أستاذ المقرر :أ.د .علي عبد الرازق إبراهيم
علم االجتماع الحضري :االتجاهات النظرية :
أوال :االتجاهات النظرية التقليدية
رواد علم االجتماع الرواد المؤسسين لعلم االجتماع الحضري ثانيا :االتجاهات الراديكالية في علم االجتماع الحضري االتجاه الفيبري الجديد االتجاه الماركسي الجديد أوال :االتجاهات النظرية التقليدية : رواد علم االجتماع : • لقد كان ومازال ألعمال الرواد الثالثة المعروفين دوركايم ،وماركس وفيبر تأثيرها الواضح على علم االجتماع عموما وعلم االجتماع الحضري تحديدا. أ ـ أميل دوركايم 1858( Durkheim, Eـ )1917 يرى دوركايم أن المجتمع أشبه بكائن حي لديه القدرة على تحديد مصيره الخاص وتشكيل سلوك أفراد، والنموذج الوظيفي لدوركايم يحلل المجتمع على أنه نظام متداخل األجزاء ـ االقتصاد واألسرة والحكومة...الخ ،هذه األجزاء يحكمها نظام قيمي وإنساني عام ومجموعة من المعايير والقيم ،أن هذا الشعور الجمعي هو الذي يقدم األساس العاطفي الذي يتمكن من خالله المجتمع التحكم في الصراع وفي تطلعات األفراد ورغباتهم. ميز دوركايم بين ما أسماه التضامن اآللي Mechanic Solidarityللمجتمعات الصغيرة خالل مرحلة ما قبل الصناعة وبين التضامن العضوي Organic Solidarityللمجتمعات الصناعية الحديثة ،وتتصف العالقات في المجتمعات من النوع األول بأنها عالقات شخصية أو ما يطلق عليها عالقات الوجه للوجه -يكون تقسيم العمل محدودا ،أن الناس في مثل هذا المجتمع يعرفون بعضهم البعض اآلخر وتقوم الغالبية منهم بمجموعة كبيرة من األعمال وال يتخصصون في عمل واحد بعينه ويكون من السهل معرفة الصواب والخطأ -وتكون األسرة والمؤسسات الدينية من أهم مؤسسات الضبط وتتصف الحياة في المجتمعات الصناعية الحديثة بالتقسيم المكثف للعمل ويغلب على العالقات الطابع الالشخصي عالوة على تعدد الجماعات العرفية وتنوع الثقافات الفرعية وأساليب الحياة ،كما تتصف هذه المجتمعات بدرجة أكبر من المطالبة بالحقوق الفردية وبتنوع معايير السلوك بجانب الشعور الجمعي العام، تابع -االتجاهات النظرية التقليدية : ب ـ كارل ماركس (1818ــ )1883وفريدريك انجلز (1820ــ )1895 المادية التاريخية و النظر إلى ظهور المدنية الصناعية على أنها عالمة للتقدم وخطوة أساسية نحو الرخاء االقتصادي واالشتراكية والوعي الطبقي والوحدة والثورة االجتماعية لقد أسهمت المراكز الحضرية الكبيرة في سقوط أصحاب رأس المال ألنها عملت على تجمع الجماهير وخلق طبقة جديدة من العمال ،و زيادة وعيها بالظلم واالضطهاد الذي كان واقعا عليها وإلى زيادة قدرتها على تنظيم نفسها والتحول من كونها طبقة في حد ذاتها إلى كونها طبقة من أجل تحقيق مصالحها الخاصة، " إن المدن الكبيرة هي محل ميالد حركات العمل ،فيها بدأ العمال يفكرون ألول مرة في ظروفهم الخاصة والنضال من أجل تغييرها ،فيها بدأت المواجهة تعلن عن نفسها بين الطبقة البورجوزاية وطبقة البروليتاريا وفيها تقدمت النقابات التجارية حركة اإلصالح السياسي واالجتماعي واالشتراكية • شهدت المدن الصماعية تقسيم المجتمع إلى طبقتين جديدتين الطبقة البورجوازية وطبقة البروليتاريا أنها أصبحت النطاق الجغرافي لزيادة الصراع الطبقي وزيادة احتكار رأس المال ألن الشركات الصناعية الكبرى تسحق الشركات األصغر في سعيها الدائم لتحقيق الربح، تابع -االتجاهات النظرية التقليدية : ج -ماكس فيبر 1864( M.Weberـ)1920 كان فيبر هو الوحيد من بين الرواد الثالثة الذي كتب عن المدينة