Professional Documents
Culture Documents
جريمة توزيع ارباح صورية
جريمة توزيع ارباح صورية
ا'لم'خ'ط'ط' ال'ع'ا'م'
الجزء األول :أركان جريمة توزيع أرباح صورية
ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'أل'و'ل'ى' ':ا'ل'ر'ك'ن' ا'ل'م'ا'د'ي'
ا'لم'ق'د'مة'
إن أهمي ة الش ركات التجاري ة تت أنى من ق درتها على اس تقطاب رؤوس أم وال فخم ة
وخل ف م واطن ش غل عدي دة باعتباره ا أص بحت تمث ل الن واة ال تي تك ون م ا يس مى الي وم
باقتصاد السوق وهو ما أدى إلى تحولها من مجرد هيكل اقتصادي يهم المساهمين فيه فقط
السياس ة التش ريعية المعتم دة وال تي تس عال لتنظيم وحماي ة ه ذه الش ركات ع بر جمل ة من
القواع د ال تي تهم تكوينه ا وتس ييرها وك ذلك حله ا .ومن األس اليب ال تي اعتم دها المش رع
لتكريس هذه الحماية تكريس للشركة إستقاللية عن المساهمين بإكسابها للشخصية القانونية
إذ أصبح لها ذمة مالية منفصلة عن ذمم المساهمين فيها تتمثل فيما للشركة من حقوق وما
وال دفاع عن مص الحها ل ذلك ك ان من الض روري أن تلج أ إلى أش خاص طبيع يين يتول ون
التصرف باسمها وتسييرها مع الحفاظ على مصلحتين :مصلحة الشركة باألساس من جهة
والمتمثل ة في المحافظ ة على إمكانياته ا المالي ة واس تمرار وجوده ا ومص لحة الش ركاء
والمتمثلة في األرباح المأمولة من وراء تأسيسها من جهة أخرى فالربح على هذا المعنى
هو السبب في عقد الشركة الذي يسعى المشرع إلى الحفاظ عليه من كل التدخالت التي قد
تؤدي إلى التالعب به ويعد الزجر الذي تعمد إليه أغلب التشريعات عبر آلية التجريم من
أهم الوس ائل ال تي تملكه ا الس لطة التش ريعية للض رب على أي دي الع ابثين وفي ه ذا الس ياق
اتج ه المش رع التونس ي إلى حماي ة الذم ة المالي ة للش ركة باعتباره ا وس يلة تموي ل من جه ة
1
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
والضمان العام لدائنيها من جهة أخرى وتتجلى هذه الحماية باألساس من خالل زجر كل
فعل يؤدي إلى المساس بالذمة المالية للشركة شأن فعل توزيع أرباح صورية الناتج عن
اس تغالل البعض من مس يري الش ركات الس لطات والص الحيات المخول ة لهم لخدم ة
أغراضهم الخاصة خصوصا وأنهم يتمتعون بقدرات وآليات تمكنهم من مغالطة المساهمين
والدائنين والغير مما يجعل الشركة أداة طيعة لممارسة نشاطاتهم اإلحتيالية .وبما أنه من
الثابت أن رأس المال يعد الجزء األهم في الذمة المالية للشركة فلقد خصه بحماية مستقلة
إزاء المسير من خالل تجريمه كل توزيع ألرباح صورية وقد تولى المشرع هذا التجريم
بص فة ص ريحة صلب الفصل 223م.ش.ت إال أن ه تجدر اإلشارة أن ميدان ه ذا التجريم
مب دئيا يتعل ق إال بالش ركات خفي ة اإلسم ب النظر إلى تموقع الفص ل الم ذكور ص لب المجل ة،
فهو يرد صلب الفرع الثالث من العنوان األول في الكتاب الرابع والمتعلق بــ"تسيير وإ دارة
الشركة خفية اإلسم" .ولعل ما يمكن اإلشارة إليه في هذا اإلطار هو أن المشرع التونسي
ك ان يعتم د التج ريم باإلحال ة بالنس بة لبقي ة الش ركات التجاري ة بالمجل ة التجاري ة قب ل س نة
2000أي تاريخ صدور م.ش.ت في الفصول 145و 146منها وهو ما حافظ عليه أيضا
في م.ش.ت في الفصل .391ويعود حصر المشرع لمجال تجريم توزيع أرباح صورية
في شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى اشتراكهم في خاصية تتمث ل
في قصر مسؤولية المساهمين والشركاء في حدود ما ساهموا به .لذلك حمى المشرع هذه
الذمة المالية بتجريم كل إفراغ غير مشروع لها عن طريق توزيع أرباح صورية.
2
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
وق د ت ولى المش رع تعري ف ال ربح الص وري ص لب الفص ل 289م.ش.ت "يعت بر
ص وريا ك ل توزي ع للم رابيح يتم خالف ا لألحك ام الم ذكورة أعاله" .وب العودة إلى أحك ام
الفصلين 287و 288م.ش.ت نجد أن المشرع تعرض للربح الصافي القابل للتوزيع في
نط اق الفص ل 287دون تعري ف مفه وم ال ربح الص افي خالف ا لم ا ك ان منص وص علي ه
بالم.ت في الفصل 19الذي عرف الربح على أنه "القدر الزائد من الشركة على ما بذمتها
بإدخال رأس مال شركة في ضمن الديون المترتبة عليها منذ نهاية السنة".
