You are on page 1of 16

‫د‪.

‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫الفصل األول ‪ :‬القروض العامة‪:‬‬


‫يعتبر القرض العام من مصادر اإليرادات العامة للدولة‪ ،‬وهو من اإليرادات االئتمانية‪ .‬فقد تحتاج‬
‫الدولة إلى تغطية نفقاتها المتزايدة‪ ،‬بعد أن تكون قد استفدت كافة إيراداتها العادية‪ ،‬فتلجأ إلى اقتراض‬
‫المبالغ التي تحتاجها لتستكمل بها إيراداتها العادية المتحصلة من الدومين و الرسوم و الضرائب‪.‬‬
‫و القروض العامة‪ ،‬تعد موردا من موارد الدولة التي ينتفي بصددها صفة الدورية و االنتظام‪ .‬بل‬
‫وتعد من وجهة نظر الفكر التقليدي موردا غير عادي تلجأ إليه الدولة بصورة استثنائية بحتة‪ ،‬من أجل‬
‫تغطية نفقات غير عادية‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫وتلجأ الدولة عادة إلى القروض العامة في حالتين أساسيتين‪:‬‬
‫‪ .1‬في حالة وصول الضرائب إلى الحجم األمثل‪ ،‬بمعنى أن المقدرة التكليفية القومية‪ ،‬أو ما تعرف بالطاقة‬
‫الضريبية القومية‪ ،‬قد استنفدت‪ .‬فال تستطيع الدولة أن تفرض المزيد من الضرائب‪ ،‬وإال ترتب على ذلك‬
‫آثار اقتصادية بالغة الخطورة تتمثل في تدهور النشاط االقتصادي ومستوى المعيشة‪.‬‬
‫‪ .2‬وفي حالة عدم وصول الضرائب إلى الحجم األمثل‪ ،‬أي قبل استنفاد المقدرة التكليفية القومية‪ ،‬ولكن‬
‫فرض المزيد من الضرائب يستتبعه ردود فعل عنيفة‪ ،‬واستياء عام من جانب المكلفين بها‪ .‬إذ الضرائب‪،‬‬
‫من هذه الراوية لها حدود من طبيعة اقتصادية ومن طبيعة نفسية‪ ،‬تضع قيدا على قدره الدولة في االلتجاء‬
‫إليها‪.‬‬
‫ومعنى ذلك‪ ،‬أن القرض يشكل وسيلة فعالة في يد الدولة لتجميع المدخرات التي ال تستطيع الضريبة‬
‫الحصول عليها‪ ،‬وأنه يشكل وسيلة لتوزيع العبء المالي العام بين المقرضين و المكلفين‪.‬‬
‫وتعد القروض العامة ليس فقط أداة تمويلية‪ ،‬بل وكذلك أداة من أدوات السياسة المالية و االقتصادية‬
‫في كثير من األحيان‪ .‬ولذا فإنه ينبغي على الدولة استخدامها بحذر شديد‪ ،‬لخدمة األغراض االقتصادية‬
‫للدولة‪ ،‬نظرا لثقل عبئها على االقتصاد القومي‪.‬‬
‫وسنقسم دراستنا للقروض العامة إلى ثالثة فصول على النحو التالي‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ماهية القروض العامة وتقسيماتها المختلفة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التنظيم الفني للقروض العامة‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة‬
‫المبحث األول‪ :‬القروض العامة وتقسيماتها المختلفة‪:‬‬
‫المطلب األول‪ :‬القروض العامة‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ .‬رفعت المحجوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪،444‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫يمكن تعريف القروض العامة بأنها" المبالغ التي تحصل عليها الدولة من الغير‪ ،‬مع التعهد بردها‬
‫إليه مرة أخرى عند حلول ميعاد استحقاقها وبدفع فوائد عنها"‪.‬‬
‫ومن تحليل هذا التعريف يمكن أن نكتشف أوجه التشابه و االختالف بين كل من القرض‬
‫والضريبة باعتبارهما من مصادر اإليرادات العامة للدولة‪ .‬فالدولة في القرض العام تحصل على مبالغ‬
‫من الغير‪ ،‬الذي قد يكون أشخاص طبيعية أو معنوية كالبنوك و الهيئات الخاصة أو العامة أو الدولية‪ ،‬أو‬
‫قد يكون من الدول األخرى‪ .‬والدولة هنا تلتزم برد هذا المبلغ بل ويستحق عليه فائدة متفق عليها بداية‪.‬‬
‫ويمكن إيجاز أوجه التشابه بين كل من القرض و الضريبة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -‬أن القرض العام يعتبر موردا من موارد الدولة‪ ،‬وهو بذلك يتشابه مع الضريبة التي هي من أهم الموارد‬
‫العامة على اإلطالق‪ ،‬كما أوضحنا من قبل‪.‬‬
‫‪ -‬أن األشخاص‪ ،‬الطبيعية أو االعتبارية‪ ،‬هم الذين يتحملون عبء كل منهما‪ .‬وال صعوبة في األمر بالنسبة‬
‫إلى الضرائب‪ .‬أما بالنسبة للقرض فيتحمله دافع الضرائب في نهاية المطاف‪ .‬وتفسير ذلك أن الدولة‬
‫عندما تقترض تقوم بدرج قيمة القرض في جانب اإليرادات بالموازنة العامة‪ ،‬وعندما تنتوى الدولة الوفاء‬
‫به تقوم بتسجيله في جانب النفقات بالموازنة‪ .‬وعندما تضعه في جانب النفقات فالبد للدواة من البحث عن‬
‫نورد تحصل منه على إيراد يغطي هذه النفقات‪ .‬وهذا المورد ليس سوى فرض ضريبة جديدة أو رفع‬
‫سعر ضريبة قائمة بالفعل‪ ،‬مما يعني في التحليل األخير أن الذي يتحمل عبء القروض العامة في النهاية‬
‫هم دافعوا الضرائب‪.‬‬
‫‪ -‬إن كل من القرض العام و الضريبة يستلزم صدور قانون بهما‪.‬‬
‫أما أوجه االختالف فهي‪:‬‬
‫‪ -‬إن الضريبة تدفع بصورة نهائية‪ ،‬إذ ال تلتزم الدولة بردها لألفراد‪ ،‬كما ال تلتزم بدفع فوائد عنها‪ .‬أما‬
‫القرض العام فإن الدولة تلتزم برده مع فوائده طبقا للنظام القانوني المنظم إلصدار القرض‪.‬‬
‫‪ -‬إن الضريبة تدفع جبرا بموجب السلطة السيادية للدولة‪ ،‬ولذلك فإن الضريبة تعد من الموارد السيادية‬
‫للدولة‪ .‬أما القرض فاألصل العام أنه يدفع بصورة اختيارية موارد الدولة‪ .‬ويعد القرض اإلجباري صورة‬
‫استثنائية عن األصل العام‪.‬‬
‫‪ -‬إن حصيلة الضريبة ال توجه إلى اإلنفاق في مجال معين‪ ،‬استنادا إلى مبدأ عدم جواز تخصيص‬
‫اإليرادات العامة‪ .‬أما حصيلة القرض العام فإنها تخصص لإلنفاق على وجه معين‪ ،‬يحدده القانون‪ ،‬وفقا‬
‫للظروف التي تتطلب عقد القرض‪ .‬فقد يعقد القرض لسد العجز الطارئ في ميزانية الدولة‪ ،‬أو لتمويل‬
‫شراء أسلحة ومعدات حربية‪ ،‬أو للقيام بمشروع إنتاجي قومي مثل إنشاء مترو األنفاق‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تقسيمات القروض العامة‪:‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫يمكن تقسيم القروض العامة استنادا إلى عدة معايير‪ :‬فمن حيث حرية االكتتاب في القرض يمكن‬
