Professional Documents
Culture Documents
1
أوال المداخل النظرية لدراسة الظاهرة الحضرية:
وقد بنى ماكس فيبر تصوره لممدينة انطالقا من منظور تاريخي مقارن ،بدأ فيو من مدن مصر وما قبل الميالد
الى المدينة الرومانية واإلسالمية واآلسيوية واألوربية والروسية .
والمالحظ عند ماكس فيبر في تناولو لمفيوم المدينة ،أنو اعتبر أن النموذج المثالي لممدينة ال وجود لو عمى
اإلطالق في التاريخ إال في أوربا الغربية .الأن المدينة األوربية ىي قمة ما بمغتو العقمنة الحضرية من ترشيد
وعقمنة وسمطة وبيروقراطية ،وديمقراطية ومجالس سمطوية وقضائية ومالية وقوانين ودساتير...وفي محاولتو
لتعريف مفيوم المدينة يقول بأنو من وجية النظر السوسيولوجية ال يوجد تعريف واحد لممدينة .وعندما أراد
صياغة تعريف نموذجي لممدينة قال ":يمكننا تعريف المدينة بطرائق متعددة ،وكل التعاريف تشترك في نقطة
واحدة وىي أن المدينة ال تكمن في سكن واحد أو سكنات متعددة منتشرة بشكل مبعثر ،إنيا تتشكل عمى كل
حال من السكن المتجمع (ولو نسبيا) ،وفي المدن تبنى الدور بالقرب من بعضيا البعض ،والقاعدة العامة ىي
أن تبنى حائطا لحائط .إن التصور الشائع في الوقت الحاضر يربط المدينة بخصائص كمية محضة.
وما يميز البادية عن المدينة ،ىو أن األولى تعرف انتشار كثافة سكانية مرتفعة في مجال ترابي ضيق ،كما أن
سكان المدينة ال يعرفون بعضيم البعض معرفة شخصية متبادلة ،غير أن حجم السكان وحده ال يعطي صورة
2
دقيقة لمفيوم المدينة حسب فيبر ،لذلك وجب األخذ بعين االعتبار كذلك دينامية العالقات االجتماعية والشروط
واألوضاع الثقافية.
ولم يكتف فيبر بيذا التعريف السوسيولوجي النموذجي لممدينة ،بل أعطى مجموعة من التصنيفات النظرية
والنماذج المثالية األخرى حول المدينة وذلك انطالقا من ىاجس العقمنة والشرعنة ،وبذلك فقد حدد المدينة من
خالل األبعاد التالية:
المدينة ككيان اقتصادي :نظ ار لكون الطبيعة االقتصادية لممدينة تجعل منيا تجمعا سكانيا تجاريا وسوقا دائما،
ألن وظيفتيا األولى ىي باألساس وظيفة اقتصادية.
المدينة ككيان سياسي :عمى اعتبار أن األنشطة االقتصادية واإلدارية في المدينة ال يمكن ضبطيا وتسييرىا
عمى نحو جيد إال إذا توفر نمط معين من التنظيم اإلداري والقانوني.
المدينة ككيان إداري /قانوني :نظ ار لكون المدينة ىي باألساس كذلك مرك از إداريا وتجمعا لمجوعة من الوظائف
واألنشطة والمؤسسات السياسية لمحكم المركزي.
وىكذا فرغم أىمية المنظور التاريخ عند فيبر في تناول الظاىرة الحضرية من منظور متعدد األبعاد ،فإنو بتعريفو
النموذجي المثالي لممدينة يسقط في النزعة المركزية عندما اعتبر أن مفيوم المدينة ال توجد إال في أوربا الغربية
باإلضافة الى غياب النمط االيكولوجي في تحميمو لمظاىرة الحضرية كما ىو الحال عند رواد مدرسة شيكاغو
وغياب تركيزه عمى ظاىرة تقسيم العمل كما ىو الحال عند ماركس ودوركايم ،فقط اقتصر اىتمامو عمى الظاىرة
الحضرية من خال ل اعتبارىا مرك از لمسمطة والعقمنة والبيروقراطية .لكن رغم كل االنتقادات التي وجيت الى
التحميل الفيبري لممدينة حسب جوليان فرويد ،يبقى ماكس فيبر ومعو جورج زيمل أحد عمماء االجتماع الذين
عرفتيم بداية القرن ، 91والذين كان ليم الفضل في تدشين نمط جديد من التناول الفكري لمظاىرة الحضرية
( )..وميما يكن من أمر فمن الصعب تجاىل مساىمتيما عند الكتابة عن المدينة اليوم
جورج زيمل:
مع جوج زيمل او سيمل كما يسما عند البعض ( )0686-0206ستنتقل السوسولوجيا الحضية من محاولة
تعريف المدينة الى تحميميا ومن دراسة مدينة الماضي الى دراسة مدينة الحاضر ،ومن محاولة البحث عن
اصالة وتفرد وتفوق مدينة غبية في التاريخ ،الى البحث والغوص في خبايا وثنايا المعطى ،وىو معطى ليس
في حاجة الى تعريف او تاويل او تنظير .
3
ان زيمل يعتبر فيمسوفا سوسيولوجيا اكثر منو باحثا اجتماعيا ،وفي مقال لو حول " المترو بول والحياة الذىنية"،
حاول سيمل تحميل العالقة بين الثقافة والمجال داخل الوسط الحضري لممدن الكبرى في ألمانيا "كبرلين" ،وفق
منيج شكالني تأثر بو بشكل كبير رواد مدرسة شيكاغو ،أعتبر أن المدن الكبرى ىي ظاىرة جديدة ارتبطت
بالتحوالت الكبرى التي أوروبا الغربية عمى المستوى االقتصادي واالجتماعي والسياسي والثقافي...واثر االنتقال
الديموغرافي واليجرة والتوسع الحضري ...وباالنتقال من األشكال التقميدية لممجتمع المحمي الى األشكال الحديثة
في المجتمع الحضري المعقد والمركب ،توسعت المدن وانتشرت مظاىر االستالب والعزلة والعالقات الالشخصية
وما دامت المدينة عند سيمل ىي فضاء لمسوق والتبادالت االقتصادية ،فإن العالقات اإلنسانية فييا تشيىء
ويصب فييا كل فرد غير مبالي باآلخرين المحيطين بو ،نظ ار النتشار الفردانية ...وما دامت المدينة عند سيمل
تساىم في إحداث تغيرات ثقافية واجتماعية في حياة االنسان ،فان ىدا األخير يصبح فييا مستمبا ويتمي از
بمجموعة من الخصائص األخرى كاالستقالل الفردي وسيادة العقل الحسابي والتجريدي وغياب العاطفة والعقمنة
وتقسيم العمل األكبر ...وبذلك فإن سيمل يمتقي ىنا في تحميمو لممدينة المتروبول ،مع بعض التحميالت
السوسيولوجية لمعاصره من عمماء االجتماع ،كدوركايم في مفيوم تقسيم العمل واألنومي ...ومع فيبر في مفيوم
العقمنة ،ومع تونيز في مسألة الفرق بين المجتمع المحمي والمجتمع الكمي ،ومع ماركس في مفيوم االستيالب.
وبذلك فإن المتروبول عند سيمل ىي مجال كل ىذه التناقضات السالفة الذكر،كما أنيا ىي مجال لالقتصاد
النقدي كموضوع مييمن في المدن الكبرى التي تسمب الفرد من إنسانيتو وتجعمو غريبا عن مجتمعو ،بسبب
تراجيديا الثقافة المتروبولية.
– 9النظرية االيكولوجية:
ارتبط ظيورىا بمدرسة شيكاغو من روادىا روبرت از ار بارك وبرجس ولويس ويرث وترتكز عمى توزيع السكان
في االجزاء المختمفة لممدينة بمعنى توزيع الناس عمىا المناطق السكنية لممدينة .
يعتبر ظيور مدرسة شيكاغو بمثابة ثورة كبرتيكية في تاريخ السوسيولوجيا ،نظ ار لما أحدثو في سيرورة عمم
االجتماع من تغيرات ال عمى مستوى الموضوع فقط باالىتمام بظاىرة التحضر واليجرة وغيرىا من الظاىر
األخرى ،بل كذلك عمى مستوى البحث السوسيولوجي وتقنياتو ،ومناىجو ،الذي بقي وفيا لمبحث السوسيولوجي
النظري في أوربا ،أما في الواليات المتحدة األمريكية ،مع رواد مدرسة شيكاغو فقد اتجو البحث السوسيولوجي
الميداني نحا آخر ،ينطمق من الميدان ومن الواقع باعتباره مختب ار غنيا بالمعطيات والوقائع واألحداث واألفعال
والظاىرة االجتماعية ،وذلك بابتكار تقنيات وأدوات عممية جديدة ومناىج ونظريات ومقاربات ومفاىيم ...كل
ىؤالء االبتكارات التي يعود فييا الفضل لرواد مدرسة،جعمت من عمم االجتماع حسب بيرجس وبارك يقوالن في
4
كتابيما ":مقدمة لعمم السوسيولوجيا" يبدو أن عمم االجتماع قد أصبح اليوم عمى الطريق ليصبح بشكل أو بآخر
عمما تجريبيا.
