Professional Documents
Culture Documents
آثار عقد التأليف
آثار عقد التأليف
ددددد
ددددددد
نصير صبار لفته
رئيس قسم القانون الخاص
دددد ددددددد_ ددددد
دددددددد
ددددددددد
المقدمة
1
1
المبحث الثاني:التزامات الناشر
15
قائمة المراجع
37
المقدمة
2
اللتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الطراف
في العقود القانونية الخرى.
وتأسيسا ً على ذلك فإن دراسة آثار عقد التأليف يقتضي منا
بيان التزامات كل طرف فيه ،هذه اللتزامات التي تتقابل فيما
بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف للتزاماته مرتبطة
أشد الرتباط بأداء الطرف الخر للتزامه .وإذا كنا سنقف على
هذه اللتزامات الخاصة ،فانه يمكننا القول أن ثمة التزاما ً رئيسيا ً
يقع على عاتق المؤِلف هو ما يعبر عنه باللتزام بالتأليف ))
.((L’obligation de ouvrageهذا اللتزام الذي لن يستطيع
المؤِلف القيام به إل إذا كان يقابله قيام الناشر بالوفاء باللتزام
بالتعاون.
هذا اللتزام الذي يقع على عاتق الناشر في اغلب الحوال
ينص عليه صراحة في هذا النوع من العقود ،إذ نلزمه بتقديم كل
الوسائل اللزمة للمؤِلف خلل فترة أعداده للمؤِلف ،على النحو
الذي سنعرض منه مضمون اللتزام بالتعاون ))L’obligation de
.((collaboration
والحديث عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض
لوليات هذه اللتزامات ،إل وهي التزام الناشر بدفع المقابل
لداء المؤِلف .فعقد التأليف شأنه في هذا الصدد شأن سائر
العقود الملزمة لجانبين .واللتزام الرئيسي الذي يقع على الناشر
هو دفع المقابل النقدي لخدمة المؤِلف ،فالناشر يطلب المعرفة
العلمية من المتخصص .وهو يرمي في أن يستفيد من الخبرة
والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها المؤِلف .وفي سبيل ذلك
يقوم بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله .وليس معنى ذلك
أن هذا اللتزام هو اللتزام الوحيد الذي يقع على عاتق الناشر،
فالمؤِلف يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلصة فكره
وتخصصه الفريدين .فهو ابتكار يعبر عن خلصة عمل ذهني
ن .ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة للتزام المؤِلف والذي هو مض ٍ
جوهر عقد التأليف ،فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من
اللتزامات يقابلها على الصعيد الخر التزامات تقع على عاتق
الناشر .ومن هنا كان التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق
المقررة للمؤِلف .من قبيل التزامات المؤِلف التي تفرضها طبيعة
هذا العقد ما يعرف باللتزام بالسرية
،”L’obligations de confidentialiteحيث إننا إذا كنا نلزم الناشر
بوجوب إعلم المؤِلف بكافة المعطيات التي تساعده في إعداد
المؤِلف ،وهذا ما يعرف –أيضا -باللتزام بالعلم L’obligation de
”d'informationوالذي يعد تطبيقا ً للتزامه بالتعاون ،فإن وفاءه
3
بهذا اللتزام يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام المؤِلف كافة
المعطيات الخاصة بالتأليف المطلوب أعداده من المؤِلف مدعمة
بالمستندات معتمدا ً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص
المؤِلف والتي كانت من احد سمات هذا العقد) ،(1والتي تتحقق
من خلل عدم قيام هذا المؤِلف او مستخدميه بإفشاء محتويات
هذه المستندات في مكان عام أو لمنافسي الناشر .هذا اللتزام
الذي يقع على عاتق المؤِلف هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية
التعامل.
لذا فإن بحث التزامات أطراف العقد يستلزم تقسيم هذا
البحث على مبحثين نتناول في الول التزامات المؤِلف فيما
نبحث في الثاني التزامات الناشر ،أما الحقوق فل داعي لفرادها
بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد
تمثل حقوق الطرف الثاني.
المبحث الول
التزامات المؤِلف
يلتزم المؤِلف بمقتضى عقد التأليف بتقديم المؤَلف إلى
الناشر واللتزام بضمان سرية المعلومات المستحصلة بمناسبة
العلقة مع الناشر.
ب مستقل ونبحث كل التزام من هذه اللتزامات في مطل ٍ
وذلك كالتي-:
المطلب الول
اللتزام بتقديم المؤَلف
4
المضمون والطبيعة ومكان وزمان التسليم وذلك على النحو
التي-:
5
يتفق على أن تؤول حقوق الملكية للناشر ويحظر على المؤِلف
نشر المصنف والمؤَلف إل بعد مرور مدة زمنية محددة).(1
وينبغي أن يلحظ هنا أن استعمال الناشر للمعلومات من
المؤَلف ليس من شأنه سلب المؤِلف الحق في استغللها فل
يغل عقد التأليف يد َ المؤِلف من التصرف بالمعلومات بما يشاء
من التصرفات بأن ينقل ملكيتها للغير أو استغللها في إعداد
مؤَلف آخر ،شريطة احترام حقوق الناشر في عدم التجاوز على
النطاق الذي يعملون فيه ،بغية المحافظة على سرية
المعلومات).(2
كما إن اللتزام بإعداد المؤَلف وتقديمه يمر بالمراحل
الثلث التية-:
(1مرحلة البحث عن المعرفة وإعداد تصور عام للخيارات
النسب للناشر .وتحديد النقاط الرئيسة والفرعية التي
تشتمل عليها المشكلة) .(3ويجد المؤِلف نفسه في هذه
المرحلة إزاء عدة خيارات وحلول يمكن طرحها .تكمن
الصعوبة في إيجاد الخيار النسب للناشر واستبعاد الخيارات
التي ل تتوافق مع مصلحة الناشر .ول يقتصر واجب المؤِلف
على وضع تصور مستند إلى ماهو موجود في علمه فحسب،
وإنما ينبغي عليه بذل الجهد المعقول في البحث والتقصي
للوصول إلى الطرح المثل للناشر.
)(4
(2مرحلة تجميع البيانات والمعلومات اللزمة وتدوينها .
(3مرحلة تقديم المؤِلف والتي ينبغي أن تكون مناسبة ودقيقة
بحيث تمكن الناشر من العتماد عليها .ويلزم المؤِلف بأن
يقدم المؤَلف طبقا ً لما تقرره بنود عقد التأليف والطريقة
المتفق عليها فيه.
ويقتضي التسليم في عقد المقاولة) ،(5تنفيذ إنجاز العمل
المعهود به -إعداد المؤِلف -ومن ثم وضع هذا المؤَلف تحت
تصرف الناشر -رب العمل -على وجه يتمكن معه من حيازته
والنتفاع به من دون أي حائل.
وأن يكون المعقود عليه-المؤَلف -مطابقا ً للمواصفات،
وهذا يعني بالضرورة خضوع المؤَلف إلى تقويم لقيمته العلمية
() 1أنظر أنموذج عقد التأليف الخاص ببيت الحكمة ،ملحق رقم ) (1مع هذا
البحث.كما أنظر نص المادة ) (42من قانون حماية حق المؤِلف العراقي.
()2أنظر المطلب الثاني من هذا المبحث ،الخاص باللتزام بالسرية.
()3أنظر :د .عصمت عبد المجيد بكر ،المدخل الىالبحث العلمي،الموسوعة الصغيرة،دار
الشؤون الثقافية،بغداد ،2001،ص .95
()4المصدر السابق ،ص .96
()5اذ ل يخرج عقد التأليف عن كونه ،في واقع الحال،إل عقد مقاولة بالمفهوم المتداول
المعروف به.
6
والعملية من قبل الخبراء و المقومين لكتابة تقرير في صلحية
هذا المؤَلف من عدمه مع الملحظات .في ضوء مراعاة المؤِلف
للنواحي الموضوعية والشكلية في كتابة المؤَلف).(1
7
الفكري للمؤِلف في إعداد المؤَلف المطلوب وليس على الجهد
البدني ،مما ل يسمح بالسيطرة على جميع نتائج البحث بصورة
كاملة ودقيقة ،مما يجعل تحقيق النتيجة المبتغاة أمرا ً محتم ً
ل،
وبالتالي يكون التزام المؤِلف بتسليم و أنجاز بحث مطابق
لتطلعات الناشر التزاما ً ببذل عناية) .(1ويعتبر انه قد أوفى
بالتزامه إذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد
حتى وان لم يتحقق الغرض المقصود) ،(2وفي غير حالة الغش أو
الخطأ الجسيم).(3
أما إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد
الوقوع ،كما إذا تعلق المر بتسليم بحث معد سلفا ً وكان المؤِلف
قد أعلن صراحة عن مواصفات وكفاءة هذا البحث ،فإن التزام
المؤِلف في هذه الحالة بتسليم بحث مطابق للمواصفات المعلن
عنها ،يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة ،وذلك لعدم توقف توفر هذه
المواصفات على دور الناشر ،أو على ما سيتم بذله من جهد
ذهني في تحقيقها -إذ أن العقد ورد على بحث جاهز معد سلفًا-
وبالتالي يسأل المؤِلف عن عدم مطابقة المواصفات حتى وان
بذل من العناية ما يبذله الشخص المعتاد ،وكذلك المر إذا نص
العقد على ضرورة تحقيق نتيجة ما ،إل إذا وجد سبب أجنبي حال
دون ذلك.
