Professional Documents
Culture Documents
التقديم والتأخير في القرآن الكريم
التقديم والتأخير في القرآن الكريم
المفهوم الفعلي من حيث الداللة اللغوية للتقديم والتأخير أنه إذا بدأنا بكلمة سابقة على غيرها فقد
قدمناها في الكالم .والتقديم نوعان أو ثالثة:
.1تقديم اللفظ على عامله نحو قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نس77تعين) وقول77ه تع77الى
(وربك فكبّر) وقولنا :زيدا ً أكل أو زيدا ً أكرمت.و بمحمد اقتديت.
ُأ
.2تقديم األلفاظ بعضها على بعض في غير العامل وذلك نحو قوله تع77الى (وَ َ
م77ا هِ َّ 7
ل
ما ُأهِ َّ
ل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) المائدة بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة وقوله (وَ َ
ومن هذا الباب تقديم المفع77ول ب77ه على فعل77ه وتق77ديم الح77ال على فعل77ه وتق77ديم الظ77رف والج7ار
والمج77رور على فعلهم77ا وتق77ديم الخ77بر على المبت77دأ ونح77و ذلك .وه77ذا التق77ديم في الغ77الب يفي77د
اإلختصاص فقولك (أنجدت خالداً) يفيد أنك أنجدت خالدا ً وال يفيد أن77ك خصص77ت خال77دا ً بالنج77اة ب77ل
يجوز أنك أنجدت غيره أو لم تنجد أحدا ً معه .فإذا قلت :خالدا ً أنجدت أفاد ذلك أنك خصص77ت خال77دا ً
بالنجدة وأنك لم تنجد أحدا ً آخر.
ومثل هذا التقديم في القرآن كثير :فمن ذلك قوله تع77الى (إي77اك نعب77د وإي77اك نس77تعين) في س77ورة
الفاتحة ،فقد قدّم المفعول به إياك على فعل العبادة وعلى فعل اإلس77تعانة دون فع77ل الهداي77ة قلم
يقل إيانا اهد كما قال في األوليين ،وسبب ذلك أن العبادة واإلستعانة مختصتان بالله تعالى فال يعبد
ين ( )66الزم77ر ) َّ
الش7اكِرِ َ ن
م َ
ن ِ 7ل الل َّ َ
ه فَاعْبُد ْ وَك ُ ْ أحد غيره وال يستعان به .وهذ نظير قوله تعالى (ب َِ 7
ن ( )172البقرة) فقدم المفعول ب7ه على فع77ل العب77ادة في م ِإيَّاهُ تَعْبُدُو َ وقوله (وَاشْ ك ُ ُروا ل ِلَّهِ ِإ ْ
ن كُنْت ُ ْ
الموضعين وذلك ألن العبادة مختصة بالله تعالى.
ن ( )12اب7راهيم) ل ال ْ ُ
متَوَكِّلُو َ ** ومثل التقديم على فعل اإلس7تعانة قول7ه تع7الى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَك َّ ِ
ُأ
ِيب ( )88ه77ود) فق7دم الج77ار ت وَِإلَي ْ7هِ ن ُ وقوله ( على الله توكلنا ربنا ،األعراف) وقول77ه (عَلَي ْ7هِ ت َ7وَكَّل ْ ُ
والمجرور للداللة على اإلختصاص وذلك ألن التوكّل ال يكون إال على الل77ه وح77ده واإلناب77ة ليس77ت إال
إليه وحده.
ولم يقدم مفعول الهداية على فعله قلم يقل :إيانا اهد كما قال إياك نعبد وذل77ك ألن طلب الهداي77ة
ال يصح فيه اإلختصاص إذ ال يصح أن تقول اللهم اهدني وحدي وال تهد أحدا ً غيري أو خُصني بالهداية
من دون الناس وهو كما تقول اللهم ارزقني واشفني وعافني .فأنت تسأل لنفسك ذلك زلم تس77أله
أن يخصك وحدك بالرزق والشفاء والعافية فال يرزق احدا ً غيرك وال يشفيه وال يعافيه.
حم َآ
ن هُوَم ْن َ
مو َستَعْل َ ُ
منَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَ َ
ن َالر ْ َ ُ ** ومن هذا النوع من التقديم قوله تعالى (قُ ْ
ل هُوَ َّ
ين ( )29الملك) فقدم الفعل آمنا على الج7ار والمج77رور (ب77ه) وأخّ7ر توكلن7ا عن الج7ار مب ِ ٍ ضاَل ٍ
ل ُ فِي َ
ً
والمجرور (عليه) وذلك ألن اإليمان لما لم يكن منحصرا في اإليمان بالله ب77ل ال ب7د مع77ه من رس77له
ومالئكته وكتبه واليوم األخر وغيره مما يتوقف صحة اإليمان علي77ه ،بخالف التوك77ل فإن77ه ال يج77وز إال
على الله وحده لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين قدّم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص
التوكل من العبد على الله دون غيره ألن غيره ال يملك ضرا ً وال نفعا ً فيتوكل عليه.
وقد يكون التقديم من هذا الن77وع لغ77رض آخ77ر كالم7دح والثن7اء والتعظيم والتحق77ير وغ77ير ذل77ك من
األغراض ،إال أن األكثر فيه أنه يفيد اإلختصاص .ومن التقديم الذي ال يفيد اإلختص77اص قول77ه تع77الى:
ل ( )84األنع77ام) فه77ذا ليس من ب77اب ن قَب ُْ 7م ْ قُوب كُاًّل هَ7دَيْنَا وَنُو ً
ح77ا هَ7دَيْنَا ِ َ حاقَ وَيَعْ
سَ 7
ه ِإ ْ(وَوَهَبْن َ77ا ل َُ 7
َأ ً
التخصيص إذ ليس معناه أننا ما هدينا إال نوحا وإنم7ا ه7و من ب7اب الم7دح والثن7اء .ونح7و قول7ه (فَ َّ
ما
ل فَاَل تَنْهَ ْر ( )10الضحى) إذ ليس المقصود به جواز قه77ر غ77ير الي77تيم َأ
ساِئ َ
ما ال َّم فَاَل تَقْهَ ْر ( )9وَ َّ الْيَت ِي َ
ونهر غير السائل وإنما هو من باب التوجيه فإن اليتيم ض77عيف وك77ذلك الس77ائل وهم77ا مظن77ة القه77ر
فقدمهما لالهتمام بشأنهما والتوجيه إلى عدم استضعافهما.
إن تقديم األلفاظ بعضها على بعض له أسباب عديدة يقتضيها المقام وسياق القول ،يجمعها قولهم:
إن التقديم إنما يك77ون للعناي77ة واإلهتم77ام .فم77ا ك77انت ب77ه عنايت77ك أك77بر قدمت77ه في الكالم .والعناي77ة
باللفظة ال تكون من حيث أنها لفظة معينة بل قد تكون العناية بحس77ب مقتض7ى الح7ال .ول7ذا ك7ان
علييك أن تقدم كلمة في موضع ثم تؤخرها في موضع آخر ألن مراعاة مقتضى الحال تقتضي ذاك.
والقرآن أعلى مثل في ذلك فإنا نراه يقدم لفظة م77رة ويؤخره77ا م77رة أخ77رى على حس77ب المق77ام.
فنراه مثال ً يقدم السماء على األرض ومرة يقدم األرض على السماء ومرة يق77دم اإلنس على الجن
ومرة يقدم الجن على اإلنس ومرة يقدم الضر على النفع وم7رة يق7دم النف7ع على الض77ر ك7ل ذل7ك
بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير.
فإذا أردت أن تبين أسباب هذا التق77ديم أو ذاك فإن77ه ال يص77ح اإلكتف77اء ب77القول إن77ه ق77دم ه77ذه الكلم
للعناية بها واإلهتمام دون تبيين مواطن هذه العناية وسبب هذا التقديم.
فإذا قيل لك مثال ً :لماذا قدم السماء على األرض هنا؟ قلت ألن اإلهتمام بالس77ماء أك77بر ثم إذا قي77ل
لك ولماذا قدم األرض على السماء في هذه اآلي77ة قلت ألن اإلهتم77ام ب7األرض هن7ا أك77بر ،ف77إذا قي77ل
ولماذا كان اإلهتمام بالسماء هناك أكبر وكان اإلهتمام باألرض هنا أكبر؟
وجب عليك أن تبين سبب ذلك وبيان اإلختالف بين الموط7نين بحيث ت7بين أن7ه ال يص7ح أو ال يحس7ن
تقديم األرض على السماء فيما قدمت فيه السماء أو تقديم السماء على األرض فيم77ا ق77دمت في77ه
األرض بيانا ً شافياً .وكذلك بقي77ة الم77واطن األخ77رى .أم77ا أن تكتفي بعب77ارة أن ه77ذه اللفظ77ة ق77دمت
للعناية واإلهتمام بها فهذا وجه من وجوه اإلبهام .واإلكتفاء بها يضيع معرفة التمايز بين األساليب فال
تعرف األسلوب العالي الرفيع من األسلوب المهله7ل الس7خيف إذ ك7ا واح7د يق7ول ل7ك :إن عن7ايتي
بهذه اللفظة هنا أكبر دون البصر بما يستحقه المقام وما يقتضيه السياق.
إن فن التقديم والتأخير فن رفيع يعرفه أهل البصر ب7التعبير وال7ذين أوت7وا حظ7ا ً من معرف7ة مواق7ع
الكلم وليس ادعاء يدعى او كلمة تقال.
وقد بلغ القرآن الكريم في هذا الفن كما في غيره الذروة في وضع الكلمات الوضع ال77ذي تس77تحقه
في التعبير بحيث تستقر في مكانها المناسب .ولم يكتف القرآن الكريم الذي وضع اللفظة بمراعاة
السياق الذي وردت فيه بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها اللفظة ونظر إليها نظ77رة واح77دة
شاملة في القرآن الكريم كله .فنرى التعبير متسقا ً متناسقا ً مع غيره من العبيرات كأنه لوحة فني77ة
واحدة مكتملة متكاملة.
إن القرآن الكريم دقيق في وضع األلفاظ ورصفها بجنب بعض دقة عجيب77ة فق77د تك77ون ل77ه خط77وط
عامة في التقديم والتأخير وقد تكون هن77اك م77واطن تقتض77ي تق77ديم ه77ذه اللفط77و أو تل77ك ك77ا ذل77ك
مرتعى فيه سياق الكالم واإلتساق العام في التعبير على أكمل وج77ه وأبهى ص77ورة .وسنوض77ح ه77ذا
القول المجمل ببيان شاف.
إن القرآن كما ذكرت يقدم األلفاظ ويؤخرها حسبما يقتضيه المق77ام فق77د يك77ون س77ياق الكالم مثال ً
متدرجا ً حسب القدم واألولية في الوجود ،فيرتب الكلمات على هذا األساس فيبدأ باألقدم ثم ال77ذي
ون ( )56الذاريات) فخلق الجن س ِإاَّل ل ِيَعْبُد ُ ِن وَاِإْلن ْ َج َّ ْت ال ْ ِ ما خَلَق ُ يليه وهكذا وذلك نحو قوله تعالى (وَ َ
موم ِ ( )27الحج77ر) ف77ذكرالسُ 7
َّ ِ 7ار
7 َ ن ن
ْ مِ ُ
ل 7 ْ بَ ق ن
ْ م
ِ ُ ه اَ ْن قَ َل
خ ن
َّ اجَ ْ القبل خلق اإلنس بدليل قوله تعالى َ
(و
الجن أوال ً ثم ذكر اإلنس بعدهم.
ْأ
الس 7نة وهي النع77اس تس77بق الن77وم
ِّ ة وَاَل نَوْ ٌ
م ( )255البق77رة) ألن سن َ ٌ ** ونحو قوله تعالى (اَل ت َ ُ
خذُهُ ِ
قبدأ بالسنة ثم النوم.
م ()38
س7اكِن ِهِ ْ
م َ
ن َ
م ْ ن لَك ُ ْ
م ِ ** ومن ذلك تقديم ع77اد على ثم77ود ق77ال تع77الى (وَعَ77ادًا وَث َمُود َ وَقَ7د ْ تَبَي َّ َ
العنكبوت) فإن عادا ً أسبق من ثمود.
ل** وحعلوا من ذلك تقديم الليل على النهار والظلمات على النور قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّي َْ 77
ن ( )33األنبي77اء) فق77دم اللي77ل ألن77ه أس77بق من النه77ار حو َ سب َ ُ ك يَ ْ ل فِي فَل َ ٍ م َر ك ُ ٌّ س وَالْقَ َ م َ ار وَالشَّ ْ وَالنَّهَ َ
وذلك ألنه قبل خلق األجرام كانت الظلمة وقدم الشمس على القمر ألنها قبله في الوج77ود .وق77ال
َأْل ك لَعِب ُْ 7أِل ه اللَّي ْ َ
ص7ارِ ( )44الن77ور) إلى غ77ير ذل77ك من اآلي77ات 7رةً ول ِي ا ب ْ َ َ ن فِي ذَل َِ 7 ار ِإ َّل وَالنَّهَ َ ب الل َّ ُ (يُقَل ِّ ُ
ل جعَ َ 7 َ َ (و 7الى 7 تع 7ال 7 ق 7رت. 7 ذك كما النور على الظلمات تقديم النهار على الليل تقديم ومثل الكثيرة.
ور ( )1األنعام) وذلك ألن الظلمة قبل النور لما مر في الليل. ات وَالن ُّ َ م ِ الظُّل ُ َ
م ()1 حكِي ُ ْ ْ
قالوا :ومن ذلك تقديم العزيز على الحكيم حيث ورد في الق7رآن الك7ريم (وَهُوَ العَزِيُ 7ز ال َ
عز فحكم. الحشر) قالوا ألنه ّ
هن الل ََّ ِإ َّ ( 7الى 7 تع 7ال 7 ق أول 7القوة 7 ف 7القوة 7 ب غلب أي ز
ّ 7 فع 7وي 7 ق ألنه العزة على ** ومنه تقديم القوة
ه قَوِيًّا عَزِي ًزا ( )25األحزاب). ن الل َُّ َ َ اَ ك (و وقال الحج) ) 70 ( لَقَوِيٌّ عَزِي ٌز ( )40و
** وقد يكون التقديم بحسب الفضل والشرف منه تق77ديم الل77ه س77بحانه في ال77ذكر كقول77ه تع77الى
ك م77ع الَّذ َأ (ومن يط 77ع اللَّه والرس77و َ ُأ
الش77هَدَاءِ ين وَ ُّ الص77دِّيقِ َ ين وَ ِّ ن النَّبِي ِّ َ م َ م ِ ه عَلَيْهِ ْ م الل َّ ُ ين نْعَ َ ل فَ ولَِئ َ َ َ ِ َ َ َ َّ ُ َ َ ْ ُ ِ ِ
ك َرفِيقًا ( )69النساء) .فقدم الله على الرسول ثم قدم السعداء من الخلق ن ُأولَِئ َ َ س
ُ ح
َ ِين َ
و صالِح َ وَال َّ
بحسب تفاضلهم فبدأ باألفضلين وهم النبيون ثم ذكر من يعدهم بحس77ب تفاض77لهم .كم77ا ت77درج من
الفئة القليل7ة إلى الك7ثرة فب77دأ ب7النبيين وه7و أق7ل الخل77ق ثم الص7دّيقين وهم أك7ثر ثم الش7هداء ثم
الصالحين فكل صنف أكثر من الذي قبله فهو تدرج من القلة إلى الكثرة ومن األفضل إلى الفاضل
ل صنفهم. وال شك أن أفضل الخلق هم أقل الخلق إذ كلما ترقى الناس في الفضل ق ّ
ِيس77ى سى وَع َ مو َ و
َ َ ُ م يِ ه ا وح وَِإب ْ َر ن نُ ٍ م ْ ك وَ ِ من ْ َ م وَ ِ ميث َاقَهُ ْ ين ِ ن النَّبِي ِّ َ م َ خذ ْنَا ِ ** ومن ذلك قوله تعالى (وَِإذ ْ َأ َ
ميث َاقًا غَل ِيظًا ( )7األحزاب) فبدأ بالرسول ألنه أفضلهم. م ِ خذْنَا ِ
منْهُ ْ م وََأ َ م ْري َ َ ن َ اب ْ ِ
ير ( )11الش77ورى* و 7 ص
َّ ِ ُ َ ِ ُ ب ْ ال ع ي م 7 الس هُو
َ َ (و تع7الى قال البصر على السمع تقديم ذلك من وجعلوا **
ير ( صُ 7 ْ
ميعُ الب َ ِ السِ 7َّ ير ( )1و (هُوَ ص ُ ميعُ الب َ ِْ س ِ ير ( )20غافر) وقال (ِإنَّه هُوَ ال َّ ص ُ ْ
ميعُ الب َ ِ س ِ ه هُوَ ال َّ َّ
ن الل َ (ِإ َّ
سان من نطْفَة َأ
يرا ( ص ً ميعًا ب َ ِ س ِ جعَلْنَاهُ َ اج نَبْتَل ِيهِ فَ َ َآ ٍ شَ م
ْ ٍ ُ ْ ِ َ َ ْ ن
ِإْلا ا َ ْن قَ َلخ اَّ نِإ ( تعالى وقال اإلسراء) غافر) ) 56
ما ُ ًّ7 ص 7ا7 َ ه ْ يَ َل ع وا 7ر
ُّ 7خ
ِ َ ي م َ ل
َ ِ ْ ْ م هِّ ب ر 7ات
ِ 7 َ ي ِ ب وا ر
ُ ِّ ُك ذ َا ذَ ِإ ين ِ ذ َّ ال َ (و 7ال 7 وق البصر. على السمع فقدم اإلنسان) )2
ميَانًا ( )73الفرقان) فقدّم الصم وهم فاقدو السمع على العميان وهم فاق77دو البص77ر .ق77الوا ألن وَ ْ ُ ع
السمع أفضل .قاوال والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يبعث نيا ً أصم ولكن قد يكون الن77بي أعمى
كيعقوب uفإنه عمي لفقد ولده.