بصفة خاصة لكنه لم يكن يكتب عن المدينة الصناعية وإنما كان يكتب عن مدينة العصور الوسطى التي كان يعتبرها من أهم البرامج للمجتمع الحديث المدن و ظهور البيروقراطية ،ازدهار الديموقراطية والحكومة الحديثة، المدن و التحول من المرحلة اإلقطاعية إلى المرحلة الرأسمالية ،و ظهور الروح الجديدة للعقالنية ،روح النظام والكفاءة واإليمان بالسبب ال العرف أو التقاليد الرواد المؤسسين لعلم االجتماع الحضري : أ ـ فيرديناند تونيز والعالقات الحضرية ــ الريفية يعتبر تونيز F. Tonniesرائد لدراسات المجتمع المحلى وذلك للتمييز الذي وضعه في مؤلفه المعروف "المجتمع المحلى والمجتمع" بين عالقات الجيمنشافت Gemeinschaftالتي يتصف بها المجتمع التقليدي وبين عالقات الجيزلشافت Gesellschaftالمميزة للمجتمع الصناعي وتشير عالقات الجيمنشافت كما يرى توينز إلى الشعور بروح المجتمع المحلى ،أولوية عالقات الوجه للوجه الشعور بالمكان ( االجتماعي والجغرافي) والشعور باالنتماء الذي يالزم الفرد نتيجة لنشأته في مكان معين بين األسرة واألصدقاء وفقا للتقاليد الراسخة وتحت الضبط االجتماعي لألسرة والمؤسسات الدينية (المسجد أو الكنيسة). أما عالقات الجيزلشافت فإنها أكثر تخصصا و محسوبة ويغلب عليها الطابع الالشخصي ،أنها تنبثق من المجتمع الصناعي الذي يتميز بطبيعته بالتنافس والحراك -ال تكون العالقات غاية بل وسيلة لتحقيق منفعة شخصية كذلك تميل العالقات في المجتمعات الحضرية إلى أن تكون عالقات متخصصة بينما تكون هذه العالقات مختلطة وغير محددة في المجتمع الريفي –وفي حين كانت المؤسسات الدينية واألسرة هي حجر األساس بالنسبة لألخالق في المجتمع التقليدي ،فإن األخالق المهنية هي التي أصبحت تشكل قيم المجتمع هذه األيام ـ كذلك كانت المكانة االجتماعية مكانة ملتصقة ascribed تتحدد بميالد الفرد وأصبحت في المجتمع الحديث مكانة مكتسبة تابع -الرواد المؤسسين لعلم االجتماع الحضري : ب ـ جورج زيمل والشخصية الحضرية يرى أن حياة المدينة تخلق نمطا خاصا للشخصية ،نمطا خاصا من العقلية المؤهلة للحياة السريعة والتعقد والعالقات المحسوبة التي تميز الحياة الحضرية ..ويقوم االقتصاد في السوق الحضرية على أساس المال، المنفعة الشخصية والحساب العقالني باعتبارها الدعائم األساسية للعالقات الحضرية ..وال يوجد هناك وقت للعاطفة حيث أن عجلة الحياة سريعة للغاية -ينبغي أن يكون الشخص كتوما وشعلة من النشاط، وفي هذه الغاية الحضرية ينجح البعض (المحتالون) ويموت البعض ويسقط البعض اآلخر (االنتماء واالغتراب) ومع هذا ،فقد رأى زيمل أن البيئة الحضرية تتصف بالتحرر حيث أنها تسمح للفرد للهروب من أساليب الضبط التقليدية واألمور التافهة التي تتصف بها الحياة في المدن الصغيرة عالوة حريته في التعبير عن شخصيته الفردية وروح االبتكار 3ـ مدرسة شيكاغو والبيئة الحضرية: • تنتسب هذه المدرسة ل مدينة شيكاغو قد شهدت أسرع وأضخم هجرة جماعية إليها من جنوب شرق أوربا وأمريكا الجنوبية بدرجة أدت إلى االرتباك .