You are on page 1of 79

‫د‪ .

‬خديجة وادي‬

‫‪1‬‬
2
‫ال يستطيع علم النفس النمو االبتعاد عن مسألة أصل املعرفة وطبيعتها‪.‬‬
‫من الواضح أن بياجيه وضع هذا السؤال في قلب برنامجه لنظريته‬
‫املعرفية التكوينية‪.‬‬
‫يعارض بياجيه (‪ 1936‬؛ ‪ )1937‬بشدة فكرة أن معرفتنا معرفة محددة‬
‫ً‬
‫مسبقا ويدافع عن فكرة مفادها أن املعرفة تنشأ في عالقة باملوضوع ‪.‬‬
‫فال وجود لبنيات قبلية ‪ ،‬مادامت املعرفة تبنى و تكتسب‪ ،‬و قد واجه‬
‫هذا النهج البنائي ً‬
‫تحديا من قبل دعاة املناهج الفطرية‪ .‬من هنا يمكننا‬
‫أن نشير إلى املواجهة بين بياجيه و تشومسكي ‪ ،‬في عام ‪ ، 1975‬حول‬
‫مشكلة اكتساب اللغة والتي أدرك خاللها تشومسكي بسهولة أن‬
‫مفاهيمه الفطرية تتعارض ً‬
‫تماما مع البنيوية البياجاوية‬

‫‪3‬‬
‫كان االهتمام بهذا النقاش الكالسيكي بين الفطري واملكتسب نتيجة‬
‫سعيدة للتطور غير املسبوق في العمل املكرس لدراسة التطور املعرفي‬
‫للرضع‪ .‬و مهما كان النموذج النظري فقد انخرط الباحثون في سباق‬
‫من أجل النضج املبكر حيث تم السعي إلى اكتشاف الحالة الصفرية‬
‫للمعرفة باإلشارة إلى الحالة األولية للتطور‪ :‬الوالدة‪.‬‬
‫كانت الفكرة الضمنية في هذا البحث هي االقتراب قدر اإلمكان مما تم‬
‫تحديده بيولوجيا‪ .‬كان تسليط الضوء على املهارات املبكرة عند‬
‫مصحوبا ‪ ،‬في معظم األوقات ‪ ،‬بمناقشات حية‬‫ً‬ ‫األطفال حديثي الوالدة‬
‫ً‬
‫حول طبيعة املعرفة املحددة مسبقا‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫على الرغم من االهتمام الواضح الذي يمثله ‪ ،‬على املستوى النظري ‪ ،‬هذا‬
‫التعارض بين التحريبيين والفطريين ‪ ،‬فمن الواضح أن النقاش قد‬
‫ً‬ ‫أحرز ً‬
‫تقدما ضئيال فيما يتعلق بأصل املعرفة عند األطفال‪ .‬إنها بالتأكيد‬
‫واحدة من االنتقادات التي عبر عنها علماء األحياء البارزون مثل‬
‫فرانسوا جاكوب الذي شبه بياجيه بالالماركية العصبية الجديدة ‪،‬‬
‫والتي كانت أصل تجديد مسألة أصول املعرفة بفضل تطوير النماذج‬
‫القائمة على التطور الجنيني‪.‬‬
‫وبالتالي يفترض أن بعض الهياكل الدماغية والوظائف النفسية املرتبطة‬
‫بها يتم تثبيتها من خالل التنظيم الذاتي الذي ينشأ من التفاعل بين‬
‫التراث الجيني لألنواع والخبرة الفردية‪ .‬و ليس ألن السلوك ينتقل وراثيا‪.‬‬
‫و يمكن العثور على هذه املشكلة بوضوح ضمن‬
‫النماذج التي طورها علماء األحياء ‪)Piaget1967) ،‬‬

‫‪5‬‬
‫تطورت نظرية بياجيه في البداية في عام ‪ ، 1936‬وسادت لفترة‬
‫طويلة كنموذج شبه حصري للتطور املعرفي للطفل‪ .‬كان هذا‬
‫االحتكار‪ ،‬موضع تساؤل خالل السبعينيات والثمانينيات من‬
‫القرن املاض ي من قبل العديد من الدراسات حول املهارات‬
‫اإلدراكية واملعرفية لألطفال الصغار‪ .‬طرح هذا العمل فكرة أن‬
‫الرضيع يتمتع بمهارات مبكرة ‪ ،‬أي امتالك مهارات يمكن‬
‫مالحظتها في وقت أبكر بكثير مما يفترض بياجيه‪ .‬ترجع حالة‬
‫"الرضيع الكفء" إلى حد كبير إلى تطوير تقنيتين‪ :‬تقنية النظرة‬
‫التفضيلية وتقنية التعود‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫األول‪ ) Fantz1956( :‬يستدعي النموذج املقترح مراقبة توزيع مدة‬
‫التثبيت البصري على هدفين ‪ ،‬بوضعهما جنبا إلى جنب ‪ ،‬و يفترض‬
‫أن يتفاوتان ‪.‬‬
‫(الشكل واللون والحجم وترتيب العناصر ‪ ،‬وما إلى ذلك)‬
‫إذا نظر األطفال إلى هدف أطول من اآلخر ‪ ،‬يستنتج الباحثون أن‬
‫األطفال قد قاموا بترميز املعلومات املوجودة في األهداف‪ ،‬وأنهم ال‬
‫يعتبرون الهدفين متكافئين ‪ ،‬وأنهم اكتشفوا وميزوا الفرق املوجود‬
‫بين الهدفين‪.‬‬
‫يفترض الحديث عن التفضيل البصري( خارج اللغة) إذ ينظر الطفل‬
‫إلى كل هدف مرة واحدة على األقل عالوة على ذلك ‪ ،‬إذا لم ينظر‬
‫األطفال إلى أي من الهدفين أو إذا نظروا إلى كال الهدفين بنفس‬
‫القدر ‪ ،‬فلن يظهروا تفضيال بصريا‪ ،‬لكن ال يمكننا أن نستنتج أنه‬
‫ال يوجد تمييز بين الهدفين‪ .‬لتجنب هذا النوع من املآزق‪ ،‬تم‬
‫استخدام أسلوب التعود بشكل متكرر‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫الثاني‪ :‬نموذج التعود (عندما يتميز زمن التعلم بالتغير ويعتمد على‬
‫نشاط الرضيع) أو (عندما يحدد الباحث وقت التعلم)‬
‫ونقف عند عامل التعود بعد قياس وقت التثبيت من خالل العرض‬
‫املتكرر لنفس الحافز‪ .‬ثم بعد فترة التعلم هذه ‪ ،‬يتم تقديم الهدف‬
‫املألوف في املنافسة أو بالتناوب مع هدف جديد خالل فترة االختبار‪.‬‬
‫بشكل عام ‪ ،‬يميل األطفال إلى التحديق في الهدف الجديد لفترة‬
‫أطول منه في الهدف املألوف‪ُ .‬يظهر رد الفعل على الحداثة ‪ ،‬الذي‬
‫لوحظ خالل فترة االختبار ‪ ،‬أن الرضع قادرون على مقارنة الحافز‬
‫الجديد بالهدف املحفوظ املألوف ‪ ،‬تمييزا تاما بين أحدهما واآلخر‪.‬‬
‫)‪(de Heering ،2010‬‬

