Professional Documents
Culture Documents
الأخلاق الخير والسعادة
الأخلاق الخير والسعادة
[اخلري والسعادة]
اخلــري و السعادة
[ جذاذة مراجعة]
نبتش
اإلهتمام
دواعينبتش
إعرتاض البعض على تدخل الفلسفة يف الشأن االخالقي ...إذ قد يعدّ هذا التدخلّ تهديدا أو يشكلّ خطرا على منطق اجلماعة أو"النحن"... ▪
ترتبط األخالق جبملة القواعد واملبادئ والقيم اليت تفتضي الطاعة واإلمتثال ولذلك عدّ التفكري يف الشان االخالقي خرقا وخيانة وعصيانا... ▪
حتيل االخالق على مشكل انساني بامتياز ألن اإل نسان هو الكائن الوحيد الذي يتخذ مسافة من فعله ،هذه املسافة هي مسافة الوعي واحلكم والسؤال... ▪
التوترّ الذي يالزم الوجود اإلنساني بني امليول واألهواء وإرادة الرتفعّ والتسامي ...هذا التوترّ هو شرط إنتقال الكائن من إنسان بالقوّة إىل إنسان بالفعل... ▪
الكلّ ينشد السعادة ولكن ال أحد يستطيع حتديدها وإن كان ذلك ممكنا فإننا ال نلقى إمجاعا.... ▪
ال غرابة أننا ننشد الفضيلة بقدر ما ننبذ الرذيلة غري أنّ الطابع امللتبس ملعاني الفضيلة والرذيلة جيعل املنشود قيمة فضفاضة حتتاج منّا نظرا وتدقيقا... ▪
عادة ما نسلم بداهة على أن اخلري هو معيار الفعل األخالقي ،غري أن التجربة األخالقية تكشف إلتباسه حينما تطرح شروط حتققّه ألتباسا جيعله موضع جدال ال ينتهي... ▪
إحراجات املسألة:
هل من املشروع أن نقيم صلة بني أخالق اخلري وأخالق السعادة؟ وهل ينبغي النظر إىل السعادة واخلري من ناحية والشر والشقاء من ناحية أخرى مبا هي قيم مطلقة •
أم مبا هي قيم نسبية؟
كيف أفهم اختالف السعادة باختالف قاصديها؟ •
بأي معنى تكون املنفعة مبدأ للسعادة وأساسا للفعل األخالقي؟ أال يفيد جعل املنفعة مبدأ لألخالق اإلفراط يف طلب اللذة؟ وهل حيمل القول باللذة مبدأ للفعل •
األخالقي على معنى الدعوة إىل اإلفراط يف طلبها؟ وهل ميكن أن يكون يف األمل لذّة؟ وإذ كان األمل ميأل حياتنا فهل يؤدّي ذلك إىل اليأس من السعادة؟
هل أن أخالقيّة الفعل فيما يستحسنه العقل أم فيما تنشده الرغبة؟ •
أليس الواجب بهذا املعنى هو أساس أخالقية الفعل؟ هل من تعارض بني طاعة الواجب وحرية الذات؟ •
وهل الرفاه مولّد للسعادة؟ مبعنى هل تؤمّن احلضارة املعاصرة حقّ اإلنسان يف السعادة؟ وأي حتديد للسعادة يتمّ إقصاؤه يف حضارة االستهالك؟ •
وهل ينتهي بنا التظنن على السعادة إىل القول بوهميتها؟ •
[اخلري والسعادة]
اخلري األمسى Bien suprêmeالذي هو الغاية القصوى هو السعادة،فكل أفعالنا ترتبط يف جوهرها و يف منتهاها على خري اخلريات هذا اال وهو السعادة باعتبارها
اخلري املطلق ،إذ ال ينتسب هذا اخلري لغريه.