وقد بلغ هذا األمر ذروته حتى أنه كما كان يبدو للبعض لم يكن هناك أي أساس للنظام أو الضبط االجتماعي وقد كان بارك وبيرجس وويرث من بين الدارسين المعروفين الذين اهتموا بهذه القضية. تابع ـ مدرسة شيكاغو والبيئة الحضرية: أ ـ روبرت بارك R.E, Park • االهتمام بدراسة المدينة من حيث تدهورها وازدهارها ،تنوع أساليب الحياة بها وتنوع العوالم الحضرية بين الضواحي الحضرية للطبقة المتوسطة والمناطق المتخلفة التي يتركز فيها المنحرفون أو األقليات • المدن تتغير نتيجة للتفاعل الشديد بين القوى الطبيعية والقوى األخالقية • هناك نوع من الصراع من أجل البقاء على الحدود (داخل المدن) حيث تسيطر أقوى الطبقات وأكثرها ثراًء على أفضل المواقع في المدن • كلما تغيرت الجاذبية السببية لبعض المواقع الخاصة كلما أتيحت الفرصة للمجموعات الجديدة لغزوها والوفود إليها .ولذلك فإن السكان الحاليين (ألي منطقة) يكونون معرضين للطرد من هذه المناطق ويقومون بدورهم بغزو المناطق المجاورة ،إلى أن ينشأ أسلوب جديد للتوازن أو نمط جديد لإلقامة الحضرية. ب ـ بيرجس E.Burgess • توصل إلى فكرة الغزو Invasionالتعاقب Successionوالتوازن Equilibriumالتي كانت أساسا لنظريته الشهيرة عن الدوائر الحضرية المتمركزة Concentric zones • المدن تمتد إلى الخارج وأن كل منطقة تسكنها طبقة خاصة من الناس ،ففي وسط المدينة توجد منطقة األعمال المركزية تحيط بها منطقة المواصالت والمرافق العامة ،ثم المناطق الصناعية ومنازل العمال ثم يلي ذلك منطقة سكنية تكون على هيئة مجموعة من الشقق الفاخرة وأخيرا منطقة انتقال للضواحي التابعة للمدن. تابع ـ مدرسة شيكاغو والبيئة الحضرية: جـ ـ لويس ويرث وأسلوب الحياة الحضري : • ويرث كان أحد أعضاء مدرسة شيكاغو لكن تحليله للمدينة كان تحليال ثقافيا أكثر منه تحليال أيكولوجيا • تتصف المدن بتزايد درجة التباين والعزلة االجتماعية ،الطابع الالشخصي واتساع نطاق الحراك سواء الحراك الجغرافي أو الحراك االجتماعي • و سكان المدينة عادة ما يتصفون بالقلق (أو التوتر) سرعة الغضب ،واالنفعال نسبيا ،وباالغتراب بجانب الشعور بالضياع والعجز تعرضت أفكار ويرث مثلها مثل دراسات األيكولوجيا البشرية ـ إلى النقد الشديد :ـ أ ـ أول هذه االنتقادات أنه استخدم مدينة شيكاغو إطارا جغرافيا لتحليله في حين أن هذه المدينة ،لم تكن مدينة نمطية خالل فترة العشرينيات ،لقد تعرضت هذه المدينة لتيارات سريعة وغير عادية من المهاجرين الوافدين إليها مما جعلها تمثل حالة خاصة ب ـ أن رائه عن تأثير العوامل الديموجرافية وهى حجم السكان وكثافتهم في النواحي السيكولوجية لم تثبت صحتها حيث تدحضها بعض األمثلة الواقعية مثل حالة هونج كونج التي تنخفض فيها معدالت الوفيات، األمراض والتفكك االجتماعي على الرغم من االزدحام وتزايد حجم السكان. ج -وأهم من ذلك فقد انتقد ويرث فيما ذهب إليه بأن للثقافة الحضرية تأثيرا أساسيا في سلوك الناس.. ويرى بعض الكتاب الذين يختلفون معه أن الثقافة الحضرية ليست سببا لحياة المدينة بل أنها نتيجة لها ،بل أن ما أسماه ويرث "أسلوب الحياة الحضري" كان في حقيقة األمر أسلوب الحياة الصناعي أو أسلوب الحياة الرأسمالي. ثانيا :االتجاهات الراديكالية في علم االجتماع الحضري : االتجاه الفيبري الجديد : ( )1جون ركس Rex, Jوروبرت مور Moore, R • اقترح ركس ومور فكرة طبقات اإلسكان باعتبارها عامال أساسيا في المجتمع الحضري .