على طبيعة التزام المحامي مع عملية والتزام الطبيب عند علج المرضى ،وبالتالي
يكتف ببذل الجهد الكافي والعناية الضرورية في ضوء المعطيات العلمية .أنظر في
ذلك :د ,محمد لبيب شنب ،شرح أحكام عقد المقاولة،القاهرة ،1962،ص .97د.
محمد عبد الظاهر حسين ،المسؤولية المدنية للمحامي اتجاه العميل ،القاهرة،
،1993ص .313
)( بموجب نص الفقرة الولى من المادة ) (251من القانون المدني العراقي والتي 2
8
أخرى .مع ضرورة إعطاء الناشر مفتاح الرسالة اللكترونية حتى
يستطيع الوصول إلى المؤَلف )موضوع العقد( .لذا ينبغي أن
ة أو
يتضمن اتفاق المتعاقدين تحديد وسيلة تسليم البحث صراح ً
ضمنًا ،وبخلف ذلك تنعقد مسؤولية المؤِلف العقدية.
أما فيما يتعلق بزمان تقديم المؤَلف فالصل أن المؤِلف
ُيلزم بتقديمه في الزمان المتفق عليه .فإن لم يكن هناك اتفاق
على مدة معينة فيلزم المؤِلف بالنجاز في المدة المعقولة التي
يقررها العرف تبعا ً لمقدرة المؤِلف ووسائله وبمراعاة طبيعة
العمل ومقدار ما يقتضيه من دقة وحسب عرف المهنة.
وفي حالة تأخر المؤِلف في البدء بالعمل أو تأخره في
أنجاز المؤَلف تأخرا ً ل يتوقع معه مطلقا ً أن يتمكن من القيام به
كما ينبغي في المدة المتفق عليها ،فيجوز للناشر عندئذ ٍ أن
يطلب فسخ العقد من دون انتظار حلول اجل التسليم.
بيد أن إنهاء عقد التأليف سواء بتقديم المؤَلف للناشر أو
بفسخه بسبب عدم التنفيذ ،ل يعفي المؤِلف من ضرورة مراعاة
اللتزام بالمحافظة على سرية التعامل مع الناشر .وهذا ما
سنحاول بيانه في المطلب التي-:
9
المطلب الثاني
اللتزام بالسرية
يتطلب عقد التأليف الكشف عن بعض المعلومات
والعناصر للمؤِلف :أما أثناء المفاوضات لقناعه بجدوى هذه
المعلومات لبحثه وليتمكن من تقدير قيمتها ومدى احتياجه لها
أثناء إعداد المؤَلف ،أو بعد إبرام العقد في إطار تنفيذ التزامه
بإعداد المؤَلف .وهنا يتعرض الناشر لخطر إمكانية قيام المؤِلف
بإفشاء هذه السرار للخرين على نحو يضر بمصالحه .وقد يقوم
باستخدامها بنفسه -أي المؤِلف -لغراض أخرى أو بعد انتهاء مدة
العقد على نحو يشكل منافسة جدية للناشر.
ومن هنا برزت أهمية اللتزام بالسرية والذي يقصد به ذلك
اللتزام الذي يفرض على المؤِلف عدم البوح بخصوص كل ما
يصل إلى علمه أو يكتشفه خلل إعداد المؤَلف) .(1ولم يستقر
الفقه القانوني في تحديد مصدر هذا اللتزام وذلك لتحول هذا
اللتزام الذي بدأ كواجب أخلقي إلى التزام قانوني ،فمنهم من
يرى أن مصدر هذا اللتزام هو التفاق بين طرفي العقد سواء
كان هذا التفاق صريحا ً أو ضمنيا ً) .(2ومنهم من يذهب إلى أن هذا
اللتزام يجد مصدره خارج العقد وعلى أساس فكرة النظام العام
التي تحتم على المتعاقد أن يراعي في كل الظروف خلل
ممارسته لمهنته اللتزام بالسرية ،لذا فإن هذا اللتزام سابق في
وجوده على العقد وملزم له في كافة مراحله ،فهو التزام
قانوني مباشر).(3
ونرى رجاحة التحليل الذي يسند هذا اللتزام إلى العقد
المبرم بين المؤِلف والناشر ،سواء عن طريق وجود اتفاق صريح
أو ضمني في هذا العقد يلزم المؤِلف بعدم إفشاء المعلومات
إلى الغير .وذلك لننا نبحث هذا اللتزام في إطار آثار عقد
التأليف ،وهذا العقد الذي نشأ صحيحا ً ونافذا ً وبالتالي فإننا ل
نحتاج إلى الرجوع إلى أي مصدر مادام هذا العقد موجودا ً
وساري المفعول باعتباره المصدر المباشر لهذا اللتزام.
)( انظر قريب من ذلك -:د .عبد الرشيد مأمون ،عقد العلج بين النظرية والتطبيق، 1
القاهرة ،بدون سنة طبع ،ص .75والذي أشار بدوره إلى رأي الفقه الفرنسي بهذا
الصدد.
)( أنظر في مجال السر الطبي :محمود مصطفى ،مدى المسؤولية الجنائية للطبيب 2
إذا أفشى سرا ً من أسرار مهنته ،بحث منشور في مجلة القانون والقتصاد ،السنة
،11العدد الول ،عام ،1945ص .657
أنظر في هذا المعنى-: ()3
10
إلى جانب ذلك إن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود هو
الذي يفرض هذا اللتزام ،وحسن النية في هذا الصدد يتمثل من
خلل القول إن السرار التي تصل الى علم المؤِلف وذلك من
خلل عمله أو بمناسبته ،عليه )أي المؤِلف( التكتم عليها وعدم
الفصاح عنها حفاظا ً على مصالح الناشر).(1
وأخيرًا؛ إن اللتزام بسرية المعلومات ينشأ حتى في
الحالت التي ل يرد بشأنها نص .فالعقد يرتب هذا اللتزام بذمة
المؤِلف ،ويجد هذا الحل أساسه في نص المادة ) (150من
القانون المدني العراقي التي تقضي بأنه -2)) :ول يقتصر العقد
على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ،ولكن يتناول أيضا ماهو من
مستلزماته وفقا ً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة
اللتزام(( .فلما كانت المعلومات تتسم بطابع السرية فإن
إفشاءها يؤدي إلى الضرار بالناشر ،لذا يمكن القول إن مثل هذا
اللتزام يعتبر من مستلزمات العقد .فطبيعة هذا العقد تقضي
بوجود هذا اللتزام كونه من العقود التي تقوم على الثقة
والعتبار الشخصي) .(2فهو إذن من اللتزامات اللصيقة بعقد
التأليف يتعين الوفاء به من قبل المؤِلف حتى ولو لم يرد بشأنه
نص في العقد.
بيد انه لما كان كشف سرية المعلومات قد يسبق مرحلة
أبرام العقد ،مما يثير مسألة البحث عن مصدر هذا اللتزام في
مرحلة التفاوض .فإنه يمكن القول بوجود التزام عقدي في عدم
إفشاء ما اطلع عليه المؤِلف من معلومات لن إطلع المتفاوض
على السر قد قام على أساس التراضي بين الطرفين) .(3إل إن
الفقه اختلف في تحديد طبيعة هذا العقد ،فذهب جانب منه إلى
اعتباره عقد وديعة) ،(4بينما يرى آخرون انه عقد غير مسمى).(5
() 1إذ تنص الفقرة الولى من المادة ) (150من القانون المدني العراقي على انه:
))يجب تنفيذ العقد طبقا ً لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن
النية((.
() 2أنظر في ذلك -:د .محسن شفيق ،نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية،القاهرة،
،1984ص .62د .محمود الكيلني ،عقود التجارة الدولية في مجال نقل
التكنولوجيا ،مطبعة عبير،حلوان ،1988 ،ص .279
()3ويوصف هذا اللتزام قبل التعاقد باللتزام الخلقي ،انظر :د .محسن شفيق ،مصدر
سابق ،ص .85
() 4أنظر في ذلك :حسن محمد علوب ،استعانة المتهم بمحام في القانون المقارن،
دار النشر للجامعات المصرية ،القاهرة ،1970 ،ص .96
() 5إن التزام المحافظة على سرية المعلومات التي يحصل عليها احد الطرفين أثناء
المفاوضات قد تحكمه قواعد المسؤولية العقدية إذا كان قد أبرم بين الطرفين
عقد يلزم احدهما بالمحافظة على ما يعلم به من السرية أثناء فترة المفاوضات.