طبيعة السعادة ترتبط بالوظيفة اخلاصة باإلنسان اليت ترتبط بالنفس وتقرتن بالعقل " إذا كان األمر على هذا النحو و إذا سلمنا بأن وظيفة
اإلنسان تكمن يف ضرب من ضروب احلياة ،أي يف نشاط للنفس و يف أفعال مقرتنة بالعقل ،و إذا كانت وظيفة اإلنسان الفاضل هي حتقيق
هذا العمل ...بناء على هذه الشروط يتمثّل اخلري إذا بالنسبة إىل اإلنسان يف نشاط تقوم به النفس طبقا للفضيلة ...و هذا طوال حياة كاملة
إىل النهاية ،ألن خطافا أو نهارا مشمسا واحدا ال يدلّ على قدوم الربيع و هكذا الشأن بالنسبة إىل الغبطة و السعادة ،فهما ال يكونان من
صنيع يوم واحد" ..
تبدو السعادة يف أعلى درجة غاية نهائية ألننا خنتارها لذاتها دائما وال نطلبها أبدا خلري آخر أعلى منها ،ويف مقابل ذلك فإّننا
إذا كنّا نطلب اجملد واللذّة ،والفطنة ،أو أي قيمة أخرى ،فإننّا نطلبهم يف ذاتهم ولكن من أجل السعادة.
Aristote- Ethique à Nicomaque, Livre I, 1097 b 1-7
يصاحب مفهوم السعادة كخري أمسى مفهوم الفضيلة والفضيلة هي ما يناسب ماهية اإلنسان وبالتالي ما يتطابق مع طبيعته .فأن نقوم باخلري هو ان نقوم مبا يتطابق مع طبيعتنا
ككائنات عاقلة أو ككائنات تستحق اإلنسانية .والفعل اخلريّ إذا هو الفعل الذي به تتحقق كل وظائف الكمال اإلنساني ،حبيث تكون السعادة يف االرث الفلسفي هي ما به
تتحقق الذات ،ال باملعنى الفردي والذاتي حسب الذوق واللذة اخلاصة وإمنا مبعنى التطابق مع ما به يكون اإلنسان إنسانا .والسؤال الذي جيب أن يصاغ هو التالي :ما الذي جيب أن
نفعله حتى يتحقق كمال اإلنسان وبالتالي حتى يكون سعيدا؟ [اإلختالف بني القائلني بأن السعادة هي اخلري يكمن يف شكل االجابة]
و فلسفة السعادة Eudémonismeهي الفلسفة اليت تقول أن السعادة العقليّة هي اخلري األمسى Bien supremeوقد مثّل "املعلم األول" أرسطو هذا املوقف بعد أن مجع يف
كتابه" األخالق إىل نيقيماخوس" كل التعريفات املمكنة للسعادة ،واختزل هذه التعريفات العامة يف ثنائيات ثالث:اللّذة=سعادة}{+الثراء=سعادة}{+الشرف=سعادة} وأثبت-
متجاوزا هذه الثنائيات -أن السعادة احلقيقيّة مسألة ختصّ اإلنسان مبعنى توافق ماهيته ،وماهية اإلنسان العقل وبالتالي ال تكون حياة اإلنسان سعيدة إال إذا كانت مطابقة للعقل
والتأمل و الفلسفة.
يقوم التحديد األرسطي للسعادة على ربط اخلري باملمارسة ،فهو يعترب أن غاية كلّ نشاط حتقيق خري ما و السعادة هي اخلري األمسى ويشرتك أرسطو مع أفالطون يف اعتبار أن السعادة
هي اخلري األمسى ،لكنّه خيتلف معه يف حتديد هذا اخلري األمسى؛ فاخلري األمسى عند أرسطو ليس مثاال أو مبدأ نظري كما هو احلال عند أفالطون بل هو مبدأ عملي ،و اإليتيقا
ليست علما و ال يوجد خري مثالي أو خيــر يف ذاته ،فاألخالق بعامة تتأسس على العادة والدربة " :فعندما تعزف على آلة موسيقيّة تكون موسيقيا ،و عندما تتدرّب أو تتعوّد على
الفضيلة تكون فاضال".
