You are on page 1of 17

‫تمهيد‪:‬‬

‫تتميز اللغة العربية بمالمح كثيرة‪ ،‬األمر الذي يجعل من دارسها متشعبا متوسعا في معطياتها‪ .‬و ّأول ش يء يمكن الحديث‬ ‫ّ‬
‫عنه‪ ،‬واإلشارة إليه‪ ،‬في ّ‬
‫ظل دراستنا ملادة التطبيق املنهجي للغة العربية‪ ،‬هو تحديد العناصر العامة‪ ،‬والكلية املميزة للغة العربية‪،‬‬
‫واملكونة لجملها أو ما يعرف في الدراسة اللسانية بعناصر الجملة العربية‪ ،‬والتي على أساسها سنسير في معرفتنا ّ‬
‫ألهم مميزات‬
‫هذه اللغة التي هي لغة القرآن الكريم‪.‬‬
‫وعناصر الجملة العربية مثلما ّ‬
‫قسمها علماؤها‪ ،‬ومن بينهم األستاذ الدكتور فاضل صالح السامرائي في كتابه معاني‬
‫النحو‪ 1.‬هي ستة عناصر جاء‪ ،‬ترتيبها في درسنا هذا على الشكل اآلتي‪:‬‬
‫‪ .i‬الكلمة املفردة‬
‫‪ .ii‬الصيغة الصرفية‬
‫‪ .iii‬النغمة الصوتية‬
‫‪ .iv‬التأليف جزئي ‪/‬كلي‬
‫‪ .v‬اإلعراب‬
‫‪ .vi‬التطور الداللي تاريخيا‬
‫‪ .i‬الكلمة املفردة‪:‬‬
‫‪ .1‬كيفية تشكيلها‪:‬‬
‫تتكون الكلمة املفردة من مجموعة أصوات وتنطلق في تكوينها من صوتين فأكثر وبالنسبة للغة العربية فأصواتها املتعارف‬
‫عليها ‪ 28‬صوتا يتم تصنيفها وترتيبها على أوجه ثالثة‪:‬‬
‫✓ التصنيف األلفبائي‪ :‬أ ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ض ط ظ ع غ ف ق ك ل م ن ه و ي‪.‬‬
‫✓ التصنيف األبجدي‪ :‬أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ‪.‬‬
‫✓ التصنيف الصوتي‪ :‬ع ح ه غ خ ق ك ح ش ض ص س ز ط ت د ظ ذ ث ر ل ن ف ب م وي أ‪.‬‬
‫وتصنيفها حسب املخرج كاآلتي‪:‬‬
‫حلقية‬ ‫ع‪/‬ح‪/‬ه‪/‬خ‪/‬غ‬
‫لهوية‬ ‫ق‪/‬ك‬
‫شجرية‬ ‫ش‪/‬ج‪/‬ض‬
‫أسلية‬ ‫ص‪/‬س‪/‬ز‬
‫نطعية‬ ‫ط‪/‬د‪/‬ت‬
‫لثويه‬ ‫ظ‪/‬ذ‪/‬ث‬
‫ذلقية‬ ‫ر‪/‬ل‪/‬ن‬
‫شفوية‬ ‫ف‪/‬ب‪/‬م‬
‫هوائية‬ ‫و‪/‬ا‪/‬ي‪/‬ء‬

‫‪ 1‬ينظر معاني النحو أ‪.‬د‪ .‬فاضل صالح السامرائي شركة العاتك القاهرة ج‪ 1‬ص‪,11‬‬
‫والش يء املالحظ على تصنيف الخليل هو جعل الهمزة لهوية وهي حلقية‪ .‬وجعل الهاء حلقية وهي حرف لهوي إلى أقص ى‬
‫درجة‪.‬‬
‫يتم تركيب الكلمات من هذه األصوات وتشكيلها فيما بينها بتقليبها أو بإبدالها‪.‬‬
‫أ‪ -‬التقليب‪:‬‬
‫التقليب عملية لتشكيل األصوات فيما بينها تشكيال ثنائيا فثالثيا فرباعيا فخماسيا‪ .‬فمثال بالرجوع إلى التصنيف‬
‫الصوتي الذي وضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ 2‬نجد التشكيل بتقليب األصوات يبتدأ بصوتي العين والقاف (عق‪/‬قع) أول‬
‫كلمتان وضعهما الخليل في كتابه العين مستعملتان غير مهملتين في اللغة العربية‪ .‬وابتدأ بهذين الصوتين الستحالة تشكيل‬
‫كلمات غير مهملة أي مستعملة في اللغة العربية من األصوات السابقة كتشكيل عح‪/‬حع فهما غير مستعملتان في اللسان العربي‬
‫كذلك عخ‪/‬خع وغيرها بينما ابتدأ ابن منظور في معجمه لسان العرب بالتشكيل أبأ ثم أتأ وهكذا‪.‬‬
‫وقع والكلمتان مستعملتان في اللغة العربية ومعناهما بحسب الخليل‪:3‬‬ ‫عق ّ‬‫وفي تشكيل العين مع القاف كلمتان هما ّ‬
‫عق الرجل عن اب ِنه ي ِع ُّق إذا حلق عقيقته وذبح عنه شاة وتسمى الشاة التي تذبح لذلك‪.‬‬
‫"العرب تقول‪َّ :‬‬
‫الحامل إذا ْ‬
‫نبتت العقيقة على ولدها في بطنها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويقال‪َّ :‬‬
‫أعق ِت‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ً ٌّ ّ‬
‫ُ‬
‫وتأكله العجوز‪ .‬وهي من‬ ‫هش ِل ٌين رخو املضغة‪ .‬ت ْعل ُفه الناقة العقوق إلطافا لها فلذلك أضيف إليها‪،‬‬ ‫ونوى العقوق‪ :‬نوى‬
‫ُ‬ ‫تعرفه األعراب في بواديها‪ .‬وعقيقة َ‬
‫الب ْرق‪ :‬ما يبقى في َّ‬ ‫ُ‬
‫السحاب من شعاعه‪ .‬وجمعه العقا ِئق‪ ،‬قال عمرو بن‬ ‫كالم أهل البصرة‪ ،‬وال‬
‫ُ‬
‫الخط ّي ل ْدن ‪...‬وبيض كالعقائق َي َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫كلثوم‪ُ :‬‬
‫ختلينا‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫بسمر من قنا‬
‫ْ َ َّ ُ‬
‫الغ ُ‬ ‫تسرب في َّ‬ ‫وانعق البر ُق إذا َّ‬
‫بار‪ :‬إذا سطع‪.‬‬ ‫السحاب‪ ،‬وانعق‬
‫واحد‪ ،‬يقال‪َ :‬ع َّق ثوبه إذا َّ‬
‫الشق والقطع ٌ‬ ‫َّ ّ‬ ‫ُُ ُ‬ ‫وأصل ّ َّ ُّ‬
‫شقه‪َ .‬ع َّق‬ ‫دين وهو ُ‬
‫قطعهما‪ ،‬ألن‬ ‫ْ‬
‫العق الشق‪ .‬وأليه يرجع عقوق ِ‬
‫الوال ِ‬ ‫ِ‬
‫َ ُ ُّ ُ َ ّ ً ُ ُ ً‬
‫والديه يعقهما عقا وعقوقا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ ٌ‬
‫قيقة‪ .‬والعقيق واد بالحجاز َّ‬ ‫ُ‬ ‫أحمر ُي ْن ُ‬
‫كأنه ُع َّق أي ش َّق‪ ،‬غلبت عليه‬ ‫ظم ُوي َّتخذ منه الفصوص‪ ،‬الواحدة ع‬ ‫والعقيق‪ :‬خرز ُ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫وجمعه‬ ‫والع ْق َع ُق‪ :‬طائر طويل الذيل أبلق ُي َع ْق ِع ُق بصوته‬
‫بع ْينه‪َ .‬‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫الصفة غلبة االسم ِولزمته األلف والالم كأنه ج ِعل الش يء ِ‬
‫ّ‬
‫ِ‬
‫عقاعق‪.‬‬
‫والق ْع َق ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫إقعاعا‪ :‬أذا حضروا ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫غليظ‪ُ ،‬ويجمع أ ِق َّعة‪َّ .‬‬ ‫الق ُ‬
‫عاع‪ٌ :‬‬
‫ماء ٌ‬ ‫قع‪ُ :‬‬
‫اع‪ :‬الطريق من اليمامة‬ ‫فوقعوا على قعاع‬ ‫القوم‬ ‫وأقع‬ ‫مر‬
‫ُ ّ‬ ‫والحل ّي ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ َ‬
‫والجلود اليابسة والخطاف والبكرة أو نحو ذلك‪ ،‬قال النابغة‪:‬‬ ‫إلى الكوفة‪ .‬والقعقعة‪ :‬حكاية صوت (السالح وال ِت َرسة) ِ‬
‫َ ْ ّ‬ ‫ُي َس َّه ُد من نوم ال ِع َشاء َس ُ‬
‫النساء في يديه قعاقع‪.‬‬ ‫ليمها‪...........‬لحلي ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ً‬ ‫ورجل ُق ْع ٌ‬
‫ضرب من الحجارة ترمى بها النخل َلت ْنث َر من تمرها‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ملفاص ِل رجليه تق ْع ُقعا‪ .‬والقعاقع‪:‬‬ ‫َ ْ‬
‫قعاني‪ :‬إذا مش ى س ِمعت ِ‬
‫ً‬
‫عظاما َي َت َق ْع َق ُع من هزاله‪ُ ُ َّ .‬‬
‫قعق ُع بصوته‪.‬‬‫والرعد ي ِ‬ ‫ويقال للمهزول قد صار‬

‫‪ 2‬ينظر العين أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري تحقيق د مهدي املخزومي‪ ،‬د إبراهيم السامرائي دار ومكتبة الهالل‪.‬‬
‫‪ 3‬ينظر العين باب العين‪.‬‬
‫وهذه مجموعة من األمثلة التي قدمها الخليل‪ 4‬في التشكيل الذي ينطلق من ثالثة أصوات‪:‬‬
‫تشكيل كلمات من األصوات (ك‪/‬ت‪/‬ب) مع مراعات األسبقية في املخرج فكانت ست كلمات أربع منها مستعملة واثنان‬
‫مهملتان‪:‬‬
‫جمع ش يء إلى ش يء‬ ‫كتب‬
‫اإلذالل والصرف عن الش يء‬ ‫كبت‬
‫مهملة‬ ‫تكب‬
‫ك‪/‬ت‪/‬ب‬
‫مهملة‬ ‫تبك‬
‫الغلبة بالحجة‬ ‫بكت‬
‫القطع عن طريق النتف‬ ‫بتك‬

‫االصوات (ق‪/‬ل‪/‬م) ست كلمات كلها مستعملة‪:‬‬


‫تسوية ش يء ببريه وإصالحه‬ ‫قلم‬
‫حقارة وقماءة رجل قملي حقير‬ ‫قمل‬
‫تناول الطعام باليد إلى الفم‬ ‫لقم‬
‫ق‪/‬ل‪/‬م‬
‫ملقه بيده ضربه‬ ‫ملق‬
‫ّ‬
‫تجرد في الش يء ولين‬ ‫مقل‬
‫مقلة العين ناظرها‬ ‫ملق‬

