You are on page 1of 14

‫التقديم والتأخير في القرآن الكريم‬

‫المفهوم الفعلي من حيث الداللة اللغوية للتقديم والتأخير أنه إذا بدأنا بكلمة سابقة على غيرها فقد‬
‫قدمناها في الكالم‪ .‬والتقديم نوعان أو ثالثة‪:‬‬

‫‪ .1‬تقديم اللفظ على عامله نحو قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نس‪77‬تعين) وقول‪77‬ه تع‪77‬الى‬
‫(وربك فكبّر) وقولنا ‪ :‬زيدا ً أكل أو زيدا ً أكرمت‪.‬و بمحمد اقتديت‪.‬‬
‫ُأ‬
‫‪ .2‬تقديم األلفاظ بعضها على بعض في غير العامل وذلك نحو قوله تع‪77‬الى (وَ َ‬
‫م‪77‬ا هِ ‪َّ 7‬‬
‫ل‬
‫ما ُأهِ َّ‬
‫ل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ) المائدة‬ ‫بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) البقرة وقوله (وَ َ‬

‫أوالً‪ :‬تقديم اللفظ على عامله‪:‬‬

‫ومن هذا الباب تقديم المفع‪77‬ول ب‪77‬ه على فعل‪77‬ه وتق‪77‬ديم الح‪77‬ال على فعل‪77‬ه وتق‪77‬ديم الظ‪77‬رف والج‪7‬ار‬
‫والمج‪77‬رور على فعلهم‪77‬ا وتق‪77‬ديم الخ‪77‬بر على المبت‪77‬دأ ونح‪77‬و ذلك‪ .‬وه‪77‬ذا التق‪77‬ديم في الغ‪77‬الب يفي‪77‬د‬
‫اإلختصاص فقولك (أنجدت خالداً) يفيد أنك أنجدت خالدا ً وال يفيد أن‪77‬ك خصص‪77‬ت خال‪77‬دا ً بالنج‪77‬اة ب‪77‬ل‬
‫يجوز أنك أنجدت غيره أو لم تنجد أحدا ً معه‪ .‬فإذا قلت‪ :‬خالدا ً أنجدت أفاد ذلك أنك خصص‪77‬ت خال‪77‬دا ً‬
‫بالنجدة وأنك لم تنجد أحدا ً آخر‪.‬‬

‫ومثل هذا التقديم في القرآن كثير‪ :‬فمن ذلك قوله تع‪77‬الى (إي‪77‬اك نعب‪77‬د وإي‪77‬اك نس‪77‬تعين) في س‪77‬ورة‬
‫الفاتحة‪ ،‬فقد قدّم المفعول به إياك على فعل العبادة وعلى فعل اإلس‪77‬تعانة دون فع‪77‬ل الهداي‪77‬ة قلم‬
‫يقل إيانا اهد كما قال في األوليين‪ ،‬وسبب ذلك أن العبادة واإلستعانة مختصتان بالله تعالى فال يعبد‬
‫ين (‪ )66‬الزم‪77‬ر )‬ ‫َّ‬
‫الش‪7‬اكِرِ َ‬ ‫ن‬
‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫‪7‬ل الل َّ َ‬
‫ه فَاعْبُد ْ وَك ُ ْ‬ ‫أحد غيره وال يستعان به‪ .‬وهذ نظير قوله تعالى (ب َ‪ِ 7‬‬
‫ن (‪ )172‬البقرة) فقدم المفعول ب‪7‬ه على فع‪77‬ل العب‪77‬ادة في‬ ‫م ِإيَّاهُ تَعْبُدُو َ‬ ‫وقوله (وَاشْ ك ُ ُروا ل ِلَّهِ ِإ ْ‬
‫ن كُنْت ُ ْ‬
‫الموضعين وذلك ألن العبادة مختصة بالله تعالى‪.‬‬

‫ن (‪ )12‬اب‪7‬راهيم)‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫متَوَكِّلُو َ‬ ‫** ومثل التقديم على فعل اإلس‪7‬تعانة قول‪7‬ه تع‪7‬الى (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَك َّ ِ‬
‫ُأ‬
‫ِيب (‪ )88‬ه‪77‬ود) فق‪7‬دم الج‪77‬ار‬ ‫ت وَِإلَي ْ‪7‬هِ ن ُ‬ ‫وقوله ( على الله توكلنا ربنا‪ ،‬األعراف) وقول‪77‬ه (عَلَي ْ‪7‬هِ ت َ‪7‬وَكَّل ْ ُ‬
‫والمجرور للداللة على اإلختصاص وذلك ألن التوكّل ال يكون إال على الل‪77‬ه وح‪77‬ده واإلناب‪77‬ة ليس‪77‬ت إال‬
‫إليه وحده‪.‬‬

‫ولم يقدم مفعول الهداية على فعله قلم يقل ‪ :‬إيانا اهد كما قال إياك نعبد وذل‪77‬ك ألن طلب الهداي‪77‬ة‬
‫ال يصح فيه اإلختصاص إذ ال يصح أن تقول اللهم اهدني وحدي وال تهد أحدا ً غيري أو خُصني بالهداية‬
‫من دون الناس وهو كما تقول اللهم ارزقني واشفني وعافني‪ .‬فأنت تسأل لنفسك ذلك زلم تس‪77‬أله‬
‫أن يخصك وحدك بالرزق والشفاء والعافية فال يرزق احدا ً غيرك وال يشفيه وال يعافيه‪.‬‬

‫حم َآ‬
‫ن هُوَ‬‫م ْ‬‫ن َ‬
‫مو َ‬‫ستَعْل َ ُ‬
‫منَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَ َ‬
‫ن َ‬‫الر ْ َ ُ‬ ‫** ومن هذا النوع من التقديم قوله تعالى (قُ ْ‬
‫ل هُوَ َّ‬
‫ين (‪ )29‬الملك) فقدم الفعل آمنا على الج‪7‬ار والمج‪77‬رور (ب‪77‬ه) وأخّ‪7‬ر توكلن‪7‬ا عن الج‪7‬ار‬ ‫مب ِ ٍ‬ ‫ضاَل ٍ‬
‫ل ُ‬ ‫فِي َ‬
‫ً‬
‫والمجرور (عليه) وذلك ألن اإليمان لما لم يكن منحصرا في اإليمان بالله ب‪77‬ل ال ب‪7‬د مع‪77‬ه من رس‪77‬له‬
‫ومالئكته وكتبه واليوم األخر وغيره مما يتوقف صحة اإليمان علي‪77‬ه‪ ،‬بخالف التوك‪77‬ل فإن‪77‬ه ال يج‪77‬وز إال‬
‫على الله وحده لتفرده بالقدرة والعلم القديمين الباقيين قدّم الجار والمجرور فيه ليؤذن باختصاص‬
‫التوكل من العبد على الله دون غيره ألن غيره ال يملك ضرا ً وال نفعا ً فيتوكل عليه‪.‬‬

‫ص ‪7‬ير اُأْل‬ ‫َأ‬


‫مُور (‪ )53‬الش‪77‬ورى) ألن المع‪77‬نى ه‪77‬و أن الل‪77‬ه‬ ‫ُ‬ ‫** ومن ذلك أيضا ً قوله تعالى ( اَل ِإلَى اللَّهِ ت َ ِ ُ‬
‫م‬
‫سابَهُ ْ‬
‫ح َ‬‫ن عَلَيْنَا ِ‬ ‫م َّ‬ ‫م (‪ )25‬ث ُ َّ‬ ‫ن ِإلَيْنَا ِإيَابَهُ ْ‬
‫مختص بصيرورة األمور إليه دون غيره‪ .‬ونحو قوله تعالى (ِإ َّ‬
‫ب (‪)36‬‬ ‫تعالى ( لَيْهِ َأدْعُو وِإ لَي ْ‪7‬هِ م‪َ7‬آ‬ ‫قوله‬ ‫(‪ )26‬الغاشية) ‪ .‬فإن اإلياب ال يكون إال إلى الله وهو نظير‬
‫َ ِ‬ ‫َِإ‬ ‫ِإ‬
‫َّب وَتَوَلَّى (‪ )32‬القيامة) فالمساق إلى الله وح‪77‬ده ال إلى ذات أخ‪77‬رى وه‪77‬ذا‬ ‫الرعد) وقوله (وَلَك ِ ْ‬
‫ن كَذ َ‬
‫ليس من التق‪77‬ديم من أج‪77‬ل مراع‪77‬اة المش‪77‬اكلة ل‪77‬رؤوس اآلي كم‪77‬ا ذهب بعض‪77‬هم ب‪77‬ل ه‪77‬و لقص‪77‬د‬
‫ميعًا (‪ )4‬يونس) وقوله (و لَيْهِ يُر َ َأْل‬
‫ه (‪)123‬‬ ‫‪77‬ر كُل ُّ ُ‬
‫م ُ‬‫جعُ ا ْ‬ ‫ْ‬ ‫َِإ‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬‫جعُك ُ ْ‬ ‫اإلختصاص نظير قوله تعالى (ِإلَيْهِ َ‬
‫م ْر ِ‬
‫َأ‬
‫ن (‪ )93‬األنبياء) وغير ذلك من اآليات‪.‬‬ ‫جعُو َ‬‫ل ِإلَيْنَا َرا ِ‬
‫م ك ُ ٌّ‬‫م بَيْنَهُ ْ‬
‫م َرهُ ْ‬‫هود) وقوله (وَتَقَطَّعُوا ْ‬
‫الس‪7‬اعَةِ (‪ )47‬فص‪77‬لت) فعلم الس‪77‬اعة مختص بالل‪77‬ه‬ ‫َّ‬ ‫م‬‫يُرد ُّ عِل ْ ُ‬
‫** ومن هذا الباب قوله تع‪77‬الى (ِإلَي ْ‪7‬هِ َ‬
‫ساعَةِ (‪ )34‬لقمان) فقدم الظرف‬ ‫ه عِنْدَهُ عِل ْ ُ‬
‫م ال َّ‬ ‫ن الل َّ َ‬
‫وحده ال يعلمه أحد غيره ونحوه قوله تعالى (ِإ َّ‬
‫الذي هو الخبر على المبتدأ وهو نظير اآلية السابقة‪.‬‬

‫مهَا ِإاَّل هُوَ (‪ )59‬األنع‪77‬ام) فق‪77‬دم الظ‪77‬رف ال‪77‬ذي ه‪77‬و الخ‪77‬بر‬


‫ب اَل يَعْل َ ُ‬
‫ح الْغَي ْ ِ‬
‫مفَات ِ ُ‬
‫عنْدَهُ َ‬
‫** ونحو قوله (وَ ِ‬
‫على المبتدأ (مفاتح الغيب) وذلك الختصاصه سبحانه بعلم الغيب أال ترى كيف أكد ذل‪77‬ك اإلختص‪77‬اص‬
‫بأسلوب آخر هو أسلوب القصر فقال‪ :‬ال يعلمها إال هو؟‬

‫وقد يكون التقديم من هذا الن‪77‬وع لغ‪77‬رض آخ‪77‬ر كالم‪7‬دح والثن‪7‬اء والتعظيم والتحق‪77‬ير وغ‪77‬ير ذل‪77‬ك من‬
‫األغراض ‪ ،‬إال أن األكثر فيه أنه يفيد اإلختصاص‪ .‬ومن التقديم الذي ال يفيد اإلختص‪77‬اص قول‪77‬ه تع‪77‬الى‪:‬‬
‫ل (‪ )84‬األنع‪77‬ام) فه‪77‬ذا ليس من ب‪77‬اب‬ ‫ن قَب ْ‪ُ 7‬‬‫م ْ‬ ‫قُوب كُاًّل هَ‪7‬دَيْنَا وَنُو ً‬
‫ح‪77‬ا هَ‪7‬دَيْنَا ِ‬ ‫َ‬ ‫حاقَ وَيَعْ‬
‫س‪َ 7‬‬
‫ه ِإ ْ‬‫(وَوَهَبْن َ‪77‬ا ل َ‪ُ 7‬‬
‫َأ‬ ‫ً‬
‫التخصيص إذ ليس معناه أننا ما هدينا إال نوحا وإنم‪7‬ا ه‪7‬و من ب‪7‬اب الم‪7‬دح والثن‪7‬اء‪ .‬ونح‪7‬و قول‪7‬ه (فَ َّ‬
‫ما‬
‫ل فَاَل تَنْهَ ْر (‪ )10‬الضحى) إذ ليس المقصود به جواز قه‪77‬ر غ‪77‬ير الي‪77‬تيم‬ ‫َأ‬
‫ساِئ َ‬
‫ما ال َّ‬‫م فَاَل تَقْهَ ْر (‪ )9‬وَ َّ‬ ‫الْيَت ِي َ‬
‫ونهر غير السائل وإنما هو من باب التوجيه فإن اليتيم ض‪77‬عيف وك‪77‬ذلك الس‪77‬ائل وهم‪77‬ا مظن‪77‬ة القه‪77‬ر‬
‫فقدمهما لالهتمام بشأنهما والتوجيه إلى عدم استضعافهما‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬تقديم اللفظ وتأخيره على غير العامل‪:‬‬

‫إن تقديم األلفاظ بعضها على بعض له أسباب عديدة يقتضيها المقام وسياق القول‪ ،‬يجمعها قولهم‪:‬‬
‫إن التقديم إنما يك‪77‬ون للعناي‪77‬ة واإلهتم‪77‬ام‪ .‬فم‪77‬ا ك‪77‬انت ب‪77‬ه عنايت‪77‬ك أك‪77‬بر قدمت‪77‬ه في الكالم‪ .‬والعناي‪77‬ة‬
‫باللفظة ال تكون من حيث أنها لفظة معينة بل قد تكون العناية بحس‪77‬ب مقتض‪7‬ى الح‪7‬ال‪ .‬ول‪7‬ذا ك‪7‬ان‬
‫علييك أن تقدم كلمة في موضع ثم تؤخرها في موضع آخر ألن مراعاة مقتضى الحال تقتضي ذاك‪.‬‬
‫والقرآن أعلى مثل في ذلك فإنا نراه يقدم لفظة م‪77‬رة ويؤخره‪77‬ا م‪77‬رة أخ‪77‬رى على حس‪77‬ب المق‪77‬ام‪.‬‬
‫فنراه مثال ً يقدم السماء على األرض ومرة يقدم األرض على السماء ومرة يق‪77‬دم اإلنس على الجن‬
‫ومرة يقدم الجن على اإلنس ومرة يقدم الضر على النفع وم‪7‬رة يق‪7‬دم النف‪7‬ع على الض‪77‬ر ك‪7‬ل ذل‪7‬ك‬
‫بحسب ما يقتضيه القول وسياق التعبير‪.‬‬

‫فإذا أردت أن تبين أسباب هذا التق‪77‬ديم أو ذاك فإن‪77‬ه ال يص‪77‬ح اإلكتف‪77‬اء ب‪77‬القول إن‪77‬ه ق‪77‬دم ه‪77‬ذه الكلم‬
‫للعناية بها واإلهتمام دون تبيين مواطن هذه العناية وسبب هذا التقديم‪.‬‬

‫فإذا قيل لك مثال ً‪ :‬لماذا قدم السماء على األرض هنا؟ قلت ألن اإلهتمام بالس‪77‬ماء أك‪77‬بر ثم إذا قي‪77‬ل‬
‫لك ولماذا قدم األرض على السماء في هذه اآلي‪77‬ة قلت ألن اإلهتم‪77‬ام ب‪7‬األرض هن‪7‬ا أك‪77‬بر‪ ،‬ف‪77‬إذا قي‪77‬ل‬
‫ولماذا كان اإلهتمام بالسماء هناك أكبر وكان اإلهتمام باألرض هنا أكبر؟‬

‫وجب عليك أن تبين سبب ذلك وبيان اإلختالف بين الموط‪7‬نين بحيث ت‪7‬بين أن‪7‬ه ال يص‪7‬ح أو ال يحس‪7‬ن‬
‫تقديم األرض على السماء فيما قدمت فيه السماء أو تقديم السماء على األرض فيم‪77‬ا ق‪77‬دمت في‪77‬ه‬
‫األرض بيانا ً شافياً‪ .‬وكذلك بقي‪77‬ة الم‪77‬واطن األخ‪77‬رى‪ .‬أم‪77‬ا أن تكتفي بعب‪77‬ارة أن ه‪77‬ذه اللفظ‪77‬ة ق‪77‬دمت‬
‫للعناية واإلهتمام بها فهذا وجه من وجوه اإلبهام‪ .‬واإلكتفاء بها يضيع معرفة التمايز بين األساليب فال‬
‫تعرف األسلوب العالي الرفيع من األسلوب المهله‪7‬ل الس‪7‬خيف إذ ك‪7‬ا واح‪7‬د يق‪7‬ول ل‪7‬ك‪ :‬إن عن‪7‬ايتي‬
‫بهذه اللفظة هنا أكبر دون البصر بما يستحقه المقام وما يقتضيه السياق‪.‬‬

‫إن فن التقديم والتأخير فن رفيع يعرفه أهل البصر ب‪7‬التعبير وال‪7‬ذين أوت‪7‬وا حظ‪7‬ا ً من معرف‪7‬ة مواق‪7‬ع‬
‫الكلم وليس ادعاء يدعى او كلمة تقال‪.‬‬

‫وقد بلغ القرآن الكريم في هذا الفن كما في غيره الذروة في وضع الكلمات الوضع ال‪77‬ذي تس‪77‬تحقه‬
‫في التعبير بحيث تستقر في مكانها المناسب‪ .‬ولم يكتف القرآن الكريم الذي وضع اللفظة بمراعاة‬
‫السياق الذي وردت فيه بل راعى جميع المواضع التي وردت فيها اللفظة ونظر إليها نظ‪77‬رة واح‪77‬دة‬
‫شاملة في القرآن الكريم كله‪ .‬فنرى التعبير متسقا ً متناسقا ً مع غيره من العبيرات كأنه لوحة فني‪77‬ة‬
‫واحدة مكتملة متكاملة‪.‬‬
‫إن القرآن الكريم دقيق في وضع األلفاظ ورصفها بجنب بعض دقة عجيب‪77‬ة فق‪77‬د تك‪77‬ون ل‪77‬ه خط‪77‬وط‬
‫عامة في التقديم والتأخير وقد تكون هن‪77‬اك م‪77‬واطن تقتض‪77‬ي تق‪77‬ديم ه‪77‬ذه اللفط‪77‬و أو تل‪77‬ك ك‪77‬ا ذل‪77‬ك‬
‫مرتعى فيه سياق الكالم واإلتساق العام في التعبير على أكمل وج‪77‬ه وأبهى ص‪77‬ورة‪ .‬وسنوض‪77‬ح ه‪77‬ذا‬
‫القول المجمل ببيان شاف‪.‬‬

‫إن القرآن كما ذكرت يقدم األلفاظ ويؤخرها حسبما يقتضيه المق‪77‬ام فق‪77‬د يك‪77‬ون س‪77‬ياق الكالم مثال ً‬
‫متدرجا ً حسب القدم واألولية في الوجود‪ ،‬فيرتب الكلمات على هذا األساس فيبدأ باألقدم ثم ال‪77‬ذي‬
‫ون (‪ )56‬الذاريات) فخلق الجن‬ ‫س ِإاَّل ل ِيَعْبُد ُ ِ‬‫ن وَاِإْلن ْ َ‬‫ج َّ‬ ‫ْت ال ْ ِ‬ ‫ما خَلَق ُ‬ ‫يليه وهكذا وذلك نحو قوله تعالى (وَ َ‬
‫موم ِ (‪ )27‬الحج‪77‬ر) ف‪77‬ذكر‬‫الس‪ُ 7‬‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫‪7‬ار‬
‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫‪7‬‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ْن‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫َل‬
‫خ‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ا‬‫ج‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬‫قبل خلق اإلنس بدليل قوله تعالى َ‬
‫(و‬
‫الجن أوال ً ثم ذكر اإلنس بعدهم‪.‬‬
‫ْأ‬
‫الس ‪7‬نة وهي النع‪77‬اس تس‪77‬بق الن‪77‬وم‬
‫ِّ‬ ‫ة وَاَل نَوْ ٌ‬
‫م (‪ )255‬البق‪77‬رة) ألن‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫** ونحو قوله تعالى (اَل ت َ ُ‬
‫خذُهُ ِ‬
‫قبدأ بالسنة ثم النوم‪.‬‬

‫م (‪)38‬‬
‫س‪7‬اكِن ِهِ ْ‬
‫م َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ن لَك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫** ومن ذلك تقديم ع‪77‬اد على ثم‪77‬ود ق‪77‬ال تع‪77‬الى (وَعَ‪77‬ادًا وَث َمُود َ وَقَ‪7‬د ْ تَبَي َّ َ‬
‫العنكبوت) فإن عادا ً أسبق من ثمود‪.‬‬