ومن العوامل األساسية التي أدت الى ظيور ىذه المدرسة المتميزة في تاريخ السوسيولوجيا ىو تمك التحوالت
الكبرى التي عرفتيا مدينة شيكاغو في أواخر القرن 02وبداية القرن ،91والتي كان من نتائجيا ظيور العديد
من الظواىر االجتماعية( الفقر +اليجرة+اإلجرام+االنحراف+الدعارة+الصراعات االثنية )...واالختالالت البينونة
في المدينة التي أصبحت مسرحا غنيا بالظواىر االجتماعية المرضية ،ىذا باإلظافة الى مجموعة من العوامل
األخرى كنشأة السوسيولو جيا في جامعة شيكاغو والدور الذي لعبتو حركة اإلصالح االجتماعي والتحقيقات
االجتماعية التي عرفتيا الواليات المتحدة األمريكية ،كما كان لبعض العوامل األخرى الفكرية والفمسفية دور حاسم
في نشوء ىذه المدرسة ولعل أىميا ىو التأثير الذي أحدثتو الفمسفة البرغماتية في امريكا خالل فترة العشرينيات
والثالثينيات من القرن ،91والتأثير الذي أحدثو التيار التفاعمي الرمزي في رواد المدرسة.
ويبقى من الصعب التطرق الى كل انتاجات سوسيولوجيا مدرسة شيكاغو وحتى جزء منيا نظ ار لضخامتيا من
جية ولضيق الوقت من جية أخرى ،لذلك سوف نقتصر عمى بعض أفكار رواد ىذه المدرسة حول التحضر
واليجرة وبعض اإلشكاالت الحضرية األخرى ،وذلك بشكل مقتضب.
لقد تطرق كل من طوماس وزنانيكي في دراستيما ىاتو المنشورة ما بين ،0291 -0206والتي يعتبرىا عمماء
االجتماع أول بحث يستحق نعت بحث سوسيولوجي ،لوضعية الفالحين البولونيين في موطنيم األصمي وثم
وضعيتيم بعد ىجرتيم الى أمريكا ،من أجل التعرف عمى نمط عيشيم في بولونيا ثم ما ط أر من تغيير عمى نمط
عيشيم وأوضاعيم االجتماعية والثقافية واالقتصادية بعد ىجرتيم الى أمريكا ،ومن خالل اعتمادىما عمى تقنيات
جديدة في البحث السوسيولوجي كحكايا الحياة ودراسة الحالة (المنيج البيوغرافي) ،استطاع كل منيما تحميل
وفيم كل اإلشكاالت المرتبطة بيجرة الفالح البولوني ،ولعل أىم مفيوم تم الخموص اليو في ىذه الدراسة ىو
مفيوم سوء التنظيم االجتماعي واعادة التنظيم الذي يعني ضعف وتراجع تأثير القواعد االجتماعية بين أفراد
الجماعة ،واعتبر أن اليجرة ىي ظاىرة ناتجة باألساس عن سوء التنظيم االجتماعي والتفكيك الذي يعرفو
المجتمع ،كما أن اليجرة تصبح مصد ار لمتفكيك االجتماعي بالوسط الحضري ،وذلك نتيجة لالرتفاع السريع
لمكثافة السكانية...وقد الحظ طوماس أن ىجرة الفالحين البولونيين الى أمريكا تتسبب في خمق نوع من سوء
التنظيم وحدوث صراعات داخل األسرة وارتفاع نسبة الجرائم ...غير أن ىذه الحالة من سوء التنظيم ال تستمر
5
الى ما ال نياية ،فكما ىو الشأن بالنسبة لمفيوم األنومي Lanomieعند دوركايم ،فإن سوء التنظيم ىو حالة
مؤقتة بحيث سرعان ما تسعى جماعة المياجرين الى تنظيم نفسيا Réorganisationمن خالل إنتاج قواعد
وقيم جديدة تتالءم مع واقعيا الجديد حتى يستطيع المياجر االندماج في المجتمع األمريكي.
يعتبر بارك األب الروحي لمدرسة شيكاغو بدون منازع ،نظ ار لضخامة االنتاجات السوسيولوجية التي ألفيا حول
مجموعة من الظواىر الحضرية كاليجرة والتفكك العائمي والسكان المشردون وعصابات األحداث الجانحين
والغيتو واالنتحار ومناطق السكن الفقيرة والغنية ومناطق الجنوح القوي وفتيات طاكسي ،والعائمة الجنزية وتنظيم
الدعارة والسود والصراعات االثنية...كل ىذه الظواىر االجتماعية التي صاحبت التوسع الحضري الذي عرفتو
مدينة شيكاغو بفعل تعدد األقميات االثنية قد تطرق ليا بارك بالدراسة والتحميل وفق منظور ايكولوجي ينطمق في
تفسيره ليا من التفاعل الحاصل بين المجال الحضري بكل ما يزخر بو من خصوصيات وأنماط وقيم وبين
االنسان وما يمتمكو من مواقف وتمثالت.
وانطالقا من االيكولوجيا اإلنسانية اعتبر بارك أن دراسة االنسان ينبغي أن تتم عمى أساس دراسة التفاعالت بينو
وبين الوسط الطبيعي والجغرافي الذي ينتمي اليو ،معتب ار بذلك المدينة من ىذا المنظور االيكولوجي مجاال غنيا
بالتفاعالت والديناميات االجتماعية .أو بمغة بارك نفسيا أن المدينة ىي مختبر اجتماعي لتحميل وفيم كل
الظواىر الحضرية.
وفي اطار حديث بارك عمى ظاىرة اليجرة اإلنسانية والتحضر ،اعتبر أن ىجرة الفالح الى المدينة ىي ظاىرة
تاريخية وعممية دائمة ال يمكنيا أن تتوقف ،ولكنيا تتحول مشكمة اجتماعية عندما يتم السعي الى حميا عن
طريق اإلدماج الحضري أو ما يسميو بارك بعمميو االنصيار ،ألن الثقافة التي يحمميا المياجر القروي التي
يتميز بييمنة األعراف والتقاليد الجامدة عمييا ،تختمف عن الثقافة الحضريةالتي تتميز بسيادة الفردانية والرأي
العام والقانون الوضعي.
وىكذا يمكن القول بأن أىم ما ميز بارك في دراستو لكل الظاىر االجتماعية الحضرية ىو ىيمنة البعد
االيكولوجي عميو في تناولو ليذه الظواىر معتب ار المدينة مجاال خصبا ومختبر ا اجتماعيا لدراستيا ،وقد قال بارك
مخاطبا طالبو " ارجعوا كل عالقة اجتماعية الى عالقة مجالية وعندئذ يمكنكم أن تطبقوا عمى العالقات بين
الناس المنطق األساسي لمعموم الفيزيائية.
6
ارنست بيرجس () 6611 – 6881
يشاطر بيرجس زميمو بارك فيما قدمو من تصورات ومفاىيم ايكولوجية ،وقد وجد المدخل االيكولوجي طريقو في
التطبيق عمى يده .ففي الكتاب الذي اشترك فيو بيرجس مع بارك سنة " 1291مقدمة في عمم االجتماع
.استطاع ان يقدم تميي از ال نقول انو مبتكر نظري ،كونو ظير في أعمال سابقة ،ذلك التمييز تضمن مصطمحا
لمجماعات اإلنسانية ،فيو يمثل بؤرة االىتمام الرئيسية في كل دراسة ايكولوجية .
لم يكن بيرجس ينظر الى البناء االيكولوجي لممدينة بوصفو جانبا استاتيكيا ،وانما اعتبره عممية ديناميكية ،
تتجسد بشكل واضح في النمو الفيزيقي لممدينة ،ويتمثل ىذا النمو بالتوسع المكاني داخل المدينة ،وىذا ىو
المحور الرئيسي في اىتمام بيرجس ،اذ انو يبحث ىذا الجانب بمزيد من اإلحاطة ،وىذا ما نجده عند تعميم
اىتمامو من التوسع المكاني الى بحث اثر ىذا التوسع عمى التنظيم االجتماعي والشخصية .لكن يبقى السؤال
ىنا ،كيف نعمل عمى قياس ىذا النمو السريع لمتوسع المكاني في المدينة ؟ ولإلجابة عمى ذلك حدد بيرجس
مؤش ار لفيم ىذه العممية االيكولوجية ،وىو مؤشر الحراك اوالتنقل ،في حين يتخذ من قيمة االرض مؤش ار
ومقياسا ليذا الحراك .فكمما كانت عممية التنقل سيمة ،كانت بالمقابل عممية التوسع المكاني متوازنة ،دون
إذا ،نفيم من العرض السابق ان ثمة تغي ار يحصل في البناء االيكولوجي لممدينة ،ولمعرفة ىذا التغير بشكل
تطبيقي ،وما ينتج فيو من انماط مكانية متمايزة ،اعطى لنا بيرجس تصو ار لمدينة شيكاغو بوصفيا انموذجا
مثاليا ،احتوى عمى مجموعة من الدوائر او الحلقات الدائرية () Zones
اذ تمثل كل حمقة نمطا ذو خصائص محددة ومختمفة عن االخرى ،تمتد من المركز ( )Centerالى االطراف في
خمس دوائر متتابعة بمركز واحد ،وىذا ما سوف نتطرق لو عند الخوض في نظريات ايكولوجيا المدينة.