‫ّ‬
‫األصوات (ج‪/‬ر‪/‬م) ست كلمات كلها مستعملة‪:‬‬
‫القطع واالنفصال‬ ‫جرم‬
‫التجمع واالجتماع‬ ‫جمر‬
‫الرمي فيه إصابة دون تحديد‬ ‫رجم‬
‫ج‪/‬ر‪/‬م‬
‫فساد‬ ‫رمج‬
‫الدهم الكثير‪/‬بيع الش يء في البطن‬ ‫مجر‬
‫مجيء وذهاب واضطراب‬ ‫مرج‬

‫من أمثلة التشكيل الرباعي والذي يكون عدد املهمل فيه كبير التشكيل القائم بين األصوات (س‪/‬ط‪/‬ر‪/‬م) حيث يستخرج‬
‫منه ‪ 24‬تقليبا صوتيا كاآلتي‪:‬‬

‫‪ 4‬ينظر معجم العين باب الكاف‪/‬القاف‪/‬الجيم‪.‬‬


‫مهمل‬ ‫سطرم‬
‫مهمل‬ ‫سطمر‬
‫واسع الحلق‪ /‬البين من القول ومن الرجال‬ ‫سرطم‬
‫الطويل من اإلبل‬ ‫سرمط‬
‫مهمل‬ ‫سمطر‬
‫مهمل‬ ‫سمرط‬
‫مهمل‬ ‫طسرم‬
‫مهمل‬ ‫طسمر‬
‫مهمل‬ ‫طرسم‬
‫االنقباض والنكوص‬ ‫طرمس‬
‫مهمل‬ ‫طمسر‬
‫اللئيم الدنيء‬ ‫طمرس‬
‫س‪/‬ط‪/‬ر‪/‬م‬
‫مهمل‬ ‫رطسم‬
‫مهمل‬ ‫رطمس‬
‫مهمل‬ ‫رسطم‬
‫مهمل‬ ‫رسمط‬
‫مهمل‬ ‫رمطس‬
‫مهمل‬ ‫رمسط‬
‫مهمل‬ ‫مطسر‬
‫مستعملة حديثا ترجمة ‪matrix‬‬ ‫مطرس‬
‫تسطير تخطيط‬ ‫مسطر‬
‫مكان االبتالع املباشر‬ ‫مسرط‬
‫مهمل‬ ‫مرطس‬
‫مهمل‬ ‫مرسط‬
‫ّ‬
‫ّأما عن التشكيل الخماس ي فتقليباته الصوتية كثيرة جدا‪ .‬وهنالك مالحظة قدمها الخليل فيما يخص طبيعة التركيب‬
‫الخماس ي وجب اإلشارة إليها‪ .‬وهي أن الكلمة من خمسة أحرف وجب أن تتضمن واحد أو اثنين من الحروف الذلق‬
‫(ر‪/‬ل‪/‬ن‪/‬ف‪/‬ب‪/‬م) فإذا كانت الكلمة رباعية أو خماسية وليس فيها حرف ذلق فهي ليست عربية‪ .‬ومن أمثلة الخماس ي (عفنقس‪/‬‬
‫واله َب ْن َق َع ُة‪ :‬املَ ْز ُه ُّو األحمق‪5.‬‬
‫اله َب ْن َق ُع َ‬
‫عقنفس) وهو الذي ساء خلقه بعد ما كان حسنه‪ .‬هبنقع‪َ :‬‬

‫ولعملية التقليب هذه دورها في تحديد داللة بعض الكلمات التي تشترك في األصوات نفسها مثلما هو الحال مثال في‬
‫كلمتي (حمد‪/‬مدح) حيث الحمد هو إظهار للنعم‪ ،‬بينما املدح هو إظهار للمحاسن والكلمتان تشتركان في داللة اإلظهار‪.‬‬

‫‪ 5‬ينظر العين ج‪ 2‬ص‪.345‬‬


‫ّ‬
‫كذلك هنالك عالقة بين كلمتي (قطف‪/‬طفق) حيث يمكن أن تتدخل الكلمة األولى في تفسير معنى الكلمة الثانية حيث‬
‫أن الكلمتان تستعمالن للداللة على مفهوم النزع من الشجر لكن القطف هو الذي ينزع بالواحدة وبهدوء‪ ،‬بينما الطفق هو النزع‬
‫بالكثرة وبسرعة وبلهفة‪.‬‬
‫ب‪ -‬التبديل‪:‬‬
‫هي عملية تبديل صوت بصوت آخر في تشكيالت صوتية متعددة‪ .‬أي أن تنزع صوتا من كلمة وتقيم مكانه صوتا آخر‬
‫مد‪/‬مط) حيث ابدلت الدال طاء والدال أسبق من الطاء من حيث املخرج‪ ،‬وهذا ما له تأثيره على‬ ‫مثلما هو الحال مع كلمتي ( ّ‬
‫ّ ّ‬ ‫املد‪ ،‬أي ّ‬
‫إال إذا قمنا بفعل ّ‬ ‫ّ ّ‬
‫ثم نمطه‪ .‬وأمثلة هذ الظاهرة الصوتية كثيرة في‬ ‫نمد الش يء‬ ‫املعنى حيث ال يمكن القيام بفعل املط‬
‫اللغة العربية‪ ،‬ويمكن االعتماد عليها ملعرفة داللة عديد األلفاظ املتقاربة صوتيا‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة لتقارب الدال مع الطاء‬
‫املتعلقة بذلك‪ .‬حيث ّ‬‫ّ‬ ‫ّ‬
‫قدمت دراسة في املجال‬ ‫وسأقدم مجموعة من األمثلة‬ ‫أو شكليا كتقارب الراء مع الزاي أو الحاء مع الجيم‬
‫هي منشورة في مجلة اآلداب والحضارة اإلسالمية‪6.‬‬

‫ّ‬ ‫قوة الصوت من حيث املخرج وعالقته باملعنى‪ ،‬ظاهرة ّ‬ ‫فظاهرة ّ‬


‫خصها علماء اللغة العربية بالبحث والدرس الصوتي منذ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬
‫العرب في هذه‬ ‫ُ‬ ‫السيوطي إليها في كتابه املزهر قائال "فانظر إلى بديع مناسبة األلفاظ ملعانيها وكيف ف َاوتت‬ ‫القديم حيث أشار ّ‬
‫ّ‬ ‫واألهمس ملَا هو ْأدنى ّ‬ ‫ْ‬
‫واألخ َفى ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫وأقل وأخف‬ ‫واألسهل ْ‬ ‫األضعف فيها واأللين‬ ‫الحرف ْ‬ ‫األلفاظ امل ْقترنة املتقاربة في املعاني فجعلت‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫واملط َّ‬
‫فإن ْ‬ ‫حس ًا ومن ذلك ّ‬
‫عمال وأعظم ّ‬ ‫ى ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فع َل املط‬ ‫املد‬ ‫واألشد واألظهر واألجهر ملا هو أقو‬ ‫عمال أو صوتا وجعلت الحرف األقوى‬
‫وألف ابن ّ‬ ‫‪ّ 7‬‬ ‫َ‬ ‫وزيادة َج ْذب َ‬
‫ُ‬ ‫أقوى ألنه ٌّ‬
‫جني بابا لها في كتابه الخصائص‪" 8‬تصاقب األلفاظ‬ ‫فناسب الطاء التي هي أ ْعلى من الدال‪.‬‬ ‫مد‬
‫الشر إذا‬ ‫عدة مثل حبس الش يء وحمس ّ‬ ‫تحدث فيه عن تقارب املعاني لتقارب األلفاظ وقارن فيه بين ألفاظ ّ‬ ‫لتصاقب املعاني" ّ‬
‫كالشر يقع بينهما‪ .‬وأخذت الظاهرة مفهوم‬ ‫ّ‬ ‫وتعازا فكان ذلك‬‫اشتد‪ .‬والتقاؤهما أن الشيئين إذا حبس أحدهما صاحبه تمانعا ّ‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫اإلبدال مع الثعالبي في كتابه فقه اللغة قائال "من سنن العرب إبدال الحروف وإقامة بعضها مكان بعض في قولهم‪َ :‬م َد َح َو َم َد َه‬
‫ّ‬ ‫وخ َز َم‪ 9."...‬وأطلق آخرون‪ 10‬عليها اسم االشتقاق األكبر بما ّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫خص األلفاظ التي بينها مناسبة ومشاركة واتفاق في‬ ‫وجد وجذ وخرم‬
‫أكثر الحروف مع تقارب ما بقي في املخرج‪.‬‬
‫ّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫فهنالك عالقة بين ّ‬
‫قوة الصوت وضعفه بحسب مخرجه وتغير داللة اللفظ‪ ،‬فال يمكن الوصول مثال إلى املط إال باملرور‬
‫مطه‪ .‬لكن كيف ّ‬
‫تتحدد ّ‬ ‫ّ‬ ‫املد وهذا ما هو موجود فعليا وعمليا فيجب أن ّ‬
‫بعملية ّ‬
‫قوة الصوت؟‬ ‫نمد الش يء قبل‬
‫ترجع قوة الصوت وضعفه بالدرجة األولى إلى املتلقي بحاسة سمعه باألذن وبحساب منطقي رياض ي فالصوت األقرب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫من حيث املخرج إلى الشفتين هو األقوى ألنه األقرب مسافة إلى األذن والسمع‪ .‬وبمقارنة صوتية بين صوتين في اللغة العربية‬
‫ّ‬
‫وهما (العين وامليم) مثال يظهر مخرج امليم الشفوي أقرب مسافة إلى األذن من العين الحلقية‪ ،‬وبذلك امليم هي األقوى بمراعاة‬