أنظر :د .محمود الكيلني ،مصدر سابق ،ص .279وانظر كذلك رأي الفقه
الفرنسي الذي أشار إليه ،حسن محمود علوب ،مصدر سابق ،ص .96
11
أما عن المقصود بأسرار المؤَلف -موضوع العقد -فيلحظ
انه ليس كل ما يصل إلى المؤِلف من معلومات أثناء إعداده
للمؤَلف يعد ّ واحدا ً من أسرار العقد ،وإنما ينبغي فوق ذلك إن
تكون هذه المعلومات غير معروفة لدى الكافة ،أي غير معروفة
على وجه الخصوص لدى منافسي الناشر ،لنهم الوحيدون الذين
يمكن أن يحققوا المنافع إذا توصلوا إليها ،فهذه المعلومات التي
تصل إلى علم المؤِلف أثناء عمله هي التي ينبغي إل تكون
معلومة لدى الغير لكي تعد سرا ً من أسرار العقد) .(1وعليه يمكن
القول أن المقصود بأسرار المؤَلف –موضوع العقد -تلك
المعلومات غير المعروفة لدى منافسي الناشر ،لنهم
المستفيدون من كشف هذه المعلومات لذا ينبغي أن تكون
المعلومات غير معروفة لدى الغير لكي تعد ّ أسرارا ينبغي
المحافظة عليها.
ومن جهة أخرى فإن تساؤل ً يمكن أن يطرح في هذا
السياق عن النطاق الزماني لللتزام المتمثل بالحفاظ على
سرية المعلومات ،أي عن الفترة التي ينبغي فيها المحافظة على
هذه السرية أو ما قد يصل إلى المؤِلف من معلومات ،وهل
تشمل هذه الفترة فترة تنفيذ العقد أو إنها تشمل كذلك ما بعد
فترة التنفيذ وانقضاء العقد ؟
وللجابة عن هذا السؤال لبد أن نبين إن اللتزامات
الناشئة عن العقود بصورة عامة يقتصر نطاقها من حيث الزمان
على المدة المحددة لتنفيذ العقد ،فمتى ماتم تنفيذ العقد انقضت
اللتزامات الناشئة عنه.
ولكن ل يؤخذ ذلك على إطلقه إذ تتصف بعض اللتزامات
بخصوصية تجعلها تأبى النقضاء بمجرد انتهاء تنفيذ العقد .ولقد
استقر الفقه الحديث على أن اللتزام بالسرية في العقود
المهنية بصورة عامة يتصف بالتأبيد ول يقتصر على مدة العقد
المبرم بين الطرفين ،وذلك لن من موجبات اللتزام بالسرية هو
حماية مصالح الناشر المادية و الدبية ،وهذا المر لن يتحقق إل
إذا ظلت السرية ملزمة للمعلومات التي بحوزة المهني
المتخصص إلى البد).(2
وعليه فإن الفترة التي يسري فيها هذا اللتزام ل تمتد
فقط إلى فترة تنفيذ العقد ،وإنما تشمل كذلك الفترة التي تلحق
()1انظر قريب من ذلك :أستاذنا د.عدنان العابد ود .يوسف الياس ،قانون العمل ،ط ،1
بغداد ،1980 ،ص .252
() 2أنظر :د .احمد محمود سعد،نحو إرساء نظام قانوني لعقد المشورة
المعلوماتية،القاهرة ،1995،ص .178
12
تنفيذ العقد ،إذ يسأل المؤِلف عن أي ضرر قد يصيب الناشر في
حالة ما إذا خالف المؤِلف هذا اللتزام وقام بإفشاء المعلومات
بأية طريقة كانت ،إذ أن امتداد هذا اللتزام إلى ما بعد انقضاء
العقد فيه حماية لمصلحة الناشر ،ذلك إن عدم إفشاء أسرار
العقد ،له أهمية كبيرة بالنسبة لهذا الخير سواء أكانت العلقة
العقدية قائمة أم ل) ،(1مادام هذا الفشاء يمكن أن يلحق به
ضررا ً جسيما ً) ،(2وفي هذا الصدد يمكن قياس عقد التأليف بعقد
المحامي ،إذ يلزم المحامي بالحفاظ على سرية المعلومات التي
يحصل عليها من عمله مع موكله حتى بعد انتهاء علقته
بموكله).(3
وعلى ضوء المعطيات سالفة الذكر ،نستطيع القول إن
التزام المؤِلف بعدم إفشاء أسرار المؤَلف –موضوع العقد،-
)ومن ضمنها المعلومات التي تصل إلى علمه استنادا ً إلى هذا
العقد( ،يمكن أن يوصف بأنه التزام بالمتناع عن عمل ويعد
التزاما ً بتحقيق نتيجة مقتضاها عدم إفشاء أسرار البحث ،لن
إفشاء سرية هذه المعلومات تكفي لثارة خطأ المؤِلف وبالتالي
تحقق المسؤولية العقدية في جانبه .ذلك أن الناشر عندما دخل
بعلقة عقدية مع المؤِلف فإن ذلك كان مؤسسا ً على الثقة التي
وضعها في هذا المؤِلف فأطلعه على أسرار البحث) ،(4لذلك فإن
التزام المؤِلف بالمحافظة على أسرار البحث أثناء العقد وبعد
انقضائه ما يحقق الحماية المادية والمعنوية للناشر لن عمله
مرتكز على بقاء المعرفة العلمية محتفظة بطبيعتها السرية،
فالضرر الذي سوف يصيب الناشر من جراء الفشاء بالسرار هو
في الغلب غير ممكن إصلحه ،عليه ينبغي احترام هذا السر من
قبل المؤِلف طيلة فترة العقد وبعد انتهاء الرابطة العقدية.
)( أنظر في هذا المعنى :د .عدنان العابد ود .يوسف الياس ،مصدر سابق ،ص ،252 1
د .حسن كيره ،أصول قانون العمل ،عقد العمل ،ط ،3منشأة المعارف
بالسكندرية ،1979 ،ص .320
)( أنظر في هذا المعنى :د .أحمد عبد الكريم أبو شنب إذ يقول)) :إن اللتزام 2
بالمحافظة على أسرار العمل يخضع أثناء سريان العقد لمبدأ وجوب تنفيذ العقد
بحسن نية وبالتالي لحكام المسؤولية العقدية ،وبعد انتهاء العقد لمبدأ عدم جواز
الضرار بالغير المقرر في القانون المدني وبالتالي لحكام المسؤولية التقصيرية
بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق أو عرف يقضي بالمحافظة على هذه السرار
أو لم يكن ،وذلك على ضوء الحكمة من تقرير هذا اللتزام والمتمثلة بدفع الضرر
عن صاحب العمل نتيجة إفشاء السرار من قبل العامل(( .شرح قانون العمل
الجديد ،مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،1999 ،ص .156
)( أنظر نصوص المواد ) 44و 45و 46و (47من قانون المحاماة العراقي المرقم 3
173لسنة 1965المعدل .وانظر كذلك :د .طلبة وهبة خطاب ،المسؤولية المدنية
للمحامي،القاهرة ،1986،ص .193
)( أنظر في هذا المعنى :د .صالح بن بكر الطيار ،العقود الدولية لنقل التكنولوجيا، 4
13
كما إن تضمين عقد التأليف أثناء إبرام العقد أو حتى بعد
إبرامه شرطا ً يقضي من المؤِلف اللتزام بالمحافظة على
السرار التي تصل إليه نتيجة بحثه لدى الناشر يعد امرا ً مقبو ً
ل،
هذا بالضافة إلى أن تمكين الناشر للمؤِلف من الحصول على
المعلومات التي قد يكون بعضها سريا ً يعبر عن الثقة التي يوليها
الناشر للمؤِلف التي تعد أحد دعائم عقد التأليف الذي يتميز
بكونه عقدا ً قائما ً على العتبار الشخصي ،ويتعين على المؤِلف
أن يكون أهل ً لهذه الثقة بالتزامه بعدم إفشاء هذه المعلومات
للغير.
كما أنه قد تؤدي عملية إفشاء السرار من قبل المؤِلف
إلى نشوء المسؤولية الجنائية بحقه إذا ما توفرت أركانها.
