You are on page 1of 36

‫آثار عقد التأليف‬

‫ددددد‬
‫ددددددد‬
‫نصير صبار لفته‬
‫رئيس قسم القانون الخاص‬
‫دددد ددددددد_ ددددد‬
‫دددددددد‬

‫بحث منشور في العراق_بغداد‪ ،‬مجلة القانون المقارن ‪:‬العدد ‪ 42/‬سنة‬


‫‪) 2006‬مقبول للنشر في ‪( 2005/ 3 / 26‬‬

‫ددددددددد‬

‫المقدمة‬
‫‪1‬‬

‫المبحث الول‪ :‬التزامات المؤِلف‬


‫‪3‬‬

‫المطلب الول‪ :‬اللتزام بتقديم المؤَلف‬


‫‪3‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اللتزام بالسرية‬
‫‪9‬‬

‫‪1‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬التزامات الناشر‬
‫‪15‬‬

‫المطلب الول‪ :‬اللتزام بدفع المقابل‬


‫‪15‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اللتزام بالتعاون‬
‫‪18‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬التزام الناشر بعدم العتداء‬
‫على الحقوق المقررة للمؤِلف‬
‫‪22‬‬
‫الخاتمة‬
‫‪35‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫‪37‬‬

‫المقدمة‬

‫يعد عقد التأليف من العقود الملزمة لجانبين‪ ،‬إلى جانب‬


‫كونه عقدا ً من عقود المعاوضة‬
‫‪ .‬فهو المصدر الساسي للتزامات إطرافه وإن هذه‬
‫اللتزامات تجد قوتها الملزمة في العقد ويتعين الوفاء بها طبقا ً‬
‫لمبدأ حسن النية وفي كافة مراحل تنفيذ العقد)‪ .(1‬وتلك‬

‫أنظر المادة )‪ (150‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬ ‫‪()1‬‬

‫‪2‬‬
‫اللتزامات متنوعة يخرج بعضها عن مألوف التزامات الطراف‬
‫في العقود القانونية الخرى‪.‬‬
‫وتأسيسا ً على ذلك فإن دراسة آثار عقد التأليف يقتضي منا‬
‫بيان التزامات كل طرف فيه‪ ،‬هذه اللتزامات التي تتقابل فيما‬
‫بينها بحيث يمكن القول إن أداء كل طرف للتزاماته مرتبطة‬
‫أشد الرتباط بأداء الطرف الخر للتزامه‪ .‬وإذا كنا سنقف على‬
‫هذه اللتزامات الخاصة‪ ،‬فانه يمكننا القول أن ثمة التزاما ً رئيسيا ً‬
‫يقع على عاتق المؤِلف هو ما يعبر عنه باللتزام بالتأليف ))‬
‫‪ .((L’obligation de ouvrage‬هذا اللتزام الذي لن يستطيع‬
‫المؤِلف القيام به إل إذا كان يقابله قيام الناشر بالوفاء باللتزام‬
‫بالتعاون‪.‬‬
‫هذا اللتزام الذي يقع على عاتق الناشر في اغلب الحوال‬
‫ينص عليه صراحة في هذا النوع من العقود‪ ،‬إذ نلزمه بتقديم كل‬
‫الوسائل اللزمة للمؤِلف خلل فترة أعداده للمؤِلف‪ ،‬على النحو‬
‫الذي سنعرض منه مضمون اللتزام بالتعاون ))‪L’obligation de‬‬
‫‪.((collaboration‬‬
‫والحديث عن التزامات طرفي العقد يفرض علينا التعرض‬
‫لوليات هذه اللتزامات‪ ،‬إل وهي التزام الناشر بدفع المقابل‬
‫لداء المؤِلف‪ .‬فعقد التأليف شأنه في هذا الصدد شأن سائر‬
‫العقود الملزمة لجانبين‪ .‬واللتزام الرئيسي الذي يقع على الناشر‬
‫هو دفع المقابل النقدي لخدمة المؤِلف ‪ ،‬فالناشر يطلب المعرفة‬
‫العلمية من المتخصص‪ .‬وهو يرمي في أن يستفيد من الخبرة‬
‫والمعرفة والمعلومات التي ينفرد بها المؤِلف‪ .‬وفي سبيل ذلك‬
‫يقوم بدفع ثمن تطبيق هذا الفن الذي يجهله‪ .‬وليس معنى ذلك‬
‫أن هذا اللتزام هو اللتزام الوحيد الذي يقع على عاتق الناشر‪،‬‬
‫فالمؤِلف يمنح عميله معرفة علمية تعبر عن خلصة فكره‬
‫وتخصصه الفريدين‪ .‬فهو ابتكار يعبر عن خلصة عمل ذهني‬
‫ن‪ .‬ومن ثم فهذه الطبيعة الخاصة للتزام المؤِلف والذي هو‬ ‫مض ٍ‬
‫جوهر عقد التأليف‪ ،‬فإنه يلقى عليه من ناحية مجموعة من‬
‫اللتزامات يقابلها على الصعيد الخر التزامات تقع على عاتق‬
‫الناشر‪ .‬ومن هنا كان التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق‬
‫المقررة للمؤِلف‪ .‬من قبيل التزامات المؤِلف التي تفرضها طبيعة‬
‫هذا العقد ما يعرف باللتزام بالسرية‬
‫‪ ،”L’obligations de confidentialite‬حيث إننا إذا كنا نلزم الناشر‬
‫بوجوب إعلم المؤِلف بكافة المعطيات التي تساعده في إعداد‬
‫المؤِلف‪ ،‬وهذا ما يعرف –أيضا‪ -‬باللتزام بالعلم ‪L’obligation de‬‬
‫‪ ”d'information‬والذي يعد تطبيقا ً للتزامه بالتعاون‪ ،‬فإن وفاءه‬

‫‪3‬‬
‫بهذا اللتزام يتضمن بالضرورة أن يطرح أمام المؤِلف كافة‬
‫المعطيات الخاصة بالتأليف المطلوب أعداده من المؤِلف مدعمة‬
‫بالمستندات معتمدا ً في ذلك على الثقة التي تولدت في شخص‬
‫المؤِلف والتي كانت من احد سمات هذا العقد)‪ ،(1‬والتي تتحقق‬
‫من خلل عدم قيام هذا المؤِلف او مستخدميه بإفشاء محتويات‬
‫هذه المستندات في مكان عام أو لمنافسي الناشر‪ .‬هذا اللتزام‬
‫الذي يقع على عاتق المؤِلف هو ما يعرف بالتزامه بضمان سرية‬
‫التعامل‪.‬‬
‫لذا فإن بحث التزامات أطراف العقد يستلزم تقسيم هذا‬
‫البحث على مبحثين نتناول في الول التزامات المؤِلف فيما‬
‫نبحث في الثاني التزامات الناشر‪ ،‬أما الحقوق فل داعي لفرادها‬
‫بصورة مستقلة على اعتبار ان التزامات كل طرف في العقد‬
‫تمثل حقوق الطرف الثاني‪.‬‬

‫المبحث الول‬
‫التزامات المؤِلف‬
‫يلتزم المؤِلف بمقتضى عقد التأليف بتقديم المؤَلف إلى‬
‫الناشر واللتزام بضمان سرية المعلومات المستحصلة بمناسبة‬
‫العلقة مع الناشر‪.‬‬
‫ب مستقل‬ ‫ونبحث كل التزام من هذه اللتزامات في مطل ٍ‬
‫وذلك كالتي‪-:‬‬

‫المطلب الول‬
‫اللتزام بتقديم المؤَلف‬

‫اللتزام الرئيس الذي يترتب في ذمة المؤِلف هو اللتزام‬


‫بإنجاز العمل المتفق عليه عن طريق قيامه بإعداد المؤِلف‬
‫وتقديمه للناشر‪ .‬ولشك في أن هذا اللتزام يعد جوهر عقد‬
‫التأليف وغايته‪ ،‬وأن الوفاء به يعتمد بالدرجة الساس على كفاءة‬
‫المؤِلف وخبرته وتفوقه العلمي في مجال اختصاصه‪ .‬وستقتصر‬
‫دراستنا لهذا اللتزام على جوانبه القانونية والمتمثلة في‬
‫‪()1‬يعد عقد التأليف من العقود القائمة على العتبار الشخصي كالسمعة و الكفاءة‬
‫العلمية والمانة و ما قام به المؤِلف سابقا ً من أعمال تكسبه تجربة علمية كافية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المضمون والطبيعة ومكان وزمان التسليم وذلك على النحو‬
‫التي‪-:‬‬

‫ل‪ -‬مضمون اللتزام بتقديم المؤَلف‪:‬‬


‫او ً‬

‫يعد اللتزام بتقديم المؤَلف التزاما ً اصليا ً ناشئا ً عن العقد‬


‫المبرم بين المؤِلف والناشر‪ .‬وليس مجرد التزام تابع أو واجب‬
‫ملقى على عاتق المؤِلف فحسب‪ .‬ويلزم المؤِلف بأن يقدم‬
‫للناشر مؤَلفا ً يحتوي على مجموعة منسجمة من المعلومات‪،‬‬
‫وهذه المعلومات ينبغي إن تكون معبرة عن أداء متميز يتفق‬
‫وأصول المهنة والقدرة التي ينفرد بها المؤِلف في تخصصه‪.‬‬
‫كذلك ينبغي أن يكون المؤَلف ملئم لحاجة الناشر ويعطيه الخيار‬
‫ل أو امتناع‪.‬‬‫الفضل إزاء ما يروم عمله من فع ٍ‬
‫والوفاء بهذا اللتزام يعد بحق نقل ً للمعرفة العلمية‬
‫والخلل به يؤدي إلى عدم تحقيق نتائج هذه المعرفة‪ .‬وهكذا فإن‬
‫المعرفة العلمية إذا تم نقلها بحسن نية مع مراعاة الشروط‬
‫التعاقدية فإنها بل شك تأتي بالنتائج المتوقعة في نشر المعرفة‬
‫العلمية للمجتمع‪.‬‬
‫كما إن خصوصية هذا اللتزام تتمثل في إن عقد التأليف‬
‫يعطي الحق للناشر في استغلل المعرفة العلمية الخاصة‬
‫بالمؤَلف‪ .‬بيد أن الطبيعة المعنوية لهذا الحق تجعل من المتعذر‬
‫على المؤِلف استرداده عند انتهاء العقد بعد أن يكون الناشر قد‬
‫علم بهذه المعرفة‪.‬‬
‫ويثير مدى تنفيذ المؤِلف لهذا اللتزام أساس الخلفات‬
‫التي تثور مع الناشر‪ ،‬كما هو الشأن في كل العقود‪ ،‬وبسبب‬
‫الطابع المعنوي للمعرفة العلمية فإنه يصعب تحديد عناصرها‬
‫بدقة متناهية تحول دون أي خلف يثور بشأنها‪ .‬لذا يكون تطبيق‬
‫مبدأ حسن النية ذا أهمية كبيرة بل ضرورة لمناص منها لحسم‬
‫النزاع على أساسها‪.‬‬
‫وقد ينصب عقد التأليف على نقل ملكية المؤَلف إلى‬
‫الناشر‪ .‬كما ينصب على إعطاء الناشر حق استغلله‪ ،‬إذ يخول‬
‫العقد الناشر حق استغلل المؤَلف‪ .‬لذا يقع على المؤِلف التزام‬
‫أساسي هو تمكين الناشر من استغلل المؤَلف في ممارسة‬
‫النشاط المتفق عليه في العقد وخلل المدة المتفق عليها‪ .‬كأن‬

‫‪5‬‬
‫يتفق على أن تؤول حقوق الملكية للناشر ويحظر على المؤِلف‬
‫نشر المصنف والمؤَلف إل بعد مرور مدة زمنية محددة)‪.(1‬‬
‫وينبغي أن يلحظ هنا أن استعمال الناشر للمعلومات من‬
‫المؤَلف ليس من شأنه سلب المؤِلف الحق في استغللها فل‬
‫يغل عقد التأليف يد َ المؤِلف من التصرف بالمعلومات بما يشاء‬
‫من التصرفات بأن ينقل ملكيتها للغير أو استغللها في إعداد‬
‫مؤَلف آخر‪ ،‬شريطة احترام حقوق الناشر في عدم التجاوز على‬
‫النطاق الذي يعملون فيه‪ ،‬بغية المحافظة على سرية‬
‫المعلومات)‪.(2‬‬
‫كما إن اللتزام بإعداد المؤَلف وتقديمه يمر بالمراحل‬
‫الثلث التية‪-:‬‬
‫‪ (1‬مرحلة البحث عن المعرفة وإعداد تصور عام للخيارات‬
‫النسب للناشر‪ .‬وتحديد النقاط الرئيسة والفرعية التي‬
‫تشتمل عليها المشكلة)‪ .(3‬ويجد المؤِلف نفسه في هذه‬
‫المرحلة إزاء عدة خيارات وحلول يمكن طرحها‪ .‬تكمن‬
‫الصعوبة في إيجاد الخيار النسب للناشر واستبعاد الخيارات‬
‫التي ل تتوافق مع مصلحة الناشر‪ .‬ول يقتصر واجب المؤِلف‬
‫على وضع تصور مستند إلى ماهو موجود في علمه فحسب‪،‬‬
‫وإنما ينبغي عليه بذل الجهد المعقول في البحث والتقصي‬
‫للوصول إلى الطرح المثل للناشر‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ (2‬مرحلة تجميع البيانات والمعلومات اللزمة وتدوينها ‪.‬‬
‫‪ (3‬مرحلة تقديم المؤِلف والتي ينبغي أن تكون مناسبة ودقيقة‬
‫بحيث تمكن الناشر من العتماد عليها‪ .‬ويلزم المؤِلف بأن‬
‫يقدم المؤَلف طبقا ً لما تقرره بنود عقد التأليف والطريقة‬
‫المتفق عليها فيه‪.‬‬
‫ويقتضي التسليم في عقد المقاولة)‪ ،(5‬تنفيذ إنجاز العمل‬
‫المعهود به‪ -‬إعداد المؤِلف‪ -‬ومن ثم وضع هذا المؤَلف تحت‬
‫تصرف الناشر‪ -‬رب العمل‪ -‬على وجه يتمكن معه من حيازته‬
‫والنتفاع به من دون أي حائل‪.‬‬
‫وأن يكون المعقود عليه‪-‬المؤَلف‪ -‬مطابقا ً للمواصفات‪،‬‬
‫وهذا يعني بالضرورة خضوع المؤَلف إلى تقويم لقيمته العلمية‬
‫‪ () 1‬أنظر أنموذج عقد التأليف الخاص ببيت الحكمة‪ ،‬ملحق رقم )‪ (1‬مع هذا‬
‫البحث‪.‬كما أنظر نص المادة )‪ (42‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬
‫‪ ()2‬أنظر المطلب الثاني من هذا المبحث‪ ،‬الخاص باللتزام بالسرية‪.‬‬
‫‪ ()3‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬المدخل الىالبحث العلمي‪،‬الموسوعة الصغيرة‪،‬دار‬
‫الشؤون الثقافية‪،‬بغداد‪ ،2001،‬ص ‪.95‬‬
‫‪ ()4‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪()5‬اذ ل يخرج عقد التأليف عن كونه‪ ،‬في واقع الحال‪،‬إل عقد مقاولة بالمفهوم المتداول‬
‫المعروف به‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫والعملية من قبل الخبراء و المقومين لكتابة تقرير في صلحية‬
‫هذا المؤَلف من عدمه مع الملحظات‪ .‬في ضوء مراعاة المؤِلف‬
‫للنواحي الموضوعية والشكلية في كتابة المؤَلف)‪.(1‬‬