لهذا ،فإن عضوية الفرد في طبقة من طبقات اإلسكان تلعب دورا أساسيا في تحديد انتماءات الفرد ،اهتماماته الخاصة وأسلوب حياته بل وتحدد مركزه االجتماعي في البناء االجتماعي الحضري. • اإلسكان ال يوزع وفقا لقوى السوق لكنه يتم من خالل الصراع الطبقي بين الطبقات المختلفة لإلسكان • وإذا كانت الطبقة االجتماعية تحددها المهنة في األساس ،فإن طبقة اإلسكان تتحدد على أساس قدرة جماعة ما من األشخاص على تطبيق قوانين جمعيات اإلسكان ولوائحها (في القطاع الخاص) أو قوانين السلطة المحلية (في القطاع العام لإلسكان). وقد وضع ركس ومور في البداية تصنيفا للطبقات أشتمل على الفئات التالية : أصحاب المنازل الكبيرة في المناطق المتميزة. من لديهم قدرة على دفع صكوك الرهن ويمتلكون منازل في مناطق متميزة. المستأجرون المقيمون في منازل حكومية. المستأجرون المقيمون في منازل حكومية في مناطق متخلفة المستأجرون المقيمون في منازل غير حكومية (من األهالي). أصحاب المنازل الذين تفرض عليهم الظروف تسكين بعض المستأجرين معهم. النزالء في حجرات (أو سكن مشترك). تابع -االتجاه الفيبري الجديد : ( )2باهل Pahl, R.E • توصل القتراح فكرة اإلدارة ومؤداها أن كبار المديرين هم الذين يتحكمون في توزيع الموارد الحضرية واإلسكان وهم بالتحديد مديرو جمعيات اإلسكان ،رجال التخطيط والعاملون في البنوك. • هناك حاجة إلى علم اجتماع تنظيم الموارد والخدمات الحضرية ،والمتحكمون في هذه الموارد هم رجال التخطيط ،والمعماريون أو رجال التعليم ،موظفي الحكومة أو رجال التنمية والممثلون للسوق والمسئولون عن وضع الخطة وتنفيذها سواء بالنسبة للمشروعات العامة أو الحكومية • بدأ "باهل" باالشتراك مع "وينكلر" تحليل دور الحكومة في المجتمعات الصناعية المتقدمة ،وقد اقترحا فكرة التعاونيات االتجاه الماركسي الجديد • سعت الماركسية الجديدة إلى توسيع نطاق التحليالت الماركسية التقليدية للصراع الطبقي لتشمل األشكال الجديدة لالحتجات الحضرية التي ظهرت خالل فترة الستينيات خاصة تلك التي قام بها الزنوج ،النساء والمستأجرون ورجال البيئة • وقد كان مانويل كاستلز Castells, Mمن أهم الشخصيات البارزة ورائدًا للماركسية الحضرية الجديدة، لقد حاول في عدد من كتاباته وخاصة في كتابه المعروف "القضية الحضرية The urban "questionإرساء األساس لعلم اجتماع حضري جديد • ركز تحليل كاستلز على الفكرة التقليدية للصراع الطبقي لكنه تخلى عن األساس التقليدي لمثل هذا الصراع وهو عامل اإلنتاج .رأى أن األشكال الجديدة للصراعات الحضرية لم تعد صراعات تقليدية بين العامل وصاحب العمل بل تتحكم فيه مشروعات عالمية متعددة الجنسيات لها رئاساتها من كل مدن العالم ،لهذا فإن الصراعات الحضرية الحالية تنتج بصفة أساسية عن االستهالك الجمعي والتخطيط الحضري. تابع -االتجاه الماركسي الجديد : وقد قام "فرانك "Frank, A..Gبتحويل هذه األفكار إلى نظرية التبعية والتخلف ( )1967حيث قرر أن دول المركز مثل بريطانيا تستغل الدولة الهامشية بشكل أشبه بنظام تجريد الملكية مما أجبر الدول التابعة على االعتماد على الدول الكبيرة اعتمادًا شبه كلى. وقد كانت المدينة (وما تزال)هي الرابطة األساسية في هذه الحلقة المفرغة من االستغالل ،فقد استخدمت القوى االستعمارية المدن الموجودة أو أنها ربما قامت ببناء مدن خاصة لها ـ كوسائل رئيسية للتحكم في هذه المناطق واستنزاف فائق مواردها ،كما أن الصفوة في هذه المستعمرات غالبا ما كانت تعيش في المدن وتنتج التبعية أيضا من اعتماد دول العالم الثالث على الغرب في الحصول على المساعدات األجنبية في سعيها لتخطى خطر الفقر وكذا في محاولتها لتحقيق التطور الصناعي لكن مثل هذه المساعدات سيكون ثمنها باهظا مدن العالم الثالث ال تجسد فقط التقسيم الدولي بين دول العالم الغربي "العالم األول" وبين دول العالم الثالث لكنها تجسد أيضا الفجوة القائمة بين الصفوة الحضرية وبين فقراء المدن