والظاهر أن السمع بالنسبة إلى تلقي الرس77الة أفض77ل من البص77ر ففاق77د البص77ر يس77تطيع أن يفهم
ويعي مقاصد الرسالة فإن مهمة الرسل التبليغ عن الله .واألعمى يمكن تبليغه بها وتيسير استيعابه
لها كالبصير غير أن فاقد السمع ال يمكن تبليغه بسهولةز فاألص77م أن77أى عن الفهم من األعمى ول77ذا
كان العميان علماء كبار بخالف الصم .فلكون متعلق ذلك التبليغ كان تقديم السمع أولى.
ويمكن أن يكون تقديم السمع على البصر لسبب آخر عدا األفضلية وهو أن م77دى الس77مع أق77ل من
مدى الرؤية فقدم ذا المدى األقل متدرجا ً من القصر إلى الطول في المدى ولذا حين قال موس77ى
ل اَلن يَطْغَى ( )45ط7ه) ق7ال الل7ه تع7الى (قَ7ا َ َأ َأ في فرعون (قَااَل ربنا ننا نخَا ُ َأ
ط عَلَيْن َ7ا وْ ْ ْ7ر َ ن يَف ُ ف ْ َ َّ َ ِإ َّ َ َ
معُ وََأ َرى ( )46طه) فقدم السمع ألنه يوحي ب77القرب إذ ال77ذي يس77معك يك77ون س َ
تخَافَا نن ِي معك ُ َأ
ما ْ َ َ َ ِإ َّ َ
في العادة قريبا ً منك بخالف الذي يراك فإنه قد يكون بعيدا ً وإن كان الله ال يند عن سمعه شيء.
ن ن فَيُدْهِنُو َ ين ( )8وَدُّوا لَوْ تُدْهِ ُ مكَذِّب ِ َ وقد يكون التقديم بحسب الرتبة وذلك كقوله تعالى (فَاَل تُط ِ ِع ال ْ ُ
َأ ْ
معْتَدٍ ث ِيم ٍ ( )12القلم) ف77إن خيْرِ ُ اع ل ِل َ من َّ ٍ ميم ٍ (َ )11 مشَّ اءٍ بِن َ ِ مازٍ َ ين ( )10هَ َّ مه ِ ٍ ف َ حاَّل ٍل َ ( )9وَاَل تُطِعْ ك ُ َّ
ماز هو العي ّاب وذلك ال يفتقر إلى مشي بخالف النميمة فإنها نقل للحديث من مك77ان إلى مك77ان اله ّ
عن شخص إلى شخص .فبدأ بالهماز وهو الذي يعيب الناس وهذا ال يفتقر إلى مشي وال حرك77ة ،ثم
انتقل إلى مرتبة أبعد في اإليذاء وهو المشي بالنميمة ثم انتقل إلى مرتبة أبعد في اإليذاء وه77و أن7ه
يمنع الخير عن اآلخرين .وهذه مرتبة بعد في اإليذاء مما تق77دمها .ثم انتق77ل إلى مرتب77ة أخ7رى أبع7د
مما قبلها وهو اإلعتداء فإن منع الخير قد ال يصحبه اعتداء أما العدوان فهو مرتبة أش77د في اإلي77ذاء.
ثم ختمها بقوله أثيم وهو وصف جامع ألنواع الشرور فهي مرتبة أخ77رى أش77د إي77ذاءً .ج77اء في ب77دائع
مش7اء بنميم فالرتب77ة ألن المش77ي م77رتب على القع77ود في المك77ان. ّ ماز على الفوائد :وأما تقدم ه ّ
والهماز هو العيّاب وذلك ال يفتقر إلى حرك77ة وانتق7ال من موض77عه بخالف النميم .وأم7ا تق7دم من7اع
للخير على معتد فبالرتبة أيضا ً ألن المناع يمنع من نفسه والمعتدي يعتدي على غ77يره ونفس77ه قب77ل
غيره.
مي ع ُ الس ِ 7َّ ** وجعلوا من تقدم السمع على العلم حيث وقع في القرآن الك77ريم كقول77ه تع77الى (وَهُوَ
م ( )61األنفال) وذلك أنه خبر يتض77من التخوي77ف ميعُ الْعَل ِي ُ س ِ ه هُوَ ال َّ م ( )137البقرة) وقوله (ِإن َّ ُ الْعَل ِي ُ
والتهديد .فبدأ بالسمع لتعلقه كاألصوات وهمس الحركات فإن من سمع حسك وخفي صوتك أقرب
إليك في العادة ممن يقال لك :إنه يعلم وإن كان علمه تعالى متعلقا ً بم77ا ظه77ر وبطن وواقع77ا ً على
ما قرب وشطن .ولكن ذكر السميع أوقع في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم.
ويمكن أن يقال :إن السمع من وسائل العلم فهو يسبقه.
م ( )173البقرة) في ٌ ِيح ر
ٌ َ ُور ف َ غ ه
َ َّ الل ن
َّ ِإ ( قوله ** وجعلوا منه أيضا ً تقديم المغفرة على الرحمة نحو
ما ( )100النساء) قالوا :وسبب تقديم الغفور على الرحيم ُورا َرحِي ً ه غَف ً ن الل َّ ُ آيات كثيرة وقوله (وَكَا َ
أن المغفرة سالمة والرحمة غنيمة والسالمة مطلوبة قبل الغنيمة وإنما تأخرت في سورة س77بأ في
َأْل
م7رحِي ُ ج فِيهَ77ا وَهُوَ الَّ 7 7ر ُ م77ا يَعُْ 7 ماءِ وَ َ السَ 7 َّ ن
م َ ل ِ م77ا يَن ْ77زِ ُ منْهَا وَ َ ج ِ ْر ُما يَخ ُ ض وَ َ ج فِي ا ْر ِ ما يَل ِ ُ م َ قوله (يَعْل َ ُ
ُور ( ) 7)2فالرحمة شملتهم جميع77ا والمغف77رة تخص بعض77ا .والعم77وم قب77ل الخص77وص بالرتب77ة. ً ً الْغَف ُ
وإليضاح ذل77ك أن جمي77ع الخالئ77ق من اإلنس والجن والحي77وان وغ77يرهم محت77اجون إلى رحمت77ه فهي
م. برحمته تحيا وتعيش وبرحمته تتراحم وأما المغفرة فتخص المكلفين فالرحمة أع ّ
7ار
َ ِ ن ي ف
َْ ِ7ا ه يَ َل ع ى م
ح َ م يُ ْ ** ومن التقديم بالرتبة أيضا ً قوله تعالى في من يك7نز ال7ذهب والفض7ة (ي َ7وْ َ
ن ()35 م تَكن ِ ُ 7زو َ ْ ُ
م77ا كنْت ُ ْ م فَذ ُوقُوا َ سك ُ ْ م َأِلنْفُ ِ ما كَن َ ْزت ُ ْ م هَذ َا َ ورهُ ْ م وَظُهُ ُ جنُوبُهُ ْ م وَ ُ جبَاهُهُ ْ م فَتُكْوَى بِهَا ِ جهَن َّ َ
َ
التوبة) فبدأ بالجباه ثم الجنوب ثم الظهور قيل :ألنهم كانوا إذا أبص77روا الفق77ير عبس77وا وإذا ض77مهم
وإياه مجلس ازوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم فتدرج حسب الرتبة.
وقد يك7ون التق7ديم بحس77ب الك7ثرة والقلة فق7د ي7رتب الم7ذكورات مت7درجا ً من القل7ة إلى الك7ثرة
َأ
جودِ ()125 السُ 77 ُّ الرك َّ ِع ين وَ ُّ ف َ ين وَالْعَاك ِ ِ ف َ ِي ل ِلطَّاِئ ِ ن طَهِّ َرا بَيْت َ حسبما يقتضيه المقام وذلك نحو قوله ( ْ
البقرة) فكل طائفة هي أق7ل من ال7تي بع7دها فت7درج من القل7ة إلى الك77ثرة .فالط7ائفون أق77ل من
العاكفين ألن الطواف ال يكون إال حول الكعب77ة .والعك77وف يك7ون في المس77اجد عموم7ا ً والع77اكفون
أقل من الراكعين ألن الركوع أي الصالة تكون في كل أرض طاهرة أم77ا العك77وف فال يك77ون إال في
المساجد .والراكعون أقل من الساجدين وذلك ألن لكل ركعة س77جدتين ثم إن ك77ل راك77ع ال ب77د أن
يسجد وقد يكون سجود ليس فيه ركوع كسجود التالوة وسجدو الشكر فهو هنا تدرج من القلة إلى
الكثرة .ولهذا التدرج سبب اقتضاه المقام فإن الكالم على بيت الل7ه الح7رام .ق7ال تع7الى (وَعَهِ7دْنَا
لَى ب 777راهيم و س777ماعِي َ َأ
جودِ ( )125البق777رة) السُ 777 ُّ الرك َّ ِع
ين وَ ُّ ين وَالْعَ777اكِفِ َ ِي ل ِلطَّاِئفِ َ ن طَهِّ َرا بَيْت َ ل ْ ِإ ِإ ْ َ ِ َ َِإ ْ َ
فالطائفون هم ألصق المذكورين بالبيت ألنهم يطوفون حوله ،فبدأ بهم ثم ت77درج إلى الع77اكفين في
هذا البيت أو في بيوت الله عموما ً ثم الركع السجود الذين يتوجه77ون إلى ه77ذا ال77بيت في رك77وعهم
وسجودهم في كل األرض.
ن ُ َّ َ ْ ُ ْ ُ َ َآ َّ َأ
م تُفْل ِحُو َ 7ر لعَلك ْ خي َْ 7 م وَافعَلوا ال َ جدُوا وَاعْبُدُوا َربَّك ْ س ُ اركعُوا وَا ْ منُوا ْ ين َ ونحوه قوله تعالى (يَا يُّهَا الذِ َ
{س}( )77الحج) فبدأ بالركوع وهو أقل المذكورات ثم الس77جود وه77و أك77ثر ثم عب77ادة ال77رب وهي
م ثم فعل الخير. أع ّ
ك ب
َ ِّ ِِر ل ِي تُ نْ ق ا م ي 7ر
َ َ ْ َ ُ7 م ا (ي تعالى قوله نحو وذلك القلة إلى الكثرة من فيتدرج بالعكس الكالم يكون وقد
ِين ( )43آل عمران) فبدأ بالقنوت وهو عموم العبادة ثم الس77جود وه77و الراكِع َ معَ َّ اركَعِي َ جدِي وَ ْ س ُ وَا ْ
أخص وأقل ثم الركوع وهو أقل وأخص.
ير ( )2التغ77ابن) صٌ 7 ن بَ ِ ملُو َ ما تَعْ َ ه بِ َ ن وَالل َّ ُ م ٌ مْؤ ِ م ُ منْك ُ ْ م كَافِ ٌر وَ ِ منْك ُ ْ م فَ ِ ومنه قوه تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَك ُ ْ
َأ
ِين ( )103يوسف). من َ مْؤ ِ ت بِ ُ ص َ ح َر ْ اس وَلَوْ َ ما كْث َُر الن َّ ِ فبدأ بالكفار ألنهم أكثر قال تعالى (وَ َ
َ َ َّ ونحوه قوله تعالى (ث ُ َأ
د 7 ص
ِ ٌ َِ ِ ِ َ ِ ُْ ْ ُ َ ِ ٌ ت ق
ْ م م ه ن م و ه 7 ْس ف ن ل م ل ا ظ م
ِ ُْ ْ ه ن م َ ف ا ن د
َْ ِ ْ َ َِ ا ِب ع ن م ا ن َي ف ط ص
اب ِ َ ْ ا ين ذ ال م وْ َرث ْنَا الْكِت َ َ َّ
7ير ( )32ف77اطر) فق77دم الظ77الم لكثرت77ه ثم ل الْكَب ُِ 7 َضُ 7 ك هُوَ الْف ْ ْن اللَّهِ ذَل َِ 7 ات ب ِِ7إذ ِ خي ْ َر ِ سابِقٌ بِال ْ َ م َ منْهُ ْ وَ ِ
المقتصد وهو أقل ممن قبله ثم السابقين وهم أقل .جاء في الكشاف في هذه اآلية فإن قلت :لم
قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق؟ قلت لإليذان بك77ثر الفاس77قين وغلبتهم وإن المقتص77دين قلي77ل
ن م َ ة ِ باإلض7افة إليهم والس7ابقون أق7ل من القلي7ل.أال رى كي7ف ق7ال الل7ه تع7الى في الس7ابقين (ث ُل َّ ٌ
ين ( )14الواقعة) إشارة إلى ندرة وقلة وجودهم؟ م َآْل ِين ( )13وَقَل ِي ٌ َأْل
ن ا خِرِ َ ل ِ َ ا وَّل َ
َأ
ما ( )38المائ7دة) ة فَ7اقْطَعُوا ي ْ7دِيَهُ َ سارِقَ ُ سارِقُ وَال َّ قالوا :ومن هذا النوع من القديم قوله تعالى (وَال َّ
قدم السارق على السارقة ألن السرقة في الذكور أكثر .وقد الزانية على ال77زاني في قول77ه تع77الى
جل ْ7دَةٍ ( )2الن77ور) ألن ال77زنى فيهن أك77ثر .أال ت77رى أن ة َ مَئ َ م77ا ِ منْهُ َ حدٍ ِ ل وَا ِ جلِدُوا ك ُ َّ ة وَال َّزان ِي فَا ْ (ال َّزان ِي َ ُ
قسما ً من النساء يحترفن هذه الفعلة الفاحشة؟ وجاء في حاشية ابن المن77ير على الكش77اف قول77ه:
وقدم الزانية على الزاني والسبب فيه أن الكالم األول في حكم الزنى واألصل فيه المرأة لما يبدو
من اإليماض واإلطماع والكالم ،وألن مفسدته تتحقق باإلضافة إليها".