‫ثانيًا‪ -‬طبيعة التزام المؤِلف بتقديم المؤَلف‪-:‬‬

‫إذ يعتبر التزام المؤِلف بتقديم أو تسليم المؤَلف‪ -‬محل‬


‫العقد‪ ،-‬التزاما ً بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية فل يكفي لعفائه‬
‫من المسؤولية عن عدم تقديم المؤَلف أو التأخر فيه أن يثبت انه‬
‫بذل العناية اللزمة في إنجاز البحث في الميعاد المحدد له ولكنه‬
‫لم يتمكن من ذلك‪ .‬بل ينبغي عليه حتى تنتفي مسؤوليته أن يثبت‬
‫السبب الجنبي أو أن البحث كان يتوقف على تقديم معلومات‬
‫من الناشر‪ .‬فإن استطاع ذلك انتفت علقة السببية ولم تتحقق‬
‫المسؤولية)‪ .(2‬وحجتنا في هذا الحكم إن المؤِلف ملزم بتقديم‬
‫المؤَلف –محل العقد‪ -‬من منظور الشخص الممتهن الخبير وانه‬
‫مسؤول عن تنفيذ عقد أبرمه ولم يدرك عدم قدرته على تنفيذه‪.‬‬
‫أما عن الطبيعة القانونية للتزام المؤِلف في عقد‬
‫التأليف)‪ ،(3‬والتي من خللها يمكن تحديد مسؤولية المؤِلف‪،‬‬
‫فيمكن القول انه وعلى الرغم من أن طبيعة المؤَلف وطريقة‬
‫أعداده لتسمح دائما ً بتحقيق رغبات واحتياجات الناشر بصورة‬
‫كاملة أو مطابقة‪ ،‬إل إن من الصعوبة بمكان إعطاء تكييف واحد‬
‫يحكم طبيعة التزام المؤِلف بمطابقة المؤَلف‪ -‬موضوع العقد‪-‬‬
‫للمواصفات‪ ،‬وإنما يمكن العتماد على معيار الحتمالية ومدى‬
‫دور أطراف العقد في تحقيق النتيجة المطلوبة‪.‬‬
‫فإذا كانت هذه النتيجة محتملة الوقوع أو أن تحقيقها‬
‫يتوقف على دور الناشر في تقديم المعلومات‪ ،‬فإن اللتزام‬
‫يكون التزاما ً ببذل عناية‪ ،‬كما إذا تعلق المر بإعداد مؤَلف وفقا ً‬
‫للمعلومات التي قدمها الناشر وتلبية لحتياجاته وتطلعاته‪ .‬إذ أن‬
‫الوصول إلى هذه النتيجة يعتمد على دقة هذا الناشر في توضيح‬
‫احتياجاته من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى على الجهد الذهني والبداع‬
‫‪ ()1‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 130‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ ()2‬بموجب نص المادة )‪ (168‬من القانون المدني العراقي‪ ،‬تقابلها المادة )‪ (215‬من‬
‫القانون المدني المصري‪.‬‬
‫‪ () 3‬بمعنى ضرورة مطابقة المؤِلف‪ -‬محل العقد‪ -‬لرغبات الناشر أو للمواصفات‬
‫المتفق عليها والتي يتطلع الناشر لتحققها‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الفكري للمؤِلف في إعداد المؤَلف المطلوب وليس على الجهد‬
‫البدني‪ ،‬مما ل يسمح بالسيطرة على جميع نتائج البحث بصورة‬
‫كاملة ودقيقة‪ ،‬مما يجعل تحقيق النتيجة المبتغاة أمرا ً محتم ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وبالتالي يكون التزام المؤِلف بتسليم و أنجاز بحث مطابق‬
‫لتطلعات الناشر التزاما ً ببذل عناية)‪ .(1‬ويعتبر انه قد أوفى‬
‫بالتزامه إذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد‬
‫حتى وان لم يتحقق الغرض المقصود)‪ ،(2‬وفي غير حالة الغش أو‬
‫الخطأ الجسيم)‪.(3‬‬
‫أما إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد‬
‫الوقوع‪ ،‬كما إذا تعلق المر بتسليم بحث معد سلفا ً وكان المؤِلف‬
‫قد أعلن صراحة عن مواصفات وكفاءة هذا البحث‪ ،‬فإن التزام‬
‫المؤِلف في هذه الحالة بتسليم بحث مطابق للمواصفات المعلن‬
‫عنها‪ ،‬يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة‪ ،‬وذلك لعدم توقف توفر هذه‬
‫المواصفات على دور الناشر‪ ،‬أو على ما سيتم بذله من جهد‬
‫ذهني في تحقيقها‪ -‬إذ أن العقد ورد على بحث جاهز معد سلفًا‪-‬‬
‫وبالتالي يسأل المؤِلف عن عدم مطابقة المواصفات حتى وان‬
‫بذل من العناية ما يبذله الشخص المعتاد‪ ،‬وكذلك المر إذا نص‬
‫العقد على ضرورة تحقيق نتيجة ما‪ ،‬إل إذا وجد سبب أجنبي حال‬
‫دون ذلك‪.‬‬

‫ثالثًا‪ -‬مكان وزمان تسليم المؤَلف‪-:‬‬

‫ينبغي أن يتم التسليم في المكان المتفق عليه أو بما ينص‬


‫عليه القانون‪ ،‬وباعتبار أن معلومات المؤَلف ذات طبيعة غير‬
‫مادية‪ ،‬فإن تسليمها وتداولها يتطلب تثبيتها على وسيط مادي‬
‫كالوراق والقراص الليزرية أو الضوئية والممغنطة )‪C.D or‬‬
‫‪ ،(Disk‬كما من الممكن تسليم المؤَلف من دون الحاجة إلى‬
‫الوسيط المادي وذلك من خلل نقله عبر شبكة المعلومات‬
‫)النترنت(‪ ،‬أو رسائل البريد اللكتروني أو أية وسيلة الكترونية‬
‫)( كما يمكن اعتبار التزام المؤِلف التزاما ً ببذل عناية في نطاق عقد المقاولة قياسا ً‬ ‫‪1‬‬

‫على طبيعة التزام المحامي مع عملية والتزام الطبيب عند علج المرضى‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكتف ببذل الجهد الكافي والعناية الضرورية في ضوء المعطيات العلمية‪ .‬أنظر في‬
‫ذلك‪ :‬د‪ ,‬محمد لبيب شنب‪ ،‬شرح أحكام عقد المقاولة‪،‬القاهرة‪ ،1962،‬ص ‪ .97‬د‪.‬‬
‫محمد عبد الظاهر حسين‪ ،‬المسؤولية المدنية للمحامي اتجاه العميل‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1993‬ص ‪.313‬‬
‫)( بموجب نص الفقرة الولى من المادة )‪ (251‬من القانون المدني العراقي والتي‬ ‫‪2‬‬

‫تقابل الفقرة الولى من المادة )‪ (211‬من القانون المدني المصري‪.‬‬


‫)( إذ يبقى المدين مسؤول ً عما يأتيه من غش أو خطأ جسيم وهو ما نصت عليه‬ ‫‪3‬‬

‫الفقرة الثانية من المادة ) ‪ (211‬من القانون المدني المصري‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫أخرى‪ .‬مع ضرورة إعطاء الناشر مفتاح الرسالة اللكترونية حتى‬
‫يستطيع الوصول إلى المؤَلف )موضوع العقد(‪ .‬لذا ينبغي أن‬
‫ة أو‬
‫يتضمن اتفاق المتعاقدين تحديد وسيلة تسليم البحث صراح ً‬
‫ضمنًا‪ ،‬وبخلف ذلك تنعقد مسؤولية المؤِلف العقدية‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بزمان تقديم المؤَلف فالصل أن المؤِلف‬
‫ُيلزم بتقديمه في الزمان المتفق عليه‪ .‬فإن لم يكن هناك اتفاق‬
‫على مدة معينة فيلزم المؤِلف بالنجاز في المدة المعقولة التي‬
‫يقررها العرف تبعا ً لمقدرة المؤِلف ووسائله وبمراعاة طبيعة‬
‫العمل ومقدار ما يقتضيه من دقة وحسب عرف المهنة‪.‬‬
‫وفي حالة تأخر المؤِلف في البدء بالعمل أو تأخره في‬
‫أنجاز المؤَلف تأخرا ً ل يتوقع معه مطلقا ً أن يتمكن من القيام به‬
‫كما ينبغي في المدة المتفق عليها‪ ،‬فيجوز للناشر عندئذ ٍ أن‬
‫يطلب فسخ العقد من دون انتظار حلول اجل التسليم‪.‬‬
‫بيد أن إنهاء عقد التأليف سواء بتقديم المؤَلف للناشر أو‬
‫بفسخه بسبب عدم التنفيذ‪ ،‬ل يعفي المؤِلف من ضرورة مراعاة‬
‫اللتزام بالمحافظة على سرية التعامل مع الناشر‪ .‬وهذا ما‬
‫سنحاول بيانه في المطلب التي‪-:‬‬

‫‪9‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫اللتزام بالسرية‬
‫يتطلب عقد التأليف الكشف عن بعض المعلومات‬
‫والعناصر للمؤِلف‪ :‬أما أثناء المفاوضات لقناعه بجدوى هذه‬
‫المعلومات لبحثه وليتمكن من تقدير قيمتها ومدى احتياجه لها‬
‫أثناء إعداد المؤَلف‪ ،‬أو بعد إبرام العقد في إطار تنفيذ التزامه‬
‫بإعداد المؤَلف‪ .‬وهنا يتعرض الناشر لخطر إمكانية قيام المؤِلف‬
‫بإفشاء هذه السرار للخرين على نحو يضر بمصالحه‪ .‬وقد يقوم‬
‫باستخدامها بنفسه‪ -‬أي المؤِلف‪ -‬لغراض أخرى أو بعد انتهاء مدة‬
‫العقد على نحو يشكل منافسة جدية للناشر‪.‬‬
‫ومن هنا برزت أهمية اللتزام بالسرية والذي يقصد به ذلك‬
‫اللتزام الذي يفرض على المؤِلف عدم البوح بخصوص كل ما‬
‫يصل إلى علمه أو يكتشفه خلل إعداد المؤَلف)‪ .(1‬ولم يستقر‬
‫الفقه القانوني في تحديد مصدر هذا اللتزام وذلك لتحول هذا‬
‫اللتزام الذي بدأ كواجب أخلقي إلى التزام قانوني‪ ،‬فمنهم من‬
‫يرى أن مصدر هذا اللتزام هو التفاق بين طرفي العقد سواء‬
‫كان هذا التفاق صريحا ً أو ضمنيا ً)‪ .(2‬ومنهم من يذهب إلى أن هذا‬
‫اللتزام يجد مصدره خارج العقد وعلى أساس فكرة النظام العام‬
‫التي تحتم على المتعاقد أن يراعي في كل الظروف خلل‬
‫ممارسته لمهنته اللتزام بالسرية‪ ،‬لذا فإن هذا اللتزام سابق في‬
‫وجوده على العقد وملزم له في كافة مراحله‪ ،‬فهو التزام‬
‫قانوني مباشر)‪.(3‬‬
‫ونرى رجاحة التحليل الذي يسند هذا اللتزام إلى العقد‬
‫المبرم بين المؤِلف والناشر‪ ،‬سواء عن طريق وجود اتفاق صريح‬
‫أو ضمني في هذا العقد يلزم المؤِلف بعدم إفشاء المعلومات‬
‫إلى الغير‪ .‬وذلك لننا نبحث هذا اللتزام في إطار آثار عقد‬
‫التأليف‪ ،‬وهذا العقد الذي نشأ صحيحا ً ونافذا ً وبالتالي فإننا ل‬
‫نحتاج إلى الرجوع إلى أي مصدر مادام هذا العقد موجودا ً‬
‫وساري المفعول باعتباره المصدر المباشر لهذا اللتزام‪.‬‬

‫)( انظر قريب من ذلك‪ -:‬د‪ .‬عبد الرشيد مأمون‪ ،‬عقد العلج بين النظرية والتطبيق‪،‬‬ ‫‪1‬‬

‫القاهرة‪ ،‬بدون سنة طبع‪ ،‬ص ‪ .75‬والذي أشار بدوره إلى رأي الفقه الفرنسي بهذا‬
‫الصدد‪.‬‬
‫)( أنظر في مجال السر الطبي‪ :‬محمود مصطفى‪ ،‬مدى المسؤولية الجنائية للطبيب‬ ‫‪2‬‬

‫إذا أفشى سرا ً من أسرار مهنته‪ ،‬بحث منشور في مجلة القانون والقتصاد‪ ،‬السنة‬
‫‪ ،11‬العدد الول‪ ،‬عام ‪ ،1945‬ص ‪.657‬‬
‫أنظر في هذا المعنى‪-:‬‬ ‫‪()3‬‬