ويعرف الفقه الجنائي جريمة إفشاء السرار بأنها كشف عن
واقعة لها صفة السر صادر ممن علم بها بمقتضى مهنته ومقترن
بالقصد الجنائي).(1
وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم الواقعة على الشخاص،
وتناولها قانون العقوبات العراقي ذو الرقم 111لسنة 1969
المعدل في الفصل الرابع من الكتاب الثالث والمخصص للجرائم
الواقعة على الشخاص .إذ تنص المادة 437منه على هذه
الجريمة بقولها ))يعاقب بالحبس مدة لتزيد على سنتين وبغرامة
لتزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من علم
بحكم وظيفته او مهنته أو صناعته أو فنه أو طبيعة عمله بسر
فأفشاه في غير الحوال المصرح بها قانونا ً أو استعمله لمنفعته
أو منفعة شخص آخر .ومع ذلك فل عقاب إذا أذن بإفشاء السر
صاحب الشأن فيه أو كان إفشاء السر مقصودا ً به الخبار عن
جناية أو جنحة أو منع ارتكابها(().(2
وتقوم هذه المسؤولية على أركان ثلثة .أولها ركن مادي
يقوم على وجود سر معين تم إفشاؤه .وثانيها صفة خاصة في
الجاني هي أن يكون ذا مهنة معينة .فهذه الجريمة ل يرتكبها أي
شخص بل شخص ذو صفة مستمدة من نوع المهنة التي
يمارسها .أما الركن الثالث وهو الركن المعنوي لجريمة إفشاء
السرار فيتمثل بالقصد الجنائي على اعتبار إن هذه الجريمة هي
()1أنظر د .محمود نجيب حسني ،شرح قانون العقوبات ،القسم الخاص ،ط ،2القاهرة،
،1994ص .722
() 2كما تنص المادة ) (310من قانون العقوبات المصري رقم 58لسنة 1937على
انه ))كل من كان من الطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا ً
إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الحوال
التي يلزمه القانون فيها تبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لتزيد على ستة اشهر أو
بغرامة ل تتجاوز خمسين جنيها ً مصريًا.((..
14
من الجرائم العمدية .والقصد المطلوب في هذه الجريمة هو
القصد العام .ويتعين أن يعلم المتهم بأن للواقعة صفة السر وأن
تتجه إرادة المتهم إلى فعل الفشاء والى النتيجة التي تترتب
عليه).(1
المبحث الثاني
التزامات الناشر
اذا كنا قد تناولنا في المبحث السابق التزامات المؤِلف،
فإن التزامات الناشر يمكن حصرها في التزام رئيسي هو دفع
المقابل النقدي لقاء الحصول على المؤَلف .كما إن اعتماد عقد
التأليف على تخصص المؤِلف وكفاءته العلمية هو الذي كان وراء
سعي الناشر له ،إل أن ذلك لن يتحقق إل بتعاون الناشر معه.
وهذه الخصوصية فرضت التزاما ً آخر على الناشر وهو ما يوصف
بواجب التعاون .فضل ً عن اللتزام بعدم العتداء على الحقوق
المقررة للمؤِلف .وهذا ما سنبحثه في ثلثة مطالب وذلك
كالتي-:
المطلب الول
اللتزام بدفع المقابل
)( للتوسع انظر :د .محمود نجيب حسني ،مصدر سابق ،ص .725 1
)( إذ نصت المادة ) (880/2على انه) :ويجب اعتبار أن هناك اتفاقا ً ضمنيا ً على 2
وجوب الجر ،إذا تبين من الظروف إن الشيء أو العمل الموصى به ماكان ليؤدي
إل ّ لقاء أجر يقابله(.
15
على أن افتراض وجود الجر في عقد التأليف ل يمنع في
الواقع من أن يقوم المؤِلف بإبراء ذمة الناشر من اللتزام بدفع
الجر ،وهذا البراء ل يؤثر أطلقا على وصف العقد بأنه عقد
تأليف.
كما إن اللتزام بدفع الجر يعد من أهم مميزات عقد
ة أو ضمنا ًالتأليف بحيث إن التفاق على عدم اقتضاء الجر صراح ً
يؤدي إلى انتفاء وصف عقد التأليف على التفاق المبرم بين
الطرفين .وان هذا التفاق الخالي من الجر ماهو إل جزء من
مرحلة تفاوض سابقة على وجود العقد .وهذا المر مرده إلى أن
عقد التأليف يدرج ضمن العقود المحددة الداءات إذ ينبغي أن
يعرف كل طرف فيه مقدار ما يلتزم به وما يحصل عليه) .(1وإن
انعدام الجر ينفي عن عقد التأليف صفة المقاولة ويجعله يندرج
في سياق ما يسمى في الفقه الحديث بعقود الخدمة المجانية.
وبخصوص تحديد زمان دفع الجر ومكانه فإننا نرى إمكانية
الرجوع إلى الحكام العامة في القانون المدني عموما ً وأحكام
عقد المقاولة خصوصا ً لتقارب عقد التأليف مع عقد المقاولة كما
بينا سابقًا .فالناشر يلتزم بدفع الجر إلى المؤِلف في الوقت
الذي اتفقا عليه في العقد .أما إذا لم يتم التفاق على تحديد هذا
الوقت فيحدد عندئذ استنادا ً إلى ما يقرره العرف في المهنة التي
يمارسها المؤِلف .وعموما ً فإنه في حالة غياب التفاق وانعدام
العرف فإن المؤِلف يستحق الجر عند تسليم المؤَلف -موضوع
العقد -إلى الناشر).(2
ويلتزم الناشر بدفع الجر في المكان الذي اتفق عليه مع
المؤِلف ،وفي حالة غياب هذا التفاق فيكون مكان الوفاء في
موطن الناشر أو في المكان الذي يوجد فيه محل أعماله إذا كان
اللتزام متعلقا ً بهذه العمال).(3
وانطلقا ً من وصف عقد التأليف بأنه عقد رضائي ،لذا فإن
تحديد الجر يتم باتفاق الطرفين .وذلك من خلل تحديد الجر
بمبلغ إجمالي قبل تنفيذ العقد يلزم الناشر بدفعه حال قيام
المؤِلف بتنفيذ التزامه بتقديم المؤَلف .وعليه فالمؤِلف يستحق
هذا الجر الجمالي من دون أن يرتبط هذا الجر بمقدار الجهد
أنظر قريب من هذا المعنى :د .احمد محمود سعد ،مصدر سابق ،ص .200 ()1
)( إذ نصت المادة ) (876من القانون المدني العراقي بخصوص عقد المقاولة على 2
انه) :يستحق دفع الجرة عند تسليم العمل ،إل إذا قضى التفاق أو العرف بغير
ذلك مع مراعاة أحكام المادة .(874
)( إذ نصت المادة ) (396/2من القانون المدني العراقي على انه) :وفي اللتزامات 3
الخرى يكون الوفاء في موطن المدين وقت وجوب الوفاء أو في المكان الذي
يوجد فيه محل أعماله إذا كان اللتزام متعلقا ً بهذه العمال مالم يتفق على غير
ذلك(.
16
الذي يبذله المؤِلف في إعداد المؤَلف أو حتى الوقت الذي
يستغرقه في ذلك).(1
أما الناشر فإنه يلتزم بدفع الجر المتفق عليه من دون أن
يكون للمؤِلف الحق في طلب زيادة هذا الجر بحجة تضاعف
الجهد المبذول أو زيادة الوقت المهدور في إعداد المؤَلف.
ويلحظ أن هذه القاعدة ليست عامة إذ يستطيع المؤِلف ،استنادا ً
إلى أحكام عقد المقاولة ،أن يطالب بزيادة الجر ،إذا كان الناشر
قد ارتكب خطأ أدى إلى زيادة الجهد المبذول أو الوقت
المهدور) .(2أو انهار التوازن القتصادي بين التزامات كل من
المؤِلف والناشر انهيارا ً تاما ً بسبب حوادث لم تكن في الحسبان
وقت التعاقد).(3
وتجدر الشارة إلى أن تحديد الجر أجمال ل يمنع في
الواقع من أن يتفق الطرفان على أن يقوم الناشر بدفع جزء من
هذا الجر مقدما ً والجزء المتبقي عند انتهاء تنفيذ العقد ،أو أن
يتفقا على تحديد الجر على شكل أقساط دورية طيلة فترة تنفيذ
العقد.