-حيث يرى أن المدينة تتوسع في شكل حمقات حول المركز األساسي وسط المدينة تتكون عمى شكل دوائر،
7
ويمكن توضيح هذه المناطق عمى النحو التالي:
-0منطقة رجال األعمال المركزية :وىذا المركز ىو بؤرة الحياة التجارية لممدينة التي يوجد فييا النشاط التجاري
-9منطقة تجارة الجممة والصناعات البسيطة (المنطقة االنتقالية) :ويوجد بيذه المنطقة مركز الخدمات
لممواصالت العامة مثل :السكك الحديدية والصناعات الخفيفة الممتصقة بالمراكز التجارية في مركز المدينة.
-كما أنيا تعتبر منطقة سكنية متداعية ،ويوجد بيا غرف صغيرة كما يوجد بيا الخرائب والبيوت القذرة القديمة
-كما توجد بيا العمارات القديمة اآليمة لمسقوط التي يسكنيا المياجرون والفقراء.
-وتوجد ىذه الحاالت في مدينة شيكاغو التي قام بدراستيا(برجس) وعمم نتائج دراستو عمى بقية المدن
المماثمة.
-وىي المنطقة التي يسكن فييا عمال الصناعة الياربون من المنطقة الثانية) منطقة االنتقال (الذين يرغبون في
-وتعتبر اإلقامة فييا أفضل من المنطقة الثانية .أضف إلى ذلك ،يوجد بيا الجيل الثاني من المياجرين الشباب
الطموحين ،كما توجد بيا منازل أفضل تتكون من أربعة أو خمسة أدوار.
-ولكنيا تعتبر مناطق مزدحمة حيث يقيم سكان الطبقة الدنيا من السكان.
-وىي المنطقة السكنية التي توجد فييا مساكن أفضل من المنطقة الثالثة ويوجد بيا بعض العمارات والشقق
المتوسطة من حيث الحجم المناسب إلقامة أسرة واحدة من الطبقات الوسطى لممجتمع.
8
-كما توجد بيذه المنطقة بعض األسواق وأماكن لقضاء أوقات الفراغ مثل :المالىي والمقاىي والمتنزىات
العامة.
-وىي المنطقة السكنية التي يقيم بيا أبناء الطبقة العميا في المجتمع من أصحاب المين اإلدارية ورجال
-كما أن الشقق فييا تعتبر كبيرة الحجم وتناسب الوضع االقتصادي الجيد الذي يتمتع بو األشخاص المقيمون
-كما تسمى أيضا ضواحي المدينة وتقع خارج حدود المدينة وتضم المنازل الرحبة والشقق الفارىة والفنادق
المستخدمة لغرض السكن وىي تسمى أيضا منطقة السكان الذين يقومون برحالت يومية إلى أماكن أعماليم.
-وقد الحظ (برجس) أن نسبة السكان الذين يممكون البيوت تتزايد كمما ابتعدنا عن مركز المدينة.
-كما أن نسبة التشرد وجنوح األحداث تتركز في وسط المدينة وتقل كمما ابتعدنا عن المركز.
-ومن جية أخرى ،يالحظ أن الدوائر المركزية لممدينة مازالت موجودة حتى الوقت الحاضر في كثير من
مدن الدول النامية ،حيث أن الضغط السكاني في وسط المدينة يؤدي إلى توسعيا عمى حساب المنطقة التي
تمييا.
-أما إذا كانت ىناك بعض العوائق الطبيعية في أحد االتجاىات ،مثل :وجود البحار أو األنيار أو الجبال،
-قال بيذه النظرية العالم األمريكي (هوايت) حيث توصل ليا بعد أن قام بدراسة ) (142مدينة أمريكية في أواخر
9
-وىذه النظرية تعتبر تطوي ار وتعديال لنظرية) برجس(الذي قال بتطور المدينة في قطاعات دائرية.
-وجاءت بعد اكتشاف السيارة وسيمة لممواصالت حيث لم تعد القطارات ىي الوسيمة الوحيدة لالنتقال.
-وبذلك اعتقد (هوايت) أن نموذج) برجس ( لم يعد مناسبا من الناحية العممية لتطور وزيادة حجم المدينة في
قطاعات دائرية.
وتتمخص ىذه النظرية في أن المدينة تنقسم إلى قطاعات محورية ال حمقات دائرية.
-كما الحظ في أثناء دراستو لعينة من المدن األمريكية في تمك الفترة أن السكان يتجيون في انتقاليم في
-وبذلك فإن منطقة سكن األغنياء ال تغطي حمقة بأكمميا داخل المدينة ،وانما تغطي فقط جزءا من ىذه
الحمقة.
-ويالحظ أن سكان القطاع ينتقمون إلى خارج المدينة كمما كبرت وتطورت ،كما الحظ أيضا أنو كمما ينتقل
بعض السكان إلى األطراف الخارجية لممدينة فإنيم ينقمون معيم أيضا بعض المؤسسات الخدمية مثل
القطاع األول :يشمل المنطقة التجارية ورجال األعمال وىي توجد في مركز المدينة.
أما المنطقة السكنية فقسمها إلى ثالثة قطاعات حسب نوع الطبقة االجتماعية في المجتمع.
-ظيرت ىذه النظرية في منتصف األربعينيات من القرن العشرين وقد نادى بيا العالمان (هاريس
وأولمان) وذلك بعد أن ظيرت المدينة الصناعية إلى حيز الوجود وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية.
10
-وقد تبين ليما أن المدينة تتميز بوجود عدة نويات منفصل بعضيا عن بعض ،ويمكن أن تظير حول كل
-وبذلك يمكن أن توجد في المدينة الواحدة نوية لتجارة الجممة ونوية لمصناعات الخفيفة ونوية لمصناعات
-كما يالحظ أن المناطق السكنية تتوزع حول ىذه النويات وكل طبقة اجتماعية سواء كانت فقيرة أم غنية
تتوزع حول الحي الذي يعمل فيو السكان حسب مستواىم االقتصادي واالجتماعي.
وحيث أن كل مدينة تختمف عن األخرى في أنواع مراكزها وعددها فإن ذلك يرجع لألسباب التالية:
-0تحتاج بعض نواحي النشاط االقتصادي في المدينة إلى تسييالت خاصة حيث أن المنطقة التجارية تنشأ
عادة في المراكز التي تؤمن أكبر عدد من الناس مثل :الميناء الذي ينشأ بجوار البحر والحي الصناعي
-9تستفيد بعض نواحي النشاط االقتصادي من وجودىا في مكان واحد حيث أن تجمع تجار التجزئة مثال في
حي واحد يفيدىم جميعا ألنو يسيل عمى العمالء عممية الشراء والبيع والمعامالت التجارية.
-3تنفر بعض الطبقات االجتماعية من اإلقامة بجوار بعض األنشطة االقتصادية في المدينة .فالطبقة الغنية
-1ال تتحمل بعض نواحي النشاط في المدينة من تحمل عبء األرض ذات القيمة المرتفعة وسط المدينة.
-فتجار الجممة مثال يبتعدون عن وسط المدينة ألنيم يحتاجون إلى مساحات كبيرة لتخزين بضائعيم.
-5منذ ان نشر مقالو سنة 1291الحضرية كنمط حياة اصبح ويرث" يحظى باىمية في تاريخ السوسيولوجيا
الحضرية حيث ال نعثر عمى أي تحميل سوسيولوجي لمظاىرة ال يجع ليذه المقالة
11
-6يرى ويرث انو يمكن تعريف المدينة كتوطن ميم الحجم نسبيا ،كثيف ودائم الشخاص غيرر متجانسين
اجتماعيا
-7يركز ويرث عمى الحجم والكثافة وعدم التجانس كمعايير لممدينة ،وقد حاول صياغة مقاربة ثقافية لظاىرة
التحضر من خالل تعريفو السوسيولوجي الشامل لمتحضر باعتباره نمط في العيش وتوسع في المجال
الحضري .