‫ل‬‫** وحعلوا من ذلك تقديم الليل على النهار والظلمات على النور قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّي ْ‪َ 77‬‬
‫ن (‪ )33‬األنبي‪77‬اء) فق‪77‬دم اللي‪77‬ل ألن‪77‬ه أس‪77‬بق من النه‪77‬ار‬ ‫حو َ‬ ‫سب َ ُ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ل فِي فَل َ ٍ‬ ‫م َر ك ُ ٌّ‬ ‫س وَالْقَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ار وَالشَّ ْ‬ ‫وَالنَّهَ َ‬
‫وذلك ألنه قبل خلق األجرام كانت الظلمة وقدم الشمس على القمر ألنها قبله في الوج‪77‬ود‪ .‬وق‪77‬ال‬
‫َأْل‬ ‫ك لَعِب ْ‪ُ 7‬أِل‬ ‫ه اللَّي ْ َ‬
‫ص‪7‬ارِ (‪ )44‬الن‪77‬ور) إلى غ‪77‬ير ذل‪77‬ك من اآلي‪77‬ات‬ ‫‪7‬رةً ول ِي ا ب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن فِي ذَل ِ‪َ 7‬‬ ‫ار ِإ َّ‬‫ل وَالنَّهَ َ‬ ‫ب الل َّ ُ‬ ‫(يُقَل ِّ ُ‬
‫ل‬ ‫جعَ ‪َ 7‬‬ ‫َ َ‬ ‫(و‬ ‫‪7‬الى‬ ‫‪7‬‬ ‫تع‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬ ‫‪7‬رت‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ذك‬ ‫كما‬ ‫النور‬ ‫على‬ ‫الظلمات‬ ‫تقديم‬ ‫النهار‬ ‫على‬ ‫الليل‬ ‫تقديم‬ ‫ومثل‬ ‫الكثيرة‪.‬‬
‫ور (‪ )1‬األنعام) وذلك ألن الظلمة قبل النور لما مر في الليل‪.‬‬ ‫ات وَالن ُّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫الظُّل ُ َ‬
‫م (‪)1‬‬ ‫حكِي ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫قالوا‪ :‬ومن ذلك تقديم العزيز على الحكيم حيث ورد في الق‪7‬رآن الك‪7‬ريم (وَهُوَ العَزِي‪ُ 7‬ز ال َ‬
‫عز فحكم‪.‬‬ ‫الحشر) قالوا ألنه ّ‬
‫ه‬‫ن الل ََّ‬ ‫ِإ َّ‬ ‫(‬ ‫‪7‬الى‬ ‫‪7‬‬ ‫تع‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬ ‫أول‬ ‫‪7‬القوة‬ ‫‪7‬‬ ‫ف‬ ‫‪7‬القوة‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫غلب‬ ‫أي‬ ‫ز‬
‫ّ‬ ‫‪7‬‬ ‫فع‬ ‫‪7‬وي‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬ ‫ألنه‬ ‫العزة‬ ‫على‬ ‫** ومنه تقديم القوة‬
‫ه قَوِيًّا عَزِي ًزا (‪ )25‬األحزاب)‪.‬‬ ‫ن الل َُّ‬ ‫َ َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫(و‬ ‫وقال‬ ‫الحج)‬ ‫)‬ ‫‪70‬‬ ‫(‬ ‫لَقَوِيٌّ عَزِي ٌز (‪ )40‬و‬
‫** وقد يكون التقديم بحسب الفضل والشرف منه تق‪77‬ديم الل‪77‬ه س‪77‬بحانه في ال‪77‬ذكر كقول‪77‬ه تع‪77‬الى‬
‫ك م‪77‬ع الَّذ َأ‬ ‫(ومن يط ‪77‬ع اللَّه والرس‪77‬و َ ُأ‬
‫الش‪77‬هَدَاءِ‬ ‫ين وَ ُّ‬ ‫الص‪77‬دِّيقِ َ‬ ‫ين وَ ِّ‬ ‫ن النَّبِي ِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه عَلَيْهِ ْ‬ ‫م الل َّ ُ‬ ‫ين نْعَ َ‬ ‫ل فَ ولَِئ َ َ َ ِ َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫َ َ ْ ُ ِ ِ‬
‫ك َرفِيقًا (‪ )69‬النساء)‪ .‬فقدم الله على الرسول ثم قدم السعداء من الخلق‬ ‫ن ُأولَِئ َ‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ِين َ‬
‫و‬ ‫صالِح َ‬ ‫وَال َّ‬
‫بحسب تفاضلهم فبدأ باألفضلين وهم النبيون ثم ذكر من يعدهم بحس‪77‬ب تفاض‪77‬لهم‪ .‬كم‪77‬ا ت‪77‬درج من‬
‫الفئة القليل‪7‬ة إلى الك‪7‬ثرة فب‪77‬دأ ب‪7‬النبيين وه‪7‬و أق‪7‬ل الخل‪77‬ق ثم الص‪7‬دّيقين وهم أك‪7‬ثر ثم الش‪7‬هداء ثم‬
‫الصالحين فكل صنف أكثر من الذي قبله فهو تدرج من القلة إلى الكثرة ومن األفضل إلى الفاضل‬
‫ل صنفهم‪.‬‬ ‫وال شك أن أفضل الخلق هم أقل الخلق إذ كلما ترقى الناس في الفضل ق ّ‬
‫ِيس‪77‬ى‬ ‫سى وَع َ‬ ‫مو َ‬ ‫و‬
‫َ َ ُ‬ ‫م‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫وح وَِإب ْ َر‬ ‫ن نُ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫م وَ ِ‬ ‫ميث َاقَهُ ْ‬ ‫ين ِ‬ ‫ن النَّبِي ِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫خذ ْنَا ِ‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى (وَِإذ ْ َأ َ‬
‫ميث َاقًا غَل ِيظًا (‪ )7‬األحزاب) فبدأ بالرسول ألنه أفضلهم‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫خذْنَا ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫م وََأ َ‬ ‫م ْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫اب ْ ِ‬
‫ير (‪ )11‬الش‪77‬ورى* و‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬
‫َّ ِ ُ َ ِ ُ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫الس‬ ‫هُو‬
‫َ َ‬ ‫(و‬ ‫تع‪7‬الى‬ ‫قال‬ ‫البصر‬ ‫على‬ ‫السمع‬ ‫تقديم‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫وجعلوا‬ ‫**‬
‫ير (‬ ‫ص‪ُ 7‬‬ ‫ْ‬
‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫الس‪ِ 7‬‬‫َّ‬ ‫ير (‪ )1‬و (هُوَ‬ ‫ص ُ‬ ‫ميعُ الب َ ِ‬‫ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ير (‪ )20‬غافر) وقال (ِإنَّه هُوَ ال َّ‬ ‫ص ُ‬ ‫ْ‬
‫ميعُ الب َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال َّ‬ ‫َّ‬
‫ن الل َ‬ ‫(ِإ َّ‬
‫سان من نطْفَة َأ‬
‫يرا (‬ ‫ص ً‬ ‫ميعًا ب َ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫جعَلْنَاهُ َ‬ ‫اج نَبْتَل ِيهِ فَ َ‬ ‫َآ ٍ‬ ‫شَ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬
‫ِإْل‬‫ا‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ْن‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫َل‬‫خ‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ن‬‫ِإ‬ ‫(‬ ‫تعالى‬ ‫وقال‬ ‫اإلسراء)‬ ‫غافر)‬ ‫)‬ ‫‪56‬‬
‫ما‬ ‫ُ ًّ‬‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫‪7‬ا‬‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫‪7‬ر‬
‫ُّ‬ ‫‪7‬‬‫خ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫َ ِ ْ ْ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫ِّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫‪7‬ات‬
‫ِ‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ُك‬ ‫ذ‬ ‫َا‬ ‫ذ‬‫َ ِإ‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫(و‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫وق‬ ‫البصر‪.‬‬ ‫على‬ ‫السمع‬ ‫فقدم‬ ‫اإلنسان)‬ ‫‪)2‬‬
‫ميَانًا (‪ )73‬الفرقان) فقدّم الصم وهم فاقدو السمع على العميان وهم فاق‪77‬دو البص‪77‬ر‪ .‬ق‪77‬الوا ألن‬ ‫وَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫السمع أفضل‪ .‬قاوال والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يبعث نيا ً أصم ولكن قد يكون الن‪77‬بي أعمى‬
‫كيعقوب ‪ u‬فإنه عمي لفقد ولده‪.‬‬
‫والظاهر أن السمع بالنسبة إلى تلقي الرس‪77‬الة أفض‪77‬ل من البص‪77‬ر ففاق‪77‬د البص‪77‬ر يس‪77‬تطيع أن يفهم‬
‫ويعي مقاصد الرسالة فإن مهمة الرسل التبليغ عن الله‪ .‬واألعمى يمكن تبليغه بها وتيسير استيعابه‬
‫لها كالبصير غير أن فاقد السمع ال يمكن تبليغه بسهولةز فاألص‪77‬م أن‪77‬أى عن الفهم من األعمى ول‪77‬ذا‬
‫كان العميان علماء كبار بخالف الصم‪ .‬فلكون متعلق ذلك التبليغ كان تقديم السمع أولى‪.‬‬
‫ويمكن أن يكون تقديم السمع على البصر لسبب آخر عدا األفضلية وهو أن م‪77‬دى الس‪77‬مع أق‪77‬ل من‬
‫مدى الرؤية فقدم ذا المدى األقل متدرجا ً من القصر إلى الطول في المدى ولذا حين قال موس‪77‬ى‬
‫ل اَل‬‫ن يَطْغَى (‪ )45‬ط‪7‬ه) ق‪7‬ال الل‪7‬ه تع‪7‬الى (قَ‪7‬ا َ‬ ‫َأ َأ‬ ‫في فرعون (قَااَل ربنا ننا نخَا ُ َأ‬
‫ط عَلَيْن َ‪7‬ا وْ ْ‬ ‫ْ‪7‬ر َ‬ ‫ن يَف ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ َّ َ ِإ َّ َ َ‬
‫معُ وََأ َرى (‪ )46‬طه) فقدم السمع ألنه يوحي ب‪77‬القرب إذ ال‪77‬ذي يس‪77‬معك يك‪77‬ون‬ ‫س َ‬
‫تخَافَا نن ِي معك ُ َأ‬
‫ما ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِإ َّ‬ ‫َ‬
‫في العادة قريبا ً منك بخالف الذي يراك فإنه قد يكون بعيدا ً وإن كان الله ال يند عن سمعه شيء‪.‬‬
‫ن‬ ‫ن فَيُدْهِنُو َ‬ ‫ين (‪ )8‬وَدُّوا لَوْ تُدْهِ ُ‬ ‫مكَذِّب ِ َ‬ ‫وقد يكون التقديم بحسب الرتبة وذلك كقوله تعالى (فَاَل تُط ِ ِع ال ْ ُ‬
‫َأ‬ ‫ْ‬
‫معْتَدٍ ث ِيم ٍ (‪ )12‬القلم) ف‪77‬إن‬ ‫خيْرِ ُ‬ ‫اع ل ِل َ‬ ‫من َّ ٍ‬ ‫ميم ٍ (‪َ )11‬‬ ‫مشَّ اءٍ بِن َ ِ‬ ‫مازٍ َ‬ ‫ين (‪ )10‬هَ َّ‬ ‫مه ِ ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫حاَّل ٍ‬‫ل َ‬ ‫(‪ )9‬وَاَل تُطِعْ ك ُ َّ‬
‫ماز هو العي ّاب وذلك ال يفتقر إلى مشي بخالف النميمة فإنها نقل للحديث من مك‪77‬ان إلى مك‪77‬ان‬ ‫اله ّ‬
‫عن شخص إلى شخص‪ .‬فبدأ بالهماز وهو الذي يعيب الناس وهذا ال يفتقر إلى مشي وال حرك‪77‬ة‪ ،‬ثم‬
‫انتقل إلى مرتبة أبعد في اإليذاء وهو المشي بالنميمة ثم انتقل إلى مرتبة أبعد في اإليذاء وه‪77‬و أن‪7‬ه‬
‫يمنع الخير عن اآلخرين‪ .‬وهذه مرتبة بعد في اإليذاء مما تق‪77‬دمها‪ .‬ثم انتق‪77‬ل إلى مرتب‪77‬ة أخ‪7‬رى أبع‪7‬د‬
‫مما قبلها وهو اإلعتداء فإن منع الخير قد ال يصحبه اعتداء أما العدوان فهو مرتبة أش‪77‬د في اإلي‪77‬ذاء‪.‬‬
‫ثم ختمها بقوله أثيم وهو وصف جامع ألنواع الشرور فهي مرتبة أخ‪77‬رى أش‪77‬د إي‪77‬ذاءً‪ .‬ج‪77‬اء في ب‪77‬دائع‬
‫مش‪7‬اء بنميم فالرتب‪77‬ة ألن المش‪77‬ي م‪77‬رتب على القع‪77‬ود في المك‪77‬ان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ماز على‬ ‫الفوائد ‪ :‬وأما تقدم ه ّ‬
‫والهماز هو العيّاب وذلك ال يفتقر إلى حرك‪77‬ة وانتق‪7‬ال من موض‪77‬عه بخالف النميم‪ .‬وأم‪7‬ا تق‪7‬دم من‪7‬اع‬
‫للخير على معتد فبالرتبة أيضا ً ألن المناع يمنع من نفسه والمعتدي يعتدي على غ‪77‬يره ونفس‪77‬ه قب‪77‬ل‬
‫غيره‪.‬‬
‫مي ع ُ‬ ‫الس ‪ِ 7‬‬‫َّ‬ ‫** وجعلوا من تقدم السمع على العلم حيث وقع في القرآن الك‪77‬ريم كقول‪77‬ه تع‪77‬الى (وَهُوَ‬
‫م (‪ )61‬األنفال) وذلك أنه خبر يتض‪77‬من التخوي‪77‬ف‬ ‫ميعُ الْعَل ِي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه هُوَ ال َّ‬ ‫م (‪ )137‬البقرة) وقوله (ِإن َّ ُ‬ ‫الْعَل ِي ُ‬
‫والتهديد‪ .‬فبدأ بالسمع لتعلقه كاألصوات وهمس الحركات فإن من سمع حسك وخفي صوتك أقرب‬
‫إليك في العادة ممن يقال لك‪ :‬إنه يعلم وإن كان علمه تعالى متعلقا ً بم‪77‬ا ظه‪77‬ر وبطن وواقع‪77‬ا ً على‬
‫ما قرب وشطن‪ .‬ولكن ذكر السميع أوقع في باب التخويف من ذكر العليم فهو أولى بالتقديم‪.‬‬
‫ويمكن أن يقال‪ :‬إن السمع من وسائل العلم فهو يسبقه‪.‬‬
‫م (‪ )173‬البقرة) في‬ ‫ٌ‬ ‫ِي‬‫ح‬ ‫ر‬
‫ٌ َ‬ ‫ُور‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫(‬ ‫قوله‬ ‫** وجعلوا منه أيضا ً تقديم المغفرة على الرحمة نحو‬
‫ما (‪ )100‬النساء) قالوا‪ :‬وسبب تقديم الغفور على الرحيم‬ ‫ُورا َرحِي ً‬ ‫ه غَف ً‬ ‫ن الل َّ ُ‬ ‫آيات كثيرة وقوله (وَكَا َ‬
‫أن المغفرة سالمة والرحمة غنيمة والسالمة مطلوبة قبل الغنيمة وإنما تأخرت في سورة س‪77‬بأ في‬
‫َأْل‬
‫م‬‫‪7‬رحِي ُ‬ ‫ج فِيهَ‪77‬ا وَهُوَ ال‪َّ 7‬‬ ‫‪7‬ر ُ‬ ‫م‪77‬ا يَعْ‪ُ 7‬‬ ‫ماءِ وَ َ‬ ‫الس‪َ 7‬‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م‪77‬ا يَن ْ‪77‬زِ ُ‬ ‫منْهَا وَ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ْر ُ‬‫ما يَخ ُ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫ج فِي ا ْر ِ‬ ‫ما يَل ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫قوله (يَعْل َ ُ‬
‫ُور (‪ ) 7)2‬فالرحمة شملتهم جميع‪77‬ا والمغف‪77‬رة تخص بعض‪77‬ا‪ .‬والعم‪77‬وم قب‪77‬ل الخص‪77‬وص بالرتب‪77‬ة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الْغَف ُ‬
‫وإليضاح ذل‪77‬ك أن جمي‪77‬ع الخالئ‪77‬ق من اإلنس والجن والحي‪77‬وان وغ‪77‬يرهم محت‪77‬اجون إلى رحمت‪77‬ه فهي‬
‫م‪.‬‬ ‫برحمته تحيا وتعيش وبرحمته تتراحم وأما المغفرة فتخص المكلفين فالرحمة أع ّ‬
‫‪7‬ار‬
‫َ ِ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ف‬
‫َْ ِ‬‫‪7‬ا‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫م‬
‫ح َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫** ومن التقديم بالرتبة أيضا ً قوله تعالى في من يك‪7‬نز ال‪7‬ذهب والفض‪7‬ة (ي َ‪7‬وْ َ‬
‫ن (‪)35‬‬ ‫م تَكن ِ ‪ُ 7‬زو َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫م‪77‬ا كنْت ُ ْ‬ ‫م فَذ ُوقُوا َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫م َأِلنْفُ ِ‬ ‫ما كَن َ ْزت ُ ْ‬ ‫م هَذ َا َ‬ ‫ورهُ ْ‬ ‫م وَظُهُ ُ‬ ‫جنُوبُهُ ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫جبَاهُهُ ْ‬ ‫م فَتُكْوَى بِهَا ِ‬ ‫جهَن َّ َ‬
‫َ‬
‫التوبة) فبدأ بالجباه ثم الجنوب ثم الظهور قيل‪ :‬ألنهم كانوا إذا أبص‪77‬روا الفق‪77‬ير عبس‪77‬وا وإذا ض‪77‬مهم‬
‫وإياه مجلس ازوروا عنه وتولوا بأركانهم وولوه ظهورهم فتدرج حسب الرتبة‪.‬‬
‫وقد يك‪7‬ون التق‪7‬ديم بحس‪77‬ب الك‪7‬ثرة والقلة فق‪7‬د ي‪7‬رتب الم‪7‬ذكورات مت‪7‬درجا ً من القل‪7‬ة إلى الك‪7‬ثرة‬
‫َأ‬
‫جودِ (‪)125‬‬ ‫الس‪ُ 77‬‬ ‫ُّ‬ ‫الرك َّ ِع‬ ‫ين وَ ُّ‬ ‫ف َ‬ ‫ين وَالْعَاك ِ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ِي ل ِلطَّاِئ ِ‬ ‫ن طَهِّ َرا بَيْت َ‬ ‫حسبما يقتضيه المقام وذلك نحو قوله ( ْ‬
‫البقرة) فكل طائفة هي أق‪7‬ل من ال‪7‬تي بع‪7‬دها فت‪7‬درج من القل‪7‬ة إلى الك‪77‬ثرة‪ .‬فالط‪7‬ائفون أق‪77‬ل من‬
‫العاكفين ألن الطواف ال يكون إال حول الكعب‪77‬ة‪ .‬والعك‪77‬وف يك‪7‬ون في المس‪77‬اجد عموم‪7‬ا ً والع‪77‬اكفون‬
‫أقل من الراكعين ألن الركوع أي الصالة تكون في كل أرض طاهرة أم‪77‬ا العك‪77‬وف فال يك‪77‬ون إال في‬
‫المساجد ‪ .‬والراكعون أقل من الساجدين وذلك ألن لكل ركعة س‪77‬جدتين ثم إن ك‪77‬ل راك‪77‬ع ال ب‪77‬د أن‬
‫يسجد وقد يكون سجود ليس فيه ركوع كسجود التالوة وسجدو الشكر فهو هنا تدرج من القلة إلى‬
‫الكثرة‪ .‬ولهذا التدرج سبب اقتضاه المقام فإن الكالم على بيت الل‪7‬ه الح‪7‬رام‪ .‬ق‪7‬ال تع‪7‬الى (وَعَهِ‪7‬دْنَا‬
‫لَى ب ‪777‬راهيم و س‪777‬ماعِي َ َأ‬
‫جودِ (‪ )125‬البق‪777‬رة)‬ ‫الس‪ُ 777‬‬ ‫ُّ‬ ‫الرك َّ ِع‬
‫ين وَ ُّ‬ ‫ين وَالْعَ‪777‬اكِفِ َ‬ ‫ِي ل ِلطَّاِئفِ َ‬ ‫ن طَهِّ َرا بَيْت َ‬ ‫ل ْ‬ ‫ِإ ِإ ْ َ ِ َ َِإ ْ َ‬
‫فالطائفون هم ألصق المذكورين بالبيت ألنهم يطوفون حوله‪ ،‬فبدأ بهم ثم ت‪77‬درج إلى الع‪77‬اكفين في‬
‫هذا البيت أو في بيوت الله عموما ً ثم الركع السجود الذين يتوجه‪77‬ون إلى ه‪77‬ذا ال‪77‬بيت في رك‪77‬وعهم‬
‫وسجودهم في كل األرض‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َآ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬
‫م تُفْل ِحُو َ‬ ‫‪7‬ر لعَلك ْ‬ ‫خي ْ‪َ 7‬‬ ‫م وَافعَلوا ال َ‬ ‫جدُوا وَاعْبُدُوا َربَّك ْ‬ ‫س ُ‬ ‫اركعُوا وَا ْ‬ ‫منُوا ْ‬ ‫ين َ‬ ‫ونحوه قوله تعالى (يَا يُّهَا الذِ َ‬
‫{س}(‪ )77‬الحج) فبدأ بالركوع وهو أقل المذكورات ثم الس‪77‬جود وه‪77‬و أك‪77‬ثر ثم عب‪77‬ادة ال‪77‬رب وهي‬
‫م ثم فعل الخير‪.‬‬ ‫أع ّ‬
‫ك‬ ‫ب‬
‫َ ِّ ِ‬‫ِر‬ ‫ل‬ ‫ِي‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫‪7‬ر‬
‫َ َ ْ َ ُ‬‫‪7‬‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫(ي‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫نحو‬ ‫وذلك‬ ‫القلة‬ ‫إلى‬ ‫الكثرة‬ ‫من‬ ‫فيتدرج‬ ‫بالعكس‬ ‫الكالم‬ ‫يكون‬ ‫وقد‬
‫ِين (‪ )43‬آل عمران) فبدأ بالقنوت وهو عموم العبادة ثم الس‪77‬جود وه‪77‬و‬ ‫الراكِع َ‬ ‫معَ َّ‬ ‫اركَعِي َ‬ ‫جدِي وَ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫وَا ْ‬
‫أخص وأقل ثم الركوع وهو أقل وأخص‪.‬‬
‫ير (‪ )2‬التغ‪77‬ابن)‬ ‫ص‪ٌ 7‬‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫ملُو َ‬ ‫ما تَعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ن وَالل َّ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫م كَافِ ٌر وَ ِ‬ ‫منْك ُ ْ‬ ‫م فَ ِ‬ ‫ومنه قوه تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَك ُ ْ‬
‫َأ‬
‫ِين (‪ )103‬يوسف)‪.‬‬ ‫من َ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ح َر ْ‬ ‫اس وَلَوْ َ‬ ‫ما كْث َُر الن َّ ِ‬ ‫فبدأ بالكفار ألنهم أكثر قال تعالى (وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ونحوه قوله تعالى (ث ُ َأ‬
‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬
‫ِ ٌ َِ ِ ِ َ ِ ُْ ْ ُ َ ِ ٌ‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ْس‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ظ‬ ‫م‬
‫ِ ُْ ْ‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫د‬
‫َْ ِ ْ َ َِ‬ ‫ا‬ ‫ِب‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫َي‬ ‫ف‬ ‫ط‬ ‫ص‬
‫اب ِ َ ْ‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫م وْ َرث ْنَا الْكِت َ َ‬ ‫َّ‬
‫‪7‬ير (‪ )32‬ف‪77‬اطر) فق‪77‬دم الظ‪77‬الم لكثرت‪77‬ه ثم‬ ‫ل الْكَب ِ‪ُ 7‬‬ ‫َض‪ُ 7‬‬ ‫ك هُوَ الْف ْ‬ ‫ْن اللَّهِ ذَل ِ‪َ 7‬‬ ‫ات ب ِ‪ِ7‬إذ ِ‬ ‫خي ْ َر ِ‬ ‫سابِقٌ بِال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫المقتصد وهو أقل ممن قبله ثم السابقين وهم أقل‪ .‬جاء في الكشاف في هذه اآلية فإن قلت ‪ :‬لم‬
‫قدم الظالم ثم المقتصد ثم السابق؟ قلت لإليذان بك‪77‬ثر الفاس‪77‬قين وغلبتهم وإن المقتص‪77‬دين قلي‪77‬ل‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫باإلض‪7‬افة إليهم والس‪7‬ابقون أق‪7‬ل من القلي‪7‬ل‪.‬أال رى كي‪7‬ف ق‪7‬ال الل‪7‬ه تع‪7‬الى في الس‪7‬ابقين (ث ُل َّ ٌ‬
‫ين (‪ )14‬الواقعة) إشارة إلى ندرة وقلة وجودهم؟‬ ‫م َآْل‬ ‫ِين (‪ )13‬وَقَل ِي ٌ‬ ‫َأْل‬
‫ن ا خِرِ َ‬ ‫ل ِ َ‬ ‫ا وَّل َ‬
‫َأ‬
‫ما (‪ )38‬المائ‪7‬دة)‬ ‫ة فَ‪7‬اقْطَعُوا ي ْ‪7‬دِيَهُ َ‬ ‫سارِقَ ُ‬ ‫سارِقُ وَال َّ‬ ‫قالوا‪ :‬ومن هذا النوع من القديم قوله تعالى (وَال َّ‬
‫قدم السارق على السارقة ألن السرقة في الذكور أكثر‪ .‬وقد الزانية على ال‪77‬زاني في قول‪77‬ه تع‪77‬الى‬
‫جل ْ‪7‬دَةٍ (‪ )2‬الن‪77‬ور) ألن ال‪77‬زنى فيهن أك‪77‬ثر‪ .‬أال ت‪77‬رى أن‬ ‫ة َ‬ ‫مَئ َ‬ ‫م‪77‬ا ِ‬ ‫منْهُ َ‬ ‫حدٍ ِ‬ ‫ل وَا ِ‬ ‫جلِدُوا ك ُ َّ‬ ‫ة وَال َّزان ِي فَا ْ‬ ‫(ال َّزان ِي َ ُ‬
‫قسما ً من النساء يحترفن هذه الفعلة الفاحشة؟ وجاء في حاشية ابن المن‪77‬ير على الكش‪77‬اف قول‪77‬ه‪:‬‬
‫وقدم الزانية على الزاني والسبب فيه أن الكالم األول في حكم الزنى واألصل فيه المرأة لما يبدو‬
‫من اإليماض واإلطماع والكالم‪ ،‬وألن مفسدته تتحقق باإلضافة إليها"‪.‬‬
‫وقد يكون التقديم لمالحظ أخرى تتناسب مع السياق ف‪77‬نراه يق‪77‬دم لفظ‪77‬ة في موض‪77‬ع ويؤخره‪77‬ا في‬
‫موضع آخر بحسب ما يقتضي السياق‪.‬‬
‫**فمن ذلك تقديم لفظ الضرر على النفع وبالعكس قاوال‪ :‬إنه حيث تقدم لنف‪7‬ع على الض‪7‬ر فلتق‪7‬دم‬
‫ما يتضمن النفع‪ .‬قال تعالى (قُ ْ َأ‬
‫ه (‪ )188‬األع‪77‬راف)‬ ‫ش ‪7‬اءَ الل َّ ُ‬ ‫م‪77‬ا َ‬ ‫ض ‪ًّ 7‬را ِإاَّل َ‬ ‫سي نَفْعً‪77‬ا وَاَل َ‬ ‫ك لِنَفْ ِ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل اَل ْ‬
‫ل فَ ولَِئ َ‬ ‫ُأ‬
‫ك‬ ‫ض ‪7‬ل ِ ْ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مهْت َ ‪7‬دِي وَ َ‬ ‫ه فَهُوَ ال ْ ُ‬ ‫ن يَهْدِ الل َّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫فقدم النفع على الضرر وذلك ألنه تقدمه في قوله ( َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫م الغَي ْ َ‬ ‫ت عْل ُ‬ ‫ُ‬
‫ن (‪ )178‬األعراف) فقدم الهداية على الضالل وبعد ذل‪77‬ك ق‪77‬ال (وَل ‪77‬وْ كن ْ ُ‬ ‫س ُرو َ‬ ‫م الْخَا ِ‬ ‫هُ ُ‬
‫اَّل‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬
‫ن (‪ ) 7)188‬فق‪77‬دم الخ‪77‬ير‬ ‫من ُو َ‬ ‫ير لِقَوْم ٍ يُْؤ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ش‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ٌ َ‬ ‫ير‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ِإ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِإ‬ ‫ء‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫س‬‫ُّ‬ ‫ال‬ ‫ِي‬
‫َ‬ ‫ن‬ ‫س‬
‫َّ‬ ‫م‬
‫ِ َ َ َ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َي‬
‫خ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ ُ‬ ‫َر‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ْ‬
‫على السوء ولذا قدم النفع على الضرر إذ هو المناسب للسياق‪.‬‬
‫وقال‪( :‬قُ ْ َأ‬
‫ه (‪ )49‬يونس) فقدّم الضرر على النفع وق‪77‬د‬ ‫ما شَ اءَ الل َّ ُ‬ ‫ض ًّرا وَاَل نَفْعًا ِإاَّل َ‬ ‫سي َ‬ ‫ك ل ِنَفْ ِ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل اَل ْ‬
‫َأ‬
‫ين‬ ‫م فَن َ‪77‬ذ َُر الَّذِ َ‬ ‫جلُهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِإلَيْهِ ْ‬ ‫ُض‪َ 77‬‬ ‫خيْرِ لَق ِ‬ ‫م بِال ْ َ‬ ‫جالَهُ ْ‬ ‫ستِعْ َ‬ ‫اس الشَّ َّر ا ْ‬ ‫ه ل ِلن َّ ِ‬ ‫ل الل َّ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫قال قبل هذه اآلية (وَلَوْ يُعَ ِّ‬
‫َأ‬
‫جنْب ِ ‪7‬هِ وْ‬ ‫الض ‪ُّ 7‬ر دَعَان َ‪77‬ا ل ِ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ن‬
‫سا َ‬ ‫س اِإْلن ْ َ‬ ‫م َّ‬ ‫ن (‪َ11‬أ) يونس) وقال (وَِإذ َا َ‬ ‫مهُو َ‬ ‫م يَعْ َ‬ ‫ن لِقَاءَنَا فِي طُغْيَان ِهِ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫اَل ي َ ْر ُ‬
‫ما كَانُوا‬ ‫ْ‬ ‫ه كَذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫ين َ‬ ‫سرِفِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ل ِل ُ‬ ‫ك ُزي ِّ َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َّ‬ ‫ض ٍّر َ‬ ‫م يَدْعُنَا ِإلى ُ‬ ‫نل ْ‬ ‫م َّر ك َ ْ‬ ‫ض َّرهُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما كَشَ فْنَا عَن ْ ُ‬ ‫ما فَل َّ‬ ‫عدًا وْ قَاِئ ً‬ ‫قَا ِ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ل َأرَأ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫(‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫اآلية‬ ‫هذه‬ ‫بعد‬ ‫ويأتي‬ ‫‪.‬‬ ‫اآليتين‬ ‫في‬ ‫النفع‬ ‫على‬ ‫الضر‬ ‫فقدم‬ ‫‪.‬‬ ‫يونس)‬ ‫)‬ ‫‪12‬‬ ‫(‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫َ ْ ْ ِإ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يَعْ َ‬
‫ن (‪ ) 7 )50‬فكان المناسب تق‪77‬ديم الض‪77‬رر على‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ج‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫َا‬ ‫ذ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ار‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫َأتاكُم عَذ َابه بياتا َأ‬
‫ِ ْ ُ ُ ْ ِ ُ َ‬ ‫َ ْ َْ ِ‬ ‫ُ ُ ََ ً ْ ََ ً َ‬ ‫َ ْ‬
‫النفع ههنا‪.‬‬
‫َأ‬ ‫ل َأفَات َّ َ‬
‫ض‪ًّ 7‬را (‪ )16‬الرع‪77‬د) فق‪7‬دّم النف‪77‬ع‬ ‫م نَفْعً‪77‬ا وَاَل َ‬ ‫ُس‪7‬هِ ْ‬ ‫ن َأِلنْف ِ‬ ‫مل ِكُو َ‬ ‫ن دُونِهِ وْل ِيَاءَ اَل ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خذ ْت ُ ْ‬ ‫وقال‪( :‬قُ ْ‬
‫ض طوْعً‪77‬ا وَك َ ْرهً‪77‬ا‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َأْل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫الس‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ج‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫(و‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫لتقدم‬ ‫وذلك‬ ‫قالوا‪:‬‬ ‫الضرر‪،‬‬ ‫على‬
‫َ ْ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مل ِ‪ُ 7‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ي‬ ‫اَل‬ ‫م‬
‫َ ْ َ‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫‪7‬ال‪:‬‬ ‫‪7‬‬ ‫وق‬ ‫‪7‬ره‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الك‬ ‫على‬ ‫‪7‬وع‬ ‫‪7‬‬ ‫الط‬ ‫‪7‬دم‬ ‫‪7‬‬ ‫فق‬ ‫‪7‬د)‬ ‫‪7‬‬ ‫الرع‬ ‫)‬ ‫‪15‬‬ ‫{س}(‬ ‫ال‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫َآْل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫وَظِاَل ُ ْ ِ‬
‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬
‫َ ِ‬ ‫ُ ِّ َ‬
‫ن َربِّي‬ ‫ِإ َّ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫(‬ ‫قوله‬ ‫لتقدم‬ ‫وذلك‬ ‫قالوا‪:‬‬ ‫الضر‬ ‫على‬ ‫النفع‬ ‫فقدم‬ ‫سبأ)‬ ‫)‬ ‫‪42‬‬ ‫(‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫َ ًّ‬ ‫ض‬ ‫اَل‬ ‫م ل ِب َ ْ ٍ َ ً َ‬
‫و‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫بَعْ ُ‬
‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ين (‬ ‫‪7‬رازِقِ َ‬ ‫‪7‬ر ال‪َّ 7‬‬ ‫خي ْ‪ُ 7‬‬ ‫ه وَهُوَ َ‬ ‫خلِفُ ُ‬ ‫يءٍ فهُوَ ي ُ ْ‬ ‫ن شَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما نْفَقْت ُ ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫عبَادِهِ وَيَقْدِ ُر ل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يَشَ اءُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الر ْزقَ ل ِ َ‬ ‫سط ِّ‬ ‫يَب ْ ُ‬
‫‪ )39‬سبأ) فقد البسط‪ .‬وغير ذلك من مواضع هاتين اللفظتين‪.‬‬
‫**ومن ذلك تقديم الرحمة والعذاب فقد قي‪77‬ل إن‪77‬ه حيث ذك‪77‬ر الرحم‪77‬ة والع‪77‬ذاب ب‪77‬دأ ب‪77‬ذكر الرحم‪77‬ة‬
‫‪7‬رةٍ وَذ ُو‬ ‫مغْفِ‪َ 7‬‬ ‫ك ل َ‪7‬ذ ُو َ‬ ‫ن َرب َّ َ‬ ‫ش‪7‬اءُ (‪ )18‬المائ‪77‬دة) وقول‪77‬ه (ِإ َّ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِّب َ‬ ‫ش‪7‬اءُ وَيُعَ‪7‬ذ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫كقوله تعالى (يَغْفِ ُر ل ِ َ‬
‫َ‬ ‫هُو‬ ‫اَّل‬ ‫ه‬
‫ْ ِ ِإ َ ِإ‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫اَل‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫َّ‬ ‫الط‬ ‫ي‬ ‫ذ‬
‫ِ ِ‬ ‫‪7‬اب‬ ‫‪7‬‬‫ق‬
‫َ‬ ‫ع‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ي‬‫د‬ ‫شَ‬ ‫ب‬ ‫و‬
‫ْ ِ َ ِ ِ َّ ْ ِ‬ ‫الت‬ ‫ل‬ ‫اب‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫َّن‬ ‫ذ‬ ‫ال‬ ‫ر‬
‫ِ ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫(‬ ‫وقوله‬ ‫فصلت)‬ ‫َاب َأل ِيم ٍ (‪)43‬‬ ‫عق ٍ‬ ‫ِ‬
‫ير (‪ )3‬غافر)‬ ‫ص ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ِإلَيْهِ ال َ‬
‫ْ‬
‫وعلى هذا جاء قول النبي ‪ r‬حكاية عن الله تعالى ‪ ":‬إن رحمتي سبقت غضبي"‬
‫وقد خرج عن هذه القاعدة مواضع اقتضت الحكمة فيها تقديم ذكر العذاب ترهيبا ً وزج‪77‬راً‪ .‬من ذل‪77‬ك‬
‫ك السماو ِ َأْل‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫قوله تعالى في سورة المائدة (َألَم تعل َ َأ‬
‫‪7‬ر‬ ‫ن يَشَ اءُ وَيَغْفِ‪ُ 7‬‬ ‫م ْ‬ ‫ِّب َ‬ ‫ض يُعَذ ُ‬ ‫ات وَا ْر ِ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫م َّ‬ ‫ْ َْ ْ‬
‫ير (‪ ) 7)40‬ألنها وردت في سياق ذكر قطاع الطرق والمح‪77‬اربين‬ ‫يءٍ قَدِ ٌ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫ن يَشَ اءُ وَالل َّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬
‫‪7‬ل ذَل ِ‪7‬ك كتَبْن َ‪77‬ا‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫ج‪ِ 7‬‬ ‫ن ْ‬ ‫م ْ‬ ‫والسراق كان المناسب تقديم ذكر العذاب وذلك أنها وردت بعد قول‪77‬ه تع‪77‬الى ( ِ‬
‫َأ‬ ‫ّ‬
‫ل نَفْسا بغَيْر نَفْس َأو فَسادٍ فِي اَأْل‬ ‫ل َأ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ميعً‪77‬ا وَ َ‬
‫َأْل‬
‫ج ِ‬ ‫س َ‬ ‫ل النَّا َ‬ ‫ما قَت َ َ‬ ‫ض فَك َ ن َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫اِئي‬
‫َأ‬
‫ر‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫َأعَلَى ب َأِإ‬
‫ِي‬ ‫ن‬‫َ‬
‫ض‬ ‫م بَعْ‪7‬د َ ذَل ِ‪َ 7‬‬ ‫ن كَث ً‬ ‫ات ث ُ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حيَاهَا فَك َ ن َّ َ‬
‫ك فِي ا ْر ِ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ِيرا ِ‬ ‫م ِإ َّ‬ ‫سلنَا بِالبَيِّن َ ِ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫جاءَتْهُ ْ‬ ‫ميعًا وَلقَد ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س َ‬ ‫حيَا النَّا َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ْ‬
‫ن الل ََّ‬
‫ه‬ ‫َ ُ َ ُِ َ‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫‪7‬ار‬ ‫‪7‬‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ء‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ز‬ ‫َ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ج‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫م‬
‫ِإ َ‬‫َّ‬ ‫ن‬ ‫(‬ ‫‪7‬دها‬ ‫‪7‬‬ ‫بع‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬ ‫ثم‬ ‫اإلحياء‬ ‫على‬ ‫القتل‬ ‫فقدم‬ ‫المائدة)‬ ‫)‬ ‫‪32‬‬ ‫(‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫لَ ُ ْ ِ‬
‫ر‬ ‫س‬ ‫م‬
‫ف َأ ْو‬ ‫ٍ‬ ‫اَل‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ ِ ِ ْ َ ْ ُ ُ ْ ِ ْ ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫َأ‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫يه‬ ‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ي‬ ‫َأ‬ ‫ع‬ ‫َّ‬ ‫َط‬ ‫ق‬ ‫ْ ُ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫َأ‬ ‫وا‬ ‫ب‬‫َّ‬ ‫ل‬
‫ْ ُ َ ُ‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫َأ‬ ‫لُوا‬ ‫َت‬ ‫ق‬
‫َ ً ْ ُ َّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َأ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ض‬
‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫َأْل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫س‪ِ َ ْ َ ْ َ َ ُ 7‬‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ول‬ ‫وَ َر ُ‬
‫َآْل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأْل‬
‫م (‪ ) 7)33‬ثم ج‪77‬اء بع‪77‬دها‬ ‫َاب عَظِي ٌ‬ ‫‪7‬رةِ عَ‪7‬ذ ٌ‬ ‫خ‪َ 7‬‬ ‫م فِي ا ِ‬ ‫خ‪ْ 7‬زيٌ فِي ال‪7‬دُّنْيَا وَلهُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ذَل ِ‪7‬ك لهُ ْ‬ ‫ن ا ْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫يُنْفَوْا ِ‬
‫َأ‬
‫م (‪ ))38‬ثم ج‪77‬اء‬ ‫حكِي ٌ‬ ‫ه عَزِي ٌز َ‬ ‫ن اللَّهِ وَالل َّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سبَا نَكَااًل ِ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫ج َزاءً ب ِ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة فَاقْطَعُوا يْدِيَهُ َ‬ ‫سارِقَ ُ‬ ‫سارِقُ وَال َّ‬ ‫(وَال َّ‬
‫ك السماو ِ َأْل‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫بعدها قوله تعالى (َألَم تعل َ َأ‬
‫ش ‪7‬اءُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪7‬ر ل ِ َ‬ ‫ش ‪7‬اءُ وَيَغْفِ‪ُ 7‬‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِّب َ‬ ‫ض يُعَذ ُ‬ ‫ات وَا ْر ِ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫م َّ‬ ‫ْ َْ ْ‬
‫ير (‪) 7)40‬فأنت ترى أن المناسب ههنا تق‪7‬ديم الع‪7‬ذاب على المغف‪7‬رة‪ .‬ج‪7‬اء‬ ‫يءٍ قَدِ ٌ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫وَالل َّ ُ‬
‫ش‪77‬اءُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م‬ ‫ِّب‬ ‫ذ‬ ‫َ‪77‬‬ ‫ع‬ ‫(‬
‫ُ‬ ‫قوله‬ ‫إلى‬ ‫)‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ة فَاقْطَعوا َأ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ار‬
‫َ َّ ِ ُ َ َّ ِ ُ‬‫س‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫ار‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫(و‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫في‬ ‫(الكشاف)‬ ‫في‬
‫ُ َ ْ‬ ‫ْ َُِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن يَشَ اءُ ) "فإن قلت لم قدم التعذيب على المفغرة؟ قلت ألنه قوبل بذلك تقديم الس‪77‬رقة‬ ‫م ْ‬ ‫وَيَغْفِ ُر ل ِ َ‬
‫على التوبة"‪.‬‬
‫ن (‪) 7)21‬‬ ‫ن يَشَ اءُ وَِإلَيْهِ تُقْلَبُو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن يَشَ اءُ وَي َ ْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِّب َ‬ ‫ومن ذلك قوله تعالى في سورة العنكبوت (يُعَذ ُ‬
‫وذلك ألنها في سياق إن‪77‬ذار اب‪77‬راهيم لقوم‪77‬ه ومخاطب‪77‬ة نم‪77‬رود وأص‪77‬حابه وأن الع‪77‬ذاب وق‪77‬ع بهم في‬
‫َأ‬
‫ين‬ ‫ن الَّذِ َ‬ ‫ن ِإفْك ً‪77‬ا ِإ َّ‬ ‫ون اللَّهِ وْث َان ً‪77‬ا وَتَخْلُقُو َ‬ ‫ن دُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م‪77‬ا تَعْب ُدُو َ‬ ‫الدنيا‪ .‬فقد أن‪77‬ذر اب‪77‬راهيم قوم‪77‬ه ق‪77‬ائالً‪ِ( :‬إن َّ َ‬
‫ن‬ ‫جعُو َ‬ ‫ه ِإليْهِ ت ُ ْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫الر ْزقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْ ك ُروا ل ُ‬ ‫َّ‬
‫م رِ ْزقًا فابْتَغُوا عِنْد َ اللهِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ن لَك ُ ْ‬ ‫مل ِكُو َ‬ ‫ون اللَّهِ اَل ي َ ْ‬ ‫ن دُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫تَعْبُدُو َ‬
‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫اَّل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُأ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ين‬ ‫مب ِ ُ‬ ‫ول ِإ الب َ غُ ال ُ‬ ‫س‪ِ 77‬‬ ‫الر ُ‬ ‫ما عَلى َّ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ن قَبْل ِك ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫َّب َ‬ ‫ن تُكذِّبُوا فَقَد ْ كذ َ‬ ‫(‪ )17‬العنكبوت) ثم قال‪( :‬وَِإ ْ‬
‫م‬ ‫ك لَهُ ْ‬ ‫مت ِي وَُأولَِئ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِئس ‪7‬وا ِ‬ ‫ك يَ ُ‬ ‫‪7‬ات اللَّهِ وَلِقَاِئهِ ُأولَِئ َ‬ ‫‪7‬روا بَِآي َ‪ِ 7‬‬ ‫ين كَفَ‪ُ 7‬‬ ‫(‪ ) 7)18‬وهددهم بعد بقوله (وَالَّذِ َ‬
‫م (‪ ) )23‬فأنت ترى أن السياق يقتضي تقديم العذاب هنا‪.‬‬ ‫َأ‬
‫َاب ل ِي ٌ‬ ‫عَذ ٌ‬
‫وقد يكون التقديم والتأخير على نمط غير الذي ذكرت من تقديم الضرر والنفع والعذاب والمغف‪77‬رة‬
‫وغيرها من الخطوط العامة‪ .‬فقد يقدم لفظة في مك‪77‬ان ويؤخره‪7‬ا في مك‪77‬ان آخ‪77‬ر حس‪77‬بما يقتض‪77‬يه‬
‫السياق‪.‬‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫اًل‬ ‫ب‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫‪7‬ا‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫ف‬ ‫‪7‬ا‬‫‪7‬‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫**فمن ذلك قوله تعالى (وجعلْنا في اَأْلرض رواس‪7‬ي َأ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل لَك ِ ُ َأْل‬
‫ج‪7‬ا (‪)20‬‬ ‫جا ً‬ ‫س‪7‬بُاًل فِ َ‬ ‫منْهَ‪77‬ا ُ‬ ‫سلُكُوا ِ‬ ‫ساطًا (‪ )19‬ل ِت َ ْ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م ا ْر َ‬ ‫ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن (‪ )31‬األنبياء) وقوله (وَالل َّ ُ‬ ‫يَهْتَدُو َ‬
‫ج في األص‪77‬ل‬ ‫ّ‬ ‫الف‬ ‫أن‬ ‫وذلك‬ ‫نوح‬ ‫آية‬ ‫في‬ ‫عنها‬ ‫وأخرها‬ ‫األولى‬ ‫اآلية‬ ‫في‬ ‫السبل‬ ‫على‬ ‫الفجاج‬ ‫فقدم‬ ‫نوح)‬
‫هو الطريق في الجبل أو بين الجبلين‪ ،‬فلما تقدم في آية األنبي‪7‬اء ذك‪7‬ر الرواس‪7‬ي وهي الجب‪7‬ال ق‪7‬دم‬
‫الفجاج لذلك بخالف آية نوح فإنه لم يرد فيها ذكر للجبال فأخره‪77‬ا‪ .‬فوض‪77‬ع ك‪77‬ل لفظ‪77‬ة في الموض‪77‬ع‬
‫الذي تقتضيه‪.‬‬
‫ما‬ ‫م‬ ‫‪7‬ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫ٌ‬ ‫‪7‬‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫‪7‬ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫**ومث‪77‬ل ذل‪77‬ك قول‪77‬ه تع‪77‬الى (ولَِئن قُت ِلْتم في س‪7‬بيل اللَّه َأ‬
‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ٌ‬ ‫ََ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ُ ْ َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬
‫يجمعون (‪ )157‬ولَِئن مت َأ‬
‫ن (‪ )158‬آل عمران) فقدم القتل على الموت‬ ‫حشَ ُرو َ‬ ‫م ِإَللَى اللَّهِ ت ُ ْ‬ ‫م وْ قُت ِلْت ُ ْ‬ ‫َ ْ ُ ُّ ْ‬ ‫َ ْ َ ُ َ‬
‫في اآلية األولى وقدم الموت في اآلية التي تليه‪77‬ا وس‪77‬بب ذل‪77‬ك والل‪77‬ه أعلم أن‪77‬ه لم‪77‬ا ذك‪77‬ر في اآلي‪77‬ة‬
‫األولى (في سبيل الله) وهو الجهاد ق‪7‬دم القت‪77‬ل إذ ه‪77‬و المناس‪77‬ب ألن الجه‪7‬اد مظن ّ‪77‬ة القت‪77‬ل‪ ،‬ثم ه‪77‬و‬
‫األفضل أيضا ً ولذا ختمها بقوله (لمغفرة من الله ورحمة) فهذا جزاء الش‪77‬هيد ومن م‪77‬ات في س‪77‬بيل‬
‫الله‪ .‬ولما لم يقل في الثانية (في سبيل الله) قدم الموت على القتل ألنه الحالة الطبيعية في غ‪77‬ير‬
‫الجهاد ثم ختمها بقوله (إللى الله تحشرون) إذا الميت والمقتول كالهما يحشره الل‪77‬ه إلي‪77‬ه‪ .‬فش‪77‬تان‬
‫ما بين الخاتمتين‪ .‬فلم ي‪77‬زد في غ‪77‬ير الش‪77‬هيد ومن م‪77‬ات في س‪77‬بيل الل‪77‬ه على أن يق‪77‬ول (إللى الل‪77‬ه‬
‫تحشرون) وقال في خاتمة الشهيد (لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمع‪77‬ون) فوض‪77‬ع ك‪77‬ل لفظ‪77‬ة‬
‫الموضع الذي يقتضيه السياق‪.‬‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ل من ‪7‬ه َأ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫** وقال تعالى (َأولَم يروا َأنا نسوق الْماءَ لَى اَأْلرض الْجُرز فَنخ‪77‬رج ب ‪7‬ه زرع‪77‬ا تْأ‬
‫ُ َ ُ ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ِ ُ ِ َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ِإ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ َّ‬
‫ة وََأبًّا‬ ‫َ َِ ً‬ ‫‪77‬‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(و‬ ‫آخر‬ ‫مكان‬ ‫في‬ ‫وقال‬ ‫الناس‪.‬‬ ‫على‬ ‫األنعام‬ ‫فقدم‬ ‫السجدة)‬ ‫ن (‪)27‬‬ ‫ص ُرو َ‬ ‫م فَاَل يُب ْ ِ‬
‫وَأنفُسه َأ‬
‫َ ْ ُ ُ ْ‬
‫م (‪ )32‬عبس) فقدم الناس على األنعام وذلك ألنه لم‪77‬ا تق‪77‬دم ذك‪77‬ر ال‪77‬زرع‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫م وََأِلنْعَا ِ‬ ‫متَاعًا لَك ُ ْ‬ ‫(‪َ )31‬‬
‫ِ‬ ‫ظُر‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫تعالى‬ ‫قال‬ ‫اإلنسان‬ ‫طعام‬ ‫في‬ ‫فإنها‬ ‫عبس‬ ‫آية‬ ‫بخالف‬ ‫األنعام‬ ‫تقديم‬ ‫ناسب‬ ‫السجدة‬ ‫في آية‬
‫َأ‬ ‫ش‪7‬قَقْنَا اَأْل‬ ‫ْ‬ ‫ا نسان لَى طَعامه (‪َ )24‬أ‬
‫حبًّا (‬ ‫ش‪7‬قًّا (‪ )26‬فَ نْبَتْن َ‪7‬ا فِيهَ‪7‬ا َ‬ ‫ض َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫)‬ ‫‪25‬‬ ‫(‬ ‫ا‬ ‫ًّ‬ ‫ب‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ص‬‫َ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِإْل ْ َ ِإ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫متَاعً‪77‬ا لَك ُْ‬ ‫)‬ ‫‪31‬‬ ‫(‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ة وَأ‬ ‫‪77‬‬ ‫ه‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪30‬‬ ‫(‬ ‫‪77‬ا‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫‪77‬‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪29‬‬ ‫(‬ ‫اًل‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫‪77‬ا‬ ‫ون‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫)‬‫‪28‬‬ ‫(‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ض‪77‬‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫‪77‬ا‬