وقد يكون التقديم لمالحظ أخرى تتناسب مع السياق ف77نراه يق77دم لفظ77ة في موض77ع ويؤخره77ا في
موضع آخر بحسب ما يقتضي السياق.
**فمن ذلك تقديم لفظ الضرر على النفع وبالعكس قاوال :إنه حيث تقدم لنف7ع على الض7ر فلتق7دم
ما يتضمن النفع .قال تعالى (قُ ْ َأ
ه ( )188األع77راف) ش 7اءَ الل َّ ُ م77ا َ ض ًّ 7را ِإاَّل َ سي نَفْعً77ا وَاَل َ ك لِنَفْ ِ مل ِ ُ ل اَل ْ
ل فَ ولَِئ َ ُأ
ك ض 7ل ِ ْ ن يُ ْ م ْ مهْت َ 7دِي وَ َ ه فَهُوَ ال ْ ُ ن يَهْدِ الل َّ ُ م ْ فقدم النفع على الضرر وذلك ألنه تقدمه في قوله ( َ
ْ َ َأ َ
ب م الغَي ْ َ ت عْل ُ ُ
ن ( )178األعراف) فقدم الهداية على الضالل وبعد ذل77ك ق77ال (وَل 77وْ كن ْ ُ س ُرو َ م الْخَا ِ هُ ُ
اَّل َأ ْ ْ اَل
ن ( ) 7)188فق77دم الخ77ير من ُو َ ير لِقَوْم ٍ يُْؤ ِ ٌ ش ِ َ ب و
ٌ َ ير ِ ذ َ ن ِإ ا َ ن نْ ِإ ء
ُ و سُّ ال ِي
َ ن س
َّ م
ِ َ َ َ ا م و ر ْ َي
خ ال ن
َ م
ِ ت ْ ُ َر ث ك َ ت سْ
على السوء ولذا قدم النفع على الضرر إذ هو المناسب للسياق.
وقال( :قُ ْ َأ
ه ( )49يونس) فقدّم الضرر على النفع وق77د ما شَ اءَ الل َّ ُ ض ًّرا وَاَل نَفْعًا ِإاَّل َ سي َ ك ل ِنَفْ ِ مل ِ ُ ل اَل ْ
َأ
ين م فَن َ77ذ َُر الَّذِ َ جلُهُ ْ م َ ي ِإلَيْهِ ْ ُضَ 77 خيْرِ لَق ِ م بِال ْ َ جالَهُ ْ ستِعْ َ اس الشَّ َّر ا ْ ه ل ِلن َّ ِ ل الل َّ ُ ج ُ قال قبل هذه اآلية (وَلَوْ يُعَ ِّ
َأ
جنْب ِ 7هِ وْ الض ُّ 7ر دَعَان َ77ا ل ِ َ ُّ ن
سا َ س اِإْلن ْ َ م َّ ن (َ11أ) يونس) وقال (وَِإذ َا َ مهُو َ م يَعْ َ ن لِقَاءَنَا فِي طُغْيَان ِهِ ْ جو َ اَل ي َ ْر ُ
ما كَانُوا ْ ه كَذَل ِ َ َ َ َ َأ
ين َ سرِفِ َ م ْ ن ل ِل ُ ك ُزي ِّ َ س ُ م َّ ض ٍّر َ م يَدْعُنَا ِإلى ُ نل ْ م َّر ك َ ْ ض َّرهُ َ ه ُ ما كَشَ فْنَا عَن ْ ُ ما فَل َّ عدًا وْ قَاِئ ً قَا ِ
ن م ت ي ل َأرَأ ْ ُ ق ( قوله: اآلية هذه بعد ويأتي . اآليتين في النفع على الضر فقدم . يونس) ) 12 ( ن و ُ ل م
َ ْ ْ ِإ ْ ُ َ يَعْ َ
ن ( ) 7 )50فكان المناسب تق77ديم الض77رر على و م ر ج م ْ ال ه ن م ُ
ل ج ع ت س ي َا ذ ا م ا ار ه ن و َأتاكُم عَذ َابه بياتا َأ
ِ ْ ُ ُ ْ ِ ُ َ َ ْ َْ ِ ُ ُ ََ ً ْ ََ ً َ َ ْ
النفع ههنا.
َأ ل َأفَات َّ َ
ضًّ 7را ( )16الرع77د) فق7دّم النف77ع م نَفْعً77ا وَاَل َ ُس7هِ ْ ن َأِلنْف ِ مل ِكُو َ ن دُونِهِ وْل ِيَاءَ اَل ي َ ْ م ْ م ِ خذ ْت ُ ْ وقال( :قُ ْ
ض طوْعً77ا وَك َ ْرهً77ا َ ر َأْل ا و ات
ِ او م 7 الس ي ِ ف ن م د ج س ي ِ ه َّ ِل ل (و تعالى قوله لتقدم وذلك قالوا: الضرر، على
َ ْ ِ َ َ َّ َ ْ ُ ُ ْ َ َ
ك مل ُِ 7 َ ْ ي اَل م
َ ْ َ و ي ْ 7ال 7 َ ف ( 7ال: 7 وق 7ره. 7 الك على 7وع 7 الط 7دم 7 فق 7د) 7 الرع ) 15 {س}( ال 7 ص َآْل ا و و د ُ غ ْ ال وَظِاَل ُ ْ ِ
ب م ه ُ ل
َ ِ ُ ِّ َ
ن َربِّي ِإ َّ ل ْ ُ ق ( قوله لتقدم وذلك قالوا: الضر على النفع فقدم سبأ) ) 42 ( ا رَ ًّ ض اَل م ل ِب َ ْ ٍ َ ً َ
و ا ع ف
ْ ن ض ع ضك ُ ْ بَعْ ُ
َ َأ َ ُ
ين ( 7رازِقِ َ 7ر الَّ 7 خي ُْ 7 ه وَهُوَ َ خلِفُ ُ يءٍ فهُوَ ي ُ ْ ن شَ ْ م ْ م ِ ما نْفَقْت ُ ْ ه وَ َ عبَادِهِ وَيَقْدِ ُر ل ُ ن ِ م ْ ن يَشَ اءُ ِ م ْ الر ْزقَ ل ِ َ سط ِّ يَب ْ ُ
)39سبأ) فقد البسط .وغير ذلك من مواضع هاتين اللفظتين.
**ومن ذلك تقديم الرحمة والعذاب فقد قي77ل إن77ه حيث ذك77ر الرحم77ة والع77ذاب ب77دأ ب77ذكر الرحم77ة
7رةٍ وَذ ُو مغْفَِ 7 ك ل َ7ذ ُو َ ن َرب َّ َ ش7اءُ ( )18المائ77دة) وقول77ه (ِإ َّ ن يَ َ م ْ ِّب َ ش7اءُ وَيُعَ7ذ ُ ن يَ َ م ْ كقوله تعالى (يَغْفِ ُر ل ِ َ
َ هُو اَّل ه
ْ ِ ِإ َ ِإ 7 َ ل اَل ل و َّ الط ي ذ
ِ ِ 7اب 7ق
َ ع
ِ ِ ِ ْ ال د يد شَ ب و
ْ ِ َ ِ ِ َّ ْ ِ الت ل اب َ ق و ب َّن ذ ال ر
ِ ِ ف ا َ غ ( وقوله فصلت) َاب َأل ِيم ٍ ()43 عق ٍ ِ
ير ( )3غافر) ص ُ م ِ ِإلَيْهِ ال َ
ْ
وعلى هذا جاء قول النبي rحكاية عن الله تعالى ":إن رحمتي سبقت غضبي"
وقد خرج عن هذه القاعدة مواضع اقتضت الحكمة فيها تقديم ذكر العذاب ترهيبا ً وزج77راً .من ذل77ك
ك السماو ِ َأْل مل ْ ُ قوله تعالى في سورة المائدة (َألَم تعل َ َأ
7ر ن يَشَ اءُ وَيَغْفُِ 7 م ْ ِّب َ ض يُعَذ ُ ات وَا ْر ِ َّ َ َ ه ُ ه لَ ُ ن الل َّ َ م َّ ْ َْ ْ
ير ( ) 7)40ألنها وردت في سياق ذكر قطاع الطرق والمح77اربين يءٍ قَدِ ٌ ل شَ ْ ه عَلَى ك ُ ِّ ن يَشَ اءُ وَالل َّ ُ م ْ لِ َ
َ
7ل ذَل ِ7ك كتَبْن َ77ا َ َأ
جِ 7 ن ْ م ْ والسراق كان المناسب تقديم ذكر العذاب وذلك أنها وردت بعد قول77ه تع77الى ( ِ
َأ ّ
ل نَفْسا بغَيْر نَفْس َأو فَسادٍ فِي اَأْل ل َأ
ن م ْ ميعً77ا وَ َ
َأْل
ج ِ س َ ل النَّا َ ما قَت َ َ ض فَك َ ن َّ َ ِ ر ْ َ ْ ٍ ِ ِ ً َ َ ت َ ق ن
ْ م
َ هُ َّ ن َ اِئي
َأ
ر
َ س ْ َأعَلَى ب َأِإ
ِي نَ
ض م بَعْ7د َ ذَل َِ 7 ن كَث ً ات ث ُ َّ ْ ُ َ حيَاهَا فَك َ ن َّ َ
ك فِي ا ْر ِ منْهُ ْ ِيرا ِ م ِإ َّ سلنَا بِالبَيِّن َ ِ م ُر ُ جاءَتْهُ ْ ميعًا وَلقَد ْ َ ج ِ س َ حيَا النَّا َ ما ْ ْ
ن الل ََّ
ه َ ُ َ ُِ َ و ب 7ار 7 ح ي ين ِ ذ َّ ال ء
ُ ا ز َ َ 7 ج 7ا 7 م
ِإ ََّ ن ( 7دها 7 بع 7ال 7 ق ثم اإلحياء على القتل فقدم المائدة) ) 32 ( ن َ و ُ ف لَ ُ ْ ِ
ر س م
ف َأ ْو ٍ اَل خ ن م
َ ْ ِ ِ ْ َ ْ ُ ُ ْ ِ ْ ِ م ه ُ ل ج ر َأ و م يه د 7 ي َأ ع َّ َط ق ْ ُ ت و َأ وا بَّ ل
ْ ُ َ ُ 7 ص ي و َأ لُوا َت ق
َ ً ْ ُ َّ ي ن َأ ا د ا 7 س َ ف ض
ْ ِ ر َأْل ا ي سِ َ ْ َ ْ َ َ ُ 7
ف ن و ع 7 س ي و ه َ ول وَ َر ُ
َآْل َ َ َ َأْل
م ( ) 7)33ثم ج77اء بع77دها َاب عَظِي ٌ 7رةِ عَ7ذ ٌ خَ 7 م فِي ا ِ خْ 7زيٌ فِي ال7دُّنْيَا وَلهُ ْ م ِ ض ذَل ِ7ك لهُ ْ ن ا ْر ِ م َ يُنْفَوْا ِ
َأ
م ( ))38ثم ج77اء حكِي ٌ ه عَزِي ٌز َ ن اللَّهِ وَالل َّ ُ م َ سبَا نَكَااًل ِ ما ك َ َ ج َزاءً ب ِ َ ما َ ة فَاقْطَعُوا يْدِيَهُ َ سارِقَ ُ سارِقُ وَال َّ (وَال َّ
ك السماو ِ َأْل مل ْ ُ بعدها قوله تعالى (َألَم تعل َ َأ
ش 7اءُ ن يَ َ م ْ 7ر ل ِ َ ش 7اءُ وَيَغْفُِ 7 ن يَ َ م ْ ِّب َ ض يُعَذ ُ ات وَا ْر ِ َّ َ َ ه ُ ه لَ ُ ن الل َّ َ م َّ ْ َْ ْ
ير () 7)40فأنت ترى أن المناسب ههنا تق7ديم الع7ذاب على المغف7رة .ج7اء يءٍ قَدِ ٌ ل شَ ْ ه عَلَى ك ُ ِّ وَالل َّ ُ
ش77اءُ ن يَ َ م ِّب ذ َ77 ع (
ُ قوله إلى ) ا م ه ي د ي ة فَاقْطَعوا َأ َ ق ار
َ َّ ِ ُ َ َّ ِ ُس ال و ق ار س ال (و تعالى قوله في (الكشاف) في
ُ َ ْ ْ َُِ َ ُ
ن يَشَ اءُ ) "فإن قلت لم قدم التعذيب على المفغرة؟ قلت ألنه قوبل بذلك تقديم الس77رقة م ْ وَيَغْفِ ُر ل ِ َ
على التوبة".
ن () 7)21 ن يَشَ اءُ وَِإلَيْهِ تُقْلَبُو َ م ْ م َ ح ُ ن يَشَ اءُ وَي َ ْر َ م ْ ِّب َ ومن ذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت (يُعَذ ُ
وذلك ألنها في سياق إن77ذار اب77راهيم لقوم77ه ومخاطب77ة نم77رود وأص77حابه وأن الع77ذاب وق77ع بهم في
َأ
ين ن الَّذِ َ ن ِإفْك ً77ا ِإ َّ ون اللَّهِ وْث َان ً77ا وَتَخْلُقُو َ ن دُ ِ م ْ ن ِ م77ا تَعْب ُدُو َ الدنيا .فقد أن77ذر اب77راهيم قوم77ه ق77ائالًِ( :إن َّ َ
ن جعُو َ ه ِإليْهِ ت ُ ْر َ َ َ ُ
الر ْزقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْ ك ُروا ل ُ َّ
م رِ ْزقًا فابْتَغُوا عِنْد َ اللهِ ِّ َ ن لَك ُ ْ مل ِكُو َ ون اللَّهِ اَل ي َ ْ ن دُ ِ م ْ ن ِ تَعْبُدُو َ
ْ اَل ْ اَّل َ ُ ُأ َ َ
ين مب ِ ُ ول ِإ الب َ غُ ال ُ سِ 77 الر ُ ما عَلى َّ م وَ َ ن قَبْل ِك ْ م ْ م ِ م ٌ َّب َ ن تُكذِّبُوا فَقَد ْ كذ َ ( )17العنكبوت) ثم قال( :وَِإ ْ
م ك لَهُ ْ مت ِي وَُأولَِئ َ ح َ ن َر ْ م ْ ِئس 7وا ِ ك يَ ُ 7ات اللَّهِ وَلِقَاِئهِ ُأولَِئ َ 7روا بَِآي َِ 7 ين كَفَُ 7 ( ) 7)18وهددهم بعد بقوله (وَالَّذِ َ
م ( ) )23فأنت ترى أن السياق يقتضي تقديم العذاب هنا. َأ
َاب ل ِي ٌ عَذ ٌ
وقد يكون التقديم والتأخير على نمط غير الذي ذكرت من تقديم الضرر والنفع والعذاب والمغف77رة
وغيرها من الخطوط العامة .فقد يقدم لفظة في مك77ان ويؤخره7ا في مك77ان آخ77ر حس77بما يقتض77يه
السياق.
