى أف تغرى ىذه األوضاع إسرائيؿ بجاراتيا العربيات ‪ ،‬كى تشف جولة عدوانية سادسة؟)‬
‫‪.‬‬
‫لقد بدأت إرىاصات ىذه الجولة تتكشؼ‪ ،‬بؿ وبدأت إجراءات "الحرب النفسية" السابقة عمييا مف خبلؿ مجموعة‬
‫مف التصريحػات التى تيدؼ إلى "الردع " مف خػبلؿ "اإلخافة" أو "الغموض"‪ ،،‬ولعؿ أشير وأىـ التصريحات‬
‫ىى‪:‬‬
‫‪ ،1993‬أف حرباً مع الدوؿ العربية المجاورة‬ ‫"ما أعمنو مساعد رئيس األركاف اإلسرائيمى فى حزيراف (يونيو)‬
‫إلسرائيؿ سوؼ تقع حتماً‪ ،‬وعندىا لف تتوقؼ قوات جيش الدفاع عند الضفة الشرقية لقناة السويس‪ ،‬بؿ سوؼ‬
‫تتجاوزىا إلى الغرب!‪ ،‬ثـ عاد بعد ذلؾ بأياـ لينكر نسبة ىذا التصريح إليو عقب حػدوث مذبحػة المصميف فى‬
‫ساحػة "المسجد األقصى" يوـ الثامف عشر مف تشريف األوؿ (أكػتوبر) عاـ ‪ .1990‬ظير عالـ اآلثار اإلسرائيمى‬
‫"جوزيؼ سيرج " عمى شاشة التمفاز الفرنسى ليقوؿ‪" :‬إف إسرائيؿ ستبدأ قريبأ جداً فى إقامة الييكؿ الثالث عمى‬
‫أنقاض المسجػد األقصى‪ ،‬الذى تستطيع إسرائيؿ تصديعو باستخداـ "التقنية الحديثة" ‪.‬‬

‫(‪)7‬‬
‫‪ 1998/8/3‬ارجػع كتػاب‪" :‬قراءة فى‬ ‫ىذا ما أيده الدكتور حامد عبد اهلل ربيع فى مقالتو السادسة التى نشرتيا جريدة الوفد المصرية بتاريخ‬
‫فكػر عممػاء االستراتيجيػة‪ ،‬مصػر والحرب القادمة‪ -‬الكتاب الثانى" تأليؼ د‪ ،‬حامد ربيع‪ ،‬طبعة دار الوفاء‪ ،‬ص ‪ 77‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"صرح "إسحػاؽ شامير" رئيس وزراء إسرائيؿ فى نياية شير تشريف الثانى (نوفمبر) ‪ 1990‬أف المياجريف الجػدد‬
‫يتوجػيوف لمتوطف بالضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬المتيف قاؿ عنيما‪ :‬إنيما جزء مف إسرائيؿ‪ ،‬وعمؽ عمى مذبحػة‬
‫"القدس " بأف الوقت قد حاف كى تمتد حدود إسرائيؿ فى ىذه المرحمة‪ -‬مف البحػر إلى النير‪ -‬ثـ عاد تحت‬
‫ضغوط االستنكار ليصرح أف ما قالو كاف "مجرد أحبلـ "!!‬
‫‪ ،1995‬وألوؿ مرة‬ ‫صرح الرئيس اإلسرائيمى "حػاييـ ىرتزوغ " فى الثػالث عشر مف تشػريف الثػانى (نوفمبر) عاـ‬
‫أف إسرائيؿ تمتمؾ سبلحاً نووياً‪ ،‬وقد كرر إسحػاؽ رابيف‬
‫وزير الدفاع اإلسرائيمى ىذا اإلعبلف فى محاضرة ألقاىا فى جامعة "حيفا " ضمف ندوة أقيمت فى األسبوع األوؿ‬
‫مف حزيراف (يونيو) عاـ ‪ ،1991‬أف ببلده تمتمؾ أسمحػة نووية‪ ،‬وأسمحػة دمار شاممة قادرة عمى إبادة أى دولة‪،‬‬
‫وأنو يتعيف عمى جيش الدفاع اإلسرائيمى أف يظؿ ىجومياً بكؿ ما فى الكممة مف معنى‪ ،‬وأنو قادر عمى بقاء‬
‫القوات اإلسرائيمية األقوى واألفضؿ تسميحاً بالمنطقة "‪.‬‬
‫"وعمى الرغـ مف إنكار "رابيف " بعض ما جاء فى محاضرتو‪ ،‬فإف‪ ،،‬بوؿ وولفوتيز" وكيؿ و ازرة الدفاع األمريكية‪،‬‬
‫صرح فى مؤتمر صحفى أف إسرائيؿ لف تتخمى عف احتكارىا لمسبلح النووى‪ ،..‬وأف الواليات المتحدة تحثيا عمى‬
‫توقيع المعاىدة الدولية لحظر انتشار األسمحة النووية "‪.‬‬
‫وجدير بالذكر أف توقيع ىذه المعاىدة ال يمنع الدولة التى أنتجت ىذه األسمحػة بالفعؿ مف استمرار االحتفاظ بما‬
‫سبؽ أف أنتجتو "‪.‬‬
‫وواصؿ فوزى طايؿ حديثو عف‪:‬‬
‫‪ -2‬دوافع شف الجولة اإلسرائيمية العربية السادسة ومحدداتيا‪.‬‬
‫‪The advanced‬‬ ‫"تعتنؽ إسرائيؿ مبدأ "دفع الحدود إلى األماـ "‪ ،‬وذلؾ استناداً إلى "معيار القوة المتقدمة"‬
‫‪ power‬ومفاده أف القوة التى ال تتقدـ فبلبد أف تتقيقر‪ ،‬وأف الدولة التى ال تنمو مف كؿ النواحى (بشريا وجغرافيا‬
‫وعسكريا) تنيار تدريجيا‪ ،‬ليذا فيى تخػوض جولة كؿ عقد مف الزماف‪ ،‬وتصاحب ىذه الجػولة عممية طرد‬
‫تدريجى لمسكاف‪ ،‬واستيبلء عمى األراضى‪ ،‬انطبلقا مف فكرة أف أرض "إسرائيؿ الكبرى" البد مف أف تخمص لمييود‬
‫وحدىـ‪ ،‬فيى ال تتسع لحضارتيف أو لعقيدتيف دينيتيف‪ ،‬ال يمكف قياـ تصالح بينيما ‪ -‬كػاإلسبلـ والييودية‪ -‬وأف‬
‫حؿ ىذه المشكمة ال يكوف إال بالوسائؿ العسكرية عمى حػد تعبير يوسؼ أولمرت "‪.‬‬
‫"إف المبرر الوحيد لقياـ دولة إسرائيؿ‪ ،‬ولدعوة المياجريف إلى اليجرة إلييا‪ ،‬بؿ والمبرر الوحيد لمفكرة الصييونية‬
‫ذاتيا‪ ،‬ىو إقامة "إسرائيؿ الكبرى" مف النيؿ إلى الفرات‪ ،‬وبناء "الييكؿ " الذى ال يتصوروف إقامتو إال عمى‬
‫أنقاض المسجد األقصى‪ .،،‬وىذه أمور تستدعى بالضرورة استخداـ القوة المسمحة كمما سنحت الفرصة"‪.‬‬
‫خططت إسرائيؿ الستقباؿ قرابة مميوف ونصؼ مياجر (حوالى ثمث عدد سكانيا حاليا) حتى عاـ ‪ ،1995‬وىؤالء‬
‫‪ %90‬مف‬ ‫يحتاجوف إلى أرض لبلستيطاف ولمزراعة‪ ،‬ويحتاجوف إلى المزيد مف المياه‪ ،‬إذ تحصؿ إسرائيؿ عمى‬
‫‪14‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المياه المتجددة وال تترؾ لجيرانيا سوى ‪ % 10‬فقط‪ ،‬مع استخداـ كؿ وسائؿ التقدـ العممى لبلقتصاد فى استخداـ‬
‫‪ .1991‬وىذا فضبلً عف أف‬ ‫المياه‪ ،‬ومف المتوقع أال يكوف لدى إسرائيؿ أى احتياطى مف المياه بنياية عاـ‬
‫الجفاؼ اجتاح أرض فمسطيف ىذا العاـ‪ ،‬وانخفض مستوى المياه فى بحيرة طبرية‪ ،‬مما أثر فى القدرة عمى‬
‫استخراج الطاقة الكيربائية؟ ولذا فقد ال يكوف أماـ إسرائيؿ سوى العدواف العسكرى لبلستيبلء عمى منطقة منابع‬
‫األنيار العربية فى سوريا ولبناف‪ ،‬وعمى الرغـ مف عرض تركيا تزويد إسرائيؿ بالمياه فيما أطمؽ عميو "المياه‬
‫مقابؿ السبلـ " فقد تفضؿ إسرائيؿ الخيار األوؿ‪ ،‬حتى التقع تحت الضغط التركى مستقببل"‪.‬‬
‫"وبعد ىذا العرض حرص عالـ االستراتيجية فوزى طايؿ عمى بياف‪ :‬عوامؿ الضعؼ الخطيرة التى تيدد الكياف‬
‫االسرائيمى الضعيؼ باليزيمة إذا ما ىو أخطأ الحساب "‪.‬‬
‫"وسوؼ يظؿ العامؿ البشرى أخطر نقاط الضعؼ فى إسرائيؿ‪ ،‬حتى لو ىاجر إلييا كؿ ييود االتحاد السوفيتى ‪،‬‬
‫لذا فيناؾ حساسية شديدة لدى إسرائيؿ تجاه الخسائر البشرية‪،‬وقد حاولوا التغمب عمى ىذه النقطة مف خبلؿ‬
‫توفير أقصى وقاية ممكنة لمدبابات "ميركافا "‪ ،‬وبتوفير درع المشاة‪ ،‬وميمات الوقاية "التقنية الحديثة" والطائرات‬
‫مف دوف طيار‪ ،‬وتكتيكات جديدة‪ ،‬بيد أف ىذه األمور جميعيا لـ تقمؿ مف نقطة الضعؼ ىذه كثي اًر "‪" .‬يقع ‪%90‬‬
‫مف سكاف إسرائيؿ و ‪ %90‬مف منشأتيا لمصواريخ أرض‪ /‬أرض عمى بقعة محدودة مف األراضى ‪ ،‬يمكف أف‬
‫تصؿ إلييا الصواريخ مف أراضى العراؽ أو سوريا خػبلؿ بضع دقائؽ… كما يمكف أف تتحقؽ المفاجأة‪ ،‬إذا ما‬
‫وجيت دوؿ أخرى كإيراف والمممكة العربية السعودية ومصر صواريخيا بشكؿ مكثؼ إلى ىذه األىداؼ "‪.‬‬
‫"تشكؿ قوات االحتياط اإلسرائيمية ‪ %85 -80‬مف إجمالى قواتيا‪ ،‬وىذه تحتاج قرابة ‪48‬ساعة كى تعبأ تماماً‬
‫وتنضـ إلى صفوؼ القوات العاممة‪ ،‬فإذا ما وجيت "ضربة إحباط " ‪ Premptive strike‬أو تـ شف "ىجوـ‬
‫استباقى" مف الجبية السورية أو األردنية خبلؿ ىذه المدة‪ ،‬فسوؼ تتغير نتيجة المعركة"‪.‬‬
‫"إف إغراؽ إسرائيؿ فى استخداـ األسمحة ذات التقنية الحديثة يثير مف المشكبلت الفنية الخطرة بقدر ما يحقؽ مف‬
‫مزايا‪ ،‬ولعؿ أىـ ىذه المشاكؿ ىى مشكمة "تكامؿ األنظمة" ‪ ،System Integration‬يضاؼ إلى ذلؾ أف‬
‫المنظومات الدفاعية المتكاممة تتضمف بالضرورة مراحؿ بينية ذات تقنيات منخفضة جدا‪ ،‬أو ال تقنيات عمى‬
‫اإلطبلؽ‪ ،‬كأعماؿ النقؿ والتخزيف والحراسة واحتبلؿ األفراد لمواضعيـ القتالية‪ ..،‬إلخ‪ .‬ويعد التدخؿ فى ىذه‬
‫المراحؿ باستخداـ أسمحة ذات تقنيات متخمفة أو حتى أسمحة بدائية حاسمة فى تحويؿ تمكـ األنظمة واألسمحة‬
‫إلى مجرد كتؿ مف المعدف ال فائدة منيا‪ ،‬ومما يساعد عمى سيولة تنفيذ ىذه الفكرة وجود حدود إسرائيمية طويمة‬
‫ليس مف المستحيؿ اختراقيا"‪.‬‬
‫‪ -3‬وجية النظر اإلسرائيمية فى طبيعة الجولة المقبمة‪:‬‬
‫ترى إسرائيؿ حتمية قياـ جولة سادسة‪ ،‬وأف جوىر نجػاحيا فى الجولة المرتقبة ىو قدرتيا عمى إيجاد مكوف‬
‫متوازف مف العمؿ العسكرى والتحرؾ الدبموماسى‪ ،‬يعتمد عمى التعاوف مع الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وعمى‬
‫‪15‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫استمرار وثبات السياسة السوفيتية الحالية‪ ،‬بما يحافظ عمى حالة السمـ مع مصر‪ ،‬وحالة توقؼ العدائيات مف‬
‫جانب األردف "‪.‬‬
‫"وترى أف النجاح فى الجولة المقبمة‪ -‬مف وجية النظر العسكرية‪ -‬سوؼ يكوف لمجانب األكثر قدرة عمى إحداث‬
‫تكامؿ بيف أنظمتو الدفاعية‪ ،‬وىذا يعتمد إلى حد كبير عمى القيادة والسيطرة والمواصبلت واالستطبلع "‪.‬‬
‫"ومف الضرورى أف تكوف الحرب المقبمة سريعة وحاسمة ‪ ،‬وطالما استبعد " ‪1‬لعراؽ " نتيجة لحرب الخميج‪ ،‬فبل‬
‫يبقى مف يخشى تدخمو سوى "إيراف"‪ ،‬ومع ذلؾ فطبيعة العبلقات العربية المتغيرة باستمرار وبسرعة‪ ،‬يمكف أف‬
‫تؤدى إلى مواجية عدة أطراؼ عربية فى آف واحد‪ ،‬وخصوصاً إذا ما طاؿ أمد المعركة‪ ،‬وىو أمر فى غير‬
‫مصمحة إسرائيؿ‪ ،‬لكف كمما تأخر تدخؿ األطراؼ العربية‪ ،‬كمما كاف ذلؾ فى مصمحة إسرائيؿ‪ ،‬حيث يمكنيا‬
‫مواجية ىذه األطراؼ واحداً تمو اآلخر"‪.‬‬
‫"ومف المتصور أف تكوف القوات الجوية اإلسرائيمية‪ ،‬والصواريخ سطح‪ /‬سطح مف طراز "جيريكو ‪ "2‬التى جربت‬
‫وجػارى إنتاجػيا‪ ،‬ىى األداة الرئيسية لحسـ المعركة‪ ،‬ولردع أى طرؼ ثالث يحاوؿ التدخؿ "‪.‬‬
‫"إذا تمكنت إسرائيؿ مف تحقيؽ المفاجػأة‪ ،‬فمف المحتمؿ أف ئمن ار بخسائر فى األرواح تقدرب ‪ 2000‬قتيؿ‪ ،‬أما إف‬
‫حققت "سوريا " المفاجػأة‪ ،‬فقد تصؿ الخسائر إلى ‪ 4500‬قتيؿ إسرائيمى"‪.‬‬
‫سوؼ تتعامؿ إسرائيؿ مع أى عممية سورية محدودة‪ ،،‬الستعادة الجوالف‪ -‬مثبل‪ -‬عمى أنيا حرب شاممة‪ ،‬تحاوؿ‬
‫إسرائيؿ تحقيؽ أسرع نصر بأقؿ تكاليؼ؟ باستخػداـ أسموب "المعركة العميقة" ‪. Deep Strike Attacks‬‬
‫"مف المتوقع أف يزداد االعتماد عمى األسمحة والذخػائر ذات قدرات التدمير والقتؿ األكبر تبلفيا لخػسائر األفراد‬
‫مف الجػانب اإلسرائيمى ‪ ،‬فضبل عف استخػداـ وسائؿ التصويب الدقيقة بالميزر‪ ،‬ومنظومات األسمحة الدفاعية‬
‫المتكاممة ذات التكنولوجيا المتقدمة‪ ،‬التى ال يستطيع الجانب اآلخر الحصوؿ عمى مثيؿ ليا‪ ،‬أو عمى وسائؿ‬
‫مضادة ليا‪ ،‬ىذا إلى إمكانات الحرب اإللكترونية والطائرات االنتحارية دوف طيار" ‪.‬‬
‫" ونظ ار لما تتميز بو األسمحة ذات التقنية العالمية مف تعقيد‪ ،‬فسوؼ تكوف كفاية الفرد ومدى استيعابو لمسبلح أو‬
‫المعدة التى يقوـ باستخداميا‪ ،‬ومدى قدرتو عوامؿ حاسمة‪ .‬وبالقدر نفسو سوؼ تكوف إمكانات وقدرات األفراد‬
‫عمى القياـ بأعماؿ الصيانة واإلصبلح واإلمداد حاسمة‪ .‬لذا سوؼ يتفوؽ الجانب الذى يمتمؾ تقنية خاصة وينتج‬
‫السبلح وقطع الغيار‪ .‬ومف العوامؿ الحػاسمة أيضا عممية جمع وتحميؿ وتخزيف المعمومات‪ ،‬وىذا األمر تتفوؽ‬
‫فيو إسرائيؿ كثيرا‪ ،‬ويمحؽ بيذا مدى القدرة عمى سرعة اتخػاذ القرار المبنى عمى معمومات دقيقة" ‪.‬‬

‫((نحو استراتيجية لمواجية الخطر الصييونى‪)):‬‬


‫تحت ىذا العنواف واصؿ فوزى طايؿ‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬الحديث بقولو‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ليست إسرائيؿ سوى الكياف الدولى الرسمى الظاىر لمحركة الصييونية العالمية ذات القدرة عمى الحركة‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ ، Globally‬وعمى ىذا فمواجية إسرائيؿ والتغافؿ عف النشاط الصييونى العالمى لف يكوف لو‬ ‫"الكوكبية"‬
‫نتيجة تذكر‪ ،‬وبالتالى فبلبد مف تحرؾ استراتيجى "كوكبى" أيضا لمواجية ذلكـ الخطر الصييونى" ‪.‬‬
‫"مثؿ ىذه االستراتيجية يستحيؿ عمى دولة عربية واحدة‪ ،‬أو تجمع عربى فرعى أو شبو إقميمى أف يقوـ بيا‪ ،‬إذف‬
‫فبل بديؿ عف وحدة األمة " (‪.)9‬‬
‫"وأياً كاف توقيت وقوع "الجولة السادسة" وأياً كانت نتائجػيا‪ -‬وىى بإذف اهلل لنا‪-‬فمف تكوف الجولة األخػيرة‪،‬‬
‫فإسرائيؿ تدير الصراع‪ ،‬ومف ورائيا الصييونية العالمية ومؤيدوىا‪ ،‬باعتباره صراعا حػضاريا عقائديا الينتيى إال‬
‫بإ ازحػة إحدى العقيدتيف لؤلخرى‪ ...‬وميما قيؿ عف "مبادرات السبلـ "‪ ،‬فالعقمية الصييونية التؤمف بإمكانية‬
‫التعايش السممى‪ ...‬وال بديؿ عف الصراع مف أجؿ البقاء"‪.‬‬
‫مراجع تتصؿ بنفس الموضوع‪:‬‬
‫(‪ )1‬تفتيت الوطف العربى "مجمة استراتيجيا" عدد سبتمبر‪ -‬أكتوبر ‪ 1991‬السنة التاسعة‪ ،‬شركة أبى ذر الغفارى‬
‫لمطباعة واإلعبلـ (ش‪ .‬ـ‪ .‬ـ)‪.‬‬
‫(‪ )2‬نحو استراتيجية عربية موحدة فى أفريقيا‪ ،‬لواء أ‪ ،‬ح‪ .‬د محمد طايؿ "مجمة استراتيجيا" عدد ‪ 5‬السنة التاسعة‬
‫يوليو‪ 1995‬ص ‪. 33-29‬‬
‫(‪ )3‬العدو الخيار النووى اإلسرائيمى واألمف العربى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د فوزى محمد طايؿ "مجمة استراتيجيا "‪ .‬نفس‬
‫العدد" ‪.‬‬
‫(‪ )4‬االستراتيجيػة األمريكية وأزمة الخميج ‪ ،‬لواء أ‪.‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ "مجمة استراتيجيا " العدد ‪ 106‬السنة‬
‫التاسعة مايو‪ -‬يونيو ص ‪.28-22‬‬
‫(‪ )5‬الصييونية غير الييودية (جذورىا فى التاريخ العربى ‪ ،‬ريجينا الشريؼ‪ -‬ترجمة أحمد عبد اهلل عبد العزيز‪-‬‬
‫عالـ المعرفة عدد ‪ 96‬ربيع أوؿ ‪ 1406‬ىػ‪ -‬ديسمبر ‪.1985‬‬
‫(‪ )6‬الفكر اإلسرائيمى وحدود الدولة ‪ ،‬عادؿ محمد رياض‪ ،‬معيد البحوث والدراسات العربية‬
‫‪ -‬دار النيضة العربية لمطباعة والنشر‪ -‬بيروت ط ‪ 1985.2‬ـ ‪.‬‬
‫(‪ )7‬جماعات الضغط الييودية األمريكية‪ ،‬عبد اهلل فؤاد حافظ ‪ ،‬غير منشور‪ 1988 -‬ـ‪.‬‬
‫‪-45‬‬ ‫(‪ )8‬النظاـ السياسى فى إسرائيؿ‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د فوزى محمد طايؿ‪ -‬معيد البحوث والدراسات العربية‪-‬‬
‫‪. 1989‬‬

‫(‪)8‬‬
‫) الحركة الكوكبية يعنى بيا المؤلؼ‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬كوكب األرض بمعنى السيطرة عمى مجريات القتاؿ عمى أرضنا التى نعيش عمييا‪.‬‬
‫(‪)9‬‬
‫وىذا ما طالب بو الدكتور فوزى طايؿ فى كتابو "نحو نيضة أمة‪ ،‬كيؼ نفكر استراتيجياً " طبعة مركز اإلعبلـ العربى‪ -‬عاـ ‪ 1997‬ص‬
‫‪ 134‬الباب الثانى الفصؿ الخامس مف منظومة القيـ اإلسبلمية العميا ‪.‬‬
17 ‫ عبد الراضً أميه‬. ‫ جمال عبد الهادي و الشيخ‬. ‫د‬.‫ أ‬..‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‬

Anthony H.Cordesman , the Gulf and the west (Strategic relations and )9(
Military reality ), Westview Press , London , 1988
‫‪18‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫يقوؿ المواء‪.‬أ‪.‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ (‪:)10‬‬


‫"فإذا ما حاولنا التعرؼ عمى ما يجرى عمى الساحة الدولية‪ -‬إعداداً لصداـ محتمؿ مف أجؿ القدس‪ -‬نجد أف‬
‫القوات األمريكية‪ ،‬تقوـ‪ -‬لمصمحة الصييونية العالمية‪ -‬بتأميف البحر المتوسط والبمقاف‪ -‬وتأميف الخميج والبحر‬
‫األحمر‪ ،‬فضبلً عف أمريف آخريف ىاميف‪:‬‬
‫‪ -‬غرس ثقافة السبلـ‪.‬‬
‫‪ -‬استعداء العالـ عمى اإلسبلـ‪.‬‬
‫ونعرض ليذيف األمريف تباعاً‪:‬‬
‫األوؿ‪ :‬ثقافة السالـ‪:‬‬
‫ترتبط أفكار "النظاـ العالمى الجػديد" بغاية الصييونية كما ذكرناىا مف قبؿ فى مولفاتنا (‪ ،)11‬وىى تحويؿ البشر‬
‫إلى أشباه آدمييف‪ ،‬يأكموف ويتمتعوف كما تأكؿ األنعاـ ‪ ،‬فبل غيرة عندىـ وال مقدسات… يتعاونوف ويتنافسوف مف‬
‫أجؿ لقمة العيش فحسب‪ ،‬ويقبموف بؿ ويفضموف أف تصميـ دوف مجيود‪ .‬فثقافة السبلـ تعنى محاولة تبديؿ سنة‬
‫ض َخلِي َفةً قَالُوا أَتَ ْج َع ُل فِ َيها َمن‬ ‫ك لِلْمالئِ َك ِة إنّْي ج ِ‬
‫اع ٌل فِي األ َْر ِ‬ ‫اهلل تعالى كما جاءت فى كتاب اهلل‪ :‬قاؿ تعالى‪َ( :‬وإ ْذ قَ َ‬
‫َ‬ ‫ال َربُّ َ َ‬
‫ال إنّْي أَ ْعلَ ُ َما تَ ْعلَ ُمو َن ) (البقرة‪ ).30:‬قاؿ تعالى(ول َْو َدفْ ُع‬ ‫َك قَ َ‬
‫ّْس ل َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يُ ْف ِ ُل فِ َيها َويَ ْ ِف ُ‬
‫اا َونَ ْ ُن نُ َ بّْ ُ ب َ ْمل َك َونُ َقل ُ‬
‫ّْم َ‬
‫ك الل َ‬
‫العال َِم َين (‪( ) )251‬سورة البقرة ‪)251‬‬ ‫ت األَرض ول ِ‬
‫َك َّن اللَّوَ ذُو فَ ْ‬ ‫ض لََّف َل ِ‬ ‫اللَّ ِو النَّاس بَ ْع َ ِ‬
‫ض ٍل َعلَى َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ض ُه ببَ ْع ٍ َ‬ ‫َ‬

‫(‪)10‬‬
‫ىذه المقالة كانت آخر الكممات لعالـ االستراتيجية الشاممة أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬الذى التحؽ بالرفيؽ األعمى فى ليمة الجمعة ‪13‬‬
‫رمضاف ‪ 1416‬المصادؼ ‪ 2‬فبراير ‪ ،1992‬وكأنيا ووصية مودع إلى عمماء وجماىير األمة‪.‬‬
‫( ‪)11‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬نيضة أمة "كيؼ نفكر استراتيجيا" لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د فوزى محمد طايؿ‪ ،‬الباب الرابع‪ ،‬النظاـ العالمى الجديد مف ص ‪ -249‬ص‬
‫‪ 289‬طبعة عاـ ‪ 1997‬الناشر مركز اإلعبلـ العربى‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وميما فعموا‪ ،‬فمف تجد لسنة اهلل تبديبل‪ ،‬ولف تجػد لسنة اهلل تحويبل‪ ،‬مف أجؿ ذلؾ يحاولوف استبداؿ الصراع مف‬
‫أجؿ السيطرة عمى البيئة‪ ،‬بالصراع التى تحركو العقيدة‪ ،‬ألف ثقافة السبلـ تعنى فرض االسترخاء التاـ بيف الناس‪،‬‬
‫ودفعيـ إلى التمتع بالمتع الحسية غير المشروعة‪،‬وبث شعور عاـ‪ :‬أنو ال يوجد ما يستحؽ أف يضحى اإلنساف‬
‫مف أجمو بمالو أو بنفسو‪.‬يعنى باختصار إلغاء (فريضة الجياد) مف خبلؿ القفز فوؽ سنة التدافع التى جعميا اهلل‬
‫تعالى بيف البشر‪ ،‬واال فسدت األرض‪ ،‬وىدمت صوامع وبيع "وصموات " ومساجد يذكر فييا اسـ اهلل كثي اًر‪.‬‬
‫فثقافة السبلـ‪ ،‬ىى بمثابة دعوة ألف (يسود الفساد األرض)‪ ،‬وأف يبمغ التسامح بيف البشر حد نبذ العقيدة‪.‬‬
‫(‪)12‬‬
‫ال يكوف ليدـ المسجػد األقصى أى مدلوؿ‪ ،‬وال يكوف لؤلرض المقدسة حرمة‪.‬‬ ‫لذا ففى ظؿ ثقافة السبلـ‬
‫الثانى‪ :‬استعداء العالـ عمى اإلسالـ ‪:‬‬
‫(‪)13‬‬
‫ويحاولوف نسبتو لئلسبلـ ‪ ...‬والحقيقة أف محرؾ ىذا‬ ‫مف خبلؿ خمؽ "عدو خرافى" سموه "اإلرىاب الدولى"‬
‫العدو العالمى الخرافى ىو الصييونية العالمية‪ ،‬والدليؿ أف أصابع الييودية وراء كؿ أعماؿ العنؼ والشغب‪ -‬مف‬
‫مركز التجارة الدولى‪ ،‬حتى اغتياؿ رابيف نفسو‪.‬‬
‫(*)‬
‫عمى حػد تعبيرىـ‪.‬‬ ‫اليدؼ الذى يعمنونو عمداً أو دوف شعور ىو تجفيؼ "منابع اإلرىاب "‬

‫‪ -‬اعتداؿ‪ ...‬إلخ)‪،‬‬ ‫وىـ يقصدوف ضرب جذور اإلسبلـ‪ ،‬دوف نظر لمتصنيؼ الغريب الذى صنفوه (تطرؼ‬
‫والدليؿ ىو سقوط ىذا التقسيـ‪ ،‬وكػانت آخر اتياماتيـ لمجػامعة اإلسبلمية بإسبلـ آباد بأنيا بؤرة اإلرىاب الدولى‪،‬‬
‫ور اللَّ ِو‬ ‫ِ ِ‬
‫يُ ِري ُلو َن ليُطْفئُوا نُ َ‬ ‫فضبل عف اليجوـ المتكرر عمى األزىر وعممػائو ومناىج التعميـ بو‪ ،‬قاؿ تعػالى‪(:‬‬
‫(الصؼ‪. )8 :‬‬ ‫بِأَفْ َو ِاى ِه ْ واللَّوُ ُمتِ ُّ نُوِرهِ ول َْو َك ِرَه ال َكافِ ُرو َن (‪) )8‬‬

‫(‪)12‬‬
‫آليات ثقافة السبلـ‪:‬‬
‫أ‪ -‬السيطرة عمى التسميح (إجراءات الثقة‪ -‬السموات المفتوحة‪ -‬حجب التكنولوجيا)‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحيمولة دوف قياـ أى كياف إسبلمى (دولة أو تجمع) ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ىدـ األسرة كنظاـ اجتماعى‪ ،‬العبث بمراكز أفرادىا وافساد أدوارىـ فى بناء المجتمع (المرأة ‪ -‬الطفؿ)‪.‬‬
‫د‪ -‬مركزية السيطرة عمى المعمومات (اإلعبلـ‪ -‬التعميـ‪ -‬البث التميفزيونى المباشر‪ -‬المعمومات والطريؽ فائؽ السرعة)‪.‬‬
‫(‪)13‬‬
‫راجع مقالة أحمد بيجت‪( :‬صندوؽ الدنيا) جريدة ا ألىراـ المصرية‪ ،‬يوـ السبت ‪ 28‬مارس ‪ 1998‬تحت عنواف (جذور العنؼ)‪.‬‬
‫(*)تحت عنراف (اإلسبلـ برئ مف اإلرىاب) سخر "فبلديمير لوكيف " رئيس لجنة العبلقات الدرلية بمجمس النواب الروسى (الدوما) مف المزاعـ‬
‫التى تقوؿ‪ :‬إف اإلسبلـ خطر عمى الحضارات األخرى مشي اًر إلى أف القوى التى تتحدث عف ىذا الخطر المزعوـ ال تعرؼ شيئاً عف اإلسبلـ‪،‬‬
‫وأف الخطر يكمف فى تشكيؿ مجموعات إرىابية تتخذ مف المذاىب الدينية غطاء ليا‪ ،‬وقاؿ‪ :‬إف المشاكؿ االجتماعية تغذى التطرؼ الدينى الذى‬
‫ال يعتبر نابعاً مف اإلسبلـ كديف عالمى‪،‬وأشار إلى أف األصولية التى تعنى التمسؾ بالجذور الدينية ليست حك اًر عمى اإلسبلـ‪ ،‬فيى موجودة فى‬
‫األدياف األخرى‪ .‬أىػ ‪.‬‬
‫انظر جريدة األخبار المصرية يوـ ‪ 1998/1/4‬ص ‪ 2‬نقبلً عف‪ -‬موسكو‪ .‬ف‪ .‬د‪.‬خ‪).‬‬
‫‪20‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫العدؿ وشيادة الحؽ‪ ،‬تدفعنى إلى القوؿ بأف معالجة ىذا الوضع الخطير‪ ،‬تحتاج قد اًر كبي اًر مف الحصافة والحكمة‬
‫والفطنة‪ ،‬كى نفمت مف ىذه الحمقة الشيطانية قبؿ أف تنغمؽ حولنا تماماً‪.‬‬
‫إف منابعنا كمسمميف‪ ،‬ىى القرآف الكريـ والسنة النبوية الشريفة‪ ،‬وقد جعميما رب العزة‬
‫(الحجر‪.)9 :‬‬ ‫الذ ْك َر وإنَّا لَوُ لَ َ افِظُو َن (‪) )9‬‬
‫فى حفظو إذ قاؿ‪ ( :‬إنَّا نَ ْ ُن نَ َّزلْنَا ّْ‬
‫لذا‪ ،‬فمو اجتمعت اإلنس والجف عمى تجفيؼ منابع عقيدتنا اإلسبلمية‪ ،‬فمف يستطيعوا ‪ ،‬ولو كاف بعضيـ لبعض‬
‫قُ ِل اللَّوُ ثُ َّ ذَرُى فِي َخو ِ‬
‫ض ِه ْ يَل َْعبُو َن ( ‪)91‬‬ ‫ظيي اًر ؟ ولذا فإذا لقينا المجترئيف عمى ديف اهلل قاؿ تعالى‪( :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ ْ‬
‫(األنعاـ‪.)91:‬‬
‫ودي ِن ال َ ّْق لِيُظْ ِه َرهُ َعلَى اللّْي ِن ُكلّْ ِو وَك َفى بِاللَّ ِو َش ِهيلاً ( ‪) )28‬‬
‫َذي أَرسل رسولَوُ بِالْه َلى ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ َ َُ‬
‫فيػو سبحػانو‪( :‬ىو ال ِ‬
‫َُ‬
‫آمنُوا فِي‬
‫ين َ‬
‫َّ ِ‬
‫(الفتح‪)28 :‬وىو سبحػانو الذى تكفؿ بنصر المؤمنيف إذ قاؿ جؿ شأنو‪( :‬إنَّا لَنَ ُ‬
‫نص ُر ُر ُسلَنَا والذ َ‬
‫اد (‪( ) )51‬غافر ‪)51:‬‬ ‫وم األَ ْش َه ُ‬ ‫ال َ يَاةِ ُّ‬
‫اللنْ يَا ويَ ْوَم يَ ُق ُ‬
‫ويفيـ اإلسرائيميوف ثقافة السبلـ كما يمى‪:‬‬
‫أ‪ -‬إحداث تغيير فى التوجيات والمفاىيـ والقيـ (‪.)13‬‬
‫ب‪ -‬أو كما‪ :‬يقوؿ "موردخاى جور" النائب السابؽ لوزير الدفاع اإلسرائيمى‪ :‬إدارة أعماؿ سياسية قادرة عمى‬
‫‪ 1989/12/15‬عف نزع‬ ‫إيجػاد مثؿ ىذه الحموؿ‪ .‬وقد ذكػرت دراسة بمركز جػافى لمدراسات االستراتيجية فى‬
‫السبلح‪ :‬إف ثقافة السبلـ المزعومة لتستيدؼ عقيدة المسمميف بالدرجة األولى‪ ،‬فيى صد عف سبيؿ اهلل‪ ،‬ومحػاولة‬
‫لنزع شوكة المسمميف وابعادىـ عف أداء فريضة الجياد‪ ،‬والتى ال تسقط عف ىذه األمة حاؿ ضعفيا وال حاؿ‬
‫قوتيا‪ ،‬فالجياد ماض إلى يوـ القيامة ‪ ،‬صدؽ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ‪.‬‬

‫ولو راجعنا كممات "موردخاى جػور" التى قرأتيا حػاالً ؟ لوجدناىا ىى نفس الكممات التى ألقيت لؤلبواؽ الموجودة‬
‫فى ببلدنا‪ ،‬فرددوىا كما ىى ‪.‬‬
‫حقيقة الموقؼ األمريكى مف القدس‪:‬‬
‫الواليات المتحدة األمريكية ىى مقر الجسـ الرئيسى لمصييونية العالمية‪ ،‬منذ بدأت تمكما الحركة ‪.‬‬
‫تغمغؿ الصييونية فى المجتمع األمريكى (مف مؤسسة الرئاسة وحتى الكنائس‪ ،‬مرو اًر باإلعبلـ واالستخبارات‬
‫والقوات المسمحة وغيرىا) ‪.‬‬
‫مثاؿ‪( :‬التصويت عمى قرار الكونجرس بخصوص نقؿ السفارة األمريكية إلى القدس‬
‫فى أكتوبر ‪ ،1995‬كاف بأغمبية ‪ 100 /93‬عضو مجمس شيوخ) (‪.)14‬‬

‫(‪)13‬‬
‫راجع كتاب‪ :‬ثقافتنا فى ظؿ النظاـ العالمى ‪ ،‬لواء أ‪.‬ح‪ .‬د فوزى محمد طايؿ‪ -‬مركز اإلعبلـ العربػى ‪.‬‬
‫(‪)14‬‬
‫ومنذ عاـ ‪ 1964‬يوجد تنسيؽ بيف الصييونية العالمية ومجمس الكنائس العالمى‪،‬‬
‫‪21‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ %100‬كؿ أعضاء مكتبو االستشارى‬ ‫وبالبحث وجد أف ىؤالء جميعاً ما بيف ييودى‪ ،‬وبيف ما يشكؿ نسبة‬
‫‪/11/12‬‬ ‫(السفير د‪.‬عمر عامر نائب مساعد وزير الخػارجية المصرى فى ندوة القدس بجامعة األزىر يوـ‬
‫‪.)1995‬‬
‫مثاؿ ثاف عمى مدى ىيمنة الصييونية عمى عقمية المفكر االستراتيجى األمريكى‪ :‬مراكز الدراسات االستراتيجية‬
‫بالواليات المتحػدة كميا تابعة لمجمس روساء المنظمات الصييونية بأمريكا وأىميا‪ :‬مركز الدراسات االستراتيجية‬
‫لمشرؽ األدنى‪.‬‬
‫مثػاؿ ثالث‪ :‬أحد إصدارات معيد بحػوث القوات الجػوية األمريكية تحت عنواف‬
‫(‪ ،)Respoding to low – Tutensity Conflict Challenges‬وفيو تناوؿ الدكػتور" ‪"Levis Ware‬‬
‫مػوضوع الصراع منخػفض المستوى فى الشرؽ األوسط‪ ،‬فػى بدايتػو يحاوؿ أف يبرر لماذا العداء لئلسبلـ؟ تميز‬
‫اإلسبلـ بنظرة شاممة لمكوف ولمكاف اإلنساف فيو‪ ،‬فيو بذلؾ يشكؿ تحديا أماـ انتشار الثقافة والقيـ الغربية‪ ،..‬ثـ‬
‫ينيى بحثو بقولو‪:‬‬
‫[ إف خطورة اإلسبلـ ىى خطورة دائمة وممتدة‪ ،‬تيدد إسرائيؿ والحػضارة الغربية‪،‬‬

‫ويقوؿ‪ :‬إف العرب ىـ أداة الشر المطمؽ الذى يسعى إلى إفساد برنامج الرب لشعبو المختار فى أرض الميعاد‪.‬‬
‫ىناؾ حكمة ييودية تقوؿ‪" :‬إذا أمسكت باألسد فبل تدعو يفمت منؾ واال التيمؾ "وىذا ىو ما نادى بو "ريتشارد‬
‫نيسكوف " فى كتابو المشيور"انتيزوا ىذه المحظة" ]‪.‬‬
‫فيبل أبطمنا ىذه المقولة‪ ،‬وفوتنا عمييـ فرصتيـ المتوىمة؟‬
‫وواصؿ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬كممتو‪" :‬لكف القدس ستكوف سبب وحدة المسمميف بإذف اهلل "‪.‬‬
‫فما مف شىء يستنفر إرادة األمـ ويوحد صفيا بقدر ما تفعؿ األخطار‪ ...‬خاصة إذا اقتربت مف أمور تمس‬
‫العقيدة‪ ،‬واألمة ميددة فى مقدساتيا ‪ ،‬وقيميا ‪ ،‬وثرواتيا‪ ،‬وأراضييا وأبنائيا‪ ..‬فماذا يبقى منيا؟ ومتى يكوف‬
‫الجياد فى سبيؿ اهلل إف لـ يكف اآلف؟ ولقد أجمع الكافة عمى أنو ال سبيؿ أماـ األمة سوى الجياد فى سبيؿ اهلل‬
‫‪ ،‬الستعادة األرض والمقدسات‪ ،‬وصدؽ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ إذ قاؿ (‪:)15‬‬

‫ونشير إلى مؤتمر ىاـ عقد بالقدس فى ‪ 1994/2/1‬حضره الرؤساء الدينيػيف الييود والنصارى‪ ،‬واستمر أربعة أياـ وناقش موضوعات بالغة‬
‫الحساسية لتصفية الخػبلؼ بيف الجػانبيف‪ ،‬كما ناقش التغيرات الثقافية‪ ،‬واالجتمػاعية فى تنظيـ األسرة‪ ،‬والوضع القانونى لممرأة بداخؿ األسرة‪،‬‬
‫وموضوعات الخصوبة‪ ،‬وتحديد النسؿ‪ ،‬واإلجياض‪ ،‬واألميات البديبلت‪ ...‬إلخ ‪ ،‬وىى أمور طرحت فيما بعد فى مؤتمرى السكاف بالقاىرة‬
‫سبتمبر ‪ 1994‬والمرأة ببكيف ‪ ،1995‬فالصييونية تعمؿ عمى تطويع القيادات الدينية النصرانية لقبوؿ خطتيـ االستراتيجية إلفساد العالـ طبقاً‬
‫لبروتوكوالت (شياطيف) صييوف‪.‬‬
‫(‪)15‬‬
‫حديث صحيح رواه اإلماـ البخارى‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫" تقاتمكـ الييود‪ ،‬فتسمطوف عمييـ‪ ،‬فيختبىء الييودى وراء الحجر أو الشجر فيقوؿ الحجر أو الشجر يا مسمـ ىذا‬
‫ييودى ورائى خذه فاقتمو‪ ،‬إال شجر الغرقد فإنو شجر الييود "‪.‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫[ فيؿ يعنى ىذا أنو ال فائدة ؟] ‪.‬‬
‫الشؾ أف التيديد الموجو إلى األمة قد بمغ مدى بعيداً‪ ،‬وال شؾ أف األمور إذا سارت ىكذا‪ ،‬فإف الوقت ليس فى‬
‫صالحنا‪ ،‬إال أف يشاء اهلل أم اًر مما ال يدخؿ فى حسابات البشر‪ ،‬ويعطؿ عبلقة السببية ‪ ،‬فيكوف ما يشبو‬
‫المعجزة‪.‬‬
‫ومػع إيماننا الكامؿ باهلل تعالى‪ ،‬ورضائنا بقضائو وتوكمنا الذى ال حدود لو عمى قدرتو‪ ،‬فإننا مأموروف بالحركة‬
‫واتخاذ األسباب‪ ،‬وتغيير ما بأنفسنا‪ ،‬ومحاولة استخراج الفرصة مف الخطر اليائؿ الذى أحدؽ بأمتنا ( فَ َّ‬
‫إن َم َع‬
‫إن َم َع العُ ْس ِر يُ ْ‬
‫سراً (‪[ ) )6‬الشرح‪]4،5:‬‬ ‫العُ ْس ِر يُ ْسراً (‪َّ )5‬‬
‫فهناك جولة قادمة م الة‪ ....‬وىى قريبة‪ ،‬كما أن أمامنا عمل جاد طويل وشاق " لنم و بو ما علق ب ياتنا من شوائب‪ ،‬ولنخطو‬
‫أول خطواتنا ن و نهضة شاملة بإذن اهلل‪ ،‬فأما عن طبيعة ال ركة فى الملى القريب‪ ،‬فالجولة القادمة مع الصهيونية ىى جولة قتال‬
‫متالح أشبو بقتال العصر األول فى اإلسالم‪.‬‬
‫والعدو يدافع عف عقيدة‪ -‬و إف كانت فاسدة‪ -‬إال أنو يؤمف بيا إيماناً راسخاً‪ ،‬ويعمـ أنو يخوض مف أجميا معركة‬
‫ت‬‫حياة أو موت‪ .‬والحقيقة أنيـ ليسوا عمى حؽ‪ ،‬فيـ اليتمنوف الموت أبداً قاؿ تعالى‪( :‬و يَتَ َمن َّْونَوُ أَبَلاً بِ َما قَ َّل َم ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬
‫إن اللَّوَ يُ َلاف ُع َع ِن الَذ َ‬
‫ين‬ ‫ين ( ‪[ ))7‬الجمعة‪ ]7 :‬واف كنػا مؤمنيف حقػاً قػاؿ تعػالى‪َّ ( :‬‬ ‫أَيْلي ِه ْ واللَّوُ َعلي ٌ بالظَّالم َ‬
‫ان َك ُفوٍر (‪[ ))38‬الحج‪. ]38 :‬‬ ‫ب ُك َّل َخ َّو ٍ‬ ‫إن اللَّوَ يُ ِ ُّ‬ ‫آمنُوا َّ‬ ‫َ‬
‫ين أُ ْخ ِر ُجوا ِمن ِديَا ِرِى بِغَْي ِر َح ٍّق إ َّ‬ ‫ِ‬ ‫إن اللَّوَ َعلَى نَ ِ ِ‬
‫ص ِرى ْ لََقل ٌير ( ‪ )39‬الَذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ين يُ َقاتَ لُو َن بِأَنَّ ُه ْ ظُلِ ُموا َو َّ‬ ‫ِ ِِ‬
‫(أُذ َن للَّذ َ‬
‫ِ‬ ‫ات وم ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫يها‬
‫اج ُل يُ ْذ َك ُر ف َ‬ ‫صلَ َو ٌ َ َ َ‬ ‫ص َوام ُع َوبِيَ ٌع َو َ‬
‫ّْم ْ َ‬ ‫ض لَّ ُهل َ‬ ‫ض ُه بِبَ ْع ٍ‬ ‫َّاس بَ ْع َ‬ ‫َّ‬
‫أَن يَ ُقولُوا َربُّنَا اللوُ َول َْو َدفْ ُع اللو الن َ‬
‫ض أَقَ ُاموا‬ ‫َّاى ْ فِي األ َْر ِ‬ ‫ين إن َّم َّكن ُ‬
‫ِ‬
‫ي َع ِز ٌيز ( ‪ )40‬الَذ َ‬ ‫إن اللَّوَ لََق ِو ّّ‬ ‫نص َر َّن اللَّوُ َمن يَ ُ‬
‫نص ُرهُ َّ‬ ‫ْ ِ ِ‬
‫اس ُ اللَّو َكثيراً َولَيَ ُ‬
‫‪ [ )41‬الحج‪ ] 41:39 :‬إف‬ ‫المن َك ِر َولِلَّ ِو َعاقِبَةُ األ ُُموِر (‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الزَكاةَ َوأ ََم ُروا بال َْم ْع ُروف َونَ َه ْوا َع ِن ُ‬ ‫الصالةَ َوآتَ ُوا َّ‬
‫َّ‬
‫الجولة القادمة ىى جػولة ال تجػدى معيا الصواريخ بعيدة المدى‪ ،‬وال القنابؿ النووية‪ ،‬فعما قريب يتراءى الجمعاف‪،‬‬
‫وكؿ منيما يستيدؼ فى حركتو نفس البقعة المقدسة‪ ،‬التى عندىا يحكـ اهلل بينيما قاؿ تعالى‪ ( :‬ولََق ْل َكتَْب نَا فِي‬
‫الصالِ ُ و َن (‪[ )105‬األنبياء ‪. ] 105 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫الزبُوِر ِم ْن بَ ْع ِل ّْ‬
‫الذ ْك ِر أ َّ‬
‫ي َّ‬‫ض يَ ِرثُ َها عبَاد َ‬
‫َن األ َْر َ‬ ‫َّ‬
‫أى أف طبيعة الجولة القادمة مع الصييونية كاآلتى‪:‬‬
‫أ‪ -‬حرب شاممة عامة عمى طوؿ األرض وعرضيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬ليست ككؿ الحروب التقميدية‪ ،‬وال يمكف أف تمعب األسمحة النووية فييا أى دور‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ب‪ -‬وقد أتصور أف استعادة القدس تحتاج إلى تعبئة عامة لبلمة‪ ،‬وعدـ التعويؿ عمى‬
‫ما كاف يسمى "الرأى العاـ العالمى"‪ ،‬وال المجتمع الدولى‪ ،‬و ال الشرعية الدولية‪ ،‬لماذا؟ ألف كؿ ىذه العناصر‬
‫صييونية بأكثر مف الييود‪ ،‬وال سبيؿ إال بانتفاضة إسبلمية تشمؿ األرض كميا‪ ،‬تتحوؿ إلى ثورة بكؿ مفيوـ ىذه‬
‫الكممة‪ ...‬ثورة تغير "النظاـ العالمى الجديد" أسسو‪ ،‬وأفكاره‪ ،‬ومبادئو‪ ،‬ومؤسساتو‪ ،‬ورموزه‪ ،‬مف خبلؿ الجياد فى‬
‫سبيؿ اهلل‪ ..،‬وىو أمر يتحسب لو التحالؼ الصييونى الصميبى المعادى‪ ،‬ويعمؿ عمى إقامة تحالؼ دولى جديد‬
‫مف أجؿ خوضو‪.‬‬
‫لكف حذارى مف أف يتمكف أعداونا مف اختراؽ صفوفنا‪ ،‬كما نجحوا مف قبؿ كثي اًر عمى طوؿ تاريخنا اإلسبلمى ‪.‬‬
‫وأما عف طبيعة الحركة فى المدى المتوسط والطويؿ‪ ،‬فيى تحػرؾ الستعادة القيـ اإلسبلمية و إعادة بناء اإلنساف‬
‫المسمـ عمى أساسيا ‪.‬‬

‫فيو عمؿ ثقافى تربوى فى المقاـ األوؿ‪ ،‬يتـ مف خبللو تربية األجياؿ القادمة عمى قيـ اإلسبلـ عمى حب الجياد‬
‫فى سبيؿ اهلل‪ ،‬عمى طمب العمـ واإلقباؿ الجاد عمى العمؿ واتقانو‪ ،‬عمى االعتصاـ بحبؿ اهلل‪ ،‬ونبذ الفرقة‪،‬‬
‫واالىتماـ بعظائـ األمور‪ ،‬وعدـ االنشغاؿ بتوافييا‪ ،‬وأال نتولى إال اهلل ورسولو والذيف آمنوا‪.‬‬
‫د‪ -‬إف جوىر األمف فى أمتنا ىو اإليماف والجياد فى سبيؿ اهلل ‪.‬‬
‫ور ُسولِ ِو‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫نجي ُك ّْمن ع َذ ٍ ِ‬
‫اب أَلي ٍ ( ‪ )10‬تُ ْؤمنُو َن باللَّو َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َدلُّ ُك َعلَى تِجارةٍ تُ ِ‬
‫ََ‬ ‫آمنُوا َى ْل أ ُ ْ‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬
‫قػاؿ تعػالى‪( :‬يَا أَيُّ َها الَذ َ‬
‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ُلو َن فِي سبِ ِ ِ ِ ِ‬ ‫وتُج ِ‬
‫يل اللَّو بأ َْم َوال ُك ْ وأَن ُف ُك ْ ذَل ُك ْ َخ ْي ٌر ل ُك ْ إن ُكنتُ ْ تَ ْعلَ ُمو َن ( ‪ )11‬يَغْف ْر لَ ُك ْ ذُنُوبَ ُك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الع ِظي ُ ( ‪ )12‬وأُ ْخ َرى‬ ‫َّات تَ ْج ِري ِمن تَ ْ تِ َها األَنْ َهار وم اكِن طَيّْبةً فِي جن ِ‬
‫َّات َع ْل ٍن ذَلِ َ‬ ‫وي ْل ِخ ْل ُك جن ٍ‬
‫ك ال َف ْوُز َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ش ِر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين (‪ [ )13‬الصؼ‪. ] 13-10 :‬‬ ‫يب وبَ ّْ ُ‬
‫الم ْؤمن َ‬ ‫ص ٌر ّْم َن اللَّو وفَ ْت ٌ قَ ِر ٌ‬ ‫تُ بُّونَ َها نَ ْ‬
‫اللار ِ‬ ‫والنصر بإذف اهلل سيكوف فػى الدنيا واآلخػرة لمصادقيف مع اهلل تعالى‪ ،‬قاؿ تعالى‪( :‬تِل َ‬
‫اآلخ َرةُ نَ ْج َعلُ َها‬ ‫ْك َّ ُ‬
‫ض و فَ اداً والْعاقِبةُ لِل ِ‬ ‫ين يُ ِري ُلو َن عُلُواً فِي األ َْر ِ‬ ‫ِِ‬
‫ين (‪[ )83‬القصص‪. ] 83 :‬‬ ‫ْمتَّق َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫للَّذ َ‬
‫إف األمة فى حاجة لمف يوقظيا ويكوف ليا قدوة وأسوة حسنة‪.‬‬
‫وليس ىناؾ بعد رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ مف نبى‪.‬‬
‫فمف أجدر مف العمماء وىـ ورثة األنبياء لمقياـ بيذا الدور؟‬
‫وعمماؤنا يحتاجوف إلى أف تكوف ليـ مصداقية‪ ،‬وىذه تأتى بأف يطوع كؿ منيـ نفسو ويقصرىا عمى الحؽ قص اًر ‪.‬‬
‫عمى كؿ عالـ فى ىذه األمة أف يكوف إسبلماً يمشى عمى قدميف‪ ،‬يضرب المثؿ فى إيمانو واعتصامو بحػبؿ اهلل‪،‬‬
‫ال يأمر بالمعروؼ إال ويكوف قد أمر نفسو بو أوال والتزـ بو‪ ،..‬أف يكوف مثاالً فى التضحية واإليثار‪ ...‬أف يتقدـ‬
‫الصؼ حتى يتبعو الناس‪.‬‬
‫‪24‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ض وفَ َ ا ٌد‬ ‫ولف يصمح حػاؿ األمة فى عاجؿ أمرىا واجمو إال بيذا‪ ،‬قاؿ تعالى‪ ( :‬إ َّ تَ ْف َعلُوهُ تَ ُكن فِ ْت نَةٌ فِي األ َْر ِ‬
‫َذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصال َة‬
‫يمو َن َّ‬ ‫ين يُق ُ‬ ‫آمنُوا ال َ‬ ‫ين َ‬ ‫ور ُسولُوُ والذ َ‬ ‫َكب ٌير ( ‪ [ )73‬األنفاؿ‪ ، ]73 :‬وقاؿ تعالى‪ ( :‬إنَّ َما وليُّ ُك ُ اللَّوُ َ‬
‫ب اللَّ ِو ُى ُ الغَالِبُو َن ( ‪ )56‬يَا‬ ‫الزَكاةَ وى راكِعو َن (‪ )55‬ومن ي ت و َّل اللَّو ورسولَو والَّ ِذين آمنوا فَ َّ ِ‬
‫إن ح ْز َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ََ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ويُ ْؤتُو َن َّ ُ ْ َ ُ‬
‫اب ِمن قَ ْبلِ ُك ْ والْ ُك َّف َار‬ ‫ِ‬
‫ين أُوتُوا الكتَ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين اتَّ َخ ُذوا دينَ ُك ْ ُى ُزواً ولَعباً ّْم َن الَذ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫آمنُوا تَتَّخ ُذوا الَذ َ‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬
‫أَيُّ َها الَذ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين (‪ [ . ) )57‬المائلة ‪. ] 57/55 :‬‬ ‫اا واتَّ ُقوا اللَّوَ إن ُكنتُ ُّم ْؤمن َ‬
‫أ َْوليَ َ‬
‫‪25‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ الثانى‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬الصييونية واالستعمار يعداف العدة لمتزيؽ مصر والمنطقة العربية‪.‬‬
‫المبحث الثانى‪ :‬لماذا يحرص الصياينة عمى تمزيؽ المنطقة العربية ؟‬
‫المبحث الثالث ‪ :‬األدوات التى تتبناىا السياسة األمريكية ‪.‬‬
‫المبحث الرابع ‪ :‬مصر والحرب القادمة ‪.‬‬
‫المبحث الخامس ‪ :‬أسباب نجاح مخططات االستعمار والصييونية فى العالـ العربى ‪.‬‬

‫تعريؼ بالمؤلؼ‬ ‫تعريؼ بالمؤلؼ‬

‫األستاذ الدكتور حامد عبد اهلل ربيع‬


‫* أستاذ ورئيس قسـ العموـ السياسية‪ ،‬كمية االقتصاد‪ ،‬جامعة القاىرة‪.‬‬
‫* أستاذ ورئيس قسـ الدراسات القومية بمعيد الدراسات العربية‪.‬‬
‫* أستاذ خارجى "بجامعات الخرطوـ‪ -‬بغداد‪ -‬روما‪ -‬باريس "‬
‫لو مؤلفات كثيرة نذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫‪ -1‬إطار الحركة السياسية فى المجتمع اإلسرائيمى‪ -‬دار الفكر العربى ‪.1978‬‬
‫‪ -2‬مصر تدخؿ عصر النفايات الذرية‪ -‬دار الفكر العربى ‪.1979‬‬
‫‪ -3‬الثقافة العربية بيف الغزو الصييونى وارادة التكامؿ القومى‪-‬دار الموقؼ العربى القاىرة‪-‬طبعة عاـ ‪.1983‬‬
‫لو مقاالت‬ ‫‪. 1980‬‬ ‫‪ -4‬اتفاقيات كامب ديفيد‪ -‬قصة حوار بيف الثعمب والذئب‪ -‬عماف دار الشعب عاـ‬
‫كثيرة جداً نذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫‪ 739 -733‬اعتبا ار مف ‪1983/1/31‬‬ ‫أ‪ -‬سبع مقاالت عمى التوالى نشرتيا األىراـ اإلقتصادى فى األعداد‬
‫تحت العناويف التالية‪:‬‬
‫‪26‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -1‬احتواء العقؿ المصرى ‪.‬‬


‫‪ -2‬دور المعمومات فى االستراتيجية األمريكية ‪.‬‬
‫‪ -3‬تحركات السياسة األمريكية عمى أرض مصر‪.‬‬
‫‪ -4‬ولـ يتعمـ األمريكيوف مف أخطائيـ ‪.‬‬
‫‪ -3‬سياسة جمع المعمومات فى منطقة الشرؽ األوسط‪.‬‬
‫‪ -6‬التوافؽ اإلسرائيمى األمريكى ‪.‬‬
‫‪ -7‬األمف المطموب فى سياسة جمع المعمومات ‪.‬‬
‫وقد نشرناىا فى كػتابنا الرابع مف سمسمة كػتبنا نحػو وعى سياسى واستراتيجى وتاريخى تحت عنواف " االستعمار‬
‫والصييونية وجمع المعمومات عف مصر" ‪ ،‬دار الوفاء لمطباعة والنشر‪.‬‬
‫ب‪ -‬مصر والحرب القادمة‪ -‬عشر مقاالت نشرتيا جريدة الوفد‪ -‬أسبوعيا‪ -‬تباعاً اعتبا اًر مف ‪ 1989/6/7‬وتحت‬
‫العناويف التالية (‪:)16‬‬
‫‪ -1‬مصر والحرب القادمة‪.‬‬
‫‪ -2‬فمسفة إسرائيؿ وموقفيا فى منطقة الشرؽ األوسط‪.‬‬
‫‪ -3‬ىؿ تنجح إسرائيؿ فى وراثة دور مصر القيادى‪.‬‬
‫‪ -4‬قنبمة تكتيكية ذات إشعاع محدود‪ ،‬يدمر الدوؿ المحيطة بإسرائيؿ‪.‬‬
‫‪ -5‬الترسانة العسكرية اإلسرائيمية الجديدة ‪.‬‬
‫‪ -6‬حرب توسعية لتحقيؽ الييمنة الصييونية الكاممة لممنطقة‪.‬‬
‫‪ -7‬السموؾ العدوانى اإلسرائيمى‪.‬‬
‫‪ -8‬السبلح النووى وتطور العقيدة القتالية اإلسرائيمية‪.‬‬
‫‪ -9‬الدوؿ العربية تستخدـ السبلح التقميدى فى تدمير السبلح النووى اإلسرائيمى ‪.‬‬
‫‪ -15‬السبلح النووى اإلسرائيمى واستراتيجية المواجية‪.‬‬
‫وقد تـ نشر ىذه المقاالت فى كتابنا الثانى ضمف سمسمة نحو وعى سياسى وتاريخى واستراتيجى ‪ ،‬تحت عنواف‬
‫(*)‬
‫جميورية مصر العربية‪1418 ،‬ىػ‪1998 /‬ـ‪.‬‬ ‫"مصر والحرب القادمة"‪ ،‬دار الوفاء المنصورة‪،‬‬
‫وقد ذكر أف أ‪ .‬د‪ .‬حامد ربيع‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬قد اغتيؿ عمى يد الصييونية العالمية فى بيتو‪.‬‬

‫(‪)16‬‬
‫[راجع جريدة الوفد ‪ 17‬شعباف ‪ 1415‬ىػ‪ 18 .‬يناير ‪ 1995‬تحت عنواف "ربيع وجماؿ حمداف نيايات مفتوحة " أحمد المسممانى ] ‪.‬‬
‫(*)‬
‫وقد نشرت في بكامميا تحت عنواف ‪ " :‬قراءة فى فكر عمماء االستراتيجية‪ ،‬مصر والحرب القادمة " أ‪ .‬د‪ .‬حامد ربيع‪ ،‬القاىرة ‪ ،1998‬دار‬
‫الوفاء‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثاني‬

‫الصييونية واالستعمار يعداف العدة لتمزيؽ مصر والمنطقة العربية‬


‫وفى ىذا المبحث يقدـ الدكتور حامد عبد اهلل ربيع الدليؿ عمى األتى‪:‬‬
‫* المخطط العاـ الذى يسيطر عمى القيادات الييودية ‪ ،‬ييدؼ إلى تجزئة المنطقة العربية وتحويميا إلى كيانات‬
‫صغيرة طائفية‪.‬‬
‫(‪)17‬‬
‫‪ ،‬يمتد عبر إحداىا النفوذ الييودى ‪ ،‬ليستوعب‬ ‫* وييدؼ بصفة خػاصة إلى تمزيؽ مصر إلى دويبلت‬
‫سيناء وشرؽ الدلتا ليتحقؽ حمـ الييود مف النيؿ إلى الفرات!!‬
‫* سياسة الدوؿ الكبرى تتفؽ فى مصالحيا مع سياسة إسرائيؿ فى منع مصر مف أداء دورىا اإلقميمى والدولى !!‬
‫* لماذا اىتمت األبحاث الميدانية التى أجرتيا الييئات األمريكية‪ -‬عمى وجو الخصوص‬
‫‪ -‬بمحافظة الفيوـ ‪ ،‬وكذلؾ بمدينة أسواف ؟؟‬
‫* الييود واألمريكاف وغيرىـ يتجسسوف عمى مصر‪ ،‬ويجمعوف عنيا المعمومات لماذا ؟؟ ىذه المعمومات تصب‬
‫فى أجيزة األمف القومى األمريكى‪ ،‬الذى يرسـ السياسة األمريكية الخارجية ‪ ،‬والتى تقوـ عمى‪:‬‬
‫* حصر القوى والقيادات الوطنية القادرة عمى أف تشكؿ ثورة رفض‪ ،‬أو تكوف عمى قسط معيف مف الفاعمية ضد‬
‫المصالح األمريكية والصييونية‪.‬‬
‫* تصفية ىذه القوى الوطنية بالسجف أو القتؿ‪ ،‬وعدـ االنتظار حتى تنفجر الثورة أو حركات الرفض‪ ،‬بؿ يجب‬
‫اقتطاعيا مسبقاً ‪.‬‬
‫* ما الذى تخطط لو إسرائيؿ بالنسبة لمصر ومنطقة وادى النيؿ اآلف وفى المدى البعيد ؟‬

‫(‪)17‬‬
‫جريدة العرب العالمية فى عددىا ‪ 5299‬بتاريخ ‪ ،1998/2/18‬أيضاً راجع جريدة العرب تايمز فى عددىا ‪ 107‬بتاريخ ‪ 20-11‬ديسمبر‬
‫‪ ،1992‬أيضاً راجع مجمة " كيفونيـ " الصادرة بالقدس بتاريخ ‪.1982/2/14‬‬
‫‪28‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫كتب د‪ .‬حامد ربيع عف المخطط العاـ الذى يسيطر عمى القيادات الصييونية‪ ،‬وىو تجزئة المنطقة العربية‪،‬‬
‫وتحويميا إلى كيانات صغيرة‪ ،‬يسيطر عمييا مفيوـ الدولة الطائفية‪ ،‬ويفكر العدو فى تجزئة وادى النيؿ عمى‬
‫النحو التالى‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬محور الدولة النصرانية الممتدة مف جنوب بنى سويؼ حتى جنوب أسيوط ‪ ،‬وقد اتسعت غرباً لتضـ الفيوـ‬
‫التى بدورىا تمتد فى خط صحراوى يربط ىذه المنطقة باإلسكندرية التى تصير عاصمة لمدولة النصرانية‪ ،‬وىكذا‬
‫تفصؿ مصر عف اإلسبلـ اإلفريقى األبيض (فى طرابمس الغرب وتونس والجزائر والمغرب) وعف باقى أجزاء‬
‫وادى النيؿ (أى السوداف ودوؿ القرف اإلفريقى) (‪.)18‬‬
‫ثانياًال‪ -‬ولمزيد مف تعميؽ ىذه التجزئة‪ ،‬يربط الجزء الجنوبى الممتد مف صعيد مصر حتى شماؿ السوداف‪ ،‬باسـ‬
‫ببلد النوبة‪ -‬بمنطقة الصحراء الكبرى‪ -‬حيث أسواف تصير العاصمة لدولة جديدة تحمؿ اسـ دولة البربر‪.‬‬
‫ثالثاًال‪ -‬الجزء المتبقى مف مصر سوؼ يخصص لمصر اإلسبلمية‪.‬‬
‫رابعاًال‪ -‬وعندئذ يمتد النفوذ الصييونى عبر سيناء ليستوعب شرؽ الدلتا‪ ،‬بحيث تصير حدود مصر الشرقية مف‬
‫جانب فرع رشيد‪ ،‬ومف جانب آخر ترعة اإلسماعيمية ‪.‬‬
‫وىكذا يتحقؽ الحمـ التاريخى مف النيؿ إلى الفرات (‪.)19‬‬
‫(‪)20‬‬
‫الدكتور حامد ربيع‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬أف التطور الذى تعيشو المنطقة جعؿ سياسة الدوؿ الكبرى‬ ‫وذكر الكاتب‬
‫الغربية تتفؽ فى مصالحيا مع سياسة إسرائيؿ‪ ،‬ال فقط بمعنى عزؿ مصر‪ ،‬بؿ وبمعنى تجزئة مصر‪ ،‬ثـ تساءؿ‬
‫الكاتب‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬لماذا اىتمت األبحاث الميدانية التى أجرتيا الييئات األمريكية عمى وجو الخصوص بمحافظة الفيوـ ‪،‬‬
‫وكذلؾ بمدينة أسواف ؟‬
‫ثانياً‪ -‬وىؿ االىتماـ بمحافظة الفيوـ ينبع مف التصور اإلسرائيمى بخصوص الدولة النصرانية ‪ ،‬الذى أساسو ضـ‬
‫الفيوـ إلى المحافظات األخرى السابؽ ذكرىا‪ ،‬وشؽ طريؽ صحراوى يربط ىذه المنطقة عبر وادى النطروف‬
‫باإلسكندرية (*)‪ ،‬التى سوؼ تصير عاصمة الدولة الجديدة ‪ ،‬وقد اتسعت لتضـ أيضاً جزءاً مف المنطقة الساحمية‬
‫الممتدة حتى مرسى مطروح ؟‬
‫ثالثاًال – ىؿ ىناؾ عبلقة بيف االىتماـ بأسواف‪ ،‬والحػديث المتردد عف دولة البربر التى سوؼ تمتد حػينئذ لتشمؿ‬
‫الصحراء الكبرى مف جنوب المغرب حتى البحػر األحػمر؟ والتفكير فى دولة البربر قديـ‪ ،‬أثارتو بعض االتجاىات‬

‫(‪)18‬‬
‫راجع‪ :‬جريدة العرب تايمز فى عددىا ‪ 107‬بتاريخ ‪ 20-11‬ديسمبر ‪.1992‬‬
‫(‪)19‬‬
‫حسب ما زعمت إسرائيؿ فى توراتيا المزيفة (سفر التكويف‪.)18/15 :‬‬
‫(‪)20‬‬
‫ىذا المقاؿ نشر عاـ ‪.1983‬‬
‫(*) وقد تـ شؽ ا!طرؽ بالفعؿ‪ ...‬وتـ رصفيا!‪ ..‬ولقد نبو العمماء قبؿ فوات الوقت‪ ،‬ولكف األمة لـ تنتبو إلى ذلؾ‪ ،‬فصػدو قوؿ اهلل تعػالى فييـ‪:‬‬
‫ِع‬ ‫الع َيب ِعاد َيما َييأ ِعْست ِع‬
‫(يا حسرةًال عمَيى ِع‬
‫وف (‪[ ) )30‬يس‪.]30/‬‬ ‫وؿ إالَّر َيك ُسانوا ِعبو َيي ْس‬
‫ستَي ْسي ِعزُسء َي‬ ‫س ٍل‬
‫ييـ ِّممف َّرر ُس‬ ‫َي َي ْس َي َي‬
‫‪29‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫االستعمارية الفرنسية قبؿ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وعندما بدأت تتكشؼ أىمية البتروؿ المنتشر فى صحراء‬
‫الجزائر وحوليا‪ ،‬فالسياسة األمريكية تريد خمؽ حػائط يمنع المسمميف العرب مف االلتقاء بالمسمميف األفارقة‪ ،‬وىى‬
‫تريد أف تحمى مراكز الثروة الطبيعية فى وسط إفريقيا‪ ،‬وىى تعمـ حاجتيا إلى تمؾ المصادر التى توصؼ بأنيا‬
‫مصادر لممعادف االستراتيجية‪ ،‬ولنتذكر عمى سبيؿ المثاؿ "النيكؿ والببلتيف والقصدير دوف الحديث عف اليورانيوـ‬
‫"‪ .‬وىكذا تمتقى أىداؼ التجزئة لمصر مع أىداؼ اإلحاطة والتحزيـ التى تسعى إلييا السياسة اإلمبريالية ‪ ،‬فيؿ‬
‫سوؼ تحؿ مدينة أسواف ىذه المشكمة لتصير عاصمة لمدولة البربرية ؟‬
‫رابعاًال‪ -‬ىؿ صحػيح أف ىناؾ د ارسػة ممولة مف الجػانب األمريكى حػوؿ ىذا الطريؽ الصحراوى الذى سوؼ يربط‬
‫‪،1983‬‬ ‫الفيوـ باإلسكندرية؟ فيؿ بدأت ىذه الدراسة فعبلً أـ ال تزاؿ فى حيز اإلعداد ؟ [ىذا الكبلـ نشر عاـ‬
‫ويقاؿ‪ :‬إنو قد تـ تنفيذ ىذا الطريؽ فعبلً ]‪.0‬‬
‫لكف لماذا يحرص األعداء عمى تجزئة مصر؟‬
‫يقوؿ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪:-‬‬
‫"إف القوى الطامعة فى مصر‪ ،‬تيدؼ إلى تجزئة مصر" خوفا مف ازدياد قوتيا‪ ،‬ففى نياية ىذا القرف سوؼ يصير‬
‫عدد سكاف مصر‪ -‬بإذف اهلل‪ -‬ثمانيف مميونا‪ ،‬كما أف موقعيا االستراتيجى أضحى أكثر خطورة عمى مصالح‬
‫القوى الكبرى" ألف حقيقة الصراع الدولى تغيرت معالمو وخصائصو‪ ،‬ولو استطاعت مصر أف تييئ لنفسيا قيادة‬
‫حقيقية‪ ،‬فيى مؤىمة ألف تجمع تحت رايتيا جميع دوؿ المنطقة العربية‪ -‬وأيضاً العالـ اإلسبلمى‪ -‬وىذا يعنى‬
‫نتيجتيف‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬انتياء إسرائيؿ ‪ ،‬سواء باستئصاؿ واقتطاع وجودىا أو بذوبانيا وابتبلعيا ‪.‬‬
‫ثانياًال‪ -‬وضع حػد لعممية النيب لثروات األمة التى تمارسػيا القوى الدولية‪ ،‬والشركػات الكبرى المتعددة الجنسية فى‬
‫جميع أجزاء المنطقة‪.‬‬
‫‪A Personal‬‬ ‫ومف يرد أف يعرؼ كيؼ تفكر القيادة اإلسرائيمية فميق أر كػتاب بف جػوريوف " تاريخ شخصى "‬
‫زيادة نسؿ الشعب المصرى ‪ ،‬بؿ العالـ‬ ‫‪ " History‬ومع الغزو العسكرى‪ ،‬ىناؾ محػاوالت مستميتة لمنع‬
‫(‪)21‬‬
‫‪".‬‬ ‫اإلسبلمى‪ ،‬عبر أجػيزة تنظيـ النسؿ التى تنفؽ عمييا أمريكا والدوؿ األوربية بسخاء كبير‬
‫أمريكا واسرائيؿ يتجسسوف عمى مصر ويجمعوف عنيا المعمومات!‬
‫دور المعمومات فى االستراتيجية األمريكية والييودية‪:‬‬
‫حينما عرض الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬لسياسة جمع المعمومات وموقعيا مف االستراتيجية األمريكية‪ ،‬ذكر " أف مفيوـ‬
‫األمف القومى األمريكى قد اتسع بشكؿ الفت لمنظر‪ ،‬عندما ربطت الواليات المتحػدة األمريكية بيف أمنيا ووجود‬

‫(‪)21‬‬
‫راجع كتاب‪ .‬نحو نيضة أمة "كيؼ نفكر استراتيجياً"‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ ،‬فوزى محمد طايؿ ‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى‪ ،‬طبعة عاـ ‪ ،1997‬ص‬
‫‪ 379‬تحت عنواف ضبط المواليد وفرية نقص الموارد‪.‬‬
‫‪30‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫إسرائيؿ‪ ،‬وعندما اعتبرت أى تغيير يمكف أف يحػدث فى أى بقعة مف بقاع العالـ تيديداً لؤلمف القومى األمريكى‪،‬‬
‫وأضحى حماية المواد األولية فى جنوب إفريقيا العنصرية ىى أحد عناصر األمف القومى األمريكػى؟ وليذا فإف‬
‫أمريكا ترى أف تعتمد عمى نفسيا وقوتيا‪ ،‬وال تعتمد عمى حمؼ وال دوؿ تابعة‪ ،‬يجب أف تخمؽ أدواتيا الذاتية فى‬
‫كؿ منطقة لحماية مصالحيا‪ -‬كما يقوؿ الكاتب‪ -‬ويرتبط بيذا تطور خطير فى مفيوـ التعامؿ االستراتيجى أحد‬
‫محاور الصداـ المحتمؿ‪ -‬منطقة القمب‪ -‬وىى الممتدة مف جنوب شرؽ أوربا‪ ،‬حيث مواقع حمؼ األطمنطى حتى‬
‫وسط المحيط اليندى‪ ،‬حيث جزيرة "ديجوجارسيا " التى تتمركز بيا أكبر قاعدة أمريكية عرفيا التاريخ حتى اليوـ‪،‬‬
‫ويتبع ذلؾ أف ىذه المنطقة يجب أف تدخؿ فى دائرة االستعداد‪ ،‬حيث المسرح الثانى لحرب فى مستوى الصداـ‬
‫فى وسط أوربا"‪.‬‬
‫"ومف ىنا كانت خطة أمريكا لمتعامؿ مع العالـ الثالث‪ ،‬ومنو مصر والعالـ العربى الذى‬
‫قد يتمرد عمى مخططاتيا‪ ،‬وتسمطيا ونيبيا لثرواتو‪ ،‬واىدارىا لحريتو‪ ،‬فأى حركة فى تمؾ الدوؿ ترمى إلى تغيػيػر‬
‫(‪)22‬‬
‫الوضع القائـ‪ ،‬يجب أف تواجػو بالعنؼ‪ ،‬إنيا نوع مف اإلرىاب الدولى‪ ،‬وتبدأ خطة أمريكا بجػمع المعمومات‬
‫لمعرفة مصر والببلد التى يرغبوف فى االستيبلء عمى خيراتيا مف الداخؿ‪ ،‬وتحميؿ خصائص وأسموب التعامؿ مع‬
‫عقميتػيا وعقمية قيادتيا السياسية والفكرية‪ ،‬وىذا أسموب ينتيجػو االستعماريوف مع األمة منذ زمف بعيد"‪.‬‬
‫إف جمع ىذه المعمومات ليست بقصد عممى منزه ‪ ،‬وىى اليوـ فى الببلد المختمفة تتوالىا أجيزة ظاىرىا مدنيو‪،‬‬
‫ولكنيا تنتيى بأف تصب فى أجيزة األمف القومى األمريكى الصانعة لسياسة أمريكا فى العالـ العربى"‪.‬‬
‫(‪)23‬‬
‫‪.‬‬ ‫لقد بدأت الواليات المتحدة تنفيذ ىذه السياسة منذ عيد عبد الناصر‪ ،‬مف خػبلؿ منظمة فورد‬
‫إف عممية جمع ىذه المعمومات تستند إلى تحالؼ وثيؽ بيف األجيزة األمريكية مف جانب‪ ،‬واألجيزة اإلسرائيمية‬
‫مف جانب آخر‪ ،‬وأجيزة حمؼ األطمنطى مف جانب ثالث‪ ،‬والمخابرات األمريكية‪ -‬بصفة خاصة‪ -‬تعمؿ بتوافؽ‬
‫تاـ مع أجيزة األمف اإلسرائيمى‪" .‬‬
‫وقد ذكر الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬مجموعة مف النقاط الجديرة بالتسجيؿ‪ ،‬والتى ال يمكف‬
‫أف تغنى عف قراءة كؿ كممة فى المقاؿ‪:‬‬
‫"دقة وخطورة التعامؿ مع المعمومات‪ ،‬وجػمع المعمومات‪ ،‬فإف األمريكاف يعيدوف إلى أشخاص معينيف بعمؿ‬
‫بحوث ميدانية‪ ،‬وىـ ال يممكوف أى معرفة حقيقية بالبحوث الميدانية‪ ،‬وىـ إلى جانب ذلؾ يمتازوف بالسطحية مف‬
‫جانب‪ ،‬والغرور مف جانب آخر‪ ،‬وىذا سبلح ذو حػديف‪ ،‬فيو مف جػانب يجػعؿ المرء يطمئف إلى عدـ قدرة ىؤالء‬

‫(‪)22‬‬
‫دور المعمومات فى االستراتيجية األمريكية‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬حامد ربيع‪ ،‬األىراـ االقتصادى ‪ ،‬العدد ‪.734‬‬
‫(‪)23‬‬
‫رغـ ىذا فإف مركز الدراسات االستراتيجية لجريدة األىراـ القاىرية قبؿ مبمغاً مف الماؿ مف مؤسسة فورد إلعداد التقرير الثانى عف الحالة‬
‫‪ 22‬مف جمادى األولى ‪ 14 /1419‬مف سبتمبر ‪ 1998‬السنة الثانية العدد الثالث والثمانوف‬ ‫الدينية فى مصر (انظر جريدة األسبوع االثنيف‬
‫(البحث المشبوه يضر باألمف القومى) واألىراـ ليس فى حاجة إلى ‪ 20‬ألؼ دوالر‪.‬‬
‫‪31‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫عمى البحث الحقيقى‪ ،‬واكتشاؼ الحقائؽ المستترة خمؼ ىذه المعمومات‪ ،‬ولكف مف جانب آخر يصيروف أداة‬
‫فاعمة فى يد المخطط األجنبى ‪ ،‬الذى يجمس إلى جوار ىؤالء‪ ،‬ويستخػدمػيـ كػما يستخدـ الدمى عمى مسرح‬
‫العرائس "‪ ،‬وذكر الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪" :-‬أف استخداـ المعمومات اليوـ أضحػى عممية مرعبة مف حيث القدرة‬
‫والفاعمية‪ ،‬لقد ذكر البعض أنو فى عيد الرئيس عبد الناصر استطاعت المخػابرات اإلسرائيمية مف متػابعة عدد‬
‫عمب السرديف المنقولة إلى منطقة اإلسماعيمية تقدير تطور عدد القوات المصرية المقاتمة فى تمؾ المنطقة "!! ‪.‬‬
‫وعف نوعية المعمومات التى يسعى األعداء إلى الحصوؿ عمييا … يقوؿ الكاتب‪" :‬الواقع‬
‫أف المعمومات التى تسعى إلييا ىذه األجيزة األجنبيػة‪ ،‬ىى تمؾ التى تسمى بالمعمومات الخػاصة بالمبررات‪ ،‬أو‬
‫عمى الدولة أف‬ ‫بعبارة أخرى‪ :‬المتغيرات الدولية التى تستتر خمؼ السموؾ وخمؼ الوقائع "‪ .‬ثـ قاؿ الكاتب ‪:‬‬
‫(‪)24‬‬
‫أ قد أضحى موضع التيديد"‪.‬‬ ‫تستيقظ ‪ ،‬وعمى الحاكـ أف يفتح عينيو جيداًال ! ليعرؼ أف كياف أمتو‬
‫وعف خصوصية العمماء العرب الذيف يأتوف مف الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬ذكػر الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪:‬‬
‫إف المياجريف العرب إلى أمريكا مف العمماء والميندسيف بيف عاـ ‪ 1966‬وعاـ ‪ 1977‬قد بمغ عددىـ فقط مف‬
‫يزيد عف ثبلثة آالؼ‪ ،‬ىـ عمى وجو‬ ‫الذيف يحمموف درجة الدكتوراه أكثر مف ستة آالؼ عالـ‪ ،‬نصيب مصر‬
‫التحديد يوزعوف بالشكؿ التالى‪:‬‬
‫"ميندسوف ‪ ،2113‬عمماء طبيعة ‪ ،1039‬عمماء االجتماع ‪ ،158‬وذلؾ دوف األطباء وسائر العموـ األخرى"‪.‬‬
‫وتساءؿ الكاتب‪" :‬ىؿ يصمح ىؤالء العمماء‪ ،‬وبالتحػديد العمماء المقيميف فى الواليات المتحدة األمريكية لممشاركة‬
‫فى أبحاثنا الميدانية‪ ،‬وتحمؿ مسؤولية تمؾ األبحػاث "‪ ،‬وخػاصة تمؾ األبحاث المتعمقة بالمعمومات التى ترتبط‬
‫باألمف القومى ؟ " ‪.‬‬
‫وأجػاب الكاتب بالنفى‪ :‬كبل‪ ،‬والسبب‪ -‬كػما ذكػر الكاتب‪" :‬أف أغمبيـ‪ -‬إف لـ يكونوا جميعيـ‪ -‬أدوات متقدمة‬
‫لممخابرات األمريكية‪ ،‬يخضعوف لتوجيييا بطريؽ أو بأخر‪ ،‬بؿ إف الكثير ممف درسوا فى تمؾ الجامعات وعادوا‬
‫إلى مصر قد خضعوا لذلؾ التوجيو "‪.‬‬
‫وعف طبيعة التطور العاـ في المنطقة وأىميتو لإلستراتيجية األمريكية الجديدة‪ ،‬وموضح جمع المعمومات مف‬
‫ىذه اإلستراتيجية ‪ ،‬ذكر الكاتب جممة أىداؼ مف وراء جمع ىذه المعمومات منيا‪:‬‬
‫"مواجية أى حركػة ترمى إلى تغيير الوضع القائـ فى دوؿ العالـ الثػالث بالعنؼ واالستئصاؿ‪ ،‬فأى حركة فى تمؾ‬
‫الدوؿ ترمى إلى تغيير الوضع القائـ يجب أف تواجو بالعنؼ‪ ،‬إنيا نوع مف اإلرىاب الدولى ‪ ،‬يقوؿ "ىيج " عندما‬
‫كاف مسؤوالً عف و ازرة الخارجية بيذا الخصوص‪" :‬إف مفيوـ مقػاومة استخػداـ اإلرىاب الدولى ‪ ،‬وىو االصطبلح‬
‫الذى يستخدـ لمتعبير عف حركات التغيير فى العالـ الثالث‪ ،‬يجب أف يحؿ فى اىتماماتنا موقع مفيوـ الدفاع عف‬
‫حقوؽ اإلنساف‪ ،‬كذلؾ فإف مواجػية ىذا اإلرىاب الدولى يجب أف تتـ مف خػبلؿ استخداـ القوة العسكرية‪ ،‬مف‬