‫َ‬ ‫َ ًّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫اِئ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ََ ْ‬ ‫َ ْ ً‬ ‫‪ )27‬وَعِنَب ً‬
‫م (‪ )32‬عبس) أال ترى كي‪77‬ف ذك‪77‬ر طع‪7‬ام اإلنس‪77‬ان من الحب والفواك‪77‬ه أوال ً ثم ذك‪77‬ر طع‪7‬ام‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫وََأِلنْعَا ِ‬
‫األب أي التبن‪ ،‬فناسب تقديم اإلنسان على األنعام ههنا كما ناسب تق‪77‬ديم األنع‪77‬ام‬ ‫ّ‬ ‫األنعام بعده وهو‬
‫م‪ .‬فسبحان الله رب العالمين‪.‬‬ ‫على الناس ث ّ‬
‫م (‪ )151‬األنع‪77‬ام) وقول‪77‬ه‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ز‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫اَل‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫د‬ ‫اَل‬ ‫و‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى (واَل تقْتلُوا َأ‬
‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َِإ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِإ ْ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َأ‬
‫‪77‬يرا (‪ )31‬اإلس‪77‬راء)‬ ‫ن خِطًْئا كَب ِ ً‬ ‫م ك َ‪77‬ا َ‬ ‫ن قَتْلَهُ ْ‬ ‫م ِإ َّ‬ ‫م وَِإيَّاك ُ ْ‬ ‫‪77‬ر ُزقُهُ ْ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ق نَ ْ‬ ‫ماَل ٍ‬ ‫ة ِإ ْ‬ ‫َش‪77‬ي َ َ‬ ‫مخ ْ‬ ‫(وَاَل تَقْتُلُوا وْاَل دَك ُ ْ‬
‫فقدم رزق اآلباء في اآلية األولى على األبن‪77‬اء‪ ،‬وفي الثاني‪77‬ة ق‪77‬دم رزق األبن‪77‬اء على اآلب‪77‬اء وذل‪77‬ك ألن‬
‫الكالم في اآلية األولى موجه إلى الفقراء دون األغنياء فهم يقتلون أوالدهم من الفقر الواق‪77‬ع بهم ال‬
‫أنهم يخشونه فأوجبت البالغة تقديم عِدتهم ب‪77‬الرزق تكمي‪77‬ل الع‪77‬دة ب‪77‬رزق األوالد‪ .‬وفي اآلي‪77‬ة الثاني‪77‬ة‬
‫الخطاب لغير الفقراء وهم الذين يقتلون أوالدهم خشية الفق‪77‬ر ال أنهم مفتق‪77‬رون في الح‪77‬ال وذل‪77‬ك‬
‫أنهم يخافون أن تسلبهم كلف األوالد ما بأيديهم من الغنى فوجب تقديم العدة برزق األوالد في‪77‬أمنوا‬
‫ما خافوا من الفقر‪ .‬فق‪77‬ل‪ :‬ال تقتل‪77‬وهم فإن‪77‬ا ن‪77‬رزقهم وإي‪77‬اكم أي أن الل‪77‬ه جع‪77‬ل معهم رزقهم فهم ال‬
‫يشاركونكم في رزقكم فال تخشوا الفقر‪.‬‬
‫َأ‬
‫َاب‬‫م عَذ ٌ‬ ‫م ِغشَ اوَةٌ وَلَهُ ْ‬ ‫صارِهِ ْ‬ ‫م وَعَلَى ب ْ َ‬ ‫معِهِ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م وَعَلَى َ‬ ‫ه عَلَى قُلُوبِهِ ْ‬ ‫م الل َّ ُ‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى (خَت َ َ‬
‫صرِهِ ِغشَ اوَةً (‪ )23‬الجاثي‪77‬ة) فق‪77‬دم‬ ‫َ َ‬ ‫ب‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ ِ َ َ َ‬‫ج‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫س‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫م (‪ )7‬البقرة) وقوله (وَخ َ‬
‫َ‬ ‫َت‬ ‫عَظِي ٌ‬
‫القلوب على السمع في البقرة وقدم الس‪77‬مع على القلب في الجاثي‪77‬ة وذل‪77‬ك ألن‪77‬ه في البق‪77‬رة ذك‪77‬ر‬
‫ض‪7‬ا (‪ ) 7)10‬فق‪77‬دم القل‪77‬وب ل‪77‬ذلك‪ .‬وفي‬ ‫م َر ً‬ ‫ه َ‬ ‫م الل َّ ُ‬ ‫ض فَ َزادَهُ ُ‬ ‫م َر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫القلوب المريضة فقال (فِي قُلُوبِهِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َآ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬
‫ص ‪ُّ 7‬ر‬ ‫م يُ ِ‬ ‫‪7‬ات اللهِ تُتْلى عَلي ْ ‪7‬هِ ث ُ َّ‬ ‫معُ ي َ‪ِ 7‬‬ ‫س‪َ 7‬‬ ‫اك ث ِيم ٍ (‪ )7‬ي َ ْ‬ ‫ل فَّ ٍ‬ ‫ل ل ِك ِّ‬ ‫الجاثية ذكر األسماع المعطلة فقال (وَي ْ ٌ‬
‫َاب َأل ِيم ٍ (‪ )8‬الجاثي‪77‬ة) فق‪77‬دم الس‪77‬مع‪ .‬فوض‪77‬ع ك‪77‬ل لفظ‪77‬ة في‬ ‫َأ‬
‫ش‪ْ 7‬رهُ بِعَ‪7‬ذ ٍ‬ ‫معْهَا فَب َ ِّ‬ ‫س َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ستَكْب ِ ًرا ك َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫المكان الذي يناسبها‪.‬‬
‫ثم إن آية البقرة ذكرت صنفين من أصناف الكافرين من هم أش‪77‬د ض‪77‬الال ً وكف‪77‬را ً ممن ذك‪77‬رتهم آي‪77‬ة‬
‫الجاثية فقد جاء فيها قوله تعالى ( ن الَّذين كَفَروا سواءٌ عَلَيهم َأَأنذ َرته َأ‬
‫ن(‬ ‫منُو َ‬ ‫م اَل يُْؤ ِ‬ ‫م تُن ْ‪7‬ذِ ْرهُ ْ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِْ ْ ْ ْ َُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِإ َّ‬
‫َأ‬
‫م (‪ )7‬البق‪77‬رة)‬ ‫َاب عَظِي ٌ‬ ‫م عَ ‪7‬ذ ٌ‬ ‫ِش ‪7‬اوَةٌ وَلَهُ ْ‬ ‫مغ َ‬ ‫ص ‪7‬ارِهِ ْ‬ ‫م وَعَلَى ب ْ َ‬ ‫معِهِ ْ‬ ‫س‪ْ 7‬‬ ‫م وَعَلَى َ‬ ‫ه عَلَى قُلُوبِهِ ْ‬ ‫م الل َّ ُ‬‫‪ )6‬خَت َ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫معِهِ وَقَلب ِ ‪7‬هِ‬ ‫ْ‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ٍ َ‬ ‫م‬ ‫ِل‬ ‫ع‬ ‫ى‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫‪7‬‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِإ َ ُ َ ُ َ‬ ‫ا‬ ‫َو‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ات‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ َ َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫قوله‬ ‫الجاثية‬ ‫في‬ ‫وجاء‬
‫ن (‪ 7) 7)23‬فق‪77‬د ذك‪77‬ر في البق‪77‬رة أن‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫َك‬ ‫ذ‬ ‫‪7‬‬ ‫ت‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل عَلَى بصره ِغشَ اوةً فَمن يه ِديه من بع‪7‬د اللَّه َأ‬ ‫َ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫جعَ‬‫وَ َ‬
‫اإلنذار وعدمه عليهم سواء وأنهم ميؤوس من إيمانهم ولم يقل مثل ذلك في الجاثية‪.‬‬
‫ثم كرر حرف الجر (على) مع القلوب واألسماع في آية البقرة مم‪7‬ا يفي‪7‬د توكي‪7‬د الختم فق‪7‬ال (عَلَى‬
‫م ) ولم يقل مثل ذلك في الجاثية بل انتظم األسماع والقولب بحرف جر واحد‬ ‫معِهِ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م وَعَلَى َ‬ ‫قُلُوبِهِ ْ‬
‫فقال (وختم على سمعه وقلبه)‪.‬‬
‫َأ‬
‫م ِغشَ اوَةٌ) بالجملة اإلسمية والجملة اإلسمية كما هو معلوم تفي‪77‬د‬ ‫صارِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ثم قال في البقرة (وَعَلَى ب ْ َ‬
‫الدوام والثبات ومعنى ذلك أن هؤالء لم يسبق لهم أن أبصروا وإنما ه‪77‬ذا ش‪77‬أنهم وخلقتهم فال أم‪77‬ل‬
‫ِش ‪7‬اوَةً ) بالجمل‪77‬ة‬ ‫ص ‪7‬رِهِ غ َ‬ ‫ل عَلَى ب َ َ‬ ‫جعَ ‪َ 7‬‬ ‫في إبصارهم في يوم من األيام‪ .‬في حين قال في الجاثي‪77‬ة (وَ َ‬
‫الفعلية التي تفيد الحدوث ومعلوم أن (جع‪77‬ل) فع‪77‬ل م‪77‬اض ومع‪77‬نى ذل‪77‬ك أن الغش‪77‬اوة لم تكن قب‪77‬ل‬
‫ه عَلَى عِلْم ٍ ) مم‪77‬ا ي‪77‬دل على أن‪77‬ه ك‪77‬ان مبص‪77‬را ً قب‪77‬ل‬ ‫َأ‬
‫ه الل َّ ُ‬ ‫ض‪7‬ل َّ ُ‬ ‫الجعل يدلك على ذلك قوله تع‪77‬الى (وَ َ‬
‫ترديه‪ .‬ثم ختم آية البقرة بقوله (وله عذاب عظيم) ولم يقل مثل ذل‪77‬ك في آي‪77‬ة الجاثي‪77‬ة‪ .‬ف‪77‬دل على‬
‫أن صفات الكفر في البقرة أشد تمكنا ً فيهم‪ .‬ولذا قدم ختم القلب على ما سواه ألنه هو األهم فإن‬
‫مى‬ ‫القلب هو محل الهدى والضالل وإذا ختم عليه فال ينف‪77‬ع س‪77‬مع وال بص‪77‬ر ق‪77‬ال تع‪77‬الى (فَِإنَّهَ‪77‬ا اَل تَعْ َ‬
‫َأْل‬
‫صدُورِ (‪ )46‬الحج)‪.‬‬ ‫وب الَّت ِي فِي ال ُّ‬ ‫مى الْقُل ُ ُ‬ ‫ن تَعْ َ‬ ‫ار وَلَك ِ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ا بْ َ‬
‫وقال ‪ " : r‬أال وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجس‪77‬د كل‪77‬ه أال‬
‫وهي القلب"؟‬
‫فكان تقديم القلب في البقرة أولى وأنسب كما أن تقديم السمع في الجاثية أنسب‪.‬‬
‫ِين (‪ )68‬النم‪77‬ل)‬ ‫ن هَ ‪7‬ذ َا اَّل َأس ‪7‬اط ِ َأْل‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫ن وََآبَاُؤنَا ِ‬ ‫** ومنه قوله تعالى (لَقَد ْ وُ ِ‬
‫ير ا وَّل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل ِإ ْ َأْل ِإ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫عدْنَا هَذ َا ن َ ْ‬
‫َأ‬
‫ِين ( ‪ )83‬المؤمنون) فقدم (هذا)‬ ‫ير ا وَّل َ‬ ‫ساط ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫اَّل‬
‫ن هَذ َا ِإ‬ ‫ل ِإ ْ‬ ‫ن قَب ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وََآبَاُؤنَا هَذ َا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫عدْنَا ن َ ْ‬ ‫وقوله (لَقَد ْ وُ ِ‬
‫َأ‬ ‫َآ‬ ‫َأ‬
‫في اآلي‪77‬ة األولى وأخره‪77‬ا في آي‪77‬ة المؤمن‪77‬ون وذل‪77‬ك أن م‪77‬ا قب‪77‬ل األولى ( ِئذ َا كُنَّا ت ُ َراب ً‪77‬ا وَ بَاُؤن َ‪77‬ا ِئنَّا‬
‫لَمخْرجون (‪ )67‬النم‪77‬ل) وم‪7‬ا قب‪7‬ل الثاني‪7‬ة (قَ‪7‬الُوا َأِئذ َا متن ‪7‬ا وكُنا تراب ‪7‬ا وعِظَا َأ‬
‫ن (‪)82‬‬ ‫مبْعُوثُو َ‬ ‫م‪7‬ا ِئنَّا ل َ َ‬ ‫ً‬ ‫ِ ْ َ َ َّ ُ َ ً َ‬ ‫ُ َ ُ َ‬
‫المؤمنون) فالجهة المنظور فيها هناك ك‪77‬ونهم أنفس‪77‬هم وآب‪77‬اؤهم تراب‪77‬اً‪ .‬والجه‪77‬ة المنظ‪77‬ور فيه‪77‬ا هن‪77‬ا‬
‫كونهم ترابا ً وعظاماً‪ .‬وال شبهة أن األولى أدخل عن‪77‬دهم في تبعي‪77‬د البعث ذل‪77‬ك أن البلى في الحال‪77‬ة‬
‫األولى أكثر وأشد وذلك أنهم أصبحوا ترابا ً مع أبائهم‪ .‬وأما في اآلية الثاني‪77‬ة ف‪77‬البلى أق‪77‬ل وذل‪77‬ك أنهم‬
‫تراب وعظام فلم يصبهم ما أصاب األولين من البلى‪ ،‬ولذا ق‪7‬دّم (ه‪77‬ذا) في اآلي‪77‬ة األولى ألن‪77‬ه أدعى‬
‫إلى العجب والتبعيد‪.‬‬
‫يءٍ‬ ‫ْ‬ ‫شَ‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ُو‬ ‫ه‬ ‫و‬
‫ْ ُ ُ ُ ََأ َ‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬
‫ْ‬ ‫شَ‬ ‫ل‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ق‬
‫ِ ُ‬ ‫ل‬ ‫َا‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ُو‬ ‫ه‬ ‫اَّل‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫ُ َ ُّ ْ ِإ َ ِإ‬ ‫ل‬ ‫اَل‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫(‬ ‫تعالى‬ ‫** ومن ذلك قوله‬
‫ن (‪)62‬‬ ‫َ‬
‫ه ِإ هُوَ ف‪ 7‬نَّى تُْؤفك ُو َ‬ ‫َ‬ ‫اَّل‬ ‫َ‬
‫يءٍ ِإل ‪َ 7‬‬ ‫اَل‬ ‫ش‪ْ 7‬‬ ‫ل َ‬ ‫م خَ‪7‬الِقُ ك ُ ِّ‬ ‫ُ‬
‫ه َربُّك ْ‬ ‫َّ‬
‫م الل ُ‬ ‫ُ‬
‫ل (‪ )102‬األنعام) وقول‪7‬ه (ذَل ِك ُ‬ ‫وَكِي ٌ‬
‫غافر)‬
‫يءٍ) وفي غ‪77‬افر ج‪77‬اء ب‪77‬العكس‪.‬‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه ِإاَّل هُو) وأخّر (خَالِقُ ك ُ ِّ‬ ‫فأنت ترى أنه قدم في آية األنعام (اَل ِإل َ َ‬
‫وذلك أنه في سياق اإلنكار على الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص ونفى الصاحبة والول‪77‬د ق‪77‬ال‪:‬‬
‫ن(‬ ‫ص‪7‬فُو َ‬ ‫ما ي َ ِ‬ ‫ه وَتَعَ‪7‬الَى عَ َّ‬ ‫ح ان َ ُ‬ ‫س‪7‬ب ْ َ‬ ‫ات بِغَي ْ‪7‬رِ عِلْم ٍ ُ‬ ‫ِين وَبَن َ ٍ‬ ‫ه بَن َ‬ ‫َرقُوا ل َ ُ‬ ‫م وَخ َ‬ ‫ن وَخَلَقَهُ ْ‬ ‫ج َّ‬ ‫جعَلُوا ل ِلَّهِ شُ َركَاءَ ال ْ ِ‬ ‫(وَ َ‬
‫ل‬ ‫يءٍ وَهُوَ بِك ُ ِّ‬ ‫ل َ‬ ‫ة وَخَل ‪7‬قَ ك ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َأْل‬
‫ش‪ْ 7‬‬ ‫حب َ ٌ‬ ‫ص ‪7‬ا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ل‪ُ 7‬‬ ‫م تَك ْ‬ ‫ه وَلد ٌ وَل ْ‬ ‫نل ُ‬ ‫ض نَّى يَكو ُ‬ ‫ات وَا ْر ِ‬ ‫ماوَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫‪ )100‬بَدِيعُ ال َّ‬
‫ل‬ ‫يءٍ وَكِي‪ٌ 77‬‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫يءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى ك ُ ِّ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه ِإاَّل هُوَ خَالِقُ ك ُ ِّ‬ ‫م اَل ِإل َ َ‬ ‫ه َربُّك ُ ْ‬ ‫م الل َّ ُ‬ ‫م (‪ )101‬ذَل ِك ُ ُ‬ ‫يءٍ عَل ِي ٌ‬ ‫شَ ْ‬
‫(‪ )102‬األنعام)‪ .‬فأنت ترى أن الكالم على التوحيد ونفي الشرك والشركاء والص‪77‬احبة والول‪77‬د ول‪77‬ذا‬
‫يءٍ) وهو المناسب للمقام‪.‬‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه ِإاَّل هُوَ ) على (خَالِقُ ك ُ ِّ‬ ‫قدّم كلمة التوحيد (اَل ِإل َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬
‫ة ) فأخّر الخلق‬ ‫ب‬‫ح‬ ‫ا‬ ‫ص‬
‫ُ ُ َ ٌ َ ْ َ ْ ُ َ ِ َ ٌ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬‫و‬ ‫د‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬
‫َّ َ‬ ‫ى‬ ‫ن‬ ‫(‬ ‫قوله‬ ‫بعد‬ ‫ٍ)‬ ‫ء‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫شَ‬ ‫ل‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ثم انظر كيف قال (وَخَل َ َ‬
‫ق‬
‫يءٍ ) وه‪77‬و‬ ‫ش‪ْ 7‬‬ ‫ل َ‬ ‫خ‪77‬الِقُ ك ُ ِّ‬ ‫ه ِإ هُوَ َ‬ ‫اَّل‬ ‫َ‬ ‫اَل‬
‫ه ِإ هُوَ ) فقال ( ِإل َ‬ ‫اَّل‬ ‫َ‬ ‫اَل‬
‫بعد التوحيد وهو نظير تأخيره بعد قوله ( ِإل َ‬
‫تناظر جميل‪.‬‬
‫أما في غافر فليس الس‪77‬ياق ك‪77‬ذلك وإنم‪77‬ا ه‪77‬و في س‪77‬ياق الخل‪77‬ق وتع‪77‬داد النعم ق‪77‬ال تع‪77‬الى (لَخَل ْ‪7‬قُ‬
‫السماوات واَأْلرض َأكْبر من خَلْق الناس ولَك َأ‬
‫ل‬ ‫ن (‪ ))57‬إلى أن يق‪77‬ول (وَقَ‪77‬ا َ‬ ‫اس اَل يَعْلَمُو َ‬ ‫‪7‬ر الن َّ ِ‬ ‫ن كْث َ‪َ 7‬‬ ‫ِ َّ ِ َ ِ َّ‬ ‫َُ ِ ْ‬ ‫َّ َ َ ِ َ َْأ ِ‬
‫ه‬ ‫ين (‪ )60‬الل َُّ‬ ‫‪7‬ر‬
‫َ َ َ َّ َ َ ِ ِ َ‬ ‫‪7‬‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ُل‬ ‫خ‬ ‫د‬
‫َ َ ْ‬ ‫ي‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫ِي‬ ‫ت‬ ‫د‬
‫ْ ِ َ َ‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫َن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫و‬
‫ِ َ َ ْ َ ُِ َ‬‫ر‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ْ ِإ َّ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫س‪ْ ِ َ 7‬‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫م ادْعُون ِي ْ‬ ‫َربُّك ُ ُ‬
‫ن َأكْث ََر النَّاس اَل‬ ‫اس وَلك ِ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫م اللي ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫الَّذِي َ‬
‫ِ‬ ‫ل عَلى الن َّ ِ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ه لذ ُو ف ْ‬
‫َأ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ص ًرا ِإ َّ‬ ‫مب ْ ِ‬ ‫ار ُ‬ ‫سكنُوا فِيهِ وَالنَّهَ َ‬ ‫ل ل ِت َ ْ‬ ‫ل لك ُ‬
‫ن (‪ ) )62‬فالكالم كما ترى‬ ‫ُ‬
‫ه ِإ هُوَ فَ نَّى تُْؤفَكو َ‬ ‫اَّل‬ ‫َ‬
‫يءٍ ِإل َ‬ ‫اَل‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ُ‬
‫م خَالِقُ ك ِّ‬ ‫ُ‬
‫ه َربُّك ْ‬ ‫م الل ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬
‫ن (‪ )61‬ذَل ِك ُ‬ ‫يَشْ ك ُ ُرو َ‬
‫عل الخلق وعلى نعم الله وفضله على الناس ال على التوحيد فقدم الخلق ل‪7‬ذلك فوض‪7‬ع ك‪7‬ل تعب‪7‬ير‬
‫في موطنه الالئق حسب السياق‪.‬‬
‫يءٍ )في ه‪77‬ذا الس‪77‬ورة‬ ‫ْ‬ ‫‪7‬‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ق‬
‫َ َ ِ ُ‬ ‫ل‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫خ‬ ‫ُو‬ ‫ه‬ ‫اَّل‬ ‫ه‬
‫ُ َ ُّ ْ ِإ َ ِإ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫اَل‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫جاء في البرهان للكرماني قوله (‬
‫ه ِإ هُوَ ) ألن فيها قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات فدمغ قول‬ ‫اَّل‬ ‫يءٍ اَل ِإل َ‬
‫َ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫وفي المؤمن (خَالِقُ ك ُ ِّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫يءٍ )‪ .‬وفي المؤمن قبله ذك‪77‬ر الخل‪77‬ق وه‪77‬و (لخَل ‪7‬قُ‬ ‫ل شَ ْ‬ ‫ه ِإاَّل هُو ) ثم قال (خَالِقُ ك ِّ‬
‫ُ‬ ‫قائله بقوله (اَل ِإل َ َ‬
‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫الس‪77‬ماو ِ َأْل‬
‫اس ) فخ‪77‬رج الكالم على إثب‪77‬ات خل‪77‬ق الن‪77‬اس ال على نفي‬ ‫‪77‬ق الن َّ ِ‬ ‫ن خَل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫‪77‬ر ِ‬ ‫ض كْب َ ُ‬ ‫ات وَا ْر ِ‬ ‫َّ َ َ‬
‫الشريك فقدم في كل سورة ما يقتضيه قبله من اآليات‪.‬‬
‫يل اللَّهِ ( ‪)72‬‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى ( ن الَّذين َآمنوا وهَاجروا وجاهَدوا بَأموال ِه َأ‬
‫سب ِ ِ‬ ‫م ِفي َ‬ ‫سه ِ ْ‬ ‫م وَ نْفُ ِ‬ ‫َ َ ُ ِ َْأ َ ِ ْ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫ِإ َّ‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫األنفال) وقوله (الَّذِ َآ‬
‫عن ْ‪7‬د َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج‪ً 7‬‬ ‫م د َ َر َ‬ ‫م عْظ َ ُ‬ ‫ُس ‪7‬هِ ْ‬ ‫م وَ نْف ِ‬ ‫موَال ِهِ ْ‬ ‫يل اللَّهِ ب ِ ْ‬ ‫سب ِ ِ‬ ‫جاهَدُوا فِي َ‬ ‫ج ُروا وَ َ‬ ‫منُوا وَهَا َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ‬
‫ن (‪ )20‬التوبة)‬ ‫م الْفَاِئ ُزو َ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫اللَّهِ وَُأولَِئ َ‬
‫فق‪77‬دم األم‪77‬وال واألنفس على (في س‪77‬بيل الل‪77‬ه) في س‪77‬ورة األنف‪77‬ال وق‪77‬دم (في س‪77‬بيل الل‪77‬ه) على‬
‫األموال واألنفس في سورة التوبة‪ ،‬وذلك ألنه في سورة األنفال تقدم ذكر المال والف‪77‬داء والغنيم‪77‬ة‬
‫ض الدُّنْيَا (‪ )67‬األنفال) وهو المال الذى فدى به األسرى أنفس‪77‬هم‬ ‫ن ع ََر َ‬ ‫من مثل قوله تعالى (تُرِيدُو َ‬
‫َأ‬ ‫َ‬
‫م (‪ )68‬األنف‪77‬ال) أي من الف‪77‬داء‬ ‫َاب عَظِي ٌ‬ ‫م عَ ‪7‬ذ ٌ‬ ‫خ‪ 7‬ذ ْت ُ ْ‬ ‫م‪77‬ا َ‬ ‫م فِي َ‬ ‫س ‪7‬ك ْ‬ ‫ُ‬ ‫م َّ‬ ‫سبَقَ ل َ‬ ‫ن اللَّهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫اب ِ‬ ‫وقوله (لَوْاَل كِت َ ٌ‬
‫ح طيِّبًا (‪ )69‬األنف‪77‬ال) وغ‪77‬ير ذل‪77‬ك فق‪77‬دم الم‪77‬ال ههن‪77‬ا‪ ،‬ألن الم‪77‬ال ك‪77‬ان‬ ‫َ‬ ‫اًل‬ ‫اَل‬ ‫م َ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫ما غَن ِ ْ‬ ‫م َّ‬ ‫وقوله (فَكُلُوا ِ‬
‫مطلوبا ً لهم حتى عاتبهم الله في ذلك فطلب أن يبدأوا بالتضحية به‪.‬‬
‫م‬ ‫م يُعَ‪7‬ذِّبْهُ ُ‬ ‫وأما َأفي سورة التوبة فقد تقدم ذكر الجهاد في سبيل الله من مثل قول‪7‬ه تع‪7‬الى (قَ‪7‬ات ِلُوهُ ْ‬
‫ش‪7‬ف ص‪7‬دور قَ‪77‬وم مُْؤمن ِين (‪) )14‬وقول‪77‬ه (َأم حس‪7‬بتم َأ‬
‫ن‬ ‫ْ َ ِ ُْ ْ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫م وَي َ ْ ِ ُ ُ َ‬ ‫م عَلَيْهِ ْ‬ ‫ص‪ْ 7‬رك ُ ْ‬ ‫م وَيَن ْ ُ‬ ‫م وَيُخْزِهِ ْ‬ ‫ه ب ِ يْدِيك ُ ْ‬ ‫الل َّ ُ‬
‫ة‬ ‫ج‪ً 7‬‬ ‫ِين وَل ِي َ‬ ‫من َ‬ ‫س‪7‬ولِهِ وَ المُْؤ ِ‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫ون اللهِ وَ َر ُ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬ ‫ن دُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ُوا ِ‬ ‫م يَت َّ ِ‬ ‫م وَل ْ‬‫َ‬ ‫منْك ْ‬ ‫ُ‬ ‫جاهَدُوا ِ‬ ‫ين َ‬ ‫ه الذِ َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬
‫ما يَعْلم ِ الل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تُت ْ َركوا وَل َّ‬ ‫ُ‬
‫حرام كَم َآ‬ ‫َأ‬
‫ن بِاللَّهِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫جدِ ال ْ َ َ ِ َ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ارةَ ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج وَ ِ‬ ‫حا ِّ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫سقَاي َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫جعَلْت ُ ْ‬ ‫ن (‪ ) )16‬وقوله ( َ‬ ‫ملُو َ‬ ‫ما تَعْ َ‬ ‫ير ب ِ َ‬ ‫ه خَب ِ ٌ‬ ‫وَالل َّ ُ‬