‫‪N. Reboul, Les contrats des conseil, Paris, 1, 1997, P.470.‬‬

‫‪10‬‬
‫إلى جانب ذلك إن مبدأ حسن النية في تنفيذ العقود هو‬
‫الذي يفرض هذا اللتزام‪ ،‬وحسن النية في هذا الصدد يتمثل من‬
‫خلل القول إن السرار التي تصل الى علم المؤِلف وذلك من‬
‫خلل عمله أو بمناسبته‪ ،‬عليه )أي المؤِلف( التكتم عليها وعدم‬
‫الفصاح عنها حفاظا ً على مصالح الناشر)‪.(1‬‬
‫وأخيرًا؛ إن اللتزام بسرية المعلومات ينشأ حتى في‬
‫الحالت التي ل يرد بشأنها نص‪ .‬فالعقد يرتب هذا اللتزام بذمة‬
‫المؤِلف‪ ،‬ويجد هذا الحل أساسه في نص المادة )‪ (150‬من‬
‫القانون المدني العراقي التي تقضي بأنه‪ -2)) :‬ول يقتصر العقد‬
‫على إلزام المتعاقد بما ورد فيه‪ ،‬ولكن يتناول أيضا ماهو من‬
‫مستلزماته وفقا ً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة‬
‫اللتزام((‪ .‬فلما كانت المعلومات تتسم بطابع السرية فإن‬
‫إفشاءها يؤدي إلى الضرار بالناشر‪ ،‬لذا يمكن القول إن مثل هذا‬
‫اللتزام يعتبر من مستلزمات العقد‪ .‬فطبيعة هذا العقد تقضي‬
‫بوجود هذا اللتزام كونه من العقود التي تقوم على الثقة‬
‫والعتبار الشخصي)‪ .(2‬فهو إذن من اللتزامات اللصيقة بعقد‬
‫التأليف يتعين الوفاء به من قبل المؤِلف حتى ولو لم يرد بشأنه‬
‫نص في العقد‪.‬‬
‫بيد انه لما كان كشف سرية المعلومات قد يسبق مرحلة‬
‫أبرام العقد‪ ،‬مما يثير مسألة البحث عن مصدر هذا اللتزام في‬
‫مرحلة التفاوض‪ .‬فإنه يمكن القول بوجود التزام عقدي في عدم‬
‫إفشاء ما اطلع عليه المؤِلف من معلومات لن إطلع المتفاوض‬
‫على السر قد قام على أساس التراضي بين الطرفين)‪ .(3‬إل إن‬
‫الفقه اختلف في تحديد طبيعة هذا العقد‪ ،‬فذهب جانب منه إلى‬
‫اعتباره عقد وديعة)‪ ،(4‬بينما يرى آخرون انه عقد غير مسمى)‪.(5‬‬

‫‪ () 1‬إذ تنص الفقرة الولى من المادة )‪ (150‬من القانون المدني العراقي على انه‪:‬‬
‫))يجب تنفيذ العقد طبقا ً لما أشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن‬
‫النية((‪.‬‬
‫‪ () 2‬أنظر في ذلك‪ -:‬د‪ .‬محسن شفيق‪ ،‬نقل التكنولوجيا من الناحية القانونية‪،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1984‬ص ‪ .62‬د‪ .‬محمود الكيلني‪ ،‬عقود التجارة الدولية في مجال نقل‬
‫التكنولوجيا‪ ،‬مطبعة عبير‪،‬حلوان‪ ،1988 ،‬ص ‪.279‬‬
‫‪ ()3‬ويوصف هذا اللتزام قبل التعاقد باللتزام الخلقي‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬محسن شفيق‪ ،‬مصدر‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.85‬‬
‫‪ () 4‬أنظر في ذلك‪ :‬حسن محمد علوب‪ ،‬استعانة المتهم بمحام في القانون المقارن‪،‬‬
‫دار النشر للجامعات المصرية‪ ،‬القاهرة‪ ،1970 ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ () 5‬إن التزام المحافظة على سرية المعلومات التي يحصل عليها احد الطرفين أثناء‬
‫المفاوضات قد تحكمه قواعد المسؤولية العقدية إذا كان قد أبرم بين الطرفين‬
‫عقد يلزم احدهما بالمحافظة على ما يعلم به من السرية أثناء فترة المفاوضات‪.‬‬
‫أنظر‪ :‬د‪ .‬محمود الكيلني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ .279‬وانظر كذلك رأي الفقه‬
‫الفرنسي الذي أشار إليه‪ ،‬حسن محمود علوب‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪11‬‬
‫أما عن المقصود بأسرار المؤَلف‪ -‬موضوع العقد‪ -‬فيلحظ‬
‫انه ليس كل ما يصل إلى المؤِلف من معلومات أثناء إعداده‬
‫للمؤَلف يعد ّ واحدا ً من أسرار العقد‪ ،‬وإنما ينبغي فوق ذلك إن‬
‫تكون هذه المعلومات غير معروفة لدى الكافة‪ ،‬أي غير معروفة‬
‫على وجه الخصوص لدى منافسي الناشر‪ ،‬لنهم الوحيدون الذين‬
‫يمكن أن يحققوا المنافع إذا توصلوا إليها‪ ،‬فهذه المعلومات التي‬
‫تصل إلى علم المؤِلف أثناء عمله هي التي ينبغي إل تكون‬
‫معلومة لدى الغير لكي تعد سرا ً من أسرار العقد)‪ .(1‬وعليه يمكن‬
‫القول أن المقصود بأسرار المؤَلف –موضوع العقد‪ -‬تلك‬
‫المعلومات غير المعروفة لدى منافسي الناشر‪ ،‬لنهم‬
‫المستفيدون من كشف هذه المعلومات لذا ينبغي أن تكون‬
‫المعلومات غير معروفة لدى الغير لكي تعد ّ أسرارا ينبغي‬
‫المحافظة عليها‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى فإن تساؤل ً يمكن أن يطرح في هذا‬
‫السياق عن النطاق الزماني لللتزام المتمثل بالحفاظ على‬
‫سرية المعلومات‪ ،‬أي عن الفترة التي ينبغي فيها المحافظة على‬
‫هذه السرية أو ما قد يصل إلى المؤِلف من معلومات‪ ،‬وهل‬
‫تشمل هذه الفترة فترة تنفيذ العقد أو إنها تشمل كذلك ما بعد‬
‫فترة التنفيذ وانقضاء العقد ؟‬
‫وللجابة عن هذا السؤال لبد أن نبين إن اللتزامات‬
‫الناشئة عن العقود بصورة عامة يقتصر نطاقها من حيث الزمان‬
‫على المدة المحددة لتنفيذ العقد‪ ،‬فمتى ماتم تنفيذ العقد انقضت‬
‫اللتزامات الناشئة عنه‪.‬‬
‫ولكن ل يؤخذ ذلك على إطلقه إذ تتصف بعض اللتزامات‬
‫بخصوصية تجعلها تأبى النقضاء بمجرد انتهاء تنفيذ العقد‪ .‬ولقد‬
‫استقر الفقه الحديث على أن اللتزام بالسرية في العقود‬
‫المهنية بصورة عامة يتصف بالتأبيد ول يقتصر على مدة العقد‬
‫المبرم بين الطرفين‪ ،‬وذلك لن من موجبات اللتزام بالسرية هو‬
‫حماية مصالح الناشر المادية و الدبية‪ ،‬وهذا المر لن يتحقق إل‬
‫إذا ظلت السرية ملزمة للمعلومات التي بحوزة المهني‬
‫المتخصص إلى البد)‪.(2‬‬
‫وعليه فإن الفترة التي يسري فيها هذا اللتزام ل تمتد‬
‫فقط إلى فترة تنفيذ العقد‪ ،‬وإنما تشمل كذلك الفترة التي تلحق‬

‫‪ ()1‬انظر قريب من ذلك‪ :‬أستاذنا د‪.‬عدنان العابد ود‪ .‬يوسف الياس‪ ،‬قانون العمل‪ ،‬ط ‪،1‬‬
‫بغداد‪ ،1980 ،‬ص ‪.252‬‬
‫‪ () 2‬أنظر‪ :‬د‪ .‬احمد محمود سعد‪،‬نحو إرساء نظام قانوني لعقد المشورة‬
‫المعلوماتية‪،‬القاهرة‪ ،1995،‬ص ‪.178‬‬

‫‪12‬‬
‫تنفيذ العقد‪ ،‬إذ يسأل المؤِلف عن أي ضرر قد يصيب الناشر في‬
‫حالة ما إذا خالف المؤِلف هذا اللتزام وقام بإفشاء المعلومات‬
‫بأية طريقة كانت‪ ،‬إذ أن امتداد هذا اللتزام إلى ما بعد انقضاء‬
‫العقد فيه حماية لمصلحة الناشر‪ ،‬ذلك إن عدم إفشاء أسرار‬
‫العقد‪ ،‬له أهمية كبيرة بالنسبة لهذا الخير سواء أكانت العلقة‬
‫العقدية قائمة أم ل)‪ ،(1‬مادام هذا الفشاء يمكن أن يلحق به‬
‫ضررا ً جسيما ً)‪ ،(2‬وفي هذا الصدد يمكن قياس عقد التأليف بعقد‬
‫المحامي‪ ،‬إذ يلزم المحامي بالحفاظ على سرية المعلومات التي‬
‫يحصل عليها من عمله مع موكله حتى بعد انتهاء علقته‬
‫بموكله)‪.(3‬‬
‫وعلى ضوء المعطيات سالفة الذكر‪ ،‬نستطيع القول إن‬
‫التزام المؤِلف بعدم إفشاء أسرار المؤَلف –موضوع العقد‪،-‬‬
‫)ومن ضمنها المعلومات التي تصل إلى علمه استنادا ً إلى هذا‬
‫العقد(‪ ،‬يمكن أن يوصف بأنه التزام بالمتناع عن عمل ويعد‬
‫التزاما ً بتحقيق نتيجة مقتضاها عدم إفشاء أسرار البحث‪ ،‬لن‬
‫إفشاء سرية هذه المعلومات تكفي لثارة خطأ المؤِلف وبالتالي‬
‫تحقق المسؤولية العقدية في جانبه‪ .‬ذلك أن الناشر عندما دخل‬
‫بعلقة عقدية مع المؤِلف فإن ذلك كان مؤسسا ً على الثقة التي‬
‫وضعها في هذا المؤِلف فأطلعه على أسرار البحث)‪ ،(4‬لذلك فإن‬
‫التزام المؤِلف بالمحافظة على أسرار البحث أثناء العقد وبعد‬
‫انقضائه ما يحقق الحماية المادية والمعنوية للناشر لن عمله‬
‫مرتكز على بقاء المعرفة العلمية محتفظة بطبيعتها السرية‪،‬‬
‫فالضرر الذي سوف يصيب الناشر من جراء الفشاء بالسرار هو‬
‫في الغلب غير ممكن إصلحه‪ ،‬عليه ينبغي احترام هذا السر من‬
‫قبل المؤِلف طيلة فترة العقد وبعد انتهاء الرابطة العقدية‪.‬‬
‫)( أنظر في هذا المعنى‪ :‬د‪ .‬عدنان العابد ود‪ .‬يوسف الياس‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪،252‬‬ ‫‪1‬‬

‫د‪ .‬حسن كيره‪ ،‬أصول قانون العمل‪ ،‬عقد العمل‪ ،‬ط ‪ ،3‬منشأة المعارف‬
‫بالسكندرية‪ ،1979 ،‬ص ‪.320‬‬
‫)( أنظر في هذا المعنى‪ :‬د‪ .‬أحمد عبد الكريم أبو شنب إذ يقول‪)) :‬إن اللتزام‬ ‫‪2‬‬

‫بالمحافظة على أسرار العمل يخضع أثناء سريان العقد لمبدأ وجوب تنفيذ العقد‬
‫بحسن نية وبالتالي لحكام المسؤولية العقدية‪ ،‬وبعد انتهاء العقد لمبدأ عدم جواز‬
‫الضرار بالغير المقرر في القانون المدني وبالتالي لحكام المسؤولية التقصيرية‬
‫بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق أو عرف يقضي بالمحافظة على هذه السرار‬
‫أو لم يكن‪ ،‬وذلك على ضوء الحكمة من تقرير هذا اللتزام والمتمثلة بدفع الضرر‬
‫عن صاحب العمل نتيجة إفشاء السرار من قبل العامل((‪ .‬شرح قانون العمل‬
‫الجديد‪ ،‬مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،1999 ،‬ص ‪.156‬‬
‫)( أنظر نصوص المواد )‪ 44‬و ‪ 45‬و ‪ 46‬و ‪ (47‬من قانون المحاماة العراقي المرقم‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 173‬لسنة ‪ 1965‬المعدل‪ .‬وانظر كذلك‪ :‬د‪ .‬طلبة وهبة خطاب‪ ،‬المسؤولية المدنية‬
‫للمحامي‪،‬القاهرة‪ ،1986،‬ص ‪.193‬‬
‫)( أنظر في هذا المعنى‪ :‬د‪ .‬صالح بن بكر الطيار‪ ،‬العقود الدولية لنقل التكنولوجيا‪،‬‬ ‫‪4‬‬

‫ط ‪ ،2‬مركز الدراسات العربية‪ ،‬الوربي‪1999 ،‬م‪ ،‬ص ‪.228‬‬

‫‪13‬‬
‫كما إن تضمين عقد التأليف أثناء إبرام العقد أو حتى بعد‬
‫إبرامه شرطا ً يقضي من المؤِلف اللتزام بالمحافظة على‬
‫السرار التي تصل إليه نتيجة بحثه لدى الناشر يعد امرا ً مقبو ً‬
‫ل‪،‬‬
‫هذا بالضافة إلى أن تمكين الناشر للمؤِلف من الحصول على‬
‫المعلومات التي قد يكون بعضها سريا ً يعبر عن الثقة التي يوليها‬
‫الناشر للمؤِلف التي تعد أحد دعائم عقد التأليف الذي يتميز‬
‫بكونه عقدا ً قائما ً على العتبار الشخصي‪ ،‬ويتعين على المؤِلف‬
‫أن يكون أهل ً لهذه الثقة بالتزامه بعدم إفشاء هذه المعلومات‬
‫للغير‪.‬‬
‫كما أنه قد تؤدي عملية إفشاء السرار من قبل المؤِلف‬
‫إلى نشوء المسؤولية الجنائية بحقه إذا ما توفرت أركانها‪.‬‬
‫ويعرف الفقه الجنائي جريمة إفشاء السرار بأنها كشف عن‬
‫واقعة لها صفة السر صادر ممن علم بها بمقتضى مهنته ومقترن‬
‫بالقصد الجنائي)‪.(1‬‬
‫وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم الواقعة على الشخاص‪،‬‬
‫وتناولها قانون العقوبات العراقي ذو الرقم ‪ 111‬لسنة ‪1969‬‬
‫المعدل في الفصل الرابع من الكتاب الثالث والمخصص للجرائم‬
‫الواقعة على الشخاص‪ .‬إذ تنص المادة ‪ 437‬منه على هذه‬
‫الجريمة بقولها ))يعاقب بالحبس مدة لتزيد على سنتين وبغرامة‬
‫لتزيد على مائتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من علم‬
‫بحكم وظيفته او مهنته أو صناعته أو فنه أو طبيعة عمله بسر‬
‫فأفشاه في غير الحوال المصرح بها قانونا ً أو استعمله لمنفعته‬
‫أو منفعة شخص آخر‪ .‬ومع ذلك فل عقاب إذا أذن بإفشاء السر‬
‫صاحب الشأن فيه أو كان إفشاء السر مقصودا ً به الخبار عن‬
‫جناية أو جنحة أو منع ارتكابها(()‪.(2‬‬
‫وتقوم هذه المسؤولية على أركان ثلثة‪ .‬أولها ركن مادي‬
‫يقوم على وجود سر معين تم إفشاؤه‪ .‬وثانيها صفة خاصة في‬
‫الجاني هي أن يكون ذا مهنة معينة‪ .‬فهذه الجريمة ل يرتكبها أي‬
‫شخص بل شخص ذو صفة مستمدة من نوع المهنة التي‬
‫يمارسها‪ .‬أما الركن الثالث وهو الركن المعنوي لجريمة إفشاء‬
‫السرار فيتمثل بالقصد الجنائي على اعتبار إن هذه الجريمة هي‬