يجية في نسبة
يفية إلى المناطق الحضرّية ،وزيادة تدر ّ
التحضر يعرف التحضر بأنّو تحول الس ّكان من المناطق الر ّ
التحضر
ّ ئيسي لوجود مشكالت المدن ،ويرتبط
السكان الذين يعيشون في المناطق الحضرّية ،وىو مسبب ر ّ
الصحة
ي ،و ّ
التخصصات المختمفة كالجغرافيا ،وعمم االجتماع ،واالقتصاد ،والتخطيط الحضر ّ
ّ بمجموعة من
العامة،
التحضر ىو ظاىرة عالمية تعني االتجاه المتزايد لدى سكان الريف لإلقامة في المدن (الحضر) .لذلك ترتبط
-1الهجـرة :ىي أن يترك شخص أو جماعة مكان إقامتيم لينتقموا إلى العيش في مكان آخر و دالك مع نية
-2الريـف :ىي المناطق المحيطة بالمدن عادة ،ويمتاز الريف بالمناطق الطبيعية و الزراعية و يعتبر المتنفس
والرئة لتحسين ظاىرة التموث البيئي الذي كثي ار ما تعاني منو المدن و المدن الصناعية خصوصا،و يختمف
الريف كثي ار عن المدن من ناحية حجم السكان و تجانسيم و الحراك االجتماعي و الناحية التعميمية و يعتبر
الريف في حالة تبعية كاممة لممدينة فالخدمات التعميمية والصحية والترفييية تتركز أغمبيا في المدينة دون الريف
و مجاالت ظيور الصنائع و التقنيات و أماكن لتقديم الخدمات االجتماعية و التربوية و التجارية و الصناعية و
االستثمارية و غير دالك و العيش في ىدا النظام أدى إلى خمق ما يسمى باإلنسان المتحضر
مع أن االىتمام بالحديث عن المدينة كان محاولة قديمة قدم الحضارات اإلنسانية فقد ارتبطت البدايات األولى
لمدراسة العممية ليا بنشأة عمم االجتماع و تطوره حتى أن ظيور فرع متخصص لمعالجتيا لو موضوعو و منيجو
و مداخمو النظرية تعد محاولة حديثة خضعت لمتطورات النظرية و المنيجية التي مر بيا عمم االجتماع ،لقد درج
المفكرون االجتماعيون حتى عصر الثورة الصناعية عمى النظر إلى المدينة باعتبارىا بؤرة المجتمع ذاتو ال
باعتبارىا شكال خاصا و ممي از من أشكال الحياة االجتماعية ،وقد ظير دالك في الكثير من الكتابات القديمة مثل
كتابات أرسطو ،أفالطون و القديس أغستين و تأكدت ىده النظرة عمى نحو أكثر وضوح في أعمال مكيافال إلى
أن جاء روسو و آخرون في محاوالت نظرة إلى المدينة كنمط مميز من المجتمع كما ىو الحال عند جون بوديو
في ق 11و رغم ىدا فإنو لم يتحدد مجال الدراسات الحضرية بوضوح حتى عيد قريب جدا ،و يعتبر كتاب
العالم اإليطالي جيوفاني بوتيرو الذي نشره عام 1921تحت عنوان " المدينة " أول كتاب يصدر عن المدينة ،و
لم يكن في نظر الكثيرين أكثر من مجرد فضول عممي لباحث غير متخصص و في بداية ق 11أصبحت
المدينة موضوع اىتمام الكثيرين من الباحثين في تخصصات متعددة و قدموا تراث عممي كبير عن المدينة أمثال
جرانت ،ماير ،سيبون ،ىورد و لكن المالحظ أن ىده الدراسات لم تمثل لنا ما نسميو عمم االجتماع الحضري
إنما ىي دراسات اتخذت المدينة موضوعا ليا لخدمة عموم أخرى كاالقتصاد و الجغرافيا ......
إن موضوع التحضر وما رافقو من زيادة في توقعات السكان الحضر نسبة إلى سكان البالد قد اثر وبشكل
مباشر عمى جممة من العناصر الييكمية لممدينة وبالتالي افقدىا جزءا ميما في تحقيق التوازن المطموب تنميتو و
إعادة نشر ىذا التوازن إلى أجزاء أخرى من البالد فالتحضر في الدول النامية ىو ليس ذلك التحضر الذي يسود
الدول المتقدمة والذي غالبا ما يكون تحض ار متدرجا وخاضعا لتوجيات وتأثيرات ونسب من النمو المترادف مع
الحاجات المطموبة لأليدي العاممة ،فالنمو االقتصادي وتركز النشاطات االقتصادية في الدول المتقدمة مرده إلى
13
وجود حاجة لجذب األيدي العاممة القادرة والماىرة عمى أداء تمك األعمال والنشاطات .إذن ىو يبحث في جانبو
التنموي التكنيكي في سرعة وتطور الفعالية دون األضرار بالمعايير الموضوعة لحصة الفرد من السكان أو من
المياجرين من الخدمات وغيرىا .أما بالنسبة لمدول النامية فان مسألة التحضر لم تكن بذلك التدرج ،وانما جاءت
بشكل قفزات سريعة وذات إيقاع غير متناغم مع استيعاب المراكز الحضرية لتمك اليجمات السكانية المتالحقة
ودالك الرتباطيا بدخول االستعمار واستيالئو عمى األراضي الزراعية الخصبة إضافة إلى استعمال المكننة،
و يكاد المشتغمون بعمم االجتماع الحضري يجمعون عمى أن البداية الحقيقية لعمم االجتماع الحضري كانت عمى
يد األمريكي بارك الذي كانت مقالتو المدينة عام 1219مرحمة جديدة لقيام فرع جديد و مستقل يوجو أساسا
لدراسة الحضرية.
إن إشكالية التحضر في دول العالم الثالث ،وما يرتبط بيا من إشكاالت اقتصادية واجتماعية وثقافية وادراية
وسياسية ومجالية ...أضحت من بين اإلشكاالت الكبرى التي تواجو تطبيق الخطط واالستراتيجيات التنموية في
ىذه الدول.
غير أن خصوصية التحضر بيذه الدول ،تجعل من مسألة التنمية الحضرية بل التنمية في معناىا العام أمر
صعب التحقق نظ ار لجسامة اإلشكاالت التي أضحت تعاني منيا المدينة كفضاء واطار ترابي ومجالي وببنية
مورفولوجية مركبة تجمع بين أكبر من خاصية من خصائص التحضر ،بحيث لم تتضح بعد وبشكل جمي
مميزات وخصائص التحضر والحضرية في مدن دول التبعية ،التي تتشكل من فسيفساء من األنماط االجتماعية
واالقتصادية تجعمك من الصعب عميك التمييز بين ما ىو ريفي -قروي وبين ماىو حضري -مديني.
وىذا التداخل راجع باألساس المدينة أو ظاىرة التحضر في ىذه الدول لم تنمو بشكل طبيعي وفق سيرورة
تاريخية تخول ليا التطور والتقدم بشكل طبيعي ،إذ غالبا ما ارتبط تشكميا الحديث بالتوسع اإلمبريالي الذي
تعرضت لو خالل نياية القرن 12وبداية القر ،92وبتزايد النمو الديمغرافي وارتفاع حركات اليجرة القروية بفعل
14
الكوارث االقتصادية ،والطبيعية التي كانت تتعرض ليا البادية وتفكك بنياتيا االجتماعية واالقتصادية والثقافية
أكثر مما ارتبط بتراكمات وسيرورة تقدمية طبيعية عكس الدول الغربية التي كانت فييا الظاىرة الحضرية استجابة
لمتحوالت والتغيرات االجتماعية والثورات الصناعية والثقافية التي عرفتيا أوربا في مسيرتيا التاريخية الحديثة" .
إن التحضر في الدول الصناعية كانت نتيجة حتمية لعممية تاريخية ذاتية كاستجابة لمثورة الصناعية وما صحبيا
من تحوالت عميقة في البنيات االجتماعية واالقتصادية والثقافية .في حين أن التحضر في البمدان المتخمفة كان
نتيجة لميكانيزمات أخرى تختمف اختالفا جوىريا عن الشروط التاريخية التي عرفتيا البمدان الصناعية .إن
التحضر في البمدان المتخمفة ليس إعادة تاريخية لتجربة الدول المصنعة بل عممية ليا خصوصياتيا التاريخية
واذا كانت ظاىرة التحضر ىي ظاىرة اجتماعية قديمة في جميع المجتمعات ،ومنيا دول العالم الثالث فان عدد
السكان الحضريين حتى القرن التاسع عشر لم يكونوا يمثمون سوى %1.1من مجموع السكان ،وقد ازدادت ىذه
النسبة بشكل متسارع جدا ،إذ نالحظ أن سكان العالم قد تضاعفوا مرتين بين 1122و 1292في حين أن السكان
الحضر قد تضاعفوا عشرين مرة وأصبحوا يمثمون سنة 99 % 1292من سكان العالم[.]99
واذا كانت أوربا قد عرفت استق ار ار نسبيا في النمو الحضري خالل النصف الثاني من القرن 12فإنو عمى العكس
من ذلك ذلك قد عرفت دول العالم الثالث انفجا ار حضريا خاصة بعد مرحمة تحررىا الوطني من قبضة
االستعمار ،وقد ترتب عن التوسع الحضري الفجائي والفوضوي العديد من المشاكل االجتماعية واالقتصادية
والثقافية ،نظ ار لكون التحضر في ىذه الدول لم يأتي نتيجة لمتقدم الصناعي واالقتصادي لسببين أوليما أن ىذه
البمدان لم تعرف تقدما صناعيا ذاتيا مستقال ،وثانييما أن التحضر في ىذه البمدان يرجع باألساس الى التدخل
االستعماري األجنبي الذي عمل عمى تفكيك البنيات االجتماعية والقتصادية والثقافية ليذه الدول.
