You are on page 1of 28

‫جامعة تونس املنار‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس‬

‫بحث بعنوان ‪:‬‬

‫جريمة توزيع أرباح صورية‬

‫تحت إشراف األستاذ‬ ‫إعداد الطلبة‬


‫عبد هللا أحمدي‬ ‫عمر أبيزدي‬
‫أسامة الحاج عثمان‬
‫مروى الرياحي‬

‫السنة الجامعية ‪2020-2019 :‬‬

‫ا'لم'خ'ط'ط' ال'ع'ا'م'‬
‫الجزء األول ‪ :‬أركان جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'أل'و'ل'ى'‪ ':‬ا'ل'ر'ك'ن' ا'ل'م'ا'د'ي'‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'ل'ث'ا'ن'ي'ة' ‪ ':‬ا'ل'ر'ك'ن' ا'ل'م'ع'ن'و'ي' ل'ج'ر'ي'م'ة' ت'و'ز'ي'ع' أ'ر'ب'ا'ح' ص'و'ر'ي'ة'‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬زجر جريمة توزيع أرباح صورية‬


‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'أل'و'ل'ى' ‪ ':‬ا'أل'ش'خ'اص' ا'ل'م'ع'ن'ي'ي'ن' ب'ا'ل'ت'ج'ر'ي'م'‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'ل'ث'ا'ن'ي'ة' ‪ ':‬ا'ل'ع'ق'ا'ب' ا'ل'ج'ز'ا'ئ'ي' ل'ج'ر'ي'م'ة' ت'و'ز'ي'ع' أ'ر'ب'ا'ح' ص'و'ر'ي'ة'‬


‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫ا'لم'ق'د'مة'‬

‫إن أهمي ة الش ركات التجاري ة تت أنى من ق درتها على اس تقطاب رؤوس أم وال فخم ة‬

‫وخل ف م واطن ش غل عدي دة باعتباره ا أص بحت تمث ل الن واة ال تي تك ون م ا يس مى الي وم‬

‫باقتصاد السوق وهو ما أدى إلى تحولها من مجرد هيكل اقتصادي يهم المساهمين فيه فقط‬

‫إلى عنص ر من عناص ر ق وة االقتص اد ال تي يجب المحافظ ة عليه ا ودعمه ا من خالل‬

‫السياس ة التش ريعية المعتم دة وال تي تس عال لتنظيم وحماي ة ه ذه الش ركات ع بر جمل ة من‬

‫القواع د ال تي تهم تكوينه ا وتس ييرها وك ذلك حله ا‪ .‬ومن األس اليب ال تي اعتم دها المش رع‬

‫لتكريس هذه الحماية تكريس للشركة إستقاللية عن المساهمين بإكسابها للشخصية القانونية‬

‫إذ أصبح لها ذمة مالية منفصلة عن ذمم المساهمين فيها تتمثل فيما للشركة من حقوق وما‬

‫عليه ا من إلتزام ات لكن ه ذه الشخص ية تظ ل اعتباري ة نظ را لع دم ق درتها علم ا التس يير‬

‫وال دفاع عن مص الحها ل ذلك ك ان من الض روري أن تلج أ إلى أش خاص طبيع يين يتول ون‬

‫التصرف باسمها وتسييرها مع الحفاظ على مصلحتين ‪ :‬مصلحة الشركة باألساس من جهة‬

‫والمتمثل ة في المحافظ ة على إمكانياته ا المالي ة واس تمرار وجوده ا ومص لحة الش ركاء‬

‫والمتمثلة في األرباح المأمولة من وراء تأسيسها من جهة أخرى فالربح على هذا المعنى‬

‫هو السبب في عقد الشركة الذي يسعى المشرع إلى الحفاظ عليه من كل التدخالت التي قد‬

‫تؤدي إلى التالعب به ويعد الزجر الذي تعمد إليه أغلب التشريعات عبر آلية التجريم من‬