‫(‪)24‬‬
‫فى األصؿ‪( :‬أمة)‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫العبث الحديث عف اإلصبلح أو التقدـ أو التجديد‪ ،‬الذى يعنى القيادات األمريكية‪ ،‬ىو القدرة عمى االستئصاؿ‬
‫الجسدى والعنصرى لمقوى الثورية والقيادات الرافضة "‪.‬‬
‫"وىكذا فإف النظرية األمريكية الجػديدة واقعية وعنيفة فى واقعيتيا‪ ،‬ال تؤمف بفكرة اإلصبلح‪ ،‬وال بكؿ ما يتصؿ‬
‫بغزو القموب‪ ،‬ىى تكتفى بغزو القوى الثورية واستئصاليا باألدوات العسكرية وما فى حكميا‪ ،‬أما ما عدا ذلؾ فبل‬
‫يعنييا ‪ ،‬ألنو مضيعة لموقت والماؿ "‪ .‬ثـ تساءؿ الكاتب‪ :‬ما ىى أدوات تنفيذ تمؾ السياسات فى دوؿ العالـ‬
‫الثالث؟ وما ىى المنطمقات التى تنطمؽ منيا؟‬
‫وقد أجؿ الكاتب اإلجابة عف السؤاؿ األوؿ‪ ،‬وأجاب عف الثانى بقولو‪" :‬إنيا تنطمؽ‪ -‬تنبع‪ -‬مف مفيوميف‬
‫أساسييف‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬الوقاية خير مف العبلج‪ ،‬ومف ثـ يجب أال ننتظر‪ -‬أمريكػا وأعوانيا‪ -‬حتى تنفجر‬
‫الثورة أو حركات الرفض‪ ،‬بؿ يجب اقتطاعيا مسبقاً "‪.‬‬
‫والثانى‪" -‬عندما يحدث التدخؿ‪ ،‬فمندع جػانباً مفيوـ التدرج فى التدخؿ‪ ،‬وانما يجب أف يكوف ىذا التدخؿ كثيفا‬
‫صاعقا‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬إف أوؿ ما يجب أف تيتـ بو اإلدارة األمريكية ىو عممية حصر حقيقية لمقوى والقيادات‬
‫القادرة أو الصالحػة ألف تكوف ثورة رفض عمى قسط معيف مف الفاعمية‪ ،‬وعندما تكتشؼ اإلدارة‪ ،‬عمييا أف تمجأ‬
‫إلى جميع الوسائؿ الستئصاؿ تمؾ القوى والقيادات‪ ،‬ويكوف الترغيب والتطويع خطوة أولى‪ ،‬واف لـ تفمح‪ ،‬فالقبض‬
‫والسجف خطوة ثانية‪ ،‬واال فالقتؿ واالستئصاؿ الجسدى"‪.‬‬
‫ىذا ما كتبو ص ارحػة "ميشيؿ كػبلر" الخبير فى معيد التحميؿ السيػاسى بجامعة واشنطف‪ ،‬وىو ما سمح لنا بأف‬
‫نفيـ الوظيفة التى تؤدييا مراكز البحوث المنتشرة خمؼ األىداؼ واالعتبارات األكاديمية‪ ،‬وىو أيضاً يوضح النوايا‬
‫الحػقيقية مف عمميات جمع المعمومات الميدانية"‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫يقوؿ الكاتب بكممات صريحة ليست فى حاجة إلى تعميؽ‪:‬‬


‫" وتستطيع ىذه السياسة أف تكوف مجدية؟ ألف السياسة األمريكية تفحص المبلحظة المستمرة لسموؾ المواطنيف‬
‫مف خػبلؿ ناقمى المعمومات لئلدارة األمريكية‪ ،‬وكػذلؾ مف خػبلؿ وضع نظاـ حديث لمتصنت والمراقبة‪ ،‬فضبلً عف‬
‫معالجة المعمومات "‪.‬‬
‫ثـ تساءؿ األستاذ الدكتور حامد ربيع‪ -‬رحمو اهلل‪ :‬ترى ىؿ ق أر عمماؤنا تقرير ىذا العالـ؟ وىو أحد مف أسيموا‬
‫فى وضع ىذه االستراتيجية؟ ىذا التقرير قد نشرتو جريدة "لموند الدبموماسى" فأقاـ الدنيا وأقعدىا فى جميع أجزاء‬
‫أوربا‪ ،‬ولكف عمماؤنا األجػبلء ال يزالوف يغطوف فى النوـ … فيؿ مف مستمع؟ "‪.‬‬
‫وقد اعتمد الكاتب فى بحثو عمى‪:‬‬
‫‪ ،1981‬الذى نشر تقرير "ميشيؿ كػبلر" الخبير فػى التحميؿ‬ ‫أ‪ -‬ما نشر فى عدد " لموند الدبموماسى" أبريؿ‬
‫السياسى‪ ،‬وواحػد ممف أسيموا فى وضع االستراتيجية األمريكية الجديدة التى بدأت مف أوؿ عيد "كارتر"‪ ،‬وىو‬
‫يعمؿ باحثاً فى معيد دراسات التخطيط السياسى بواشنطف‪ ،‬وىو صاحب المؤلؼ المشػيور بعنواف (حػرب بدوف‬
‫نياية) الذى يؤكد فيو عمى ضرورة أف تدخؿ اإلدارة األمريكية فى قناعتيا التدخؿ فى العالـ الثالث دوف توقؼ‪.‬‬
‫"فى ىذا التقرير تحدث عف التخطيط األمريكى لمواجػية حركات الرفض فى دوؿ العالـ الثالث‪ ،‬عمى أساس‬
‫تغيير االستراتيجية التى كاف يتبعيا "كينيدى" ‪ ،‬واتباع استراتيجية مفادىا‪ :‬ليس خمؽ القناعة بالتعاوف مع اإلدارة‬
‫األمريكية‪ ،‬وانما استئصاؿ مفاصؿ القوة فى المجتمعات موضع الغزو فى دوؿ العالـ الثالث "‪.‬‬
‫‪ ،1982‬وىو يحدد‬ ‫ب‪ -‬وكذلؾ كتاب "غزو األرواح " الذى أصدره الناشر اليسارى الفرنسى " ماسبرو" سنة‬
‫مصادر التصور األمريكى لغزو العقوؿ فى العالـ المعاصر بما فى ذلؾ أوربا‪ ،‬وكيؼ أف التفكير بدأ أثناء‬
‫الحرب العالمية الثانية‪.‬‬
‫"وىذه الوثيقة‪ -‬كما يقوؿ الكاتب‪ -‬خطورتيا فى أنيا تحدد مصادر غير معروفة‪ ،‬وغير متداولة عف كيفية دراسة‬
‫واعداد ىذا المخطط‪ ،‬منذ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬ويقاؿ‪ :‬إف سبب مقتؿ "فمترينمى" الناشر اإليطالى اليسارى‬
‫المشيور يرتبط بنشر ىذه "الوثيقة"‪ ،‬ولعؿ ىذا ىو أحد األسباب الرئيسة التى عجمت بالغزو االستعمارى‬
‫الصييونى‪ -‬األمريكى واألوربى‬
‫‪ -‬لمعػالـ العربى فى عاـ ‪ ،1991‬واحػتبللو لقواعد فى جزيرة العرب والببلد المحيطة والبحريف األحمر واألبيض‪،‬‬
‫وضرب العدة العسكرية والمنشآت المدنية لشعبى العراؽ والكويت‪ ،‬واألخطر مف ىذا تمزيؽ الصؼ وتحجيـ دور‬
‫مصر فى المنطقة العربية والعالـ اإلسبلمى ‪ ،‬ووضع اليد عمى منابع النفط‪ ،‬والييمنة شبو الكاممة عمى حياة‬
‫المجتمعات‪ ،‬مع العمؿ المستمر لضرب أية محاولة وطنية تحاوؿ التحرر مف قبضة األعداء"‪.‬‬
‫وىكذا يتبيف لنا أييا القارئ الكريـ حجـ المؤامرة الصييونية االستعمارية عمى أمتنا‪ ،‬كما يتبيف أف اغتصاب‬
‫فمسطيف ىو بداية الضياع لبقية ديار المسمميف‪ ،‬إذ أنو عرض أمف العالـ اإلسبلمى كمو لمخطر‪ .‬وىناؾ شىء‬
‫‪34‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أخر‪ ،‬وىو أف ببلد المسمميف عامرة بالثروات (‪ ،)25‬ولكنيـ محرموف مف االستفادة منيا‪ ،‬ونحف نحرسيا ونقدميا‬
‫إلى األعداء ليحولوىا إلى رصاص وقنابؿ توجو إلى صدورنا‪.‬‬
‫كما يتضح لنا أيضاً أف القرصاف الصييونى االستعمارى وأعوانو ينطمقوف مف سياسة أمنية تقوـ عمى ضرورة‬
‫(‪ .)26‬وليذا فإف شعوب العالـ‬ ‫اإلجياض المبكر ألية محاولة قد تبذليا األمـ والشعوب لمتحرر مف قبضتيـ‬
‫اإلسبلمى بقيادة حركات البعث اإلسبلمى مطالبة بدراسة ىذه المخطط والسياسات‪ ،‬ووضع خطط تقوـ عمى‬
‫اإلجػياض المبكر لمخططات القراصنة‪ ،‬وتستشعر معنى قوؿ النبى صمى اهلل عميو وسمـ (‪" :)27‬اآلف نغزوىـ وال‬
‫يغزوننا‪ ،‬نحف نسير إلييـ "‪.‬‬

‫(‪)25‬‬
‫ذكر "بوؿ شميت" فى كتابو " اإلسالـ قوة الغد " ترجمة د‪ .‬بيى الخولى‪" :‬أف قوة العالـ اإلسبلمى تكمف فى امتداد أرضو‪ ،‬وكثرة ثرواتو‪،‬‬
‫وخصوبة النسؿ عند المسمميف‪ ،‬وصبلبة العقيدة اإلسبلمية"‪.‬‬
‫(‪)26‬‬
‫مثاؿ‪ :‬إذا قامت مظاىرة فى أى بقعػة مف بقاع األرض تندد باإلمبريالية األمريكية أو المؤامرة الصييونية تتحرؾ عمى الفور قوات الشرطة‬
‫الدولية‪ -‬واف استدعى األمر قوات التدخؿ السريع‪ -‬لسحقيا‪.‬‬
‫(‪)27‬‬
‫صحيح البخارى‪. 590/2‬‬
‫‪35‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫لماذا يحرص الييود واألمريكاف عمى تمزيؽ‬


‫المنطقة العربية وخاصة مصر؟‬
‫وما ىى وسائميـ فى تحقيؽ ىذا اليدؼ؟‬
‫وما ىى الخطوات التى يخطوىا العدو باتجاه اليدؼ؟‬

‫حوؿ تمؾ التساؤالت بدأ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬يفند دوافع األعداء لتمزيؽ المنطقة العربية‪ ،‬واقامة الكيانات‬
‫الطائفية فقاؿ‪" :‬طرح قادة الييود سؤاالً‪ :‬كيؼ تستطيع القيادة الييودية المحافظة عمى بناء إسرائيؿ‪ ،‬وتجنب ما‬
‫حدث ألوربا فى الحروب الصميبية ؟‬
‫"قدـ "إيجاؿ آلوف‪ ،‬وشيموف بيريز"‪ ،‬اقتراحات بيذا الشأف وىى ليست الوحيدة "‪.‬‬
‫‪ -‬المحور الفكرى ليذه االقتراحات‪ :‬أف إسرائيؿ ميما فعمت‪ ،‬وحتى لو نجحت بأقصى فاعمية فى تجميع الييود‬
‫فى دولة إسرائيؿ‪ ،‬فإف ذلؾ لف يسمح بإقامة دولة تتجاوز العشريف مميوناً فى نياية القرف‪ ،‬وحتى ذلؾ التاريخ‪،‬‬
‫فإف أصغر دولة عربية سوؼ تكوف قد تجاوزت ىذا العدد أو اقتربت منو‪ ،‬وذلؾ دوف الحديث عف مصر التى‬
‫سوؼ تصؿ إلى ثمانيف مميوناً‪ ،‬إزاء ذلؾ‪ ،‬فإف إسرائيؿ سوؼ يتعيف عمييا أف تظؿ قمقة محاصرة‪ ،‬فيؿ يضمف‬
‫الدفاع المستمر بما يمثؿ مف نفقات مف جانب الواليات المتحدة األمف اإلسرائيمى؟ أـ أف عمى إسرائيؿ أف تخمؽ‬
‫إطار دفاعيا الذاتى‪ ،‬وىى لذلؾ يجب أف تعمؿ جاىدة عمى أف تحيؿ المنطقة إلى دويبلت صغيرة‪ ،‬أو كيانات‬
‫ىشة محدودة الفاعمية‪ ،‬ومف ثـ تميى تمؾ الدويبلت بصراعات حوؿ الحدود‪ ،‬أو بخبلفات عشائرية خبلؿ خمسيف‬
‫عاماً عمى األقؿ؟ مثؿ ىذا التصور يحقؽ إلسرائيؿ ثبلثة أىداؼ فى آف واحد‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬أف تصبغ المنطقة بصبغة طائفية‪.‬‬
‫ثانياًال‪ -‬أف تصير إسرائيؿ‪ -‬وىى الدولة القوية باقتصادىا وتقدميا التكنولوجى‪ -‬ىى الدولة السائدة أو المسيطرة‬
‫عمى المنطقة‪ ،‬حيث ال يوجد حوليا سوى دوؿ أقزاـ‪.‬‬
‫‪36‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ثالثاًال‪ -‬أف تتوسع وتغزو اقتصادياً؟ ألف أى دولة مف تمؾ الكيانات اليشة ال تممؾ القدرة االقتصادية عمى االكتفاء‬
‫الذاتى‪.‬‬
‫(‪)28‬‬
‫أحد العناصر الضرورية لؤلمف اإلسرائيمى ‪ ،‬بؿ‬ ‫إذف الييود يعتبروف التجزئة لممنطقة‬
‫إنو يصير عنص اًر أساسياً ال بديؿ لو‪..‬‬
‫ولتحقيؽ ذلؾ البد مف خطوات‪ -‬طبقا القتراحات آلوف‪ ..‬وشيموف بيريز‪.‬‬
‫أوالًال‪" -‬اليزيمة العسكرية الساحقة‪ -‬لمصر والعالـ العربى‪ -‬تصير الخطوة األولى‪ ،‬مما يعنى فقداف الثقة فى‬
‫الذات‪ ،‬والقناعة فى عدـ القدرة عمى المواجػية" ولذلؾ فإف اليزيمة العسكرية يجب أف تصاحبيا أمور ثبلث‪:‬‬
‫تدمير مكثؼ مف جانب‪ ،‬وتشتيت لؤلىالى عمى صورة واسعة مف جانب آخر‪ ،‬ثـ الحرب النفسية مف جانب ثالث‬
‫"‪.‬‬
‫ثانياًال ‪" -‬خمؽ مسالؾ االتصاؿ المباشر مع القوى الفكرية والقيادية فى المجتػمع المحمى‪ ،‬وتدعيـ مفيوـ التعاوف‬
‫والحػوار الذى يضع حدا لمعداوة الفعمية‪ ،‬ويخمؽ طبقات منتفعة"‪ ،‬والدليؿ كما يقوؿ حامد ربيع‪ :‬إف مئات اآلالؼ‬
‫التى تنفقيا إسرائيؿ فى مصر‪ ،‬ثـ فى لبناف عمى األبحػاث الميدانية والبحوث المشتركة مع بعض أساتذتيا تخفى‬
‫تحركاً خبيثاً‪ ،‬محوره‪ :‬خمؽ بذور الصداقة والمصمحة فى الجسد العربى "‪.‬‬
‫ثالثاً‪" -‬تخريب المرافؽ القومية؟ ألنو يؤدى إلى فقد الييمنة والشعور بعدـ فاعمية الدولة المركزية‪ ،‬ويرتبط ذلؾ‬
‫باإلكػثار مف الفػضػائح‪ ،‬وتموث القػيػادات‪ .‬ومصدر ىذه التصورات اإلسرائيمية‪ ،‬كما يقوؿ حامد ربيع‪ :‬ىو الفكر‬
‫النازى !! "‪.‬‬
‫وتساءؿ األستاذ الدكتور حامد ربيع‪ :‬ولكف أيف مصالح السياسة األمريكية فى تنفيذ مثؿ ىذا المخطط؟‬
‫ويجيب عمى ذلؾ بقولو‪:‬‬
‫"فى عاـ ‪ ،1967‬أضحت إسرائيؿ ىى حػاممة الطائرات الثانية فى المنطقة العربية لجػماعة المصالح األمريكية‪،‬‬
‫‪ 1975‬ازدادت‬ ‫وبصفة أدؽ لتأديب القيادات العربية‪ ،‬التى تتمرد عمى مخططات االستعمار والصييونية‪ ،‬ومنذ‬
‫الصمة بينيما‪ ،‬حػيث أصبحت إسرائيؿ رأس حػربة لمتػواجػد األمريكى الممتد فى المحػيط اليندى‪ ،‬وحػتى داخػؿ‬
‫‪ 1982‬صارت أداة لوظيفة‬ ‫الخميج العربى مف جػانب‪ ،‬ومدخؿ البحر األحمر مف جانب آخر‪ ،‬ولكنيا فى عاـ‬
‫أخرى أكثر خطورة‪ ،‬فقد أصبح ىناؾ تعاوف استراتيجى بيف تؿ أبيب وواشنطف‪ ،‬والمرتبط أيضاً بما يسمى " قوة‬
‫االنتشار السريع "‪ ،‬أساسو‪ :‬أف تعد إسرائيؿ بحيث أف تواجو أية محاولة تيدد المصالح األمريكية‪ -‬خاصة‬

‫(‪)28‬‬
‫ىذه التجزئة التى مف أجميا أصدرت أمريكا قانونا يسمى‪" :‬قانوف االضطياد الدينى" ووافؽ عميو الكونجرس األمريكى ‪ ،‬والذى يزعـ أف‬
‫ىناؾ اضطياد دينياً لنصارى مصر ونصارى السوداف‪ ،‬وغيرىـ‬
‫مف ببلد العالـ‪ ،‬راجع‪ :‬جريدة الشعب المصرية‪ ،‬العدد ‪ 1260‬بتاريخ ‪ 1998/5/19‬الصفحة األولى‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫(‪)29‬‬
‫والبحوث المشتركة‪ ،‬كأداة لتحقيؽ أىداؼ‬ ‫البترولية‪ -‬فى المنطقة‪ ،‬ومف ىنا كانت سياسة جمع المعمومات‬
‫السياسة األمريكية الييودية‪ -‬االستعمارية الصييونية‪ -‬وىدفيا ضبط القوى المحمية الساعية والقادرة عمى التغيير‪،‬‬
‫والعمؿ عمى تجزئة مصر‪ ،‬وعزليا‪ ،‬وتفريغيا مف قواىا الحقيقية‪ ،‬واعدادىا لمدور الذى قد أعده ليا االستراتيجيوف‬
‫األمريكيوف‪ ،‬بالتوافؽ التاـ مع االستراتيجية اإلسرائيمية‪ .‬وىنا تأتى سياسة جمع المعمومات التى تخدـ ىذه‬
‫السياسات‪ .‬جمع المعمومات تأتى عبر األبحاث الميدانية التى انتشرت فى مصر خبلؿ األعواـ األخيرة‪ ،‬وتغمغمت‬
‫فى كؿ مكاف‪ ،‬بحػيث وجدنا ممثميو يجمسوف فى أدؽ أجزاء الجسد المصرى حساسية‪ ،‬وبحيث أضحى كؿ‬
‫مصرى يتيالؾ عمى إرضاء ىؤالء السادة الجدد‪ -‬األمريكاف وغيرىـ "‪.‬‬
‫"أيف مسؤولية عممائنا الذيف اندفعوا ببل وعى فى ىذه العممية؟ "‪.‬‬
‫وأيف مسوولية أجيزة األمف المصرية ؟‪" ،‬ومف ىنا البد وأف نطرح التساؤؿ األخطر‪ :‬أيف مسؤولية عممائنا؟ وأيف‬
‫مسؤولية أجيزة األمف لدينا؟ وىؿ القيادة واعية بيذه المخاطر؟ وماذا أعدت لمواجيتيا ؟‪.‬‬
‫وقد حاوؿ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬فى مقاؿ تاؿ أف ينبو أمتو إلى "األمف المطموب فى سياسة جمع المعمومات "وقد‬
‫قدـ بكممة جاء فييا‪:‬‬
‫"وعمى الحاكـ أف يخرج عف صمتو ليؤدى واجبو‪ ،‬إف أراد أف يخمى مسئوليتو أماـ األجياؿ‪ ،‬وأف يعمف أماـ‬
‫الضمير القومى واجبو؟ ليعمـ أف ىذا وحده أساس شرعيتو‪ ،‬كما ذكر أف مصير أمتنا فى الميزاف… وطالب‬
‫بمحاكمة حقيقية ألولئؾ الذيف خانوا أمتيـ‪ ،‬وخانوا أمانة العمـ التى وضعت فى أعناقيـ‪ ،‬عندما قبموا أف يكونوا‬
‫فى ببلدنا جيشاً مف العمبلء"‪.‬‬

‫(‪)29‬‬
‫(تحت الطبع) حامد عبداهلل ربيع‪ .‬االستعمار والصييونية وجمع المعمومات عف مصر‪ .‬الكتاب الرابع‪ -‬مف سمسمة (نحو وعى سياسى‬
‫واستراتيجى وتاريخى)‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫األدوات التى تتبناىا السياسة األمريكية‬

‫أوالً األدوات الداخمية وىى تيدؼ إلى‪:‬‬


‫* تشجيع الشعوبية‪ -‬بمعنى إحياء القوميات والعصبيات‪.‬‬
‫* تدعيـ مفيوـ الوالء الطائفى‪ -‬بمعنى إذكاء الصراع بيف أبناء األمة‪ -‬مسمميف ونصارى ورعاة ورعية (‪.)30‬‬
‫* مساندة الزعامات الميميمة ودفعيا إلى مواقع السمطة‪.‬‬
‫* خمؽ طبقات منتفعة طفيمية‪.‬‬
‫* استخداـ أساليب التسميـ السياسى‪.‬‬
‫* األبحاث الميدانية األمريكية ودورىا فى خدمة ىذه السياسات‪.‬‬
‫ومجموعة ىذه السياسات تقود إلى نتيجتيف متكاممتيف‪:‬‬
‫األولى‪ -‬الفوز بالتبعية لئلرادة الغازية‪.‬‬
‫الثانية‪ -‬االبتعاد عف التكامؿ بالنسبة لؤلرادة القومية العربية‪ .‬والنماذج التى تعيشيا المنطقة العربية بيذا المعنى‬
‫عديدة ال حصر ليا‪ ،‬بؿ ويمكف أف نقوؿ‪ :‬إف جميع أجزاء المنطقة وبدرجات متفاوتة قد وقعت فى ىذا الفخ‪.‬‬
‫ثانيا‪ -‬األدوات الخارجية أو الدولية‪ :‬وىى موجية ضد تكامؿ اإلرادة العربية‪ ،‬وىى تيدؼ إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬نشر الكراىية ضد العالـ العربى‪.‬‬
‫‪ -2‬تدعيـ الترابط الدولى ضد المصالح العربية‪.‬‬
‫‪ -3‬تفجير منظمة األوبؾ‪.‬‬

‫(‪)30‬‬
‫وفى ضوء ىذا يمكف أف نفيـ الزوبعة التى أثارتيا الواليات المتحدة‪ ،‬والتى تزعـ أف ىناؾ اضطياد دينى لنصارى مصر‪ ،‬والقانوف الذى‬
‫أصدره مجمس النواب األمريكى يوـ الخميس ‪ 1998/2/14‬بنسبة ‪ 375‬صوتاً ضد ‪ 41‬صوتا‪ ،‬والذى يقضى بفرض عقوبات عمى الدوؿ التى‬
‫تمارس االضطياد‪ ،‬ومنيا أيضا السوداف بزعميـ‪ ،‬والمرحمة القادمة سيحاوؿ أعداء األمة إثارة الفتنة بيف أبنائيا تمييدا لمتدخؿ األجنبى‪ ،‬وتمزيؽ‬
‫المنطقة إلى كانتونات‪ -‬ال مكنيـ اهلل مف ذلؾ‪.‬‬
‫جريدة الشعب المصرية‪ ،‬العدد ‪ 1260‬بتاريخ ‪ 1995/5/19‬جريدة عرب تايمز عدد ‪ 107‬بتاريخ ‪ 20 :11‬ديسمبر ‪1992‬‬
‫‪39‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"األدوات الداخمية التى تتبناىا السياسة األمريكية‪ ،‬بمعنى األساليب التى تتبناىا السياسة األمريكية فى داخؿ‬
‫بالد العالـ العربى لتحقيؽ أىدافيا"‪.‬‬
‫وقد ذكر الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬جممة حقائؽ نذكر بعضيا وال يغنى ىذا عف االطبلع عمى المقاؿ كامبلً فى‬
‫مصدره‪ ،‬قاؿ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪:‬‬
‫أ‪" -‬وتفضح الوثائؽ التى نشرىا العالـ الفرنسى "جولياف " عمى أف تعميمات الواليات المتحدة منذ الحرب العالمية‬
‫الثانية إلى الشركات البترولية فى العالـ العربى واضحة‪ ،‬وىى عدـ توظيؼ عوائدىا النفطية فى المنطقة‪ ،‬وذلؾ‬
‫رغـ أف احتماالت الكسب فى ذلؾ الميداف ال حدود ليا‪ .‬كؿ دوالر يوظؼ فى المنطقة العربية يستعيد نفسو‬
‫خبلؿ فترة ال تتجاوز العاميف‪ ،‬بينما ىو فى حاجة إلى خمسة عشر عاماً فى غرب أوربا‪ ،‬ومع ذلؾ فتعميمات‬
‫و ازرة الخارجية األمريكية كانت صريحة إلى الشركات البترولية أف توجو عائداتيا البترولية لتوظؼ فى اقتصاد‬
‫غرب أوربا‪ ،‬وال توظؼ محمياً فى المنطقة العربية "‪.‬‬
‫ب‪" -‬سياسة جمع المعمومات‪ ،‬ىى أحد األدوات المساندة والضرورية لعممية التغمغؿ مف القوى األجنبية‪ ،‬لقد‬
‫أضحت المعرفة الدقيقة أو الواضحة بمقومات الجسد الذى يراد تطويقو عنص ار أساسياً مف عناصر التعامؿ مع‬
‫الواقع السياسى "‪.‬‬
‫وتساءؿ المؤلؼ‪ :‬ما ىى أىداؼ أمريكا مف سياسة جمع المعمومات فى مصر؟‬
‫وطالب بتذكر عدة أمور‪:‬‬
‫األوؿ‪" -‬ينفؽ مبلييف فى مصر حوؿ ىذه البحوث المشتركة‪ -‬لجمع المعمومػات‪ -‬ليس مرده حب مصر‪ ،‬والتغنى‬
‫بجماليا‪ ،‬ومف يحدثنى عف االىتمامات األكاديمية‪ ،‬فبل أستطيع أف أصفو إال بالببلىة‪ -‬لو أردت أف أفترض‬
‫حسف النية‪ -‬وىو أمر بدوره موضع احتماؿ "‪.‬‬
‫"ىناؾ أىداؼ خفية تجعؿ اإلدارة األمريكية تميث وراء معرفة خفايا الوجود المصرى‪ ،‬سواء عمى مستوى الفرد أو‬
‫الجماعة‪ ،‬وليس فقط مف حيث الخصائص السموكية القائمة‪ ،‬بؿ وتطور تمؾ الخصائص السموكية واحتماالتيا‬
‫المستقبمية‪ ،‬ىذه العممية تنبع مف مخطط معيف يسيطر عميو السعى نحو أىداؼ معينة‪ ،‬فما ىى ؟؟ ورغـ أف‬
‫السمطات المصرية ظمت حتى اآلف تغمض عينييا عف الذى يدور حوليا‪ ،‬فيؿ أف األواف ألف نتساءؿ‬
‫وبصراحة‪ :‬ما ىى حقيقة ىذه األىداؼ؟‬
‫إف الخط القاتؿ لسياسة مصر الخارجية ‪ ،‬ىى أنيا ظنت أف تصرفات الواليات المتحدة‬
‫‪ -‬وىى دولة عظمى‪ -‬تنبع مف سياسة تنطمؽ مف مبادئ ومفاىيـ وتقاليد السياسات العظمى‪ ،‬ونسيت أف الواليات‬
‫المتحدة لـ تعد تممؾ تقاليداً أو قيماً " (‪.)31‬‬

‫(‪)31‬‬
‫وىذا ما قالو أ‪ .‬د‪ .‬جماؿ حمداف كما سنرى فى الفصؿ الرابع‪ ،‬مف ىذا الكتاب‪.‬‬
‫‪40‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الثاني‪" -‬أف القوة السياسية األمريكية جاءت نتيجة ضعؼ اإلرادة المصرية فى مواجية ىذا الغزو الفكرى الذى‬
‫تخضع لو مصر دوف حياء‪ ،‬إف مصر أكثر ضعفا واستسبلماً إزاء الفاتح الجديد"‪.‬‬
‫وىدؼ السياسة األمريكية منع مصر‪ -‬أوالً‪ -‬مف أف تصبح قوة ضاربة فى المنطقة طالما أنيا‪ -‬أى أمريكا‪ -‬تريد‬
‫أف تسيطر عمى المنطقة ‪ ،‬فمف يتأتى ليا ذلؾ‪ ،‬إال إذا عزلت مصر عف المنطقة‪ ،‬وعممية العزؿ أبعادىا متعددة‪،‬‬
‫وتحطيـ إرادة التكامؿ ليس سوى أحد أبعادىا‪ ،‬ىناؾ أيضاً الترابط الثقافى والحضارى‪ ،‬وىى مف جانب آخر تقوـ‬
‫بعممية تطويع كمى وشامؿ لئلرادة المصرية‪ ،‬بحيث تجعؿ الجسد المصرى كياناً ال مفاصؿ لو‪ ،‬وىى مف ثـ ‪-‬‬
‫وبأساليب متعددة‪ -‬ترحب وتشجع عممية خمؽ التسيب‪ ،‬بحيث يصير الجسد مترىبلً‪ ،‬غير قادر عمى أى نوع مف‬
‫أنواع التماسؾ "‪.‬‬
‫الثالث ‪" -‬ولنتذكر‪ -‬أخي اًر‪ -‬أف السياسة األمريكية تقؼ أسيرة اإلرادة الصييونية فى كؿ ما يتعمؽ بالتعامؿ مع‬
‫المنطقة‪ .‬إنيا تعيش أسيرة أىداؼ القيادة اإلسرائيمية‪ .‬إف ىدؼ السياسة اإلسرائيمية ىو تجزئة المنطقة إلى‬
‫دويبلت صغيرة طائفية‪ ،‬وتحوليا إلى نماذج أخرى تشبو ما فى البمقاف فى بدإية ىذا القرف‪ ،‬إف أىداؼ إسرائيؿ‬
‫مف ىذه العممية ىى تحويؿ دوؿ المنطقة إلى كيانات صغيرة طائفية‪ ،‬بحيث يسيؿ التحكـ فييا‪ ،‬واشعاؿ‬
‫الصراعات اإلقميمية بينيا‪ ،‬بحيث تشغؿ قوى المنطقة لنصؼ قرف عمى األقؿ مف الزماف حوؿ مشاكؿ حدود‬
‫مصطنعة‪ ،‬ومف ثـ يمكف لمنفوذ اإلسرائيمى واالقتصاد الصييونى‪ -‬الذى تتستر خمفو الشركات المتعددة الجنسية‪-‬‬
‫مف التوسع واستيعاب المنطقة‪ ...‬ىذا التصور تتبناه السياسة األمريكية والدليؿ "‪:‬‬
‫‪" -1‬تصريحات الريموف إده " رجؿ لبناف الذى غادر بيروت واستقر بباريس‪ ،‬ليعمف ذلؾ المخطط‪ ،‬ليس فقط‬
‫بصدد لبناف‪ ،‬بؿ وكذلؾ بصدد جػميع أجزاء منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬وىو مخطط اتجو إلى قبرص وأحداثيا‬
‫معروفة‪ ،‬بؿ والبعض يتحدث عف محاوالت لتطبيقو فى تركيا‪ ،‬حيث حدث الصداـ العنيؼ بيف الشيعة والسنة فى‬
‫عاـ ‪." 1980‬‬
‫(‪)32‬‬
‫‪ " -2‬تصريحات سميماف فرنجية " الرئيس المبنانى السابؽ عف محاوالت أمريكا بناء دولة‬
‫مارونية فى لبناف ابتداء مف عاـ ‪ ، 1978‬صادرة مف شخص مسؤوؿ ينتمى إلى تمؾ الطائفة‪ ،‬األمر الذى‬
‫يضفى عمييا مصداقية معينة "‪.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫عندما‬ ‫‪" -3‬عمى أف أخطر ما يؤكد ذلؾ أقواؿ "كيسنجر" فى حديثو المشيور لمجمة "األكونوميست المندنية"‬
‫أعمف‪" :‬أف االعتراؼ بالدولة اإلسرائيمية‪ -‬مف جػانب منظمة التحريروالدوؿ العربية‪ -‬لف يكوف إال بداية عممية‬
‫تعديؿ وتنظيـ لؤلوضاع اإلقميمية تبعاً لئلرادة اإلسرائيمية "‪( .‬بؿ وال يتردد أف يضيؼ بصفاقة منقطعة النظير أف‬
‫الخطر الحقيقى مف المنظمة سوؼ يتمركز حوؿ عدـ القبوؿ باإلرادات اإلسرائيمية"‪.‬‬

‫(‪)32‬‬
‫وىذا ما قالو أ‪ .‬د‪ .‬جماؿ حمداف كما سنرى فى الفصؿ الرابع‪ ،‬مف ىذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪)33‬‬
‫فى عددىا الصادر فى ‪ 13‬نوفمبر ‪.1982‬‬
‫‪41‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وقد طرح الكاتب سؤاال‪( :‬ما ىى أىداؼ السياسة األمريكية مف جمع المعمومات‬
‫عف مصر تحت شعار األبحاث المشتركة)؟؟ وكانت اإلجابة‪( :‬مف ييف األىداؼ المتعددة لجمع المعمومات‬
‫األىداؼ الثالثة التالية بصفة خاصة‪:‬‬
‫اليدؼ األوؿ‪ :‬تطويع القوى الراديكالية‪ -‬صاحبة الميوؿ اليسارية أو الشيوعية‪ -‬وقد استطاعت اإلدارة األمريكية‬
‫مف خبلؿ تعامبلتيا مع تمؾ القوى تحقيؽ أربعة أىداؼ‪:‬‬
‫‪ -1‬إبعاد تمؾ القيادات الفكرية عف التعاطؼ مف جػانب مع الرأى العاـ القومى‪ ،‬أو ما يعبر عنو بكممة‪ :‬إحراؽ‬
‫العميؿ‪.‬‬
‫‪ -2‬ربط ىؤالء اليسارييف بالمصالح األمريكية‪ ،‬وأنو مف المعروؼ أف عممية تجنيد العمبلء ال تتجو إال إلى‬
‫المعقديف نفسياً أو العمماء الذيف يشعروف بأف حقوقيـ ميضومة‪ -‬مف ذوى األصؿ الفقير‪ -‬الذيف يتطمعوف إلى‬
‫الرفاىية واليسر‪ ،‬أو المفكروف الذيف ترسبت لدييـ القناعة بأنيـ غير مفيوميف‪ ،‬وغير قادريف عمى االتصاؿ‬
‫بالمجتمع‪ ،‬فيـ يمثموف خير العناصر الصالحػة لمعمالة ‪ ،‬والقيادة الغازية أثناء الحرب العالمية الثانية كػانت‬
‫تتصيد العاىرات لتجعؿ منيف مصد ار لممعمومات لسببيف‪ :‬أوليما‪ :‬أف العقد تؤدى إلى ضعؼ الشعور باالنتماء‬
‫القومى‪ ،‬ثانييما‪ :‬أف صػاحب العقد النفسػية عمى استتعداد دائماً ألف يفسر خيانتو بأف يجد ليا مبر ار وجيياً أماـ‬
‫نفسو وضميره‪.‬‬
‫‪ -3‬ثـ ىى فى ذاتيا مصدر لممعمومات‪.‬‬
‫‪ -4‬أف ىذه القوى خير العناصر لجمع المعمومات المسطحة‪.‬‬
‫"اليدؼ الثانى‪" :‬اكتشاؼ مواقع وقوى الرفض الممكنة أو المحتممة وخصائصيا‪ ،‬وىذا ما يعنيو صراحة "ميشيؿ‬
‫كبلر"‪ :‬أف نولى االىتماـ أكثر وأكثر لحركػات الرفض فى المدف وينبينا العالـ األمريكػى "لوسياف باى" األستاذ‬
‫بمعيد "ماساشوسيت " لمتكنولوجيا‪ -‬وىو الذى يتعاوف مع جامعة القاىرة‪ -‬بأف مستوى المدف التى تتزايد وتتضخـ‬
‫باستمرار‪ ،‬والتى تـ تسييسيا‪ -‬ويعتقد‪ -‬أضحت بمثابة مسدسات مصوبة إلى الحكومة المسؤولة"‪.‬‬
‫ويضيؼ "ميشيؿ كبلر" فيحدد‪" ...‬لبلحتفاظ بالنظاـ فى مواجية ىذه المسدسات فإف االستراتيجييف األمريكييف‬
‫يتصوروف بناء قوة بوليسية شبو عسكرية‪ -‬مثؿ األمف المركزى والجيش‪ -‬قد سمحت بأدوات متقدمة ضد‬
‫المظاىرات وضد اإلرىاب‪ ،‬بؿ والواقع المصرى يثير عدة مشاكؿ بخػصوص ىذه المدرجات‪ ،‬وىى أف التطور‬
‫الصناعى أدى إلى تضخـ تجمع المدينة‪ ،‬وقد أدى بدوره إلى نتائج خطيرة‪ ،‬فالطبقة الرافضة لـ تعد طبقة‬
‫األُجراء‪ -‬كما تعودنا مف منطمؽ الخبرة الماضية‪ ،‬كذلؾ فإف الطبقة المثقفة‪ -‬بالمعنى التقميدى‪ -‬أضحت تسيطر‬
‫عمى الطبقة الرافضة‪ ،‬وىى المقدمة الطبيعية لمحركات الثورية أو ما فى حكميا "‪.‬‬
‫"أضيؼ إلى ذلؾ غمبة عنصر الشباب‪ ،‬إف أكثر مف نصؼ المجتمع المصرى المعاصر أقؿ مف سف العشريف‪،‬‬
‫وىذا يضفى عمى المجػتمع ديناميكية يعبر عنيا عمماء التحميؿ السياسى بقوليـ‪ :‬إنو صالح لسرعة االشتعاؿ "‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ىذه الخصائص الجديدة تفرض أسموبا جديداً فى التعامؿ‪ ،‬وىو ما يعمف عنو صراحة الخبير األمريكى السابؽ‬
‫ذكره‪ ،‬ولكػف البد لذلؾ مف اكػتػشاؼ دقيؽ ليذه الخػصائص وتحديدىا كماً وكيفاً‪ ،‬وىنا تبدأ أىداؼ األبحاث تبرز‬
‫ظاىرة لمعياف "‪ .‬وىنا يقوؿ األستاذ الدكتور حػامد ربيع‪ -‬رحمو اهلل‪" :‬كـ كنا نتمنى أف ننقؿ لمقارئ كؿ ما تسرب‬
‫مف تقارير "ميشيؿ كبلر" بيذا الخصوص الذى يصؿ بو األمر إلى تصور استخداـ األسمحة المزودة بالطاقة‬
‫النووية " السبلح النووى لممسرح "‪ ،‬والتى يسميػيا خبراء االستراتيجية‪. Armes Nucleaires de theatre :‬‬
‫اليدؼ الثالث‪ :‬اإلعداد والمساىمة فى عممية تجزئة مصر‪:‬‬
‫إف ىذا بدوره فى حػاجػة إلى المعمومات ‪ ،‬إف ىذا اليدؼ كػمػا يشرح تفاصيمو العػالـ اإلسرائيمى "أوديد بنوف "‬
‫والذى كاف أحػد كبار موظفى السياسة فى و ازرة الخػارجية اإلسرائيمية فيقوؿ‪ :‬تجزئة مصر‪ ،‬تحويؿ كيانيا إلى‬
‫(‪ ...)34‬إذا تمت تجػزئة مصر‪،‬‬ ‫وحدات جغرافية مستقمة‪ ،‬ىذا ىو اليدؼ السياسى اإلسرائيمى خػبلؿ الثمانينات‬
‫فإف دوالً‪ -‬كميبيا والسوداف‪ ،‬بؿ دوالً‪ -‬أخرى أكثر بعدا ال يمكف أف تظؿ فى صورتيا الحالية ‪.‬‬
‫وعندئذ سوؼ تكوف لدينا دولة نصرانية فى مصر العميا‪ ،‬ثـ عدد معيف مف الدوؿ الضعيفة ال تممؾ سوى قدرة‬
‫التطور التاريخى المنطقى الذى نعرفو فى األمد‬ ‫محػدودة‪ ،‬صييونيا عف الدولة المركزية الحػالية‪ ،‬إف ىذا ىو‬
‫البعيد‪ ،‬والذى أخره فقط اتفاقية السبلـ عاـ ‪. " 1979‬‬
‫ثـ تساءؿ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪" :‬كيؼ استطاعت القيادات اإلسرائيمية أف تجعؿ ىذا المنطؽ يسيطر عمى اإلدراؾ‬
‫األمريكى ؟ وكيؼ أحػالت ىذا المنطؽ إلى قناعة بأف يتفؽ مع ذلؾ الذى سمى باإلجماع االستراتيجى ؟ وأيف‬
‫دور سياسة المعمومات ىنا ؟ "‪.‬‬

‫(‪)34‬‬
‫لقد تأخر التنفيذ‪ -‬ال مكنيـ اهلل مف اإلتماـ‪ -‬ولكف إثارة موضوع اضطياد النصارى فى مصر والسوداف وغيرىا مف الببلد العربية‪ ،‬ىى‬
‫مقدمة لمتدخؿ الدولى باسـ حماية السبلـ االجتماعى ‪ ،‬وتحقيؽ مصالح األقميات‪ ،‬كما ذكر عالـ االستراتيجية فوزى طايؿ فى كتابو "كيؼ نفكر‬
‫استراتيجيا "‪.‬‬
‫‪43‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫مصر الحـرب القادمـة‬


‫تحت عناوين رئيسية كتب المؤلف‪ -‬رحمه هللا ‪:‬‬
‫‪((-‬هل يمكن أن يتحول شعب صلب إلى طبقة من الجبناء؟))‬
‫‪(( -‬مصر فى الطريق إلى كامب ديفيد))‬
‫‪(( -‬تخريب مصر من الداخل))‬
‫‪(( -‬عزل مصر عن محيطها العربى))‬
‫‪(( -‬خلق شلل فى وظيفة مصر اإلقليمية))‬
‫‪ ((-‬توريط بقية الدول العربية في كامب ديفيد‪ ،‬والحرص على تجزئتها وحصارها))‬
‫‪(( -‬البدء الجدى فى إنشاء إسرائيل الكبرى))‬
‫‪(( -‬مبادئ سياسة الدول الكبرى فى التعامل مع مصر‪ ،‬وتدور حول عنا صر أساسية منها))‬
‫‪((-‬سيادة مفهوم التوتر واالضطراب فى مصر))‬
‫‪(( -‬إسرائيل تستعد لحرب قادمة حول عام ‪ 1995‬م !!))‬
‫‪(( -‬الحرب القادمة سوف تذكرنا باالنفجار النازى فى أوربا))‬
‫‪(( -‬تحالف بين إسرائيل والدول غير العربية‪ ،‬لتمزيق المنطقة العربية‪ -‬وقد حدث ذلك عام ‪ 1991‬م أثناء حرب‬
‫الخليج))‬
‫‪(( -‬هل هناك خطة معينة بدأ اإلعداد فى تنفيذها لإلعداد لميدإن المعركة؟ ))‬
‫‪(( -‬ماذا نستطيع نفعل؟))‬
‫‪44‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫مصر والحرب القادمة (‪:)35‬‬


‫تحت ىذا العنواف كتب األستاذ الدكتور‪ /‬حامد عبد اهلل ربيع مجموعة مف المقاالت قدـ ألوليا بقولو ‪:‬‬
‫"فى تاريخ كؿ أمة لحظة معينة‪ ،‬فإذا بيا تصاب بنوع مف الغشاوة الحقيقية‪ ،‬تضطرب مفاىيميا‪ ،‬ويصيب‬
‫مدركاتيا عدـ الوضوح‪ ،‬ويسيطر عمى عقميا عدـ الصبلحية‪ ،‬أما قيادتيا بجميع مستوياتيا‪ ،‬فيى ميميمة‪ ،‬ال‬
‫تدرى أيف الطريؽ الصحيح‪ ،‬قيادات سياسية فقدت الحياء‪ ،‬وقيادات عسكرية يصيبيا الترىؿ ‪.‬‬
‫أما عف القيادات الثقافية‪ ،‬فيى ال تعدو مجرد أبواؽ تيمؿ وترقص وتطبؿ‪" .‬‬
‫"إف إطار القيـ الذى يبموره األمف القومى ىو وحده الذى يحػدد العدو‪ ،‬ويفصمو عف الصديؽ‪ ،‬وينظـ مراتب‬
‫العداوة‪ ،‬وكػذلؾ مراتب الصداقة‪ ،‬وىذه القيادات المثقفة تتحوؿ سواء بدعوى السبلـ العادؿ‪ ،‬أو نتيجة لعدـ الوعى‬
‫الحقيقى إلى صفّاقة يزينوف كؿ زفة‪ ،‬وظيفتيـ لـ تعد قيادة العقؿ القومى‪ ،‬وانما ىز األرداؼ والدؽ عمى الطبوؿ‪،‬‬
‫والقيادات العسكرية التى مف طبيعتيا التقشؼ والصبلبة تحولت إلى مجػموعة مف الموظفيف‪ ،‬يميثوف وراء‬
‫المكاتب المكيفة‪ ،‬البعض يصؿ بو األمر إلى نعت ىذه الطبقة بالخيانة‪ ،‬ولكف ىؿ مف الممكف تصور أمة كاممة‬
‫تعيش الخيانة دوف صوت واحد يرتفع مردداً حقيقة التقاليد؟ "‪" .‬األمر الجدير بالتساؤؿ‪ :‬كيؼ يحػدث ىذا‬
‫التطور؟‪ ،‬فإذا بشعب قوى صمب يتحوؿ إلى طبقة مف الجبناء‪ ،‬الذيف ال ىـ ليـ إال تشويو الحقيقة؟ "‪.‬‬
‫"وقد قدـ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬نموذجيف لمتدليؿ عمى تشخػيصو لداء قد تعانى منو أى دولة مف الدوؿ‪ ،‬وىو‬
‫تشخػيص ينطبؽ عمى غالب ببلد العالـ العربى‪ .‬وىو داء الجبف‪ ،‬ثـ تساءؿ الكاتب‪" :‬ىؿ سوؼ يقدر لنا أف‬
‫نعاصر نموذجػاً أخر فى األعواـ القادمة يأتى ىذه المرة مف الشرؽ األوسط ؟ "‪.‬‬
‫والنموذج الذى ذكره الكاتب‪ ،‬ىو نموذج فرنسا قبؿ الحرب العالمية الثانية‪ ،‬لـ يعد أحد يتحدث إال عف السبلـ‪،‬‬
‫بينما ألمانيا الميزومة تستعد لبلنتقاـ فى المحظة التى أجبرت فييا عمى توقيع معاىدة "فرساى" ودفعت األمة‬
‫الفرنسية ثمف ذلؾ خمسة أعواـ مف االحتبلؿ‪ ،‬وعدة مبلييف مف القتمى‪ ،‬دوف الحديث عف التخريب والتخمؼ "‪.‬‬
‫وتساءؿ الكاتب‪" :‬لماذا حدث ذلؾ؟ "‪ ،‬وقدـ أسباباً ثبلثة لما حدث لفرنسا‪:‬‬
‫األوؿ‪ " -‬الترىؿ فى القيادة السياسية‪ ،‬والفساد الذى تسمؿ إلى جميع عناصرىا‪.‬‬
‫الثانى‪ -‬اإلرىاؽ الذى أصاب القيػادة العسكرية والفساد الذى تسمؿ إلى جػميع عناصرىا‪.‬‬
‫الثالث‪ -‬اختفاء أى ضغط مف الشعب الفرنسى عمى القيادة لتستيقظ وتواجو الخطر الذى يقع عمى حدودىا "‪.‬‬
‫وختـ الكاتب عرضو بقولو‪" :‬أحػد المعاصريف الذيف وصؼ الشعب الفرنسى بقولو‪ :‬إف فرنسا تموت فبل تقمقوا‬
‫نزعيا األخير"‪.‬‬

‫(‪)35‬‬
‫يمكف مراجعة مجموعة مقاالت الدكتور‪ /‬حامد عبد اهلل ربيع‪ :‬مصر والحرب القادمة‪ ،‬الكتاب الثانى‪ ،‬مف سمسمة (نحو وعى سياسى‬
‫واستراتيجى وتاريخى)‪" ،‬قراءة فى فكر عمماء االستراتيجية"‪ -‬طبعة دار‬
‫الوفاء‪ ،‬طبعة أولى‪ -‬القاىرة‪.1998 :‬‬
‫‪45‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫مصر فى الطريؽ إلى كامب ديفيد‪:‬‬


‫ثـ تحدث الكاتب عف النداء الذى جاء القاىرة عبر الحػدود بضرورة إنياء الحرب بيف مصرو أعدائيا فى‬
‫المنطقة‪ -‬يقصد الييود‪ -‬ووضع إطار شامؿ لمسبلـ بيف جميع عناصر ىذه المنطقة‪ -‬أى بيف الييود الذيف‬
‫اغتصبوا فمسطيف‪ ،‬وبيف بقية الدوؿ العربية‪ -‬وبناء نظاـ جديد أكثر تحض اًر ؟ ألف العالـ لـ يعد فى حاجة إلى‬
‫قتاؿ… "واستجابت أصوات مف القاىرة ليذا النداء‪ ...‬ووقعت كامب ديفيد‪ ،‬وكػاف التطبيع بيف مصر والييود‬
‫بمباركػة أمريكية أوربية "‪.‬‬
‫وبعد خمسة عشر عاما مف استجابة النظاـ المصرى لمبادرة السبلـ الييودية األمريكية‪ ،‬حاوؿ الكاتب تقويـ‬
‫األحداث التى وقعت أثناء ىذه الفترة بيدوء وعقبلنية‪ ،‬وتساءؿ عف "خصائص السياسة اإلسرائيمية فى المنطقة‬
‫بعد حرب أكتوبر ‪ :1973‬ىؿ ىى تعبير عف قناعة بيذا الحديث عف السبلـ‪ ،‬وبناء إطار جديد لمتعامؿ أساسو‬
‫حسف الجوار؟ "‪ .‬وعرض الكاتب لممبادئ التى سيطرت عمى سياسة "تؿ أبيب " منذ بدء ىذه الفترة حتى اليوـ‪-‬‬
‫منذ عاـ ‪ 1974‬وحتى عاـ ‪ -1989‬ىذه المبادئ‪ -‬كما يقوؿ الكاتب‪ :‬معمنة وواضحة وليست فى حاجة إلى‬
‫مناقشة‪.‬‬
‫وفى سبيؿ تحديد ىذه المبادئ طالب الكاتب القارئ "أف يميز بيف دوائر ثالث‪:‬‬
‫‪ -‬دائرة العبلقات المصرية اإلسرائيمية‪.‬‬
‫‪ -‬دائرة التعامؿ اإلسرائيمى مع منطقة الشرؽ األوسط‪ -‬العالـ العربى‪.‬‬
‫‪ -‬دائرة العبلقات المصرية األمريكية ‪".‬‬
‫وقدـ الكاتب عدة مالحظات‪:‬‬
‫"فى خػبلؿ ىذه الفترة تغير الطاقـ الحاكـ فى إسرائيؿ‪ ،‬عمى عكػس الموقؼ قى مصر‪ .‬حيث إف ىذا الطاقـ فى‬
‫جوىره لـ يتغير‪.‬‬
‫النظرة إلى إسرائيؿ عمى أنيا دولة تنتمى إلى الشرؽ األوسط‪ ،‬ليس فقط بحكـ الوجود المكانى والعضوى ‪ ،‬بؿ‬
‫إنيا تاريخيا وحضاريا جزء ال يتج أز مف تمؾ المنطقة‪ ،‬وىذه عناصر ىذا الخبلؼ‪ ،‬وىكذا وصمت االنتكاسة‬
‫باإلنساف العربى ‪ ،‬السرطاف الييودى ليصبح جزءاً مف الجسد العربى اإلسبلمى ‪.‬‬
‫ثـ تحدث الكاتب عف العالقات المصرية اإلسرائيمية بقولو‪:‬‬
‫" إف المبادئ التى سادت تمؾ العبلقات مف الجانب اإلسرائيمى‪:‬‬
‫أوالً‪ -‬تخريب مصر مف الداخؿ ‪.‬‬
‫ثانياً‪ -‬عزؿ مصر عف محيطيا العربى‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬خمؽ شمؿ فى وظيفة مصر اإلقميمية‪" .‬‬
‫أوالًال‪( -‬تخريب مصر مف الداخؿ‪):‬‬
‫‪46‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ذكر الكاتب‪" :‬أف مبدأ التعامؿ مع الخصـ مف الداخؿ لتقييد فاعميتيا الدولية ليس جديدا فى نظرية العبلقات‬
‫الدولية‪ ،‬فأوؿ مف وضع ىذا المبدأ النظاـ النازى مف خػبلؿ خمؽ ما أسماه بالطابور الخػامس‪ ،‬ولكف "كػيسنجر"‬
‫عاد ليوظؼ ىذا المبدأ مف منطمؽ آخر‪ ،‬أساسو العبلقة العضوية بيف السياسة الداخمية والسياسة الخػارجية‪،‬‬
‫حيث نظر إلى السياسة الخارجية عمى أنيا أداة تنفيذ السياسة الداخمية‪ ،‬السياسة اإلسرائيمية تمقفت ىذه التقاليد‬
‫وأحالتيا إلى خطة كاممة لمحركة"‪:‬‬
‫أ‪" -‬فيى تبحث عف جػميع عناصر الضعؼ فى الجػسد الداخمى‪ -‬مصر‪ -‬وتعمؿ عمى تضخيميا‪ .‬والضعؼ فى‬
‫الجسد المصرى مرده عنصراف أساسياف‪:‬‬
‫‪ -‬األزمة االقتصادية مف جانب‪ ،‬وأزمة السياسة مف جانب آخر‪ ،‬فمصر تعيش حالة مف االنييار االقتصادى‬
‫الذى بدأ مع حرب ‪ ،1967‬وىو يسير فى خطوات متتابعة ‪.‬‬
‫‪ -‬أزمة القيـ تعود إلى ذلؾ التحػوؿ المفػاجػئ فى ترتيب عناصػر األمف القومى‪ ،‬وىى تتعامؿ مع ىذيف العنصريف‬
‫بطرؽ غير مباشرة بتخطيط واضح‪ ،‬أساسو إضعاؼ الجسد إضعافا حقيقياً‪" .‬‬
‫ب‪" -‬كذلؾ فيى تتعامؿ مع عناصر التغيير… إف أى مجتمع قوى ال يتوقؼ عف التطور والمتابعة الجػادة‬
‫والمستمرة فى التعامؿ مع المتغيرات المتجددة ‪ ،‬وعناصر التغيير فى‬
‫أى مجتمع ال تعدو ثبلثة‪ -‬فى وجية نظر الكاتب‪ -‬الشباب‪ ،‬والعقوؿ‪ ،‬والقيادات ‪.‬‬
‫الشباب بطبيعتو متحفز‪ ،‬والعقوؿ وظيفتيا الحقيقية ىػى التجديد واإلبداع‪ ،‬والقيادات ال تصير كذلؾ‪ -‬إف لـ تكف‬
‫مستعدة‪ -‬ألف تقود فئات المجتمع فى مسالؾ جديدة‪ ،‬تسمح بحؿ مشاكميا دوف أف تفقد تقاليدىا‪ .‬إسرائيؿ عممت‬
‫بطرؽ مباشرة وغير مباشرة عمى شؿ العناصر الثبلثة‪ -‬أى الشباب‪ ،‬والعقوؿ‪ ،‬والقيادات‪" .‬‬
‫ثانياًال‪ -‬عزؿ مصر عف المحيط العربى‪:‬‬
‫فى البداية لعب الرئيس السادات عمى ىذا العنصر لتحقيؽ ىدفيف‪:‬‬
‫األوؿ‪ -‬إقناع الواليات المتحدة بجديتو فى تمؾ السياسة‪.‬‬
‫الثانى‪ -‬إكراه القيادات العربية عمى محاسبة النفس ومعاودة التفكير‪ ،‬لمموافقة عمى سياستو والسير فييا‪.‬‬
‫الكاتب ىنا يعتبر أف ىذه الخطوة كانت تكتيكية مف الرئيس السادات‪ ،‬ثـ أحاليا إلى خطة استراتيجية‪ ،‬والذى يق أر‬
‫ما تكشؼ مف الحقائؽ يدرؾ أنيا منذ البداية كانت خطوة استراتيجية مف السادات لجذب كؿ الببلد العربية‬
‫لمتوقيع عمى معاىدة سبلـ مع العدو الييودى‪ ،‬وفتح الحدود أمامو وتطبيع العبلقات معو‪.‬‬
‫ولكف األنظمة العربية ما كانت لتجرؤ عمى ىذا األمر‪ -‬فى الظروؼ التى كانت واقعة حينذاؾ‪ -‬فالشعوب ال‬
‫تقبؿ بيذا‪ ،‬فكاف البد مف مرحمة أخرى لترويض األنظمة والشعوب لقبوؿ االنضماـ إلى كامب ديفيد‪ ...‬فكانت‬
‫أحداث حرب الخميج وغيرىا‪" .‬‬
‫‪47‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وسعوا شقة الخبلؼ بجميع الوسائؿ‪ ...‬تارة‬ ‫"وانتفع الييود بيذا التباعد الذى حدث بيف مصر وجاراتيا العربيات‪ّ ،‬‬
‫باسـ حماية الوضع القائـ‪ ،‬وتارة باسـ مفاىيـ األمف القومى اإلسرائيمى‪ ،‬وتارة باسـ روح اتفاقية كامب ديفيد‪،‬‬
‫عممت إسرائيؿ بطريؽ مباشر فى وضع مصر فى كفة الدوؿ المعادية لممحيط العربى ‪.‬‬
‫وحدث أف أصدر الصديؽ العزيز لمرئيس السادات "مناحـ بيجف " أوامره لتدمير المفاعؿ النووى العراقى ‪ ،‬وىو‬
‫يشكؿ رصيدا استراتيجيا لؤلمة العربية‪ ،‬وىو عمى أرض مصر‪ -‬اإلسماعيمية‪ -‬ليحتفؿ بالصداقة والتعاوف بيف‬
‫الييود ومصر‪ -‬فى عيد السادات‪ -‬ومصر واقفة ال تبدى حراكا وال تراجع موقفا وال تتخذ خطوة‪ -‬واستفاد الييود‬
‫مف تجميد السياسة والقدرة المصرية فى تصفية المقاومة اإلسبلمية المبنانية والفمسطينية التى تشكؿ عقبة كؤوداً‬
‫فى وجو تنفيذ المخطط اإلسرائيمى ‪ ،‬بؿ ووصؿ األمر أف تعمف إسرائيؿ أف معنى اتفاقية كامب ديفيد التخمى عف‬
‫ميثاؽ التعاوف العسكرى والدفاع المشترؾ بيف مصر والدوؿ العربية‪" .‬‬
‫ثالثاًال‪ -‬بث الشمؿ فى وظيفة مصر اإلقميمية‪:‬‬
‫كاف المفيوـ السائد فى القيادة اإلسرائيمية ىو تطبيؽ مبدأ شد األطراؼ‪ ،‬ومف ثـ فقد اعتقدت تمؾ القيادة أف خير‬
‫سياسة يجب أف تتبع مف خمؽ روابط وثيقة متجانسة أساسيا التحالؼ العدائى الضمنى‪ -‬ضد مصر‪ -‬مع‬
‫العواصـ الثبلث‪ :‬طيراف ‪ ،‬أنقرة‪ ،‬ثـ أديس أبابا‪ -‬الحبشة‪ -‬أى خمؽ تكتؿ ثبلثى ضد المنطقة العربية‪ ،‬وخاصة‬
‫ضد الوظيفة اإلقميمية لمصر‪ ،‬تؿ أبيب واشنطف طيراف أوالً‪ ،‬ثـ تؿ أبيب واشنطف‪ ،‬أنقرة ثانياً‪ ،‬وأخي اًر تؿ أبيب‬
‫(‪)36‬‬
‫الذى يحرؾ ىذه التحالفات ىو إسرائيؿ‪ ،‬ولكف باستقبلؿ تاـ فى كؿ تطبيؽ عف اآلخر‪،‬‬ ‫واشنطف أديس أبابا‬
‫مع المشاركة التامة لمواليات المتحدة‪.‬‬
‫ما ىو دور مصر اإلقميمي مف اليند حتى المحيط األطمسى‪ ،‬ومف البحر األسود حتى جنوب إفريقيا؟‬
‫"ال توجد سوى مصر تستطيع أف تؤدى دو اًر إقميمياً معيناً‪ ،‬فيى بكثافتيا السكانية‪ ،‬وقدرتيا التكنولوجية‪ ،‬وموقعيا‬
‫االستراتيجى ‪ ،‬حيث تتوسط المنطقة‪ ،‬وحيث قناة السويس ‪ ،‬وقدرتيا عمى أف تتحكـ فى باب المندب‪ -‬فيى قادرة‬
‫عمى أف تتحكـ فى جميع التعامبلت بيف أجزاء ىذه المنطقة‪ -‬بما حباىا اهلل بو‪.‬‬
‫إسرائيؿ عممت عمى تجميد مصر وشؿ حركتيا حتى ال يكوف ليا دور‪ ،‬وحتى تستطيع أف تقوـ ىى بيذا الدور‪،‬‬
‫وتدعـ وجػودىا فى تمؾ البقاع مف خبلليا‪ .‬ومف ثـ فإلى جانب تفريغ مصر مف جميع عناصر القوى‪ ،‬وعزليا‬
‫عف محيطيا العربى ‪ ،‬يصير حصارىا فى كؿ موضع تعودت أف تمارس فيو وظيفة قيادية منطمقا طبيعياً إلكماؿ‬
‫عممية التخريب‪ ،‬ليس ضد مصر وحدىا‪ ،‬ولكف ضد بقية ببلد العالـ العربى واإلسبلمى ‪ ،‬وليس أدؿ عمى ذلؾ‬
‫مف جيود الييود فى أثيوبيا ضد السوداف ودعميـ لحركة التمرد‪" .‬‬

‫(‪)36‬‬
‫عف السيطرة ا!صييونية عمى القرف اإلفريقى‪ ،‬راجع كتاب‪ " :‬المجتمع اإلسبلمى إلمعاصر" (ب) إفريقيا ‪ -‬د‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‪،‬‬
‫األستاذ‪ /‬عمى لبف‪ -‬دار الوفاء لمطباعة والنشر‪ ،‬طبعة أولى ‪ 1995‬صػ ‪. 121،122‬‬
‫‪48‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ولكف ىمى نجح الييود فى تحقيؽ أىدافيـ؟‬


‫"إذا كانت سياسة "مناحيـ بيجف "‪ -‬صاحب مذبحة دير ياسيف‪ -‬لـ تستطع تطويع اإلرادة الشعبية المصرية مف‬
‫الداخؿ‪ ،‬وتطبيع عبلقاتو مع دولة وادى النيؿ‪ ،‬فإف سياسة مف جاءوا بعده‪ -‬والتى أساسيا العمؿ عمى شؿ القدرة‬
‫والفاعمية المصرية بأى معنى‪ -‬مف معانييا‪ -‬قد حققت نجاحا فى ىذا السبيؿ… ويجب أف نعترؼ بيذا‬
‫الخصوص أنيا‪ -‬أى السياسة اإلسرائيمية فعبلً‪ -‬نجحت واستطاعت أف تغسؿ عقوؿ الطبقة المثقفة‪ ،‬واستطاعت‬
‫أف تخمؽ أدواتيا فى داخؿ مصر وخارجيا‪ ،‬تارة بوعى حقيقى ‪ ،‬وتارة ببل وعى‪ .‬عممية دؽ الطبوؿ‪ ،‬وزؼ‬
‫القيادات‪ ،‬والرقص عمى الحباؿ ‪ ،‬وتمميع التفاىات فى مصر وخارج مصر"‪.‬‬
‫"يحرص الكياف الييودى‬ ‫ثـ عرض الكاتب ‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬لسياسة الدولة الييودية فى منطقة العالـ العربى‬
‫المغتصب لفمسطيف عمى‪:‬‬
‫‪ -1989‬وقد‬ ‫أوالًال‪ -‬توريط دوؿ المنطقة القوية‪ ،‬فقد ورطت مصر فى اتفاقيات كامب ديفيد‪ -‬ىذا الكبلـ عاـ‬
‫تورطت بقية الدوؿ العربية فى كامب ديفيد فى مؤتمر مدريد يناير ‪ ،1991‬ثـ أوقعت األسد فى مستنقع لبناف‪،‬‬
‫وأكممت الطوؽ بدفع العراؽ لمصداـ مع إيراف وأوقعت الدوؿ العربية كميا فى الصداـ عمى أرض الكويت مع‬
‫العراؽ فى ‪. 1991‬‬
‫ثانياًال ‪ -‬تدعيـ تجػزئة جػميع دوؿ العالـ العربى ببل استثناء‪ ،‬ذاؾ الذى حدث فى لبناف نموذج لما سوؼ يحدث‬
‫خبلؿ األعواـ القادمة فى جميع الدوؿ العربية‪.‬‬
‫ثالثاً‪ -‬ويكمؿ ذلؾ البدء الجػدى فى إنشاء إلسرائيؿ الكبرى‪ ،‬غزو لبناف وضـ جنوبو ليس سوى خطوة سوؼ‬
‫تعقبيا خطوات أخػرى‪ .‬إسرائيؿ تسير فى سياسة توسع واضحة أفقياً ورأسياً‪ ،‬التوسع األفقى بالضـ استعداداً‬
‫لمرحمة الضـ الرأسى ‪ ،‬حيث يحدث مف جانب ىضـ ذلؾ الذى تـ االستيبلء عميو‪ ،‬ومف جػانب آخر لعممية‬
‫تيويد كمية وشاممة‪.‬‬
‫"حدث ذلؾ نسبياً فى منطقة الضفة والقطاع‪ ،‬وسوؼ يحدث فى جنوب لبناف والبقية أتية ‪ ،‬مع العمـ أف‬
‫االنسحػاب مف سيناء ال يعنى عدـ إمكانية العودة "‪.‬‬
‫ثـ تحدث الكاتب عف دائرة العالقات األمريكية المصرية‪:‬‬
‫"مبادئ السياسة األمريكية فى التعامؿ الحػالى مع مصر (‪ )1989‬تدور حوؿ مفاىيـ أساسية‪:‬‬
‫‪ -1‬سيادة مفيوـ التوتر واالضطراب فى مصر‪.‬‬
‫‪ -2‬استخػداـ إسرائيؿ كػأداة أساسية فى السياسة األمريكية فى المنطقة‪ ،‬بما فى ذلؾ عبلقة واشنطف بمصر‪.‬‬
‫‪ -3‬معاممة مصر عمى أنيا حظيرة لكبلب الحراسة‪ ،‬وليس أكثر مف ذلؾ‪.‬‬
‫‪ -4‬إخضاع التعامؿ االقتصادى مع مصػر‪ ،‬لنفس فمسفة التعامؿ مع الدوؿ المحػيطة بجنوب إفريقيا ‪.‬‬
‫‪49‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المفيوـ األوؿ ‪ :‬يعكسى مفيوماً خطيػ ار فى السيػاسة األمريكية‪ ،‬سيادة التػوتر واالضطراب فى مصر‪ ،‬وىذا‬
‫كشؼ عنو رجؿ المخػابرات (كونساليز) " القادة الحػقيقيوف لمعالـ "‪ ،‬حػيث قػاؿ‪" :‬لقد كػانت الفكرة السػائدة ضرورة‬
‫السعى نحػو تحقيؽ نوع مف االستقرار فى المنطقة؟ ألف ىذا لصالح عممية االستثمار واستنفاد ثروات المنطقة‪،‬‬
‫النظرة الجديدة والتى مبعثيا اإلدراؾ اإلسرائيمى مختمفة‪ ...‬وتقوـ عمى خمؽ درجة معينة مف عدـ االستقرار‬
‫واالضطراب الذى ال يصؿ إلى حد الثورة‪ ،‬أى عدـ االستقرار واالضطراب المنضبط ىو خير وسيمة استراتيجية‬
‫أف تتبع‪ ،‬إنيا تسمح بضبط الحركة واإلكراه عمى االىتماـ بالمنزؿ الداخمى"‪.‬‬
‫المفيوـ الثانى‪ :‬والذى ىو محور السياسة األمريكية‪ ،‬أف العبلقة بيف إسرائيؿ وواشنطف أضحت عبلقة عضوية‪،‬‬
‫حيث تصير إسرائيؿ مقدمة الحربة لمسياسة األمريكية‪ .‬إسرائيؿ لف تصير مجرد دولة فى المنطقة‪ ،‬ولكنيا تصير‬
‫أداة واشنطف لمتحكـ فى دوؿ المنطقة‪ ،‬بؿ سوؼ تصير أداة اإلمبراطورية األمريكية فى منطقة شرؽ البحر‬
‫المتوسط‪.‬‬
‫ثـ تساعؿ الكاتب عف السياسة اإلسرائيمية فى خبلؿ األعواـ القادمة‪:‬‬
‫"ىؿ تؤمف إسرائيؿ بسياسة مستقبمية تتفؽ مع مفيوـ السبلـ؟‪ ،‬وأجاب الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪:‬‬
‫أوالًال‪ -‬إسرائيؿ تستعد لحػرب قادمة‪ ،‬والتقارير الصػادرة عف مراكز الدراسات االستراتيجية فى تؿ أبيب وغيرىا‬
‫(‪)37‬‬
‫عاـ ‪ 1995‬لماذا؟ ألسباب معينة قاؿ المؤلؼ‪ :‬إنو سوؼ يعرض ليا‬ ‫تحدد ميعاد تمؾ الحرب‪ ،‬حوؿ‬
‫بالتفصيؿ‪.‬‬
‫ثانياًال ‪ -‬إف الحرب القادمة سوؼ تذكرنا باالنفجار النازى الذى لـ يترؾ دولة فى أوربا دوف أف يناليا مف تمؾ‬
‫الحروب الرذاذ‪ ،‬كذلؾ فإف ىذه الحرب لف تترؾ دولة واحػدة مف دوؿ الشرؽ األوسط دوف أف تتعامؿ معيا‪ ،‬بؿ‬
‫إنيا قد تقود إلى مفاجآت محورىا تحالؼ بيف إسرائيؿ والدوؿ غير العربية فى تمزيؽ خريطة المنطقة العربية‪.‬‬
‫ثالثاًال‪ -‬إنو فى انتظار ىذه الحروب ىناؾ خطة معينة قد بدأ فى تنفيذىا لئلعداد لميداف المعركة‪.‬‬
‫(*)‬
‫ليست القيادة السياسية الحزبية‪ ،‬ولكنيا القيادة‬ ‫رابعاًال ‪ -‬القيادة اإلسرائيمية التى سوؼ تتحكـ فى ىذا التطور‬
‫العسكرية المينية‪.‬‬

‫(‪)37‬‬
‫كممة "حوؿ" كما يقوؿ عمماء المغة العربية‪ -‬لساف العرب ج‪ 189/11‬بمعنى تنقؿ مف موضع إلى مرضع آخر‪.‬‬
‫والحوؿ‪ :‬أى الحركة‪ ..‬يحوؿ حوالً بمعنييف‪ ،‬يكوف تغيرا‪ ،‬ويكوف تحويبلً‪ ،‬والحركة قد تكوف لؤلماـ وقد تكوف لمخمؼ‪.‬‬
‫فالكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬عندما قاؿ‪ :‬حوؿ عاـ ‪ 1995‬فقد تكوف قبميا بعاـ أو بعاميف أو ثبلثة‪ ،‬وقد تكوف بعدىا بعاـ أو عاميف أو ثبلثة وىكذا‪..‬‬
‫حتى نياية عاـ ‪ 1999‬واهلل أعمـ‪.‬‬
‫(*)وبعد‪ :‬فقد قدمنا مباحث ىذا الفصؿ اعتمادا عمي المقاالت التى كتبيػا األستاذ الدكتور حامد عبد اهلل ربيع‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬باألىراـ االقتصادى ‪،‬‬
‫وجريدة الوفد‪ ،‬ويمكف القوؿ بأف ىذا الفصؿ ىو تمخيص لبعض المقاالت‪ ،‬وأنيا لف تغنى عف قراءة األصوؿ ‪ ،‬فيى كممات عالـ مفرد فى‬
‫تخصصو‪ ،‬عاش ومضى ولـ يحس بو أحد‪ ،‬وحسبو أنو خمّؼ فك اًر سياسياً واستراتيجياً ما أحوجنا إليو اآلف فى صراعنا =ضد أعداء ال أقوؿ‬
‫األمة المسممة –بؿ أعداء اإلنسانية جمعاء "‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫فيؿ تستطيع مصر أف تقؼ إزاء ذلؾ التطور … موقؼ السمبية ؟ وماذا تستطيع أف تفعؿ ؟ "‪.‬‬

‫ولمكاتب عدة كتب عف‪ :‬اتفاقية كامب ديفيد ‪ ،‬اإلسبلـ والقوى الدولية‪ -‬سمسمة نحو ثورة القرف الحادى والعشريف‪ -‬دار الموقؼ العربى ‪ ،‬القاىرة‬
‫‪ ،‬مقدمة فى العموـ السموكية‪ ،‬طبعة دمشؽ ‪.1981‬‬
‫‪ -‬ومجموعة مقاالت أخرى منيا‪:‬‬
‫‪ -‬كيؼ تفكر إسرائيؿ‪ :‬الحرب المقبمة فى الشرؽ األوسط‬
‫‪ -‬كيؼ تفكر إسرائيؿ‪ :‬الجسد العربى وعناصر قوتو‪.‬‬
‫‪ -‬كيؼ تفكر إسرائيؿ‪ :‬حرب لبناف وتطور الفكر العسكرى الييودى‪= .‬‬
‫‪ -‬كيؼ تفكر إسرائيؿ‪ :‬مفاىيـ الميكود‪ -‬جابوتنسكى لمسيطرة عمى المنطقة‪:‬‬
‫‪ -‬األصوؿ الفكرية وعممية بناء الدولة الييودية العظمى‪ -‬حمقتاف‪ -‬عممية المساندة اإلقميمية واستغبلؿ المتغيرات الدولية‪ .‬ميداف المعركة حوؿ‬
‫بناء نموذج عربى لمتعامؿ‪ .‬أسموب المواجية العنيفة باالستئصاؿ‪ .‬السبلح الصاروخى واحتماؿ اختبلؿ موازيف القوى‪.‬‬
‫‪ -‬التطوير اإلسرائيمى لمسبلح الصاروخى وتحويمو إلى سبلح دفاعى‪ .‬استراتيجية السبلح الكيميائى الجرثومى فى العقيدة القتالية اإلسرائيمية‪،‬‬
‫وغير ذلؾ مف مؤلفات التى أدعو الرعاة والرعية‪ -‬وخاصة الشباب فى ببلد العالـ العربى واإلسبلمى‪ -‬إلى دراستيا دراسة واعية‪ ،‬لعؿ اهلل ينفع‬
‫األمة بيا‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثاني‬

‫أسباب نجاح مخططات االستعمار والصييونية فى العالـ العربى‬

‫تحت ىذا العنواف تساءؿ األستاذ الدكتور‪ /‬حامد عبد اهلل ربيع‪" :‬ما ىى أسباب نجاح مخططات أمريكا فى العالـ‬
‫العربى‪ -‬الشرؽ األوسط؟ "‪.‬‬
‫وكانت اإلجابة‪:‬‬
‫"إذا كانت قد نجحت حتى اآلف فى منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬فميس ذلؾ سوى نتيجة لضعؼ اإلرادة الذاتية فى‬
‫المنطقة مف جانب‪ ،‬ولوجود أداة أخرى ال مثيؿ ليا فى أى منطقة أخرى وىى إسرائيؿ "‪.‬‬
‫ما ىى السياسات التى تتبعيا الواليات المتحدة فى المنطقة‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬وفى مصر بصفة خاصة ؟؟‪.‬‬
‫وكانت اإلجابة عمييا كاآلتى‪:‬‬
‫أوالًال‪" -‬سياسة األمف القومى األمريكى‪ ،‬وىى تعنى أف حدوث أمر معيف عمى حدودىا المباشرة‪ ،‬يعنى ضرورة‬
‫وسعت الواليات المتحدة ىذا المفيوـ لتجعؿ مف وجود إسرائيؿ وبقائيا أحد عناصر أمنيا‬
‫القتاؿ ببل مقدمات‪ ،‬وقد ّ‬
‫القومى" ولكنيا منذ حرب ‪ ،1967‬طورت المفيوـ‪ ،‬فجعمت أساسو التفوؽ العسكرى الساحؽ لؤلداة العسكرية‬
‫اإلسرائيمية عمى جميع القوى المقاتمة العربية‪ ،‬وذلؾ يعنى إلغاء ألى معنى مف معانى األمف القومى ألى دولة‬
‫عربية"‪.‬‬
‫ثانياًال‪" -‬سياسة المساندة اإلقميمية"‪ ،‬والتى تتردد عمى ألسنة المسؤوليف باسـ اإلجماع االستراتيجى‪ ،‬واتفاقية "كامب‬
‫ديفيد" ىى امتداد ليذه السياسة‪ ،‬وخبلصة ىذه السياسة تحويؿ المنطقة الممتدة مف الخميج العربى حتى البحر‬
‫األحمر بجميع شواطئو‪ ،‬وحوض البحر المتوسط ليصير الجميع كتمة متراصة‪ ،‬وذلؾ بيدؼ تحويؿ المنطقة إلى‬
‫قاعدة متماسكة تتميز بالخصائص اآلتية‪" :‬‬
‫‪ 1983‬وفى عاـ ‪ 1991‬حدث ما‬ ‫أ‪" -‬القناعة القيادية بالتعاوف مع اإلدارة األمريكية"‪ -‬ىذا الكبلـ كتب عاـ‬
‫توقعو المؤلؼ‪ -‬ولكف األمة لـ تنتبو فى حينو وحتى اآلف!‬
‫ب‪" -‬القدرة والفػاعميػة عمى التحكـ فى المنطقػة إزاء أى محػاوالت لخمؽ القػبلقؿ أو االضطرابات المحمية"‪.‬‬
‫‪52‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ج‪" -‬خمؽ المرافؽ المشتركة والمتػماسكة والمتفاعمة التى تسمح بتطوير التعػامؿ وقت الضرورة‪ -‬فى إطار موحد‬
‫إقميمى‪ -‬مف حيث السيولة فى التنقؿ واالستم اررية فى التدفؽ‪ -‬الطرؽ والمطارات وغيرىا " ‪.‬‬
‫ثالثاًال‪" -‬تحػجيـ مصر‪ ،‬وتفريغ المنطقة مف قيادتيا التاريخػية (‪ ،)38‬وذلؾ يحػقؽ أىداؼ السياسة اإلسرائيمية‪ ،‬ومف‬
‫ثـ سياسة األمف األمريكى‪ ،‬فميس مف صالح سياسة المساندة أف توجد مصر القوية القادرة عمى أف تكتؿ خمفيا‬
‫دوؿ المنطقة"‪.‬‬
‫رابعاً‪" -‬سياسة االستعمار الجديد‪ ،‬فأمريكا مف عيد "ريجػاف " وىى تسير فى سياسة صريحة أساسيا السعى نحػو‬
‫تحقيؽ السيطرة الكاممة عمى العالـ‪ ،‬ىذه السياسة تعنى خمؽ التبعية وفرض الييمنة المعنوية عمى الشعوب‪ -‬ىذه‬
‫السياسة تتبعيا جميع القوى الكبرى بأساليب ووسائؿ متباينة‪ -‬تبعا لقوة وأىداؼ كؿ مف القوى العظمى"‪.‬‬
‫أساليب التعامؿ الدولى مع المنطقة العربية‪:‬‬
‫"وىى تيدؼ إلى تحطيـ اإلرادة الذاتية‪ ،‬ومنع المنطقة العربية مف التماسؾ‪ ،‬ولتحػقيؽ‬
‫ىذا قامت ىذه القوى الدولية االستعمارية‪ -‬ومنيا أمريكا وانجمت ار وروسيا وفرنسا بما يأتى‪:‬‬
‫‪ -1‬اغتصاب فمسطيف‪ ،‬وانشاء الدولػة اليػيودية‪ -‬إسرائيؿ‪ -‬وتدعيـ وتوسيػع دائرة نفوذىا‪.‬‬
‫‪ -2‬اتباع سياسة شد األطراؼ ‪.‬‬
‫‪ -3‬خمؽ شمؿ فى وظيفة مصر اإلقميمية‪.‬‬
‫‪ -4‬إذابة القومية العربية فى المفيوـ اإلسبلمى ‪.‬‬
‫‪ -5‬خمؽ دولة البربر الكبرى‪.‬‬
‫جزأت‪ ،‬بؿ وفصمت الجسد العربى‪ ،‬وىى تستطيع‪-‬‬ ‫فإسرائيؿ أداة لتيديد أى قوة عربية فى منطقة القمب‪ ،‬وىى قد ّ‬
‫فى تصورىـ‪ -‬عمى أف تحدث المزيد مف االضطرابات ليس فقط فى المنطقة المحيطة بيا ؟ بؿ وفى جميع أجزاء‬
‫الوطف العربى‪.‬‬
‫إف المتتبع لمفيوـ األمف الييودى‪ -‬وبصفة خاصة كما يتصوره المنظروف الصييونيوف لوظيفة إسرائيؿ خبلؿ‬
‫األعواـ القادمة‪ -‬البد وأف يصيبو الذىوؿ مف كيفية تصور قيادتيا‪ ،‬وألف يمتد ىذا المفيوـ ويتسع‪ ،‬بحيث‬
‫يحتضف مف جانب القسـ الغربى مف المحيط اليندى ‪ ،‬ومف جػانب آخر جميع أجزاء شماؿ إفريقيا‪ ،‬وحتى‬
‫المحيط األطمسى‪ ،‬يجب أف ننظر إلى الوجػود الصػييونى عمى أنو مرحمة مف مػ ارحػؿ التػدخؿ األجػنبػى فى‬
‫المنطقة‪ -‬بدءاً بفمسطيف‪.‬‬

‫(‪)38‬‬
‫وليذا السبب اغتاؿ األعداء حسف البنا‪ ،‬وقتموا سيد قطب‪ ،‬وعبد القادر عودة واخوانيـ مف قادة الحركة اإلسبلمية التى كػانت مؤىمة لمخروج‬
‫بأمتيا مف أزمتيا الراىنة‪ ،‬كما تـ تصفية بعض الشخصيات التى تتسـ بالنبوغ العممى مثؿ عالـ الذرة د‪ .‬المشد‪ ،‬وعالـ الشفرة سعيد بدير‪ ،‬ويقاؿ‬
‫نفس الشىء عمى كػاتب ىذه المقاالت أ‪ .‬د‪ .‬حػامد ربيع‪ -‬رئيس قسـ العموـ السػيػاسية بجػامعة القاىرة‪ -‬وعالـ االستراتيجية الشاممة لواء أ‪.‬ح‪ ،‬د‪.‬‬
‫فوزى محمد طايؿ الذى توفى فى ‪ 13‬مف رمضاف ‪ 1416‬ىػ‪ ،‬كذلؾ األستاذ الدكتور‪ /‬جماؿ حمداف ‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ثـ تأتى سياسة شد األطراؼ التى بدأت مع الحروب الصميبية‪ ،‬لتكمؿ وظيفة إسرائيؿ‪ ،‬فإذا كػانت تشؿ القمب‪،‬‬
‫فإف القوى الجػاذبة الجػانبية تشؿ القوى المتواجػدة خارج دائرة القمب‪ ،‬وىكذا تمنع المساندة‪ -‬لمقمب‪ -‬ولعؿ الحرب‬
‫العراقية اإليرانية فى أقصى الشرؽ‪ ،‬وحػرب الصحػراء فى أقػصى الغرب‪ ،‬واحػتماالت الصداـ فى جنوب السػوداف‪،‬‬
‫نماذج واضحػة لتأكػيػد ىذا المفيوـ وأزمة الخميج وغزو العراؽ والكويت‪ ،‬وأثرىا السمبى عمى االنتفاضة‬
‫الفمسطينية‪ ،‬وقضية فمسطيف وغيرىا مف حركات الجياد اإلسبلمى" ‪.‬ا‪ .‬ىػ‪.‬‬
‫انتيى عرض الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‬

‫ىؿ عرفنا أف نكبة فمسطيف ىى بداية النكبات التى تتتابع اآلف عمى العالـ اإلسبلمى؟‬
‫ىؿ عرفنا حجـ األخطار المحدقة باألمة؟‬
‫ىؿ عرفنا النكبة التى نزلت باألمة نتيجة التسميـ لممغتصب أنو صاحب فمسطيف؟‬
‫ىؿ عرفنا لماذا ال يكتفى الييود وأمريكا بأقمار التجسس فى جمع المعمومات؟ ويسعوف لبث شبكات التجسس‬
‫البشرى فى حنايا الببلد مثؿ شبكة آؿ مصراتى‪ -‬التى قبض عمييا عاـ ‪ ،1992‬وشبكة التخريب الييودية التى‬
‫فبض عمييا عاـ ‪ 1954‬وغيرىا كثير (‪..)39‬‬

‫(‪)39‬‬
‫راجع فى ذلؾ كتاب‪" :‬الجواسيس غير الكامميف " تا"ليؼ يوسى ميمماف وأخريف‪ ،‬ترجمة‪ .‬لواء‪ .‬أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ -‬الزىراء‬
‫لئلعبلـ‪ -‬القاىرة ‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصل الثالث‬

‫المبحث األول‪ :‬حول كتابين‬


‫‪ -1‬ملف إسرائيل‪.‬‬
‫‪ -2‬األساطير المؤسسة للسياسة اإلسرائيلية‬
‫المبحث الثانى‪ :‬استراتيجية إسرائيل فى الثمانينات والتسعينات‪ ،‬من خالل تقرير المنظمة الصهيونية‬
‫العالمية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ " :‬إسرائيل ظاهرة استعمارية‪،‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أسطورة الماليين الستة(الهولو كوست)‬
‫‪55‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫تعريؼ بالمؤلؼ‬
‫المفكر الفرنسى رجاء جارودى‬
‫* ولد رجاء جارودى فى مدينة مرسيميا بفرنسا ‪.1913‬‬
‫* التحؽ بالجيش الفرنسى عاـ ‪.1939‬‬
‫* انتخب نائباً فى الجمعية الوطنية الفرنسية عاـ ‪ 1945‬وظؿ فييا حتى عاـ ‪.1962‬‬
‫* درس الفمسفة وناؿ درجة الدكتوراه‪.‬‬
‫* انضـ إلى الحزب الشيوعى الفرنسى عاـ ‪.1933‬‬
‫* شغؿ فى الحزب عضو المكتب السياسى عاـ ‪.1970‬‬
‫* ىداه اهلل لئلسبلـ‪ ،‬فأسمـ عاـ ‪ 1982‬مع مجموعة مف المثقفيف‪.‬‬
‫* لو مؤلفات عديدة منيا كتاب‪" :‬فمسطيف أرض الرساالت المقدسة"‪ -‬طبلس لمدراسات‬
‫والترجمة والنشر‪ -‬دمشؽ‪ -1991 -‬ترجمة قصى أتاسيف وميشيؿ واكيـ‪.‬‬
‫* وكتاباف نعرض ليما ىنا‪:‬‬
‫الكتاب األوؿ‪( :‬ممؼ إسرائيؿ دراسة لمصييونية السياسية)‪.‬‬
‫المترجـ أ‪ .‬د ‪ .‬مصطفى كامؿ فودة‪ ،‬الناشر دار الشروؽ‪ ،‬ط ‪ 2‬القاىرة ‪1404‬ىػ ‪ 1984‬ـ‪.‬‬
‫* ويقع الكتاب فى ‪ 200‬صفحة تحتوى عمى مقدمة وأبحاث تحت عناويف‪.‬‬
‫الصييونية الدينية‪ ،‬الصييونية السياسية‪ ،‬أو الصييونية الييودية‪.‬‬
‫إسرائيؿ التوراتية ‪ ،‬أو دولة إسرائيؿ الحػالية‪.‬‬
‫ويتكوف المبحث األخير مف جزئيف‪:‬‬
‫أ‪ -‬أسطورة الحقوؽ التاريخية التوراتية ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إسرائيؿ ظاىرة استعمارية‪.‬‬
‫السياسة اإلسرائيمية‪ -‬التوسع‪.‬‬
‫وسائؿ إسرائيؿ لتحقيؽ أىدافيا‪ -‬اإلرىاب عمى مستوى الدولة‪.‬‬
‫الكتاب الثانى‪( :‬األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية) ترجمو عف الفرنسية قسـ الترجمة بدار الغد العربى‪،‬‬
‫القاىرة ط ‪ 1‬عاـ ‪.1996‬‬
‫ويقع الكتاب فى ‪ 225‬صفحة تحتوى عمى مقدمة ومحاور ثبلثة رئيسية‪:‬‬
‫‪56‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أوالًال‪ :‬األساطير الدينية‪:‬‬