م ه َّ ل ع َ ل اًل ب 7 س 7ا ج ا ج ف 7ا7 ه ي ف 7ا 7 نْ ل ع ج و م ه ب د 7 ي م ت ن **فمن ذلك قوله تعالى (وجعلْنا في اَأْلرض رواس7ي َأ
ُ ْ َ ُ ُ ً َ ِ َ ِ َ َ َ ِِ ْ َ َ ِ َ ْ َ ِ َ َ ْ ِ َ َ َ َ
ل لَك ِ ُ َأْل
ج7ا ()20 جا ً س7بُاًل فِ َ منْهَ77ا ُ سلُكُوا ِ ساطًا ( )19ل ِت َ ْ ض بِ َ م ا ْر َ ُ جعَ َ ه َ ن ( )31األنبياء) وقوله (وَالل َّ ُ يَهْتَدُو َ
ج في األص77ل ّ الف أن وذلك نوح آية في عنها وأخرها األولى اآلية في السبل على الفجاج فقدم نوح)
هو الطريق في الجبل أو بين الجبلين ،فلما تقدم في آية األنبي7اء ذك7ر الرواس7ي وهي الجب7ال ق7دم
الفجاج لذلك بخالف آية نوح فإنه لم يرد فيها ذكر للجبال فأخره77ا .فوض77ع ك77ل لفظ77ة في الموض77ع
الذي تقتضيه.
ما م 7ر 7 ي خ
َ ة
ٌ 7 م ح ر و ه َّ الل ن م ٌ ة 7ر 7 ف ْ غ م َ ل م ت م و **ومث77ل ذل77ك قول77ه تع77الى (ولَِئن قُت ِلْتم في س7بيل اللَّه َأ
َّ ِ ْ ٌ ََ ْ َ ِ َ ِ َ ِ ْ ُ ْ َ ُّ ِ َ ِ ِ ِ ْ ُ َ ْ
يجمعون ( )157ولَِئن مت َأ
ن ( )158آل عمران) فقدم القتل على الموت حشَ ُرو َ م ِإَللَى اللَّهِ ت ُ ْ م وْ قُت ِلْت ُ ْ َ ْ ُ ُّ ْ َ ْ َ ُ َ
في اآلية األولى وقدم الموت في اآلية التي تليه77ا وس77بب ذل77ك والل77ه أعلم أن77ه لم77ا ذك77ر في اآلي77ة
األولى (في سبيل الله) وهو الجهاد ق7دم القت77ل إذ ه77و المناس77ب ألن الجه7اد مظن ّ77ة القت77ل ،ثم ه77و
األفضل أيضا ً ولذا ختمها بقوله (لمغفرة من الله ورحمة) فهذا جزاء الش77هيد ومن م77ات في س77بيل
الله .ولما لم يقل في الثانية (في سبيل الله) قدم الموت على القتل ألنه الحالة الطبيعية في غ77ير
الجهاد ثم ختمها بقوله (إللى الله تحشرون) إذا الميت والمقتول كالهما يحشره الل77ه إلي77ه .فش77تان
ما بين الخاتمتين .فلم ي77زد في غ77ير الش77هيد ومن م77ات في س77بيل الل77ه على أن يق77ول (إللى الل77ه
تحشرون) وقال في خاتمة الشهيد (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمع77ون) فوض77ع ك77ل لفظ77ة
الموضع الذي يقتضيه السياق.
م ه م 7ا 7 ع ن ل من 7ه َأ ُ ُ ك ** وقال تعالى (َأولَم يروا َأنا نسوق الْماءَ لَى اَأْلرض الْجُرز فَنخ77رج ب 7ه زرع77ا تْأ
ُ َ ُ ُ ْ ْ ْ ِ َ ً ِ ُ ِ َ ْ ِ ْ ُ ُ ِ ْ ِ َ ِإ ُ ُ َ َ ْ َ َ ْ َّ
ة وََأبًّا َ َِ ً 77 ه ك ا َ ف (و آخر مكان في وقال الناس. على األنعام فقدم السجدة) ن ()27 ص ُرو َ م فَاَل يُب ْ ِ
وَأنفُسه َأ
َ ْ ُ ُ ْ
م ( )32عبس) فقدم الناس على األنعام وذلك ألنه لم77ا تق77دم ذك77ر ال77زرع مك ُ ْ م وََأِلنْعَا ِ متَاعًا لَك ُ ْ (َ )31
ِ ظُر ْ نَ يْ ل َ ف ( تعالى قال اإلنسان طعام في فإنها عبس آية بخالف األنعام تقديم ناسب السجدة في آية
َأ ش7قَقْنَا اَأْل ْ ا نسان لَى طَعامه (َ )24أ
حبًّا ( ش7قًّا ( )26فَ نْبَتْن َ7ا فِيهَ7ا َ ض َ ْ َ ر َ م
َّ ُ ث ) 25 ( ا ًّ ب ص
َ ء
َ ا م
َ ال ا َ ن ْ ب َ بصَ ا َّ ن ِ ِ َ ِإْل ْ َ ِإ
ُ
م متَاعً77ا لَك ُْ ) 31 ( ا ب ة وَأ 77 ه ك ا َ ف و ) 30 ( 77ا بْ ل ُ غ ق د 77 ح و ) 29 ( اًل خ ن و 77ا ون ت ي ز و )28 ( ا ب ض77 َ ق و 77ا
َ َ ًّ ً َ ِ َ ً َ َ َ َ اِئ ْ َ َ ً ُ ََ ْ َ ْ ً )27وَعِنَب ً
م ( )32عبس) أال ترى كي77ف ذك77ر طع7ام اإلنس77ان من الحب والفواك77ه أوال ً ثم ذك77ر طع7ام مك ُ ْ وََأِلنْعَا ِ
األب أي التبن ،فناسب تقديم اإلنسان على األنعام ههنا كما ناسب تق77ديم األنع77ام ّ األنعام بعده وهو
م .فسبحان الله رب العالمين. على الناس ث ّ
م ( )151األنع77ام) وقول77ه ُ ه ا ي و م ُ ك ُ ق ز ر ن ن ح ن ق اَل م ن م م ُ ك د اَل و ** ومن ذلك قوله تعالى (واَل تقْتلُوا َأ
ْ َّ ْ َِإ ُ ُ ْ َ ْ َ ْ ِإ ْ ٍ ِ ْ َ ْ ُ َ َ
َأ
77يرا ( )31اإلس77راء) ن خِطًْئا كَب ِ ً م ك َ77ا َ ن قَتْلَهُ ْ م ِإ َّ م وَِإيَّاك ُ ْ 77ر ُزقُهُ ْ ن نَ ْ ح ُ ق نَ ْ ماَل ٍ ة ِإ ْ َش77ي َ َ مخ ْ (وَاَل تَقْتُلُوا وْاَل دَك ُ ْ
فقدم رزق اآلباء في اآلية األولى على األبن77اء ،وفي الثاني77ة ق77دم رزق األبن77اء على اآلب77اء وذل77ك ألن
الكالم في اآلية األولى موجه إلى الفقراء دون األغنياء فهم يقتلون أوالدهم من الفقر الواق77ع بهم ال
أنهم يخشونه فأوجبت البالغة تقديم عِدتهم ب77الرزق تكمي77ل الع77دة ب77رزق األوالد .وفي اآلي77ة الثاني77ة
الخطاب لغير الفقراء وهم الذين يقتلون أوالدهم خشية الفق77ر ال أنهم مفتق77رون في الح77ال وذل77ك
أنهم يخافون أن تسلبهم كلف األوالد ما بأيديهم من الغنى فوجب تقديم العدة برزق األوالد في77أمنوا
ما خافوا من الفقر .فق77ل :ال تقتل77وهم فإن77ا ن77رزقهم وإي77اكم أي أن الل77ه جع77ل معهم رزقهم فهم ال
يشاركونكم في رزقكم فال تخشوا الفقر.
َأ
َابم عَذ ٌ م ِغشَ اوَةٌ وَلَهُ ْ صارِهِ ْ م وَعَلَى ب ْ َ معِهِ ْ س ْ م وَعَلَى َ ه عَلَى قُلُوبِهِ ْ م الل َّ ُ ** ومن ذلك قوله تعالى (خَت َ َ
صرِهِ ِغشَ اوَةً ( )23الجاثي77ة) فق77دم َ َ ب ى َ َل ع ل َ ع
َ ِ َ َ َج و ِ ه ب ْ ل َ ق و ِ ه ِ ع م
َ ْ س ى َ َل ع م
م ( )7البقرة) وقوله (وَخ َ
َ َت عَظِي ٌ
القلوب على السمع في البقرة وقدم الس77مع على القلب في الجاثي77ة وذل77ك ألن77ه في البق77رة ذك77ر
ض7ا ( ) 7)10فق77دم القل77وب ل77ذلك .وفي م َر ً ه َ م الل َّ ُ ض فَ َزادَهُ ُ م َر ٌ م َ القلوب المريضة فقال (فِي قُلُوبِهِ ْ
َ َ َّ َآ َأ َأ ُ
ص ُّ 7ر م يُ ِ 7ات اللهِ تُتْلى عَلي ْ 7هِ ث ُ َّ معُ ي َِ 7 سَ 7 اك ث ِيم ٍ ( )7ي َ ْ ل فَّ ٍ ل ل ِك ِّ الجاثية ذكر األسماع المعطلة فقال (وَي ْ ٌ
َاب َأل ِيم ٍ ( )8الجاثي77ة) فق77دم الس77مع .فوض77ع ك77ل لفظ77ة في َأ
شْ 7رهُ بِعَ7ذ ٍ معْهَا فَب َ ِّ س َ م يَ ْ ن لَ ْ ستَكْب ِ ًرا ك َ ْ م ْ ُ
المكان الذي يناسبها.
ثم إن آية البقرة ذكرت صنفين من أصناف الكافرين من هم أش77د ض77الال ً وكف77را ً ممن ذك77رتهم آي77ة
الجاثية فقد جاء فيها قوله تعالى ( ن الَّذين كَفَروا سواءٌ عَلَيهم َأَأنذ َرته َأ
ن( منُو َ م اَل يُْؤ ِ م تُن ْ7ذِ ْرهُ ْ م لَ ْ م ْ ِْ ْ ْ ْ َُ ْ َ َ ُ ِ َ ِإ َّ
َأ
م ( )7البق77رة) َاب عَظِي ٌ م عَ 7ذ ٌ ِش 7اوَةٌ وَلَهُ ْ مغ َ ص 7ارِهِ ْ م وَعَلَى ب ْ َ معِهِ ْ سْ 7 م وَعَلَى َ ه عَلَى قُلُوبِهِ ْ م الل َّ ُ )6خَت َ َ
ْ َ ْ َ َّ َّ َأ َ َأ َأ
معِهِ وَقَلب ِ 7هِ ْ 7 س َ ى َل ع م
َ َ ت خ
َ و
ٍ َ م ِل ع ى َل ع ه
ُ الل ه
ُ ل 7 ض
َ و ه
ِإ َ ُ َ ُ َ ا َو ه ه ه ل َ ذ خ
َ َّ ات ن م
َ َ َ ت ْ ي ر َ ف ( قوله الجاثية في وجاء
ن ( 7) 7)23فق77د ذك77ر في البق77رة أن و ر َّ َك ذ 7 ت اَل َ ف ل عَلَى بصره ِغشَ اوةً فَمن يه ِديه من بع7د اللَّه َأ َ
ُ َ َ ِ ِ ْ َْ ِ ِ ِ َ ْ َْ َ ِ َ َ ِ جعَوَ َ
اإلنذار وعدمه عليهم سواء وأنهم ميؤوس من إيمانهم ولم يقل مثل ذلك في الجاثية.
ثم كرر حرف الجر (على) مع القلوب واألسماع في آية البقرة مم7ا يفي7د توكي7د الختم فق7ال (عَلَى
م ) ولم يقل مثل ذلك في الجاثية بل انتظم األسماع والقولب بحرف جر واحد معِهِ ْ س ْ م وَعَلَى َ قُلُوبِهِ ْ
فقال (وختم على سمعه وقلبه).
َأ
م ِغشَ اوَةٌ) بالجملة اإلسمية والجملة اإلسمية كما هو معلوم تفي77د صارِ ْ ِ ه ثم قال في البقرة (وَعَلَى ب ْ َ
الدوام والثبات ومعنى ذلك أن هؤالء لم يسبق لهم أن أبصروا وإنما ه77ذا ش77أنهم وخلقتهم فال أم77ل
ِش 7اوَةً ) بالجمل77ة ص 7رِهِ غ َ ل عَلَى ب َ َ جعَ َ 7 في إبصارهم في يوم من األيام .في حين قال في الجاثي77ة (وَ َ
الفعلية التي تفيد الحدوث ومعلوم أن (جع77ل) فع77ل م77اض ومع77نى ذل77ك أن الغش77اوة لم تكن قب77ل
ه عَلَى عِلْم ٍ ) مم77ا ي77دل على أن77ه ك77ان مبص77را ً قب77ل َأ
ه الل َّ ُ ض7ل َّ ُ الجعل يدلك على ذلك قوله تع77الى (وَ َ
ترديه .ثم ختم آية البقرة بقوله (وله عذاب عظيم) ولم يقل مثل ذل77ك في آي77ة الجاثي77ة .ف77دل على
أن صفات الكفر في البقرة أشد تمكنا ً فيهم .ولذا قدم ختم القلب على ما سواه ألنه هو األهم فإن
مى القلب هو محل الهدى والضالل وإذا ختم عليه فال ينف77ع س77مع وال بص77ر ق77ال تع77الى (فَِإنَّهَ77ا اَل تَعْ َ
َأْل
صدُورِ ( )46الحج). وب الَّت ِي فِي ال ُّ مى الْقُل ُ ُ ن تَعْ َ ار وَلَك ِ ْ ص ُ ا بْ َ
وقال " : rأال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجس77د كل77ه أال
وهي القلب"؟
فكان تقديم القلب في البقرة أولى وأنسب كما أن تقديم السمع في الجاثية أنسب.
ِين ( )68النم77ل) ن هَ 7ذ َا اَّل َأس 7اط ِ َأْل ن قَب ْ ُ ن وََآبَاُؤنَا ِ ** ومنه قوله تعالى (لَقَد ْ وُ ِ
ير ا وَّل َ ُ َ ل ِإ ْ َأْل ِإ م ْ ح ُ عدْنَا هَذ َا ن َ ْ
َأ
ِين ( )83المؤمنون) فقدم (هذا) ير ا وَّل َ ساط ِ ُ َ اَّل
ن هَذ َا ِإ ل ِإ ْ ن قَب ْ ُ م ْ ن وََآبَاُؤنَا هَذ َا ِ ح ُ عدْنَا ن َ ْ وقوله (لَقَد ْ وُ ِ
َأ َآ َأ
في اآلي77ة األولى وأخره77ا في آي77ة المؤمن77ون وذل77ك أن م77ا قب77ل األولى ( ِئذ َا كُنَّا ت ُ َراب ً77ا وَ بَاُؤن َ77ا ِئنَّا
لَمخْرجون ( )67النم77ل) وم7ا قب7ل الثاني7ة (قَ7الُوا َأِئذ َا متن 7ا وكُنا تراب 7ا وعِظَا َأ
ن ()82 مبْعُوثُو َ م7ا ِئنَّا ل َ َ ً ِ ْ َ َ َّ ُ َ ً َ ُ َ ُ َ
المؤمنون) فالجهة المنظور فيها هناك ك77ونهم أنفس77هم وآب77اؤهم تراب77اً .والجه77ة المنظ77ور فيه77ا هن77ا
كونهم ترابا ً وعظاماً .وال شبهة أن األولى أدخل عن77دهم في تبعي77د البعث ذل77ك أن البلى في الحال77ة
األولى أكثر وأشد وذلك أنهم أصبحوا ترابا ً مع أبائهم .وأما في اآلية الثاني77ة ف77البلى أق77ل وذل77ك أنهم
تراب وعظام فلم يصبهم ما أصاب األولين من البلى ،ولذا ق7دّم (ه77ذا) في اآلي77ة األولى ألن77ه أدعى
إلى العجب والتبعيد.