كم ا ع رف ال ربح الفص ل 5-76م.ت س ابقا والمتعل ق بالش ركات خفي ة اإلس م أن ه
"عبارة عن المبالغ الصافي التي استقرت عليها الميزانية السنوية بعد طرح النفقات على
رأس الم ال وم ا يقتط ع لمجابه ة الخس ائر التجاري ة أو الص ناعية" .ف الربح من مجم ل ه ذه
ولتحدي د قيم ة األص ول والخص وم ك ان من الض روري اللج وء إلى نظ ام المحاس بة
للمؤسسات ومجلة الضريبة لتحديد الربح الحقيقي وإ لزام الشركات التجارية بمسك محاسبة
ليتم عن طريقها تحديد ما للشركة من عائدات وما عليها من نفقات .وتتميز جريمة توزيع
أرب اح ص ورية عن جريم ة التعس ف في اس تعمال مكاس ب الش ركة ال واردة بنفس الفص ل
باعتبار أن هذه األخيرة تشمل بالحماية كل عناصر الذمة المالية للشركة وكذلك سمعتها،
في حين أن جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية تقتص ر مب دئيا على حماي ة رأس م ال الش ركة
3
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
وه ذا التخص يص في الجريم ة فرض ته خطورت ه الجريم ة باعتب اره وح دة اقتص ادية ل ذلك
فالمشرع التونسي بعد أن كان يعاقب فعل توزيع أرباح صورية معتبرا إياه صورة
من صور خيانة األمانة سعى إلى إفراد هذا الفعل بتشريع خاص يجرمه وذلك نظرا لعدم
توافق القانون الجزائي التقليدي مع النشاط التجاري حيث جرم فعل توزيع أرباح صورية
يكتسي تجريم توزيع أرباح صورية أهمية بالغة تظهر في الطابع الحمائي من وراء
هذا التجريم إذ أن هدف المشرع حماية الشركة بدرجة أولى من خالل منع المسيرين من
أعض اء مجلس اإلدارة ووكالء التصرف من توزيع أرباح لم يتم تحقيقها خاصة أن هناك
ش ريحة واس عة من الم دخرين ع ادة م ا تهتم بنس بة األرب اح المعلن عنه ا دون اإلهتم ام
ومن هنا تطرح اإلشكالية التالية :كيف نظم المشرع جريمة توزيع أرباح صورية؟
لإلجابة عن هذه اإلشكالية سيتم التطرق في الوحدة األولى إلى أركان جريمة توزيع
أرب اح ص ورية ليتم التع رض فيم ا بع د في الوح دة الثاني ة إلى زج ر جريم ة توزي ع أرب اح
صورية.
4
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
س عيا من المش رع اإللم ام بالعدي د من الج رائم ال تي ت دخل ض من المج ال التج اري
وخاص ة منه ا م ا ي دخل في إط ار مجل ة الش ركات التجاري ة ج رم العدي د من األفع ال ال تي
نج دها داخ ل مجل ة الش ركات التجاري ة في العدي د من فص ولها لكن م ا ي دخل في النط اق
الح الي ه و الفص ل 223منه ا وبالت الي وحس ب التمش ي التقلي دي لقي ام الجريم ة ف إن ه ذه
الجريم ة ت وفر رك نين لقيامه ا وهم ا ال ركن الم ادي (فق رة أولى) وال ركن المعن وي (فق رة
ثانية).
يمث ل ال ركن الم ادي 1للجريم ة في الفع ل أو الس لوك ال ذي يجرم ه الق انون الج زائي
وال ذي ي ترتب عن ه عقوب ة ه ذا كم ا يع رف الفقه اء ع ادة ال ركن الم ادي للجريم ة بأن ه فع ل
1
فرج القصير ،القانون الجنائي العام ،محاضرات بكلية الحقوق بسوسة مركز النشر الجامعي
5
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
االمتناع عن فعل جرمه القانون بما يجعل الجريمة تبرز إلى الوجود تامة كانت أو ناقصة
ومنه يمكن القول بأن الركن المادي بقي أساسا على عنصر السلوك اإلجرامي إال أن ه وفي
ه ذا اإلط ار الم ادي لجريم ة الح ال نج د خصوص ية 1تجع ل عملي ة التج ريم في ح د ذاته ا
متشعبة وتكون بذلك في غالب األحيان خارج إطار الشروط التقليدية لقيام الجريمة مثلما
نظمها المشرع صلب المجلة الجزائية وخصوصية هذه الجريمة تتمظهر أساسا في بدايتها
في الشروط الممتدة لقيام الجريمة التي أسس لها الفصل 223مجلة شركات تجاري ة لتنتق ل
من مرحلة ثانية إلى العناصر المستوعبة لقيام الركن المادي لها كامال وتمثلت أساسا هذه
الشروط الممهدة في األركان األولية لجريمة توزيع التي تخرج عن نطاق اعتماد جدول
إحص اء م دلس من قب ل أعض اء مجلس اإلدارة أو كالء التص رف لتق وم في حال ة وعملي ة
التوزي ع ألرب اح المس اهمين هك ذا تنتفي الجريم ة ح تى م ع وج ود الج دول أو تغ افلوا عن
اس تالمه ،ما لم يقوموا بتوزيع ففي ه ذه الصورة أي عن د غياب الج دول أو تدليسه ترتب ط
ص حة األرب اح الموزع ة بص حة الج دول وق د نص ت ج انب من الفق ه والقض اء إلى توس يع
مفهوم جدول اإلحصاء ليشمل كل عرض كامل للوضعية المالية للشركة يكون مقبول من
طرف الجلسة العامة للمساهمين إال أنه نتيجة التساع مفهوم جدول اإلحصاء وتماثله مع
الموازن ة أص بح من الن ادر عملي ا أن يتم توزي ع األرب اح في غي اب الج دول ذل ك أن غي اب
الج دول اإلحص اء م ع وج ود موازن ة ص حيحة ينفي قي ام الجريم ة وهن ا ج رم المش رع
التونسي هذا الفعل في إطار عملية التوزيع ذلك بعد أن تعرض في مرحلة أولى وفي إطار
1
أسماء الخليفي ،محاضرات في الشركات التجارية.