‫‪ -‬أسطورة األرض الموعودة‪ -‬أو األرض المغتصبة‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة الشعب المختار‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة يشوع‪ -‬التطيير العرقى‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أساطير القرف العشريف‪:‬‬
‫‪ -‬أسطورة معاداة الصييونية لمفاشية‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة محاكمة نور مبرج ‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة المبلييف الستة (اليولوكست)‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة أرض ببل شعب‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬االستخداـ السياسى لألسطورة ‪.‬‬
‫‪ -‬الموبى فى الواليات المتحدة‪.‬‬
‫‪ -‬الموبى فى فرنسا‪.‬‬
‫‪ -‬أسطورة " المعجزة اإلسرائيمية "‪.‬‬
‫‪ -‬خاتمة‪ -‬تعقيب‪ -‬تنبيو‪.‬‬
‫وقد أثبت الكاتب الحقائؽ التالية‪:‬‬
‫أ‪ -‬الييود شعب اهلل المختار خرافة ال تستند إلى عقيدة صحيحة‪.‬‬
‫ب‪ -‬زعـ الصياينة بأف اهلل وعدىـ بدولة مف النيؿ إلى الفرات‪ -‬ابتداء مف أرض فمسطيف خرافة ‪.‬‬
‫يقرىا ديف أو شرع‪.‬‬ ‫جػ‪ -‬سياسة التطيير العرقى التى يتبعيا الصياينة ضد بنى اإلنساف ال ّ‬
‫د‪ -‬إف عداء الصييونية لمفاشية أكذوبة‪ ،‬ألنيما شىء واحد‪ ،‬فقط كػاف التعاوف وثيقاً بيف النظاـ اليتمرى‬
‫والصياينة فى ألمانيا أثناء الحرب العالمية األولى ‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬الصييونية استطاعت أف تستخدـ ىذه الخرافات وغيرىا ليتـ ليا السيطرة عمى العالـ‪.‬‬
‫وسنعرض‪ -‬إف شاء اهلل‪ -‬لبعض ما أورده المؤلؼ أيضاً‪ ،‬وال نتدخؿ بالتعميؽ إال بما يسمح بو المقاـ‪ ،‬مع العمـ‬
‫أف ىذه محػاولة لتنبيو القارئ إلى أىمية الكتاب‪ ،‬أى أنو ال غنى لمقارئ عف قراءة النص األصمى‪.‬‬
‫ونحف نتقدـ هلل‪ -‬العمى القدير‪ -‬بالشكر والثناء‪ ،‬ثـ لممؤلؼ والمترجـ والناشر حمداف جػعفر‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬لحسف‬
‫اختيارىـ ليذا الكتاب‪ -‬فى ىذا الوقت العصيب‪ -‬وتوفيؽ اهلل ليـ بإخراج الكتاب ليحؽ اهلل بو الحؽ‪ ،‬ويبطؿ‬
‫الباطؿ‪ ،‬ولو كره الكافروف‪.‬‬
‫نظ اًر لخطورة الكتاب‪ ،‬فإف الصييونية العالمية حاربت كؿ مف تعاوف فى نشر الكتاب‪ ،‬أو تأييده‪ .‬فيذا ىو األب‬
‫"بيير" الفرنسى صاحب الشعبية الجارفة فى فرنسا يؤيد كؿ ما جاء فى ىذا الكتػاب‪ -‬اق أر األىراـ فى‬
‫‪57‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ ،1996/6/18‬فيددت الصييونية العالمية األب بيير وأخذت منو تعيداً بأنو غير مؤيد ليذا الكتاب‪ .‬اق أر األىراـ‬
‫يوـ الثبلثاء ‪ .1996/7/23‬ثـ لـ تكتؼ الصييونية العالمية بذلؾ بؿ ىددت صاحب المكتبة (جورج بوسكاسيد‬
‫نسيبكو)‪ ،‬الذى عرض ىذا الكتاب فى مكتبتو القريبة مف جػامعة السربوف بفرنسا‪ ،‬اق أر جريدة األىراـ‬
‫‪ .1996/7/30‬ولـ تكتؼ الييودية العالمية‪ ،‬أو الصييونية العالمية متحالفة مع الصميبية العالمية‪ ،‬بؿ قدموا‬
‫(*)‬
‫فرنسية وأصدرت عميو حكماً بغرامة مالية بحجة معاداتو لمسامية‬ ‫المؤلؼ "جارودى" لممحاكمة أماـ محكمة‬
‫وتشكيكو فيما زعـ أنيا محارؽ نازية ضد الييود فى ألمانيا‪.‬‬

‫(*)‬
‫ارجػع بشىء مف التفصيؿ كتاب‪" :‬محاكمة الحرية" روجيو جػارودى‪ ،‬جػاؾ فيرجيش‪ ،‬الناشر دار الفيحاء لمدراسة والترجمة والنشر‪ -‬بيروت‪-‬‬
‫‪ ،1998‬ص ‪.15 -8‬‬
‫‪58‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثالث‬

‫أ‪ -‬الكتاب األوؿ‪:‬‬


‫(ممؼ إسرائيؿ‪ :‬دراسة لمصييونية السياسية)‬
‫فى ىذا الكتاب‪ :‬يقدـ جارودى الدليؿ عمى أف الغزوة اإلستعمارية لمعالـ اإلسالمى تنطمؽ مف عقيدة الييود‪.‬‬
‫وأف ىذه الغزوة تيدؼ إلى إقامة دولة ييودية تمتد مف النيؿ إلى الفرات‪ ،‬وتعتبر سيناء جزءا مف ىذه الدولة‪.‬‬
‫‪ -‬وأف ىذه الغزوة تعتبر إبادة وتشريد شعوب المنطقة العربية عقيدة توراتية‪.‬‬
‫(‪)40‬‬
‫كتب جارودى ‪.‬‬ ‫‪ -‬تحت عنواف (إسرائيؿ التوراتية)‬
‫سبؽ "البف جوريوف " عاـ ‪ 1937‬أف رسـ حدود إسرائيؿ استناداً إلى نصوص توراتية‪،‬‬
‫وفى رأيو أف تضـ أرض إسرائيؿ خمس مناطؽ ىى‪ :‬جنوب لبناف‪ -‬حػتى الميطانى‪ -‬يسمى ىذا الجزء‪ :‬شماؿ‬
‫إسرائيؿ الغربي‪ ،‬وجنوب سوريا عبر األردف‪ -‬وىو ما يطمؽ عميو اليوـ شرؽ األردف‪ ،‬وفمسطيف وسوريا‪ ،‬وتمر‬
‫الحدود الشمالية بخط عرض مدينة حمص بسوريا‪ -‬التى قاؿ عنيا‪ :‬إنيا مدينة حماة‪ -‬التى ورد ذكرىا فى (سفر‬
‫العدد ‪ )8.2.1/34‬عمى أنيا الحد الشمالى لكنعاف‪ .‬وىناؾ صييونيوف آخروف مف غبلة "التوراتييف " يقولوف‪ :‬إف‬
‫حماة التى وردت فى التوراة ىى مدينة حمب‪ ،‬بؿ ىناؾ آخروف يدعوف أنيا فى تركيا!‬
‫وفى عاـ ‪ 1956‬صرح "بف جوريوف "فى الكنيست بأف سيناء جزء مف "مممكة داود وسميماف " بؿ إف حدود الوعد‬
‫اتسعت‪" :‬مف النير الكبير الفرات إلى نير مصر" (سفرالعدد ‪ )5.4/34‬ولكف إلى أى فرع مف فروع النيؿ؟‬
‫يقوؿ بعضيـ‪ :‬إنو وادى العريش‪ ،‬ويقوؿ آخروف‪ :‬إنو النيؿ ذاتو " (‪.)41‬‬
‫‪ 74‬الفصل الثالث‪-‬‬
‫وذكر جارودى‪" :‬أف حاخامات الييود ذىبوا إلى حد اعتبار المذابح مشروعة دينيا مف أجؿ متطمبات القضية‪،‬‬
‫فتدمير مدينتى "صور وصيدا "‪ ،‬ودؾ "بيروت " بالقنابؿ ومجػازر "صب ار وشاتيبل" لـ تكف فقط امتداداً لمذابح دير‬
‫‪ 1948‬المعروفة باسـ "إرجوف " ومذابح "قبية" و" كفر قاسـ "‬ ‫ياسيف التى ارتكبتيا عصابات "بيجف " عاـ‬

‫(‪)40‬‬
‫ممؼ إسرائيؿ صفحة ‪ 49‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪)41‬‬
‫صفحة ‪ 19‬و ‪.20‬‬
‫‪59‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫والمذابح التى قاـ قتمة الوحدة ‪ 101‬بقيادة " شاروف "‪ ،‬كميا كانت باسـ " الرسالة التوراتية " إلسرائيؿ‪ .‬وحكومة‬
‫إسرائيؿ الحػالية تكرر نفس العمؿ "المقدس " الذى قامت يو إسرائيؿ القديمة‪ ،‬مف إبادة لمكنعانييف‪ ،‬وىى تتصرؼ‬
‫اليوـ مع العرب كما فعؿ األسبلؼ باألمس مع الكنعانييف‪ ،‬ومع مف سبقيـ ممف احتموا ىذه األرض‪" :‬إف مدف‬
‫ىذه الشعوب المورثة إليؾ مف موالؾ الرب‪ ،‬ىى الوحيدة التى لف تدع مخموقاً حياً يعيش فييا بؿ ستجعميا‬
‫محظورة عمى الحيثييف والعمورييف والفريزييف‪ ،‬كما أمرؾ الرب موالؾ " أو كما جاء فى اآلية "إذف‪ ،‬اضرب أمالو‪،‬‬
‫واحظر عميو كؿ ما يممؾ‪ ،‬ال تترؾ لو شيئاً‪ ،‬اقتؿ الكؿ‪ ،‬الرجاؿ والنساء واألطفاؿ والرضع‪ ،‬واألبقار والخراؼ‬
‫والجماؿ والحمير (‪.")42‬‬
‫ىذا التبرير "التوراتى" لمقتؿ‪ ،‬وىذا اإلضفاء لمشرعية عمى العدوانات المتتالية‪ ،‬وضـ أرض الغير مف جانب الدولة‬
‫الصييونية الحػالية‪ -‬عمى أنيا الوريث الشرعى واالمتداد الطبيعى إلسرائيؿ التوراتيػة‪ -‬يجعؿ الييود يرضوف‬
‫ويقبموف ما ال يمكػف قبولو عقبل‪ ،‬ويجػعؿ كثي ار مف المسيحػييف يعتقدوف بصحػة بعض األقواؿ الكاثوليكية‪،‬‬
‫وبصحػة أقواؿ "مدارس األحد" البروتستانتية‪ ،‬وىـ يسيروف مف غير وعى منيـ عمى سنف األسطورة الصييونية‪-‬‬
‫التى ثبت منذ قرف‪ -‬وبخػاصة فى السنيف األخيرة‪ -‬عدـ صحتيا وفندىا تفنيذاً (‪.)43‬‬
‫وفى موضع أخػر مف كػتاب "ممؼ إسرائيؿ" كػتب "جػارودى" تحت عنواف‪ :‬أسطورة الحقائؽ التاريخية ما يمى‪:‬‬
‫(‪)44‬‬
‫‪ -1‬أسطورة الصعحراء‬
‫تحت ىذا العنواف كتب جارودى‪:‬‬
‫‪ 15‬يونيو ‪ -1968‬قائمة‪" :‬ال وجود لمفمسطينييف‪،‬‬ ‫"صرحت "جولدا مائير" لجريدة صاندى تايمز المندنية فى‬
‫وليست المسألة وجود شعب فى فمسطيف يعتبرنفسو الشعب الفمسطينى‪ ،‬وليست المسألة أننا أتينا وطردناىـ وأخػذنا‬
‫ببلدىـ‪ .‬ال‪ ،‬إنيـ لـ يوجػدوا أصبلً "‪ .‬وسي اًر عمى ىذا المنطؽ فإنو يتعيف طرد أو استئصاؿ أولئؾ الذيف يقاوموف‬
‫إسرائيؿ‪ ،‬كما فعؿ المياجروف فى أمريكا مع الينود الحمر (‪.)45‬‬

‫(‪)42‬‬
‫أليس ىذا إرىاب أـ أنو شىء آخر؟ صرح إسحاؽ شامير فى يوـ ‪ 18‬فبراير ‪ 1992‬بعد مؤتمر مدريد‪ :‬عمى العرب أف يقبموا بوجودنا فى‬
‫كؿ إسرائيؿ الكبرى‪ ،‬وطالب الجيش اإلسرائيمى االستعداد لحرب قادمػة فى المدى المتوسط‪ ،‬وفى مطمع عاـ ‪ 1995‬كرر إسحاؽ رابيف نفس‬
‫الكممات تقريبا‪...‬‬
‫(ؿ‪ .‬أ‪ .‬ح‪ .‬د ‪ .‬فوزى طايؿ) ‪.‬‬
‫(‪)43‬‬
‫ارجػع ص ‪ 21‬و ‪.22‬‬
‫(‪)44‬‬
‫ممؼ إسرائيؿ ص ‪ 42‬وما بعدىا‪.‬‬
‫(‪)45‬‬
‫ذكر جارودي فى كتابو "األساطير" ص ‪ :141‬أف ىتمر طبؽ عمى البيض ما طبقو االستعماريوف األوروبيوف منذ خمسة قروف عمى‬
‫الممونيف‪ ،‬ابتداء مف ىنود أمريكا الذيف استئصؿ منيـ ‪ 60‬مميونا مف ‪ 80‬مميونا‪ ،‬وحتى األفارقة الذيف نقؿ منيـ مف عشرة إلى عشريف مميونا‬
‫إلى األمريكتيف بعد أف مات منيـ ‪ 100‬إلى ‪ 200‬مميونا خبلؿ فترة الرؽ واصطياد العبيد السود‪ .‬وذكر أيضا صفحة ‪ 167‬و ‪ 168‬أنو قد قتؿ‬
‫‪ 1116‬فمسطينياً منذ بداية االنتفاضة‪ -‬ثورة الحجارة‪ -‬فى ديسمبر سنة ‪ 1987‬برصاص العسكرييف المستوطنيف‪ .‬والمصادر العسكرية تتحدث‬
‫عف ما يقرب مف عشريف ألفاً مف الفمسطينيف الجرحى‪ ،‬أما األسرى فتتحدث عف تسعيف ألفاً‪ ،‬وحسب المنظمات اإلنسانية‪ ،‬اعتقؿ ‪15‬‬
‫‪60‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وعندما وجو "أنشتايف " سؤاال إلى" وايزاماف " (وكاف ىذا األخير مف قادة المنظمة الصييونية العالمية) قائبل لو‪:‬‬
‫"وما مصير العرب إذا ما أعطيت فمسطيف لمييود؟ " رد عميو بقولو‪ :‬ال مف ىـ أولئؾ العرب؟ إنيـ ال شىء تقريباً‬
‫"‪.‬‬
‫وقد ذكر األستاذ الجػامعى "بنزيوف دينور" أوؿ وزير لمتعميـ فى و ازرة "دافيد بف غوريوف " مؤسس دولة إسرائيؿ‪،‬‬
‫ومف أقرب الناس إليو فى المقدمة التى كتبيا عف "تاريخ الياغانات" والذى نشرتو المنظمة العالمية‪ ،‬ما يمى‪:‬‬
‫فسنرحميـ‬
‫"ليس فى ببلدنا مكاف إال لمييود وسنقوؿ لمعرب‪ :‬ارحموا‪ ،‬فإف لـ يرضوا بذلؾ وعمدوا إلى المقاومة ُ‬
‫بالقوة "‪.‬‬
‫‪ 1967‬قائبل‪" :‬مف الواضح‪-‬‬ ‫وكتب "جوزيؼ فايتز" مدير إدارة االستيطاف "بالوكالة الييودية " غداة يونيو عاـ‬
‫فيما بيننا أنو ال مكاف فى ىذه الببلد لشعبيف‪ ،‬والحؿ الوحػيد ىو إسرائيؿ الييودية‪ ،‬التى تضـ عمى األقؿ إسرائيؿ‬
‫الغربية (غربى نير األردف) ببل عرب‪ ،‬وال مخرج إال بنقؿ العرب إلى مكاف اخر فى البمداف المجاورة "‪.‬‬
‫"تمؾ أقواليـ‪ ،‬ولكف الحقيقة تختمؼ عف ذلؾ كؿ االختبلؼ‪ ،‬فبعد تصريح "وعد بمفور ‪ 1917‬وبعد ‪ 20‬عاما مف‬
‫الدعاية الصييونية السياسية لمعودة إلى فمسطيف‪ ،‬وبعد مجىء الموجات األولى مف المياجريف الذيف فروا مف‬
‫‪31‬‬ ‫المذابح فى روسيا وبولندا ورومانيا‪ ،‬كاف فى فمسطيف كما ىو ثابت مف التعداد الذى قاـ بو اإلنجميز فى‬
‫ديسمبر ‪ 878000 1922‬نسمة‪ ،‬منيـ ( ‪ 590000‬عرب مسمموف‪ 73000 ،‬عرب مسيحيوف) ‪ 83000‬ييودى‬
‫أى أنو كاف فى فمسطيف ‪ %88‬مف العرب‪ %11 ،‬مف الييود‪ -‬وينبغى أف نتذكر أف تمؾ الببلد‪ ،‬والتى زعموا‬
‫(‪)46‬‬
‫‪.‬‬ ‫صدر الحبوب والموالح‪ -‬الحمضيات‪ -‬بكميات كبيرة‬
‫أنيا كانت صحراء قبؿ مجيئيـ‪ ،‬كانت تُ ّ‬
‫‪ -2‬األسطورة العنصرية‪:‬‬
‫تحت ىذا العنواف ذكر جارودى حقائؽ عمى جانب كبير مف األىمية منيا‪:‬‬
‫"فى عػاـ ‪ 1949‬وبعػد ىذه الحػروب األولى بيف اإلسػرائيمييف والعػرب‪ ،‬أصػبح اإلسرائيميوف يسيطروف عمى ‪%80‬‬
‫مف أرض الببلد بعد أف طردوا ‪ 770000‬فمسطينى‪،‬‬
‫وقد عينت األمـ المتحدة "الكونت فولؾ برنادوت " وسيطا‪ ،‬وكتب "برنادوت " فى تقريره ما يمى‪ :‬إنو النتياؾ‬
‫ألبسط القواعد أف يحاؿ بيف ىؤالء الضحايا األبرياء‪ -‬ضحايا النزاع‪ -‬مف العودة إلى بيوتيـ‪ ،‬بينما يتقاطر‬
‫المياجروف الييود عمى فمسطيف‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى أنيـ يشكموف تيديداً دائما‪ ،‬بأف يحموا محؿ البلجئيف العرب‬

‫ألؼ فمسطينى فى ‪ 1993‬فى السجوف‪ ،‬وفى مراكز االعتقاؿ التابعة لمجيش اإلسرائيمى‪ .‬وتوفى ‪ 21‬فمسطينياً فى السجوف اإلسرائيمية منذ بداية‬
‫االنتفاضة‪ ،‬وفى ظروؼ غامضة‪ .‬وتشير أيضاً إلى أنو جرى تعذيب ‪ 20‬ألؼ فمسطينى عمى األقؿ أثناء االستجوابات‪.‬‬
‫(‪ )46‬كما جاء فى تقرير "بيؿ " الذى قُ ّدـ إلى البرلماف البريطانى فى يوليو ‪ 1937‬بشأف صادرات الدوؿ مف سبلؿ البرتقاؿ الشتوى ‪ ،‬جاء ما‬
‫يمى‪ :‬فمسطيف ‪ 15‬مميوف سمة‪ /‬الواليات المتحدة ‪ 7‬مػبلييف سمة‪ /‬إسبانيا ‪ 5‬مبلييف سمة‪ /‬قبرص مصر الجزائر ‪ 3‬مبلييف‪ .‬ومف الوىـ االعتقاد‬
‫فى أى " استقبلؿ ذاتى" حقيقى لمفمسطينييف مع اإلبقاء عمى المستوطنات الييودية فى األراضى المحتمة‪ ،‬وحمايتيا بالجيش اإلسرائيمى ‪ ،‬وتسميح‬
‫المستوطنيف‪ ،‬فيذا يجعؿ مف المستحيؿ قياـ أى سبلـ طالما استمر االحتبلؿ فى الواقع‪ ،‬ممؼ إسرائيؿ‪ ،‬صفحة ‪ 45‬وما بعدىا‪.‬‬
‫‪61‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الذيف عاشوا فوؽ ىذه األرض منذ قروف‪ .‬ووصؼ النيب الصييونى عمى أنو كػاف عمى أكبر نطاؽ‪ ،‬وبالمثاؿ‬
‫تدمير القرى دوف أية ضرورة عسكرية (تقرير لؤلمـ المتحدة حرؼ ‪ A‬رقـ ‪ 648‬ص ‪ ،)114‬وأرسؿ ىذا التقرير‬
‫يوـ ‪ 16‬سبتمبر ‪ ،1948‬وفى ‪ 17‬سبتمبر ‪ ،1948‬اغتيؿ الكونت برنادوت " ومعاونو الفرنسى فى القدس‬
‫المحتمة‪ .‬وازاء ما أثاره ىذا الحػادث مف سخط عالمى‪ ،‬قبضت الحكومة اإلسرائيمية عمى رئيس جماعة " شترف "‬
‫ناتاف فريدماف يممف‪ ،‬وحكـ عميو بالسجف ‪ 5‬سنوات ثـ صدر العفو عنو‪ ،‬وقد أصبح عضوا بالكنيست فى عاـ‬
‫(‪)47‬‬
‫‪.‬‬ ‫‪ .1950‬وقد أعمف أحد زعماء "شترف" أنو يشرفو أف يعترؼ بأنو ىو الذى أصدر قرار اغتياؿ برنادوت"‬
‫لقد استطاع الزعماء الصييونيوف‪ -‬بدولة إسرائيؿ‪ -‬أف يضربوا عرض الحائط بما تفعمو األمـ المتحدة التى كانت‬
‫شريكتيـ فى اغتصاب فمسطيف‪ .‬وكانت األمـ المتحدة فى عاـ ‪ 1948‬تحت سيطرة الدوؿ الغربية‪ ،‬وقد بمغ بيا‬
‫األمر أف انتيكت ميثاقيا عندما رفضت أف تعترؼ لمعرب بحؽ تقرير مصيرىـ‪ ،‬مع أنيـ كانوا يشكموف ثمثى عدد‬
‫سكاف فمسطيف "‪.‬‬

‫(‪ )47‬األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية‪ ،‬صفحػة ‪ ،159‬ولقد ذكػر المؤلؼ أيضاً‪ .‬فقد أعمف المورد " ُمويف " الوزير المفوض البريطانى فى‬
‫القاىرة أماـ مجمس الموردات فى ‪ 9‬يونيو ‪ 1942‬أف الييود ليسوا أحفاد العبرانييف القدماء‪ ،‬وأنيـ ال يممكوف المطالبة الشرعية باألراضى‬
‫المقدسة‪ .‬وفى ‪ 9‬نوفمبر ‪ ،1944‬اغتيؿ المورد " مويف " فى القاىرة عمى يد اثنيف مف أفراد جماعة "شترف " التابعة إلسحػاؽ شامير‪،‬‬
‫مصيبة…يغتاؿ فى القاىرة بيد الييود !!‬
‫‪62‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثالث‬

‫ب‪ -‬الكتاب الثانى‪:‬‬


‫(األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية)‬
‫تحت عنواف‪( :‬أسطورة الوعد) كتب جارودى‪:‬‬
‫(‪)48‬‬
‫مشي اًر إلى األسطورة التى تقوؿ‪" :‬لنسمؾ‪ ،‬اعط ىذه األرض مف نير‬ ‫"أرض موعودة‪ ،‬أـ أرض مغتصبة؟ "‬
‫مصر إلى النير الكبير نير الفرات " (‪ ،)49‬ويعمؽ جارودى عمى ذلؾ بقولو‪" :‬إف ىذه األسطورة ال تعدو أف تكوف‬
‫ذريعة لبلستعمار الدموى" ويقدـ مشاىد عممية لمقراءات الصييونية المتطرفة ليذه النصوص التوراتية ‪ ،‬مستعرضاً‬
‫جػانباً مف أعماؿ القرصنة الصييونية ضد المواطنيف العرب ومنيا‪ :‬قيػاـ اإلرىابى "جػولد شتػايف" بقتؿ المصميف‬
‫العرب فى الحػرـ اإلبراىيمى عاـ ‪1994‬ـ ‪.‬‬
‫‪ -‬اغتياؿ "إيجػاؿ عامير إلسحػاؽ رابيف " ‪ 1995‬بأمر مف الرب‪ ،‬وبأمر مف جػماعتو اإلرىابية المتطرفة التى‬
‫تنادى بإعداـ كؿ مف يفرط فى األرض الموعودة لييودا وسام ار‪ -‬الضفة الغربية‪ -‬ويسمميا لمعرب‪.‬‬
‫‪ -‬قوؿ اإلرىابى "موشى دياف "‪ :‬إذا كنا نممؾ التوراة ونعتبر نفسنا شعبػيا‪ ،‬فمف الواجب عمينا امتبلؾ جميع‬
‫األراضى التوراتية ‪.‬‬
‫ويدفع‪" ،‬جارودى" ببطبلف كؿ ىذه االكاذيب واالفتراءات الصييونية‪ ،‬مستعيناً بعدد مف الشيادات التاريخية‬
‫(‪)50‬‬
‫الرئيس السابؽ لرابطة‬ ‫الموثقة لعدد مف أىـ خبراء العالـ بعضيـ مف الييود أنفسيـ‪ ،‬أمثاؿ الحاخاـ المربرجر‬
‫"مف أجؿ الييود فى الواليات المتحػدة " الذى أكد فى محاضرة لو بعنواف ‪" :‬النبوءة والصييونية ودولة إسرائيؿ "‬
‫ألقيت فى جامعة ليدف بيولندا فى ‪ 20‬مارس ‪ :1968‬إنو مف غير المقبوؿ مف أى إنساف االدعاء بأف إنشػاء‬
‫دولة إسرائيؿ‪ -‬حاليا‪ -‬ىو تحقيؽ لنبوءة توراتية‪ ،‬ومف ثـ االدعاء بأف كؿ األفعاؿ التى قاـ بيا اإلسرائيميوف لقياـ‬

‫(‪)48‬‬
‫صفحات األساطير المؤسسة‪ 33 ،‬وما بعدىا‪،‬‬
‫(‪)49‬‬
‫سفر التكويف ‪15/118‬‬
‫(‪)50‬‬
‫األساطير المؤسسة‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪63‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫دولتيـ واإلبقاء عميػيا ىو تنفيذ إلرادة الرب ‪ .‬إف السياسة الحػالية إلسرائيؿ قد حطمت أو عمى األقؿ قد طمست‬
‫المعنى الروحػانى إلسرائيؿ‪ ،‬وأقترح أف نبحث فى إرث النبوات عف عنصريف أساسييف ىما‪:‬‬
‫أ‪ -‬إف األنبياء حينما تحدثوا عف استعادة صييوف‪ ،‬فيذا اليعنى األرض‪ ،‬بؿ يعنى استعادة العبلقة بالرب فى‬
‫وقت كػانت فيو ىذه العبلقة قد قُطعت مف جانب الممؾ وشعبو‪ ،‬وقد قاؿ "ميشا" ذلؾ بكؿ وضوح‪" :‬استمعوا إذف‬
‫يا روساء بيت يعقوب‪ ،‬وقادة بيت إسرائيؿ‪ ،‬يا مف تكرىوف الخػير وتحػبوف الشر‪ ،..‬يا مف تبنوف صييوف وسط‬
‫حمامات مف الدـ والقدس بجرائمكـ‪ ...‬إف صييوف سيحرث كالحقؿ‪ ،‬وستصبح القدس‪ -‬أورشاليـ‪ -‬كومة مف‬
‫(‪)51‬‬
‫"‪.‬‬ ‫األطبلؿ‪ ،‬وسيصبح جبؿ المعبد مكاناً لعبادة األصناـ‬
‫ب‪ -‬وليست األرض وحػدىا ىى التى تتوقؼ عمييا مراعاة العبلقة مع الرب واإلخبلص ليا‪ ،‬فإف الشعب الذى‬
‫أعيد توطينو فى صييوف‪ ،‬يخػضع لنفس مقتضيات العدالة واالستقامة واإلخبلص التى لمعبلقة مع الرب ‪.‬‬
‫وتوضح تقاليد النبوات بجبلء‪ ،‬أف قداسة األرض ال تتوقؼ عمى تربتيا‪ ،‬وال عمى شعبيا‪ ،‬وال عمى الوجود الوحيد‬
‫ليذا الشعب عمى ىذه األرض‪"..،‬فيذه ىى محض غوغائية التربة والدـ‪ ،‬فبل الشعب بمقدس‪ ،‬وال األرض بمقدسة‬
‫(‪ ،)52‬وىما ليسا جديريف بأى امتيازات روحػية فى العالـ " (‪ ،)53‬ويعقب "جػارودى" عمى ىذه النبوءة بقولو‪ :‬لقد كاف‬
‫مقتؿ "إسحػاؽ رابيف " ضحػية أسطورة أرض الميعاد مثؿ مئات اآلالؼ مف الفمسطينييف‪ ،‬وىذه األسطورة ليست‬
‫إال ذريعة لبلستعمار الدموى‪ ،‬ولـ يكف "إيجاؿ عامير" قاتؿ إسحاؽ رابيف‪ -‬بعربيد أو بمجنوف‪ ،‬ولكنو النتاج‬
‫الخػالص لمتربية الصييونية‪ ،‬فيو ابف " حػاخػاـ "‪ ،‬وطالب ممتاز فى الجػامعة اإلكميػركية بأرعيبلف بالقرب مف تؿ‬
‫وتشبع بتعاليـ المدارس التممودية‪ ،‬وجندى مف جنود الصفوة فى الجوالف‪ ،‬ويحتفظ فى مكتبتو بسيرة "باروخ‬
‫أبيب‪ّ ،‬‬
‫جولدشتيف " الذى اغتاؿ منذ عدة شيور فى الخميؿ ‪ 27‬مف العرب وىـ يصموف بالمسجد اإلبراىيمى‪ -‬وىو ال‬
‫شؾ شاىد فى التميفزيوف الرسمى اإلسرائيمى‪ ،‬العرض الكبير الخػاص بجػامعة "إياؿ" محاربو إسرائيؿ‪ -‬وىـ‬
‫يحمفوف عمى قبر مؤسس الصييونية السياسية "تيودور ىرتزؿ " بأف "يعدموا أى شخص يفرط لمعرب فى أرض‬
‫الميعاد " فى ييودا وسام ار‪ -‬الضفة الغربية حالياً (‪.)54‬‬
‫ويندرج اغتياؿ الرئيس "رابيف " واالغتياالت التى اقترفيا جولدشتيف‪ -‬ضمف المنطؽ الضيؽ لميتولوجية المتطرفيف‬
‫الصييونييف‪ ،‬وكما يقوؿ عامير‪ :‬إف األمر بالقتؿ جاءه مف الرب ‪ -‬كػمػا تصػوروا أنو كػاف يحػدث فى عيد‪-‬‬
‫يوشع‪ -‬وىو لـ يكف ىامش المجػتػمع اإلسرائيمى‪ ،‬فإف المستوطنيف فى قرية "اربا وحبروف "‪ -‬الجميؿ‪ -‬كانوا‬
‫يرقصوف فرحا يوـ اغتياؿ "رابيف " حوؿ الضريح المقاـ عمى شرؼ "باروخ جػولدشتيف "‪ .‬لقد كاف "إسحػاؽ رابيف "‬

‫(‪)51‬‬
‫وىذا النص مف المبشرات عمى نياية الصييونية‪ ،‬األساطير‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫(‪)52‬‬
‫نفس المصدر‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫(‪)53‬‬
‫نفسر المصدر ص ‪.43‬‬
‫(‪)54‬‬
‫نفس المصدر‪ ،‬ص ‪.43 ،42‬‬
‫‪64‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ىدفاً رمزياً‪ ،‬وليس كما ادعى "بيؿ كمينتوف" عند "تشييع جنازتو "‪ ،‬مف أنو "قد حارب طواؿ حياتو مف أجؿ‬
‫السبلـ‪ ،‬وىو الذى قاد جيوش االحتبلؿ فى بداية االنتفاضة‪ ،‬وأعطى األوامر بكسر عظاـ أيدى أطفاؿ األراضى‬
‫الفمسطينية‪ ،‬الذيف لـ يكف يممكوف شيئاً أخر سوى األحجار لمدفاع عف أرض أجدادىـ ‪.‬‬
‫"واسحػاؽ رابيف " قد فيـ‪ -‬بكثير مف الواقعية‪ -‬كما حػدث لبلمريكييف فى فيتناـ‪ ،‬والفرنسييف فى الجػزائر‪ ،‬أف أى‬
‫حؿ عسكرى نيائى غير ممكف إذا ما اصطدـ الجػيش بشعب بأكممو‪ ،‬ومف ثـ فإنو سار مع ياسر عرفات عمى‬
‫طريؽ الحؿ الوسط‪ ،‬وقد ىتؼ ىؤالء المتطرفوف ضد "رابيف " ووصفوه "بالخا ئف " (‪.)55‬‬
‫كما يستدؿ "جارودى" بقوؿ "البير دى بورى" أستاذ العيد القديـ فى كمية البلىوت البروتستانتية فى جنيؼ‪ ،‬والذى‬
‫جػاءت رسالتو لمدكتوراه حوؿ "الوعد اإلليى والخرافة الشعائرية فى أدبيات يعقوب " التى ناقش فييا كبار‬
‫المؤرخيف المفسريف المحدثيف‪ ،‬ويقوؿ بأف القصاصيف التوارتييف يعرضوف عمينا تاريخ أصوؿ إسرائيؿ مف ذكريات‬
‫التواريخ والخرافات والحكايات واألشعار التى وصمتػيـ‪ ،‬والتى نقميا لنا التراث الشفيى عمى أنيا تاريخ إسرائيؿ‪،‬‬
‫فى حيف يتفؽ معظـ المفسريف المحدثيف عمى أف ىذه الصورة التاريخية ما ىى إال صورة وىمية إلى حد كبير‪.‬‬
‫كمػا يورد "البيردى بورى" مػاكػتػبتو " فرانسواز سميت " عميدة كميػة البلىوت البروتستانتية فى باريس كتابيا‬
‫"األساطير غير الشرعية‪ ،‬دراسة حوؿ األرض الموعودة " ط ‪ 1994‬جنيؼ‪ ،‬حيث صورت أسطورة الوعد عمى‬
‫(‪)56‬‬
‫"‪.‬‬ ‫أنيا قصة خػرافية ألف عمـ التػاريخ التوراتى اليخبرنا بما يقصو عمينا بؿ يخبرنا عمف كتبوه‬
‫"لقد قدمت السيدة "فرانسواز سميت " توضيحاً صارماً ألسطورة الوعد‪ ،‬ويستطرد "البػيردى بورى" قػائبلً‪ :‬إف معظـ‬
‫المفسػريف قد أخػذوا الوعد المعطى لآلباء بمعناه الكبلسيكى عمى أنو إضفاء لمشرعية عمى الغزو اإلسرائيمى‬
‫األخػير لفمسطيف‪ ،‬وعمى أنو امتداد لمسيادة اإلسرائيمية القديمة التى قامت فى عيد داود "‪.‬‬
‫كاف بمعنى الوعد‬ ‫"ونستطيع اآلف أف نحصر بإيجػاز أصوؿ الوعد المعطى لآلباء عمى أف الوعد باألرض‬
‫باالستقرار‪ ،‬وقد وجػو أوالً إلى البدو الرحؿ الذيف كػانوا يطمعوف فى االستقرار فى مكاف ما بالمناطؽ الصالحػة‬
‫لمسكف‪ ،‬ولـ يكف الغرض مف ىذا الوعد لمبدو الرحؿ الغزو السياسى أو العسكرى‪ ،‬بؿ االستقرار‪ ،‬وبالتالى فبعد أف‬
‫تجمعت القبائؿ الرحؿ بمختمؼ أنواعيا‪ ،‬وكونت شعب إسرائيؿ‪ ،‬تكوف الوعود القديمة قد تحققت "‪.‬‬
‫وبعد مناقشة مطولة لموعد يصؿ جػارودى "إلى أنو ال يمكف استخػدامو كصؾ مف صكوؾ الممكية‪ ،‬أو وضعو فى‬
‫خدمة المطالبات السياسية‪ ،‬وليس ىناؾ أى سياسة ليا حؽ ادعاء كفالة الوعد وضمانو‪ ،‬وال نتفؽ بأى شكؿ مف‬
‫األشكػاؿ مع أى مف المسيحييف الذيف يعتبروف وعود العيد القديـ بمثابة إضفاء لمشرعية عمى المطالبة باألراضى‬
‫الحالية لدولة إس ار ئيؿ "‪.‬‬

‫(‪)55‬‬
‫مف أجؿ ىذا اغتيؿ رابيف‪ ،‬وذلؾ يعنى أف العدو اليؤمف بالسبلـ‪.‬‬
‫(‪)56‬‬
‫األساطير المؤسسة‪ ،‬ص ‪. 36 ،35‬‬
‫‪65‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وفى مقدمة كتاب (األساطير المؤسسية اإلسرائيمية) يفضح جارودى حقيقة الصييونية‪ ،‬ويعرفيا بما عرفت بو‬
‫نفسيا‪ ،‬فقد و ضح‪:‬‬
‫‪ -1‬أنيا عقيدة سياسية نشأت منذ عاـ ‪ 1896‬حػيث ارتبطت بالحػركة السياسية التى أسسيا " تيودور ىرتزؿ "‪.‬‬
‫‪ -2‬أنيا عقيدة قومية لـ تولد مف الييودية‪ ،‬بؿ مف القومية األوروبية فى القرف ‪ ،19‬ولـ ينتسب مؤسسيا " ىرتزؿ‬
‫(‪)57‬‬
‫وىو التيمو‬ ‫" إلى ديف‪ ،‬حػيث يقوؿ‪ :‬ا (إننى ال أنقاد ألى دافع دينى‪ ،‬فأنا غنوصى" أى مف البل أدرّية‬
‫األرض المقدسة‪ ،‬حيث يقبؿ بأوغندا أو طرابمس أو قبرص أو األرجنتيف أو موزمبيؽ أو الكػونغو‪ .‬ولكف أماـ‬
‫معارضة أصدقائو‪ -‬مف أصحػاب الديانة الييورية‪ -‬فإنو يعى أىمية األسطورة القديمة‪ :‬ألنيا تؤلؼ صيحػة لمـ‬
‫الشعث ذات قوة ال تقير‪ ،‬وىو ما صرح بو عندما حوؿ أسطورة العودة القديمة إلى حقيقة تاريخية فى قولو‪" :‬إف‬
‫فمسطيف ىى وطننا التاريخػى الذى الينسى ‪ ...‬واف ىذا االسـ وحده سيظؿ صيحة لـ الشمؿ القوية لشعبنا "‪.‬‬
‫‪ -3‬أف الصييونية عقيدة استعمارية‪ ،‬وىنا أيضآ ال ُيخػفى "تيودور ىرتزؿ " أىدافو حيث توجو "ىرتزؿ " نحػو‬
‫التاجر االستعمارى " سيسيؿ ردوس " الذى استطاع أف يحوؿ شركتو إلى دولة جنوب أفريقيا‪ ،‬حيث كانت إحػدى‬
‫مقاطعاتيا تسمى باسمو "روديسيا " وقد كتب "ىرتزؿ" إليو يقوؿ‪" :‬قد تتساءؿ‪ :‬لماذا أكتب إليؾ يا سيد ردوس؟‬
‫ذلؾ أف برنامجى ىو برنامج استعماري‪ ،‬فالصييونية عقيدة سياسية وقومية استعمارية " (‪.)58‬‬
‫تمؾ ىى الخػصائص الثبلث التى تشرح السياسة الصييونية التى انتصرت فى مؤتمر بازؿ فى أغسطس ‪،1897‬‬
‫والتى انتصر بيا " تيودور ىرتزؿ " مؤسسيا الميكيافيممى‪ ،‬واستطاع أف يقوؿ فى نياية ىذا المؤتمر‪" :‬لقد أسست‬
‫الدولة الييودية"‪" .‬وبالفعؿ وبعد مضى نصؼ قرف‪ ،‬كانت ىذه ىى السياسة التى سيطبقيا بالضبط تبلمذتو‬
‫بإنشاء دولة إسرائيؿ طبقا ألساليبو وتبعا لخطو السياسى‪ -‬وذلؾ فى أعقاب الحرب العالمية الثانية"‪.‬‬
‫"ولكف ىذه العممية السياسية والقومية واالستعمارية‪ ،‬لـ تكف بأى حػاؿ مف األحواؿ امتداداً لمديانة الييودية (‪،)59‬‬
‫‪ ،1897‬ليعارض ق اررات مؤتمر‬ ‫بدليؿ أنو فى نفس وقت انعقاد مؤتمر بازؿ انعقد مؤتمر "مونتلاير " فى أمريكا‬
‫"بازؿ "‪ ،‬وىنا نجد "تعارضا " جذريا بيف قرائتيف لمتوراة‪ ،‬وىما القراءة السياسية والقبمية الصييونية‪ ،‬والقراءة‬
‫الروحانية لمديانة الييودية‪ ،‬ومما جاء فى ق اررات "مونتلاير " المعارض ليرتزؿ ما يمى‪:‬‬
‫"إننا نشجب تماما أى مبادرة تيدؼ إلى إنشاء دولة ييودية‪ ،‬واف أى محاوالت مف ىذا القبيؿ تكشؼ عف مفيوـ‬
‫خػاطىء لرسالة إسرائيؿ‪ ،‬ونؤكد أف ىدؼ الييودية ليس ىدؼ سياسى وال قومي‪ ،‬ولكف روحي‪ ،‬فيو يشير إلى‬

‫(‪)57‬‬
‫األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية ص ‪.19 ،18‬‬
‫(‪)58‬‬
‫نفس المرجع ص ‪.19‬‬
‫(‪)59‬‬
‫نفس المرجػع ص ‪.20‬‬
‫‪66‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫عصر مسيحى‪ ،‬حيث يعترؼ كؿ الناس بأنيـ ينتموف إلى طائفة واحدة كبرى إلنشاء مممكة الرب عمى األرض "‬
‫(‪.)60‬‬
‫"وىذه المعارضة لمصييونية السياسية المستوحاة‪ -‬مف التمسؾ بروحانية الديانة الييودية‪ ،‬ما فتئت تعبر عف‬
‫نفسيا‪ -‬حتى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية‪ -‬حيث لـ تفمح الصييونية فى تكميـ أفواه كبار الييود الروحانييف‬
‫مثؿ (مارتيف بوبر) أحد األصوات الييودية الكبرى فى ىذا القرف‪ ،‬الذى لـ يتوقؼ طواؿ حياتو‪ ،‬وحتى وفاتو فى‬
‫إسرائيؿ عف شجب انحبلؿ الصييونية الدينية وارتكاسيا إلى صييونية سياسية "‪.‬‬
‫‪ 60‬عاما‪ ،‬عندما انضممت إلى الحركة‬ ‫"فقد أعمف مارتف بوبر فى نيويورؾ‪" :‬أف الشعور الذى اعترانى منذ‬
‫الصييونية‪ ،‬ىو فى جوىره نفس الشعور الذى يعترينى اليوـ‪ ،‬لقد كاف أممى أال تتبع ىذه القومية طريؽ‬
‫"موسولينى" وعند مجيئى إلى فمسطيف سألت نفسى‪ :‬أتود أف تحضر إلى ىنا كصديؽ وكػأخ وكعضو فػى مجػتمع‬
‫شعوب الشرؽ‪ ،‬أو كممثؿ لبلستعمار واإلمبريالية؟ "‪.‬‬
‫"لقد كاف التناقض بيف اليدؼ ووسائؿ بموغو سببأ فى انقساـ الصياينة‪ ،‬فالبعض أراد أف يحظى بامتػيازات‬
‫سياسية خػاصة مف القوى العظمى‪ ،‬والبعض اآلخػر وال سيما الشباب‪ ،‬فإنيـ أرادوا فقط السماح ليـ بالعمؿ فى‬
‫فمسطيف مع جيرانيـ مف أجؿ فمسطيف ومف أجؿ المستقبؿ‪ .‬ولكف كؿ شىء لـ يكف يسير عمى ما يراـ فى‬
‫عبلقتنا مع العرب‪ ،‬ومع ذلؾ‪ ،‬فقد كانت ىناؾ عموما الجيرة الحسنة بيف قرية ييودية وأخرى عربية‪ ،‬وىذه‬
‫(‪)61‬‬
‫ىو الذى دفع بجموع الييود‬ ‫المرحمة العضوية مف االستيطاف فى فمسطيف دامت حتى عصر ىتمر‪ ،‬وىتمر‬
‫إلى الذىاب إلى فمسطيف‪ ،‬وما استمزـ ذلؾ مف إيجاد قوة سياسية لسبلمتيا وأمنيا‪ ،‬وقد فضمت غالبية الييود أف‬
‫يتعمموا مف ىتمر بدال مف أف يتعمموا منا‪ ،‬وىذه ىى الحػالة التى كػاف عمينا أف نحػاربيا‪ ..‬وفى "إييود" اقترحنا أال‬
‫يكتفى الييود والعرب بالتعايش‪ ،‬ولكف أف يتعاونوا وذلؾ بمقدوره إحداث تنمية اقتصادية فى الشرؽ األوسط‪ ،‬وفى‬
‫بياف "مارتف بوبر" الذى ألقػاه أماـ المؤتمر الصييونى الثانى عشر المعقود فى "كارلسباد" قاؿ‪" :‬وىذا تبرير جميؿ‬
‫ألنانيتنا الجماعية التى تحولت إلى صنـ معبود‪ ،‬لقد اقتمعت الديانة الييودية مف جذورىا بوالدة القومية الييودية‬
‫فى منتصؼ القرف التاسع عشر"‪.‬‬
‫وقد اعتبر األستاذ "جوادس ماجنيس "‪ ،‬رئيس الجػامعة العبرية فى القدس منذ ‪1926‬‬
‫أف برنامج "بمتيمور" لعاـ ‪ ،1942‬الذى قضى بإنشاء دولة ييودية فى فمسطيف "سيؤدى إلى حرب ضد العرب "‬
‫وعند إلقائو لبيانو عند افتتاح ىذه الجامعة العبرية فى عاـ ‪ 1946‬والتى رأسيا منذ ‪ 20‬سنة قاؿ‪" :‬إف الصوت‬
‫الييودى الجػديد يتكمـ عبر فوىات البنادؽ‪ ،‬وىذه ىى التوراة الجديدة ألرض إسرائيؿ ‪ ،‬لقد تكبؿ العالـ بقيػود جنوف‬
‫القوة المادية‪ ،‬وليحفظنا الرب اآلف مف اقتياد الييودية وشعب إسرائيؿ إلى ىذا الجنوف " ‪" .‬ويتحمؿ جميع ييود‬

‫(‪)60‬‬
‫نفسى المرجع ص ‪ 21 ،20‬ومصدر معموماتو المؤتمر المركزى لمحاخامات األمريكييف‪ ،‬الكتاب السنوى السابع‪ 1897 ،‬ص ‪.12‬‬
‫(‪)61‬‬
‫نفس المرجع ص ‪ 22‬و ‪ ،23‬وىو يعتمد عمى النشرة الييودية الصادرة فى ‪.1958/6/2‬‬
‫‪67‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أمريكا مسؤولية ىذه الغمطة وىذا التحوؿ‪ ،‬حتى مف لـ يوافقوا عمى تصرفات اإلدارة الممحػدة‪ ،‬ولكنيـ ظموا قاعديف‬
‫مكتػوفى األيدى‪ ،‬إف تخػدير المعنى األخػبلقى يؤدى إلى الضمور واليزاؿ " (‪.)62‬‬
‫وقد سبؽ " إللبرت إينشتايف " أف أداف فى عاـ ‪ 1938‬التوجو ىذا حيث قاؿ‪" :‬فى رأيى‬
‫أنو مف المعقوؿ أكػثر التوصؿ إلى اتفاؽ مع العرب عمى أساس حياة مشتػركة ومسالمة بدالً مف إننتمػاء دولة‬
‫ييودية واف اإلحساس الذاتػى بالطبيعة الجػوىرية لميػيودية يصطدـ بفكرة دولة ييودية ليا حدودىا وجيشيا‬
‫ومشروعيا لمسمطة الدنيوية ميما كانت متواضعة وأخشى مف الخسائر الداخمية التى قد تتكبدىا الييودية بسبب‬
‫قياـ قومية ضيقة فى صفوفنا (‪.)63‬‬
‫واننا لـ نعد ييود عصر المكابى ‪ ،‬ومجرد أف نصبح أمة بالمعنى السياسى لمكممة يساوى أننا سنحيد عف‬
‫روحانية طائفتنا التى نديف بيا ألنبيائنا " ‪.‬‬
‫لمييودية‪" :‬وجو المجمس‬ ‫وفى عػاـ ‪ ،1960‬وأثناء مػحػاكػمة " إيخػمػاف " فى القدس‪ ،‬أعمف المجمس األمػريكى‬
‫األمريكى لمييودية أمس االثنيف خطاباً إلى السيد "كريستيف ىرتر" ينكر فيو حؽ الحكومة اإلسرائيمية فى التحػدث‬
‫باسـ الييود كافة‪ ،‬ويعمف المجمس أف الييودية ىى مسألة ديف ‪ ،‬وليست مسألة جنسية" (‪.)64‬‬
‫وفى ‪ 8‬يونيو ‪ ،،1982‬كتب األستاذ "بنياميف كوىيف " مف جػامعة "تؿ أبيب "وأثناء غزو اإلسرائيمييف الدامى‬
‫لمبناف‪ ،‬إلى األستاذ "بيرفيداؿ ناكية"‪.‬‬
‫"اكتب إليؾ وأنا أستمع إلى راديو الترانزستور الذى أعمف "أننا " فى سبيؿ تحقيؽ ىدفنا فى لبناف‪ ،‬وىو ضمػاف‬
‫السػبلـ ألىػالى الجميؿ‪ ،‬وىذه األكاذيب الجديرة بشخص كػ "جموبز"‪ ،‬تجعمنى كالمجنوف‪ ،‬ومف الواضح أف ىذه‬
‫الحرب الشرسة والضارية‪ ،‬وىى أكثر بربرية مف كؿ سابقاتيا‪ ،‬وال عبلقة ليا بأى شىء ال بحادث االغتياؿ الذى‬
‫وقع فى لندف‪ ،‬وال بأمف الجميؿ‪ ،‬وال الييود‪ ...‬وىؤالء الييود إلذيف ىـ ضحػايا أنفسيـ مف جراء ىذا الكـ الضخـ‬
‫مف الضراوة والوحشية‪ ،‬ىؿ يمكف أف يصبحػوا عمى ىذا القدر مف الفظاظة والقساوة؟ إف أكبر نجاح لمصييونية‬
‫ىو"عدوؿ الييود عف الييودية"‪ ...‬وأرجوكـ أييا األصدقاء أف تقوموا بكؿ ما فى وسعكـ لكى ال يحرز أتباع‬
‫"بيجف "و شاروف " ىدفيـ‪ ،‬وىو التصفية النيائيػة وىى العبارة السػائدة فى أيامنا ىذه‪ :‬لمفمسطينييف كشعب واإلس ار‬
‫ئيمييف كبشر" (‪.)65‬‬
‫"األستاذ "ليبوفيتس " يدمغ السياسة اإلسرائيمية فى لبناف‪ ،‬ويصفيا بأنيا ييودية‪-‬نازية "‪.‬‬

‫(‪)62‬‬
‫نفس المصدرص‪.25‬‬
‫(‪)63‬‬
‫نفس المصدر ص ‪26‬‬
‫(‪)64‬‬
‫نفس المصدر ص ‪ ،27‬وىو يعتمد عمى جريدة لموند‪ ،‬لـ ‪ 2‬يونيو ‪. 1960‬‬
‫(‪)65‬‬
‫نفس المصدر ص ‪ 28 ،27‬وىو يعتمد عمى خطاب منشور فى جريدة لموند بتاريخ ‪ 19‬يونيو ‪ ،1982‬ص ‪. 9‬‬
‫‪68‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫" وىذا ىو رىاف المعركة بيف الديانة الييودية التوراتية‪ ،‬وبيف القومية الصييونية التى تفوؽ أى قومية ‪ ،‬عمى‬
‫رفض اآلخر وتقديس الذات ‪ .‬فكؿ قومية تقوـ عمى تقديس ادعاءاتيا‪ ،‬فبعد تفكؾ المسيحية ادعت كؿ دولة أنيا‬
‫قد تمقت اإلرث المقدس‪ ،‬وأنيا حػازت عمى الوالية مف الرب‪ ،‬ففرنسا ىى " البنت البكر لمكنيسة "‪ ،‬والتى بيا تتـ‬
‫أفعاؿ الرب ‪ ،‬وألمانيا ىى "فوؽ الجميع "‪ ،‬ألف اهلل معيا‪ .‬وأعمنت "إيفا بيروف"‪ " ،‬أف رسػالة األرجنتيف ىى تقديـ‬
‫اهلل إلى العالـ "‪ ،‬وفى عاـ ‪ 1972‬أخذ رئيس وزراء جنوب أفريقيا "فورستر" المشيور بعنصريتو الوحػشية ييذو‬
‫بعبارات مثؿ "ال تنسوا شعب اهلل ‪ ،‬بعثنا برسالة"‪ .،،‬وتشاطر القومية الصييونية ىذه النشوة مع كؿ القوميات‪،‬‬
‫ومعروؼ أف االستبداد بالرأى يمغى الحوار ويحوؿ دونو‪ ،‬فبل يمكف التحاور مع "ىتمر" وال مع "بيجف "‪ ،‬ألف‬
‫سموىـ الجنسى أو تحالفيـ القصرى مع اإللو‪ ،‬ال يترؾ أى مجاؿ لآلخر" (‪.)66‬‬
‫ّ‬

‫(‪)66‬‬
‫نفس المصدر ص ‪.29‬‬
‫‪69‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثالث‬

‫اسرائيؿ ظاىرة استعمارية‬


‫أوأل‪ :‬مف كتاب " ممؼ إسرائيؿ "‪:‬‬
‫يقوؿ المفكر الفرنسى جارودى‪:‬‬
‫"اليس ىناؾ فارؽ بيف النازية والصييونية‪ ،‬فكمتاىما يقوـ عمى التوسع العسكرى إلى غير حد‪ ،‬فالقادة‬
‫اإلسرائيميوف يؤمنوف بضرورة شف الحرب الوقائية بيدؼ تدمير القوة العربية‪ ،‬وتوسيع رقعة األرض إلقامة‬
‫إسرائيؿ الكبرى مف النيؿ إلى الفرات"‪.‬‬
‫أخى القارئ آمؿ أف تق أر ىذا المبحث بتمعف وتدقيؽ‪ :‬لكى تدرؾ أف حرب الخميج قد خطط ليا االستعمار‬
‫والصييونية منذ وقت طويؿ‪ ،‬وأنيا لف تقؼ عند حد تمزيؽ العراؽ‪ ،‬بؿ إف العدو ييدؼ إلى تمزيؽ سوريا‬
‫(*)‬
‫وبقية العالـ العربى إلى دويالت طائفية و (كانتونات) وذلؾ فى التسعينات مف ىذا القرف‬ ‫ومصر والسوداف‬
‫(‪)67‬‬
‫‪.‬‬ ‫وقد حاف وقت التنفيذ‬
‫تحت عنواف‪ ":‬إسرائيؿ ظاىرة استعمارية‪ ،‬السياسة اإلسرائيمية الخارجية تقوـ عمى التوسع (‪.")68‬‬
‫ذكر جارودى فقرات مف خطاب أرسمو " دافيد تريتش " إلى "ىرتزؿ " بتاريخ ‪ 29‬أكتوبر‬
‫‪ ، 1899‬بعد انقضاء المؤتمر الصييونى العالمى بقميؿ‪ ،‬وىو يعبر بوضوح تاـ عف المنطؽ الباطنى لمصييونية‬
‫فى سياستيا الخػارجية‪ .‬ومف ىذه الفقرات‪:‬‬
‫"أود أف أقترح عميكـ أف تعدلوا مف وقت إلى آخر برنامج "فمسطيف الكبرى‪ ،‬إسرائيؿ الكبرى" قبؿ فوات األواف‪،‬‬
‫كػاف ينبغى أف يتػضمف برنامج "باؿ " الكممػات "فمسطيف واألراضى المجػاورة " ألنو مف غير ذلؾ يصبح البرنامج‬
‫ببل معنى‪ ،‬فأنت ال تستطيع أف تأوى ‪ 10‬مبلييف ييودى فى أرض مساحتيا ‪ 25000‬كيمو متر مربع‪.‬‬

‫(*) راجع جريدة‪ :‬العرب العالمية بعددىا رقـ ‪ 5299‬األربعاء ‪ ،1998/2/18‬راجع أيضاً جػريدة العالـ اإلسبلمى يوـ اإلثنيف ‪ 15-9‬فبراير‬
‫‪1998‬‬
‫(‪ )67‬الصييونية تخطط الستدراجنا لمحرب‪ ،‬مصطفى محمود‪ ،‬األىراـ ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1996‬صفحة ‪. 22‬‬
‫(‪)68‬‬
‫ممؼ إسرائيؿ‪ ،‬صفحة ‪.177:147‬‬
‫‪70‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وقد عمؽ جارودى عمى ذلؾ بقولو ‪" :‬إف مبدأ الصييونية ذاتو فى المناداة بتحػويؿ الييودية مف ديف إلى شعب‬
‫والى دولة‪ ،‬واعتبػار ييود العالـ بأسره أصؿ ىذا الشعب‪ ،‬والنضاؿ لدفعيـ إلى العيش فى ىذه الدولة‪ ،‬كؿ ذلؾ‬
‫فرض عمى دولة إسرائيؿ سمسمة مف الحػروب التوسعية‪ ،‬لكى تحصؿ عمى مجػاؿ حػيوى " وىو شعار صنعو‬
‫ىتمر"وتاريخ كؿ االعتداءات اإلسرائيمية‪ ،‬وضـ األراضى لدولة إسرائيؿ إنما ىو نتيجة ألزمة تمؾ الصييونية‬
‫السياسية "‪.‬‬
‫ال فارؽ النازية والصييوفية شىء واحد!!‬
‫ذكر جارودى‪" :‬وليس ىناؾ فارؽ بيف النازية الصييونية إال فى مسألة شكمية‪ ،‬فكمتاىما يقوـ عمى التوسع‬
‫العسكرى إلى غير حػد‪ ،‬ولكف أيديولوجية التبرير الصييونية ال تنصب فقط عمى أسطورة العرؽ‪ ،‬كاف ىتمر يقوؿ‪.‬‬
‫" كؿ أرض يعيش فوقيا آريوف‪ ،‬يجب أف تعود إلينا "‪ ،‬وانما تنصب بصفة خاصة عمى األسطورة التوراتية الكاذبة‬
‫التى تفسر "الوعد" بمعنى قبمى مادى‪ ،‬وال تفسر ىذه الكممة تفسي أر روحػياً عمى أنيا "مممكة اهلل " وانما تفسرىا‬
‫تفسي اًر مادياً بأنيا األرض "‪ ،‬فاآلية التى وردت فى إصحػاح الخمؽ (‪" :)69‬لذريتؾ أعطى ىذا البمد مف نير مصر‬
‫إلى النير الكبير"‪ .‬تعتبر فى نظر الصييونييف برنامجأ عسكرياً‪ ،‬وقد رسـ "ىرتزؿ " فى كتابو " الدولة الصييونية‬
‫" حدود إسرائيؿ‪ ،‬فى الشماؿ‪ :‬مرتفعات تركيا‪ ،‬فى الجنوب‪ :‬قناة السويس‪ ،‬فى الشرؽ‪ :‬نير الفرات‪ ،‬وتفسر اآلية‬
‫عمى أنيا حقيقة تاريخية وصؾ ممكية لتمؾ األراضى‪ ،‬وكأف ذرية إبراىيـ ىـ المنحػدروف بصمة الرحـ وليس‬
‫باإليماف‪ ،‬وكػأف صمة الرحـ تمؾ التنصب عمى العرب مع أنيـ كػما جػاء فى سفر التكويف ذرية إسماعيؿ االبف‬
‫االكػبر إلبراىيـ‪ -‬وال تنصب عمى اإلنسانية التى ترى فى تضحية إبراىيـ صورة مثالية إليمانيا‪ ،‬وتفسر تمؾ اآلية‬
‫بصورة التنصب عمى العرب مع أنيـ ‪ -‬كما جػاء فى سفر التكويف‪ -‬ذرية إسماعيؿ‪ ،‬االبف اآلية أيضأ باعتبار‬
‫صحة نسب الييود الحػالييف بسكاف أرض كنعناف القديمة‪ ،‬بينما تؤكػد البيولوجػيا ويثبت التاريخ أف ييود اليوـ‬
‫كالناس جميعا‪ ،‬نتاج اختبلط وامتزاج شعوب متعددة‪ ،‬مف القرـ إلى اليمف‪ ،‬ومف أثيوبيا إلى أسبانيا‪ ،‬وال يمكنيـ‬
‫أبداً المطالبة بإرث أسبلؼ وىمييف واستبعاد السكاف الحػالييف مف عرب ومسمميف ومسيحػييف‪ ،‬مع أنيـ سكاف تمؾ‬
‫األرض‪ ،‬وأقرب إلى سكانيا القدامى مف المياجريف البػولندييف أو الروس أو الرومػانييف أو المجػرييف أو اليػمنييف‬
‫أو المغاربة‪ ،‬الذيف لـ يجػمع بينيـ شىء سوى الدعاية النازية البشعة التى ّادعت زو ار أنيـ شعب واحد‪ ،‬يمكف‬
‫التعرؼ عميو وفقاً لمعايير العنصرييف النازييف‪ ،‬وبخصائص بدنية مثؿ شكؿ الجمجمة أو األنؼ‪ ،‬وبصفات‬
‫سيكولوجية خاصة بيـ " ‪.‬‬
‫وبواسطة أسطورة "إسرائيؿ الكبرى" أرض الميعاد‪ ،‬وعف طريؽ قراءة انتقائية مغرضة لمكتاب المقدس‪ ،‬اليكؼ‬
‫القادة اإلسرائيميوف عف تبرير سياستيـ التوسعية واعتداءاتيـ وضميـ لؤلراضى باسـ تمؾ الخرافات "‪.‬‬
‫ومف األمثمة عمى ذلؾ‪:‬‬

‫(‪)69‬‬
‫إصحاح الخمؽ ىو سفر التكويف‪ ،‬إصحاح ‪. 18/15‬‬
‫‪71‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫قوؿ " موشى دياف " فى أغسطس ‪" :1967‬إذا كنا نممؾ التوراة‪ ،‬واذا كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة‪ ،‬فيجب أف‬
‫تكوف لنا أيضاً أرض التػوراة " واستنادأ إلى مثؿ تمؾ المبادئ تصبح الحدود مطاطة غير ثابتة"‪.‬‬
‫وقوؿ "بف جوريوف " فى مذكراتو‪" :‬أمامكـ اإلعبلف األمريكى لبلستقبلؿ ليس بو أى ذكر لحدود أرضية‪ ،‬ولسنا‬
‫ممزميف بتعييف حػدود لمدولة "‪ ،‬وفى ىذا إشارة ليا داللة‪ ،‬فقد ظمت حدود أمريكا غير ثابتة لمدة قرف مف الزماف‪،‬‬
‫(‪)70‬‬
‫فى قتؿ الينود الحمر‪ ،‬واالستيبلء عمى أرضيـ‪ ،‬إلى أف توقفوا عند‬ ‫وكػانت تتحرؾ كمما تقدـ األمريكيوف‬
‫المحيط اليادى"‪.‬‬
‫ويقوؿ‪ " :‬بف جوريوف " بكؿ ص ارحػة ووضوح‪" :‬ليست المسألة مسألة احتفاظ بالوضع الراىف‪ ،‬فعمينا أف نقيـ دولة‬
‫غير متجمدة‪ ،‬دولة ديناميكية تتجو إلى التوسع " (‪.)71‬‬
‫"وجاء التنفيذ العممى مطابقأ لتمؾ النظرية الغربية‪ :‬االستيبلء عمى أرض‪ ،‬وطرد مف فييا‪ ،‬تمؾ ىى شريعة الغاب‬
‫التى استخدمتيا الدولة الصييونية منذ البدء‪ ،‬بسبب طبيعة تكوينيا‪ ،‬فقرار التقسيـ الذى أصدرتو األمـ المتحػدة لـ‬
‫‪ 29‬نوفمبر ‪ 1947‬وانتياء االنتداب‬ ‫تحترمو إسرائيؿ قط‪ ،‬وسبؽ أف رأينا أنو منذ صدور قرار التقسيـ فى‬
‫البريطانى فعبلً‪ ،‬استولى اإلرىابيوف الصييونيوف عمى أرض كانت لمعرب وفقاً لمتقسيـ مثؿ يافا وعكا "‪ .‬وعندما‬
‫تدخمت الدوؿ العربية لحماية الفمسطينييف مف القتؿ الجماعى عمى طريقة مذبحة دير ياسيف‪ 9 -‬أبريؿ ‪-1948‬‬
‫انتيز قادة اإلسرائيمييف الفرصة لضـ أرض جػديدة‪ ،‬وبعد أف كػانت األمـ المتػحػدة قد خػصصت ‪ %56‬مف أرض‬
‫فمسطيف إلسػرائيؿ "‪ ،‬أصػبح اإلسرائيميوف يحتموف ‪ %80‬مف فمسطيف عند نياية الحرب اإلسرائيمية األولى ‪.‬‬
‫وىنا أيضاً يتعيف عمينا أف نبػدد خرافة أخػرى صنعيا اإلسرائيميوف أال وىى "داود اإلسرائيمى الصغير أماـ العمبلؽ‬
‫عطؼ الرأى العاـ العالمى عمى ىذا "الشعب الصغير"‬ ‫جػوليات العربى"‪ ،‬وىى أسطورة يحػاولوف بيا استثارة‬
‫الميدد فى أمنو ووجوده‪ ،‬مع اإلشادة فى الوقت عينو ببطوالتو العسكرية‪ ،‬وذلؾ دوف اإلشارة إلى أف جيش‬
‫‪ ،1948‬كانت‬ ‫إسرائيؿ يممؾ اآلف قوة عسكرية أعمى نوعاً وكماً مما لدى الجيوش العربية مجتمعة‪ .‬وفى عاـ‬
‫قوات مصر وسوريا واألردف ولبناف وايراف مػعػا‪ ،‬تضـ أقؿ مف ‪ 22000‬جندى مقابؿ ‪ 65000‬جندى إلس ار ئيؿ "‬
‫‪.‬‬
‫"ورغـ ىذا االندفاع فى االستيبلء عمى األرض‪ ،‬لـ يقتنع اإلسرائيميوف بو‪ ،‬فقد نشرت صحيفة "نيويورؾ تيمس "‬
‫عدد ‪ 9‬عاـ ‪ 1964‬حديثا مع "بف جوريوف " وكاف متقاعداً وقت ذاؾ جاء فيو‪" :‬لو أف دياف كاف قائداً لمجيش فى‬
‫حرب ‪ 1948‬لصارت أرض إسرائيؿ أكثر اتساعاً "‪ .‬وقاؿ الجنراؿ " آلوف " الذى تولى قيادات ىامة فى حرب‬
‫‪" :1948‬عندما أصدر رئيس الوزراء ووزير الدفاع "بف جوريوف " وكاف الرئيس "تروماف " قد ضغط عميو ضغطاً‬

‫(‪)70‬‬
‫ىؤالء ىـ دعاة السبلـ‪ ،‬الذيف ما زلتـ‪ -‬أييا الناس‪ -‬تحمموف أنيـ سيردوف لكـ الحقوؽ الضائعة ألـ يقؿ الشاعر‪:‬‬
‫وراعى الشػاة يحػمى الذئب عنػيػا *** فكػيؼ إذا كػاف الذئػاب ىـ الرعػاة؟!‬
‫(‪)71‬‬
‫انظر كتاب‪ .‬بعث إسرائيؿ ومصيرىا‪ ،‬بقمـ بف جوريوف ص ‪ 419‬نيويورؾ عاـ ‪.1954‬‬
‫‪72‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫كبي اًر‪ ،‬أم اًر بإيقاؼ تقدـ جيوشنا‪ ،‬كنا عمى حػافة النصر مف الميطانى شماالً إلى صحراء سيناء فى الجنوب‬
‫الغربى‪ ،‬ولو استمر القتاؿ أياماً الستطعنا تحرير الببلد كميا "‪.‬‬
‫"ولكف المسألة فى نظر إسرائيؿ كانت تأجيبلً فقط لمتوسع إلى أف يحػيف الوقت المناسب‪ ،‬فعندما قرر الرئيس عبد‬
‫الناصر تأميـ قناة السويس‪ ،‬وجد قادة إسرائيؿ أف الفرصة سنحت لتحقيؽ توسع جديد‪ ،‬فتحػالفوا مع اإلنجميز‬
‫الذيف كانوا يشرفوف عمى القناة‪ ،‬ومع الحكومة الفرنسية وكػانت فى حرب مع الجزائر‪ ،‬ورأت فى ذلؾ أمبلً فى‬
‫ضرب زعماء حرب التحرير الجزائرية وحميفتيـ مصر‪ ،‬وتـ تنسيؽ العممية فى فرنسا عمى يد "موشى دياف " و‬
‫شيموف بيريز"‪ ،‬وعمى يد الجنراؿ "شاؿ " الفرنسػى وأحد قادة مؤامرة جنراالت الجػزائر فيمابعد" (‪.)72‬‬
‫"ولكف رأى األمريكيوف والسوفيت إيقاؼ الحػممة فوقفت‪ ،‬ومع ىذا بقى "مشروع إسرائيؿ الكبرى" كما ىو‪ ،‬وكتب‬
‫"مناحـ بيجف " قائبلً‪" :‬أرض إسرائيؿ ستعود لشعب إسرائيؿ‪ ،‬ستعود كاممة والى األبد"‪.‬‬
‫"فى عاـ ‪ 1967‬قرر زعماء إسرائيؿ أف يقفزوا قفزة جديدة إلى األماـ‪ ،‬والحػرب ىى وسيمتػيـ لحؿ المشاكؿ‪ ،‬ففى‬
‫‪ 950000‬فرد‪،‬‬ ‫ذلؾ العاـ كػاف بإسرائيؿ ‪ 96000‬متعطؿ عف العػمؿ مف مجموع القوة العاممة البالغ عددىا‬
‫وتجػاوز عدد مف يغادروف إسرائيؿ عدد‬
‫القادميف إلييا‪ -‬كاف يغادر إسرائيؿ حوالى ‪ 1000‬مواطف كؿ عاـ‪ -‬ووصؿ مجموع التبرعات التى يجمعونيا مف‬
‫فسي ّمكنيـ ذلؾ‬
‫ييود الشتات "الدياسبو ار "‪ ،‬ومعظميـ مف أمريكا‪ ،‬أدنى مستوى‪ ،‬فمو نشبت الحرب وانتصروا فييا‪ُ ،‬‬
‫مف حؿ مشاكميـ كميا‪ ،‬فالتعبئة واحتبلؿ األراضى تقضى عمى مشكمة البطالة‪ ،‬والتمويح بالخطر عمى أمف‬
‫إسرائيؿ ينشط جمع الماؿ‪ ،‬واالنتصارات الحربية تجتذب المياجريف "‪.‬‬
‫"وكانت فكرة "الحرب الوقائية" فكرة واردة فى السياؽ المنطقى لمنظاـ اإلسرائيمى‪ ..‬وقد سبؽ أف صرح "مناحـ‬
‫بيجف " فى ‪ 1955‬بالكنيست قائبلً‪" :‬إنى أؤمف إيماناً عميقاً بأنو ينبغى عمينا أف نشف حرباً وقائية ضد الدوؿ‬
‫العربية دوف أى تردد‪ .‬وبيذا نبمغ ىدفيف‪:‬‬
‫أوالًال‪ :‬تدمير القوة العربية‪.‬‬
‫ثانياًال‪ :‬توسيع رقعة أراضينا "‪.‬‬
‫وبدأت الحرب الوقائية عاـ ‪" ،1967‬حرب األياـ الستة "‪ ،‬بعممية شبيية بالعممية التى قاـ بيا الفاشيوف اليابانيوف‬
‫فى ‪ 7‬ديسمبر ‪ 1941‬بميناء "بيرؿ ىاربر بجػزر ىاواى" دوف إعبلف لمحػرب‪ ،‬عندمػا فاجػؤوا ودمروا األسطوؿ‬
‫‪ 3‬يونيو ‪ ،1967‬عندمػا ىاجمت أسراب الطائرات‬ ‫األمريكى بالمحيط اليادي‪ .‬وكػذلؾ فعؿ اإلسرائيميوف فى‬
‫اإلسرائيمية‪ -‬دوف إعبلف لمحرب‪ -‬المطارات المصرية ودمروا الطائرة المصرية وىى رابضة عمى ميابطيا‪ ،‬وفى‬
‫‪ 12‬يونيو ‪ 1967‬أعمف "ليفى اشكوؿ " فى الكنيمست أف "وجود دولة إسرائيؿ كاف متعمقاً بخيط واه ‪ ،‬ولكف آماؿ‬
‫زعماء العرب فى القضاء عمى إسرائيؿ تبددت "‪ .‬وما ىناؾ زعيـ إسرائيمى واحد يؤمف بصحػة ىذه المزاعـ التى‬

‫(‪)72‬‬
‫انظر كتاب لوال فى‪ :‬تاريخ حياة موشى دياف ص ‪. 156‬‬
‫‪73‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫صيغت لتقاؿ لمبسطاء مف الناس‪ ،‬والتى كانت لبلستيبلؾ المحمى‪ .‬وقد فضح وزير إسرائيمى سابؽ "موردخػاى‬
‫بنتوؼ"‪ ،‬ىذه األكذوبة فقاؿ عمى رؤوس األشياد‪" :‬كؿ ىذه القصة عف خطر إبادة إسرائيؿ مختمقة مف أساسيا‪،‬‬
‫وقد بو!غ فييا لتبرير ضـ األراضى العربية الجديدة‪( ،‬عدد ‪ 14‬عاـ ‪ 1972‬مف صحػيفة اليمشار)‪ ،‬وىذا أيضاً‬
‫ما تأكد مف ناحية العسكرييف‪ ،‬فقد صرح الجنراؿ "عازر وايزماف " بقولو‪" :‬ما كػاف ىناؾ قط خطر إلبادة إسرائيؿ‬
‫" (عدد ‪ 19‬أبريؿ ‪ ،1972‬مف صحيفة معاريؼ) ‪.‬‬
‫كما صرح الجنراؿ "ماتيتياف بيميدا " بقولو‪ " :‬النظرية القائمة بأف خطر القتؿ الجماعى كاف مصمتاً فوؽ رقابنا فى‬
‫يونيو ‪ ،1967‬وأف إسرائيؿ قاتمت مف أجؿ وجػودىا‪ ،‬لـ تكف سوى خدعة‪ ،‬نشأت بعد الحرب ثـ اشتد عودىا"‪.‬‬
‫(عدد ‪ 9‬مارس مف صحيفة ىا آرتس)‪ ،‬كما صرح الجنراؿ "رابيف" نفسو بذلؾ‪ ،‬حػيث كػتب يقوؿ‪" :‬ال أعتقد أف‬
‫‪ 14‬مايو إلى أرض سيناء ال تكفياف لشف ىجوـ عمى‬ ‫ناصر كاف يريد الحرب‪ .‬فالفرقتاف المتاف بعث بيما فى‬
‫إسرائيؿ‪ ،‬وكاف ىو يعرؼ ذلؾ كما كنا نعرفو " (عدد ‪ 19‬مارس ‪ ،1973‬مف صحيفة ىا آرتس‪ ،‬ونقمتيا الميموند‬
‫الفرنسية عدد ‪ 3‬يونيو ‪.)1972‬‬
‫"لقد تضافر العدواف والكذب‪ ،‬فػأتاحػا إلسرائيؿ أف تحػتؿ سيناء‪ ،‬نقوؿ الكذب‪ ،‬ألف زعماء إسرائيؿ الرسمييف لـ‬
‫يتوقفوا قط عف تأكيد قوليـ أنيـ ال يسعوف إلى ضـ أراضى جديدة‪" .‬التطمع إسرائيؿ فى أية أرض مف أراضى‬
‫‪ 8‬نوفمبر ‪( ،1966‬انظر‪ :‬وثائؽ‬ ‫جيرانيا "‪ ،‬ىذا ما قالو ممثؿ إسرائيؿ فى األمـ المتحدة ميخائيؿ كوماى فى‬
‫األمـ المتحدة‪ ،‬الوثيقة ‪ .PV 505 AISPC‬كما قاؿ "موشى دياف " فى حديث لئلذاعة يوـ ‪ 5‬يونيو ‪:1967‬‬
‫"ليست لدينا نية لمغزو"‪( .‬عدد ‪ 16‬يوليو ‪1967‬صانداى تيمس" وينبغى لتقدير مدى الكذب‪ ،‬أف نقارف ذلؾ بما‬
‫‪ 80‬دقيقة‬ ‫قالو الجنراؿ "ىود" قائد الطيراف اإلسرائيمى‪ " :‬استعدادات استمرت ستة عشر عاماً ثـ نفذت فى‬
‫(المقصود ىو اليجمة الجوية يوـ ‪ 5‬يونيو ‪" .)1967‬كنا نعيش مع تمؾ الخطة‪ ،‬وكانت ىى قوتنا الذى نقتات‬
‫منو‪ ،‬وكنا نحسنيا ببل انقطاع "‪( .‬عدد ‪ 16‬يوليو مف صانداى تيمس ص ‪ ،)7‬وجنى اإلسرائيميوف ثمرات الخػديعة‬
‫والعدواف‪ ،‬فأصبحوا بعد عاـ ‪ 1967‬يحتموف أرضا مساحتيا أكبر مما قرره ليـ تقسيـ ‪ 1947‬ثبلث مرات‪ .‬وما‬
‫‪ ،1947‬كاف الجنراؿ "دياف " يقوؿ‪" :‬فى المائة عاـ‬ ‫كفاىـ ىذا‪ ،‬فاشتدت شييتيـ لمغزو مف جديد منذ يوليو‬
‫الماضية‪ ،‬قاـ شعبنا بإنشاء ىذه الببلد وىذه األمة‪ ،‬وعمؿ عمى توسيع نطاقيا باستقداـ عدد متيزايد مف الييود‬
‫وبإنشاء مزيد مف المستعمرات لتوسيع حدودنا‪ ،‬وليعمـ كؿ ييودى أف ىذه العممية لـ تنتو وأننا لـ نبمغ نياية‬
‫الطريؽ "‪.‬‬
‫"وفى عاـ ‪ 1972‬نشرت صحيفة معاريؼ عدد ‪ 7‬يوليو حديثاً صحفياً مع "جولدا مائير" ننقؿ ىنا بعض فقراتو‪:‬‬
‫‪ -‬ما ىى حدود األراضى التى تعتبرونيا ضرورية ألمف إسرائيؿ؟‬
‫‪74‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬إذا كنت تريد أف تقوؿ‪ :‬إنو يتعيف عمينا أف نرسـ خطاً لحدودنا فيذا أمر لـ نفعمو‪ ،‬وسننفذه عندما يجىء الوقت‬
‫المناسب‪ ،‬ولكف يجب أف يعرؼ الناس أف أساسيات سياساتنا عدـ النص فى أى معاىدة لمسبلـ عمى حدود‬
‫‪ ،1967‬فبلبد مف إدخاؿ تعديبلت عمى الحدود‪ .‬نريد تغيي اًر فى حدودنا‪ ،‬فى كؿ حدودنا‪ ،‬مف أجؿ ببلدنا "‪.‬‬
‫"وبعد وقعة ‪ ،،1973‬استمر تصعيد السياسة االستعمارية إلسرائيؿ ببل ىوادة وبخاصة بعد اتفاقيات كامب ديفيد‬
‫سبتمبر ‪ -1978‬ميونخ مصر‪ -‬التى جػعمت مف الممكف مضاعفة إنشاء المستعمرات االستيطانية فى األرض‬
‫المحتمة‪ ،‬وضـ القدس والجوالف إلى إسرائيؿ‪ ،‬والغزوة المبنانية فى ‪ .1982‬وال تعود أىمية العدواف عمى لبناف فى‬
‫صيؼ ‪ 1982‬إلى ما تميز بو طابع استثنائى أو سمة غير منتظرة‪ .‬فيذه العممية قد سبؽ اإلعداد ليا منذ‬
‫عشرات السنيف‪ ،‬وتتمشى مع المنطؽ االستعمارى والفاشى اإلسرائيمى؟ مف أجؿ الحصوؿ عمى "مجاؿ حيوى"‬
‫(وىذا تعبير استخدمو ىتمر) " إنما الجديد فى العممية ىو أف عدداً كبي اًر مف ييود العالـ‪ ،‬وبعض ييود إسرائيؿ‪،‬‬
‫ومبلييف مف أىؿ الغرب‪ -‬بدؤوا ألوؿ مرة‪ -‬يدركوف مدى الخديعة التى كانوا ىـ ضحػاياىا منذ أكثر مف ثمث‬
‫قرف‪ ،‬ومما يحز فى النفس حقاً أنو البد مف قتؿ عشرات األالؼ مف الرجاؿ والنساء واألطفاؿ والشيوخ‪ ،‬وتدمير‬
‫بيروت ووقوع مذبحػة صب ار وشاتيبل البشعة‪ ،‬لكى يظير الوجو الحقيقى االستعمارى والفاشى لمصييونية السياسية‪،‬‬
‫التى تمارسيا حكومة إسرائيؿ‪ ،‬ولكى يبدأ الناس فى إدراؾ مدى خػديعة الصييونييف‪ .‬وظير الكذب واضحػاً‬
‫لدرجػة أف كؿ ما لجػأت إليو الصحػافة والتمفزيوف مف وسائؿ التمويو والتخفية‪ ،‬لـ تمنع الناس مف أف يممحوا جزءاً‬
‫مف الحقيقة "‪.‬‬
‫تذرع بيا الصييونيوف لبلعتداء عمى لبناف‪ ،‬ىى محاولة قتؿ السفير اإلسرائيمى فى لندف‪،‬‬
‫"وكانت أوؿ ذريعة ّ‬
‫واتيموا عمى الفور منظمة التحرير الفمسطينية بتدبير الحادث‪ ،‬وما لبثت مسز "تاتشر" أف كشفت فى تصريح ليا‬
‫لصحيفة "انترناشيوناؿ ىيرالد تريبيوف "‪ ،‬عدد ‪ 8‬يونيو ‪ 1982‬حقيقة األمر بعد التحقيؽ الذى أجرتو الشرطة‬
‫البريطانية‪ ،‬قالت‪ …" :‬لقد وجدت قائمة مع مرتكبى الحػادث تشمؿ أسماء المطموب قتميـ‪ ،‬وكاف عمى رأس‬
‫القائمة اسـ ممثؿ منظمة التحػرير فػى لندف‪ ...‬وفى ىذا ما يدحض ادعاء إسرائيؿ أف المعتػديف ينتموف إلى‬
‫منظمة التحرير الفمسطينية‪ ،‬وال أعتقد أف اليجوـ اإلسرائيمي عمى لبناف كػاف عمبلً انتقامياً لمحاولة االغتياؿ ىذه‪،‬‬
‫لقد وجد اإلسرائيميوف فى ىذه المحاولة عذ اًر يبرروف بو عدوانيـ عمى لبناف "‪.‬‬
‫"وجػاءت بعد ذلؾ أكذوبة أخرى؟ حوؿ أىداؼ ىذه الحػرب‪ ،‬التى أطمقوا عمييا اسـ‪" :‬عممية السبلـ مف أجؿ‬
‫الجميؿ "‪ .‬وكػاف ىدؼ العممية فى زعميـ ىو إقامة "ىامش أمنى يمتد بعمؽ كػيمو مت اًر مف الحدود‪ ،‬وفتحت قوات‬
‫األمـ المتحػدة مم اًر اندفعت منو قوات إسرائيؿ فمما تـ تدمير بيروت‪ ،‬أقاـ بيجف فوؽ خرائبيا رئيساً كانت إسرائيؿ‬
‫قد سمحتو وأعدتو منذ وقت طويؿ ليكوف موالياً ليا‪ ،‬وعندما ظير أف "بشير الجميؿ " لـ يخضع ليـ تماماً‪ ،‬اغتيؿ‬
‫فى مقر قيادتو‪ ،‬وكػاف ىذا المقر محاطاً بالحراسة وال يمكف النفاذ إليو دوف موافقة الجػيش اإلسرائيمى‪ ،‬وتذرعت‬
‫‪75‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الحكومة اإلسرائيمية بيذا االغتياؿ لتحتؿ جزءاً أكػبر مف أرض لبناف مدعية أنيا تريد سيادة النظاـ‪ ،‬والحيمولة‬
‫دوف ارتكاب االغتياالت وتصفية حسابات أخرى"‪.‬‬
‫"وعند ذلؾ‪ ،‬وعمى بعد مائتى متر مف القيادة اإلسرائيمية‪ ،‬وتحت سمعيا وبصرىػا‪ ،‬وعمى ضوء كشافاتيا قاـ‬
‫المتعاونوف مع اإلسرائيمى المحتؿ بعممية ذبح جماعية استمرت يوميف‪ ،‬تـ خػبلليا التخمص ممف كاف زعماء‬
‫إسرائيؿ يودوف إبادتيـ‪ .‬وكاف تعميؽ بيجف عمى ذلؾ قولو‪" :‬غير ييود قتموا غير ييود " (‪.)73‬‬
‫وليس كؿ ىذا سوى الوجو الظاىر لمقصة كميا‪ ،‬ويجدر بنا أف نعرؼ المسألة مف الباطف لنرى أنيا خطة مػرحمية‬
‫مف مراحؿ تحػقيؽ مشروع صػييػونى سياسى ىو‪" :‬إسرائيؿ الكبرى" ولكى ندرؾ تماماً أنو ال عبلقة البتة بيف غزو‬
‫لبناف وبيف االعتداء عمى السفير اإلسرائيمى فى لندف‪ ،‬وال عبلقة بأى تيديد لمجميؿ‪ ،‬لكى ندرؾ ذلؾ‪ ،‬ينبغى وضع‬
‫اليدؼ المبنانى فى موضعو مف المشروع الصييونى "إسرائيؿ الكبرى" ‪ ،‬ففى وقت لـ يكف فيو أى دبموماسى‬
‫إسرائيمى قد ىوجـ‪ ،‬ولـ تكف منظمة التحرير قد نشأت بعد‪ ،‬وفى وقت لـ يكف ىناؾ أى تيديد لمجميؿ‪ ،‬كانت‬
‫غزوة لبناف قد اعد برنامجيا فى الجدوؿ الزمنى لمبمداف التى ستُضـ إلسرائيؿ‪ ،‬فمقد كتب "بف جوريوف" فى‬
‫يومياتو‪ ،‬يوـ ‪ 21‬مايو ‪ 1948‬يقوؿ‪" :‬نقطة الضعؼ فى التآلؼ العربى ىى لبناف‪ .‬فالسيادة اإلسبلمية فييا شىء‬
‫مصطنع‪ ،‬ويمكف بسيولة قمبيا رأسا عمى عقب‪ ،‬وينبغى إقامة حكومة مسيحية فى ىذا البمد‪ ،‬وتكوف حدودىا‬
‫وسنوقع مػعػاىدة تحػالؼ مع ىذه الدولة‪ ،‬وبعد ذلؾ نحطـ الفرقة العربية األردنية‪،‬‬
‫الجػنوبيػة ىى نير الميطانى‪ُ ،‬‬
‫ونقصؼ عماف بالقنابؿ‪ ،‬ثـ نكتسح شرؽ األردف‪ ،‬وستسقط سوريا بعد ىذا‪ .‬واذا تجػرأت مصر عمى محػاربتنا‬
‫فسنقصؼ بورسعيد واألسكندرية والقاىرة بالقنابؿ‪ ،‬وبيذا ننيى الحرب‪ ،‬ونكوف قد ثأرنا ألسبلفنا مف مصر وأشور‬
‫وكمدانية (انظر كػتػاب‪ :‬الرسوؿ المسمح‪ ،‬تاريخ حػياة بف جػوريوف تأليؼ ميخػائيؿ بارزوىار‪ ،‬ص ‪.)139‬‬
‫"وىكذا ندرؾ تماماً عمى ضوء األحػداث الراىنة إلى أى مدى يمكف أف تؤدى شطحػات األسطورية الصييونية‬
‫المصابة بجنوف العظمة‪ ،‬إلى إراقة دماء اآلالؼ مف بنى البشر"‪.‬‬
‫"وقبؿ اليجوـ الغادر عمى لبناف بوقت طويؿ‪ ،‬أخػذ " موشى دياف" ذلؾ المشروع الذى ألفو "بف جوريوف "‬
‫لتخطيط اليجػوـ عمى لبناف‪ ،‬وأدخػؿ عميو بعض التعديبلت ليجػعمو أكثر دقة ففى وقت كاف فيو الرائد "حداد"‬
‫مازاؿ طفبلً فى الميد‪ -‬أى قبؿ أف يصبػح ألعوبة دموية فى يد بيجف" بوقت طويؿ‪ -‬راح "موشى دياف " يضع‬
‫الخطة التالية التى كػتبيا موشى "شاريت " رئيس وزراء إسرائيؿ األسبؽ فى يومياتو‪ ،‬يقوؿ "شاريت "‪ :‬فى رأى‬
‫دياف أف الشىء الوحػيد الضرورى ىو إيجػاد ضابط صغير‪ ،‬يكفى أف يكوف رائداً ‪ ،‬ونحػاوؿ إقناعو بأىدافنا‪ ،‬فإف‬
‫لـ يقبؿ اشتريناه بالماؿ‪ ،‬حػتى يوافؽ عمى أف يعمف نفسػو منقذاً لممػارونييف فى لبناف‪ .‬وعند ذلؾ يدخؿ الجػيش‬
‫اإلسػرائيمى أرض لبناف‪ ،‬ويقػيـ نظامػاً مسيحياً لمحكـ يعتمد عمى التحالؼ مع إسرائيؿ‪ .‬ثـ تُضـ كؿ األرض‬
‫جنوبى الميطانى إلى إسرائيؿ "‪( .‬يوميات موشى شاريت ‪ 16‬يونيو ‪ ،1955‬ص ‪.)996‬‬