‫أهم الوس ائل ال تي تملكه ا الس لطة التش ريعية للض رب على أي دي الع ابثين وفي ه ذا الس ياق‬

‫اتج ه المش رع التونس ي إلى حماي ة الذم ة المالي ة للش ركة باعتباره ا وس يلة تموي ل من جه ة‬

‫‪1‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫والضمان العام لدائنيها من جهة أخرى وتتجلى هذه الحماية باألساس من خالل زجر كل‬

‫فعل يؤدي إلى المساس بالذمة المالية للشركة شأن فعل توزيع أرباح صورية الناتج عن‬

‫اس تغالل البعض من مس يري الش ركات الس لطات والص الحيات المخول ة لهم لخدم ة‬

‫أغراضهم الخاصة خصوصا وأنهم يتمتعون بقدرات وآليات تمكنهم من مغالطة المساهمين‬

‫والدائنين والغير مما يجعل الشركة أداة طيعة لممارسة نشاطاتهم اإلحتيالية‪ .‬وبما أنه من‬

‫الثابت أن رأس المال يعد الجزء األهم في الذمة المالية للشركة فلقد خصه بحماية مستقلة‬

‫إزاء المسير من خالل تجريمه كل توزيع ألرباح صورية وقد تولى المشرع هذا التجريم‬

‫بص فة ص ريحة صلب الفصل ‪ 223‬م‪.‬ش‪.‬ت إال أن ه تجدر اإلشارة أن ميدان ه ذا التجريم‬

‫مب دئيا يتعل ق إال بالش ركات خفي ة اإلسم ب النظر إلى تموقع الفص ل الم ذكور ص لب المجل ة‪،‬‬

‫فهو يرد صلب الفرع الثالث من العنوان األول في الكتاب الرابع والمتعلق بــ"تسيير وإ دارة‬

‫الشركة خفية اإلسم"‪ .‬ولعل ما يمكن اإلشارة إليه في هذا اإلطار هو أن المشرع التونسي‬

‫ك ان يعتم د التج ريم باإلحال ة بالنس بة لبقي ة الش ركات التجاري ة بالمجل ة التجاري ة قب ل س نة‬

‫‪ 2000‬أي تاريخ صدور م‪.‬ش‪.‬ت في الفصول ‪ 145‬و‪ 146‬منها وهو ما حافظ عليه أيضا‬

‫في م‪.‬ش‪.‬ت في الفصل ‪ .391‬ويعود حصر المشرع لمجال تجريم توزيع أرباح صورية‬

‫في شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة إلى اشتراكهم في خاصية تتمث ل‬

‫في قصر مسؤولية المساهمين والشركاء في حدود ما ساهموا به‪ .‬لذلك حمى المشرع هذه‬

‫الذمة المالية بتجريم كل إفراغ غير مشروع لها عن طريق توزيع أرباح صورية‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫وق د ت ولى المش رع تعري ف ال ربح الص وري ص لب الفص ل ‪ 289‬م‪.‬ش‪.‬ت "يعت بر‬

‫ص وريا ك ل توزي ع للم رابيح يتم خالف ا لألحك ام الم ذكورة أعاله"‪ .‬وب العودة إلى أحك ام‬

‫الفصلين ‪ 287‬و‪ 288‬م‪.‬ش‪.‬ت نجد أن المشرع تعرض للربح الصافي القابل للتوزيع في‬

‫نط اق الفص ل ‪ 287‬دون تعري ف مفه وم ال ربح الص افي خالف ا لم ا ك ان منص وص علي ه‬

‫بالم‪.‬ت في الفصل ‪ 19‬الذي عرف الربح على أنه "القدر الزائد من الشركة على ما بذمتها‬

‫بإدخال رأس مال شركة في ضمن الديون المترتبة عليها منذ نهاية السنة"‪.‬‬

‫كم ا ع رف ال ربح الفص ل ‪ 5-76‬م‪.‬ت س ابقا والمتعل ق بالش ركات خفي ة اإلس م أن ه‬