‫‪ ()1‬أنظر د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون العقوبات‪ ،‬القسم الخاص‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1994‬ص ‪.722‬‬
‫‪ () 2‬كما تنص المادة ) ‪ (310‬من قانون العقوبات المصري رقم ‪ 58‬لسنة ‪ 1937‬على‬
‫انه ))كل من كان من الطباء أو الجراحين أو الصيادلة أو القوابل أو غيرهم مودعا ً‬
‫إليه بمقتضى صناعته أو وظيفته سر خصوصي ائتمن عليه فأفشاه في غير الحوال‬
‫التي يلزمه القانون فيها تبليغ ذلك يعاقب بالحبس مدة لتزيد على ستة اشهر أو‬
‫بغرامة ل تتجاوز خمسين جنيها ً مصريًا‪.((..‬‬

‫‪14‬‬
‫من الجرائم العمدية‪ .‬والقصد المطلوب في هذه الجريمة هو‬
‫القصد العام‪ .‬ويتعين أن يعلم المتهم بأن للواقعة صفة السر وأن‬
‫تتجه إرادة المتهم إلى فعل الفشاء والى النتيجة التي تترتب‬
‫عليه)‪.(1‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫التزامات الناشر‬
‫اذا كنا قد تناولنا في المبحث السابق التزامات المؤِلف‪،‬‬
‫فإن التزامات الناشر يمكن حصرها في التزام رئيسي هو دفع‬
‫المقابل النقدي لقاء الحصول على المؤَلف‪ .‬كما إن اعتماد عقد‬
‫التأليف على تخصص المؤِلف وكفاءته العلمية هو الذي كان وراء‬
‫سعي الناشر له‪ ،‬إل أن ذلك لن يتحقق إل بتعاون الناشر معه‪.‬‬
‫وهذه الخصوصية فرضت التزاما ً آخر على الناشر وهو ما يوصف‬
‫بواجب التعاون‪ .‬فضل ً عن اللتزام بعدم العتداء على الحقوق‬
‫المقررة للمؤِلف‪ .‬وهذا ما سنبحثه في ثلثة مطالب وذلك‬
‫كالتي‪-:‬‬
‫المطلب الول‬
‫اللتزام بدفع المقابل‬

‫يعد التزام الناشر بدفع الجر التزاما ً رئيسًا‪ ،‬وهذا اللتزام‬


‫الرئيسي مفترض الوجود سواء اشترطه المتعاقدان أم لم‬
‫يشترطاه‪ .‬فتحديد الجر ليس شرطا ً لصحة عقد التأليف وقت‬
‫إبرامه‪ ،‬إذ ينعقد هذا العقد متى ما توفرت أركانه العامة مضافا ً‬
‫إليها عدم وجود اتفاق صريح على استبعاد الجر مقدمًا‪ ،‬أما إذا‬
‫أغفل المتعاقدان تحديد الجر فينبغي اعتبار أن هناك اتفاقا ً ضمنيا ً‬
‫على وجود الجر وذلك برأينا يتم من خلل إمكانية إعمال نص‬
‫الفقرة الثانية من المادة )‪ (880‬من القانون المدني العراقي‬
‫بصدد الجر في عقد المقاولة على اعتبار أن عقد التأليف ماهو‬
‫في حقيقته إل عقد مقاولة)‪.(2‬‬

‫)( للتوسع انظر‪ :‬د‪ .‬محمود نجيب حسني‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.725‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( إذ نصت المادة ) ‪ (880/2‬على انه‪) :‬ويجب اعتبار أن هناك اتفاقا ً ضمنيا ً على‬ ‫‪2‬‬

‫وجوب الجر‪ ،‬إذا تبين من الظروف إن الشيء أو العمل الموصى به ماكان ليؤدي‬
‫إل ّ لقاء أجر يقابله(‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫على أن افتراض وجود الجر في عقد التأليف ل يمنع في‬
‫الواقع من أن يقوم المؤِلف بإبراء ذمة الناشر من اللتزام بدفع‬
‫الجر‪ ،‬وهذا البراء ل يؤثر أطلقا على وصف العقد بأنه عقد‬
‫تأليف‪.‬‬
‫كما إن اللتزام بدفع الجر يعد من أهم مميزات عقد‬
‫ة أو ضمنا ً‬‫التأليف بحيث إن التفاق على عدم اقتضاء الجر صراح ً‬
‫يؤدي إلى انتفاء وصف عقد التأليف على التفاق المبرم بين‬
‫الطرفين‪ .‬وان هذا التفاق الخالي من الجر ماهو إل جزء من‬
‫مرحلة تفاوض سابقة على وجود العقد‪ .‬وهذا المر مرده إلى أن‬
‫عقد التأليف يدرج ضمن العقود المحددة الداءات إذ ينبغي أن‬
‫يعرف كل طرف فيه مقدار ما يلتزم به وما يحصل عليه)‪ .(1‬وإن‬
‫انعدام الجر ينفي عن عقد التأليف صفة المقاولة ويجعله يندرج‬
‫في سياق ما يسمى في الفقه الحديث بعقود الخدمة المجانية‪.‬‬
‫وبخصوص تحديد زمان دفع الجر ومكانه فإننا نرى إمكانية‬
‫الرجوع إلى الحكام العامة في القانون المدني عموما ً وأحكام‬
‫عقد المقاولة خصوصا ً لتقارب عقد التأليف مع عقد المقاولة كما‬
‫بينا سابقًا‪ .‬فالناشر يلتزم بدفع الجر إلى المؤِلف في الوقت‬
‫الذي اتفقا عليه في العقد‪ .‬أما إذا لم يتم التفاق على تحديد هذا‬
‫الوقت فيحدد عندئذ استنادا ً إلى ما يقرره العرف في المهنة التي‬
‫يمارسها المؤِلف‪ .‬وعموما ً فإنه في حالة غياب التفاق وانعدام‬
‫العرف فإن المؤِلف يستحق الجر عند تسليم المؤَلف‪ -‬موضوع‬
‫العقد‪ -‬إلى الناشر)‪.(2‬‬
‫ويلتزم الناشر بدفع الجر في المكان الذي اتفق عليه مع‬
‫المؤِلف‪ ،‬وفي حالة غياب هذا التفاق فيكون مكان الوفاء في‬
‫موطن الناشر أو في المكان الذي يوجد فيه محل أعماله إذا كان‬
‫اللتزام متعلقا ً بهذه العمال)‪.(3‬‬
‫وانطلقا ً من وصف عقد التأليف بأنه عقد رضائي‪ ،‬لذا فإن‬
‫تحديد الجر يتم باتفاق الطرفين‪ .‬وذلك من خلل تحديد الجر‬
‫بمبلغ إجمالي قبل تنفيذ العقد يلزم الناشر بدفعه حال قيام‬
‫المؤِلف بتنفيذ التزامه بتقديم المؤَلف‪ .‬وعليه فالمؤِلف يستحق‬
‫هذا الجر الجمالي من دون أن يرتبط هذا الجر بمقدار الجهد‬
‫أنظر قريب من هذا المعنى‪ :‬د‪ .‬احمد محمود سعد‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬ ‫‪()1‬‬

‫)( إذ نصت المادة ) ‪ (876‬من القانون المدني العراقي بخصوص عقد المقاولة على‬ ‫‪2‬‬

‫انه‪) :‬يستحق دفع الجرة عند تسليم العمل‪ ،‬إل إذا قضى التفاق أو العرف بغير‬
‫ذلك مع مراعاة أحكام المادة ‪.(874‬‬
‫)( إذ نصت المادة ) ‪ (396/2‬من القانون المدني العراقي على انه‪) :‬وفي اللتزامات‬ ‫‪3‬‬

‫الخرى يكون الوفاء في موطن المدين وقت وجوب الوفاء أو في المكان الذي‬
‫يوجد فيه محل أعماله إذا كان اللتزام متعلقا ً بهذه العمال مالم يتفق على غير‬
‫ذلك(‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫الذي يبذله المؤِلف في إعداد المؤَلف أو حتى الوقت الذي‬
‫يستغرقه في ذلك)‪.(1‬‬
‫أما الناشر فإنه يلتزم بدفع الجر المتفق عليه من دون أن‬
‫يكون للمؤِلف الحق في طلب زيادة هذا الجر بحجة تضاعف‬
‫الجهد المبذول أو زيادة الوقت المهدور في إعداد المؤَلف‪.‬‬
‫ويلحظ أن هذه القاعدة ليست عامة إذ يستطيع المؤِلف‪ ،‬استنادا ً‬
‫إلى أحكام عقد المقاولة‪ ،‬أن يطالب بزيادة الجر‪ ،‬إذا كان الناشر‬
‫قد ارتكب خطأ أدى إلى زيادة الجهد المبذول أو الوقت‬
‫المهدور)‪ .(2‬أو انهار التوازن القتصادي بين التزامات كل من‬
‫المؤِلف والناشر انهيارا ً تاما ً بسبب حوادث لم تكن في الحسبان‬
‫وقت التعاقد)‪.(3‬‬
‫وتجدر الشارة إلى أن تحديد الجر أجمال ل يمنع في‬
‫الواقع من أن يتفق الطرفان على أن يقوم الناشر بدفع جزء من‬
‫هذا الجر مقدما ً والجزء المتبقي عند انتهاء تنفيذ العقد‪ ،‬أو أن‬
‫يتفقا على تحديد الجر على شكل أقساط دورية طيلة فترة تنفيذ‬
‫العقد‪.‬‬
‫بيد أنه إذا كان الصل في عقد التأليف أن يتم تحديد الجر‬
‫فيه باتفاق طرفيه فإن المحكمة في بعض الحالت قد تتدخل في‬
‫تحديد هذا الجر‪ .‬ومن هذه الحالت الفرضية التي يغفل فيها‬
‫المتعاقدان تحديد أجر المؤِلف أو في حالة اختلفهما حول‬
‫مقداره‪ .‬ويمكن أن يعتمد القاضي على السس المعتمدة في‬
‫عقد المقاولة في تحديد الجر‪ .‬وعليه فإن تحديد أجر المؤِلف‬
‫سيتم بالعتماد على عنصرين رئيسيين هما قيمة العمل الذي قام‬
‫به المؤِلف وما تكبده من نفقات في إنجازه‪ ،‬وتسترشد المحكمة‬
‫بوجه خاص بالعرف الجاري في المهنة التي يمتهنها المؤِلف في‬
‫تحديد قيمة العمل)‪.(4‬‬

‫المطلب الثاني‬
‫اللتزام بالتعاون‬

‫مما لشك فيه أن إبرام عقد التأليف كان لغايففة فففي نفففس‬
‫الناشر يبتغي قضاءها‪ ،‬وأن البحث هففو فففي الحقيقففة وضففع الحففل‬
‫أنظر‪ :‬د‪ .‬محمد لبيب شنب‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.65‬‬ ‫‪()1‬‬

‫أنظر نص المادة ) ‪ (877‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬ ‫‪()2‬‬

‫انظر نص المادة ) ‪ (878‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬ ‫‪()3‬‬

‫)( إذ نصت المادة ) ‪ (880/1‬من القانون المدني العراقي بصدد عقد المقاولة على‬ ‫‪4‬‬

‫انه‪) :‬إذا لم تحدد الجرة سلفا ً أو حددت على وجه تقريبي‪ ،‬وجب الرجوع في‬
‫تحديدها إلى قيمة العمل ونفقات المقاول(‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫لمشكلة تعترض سبيل الناشر‪ ،‬لذا فإن مففن الضففروري أن يكففون‬
‫المؤِلففف علففى علففم تففام بأبعففاد أهففداف الناشففر ومشففاكله فففي‬
‫الموضوع المطروح أمامه للبحث لكي يتسنى له أداء مهمته على‬
‫أتم وجه‪ .‬من هنا برزت أهميففة اللفتزام بالتعفاون ففي إطفار عقفد‬
‫التأليف‪ .‬والذي يعففد مففن اللتزامففات ذات الطبيعففة الخاصففة الففتي‬
‫تفرضها خصوصية هذا العقد‪ ،‬تلك الخصوصية النابعة من جوهريففة‬
‫العقد المعتمدة علففى الجهففد الففذهني والبففداع الفكففري والكفففاءة‬
‫العلمية للمؤِلف المتخصص‪.‬‬
‫والن لنا أن نتساءل ماهو مضمون هذا اللتزام ؟ وهل يعد‬
‫التزام بتحقيق نتيجة أم التزام ببذل عناية ؟‬
‫ونتساءل أيضا ً عن طبيعة ذلك اللتزام وهل هو التزام‬
‫إرادي أم التزام قانوني ؟ وأخيرا ً ماهو الجزاء المترتب على‬
‫الخلل به ؟ نجيب على هذه التساؤلت في ثلث فقرات على‬
‫النحو التي‪-:‬‬

‫أو ً‬
‫ل‪ -‬مضمون اللتزام بالتعاون‪-:‬‬

‫يلتزم الناشر بالقيام بما هو ضروري لكي ينفذ المؤِلف‬


‫العمل المكلف به‪ ،‬بما يتفق وظروف كل عقد على حدة)‪.(1‬‬
‫فالمؤِلف ينتظر التعاون من الناشر حتى يمكنه الوقوف على‬
‫العقد المراد إبرامه سواء من ناحية شروطه أو أوصاف الشيء‬
‫محله أو مدى سعة التعهدات المتبادلة الناشئة عنه‪ .‬وهذا يعني‬
‫إننا بصدد التزام ايجابي منذ لحظة بدء المفاوضات العقدية‬
‫التمهيدية‪ ،‬من خلل أحاطته علما ً بكافة تفصيلت العقد المراد‬
‫إبرامه)‪ .(2‬فواجب التعاون هو دعوة للمشاركة بين المتعاقدين‬
‫في تنفيذ العقد من خلل التزام الناشر بإعطاء معلومات معينة‪،‬‬
‫لسيما بالنسبة للعقود المستمرة)‪ .(3‬ويتحقق ذلك من خلل‬
‫تقديم كافة البيانات التي تجعل المؤِلف يقف على حقيقة‬
‫المشكلة‪ .‬وينبغي أن تكون هذه البيانات تتسم بالصدق من واقع‬
‫المستندات التي بين يديه‪ .‬ويقع على الناشر عبء إثبات وفائه‬
‫بهذا اللتزام‪.‬‬