‫(‪)73‬‬
‫ىؿ عرفنا أف الصياينة ىـ المسؤولوف عف مذابح صاب ار وشاتيبل بمبناف ؟‬
‫‪76‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"وىكذا تبدو الصورة واضحة تمامة‪ ،‬وتتبدد أسطورة " األمف " والسبلـ فى الجميؿ‪ ،‬وذلؾ كما كشؼ عنيا النقاب‬
‫البروفيسير "نى إماـ " مف الحزب القومى ألقصى اليميف والذى دخؿ و ازرة "بيجف " حديثاً فى ‪ 1982‬قاؿ‪" :‬أمامنا‬
‫فرصة عظيمة ينبغى عمى إسرائيؿ أف تغتنميا إلقامة نظاـ جديد فى لبناف … يجب أف يستعد الجيش ليبقى وقتا‬
‫طويبلً فى لبناف‪ ،‬وخبلؿ ذلؾ تستطيع إسرائيؿ أف تحسف وضعيا االقتصادى ومركزىا مف الناحية الفنية اإلدارية‬
‫فى منطقة تعتبر تاريخياً جزءاً اليتج أز مف إسرائيؿ الكبرى‪ ...‬وستتمكف وال شؾ مف أف تدخؿ فى الخطة اإلنمائية‬
‫الجزء الجنوبى مف لبناف حتى نير الميطانى"‪.‬‬
‫"وكالعادة لدى قادة إسرائيؿ الذيف ينالوف بعد كؿ تصعيد لمموقؼ بأنو البد مف السير أبعد ممػا وصموا إليو‬
‫لتحقيؽ الخطة الصييونية‪ ،‬راح "أريؿ شاروف " يقوؿ‪ :‬ال لـ ننجػز بعػد غير يسير مف عممنػا " (مف حديث‬
‫لشاروف مع صحيفة أوروبا ميبلنو‪ 28 ،‬أغسطس ‪.)1982‬‬
‫ويصدؽ بحؽ عمى حرب لبناف ىذه‪ ،‬ما يصدؽ عمى كؿ حروب إسرائيؿ‪ ،‬كما عبر عف ذلؾ بشجاعة البروفيسير‬
‫"ليبوفتز" فى موتمره الصحفى يوـ ‪ 14‬يونيو ‪ ،1982‬بمدينة القدس‪ " :‬ىدؼ ىذه الحرب ىو اإلعداد لمحرب‬
‫التالية" ‪ .‬وتجرى األمور وكأف الزعماء الصييونييف يطبقوف حرفياً االية التالية مف سفر يشوع‪" :‬كؿ موضع قدـ‬
‫تدوسو بطوف أقدامكـ لكـ أعطيتو" (اإلصحاح‪.)3/1‬‬
‫وذلؾ ىو التصور السائد إلسرائيؿ الكبرى‪ ،‬اليدؼ الدائـ لمصييونية السياسية كما يذكرنا بذلؾ المواء احتياط‬
‫الجنراؿ "غازيت " رئيس جامعة بير سبع حالياً‪ ،‬فى استعراضو لؤلىداؼ األساسية فيما يتعمؽ بالنزاع العربى‬
‫اإلسرائيمى‪" :‬يجب أف تكوف أرض إسرائيؿ كميا تحت سيطرة إسرائيمية‪ ،‬بؿ يجب أف تكوف جزءاً ال يتج أز مف‬
‫الدولة الييودية‪ ،‬وعمى إسرائيؿ أف تدرؾ الضرورة الممحة إليجاد حؿ جذرى لمشكمة الوجود العربى فوؽ أرض‬
‫إسرائيؿ (عدد ‪ 3‬يناير ‪ 1982‬مف صحيفة يديعوت أحرونوت)‪.‬‬
‫ثانياًال‪ :‬كتاب ((األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية)) (‪:)74‬‬
‫يقوؿ "جارودى" تحت عنواف "القراءة المتطرفة لمصييونية السياسية "‪" :‬تستخدـ األساطير التوراتية كذرائع‬
‫لمسياسات اإلجرامية الصييونية مثؿ أسطورة "يشوع " التى تقوؿ بأف "يشوع" عندما فتح عجموف ضربوىا بحد‬
‫السيؼ‪ ،‬وقتموا كؿ نفس فييا‪ ،‬كما فعموا بمبتو‪ ..‬واجتاز "يشوع" وكؿ إسرائيؿ معو مف "الكيش " إلى "عجموف "‬
‫ونزلوا عمييا وحاربوىا‪ ،‬وافتتحوىا فى ذلؾ اليوـ فضربوىا بحد السيؼ‪ ،‬وأبسؿ كؿ نفس فييا فى ذلؾ اليوـ عينو‪،‬‬
‫كما فعؿ "ببلكيش " وصعد يشوع وجميع إسرائيؿ معو مف عجموف إلى حبروف وحاربوىا‪( " ...‬سفر يشوع ‪-10‬‬
‫‪.)34‬‬
‫"وتستمر ىذه الممحمة المممة فى سرد وتعداد عمميات اإلبادة المقدسة‪ ،‬التى وقعت فى الضفة الغربية‪ ،‬وينبغى لنا‬
‫األوؿ بشأف صحتيا التاريخية‪ ،‬والثانى بشأف عواقب التقميد‬ ‫أماـ ىذه األحاديث‪ ،‬طرح سواليف أساسييف ىما‪:‬‬

‫(‪)74‬‬
‫ممفحات ‪ 53‬وما بعدىا‪ .‬ممؼ إسرائيؿ ص ‪.160‬‬
‫‪77‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الحرفى لئلشادة بسياسة اإلبادة فما قيؿ عف مسيرة يشوع‪ ،‬قمده "بيجف " عندما قضى فى ‪ 9‬أبريؿ ‪ ،1948‬عمى‬
‫(‪)75‬‬
‫مف الرجاؿ والنساء واألطفاؿ‪ ،‬البالغ عددىـ ‪ 254‬نسمة‪ ،‬وقتميـ ىو وجنوده "اآلرجوف" لكى‬ ‫سكاف دير ياسيف‬
‫يفر العرب العزؿ مذعوريف "‪.‬‬
‫ويكرر سفر تثنية االشتراع‪" :‬و اذا أدخمؾ الرب إليؾ األرض التى أنت صائر إلييا لترثيا واستأصؿ أمماً كثيرة‪،‬‬
‫فأبسميـ إبساالً (الفصؿ ‪ )2-1/7‬وال يقؼ أحػد بيف يديؾ حتى تفنييـ (الفصؿ السابع ‪ )24/7‬فيو لـ يطمب مف‬
‫الييود فقط طرد العرب بؿ االستيػبلء عمى كؿ فمسطيف‪ ،‬وما قيؿ عف طريقة يشوع ىى التى أشار إلييا "موشى‬
‫دياف " بقولو‪ " :‬إذا كنػا نمتمؾ التوراة‪ ،‬واذا كنا نعتبر أنفسنا شعب التوراة ‪ ،‬فينبغى لنا أف نمتػمؾ كذلؾ أرض‬
‫التوراة "‪ ،‬وأيضاً ىى التى أشػار إلييا "يوراـ بف بورات " فى الجريدة اإلسرائيمية الكبرى "يديعوت أحػرونوت "‬
‫الصػادرة فى ‪ 14‬يوليو ‪ " :1972‬ال صييونية واستعمار لمدولة الييودية بدوف إبعاد العرب وطردىـ واالستيبلء‬
‫عمى أراضييـ "‪" .‬أما وسائؿ وأساليب ىذا االستيبلء عمى األرض‪ ،‬فقد حددىا رابيف عندما كاف جن ارالً عمى‬
‫األراضى المحتمة‪ :‬تكسير عظاـ ممقى األحجار مف أطفاؿ االنتفاضة ‪.‬‬
‫فماذا كاف رد فعؿ المدارس التممودية فى إسرائيؿ؟ تسميـ السمطة إلى أحد المسؤوليف المباشريف عف مذبحة صب ار‬
‫وشاتيبل‪ ،‬وىو الجنراؿ "رفائيؿ إيتاف " الذى نادى "بزيادة تحػصيف المستوطنات الييودية القائمة "‪ ،‬وبنفس ىذا‬
‫اليقيف اندفع الدكتور "باروخ جولدشتايف "‪ ،‬وىو مستوطف مف أصؿ أمريكى‪ ،‬مف قرية أربو "الضفة الغربية"‪ ،‬وقتؿ‬
‫أكثر مف سبعة وعشريف فمسطينياً‪ ،‬وجرح أكثر مف خمسيف‪ ،‬وىـ يصموف فى الحرـ اإلبراىيمى‪ .‬وكاف "باروخ "‬
‫عضواً فى جماعة متطرفة تأسست برعاية أريؿ شاروف‪ -‬أى تحت حماية مف قاد مذابح صب ار وشاتيبل‪ ،‬والذى‬
‫كوفىء عمى جريمتو بتعيينو وزي اًر لئلسكاف‪ ،‬ومكمفاً بتنمية المستوطنات فى األراضى المحتمة‪ ،‬وىو األف موضع‬
‫تبجيؿ المتطرفيف الذيف يأتوف إلى قبره بالزىور وينحنوف لتقبيمو‪ ،‬فيو األميف عمى تقاليد يشوع الرامية إلى القضاء‬
‫عمى كؿ شعوب كنعاف‪ ،‬مف أجؿ االستيبلء عمى أراضييـ‪ ،‬كما يزعموف‪ .‬وىذا التطيير العرقى الذى يمارس‬
‫بشكؿ منتظـ فى دولة إسرائيؿ اليوـ ينبع مف مبدأ النقاء العرقى‪ ،‬الذى يمنع امتزاج الدـ الييودى بأى دـ نجس‬
‫مف دماء اآلخريف "‪.‬‬
‫(‪)76‬‬
‫وقومو بأال يزوج شعبو مف‬ ‫"وفى السطور التى تمى أمر الرب بالقضاء عمى السكاف‪ ،‬يوصى الرب موسى‬
‫بنات تمؾ الشعوب (سفر الخروج إصحاح ‪.)16/34‬‬

‫(‪)75‬‬
‫راجع كتاب "الطريؽ إلى بيت المقدس " ج ‪ ،2‬د‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‪ -‬دار الوفاء لمطباعة والنشر طبعة ‪ -1993 ،2‬القاىرة‪ ،‬ص‬
‫‪.178‬‬
‫سمِع ِعم َي‬ ‫ِع‬ ‫ِع‬
‫آمنتُسـ ِعبالمَّرو فَي َيعمَي ْسيو تَيَيوَّركمُسوا إف ُسكنتُسـ ُّم ْس‬
‫وسى َييا قَي ْسوِعـ إف ُسكنتُس ْسـ َي‬
‫(‪)76‬‬
‫يف‬ ‫اؿ ُسم َي‬
‫وموسى نبى مسمـ‪ ،‬يب أر إلى اهلل مف ييود وأفعاؿ ييود قاؿ تعالى (وقَي َي‬
‫(‪[ ) )84‬يونس‪. ]84 :‬‬
‫‪78‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وفى سفر تثنية االشتراع‪ :‬فإف الشعب المختار (إصحاح ‪ )6 ،7‬الينبغ لو االختبلط باآلخريف‪(" :‬وال تصاىرىـ‬
‫ابنتؾ‪ ،‬وال تعطييا البنو وابنتو ال تأخذىا البنؾ " (إصحاح ‪ ،)3/7‬وظؿ ىذا االنفصاؿ عف اآلخػر ىو القانوف‪.‬‬
‫(‪)77‬‬
‫كتب الحػاخاـ كوىيف يقوؿ! "يمكف توزيع جميع سكاف المعمورة بيف إسرائيؿ والشعوب‬ ‫ففى كػتابو "التممود"‬
‫األخرى جمعاء‪ ،‬فإسرائيؿ ىو الشعب المختار"‪.‬‬
‫"وىذه العنصرية‪ ،‬نموذج كؿ أنواع العنصرية األخرى‪ ،‬ىى أيديولوجية تستخدـ لتبرير ىيمنة الشعوب المختمفة ‪.‬‬
‫وأدت الحرفية إلى التمادى فى المجػازر التى قاـ بيا يشوع‪" :‬إف مستوطنى أمريكا مف البروتستنت األطيار‪ ،‬كػانوا‬
‫فى سبيؿ االستيبلء عمى أراضى الينود ومطاردتيـ‪ ،‬وىـ يتذرعوف بيشوع "وعمميات اإلبادة المقدسة" لمعمالقة‬
‫والفمسطينييف‪.‬‬
‫"وفى ‪ 10‬نوفمبر ‪ 1975‬وفى جمسة عامة‪ ،‬اعتبرت منظمة األمـ المتحدة أف الصييونية شكؿ مف أشكاؿ‬
‫العنصرية والتمييز العنصرى‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫ولكف ومنذ انييار االتحاد السوفيتى‪ ،‬وضعت الواليات المتحدة يدىا عمى األمـ المتحدة‪ ،‬وحصمت فى‬
‫‪ 1975‬مع أف الحػقائؽ تثبت أف ال شىء قد‬ ‫ديسمبر ‪ 1991‬عمى قرار بإلغاء القرار العادؿ الصادر فى سنة‬
‫تغير منذ ‪ ،1975‬فقد اتخذ باألحرى قمع الشعب الفمسطينى واستعماره وابادتو الجماعية البطيئة‪ ،‬أبعاداً أوسع لـ‬
‫يسبؽ ليا مثيؿ " (‪.)78‬‬
‫انتيى كبلـ جالودى ‪.‬‬

‫(‪)77‬‬
‫ولذا لـ يتورع الحاخاـ االكبر "سيتروؾ " أف يقوؿ عاـ ‪" 1993‬أود أال يتزوج الشباب الييودى أبداً إال مف شابات ييوديات)‪.‬‬
‫(‪)78‬‬
‫راجع كتاب األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية ص ‪. 68 :63‬‬
‫‪79‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصل الثالث‬

‫((المفكر الفرنسى جارودى يعرض اإلستراتيجية اإلسرائيمية فى الثمانينات والتسعينات مف خالؿ‪:‬‬


‫تقرير صادر عف المنظمة الصييونية العالمية))‬
‫التقرير يكشؼ األساليب التى تنوى إسرائيؿ اتباعيا‪ ،‬مف أجؿ التدخؿ المنظـ ضد أنظمة الحكـ فى جميع‬
‫البمداف العربية‪ ،‬بغية تفتيتيا‪ ،‬وذلؾ بتأييد مف الواليات المتحدة األمريكية‪ .‬التقرير يذكر أف حمـ إسرائيؿ‬
‫الكبرى يستمزـ‪ :‬استعادة سيناء بثرواتيا‪ ،‬وأنو مف السيؿ أف يتـ ذلؾ فى ‪ 24‬ساعة‪ ،‬وأف أسطورة مصر زعيمة‬
‫العالـ العربى قد ماتت‪.‬‬
‫(*)‬
‫والسوداف وليبيا والسعودية وبقية العالـ العربي إلى‬ ‫التقرير يكشؼ ىدؼ الصياينة وىو‪ :‬تقسيـ مصر‬
‫أقاليـ جغ ارفية متباينة‪.‬‬
‫المفكو الفرنسى يؤكد أف التعاوف وثيؽ ييف الجيش اإلسرائيمى والجيش األمريكى‪ ،‬وأف أمريكا تدعـ االستراتيجية‬
‫اإلسرائيمية‪.‬‬
‫(‪)79‬‬
‫تحت عنواف "الخطط‬ ‫لقد نشرت مجمة "كيفونيـ اإلسرائيمية" مقاالً " لممنظمة الصييونية العالمية بالقدس "‬
‫االستراتيجية إلسرائيؿ فى الثمانينات " جاء فيو عرض الستراتيجػية إسرائيؿ فى الثمػانينات والتسعينات ويعمؽ‬
‫جػارودى عمي ىذا التقوير بقولو‪" :‬وفى ىذا النص كشؼ واضح لؤلساليب التى تنوى إسرائيؿ اتباعيا‪ ،‬مف أجؿ‬
‫التدخؿ المنظـ والعاـ ضد أنظمة الحكـ فى جميع البمداف العربية‪ ،‬بغية تفتيتيا‪ ،‬مما يتجاوز نطاؽ كؿ‬
‫االعتداءات السابقة‪.‬‬

‫ومما ورد فى التقرير يتضح أف ىذا المشروع الصييونى ال يتعمؽ فقط بجزء محدود مف العػالـ‪ ،‬ولكنو ييدد‬
‫الشعوب جميعاً‪ ،‬والنص الذى نستشيد بو يدؿ عمى أف زعماء الصييونية ينووف تنفيذه‪ ،‬وىذه التطمعات‬

‫(*)‬
‫أ‪ -‬جريدة العرب تايمز‪ ،‬العدد ‪ ،107‬بتاريخ ‪ 20:11‬ديسمبر ‪1992‬‬
‫ب‪ -‬جريدة العرب العالمية‪ ،‬العدد ‪ ،5299‬األربعاء ‪. 1998/2/18‬‬
‫جػ‪ -‬جريدة العالـ اإلسبلمى يوـ اإلثنيف مف ‪ 15 -9‬فبراير ‪. 1998‬‬
‫(‪)79‬‬
‫فى عددىا الصادر بتاريخ ‪ 14‬فبراير ‪.1982‬‬
‫‪80‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫االستعبلئية النابعة مف جنوف العظمة خطيرة جداً؟ ألنو قد اتضح وثبت حتى اآلف أف دولة إسرائيؿ تنفذ ما سبؽ‬
‫أف أعمنت عزميا عمى السير فيو ‪.‬‬
‫وسنعرض فيما يمى فقرات أخرى ذات داللة ىامة وردت فى ذلؾ المقاؿ الصادر عف المنظعة الصييونية‪ ،‬والذى‬
‫يكشؼ عف آفاؽ المستقبؿ بالنسبة لمحمـ المغرؽ فى القدـ‪ ،‬حمـ "إسرائيؿ الكبرى"‪ :‬ومف ىذه الفقرات‪:‬‬
‫" استعادة سيناء بثرواتيا ىدؼ ذو أولوية‪ ،‬ولكف اتفاقات كامب ديفيد تحػوؿ اآلف بيننا وبيف ذلؾ…لقد حرمنا مف‬
‫البتروؿ وعائداتو‪ ،‬واضطررنا لمتضحية بأمواؿ كػثيرة فى ىذا المجػاؿ‪ ،‬ويتػحػتـ عمينا اآلف استػرجػاع الوضع الذى‬
‫كػاف سائداً فى سيناء قبؿ زيارة السادات المشؤومة‪ ،‬وقبؿ االتفاقية التى وقعت معو فى ‪." 1979‬‬
‫"الوضع االقتصادى فى مصر‪ ،‬وطبيعة النظاـ الموجود بيا‪ ،‬وسياستيا العربية كؿ ىذا سيؤدى إلى مجػموعة‬
‫ظروؼ تدفع بإسرائيؿ إلى التدخؿ‪ ،..‬فمصر‪ ،‬بسبب نزاعاتيا الداخمية‪ ،‬لـ تعد تشكؿ بالنسبة إلينا مشكمة‬
‫استراتيجية‪ ،‬ومف السيؿ أف نجػعميا تعود خبلؿ ‪ 24‬ساعة إلى الوضع الذى كانت عميو بعد حرب يونيو ‪،1967‬‬
‫" لقد ماتت أسطورة مصر‪ -‬زعيمة العالـ العربى‪ -‬وفقدت مصر ‪ %50‬مف قدرتيا‪ ،‬وسنستطيع بعد أجؿ قصير‬
‫أف نستفيد مف استرجػاع سيناء‪ ،‬ولكف ذلؾ لف يغير مف ميزاف القوى‪ ،‬ومصر كبناء موحد أصبحت جثة ىامدة‪،‬‬
‫وبخػاصة إذا أخػذنا فى االعتبار المجػابية المتزايدة والمتصاعدة بيف المسمميف والمسيحييف بيا" "ويجب أف يكوف‬
‫ىدفنا ىو تقسيميا إلى أقاليـ جغرافية متباينة فى التسعينات‪ ،‬عمى الجػبية الغربية"‪ ،‬فإذا ما تمت تجزئة مصر‪،‬‬
‫واذا فقدت سمطتيا المركزية‪ ،‬فمف تمبث بمداف مثؿ‪ :‬ليبيا والسوداف‪ ،‬وبمداف أخرى أف يصيبيا التحمؿ ‪.‬‬
‫ويعتبر تشكيؿ حكومة قبطية فى صعيد مصر‪ ،‬واقامة كيانات صغيرة إقميمية‪ ،‬ىو مفتاح الحؿ لتطور تاريخى‬
‫يؤخره حاليا اتفاؽ السالـ‪ ،‬ولكنو تطور آت ال محالة عمى األجؿ الطويؿ ‪.‬‬
‫" ومشكبلت الجبية الشرقية أكثر وأشد تعقيدا مف مشمكبلت الجبية الغربية‪ ،‬وىذا عمى عكس ما يبدو فى‬
‫الظاىر‪ ،‬وتقسيـ لبناف إلى خمسة أقاليـ‪ ..‬يوضح ما سيحدث فى البمداف العربية كميا‪ ،‬وتفتيت العراؽ وسوريا إلى‬
‫مناطؽ تحدد عمى أساس عنصرى أو دينى ‪ ،‬يجب أف يكوف ىدفاً ذا أولوية بالنسبة إلينا‪ ،‬عمى األجػؿ الطويؿ ‪،‬‬
‫(‪)80‬‬
‫وسوريا " ‪.‬‬ ‫وأوؿ خطوة لتحػقيؽ ذلؾ ىى تدمير القوة العسكرية لتمؾ الدوؿ العراؽ‬
‫"والتشكيؿ السكانى لسوريا يعرضيا لتمزؽ قد يؤدى إلى إنشاء دولة شيعية عمى طوؿ الساحؿ‪ ،‬ودولة سنية فى‬
‫منطقة حمب‪ ،‬وأخرى فى دمشؽ‪ ،‬وانشاء كياف درزى قد يرغب فى تشكيؿ دولتو الخػاصة بو عمى أرض الجػوالف‬
‫التابعة لنا‪ ،‬تضـ الحوراف وشماؿ المممكة األردنية‪ ..،‬ومثؿ ىذه الدولة ستكوف عمى المدى الطويؿ ضماناً لبلمف‬
‫والسبلـ فى المنطقة‪ ،‬وىذا اليدؼ فى متناولنا فعبلً تحقيقو "‪.‬‬

‫(‪)80‬‬
‫وقد تـ تمزيؽ العراؽ بعد أف استدرجو األعداء لضرب إيراف وغزو الكويت‪ ،‬وفى ىذه األياـ اكتوبر ‪ 1998‬تقوـ تركيا نيابة عف أمريكا‬
‫وحمؼ األطمنطى واسرائيؿ باستدراج سوريا لتنفيذ المخطط‪ ،‬وىذا ما حذر منو العمماء الذيف نعرض لفكرىـ منذ عشرات السنوات ولكف األمة لـ‬
‫تستفد مف التحذيرات ‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫(‪)80‬‬
‫أىـ بالنسبة لنا مف تفكيؾ‬ ‫"وأما العراؽ فيى غنية بالبتروؿ‪ ،‬وفريسة لصراعات داخمية‪ ،‬وسيكوف تفككيا‬
‫سوريا؟ ألف العراؽ يمثؿ عمى األجؿ القصير أخطر تيديد إلسرائيؿ ‪ ،‬وقياـ حرب سورية عراقية‪ ،‬سيساعد عمى‬
‫تحطيـ العراؽ داخميا‪ ،‬قبؿ أف يصبح قاد اًر عمى االنطبلؽ فى نزاع كبير ضدنا‪ ،‬وكؿ نزاع داخمى عربى سيكوف‬
‫فى صالحنا‪ ،‬وسيساعد عمى تفكؾ العرب‪ ...‬وربما ساعدت الحرب العراقية اإليرانية عمى ذلؾ االنحبلؿ والضعؼ‬
‫فى صفوؼ العرب "‪.‬‬
‫"وشبو الجزيرة العربية بأسرىا‪ ،‬مييأة ليذا الموف مف التحمؿ تحت ضغوط داخمية وىذا صحيح بالنسبة لمسعودية‬
‫بصفة خاصة؟ ألف اشتداد الصراعات الداخمية‪ ،‬وسقوط النظاـ يتمشياف مع منطؽ التركيبات السياسية الحالية‬
‫فييا "‪.‬‬
‫"واألردف ىدؼ اسػتراتيػجى فى التػو والمحظة‪ ،‬ولف يشكؿ أى خطر لنا عمى األجؿ الطويؿ‪ ،‬بعػد تفككو ونػياية‬
‫حكـ الممؾ حػسيف‪ ،‬وانتػقػاؿ السمطة إلى أيدى األغمبػيػة الفمسطينية‪ ،‬وذلؾ أمر يجب أف يسترعى انتباه السياسة‬
‫اإلسرائيمية‪ ،‬فمعنى ىذا التغير ىو حؿ مشكمة الضفة الغربية ذات الكثافة السكانية العربية الكبيرة‪ ...‬فيجرة ىؤالء‬
‫شرقاً‪ -‬إما بالسمـ أو بالحرب‪ -‬وتجميد نموىـ االقتصادى والسكانى‪ ،‬ىى الضمانات األكيدة لمتحوالت المقبمة‪،‬‬
‫وعمينا أف نبذؿ قصارى جيدنا لئلسراع بتمؾ العممية" "وينبغى رفض خطة الحكـ الذاتى‪ ،‬وأية خطوة أخرى‬
‫تتضمف حبلً وسطا أو تعايشا‪ ،‬وتصبح بالتالى عقبة فى سبيؿ فصؿ األمتيف " ‪.‬‬
‫"ويجب أف يفيـ العرب اإلسرائيميوف‪ -‬أى الفمسطينيوف‪ -‬أنو ال يمكف أف يكوف ليـ وطف إال فى األردف‪ ...‬ولف‬
‫يعرفوا األمف إال باالعتراؼ بالسيادة الييودية عمى كؿ ما يقع بيف البحر ونير األردف… ولـ يعد ممكناً‪ -‬ونحف‬
‫عمى مشارؼ العيد النووى‪ -‬أف نرضى بوجود ثبلثة أرباع السكاف الييود مركزيف فى ساحؿ مزدحـ بالسكاف‬
‫والجميؿ‪ ،‬ىى‬ ‫ازدحػاماً كبي ار‪ ،.‬وتوزيع ىؤالء السكاف ىو مف أوؿ واجباتنا فى سيػاستنا الداخمية‪ .‬فيػيودا والسامرة‬
‫الضمانات الوحيدة لبقائنا عمى قيد الحياة كأمة‪ ،‬واذا لـ تصبح لنا األغمبية فى المناطؽ الجبمية فسيكوف مصيرنا‬
‫(‪)81‬‬
‫الذيف فقدوا ىذه الببلد"‪.‬‬ ‫كمصير الصميبييف‬
‫" وينبػغى أف نعػمؿ عمى إعػادة التػوازف إلى المنطقػة فى المسػتػويات السكانيػة‬

‫(‪)80‬‬
‫وقد تـ تمزيؽ العراؽ بعد أف استدرجو األعداء لضرب إيراف وغزو الكويت‪ ،‬وفى ىذه األياـ اكتوبر ‪ 1998‬تقوـ تركيا نيابة عف أمريكا‬
‫وحمؼ األطمنطى واسرائيؿ باستدراج سوريا لتنفيذ المخطط‪ ،‬وىذا ما حذر منو العمماء الذيف نعرض لفكرىـ منذ عشرات السنوات ولكف األمة لـ‬
‫تستفد مف التحذيرات ‪.‬‬
‫(‪)81‬‬
‫وقد تحقؽ ذلؾ!!‬
‫لقد نسى ىؤالء المخططوف أف الصميبييف مف أبناء أوربا كانوا مغتصبيف لمديار ومنيا القدس وفمسطيف‪ ،‬وأف األمة ظمت تجاىدىـ عمى مدار‬
‫‪ 200‬عاـ حتى أخرجتيـ مف ببلد اإلسبلـ‪ ،‬واف شاء اهلل سيأتى اليوـ الذى تحتفؿ فيو أمتنا بتطيير فمسطيف والقدس وغيرىا مف ديار اإلسبلـ‬
‫مف الصياينة وقوى االستعمار وعودة أىميا إلييا ‪.‬‬
‫‪82‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫واالستراتيجية واالقتصادية‪ ،‬وأف يكوف ذلؾ عمى رأس ما نصبو إليو‪ .‬ويتضمف ىذا األمر اإلشراؼ عمى الموارد‬
‫المائية بالمنطقة‪ ،‬مف بئر سبع إلى الجميؿ العميا‪ ،‬وىى منطقة خػالية مف الييود تقريباً اليوـ "‪.‬‬
‫" وما تنوى السياسة العنصرية االستعمارية الصييونية عممو‪ ،‬بعد طرد العرب الفمسطينييف واغتصاب أراضييـ‪،‬‬
‫واتباع سياسة القمع معيـ‪ ،‬وبعد سمسمة مف الحروب العدوانية فى الشرؽ األدنى‪ ،‬ىو أف تحطـ كؿ الدوؿ‬
‫العربية‪ ،‬مما يشكؿ خط اًر عمى سبلـ العالـ "‪.‬‬
‫وقد يبدو عجيبا أف يستطيع بمد ضيؽ المساحة‪ ،‬قميؿ السكاف‪ ،‬أف يمعب مثؿ ىذا الدور فى السياسة العالمية‪.‬‬
‫ولكى نفػيـ األمر ال يكفى أف نذكر موقع إسرائيؿ االستراتيجػى‪ ،‬رغـ أىميتو عند ممتقى القارات الثبلث‪ ،‬وقد‬
‫أصاب "حػاييـ وايزماف " حػينما لوح لمحػادثيو البريطانييف بأف "فمسطيف الييودية ستكوف ضماناً لبريطانيا‪،‬‬
‫وبخاصة فيما يتعمؽ بقناة السويس "‪ .‬واذا كاف الوضع قد تغير اآلف فمـ تعد إسرائيؿ تعمؿ لحساب بريطانيا‪،‬‬
‫فإنيا بعد تغير السيطرات فى العالـ‪ ،‬أصبحت تعمؿ لحساب الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬وأصبح دور إسرائيؿ‬
‫كػشرطى فى الشرؽ األوسط أشد إلحػاحػاً بػالنسبة لمواليات المتحػدة منذ سقوط الشاه‪ ،‬وزواؿ قواعدىا فى إيراف‪.‬‬
‫يمكف إذف إلسرائيؿ وحػدىا أف تشرؼ ال عمى قناة السويس فحسب‪ ،‬ولكف عمى المنطقة البترولية‪ ،‬وأف تقدـ قواعد‬
‫فى منطقة البحػر المتوسط الشرقى‪ ،‬ولـ تعد الواليات المتحدة قادرة عمى أف تؤدى ىذا الدور بنفسيا؟ ألف تجربة‬
‫فيتناـ قد تركت أثرىا فى أمريكا‪ ،‬فيما يتعمؽ بالتدخؿ المباشر فى دوؿ العالـ الثالث "فيى إذف تقوـ بمياميا عف‬
‫طريؽ وسيط ىو إسرائيؿ‪ ،‬وتقدـ ليا عوناً غير مشروط وغير محدود‪ ،‬وأصبح الوضع بالنسبة ليا أيسر وأفضؿ‪،‬‬
‫ومف الممكف أف توافؽ أمريكا مف وقت إلى آخر عمى إدانة شفيية إلسرائيؿ‪ ،‬ولكنيا تحمييا بواسطة حؽ‬
‫االعتراض‪ -‬الفيتو‪ -‬مف كؿ عقوبة حػقيقية قد تعوؽ عمميا‪ ،‬كػما أنيا تقدـ ليا كؿ ما يمزميا مف ماؿ وسبلح‪،‬‬
‫لمساعدتيا عمى القياـ بيذه المياـ الحيوية‪ ،‬والحفاظ عمى مركز الواليات المتحدة فى التوازف العالمى"‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ومما يسترعى النظر حقا أف الواليات المتحدة تقدـ إلسرائيؿ أحدث األسمحػة‪ .‬وقد جاء فى جريدة " انترناشيوناؿ‬
‫ىرالدتربيوف "‪ ،‬عدد ‪ 22‬يوليو ‪ ،،1982‬أف الحكومة اإلس ار ئيمية أنفقت خبلؿ ذلؾ العاـ خػمسة مميار دوالر‬
‫ونصؼ عمى التسمح‪ ،‬وثمث ىذا المبمغ تدفعو الخزانة األمريكية" "وكؿ التجييزات الحربية تقريبا فى الجيش‬
‫اإلسرائيمى قد تـ الحصوؿ عمييا‪ ،‬بموجب برنامج المساعدة العسكرية األمريكية لمخارج‪ ،‬وحصمت إسرائيؿ وحدىا‬
‫عمى ‪ 15‬مميار مف ‪ 28‬مميار دوالر وزعت عمى العالـ بأسره منذ ‪" ،"1951‬ومف بيف الى ‪ 567‬طائرة التى كانت‬
‫‪ 457‬طائرة اشتريت مف الواليات المتحػدة بقروض مقدمة مف‬ ‫لدى إسرائيؿ عشية الغزوة المبنانية‪ ،‬كاف منيا‬
‫واشنطف ‪ ،‬ولـ يحػدث أى تأجيؿ فػى تسميـ السبلح األمريكى إلى إسرائيؿ‪ ،‬باستثناء القنابؿ االنشطارية‪ ،‬وقد‬
‫أصبح اإلسرائيميػوف اليوـ قادريف عمى صنعػيا‪ ،‬ووفقا لما تقولو و ازرة الدفاع بأمريكا‪ ،‬بؿ وأقواؿ اإلسرائيمييف‬
‫‪ ،15‬ستسمـ فى مواعيدىا‪ ،‬وكذلؾ الصواريخ الموجية عف بعد‪،‬‬ ‫أنفسيـ‪ ،‬فإف الخػمس عشرة طائرة إؼ‬
‫والشاحنات‪ ،‬ب والعربات المصفحة األخرى"‪.‬‬
‫" والتعاوف الوثيؽ بيف الجػيشيف األمريكى واإلسرائيمى‪ ،‬وبيف صناعة السػبلح فى البمديف‪ ،‬يجػعؿ أى مشروع التخػاذ‬
‫عقوبات ضد إسرائيؿ أم اًر غيػر مرغوب‪ ،‬وتصؿ لمبنتاجوف معمومات مفصمة مف إسرائيؿ " بشأف أنواع األداء‬
‫لمختمؼ أنواع األسمحة‪ ،‬والتى لـ تستخدـ بعد‪ -‬فى بعض األحياف‪ -‬فى الجيش األمريكػى ذاتو‪ ،‬وسيحدث نفس‬
‫الشىء بالنسبة لطائرة االستطبلع "عيف الصقر" التى استخػدمت فعبلً لرصد أىداؼ بعيدة بسوريا‪ ،‬فى المرحمة‬
‫األولى مف حرب لبناف "‪ "،،‬وىكذا يستطيع الجػيش األمريكػى تجػربة أسمحتو المتقدمة‪ ،‬تجربة حقيقية فى جيش‬
‫إسرائيمى أكثر فعالية بكثير مف أى قوة أمريكية ترسؿ لمثؿ تمؾ األغراض ‪."...‬‬
‫((دور جنوب إفريقيا فى التحالؼ الصييونى))‪:‬‬
‫وقد عالج جػارودى ىذا بقولو‪" :‬ومف الناحية الجػغرافية‪ -‬السياسية كما كػاف يقوؿ اليتمريوف‪ -‬تستطيع جنوب‬
‫إفريقيا وحدىا وىى المشرفة عمى الطريؽ اآلخر نحو آسيا‪ -‬رأس الرجػاء‪ -‬وتمارس ضغطاً عمى إفريقيا‪ ،‬أف‬
‫تؤدى خػدمات مماثمة لمواليات المتحػدة األمريكية‪ ،‬ولو أف تمؾ الخدمات أقؿ جداً مف خدمات إسرائيؿ ‪." ...‬‬
‫"وىذا التكامؿ بيف إسرائيؿ وجنوب إفريقػيػا‪ ،‬باإلضػافػة إلى القرابة بيف نظاميف عنصرييف‪ ،‬والى تماثؿ فػى أوضاع‬
‫البمديف‪ -‬فكؿ منيـ فػى صراع مع الشعوب المحمية‪ :‬جنوب إفريقيا ضد العالـ األسود‪ ،‬واسرائيؿ ضد العالـ‬
‫العربى‪ -‬يؤدى إلى تضامف وثيؽ بيف البمديف "‪.‬‬

‫" وفى عاـ ‪ ، 1967‬حددت مجمة الشؤوف الييودية" ذلؾ التكامؿ االستراتيجى‪ ،‬فقالت‪ :‬تعتبر جنوب إفريقيا أف‬
‫الشرؽ األوسط‪ -‬حيث تقوـ إسرائيؿ بميمة حارس بسيط‪ ،‬ولكف ال يمكف أف يوجد لو بديؿ‪ -‬ىو الخط األمامى‬
‫لدفاعيا‪ ،‬وبعبارة أخرى‪ :‬تحمى إسرائيؿ وستحمى أطوؿ وقت ممكف مدخؿ الممر الذى قد يصبح أكبر طريؽ‬
‫يعبره المعتدوف‪ ...‬ومستقبؿ الممر بيف البحر المتوسط والمحيط اليندى أمر بالغ األىمية إلسرائيؿ‪ ،‬وكذلؾ‬
‫‪84‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫بالنسبة لجنوب إفريقيا‪ ،‬ولطريؽ رأس الرجاء الصالح نفس األىمية‪ ،‬ولو وقعت ىذه المنطقة فى أيد معادية‪،‬‬
‫فسيصبح الطريؽ البحرى لرأس الرجاء فى خطر‪ ،‬وتصبح مشاكؿ األمف بالنسبة لجنوب إفريقيا عسيرة جداً‪.‬‬
‫وبالنسبة إلسرائيؿ يعتبر وجود دولة‪ -‬فى أقصى الطرؼ الجنوبى إلفريقيا‪ -‬يقظة وقوية اقتصادياً عامبلً أساسياً‬
‫الستراتيجية فعالة تؤمف خطوطيا الخمفية "‪.‬‬
‫وىذه العبلقة الوثيقة بيف جنوب إفريقيا واسرائيؿ ال تظير فقط فى زيارات ىامة مثؿ رحمة "فورستر" إلى إسرائيؿ‬
‫فى ‪ ، 1976‬ولكنيا تظير أيضاً فى التعػاوف الوثيؽ فى المجاالت العسكرية والتجارية والثقافية‪ .‬ومما ىو جدير‬
‫بالذكر بمناسبة زيارة رئيس الوزراء "فورستر" إلسرائيؿ‪ ،‬فإف ىذا الرجؿ كاف برتبة جنراؿ أثناء الحرب فى منظمة‬
‫مناصرة لمنازى‪ -‬تدعى أوساوا براندواج‪ -‬وقد كتبت الصحيفة اإلسرائيمية "ىا آرتس " فى عدد ‪ 26‬أبريؿ ‪1976‬‬
‫بمناسبة تمؾ الزيارة‪ ،‬فقالت‪" :‬لقد كنا دائماً ننقب فى ماضى أفراد أقؿ أىمية مف "فورستر"‪ ،‬لنعمـ ماذا كاف‬
‫تصرفيـ أثناء الحرب العالمية الثانية‪ ،‬فكيؼ نغض الطرؼ األف عف ماضى"فورستر"؟ ىؿ ألف المصمحة القومية‬
‫(*)‬
‫مف ضحايا المذبحة النازية؟ "‪.‬‬ ‫إلسرائيؿ أىـ مف ذكرى ستة مبلييف‬
‫"ومنذ المباحثات األولى ‪ 1975‬بيف "شيموف بيريز" و بوتا" وزير دفاع جنوب إفريقيا‪ ،‬ازدادت العبلقات بيف‬
‫البمديف توثيقاً‪ .‬وتتخذ الشركات التابعة لجنوب إفريقيا مف إسرائيؿ سبيبلً لمتخمص مف العقوبات االقتصادية‬
‫المفروضة عمييا مف بقية العالـ‪ ،‬ويتيح االتفاؽ‪ -‬المبرـ بيف السوؽ المشتركة واسرائيؿ‪ -‬لجنوب إفريقيا أف تدخؿ‬
‫منتجاتيا لبمداف السوؽ المشتركة عف طريؽ إسرائيؿ‪." ...‬‬
‫"ولكف باإلضافة إلى كؿ العبلقات بيف البمديف‪ ،‬تعتبر العبلقات العسكرية بينيما أساس الصداقة بيف البمديف "‬
‫(‪.)82‬‬
‫حديثة‪ ،‬واسرائيؿ مف البمداف‬ ‫"وتعانى جنوب إفريقيا‪ -‬بسبب الحظر عمى األسمحة‪ -‬مف الحػصوؿ عمى أسمحػة‬
‫القميمة التى تمدىا بذلؾ النوع مف السبلح‪ ،‬كما أنيا تفيدىا بتجاربيا التى اكتسبتيا مف حربيا ضد العرب (‪...)83‬‬
‫وفى السنوات األخيرة ازداد التشابو بيف البمديف‪ ،‬والتماثؿ فى كثير مف األمور حتى قيؿ‪ :‬إف النظاميف متشابياف‬
‫تماماً "‪.‬‬
‫‪ ،1976‬قاؿ فيو‪ :‬إنو الحظ‪ -‬مع‬ ‫"وقد أرسؿ رئيس المؤتمر الييودى خطاباً إلى أميف عاـ األمـ المتحدة فى‬
‫األسؼ‪ -‬أف إسرائيؿ مدرجة بيف البمداف التى تقدـ السػبلح إلى جنوب إفريقيا" (‪.)84‬‬

‫(*)‬
‫يقوؿ رجاء جارودى فى كتابو" األساطير المؤمسسة لمسياسة اإلسرائيمية" ص ‪ :220‬إنو ال توجد وثيقة ‪ -‬واحدة‪ -‬يقينية تثبت ىذا الرقـ ‪.‬‬
‫(‪)82‬‬
‫انظر صحيفة‪" :‬نيويورؾ تايمز" عدد ‪ 30‬أبريؿ عاـ‪.1971‬‬
‫(‪)83‬‬
‫ىذا ما قالتو جريدة " التايمز المندنية " في عدد ‪ 3‬أبريؿ عاـ ‪.1976‬‬
‫(‪)84‬‬
‫انظر صحيفة‪" :‬ىا آرتس اإلسرائيمية " عدد ‪ 14‬نوفمبر عاـ ‪.1976‬‬
‫‪85‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫و العممة الصعبة" المتوفرة لدى جنوب إفريقيا ىو عنصر األورانيوـ‪ ،‬وىو مطمع ترنو إليو إسرائيؿ‪ ،‬وقد كاف‬
‫لدييا فى نوفمبر ‪ 1976‬ترسانة ذرية تحوى مف ‪ 13‬إلى ‪ 20‬قنبمة مف طراز قنبمة ىيروشيما " (‪.)85‬‬
‫(‪،)86‬‬ ‫ولقد شدد شمومو أىارونسوف عمى "ضرورة إعادة النظر فى الوضع االستراتيجى‪ -‬السياسى اإلسرائيمى"‬
‫وأضاؼ قائبلً‪" :‬السبلح الذرى الذى ىو أحػد الوسائؿ التى يمكف أف تقمب آماؿ العرب " مف نصر نيائى عمى‬
‫إسرائيؿ‪ ،..‬فوجود عدد كاؼ مف القنابؿ الذرية يمكف أف يسبب خسائر فادحة فى كؿ العواصـ العربية‪ ،‬وأف يدمر‬
‫خزاف أسواف "…ولو أف لدينا عددا أكبر مف القنابؿ الذرية الستطعنا أف نصيب المدف العربية المتوسطة‬
‫والمنشأت البترولية… وفى العالـ العربى حوالى مائة ىدؼ‪ ،‬لو دمرت لفقد العرب كؿ المزايا التى جنوىا مف‬
‫حرب الغفراف (‪."…)87‬‬
‫جارودى يتساءؿ ويجيب‬
‫"كيؼ استطاعت دولة إسرائيؿ الصييونية أف تحصؿ عمى مثؿ ىذه األىمية فى اإلستراتيجية الكمية لمدوؿ‬
‫الكبرى‪ ،‬بحيث تستطيع اليوـ أف تعرض السالـ العالمى لمخطر؟ "‬
‫سبؽ أف قاؿ ىرتزؿ فى كتابو "الدولة الييودية" ما يمى‪" :‬إننا ىنا فى فمسطيف ونعتبر بالنسبة إلى أوربا الحارس‬
‫ضد البربرية"‪ ،‬ولكف منذ ذلؾ الحيف تغير الوضع‪ ،‬ولـ تعد دولة إسرائيؿ وكيمة االستعمار الغربى فحسب‪ ،‬ولكنيا‬
‫صارت بالنسبة لمواليات المتحدة بصفة خاصة سبلحاً قويا تستخدمو عمى الصعيد العالمى"‪.‬‬
‫"ويعرؼ الزعماء الصييونيوف كيؼ يستفيدوف بكؿ ميارة مف ىذا الوضع‪ ،‬وفى المقاؿ الذى نشرتو مجمة "كيفونيـ‬
‫"‪ ،‬وسبقت اإلشارة إليو‪ ،‬يستخػدـ الزعماء الصييونيوف الموضوعات الكبرى "فى الحرب الباردة‪ :‬كمحاولة االتحاد‬
‫السوفيتى تحقيؽ أحد أىدافو الكبرى بيزيمة الغرب‪ ،‬عف طريؽ االستيبلء عمى الموارد الضخمة فى الخميج‬
‫الفارسى‪ ،‬وفى جنوب إفريقيا‪ ،‬حيث تتركز أغمب الموارد المعدنية العالمية "‪.‬‬
‫"وىذا االستغبلؿ لمعداء لمشيوعية فى مستوى رجؿ مثؿ "مناحـ بيجف " ىو مف األشياء المميزة لمصييونية‬
‫السياسية‪ .‬وىى تستطيع‪ -‬دوف أف تغير جوىرىا‪ -‬التعبير بطريقة أدؽ مف خػبلؿ رجؿ مثؿ "شيموف بيريز" الذى‬
‫يقدـ السـ فى الدسـ‪ .‬واحػبلؿ " بيريز" محؿ "بيجف " ىو أمؿ مف اماؿ "ريجاف "‪ ،‬الذى ينوى متابعة نفس‬
‫السياسة‪ ،‬ولكف فى صورة أقؿ بشاعة "‪.‬‬
‫"لـ تجػد وقاحػات "بيجف " وغطرستو شيئا‪ ،‬فاعتماد إسرائيؿ عمى الواليات المتحػدة اعتماد تاـ فى النواحػى المالية‬
‫والعسكرية"‪.‬‬

‫(‪)85‬‬
‫راجع مقالة‪ " :‬بيكت " مف مجمة‪" :‬الشرؽ األوسط الدولية" عدد نوفمبر ‪.1976‬‬
‫(‪)86‬‬
‫راجع ما نشرتو صحيفة "ىا آرتس اإلسرائيمية" في عدد ‪ 29‬يونيو عاـ ‪ ،1975‬مقاالً بقمـ "شمومو أىارونسوف "‪.‬‬
‫(‪)87‬‬
‫حرب الغفراف ىي حرب العاشر مف رمضاف عاـ ‪1393‬ىػ ‪ ،‬المصادؼ السادس مف أكتوبر عاـ ‪.1973‬‬
‫‪86‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"بعد إعبلف إسرائيؿ ضميا لمجوالف رداً عمى بعض مآخذ شفيية لحكومة "ريجػاف "‪ ،‬أرسؿ "بيجف " إلى سفير‬
‫الواليات المتحدة مذكرة جػاء فييا‪( ،:‬مرة أخرى تعمنوف عف نيتكـ فى معاقبة إسرائيؿ‪ ...‬فما معنى ىذه العبارة‪،‬‬
‫ىؿ إسرائيؿ بمد تابع ألمريكا؟ ىؿ نحف مف جميوريات البمداف منتجة الموز؟ "‪.‬‬
‫"وليس ليذه الوقػاحػة مف جػانب " بيجف " أى خطر عمى إسػرائيؿ؟ ألف السيػاسة الصييونية اإلسرائيمية مطابقة‬
‫تماماً ألىداؼ الواليات المتحدة العالمية‪ ،‬وليا دور فييا ال يمكف لغيرىا أف يؤديو؟ بحيث إف إسرائيؿ صكمى ثقة‬
‫لف يصيبيا أذى‪ ،‬وليذا فيى تقوؿ ما تشاء‪ ،‬ومالية إسرائيؿ تكشؼ لنا عف طبيعة ىذه الدولة "‪.‬‬
‫‪ 1945‬إلى ‪ 1967‬أعطت الواليات‬ ‫"واذا أخذنا فى الحسباف المعونة األمريكية وحدىا‪ ،‬نجد أنو فى الفترة مف‬
‫المتحدة لكؿ إس ار ئيمى ‪ 435‬دوال اًر‪ ،‬ولكؿ عربى ‪ 36‬دوال اًر… وأىـ مػا فى ىذه المعونة السنوية ىو كػمػيػات‬
‫األسمحػة المقدمة إلى إسػرائيؿ‪ ،‬والتى أراد الكونجرس أف يخفى ضخامتيا‪ ،‬وأف يتجنب نقد الجماىير ليا‪ ،‬فقرر‬
‫أسموب تمويؿ خاص بيا‪ ،‬كما ورد فى "قرار اإلشراؼ عمى تصدير السبلح‪ ،‬عاـ ‪." 1976‬‬
‫"وىكذا تـ فى عاـ ‪ 1980‬المالى‪ ،‬بيع أسمحػة إلسرائيؿ تقدر ثمنيا بمميار دوالر‪ ،‬وفور تسميـ الصفقة تقرر حذؼ‬
‫‪ 500‬مميوف دوالر‪ ،‬وأضيؼ الػ ‪ 500‬مميوف دوالر األخػرى إلى ديف إسرائيؿ لحكومة أمريكا‪ ،.،‬وىذا الديف يتمتع‬
‫بفترات سماح تمتد إلى أكثر مف ‪ 10‬سنوات‪.‬‬
‫وأكثر مف ىذا‪ ،‬فإنو نظ اًر لموضع االقتصادى المتدىور دائماً فى إسرائيؿ منذ ‪،1973‬‬
‫فإف ىذه التسديدات ال تتـ‪ ،‬ألنيا تعوض فو اًر بمعونة سنوية جديدة مضافة مف جانب الواليات المتحدة (‪.)88‬‬
‫"وحتى قبيؿ العدواف اإلسرائيمى فى عاـ ‪ ،1956‬كاف السبلح المقدـ مف أمريكا يمثؿ كمية ضخمة‪ ،‬ولقد كتب‬
‫الصييونى "ميشيؿ بار زوىار"‪" :‬ابتداء مف شير يونيو‪ ،‬بدأت تنياؿ عمى إسرائيؿ كميات ضمخمة مف األسمحة‬
‫بموجب اتفاؽ سرى جداً‪ ،‬وىذه الكميات لف تعرؼ فى واشنطف وال فى الييئة اإلنجميزية الفرنسية المكمفة برقابة‬
‫تعادؿ القوى فى الشرؽ األوسط ‪ ،‬لف تعرفيا كذلؾ الخارجية الفرنسية التى تعارض التقارب مع إسرائيؿ‪ ،‬ألنو قد‬
‫يعرض لمخطرما بقى مف عبلقات بيف فرنسا وعمبلئيا العرب " (‪.)89‬‬
‫"وتزداد ىذه المعونة بسبب العقود مف الباطف‪ ،‬وبخاصة فى مجاؿ الطيراف‪ -‬عمى سبيؿ المثاؿ‪ ،‬تحصؿ مؤسسة‬
‫صناعة الطيراف فى إسرائيؿ عمى عقود لصناعة أجزاء مف طائرات إؼ‪ 4-‬إؼ‪. " 15 -‬‬
‫"وأخي اًر تشمؿ المعونة االقتصادية تيسيرات تمنح لمصادرات اإلسرائيمية لمواليات المتحدة األمريكية وتتمتع‬
‫باألفضمية الجمركية التى تمنح لمبمداف النامية‪ ،‬مما يتيح إلسرائيؿ أف تحصؿ عمى إعفاءات جمركية تصؿ ‪%96‬‬
‫مف صادراتيا إلى أمريكا‪ ،‬وىكذا تتبلشى كثير مف األساطير‪ ،‬وأوليا وأخطرىا أسطورة إسرائيؿ الصغيرة الضعيفة‪،‬‬
‫إسرائيؿ التى تتعرض بصفة مستمرة إلى خطر عارـ‪ ،‬مف جانب الدوؿ العربية‪ ،‬إسرائيؿ التى فرض عمييا القتاؿ‪،‬‬

‫(‪)88‬‬
‫انظر‪ :‬مجمة "كرستياف سينس مونيتور" فى عدد ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1980‬مقاؿ بقمـ ت‪.‬ستوفر‪.‬‬
‫(‪)89‬‬
‫انظر‪ :‬كتاب "بف جوريوف " "الرسوؿ المسمح "‪ ،‬بقمـ‪" :‬ميشيؿ بارزوىار" باريس الفصؿ ‪ 27‬عاـ ‪.1966‬‬
‫‪87‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫مف أجؿ بقائيا عمى قيد الحياة "عمى حيف أنيا تممؾ‪ -‬بفضؿ الواليات المتحدة‪ -‬إمكانات تعطييا القدرة عمى أف‬
‫تبمغ خبلؿ ‪ 48‬ساعة دمشؽ‪ ،‬أو بغداد‪ ،‬أو عماف‪ ،‬أو القاىرة كما بمغت بيروت‪ .‬تمؾ أسطورة إسرائيؿ المعرضة‬
‫لمخطر والتدمير‪ ،‬بينما ىى مصدر الخطر الدائـ عمى جميع جيرانيا"‪.‬‬
‫"الدولة الصييونية بإسرائيؿ‪ ،‬تجثـ بكؿ الثقؿ األمريكى عمى صدر منطقة الشرؽ األوسط‪ ،‬التى تتبلقى فييا‬
‫القارات الثبلث "‪ .‬ا‪ .‬ىػ‪.‬‬
‫تعميؽ‪:‬‬
‫يمكف أف نقوؿ اليوـ (أكتوبر ‪ )1998‬وقطعت جييزة قوؿ كؿ خطيب فيؿ أفقنا؟ ىؿ وعينا؟ أـ عمى قموب‬
‫أقفاليا؟‬
‫‪88‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الفصل الثالث‬

‫أسطورة المالييف الستة "اليولوكوست"‬


‫تحت عنواف‪" :‬أسطورة المبلييف الستة (اليولوكوست) "‪ ،‬كتب جارودى‪:‬‬
‫"إف اليدؼ مف ىذه األسطورة التبرير األيدولوجػى إلنشاء دولة إسرائيؿ (‪ ،)90‬وقد عمؽ عمى ذلؾ الناشر حمداف‬
‫جعفر‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬فى كتاب "األساطير" الطبعة الثانية‪ ،‬فقاؿ‪" :‬يذكر المفكر الفرنسى روجيو جػارودى فى كتابو‬
‫"ماركسية القرف العشريف " أف األساطير نوعاف‪ :‬أساطير مغمقة‪ ،‬وأخرى مفتوحػة‪ ،‬وىذه األخػيرة وحدىا ىى‬
‫األساطير الحقيقية‪ ..‬فيؿ كػاف جػارودى يتنبػأ بأنو سوؼ يأتى يوـ يتناوؿ فيو أشػد األساطيػر انغبلقا‪ ،‬وىى‬
‫المتعمقة بأسطورة الصييونية‪ ،‬وأسطورة إنشاء دولة إسرائيؿ‪ ،‬وأسطورة تعرض الييود لبلضطياد مف قبؿ ألمانيا‬
‫النازية؟ وىؿ كاف يتنبأ أف تجنى عميو األسطورة اإلسرائيمية المغمقة‪ ،‬وىو يتناوؿ ىػذا الموضوع الشائؾ فى كتابو‬
‫الحالى "األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية؟ "‪.‬‬
‫ُيعرؼ جػارودى األسطورة بمعناىا الحقيقى بأنيا دعوة لكى نتجاوز حدودنا‪ .‬ويبدو أنو عندما تناوؿ أشد األساطير‬
‫انغبلقا بالنسبة لمزعـ القائؿ‪ :‬إف ألمانيا فى عيد ىتمر قد أبادت وأحرقت ستة مبلييف ييودى قد فتح عميو نار‬
‫‪،1990‬‬ ‫الجحيـ‪ ،‬ففى فرنسا وعاصمتيا باريس مدينة النور يوجد قانوف يعرؼ باسـ قانوف (جػيشو) صادر عاـ‬
‫وىو يقضى بالسجف عمى كؿ مف يشكػؾ فى رقـ الستػة مػبلييف ييودى الذيف يقػاؿ‪ :‬إف ىتمر وأعوانو قػد أبادىـ‪.‬‬
‫لقد اتيمو الموبػى الييودى فى فرنسا بأنو معاد لمسامية‪ ،‬وتطرفوا فى ىذا الصدد حتى إنو لـ يتمكف مف طبع كتابو‬
‫إال عمى نفقتو الخػاصة‪ ،‬وىو الذى كانت كبريات دور النشر الفرنسية تتسابؽ عمى نشر مؤلفاتو‪ ،‬وجارودى فى‬
‫كتابو الحالى يعد التطرؼ المرض الفتاؾ لئلنسانية فى نياية القرف العشريف‪".‬‬
‫" والنقطة الشائكة فى كتابو‪ ،‬ىى تشكيكو فى أف ىتمر أباد بالفعؿ ستة مبلييف ييودى‪ ،‬والموبى الصييونى يرفض‬
‫التشكيؾ فى ىذا‪ ،‬حتى يضمف لمصييونية أف تدعو إلنشاء دولة إسرائيؿ‪ ،‬وتحؿ األسطورة السياسية العرقية محؿ‬

‫(‪)90‬‬
‫ىذه األسطورة التى ما زاؿ الييود يرددونيا‪ ،‬بؿ ما زالوا حتى اآلف يحصموف عمى أمواؿ طػائمة مف ألمانيا‪ ..‬بؿ وسويسرا‪ ،‬فى مقابؿ‬
‫(عوض) ىذا العدد المفترى مف الييود‪ ،‬وما زالوا يييمنوف عمى الفكر العالمى‪ ،‬مف أجؿ إيياـ العالـ بحقيقة قتؿ الستة مػبلييف ييودى عمى يد‬
‫النازى ىتمر‪ ،‬مع العمـ بأف جارودى أثبت فى كتابو ىذا أف األسطورة ال أصؿ ليا‪ ،‬المصدر السابؽ ـ‪. 219 :137‬‬
‫‪89‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫األسطورة الدينية‪ .‬وىو يرسـ مقارنة بيف تضخيـ الييود لرقـ إبادتيـ فى الحرب العالمية الثانية وبيف اإلبادات‬
‫الفعمية لغيرىـ مف األجناس‪ ،‬ويقوؿ‪ :‬إذا كاف الصياينة بتضخيـ الرقـ يصفوف ىذه اإلبادة بأنيا أكبر عممية إبادة‬
‫جماعية‪ ،‬فقد نسى ىؤالء أف ىناؾ ستيف مميوف ىندى أمريكى تعرضوا لئلبادة‪ ،‬وأكثر مف مائة مميوف مف السود‬
‫‪ 17‬مميوف مف السبلؼ قتموا فى الحرب العالمية‬ ‫األفارقة تعرضوا لمقتؿ مف جزاء تجػارة الرؽ‪ ،‬كما أف ىناؾ‬
‫الثانية‪ ،‬وأوضح جارودى ىدفو مف كتابو بأنو يريد فضح ىذه الخدعة األيديولوجية التى تـ تخميقيا لمتمويو‪ ،‬وأف‬
‫الموبى الصييونى ىو الذى صنع ىذه األسطورة المزيفة‪ ،‬خػاصة أف معسكرات االعتقاؿ النازية كانت تضـ‬
‫جراء سوء التغذية‪" .‬‬
‫بجانب الييود البولندييف والسوفيت‪ ،‬وأف الوفيات التى حدثت فمف ّ‬
‫ويقوؿ جارودى‪(( :‬إنو ال توجد وثائؽ يقينية بانو تمت إبادة ستة مالييف ييودى فى معسكرات اإلبادة‬
‫واالعتقاؿ أياـ حكـ النازييف فى ألمانيا‪)).‬‬
‫والمؤلؼ يسأؿ الصياينة فى كتابو‪" :‬ىؿ تعممت إسرائيؿ مف المحارؽ النازية ما كاف يجب أف تتعممو؟ ويرد‬
‫"جارودى" بقولو‪ " :‬إف إسرائيؿ لـ تتعمـ إال شيوة االنتقاـ واعادة إنتاج اآلالـ وحرؽ بيوت األطفاؿ والشيوخ فى‬
‫الببلد العربية"‪.‬‬
‫ويتسأؿ المؤلؼ‪" :‬مف أيف جػاء رقـ الستة مبلييف ييودى" الذيف يقاؿ‪ :‬إنو قد تـ حرقيـ؟ " ويجيب بتساؤؿ آخر‪:‬‬
‫"كيؼ يمكف أف نؤكد أف الذيف ألقى بيـ ىتمر فى األفراف ىـ ييود فقط ؟ أو ىـ مف جميع الشعوب؟ بؿ ىؿ‬
‫يوجد أحد يستطيع أف يؤكد أف الذيف ألقى بيـ ىتمر فى المحرقة كانوا أحياء أو موتى ؟ "‬
‫ويفضح "جارودى" ىذه األسطورة العنصرية‪" ،‬التى يروج ليا الصياينة‪ ،‬لتبرير إقامة وطف لمييود فى فمسطيف‬
‫عمى حػساب الشعب الفمسطينى‪ ،‬وىو يستند إلى شػيادات‪ .‬أشخػاص ال يمكف الشؾ فييـ‪ .‬فالمخرج سبيمبرج الذى‬
‫أنتج فيمـ "قائمة شيندلر" عف المحارؽ ضد الييود‪ ،‬أعمنت زوجتو "إميمى" أف زوجيا لـ يكف بطبلً قد ساعد عدداً‬
‫مف الييود لمفرار مف معسكرات اإلبادة‪ ،‬وقالت‪ :‬إف زوجيا كاف يتاجر بالييود مقابؿ وعدىـ بالتيريب مف ألمانيا‪،‬‬
‫وكاف يتركيـ جوعى يعانوف مف البرد فى المرافىء وبيذا كاف زوجيا تاجر شنطة يستفيد مف ىذه التجارة اآلدمية‪.‬‬
‫"‬

‫بؿ لقد أبرز "جارودى" "التواطؤ بيف الييود والنازية" ويستند جػارودى إلى ما كتبو "توـ سيجيؼ " فى كتابو‬
‫"المميوف السابع " عندما قاؿ‪" :‬لـ يكف إنقاذ حياة ييود أوربا عمى رأس أولويات طبقة زعماء الحركة الصييونية‪،‬‬
‫فاألىمية الكبرى كانت العمؿ عمى تأسيس دولة"‪ .‬ويوضح "جػارودى" كيؼ التقى ىذا اليدؼ العنصرى مع الفكر‬
‫العنصرى النازى‪ ،‬الذى يقوـ عمى أساس نقاء الدـ " وكاف اليدؼ ىو النقؿ الجماعى لمييود إلى فمسطيف إلنشاء‬
‫دولة إسرائيؿ‪.‬‬
‫‪90‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ويوضح" جارودى" كيؼ تتـ عممية التزييؼ لموثائؽ ‪ ،‬فقد استندت محكمة "نورمبرج" التى انشئت لمحػاكمة‬
‫مجرمى الحرب مف النازييف‪ ،‬عمى شيادة عمى شكؿ تقرير كتبتو فتاة ييودية كانت مف ضمف المعتقبلت فى‬
‫المعسكرات األلمانية‪ ،‬وأصدرت كتاباً بعنواف‪" :‬يوميات آف فرانؾ "‪ ،‬وتحدثت فيو عف غرؼ الغاز لحرؽ الييود ‪.‬‬
‫ويقوؿ "جػارودى"‪ :‬إف مخطوطة الكتاب قد كتبت بقمـ "جاؼ "وىو قمـ لـ يكف معروفاً قبؿ عاـ ‪ ،1951‬فى حػيف‬
‫أف ىذه الفتاة "آف فرانؾ " قد ماتت عاـ ‪."1945‬‬
‫ويشكؾ "جارودى" فى معنى تعبير‪" -‬الحؿ النيائى‪ -‬الييود فى ألمانيا "‪" ،‬فالمؤرخوف المغرضوف فسروا التعبير‬
‫عمى أف المقصود بو إبادة الييود وحرقيـ‪ ،‬فالحؿ النيائى قد يعنى ترحيؿ اليػيود ال حرؽ الييود‪ " .‬ويؤكػد‬
‫"جارودى"‪ ،‬أنو لـ يجد أبداً تعبير الحؿ النيائى لممسألة الييودية فى أى مستند رسمى وقعو ىتمر‪ ،‬وأضاؼ‬
‫موضحاً أف ىذا التعبير ىو اختراع جػديد أضيؼ وألصؽ بالنازية لتبرير النزعة الصييونية الداعية إلنشاء وطف‬
‫قومى لمييود فى فمسطيف‪.‬‬
‫" ىذا ىو جارودى‪ :‬إنو دوف "كيشوت" جديد فى القرف العشريف يحػارب طواحيف اليواء واألشباح والخػرافات‬
‫واألساطير العنصرية الضيقة األفؽ‪ ،‬لكى تتأسس دولة إس ار ئيؿ عمى حساب الحؽ العربى‪ ،‬فيذه األسطورة تستند‬
‫إلى قوؿ قديـ‪ :‬إف اهلل قد وعد الييود باألرض الموعودة‪ ،‬ويسخر "جارودى" مف ىذه الدعوة التى تصور اهلل وكػأنو‬
‫قد منحػيـ عقداً موقعاً بالممكية "‪.‬‬
‫"ومف ىنا جػاءت الحممة مف الموبى الصييونى ضد جػارودى‪ ،‬آلنو تجػ أر أو مد يده فى عش الزنابير‪ .‬وقد تعرض‬
‫لميجوـ مع جػارودى األب " بيار"‪ ،‬وىو مف كبار رجػاالت الديف المسيحػى الذى كؿ جريمتو أنو طالب بمناقشة‬
‫المؤرخيف "‪.‬‬
‫"فماذا يفعؿ جارودى إزاء ىذه الحممة الشعواء ضده حتى فى مدينة النور باريس؟ إنو لـ يممؾ إال الصمت‪ ،‬فيو‬
‫يدرؾ أف الصييونية تستريح لؤلكذوبة التى روجتيا عف المحػارؽ النازية‪ ،‬حتى تروج لبضاعتيا بإنشاء دولة‬
‫إسرائيؿ‪ ،‬وىى دولة يقوؿ عنيا "جارودى"‪ :‬إنيا بعد أكػثر مف مرور خػمسة وأربعيف عاماً ال تزاؿ دولة ببل‬
‫دستور‪ ،‬ببل حدود ثابتة‪ ،‬وببل تسمية محددة‪ ،‬وىى تتأرجح فى تسمية نفسيا ما بيف دولة إسرائيؿ وكياف إسرائيؿ‬
‫ودولة المعاد‪.‬‬
‫فيؿ الحممة عمى جارودى بيذه الضراوة ألنو فضح األساطير العنصرية اإلسرائيمية فقط؟‬
‫أـ يضاؼ إلى ىذا أنو مفكر أشير إسبلمو‪ ،‬وجػاء فضحو لموبى العنصرى دعامة لمعرب؟ لقد جمع جارودى بيف‬
‫منظوريف‪ :‬المنظور اإلسبلمى الذى ينادى بالحؽ وبالحقيقة‪ ،‬والمنظور العممى الذى ينادى بصدؽ ويقينية الوثائؽ‬
‫التاريخية‪ ،‬حتى ال نحيا وسط أساطير ىى مف عمؿ صناع األساطير السياسية بيدؼ عنصرى"‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ الرابع‬

‫من خالل كتاب‬


‫((صفحات من أوراقه الخا صة))‬
‫‪92‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصل الرابع‬

‫قرأة فى فكر د‪ .‬جماؿ حمداف‬

‫مف خالؿ كتاب جماؿ حمداف صفحات مف أوراقو الخا صة‬


‫إعداد وتقديـ‪ :‬د‪ .‬عبد الحميد صالح حمداف‬
‫الناشر‪ :‬دار الغد العربى‪ -‬القاىرة ‪، 1996‬‬
‫* ويقع ىذا الكتاب فى ‪ 182‬صفحة مف القطع المتوسط‪ ،‬ويحتوى عمى خمسة فصوؿ ‪.‬‬
‫(‪)91‬‬
‫فى الجػغرافيا فحسب‪ ،‬ولكنو كػاف عبقرياً فذاً‪ ...‬وعاشقا لمصر كأعظـ ما‬ ‫* وجػماؿ حػمداف لـ يكف عالماً‬
‫يكوف الحب‪.‬‬
‫فى الفصؿ األوؿ مف الكتاب ذكر الكاتب جممة حقائؽ (‪:)92‬‬

‫(‪)91‬‬
‫ىذا العالـ لو مؤلفات تزيد عف خمسة وتسعيف مؤلفا‪ ،‬منيا‪:‬‬
‫‪ -1‬ىؿ تممؾ إسرائيؿ سبلحاً ذرياً (طبعة عاـ ‪.)1965‬‬
‫‪ -2‬إسرائيؿ الصييونية وأرض فمسطيف (طبعة عاـ ‪.)1968‬‬
‫‪ -3‬قضية فمسطيف ومحور االستعمار والصييونية (طبعة عاـ ‪.)1966‬‬
‫‪ -4‬قضية فمسطيف والعدو اإلسرائيمي (طبعة عاـ ‪.)1966‬‬
‫‪ -5‬التخطيط اإلقميمي بيف موارد المياه والسكاف فى مصر (طبعة عاـ ‪.)1959‬‬
‫‪ -6‬مف جغرافية اإلسبلـ (طبعة عاـ ‪.)1966‬‬
‫‪ -7‬ليس الييود مف بنى إسرائيؿ (طبعة عاـ ‪.)1967‬‬
‫‪ -8‬المعركة لـ تنتو بعد… بؿ بدأت (طبعة عاـ ‪.)1967‬‬
‫‪ -9‬اإلسبلـ في إفريقيا (طبعة عاـ ‪.)1963‬‬
‫‪ -10‬شخصية مصر فى إفريقيا (طبعة عاـ ‪.)1963‬‬
‫(‪)92‬‬
‫صفحات مف أوراقو الخاصة‪ :‬ص ‪.53 -33‬‬
‫‪93‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -1‬األ ضرار الش حدثت لمصر نتيجة بناء السد العالى والخطر الصييونى‪:‬‬
‫األبد‪ ،‬إذ تحولت مف عالـ‬ ‫أ‪ -‬أصبحت أرض مصر معرضة لمتآكؿ الجػغرافى ألوؿ مرة فى التاريػخ كمو‪ ،‬والى‬
‫متناه بالطبع والطبيعة الجغرافية‪ ،‬إلى عالـ متآكؿ بفعؿ اإلنساف‪ ،‬فأوالً السد العالى أوقؼ نمو أرض مصر أفقياً‬
‫ورأسياً … وعرضيا لمتآكؿ البحػرى والصحراوى‪.‬‬
‫ب‪ -‬أصبحت أرض مصر "أرضاً مغمقة" بيولوجيا ببل صرؼ ببل مصرؼ‪ ،‬وبالتالى ال تتجدد مياىيا وتربتيا‪،‬‬
‫كما لـ يعد تجدد أرضيا وترابيا‪ ،‬مف ثـ أصبحت بيئة تموث نموذجية‪ ،‬وبقدر ما ىى بممورة مركزة طبيعياً‪،‬‬
‫ستصبح بممورة تموث مكثفة حتى الموت البيموجػى‪.‬‬
‫جػ‪ -‬ألوؿ مرة ظير لمصر منافسوف ومطالبوف ومدعوف ىيدرولوجيا‪ ،‬كانت مصر سيدة النيؿ‪ -‬بؿ‪ -‬مالكة النيؿ‬
‫الوحػيػدة‪ -‬اآلف فقط انتػيى ىذا إلى األبد‪ ،‬وأصبحت شريكة محسودة ومحاسبة ورصيدىا المائى محدود‪ ،‬وثابت‬
‫وغير قابؿ لمزيادة‪ ،‬إف لـ يكف لمنقص‪ ،‬والمستقبؿ أسود ولّت أياـ الغرؽ‪ ،‬وبدأت أياـ الشرؽ وعرفت الجفاؼ‪،‬‬
‫"الجفاؼ المستديـ " بعد " الرى المستديـ "‪.‬‬
‫د‪ -‬فى الوقت نفسو بمغ عدد سكاف مصر الذروة‪ ،‬غير المتصورة قط‪ ،‬بينما القاعدة األرضية والمائية فى انكماش‬
‫أو انقراض ‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬مع كؿ ىذه االنكماشات واالنزالقات الداخمية والذاتية‪ ،‬أتت الكوارث الخارجية ال فرادى‪ ،‬وال بالمثنى‪ ،‬ولكف‬
‫بالجمع والجممة‪:‬‬
‫* إسرائيؿ‪.‬‬
‫* بتروؿ العرب‪.‬‬
‫* االنقبلب الكونى العالمى فى الحضارة والتكنولوجيا‪ ،‬والييمنة األمريكية‪ ،‬وسقوط السوفييت‪ ...‬إلخ‪ ،‬ىذا‬
‫وحده عصؼ بكؿ ما تبقى مف مكانة مصر‪ ،‬بعد أف تآكؿ المكاف مف العوامؿ الداخمية ‪:‬‬
‫المتغيرات الداخمية تخرب المكاف‪.‬‬
‫المتغيرات الخارجية تخرب المكاف ‪.‬‬
‫مصر تختمؼ عف كؿ ببلد العالـ مف حيت مشكمة تموث البيئة‪ ،‬فيى أوؿ بيئة زراعية فى التاريخ غالباً‪ ،‬وىى‬
‫اآلف بيئة مرشحة لبلنقراض واالختفاء فى التاريخ أيضاً‪.‬‬
‫اآلف تتعرض الكبر عممية تمويث كيماوياً ‪ +‬تآكؿ ميكانيكيا‪ ،‬بحيث قد يأتى اليوـ الذى تصبح فيو بيئة غير‬
‫صالحػة بتاتا الستمرار حياة اإلنساف‪ ،‬وعندئذ ينقرض السكاف واإلنساف بعد انقراض األرض والبيئة !‬
‫‪94‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪-2‬الحضارة اإلسالمية ىى حضارة األقباط أيضا (‪:)93‬‬


‫يقوؿ بعض األقباط‪ :‬إننا شركاء حضارة واحدة ىػى اإلسبلـ‪ ،‬واننا نختمؼ ديناً‪ ،‬ولكف نشترؾ فى الحضارة‬
‫وحضارة القبطى ىى الحضارة اإلسبلمية‪.‬‬
‫حسناً‪ ،‬ما المقصود بالحضارة اإلسبلمية؟ إذا كاف الماضى‪ ،‬فذلؾ صحيح‪ ،‬أى إننا شركاء فى التراث‪ ،‬ولكف إذا‬
‫كاف المقصود اآلف والعصر الحديث فأيف ىػى الحضارة اإلسبلمية؟ إف كؿ حياتنا المادية ىى الحضارة الغربية‬
‫‪ %100‬ىؿ مجرد المساجد والجوامع تجعمنا حضارة إسبلمية؟ كػبل‪ ،‬إف الموجػود اآلف ليس حػضارة إسبلمية‪،‬‬
‫ولكف ثقافة إسبلمية‪ ،‬وجزئية عند ذلؾ ىى المغة طبعاً والديف‪ +‬التممذة الثقافية لمغرب ‪.‬‬
‫إذف نحف واألقباط شركاء‪ -‬بعد الوطف والتاريخ والحضارة اإلسبلمية قديماً شركػاء اآلف فى الثقافة نصؼ الغربية‬
‫اإلسبلمية‪ ،‬إنيـ أقرب المسيحييف فى العالـ إلى اإلسبلـ بمعنى ما أو آخر‪ .‬وفى ىذا تفرد األقمية القبطية‬
‫لتضاؼ الى عناصر تفرد مصر بعامة‪ .‬وكما أف مصر "فمتة" جغرافية‪ ،‬فإف األقباط "فمتة" طائفية (‪.)94‬‬
‫‪-3‬أنقذوا مصر مف القاىرة‪ ،‬والقاىرة مف نفسيا‪:‬‬
‫كؿ طوبة توضع فى القاىرة‪ ،‬ىى جريمة فى حؽ مصر كميا‪ ،‬وأوليا القاىرة نفسيا‪ ،‬كؿ كوبرى يبنى داخػؿ‬
‫القاىرة‪ ،‬ىو كػبرى مسروؽ مف مدينة أو قناة أو منطقة أخػرى فى مصر"‬
‫مصر القوة والجماؿ‪ -‬ىذا ما نريد‪ -‬القوة ىى التحػرر الوطنى والسيادة الوطنية والعزة القومية‪ ،‬ونفى التبعية‬
‫لبلستعمار والصييونية واسرائيؿ‪ :‬أما الجماؿ فيو عزة اإلنساف المصرى فى دولتو القوية‪ :‬العدالة‪ ،‬المساواة‪،‬‬
‫إعادة توزيع الممكية والدخؿ "‪.‬‬
‫(‪)95‬‬
‫المثقؼ الحؽ أو الجغرافى الكامؿ (ص ‪:)58‬‬ ‫وقد عرؼ جماؿ حمداف‬