" إن التحضر في دول العالم الثالث يتم بعيدا عن التقدم التكنولوجي واالقتصادي وتؤكد بعض الدراسات الغربية
األمريكية بصفة خاصة ،أن النمو السكاني والحضري يسير في اتجاه معاكس مع النمو التكنولوجي ،إن االرتباط
بينيما سمبي ومن أىم خصائص التحضر في الدول التابعة لمميتروبوالت الغربية ،أنو جاء نتيجة عاممين
أساسيين :ىما ارتفاع نسبة النمو الديمغرافي في ىذه البمدان ثم ارتفاع حركة اليجرة القروية نحو المدن ،غير أن
15
ىذين العممين يبقيان قاصرين عمى تفسير الظاىرة الحضرية في ىذه الدول ،إن لم نأخذ بعين االعتبار موقع ىذه
الدول داخل نمط اإلنتاج الرأسمالي حسب امانويل كاستيمز الذي يؤكد عمى أن ىذه الظاىرة ليست ذاتية وجاءت
نتيجة لنمو وتقدم تاريخي طبيعي تراكمي طبيعي ،بل ان ظاىرة التحضر والتخمف والتبعية والفقر ...في ىذه
البمدان ذات الكثافة السكانية المرتفعة جاءت نتيجة حتمية لمعالقة الالمتكافئة بينيا وبين الدول االستعمارية التي
استفادت من ىاتو العالقات وعممت عمى ترسيخ التخمف وتشويو سيرورة التقدم التاريخي في ىذه المجتمعات
التي ظمت قابعة لفترات طويمة تحت نير االستعمار ،كما عممت عمى تفكيك بنياتيا التقميدية ونشر نمط انتاجي
رأسمالي ليست ىس في عداد قواه وال تتوفر عمى الشروط التاريخية الستيعابو وبالنتالي انتشرت في ىذه البمدان
أنماط انتاجية ىجينية تتميز باالزدواجية بين نمط انتاجي رأسمالي حديث ونمط انتاجي تقميدي .ىذ ه االزدواجية
لم تسمح ليذه البمدان لكي تحقق قفزة نوعية في تاريخيا من أجل الخروج من التخمف والتبعية لدول المركز.
ومن المظاىر األخرى لمتحضر في الدول التبعية ،فيو أنيا تعرف ما يسمى بالتحضر المتسارع كخاصية
تاريخية مرتبطة بيا ،الذي يعبر عن جدلية تمك العالقة الالمتكافئة والييمنة الممارسة عمى دول المحيط من
الييمنة االستعمارية.
وتتخذ التبعية ىاتو أشكال متعددة عمى المستوى العالمي بين دول المركز ودول المحيط وعمى المستوى المحمي
بين القرية والمدينة ،ىذه األخيرة تمارس كل أشكال الييمنة والسمطة واإلغراء عمى البادية ،التي تصبح بسبب
عالقاتيا الالمتكافئة مع المدينة خاضعة لسيطرة واالستغالل وفاقدة بالتالي لخيراتيا وثرواتيا ورأسماليا البشري
16
وىكذا يمكن القول بأن التحضر السريع والفجائي الذي عرفتو بمدان التبعية قد ترتب عنو جممة من المشاكل
والظواىر االجتماعية كاكتظاظ السكان ،والمدن الصفيحية ،السكن العشوائي (غير قانوني) األمراض ،األوبئة،
البطالة....
وغيرىا كثير من الظواىر االجتماعية التي أصبحت معرقال حقيقيا لمتنمية والتحديث في دول التبعية
-6اليجرات القسرية.
تنقسم المجتمعات العربية حسب درجة التحضر السائدة فييا إلى أربع مجموعات ىي:
-1مجتمعات عالية التحضر بالمطمق يزيد فييا نسبة السكان الحضر عن ثمثي إجمالي السكان من ىذه
-9مجتمعات عالية التحضر وذات نمو حضري متصاعد تتراوح نسب السكان الحضر فييا ما بين %91-92
من إجمالي عدد السكان .من ىذه المجتمعات سوريا ،المغرب ،تونس ،الجزائر.
-9مجتمعات متوسطة التحضر تتراوح فييا نسب السكان الحضر بين ثمث إجمالي عدد السكان ونصفو وىما
والسودان والصومال.
-4عدم تحقيق التوازن في مستويات التنمية االجتماعية واالقتصادية بين األقاليم داخل المجتمع الواحد.
يمر العالم العربي بحالة تحضر سريعة لم يزامنيا تخطيط شامل يساعد عمى إحداث التنمية المستدامة.
يشيد الوطن العربي ظاىرة المدينة المييمنة حيث يتركز السكان والخدمات في العواصم وفي بعض المدن
الرئيسة مما أدى إلى تيميش المدن األخرى وكذلك المناطق النائية .اضافة الى بروز مظاىر الفقر الحضري
و في ظل تزايد معدالت التحضر تعاني بعض الدول من نقص موارد المياه .مع شيوع مظاىر التخمف
18
التحضر في الجزائر:
إن التحضر في الجزائر ليست ظاىرة جديدة في الوسط الجزائري بل قديمة قدم حضارة البحر األبيض المتوسط
و قد وجدت بقايا مستوطنات حضرية في الجزائر يعود تاريخيا إلى ما قبل الميالد ,وقد اختمفت خصائص ىذه
المستوطنات الحضرية من زمن إلى آخر حسب اختالف األجناس التي شيدوىا وعاشوا فييا ,واختالف الدوافع
التي دفعتيم لمعيش في الوسط حضري مميز عن األوساط الريفية المجاورة إال إن المؤكد أن ىذه المستوطنات
استطاع المقيمون بيا أن يتحرروا من الحياة الريفية والنشاط الزراعي إلى أنشطة موازية مختمفة ومتخصصة
وحرفية وتجارية.
وقد عرفت الجزائر حياة حضرية متنوعة عبر تاريخ طويل من الشعوب التي عاشت فوق أرضيا ,متمثمة في
خاليا لمدن تطور لبعض منيا وتواصل في حين اندثر البعض األخر وانقرض نتيجة لتاريخ ممموء بالحروب
ونتيجة لتعاقب ىذه األجناس البشرية عمى ىذا الجزء من المغرب العربي بدا بالغزو الروماني فاالجتياح الوندالي
ثم البيزنطي إلى الفتوحات العربية اإلسالمية وتسمسل الدويالت اإلسالمية التي بسطت نفوذىا عمى الجزائر
كل ىذه التشكيالت بسياساتيا وثقافتيا وحضارتيا تركت بصماتيا واضحة في التراث العمراني بالجزائر إذ
لت نسبة الحضر في الجزائر في تعداد 1211حوالي %42من مجموع السكان في حين أن ىذه النسبة كانت
حوالي %9في بداية القرن ال 12أي بعبارة أخرى فقد ارتفعت نسبة سكان المدن إلى مجموع السكان بحوالي
%49في ظرف قرن ونصف ونحاول تمخيص مراحل التحضر في الجزائر كما يمي :
المرحمة األولى : )6661-6881 ( :وىي مرحمة استكمال الغزو الفرنسي لمجزائر وتوسيع االستيطان األوربي
عمى حساب أراضي القبائل والعروش المتواجدة في السيول الساحمية الخصبة واألحواض الداخمية واقامة
19
المستوطنات واألحياء األوربية بالقرب من المدن الجزائرية العتيقة وتدعيميا باليياكل األساسية من طرق برية
وسكك حديدية ,أنجزت بأيادي جزائرية استقطبت من األرياف تبدأ ىذه الشبكة عند مصادر المواد األولية من
معادن وثروات طبيعية أخرى وتنتيي عند الموانئ من اجل ربط الجزائر بفرنسا في مجال التصدير واالستيراد
ظمت األغمبية الساحقة من الجزائريين خالل ىذه المرحمة تعيش في األرياف بأوضاعيا المزرية المتدىورة في
جميع المجاالت األمر الذي دفع الكثير منيم إلى اليجرة نحو المراكز الحضرية والعمل في األشغال الشاقة
كحفر خنادق السكك الحديدية وانجاز الموانئ وشق الطرق عبر الجبال.