بيد أنه إذا كان الصل في عقد التأليف أن يتم تحديد الجر
فيه باتفاق طرفيه فإن المحكمة في بعض الحالت قد تتدخل في
تحديد هذا الجر .ومن هذه الحالت الفرضية التي يغفل فيها
المتعاقدان تحديد أجر المؤِلف أو في حالة اختلفهما حول
مقداره .ويمكن أن يعتمد القاضي على السس المعتمدة في
عقد المقاولة في تحديد الجر .وعليه فإن تحديد أجر المؤِلف
سيتم بالعتماد على عنصرين رئيسيين هما قيمة العمل الذي قام
به المؤِلف وما تكبده من نفقات في إنجازه ،وتسترشد المحكمة
بوجه خاص بالعرف الجاري في المهنة التي يمتهنها المؤِلف في
تحديد قيمة العمل).(4
المطلب الثاني
اللتزام بالتعاون
مما لشك فيه أن إبرام عقد التأليف كان لغايففة فففي نفففس
الناشر يبتغي قضاءها ،وأن البحث هففو فففي الحقيقففة وضففع الحففل
أنظر :د .محمد لبيب شنب ،مصدر سابق ،ص .65 ()1
)( إذ نصت المادة ) (880/1من القانون المدني العراقي بصدد عقد المقاولة على 4
انه) :إذا لم تحدد الجرة سلفا ً أو حددت على وجه تقريبي ،وجب الرجوع في
تحديدها إلى قيمة العمل ونفقات المقاول(.
17
لمشكلة تعترض سبيل الناشر ،لذا فإن مففن الضففروري أن يكففون
المؤِلففف علففى علففم تففام بأبعففاد أهففداف الناشففر ومشففاكله فففي
الموضوع المطروح أمامه للبحث لكي يتسنى له أداء مهمته على
أتم وجه .من هنا برزت أهميففة اللفتزام بالتعفاون ففي إطفار عقفد
التأليف .والذي يعففد مففن اللتزامففات ذات الطبيعففة الخاصففة الففتي
تفرضها خصوصية هذا العقد ،تلك الخصوصية النابعة من جوهريففة
العقد المعتمدة علففى الجهففد الففذهني والبففداع الفكففري والكفففاءة
العلمية للمؤِلف المتخصص.
والن لنا أن نتساءل ماهو مضمون هذا اللتزام ؟ وهل يعد
التزام بتحقيق نتيجة أم التزام ببذل عناية ؟
ونتساءل أيضا ً عن طبيعة ذلك اللتزام وهل هو التزام
إرادي أم التزام قانوني ؟ وأخيرا ً ماهو الجزاء المترتب على
الخلل به ؟ نجيب على هذه التساؤلت في ثلث فقرات على
النحو التي-:
أو ً
ل -مضمون اللتزام بالتعاون-:
()1في تطبيق هذا الواجب في مجال عقد المقاولة انظر :د .محمد لبيب شنب ،مصدر
سابق ،ص .149
() 2لمزيد من التفصيل انظر :د .نزيه محمد الصادق المهدي ،اللتزام قبل التعاقدي،
دار النهضة العربية ،القاهرة ،1982 ،ص 10وما بعدها وص 60وما بعدها.
)(3
V. Starck; Les Obligations, ed Paris, 1972, No.1900, P.562.
18
بل إن هذا اللتزام ل يقتصر الوفاء به على مجرد أن يقدم
ما يطلب منه ،ولكن عليه -هو -أن يقوم بالستعلم ويتحرى من
المؤِلف عن النقاط التي يمكنه أن يدلي بها ويتعاون بصددها معه
بما لديه من مستندات يمكن تقديمها تساهم في عمل
المؤِلف).(1
وفي ضوء هذا التأكيد لواجب الناشر بالتعاون ،فإنه ل
يسعنا إل أن نضم صوتنا إلى ذلك التجاه الفقهي الذي ذهب إلى
أن هذا اللتزام يعد التزاما ً بنتيجة) .(2ومن ثم فالمؤِلف ل يكون
مسؤول ً عن فشل البحث إذا كان الناشر لم يسهم بإيجابية نحو
تحقق الحل المرضي والذي يتحقق من خلل الهدف المنشود
من البحث .وبالتالي فإنه يفترض خطأ الناشر بمجرد عدم تحقق
النتيجة المتمثلة بتقديم المعونة اللزمة للمؤِلف وعليه يقع عبء
إثبات وجود السبب الجنبي ليمنع المسؤولية عنه).(3
)(1
Jourdain (P): devoir de Renseignar “Contribution a L’etude de L’obligation de Renseignement”, Paris, 1983, P.139.
)( أنظر :د .وفاء حلمي أبو جميل ،اللتزام بالتعاون –دراسة تحليلية وتأصيلية، 2
القاهرة ،1988 ،ص 63وما بعدها .وانظر قريب من ذلك :د .احمد محمود سعد،
مصدر سابق ،ص 249وما بعدها.
وانظر في الفقه الفرنسي-:
Vivant et Lucas (A): Chronique droit de l’informatique, J.C.P., 1992, 1.141.
)( يذهب الستاذ Frossardإلى القول بأن التزام المدين يكون بتحقيق نتيجة إذا كان 3
ملتزما ً بتحقيق أداء معين ويكون ببذل عناية في غير ذلك من الحالت .هذا الرأي
أشارت إليه :د .وفاء حلمي أبو جميل ،مصدر سابق ،ص .67
أنظر نص المادة ) (150/2من القانون المدني العراقي. ()4
)( أنظر مازو وتانك ،المسؤولية ،ج ،1ف .169أشارت إليه :د .وفاء حلمي أبو 5
19
يضيفها إليه أما تنفيذا ً لنص في القانون) (1أو أقرارا ً للعرف) (2أو
لعتبارات العدالة) (3وذلك في إطار ما يقتضيه حسن النية في
تنفيذ العقود وما ينبغي أن يتوافر من ثقة بين المتعاقدين.
وسواء أكان نص القانون أو العرف أو اعتبارات العدالة
وراء إضافة اللتزام بالتعاون إلى العقد فإنه يعد من مستلزماته
ويلتزم المتعاقدان به كما يلتزمان بما ورد فيه صراحة .أي أن
اللتزام بالتعاون التزام عقدي إرادي).(4
ثالث ً
ا -جزاء الخلل باللتزام بالتعاون*-:
)( كاللتزام بالتعاون بين البائع والمشتري في دفع تعرض الغير في دعوى ضمان 1
طريقا ً معينا ً للنقل فعلى الناقل ان ينقلها بأقرب طريق حتى لتزيد الكلفة .انظر،
المصدر السابق ،ص .80
)( أنظر :المصدر السابق ،ص .80-72 4
)( إذ يتمثل الخطأ العقدي بعدم تنفيذ الناشر للتزامه بالتعاون ويتوافر الخطأ في 5
جانبه بمجرد عدم تحقق هذه النتيجة لنه أخل بالتزامه ،ول يجوز له أن يقيم الدليل
على انعدام الخطأ في جانبه لنه ملزم بتحقيق نتيجة .كما لبد من وجود الضرر
حتى تترتب هذه المسؤولية في ذمة الناشر والمؤِلف هو الذي يتحمل عبء إثبات
الضرر الذي يدعيه .وينبغي أن يكون هذا الضرر نتيجة لذلك الخطأ .والناشر ل
يستطيع نفي العلقة السببية إل بإثبات السبب الجنبي.
20
ولكن المسؤولية العقدية ليست الجزاء الوحيد للخلل بهذا
اللتزام وخاصة نحن أمام عقد ملزم للجانبين بل يضاف إليها
جزاءات أخرى ،كحق المتعاقد في حالة إخلل المتعاقد الخر
بالتزامه أن يطلب فسخ العقد لتنحل الرابطة القانونية ،التي
ولدها ويتخلص بانحللها من التزاماته الناشئة عنه في
جانبه).(1كما انه قد يتضمن عقد التأليف شرط جزائي يقضي
لمصلحة المؤِلف جزاء أخلل الناشر بالتزامه بالتعاون.
المطلب الثالث
التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق
المقررة للمؤِلف
يرجع مصدر هذا اللتزام إلى قانون حماية حق المؤِلف
والذي يقرر للمؤِلف في حالة توفر شروط الحماية حقوقا ً أدبية
وأخرى مالية على المصنف )المؤَلف() .(2مما يفرض واجبا ً تجاه
الكافة باحترام هذه الحقوق وعدم العتداء عليها ،ولما كان من
الجائز قانونا ً للمؤِلف التصرف بالحقوق المالية دون الدبية).(3
فإن على المتصرف له )الناشر( اللتزام ضمن نطاق هذا
التصرف وهو ما تقرره القواعد العامة في القانون المدني،
وترتب المسؤولية على الخلل به) .(4وفضل ً عن ذلك تضمنت
التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤِلف جزاءات خاصة في حالة
العتداء على الحقوق المقررة للمؤِلف ،مما يستدعي بيان
مضمون التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق المقررة
للمؤِلف في فقرة أولى ،واستعراض الجزاءات التي تترتب على
الخلل بذلك في فقرة ثانية.