‫‪8‬‬
‫هذه التقنيات ‪ ،‬التي استخدمت في البداية للتشكيك‬
‫في املهارات اإلدراكية للرضع ‪ ،‬جعلت من املمكن‬
‫إظهار أن املولود لديه عدد كبير من املهارات التي ‪،‬‬
‫على الرغم من هشاشتها ‪ ،‬تشهد على قشرة‬
‫وظيفية‪ ،‬وبالتالي تناقض املؤلفين املختلفين الذين‬
‫افترضوا أن املظاهر البصرية توحي بأن القشرة‬
‫املخية ال يمكن أن تشتغل خالل األسابيع األولى من‬
‫الحياة (برونسون ‪ 1974 ،‬؛ جونسون ‪)1990‬‬
‫‪9‬‬
‫لقد أوضح سالتر وموريسون وسومرز (‪ ، )1988‬بإن أحد‬
‫االختبارات الحاسمة لألداء القشري هو إدراك التوجهات‪ .‬بعد‬
‫فترة من التعود البصري على املنبهات التي تتكون من شرائط‬
‫سوداء وبيضاء (مصفوفة مربعة) مقدمة بشكل غير مباشر ‪،‬‬
‫تجعل األطفال حديثي الوالدة يستجيبون عندما يتم تقديم‬
‫نفس هذه املحفزات لهم في اتجاه مختلف (مرآة)‪ .‬وباملثل ‪،‬‬
‫فإنه يشهد على مشاركة القشرة الدماغية في التحكم في النشاط‬
‫اإلدراكي للوالدان‪:‬‬
‫تفضيل وجه األم هو نتيجة التعلم اإلدراكي السريع للغاية من‬
‫خالل االتصال مع وجه األم (مورتون ‪ ،‬ديرويل‪) 1995 ،‬‬

‫‪10‬‬
‫أظهرت البيانات عبرالعديد من الدراسات‪ ،‬أن الرضيع‬
‫قادر على االستجابة لالختالفات اإلدراكية وأن يصبح‬
‫على دراية بالبيئة املحيطة بة‪ ،‬هذا البحث تم إجراؤه‬
‫على بعض من األطفال حديثي الوالدة (سالتر‬
‫وجونسون ‪ 1998 ،‬؛ سالتر ‪ 1995 ،‬؛ ‪ )1997‬و قد تم‬
‫التأكيد أنه قبل فترة طويلة من القدرة على التصرف‬
‫ً‬
‫جسديا في بيئتهم ‪ ،‬اكتسب األطفال مهارات معرفية‬
‫كافية لتمكينهم من فهم بيئتهم ‪.‬‬
‫‪11‬‬
‫كان لهذا التساؤل التجريبي ألسس نظرية ”بياجيه“‬
‫نتيجة مباشرة إلثارة السؤال الضروري عن طبيعة‬
‫املهارات املبكرة‪ ،‬و يمكن فهم هذه املهارات التي‬
‫كشفت عنها هذه الدراسات املختلفة على أنها معرفة‬
‫أولية أو مظهر من مظاهر املعدات املعرفية األولية‬
‫للرضيع ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫تم تبرير رفض نظرية" بياجيه "من قبل‬
‫الفطريين من خالل الفصل بين مفهومي‬
‫الكفاءة و املهارة‪ .‬فقد أكد "تشومسكي“‬
‫(‪ ")1965‬مثال بأن االكتساب ال يمنح إمكانية‬
‫الوصول املباشر إلى املهارة نظرا ألن العديد‬
‫من العوامل يمكن أن تحد من التعبير عنها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫إن النزعة الفطرية التي يدافع عنها هي أقرب إلى الحتمية املسبقة‬
‫القائمة على حجج "التحفيز الضعيف" التي طرحها أفالطون‬
‫في البداية‪ .‬و تستند هذه الحجج إلى فكرة أن كل البنيات‬
‫العقلية وكل املعرفة املنظمة املعقدة ال يمكن أن تكون خالصة‬
‫تجارب حسية‪ ،‬فمثال‪ ،‬فالتجربة اللغوية القائمة على أساس‬
‫ً‬
‫يومي تكون خاطئة أحيانا وغير كاملة في أشكالها ‪ ،‬ولكنها قبل‬
‫كل ش يء متنوعة للغاية‪ ،‬ومع ذلك ينتج الطفل العديد من‬
‫الجمل الجديدة التي لم يسمع بها من قبل‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫هذه الكفاءات تظهر أن الطفل ال يتعلم القواعد‬
‫بتكرار ما سمعه بل من خالل كفاءات قبلية‬
‫جاهزة‪ .‬كما أن وجود القواعد النحوية الفطرية‬
‫يفسر أسباب تطور جوانب معينة من اللغة‪ ،‬على‬
‫الرغم من أصالة تجارب كل طفل والخصائص‬
‫البيئية الخاصة التي يجدون أنفسهم فيها‪ .‬كما‬
‫تشرح أيضا األسباب التي تجعل مهارات األطفال‬
‫اللغوية تتجاوز تعلماتهم‪ ،‬والعكس بالعكس ‪،‬‬
‫فاألداء ال يعكس مهارة ما ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫كان للفصل بين الكفاءة واملهارات نتيجة مهمة أدت إلى خلق‬
‫برنامج عمل موجه إلى املوهوبين مما أدى إلى تسليط‬
‫الضوء على الكفاءات املبكرة بشكل متزايد ‪ ،‬لدرجة أنه لم‬
‫يعد من املمكن تفسير املوهبة بأي نظرية أخرى غير تلك التي‬
‫اقترحها الفطريون‪.‬‬
‫لقد أطلق فيشر وبايدل (‪ )1991‬في هذا الصدد مشروع بحث‬
‫أساسه الوقوف عند حجة النضج ‪ ،‬و مفادها أنه إذا أظهر‬
‫األطفال مهارات معرفية لم يكن من املمكن تعلمها أو تكوينها‬
‫من خالل نشاطهم الحس ي ‪ ،‬فهذا يعني أنهم فطريون (أو‬
‫مقيدون بالفطرة) ‪ .‬و يستمر هذا البحث حتى يومنا هذا‬
‫باستخدام تقنية التعود عند األطفال الخدج حديثي الوالدة‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫‪(Lejeune ،Audeoud ،Marcus ،Streri ،‬‬
‫)‪Debillon ،& Gentaz ،2010‬‬
‫لقد خلص هذا العمل إلى قدرة هؤالء األطفال على‬
‫معالجة شكل األشياء بطريقة مماثلة لتلك التي‬
‫لوحظت عند حديثي الوالدة العاديين‬