‫"عبارة عن المبالغ الصافي التي استقرت عليها الميزانية السنوية بعد طرح النفقات على‬

‫اختالف أنواعها وغيرها من الحقوق المطلوبة من الشركة والمقادير المخصصة الستيعاب‬

‫رأس الم ال وم ا يقتط ع لمجابه ة الخس ائر التجاري ة أو الص ناعية"‪ .‬ف الربح من مجم ل ه ذه‬

‫التعاريف يتمثل في فائض قيمة األصول على قيمة الخصوم الحقيقية‪.‬‬

‫ولتحدي د قيم ة األص ول والخص وم ك ان من الض روري اللج وء إلى نظ ام المحاس بة‬

‫للمؤسسات ومجلة الضريبة لتحديد الربح الحقيقي وإ لزام الشركات التجارية بمسك محاسبة‬

‫ليتم عن طريقها تحديد ما للشركة من عائدات وما عليها من نفقات‪ .‬وتتميز جريمة توزيع‬

‫أرب اح ص ورية عن جريم ة التعس ف في اس تعمال مكاس ب الش ركة ال واردة بنفس الفص ل‬

‫باعتبار أن هذه األخيرة تشمل بالحماية كل عناصر الذمة المالية للشركة وكذلك سمعتها‪،‬‬

‫في حين أن جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية تقتص ر مب دئيا على حماي ة رأس م ال الش ركة‬

‫‪3‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫وه ذا التخص يص في الجريم ة فرض ته خطورت ه الجريم ة باعتب اره وح دة اقتص ادية ل ذلك‬

‫تزايد اهتمام التشريع بها‪.‬‬

‫فالمشرع التونسي بعد أن كان يعاقب فعل توزيع أرباح صورية معتبرا إياه صورة‬

‫من صور خيانة األمانة سعى إلى إفراد هذا الفعل بتشريع خاص يجرمه وذلك نظرا لعدم‬

‫توافق القانون الجزائي التقليدي مع النشاط التجاري حيث جرم فعل توزيع أرباح صورية‬

‫في إط ار المجل ة الجزائي ة باعتباره ا ص ورة من ص ور جريم ة خيان ة األمان ة وجرمه ا‬

‫بصورة خاصة ومستقلة في م‪.‬ش‪.‬ت‪.‬‬

‫يكتسي تجريم توزيع أرباح صورية أهمية بالغة تظهر في الطابع الحمائي من وراء‬

‫هذا التجريم إذ أن هدف المشرع حماية الشركة بدرجة أولى من خالل منع المسيرين من‬

‫أعض اء مجلس اإلدارة ووكالء التصرف من توزيع أرباح لم يتم تحقيقها خاصة أن هناك‬

‫ش ريحة واس عة من الم دخرين ع ادة م ا تهتم بنس بة األرب اح المعلن عنه ا دون اإلهتم ام‬

‫بالوثائق المحاسبية وما تتضمنه من معلومات حول وضعية الشركة‪.‬‬

‫ومن هنا تطرح اإلشكالية التالية ‪ :‬كيف نظم المشرع جريمة توزيع أرباح صورية؟‬

‫لإلجابة عن هذه اإلشكالية سيتم التطرق في الوحدة األولى إلى أركان جريمة توزيع‬

‫أرب اح ص ورية ليتم التع رض فيم ا بع د في الوح دة الثاني ة إلى زج ر جريم ة توزي ع أرب اح‬

‫صورية‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫الجزء األول ‪ :‬أركان جريمة توزيع أرباح صورية‬

‫س عيا من المش رع اإللم ام بالعدي د من الج رائم ال تي ت دخل ض من المج ال التج اري‬

‫وخاص ة منه ا م ا ي دخل في إط ار مجل ة الش ركات التجاري ة ج رم العدي د من األفع ال ال تي‬

‫نج دها داخ ل مجل ة الش ركات التجاري ة في العدي د من فص ولها لكن م ا ي دخل في النط اق‬