21
ول يتمتع سوى المؤِلف وحده –وورثته من بعده -بدفع أي
اعتداء عليها .أما الحقوق المالية فلكون من الجائز قانونا ً
التصرف فيها للغير ،فإن واجب عدم العتداء على حقوق المؤِلف
ينحصر على الحقوق غير المتنازل عنها أو المرخص بها للغير.
كما يتأطر الحق بعدم العتداء على الحقوق المالية ضمن
مدة سريان الحماية القانونية ،إذ بانقضاء هذه المدة تدخل
الحقوق المالية -حقوق استغلل المؤِلف ماليًا -في الملك العام
ويصبح معها استغلل المؤِلف ماليا ً مباحا ً للكافة من دون الحاجة
إلى الحصول على موافقة المؤِلف أو ترخيصه ،ومن دون ان
يشكل ذلك اعتداء على حقوق المؤِلف) ،(1كما ليس بالضرورة أن
يقتصر الحق بدفع العتداء على الحقوق المالية على المؤِلف
وحده ،وإنما ينتقل هذا الحق ،في حالة التنازل عن حقوق
الستغلل المالي ،إلى المتنازل له.
ومن المفيد أن نشير إلى صور العتداء على الحقوق
الدبية والمالية تباعًا-:
آ( صور العتداء على الحقوق الدبية-:
تتمثل أغلب صور العتففداء علففى الحقففوق الدبيففة المقففررة
للمؤِلف ،بقيام الغير بنشر المؤِلف قبل أن يقرر المؤل ِففف نشففره،
أو أن تتففم عمليففة النشففر بصففورة تختلففف عففن تلففك الففتي عينهففا
المؤِلففف .ووفقففا ً لهففذا الغففرض يكففون هنففاك اعتففداء علففى حففق
الستغلل المالي للمؤل ِففف فضففل عففن العتففداء علففى حففق تقريففر
طريقة نشر المؤِلف) .(2كذلك إذا حدد المؤِلف موعدا ً للنشر قبففل
وفففاته فففإن مففن غيففر الجففائز لففورثته أو المتنففازل لففه عففن حقففوق
الستغلل المالي ،نشر المؤِلف قبل انقضاء ذلك الموعد).(3
وفيما يتعلق بحق المؤِلف في نسبة مؤَلفه إليه ،فإنه يمتنع
على الغير بما فيهم الورثة –الخلف العام -والخلف الخاص
الدعاء بنسبة هذا المؤِلف إليهم .ومن المثلة على ذلك أيضا ً
قيام الغير باستنساخ أجزاء من المؤِلف والعتماد عليها لعداد
بحث جديد ونسبته إليه ،إذ نكون في هذه الحالة أمام اعتداء
على الحق بنسبة البحث لباحثه الصلي ،واعتداء على الحق
باستنساخ و/أو تحوير البحث).(4
وبموجب حق المؤِلف في احترام كيان بحثه ،فإنه يمتنع
على الغير المساس بهذا البحث بأية صور من شأنها الساءة إلى
سمعة المؤِلف الفكرية أو البداعية .وإذا ما تنازل المؤِلف عن
انظر :نص المادة) (20من قانون حماية حق المؤِلف العراقي. ()1
22
حقوق استغلل البحث فإنه يمتنع على المتنازل له )الناشر(
إجراء أي تعديل -بالحذف أو بالضافة -في المؤَلف إل إذا كان
مصرحا ً له بذلك من قبل المؤِلف).(1
ولما كان من حق المؤِلف سحب بحثه من التداول إذا
طرأت أسباب أدبية خطيرة أو بإدخال تعديلت جوهرية عليه،
فان من غير الجائز لمن آلت إليه حقوق استغلل هذا المؤَلف أن
يمتنع عن السماح بذلك ،ولسيما إذا عرض المؤَلف عليه
التعويض الذي تقدره المحكمة).(2
23
ب( صور العتداء على الحقوق المالية-:
نصوص المواد ) 13و (14من قانون حماية حق المؤِلف العراقي. انظر ()3
24
ثانيًا -الجزاءات التي تللترتب علللى العتللداء علللى
حقوق المؤِلف-:
() 1يقصد بالبتكار :أن يكون للمؤِلف دور يبرز شخصيته سواء من حيث تنظيمه أو
ترتيبه أو من حيث السلوب في عرض الفكار .للمزيد انظر :د .عصمت عبد
المجيد بكر ود .صبري حمد خاطر ،الحماية القانونية للملكية الفكرية ،الحماية
القانونية للملكية الفكرية،ط ،1بيت الحكمة،بغداد ،2001،ص 35وما بعدها.
()2أنظر أستاذنا زهير البشر ،الملكية الدبية والفنية )حق المؤِلف( ،الموصل،1989،
ص 115وما بعدها.
() 3أنظر نص المادة ) (46من قانون حماية حق المؤِلف العراقي ،تقابلها المواد ) 43
مصري( والمادة )/46ب( أردني.
25
المدعي غير محق في دعواه .فإذا وجدت المحكمة مبررا ً لذلك
حكمت بوقف نشر المصنف وتداوله ،وتنظر المحكمة في هذا
الطلب بوصفه من المور المستعجلة من دون الدخول في
أساس الحق أو أصل النزاع).(1
(2طلب إدخال التعديل على المؤَلف-:
)( انظر :د .حسام الدين الهواني ،الحق في احترام الحياة الخاصة ،دار النهضة 2
مقارنة ،رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق ،جامعة النهرين ،2001 ،ص 81
وص .222
26
طلب الحجز من صاحب الحق وهو المؤِلف ابتداءا ً )وورثته من
بعده( ،ومن آلت إليه حقوق استغلل المؤَلف ،وذلك بعد إجراء
وصف تفصيلي للمؤَلف الذي نشر بوجه غير مشروع) .(1ويقدم
طلب الحجز مشفوعا ً بكفالة تتضمن ما يلحق المدعى عليه من
ضرر إذا تبين إن المدعي غير محق في دعواه) ،(2ويجوز تقديم
طلب الحجز قبل إقامة الدعوى أو عند إقامتها أو أثناء السير في
الدعوى أو بعد صدور الحكم فيها) .(3ويكون القرار الصادر قابل ً
للتظلم أمام نفس المحكمة التي أصدرت أمر الحجز).(4
وينصب طلب الحجز على نسخ المؤَلف المنشورة بصورة
غير مشروعة وكذلك المواد التي تستعمل في إعادة نشر
واستنساخ المؤَلف موضوع الدعوى ،أو استخراج نسخ منه
بشرط أن تكون المواد المذكورة غير صالحة إل لعادة نشر
المؤَلف) .(5ومن الجائز للمحكمة المختصة أن تأمر بحصر اليراد
الناتج من عمليات نشر واستنساخ المؤَلف وإيقاع الحجز عليه.
وفي هذه الحالة يتم إيداع اليرادات المتحصلة في خزينة
المحكمة حتى يتم الفصل في اصل النزاع من قبل محكمة
الموضوع).(6
(4طلب إتلف نسخ المؤَلف المستنسخ بوجه غير مشروع-:
)( يجب أن يقدم طالب الحجز كفالة رسمية وتأمينات نقدية مقدارها عشرة في 2
المائة من قيمة الدين المطالب به أو يضع عقارا ً قيمته النسبة المذكورة على
القل .أنظر نص الفقرة الثانية من المادة ) (234من قانون المرافعات المدنية
العراقي رقم ) (83لسنة .1969
)( أنظر نص المادة ) (236من قانون المرافعات المدنية العراقي. 3
)( أنظر نص المادة ) (46من قانون حماية حق المؤِلف العراقي .تقابلها المادة ) 5
(43مؤلف مصري.
انظر المادة ) (236من قانون المرافعات المدنية العراقي. ()6
27
مصادرة نسخ المؤَلف والمواد التي ل تصلح إل لعادة نشره،
وبيعها لحسابه ويجوز له كذلك أن يطلب وضع الحجز على اليراد
الناشئ من اليقاع أو اللقاء غير المشروع).(1
على أن اللجوء إلى هذه الوسيلة ل يمنع من المطالبة
بالتعويض ،ويقرر قانون حماية حق المؤِلف العراقي على ثمن
بيع الشياء ومبالغ النقود المحجوزة عليها دينا ً ممتازًا ،ل يتقدم
عليه سوى امتياز الرسوم القضائية والمصاريف التي تنفق على
تلك الشياء ولتحصيل ذلك المبلغ).(2
() 1انظر نص المادة ) (47من قانون حماية حق المؤِلف العراقي ،تقابلها المادة ) (43
مصري .وللتوسع انظر :سهيل حسين الفتلوي ،حقوق المؤِلف الدبية في القانون
العراقي ،دراسة مقارنة ،دار الحرية للطباعة ،بغداد ،1977 ،ص .287
()2أنظر نص المادة ) (47من قانون حماية حق المؤِلف العراقي.