‫‪17‬‬
‫إن تطور تقنيات التصوير العصبي مثل التحليل‬
‫الطيفي لألشعة تحت الحمراء يوسع نطاق هذا‬
‫البحث‪ .‬كما يظهر تغيرا في تركيز ”األوكس ي‬
‫إيموغلوبين" "والديوكس ي إيموغلوبين" في‬
‫القشرة الدماغية الخاصة باألطفال الخدج‬
‫بعمر ‪ 28‬أسبوعا استجابة لتحفيز اللمس‬
‫و ‪(Piattelli-Palmarini ،1980). Spelke‬‬
‫)‪Newport (1998‬‬
‫‪18‬‬
‫إن الحجة القائلة بوجود قدرات مبكرة مدعومة بفرضية‬
‫ً‬
‫أساسية ‪ ،‬يدافع عنها الطبيعيون‪ ،‬والتي وفقا لها ال تكفي‬
‫الخبرة لتفسير ظهور املهارات املبكرة‪.‬‬

‫يطرح تساؤال أساسيا عما إذا كانت املعرفة فطرية‪ ،‬بمعنى البحث‬
‫حول ما إذا كانت مستقلة عن التعلم‪ ،‬وليس ما إذا كانت‬
‫مستقلة عن التأثيرات البيئية‪ .‬فالبنية املعرفة متأصلة في‬
‫الكائن الحي ‪ ،‬األمر الذي تم تأكيدة من قبل دوي النزعة‬
‫الفطرية ‪،‬‬
‫‪19‬‬
‫و يدافع كل من تشومسكي (‪)1965 ، 1959‬‬
‫و فودور (‪:)1985 ، 1983‬‬
‫عن هذه الفرضية التي أكداها في عمليهما حول الطبيعة‬
‫الفطرية للتمثل‪ ،‬فمن الواضح أن هذا املوقف يفترض‬
‫وجودا مسبقا لنزعة قائمة على فطرية القيود التي تنظم‬
‫مجال معرفة األطفال‪.‬‬
‫(‪)Spelke ،Breinlinger ،Macomber ،& Johnson ،1992‬‬

‫‪20‬‬
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪21‬‬
‫املحاضرة الرابعة‬

‫‪22‬‬
‫لتبرير معقولية وجود بنية فطرية ‪ ،‬استثمر مؤيدو‬
‫املنهج الطبيعي معطيات علم النفس التطوري‬
‫وطبقوا حجج داروين حول تطور األنواع لتنمية‬
‫اإلدراك‪ .‬حيث راهنوا على حجة مفادها أن علماء‬
‫النفس يتحملون مهمة صعبة تتمثل في دراسة‬
‫اإلدراك عند الكائنات الحية ومع ذلك فإن هذه‬
‫الكائنات هي نتاج قوى تطورية‪.‬‬
‫‪23‬‬
‫تؤدي هذه املالحظة إلى االستنتاج املادي التالي‪:‬‬
‫إذا كان العقل هو ما ينتجه الدماغ ‪ ،‬أو بشكل أكثر‬
‫تحديدا ‪ ،‬إذا كانت وظائفنا املعرفية والعاطفية هي‬
‫أمثلة لعوامل عصبية بيولوجية ‪ ،‬فهي بالضرورة نتاج‬
‫لقوى مرتبطة بتطور األنواع‬
‫) ‪(Cosmides & Toby1994‬‬

‫‪24‬‬
‫على مدى سنوات عديدة‪ ،‬اعتبر أنصار النزعة‬
‫التطورية العالقة بين النمو والتطور‬
‫عبارة عن تكرار لبنيات قديمة (جولد ‪.)1977 ،‬‬
‫و قد تم اقتراح مراجعة حديثة للعالقة بين هذين‬
‫املصطلحين تحت اسم علم النفس التطوري‬

‫‪25‬‬
‫فيما يتعلق بإمكانيات التكيف تم تطوير‬
‫هذا النهج ألول مرة بواسطة‬
‫”علم األحياء االجتماعي“ ‪،‬‬
‫الذي يتكون برنامج بحثه من تحديد‬
‫السلوكيات البشرية التي أصبحت‬
‫استراتيجيات مستقرة أثناء التطور في‬
‫بيئة معينة‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫خالل العقود املاضية ‪ ،‬ظهر شكل جديد من علم النفس‬
‫التطوري‪:‬‬
‫يمتد املبدأ السابق ليشمل جميع أشكال السلوك و يمكن‬
‫بعد ذلك شرح الهياكل العقلية لإلنسان الحديث‬
‫بواسطة مبدأ التكيف التطوري‬
‫)‪ Pinker ،1997‬؛ ‪(Tooby & Cosmides ،1992‬‬

‫‪27‬‬
‫تحتوي الوحدات الداروينية الجديدة على آليات‬
‫معالجة تم اختيارها أثناء تطور الجنس البشري‬
‫لقدرتها على التكيف‪.‬‬
‫)‪(Tooby & Cosmides ،1992‬‬

‫‪28‬‬
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪29‬‬
‫املحاضرة الخامسة‬

‫‪30‬‬
31
‫‪ -‬يتكون الجهاز النفس ي البشري بأكمله من آليات محددة مستقلة عن‬
‫بعضها البعض )‪( (MMH‬فرضية النمطية الضخمة)‬
‫فالتنظيم املعياري للدماغ هو آلية للتكيف موروثة من الضغوط‬
‫االنتقائية التطورية‪ :‬إنها تشكل خاصية كونية للعمارة اإلدراكية‬
‫البشرية ؛و هو فطري ومكرس لحل نوع معين من املشاكل من خالل‬
‫تنفيذ معالجة محددة للمعلومات‪.‬‬

‫‪ -‬االنتقاء ينظر إلى بيئات األجداد على أنها أنظمة للضغط‬


‫االنتقائي تؤدي إلى التطور الضروري آلليات التكيف اإلدراكي‪ .‬تم‬
‫اختيار وتشكيل جميع اآلليات املعرفية الحالية لدينا من خالل‬
‫ضغوط بيئية معينة في وقت معين‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫‪ -‬التكيف‪ :‬إذ يجب تصميم كل آلية‬
‫معرفية‪ .‬و تشكل اآلليات املعرفية آليات‬
‫التكيف مع البيئة‬