‫الح الي ه و الفص ل ‪ 223‬منه ا وبالت الي وحس ب التمش ي التقلي دي لقي ام الجريم ة ف إن ه ذه‬

‫الجريم ة ت وفر رك نين لقيامه ا وهم ا ال ركن الم ادي (فق رة أولى) وال ركن المعن وي (فق رة‬

‫ثانية)‪.‬‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'أل'و'ل'ى'‪ ':‬ا'ل'ر'ك'ن' ا'ل'م'ا'د'ي'‬

‫يمث ل ال ركن الم ادي‪ 1‬للجريم ة في الفع ل أو الس لوك ال ذي يجرم ه الق انون الج زائي‬

‫وال ذي ي ترتب عن ه عقوب ة ه ذا كم ا يع رف الفقه اء ع ادة ال ركن الم ادي للجريم ة بأن ه فع ل‬

‫ظ اهري ي برز الجريم ة ويعطيه ا وجوده ا وكيانه ا في الخ ارج أو وق وع فع ل أو ح تى‬

‫‪1‬‬
‫فرج القصير‪ ،‬القانون الجنائي العام‪ ،‬محاضرات بكلية الحقوق بسوسة مركز النشر الجامعي‬

‫‪5‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫االمتناع عن فعل جرمه القانون بما يجعل الجريمة تبرز إلى الوجود تامة كانت أو ناقصة‬

‫ومنه يمكن القول بأن الركن المادي بقي أساسا على عنصر السلوك اإلجرامي إال أن ه وفي‬

‫ه ذا اإلط ار الم ادي لجريم ة الح ال نج د خصوص ية‪ 1‬تجع ل عملي ة التج ريم في ح د ذاته ا‬

‫متشعبة وتكون بذلك في غالب األحيان خارج إطار الشروط التقليدية لقيام الجريمة مثلما‬

‫نظمها المشرع صلب المجلة الجزائية وخصوصية هذه الجريمة تتمظهر أساسا في بدايتها‬

‫في الشروط الممتدة لقيام الجريمة التي أسس لها الفصل ‪ 223‬مجلة شركات تجاري ة لتنتق ل‬

‫من مرحلة ثانية إلى العناصر المستوعبة لقيام الركن المادي لها كامال وتمثلت أساسا هذه‬

‫الشروط الممهدة في األركان األولية لجريمة توزيع التي تخرج عن نطاق اعتماد جدول‬

‫إحص اء م دلس من قب ل أعض اء مجلس اإلدارة أو كالء التص رف لتق وم في حال ة وعملي ة‬

‫التوزي ع ألرب اح المس اهمين هك ذا تنتفي الجريم ة ح تى م ع وج ود الج دول أو تغ افلوا عن‬

‫اس تالمه‪ ،‬ما لم يقوموا بتوزيع ففي ه ذه الصورة أي عن د غياب الج دول أو تدليسه ترتب ط‬

‫ص حة األرب اح الموزع ة بص حة الج دول وق د نص ت ج انب من الفق ه والقض اء إلى توس يع‬

‫مفهوم جدول اإلحصاء ليشمل كل عرض كامل للوضعية المالية للشركة يكون مقبول من‬

‫طرف الجلسة العامة للمساهمين إال أنه نتيجة التساع مفهوم جدول اإلحصاء وتماثله مع‬

‫الموازن ة أص بح من الن ادر عملي ا أن يتم توزي ع األرب اح في غي اب الج دول ذل ك أن غي اب‬

‫الج دول اإلحص اء م ع وج ود موازن ة ص حيحة ينفي قي ام الجريم ة وهن ا ج رم المش رع‬

‫التونسي هذا الفعل في إطار عملية التوزيع ذلك بعد أن تعرض في مرحلة أولى وفي إطار‬

‫واجب ات المحمول ة على مجلس اإلدارة ص لب الفص ل ‪ 201‬م‪.‬ش‪.‬ت على ك ون مجلس‬

‫‪1‬‬
‫أسماء الخليفي‪ ،‬محاضرات في الشركات التجارية‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫اإلدارة مط الب عن د ختم ك ل س نة إع داد الق وائم المالي ة لش ركة وب ذلك يتجس د فع ل ت دليس‬