يءٍ ْ شَ ِّ
ل ُ ك ى َ َل ع ُو ه و
ْ ُ ُ ُ ََأ َ ه و د ب ع ا َ ف ء
ٍ ي
ْ شَ ل ِّ ُ ك ق
ِ ُ ل َا خ َ ُو ه اَّل ه َ
ُ َ ُّ ْ ِإ َ ِإ ل اَل م ُ ك ب ر ه َّ الل مُ ُ ِك ل َ ذ ( تعالى ** ومن ذلك قوله
ن ()62 َ
ه ِإ هُوَ ف 7نَّى تُْؤفك ُو َ َ اَّل َ
يءٍ ِإل َ 7 اَل شْ 7 ل َ م خَ7الِقُ ك ُ ِّ ُ
ه َربُّك ْ َّ
م الل ُ ُ
ل ( )102األنعام) وقول7ه (ذَل ِك ُ وَكِي ٌ
غافر)
يءٍ) وفي غ77افر ج77اء ب77العكس. ل شَ ْ ه ِإاَّل هُو) وأخّر (خَالِقُ ك ُ ِّ فأنت ترى أنه قدم في آية األنعام (اَل ِإل َ َ
وذلك أنه في سياق اإلنكار على الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص ونفى الصاحبة والول77د ق77ال:
ن( ص7فُو َ ما ي َ ِ ه وَتَعَ7الَى عَ َّ ح ان َ ُ س7ب ْ َ ات بِغَي ْ7رِ عِلْم ٍ ُ ِين وَبَن َ ٍ ه بَن َ َرقُوا ل َ ُ م وَخ َ ن وَخَلَقَهُ ْ ج َّ جعَلُوا ل ِلَّهِ شُ َركَاءَ ال ْ ِ (وَ َ
ل يءٍ وَهُوَ بِك ُ ِّ ل َ ة وَخَل 7قَ ك ُ َّ َ َ ُ َ َ َ ُ َأ َأْل
شْ 7 حب َ ٌ ص 7ا ِ ه َ ن لُ 7 م تَك ْ ه وَلد ٌ وَل ْ نل ُ ض نَّى يَكو ُ ات وَا ْر ِ ماوَ ِ س َ )100بَدِيعُ ال َّ
ل يءٍ وَكِيٌ 77 ل شَ ْ يءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى ك ُ ِّ ل شَ ْ ه ِإاَّل هُوَ خَالِقُ ك ُ ِّ م اَل ِإل َ َ ه َربُّك ُ ْ م الل َّ ُ م ( )101ذَل ِك ُ ُ يءٍ عَل ِي ٌ شَ ْ
( )102األنعام) .فأنت ترى أن الكالم على التوحيد ونفي الشرك والشركاء والص77احبة والول77د ول77ذا
يءٍ) وهو المناسب للمقام. ل شَ ْ ه ِإاَّل هُوَ ) على (خَالِقُ ك ُ ِّ قدّم كلمة التوحيد (اَل ِإل َ َ
َ َ َ َ َأ
ة ) فأخّر الخلق بح ا ص
ُ ُ َ ٌ َ ْ َ ْ ُ َ ِ َ ٌ ه ل ن ُ ك ت م لو د ل و ه ل ن و ُ ك ي
َّ َ ى ن ( قوله بعد ٍ) ء ي ْ شَ ل َّ ُ ك ثم انظر كيف قال (وَخَل َ َ
ق
يءٍ ) وه77و شْ 7 ل َ خ77الِقُ ك ُ ِّ ه ِإ هُوَ َ اَّل َ اَل
ه ِإ هُوَ ) فقال ( ِإل َ اَّل َ اَل
بعد التوحيد وهو نظير تأخيره بعد قوله ( ِإل َ
تناظر جميل.
أما في غافر فليس الس77ياق ك77ذلك وإنم77ا ه77و في س77ياق الخل77ق وتع77داد النعم ق77ال تع77الى (لَخَل ْ7قُ
السماوات واَأْلرض َأكْبر من خَلْق الناس ولَك َأ
ل ن ( ))57إلى أن يق77ول (وَقَ77ا َ اس اَل يَعْلَمُو َ 7ر الن َّ ِ ن كْث ََ 7 ِ َّ ِ َ ِ َّ َُ ِ ْ َّ َ َ ِ َ َْأ ِ
ه ين ( )60الل َُّ 7ر
َ َ َ َّ َ َ ِ ِ َ 7 خ ا د م ن ه ج ن و ُ ُل خ د
َ َ ْ ي 7 س ِي ت د
ْ ِ َ َ 7ا 7 ب ع َن ع ن و
ِ َ َ ْ َ ُِ َر ب ْ ك ت 7 س ي ين ذ َّ ال ن
ْ ِإ َّ م ُ ك َ ل ب سْ ِ َ 7 ج ت م ادْعُون ِي ْ َربُّك ُ ُ
ن َأكْث ََر النَّاس اَل اس وَلك ِ َّ َ َ َ َ َّ ُ م اللي ْ َ َّ ُ َ جعَ َ الَّذِي َ
ِ ل عَلى الن َّ ِ ض ٍ ه لذ ُو ف ْ
َأ ن الل َ ص ًرا ِإ َّ مب ْ ِ ار ُ سكنُوا فِيهِ وَالنَّهَ َ ل ل ِت َ ْ ل لك ُ
ن ( ) )62فالكالم كما ترى ُ
ه ِإ هُوَ فَ نَّى تُْؤفَكو َ اَّل َ
يءٍ ِإل َ اَل ل شَ ْ ُ
م خَالِقُ ك ِّ ُ
ه َربُّك ْ م الل ُ َّ ُ
ن ( )61ذَل ِك ُ يَشْ ك ُ ُرو َ
عل الخلق وعلى نعم الله وفضله على الناس ال على التوحيد فقدم الخلق ل7ذلك فوض7ع ك7ل تعب7ير
في موطنه الالئق حسب السياق.
يءٍ )في ه77ذا الس77ورة ْ 7 ش َ ل ِّ ُ ك ق
َ َ ِ ُ ل 7ا 7 خ ُو ه اَّل ه
ُ َ ُّ ْ ِإ َ ِإ َ ل اَل م ُ ك ب ر ه َّ الل مُ ُ ِك ل َ ذ جاء في البرهان للكرماني قوله (
ه ِإ هُوَ ) ألن فيها قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات فدمغ قول اَّل يءٍ اَل ِإل َ
َ ل شَ ْ وفي المؤمن (خَالِقُ ك ُ ِّ
ْ َ
يءٍ ) .وفي المؤمن قبله ذك77ر الخل77ق وه77و (لخَل 7قُ ل شَ ْ ه ِإاَّل هُو ) ثم قال (خَالِقُ ك ِّ
ُ قائله بقوله (اَل ِإل َ َ
ْ َأ الس77ماو ِ َأْل
اس ) فخ77رج الكالم على إثب77ات خل77ق الن77اس ال على نفي 77ق الن َّ ِ ن خَل ِ م ْ 77ر ِ ض كْب َ ُ ات وَا ْر ِ َّ َ َ
الشريك فقدم في كل سورة ما يقتضيه قبله من اآليات.
يل اللَّهِ ( )72 ** ومن ذلك قوله تعالى ( ن الَّذين َآمنوا وهَاجروا وجاهَدوا بَأموال ِه َأ
سب ِ ِ م ِفي َ سه ِ ْ م وَ نْفُ ِ َ َ ُ ِ َْأ َ ِ ْ َ َ ُ ِ َ َ ُ ِإ َّ
َأ َأ األنفال) وقوله (الَّذِ َآ
عن ْ7د َ ة ِ جً 7 م د َ َر َ م عْظ َ ُ ُس 7هِ ْ م وَ نْف ِ موَال ِهِ ْ يل اللَّهِ ب ِ ْ سب ِ ِ جاهَدُوا فِي َ ج ُروا وَ َ منُوا وَهَا َ ين َ َ
ن ( )20التوبة) م الْفَاِئ ُزو َ ك هُ ُ اللَّهِ وَُأولَِئ َ
فق77دم األم77وال واألنفس على (في س77بيل الل77ه) في س77ورة األنف77ال وق77دم (في س77بيل الل77ه) على
األموال واألنفس في سورة التوبة ،وذلك ألنه في سورة األنفال تقدم ذكر المال والف77داء والغنيم77ة
ض الدُّنْيَا ( )67األنفال) وهو المال الذى فدى به األسرى أنفس77هم ن ع ََر َ من مثل قوله تعالى (تُرِيدُو َ
َأ َ
م ( )68األنف77ال) أي من الف77داء َاب عَظِي ٌ م عَ 7ذ ٌ خ 7ذ ْت ُ ْ م77ا َ م فِي َ س 7ك ْ ُ م َّ سبَقَ ل َ ن اللَّهِ َ م َ اب ِ وقوله (لَوْاَل كِت َ ٌ
ح طيِّبًا ( )69األنف77ال) وغ77ير ذل77ك فق77دم الم77ال ههن77ا ،ألن الم77ال ك77ان َ اًل اَل م َ مت ُ ْ ما غَن ِ ْ م َّ وقوله (فَكُلُوا ِ
مطلوبا ً لهم حتى عاتبهم الله في ذلك فطلب أن يبدأوا بالتضحية به.
م م يُعَ7ذِّبْهُ ُ وأما َأفي سورة التوبة فقد تقدم ذكر الجهاد في سبيل الله من مثل قول7ه تع7الى (قَ7ات ِلُوهُ ْ
ش7ف ص7دور قَ77وم مُْؤمن ِين () )14وقول77ه (َأم حس7بتم َأ
ن ْ َ ِ ُْ ْ ْ ِ َ ْ ٍ م وَي َ ْ ِ ُ ُ َ م عَلَيْهِ ْ صْ 7رك ُ ْ م وَيَن ْ ُ م وَيُخْزِهِ ْ ه ب ِ يْدِيك ُ ْ الل َّ ُ
ة جً 7 ِين وَل ِي َ من َ س7ولِهِ وَ المُْؤ ِ ْ اَل ون اللهِ وَ َر ُ اَل َّ ن دُ ِ م ْ خذ ُوا ِ م يَت َّ ِ م وَل َْ منْك ْ ُ جاهَدُوا ِ ين َ ه الذِ َ َّ َّ
ما يَعْلم ِ الل ُ َ َ
تُت ْ َركوا وَل َّ ُ
حرام كَم َآ َأ
ن بِاللَّهِ م َ ن َ جدِ ال ْ َ َ ِ َ ْ س ِ م ْ ارةَ ال ْ َ م َ ع َ ج وَ ِ حا ِّ ة ال ْ َ سقَاي َ َ م ِ جعَلْت ُ ْ ن ( ) )16وقوله ( َ ملُو َ ما تَعْ َ ير ب ِ َ ه خَب ِ ٌ وَالل َّ ُ
ين ( ) )19فقدم َّ ْ اَل َّ َّ اَل َّ وَالْيَوْم ِ ا خِرِ وَ َ َآْل
م َ م الظال ِ ِ ه يَهْدِي القَوْ َ عنْد َ اللهِ وَالل ُ ن ِ ستَوُو َ يل اللهِ ي َ ْ سب ِ ِ جاهَد َ فِي َ
ذكر (في سبيل الله) على األموال واألنفس وهو المناسب ههنا للجهاد كم77ا ق77دم األم77وال واألنفس
هناك ألنه المناسب لألموال.
ِر ()12 م77وَاخ َ 7رى الفُل 7ك فِي7هِ َ َ ْ ْ موَاخ َِر فِيهِ ( )14النحل) وقول77ه (وَت ََ 7 َ
**ومنه قوله تعالى (وَت َ َرى الفُلك َ ْ ْ
فاطر):
قّ دم المواخر على الجار والمجرور في النحل وقدم (فيه) على مواخر في ف7اطر .وذل7ك أن7ه تق7دم
الكالم في النحل على وسائط النقل فذكر األنعام وأنها تحمل األثقال وذكر الخيل والبغال والحم77ير
ْأ
م77ا ح ً ه لَ ْ من ُْ 7 7ر لِت َ 7كُلُوا ِ حَ 7 َّر الْب َ ْ سخ َ نركبها وزينة ثم ذكر الفلك وهي واسطة نقل أيضا ً فقال (وَهُوَ الَّذِي َ
ن( ش 7ك ُرو َ ُ م تَ ْ ُ
ضلِهِ وَلعَلك ْ َّ َ نف ْ َ م ْ ِر فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا ِ موَاخ َ ك َ سونَهَا وَت َ َرى الْفُل ْ َ ة تَلْب َ ُ ه حِلْي َ ً من ْ ُ جوا ِ ستَخْرِ ُ طَرِيًّا وَت َ ْ
)14النحل) قدّم المواخر ألنه من صفات الفلك وهذا التق77ديم مناس77ب في س77ياق وس77ائط النق77ل.
ن نُطْفَ 7ةٍ م ْ م ِ اب ث ُ َّ تُر ٍ ن َ م ْ م ِ ه خَلَقَك ُ ْ وليس السياق كذلك في سورة فاطر وإنما قال الله تع77الى (وَالل َّ ُ
ن عُمُرِهِ ِإاَّل ل م ُأ ثُم جعلَك ُ َأ
م ْ ص ِ مرٍ وَاَل يُنْقَ ُ معَ َّ ن ُ م ْ م ُر ِ ما يُعَ َّ مه ِ و َ َ ضعُ ِإاَّل بِعِل ْ ِ ن نْث َى وَاَل ت َ َ م ُ ِ ْ ح ِ ما ت َ ْ جا و َ َ م ْزوَا ً َّ َ َ ْ
س77اِئغٌ ات َ ْب فُ َر ٌ ان هَذ َا عَذ ٌ ح َر ِ ستَوِي الْب َ ْ ما ي َ ْ يرْأ ( )11فاطر) ثم قال (وَ َ س ٌ ك عَلَى اللَّهِ ي َ ِ ن ذَل ِ َ اب ِإ َّ ِفي كِت َ ٍ
َ ْ ْ ْ ْ َ َ ُ ُ ن ك ٍّ ُ ُأ ْ
7رى الفُل 7ك فِي7هِ س7ونَهَا وَت َ َ ة تَلب َ ُ ن حِلي ًَ 7 جو َ س7تَخْرِ ُ ما طرِيًّا وَت َ ْ ح ً نل ْ ل ت َ كلو َ م ْ ج وَ ِ جا ٌ ح َ مل ٌ ه وَهَذ َا ِ شَ َراب ُ ُ
ن ( ) )12فالكالم هنا على البحر وأنواعه وما أودع الله فيه م تَشْ ك ُ ُرو َ ضلِهِ وَلَعَلَّك ُ ْ ن فَ ْ م ْ ِر ل ِتَبْتَغُوا ِ موَاخ َ َ
من نعم .فلما كان الكالم على البحر قدم ضمير البحر على المخر فقال (وترى الفلك فيه مواخر).
فانظر كيف أنه لما كان الكالم على وسائط النقل والفلك قدم حال77ة الفل77ك ولم77ا ك77ان الكالم على
ابحر ذكر ما يتعلق به.