6
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
اإلدارة مط الب عن د ختم ك ل س نة إع داد الق وائم المالي ة لش ركة وب ذلك يتجس د فع ل ت دليس
ج دول اإلحص اء أك ثر ش يوعا على المس توى العملي .وق د أجم ع الفقه اء على أن الج دول
المدلس هو الذي يحتوي تضخيما لألصول وتنقيصا للخصوم نتيجة تدليس شاب تسجيل
عناصر الموازنة أو تحيينها ففي عملية التسجيل تتم عملية التدليس على المستوى التعديلي
ذل ك من خالل ع دم اح ترام التعدي د الط بيعي لك ل عنص ر وموقع ه ص لب موازن ة م ع ع دم
احترام مبدأ استقاللية للسنوات المالية لشركة مع احترام طريقة معينة في عملية التعداد أو
على المستوى الثاني فإن عملية التدليس في التسجيل تقوم على أساس التقييم ذلك أن هذه
العملية هي التي تحدد الوضعية المالية لشركته فمفهوم الربح الحقيقي هنا مرتبط بصحة
عملية التقييم وقد دعم نظام المحاسبة هذا للتوجه تكريسا منه لقاعدة التمثيل الوفي وقاعدة
الح ذر أي أن واجب عض و مجلس اإلدارة أو وكي ل التص رف ال ينحص ر في التس جيل أو
التقييم وإ نما ستسعى إلى تقدير عناصر الذمة المالية لشركة دون المساس باألصول سواء
بتضخيم أن التنقيص هذا ومع التنبه عند عملية تحيينها وتصحيحها والتي يشابها التدليس
وعدم الصحة وتحيين هنا يقوم على أساس تأثر العناصر الذمة المالية لشركة بالتغييرات
االقتص ادية والتط ورات التقني ة والعملي ة حيث تنقص قيمه ا ل ذلك وجب على المس يرين
مواكب ة ه ذه التغي يرات عن طري ق ص رح االس تهالكات أو عن د تك وين الم دخرات فتقني ة
تحدي د االس تهالكات من وس يلة لتحص يص ه دفها تحين للقيم المس جلة بالموازن ة وإ عطائه ا
قيمة حقيقية .والحفاظ على رأس المال وثباته .كما أكد الفقه والقضاء على ضرورة طرح
االس تهالكات ح تى في غي اب أرب اح محقق ة أم ا على مس توى الم دخرات هي أيض ا وس يلة
7
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
لتص حيح الموازن ة أو ج دول اإلحص اء يتم تكوينه ا لمواجه ة األعب اء والمخ اطر أو النقص
فإن عدم تكوين مدخرات المجابهة قد يؤدي إلى جعل الجدول اإلحصاء مدلس ومن
إال أن تكوين األرباح الصورية ال تعد نتيجة حتمية كافية من خال جدول اإلحصاء
الغائب او المدلس إذ اعتبر الفقه وفقه القضاء المقارن أن الربح صوري يأتي .....وإ ذا
مانع اقتطاعه من رأس مال الشركة أو من الذخر الظاهر في الموازنة أو الذخر الخفي.
واعتمد الفقه وفقه القضاء على مبدأ إثبات رأس المال لتحديد صورية األرب اح حيث
اعتبر كل توزيع لربح مقتطع من رأي المال هو ربح فرأس المال يجب أن يبقى ثابتا ألنه
يمث ل خ ط وق وف المثالي ة مرس وما ص لب األص ول الش ركة وح ول دائ رة القيم ة األولي ة
للمس اهمات دون تخص يص لقيم معين ة تتعم د الش ركة ب أن تس حب ه ذه األص ول في تل ك
الدائرة وهنا نستنتج أم مبدأ إثبات رأس المال ولئن اعتبر معيارا لتحديد صورية األرباح
يتسلط على المبالغ التي يتم دفعها من قبل المساهمين كتكملة لرأس المال لتغطية مصاريف
إصدار ألسهم أو لضمان المساواة بين المساهمين والذي أثار هذا اإلصدار جدا فقهيا الذي
اعتبر ذخرا الذي يجب توزيعه وفق شروط في حين اعتبر الذخر ربحا خارجا عن إطار
عالوة اإلص دار ل ذلك يجب التنص يص عن د توزيع ه عن أن حص ص األرب اح الموزع ة تم
8
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
كما أن قصور مبدأ إثبات رأس المال في بعض األحيان عند تحديد صورية األرباح
ال ينحصر في عالوة لإلصدار بل يتجاوز ذلك ليشمل الذخر الظاهر في الموازنة.