‫‪ ()1‬في تطبيق هذا الواجب في مجال عقد المقاولة انظر‪ :‬د‪ .‬محمد لبيب شنب‪ ،‬مصدر‬
‫سابق‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ () 2‬لمزيد من التفصيل انظر‪ :‬د‪ .‬نزيه محمد الصادق المهدي‪ ،‬اللتزام قبل التعاقدي‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص ‪ 10‬وما بعدها وص ‪ 60‬وما بعدها‪.‬‬
‫)(‪3‬‬
‫‪V. Starck; Les Obligations, ed Paris, 1972, No.1900, P.562.‬‬

‫‪18‬‬
‫بل إن هذا اللتزام ل يقتصر الوفاء به على مجرد أن يقدم‬
‫ما يطلب منه‪ ،‬ولكن عليه‪ -‬هو‪ -‬أن يقوم بالستعلم ويتحرى من‬
‫المؤِلف عن النقاط التي يمكنه أن يدلي بها ويتعاون بصددها معه‬
‫بما لديه من مستندات يمكن تقديمها تساهم في عمل‬
‫المؤِلف)‪.(1‬‬
‫وفي ضوء هذا التأكيد لواجب الناشر بالتعاون‪ ،‬فإنه ل‬
‫يسعنا إل أن نضم صوتنا إلى ذلك التجاه الفقهي الذي ذهب إلى‬
‫أن هذا اللتزام يعد التزاما ً بنتيجة)‪ .(2‬ومن ثم فالمؤِلف ل يكون‬
‫مسؤول ً عن فشل البحث إذا كان الناشر لم يسهم بإيجابية نحو‬
‫تحقق الحل المرضي والذي يتحقق من خلل الهدف المنشود‬
‫من البحث‪ .‬وبالتالي فإنه يفترض خطأ الناشر بمجرد عدم تحقق‬
‫النتيجة المتمثلة بتقديم المعونة اللزمة للمؤِلف وعليه يقع عبء‬
‫إثبات وجود السبب الجنبي ليمنع المسؤولية عنه)‪.(3‬‬

‫ثانيًا‪ -‬طبيعة اللتزام بالتعاون‪-:‬‬

‫ل يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه‪ ،‬ولكن‬


‫يتناول أيضا ً ماهو من مستلزماته‪ ،‬وفقا ً للقانون والعرف‬
‫والعدالة)‪ .(4‬فللقاضي وفقا ً لهذه القاعدة العامة أن يضيف إلى‬
‫مضمون العقد ما يقضي به القانون أو العرف أو العدالة في‬
‫إطار المبدأ العام الذي يقضي بضرورة تنفيذ العقود بطريقة تتفق‬
‫مع حسن النية مراعيا ً في ذلك المرغوب فيه اجتماعيا ً لن‬
‫القانون نظام اجتماعي يهدف إلى حماية الفرد وتحقيق التوازن‬
‫بين المصالح المختلفة)‪ ،(5‬ويتعين من ثم على القاضي أن يقدر ما‬
‫إذا كان إضافة التزام إلى مضمون العقد يحقق تنظيما أفضل‬
‫للعلقات بين طرفيه‪ .‬ويعد اللتزام بالتعاون من تلك اللتزامات‬
‫التي وان لم ينص عليها صراحة في العقد فإن للقاضي أن‬

‫)(‪1‬‬
‫‪Jourdain (P): devoir de Renseignar “Contribution a L’etude de L’obligation de Renseignement”, Paris, 1983, P.139.‬‬
‫)( أنظر‪ :‬د‪ .‬وفاء حلمي أبو جميل‪ ،‬اللتزام بالتعاون –دراسة تحليلية وتأصيلية‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫القاهرة‪ ،1988 ،‬ص ‪ 63‬وما بعدها‪ .‬وانظر قريب من ذلك‪ :‬د‪ .‬احمد محمود سعد‪،‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 249‬وما بعدها‪.‬‬
‫وانظر في الفقه الفرنسي‪-:‬‬
‫‪Vivant et Lucas (A): Chronique droit de l’informatique, J.C.P., 1992, 1.141.‬‬
‫)( يذهب الستاذ ‪ Frossard‬إلى القول بأن التزام المدين يكون بتحقيق نتيجة إذا كان‬ ‫‪3‬‬

‫ملتزما ً بتحقيق أداء معين ويكون ببذل عناية في غير ذلك من الحالت‪ .‬هذا الرأي‬
‫أشارت إليه‪ :‬د‪ .‬وفاء حلمي أبو جميل‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.67‬‬
‫أنظر نص المادة ) ‪ (150/2‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬ ‫‪()4‬‬

‫)( أنظر مازو وتانك‪ ،‬المسؤولية‪ ،‬ج ‪ ،1‬ف ‪ .169‬أشارت إليه‪ :‬د‪ .‬وفاء حلمي أبو‬ ‫‪5‬‬

‫جميل‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪19‬‬
‫يضيفها إليه أما تنفيذا ً لنص في القانون)‪ (1‬أو أقرارا ً للعرف)‪ (2‬أو‬
‫لعتبارات العدالة)‪ (3‬وذلك في إطار ما يقتضيه حسن النية في‬
‫تنفيذ العقود وما ينبغي أن يتوافر من ثقة بين المتعاقدين‪.‬‬
‫وسواء أكان نص القانون أو العرف أو اعتبارات العدالة‬
‫وراء إضافة اللتزام بالتعاون إلى العقد فإنه يعد من مستلزماته‬
‫ويلتزم المتعاقدان به كما يلتزمان بما ورد فيه صراحة‪ .‬أي أن‬
‫اللتزام بالتعاون التزام عقدي إرادي)‪.(4‬‬

‫ثالث ً‬
‫ا‪ -‬جزاء الخلل باللتزام بالتعاون*‪-:‬‬

‫بينا فيما سبق أن اللتزام بالتعاون التزام عقدي يتعين على‬


‫المدين به في العقد أن ينفذه على الوجه المتفق عليه أو حسبما‬
‫يقضي القانون‪ ،‬أو العرف‪ ،‬أو العدالة‪ ،‬وأل كان للففدائن )المؤل ِففف(‬
‫أن يسأل المدين )الناشر( عن عدم تنفيذه‪ ،‬وتقوم مسؤولية هففذا‬
‫الخير عنه مالم يثبت رجوعه إلى سبب أجنبي ليد له فيه فيحكم‬
‫عليه بتعويض الضرر الذي لحق المؤِلف نتيجة له‪.‬‬
‫فالمسؤولية العقدية هي جزاء الخلل بتنفيذه كالتزام‬
‫ناشئ عن العقد‪ ،‬ويلزم لقيام المسؤولية العقدية‪ -‬بصفة عامة‪-‬‬
‫توافر أركانها الثلثة الخطأ العقدي والضرر وعلقة السببية)‪.(5‬‬
‫ويستحق المؤِلف تعويضا ً عن الضرر الذي لحقه من عدم تنفيذ‬
‫الناشر للتزامه كليا ً أو جزئيا ً أو من تأخره في تنفيذه‪.‬‬

‫)( كاللتزام بالتعاون بين البائع والمشتري في دفع تعرض الغير في دعوى ضمان‬ ‫‪1‬‬

‫الستحقاق في عقد البيع‪ .‬والتزام المستأجر بالتعاون مع المؤجر في دفع التعرض‬


‫القانوني الصادر من الغير في عقد اليجار‪ .‬وموافاة الموكل بالمعلومات الضرورية‬
‫في عقد الوكالة‪ .‬والتزام العامل بالتعاون في عقد العمل من خلل المتناع عن كل‬
‫ما يضر بصاحب العمل والقيام بكل ما يؤدي إلى حماية مصالحه‪ .‬لمزيد من التفصيل‬
‫انظر تطبيقات اللتزام بالتعاون المشار إليها في دراسة د‪ .‬وفاء حلمي أبو جميل‪،‬‬
‫مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.59-20‬‬
‫)( كالتزام الممثل بالتعاون من خلل انصياعه إلى التجارب اللزمة لداء دوره‪ .‬انظر‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫)( كأن يعمل الدائن على إل تزيد كلفة الدين‪ ،‬فمثل إذا لم يحدد صاحب البضاعة‬ ‫‪3‬‬

‫طريقا ً معينا ً للنقل فعلى الناقل ان ينقلها بأقرب طريق حتى لتزيد الكلفة‪ .‬انظر‪،‬‬
‫المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.80‬‬
‫)( أنظر‪ :‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪.80-72‬‬ ‫‪4‬‬

‫لمزيد من التفصيل انظر‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‪ 83‬وما بعدها‪.‬‬ ‫*‬

‫)( إذ يتمثل الخطأ العقدي بعدم تنفيذ الناشر للتزامه بالتعاون ويتوافر الخطأ في‬ ‫‪5‬‬

‫جانبه بمجرد عدم تحقق هذه النتيجة لنه أخل بالتزامه‪ ،‬ول يجوز له أن يقيم الدليل‬
‫على انعدام الخطأ في جانبه لنه ملزم بتحقيق نتيجة‪ .‬كما لبد من وجود الضرر‬
‫حتى تترتب هذه المسؤولية في ذمة الناشر والمؤِلف هو الذي يتحمل عبء إثبات‬
‫الضرر الذي يدعيه‪ .‬وينبغي أن يكون هذا الضرر نتيجة لذلك الخطأ‪ .‬والناشر ل‬
‫يستطيع نفي العلقة السببية إل بإثبات السبب الجنبي‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ولكن المسؤولية العقدية ليست الجزاء الوحيد للخلل بهذا‬
‫اللتزام وخاصة نحن أمام عقد ملزم للجانبين بل يضاف إليها‬
‫جزاءات أخرى‪ ،‬كحق المتعاقد في حالة إخلل المتعاقد الخر‬
‫بالتزامه أن يطلب فسخ العقد لتنحل الرابطة القانونية‪ ،‬التي‬
‫ولدها ويتخلص بانحللها من التزاماته الناشئة عنه في‬
‫جانبه)‪.(1‬كما انه قد يتضمن عقد التأليف شرط جزائي يقضي‬
‫لمصلحة المؤِلف جزاء أخلل الناشر بالتزامه بالتعاون‪.‬‬

‫المطلب الثالث‬
‫التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق‬
‫المقررة للمؤِلف‬
‫يرجع مصدر هذا اللتزام إلى قانون حماية حق المؤِلف‬
‫والذي يقرر للمؤِلف في حالة توفر شروط الحماية حقوقا ً أدبية‬
‫وأخرى مالية على المصنف )المؤَلف()‪ .(2‬مما يفرض واجبا ً تجاه‬
‫الكافة باحترام هذه الحقوق وعدم العتداء عليها‪ ،‬ولما كان من‬
‫الجائز قانونا ً للمؤِلف التصرف بالحقوق المالية دون الدبية)‪.(3‬‬
‫فإن على المتصرف له )الناشر( اللتزام ضمن نطاق هذا‬
‫التصرف وهو ما تقرره القواعد العامة في القانون المدني‪،‬‬
‫وترتب المسؤولية على الخلل به)‪ .(4‬وفضل ً عن ذلك تضمنت‬
‫التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤِلف جزاءات خاصة في حالة‬
‫العتداء على الحقوق المقررة للمؤِلف‪ ،‬مما يستدعي بيان‬
‫مضمون التزام الناشر بعدم العتداء على الحقوق المقررة‬
‫للمؤِلف في فقرة أولى‪ ،‬واستعراض الجزاءات التي تترتب على‬
‫الخلل بذلك في فقرة ثانية‪.‬‬

‫ل‪ -‬مضمون اللتزام بعدم العتداء على الحقوق‬‫أو ً‬


‫المقررة للمؤِلف‪-:‬‬

‫يختلف مضمون هذا اللتزام باختلف الحقوق محل‬


‫العتداء‪ ،‬باعتبار إن من غير الجائز التصرف بالحقوق الدبية‬
‫لكونها حقوقا ً لصيقة بالشخصية وغير قابلة للسقوط أو التقادم‪،‬‬
‫مما يعني عدم جواز المساس بأي من هذه الحقوق‪،‬‬
‫‪ ()1‬انظر نص المادة ) ‪ (177‬من القانون المدني العراقي‪.‬‬
‫‪ ()2‬أنظر‪:‬نص المادة)‪7‬و ‪ (38‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬
‫‪ ()3‬أنظر‪:‬نص المادة )‪ (40‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬
‫‪ ()4‬بموجب نص المادة )‪ (150‬من القانون المدني العراقي‪ ،‬تقابلها المادة )‪ (148‬مدني‬
‫مصري‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ول يتمتع سوى المؤِلف وحده –وورثته من بعده‪ -‬بدفع أي‬
‫اعتداء عليها‪ .‬أما الحقوق المالية فلكون من الجائز قانونا ً‬
‫التصرف فيها للغير‪ ،‬فإن واجب عدم العتداء على حقوق المؤِلف‬
‫ينحصر على الحقوق غير المتنازل عنها أو المرخص بها للغير‪.‬‬
‫كما يتأطر الحق بعدم العتداء على الحقوق المالية ضمن‬
‫مدة سريان الحماية القانونية‪ ،‬إذ بانقضاء هذه المدة تدخل‬
‫الحقوق المالية‪ -‬حقوق استغلل المؤِلف ماليًا‪ -‬في الملك العام‬
‫ويصبح معها استغلل المؤِلف ماليا ً مباحا ً للكافة من دون الحاجة‬
‫إلى الحصول على موافقة المؤِلف أو ترخيصه‪ ،‬ومن دون ان‬
‫يشكل ذلك اعتداء على حقوق المؤِلف)‪ ،(1‬كما ليس بالضرورة أن‬
‫يقتصر الحق بدفع العتداء على الحقوق المالية على المؤِلف‬
‫وحده‪ ،‬وإنما ينتقل هذا الحق‪ ،‬في حالة التنازل عن حقوق‬
‫الستغلل المالي‪ ،‬إلى المتنازل له‪.‬‬
‫ومن المفيد أن نشير إلى صور العتداء على الحقوق‬
‫الدبية والمالية تباعًا‪-:‬‬
‫آ( صور العتداء على الحقوق الدبية‪-:‬‬
‫تتمثل أغلب صور العتففداء علففى الحقففوق الدبيففة المقففررة‬
‫للمؤِلف‪ ،‬بقيام الغير بنشر المؤِلف قبل أن يقرر المؤل ِففف نشففره‪،‬‬
‫أو أن تتففم عمليففة النشففر بصففورة تختلففف عففن تلففك الففتي عينهففا‬
‫المؤِلففف‪ .‬ووفقففا ً لهففذا الغففرض يكففون هنففاك اعتففداء علففى حففق‬
‫الستغلل المالي للمؤل ِففف فضففل عففن العتففداء علففى حففق تقريففر‬
‫طريقة نشر المؤِلف)‪ .(2‬كذلك إذا حدد المؤِلف موعدا ً للنشر قبففل‬
‫وفففاته فففإن مففن غيففر الجففائز لففورثته أو المتنففازل لففه عففن حقففوق‬
‫الستغلل المالي‪ ،‬نشر المؤِلف قبل انقضاء ذلك الموعد)‪.(3‬‬
‫وفيما يتعلق بحق المؤِلف في نسبة مؤَلفه إليه‪ ،‬فإنه يمتنع‬
‫على الغير بما فيهم الورثة –الخلف العام‪ -‬والخلف الخاص‬
‫الدعاء بنسبة هذا المؤِلف إليهم‪ .‬ومن المثلة على ذلك أيضا ً‬
‫قيام الغير باستنساخ أجزاء من المؤِلف والعتماد عليها لعداد‬
‫بحث جديد ونسبته إليه‪ ،‬إذ نكون في هذه الحالة أمام اعتداء‬
‫على الحق بنسبة البحث لباحثه الصلي‪ ،‬واعتداء على الحق‬
‫باستنساخ و‪/‬أو تحوير البحث)‪.(4‬‬
‫وبموجب حق المؤِلف في احترام كيان بحثه‪ ،‬فإنه يمتنع‬
‫على الغير المساس بهذا البحث بأية صور من شأنها الساءة إلى‬
‫سمعة المؤِلف الفكرية أو البداعية‪ .‬وإذا ما تنازل المؤِلف عن‬
‫انظر‪ :‬نص المادة)‪ (20‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()1‬‬