‫‪ -‬يحدث التكيف من خالل تشكيل آليات محددة‬


‫‪ -‬واجه أسالفنا أنواعا مختلفة من املشكالت‬
‫بشكل متكرر ‪ ،‬وتم اختيار آليات معرفية محددة‬
‫لحل املشكالت املذكورة ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫يشير علم النفس التطوري إلى تطبيق معرفة علم النفس‬
‫ونظرياته لفهم التطور البشري ضمن نهج تطوري يراهن‬
‫على كل املعارف التي تقدم أساسا لفهم اإلنسان من‬
‫جميع جوانبه‪ ،‬بيولوجية‪ ،‬نورولوجية‪ ،‬أنثربولوجية ‪،‬‬
‫سوسيولوجية‪. ...‬‬

‫‪34‬‬
‫لقد تم اقتراح مناهج الوراثة الالجينية ملحاولة فهم‬
‫تعقيد التطور الجنيني ‪ ،‬و تم توجيهها نحو فهم‬
‫اآلليات التي تنظم التعبير الجيني منذ حوالي‬
‫ثالثين ً‬
‫عاما ‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫تحدى هذا العمل العقيدة املركزية للبيولوجيا‬
‫ً‬
‫الجزيئية التي وفقا لها يتم احتواء البرنامج املسؤول‬
‫عن النمو في تسلسل الحمض النووي وعزله عن‬
‫التأثيرات األخرى لألنظمة البيولوجية والبيئية‬
‫‪(Changeux ،Courrège ،Danchin ،1973 ).‬‬
‫ً‬
‫بنفس الطريقة ‪ ،‬جلبت هذه األعمال تدريجيا فكرة‬
‫أن الهياكل والوظائف مرتبطة بعالقة غير أحادية‬
‫أي ثنائية‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪37‬‬
‫املحاضرة السادسة‬

‫‪38‬‬
‫جلبت أعمال‬
‫‪(Changeux ،Courrège ،Danchin ،1973 ).‬‬
‫فكرة ثنائية االتجاه وهي تأثيرات متبادلة في عالقة‬
‫البنية والوظيفة‪.‬‬
‫بنفس الطريقة التي تتدخل بها البنية في تثبيت‬
‫الوظيفة ‪ ،‬يمكن للوظيفة بدورها تعديل تطوير‬
‫البنيات الطرفية أو املركزية‬
‫‪(Gottlieb ،19911998 ).‬‬
‫‪39‬‬
‫يمكن استخدام الوراثة الالجينية (‪ )épigenèse‬لقياس النشاط‬
‫الجيني‪ .‬وبالتالي فقد ثبت أنه يمكن مالحظة زيادة في هذا‬
‫النشاط ضمن البنيات القشرية السمعية والبصرية اعتمادا‬
‫على التجربة البصرية أو السمعية‪ .‬على الرغم من عدم وجود‬
‫ترجمة عكسية مباشرة من البروتينات إلى ‪ ، mRNAs‬فمن‬
‫املعروف مع ذلك أن البروتينات تؤثر على نشاط ‪.RNA‬‬
‫وهكذا فإن الفسفرة تعدل البروتينات التي يتم نقل‬
‫الفسفوريل إليها‪ .‬تقوم هذه البروتينات بدورها بتنشيط‬
‫البروتينات األخرى التي تسبب ارتباطات ‪mRNA‬السريعة‬
‫(‪1991 ،Gottlieb‬؛ ‪)1998‬‬
‫‪40‬‬
‫من وجهة نظر ارتقائية ‪ ،‬تشير ثنائية االتجاه إلى أن‬
‫الهياكل التشريحية العصبية املشاركة في التطور‬
‫تبدأ في العمل قبل أن تنضج تماما وأن هذا النشاط‬
‫ً‬
‫الذي يمكن أن يكون تلقائيا (عن طريق إطالق‬
‫النواقل العصبية) أو استثارة (بواسطة العوامل‬
‫البيئية املؤثرة) ‪ ،‬تلعب دورا في عملية التطوير‪:‬‬
‫كمايعمل نشاط الوظيفة بمثابة تغذية مرتدة‬
‫للبنية ويوجه تطورها‪.‬‬
‫‪41‬‬
‫يرى( ‪ )2002.Gottlieb‬بأن ثنائية االتجاه هي نتيجة‬
‫منطقية للطبيعة االحتمالية للوراثة الال جينية‪.‬‬
‫وبالتالي ‪ ،‬سيكون للتفاعالت ثنائية االتجاه بين‬
‫البنية والوظيفة تأثيرات متمايزة بالنظر إلى وقت‬
‫حدوثها‪ .‬فمن املرجح أن بعض التجارب تظهر‬
‫وظائف معينة أكثر من غيرها‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫من املالحظ أنه ستحذف وظائف أخرى بسبب ضعف‬
‫االستعمال‪.‬‬
‫لقد تم تجميع هذه األفكار بواسطة ما تم تقديمه من‬
‫طرف ‪ Changeux‬في نموذجه للوراثة الال جينية ‪،‬عن‬
‫طريق التثبيت االنتقائي لنقاط االشتباك العصبي ‪،‬‬
‫والذي تم اقتراحه في بداية في عام ‪ ، 1973‬ثم أعيد‬
‫تطويره عدة مرات‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫يصر هذا األخير على وجود متغير هام مفاده‬
‫أن نفس الرسالة الواردة يمكنها تحديد نسق‬
‫اتصال داخلي مختلف ‪ ،‬مع أنها كذلك قد‬
‫تؤدي إلى تكرار نفس السلوك على الرغم أن‬
‫هذا ال يعني و جود طابع حتمي تام لهذا‬
‫النموذج‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪45‬‬
‫املحاضرة السابعة‬