أم ا فيم يتعل ق من ال ذخر االحتي اطي في الموازن ة ،فإن ه يمث ل إم ا ذخ را قانوني ا أو
إتفاقي ا أو ذخ را خاص ا .وه ذا م ا مث ل ال ذخر الظ اهر ولق د ط رح ال ذخر الق انوني إش كاال
خاص ة عن دما ذهب المش رع لع دم وض ع ج زاء لتكوين ه وال ذي اعت بره الفق ه امت دادا ل رأس
أم ا بخص وص ال ذخر اإلتف اقي ،فلق د تب اينت اآلراء الفقهي ة حول ه .إذ ذهب ش ق أول
لحصر صورية األرباح التي تقطع من رأس المال للشركة ،وبالتالي تنتفي الجريمة لمجرد
وج وده ك اف يمكن من تغطي ة حص ص األرب اح الموزع ة .إال أن ه ذا التض ييق في مفه وم
الجريمة لم يعمر طويال ،إذا اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية في مفهوم الجريمة لم يعمر
ط ويال ،إذا اعت برت محكم ة التعقيب الفرنس ية في ق رار ص ادر بت اريخ 1937أن األرب اح
المقتطع ة من ال دخول تعت بر ص ورية طالم ا تأسس ت على ق رار الجلس ة العام ة لتوزي ع
األرب اح المس تندة على ج دول إحص اء م دلس وال ذي يؤس س على تع ارض بين األرب اح
إال أن هذا الرأي جوبه بالنقد باعتبار أنه ال يمثل جزءا من رأس المال كما يمكن
إسناده لألرباح ،ولعل كل هذه التجاذبات حول مفهوم األرباح الصورية ليس بغاية تجريم
ق رار الجلس ة العام ة وإ نم ا هدف ه زج ر المغالط ة ال تي يق ع فيه ا الغ ير ،وبالت الي ،ال يمكن
توزيع هذا الذخر الظاهر إال بعد احترام جملة من الشروط الحمائية للشركة وللغير .هذا
9
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
وقد طرح أيضا الذخر غير الظاهر كغيره من الذخر المذكور سابقا إشكاليات خاصة في
تمثيلية وعدم ظهوره صلب الموازنة بطريقة غير واضحة .ففي هذه الصورة هناك توزيع
لألرب اح ال يمكن اعتباره ا ص ورية لمج رد لم يظه ر خاص ة أنه ا ال تمس من مص الح
المساهمين في الشركة ،وهذا ما أكدته محكمة التعقيب الفرنسية .ذلك أن األرباح تكون في
حقيقته ا ناتج ة عن الس نة المالي ة ال تي يتم فيه ا التوزي ع وعلى أن يك ون ه ذا ال ربح موج ود
أخذ المشرع الفرنسي منحى آخر حيث اصبح يمنع بصفة غير مباشرة توزيع هذا
ال ذخر كأرب اح .ومن المؤك د أن توزي ع األرب اح المس تقبلية ه و توزي ع لألرب اح الص ورية
خاص ة قب ل القي ام بحس ابات الش ركة ،إال أن مكافئ ة أعض اء مجلس اإلدارة المقتطع ة من
النفقات العامة للشركة ال تمثل جريمة توزيع أرباح صورية العتبارها قائمة على مبدأ أن
عملية التوزيع تتم لفائدة المساهمين ال غير .وتجاوزا لهذه الشروط األولية والتي تقتضي
في جوهره ا ت وفر ال ركن الم ادي المس توعب له ا والمرتك ز أساس ا على ض رورة ت وفر
الص فة القانوني ة في الق ائم بفع ل التوزي ع ه ذا م ع الض رر ال ذي س يحققه في ح ق الش ركة
والمساهمين والغير.
ولئن اعت بر التوزي ع كفع ل م ادي يجب أن تتم مباش رته من األش خاص ال ذيم ح ددهم
المشرع حصرا بالفصل 223من مجلة الشركات التجارية ،أما إذا كانت الشركة وعمال
بأحك ام الفص ل 257من المجل ة الم ذكورة له ا هيئ ة إداري ة جماعي ة أو رقابي ة ،فله ا أن
يس ائلوا وفق ا للمس ؤولية القانوني ة ،وه و م ا يع د توس يعا للمش رع التونس ي في تحدي د
10
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
لألشخاص المسؤولين عن هذه الجريمة ،كما قد طرح إشكال هنا أو تساؤل حول الشخص
المعن وي وال ذي ق د أك د أيض ا من خالل م ا تض منته مجل ة الش ركات التجاري ة أن ه ذا
الشخص المعنوي سيكون ممثال عند توليها لإلدارة بشخص مادي يقوم مقامها ،فإنه يمكن
الق ول أن ه س يتم مس ائلته باعتب اره وكيال عنه ا ،ه ذا م ع ض رورية توزي ع م ادي لألرب اح
المعتبرة صورية والتي تمر عادو بعدة مراحل قبل أن يتم تسليمها للمستحق بصفة فعلية.
ذلك بالنسبة وعلى أساس الفصل 201بالنسبة للشركات خفية اإلسم ،أو وكالء التصرف
بالنس بة للش ركات ذات المس ؤولية المح دودة (فص ل )212ال ذين يق ترحون توزي ع األرب اح
والتي تتم المصادقة عليهم الجمعية العامة مع تحديد التاريخ الذي سيتم فيه المصادقة عليهم
الجمعية العامة مع تحديد التاريخ الذي سيتم فيه عملية التوزيع .ولئن طرح فعل التوزيع،
فاعتبر الفقه أن العملية تتم من لحظة وضع الموازنة ذلك وفق فقه القضاء الفرنسي والذي
جوبه بدوره بالنقد تأسيسا على أنه ال يمكن معاقبة شخص على فعل احتمالي باعتبار أن
األرب اح ال يمكن أخ ذها إال من ت اريخ المص ادقة ذل ك أن ه من دون مص ادقة عليه ا ال يمكن
حديث عن وجود أرباح أصال ،إال أن هذا الرأي أيضا لم يسلم بدوره في النقد ،ذلك أن في
بع د المص ادقة على توزي ع األرب اح ،ال يمكن الح ديث عن قي ام فع ل التوزي ع بح د ذات ه ،إذ
يمكن لهم العدول عن التوزيع إذا اكتشفوا صورية األرباح ،وبالتالي ال يمكن الحديث عن
قيام الجريمة.