‫تقسيمها إلى قروض اختيارية و إجبارية‪ ،‬ومن حيث نطاقها إلى قروض داخلية وخارجية‪ ،‬ومن حيث‬
‫مدتها إلى قروض مؤبدة وقروض مؤقتة‪ .‬وسنعرض لتلك التقسيمات على التفصيل التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬القروض االختيارية و القروض اإلجبارية‪:‬‬
‫األصل العام‪ ،‬أن القرض يكون اختياريا‪ ،‬إذ يكون لألفراد حرية االكتتاب في القرض من عدمه‪،‬‬
‫وفقا لظروفهم المالية و االقتصادية‪ ،‬وبالمقارنة بين الفائدة التي يحصلون عليها من سندات القرض‪ ،‬وتلك‬
‫التي يحصلون عليها من فرص االستثمار الخرى‪ .‬ومن ثم فإنهم يقررون االكتتاب من عدمه في ضوء‬
‫مصلحتهم الخاصة في المقام األول‪ .‬فالدولة في هذا الصدد‪ ،‬ال تستخدم سلطتها السيادية في عقد القرض‪.‬‬
‫إال أنه خروجا على هذا األصل‪ ،‬قد تضطر الدولة إلى عقد القروض اإلجبارية‪ ،‬حيث تمارس‬
‫سلطاتها السيادية بشأنها‪ ،‬فال يكون لألفراد حرية االكتتاب في القرض من عدمه‪ .‬بل يجبرون عليه‪ ،‬وفقا‬
‫لألحكام التي يقررها القانون‪ .‬ومما هو جدير بالذكر‪ ،‬أن القرض قد يبدأ اختياريا وينتهي إجباريا‪ ،‬كما في‬
‫حالة قيام الدولة بتأجيل ميعاد سداد القرض بإراداتها المنفردة‪ ،‬دون الحصول على موافقة المكتتبين فيه‪.‬‬
‫وتلجأ الدولة إلى القروض اإلجبارية في حاالت معينة‪:‬‬
‫أ‪ .‬في حاالت ضعف ثقة الفراد في الدولة‪ ،‬بحيث لو تركت القروض اختيارية لعزف األفراد عن االكتتاب‬
‫فيها‪ .‬ويكون هذا عادة في فترات عدم االستقرار االقتصادي أو األزمات‪ ،‬حيث يشعر األفراد بعدم‬
‫الطمأنينة تجاه الدولة وقدرتها على الوفاء بالقرض أو الفوائد المستحقة عيله‪ .‬ولذلك فال تجد الدولة مفرا‬
‫أماها سوى فرض القروض اإلجبارية لضمان الحصول على المبلغ التي تحتاج إليه‪.‬‬
‫ب‪ .‬في حاالت التضخم حيث يرتفع مستوى األسعار‪ ،‬نتيجة تدهور قيمة النقود‪ ،‬وعدم قدرتها على شراء ما‬
‫يحتاجه الفرد من السلع و خدمات‪ .‬ولذلك فإن الدولة ال تجد مفرا من عقد القروض اإلجبارية‪ ،‬من أجل‬
‫امتصاص أكبر قدر من القود السائلة‪ ،‬للحد من آثار التضخم الضارة على االقتصاد القومي‪.‬‬
‫ومن نافلة القول‪ ،‬أن عقد القرض اإلجباري يتم بدون تقرير أي فوائد عليه‪ .‬ومن هنا نتبين مدى‬
‫خطورة القروض اإلجبارية وآثارها السيئة في كثير من األحيان على المقرضين‪ ،‬ولذلك فإن اللجوء إليها‬
‫يتم في أضيق نطاق ممكن وفي حاالت الضرورة القصوى‪ .‬وقد تفضل الدولة‪ ،‬في كثير من األحيان‪،‬‬
‫اللجوء إلى اإلصدار النقدي الجديد بدال من عقد القروض اإلجبارية‪.‬‬
‫‪ .2‬القروض الداخلية و القروض الخارجية‪:‬‬
‫يطلق على القروض الداخلية‪ ،‬القروض الوطنية‪ ،‬حيث يكتتب فيها من جانب الوطنيين أو‬
‫المقيمين على إقليم الدولة‪ .‬سواء كانوا أشخاصا طبيعية أو اعتبارية‪ .‬فالسوق الداخلي هو الذي يغطي هذا‬
‫القرض‪.‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫وبناء على ذلك‪ ،‬فإن القروض الداخلية تستلزم توافر المدخرات الوطنية الكافية لتغطية مبلغ‬
‫القرض‪ .‬كما يشترط أن يكون حجم الفائض من هذه المدخرات أكبر من حاجة السوق الداخلي‬
‫االستثمارات الخاصة‪ .‬فمن المعروف اقتصاديا‪ ،‬أن الشخص يفضل عادة استثمار أمواله ومدخراته في‬
‫المشروعات الخاصة‪ ،‬ولذلك فإنه لن يلجأ إلى استثمار مدخراته في شكل االكتتاب في القروض العامة إال‬
‫إذا كان هناك فائض في مدخراته عن حاجة االستثمارات الخاصة‪.‬‬
‫وكما أوضحنا من قبل فإن القروض الداخلية غالبا ما تستخدم في تحيق أغراض قومية‪ ،‬مثل‬
‫تغطية نفقات حرب أو تمويل مشروعات التعمير و البناء نتيجة ما دمرته الكوارث الطبيعية‪ ،‬الزالزل‬
‫والبراكين أو الوفاء بدين خارجي على الدولة‪ .‬وفي مثل هذه الحاالت ال يحقق القرض أي مزايا للمكتتبين‬
‫فيه‪ ،‬نظرا ألن الدولة قد تقرر دفع فوائد بسيطة عنه أو تقرر عدم دفع أي فوائد على اإلطالق‪.‬‬
‫وإذا كانت المدخرات القومية غير كافية لتغطية مبلغ القروض‪ ،‬كما في حاالت الحروب‬
‫واألزمات االقتصادية‪ ،‬فإن الدولة تلجأ إلى المدخرات األجنبية أي إلى القروض الخارجية‪.‬‬
‫والقروض الخارجية هي التي يكتتب فيها األشخاص‪ ،‬الطبيعية و االعتبارية‪ ،‬المقيمون خارج إقليم الدول‪.‬‬
‫فالسوق الخارجي هو الذي يغطي هذا القرض‪.‬‬
‫وكما تلجأ الدولة للقروض الخارجية بسبب عدم كفاية المدخرات الوطنية‪ ،‬فإنها قد تلجأ إليها من أجل‬
‫الحصول على العمالت األجنبية لتغطية العجز في ميزان مدفوعاتها‪.‬‬
‫وفي القروض الخارجية‪ ،‬تتجه الدولة إلى المدخرات األجنبية في الدولة في دولة أخرى‪ .‬ولذلك فإن‬
‫الدولة المقترضة تلتزم بتقديم العديد من الضمانات و المزايا إلى المقرضين فيما يخص سداد القرض‬
‫والفوائد المستحقة عليه‪ .‬وفي الغالب من األحيان‪ ،‬قد يتم تحويل القرض الخارجي إلى قرض داخلي قبل‬
‫حلول أجله‪ ،‬وذلك بعد أن تتحسن ظروفها االقتصادية‪ ،‬فيقوم رعايا الدولة بشراء سندات القروض من‬
‫الدائنين المقيمين في الخارج‪ .‬كما قد يتم تحويل القروض إلى أشخاص مقيمين في الخارج‪ .‬ويختلف‬
‫القرض الداخلي عن القرض الخارجي من عدة أوجه‪:‬‬
‫أ‪ .‬ال يمثل القرض الداخلي أي زيادة على إجمالي الثروة القومية إذ ال يعدو أن يكون مجرد إعادة لتوزيع‬
‫جزء من الثروة لصالح الدولة‪ .‬فهو ينقل جزء من هذه الثروة من جانب المكتتبين إلى جانب القومية‪.‬‬
‫أما القرض الخارجي فإنه يحقق زيادة فعلية في إجمالي الثروة القومية‪ .‬فهو ينقل جزء من الثروة‬
‫الخارجية إلى الثروة القومية‪.‬‬