‫‪ 6‬ينظر مجلة اآلداب والحضارة اإلسالمية التي تصدرها كلية اآلداب والحضارة اإلسالمية جامعة األمير عبد القادر قسنطينة مقال للدكتور عبد الغاني بن شعبان داللة‬
‫نقاط اإلعجام دراسة تطبيقية على كلمات من القرآن الكريم العدد التاسع عشر ‪2016‬م ص‪.165‬‬
‫‪7‬املزهر في علوم اللغة عبد الرحمن جالل الدين السيوطي تحقيق محمد أحمد جاد املولى بك ومحمد أبو الفضل إبراهيم وعلي محمد البجاوي دار التراث القاهرة الطبعة‬
‫الثالثة ج‪ 1‬ص‪.53‬‬
‫‪ 8‬الخصائص أبو الفتح عثمان ابن جني تحقيق محمد علي النجار املكتبة العلمية ج‪ 2‬ص‪.154‬‬
‫‪ 9‬فقه اللغة عبد امللك بن محمد بن اسماعيل أبو املنصور الثعالبي ج‪ 1‬ص‪.1338‬‬
‫‪ 10‬ينظر دستور العلماء أو جامع العلوم في اصطالحات الفنون القاض ي عبد رب النبي بن عبد رب الرسول األحمد نكري تحقيق حسن هاني فحص دار الكتب العلمية‬
‫لبنان الطبعة األولى ‪2000‬م ج‪ 1‬ص‪ .83‬وينظر كذلك النحاة والقياس صال ح الدين الزعبالوي مجلة التراث العربي مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب دمشق‬
‫العدد ‪ 32‬السنة ‪ 8‬يوليو ‪ 1988‬ص‪.551‬‬
‫متغيرة مع‬ ‫شدتها ثابتة وال ّ‬ ‫الحفاظ على نسبة إخراج صوتية واحدة أو استطالة صوت مثلما يسميها ابن جني‪ 11‬حيث تكون ّ‬
‫الصوتين‪.‬‬
‫ويفرق بينهما‬ ‫ومن أحسن األمثلة العالقة بين الدال والذال‪ ،‬حيث يوجد تقارب واضح بين الحرفين املتشابـهين كتابة ّ‬
‫بنقطة اإلعجام في لفظي (العود‪/‬العوذ)‪( ،‬عاد‪/‬عاذ)‪ .‬حيث يمكن تفسير معنى العوذ انطالقا من العود‪ ،‬فاالختالف بين الحرفين‬
‫ّ‬
‫النقطة فوق (الذال)‪ّ .‬أما صوتيا الدال حسب الخليل‪ 12‬نطعية إي مخرجها نطع الغار األعلى والذال لثوية مخرجها اللثة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وبتفصيل أكثر عند سيبويه‪ 13‬مخرج ّ‬
‫(الدال) طرف اللسان أصول الثنايا و(الذال) طرف اللسان أطراف الثنايا‪ .‬فالصوتان‬
‫(الدال) ّ‬
‫ألنها‬ ‫متقاربان من حيث مخرجهما بانتمائهما إلى حيز واحد‪ .‬لكن (الدال) أسبق مخرجا من (الذال) ف ــ(الذال) أقوى من ّ‬
‫القوة زيادة في املعنى‪.‬‬ ‫أقرب إلى الشفة واألذن وقد يلحق هذه الزيادة في ّ‬
‫اللفظين من خالل استعمالهما في سياقات لغوية مختلفة مثل استعمال(عاذ) في قول لبيد‪14:‬‬ ‫ّ‬
‫وسنطبق ما قيل على‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫أطالئها ** ُعوذا ت َّ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫أج ُل بالفض ِاء ِب َه ُامها)‬ ‫ِ‬ ‫(والعين ع ـ ـ ـ ـ ِـاكفة على‬
‫فالعوذ مثلما شرحت‪ 15‬هي حديثات النتاج أو حديثات الوالدة‪ .‬لكن ملاذا سميت حديثات الوالدة عوذا؟‬
‫اللفظ (عاذ) في القرآن الكريم فهو على صيغة (أعوذ) ّ‬ ‫ّ‬
‫وتكررت سبع مرات في قوله تعالى‪:‬‬ ‫بالرجوع إلى استعماالت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ال أعوذ باّلل أن أكون من الجاهلين}‪16.‬‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وس ى ِل َق ْوم ِه إ َّن ّللا يأم ُركم أن تذبحوا بق َرة قالوا أتت ِخذنا هزوا ق َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ال ُم َ‬‫‪{َ - 1‬وإ ْذ َق َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ين}‪17.‬‬‫س لي به ع ْل ٌم َوإ َّال َت ْغف ْرلي َو َت ْر َح ْمني َأ ُكن هم َن ْال َخاسر َ‬ ‫َ‬ ‫وذ ب َك َأ ْن َأ ْس َأ َل َك َما َليْ‬ ‫َِ َ َ ه ه َ ُ ُ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ َ ِ ًِ ِ ِ ِ‬ ‫‪{ - 2‬قال ر ِب ِإ ِن َي أع ِ‬
‫َ‬
‫ح َمن منك إن كنت تق هيا}‪18.‬‬ ‫َ‬ ‫الر ْ‬ ‫وذ ب َّ‬ ‫َ َ ْ ه ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪{ - 3‬قالت ِإ ِني أع‬
‫ض ُرون}‪19.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وذ ب َك م ْن َه َم َزات الش َياطين * َوأ ُعوذ ب َك َ هب أن َي ْح ُ‬ ‫َّ‬ ‫َُ ه َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ رِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪{-4‬وقل َّر ِب أع ِ ِ‬
‫ال َف َلق}‪20.‬‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ َ ه ْ‬
‫ِ‬ ‫‪{ - 6‬قل أعوذ ِبر ِب‬
‫ب الناس}‪21.‬‬ ‫َّ‬ ‫وذ ب َر ه‬ ‫ُ ْ َ ُ ُ‬
‫ِ‬ ‫‪{ - 7‬قل أع ِ ِ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫فالعوذ في هذه اآليات كلها ال يكون إال باهلل بالعودة إليه واالستعانة به لغرض الحماية (حمايتنا من نكون من الجاهلين‪،‬‬
‫من التساؤل بغير علم أو من همزات الشيطان)‪.‬‬
‫سيدنا يوسف عليه السالم في قوله تعالى‪:‬‬ ‫وذكرت (معاذ) مرتان واستعملت بهذه الصياغة في قصة ّ‬
‫َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ ه َّ ُ َ ه َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ‬ ‫َ َ َّ َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ َّ ُ َ َ ْ َ َّ ْ‬
‫اي ِإن ُه ال ُيف ِل ُح‬ ‫ّللا ِإنه رِبي أحسن مثو‬ ‫‪{-1‬وراودته ال ِتي هو ِفي بي ِت َها عن نف ِس ِه وغلق ِت األبواب وقالت هيت لك قال معاذ ِ‬
‫َّ‬
‫الظاِلُو َن}‪22.‬‬
‫ِ‬
‫ذا َّلظاِلُو َن}‪23.‬‬
‫َ َ َ َ َ ه َ َّ ْ ُ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ َ ُ َّ ً َ‬
‫ِ‬ ‫ّللا أن نأخذ ِإال من وجدنا متاعنا ِعنده ِإنـا ِإ‬ ‫‪{-2‬قال معاذ ِ‬
‫‪ 11‬ينظر سر صناعة اإلعراب أبو الفتح عثمان ابن جني تحقيق د‪ .‬حسن هنداوي ج‪ 1‬ص‪.6‬‬
‫ّ‬
‫السامرائي سلسلة املعاجم والفهارس ج‪ 1‬ص‪.58 ،57‬‬ ‫‪ 12‬العين الخليل بن أحمد الفراهيدي تحقيق د‪ .‬مهدي املخزومي ود‪ .‬إبراهيم‬
‫‪ 13‬الكتاب سيبويه تحقيق وشرح عبد السالم هارون مكتبة الخانجي ج‪ 4‬ص‪.433‬‬
‫‪ 14‬ديوان لبيد بن ربيعة العامري لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري ص‪.98‬‬
‫‪ 15‬شرح املعلقات السبع القاض ي أبي عبد هللا الحسين بن أحمد الزوزني تقديم عبد الرحمن املصطاوي دار املعرفة لبنان الطبعة الثانية ‪1425‬ه ـ ‪2004‬م ـ ص‪ .131‬املعلقات‬
‫العشر وأخبار قائليها أحمد بن األمين الشنقيطي مكتبة الخانجي القاهرة الطبعة الثالثة ‪1413‬هـ ‪1993‬مـ ص‪.20‬‬
‫‪16‬البقرة‪.67‬‬
‫‪ 17‬هود‪.47‬‬
‫‪ 18‬مريم ‪.18‬‬
‫‪ 19‬املؤمنون‪.98+97‬‬
‫‪ 20‬الفلق‪.1‬‬
‫‪ 21‬الناس‪.1‬‬
‫‪ 22‬يوسف‪.23‬‬
‫‪ 23‬يوسف‪.79‬‬
‫َ َ َْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫ففي اآلية األولى عاد إلى هللا مستعينا به ليبعده عن فعل هو من صنيع الشيطان‪ .‬وانجاه هللا َ{ولق ْد َه َّمت ِب ِه َو َه َّم ِب َها ل ْوال أن َرأى‬
‫ين}‪24.‬‬ ‫ُ ْ َ َ َ ه َ َ َ َ ْ َ َ ْ ُ ُّ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ُ ْ َ َ ْ ُ ْ َ َ‬
‫برهان رِب ِه كذ ِلك ِلنص ِرف عنه السوء والفحشاء ِإنه ِمن ِعب ِادنا اْلخل ِص‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ال همن اْلنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم َرهقا}‪25.‬‬
‫ْ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ان ر َج ٌ‬ ‫َ َ َّ ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ثم ذكرت مرة واحدة (يعوذون) في قوله تعالى‪{ :‬و أنه ك ِ‬
‫معين أرادوا من خالله قضاء حاجاتهم بمفهوم االستعانة‪.‬‬ ‫أي يلجؤون إليهم أو يعودون إليهم لغرض ّ‬
‫إال مرو ا بالعود ّ‬ ‫ّ‬
‫ألن العوذ‬ ‫ر‬ ‫إذن فالعالقة التي تربط عاد‪/‬عاذ هي شكلية صوتية ومعنوية حيث ال يمكن الوصول إلى العوذ‬
‫كل "ما يعلق على الكتف ونحوه‪،‬‬ ‫هو عود ألغراض منها االستعانة والحماية والقيام على األمور‪ ،‬ولذلك أطلق اسم التعويذة على ّ‬
‫وسميت حديثات الوالدة املذكورة في األبيات الشعرية‬ ‫أو ما يتلى على االنسان‪ ،‬للتحصن من العين أو السحر أو نحو ذلك"‪ّ 26.‬‬
‫ألنها ما زالت تعود إلى ّأمهاتها لغرض إطعامها وحمايتها‪.‬‬ ‫عوذا ّ‬
‫كذلك من بين األمثلة كذلك عالقة (السراب والشراب) هما مصطلحان يستعمالن في إشارتها إلى املاء‪ ،‬لكن واحد على الحقيقة‬
‫وهو الشراب‪ ،‬واآلخر على الخيال وهو السراب‪ .‬فمن حيث الشكل يتقاربان ومن حيث املعنى كذلك في إشارتهما إلى املاء‪.‬‬
‫‪ .2‬حدود تشكيل األصوات‪:‬‬
‫ّ‬
‫يقترح علماء اللغة العربية حدود التشكيل من الصوتين حتى خمسة أصوات وإذا تجاوز اللفظ األصوات الخمسة فهو مزيد‬
‫مقدما مجموعة من األمثلة على ذلك‪ ،‬حيث‬ ‫عليه أو غير عربي‪ .‬وأول من اقترح ذلك الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه العين ّ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫والث َال ِث ّي‪ُّ ،‬‬
‫ُ َ ّ ُّ‬ ‫ّ َ‬
‫باعي‪ ،‬والخماس ّي‪ ،‬فالثنا ِئ ُّي على َح ْرف ْي ِن نحو‪ :‬ق ْد‪ ،‬ل ْم‪،‬‬ ‫والر ّ‬ ‫أربعة أصناف‪ :‬على الثنا ِئ ِي‬
‫مبني على ِ‬
‫كال ُم َ‬
‫الع َرب ّ‬ ‫يرى بأن (‬
‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫والثالثي من األفعال نحو قولك‪ :‬ض َر َب‪ ،‬خ َر َج‪ ،‬دخ َل‪َ ،‬م ْب ٌّني على ثالث ِة أحرف‪ .‬ومن األسماء‬ ‫ُّ‬ ‫َه ْل‪ ،‬ل ْو‪ ،‬بل ونحوه من األدوات والز ْجر‬
‫َ‬
‫أربعة أ ْحرف‪ .‬ومن‬ ‫مب ٌّني على ِ‬ ‫س‪ْ ،‬‬ ‫أحرف‪ .‬والرباعي من األفعال نحو‪َ :‬د ْح َر َج‪َ ،‬ه ْم َل َج‪َ ،‬ق ْر َط َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬
‫نحو‪ :‬عمر وج َم َل وشجر م ْب ٌّني على ِ‬
‫ثالثة ُ‬ ‫ُ‬
‫مبني على‬‫واسب َك َّر ّ‬‫واسح ْن َف َر َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫اس َح ْنك َك واقش َع َّر‬
‫ْ َ‬
‫وع ْق َرب‪ ،‬وجندب‪ ،‬وشبهه‪ .‬والخماس ُّي من األفعال نحو‪:‬‬ ‫األسماء نحو‪َ :‬ع ْب َقر‪َ ،‬‬
‫خمسة أحرف)‪27.‬‬