‫أنظر‪ :‬نص المادة )‪ (7‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()2‬‬

‫أنظر نص المادة )‪ (18‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()3‬‬

‫انظر نص المواد )‪ 10‬و ‪ (42‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()4‬‬

‫‪22‬‬
‫حقوق استغلل البحث فإنه يمتنع على المتنازل له )الناشر(‬
‫إجراء أي تعديل‪ -‬بالحذف أو بالضافة‪ -‬في المؤَلف إل إذا كان‬
‫مصرحا ً له بذلك من قبل المؤِلف)‪.(1‬‬
‫ولما كان من حق المؤِلف سحب بحثه من التداول إذا‬
‫طرأت أسباب أدبية خطيرة أو بإدخال تعديلت جوهرية عليه‪،‬‬
‫فان من غير الجائز لمن آلت إليه حقوق استغلل هذا المؤَلف أن‬
‫يمتنع عن السماح بذلك‪ ،‬ولسيما إذا عرض المؤَلف عليه‬
‫التعويض الذي تقدره المحكمة)‪.(2‬‬

‫انظر نص المادة )‪ (40‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()1‬‬

‫أنظر نص المادة )‪ (43‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()2‬‬

‫‪23‬‬
‫ب( صور العتداء على الحقوق المالية‪-:‬‬

‫القاعدة التي تحكم الحقوق المالية‪ ،‬أن المؤِلف يبقى يتمتع‬


‫بكل مالم يتنازل عنه أو يرخص به من حقوق للغير‪ .‬إذ تفسر‬
‫التصرفات الصادرة عن المؤِلف تفسيرا ً ضيقًا‪ ،‬وبالتالي يعتبر أي‬
‫تجاوز على الحقوق محل التصرف اعتداء على حقوق المؤِلف أو‬
‫صاحب الحق عليها‪ ،‬ول يتصور مثل هذا العتداء‪ ،‬في حالة‬
‫التصرف بكافة الحقوق المالية المقررة‪ ،‬إذ يتنازل بموجب هذا‬
‫الفرض المؤِلف عن جميع صور الستغلل المالي بحيث ل يعود‬
‫له أيا ً منها‪ ،‬وهنا يلتزم المؤِلف فضل ً عن الغير‪ ،‬بعدم العتداء أو‬
‫التعرض للناشر)‪.(1‬‬
‫أما في إطار عقود ترخيص استغلل المؤَلف‪ ،‬فإنه ينظر‬
‫إلى مضمون هذا الترخيص‪ ،‬فإذا كان محددا ً بمكان معين أو وقت‬
‫محدد‪ ،‬فينبغي على المرخص له عدم مباشرة حقوق الستغلل‬
‫المرخص بها خارج هذا النطاق‪ ،‬فضل ً عن ضرورة اللتزام‬
‫بطريقة الستغلل المسموح بها)‪.(2‬‬
‫وفيما يتعلق باستخدام المؤَلف‪ ،‬فإن من غير الجائز للغير‬
‫استخدام المؤَلف من دون ترخيص من المؤِلف أو صاحب الحق‬
‫على المؤَلف‪ ،‬على الرغم من سماح قانون حماية حق المؤِلف‬
‫باستعمال المصنف للغراض الشخصية أو الخاصة أو الغراض‬
‫التعليمية)‪ ،(3‬والذي يشكل تهديدا ً خطيرا ً في مجال المؤَلف‬
‫)المصنف(‪ .‬إذ قد يؤدي ذلك إلى العتداء على حقوق المؤِلف أو‬
‫من آلت إليه حقوق الستغلل المالي‪.‬‬
‫وبخصوص الحق بتحوير المؤَلف أو تطويره أو إعادة‬
‫صياغته بلغة غير تلك التي كتب فيها‪ ،‬فإن مثل هذه العمال لبد‬
‫من أن تتم بموافقة أو ترخيص المؤِلف‪ ،‬أو صاحب الحق بذلك‪،‬‬
‫وبخلفه تشكل انتهاكا ً لحقوق المؤِلف)‪.(4‬‬

‫نص المادة )‪ (40‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫أنظر‬ ‫‪()1‬‬

‫نص المادة )‪ (8‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫أنظر‬ ‫‪()2‬‬

‫نصوص المواد )‪ 13‬و ‪ (14‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫انظر‬ ‫‪()3‬‬

‫نص المادة )‪ (10‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫انظر‬ ‫‪()4‬‬

‫‪24‬‬
‫ثانيًا‪ -‬الجزاءات التي تللترتب علللى العتللداء علللى‬
‫حقوق المؤِلف‪-:‬‬

‫توفر أغلب التشريعات المتعلقة بحماية حق المؤِلف حماية‬


‫فعالة لمؤلفي المصنفات المبتكرة)‪ ،(1‬وتتجلى هذه الحماية بالنص‬
‫على بعض الجراءات التحفظية والوقائية‪ ،‬وتقرير عقوبات‬
‫جزائية‪ ،‬فضل ً عن المطالبة بالتعويض‪ ،‬وهو ما سنتولى بيانه‬
‫تباعًا‪-:‬‬
‫أ( الجراءات التحفظية‪-:‬‬
‫تتعدد صور الجراءات التحفظية التي يستطيع المؤِلف أو‬
‫الناشر المتنازل له عن حقوق الستغلل المالي‪ ،‬اللجوء إليها‬
‫باعتبارها وسائل وقائية لمنع وقوع العتداء على هذه الحقوق أو‬
‫لكونها وسائل تمهيدية للتنفيذ‪ .‬ومن أهم هذه الوسائل والتي‬
‫تختلف بحسب مضمون العتداء)‪ :(2‬طلب وقف نشر المؤَلف‬
‫وتداوله‪ ،‬وطلب إجراء التعديل فضل ً عن طلب الحجز‪ ،‬وطلب‬
‫إتلف النسخ‪ .‬وهو ما سنتطرق إليه وعلى النحو التي‪-:‬‬
‫‪ (1‬طلب وقف نشر المؤَلف وتداوله‪-:‬‬
‫في الحوال التي يتمثل فيها العتداء على حقوق المؤِلف‬
‫أو صاحب الحق على المؤَلف‪ ،‬بنشر المصنف بصورة غير‬
‫مشروعة‪ ،‬كعدم الحصول على موافقة أو أذن صاحب الحق على‬
‫المصنف‪ ،‬أو تجاوز مضمون الترخيص بالنشر‪ ،‬فان من حق‬
‫المؤِلف أو من آلت إليه حقوق الستغلل المالي تقديم طلب‬
‫للمحكمة المختصة )محكمة البداءة( عن طريق القضاء‬
‫المستعجل‪ ،‬بوقف نشر المصنف وتداوله كإجراء تحفظي إلى‬
‫حين الفصل في الدعوى‪ .‬ويتطلب لصحة تقديم هذا الطلب أن‬
‫ُيقدم من صاحب الحق على المصنف )المؤِلف أو من آلت إليه‬
‫حقوق الستغلل المالي(‪ ،‬وذلك بتقديم ما يثبت صحة الخصومة‬
‫من المدعي‪ .‬مع بيان وصف تفصيلي للمصنف الذي نشر أو أعيد‬
‫نشره بوجه غير مشروع)‪ .(3‬فضل ً عن تقديم كفالة لضمان نتيجة‬
‫الدعوى تتضمن ما يلحق المدعى عليه من ضرر إذا تبين أن‬

‫‪ () 1‬يقصد بالبتكار‪ :‬أن يكون للمؤِلف دور يبرز شخصيته سواء من حيث تنظيمه أو‬
‫ترتيبه أو من حيث السلوب في عرض الفكار‪ .‬للمزيد انظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد‬
‫المجيد بكر ود‪ .‬صبري حمد خاطر‪ ،‬الحماية القانونية للملكية الفكرية‪ ،‬الحماية‬
‫القانونية للملكية الفكرية‪،‬ط ‪،1‬بيت الحكمة‪،‬بغداد‪ ،2001،‬ص ‪ 35‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ ()2‬أنظر أستاذنا زهير البشر‪ ،‬الملكية الدبية والفنية )حق المؤِلف(‪ ،‬الموصل‪،1989،‬‬
‫ص ‪ 115‬وما بعدها‪.‬‬
‫‪ () 3‬أنظر نص المادة )‪ (46‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ ،‬تقابلها المواد ) ‪43‬‬
‫مصري( والمادة )‪/46‬ب( أردني‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫المدعي غير محق في دعواه‪ .‬فإذا وجدت المحكمة مبررا ً لذلك‬
‫حكمت بوقف نشر المصنف وتداوله‪ ،‬وتنظر المحكمة في هذا‬
‫الطلب بوصفه من المور المستعجلة من دون الدخول في‬
‫أساس الحق أو أصل النزاع)‪.(1‬‬
‫‪ (2‬طلب إدخال التعديل على المؤَلف‪-:‬‬

‫ينحصر نطاق هذا الطلب في الحوال التي يتمثل فيها‬


‫العتداء بتحريف او تعديل او تشويه المؤَلف المطروح للتداول‬
‫)للنشر( من دون وجه حق‪ ،‬أي بأن يتضمن هذا التحريف إساءة‬
‫إلى سمعة المؤِلف وانتهاكا ً لسلمة كيان المصنف بالصورة التي‬
‫أرادها المؤِلف)‪ .(2‬فمن المتصور أن يقوم الناشر أو المتنازل له‬
‫عن حقوق الستغلل المالي بإجراء تعديلت على المؤَلف أو‬
‫ربطه مع بحوث أخرى ومن دون أن تدخل مثل هذه العمليات‬
‫ضمن الحقوق المتنازل عنها‪ ،‬مما يسمح للمؤِلف بالرجوع على‬
‫الناشر أو الناشر بالتعويض‪ .‬وله في سبيل ذلك وكأجراء تحفظي‬
‫أو وقائي‪ ،‬أن يتقدم بطلب إجراء التعديلت على المصنف والتي‬
‫من شأنها إرجاع هذا المصنف إلى الحالة التي أجاز فيها المؤِلف‬
‫نشره‪ ،‬وهو ما ينصب على نسخ المؤَلف التي لم يتم تصريفها‪،‬‬
‫أما تلك التي تم تصريفها فأنها تخرج عن نطاق هذا الطلب‪ ،‬وإن‬
‫كان للمؤِلف الرجوع على حائزيها وذلك بما له من حق أدبي في‬
‫احترام سلمة كيان مؤَلفه‪ ،‬وان كان من النادر اللجوء إلى ذلك‬
‫لصعوبة الوصول إلى هؤلء الحائزين‪.‬‬
‫وتجدر الشارة إلى أن طلب إجراء التعديل على المؤَلف‬
‫على النحو المبين أعله يعتبر كذلك من صور التعويض العيني‬
‫وذلك بإعادة الحال إلى ماكان عليه)‪ ،(3‬إل إن هذا الجراء هنا‬
‫يمثل إجراءا ً تحفظيا ً سابقا ً على الفصل في الدعوى‪ ،‬وليس حكما ً‬
‫تنفيذيًا‪.‬‬
‫‪ (3‬طلب إيقاع الحجز الحتياطي‪-:‬‬
‫يعتبر طلب إيقاع الحجز الحتياطي من أهم الوسائل التي‬
‫توفر الحماية للمؤِلف أو من آلت إليه حقوق الستغلل المالي‪،‬‬
‫لمنع العتداء‪ .‬مما يتطلب ابتداءا ً وجود اعتداء على حقوق‬
‫المؤِلف أو صاحب الحق على المؤَلف‪ ،‬كما يشترط ان يتم تقديم‬
‫)( أنظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر ود‪ .‬صبري حمد خاطر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.159‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر‪ :‬د‪ .‬حسام الدين الهواني‪ ،‬الحق في احترام الحياة الخاصة‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪2‬‬

‫العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،1978 ،‬ص ‪.422‬‬


‫)( أنظر في تعريف التعويض العيني‪ :‬نصير صبار لفته‪ ،‬التعويض العيني‪ ،‬دراسة‬ ‫‪3‬‬

‫مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الحقوق‪ ،‬جامعة النهرين‪ ،2001 ،‬ص ‪81‬‬
‫وص ‪.222‬‬

‫‪26‬‬
‫طلب الحجز من صاحب الحق وهو المؤِلف ابتداءا ً )وورثته من‬
‫بعده(‪ ،‬ومن آلت إليه حقوق استغلل المؤَلف‪ ،‬وذلك بعد إجراء‬
‫وصف تفصيلي للمؤَلف الذي نشر بوجه غير مشروع)‪ .(1‬ويقدم‬
‫طلب الحجز مشفوعا ً بكفالة تتضمن ما يلحق المدعى عليه من‬
‫ضرر إذا تبين إن المدعي غير محق في دعواه)‪ ،(2‬ويجوز تقديم‬
‫طلب الحجز قبل إقامة الدعوى أو عند إقامتها أو أثناء السير في‬
‫الدعوى أو بعد صدور الحكم فيها)‪ .(3‬ويكون القرار الصادر قابل ً‬
‫للتظلم أمام نفس المحكمة التي أصدرت أمر الحجز)‪.(4‬‬
‫وينصب طلب الحجز على نسخ المؤَلف المنشورة بصورة‬
‫غير مشروعة وكذلك المواد التي تستعمل في إعادة نشر‬
‫واستنساخ المؤَلف موضوع الدعوى‪ ،‬أو استخراج نسخ منه‬
‫بشرط أن تكون المواد المذكورة غير صالحة إل لعادة نشر‬
‫المؤَلف)‪ .(5‬ومن الجائز للمحكمة المختصة أن تأمر بحصر اليراد‬
‫الناتج من عمليات نشر واستنساخ المؤَلف وإيقاع الحجز عليه‪.‬‬
‫وفي هذه الحالة يتم إيداع اليرادات المتحصلة في خزينة‬
‫المحكمة حتى يتم الفصل في اصل النزاع من قبل محكمة‬
‫الموضوع)‪.(6‬‬
‫‪ (4‬طلب إتلف نسخ المؤَلف المستنسخ بوجه غير مشروع‪-:‬‬