‫ويترتب على هذا االختالف أن القرض الداخلي ال يؤدي إلى زيادة في القوة الشرائية المتداولة في‬
‫الدخل‪ ،‬ويمثل عائقا أمام االستثمارات الخاصة ومنافسا للقروض الخاصة‪ .‬ويقتصر دوره على إعادة‬
‫توزيع القوة الشرائية بين فئات المجتمع المختلفة‪ ،‬مما يترتب عليه أيضا إعادة توزيع الدخل القومي‪ .‬أما‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫القرض الخارجي فإنه يؤدي إلى زيادة في القوة الشرائية المتداولة‪ ،‬كما أنه ال يعوق االستثمارات‬
‫الخاصة وال يعد منافسا للقروض الخاصة‪.‬‬
‫وأخيرا‪ ،‬فإن عبء سداد القرض الداخلي وفوائده يقع على عاتق األفراد المقيمين في الدولة دون أن‬
‫يؤثر على حجم الثروة القومية‪ ،‬فهو ينقل جزء منها من الدولة إلى المكتتبين في داخل الدولة‪ .‬أما القرض‬
‫الخارجي فإن عبء سداده وفوائده رغم وقوعه على عاتق األفراد المقيمين في الدولة‪ ،‬يؤثر على حجم‬
‫الثروة القومية بالنقصان حيث ينقل جزء منها من داخل الدولة إلى خارجها في دولة أخرى‪.‬‬
‫ب‪ .‬أن القرض الداخلي ال يؤثر على سعر الصرف أو ميزان المدفوعات‪ ،‬لكونه يتم بالعملة الوطنية‪ .‬أما‬
‫القرض الخارجي فلكونه يتم بالعملة األجنبية‪ ،‬فإنه يؤثر على االقتصاد القومي بصورة عامة‪ ،‬كما في‬
‫حالة وجود عجز في ميزان المدفوعات للدولة المقترضة‪ ،‬أو في حالة قلة رصيد التنمية االقتصادية فيها‪.‬‬
‫ت‪ .‬يحمل القرض الداخلي االقتصاد القومي عبء اإلدخار الذي يمثله‪ ،‬أي عبء الحرمان من االستهالك‪.‬‬
‫مما يمثل عبئا اإلدخار‪.‬‬
‫ث‪ .‬يختلف القرض الداخلي عن القرض الخارجي‪ ،‬في كون هذا األخير قد يؤدي إلى عواقب سياسية خطيرة‪.‬‬
‫فمن الجائز أن تتدخل الدولة األجنبية المقرضة في الشئون الداخلية للدولة المقترضة‪ ،‬االقتصادية‬
‫والسياسية‪ ،‬وبصورة خاصة عندما تكون الدولة المقترضة ضعيفة ولم تراع القواعد المالية السليمة في‬
‫عقد القرض‪ ،‬وبالتالي لم تقم بالوفاء بالتزامتها المترتبة عليه‪ .‬مما قد يسمح للدولة المقترضة (األجنبية)‬
‫بالتحكم االقتصادي وفرض السيطرة على الدولة المقترضة‪ .‬وتعد القروض التي عقدها الخديوي‬
‫إسماعيل في أواخر القرن الماضي خير مثال على ذلك‪ ،‬إذ أدت هذه القروض في نهاية المطاف إلى‬
‫فرض السيطرة الجنبية على مصر انتهت باحتاللها من قبل إنجلترا‪.‬‬
‫‪ .3‬القروض المؤبدة و القروض المؤقتة‪:‬‬
‫يقصد بالقروض المؤبدة تلك التي ال تحدد الدولة ميعادا للوفاء بها‪ ،‬مع التزامها بدفع الفوائد‬
‫المستحقة عليها طوال فترة القرض إلى أن يتم الوفاء به‪.‬‬
‫وواقع األمر‪ ،‬أن هذه الصفة‪ ،‬التأكيد‪ ،‬هي حق للدولة فقط دون المكتتبين‪ .‬فيكون للدولة بمقتضاها‬
‫وبإراداتها المنفردة تحديد تاريخ الوفاء‪ ،‬دون أن يكون للمكتتب حق مطالبتها باسترداد قيمة القرض‪.‬‬
‫أما القروض المؤقتة فهي تلك التي تحدد الدولة ميعادا معينا للوفاء بها وتلتزم به أمام المكتتبين‬
‫في القرض‪.‬‬
‫وإذا كانت القروض المؤبدة تتميز بأن الدولة يكون لها مطلق الحرية في تحديد الوقت األكثر‬
‫مالئمة لظروفها االقتصادية و المالية للوفاء به كأن تنتظر إلى أن يحدث فائض في ميزانيتها‪ .‬إال أنه‬
‫يعاب عليها أن الدولة قد تستخدم هذه الحرية بصورة تضر باالقتصاد القومي‪ .‬فمن الناحية الواقعية‪،‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫ستحاول الدولة دائما تأجيل دفع مبلغ القرض باستخدام هذه الرخصة‪ ،‬مما يترتب عليه تراكم الديون‬
‫عليها وتزايد أعباء الفوائد المدفوعة عنها وهو ما يؤثر في النهاية على االقتصاد القومي بالسلب‪.‬‬
‫أما القروض المؤقتة‪ ،‬فتتميز بأن الدولة تلتزم بالوفاء بدين القرض في ميعاده‪ ،‬حتى لو لم يكن‬
‫هذا الميعاد مالئما لظروفها االقتصادية و المالية‪ .‬وهو ما يخلصها من هذا العبء في ميعاده‪ ،‬فتزداد ثقة‬
‫األفراد المكتتبين في الدولة‪ ،‬ويمكنها ذلك من عقد قروض أخرى بصورة متتالية‪.‬‬
‫هذا ويمكن تقسيم القروض المؤقتة من حيث األجل إلى‪:‬‬
‫أ‪ .‬القروض قصيرة األجل‪:‬‬
‫وتعرف هذه القروض بالقروض السائرة أو العائمة أو الكافية‪ .‬وتصدر الدولة هذه القروض لمدة ال‬
‫تتجاوز السنتين‪ ،‬من أجل الوفاء باحتياجاتها المؤقتة خالل السنة المالية‪ .‬وتسمى السندات التي تصدر بها‬
‫هذه القروض بأذونات الخزانة‪ .‬وغالبا ما تلجأ الدولة إلى إصدار أذونات الخزانة لمواجهة العجز‬
‫الموسمي‪ 2‬في الميزانية‪ ،‬وهو العجز الذي يحدث نتيجة تأخر الحصول على بعض االيرادات المقررة في‬
‫الميزانية وخاصة الضرائب‪ .‬فتضطر الدولة إلى إصدار أذونات الخزانة لمدة عدة أشهر‪ ،‬وتقدمها للبنك‬
‫المركزي أو البنوك التجارية مقابل الحصول على قيمتها‪ .‬وفي هذه الحالة تؤدي أذون الخزانة إلى زيادة‬
‫الكمية النقدية المطروحة في التداول‪ ،‬إما عن طريق اإلصدار الجديد الذي يقوم به البنك المركزي‪ ،‬أو‬
‫عن طريق توسع البنوك التجارية في منح االئتمان‪ ،‬أي في خلق األوراق المالية‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فقد‬
‫يقدم الجمهور على شراء هذه األذون‪ ،‬والتي عادة ما تكون قابلة للخصم لدى البنوك‪ .‬وعند ورود‬
‫حصيلة االيرادات المنتظرة تقوم الدولة بسداد قيمة هذه األذون للمكتتبين فيها‪.‬‬
‫ب‪ .‬القروض متوسطة وطويلة األجل‪:‬‬
‫يقصد بالقروض متوسطة وطويلة األجل تلك القروض التي تعقد لمدة تزيد على سنتين وتقل عن‬
‫عشرين عاما‪ .‬ويطلق على هذين النوعيين "القروض المثبتة"‪.‬‬
‫وتعقد الدولة أيا من هذين النوعين لتغطية عجز دائم أو طويل األجل في الميزانية العامة‪ ،‬بحيث ال‬
‫تكفي اإليرادات العادية الخاصة بالسنة المالية لتغطيته‪ .‬و الوفاء بهذا القرض يتم إما في ميعاد معين‬
‫تحدده الدولة من تاريخ اإلصدار‪ ،‬وإما في خالل فترة ممتدة بين تاريخين‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬التنظيم الفني للقروض العامة‪:‬‬