‫فصاحة اللفظ املفرد‪28:‬‬ ‫‪.3‬‬


‫ولكي تكون عملية تشكيل األصوات دقيقة وممنهجة‪ .‬وضعت جموع من الحدود والضوابط التي من خاللها تضبط‬
‫ّ‬
‫عملية تشكيل األصوات سواء بالقلب أو االبدال لتخرج الكلمة املشكلة في أحسن أحوالها من الناحية الصوتية واملعنوية‪ .‬فجاء‬
‫ليحدد ذلك‪ .‬حيث وجب احترام شروط معينة في عملية التشكيل وال يجب تجاوزها ولذلك وجب على‬ ‫باب فصاحة اللفظ املفرد ّ‬
‫مركب األصوات أن يكون فصيحا وليس كل لفظ مقبول وشروط ذلك هي‪:‬‬
‫✓ الخلو من تنافر الحروف الذي قد يسبب عسرا في النطق ومثاله كلمة الهعخع حيث يقال بأن رجال استعملها‬
‫قديما حيث سئل عن ناقته اين تركها فرد تركتها ترعى الهعخع ويقال هو نوع من الشجر‪ .‬وقد يكون تنافر‬

‫‪24‬يوسف ‪.24‬‬
‫‪ 25‬الجن‪.6‬‬
‫‪ 26‬معجم لغة الفقهاء ج‪ 1‬ص‪.137‬‬
‫‪ 27‬العين أبو عبد الرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري تحقيق د مهدي املخزومي د إبراهيم السامرائي دار ومكتبة الهالل ج‪ 1‬ص‪.48‬‬
‫‪ 28‬ينظر فيما يتعلق بفصاحة اللفظ املفرد شرح عقود الجمان في علم املعاني والبيان للحافظ جالل الدين السيوطي دار الفكر بيروت ص‪ .4‬وينظر كذلك املزهر في علوم‬
‫اللغة وأنواعها جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تحقيق فؤاد علي منصور دار الكتب العلمية بيروت الطبعة األولى ‪ 1998‬ج‪ 1‬ص‪ .148‬وينظر كذلك اإليضاح‬
‫في علوم البالغة جالل الدين أبو عبد هللا محمد بن سعدالدين بن عمر القزويني دار إحياء العلوم بيروت الطبعة الرابعة ‪ 1998‬ص‪.8‬‬
‫األصوات أقل حدا ومثاله ما أعيب على امرئ القيس في قوله مادحا محبوبته واصفا شعرها غدائره مستشزرات‬
‫إلى العال أي مرتفعات‪29 .‬‬

‫✓ وجب أال تكون الكلمة غريبة غير ظاهرة املعنى وغير مأنوسة االستعمال إال بعد التقص ي عليها وبحثها ومثال‬
‫ال العجاج ِفي املرسن‪ :‬وجبهة وحاجبا‬ ‫ذلك كلمة مرسن في قول رؤبة وفاحما ومرسنا مسرجا َق َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مزججا****وفاحما ومرسنا مسرجا‪ .‬مسرجا أي محسنا ِفي الدقة واالستواء ُيقال سرج هللا َوجهه أي حسنه‬
‫وضع الرسن فال يعلم ماذا أراد بكلمة ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مسرجا والفاحم األسود وأراد شعرا‬ ‫وأصل املرسن للدواب ِألن املرسن م ِ‬
‫فاحما فحذف املوصوف وأقام الصفة مقامه واملرسن بفتح السين وكسرها األنف الذي يشد بالرسن ثم‬
‫استعير ألنف اإلنسان ومسرجا مختلف في تخريجه فقيل من سرجه تسريجا بهجة وحسنه وقيل من قولهم‬
‫سيوف سريجية منسوبة إلى قين يقال له سريج شبه بها األنف في الدقة واالستواء وقيل من السراج وهو قريب‬
‫من قولهم سرج وجهه بكسر الراء أي حسن والزجج دقة الحاجبين واملعنى أن لهذه املرأة املوصوفة مقلة سوداء‬
‫وحاجبا مدققا مقوسا وشعرا اسود وأنفا كالسيف السريجي في دقته واستوائه أو كالسراج في بريقه وضيائه‬
‫والشاهد فيه الغرابة في مسرجا لالختالف في تخريجه‪30.‬‬

‫✓ وقد يرجع األمر إلى املتلقي حيث يجب مراعاة عدم كراهة السمع للفظ كأمر آخر لضمان فصاحة اللفظ ومن‬
‫أبر الكتب حيث يقول‪:‬‬‫أمثلة ذلك قول املتنبي في قصيدته فهمت الكتاب ّ‬
‫اللقب****كريم الجر َّش ى شريف النسب‪31.‬‬ ‫ّ ّ‬
‫ِ ِ‬ ‫مبارك االسم أغر‬
‫‪ .4‬تقسيم الكلمات‪:‬‬
‫ّ‬
‫بعد أن يستوي تشكيل الكلمات من الناحية الصوتية واللفظية‪ ،‬حيث يتم التأكد من فصاحتها يأتي تقسيمها إلى ثالثة‬
‫أقسام االسم الفعل والحرف وهو ما لخصه علماء اللغة في قولهم‪ :‬كالمنا لفظ مفيد كاستقم ‪ ....‬اسم وفعل وحرف الكلم‪32.‬‬

‫فاالسم لفظ دل على حدث وخال من الزمان‪.‬‬


‫والفعل لفظ دل على حدث وارتبط بزمن‪.‬‬
‫والحرف ما لم يدل على حدث في نفسه ولم يرتبط بزمن‪.‬‬
‫أ‪ -‬االسم‪ 33:‬االسم كلمة تدل بنفسها على معنى لش يء محسوس‪ ،‬أو غير محسوس‪ ،‬ولم تقترن بزمن‪ .‬فالش يء املحسوس‬
‫نحو‪ :‬رجل‪ ،‬وفرس‪ ،‬ومنزل‪ ،‬وشجرة‪ ...‬إلخ‪ .‬وغير املحسوس نحو‪ :‬أمانة‪ ،‬شجاعة‪ ،‬ضمير‪ ،‬حلم‪ ،‬قوة ‪ ...‬إلخ‪ .‬ولالسم‬
‫عالمات متى وجدت عالمة منها دلت على أسميته‪ ،‬وهذه العالمات هي‪:‬‬