‫‪46‬‬
‫‪.‬‬
‫‪‬إن ما تجدر اإلشارة إلية هو كون األم تعيش في هذه الفترة‬
‫حساسية من نوع خاص ‪ ،‬فهي تمتص اإلشارات التي يرسلها‬
‫لها الطفل مما يدفعها إلى االهتمام به‪.‬‬
‫‪‬إن جودة و شدة العالقة بين األم والطفل تنشأ من التفاعل‬
‫والتواصل و كل منهما يستحضر قدراته الخاصة وسيعمل‬
‫على التعبير عنها في دوامة فوق جينية والتي هي أساس عملية‬
‫التفاعل‪ .‬إنها عملية استثارة متتالية ومتبادلة‪ ،‬من قبلهما و ال‬
‫ننس ى هنا املعطى البيئي الذي يؤثر فيهما كذلك‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ ‬يأتي الطفل إلى العالم بكفاءات ستتطور بفضل ما تقدمه البيئة مما ينمي‬
‫مهاراته من خالل ما تقدمه األم من دعم‪ ،‬الش يء الذي يطور مهاراته و‬
‫يحفز قدراتها كذلك‪.‬‬
‫‪ ‬إنه نموذج مفاهيمي يفسر التفاعل والتواصل بين األم والطفل‪ ،‬تم بناؤه‬
‫عبر املالحظات التلقائية ً‬
‫وأيضا بالتشابه مع عمليات التنظيم الذاتي في علم‬
‫األجنة وبيولوجيا الخلية‪.‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫في البداية نالحظ لدى الطفل رد فعل االبتسام‪ ،‬ألنه يبتسم بال نية ‪،‬‬
‫لكن رد فعل والدته يجعله يدرك هذا املعنى ويدفعه إلى تكراره عمدا‪.‬‬
‫‪48‬‬
‫و لكي نفهم هذه العملية ال بد أن نؤكد على ثالث أقطاب‬
‫ضمن هذه العملية‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليحاء‬
‫‪ -2‬التشارك‬
‫‪-3‬العمل الثنائي‪.‬‬

‫و عبرها سينشأ اللولب التفاعلي املعين بواسطة التكوين‬


‫التفاعلي‪.‬‬
‫‪49‬‬
‫‪ ‬هذا يعني أن غريزة األمومة غير موجودة‪ .‬ملاذا ا ؟ ألن األطفال لديهم‬
‫أيضا سيتم تطويرها عبر هذه العملية‪،‬‬ ‫كفاءات ‪ ،‬و لألم كفاءات ً‬
‫لكن ال يمكن إثباتها بدون وجود الطفل‪.‬‬

‫‪" ‬كريمر" ‪ ،‬محلل نفس ي من جنيف من مؤسسة "الطب النفس ي‬


‫لألطفال" ‪ ،‬و ‪ D.Stern‬أمريكي من بوسطن ‪ ،‬يفترضان أن الطفل‬
‫يلعب دورا محددا في تشكيل الدافع لدى األم ‪ ،‬وهو ما يمارسه‬
‫بمهارة أكثر أو أقل‪ .‬عندما تنقص وظائف معينة فيه أو في األم أو‬
‫تنحرف ‪ ،‬نشهد انحرافات الحوار‪ .‬من الصعب جدا على األمهات‬
‫رعاية األطفال الخدج جدا ‪ ،‬على سبيل املثال ألنهن ال يملكن‬
‫مهارات الطفل الناضج‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫لكن هناك أيضا تعويض سواء من الطفل أو من األم‬
‫أو من كليهما‪ .‬يتلقى الطفل الرسائل وسوف يتفاعل معها‬
‫منذ الوالدة وحتى قبل ذلك‪ .‬ألنه نشيط ‪ ،‬كما أنه يبعث‬
‫برسائل‪ .‬هذه و في ذلك انبعاث لألم حيث نالحظ نظام‬
‫تعديل متبادل قائم بين اإلثنين‬

‫‪51‬‬
52
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪53‬‬
‫املحاضرة الثامنة‬

‫‪54‬‬
‫االتصال داخل الثنائي‬

‫‪‬يتم االهتمام بالجوانب غير اللفظية للتواصل‬


‫(اللعب ‪ ،‬التقليد ‪ ،‬إلخ) التي يتم تضمينها في سياق‬
‫يؤثر على السلوك‪.‬‬
‫(دائما مع فكرة نظام تعديل متبادل ‪ ،‬وردود فعل‬
‫دائمة)‬

‫‪55‬‬
‫‪‬على مستوى إشارات السلسلة اللفظية ‪،‬‬
‫نبحث عن كيفية استيعاب املوضوع‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪‬املستوى اإليمائي هو انعكاس الواعي للمحاور‪،‬‬
‫ألنه ال يتحكم دائما في ما يحدث على املستوى‬
‫اللفظي‪ (.‬اإلشارة)‬

‫‪57‬‬
‫‪‬ال ينبغي فصل الخطاب اللفظي عن‬
‫الخطاب غير اللفظي‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أ‪ -‬التفاعل املتبادل‪.‬‬
‫‪‬يؤثر الطفل على األم والعكس صحيح‪ .‬لقد‬
‫حددنا الدور املحفز للوالدين في االستثارة‪ ،‬و‬
‫كذلك الدور النشيط للطفل في تطوير‬
‫التفاعل‪.‬‬
‫‪‬يجب أال ننس ى السياق االجتماعي‬
‫واالقتصادي… ‪ ،‬ألن هناك تأثير على التواصل‬
‫بين الثنائي طفل أم‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫ب‪ -‬مستويات التفاعل الثالثة بين األم والطفل‪.‬‬

‫‪‬التنظيم الفردي ‪ ،‬أي أن نظام التنظيم الخاص بالفرد هو‬


‫الذي يحافظ على التوازن‪.‬‬
‫‪‬التنظيم الثنائي ‪ ،‬هو التزامن بين الشريكين الذي يسمح‬
‫بالصيانة والتقدم الجيد لالتصاالت‪.‬‬
‫‪‬التنظيم السياقي‪ .‬كل عضو في الثنائي هو املرسل واملستقبل‪.‬‬
‫ً‬
‫ال ينبغي أبدا عزل فكرة املهارات عن السياق ألنها يمكن أن‬
‫تظل صامتة أو تتراجع أو تختفي إذا لم يكن السياق م ً‬
‫ناسبا‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫إن تجربة الرضيع هي تجربة مشتركة مع‬
‫بيئته وشركائه ‪ ،‬وهي تجربة فريدة من نوعها‪.‬‬
‫كل زوج له أسلوبه الخاص وفريد من نوعه‬
‫لذا في كل مرة البد من فهم األبعاد الثالثة ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫د‪ .‬خديجة وادي‬