-مفهوم السعادة مع أرسطو ال حييل إىل األخالق فحسب بل كذلك إىل السياسية باعتبارها العلم األمسى للممارسة أو خري املدينة Polisو تتكوّن السعادة من ثالث عناصر
أساسيّة/1:احلكمة/2...الفضيلة/3...املتعة ،و هذه الرتاتبيّة هلا داللة تشري إىل أن العنصر اجلوهري للسعادة هو احلكمة و التأمل الفلسفي.
إستتباعات هذا الطرح :املماهاة بني السعادة واخلري يقتضي التع الي على مفهوم اللّذة واعتباره ما جيمع بني اإلنسان واحليوان .ولكن ربط السعادة باخلري هل حيمل على معنى التعالي
عن اللّذات أم على معنى حتقيقها؟ أي هل تقتضي السعادة احلقيقيّة التعالي عن اللذّة أم تقتضي حتقيقها؟
/
أخالق اللذة
املقاربة اإلبيقوريّة اليت متاثل بني اللذة والسعادة ،تعربّ عن موقف نقدي من هذا اإلرث الفلسفي اإلغريقي ،وخاصة الفلسفة األفالطونيّة اليت
مضمونها النهائي «سعادة اإلنسان يف موته أو الفلسفة كدربة على املوت" ،لذلك حاول إبيقور رصد العالقة املاهويّة بني اإلنسان والرغبة ،معتربا أن
اللذة أو املتعة هي ماهية الرغبة اليت هي ماهية اإلنسان ،وهكذا يبدو البحث عن السعادة دون اعتبار هذه املاهية ،إما حبثا عبثيّا أو حبثا عن سعادة
ال إنسانيّة .و هذا يعين أن اللذة بالنسبة إلبيقور ال جيب أن تفهم يف بعدها اجلنسي أو املتعة اجلسديّة كأن نتحدّث عن " الفسّاق" ،ألن هذا الفهم
يعبّر عن جهل باملذهب أو تأويل خاطئ " ،بل اللذة اليت نقصدها هي اليت تتميز بانعدام األمل يف اجلسم واالضطراب يف النفس " ،والفهم اجليّد
لعالقة السعادة باللذة واخلري يقتضي حكمة قادرة على " التمييز و التصنيف" ،واحلكمة مطلوبها الفضيلة اليت هي " حساب اللذات Calcul des
، "plaisirsو الفضيلة شرط السعادة وجوهرها ،فال ميكن أن يكون املرء سعيدا دون أن يكون فاضال و ال أن يكون فاضال دون أن يكون سعيدا .
يرى إبيقور أنّ من اللذات ما جيلب أملا ومن اآلالم ما حيققّ لذّة ،فطالب باجتناب اللذّة اليت تنتهي أملا ،والرضا باألمل الذّي تستتبعه لذّة ،وأساس هذا التعديل هو مراعات املنفعة،
ومييّز بني لذة جسمية تبلغ أوج صورها يف الصحة اجلسمية الكاملة .لذة عقلية وتعين التحرر الكامل من اخلوف والقلق ...إن آالم العقل أقسى من آالم البدن اليت ميكن
حتملها واليت تنتهي ال حمالة باملوت ،واملوت أمر طبيعي ال يوصف بأنه شر وال بأنه خري كذلك .ولعلّ هذا ما يربرّ التساؤل عن عالقة اللّذة باملنفعة .أال تفيد فكرة اللّذة من جهة
جتنّب األمل أو حتّمله معنى املنفعة؟
فبأي معنى تكون املنفعة مبدأ للسعادة وأساسا للفعل األخالقي؟ وما الذّي يشرّع للربط بني األخالق واملنفعة؟ أال يفيد جعل املنفعة مبدأ لألخالق اإلفراط يف طلب اللذة؟ هل ▪
تأسيس األخالق على املنفعة باعث على توحيد املعايري األخالقية أم دافع للتضارب واالختالف؟ فما وجاهة القول إن األخالق حتقيق للمنافع؟
[اخلري والسعادة]
تنظر النفعية للخري على أّنه كلّ ماهو نافع فيكون معيار القيمة األخالقية ألي فعل مبنيا على نفعية نتائجه ،أما غايته القصوى فتكمن يف حتقيق أكرب قدر من السعادة بالنسبة إىل
أكرب عدد ممكن من األفراد .فاإلنسان ال يعمل إّال من أجل احلصول على املنفعة اليت إما أن تتجسم يف ضمان ربح ولّذة أو تفادي خسارة وأمل .فاملنفعة تتحدد كقدرة كافية يف جمال معّني
على إنتاج ربح أو نفع أو امتياز أو لّذة أو خري أو سعادة ،ويف املقابل يوجد وجه سليب هلذه املنفعة يتمّثل يف تفادي التعّرض إىل األمل واحلزن واخلسارة والشر .يقول ستيوارت ميل يف" :ما نعنيه
بالسعادة هو وجود اللّذة وغياب األمل""،أما الشقاء فهو وجود األمل وغياب اللذّة".