()3تقابلها المادة ) (438من قانون العقوبات المصري.
()4انظر :د .عصمت عبد المجيد ود .صبري حمد خاطر ،مصدر سابق ،ص 168وما
بعدها.
()5أنظر نصوص المواد ) 286و (287من قانون العقوبات العراقي.
28
حددت التشريعات المتعلقة بحمايففة حففق المؤل ِففف الفعففال
المكونة لجريمة التقليد وذلففك بففالنص علففى انففه)) -:يعتففبر مكونفا ً
لجريمة التقليد… ..كل من ارتكب احد الفعال التية-:
-1من اعتدى على حقوق المؤِلف المنصوص عليها في المواد
الخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة من هذا
القانون.
ً ً
-2من باع أو عرض للبيع مصنفا مقلدا أو ادخل إلى العراق
دون إذن المؤِلف أو من يقوم مقامه مصنفات منشورة في
الخارج وتشملها الحماية التي يفرضها هذا القانون.
-3من قلد في القطر العراقي مصنفات منشورة بالخارج أو
باع هذه المصنفات أو صدرها أو تولى شحنها إلى
الخارج….(1)((.
ويتحقق الركن المادي في جريمة التقليد بقيام المعتدي
بارتكاب فعل من الفعال المذكورة في النص أعله والتي حرمها
القانون لتعلقها بحقوق المؤِلف الدبية والمالية .أما الركن
المعنوي فيراد به توافر القصد الجنائي لدى المعتدي.
ولشك أن حسن النية ل يفترض في جريمة التقليد ،بل
يقع عبء إثباته على المتهم إذ يفترض فيه سوء النية أو الهمال
الشديد في المقلد لمجرد ارتكابه الفعل المادي للتقليد).(2
(2العقوبات المقررة على جريمة التقليد-:
()1انظر نص المادة ) (45من قانون حماية حق المؤِلف العراقي ،تقابلها المادة ) (47
مصري.
() 2انظر :عبد الرشيد مأمون ،أبحاث في حق المؤِلف،القاهرة ،1986،ص .505
نواف كنعان ،حق المؤِلف ،ط ،3عمان ،2000،ص .433
()3انظر نص المادة ) (45من قانون حماية حق المؤِلف العراقي ،تقابلها المواد ) 47
مصري( و) 51أردني(.
29
فضل ً عن عقوبة الحبس والغرامة ،فإن من الجائز
للمحكمة أن تقضي بمصادرة جميع الدوات المخصصة للنشر
غير المشروع وإتلف المصنفات المقلدة وإغلق المؤسسة التي
ارتكبت فيها الجريمة او وقف ترخيصها).(1
جف -التعويض-:
يرتب العتداء على المؤَلف –محل العقد -أضرارا ً أدبية
ومالية بحقوق المؤِلف ،ومن هنا الزم القانون المخطيء
بالتعويض .إذ تنص المادة ) (44من قانون حماية حق المؤِلف
العراقي على انه)) -:لكل مؤلف وقع العتداء على حق من
حقوقه المبينة بهذا القانون الحق في التعويض المناسب((.
إذ يعد التعويض أثرا ً لترتب المسؤولية المدنية على
المخطيء ،وتختلف طبيعة هذه المسؤولية بحسب نوع العلقة
مع المؤِلف .إذ تقوم المسؤولية التعاقدية إذا كان العتداء صادرا ً
من شخص تربطه بالمؤِلف أو بمن آلت إليه حقوق الستغلل
المالي رابطة تعاقدية ،ويسأل بموجبها المتعاقد عن الضرر
المباشر المتوقع في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم .في حين
تقوم المسؤولية التقصيرية إذا كان العتداء قد وقع من الغير،
ويسأل بموجبها الشخص المسؤول عن الضرر المباشر المتوقع
وغير المتوقع.
)(2
ويشترط لقيام المسؤولية المدنية وقوع ضرر ،والذي
يتمثل بالضرر الدبي ،كالساءة لسمعة المؤِلف الدبية ومكانته
الفكرية ،كما قد يكون الضرر الواقع ماليًا ،بأن يشكل انتقاصا ً من
عناصر الذمة المالية للشخص ،كتفويت الفرصة على المؤِلف أو
من آلت إليه حقوق استغلل المؤَلف للنتفاع بالمؤَلف فضل ً عن
الضرر يشترط لقيام المسؤولية التعاقدية والمسؤولية التقصيرية
وجود خطأ ،يتمثل في الحالة الولى بالخلل باللتزامات
التعاقدية ،وفي الحالة الثانية بالخلل بالواجبات القانونية وفقا ً
لمعيار الشخص المعتاد .إل انه في نطاق قانون حماية حق
المؤِلف ،فإن الخطأ يفترض وجوده بمجرد العتداء على الحقوق
المقررة للمؤِلف ،الدبية والمالية ،سواء أكان المعتدي تربطه
علقة عقدية مع المؤِلف أم ل توجد مثل هذه الرابطة ،إذا ما
تعلق المر بالمؤِلف .في حين يخضع حكم الخطأ للقواعد العامة
)( للتوسع في أركان المسؤولية المدنية ،انظر :أستاذنا الدكتور حسن علي الذنون، 2
المبسوط في المسؤولية المدنية ،ج ،1الضرر ،مطبعة التايمس ،بغداد ،1991 ،ص
155وما بعدها.
30
إذا وقع الضرر على من آلت إليه حقوق الستغلل المالي).(3
ولبد من أن تكون ثمة رابطة سببية تجمع الخطأ بالضرر الواقع.
ويلحظ أن المحكمة قد تلجأ عند قيام المسؤولية
التعاقدية ،إلى التنفيذ بواسطة الغرامات التهديدية لدفع المدين
المعاند إلى تنفيذ عين ما التزم به) ،(1متى ما كان التنفيذ العيني
ل يزال ممكنا ً كإلزام الناشر بإضافة فقرات معينة حذفها من
البحث ،خلل اجل معين واللتزام بدفع مبلغ محدد عن كل فترة
معينة تمر من دون تنفيذ .وقد يطلب المؤِلف فسخ العقد مع
التعويض إذا تمثل العتداء بالمتناع عن القيام بما أوجبه العقد.
ويحكم بالتعويض وفقا ً لما تم التفاق عليه فإن لم يكن
التعويض مقدرا ً في العقد أو بنص القانون فالمحكمة هي التي
تتولى تقديره ولها أن تستعين في سبيل ذلك بالخبراء) .(2ويشمل
التعويض ما لحق الدائن )المؤِلف( من خسارة وما فاته من
كسب بسبب ضياع الحق عليه أو بسبب التأخر في استيفائه،
بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين )الناشر(
باللتزام أو لتأخره عن الوفاء به .وفي حالة غش الناشر أو
ارتكابه خطأ ً جسيما ً فإن التعويض يشمل أيضا ً مالم يكن متوقعا ً
عادة وقت التعاقد من خسارة أو كسب فائت).(3
ول يختلف كثيرا ً تقدير التعويض في نطاق المسؤولية
التعاقدية عنه في المسؤولية التقصيرية .إذ يقدر بما لحق
المتضرر من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة
طبيعية للعمل غير المشروع ،ولكن في حالة المسؤولية
التقصيرية يحكم بالتعويض عن الضرر غير المتوقع طالما كان
نتيجة للعمل غير المشروع ،ويدخل في تقدير التعويض الحرمان
من منافع العيان).(4
وعادة ما يقدر التعويض بالنقد ،إل انه من الجائز للمحكمة
وبناًء على طلب المتضرر أن تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت
عليه ،أو أن تحكم بأداء أمرٍ معين ،كنشر الحكم في جريدة أو
مجلة أو أكثر على نفقة المسؤول).(5
()3أنظر :د .عصمت عبد المجيد بكر ود .صبري حمد خاطر ،مصدر سابق ،ص .163
()1انظر نص المادة ) (253من قانوننا المدني.
() 2تنص المادة ) (132من قانون الثبات العراقي رقم ) (107لسنة 1979على
انه)) :تتناول الخبرة المور العلمية والفنية وغيرها من المور اللزمة للفصل في
الدعوى دون المسائل القانونية((.
()3انظر نص المادة ) (169من القانون المدني العراقي ،تقابلها المادة ) (221قانون
مدني مصري.
()4انظر نص المادة ) (207من قانوننا المدني.
()5أنظر نص المادة ) (209من قانوننا المدني ،تقابلها المادة ) (171مدني مصري.