‫تستلزم القروض العامة‪ ،‬منذ إصدارها إلى الوفاء بها‪ ،‬عدة إجراءات قانونية و تنظيمات فنية‬
‫تتصل بعملية إصدار القرض وشروطها و أساليبها و انقضائها‪ .‬وهذا ما يعرف بالتنظيم الفني للقروض‬
‫العامة‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إصدار القرض العام‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫أنظر زين العابدين ناصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪454‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫يقصد بإصدار القرض العام "العملية التي بمقتضاها تحصل الدولة على المبالغ المكتتب بها عن‬
‫طريق طرح سندات‪ ،‬يقوم األفراد باالكتتاب فيها وفقا للشروط التي ينص عليها قانون إصدار القرض‬
‫العام"‪.‬‬
‫ونظرا ألهمية إصدار القرض العام‪ ،‬فإنه يستوجب صدور قانون به من السلطة التشريعية في‬
‫الدولة‪ .‬ويرجع ذلك إلى أن خدمة هذه القروض من دفع الفوائد و الوفاء بقيمتها يتم من حصيلة‬
‫الضرائب‪ ،‬كما أوضحنا من قبل‪ .‬وبما أن الضريبة تفرض بقانون فإن القرض يجب هو األخر أن يصدر‬
‫بق انون‪ ،‬إال أن قانون إصدار القرض العام هو مجرد قانون شكلي إذ ال يتضمن أي قواعد آمرة للقائمين‬
‫في الدولة‪ ،‬شأنه في ذلك شأن قانون الميزانية‪ .‬بل كل ما يتضمنه مجرد موافقة السلطة التشريعية على‬
‫قيام الدولة بإصدار قرض عام بمبلغ معين وطبقا لشروط معينة‪ ،‬وعلى أساس منح مجموعة من‬
‫الضمانات و المزايا للمكتتبين فيه تشجيعا لهم على االكتتاب في سندات القرض‪ .‬أما ما يتعلق باألوضاع‬
‫القانونية‪ ،‬مثل طريقة اإلصدار وسعر الفائدة فإنه يترك للدولة أمر تحديده وفا لظروفها‪ .‬وإذا كان هذا‬
‫ينطبق على القروض االختيارية فإن الوضع يختلف تماما في القروض اإلجبارية‪ ،‬إذ يشترط إلصدارها‬
‫أن يحدد القانون كافة األوضاع و الشروط القانونية المتعلقة بإصدارها‪.‬‬
‫وقد ثار الجدل الفقهي بشأن تحديد التكييف القانوني لعملية إصدار القرض‪ .‬فجانب من الفقه يرى‬
‫أنه يعد عقدا من عقود القانون العام يترتب عليه مراكز قانونية لكل من الدولة و األفراد المكتتبين فيه‪.‬‬
‫ويبرر أصحاب هذا الرأي قولهم على أساس أنه‪ ،‬بالرغم من أن الدولة تستقل وحدها بتحديد الشروط‬
‫المتعلقة بالقرض‪ ،‬إال أن لألفراد حرية مطلقة بشأن االكتتاب فيه من عدمه‪ ،‬وذلك فيما يتعلق بالقروض‬
‫االختيارية‪ .‬ويترتب على هذا التكييف أن الدولة يجب عليها أن تلتزم بشروط العقد و األوضاع التي‬
‫قررتها من البداية‪ ،‬كما أنه ال تملك المساس بهذه الشروط أو تغييرها بإرادتها المنفردة‪ ،‬بل يجب أن‬
‫تحصل على موافقة المكتتبين فيه‪ ،‬وذلك حماية لهم من أي ضرر قد يلحق بهم من جراء هذا التغيير‪.‬‬
‫ويرى جانب آخر أن إصدار القرض العام يعد من أعمال السيادة‪ .‬ويبررون هذا الرأي على‬
‫أساس أن الدولة عند قيامها بإصدار القرض تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة في المجاالت السياسية أو‬
‫الحربية أو االقتصادية أو االجتماعية‪ .‬وهذا الرأي في واقع األمر يفسر لنا حق الدولة في التدخل وتغيير‬
‫شروط القرض بإراداتها المنفردة باعتباره عمال من أعمال السيادة‪.‬‬
‫شروط القرض العام‪:‬‬
‫يمكن أن نطلق على هذه الشروط نظام اإلصدار‪ ،‬الذي يحدد‪:‬‬
‫‪ .1‬قيمة القرض العام‪ :‬ويقصد به المبلغ الذي يصدر به‪ .‬وقيمة هذا المبلغ إما أن تكون محددة منذ البداية‪،‬‬
‫وهو ما يسمى بالقرض محدد القيمة‪ ،‬وإما أن تكون غير محددة وهو ما يعرف بالقرض غير محدد‬
‫القيمة‪.‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫فالقرض المحدد القيمة هو المبلغ الذي تحدده الدولة مقدما‪ ،‬وتقوم بإصدار سندات بقيمته‪ ،‬ويتوقف‬
‫االكتتاب عند بلوغ هذه المبلغ‪ .‬وفي حالة زيادة المبلغ المكتتب به عن المبلغ المحدد سلفا‪ ،‬فإن الدولة‬
‫تتدخل بتخفيض القيمة التي طلب كل فرد االكتتاب بها‪ .‬وقد يتم هذا التخفيض إما عن طريق تخفيض‬
‫القيمة اإلسمية للسند بإتباع طريقة حسابية واحدة تسري على كافة المكتتبين في سندات القرض‪ ،‬أو عن‬
‫طريق مراعاة مصلحة صغار المكتتبين‪ ،‬بعدم تخفيض قيمة االكتتابات التي تقل عن مبلغ معين‪ ،‬وبذلك‬
‫فإن التخفيض يتم بالنسبة لالكتتابات مرتفعة القيمة‪.‬‬
‫أما القرض غير محدد القيمة فقد تدعو الدولة األفراد إلى االكتتاب في مبلغ غير محدد المقدار‪،‬‬
‫على أن تقوم الدولة بتحديد تاريخ معين ينتهي االكتتاب بنهايته‪ .‬وبذلك فإن مقدار القرض يتحدد بحلول‬
‫هذا التاريخ‪ .‬وغالبا ما تلجأ الدولة إلى القرض غير محدد القيمة‪ ،‬في الحاالت معينة‪ ،‬مثل أوقات الحروب‬
‫أو الكوارث‪.‬‬
‫‪ .2‬أنواع سندات القرض‪:‬‬
‫قد تأخذ القروض العامة شكل سلفيات‪3‬أو تسهيالت مالية تقدمها البنوك الوطنية أو األجنبية أو الهيئات‬
‫الدولية للدولة‪ .‬كما قد تأخذ شكل سندات حكومية تصدرها الدولة وتطرحها في عملية االكتتاب العام‪.‬‬
‫وتأخذ هذه السندات أشكاال ثالثة‪:‬‬
‫أ‪ .‬السندات اإلسمية‪ :‬وهي تلك السندات التي يقيد اسم مالكها في سجل خاص للدين‪ ،‬يحفظ في إدارة‬
‫القروض العامة بوزارة المالية وتسلم إليه شهادة باسمه تثبت حقه تجاه الدولة‪ .‬وتعد تلك الشهادات نفسها‬
‫هي السندات االسمية‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك‪ ،‬أن انتقال ملكيتها يتطلب تعديل البيانات الواردة في الشهادة و السجل‪ ،‬وإحالل اسم‬
‫المالك الجديد محل اسم المالك القديم وبدون هذه اإلجراءات فال يعتد بنقل ملكيتها قيل الدولة باعتبارها‬
‫المدين بقيمة السند‪.4‬‬
‫ب‪ .‬السندات لحاملها‪ :‬فهي تلك السندات التي ال يقيد اسم مالكها في سجل خاص‪ ،‬بل القاعدة أن حائز السند‬