‫‪62‬‬
‫املحاضرة التاسعة‬

‫‪63‬‬
‫إن املعرفة التي توفرها البحوث التجريبية تقدم أرضية للوقوف عند‬
‫طبيعة وحدود املهارات الحسية واإلدراكية للرضيع في مجال الرؤية‬
‫والشم وما إلى ذلك‪ .‬و هو الش يء الذي يمكن أن تقوم عليه الدراسة‬
‫النفسية دون أن تحتفظ بنظرة اختزالية ملا يبديه الطفل من كفاءات‬
‫مبكرة‪ .‬و نبدأ من االفتراض األولي أن‪:‬‬
‫الطفل مؤهل لالستجابة الحسية فقط عندما يكون في حالة من‬
‫الهدوء واالنتباه مما يسمح له باستخدام مهاراته‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪ -1‬دور اليقظة‬
‫‪ ‬يرى ‪ Brazelton‬أن حاالت اإلثارة املختلفة للطفل تعتمد على مدى توفر الطفل على قدرة‬
‫للتفاعل مع بيئته واستخدام قوته اإلدراكية في حالة اليقظة املثلى و سيكون قادرا على إدراك‬
‫املعلومات من بيئته و تسمح حاالت اليقظة بما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬تستطيع األم متابعة إيقاع الطفل ألنه ليس دائما متاحا للتفاعل‪.‬‬
‫‪ -‬يستطيع الطفل لتنظيم ردود أفعاله وفقا للمحفزات التي ترسلها له األم => أنها تمنحه‬
‫إمكانية أن التفاعل‪.‬‬
‫‪ ‬وبالتالي ‪ ،‬يمكن للمرء أن ينظم حاالت الطفل من خالل اإلثارة التي تمارسها املنبهات‬
‫الخارجية (موسيقى) و املنبهات الداخلية (ألم ‪ ،‬جوع ‪)...‬‬
‫‪ ‬الطفل‪ .‬يعرف أكثر أو أقل كيفية استخدام إمكانياته عندما يصل إلى مرحلة النضج (وقبل‬
‫كل ش يء كيفية الحصول على إشباعه البيولوجي و النفس ي‪ ،‬ألن الغرض هو السماح للطفل‬
‫بعزل نفسه عن بيئته وعن العديد من املحفزات األخرى‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫تختلف حالة الهدوء و حاالت اليقظة من طفل‬
‫آلخر وحسب التوقيت من اليوم‪.‬‬
‫املدة‪ :‬حوالي ‪ 5‬دقائق عند الوالدة و ‪ 90‬دقيقة عند‬
‫‪ 3‬أشهر‪ .‬هذه خطوة أساسية في فهم الرضيع ‪ .‬وقد‬
‫ساعدت تفسيرات ‪ Brazelton‬في إيجاد أفضل‬
‫وقت "للعب" مع الطفل‪ .‬ال يمكن دراسة الطفل إال‬
‫في هذه اللحظة بالتحديد‪ .‬اللحظات األخرى مفيدة‬
‫للطفل ‪ ،‬لكنها ليست ميسرة للتواصل‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫‪ ‬درست "آني جوفان بيكار" األلم عند األطفال حيث ساد االعتقاد منذ‬
‫فترة طويلة بأن األطفال قادرين على عزل أنفسهم من املنبهات املؤملة‪.‬‬
‫لذلك نعلم اآلن بأن نقص التوتر (انخفاض قوة العضالت) قد تم‬
‫الخلط بينه وبين حالة اإلثارة‪.‬‬
‫‪ ‬عند نقص التوتر فإن الطفل لن يتفاعل مع أي كان‪ ،‬ألنه مرهق‬
‫جسديا أو مرهق نفسيا باأللم ( أي غارق في األلم)‪ ،‬و ليس على العكس‬
‫من ذلك أنه ال يحس باأللم‪.‬‬
‫‪ ‬يحتاج الرضيع إلى حماية والدته من االعتداءات الداخلية والخارجية‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫الرؤية‬
‫‪ ‬منذ الوالدة يستطيع الطفل تتبع جسم ذي ألوان زاهية على مسافة حوالي ‪20‬‬
‫سم‪ .‬ينجذب الطفل إلى الوجوه ‪ ،‬مما يعزز التواصل مع األم ألنه يحفظ مالمحها‬
‫بسرعة مما يخلق لديه التعلق ‪.‬إن اإلدراك البصري مهم في تطوير التواصل مع‬
‫بيئته‪ .‬وسرعان ما سينسق أجزاء من جسده بنظرته ويقلد الكبار‪.‬‬
‫‪ ‬وسيؤدي اهتمامه باملحيط إلى تعزيز االرتباط‪( .‬التواصل النشيط) و بسرعة‬
‫كبيرة ‪ ،‬سيتم تنسيق حركاته مع الرؤية ‪ ،‬كما أنه سيقلد تعابير وجه الشخص‬
‫البالغ (بروز اللسان على سبيل املثال)‪.‬‬
‫‪ ‬و سوف تصبح هذه املهارات أكثر اتساقا بفضل و جود الكبار وخاصة األم التي‬
‫تنتبه لنظرة الطفل و تتبادل معه النظرة‬
‫النظرة‪.‬‬
‫هذا املظهر له بعد تفاعلي رئيس ي ‪ ،‬إنه ظاهرة تبادل الحوار ‪ ،‬واملشاركة حيث‬
‫يتحدى األم والطفل بعضهما البعض‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫االستماع‪.‬‬
‫أ‪ -‬األصوات بشكل عام‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪ ‬تقاس قدرة الطفل على السمع بناء على اإلمكانات املستحثة (نشاط الدماغ في‬
‫املناطق املستخدمة للسمع) لتحديد متى يبدأ الجنين في السمع‪ .‬يتمكن األطفال‬
‫عند ‪ 25‬أسبوعا من عمر الحمل يستطيع الجنين سماع أصوات تبلغ حوالي ‪65‬‬
‫ديسيبل (حول شدة الضوضاء الصادرة عن السيارة) ‪ ،‬ونالحظ أن نشاط الدماغ‬
‫يزداد عند ‪ 35‬أسبوعا من عمر الحمل تكون اإلمكانات املستحثة ناضجة ‪ ،‬أي أن‬
‫بنية هذه اإلمكانات لن تتطور فاألجنة تسمع نفس أصوات البالغين‪.‬‬

‫‪ ‬يتمكن الطفل من أن يسمع قبل الوالدة ‪ ،‬حوالي الشهر السادس من النمو عندما‬
‫يتحول العصب السمعي إلى النخاع‪.‬‬