مبادئ النفعيّة:
اللذة هي الشيء الوحيد الذي يعدّ مرغوبا فيه DESIRABLE. .1
) الدليل الوحيد على أن شيئا ما "مرغوب" فيه هو كون الناس يرغبون فيه بالفعل. .2
سعادة كلّ شخص متثل "خريا" بالقياس إىل هذا الشخص ،وعلى ذلك فإن السعادة العامة "خري" بالنسبة إىل اجلميع. .3
قد يرغب الناس يف موضوعات أخرى ،ولكنهم ال يرغبون فيها إال باعتبارها وسيلة للسعادة أو اللذة. .4
إذا لقيت لذة ما من بني لذتني خمتلفتني تفضيال من جانب أولئك الذي هم على دراية بكلتا اللذتني ،فإنه من حقنا أن نقول إن هذه اللذة أمسى كيفيا من اللذة األخرى. .5
وذهب "ستيوارت ميل "إىل أن م عيار اخلري ليس هو حتقيق سعادة الفاعل بل ضمان أكرب سعادة تعود على اجملموع وهو ما جعل البعض يطلق على مذهب ستيوارت مل تسمية
"مذهب السعادة اجلمعية".
ولكن ما أساس جدارة فعل موضوع احرتام؟ وهل يكفي فعل اخلري حتّى يكون اإلنسان سعيدا؟ أخالق الواجب
-أخالق الواجب تلزمنا بالفعل حتى ولو كنا ال نرغب فيه أو حتى وإن كان هذا الفعل يتعارض مع سعادتنا ،فال نقوم باخلري ألنه نافع وال ألنه ما به حنقق السعادة.
[الذي جيعل فعال ما أخالقيا ليس مضمون الفعل وإمنا شكله].
مثال :إذا أردت أن أقيم الكذب كفعل ،ال جيب أن أحبث هل الكذب مفيد أحيانا أم ال؟ بل جيب أن أحبث امكانية أن يكون هذا الفعل قانونا كليا ،فإذا كان
فعلي يدفعه مبدأ يسمح لي بالكذب كلما سنحت الفرصة ،فإن ذات املبدأ جيب أن يربرّ كذب أي شخص آخر ،ولكن إذا كان لكل واحد احلق يف الكذب وفق ذات
املبدأ ،مل يعد من املمكن ان نصدق أو نثق يف أي شخص ،وهذا يعين أنه مل يعد من املمكن ملن يكذب ان حيقق بكذبه ما يريده ،حبيث ينفي هذا املبدأ ذاته.
-السعادة ليست ما به يكون الفعل خريّا ،و هي حبكم ارتباطها برغباتنا اخلاصة و الذاتية قد تقودنا حنو التعاسة من جهة ،و ال عالقة هلا باخلري من ناحية ثانية.