‫مالكه‪.‬‬
‫ويترتب على ذلك‪ ،‬أن انتقال ملكيتها يتم بمجرد نقلها من شخص إلى آخر بالمناولة اليدوية‪ ،‬دون‬
‫حاجة إلجراء أي قيد أو أي إجراء قانوني معين‪ .‬وعادة ما تلحق بهذه السندات قسائم أو كوبونات قابلة‬
‫لالنفصال عن السند األصلي‪ ،‬يعبر كل منها عن الفائدة المستحقة في تاريخ معين‪ ،‬وتدفع الفوائد عن‬
‫طريق تقديم القسيمة أو الكربون المحدد فيه التاريخ المقرر لكل فائدة في موعده‪ ،‬بغض النظر عن‬
‫شخصية حامله أو حائزة‪ ،‬باعتبار أن الحيازة في المنقول سند الملكية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪.‬عبد الهادي النجار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.242‬‬
‫‪4‬‬
‫‪..‬زين العابدين ناصر مرجع سابق ص ‪964‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫وتمتاز السندات لحاملها بسهولة تداولها دون أي إجراءات شكلية أو قانونية‪.‬‬


‫ت‪ .‬السندات المختلطة‪ :‬وتأخذ هذه السندات شكال وسطا بين السندات اإلسمية و السندات لحاملها‪ .‬فهي‬
‫تقترب من السندات االسمية في ضرورة قيد اسم المكتتب فيها في سجل خاص‪ ،‬وال تنتقل ملكيتها إال بعد‬
‫تغيير البيانات الواردة في السجل‪ .‬وتقترب من السندات لحاملها بالنسبة لتحصيل الفوائد‪ ،‬فدفعها يتم‬
‫لحاملها بعد تقديم الكوبونات‪ ،‬بغض النظر عن شخصية هذا الحامل‪.‬‬
‫وهذا النوع يجمع بين مزايا وعيوب كل من السندات اإلسمية ولحاملها السالف توضيحها‪.‬‬
‫اختيار طريقة االكتتاب‪:‬‬
‫يمكن للدولة أن تلجأ إلى عدة طرق فنية مختلفة في سبيل االكتتاب في السندات الحكومية‪ .‬ويمكن أن‬
‫نحدد هذه الطرق على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬االكتتاب العام المباشر‪ :‬وتتمثل هذه الطريقة في قيام الدولة بطرح سندات حكومية مباشرة إلى الجمهور‬
‫لالكتتاب فيها‪ ،‬مع تحديد ميعاد بداية االكتتاب ونهايته‪ ،‬والشروط و الزايا التي تمنح للمكتتبين‪.‬‬
‫وتتميز هذه الطريقة بأنها توفر على الدولة مبالغ العمولة التي يتقاضاها الوسطاء‪ ،‬كالبنوك مثال‪ ،‬كما‬
‫أنها تضمن رقابة فعالة على عملية اإلصدار‪ ،‬ويترتب على ذلك منع استئثار كبار الرأسماليين بسندات‬
‫القرض‪.‬‬
‫ويشترط لنجاح هذه الطريقة‪ ،‬أن يتوفر لدى الجمهور الثقة الكافية في مالية الدولة‪ ،‬ومع ذلك فإن لهذه‬
‫الطريقة مخاطرها‪ ،‬أهمها مخاطر عدم تغطية القرض‪ ،‬مما يضعف الثقة في الدولة‪ ،‬ولذلك فعادة ما‬
‫تفضل الدولة طريقة االكتتاب عن طريق البنوك أو البيع في البورصة‪.5‬‬
‫‪ .2‬االكتتاب عن طريق البنوك‪ :‬وفي هذه الحالة تلعب البنوك دور الوسيط في تغطية القرض‪ ،‬عن طريق‬
‫قيام الدولة ببيع سنداتها إلى البنوك مقابل عمولة تحصل عليها‪ ،‬تتمثل في الفرق بين المبلغ االسمي‬
‫للقرض و المبلغ الذي تدفعه للدولة عند شراء السندات‪ .‬وتقوم البنوك ببيعها إلى األفراد الراغبين في‬
‫االكتتاب‪ ،‬على أن تحتفظ لديها بالسندات التي لم تتمكن من تصريفها في السوق‪.6‬‬
‫وتلجأ الدولة في بيع سندات القرض للبنوك‪ ،‬إلى طريق الممارسة أو المزايدة‪ .‬فيتم بيع القرض لمن‬
‫يرسو عليه المزاد أو للبنك الذي يقدم أفضل الشروط‪.‬‬
‫وتتميز هذه الطريقة‪ ،‬أن الدولة تضمن تصريف جميع السندات‪ ،‬وحصولها على حصيلة القرض على‬
‫وجه السرعة‪ .‬وإن كان يعاب عليها حرمان الدولة من مبلغ هام يتمثل في الفرق بين المبلغ االسمي‬
‫للقرض و المبلغ الذي تدفعه البنوك فعال للدولة ثمنا للسندات المبيعة و الذي يمثل في الحقيقة األمر فائدة‬
‫القرض‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫رفعت المحجوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪454 ،459‬‬
‫‪6‬‬
‫‪ .‬زين العابدين ناصر‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪979 ،971‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫‪ .9‬البيع في البورصة‪ :‬تلجأ الدولة إلى بيع السندات في بورصة األوراق المالية‪ ،‬في حالة إذا كان المبلغ‬
‫المطلوب اقتراضه محدودا‪ ،‬وكانت الدولة في غير حاجة سريعة أو عاجلة إليه‪.‬‬
‫وتواجه هذه الطريقة مخاطر تتمثل في حالة طرح السندات الحكومية في البورصة دفعة واحدة‪ ،‬مما قد‬
‫يؤدي إلى عدم وجود طلب كاف لشراء هذه السندات وبالتالي إلى إنخفاض ثمنها‪ ،‬مما يضر بالمركز‬
‫المالي للدولة‪ .‬باإلضافة إلى أن انخفاض سعرها يعني ارتفاع سعر الفائدة‪ ،‬وهو ما يشكل عبئا ماليا‬
‫إضافيا على الدولة‪ .‬ولذلك فإنه من األفضل أن يجري طرح السندات في البورصة بصورة تدريجية‬
‫وعدم طرحها دفعة واحدة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬انقضاء القرض العام‪:‬‬
‫يتم انقضاء القرض العام برد قيمته إلى مكتتبين فيه‪ ،‬وتنطبق على القروض العامة قاعدة وجوب‬
‫التخلص من الديون بالوفاء بها طالما كان ذلك ممكنا‪.‬‬
‫وقد يتم تخفيف الدين العام إما بالوفاء به‪ ،‬أو بتخفيض سعر الفائدة المقررة عليه‪ ،‬ويمكن إجمال‬
‫طرق انقضاء الدين العام في أربع طرق رئيسية‪ :‬الوفاء‪ ،‬التثبيت‪ ،‬التبديل و أخيرا االستهالك‪.‬‬
‫‪ .1‬الوفاء‪ :‬يقصد بالوفاء رد قيمة القرض بأكمله إلى المكتتبين فيه‪ .‬وال يتصور انقضاء القرض بواسطة‬
‫الوفاء به إال بنسبة للقروض المحددة المبلغ‪ ،‬لكي تتمكن الدولة من تدبير سدادها من ماردها العادية‪.‬‬
‫ولذلك فمن غير المتصور الوفاء بالقروض الضخمة‪ ،‬حيث يكون من الصعب على الدولة سدادها دفعة‬
‫واحدة‪ ،‬بل يتم استهالكها على عدة سنوات‪.‬‬
‫‪ .2‬التثبيت‪ :‬ويقصد به قيام الدولة بتحويل القرض قصير األجل‪ ،‬عندما يحل أجله‪ ،‬إلى قرض متوسط األجل‬
‫أو طويل األجل‪.‬‬
‫ويتم التثبيت عن طريق إصدار قرض متوسط األجل أو طويل األجل بنفس مبلغ القرض القصير‬