المرحمة الثانية ( :)6691-6661مرحمة االضطرابات وكثرة الحروب واألزمات االقتصادية العالمية التي أثرت
عمى األوضاع االقتصادية واالجتماعية في الجزائر وتسبب في انتشار الفقر من جراء تناقض اإلنتاج الزراعي
واستمرت ىذه الوضعية الصعبة إلى ما بعد الحرب العالمية الثانية,وقد أدت ىذه الظروف السياسية واالقتصادية
المرحمة الثالثة( :)6611-6691مرحمة اندالع ثورة التحرير والسنوات األولى من االستقالل التي شيدت معدالت
نمو حضري مرتفعة وىجرة من األرياف اتجاه المدن بسبب انعدام األمن ,وسياسة التشريد والطرد والتقتيل
الجماعي واقامة المحتشدات لمراقبة سكان األرياف وعزليم عن الثورة,بعد االستقالل تواصمت اليجرة المكثفة نحو
المدن بسبب عودة الالجئين الجزائريين من المغرب وتونس واستقرارىم في المدن زيادة عن اليجرة المكثفة من
األرياف بسبب تواجد حظيرة السكن الشاغر في المدن من جراء مغادرة الفرنسيين الجزائر
المرحمة الرابعة( :)6611-6611وىي مرحمة التخطيط االقتصادي وسياسة التصنيع التي تبناىا الرئيس الراحل
ىواري بومدين مصحوبة بإصالحات زراعية كتأميم األراضي وانشاء التعاونيات الفالحة وبناء القرى االشتراكية
,كل ذلك أدى إلى تحريك السكان إلى المدن بحثا عن العمل وحياة أفضل بسبب سياسة التركيز عمى عممية
الحادة وانتشار البطالة من جراء العدول عن االستثمار في القطاع الصناعي ونزع الدعم الحكومي لبناء السكن
وباقي القطاعات األخرى وعدم قدرة اليياكل والتجييزات الحضرية من تغطية الحاجيات السكانية المتزايدة
مشاكـــــــل التحضــــــر:
ظيرت مشاكل متعددة لظاىرة التمدن السريع بالبمدان النامية نذكر منيا ما يمي:
-اختالف المستوى المعيشي ألفراد المجتمع الساكنين في نفس المدينة يؤدي إلىوضوح
-ىشاشة و انعدام البنية التحتية مثل :غياب قنوات التصريف ،غياب خطوط الياتف و
-ظيور مشاكل بيئية مثل :تموث المياه ،تقمص المساحات الخضراء و ازدحام المواصالت.
21
معالجـــــة مشكـــل التحضــر:
يمكن تحديد األسموب األمثل لمعالجة المشاكل االجتماعية لظاىرة التحضر في البمدان النامية من خالل النقاط
التالية:
-إتباع سياسة لإلسكان الريفي و الحضري بحيث تستند إلى أسس عممية و كمية تقوم بقياس الحاجة السكانية
-إتباع سياسة التخطيط اإلقميمي المستندة عمى التوزيع األمثل لحجم المدن و تحديد حجميا حسب تدرجيا
اليرمي.
-معالجة اليجرة من المدينة إلى الريف بموجب ق اررات و تشريعات تخص ىدا الموضوع.
-زيادة كفاءات الخدمات المقدمة لألرياف بالشكل الذي يؤدي إلى التقميل من معدالت اليجرة.
-االىتمام بالمدن التقميدية القديمة بإجراء عمميات التجديد الحضرية و ىذا لفائدتين األولى استغالل ىده
إن التحضر في الجزائر ليست ظاىرة جديدة في الوسط الجزائري بل قديمة قدم حضارة البحر
األبيض المتوسط و قد وجدت بقايا مستوطنات حضرية في الجزائر يعود تاريخيا إلى ما قبل
الميالد ,وقد اختمفت خصائص ىذه المستوطنات الحضرية من زمن إلى آخر حسب اختالف
األجناس التي شيدوىا وعاشوا فييا ,واختالف الدوافع التي دفعتيم لمعيش في الوسط حضري مميز
عن األوساط الريفية المجاورة إال إن المؤكد أن ىذه المستوطنات استطاع المقيمون بيا أن يتحرروا
22
من الحياة الريفية والنشاط الزراعي إلى أنشطة موازية مختمفة ومتخصصة وحرفية وتجارية.
وقد عرفت الجزائر حياة حضرية متنوعة عبر تاريخ طويل من الشعوب التي عاشت فوق أرضيا,
متمثمة في خاليا لمدن تطور البعض منيا وتواصل في حين اندثر البعض األخر وانقرض نتيجة
ونتيجة لتعاقب ىذه األجناس البشرية عمى ىذا الجزء من المغرب العربي بدا بالغزو الروماني
فاالجتياح الوندالي ثم البيزنطي إلى الفتوحات العربية اإلسالمية وتسمسل الدويالت اإلسالمية التي
بسطت نفوذىا عمى الجزائر مرو ار بالحكم العثماني إلى االستعمار الفرنسي.
كل ىذه التشكيالت بسياساتيا وثقافتيا وحضارتيا تركت بصماتيا واضحة في التراث العمراني
أدى النمو الحضري المتزايد نتيجة لعدة أسباب في الجزائر إلى انعكاسات سمبية كثيرة من بينيا نذكر ما يأتي:
-أزمة السكن الحضري:إن كثرة الطمب عمى السكن الحضري بسبب الزيادة الطبيعة بين سكان المدن من جية
وبسبب استمرار اليجرة الريفية المقدرة بحوالي 130.000نسمة سنويا مع نياية الثمانينات ,جعل الدولة
وسمطاتيا المحمية غير قادرة عمى تمبية الطمبات المتزايدة عمى السكن ,ففي مدينة وىران وحدىا بمغ عدد الممفات
المسجمة لدى ديوان الترقية العقارية والتسيير العقاري لمحصول عمى سكن اجتماعي حوالي 30.000ممف
كما أصبح من الصعب الوصول إلى تحقيق التوازن بين االحتياج الحقيقي لسكن الحضري من جية والطمب
المتزايد عميو من جية ثانية ,رغم جيود الدولة المتواصمة في توفير السكن الحضري ودعم السكن االجتماعي
لمفئات المحدودة الدخل وسوف تستمر أزمة السكن الحضري في الجزائر خالل العشرية المقبمة بسبب العجز في
23
السكن الذي قدر بحوالي مميون وحدة سكنية سنة .1994
-التدهور في مستوى تجهيز المدن بالمرافق والخدمات :جميع المؤشرات توضح تدىور مستوى مرافق
والخدمات في المدن الجزائرية التي أصبحت طاقتيا محدودة لمواجية تزايد عدد سكان الحضر من بين ىذه
المؤشرات اختناق المدن الكبرى بحركة المرور نتيجة الزيادة المرتفعة لعدد السيارات ,وعدم تطور شبكة الطرق
لتمبية متطمبات حركة المرور المكثفة بيا كما أن وسائل النقل الحضري أصبحت عاجزة عن تمبية احتياجات
تنقل السكان خالل رحالتيم اليومية ,واحسن مثال عمى ذلك حركة المرور بمدينة الجزائر العاصمة ,وىران
قسنطينة ,عنابة .ليذا يستمزم التفكير الجيد و التخطيط المحكم لتوفير اليياكل القاعدية الضرورية لميدان النقل
بصفة عامة ,كضرورة تجييز المدن جديدة والحياء السكنية بجميع الخدمات والمرافق الضرورية لتخفيف من
درجة االختناق.