إذن ،ف الرأي الس ائد والغ الب هن ا ،أن الجريم ة ال تق وم إال بتحدي د ت اريخ توزي ع
األرب اح ،ه ذا بالنس بة للمش رع الفرنس ي ،إال أن ه ذا ال رأي يمكن اعتم اده في الق انون
11
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
التونسي لو اعتمدنا الصيغة الفرنسية للفصل ،إال أنه باستعمال كلمة "التوزيع" والتي بقي
ه ذا ولم يس لم ه ذا التوج ه في النق د ،ذل ك أن ه من الج دير اعتب ار أن توزي ع األرب اح
يعتبر محققا عندما يتم تحديد األرباح وتخصيص المساهمين أو المشاركين الذين يكتسبون
حقا نهائيا عليها ،وإ ال ارتبط تجريم هذا الفعل ارتكبه شخص بإرادة شخص آخر ،كما أنه
ال يمكن تحديد تاريخ التوزيع دون ضبط صورة التوزيع وطريقته.
كم ا أن ه يمكن للجريم ة أن تق وم ح تى بالنس بة لعملي ة توزي ع التس بقات أو األرب اح
المستقبلية دون وجود موازنة مع غياب جدول إحصاء أو تدليسه هذا وكنظيره الفرنسي،
هذا وقد اعتبر الفقه أيضا أن توزيع األرباح الموسمية تؤسس لقيام الجريمة ،ذلك
أن المسؤول عن التوزيع عليه أن يأخذ جميع االحتياطات الالزمة لتفادي خسارة الشركة
في مرحلة الحقة ،إال أن وجود الضرر يبقى مفترضا خاصة بالرجوع إلى الغاية التي قام
المشرع على أساسها بالتجريم خاصة وأن هدفها األساسي يتمثل في حماية الشركة وعدم
استنزاف أموالها .وبالتالي ،قد حدد المشرع األفعال التي تؤدي الرتكابها إلى قيام جريمة
توزي ع أرب اح ص ورية ال تي ال تظه ر إال إذا باش ر أعض اء مجلس اإلدارة بتوزيعه ا في
غياب جدول إحصاء أو جدول مدلس ،وبالتالي في صورة غياب األركان األولية ،ال يمكن
12
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
وس يلة وأداة للحص ول على األرب اح الص ورية وتوزيعه ا ،فإن ه وعلى ه ذا األس اس تنتفي
الجريمة بصفة الجدول .غير أنه وفي كل الحاالت فإن الجريمة ال تقوم إال من ثبت تقدم
أعض اء مجلس اإلدارة توزي ع األرب اح ،وه و م ا يحيلن ا إلى ني ة األعض اء في تحقي ق ذل ك
ال تخلو أي جريمة سواء كانت سلبية أو إيجابية من أركانها الثالثة التي ال تقوم إال
بت وفرهم ولكن ب الرغم من ع دم اش تراط المش رع للقص د الج زائي ص لب الفص ل 223من
مجلة الشركات التجارية يجدر بنا التساؤل حول ما إذا كانت جريمة توزيع أرباح صورية
جريمة مادة تقوم بتوفر ركنها المادي أي فعل توزيع ارباح صورية على المساهمين في
غي اب ج دول إحص اء أو اعتن اء على ج دول إحص اء م دلس وذل ك دون البحث عن ت وفر
القصد الجزائي من عدمه بيد أن هذا الرأي يتعارض مع القواعد العامة للقانون الجزائي.
فب العودة للق انون الج زائي وم ا يحتوي ه من قواع د عام ة تس ري على الج رائم
والعقوبات فإننا نلمح أن القصد الجزائي يمثل األساس األول للمسؤولية الجزائية فاألصل
في الجريمة أن تكون قصدية وقد جاء بالفصل 37من المجلة الجزائية أنه ال يعاقب أحد
إال بفعل ارتكب قصدا عدا الصور المقررة بوجه خاص بالقانون وهو ما يعني أن الجريمة
ال تك ون مادي ة إال إذا نص المش رع ص راحة على ذل ك وفي غي اب ه ذا التنص يص تبقى
الجريمة قصدية.