‫الز ْو َزني‪ ،‬أبو عبد هللا دار احياء التراث العربي الطبعة األولى ‪1423‬هـ ‪ 2002-‬م ص‪ .55‬والبيت كامال غدائ ُره ُم ْس َت ْشزر ٌ‬
‫ات‬ ‫‪ 29‬شرح املعلقات السبع حسين بن أحمد بن حسين َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫العال = َتض ّل ال ِع ُ‬
‫قاص في ُمث َّنى َو ُم ْر َس ِل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫إلى ُ‬
‫ِ‬
‫‪ 30‬ينظر معاهد التنصيص على شواهد التلخيص الشيخ عبد الرحيم بن أحمد العباس ي تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد عالم الكتب بيروت ‪1367‬هـ ‪1947‬م ج‪1‬‬
‫ص‪ .15‬وقائل البيت رؤبة بن العجاج وهو من بحر الرجز من ارجوزة طويلة أولها‬
‫(ما هاج أشجانا وشجوا قد شجا ** من طلل كاألتحمي أنهجا)‬
‫(أمس ى لعافي الرامسات مدرجا ** واتخذته الناثجات منأجا)‬
‫‪ 31‬ينظر املوقع اإللكتروني واحة املتنبي ‪.www.almotanabbi.com‬‬
‫‪ 32‬ينظر املقاصد الشافية في شرح الخالصة الكافية (شرح ألفية ابن مالك) أبو إسحق إبراهيم بن موس ى الشاطبي تحقيق د‪ .‬عبد الرحمن بن سليمان العثيمين معهد‬
‫البحوث العلمية وإحياء التراث اإلسالمي بجامعة أم القرى مكة املكرمة الطبعة األولى ‪ 1428‬هـ ‪ 2007 -‬ج‪ 1‬ص‪.31‬‬
‫‪ 33‬ينظر املوقع االلكتروني ‪http://www.drmosad.com/index9.htm‬‬
‫‪ 1‬ـ الجر سواء بحرف الجر‪ ،‬أو باإلضافة‪ :‬من عالمات االسم قبوله دخول حرف الجر عليه‪ .‬نحو‪ :‬استعرت من صديقي‬
‫كتاب العلوم‪ .‬فكلمة "صديقي" اسم ألنها مجرورة بحرف الجر‪ .‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬يخرجونهم من النور إلى الظلمات}‪ .‬فـ "النور‬
‫والظلمات" كل منهما اسم ألنه مجرور بحرف الجر‪.‬‬
‫وكذلك جره باإلضافة‪ .‬نحو‪ :‬كتاب العلوم جديد‪ .‬فكلمة "العلوم" اسم ألنها مجرورة بإضافتها إلى كلمة كتاب‪ .‬ومنه قوله‬
‫تعالى‪{ :‬واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}‪ .‬فـ "الذل" اسم ألنها مجرورة باإلضافة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ دخول "أل" التعريف عليه سواء أكانت أصلية‪ .‬نحو‪ :‬الطالب املجتهد ينجح في االختبار‪ .‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬فالق‬
‫اإلصباح وجعل الليل سكنا}‪ .‬فـ " الطالب واملجتهد‪ ،‬واالختبار‪ ،‬واإلصباح‪ ،‬والليل‪ ،‬والشمس‪ ،‬والقمر " كل منها اسم لدخول "أل"‬
‫التعريف األصلية عليه‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ومن عالماته أن يكون منادى‪ :‬وهو أن يسبقه حرف من أحرف النداء بغرض الدعاء‪ .‬نحو‪ :‬يا حاج اركب السيارة‪.‬‬
‫أمحمد ساعد الضعفاء‪ .‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬يا نوح اهبط بسالم}‪ .‬وقوله تعالى‪{ :‬يا نار كوني بردا وسالما على إبراهيم}‪ .‬فـ " حاج‪،‬‬
‫ومحمد‪ ،‬ونوح‪ ،‬ونار " كل منها اسم لدخول حرف النداء عليه‪.‬‬
‫أما إذا جاء بعد حرف النداء فعل‪ .‬نحو قوله تعالى‪{ :‬أال يا اسجدوا هلل}‪ .‬في قراءة الكسائي‪ .‬أو حرف‪ .‬نحو قوله تعالى‪{ :‬يا‬
‫ليتني كنت ترابا}‪ .‬فإن حرف النداء يكون للتنبيه‪ ،‬وقد يكون للنداء‪ ،‬واملنادى محذوف لغرض بالغي‪ .‬وآية‪ :‬يا اسجدوا في غير قراءة‬
‫ّ‬
‫الكسائي تكتب كالتالي قال تعالى‪( :‬أال يسجدوا هلل)‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اإلسناد إليه‪ :‬واملقصود باإلسناد‪ ،‬هو إثبات ش يء لش يء‪ ،‬أو نفيه عنه‪ ،‬أو طلبه منه‪ .‬نحو‪ :‬الرجل قادم‪ .‬ونحو‪ :‬محمد‬
‫علي مبكرا‪ .‬فكل من الكلمات "الرجل‪ ،‬ومحمد‪ّ ،‬‬
‫وعلي" قد أسند إليها القدوم في املثال األول‪ ،‬وعدم‬ ‫لم يحضر الحفل‪ .‬ونحو‪ :‬قم يا ّ‬
‫الحضور في املثال الثاني‪ ،‬والطلب بالقيام في املثال الثالث‪ ،‬وعليه نجد أن من عالمات اسمية الكلمة أن يوجد معها مسند‪،‬‬
‫وتكون هي املسند إليه‪ .‬ويسميه البالغيون‪ :‬املحكوم عليه‪ ،‬وال يكون إال مبتدأ‪ ،‬أو فاعال‪ ،‬أو نائب فعل‪ ،‬أو اسما لفعل ناسخ‪ ،‬أو‬
‫لحرف ناسخ‪ ،‬أو املفعول األول للفعال التي تنصب مفعولين أصلهما املبتدأ والخبر‪ .‬أما املسند فهو كل صفة أو فعل أو جملة‬
‫تأتي متممة لعملية اإلسناد‪ ،‬أي تكون لوصف املسند إليه وإتمامه‪ .‬ويسميه البالغيون املحكوم به‪ .‬واإلسناد عالمة من العالمات‬
‫التي تدل على أن املسند إليه هو الكلمة املحكوم باسميتها‪.‬‬
‫خالدا‪ .‬وسلمت على سالم‪ .‬من عالمات بعض األسماء‪ ،‬أن تقبل التنوين على‬ ‫محمد‪ .‬وكافأت ً‬
‫ٌ‬ ‫‪ 5‬ـ قبوله التنوين‪ :‬نحو‪ :‬جاء‬
‫آخرها‪ ،‬رفعا‪ ،‬أو نصبا‪ ،‬أو جرا‪ .‬وهو وجود ضمة‪ ،‬أو فتحة‪ ،‬أو كسرة ثانية‪ ،‬إلى جانب الضمة أو الفتحة‪ ،‬أو الكسرة املجود‬
‫أصال على آخر االسم كعالمة إعراب‪ ،‬وهذه الضمة‪ ،‬أو الفتحة‪ ،‬أو الكسرة الثانية هي عوض عن نون التنوين املحذوفة خطا ‪.‬‬
‫ٌ‬
‫محمد "‪ .‬بالتنوين ‪ " ،‬جاء محمدن " بالنون ‪ ،‬وهكذا‬ ‫إذ األصل في االسم املنون أن يكتب بنون داللة على تنوينه‪ .‬فنقول في " جاء‬
‫بقية عالمات اإلعراب األصلية‪ .‬غير أن النحاة عدلوا عن إثبات نون التنوين حتى ال تختلط مع األنواع األخرى للنون سواء أكانت‬
‫أصلية في الكلمة ‪ ،‬أم زائدة ‪ ،‬وجعلوا بدال منها حركة إعراب أخرى إلى جانب الحركة األصلية ‪ ،‬وهي الضمة ‪ ،‬أو الفتحة ‪ ،‬أو‬
‫الكسرة ‪ .‬بهذا ندرك أن التنوين عبارة عن نون ساكنة زائدة تكون في آخر االسم لفظا ال خطا ‪ ،‬وال وقفا ‪ .‬بدليل حذفها عند‬
‫اإلضافة كنوني املثنى‪ ،‬وجمع املذكر السالم‪ ،‬إال أن األخيرتين تلحقان االسم املثنى‪ ،‬واملجموع جمعا ساملا لفظا وخطا‪.‬‬
‫االسم النكرة واالسم املعرفة‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬
‫ينقسم االسم إلى نكرة‪ ،‬ومعرفة‪ .‬فالنكرة‪ :‬هو كل اسم ليس له داللة معينة‪ ،‬ويقبل "أل" التعريف ‪ ،‬أو ما كان بمعنى ما‬
‫يقبلها مثال ما يقبلها ‪ :‬رجل ‪ ،‬منزل ‪ ،‬حصان ‪ ،‬طالب ‪ ،‬غالم ‪ ...‬إلخ ‪ .‬فإذا عرفنا األسماء السابقة بأل قلنا‪ :‬الرجل‪ ،‬املنزل‪ ،‬الحصان‪،‬‬
‫الطالب‪ ،‬الغالم ‪ .‬ومثال ما يكون من األسماء بمعنى ما يقبل أل التعريف‪ :‬كلمة " ذو " بمعنى صاحب‪ ،‬فهي نكرة ألنها تحل محل‬
‫نكرة وهي كلمة " صاحب "‪ .‬نقول‪ :‬جاء ذو علم‪ .‬أي صاحب علم‪ ،‬ولكن كلمة صاحب تقبل دخول " أل " التعريف عليها كغيرها‬
‫من األسماء النكرة‪ ،‬في حين أن " ذو " وإن كانت بمعناها فال تقبل دخول أل التعريف عليها‪ ،‬ولكنها في الحقيقة نكرة‪ ،‬ألن كل من‬
‫الكلمتين يحل محل اآلخر‪.‬‬
‫ومن األسماء النكرة التي ال تقبل أل التعريف أيضا كلمة " أحد " التي همزتها أصلية‪ ،‬أي غير منقلبة عن "واو"‪ ،‬وتعني‬
‫"إنسان"‪ ،‬وال تستعمل إال بعد نفي‪ .‬نحو ‪ :‬ما رأيت أحدا ‪ .‬ولم يدخلها أحد‪ .‬ومنه قوله تعالى‪{ :‬وما هم بضارين به من أحد إال بإذن‬
‫هللا}‪ .‬وقوله تعالى‪{ :‬ال نفرق بين أحد منهم}‪ .‬ومن الكلمات النكرة التي ال تقبل أل التعريف " عريب " ‪ ،‬و" َّديار " وهما بمعنى " أحد‬
‫" أيضا ‪ .‬تقول العرب ‪ :‬ما في البيت عريب أو َّديار ‪ .‬أي‪ :‬ما في البيت أحد‪ .‬فاأللفاظ الثالث كلها بمعنى واحد‪ ،‬وهي نكرات موغلة في‬
‫اإلبهام‪ ،‬وال تدخلها أل التعريف‪ ،‬ولكنها تحل محل نكرات‪ ،‬تخلها أل التعريف كاإلنسان‪ ،‬أو ما يحل محلها‪ .‬ومن الكلمات النكرة‬
‫التي ال تقبل أل التعريف أيضا كلمة غير‪ ،‬وإن دخلت عليها فال تفيدها التعريف‪ ،‬كما أن اإلضافة ال تفيدها إال التخصيص‪ ،‬ألنها‬
‫كغيرها من النكرات املوغلة في اإلبهام فال تستفيد من اإلضافة تعريفا‪.‬‬
‫أما االسم املعرفة‪ :‬فهو كل اسم له داللة معينة‪ .‬وقد حصره النحاة في سبعة أنواع هي‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ العلم نحو‪ :‬محمد‪ ،‬إبراهيم‪ ،‬أحمد‪ّ ،‬‬
‫علي‪ ،‬فاطمة‪ ،‬مكة‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ الضمير نحو‪ :‬أنا‪ ،‬أنت‪ ،‬هو‪ ،‬هما‪ ،‬هم‪ ،‬إياك‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ املعرف باأللف والالم "أل" التعريف‪ .‬نحو‪ :‬الرجل‪ ،‬الكتاب‪ ،‬املنزل‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ اسم اإلشارة‪ .‬نحو‪ :‬هذا‪ ،‬هذه‪ ،‬هذان‪ ،‬هؤالء‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ االسم املوصول‪ ،‬نحو‪ :‬الذي ‪ ،‬التي ‪ ،‬اللذان ‪ ،‬الذين ‪ ...‬إلخ‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ املضاف إلى املعرف‪ .‬نحو‪ :‬كتاب القواعد‪ ،‬باب املنزل ‪ ،‬طالب املدرسة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ النكرة املقصودة‪ ،‬وهي نوع من أنواع النداء‪ ،‬إذا كنت تنادي واحدا معينا‪ ،‬تقصده بالنداء دون غيره‪ .‬نحو ‪ :‬يا معلم‬
‫ارع تالميذك ‪ .‬يا طبيب ال تهمل املرض ى‪ .‬فكلمة "معلم‪ ،‬وطبيب" كل منهما نكرتان‪ ،‬ألنهما ال يدالن على معين‪ ،‬ولكن عند النداء‬
‫صارت كل منها معرفة بسبب القصد الذي يفيد التعيين‪ ،‬ألن املعرفة هي ما دلت على معين‪.‬‬
‫وكل مميزات التعريف هذه سنناقش أغراضها عند الحديث عن تعريف املسند إليه في باب حديثنا عن عملية التركيب‪،‬‬ ‫ّ‬
‫العنصر الرابع من عناصر الجملة العربية‪.‬‬
‫ّ‬
‫وتتعدد استعماالت اللغة العربية للكلمات حيث تزاوج في االستعمال بين االسمية والفعلية والحرفية في التركيب اللغوي‬
‫الواحد‪ .‬وهنالك فرق كبير بين استعمال االسمية وغرضه واستعمال الفعلية وغرضه‪ .‬ولكي نشرح أكثر الفروق بين الفعلية‬
‫َ َ ْ َ ُُ ْ َْ َ ً َ ُ ْ ُ ُ ٌ َ ُ َ ُُّ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ّ‬
‫الش َمال َو َك ْل ُب ُه ْم َب ٌ َ ْ َ‬
‫اسط ِذ َراع ْي ِه ِبالو ِص ِ‬
‫يد‬ ‫ِ‬ ‫واالسمية نستشهد بقوله تعالى‪{ :‬وتحسبهم أيقاظا وهم رقود ونق ِلبهم ذات الي ِم ِين وذات ِ ِ‬
‫َ َُ ْ َ‬
‫ت م ْن ُه ْم ُر ْع ًبا}‪34.‬‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ ْ ْ‬
‫ل ِو اطلعت عل ْي ِهم لوليت ِمن ُهم ِف َر ًارا ومل ِلئ ِ‬
‫ّ‬ ‫وما يهمنا في هذه اآلية هي التعبير عن وضعين وحالتين مختلفتين‪ ،‬وهما التقليب والبسط‪ .‬حيث ّ‬
‫عبر عن األول بكلمة (نقلبهم)‬
‫ّ ّ‬ ‫وعبر عن الثاني بكلمة (باسط)‪ .‬وهنالك غرض داللي ّ‬ ‫ّ‬
‫أن (نقلبهم) جاءت بالفعلية أي مرتبطة بالزمن‬ ‫محدد يراد به من ذلك حيث‬