‫ين ( ‪ ) )19‬فقدم‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬ ‫وَالْيَوْم ِ ا خِرِ وَ َ‬ ‫َآْل‬
‫م َ‬ ‫م الظال ِ ِ‬ ‫ه يَهْدِي القَوْ َ‬ ‫عنْد َ اللهِ وَالل ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ستَوُو َ‬ ‫يل اللهِ ي َ ْ‬ ‫سب ِ ِ‬ ‫جاهَد َ فِي َ‬
‫ذكر (في سبيل الله) على األموال واألنفس وهو المناسب ههنا للجهاد كم‪77‬ا ق‪77‬دم األم‪77‬وال واألنفس‬
‫هناك ألنه المناسب لألموال‪.‬‬
‫ِر (‪)12‬‬ ‫م‪77‬وَاخ َ‬ ‫‪7‬رى الفُل ‪7‬ك فِي‪7‬هِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫موَاخ َِر فِيهِ (‪ )14‬النحل) وقول‪77‬ه (وَت َ‪َ 7‬‬ ‫َ‬
‫**ومنه قوله تعالى (وَت َ َرى الفُلك َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫فاطر)‪:‬‬
‫قّ دم المواخر على الجار والمجرور في النحل وقدم (فيه) على مواخر في ف‪7‬اطر‪ .‬وذل‪7‬ك أن‪7‬ه تق‪7‬دم‬
‫الكالم في النحل على وسائط النقل فذكر األنعام وأنها تحمل األثقال وذكر الخيل والبغال والحم‪77‬ير‬
‫ْأ‬
‫م‪77‬ا‬ ‫ح ً‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫من ْ‪ُ 7‬‬ ‫‪7‬ر لِت َ‪ 7‬كُلُوا ِ‬ ‫ح‪َ 7‬‬ ‫َّر الْب َ ْ‬ ‫سخ َ‬ ‫نركبها وزينة ثم ذكر الفلك وهي واسطة نقل أيضا ً فقال (وَهُوَ الَّذِي َ‬
‫ن(‬ ‫ش ‪7‬ك ُرو َ‬ ‫ُ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ُ‬
‫ضلِهِ وَلعَلك ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫نف ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِر فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا ِ‬ ‫موَاخ َ‬ ‫ك َ‬ ‫سونَهَا وَت َ َرى الْفُل ْ َ‬ ‫ة تَلْب َ ُ‬ ‫ه حِلْي َ ً‬ ‫من ْ ُ‬ ‫جوا ِ‬ ‫ستَخْرِ ُ‬ ‫طَرِيًّا وَت َ ْ‬
‫‪ )14‬النحل) قدّم المواخر ألنه من صفات الفلك وهذا التق‪77‬ديم مناس‪77‬ب في س‪77‬ياق وس‪77‬ائط النق‪77‬ل‪.‬‬
‫ن نُطْفَ ‪7‬ةٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫اب ث ُ َّ‬ ‫تُر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه خَلَقَك ُ ْ‬ ‫وليس السياق كذلك في سورة فاطر وإنما قال الله تع‪77‬الى (وَالل َّ ُ‬
‫ن عُمُرِهِ ِإاَّل‬ ‫ل م ُأ‬ ‫ثُم جعلَك ُ َأ‬
‫م ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫مرٍ وَاَل يُنْقَ ُ‬ ‫معَ َّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُر ِ‬ ‫ما يُعَ َّ‬ ‫مه ِ و َ َ‬ ‫ضعُ ِإاَّل بِعِل ْ ِ‬ ‫ن نْث َى وَاَل ت َ َ‬ ‫م ُ ِ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫جا و َ َ‬ ‫م ْزوَا ً‬ ‫َّ َ َ ْ‬
‫س‪77‬اِئغٌ‬ ‫ات َ‬ ‫ْب فُ َر ٌ‬ ‫ان هَذ َا عَذ ٌ‬ ‫ح َر ِ‬ ‫ستَوِي الْب َ ْ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫يرْأ (‪ )11‬فاطر) ثم قال (وَ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ك عَلَى اللَّهِ ي َ ِ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫اب ِإ َّ‬ ‫ِفي كِت َ ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن ك ٍّ‬ ‫ُ‬ ‫ُأ‬ ‫ْ‬
‫‪7‬رى الفُل ‪7‬ك فِي‪7‬هِ‬ ‫س‪7‬ونَهَا وَت َ َ‬ ‫ة تَلب َ ُ‬ ‫ن حِلي َ‪ً 7‬‬ ‫جو َ‬ ‫س‪7‬تَخْرِ ُ‬ ‫ما طرِيًّا وَت َ ْ‬ ‫ح ً‬ ‫نل ْ‬ ‫ل ت َ كلو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج وَ ِ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫مل ٌ‬ ‫ه وَهَذ َا ِ‬ ‫شَ َراب ُ ُ‬
‫ن (‪ ) )12‬فالكالم هنا على البحر وأنواعه وما أودع الله فيه‬ ‫م تَشْ ك ُ ُرو َ‬ ‫ضلِهِ وَلَعَلَّك ُ ْ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِر ل ِتَبْتَغُوا ِ‬ ‫موَاخ َ‬ ‫َ‬
‫من نعم‪ .‬فلما كان الكالم على البحر قدم ضمير البحر على المخر فقال (وترى الفلك فيه مواخر)‪.‬‬
‫فانظر كيف أنه لما كان الكالم على وسائط النقل والفلك قدم حال‪77‬ة الفل‪77‬ك ولم‪77‬ا ك‪77‬ان الكالم على‬
‫ابحر ذكر ما يتعلق به‪.‬‬
‫َ‪7‬ر النَّاس ِإاَّل‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬ ‫َآ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َأ ِ‬ ‫َ‪7‬ل ف‪ 7‬بَى كث ُ‬ ‫مث ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫قُر ِ‬ ‫اس فِي هَ‪7‬ذ َا ال ْ‬ ‫ص‪َّ 7‬رفنَا ل ِلن َّ ِ‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى (وَلقَد ْ َ‬
‫كُفُورا (‪ )89‬اإلسراء) وقوله (ولَقَد ْ صرفْنَا فِي هَذ َا الْقُرَآ‬
‫َ‪7‬ر‬ ‫ن كْث َ‬ ‫س‪7‬ا ُ‬ ‫ن اِإْلن ْ َ‬ ‫َ‪7‬ل وَك َ‪7‬ا َ‬ ‫مث ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ك ُ ِّ‬ ‫م ْ‬ ‫اس ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِلن‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫جدَاًل (‪ )54‬الكهف)‬ ‫يءٍ َ‬ ‫شَ ْ‬
‫قدم (للناس) على (في هذا القرآن) في اإلسراء وأخّره‪77‬ا في الكه‪77‬ف وذل‪77‬ك ألن‪77‬ه تق‪77‬دم الكالم في‬
‫ض وَن َ‪َ7‬أى‬ ‫‪7‬ر َ‬ ‫ان عْ‪َ 7‬‬
‫اإلسراء على اإلنسان ونعم الله علي‪77‬ه ورحمت‪77‬ه ب‪77‬ه فق‪77‬ال (و ذ َا َأنعمن ‪77‬ا عَلَى ا نس ‪َ 7‬أ‬
‫ِإْل ْ َ ِ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫َِإ‬
‫م اَل‬ ‫حيْنَا ِإلَي ْ َ‬ ‫َأ‬
‫ك ث ُ َّ‬ ‫ن بِالَّذِي وْ َ‬ ‫شْئنَا لَنَذْهَب َ َّ‬ ‫ِئن ِ‬ ‫سا ( ‪ ) 7)83‬إلى أن يقول (وَل َ ْ‬ ‫ن يَُئو ً‬ ‫ه الشَّ ُّر كَا َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َّ‬ ‫جانِبِهِ وَِإذ َا َ‬ ‫بِ َ‬
‫ت‬ ‫معَ ِ‬ ‫جت َ َ‬ ‫ِئن ا ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫قُ‬ ‫)‬ ‫‪87‬‬ ‫(‬ ‫ا‬ ‫‪7‬ير‬
‫ً‬ ‫‪7‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫‪7‬ا‬
‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫‪7‬‬ ‫ض‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬
‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫اَّل‬ ‫ِإ‬ ‫)‬ ‫‪86‬‬ ‫(‬ ‫اًل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ج‬‫تَ ِ‬
‫ِ‬
‫ْأ‬ ‫َآ‬ ‫ا نس والْجن عَلَى َأ ْأ‬
‫‪7‬يرا (‪) 7)88‬‬ ‫ض ظَهِ‪ً 7‬‬ ‫م لِبَعْ ٍ‬ ‫ض ‪7‬ه ُ ْ‬ ‫ن بَعْ ُ‬ ‫مثْلِهِ وَلَوْ كَا َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ن اَل ي َ تُو َ‬ ‫ْل هَذ َا الْق ُْر ِ‬ ‫مث ِ‬ ‫ن ي َ تُوا ب ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِإْل ْ ُ َ ِ ُّ‬
‫فناسب تقديم الناس في سورة اإلسراء‪.‬‬
‫ولم يتقدم مثل ذلك في س‪77‬ورة الكه‪77‬ف‪ .‬ثم انظ‪77‬ر في افتت‪77‬اح ك‪77‬ل من الس‪77‬ورتين فق‪77‬د ب‪77‬دأ س‪77‬ورة‬
‫ْأ‬ ‫مد ُ ل ِلَّهِ الَّذِي َأن ْ َز َ‬
‫س‪7‬ا‬ ‫م‪7‬ا لِيُن ْ‪7‬ذِ َر ب َ ً‬ ‫ج‪7‬ا (‪ )1‬قَي ِّ ً‬ ‫ه عِوَ ً‬ ‫ل ل َ‪ُ 7‬‬ ‫جعَ‪ْ 7‬‬ ‫م يَ ْ‬ ‫‪7‬اب وَل َ ْ‬ ‫ل عَلَى عَبْدِهِ الْكِت َ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫الكهف بقوله (ال ْ َ‬
‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬
‫س‪7‬نًا (‪ ) 7)2‬فق‪7‬د ب‪7‬دأ‬ ‫ح َ‬ ‫‪7‬را َ‬ ‫ج ً‬ ‫م ْ‬ ‫ن لهُ ْ‬ ‫ات َّ‬ ‫ح ِ‬ ‫الص‪7‬ال ِ َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬
‫ملُو َ‬ ‫ين يَعْ َ‬ ‫ِين الذِ َ‬ ‫من َ‬ ‫ش‪َ 7‬ر المُْؤ ِ‬ ‫ه وَيُب َ ِّ‬ ‫ن لَدُن ْ‪ُ 7‬‬ ‫م ْ‬ ‫ش‪7‬دِيدًا ِ‬ ‫َ‬
‫السورة بالكالم على الكتاب وهو القرآن ثم ذكر بعده أصحاب الكهف وذكر موسى والرجل الصالح‬
‫وذكر ذا القرنين وغيرهم من الناس‪ ،‬فبدأ بذكر القرآن ثم ذكر الناس فكان المناسب أن يتقدم ذكر‬
‫القرآن على الناس في هذه اآلية كما في البدء‪.‬‬
‫ن‬ ‫حا َ‬ ‫(س ‪7‬ب ْ َ‬ ‫وأما في سورة اإلسراء فقد بدأت بالكالم على الناس ثم القرآن فقد بدأت بقول‪77‬ه تع‪77‬الى ُ‬
‫َأْل‬ ‫َأ‬
‫ه (‪) 7)1‬ثم تكلم‬ ‫حوْل َ ‪ُ 7‬‬ ‫اركْن َ‪77‬ا َ‬ ‫ص ‪7‬ى الَّذِي ب َ َ‬ ‫جد ِ ا ق ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َرام ِ ِإلَى ال ْ َ‬ ‫جدِ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫س َرى بِعَبْدِهِ لَيْاًل ِ‬ ‫الَّذِي ْ‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َأ‬ ‫َّ‬ ‫َآ‬ ‫ْ‬
‫ين‬ ‫ِين الذِ َ‬ ‫من َ‬ ‫ش‪ُ 7‬ر المُْؤ ِ‬ ‫م وَيُب َ ِّ‬ ‫ي قْ‪77‬وَ ُ‬ ‫ن يَهْ‪7‬دِي ل ِلت ِي هِ َ‬ ‫ن هَذ َا الق ُْر َ‬ ‫على بني إسرائيل ثم قال بعد ذلك‪ِ( :‬إ َّ‬
‫يعملُون الصالِحات َأن لَه َأ‬
‫يرا (‪ ) 7)9‬فكان المناسب أن يتق‪7‬دم ذك‪77‬ر الن‪7‬اس فيه‪7‬ا على ذك‪7‬ر‬ ‫ج ًرا كَب ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫َّ َ ِ َّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ‬
‫القرآن في هذه اآلية وهذا تناسب عجيب بين اآلية ومفتتح السورة في الموضعين‪.‬‬
‫َأ َأ‬
‫ُورا (‪ ) 7)89‬والكفور ه‪77‬و‬ ‫اس ِإاَّل كُف ً‬ ‫ثم انظر خاتمة اآليتين فقد ختم آية اإلسراء بقوله (فَ بَى كْث َُر الن َّ ِ‬
‫حجد النعم فناسب ذلك تقدم ذكر النعمة والرحمة والفضل أال ترى مقابل الشكر الكفران ومقاب‪77‬ل‬
‫ُورا (‪ )3‬اإلنسان) فكان خت‪77‬ام اآلي‪77‬ة‬ ‫ما كَف ً‬ ‫ما شَ اك ِ ًرا وَِإ َّ‬ ‫ل ِإ َّ‬ ‫سبِي َ‬ ‫الشاكر الكفور قال تعالى (ِإنَّا هَدَيْنَاهُ ال َّ‬
‫ج‪ 7‬دَاًل (‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫‪7‬‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫‪7‬ر‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫بقوله (وك َ‪77‬ان ا نس‪7‬ان َأ‬ ‫ختمها‬ ‫فقد‬ ‫الكهف‬ ‫مناسب لما تقدم من السياق‪ .‬أما آية‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِإْل َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫َ ِ ِ ِ‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫ِص‪7‬‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‪7‬ا‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫تع‪7‬الى‬ ‫قول‪7‬ه‬ ‫مثل‬ ‫من‬ ‫والمراء‬ ‫والجدل‬ ‫المحاورات‬ ‫‪ ) 7)54‬لما ذكر قبلها وبعدها من‬
‫‪7‬روا‬ ‫ين كفَ‪ُ 7‬‬ ‫َ‬ ‫ل الذِ َ‬ ‫َّ‬ ‫ج‪77‬ادِ ُ‬ ‫ح‪77‬اوِ ُرهُ (‪ ) 7)37‬وبع‪77‬دها (وَي ُ َ‬ ‫ه وَهُوَ ي ُ َ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫ص ‪7‬ا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ل‪ُ 7‬‬ ‫َ‬ ‫حاوِ ُرهُ (‪ ) 7)34‬وقوله (قَ‪77‬ا َ‬ ‫وَهُوَ ي ُ َ‬
‫حقَّ (‪ ) 7)56‬وذكر محاورة موسى الرجل الصالح ومجادلته فيما ك‪77‬ان يفع‪77‬ل‪.‬‬ ‫ضوا بِهِ ال ْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل ل ِيُد ْ ِ‬ ‫بِالْبَاط ِ ِ‬
‫م َراءً ظَاهِ ًرا (‪ ) 7)22‬ولم يرد لفظ الجدل وال المحاورة في س‪77‬ورة اإلس‪77‬راء‬ ‫م ِإاَّل ِ‬ ‫مارِ فِيهِ ْ‬ ‫وقال (فَاَل ت ُ َ‬
‫كلها‪ .‬فما ألطف هذا التناسق وما أجمل هذا الكالم!‪.‬‬
‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ق‬ ‫‪7‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َى‬ ‫ذ‬ ‫َأْل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫‪7‬ال‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ِك‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫لُوا‬ ‫من ُوا اَل تُبْط ِ‬ ‫** ومن ذلك قوله تعالى (يَا َأيُّها الَّذِ َآ‬
‫ِ ُْ ِ ُ َ ُ‬ ‫ْ ِ َ ِّ َأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صلْدًا اَل‬ ‫ه َ‬ ‫ل فَت َ َرك َ ُ‬ ‫ه وَاب ِ ٌ‬ ‫ص اب َ ُ‬ ‫اب فَ َ‬ ‫ان عَلَيْهِ ت ُ َر ٌ‬ ‫صفْوَ ٍ‬ ‫َل َ‬ ‫مث ِ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫ن بِاللَّهِ وَالْيَوْم ِ اَآْلخِرِ فَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫اس وَاَل يُْؤ ِ‬ ‫رَِئاءَ الن َّ ِ‬
‫ين‬ ‫ل الذِ َ‬ ‫َّ‬ ‫مث َ ‪ُ 7‬‬ ‫ين (‪ )264‬البق‪77‬رة) وقول‪77‬ه ( َ‬ ‫م الك ‪77‬افِرِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه يَهْدِي القَ‪77‬وْ َ‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬
‫سبُوا وَالل ُ‬ ‫ما ك َ‬ ‫َ‬ ‫م َّ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫ن عَلى شَ ْ‬ ‫َ‬ ‫يَقْدِ ُرو َ‬
‫يءٍ‬ ‫ش‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫س‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫ْ‪7‬‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫اَل‬ ‫ف‬ ‫َاص‪7‬‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫‪7‬و‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ال‪7‬ر‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫اشْ‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫كَفَروا بربهم َأ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِّ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ُ ْ َ َ‬ ‫َِ ِ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫ل الْبَعِيد ُ (‪ )18‬ابراهيم)‬ ‫ضاَل ُ‬ ‫ك هُوَ ال َّ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫خ‪77‬ر الكس‪77‬ب‪ .‬وق‪77‬ال في‬ ‫سبُوا ) فق‪77‬دم الش‪77‬يء وأ ّ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م َّ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫ن عَلَى شَ ْ‬ ‫فقال في آية البقرة (اَل يَقْدِ ُرو َ‬
‫يءٍ ) فقدم الكسب وأخر الشيء وذلك أن آية البقرة‬ ‫سبُوا عَلى شَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ك َ‬ ‫َ‬ ‫م َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫سورة ابراهيم (اَل يَقْدِ ُرو َ‬
‫ن عَلى‬ ‫َ‬ ‫ط وليس كاسبا ولذلك أخّر الكسب فقال ( يَقْدِ ُرو َ‬ ‫اَل‬ ‫ً‬ ‫قي سياق اإلنفاق والصدقة والمنفق مع ٍ‬
‫سبُوا ) وأما اآلية الثانية فهي في سياق العمل والعامل كاسب فقدّم الكسب‪.‬‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫م َّ‬ ‫يءٍ ِ‬ ‫شَ ْ‬
‫عن ْ‪7‬دِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫اَّل‬ ‫ْ ُ ِإ‬ ‫ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫َّ‬ ‫الن‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬
‫ُ ْ ِ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ِئن‬
‫َ َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ت‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫و‬
‫ْ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫ر‬‫ُ ِإ ُ َ‬ ‫شْ‬ ‫ب‬ ‫اَّل‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ه‬
‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫(و‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫ذلك‬ ‫ومن‬ ‫**‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ز‬ ‫‪7‬‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫‪7‬‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َأ‬ ‫س‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫يك‬ ‫‪7‬‬ ‫َش‬ ‫ِّ‬ ‫غ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫(‬ ‫‪7‬ه‬ ‫‪7‬‬ ‫وقول‬ ‫‪7‬ران)‬ ‫‪7‬‬ ‫عم‬ ‫آل‬ ‫)‬ ‫‪126‬‬ ‫(‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫ْ ْ ِ َ‬
‫َأْل‬
‫َ َ َ ً ِ ْ ُ َ ُ َ ِّ‬ ‫ُ ُّ َ‬ ‫ِإ ُ‬ ‫الل ِ َ ِ ِ َ ِ ِ‬
‫يم‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫‪7‬ز‬ ‫‪7‬‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ه‬
‫م (‪)11‬‬ ‫ت ب ِ‪7‬هِ ا ق‪7‬دَا َ‬ ‫ْ‬ ‫م وَيُث َب ِّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ان وَلِي َ ْربِط عَلى قلوبِك ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ج َز الشَّ يْط ِ‬ ‫َ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب عَنْك ْ‬ ‫ُ‬ ‫م بِهِ وَيُذْهِ َ‬ ‫ُ‬
‫ماءً ل ِيُطهِّ َرك ْ‬ ‫َ‬ ‫ماءِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ال َّ‬
‫األنفال)‬
‫فقدّم القلب على الجار والمجرور في آل عم‪7‬ران فق‪7‬ال‪( :‬ولتطمئن قل‪7‬وبكم ب‪7‬ه) وأخّره‪7‬ا عن‪7‬ه في‬
‫األنف‪77‬ال فق‪77‬ال (ولتطمئن ب‪77‬ه قل‪77‬وبكم) علم‪77‬ا ً ب‪77‬أن الكالم على معرك‪77‬ة ب‪77‬در في الموط‪77‬نين غ‪77‬ير أن‬
‫الموقف مختلف‪.‬‬
‫ففي آل عمران ذكر معركة بدر تمهيدا لذكر موقعة أحد وما أصابهم فيها من قرح وح‪77‬زن والمق‪77‬ام‬ ‫ً‬
‫َأ‬
‫ن‬ ‫ن ِإ ْ‬ ‫م اَأْلعْل َ‪7‬وْ َ‬ ‫ح َزن ُوا وَ نْت ُ ُ‬ ‫مقام مسح على القلوب وطمأنة لها من مثل قوله تع‪7‬الى‪( :‬وَاَل تَهِنُوا وَاَل ت َ ْ‬
‫ُ‬ ‫َأْل‬ ‫ه وَت ِل ْ‪َ 7‬‬
‫اس‬ ‫ن الن َّ ِ‬ ‫م نُدَاوِلهَا بَي ْ َ‬ ‫ك ا يَّا ُ‬ ‫مث ْلُ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫‪7‬ر ٌ‬ ‫م قَ ْ‬ ‫س الْقَوْ َ‬ ‫م َّ‬ ‫ح فَقَد ْ َ‬ ‫م قَ ْر ٌ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ِين (‪ِ )139‬إ ْ‬ ‫من َ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫كُنْت ُ ْ‬
‫ين (‪ )140‬آل عم‪77‬ران) إلى غ‪77‬ير‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫الظ‬ ‫ِب‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫اَل‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫و‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫‪7‬‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫نُوا‬ ‫م‬ ‫َآ‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫وَل ِيَعْ َ‬
‫ل‬
‫ِئن‬ ‫ْ َ ِ َ َ َّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫ب‬
‫ُ ِإ ُ‬ ‫اَّل‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ه‬
‫َ َ ُ‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫(و‬ ‫‪7‬وطن‬ ‫‪7‬‬ ‫الم‬ ‫هذا‬ ‫في‬ ‫فقال‬ ‫والتصبير‬ ‫المواساة‬ ‫آيات‬ ‫من‬ ‫ذلك‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ش ‪َ 7‬رى لك ْ‬ ‫َ‬ ‫اَّل‬
‫م بِهِ ) فذكر أن البشرى (لهم) وقدم (قلوبهم) على اإلم‪77‬داد بالمالئك‪77‬ة فق‪77‬ال (ِإ ب ُ ْ‬ ‫قُلُوبُك ْ‬
‫ُ‬
‫م بِهِ ) كل ذلك من قبيل المواساة والتبشير والطمأنة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ِئن قُلوبُك ْ‬ ‫ُ‬ ‫م َّ‬ ‫وَل ِتَط ْ َ‬
‫ولما لم يكن المقام في األنفال كذلك وإنما المقام ذكر موقعة ب‪77‬در وانتص‪77‬ارهم فيه‪77‬ا ودور اإلم‪77‬داد‬
‫م‬ ‫ن َربَّك ُ ْ‬ ‫ستَغِيث ُو َ‬ ‫السماوي في هذا النصر وقد فصل في ذلك أكثر مما ذكر في آل عمران فقال (ِإذ ْ ت َ ْ‬
‫ْ‬ ‫ه ِإاَّل ب ُ ْ‬ ‫فَاستجاب لَكُم َأني ممدك ُ َأ‬
‫ش ‪َ 7‬رى َ َ َ َّ ِ ِ‬
‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫ِئن‬ ‫م‬ ‫ط‬ ‫ِت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه الل َّ ُ‬ ‫جعَل َ‪ُ 7‬‬ ‫م‪77‬ا َ‬ ‫ين (‪ )9‬وَ َ‬ ‫مُردِفِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ماَل ِئكَةِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫م بِ لْ ٍ‬ ‫ُ ِ ُّ ْ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫ْ َ َ َ‬
‫َأ‬
‫ل‬ ‫ه وَيُن َ‪ِّ 7‬ز ُ‬ ‫من ْ‪ُ 7‬‬ ‫ة ِ‬ ‫من َ‪ً 7‬‬ ‫س َ‬ ‫م النُّعَ‪77‬ا َ‬ ‫َش‪7‬يك ُ ُ‬ ‫م (‪ِ )10‬إذ ْ يُغ ِّ‬ ‫حكِي ٌ‬ ‫ه عَزِي ٌز َ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ن عِنْدِ اللَّهِ ِإ َّ‬ ‫م ْ‬ ‫ص ُر ِإاَّل ِ‬ ‫ما الن َّ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫قُلُوبُك ُ ْ‬
‫ت ب ِ ‪7‬هِ‬ ‫م وَيُث َب ِّ َ‬ ‫ُ‬