-يف عالقة السعادة Bonheurباألخالقيّة :moralité
مشكل السعادة يكمن يف طابعها الذاتي من جهة واخلربي من جهة ثانية ،فاختالف الوضعيات يظهر نسبية السعادة ،فمن ال ميتلك الصحة مثال تكون سعادته يف
اكتسابها ،ومن هو يف صحة جيدة ولكنه ال يعمل ،سعادته تكمن من حتصيل وظيفة ،ومن له الصحة والعمل قد تكون سعادته يف االلتقاء بطرف آخر حيبه وحيقق
سعادته ...و هذا يعين مبدئيا أن السعادة ال متثلّ اخلري وال الفكرة العقلية اليت ميكن حتويلها مبدأ كونيا.
يعترب كانط أنه ليس باإل مكان تأسيس أخالق للسعادة عقليّا ،مؤكدّا على ضرورة التمييز بني أخالق الواجب اليت ميثّل العقل أساسا هلا ،والسّعادة اليت تتأسّس على الرغبة ،ألن
هذا التمييز خيلّصنا من اخللط القديم بني " اخلري" و "السعادة" ،فاخلري يرتبط بالواجب العقلي ،يف حني ترتبط السعادة باملبدأ املادي للرّغبة ،فهي جمرّد شعور باملتعة يصاحب الوجود.
هذا ما حياول كانط إبرازه يف كتابه" تأسيس ميتافيزيقا األخالق " حيث بيّن " أنّ مفهوم السعادة مفهوم بلغ من عدم التحديد مبلغا جعل كلّ إنسان-على الرغم من رغبته يف أن
يكون سعيدا -يعجز عن أن يقول يف ألفاظ دقيقة ومتماسكة مـــا يرغب فيه وما يرومه على احلقيقة " ،و التعثر يف حتديد السعادة يعود إىل ارتباط هذا املفهوم بعناصر خربيّة مثل
"الصحة" و"الثروة" و"اجلاه" و"رغد العيش" ...يف حني أن التعريف يقتضي من منظور كانط كلّية و إطالقا والكليّة ال ختتزل يف أي عنصر من العناصر اخلربية التّي تؤلف مفهوم
السعادة.؛ ويعتمد كانط لتوضيح فكرته القائلة بغموض مفهوم السعادة على بعض األمثلة:
مثال :1حياة الثراء :هي مصدر للهموم واحلسد واملكايد ،وهذه العناصر تتعارض مع فكرة السعادة.
مثال :2حياة املعرفة :خطرية على اإلنسان ألنّه إما أن متدّنا املعرفة بنظرة ثاقبة لشرور كنّا النعرفها وإما أن تكشف لنا عن حاجيات جديدة مل نقدر على حتقيقها يف السابق؛
والي " إن اإلنسان عاجز عن أن حيدد بيقني تام وتبعا ملبدأ من املبادئ ما جيعله سعيدا حبق" .بناء على ذلك يؤكد كانط على أن السعادة ال تقوم على مبادئ موضوعية عقليّة بل تقوم
على مبادئ مستمدّة من التجربة اخلربيّة ،كتب كانط " :إن مجيع العناصر اليت تألف مفهوم السعادة هي يف جمملها عناصر خربيّة أعين أنه يلزم أن تستعار من التجربة وأنه مع ذلك
من الضروري بالنسبة لفكرة السعادة أن يكون هناك كلّ مطلق" لذلك تبدو السعادة مثال أعلى للتخيل ،والتخيّل عند كانط ملكة حسيّة .لذلك " فتحديد أي فعل ميكن أن
جيلب السعادة لكائن عاقل حتديدا يقينيّا وعاما هي مشكلة ال حلّ هلا على اإلطالق" ،وليست األوامر اليت ترتبط بتحقيق السعادة إال أوامر"حيطة " Prudenceال ميكن
صياغتها صياغة عقليّة ،ألنها ال تأمر بشيء بل هي جمرّد نصائح.
[اخلري والسعادة]
▪ الواجب Devoirإلزام أخالقي ،ولكنه ال يعربّ عن ضرورة أو حتمية أخالقية ،ألن الضروري هو الذّي ال ميكن أالّ يكون .فمثال تبخرّ املاء الساخن يعبّر عن ضرورة ،الالزم إذا
ليس بالضرورة ضروري.