‫‪ 34‬سورة الكهف ‪.18‬‬


‫يدل على ّ‬
‫تغير حالهم من وضع إلى وضع‪ .‬بينما الثانية (باسط) جاءت باالسمية وهي غير مرتبطة بالزمن ومن ّثمة داللتها‬ ‫وهو ما ّ‬
‫تعرقهم ّ‬
‫فتغير حالهم خوفا من‬ ‫مستقر ودائم‪ .‬والسبب من وراء ذلك هو ّ‬
‫ّ‬ ‫على الدوام واالستقرار‪ .‬فوضعهم ّ‬
‫متغير ووضع الكلب‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫تعفنهم‪ .‬بينما الكلب ال ّ‬
‫يتعرق وبذلك يتخذ وضعا واحدا وهو األصلح للحراسة‪ .‬واملقام العام الستعمال الفعلية واألسمية في أعلى‬
‫بيانه‪.‬‬
‫الصيغة الصرفية‪:‬‬ ‫‪.ii‬‬
‫الصيغة الصرفية من أهم العناصر التي تهم املترجم بالدرجة األولى خاصة عند تعامله مع بناء املصطلحات في مختلف‬
‫التخصصات‪ .‬فهي تساعده كثيرا على التسمي‪ .‬وهي تعتمد على الوزن حيث تبنى أغلب الكلمات في اللغة العربية بناء ثالثيا انطالقا‬
‫ّ‬ ‫من الوزن (فعل) وفن التصريف مثلما ّ‬
‫عرفه علماء الصرف هو تقليب املفردة من حالة إلى حالة أخرى وهو علم يتعلق بحالة‬
‫الكلمة وما لحروفها من أصالة وزيادة ّ‬
‫وصحة وإعالل‪35.‬‬

‫‪ .1‬التحول الداخلي واالضافة‪:‬‬


‫نظام التصريف واالشتقاق يسير على مبدأي التحول الداخلي واالضافة فبالنسبة للتحول الداخلي فيعتمد فيه على‬
‫مد باأللف والواو والياء‪ّ .‬أما اإلضافة فيعتمد فيها على إضافة‬ ‫العالمات االعرابية بين الضمة والكسرة والفتحة وما يلحقها من ّ‬
‫أصوات معينة ّ‬
‫عدها علماء اللغة العربية في كلمة (سألتمونيها)‪36.‬‬

‫التحول الداخلي ما ّيتضح في هذا املثال كلمة َك َت َب ُك ُت ٌب َك ْت ٌب فهذا يعتبر ّ‬


‫تحوال داخليا بالعالمات البسيطة‪ّ .‬أما‬ ‫ّ‬ ‫ومن أمثلة‬
‫َ‬ ‫التحول الداخلي بالعالمات ّ‬
‫املمددة ك َ‬ ‫ّ‬
‫تب كاتب كتيب كتوب‪.‬‬
‫ومن أمثلة اإلضافة أضافة صوت امليم إلى كتب فتصبح مكتب أو التاء لتصبح تكتب أو إضافة امليم إلى كتوب فتصبح‬
‫مكتوب أو التاء إلى كتيب فتصبح تكتيب‪.‬‬
‫‪ .2‬السماع والقياس ودورهما في الصياغة‪:‬‬
‫تسير عملية التصريف واالشتقاق بقاعدتي السماع والقياس‪ .‬فالسماع هو بناء الكلمة مثلما سمع العرب ينطقون بها‬
‫ّ‬
‫أو يقولونها‪ .‬بينما القياس هو أن تبنى الكلمة التي لم يسمع من قبل النطق بها بناء يتبع كلمات عرفت من قبل وسمع النطق بها‬
‫مثل جمع كلمة إيوان مثال فهي تجمع مثلما تجمع الكلمات األخرى التي لها الوزن نفسه ككلمة ديوان حيث تجمع دواوين فيكون‬
‫جمع إيوان قياسا على جمع ديوان أواوين‪ .‬أو كلمة ُح ُم ٌر فهو جمع غير معروف لكلمة حمار أحمرة حمير حيث جاءت في قوله‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ََ‬ ‫َ َ َ ُ ْ َ َّ ْ‬
‫التذ ِك َر ِة ُم ْع ِر ِض َين )‪ (49‬كأ َّن ُه ْم ُح ُم ٌر ُم ْست ْن ِف َرة )‪ (50‬ف َّر ْت ِم ْن ق ْس َو َرة)‪ 37.} (51‬وهي دالة على جمع الجمع للداللة‬ ‫تعالى‪{ :‬فما لهم ع ِن‬
‫على الكثرة في أقص ى حدودها‪.‬‬
‫وللصيغة الصرفية دورها في تحديد داللة الكلمة‪ .‬ولنشرح ذلك بشكل دقيق ّ‬
‫نقدم مجموعة من األمثلة‪ .‬والبداية في‬
‫الر ِحيم}‪ 38.‬فهذه اآلية هي األولى في القرآن الكريم وتستفتح بها ّ‬ ‫َّللا َّ ْ َ‬ ‫ْ َّ‬
‫كل سوره‬ ‫الرحم ِن َّ ِ‬ ‫كلمتي الرحمن الرحيم في قوله تعالى‪{ِ :‬بس ِم ِ‬
‫ما عدا سورة التوبة‪ .‬وكلمتا الرحمن والرحيم هما اسمان هلل سبحانه وتعالى‪ .‬ومنحدرتان من جذر واحد وهو رحم‪.‬‬

‫مؤس َسة َّ‬


‫الريان للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬بيروت – لبنان‬ ‫النحو َو َّ‬
‫الصرف عبد هللا بن يوسف بن عيس ى بن يعقوب اليعقوب الجديع العنزي َ‬ ‫املنهاج َ‬
‫املختصر في علمي َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪35‬‬
‫ِ‬
‫الطبعة الثالثة‪ 1428 ،‬هـ ‪ 2007-‬م ص‪.144‬‬
‫الصرف ص‪.146‬‬ ‫املنهاج َ‬
‫املختصر في علمي َّ‬
‫النحو َو َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪36‬‬
‫ِ‬
‫‪ 37‬سورة املدثر ‪.49.50.51‬‬
‫‪ 38‬سورة الفاتحة‪.1‬‬
‫فعالن‬ ‫رحمان‬
‫رحم‬
‫فعيل‬ ‫رحيم‬

‫فمن املالحظات التي يمكن تقديمها بعد تحليل الجذر الثالثي (رحم) وتحوله إلى رحمن ورحيم‪ .‬هي املعنى األولي واملعاني‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫العربية‬ ‫بعد التصريف‪ .‬فرحم كلمة دالة على الرقة والعطف والرأفة‪ 39.‬لتتخذ بعد ذلك صيغة رحمن وهي صيغة مألوفة في اللغة‬
‫عند قياسها على كلمات أخرى من مثل‪:‬‬

‫جوع‬ ‫جوعان‬ ‫شبعان‬ ‫شبع‬

‫فراغ كلي‬ ‫امتالء كلي‬

‫عطش‬ ‫رويان‬ ‫روي‬


‫عطشان‬

‫شعبان‬ ‫شعب‬
‫الداللة على المثنى‬
‫قومان‬ ‫قوم‬

‫ّ‬
‫املخططين نالحظ ّ‬
‫بأن داللة (فعالن) هي التعبير عن االمتالء التام أو الفراغ التام بحسب الجذر الذي‬ ‫من خالل هذين‬
‫تدل على املثنى‪ .‬ومن ّثمة ف ـ (رحمن) دالة على االمتالء التام‬
‫اشتقت منه إذا كان فعال‪ .‬بينما إذا اشتقت فعالن من اسم فهي ّ‬
‫بالرحمة‪ّ ،‬‬
‫ألنها من فعل (رحم)‪.‬‬
‫ّأما رحيم فهو على وزن فعيل‪ ،‬وهي إحدى الصيغ الدالة على ّ‬
‫تكرر الفعل‪ .‬وهو ما يجعل قراءة الكلمتين على منبع الرحمة‬
‫بالنسبة لكلمة (رحمن)‪ّ ،‬‬
‫وتكرر فعل الرحمة في العباد من ذلك املنبع بالنسبة لكلمة (رحيم)‪.‬‬
‫وكمثال آخر لداللة الصيغة الصرفية نالحظ استعمال كلمة (رواعد) في قول الشاعر لبيد بن ربيعة‪:‬‬
‫وصاب َها‪ُ ..........‬‬ ‫َ‬
‫رزق ْت مر َ‬
‫ابيع ُّ‬
‫ُ‬
‫فرهامها‪40.‬‬ ‫جو ُد َها‬
‫الرواعد ْ‬
‫ِ‬ ‫ودق‬ ‫النجوم َ‬
‫ِ‬
‫فالكلمة جاءت على وزن (فواعل) وهي دالة على جمع الجمع من (رعد) (رعود) والغرض البالغي من ذلك هو التعبير عن‬
‫تتابع الرعود واستمرارها بين الليل والغد والعشية‪ .‬وتغير حالة املطر بين الغزارة (جودها) والخفة (رهامها) وذلك ما ّ‬
‫عبر عنه‬
‫وجاء ذكره في البيت املوالي‪ :‬م ْن ُك ّل َسارَية َو َغاد ُم ْدجن ‪َ ...‬و َعش ّية ُم َت َجاوب ْإر َز ُ‬
‫ام َها‪41.‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫‪ 39‬عجم مقاييس اللغة أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي‪ ،‬أبو الحسين تحقيق عبد السالم محمد هارون دار الفكر‪: 1399‬هـ ‪1979-‬م ج‪ 2‬ص‪.498‬‬
‫الز ْو َزني‪ ،‬أبو عبد هللا تحيق دار احياء التراث العربي الطبعة األولى ‪1423‬هـ ‪ 2002 -‬م" ص‪172‬‬
‫‪ 40‬شرح املعلقات السبع حسين بن أحمد بن حسين َّ‬

‫‪ 41‬شرح املعلقات السبع ص‪.173‬‬


‫‪ .3‬حدود التصريف‪:‬‬
‫يحدد علماء الصرف عملية التصريف في معرفة مجموعة من الصيغ واألوزان الرئيسة وعددها تسع أوزان "وهي املاض ي‬ ‫ّ‬
‫واملستقبل واألمر والنهي واسم الفاعل واملفعول واملكان والزمان واآللة"‪42.‬‬