‫(‪)93‬‬
‫نفس ا لمرجع‪ :‬ص ‪.38 ،37‬‬
‫(‪)94‬‬
‫ومف أجؿ ىذا تسعى قوى الصييونية واالستعمار إلى إثارة الفتنة الطائفية داخؿ مصر والسوداف‪.‬‬
‫(‪)95‬‬
‫جماؿ حمداف (المثقؼ) قاؿ عنو محمد حسنيف ىيكؿ فى كتابو‪" :‬أكتوبر ‪ 73‬والسبلح والسياسة" مركز األىراـ لمترجمة والنشر‪ ،‬طبعة أولى‬
‫‪ 1993‬فى مقدمة ىذا الكتاب قاؿ‪" :‬لقد خطر لى منذ البداية أف أىدى ىذا الكتاب‪ -‬وىو الرابع فى مجموعة "حرب الثبلثيف سنةإلى "جماؿ‬
‫حمداف "‪ ،‬ذلؾ العالـ المصرى الفذ الذى أعطى المكتبة العربية أثره‪ -‬كتابو‪ -‬المتميز " شخصية مصر"‪ :‬دراسة فى عبقرية المكاف "‪.‬؟‪ ..‬كاف "‬
‫جماؿ حمداف " إنساناً بالغ الحساسية‪ ،‬شديد الكبرياء‪ ،‬وقد زادت عمى ذلؾ أخي ار مسحة حزف ضغط انطباعيا عمى قسمات وجػيو‪،‬وشاعت نبرة‬
‫صوتو‪ ،‬وقد حػاوؿ أف يعزى نفسو‪ -‬أو يعزينى‪ -‬قائبلً "إف حركة التاريخ دائمة‪ ،‬ولكف اتجػاىيا ليس ثابتاً‪ ،‬وكاف عيدنا بيا أف تكوف إلى أماـ‬
‫قدر ولـ يرع‬
‫خطوتيف والى وراء خطوة‪ -‬ولعمنا اآلف نرى ُبعداً مغاي اًر‪ ،‬وحركة إلى أسفؿ ‪ ...‬نحف شيدنا انقبلبا" ألنو كاف بيف السكاف مف لـ ًي ّ‬
‫حرمة وحؽ المكاف‪ ،" .‬وكما حاولت دائماً‪ ،‬فقد حاولت تمؾ المرة أف أقنعو بالخروج مف دير العزلة‪ ،‬والعودة إلى دنيا الناس‪ ...‬ولـ يقتنع‪ .‬مص اًر‬
‫عمى أنو "اعتزؿ وحركة إلتيار إلى أماـ‪ ،‬فكيؼ يعود والحركة معاكسة‪ ،‬سواء إلى وراء أو إلى أسفؿ؟ وافترقنا‪ ،‬ولـ أعرؼ أنو فراؽ إلى األبد‪،‬‬
‫وانشغمت بيذا الكتاب حتى فاجأتنى وأنا غارؽ فى تمؾ النياية المأساوية التى انتيت إلييا حياة ذلؾ العالـ الراىب المعتزؿ والميموـ بشخصية‬
‫مصر وعبقرية مكانيا …‪ .‬الموقع والموضع‪ ،‬وربما مف ىنا خطر لى منذ البداية أف أىدى ىذا الكتاب إليو‪ ..‬ص ‪.11، 10‬‬
‫‪95‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ىو اإلنساف الذى يتجاوز دائرة ذاتو‪ ،‬ليصؿ إلى المجتمع األكبر كمو‪ ،‬ىو اإلنساف القادر عمى أف يجعؿ مشاكؿ‬
‫اآلخريف ىموماً شخصية لو‪ .‬ىو ضمير عصره سابؽ لعصره فى إدراؾ الخطر المستقبمى والحمـ بالمستقبؿ‪ ،‬ىو‬
‫برج مراقبة لمعالـ مف حولو‪ ،‬يرصد‪ ،‬ويحمؿ‪ ،‬يتوقع ويتنبأ‪ ،‬يحذر ويخطط ال يضيع فى التفاصيؿ‪ ،‬واف تابعيا بكؿ‬
‫تفصيؿ‪ ،‬يحوؿ الشجار إلى نياية‪ ،‬والتكتيؾ إلى االستراتيجية‪ ،‬إنو مفكر استراتيجى‪ ،‬كمى شمولى نبؤى‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫حسناً‪ ،‬إذا كاف ىذا ىو تعريؼ المثقؼ الشائع واألثر شيوعاً وقبوالً‪ ،‬فإف لـ يكف ىو تعريؼ الجغرافى فماذا يكوف؟‬
‫إف المثقؼ الجغرافى ىو سيد المثقفيف‪( .‬ص ‪.)59‬‬
‫‪ -4‬الحذر مف فكرة العالمية‪:‬‬
‫نعـ‪ ،‬العالـ يصبح قرية كبيرة أو صغيرة‪ -‬ولكف حذار مف ىيستيريا العالمية (لعبة أمريكا والغرب ضد اآلخريف‬
‫خصوصاً نحف)‪ -‬الميـ فى الجغرافيا‪ :‬لف يصبح العالـ " كذلؾ "إقميمياً " جغرافياً واحدا قط‪ ،‬ستظؿ الجغرافيا ىى‬
‫الجغرافيا‪ ،‬والعالـ ىو العالـ‪ -‬وماعدا ذلؾ فسفسطة وفمسفة مفمسة‪.‬‬
‫‪ -3‬ال ثقافة بال جغرافيا (ص ‪:)64‬‬
‫ال سياسة ببل جغرافيا‪ ،‬ال تاريخ ببل جغرافيا؟ ال عمراف ببل جغرفيا؟ ال اقتصاد ببل جغرافيا‪ ،‬الجغرافيا والحياة؟‬
‫جغرافية الحياة‪ ،‬الجغرافية الحية‪.‬‬
‫‪ -6‬أىمية الجغرافيا لمتاريخ (ص ‪:)67‬‬
‫ال يتحوؿ التاريخ إلى عمـ‪ ،‬إال بتخصيبو بالجغرافيا‪ ،‬وبغير ذلؾ يظؿ كائناً عقيماً‪.‬‬
‫وفى الفصؿ الثالث تحدث الكاتب عف العرب والعالـ العربى‪:‬‬
‫‪ -1‬ما دخؿ العرب التاريخ إال بفضؿ اإلسالـ (ص ‪. )92‬‬
‫"بعد أف حاربوه طويبلً وبضراوة‪ ،‬قبؿ العرب اإلسبلـ‪ ،‬وأقبموا عميو بحماس ال يقؿ ىوادة‪ ،‬ربما ألنيـ أدركوا أنو‬
‫انقضوا عميو لينشروه بقوة وعنؼ خػارج الجزيرة‪ ،‬فعف طريقو‬ ‫ّ‬ ‫أعظـ استثمار قومى أتيح ليـ فى التاريخ‪ .‬ولعميـ‬
‫فرضوا سيادتيـ ولسانيـ عمى المنطقة وعمى عالـ بأسره‪ ،‬وكونوا ألنفسيـ رصيداً تاريخياً قومياً يعيشوف عميو إلى‬
‫األبد‪ ،‬فضبلً عف المكاسب المادية البحتة "‪.‬‬
‫"لقد خرج العرب مف الصحراء‪ ،‬ودخموا التاريخ بفضؿ اإلسبلـ‪ ،‬وما كاف ليـ ىذا وال ذاؾ بدونو‪ ،‬لـ يكف اإلسبلـ‬
‫بالنسبة لمعرب رسالة مف السماء فقط ‪ ،‬ولكف أيضاً نجدة مف السماء"‪.‬‬
‫"قبؿ اإلسبلـ‪ ،‬لـ يكف عرب الجػزيرة أمة‪ ،‬وال كاف ليـ تاريخ‪ ،‬حػتى أمة ببل تاريخ لـ يكونوا‪ ،‬بؿ مجرد حػفنة أو‬
‫شرذمة مف القبائؿ المتحػاربة المتعاركة‪ ،‬المتطاحنة المتعددة الميجات وأحياتا المغات‪ ،‬وىى إف لـ تكف تقع خارج‬
‫التاريخ‪ ،‬فإف ليا تاريخ فولكمورى عمى أكثر تقدير"‪.‬‬

‫وقيؿ‪ :‬إنو اغتيؿ عف طريؽ الموساد اإلسرائيمى فى بيتو فى مصر!!‪ ،‬راجع جريدة الوفد المصرية فى ‪ 18‬يناير ‪ 1995‬تحت عنواف ربيع وجماؿ‬
‫حمداف نيايات مفتوحة" أحمد المسممانى "‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -2‬المشرؽ العربى منطقة نفوذ أمريكى (‪:)96‬‬


‫"إف التوجػو الطبيعى سياسياً وحضارياً واقتصادياً لمعالـ العربى والشرؽ األوسط كمو‬
‫ىو إلى أوربا‪ ،‬ال إلى أمريكا‪ ،‬ميما كاف التفوؽ األمريكى والسياسة والسيطرة األمريكية‪ .‬لكنو البتروؿ أساسياً‬
‫واسرائيؿ أوالً‪ ،‬ىما المذاف حرفا التوجو الطبيعى مف أوربا إلى أمريكا (‪ +‬انحػدار أوربا) (طبعاً)‪ ،‬لكف لوال‬
‫إسػرائيؿ‪ +‬البتروؿ‪ ،‬لكاف المشرؽ العربى كمو‪ -‬كالمغرب العربى حاليا‪ -‬بوصمتو أوربا أساساً ال أمريكا‪ ،‬ولذا نجد‬
‫اآلف أف المشرؽ العربى منطقة نفوذ أمريكية بحتة‪ ،‬بينما المغرب العربى منطقة نفوذ أوربية فرنسية‪ .‬أما الجزيرة‬
‫العربية فكانت أشبو بجنوب شرؽ أوربا والبمقاف‪ .‬ضعؼ وتخمؼ ورجعية‪ ...‬إلخ‪ ،‬إلى أف قمبيا البتروؿ المجنوف‬
‫إلى أمريكا‪ ،‬ولكنيا التابعة ألمريكا"‪.‬‬
‫‪ -3‬كارثة فمسطيف إسرائيؿ ىى ببساطة كاآلتى (‪:)97‬‬
‫طمبت الصييونية العالمية دولة لمييود فى فمسطيف فأسسيا ليـ العرب‪.‬‬
‫المعنى‪ :‬قياـ إسرائيؿ وضياع فمسطيف ىو مسؤولية العرب‪ ،‬والعجز العربى‪ ..‬والخيانة العربية‪ ،‬والجبف العربى‪...‬‬
‫والتفرؽ العربى‪ ،‬الذى حدد نتيجة الصراع العربى اإلسرائيمئ‪ ،‬ىو الصراع العربى‪ -‬العربى‪ .‬الفمسطينيوف لـ يبيعوا‬
‫(‪)98‬‬
‫ىـ الذيف باعوا فمسطيف والفمسطينييف إلسرائيؿ!‬ ‫فمسطيف لمييود‪ ،‬ولكف العرب‬
‫‪ -4‬اإلسالـ جاء ليبقى‪:‬‬
‫"بعضيـ يقوؿ "‪ :‬القومية أيديولوجية‪ -‬كالشيوعية وكاإلسبلـ‪ ...‬إلخ‪ .‬وكما سقطت الشيوعية سقطت القومية‪ ،‬وجاء‬
‫اإلسبلـ ليبقى‪ ...‬إلخ‪ .‬حسناً‪ ،‬الشيوعية أيديولوجية‪ ،‬كالرأسمالية‪ ،‬وبعيدا عف اإلسبلـ‪ ،‬الذى ىو ديف أوالً وآخ اًر‪،‬‬
‫وليس أيديولوجية بالمعنى الجارى‪ ،‬فإف القومية ليست أيديولوجية عمى اإلطبلؽ‪ ،‬نأخػذ بيا أو نرفضيا‪ ،‬تنمو أو‬
‫تندثر… إلخ‪ ،‬إنما القومية "طبيعة"‪ ،‬عنصر طبيعى كالتضاريس والجباؿ واألجناس‪ ،..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -5‬قبوؿ العرب بضياع فمسطيف انتحار سياسى (‪:)99‬‬
‫"إف قبوؿ العرب نيائياً بضياع فمسطيف نيائياً‪ ،‬وتثبيت إسرائيؿ‪ ،‬وىو مقابؿ الخروج األندلسى مع فروؽ‪ ،‬سيكوف‬
‫اعترافا‪ ،‬بؿ إعبلنا مف العرب عف إنياء وحؿ العروبة والقومية العربية نيائيا والى األبد‪ .‬بمعنى أف أمة قررت‬
‫حؿ نفسيا‪ ،‬واعتبار ذاتيا ليست أمة‪ -‬تماما‪ ،‬كما أعمف االتحاد السوفيتى حؿ نفسو وانياء وجوده كدولة "‪.‬‬

‫(‪)96‬‬
‫ارجػع كتاب صفحات مف أوراقو الخاصة‪ -‬جماؿ حمداف‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫(‪)97‬‬
‫نفس المرجع‪ :‬ص ‪. 105‬‬
‫(‪)98‬‬
‫راجع كتاب "الخيانة العربية الكبرى"‪ -‬أحمد رائؼ‪ ،‬الزىراء لئلعبلـ العربى‪ ،‬طبعة أولى ‪ ،1991‬ص ‪" "602‬الطريؽ إلى بيت المقدس‪:‬‬
‫القضية الفمسطينية" الجزء الثانى‪ ،‬د‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‪ ،‬دار الوفػاء‪ -‬لمطباعة والنشر‪ -‬طبػعة أولى ‪ ،،1992‬المبحث الثػانى ص ‪،153‬‬
‫تحت عناويف وثائؽ‪ ،‬ص ‪.172‬‬
‫(‪)99‬‬
‫صفحات مف أوراتو الخاصة‪ ،‬ص ‪.107 ،106‬‬
‫‪97‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"وفى الحػاليف‪ ،‬فإنو انتحار سياسى وقومى عمى مبدأ "بيدى ال بيد عمرو" والعدو المضاد فى حالتنا ىو إسرائيؿ‪،‬‬
‫وفى حالة االتحاد السوفيتى أمريكا‪ ،‬وفى الحاليف فإف أمريكا ىى القاتؿ النيائى عف بعد ‪" Remote assasin‬‬
‫"نابميوف ىو أوؿ أصحاب فكرة إقامة دولة ييودية فى فمسطيف‪ -‬أى إسرائيؿ!!‬
‫لقد نجحت الصييونية فى إنياء وافناء القومية العربية‪ ،‬التى لـ تكف قد بدأت بالكاد‪ ،‬وكانت فى مرحمة التكويف‬
‫والنمو بالمعنى الحديث‪ -‬إذ يبدو أف إسرائيؿ لف تزوؿ أبداً ‪ ،‬فإذا ما بقيت فيذا حتماً ىو زواؿ القومية العربية‬
‫إلى األبد‪ ،‬إنيما نقيضاف مستحيؿ اجتماعيما "‪.‬‬
‫"إذا كاف الييود يقولوف‪ :‬ال معنى إلسرائيؿ بدوف القدس‪ ،‬فنحف نقوؿ ليـ‪ :‬ال معنى لمعرب بدوف فمسطيف "‪.‬‬
‫مف التحركات السكانية‬ ‫"الكوارث السياسية التى أصابت العالـ العربى‪ +‬اثار البتروؿ‪ ،‬سببت مرحمة أو عص اًر‬
‫واليجرات والتبادالت السكانية‪ +‬التزاوج الكثيؼ بيف الدوؿ العربية‪ .‬دياسبو ار الفمسطينييف فى العالـ العربى‪ ،‬جعمت‬
‫اآلالؼ منيـ يتزوجوف عرباً آخريف كالمصرييف والعرب‪ ،‬المصرييف والميبييف‪" .‬بوتقة عربية حديثة وخطيرة‪ .‬وىكذا‬
‫أصبح فى الشرؽ األوسط بوتقتاف متضادتاف بوتقة إسرائيؿ‪ ،‬بوتقة العرب "‪.‬‬

‫وفى الفصؿ الرابع يتحدث الكاتب عف اإلسالـ‪ ..‬والعالـ اإلسالمى (‪:)100‬‬


‫‪ -1‬ىناؾ صراع بيف الشماؿ ضد الوسط (ال الشمػاؿ ضد الجنوب) وىو صراع عقدى بيف أيديولوجية الغرب‬
‫وأيديولوجية اإلسبلـ (‪.)101‬‬
‫"وال شؾ أف اإلسبلـ اليوـ يمثؿ عنص ار غير متكيؼ تماماً ‪ Misfit‬مع حضارة العصر‪ ،‬التى ىى أساسا حضارة‬
‫الغرب‪ .‬وىى مشكمة المسمميف ال اإلسبلـ طبعا‪ ،‬ولكنيا دائما يتـ إسقاطيا عميو (القاعدة ىى مرادفة اإلسبلـ‬
‫بالمسمميف واسقاط المسمميف عمى اإلسبلـ ال العكس‪ ،‬وىذا ىو الخطاء الجذرى والعمدى الذى يمجأ إليو كؿ نقاد‬
‫اإلسبلـ مف حيث ىو إسبلـ " ‪.‬‬
‫واذا كػاف اإلسبلـ اليوـ ضعيفا مغموباً عمى أمره‪ ،‬والسيادة والسيطرة ألوربا والغرب المسيحى خارج كؿ حدود‪ ،‬فإف‬
‫ىذا الوضع ليس قديماً أو أصيبلً‪ ،‬بؿ حديث طارئ منذ العصور الحديثة‪ ،‬تماما كما ىى قصة التوازف وصراع‬
‫القوة أوربا وآسيا‪.‬‬
‫فقديما فى العصور الوسطى وما قبميا كانت أوربا تقع تحت مطرقة آسيا واآلسيوييف‪ ،‬وغاراتيـ واحتبلليـ قروناً‪،‬‬
‫وكانت الغمبة دائما لمرعاة اآلسيوييف‪ ...‬إلخ‪ ،‬ثـ انقمب الميزاف رأساً عمى عقب‪ ،‬منذ البارود فى العصور الحديثة‪،‬‬
‫وأصبح العالـ اآلسيوى مستعمرة ألوربا تقريبا‪ ،‬نفس الشىء بالنسبة لمعالـ اإلسبلمى‪ -‬مع مبلحظة التداخؿ‬
‫الجزئى جغرافيا بيف العالـ اإلسبلمى والعالـ األوراسى‪ -‬ففى العصور الوسطى كػاف العالـ اإلسبلمى سيد أوربا‬

‫(‪)100‬‬
‫نفس المرجػع‪ :‬ص ‪.113‬‬
‫(‪)101‬‬
‫نفس المرجػع‪ :‬ص ‪.113‬‬
‫‪98‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وغازييا‪ .‬بعد العصور الحديثة انقمب الميزاف "الميـ فى ىذه النقطة ىو ذلؾ التشابو التاريخى فى تطور عبلقة‬
‫القوة بيف كؿ مف العالـ اإلسبلمى والعالـ اآلسيوى‪ ،‬وبيف أوربا المسيحية والغرب األوربى"‪.‬‬
‫"األقميات اإلسبلمية خػارج العالـ اإلسبلمى‪ ،‬تقابميا األقميات غير المسممة داخمة جزر فى ىذا المحيط‪ ،‬مقابؿ‬
‫واحات فى تمؾ الصحراء‪ ،‬وكمتاىما تمثؿ منطقة انتقاؿ دينية بيف كتمة اإلسبلـ وغير اإلسبلـ‪ ،‬أى مساحة مف‬
‫الوصؿ‪ -‬بقدر ما ىى مف الفصؿ‪ -‬بيف عالميف أو قؿ مساحة رمادية بيف األبيض واألسود‪ ،‬فيى تقرب بيف‬
‫النقطتيف وتخفؼ مف التناقض والتضاد بينيما‪ ،‬ولذا فيى مفيدة كعامؿ ربط نسبيا‪ ،‬أى ليست ش ار مطمقا أو ش ار‬
‫البد منو‪ ،‬أوشىءال خير فيو‪ ،‬وانما ىى شىءالبد منو "‪.‬‬
‫لذا فإف الصراع الحقيقى انتقؿ اليوـ إلى معادلة جديدة ‪ :‬معادلة صراع الشماؿ ضد الوسط ال الشماؿ ضد‬
‫الجنوب ‪.‬‬

‫‪ -2‬بعض الغرب ينظر إلى اإلسالـ عمى أنو الخطر الجديد والعدو الجديد بعد سقوط الشيوعية والسوفييت‪...‬‬
‫إلخ‪ .‬ىذا عمنا وحرفيا (‪:)102‬‬
‫"والمقصود أف الصراع األيديولوجػى السػابؽ حؿ محمو صراع أيديولوجػى جػديد‪.‬‬
‫فاإلسبلـ كعقيدة ىو أيديولوجية مضادة أليديولوجية الغرب‪ ،‬ولمغرب‪ ،‬وحضارة الغرب‪" .‬اإلسبلـ اليوـ يعيش‬
‫‪ Genre de vie‬ىو‬ ‫الحضارة الحديثة المعاصرة‪ -‬أى الغربية أو األوربية‪ -‬ولكنو ال يعيش نمط الحياة الغربية‬
‫يقبؿ الحضارة الغربية‪ ،‬ال "المجتمع " الغربى‪ .‬ىو مندمج حضاريا‪ ،‬مختمؼ مجتمعيا‪ ،‬مف ىنا الخبلؼ واالختبلؼ‬
‫غير قابؿ لمذوباف فى الحضارة الحديثة‪ ،‬يعيش خارج الحضارة الحديثة‪ ،‬ال يمكف ىضمو كما اليمكف ىضميـ‪.‬‬
‫ىذا يعتبره بعض الغربييف تحديا‪ ،‬التحدى اإلسبلمى المزعوـ‪ ،‬والذى ييدد حضارة الغرب‪ ،‬وربما حياة الغرب‬
‫ولكف ىذا وىـ‪ -‬أوىاـ العواـ والخواص والخواجة‪ -‬أوىاـ الخواجة "‪.‬‬
‫"فعبلً‪ -‬انتشار اإلسبلـ وتمدده ممحمة جغرافية فريدة ال مثيؿ ليا قط بيف األدياف‪ ،‬ىذا التوسع القارى القرنى‬
‫خرافة تاريخية تقريبا‪ ،‬ولكنو حدث "‪.‬‬
‫"وحدود العالـ اإلسبلمى اليوـ تمتد مف المحيط إلى المحيط‪ -‬األطمسى‪ -‬اليادى‪ -‬ومف البحر إلى البحر‪ -‬البحر‬
‫األسود إلى بحر العرب‪ -‬ومف البحر إلى المحيط‪ -‬المتوسط‪ -‬اليندى‪ .‬ومف البحيرة إلى البحيرة‪ -‬بيكاؿ‪-‬‬
‫فيكتوريا " اإلسبلـ دخؿ أوربا مف الغرب ومف الشرؽ‪ ،‬األندلس والبمقاف‪ ،‬كانت القاعدة فى األولى الشاـ األموى‪،‬‬
‫وفى الثانية األناضوؿ العثمانى‪.‬‬
‫ىاتاف البيئتاف البحريتاف التى توسع منيما اإلسبلـ شماالً ‪.‬‬

‫(‪)102‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 117 -115‬‬
‫‪99‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وىناؾ بيئتاف بحػريتاف أخرياف فى الجنوب‪ ،‬توسع منيما اإلسبلـ بحػ اًر‪ -‬عماف إلى إفريقيا‪ ،‬واليمف إلى اليند‬
‫الشرقية‪ .‬وما بيف االثنيف بيئة قارية برية ىى التى توسع منيا عرب الجزيرة الداخمية ليغطى قمب القارات فػى اسيا‬
‫وافريقيا‪ .‬الحظ دور الشاـ التوسعى كبيئة بحرية‪ :‬قديما إلى قرطاجنة‪ -‬تونس ‪ .‬ثـ إلى المغرب فاألندلس‪.‬‬
‫لقد قفز عرب اإلسبلـ رؤوس وال نقوؿ جثث البيئات المستقريف وتجاوزىـ إلى أبعد آفاؽ اإلسبلـ عمى رؤوس‬
‫المصرييف إلى المغرب غرباً‪ ،‬والى السوداف جنوباً‪.‬‬
‫فالذى نقؿ اإلسػبلـ وأدخمو إلى المغػرب والى السوداف‪ ،‬ليس المصػرييف ولكف عرب الجزيرة عبر مصر‪ ،‬وىكذا‬
‫فعموا شرقاً عمى رؤوس العراؽ ‪.‬‬
‫"مف البلفت بشدة أف أىـ خػصائص أو صفات اإلسبلـ ىى تفسيا أىـ خصائص وصفات أرض اإلسبلـ‪ ،‬أى‬
‫اإلسبلمى متوسط الموقع تماما فى العالـ القديـ‪،‬‬ ‫العالـ اإلسبلمى‪ ،‬وىى التوسط واالعتداؿ فى الحاليف فالعالـ‬
‫وبيئتو الطبيعية أقرب إلى االعتداؿ بحكـ ىذا المتوسط‪ -‬موقع متوسط‪ ،‬وموضع معتدؿ‪ ،‬أما اإلسبلـ فيقاؿ لنا‬
‫دائما‪ :‬إنو ديف التوسط واالعتداؿ‪ ،‬ال إفراط وال تفريط‪ ،‬ال تطرؼ وال تعنؼ "‪.‬‬
‫"فعبلً أوربا والعالـ العربى‪ +‬الشرؽ األوسط‪ -‬ىما وحدىما شركاء التاريخ البشرى الفعاؿ‪ .‬ىما فرسا رىاف التاريخ‬
‫والحضارة‪ ،‬والسياحة واالستراتيجية‪ ،‬والديف والصراع والسمـ والحرب‪ .‬واذا كاف ىناؾ تنافس وصراع‪ ،‬فيذا إنما‬
‫يؤكد الندية‪ ،‬وأنيما فرسا رىاف‪ ،‬واذا كانت أوربا تنكر ىذا وال تراه‪ ،‬فيذا عمى ألواف "‪.‬‬
‫"مف ىنا يجب أال ننفصؿ عف أوربا‪ ،‬باعتبارنا وحدنا األعرؽ واألقوـ واألكثر أصالة وقرابة وقربا فى عالـ إما‬
‫قديـ‪ ،‬ولكنو معزوؿ تماما كالمجيوؿ‪ ،‬أو غير الموجود‪ -‬الشرؽ األقصى‪ -‬واما جديد محدث طارئ‪ -‬أمريكا‪.‬‬
‫وكما يتقارب األوربيوف أنفسيـ داخؿ أوربا بعد صراعات ألفية رىيبة‪ ،‬وذكريات مريرة‪ ،‬فإف الدور ينبغى أف يأتى‬
‫عمى أوربا مع العرب والمشرقييف‪ -‬الشرؽ األوسط "‪.‬‬
‫"لمصمحة الطرفيف ذلؾ عمى األقؿ إلحداث التوازف ضد القادميف الجدد الذيف ييددوف كبل الطرفيف‪ ،‬وخاصة‬
‫الطغياف والييمنة األمريكية المجنونة " (‪.)103‬‬

‫‪ -3‬اضطياد المسمميف ومذابحيـ فى القرف العشريف (‪:)104‬‬


‫"رغـ أف اإلسػبلـ صػالح لكؿ زمػاف ومكاف‪ ،‬إال أنو لـ يعػد لو مكاف بالكاد فى ىذا الزماف "‪.‬‬
‫"اضطياد المسمميف‪ -‬ومذابحيـ المعاصرة فى ختاـ القرف ‪ ،20‬وعمى أبواب القرف‪ 21‬الميبلدى‪ -‬ال قبؿ الميبلد‪-‬‬
‫ظاىرة مؤسفة‪ ،‬محزنة مخجمة طبعا‪ ،‬ومرفوضة تماما‪ :‬ولكنيا لؤلسؼ طبيعية‪ -‬فالتعصب الدينى والصراع‬
‫الطائفى جزء مف صراع الشعوب واألمـ والدوؿ والقوى والمجتمعات والجماعات‪ ،‬صراع البقاء المؤبد‪ ،‬ولماذا‬

‫(‪)103‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.119‬‬
‫(‪)104‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.128- 124‬‬
‫‪100‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫نندىش لو ونستغربو‪ ،‬عمى بشاعتو ورفضنا لو‪ ،‬ومثمو أو عكسو موجود بيننا داخؿ العالـ اإلسبلمى‪ ،‬وقبمو ألـ‬
‫يكف الكفار يضطيدوف المسمميف فى عصر النبى؟ "دار اإلسبلـ " وقد تحولت‪ -‬لؤلسؼ‪ -‬إلى " دار حرب " فى‬
‫العقود األخيرة‪ ،‬أصبح العالـ اإلسبلمى ساحة لحروب عديدة ال تنقطع‪.‬‬
‫‪ -1‬إما داخمية بيف دوؿ إسبلمية‪.‬‬
‫‪ -2‬واما حرب أىمية داخؿ الدولة اإلسبلمية الواحدة‪.‬‬
‫‪ -3‬واما كحروب أقميات تتعرض ليا األقميات اإلسبلمية عمى تخوـ العالـ اإلسبلمى أو خارجو"‪.‬‬
‫وىذه الحروب تؤلؼ نطاقا كامبلً يطوؽ العالـ اإلسبلمى‪ ،‬ويكاد يمفو لفاً مف أقصى الشرؽ إلى أقصى الغرب‪،‬‬
‫ومف أقصى الشماؿ إلى أقصى الجنوب‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحروب بيف الدوؿ اإلسالمية‪:‬‬
‫تشاد‪ -‬العراؽ ‪ X‬إيراف‪.‬‬ ‫‪X‬‬ ‫ليبيا‬
‫العراؽ‪ X‬الكويت (‪ +‬السعودية والخميج ومصر وسوريا)‪.‬‬
‫المغرب (الصحراء الغربية)‪.‬‬ ‫الجزائر‪X‬‬

‫ب‪ -‬الحروب األىمية الداخمية‪:‬‬


‫أفغانستاف‪ -‬نيجػيريا‪ -‬لبناف‪ -‬قبرص‪ -‬الفمبيف (المورو)‪ -‬سرى النكا (التاميؿ‬
‫المسمميف)‪ -‬الصوماؿ‪.‬‬
‫جػ‪ -‬حروب األقميات اإلسالمية‪:‬‬
‫بورما (أراكاف)‪ -‬إريتريا‪.‬‬
‫د‪ -‬حروب الدوؿ غير اإلسالمية ضد اإلسالمية‪:‬‬
‫"كوسوفا "‪.‬‬ ‫‪X‬‬ ‫اليند‪ X‬الباكستاف‪ -‬الصرب‪ X‬البوسنة واليرسؾ و‬
‫فمسطيف‪ -‬مصر‪ -‬األردف‪ -‬سوريا‪ -‬لبناف‪.‬‬ ‫‪X‬‬ ‫إس ار ئيؿ‬
‫المفارقة المفجعة حقاً أف اإلسبلـ الذى يصمح لكؿ زماف ومكاف‪ ،‬لـ يعد لو مكاناً بالكاد فى ىذا الزماف! فخارج‬
‫العالـ اإلسبلمى‪ ،‬اإلسبلـ والمسمموف مطاردوف مضطيدوف شرقا وغربا وشماال وجنوبا‪ ،‬فى آسيا البوذية‪ ،‬وأوربا‬
‫المسيحية‪ ،‬فى إفريقيا السوداء‪ ،‬مف سائر األدياف كما مف األدياف أو البل أدياف األرضية‪.‬‬
‫غريب جدا‪ :‬وفى آسيا‪ ،‬الديانات غير السماوية تضطيد اإلسبلـ والمسمميف فى كؿ مكاف اليند اليندوكية‪ ،‬بورما‬
‫البوذية‪ ،‬الصيف‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫ولكف فى كؿ الحاالت‪ ،‬فإنيـ ال يضطيدوف بعضيـ البعض‪ ،‬ليس بينيـ مشاكؿ طائفية‬
‫فبل اليندوس يضطيدوف‪ ،‬أو العكمس‪ ،‬وال الشنتو يضطيدوف اليندوس أو‪ ..‬إلخ! "‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ال يريد العرب والمسمموف أف يدركوا أف ىناؾ ثنائية أبدية فى الصراع األبدى الديني فى ىذا العالـ‪ ،‬إنيا "ثثائية‬
‫الثنائية "‪ :‬صراع‪ -‬دينى أبدى بيف طرفيف كؿ منيما ذو طرفيف‪ :‬اإلسبلـ ‪ +‬العرب ضد المسيحية ‪ +‬الييود ‪.‬‬
‫ال يريد العرب والمسمموف أف يفيموا أف الغرب واألوربييف ينظروف إلى الييود كجزء منيـ سواء جنسياً أو دينياً‬
‫(‪ +‬حضاريا أيضاً)‪ ،‬إال أنو جزء صغير مشاغب‪ ،‬كاالبف الضاؿ ‪ Prodigal son‬الذى سيعود فى النياية إلى‬
‫العائمة‪ ،‬ميما فعؿ فيو مغفور لو‪ ،‬والعائمة معو إلى النياية‪ .‬جنسياً‪ ،‬الييود أوربيوف (كذلؾ حضارياً) دينياً ىـ‬
‫طائفة ناشز مف المسيحية وخوارج أو متخمفوف عف الديانة األـ أو الحؽ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ -4‬المفروض أف المسمميف ىـ التجسيد العممى لإلسالـ (‪:)105‬‬
‫فمف ناحية االنفصاؿ لئلسبلـ عف المسمميف‪ ،‬إذ ال إسبلـ ببل مسمميف‪ -‬كما أنو ال اشتراكية ببل اشتراكييف‪-‬‬
‫فالمسمموف ىـ التجسيد المادى المحسوس لئلسبلـ‪ .‬اإلسبلـ ىو الروح والمسمموف الجسد‪ ،‬اإلسبلـ يتجسد فى‬
‫جسـ المسمميف ويحييو‪ ،‬والمسمموف ىـ الجسـ الذى يحتوى الروح ويحمييا‪ ،‬وىـ التجسيـ المادى المرئى الممموس‬
‫لمعقيدة والديف كفكرة وأيديولوجية‪ ،‬إسبلـ ببل مسمميف‪ ،‬ولكف قد يكوف ىناؾ "مسمموف ببل إسبلـ "!‬
‫"أما المرادفة بيف اإلسبلـ والمسمميف‪ ،‬كما يفعؿ معظـ المستشرقيف والغرب‪ ،‬فيذا فقط مف قبيؿ المجاز‪،‬‬
‫واالختصار‪ ،‬التجاوز واليسر‪ ،‬ولكف يمكف أحيانا أف يكوف إيجا از مخبلً ومجا اًز مغرضاً‪.‬‬
‫الظاىرة الحقيقية جدا والمحيرة لمغاية‪ ،‬ىى االنقبلب الذى ط أر عمى وضع اإلسبلـ ودرجة تقبمو أو رفضو فى‬
‫إفريقيا الجديدة بعد التحرر‪.‬‬
‫قديما كاف التحوؿ إلى اإلسبلـ يتـ بسيولة وسبلـ‪ ،‬وبإقباؿ شخصى شديداً مف أصحابو‪ ،‬الذيف كانوا يروف فى‬
‫اإلسبلـ وسيمة لمتحرر والحرية والكرامة‪.‬‬
‫بعد التحرر السياسى وخروج االستعمار‪ ،‬حدث العكس أصبح ىناؾ عقدة نفسية ضد اإلسبلـ‪ ،‬ورفض لو حاداً‬
‫ومؤكداً‪ ،‬باعتباره وسيمة لسمب اإلنساف مف حريتو الشخصية‪،‬‬
‫ال شؾ أف أصابع الدوؿ االستعمارية واالستعمار خمؽ ذلؾ فى الحاليف‪ ،‬ولكف كعنصر ثانوى‪ ،‬وعامؿ انتيازى‪،‬‬
‫ولكف األصؿ والعيب ليس فى اإلسبلـ نفسو "‪.‬‬
‫(عودة اإلسالـ ليقود مف جديد) (‪:)106‬‬
‫" يبدو لى أف عودة اإلسبلـ أصبحت حقيقة واقعة فى أكثر مف مكاف فى أسبانيا اليوـ‪ ،‬عودة اإلسبلـ حقيقة ودالة‬
‫جدا تحت ناظرينا"‪.‬‬
‫ومفيوـ مختمؼ‪ ،‬بعد طمر‬ ‫ثـ فى جػميوريات آسيا الوسطى‪ -‬السوفيتية سابقا‪ -‬ىناؾ عودة مؤكدة بمعنى‬
‫الشيوعية لئلسبلـ ‪ 70‬سنة‪.‬‬

‫(‪)105‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.132‬‬
‫(‪)106‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪. 134 -133‬‬
‫‪102‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"فى الوقت نفسو يبدو أف ديناميات اإلسبلـ تختؿ تماما؟ فقديما كاف اإلسبلـ يتقمص فى تراجع نحو الجنوب فى‬
‫جبػيتو األوربية وجنوب جبػيتو اإلفريقية‪ ،‬اآلف ىناؾ عودة اإلسبلـ فى أوربا خاصة فى طرفييا أسبانيا وآسيا‬
‫الوسطى‪ +‬ىجرة المسمميف إلى قمب أوربا"‪.‬‬
‫فقد كاف االستعمار ال يحارب اإلسبلـ عمنا أو مباشرة‪ ،‬ولكنو كاف يحاصره بطرؽ غير مباشرة‪.‬‬
‫"فقد كاف يعطى كؿ الفرص واإلمكانيات لموثنييف المنتصريف ‪ ،‬أو المسيحييف مف الفئات المستعمرة‪ .‬فكانوا‬
‫متأوربيف "متحضريف " بالمعنى األوربى‪ ،‬وجاىزيف لمسمطة والحكـ حيف ذىب االستعمار‪ ،‬بينما كاف المسمموف فى‬
‫كتاتيبيـ ودراساتيـ الدينية ال يصمحوف لشىء فعبلً‪.‬‬
‫وحيف تسمـ المنتصروف السمطة‪ ،‬اتخذ التناقض الدينى شكؿ صراع سافر أو مكتوـ‪ ،‬فأصبحت الدولة الجديدة‬
‫تحارب اإلسبلـ وتناصر المتنصريف‪ ،‬فتوقؼ اإلسبلـ وتحوؿ مف المد إلى الجزر‪.‬‬
‫‪ -5‬استراتيجية الصييونية والييود ىى استدراج اإلسالـ وتورطو فى صداـ دموى مع النصارى (‪:")107‬‬
‫(‪)108‬‬
‫ىى استدراجو‪ -‬اإلسبلـ‪ -‬وتوريطو فى صداـ وصراع دموى‪،‬‬ ‫"إف االست ارتيجػية العظمى ألعداء اإلسبلـ‬
‫مسمح إف أمكف‪ ،‬مع النصرانية‪ .‬ىذه ىى استراتيجية الصييونية والييود "‬
‫* االستراتيجية اإلسبلمية المضادة‪ ،‬ينبغى أف تعكس ىذا الصراع‪ :‬أف تدؽ إسفيناً ما‬
‫‪ .‬ال‬
‫(‪)109‬‬
‫لَتَ ِج َل َّن أَ َش َّل الن ِ‬
‫َّاس َع َل َاو ًة )‬ ‫بني ادلسيحية واليهودية‪ ،‬وتعمل على الفصل بينهما ما أمكن‪ ،‬وىف نفس الوقت وبنفس درجة التقارب بني اإلسالم وادلسيحية (‬

‫أحد فى أوربا يريد دولة إسبلمية بالقارة‪ ،‬كميـ يعمنونيا ببل مواربة‪ ،‬ال مكاف لئلسبلـ تحت البرد‪ -‬إف أمكف تحت‬
‫الشمس‪ -‬المطموب نفى اإلسبلـ المعتدؿ‪ -‬أى‪ :‬المناخ المعتدؿ‪ -‬إلى المدار‪ ...‬اإلسبلـ يمتد مف المحيط‬
‫لممحيط‪ -‬األطمسى‪ -‬اليادى‪ ،‬ومف البحر إلى البحر‪ -‬المتوسط إلى بحر العرب‪ -‬منطقة المشرؽ العربى" ىى‬
‫حػاضرة العالـ اإلسبلمى‪ ،‬حيث تدور مف البحر المتوسط إلى بحر العرب‪ .‬بالعالـ اليوـ ‪ 20‬مميوف الجىء ‪%80‬‬
‫منيـ مسمموف‪.‬‬
‫أندونيسيا ىى اإلسبلـ الوحيد الذى يخترقو خط االستواء‪ ،‬فاإلسبلـ ال يصؿ فى أى قارة أخرى جنوبا إلى خط‬
‫االستواء ‪ ،‬سواء ذلؾ فى إفريقيا أو أمريكا الجنوبية‪ .‬فى إفريقيا ىو يقطع منطقة الساحؿ الشرقى لعمؽ محدود‬
‫لمغاية‪.‬‬

‫(‪)107‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.138 ،137‬‬
‫(‪)108‬‬
‫ارجػع جريدة األىراـ وجريدة الوفػد بتػاريخ ‪ ،1998/5/19‬بأف أمريكا نجحت باستصدار قانوف‪ -‬االضطياد الدينى‪ -‬بعد موافقة ‪375‬‬
‫عضوا لصالح المشروع ضد‪ 41‬عضواً‪ ،‬وبذلؾ يكوف الموبى الييودى قد نجح فى الحصوؿ عمى األغمبية لمجمس النواب األمريكى ‪.‬‬
‫ص َيارى َيذلِع َيؾ‬ ‫آم ُسنوا الَي ِعذ َي‬
‫يف قَيالُسوا َّرإنا َين َي‬ ‫َيش َيرُسكوا ولَيتَي ِعج َيد َّرف أَيق َيْسرَيب ُسيـ َّرم َيودَّرةًال لِّممَّر ِعذ َي‬
‫يف َي‬ ‫ود والَّر ِعذ َي‬
‫يف أ ْس‬ ‫الي ُسي َي‬
‫آم ُسنوا َي‬ ‫اس َيع َيد َياوةًال لِّممَّر ِعذ َي‬
‫يف َي‬ ‫قاؿ تعالى ‪( :‬لَيتَي ِعج َيد َّرف أ َي‬
‫َيش َّرد َّر‬
‫الن ِع‬ ‫(‪)109‬‬

‫س ِع‬
‫َيف ِعم ْسن ُسي ْسـ ِعق ِّم‬
‫وف (‪ )82‬الما ئد ة‪.82 /‬‬ ‫ور ْسى َيباناًال وأ َّرَين ُسي ْسـ ال َيي ْس‬
‫ستَي ْسك ِعب ُسر َي‬ ‫يف ُس‬
‫يس َي‬ ‫ِعبأ َّر‬
‫‪103‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"سينكيانج والتبت‪ ،‬كمتاىما فى الصيف‪ .‬كمتاىما آسيا الوسطى فى االتحاد السوفيتى السابؽ‪ ،‬ليست صينية‪ ،‬ولكف‬
‫استعمار صينى‪ ،‬وكما انفصمت آسيا الوسطى فى دوؿ مستقمة‪ ،‬يجب أف تنفصؿ سينكيانج والتبت عف الصيف‬
‫كدوؿ مستقمة (داخمية) أيضاً‪ ،‬إذ ال معنى حقيقة ليذا االبتبلع "‪.‬‬
‫‪ -6‬الغرب يسمى اإلسالـ الخطر األخضر ويعتبره عدوه المدود ( ‪:)110‬‬
‫"كاف الغرب يتحدث عف الخطر األحمر أى الشيوعية‪ ،‬فابتكر اآلف تعبير "الخطراألخضر" إشارة إلى خطر‬
‫اإلسبلـ‪.‬‬
‫بعد سقوط االتحاد السوفيتى وزوالو‪ ،‬وبدء البحث عف عدو جديد‪ ،‬قيؿ‪ :‬إنو اإلسبلـ‪ ،‬نؤكد أف اإلسبلـ خارج‬
‫المعركة والحمبة‪ ،‬ىو فقط كبش فداء مؤقت‪ ،‬أما العدو الحقيقى الفعاؿ فسيظير مف بيف صفوؼ المعسكر‬
‫المنتصر بالغرب‪ ،‬وسيكوف الصراع الرىيب بيف أمريكا وأوربا الغربية أو الياباف أو‪ ...‬ولعميـ ىناؾ يخدعوف‬
‫أنفسيـ ثمف حتمية ومأساوية‪ ،‬ىذا الصراع القادـ بالحديث الشفيى عف اإلسبلـ كعدو"‪.‬‬
‫‪ -7‬الجغرافيا عمـ األيف ( ‪:)111‬‬
‫"عمى المسمـ الذى يكتب عف العالـ اإلسبلمى‪ ،‬أف يضع نفسو فى مكاف غير المسمـ‪ ،‬خاصة األوربى المسيحى‪،‬‬
‫ليس فقط ليكوف موضوعياً‪ ،‬ولكف أيضا ليستوعب وجية نظر اآلخريف "اآلخر"‪ .‬أسوأ دعاية وأكبر لئلسبلـ ىى‬
‫اإلسبلـ السياسى بالمعنى األصولى"‪ .‬اإلسبلـ السياسى إذف نوعاف‪ ،‬كما يمكف تصنيفو‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلسبلـ الحميد‪ -‬تحرير فمسطيف أساسا‪ +‬تنمية وتطوير العالـ اإلسبلمى‪.‬‬
‫‪ -2‬اإلسبلـ السياسى الخبيث‪ -‬الثيوقراطية والدولة الدينية‪.‬‬

‫‪ -8‬الغرب يعتبر العالـ اإلسالمى عدوه الجديد ( ‪:)112‬‬


‫"بعد سقوط الشيوعية وزواؿ االتحاد السوفيتى‪ ،‬أصبح العالـ اإلسبلمى ىو المرشح الجديد كعدو الغرب الجديد‪.‬‬
‫ليكوف جبية مشتركة‬
‫والى ىنا ال جديد‪ .‬الجديد ىو أف الغرب سوؼ يستدرج خمفاء اإللحاد والشيوعية إلى صفو ّ‬
‫ضد العالـ اإلسبلمى واإلسبلـ‪ ،‬باعتبارىما العدو المشترؾ لبلثنيف‪ ،‬بؿ لف يجد الغرب مشقة فى ىذا‪ ،‬ولف يحتاج‬
‫األمر إلى استدراج‪ :‬سيأتى الشرؽ الشيوعى القديـ ليمقى بنفسو فى معسكر الغرب الموحد ضد اإلسبلـ والعالـ‬
‫اإلسبلمى‪.‬‬
‫‪ 6.5‬مميوف‪-‬‬ ‫اإلسبلـ اليوـ فى فرنسا ىو الديانة الثانية بعد الكاثوليكية‪ -‬وقبؿ البروتستانتية والييودية‪ -‬عددىـ‬
‫‪ %11‬مف سكاف فرنسا‪.‬‬

‫( ‪)110‬‬
‫صفحات مف أوراقو الخاصة‪ ،‬ص ‪.139‬‬
‫( ‪)111‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.144‬‬
‫( ‪)112‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.195،196‬‬
‫‪104‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وفى الفصؿ الخامس يتحدث الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬عف العالـ الغربى‪:‬‬
‫‪ -1‬صراعات البشرية مف أجؿ القوة والسيطرة العالمية‪ ،‬ومنيا الصراعات األوربية‪:‬‬
‫وعف إمكانية التقارب بيف العالـ العربى وأوربا قاؿ "جماؿ حمداف "‪" :‬كانت أوربا البيضاء فى صراع دموى ألفى‬
‫طواؿ تاريخيا مع بعضيا البعض‪ ،‬أعدى األعداء اآلف يتقاربوف ويتحابوف ويتطمعوف إلى دولة واحدة الواليات‬
‫المتحدة‪ ،‬بعد أف لـ يكونوا يروف إال االختبلفات والخبلفات بينيـ‪ ،‬لـ يعودوا يروف إال التشابيات والروابط بينيـ!‬
‫ما مف محبة إال بعد عداوة!‬
‫حسنا‪ ،‬كانت أوربا البيضاء المسيحية طواؿ العصور الوسطى المظممة فى حرب ظالمة‪ ،‬وعداء منطقى مع العالـ‬
‫(‪ .)113‬عف‬ ‫العربى والشرؽ األوسط‪ -‬المسمميف‪ -‬وال يزاؿ الثأر والتعصب والحقد والكراىية بدرجات متفاوتة"‬
‫الحكمة التى تقوؿ‪" :‬ما محبة إال بعد عداوة "‪ .‬عمؽ الكاتب‪ -‬رحمو اهلل‪ -‬يقولو‪" :‬ىذا ما يحػدث األف فى أوربا‬
‫بعد حػروب ألفيػة‪ -‬وباآلالؼ‪ ،‬بدؤوا يتقاربوف ويدركوف وحدة أصميـ وكيانيـ‪ .‬يوما ما سوؼ تتسع الدائرة ليكتشؼ‬
‫األووبيوف أف أقرب الشعوب غير األوربية إلى األوربييف ىـ العالـ العربى والشرؽ األوسط‪ ،‬وانيـ جميعا‬
‫قوقازيوف‪ ،‬بيض‪ ،‬متحضروف‪ ،‬مختمفوف عف سائر شعوب األرض أى وحدة‪ ،‬ولكنيا أقؿ كثافة وعمقا مف الوحدة‬
‫األوربية ‪ ،‬كما أنو ما مف محبة إال بعد عداوة‪ ،‬فكذلؾ ما مف مساواة إال بعد صراع "‪.‬‬
‫"كؿ جماعة تفضؿ نفسيا عمى اآلخريف‪ ،‬وتعتبر األرقى واألسمى وترفض أف تعترؼ باآلخريف أنداداً متساويف‬
‫بالقوة والحرب والصراع‪ ،‬حتى يتقاربوا ويتصالحوا‬ ‫معيا ومساويف ليا‪ ،‬إلى أف يفرض اآلخروف أنفسيـ عمييـ‬
‫صمح الشجعاف‪ ،‬وىذه قصة أوربا بشعوبيا المختمفة داخميا‪ ،‬وما كارثة االتحاد السوفيتى وشرؽ أوربا مؤخ ار إال‬
‫اخر وأحدث تجسيد ليذه الحقيقة وليذا القانوف "‪.‬‬
‫"اآلف الدور والدورة عمى العرب المسمميف واإلسبلـ عامة‪ .‬فعبلً أوربا والغرب تبحث اآلف‬
‫عف عدو‪ -‬وليس ىذا توىماً أو شذوذاً‪ -‬ىو طبيعى جدا فى التاريخ والحياة "‪.‬‬
‫"نفس القضية مع أوربا‪ +‬العرب‪ ،‬ال لمعرب‪ ،‬وال أوربا‪ ،‬تنافس مع اآلخريف عمى صدارة العالـ‪ ،‬سواء فى الماضى‬
‫أو الحاضر‪ ،‬كبلىما يعمـ ويعمف أف األولوية ألوربا والغرب اآلف والى اآلبد‪ ،‬لكف العرب تشعر أنيا الرجؿ الثانى‬
‫فى العالـ‪ ،‬وتريد اعتراؼ أوربا بيا عمى ىذا األساس‪ ،‬ولكف أوربا ترفض تكب ار ومكابرة‪ ،‬ولكف سيأتى اليوـ الذى‬
‫تدرؾ فيو أوربا صحة وشرعية االدعاء العربى‪ ،‬وستقربيـ إلييا عمى ىذا األساس " (‪.)114‬‬
‫‪ -2‬رغبة أوربا الموحدة فى االستقالؿ والتحرر مف الخضوع ألمريكا ( ‪:)115‬‬

‫( ‪)113‬‬
‫صفحات مف أوراقو الخاصة‪ ،‬ص ‪.153‬‬
‫( ‪)114‬‬
‫صفحات مف أوراقو الخاصة‪ ،‬ص ‪.155‬‬
‫( ‪)115‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.157‬‬
‫‪105‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"وتماماً تماما‪ ،‬واف بالمقموب‪ ،‬فكما كاف األمريكاف األوائؿ يسعوف إلى الدولة الجديدة لكى يستقموا عف الطغياف‬
‫والظمـ والتبعية والسيادة البريطانية الغاشمة‪ ،‬فإف األوربييف اليوـ يسعوف إلى الوحدة األوربية‪ ،‬لكى يستقموا عف‬
‫وصمة الوصاية والحماية والتبعية والتخمؼ والخضوع ألمريكا‪ -‬الواليات المتحدة‪ -‬وغطرستيا المكشوفة والوقحة‪.‬‬
‫‪ -3‬تأمر أوربا وأمريكا ضد البوسنة واليرسؾ ( ‪:)116‬‬
‫"أوربأ وأمريكا تمعباف معاً لعبة تواطؤ خبىء خبيث ضد البوسنة واليرسؾ‪ ،‬فكؿ منيما تترؾ ميمة التدخؿ‬
‫لبلخرى‪ ،‬أمريكا تتركيا ألوربا باعتبارىا مشكمة أوربية‪ .‬وأوربا تتمكأ برغـ عدـ اتفاؽ أعضائيا‪ ،‬وتترؾ الفرصة‬
‫ألمريكا باعتبارىا القيادة العميا! ولكف االثنتيف تتبارياف فى التسويؼ والتمكؤ عمداً‪ ،‬بأمؿ أف يفرض األمر الواقع‬
‫نفسو‪ ،‬وىو انتصار الصرب‪ ،‬حتى ال تقوـ دولة السبلطيف فى قمب أوربا"‪.‬‬
‫‪ -4‬أوربا تعتبر أف العدو الجديد ىو اإلسالـ ( ‪:)117‬‬
‫"واضح أف أوربا والغرب فى بحث دائـ عف عدو ما‪ ،‬وتاريخ أوربا الحديث ىو سمسمة متعاقبة مف العداءات‬
‫‪ -ANTI‬ضد‬ ‫‪COMMUNISM‬‬ ‫‪ -ANTI‬ضد السامية‪ -‬بعد ذلؾ‬ ‫‪SEMITESM‬‬ ‫الموجية فى القرف الماضى‬
‫الشيوعية‪ -‬اآلف ‪ -ANTI ISLAMISM‬ضد اإلسبلـ "‪.‬‬

‫"ينبغى أف تميز فى ألواف البشرة واألجناس بيف "األبيض األوربى" "واألبيض الشرقى"‬
‫وىو األبيض القوقازى غير األوربى‪ ،‬أو األبيض القاتـ أو الكابى"‪.‬‬
‫‪ -5‬انييار الواليات المتحدة قريباًال جدا ( ‪:)118‬‬
‫ٍ‬
‫وصارـ واالنكشاؼ العاـ تـ‪،‬‬ ‫" اآلف تصارع الواليات المتحدة لمبقاء عمى القمة‪ ،‬ولكف االنحدار ألقداميا ٍ‬
‫سار‬
‫االنزالؽ النيائى قريب جدا فى انتظار أى ضربة مف المنافسيف الجدد‪ -‬أوربا‪ ،‬ألما نيا‪،‬اليا باف "‪.‬‬
‫"وأمريكا تختمؼ عف كؿ دوؿ االستعمار السابؽ‪ ،‬ال فى أنيا فقط تنكر أى عبلقة ليا باالستعمار‪ ،‬ولكف أساسا‬
‫فى أنيا أوؿ مستعمر وقح متبجح بصورة عمنية فاجرة (*)‪ ،‬فالمستعمروف قبميا كانوا يعرفوف أنيـ لصوص (**)‪،‬‬
‫ولكف ال يدعوف حقا فى المصوصية‪ ،‬إال أمريكا فإنيا ألوؿ مرة تعمف بكؿ وقاحة أنيا لصة وليا حؽ المصوصية"‪.‬‬

‫‪ -6‬االستعمار العالمى عاد إلى الوجود فى صورة اخطر جدا مما تتصور!!‬

‫( ‪)116‬‬
‫نفسى المرجع‪ ،‬ص ‪.158‬‬
‫( ‪)117‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.159‬‬
‫( ‪)118‬‬
‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫(*)راجع جريدة األىراـ المصرية‪ -‬األستاذ أحمد بيجت‪ -‬زاويتو فى صندوؽ الدنيا‪ -‬تحت عنواف "جذور العنؼ "بتارخ السبت ‪.1998/3/28‬‬
‫(**)‬
‫مقالة الدكتور مصطفى محمود فى جريدة األىراـ ‪ 98/3/28‬تحت عنواف (دستور المصوص) ‪.‬‬
‫‪106‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"أمريكا تتعامؿ مع العالـ الخارجى كما تتعامؿ مع الينود الحمر‪ ،‬وىى سرطاف العالـ السياسى‪ ،‬ويبدو أف دور‬
‫روسيا الذى اختارتو لنفسيا بعد انتحار االتحاد السوفيتى ولممشاركة الشكمية مع أمريكا فى النظاـ الجديد‪ -‬تعمقا‬
‫بحباؿ اليواء‪ -‬ىو أف تعمؿ "كوكيؿ ألمريكا " فيما كاف االتحاد السوفيتى سابقا‪ ،‬أى كمساعد أوؿ لمسيد األمريكى‬
‫العالمى"‪.‬‬
‫( ‪)119‬‬
‫وارد أمريكا يعتمد عمى اعتماد مجموعة مف الوكبلء اإلقميمييف‬ ‫"ويبدو كذلؾ أف النظاـ العالمى الجديد‬
‫الكبار فى كؿ منطقة رئيسية مف العالـ‪ -‬وكبلء‪ .‬وأمريكا تشرع لنفسيا فقط عمنا وقانونياً‪ -‬محاربة اإلرىاب الدولى‬
‫العالمى‪ -‬حيث قررت محكمتيا العميا حؽ أمريكا فى اختطاؼ ومحاكمة أى أجنبى تطمبو "‪.‬‬
‫"ىذا بالضبط يعنى أف أمريكا بدأت تعامؿ العالـ الخارجى‪ ،‬كما تعاممت مع الينود الحمر فى الداخؿ‪ :‬اإلبادة‬
‫(***)‬
‫االسـ الشرعي!! "‪.‬‬ ‫واإلرىاب‬

‫"لقد بدأت الحػرب البػاردة بالفعؿ بيف شػاطىء األطمسى‪ ،‬بيف أوربا وأمريكا حمفاء األطمنطى‪ ،‬لقد انتقمت الحرب‬
‫الباردة مف الشرؽ‪ -‬الغرب‪ ،‬أو الشيوعية الرأسمالية إلى داخؿ الغرب نفسو الغرب‪-‬الغرب‪ ،‬وداخؿ الرأسمالييف‬
‫القدامى خاصة فرنسا‪ +‬ألمانيا‪ ،‬وأمريكا‪ +‬بريطانيا‪.‬‬
‫"أصدقاء األمس سيصبحوف أعداء الغد‪ ،‬بمثؿ ما قد أصبح أعداء األمس أصدقاء اليوـ! "‪.‬‬
‫"أمريكا ىى" سرطاف العالـ السياسى" ال تنطبؽ صفة السرطاف عمى شىء فى الدنيا‪ ،‬كما تنطبؽ عمى أمريكا‪،‬‬
‫كؿ خصائص ومشخصات وأعراض السرطاف تنطبؽ عمييا كما ال تنطبؽ عمى أى شىء آخر سوى الجسـ‬
‫اإلنسانى‪ :‬إفراط النمو‪ ،‬والتضخـ المرضى القاتؿ الذى ييدد سائر الجسـ‪ -‬العالـ‪ -‬فى صميـ وجوده "‪.‬‬
‫‪ -7‬إسرائيؿ ىى الحاكـ (‪:)120‬‬
‫"وطريقة الحياة األمريكية كما يسمونيا ما ىى؟ ىى الييستيريا الحياتية‪ ،‬طريقة حياة أمريكا ىى ىيستيريا دائمة‪،‬‬
‫سعار مستمر‪ ،‬مركز ومصدر ومحرؾ وموجو ىذه اليستيريا الوطنية ىو اإلعبلـ‪ :‬اإلعبلـ األمريكى‪ ،‬ىو قمة‬
‫طريقة الحياة األمريكية المزعومة‪ ،‬إنو الجنوف والييستيريا المسموعة والمقروءة والمرئية… إلخ‪ ،‬والشعب األمريكى‬
‫قطيع قائده اإلعبلـ‪ ،‬وىو حػاكـ أمريكا الحقيقى‪ ،‬حتى اإلدارة والحكـ ينقاد لموجات اإلعبلـ العاتية ويخضع‬
‫إلشعاعاتيا الضارة إف عفواً أو عمداً "‬

‫(‪)119‬‬
‫فكرة النظاـ العالمى الجديد‪ ..‬وفمسفتو تنبعاف فى الحقيقة مف العقيدة الييوديو‪/‬النصرانية‪.‬‬
‫لمزيد مف التفاصيؿ حوؿ معالـ النظاـ العالمى الجديد فمسفتو واطاره القانونى؟ كتاب (نيضة أمة‪-‬كيؼ نفكر استراتيجيا‪ -‬المواء أ‪ .‬ح ‪ .‬د‪ .‬فوزى‬
‫محمد طايؿ‪ -‬الناشر مركز اإلعبلـ العربى‪ ،‬طبعة عاـ ‪ 1997‬ص ‪ 242‬الباب الرابع‪ -‬الفصؿ الثانى‪.‬‬
‫(***)‬
‫ممفحات مف أوراقو الخاصة‪ ،‬ص ‪. 162 ،161‬‬
‫(‪)120‬‬
‫صفحات من أوراقو اخلاصة‪ ،‬ص ‪. 165‬‬
‫‪107‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ولما كانت إسرائيؿ ىى التى تحكـ اإلعبلـ األمريكى‪ ،‬الذى يحكـ العقؿ األمريكى‪ ،‬فإف إسرائيؿ ىى الحاكـ‬
‫النيائى واألخير والحقيقى لمدولة األمريكية "‪.‬‬
‫‪ -8‬أمريكا والعالـ كمو يتبادالف الحقد والكراىية (‪:)121‬‬
‫"أمريكػا فى حالة سعار سياسى مجنوف‪ .‬مبلحظة ىامة جدا وجػديرة بالتفكير منذ نشأتيا‪ ،‬وأمريكا تدعى المثالية‬
‫السياسية فى كؿ مجاؿ‪ ،‬فيـ أشراؼ وأطيار وأنبياء العفة السياسية فى العالـ وعبر التاريخ… إلخ‪ ،‬والعكس تماما‬
‫تماما ىو ما يفعموف‪ ،‬ولكف ما مف قوة عمى األرض يمكف أف تقنعيـ بذلؾ "‪.‬‬
‫"وأصبح مف الواضح تماما أف العالـ كمو وأمريكا يتػابدالف الحػقػد والكراىيػة عمناً‪ ،‬أمريكا تعمف لمعالـ الوقح الحاقد‬
‫عمييا‪ ،‬والعالـ الذى ال يخفى كػرىو ليا ينتظر بفارغ الصبر لحظة الشماتة العظمى فييا حيف تسقط وتتدحرج‪،‬‬
‫العالـ كالحيواف الكاسر الجريح " "لقد صار بيف أمريكا والعالـ "تار بايت "‬ ‫وساعتئذ ستتصرؼ أمريكػا ضد‬
‫أمريكا اآلف فى حػالة "سعار قوة" سعار سياسى مجنوف‪ ،‬شبو جنوف القوة‪ ،‬وجنوف العظمة‪ ،‬وقد تسجؿ مزيدا مف‬
‫االنتصارات العسكرية‪ ،‬فى مناطؽ مختمفة مف العالـ عبر السنوات القادمة‪ ،‬ولكف ىذا السعار سيكوف مقتميا فى‬
‫النياية "‪.‬‬
‫‪ -9‬العرب أصبحوا لعبة أمريكا المفضمة (‪:)122‬‬
‫"الغذاء الداخمى الجػديد ألمريكا‪ -‬الواليات المتحػدة‪ -‬لـ يعد الكاريبى وال أمريكا البلتينية‪ ،‬وانما الوطف العربى‪،‬‬
‫والعرب أصبحوا لعبة أمريكا المفضمة‪ ،‬ومستعمرتيـ الخصوصية جدا‪ ،‬وعمييـ وحدىـ يمارسوف قيادتيـ المزعومة‬
‫لمعالـ‪ .‬وأمريكا دولة الشذوذ السياسى العظمى فى العالـ كيؼ؟‬
‫أ‪ -‬ىى الوحيدة التى تشترى تبعية سياسات الدوؿ األجنبية بالشراء‪ ،‬أى بالمساعدات والمنح المادية‪ ،‬أى تشترى‬
‫السياسة باالقتصاد‪.‬‬
‫ب‪ -‬ىى الوحيدة التى تدعى المثالية السياسية‪ ،‬رغـ أف واقعيا ىو النقيض المطمؽ تماما "وكياف أمريكا ذاتو وكمو‬
‫فيو المادة الخاـ النموذجية لمثورة الشيوعية‪ ،‬كما حددىا ماركس‪ -‬وىى أرقى الدوؿ الرأسمالية تطو ار وتقدما‪ ،‬إذف‬
‫ىى المرشح الحقيقى لمشيوعية الناضجة القادمة‪ ،‬فشؿ االتحاد السوفيتى سببو أف الشيوعية فيو قامت فى "المكاف‬
‫الخطأ والزماف الخطأ‪ -‬شبو إقطاعى رأسمالى بادئى فمننتظر! "‪.‬‬
‫‪ -10‬ألمانيا والياباف عمالؽ اقتصادى وقزـ سياسى (‪:)123‬‬
‫" يبدو أف ما كاف يقاؿ عف ألمانيا والياباف استراتيجيا سيقاؿ عف أمريكا قريبا‪ ،‬ولكف بالمعكوس‪ ،‬فألمانيا والياباف‬
‫عمبلؽ اقتصادى وقزـ سياسى‪ -‬كما قيؿ‪ -‬بينما تتحوؿ أمريكا تدريجيا إلى عمبلؽ سياسى وقزـ اقتصادى"‪.‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.165‬‬ ‫(‪)121‬‬

‫(‪)122‬‬
‫صفحـات من أوراقو اخلاصة‪ ،‬ص ‪.166‬‬
‫نفس المرجػع‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫(‪)123‬‬
‫‪108‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -11‬ىؿ تمثؿ أمريكا اليوـ مرحمة احتضار الحضارة ؟ أـ انتصار الحضارة (‪" !!)124‬‬
‫"ما الذى دىى العالـ؟! لـ يحدث قط مف قبؿ أف ظيرت قوة إمبريالية طاغية مستبدة مفتونة بقوتيا‪ ،‬ومجنونة‬
‫بالقوة والغطرسة العمنية عمى العالـ كمو‪ ،‬كما حدث مف أمريكا اليوـ‪ .‬وفى الوقت نفسو لـ يحدث قط أف استكاف‬
‫العالـ كمو‪ ،‬وسكت ورضخ وخضع فى ىواف وذؿ حػقير‪ ،‬كػما يحػدث اآلف‪ .‬كػانت الستينات روح الصراع‬
‫والتحػدى‪ ،‬واآلف التسعينات موت الروح‪ ،‬وروح الموت؟ "‪.‬‬

‫‪-12‬العالـ الغربى روسي (‪:)125‬‬


‫"بداية نياية االتحاد السوفيتى‪ -‬نقوليا لممرة األلؼ بعد المميوف! كانت ىزيمة يونيو ‪ .1967‬منذ ذلؾ التاريخ‬
‫أصبح خطر االتحاد السوفيتى فى الصراع العالمى مع أمريكا في النازؿ‪ ،‬ويدىا السفمى الميتزة المنكسرة بؿ‬
‫المكسورة‪.‬‬
‫ولذا مف السفو النظرية المجنونة‪ .‬إف السوفيت ىـ الذيف خدعوا مصر والعرب استدرجوىـ إلى الحرب‬
‫‪ ،%100‬وال حتى ‪،%50‬‬ ‫واليزيمة‪ ،‬حتى لو كانت نواياىـ غير طيبة (ومف المسمـ بو أنيـ لـ يكونوا معنا‬
‫وكانت إسرائيؿ عندىـ فوؽ العرب قطعا‪ ،‬وأىـ وأبقى و أقرب)‪.،‬‬
‫"االتحاد السوفيتى والواليات المتحدة‪ :‬كما قاما معا فى غفمة مف الزمف ستسقطاف معا فى ساعة الحقيقة‪.‬‬
‫ولقد سقط االتحاد‪ ،‬والدور اآلف عمى الواليات واألياـ بيننا"‪.‬‬
‫‪ -13‬البوسنة واليرسؾ (‪:)126‬‬
‫"وموقؼ أوربا مف اإلسبلـ فى البوسنة اليوـ ىو تماما كػموقفيا مف اليػيود أياـ اغتصابيـ لفمسطيف فى‬
‫األربعينات والخمسينات وحتى اليوـ‪ ،‬فرصة العمر التاريخية لمتخمص مف دولة إسبلمية فى قمب أوربا‪ ،‬كما كانت‬
‫لمتخمص مف ييودىـ وتدمير العرب وفمسطيف‪ ،‬ولذا فأوربا تمعب لعبة "مؤامرة الصمت"‪ ،‬تتفرج وتتميؼ عمى‬
‫النتيجة المرجوة‪ ،‬ولكف مع مصمصة الشفاه وحركات اليمبكة لمتمويو "‪.‬‬
‫الذى يمارسو الصرب فػى البوسنة واليرسؾ‪ ،‬ىو أوقح أكذوبة فى التاريخ‬ ‫‪ETHNIC PURGE‬‬ ‫"والتطيير العرقى‬
‫بعد البلسامية‪ ،‬والبوسنة واليرسؾ ىى أوؿ دولة إسبلمية فى أوربا الحديثة‪ .‬لكف ىؿ تكوف األخيرة؟ ىؿ يزيميا‬
‫الصرب وكرواتيا فى المستقبؿ بالقوة والحرب؟ مف ناحية أخرى الصرب والكروات وسائر المسيحييف البمقانييف‬
‫يكرىوف المسمميف ىناؾ‪ ،‬ويحػاربونيـ‪ -‬واآلف يحػاولوف إبادتيـ!‪ -‬مع أنيـ بيض تماما مثميـ‪ ،‬حتى لو كػانوا أتراؾ‬
‫جنسياً وأصبلً جزئئا وسبلؼ أيضاً أساساً "‪.‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.167‬‬ ‫(‪)124‬‬

‫(‪)125‬‬
‫نفسر ادلرجع‪ ،‬ص ‪.174 -170‬‬
‫(‪)126‬‬
‫نفس ادلرجـع‪ ،‬ص ‪.176‬‬
‫‪109‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"حرب البوسنة ومأساة المسمميف بيا ىى قطاع عرضى وطولى‪ ،‬أفقى ورأسى‪ ،‬كػامؿ مف العصور الوسطى‬
‫بحذافيرىا‪ ،‬والحروب الصميبية بالتحديد إنيا تعيد العصور الوسطى بكؿ مركباتيا وعقدىا ورجعيتيا وتعصبيا‬
‫ودمويتيا‪ ،‬إف مف ينظر إلى صراعات أوربا اآلف بيف الدوؿ والقومية والعنصرية… إلخ‪ ،‬ال يندىش قط لما يحػدث‬
‫بيف العرب مف تمزقات وانييارات‪ ،‬كؿ ىذا طبيعى‪ ،‬وليس أوربا أفضؿ منا فى ىذا بكثير"‪.‬‬
‫"بدأت "الصميبيات الصغيرة" فى أوربا بضرب أذربيجاف السوفيتية‪ ،‬قبؿ زواؿ االتحاد حيف طالبت باالستقبلؿ‪ ،‬ولـ‬
‫تضرب دوؿ البمطيؽ التى طالبت بنفس الشىء‪ .‬ثـ تبمورت فى البوسنة واليرسؾ‪ ،‬حيث تواطأ الصرب مع‬
‫الكروات الذيف كانا فى حالة حرب منذ شيور ضد بعض فى معركة استقبلؿ وانفصاؿ‪ -‬كرواتيا بعد سموفينيا‪-‬‬
‫ضد مسممى البوسنة واليرسؾ‪ ،‬فأصبحت مؤامرة صميبية سافرة ضد المسمميف! "‪.‬‬
‫"لو كانت البوسنة واليرسؾ ىى المعتدية وقامت يإبادة الصرب والتطيير العرقى ضدىا‪ ،‬أو لو فرضنا جدالً أف‬
‫البوسنة واليرسؾ ىزمت الصرب المعتدية فى الحرب الحالية فعبلً‪ ،‬النقمبت كؿ أوربا‪ +‬أمريكا بكؿ أسمحة حمؼ‬
‫األطمسى‪ ،‬وغير األطمسى إلبادة ومحو البوسنة واليرسؾ مف الوجود‪ ،‬ومف القاموس‪ ،‬ومف خريطة أوربا والعالـ‬
‫تماما‪ ،‬كحرب الخميج اإلجرامية‪ ،‬اإلبادة ضد العراؽ "‪.‬‬
‫"إنيا فعبلً آخر الصميبيات‪ ،‬ومف يقؿ بغير ىذا كاذب إف كاف غير مسمـ‪ ،‬وجػاىؿ إذا كاف مسمماً"‪.‬‬
‫‪ -14‬األمـ المتحدة والنظاـ العالمى الجديد (‪:)127‬‬
‫الصحيح أف األمـ المتحدة أصبحت‪ -‬ظؿ‪ -‬القوة العظمى األولى والوحيدة‪.‬‬
‫فقد أصبحت األمـ المتحدة األداة التنفيذية المثمى والقفاز الحربى ألمريكا‪ ،‬وسياسة القوة والسيطرة والغطرسة‪...‬‬
‫إلخ‪.‬‬
‫الرد الوحيد اآلف أماـ الدوؿ المقيورة والترسو ىو‪ :‬تحطيـ األمـ المتحدة بالخروج منيا نيائياً بالجممة إلى أف يتـ‬
‫إنشاء منظمة غير إجرامية‪.‬‬
‫النظاـ العالمى الجديد "ليس جديدا‪ ،‬وليس نظاما‪ ،‬ال ىو نظاـ‪ ،‬وال ىو جديد" ألف قبمو وجد نظاـ واثناف وعشرة‪،‬‬
‫فمكؿ عصر توازف قواه‪ ،‬وىذا التوازف ىو بعينو النظاـ العالمى أو الدولى السائد أو القائـ‪ ،‬كاف ىتمر يريد نظاما‬
‫عالميا جديدا كاف ىذا مشروعو‪ ،‬وكذلؾ الياباف‪ ...‬إلخ‪ ،‬وقبؿ ذلؾ وحتى لنابميوف نظامو العالمى الجديد‪ ،‬الذى‬
‫ىدفو وراثة النظاـ البريطانى الجديد‪ ...‬إلخ "‪.‬‬
‫إذف‪ ،‬ليس النظاـ العالمى الجديد الذى دعا إليو مجرـ الحرب والسمـ "بوش" إال ادعاء كاذباً إجرامياً لفرض سبلمة‬
‫أما أنو ليس بنظاـ‪ ،‬فكؿ توازف يسمى بالنظاـ العالمى‪ ،‬إف ىو إال كتوازف القشرة‬ ‫األمريكى‪PAX AMERICANA‬‬

‫األرضية عمى باطنيا‪.‬‬

‫نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.182 -180‬‬ ‫(‪)127‬‬


‫‪110‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫" ولذا فكؿ نظاـ عالمى ىو كياف ىبلمى ديناميكى متغير ببطء أو بسرعة‪ ،‬فيو إذف نظاـ وال نظاـ فى آف واحد‪،‬‬
‫وأنت تستطيع أف تتحدث عنو كنظاـ فعبلً‪ ،‬ولؾ أف تنكره أيضا‪ ،‬فأى نظاـ عالمى ليس قفصاً حديداً صارما"‪.‬‬
‫"بعض العرب‪ -‬الموبى األمريكى فى العالـ العربى‪ -‬يتحمس لمنظاـ العالمى الجديد المزعوـ‪ -‬األمريكى‪ -‬وىو‬
‫كما قمنا ليس نظاما وال جديدا ! ىذا ىو ما يسمى بالنظاـ العالمى الجديد‪ ،‬فأوالًال‪ :‬ىو فوضى‪ ،‬أو باألحرى فرض‬
‫ال نظاـ‪ ،‬مف جانب القوة المتغطرسة السائدة مرحميا‪ .‬أما اآلف‪ ،‬فيو"وىـ بوش المجرـ "‪ ،‬مجرـ الحرب والسمـ‪،‬‬
‫حمـ لف يتحقؽ‪ ،‬بؿ تحطـ فعبلً‪ ،‬حتى فى عقؿ صاحبو المخبوؿ‪ ،‬وسقط معو إلى سمة ميمبلت التاريخ والسياسة‪.‬‬
‫وليست أمريكا زعيمة العالـ "العربى" وحده‪ ،‬والنظاـ العالمى الجديد ال يوجد فى عقؿ العالـ‪ ،‬وانما فى "فراغ "‬
‫عقؿ العالـ العربى فقط‪ ،‬ولربما لو لـ يوجد‪ ،‬ألوجده العرب " أىػ‪.‬‬
‫تعميؽ‪:‬‬
‫شخص فييا أمراض العالـ ومنيا اإلسبلمى‪،‬‬
‫*** ىذه لمحات مف مذكرات أحد عمماء األمو أ‪ .‬د‪ .‬جماؿ حمداف ّ‬
‫وشخص ليا الدواء‪.‬‬
‫(‪)128‬‬
‫عنو؟ فمف المسؤوؿ عف‬ ‫ولعمؾ أييا القارئ الكريـ أدركت لماذا اختفى ىػذا العالـ عمى النحو الذى نشر‬
‫ىذا؟ وىؿ آف األواف كى تنتفع األمة بفكره‪ -‬رحمػو اهلل تعالى‪ -‬فى مواجية تحديات العصر؟؟‬

‫نشرت جريدة الوفد ‪ 17‬شعباف ‪ 1415‬ىػ‪ 18 /‬يناير ‪ 1995‬تحت عنواف‪" :‬ربيع‪ -‬وتعنى د‪ .‬حػامد ربيع‪ -‬وجماؿ حمداف نيايات مفتوحة "‬ ‫(‪)128‬‬

‫أحمد المسممانى‪.‬‬
‫‪111‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصل الخامس‬

‫من خالل كتابه‬

‫"الشخصية اليهودية‪ ،‬من خالل القرآن الكريم"‬

‫(تاريخ‪ -‬و سمات‪ -‬و مصير)‬


‫‪112‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ الخامس‬

‫"الشخصية الييودية مف خالؿ القرآف الكريـ"‬


‫تاريخ‪ ..‬وسمات‪ ..‬و مصير‬

‫(*)‬
‫موضوع دراستنا يقع فى ‪ 406‬صفحة وىو مكوف مف‪ :‬مقدمة وخمسة فصوؿ وخاتمة‪.‬‬ ‫وىذا الكتاب‬
‫فى الفصؿ األوؿ‪ :‬تحدث المؤلؼ عف بنى إسرائيؿ والييود فى السياؽ القرآنى‪.‬‬
‫وفى الفصؿ الثانى‪ :‬تحدث المؤلؼ عف‪ :‬خالصة تاريخ الييود مف خالؿ القرآف الكريـ‪.‬‬
‫وفى الفصؿ الثالث‪ :‬بيف الكاتب‪ :‬سمات الييود‪ ..‬وأخالقيـ مف خالؿ القرآف الكريـ‪.‬‬
‫حرفوا التوراة‪ ،‬وامنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض‪.‬‬ ‫ففى ص ‪ 162‬أثبت‪ :‬أف الييود كافروف‪ ،‬وأنيـ ّ‬
‫كما أورد الكاتب افتراءات الييود عمى اهلل ومبلئكتو وأنبيائو وقوليـ‪ :‬إف اهلل فقير وىـ أغنياء‪ ،‬وأف يد اهلل مغمولة‪.‬‬
‫كما ذكر المؤلؼ حربيـ لمحمد صمى اهلل عميو وسمـ‪ .‬وأنيـ أوؿ مف كفر بالحؽ‪.‬‬

‫والمؤلؼ صبلح عبد الفتاح الخالدى‬ ‫(*)‬

‫لو سمسمتاف مف الكتب أحدىا "دراسات حوؿ سيد قطب وفكره "‪:‬‬
‫‪ -1‬سيد قطب الشييد الحى‪ -‬مكتبة األقصى‪ -‬عماف‪.‬‬
‫‪ -2‬نظرية التصوير الفنى عند سيد قطب‪ -‬دار الفرقاف‪ -‬عماف‪.‬‬
‫‪ -3‬أمريكا مف الداخؿ بمنظار سيد قطب‪ -‬دار المنارة‪ -‬جدة‪.‬‬
‫‪ -4‬مدخؿ إلى ظبلؿ القرأف‪ -‬دار المنارة‪ -‬جدة‪.‬‬
‫‪ -3‬المنيج الحركى مف خبلؿ القرأف‪ -‬دار المنارة‪ -‬جدة‪.‬‬
‫‪ -6‬فى ظبلؿ القرأف فى الميزاف‪ -‬دار المنارة‪ -‬جدة ‪.‬‬
‫‪ -7‬الفيارس الشاممة لظبلؿ القرأف‪ -‬دار المنارة‪ -‬جدة‪.‬‬
‫أما الثانية فيى مف " كنوز القرآف "‪:‬‬
‫‪ -1‬مفاتيح لمتعامؿ مع القرأف‪ -‬مكتبة المنار‪ -‬الزرقاء‪.‬‬
‫‪ -2‬فى ظبللى اؿ!يماف‪ -‬مكتبة المنار‪ -‬الزرقاء‪.‬‬
‫‪ -3‬تصويبات فى فيـ بعض اآليات‪ -‬دار القمـ‪ -‬دمشؽ‪.‬‬
‫‪ -4‬الشخصية الييودية مف خبلؿ القرآف‪ -‬دار العمـ‪ -‬دمشؽ‪.‬‬
‫‪113‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫(‪)129‬‬
‫‪ :‬ذكر الكاتب خطوطاً مستقرة فى النفسية الييودية‪ ،‬كجزء مف أخبلؽ الييود‪ :‬أنيـ‬ ‫وفى الفصؿ الثالث‬
‫محرفوف‪ ،‬حاسدوف‪ ،‬متحايموف‪ ،‬مراوغوف‪ ،‬خائنوف‪ ،‬ضالوف مضمّوف‪ ،‬تجار فجار‪ ،‬سفياء‪ ،‬أذالء‪ ،‬جبناء‪،‬‬ ‫كاذبوف‪ّ ،‬‬
‫بخبلء‪ ،‬حريصوف عمى الحياة‪ ،‬ينقضوف العيود والمواثيؽ‪ ،‬يسارعوف فى اإلثـ والعدواف‪ ،‬يكتموف الشيادة الحؽ‪،‬‬
‫يفسدوف فى األرض‪ ،‬ويصدوف عف سبيؿ اهلل‪ ،‬وأنيـ ممعونوف مف اهلل‪.‬‬
‫وبيف الكاتب كذلؾ أف رسالتيـ فى العالـ فساد ودمار‪.‬‬
‫‪ -‬وفى الفصل الرابع تحدث الكاتب عه الكيان اليهىدي مه خالل سىرة آل عمران‪ ،‬والمائدة‪ ،‬واألعراف‪،‬‬
‫والحشر‪.‬‬
‫ِ‬
‫ض ُّروُك ْ إ َّ أَذًى وإن يُ َقاتلُوُك ْ يُ َولُّوُك ُ األَ ْدبَ َار ثُ َّ يُ َ‬
‫نص ُرو َن ( ‪ [ )111‬آؿ عمراف‪.]111 :‬‬ ‫قاؿ تعا لى‪( :‬لَن يَ ُ‬
‫َّاس وبَااُوا بِغَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[ آؿ عمراف‪:‬‬ ‫ضٍ‬
‫ب‬ ‫الذلَّةُ أَيْ َن َما ثُق ُفوا إ َّ بِ َ ْب ٍل ّْم َن اللَّو َ‬
‫وح ْب ٍل ّْم َن الن ِ‬ ‫ت َعلَْي ِه ُ ّْ‬
‫ض ِربَ ْ‬
‫قاؿ تعػالى‪ُ ( :‬‬
‫‪].112‬‬
‫وافسادىـ األوؿ فى المدينة المنورة (‪.)130‬‬
‫وكيؼ أف وسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ أزاؿ إفسادىـ األوؿ‪.‬‬
‫ِ ٍ ِ‬
‫وذكر الكاتب إفسادىـ الثانى المعاصر‪ :‬قاؿ تعالى‪ ( :‬ثُ َّ َر َد ْدنَا لَ ُك ُ ال َك َّرَة َعلَْي ِه ْ وأ َْم َل ْدنَا ُك بأ َْم َوال وبَن َ‬
‫ين‬
‫وج َعلْنَا ُك ْ أَ ْكثَ َر نَِفيراً (‪[ )6‬اإلسراء‪] 6 :‬‬
‫َ‬
‫وأف المرشحيف إلزالة ىذا اإلفساد الثانى وينقضوف الكياف الصييونى ىـ المسمموف‪.‬‬
‫الم ْ ِج َل َك َما َد َخلُوهُ أ ََّو َل َم َّرةٍ ولِيُتَبّْ ُروا َما َعلَ ْوا‬ ‫ِ‬
‫وى ُك ْ وليَ ْل ُخلُوا َ‬
‫وج َ‬
‫ِ ِِ‬
‫اا و ْع ُل اآلخ َرة ليَ ُ وُؤوا ُ‬
‫قاؿ تعالى‪( :‬فَإذَا َج َ‬
‫تَ ْتبِيراً (‪[ )7‬اإلسراء‪] 7 :‬‬
‫ولكف متى ينجح المسمموف المعاصروف أحفاد الصحابة فى تحقيؽ ىذه األمنية‪ ،‬بإزالة الكياف الييودى والقضاء‬
‫عمى إفسادىـ الثانى؟ يجيب الكاتب عمى ىذا بقولو‪" :‬عندما يعودوف إلى إسبلميـ‪ ،‬ويمتزموف عممياً فى حياتيـ‪،‬‬
‫ويكونوف حقاً عباداً هلل أولى بأس شديد وسيفعموف ذلؾ بإذف اهلل "‪.‬‬

‫وفى الفصؿ الخامس معالـ قرآنية فى صراعنا مع الييود ذكر الكاتب (‪:)131‬‬
‫"الييود أشد الناس عداوة لنا‪ ،‬وأنيـ لف يرضوا عنا إال أف نتخمى عف ديننا واسبلمنا ‪ .‬الصراع بيف المسمميف‬
‫والييود بدأ فى أياـ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ‪ ،‬بدأ منذ ولد صمى اهلل عميو وسمـ واستشيد الكاتب بقصة‬
‫(أبى ياسر القرظى) حينما قابؿ النبى صمى اهلل عميو وسمـ وسػألو أخوه حيى بف أخطب‪ :‬أىو ىو؟ قاؿ‪ :‬نعـ واهلل‬
‫‪ ،‬قاؿ تعرفو بنعتو وصفتو؟ قاؿ‪ :‬نعـ واهلل! قاؿ‪ :‬فماذا فى نفسؾ منو؟ قاؿ‪ :‬عداوتو واهلل ما بقيت‪" .‬‬

‫(‪ )129‬الشخصية الييودية‪ ،‬ص ‪.260‬‬


‫(‪)130‬‬
‫ادلثمخصية اليهودية ص ‪.333‬‬
‫الشخصية الييودية ص ‪.351‬‬ ‫(‪)131‬‬
‫‪114‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"ولقد تمثمت ىذه العدواة الييودية الحاقدة ضد رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ فى عدة حوادث‪ ،‬حاولوا فييا‬
‫اغتيالو‪ :‬إما بإلقاء حجر عميو كما فعؿ ييود بنى النضير‪ ،‬وبتأليب األحزاب العربية المشتركة لمياجمتو فى‬
‫المدينة‪ ،‬واما بوضع السـ لو في الشاة المشوية كما فعمت ييودية يوـ خيبر‪ ،‬وختـ الكاتب كممتو بقولو‪ :‬كؿ الييود‬
‫ُيجمعوف عمى ىدؼ واحد أسود وشعار حاقد‪ ،‬إنو حرب اإلسبلـ والمسمميف‪ ،‬ومعاداتيـ حتى الموت (‪.)132‬‬
‫وتساءؿ الكاتب بعد ذلؾ عف موعد إغبلؽ ممؼ الصراع بيف أمة اإلسبلـ والييود‪ ،‬فذكر الكاتب أف صراعنا مع‬
‫الييود سيبقى مفتوحاً‪ ،‬والحػرب سجاؿ بيننا وبينيـ‪ ،‬وستخفؽ كؿ الجيود المبذولة إلقفاؿ الممؼ قبؿ أوانو‪ ،‬أو‬
‫مسالمة الييود وميادنتيـ‪ ،‬وخير لمذيف يتيالكوف عمى ىذا الحؿ‪ ،‬ويغالبوف قدر اهلل ومشيئتو‪ ،‬ويضيعوف الكثير‬
‫مف أعمار األمة وطاقتيا وأمواليا وبنييا‪ ،‬خير ليؤالء أف يكونوا ستا ار لقدرة اهلل‪ ،‬وأف يزيدوا الصراع مع اليػيود‬
‫حدة وعنفا‪ ،‬وأف ُيجندوا كؿ الطاقات والقدرات واإلمكانيات فى سبيؿ اهلل‪ ،‬وأف يسعوا ليكوف عمى أيدييـ الخير‬
‫والفتح والتمكيف‪ ،‬ولييتموا بما سيكتبو عنيـ التاريخ‪،‬‬
‫ولقد قدـ الكاتب حديثا لرسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ يؤكد أف صراعنا مع الييود دائـ ومستمر وأننا سوؼ‬
‫ننتصر عمييـ بإذف اهلل قبؿ قياـ الساعة‪.‬قاؿ صمى اهلل عميو وسمـ‪" :‬ال تقوـ الساعة حتى يقاتؿ المسمموف الييود‪،‬‬
‫فيقتميـ المسمموف حػتى يختبئ الييودى مف وراء الحجػر والشجػر‪ ،‬فيقوؿ الحجػر أو الشجػر‪ :‬يا مسمـ‪ ،‬يا عبد اهلل‪،‬‬
‫(‪ .)133‬كما أشار الكاتب فى ىذا الفصؿ إلى‬ ‫ىذا ييودى خمفى تعاؿ فاقتمو‪ ،‬إال الغرقد فإنو مف شجر الييود"‬
‫الدليؿ عمى جبف الييود فى الحروب مع المسمميف‪ ،‬وأيضا عرض الكاتب لصفات المنافقيف‪ ،‬عمبلء الييود مف‬
‫خبلؿ القرآف الكريـ!‪.‬ذكر أثناءىا أنو ال يمالىء اليػيود فى أى زماف أو مكاف إال منافؽ معػاد هلل ولرسولو ولدينو‬
‫َذين ي ت ِ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين بِأ َّ‬ ‫ش ِر ِ ِ‬
‫َّخ ُذو َن‬ ‫َن ل َُه ْ َع َذاباً أَليماً ( ‪ )138‬ال َ َ‬ ‫وألمتو ولوطنو ‪ ،‬واستشيد بقوؿ اهلل تعالى‪ ( :‬بَ ّْ ُ‬
‫المنَافق َ‬
‫ين) [النساء‪]139 -138 :‬‬ ‫ون ِ ِ‬ ‫ال َكافِ ِرين أَولِياا ِمن ُد ِ‬
‫الم ْؤمن َ‬
‫ُ‬ ‫َ ََْ‬
‫وعرض الكاتب أيضاً فى أثنائيا لصفات الذيف ييزموف الييود (‪.)134‬‬