13
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
وهن ا يمكن أن يستش ف الط ابع القص دي لجريم ة توزي ع أرب اح ص ورية ذل ك أن
المش رع نص على غي اب قائم ة اإلحص اء مم ا يفهم أن المس يرين ال ذين يتول ون توزي ع
األرب اح في غي اب قائم ة إحص اء وجوبي ة اإلع داد تك ون نيتهم متجه ة نح و إخف اء عملهم
اإلج رامي أم ا إذا تم توزي ع أرب اح ص ورية إس تنادا على قائم ة إحص اء مدلس ة ف إن القص د
الجزائي يكون مفترضا لئن الوكالء وأعضاء مجلس اإلدارة يتوفر لديهم قصد القيام بالفع ل
اإلج رامي وفع ل الت دليس في ح د ذات ه يس توجب فعال إيجابي ا وه و جريم ة قص دية مس تقلة
وف ق الفص ل 172م.ج ومن جه ة أخ رى ف إن اس تعمال المش رع للف ظ أرب اح ص ورية ال
من اص في أن ه م راده ت وفر القص د الج زائي ألن الص ورية عي إخف اء الوض عية الحقيقي ة
للش ركة واتجاه قص د الجن اة إلى توزي ع أرب اح على أنه ا حقيقي ة في حين انه ا غ ير مت وفرة
وغ ير كافي ة لتغطي ة حص ص األرب اح الموزع ة وب الرغم من أهمي ة ال ركن المعن وي في
جريمة توزيع أرباح صورية وزمنية الفعل ألن التوزيع يتم في أطر زمنية متفرقة يصعب
من خالله ا التحدي د الحص ري لس وء ني ة الوكي ل أو أعض اء مجلس اإلدارة خصوص ا وأن
ه ذا الفع ل إن ك ان قص ديا سيض ر حتم ا بمص لحة الش ركة ومص لحة المس اهمين ومص لحة
الغير حسن النية وب العودة إلى القواعد العامة للقانون الجزائي نجد أن المشرع لم يعرف
القصد الجزائي وترك ذلك للفقه وخاصة فقه القضاء الذي فرق بين القصد الجزائي العام
الذي هو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل إجرامي رغم علمه بذلك الفعل وهو ما نجده
ص لب عدي د الق رارات التعقيبي ة منه ا الق رار التعقي بي ع دد 18412بت اريخ 30أفري ل
1986والذي جاء فيه أن القصد الجنائي هو انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل مع
14
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
لكن ت وفر القص د الجن ائي الع ام بمف رده غ ير ك اف إذ يف ترض أيض ا ت وفر عنص ر
القص د الج زائي الخ اص وه و لإلس تيالء على أم وال الش ركة بغاي ة امتالكه ا واإلض رار
بالمتعاملين معها خصوصا وأن القائمين على الشركة باعتبارهم تجارا محترفين ملتزمين
بالحفاظ على رأس المال الشركة مع العلم أن أي عملية التوزيع ال يجب في كل الحاالت
أن يتم اقتطاعها من رأس مال الشركة الذي بحكمه مبدأ الثبات والذي ينفصل بدوره عن
الذم ة المالي ة للش ركاء او للمس اهمين وت برز أك ثر خصوص ية ال ركن المعن وي في تق دير
سوئ نية المساهمين إما من خالل تقديم موازنة وهمية أو جدول بيانات غائبة الجياد عن
الوض عية الدقيق ة للش ركة أو الني ة المتجه ة إلى توزي ع أرب اح ص ورية للمس من الوض عية
المالية للشركة وكذلك في الوضعية القانونية للشركة خاصة وأن للدائنين حق يسمى الرف اع
يض منه رأس م ال الش ركة وقرين ة س وء الني ة ب الرغم من أن المش رع تط رق له ا بالفص ل
للواقع.
سمعتها.
فب الرغم من التأكي د عن عنص ر س وء الني ة إال أن للقاض ي الس لطة التق ديري لتحدي د
سوء النية وفق ما نصت عليها محكمة التعقيب خصوصا مع ما تقتضيه المادة االقتصادية
15
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
لكن اإلش كال يتبل ور تحدي دا في م دى اكتف اء القاض ي بعملي ة توزي ع أرب اح ص ورية
لإلثب ات القص د الجن ائي أم علي ه ان يستش فها ع بر الف ترة الفاص لة بين ع دم إع داد موازن ة
وفق المقتضيات القانونية وضمن المدة الزمنية الواجب إعدادها وبيم مباشرة عملية توزيع
األرباح أم عليه أن يعتبر أن القيام بفعل التوزيع دون وجود هذه القائمة كاف لوحدة القصد
الجنائي الخاص.
ه ذا م ا ي دفع الج زائي لإلعم ال وجدان ه الخ الص باعتب ار أن القض اء في الم ادة
خالل دراسته مختلف المراحل التي مرت بها عملية توزيع األرباح الصورية.
16
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
ولئن ح دد المش رع في الفص ل 223م.ش.ت ال ركن الم ادي للجريم ة إال أن ه ح دد
أيضا قائمة األشخاص المعنيين بارتكاب هذه األفعال المجرمة وذلك بصفة حصرية (فقرة
نص المش رع ص لب الفص الن 86و 169من المجل ة التجاري ة األش خاص ال ذين
يمكن تتبعهم من اجل ارتكابهم جريمة توزيع أرباح صورية والمتمثلين في أعضاء مجلس
اإلدارة مس ؤولين في إط ار الش ركة خفي ة اإلسم 1أم ا في إط ار ش ركة المعارض ة باألس هم
والش ركة ذات المس ؤولية المح دودة فإن ه ال يمكن مس اءلة إال وكالء التص رف وباعتب ار أن
المشرع لم يشترط أن يكون أعضاء مجلس اإلدارة أو وكالء التصرف أشخاص طبيعيين
فغنه يمكن أن يكونوا أشخاصا معنويين وإ ن كان من المسلم به اإلقرار بمسؤولية الشخص
نوفمبر 2000تغيرت مالمح تجريم توزيع أرباح صورية والتي نص عليها الفصل 223
" -1أعضاء مجلس اإلدارة الذين بدون إعداد قائمة لإلحصاء أو باستعمال قائمات
17
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
أرب اح نش ر موازي ة غ ير مطابق ة للواق ع إلخض اع الحال ة الحقيقي ة للش ركة او يعتم دون
تقديمها للمساهمين"...
إذن وانطالقا من هذا الفصل يمكن أن نستنتج أن جريمة أرباح صورية ال يمكن أن
وق د اتج ه بعض الفقه اء إلى تص نيفها ض من الج رائم "ذوي الص فة" 2وذل ك أن ص فة
اإلئتم ان ال تي منحت إمتي ازا لبعض األش خاص داخ ل الش ركات التجاري ة يمكنه ا أن تمث ل
سببا لتحميلهم المسؤولية إذا ما تالعبوا بأموال الشركة وخانوا األمانة والثقة التي أنبطت
بعهدتهم.
وتجدر اإلشارة هنا إلى أن غاية المشرع من تحديد األشخاص المعنيين بالمؤاخذة
بص فة حص رية هي محاول ة دفعهم لتحقي ق أك ثر نجاع ة وفاعلي ة وذل ك من خالل تج ريم
األفعال التي من شأنها المساس بالشركات وسير نظامها على غرار توزيع أرباح صورية.
إال أن ه ذا التط بيق في األش خاص يمكن البعض من ارتك اب ه ذه الجريم ة حيث أن ه ذا
النص ال يمكن أن ينطب ق فعلي ا على أش خاص يس يرون الش ركة ويس تترون وراء أش خاص
صوريين ليس لهم أي نفوذ وهي ظاهرة منتشرة في الواقع إلى جانب أن الفصل 223من
1سماح مغران ،حماية المساهم في ش,ركة المس,اهمة ،م,ذكرة لني,ل ش,هادة ماجس,تير أك,اديمي ،كلي,ة الحق,وق والعل,وم السياس,ية ،الجزائ,ر -2016
،2017ص17
2حاتم معتوق ,،مرجع سابق
18
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
م.ش.ت لم يتط رق إلى مس ألة مؤاخ ذة الش خص المعن وي ليبقى مس ؤوال بالتض امن فحسب
مع ممثله القانوني الذي يمكن أن يكون أداة لتحقيق الفعل اإلجرامي لفائدة الذات المعنوية
ال تي تنتف ع من الجريمة 1وأم ا إذا ك انت الش ركة وعمال بالفص ل 257م.ش.ت له ا هيئ ة
إدارة جماعي ة وهيئ ة مراقب ة فإنهم ا يكون ان مس ؤوالن وف ق المس ؤولية القانوني ة للش ركة
للرئيس المدير العام والمدير العام وأعضاء مجلس اإلدارة وقد جاء بالفص ل 257م.ش.ت
أن ه "تنطب ق العقوب ات المنص وص عليه ا به ذه المجل ة بالنس بة إلى ال رئيس الم دير الع ام
والم دير الع ام وأعض اء مجلس اإلدارة ك ل حس ب ص الحياته الخاص ة على أعض اء هيئ ة
اإلدارة الجماعية وأعضاء مجلس المراقبة للشركات خفية اإلسم الخاضعة ألحكام 224و
الجريمة وذلك حتى يحقق الزجر الجزائي الذي هو غاية كل تجريم وحتى ال يتمكن أي
شخص ساهم في عملية توزيع األرباح من التنصل من فعله بمجرد انتفاء الصفة الحصرية
كما أن ما يثير التساؤل هنا هو الصورة التي تكون فيها هيئة اإلدارية مشتملة على
الش ركات التجاري ة على ض رورة أن تك ون ممثل ة عن توليه ا لإلدارة بش خص م ادي يق وم
مقامها فإنه يمكن القول أن هذا الشخص باعتباره وكيال عنها هو الذي يجب مساءلته.
1
توفيق المشرقي ،الربح في الشركات التجارية ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق ،ص.136
19
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
يعت بر العق اب الج زائي من أهم الخص ائص ال تي تم يز الم ادة الجزائي ة باعتب ار أن ه
بدونه ال يمكن الحديث عن وجود جريمة ،إذ أن الجدوى من التجريم ال تتحقق إال بتسليك
عقاب ناجع على كل من اقترف الجريمة وذلك بمراعات طبيعة كل جريمة وخصوصيتها.
وق د نص الفص ل 223من مجل ة الش ركات التجاري ة على معاقب ة "أعض اء مجلس
اإلدارة" الذين قاموا بتوزيع أرباح صورية "بالسجن مدة ال تقل عن عام واحد وال تتجاوز
الخمسة أع وام وبخطي ة من ألفين إلى عش رة آالف دين ار أو بإح دى العقوب تين فق ط" كم ا
يخض ع إلى نفس العقوب ة ض رورة ك ل من ش ارك في ارتك اب الجريم ة باعتب ار أن أحك ام
إذن وانطالقا من المدة المحددة صلب الفصل فجريمة توزيع أرباح صورية تعتبر
جنحة ،بالتالي فان المحاولة فيها غير موجبة للعقاب طبقا لما أقره المشرع بالفصل 59
من المجلة الجزائية الذي ينص على أن "كل محاولة الرتكاب جريمة يعاقب مرتكبها
بالعقاب المقرر للجريمة نفسها إذا كان تعطيلها أو عدم حصول القصد منها مسببا عن
أمور خارجة عن ارادة فاعل الجريمة لكن ال يترتب على المحاولة عقاب في كل الصور
التي ال توجب الجريمة فيها السجن أكثر من خمسة أعوام إال إذا نص القانون على خالفه".