▪ اإللزام إذا يقتضي الوعي/القصد/اإلرادة...احلرية ،فالواجب األخالقي الذّ ي يلزمنا باحرتام ممتلكات الغري ال ميلك سلطة متنعنا من السرقة ،فالواجب يطلب منا الفعل أو
عدمه دون إكراهنا على الفعل أو على عدمه.
ما الذّي جيعل فعال ما فعال أخالقيّا؟ وهل ميكن أن يتأسسّ اإللزام اخللقي للوّاجب على العقل؟ أي هل العقل قادر على تأسيس قانون أخالقي صارم مطلق؟
يكشف كانط قدرة العقل على إخضاع اإلرادة حنو اخلري األمسى ،لتتحوّل اإلرادة بدورها إرادة خيّرة ،ولكن ما معنى "اإلرادة اخليّرة"؟
-هي اإلرادة التّي تتحدّد -بالنسبة لكانط-انطالقا من"الواجب" وليس انطالقا من "املنفعة" أو "املصلحة" ،إذ ال تظهر املنفعة إالّ وقد اصطحبت األنانيّة ،واصطحبت بالتالي مصاحل شخصيّة ،خمتلفة
ومتناقضة؛ يف حني أن"الفعل " انطالقا من الواجب هو النظر للفعل على أنّه قاعدة كلّية وليس منفعة ذاتيّة ،ولذلك من بني ثالث أفعال خيتار كانط واحدا فقط يكون أخالقيّا:
إمّا أن يكون الفعل منافيا للواجب أو مناقضا له [فعل ضدّ -أخالقي]
-إمّا أن يكون مطابقا للوّاجب ولكن بدافع املنفعة [فعل ال -أخالقي]
-وإمّا أن يكون الفعل عن واجب أي مطابقا للواجب وبدافع الوّاجب [فعل أخالقي]
وهذا التصنيف هو الذّي جيعل الفعل األخالقي املطابق للواجب وبدافع الواجب ،يتخّذ صياغة قطعيّة ["األمر قطعي"]
-أخالق الواجب تبدو كما يقدمها كانط كونية وكلية ،ومن حيرتم الواجب يف ذاته يكون جديرا بالسعادة اليت يستحقها ،إذ السعادة أثر للواجب ال مطلب الواجب.
-يكون الفعل أخالقيّا عندما يرتبط مببادئه ال بنتائجه ،أي عندما يكون بدافع الوّاجب الذّي"هو ضرورة القيام بالفعل انطالقا من القانون" ،وإذا وجب تستطيع .ويف هذا نلمس نقد كانط ال لألخالق
اليت ختلط بني اخلري والسعادة فحسب بل نلمس نقدا لألخالق النفعية والرباغماتية كما قدمها جون ستيوارت ميل وبنتام.
-اخلضوع للواجب وااللتزام بالقانون اخللقي وباألمر القطعي يف صيغه الثالث ليس نفيا للحرّية بل هو شرط إمكانها.
هل يوجد بالفعل فعال أخالقيّا له هذه املواصفات الصوّرية؟ أم أننّا سنقول ما يقوله آالن " :ال توجد يف الواجب أيّة صعوبة ما عدى حتقيقه"؟ هل ميكن أن يف نقد الواجب والسعادة
يتحملّ اإلنسان-كما يقول إيبسن "-الواجب...هذا اللفظ اللعني ،الذي هو يف منتهى احلدّة واحلموضة ومنتهى الربودة...لكأنه وخز باإلبر"؟ وإن وجد مثل هذا
الفعل هل يبقى إنسانيّا؟ وإن كان اإلنسان قادرا على مثل هذا الفعل كيف نتأكّد من دوافعه ومن " نيّته الطيّبة"؟
يعترب هيقل أن أخالق الواجب فارغة احملتوى ألن اإللزام فيها صوريّا ،يف حني أن األخالق املوضوعيّة اليت تعبّر عن اإلرادة املوضوعيّة واليتّ تتحقق يف فضاء
الدولة تتعاىل على كلّ األخالقيات الصوريّة واالجتماعية اليت ينتجها العقل.