31
ويرمي التعويض عن الضرر المالي إلى إزالة الضرر
الحاصل بما يقابل الخسارة أو الكسب الفائت ،أما التعويض عن
الضرر الدبي فيهدف إلى التخفيف عن المتضرر بما لحقه من
إساءة لسمعته أو حريته أو شرفه أو مكانته الجتماعية ،وليس
بديل ً عما أصابه من ضرر .كما إن هذا النوع من الضرر يصعب
أحيانا ً تقدير مداه وأثره على المتضرر مما يجعل من الصعوبة
أيضا ً تحديد التعويض المناسب بصورة دقيقة).(1
وثمة اعتبارات عديدة تؤخذ بنظر العتبار عند تقدير
التعويض للمؤِلف المتضرر جراء العتداء على حقوقه) ،(2وتتجلى
بمكانة المؤِلف العلمية وقيمة لمؤَلفه ومدى تأثير العتداء على
ذلك .كما يراعى عند تقدير التعويض مدى استفادة المعتدي من
استغلل المؤَلف أو استخدامه أو تحويره أو تطويره .فضل ً عما
لحق المؤِلف )أو من آلت إليه حقوق الستغلل المالي( من
خسارة أو فاته من كسب .ويعتبر التعويض المحكوم به للمؤِلف
)دون غيره ممن تؤول إليهم حقوق الستغلل المالي( دينا ً ممتازا ً
على صافي ثمن بيع الشياء التي استخدمت في العتداء على
حقه وعلى المبالغ المحجوزة في الدعوى ،إلى جانب المقابل
المالي المتحصل من تصريف نسخ البحث المحجوزة).(3
()1انظر :د .حسن علي الذنون ،المبسوط ،ج ،1الضرر ،مصدر سابق ،ص .215
()2أنظر :د .عصمت عبد المجيد بكر ود .صبري حمد خاطر ،مصدر سابق ،ص .165
()3أنظر نص المادة ) (47من قانون حماية حق المؤِلف العراقي ،تقابلها المادة ) (45
مؤلف مصري.
32
الخاتمة
استهدف هذا البحث في الواقع ،الوصول إلى فكرة واضحة ودقيقة
قدر المكان،حول اثار عقد التأليف.و الذي ما زال الحديث عنه
محل جدل عند رجال القانون و الباحثين حول مدى أهمية هذا
العقد،ومدى الحاجة إلى تأطيره بنظام قانوني محدد .وهذا ما حاولنا
ان نلقي عليه الضوء خلل بحثنا هذا ،من خلل تحديد التزامات
أطراف العقد وتوصلنا في الخاتمة إلى أنه:
-1يستد عقد التأليف بالدرجة الساس على تخصص احد أطرافه
وهو )المؤِلف(،حيث يكون لهذا الخير دورا ً إبداعيا ً مبتكرا ً لمؤَلف
يوافق أهداف المتقاعد الخر والذي يسمى بالناشر.
-2يعد التزام المؤِلف بتقديم الداء الرئيسي في عقد التأليف .وهذا
اللتزام يعد التزاما ً بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية ،وذلك لن
المؤِلف ملزم بتقديم المؤَلف )محل العقد( .من منظور الشخص
الممتهن الخبير و أن المنطق السليم يقضي بمساءلته عند تنفيذه
عقد أبرمه ولم يدرك عدم قدرته على تنفيذه.
-3أما عن الطبيعة القانونية للتزام المؤِلف في عقد التأليف ،والتي
من خللها يمكن تحديد مسؤولية المؤِلف في ضرورة مطابقة
المؤَلف لرغبات الناشر أو للمواصفات المتفق عليها والتي يتطلع
الناشر لتحقيقها .فأنه يمكن العتماد على معيار الحتمالية ومدى
دور أطراف العقد في تحقيق النتيجة المطلوبة ،وذلك على النحو
التي:
أ=إذا كانت هذه النتيجة محتملة الوقوع أو أن تحقيقها يتوقف على
دور الناشر في تقديم المعلومات ،فأن اللتزام يكون التزاما ً ببذل
عناية.
ب=أما إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد الوقوع
كما إذا تعلق المر بتسليم مؤَلف معد سلفا ً و كان المؤِلف قد أعلن
ة عن مواصفات وكفاءة هذا المؤِلف ،فأن التزام المؤِلف في صراح ً
هذه الحالة يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة .
-4ينبغي على المؤِلف الستعلم من المتعاقد الخر ))الناشر(( عن
طبيعة حاجته وغرضه من استخدام المؤَلف ،وان يقوم بتوجيه
اختياره نحو ما يتناسب وهذه الحتياجات ،كما يتوجب بالمقابل
على الناشر الفضاء عن حاجته بصورة واضحة ويسمى هذا اللتزام
بالتعاون.
33
وتوصلنا الى أن التزام الطراف يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة في
الحوال التي ل يرتبط فيها الوفاء بهذا اللتزام تدخل المتعاقد الخر
أو شخص من الغير.
َ
-5وينبغي على المؤِلف المحافظة على أسرار المؤلف وعدم
استعمالها أو إفشائها حتى في حالة غياب شرط أو أتفاق عدم
الستعمال الشخصي للمعلومات التي وصلت إلى علمه بسبب
أبرام عقد التأليف .ويستمر اللتزام بالمحافظة على سرية
المعلومات والبحث حتى بعد انتهاء مدة العقد مالم يتم التفاق على
عكس ذلك .
قائمة المراجع
أو ً
ل //باللغة العربية -:
د .أحمد عبد الكريم أبو شنب – شرح قانون العمل الجديد، -1
مكتبة دار الثقافة ،عمان. 1999 ،
د .أحمد محمود سعد – نحو إرساء نظام قانوني لعقد -2
المشورة المعلوماتية ،القاهرة. 1995 ،
د .حسام الدين الهواني – الحق في احترام الحياة الخاصة، -3
دار النهضة العربية ،القاهرة. 1978 ،
د .حسن علي الذنون –المبسوط في المسؤولية المدنية ،ج -4
،1الضرر ،مطبعة التايمس ،بغداد. 1991 ،
34
د .حسن كيرة – أصول قانون العمل ،عقد العمل ،ط ،3 -5
السكندرية.1979 ،
حسن محمد علوب – استعانة المتهم بمحام في القانون -6
المقارن،القاهرة1970،
زهير البشير – الملكية الدبية والفنية )حق المؤلف(، -7
الموصل. 1989 ،
د .سهيل حسين الفتلوي – حقوق المؤلف المعنوية في -8
القانون العراقي ،بغداد. 1970 ،
د .صالح بن بكر الطيار – العقود الدولية لنقل التكنولوجيا ،ط -9
،2مركز الدراسات العربي_الوربي. 1999 ،
د .طلبة وهبة خطاب –المسؤولية المدنية للمحامي ،القاهرة، -10
. 1986
عبد الرشيد مأمون شديد – عقد العلج بين النظرية -11
والتطبيق ،القاهرة ،بل سنة طبع .
_______________ -أبحاث في حق المؤلف ،الكتاب الول، -12
القاهرة. 1986،
د .عدنان العابد و د .يوسف الياس –قانون العمل ،ط ،1 -13
بغداد. 1980 ،
د .عصمت عبد المجيد بكر – المدخل إلى البحث العلمي، -14
وزارة الثقافة ،بغداد. 2001 ،
_______________ و د .صبري حمد خاطر – الحماية القانونية -15
للملكية الفكرية ،ط ،1بيت الحكمة ،بغداد. 2001 ،
د .محسن شفيق –نقل التكنلوجيا من الناحية القانونية، -16
القاهرة. 1984 ،
د .محمد عبد الظاهر حسين – المسؤولية المدنية للمحامي -17
تجاه العميل ،القاهرة. 1993 ،
د .محمد لبيب شنب – شرح أحكام عقد المقاولة ،القاهرة، -18
. 1962
د .محمود الكيلني – عقود التجارة الدولية في مجال نقل -19
التكنلوجيا ،مطبعة عبير حلوان. 1988 ،
محمود مصطفى – مدى المسؤولية الجنائية للطبيب إذا -20
أفشى سرا ً من أسرار مهنته ،بحث منشور في مجلة القانون
والقتصاد ،السنة) ،(11العدد الول. 1945 ،
د .محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات –القسم -21
الخاص ،ط ،2القاهرة. 1994 ،
-22د .نزيه محمد الصادق المهدي – اللتزام قبل
التعاقدي ،دار النهضة العربية ،القاهرة. 1982 ،
-23نصير صبار لفته – التعويض العيني،دراسة مقارنة،
رسالة ماجستير ،كلية الحقوق ،جامعة النهرين. 2001 ،
35
نواف كنعان – حق المؤلف ) النماذج المعاصرة لحق-24
. 2000 ، عمان،3 ط،( المؤلف ووسائل حمايته
دراسة، وفاء حلمي أبو جميل – اللتزام بالتعاون. د-25
. 1988 ، القاهرة،تحليلية وتأصيلية
36