‫ان وَل ِي َ ْرب ِ‪77‬ط عَلى قُلُوبِك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الش ‪7‬يْط ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ج‪َ 7‬ز‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ُ‬
‫ب عَنْك ْ‬ ‫م بِهِ وَيُذْهِ َ‬ ‫ُ‬
‫ماءً لِيُطهِّ َرك ْ‬ ‫َ‬ ‫ماءِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال َّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عَلَيْك ُ ْ‬
‫ين‬ ‫لُوب الَّذِ َ‬ ‫ِ‬ ‫س‪ُ7‬ألْقِي فِي قُ‬ ‫منُوا َ‬ ‫ين َ‬
‫ك لَى الْماَل ِئك َ‪7‬ةِ َأنِّي معَكُم فَثَبِّت ُوا الَّذِ َآ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م (‪ِ )11‬إذ ْ ي ُوحِي َرب ُّ َ ِإ‬ ‫ا قْ‪7‬دَا َ‬
‫َأْل‬
‫ان (‪ ) 7)12‬أقول لما كان المق‪77‬ام مختلف‪77‬ا ً‬ ‫م ك ُ َّ‬ ‫َأْل‬
‫ل بَن َ ٍ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫ضرِبُوا ِ‬ ‫اق وَا ْ‬ ‫ضرِبُوا فَوْقَ ا عْن َ ِ‬ ‫ْب فَا ْ‬ ‫الرع َ‬ ‫كَف َُروا ُّ‬
‫خالف في التعبير‪ .‬أنه لما كان المقام في األنفال مق‪7‬ام اإلنتص‪7‬ار وإب‪7‬راز دور اإلم‪7‬داد الرب‪7‬اني ق‪7‬دم‬
‫(به) على القل‪77‬وب والض‪77‬مير يع‪77‬ود على اإلم‪77‬داد‪ .‬ولم‪77‬ا ك‪77‬ان المق‪77‬ام في آل عم‪77‬ران ه‪77‬و الطمأنين‪77‬ة‬
‫م‪77‬ا‬ ‫م ب ِ ‪7‬هِ ) وزاد كلم‪77‬ة (لكم) فق‪77‬ال (وَ َ‬ ‫ِئن قُلُوبُك ُ ْ‬ ‫م َّ‬ ‫وتسكين القلوب قدمها على اإلم‪77‬داد فق‪77‬ال (وَل ِتَط ْ َ‬
‫م ) زيادة في المواسة والمسح على القلوب فجعل كال ً في مقامه‪.‬‬ ‫ه ِإاَّل بُشْ َرى لَك ُ ْ‬ ‫ه الل َّ ُ‬ ‫جعَل َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫‪7‬ر‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫َّ‬ ‫‪7‬‬ ‫ه‬ ‫ُأ‬ ‫‪7‬ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ير‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫خ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫(‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫ذلك‬ ‫ومن‬ ‫**‬
‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِإ َ َ َّ َ‬ ‫َّ‬
‫ة‬‫ميْت َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ت عَلَيْك ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِّر َ‬ ‫م (‪ )173‬البقرة) وقوله ( ُ‬ ‫ُور َرحِي ٌ‬ ‫ه غَف ٌ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫م عَلَيْهِ ِإ َّ‬ ‫اغ وَاَل عَادٍ فَاَل ِإث ْ َ‬ ‫ضط َّر غَي ْ َر ب َ ٍ‬
‫ا ْ ُ‬
‫ما ك َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ما هِ َّ‬ ‫ُأ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫سبُعُ‬ ‫ل ال َّ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ة وَالنَّطِي َ‬ ‫مت َ َردِّي َ ُ‬ ‫موْقوذَةُ وَال ُ‬ ‫ة وَال َ‬ ‫منْخَنِقَ ُ‬ ‫ل لِغَيْر اللهِ بِهِ وَال ُ‬ ‫خنْزير وَ َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫م وَل ْ‬ ‫وَالد َّ ُ‬
‫م‪7‬ا عَلَى‬ ‫ُأ‬ ‫اَّل ما ذ َكَّيتم وما ذ ُِبح ِ عَلَى النصب ِ(‪ )3‬المائ‪7‬دة) وقول‪7‬ه (قُ ْ َأ‬
‫ح َّر ً‬ ‫م َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ِي ِإل َ َّ‬ ‫م‪7‬ا وح َ‬ ‫ج‪ 7‬د ُ فِي َ‬ ‫ل اَل ِ‬ ‫ُّ ُ ِ‬ ‫ُْ ْ َ َ ِ َ‬ ‫َ‬
‫س ‪7‬قًا ُأهِ ‪َّ 7‬‬ ‫َأ‬ ‫ة َأو دما مسفُوحا َأ‬ ‫ِإطَاعِم يطْعمه اَّل َأ‬
‫ل لِغَي ْ‪77‬رِ اللَّهِ‬ ‫س وْ فِ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ر‬
‫ِ ٍ ِإ ُ ِ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ير‬ ‫ز‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ ً َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ُ ُ ِإ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬
‫م (‪ )145‬األنعام)‬ ‫ُور َرحِي ٌ‬ ‫ك غَف ٌ‬ ‫ن َرب َّ َ‬ ‫اغ وَاَل عَادٍ فَِإ َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ضط ُ َّر غَي ْ َر ب َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫بِهِ فَ َ‬
‫م‬
‫ل بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ) فقدم (به) على (لغير الله) ومعنى (ما ُأه‪77‬ل ب‪77‬ه) ‪:‬‬ ‫ما ُأهِ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫(و‬ ‫البقرة‪:‬‬ ‫آية‬ ‫في‬ ‫قال‬ ‫فقد‬
‫ل لِغَيْرِ اللهِ ب ِ‪77‬هِ ) فق‪77‬دّم‬ ‫َّ‬ ‫ما هِ َّ‬ ‫ُأ‬
‫ما رفع الصوت بذبحه وهو البهيمة‪ .‬وقال في آيتي المائدة واألنعام‪( :‬وَ َ‬
‫(لغير الله) على (به) وذلك أن المقام في آية اإلنعام هو في الكالم على المف‪77‬ترين على الل‪77‬ه ممن‬
‫ح‪77‬ر ِ َأْل‬ ‫َأ‬
‫ث وَا نْعَ‪77‬ام ِ‬ ‫ن ال ْ َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما ذ ََر ِ‬ ‫م َّ‬ ‫جعَلُوا ل ِلَّهِ ِ‬ ‫كانوا يشرعون للناس بإسم الله وهم يفترون عليه فقال (وَ َ‬
‫َ‬ ‫هُو‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫ِل‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ِإ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ص‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬‫ن لِشُ َرك َ ِ ْ‬
‫اِئه‬ ‫ما كَا َ‬ ‫م وَهَذ َا لِشُ َركَاِئنَا فَ َ‬ ‫مه ِ ْ‬ ‫صيبًا فَقَالُوا هَذ َا ل ِلَّهِ ب ِ َزعْ ِ‬ ‫نَ ِ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫اَل‬ ‫و‬ ‫ل َأ‬ ‫َ‬ ‫‪77‬‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ين‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ش‪77‬‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‪77‬ير‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫‪77‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫)‬ ‫‪136‬‬ ‫(‬ ‫ن‬ ‫مُو‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫‪77‬ا‬ ‫م‬ ‫ء‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫س‪77‬‬ ‫م‬ ‫اِئه‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ش‪77‬‬ ‫ُ‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ص‪77‬‬
‫ْ ِ ِ ْ‬ ‫ِ ِ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ ِ َ‬ ‫ِ َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِإ‬ ‫يَ ِ‬
‫ن (‪ )137‬وَقالوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ما يَفْت َ ُرو َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ما فعَلوهُ فذ َْرهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫َّ‬
‫م وَلوْ شَ اءَ الل ُ‬ ‫َ‬ ‫م دِينَهُ ْ‬ ‫سوا عَليْه ْ‬ ‫َ‬ ‫م وَل ِيَلب ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ل ِي ُ ْردُوهُ ْ‬ ‫شُ َركاُؤهُ ْ‬ ‫َ‬
‫َأ‬ ‫حجر اَل يطْعمها ِ اَّل من نشَ اءُ بزعْمه َأ‬ ‫َأ‬
‫ن‬ ‫م اَل ي َ‪7‬ذ ْك ُ ُرو َ‬ ‫ورهَ‪7‬ا وَ نْعَ‪7‬ا ٌ‬ ‫ت ظُهُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حُر َ‬ ‫ِّ‬ ‫م‬ ‫م وَ نْعَ‪7‬ا ٌ‬ ‫َِ ِ ِ ْ‬ ‫َ َ ُ َ ِإ َ ْ َ‬ ‫ح ْرثٌ ِ ْ ٌ‬ ‫م وَ َ‬ ‫هَذِهِ نْعَا ٌ‬
‫ن (‪ )138‬األنع‪7‬ام) إلى غ‪77‬ير ذل‪77‬ك من اآلي‪77‬ات‬ ‫‪7‬رو َ‬ ‫ما ك َ‪77‬انُوا يَفْت َ‪ُ 7‬‬ ‫م بِ َ‬ ‫جزِيهِ ْ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫م اللهِ عَليْهَا افْت َِراءً عَليْهِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫س َ‬ ‫ا ْ‬
‫التي تبين أن ثمة ذوات غير الله تحلل وتحرم مفترية على الل‪77‬ه‪ ،‬وذوات يزعم‪77‬ون أنه‪7‬ا ش‪77‬ركاء لل‪77‬ه‬
‫تعبد معه ونصيبها أكبر من نصيب الله في العبادة‪ ،‬ولذا قدم إبط‪7‬ال ه‪7‬ذه المعب‪7‬ودات من غ‪7‬ير الل‪7‬ه‬
‫ل لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) ألنه هو مدار اإلهتمام والكالم‪.‬‬ ‫سقًا ُأهِ َّ‬ ‫على (ربه) فقال‪ ( :‬وْ فِ ْ‬
‫َأ‬
‫والكالم في المائدة أيضا ً على التحليل والتجريم ومن بيده ذلك‪ ،‬ورفض أية جه‪77‬ة تحل‪77‬ل وتح‪77‬رم من‬
‫غير الله فإن الله هو يحكم ما يريد‪ .‬قال (يَاَأيُّها الَّذِين َآمنُوا َأوفُوا بالْعُقُودِ ُأحِلَّت لَكُم بَهيم ‪َ ُ 7‬أْل‬
‫ة ا نْعَ‪77‬ام ِ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫منُوا اَل تُحِلُّوا‬ ‫حكُم ما يُريد ُ ( ‪ )1‬يَا َأيُّها الَّذِ َآ‬ ‫َأ‬
‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه يَ ْ ُ َ ِ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫م ِإ َّ‬ ‫ح ُر ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫صيْدِ وَ نْت ُ ْ‬ ‫محِلِّي ال َّ‬ ‫م غَي ْ َر ُ‬ ‫ما يُتْلَى عَلَيْك ُ ْ‬ ‫ِإاَّل َ‬
‫اًل‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َآ‬ ‫اَل‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫اَل‬ ‫ْ‬ ‫الشَّ‬ ‫اَل‬ ‫َّ‬
‫م‬ ‫ه‬
‫ِ ْ َ ِّ ِ ْ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫ض‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫غُو‬ ‫ت‬ ‫ب‬
‫َ َ َ ََْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫‪7‬ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ح‬ ‫ال‬ ‫ت‬ ‫ِّ َ َ ْ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫ين‬ ‫م‬ ‫و‬
‫ِئ َ َ‬ ‫د‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫َ ْ َ َ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ه‬ ‫ال‬ ‫و‬
‫َ َ َ َ‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫‪7‬ر‬ ‫‪7‬‬‫ح‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ْ َ‬ ‫ه‬ ‫و‬
‫ِ َ‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫شَ عَ َ‬
‫اِئر‬
‫َأ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫َآ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن تَعْت َ‪77‬دُوا‬ ‫‪77‬رام ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫جدِ ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫َن ال َ‬ ‫مع ِ‬ ‫صدُّوك ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن قوْم ٍ ْ‬ ‫م شَ ن َ ُ‬ ‫منَّك ْ‬ ‫جرِ َ‬ ‫صطادُوا وَ ي َ ْ‬ ‫م فا ْ‬ ‫حللت ُ ْ‬ ‫ضوَانًا وَِإذ َا َ‬ ‫وَرِ ْ‬
‫َ‪7‬اب (‪)2‬‬ ‫ش‪7‬دِيد ُ الْعِق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ه ِإ َّ‬ ‫ان وَاتَّقُوا الل َّ َ‬ ‫وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْب ِ ِّر وَالتَّقْوَى وَاَل تَعَ‪77‬اوَنُوا عَلَى اِإْلث ْم ِ وَالْعُدْوَ ِ‬
‫ة‬ ‫مت َ َردِّي َ‪ُ 7‬‬ ‫موْقُوذَةُ وَال ْ ُ‬ ‫ة وَال ْ َ‬ ‫خنِقَ‪ُ 7‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫ل لِغَي ْ‪77‬رِ اللَّهِ ب ِ‪7‬هِ وَال ْ ُ‬ ‫ما ُأهِ‪َّ 7‬‬ ‫م الْخِنْزِيرِ وَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م وَل َ ْ‬ ‫ة وَالد َّ ُ‬ ‫ميْت َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ت عَلَيْك ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِّر َ‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫‪7‬‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ِك‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫اَل‬ ‫ز‬ ‫َأْل‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫‪7‬‬ ‫ْس‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َأ‬ ‫و‬ ‫ب‬ ‫‪7‬‬ ‫ص‬ ‫الن‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫ُب‬ ‫ذ‬ ‫‪7‬ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َك‬ ‫ذ‬ ‫‪7‬ا‬ ‫م‬ ‫اَّل‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َأ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ن‬ ‫ال‬
‫ْ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ َأ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ِ َ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ْ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ ُ ُ ِإ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وَ‬
‫م‬ ‫ت عَلَيْك ُْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ْش ‪7‬ون الْي ‪77‬وم َأ‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫شَ‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ِك‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وا‬ ‫َر‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫َّ‬ ‫ال‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ال‬
‫ْ ِ َ ْ َ ْ َ ْ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ِ َ ْ َ‬ ‫َ ْ ْ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ْ َ َِئ َ‬
‫م(‬ ‫فُور َرحِي ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ه غَ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ِف ِإِلث ْم ٍ فَِإ َّ‬ ‫جان ٍ‬ ‫مت َ َ‬ ‫صةٍ غَي ْ َر ُ‬ ‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضط ُ َّر فِي َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ِ‬ ‫م دِينًا فَ َ‬ ‫ساَل َ‬ ‫م اِإْل ْ‬ ‫يت لَك ُ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مت ِي وَ َر ِ‬ ‫نِعْ َ‬
‫ما‬ ‫م َّ‬ ‫ن ِ‬ ‫ين تُعَلِّمُونَهُ َّ‬ ‫مكَلِّب ِ َ‬ ‫ج‪77‬وَارِ ِح ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫مت ُ ْ‬ ‫م‪77‬ا عَل َّ ْ‬ ‫‪7‬ات وَ َ‬ ‫م الطَّيِّب َ‪ُ 7‬‬ ‫ل لَك ُ ُ‬ ‫ح‪َّ 7‬‬ ‫ل ُأ ِ‬ ‫م قُ ْ‬ ‫ل لَهُ ْ‬ ‫ح َّ‬ ‫ماذ َا ُأ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سَألُون َ َ‬ ‫‪ )3‬ي َ ْ‬
‫عَلَّمكُم اللَّه فَكُلُوا م َأ‬
‫اب (‬ ‫ِس ‪ِ 7‬‬ ‫س ‪7‬رِيعُ الْح َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َّ َ‬ ‫ه ِإ َّ‬ ‫م اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا الل َّ َ‬ ‫س َ‬ ‫م وَاذ ْك ُ ُروا ا ْ‬ ‫ن عَلَيْك ُ ْ‬ ‫سك ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬
‫‪ )4‬المائدة) فهو يجعل التحليل والتحريم بيده وي‪77‬رفض أي‪77‬ة جه‪77‬ة أخ‪77‬رى تق‪77‬وم ب‪77‬ذلك‪ ،‬ألن ذل‪77‬ك من‬
‫ل لِغَيْرِ اللَّهِ ب ِ‪7‬هِ )‪ .‬ثم إن‪77‬ه ج‪77‬اء في‬ ‫ما ُأهِ َّ‬ ‫الشرك الذي أبطله اإلسالم ولذا قدمه في البطالن فقال (وَ َ‬
‫الموطنين بذكر اسم الله على الذبائح فذكر في آية األنعام أن المشركين ال يذكرون اسم الله على‬
‫م اللَّهِ عَلَيْهَا )‪ .‬وأم‪77‬ر في آي‪7‬ة المائ‪77‬دة ب‪7‬ذكر اس‪77‬م‬ ‫َأ‬
‫س َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م اَل يَذ ْك ُ ُرو َ‬ ‫بعض ذبائحهم تعمدا ً فقال‪( :‬وَ نْعَا ٌ‬
‫م اللَّهِ عَليْهِ ) فناسب ذلك تقديم بطالن ذكر غير الله‪.‬‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫الله فقال‪( :‬وَاذ ْك ُ ُروا ا ْ‬
‫وأما في البقرة فليس المقام كذلك فلم يذكر أن جهة أخرى تقوم بالتحليل والتح‪77‬ريم وإنم‪77‬ا الكالم‬
‫حاَل اًل طَيِّب ً‪7‬ا (‪)168‬‬ ‫َأْل‬ ‫َأ‬
‫ض َ‬ ‫ما ِفي ا ْر ِ‬ ‫م َّ‬ ‫س كُلُوا ِ‬ ‫على ما رزق الله عباده من الطيبات فقال‪( :‬ي َ‪7‬ا يُّهَ‪7‬ا النَّا ُ‬
‫اش‪7‬ك ُ ُروا ل ِلَّهِ ِإ ْ‬ ‫ن طَيِّب َ ِ‬ ‫البقرة)‪ .‬وقال بعدها‪( :‬يَا َأيُّها الَّذِ َآ‬
‫م ِإيَّاهُ‬ ‫ن كُنْت ُ ْ‬ ‫م وَ ْ‬ ‫م‪7‬ا َر َزقْن َ‪7‬اك ُ ْ‬ ‫‪7‬ات َ‬ ‫م ْ‬ ‫من ُوا كُلُوا ِ‬ ‫ين َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة والدم ولَحم الْخِنزير وما ُأ‬
‫‪7‬ر‬ ‫اض‪7‬ط ُ َّر غَي ْ‪َ 7‬‬ ‫ن ْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ل بِهِ لِغَي ْ‪77‬رِ الل َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫مع‬ ‫ح َّر َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن (‪ِ )172‬إن َّ َ‬ ‫تَعْبُدُو َ‬
‫م (‪ )173‬البقرة) فلما كان المقام مقام ال‪7‬رزق والطع‪77‬ام‬ ‫ٌ‬ ‫ِي‬ ‫ح‬ ‫ر‬
‫ٌ َ‬ ‫ُور‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫الل‬ ‫ن‬‫َّ‬ ‫ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِإ َ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫اَل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ٍ‬ ‫د‬ ‫َا‬ ‫ع‬ ‫بَاغ وَاَل‬
‫ٍ‬
‫بأكل الطيبات قدم (به) والضمير يعود على ما يذبح وهو طعام مناسبة للمقام والله أعلم‪.‬‬
‫َأ‬ ‫**ومن ذلك قوله تعالى‪َ( :‬أ َأ‬
‫ف نَذِيرِ (‬ ‫ن كَي ْ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ستَعْل َ ُ‬ ‫صبًا فَ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل عَلَيْك ُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ي ُ ْر ِ‬ ‫ماءِ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِفي ال َّ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫منْت ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫م وْ‬ ‫جل ِك ُ ْ‬ ‫ت ْر ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م وْ ِ‬ ‫ن فَ‪77‬وْقِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م عَ‪7‬ذ َابًا ِ‬ ‫ن يَبْعَثَ عَلَيْك ُ ْ‬ ‫ل هُوَ الْقَ‪7‬ادِ ُر عَلَى ْ‬ ‫‪ )17‬الملك) وقوله (قُ ْ‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َآْل‬ ‫ْأ‬
‫ن (‪ )65‬األنع‪77‬ام)‬ ‫م يَفْقَهُو َ‬ ‫‪7‬ات لعَلهُ ْ‬ ‫ف ا ي َ‪ِ 7‬‬ ‫ص ‪ِّ 7‬ر ُ‬ ‫ف نُ َ‬ ‫ظُر كي ْ ‪َ 7‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ض ان ْ‬ ‫س بَعْ ٍ‬ ‫م بَ َ‬ ‫ضك ْ‬ ‫ُ‬ ‫شيَعًا وَيُذِيقَ بَعْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫يَلْب ِ َ‬
‫فقدّم خسف األرض على إرسال الحاصب في آية الملك وأخّر الع‪77‬ذاب عم‪77‬ا ي‪77‬أتي من الس‪77‬ماء في‬
‫ل لَك ُ َأْل‬
‫ش‪7‬وا فِي‬ ‫ض ذ َلُواًل فَا ْ‬
‫م ُ‬ ‫م ا ْر َ‬ ‫ُ‬ ‫جعَ‪َ 7‬‬ ‫آية األنعام‪ .‬وذلك أن آية الملك تقدّمها قوله تع‪77‬الى (هُوَ الَّذِي َ‬
‫ور (‪ )15‬المل‪7‬ك) فك‪7‬أن أنس‪77‬ب ش‪77‬يء في الموعظ‪77‬ة ت‪77‬ذكيره‬ ‫ش‪ُ 7‬‬ ‫ن رِ ْزقِ‪7‬هِ وَِإلَي ْ‪7‬هِ الن ُّ ُ‬
‫م ْ‬‫منَاكِبِهَ‪77‬ا وَكُلُوا ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫س‪ُ 7‬‬
‫ل عَليْك ْ‬ ‫عب َ‪77‬ادِهِ وَي ُ ْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫بخسفها من تحتهم‪ .‬أما آية األنعام فتقدمها قول‪77‬ه تع‪77‬الى (وَهُوَ القَ‪77‬اهِ ُر ف‪77‬وْقَ ِ‬
‫َأ‬
‫ن (‪ )61‬األنعام) فصرف هذا الخطاب‬ ‫م اَل يُف َِّرطُو َ‬
‫سلُنَا وَهُ ْ‬ ‫ت تَوَفَّت ْ ُ‬
‫ه ُر ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫مو ْ ُ‬ ‫حدَك ُ ُ‬
‫جاءَ َ‬ ‫حتَّى ِإذ َا َ‬ ‫حفَظ َ ً‬
‫ة َ‬ ‫َ‬
‫تفكر النفس في عين الجهة التي ذكر منها القهر‪ ،‬وكان أنسب شيء ذكر منها القه‪77‬ر وك‪77‬ان أنس‪77‬ب‬
‫شيء ذكر التخويف من تلك الجهة بخالف آية الملك‪.‬‬
‫ومما زاد حسنا ً قوله تعالى (ويرسل عليكم حفظة) والحفظة‪ :‬هم المالئكة‪ ،‬والمالئكة مس‪77‬كنهم في‬
‫السماء‪ ،‬وربنا يرسلهم من فوق فناسب تقديم هذه الجهة على غيرها‪.‬‬
‫ونكتفي بهذا القدر من األمثلة فإن فيها كفاية فيما أحسب فهي تدل داللة واض‪77‬حة على أن التعب‪77‬ير‬
‫القرآني تعبير مقصود كل لفظ فيه وضع وض‪7‬عا ً فني‪7‬ا ً مقص‪7‬ودا ً وأن‪7‬ه لم يق‪7‬دم لفظ‪7‬ة على لفظ‪7‬ة إال‬
‫لغرض يقتضيه السياق‪ .‬وقد روعي في ذلك التعبير القرآني كله ونظ‪77‬ر إلي‪77‬ه نظ‪77‬رة واح‪77‬دة ش‪77‬املة‪.‬‬
‫وأظن أن ما مر من األمثلة تريك شيئا ً من فخام‪77‬ة التعب‪77‬ير الق‪77‬رآني وعل‪77‬وه وأن مث‪77‬ل ه‪77‬ذا النظم ال‬
‫يمكن أن يكون في طوق بشر فسبحان الله رب العالمين‪.‬‬