‫‪ ‬صوت األم‪ :‬يمكن لألطفال التعرف على صوت أمهاتهم ولكن بشرط أال يقوم‬
‫بتعديل نغماته ‪ ،‬مما يدفعنا إلى االعتقاد بأن الطفل ليس حساسا لنسيج الصوت‬
‫وجرسه ورنينه ولكن لتأثيرات الكالم و يفضل األطفال صوت أمهاتهم‪.‬‬
‫‪69‬‬
‫‪ ‬املوسيقى‪.‬‬
‫تستطيع األجنة في الرحم سماع التحفيز الصوتي الخارجي ‪ ،‬مثل املوسيقى فقد‬
‫لوحظ تغير في معدل ضربات القلب في األسبوع الخامس والعشرين وكذلك‬
‫االستجابات السلوكية (مص اإلبهام على سبيل املثال) في األسبوع السادس‬
‫والعشرين تقريبا‪ .‬و ذلك باالستماع على قياس النشاط الدماغي أو القلبي الذي‬
‫يسمح لنا بمعرفة أن الطفل يسمع ويدرك ولكنه ال يسمح لنا بمعرفة كيف سينظم‬
‫هذه التمثيالت (ما إذا كان سيكون أكثر حساسية للموسيقى مثال)‬
‫‪ ‬ضربات قلب الكبار‪.‬‬
‫يجبر الطفل على سماع أصوات قلب شخص بالغ ينبض بوتيرة متوسطة أو منتظمة‬
‫(إذا كانت هذه النبضات عالية التردد ‪ ،‬فالنتيجة ليست هي نفسها)‪ .‬هذا التحفيز‬
‫الصوتي له تأثير مهدئ على الطفل ‪ ،‬بل إنه أكثر فاعلية من الترانيم‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫‪ ‬عملية املص غير الغذائية‪.‬‬

‫يمتص الطفل ”اللهاية“ أثناء تلقيه أصواتا منتظمة ‪ ،‬على سبيل املثال ‪PA PA PA PA‬‬
‫‪ PA‬عندما يستقر إيقاع املص ‪ ،‬يتم تغيير الحافز‪ .BA BA BA BA :‬بينما يواجه‬
‫البالغون صعوبة في التمييز بين هذين الصوتين ‪ ،‬يمكن لألطفال القيام بذلك ويتم‬
‫تعديل إيقاع املص لديهم‪ .‬قبل شهر واحد ‪ ،‬يميز مقاطع الكلمات‪ .‬بعد ذلك ‪ ،‬يتعرف‬
‫على التناقضات الصوتية ولكنه لن يعيد إنتاجها إال الحقا‪ .‬كما أن الطفل حساس‬
‫جدا تجاه لغته األم ‪ ،‬و تختلف املناغاة باختالف اللغة التي يتحدثها من حوله‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫‪ ‬القدرة على التوجه نحو مصدر الصوت‪ .‬منذ الوالدة ‪ ،‬يدير الطفل رأسه في‬
‫اتجاه الصوت ويفتح عينيه ويبكي بعد فترة‪ .‬يسعى لجذب املتحدث إلى نفسه‬
‫للتواصل‪ .‬كل هذه الردود هي سلوكيات تواصل تسهل التعلق‪ .‬تسمح هذه‬
‫القدرة األولى على توجيه نفسه في اتجاه املصدر بالبناء التدريجي لهوية‬
‫املصدر‪ .‬يتعلم الطفل التعرف على والدته من خالل رائحتها وصوتها وتكرار‬
‫جدا ‪ ،‬يعرف الطفل كيف يميز والدته‬ ‫زياراتها وما إلى ذلك ‪ ...‬في وقت مبكر ً‬
‫عن اآلخرين ولكن ليس بالضرورة أن يميز جميع الناس عن بعضهم البعض‪.‬‬
‫لذلك من قدرة يمكنه االستفادة من اآلخرين (التكوين الالجيني باملعنى‬
‫البيولوجي‪ :‬نظرية االنقسام الفتيلي ‪ ،‬تتكاثر الخلية وتعطي خاليا أخرى ‪،‬‬
‫يتطور الكائن الحي على هذا النحو ‪ ،‬التخلق الالجيني املطبق على نمو الطفل‪:‬‬
‫الكفاءة تمنح اآلخرين‬

‫‪72‬‬
‫الطعم‪.‬‬
‫‪ ‬أكثر األسماء املذكورة في هذا املجال من البحث هي أسماء‬
‫‪ Benoît Challe‬و ‪Mac Farlane‬‬
‫و ‪( Lipsitt‬باحث أمريكي مقره بوسطن)‪.‬‬
‫لقد عمل هذا األخير كثيرا على مالجظة قدرة الرضيع على التمييز بين أحاسيس التذوق‪.‬‬
‫ويستخدم عدة أدلة‪ :‬إيقاع املص عند كل نفخة ‪ ،‬ومدة التوقف بين كل نفخة وما إلى ذلك‪.‬‬
‫ويالحظ ‪ ،‬من بين أشياء أخرى ‪ ،‬أن الطفل قادر تماما على التمييز بين الحلويات ‪.‬‬
‫يمكننا اعتبار هذه التوقفات تمهيد للقدرة على التواصل‪ .‬و وفقا لذلك تختلف‬
‫تصريحاتنا وكذلك فترات التوقف عند الكالم ‪ ،‬فهي تتناسب عموما مع طول البيان وفي‬
‫هذه الفترة من الراحة يبدأ املحاور في التحدث كما يعتبر التوقف في الكالم جزء ال يتجزأ‬
‫من عملية التواصل‪.‬‬
‫‪ ‬كلما زادت الصعوبات التي يواجهها الطفل قل تنوع إيقاعات املص ‪ ،‬وهو ما يفسر سبب‬
‫شكوى أمهات األطفال الخدج في كثير من األحيان من بطء مص أطفالهم مما يضطرهم‬
‫إلى إطعامهم بشكل مستمر تقريبا‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫اإلشارات االتصالية‪.‬‬
‫منذ الوالدة ‪ ،‬يتمتع الرضيع بإمكانية التصرف داخل بيئته من‬
‫خالل إرسال إشارات تواصلية‪.‬‬
‫االبتسامة‪.‬‬
‫تظهر االبتسامة االجتماعية واملوجهة بسرعة ‪ ،‬بعد عدة‬
‫أسابيع من الوالدة ‪ ،‬وهي تمثل بداية التفاعالت االجتماعية‬
‫للطفل مع الكبار‪ .‬وجد سبيتز أن الطفل البالغ من العمر ‪35‬‬
‫ً‬
‫أسبوعا يبتسم للوجوه البشرية‪ .‬رأينا االبتسامة االنعكاسية عند‬
‫األطفال الخدج في املقدمة ‪ ،‬إنها فعل عفوي له تأثير كبير على‬
‫يجيا ‪ ،‬ستعمل األم على التواصل االجتماعي مع هذا‬ ‫البالغين‪ .‬تدر ً‬
‫املنعكس وتجعله إشارة اتصال‪ .‬الطفل قادر على فهم تعابير‬
‫ومصالح اآلخرين وكذلك التعبير عن نواياه بطريقة يمكن فهمها‪.‬‬
‫‪74‬‬
‫البكاء‪.‬‬
‫األم قادرة على تمييز صرخات الجوع املختلفة ‪ ،‬صرخات الجوع ‪ ،‬األلم ‪ ،‬الغضب ‪،‬‬
‫إلخ ‪ .1 ...‬الغرض األول من هذا البكاء هو جذب انتباه الكبار حتى يتوقف عن‬
‫املثيرات التي تسبب االنزعاج‪ .‬من خالل البكاء ‪ ،‬يشير الطفل إلى حاجته ملن حوله‪.‬‬
‫‪ .2‬الغرض الثاني هو تفريغ الطاقة‪ .‬كلما كان الطفل يعاني من مزاج عصبي ‪ ،‬كلما‬
‫بكى أكثر‪ .‬عليك أن تدع األطفال يبكون ويطلقون العنان للقلق ‪ ،‬فهذا يسمح لهم‬
‫بتنظيم حاالتهم املتتالية (‪ Brazelton‬ودرجات اليقظة املختلفة) وبالتالي العثور‬
‫على حالة يكون فيها التواصل والتبادل مع من حولهم ً‬
‫ممكنا‪ .‬من خالل هذا البناء ‪،‬‬
‫يصبح الطفل ً‬
‫متاحا لبيئته‪ .‬و للبكاء وظيفة مزدوجة‪:‬‬
‫فهو يمثل وسيلة تواصل وكذلك أسلوب تنظيم للسلوك‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫الشفط‪.‬‬
‫عمل حفر للرضيع‪ :‬هناك حركات سريعة للرأس عندما يتم تحفيزها بلمسة‬
‫في زاوية الفم (يبحث عن زجاجة)‪ .‬إنها استجابة لتحفيز الكبار‪ .‬عملت كاي‬
‫على فترات توقف أثناء الرضاعة الطبيعية ‪ ،‬ووجدت أنه عندما يتوقف‬
‫ً‬
‫الطفل مؤقتا ‪ ،‬تفسرها األم على أنها طلب تحفيز ‪ ،‬فتهز الزجاجة في فم‬
‫الطفل‪ .‬هناك حوار غير لفظي بين األم والطفل ‪ ،‬يمكننا القول أنه عندما‬
‫يتوقف الطفل ‪ ،‬يتوقف عن الكالم وتبدأ األم في التحدث أثناء هز الزجاجة‪.‬‬
‫كلما رجعت األم الزجاجة طالت مدة توقف الطفل‪ .‬لدينا قواعد حوارية بين‬
‫البالغين ‪ ،‬فالطفل يدمج اإليقاع الحواري للغة األم والتواصل اللفظي للكبار‬
‫قبل معرفة كيفية التحدث واستخدامهما‬