‫المصدر السابؽ ص ‪. 364‬‬ ‫(‪)132‬‬

‫(‪ )133‬واحلديث رواه البخارى ومسلم عن أبـى ىريرة رضى اهلل عنو‪.‬‬
‫الشخصية الييودية ص ‪.378‬‬ ‫(‪)134‬‬
‫‪115‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وفى ختاـ الفصؿ الخامس‪:‬‬


‫عرض الكاتب لطريؽ النصر عمى الييود‪ ،‬وحؿ القضية الفمسطينية‪ ،‬فى ضوء الكتاب والسنة‪ ،‬ثـ بيف أف اعتماد‬
‫الحؿ اإلسبلمى ليس تطوعاً وال نافمة‪ ،‬بؿ واجب دينى واسبلمى وايمانى‪ ،‬وركز الكاتب عمى نقطتيف أساسيتيف‬
‫وىما‪.‬‬
‫األولى‪ :‬إقامة المجتمع اإلسالمى‪:‬‬
‫إقامة المجتمع اإلسبلمى الربانى واجب دينى واسبلمى‪ ،‬وايمانى كذلؾ‪ ،‬حػتى يكوف إلسبلمنا وجوده الحى‬
‫الحقيقى الواقعى‪ ،‬وحتى نمارس إسبلمنا ونعيشو فى حياتنا ‪.‬‬
‫إف الييود يحاربوننا حربة دينية‪ ،‬يحػاربوننا باعتبارىـ ييوداً‪ ،‬وليذا أقاموا كيانيـ ومجتمعـ الييودى الدينى ‪ ،‬وىـ‬
‫يحػاربوننا ألننا مسمموف‪ ،‬وطريؽ انتصارنا عمييـ أف نكوف مسمميف فعبلً‪ ،‬وحقيقة وواقعة‪ ،‬ولف يكوف ىذا إال‬
‫بإقامة المجتمع اإلسبلمى المنشود‪ ،‬وبيذا نناؿ رضواف اهلل ونصره وتأييده‪ ،‬وصدؽ اهلل القائؿ‪:‬‬
‫) [الما ئدة‪:‬‬ ‫ت أ َْر ُجلِ ِه‬ ‫واإلنجيل وما أُن ِز َل إلَي ِه ّْمن َّربّْ ِه ألَ َكلُوا ِمن فَ وقِ ِه ِ‬
‫ومن تَ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫(ول َْو أَنَّ ُه ْ أَقَ ُاموا الت َّْوَراةَ‬
‫ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫‪]66‬‬
‫إدخاؿ القرآف المعركة‪:‬‬
‫البد مف إدخػاؿ القرآف المعركػة مع الييود‪ ،‬وىو قادر‪ -‬بػإذف اهلل‪ -‬عمى أف يخػوضيا وأف يقود األمة فيػيا‪ ،‬وقد‬
‫[الفرقاف‪]52 :‬‬ ‫اى ْد ُىم بِِو ِج َهاداً َكبِرياً )‬
‫امرنا أف نجػاىد األعداء بو قاؿ تعالى‪ :‬فَال تُ ِط ِع ال َكافِ ِرين وج ِ‬
‫َ َ‬
‫القرآف يعرفنا عمى طبيعة المعركة مع الييود‪ ،‬وعمى سبب حربيـ لنا خػبللو ويدلنا عمى وسائميـ وأساليبيـ‬
‫وأسمحتيـ فييا‪ ،‬ويضع بيف أيدينا أسباب النصر وعدة الجياد ووسائؿ الثبات‪.‬‬
‫وكـ نخسر عندما نستبعد القرآف مف المعركة‪ ،‬ونستعيف بغير منيج اهلل‪ ،‬مف مناىج وخطط وآراء وخبرات‬
‫الآلخريف؟ الذيف قد يكونوف أعداء لنا وأعوانا ألعدائنا‪.‬‬
‫يجب النظر إلى اليػيود بمنظار القرآف‪ ،‬ووزنيـ بميزاف القراف‪ ،‬والتػعامؿ مػعػيـ بتوجييات القرآف‪ ،‬ورؤية مستقبؿ‬
‫كيانيـ بمنظار القرآف‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إيقاؼ مسمسؿ الميازؿ وقطع رحمة الضياع‪:‬‬
‫قاـ مسؤولوف مف ىذه األمة برحمة طويمة لمقضية الفمسطينية كانت رحمة ضياع‪ ،‬عانت‬
‫فيػيا األمة ما عانت‪ ،‬ولـ تجف منيا إال مزيداً مف الضياع والضبلؿ والذؿ واليزائـ والنكبات‪ ،‬طمبوا العوف والنجػدة‬
‫والتأييد مف القوى العظمى‪ ،‬ولـ يجدوا عندىا إال الضبلؿ والشقاء‪ ،‬ألنيا تخدـ الييود وال تساعد المسمميف قاؿ‬

‫وى ْ يَ ْ َ بُو َن أَنَّ ُه ْ‬ ‫ض َّل َس ْعيُ ُه ْ فِي ال َ يَاةِ ُّ‬


‫اللنْ يَا ُ‬
‫ِ‬
‫ين أَ ْع َما ً (‪ )103‬الَذ َ‬
‫ين َ‬ ‫ِ‬
‫تعالى‪( :‬قُ ْل َى ْل نُنَبّْئُ ُك باألَ ْخ َ ِر َ‬
‫القيَ َام ِة‬
‫ت أَ ْعمالُه فَال نُِقي لَه ي وم ِ‬ ‫ِ ِِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ي ِ نُو َن ص ْنعاً (‪ )104‬أُولَئِ َ ِ‬
‫ُ ُ ْ َْ َ‬ ‫ين َك َف ُروا بآيَات َربّْ ِه ْ ول َقائو فَ َ بطَ ْ َ ُ ْ‬
‫ك الَذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫وْزناً) [الكيؼ‪.]105 -،103 :‬‬
‫‪116‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وكـ كاف صادقاً وذكياً وألمعياً ذلؾ المسمـ الميتدى "رجػاء جػارودى" الذى ألؼ كتابو القيـ "وعود اإلسبلـ " الذى‬
‫قرر فيو أف أوروبا اآلف أشبو ما تكوف بامرأة تحػمؿ فى أحشائيا جنينا‪ ،‬وأوروبا اآلف تحمؿ اإلسبلـ‪ ،‬وال بد أف‬
‫يأتى المخاض‪ ،‬وأف يظير ىناؾ ىذا المولود الذى يمنحيا الحياة والنور واإلشراؽ والسعادة‪.‬‬
‫إف ىذا الديف ىو ديف الوجود‪ ،‬الذى كتب لو اهلل االستمرار والحياة‪ ،‬واف المستقبؿ ليذا الديف‪ ،‬وانو ىو ديف‬
‫البشرية القادـ‪ ،‬الذى يحدد مبلمح مستقبميا المشرؽ‪ ،‬وىى ستعود إليو قريباً بإذف اهلل‪.‬‬
‫ثـ إف ىذا الكياف الييودى ال يممؾ عامبلً مف عوامؿ االستمرار‪ ،‬وال عنص اًر مف عناصر البقاء‪ ،‬وال مؤىبلً مف‬
‫لمبدىيات السياسية واالقتصادية والمالية والعسكرية والبشرية والحضارية والحياتية‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مؤىبلت الحياة‪ ،‬إنو مخالؼ‬
‫إف ىذا الكيػاف أشبػو ما يكوف بمريض فى غرفة إنعاش‪ ،‬ويتػداعى عميػو األطبػاء ويواصموف حقنو بالمضادات‬
‫والمقويات‪ ،‬ووصمو بأسباب الحياة‪ ،‬لكف إلى متى؟؟‬
‫إف أمريكا قطعت عف ىذا الكياف أسمحتيا المتطورة‪ ،‬وصناعاتيا الحربية المتقدمة‪ ،‬فما ىو مصيره عسكرياً؟ ولو‬
‫أف أمريكا‪ -‬وىذا ىو الميـ‪ -‬قطعت عف ىذا الكياف دعميا المالى القائـ اآلف ببل حدود‪ ،‬والمتمثؿ فى مميارات‬
‫دوالراتيا‪ ،‬ومنحػيا االقتصادية‪ -‬وىى ستفعؿ ذلؾ فى المستقبؿ يوـ يصحو الشعب األمريكى ويفتح عينيو عمى‬
‫الحقيقة‪ -‬فما ىو مصير ىذا المريض المخدر فى غرفة اإلنعاش؟‬
‫ثـ إف ىذا الكياف اليػيودى يتػآكؿ مف الداخػؿ‪ ،‬وتنخر فيو عوامؿ اليدـ‪ ،‬ويعمؿ فيو سوس الفناء‪ ،‬وىو يبدو مف‬
‫الخػارج لصػاحب النظرة العجػمى سميمػاً قوياً مثؿ الشجرة الخضراء‪ ،‬ولكنو يتياوى عندما يأتى السوس عميو ويتـ‬
‫التآكؿ فيو‪ ،‬وسيسقط كػما تسقط الشجرة التى نخرىا السوس عند أوؿ زوبعة قادمة‪.‬‬
‫وىناؾ مشكبلت قاتمة ليذا الكياف‪ ،‬تمثؿ مظاىر التآكؿ فيو‪ ،‬وىى مشكػبلت مزمنة ال حؿ‬
‫ليا وال عبلج ‪.‬‬
‫مف ىذه المشكبلت خبلفاتيـ الحػادة فيما بينيـ‪ ،‬والعداوة والبغضاء التى ألقاىا اهلل بينيـ إلى يوـ القيامة‪ ،‬بحيث‬
‫(‪)135‬‬
‫كػمػا بينا فػى ىذه الدراسة‬ ‫أصبح بأسيـ بينيـ شديداً‪ ،‬ويحسبيـ النظار مف بعيد جميعاً وقموبيـ شتى‬
‫(‪)136‬‬
‫و‬ ‫انقسامػيـ إلى طوائؼ مخػتمفة متصارعة‪ ،‬وأحزاب متباغضة‪ ،‬والمشكبلت المزمنة بيف "األشكناز"‬

‫راجع سورة الحشر ‪ 13‬قاؿ تعالى‪( :‬تَ ْ َ بُ ُه ْ َج ِميعاً وقُلُوبُ ُه ْ َشتَّى ذَلِ َ‬
‫ك بِأَنَّ ُه ْ قَ ْوٌم َّ يَ ْع ِقلُو َن )‬ ‫(‪)135‬‬

‫(‪ )136‬إف ما يعنيو المؤلؼ مف انقساميـ إلى طوائؼ مختمفة متصارعة وأحزاب متباغضة يرجع إلى أصؿ انقساـ الييود‪ ،‬فإف أسباب االختبلؼ‬
‫حوؿ بعض األفكار والقيـ يؤدى إلى التبايف الكبير بيف الطوائؼ والشرائح االجتماعية‪ ،‬العرقية‪ ،‬والمذىبية‪ ،‬إلى الحيمولة دوف وجود تجانس‬
‫ثقافى حقيقى فى إسرائيؿ‪ ،‬فبل يزاؿ لكؿ طائفة عرقية أو مذىبية أفكارىا‪ ،‬وطريقة حياتيا‪ ،‬وأنماط سموكيا‪ ،‬ومستوى معيشمتيا‪ ،‬فاألشكينازيـ‪:‬‬
‫‪:Ashkenasim‬‬
‫وىـ ييود شماؿ ووسط وشرؽ أوروبا‪ ،‬ويطمؽ عمييـ فى كثير مف األحياف "الييود الغربييف " وىى تسمية غير دقيقة‪ -‬ليذه التسمية داللة خفية‪،‬‬
‫وىى أف ىؤالء ينتموف فى األصؿ إلى مجتمعات متقدمة حضارياً وتكنولوجياً‪ -‬وأشكينازى‪ ،‬ىى المفرد‪ ،‬وتدؿ عمى الشخص الذى ينتسب إلى‪،‬‬
‫‪" Yiddish‬وىى خميط بيف‬ ‫"األشكناز " بمعنى "ألمانيا" فى المغة العبرية‪ ،‬وسبب التسمية أف ىؤالء ظموا قروناً عديدة يتكمموف لغة " الييدش‬
‫العبرية واأللمانية القديمة‪.‬‬
‫‪117‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫(‪)136‬‬
‫ليػيود الشرقييف والييود الغربييف‪ ،‬والمشكبلت المزمنة بيف المتدينييف والعممانييف‪ ،‬وبيف األحزاب‬ ‫"السفاراديـ"‬
‫اليسارية واليمينية‪ ،‬إنيا سوس ينخر فى جسـ كيانيـ مف الداخؿ‪.‬‬
‫فى فمسطيف المحتمة‬ ‫ومف ىذه المشكبلت كذلؾ‪ ،‬الوجود العربى اإلسبلمى بينيـ‪ ،‬المتمثؿ فى العرب المسمميف‬
‫والدواـ والحياة‪ ،‬والذى يحتفظ بأصالة‬ ‫قديماً‪ ،‬وفى الضفة الغربية وقطاع غزة‪ ،‬والذى يممؾ كؿ عوامؿ النماء‬
‫ومنيجية وثبات‪ ،‬والذى يتزايد أفراده ويترسخ كيانو‪ ،‬ويتضاعؼ تأثيره يوماً بعد يوـ‪ ،‬فماذا سيكوف بعد سنوات‬
‫وأجياؿ؟ وعندما يكوف وجوداً إسبلمياً ربانياً‪ ،‬فتوقع مدى خطورتو‪ ،‬مف الداخؿ عمى الكياف الييودى المتياوى فى‬
‫المستقبؿ‪ ،‬ثـ إف موارد ىذا الكياف الييودى الموجػودة فى فمسطيف تنذر بالنضوب فى المستقبؿ؟ ألنيا موارد‬
‫محدودة فى رقعة مف األرض محدودة‪.‬‬
‫استمرار حػالة البلحرب والبلسمـ مع الييود‪ ،‬ىو مف أعوص المشكبلت عندىـ‪ ،‬وأفدح األخطار التى تيدد‬
‫كيانيـ‪ ،‬وأكثر الوسائؿ استنفاداً لمواردىـ وطاقاتيـ وامكػاناتيـ ‪ ،‬وفى المقػابؿ ىو مف أفضؿ األمور عندنا‪ ،‬وأعظـ‬
‫الوسائؿ الستنياض ىممنا وعودتنا إلى إسبلمنا‪ ،‬وتوظيؼ طاقاتيـ ومواردنا‪ ،‬وحفاظاً عمى شبابنا ووجودنا‬
‫ودمائنا‪.‬‬
‫أما إذا اختارت أمتنا طريؽ السالـ والمصالحة مع الييود فإنو‪:‬‬
‫* بالسبلـ معيـ يحصموف عمى المشروعيػة القانونية‪ ،‬واالعتػراؼ الدستورى‪ ،‬وفى ىذا ال يبدو الكياف اليػيودى‬
‫غريباً‪ ،‬وال دخيبلً وال معتدياً‪ ،‬وانما ىو أصيؿ وصػاحب حؽ ثابت *بالسبلـ معيـ سيدخروف مواردىـ‪ ،‬ويوفروف‬
‫قدراتيـ وامكاناتيـ لبناء مستقبميـ وتقديـ الخبرات ليـ ‪.‬‬

‫ويمثؿ "األشكينازيـ" قرابة ‪ %80‬مف ييود العالـ‪ ،‬أو أقؿ قميبلً‪ ،‬ومنيـ كانت اليجرات األولى إلى إس ار ئيؿ‪.‬‬
‫أما ا لسفاراديـ‪: Sepharadim :‬‬
‫السفارادى‪ :‬ىو الييودى الذى عاش قروناً طويمة فى مجتمع المسمميف‪ ،‬وبصفة خػاصة فى "األندلس "‪.‬وقد عاش معظـ ىؤالء منذ خروج‬
‫المسمميف مف "األندلس " عاـ ‪ 1492‬ـ فى الببلد العربية‪ ،‬بإيراف‪ ،‬وتركيا‪ ،‬لذا فيـ يتكمموف العربية أو البلدينو "‪ "Ladino‬وىى مزاج بيف العبرية‬
‫واألسبانية‪ ،‬لذا نسبت التسمية إلى "سفاراد" بمعنى "أسبانيا"‪ ،‬وتكتب لغتيـ أيضاً بالحروؼ العبرية‪ ،‬وىؤالء الييود فى معظميـ ىـ ورثة مف‬
‫شتتيـ الروماف‪ ،‬عندما قضوا عمى التجمع الييودي الثانى فى فمسطيف‪ ،‬فعاش معظميـ فى األندلس وشماؿ إفريقيا‪ ،‬وىناؾ‪ ،‬وفى ظؿ اإلسبلـ‬
‫ازدىرت الثقافة العبرية‪ ،‬وحتى خروج المسمميف ومعيـ الييود مف األندلس‪.‬‬
‫ويعرؼ السفاراديـ‪ ،‬أحيانا باسـ " الييود السود" وىـ يعيشوف فى مستوى اجتماعى واقتصادى وتعميمى أدنى مف " األشكينازيـ "‪ .‬لذا فيـ‬
‫وقد أظيرت إحصائية أجريت عاـ ‪ 1978‬أف "السفاراديـ " يمثموف نصؼ سكاف‬ ‫يشعروف بشىء غير قميؿ مف الدونية‪ ،‬وعدـ تكافؤ الفرص‬
‫‪ Bene Israel‬والفبلشا ة ‪.Falasha‬‬ ‫إسرائيؿ فى الشريحة العمرية بيف ‪ 18‬حتى ‪ 24‬سنة‪ .‬وىناؾ أنواع مف الييود أخرى‪ ،‬مثؿ بنى إسرائيؿ‬
‫راجع فى ذلؾ كتاب "النظاـ السياسى فى إسرائيؿ‪ -‬المواء أ‪ .‬ح‪ .‬د > فوزى محمد طايؿ‪ -‬دار الوفاء‪ -‬الطبعة الثانية ‪ 1992‬ص ‪ 60 -54‬لمزيد‬
‫مف المعمومات ‪.‬‬
‫لذلؾ صدؽ فييـ قوؿ ربنا سبحإنو وتعالى( تَ ْ َ بُ ُه ْ َج ِميعاً وقُلُوبُ ُه ْ َشتَّى ) [الحشر‪ ]14 :‬وىذا ما عناه المؤلؼ‪ ،‬واهلل أعمـ‪.‬‬
‫‪118‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫* بالسبلـ معيـ سينيبوف موارد جػيرانيـ العرب والمسمميف وىى كػثيرة‪ ،‬ويجعمونيا مدداً لمواردىـ وصناعػاتيـ‪،‬‬
‫واليػيود متػخػصصػوف فى نيب خػيرات األمـ وأمػواليا ومواردىا (‪.)137‬‬
‫* بالسبلـ معيـ سيغرقوف أسواؽ العرب والمسمميف بمصنوعاتيـ ومنتجػاتيـ وسمعيـ االستيبلكية الكمالية‪،‬‬
‫ويأخذوف مقابميا أمواؿ العرب والمسمميف دعماً ليـ ولكيانيـ (‪.)138‬‬

‫وخير دليؿ عممى ما فعموه مع الفمسطينييف مف سمب أراضييـ واالستيبلء عمى زراعتيـ وطردىـ مف ديارىـ وبناء مستوطناتيـ‪.‬‬ ‫(‪)137‬‬

‫(‪ )138‬وخير دليؿ عممى عمى ذلؾ اتفاقية الجات )‪ (GATT‬وىذه االتفاقية العامة لمتعريفة الجمركية والتجارة التى وقعت عاـ ‪ 1997‬بيدؼ تحرير‬
‫التجارة العالمية‪ ،‬مف خػبلؿ جوالت (دورات) تفاوض تحت عمـ االمـ المتحدة‪ُ ،‬سميت بجولة "أورغواى ‪(" Uruguay‬عاصمة بنما) أنجبت ما‬
‫سمى بمنظمة التجارة العالمية (‪ )WCO‬فقد أعمف مؤتمر مراكش بالمغرب الذى انتيى فى‪ 1994/4/15‬عف قياميا اعتبا اًر مف ‪ 1995/1/1‬مف‬
‫أجؿ اإلشراؼ عمى سير التجػارة العالمية وفض المنازعات التجارية بيف دوؿ العالـ‪ ،.‬وكاف ىذا ىو اليدؼ النيائى التفاقية الجات )‪(GATT‬‬
‫راجع بشىء مف التفصيؿ كتاب نحو نيضة أمة‪ -‬كيؼ نفكر استراتيجياً‪ ،‬لواء أ‪ ،‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ -‬مركز اإلعبلـ العربى‪ -‬طبعة‬
‫أولىعاـ ‪ 1997‬ص ‪ 372‬وما بعدىا الباب الخامس الفصؿ الثالث‪ .‬المحور األوؿ‪.‬‬
‫‪119‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫* بالسبلـ معيـ يبذلوف كؿ جيدىـ فى إفساد األمة اإلسبلمية‪ ،‬والقضاء عمى حياتيا وحيويتيا‪ ،‬واماتة اإليماف‬
‫والحياء عند شبابيا وبناتيا‪ ،‬وامتصاص دمائيا وخيراتيا‪ ،‬ونشر الرذيمة والعير والفواحش بينيا‪ ،‬وتحويميا إلى‬
‫مجموعات بييمية شيوانية‪ ،‬ومستنقعات ألوحػاؿ الجنس والعرى والشيوات‪ ،‬وعندىا تستسمـ األمة أماـ الييود‪،‬‬
‫وتتنازؿ ليـ عف الببلد واألوطاف‪ ،‬ويتوسعوف فييا تدريجيا حتى يحققوا أماليـ ومخططاتيـ (‪.)139‬‬
‫وليذا يجب عمى األمة أف تميز الخطأ مف الصواب‪ ،‬وأف ترفض كؿ صوت دخيؿ يدعو إلى مصالحة الييود‬
‫ومسالمتيـ‪ ،‬والى تبنى كؿ صوت إسالمى صادؽ‪ ،‬يدعو إلى استمرار معاداتيـ ومواجيتيـ ومحاربتيـ‪.‬‬
‫ونحف عمى يقيف أف األصوات المنكرة التى ترتفع فى األمة وتدعوىا إلى االستسبلـ باسـ السبلـ‪ ،‬والذؿ باسـ‬
‫الحؿ السممى‪ ،‬والموت باسـ إنياء حػالة الحرب مع الييودا إف ىذه األصوات ستسكت وتتجاوزىا األمة‪.‬‬
‫واف األصوات المؤمنة التى تدعوىا إلى الجػياد والحػشػد والتحػرير والحػرب‪ ،‬ىى األصوات األصيمة الحػقة‪،‬‬
‫المتوافقة مع إرادة اهلل‪ ،‬ومع سنف الحػياة‪ ،‬ونواميس الكوف‪ ،‬ألصوات األصيمة الحقة‪ ،‬المتوافقة مع إرادة اهلل‪ ،‬ومع‬
‫سنف الحياة‪ ،‬ونواميس الكوف‪ ،‬وحقائؽ التاريخ‪ ،‬وىى الباقية بإذف اهلل والمنتصرة بتأييد منو‪ ...‬وستؤوب األمة‬
‫المسممة إلييا فى قادـ األياـ‪ ،‬وتنادى بيا عمى مسمع األقواـ‪ ،‬وتمتزـ بيا وتتحرؾ مف خبلليا‪ .‬عندىا تزيؿ كياف‬
‫الييود وتخرجيـ مف فمسطيف‪ ،‬وتعود فمسطيف كميا إلى اإلسبلـ والمسمميف‪ ،‬وتسعد بحكـ اإلسبلـ‪ ،‬وتعيش فى‬
‫ظبلؿ القرآف ‪.‬‬
‫الرِحي ُ ) [ الروم ‪] 5 :‬‬
‫الع ِز ُيز َّ‬
‫شااُ َو ُى َو َ‬ ‫ص ِر اهلل يَ ُ‬
‫نص ُر َمن يَ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪( :‬وي ومئِ ٍذ ي ْفرح ِ‬
‫الم ْؤمنُو َن (‪ )4‬بِنَ ْ‬
‫ََْ َ َ َ ُ ُ‬
‫ص ْبراً َج ِميالً (‪ )5‬إنَّ ُه ْ يَ َرْونَوُ بَ ِعيلاً (‪ )6‬ونَ َراهُ قَ ِريباً ) [المعػارج‪]7 -5 :‬‬
‫اصبِ ْر َ‬
‫قاؿ تعالى‪( :‬فَ ْ‬

‫ارجػع بروتوكوالت (حكماء صييوف) البروتكوؿ السابع يقوؿ‪" :‬فخير النتائج فى حكـ العالـ ما ينتزع بالعنؼ واإلرىاب ثـ يقوؿ‪ :‬يجب أف‬ ‫(‪)139‬‬

‫ننشر فى سائر األفكار الفتنة والمنازعات والعداوات المتبادلة"‪،‬‬


‫وفى البروتوكوؿ العاشر يقوؿ‪" :‬لقد اعتػاد الرعاع أف يصغوا إلينا نحف الذيف نعطييـ الماؿ لقاء سمعيـ وطاعتيـ… فإذا أوحينا إلى عقؿ كؿ‬
‫فرد فكرة أىميتو الذاتية "فسوؼ يدمر الحياة األسرية!!‬
‫بيف األممييف‪ -‬غير الييود‪.‬‬
‫وفى البروتوكوؿ الثامف عشر يقوؿ‪" :‬ويجب أف ُيعرؼ أننا دمرنا ىيبة األممييف‪ -‬غيػر الييود‪ -‬الحاكميف متوسميف بعدد مف االغتياالت الفردية‬
‫التى أنجزىا وكبلؤنا‪ :‬وىـ خرفاف قطيعنا العمياف‪ " ،..‬ولذلؾ نتساءؿ أيف اإلماـ حسف البنا؟ أيف الشييد سيد قطب؟ أيف الشيخ الذىبى؟ أيف‬
‫الشيخ فرغمى؟ أيف الدكتور المشد؟ أيف الدكتور حامد ربيع؟ أيف الدكتور جماؿ حمداف؟‪.‬‬
‫‪ -‬راجع بروتوكوالت حكماء صييوف‪ -‬ترجمة مححمد خميفة التونسى‪ -‬دار التراث‪.‬‬
‫‪120‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصؿ السادس‬

‫المبحث األوؿ‪ :‬قراءة فى فكر د‪ .‬مراد ىوفماف‪.‬‬


‫المبحث الثانى‪ :‬قراءة فى مقالة‪ :‬المصريوف فى ميب الريح‬
‫المبحث الثالث‪ :‬قراءة فى فكر األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبو‪:‬‬
‫المحور األوؿ‪ :‬إسرائيؿ تستعد لمحرب لتحقيؽ السبلـ‪.‬‬
‫المحور الثانى‪ :‬إسرائيؿ عارية‪.‬‬
‫المحور الثالث‪ :‬ماذا قاؿ اإلسرائيميوف بعد رحيمو‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬قراءة فى مقالة‪ :‬د‪ .‬مصطفى محمود‪( :‬دستور المصوص)‬
‫المبحث الخامس‪ :‬قراءة فى مقالة األستاذ‪ /‬أحمد بيجت‪(:‬جذور العنؼ)‬
‫‪121‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫تعريؼ بالمؤلؼ‪:‬‬
‫* الدكتور مراد ىوفماف‪.‬‬
‫* ولد فى ‪ 6‬يوليو‪ 1931‬ألسرة كاثوليكية فى أشافينبرج‪ ،‬ألمانيا‪.‬‬
‫* أنيى دراستو الجامعية ‪.1950‬‬
‫* أنيى دراستو لمقانوف األلمانى‪ ،‬بحصولو عمى الدكتوراه مف جامعة ميونخ ‪1957‬‬
‫* حصؿ عمى درجة الماجستير فى القانوف األمريكى مف جامعة ىارفارد ‪.1960‬‬
‫* اعتنؽ اإلسبلـ عاـ ‪ ،1980‬أدى العمرة ‪ 1982‬أدى الحػج عاـ ‪1992‬‬
‫* عمؿ فى اإلدارة الخارجية األلمانية مف‪.1994 -1991‬‬
‫* تخصص فى وسائؿ الدفاع النووى ‪.‬‬
‫* كانت آخر مناصبو‪ ،‬مدير استعبلمات الناتو فى بروكسؿ ‪ 1987 -1983‬كما عمؿ سفي اًر أللمانيا فى الجزائر‬
‫مف ‪ 1990 -1987‬وعمؿ سفي اًر أللمانيا قى المغرب مف ‪.1994 -1990‬‬
‫‪ ،1987‬فى كولوف‪ ،‬ثـ أعيد طبعيا باأللمانية‬ ‫* كػتب فى ‪" 1985‬يوميات مسمـ " ثـ طبعت باإلنجميزية عاـ‬
‫‪ 1990‬فى كولوف‪ ،‬والفرنسية ‪ ،1990‬بالجػزائر ثـ الفرنسية أيضاً فى الرباط ‪ 1993‬وبالعربية ‪ 1993‬با لقا ىرة ‪.‬‬
‫أثار كتابو "اإلسبلـ كبديؿ " الذى نشر باأللمانية ‪ 1992‬اىتماـ ألمانيا والعالـ‪ -‬أعيد طبعو باأللمانية ‪،1993‬‬
‫فى ميونخ ثـ ترجـ إلى اإلنجميزية والعربية عاـ ‪.1993‬‬
‫* لو كتب ومقاالت عدة نذكر منيا عمى سبيؿ المثاؿ‪:‬‬
‫‪ -1‬اإلسبلـ عاـ ‪ 2000‬ترجمة‪ /‬عادؿ المعمـ‪ -‬مكتبػة الشروؽ‪ -‬طبعة أولى‪ ،‬القا ىرة ‪.1995‬‬
‫‪ -2‬اإلسبلـ كبديؿ‪ -‬ترجمة‪ :‬د‪ .‬غريب‪ -‬مؤسسة بافاريا لمنشر‪.1993 ،‬‬
‫‪ -3‬ندوة بعنواف " اإلسبلـ ينتشر بقوة فى الغرب "‪.‬‬
‫تحت ىذا العنواف عرضت مجمة الوعى اإلسػبلمػى بالكويت فى عددىا ‪ 372‬بتاريخ‬
‫‪ 1417‬ىػ‪ -‬بقمـ عبد الرحمف‪ :‬أف الدكتور ىوفماف قاؿ‪ " :‬لقد أمضيت ‪ 4‬سنوات مف عمرى مدي اًر إعبلميا لحمؼ‬
‫األطمنطى‪ ،‬ورأيت كيؼ يخططوف إلبادة اإلسبلـ وتشويو صورتو"‪.‬‬
‫‪122‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫قراءة فى فكر الدكتور‪ /‬مراد ىوفماف‬


‫مستشار الحمؼ األطمنطى وسفير ألمانيا‬
‫بالرباط سابقا‬
‫((اإلسالـ ينتشر بقوة فى الغرب))‬

‫تحت ىذا العنواف نشرت مجمة الوعى اإلسبلمى عمى صفحاتيا ( ‪ )63-60‬نص الحوار الذى جرى مع الدكتور‬
‫ىوفماف عمى النحو التالى‪:‬‬
‫"استضافت و ازرة األوقاؼ المصرية السفير األلمانى المسمـ‪ /‬د‪ .‬مراد ىوفماف الذى أحدث إسبلمو فى الغرب دويا‬
‫ىائبلً‪ -‬فػى ندوة ميمة حوؿ مستقبؿ اإلسبلـ فى الغرب وسبؿ الحوار الصحيحة مع المسيحية‪.‬‬
‫وقد تحدث "ىوفماف فأشار إلى أف الحضارة الغربية عمى وشؾ االنييار" بعدأف ىجػر أىميا الكنائس‪ ،‬ولـ تشبعيـ‬
‫المادة التى برعوا فييا روحيا‪ ،‬وذكر أف اإلسبلـ ينتشر بقوة فى الغرب لدرجة أذىمت الغربييف أنفسيـ‪ ،‬األمر الذى‬
‫أدى إلى أف تكوف أكثر احتماالت المواجيات العسكرية لحمؼ شماؿ األطمنطى‪ ،‬مستقببلً ضد اإلسبلـ‪ ،‬وتحػدث‬
‫ىوفماف عف الصعوبات التى يواجييا اإلسبلـ فى الغرب ومنيج دعوة الغربييف الصحيح إليو‪ ،‬واختتـ حديثو‬
‫متفائبلً بمستقبؿ زاىر لئلسبلـ "‪.‬‬
‫تصحيح صورة اإلسبلـ (‪:)140‬‬

‫تصحيح صورة اإلسبلـ‪ :‬يقوؿ د‪ .‬مراد ىوقماف فى كتابو اإلسبلـ عاـ ‪ 2000‬ترجمة عادؿ المعمـ‪ -‬مكتبة الشروؽ‪ 1995 -‬ص ‪ 34‬يقوؿ‪.‬‬ ‫(‪)140‬‬

‫ولكف حتى اليوـ‪ ،‬لحفظ ماء الوجو‪ُ ،‬يصر العالـ الغربى عمى األسطورة التى اخترعيا‪ ،‬أف اإلسبلـ انتشر بالسيؼ والنار… ثـ يقوؿ‪ :‬ويعجب‬
‫المرء أشد العجب مف استمرار تمؾ األسطورة حتى اليوـ‪ ،‬حيث المسمموف مستضعفوف فى مشارؽ األرض ومغاربيا‪ ،‬ومع ىذا يزيد تمسكيـ‬
‫باإلسبلـ فى ببلد مثؿ كشمير والبوسنة واليرسؾ وشيشاف وغيرىا‪ ،‬بؿ ويدخؿ اآلالؼ األمريكيوف واألوروبيوف فى اإلسبلـ سنوياً‪ ،‬ناىيؾ عف‬
‫الببلد التى دخمت اإلسبلـ بأكمميا دوف أف يصميا جندى مسمـ واحد!!‪ .‬ومثاؿ ذلؾ أندونيسيا وماليزيا وتايبلند والفمبيف ‪ ،‬فييا عدد مف المسمميف‬
‫يتجاوز المسمميف العرب‪ .‬كذلؾ كؿ إفريقيا المسممة إذا استثنينا شماؿ إفريقيا اىػ‪.‬‬
‫ويقول مراد ىوفمان‪ -‬لتصحـيح صورة اإلسالم‪ :‬إن اإلسالم ليس ديناً تعبدياً فقط‪ ،‬ومن اخلطأ التعامل معو على ىذا األساس… فقد قرأت كثرياعن اإلسالم ودرستو دراسة دقيقة بعيدة عن‬
‫األىواء واألحـكام ادلسبقة التـى تو ارثناىا‪ ،‬ىف أوروبـا‪ :‬واكتشـفت أن النظام اإلسالمى نظام مثاىل حيـقق لإلنسان مثاليتو‪ ،‬لكن ادلسلمني ال يدركون قيمة ما لديهم من دين وحضارة‪ ،‬ويتطلعون‬
‫دائماً إىل ما ىف أيدى اآلخرين‪ :،‬وىذا التطلع االنبهارى ىو الذى صرفهم عن كنوز حضارتو‪ -‬راجع رللة االقتصاد اإلسالمى ‪ ،‬العدد " ‪ 204‬السنة‪ 17‬ذو القعدة ‪ 1418‬ىـ‪ /‬مارس‪1998‬ص‬
‫‪.16‬‬
‫‪123‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وكأف د‪ .‬أسامة الغزالى حرب رئيس تحرير مجمة السياسة الدولة المصرية قد افتتح وأدار الندوة‪ ،‬حيث أشار إلى‬
‫أف د‪ .‬ىوفماف يعد شخصية إسبلمية غربية بارزة‪ ،‬مازالت تثير جدالً فى األوساط الغربية بعدأف ترؾ منصبو‬
‫كمستشار إعبلمى لحمؼ األطمنطى‪ ،‬وكسفير سابؽ أللمانيا فى الرباط‪ .‬وانشغؿ وانيمؾ بنشر اإلسبلـ وبتصحيح‬
‫صورتو لدى الغربييف‪ ،‬بؿ والمسمميف أنفسيـ‪ ،‬مشي اًر إلى أف أبرز ما شجػعو عمى ذلؾ ثقافتو الغربية واإلسبلمية‬
‫الكبيرة‪" .‬‬
‫((الغرب يعيش محنة قاسية‪)):‬‬
‫"أوضح د‪ ،‬مراد ىوفماف فى بداية حديثو أف الغرب يعيش محنة قاسية‪ ،‬بعد أف ىجر الكنائس المسيحية التى‬
‫غرقت فى خػبلفات وصراعات مذىبية حوؿ طبيعة السيد المسيح عميو السبلـ‪ -‬طبيعة إليية أو بشرية‪ -‬واتجيوا‬
‫نحو عبادة المادة‪ ،‬األمر الذى قمؿ مف تأثير الكنائس عمى حياتيـ ‪ ،‬وذكر ىوفماف أف انييار الكنائس فى الغرب‬
‫اليعنى أف فكرة اإليماف باهلل عمى وشؾ االختفاء‪ ،‬بؿ نبلحظ اليوـ أف كبار عمماء الغرب فى الفيزياء والعموـ‬
‫االجتماعية‪ ،‬والحػاصميف عمى جوائز نوبؿ العالمية‪ ،‬يعترفوف أنيـ مؤمنوف باهلل‪ ،‬ويحتاجػوف لمعرفتو‪ ،‬وىو أمر‬
‫كاف نادر الحػدوث سابقاً‪ .‬وقاؿ ىوفماف إف الشعوب الغربية أصبحت موقنة ومؤمنة اليوـ‪ .‬إف الحضارة الغربية‬
‫فشمت فى إشباع احتياجاتيـ الروحية وأدخمتيـ فى حروب طاحنة‪ ،‬أكمت منيـ الكثير بشرياً ومادياً‪ ،‬وكؿ ذلؾ‬
‫يؤكد أنو مف الممكف أف يتحوؿ المسيحيوف إلى مسمميف‪ ،‬وأف تتحوؿ الكنائس إلى مساجد بسيولة إذا نجح‬
‫المسمموف فى تقديـ الصورة الصحيحة إلسبلميـ‪" .‬‬
‫((صعوبات عديدة تواجو اإلسالـ فى الغرب‪)):‬‬
‫"وأشػار ىوفماف إلى أف ىناؾ صػعوبات عديدة تواجػو اإلسبلـ فى الغرب‪ ،‬أبرزىا تشويو صورتو مف قبؿ األجيزة‬
‫اإلعبلمية والبحثية‪ ،‬وأسباب ذلؾ معقدة ومتنوعة يرجػع بعضيا إلى الحروب الدموية بيف المسيحييف والمسمميف‪،‬‬
‫والتى ُعرفت بالحروب الصميبية‪ ،‬والصراع السياسى والتجارى لمسيطرة عمى البحر المتوسط‪ ،‬حتى أصبحت إدانة‬
‫اإلسبلـ جزءاً اليتج أز مف العقمية األوروبية‪ ،‬ومف ىنا نرى أف ىناؾ إجػياض ألى تعػاطؼ مع اإلسبلـ‬
‫والمسمميف‪ .‬واستشيد ىوفماف بما حدث مع عميدة االستشراؽ األلمانية (د‪ .‬أناميؿ شميؿ) لمتدليؿ عمى صحة‬
‫كبلمو‪ ،‬حيث ىاجمتيا وسائؿ اإلعبلـ األلمانية بشراسة حينما انتقدت كتاب سمماف رشدى (آيات شيطانية)‪،‬‬
‫وأكدت أف الكتاب يحتوى عمى افتراءات وأكاذيب عف رسوؿ اإلسبلـ‪ .‬وأعمنت أف الكتاب مثؿ إىانة واضحة‬
‫لئلسبلـ والمسمميف‪ ،‬ولؤلسؼ بسبب كبلميا ىذا تعرضت د‪ .‬شميؿ الضطياد وىجوـ واسع‪ ،‬وبالطبع كانت‬
‫أسباب ىذا االضطياد سياسية وليست دينية‪ .‬وألمح د‪ .‬ىوفماف إلى صعوبات أخرى يواجييا اإلسبلـ فى الغرب‪،‬‬
‫وىى أف الشعوب الغربية ترى‪ -‬فى اإلسبلـ كديانة‪ -‬أنو يقيد حرية الفرد‪ ،‬فيو يحرـ الخمر‪ ،‬ويفرض الحجاب فى‬
‫الصبلة وفى الحج‪ ،‬فى الح اررة الشديدة‪ ،‬وكؿ ىذه األشياء لـ تتعودىا العقمية الغربية‪ ،‬ىذا باإلضافة إلى أف‬
‫‪124‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫(*)‬
‫عمى السارؽ والقاتؿ‪،‬‬ ‫الغرب يتخوؼ مف اإلسبلـ حينما يرى بعض الدوؿ اإلسبلمية تطبؽ الحدود السماوية‬
‫وبقية الحدود اإلسبلمية‪.‬‬
‫ورغـ ذلؾ‪ -‬كما قاؿ ىوفماف‪ :-‬فإف اإلسبلـ ينتشر بقوة فى الغرب‪ ،‬وبصورة مذىمة‪ ،‬أوجدت الرعب فى نفوس‬
‫الغربييف الحاقديف‪ ،‬بعد أف عرؼ أبناء الغرب الحقائؽ الصحيحة عف اإلسبلـ‪ ،‬ونجػاحو فى إشباع احتياجاتيـ‬
‫الروحية بعد أف أغرقتيـ الحياة المادية الغربية فى كؿ شىء‪ ،‬وال يتوقع أحد اليوـ أف يختفى اإلسبلـ‪ ،‬ولكف أف‬
‫ينتشر ويمتد‪.‬‬
‫ويضع جنراالت" الناتو" فى حسباتيـ أف أكثر المواجيات العسكرية احتماال فى المستقبؿ لف تكوف إال مع‬
‫اإلسالـ‪ ،‬ألنو العدو المتنامى المرتقب الذى ينتشر بقوة‪ ،‬ال يعمموف‪ -‬حتى األف‪ -‬أسبابيا"‬
‫((التفاؤؿ سمتنا كمسمميف‪)):‬‬
‫وأضاؼ "ىوفماف "‪ :‬أننا كمسمميف ينبغى أف نكوف متفائميف‪ ،‬حتى نحصؿ عمى مكاسب‪ ،‬ونستفيد مف كؿ شىء‬
‫حولنا لنشر اإلسبلـ‪ ،‬وتصحيح صورتو فى الغرب‪ ،‬وعمى سبيؿ المثاؿ يمكف أف نستغؿ شبكة "اإلنترنيت "‬
‫لصالح اإلسبلـ والمسمميف وليس العكس‪ ،‬فيمكف لنا أف نرسؿ باإلسبلـ إلى شاشاتيـ وبرامجيـ بدالً مف‬
‫الصورالفاضحة التى يرسمونيا إلينا‪ ،‬واذا كػاف الموـ ُممقى اليوـ عمى اإلسػبلـ مف اإلرىاب ومػا يقػوـ بو بعض‬
‫المسمميف ويمصقو باإلسبلـ وىو منيـ برىء‪ ،‬فإف اإلرىاب كاف فرصة لتعرؼ الكثيريف عف اإلسبلـ‪ ،‬وقراءات‬
‫مؤلفات المسمميف‪ ،‬وترجمات القرأف‪ ،‬وبيذا أتت الريح بما ال تشتيى السفف كما ُيقاؿ ‪" .‬‬

‫((الحوار بيف اإلسالـ والغرب‪)):‬‬


‫"وتطرؽ "ىوفماف " إلى الحوار بيف اإلسبلـ والغرب‪ ،‬فأشار إلى أنو حوار مستحيؿ ببل فائدة حػالياً‪ .‬إنما الحوار‬
‫االكثر فائدة وفاعمية فيو الحوار بيف اإلسبلـ والمسيحية فى الغرب " حيث إف ىناؾ أرضية مشتركة بينيـ ىى‬
‫اإليماف باهلل ‪ ،‬ولكف ىذا الحوار لف ينجح إال إذا تفيمنا كمسمميف ومسيحييف أننا نعيش فى قارب واحد‪ ،‬وأف يفيـ‬
‫المسيحيوف أف المسيحية يمكف أف تكوف أقمية كما ىو الحػاؿ بالنسبة لؤلقميات اإلسبلمية فى الغرب‪ ،‬والبد أف‬
‫يرتكز ىذا الحوار عمى القبوؿ المتبادؿ وليس التسامح فقط‪ ،‬وعمينا أف نبدأ بالتسامح حتى نصؿ إلى درجة القبوؿ‬
‫خاصة وأف مشاكؿ عديدة فى الغرب يمكف حميا بالتنسيؽ بيف المسمميف والمسيحييف‪ ،‬أىميا مشكبلت الشذوذ‬
‫الجنسى‪ ،‬وانييار األسرة‪ ،‬واإلجػياض والمخػدرات‪ ،‬وارتفاع معدالت الجرائـ وبخػاصة بيف الشباب والتبلعب بخمؽ‬
‫اهلل (‪ -)141‬الجينات‪ -‬فيما يسمى عمـ اليندسة الوراثية‪" .‬‬
‫تطور إيجابى تجاه اإلسالـ فى الغرب‪:‬‬

‫(*)‬
‫أى احلدود الىت شرعها اإلسالم الىت نزل هبا الوحى من السماء على رسول اهلل صلى اهلل عليو وسلم من عند رب العادلني ‪.‬‬
‫التبلعب بخمؽ اهلل ‪ ،‬وىو ما يسمى باالستنساخ‬ ‫(‪)141‬‬
‫‪125‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وقاؿ ىوفماف‪ :‬إف المسمميف والمسيحييف يخشوف بعضيـ ألسباب مقنعة‪ ،‬وال يوجػد أفظع مف الخوؼ‪ ،‬ألف الخوؼ‬
‫يمكف أف يطمؽ ش اررة الحروب‪ ،‬والمؤسسات المسيحية واإلسبلمية يمكنيما أف تنزع فتيؿ الحرب إذا تحاو ار‬
‫وقبؿ بعضيـ بعضاً‪ ،‬وىذا ىو التحدى الذى يواجينا‪ ،‬فيناؾ تطور إيجابى تجػاه اإلسبلـ فى‬‫وتفاىما وتسامحا‪ّ ،‬‬
‫الغرب بخاصة فى ألمانيا‪ ،‬فاليوـ القساوسة والحكاـ يرسموف بالتينئة لممسمميف فى أعيادىـ‪ ،‬وأصبحت الدعوة‬
‫لمصبلة أو لذبح الحػيػوانات طبقاً لمشريعة اإلسبلمية حدثاً عادياً متكػر اًر فى الغرب‪ .‬كما أف تراخيص بناء‬
‫المساجد تمنح لممسمميف‪ ،‬وأممى وأمنيتى أف يكوف ىناؾ مسجد فى كؿ قرية ألمانية أو غربية‪ ،‬بجوار الكنائس‬
‫المنتشرة بكثرة والتى ىجرىا مسيحيوىا‪" .‬‬
‫أسئمة واجابات‪:‬‬
‫"وبعد أف انتيى د‪ ،‬مراد ىوفماف مف حػديثو‪ ،‬دار بينو وبيف ُو ّعاظ األوقاؼ وعمماء‬
‫اإلسبلـ حوار ميـ‪ ،‬بدأه الشيخ محمد عبد السبلـ بسؤاؿ حوؿ كيفية تغيير صورة اإلسبلـ فى الغرب‪ ،‬واقامة‬
‫عبلقة سميمة بينو وبيف المسمميف خاصة‪ ،‬وأف الغرب لديو حب السيطرة والنفوذ والسيا دة ؟‬
‫وأجاب د‪ ،‬ىوفماف مؤكداً أنو ال ينبغى أف نبالػغ فى تصوير العداء الغربى لئلسبلـ‪ ،‬فيناؾ خػوؼ غربى مشروع‬
‫عمى اليوية الغربية‪ ،‬ففى ألمانيا أو فرنسا يوجد مبلييف مف المسمميف وىـ ال ينتموف إلى البمد نفسيا أو! جنس‬
‫سكانيا‪ ،‬وبالتالػى فيـ يسببوف توت اًر‪ ،‬وبالتالى نرى عداء الغرب يزيد ال بسبب أنيـ مسمموف‪ ،‬ولكف ألنيـ مواطنوف‬
‫مختمفوف فى اليوية واالنتماء‪ ،‬ولكنى أؤكد أننا بحػاجة إلى أف نفتح حػوا اًر معيـ خػاصة وأف الديف اإلسبلمى‬
‫أصبح يواجو تقدي اًر واحتراماً فى الغرب‪ ،‬ونؤكد ليـ جميعاً أننا ال نيدؼ إلى إجبارىـ عمى اعتناؽ ديننا‪ ،‬بؿ إف‬
‫قرآننا أكػد أف اهلل خمقنا شعوباً وقبائؿ ذات أعراؽ وأدياف وجنسيات مختمفة‪ ،‬لنتعارؼ ونتآلؼ‪.‬‬
‫وأعتقد أننا لو نجحنا فى طمأنة الغربييف فسوؼ يحػقؽ اإلسبلـ انتصارات جديدة كبرى‪.‬‬
‫((المراكز اإلسالمية فى الغرب))‬
‫وسأؿ د‪ .‬حسف الشافعى وكئؿ كمية دار العموـ بجامعة القاىرة د‪ .‬ىوفماف عف تقييمو لعمؿ المراكز اإلسبلمية فى‬
‫الغرب‪ ،‬وكػيفية تغيير المناىج الدراسية ألبناء الغرب والتى شوىت صورة اإلسبلـ فى عقوليـ؟‬
‫وأجاب ىوفماف مشي اًر إلى أف‪ :‬عمى المؤسسات اإلسبلمية أف تكثؼ جػيودىا لتأىيؿ دعاتيا العامميف فى الغرب‪،‬‬
‫بحيث يكونوف عمى قدر كاؼ مف العمـ ومعرفة طبيعة جميورىـ المستيدؼ‪ ،‬ألنو مف الميـ أف يفيـ الداعية لغة‬
‫وظروؼ ونفسية مخاطبيو‪ ،‬وأال تعتمد تمؾ المؤسسات عمى الدعاة الذيف تبعثيـ أو ترشحػيـ الحكومات اإلسبلمية‬
‫فى الغرب؟ ألف الواقع أكػد أف دعاة الحكومات عادة يكونوف غير مدربيف‪ ،‬وغير مؤىميف‪ ،‬كما أف المسمميف فى‬
‫الغرب يرفضونيـ بسبب تبعيتيـ لمحكومات‪ ،‬وىذا خط البد مف تداركو حػيث يقمؿ مف فرصة انتشار اإلسبلـ بقوة‬
‫فى الغرب‪" .‬‬
‫‪126‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وأضاؼ ىوفماف‪ :‬إف ىناؾ كثي اًر مف المثقفيف اإلسبلمييف فى الغرب وأنا منيـ يقوموف حػاليػة برصد األخطاء‬
‫الواردة فى الكتب التعميمية الغربية عف اإلسبلـ فى العموـ كػافة تمييداً لمرد عمييا فى كتيبات تصدر قريباً‪ ،‬كما‬
‫نحاوؿ إقناع السمطات التعميمية فى الغرب بتصحيح تمؾ األخطاء‪ ،‬وعمى أية حاؿ فإف بعض األخطاء جاءت‬
‫نتيجػة عدـ الفيـ الكامؿ‪ ،‬والدراسة التامة بأصوؿ اإلسبلـ والقرآف الكريـ‪ ،‬ونأمؿ فى تغييرىا وتصويبيا ‪".‬‬
‫صورة اإلسالـ فى الغرب (‪.)142‬‬
‫ألسموب الدعوة الصحيح‬ ‫وسأؿ د‪ .‬مصطفى الشكعة عضو مجمع البحػوث اإلسبلمية د‪ .‬ىوفماف حوؿ تصوره‬
‫مستعرضاً تجربتو‪ ،‬حينما كػاف مستشا اًر ثقافياً لمصر فى الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬حيث كاف يعاممو‬
‫األمريكيوف فى البداية بأسموب ليس طيباً‪ ،‬بسبب ما يسمعونو عف إرىاب وتوحش العرب والمسمميف؟ "‬
‫"وقاؿ د ‪ .‬ىوفماف‪ :‬إننا نحتاج ألسموب دعوة جديد لئلسبلـ فى الغرب‪ ،‬فعمينا أف نعرؼ أوالًال طبيعة المجموعات‬
‫المستيدفة‪ ،‬وقبؿ أف أوجو رسالتى يجب أف يكوف المستقبؿ مقتنعاً بما أقوؿ مف آراء وتوجػيػيات‪ ...‬وفى الغرب‬
‫ىناؾ أناس ال يعترفوف وال يؤمنوف باهلل‪ ،‬وبالتالي اليعقؿ أف أقوؿ ليـ قاؿ اهلل كذا‪ ...‬وكذا‪ ،‬ولكف عمى أف أوجو‬
‫ليـ رسالة عممية واضحة بحقائؽ كونية وبراىيف مختمفة‪ ،‬ثـ أقارف ىذه الحقائؽ بما جاء فى كتاب اهلل‪ ،‬كما أف‬
‫الدعوة فى الغرب ال تتطمب إسرافاً فى األمور بحيث يصبح الداعية منبوذاً بسبب كثرة ما يمميو عمى المتمقى‪،‬‬
‫ولكف عميو أف يعرؼ شخصية ونفسية الموجػو إليو الرسالة‪ ،‬حتى ال يتحػوؿ األمر فى النياية إلى العكس‪ ،‬ألف‬
‫الناس فى أوروبا يحػتاجوف أوالً إلى إقناع‪ ،‬ثـ دعوة فى المقاـ الثانى‪ ،‬فمو اقتنع الفرد بما يقولو الداعية فسيكوف‬
‫مف السيؿ عرض الرسالة عميو باألسموب الميف السيؿ‪ ،‬ومع ذلؾ فبلبد أف نعمـ أف لديننا رّباً يحميو‪ ،‬فصورة‬
‫المسمميف اليوـ وما يفعمو بعض حكاميـ يصدـ العقمية الغربية فى اإلسبلـ‪ ،‬ورغـ ذلؾ فإف اهلل بيده كؿ شىء‪،‬‬
‫وتغيير األمور إلى األحسف‪ ،‬فمف كاف يصدؽ أف شخصاً مجرماً ُمضمبلً لئلنسانية مثؿ "مالكوـ ماكس " سيتحوؿ‬
‫لئلسبلـ فى أمريكا‪ ،‬ويعود مف مكة داعية لئلسبلـ‪ ،‬ويقطع صمتو باإلجراـ واإلرىاب‪ ،‬ويتسبب فى دخوؿ آالؼ‬
‫األمريكييف فى اإلسبلـ‪" .‬‬
‫"وأضاؼ ىوفماف‪ " :‬لقد أمضيت ‪ 4‬سنوات مف عمرى مدي ار لحمؼ األطمنطى ورأيت كيؼ يخططوف إلبادة‬
‫اإلسالـ وتشويو صورتو‪ ،‬ولكنى أقوؿ إف اهلل سيظير دينو‪ ،‬وسينتشر أكثر وأكثر‪ ،‬وسيكوف اإلسالـ ىو ديف‬
‫البشرية مستقبال " أو كػما قمت سابقة فى كػتػبى ومؤلفاتى‪ :‬إف اإلسبلـ ىو الديف البديؿ واألقوى اليوـ لمبشرية‬

‫يقوؿ مواد ىوفماف‪ -‬مصػدر سابؽ ص ‪ 19‬مجمة االقتصاد اإلسبلمى العدد ‪ :-204‬الوجػود اإلسبلمى فى الغرب فى تنامػى مستمر رغـ‬ ‫(‪)142‬‬

‫حمبلت التشويو الظالمة التى يتعرض ليا اإلسبلـ‪ ،‬فكؿ المؤشرات تؤكد أف اإلسبلـ فى تقدـ مستمر‪ ،‬وال يتوقع أحد أف يختفى اإلسبلـ فى‬
‫المستقبؿ ‪ ...‬بؿ اف الغربييف يخشوف اإلسبلـ فى ظؿ تنامى الوجود اإلسبلمى فى كؿ المجتمعات الغربية‪ ،‬ومف خػبلؿ مبلحظاتى أؤكد أف‬
‫اإلسبلـ يمكف أف يحقؽ مكاسب كبيرة فى الغرب‪ ،‬لو صححنا صورتو‪.‬‬
‫‪127‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الغربية التى تعانى وتعانى بقسوة‪ ،‬وتبحث عف بديؿ ولف تجػده إال فى اإلسبلـ‪ ،‬وأعتقد أف المستقبؿ ممموء‬
‫بالتفاؤؿ واألمؿ الكبير إلسبلمنا "‪.‬‬
‫‪128‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المصريوف فى ميب الريح‬

‫‪ 107‬بتاريخ‪ 20: 11 ،‬ديسمبر ‪ -،1992‬بقمـ محمد عبد‬ ‫مقالة صحفية‪ :‬نشرتيا مجمة "عرب تايمز" العدد‬
‫المعطى‪ -‬رحمو اهلل‪.‬‬
‫((المصريوف فى ميب الريح‪)):‬‬
‫تحت ىذا العنواف كتب محمد عبد المعطى فقاؿ‪" .‬إف االشتباكات بيف المسمميف واألقباط فى صعيد مصر‪ ،‬ثـ‬
‫(*)‬
‫اليجوـ عمى باصات السياحة واالنتقادات الموجية إلى الحكومة المصرية‪ ،‬بعد فشميا فى تدارؾ الزلزاؿ‬
‫المدمر‪ ،‬ثـ المواجية الساخنة بيف مصر وايراف‪ ،‬وتبادليما التيديد كؿ ذلؾ يؤكد لممراقبيف أف مصر قد أصبحت‬
‫عمى أبواب حرب أىمية‪ ،‬قد تتمخض عف ظيور ثبلث دويبلت فييا‪ :‬قبطية‪ ،‬ودولة إسبلمية‪ ،‬ودولة نوبية‪.‬‬
‫(‪)143‬‬
‫فى‬ ‫"أصابع إسرائيؿ ليست بعيدة عف السيناريو الذى سيعصؼ بمصر‪ ،‬لذا ترتفع اليوـ أصوات المخمصيف‬
‫مصر مف مسمميف وأقباط‪ ،‬يحذروف مف المؤاموة الصييونية التى تخطط فى المرحمة األولى لتدب الفوضى‬
‫والفساد واشعاؿ حرب أىمية فى مصر‪ ،‬ثـ إبادة أبنائيا‪ ،‬وتدمير حضارتيا المعاصرة‪ ،‬ويترتب بعدىا فى المرحمة‬
‫الثانية تقسيـ مصر إلى عدة دويبلت‪ ،‬دولة قبطية‪ ،‬ودولة إسبلمية‪ ،‬ودولة نوبية‪ ،‬ثـ ضـ مصر لدائرة نفوذ‬
‫إسرائيؿ الكبرى فى المرحمة النيائية"‪.‬‬
‫"وكما عبر اإلسرائيميوف فى عدة مناسبات أف السبلـ فى مصر ىو تيديد إلسرائيؿ وأنو مف األولى معالجة األمر‬
‫‪100‬‬ ‫فى أقرب وقت‪ ،‬وتدمير مصر بثقميا السكانى بدالً مف االنتظار حتى تجد إسرائيؿ نفسيا فى مواجػية (‬
‫مصر فى عاـ ‪ -2006‬وتمارس إسرائيؿ اليوـ بدعـ الصييونية‬ ‫مميوف قنبمة نووية)‪ -‬كناية عف عدد سكاف‬
‫العالمية لعبة الثبلث ورقات "‪.‬‬
‫((أوالًال‪ :‬ورقة األقباط وآماليـ فى إنشاء دولة مسيحية (‪)))144‬‬

‫الزلزاؿ الذى اجتاح مصر فى يوـ االثنيف ‪ 1992/10/12‬وأحدث كػثي اًر مف الخسائر فى األرواح والمبانى والمدارس والمعا ىد الدينية‪.‬‬ ‫(*)‬

‫مف أجػؿ ذلؾ وافؽ مجمس النواب األمػريكػى عمى إصػدار قػانوف يفرض عقوبات عمى الدوؿ التى تضطيد األقميات النصرانية فى مصر‬ ‫(‪)143‬‬

‫وغيرىا مف ببلد العالـ (قاتميـ اهلل أنى يؤفكوف) ارجػع جريدة األىراـ والوفد يوـ ‪ ،1998/5/14‬وجريدة الشعب يوـ ‪.1998/5/19‬‬
‫(‪ )144‬راجـع كتاب "األقباط ىف وطن متغري" د‪ .‬غاىل شكرى‪ -‬دار الشروق ط عام ‪ ،1991‬ص ‪ 227‬السطر ‪ 7‬عند الرقم ‪ -3‬يقول ادلؤلف‪" :‬وبعدىا تناقل الناس أخبار تقرير آخر‪ ،‬غري‬
‫تقرير الشيخ إبراىيم اللبـان‪ ،‬وقد ُوصف بأنو تقرير جلهات األمن الرمسية عن اجتماع َع َق َده األنبا شنودة ىف ‪ 15‬مارس ‪ 1972‬بالكنيسة ادلرقسية باإلسكندرية‪ ،‬وقد أخذ ىذا التقرير طريقو إىل‬
‫‪129‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫"المحمؿ لممؤتمر الصحػفى الذى ُعقد بالكػنيسة المصرية فى مصر‪ ،‬يشعر أنو يحمؿ تيديداً مبطناً بأف األقباط‬
‫بإمكانيـ طمب الدعـ الخارجػى‪ ،‬وأنيـ يعانوف مف االضطياد"‪ .‬ومف مؤشرات خطورة الورقة القبطية ما يمى‪:‬‬
‫‪ -1‬لقد كانت مبلمح الفتنة بيف األقباط والمسمميف فى مصر واضحة فى العيد السابؽ‪ ،‬ولكنيا اآلف فى العيد‬
‫الذى تعيشو أصبحت أخطر ورقة‪ ،‬وفى زمف استطاعت الييودية العالمية أف توصؿ قبطياً مصرياً ألعمى منصب‬
‫دولى فى العالـ (األميف العاـ لؤلمـ المتحدة) بمواصفاتو الخػاصة‪ ،‬وأبوه قبطى وزوجتو ييودية‪ ،‬وىناؾ مف يعتقد‬
‫أف أمو ييودية أيضاً‪ ،‬وجده معروؼ‪ ،‬أنو باع لئلنجميز قناة السويس‪ ،‬ودفع لتصرفو ىذا حياتو ثمناً ليا‪ ،‬ويتميز‬
‫(‪)145‬‬
‫فى‬ ‫عمى كؿ األمناء السابقيف بزيادة صبلحياتو‪ ،‬حتى إنو طمب تشكيؿ جيش عالمى بقيادتو يتدخؿ‬
‫الحاالت المماثمة لما يحدث قى البوسنة واليرسؾ !! "‬
‫"وىذا أمر كػأنو مخطط لو‪ ،‬ليعطى الضوء ألقباط مصر‪ ،‬وليطمئنيـ بأف كؿ العالـ سيقؼ معيـ لحػمايتيـ!! كما‬
‫يتميز بتحػيزه ضد البوسنة واليرسؾ بشكػؿ لفت انتباه سياسيى وصحافيى العالـ!! "‬
‫‪ -2‬يتابع المراقبوف مناورات لمحمؼ األطمنطى فى البحػر المتوسط‪ ،‬ومناورات إسرائيمية وأمريكية مشتركة لمتدخؿ‬
‫(‪)146‬‬
‫!! يمكف التدخؿ لحماية أقباط مصر!!‬ ‫السريع‬
‫‪ -3‬لقد وصؿ إلى مصر مؤخ اًر رئيس جميورية أرمينيا فى زيارة خاصة‪ ،‬واف المتأمؿ لما قالو رئيس أرمينيا فى‬
‫مصر‪" :‬ىا ىى أرمينيا تصبح دولة بعد ألؼ سنة"وىو أمر يتابعو األقباط بحذر‪ ،‬فإسرائيؿ تعود بعد ألؼ عاـ‪،‬‬
‫والعرب يخرجوف مف غرب أوروبا قبؿ ‪ 500‬عاـ فى ‪ ،1492‬واآلف المسمموف ُيبادوف ويخرجوف مف شرؽ أوروبا‬
‫(البوسنة واليرسؾ) فى عاـ ‪ ،1992‬بعد أف مكثوا أيضاً ‪ 500‬عاـ‪.‬‬
‫‪ -4‬ازدياد الجماعات المتطرفة المسيحية (ىناؾ ‪ 14‬مجموعة مسمحة)‪ ،‬وارتفاع األصوات الداعية إلى إخرج‬
‫العرب مف مصر؟ ألنو عمى حد قوؿ بعضيـ‪" ،‬مصر وطف األقباط‪ ،‬واف المسمميف المستعمريف جػاؤوا مف‬
‫الجػزيرة العربية‪ ،‬وينبغى أف ُيطردوا إلييا‪ ،‬إف كؿ ىذه األصوات الداعية إلى الفتنة‪ ،‬والتى تجػد الدعـ والتأييػد مف‬
‫الصييونييف فى إسرائيؿ‪ ،‬والحركة الصييونية المسيحية فى مصر تنتظر الظروؼ المناسبة إلشعاؿ (بوسنة‬
‫(‪)147‬‬
‫األسكندرية‬ ‫وىرسؾ) فى مصر‪ ،‬تُدمر فييا الببلد‪ُ ،‬يباد فييا المسمموف‪ ،‬عمى أف يخرج األقباط بدولة تشمؿ‬
‫ومناطؽ مثؿ أسيوط والفيػوـ وجػزء مف القاىرة‪ ،‬وخمؽ دولة نوبية‪ ،‬وتمقى اعترافاً فورياً مف فرنسا وايطاليا وألمانيا‬
‫(وكميا دوؿ تتعاطؼ مع إسرائيؿ) يسعى النتزاعو األميف العاـ لؤلمـ المتحدة"!!‪.‬‬

‫التوزيع‪ ..‬فقد تناقلو الناس على أنو حقيقة‪ ،‬شلا ولّد اعتقاداً خاطئا لدى البعض‪ ،‬بأن ىناك سلططاً لدى الكنيسة القبطية جسيما جاء هبذا ادلنشور‪ ،‬هتدف بو إىل أن يستوى ادلسيحيون ىف العدد‬
‫مع ادلسلمني‪ ،‬والسعى إىل إفقار ادلسلمني وإثراء الشعب القبطى‪ ،‬حىت تعود البالد إىل أصحاهبا ادلسيحيني من أيدى الغزاة ادلسلمني‪ ،‬كما عادت أسبانيا النصرانية بعد استعمار إسالمى دام ذتانية‬
‫قرون !!) اىـ‪ ،‬روز اليوسف ىف عددىا ‪ 3643‬بتاريخ ‪ 1998/4/6‬ص ‪ :15‬ص ‪ ،16‬حتقيق عبد اهلل كمال‪ ،‬أسامة سالمة من القاىرة‪ ،‬توماس جورجسيان‪ ،‬حنان البدرى من واشنطون ‪.‬‬
‫(‪)145‬‬
‫"كيف نفكر اسرتاتيجيا لواء أ‪.‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى زلمد طايل‪ -‬الناشر مركز اإلعالم العرىب‪ ،‬طبعة ‪ 1997‬الباب اخلـامس ص ‪" ،299‬آليات وأساليب إقامة النظام العادلى اجلديد"‪.‬‬
‫(‪)146‬‬
‫ىذا التدخل بطلب من البلد احملتاجة‪ ،‬وبدون طلب !! كما قرر ذلك الرئيس كارتر ىف تصرحياتو‪ ،‬راجع ادلصدر السابق‪.‬‬
‫(‪ )147‬اجلواسيس غري الكاملني‪ ،‬يوسى ميلمان وأخرون‪ ،‬تررتة فوزى زلمد طايل‪ ،‬الزىراء لإلعالم ادلصرى‪ .‬وراجـع كتاب بعني اخلداع‪ ،‬اجلانب اآلخـر من اخلداع تأليف فيكتور أوسرتوفسكى‬
‫وتررتة دار الغد العرىب القاىرة‪ ،‬ط ‪1995 .1‬‬
‫‪130‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪" -5‬إف ىناؾ مؤشرات قوية عمى أف األقباط أنفسيـ يستعجموف األحداث" ث‪ ،‬حيث قبض عمى العديد مف‬
‫األقباط الذيف قػاموا بإحػراؽ منازليـ وسياراتيـ واتياـ المتطرفيف المسمميف "!!‬
‫ثانيا‪ :‬ورقة اإلرىاب اإلسرائيمى (‪:)148‬‬
‫(كؿ ىذه األعماؿ تطرقت ليا وسائؿ اإلعبلـ العربية والمصرية)‬
‫أ‪ -‬نشر المخدرات وارساؿ الجواسيس‪.‬‬
‫ب‪ -‬نشر اإليدز والدعارة‪.‬‬
‫جػ‪ -‬تسريب األسمحة واجتذاب العمبلء‪ ،‬لتسخيرىـ لؤلعماؿ التخريبية بمعرفتيـ أو التغرير بيـ‪.‬‬
‫د‪ -‬القياـ باغتياالت وأعماؿ إرىابية بالمتدينيف بمصر‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬البطالة وتتمثؿ فى عودة المبلييف مف العامميف فى الدوؿ العربية إلى مصر‪ ،‬لظروؼ سياسية وتسريح أكثر‬
‫مف نصؼ مميوف عامؿ بناء عمى طمب البنؾ الدولى‪.‬‬
‫و‪ -‬تشجيع الحركات الباطنية مثؿ الشيعة والفاطمية والبيرة فى مصر"!!‬
‫ثالثاً‪ :‬ورقة األصولييف والجماعات اإلسبلمية‪:‬‬
‫تمعب إسرائيؿ ىذه الورقة لتحقيؽ ىدفيف‪:‬‬
‫أوليما‪ :‬ضرب الحكومة المصرية فى الشعب ذى الغالبية المسممة‪.‬‬
‫ثانييما‪ :‬ضرب األقباط مع المسمميف‪ ،‬و ضرب المسمميف مع األقباط‪ ،‬والواقػع أف الخطر األصولى يبالغ كثي اًر‬
‫فى تحديد حجمو‪ ،‬فيو ال يمقى أى مساندة خارجية عمى عكس األقباط‪ ،‬كما أف الجماعات المتطرفة ىى حركات‬
‫طفيمية وبعضيا قد تحركو جيات خارجية‪ ،‬وليذا فيو مصدر لمقبلقؿ ولكف ليس لو إمكانية لتغيير النظاـ القائـ‬
‫والحموؿ مكانو‪ ،‬وأما الحركات ذات الخبرة الكبيرة كاإلخواف المسمميف‪ ،‬فإنيا تعمـ مف خبلؿ تجاربيا الماضية أف‬
‫تيديدىا لمنظاـ المصرى القائـ فى ظؿ المستجػدات الحديثة سيؤدى إلى كارثة تمحؽ بيا كحركة‪ ،‬وبمصر كدولة‬
‫عربية مسممة‪.‬‬
‫رابعاًال‪ :‬التوقعات المستقبمية فى مصر‪:‬‬
‫محاولة إسقاط النظاـ المصرى‪ ،‬وىناؾ العديد مف المؤشرات منيا ما يمى‪:‬‬
‫أ‪ -‬الفجوة الكبيرة بيف الشعب والحكومة‪ ،‬لعوامؿ كثيرة ومتعددة (‪1‬قتصادية واجتماعية ودينية وسياسية)‪.‬‬
‫ب‪ -‬الفجوة الكبيرة بيف الحكومة والمعارضة ‪.‬‬
‫جػ‪ -‬الفجوة الكبيرة بيف المسمميف واألقباط‪ ،‬والسعى الزديادىا عف طريؽ الصييونية المسيحية العالمية واسرائيؿ‪.‬‬

‫راجع كتاب "الطريؽ إلى بيت المقدس " أ‪ ،‬د‪ .‬جماؿ عبد اليادى مسعود‪ ،‬الجزء الثالث‪ -‬الفصؿ الحادى عشرص ‪ 163‬طبعة أولى‪ -‬دار‬ ‫(‪)148‬‬

‫الوفاء‪1993 -‬‬
‫‪131‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫د‪ -‬الفجوة الكبيرة بيف المسمميف المتدينيف والعممانييف المسمميف والسعى إلشعاليا‪ ،‬ومحػاولة وضعيـ فى صؼ‬
‫مع األقباط‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬التدىور االقتصادى الرىيب فى مصر‪ ،‬والسياسات المالية التى تزيد مف تذمر الشعب‪ ،‬مثؿ رفع أسعار‬
‫البنزيف والكيرباء وتوقيع المزيد مف ىذه الضرائب غير المبا شرة‪.‬‬
‫و‪ -‬الحمبلت الصحفية المكثفة التى تشكو مف تفجر األوضاع الداخمية فى مصر‪ ،‬وتحذر مف األنظمة الجػديدة‬
‫التى تطبقيا الحكومة المصرية‪ ،‬مثؿ مكافحػة اإلرىاب‪ ،‬ومثؿ أسموب الجيات األمنية فى تعذيب الكثير مف‬
‫المتيميف‪.‬‬
‫ز‪ -‬الحمبلت اإلعبلمية فى اإلعبلـ الغربى (وبعض وسائؿ اإلعبلـ الغربية الصادرة فى فرنسا وبريطانيا) والتى‬
‫تروج الضطياد الحكومة المصرية لؤلقباط‪.‬‬
‫ب‪ -‬تدىور العبلقات المصرية مع جيرانيا‪ ،‬وبصفة خاصة السوداف وليبيا‪.‬‬
‫خامساًال‪ :‬السيناريو المتوقع لمصر (‪:)149‬‬
‫‪ -1‬افتعاؿ حػادثة كبيرة ‪ ،‬بموجبيا تندلع الفتنة بيف األقباط والمسمميف‪ ،‬ويكوف إلسرائيؿ الدور الكبير فى إشعاليا‪،‬‬
‫عف طريؽ القياـ بمذابح ضد مجموعة مف األقباط أو العكس‪ ،‬فيستمر العنؼ ويزداد نتيجة رد فعؿ المواطنيف مف‬
‫الجانبيف‪ ،‬وتستمر شبكات التجسس اإلسرائيمية فى إشعاؿ الفتيؿ‪ ،‬وحرؽ المساجد والكنائس‪ ،‬وتدمير المكتبات‬
‫والمناطؽ ذات األىمية التاريخية التى ىى مصدر اعتزاز المصرييف‪.‬‬
‫‪ -2‬توجو الكنيسة فى مصر نداء لطمب التدخؿ لحماية األقباط مف المذابح‪.‬‬
‫(‪)150‬‬
‫إيطالية وفرنسية‬ ‫‪ -3‬تتخذ األمـ المتحدة ق ار اًر فى مجمس األمف تحت نفوذ رئيسيا‪ ،‬وتشكؿ قوات دولية‬
‫وألمانية وربما أمريكية لمكافحػة اإلرىابييف فى مصر‪.‬‬
‫‪ -4‬يتـ تحصيف األقباط ونقميـ إلى مناطؽ آمنة‪ ،‬فى الوقت الذى يفر اآلالؼ مف المسمميف مف مناطؽ األقباط‬
‫خوفاً مف االنتقاـ‪.‬‬
‫‪ -5‬يتبمور فى األشير التالية لبداية الحرب األىمية نموذج مصرى جديد عمى غرار نموذج لبناف والبوسنة‪ ،‬فيما‬
‫يتعمؽ بدعـ التيار القبطى مف العالـ‪ ،‬وحيف تواجو األغمبية المسممة الحصار والتجويع واإلبادة‪ ،‬وتُ َد ّمر خبلؿ ىذه‬
‫األحػداث المصانع والمحبلت التجارية والفنادؽ والكبارى والم ار كز الثقافية والترفييية‪.‬‬

‫لقد نبينا‪ -‬منذ سنوات طواؿ‪ -‬األمة إلى ىذا السيناريو‪ ،‬ولكف ال أحد يأبو لما نقولو ‪.‬‬ ‫(‪)149‬‬

‫وقد قامت بعض الدوؿ األعضاء فى الحمؼ األطمنطى منيا فرنسا وايطاليا وانجمت ار وأسبانيا بتشكيؿ قوات فعبل برية وبحرية وبحرية وجوية‬ ‫(‪)150‬‬

‫لمقياـ بعمميات جنوب البحر المتوسط‪ ،‬وكذلؾ كندا والدنمارؾ وبعض الدوؿ األوروبية األخرى‪.‬‬
‫كما نجح الموبى الييودى فى الحصوؿ عمى أغمبية مجمس النواب األمريكى والموافقة عمى قانوف االضطياد الدينى بأغمبية ‪ 372‬عضوا لصالح‬
‫المشروع واعتراض‪ 41،‬عضوا راجع جريدة الشعب العدد ‪ .1260‬بتاريخ الخميس ‪.1998/5/14‬‬
‫‪132‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫سادساًال‪ :‬موقؼ الجيش المصرى مف الحرب األىمية‪:‬‬


‫أ‪" -‬إف المتابع ألحداث أثيوبيا والصوماؿ‪ ،‬يدرؾ أف أحد أىداؼ تفتيت أثيوبيا والصوماؿ ىو السيطرة اإلسرائيمية‬
‫عمى البمديف‪ ،‬وتدمير جيشييما‪ ،‬وال سيما الجيش الصومالي الذى مولتو الدوؿ الغربية‪ ،‬وال سيما الواليات المتحدة‬
‫لمواجية المد الشيوعى فى القرف األفريقى‪ ،‬وال شؾ أف الدور الذى قاـ بو "ىيرماف كوىيف األمريكى الذى شغؿ‬
‫مركز وكيؿ و ازرة الخػارجية اإلفريقية و بطرس غالى" الذى كاف فى تمؾ الفترة وزير الدولة المصرية لمشووف‬
‫الخارجية‪ ،‬وبصفة خاصة المسؤوؿ عف الشؤوف اإلفريقية وىو تفتيت البمديف وتدمير الحبشة والصوماؿ‪ ،‬وكبلىما‬
‫يشكؿ فييما المسمموف األغمبية‪ ،‬فباستثناء القيادات العميا فى المراكز القيادية فى أثيوبيا فإف أغمبية الجنود مف‬
‫المسمميف ‪.‬‬
‫ب‪ -‬مف المحتمؿ تدخؿ قوات أجنبية إسرائيمية وغيرىا لضرب األىداؼ العسكرية والجيش المصرى فى مصر‪،‬‬
‫عمى غرار حرب ‪ ،67‬مع محػاولة السيطرة عمى بعض القواعد العسكرية مف قبؿ القوات القبطية والمساندة ليا‪.‬‬
‫ب‪ -‬إف مف المتوقع أف تفجر عف طريؽ األعماؿ التخريبية التى يقوـ بيا عمبلء إسرائيؿ العديد مف مستودعات‬
‫األسمحة فى مصر‪ ،‬كما أف مئات اآلالؼ مف الجنود سيواجيوف حػصا اًر شديداً سيؤدى إلى تجويعيـ مع بقية‬
‫الشعب المصرى عمى غرار ما ىو حاصؿ اآلف فى البوسنة واليرسؾ والصوماؿ وأثيوبيا‪.‬‬
‫د‪ -‬إف إسرائيؿ ستتحرؾ فى بداية األحداث نحو سيناء‪ ،‬ثـ تدخؿ لتحتؿ اإلسماعيمية (ألىميتيا ألمف إسرائيؿ‬
‫المائي‪ ،‬وتنفيذ مشروع بتأميف الماء) وتحتؿ السويس بحجػة تأميف المياه اإلقميمية الدولية ‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬سينقسـ الجػيش المصرى عمى نفسو مع مرور الزمف‪ ،‬وسييرب الكثير مف الجنود ومنيـ مف سيتـ تجنيػده‬
‫عف طريؽ العصابات‪ ،‬ومنيـ مف سيشكؿ ميميشيات تحت إشراؼ أجيزة أجنبية ومنيـ مف سينضـ إلى تنظيمات‬
‫شعبية ودينية وقومية‪.‬‬
‫مصر فى التوراة‪:‬‬
‫إف سيناريو ما يحدث فػى مصر كتبو الييود فى التوراة منذ أالؼ السنيف‪ ،‬ويمكف أف تنظر إلى ما يأمؿ‬
‫اإلسرائيميوف فػى أف يكوف عميو سيناريو الحرب األىمية فى مصر‪ :‬ورد فى التوراة فى اإلصحاح ‪ 17-3/19‬مف‬
‫سفر أشعياء النبى النبوءة التالية ( أىيج مصرييف عمى مصرييف فيحػاوب كؿ واحد أخاه‪ ،‬وكؿ واحد صاحبو‪،‬‬
‫مدينة مدينة‪ ،‬ومممكة مممكة‪ ،‬وتيراؽ روح مصر داخميا‪ ،‬وتضيع مشورتيا فيسػأؿ كؿ واحد العارفيف والتوابع‬
‫والجف‪ ،‬وأغمؽ عمى المصرييف فى يد حاكـ قاسى فيتسمط عمييـ‪ ،‬ويجؼ الحياة مف البحر ويجؼ‬
‫النير وتنتف األنيار‪ ،‬وتضعؼ السواقى ويتمؼ الزرع وتجؼ الرياض والحقوؿ‪ ..‬والصيادوف ال يجدوف صيداً وكؿ‬
‫مف يمقى بشص إلى النيؿ ينوح‪ ،.‬ويكتب كؿ عامؿ باألجرة‪ ،‬أيف ذىبت حكمة فرعوف‪ ،‬وماذا قضى رب الجنود‬
‫عمى مصر‪ ،‬لقد ألقى الرب عمييا روحػاً شريرة أوقعت مصر فى ضبلؿ وأضمت أبناءىا‪ ،‬فإذا ىـ يترنحوف‬
‫‪133‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫كالسكراف فى قيئو فبل يكوف لمصر عمؿ‪ .‬فى ذلؾ اليوـ تكوف مصر كػالنساء‪ ،‬ترتعد وترتجؼ مف رب الجنود‬
‫[ يوسؼ‪]21 :‬‬ ‫َّاس يَ ْعلَ ُمو َن)‬ ‫وىو ييزىا‪ )...‬ولكف (واللَّوُ َالِب َعلَى أَم ِرهِ ول ِ‬
‫َك َّن أَ ْكثَ َر الن ِ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬
‫ممحوظة‪" :‬ىذه اآلية ما زالت منقوشة عمى جدراف المساجد فى األندلس "!!‬
‫سابعاًال‪ :‬الحؿ النيائى لمشكمة مصر‪:‬‬
‫"يرى الييود أف تدمير مصر بثقميا السكانى ىو الحؿ النيائى ألى مواجػية عسكرية مستقبمية مع مصر‪ ،‬إذ إف‬
‫الييود يدركوف أف انتياكػيـ التفاقية كامب ديفيد وتدميرىـ لممسجد األقصى‪ ،‬البد وأف يدفع بالمصرييف لخوض‬
‫حرب أخرى ضد إسرائيؿ إف عاجبلً أو آجػبلً‪ ،‬وال ينسى اليػيود أف العدو التقميدى لو فى مواجػيتػيـ العسكرية فػى‬
‫األعواـ ‪ 1967،1973.،1956‬ىى مصر العربية المسممة‪ ،‬ويبدو أف حصار ليبيا وما يخطط ليا‪ ،‬وعزؿ‬
‫السوداف عف بقية العالـ العربى‪ ،‬والسعى الستمرار العبلقات السيئة بيف السوداف والمممكة العربية السعودية‪،‬‬
‫(‪)151‬‬
‫انتيى كبلـ "محمد عبد‬ ‫والسوداف ومصر إنما ىى إطار ما ُيخطط لمصر والعالـ العربى بأكممو "‬
‫المعطى"‪.‬‬
‫تعقيب‪:‬‬
‫صاً فى مجمة "عرب تايمز" والذى راح ضحيتػو كػاتب ىذا المقاؿ ألنو أراد أف ينبو‬
‫ىذا ىو المقاؿ الذى ُنشر َن ّ‬
‫األمة إلى األخطار المحدقة باألمة‪ ،‬وما يدبره أعداء اإلسبلـ لؤلمة اإلسبلمية‪ ،‬بؿ إف رئيس التحرير الذى نشر‬
‫فى عيده ىذا المقاؿ قد أقيؿ مف منصبو‪ ،‬وىذا المقاؿ يعتبر تنبيياً ألخطار محدقة وقى اهلل مصر والعالـ‬
‫اإلسبلمى شرىا‪.‬‬
‫ِ‬ ‫َّ َّ‬
‫يقوؿ رب العالمببف‪( :‬ووَْ ُك ُرو َن ووَْ ُك ُر اللوُ واللوُ َخْيـ ُر ادلَاك ِر َ‬
‫ين)‬
‫[األنفاؿ‪]30 :‬‬
‫ِ‬ ‫ات ولِتَ تَبِ ِ‬
‫صل اآلي ِ‬ ‫ولكف فى نفس الوقت يقوؿ رب العالميف‪ ( :‬وَك َذلِ َ‬
‫الم ْج ِرم َ‬
‫ين ) [األنعاـ‪:‬‬ ‫يل ُ‬‫ين َسب ُ‬
‫ْ َ‬ ‫ك نُ َف ّْ ُ َ‬
‫خ ُذوا ِح ْذ َرُك ْ ) [النساء‪. ]71 :‬‬ ‫آمنُوا ُ‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬
‫‪ .]55‬ويقوؿ سبحانو‪( :‬يَا أَيُّ َها الَذ َ‬

‫(‪ )151‬ولقد عاودت جريدة "العرب العادلية" ىف عددىا ‪ 5299‬بتاريخ ‪ 1998/2/18‬نشر وثيقة إسرائيلية من الثمانينيات تكشف ادلخطط الصهيونـى لبلقنة" العامل العربـى فقالت ىف صدر‬
‫الصحيفة ما نصو [تفتيت العراق إىل ثالث دول حول البصرة وبغداد‪ ،‬وادلوصل‪ ،‬وجتزئة مصر‪ ،‬لتسقط ليبيا والسودان ]‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫الفصل السادس‬

‫وىو عبارة عف ثالثة محاور‪:‬‬

‫المحور األوؿ‬
‫(إسرائيؿ تستعد لمحرب)‬
‫(‪)153‬‬ ‫(‪)152‬‬
‫كانت عدة عناويف رئيسية منيا‪:‬‬ ‫لبلستاذ سعد الديف وىبو‬ ‫مف خبلؿ كتاب "السبلـ المستحيؿ "‬
‫‪ -‬مازاؿ العرب عمى يقيف كامؿ بالغدر اإلسرائيمى‪.‬‬
‫‪ -‬ىؿ يتصور األمريكاف أف الشعوب العربية كـ ميمؿ يجوز التالعب بو؟‬
‫‪ -‬الحاجز النفسى سقط فقط عف الذيف يتحدثوف عف ذلؾ‪.‬‬

‫راجع مجمة روز اليوسؼ فى عددىا ‪ 3623‬بتاريخ ‪ 1997/11/17‬ص ‪ ،75 ،74‬ىذا الكتاب أعده األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبو قبؿ وفاتو‪-‬‬ ‫(‪)152‬‬

‫الخياؿ‪.‬‬
‫رحمو اهلل‪ -‬لدار ّ‬
‫تعريؼ بالمؤلؼ‪:‬‬ ‫(‪)153‬‬

‫* محمد سعد الديف وىبو‪.‬‬


‫* موا ليد ‪ 4‬فب ار ير ‪1925‬‬
‫* تخرج فى كمية الشرطة ‪ 1949‬وعمؿ ضابطاً لمشرطة‪.‬‬
‫* عمؿ بالصحافة مف ‪ 1964:1958‬شغؿ منصب مدير تحرير جريدة الجميورية مف ‪.1964 -1958‬‬
‫* كاتب غير متفرغ باألىراـ ‪.1993‬‬
‫* تدرج فى وظائؼ عديدة منيا‪:‬‬
‫* وكيؿ أوؿ و ازرة الثقافة ونائباً لموزير ‪ 1975‬حتى استقاؿ ‪.1980‬‬
‫* انتخب نقيباً لمسينمائييف ‪ 1979‬حتى استقاؿ مارس ‪.1988‬‬
‫* انتخب رئيسا التحاد النقابات الفنية ‪ 1979‬إلى أف استقاؿ ‪ .1988‬وأعيد انتخػابو ‪ 1990‬حتى يناير " انتخب عضوا فى مجمس الشعب عف‬
‫الدائرة الخامسة‪ -‬القاىرة ‪1990 -1984‬‬
‫* انتخب رئيساً لمجنة الثقافة واإلعبلـ والسياحة بمجمس الشعب ‪.1990. 1987‬‬
‫* انتخب رئيسأ التحاد كتاب مصر ‪.1997‬‬
‫‪135‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬رابيف عندما تحدث عف حرب شاممة كاف يعنى ما يقوؿ‪ ..‬ففى يده آلة حرب قادرة عمى اإلحاطة بكؿ دوؿ‬
‫الشرؽ األوسط‪.‬‬
‫تحت ىذه العناويف كتب األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبو فقاؿ "انكشؼ الخػداع عند أوؿ منعطؼ وظيرت إسرائيؿ‬
‫عمى حقيقتيا‪ ،‬وسقطت عنيا ورقة التوت‪ ،‬لتبدو عجو اًز شائية مػازالت تعيش فى أحػبلـ ىرتزؿ وبف جػوريوف‪،‬‬
‫وموسى شػارتوؾ‪ ،‬وغيرىـ مف غبلة الصياينة‪ ،‬وما زاؿ منطؽ القوة ىو الذى يحكـ الفكر اإلسرائيمى‪ ،‬وما زالت‬
‫الثقافة اإلسرائيمية تقوـ عمى العنؼ‪ ،‬وما زاؿ اليقيف عند القادة اإلسرائيمييف أف العرب ال يعامموف إال معاممة‬
‫التابع الذليؿ‪ ،‬الذى ال يممؾ ألوامر سيده اعتراضاً‪ ،‬أو حػتى ليس مف حقو المناقشة‪ ،‬بؿ ليس مف حقو أف يتألـ‬
‫إذا أصابتو مصيبة‪ ،‬ىذه ىى عقمية اإلسرائيمييف والتى بدت واضحة فى األياـ األخيرة ‪".‬‬
‫"لقد ظمت األقبلـ تدعونا كؿ يوـ إلى جنة إسرائيؿ‪ ،‬وتدعو رجػاؿ األعماؿ ليقيموا المشروعات‪ ،‬وتدعو رجاؿ‬
‫الثقافة لينيموا مف ثقافة قديمة متميزة‪ ،‬وتدعو رجاؿ التكنولوجػيا ليغترفوا مف إسرائيؿ ما تحتاج مصر‪ ،‬وشممت‬
‫الدعوى األشقاء واألخوة فى الببلد العربية‪ ،‬واستجػاب عدد ضئيؿ؟ ألف العرب مازاؿ فى أعماقيـ يقيف بالغدر‬
‫اإلسرائيمى‪ ،‬والذى يقوؿ ويقاؿ عف سقوط الحػاجز النفسى‪ ،‬يعنى سقوط ىذا الحػاجز عند الذيف يقولوف بو فقط‬
‫وليس عند الشعب المصرى‪ ،‬أو غيره مف الشعوب العربية ‪ .‬إف الذى كاف يفاخر بأنو كػاف يكره إسرائيؿ ثـ‬
‫تحولت الكراىية إلى حب‪ ،‬وغدا تتحوؿ إلى عشؽ وىياـ‪ ،‬لـ يقؿ لنا‪ :‬ماذا فعمت إسرائيؿ لكى تحػصؿ عمى قمب‬
‫الكػاتب الكبير‪ ،‬الذى يحػتؿ جزءاً كبي اًر آخػر منو عرفات؟ ما الذى قامت بو إسرائيؿ حتى (يذوب) العرب فييا‬
‫عشقا وىياما؟ ىؿ مجرد التوقيع عمى معاىدة (أوسمو) مبرر لذلؾ؟ وماذا حدث ألوسمو؟! ألـ يشاىد بيوتا عاشت‬
‫فى ىذا المكاف منذ آدـ؟! ألـ يسمع مبررات ىذا القمع‪ -‬وىو يرى الدماء الفمسطينية تسيؿ‪ ،‬إف قرار إيقاؼ بناء‬
‫المستوطنات ال يشمؿ إيقػاؼ توسيع المستوطنات القائمة‪ ،.‬ىؿ ىذا المنطؽ ىو المبػرر الموضػوعى لقػتؿ‬
‫الفمسطينييف‪ ،‬وىػى تفػعؿ ذلؾ بيـ أمػاـ عدسػات التميفزيوف‪ ،‬ليست محاولة الستنياض العالـ ضد ىذه المجازر‪،‬‬
‫ولكنيا فرصة مجػانية لمذيف يريدوف الشماتة بالصوت والصورة‪ ،‬وىو إثبات لمواليات المتحدة أف أمواليا التذىب‬
‫سدى‪ ،‬وأف قتؿ العرب مستمر‪ ،‬وأف ىدـ بيوتيـ مستم ار‪ .‬ىؿ تحطيـ قرى كػاممة فى جنوب لبناف يمكف أف يحيؿ‬
‫كراىية إسرائيؿ حبا؟ ‪ ..‬وىؿ‪ ..،‬وىؿ‪ ،‬ثـ تأتى القشة التى قسمت ظير البعير‪ ..‬والقشة ىذه المرة ىى معاىدة‬
‫حظر األسمحػة النووية والتوقيع عمييا‪ .‬لقد ظيرت ىذه االتفاقية فى عاـ ‪ 1968‬ووقعتيا مصر فى تاريخ فتح‬
‫االتفاقية‪ ،‬ساعة فتح الباب لمتوقيع ولـ تتوقؼ وال التفتت لطابور الذيف سوؼ يوقعوف بعدىا "‪.‬‬
‫"وقد تـ التصديؽ عمى االتفاقية فػى مصر فى ‪ 26‬فبراير عاـ ‪ 1981‬ووضعت االتفاقية بالتوقيعات التى وقعتيا‬
‫الدوؿ وديعة لدى الدوؿ الكبرى‪ ،‬أمريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا‪ .‬ثـ حاف موعد تجديد االتفاقية والتوقيع عمييا‬
‫مف جديد‪ ،‬وىنا بدأت الواليات المتحدة تستعد لقياـ الدوؿ بالتوقيع‪ ،‬وكاف البد أف تجرى االتصاالت بالدوؿ كى‬
‫تذكرىا بموعد التوقيع وتحصؿ عمى موافقتيا عمى ذلؾ‪.‬‬
‫‪136‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ولنعد لمتوقيع األوؿ‪ ،‬ولنسأؿ لماذا وقعت مصر‪ ،‬ولـ توقع إسرائيؿ؟ وأتصور اجتيادا أف األمر اليخػرج عف أف‬
‫مصر وقعت فى أوؿ يوـ تحػدد لمتوقيع‪ ،‬وربما لـ يدر فى فكرىا أف إسرائيؿ لف توقع عندما يأتى دورىا‪ ،‬وعندما‬
‫جاء دور إسرائيؿ لـ توقع‪ .‬فى عاـ ‪ 1968‬لـ تكف إسرائيؿ قد أقامت مفاعميا الييدروجينى‪ ،‬ولـ يكف أحد يتصور‬
‫فى العالـ العربى أنيا ستستطيع ذلؾ فى مدة معقولة؟ ولذلؾ لـ يصدؽ العرب كعادتيـ أف عدوتيـ األولى سوؼ‬
‫تنجػح فى إعداد ىذا السػبلح النووى الجػبار‪ ،‬ىكذا أصبحت إسرائيؿ تممؾ القوة الذرية الوحيدة فى المنطقة‪ ،‬والبد‬
‫أف نذكر ىنا تدمير إسرائيؿ لممفاعؿ الذرى العراقى عمى يد بيجيف‪ ،‬ويوـ اجػتماعو بالسادات فى اإلسماعيمية‪ ،‬وال‬
‫ننسى أيضاً اغتياؿ الدكػتور المصرى المشد المختص بالذرة والذى كاف معا اًر لمعراؽ فى فندؽ بباريس‪.‬‬
‫الموقؼ اآلف‪ .،‬إسرائيؿ تممؾ سػبلحػا ذريا‪ ،‬وتممؾ بجػوار ىذا السػبلح الذرى القوة العسكػرية التالية وىػى مذكورة‬
‫‪ )1995 -1994‬الصادر عف المعيد العالمى لمدراسات‬ ‫صراحة فى كتاب (الميزاف العسكرى العالمى عاـ‬
‫‪ 100‬رأس نووى واف‬ ‫االستراتيجية‪ ،‬والصادر فى لندف منذ أشير‪ /‬والذى أشار ص ارحػة إلى امتبلؾ إسرائيؿ لى‬
‫كػانت مصادر أخرى تقوؿ‪ :‬إف عدد الرؤوس النووية التى تممكػيا إسرائيؿ يصؿ إلى ‪ 200‬رأس‪.‬‬
‫‪ 172‬ألفا مف القوات‬ ‫يقوؿ تقرير المعيد الدولى لمدراسات االستراتيجية‪ :‬إف إسرائيؿ تممؾ غير الرؤوس النووية‬
‫النظامية و ‪ 430‬ألفا مف االحتياطى‪.‬‬
‫القوات اإلسرائيمية تممؾ ‪ 100‬رأس نووى مركػبة عمى صواريخ أريحػا واحػد‪ ،‬ومداىا يصؿ إلى ‪ 500‬كيمو متر‪،‬‬
‫وأريحا ‪ ،2‬ومداىا ‪ 1500‬كيمو متر‪.‬‬
‫وتممؾ إسرائيؿ مف القوات البرية ثبلث فرؽ أقاليـ‪ ،‬وثبلث فصائؿ قيادة‪ ،‬وثبلث فرؽ مدرعة ميكانيكػية‪ ،‬وأربع‬
‫قرؽ ميكانيكيا ومظبلت‪ ،‬وفرقة صواريػخ " النس " برؤوس نووية‪ ،‬وتسع فرؽ احتياطية تكتيكية ومدرعة‪ ،‬وفرقة‬
‫احتياطية ألقاليـ وأربعة ألوية مدفعية‪.‬‬
‫‪ 6‬اى‪ ،‬أو إـ ‪ 60‬أى ‪ ،3‬وتػى ‪ 62‬وميركافا‪ ،‬المدفعية‬ ‫ومف الدبابات ‪ 3895‬دبابة مف طراز سنتريوف واـ ز‬
‫المقطورة ‪ ،600‬وتشمؿ كػافة األعيرة مف ‪ 120‬ممميمت ار إلى ‪ 150‬ممميمت ار إلى ‪ 203‬ممميمت ار‪.‬‬
‫‪،37‬‬ ‫‪ 3‬مف طراز فيكرز البريطانية مجيزة بطرابيد إـ كى‬ ‫وفى البحرية حيفا واشدود وايبلت‪ ،‬الغواصات‬
‫‪ 19‬مف أنواع فرنسية وبريطانية واسرائيمية‪،‬‬ ‫وصواريخ ىاربوف‪ ،‬فرقة واحدة مف طراز كورفيت‪ ،‬زوارؽ صواريخ‬
‫القوات الجػوية ‪ 32‬ألؼ مجند مف الجنود النظامييف‪ ،‬المقاتبلت ‪ 13‬سربا‪ ،‬مؤلفة مف ‪ 400‬طائرة مف أنواع إؼ‬
‫‪ 15‬واؼ ‪ 16‬فالكوف‪ ،‬وفانتوـ ‪ 4‬أى‪ ،‬وفانتوـ ‪ ،2000‬غير طائرات اليميكوبتر المسمحػة مف أنواع عديدة‪ ،‬وعمى‬
‫رأسيا الكوبرا‪ ،‬طائرات اليميكوبتر لمنقؿ‪ ،‬أنواع عديدة وعمى رأسيا فيؿ ‪.206‬‬
‫ىذا ىو اإلحصاء الذى أعده معيد الدراسات االستراتيجية‪ ،‬والذى أصدره فى كتابو السنوى‪ ،‬ويتضح مف ىذه‬
‫الكمية مف السبلح حقائؽ ىامة‪:‬‬
‫‪137‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أوليا‪ :‬أف كمينتوف كاف صادقا مع إسرائيؿ ومع نفسو‪ ،‬عندما وعدىا دائما بالتفوؽ العسكرى عمى الدوؿ العربية‬
‫مجتمعة‪.‬‬
‫والثانى‪ :‬أف رابيف عندما تحدث عف حرب شاممة فإنو كاف يعنى ما يقوؿ‪ ،‬ويعرؼ أنو ال يتحػدث مف فراغ‪ ،‬وال‬
‫يتحدث إلثارة الخػوؼ والرعب‪ ،‬ولكنو يتحػدث وفى يده آلة الحػرب القادرة عمى اإلحاطة بكؿ دوؿ الشرؽ األوسط‪،‬‬
‫ال الدولة المجػاورة فقط‪.‬‬
‫وىنا نسأؿ‪ :‬ولماذا كاف التفاوض السرى والعمنى‪ ،‬والتوقيع واالحتفاالت والميرجانات‪ ،‬ىؿ مجػرد إلياء الشعوب‬
‫العربية وىى مػا زالت فى رأييـ مجػموعة مف األطفػاؿ يمكف إلياؤىـ عف أصعب األمور بأف تمقى أماميـ ببعض‬
‫األلعاب يمعبوف بيا؟‬
‫وحسيا اليخيب‪،‬‬
‫إف إسرائيؿ تنكر حتى ىذه المحظة أنيا تممؾ سبلحػاً نوويا‪ ،‬واف كػانت لدييا حػاسة الشـ قوية‪ّ ،‬‬
‫فيى تستطيع فعبل أف تشـ أف إيراف تعد لسبلح نووى‪ ،‬وأنيا تحس أو تخمف‪ ،‬ولكف تخمينيا اليقع عمى األرض‪،‬‬
‫إف إيراف فى طريقيا قريبا ألف يكوف فى يدىا سبلح نووى‪ ،‬ومف ىنا كيؼ توقع إسرائيؿ اتفاقية حظر السبلح‬
‫النووى‪ ،‬وكيؼ تفكر فى التخمص مما تممؾ مف سبلح نووى وايراف القريبة منيا تممؾ السبلح‪.‬‬
‫إف إسرائيؿ ترى أنو بعد أف يتحقؽ السبلـ الشامؿ والكامؿ مع العرب‪ ،‬وبشروطيا ىى طبعا‪ ،‬وعندما تتأكد مف أف‬
‫إيراف ال تممؾ ىذا السبلح عندئذ فقط توقع تمؾ المعاىدة‪.‬‬
‫الغريب أف الواليات المتحدة األمريكية تقتنع بيذا المنطؽ‪ ،‬وتعطى إلسرائيؿ الحؽ فى أف تحمى نفسيا مف إيراف‪،‬‬
‫والواليات المتحدة أوؿ مف يعرؼ‪ ،‬أف قنبمة إيراف خػدعة مكشوفة‪ ،‬وأف حػالة إيراف المالية ال تسمح ليا أف تقيـ‬
‫منشآت ذرية‪ ،‬وتنفؽ عمييا المميارات التى تتطمبػيا ‪ .‬أمريكا تعرؼ ذلؾ واسرائيؿ بالطبع تعرؼ ذلؾ‪ .‬وليست‬
‫حكاية إيراف إال قصة خرافية‪ ،‬ألفتيا إسرائيؿ وتساندىا الواليات المتحدة‪ ،‬كى تكوف ىى الدولة الوحػيدة فى الشرؽ‬
‫األوسط التى تممؾ السبلح النووى وتيدد بو‪ ،‬ويكوف ليا القيادة تحت وباء الخوؼ الذى البد أف يجتاح المنطقة‬
‫العربية ‪.‬‬
‫ىؿ ىذا ىو السبلـ الذى تسعى إليو إسرائيؿ وصنيعتيا الواليات المتحدة األمريكية؟‪ ..‬سبلـ القوة‪ ،.‬سبلـ‬
‫اإلرىاب… سبلـ الردع‪ ،‬ىؿ يتصور األمريكاف أف الشعوب العربية كـ ميمؿ يمكف التبلعب بمستقبمو كما‬
‫يريدوف؟ ىؿ خرج الشعب العربى مف معركة إسرائيؿ وسبلحيا النووى‪ ،‬إف المشكمة أوال وأخي ار تعود ليذا الشعب‪،‬‬
‫وىو الذى لف يسمح ليا بأف تمعب بمقدراتو‪ ،‬إف أبواب السبلـ مفتوحة أماـ إسرائيؿ‪ ،‬ولكننا نشؾ حتى اآلف فى‬
‫رغبتيا فى السبلـ‪ ،‬إنػيا تريد سبلـ المتػخػاذليف‪ ،‬سبلـ المغموبيف عمى أمرىـ‪ ،‬سبلـ المقػيوريف والميزوميف‪ ..‬وىذا‬
‫لف يكوف ولو جعمت مف رؤوسيا النووية ألفا ال مائة‪ ،‬واف قضت سنوات دوف أف توقع اتفاقية حظر األسمحػة‬
‫النووية‪ ،‬واذا صرخ قادة إسرائيؿ‪:‬الحرب‪ -‬كما فعؿ رابيف مف قبؿ‪ -‬واذا داس بقدميو اتفاقيات السبلـ فيذا شأنو‪،‬‬
‫والشعب العربى لف يكوف ألعوبة فى يد عتاة الصييونييف مف أمثاؿ رابيف وكمينتوف؟‬
‫‪138‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫انتيى مقاؿ األستاذ سعد الديف وىبو (رحمو اهلل)‪.‬‬


‫‪139‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المحور الثانى‬
‫[إسرائيؿ عارية]‬
‫تحت ىذا العنواف نشرت جريدة األىراـ صباح يوـ ‪ 19‬أكتوبر ‪ 1997‬مقالة األستاذ سعد الديف وىبة‪ ،‬يعرض فيو‬
‫محػاضرة‪ -‬المفكر الفرنسى جػارودى فيما يتصؿ بالصراع العربى الصييونى‪:‬‬
‫إسرائيؿ ال تستطمع أف تحيا أشي ار بدوف مساعدة مف الوإليات المتحدة‪.‬‬
‫يجب أف نعرؼ أننا نيزـ الصواريخ بالحجارة‪.‬‬
‫االنتفا ضة شىء جيد جدا‪ ،‬يثبت فيو الشعب الفمسطينى أنو موجود‪.‬‬
‫إف ‪ %80‬مف الموارد الطبيعية فى العالـ الثالث يجب أف تتضاعؼ‪ ،‬العالقات التجارية بيف الجنوب‪ ،‬وأف تمتزـ‬
‫(‪)154‬‬
‫إلى األفالـ‪،‬‬ ‫ىذه الدوؿ بمقاطعة جذرية لكؿ ما ىو أمريكى‪ ،‬سواء كانت منتجات صناعية مف الكوكاكوال‬
‫وكذلؾ مقاطعة إسرائيؿ‪ ،‬أعتقد أف ىذا ىو السالح الوحيدة المتاح حاليا‪.‬‬
‫وعرض األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبو لما قاؿ رجاء جارودى‪:‬‬
‫إف جوىر السياسة األمريكية ىو إيجاد عدو تحػاربو‪ ،‬وترىب بو اآلخريف‪ ،‬ويكوف حجتيا فى التسميح‪ ،‬فمنذ نياية‬
‫الحرب العالمية الثانية‪ ،‬وعمى مدى نصؼ قرف مف الزماف‪ ،‬كػاف العدو الرئيسى الذى يحرؾ السياسة األمريكػية‬
‫ىو التيديد السوفيتى‪ ،‬وكػاف باسـ ا ألمف األمريكى تعتدى أمريكا عمى أى دولة وأى شعب فى العالـ‪ ،‬فمف فيتناـ‬
‫إلى كوريا‪ ،‬ومف أمريكا البلتينية إلى إفريقيا‪ ،‬كانت الواليات المتحدة دائما السند القوى لمنظـ الديكتاتورية فى‬
‫جػميع أرجػاء العالـ‪ ،‬كانت تحمى شاه إيراف‪ ،‬والديكتاتورييف الصغار فى أمريكا البلتينية‪ ،‬كما تحمى التفرقة‬
‫العنصرية فى جنوب إفريقيا ‪.‬‬

‫لقد نشرت "مجمة صوت أوربا‪ -‬السنة الثانية‪ -‬العدد التاسع‪ -‬شعباف ‪ 1417‬ىػ‪ 1997 /‬ص ‪" 5‬نقبلً عف جريدة الجميورية اإليطالية فػى‬ ‫(‪)154‬‬

‫عددىا الصػادر بتػاريخ ‪ 1997/10/19‬عمى الصفحػة ‪ 15‬فقالت "توفى رئيس شركة كوكاكوال "روبير توكويزويتا" فى منتصؼ الشير العاشر‬
‫مف عاـ ‪ 1997‬بسبب سرطاف رئوى فى مستشفى أتمنتا فى الواليات المتحدة بعد أف كاف عمى رأس شركة الكوكاكوال لمدة ستة عشر عاما‪،،‬‬
‫وكاف يعتبر أف مكونات الكوكػاكوال س اًر‪ ...‬وبعد وفاتو انتشر ىذا السر‪ ،‬وظيرت مكونات الكوكػاكوال وتبيف أف مف مكوناتيا الكحوؿ ‪ .‬وىذا‬
‫يكفى لمحريميا‪ ،‬فضبلً عف كوف الترويج ليا يدعـ اقتصاد العدو‪0"..‬‬
‫‪140‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وبعد انييار االتحاد السوفيتى كػاف البد مف إيجاد بديؿ ليقوـ بدور (إمبراطورية الشر) التى يجب محػاربتيا عمى‬
‫مستوى القارات الثبلث‪ ،‬وكاف ىذا العدو الجػديد ىو اإلسبلـ‪ ،‬الذى صورتو أمريكا أماـ العالـ مرتبطا باإلرىاب‪،‬‬
‫وكػاف ىذا اإلرىاب وىو اإلسبلـ فى نظر أمريكا‪ ،‬ىو المبرر لبلستمرار فى سباؽ التسميح‪ ،‬كما كاف فرصة‬
‫لمتدخؿ العسكرى واالقتصادى فى جميع أنحػاء العالـ‪ .‬كانت الحػروب الكبرى السابقة مثؿ الحرب العالمية األولى‬
‫والثانية‪ ،‬ومثؿ حروب القرف السابع عشر والثامف عشر والتاسع عشر! جميعيا تقع بيف أقطار أوربية‪ ،‬كانت‬
‫أوربا تحارب أوربا‪ ،‬حتى فى الحرب الباردة كانت بيف دوؿ أوربية ‪ .‬وبعد انتياء ىذه الحرب خرجت السياسة‬
‫الغربية مف مرحمة الحرب‪ ،‬لتصبح مركز التفاعؿ بيف الحضارة الغربية والحضارة غير الغربية‪ ،‬وبدأ الغرب يطور‬
‫صور التعاوف‪ ،‬والوحدة داخؿ الحضارة التى يمثميا خػاصة بيف مكوناتيا األوربية‪ ،‬تمؾ التى تقع فى شماؿ أمريكا‬
‫البلتينية‪ ،‬التى ليا ثقافات قريبة مف الثقافة الغربية‪ ،‬وكاف مف أوؿ أىداؼ ىذا التكويف الحد مف زيادة القوة‬
‫العسكرية لمدوؿ ذات الحضارات األخرى‪ ،‬ابتداء مف الكونفوشيسية حتى اإلسبلـ‪ ،‬وعمى الغرب أف يحتفظ بالقوة‬
‫االقتصادية والعسكرية التى تعتبر ضرورية لحماية مصالحيـ فى مواجية ىذه الحضارات‪،‬‬
‫"وكػانت ركيزة ىذه الحضارة الغربية فى منطقة الشرؽ األوسط ىى إسرائيؿ ‪ ،‬فيذه الدولة خمقت فى ىذه المنطقة‬
‫مف العالـ لتكوف قمعة وحصنا لمحضارة الغربية ضد البربرية‪ ،‬وىذا ىو قوؿ "ىرتزؿ " أبو الصييونية العالمية‪،‬‬
‫وأوؿ مف نادى بالدولة الييودية‪ ،‬ونشر ىذا فى كتاب بعنواف‪" :‬الدولة الييودية"‪ ،‬والذى أصدره فى عاـ ‪ ،1895‬لـ‬
‫يكف ىرتزؿ ييوديا مؤمنا‪ ،‬لـ يكف يبحث لمييود عف وطف‪ -‬كما يقاؿ‪ -‬بؿ إنو كاف ممحدا ال دينيا‪ ،‬ولكنو كاف‬
‫يبحث لمغرب والحضارة الغربية عف نقمة لبلنقضاض عمى الحضارات األخرى‪ ،‬التى سماىا بالحضارة البربرية‪-‬‬
‫ومنيا اإلسبلمية‪ -‬وىذا ىو الذى أغرى الدوؿ بتطوير أسمحتيا‪ ،‬واعداد القنابؿ النووية‪ ،‬وكتبت صحػيفة ىا آرتس‬
‫اإلسرائيمية فى يونيو ‪ ،1975‬مقاالً بقمـ الصييونى "شموموا ىارمسوف " جاء فيو‪:‬‬
‫"إف السبلح النووى ىو إحدى الوسػائؿ التى تستطيع إسرائيؿ أف تقضى بيا عمى اآلماؿ العربية‪ ،‬فى تحقيؽ نصر‬
‫نيائى عمى إسرائيؿ‪ ،‬فيكفى عدد محػدود مف القنابؿ النووية لتوقع الخسائر الضخمة فى جميع العواصـ العربية‪.‬‬
‫وتؤدى إلى انييار سد أسواف‬
‫فى مصر‪ .‬وكمية إضافية مف ىذه القنابؿ سوؼ تمكننا مف الوصوؿ إلى المنشآت البترولية‪ ،‬كما أف فى العالـ‬
‫العربػى آالؼ األىداؼ التى سيؤدى تدميرىا إلى حرماف العرب مف جميع المزايا التى اكتسبوىا خبلؿ حرب عيد‬
‫الغفراف (حرب ‪." )1973‬‬
‫ويواصؿ األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبػة استشيادتو عمى أقوالو بالعمماء والمفكريف العالمييف‪ .‬فقاؿ‪:‬‬
‫"ويصؼ جػارودى إسرائيؿ بأنيا جندى البتروؿ فى الشرؽ األوسط لحساب أمريكا والغرب‪ ،‬ومف ىنا نستطيع أف‬
‫نفيـ كػيؼ أمكف إلسرائيؿ الصييونية أف تناؿ مثؿ ىذه األىمية فى االستراتيجية العالمية‪ ،‬بحيث أصبحت تيدد‬
‫السبلـ العالمى ‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫إف دولة إسرائيؿ ليست فقط مسؤولة عف حػماية االستعمار الجػماعى لمغرب تحت الييمنة األمريكية فحسب؟ بؿ‬
‫إنيا أصبحت بالنسبة لمواليات المتحػدة األمريكية جزءاً رئيسيا مف عبلقات القوى عمى الساحة الكونية متعدية‬
‫بذلؾ نطاؽ الشرؽ األوسط "‪" .‬وتحػدث جػارودى عف أمريكا وعف سيطرتيا عمى االقتصػاد العالمى بمؤسسات‬
‫استعمارية اقتصادية ىى البنؾ الدولى‪ ،‬وصندوؽ النقد الدولى‪" ،‬والجػات"‪ ،‬وتحػدث عف انييػار الفف فى أمريكا‬
‫وتحػولو إلى سمعة صاخػبة‪ ،‬والسينما تقوـ عمى الجنس والدـ‪ ،‬والفنوف التشكيمية سخيفة وساذجة‪ ،‬وكؿ ذلؾ نتيجة‬
‫القتصاد السوؽ‪ ،‬والقيمة التى تعمو عمى القيـ فػى أمريكا‪ ،‬والمجتمعات الغربية‪ ،‬وىى أف كؿ شىء معروض فى‬
‫السوؽ‪ ،‬وكؿ شىء ومنيا الذمـ والضمائر والقيـ معروضة لمبيع والشراء‪ ،‬ولكؿ شىء ثمنو"‪.‬‬
‫"ثـ ختـ األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبة استدالالتو بجػارودى‪ ،‬فقاؿ‪" :‬تحدث جػارودى عف األساطير الصييونية قديميا‬
‫وجديدىا‪ ،‬وفندىا تفنيدا واضحػا‪ ،‬وكشؼ الزيؼ والكذب فى كؿ ما قالت بو الصييونية"‪ ،‬و الصييونية كحػركة‬
‫عنصرية سياسية ىدفيا السيطرة وتحقيؽ حمـ إسرائيؿ الكبرى مف النيؿ إلى الفرات "‪.‬‬
‫"وليس ما يحدث إذف بعممية سبلـ بأى شكؿ مف األشكاؿ‪ ،‬وانما ىو وضع يذكرنا بتمؾ االتفاقيات التى فرضيا‬
‫"ىتمر" عمى المارشاؿ "بيتاف " عند اجتياح فرنسا‪ ،‬فقد اقترح " ىتمر" عمى "بيتاف " أف يترؾ لو سمطة الحكـ‬
‫الذاتى عمى نصؼ األراضى الفرنسية بشرط أف يقوـ ىو بمنع أى ىجوـ ضد القوات األلمانية‪ ،‬وىذا االتفاؽ يشبو‬
‫إلى حػد كبير ما تفرضو إسرائيؿ عمى الفمسطينييف‪ ،‬حيث يوافقوف عمى وجود قوات شرطة فمسطينية بشرط أف‬
‫تظؿ دولة إسرائيؿ فى أماف "‪.‬‬
‫" الفرؽ الوحيد بيف الحػالتيف أف "بيتاف " كػاف لديو خػيار اخػر‪ ،‬حيث كانت إنجمت ار مستمرة فى الحػرب‪ ،‬وكػانت‬
‫الجػزائر ال تزاؿ فرنسية‪ ،‬وبالتالى كػاف بإمكاف "بيتاف "‬
‫‪142‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫استكماؿ القتاؿ مستعينا بالقوات الموجودة فى الجزائر‪ ،‬وىذا بالضبط ما فعمو ديجوؿ"‪.‬‬
‫(‪)155‬‬
‫سعد الديف وىبة مجموعة أسئمة لممفكر الفرنسى جارودى‪:‬‬ ‫وقد وجو األستاذ‬
‫‪ -1‬ىؿ يمكف أف تحقؽ ىذه االتفاقيات أىداؼ الفمسطينييف؟ فأجاب‪:‬‬
‫"مف المؤكػد أف ذلؾ ال يمكف أف يحػقؽ أىداؼ الفمسطينييف‪ ،‬كػذلؾ ما الذى يمكف أف يقدمو اتفاؽ وادى عربة‪،‬‬
‫فيو استمرار الميزلة طبقا لنفس القواعد‪ ،‬لذا فقد سعدت برفض الرئيس مبارؾ المشاركة فى تمؾ الميزلة"‪.‬‬
‫‪ -2‬ىؿ تضع سياسة بيريز تصو ار جديدا لمشرؽ األوسط؟ فأجاب‪:‬‬
‫ليس ىناؾ إذف خبلؼ جوىرى ييف نيتانياىو وبيريز فى ىذا الصدد (بناء المستوطنات وتنميتيا)‪.‬‬
‫‪ -3‬ما رأيكـ فى بنياميف نيتانياىو؟ فأجاب‪:‬‬
‫أنا ال أعرفو‪ ،‬ولكف كؿ ما أعممو عنو أنو مف حزب جابوتنسكى وشامير‪ ،‬إذف فيو خميفة‬
‫كؿ أولئؾ القتمة المسؤوليف عف مذبحة دير ياسيف وجرائـ أخرى‪.‬‬
‫‪ -4‬ىؿ يمكف ليذا الشخص أف يحقؽ سالما فى الشرؽ األوسط؟ فأجاب‪:‬‬
‫ال يمكف طبعا‪ ،‬لقد جػاء لتحقيؽ كؿ ما نادى بو آباؤه الروحيوف‪ ،‬أى مشروع إسرائيؿ العظمى مف النيؿ إلى‬
‫الفرات‪ ،‬التى ستستند إلى تفتيت الدوؿ المجػاورة‪ ،‬وىى‪ :‬العراؽ‪،‬‬
‫إيراف‪ ،‬سوريا‪1 ،‬ألردف‪ ،‬مصر‪ ،‬لبناف‪.‬‬
‫‪ -3‬وما ىو دور الواليات المتحدة؟‬
‫"إف الواليات المتحدة ليست ميتمة بعممية السبلـ بأى حػاؿ مف األحػواؿ‪ .‬إف كؿ ما ييميا ىو إبقاء الوضع عمى‬
‫ما ىو عميو‪ ،‬بؿ إساءة الموقؼ‪ ،‬كؿ ما ييميا ىو البتروؿ الذى يمثؿ أساس التنمية الغربية والتحكـ فى العالـ‬
‫كمو‪ ،‬وىذا ما يحقؽ مشاريع إسرائيؿ الحالية"‪.‬‬
‫‪ -6‬ىؿ يستطيع االتحاد األوربى أف يمعب دو ار فى أزمة الشرؽ األوسط؟‬
‫"نعـ‪ .،‬لكف منذ اتفاقية "ماستريخت " التى تنص عمى أف االتحػاد األوربى ال يمكف إال أف يكوف الدعامة األوربية‬
‫الئتبلؼ حمؼ األطمنطى‪ ،‬وىـ أيضاً المستعمروف القدامى‪ ،‬بعد الحرب العالمية سقطت إنجمت ار وفرنسا‪ ،‬وأصبحت‬
‫الواليات المتحػدة ىى القوة الوحػيدة‪ ،‬وكانت تممؾ نصؼ ثروات العالـ‪ ،‬وبالتالى فإف أوربا تستطيع بالفعؿ‪ ،‬ولكنى‬
‫ال أعرؼ إذا كانت ستجد القوة البلزمة لذلؾ ‪ ،‬فيناؾ ألمانيا التى تمثؿ قوة حقيقية‪ ،‬والقوة الوحيدة فى أوربا‪،‬‬
‫ولكنيا أيضا إحدى دعائـ حمؼ األطمنطى"‪.‬‬
‫‪ " -7‬إذا و صؿ الجميوريوف إلى السمطة فى الواليات المتحدة فيؿ تعتقد أف السياسة األمريكية تجاه الشرؽ‬
‫األوسط سوؼ تتأثر بذلؾ؟ " ‪.‬‬

‫(‪)155‬‬
‫التقى سعد الدين وىبو بادلفكر ادلسلم رجـاء جـارودى ىف القاىرة ىف الفرتة مابني‪ 16 : 13‬أكتوبر ‪ ،1997‬وجاءت زيارة جارورى للقاىرة بناء على دعوة من احتاد ادلثقفني العرب‪.‬‬
‫‪143‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ال أعتقد أف السياسة الؤلمريكية متمثمة فى التعددية الحزبية‪ .‬والديمقراطية ما ىى إال مجرد أكذوبة‪ :‬الحقيقة أف‬
‫ىناؾ حزبا واحدا ذا فرؽ كثيرة‪ ،‬الفرقة التى تكسب يستأثر حمفاؤىا بالمناصب العميا؟ ولكف السياسة ىى فى‬
‫الحػقيقة واحدة‪ ،‬الفرؽ الوحػيػد بيف الحزبيف ىو تاريخ‪ ،‬حيث إف الحزب الجميورى كاف يمثؿ فى األصؿ الجنوب‬
‫الزراعى‪ ،‬أما الحػزب الديمقراطى فكاف يعبر عف الشماؿ الصناعى‪ ،‬ولكف ىذا عيد مضى مع تحػوؿ الواليات‬
‫المتحدة إلى الصناعة "‪.‬‬
‫‪ " -8‬إذا نجح كمينتوف لف يكوف بحاجة إلى أصوات الييود األمريكييف‪ ،‬وىذه ىى فترة رئاستو األخيرة‪ ،‬فيؿ‬
‫يمكف أف يتغير موقفو؟ "‪.‬‬
‫‪ 6‬مبلييف ييودى فى‬ ‫أ‪ -‬مشكمة كمينتوف داخؿ الحزب الديمقراطى ليست أصوات الييود‪ ،‬فميس ىناؾ سوى‬
‫الواليات المتحدة‪ ،‬لكنو ال يحػتاج إال إلى أمواليـ‪ %60 ،‬مف األمواؿ لنجػاح الحزب الديمقراطى مصدرىا اليػيود ‪،‬‬
‫فإذا كػاف الرئيس ىو كمينتوف‪ ،‬أو أى شخص آخر ىذه ليست المشكمة‪ .‬وىـ يحػتػاجوف أيضا إلى إعبلميـ وىو‬
‫إرسػاؿ شركػات ىوليود وشبكات تميفزيوف‪ /‬كما أف ثبلث مف قيادات جػياز المخػابرات األمريكى مف الييود‪ ،‬بؿ‬
‫يمكننا أف نقوؿ أنيـ صييونيوف "‪.‬‬
‫ب‪" -‬إف أوربا الغربيػة (إنجمت ار وفرنسا وألمانيا وايطاليا) وروسيػا قامت بمسػاندة الصييونية العالمية‪ ،‬وحماية‬
‫إسرائيؿ‪ ،‬ثـ انضمت إلى ىذه المجموعة‪ ،‬بؿ تولت قيادتيا الواليات المتحػدة األمريكية‪ ،‬اليدؼ مف وجود إسرائيؿ‬
‫إذا كما يتصور جميع ىؤالء حماية الحضارة الغربية ضد اإلسبلـ والمسمميف "‪.‬‬
‫ج‪ -‬وكػاف أخػتيار فمسطيف إلنشاء ىذه الدولة اخػتيا ار عبقريا‪ ،‬فإسرائيؿ فى ىذا المكاف تتمتع بموقع استراتيجػى‬
‫فريد" عمى مفترؽ الطرؽ بيف أوربا وآسيػا وافريقيا وىى الميزة التى تتمتع بيا مصر"‪.‬‬
‫د‪ -‬كما أف إسرائيؿ ذات موقع اقتصادى ميـ‪ ،‬فى قمب ىذا الجزء مف العالـ الذى يحوى نصؼ بتروؿ العالـ‪،‬‬
‫عصب التنمية (بالمعنػى الغربى)‪ ،‬وىناؾ أيضا تمؾ األسطورة البلىوتية عف (شعب اهلل المخػتار) والتى تستخػدـ‬
‫لتغطية أطماع الغرب فى الموقع االستراتيجى‪ ،‬والموقع االقتصادى إلسرائيؿ‪ .‬وتضع تجاوزاتيا‪ ،‬بؿ وأخطاءىا‬
‫فوؽ أى قانوف‪ ،‬وأى عقوبة بشرية‪ ،‬باعتبار أف كؿ ما تفعمو ىو تنفيذ إلرادة اهلل‪ ،‬ولذلؾ فقد أصدرت األمـ‬
‫المتحدة ‪ 192‬ق ار ار ضد إسرائيؿ‪ ،‬لـ تنفذ منيا ق ار ار واحدا‪ ،‬إنيا تعتبرىا جميعيا‪ -‬كما قاؿ رؤساء إسرائيؿ‪-‬‬
‫حبرعمى ورؽ‪ ،‬ولذلؾ تـ تسميح إسرائيؿ التى تقؼ بالمرصاد لممسمميف والعرب‪ ،‬ثـ لتحقيؽ ىذه الميمة"‪.‬‬
‫كما تحدث جارودى عف اإلسبلـ وكيؼ أنو األمؿ كمو فى الخروج باألمة مف محنتيا الحالية‪ ،‬ووضع لذلؾ‬
‫شروطا‪ ،‬أف يكوف إسبلماً حقيقياً كما نزؿ مف السماء‪ ،‬ال إسبلـ اإلرىاب والضبلالت) ‪.‬أ‪ .‬ىػ‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المحور الثالث‬
‫(ماذا قاؿ اإلسرائيميوف بعد رحيمو ؟)‬

‫ىناؾ أقواؿ لممدح والثناء بعد رحيؿ األستاذ‪ /‬سعد الديف وىبة مف إخوانو وزمبلئو ومحبيو… وىذا ليس موضوع‬
‫محورنا فػى ىذا المبحث‪ .،‬بقدر احتياجنا لمعرفة مشاعر العدو الصييونى حينما توفى أحد رموز األمة‪ ،‬الذى‬
‫وقؼ بصبلبة وشموخ ضد التطبيع الثقافى والفنى مع إسرائيؿ‪ ،‬لقد انطمقت اإلذاعة العبرية تزؼ الخبر ألعوانيا‬
‫(‪)156‬‬
‫وأصدقائيا‪ ،‬وكػأنيػا تزؼ بشرى إلى السينمائييف اإلسرائيمييف والصػياينة‪ " :‬لقد رحؿ الكػاتب المصرى‬
‫والمسرحػى "سعد الديف وىبة"‪ ،،‬الذى كػاف يمنع دائماً أف يستمتع الشعب المصرى بتكنولوجيا الفف اإلسرائيمى‪،‬‬
‫ودرجة اإلبيار العالية لمسينما اإلسرائيمية‪ ،‬وكثي ار ما وقؼ سعد الديف وىبة‪ -‬حػسبما قالت اإلذاعة اإلسرائيمية‪ ،‬فى‬
‫وجػو السينمائييف اإلسرائيمييف‪ ،‬واعبلف ذلؾ بوضوح مف خبلؿ مقاالتو‪ ،‬وكتاباتو الصحػفية فى الصحؼ المصرية‬
‫والعربية‪ .‬وكذلؾ مقاالتو التميفزيونية واإلذاعية‪ ،‬ولـ يخؼ سعد الديف وىبة س ار عندما أكد أف مف أسباب غضب‬
‫الرئيس الراحؿ أنور السادات عميو إعبلنو رفض اتفاقية كامب ديفيد!! وتضحيتو بمقعده البرلمانى الذى كاف‬
‫يشغمو فى مجمس النواب المصرى!!‪.‬‬
‫‪ ...‬واآلف‪ ..‬بعد رحيؿ سعد الديف وىبة‪ -‬تقوؿ اإلذاعة اإلسرائيمية‪ :-‬بات مف المؤكد أف تشارؾ السينما‬
‫اإلسرائيمية فى فاعميات ميرجاف القاىرة السينمائى‪ ،‬إف لـ يكف فى دورتو الحالية‪ ،‬فعمى األقؿ سيكوف فى الدورة‬
‫القادمة‪ ،‬فاألصدقاء ما زالوا عمى قيد الحياة‪.‬‬
‫* عاش "سعد الديف وىبة" حياة حافمة عريضة‪ :‬كػاتبا مسرحيا‪ ،‬وصحفيا ممتزما‪ ،‬ومناضبلً وطنيا‪ -‬حيث كاف‬
‫جنراؿ فى الجيش‪ -‬وكاف شيخا يناىز السبعيف مف عمره عندما خاض معركتو العظيمة ضد التطبيع مع إسرائيؿ‬
‫(‪.)157‬‬

‫(‪)156‬‬
‫"طموحات إسرائيل السينمائية وخلفاء سعد الدين وىبة"‪ ،‬أبو العباس زلمد‪ ،‬جريدة الشعب ادلصرية‪ ،‬القا ىرة ‪. 1998/11 /18‬‬
‫(‪)157‬‬
‫راجـع مقالة "معارك آخر العمر" عالء األسواىن‪ -‬جريدة الشعب‪ -‬القاىرة صباح يوم ‪. 1997/11 /18‬‬
‫‪145‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫*ولو أف "سعد الديف وىبة" لـ يفعؿ فى حػياتو سوى التصدى لمصييونية واتباعيا لكاف ذلؾ حسبو ليكوف خالداً‬
‫فى ذاكرة األمة‪.‬‬
‫* ظؿ "سعد الديف وىبة" مص اًر عمى الخط الصحيح‪ ،‬وكانت مقاالتو فى األىراـ دروساً حقيقية فى الوطنية‪.‬‬
‫فالصراع بيف العرب واسرائيؿ‪ ،‬لتتوسع‪ ،‬وىدفيا النيائى أف يكوف العرب جميعا مجرد رعايا فى الدولة العبرية‬
‫الكبرى "مف النيؿ إلى الفرات "‪.‬‬
‫ىذه ىى الحقيقة التى يتجاىميا بعض الحكاـ العرب‪ ...‬يضحكوف عمى أنفسيـ‪ ،‬وعمى شعوبيـ‪ .‬بعض الحكاـ‬
‫العرب حريصوف عمى اإلستسالـ إلسرائيؿ بأى ثمف !! ألنيـ يربطوف السالـ ببقائيـ فى السمطة‪ ،‬وىـ يخافوف‬
‫الحرب؟ ألف الحرب تقتمع عروشيـ‪.‬‬
‫‪ -‬ىذا ما كاف "سعد الديف وىبة " يكشفو فى مقاالتو‪ ،‬وكاف ما يكتبو مؤث ار لدرجػة أف الخارجية اإلسرائيمية‬
‫اعترضت عميو م ار اًر "‪.‬‬
‫لكف الشيخ الشجاع لـ ييتز‪....‬‬
‫‪ -‬وآخر ما قاؿ "عندما يصؿ بنا اليواف أف نركع أماـ عدونا‪ ،‬ونتوسؿ إليو أف يرفسنا بقدمو ‪ ..‬ويتركنا نعيش‪..‬‬
‫عندئذ ال تستحؽ الحياة أف تُعاش "‪.‬‬
‫(‪ " :)158‬شيدت القدس الغربية يوـ‬ ‫إف إسرائيؿ احتفمت برحيؿ "سعد الديف وىبة"‪ ،‬فى حديقة بالقدس الغربية‬
‫الثبلثاء الماضى حفبلً أقامو عدد مف السينمائييف اإلسرائيمييف‪ ،‬ابتياجا برحيؿ الكاتب "سعد الديف وىبة" أحد أىـ‬
‫صقور معارضى التطبيع مع إسرائيؿ "‪.‬‬
‫* تضمف االحتػفاؿ كممات لعدد مف المخػرجيف والكتاب الييود‪ ،‬أعربوا خبلليا عف تمنياتيـ بالمحػاؽ بميرجػاف‬
‫القاىرة السينمائى‪ ،‬بعد رحيؿ الرجؿ الذى كػات يمثؿ حػائط صد ألى محاولة تسمؿ إسرائيمية‪ ...‬مف بيف الذيف‬
‫عبروا عف سعادتيـ برحػيؿ "سعد الديف وىبػة" "المخػرج باحػومى حنا " والكػاتبػة "ليناسػا موصى " باإلضػافػة‬
‫لبػعض الممثميف اإلسرائيمييف‪ .،‬واتفؽ الحػاضروف عمى إشيار جمعية جديدة بعنواف (أعداء الحرب) ‪.‬‬
‫وتيدؼ إلى التنديد بالمثقفيف العرب‪ ،‬الرافضيف لمتطبػيع مع المثػقفيف والفنانيف اإلسرائيمييف‪ ،‬دعا المشاركوف فى‬
‫احتفاؿ القدس الغربية "فاروؽ حسنى"‪ -‬وزير الثقافة‪ -‬لمعمؿ عمى اشتراؾ إسرائيؿ فى ميرجػاف القاىرة السينمػائى‪،‬‬
‫وفتح صفحة جػديدة مع الفنانيف اإلسرائيمييف بعد سنوات القطيعة التى فشمت خػبلليا الحكومة اإلسرائيمية فى‬
‫عرض أفبلميا بالميرجاف‪.‬‬
‫* كما دعا الحاضروف وزير الثقافة إلصدار أوامر لدور العرض الممموكة لمدولة‪ ،‬لفتح أبوابيا أماـ األفبلـ‬
‫اإلسرائيمية واألمريكية التى يشارؾ فى تنفيذىا إسرائيميوف لعرضيا عمى الجميور المصرى‪...‬‬

‫(‪)158‬‬
‫راجع جريدة الوفد القاىرية‪ -‬حسام عبد البصري‪ -‬صباح ‪.1997/11 /21‬‬
‫‪146‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫[دستور اللصوص]‬
‫مقالة صحفية لمدكتور‪ /‬مصطفى محمود نشرت بجريدة األىراـ صباح يوـ ‪ 28‬مارس‬
‫‪. 1998‬‬
‫وتحت ىذا العنواف قاؿ الدكتور"مصطفى محمود"‪" :‬واضح أف أمريكا تريد أف تنفرد بالقرار فى شؤوف العالـ‪،‬‬
‫وتريد أف تطمؽ يدىا فى التركػة االستعمارية التى خمفتػيا بريطانيا فى الشرؽ األوسط وبترولو‪ ..‬واذا كانت‬
‫إسرائيؿ تبدو فى الظاىر أنيا تستعمؿ أمريكا ألىدافيا‪ ،‬فإف الحقيقة ىى العكس‪ ،‬فإسرائيؿ الكبرى كميا مجرد‬
‫لصاف كؿ‬
‫مشروع استثمارى‪ ،‬تنفؽ عميو أمريكا وتوظفو لمييمنة األمريكية عمى المنطقة العربية وكنوزىا‪ .،‬إنيما ّ‬
‫منيما يستعمؿ اآلخر لتحقيؽ أطماعو‪.‬‬
‫وال مانع مف أف تستخدـ أمريكا لغة العواطؼ‪ ،‬وحقوؽ اإلنساف‪ ،‬والشرعية الدولية‪ ،‬لتمرر مصالحيا‪ ،‬وال مانع أف‬
‫تستخدـ إسرائيؿ أسطورة اليولوكوست (‪ ،)159‬وتحاوؿ أف تثير إشفاؽ العالـ بحكايتيا الممفقة عف المحارؽ وغرؼ‬
‫(‪)160‬‬
‫لتستر أطماعيا‪.‬‬ ‫الغاز‬

‫أما أسطورة (اليولوكوست) فقد أعطاىا المفكر الفرنسى جػارودى اىتماما خػاصة مف الناحية التاريخية‪ ،‬وأثبت بأنيا‪ -‬فعبلً‪ -‬أسطورة ال‬ ‫(‪)159‬‬

‫أساس ليا‪ ،‬ويمكف م ارجػعة ذلؾ فى كتابو‪ -‬الذى حوكـ بسببو‪" -‬األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية"‪ -‬وىذا الكتاب طبع ‪ 8‬طبعات‪.‬‬
‫راجع الطبعة األولى ‪ ،1996‬دار الغد العربى‪ -‬القاىرة‪ .‬ص ‪.151 -139‬‬
‫راجع طبعة أخرى عاـ ‪ ،1997‬دار الغد العربى‪ -‬القاىرة‪ :‬ص ‪ 224 -219‬لترى األدلة القطعية بآراء ُكتّاب نصارى وييود يؤكدوف أف‬
‫اليولوكوست فعبلً أسطورة‪ ،‬وال تمت إلى الحقيقة بشىء‪.‬وعمى ىذا جرت محاكمة المفكر الفرنسى جارودى‪ ،‬وحوؿ ىذه المحاكمة قاؿ األستاذ‪/‬‬
‫سبلمػة أحمد سبلمة فى زاوية بجػريدة األىراـ يوـ ‪ 1998/1/21‬تحت عنواف‪" :‬مف يحػاكـ جػارودى" قػاؿ‪ ..." :‬ويبػدو مف الغريب فى بعض‬
‫األحياف أف يصؿ األمر فى محػاربة النازية والفاشية إلى استخداـ نفس األساليب الفكرية والمنطقية التى طبقتيا النازية‪ ...‬فصدور قانوف مثؿ‬
‫القانوف الذى يحاكػـ بمقتضاه جػارودى‪ ،‬وىو المعروؼ بقانوف "جيسو" والذى يحظر أى مناقشة أو بحث لمق اررات التى صدرت عف محاكمة‬
‫"نورمبرج " لمجرمى الحرب‪ ،‬وبالتالى يحظر أى بحث أو تساوؿ عما تعرض لو الييود عمى يد النازية‪ ،‬والتشوه الذى أصاب المجػتمعات‬
‫األوربية ومف المعروؼ أف معظـ الدوؿ األوربية سنت تشريعات مشابية حرمت مناقشة أى شىء يتعمؽ " باليولوكوست " ىو تحريـ لـ تحظ بو‬
‫شعوب أخرى مثؿ اذلنود احلـمر أو الشعب الفيتنامى أو غريىا‪ ،‬من الشعوب الىت تعرضت لفظائع ال تقل عن تلك الىت تعرض ذلا اليهود…‪.‬‬
‫ال مانع مف فعؿ ىذه األمور جميعيا‪ ،‬فى الوقت نفسو ىى‪ -‬أمريكا‪ -‬تخطط لحرب جرثومية ضد العرب!!‬ ‫(‪)160‬‬
‫‪147‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وكبلىما كذاب ومنافؽ‪ ،‬فما نمبث أف نفاجػأ بإسرائيؿ تحرؽ نصارى لبناف ومسممييـ فى قانا بالصواريخ‪ ،‬وقذائؼ‬
‫الطائرات تحت زعـ أنيـ إرىابيوف‪ ..‬وما كانوا فى الحقيقة إال لبنانييف فقراء‪ ،‬يحتموف بمخيمات األمـ المتحدة‬
‫وتحت أعبلميا‪.‬‬
‫(‪ .)161‬ثـ نفاجػأ بيا تخرج عمى‬ ‫وال مانع مف أف تشيد أمريكا بالعدالة والموضوعية فى نظاميا العالمى الجديد‬
‫(‪)162‬‬
‫فى أى وقت يخالؼ فيو صداـ‬ ‫دستور األمـ المتحدة وقانونيا وق ارراتيا‪ ،‬وتعمف حقيا فى أف تضرب العراؽ‬
‫حسيف أوامرىا‪ ،‬دوف أى مشورة أو إذف مف األمـ المتحدة‪ .‬ولف تخػتمؼ نياية األمـ المتحػدة عف نياية عصبة‬
‫األمـ‪ ،‬التى قضى عميػيا المص البريطانى القديـ أياـ عزه‪ ،.‬والظمـ يكرر نفسو كؿ يوـ‪ ،‬بأسماء جديدة ومعايير‬
‫جديدة‪ .‬إننا نواجو عصابة لصوص‪ ،‬وقتمة يضحكوف عمينا بشرعية كاذبة‪ ،‬عولمة مشبوىة‪ ،‬وحػقوؽ إنساف وىمى‪،‬‬
‫(‪)163‬‬
‫لسرقة ما تبقى فى جيوبنا‪.‬‬ ‫وبدعة "الجات "‬
‫إننا فى غابة تسرح فييا الذئاب طميقة فى أثواب إنسانية‪.‬‬
‫وما نرى أمامنا سوى حػفمة تنكرية‪ ،‬وقفازات حريرية‪ ،‬تخفى المخالب وابتسامات دبموماسية تخفى األنياب‪.‬‬
‫وال ممجأ وال أماف ألحد مف الغدر‪ ،‬سوى سبلحو وقوتو‪ .‬وعمى الدوؿ الصغيرة أف تتجمع فى تكتبلت وجبيات‪..‬‬
‫فالضعاؼ ال يبقوف ضعافا إذا اتحدوا‪ ..‬والعصى يغدو ليا شأف آخر حينما تصبح حزمة‪ .‬واإليماف باهلل قوة‪ ،‬ال‬

‫فمقد نشرت جريدة العرب العالمية فى عددىا ‪ 5299‬فى ‪ 18‬فبراير سنة ‪ 1998‬ص ‪ 2‬مقاالً تحت عنواف‪" :‬أمريكا خططت لحرب جرثومية ضد‬
‫العرب " فكتب‪ /‬عمى السيد‪ ،‬فقاؿ‪" :‬كشفت حممة المميوف توقيع العربية المعنية برفع الحصار الجائر‪ ،‬المفروض عمى شعبى العراؽ وليبيا‪،‬‬
‫النقاب عف النوايا الحقيقية لما أسمتو التحالؼ الصييونى‪ ،‬األنجمو‪ -‬أمريكى‪ ،‬الذى يعد لمجزرة كبرى لكافة الشعوب العربية‪.‬‬
‫أكدت المجنة المسؤولة عف الحممة‪ ،‬والتى تضـ مختمؼ القوى السياسية فى مصر‪ ،‬وعدد مف األقطار العربية‪ ،‬أف الضربة العسكرية المنتظرة ال‬
‫تستيدؼ العراؽ وحده‪ ،‬وانما تستيدؼ كافة الشعوب العربية لصالح الكياف الصييونى‪ ،‬وذلؾ مف خبلؿ وباء الخميج الذى أصاب الجيش‬
‫األمريكى‪ ،‬عمى أثر حرب الخميج السابقة‪ ،‬والذى تعتبره الحػممة نموذجا تجريبياً مخػففا جدا مف مرض الخميج الذى سيفتؾ بالعرب بعد الضربة‬
‫العسكرية المقبمة‪.‬‬
‫وأوصت حممة المميوف توقيع عربى فى تقرير خطير رفعتو إلى عدد مف الجيات العربية المسؤولة‪ ،‬وكذلؾ إلى األمـ المتحدة‪ ،‬والمنظمات‬
‫الدولية المتخػصصة بيدؼ استصدار قرار دولى مف مجمس األمف‪ ،‬أوضحت أف الصييونية األنجمو‪ -‬أمريكية لجأت إلى عممية تمويو محبوكة‬
‫الخيوط لتنفيذ الضربة "الجرثومية" المدمرة ضد الشعوب العربية‪ ،‬حيث نجحت ىذه القوى الصييونية‪ ..‬فى شغؿ الرأى العاـ العالمى بقضايا‬
‫ثانوية تتصؿ بالشرعية الدولية‪.‬‬
‫تعرؼ عمى حقيقتو مف خبلؿ كتاب "نيضة أمة‪ :‬كيؼ نفكر استراتيجياً" لواء أ‪.‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ -‬مركز‬ ‫النظاـ العالمى الجديد ّ‬
‫(‪)161‬‬

‫اإلعبلـ العربى باليرـ‪ -‬الباب الرابع‪ ،‬حيث تتعرؼ عمى معالجة‪ ،‬فمسفتو‪ ،‬واقعو‪ ،‬ألياتو‪ ،‬أساليب إقامة النظاـ العالمى الجديد‪ ،‬طبعة عاـ‬
‫‪.1997‬‬
‫(‪ )162‬ارجػع جريدة العرب العالمية بعددىا ‪ 5306‬بتاريخ ‪ 28 ،27‬فبراير ‪ 1998‬صدر الجريدة تحت عنواف (سى‪ ،‬أى‪ ،‬إيو) ُيعد لعممية تخريب‬
‫واسعة لمعراؽ‪ .‬تحت ىذا المقاؿ وفى نيايتو مقاؿ أخر‪ ،‬تقوؿ الجريدة‪" :‬فورف ريبورت "‪ .‬كوماندوز إسرائيمى دخؿ عبر تركيا لمتجسس عمى‬
‫العراؽ‪.‬‬
‫راجع "النظاـ االقتصادى العالمى واتفاقية الجات " أ‪ .‬د‪ ،‬حسيف شحاتة‪ ،‬طبعة أولى ‪ -1998‬دار البشير‪ -‬ص ‪ 51‬تحت عنواف‪" :‬ماذا‬ ‫(‪)163‬‬

‫تصنع اتفاقية الجات بالفقراء" وما بعدىا ‪.‬‬


‫‪148‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫يقؼ أماميا سبلح‪ ،‬ومنذ بدء التاريخ وىناؾ أقوياء وضعفاء‪ ..‬ومنذ بدء التاريخ وىناؾ قوـ نوح‪ ،‬وقوـ عاد وثمود‬
‫"وارـ ذات العماد" التى لـ يخمؽ مثميا فى الببلد‪ .،‬أيف ىى"إرـ "؟ تمؾ التى لـ ُيخمؽ مثميا فى الببلد‪ ،‬وفى أى‬
‫واد ىمكت وبادت؟‬
‫وأيف الروـ‪ ..‬والفرس‪ ..‬والتتار‪ ..‬والمغوؿ ‪ ..‬واليكسوس‪ ..‬والفراعنة العظاـ؟ الذيف شادوا‬
‫األىرامات والمسبلت‪ ،‬وقيروا الزمف بالتحنيط‪.‬‬
‫باطؿ األباطيؿ‪ ،‬وقبض الريح ما جػاءت بو السير واألخػبار‪ ..‬والكؿ ىالؾ‪ ..‬وال أحػد يعتبر!! وكػما ىمكت عاد‬
‫األولى التى حكى عنيا القرآف‪ ،‬سوؼ تمحؽ بيا عاد الثػانية (أمريكا) وفى إثرىا بنتيا البكر (إسرائيؿ)‪ ،‬وتمحؽ‬
‫بكتاب السير واألخبار سيرة أخرى ذميمة كريية ىى سيرة آؿ صييوف‪ ..‬إنما ىى كػتابة عمى الماء ونقش عمى‬
‫الرماؿ‪ ،.‬أييا الضعاؼ (‪ ..)164‬ما األقوياء المستكبروف بأقوى منكـ‪ ..‬إنما ىو الجبف والخموؿ والكسؿ وحب‬
‫الحياة وخوؼ الموت وكراىية الجػياد‪ ..‬إنما ىى سموـ الفرقة وسوس االخػتبلؼ‪ ،‬وداء التشرذـ الذى يبدد عزمكـ‪،‬‬
‫ويجعؿ مف مبليينكـ أصفا ار‪.‬‬
‫وال أستسمـ لمتشاؤـ‪ ..‬فإنى أرى بشائر يقظة‪ ،‬وبداية تجمع عربى‪ ،‬قد أحدث أثره فى إفشاؿ اليجػمة األمريكية‬
‫عمى العراؽ‪ ،‬وت ارجػع لمحػشد اإلجرامى الذى كاف يحشده الصياينة فى كؿ مكاف‪ ..‬بؿ وحصار لمصياينة فى‬
‫داخؿ أمريكا ذاتيا‪ ،‬فى جامعة أوىايو‪ ..‬وصعود الطمبة عمى المنصة التى تقؼ عمييا "مادليف أولبريت " والى‬
‫(‪ ..)165‬كفوا عنا أكاذيبكـ‪ ..‬أنتـ مشعمو‬ ‫جوارىا‪ -‬وزير الدفاع األمريكى‪ -‬كوىيف‪ ..‬وصراخيـ فى وجيو‬
‫الحروب‪ ..‬ورسؿ الخراب‪.‬‬

‫ىذه الصورة تماماً ألناس رسميـ القرأف وسماىـ "المستضعفوف " مع العمـ بأف المستضعفيف فى كؿ جيؿ‪ ،،‬بؿ وفى كؿ أمة‪ ،‬ىـ الذيف‬ ‫(‪)164‬‬

‫يصنعوف المستكبريف‪ ..‬نعـ يصنعونيـ‪ ..‬بمعنى يؤيدونيـ‪ ..‬يصفقوف ليـ دوف اعتراض‪ ..‬نعـ يصنعوف مف الظالـ إلياً جبا ار ‪ ..‬يصنعوف مف‬
‫الكافر عربيدا‪ ،‬ثـ يوـ القيامة يندموف عمى ما فعموا‪ ..‬أو عمى مػا قػالوا ‪ ..‬ويصور القرأف ىذا األمر فى أحػسف تصػوير‪ ..‬لمقاء المستضعفيف مع‬
‫المستكبريف يوـ القيامة بيف يدى اهلل‪ -‬عز وجؿ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫اب اللَّ ِو من َش ْيا قَالُوا ل َْو َى َلانَا اللَّوُ ل ََه َليْ نَا ُك ْ َس َوااٌ َعلَْي نَا‬ ‫ِ‬ ‫ال الض ِ ِ‬
‫استَكْبَ روا إنَّا ُكنَّا لَ ُك ْ تَ بَعاً فَ َه ْل أَنتُ ُّم ْغنُو َن َعنَّا م ْن َع َذ ِ‬
‫ين ْ ُ‬ ‫ُّع َفااُ للَّذ َ‬
‫الموقؼ األوؿ‪ :‬يقوؿ ربنا‪( :‬فَ َق َ َ‬
‫يي) [إبراىيـ‪]21 /‬‬ ‫صبَ ْرنَا َما لَنَا ِمن َّم ِ ٍ‬
‫َج ِز ْعنَا أ َْم َ‬
‫أَ‬
‫ِِ‬ ‫َذين استُ ْ ِ ِ ِ‬ ‫(ي ُق ُ ِ‬
‫‪]31‬‬ ‫ين) [سبأ‪/‬‬ ‫استَكْبَ ُروا ل َْو أَنتُ ْ لَ ُكنَّا ُم ْؤمن َ‬ ‫ين ْ‬ ‫ضع ُفوا للَّذ َ‬ ‫ول ال َ ْ‬ ‫َ‬ ‫الموقؼ الثانى‪ :‬قاؿ تعالى‪:‬‬
‫َّها ِر إ ْذ تَأ ُْم ُرونَنَا أَن نَّ ْك ُف َر بِاهلل َونَ ْج َع َل لَوُ أَن َل ً‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫استُ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ادا) [سبأ ‪]33 /‬‬ ‫استَكْبَ ُروا بَ ْل َمك ُْر اللَّْي ِل َوالن َ‬
‫ين ْ‬‫ضع ُفوا للَّذ َ‬ ‫ين ْ‬‫ال الَذ َ‬‫الموقؼ الثالث‪ :‬قاؿ تعالى‪َ ( :‬وقَ َ‬
‫ِ‬ ‫استُ ْ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫الموقؼ الرابع‪ :‬قاؿ تعالى‪( ،‬قَ َ ِ‬
‫ين [سبا‪]32 /‬‬ ‫اا ُك بَ ْل ُكنتُ ُّم ْج ِرم َ‬ ‫اله َلى‪ -‬بَ ْع َل إ ْذ َج َ‬ ‫ص َل ْدنَا ُك ْ َع ِن ُ‬ ‫ضع ُفوا أَنَ ْ ُن َ‬ ‫ين ْ‬ ‫استَكْبَ ُروا للَّذ َ‬
‫ين ْ‬‫ال الَذ َ‬
‫وىكذا يصنع الضعفاء الكبراء فى كؿ زماف‪ ..‬ثـ يندموف عمى ما فعموه معيـ مف مناصرة لمباطؿ‪ ..‬وكتماف لمحؽ‪ ..‬وتأييد لمزيؼ‪ ..‬وتصفيؽ‬
‫لكؿ ناعؽ‪ ..‬ولكف اهلل وصؼ الجميع بأنيـ مجرموف!!‬
‫ىذا إذا أفاؽ المستضعفوف مف نوميـ‪ ،‬واذا أرادوا أف يكونوا رجاالً بما تحممو الكممة مف معنى الرجاؿ‪ ،‬ىذا إذا أراد الضعفاء أف يكونوا‬ ‫(‪)165‬‬

‫أقوياء وحتى ال يصطدموا مع الكبراء يوـ القيامة‪ ..‬يقولوا كممة الحؽ ويثبتوا عمييا‪.‬‬
‫‪149‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وقاؿ الذيف حضروا االجتماع الحاشد‪ :‬إف الرجؿ فوجػى بيذا اليجوـ واتسعت حدقتاه فى ذىوؿ ولـ يجد ما‬
‫يقولو‪ ..‬ىناؾ إذف بداية تغير فى المناخ العاـ العالمى‪ ..‬وبداية فضيحة لمخطط الصييونية‪ ،‬ونق أر ىذه األياـ عف‬
‫حصار الماسونية فى إنجمت ار (والماسونية ىى الجػياز السرى لمصػييونية)… وييدد مجمس العموـ البريطانى بأف‬
‫قيادة الماسونييف ستواجػو السجف‪ ،‬إذا استمرت فى فرض غطاء السرية عمى نشاطيا‪ ،‬ولـ تعمف عف أعضائيا‬
‫الماسوف الذيف ينتموف إلى البوليس‪ ،‬والقضاء والصحػافة‪ ،‬ويشتد ىجوـ "كريس مالف " عمى "مايكؿ ىيجػاـ "‬
‫السكرتير األعظـ لمجمعية الماسونية‪ ،‬ويتبادالف األلفاظ الحادة‪ ،‬حػينما يرفض أف يكشؼ عف أسماء مائة وسبعيف‬
‫عضوا بار از مف الماسوف يشغموف مناصب حػسػاسػة يشؾ المجمس فػى أنيـ تورطوا فى سمسمة فضائح‪ ..‬لقد بدأ‬
‫السػتػر يتكشؼ عف مصائب الصييونية ومكائدىا‪ .،‬وكػاف رجػع الصدى ليذه التحوالت واألحداث بػالنسبة لقياداتنا‬
‫العربية فورياً‪ ،‬وكػاف حػديث الرئيس "مبارؾ " لصحيفة "معاريؼ " اإلسرائيمية شديد الميجػة‪ ،‬قاطع النبرة ‪ ..‬قاؿ‬
‫لمحدثو اإلسرائيمى‪ :‬قوموا بتنفيذ جػميع االتفاقات دوف مناورات أو سفسطة‪ .،‬نحف لـ نحصؿ منكـ حتى اآلف إال‬
‫عمى وعود‪ ..‬وكؿ الزعماء العرب فقدوا الثقة فى نيتانياىو‪..‬‬
‫‪ -‬وقاؿ الممؾ "الحسف " ممؾ المغرب‪" :‬اف "نيتانياىو يريد أف يكرس مدرسة جديدة فى القانوف الدولى‪ ،‬تعطى‬
‫الحؽ لكؿ حكومة فى محو كؿ ما أبرمتو الحكومة التى سبقتيا‪ ..‬وىى مدرسة إف وجدت فستكوف مدرسة الفناء‬
‫ال البقاء‪ ،‬ومدرسة اليدـ ال البناء‪ ،‬ومدرسة المجوف والفسؽ‪ ،‬ال مدرسة الفضيمة واالستمرار البشرى ‪.‬‬
‫وىناؾ إذف بداية فضيحػة لما تُ َبيت إسرائيؿ‪ ،‬ولما يخطط لو الصياينة‪ ،‬وبداية انكشاؼ لمكائدىـ‪ ،‬وبداية تحوؿ‬
‫عمى جميع المسارات‪ ،‬وبداية وقفة قوية مف قياداتنا العربية وصحوة مف زعػامػاتنا اإلسبلميػة‪ ...‬ىؿ يكؼ‬
‫اإلسػرائيميػوف عف عدوانيـ؟ وىؿ يتنازلوف عف مخططاتيـ بعد ىذه الفضيحة؟!!‬
‫ال أظف‪ .،‬بؿ سيتمادوف‪ ،‬ولكف سيكوف عدوانيـ مفضوحا وشرىـ مكشوفا‪ ..‬ولف يجدوا العوف الذى كانوا يجدونو‪،‬‬
‫وال التعاطؼ العالمػى الذى كػانوا يمقونو‪ ..‬وسوؼ ينفض عنيـ الحمفاء واحػدا بعد اآلخر‪ ...‬وسوؼ يجد العرب‬
‫أعوانا يزدادوف نصرة ليـ يوما بعد يوـ‪ ..‬وسوؼ ينقمب العالـ عمى الصياينة؟ ليستأصؿ شأفتيـ‪ ،‬وسوؼ تكوف‬
‫نيايتيـ‪.‬‬
‫وأحبارىـ يعمموف ىذا بمشيئة اهلل تعالى‪ ،‬ويعرفونو مف آيات توراتيـ التى يخفونيا‪ ،‬يعمموف أف الييكؿ الذى سوؼ‬
‫يبنونو عمى أطبلؿ األقصى‪ ،‬سوؼ ينيدـ عمى رؤوسيـ‪ ،‬ولكف عنادىـ يغمبيـ وسوؼ يركبوف رؤوسيـ‪ ..‬ولف‬
‫يتراجعوا عف بغييـ وتعالييـ‪.‬‬
‫وىـ يضحكوف عمى اإلنجيمييف األمريكييف‪ ،‬ويوىمونيـ أف المسيح لف ينزؿ مف السماء إلى أرضنا إال حينما يأتى‬
‫عمييا الخػراب‪ ،‬وتسيؿ دماء المسمميف أنيارا‪ ،‬ويرتفع شػأف الييود‪ ،‬فيو ممؾ الييود النازؿ مف أجؿ إعبلء كممتيـ‬
‫‪ ..‬والحػرب عمى المسمميف وافنائيـ البد منيا لنزوؿ المسيح وىرمجدوف ىى الموقع المختار فى فمسطيف ليذه‬
‫‪150‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫روجػوف‬
‫الحرب‪ .‬وقد جيزوا أسمحتػيـ النووية والكيميائية والميكروبية مف أجؿ ىذه المواجية الكبرى‪ .،‬ىكذا ُي ّ‬
‫لمخراب ويتعجمونو‪.‬‬
‫واذا صدقت نبوءة "ىرمجدوف " فسيكوف فيػيا خرابيـ وفناؤىـ وخزييـ‪ ،‬قبؿ أف تكوف خرابا لمدنيا‪ ،‬وستكوف نص ار‬
‫لممسمميف وارتفاعا لرايتيـ‪.‬‬
‫والكتب السماوية كميا تتحػدث عف قتاؿ األمـ مع ييود … والتوراة أكثرىا حػديثاً عف الدـ (‪.)166‬‬
‫فممػاذا يكذبوف عمينا‪ ،،‬ويتػحػدثوف عف السػبلـ (‪ ...)167‬بينمػا يكػدسوف األسمحػة فى ترساناتيـ‪ ...‬ولماذا جعموا مف‬
‫الكذب والغدر كؿ حياتيـ؟ !!‪.‬‬
‫انتيى كبلـ الكاتب‪.‬‬

‫(‪)166‬‬
‫الكتب السماوية ىى " الزبور‪ ،‬التو ار ة‪ ،‬اإلنجيؿ‪ ،‬القراف‪ ،‬صحؼ إبراىيـ وموسى"‪.‬‬
‫أما ما يخص الييود‪ ،‬فيى التوراة‪ ،‬والموجودة اآلف بيف أيدييـ‪ ،‬وىذه قراءة فى سفر أشعياء النبى (‪ ،)8 : 1 / 59‬حيث يقوؿ‪:‬‬
‫ىا إن يد الرب مل تقصر عن أن ختلص‪ ،‬ومل تقفل أذنو عن أن تسمع‪ ،‬بل اثامكم صارت فاصلة بينكم وبني إذلكم‪ ،‬وخطاياكم سرتت وجهو عنكم حىت ال يسمع ألف أيديكـ‬
‫قد تنجست بالدـ‪ ،‬وأصابعكـ باإلثـ‪ ،‬شفاىكـ تكممت بالكذب‪ ،‬ولسانكـ يميج بالشر‪ -‬ليس مف يدعوا بالعدؿ وليس مف يحاكـ بالحؽ‪ ،‬يتكمموف‬
‫عمى الباطؿ بالكذب‪ ،‬قد حبموا بتعب‪ ،‬وولدوا إثما‪ -‬فقسوا بيض أفعى‪ ،‬ونسجوا خيوط العنكبوت‪ ،‬اآلكؿ مف بيضيـ يموت‪ ،‬والتى تكسر تُخرج‬
‫أفعى‪ -‬خيوطيـ ال تصير ثوباً‪ ،‬وال يكتسوف بأعماليـ‪ ،‬أعماليـ أعماؿ إثـ‪ ،‬وفعؿ الظمـ فى أيدييـ‪ -‬أرجميـ إلى الشر تجرى وتسرع إلى سفؾ‬
‫الدـ الزكػى‪ ،‬أفكارىـ أفكار إثـ‪ ،‬وفى طرقيـ اغتصاب وسحؽ‪ ،‬طريؽ السالـ لـ يعرفوه‪ ،‬وليس فى مسالكيـ عدؿ جعموا ألنفسيـ سببلً معوجة‪،‬‬
‫كؿ مف يسير فييا ال يعرؼ سبلما"‪.‬‬
‫‪ -‬ىذه ىى توراتيـ التى يدينوف اهلل بيا تقوؿ‪ .‬أرجميـ إلى الشر تجرى وتسرع إلى سفؾ الدـ الزكى‪.‬‬
‫‪ -‬ىذه ىى توراتيـ التى يعتقدوف فييا تقوؿ أفكارىـ أفكار إثـ وفى طرقيـ اغصاب‪.‬‬
‫‪ -‬ىذه ىى توراتيـ تقوؿ بأعمى صوت‪ :‬طريؽ السبلـ لـ يعرفوه!!‪.‬‬
‫‪ -‬ىذه ىى توراتيـ‪ ..‬دستورىـ‪ ..‬دستور المصوص‪ ..‬ىذه ىى حقيقة الييود والصياينة‪ ،‬مف خبلؿ توراتيـ‪ ..‬فماذا بعد الحؽ إال الضبلؿ؟!‬
‫فيؿ ال زلنا نؤمف بأف الصياينة والقوى االستعمارية تؤيد السبلـ؟؟‬ ‫(‪)167‬‬
‫‪151‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫جذور العنؼ‬
‫(‪)168‬‬
‫عمى أكتاؼ مجموعة مف‬ ‫(*)‪" :‬قاـ المجتمع األمريكى‬ ‫تحت ىذا العنواف كتب األستاذ "أحمد بيجت "‬
‫المياجريف الرواد الذيف اتجػيوا لمعالـ الجديد‪ ،‬وىو عالـ كاف يعيش فيو الينود الحمر‪.‬‬

‫راجع جريدة األىراـ صباح يوـ السبت ‪ 28‬مارس ‪ 1998‬فى زاوية صندوؽ الدنيػا بعنواف"جػذور العنؼ "‪.‬‬ ‫(*)‬

‫فماذا تنتظر أييا القارئ حينما ترعى الذئاب الغنـ‪.‬‬ ‫(‪)168‬‬

‫* ىؿ أدركت لماذا لـ يتحقؽ السبلـ؟ ولـ تتوقؼ اإلبادة والتشريد لمشعوب وسرقة الثروات؟ ألف الصييونية العالمية‪ ،‬واالستعمار العالمى‪،‬‬
‫اليؤمنوف بغير القتؿ والسرقة والترويع‪ ،‬وفى نفس الوقت يرفعوف شعار السبلـ!! وحقوؽ اإلنساف!! وسيادة القانوف!! وصدؽ مف قاؿ‪ :‬إف لـ‬
‫تستح فاصنع ما شئت‪ ،‬يقوؿ اهلل تعالى‪ ‬و تَ ْ َ بَ َّن اللَّوَ َافِالً َع َّما يَ ْع َم ُل الظَّالِ ُمو َن ) [إبراىيـ‪.]42 :‬‬
‫* واليؾ أييا القارئ بعض ما نشر ويؤكد حقيقة المجرميف الذيف يرفعوف شعار السبلـ‪.‬‬
‫‪ 5306‬فى ‪ 1998/2/28‬فقاؿ‪ " :‬لـ‬ ‫أ‪" -‬سويس ار تؤكد اإلرىاب اإلسرائيمى" تحت ىذا العنواف كتب أحمد اليونى جريدة العرب العالمية عدد‬
‫تصبح عمميات اإلرىاب سرية‪ ،‬بؿ ال تتب أر إسرائيؿ منيا‪ ،‬وترفض االعتذار عنيا‪ ...‬وىا ىى الدالئؿ القاطعة تؤكد أف الموساد وراء عمميات‬
‫إرىابية متعددة األىداؼ‪ ،‬والغايات‪ ،‬وتغطى دوؿ العالـ وال تستثنى إسرائيؿ الدوؿ الصديقة بؿ تستغؿ عبلقات الصداقة لتوسع مف شبكات‬
‫عممياتيا ‪.‬‬
‫وىا ىى سويس ار تعمف اكتشافيا لعممية إرىابية إسرائيمية‪ ،‬والقبض عمى منفذييا بالجرـ المشيود‪.‬‬
‫ومنذ شيور أعمف الموساد الغتياؿ الرئيس صداـ حسيف‪ ،‬ووثقت الصحؼ اإلسرائيمية ذلؾ‪ ،‬لـ تنؼ الحكومة أو يصدر تكذيب مف أى جية‪.‬‬
‫العراؽ‪ ،‬ودوالً إسبلمية أخرى محذ اًر مف‬ ‫لذا نسأؿ الرئيس كمينتوف‪ -‬حػامى دولة السبلـ‪ -‬لماذا ال يعمؽ مثمما كاف يتحدث كؿ يوـ ميدداً‬
‫االنتياكات‪ ،‬فيا ىى إسرائيؿ تنتيؾ سيادة سويسرا‪ ،‬وترتكب جريمة تجػسس‪ ..‬وقبميا نفذت جريمة بشعة فى األردف الصديقة!!‬
‫ب‪ -‬وزير الخارجية الجزائرى‪ -‬عطاؼ‪ -‬يقوؿ‪ :‬السويد وبريطانيا (منطقة اإلرىاب) (نفسى المصدر السابؽ) وتحت ىذا العنواف كتبت جريدة‪-‬‬
‫العرب العالمية‪ -‬تقوؿ‪ " .‬طالب وزير الخارجية الجزائرى أحمد عطاؼ دعـ أوروبا لمقضاء عمى الشبكات المساندة لئلرىاب الذى تعتمد عمييا‬
‫الجػماعات المسمحة فى ببلده… ووصؼ عطاؼ كبل مف السويد وبريطانيا بأنيما منطمؽ الشبكات اإلرىابية…" راجع جريدة الشرؽ األوسط‬
‫العدد ‪ -7031‬راجع جريدة العرب العالمية عددىا ‪ 5299‬بتاريخ ‪ 1998/2/18‬الجمعة ‪. 27/2/98‬‬
‫ج‪ -‬وثيقة لبنانية تكشؼ دور الموساد والمخابرات األمريكية فى مذبحة األقصر " تحت ىذا العنواف كتبت" ليمى مراد" (جريدة الوطف العربى‬
‫العدد ‪ 1998/1/27 ، 60‬تقوؿ‪" :‬كشؼ تقرير أمنى لبنانى عف الخطوط الحقيقية ألخطر مخطط صييونى يستيدؼ تنفيذ عممية مذبحػة‬
‫األقصر فى ‪ 17‬نوفمبر ‪ 1997‬ثـ تقوؿ‪ :‬ويذكر التقرير أف القائميف بالمجزرة وأمثاليـ‪ ،‬كانوا يتقاضوف مرتباتيـ عمى تدريباتيـ تفوؽ مرتبات‬
‫الكوماندوز اإلسرائيمى‪ ،‬وأنيـ نفذوا تعميمات صدرت إلييـ بعدـ مناقشة ما يوكؿ إلييـ مف مياـ !‬
‫‪152‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وبدأ الصراع بيف المياجريف والينود الحمر‪ ،‬وىو صراع اتسـ بالعنؼ وكانت محصمتو النيائية ىى إبادة الينود‬
‫الحمر واحتبلؿ المياجريف األرض‪ ،‬ليذا السبب‪ ،‬تغوص جذور العنؼ فى المجتمع األمريكى حتى القاع‪ ،‬وقد‬
‫عبرت أفبلـ الغرب فى السينما األمريكية عف ىذا العنؼ‪ ،‬ورسمت صورة لمبطؿ عند الكاوبوى‪ ،‬وكػانت البطولة‬
‫تعقد لواءىا لمف يسحب مسدسو أسرع‪ ،‬ولمف يقتؿ عددآ أكبر مف الضحايا دوف أى ييتز لو جفف‪ .،‬أو بدـ بارد‬
‫كما يقوؿ المصطمح األمريكى‪.‬‬
‫ويمكف القوؿ باختصار أف العنؼ قد صار أفضؿ حؿ لمشكبلت الحياة وتحدياتيا ‪.‬‬
‫ويبيح الدستور األمريكى لكؿ مواطف أمريكى أف يحػمؿ السبلح‪ ،‬وليست ىناؾ أى عقبات فى شراء السبلح‪ ،‬أو‬
‫ترخيصو‪ ،‬وتنتشر محبلت بيع السبلح مثؿ محبلت السوبر ماركت‪.‬‬
‫ويمكف القوؿ أف ظاىرة العنؼ تزايدت فى السنوات األخيرة‪ ،‬وصارت تيدد المجتمع فى أساسو‪.‬‬
‫وتمعب السينما والتميفزيوف فى أمريكا دو اًر ميماً فى الترويج لمعنؼ‪ ،‬فإف قسما ُميماً مف أفبلـ السينما يختار‬
‫قصصا دامية تبدأ بيد مجػيولة تطمؽ الرصاص‪ ،‬وتنتيى بحرائؽ وانفجارات ودـ ومفاجآت‪.‬‬
‫وىذه األفبلـ تختار العنؼ ضمانا النتشارىا وتروجييا‪ ،‬وليذه األفبلـ جميورىا مف األطفاؿ والشباب الكبار‪ ،‬الذيف‬
‫يتعاطفوف فى كػثير مف األحػياف مع المجػرـ ضد رجؿ القانوف‪.‬‬
‫ويتأثر الشباب واألطفاؿ بأفبلـ العنؼ تأثي اًر ال يستطيعوف التنبؤ بآثاره السيئة‪ ،‬واف كانت ىذه اآلثار تظير ذات‬
‫يوـ فى أطفاؿ يطمقوف النار عشوائياً عمى بنات فى مدرسة‪ ،‬أو شباب يقتحموف بنكاً لسرقتو‪ ،‬فإذا سئموا فى‬
‫التحقيؽ‪ ،‬مف الذى أوحػى إلييـ بيذه الفكرة التعيسة؟! قالوا شيدنا فيمماً عف سرقة بنؾ‪ ،‬ونفذنا سيناريو الفيمـ ولكف‬