‫‪ .4‬شروط فصاحة الصياغة‪:‬‬


‫وقد وضعت شروط لتكون الكلمة فصيحة‪ ،‬مطابقة لقواعد اللغة العربية‪ .‬وهي عدم مخالفة السماع والقياس‪ .‬ولذلك‬
‫ّ‬
‫األجل عوض األجلل‪.‬‬ ‫اعيب الشاعر قوله الحمد هلل العلي األجلل‪ 43.‬حيث فك الشاعر اإلدغام في موضعه والسماع هو‬
‫النغمة الصوتية‪:‬‬ ‫‪.iii‬‬
‫تتراوح مالمح النغمة الصوتية بين مفهومي مصطلحي النبر والتنغيم حيث يصاحب فعل النص عند االنسان نغمات صوتية‬
‫وشدته وارتفاعه وانخفاضه وقوته‪ .‬فنغمة السؤال تختلف عن نغمة التعجب وتختلفان عن نغمة‬ ‫حدة الصوت ّ‬ ‫لها داللتها بين ّ‬
‫األمر ونغمة الحزن ال تتطابق مع نغمة الفرح وهكذا واللغة العربية نغمية بامتياز‪.‬‬
‫‪ .1‬النبر‪ :‬النبر مثلما عرفته الدراسات اللسانية العربية يدل على إبراز أحد مقاطع الكلمة عند النطق بها‪ .‬فهو وضوح نسبي‬
‫لصوت أو مقطع من مقاطع الكلمة مثال ذلك‪ :‬سالم (سا) ‪ /‬يدرس (يد) ‪ /‬دارس (دا) ‪ /‬دارسون (سون) ‪ /‬دراسة‬
‫(را) ‪ /‬دراسات (سا)‪44.‬‬

‫ً‬ ‫جاء في معجم الصحاح‪ُ :‬‬


‫"نبرت الش يء أنبره نبرا‪ ،‬رفعته‪ ،‬ونبرة املغني‪ :‬لرفع صوته عن خفض"‪ .‬وفي تالوة القرآن الكريم ينبه‬
‫القراء على ضرورة الضغط على بعض الحروف‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫"الحي"‪ ،‬و"بث‪".‬‬ ‫أ‪ -‬الوقف على املشدد‪ ،‬مثل كلمة‬
‫َ‬ ‫ب‪ -‬عند النطق بواو مشددة قبلها مضموم أو مفتوح‪ُ " :‬‬
‫الق َّوة"‪" ،‬ق َّوامين‪".‬‬
‫ّ‬
‫"صبيا‪".‬‬ ‫ّ‬
‫"شرقيا"‪،‬‬ ‫ج‪ -‬عند النطق بياء مشددة قبلها مكسور أو مفتوح‪:‬‬
‫َّ‬
‫د‪ -‬عند االنتقال من حرف مد إلى حرف مشدد‪{ :‬الحاقة‪.‬‬
‫وللنبر وظيفة مهمة في جميع اللغات‪ ،‬إذ ال تخلو منه لغة‪ ،‬فكل متحدث بلغة ما‪ ،‬يضغط على بعض املقاطع فيها‪ ،‬وإنما‬
‫ً‬
‫صوتيا يغير الصيغ أو املعاني أو عدم تأثيره فيها‪.‬‬ ‫ً‬
‫فونيما‬ ‫االختالف بينها في استخدامه‬
‫ومن صور النبر‪" ،‬نبر الجمل" الذي يقوم على الضغط على كلمة بعينها في إحدى الجمل املنطوقة؛ لتكون أوضح من غيرها‬
‫من كلمات الجملة‪ ،‬وذلك لالهتمام بها أو التأكيد عليها ونفي الشك عنها من املتكلم أو السامع‪ ،‬وهذا السلوك اللغوي شائع في‬
‫كثير من اللغات‪.‬‬

‫‪ 42‬ينظر شرحان على مراح األرواح في علم الصرف شمس الدين أحمد شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأوالده بمصر الطبعة الثالثة ‪ 1379‬هـ ‪ 1959 -‬م‪.‬‬
‫‪ 43‬البيت ينسب إلى رؤبة بن العجاج‬
‫‪ 44‬ينظر مقال للدكتورة سعاد بسناس ي مصطلح النبر في الدرس اللساني العربي بين املوجود واملفقود ‪http://www.webreview.dz‬‬
‫{دابة} أي عند االنتقال من حرف مد إلى الحرف األول‬ ‫َّ‬
‫{الحاقة}‪َّ ،‬‬ ‫النبر يكون في بعض املواضع في تالوة القرآن الكريم مثل‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫املشدد‪ ،‬فإذا نظرنا إلى قوله تعالى‪{ :‬فإذا جاءت الصاخة} نجد لهذا النبر على حرف "الخاء" تأثيرا دالليا يفيد اإلحساس بصوت‬
‫ّ‬
‫الصاخة التي تصم اآلذان لشدتها‪ ،‬وبذلك يكون للنبر وظيفة معنوية مهمة ال تتحقق إال بواسطته‪.‬‬
‫َ‬ ‫ومن مواضع النبر في القرآن الكريم عند النطق بواو مشددة قبلها مفتوح أو مضموم نحو ُ‬
‫{الق َّوة}‪{ ،‬ق َّوامين}‪ .‬وإذا نظرنا إلى‬
‫َ َ ْ َ َ َّ َ َ َ ُ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َّ ُ َّ َ ّ َ ً َ َ َّ ّ َ ُ ْ َ َ‬
‫اب} فالنبر على حرف الواو في كلمة‬ ‫قوله تعالى {ولو يرى ال ِذين ظلموا ِإذ يرون العذاب أن القوة ّلل ج ِميعا وأن َّللا ش ِديد الع ِ‬
‫ذ‬
‫ن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫{الق َّوة} له تعبير داللي للتأكيد على أن القوة ّلل وحده‪ ،‬ال سيما واآلية تتحدث عن اتخاذ األنداد من دو َّللا‪ ،‬فكان البد من‬
‫ّ‬
‫باّلل تبارك وتعالى‪45.‬‬ ‫التأكيد على {القوة} التي تليق‬
‫ً ً‬ ‫ً‬
‫‪ .2‬التنغيم‪ :‬نغمة الصوت هي إحدى صفاته‪ ،‬وكثيرا ما تكون عامال مهما في أداء املعنى‪ ،‬وتتوقف النغمة على عدد ذبذبات‬
‫األوتار الصوتية في الثانية‪ ،‬وهذا العدد يعتمد على درجة توتر األوتار الصوتية‪ ،‬وللنغمة أربعة مستويات وهي‪:‬‬
‫النغمة املنخفضة‪ :‬وهي أدنى النغمات‪ .‬وهي ما نختم به الجملة اإلخبارية عادة‪ ،‬والجملة االستفهامية‪ ،‬التي ال تجاب بنعم أو‬
‫ال‪.‬‬
‫النغمة العادية‪ :‬وهي التي نبدأ الكالم بها‪ ،‬ويستمر الكالم على مستواها من غير انفعال‪.‬‬
‫النغمة العالية‪ :‬وتأتي قبل نهاية الكالم متبوعة بنغمة منخفضة أو عالية مثلها‪.‬‬
‫النغمة فوق العالية‪ :‬التي تأتي مع االنفعال أو التعجب أو األمر‪.‬‬
‫يتجسد فيها التنغيم بمختلف مستوياته سالفة الذكر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهذه بعض الشواهد من النص القرآني التي‬
‫َ‬ ‫َ ْ َ ُ َ ََ ْ ُ َ َ َ ُ َ َ‬ ‫ََ ْ َ َ ْ َ‬
‫ض َحكون َوال ت ْبكون} َ{وأ ُنت ْم َس ِام ُدون} أما قوله‬‫يث تعجبون} {وت‬ ‫النغمة املنخفضة‪ .‬نحو قوله تعالى‪{ :‬أف ِمن هذا الح ِد ِ‬
‫َ{ف ْ‬
‫اس ُج ُدوا ّّلل َو ْ‬
‫اع ُب ُدوا} فهي نغمة فوق عالية ألنها جاءت بصيغة األمر‪46.‬‬

‫التأليف أو اإلسناد‪47:‬‬ ‫‪.iv‬‬


‫ينقسم التأليف الذي يعتمد على تركيب الكلمات املشكلة باألصوات إلى قسمين ما هو جزئي وما هو كلي‪.‬‬
‫‪ .1‬التأليف الجزئي‪ :‬قليل الوجود في اللغة العربية وهو الذي يكون فيه التأليف بين حرف وفعل‪ .‬وجد في وجد بـ‬
‫وجد عن‪ .‬أو كما هو الحال في النداء‪ :‬يا محمد‪.‬‬
‫‪ .2‬التأليف الكلي‪ :‬هو األصل في اللغة العربية حيث يكون بين كلمتين فما فوق سواء اكانت الكلمتان باالسمية أو‬
‫الفعلية‪.‬‬
‫✓ املالحظة األولى التركيب يكون بين اسمين أو بين اسم وفعل وهذا ما يدل على أهمية االسم في تركيب الجملة فال‬
‫يمكن تركيب جملة في غياب االسم ويمكن تركيبها في غياب الفعل وهذا ما جعل االسم يكون عمدة الكالم سواء في وجود‬
‫الفعل أو في غيابه‪.‬‬
‫✓ وهذا ما يعبر عنه بمفهوم االسناد حيث يسند االسم إلى االسم وقد يسند الفعل إلى االسم‪ .‬ففي الحالة األولى‬
‫يكون االسم األول مسندا إليه والثاني مسندا أما في وجود الفعل فدائما الفعل هو املسند واالسم هو املسند إليه‪.‬‬