َ7ر النَّاس ِإاَّل ْ َأ َأ َ ن ك ُ ِّ َآ ْ ْ َ
َأ ِ َ7ل ف 7بَى كث ُ مث ٍ ل َ م ْ ن ِ قُر ِ اس فِي هَ7ذ َا ال ْ صَّ 7رفنَا ل ِلن َّ ِ ** ومن ذلك قوله تعالى (وَلقَد ْ َ
كُفُورا ( )89اإلسراء) وقوله (ولَقَد ْ صرفْنَا فِي هَذ َا الْقُرَآ
َ7ر ن كْث َ س7ا ُ ن اِإْلن ْ َ َ7ل وَك َ7ا َ مث ٍ ل َ ن ك ُ ِّ م ْ اس ِ ِ َّ ِلن ل ن ِ ْ َّ َ َ ً
جدَاًل ( )54الكهف) يءٍ َ شَ ْ
قدم (للناس) على (في هذا القرآن) في اإلسراء وأخّره77ا في الكه77ف وذل77ك ألن77ه تق77دم الكالم في
ض وَن ََ7أى 7ر َ ان عَْ 7
اإلسراء على اإلنسان ونعم الله علي77ه ورحمت77ه ب77ه فق77ال (و ذ َا َأنعمن 77ا عَلَى ا نس َ 7أ
ِإْل ْ َ ِ َْ ْ َ َِإ
م اَل حيْنَا ِإلَي ْ َ َأ
ك ث ُ َّ ن بِالَّذِي وْ َ شْئنَا لَنَذْهَب َ َّ ِئن ِ سا ( ) 7)83إلى أن يقول (وَل َ ْ ن يَُئو ً ه الشَّ ُّر كَا َ س ُ م َّ جانِبِهِ وَِإذ َا َ بِ َ
ت معَ ِ جت َ َ ِئن ا ْ َ ل لْ قُ ) 87 ( ا 7ير
ً 7 ِ ب َ ك ك َ 7 ْ ي َ َل ع نَ 7ا
7 َ ك ه
ُ َ ل 7 ض
ْ َ ف ن
َّ ِإ كَ ِّ ب رَ نْ م
ِ ة
ً م
َ ح
ْ رَ اَّل ِإ ) 86 ( اًل ي ِ ك َ و ا َ ن ْ ي َ َل ع ِ ه ِ ب َ
ك َ ل ُ د جتَ ِ
ِ
ْأ َآ ا نس والْجن عَلَى َأ ْأ
7يرا () 7)88 ض ظَهًِ 7 م لِبَعْ ٍ ض 7ه ُ ْ ن بَعْ ُ مثْلِهِ وَلَوْ كَا َ ن بِ ِ ن اَل ي َ تُو َ ْل هَذ َا الْق ُْر ِ مث ِ ن ي َ تُوا ب ِ ِ ْ ِإْل ْ ُ َ ِ ُّ
فناسب تقديم الناس في سورة اإلسراء.
ولم يتقدم مثل ذلك في س77ورة الكه77ف .ثم انظ77ر في افتت77اح ك77ل من الس77ورتين فق77د ب77دأ س77ورة
ْأ مد ُ ل ِلَّهِ الَّذِي َأن ْ َز َ
س7ا م7ا لِيُن ْ7ذِ َر ب َ ً ج7ا ( )1قَي ِّ ً ه عِوَ ً ل ل َُ 7 جعَْ 7 م يَ ْ 7اب وَل َ ْ ل عَلَى عَبْدِهِ الْكِت َ َ ح ْ الكهف بقوله (ال ْ َ
َأ َ َأ َّ ْ
س7نًا ( ) 7)2فق7د ب7دأ ح َ 7را َ ج ً م ْ ن لهُ ْ ات َّ ح ِ الص7ال ِ َ َّ ن
ملُو َ ين يَعْ َ ِين الذِ َ من َ شَ 7ر المُْؤ ِ ه وَيُب َ ِّ ن لَدُن ُْ 7 م ْ ش7دِيدًا ِ َ
السورة بالكالم على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح
وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس ،فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر
القرآن على الناس في هذه اآلية كما في البدء.
ن حا َ (س 7ب ْ َ وأما في سورة اإلسراء فقد بدأت بالكالم على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقول77ه تع77الى ُ
َأْل َأ
ه () 7)1ثم تكلم حوْل َ ُ 7 اركْن َ77ا َ ص 7ى الَّذِي ب َ َ جد ِ ا ق ْ َ س ِ م ْ ح َرام ِ ِإلَى ال ْ َ جدِ ال ْ َ س ِ م ْ ن ال ْ َ م َ س َرى بِعَبْدِهِ لَيْاًل ِ الَّذِي ْ
َّ ْ َأ َّ َآ ْ
ين ِين الذِ َ من َ شُ 7ر المُْؤ ِ م وَيُب َ ِّ ي قْ77وَ ُ ن يَهْ7دِي ل ِلت ِي هِ َ ن هَذ َا الق ُْر َ على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلكِ( :إ َّ
يعملُون الصالِحات َأن لَه َأ
يرا ( ) 7)9فكان المناسب أن يتق7دم ذك77ر الن7اس فيه7ا على ذك7ر ج ًرا كَب ِ ً م ْ َّ َ ِ َّ ُ ْ َ َْ َ
القرآن في هذه اآلية وهذا تناسب عجيب بين اآلية ومفتتح السورة في الموضعين.
َأ َأ
ُورا ( ) 7)89والكفور ه77و اس ِإاَّل كُف ً ثم انظر خاتمة اآليتين فقد ختم آية اإلسراء بقوله (فَ بَى كْث َُر الن َّ ِ
حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل أال ترى مقابل الشكر الكفران ومقاب77ل
ُورا ( )3اإلنسان) فكان خت77ام اآلي77ة ما كَف ً ما شَ اك ِ ًرا وَِإ َّ ل ِإ َّ سبِي َ الشاكر الكفور قال تعالى (ِإنَّا هَدَيْنَاهُ ال َّ
ج 7دَاًل ( ء
ٍ ي 7 ش َ 7ر 7 َ ث ْ ك بقوله (وك َ77ان ا نس7ان َأ ختمها فقد الكهف مناسب لما تقدم من السياق .أما آية
ْ َ َ َ ِإْل َ ُ ْ َ
ه
َ ِ ِ ِ ب ح ا ِص7 ل َ
ل َ7ا ق َ ف ( تع7الى قول7ه مثل من والمراء والجدل المحاورات ) 7)54لما ذكر قبلها وبعدها من
7روا ين كفَُ 7 َ ل الذِ َ َّ ج77ادِ ُ ح77اوِ ُرهُ ( ) 7)37وبع77دها (وَي ُ َ ه وَهُوَ ي ُ َ حب ُ ُ ص 7ا ِ ه َ ل لُ 7 َ حاوِ ُرهُ ( ) 7)34وقوله (قَ77ا َ وَهُوَ ي ُ َ
حقَّ ( ) 7)56وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما ك77ان يفع77ل. ضوا بِهِ ال ْ َ ح ُ ل ل ِيُد ْ ِ بِالْبَاط ِ ِ
م َراءً ظَاهِ ًرا ( ) 7)22ولم يرد لفظ الجدل وال المحاورة في س77ورة اإلس77راء م ِإاَّل ِ مارِ فِيهِ ْ وقال (فَاَل ت ُ َ
كلها .فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكالم!.
ه 7 َ ال م ق 7 ف ن ي ي ذ َّ ال َ ك َى ذ َأْل ا و ن م ْ 7ال 7 ب م ُ ِك ت ا َ ق د 7 ص لُوا من ُوا اَل تُبْط ِ ** ومن ذلك قوله تعالى (يَا َأيُّها الَّذِ َآ
ِ ُْ ِ ُ َ ُ ْ ِ َ ِّ َأ َ َ َ ين َ َ َ
صلْدًا اَل ه َ ل فَت َ َرك َ ُ ه وَاب ِ ٌ ص اب َ ُ اب فَ َ ان عَلَيْهِ ت ُ َر ٌ صفْوَ ٍ َل َ مث ِ ه كَ َ مث َل ُ ُ ن بِاللَّهِ وَالْيَوْم ِ اَآْلخِرِ فَ َ م ُ اس وَاَل يُْؤ ِ رَِئاءَ الن َّ ِ
ين ل الذِ َ َّ مث َ ُ 7 ين ( )264البق77رة) وقول77ه ( َ م الك 77افِرِ َ َ ْ ه يَهْدِي القَ77وْ َ ْ اَل َّ
سبُوا وَالل ُ ما ك َ َ م َّ يءٍ ِ ن عَلى شَ ْ َ يَقْدِ ُرو َ
يءٍ ش7 َ ى َ َل ع وا ب س7 َ ك ا م م ن و ر د ْ7 ق ي اَل ف َاص7 ع م 7و ي ي ف ح ي ال7ر ه ب ت د ت اشْ د ا م ر َ ك م ه ُ ال م ْ ع كَفَروا بربهم َأ
ْ ُ َ َّ ِ َ ُ ِ َ ٍ ِ ْ ٍ َ ِ ُ ِّ ِ ْ ِ َّ َ ٍ َ ُ ْ َ َ َِ ِ ْ ِّ ُ
ل الْبَعِيد ُ ( )18ابراهيم) ضاَل ُ ك هُوَ ال َّ ذَل ِ َ
خ77ر الكس77ب .وق77ال في سبُوا ) فق77دم الش77يء وأ ّ ما ك َ َ م َّ يءٍ ِ ن عَلَى شَ ْ فقال في آية البقرة (اَل يَقْدِ ُرو َ
يءٍ ) فقدم الكسب وأخر الشيء وذلك أن آية البقرة سبُوا عَلى شَ ْ َ ما ك َ َ م َّ ن ِ سورة ابراهيم (اَل يَقْدِ ُرو َ
ن عَلى َ ط وليس كاسبا ولذلك أخّر الكسب فقال ( يَقْدِ ُرو َ اَل ً قي سياق اإلنفاق والصدقة والمنفق مع ٍ
سبُوا ) وأما اآلية الثانية فهي في سياق العمل والعامل كاسب فقدّم الكسب. ما ك َ َ م َّ يءٍ ِ شَ ْ
عن ْ7دِ ن ِ ْ م
ِ اَّل ْ ُ ِإ ر 7 ص َّ الن ا م و
ُ ْ ِ َ َ ِ ه ب م ُ ك ب و ُ ل ُ ق ِئن
َ َّ م ْ ط َ تِ ل و
ْ َ م ُ ك َ ل ى رُ ِإ ُ َ شْ ب اَّل ه َّ الل ه
َ َ َ َ ُ َ ل ع ج ا م (و تعالى قوله ذلك ومن **
ن م م ُ ك ي َ َل ع ل ُ ز 7 ن ي و ه 7 ن م ة 7 ن م َأ س 7ا 7 ع ن ال م ُ يك 7 َش ِّ غ ي ْ ذ ( 7ه 7 وقول 7ران) 7 عم آل ) 126 ( ْ ْ َّ
ْ ْ ِ َ
َأْل
َ َ َ ً ِ ْ ُ َ ُ َ ِّ ُ ُّ َ ِإ ُ الل ِ َ ِ ِ َ ِ ِ
يم ك ح ال 7ز 7 ي ز ع ال ه
م ()11 ت ب ِ7هِ ا ق7دَا َ ْ م وَيُث َب ِّ َ ُ ُ
ان وَلِي َ ْربِط عَلى قلوبِك ْ ُ َ َ ج َز الشَّ يْط ِ َ م رِ ْ ب عَنْك ْ ُ م بِهِ وَيُذْهِ َ ُ
ماءً ل ِيُطهِّ َرك ْ َ ماءِ َ س َ ال َّ
األنفال)
فقدّم القلب على الجار والمجرور في آل عم7ران فق7ال( :ولتطمئن قل7وبكم ب7ه) وأخّره7ا عن7ه في
األنف77ال فق77ال (ولتطمئن ب77ه قل77وبكم) علم77ا ً ب77أن الكالم على معرك77ة ب77در في الموط77نين غ77ير أن
الموقف مختلف.