-يبيّن ماركس أن ما يبدو كليّا يف فلسفة كانط ال يعبّر إال عن ما هو كائن أو على األصحّ عن صورة اإلنسان الربجوازي.يبدو أنّ ما تطلبه أخالق كانط
من اإلنسان هو أن يكون أكثر من إنسان ،أي أن يدخل يف صراع مع ذاته و طبيعته لتتحوّل األخالق معاناة ،ويتحوّل الوعي شقاء.و لعلّ هذا هو الذّي جعل
نيتشة يشبّه عقال حيمل واجبا على أنّه "مجل" حيمل أثقاال ،سيلقيها جانبا حلظة يتحوّل" أسد" متمرّدا رافضا مهنة رفع األثقال ،ليعود من جديد "طفال "يف
تلقائيّته ،قادرا على اجلمع بني الوعي و اإلحساس ،فالوعي الذّي حيبّ ال يشعر بالواجب على أنه محل.
-حينما نتجاوز سطح الوجود وحنفر وراء أسس احلضارة املعاصرة أي وراء عامل الوفرة والرفاه ،أي حينما نتجاوز السطح ستظهر لنا صورة إنسان
العصر وقد انزاح عنه ثقل األخالق وثقل القيم ،حبيث مل يعد كائنا مثقال بالقيم وإمنا كائنا مثقال بالفراغ األنطولوجي للقيم.
-عندما يتكشف لنا قدر اإلنسان ومغزى الوجود ندرك أن السعادة ليست شأنا إنسانيا أو ندرك على األقل أنهّ ":مل يدخل يف خطّة اخللق
البتة أن يكون اإلنسان سعيدا"على حدّ عبارة فرويد
▪ يوجه فيلسوف املطرقة نيتشة كل النقد ألخالق النفاق ،وأخالق احلقد املتسرت وراء شعار حبّ اآلخر واخلري وأخالق الكرامة املبثوثة وراء اإلحساس بالذل واإلهانة ،ألنها يف
احملصلة النهائية أخالق هدم لإلبداع واالستقاللية .إن أخالق نيتشة هي اليت توجه املطرقة حنو أخالق األب يف كلّ جتلياته ومظاهره ،لتعلن خالص الدين ونهاية الدين،
ليعود الفعل إىل براءته األوىل.
▪ وإذا كانت جينيالوجيا األخالق تثري محاسة من يعتقد أنه فوق اجلماعة واحلشد فإن مضمونها يتجاوز هذه احلماسة -شأنه شأن بعض السفسطائيني والريبيني -ليفرض أساسا
لألخالق فيما وراء املمارسات االجتماعية ،حيث تكون احلرية واإلبداع.
▪ احلرية هي أساس كل القيم ،وانطالقا من فكرة أن الوجود يسبق املاهية ،يعترب سارتر أن اإلنسان يصنع وجوده ،أي ينتج قيمه اخلاصة ،واليت وإن اإلستخالص :يف اخلتام نقول:
كانت خاصة فهي كلية ،إذ يصنع اإلنسان يف فعله مشروع اإلنسان.
▪ اإلنسان هو الواضع للقيم ألنه الوحيد الذي ميتلك شعورا مزدوجا القلق واملسؤولية.
احلرية ال تتعارض بالنسبة لسارتر مع املسؤولية [احلرية مسؤولة] فأنا عندما أصنع ذاتي أصنع صورة اإلنسان ،وبالتالي كما أنا مسؤول على ذاتي
مسؤول على صورة اإلنسان.
▪ هنا يلتقي سارتر مع كانط يف فكرة إنتاج قيم كونية ،ليختلف معه من جهة القول بنسبيتها وقابليتها للتجاوز ،وإن كانت القيم هي أساس
احلرية حسب كانط ،فإن احلرية –حسب سارتر -هي أساس القيم.
-ال وجود لسبب يرب ّر احلرية ،بل احلرية هي ما يربرّ كلّ سبب.