‫في الحوال التي يتم فيها استخراج نسخ من المؤَلف بوجه‬


‫غير مشروع أي من دون موافقة أو ترخيص المؤِلف أو صاحب‬
‫الحق على المصنف‪ ،‬فإن لهذا الخير أن يطلب من المحكمة‬
‫المختصة إتلف نسخ المؤَلف الذي نشر بوجه غير مشروع‬
‫والمواد التي استعملت لنشره بشرط إل تكون صالحة لعمل‬
‫آخر‪ ،‬على انه إذا كان حق المؤِلف )حق الستغلل المالي(‬
‫سينقضي في فترة تقل عن سنتين ابتداءا ً من تاريخ صدور‬
‫الحكم‪ ،‬فإن أمر التلف يستبدل بوضع حجز حتى تنتهي الفترة‬
‫الباقية‪ .‬كما يجوز للمتضرر )المؤِلف أو صاحب الحق بالستغلل‬
‫المالي( أن يطلب بدل ً من التلف وفي حدود ماله من تعويض‬
‫)( أنظر نص المادة )‪ (46‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( يجب أن يقدم طالب الحجز كفالة رسمية وتأمينات نقدية مقدارها عشرة في‬ ‫‪2‬‬

‫المائة من قيمة الدين المطالب به أو يضع عقارا ً قيمته النسبة المذكورة على‬
‫القل‪ .‬أنظر نص الفقرة الثانية من المادة )‪ (234‬من قانون المرافعات المدنية‬
‫العراقي رقم )‪ (83‬لسنة ‪.1969‬‬
‫)( أنظر نص المادة ) ‪ (236‬من قانون المرافعات المدنية العراقي‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫أنظر نص المادة ) ‪ (240‬من قانون المرافعات المدنية العراقي‪.‬‬ ‫‪()4‬‬

‫)( أنظر نص المادة )‪ (46‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ .‬تقابلها المادة )‬ ‫‪5‬‬

‫‪ (43‬مؤلف مصري‪.‬‬
‫انظر المادة )‪ (236‬من قانون المرافعات المدنية العراقي‪.‬‬ ‫‪()6‬‬

‫‪27‬‬
‫مصادرة نسخ المؤَلف والمواد التي ل تصلح إل لعادة نشره‪،‬‬
‫وبيعها لحسابه ويجوز له كذلك أن يطلب وضع الحجز على اليراد‬
‫الناشئ من اليقاع أو اللقاء غير المشروع)‪.(1‬‬
‫على أن اللجوء إلى هذه الوسيلة ل يمنع من المطالبة‬
‫بالتعويض‪ ،‬ويقرر قانون حماية حق المؤِلف العراقي على ثمن‬
‫بيع الشياء ومبالغ النقود المحجوزة عليها دينا ً ممتازًا‪ ،‬ل يتقدم‬
‫عليه سوى امتياز الرسوم القضائية والمصاريف التي تنفق على‬
‫تلك الشياء ولتحصيل ذلك المبلغ)‪.(2‬‬

‫ب( الجزاءات الجنائية‪-:‬‬

‫اهتمت التشريعات العربية بالحماية الجنائية بحقوق‬


‫المؤِلف وخصصت المواد لتأمين هذه الحماية فقد نصت المادة )‬
‫‪ (476‬من قانون العقوبات العراقي رقم )‪ (111‬لسنة ‪1969‬‬
‫على انه‪)) :‬مع عدم الخلل بأية عقوبة اشد ينص عليها القانون‪،‬‬
‫يعاقب بالغرامة كل من تعدى على حق من حقوق الملكية‬
‫المعنوية للغير يحميها القانون أو اتفاقية دولية انضم إليها العراق‬
‫ويحكم بمصادرة الشياء التي أنتجت تعديا ً على الحق المذكور((‬
‫)‪ .(3‬وتنص المادة )‪ (25‬من التفاقية العربية لحماية حقوق‬
‫المؤِلف على أن‪)) -:‬العتداء على حقوق المؤِلف جريمة ينص‬
‫التشريع الوطني على عقوبتها(()‪.(4‬‬
‫ومن ابرز صور العتداء على حقوق المؤِلف في‬
‫التشريعات العربية‪ ،‬تقليد المصنف‪ ،‬وهو طريق من طرق التزوير‬
‫المادي‪ :‬الذي هو تغيير الحقيقة بقصد الغش‪ ،‬تغييرا ً من شأنه‬
‫إحداث الضرر بالمصلحة العامة أو بشخص من الشخاص)‪.(5‬‬
‫وسنقتصر على الشارة إلى الفعال المكونة لهذه الجريمة‬
‫والعقوبات المقررة على ارتكابها تباعا ً كالتي‪-:‬‬

‫‪ (1‬الفعال المكونة لجريمة التقليد‪-:‬‬

‫‪ () 1‬انظر نص المادة )‪ (47‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ ،‬تقابلها المادة ) ‪(43‬‬
‫مصري‪ .‬وللتوسع انظر‪ :‬سهيل حسين الفتلوي‪ ،‬حقوق المؤِلف الدبية في القانون‬
‫العراقي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الحرية للطباعة‪ ،‬بغداد‪ ،1977 ،‬ص ‪.287‬‬
‫‪ ()2‬أنظر نص المادة )‪ (47‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬
‫‪ ()3‬تقابلها المادة ) ‪ (438‬من قانون العقوبات المصري‪.‬‬
‫‪ ()4‬انظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد ود‪ .‬صبري حمد خاطر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪ 168‬وما‬
‫بعدها‪.‬‬
‫‪ ()5‬أنظر نصوص المواد )‪ 286‬و ‪ (287‬من قانون العقوبات العراقي‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫حددت التشريعات المتعلقة بحمايففة حففق المؤل ِففف الفعففال‬
‫المكونة لجريمة التقليد وذلففك بففالنص علففى انففه‪)) -:‬يعتففبر مكونفا ً‬
‫لجريمة التقليد…‪ ..‬كل من ارتكب احد الفعال التية‪-:‬‬
‫‪ -1‬من اعتدى على حقوق المؤِلف المنصوص عليها في المواد‬
‫الخامسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة من هذا‬
‫القانون‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -2‬من باع أو عرض للبيع مصنفا مقلدا أو ادخل إلى العراق‬
‫دون إذن المؤِلف أو من يقوم مقامه مصنفات منشورة في‬
‫الخارج وتشملها الحماية التي يفرضها هذا القانون‪.‬‬
‫‪ -3‬من قلد في القطر العراقي مصنفات منشورة بالخارج أو‬
‫باع هذه المصنفات أو صدرها أو تولى شحنها إلى‬
‫الخارج…‪.(1)((.‬‬
‫ويتحقق الركن المادي في جريمة التقليد بقيام المعتدي‬
‫بارتكاب فعل من الفعال المذكورة في النص أعله والتي حرمها‬
‫القانون لتعلقها بحقوق المؤِلف الدبية والمالية‪ .‬أما الركن‬
‫المعنوي فيراد به توافر القصد الجنائي لدى المعتدي‪.‬‬
‫ولشك أن حسن النية ل يفترض في جريمة التقليد‪ ،‬بل‬
‫يقع عبء إثباته على المتهم إذ يفترض فيه سوء النية أو الهمال‬
‫الشديد في المقلد لمجرد ارتكابه الفعل المادي للتقليد)‪.(2‬‬
‫‪ (2‬العقوبات المقررة على جريمة التقليد‪-:‬‬

‫تفرض التشريعات التي تنص على جزاءات في حالة‬


‫ارتكاب جرائم انتهاك حقوق المؤِلف والتي عبر عنها المشرع‬
‫العراقي بجريمة التقليد‪ .‬وتقسم هذه العقوبات إلى عقوبات‬
‫أصلية وأخرى تبعية‪-:‬‬
‫* العقوبات الصلية‪-:‬‬
‫يفرض القانون غرامات مالية على المعتدي لرتكابه جريمة‬
‫التقليد‪ ،‬وتكون العقوبة الحبس في حالة العود‪ ،‬وقد تحكم‬
‫المحكمة بالغرامة والحبس معا ً أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقا ً‬
‫لتقدير القاضي‪ ،‬وفي حالة العود تكون العقوبة اشد)‪.(3‬‬
‫** العقوبات التبعية‪-:‬‬

‫‪ ()1‬انظر نص المادة )‪ (45‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ ،‬تقابلها المادة ) ‪(47‬‬
‫مصري‪.‬‬
‫‪ () 2‬انظر‪ :‬عبد الرشيد مأمون‪ ،‬أبحاث في حق المؤِلف‪،‬القاهرة‪ ،1986،‬ص ‪.505‬‬
‫نواف كنعان‪ ،‬حق المؤِلف‪ ،‬ط ‪،3‬عمان‪ ،2000،‬ص ‪.433‬‬
‫‪ ()3‬انظر نص المادة )‪ (45‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ ،‬تقابلها المواد ) ‪47‬‬
‫مصري( و)‪ 51‬أردني(‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫فضل ً عن عقوبة الحبس والغرامة‪ ،‬فإن من الجائز‬
‫للمحكمة أن تقضي بمصادرة جميع الدوات المخصصة للنشر‬
‫غير المشروع وإتلف المصنفات المقلدة وإغلق المؤسسة التي‬
‫ارتكبت فيها الجريمة او وقف ترخيصها)‪.(1‬‬
‫جف‪ -‬التعويض‪-:‬‬
‫يرتب العتداء على المؤَلف –محل العقد‪ -‬أضرارا ً أدبية‬
‫ومالية بحقوق المؤِلف‪ ،‬ومن هنا الزم القانون المخطيء‬
‫بالتعويض‪ .‬إذ تنص المادة )‪ (44‬من قانون حماية حق المؤِلف‬
‫العراقي على انه‪)) -:‬لكل مؤلف وقع العتداء على حق من‬
‫حقوقه المبينة بهذا القانون الحق في التعويض المناسب((‪.‬‬
‫إذ يعد التعويض أثرا ً لترتب المسؤولية المدنية على‬
‫المخطيء ‪ ،‬وتختلف طبيعة هذه المسؤولية بحسب نوع العلقة‬
‫مع المؤِلف‪ .‬إذ تقوم المسؤولية التعاقدية إذا كان العتداء صادرا ً‬
‫من شخص تربطه بالمؤِلف أو بمن آلت إليه حقوق الستغلل‬
‫المالي رابطة تعاقدية‪ ،‬ويسأل بموجبها المتعاقد عن الضرر‬
‫المباشر المتوقع في غير حالتي الغش والخطأ الجسيم‪ .‬في حين‬
‫تقوم المسؤولية التقصيرية إذا كان العتداء قد وقع من الغير‪،‬‬
‫ويسأل بموجبها الشخص المسؤول عن الضرر المباشر المتوقع‬
‫وغير المتوقع‪.‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ويشترط لقيام المسؤولية المدنية وقوع ضرر ‪ ،‬والذي‬
‫يتمثل بالضرر الدبي‪ ،‬كالساءة لسمعة المؤِلف الدبية ومكانته‬
‫الفكرية‪ ،‬كما قد يكون الضرر الواقع ماليًا‪ ،‬بأن يشكل انتقاصا ً من‬
‫عناصر الذمة المالية للشخص‪ ،‬كتفويت الفرصة على المؤِلف أو‬
‫من آلت إليه حقوق استغلل المؤَلف للنتفاع بالمؤَلف فضل ً عن‬
‫الضرر يشترط لقيام المسؤولية التعاقدية والمسؤولية التقصيرية‬
‫وجود خطأ‪ ،‬يتمثل في الحالة الولى بالخلل باللتزامات‬
‫التعاقدية‪ ،‬وفي الحالة الثانية بالخلل بالواجبات القانونية وفقا ً‬
‫لمعيار الشخص المعتاد‪ .‬إل انه في نطاق قانون حماية حق‬
‫المؤِلف‪ ،‬فإن الخطأ يفترض وجوده بمجرد العتداء على الحقوق‬
‫المقررة للمؤِلف‪ ،‬الدبية والمالية‪ ،‬سواء أكان المعتدي تربطه‬
‫علقة عقدية مع المؤِلف أم ل توجد مثل هذه الرابطة‪ ،‬إذا ما‬
‫تعلق المر بالمؤِلف‪ .‬في حين يخضع حكم الخطأ للقواعد العامة‬

‫انظر نص المادة )‪ (45‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪.‬‬ ‫‪()1‬‬

‫)( للتوسع في أركان المسؤولية المدنية‪ ،‬انظر‪ :‬أستاذنا الدكتور حسن علي الذنون‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫المبسوط في المسؤولية المدنية‪ ،‬ج ‪ ،1‬الضرر‪ ،‬مطبعة التايمس‪ ،‬بغداد‪ ،1991 ،‬ص‬
‫‪ 155‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫إذا وقع الضرر على من آلت إليه حقوق الستغلل المالي)‪.(3‬‬
‫ولبد من أن تكون ثمة رابطة سببية تجمع الخطأ بالضرر الواقع‪.‬‬
‫ويلحظ أن المحكمة قد تلجأ عند قيام المسؤولية‬
‫التعاقدية‪ ،‬إلى التنفيذ بواسطة الغرامات التهديدية لدفع المدين‬
‫المعاند إلى تنفيذ عين ما التزم به)‪ ،(1‬متى ما كان التنفيذ العيني‬
‫ل يزال ممكنا ً كإلزام الناشر بإضافة فقرات معينة حذفها من‬
‫البحث‪ ،‬خلل اجل معين واللتزام بدفع مبلغ محدد عن كل فترة‬
‫معينة تمر من دون تنفيذ‪ .‬وقد يطلب المؤِلف فسخ العقد مع‬
‫التعويض إذا تمثل العتداء بالمتناع عن القيام بما أوجبه العقد‪.‬‬
‫ويحكم بالتعويض وفقا ً لما تم التفاق عليه فإن لم يكن‬
‫التعويض مقدرا ً في العقد أو بنص القانون فالمحكمة هي التي‬
‫تتولى تقديره ولها أن تستعين في سبيل ذلك بالخبراء)‪ .(2‬ويشمل‬
‫التعويض ما لحق الدائن )المؤِلف( من خسارة وما فاته من‬
‫كسب بسبب ضياع الحق عليه أو بسبب التأخر في استيفائه‪،‬‬
‫بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية لعدم وفاء المدين )الناشر(‬
‫باللتزام أو لتأخره عن الوفاء به‪ .‬وفي حالة غش الناشر أو‬
‫ارتكابه خطأ ً جسيما ً فإن التعويض يشمل أيضا ً مالم يكن متوقعا ً‬
‫عادة وقت التعاقد من خسارة أو كسب فائت)‪.(3‬‬
‫ول يختلف كثيرا ً تقدير التعويض في نطاق المسؤولية‬
‫التعاقدية عنه في المسؤولية التقصيرية‪ .‬إذ يقدر بما لحق‬
‫المتضرر من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة‬
‫طبيعية للعمل غير المشروع‪ ،‬ولكن في حالة المسؤولية‬
‫التقصيرية يحكم بالتعويض عن الضرر غير المتوقع طالما كان‬
‫نتيجة للعمل غير المشروع‪ ،‬ويدخل في تقدير التعويض الحرمان‬
‫من منافع العيان)‪.(4‬‬
‫وعادة ما يقدر التعويض بالنقد‪ ،‬إل انه من الجائز للمحكمة‬
‫وبناًء على طلب المتضرر أن تأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت‬
‫عليه‪ ،‬أو أن تحكم بأداء أمرٍ معين‪ ،‬كنشر الحكم في جريدة أو‬
‫مجلة أو أكثر على نفقة المسؤول)‪.(5‬‬