ففي آل عمران ذكر معركة بدر تمهيدا لذكر موقعة أحد وما أصابهم فيها من قرح وح77زن والمق77ام ً
َأ
ن ن ِإ ْ م اَأْلعْل َ7وْ َ ح َزن ُوا وَ نْت ُ ُ مقام مسح على القلوب وطمأنة لها من مثل قوله تع7الى( :وَاَل تَهِنُوا وَاَل ت َ ْ
ُ َأْل ه وَت ِل َْ 7
اس ن الن َّ ِ م نُدَاوِلهَا بَي ْ َ ك ا يَّا ُ مث ْلُ ُ ح ِ 7ر ٌ م قَ ْ س الْقَوْ َ م َّ ح فَقَد ْ َ م قَ ْر ٌ سك ُ ْ س ْ م َ ن يَ ْ ِين (ِ )139إ ْ من َ مْؤ ِ م ُ كُنْت ُ ْ
ين ( )140آل عم77ران) إلى غ77ير م ل ا َّ الظ ِب ح ي اَل ه َّ الل و ء
َ ا د ه 7 ش ُ م ُ ك ن م َ ذ 7 خ ت ي و نُوا م َآ ين ذ َّ ال ه َّ الل م َ
َ ِ ِ ُ ُّ َ ُ َ َ ْ ْ ِ ِ َّ ََ َ َ ِ ُ وَل ِيَعْ َ
ل
ِئن ْ َ ِ َ َ َّ م ْ ط ت ل و م ُ ك َ ل ى ر َ 7 شْ ب
ُ ِإ ُ اَّل ه َّ الل ه
َ َ ُ 7 َ ل ع ج 7ا 7 م
َ َ (و 7وطن 7 الم هذا في فقال والتصبير المواساة آيات من ذلك
م ُ
ش َ 7رى لك ْ َ اَّل
م بِهِ ) فذكر أن البشرى (لهم) وقدم (قلوبهم) على اإلم77داد بالمالئك77ة فق77ال (ِإ ب ُ ْ قُلُوبُك ْ
ُ
م بِهِ ) كل ذلك من قبيل المواساة والتبشير والطمأنة. ُ
ِئن قُلوبُك ْ ُ م َّ وَل ِتَط ْ َ
ولما لم يكن المقام في األنفال كذلك وإنما المقام ذكر موقعة ب77در وانتص77ارهم فيه77ا ودور اإلم77داد
م ن َربَّك ُ ْ ستَغِيث ُو َ السماوي في هذا النصر وقد فصل في ذلك أكثر مما ذكر في آل عمران فقال (ِإذ ْ ت َ ْ
ْ ه ِإاَّل ب ُ ْ فَاستجاب لَكُم َأني ممدك ُ َأ
ش َ 7رى َ َ َ َّ ِ ِ
ه 7 ب ِئن م ط ِت ل و ه الل َّ ُ جعَل َُ 7 م77ا َ ين ( )9وَ َ مُردِفِ َ ْ ماَل ِئكَةِ ن ال ْ َ م َ ف ِ م بِ لْ ٍ ُ ِ ُّ ْ ْ ِّ ْ َ َ َ
َأ
ل ه وَيُن َِّ 7ز ُ من ُْ 7 ة ِ من ًَ 7 س َ م النُّعَ77ا َ َش7يك ُ ُ م (ِ )10إذ ْ يُغ ِّ حكِي ٌ ه عَزِي ٌز َ ن الل َّ َ ن عِنْدِ اللَّهِ ِإ َّ م ْ ص ُر ِإاَّل ِ ما الن َّ ْ م وَ َ قُلُوبُك ُ ْ
ت ب ِ 7هِ م وَيُث َب ِّ َ ُ
ان وَل ِي َ ْرب ِ77ط عَلى قُلُوبِك ْ َ َ الش 7يْط ِ َ َّ جَ 7ز م رِ ْ ُ
ب عَنْك ْ م بِهِ وَيُذْهِ َ ُ
ماءً لِيُطهِّ َرك ْ َ ماءِ َ س َ ن ال َّ م َ م ِ عَلَيْك ُ ْ
ين لُوب الَّذِ َ ِ سُ7ألْقِي فِي قُ منُوا َ ين َ
ك لَى الْماَل ِئك َ7ةِ َأنِّي معَكُم فَثَبِّت ُوا الَّذِ َآ
َ ْ َ َ م (ِ )11إذ ْ ي ُوحِي َرب ُّ َ ِإ ا قْ7دَا َ
َأْل
ان ( ) 7)12أقول لما كان المق77ام مختلف77ا ً م ك ُ َّ َأْل
ل بَن َ ٍ منْهُ ْ ضرِبُوا ِ اق وَا ْ ضرِبُوا فَوْقَ ا عْن َ ِ ْب فَا ْ الرع َ كَف َُروا ُّ
خالف في التعبير .أنه لما كان المقام في األنفال مق7ام اإلنتص7ار وإب7راز دور اإلم7داد الرب7اني ق7دم
(به) على القل77وب والض77مير يع77ود على اإلم77داد .ولم77ا ك77ان المق77ام في آل عم77ران ه77و الطمأنين77ة
م77ا م ب ِ 7هِ ) وزاد كلم77ة (لكم) فق77ال (وَ َ ِئن قُلُوبُك ُ ْ م َّ وتسكين القلوب قدمها على اإلم77داد فق77ال (وَل ِتَط ْ َ
م ) زيادة في المواسة والمسح على القلوب فجعل كال ً في مقامه. ه ِإاَّل بُشْ َرى لَك ُ ْ ه الل َّ ُ جعَل َ ُ َ
ن م َ ف ه َّ الل 7ر ي َ غ ِ ل ه 7 ب ل َّ 7 ه ُأ 7ا م و ير ز ن خ ِ ْ ال م ح َ ل و م د ال و ة
َ ت ي م ْ ال م ُ ك ي َ َل ع م ر ح ا م ن ( تعالى قوله ذلك ومن **
َ ِ ِ ْ ِ ِ ِ ِ ِ ِ َ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ُ ِإ َ َ َّ َ َّ
ةميْت َ ُ م ال ْ َ ت عَلَيْك ُ ُ م ْ ح ِّر َ م ( )173البقرة) وقوله ( ُ ُور َرحِي ٌ ه غَف ٌ ن الل َّ َ م عَلَيْهِ ِإ َّ اغ وَاَل عَادٍ فَاَل ِإث ْ َ ضط َّر غَي ْ َر ب َ ٍ
ا ْ ُ
ما ك َ َ َأ ْ ُ ْ ْ َّ ما هِ َّ ُأ ْ َ
سبُعُ ل ال َّ ة وَ َ ح ُ ة وَالنَّطِي َ مت َ َردِّي َ ُ موْقوذَةُ وَال ُ ة وَال َ منْخَنِقَ ُ ل لِغَيْر اللهِ بِهِ وَال ُ خنْزير وَ َ م ال ِ ح ُ م وَل ْ وَالد َّ ُ
م7ا عَلَى ُأ اَّل ما ذ َكَّيتم وما ذ ُِبح ِ عَلَى النصب ِ( )3المائ7دة) وقول7ه (قُ ْ َأ
ح َّر ً م َ ي ُ ِي ِإل َ َّ م7ا وح َ ج 7د ُ فِي َ ل اَل ِ ُّ ُ ِ ُْ ْ َ َ ِ َ َ
س 7قًا ُأهِ َّ 7 َأ ة َأو دما مسفُوحا َأ ِإطَاعِم يطْعمه اَّل َأ
ل لِغَي ْ77رِ اللَّهِ س وْ فِ ْ ٌ ج
ْ ر
ِ ٍ ِإ ُ ِ ه َّ ن َ ف ير ز ْ ن خ
ِ م
َ ح ْ َ ل ْ و ً ْ ْ ً َ َ ً َ ت ْ ي م
َ ن
َ و ُ ك َ ي ن
ْ ُ ُ ِإ َ َ ٍ
م ( )145األنعام) ُور َرحِي ٌ ك غَف ٌ ن َرب َّ َ اغ وَاَل عَادٍ فَِإ َّ ٍ ضط ُ َّر غَي ْ َر ب َ نا ْ ِ بِهِ فَ َ
م
ل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ) فقدم (به) على (لغير الله) ومعنى (ما ُأه77ل ب77ه) : ما ُأهِ َّ َ َ (و البقرة: آية في قال فقد
ل لِغَيْرِ اللهِ ب ِ77هِ ) فق77دّم َّ ما هِ َّ ُأ
ما رفع الصوت بذبحه وهو البهيمة .وقال في آيتي المائدة واألنعام( :وَ َ
(لغير الله) على (به) وذلك أن المقام في آية اإلنعام هو في الكالم على المف77ترين على الل77ه ممن
ح77ر ِ َأْل َأ
ث وَا نْعَ77ام ِ ن ال ْ َ ْ م َ ما ذ ََر ِ م َّ جعَلُوا ل ِلَّهِ ِ كانوا يشرعون للناس بإسم الله وهم يفترون عليه فقال (وَ َ
َ هُو َ ف ِ ه َّ ِل ل ن
َ ا َ ك ا م
َ َ و ِ ه َّ الل ى َ ل ِإ ل ُ ص
ِ َ ي اَل َ ف من لِشُ َرك َ ِ ْ
اِئه ما كَا َ م وَهَذ َا لِشُ َركَاِئنَا فَ َ مه ِ ْ صيبًا فَقَالُوا هَذ َا ل ِلَّهِ ب ِ َزعْ ِ نَ ِ
م ه د اَل و ل َأ َ 77 ت َ ق ين ك ر ش77 ْ م ْ ال ن م ِ77ير ث َ ِك ل ن ي ز ك َ ل َ ذ 77 َ ك و ) 136 ( ن مُو ُ ك ح ي 77ا م ء
َ ا س77 م اِئه َ ك ر ش77 ُ ى َ ل ل ُ ص77
ْ ِ ِ ْ ِ ِ َ ْ ُ ٍ ِ َ ِ َ َّ َ َ َ َ َ ْ ِ ْ َ َ ِإ يَ ِ
ن ( )137وَقالوا ُ َ ما يَفْت َ ُرو َ م وَ َ ما فعَلوهُ فذ َْرهُ ْ َ ُ َ ه َ َّ
م وَلوْ شَ اءَ الل ُ َ م دِينَهُ ْ سوا عَليْه ْ َ م وَل ِيَلب ِ ُ ْ م ل ِي ُ ْردُوهُ ْ شُ َركاُؤهُ ْ َ
َأ حجر اَل يطْعمها ِ اَّل من نشَ اءُ بزعْمه َأ َأ
ن م اَل ي َ7ذ ْك ُ ُرو َ ورهَ7ا وَ نْعَ7ا ٌ ت ظُهُ ُ م ْ حُر َ ِّ م م وَ نْعَ7ا ٌ َِ ِ ِ ْ َ َ ُ َ ِإ َ ْ َ ح ْرثٌ ِ ْ ٌ م وَ َ هَذِهِ نْعَا ٌ
ن ( )138األنع7ام) إلى غ77ير ذل77ك من اآلي77ات 7رو َ ما ك َ77انُوا يَفْت َُ 7 م بِ َ جزِيهِ ْ سي َ ْ م اللهِ عَليْهَا افْت َِراءً عَليْهِ َ َ َ َّ س َ ا ْ
التي تبين أن ثمة ذوات غير الله تحلل وتحرم مفترية على الل77ه ،وذوات يزعم77ون أنه7ا ش77ركاء لل77ه
تعبد معه ونصيبها أكبر من نصيب الله في العبادة ،ولذا قدم إبط7ال ه7ذه المعب7ودات من غ7ير الل7ه
ل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) ألنه هو مدار اإلهتمام والكالم. سقًا ُأهِ َّ على (ربه) فقال ( :وْ فِ ْ
َأ
والكالم في المائدة أيضا ً على التحليل والتجريم ومن بيده ذلك ،ورفض أية جه77ة تحل77ل وتح77رم من
غير الله فإن الله هو يحكم ما يريد .قال (يَاَأيُّها الَّذِين َآمنُوا َأوفُوا بالْعُقُودِ ُأحِلَّت لَكُم بَهيم َ ُ 7أْل
ة ا نْعَ77ام ِ ْ ِ َ ْ ِ ْ َ َ َ
منُوا اَل تُحِلُّوا حكُم ما يُريد ُ ( )1يَا َأيُّها الَّذِ َآ َأ
ين َ َ َ ه يَ ْ ُ َ ِ ن الل َّ َ م ِإ َّ ح ُر ٌ م ُ صيْدِ وَ نْت ُ ْ محِلِّي ال َّ م غَي ْ َر ُ ما يُتْلَى عَلَيْك ُ ْ ِإاَّل َ
اًل َ ْ ْ َآ اَل اَل ْ اَل ْ اَل ْ الشَّ اَل َّ
م ه
ِ ْ َ ِّ ِ ْ ب ر ن م 7 ض ْ ف نَ غُو ت ب
َ َ َ ََْ ي م ا 7ر 7 ح ال ت ِّ َ َ ْ َ ي ب ال ين م و
ِئ َ َ د ق
َ ال و
َ ْ َ َ ي د 7 ه ال و
َ َ َ َ م ا 7ر 7ح ال ر ْ َ ه و
ِ َ ه الل شَ عَ َ
اِئر
َأ ْ ْ ُ َأ َ َآ ُ اَل َ َ ْ َ
ن تَعْت َ77دُوا 77رام ِ ْ ح َ جدِ ال َ س ِ م ْ َن ال َ مع ِ صدُّوك ْ ن َ ن قوْم ٍ ْ م شَ ن َ ُ منَّك ْ جرِ َ صطادُوا وَ ي َ ْ م فا ْ حللت ُ ْ ضوَانًا وَِإذ َا َ وَرِ ْ
َ7اب ()2 ش7دِيد ُ الْعِق ِ ه َ ن الل َّ َ ه ِإ َّ ان وَاتَّقُوا الل َّ َ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْب ِ ِّر وَالتَّقْوَى وَاَل تَعَ77اوَنُوا عَلَى اِإْلث ْم ِ وَالْعُدْوَ ِ
ة مت َ َردِّي َُ 7 موْقُوذَةُ وَال ْ ُ ة وَال ْ َ خنِقَُ 7 من ْ َ ل لِغَي ْ77رِ اللَّهِ ب ِ7هِ وَال ْ ُ ما ُأهَِّ 7 م الْخِنْزِيرِ وَ َ ح ُ م وَل َ ْ ة وَالد َّ ُ ميْت َ ُ م ال ْ َ ت عَلَيْك ُ ُ م ْ ح ِّر َ ُ
ق 7 س ف م ُ ِك ل َ ذ م اَل ز َأْل 7ا 7 ب وا م 7 ْس ق ت س ت ن َأ و ب 7 ص الن ى َ َل ع ح ُب ذ 7ا م و م ت ي َّ َك ذ 7ا م اَّل ع ب س ال لَ َ ك َأ ا م و ة ح ي ط ن ال
ْ ٌ ِ ْ ِ ْ َأ ِ ُ ِ َ ُ ِ َ ْ ْ َ ُّ ِ َ ْ ْ َ َ ُ َّ ُ ُ ِإ َ َ َ َ ُ ِ َّ وَ
م ت عَلَيْك ُْ م م ت و م ُ ك ن ي د م ُ ك َ ل ت ْ ل م ْ ك ْش 7ون الْي 77وم َأ َ خ ا و م ه و شَ خ ت اَل َ ف م ُ ِك ن ي د ن م وا َر ف َ ك ين ذ َّ ال س ي م و يْ ال
ْ ِ َ ْ َ ْ َ ْ ُ َ ُ ْ ِ َ ْ َ َ ْ ْ ُ ْ َ ْ ِ ْ ِ ُ ِ َ َ ْ َ َِئ َ
م( فُور َرحِي ٌ ٌ ه غَ ن الل َّ َ ِف ِإِلث ْم ٍ فَِإ َّ جان ٍ مت َ َ صةٍ غَي ْ َر ُ م َ خ َ م ْ ضط ُ َّر فِي َ نا ْ م ِ م دِينًا فَ َ ساَل َ م اِإْل ْ يت لَك ُ ُ ض ُ مت ِي وَ َر ِ نِعْ َ
ما م َّ ن ِ ين تُعَلِّمُونَهُ َّ مكَلِّب ِ َ ج77وَارِ ِح ُ ن ال ْ َ م َ م ِ مت ُ ْ م77ا عَل َّ ْ 7ات وَ َ م الطَّيِّب َُ 7 ل لَك ُ ُ حَّ 7 ل ُأ ِ م قُ ْ ل لَهُ ْ ح َّ ماذ َا ُأ ِ ك َ سَألُون َ َ )3ي َ ْ
عَلَّمكُم اللَّه فَكُلُوا م َأ
اب ( ِس ِ 7 س 7رِيعُ الْح َ ه َ ن الل َّ َ ه ِإ َّ م اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا الل َّ َ س َ م وَاذ ْك ُ ُروا ا ْ ن عَلَيْك ُ ْ سك ْ َ م َ ما ْ ِ َّ ُ َ ُ
)4المائدة) فهو يجعل التحليل والتحريم بيده وي77رفض أي77ة جه77ة أخ77رى تق77وم ب77ذلك ،ألن ذل77ك من
ل لِغَيْرِ اللَّهِ ب ِ7هِ ) .ثم إن77ه ج77اء في ما ُأهِ َّ الشرك الذي أبطله اإلسالم ولذا قدمه في البطالن فقال (وَ َ
الموطنين بذكر اسم الله على الذبائح فذكر في آية األنعام أن المشركين ال يذكرون اسم الله على
م اللَّهِ عَلَيْهَا ) .وأم77ر في آي7ة المائ77دة ب7ذكر اس77م َأ
س َ نا ْ م اَل يَذ ْك ُ ُرو َ بعض ذبائحهم تعمدا ً فقال( :وَ نْعَا ٌ
م اللَّهِ عَليْهِ ) فناسب ذلك تقديم بطالن ذكر غير الله. َ س َ الله فقال( :وَاذ ْك ُ ُروا ا ْ
وأما في البقرة فليس المقام كذلك فلم يذكر أن جهة أخرى تقوم بالتحليل والتح77ريم وإنم77ا الكالم
حاَل اًل طَيِّب ً7ا ()168 َأْل َأ
ض َ ما ِفي ا ْر ِ م َّ س كُلُوا ِ على ما رزق الله عباده من الطيبات فقال( :ي َ7ا يُّهَ7ا النَّا ُ
اش7ك ُ ُروا ل ِلَّهِ ِإ ْ ن طَيِّب َ ِ البقرة) .وقال بعدها( :يَا َأيُّها الَّذِ َآ
م ِإيَّاهُ ن كُنْت ُ ْ م وَ ْ م7ا َر َزقْن َ7اك ُ ْ 7ات َ م ْ من ُوا كُلُوا ِ ين َ َ َ
ة والدم ولَحم الْخِنزير وما ُأ
7ر اض7ط ُ َّر غَي َْ 7 ن ْ ِ م
َ َ ف ِ ه ل بِهِ لِغَي ْ77رِ الل َّ َّ ِ ه َ َ ِ ِ ْ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ت ْ ي م
َ ْ ال م
ُ ُ ك ْ ي َ َل مع ح َّر َ ما َ ن (ِ )172إن َّ َ تَعْبُدُو َ
م ( )173البقرة) فلما كان المقام مقام ال7رزق والطع77ام ٌ ِي ح ر
ٌ َ ُور ف َ غ ه
َ َّ الل نَّ ِإ ِ ه ْ ي َ َل ع م
ِإ َ ْ ث اَل َ ف ٍ د َا ع بَاغ وَاَل
ٍ
بأكل الطيبات قدم (به) والضمير يعود على ما يذبح وهو طعام مناسبة للمقام والله أعلم.