‫األجل‪ ،‬مع السماح لحملة سندات األخير باالكتتاب في القرض الجديد عن طريق تقديم أذونات الخزانة‬
‫التي يملكونها‪ ،‬وعندئذ فإنه يتم تثبيت القرض قصير األجل في الحدود التي يقبل فيها أصحاب السندات‬
‫االكتتاب في القرض الجديد‪.‬‬
‫وإذا لم يرغب حاملو السندات قصيرة األجل‪ ،‬االكتتاب في القرض الجديد‪ ،‬فإن الدولة تكون ملزمة‬
‫برد قيمة القرض‪.‬‬
‫وقد يكون التثبيت اختياريا أو إجباريا‪ :‬ويكون اختياريا عندما يكون لحاملي أذون الخزامة االختيار‪،‬‬
‫بين الحصول على قيمة القرض وبين تحويلها إلى قروض متوسطة أو طويلة األجل‪ .‬وعادة ما تقدم‬
‫الدولة للمقرضين القدامى المزايا التي تعوضهم عن استرداد قيمة القرض‪ ،‬مثال ذلك أن ترفع سعر الفائدة‬
‫عند إجراء التثبيت‪.‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫ويكون التثبيت إجباريا إذا ألزمت الدولة حاملي اذون الخزانة على االكتتاب بسنداتهم في القرض‬
‫الجديد متوسط أو طويل الجل‪ .‬ويكون ذلك عادة‪ ،‬في حالة عدم قدرة الدولة على رد قيمة القرض عند‬
‫حلول اجله‪ .‬ويترتب على ذلك ضعف الثقة في مالية الدولة مما يضر بائتمانها العام‪ .‬ولذلك فال تلجأ‬
‫الدولة إلى التثبيت اإلجباري إلى في حاالت الضرورة القصوى‪.‬‬
‫‪ .9‬التبديل‪:‬يقصد بتحويل أو تبديل القرض العام إحالل قرض جديد بسعر فائدة منخفض محل قرض قديم‬
‫بسعر فائدة مرتفع‪ .‬وهذا التجديد في الدين‪ ،‬يترتب عليه تخفيف عبء خدمة الدين على الخزامة العامة‪.‬‬
‫ويتميز تبديل الدين بأنه يوفر الوقت و الجهد و المال‪.‬‬
‫أ‪ .‬شروط التبديل‪:7‬‬
‫‪ .1‬أن تتوفر ثقة المقرضين في الدولة‪ ،‬فإذا لم تتوافر هذه الثقة فإنهم سيختارون رد القرض دون تجديده‪.‬‬
‫‪ .2‬أن تكون الفائدة المقترحة للقرض مساوية على األقل للفائدة الجارية في السوق أو أعلى منها قليال‪ ،‬وإال‬
‫فإن المقرضين سيفضلون إقراضها للغير بسعر الفائدة الجاري في السوق‪.‬‬
‫‪ .9‬أال تكون المدة المقترحة للقرض الجديد طويلة‪ .‬وعادة ما تلجأ الدولة ضمانا لنجاح عملية التبديل إلى‬
‫تقرير بعض المزايا‪ ،‬ومنها إعفاء القرض الجديد من الضرائب‪ ،‬أو منح مكافأة مالية لمن يقبل التبديل‪ ،‬أو‬
‫تحديد مدة قصيرة لرد القرض إذا كان القرض األصلي غير محدد المدة‪ ،‬أو رفع سعر الفائدة عن السعر‬
‫الجاري في السوق ولو قليال‪.‬‬
‫ب‪ .‬صور التبديل‪:‬‬
‫قد يكون التبديل إجباريا إذا قامت الدولة بتخفيض سعر الفائدة دون موافقة الدائنين‪ .‬وهذا التبديل‬
‫يضر بالسمعة المالية للدولة ويضعف الثقة فيها‪.‬‬
‫وقد يكون التبديل اختياريا بأن تعلن الدولة رغبتها في تخفيض سعر الفائدة‪ ،‬ويكون لحاملي‬
‫إذونات الخزانة حرية االختيار أما أن يقبلوا تخفيض الفائدة وتبديل القرض‪ ،‬أو أن يسترد قيمة القرض‬
‫األصلي‪.‬‬
‫هذا ويأخذ التبديل أشكاال متعددة أهمها التبديل على التكافؤ‪ ،‬التبديل على التبديل مع دفع الفرق‪،‬‬
‫وأخيرا التبديل دون التكافؤ‪. 8‬‬

‫‪ .4‬استهالك القرض العام‪:‬‬


‫يقصد باستهالك القرض العام رد قيمته بصورة تدريجية إلى المكتتبين فيه‪ .‬ويترتب على ذلك إيقاف‬
‫الفائدة المقررة عليه‪ ،‬أي تخفيض العبء المالي على الخزانة العامة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫عبد الهادي النجار‪ ،‬مرجع سابق ص ‪244‬‬
‫‪8‬‬
‫المرجع السابق‪ :‬ص ‪244‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫ويعد االستهالك أكثر الطرق الفنية شيوعا إلنقضاء القروض العامة‪ ،‬وخاصة القروض متوسطة‬
‫وطويلة األجل‪ ،‬ويتم االستهالك بصورة تدريجية خالل فترة معينة‪ ،‬حتى إذا انتهت هذه الفترة تكون‬
‫الدولة قد أكملت سداد القرض‪.‬‬
‫وقد يكون االستهالك إجباريا بالنسبة للدولة أو اختياريا‪9‬بالنسبة لها‪:‬‬
‫‪ .1‬ويكون االستهالك إجباريا بالنسبة للقروض المؤقتة التي تحدد لها الدولة ميعادا تلتزم فيه بسدادها‪ .‬ويتم‬
‫االستهالك التدريجي في هذه الحالة بعدة صور‪ :‬منها االستهالك العام على أقساط سنوية محددة‪ ،‬وفي هذه‬
‫الحالة تدفع الدولة سنويا لحاملي السندات جميعهم قسطا يتضمن الفائدة السنوية‪ ،‬وجزءا من أصل‬
‫القرض‪ .‬وقد يتم االستهالك بالقرعة‪ ،‬ويتم ذلك عن طريق إخراج بعض السندات بطريق القرعة على أن‬
‫تسدد لحامليها قيمتها االسمية بالكامل‪.‬‬
‫‪ .2‬ويكون االستهالك اختياريا‪ ،‬عندما يكون للدولة الحق في أن تقوم بسداد القرض في الوقت الذي تراه‬
‫مالئما‪ .‬ويطبق ذلك عادة بالنسبة للقروض المؤيدة‪ ،‬إذ ال تكون الدولة ملزمة برد القرض في أجل معين‪،‬‬
‫بل يكون لها وبإرادتها المنفردة‪ ،‬أن تحدد أجل الرد‪ .‬كما يتوفر لها هذا الحق بصورة جزئية في حالة‬
‫القروض ذات األجلين‪ .‬فقد تلتزم الدولة‪ ،‬بالنسبة للقروض طويلة األجل‪ ،‬برد القرض في أجل معين‪،‬‬
‫ولكنها تحتفظ لنفسها بحق الرد في تاريخ سابق عليه‪ ،‬وتعد هذه الطريقة وسطا بين االستهالك االجباري‬
‫المحدد األجل و االستهالك االختياري غير محدد األجل‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬اآلثار االقتصادية للقروض العامة‪:‬‬
‫للقروض العامة آثارا واسعة ومتباينة على النشاط االقتصادي و التوازن االقتصادي في‬
‫مجموعه‪ .‬فتعد أداة من أدوات المالية العامة‪ ،‬تغيرت النظرة إليها مع تغير دور الدولة من الدولة الحارسة‬
‫إلى المتدخلة إلى المنتجة‪ ،‬فلم تعد مصدرا استثنائيا من مصادر اإليرادات العامة‪ .‬فأصبحت الدولة‬
‫تستعين بها إلحداث آثار اقتصادية و اجتماعية‪ .‬وإن كان ما زال يتعين اللجوء إليها في أضيق نطاق‬
‫ممكن وفي حدود ما يمكن أن تحدثه من آثار مواتية على االقتصاد القومي‪.‬‬
‫وواقع األمر‪ ،‬أن آثار القروض العامة تتداخل مع آثار الضرائب العامة‪ ،‬نظرا لكون األولى تعد‬