أصبح تمويل المجموعات الحضرية بالمياه الصالحة لشرب يعد إحدى المشاكل الكبرى التي تواجو سكان المدن
قد تناقص معدل كمية المياه المستيمكة يوميا بالنسبة لمفرد الواحد في المدن الجزائرية من 150ل سنة 1966
إذ أصبح من الصعب تعبئة المياه الضرورية لمواجية النمو الحضري السريع المتمثل ليس فقط في توسع المدن,
وزيادة عدد سكانيا ,بل وفي االستيالك الواسع لكميات المياه في الصناعة وقد صاحب ىذه الزيادة المذىمة في
كميات المياه المستيمكة في المدن والصناعة تناقص كبير في كميات مياه مسخرة لري الذي أصبح يعتمد في
معظمو عمى مياه اآلبار المحمية بدال من مياه السدود ,وقد انعكس ىذا سمبا عمى األراضي المسقية التي تمون
التجمعات الحضرية بالمنتوج الزراعي ,وحسب الدراسات واألبحاث التي قامت بيا الوكالة الوطنية لمموارد المائية
في الجزائر فإن العجز المسجل في التجمعات الحضرية يعود أساسا إلى سوء تسيير قطاع المياه وارتفاع نسبة
24
التسرب والضياع مقدرة بحوالي %40من مجموع الكميات المنتجة سنويا وىذا بسبب قدم أنابيب شبكة نقل
المياه في المدن ,وقمة الصيانة والتبذير الناتج عن انخفاض تسعيرة المياه قبل .1990
تعتبر األراضي الزراعية في الجزائر من العناصر الطبيعية النادرة ومساحتيا محدودة حيث قدرت في سنة
1992بحوالي 7.5مميون ىكتار أي بنسبة %3من المساحة اإلجمالية لمبالد وتقع اغمبيا في الشمال .وقد
اكتسحت األراضي الفالحة الخصبة في الكثير من الحاالت بسبب المنشآت العمرانية المتمثمة في بناء السكن
والمناطق الصناعية والتموث الصناعي ,وقد لوحظ سيولة التعدي عمى األراضي الفالحة في القطاع العام وأمالك
إن ظاىرة التحضر التي أصبحت منتشرة في كثير من المراكز العمرانية في الجزائر ,صارت تواجو العديد من
-ارتفاع معدالت النمو الحضري التي أصبحت تتراوح ما بين %9-9سنويا في مختمف إحجام المدن الجزائرية
-عدم القدرة عمى السيطرة عمى التوسع الحضري و احترام مخططات التييئة والتعمير بسبب االختالل في
التوازن بين سرعة نمو النسيج العمراني وقمة إمكانيات وسائل المراقبة أو انعداميا في بعض األحيان
-فقدان السيطرة األمنية عمى المدن نتيجة النمو العمراني المفرط والغير المخطط أي أن ظاىرة التحضر في
-الموجات المستمرة لتوافد من األرياف نحو المراكز الحضرية بسبب االكتظاظ وتناقص فرص الشغل وعدم
وكمحاولة من ظاىرة التحضر الحتمية في الجزائر وضع الخبراء والباحثين الميتمين مجموعة من المحاوالت
واإلستراتيجيات والبدائل التي يمكن اعتبارىا وقاية لنمو الحضري المتوقع مستقبال ,والتي نذكر منيا:
25
-تحديد الطاقة اإلستعابية المتوقعة والممكنة لكل مدينة وفق محدداتيا و إمكانياتيا الطبيعية واالجتماعية
واالقتصادية
و ظاىرة المجتمعات الحضرية ,التي بدأت تظير في الجزائر (الجزائر العاصمة ,وىران ) حيث تداخمت حدود
بعض المراكز الحضرية ومجاالتيا حتى أصبح من الصعب تعريف الحدود الوسطية ليذه المراكز بسبب تالحم
بسياجيا العمراني ولذا يجب االستفادة من تجارب البمدان التي سبقتنا في ىذا المجال وذلك
بتقسيم المجتمعات الحضرية إلى وحدات إدارية تتمتع بدرجة من االستقاللية ولعل العدد المناسب لسكان الوحدة
الحضرية الواحدة يتراوح ما بين 42-92ألف نسمة حتى تسيل عممية التسيير الوحدة
-بناء ىيكمة حضرية متزنة عبر مختمف جيات التراب الوطني مع عدم التركيز عمى العاصمة أو المدن المتر
وبولية ,المدن الجيوية الكبرى ,من أجل إيجاد نوع من التوازن بين أحجام التجمعات الحضرية من جية ولتوجيو
النمو العمراني نحو مراكز حضرية ثانوية بدال من التركيز عمى المدن الكبرى
-تييئة إقميم المدينة لتخفيف من الضغط المركز عمى المدينة إداريا و اقتصاديا
تشجيع اليجرة العكسية من المدن إلى األرياف وذلك عن طريق عدة إجراءات تحفيزية وىي كما يمي -
أ* -تنمية المناطق الريفية والعمل عمى أن تتحول المراكز الريفية إلى مناطق جذب سكاني
ب* -تطوير وسائل النقل والمرور بين المدينة ومناطق الخدمات والعمل من جية والمستوطنات الريفية المجاورة
من جية أخرى بحيث تصبح رحمة العمل اليومية أو قضاء الحاجة غير متعبة وليست طويمة زمنيا.
ج -وضع إستراتيجية محكمة لمقارنة المساوئ واالنحرافات االجتماعية والحد من انتشار في األرياف وتحويل
األوساط الريفية المجاورة إلى أماكن لراحة واليدوء والرياضة ,بعيد عن الضوضاء والتموث البيئي
د*-ينبغي أن تصاحب التييئة العمرانية في المراكز الحضرية تييئة ريفية متوازنة بنفس المستوى أو أكثر نسبيا
وفي ىذا ظيرت نظريات واتجاىات عديدة نذكر من بينيا (التنمية الريفية المتكاممة ,الترويح الربيعي ).
عمما بأن عزل الريف عن الحضر وحل مشكالت الريف لوحدىا يعد أم ار مستحيال ألن أي تجمع بشري تترابط
تشكل اليامشية كظاىرة احد ابرز األعراض المتصمة ببنية اجتماعية اقتصادية متخمفة ،و ىي تفجر في االساس
من قضية الالمساواة االجتماعية و االقتصادية بمعناىا المتسع ،و تزداد ىذه الصورة وضوحا اذا ما ادركنا
ارتباط اليامشية كظاىرة ممموسة وواقع اجتماعي ،اقتصادي و سياسي بالفقراء عمى اعتبار ان انتاج عمميم
.يضيف قميال الى اإلنتاج الوطني اإلجمالي متى ما قورن بما تقدمو المؤسسات الصناعية الكبيرة .
فاليامشية الحضرية ترتبط بالفقر الحضري و ىي البؤس و الحرمان المذان تعانييما الطبقة التحتية ،وقد عرفيا
” عادل عاذر“ بانيا وضع متدن في اطار نظام لمتدرج االجتماعي يتولد عنو محاصرة فئة اجتماعية و عزليا
كميا او جزئيا ،فالجماعات الميمشة تعاني من الشعور بالغربة عن الثقافة المحيطة بيا و الجماعات االخرى
التي من حوليا .فاليامشية ىي السيطرة و التسخير لوضع العوائق االجتماعية و االقتصادية و السياسية لحرمان
الفئات الميمشة من التمتع بحقوقيا و اليامشية السياسية تبدو جمية في عدم اكتراث الفرد بما يدور حولو ،
فاليامشي ال يساىم في المؤسسات النظامية و االحزاب ،و ال يشارك في االنتخابات او في اي نوع اخر من
صنع القرار ن فيو يتفرج عمى االحداث و ال يساىم فييا بحكم الضغوط الحياتية التي ال تتيح لو اال التفكير في
قوت يومو .
اما اليامشية االقتصادية فتكمن في االنخفاض الشديد في مردود الجماعات الممارسة لوسائل مختمفة ما يجعل
مساىمتيا في التنمية االقتصادية معدومة .
اما اليامشية االجتماعية-الثقافية فتبدو في العزل عن المجرى الرئيسي لثقافة المجتمع المعني ،سواء الختالف
المغة اة طريقة الحياة العادية
الفقر المطمق :عجز الفرد عن إشباع الحاجات األساسية لمحياة كاألكل والمسكن ...الخ.
ما يعيشو أفراد المجتمع اآلخرون. الفقر النسبي :حصول الفرد عمى مستوى معيشي أقل من مستوى
خط الفقر :مستوى الدخل الذي يمكن أن يطمق عمى من يحصل عمى أقل منو بأنو فقير .
ىو ظاىرة مميزة لكل المجتمعات االنسانية متقدمة او نامية ،و ميما بمغ معدل النمو االقتصادي بيا ،و
مستوى الرفاىية االقتصادية و االجتماعية فالفقر الحضري صفة طبيعية لطبيعة التمايز االجتماعي في المدينة ،
و مشكمة حضرية ال تزال تثير اىتمام الباحثين في مختمف تخصصات العموم االجتماعية
و يعرفو شحاتة صيام بانو (ظاىرة تتشكل وفق ظروف خاصة بكل مجتمع اذ تمعب فييا االسباب
االقتصادية و السياسية و االجتماعية دو ار واضحا في تحديدىا كما ان الفقر يكون اكثر برو از في المدينة بسبب
تطور االساليب الحضرية و زيادة الالتجانس)
ثقافة الفقر :يقصد بيذا المصطمح أن الفقراء ينشئون اجتماعياً عمى حياة الحرمان بحيث يتشربون مواقف مؤدية
إلى الشعور بالالمباالة فيم يتصفون بالكسل وال يعطون قيمة لمعمل وال لمحياة المستقبمية أو محاولة تطوير الذات
ويعزون كل ذلك إلى حالة الفقر التي يعيشونيا.
التفسير االقتصادي :يرى أن الفقر ينشأ من ضعف أو خمل في متغيرات أربعة ىي نوعية األيدي العاممة ،
وحجم الموارد المالية والطبيعية ،ودرجة التطور التكنولوجي ،ومستوى الفعالية في استثمار الموارد
المتاحة.