‫‪76‬‬
‫الذوق‪.‬‬
‫‪Montagnier Et ChivaHubert‬‬
‫ً‬
‫قام هذين الباحثين بتقديم محاليل مريرة لـ ‪ 34‬طفال ‪ ،‬ثم درسا ردود أفعال‬
‫ً‬
‫الوجه املبرمجة وراثيا‪.‬‬
‫في وقت الحق تم تكوين هذا املنعكس اجتماعيا في التفاعل مع األم ‪ ،‬وهو ينتقل‬
‫من حالة املنعكس الالإرادي إلى حالة وسائل االتصال مع اآلخرين‪.‬‬
‫و إليكم مراحل هذه التجريبة‪:‬‬
‫‪-1‬خالل األشهر الستة األولى ‪ ،‬يظهر لدى األطفال ردود فعل من النوع امليكانيكي‬
‫اتجاه املحاليل الرخوة‪ ،‬و مع كل تحفيز يظهر هذا املنعكس خاما ‪ ،‬بدون فروق‬
‫دقيقة‪.‬‬
‫‪ -2‬بين ‪ 9‬و ‪ 14‬شهرا ‪ ،‬يبدو أن االستجابة تتضاءل ‪ ،‬وتعبيرات الوجه أقل‬
‫تحديدا مقارنة بتعبيرات الوجه األخرى‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫الرائحة‪.‬‬
‫يمكن لألطفال الذين كانوا على اتصال بأمهاتهم (وبالتالي ليسوا أطفاال خدجا)‬
‫التعرف على رائحة األم منذ األسبوع األول بعد الوالدة‪.‬‬
‫يضع أحدهم على كل جانب من الطفل في حالة من اليقظة الهادئة ‪ ،‬سدادة‬
‫قطنية مشربة برائحة ثدي األم وسدادة قطنية مشربة برائحة امرأة أخرى‪.‬‬
‫يستدير الطفل نحو أحدهما واآلخر على التوالي ‪ ،‬ويستقر عندما يكون في‬
‫اتجاه رأسه والدته‪.‬‬
‫هنا أيضا نسجل أحد مكونات االرتباط ( من منظور تفاعلي للتكوين الالجيني)‬
‫حيث يتعلم الرضيع عبر التواصل مع أمه ‪ ،‬وتشعر األم باإلعتراف دون وعي ‪،‬‬
‫وهذا يمنحها شعورا بالرفاهية مما يؤدي إلى إنتاج سلوكيات األمومة التي‬
‫بدورها ستعزز وتشجع الطفل على إعادة إنتاج هذه السلوكيات‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫التعلم‪.‬‬
‫كتبت ”بروفانس“ وهي معلمة سابقة ‪ ،‬في مؤلفها ‪ ، Bébé agit‬و هي توثق حالة طفلة‬
‫نشطة نشرتها ضمن ‪، PUF‬‬
‫بأن مهارات االتصال تعتمد على مهارات التعلم حيث يتعلم الطفل كيفية التعرف‬
‫على املواقف واستغاللها ‪ ،‬و مع أننا قللنا منذ فترة طويلة من قدرات الطفل فهو‬
‫قادر على حل املشكالت املعقدة الناشئة عن بيئة املعقدة و يتعلم التواصل مع‬
‫الكبار و أيضا التمييز بين طريقة اتصال األم وطريقة اتصال األب‪.‬‬
‫كما أكدت ”بينول “مكانة هذه القدرات في النمو الطبيعي للطفل و الحاجة إلى‬
‫االستثمار فيها لحصول التعلم واالستيعاب‪.‬‬
‫و تطرح الفرضية التالية ‪:‬‬

‫إن هذا االستثمار سيكون بالضرورة بين ذاتي ‪ ،‬أي أنه يعتمد على اآلخر‪ .‬لذلك‬
‫سيشكل جزء من تلك الحركة التفاعلية‪ .‬كما يجب أن تكون البيئة آمنة وداعمة‬
‫للطفل‪.‬‬
‫(لهذا السبب يفشل األطفال املعتدى عليهم في املدرسة ‪ ،‬ألن بيئتهم ليست آمنة أو‬
‫مدعومة بشكل كاف) ؛‬
‫‪79‬‬

You might also like