‫ضرائب مؤجلة‪ ،‬كما رأينا حيث تقوم الدولة باالقتراض في مرحلة أولى لعدم توافر الظروف المناسبة‬
‫لفرض المزيد من الضرائب‪ ،‬ثم تأتي وفي مرحلة ثانية‪ ،‬وخاصة عند استهالك القرض العام‪ ،‬وتفرض‬
‫ضرائب جديدة يستخدم عائدها في تسديد أصل القرض وفوائده‪.‬‬
‫وتمتد آثار القروض العامة إلى المتغيرات الرئيسية في االقتصاد القومي‪ .‬فتؤثر على مستوى‬
‫اإلنفاق العام ومن ثم فهي تساهم في التوسع في اإلنفاق العام و االستثمار العام على حساب اإلنفاق‬
‫واالستثمار الخاص‪ ،‬مما يؤثر بالتالي على مستوى الدخل القومي‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫‪ .‬رفعت المحجوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ص ‪472 ،474‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫كما أنها تؤثر في الكمية النقدية المتداولة‪ ،‬وفي الميل لالستهالك و االدخار‪ .‬أضف إلى ذلك أنها‬
‫تؤثر بصورة كبيرة على توزيع العبء المالي بين األجيال المختلفة‪.‬‬
‫واستنادا إلى ما تقدم يمكن تلخيص آثار القروض العامة على النحو التالي‪:‬‬
‫‪ .1‬أثر القروض على االستهالك و االدخار‪:‬‬
‫تؤثر القروض العامة على االستهالك و االدخار من خالل ما تؤدي إليه من إعادة توزيع الدخل‬
‫القومي‪ .‬وعادة ما يتم هذا التوزيع لصالح الميل لإلدخار على حساب االستهالك‪ .‬فالقروض تمنح العديد‬
‫من المزايا و الضمانات و التسهيالت لصغار المدخرين‪ ،‬من أجل تشجيعهم على االدخار و االكتتاب في‬
‫سندات القروض العامة‪ .‬ومن جهة نظر صغار المدخرين‪ ،‬يكون توظيف مدخراتهم في السندات‬
‫الحكومية أكثر سهولة وأمنا وأقل خطرا من توظيفها في السندات الخاصة‪ .‬مما يؤدي إلى رفع الميل‬
‫لالستهالك‪ .‬وبمعنى آخر‪ ،‬فإن األفراد عادة ما يفضلون االكتتاب في‬ ‫لالدخار و انخفاض الميل‬
‫سندات القروض العامة من مدخراتهم المعدة لالستثمار‪ ،‬على أساس كم المزايا و الضمانات التي تغريهم‬
‫على زيادة االدخار‪ ،‬على حساب االستهالك‪.‬‬
‫‪ .2‬أثر القروض على االستثمار‪:‬‬
‫يترتب على عقد القروض‪ ،‬وما يستتبعه من دفع فوائد منتظمة وأصل الدين إلى المقرضين‪ ،‬انخفاض‬
‫األرباح المتوقعة‪ ،‬ومن ثم انخفاض الكفاية الحدية لرأس المال‪ ،‬وبالتالي انخفاض الميل لالستثمار‪ .‬أضف‬
‫إلى ذلك‪ ،‬أن التوسع في القروض العامة يجعل الدولة ترفع من سعر الفائدة كوسيلة جذب لألفراد‬
‫لالكتتاب في سندات القروض العامة‪ .‬وارتفاع سعر الفائدة يؤثر بالسلب في الميل لالستثمار الخاص‪.‬‬
‫فاألفراد المكتتبين في القروض العامة يسحبون موالهم من االستثمارات الخاصة‪ ،‬مما يمثل ضررا بالغا‬
‫باالستثمارات الخاصة‪.‬‬
‫‪ .3‬أثر القروض على زيادة كمية النقود‪:‬‬
‫تقترن القروض التي تقدمها البنوك إلى الدولة بزيادة كمية النقود المطروحة في التداول‪ .‬ويترتب على‬
‫ذلك‪ ،‬أنه في حالة وصول االقتصاد إلى مرحلة التشغيل الكامل فإنها تحدث آثارا تضخمية بالغة‬
‫‪10‬‬
‫الخطورة‪ .‬ويشكل هذا النوع من القروض نسبة كبيرة من مجموع القروض العامة‪ .‬فاكتتاب البنوك في‬
‫القروض العامة يتم عادة عن طريق خلق كمية جديدة من النقود‪ ،‬يتم ذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أ‪ .‬حينما يقوم البنك التجاري باالكتتاب في القروض العامة فإنه يفعل ذلك عن طريق إصدار نقود جديدة‪.‬‬
‫ب‪ .‬تؤدي إعادة خصم أذون الخزانة لدى البنك المركزي إلى رؤية زيادة الكمية النقدية‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫رفعت المحجوب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪474،444‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫ت‪ .‬عادة ما تقوم البنوك التجارية التي تكتتب في السندات الحكومية بخلق ودافع ائتمانية جديدة مقابل ما يدخل‬
‫محفظتها المالية من هذه السندات‪ .‬ومعنى ذلك أن السندات الحكومية‪ ،‬وخاصة أذون الخزانة‪ ،‬تدخل في‬
‫حسابات نسبة السيولة المصرفية التي تحدد حجم الودائع‪ ،‬وتؤدي بالتالي إلى زيادة الودائع االئتمانية‪.‬‬
‫ث‪ .‬قد يحدث أن تترك الدولة المبالغ التي اقترضتها من البنوك التجارية لدى هذه البنوك على سبيل الوديعة‪،‬‬
‫على أن تقوم باستخدامها في الوفاء بالتزاماتها‪ .‬وفي هذه الحالة يكون النظام المصرفي ككل قد اكتتب في‬
‫القروض العامة بنقود كتابية إضافية‪.‬‬
‫‪ .4‬أثر القروض في توزيع العبء المالي العام‪:‬‬
‫يوزع القرض العبء المالي له بين المقرضين و المكلفين بالضرائب‪ .‬كما أنه يرتب نوعين من‬
‫األعباء‪ :‬عبء على الخزانة العامة للدولة أي التزامات الخزانة تجاه المقرضين وتتمثل في دفع فوائد‬
‫القرض‪ ،‬ورد أصله و االمتيازات التي تقدمها الدولة للمكتتبين في القرض العام ويسمى هذا العبء‬
‫"بالعبء المالي للقرض"‪ .‬أما النوع الثاني فهو عبء على االقتصاد القومي‪ ،‬أمي مدى ثقل القرض على‬
‫الحياة االقتصادية بكل جوانبها منذ لحظة اإلصدار حتى السداد‪ .‬ويعرف هذا العبء "بالعبء االقتصادي‬
‫للقرض"‪ ،‬فالقرض هنا ال يلقى فقط عبئا اقتصاديا على االقتصاد القومي‪ ،‬بل يوزعه على الفئات المختلفة‬
‫و األجيال المختلفة‪ ،‬مما يؤثر على اإلنتاجية القومية و الرفاهية االقتصادية (أي على مدى ما يحققه‬
‫الدخل القومي)‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬اإلصدار النقدي الجديد‪:‬‬
‫قد تضطر الدولة في بعض األحيان‪ ،‬لمواجهة نفقاتها المتزايدة وعجز الميزانية‪ ،‬إلى اللجوء‬
‫لطريقة اإلصدار النقدي‪ ،‬ولذلك حينما ال تستطيع أن تواجه الزيادة في نفقاتها استنادا إلى مصادر‬
‫اإليرادات العادية‪ ،‬الرسوم و الضرائب‪ ،‬أو مصادر اإليرادات االئتمائية‪ ،‬القروض‪ .‬فتقوم الدولة بإصدار‬