‫وكشؼ التقرير أف الذى وقؼ وراء العممية كاممة‪ ،‬وتابعيا أثناء التنفيذ ىو"ضابط إسرائيمى اسمو "مائير شافيت " وتابعيا ميدانيا عف طريؽ‬
‫البلسمكى‪ ،‬وأنو زار مصر عمى مدى خمسة أعواـ بصفتو عالـ أثار بمجيكى !!‬
‫د‪ -‬الموساد مزرعة إرىاب "مسمسؿ الميمات الفاشمة لممخابرات اإلسرائيمية" تحت ىذا العنواف كتب‪ :‬سمير ندا مف بوف (العرب العالمية) عدد‬
‫‪ 530‬بتاريخ ‪ 1998/3/2‬فقاؿ‪" :‬لـ تكف العممية التى كشفت عنيا أجيزة األمف السويسرى فى بوف أوؿ ميمة لمموساد وخػارج إسرائيؿ‪ ،‬بؿ إف‬
‫معظـ نشاط الجياز يركز فى مياـ بالخارج ‪.‬‬
‫فالسنوات طويمة برز اسـ "الموساد" كواحػد مف أبرز أجيزة االستخبارات مف وجػية النظر الغربية‪ ،‬وعمى النقيض مف المخابرات األلمانية‬
‫والفرنسية والبريطانية واألمريكية كاف مف النادر فشؿ الميمات الموكمة لمجياز اإلسرائيمى‪.‬‬
‫وفى عممية قرصنة خطيرة فى عاـ ‪ 1967‬سرؽ اإلسرائيميوف زوارؽ حربية تابعة لمبحرية الفرنسية مف ميناء "شيوبورغ " كانت قد تـ تجيزىا‬
‫إلسرائيؿ‪ ،‬لكف الحكومة الفرنسية قررت وقؼ التسميـ بسبب قياـ إسرائيؿ بعدواف السادس مف حزيراف عمى العرب‪.‬‬
‫وفػى عاـ ‪ 1972‬حػيف تمكنت فرقة مف الفدائبيف الفمسطينييف مف احتجػاز مجموعة مف أعضػاء الفريؽ اإلسػرائيمى فى أوليمبيات ميػونخ‪ ،‬شػارؾ‬
‫عمبلء الموساد فى إنياء العػممية بتراشؽ أدى إلى مقتؿ الرياضييف اإلسرائيمييف‪.‬‬
‫وفى عاـ ‪ 1995‬أصدر اسحػؽ رابيف ق ار اًر شػخصيػاً باغتياؿ " زعيـ الجياد اإلسؤلمى" فتحى الشقاقى فى مالطا‪.‬‬
‫وبعد وقت قصير لقى رابيف مصرعو!! عمى يد متطرؼ ييودى معارض لعممية السبلـ‪.‬‬
‫وىكذا نرى أمريكا التى أسست العنؼ ووضعت جذوره فى إسرائيؿ‪ ،‬ثـ أمرت إسرائيؿ أف تُثبت جذور العنؼ وىى تحمييا فيؿ ىذا معقوؿ؟!!‬
‫‪153‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫فى الحػياة الواقعية‪ ..‬نحف أماـ مشكمة تبدو ببل حؿ قريب‪ ،‬خاصة بعد انفتاح السموات ووجود أقمار صناعية‪،‬‬
‫وعدـ قدرة أحد عمى رقابة ىذا الفف الردىء أو منعو ‪.‬‬
‫‪154‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الخاتمة‬

‫كيؼ يمكف لألمة‬


‫أف تواجو ىذه التحديات‬
‫بسـ اهلل‪ ،‬والحمد هلل‪ ،‬والصبلة والسبلـ عمى محػمد رسوؿ اهلل‪ ،‬ومف وااله‪ ،‬واستف بسنتو‪ ،‬واىتدى بيداه إلى يوـ‬
‫الديف‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فيذه جولة فى فكر بعض عمماء السياسة واالستراتيجية‪ ،‬والمفكريف والكتاب وغيرىـ‪ ،‬وىى بمثابة تنبيو إلى أىمية‬
‫ما كتبوه فيما يتصؿ بأخطر التحديات التى تواجػو العالـ كمو‪ ،‬واإلسبلمى عمى وجو الخصوص‪ ،‬وىذه الجولة‬
‫تتصؿ أيضاً بالمخطط االستعمارى‪ ،‬الذى يستيدؼ السيطرة عمى العالـ سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وثقافياً‬
‫واعبلمياً‪ ،‬وفرض العقائد الصييونية الصميبية عمى أىؿ اإلسبلـ‪ ،‬وتمزيقيـ إلى دويبلت طائفية‪ ،‬وذلؾ تحت‬
‫شعار ما يسمى بالنظاـ الدولى الجديد‪ ،‬وفرض السبلـ‪.‬‬
‫إنيا جػولة فى عقوؿ األعداء نتعرؼ مف خػبلليا عمى نظرتيـ إلى العالـ اإلسبلمى ومخططاتيـ التى قاموا‬
‫ويقوموف بتنفيذىا‪ ،‬نسوقيا إلى الذيف اليؤمنوف مف ىذه األمة بأف التدافع بيف الحؽ والباطؿ سنة ربانية جارية‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ات وم ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫َّ ِ‬
‫اس ُ‬
‫يها ْ‬
‫اج ُل يُ ْذ َك ُر ف َ‬ ‫ص َوام ُع َوبِيَ ٌع َو َ‬
‫صلَ َو ٌ َ َ َ‬ ‫ض لَّ ُهل َ‬
‫ّْم ْ َ‬ ‫ض ُه بِبَ ْع ٍ‬ ‫َّاس بَ ْع َ‬
‫قاؿ تعالى‪َ :‬ول َْو َدفْ ُع اللو الن َ‬
‫إن اللَّوَ لََق ِو ّّ‬ ‫ِ ِ‬
‫يز) [الحج‪]40 :‬‬ ‫ي َع ِز ٌ‬ ‫نص َر َّن اللَّوُ َمن يَ ُ‬
‫نص ُرهُ َّ‬ ‫اللَّو َكثيراً َولَيَ ُ‬
‫وليدركوا أف ىناؾ صراعاً بيف أىؿ الباطؿ‪ ،‬مف شياطيف اإلنس والجف‪ ،‬وبيف أىؿ الحؽ وأف اهلل ىو الذى ُيحػذر‬
‫أىؿ الحؽ مف خطورة أىؿ البػاطؿ ويأمرىـ بمجػاىدتو وبالتالى اليمكف أف يكوت ىناؾ سبلـ دائـ فى حػياة‬
‫اإلنسانية لعدة أسباب‪ ،‬ىناؾ أعداء لئلنسانية ليـ أىداؼ وأطماع فى بنى اإلنسػاف‪ ،‬فى عقائدىـ وديارىـ‬
‫ومقدساتيـ وأع ارضػيـ ودمائيـ‪ ،‬فبل يمكف أف يتحػقؽ السبلـ‪ ،‬إال أف يكوف ىناؾ قوة تردع ىذا اإلنساف العدو‬
‫لبنى اإلنساف‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أييا القارئ الكريـ‪.‬‬


‫إن َم َع العُ ْ ِر يُ ْ راً ( ‪َّ )5‬‬
‫إن َم َع‬ ‫لـ يجعؿ اهلل تبارؾ وتعالى كربا إال وجعؿ معو مخرجا (‪ ،)169‬قاؿ تعالى‪ ( :‬فَ َّ‬
‫العُ ْ ِر يُ ْ راً)[الشرح‪]6 ،5 :‬‬
‫ولئف كاف أمف األمة ميدداً‪ ،‬وال يزاؿ عمى خطر عظيـ‪ ،‬فإف المبس والغموض يغمفاف أغمب ما مر بيذه األمة مف‬
‫أزمات حادة‪ ،‬كانضماـ بعض المسمميف لجانب الحمفاء فى قتاؿ المسمميف فى الحػرب العالمية األولى‪ ،‬وكػقتػاؿ‬
‫أىؿ ىذا الديف فى حػربى الخميج األولى والثا نية‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫* أما فى ىذه المرة‪ ،‬فإف الظمـ الواقع عمى المسمميف واضح ال لبس فيو‪ ،‬والعدو محدد اليخطئو اإلدراؾ‪ ،‬واذا لـ‬
‫قوض الديف‪ ،‬وازىقت األنفس‪ ،‬وفتكت األعراض‪،‬‬
‫يكف الجػياد اآلف واجباً فمتى يجب إذاً؟ وأى حياة تكوف ىذه إذا ّ‬
‫وسمبت األمواؿ‪ ،‬واف لـ يكف الجػياد اآلف واجباً فمتى يجب إذاً ؟‪.‬‬
‫ُ‬
‫* لعؿ اهلل جمت حكمتو قد جعؿ ىذه المحنة لتكوف بمثابة نقطة لمتحوؿ‪ ،‬والفرصة التى تخرج فييا األمة مما ىى‬
‫إن اللَّوَ يُغَيّْ ُر َما بَِق ْوٍم َحتَّى‬
‫فيو مف كرب وغمة‪ ،‬ولكف األمر يحتاج إلى جػياد ونية‪ ،‬وعزـ وارادة‪ ،‬قاؿ تعالى‪َّ ( :‬‬
‫يُغَيّْ ُروا َما بِأَن ُف ِ ِه ْ ) [الرعد‪.]88 :‬‬
‫* فإذا ما اتفقنا عمى أف ما نحف فيو خطر عظيـ‪ ،‬وىو فى نفس الوقت فرصة سانحة لنيوض األمة‪ ،‬واستعادة‬
‫عافيتيا‪ ،‬مف أجؿ أداء رسالتيا‪ ،‬التى مف أجميا بعث اهلل خػاتـ أنبيائو ورسمو محمد صمى اهلل عميو وسمـ‪ ،‬فإف‬
‫ىذه الفرصة تحتاج أعماالً تتـ فى األجؿ القصير‪ ،‬وتخطيطاً استراتيجياً عمى المدى البعيد‪.‬‬
‫أوالًال‪ :‬تحرير فمسطيف‪ .،‬كؿ فمسطيف‪ ،‬جنوب السوداف‪ ،‬البوسنة واليرسؾ‪ ،‬كوسوفو‪ ،‬القوقاز‪ ،‬كشمير‪ ،‬الفمبيف‪ ،‬كؿ‬
‫شبر محتؿ مف ديار اإلسبلـ فرض عمى المسمميف تحريره‪.‬‬
‫* إف المساعى التى تبذؿ اآلف تحت ستار تحقيؽ السبلـ‪ ،‬لف تعيد أرضاً‪ ،‬ولف تحمى عرضاً ‪،‬ولف تردع معتدياً‪،‬‬
‫اليرعى فينا إالً وال ذمة‪.‬‬
‫وىى لف تحفز األوروبييف‪ ،‬واألمريكييف وغيرىـ لئلسراع بالقتاؿ والموت فداء لممسمميف القاعديف منيـ أو‬
‫القائميف‪ ،‬فضبلً عف أنيا لف تجبرىـ عمى تغيير أىدافيـ التى حذرنا اهلل منيا ( و يَ َزالُو َن يُ َقاتِلُونَ ُك ْ َحتَّى‬
‫الم ْعتَ ُلو َن )‬
‫ك ُى ُ ُ‬ ‫استَطَاعُوا ) [البقرة ‪ ( ]217‬يَ ْرقُبُو َن فِي ُم ْؤِم ٍن إ ِّ و ِذ َّمةً وأ ُْولَئِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يَ ُردُّوُك ْ َعن دينِ ُك ْ إن ْ‬
‫[التوبة‪.]10 :‬‬
‫فبل بديؿ إذف عف الجياد فى سبيؿ اهلل والمستضعفيف مف الرجاؿ والنساء والولداف الذيف أخػرجػوا مف ديارىـ‬
‫وأمواليـ ‪ ..‬ال لشىء‪ ...‬إال أنيـ يقولوف‪ :‬ال إلو إال اهلل محػمد رسوؿ اهلل‪ ،‬قاؿ تعالى‪ ( :‬إ َّ تَ ِنف ُروا يُ َع ّْذبْ ُك ْ َع َذاباً‬
‫ٍ ِ‬ ‫أَلِيماً ويَ ْ تَْب ِل ْل قَ ْوماً َْي َرُك ْ و تَ ُ‬
‫ض ُّروهُ َش ْيئاً واللَّوُ َعلَى ُك ّْل َش ْيا قَل ٌ‬
‫ير)[التوبة‪.]139 :‬‬

‫(‪)169‬‬
‫ىذه المقترحػات مأخوذة نصاً مف كتاب فوزى محمد طايؿ " البوسنة واليرسؾ‪ ،‬أندلس جديدة فى أوربا‪.‬‬
‫‪156‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫* الجػياد فى سبيؿ اهلل يحػتاج إلى الماؿ‪ ..‬والرجاؿ‪ ..‬والسبلح والمؤف والدواء‪ ،‬وىو يحػتاج فى المقاـ األوؿ‬
‫ضغطاً شعبيا عمى الحكومات كى ال تعيؽ أو تعرقؿ سػفر المجاىديف‪ ،‬أو نقميـ لمستمزمات الجػياد ىذه‪.‬‬
‫* وىنا يبدو بوضوح أف لممساجد المنتشرة فى كؿ أرجاء المعمورة دو اًر يسيـ فى تربية‬
‫المجػاىديف‪ ،‬وجمع الماؿ‪ ،‬وتجػييز المؤف والرجػاؿ‪ ،‬والدعوة إلى الجػياد‪ ،‬وأف تتصؿ بأغنياء المسمميف لحثيـ عمى‬
‫الجياد بالماؿ‪.‬‬
‫ولمنقابات والجمعيات اإلسبلمية فى كؿ ببلد المسمميف دو اًر أيضاً لتقديـ العوف الفنى والموجستى‪ ،‬فضبلً عف إبراز‬
‫الرجػاؿ‪ ،‬وجمع الماؿ‪ ،‬وتوعية األمة بالتحػديػات وواجباتيا‪ ،‬وتعريفيا بالوطف اإلسبلمى‪ ،‬بسنكيانج‪( ،‬تركستاف‬
‫الشرقية) وتركستاف الغربية‪ ،‬بالقوقاز‪ ،‬كوسوفا‪.‬‬
‫* وعمى دور العمـ واجبات‪ ،.‬وكذلؾ المدارس والجامعات ومعاىد البحث العممى فى كؿ أنحاء األمة اإلسبلمية‪،‬‬
‫وىى تقديـ مادة عممية ومقررات دراسية وبرامج إعبلمية عف الوطف اإلسبلمى‪ ،‬واالستعمار القديـ والحديث‪،‬‬
‫والمؤامرة الصييونية االستعمارية عمى الوطف اإلسبلمى‪ ،‬وشرح أبعاد المؤامرة وآثارىا عمى األمة اإلسبلمية وبياف‬
‫أىمية التكامؿ بيف ببلد الوطف اإلسبلمى‪.‬‬
‫* إف دور العمـ اليقؿ أىمية عف دور المسجػد لمقياـ بتربية الفرد المجػاىد‪ ..‬تربية إيمانية‪ ،‬وتربية بدنية‪ ،‬وتربية‬
‫ثقافية‪ ،‬وتربية إجتماعية‪ ،‬وتربية جنسية‪ ،‬وتربية عقمية وتربية مينية‪.‬‬
‫(‪ ..)170‬سوؼ يكوف لو آثار‬ ‫إف نص اًر يحػرزه المسمموف بإذف اهلل‪ ..‬فى فمسطيف‪ ..‬فى الصوماؿ‪ ..‬فى السوداف‬
‫ين يَظُنُّو َن‬ ‫بعيدة المدى بأكػثر مما نتصور وليعمـ الجميع أف النصر مع الصبر‪ ،‬ويكفينا قوؿ اهلل تعالى‪ :‬قَ َ ِ‬
‫ال الَذ َ‬
‫الصاب ِر َ‬
‫ين ) [البقرة‪]249 :‬‬ ‫َ‬ ‫أَنَّ ُه ُّمالقُوا اللَّ ِو َك ّْمن فِئَ ٍة قَلِيلَ ٍة َلَبَ ْ‬
‫ت فِئَةً َكثِيرًة بِإ ْذ ِن اللَّ ِو واللَّوُ َم َع َّ ِ‬
‫* لئلعبلـ دور‪ .،‬يسير جنباً إلى جنب مع دور المسجد‪ ،‬ودور العمـ‪ ،‬ىذا الدور البد وأف يرتبط بمنظومة القيـ‬
‫اإلسبلمية العميا‪ ،‬والتكميمية والتحسينية‪ ،.‬ال يجوز أف يكوف البرنامج اإلعبلمى فى ببلد المسمميف صورة طبؽ‬
‫األصؿ مما أعده أعداء اإلسبلـ فى حربيـ التقنية الشرسة ضد المسمميف‪ .‬ال يحؿ لدور العمـ أف تتجاىؿ قضايا‬
‫العالـ اإلسبلمى‪.‬‬
‫المعبرة عف ضميرىا‪ ،‬وىو الذى يستنيض إرادتيا‪ ،‬وحراـ أف يكوف اإلعبلـ حرباً‬
‫ّ‬ ‫* إف اإلعبلـ ىو صورة األمة‬
‫عمى المسمميف‪ ،‬وعوناً ألعدائيا ناقبلً لرسالتيـ‪.‬‬
‫إف التزاـ اإلعبلـ فى المعركة يكاد يعدؿ اثار المدافع والطائرات وغيرىا‪.‬‬
‫ثانياًال‪ :‬توفير الغذاء والسبلح‪ :‬إف أى تخطيط استراتيجػى لف يكتب لو أى درجة مف درجات النجاح‪ ،‬طالما كاف‬
‫ىناؾ تبعية كاممة ألعداء األمة‪.‬‬

‫(‪)170‬‬
‫ادلقصود سحق دترد اخلائن العميل "جون قرنق "‪.‬‬
‫‪157‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫* أوؿ درجات التحرر مف ىذه التبعية ( ‪1‬متبلؾ الغذاء‪ ..‬والسبلح) ‪ ،‬وىذا األمر ال يحتاج وقتاً طويبلً‪ ،‬ولقد‬
‫ضرب اهلل لنا أمثمة فى أنفسنا‪ ،‬فبعض بمداف الجزيرة العربية‪ ،‬رغـ قمة المياة المتاحػة‪ ،‬وارتفاع تكمفة الزراعة‪،‬‬
‫حػقؽ اكتفاء ذاتيا فى الحبوب‪ ،‬بؿ منيا مف قاـ بالتصدير‪ ،‬ونفس الشىء حدث فػى السوداف مف خػبلؿ الحكومة‬
‫فى عاـ واحد‪ ،‬حػينمػا خمصت النوايا‪ ..‬وكانت ىناؾ عزيمة‪.‬‬
‫* أما األرض الصالحة لمزراعة فػى أحواض النيؿ‪ ،‬ودجمة والفرات‪ ،‬والسند وغيرىا‪ ،‬فيمكف أف تفى باحتياجات‬
‫المسمميف أو تزيد‪ ،‬فمـ الركوف إلى الكسؿ‪ ..‬أطمب لممذلة ىو؟؟‬
‫أما عف السبلح‪ ،‬فأمره ليس عسي اًر‪ ،‬بالشكؿ الذى يصورونو‪ ،‬فالتنافس بيف شركػات ومصادر صنع السبلح‪،‬‬
‫وتوفير الماؿ‪ -‬وىو موجود بفضؿ اهلل‪ -‬يمكف مف نقؿ حقيقى "لمتكنولوجػيػا" المناسبة إذا تـ استدعاء العمماء‬
‫والفنييف المسمميف وغيرىـ مف الشرؽ والغرب وأحػسف توظيفيـ وتوجػيو جػيودىـ‪ ،‬والبنية األساسية المتوافرة فى‬
‫البمداف اإلسبلمية االكثر تقدماً كتركيا‪ ،‬مصر‪ ،‬تنزانيا‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وأندونيسيا‪ ،‬وباكستاف‪ ،‬وايراف بؿ والعراؽ تسمح‬
‫بإقامة صناعة لمسبلح اإلسبلمى‪ ،‬ولو بتكنولوجيا غير متقدمة كؿ التقدـ‪.‬‬
‫إف ما لدى األمة اإلسبلمية اآلف حاليا مف السبلح‪ ..‬ليو قدر كبير جداً‪ ،‬يمكف أف يكوف فعاالً‪ ،‬فى توفير األمف‬
‫والدفاع‪ ،‬إذا ما تـ توفير الصيانة لو‪ ،‬وتصنيع قطع الغيار وىى أمور ممكنة… إذا خمصت النوايا‪ ،‬وحسف‬
‫التصرؼ ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وضوح الغاية إذ غاية ىذه األمة واضحػة كؿ الوضوح‪ ،‬فقد جػاءت فى آيتيف كريمتيف‪.‬‬
‫ك وما َّ ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع لَ ُك ّْمن اللّْي ِن ما َّ ِ‬
‫وص ْي نَا بو إبْ َراىي َ‬ ‫وصى بِو نُوحاً والَّذي أ َْو َح ْي نَا إل َْي َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقوؿ اهلل تعالى فييما‪َ ( :‬ش َر َ‬
‫يو ) [ الشورى‪.]13 :‬‬ ‫ِ‬
‫وعي ى أَ ْن أَقِيموا اللّْين و تَتَ َف َّرقُوا فِ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وسى َ‬ ‫وم َ‬ ‫ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الصالةَ َوآتَ ُوا َّ‬ ‫َّاى ْ فِي األ َْر ِ‬ ‫ِ‬
‫المن َك ِر‬
‫الزَكاةَ َوأ ََم ُروا بال َْم ْع ُروف َونَ َه ْوا َع ِن ُ‬ ‫ض أَقَ ُاموا َّ‬ ‫ين إن َّم َّكن ُ‬
‫قاؿ تعا لى‪ ( :‬الَذ َ‬
‫َولِلَّ ِو َعاقِبَةُ األ ُُموِر) [ احلج ‪.]41 :‬‬

‫‪ -‬فغاية المسمميف أينما كانوا‪ ،‬وفى أى زماف عاشوا ىى "إقامة شرع اهلل وأف تكوف كممة اهلل ىى العميا‪ ،‬وكممة‬
‫الذيف كفروا السفمى‪.‬‬
‫وحتى نسير فى اتجػاه غايتنا فبلبد أف تكوف لدينا "أىداؼ استراتيجية" يمتؼ حوليا المسمموف ويعمموف مف أجؿ‬
‫تحقيقيا‪ ،‬وأف تكوف األىداؼ واضحة‪.‬‬
‫‪ -‬إف أعداء اإلسبلـ يعرفوف‪ -‬اإلسبلـ‪ -‬كما يعرفوف أبناءىـ‪ ،‬ولف نجنى مف كثرة االعتذار عف اإلسبلـ ووصفو‬
‫بما ليس فيو‪ ،‬واالستخفاء مف الناس‪ ،‬إال خزياً فى الدنيا‪ ،‬وعذاباً أليماً فى اآلخرة… إال أف ييدينا اهلل إلى سواء‬
‫السبيؿ‪.‬‬
‫‪158‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬وحتى تعـ الفائدة نود أف نقترح بعض األىداؼ التى نجدىا مناسبة لمتيوض باألمة والسير بيا فى سبيؿ بموغ‬
‫غايتيا‪:‬‬
‫(*)‬
‫كما وردت فى‬ ‫أ‪ -‬بناء اإلنساف المسمـ مادياً ومعنوياً وعقدياً‪ ،‬عمى أساس منياج اإلسبلـ ومنظومة قيمو العميا‬
‫كتاب اهلل وفصمتو السنة النبوية الشريفة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الحػفاظ عمى كػياف األسرة المسممة‪ ،‬وعمى تماسكيا وعمى ىويتيا‪ ،‬وتنمية دورىا فى التنشئة والتربية‪.‬‬
‫جػ‪ -‬االرتقاء بالعبلقات االجػتػماعية فى مجػتمػعات المسمميف‪ ،‬عمى أساس التكافؿ االجتماعى‪ ،‬واآلمر بالمعروؼ‬
‫والنيى عف المنكر‪.‬‬
‫د‪ -‬تطوير أساليب الدعوة اإلسبلمية بالحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬وتبميغيا إلى كؿ مف لـ تبمغو فى كؿ مكاف فى‬
‫العالـ باستخداـ كؿ الوسائؿ التى يسرىا اهلل تعالى لئلنساف‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬بذؿ الجػيد المتبلؾ القوة المادية والمعنوية‪ ،‬وبصفة خػاصة بناء قاعدة تكنولوجية إسبلمية خالصة‪.‬‬
‫و‪ -‬تحقيؽ وحػدة وتماسؾ األمة اإلسبلمية‪ ،‬والحفاظ عمى كؿ أشكاؿ العبلقات مع األقميات اإلسبلمية‪ ،‬خارج‬
‫مجتمعات المسمميف‪.‬‬
‫ز‪ -‬الجػياد فى سبيؿ اهلل‪ ،‬بالماؿ والنفس‪ ،‬دفاعاً عف العقيػدة وحػفاظاً عمى األمة وتأميناً لمدعوة‪ ..‬فالجياد ماض‬
‫إلى يوـ القيامة‪ ،‬وما تركو قوـ إال ضربيـ اهلل بالذؿ (**)‪.‬‬
‫رابعاًال‪ :‬تطوير اإلطار التنظيػمى اإلسػبلمى‪ :‬إف تغيػر الظروؼ الدوليػة بالشكؿ الذى وضحو عمماء االستراتيجػية‬
‫يتطمب مف العالـ اإلسبلمى إعادة النظر فى ميثاؽ وأفرع وأجيزة "منظمة المؤتمر اإلسبلمى"‪.‬‬
‫ولعؿ أىـ المقترحات فى ىذا الشأف ما يمى‪:‬‬
‫‪ )179 -178‬كػما ىى أو بعد التعديؿ المناسب ليا‪،‬‬ ‫أ‪ -‬تعديؿ الميثاؽ ليتضمف األىداؼ سالفة الذكر (ص‬
‫شريطة النص عمى تحقيؽ الوحدة اإلسبلمية عمى مراحؿ محػددة بمدد زمنية‪ ...‬أفنحف أقؿ اىتماما بوحدتنا مف‬
‫األوروبييف الذيف يعمموف عمى استعادة وحدة اإلمبراطورية الرومانية؟‬
‫فَا ْعب ُل ِ‬ ‫ِ‬ ‫أو ليس األجدر بنا أف نتبع قوؿ اهلل تعالى‪ِ ِ َّ ( :‬‬
‫ون )[األنبياء‪]92 :‬‬ ‫ُ‬ ‫إن َىذه أ َُّمتُ ُك ْ أ َُّمةً واح َلةً وأَنَا َربُّ ُك ْ‬
‫وإن ى ِذهِ أ َُّمت ُك أ َُّمةً ِ‬
‫واح َل ًة وأَنَا ربُّ ُك فَاتَّ ُق ِ‬
‫ون )[المؤمنوف‪.]52 :‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫( َّ َ‬
‫ب‪ -‬إنشاء صندوؽ خػاص باإلغاثة والدعوة "يموؿ مف حصيمة زكاة الركػاز والمعادف " وىى خػمس مػا يخػرج مف‬
‫األرض مف كؿ أنواع المعػادف‪ :‬الذىب‪ ،‬الفػضػة‪ ،‬الحػديد‪ ،‬األلومنيوـ‪1 ،‬لبتروؿ…‪ .‬إلخ‪.‬‬

‫راجع كتاب‪ .‬نيضة أمة‪ -‬كيؼ نفكر استراتيجياً‪ -‬لواء أ‪ .‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ -‬الباب األوؿ طبعة عاـ ‪ 1997‬لتق أر المنظومة اإلسبلمية‬ ‫(*)‬

‫العميا بشىء مف التفصيؿ‪ -‬الناشر مركز اإلعبلـ العربى‪ -‬باليرـ ‪.‬‬


‫راجع بشىء مف التفصيؿ كتاب "مذابح البوسنة واليرسؾ‪ -‬أندلس جديدة فى أوروبا‪ .‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ الزىراء لئلعبلـ ص‬ ‫(**)‬

‫‪ 144‬وما بعدىا طبعة أولى ‪. 1992‬‬


‫‪159‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫وما أكثرىا فى أمتنا بفضؿ اهلل‪ ،‬عمى أف تعطى أولوية خبلؿ السنوات العشر القادمة لمجميوريات اإلسبلمية‪ ،‬فى‬
‫آسيا وأوروبا‪ ،‬التى كانت واقعة تحت الحكـ الشيوعى‪ ،‬والبمداف اإلفريقية واآلسيوية االكثر فق اًر‪ ،‬وتمؾ التى‬
‫تتعرض لمكوارث الطبيعية وغيرىا‪ .‬ولتمويؿ عمميات استقبػاؿ واستيعاب وتشغيؿ ىجػرات إسبلمية يتوقع وصوليا‬
‫مف أوروبا خػبلؿ التسعينيات‪.‬‬
‫جػ‪ -‬وضع فكرة "محكمة العدؿ اإلسبلمية " موضع التطبيؽ عمى أف تكوف أحكاميا ممزمة لؤلطراؼ التى تتحاكـ‬
‫إلييا‪.‬‬
‫د‪ -‬إنشاء قوة إسػبلميػة (برية وبحػرية وجػوية) تغنينا عف استدعاء قوات أجنبية لممرابطة فى أرض اإلسبلـ‪،‬‬
‫وتسيـ فى حػفظ السبلـ بيف الدوؿ اإلسبلمية‪ ،‬وتكوف نواة لتوحيد القوات المسمحة فى ببلدنا‪ ...‬بوصوؿ المسمميف‬
‫إلى مرحمة الوحدة السياسية بإذف اهلل‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬إنشاء "مركز إسبلمى لمبحػوث والمعمومات وادارة األزمات "‪ ،‬يجػمع المعمومات ويحمميا‪ ،‬ويقوـ بمبحػوث ذات‬
‫الطبيعة االستراتيجػية فى كؿ المجػاالت (سيػاسية‪ /‬اقتصادية‪ /‬عسكرية ‪ ....‬إلخ)‪ ،‬ويقوـ بدراسات مستقبمية لتوقع‬
‫األزمات‪ ،‬ووضع البدائؿ أماـ مؤتمر قمة الدوؿ اإلسبلمية‪ ،‬فيسيؿ اتخػاذ القرار الجماعى اإلسبلمى‪.‬‬
‫‪ 48‬ساعة فى حػاالت األزمات‬ ‫و‪ -‬تنظيـ اجػتماعات سنوية لرؤساء الدوؿ اإلسبلمية‪ ،‬وينعقد مجمسيـ خػبلؿ‬
‫التى تيدد األمف اإلسبلمى‪ ،‬أو أمف أى مجتمع مف المجتمعات اإلسبلمية فى ببلد اإلسبلـ أو خارجيا‪.‬‬
‫ز‪ -‬إنشاء وكالة إسبلمية لتنظيـ استقباؿ وتوطيف واستيعاب وتشغيؿ أى ىجرات إسبلمية مفاجئة‪.‬‬
‫خامساًال‪ :‬القياـ بنيضة ثقافية شاممة‪ :‬تتناوؿ التعميـ‪ ،‬واإلعبلـ‪ ،‬والبحث العممى‪ ،‬واالجتياد الجماعى‪ ،‬والتقريب بيف‬
‫المذاىب الفقيية‪ ،‬وتوحيد التشريعات فى األمور التى ال يوجد بيا اختبلؼ بسبب الظروؼ الجغرافية‪.‬‬
‫(‪)171‬‬
‫موضع التنفيذ باعتبارىا‬ ‫سادساًال ‪ :‬وضع فكرة التكافؿ االقتصادي اإلسبلمى (السوؽ اإلسبلمية المشتركة)‬
‫االساس الصالح إلقامة وحػدة األمة‪ ،‬وتجميع وحسف استخداـ ثرواتيا وقوتيا االقتصادية‪ ،‬وسرعة بناء القاعدة‬
‫التكنولوجية اإلسبلمية‪ .‬وسوؼ يؤدى التأخير فى إقامة ىذه السوؽ إلى نقؿ كؿ مشكبلت "النظاـ الغربى" إلى‬
‫ببلدنا‪ ،‬التى تكاد تتحوؿ اآلف إلى مجرد أسواؽ لمنتجاتيـ (‪.)172‬‬
‫سابعاًال‪ :‬الحفاظ عمى مربع األمف اإلسبلمى ودعمو‪ :‬يتركز أمف األمة اإلسبلمية مف النا حية االستراتيجػية "فػى‬
‫مربع التوا زف الجيوستراتيجػى " الذى يحده (تركيا‪ ،‬وايراف‪ ،‬أفغانستاف‪ ،‬با كستاف‪1 ،‬لصوماؿ‪1 ،‬لسوداف‪ ،‬مصر)‪.‬‬

‫(‪)171‬‬
‫راجـع التفصيل‪ :‬فوزى زلمد طايل‪ ،‬رللة األزىر‪ ،‬ذو القعدة‪ ،‬وذو احلجة عام ‪1412‬ىـ‪.‬‬
‫لـ يعد س ار أف الببلد اآلوروبية‪ ،‬وأمريكػا ‪ ،‬وغيرىا تقوـ بإنتاج خاص‪ ،‬لو مواصفات خاصة‪ -‬فاسدة أو ضارة فى كثير مف األحياف‪ -‬كى‬ ‫(‪)172‬‬

‫تصدر إلى ببلدنا‪ ...‬ناىيؾ عما يفعمو بنا طبلب الثروة السريعة‪ ،‬ولو مف طريؽ حراـ‪ ،‬مف تعمد جمب سمع كػاف مف المفروض أف تجد طريقيا‬
‫إلى القمامة أو اإلعداـ‪.‬‬
‫الحرب بوسائؿ السبلـ‪ ،‬كماؿ السيد حبيب‪ ،‬البياف‪ ،‬السنة ‪ 13‬العدد ‪ 12، 126‬صفر ‪ 1419‬ىػ الرياض‪ ،‬ص ‪74‬‬
‫‪160‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫إف المساس بوحدة وتماسؾ أى دولة مف الدوؿ الواقعة بداخؿ ىذا المربع سوؼ يعرض األمف اإلسبلمى كمو‬
‫لخطر كبير‪.‬‬
‫إياكـ وأف يتـ تمزيؽ وحػدة العراؽ أو الصوماؿ‪ ..‬حػافظوا عمى وحػدة أفغػانستػاف والسوداف‪ ..‬حذار مف التيديدات‬
‫المحدقة بأمف مصر‪ ،‬وايراف وسوريا‪ ،‬وباكستاف‪،‬‬
‫إف التواجد األجنبى حوؿ أو بداخؿ ىذا المربع لييدد أمف األمة اإلسبلمية‪.‬‬
‫ثامناًال‪ :‬اغتنموا الفرصة القادمة‪ :‬إف االنفجػار فى " أوروبا " سوؼ يحػدث عما قريب‪ ،‬ولسوؼ ينشغؿ الغرب كمو‬
‫بنفسو‪ ،‬فيؿ ستضيع الفرصة أـ أننا سنستعيد توازننا؟‬

‫أييا القارئ الكريـ‪ :‬إف الكسالى والقاعديف ال يستحقوف نصر اهلل عز وجؿ‪ ،‬إال إذا خطوا الخطوة األولى باتجاه‬
‫[الرعد‪.]11 :‬‬ ‫إن اللَّوَ يُغَيّْ ُر َما بَِق ْوٍم َحتَّى يُغَيّْ ُروا َما بِأَن ُف ِ ِه ْ )‬
‫منازلة الباطؿ‪ .‬قاؿ تعالى‪َّ ( :‬‬
‫َّاس أَن يُ ْت َرُكوا أَن يَ ُقولُوا‬ ‫أى أىؿ الحؽ دواماً مبتموف بأىؿ الباطؿ‪ ،‬وىذا لحكمة ربانية قاؿ تعالى‪ ( :‬أ ِ‬
‫ب الن ُ‬ ‫َح َ‬ ‫َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫َذ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ص َلقُوا ولَيَ ْعلَ َم َّن ال َكاذب َ‬
‫ين َ‬ ‫ين من قَ ْبل ِه ْ فَ لَيَ ْعلَ َم َّن اللَّوُ الَذ َ‬‫وى ْ يُ ْفتَ نُو َن ( ‪ )2‬ولََق ْل فَ تَ نَّا ال َ‬
‫آمنَّا ُ‬‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اى ُلوا من ُك ْ ويَ ْعلَ َ‬ ‫ين َج َ‬ ‫الجنَّةَ ول ََّما يَ ْعلَ ِ اللَّوُ الَذ َ‬
‫)[العنكبوت‪ .]3 ،2 :‬قاؿ تعالى‪ ( :‬أ َْم َح ْبتُ ْ أَن تَ ْل ُخلُوا َ‬
‫َّ ِ‬
‫ين )[آؿ عمراف‪]142 :‬‬ ‫الصاب ِر َ‬
‫وىذا يوجب عمى أىؿ الحؽ فى مواجية الباطؿ الصبر والثبات‪ ،‬وعدـ االنزعاج‪ ،‬والرضا بالقضاء‪ ،‬والتوكؿ عمى‬
‫اهلل‪ ،‬ومواصمة السير فى طريؽ أصحاب الدعوات‪ ،‬لتربية إنساف العقيدة‪ ،‬عماد القاعدة الصمبة التى ستتحمؿ‬
‫مسؤولية إقامة ديف اهلل عز وجؿ (اإلسبلـ) واحياء الفرائض‪ ،‬وخاصة فريضة الجياد‪ ،‬لمتصدى لمعدواف الواقع‬
‫عمى أمة اإلسبلـ‪ ،‬ودينيا ومقدساتيا‪ ،‬حتى يأمف الناس عمى دينيـ وأعراضيـ ودمائيـ وأمواليـ وديارىـ‬
‫ومقدساتيـ‪ ،‬حتى تنتيى المظالـ‪ ،‬حتى ينتيى العدواف الواقع عمى اإلنساف‪ ،‬كؿ اإلنساف‪ ،‬والدليػؿ قولو تعػالى‪:‬‬
‫ادهِ والْعاقِبةُ لِل ِ‬ ‫شاا ِمن ِعب ِ‬ ‫إن األَر ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫استَ ِعينُوا بِاللَّو ْ‬
‫[األعراؼ‪ ]128 :‬ويقوؿ‬ ‫ين)‬
‫ْمتَّق َ‬‫َ َ ُ‬ ‫ض للَّو يُوِرثُ َها َمن يَ َ ُ ْ َ‬ ‫واصبِ ُروا َّ ْ َ‬ ‫( ْ‬
‫ك ْ تُ ْفلِ ُ و َن) [األنفاؿ‪]40 :‬‬
‫آمنُوا إ َذا ل َِقيتُ ْ فِئَةً فَاثْ بُتُوا واذْ ُك ُروا اللَّوَ َكثِيراً لَّ َعلَّ ُ‬
‫ين َ‬
‫ِ‬
‫سبحانو‪( :‬يَا أَيُّ َها الَذ َ‬
‫"‪،‬‬ ‫ويقوؿ محمد صمى اهلل عميو وسمـ‪ " :‬واعمـ أف ما أخطأؾ لـ يكف ليصيبؾ‪ ،‬وأف ما أصابؾ لـ يكف ليخطئؾ‬
‫ويقوؿ صمى اهلل عميو وسمـ‪" :‬إذا سألت فاسأؿ اهلل واذا استعنت فاستعف باهلل "‪.‬‬
‫ويقوؿ صمى اهلل عميو وسمـ‪" :‬واعمـ أف النصر مع الصبر‪ ،‬وأف الفرج مع الكرب‪ ،‬وأف مع العسر يس ار"‪.‬‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫وعلَى اللَّو فَ تَ َوَّكلُوا إن ُكنتُ ُّم ْؤمن َ‬
‫ين)‬
‫[المائدة‪.]23 :‬‬ ‫ويقوؿ سبحانو وتعالى‪َ ( :‬‬
‫ين) [البقرة‪.]153 :‬‬ ‫والصالةِ َّ‬
‫إن اللَّوَ َم َع َّ ِ‬
‫الصاب ِر َ‬ ‫استَ ِعينُوا بْ َّ‬
‫الص ْب ِر َّ‬ ‫آمنُوا ْ‬ ‫ين َ‬
‫ِ‬
‫ويقوؿ سبحانو‪( :‬يَا أَيُّ َها الَذ َ‬
‫‪161‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫اجتَبَا ُك ْ َوَما َج َع َل َعلَْي ُك ْ في اللّْي ِن م ْن َح َر ٍج ّْملَّةَ أَبي ُك ْ‬
‫ويقوؿ سبحانو‪َ ( :‬و َجاى ُلوا في اللَّو َح َّق ج َهاده ُى َو ْ‬
‫اا َعلَى الن ِ‬
‫َّاس‬ ‫ول َش ِهيلاً َعلَْي ُك ْ َوتَ ُكونُوا ُش َه َل َ‬ ‫ين ِمن قَ ْب ُل َوفِي َى َذا لِيَ ُكو َن َّ‬
‫الر ُس ُ‬ ‫ِِ‬
‫الم ْ لم َ‬
‫ِ‬
‫إبْ َراىي َ ُى َو َس َّما ُك ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ير)[الحج‪.]78 :‬‬ ‫الزَكاةَ َوا ْعتَص ُموا باللَّو ُى َو َم ْو ُك ْ فَن ْع َ َ‬
‫الم ْولَى َون ْع َ النَّص ُ‬ ‫الصالةَ َوآتُوا َّ‬
‫يموا َّ‬ ‫فَأَق ُ‬

‫وفى أثناء ىذا الصراع يجب عمى أىؿ الحؽ أف يكونوا عمى يقيف أف النياية لمحؽ وأىمو‪ ،‬والدمار عمى الباطؿ‬
‫ب اللَّوُ ألَ ْلِبَ َّن أَنَا‬
‫ين ( ‪َ )20‬كتَ َ‬
‫َذين ي ادُّو َن اللَّوَ ورسولَوُ أُولَئِ َ ِ‬
‫ك في األَذَلّْ َ‬ ‫َُ ْ‬ ‫إن ال َ ُ َ‬
‫وأىمو يقوؿ رب العالميف‪ِ َّ ( :‬‬
‫ي َع ِزيز ٌ ) [المجادلة‪.]20،21 :‬‬ ‫ور ُسلِي َّ‬
‫إن اللَّوَ قَ ِو ّّ‬ ‫ُ‬
‫ِع‬ ‫ِع‬ ‫سمَي َينا والَّر ِعذ َي‬
‫اد ( ‪َ )51‬يي ْسوَيـ ال‬ ‫َيش َيي ُس‬
‫وـ األ ْس‬
‫وي ْسوَيـ َييقُس ُس‬
‫الح َيياة الد ْسُّن َييا َي‬
‫آمنُسوا في َي‬ ‫يف َي‬ ‫نص ُسر ُسر ُس‬ ‫قاؿ تعالى‪َّ ( :‬رإنا لَي َين ُس‬
‫ينفَيع الظَّرالِع ِعم َي ِع‬
‫َّرار) [غافر‪.]51،52‬‬ ‫وء الد ِع‬ ‫يف َيم ْسعذ َيرتُس ُسي ْسـ ولَي ُسي ُسـ المَّر ْسع َين ُسة ولَي ُسي ْسـ ُس‬
‫س ُس‬ ‫َي ُس‬
‫وتحقيؽ النصرة ال يستمزـ أف يكوف أىؿ الحؽ متفوقيف عدداً أو عدة عمى أىؿ الباطؿ‪ ،‬ولكف مأموريف باإلعداد‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ِ‬
‫استَطَ ْعتُ ّْمن قُ َّوة ومن ّْربَاا ال َخ ْي ِل تُ ْرىبُو َن بِ ِو َع ُل َّو اللَّ ِو َ‬
‫وع ُل َّوُك ْ )‬ ‫يقوؿ اهلل عز وجؿ‪ ( :‬وأَع ُّلوا ل َُه َّما ْ‬
‫[األنفاؿ‪.]60 :‬‬
‫رددوف ال نقاتؿ عدونا بعدد وال‬
‫والذيف ينتصروف فى النياية أىؿ اإليماف باهلل الواحد األحد‪ ،‬الفرد الصمد الذيف ُي ّ‬
‫عدة إنما نقاتميـ بيذا الديف الذى أكرمنا اهلل بو‪.‬‬
‫[آؿ عمراف‪]123 :‬‬ ‫ص َرُك ُ اللَّوُ بِبَ ْل ٍر وأَنتُ ْ أ َِذلَّةٌ فَاتَّ ُقوا اللَّوَ ل ََعلَّ ُك ْ تَ ْش ُك ُرو َن)‬
‫ويقوؿ سبحانو‪( :‬ولََق ْل نَ َ‬
‫ونصر المؤمنيف والتمكيف ليـ فى األرض‪ ،‬سنة ربانية جارية وعدىا اهلل المؤمنيف‪:‬‬
‫ض َكما استَ ْخلَ َ ِ‬ ‫ات لَي تَ ْخلِ َفن ِ‬ ‫وع ِملُوا َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين‬
‫ف الَذ َ‬ ‫َّه ْ في األ َْر ِ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫الصال َ َ ْ‬ ‫آمنُوا من ُك ْ َ‬
‫ين َ‬ ‫وع َل اللَّوُ الَذ َ‬
‫قاؿ تعالى‪َ ( :‬‬
‫َّه ّْم ْن بَ ْع ِل َخ ْوفِ ِه ْ أ َْمناً يَ ْعبُ ُلونَنِي يُ ْش ِرُكو َن بِي‬ ‫ِمن قَ بلِ ِه ولَيم ّْكنَ َّن لَه ِدينَ ه ال ِ‬
‫ضى ل َُه ْ ولَيُبَ ّْللَن ُ‬‫َذي ْارتَ َ‬ ‫ُْ ُُ‬ ‫ْ ْ َُ‬
‫اس ُقو َن) [النور‪.]55 :‬‬ ‫ك ى ال َف ِ‬ ‫َش ْيئاً ومن َك َفر ب ْع َل َذلِ َ ِ‬
‫ك فَأ ُْولَئ َ ُ ُ‬ ‫َ ََ‬
‫جػ‪ -‬كما أف رسولنا بشرنا بفتح رومية‪ ،‬وقد فتحت القسطنطينية (إسبلمبوؿ) عمى يد محمد الفاتح بعد ثمانمائة‬
‫وما ي ِ‬
‫نط ُق َع ِن‬ ‫سنة مف البشارة النبوية‪ ،‬وستفتح رومية إف شاء اهلل كما بشرنا محمد صمى اهلل عميو وسمـ‪( :‬‬
‫َ َ‬
‫[النجـ‪.]4 ،3 :‬‬ ‫وحى)‬ ‫اله َوى (‪ )3‬إ ْن ُى َو إ َّ ْ‬
‫وح ٌي يُ َ‬ ‫َ‬
‫د‪ -‬ومف المبشرات أيضاً قوؿ النبى صمى اهلل عميو وسمـ‪" :‬إف اهلل زوى لى األرض فرأيت مشارقيا ومغاربيا واف‬
‫ممؾ أمتى سيبمغ ما زوى لى منيا"‪( .‬رواه أبو داود والترمذى وابف ماجة مف حديث ثوباف مرفوعاً)‪.‬‬
‫‪162‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫أييا القارئ الكريـ‪ ،‬إف قراءة كتػاب اهلل وسيرة رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ وصفحات التاريخ تؤكد حقيقة ال‬
‫مراء فييا‪ :‬أف العاقبة لممتقيف والنصرة لمحؽ وأىمو‪ ،‬والخزى والدمار لمباطؿ وأىمو‪ ،‬ىذه سنة ربانية ال جداؿ فييا‬
‫َذين َخلَوا ِمن قَ ْبل ولَن تَ ِج َل لِ ن َِّة اللَّ ِو تَ ْب ِليالً) [األحزاب‪( .]62 :‬فَ لَن تَ ِج َل لِ ن ِ‬
‫ِِ ِ‬
‫َّت‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قاؿ تعالى‪ُ ( :‬سنَّةَ اللَّو في ال َ ْ‬
‫اللَّ ِو تَ ْب ِليالً ولَن تَ ِج َل لِ ن ِ‬
‫َّت اللَّ ِو تَ ْ ِويالً )[فاطر‪.]43 :‬‬ ‫ُ‬
‫وليذا يجب أال يرىبنا اجتماع أىؿ الباطؿ عمى أمتنا‪ ،‬ال يخفينا اجتماع االستعمار العالمي والصييونية‬
‫والمنافقيف‪ ،‬ال يخيفنا تحركات قوات حمؼ األطمنطى‪ ،‬فكؿ ىذا يجرى بقدر اهلل‪ ،‬وىـ فى قبضة اهلل يقوؿ رب‬
‫ِ‬
‫[آؿ عمراف‪ ]111 :‬وىذه ليست أوؿ مرة يجتمع فييا‬ ‫العالميف‪ ( :‬وإن يُ َقاتلُوُك ْ يُ َولُّوُك ُ األَ ْدبَ َار ثُ َّ يُ َ‬
‫نص ُرو َن)‬
‫أىؿ الكفر عمى أمة اإلسبلـ ‪.‬‬
‫لقد اجػتمع عمينا ىؤالء األعداء أياـ العثمانييف‪ ،‬فتصدى ليـ العثمانيوف وظموا يجاىدونيـ ستمائة سنة ( ‪-699‬‬
‫‪ )1299‬ىػ‪ ،‬واجتمعوا عمينا فى الحروب الصميبية والمغولية والتتارية ( ‪ )692-492‬ىػ فتصدى ليـ عماد الديف‬
‫زنكى‪ ،‬ونورالديف محمود‪ ،‬وصبلح الديف‪ ،‬وسيؼ الديف عبد اهلل قطز‪ ،‬وبيبرس‪ ،‬ومحمد بف قبلووف‪ -‬بؿ إف أبناء‬
‫أوروبا ظموا يحتموف ديارنا سبعمائة سنة‪ ،‬حتى حررىا أصحاب محمد صمى اهلل عميو وسمـ سنة (‪ 16‬ىػ)‪.‬‬
‫إف اليجمة األخيرة المعاصرة ليست األولى‪ ،‬ولف تكوف األخيرة‪.‬‬
‫* ىؿ تذكروف بدر الكبرى التى وقعت فى السابع عشر مف رمضاف سنة ثنتيف ىجرية‪ ،‬حينما خرج المشركوف‬
‫باتجاه الدولة اإلسبلمية المدينة المنورة‪ ،‬وأعمف قائد جيشيـ أبو جيؿ‪ :‬واهلل ال نرجع حتى نرد بد اًر فنقيـ بيا وننحر‬
‫الجزور‪ ،‬ونطعـ الطعاـ‪ ،‬ونسقى الخمر‪ ،‬وتعزؼ لنا القياف‪ ،‬وتسمع العرب بمسيرنا وجمعنا فبل يزالوف ييابوننا‬
‫أبداً‪.‬‬
‫إف اليدؼ ىو كسر شوكة الدولة اإلسبلمية الوليدة‪ ،‬وقبؿ المسمموف التحدى‪ ،‬وخرجوا وىـ صائموف رغـ قمة‬
‫ك‬‫ك ِمن بَ ْيتِ َ‬ ‫ك َربُّ َ‬ ‫عددىـ‪ ،‬وقمة عدتيـ‪ ،‬خػرجوا لمقاء العدو بناء عمى أمر اهلل عز وجؿ حيث قاؿ‪َ ( :‬ك َما أَ ْخ َر َج َ‬
‫ين لَ َكا ِرُىو َن) [األنفاؿ‪ ]5 :‬واليدؼ‪ :‬يريد اهلل أف‪( :‬يُ ِ َّق ال َ َّق بِ َكلِ َماتِِو ويَ ْقطَ َع َدابَِر‬ ‫وإن فَ ِريقاً ّْمن ِ ِ‬
‫بِالْ َ ّْق َّ‬
‫الم ْؤمن َ‬
‫َ ُ‬
‫ج ِرُمو َن) [األنفاؿ‪.]8 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫ين) [األنفاؿ‪( .]7 :‬ليُ َّق ال َ َّق ويُ ْبط َل البَاط َل ول َْو َك ِرَه ُ‬
‫الم ْ‬ ‫ال َكاف ِر َ‬
‫أى أف البػاطؿ خرج يستفز الحؽ وأىمو‪ ،‬مستعمياً بعدده وعدتو‪ ،‬واليدؼ الربانى أف تنكسر شوكة الباطؿ عمى‬
‫أيدى جند الحؽ‪ ،‬وينتصر الحؽ‪.‬‬
‫) [آؿ عمراف‪.]123 :‬‬ ‫ص َرُك ُ اللَّوُ بِبَ ْل ٍر وأَنتُ ْ أ َِذلَّةٌ فَاتَّ ُقوا اللَّوَ ل ََعلَّ ُك ْ تَ ْش ُك ُرو َن‬
‫قاؿ تعالى‪( :‬ولََق ْل نَ َ‬
‫* ىؿ تتذكروف غزوة األحزاب التى وقعت فى شير شواؿ مف السنة الخامسة لميجرة‪ ،‬حينما ىاجـ كػفار العرب‬
‫الدولة اإلسبلمية الوليدة‪ ،‬بعد تحالؼ كفار قريش وغطفاف وكنانة وحمفائيـ مف أىؿ تيامة وبنو سميـ‪ ،‬مع ييود‬
‫بنى النضير وبنى قريظة فى عشرة آالؼ مقاتؿ ضد األمة ورموا المدينة عف قوس واحػدة‪.‬‬
‫‪163‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫َس َف َل‬ ‫ِ ِ‬
‫وقد صور القرآف الكريـ ذلؾ المشيد أصدؽ تصور‪ :‬حػيث قاؿ تعالى ‪ ‬إ ْذ َجااُوُك ّْمن فَ ْوق ُك ْ وم ْن أ ْ‬
‫الم ْؤِمنُو َن‬ ‫اجر وتَظُنُّو َن بِاللَّ ِو الظُّنُونَا ( ‪ )10‬ىنَالِ َ ِ‬
‫ك ابْ تُل َي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬
‫وب ال َ نَ َ‬
‫ِ‬
‫ار وبَلَغَت ال ُقلُ ُ‬
‫صُ‬
‫ِمن ُك وإ ْذ َزا َ ِ‬
‫ت األَبْ َ‬ ‫ْ‬
‫ش ِليلاً) [ األحزاب ‪]11 ، 10‬‬ ‫وزلْ ِزلُوا ِزل َْزا ً َ‬
‫ُ‬
‫وكػاف االبتبلء صعباً‪ ،‬ولكف المسمميف قبموا بالتحػدى وخندقوا حوؿ المدينة بناء عمى ق اررات المجمس العسكرى‬
‫االستشارى األعمى بقيادة رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ وعند وصوؿ قوات العدو وكاف الصبر والثبات والدعاء‪:‬‬
‫"الميـ استر عوراتنا وآمف روعاتنا‪ ،‬الميـ منزؿ الكتاب مجرى السحاب‪ ،‬سريع الحساب‪ ،‬اىزـ األحزاب‪ ،‬الميـ‬
‫اىزميـ وزلزليـ "‪ .‬ورغـ قمة عددىـ وعدة المسمميف‪ ،‬ورغـ قسوة المناخ وقمة الطعاـ‪ ،‬كانت المعنويات مرتفعة‪،‬‬
‫وكانت الدنيا تسمع أىازيج المسمميف وىـ يحفروف الخندؽ‪:‬‬
‫والتصػدقناوالصمينػا‬ ‫الميػـ لػوال أنت ما اىتدينا‬
‫وثبػت األقػداـ إف ال قينػا‬ ‫فأنزلف سكينػة عمينػا‪.‬‬
‫واف أرادوا فتنػة أبينػا‬ ‫إف األلػى بغػوا عمينػا‬
‫فاغفرلؤلنصػاروالميػاجرة‬ ‫الميـ ال عيش إال عيش اآلخرة‬
‫وتجاوبت الحناجر بالنداء‪:‬‬
‫عمى الجياد ما بقينا أبداً‬ ‫نحف الذيف بايعوا محمدا‬
‫وكانت البشارات واألمؿ فى خضـ المحنة والعدو يحاصر المسمميف تأتى كممات القائد محمد صمى اهلل عميو‬
‫وسمـ لترفع معنويات المجػاىديف‪ ،‬وىو يضرب بفأسو صخرة كػانت تعترض الخندؽ "اهلل أكبر أعطيت مفاتيح‬
‫الشاـ‪ ،‬واهلل إنى ألنظر إلى صورىا الحمراء الساعة‪ ،‬اهلل أكبر أعطيت فارس واهلل إنى ألنظر قصر المدائف‬
‫األبيض اآلف‪ ،‬ثـ اهلل أكبر أعطيت مفاتيح اليمف"‪.‬‬
‫فى عز األزمة والعدو يحاصر المدينة بيذا العدد الضخـ مف القوات‪ ،‬ال يفارؽ المسمميف‪ ،‬األمؿ فى أف اإلسبلـ‬
‫سينتصر‪ ،‬وستنيار دوؿ الظمـ والبغى‪ ،‬وستنيار دولة الفرس ودولة الروـ‪ ،‬سينيار ممؾ كفار العرب‪ ،‬سينحسر‬
‫سمطاف بنى ييود‪.‬‬
‫وع َلنَا اللَّوُ‬
‫َّما َ‬ ‫وفى أثناء ىذا االبتؤلء تميز الصؼ‪ ،‬فإذا بالمنافقيف يكشفوف عف مكنوف قموبيـ قاؿ تعا لى‪( :‬‬
‫ُ ُروراً )[األحزاب‪.]12 :‬‬ ‫ور ُسولُوُ إ َّ‬
‫َ‬
‫ولكف المؤمنيف الموحديف كاف ليـ موقؼ آخر‪:‬‬
‫قاؿ تعا لى‪ ( :‬ول ََّما رأَى ِ‬
‫وما‬ ‫وص َل َق اللَّوُ َ‬
‫ور ُسولُوُ َ‬ ‫وع َلنَا اللَّوُ َ‬
‫ور ُسولُوُ َ‬ ‫اب قَالُوا َى َذا َما َ‬
‫َح َز َ‬
‫الم ْؤمنُو َن األ ْ‬
‫َ ُ‬
‫إيماناً وتَ ْ لِيماً )[األحزاب‪ ، ]22 :‬ومع الصبر والثبات والرضا بالقضاء واألخذ باألسباب واإلعداد‬ ‫اد ُى ْ إ َّ َ‬
‫َز َ‬
‫والتوكؿ عمى اهلل‪ ،‬تنزؿ النصر مف السماء‪:‬‬
‫‪164‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫آمنُوا اذْ ُك ُروا ن ْع َمةَ اللَّو َعلَْي ُك ْ إ ْذ َج َ‬
‫ااتْ ُك ْ ُجنُو ٌد فَأ َْر َسلْنَا َعلَْي ِه ْ ِري اً‬ ‫ين َ‬‫يقوؿ رب العالميف‪ ( :‬يَا أَيُّ َها الَذ َ‬
‫صيراً) [األحزاب‪.]9 :‬‬ ‫وجنُوداً لَّ تَرو َىا وَكا َن اللَّوُ بِما تَ ْعملُو َن ب ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ُ‬
‫ال وَكا َن اللَّوُ قَ ِوياً َع ِزيزاً‬ ‫َذين َك َفروا بِغَي ِظ ِه لَ ي نَالُوا َخيراً وَك َفى اللَّوُ الم ْؤِمنِين ِ‬ ‫ِ‬
‫القتَ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ور َّد اللَّوُ ال َ ُ ْ ْ ْ َ‬ ‫قاؿ تعالى‪َ ( :‬‬
‫)[األحزاب‪.]25 :‬‬
‫ب فَ ِريقاً تَ ْقتُ لُو َن‬ ‫ف فِي قُلُوبِ ِه ُ ُّ‬ ‫اب ِمن صي ِ‬
‫اصي ِه ْ وقَ َذ َ‬ ‫الكتَ ِ‬‫َذين ظَاىروى ّْمن أ َْى ِل ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ْع َ‬ ‫ََ‬ ‫َنز َل ال َ َ ُ ُ ْ‬ ‫قػاؿ تعػالى‪( :‬وأ َ‬
‫ْس ُرو َن فَ ِريقاً) [األحزاب‪.]26 :‬‬ ‫وتَأ ِ‬
‫ش ْي ٍا قَ ِليراً )[األحزاب‪:‬‬ ‫قاؿ تعالى‪( :‬وأَورثَ ُك أَر َ ِ‬
‫ض ُه ْ وديَ َارُى ْ وأ َْم َوال َُه ْ وأ َْرضاً لَّ ْ تَطَئُ َ‬
‫ووىا وَكا َن اللَّوُ َعلَى ُك ّْل َ‬ ‫َْ ْ ْ‬
‫‪.]27‬‬
‫وكػانت سورة األحزاب منيجػاً تربوياً ألصحػاب العقيدة‪ ،‬وتخميداً ألخػبار ىذه القروف‪ ،‬وفضحة لموقؼ المنافقيف‪،‬‬
‫ص َلقُوا َما‬ ‫ين ِر َج ٌ‬ ‫وتحالؼ الكافريف‪ ،‬وبيانة لحقيقة إنساف العقيدة‪ ،‬الذى يقوؿ اهلل تعالى فييـ‪ِ ( :‬من ِ ِ‬
‫ال َ‬ ‫الم ْؤمن َ‬
‫َ ُ‬
‫وما بَ َّللُوا تَ ْب ِليالً) [األحزاب‪]23 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ُلوا اللَّوَ َعلَْي ِو فَ ِم ْن ُه َّمن قَ َ‬
‫ضى نَ ْ بَوُ وم ْن ُه َّمن يَنتَظ ُر َ‬ ‫َع َ‬
‫والنصر لمحؽ وأىمو لو صورتاف‪ :‬النصر‪ -‬التمكيف لديف اهلل فى األرض‪ -‬أو الشيادة يقػوؿ رب العػالميف‪ (:‬قُ ْل‬
‫اب ّْمن ِع ِ‬
‫نلهِ أ َْو بِأَيْ ِلينَا‬ ‫ِ‬
‫ي بِ ُك ْ أَن يُصيبَ ُك ُ اللَّوُ بِ َع َذ ٍ ْ‬‫إح َلى ال ُ ْ نَ يَ ْي ِن ونَ ْ ُن نَتَ َربَّ ُ‬ ‫صو َن بِنَا إ َّ ْ‬ ‫َى ْل تَ َربَّ ُ‬
‫صو َن) [التوبة‪.]52 :‬‬ ‫صوا إنَّا َم َع ُك ُّمتَ َربّْ ُ‬ ‫فَ تَ َربَّ ُ‬
‫ِِ‬
‫ومف ىنا كػاف أمر اهلل عز وجػؿ ألىؿ الحؽ قػاؿ تعػالى‪ ( :‬و تَ ِهنُوا و تَ ْ َزنُوا وأَنتُ ُ األَ ْعلَ ْو َن إن ُكنتُ ُّم ْؤمن َ‬
‫ين‬
‫ِ‬ ‫ْك األَيَّام نُ َلا ِولُها ب ين الن ِ ِ‬‫ح ّْمثْ لُوُ وتِل َ‬
‫َّاس وليَ ْعلَ َ اللَّوُ الَذ َ‬
‫ين‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫س ال َق ْوَم قَ ْر ٌ‬
‫ح فَ َق ْل َم َّ‬
‫(‪ )139‬إن يَ ْم َ ْ ُك ْ قَ ْر ٌ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّخ َذ ِمن ُك ُش َه َلاا واللَّوُ ي ِ ُّ ِ ِ‬ ‫آمنُوا وي ت ِ‬
‫آمنُوا ويَ ْم َ َق ال َكاف ِر َ‬
‫ين‬ ‫ين َ‬‫ي اللَّوُ الَذ َ‬‫ين ( ‪ )140‬وليُ َم ّْ َ‬ ‫ب الظَّالم َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬
‫)[آؿ عمراف‪.]141 – 139 :‬‬

‫سبحانؾ الميـ وبحمدؾ‪ ،‬نشيد أف ال إلو إال أنت نستغفرؾ ونتوب إليؾ‪.‬‬
‫‪165‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫المراجع‬

‫استراتيجيا (مجمة)‪ ،‬العدد ‪ 97‬السنة التاسعة‪ ،‬مارس ‪.1990‬‬


‫‪-22‬‬ ‫‪ -‬الصياغة الجديدة لؤلمف األوروبى وانعكػاساتيا عمى األمف المصرى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‬
‫‪.26‬‬
‫‪ -‬حدود إسرائيؿ عمى خريطة األمر الواقع‪ ،‬لواء‪ .‬أ‪ .‬ح‪ ،‬سعيد فاضؿ‪.32-28 ،‬‬
‫‪ -‬المفاىيـ االستراتيجية وتغيراتيا لدى الدولتيف األعظـ‪ ،‬د‪ .‬جماؿ مظموـ‪.37-34 ،‬‬
‫‪ -‬الصناعة الحربية فى العالـ الثالث‪ ،‬جماؿ كماؿ‪.52-48 ،‬‬
‫‪ -‬الدفػاع المدنى فػى ظروؼ الحػروب التقميدية والنووية‪ ،‬المواء الركف خػضر الدىراوى‪. 68-64 ،‬‬
‫استراتيجيا‪( ،‬مجمة) العدد ‪ ،98‬السنة التاسعة‪ ،‬أبريؿ ‪:1990‬‬
‫‪ -‬النمط اإلسرائيمى فى إدارة المفاوضات‪ ،‬لواء أركاف حرب سعيد فاضؿ‪31-27 ،‬‬
‫‪ -‬السػبلح النووى اإلسرائيمى ومستقبؿ األمف العربى‪ ،‬المواء الركف صبلح الديف كػامؿ مشرؼ ‪.36-33‬‬
‫‪ -‬العبلقات اإلسرائيمية‪ -‬األثيوبية وتأثيرىا عمى األمف القومى العربى‪ ،‬لواء بحرى محمد يسرى قنديؿ ‪41 -38‬‬
‫‪ -‬دور البحػار فػى العبلقات الدولية سمماً وحرباً‪ ،‬لواء بحػرى متقاعد عادؿ عزت عباد‪.48-42 ،‬‬
‫استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ، 100‬السنة التاسعة‪ ،‬يونيو ‪:1990‬‬
‫‪ -‬الجنوب المبنانى بيف األمف القومى العربى واألمف القومى الصييونى‪ ،‬د ‪ .‬صالح زىر الديف‪ ،‬ص ‪.28-22‬‬
‫‪ -‬الدور األميركػى فى دعـ قوة إسرائيؿ التقميدية‪ ،‬جورج المصرى‪.39 -35 ،‬‬
‫‪ -‬النمط اإلسرائيمى فى اإلدارة األيديولوجػية لممفاوضات‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬سعيػد فػاضؿ‬
‫‪ -‬األىمية االستراتيجية لمممرات البحرية‪ ،‬المواء الركف خضر الدىراوى‪.47-44 ،‬‬
‫‪ -‬الشرؽ األوسط وجنوب غرب آسيا‪ ،‬احتماالت الحسابات الخاطئة‪52 -49 ،‬‬
‫‪ -‬مشكمة أريتريا وأثرىا عمى األمف العربػى‪ ،‬د‪ .‬محمد رضا فودة‪.64-60 ،‬‬
‫‪ -‬االستشراؼ العسكرى فى المنطقة العربية‪ ،‬د‪ .‬صالح زىي الديف‪.68-66 ،‬‬
‫استراتيجيا‪( ،‬مجمة) ‪1‬لعدد ‪101‬السنة التاسعة‪ ،‬أغسطس ‪:1990‬‬
‫‪ -‬الخيار النووى اإلسرائيمى واألمنى العربى‪ ،‬لواء دكتور ممدوح عطية‪ ،‬ص ‪.11 -5‬‬
‫‪ -‬الذراع اإلسرائيمية الثالثة‪ :‬القوة البحرية‪ ،‬جماؿ كماؿ‪.23 -26 ،‬‬
‫‪ -‬الجنوب المبنانى بيف األمف القومى العربى واآلمف القومى الصييونى (‪.)2‬‬
‫د‪ .‬صالح زىير الديف‪.27 -24 ،‬‬
‫‪ -‬نحو استراتيجية عربية موحدة فى أفريقيا‪ ،‬لواء أ‪.‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪.33 -29 ،‬‬
‫‪166‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬األمف العسكرى العربى فى ظؿ المتغيرات الجديدة‪ ،‬لواء د‪ .‬جماؿ مظموـ‪.37 -35 ،‬‬
‫‪ -‬أثر البعد الجغرافى عمى القوة البحرية‪ ،‬لواء عادؿ عزت عياد‪.42 -38 ،‬‬
‫‪ -‬األىمية االستراتيجية البحرية‪ ،‬المواء الركف خضر الدىراوى‪.44-43 ،‬‬
‫‪ -‬سباؽ التسمح النووى ىؿ يتوقؼ؟ لواء دكتور ممدوح عطية‪.49 -46 ،‬‬
‫‪ -‬الدفاع االستراتيجى الحديث‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬متقاعد عثماف كامؿ‪.82 -77 ،‬‬
‫استراتيجيا‪( ،‬مجمة) العدد ‪ 102‬السنة التاسعة‪ ،‬سبتمبر ‪:1990‬‬
‫‪ -‬قضايا العػرب المصيػرية فى سيناريو المتغيػرات الدوليػة لػواء أ‪ .‬ح ‪.‬سعيد فاضؿ‪ ،‬ص ‪. 25 -22‬‬
‫‪ -‬االنتفػاضة الفمسطينيػة واستراتيجيػة مواجػيػة العدو الصييونى‪ ،‬جورج المصرى‪ ،‬ص ‪.39 -34‬‬
‫‪ -‬التطورات النوعية فى الميزايف العسكرى العربى‪ -‬اإلسرائيمى‪ ،‬لواء ممدوح حامد عطية‪ ،‬ص ‪.45 -40‬‬
‫‪ -‬مف منظػور أميػركى‪ :‬الشرؽ األوسط‪ ..‬حافة الياوية‪ ،‬جنراؿ نورماف شوارزكوؼ‪ ،‬ص ‪.64 -60‬‬
‫‪ -‬االستشراؼ العسكرى البريطانى‪ ،‬د‪ ،‬صالح زىر الديف‪ ،‬ص ‪،80 -77‬‬
‫استراتيجية (مجمة) العدد ‪ 104‬السنة التاسعة‪ ،‬فبراير لـ ‪:1991‬‬
‫‪ -‬إدارة األزمات ‪ ..‬والنظاـ اإلقميمى الجديد‪ ،‬لواء أ‪.‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬ص ‪.12:6‬‬
‫‪ -‬أسمحػة التدمير الشامؿ ودورىا فى الحرب العربية اإلسرائيمية المقبمة‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪.‬ممدوح عطية ص ‪.27:21‬‬
‫‪ -‬الصييونية العسكرية البلييودية فى فرنسا‪ ،‬د‪ .‬صالح زىي الديف‪ ،‬ص ‪.31 -28‬‬
‫‪ -‬مفيوـ االستقرار االستراتيجى فى قاموس اإلدارة األميركية‪ ،‬ص ‪.33 -32‬‬
‫‪ -‬بيئة األمف القومى‪ /‬واستراتيجيتنا القومية‪ ،‬جنراؿ كولنى باوؿ‪ ،‬ص ‪.46 -34‬‬
‫‪ -‬استراتيجية قيادة األطمسى األميركية‪ ،‬األميراؿ فرانؾ كيمسو ص ‪.45 -42‬‬
‫‪ -‬االنتفاضة ومستجدات نظرية األمف الصييونى‪ ،‬عمرو عبد اليادى ناصيؼ ‪،62-58‬‬
‫‪ -‬الييود واالستشراؼ الصييونى‪ ،‬د‪ .‬صالح زىر الديف‪ ،‬ص ‪.67-63‬‬
‫‪ -‬االستراتيجية والتخطيط الستخػداـ القػوة فى الخميػج‪ ،‬عرض المواء حػساـ سويمـ‪ ،‬ص ‪.82-78‬‬
‫استراتيجيا (مجمة)‪ ،‬العدد ‪ 106‬السنة التاسعة‪ ،‬مايو‪ -‬يونيو ‪:1991‬‬
‫‪ -‬كيؼ تفقد الجيوش إرادة القتاؿ‪ ،‬المواء الركف زكى حسف أحمد البدرى‪ ،‬ص ‪. 10-6‬‬
‫‪ -‬االستراتيجية األميركيػة وأزمػة الخميػج‪ ،‬لواء أركػاف حػرب د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬ص ‪.28-22‬‬
‫‪ -‬مشاريع صيينة الوطف العربى‪ ،‬د‪ .‬صالح زىر الديف‪.‬‬
‫‪ -‬الصييونية العسكرية الييودية فى فرنسا (‪ .)3‬د‪ .‬ص‪.‬ز‪ ،‬ص ‪.46:42‬‬
‫‪ -‬أساطيؿ البحر األبيض المتوسط‪ ،‬أنتونى برليستوف‪ ،‬ص ‪.52-48‬‬
‫‪ -‬الصواريخ البالستية والجوالة والتكتيكية‪.62-27 ،‬‬
‫‪167‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ،107‬السنة التاسعة‪ ،‬يوليو‪ /‬أغسطس ‪:1991‬‬


‫‪ -‬بتروؿ العرب‪ ..‬البحث عف االستراتيجية الغائبة‪ ،‬عمرو كماؿ حموده‪.24-22 ،‬‬
‫‪ -‬دور وميمات القوات البحرية اإلسرائيمية‪ ،‬لواء مجدى محمد مسيرى قنديؿ‪.29-26 ،‬‬
‫‪ -‬العالـ الثالث‪ ..‬وعصر ما بعد "الوفاؽ "‪ ،‬المواء الركف إبراىيـ عاصـ‪.33-30 ،‬‬
‫‪ -‬اإلجماع األوروبى الجديد‪ :‬ىؿ ىو وىـ أـ حقيقة‪ ،‬جاف ىاتواى‪.41-38 ،‬‬
‫‪ -‬الترسانة األميركية فى حرب الخميج ‪ ،‬ص ‪.47-43‬‬
‫‪ -‬بناء وتحويؿ السفف فى األسطوؿ اآلميركػى‪.59 -54 ،‬‬
‫‪ -‬التنبؤ فى المجاؿ العسكرى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬سعيد فاضؿ حسف‪.‬‬
‫‪ -‬الجواسيس غير الكامميف‪ ،‬عرض وتمخيص‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪.68-65 ،‬‬
‫‪ -‬استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ،108‬السنة التاسعة‪ ،‬أكتوبر ‪:1991‬‬
‫‪ -‬تطور الحرب األلكترونية وتأثيرىا فى التسعينات‪ ،‬الفريؽ محمد فوزى‪.9-6 ،‬‬
‫‪ -‬الحرب األلكترونية الحديثة فى القوات البرية‪ ،‬لواء دكتور جماؿ مظموـ‪. 13-10 ،‬‬
‫فى حرب الخميج بدأ عصر حرب الصواريخ ضد الصواريخ‪ ،‬ميندس عبد الحميد محمد االستراتيجػية الخطية‬
‫إلسرائيؿ والصػييونية العػالمية‪ ،‬لواء متقاعد حساـ سويمـ‪،‬‬
‫‪ -‬الجػواسيس غير الكامميف‪ ،)2( ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ ،‬د ‪ .‬فوزى محػمد طايؿ‪ ،‬عرض وتمخيص فوزى محمد طايؿ‪ ،‬ص‬
‫‪.88-53‬‬
‫استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ،109‬السنة العاشرة‪ ،‬ديسمبر ‪:1991‬‬
‫‪ -‬األمف الخميجػى‪ ..‬التحديات والتيديدات‪ ،‬لواء أ‪ ،‬ح‪ ،‬د ‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬ص ‪.33-28‬‬
‫‪ -‬أدوار استراتيجية جديدة لمضفة الغربية‪ ،‬دورنمولد‪ ،‬ص ‪،39-34‬‬
‫االستراتيجية الخػفية إلسرائيؿ والصييونية العالمية (‪ )2‬لواء أ‪ .‬ح‪.‬حػسػاـ سػويمـ‬
‫‪ -‬السفف المقاتمة وحرب الخميج‪ ،‬ريتشارد شارب‪ ،‬ص ‪. 50-46‬‬
‫‪ -‬النظريات االستراتيجػية السائدة فى ظؿ تحػديات المستقبؿ‪ ،‬لواء أ‪.‬ح‪ .‬سعيػد فاضؿ حسف‪.‬‬
‫‪ -‬صراع الشماؿ والجنوب والنظاـ االقتصادى العالمى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬ممدوح عطية ‪.64-58‬‬
‫‪ -‬الحرب االلكترونية الحديثة‪ ،‬القوات البرية ‪ ،‬لواء دكتور جماؿ مظموـ ‪.‬‬
‫استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ،111‬السنة العاشرة‪ ،‬إبريؿ ‪:1991‬‬
‫‪ -‬أزمة الخميػج‪ ..‬أحػداثيا وانعكػاساتيا المستقبمية‪ ،‬لواء أ‪ ،‬ح‪.‬د‪ .‬فوزى محػمد طايؿ‪ ،‬ص ‪.27-22‬‬
‫‪ -‬خطر السبلح النووى‪ ..‬ىؿ يزوؿ؟ عف جريدة دير شبيجؿ‪،33-21 ،‬‬
‫‪ -‬استراتيجية األمف القومى لمواليات المتحدة اآلميركية (‪ ،)2‬ص ‪.40-34‬‬
‫‪168‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬الصراعات اإلقميمية بيف الحرب الباردة والوفاؽ ‪ ،‬لواء أ‪ ،‬ح سعيد فاضؿ حسف ‪ - .46-42‬ىؿ يتـ الحد مف‬
‫التسمح فى الشرؽ األوسط؟‪ ،‬لواء إبراىيـ عاصـ‪.53-48 ،‬‬
‫‪ -‬استراتيجية العمؿ غير المباشر والضربات المذىمة‪ ،‬محمد فيصؿ عبد المنعـ‪.66-54 ،‬‬
‫‪ -‬المؤسسة العسكرية اإلسرائيمية ‪ ..‬الفكر والتنظيـ‪ ،‬عرض وتحميؿ أسامة رجب‪ ،‬لكتابو (مف داود‪ ..‬إلى جػوليات‬
‫المؤسسة العسكرية اإلسرائيمية الفكر والتنظيـ)‪ ،‬تأليؼ نادية رفعت وعمرو كماؿ حموده ‪ ،‬دار ابف سينا ضمف‬
‫سمسمة عرب واسرائيميوف‪ ،‬ص ‪ 79-77‬استراتيجيا (مجمة) العدد ‪ ،112‬السنة العاشرة‪ ،‬مايو‪ -‬يونيو ‪:1992‬‬
‫‪ -‬أثر انييار االتحػاد السوفيتى عمى توازف القوى العربى‪ -‬اإلسرائيمى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬سعيد فاضؿ حسف‪ ،‬ص ‪-6‬‬
‫‪. 11‬‬
‫‪ -‬مخػاطر االحػتكػار النػووى عمى األمف القػومى العػربى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬رجػب الصػافى‪ ،‬ص ‪.36-22‬‬
‫‪ -‬آفاؽ الغزو الصناعى الحربى اإلسرائيمى‪ ،‬جوف رووس‪.37-32 ،‬‬
‫‪ -‬التغير فى عبلقات القوى الدولية ومستقبؿ التنظيـ الدولى‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪.51-44 ،‬‬
‫‪-52‬‬ ‫‪ -‬أسمحة الدمار الشامؿ والصواريخ البالستية فى الشرط األوسط‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح ‪ .‬ممدوح حامد عطية‪ ،‬ص‬
‫‪.66‬‬
‫‪-‬أساليب القتاؿ اإلسرائيمية فى حروبيا األربع ضد العرب‪ ،‬محمد فيصؿ عبد المنعـ‪،‬‬
‫* أىداؼ إسرائيؿ التوسعية فى الببلد العربية‪ ،‬دار االعتصاـ‪ ،‬القاىرة ‪:1981‬‬
‫‪ -‬المخططات التممودية (اليػيودية الصػييػونبة)‪ ،‬أنور الجندى‪ ،‬دار االعتصاـ‪ ،‬القػاىرة‬
‫‪ -‬السمطاف عبد الحميد الثانى وفمسطيف‪( ،‬رفيؽ شاكر النتشو‪ ،‬ط ‪ ،5‬مكتبة مدبولى‪،‬‬
‫‪ -‬البعد اإلسبلمى فى أزمة الخميج‪ ،‬ترجمة وتعميؽ لواء أ‪ .‬ح‪ ،‬دكتور فوزى محمد طايؿ‪ ،‬الزىراء لئلعبلـ العرابى‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬النظاـ السيػاسى فػى اسرائيؿ‪ ،‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬دار الوفاء لمطباعة والنشر‪.‬‬
‫‪ -‬إطار الحركة السياسية فى المجتمع اإلسرائيمى‪ ،‬دكػتور حامد عبد اهلل ربيع‪ ،‬دار الفكر العربى‪ ،‬القا ىرة‬
‫‪.1978‬‬
‫‪-‬أزمة الخػميج أبعاد الواقع وآفاؽ المستقبؿ‪ ،‬لواء أ ‪.‬ح ‪.‬د‪ .‬أحمد عبد الحميـ وآخروف‪ ،‬نادى‬
‫أعضاء ىيئة التدريس جامعة القاىرة ‪.‬‬
‫‪ -‬الوعد الحؽ والوعد المفترى‪ ،‬د‪ .‬سفر الحوالى‪ ،‬دار الفرقاف القاىرة‪.‬‬
‫‪ -‬أزمة شيشاف والخطر المحدؽ بمسممى آسيا‪ ،‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى‪.‬‬
‫‪ -‬البوسنة واليرسؾ أندلس جديدة فى أوربا‪ ،‬نفس المؤلؼ ‪.‬‬
‫‪ -‬اثار تفكؾ االتحاد السوفييتى عمى أمف األمة اإلسبلمية‪ ،‬نفس المؤلؼ دار الوفاء‪.‬‬
‫‪169‬‬ ‫قراءة فى فكر علماء اإلسرتاتيجية‪ ..‬أ‪.‬د ‪ .‬جمال عبد الهادي و الشيخ ‪ .‬عبد الراضً أميه‬

‫‪ -‬ثورة المساجد‪ ،‬دكتور حممى محمد القاعود‪ ،‬دار االعتصاـ‪.‬‬


‫‪ -‬ثقافتنا فى إطار النظاـ العالمى الجديد‪ ،‬فوزى محمد طايؿ‪ ،‬مركز اإلعبلـ العربى ‪.‬‬
‫‪ -‬القوى الخفية الييودية العالمية الماسونية‪ ،‬داود عبد العفو ُسّنقرط‪ ،‬دار الفرقاف عماف‪،‬‬
‫األردف‪.‬‬
‫‪ -‬الييود فى المعسكر الغربى‪ ،‬نفس المؤلؼ ونفس دار النشر‪.‬‬
‫‪ -‬الييود فى المعسكر الشرقى‪ ،‬نفس المؤلؼ‪ ،‬ونفس دار النشر‪.‬‬
‫‪ -‬الييود فى الوطف العربى‪ ،‬دار الفرقاف‪ ،‬عماف‪.‬‬
‫‪ -‬التاريخ السرى لمبنؾ الدولى‪ ،‬زكػى العابدى‪ ،‬سينا لمنشر‪ ،‬القاىرة‪،‬‬
‫‪ -‬األساطير المؤسسة لمسياسة اإلسرائيمية‪ ،‬رجاء جارودى‪ ،‬دار الغد العربى القاىرة ‪.‬‬
‫‪ -‬المجتمع اإلسبلمى المعاصر‪ ،‬أفريقيا‪ ،‬أ‪ .‬عمى أحمد لبف وآخروف‪ ،‬دار الوفاء‪.‬‬
‫‪-‬إطار الحػركة السياسية فى المجػتمع اإلسرائيمى‪ ،‬د‪ ،‬حػامد ربيع‪ ،‬دار الفكر القػاىرة‬
‫‪ -‬اقترب الوعد الحؽ يا إسرائيؿ‪ ،‬أ ‪ .‬عبد المعز عبد الستار‪ ،‬مطابع دار الطباعة والنشر اإلسبلمية بالقاىرة‬
‫‪. 1997‬‬
‫‪ -‬جذور الببلء‪ ،‬عبد اهلل التؿ‪ ،‬المكتب اإلسبلمى‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬صراعنا مع الييود فى ضوء السياسة الشرعية‪ ،‬د‪ .‬محمد عثماف شبير‪ ،‬مكتبة الفبلح الكويت‪.1978 ،‬‬
‫‪ -‬ممؼ إسرائيؿ‪ ،‬رجاء جارودى‪ ،‬دار الشروؽ القاىرة‪. 1983 ،‬‬
‫‪ -‬محػاوالت تيويد اإلنساف المصرى‪ ،‬مدحت أبو بكػر‪ ،‬مصر العربية لمنشر والتوزيع‪ ،‬القاىرة "‬
‫‪ -‬مصر تدخؿ عصر النفايات الذرية‪ ،‬د‪ .‬حامد ربيع‪ ،‬دار الفكر العربى‪ ،‬القاىرة ‪.1979‬‬
‫‪ -‬نظرية األمف القومى العربى‪ ،‬د‪ .‬حامد ربيع‪ ،‬دار الموقؼ العربى‪ ،‬القاىرة ‪.1984‬‬
‫‪ -‬وصؼ مصر بالعبرى (تفاصيؿ االختراؽ اإلسرائيمى لمعقؿ المصرى‪ ،‬د ‪ .‬رفعت سيد أحمد‪ ،‬سينا لمنشر‪،‬‬
‫القاىرة ‪.1989‬‬
‫* الطريؽ إلى بيت المقدس‪ ،‬جماؿ عبد اليادى مسعود (ثبلثة أجزاء)‪ -‬دار الوفاء‪ -‬القا ىرة ‪.1993‬‬
‫* قراءة فى فكر عمماء االستراتيجية الكتاب الثانى‪ -‬مصر والحرب القادمة أ‪ .‬د‪ .‬حامد ربيع‪ -‬طبعة دار الوفاء‬
‫‪. 1998‬‬
‫* نحو نيضة أمة‪ -‬كيؼ نفكر استراتيجيا‪ -‬لواء أ‪ .‬ح‪ .‬د‪ .‬فوزى محمد طايؿ‪ -‬اإلعبلـ العربى ‪.1997‬‬

You might also like