28
التفسير االجتماعي :يرى أن مشكمة الفرد ترجع إلى أسباب فردية أو ثقافية أو اجتماعية.
عمى المستوى الفردي يتسم الشخص الفقير بنقص في الدافعية ،ونقص في التعميم والتدريب ،ونقص في
الميارة.
عمى المستوى الثقافي يعش الفقير في بيئة ثقافية تجعمو يشعر بالالمسؤلية وال يعطي قيمة لمعمل وال لمحياة
المستقبمية ويعزي كل ذلك إلى حالة الفقر التي يعيشيا.
عمى المستوى االجتماعي ؛ تؤدي التغيرات البنائية المرتبطة بزيادة عدد السكان وانخفاض األجور والنقص الحاد
في الوظائف والخدمات الرئيسية من سكن وتعميم ومواصالت ....الخ إلى حدوث ظاىرة الفقر
-9العامل االقتصادي:عندما اليقابل زيادة أعداد السكان رخاء اقصادي وتوفر فرص عمل .وكذلك بسبب سوء
توزيع لمثروات وسوء إدارة لمموارد االقتصادية باإلضافة إلى غياب التكامل بين نظم التعميم والتدريب وببين
متطمبات سوق العمل.
-3العامل االجتماعي :كانخفاض مستو التعميم والتدريب ،والصحة ،واإلسكان ....الخ .
-1العامل السياسي :حيث أن المجتمع الغير مستقر سياسياً وتسوده الحروب األىمية أو الدولية يكون أكثر
عرضة لظاىرة الفقر.
حسب تعريف عبد الفضيل الفقر فقراء المدن متضمن الفئات الدنيا التي تعيش في قاع المدينة:
29
-الذين يؤدون مختمف االشغال الشخصية المنزلية لمعائالت
-العمالة الرثة
اما الدكتور محمد عبد الشفيع عيسى فقد حدد الفئات اليامشية في مصر:
ركز انصار ىذه النظرية عمى نقطة اساسية و ىي قضية الالمساواة االجتماعية و االقتصادية باشكاليا
المختمفة من قير ،استغالل و حرمان ...و التي تؤكد عمى معاناة الفئات المدينية الدنيا ،و تزداد ىذه الصورة
وضوحا اذا ادركنا واقع ىذه الظاىرة كظاىرة ممموسة وواقع اجتماعي و اقتصادي و سياسي لمفقراء حيث تشكل
كتمة كبيرة من التشكيمة االجتماعية الراىنة و موضوعا لمصراع و الخطابات المتطرفة و تغيير موازين القوى.
ان التيميش ىنا عممية عمدية يقوم بيا افراد او جماعة بيدف محاصرة فئة اجتماعية لكي يتمثل لنمط من انماط
االستغالل و التفاوت ،و التيميش عممية مستمرة تجمب الييا اجياال جديدة و تسيم بذلك في اعادة االنتاج
االجتماعي .و ان افرادىا يشعرون باالغتراب و عدم المقاومة حيث يجدون انفسيم مستغرقين في مشكالت يومية
تستنزف كل جيودىم.
و قد عجمت الصيرورة االقتصادية و االجتماعية في بمدان العالم الثالث لمزيد من تفتيت البنى و العالقات
االجتماعية القديمة و انقراض العديد من المين ،و انتقال الناس الى مين جديدة ،و اقترن ذلك بتنامي عدد
البطالين و اليجرة المتزايدة من الريف الى المدينة بحثا عن العمل.
30
و حسب “ر.لونوار“ يتخذ مفيوم التيميش معاني رئيسية و ىي :االعاقة ،عدم التكيف ،الحرمان حيث وصفيا
في كتابو (الميمشون) بانيا الفئات التي ال تنتمي الى اي طبقة اجتماعية ،مقبمة عمى المخذرات االمراض
النفسية و العقمية و التطرف ،كميا عوامل مؤدية الى تيميش الماليين .
ان التيميش ىنا عممية عمدية يقوم بيا افراد او جماعة بيدف محاصرة فئة اجتماعية لكي يتمثل لنمط من انماط
االستغالل و التفاوت ،و التيميش عممية مستمرة تجمب الييا اجياال جديدة و تسيم بذلك في اعادة االنتاج
االجتماعي .و ان افرادىا يشعرون باالغتراب و عدم المقاومة حيث يجدون انفسيم مستغرقين في مشكالت يومية
تستنزف كل جيودىم.
و قد عجمت الصيرورة االقتصادية و االجتماعية في بمدان العالم الثالث لمزيد من تفتيت البنى و العالقات
االجتماعية القديمة و انقراض العديد من المين ،و انتقال الناس الى مين جديدة ،و اقترن ذلك بتنامي عدد
البطالين و اليجرة المتزايدة من الريف الى المدينة بحثا عن العمل.
اما ”جوزي نن“ فيرى ان الفئة اليامشية انعدم عندىا روح التنافس و العمل و ال تتمتع بأي دور وظيفي فيي
كتمة ىامشية و نامية.
أما نظرية اليامشية فتعالج قضية التيميش والتشرد في األوساط الحضرية بشيء من الدقة والتفصيل بحيث يرى
روادىا بان المتشردين ىم غالباً من فقراء الحضر ،او القرويين المياجرين الى المدن نتيجة الظروف االقتصادية
واالجتماعية المتدىورة في القرى ،ومن أىم المالمح والمظاىر التي تنطبق عمى ىؤالء المتشردين حسبيم نجد:
العزلة عن الحياة الحضرية المحيطة ،الشك ،االحباط من جانب العمل ،قمة االسيام في النشاط االقتصادي،
الجبرية وااليمان بالقضاء والقدر ،االحساس بالدونية والفشل في تحقيق العديد من األىداف ...مما يعزى
المياجرين الى ابراز سموك مضاد لممجتمع مثل العنف ،السرقة ،الجريمة واالدمان عمى الكحول والمخدرات.
ويعبر ىذا السموك عن االنسحاب السمبي عن بإرادتيم عن المجتمع والرفض لمعايير المجتمع الذي يشعر فيو
بالنبذ والتفرقة والتيميش.
• وقد أشار "جانس بيرمان" في دراسة لمجتمع "الفافيال" اليامشي الى وجود معوقات ف المحيط الخارجي
تمنع من تحقيق التكامل االجتماعي واالقتصادي واالندماج لمفرد اليامشي ،فبالرغم من محاوالتو
استخدام الخدمات الحضرية المتوفرة لديو ،فإنو يعاني غالباً من الخزي واالحباط ،ألنو يجد النسق مغمق
أمامو ،وغير مستجيب الىتماماتو ومصالحو ،وخمص الباحث الى أن اليامشي منبوذ وموصوم في نظر
المجتمع ،مما يجعمو ال يحدد ىويتو أو مكان اقامتو عند محاولة الحصول عمى وظيفة مثالً ،كما أنو
31
يعاني من الحرمان االقتصادي واالستغالل .وىكذا فإن وجود اليامشيين يمثل خروجاً عمى النسق العام
لممجتمع ،الي يسعى لتحقيق التكامل واالنسجام ،فكيف تتشكل أساليب متباينة معيشية ليؤالء عن تمك
السائدة في المجتمع المحيط ،ومع استمرار ظروف الحرمان االقتصادي والبطالة والسكن والتفاوت
االجتماعي ،التي تتكون نتاجاً ألوضاع اجتماعية محمية وذات عالقات دولية ،يتولد عن كل ىذا في
نفوس وعقول المتشردين االحساس باإلحباط ،وىم فقراء الحضر والمياجرين الميمشين الذين يمثمون
روافد إلمداد الظاىرة بمزيد من رواد عالم الفقر والتسول والعوز ،مما يؤدي في نياية المطاف الى عدم
التكامل مع النسق ،و عدم االندماج الكمي في كل مناحي الحياة االجتماعية والثقافية واالقتصادية .وليذا
يمثل التكامل مطمباً شكمياً يتحدد وفقاً لممصالح المسيطرة والمييمنة ،خاصة وأن ىؤالء الميمشين
منبوذين في نظر المجتمع الذي ال يستجيب الىتماماتيم ومصالحيم ،وبالتالي تظير المعوقات في
المحيط الخارجي التي تحول دون تحقيق التكامل واالندماج االجتماعي .وقدمت نظرية اليامشية
مجموعة من الحمول واالقتراحات في سبيل الخروج من المشكمة التي تعرقل سبيل التنمية المحمية وىي:
وجوب ازالة العشوائيات التي يقيم بيا الميمشون وتغيير ىؤالء الميمشين أنفسيم بأنفسيم من خالل
تغيير األفكار والمواقف والتصورات وأسموب المعيشة والحياة ،وىكذا في نظر رواد النظرية اليامشية
تصبح المشكمة متمثمة في األشخاص بغض النظر عن البناء االجتماعي واالقتصادي القائم ،والظروف
التي تحكمو
32