‫ّ‬
‫‪ 45‬ينظر فيما يتعلق بالنبر والتنغيم املوقع االلكتروني‪http://www.drwaleedmokpl.com :‬‬
‫‪ 46‬ينظر املوقع االلكتروني‪http://www.drwaleedmokpl.com/t344-topic :‬‬
‫‪ 47‬ينظر معاني النحو ص‪.13‬‬
‫‪ .3‬أحوال الجملة باإلسناد‪:48‬‬
‫✓ االبتداء‪ :‬الجملة تلقى إلى شخص خال الذهن من كل حدث‪.‬‬
‫✓ التوكيد‪ :‬بعد رفض اإلخبار األولي يعتمد على التوكيد‪.‬‬
‫✓ اإلنكار‪ :‬يعتمد فيه على القسم والتوكيد‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ْ َ ُ ْ َ ًَ َ ْ َ َ ْ َ‬
‫اب الق ْرَي ِة ِإذ َج َاء َها امل ْر َسلون)‪ِ (13‬إذ أ ْر َسل َنا ِإل ْي ِه ُم اث َن ْي ِن‬‫املوضح لذلك قوله تعالى‪{ :‬واض ِرب لهم مثال أصح‬ ‫ّ‬ ‫واملثال‬
‫َ ُ َ َ ْ ُ ْ َّ َ َ ٌ ْ ُ َ َ َ َ ْ َ َل َّ ْ ََٰ ُ ْ َ ْ ْ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ ُ نَ‬ ‫َ َ ُ َّ َ ْ ُ ْ ُ ْ َ ُ نَ‬ ‫َ َ َّ ُ ُ َ َ َ َّ ْ َ َ‬
‫فكذبوهما فعززنا ِبث ِالث فقالوا ِإنا ِإليكم مرسلو )‪ (14‬قالوا ما أنتم ِإال بشر ِمثلنا وما أنز الرحمن ِمن ش يء ِإن أنتم ِإال تك ِذبو‬
‫ّ‬ ‫َ ُ َُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬
‫)‪(15‬قالوا َرُّب َنا َي ْعل ُم ِإ َّنا ِإل ْيك ْم مل ْر َسلون)‪ 49.} (16‬فجاء اإلخبار على الشكل اآلتي‪ :‬نحن رسل ربكنا إليكم (ابتدائي)‪ /‬إنا إليكم‬
‫ّ‬
‫مرسلون (طلبي)‪ /‬إنا إليكم ملرسلون (إنكاري)‪.‬‬
‫‪ .4‬أحوال املسند إليه‪:‬‬
‫ذكرت وقدمت البالغة العربية ّ‬
‫بشقها املعروف بعلم املعاني‪ .‬مجموعة هائلة من ميزات أحوال اإلسناد وأغراضه‪ .‬وسنتتبع‬
‫تلك املالمح بالتطبيق على الجملة اآلتية (البحر جميل)‪ .‬وأحوال اإلسناد والركيب هي‪:‬‬
‫أ‪ -‬الحذف‪ :‬ويحذف املسند عليه في الجملة السابقة في قولنا‪( :‬جميل) أي حذف كلمة (البحر) من التركيب‪ .‬وذلك لوجود‬
‫اك َما ِه َي ْه‪،‬‬ ‫قرينة تستدعي الحذف‪ .‬وقد تكون السؤال املسبق (كيف حال البحر) فنقول (جميل)‪ .‬وفي قوله تعالى‪{َ :‬و َما َأ ْد َ َ‬
‫ر‬
‫َ‬
‫ن ٌار َح ِام َية}‪.‬‬
‫ب‪ -‬الذكر‪ :‬وهو األصل في الكالم لتفادي إي التباس قد يحدث من عدم الفهم‪ .‬وذلك مراعاة لحال املتلقي ومستوياته في الفهم‪.‬‬
‫عدة طرق‪ ،‬بحسب ما قيل من قبل في تعريف االسم‪ .‬ولذلك يمكن تعريف مثال ب ـ ــ‪:‬‬ ‫ج‪ -‬تعريفه‪ :‬وتعريف املسند إليه له ّ‬
‫ّ‬ ‫❖ اإلضمار‪ :‬ذلك ّ‬
‫ألن مقام الخطاب يتطلب ذلك كيف ذلك؟ في الجملة السابقة نحاول استبدال كلمة (البحر) بكلمة‬
‫للمتكلم سيقول‪( :‬أنا جميل) وبذلك ّ‬ ‫ّ‬
‫عرف املسند‬ ‫أخرى هي اسم شخص مثال (محمد)‪ .‬فإذا كان مقام الخطاب‬
‫إليه بالضمير (أنا)‪.‬‬
‫َْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫{ع ِدلوا ُه َو أق َر ُب‬ ‫وإذا املقام للمتكلم (أنت جميل)‪ .‬وإذا كان للضمير الثالث (هو جميل)‪ .‬مثلما هو في قوله تعالى‪:‬‬
‫ِل َّلت ْق َوى}‪.‬‬
‫❖ العلمية‪ :‬املقصود بالعلمية تعريفه باسم العلم‪ .‬والغرض من ذلك إحضاره بعينه في ذهن املتلقي كالقول‪ :‬محمد‬
‫جميل‪.‬‬
‫معرفا باسم املوصول كالقول‪ :‬الذي معنا جميل‪ .‬وذلك‬ ‫❖ املوصولية‪ :‬املقصود باملوصولية أن يكون املسند إليه‪ّ ،‬‬
‫ْ َّ‬
‫مثال في عدم معرفتنا بشخص املسند إليه‪ .‬أو لزيادة التقرير مثلما جاء في قوله تعالى‪َ { :‬و َر َاو َدت ُه ال ِتي ُه َو ِفي َب ْي ِت َها َع ْن‬
‫الظاملُو َن }‪ 50.‬هي ّ‬ ‫َ ْ َ َ َّ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ ْ َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ َّ َّ ُ َ ّ َ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ ُ َ ُ ْ ُ َّ‬
‫عرف‬ ‫َّللا ِإنه رِبي أحسن مثواي ِإنه ال يف ِلح ِ‬ ‫نف ِس ِه وغلق ِت األبواب وقالت هيت لك ۚ قال معاذ ِ‬

‫ّ‬ ‫‪ 48‬ينظر ّ‬
‫كل املعطيات املتعلقة بعملية اإلسناد اإليضاح في علوم البالغة محمد بن عبد الرحمن بن عمر أبو املعالي جالل الدين القزويني الشافعي املعروف بخطيب دمشق‬
‫تحقيق محمد عبد املنعم خفاجي دار الجيل بيروت الطبعة الثالثة‪ .‬وينظر شرح عقود الجمان في علم املعاني والبيان جالل الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي تحقيق‬
‫ان في ع ْلم ْاملَ َعاني َو ْال َب َي ْ‬
‫ان عبد الرحمن بن أبي بكر جالل الدين السيوطي‬ ‫الج َم ْ‬
‫ود ُ‬‫د‪ .‬إبراهيم الحمداني ‪-‬د‪ .‬أمين دار الحبار الكتب العلمية الطبعة األولى ‪2011-‬مـ‪ .‬وينظر ُع ُق ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫تحقيق عبد الحميد ضحا دار اإلمام مسلم للطباعة والنشر والتوزيع القاهرة الطبعة األولى ‪ 1433‬هـ ‪2012-‬م‪.‬‬

‫‪ 49‬سورة يس ‪.16/15/14/13‬‬
‫‪ 50‬سورة يوسف ‪.23‬‬
‫اسمها وهي زليخة أو راعيل باسم املوصول (التي) لزيادة تقرير فعل املراودة‪ ،‬كونه في بيتها‪ .‬وكقول الشاعر عبدة‬
‫الطبيب‪:‬‬
‫إن الذين ترونهم إخوانكم ‪ ...‬يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا‪.‬‬
‫في هذا البيت جاء التعريف باسم املوصول (الذين) والسبب هو ضيق املقام حيث ال يمكن تسمية كل واحد‬
‫املتحد ِث عنهم إخوانهم‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫باسمه‪ ،‬ضف إلى ذلك تنبيه املخاطب إلى كون‬
‫ين}‪51.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ون َع ْن ع َب َادتي َس َي ْدخلون َج َه َّن َم َداخر َ‬ ‫ْ‬
‫ين َي ْس َتكب ُر َ‬ ‫ال َرُّب ُك ُم ْاد ُعوني َأ ْس َتج ْب َلك ْم ۚ إ َّن الذ َ‬
‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وفي قوله تعالى‪{َ :‬و َق َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫في هذه اآلية تعريف آخر للمسند إليه باملوصولية والغرض البالغي من ذلك هو تخصيص جهنم بفعل االستكبار‪.‬‬
‫وفي قول الفرزدق‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إن الذي َس َم َك ّ‬ ‫ّ‬
‫ماء َبنى لنا َبيتا‪ ،‬دعا ِئ ُمه أع ُّز َوأط َو ُل‪.‬‬ ‫الس َ‬
‫والغرض من تعريف املسند إليه باملوصولية (الذي سمك) هو التعظيم من شأنه‪ .‬كونه سمك السماء‪ .‬وهو أمر‬
‫عظيم‪.‬‬
‫يعوض البحر ب ـ (هذا)‪ :‬هذا جميل‪ .‬والغرض من‬ ‫عدة ففي مثالنا األول ّ‬ ‫يعرف املسند إليه باإلشارة ألغراض ّ‬ ‫❖ اإلشارة‪ّ :‬‬
‫ََٰ َ ْ َ ُ َ‬
‫اب ال َرْي َب ۛ ِف ِيه ۛ ُه ًدى‬ ‫ذلك إحضاره في ذهن املتلقي‪ .‬ويتضح تعريف املسند إليه باإلشارة في قوله تعالى‪{ :‬ذ ِلك ال ِكت‬
‫قوة البيان في التعبير عن بعد الكتاب عن قدرة البشر‪.‬‬ ‫ل ْل ُم َّتق َين}‪ 52.‬حيث نالحظ ّ‬
‫ِ ِ‬
‫صورة أخرى من صور تعريف املسند إليه باإلشارة تلك املوجودة في قوله تعالى‪{ُ :‬أ ََٰولئ َك َع َل َٰى ُه ًدى م ْن َ ّبه ْم َو ُأ ََٰولئكَ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِر ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ُْ‬
‫ُه ُم امل ْف ِل ُحون}‪ 53.‬فقد أفاد اسم اإلشارة زيادة الداللة على املقصود من اختصاص املذكورين قبله باستحقاق‬
‫الهدى من ربهم والفالح‪.‬‬
‫ومن أمثلة اإلشارة كذلك قول ابن الرومي مادحا وزير املعتمد‪:‬‬
‫فردا في محاسنه‪.....‬من نسل شيبان بن الضال والسلم‪.‬‬ ‫هذا أبو الصقر ً‬
‫حيث استعمل اإلشارة للممدوح زيادة في قيمته‪.‬‬
‫❖ باأللف والالم‪ :‬والغرض من تعريف املسند إليه باأللف والالم هو اإلشارة إلى ش يء معهود في ذهن املتلقي كقوله‬
‫َ َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ ْ َ‬
‫س الذك ُر كاألنث َٰى }‪ 54.‬بمعنى ليس الذكر الذي يتمناه الناس كاألنثى التي وهبت ملا لها من شأن في مستقبل‬ ‫تعالى‪{ :‬ولي‬
‫الزمن‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫اجة كأ َّن َها ك ْوك ٌب ُد ّ ِر ٌّي}‪ 55.‬فكلمتا (مصباح‪/‬زجاجة) جاءتا‬ ‫الز َج َ‬ ‫اجة ُّ‬ ‫اح في ُز َج َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َْ ٌ‬
‫وفي قوله تعالى‪ِ { :‬فيها ِمصباح ِاملصب ِ‬
‫ّ‬ ‫ثم جاءتا ّ‬ ‫نكرة في االستعمال األول ّ‬
‫معرفتين وذلك لعهديتهما داخل السياق اللغوي‪.‬‬
‫الد ِار ْأم‬ ‫ألت َ ْس َم ّ‬ ‫يعرف املسند إليه لغرض االختصار كقول حسان بن ثابت في قصيدته َ َ‬ ‫❖ باإلضافة‪ :‬غالبا ما ّ‬
‫أس ر‬
‫ُ‬
‫مارَية َ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ ُ ََْ‬ ‫َْ َ ْ‬
‫فض ِل‪.‬‬‫الكريم‪ ،‬امل ِ‬ ‫ِ‬ ‫قبر ِأب ِيهم قب ِر اب ِن ِ‬ ‫لم تس ِأل‪ :‬أوالد جفنة َ حول ِ‬
‫كل األوالد‬ ‫ألن مقام الكالم يقتض ي االختصار فال يمكن ذكر ّ‬ ‫عرف املسند إليه باإلضافة (أوالد جفنة) وذلك ّ‬ ‫فقد ّ‬
‫كل واحد باسمه‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ْ‬ ‫وقد تستعمل اإلضافة لغرض نسبة الش يء لصاحبه كقول الشاعر َو َق َ‬
‫ال َج ْع َفر بن علبة ال َح ِارِث ّي‪:‬‬

‫‪ 51‬سورة غافر‪.60‬‬
‫‪ 52‬سورة البقرة‪.2‬‬
‫‪ 53‬سورة لقمان‪.5‬‬
‫‪ 54‬سورة آل عمران‪.36‬‬
‫‪ 55‬سورة النور‪.35‬‬
‫َّ‬
‫هواي َم َع الركب اليمانين مصعد ‪ ...‬جنيب وجثماني ِب َمكة موثق‪.‬‬
‫حيث نسب الهوى (هوى أنا) لنفسه وهو أدق في التعبير‪.‬‬

You might also like