‫كمية جديدة من النقود وطرحها في التداول‪ .‬ويعرف ذلك بالتضخم المالي‪ ،‬أو التمويل عن طريق‬
‫التضخم‪.‬‬
‫ويؤدي اإلصدار النقدي الجديد إلى انخفاض قيمة النقود مما يشكل عبئا إضافيا على دخول‬
‫وثروات األفراد‪.‬‬
‫ويقصد بالتضخم زيادة وسائل الدفع ومن ثم زيادة الطلب الكلي على سلع االستهالك‪ ،‬وبصورة‬
‫ال يستجيب لها العرض الكلي لهذه السلع مما يؤدي إلى ارتفاع األثمان وانخفاض قيمة النقود‪.‬‬
‫فالتضخم‪ ،‬بالمعنى االقتصادي‪ ،‬يعني أن زيادة كمية النقود المطروحة للتداول تدفع األفراد إلى‬
‫زيادة الطلب على السلع‪ ،‬وخاصة االستهالكية‪ ،‬دون وجود إنتاج كاف لتغطية هذه الزيادة‪ ،‬وبالتالي يقل‬
‫العرض وترتفع أثمان السلع‪ ،‬ومن ثم تصبح تلك النقود غير قادرة على شراء ما يلزم أصحابها لسد‬
‫احتياجاتهم‪ .‬وهو ما يعرف اقتصاديا بانخفاض وتدهور قيمة النقود‪.‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫أما في الدولة النامية‪ ،‬وبالرغم من عدم وصول االقتصاد إلى مرحلة التشغيل الكامل‪ ،‬فإن‬
‫جهازها اإلنتاجي ال يتمتع بأي مرونة مما يحول دون زيادة اإلنتاج لمواجهة الزيادة في الطلب الكلي على‬
‫سلع االستهالك‪ ،‬أي إلى حدوث التضخم‪.‬‬
‫وهناك مبرران‪11‬لاللتجاء إلى وسيلة اإلصدار النقدي الجديد‪ :‬األول‪ :‬أنه يعتبر حافزا على‬
‫االستثمار‪ .‬ذلك أن اإلصدار الجديد يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية للنقود وبالتالي ارتفاع األثمان‪ ،‬مما‬
‫يؤدي إلى زيادة األرباح و التوسع في االستثمار القائم وظهور فرص جديدة لالستثمار‪ .‬كما إنه يؤدي إلى‬
‫توزيع الدخول لصالح أصحاب الدخول المرتفعة على حساب أصحاب الدخول المحدودة‪ ،‬مما يعني زيادة‬
‫االدخار على حساب االستهالك‪ .‬ويعد هذا المبرر غير فعال‪ ،‬بل قد يكون خطرا‪ .‬فالواقع أن الذي يعوق‬
‫االستثمار هو عدم وجود طلب كاف‪ ،‬وعدم التنسيق بين الصناعات القائمة بالفعل‪ .‬وال يؤثر اإلصدار‬
‫النقدي (التضخم) على هذين العاملين‪ .‬أضف إلى ذلك‪ ،‬أنه ليس صحيحا أن إعادة توزيع الدخول يتم‬
‫لصالح الدخول المرتفعة مما يترتب عليه زيادة االدخار‪ .‬ففي فترات التضخم ال يتوقف االدخار على‬
‫الدخل فحسب‪ ،‬بل يؤدي المناخ التضخمي إلى نقص حجم المدخرات‪ .‬فالزيادة في الدخول المرتفعة ال‬
‫تؤدي إلى زيادة المدخرات‪ ،‬ولكن إلى زيادة استهالك السلع الكمالية المستوردة‪ .‬مما يترتب عليه زيادة‬
‫في اختالل ميزان المدفوعات‪ ،‬حيث أن زيادة استهالك السلع الكمالية ال يحقق أي حافز للتنمية‬
‫االقتصادية‪ .‬الثاني‪ :‬إن اإلصدار النقدي يعتبر وسيلة ضرورة لتمويل االستثمار العام و الحصول على‬
‫الوسائل الالزمة لبرامج التنمية‪ .‬ففعاليته تكمن فيما يسمح به من تحويل للموارد لتحقيق أهداف التنمية‪.‬‬
‫ففي هذه الحالة يؤدي اإلصدار النقدي إلى تكوين إدخار إجباري لتمويل مشروعات إنتاجية لها أثر هام‬
‫على معدالت التنمية االقتصادية‪ .‬فالتضخم يسمح للدولة بالحصول على موارد عينية وتخصيصها‬
‫لالستخدامات األكثر فائدة للتنمية االقتصادية‪ .‬إال أن هذا األثر ال يمكن أن يكون دائما‪ ،‬فهو يرتبط بمدى‬
‫قبول أو تحمل الطبقات االجتماعية التي تعتبر ضحية لتضخم نتيجة انخفاض نصيبها من الناتج القومي‪،‬‬
‫أي أنه ينتج أثره في الفترة التي ال تشعر فيها هذه الفئات بعبء التضخم عليها‪ .‬أما إذا انتبهت لهذا األثر‬
‫وطالبت برفع دخولها لمواجهة الزيادة في تكاليف المعيشة‪ ،‬فإن اإلصدار الجديد يفقد أثره هذا‪.‬ومن‬
‫الوسائل المتبعة في هذا الصدد‪ ،‬للمحافظة على أثر اإلصدار النقدي‪ ،‬وسائل الرقابة المتعددة التي تفرض‬
‫على األثمان وعلى الجور وعلى تخصيص الموارد‪ .‬ولهذا يجب أن تؤخذ هذه النتائج في االعتبار عند‬
‫اللجوء إلى اإلصدار النقدي لتمويل التنمية‪ .‬وإن كان اللجوء إلى هذا األثر يكون في أضيق الحدود أيضا‪.‬‬
‫المراجع‬

‫‪ .1‬إسماعيل شابي‪ .‬ماجدة شلبي "اقتصاديات النقود و البنوك" ‪2444/2444‬‬

‫‪11‬‬
‫‪.‬باهر عتلم‪ ،‬مرجع سابق ص ص ‪914 - 944‬‬
‫د‪.‬سعداوي نعيمة‬ ‫المحور الخامس‪:‬اإليرادات غير العادية‬

‫‪. .2‬أعمر يحياوي ‪ ،‬مساهمة في دراسة المالية العامة وفق التطورات الراهنة درا هومة ‪،‬‬
‫‪2414‬‬
‫‪ .9‬إيمان الشاعر "االقتصاد المؤسسي الجديد مع التركيز على إمكانية تطبيقه في مجال‬
‫العمل الجماعي في قطاع الزراعة المصري" – شركاء التنمية للبحوث و االستثمارات‬
‫و التدريب‪2447 -‬‬
‫‪ .4‬باهر عتلم– المالية العامة ومبادئ االقتصاد المالي – دار النهضة مصر للطبع و النشر‬
‫– الطبعة األولى ‪. 1479‬‬
‫‪ .5‬حمد سلمان سالمة ‪ ،‬االدارة المالية العمة ‪،‬دار المعتز للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪ ،‬االردن‬
‫‪2414،‬‬
‫‪ .6‬خالد شحادة الخطيب ‪ ،‬أحمد زهير شامية ‪ ،‬اسس المالية العمة ‪ ،‬دار وائل للنشر‪2449،‬‬
‫‪ .7‬د‪ .‬محمود طنطاوي الباز محاضرات في أدوات و اقتصاديات المالية العامة‪ ،‬سنة‬
‫‪.1446‬‬
‫‪ .4‬لحسن دردوري ‪ ،‬لقيطي االخضر ‪ ،‬اساسيات المالية العامة ‪ ،‬دار حميثر للنشر والتوزيع‬
‫والترجمة‪2414،‬‬
‫‪ .4‬ماجدة شلبي ‪ ،‬المالية العامة‪ :‬قضايا معاصرة و رؤى جديدة في ظل التحول في دور‬
‫الدولة ‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪.،2419،‬‬
‫‪.‬دمحم دويدار‪ ،‬دراسات في االقتصاد المالي‪ ،‬الدار الجامعية‪. 1445 ،‬‬ ‫‪.14‬‬
‫محمود رياض عطية‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬دار المعارف بمصر سنة ‪ ،1464‬وفي‬ ‫‪.11‬‬
‫نفس المعنى د‪ .‬رفعت المحجوب‪ ،‬المالية العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬سنة ‪. 1475‬‬

You might also like