وتخض ع جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية الى قواع د التق ادم ال واردة ص لب الفص ل
الرابع من مجلة اإلجراءات الجزائية أي بموت المتهم ،بمرور الزمن ،بالعفو العام وبنسخ
20
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
النص الج زائي أم ا بالنس بة النق راض ال دعوى العمومي ة وباعتباره ا جنح ة فإنه ا تس قط
بم رور ثالث س نوات طبق ا للفص ل 5من مجل ة اإلج راءات الجزائي ة ( ...وبم رور ثالث ة
غير أن هذا الجزاء صلب جريمة توزيع أرباح صورية يثير العديد من اإلشكاليات
إن ما يمكن التأكيد عليه أن هذا اإلشكال قد طرح من منطلق أن نفس األفعال التي
يمكن اعتب ار ه ا من قبي ل جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية يمكن أن ينطب ق عليه ا النص
الجزائي العام الذي هو الفصل 297من المجلة الجنائية المتعلق بجريمة خيانة مؤتمن.
لحل هذا المشكل تولى جانب من الفقه االعتماد على نظرية الخاص يقدم على العام
وذل ك بإعم ال الفص ل 534من مجل ة االلتزام ات والعق ود ال ذي نص على أن ه "إذا خص
وبالت الي م ا دام المش رع التونس ي ق د خص جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية بنص
خ اص ص لب مجل ة الش ركات التجاري ة فإن ه تبع ا ل ذلك يعت بر الفص ل 297من الق انون
الجن ائي نص ا عام ا يجب أن يس تبعد عن د التج ريم خاص ة أن التج ريم ال وارد ص لب مجل ة
الشركات التجارية جاء من حيث الزمن بعد التجريم الوارد صلب المجلة الجنائية بما يمكن
مع ه الق ول أن النص اللاح ق في ال زمن ه و ال ذي يأخ ذ مكان ه في التط بيق مك ان النص
السابق له في الزمن.
21
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
غير أن هذا الرأي على رجاحته وإ ن وجد له مبررا صلب قواعد القانون العام إال
أننا ال نجد له مرتكزا قانونيا صلب المجلة الجزائية باعتبار أن المشرع التونسي اقتصر
على تطبيق قاعدة التوارد في صورة تعدد النصوص القانونية وذلك صلب الفصل 54من
المجلة الجزائية الذي نص على أنه "إذا تكون من الفعل الواحد عدة جرائم فالعقاب المقرر
وإ ذا ما تولينا تطبيق هذه القاعدة فإننا نقوم تبعا لذلك باإلفراغ الكلي لمحتوى قواعد
التجريم صلب مجلة الشركات التجارية باعتبار أن الفصل 297من المجلة الجزائية هو
إنشائها في آليات القانون الجنائي االقتصادي سوف تفقد أسباب وجودها األعمال التجارية
عبر وضع خاصة أن هذا القانون قد راعى خصوصية المجال االقتصادي المبني أساسا
على المال وبالتالي فإن طبيعته هذه تقتضي أن يكون العقاب المالي أهم من العقاب السالب
للحرية.
يخ رج الجريم ة من دائ رة الجنح ة ال تي كرس تها عقوب ة الفص ل 223من مجل ة الش ركات
التجاري ة نح و الح ديث عن جناي ة ب النظر إلى العقوب ة المق ررة ب الفقرة الثاني ة أي بعش رة
أع وام باعتب ار أن الفص ل 54من المجل ة الجزائي ة يف رض على القاض ي اعتم اد العقوب ة
22
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
ويتجه التساؤل حول نجاعة العقوبة المقررة لجريمة توزيع أرباح صورية وحول
إن العقوبة في إطار جريمة األرباح الصورية رغم صرامتها ال توفر الردع الناجع
فالفائ دة المرج وة من إيق اع العق اب على الج اني لم تخ دم في ش يء غاي ات الق انون الج زائي
والتنكيل به بل إلى محاولة إصالحه كذا األمر بالنسبة للقانون الجنائي للشركات.
كم ا أن المش رع التونس ي م ع حرص ه على ص رامة العقوب ة وال ردع أهم ل ج انب
الوقاية من جريمة توزيع أرباح صورية ،حيث أنه ال يوجد في التشريع التجاري التونسي
نص يمن ع ك ل ش خص أدين من أج ل جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية من ح ق التس يير أو
التصرف أو مراقبة شركة أخرى مما قد يمثل خطرا على االقتصاد بصورة عامة.
ش ركة أخ رى إذا م ا تمت إدانت ه من أج ل جريم ة تحي ل أو أي جريم ة أخرى يعاقب عليها
بعقوبة التحيل .كم ا نص على أن ه ال يمكن لمن حكم علي ه بالس جن أك ثر من ثالث ة أش هر
23
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
إضافة إلى ذلك لم ينص المشرع التونسي على إمكانية تسليط عقوبات تكميلية
وبالتالي ال يمكن للقاضي التصريح بها احتراما لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إذ لو أراد
المشرع اعتمادها لنص صراحة على إمكانية الحكم بها .وهو ما يؤكد التوجه الذي اتخذه
المشرع التونسي والذي يبدو أكثر وفاء للقانون الجنائي التقليدي من وفائه لخصوصية
24
بحث جزائي جريمة توزيع أرباح صورية
دولي
ق'ا'ئ'م'ة' ال'مر'اج'ع'
ف رج القص ير ،الق انون الجن ائي الع ام ،محاض رات بكلي ة الحق وق بسوس ة مرك ز
النشر الجامعي.
ح اتم معت وق ،جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية ،م ذكرة ،كلي ة الحق وق والعل وم
سماح مغران ،حماية المساهم في شركة المساهمة ،مذكرة لنيل شهادة ماجستير
توفيق المشرقي ،الربح في الشركات التجارية ،رسالة لنيل شهادة الماجستير في
الحقوق.
25