َأ **ومن ذلك قوله تعالىَ( :أ َأ
ف نَذِيرِ ( ن كَي ْ َ مو َ ستَعْل َ ُ صبًا فَ َ حا ِ م َ ل عَلَيْك ُ ْ س َ ن ي ُ ْر ِ ماءِ ْ س َ ن ِفي ال َّ م ْ م َ منْت ُ ْ م ِ ْ
َأ َأ َأ َأ
م وْ جل ِك ُ ْ ت ْر ُ ح ِ ن تَ ْ م ْ م وْ ِ ن فَ77وْقِك ُ ْ م ْ م عَ7ذ َابًا ِ ن يَبْعَثَ عَلَيْك ُ ْ ل هُوَ الْقَ7ادِ ُر عَلَى ْ )17الملك) وقوله (قُ ْ
َّ َ َآْل ْأ
ن ( )65األنع77ام) م يَفْقَهُو َ 7ات لعَلهُ ْ ف ا ي َِ 7 ص ِّ 7ر ُ ف نُ َ ظُر كي ْ َ 7 َ ْ ض ان ْ س بَعْ ٍ م بَ َ ضك ْ ُ شيَعًا وَيُذِيقَ بَعْ َ م ِ سك ُ ْ يَلْب ِ َ
فقدّم خسف األرض على إرسال الحاصب في آية الملك وأخّر الع77ذاب عم77ا ي77أتي من الس77ماء في
ل لَك ُ َأْل
ش7وا فِي ض ذ َلُواًل فَا ْ
م ُ م ا ْر َ ُ جعََ 7 آية األنعام .وذلك أن آية الملك تقدّمها قوله تع77الى (هُوَ الَّذِي َ
ور ( )15المل7ك) فك7أن أنس77ب ش77يء في الموعظ77ة ت77ذكيره شُ 7 ن رِ ْزقِ7هِ وَِإلَي ْ7هِ الن ُّ ُ
م ْمنَاكِبِهَ77ا وَكُلُوا ِ َ
م ُ َ سُ 7
ل عَليْك ْ عب َ77ادِهِ وَي ُ ْر ِ َ ْ
بخسفها من تحتهم .أما آية األنعام فتقدمها قول77ه تع77الى (وَهُوَ القَ77اهِ ُر ف77وْقَ ِ
َأ
ن ( )61األنعام) فصرف هذا الخطاب م اَل يُف َِّرطُو َ
سلُنَا وَهُ ْ ت تَوَفَّت ْ ُ
ه ُر ُ م ال ْ َ
مو ْ ُ حدَك ُ ُ
جاءَ َ حتَّى ِإذ َا َ حفَظ َ ً
ة َ َ
تفكر النفس في عين الجهة التي ذكر منها القهر ،وكان أنسب شيء ذكر منها القه77ر وك77ان أنس77ب
شيء ذكر التخويف من تلك الجهة بخالف آية الملك.
ومما زاد حسنا ً قوله تعالى (ويرسل عليكم حفظة) والحفظة :هم المالئكة ،والمالئكة مس77كنهم في
السماء ،وربنا يرسلهم من فوق فناسب تقديم هذه الجهة على غيرها.
ونكتفي بهذا القدر من األمثلة فإن فيها كفاية فيما أحسب فهي تدل داللة واض77حة على أن التعب77ير
القرآني تعبير مقصود كل لفظ فيه وضع وض7عا ً فني7ا ً مقص7ودا ً وأن7ه لم يق7دم لفظ7ة على لفظ7ة إال
لغرض يقتضيه السياق .وقد روعي في ذلك التعبير القرآني كله ونظ77ر إلي77ه نظ77رة واح77دة ش77املة.
وأظن أن ما مر من األمثلة تريك شيئا ً من فخام77ة التعب77ير الق77رآني وعل77وه وأن مث77ل ه77ذا النظم ال
يمكن أن يكون في طوق بشر فسبحان الله رب العالمين.
(من كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل السامرائي .من صفحة )74 - 49
أمثلة أخرى على التقديم والتأخير مما ورد في إجابات الدكتور فاضل على أسئلة
المشاهدين:
تقديم وتأخير كلمة (شهيداً) في آية سورة العنكبوت وآية سورة اإلسراء
َّ َأْل
ين
ض وَالذِ َ ات وَا ْر ِ ماوَ ِالسَ 7
َّ م77ا فِي ش7هِيدا ً يَعْل َ ُ
م َ ل كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَك ُ ْ
م َ قال تعالى في سورة العنكب77وت (قُ ْ
ً ّ َ
ل كفَى بِاللهِ شَ هِيدا بَيْنِي ن { )}52وقال في سورة اإلسراء (قُ ْ س ُرو َ م الْخَا ِك هُ ُل وَكَف َُروا بِاللَّهِ ُأوْلَِئ َ7منُوا بِالْبَاط ِ ِ آ َ
صيرا {)}96 ً ً
ن بِعِبَادِهِ خَبِيرا ب َ ِ ه كَا َ وَبَيْنَك ُ ْ
م ِإن َّ ُ
في آية سورة اإلسراء ختم تعالى اآلية بذكر صفاته (خبيرا ً بصيرا) لذا اقتض77ى أن يُق7دّم ص77فته (ش77هيداً) على
(بيني وبينكم) ،أما في آية سورة العنكبوت فقد ختمت اآلية بصفات البشر (أولئك 7هم الخاسرون) لذا اقتضى
تقديم ما يتعلّق بالبشر( 7بيني وبينكم) على (شهيدا).
سن وََأنبَتَهَا نَبَاتا ً تقديم شبه الجملة (عليها زكريا) في قوله تعالى في سورة آل عمران (فَتَقَبَّلَهَا َربُّهَا بِقَب ُ ٍ
ح َ ٍول َ
ل يا مري َأ
نم ْت هُوَ ِ َ َ
ك هَـذ َا ق77ال ْم نَّى ل َ ِ جد َ عِندَهَا رِ ْزقا ً قَا َ َ َ ْ َ ُ
اب وَ َ
ح َر َ ل عَلَيْهَا َزكَرِيَّا ال ْ ِ
م ْ خ َما د َ َسنا ً وَكَفَّلَهَا َزكَرِيَّا كُل َّ َ
ح ََ
اب {)}37 س ٍ ح َ من يَشَ اءُ بِغَيْرِ ِ ه ي َ ْر ُزقُ َ ن الل ّ َ
عِند ِ اللّهِ إ َّ
م لهم وهم أعنى به. قاعدة نحوية :يقول سيبويه في التقديم والتأخير :يقدمون الذي هو أه ّ
والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق اآليات فقد يتقدم المفض77ول وق77د يتق77دم الفاض77ل .والكالم
في اآلي77ة في س77ورة آل عم77ران واآلي77ات ال77تي س77بقتها في م77ريم عليه77ا الس77الم وليس 7في زكري77ا وال في
المحراب لذا قدّم عليها ألن الكالم كله عن مريم عليها السالم.
وقري عينا) ّ تقديم األكل على الشرب في سورة مريم (فكلي واشربي
َأ
س7رِيّا ً { }24وَهُ ِّزي ِإلَي ِْ 7
7ك ك َ حت َ ِ ك تَ ْ ل َرب ُّ ِ جعَ َح َزنِي قَد ْ َ حتِهَا اَّل ت َ ْمن ت َ ْ نالحظ اآلية قبلها في سورة مريم (فَنَادَاهَا ِ
ً َأ ْ
حدا فقُول ِي ِإنِّي َ ن البَشَ رِ َ م َ
ن ِ ما ت َ َري ِ َّ جنِيّا ً { }25فكل ِي وَاشْ َربِي وَق ِّري عَيْنا فِإ َّ
َ ً َ ُ َ ك ُرطَبا ً َ ط عَلَي ْ ِ
ساقِ ْ جذ ِْع النَّخْلَةِ ت ُ َ بِ ِ
سراة وجمعها د السي تعني وهي السري كلمة وردت فقد }). 26 { ً ا يس ن م و يْ ال م ِّ لَ كت ل ِلرحمن صوما ً فَلَن ُأ
ُ ّ َ َ ْ َ ِإ ِ ّ ْ َّ ْ َ ِ َ ْ نَذ َْر ُ
جهّالهم س7ادوا) ،وهي بمع7نى أن الل7ه تع7الى ق7د جعل7ك تحت7ك س7يّدا .أم7ا التق7ديم سراة إذا ُ أي السادة (وال ُ
والتأخير في األكل والشرب فنالحظ أنه في القرآن كله حيثما اجتمع األكل والش77رب ق7دّم تع7الى 7األك7ل على
الشرب حتى في الجنّة (كلوا واشربوا هنيئا بما أس77لفتم في األي77ام الخالي77ة) وقول77ه (كل77وا واش77ربوا من رزق
7ري عين77ا) والس77بب 7في ذل77ك أن الحص77ول على األك77ل الله) وكذلك 7في آية سورة م77ريم (فكلي واش77ربي وقّ 7
أصعب من الحصول على الشرب.
ومثال آخر قوله تعالى سورة هود:
م لَهَ77ا َأ ة من عِن7ده فَعميت عَلَيك ُ َأ َأ َأ
مك ُ ُ
موهَ77ا وَ نت ُ ْ م نُلْزِ ُ ْ ْ ِ ِ ُ ِّ َ ْ مْ ِّ ً 7 ح َي وَآت َ77انِي َر ْ من َّرب ِّ َ نت ع َلَى بَيِّنَةٍ ِّ م ِإن ك ُ ُ ل يَا قَوْم ِ َر يْت ُ ْ (قَا َ
َ ُ َأ َأ ً
ه
من ْ ُ 7
من َّربِّي وَآت َ77انِي ِ ة ِّ نت عَلى بَيِّن َ ً م ِإن ك ُ ل يَا قَوْم ِ َر يْت ُ ْ ن { )}28وقوله تعالى 7في سورة هود أيضا (قَا َ كَارِهُو َ
سيرٍ { .)}63في اآلية األولى قدّم الرحم77ة على خ ِما تَزِيدُونَنِي غَي ْ َر ت َ ْ ه فَ َ
َصيْت ُ ُ
نع َ ن اللّهِ ِإ ْ م َنص ُرنِي ِ من ي َ ُ ة فَ َم ً ح َ
َر ْ
ميت ،أنلزمكموها ،وأنتم لها 7ك77ارهون) كله77ا تع77ود على الرحم77ة الجار والمجرور ،واآلية تتكلم عن الرحمة (فع ّ ّ
الجار والمجرور .أما في اآلية الثانية فاآلية تتكلم عن الله تعالى( 7ربي، ّ لذا اقتضى السياق تقديم الرحمة على
الله ،منه ،الضمير في عصيته) كلها تعود على الله تعالى 7لذا اقتضى السياق تقديم (منه) على الرحمة
تقديم اإلنس على الجان في آية سورة الرحمن (لم يطمثهن إنس قبلهم وال جان)
ن { ، )}56واإلنس77ان7 م وَاَل َ
ج77ا ٌّ نس قَبْلَهُ ْ
ن ِإ ٌ م يَط ْ ِ
مثْهُ َّ ف لَ ْ
ات الط َّ ْر ِ ن قَ ِ
اص َ 7ر ُ قال تعالى في سورة الرحمن (فِيهِ َّ
عادة تعاف نفسه المرأة إذا طمثها إنسي لذلك تقدّم ذكر اإلنس لكن إذا عاشرها جان ليس له77ا نفس الوق77ع
كاإلنسي.
تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (ما يستأخرون) في آية سورة الحج77ر والمؤمنونق77ال تع77الى في س77ورة
جلَهَا وَ َ
ما ن { )}5وقال في سورة المؤمنون (ما تسبق من ُأ َأ
مة ٍ َ
َ َ ْ ِ ُ ِ ْ َّ ستَْأخ ُِرو َ7 جلَهَا وَ َ
ما ي َ ْ
الحجر (ما تسبق من ُأ َأ
مة ٍ ََّ َ ْ ِ ُ ِ ْ َّ
ن { )}43بتقديم (ما تسبق) على (ما يستأخرون) 7أما في سورة األع77راف فق77د ج77اءت اآلي77ة بقول77ه ي ْأ
ست َ خ ُِرو َ َ ْ
ْأ ُ َأ َأ ُأ (وَل ِك ُ ِّ
ن { )}34بتق77ديم (ال يس77تأخرون) على (ال مو َ ة وَال َ ي َ ْ
س 7تَقْد ِ ُ س 7اع َ ً
ن َ م ال َ ي َ ْ
ست َ خ ُِرو َ7 جلهُ ْ جاء َ ل فَِإذ َا َ
ج ٌ
مةٍ َ ل َّ
يستقدمون) .وإذا الحظنا اآليات في القرآن نجد أن تقديم (ما تسبق من أمة إجلها) على (وما يستأخرون) 7لم
تأت إال في مقام اإلهالك والعقوبة.
تقدّيم البصر على السمع في آية سورة الكهف وآية سورة السجدة
َأ َأ ات واَأْل قال تعالى في سورة الكهف (قُل الل َّ َأ
من م77ا لَهُم ِّ معْ َ
س ِص ْر بِهِ وَ ْض بْ ِ َ ْ ِ ر ِ م َ
او س َ ب ال َّ ما لَبِثُوا ل َ ُ
ه غَي ْ ُ م بِ َه ع ْل َ ُ ُ
ْ َ ً ك في حك ْ ِ َأ
س 7و ن نَاك ِ ُ
جرِمُو َم ْ7رى ِإذ ِ ال ُ 7َ
َ ْ َ ت 7و7 ل(و 7جدة 7الس 7ورة 7س في وقال }) 26 { دا ح
مه ِ َُ ِ ِي وَاَل يُشْ رِ ُ ِ من وَل ٍّ د ُونِهِ ِ
ً َأ
ن { )}12والمعل7وم أن األك7ثر في موقِنُو َ ص7ال ِحا ِإنَّا ُ ل َ مْ 7 جعْن َ7ا نَعْ َ معْنَا فَ ْ
ار ِ سِ 7
صْ 7رنَا وَ َ
م َربَّنَا ب ْ َ
م عِند َ َربِّهِ ْ
سهِ ْ
ُرُؤو ِ
القرآن تقديم السمع على البصر ألن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ ألن فاقد البصر الذي يس77مع
يمكن تبليغه أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ثم إن مدى السمع أقل من مدى البصر فمن نسمعه يكون ع77ادة
أقرب ممن نراه ،باإلضافة إلى أن السمع ينشأ في اإلنسان 7قبل البص77ر في التك77وين .أم77ا لم77اذا ق7دّم البص77ر
على السمع في اآليتين المذكورتين فالسبب يعود إلى أنه في آية س77ورة الكه77ف الكالم عن أص77حاب الكه77ف
الذين فروا من قومهم لئال يراهم أحد ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيال ي77راهم أح77د لكن الل77ه تع77الى 7ي77راهم في
تقلبهم في ظلمة الكعف وكذلك 7طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى ال يراه القوم إذن مسألة البصر هن77ا أهم
من السمع فاقتضى تقديم البصر على السمع في اآلية.
وكذلك في آية سورة السجدة 7،الكالم عن المجرمون الذين كانوا في الدنيا 7يسمعون عن القيامة وأحوالها 7وال
والظن ولو تيقنوا آلمنوا أما في اآلخرة فقد أبص77روا م77ا ّ يبصرون لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك
كانوا يسمعون عنه ألنهم أصبحوا في مجال اليقين وه77و مي77دان البص77ر (عين اليقين) واآلخ77رة مي77دان الرؤي77ة
وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة .فعندما رأوا في اآلخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه
تغير الحال ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع.