Professional Documents
Culture Documents
Open السداسي الأوّل تدعيم لغوي عربيّة
Open السداسي الأوّل تدعيم لغوي عربيّة
تتميز اللغة العربية بمالمح كثيرة ،األمر الذي يجعل من دارسها متشعبا متوسعا في معطياتها .و ّأول ش يء يمكن الحديث ّ
عنه ،واإلشارة إليه ،في ّ
ظل دراستنا ملادة التطبيق املنهجي للغة العربية ،هو تحديد العناصر العامة ،والكلية املميزة للغة العربية،
واملكونة لجملها أو ما يعرف في الدراسة اللسانية بعناصر الجملة العربية ،والتي على أساسها سنسير في معرفتنا ّ
ألهم مميزات
هذه اللغة التي هي لغة القرآن الكريم.
وعناصر الجملة العربية مثلما ّ
قسمها علماؤها ،ومن بينهم األستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي في كتابه معاني
النحو 1.هي ستة عناصر جاء ،ترتيبها في درسنا هذا على الشكل اآلتي:
.iالكلمة املفردة
.iiالصيغة الصرفية
.iiiالنغمة الصوتية
.ivالتأليف جزئي /كلي
.vاإلعراب
.viالتطور الداللي تاريخيا
.iالكلمة املفردة:
.1كيفية تشكيلها:
تتكون الكلمة املفردة من مجموعة أصوات وتنطلق في تكوينها من صوتين فأكثر وبالنسبة للغة العربية فأصواتها املتعارف
عليها 28صوتا يتم تصنيفها وترتيبها على أوجه ثالثة:
✓ التصنيف األلفبائي :أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و ي.
✓ التصنيف األبجدي :أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ.
✓ التصنيف الصوتي :ع ح ه غ خ ق ك ح ش ض ص س ز ط ت د ظ ذ ث ر ل ن ف ب م وي أ.
وتصنيفها حسب املخرج كاآلتي:
حلقية ع/ح/ه/خ/غ
لهوية ق/ك
شجرية ش/ج/ض
أسلية ص/س/ز
نطعية ط/د/ت
لثويه ظ/ذ/ث
ذلقية ر/ل/ن
شفوية ف/ب/م
هوائية و/ا/ي/ء
1ينظر معاني النحو أ.د .فاضل صالح السامرائي شركة العاتك القاهرة ج 1ص,11
والش يء املالحظ على تصنيف الخليل هو جعل الهمزة لهوية وهي حلقية .وجعل الهاء حلقية وهي حرف لهوي إلى أقص ى
درجة.
يتم تركيب الكلمات من هذه األصوات وتشكيلها فيما بينها بتقليبها أو بإبدالها.
أ -التقليب:
التقليب عملية لتشكيل األصوات فيما بينها تشكيال ثنائيا فثالثيا فرباعيا فخماسيا .فمثال بالرجوع إلى التصنيف
الصوتي الذي وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي 2نجد التشكيل بتقليب األصوات يبتدأ بصوتي العين والقاف (عق/قع) أول
كلمتان وضعهما الخليل في كتابه العين مستعملتان غير مهملتين في اللغة العربية .وابتدأ بهذين الصوتين الستحالة تشكيل
كلمات غير مهملة أي مستعملة في اللغة العربية من األصوات السابقة كتشكيل عح/حع فهما غير مستعملتان في اللسان العربي
كذلك عخ/خع وغيرها بينما ابتدأ ابن منظور في معجمه لسان العرب بالتشكيل أبأ ثم أتأ وهكذا.
وقع والكلمتان مستعملتان في اللغة العربية ومعناهما بحسب الخليل:3 عق ّوفي تشكيل العين مع القاف كلمتان هما ّ
عق الرجل عن اب ِنه ي ِع ُّق إذا حلق عقيقته وذبح عنه شاة وتسمى الشاة التي تذبح لذلك.
"العرب تقولَّ :
الحامل إذا ْ
نبتت العقيقة على ولدها في بطنها. ُ ويقالَّ :
أعق ِت
ُ ُ ُ َ ً ٌّ ّ
ُ
وتأكله العجوز .وهي من هش ِل ٌين رخو املضغة .ت ْعل ُفه الناقة العقوق إلطافا لها فلذلك أضيف إليها، ونوى العقوق :نوى
ُ تعرفه األعراب في بواديها .وعقيقة َ
الب ْرق :ما يبقى في َّ ُ
السحاب من شعاعه .وجمعه العقا ِئق ،قال عمرو بن كالم أهل البصرة ،وال
ُ
الخط ّي ل ْدن ...وبيض كالعقائق َي َ ّ َ كلثومُ :
ختلينا. ِِ بسمر من قنا
ْ َ َّ ُ
الغ ُ تسرب في َّ وانعق البر ُق إذا َّ
بار :إذا سطع. السحاب ،وانعق
واحد ،يقالَ :ع َّق ثوبه إذا َّ
الشق والقطع ٌ َّ ّ ُُ ُ وأصل ّ َّ ُّ
شقهَ .ع َّق دين وهو ُ
قطعهما ،ألن ْ
العق الشق .وأليه يرجع عقوق ِ
الوال ِ ِ
َ ُ ُّ ُ َ ّ ً ُ ُ ً
والديه يعقهما عقا وعقوقا.
ُ َ ٌ
قيقة .والعقيق واد بالحجاز َّ ُ أحمر ُي ْن ُ
كأنه ُع َّق أي ش َّق ،غلبت عليه ظم ُوي َّتخذ منه الفصوص ،الواحدة ع والعقيق :خرز ُ
َّ َ
ُ
وجمعه والع ْق َع ُق :طائر طويل الذيل أبلق ُي َع ْق ِع ُق بصوته
بع ْينهَ .َ ُ ُْ
الصفة غلبة االسم ِولزمته األلف والالم كأنه ج ِعل الش يء ِ
ّ
ِ
عقاعق.
والق ْع َق ُ
َ ُ ً
إقعاعا :أذا حضروا ُ ُ ٌ
غليظُ ،ويجمع أ ِق َّعةَّ . الق ُ
عاعٌ :
ماء ٌ قعُ :
اع :الطريق من اليمامة فوقعوا على قعاع القوم وأقع مر
ُ ّ والحل ّي ُ ُ َ َْ َ
والجلود اليابسة والخطاف والبكرة أو نحو ذلك ،قال النابغة: إلى الكوفة .والقعقعة :حكاية صوت (السالح وال ِت َرسة) ِ
َ ْ ّ ُي َس َّه ُد من نوم ال ِع َشاء َس ُ
النساء في يديه قعاقع. ليمها...........لحلي ِ
ُ ُ َ ََ ً ورجل ُق ْع ٌ
ضرب من الحجارة ترمى بها النخل َلت ْنث َر من تمرها. ٌ ملفاص ِل رجليه تق ْع ُقعا .والقعاقع: َ ْ
قعاني :إذا مش ى س ِمعت ِ
ً
عظاما َي َت َق ْع َق ُع من هزالهُ ُ َّ .
قعق ُع بصوته.والرعد ي ِ ويقال للمهزول قد صار
2ينظر العين أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري تحقيق د مهدي املخزومي ،د إبراهيم السامرائي دار ومكتبة الهالل.
3ينظر العين باب العين.
وهذه مجموعة من األمثلة التي قدمها الخليل 4في التشكيل الذي ينطلق من ثالثة أصوات:
تشكيل كلمات من األصوات (ك/ت/ب) مع مراعات األسبقية في املخرج فكانت ست كلمات أربع منها مستعملة واثنان
مهملتان:
جمع ش يء إلى ش يء كتب
اإلذالل والصرف عن الش يء كبت
مهملة تكب
ك/ت/ب
مهملة تبك
الغلبة بالحجة بكت
القطع عن طريق النتف بتك
ّ
األصوات (ج/ر/م) ست كلمات كلها مستعملة:
القطع واالنفصال جرم
التجمع واالجتماع جمر
الرمي فيه إصابة دون تحديد رجم
ج/ر/م
فساد رمج
الدهم الكثير/بيع الش يء في البطن مجر
مجيء وذهاب واضطراب مرج
من أمثلة التشكيل الرباعي والذي يكون عدد املهمل فيه كبير التشكيل القائم بين األصوات (س/ط/ر/م) حيث يستخرج
منه 24تقليبا صوتيا كاآلتي:
ولعملية التقليب هذه دورها في تحديد داللة بعض الكلمات التي تشترك في األصوات نفسها مثلما هو الحال مثال في
كلمتي (حمد/مدح) حيث الحمد هو إظهار للنعم ،بينما املدح هو إظهار للمحاسن والكلمتان تشتركان في داللة اإلظهار.
6ينظر مجلة اآلداب والحضارة اإلسالمية التي تصدرها كلية اآلداب والحضارة اإلسالمية جامعة األمير عبد القادر قسنطينة مقال للدكتور عبد الغاني بن شعبان داللة
نقاط اإلعجام دراسة تطبيقية على كلمات من القرآن الكريم العدد التاسع عشر 2016م ص.165
7املزهر في علوم اللغة عبد الرحمن جالل الدين السيوطي تحقيق محمد أحمد جاد املولى بك ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي دار التراث القاهرة الطبعة
الثالثة ج 1ص.53
8الخصائص أبو الفتح عثمان ابن جني تحقيق محمد علي النجار املكتبة العلمية ج 2ص.154
9فقه اللغة عبد امللك بن محمد بن اسماعيل أبو املنصور الثعالبي ج 1ص.1338
10ينظر دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطالحات الفنون القاض ي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول األحمد نكري تحقيق حسن هاني فحص دار الكتب العلمية
لبنان الطبعة األولى 2000م ج 1ص .83وينظر كذلك النحاة والقياس صال ح الدين الزعبالوي مجلة التراث العربي مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب دمشق
العدد 32السنة 8يوليو 1988ص.551
متغيرة مع شدتها ثابتة وال ّ الحفاظ على نسبة إخراج صوتية واحدة أو استطالة صوت مثلما يسميها ابن جني 11حيث تكون ّ
الصوتين.
ويفرق بينهما ومن أحسن األمثلة العالقة بين الدال والذال ،حيث يوجد تقارب واضح بين الحرفين املتشابـهين كتابة ّ
بنقطة اإلعجام في لفظي (العود/العوذ)( ،عاد/عاذ) .حيث يمكن تفسير معنى العوذ انطالقا من العود ،فاالختالف بين الحرفين
ّ
النقطة فوق (الذال)ّ .أما صوتيا الدال حسب الخليل 12نطعية إي مخرجها نطع الغار األعلى والذال لثوية مخرجها اللثة.
ّ ّ ّ وبتفصيل أكثر عند سيبويه 13مخرج ّ
(الدال) طرف اللسان أصول الثنايا و(الذال) طرف اللسان أطراف الثنايا .فالصوتان
(الدال) ّ
ألنها متقاربان من حيث مخرجهما بانتمائهما إلى حيز واحد .لكن (الدال) أسبق مخرجا من (الذال) ف ــ(الذال) أقوى من ّ
القوة زيادة في املعنى. أقرب إلى الشفة واألذن وقد يلحق هذه الزيادة في ّ
اللفظين من خالل استعمالهما في سياقات لغوية مختلفة مثل استعمال(عاذ) في قول لبيد14: ّ
وسنطبق ما قيل على
َ َ ً
أطالئها ** ُعوذا ت َّ ْ ٌ ُ
أج ُل بالفض ِاء ِب َه ُامها) ِ (والعين ع ـ ـ ـ ـ ِـاكفة على
فالعوذ مثلما شرحت 15هي حديثات النتاج أو حديثات الوالدة .لكن ملاذا سميت حديثات الوالدة عوذا؟
اللفظ (عاذ) في القرآن الكريم فهو على صيغة (أعوذ) ّ ّ
وتكررت سبع مرات في قوله تعالى: بالرجوع إلى استعماالت
َ َ ْ َ َ ُ َ ْ
ال أعوذ باّلل أن أكون من الجاهلين}16.
َ ه ُ ُ َ َ ً ُ ُ َ ُ َّ َ َ ْ ُ َ ً َ َ ْ ُ َ ْ َ
وس ى ِل َق ْوم ِه إ َّن ّللا يأم ُركم أن تذبحوا بق َرة قالوا أتت ِخذنا هزوا ق َ ْ َ ْ ُ ُ ْ َ َ ه ال ُم َ{َ - 1وإ ْذ َق َ
ِِ ِ ِ ِ ِ ِ
ين}17.س لي به ع ْل ٌم َوإ َّال َت ْغف ْرلي َو َت ْر َح ْمني َأ ُكن هم َن ْال َخاسر َ َ وذ ب َك َأ ْن َأ ْس َأ َل َك َما َليْ َِ َ َ ه ه َ ُ ُ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ُ َ ِ ًِ ِ ِ ِ { - 2قال ر ِب ِإ ِن َي أع ِ
َ
ح َمن منك إن كنت تق هيا}18. َ الر ْ وذ ب َّ َ َ ْ ه ُ ُ
ِ ِ ِ ِ { - 3قالت ِإ ِني أع
ض ُرون}19.
َ ُ َ
وذ ب َك م ْن َه َم َزات الش َياطين * َوأ ُعوذ ب َك َ هب أن َي ْح ُ َّ َُ ه َ ُ ُ
ِ ِ رِ ِ ِ ِ {-4وقل َّر ِب أع ِ ِ
ال َف َلق}20. ُ ْ َ ُ ُ َ ه ْ
ِ { - 6قل أعوذ ِبر ِب
ب الناس}21. َّ وذ ب َر ه ُ ْ َ ُ ُ
ِ { - 7قل أع ِ ِ
ّ ّ
فالعوذ في هذه اآليات كلها ال يكون إال باهلل بالعودة إليه واالستعانة به لغرض الحماية (حمايتنا من نكون من الجاهلين،
من التساؤل بغير علم أو من همزات الشيطان).
سيدنا يوسف عليه السالم في قوله تعالى: وذكرت (معاذ) مرتان واستعملت بهذه الصياغة في قصة ّ
َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ه َّ ُ َ ه َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ ُ َّ ُ َ َ ْ َ َّ ْ
اي ِإن ُه ال ُيف ِل ُح ّللا ِإنه رِبي أحسن مثو {-1وراودته ال ِتي هو ِفي بي ِت َها عن نف ِس ِه وغلق ِت األبواب وقالت هيت لك قال معاذ ِ
َّ
الظاِلُو َن}22.
ِ
ذا َّلظاِلُو َن}23.
َ َ َ َ َ ه َ َّ ْ ُ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َّ ً َ
ِ ّللا أن نأخذ ِإال من وجدنا متاعنا ِعنده ِإنـا ِإ {-2قال معاذ ِ
11ينظر سر صناعة اإلعراب أبو الفتح عثمان ابن جني تحقيق د .حسن هنداوي ج 1ص.6
ّ
السامرائي سلسلة املعاجم والفهارس ج 1ص.58 ،57 12العين الخليل بن أحمد الفراهيدي تحقيق د .مهدي املخزومي ود .إبراهيم
13الكتاب سيبويه تحقيق وشرح عبد السالم هارون مكتبة الخانجي ج 4ص.433
14ديوان لبيد بن ربيعة العامري لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري ص.98
15شرح املعلقات السبع القاض ي أبي عبد هللا الحسين بن أحمد الزوزني تقديم عبد الرحمن املصطاوي دار املعرفة لبنان الطبعة الثانية 1425ه ـ 2004م ـ ص .131املعلقات
العشر وأخبار قائليها أحمد بن األمين الشنقيطي مكتبة الخانجي القاهرة الطبعة الثالثة 1413هـ 1993مـ ص.20
16البقرة.67
17هود.47
18مريم .18
19املؤمنون.98+97
20الفلق.1
21الناس.1
22يوسف.23
23يوسف.79
َ َ َْ َ ْ ََ
ففي اآلية األولى عاد إلى هللا مستعينا به ليبعده عن فعل هو من صنيع الشيطان .وانجاه هللا َ{ولق ْد َه َّمت ِب ِه َو َه َّم ِب َها ل ْوال أن َرأى
ين}24. ُ ْ َ َ َ ه َ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ
برهان رِب ِه كذ ِلك ِلنص ِرف عنه السوء والفحشاء ِإنه ِمن ِعب ِادنا اْلخل ِص
ً َ ُ ُ َ َ ه ْ َ
ال همن اْلنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم َرهقا}25.
ْ ه َ َ ُ ُ َ ْ َ ان ر َج ٌ َ َ َّ ُ َ َ ّ ّ
ِ ِ ِ ِِ ٍ ِ ِ ِ ثم ذكرت مرة واحدة (يعوذون) في قوله تعالى{ :و أنه ك ِ
معين أرادوا من خالله قضاء حاجاتهم بمفهوم االستعانة. أي يلجؤون إليهم أو يعودون إليهم لغرض ّ
إال مرو ا بالعود ّ ّ
ألن العوذ ر إذن فالعالقة التي تربط عاد/عاذ هي شكلية صوتية ومعنوية حيث ال يمكن الوصول إلى العوذ
كل "ما يعلق على الكتف ونحوه، هو عود ألغراض منها االستعانة والحماية والقيام على األمور ،ولذلك أطلق اسم التعويذة على ّ
وسميت حديثات الوالدة املذكورة في األبيات الشعرية أو ما يتلى على االنسان ،للتحصن من العين أو السحر أو نحو ذلك"ّ 26.
ألنها ما زالت تعود إلى ّأمهاتها لغرض إطعامها وحمايتها. عوذا ّ
كذلك من بين األمثلة كذلك عالقة (السراب والشراب) هما مصطلحان يستعمالن في إشارتها إلى املاء ،لكن واحد على الحقيقة
وهو الشراب ،واآلخر على الخيال وهو السراب .فمن حيث الشكل يتقاربان ومن حيث املعنى كذلك في إشارتهما إلى املاء.
.2حدود تشكيل األصوات:
ّ
يقترح علماء اللغة العربية حدود التشكيل من الصوتين حتى خمسة أصوات وإذا تجاوز اللفظ األصوات الخمسة فهو مزيد
مقدما مجموعة من األمثلة على ذلك ،حيث عليه أو غير عربي .وأول من اقترح ذلك الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين ّ
َ َ َ ُّ والث َال ِث ّيُّ ،
ُ َ ّ ُّ ّ َ
باعي ،والخماس ّي ،فالثنا ِئ ُّي على َح ْرف ْي ِن نحو :ق ْد ،ل ْم، والر ّ أربعة أصناف :على الثنا ِئ ِي
مبني على ِ
كال ُم َ
الع َرب ّ يرى بأن (
َ ََ َ َ َ َ
َ
والثالثي من األفعال نحو قولك :ض َر َب ،خ َر َج ،دخ َلَ ،م ْب ٌّني على ثالث ِة أحرف .ومن األسماء ُّ َه ْل ،ل ْو ،بل ونحوه من األدوات والز ْجر
َ
أربعة أ ْحرف .ومن مب ٌّني على ِ سْ ، أحرف .والرباعي من األفعال نحوَ :د ْح َر َجَ ،ه ْم َل َجَ ،ق ْر َط َ َ َ َ َ
نحو :عمر وج َم َل وشجر م ْب ٌّني على ِ
ثالثة ُ ُ
مبني علىواسب َك َّر ّواسح ْن َف َر َ َ ْ َ
اس َح ْنك َك واقش َع َّر
ْ َ
وع ْق َرب ،وجندب ،وشبهه .والخماس ُّي من األفعال نحو: األسماء نحوَ :ع ْب َقرَ ،
خمسة أحرف)27.
24يوسف .24
25الجن.6
26معجم لغة الفقهاء ج 1ص.137
27العين أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري تحقيق د مهدي املخزومي د إبراهيم السامرائي دار ومكتبة الهالل ج 1ص.48
28ينظر فيما يتعلق بفصاحة اللفظ املفرد شرح عقود الجمان في علم املعاني والبيان للحافظ جالل الدين السيوطي دار الفكر بيروت ص .4وينظر كذلك املزهر في علوم
اللغة وأنواعها جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تحقيق فؤاد علي منصور دار الكتب العلمية بيروت الطبعة األولى 1998ج 1ص .148وينظر كذلك اإليضاح
في علوم البالغة جالل الدين أبو عبد هللا محمد بن سعدالدين بن عمر القزويني دار إحياء العلوم بيروت الطبعة الرابعة 1998ص.8
األصوات أقل حدا ومثاله ما أعيب على امرئ القيس في قوله مادحا محبوبته واصفا شعرها غدائره مستشزرات
إلى العال أي مرتفعات29 .
✓ وجب أال تكون الكلمة غريبة غير ظاهرة املعنى وغير مأنوسة االستعمال إال بعد التقص ي عليها وبحثها ومثال
ال العجاج ِفي املرسن :وجبهة وحاجبا ذلك كلمة مرسن في قول رؤبة وفاحما ومرسنا مسرجا َق َ
َ َ َ
مزججا****وفاحما ومرسنا مسرجا .مسرجا أي محسنا ِفي الدقة واالستواء ُيقال سرج هللا َوجهه أي حسنه
وضع الرسن فال يعلم ماذا أراد بكلمة ّ َ َ
مسرجا والفاحم األسود وأراد شعرا وأصل املرسن للدواب ِألن املرسن م ِ
فاحما فحذف املوصوف وأقام الصفة مقامه واملرسن بفتح السين وكسرها األنف الذي يشد بالرسن ثم
استعير ألنف اإلنسان ومسرجا مختلف في تخريجه فقيل من سرجه تسريجا بهجة وحسنه وقيل من قولهم
سيوف سريجية منسوبة إلى قين يقال له سريج شبه بها األنف في الدقة واالستواء وقيل من السراج وهو قريب
من قولهم سرج وجهه بكسر الراء أي حسن والزجج دقة الحاجبين واملعنى أن لهذه املرأة املوصوفة مقلة سوداء
وحاجبا مدققا مقوسا وشعرا اسود وأنفا كالسيف السريجي في دقته واستوائه أو كالسراج في بريقه وضيائه
والشاهد فيه الغرابة في مسرجا لالختالف في تخريجه30.
✓ وقد يرجع األمر إلى املتلقي حيث يجب مراعاة عدم كراهة السمع للفظ كأمر آخر لضمان فصاحة اللفظ ومن
أبر الكتب حيث يقول:أمثلة ذلك قول املتنبي في قصيدته فهمت الكتاب ّ
اللقب****كريم الجر َّش ى شريف النسب31. ّ ّ
ِ ِ مبارك االسم أغر
.4تقسيم الكلمات:
ّ
بعد أن يستوي تشكيل الكلمات من الناحية الصوتية واللفظية ،حيث يتم التأكد من فصاحتها يأتي تقسيمها إلى ثالثة
أقسام االسم الفعل والحرف وهو ما لخصه علماء اللغة في قولهم :كالمنا لفظ مفيد كاستقم ....اسم وفعل وحرف الكلم32.
الز ْو َزني ،أبو عبد هللا دار احياء التراث العربي الطبعة األولى 1423هـ 2002-م ص .55والبيت كامال غدائ ُره ُم ْس َت ْشزر ٌ
ات 29شرح املعلقات السبع حسين بن أحمد بن حسين َّ
ِ ِ
َ العال = َتض ّل ال ِع ُ
قاص في ُمث َّنى َو ُم ْر َس ِل. ِ
إلى ُ
ِ
30ينظر معاهد التنصيص على شواهد التلخيص الشيخ عبد الرحيم بن أحمد العباس ي تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد عالم الكتب بيروت 1367هـ 1947م ج1
ص .15وقائل البيت رؤبة بن العجاج وهو من بحر الرجز من ارجوزة طويلة أولها
(ما هاج أشجانا وشجوا قد شجا ** من طلل كاألتحمي أنهجا)
(أمس ى لعافي الرامسات مدرجا ** واتخذته الناثجات منأجا)
31ينظر املوقع اإللكتروني واحة املتنبي .www.almotanabbi.com
32ينظر املقاصد الشافية في شرح الخالصة الكافية (شرح ألفية ابن مالك) أبو إسحق إبراهيم بن موس ى الشاطبي تحقيق د .عبد الرحمن بن سليمان العثيمين معهد
البحوث العلمية وإحياء التراث اإلسالمي بجامعة أم القرى مكة املكرمة الطبعة األولى 1428هـ 2007 -ج 1ص.31
33ينظر املوقع االلكتروني http://www.drmosad.com/index9.htm
1ـ الجر سواء بحرف الجر ،أو باإلضافة :من عالمات االسم قبوله دخول حرف الجر عليه .نحو :استعرت من صديقي
كتاب العلوم .فكلمة "صديقي" اسم ألنها مجرورة بحرف الجر .ومنه قوله تعالى{ :يخرجونهم من النور إلى الظلمات} .فـ "النور
والظلمات" كل منهما اسم ألنه مجرور بحرف الجر.
وكذلك جره باإلضافة .نحو :كتاب العلوم جديد .فكلمة "العلوم" اسم ألنها مجرورة بإضافتها إلى كلمة كتاب .ومنه قوله
تعالى{ :واخفض لهما جناح الذل من الرحمة} .فـ "الذل" اسم ألنها مجرورة باإلضافة.
2ـ دخول "أل" التعريف عليه سواء أكانت أصلية .نحو :الطالب املجتهد ينجح في االختبار .ومنه قوله تعالى{ :فالق
اإلصباح وجعل الليل سكنا} .فـ " الطالب واملجتهد ،واالختبار ،واإلصباح ،والليل ،والشمس ،والقمر " كل منها اسم لدخول "أل"
التعريف األصلية عليه.
3ـ ومن عالماته أن يكون منادى :وهو أن يسبقه حرف من أحرف النداء بغرض الدعاء .نحو :يا حاج اركب السيارة.
أمحمد ساعد الضعفاء .ومنه قوله تعالى{ :يا نوح اهبط بسالم} .وقوله تعالى{ :يا نار كوني بردا وسالما على إبراهيم} .فـ " حاج،
ومحمد ،ونوح ،ونار " كل منها اسم لدخول حرف النداء عليه.
أما إذا جاء بعد حرف النداء فعل .نحو قوله تعالى{ :أال يا اسجدوا هلل} .في قراءة الكسائي .أو حرف .نحو قوله تعالى{ :يا
ليتني كنت ترابا} .فإن حرف النداء يكون للتنبيه ،وقد يكون للنداء ،واملنادى محذوف لغرض بالغي .وآية :يا اسجدوا في غير قراءة
ّ
الكسائي تكتب كالتالي قال تعالى( :أال يسجدوا هلل).
4ـ اإلسناد إليه :واملقصود باإلسناد ،هو إثبات ش يء لش يء ،أو نفيه عنه ،أو طلبه منه .نحو :الرجل قادم .ونحو :محمد
علي مبكرا .فكل من الكلمات "الرجل ،ومحمدّ ،
وعلي" قد أسند إليها القدوم في املثال األول ،وعدم لم يحضر الحفل .ونحو :قم يا ّ
الحضور في املثال الثاني ،والطلب بالقيام في املثال الثالث ،وعليه نجد أن من عالمات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند،
وتكون هي املسند إليه .ويسميه البالغيون :املحكوم عليه ،وال يكون إال مبتدأ ،أو فاعال ،أو نائب فعل ،أو اسما لفعل ناسخ ،أو
لحرف ناسخ ،أو املفعول األول للفعال التي تنصب مفعولين أصلهما املبتدأ والخبر .أما املسند فهو كل صفة أو فعل أو جملة
تأتي متممة لعملية اإلسناد ،أي تكون لوصف املسند إليه وإتمامه .ويسميه البالغيون املحكوم به .واإلسناد عالمة من العالمات
التي تدل على أن املسند إليه هو الكلمة املحكوم باسميتها.
خالدا .وسلمت على سالم .من عالمات بعض األسماء ،أن تقبل التنوين على محمد .وكافأت ً
ٌ 5ـ قبوله التنوين :نحو :جاء
آخرها ،رفعا ،أو نصبا ،أو جرا .وهو وجود ضمة ،أو فتحة ،أو كسرة ثانية ،إلى جانب الضمة أو الفتحة ،أو الكسرة املجود
أصال على آخر االسم كعالمة إعراب ،وهذه الضمة ،أو الفتحة ،أو الكسرة الثانية هي عوض عن نون التنوين املحذوفة خطا .
ٌ
محمد " .بالتنوين " ،جاء محمدن " بالنون ،وهكذا إذ األصل في االسم املنون أن يكتب بنون داللة على تنوينه .فنقول في " جاء
بقية عالمات اإلعراب األصلية .غير أن النحاة عدلوا عن إثبات نون التنوين حتى ال تختلط مع األنواع األخرى للنون سواء أكانت
أصلية في الكلمة ،أم زائدة ،وجعلوا بدال منها حركة إعراب أخرى إلى جانب الحركة األصلية ،وهي الضمة ،أو الفتحة ،أو
الكسرة .بهذا ندرك أن التنوين عبارة عن نون ساكنة زائدة تكون في آخر االسم لفظا ال خطا ،وال وقفا .بدليل حذفها عند
اإلضافة كنوني املثنى ،وجمع املذكر السالم ،إال أن األخيرتين تلحقان االسم املثنى ،واملجموع جمعا ساملا لفظا وخطا.
االسم النكرة واالسم املعرفة. ب-
ينقسم االسم إلى نكرة ،ومعرفة .فالنكرة :هو كل اسم ليس له داللة معينة ،ويقبل "أل" التعريف ،أو ما كان بمعنى ما
يقبلها مثال ما يقبلها :رجل ،منزل ،حصان ،طالب ،غالم ...إلخ .فإذا عرفنا األسماء السابقة بأل قلنا :الرجل ،املنزل ،الحصان،
الطالب ،الغالم .ومثال ما يكون من األسماء بمعنى ما يقبل أل التعريف :كلمة " ذو " بمعنى صاحب ،فهي نكرة ألنها تحل محل
نكرة وهي كلمة " صاحب " .نقول :جاء ذو علم .أي صاحب علم ،ولكن كلمة صاحب تقبل دخول " أل " التعريف عليها كغيرها
من األسماء النكرة ،في حين أن " ذو " وإن كانت بمعناها فال تقبل دخول أل التعريف عليها ،ولكنها في الحقيقة نكرة ،ألن كل من
الكلمتين يحل محل اآلخر.
ومن األسماء النكرة التي ال تقبل أل التعريف أيضا كلمة " أحد " التي همزتها أصلية ،أي غير منقلبة عن "واو" ،وتعني
"إنسان" ،وال تستعمل إال بعد نفي .نحو :ما رأيت أحدا .ولم يدخلها أحد .ومنه قوله تعالى{ :وما هم بضارين به من أحد إال بإذن
هللا} .وقوله تعالى{ :ال نفرق بين أحد منهم} .ومن الكلمات النكرة التي ال تقبل أل التعريف " عريب " ،و" َّديار " وهما بمعنى " أحد
" أيضا .تقول العرب :ما في البيت عريب أو َّديار .أي :ما في البيت أحد .فاأللفاظ الثالث كلها بمعنى واحد ،وهي نكرات موغلة في
اإلبهام ،وال تدخلها أل التعريف ،ولكنها تحل محل نكرات ،تخلها أل التعريف كاإلنسان ،أو ما يحل محلها .ومن الكلمات النكرة
التي ال تقبل أل التعريف أيضا كلمة غير ،وإن دخلت عليها فال تفيدها التعريف ،كما أن اإلضافة ال تفيدها إال التخصيص ،ألنها
كغيرها من النكرات املوغلة في اإلبهام فال تستفيد من اإلضافة تعريفا.
أما االسم املعرفة :فهو كل اسم له داللة معينة .وقد حصره النحاة في سبعة أنواع هي:
1ـ العلم نحو :محمد ،إبراهيم ،أحمدّ ،
علي ،فاطمة ،مكة ...إلخ.
2ـ الضمير نحو :أنا ،أنت ،هو ،هما ،هم ،إياك ...إلخ.
3ـ املعرف باأللف والالم "أل" التعريف .نحو :الرجل ،الكتاب ،املنزل.
4ـ اسم اإلشارة .نحو :هذا ،هذه ،هذان ،هؤالء ...إلخ.
5ـ االسم املوصول ،نحو :الذي ،التي ،اللذان ،الذين ...إلخ.
6ـ املضاف إلى املعرف .نحو :كتاب القواعد ،باب املنزل ،طالب املدرسة.
7ـ النكرة املقصودة ،وهي نوع من أنواع النداء ،إذا كنت تنادي واحدا معينا ،تقصده بالنداء دون غيره .نحو :يا معلم
ارع تالميذك .يا طبيب ال تهمل املرض ى .فكلمة "معلم ،وطبيب" كل منهما نكرتان ،ألنهما ال يدالن على معين ،ولكن عند النداء
صارت كل منها معرفة بسبب القصد الذي يفيد التعيين ،ألن املعرفة هي ما دلت على معين.
وكل مميزات التعريف هذه سنناقش أغراضها عند الحديث عن تعريف املسند إليه في باب حديثنا عن عملية التركيب، ّ
العنصر الرابع من عناصر الجملة العربية.
ّ
وتتعدد استعماالت اللغة العربية للكلمات حيث تزاوج في االستعمال بين االسمية والفعلية والحرفية في التركيب اللغوي
الواحد .وهنالك فرق كبير بين استعمال االسمية وغرضه واستعمال الفعلية وغرضه .ولكي نشرح أكثر الفروق بين الفعلية
َ َ ْ َ ُُ ْ َْ َ ً َ ُ ْ ُ ُ ٌ َ ُ َ ُُّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ّ
الش َمال َو َك ْل ُب ُه ْم َب ٌ َ ْ َ
اسط ِذ َراع ْي ِه ِبالو ِص ِ
يد ِ واالسمية نستشهد بقوله تعالى{ :وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونق ِلبهم ذات الي ِم ِين وذات ِ ِ
َ َُ ْ َ
ت م ْن ُه ْم ُر ْع ًبا}34. َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ ْ ْ
ل ِو اطلعت عل ْي ِهم لوليت ِمن ُهم ِف َر ًارا ومل ِلئ ِ
ّ وما يهمنا في هذه اآلية هي التعبير عن وضعين وحالتين مختلفتين ،وهما التقليب والبسط .حيث ّ
عبر عن األول بكلمة (نقلبهم)
ّ ّ وعبر عن الثاني بكلمة (باسط) .وهنالك غرض داللي ّ ّ
أن (نقلبهم) جاءت بالفعلية أي مرتبطة بالزمن محدد يراد به من ذلك حيث
فمن املالحظات التي يمكن تقديمها بعد تحليل الجذر الثالثي (رحم) وتحوله إلى رحمن ورحيم .هي املعنى األولي واملعاني
ّ ّ ّ
العربية بعد التصريف .فرحم كلمة دالة على الرقة والعطف والرأفة 39.لتتخذ بعد ذلك صيغة رحمن وهي صيغة مألوفة في اللغة
عند قياسها على كلمات أخرى من مثل:
شعبان شعب
الداللة على المثنى
قومان قوم
ّ
املخططين نالحظ ّ
بأن داللة (فعالن) هي التعبير عن االمتالء التام أو الفراغ التام بحسب الجذر الذي من خالل هذين
تدل على املثنى .ومن ّثمة ف ـ (رحمن) دالة على االمتالء التام
اشتقت منه إذا كان فعال .بينما إذا اشتقت فعالن من اسم فهي ّ
بالرحمةّ ،
ألنها من فعل (رحم).
ّأما رحيم فهو على وزن فعيل ،وهي إحدى الصيغ الدالة على ّ
تكرر الفعل .وهو ما يجعل قراءة الكلمتين على منبع الرحمة
بالنسبة لكلمة (رحمن)ّ ،
وتكرر فعل الرحمة في العباد من ذلك املنبع بالنسبة لكلمة (رحيم).
وكمثال آخر لداللة الصيغة الصرفية نالحظ استعمال كلمة (رواعد) في قول الشاعر لبيد بن ربيعة:
وصاب َهاُ .......... َ
رزق ْت مر َ
ابيع ُّ
ُ
فرهامها40. جو ُد َها
الرواعد ْ
ِ ودق النجوم َ
ِ
فالكلمة جاءت على وزن (فواعل) وهي دالة على جمع الجمع من (رعد) (رعود) والغرض البالغي من ذلك هو التعبير عن
تتابع الرعود واستمرارها بين الليل والغد والعشية .وتغير حالة املطر بين الغزارة (جودها) والخفة (رهامها) وذلك ما ّ
عبر عنه
وجاء ذكره في البيت املوالي :م ْن ُك ّل َسارَية َو َغاد ُم ْدجن َ ...و َعش ّية ُم َت َجاوب ْإر َز ُ
ام َها41.
ِ ِ ِ ِ ِ
39عجم مقاييس اللغة أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي ،أبو الحسين تحقيق عبد السالم محمد هارون دار الفكر: 1399هـ 1979-م ج 2ص.498
الز ْو َزني ،أبو عبد هللا تحيق دار احياء التراث العربي الطبعة األولى 1423هـ 2002 -م" ص172
40شرح املعلقات السبع حسين بن أحمد بن حسين َّ
42ينظر شرحان على مراح األرواح في علم الصرف شمس الدين أحمد شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر الطبعة الثالثة 1379هـ 1959 -م.
43البيت ينسب إلى رؤبة بن العجاج
44ينظر مقال للدكتورة سعاد بسناس ي مصطلح النبر في الدرس اللساني العربي بين املوجود واملفقود http://www.webreview.dz
{دابة} أي عند االنتقال من حرف مد إلى الحرف األول َّ
{الحاقة}َّ ، النبر يكون في بعض املواضع في تالوة القرآن الكريم مثل:
ً ً ّ
املشدد ،فإذا نظرنا إلى قوله تعالى{ :فإذا جاءت الصاخة} نجد لهذا النبر على حرف "الخاء" تأثيرا دالليا يفيد اإلحساس بصوت
ّ
الصاخة التي تصم اآلذان لشدتها ،وبذلك يكون للنبر وظيفة معنوية مهمة ال تتحقق إال بواسطته.
َ ومن مواضع النبر في القرآن الكريم عند النطق بواو مشددة قبلها مفتوح أو مضموم نحو ُ
{الق َّوة}{ ،ق َّوامين} .وإذا نظرنا إلى
َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َّ َ ّ َ ً َ َ َّ ّ َ ُ ْ َ َ
اب} فالنبر على حرف الواو في كلمة قوله تعالى {ولو يرى ال ِذين ظلموا ِإذ يرون العذاب أن القوة ّلل ج ِميعا وأن َّللا ش ِديد الع ِ
ذ
ن ّ ّ ُ
{الق َّوة} له تعبير داللي للتأكيد على أن القوة ّلل وحده ،ال سيما واآلية تتحدث عن اتخاذ األنداد من دو َّللا ،فكان البد من
ّ
باّلل تبارك وتعالى45. التأكيد على {القوة} التي تليق
ً ً ً
.2التنغيم :نغمة الصوت هي إحدى صفاته ،وكثيرا ما تكون عامال مهما في أداء املعنى ،وتتوقف النغمة على عدد ذبذبات
األوتار الصوتية في الثانية ،وهذا العدد يعتمد على درجة توتر األوتار الصوتية ،وللنغمة أربعة مستويات وهي:
النغمة املنخفضة :وهي أدنى النغمات .وهي ما نختم به الجملة اإلخبارية عادة ،والجملة االستفهامية ،التي ال تجاب بنعم أو
ال.
النغمة العادية :وهي التي نبدأ الكالم بها ،ويستمر الكالم على مستواها من غير انفعال.
النغمة العالية :وتأتي قبل نهاية الكالم متبوعة بنغمة منخفضة أو عالية مثلها.
النغمة فوق العالية :التي تأتي مع االنفعال أو التعجب أو األمر.
يتجسد فيها التنغيم بمختلف مستوياته سالفة الذكر. ّ وهذه بعض الشواهد من النص القرآني التي
َ َ ْ َ ُ َ ََ ْ ُ َ َ َ ُ َ َ ََ ْ َ َ ْ َ
ض َحكون َوال ت ْبكون} َ{وأ ُنت ْم َس ِام ُدون} أما قولهيث تعجبون} {وت النغمة املنخفضة .نحو قوله تعالى{ :أف ِمن هذا الح ِد ِ
َ{ف ْ
اس ُج ُدوا ّّلل َو ْ
اع ُب ُدوا} فهي نغمة فوق عالية ألنها جاءت بصيغة األمر46.
ّ
45ينظر فيما يتعلق بالنبر والتنغيم املوقع االلكترونيhttp://www.drwaleedmokpl.com :
46ينظر املوقع االلكترونيhttp://www.drwaleedmokpl.com/t344-topic :
47ينظر معاني النحو ص.13
.3أحوال الجملة باإلسناد:48
✓ االبتداء :الجملة تلقى إلى شخص خال الذهن من كل حدث.
✓ التوكيد :بعد رفض اإلخبار األولي يعتمد على التوكيد.
✓ اإلنكار :يعتمد فيه على القسم والتوكيد.
ْ ْ َ ْ َ ُْ ُ َ ْ َ ْ ْ َ ُ ْ َ ًَ َ ْ َ َ ْ َ
اب الق ْرَي ِة ِإذ َج َاء َها امل ْر َسلون)ِ (13إذ أ ْر َسل َنا ِإل ْي ِه ُم اث َن ْي ِناملوضح لذلك قوله تعالى{ :واض ِرب لهم مثال أصح ّ واملثال
َ ُ َ َ ْ ُ ْ َّ َ َ ٌ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َل َّ ْ ََٰ ُ ْ َ ْ ْ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ ُ نَ َ َ ُ َّ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ُ نَ َ َ َّ ُ ُ َ َ َ َّ ْ َ َ
فكذبوهما فعززنا ِبث ِالث فقالوا ِإنا ِإليكم مرسلو ) (14قالوا ما أنتم ِإال بشر ِمثلنا وما أنز الرحمن ِمن ش يء ِإن أنتم ِإال تك ِذبو
ّ َ ُ َُ ُ َ َ َ ُ
)(15قالوا َرُّب َنا َي ْعل ُم ِإ َّنا ِإل ْيك ْم مل ْر َسلون) 49.} (16فجاء اإلخبار على الشكل اآلتي :نحن رسل ربكنا إليكم (ابتدائي) /إنا إليكم
ّ
مرسلون (طلبي) /إنا إليكم ملرسلون (إنكاري).
.4أحوال املسند إليه:
ذكرت وقدمت البالغة العربية ّ
بشقها املعروف بعلم املعاني .مجموعة هائلة من ميزات أحوال اإلسناد وأغراضه .وسنتتبع
تلك املالمح بالتطبيق على الجملة اآلتية (البحر جميل) .وأحوال اإلسناد والركيب هي:
أ -الحذف :ويحذف املسند عليه في الجملة السابقة في قولنا( :جميل) أي حذف كلمة (البحر) من التركيب .وذلك لوجود
اك َما ِه َي ْه، قرينة تستدعي الحذف .وقد تكون السؤال املسبق (كيف حال البحر) فنقول (جميل) .وفي قوله تعالى{َ :و َما َأ ْد َ َ
ر
َ
ن ٌار َح ِام َية}.
ب -الذكر :وهو األصل في الكالم لتفادي إي التباس قد يحدث من عدم الفهم .وذلك مراعاة لحال املتلقي ومستوياته في الفهم.
عدة طرق ،بحسب ما قيل من قبل في تعريف االسم .ولذلك يمكن تعريف مثال ب ـ ــ: ج -تعريفه :وتعريف املسند إليه له ّ
ّ ❖ اإلضمار :ذلك ّ
ألن مقام الخطاب يتطلب ذلك كيف ذلك؟ في الجملة السابقة نحاول استبدال كلمة (البحر) بكلمة
للمتكلم سيقول( :أنا جميل) وبذلك ّ ّ
عرف املسند أخرى هي اسم شخص مثال (محمد) .فإذا كان مقام الخطاب
إليه بالضمير (أنا).
َْ ْ ُ ّ
{ع ِدلوا ُه َو أق َر ُب وإذا املقام للمتكلم (أنت جميل) .وإذا كان للضمير الثالث (هو جميل) .مثلما هو في قوله تعالى:
ِل َّلت ْق َوى}.
❖ العلمية :املقصود بالعلمية تعريفه باسم العلم .والغرض من ذلك إحضاره بعينه في ذهن املتلقي كالقول :محمد
جميل.
معرفا باسم املوصول كالقول :الذي معنا جميل .وذلك ❖ املوصولية :املقصود باملوصولية أن يكون املسند إليهّ ،
ْ َّ
مثال في عدم معرفتنا بشخص املسند إليه .أو لزيادة التقرير مثلما جاء في قوله تعالىَ { :و َر َاو َدت ُه ال ِتي ُه َو ِفي َب ْي ِت َها َع ْن
الظاملُو َن } 50.هي ّ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ ّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ُ َ ُ ْ ُ َّ
عرف َّللا ِإنه رِبي أحسن مثواي ِإنه ال يف ِلح ِ نف ِس ِه وغلق ِت األبواب وقالت هيت لك ۚ قال معاذ ِ
ّ 48ينظر ّ
كل املعطيات املتعلقة بعملية اإلسناد اإليضاح في علوم البالغة محمد بن عبد الرحمن بن عمر أبو املعالي جالل الدين القزويني الشافعي املعروف بخطيب دمشق
تحقيق محمد عبد املنعم خفاجي دار الجيل بيروت الطبعة الثالثة .وينظر شرح عقود الجمان في علم املعاني والبيان جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تحقيق
ان في ع ْلم ْاملَ َعاني َو ْال َب َي ْ
ان عبد الرحمن بن أبي بكر جالل الدين السيوطي الج َم ْ
ود ُد .إبراهيم الحمداني -د .أمين دار الحبار الكتب العلمية الطبعة األولى 2011-مـ .وينظر ُع ُق ُ
ِ ِ ِ
تحقيق عبد الحميد ضحا دار اإلمام مسلم للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة الطبعة األولى 1433هـ 2012-م.
49سورة يس .16/15/14/13
50سورة يوسف .23
اسمها وهي زليخة أو راعيل باسم املوصول (التي) لزيادة تقرير فعل املراودة ،كونه في بيتها .وكقول الشاعر عبدة
الطبيب:
إن الذين ترونهم إخوانكم ...يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا.
في هذا البيت جاء التعريف باسم املوصول (الذين) والسبب هو ضيق املقام حيث ال يمكن تسمية كل واحد
املتحد ِث عنهم إخوانهم. َّ باسمه ،ضف إلى ذلك تنبيه املخاطب إلى كون
ين}51. َ ُ ُ
ون َع ْن ع َب َادتي َس َي ْدخلون َج َه َّن َم َداخر َ ْ
ين َي ْس َتكب ُر َ ال َرُّب ُك ُم ْاد ُعوني َأ ْس َتج ْب َلك ْم ۚ إ َّن الذ َ
َّ ُ وفي قوله تعالى{َ :و َق َ
ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ِ
في هذه اآلية تعريف آخر للمسند إليه باملوصولية والغرض البالغي من ذلك هو تخصيص جهنم بفعل االستكبار.
وفي قول الفرزدق:
ْ َ ُ َ َ ً ْ َ َ إن الذي َس َم َك ّ ّ
ماء َبنى لنا َبيتا ،دعا ِئ ُمه أع ُّز َوأط َو ُل. الس َ
والغرض من تعريف املسند إليه باملوصولية (الذي سمك) هو التعظيم من شأنه .كونه سمك السماء .وهو أمر
عظيم.
يعوض البحر ب ـ (هذا) :هذا جميل .والغرض من عدة ففي مثالنا األول ّ يعرف املسند إليه باإلشارة ألغراض ّ ❖ اإلشارةّ :
ََٰ َ ْ َ ُ َ
اب ال َرْي َب ۛ ِف ِيه ۛ ُه ًدى ذلك إحضاره في ذهن املتلقي .ويتضح تعريف املسند إليه باإلشارة في قوله تعالى{ :ذ ِلك ال ِكت
قوة البيان في التعبير عن بعد الكتاب عن قدرة البشر. ل ْل ُم َّتق َين} 52.حيث نالحظ ّ
ِ ِ
صورة أخرى من صور تعريف املسند إليه باإلشارة تلك املوجودة في قوله تعالى{ُ :أ ََٰولئ َك َع َل َٰى ُه ًدى م ْن َ ّبه ْم َو ُأ ََٰولئكَ
ِ ِ ِر ِ ِ
َ ُْ
ُه ُم امل ْف ِل ُحون} 53.فقد أفاد اسم اإلشارة زيادة الداللة على املقصود من اختصاص املذكورين قبله باستحقاق
الهدى من ربهم والفالح.
ومن أمثلة اإلشارة كذلك قول ابن الرومي مادحا وزير املعتمد:
فردا في محاسنه.....من نسل شيبان بن الضال والسلم. هذا أبو الصقر ً
حيث استعمل اإلشارة للممدوح زيادة في قيمته.
❖ باأللف والالم :والغرض من تعريف املسند إليه باأللف والالم هو اإلشارة إلى ش يء معهود في ذهن املتلقي كقوله
َ َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ
س الذك ُر كاألنث َٰى } 54.بمعنى ليس الذكر الذي يتمناه الناس كاألنثى التي وهبت ملا لها من شأن في مستقبل تعالى{ :ولي
الزمن.
َ َ َ َ ُ ْ
اجة كأ َّن َها ك ْوك ٌب ُد ّ ِر ٌّي} 55.فكلمتا (مصباح/زجاجة) جاءتا الز َج َ اجة ُّ اح في ُز َج َ َْ ُ َ َْ ٌ
وفي قوله تعالىِ { :فيها ِمصباح ِاملصب ِ
ّ ثم جاءتا ّ نكرة في االستعمال األول ّ
معرفتين وذلك لعهديتهما داخل السياق اللغوي.
الد ِار ْأم ألت َ ْس َم ّ يعرف املسند إليه لغرض االختصار كقول حسان بن ثابت في قصيدته َ َ ❖ باإلضافة :غالبا ما ّ
أس ر
ُ
مارَية َ ُ ْ ْ ْ َ ْ ُ ََْ َْ َ ْ
فض ِل.الكريم ،امل ِ ِ قبر ِأب ِيهم قب ِر اب ِن ِ لم تس ِأل :أوالد جفنة َ حول ِ
كل األوالد ألن مقام الكالم يقتض ي االختصار فال يمكن ذكر ّ عرف املسند إليه باإلضافة (أوالد جفنة) وذلك ّ فقد ّ
كل واحد باسمه. ّ
ْ وقد تستعمل اإلضافة لغرض نسبة الش يء لصاحبه كقول الشاعر َو َق َ
ال َج ْع َفر بن علبة ال َح ِارِث ّي:
51سورة غافر.60
52سورة البقرة.2
53سورة لقمان.5
54سورة آل عمران.36
55سورة النور.35
َّ
هواي َم َع الركب اليمانين مصعد ...جنيب وجثماني ِب َمكة موثق.
حيث نسب الهوى (هوى أنا) لنفسه وهو أدق في التعبير.