‫‪ ()3‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر ود‪ .‬صبري حمد خاطر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ ()1‬انظر نص المادة ) ‪ (253‬من قانوننا المدني‪.‬‬
‫‪ () 2‬تنص المادة )‪ (132‬من قانون الثبات العراقي رقم ) ‪ (107‬لسنة ‪ 1979‬على‬
‫انه‪)) :‬تتناول الخبرة المور العلمية والفنية وغيرها من المور اللزمة للفصل في‬
‫الدعوى دون المسائل القانونية((‪.‬‬
‫‪ ()3‬انظر نص المادة ) ‪ (169‬من القانون المدني العراقي‪ ،‬تقابلها المادة ) ‪ (221‬قانون‬
‫مدني مصري‪.‬‬
‫‪ ()4‬انظر نص المادة ) ‪ (207‬من قانوننا المدني‪.‬‬
‫‪ ()5‬أنظر نص المادة ) ‪ (209‬من قانوننا المدني‪ ،‬تقابلها المادة ) ‪ (171‬مدني مصري‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ويرمي التعويض عن الضرر المالي إلى إزالة الضرر‬
‫الحاصل بما يقابل الخسارة أو الكسب الفائت‪ ،‬أما التعويض عن‬
‫الضرر الدبي فيهدف إلى التخفيف عن المتضرر بما لحقه من‬
‫إساءة لسمعته أو حريته أو شرفه أو مكانته الجتماعية‪ ،‬وليس‬
‫بديل ً عما أصابه من ضرر‪ .‬كما إن هذا النوع من الضرر يصعب‬
‫أحيانا ً تقدير مداه وأثره على المتضرر مما يجعل من الصعوبة‬
‫أيضا ً تحديد التعويض المناسب بصورة دقيقة)‪.(1‬‬
‫وثمة اعتبارات عديدة تؤخذ بنظر العتبار عند تقدير‬
‫التعويض للمؤِلف المتضرر جراء العتداء على حقوقه)‪ ،(2‬وتتجلى‬
‫بمكانة المؤِلف العلمية وقيمة لمؤَلفه ومدى تأثير العتداء على‬
‫ذلك‪ .‬كما يراعى عند تقدير التعويض مدى استفادة المعتدي من‬
‫استغلل المؤَلف أو استخدامه أو تحويره أو تطويره‪ .‬فضل ً عما‬
‫لحق المؤِلف )أو من آلت إليه حقوق الستغلل المالي( من‬
‫خسارة أو فاته من كسب‪ .‬ويعتبر التعويض المحكوم به للمؤِلف‬
‫)دون غيره ممن تؤول إليهم حقوق الستغلل المالي( دينا ً ممتازا ً‬
‫على صافي ثمن بيع الشياء التي استخدمت في العتداء على‬
‫حقه وعلى المبالغ المحجوزة في الدعوى‪ ،‬إلى جانب المقابل‬
‫المالي المتحصل من تصريف نسخ البحث المحجوزة)‪.(3‬‬

‫‪ ()1‬انظر‪ :‬د‪ .‬حسن علي الذنون‪ ،‬المبسوط‪ ،‬ج ‪ ،1‬الضرر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.215‬‬
‫‪ ()2‬أنظر‪ :‬د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر ود‪ .‬صبري حمد خاطر‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص ‪.165‬‬
‫‪ ()3‬أنظر نص المادة )‪ (47‬من قانون حماية حق المؤِلف العراقي‪ ،‬تقابلها المادة ) ‪(45‬‬
‫مؤلف مصري‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫الخاتمة‬
‫استهدف هذا البحث في الواقع‪ ،‬الوصول إلى فكرة واضحة ودقيقة‬
‫قدر المكان‪،‬حول اثار عقد التأليف‪.‬و الذي ما زال الحديث عنه‬
‫محل جدل عند رجال القانون و الباحثين حول مدى أهمية هذا‬
‫العقد‪،‬ومدى الحاجة إلى تأطيره بنظام قانوني محدد‪ .‬وهذا ما حاولنا‬
‫ان نلقي عليه الضوء خلل بحثنا هذا ‪،‬من خلل تحديد التزامات‬
‫أطراف العقد وتوصلنا في الخاتمة إلى أنه‪:‬‬
‫‪-1‬يستد عقد التأليف بالدرجة الساس على تخصص احد أطرافه‬
‫وهو )المؤِلف(‪،‬حيث يكون لهذا الخير دورا ً إبداعيا ً مبتكرا ً لمؤَلف‬
‫يوافق أهداف المتقاعد الخر والذي يسمى بالناشر‪.‬‬
‫‪-2‬يعد التزام المؤِلف بتقديم الداء الرئيسي في عقد التأليف‪ .‬وهذا‬
‫اللتزام يعد التزاما ً بتحقيق نتيجة وليس ببذل عناية‪ ،‬وذلك لن‬
‫المؤِلف ملزم بتقديم المؤَلف )محل العقد(‪ .‬من منظور الشخص‬
‫الممتهن الخبير و أن المنطق السليم يقضي بمساءلته عند تنفيذه‬
‫عقد أبرمه ولم يدرك عدم قدرته على تنفيذه‪.‬‬
‫‪-3‬أما عن الطبيعة القانونية للتزام المؤِلف في عقد التأليف ‪ ،‬والتي‬
‫من خللها يمكن تحديد مسؤولية المؤِلف في ضرورة مطابقة‬
‫المؤَلف لرغبات الناشر أو للمواصفات المتفق عليها والتي يتطلع‬
‫الناشر لتحقيقها‪ .‬فأنه يمكن العتماد على معيار الحتمالية ومدى‬
‫دور أطراف العقد في تحقيق النتيجة المطلوبة‪ ،‬وذلك على النحو‬
‫التي‪:‬‬
‫أ=إذا كانت هذه النتيجة محتملة الوقوع أو أن تحقيقها يتوقف على‬
‫دور الناشر في تقديم المعلومات ‪ ،‬فأن اللتزام يكون التزاما ً ببذل‬
‫عناية‪.‬‬
‫ب=أما إذا كانت النتيجة المطلوبة أو الغرض المقصود مؤكد الوقوع‬
‫كما إذا تعلق المر بتسليم مؤَلف معد سلفا ً و كان المؤِلف قد أعلن‬
‫ة عن مواصفات وكفاءة هذا المؤِلف ‪ ،‬فأن التزام المؤِلف في‬ ‫صراح ً‬
‫هذه الحالة يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة ‪.‬‬
‫‪ -4‬ينبغي على المؤِلف الستعلم من المتعاقد الخر ))الناشر(( عن‬
‫طبيعة حاجته وغرضه من استخدام المؤَلف ‪ ،‬وان يقوم بتوجيه‬
‫اختياره نحو ما يتناسب وهذه الحتياجات ‪ ،‬كما يتوجب بالمقابل‬
‫على الناشر الفضاء عن حاجته بصورة واضحة ويسمى هذا اللتزام‬
‫بالتعاون‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫وتوصلنا الى أن التزام الطراف يعتبر التزاما ً بتحقيق نتيجة في‬
‫الحوال التي ل يرتبط فيها الوفاء بهذا اللتزام تدخل المتعاقد الخر‬
‫أو شخص من الغير‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -5‬وينبغي على المؤِلف المحافظة على أسرار المؤلف وعدم‬
‫استعمالها أو إفشائها حتى في حالة غياب شرط أو أتفاق عدم‬
‫الستعمال الشخصي للمعلومات التي وصلت إلى علمه بسبب‬
‫أبرام عقد التأليف ‪ .‬ويستمر اللتزام بالمحافظة على سرية‬
‫المعلومات والبحث حتى بعد انتهاء مدة العقد مالم يتم التفاق على‬
‫عكس ذلك ‪.‬‬

‫وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫قائمة المراجع‬
‫أو ً‬
‫ل‪ //‬باللغة العربية ‪-:‬‬
‫د‪ .‬أحمد عبد الكريم أبو شنب – شرح قانون العمل الجديد‪،‬‬ ‫‪-1‬‬
‫مكتبة دار الثقافة‪ ،‬عمان‪. 1999 ،‬‬
‫د‪ .‬أحمد محمود سعد – نحو إرساء نظام قانوني لعقد‬ ‫‪-2‬‬
‫المشورة المعلوماتية‪ ،‬القاهرة‪. 1995 ،‬‬
‫د‪ .‬حسام الدين الهواني – الحق في احترام الحياة الخاصة‪،‬‬ ‫‪-3‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪. 1978 ،‬‬
‫د‪ .‬حسن علي الذنون –المبسوط في المسؤولية المدنية‪ ،‬ج‬ ‫‪-4‬‬
‫‪ ،1‬الضرر‪ ،‬مطبعة التايمس‪ ،‬بغداد‪. 1991 ،‬‬

‫‪34‬‬
‫د‪ .‬حسن كيرة – أصول قانون العمل‪ ،‬عقد العمل‪ ،‬ط ‪،3‬‬ ‫‪-5‬‬
‫السكندرية‪.1979 ،‬‬
‫حسن محمد علوب – استعانة المتهم بمحام في القانون‬ ‫‪-6‬‬
‫المقارن‪،‬القاهرة‪1970،‬‬
‫زهير البشير – الملكية الدبية والفنية )حق المؤلف(‪،‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الموصل‪. 1989 ،‬‬
‫د‪ .‬سهيل حسين الفتلوي – حقوق المؤلف المعنوية في‬ ‫‪-8‬‬
‫القانون العراقي‪ ،‬بغداد‪. 1970 ،‬‬
‫د‪ .‬صالح بن بكر الطيار – العقود الدولية لنقل التكنولوجيا‪ ،‬ط‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ ،2‬مركز الدراسات العربي_الوربي‪. 1999 ،‬‬
‫د‪ .‬طلبة وهبة خطاب –المسؤولية المدنية للمحامي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪. 1986‬‬
‫عبد الرشيد مأمون شديد – عقد العلج بين النظرية‬ ‫‪-11‬‬
‫والتطبيق‪ ،‬القاهرة‪ ،‬بل سنة طبع ‪.‬‬
‫_______________ ‪ -‬أبحاث في حق المؤلف‪ ،‬الكتاب الول‪،‬‬ ‫‪-12‬‬
‫القاهرة‪. 1986،‬‬
‫د‪ .‬عدنان العابد و د‪ .‬يوسف الياس –قانون العمل‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪-13‬‬
‫بغداد‪. 1980 ،‬‬
‫د‪ .‬عصمت عبد المجيد بكر – المدخل إلى البحث العلمي‪،‬‬ ‫‪-14‬‬
‫وزارة الثقافة‪ ،‬بغداد‪. 2001 ،‬‬
‫_______________ و د‪ .‬صبري حمد خاطر – الحماية القانونية‬ ‫‪-15‬‬
‫للملكية الفكرية‪ ،‬ط ‪ ،1‬بيت الحكمة‪ ،‬بغداد‪. 2001 ،‬‬
‫د‪ .‬محسن شفيق –نقل التكنلوجيا من الناحية القانونية‪،‬‬ ‫‪-16‬‬
‫القاهرة‪. 1984 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد الظاهر حسين – المسؤولية المدنية للمحامي‬ ‫‪-17‬‬
‫تجاه العميل‪ ،‬القاهرة‪. 1993 ،‬‬
‫د‪ .‬محمد لبيب شنب – شرح أحكام عقد المقاولة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪-18‬‬
‫‪. 1962‬‬
‫د‪ .‬محمود الكيلني – عقود التجارة الدولية في مجال نقل‬ ‫‪-19‬‬
‫التكنلوجيا‪ ،‬مطبعة عبير حلوان‪. 1988 ،‬‬
‫محمود مصطفى – مدى المسؤولية الجنائية للطبيب إذا‬ ‫‪-20‬‬
‫أفشى سرا ً من أسرار مهنته‪ ،‬بحث منشور في مجلة القانون‬
‫والقتصاد‪ ،‬السنة)‪ ،(11‬العدد الول‪. 1945 ،‬‬
‫د‪ .‬محمود نجيب حسني – شرح قانون العقوبات –القسم‬ ‫‪-21‬‬
‫الخاص‪ ،‬ط ‪ ،2‬القاهرة‪. 1994 ،‬‬
‫‪ -22‬د‪ .‬نزيه محمد الصادق المهدي – اللتزام قبل‬
‫التعاقدي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪. 1982 ،‬‬
‫‪ -23‬نصير صبار لفته – التعويض العيني‪،‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫رسالة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة النهرين‪. 2001 ،‬‬

‫‪35‬‬
‫ نواف كنعان – حق المؤلف ) النماذج المعاصرة لحق‬-24
. 2000 ،‫ عمان‬،3 ‫ ط‬،( ‫المؤلف ووسائل حمايته‬
‫ دراسة‬،‫ وفاء حلمي أبو جميل – اللتزام بالتعاون‬.‫ د‬-25
. 1988 ،‫ القاهرة‬،‫تحليلية وتأصيلية‬

-:‫ باللغة الفرنسية‬//‫ثانيًا‬

1- Jourdain (p) – Devoir de Renseigner " Contribution a


L'etude de L'obligation du Renseignement " , Paris, 1983 .
2- N. Rebul –Le contrars des conseil , Paris, 1997 .
3- Starck – Les obligations, ed Paris, 1972 .
4- Vivant et Lucas ( A) –Chronique droit de L'informatique,
J.C.P,1992 .

36

You might also like