‫(من كتاب التعبير القرآني للدكتور فاضل السامرائي‪ .‬من صفحة ‪)74 - 49‬‬

‫أمثلة أخرى على التقديم والتأخير مما ورد في إجابات الدكتور فاضل على أسئلة‬
‫المشاهدين‪:‬‬

‫تقديم وتأخير اللهو على اللعب في آية سورة العنكبوت‬


‫م‪77‬ا هَ ‪7‬ذِهِ ال ْ َ‬
‫حي َ‪77‬اة ُ‬ ‫كل اآليات في القرآن جاء اللعب مقدّما ً على اللهو إال في هذه اآلية من س‪77‬ورة العنكب‪77‬وت (وَ َ‬
‫ن {‪ .)}64‬ولو الحظنا اآلية التي سبقت هذه‬ ‫مو َ‬ ‫ن لَوْ كَانُوا يَعْل َ ُ‬ ‫حيَوَا ُ‬‫ي ال ْ َ‬‫ار اآْل خ َِرة َ لَهِ َ‬
‫ن الد َّ َ‬ ‫ِب وَِإ َّ‬‫الدُّنْيَا ِإاَّل ل َهْوٌ وَلَع ٌ‬
‫م {‪)}62‬‬ ‫يءٍ عَل ِي ٌ‬‫ش‪ْ 7‬‬ ‫ِّ‬
‫ه بِك ُل َ‬ ‫َّ‬
‫ن الل َ‬
‫ه ِإ َّ‬ ‫َ‬
‫ن عِب َ‪77‬ادِهِ وَيَقْ‪7‬د ِ ُر ل ‪ُ 7‬‬ ‫م ْ‬‫من يَشَ اءُ ِ‬ ‫الر ْزقَ ل ِ َ‬
‫سط ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ه يَب ْ ُ‬ ‫َّ‬
‫اآلية في نفس السورة (الل ُ‬
‫منُوا اَل‬ ‫َأ‬
‫تعالى في س‪7‬ورة المن‪7‬افقون (ي َ‪7‬ا يُّهَ‪7‬ا الَّذِ َ‬
‫ين آ َ‬ ‫والرزق ليس من مدعاة اللعب وإنما اللهو كما في قوله‬
‫ن {‪.)}9‬‬ ‫س ُرو َ‬‫م الْخَا ِ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ك فَُأوْلَِئ َ‬‫ل ذَل ِ َ‬
‫من يَفْعَ ْ‬ ‫م عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَ َ‬
‫َأ‬
‫م وَاَل وْاَل دُك ُ ْ‬ ‫موَالُك ُ ْ‬
‫تلْهك ُ َأ‬
‫م ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬

‫تقديم وتأخير كلمة (شهيداً) في آية سورة العنكبوت وآية سورة اإلسراء‬
‫َّ‬ ‫َأْل‬
‫ين‬
‫ض وَالذِ َ‬ ‫ات وَا ْر ِ‬ ‫ماوَ ِ‬‫الس‪َ 7‬‬
‫َّ‬ ‫م‪77‬ا فِي‬ ‫ش‪7‬هِيدا ً يَعْل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ل كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قال تعالى في سورة العنكب‪77‬وت (قُ ْ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل كفَى بِاللهِ شَ هِيدا بَيْنِي‬ ‫ن {‪ )}52‬وقال في سورة اإلسراء (قُ ْ‬ ‫س ُرو َ‬ ‫م الْخَا ِ‬‫ك هُ ُ‬‫ل وَكَف َُروا بِاللَّهِ ُأوْلَِئ َ‪7‬‬‫منُوا بِالْبَاط ِ ِ‬ ‫آ َ‬
‫صيرا {‪)}96‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن بِعِبَادِهِ خَبِيرا ب َ ِ‬ ‫ه كَا َ‬ ‫وَبَيْنَك ُ ْ‬
‫م ِإن َّ ُ‬
‫في آية سورة اإلسراء ختم تعالى اآلية بذكر صفاته (خبيرا ً بصيرا) لذا اقتض‪77‬ى أن يُق‪7‬دّم ص‪77‬فته (ش‪77‬هيداً) على‬
‫(بيني وبينكم)‪ ،‬أما في آية سورة العنكبوت فقد ختمت اآلية بصفات البشر (أولئك‪ 7‬هم الخاسرون) لذا اقتضى‬
‫تقديم ما يتعلّق بالبشر‪( 7‬بيني وبينكم) على (شهيدا)‪.‬‬

‫سن وََأنبَتَهَا نَبَاتا ً‬ ‫تقديم شبه الجملة (عليها زكريا) في قوله تعالى في سورة آل عمران (فَتَقَبَّلَهَا َربُّهَا بِقَب ُ ٍ‬
‫ح َ ٍ‬‫ول َ‬
‫ل يا مري َأ‬
‫ن‬‫م ْ‬‫ت هُوَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك هَـذ َا ق‪77‬ال ْ‬‫م نَّى ل َ ِ‬ ‫جد َ عِندَهَا رِ ْزقا ً قَا َ َ َ ْ َ ُ‬
‫اب وَ َ‬
‫ح َر َ‬ ‫ل عَلَيْهَا َزكَرِيَّا ال ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫خ َ‬‫ما د َ َ‬‫سنا ً وَكَفَّلَهَا َزكَرِيَّا كُل َّ َ‬
‫ح َ‬‫َ‬
‫اب {‪)}37‬‬ ‫س ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫من يَشَ اءُ بِغَيْرِ ِ‬ ‫ه ي َ ْر ُزقُ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫عِند ِ اللّهِ إ َّ‬
‫م لهم وهم أعنى به‪.‬‬ ‫قاعدة نحوية‪ :‬يقول سيبويه في التقديم والتأخير‪ :‬يقدمون الذي هو أه ّ‬
‫والتقديم والتأخير في القرآن الكريم يقرره سياق اآليات فقد يتقدم المفض‪77‬ول وق‪77‬د يتق‪77‬دم الفاض‪77‬ل‪ .‬والكالم‬
‫في اآلي‪77‬ة في س‪77‬ورة آل عم‪77‬ران واآلي‪77‬ات ال‪77‬تي س‪77‬بقتها في م‪77‬ريم عليه‪77‬ا الس‪77‬الم وليس‪ 7‬في زكري‪77‬ا وال في‬
‫المحراب لذا قدّم عليها ألن الكالم كله عن مريم عليها السالم‪.‬‬

‫تقديم وتأخير فوقكم والطور‬


‫م‬ ‫ميثَ‪77‬اقَك ُ ْ‬ ‫خذ ْنَا ِ‬ ‫وكذلك قوله تعالى في الكالم عن بني إسرائيل والطور فقد قال تعالى في سورة البقرة (وَِإذ ْ َأ َ‬
‫ن { ‪ )}63‬وق‪7‬ال في س‪7‬ورة النس‪7‬اء‬ ‫م تَتَّقُو َ‬ ‫م‪7‬ا فِي‪7‬هِ لَعَلَّك ُ ْ‬ ‫ما آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذ ْك ُروا ْ َ‬ ‫خذ ُوا ْ َ‬ ‫ور ُ‬ ‫م الط ُّ َ‬ ‫وَ َرفَعْنَا فَوْقَك ُ ُ‬
‫خُلُوا ْ ُالْب ‪77‬اب س‪7‬جدا ً وقُلْن ‪77‬ا لَهم ال َ تع‪7‬دوا ْ في الس‪7‬بت وَأ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬
‫منْهُم‬ ‫َ ِ‬‫ا‬ ‫ْن‬ ‫ذ‬ ‫‪7‬‬‫خ‬‫َ‬ ‫َّ ْ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫د‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬
‫َ ِ ِ ِ ِ ْ َ َ ُ ُ ْ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫يثَا‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ور‬ ‫الط‬ ‫(وَ َرفَعْنَا فَوْقَهُ ُ‬
‫م‬
‫م خُ ذ ُوا ْ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬‫ا‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ة وظَنوا ْ َأ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ل َ فَوقَهم ُ كََأ‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ْن‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫(و‬ ‫األعراف‬ ‫سورة‬ ‫في‬ ‫وقال‬ ‫})‬ ‫‪154‬‬ ‫{‬ ‫ميثَاقاً‪ 7‬غَل ِيظا ً‬
‫ٌ ِِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ُ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َِإ‬ ‫ِّ‬
‫ن {‪.)}171‬‬ ‫م تَتَّقُو َ‬ ‫ما فِيهِ لَعَلَّك ُْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫وا‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْك‬ ‫ذ‬ ‫ا‬‫ما آتَيْنَاكُم بِق َّ َ‬
‫و‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫ُو‬ ‫َ‬
‫من حيث التقديم والتأخير هو قائم على اإلهتمام الذي يقتضيه س‪77‬ياق اآلي‪77‬ات س‪77‬واء ك‪77‬ان ـفضل أو مفض‪77‬ول‬
‫م من الطور نفسه وك‪77‬ذلك في آي‪77‬ة س‪77‬ورة‬ ‫وإنما لألهمية‪ .‬في سورة البقرة (ورفعنا فوقكم الطور) فوقكم أه ّ‬
‫النساء أما آية سورة األعراف فالجبل أهم من فوقهم‪.‬‬
‫في آية سورة األعراف وصف تعالى الجبل كأنه ظُلّة وذكر (وظنوا أنه واق‪77‬ع بهم) ومع‪77‬نى واق‪77‬ع بهم أي أوق‪77‬ع‬
‫م‪ .‬ولم يذكر عن الطور شيئا ً آخر في سورة‬ ‫بهم أو أهلكهم وهذا كله له عالقة بالجبل فالجبل في األعراف أه ّ‬
‫البقرة أو النساء‪.‬‬
‫آية البقرة والنساء يستمر الكالم بعد اآليات على بني إسرائيل حوالي أربعين آية بعد اآلية التي جاء فيها ذك‪77‬ر‬
‫الطور لذا قد ّم فوقهم في النساء وفوقهم في البقرة على الطور لألهمية‪ .‬أما في سورة األعراف فبعد اآلي‪77‬ة‬
‫التي تحدث فيها عن الجبل انتهى الكالم عن بني إسرائيل ولم يذكر أي شيء عنهم بع‪77‬د ه‪77‬ذه اآلي‪77‬ة ل‪77‬ذا ق‪7‬دّم‬
‫الجبل‪.‬‬
‫والجبل هو إسم لما طال وعظُم من أوتاد األرض والجبل أكبر وأهم من الطور من حيث التك‪77‬وين‪ .‬أم‪77‬ا النت‪77‬ق‬
‫فهو أشد وأقوى من الرفع الذي هو ضد الوضع‪ .‬ومن الرف‪77‬ع أيض‪77‬ا ً الج‪77‬ذب واإلقتالع وحم‪77‬ل الش‪77‬يء والتهدي‪77‬د‬
‫للرمي به وفيه إخافة وتهديد كب‪7‬يرين ول‪7‬ذلك‪ 7‬ذك‪7‬ر الجب‪7‬ل في آي‪7‬ة س‪7‬ورة األع‪7‬راف ألن الجب‪7‬ل أعظم ويحت‪7‬اج‬
‫للزعزعة واإلقتالع وعادة ما تُذكر الجبال في القرآن في موتقع التهويل والتعظيم ول‪77‬ذا ج‪77‬اء في قول‪77‬ه تع‪77‬الى‬
‫‪7‬ل فَ‪ِ7‬إ ِ‬
‫ن‬ ‫انظُر ِإلَى ال ْ َ‬
‫جب َ‪ِ 7‬‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫‪7‬رانِي وَلـك َِأ ِ‬ ‫ل لَن ت َ‪َ 7‬‬ ‫ب َأرِنِي َأنظ ُ ْر ِإلَي ْ َ‬
‫ك قَ‪77‬ا َ‬ ‫ل َر ِّ‬ ‫ه قَا َ‬ ‫ه َرب ُّ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ميقَاتِنَا وَكَل َّ َ‬‫سى ل ِ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫جاء ُ‬ ‫ما َ‬ ‫(وَل َ َّ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫حانَك تُب ْ ُ‬ ‫س ‪7‬ب ْ َ‬ ‫ما فَ‪77‬اقَ قَ‪77‬ا َ‬
‫ل ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫صعِقا فَل َّ‬
‫سى َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫ه دَكا وَخ ََّر مو َ‬ ‫َ‬
‫جعَل ُ‬
‫ل َ‬
‫جب َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ه ل ِل َ‬ ‫جلى َرب ُّ ُ‬‫َّ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ف ت َ َرانِي فَل َّ‬ ‫سو ْ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫َ‬
‫مكان َ ُ‬ ‫ستَق ََّر َ‬ ‫ا ْ‬
‫نِين {‪ )}143‬ولم يقل الطور‪ .‬إذن النتق والجبل أشد تهديدا ً وتهويالً‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫مْؤ ِ‬ ‫ك وََأنَا ْ َأوَّ ُ‬
‫ل ال ْ ُ‬ ‫ِإلَي ْ َ‬

‫ض وَال َ فِي‬ ‫َأل‬ ‫ب ع َن َّرب ِّ َ‬


‫مثْق ِ‬
‫َ‪77‬ال ذ ََّرةٍ فِي ا ْر ِ‬ ‫من ِّ‬
‫ك ِ‬ ‫م‪77‬ا يَعْ‪ُ 77‬ز ُ‬
‫تق‪77‬ديم وت‪77‬أخير األرض والس‪77‬ماء في قول‪77‬ه تع‪77‬الى‪( 7‬وَ َ‬
‫ات واَل فِي اَأْل‬
‫ض)‬ ‫ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ماوَ ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫مثْقَا ُ‬
‫ل ذ ََّرةٍ فِي ال َّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ماء) وقوله (اَل يَعْ ُز ُ‬
‫ب عَن ْ ُ‬ ‫س َ‬
‫ال َّ‬
‫التقديم والتأخير‪ 7‬في السماء واألرض‪ :‬الكالم في سورة يونس عن أهل األرض فناس‪77‬ب أن يق‪77‬دم األرض على‬
‫السماء في قوله تعالى (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في األرض وال في الس‪77‬ماء) أم‪77‬ا في س‪77‬ورة س‪77‬بأ‬
‫فالكالم عن الساعة والساعة يأتي أمرها من السماء وتبدأ بأهل السماء (فصعق من في الس‪77‬موات واألرض)‬
‫و(ففزع من في السموات ومن في األرض) ولذلك قدّم السماء على األرض في قول‪7‬ه تع‪7‬الى‪( 7‬ال يع‪7‬زب عن‪7‬ه‬
‫مثقال ذرة في السموات وال في األرض)‪.‬‬
‫واستخدمت السماء في سورة يونس ألن السياق في اإلستغراق فجاء بأوسع حالة وهي الس‪77‬ماء ألنه‪77‬ا أوس‪77‬ع‬
‫بكثير من السموات في بعض األحيان‪ .‬فالسماء واحدة وهي تعني السموات أو ك‪77‬ل م‪77‬ا عال وفي س‪77‬ورة س‪77‬بأ‬
‫استخدم السموات حسب ما يقتضيه السياق‪.‬‬

‫وقري عينا)‬ ‫ّ‬ ‫تقديم األكل على الشرب في سورة مريم (فكلي واشربي‬
‫َأ‬
‫س‪7‬رِيّا ً {‪ }24‬وَهُ ِّزي ِإلَي ْ‪ِ 7‬‬
‫‪7‬ك‬ ‫ك َ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ك تَ ْ‬ ‫ل َرب ُّ ِ‬ ‫جعَ َ‬‫ح َزنِي قَد ْ َ‬ ‫حتِهَا اَّل ت َ ْ‬‫من ت َ ْ‬ ‫نالحظ اآلية قبلها في سورة مريم (فَنَادَاهَا ِ‬
‫ً‬ ‫َأ‬ ‫ْ‬
‫حدا فقُول ِي ِإنِّي‬ ‫َ‬ ‫ن البَشَ رِ َ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫ما ت َ َري ِ َّ‬ ‫جنِيّا ً {‪ }25‬فكل ِي وَاشْ َربِي وَق ِّري عَيْنا فِإ َّ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك ُرطَبا ً َ‬ ‫ط عَلَي ْ ِ‬
‫ساقِ ْ‬ ‫جذ ِْع النَّخْلَةِ ت ُ َ‬ ‫بِ ِ‬
‫سراة‬ ‫وجمعها‬ ‫د‬ ‫السي‬ ‫تعني‬ ‫وهي‬ ‫السري‬ ‫كلمة‬ ‫وردت‬ ‫فقد‬ ‫})‪.‬‬ ‫‪26‬‬ ‫{‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ي‬‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬‫ْ‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ِّ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ك‬‫ت ل ِلرحمن صوما ً فَلَن ُأ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ْ َ ِإ ِ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ ْ َ ِ َ ْ‬ ‫نَذ َْر ُ‬
‫جهّالهم س‪7‬ادوا)‪ ،‬وهي بمع‪7‬نى أن الل‪7‬ه تع‪7‬الى ق‪7‬د جعل‪7‬ك تحت‪7‬ك س‪7‬يّدا‪ .‬أم‪7‬ا التق‪7‬ديم‬ ‫سراة إذا ُ‬ ‫أي السادة (وال ُ‬
‫والتأخير في األكل والشرب فنالحظ أنه في القرآن كله حيثما اجتمع األكل والش‪77‬رب ق‪7‬دّم تع‪7‬الى‪ 7‬األك‪7‬ل على‬
‫الشرب حتى في الجنّة (كلوا واشربوا هنيئا بما أس‪77‬لفتم في األي‪77‬ام الخالي‪77‬ة) وقول‪77‬ه (كل‪77‬وا واش‪77‬ربوا من رزق‬
‫‪7‬ري عين‪77‬ا) والس‪77‬بب‪ 7‬في ذل‪77‬ك أن الحص‪77‬ول على األك‪77‬ل‬ ‫الله) وكذلك‪ 7‬في آية سورة م‪77‬ريم (فكلي واش‪77‬ربي وق‪ّ 7‬‬
‫أصعب من الحصول على الشرب‪.‬‬
‫ومثال آخر قوله تعالى سورة هود‪:‬‬
‫م لَهَ‪77‬ا‬ ‫َأ‬ ‫ة من عِن‪7‬ده فَعميت عَلَيك ُ َأ‬ ‫َأ َأ‬
‫مك ُ ُ‬
‫موهَ‪77‬ا وَ نت ُ ْ‬ ‫م نُلْزِ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِ ِ ُ ِّ َ ْ‬ ‫م‪ْ ِّ ً 7‬‬ ‫ح َ‬‫ي وَآت َ‪77‬انِي َر ْ‬ ‫من َّرب ِّ َ‬ ‫نت ع َلَى بَيِّنَةٍ ِّ‬ ‫م ِإن ك ُ ُ‬ ‫ل يَا قَوْم ِ َر يْت ُ ْ‬ ‫(قَا َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ً‬
‫ه‬
‫من ْ ‪ُ 7‬‬
‫من َّربِّي وَآت َ‪77‬انِي ِ‬ ‫ة ِّ‬ ‫نت عَلى بَيِّن َ ً‬ ‫م ِإن ك ُ‬ ‫ل يَا قَوْم ِ َر يْت ُ ْ‬ ‫ن {‪ )}28‬وقوله تعالى‪ 7‬في سورة هود أيضا (قَا َ‬ ‫كَارِهُو َ‬
‫سيرٍ {‪ .)}63‬في اآلية األولى قدّم الرحم‪77‬ة على‬ ‫خ ِ‬‫ما تَزِيدُونَنِي غَي ْ َر ت َ ْ‬ ‫ه فَ َ‬
‫َصيْت ُ ُ‬
‫نع َ‬ ‫ن اللّهِ ِإ ْ‬ ‫م َ‬‫نص ُرنِي ِ‬ ‫من ي َ ُ‬ ‫ة فَ َ‬‫م ً‬ ‫ح َ‬
‫َر ْ‬
‫ميت‪ ،‬أنلزمكموها‪ ،‬وأنتم لها‪ 7‬ك‪77‬ارهون) كله‪77‬ا تع‪77‬ود على الرحم‪77‬ة‬ ‫الجار والمجرور‪ ،‬واآلية تتكلم عن الرحمة (فع ّ‬ ‫ّ‬
‫الجار والمجرور‪ .‬أما في اآلية الثانية فاآلية تتكلم عن الله تعالى‪( 7‬ربي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫لذا اقتضى السياق تقديم الرحمة على‬
‫الله‪ ،‬منه‪ ،‬الضمير في عصيته) كلها تعود على الله تعالى‪ 7‬لذا اقتضى السياق تقديم (منه) على الرحمة‬

‫تقديم وتأخير الصابئين في آيتي سورة البقرة والمائدة‬


‫خ‪77‬رِ‬ ‫ن بِاللَّهِ وَالْي َ‪77‬وْم ِ اآل ِ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِئين َ‬‫الص‪7‬اب ِ َ‬ ‫ارى‪ 7‬وَ َّ‬ ‫ص‪َ 7‬‬ ‫ين هَادُوا ْ وَالن َّ َ‬ ‫منُوا ْ وَالَّذ ِ َ‬ ‫ين آ َ‬ ‫ن الَّذ ِ َ‬ ‫قال تعالى في سورة البقرة (ِإ َّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل صال ِحا ً فَلَه َأ‬
‫ن‬ ‫ن {‪ 7)}62‬وق‪7‬ال في س‪7‬ورة المائ‪7‬دة (ِإ َّ‬ ‫ح َزنُو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م وَال هُ ْ‬ ‫ف عَليْهِ ْ‬ ‫م وَال خَوْ ٌ‬ ‫م عِند َ َربِّهِ ْ‬ ‫ج ُرهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫وَع َ ِ‬
‫م وَال َ‬ ‫َ‬
‫ف عَليْهِ ْ‬ ‫َ‬
‫صال ِحا فال خَ‪77‬وْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن بِاللهِ وَاليَوْم ِ اآلخِرِ وعَ ِ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ارى َ‬ ‫ص َ‬ ‫ن وَالن َّ َ‬ ‫الصابُِؤو َ‬ ‫ين هَادُوا وَ َّ‬‫ْ‬ ‫منُوا ْ وَالَّذِ َ‬ ‫ين آ َ‬ ‫الَّذ ِ َ‬
‫ن {‪ )}69‬اآليتان فيهما تشابه واختالف وزيادة في إحداها عن األخرى‪.‬‬ ‫ح َزنُو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫هُ ْ‬
‫في سورة البقرة قدّم النصارى على الصابئين (النصب ج‪77‬اء م‪7‬ع العط‪7‬ف لتوكي‪77‬د العط‪7‬ف)‪ ،‬وفي آي‪7‬ة س‪7‬ورة‬
‫المائ‪7‬دة ق‪7‬دّم الص‪7‬ابئون على النص‪7‬ارى ورفعه‪7‬ا ب‪7‬دل النص‪7‬ب‪ .‬فمن حيث التق‪7‬ديم والت‪7‬أخير ننظ‪7‬ر في س‪7‬ياق‬
‫السورتين الذي يعين على فهم التشابه واإلختالف‪ ،‬ففي آية سوة المائدة جاءت اآلي‪7‬ات بع‪77‬دها تتن‪7‬اول عقي‪7‬دة‬
‫النصارى والتثليث وعقيدتهم بالمسيح وكأن النصارى لم يؤمنوا بالتوحيد فيما ت‪77‬ذكر اآلي‪77‬ات في الس‪77‬ورة (لَقَ‪7‬د ْ‬
‫من‬ ‫ه َ‬ ‫م ِإن َّ ُ‬ ‫ه َربِّي وَ َربَّك ُ ْ‬ ‫ل اع ْبُدُوا ْ الل ّ ‪َ 7‬‬ ‫س ‪َ 7‬راِئي َ‬ ‫ح يَا بَنِي ِإ ْ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫م وَقَا َ‬ ‫مْأ ْري َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه هُوَ ال ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ين قَالُوا ْ ِإ َّ‬ ‫كَف ََر الَّذ ِ َ‬
‫ن َأ‬
‫ن‬ ‫ين قَ‪77‬الُوا ْ ِإ َّ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ذ‬‫َّ‬ ‫ال‬ ‫‪7‬ر‬
‫َ‬ ‫‪7‬‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ل‬ ‫}‬ ‫‪72‬‬ ‫{‬ ‫ٍ‬ ‫ار‬ ‫‪7‬‬ ‫نص‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ين‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫َّ‬ ‫ِلظ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ار‬ ‫َّ‬ ‫الن‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ا‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الل‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ر‬
‫َّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫الل‬ ‫يُشْ رِ ْ‬
‫ك بِ‬
‫َأ‬
‫م{‬ ‫َاب ل ِي ٌ‬ ‫م عَ‪7‬ذ ٌ‬ ‫منْهُ ْ‬ ‫‪7‬روا ْ ِ‬ ‫ين كَفَ‪ُ 7‬‬ ‫ن الَّذِ َ‬ ‫س‪َّ 7‬‬ ‫ن لَي َ َ‬
‫م َّ‬ ‫ما يَقُولُو َ‬ ‫م يَنتَهُوا ْ ع َ َّ‬ ‫حد ٌ وَِإن ل َّ ْ‬ ‫ه وَا ِ‬ ‫ن ِإلَـهٍ ِإال َّ ِإلَـ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه ثَال ِثُ ثَالَثَةٍ وَ َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫َأ‬
‫ح‬
‫س‪7‬ي ُ‬ ‫م ِ‬‫ما ال ْ َ‬
‫م {‪َّ ( )}73‬‬ ‫َاب ل ِي ٌ‬‫م عَ‪7‬ذ ٌ‬ ‫َ‪7‬روا ْ ِ‬
‫منْهُ ْ‬ ‫ن الَّذ ِ َ‬
‫ين ك َْأف ُ‬ ‫س َّ‬ ‫ن لَي َ َ‬
‫م َّ‬ ‫ما يَقُولُو َ‬
‫م يَنتَهُوا ْ عَ َّ‬‫‪ )}73‬ثم جاء التهديد‪( 7‬وَِإن ل َّ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُأ‬
‫م‬‫‪7‬ات ثُ َّ‬
‫م اآلي َ ِ‬ ‫ن لهُ ُ‬
‫ف نُبَي ِّ ُ‬ ‫َ‬
‫م انظ ْر كي ْ‪َ 7‬‬ ‫ن الطعَا َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ة كانَا ي َ كال ِ‬ ‫صدِّيقَ ٌ‬‫ه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬
‫ل وَ ُّ‬ ‫من قَبْلِهِ ُّ‬
‫الر ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ل قَد ْ خَل َ ْ‬
‫سو ٌ‬‫م ِإال َّ َر ُ‬
‫م ْري َ َ‬‫ابْن َ‬
‫ُ َأ‬
‫ن {‪ )}75‬هذا السياق لم يذكر هذا األمر في سورة البق‪77‬رة وهك‪77‬ذا اقتض‪77‬ى تق‪77‬ديم الص‪77‬ابئين‬ ‫انظ ُ ْر نَّى يُْؤفَكُو َ‬
‫على النص‪77‬ارى في آي‪77‬ة س‪77‬ورة المائ‪77‬دة‪ .‬فلم‪77‬ا ك‪77‬ان الكالم في ذم معتق‪77‬دات النص‪77‬ارى اقتض‪77‬ى ت‪77‬أخيرهم عن‬
‫الصابئين‪.‬‬
‫وال هم يحزن‪7‬ون‪ :‬بتق‪7‬ديم (هم) ال‪7‬ذين يح‪7‬زن غ‪7‬يرهم وليس هم‪ .‬نفي الفع‪7‬ل عن النفس ولكن‪7‬ه إثب‪7‬ات الفع‪7‬ل‬
‫مى التق‪77‬ديم‬ ‫وأثبت وج‪77‬ود ش‪7‬خص آخ‪7‬ر ض‪77‬ربه (يُس‪ّ 7‬‬ ‫ّ‬ ‫لشخص آخر كأن نقول (ما أنا ض‪77‬ربته) نفيت‪7‬ه عن نفس‪7‬ي‬
‫للقصر) أما عندما نقول (م‪77‬ا ض‪77‬ربته) يع‪77‬ني ال أن‪77‬ا وال غ‪77‬يري‪ .‬نفى الح‪77‬زن عنهم وأثبت أن غيهم يح‪77‬زن (أه‪77‬ل‬
‫الضالل في حزن دائم)‪ .‬ولم يقل ال خوف عليهم والحزن لهم ألنها ال تفي‪77‬د التخص‪77‬يص (نفى عنهم الح‪77‬زن ولم‬
‫يثبته لغيرهم) ولو قال وال لهم ح‪77‬زن النتفى التخص‪77‬يص على الجنس أص‪77‬ال ً وال ينفي التج‪77‬دد وقول‪77‬ه تع‪77‬الى (ال‬
‫خ‪77‬وفٌ عليهم وال هم يحزن‪77‬ون) ال يمكن أن ي‪77‬ؤدي إلى ح‪77‬زن فنفى الخ‪77‬وف المتج‪77‬دد والث‪77‬ابت ونفى الح‪77‬زن‬
‫المتجدد (ال هم يحزنون بمعنى ال يخافون) والثابت (ال خوف) وال يمكن لعب‪77‬ارة‪ 7‬أخ‪77‬رى أن ت‪77‬ؤدي ه‪77‬ذا المع‪77‬نى‬
‫المطلوب‪.‬‬

‫تقديم وتأخير اللهو على التجارة في آية سورة الجمعة‬


‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬
‫‪7‬ارةِ‪7‬‬‫ج‪َ 7‬‬‫ن الت ِّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن اللهْ‪77‬وِ وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫‪7‬ر ِّ‬ ‫م‪77‬ا عِن‪7‬د َ اللهِ خَي ْ‪ٌ 7‬‬ ‫ضوا ِإلَيْهَا وَت َ َركُوك قاِئما قُل َ‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ارةً‪ 7‬وْ لَهْوا ً انفَ ُّ‬ ‫ج َ‬ ‫هذه اآلية (وَِإذ َا َر وْا تِ َ‬
‫ين {‪ )}11‬نزلت بينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب بعد صالة الجمعة فج‪77‬اءت‬ ‫الرازِقِ َ‬ ‫ه خَي ْ ُر َّ‬ ‫وَالل َّ ُ‬
‫فانفض الناس بسبب التج‪77‬ارة وليس بس‪77‬بب الله‪77‬و ألن‪7‬ه ك‪77‬ان هن‪77‬اك غالء في‬ ‫ّ‬ ‫العير بتجارة وكانت سنة شديدة‬
‫انفض الناس عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ولهذا ق‪77‬دّم التج‪77‬ارة‪7‬‬ ‫ّ‬ ‫األسعار فعندما نودي أن القافلة وصلت‬
‫في أول اآلي‪77‬ة (وإذا رأوا تج‪77‬ارة)‪ .‬ثم في نهاي‪77‬ة اآلي‪77‬ة ق ‪7‬دّم تع‪77‬الى‪ 7‬الله‪77‬و على التج‪77‬ارة ألن‪77‬ه ليس ك‪77‬ل الن‪77‬اس‬
‫خير من اللهو ومن التجارة ل‪77‬ذا ق‪77‬دّم‬ ‫ٌ‬ ‫ينشغلون بالتجارة‪ 7‬عن الصالة فكثير ينشغلون باللهو وما عند الله تعالى‬
‫اللهو على التجارة‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪( 7‬والله خير الرازقين) ألن التجارة مظنّة الرزق فوض‪7‬ع التج‪7‬ارة بج‪7‬انب قول‪7‬ه تع‪7‬الى‪( 7‬والل‪7‬ه خ‪7‬ير‬
‫الرازقين) فليس الئقا ً وال مناسبا ً أن يقول تعالى (الله خير الرازقين) بجانب اللهو وفي اللغة عادة تترقّى من‬
‫األدنى إلى األعلى فذكر األدنى (اللهو) ثم األعلى (التجارة)‪.‬‬
‫وهناك أمر آخر وهو تكرار (من) في قوله تعالى‪( 7‬من اللهو ومن التجارة) ألن‪77‬ه ل‪77‬و ق‪77‬ال (من الله‪77‬و والتج‪77‬ارة)‬
‫ألفاد أن الخيرية ال تكون إال باجتماعهما أي اللهو والتجارة أما قوله تعالى (من اللهو ومن التجارة) فهي تفي‪77‬د‬
‫أن الخيرية من اللهو على جهة اإلستقالل ومن التجارة‪ 7‬على جهة اإلستقالل أيضا ً فإن اجتمعا زاد األمر سوءاً‪.‬‬
‫تقديم الرحيم على الغفور في سورة سبأ وقد وردت في باقي القرآن الغفور الرحيم‬
‫آْل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َأْل‬
‫ُو‬ ‫ه‬
‫َ َ َ‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ِر‬‫خ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ض وَل‬ ‫ما فِي ا ْر ِ‬ ‫ات وَ َ‬‫ماوَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما فِي ال َّ‬ ‫ه َ‬ ‫مد ُ ل ِلَّهِ الَّذِي ل َ ُ‬ ‫لو قرأنا اآلية في سورة سبأ (ال ْ َ‬
‫ح ْ‬
‫ج فِي اَأْل‬
‫م‬
‫‪7‬رحِي ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪7‬‬‫ال‬ ‫هُو‬
‫َ َ‬ ‫و‬ ‫‪7‬ا‬ ‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫يه‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫س‬
‫َّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ِ‬ ‫نز‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ا‬‫م‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫ج‬
‫ُ‬ ‫ْر‬‫ُ‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫و‬
‫ْ ِ َ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ما يَل ِ ُ‬‫م َ‬‫ير {‪ }1‬يَعْل َ ُ‬ ‫م الْخَب ِ ُ‬ ‫حكِي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يخص المكلفين أبدا والمغفرة ال تأتي إال للمكلفين والمذنبين الذين يغفر الل‪77‬ه‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُور {‪ )}2‬لم يتقدّم اآلية ما‬ ‫الْغَف ُ‬
‫تعالى لهم وإنما جاء ذكرهم بعد األيتين األولى والثانية لذا اقتضى تأخير الغفور لتأخر‪ 7‬المغفور لهم في س‪77‬ياق‬
‫اآلية‪ .‬أما في باقي سور القرآن الكريم فقد وردت الغفور الرحيم ألن‪77‬ه تق‪7‬دّم ذك‪77‬ر المكلَّفين في‪77‬ذنبون فيغف‪77‬ر‬
‫الله تعالى‪ 7‬لهم فتطلّب تقديم المغفرة على الرحمة‪.‬‬

‫تقديم اإلنس على الجان في آية سورة الرحمن (لم يطمثهن إنس قبلهم وال جان)‬
‫ن {‪ ، )}56‬واإلنس‪77‬ان‪7‬‬ ‫م وَاَل َ‬
‫ج‪77‬ا ٌّ‬ ‫نس قَبْلَهُ ْ‬
‫ن ِإ ٌ‬ ‫م يَط ْ ِ‬
‫مثْهُ َّ‬ ‫ف لَ ْ‬
‫ات الط َّ ْر ِ‬ ‫ن قَ ِ‬
‫اص ‪َ 7‬ر ُ‬ ‫قال تعالى في سورة الرحمن (فِيهِ َّ‬
‫عادة تعاف نفسه المرأة إذا طمثها إنسي لذلك تقدّم ذكر اإلنس لكن إذا عاشرها جان ليس له‪77‬ا نفس الوق‪77‬ع‬
‫كاإلنسي‪.‬‬

‫تقديم (ما تسبق من أمة أجلها) على (ما يستأخرون) في آية سورة الحج‪77‬ر والمؤمنونق‪77‬ال تع‪77‬الى في س‪77‬ورة‬
‫جلَهَا وَ َ‬
‫ما‬ ‫ن { ‪ )}5‬وقال في سورة المؤمنون (ما تسبق من ُأ َأ‬
‫مة ٍ َ‬
‫َ َ ْ ِ ُ ِ ْ َّ‬ ‫ستَْأخ ُِرو َ‪7‬‬ ‫جلَهَا وَ َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫الحجر (ما تسبق من ُأ َأ‬
‫مة ٍ َ‬‫َّ َ ْ ِ ُ ِ ْ َّ‬
‫ن {‪ )}43‬بتقديم (ما تسبق) على (ما يستأخرون)‪ 7‬أما في سورة األع‪77‬راف فق‪77‬د ج‪77‬اءت اآلي‪77‬ة بقول‪77‬ه‬ ‫ي ْأ‬
‫ست َ خ ُِرو َ‬ ‫َ ْ‬
‫ْأ‬ ‫ُ‬ ‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ُأ‬ ‫(وَل ِك ُ ِّ‬
‫ن {‪ )}34‬بتق‪77‬ديم (ال يس‪77‬تأخرون) على (ال‬ ‫مو َ‬ ‫ة وَال َ ي َ ْ‬
‫س ‪7‬تَقْد ِ ُ‬ ‫س ‪7‬اع َ ً‬
‫ن َ‬ ‫م ال َ ي َ ْ‬
‫ست َ خ ُِرو َ‪7‬‬ ‫جلهُ ْ‬ ‫جاء َ‬ ‫ل فَِإذ َا َ‬
‫ج ٌ‬
‫مةٍ َ‬ ‫ل َّ‬
‫يستقدمون)‪ .‬وإذا الحظنا اآليات في القرآن نجد أن تقديم (ما تسبق من أمة إجلها) على (وما يستأخرون)‪ 7‬لم‬
‫تأت إال في مقام اإلهالك والعقوبة‪.‬‬

‫تقديم وتأخير كلمة تخفوا في آية سورة البقرة وسورة آل عمران‬


‫ه‬ ‫ْفُو‬‫خ‬ ‫ت‬ ‫و‬‫قال تعالى في س‪77‬ورة البق‪77‬رة (لِّلَّه م‪77‬ا في الس‪7‬ماوات وم‪77‬ا في اَألرض و ن تب ‪7‬دوا ْ م‪77‬ا في َأنفُس‪7‬كُم َأ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ِ َِإ‬ ‫ِ َ َ ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ير { ‪ )}284‬وقال في آل عمران‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫ق‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫شَ‬ ‫ِّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ى‬ ‫َ‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الل‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ء‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫شَ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ِّب‬‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ي‬‫من يَشَ اءُ َ‬
‫و‬ ‫ه فَيَغْفِ ُر ل ِ َ‬ ‫سبْكُم بِهِ الل ّ ُ‬ ‫حا ِ‬‫يُ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ه ع َلى ك ُ ِّ‬
‫ل‬ ‫ض وَالل ‪ُ 7‬‬
‫ِ‬ ‫األر‬
‫ْ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ف‬ ‫‪7‬ا‬
‫‪7‬‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ات‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫او‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫‪7‬‬ ‫الس‬
‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫‪7‬ا‬
‫‪7‬‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫و‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫ب‬‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ور‬ ‫ُ‬ ‫د‬‫ص‬‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ُوا‬ ‫ف‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ن‬‫(قُ ِإ‬
‫ْ‬
‫ل‬
‫ير {‪ .)}29‬المحاس‪77‬بة في س‪77‬ورة البق‪77‬رة هي على م‪77‬ا يُب‪77‬دي اإلنس‪77‬ان‪ 7‬وليس‪ 7‬م‪77‬ا يُخفي ففي س‪77‬ياق‬ ‫يءٍ قَد ِ ٌ‬‫شَ ْ‬
‫المحاسبة قدّم اإلبداء أما في سورة آل عمران فاآلي‪77‬ة في س‪77‬ياق العلم ل‪77‬ذا ق‪7‬دّم اإلخف‪77‬اء ألن‪77‬ه س‪77‬بحانه يعلم‬
‫السر وأخفى‪.‬‬

‫تقديم الشتاء على الصيف والجوع على الخوف في سورة قريش‬


‫ب هَذ َا الْبَي ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ف {‪ }2‬فَلْيَعْبُدُوا‪َ 7‬ر َّ‬‫الصي ْ ِ‬
‫َ َّ‬ ‫و‬ ‫اء‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫الشِّ‬ ‫حل َ َ‬
‫ة‬ ‫ش {‪ِ }1‬إياَل فِهِ ْ‬
‫م رِ ْ‬ ‫قال تعالى في سورة قريش (ِإِلياَل ِ‬
‫ف قُ َري ْ ٍ‬ ‫َأ‬
‫ف {‪ ) }4‬والمعروف أن حاجة اإلنسان‪ 7‬للطعام‪ 7‬في الشتاء أكثر‬ ‫ن خَوْ ٍ‬‫ْ‬ ‫م‬
‫ِّ‬ ‫م‬‫منَهُ‬
‫وع وَآ َ‬
‫ج ٍ‬
‫من ُ‬ ‫{‪ }3‬الَّذِي طْعَ َ‬
‫مهُم ِّ‬
‫ّ‬
‫من الصيف والخوف في الصيف أكثر ألنه فيه يكثر قطاع الطرق والزواحف لذا قدّم تع‪77‬الى‪ 7‬الش‪77‬تاء والخ‪77‬وف‬
‫على الصيف والجوع وق‪77‬ال أيض‪77‬ا ً أطعمهم ولم يق‪7‬ل أش‪7‬بعهم ألن اإلطع‪77‬ام أفض‪7‬ل من اإلش‪7‬باع‪ .‬ولق‪7‬د ج‪77‬اءت‬
‫سورة قريش بعد سورة الفيل للتركيز على األمن في البيت الحرام بعد عام الفيل‪.‬‬

‫تقدّيم البصر على السمع في آية سورة الكهف وآية سورة السجدة‬
‫َأ‬ ‫َأ‬ ‫ات واَأْل‬ ‫قال تعالى في سورة الكهف (قُل الل َّ َأ‬
‫من‬ ‫م‪77‬ا لَهُم ِّ‬ ‫معْ َ‬
‫س ِ‬‫ص ْر بِهِ وَ ْ‬‫ض بْ ِ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫م َ‬
‫او‬ ‫س َ‬ ‫ب ال َّ‬ ‫ما لَبِثُوا ل َ ُ‬
‫ه غَي ْ ُ‬ ‫م بِ َ‬‫ه ع ْل َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ك في حك ْ ِ َأ‬
‫س ‪7‬و‬ ‫ن نَاك ِ ُ‬
‫جرِمُو َ‬‫م ْ‬‫‪7‬رى ِإذ ِ ال ُ‬ ‫‪7‬‬‫َ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ت‬ ‫‪7‬و‬‫‪7‬‬ ‫ل‬‫(و‬ ‫‪7‬جدة‬ ‫‪7‬‬‫الس‬ ‫‪7‬ورة‬ ‫‪7‬‬‫س‬ ‫في‬ ‫وقال‬ ‫})‬ ‫‪26‬‬ ‫{‬ ‫دا‬ ‫ح‬
‫مه ِ َ‬‫ُ ِ‬ ‫ِي وَاَل يُشْ رِ ُ ِ‬ ‫من وَل ٍّ‬ ‫د ُونِهِ ِ‬
‫ً‬ ‫َأ‬
‫ن { ‪ )}12‬والمعل‪7‬وم أن األك‪7‬ثر في‬ ‫موقِنُو َ‬ ‫ص‪7‬ال ِحا ِإنَّا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م‪ْ 7‬‬ ‫جعْن َ‪7‬ا نَعْ َ‬ ‫معْنَا فَ ْ‬
‫ار ِ‬ ‫س‪ِ 7‬‬
‫ص‪ْ 7‬رنَا وَ َ‬
‫م َربَّنَا ب ْ َ‬
‫م عِند َ َربِّهِ ْ‬
‫سهِ ْ‬
‫ُرُؤو ِ‬
‫القرآن تقديم السمع على البصر ألن السمع أهم من البصر في التكليف والتبليغ ألن فاقد البصر الذي يس‪77‬مع‬
‫يمكن تبليغه أما فاقد السمع فيصعب تبليغه ثم إن مدى السمع أقل من مدى البصر فمن نسمعه يكون ع‪77‬ادة‬
‫أقرب ممن نراه‪ ،‬باإلضافة إلى أن السمع ينشأ في اإلنسان‪ 7‬قبل البص‪77‬ر في التك‪77‬وين‪ .‬أم‪77‬ا لم‪77‬اذا ق‪7‬دّم البص‪77‬ر‬
‫على السمع في اآليتين المذكورتين فالسبب يعود إلى أنه في آية س‪77‬ورة الكه‪77‬ف الكالم عن أص‪77‬حاب الكه‪77‬ف‬
‫الذين فروا من قومهم لئال يراهم أحد ولجأوا إلى ظلمة الكهف لكيال ي‪77‬راهم أح‪77‬د لكن الل‪77‬ه تع‪77‬الى‪ 7‬ي‪77‬راهم في‬
‫تقلبهم في ظلمة الكعف وكذلك‪ 7‬طلبوا من صاحبهم أن يتلطف حتى ال يراه القوم إذن مسألة البصر هن‪77‬ا أهم‬
‫من السمع فاقتضى تقديم البصر على السمع في اآلية‪.‬‬
‫وكذلك في آية سورة السجدة‪ 7،‬الكالم عن المجرمون الذين كانوا في الدنيا‪ 7‬يسمعون عن القيامة وأحوالها‪ 7‬وال‬
‫والظن ولو تيقنوا آلمنوا أما في اآلخرة فقد أبص‪77‬روا م‪77‬ا‬ ‫ّ‬ ‫يبصرون لكن ما يسمعوه كان يدخل في مجال الشك‬
‫كانوا يسمعون عنه ألنهم أصبحوا في مجال اليقين وه‪77‬و مي‪77‬دان البص‪77‬ر (عين اليقين) واآلخ‪77‬رة مي‪77‬دان الرؤي‪77‬ة‬
‫وليس ميدان السمع وكما يقال ليس الخبر كالمعاينة‪ .‬فعندما رأوا في اآلخرة ما كانوا يسمعونه ويشكون فيه‬
‫تغير الحال ولذا اقتضى تقديم البصر على السمع‪.‬‬

‫تقديم وتأخير الجن واإلنس في آيتي اإلسراء والرحمن‬


‫م‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ض‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫‪7‬ا‬
‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫‪7‬و‬
‫‪7‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫‪7‬‬ ‫ل‬‫ثْ‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ت‬‫ل لَِئن اجتمعت ا نس والْجن ع َلَى َأن يْأتوا بمثْل هذ َا الْقُرَآن اَل يْأ‬ ‫قال تعالى‪ ( :‬قُ ْ‬
‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ َ َ َ ِ ِإْل ْ ُ َ ِ ُّ‬
‫س ِن اس ‪7‬تطَعتم َأن ت َنفُ ْذ ُوا من َأ‬ ‫ْ‬
‫‪7‬ار‬ ‫‪7‬‬‫َ‬ ‫ط‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫‪7‬‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫م‬ ‫‪7‬ا‬
‫‪7‬‬ ‫ي‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫وقال‬ ‫اإلسراء)‬ ‫)‬‫‪88‬‬ ‫ض ظَهِ ً‬
‫يرا (‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ِّ َ ِإْل ِ ِإ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ات واَأْل‬ ‫ل ِبَعْ ٍ‬
‫ان (‪ )33‬الرحمن)‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫اَّل‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ُو‬ ‫ذ‬‫ف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫اَل‬ ‫ُوا‬ ‫ذ‬‫ف‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ان‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫م َ‬
‫او‬ ‫س َ‬
‫ال َّ‬
‫ِإ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫قدم في األولى‪ 7‬اإلنس وقدم في الثانية الجن‬
‫ألن مضمون اآلية هو التحدي باإلتيان بمثل القرآن ‪ ،‬وال شك أن مدار التحدي على لغة القرآن ونظمه وبالغته‬
‫وحسن بيانه وفصاحته‪.‬‬
‫واإلنس في هذا المجال هم المقدمون ‪ ،‬وهم أصحاب البالغة وأععدة الفصاحة وأساطين البيان‪ ، 7‬فإتيان‪ 7‬ذل‪77‬ك‬
‫من قبلهم أولى ‪ ،‬ولذلك كان تقديمهم أولى ليناسب ما يتالءم مع طبيعتهم‪.‬‬
‫أما اآلية الثانية فإن الحديث فيها عن النفاذ من أقطار السموات واألرض ‪ ،‬وال ش‪77‬ك أن ه‪77‬ذا ه‪77‬و مي‪77‬دان الجن‬
‫لتنقلهم وسرعة حركتهم الطيفية وبلوغهم أن يتخذوا مقاعد في في السماء لالستماع ‪ ،‬كما ق‪77‬ال تع‪77‬الى‪ 7‬على‬
‫لسانهم ‪ " :‬وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع " الجن ‪9‬‬
‫فقدم الجن على اإلنس ألن النفاذ مما يناسب خواصهم وماهية أجسامهم أكثر من اإلنس‬

You might also like