‫ج دول اإلحص اء أك ثر ش يوعا على المس توى العملي‪ .‬وق د أجم ع الفقه اء على أن الج دول‬

‫المدلس هو الذي يحتوي تضخيما لألصول وتنقيصا للخصوم نتيجة تدليس شاب تسجيل‬

‫عناصر الموازنة أو تحيينها ففي عملية التسجيل تتم عملية التدليس على المستوى التعديلي‬

‫ذل ك من خالل ع دم اح ترام التعدي د الط بيعي لك ل عنص ر وموقع ه ص لب موازن ة م ع ع دم‬

‫احترام مبدأ استقاللية للسنوات المالية لشركة مع احترام طريقة معينة في عملية التعداد أو‬

‫على المستوى الثاني فإن عملية التدليس في التسجيل تقوم على أساس التقييم ذلك أن هذه‬

‫العملية هي التي تحدد الوضعية المالية لشركته فمفهوم الربح الحقيقي هنا مرتبط بصحة‬

‫عملية التقييم وقد دعم نظام المحاسبة هذا للتوجه تكريسا منه لقاعدة التمثيل الوفي وقاعدة‬

‫الح ذر أي أن واجب عض و مجلس اإلدارة أو وكي ل التص رف ال ينحص ر في التس جيل أو‬

‫التقييم وإ نما ستسعى إلى تقدير عناصر الذمة المالية لشركة دون المساس باألصول سواء‬

‫بتضخيم أن التنقيص هذا ومع التنبه عند عملية تحيينها وتصحيحها والتي يشابها التدليس‬

‫وعدم الصحة وتحيين هنا يقوم على أساس تأثر العناصر الذمة المالية لشركة بالتغييرات‬

‫االقتص ادية والتط ورات التقني ة والعملي ة حيث تنقص قيمه ا ل ذلك وجب على المس يرين‬

‫مواكب ة ه ذه التغي يرات عن طري ق ص رح االس تهالكات أو عن د تك وين الم دخرات فتقني ة‬

‫تحدي د االس تهالكات من وس يلة لتحص يص ه دفها تحين للقيم المس جلة بالموازن ة وإ عطائه ا‬

‫قيمة حقيقية‪ .‬والحفاظ على رأس المال وثباته‪ .‬كما أكد الفقه والقضاء على ضرورة طرح‬

‫االس تهالكات ح تى في غي اب أرب اح محقق ة أم ا على مس توى الم دخرات هي أيض ا وس يلة‬

‫‪7‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫لتص حيح الموازن ة أو ج دول اإلحص اء يتم تكوينه ا لمواجه ة األعب اء والمخ اطر أو النقص‬

‫من أجل الحفاظ على مبدأ مصداقية الموازنة‪.‬‬

‫فإن عدم تكوين مدخرات المجابهة قد يؤدي إلى جعل الجدول اإلحصاء مدلس ومن‬

‫ثم إمكانية توزيع أرباح صورية‪.‬‬

‫إال أن تكوين األرباح الصورية ال تعد نتيجة حتمية كافية من خال جدول اإلحصاء‬

‫الغائب او المدلس إذ اعتبر الفقه وفقه القضاء المقارن أن الربح صوري يأتي ‪ .....‬وإ ذا‬

‫مانع اقتطاعه من رأس مال الشركة أو من الذخر الظاهر في الموازنة أو الذخر الخفي‪.‬‬

‫واعتمد الفقه وفقه القضاء على مبدأ إثبات رأس المال لتحديد صورية األرب اح حيث‬

‫اعتبر كل توزيع لربح مقتطع من رأي المال هو ربح فرأس المال يجب أن يبقى ثابتا ألنه‬

‫يمث ل خ ط وق وف المثالي ة مرس وما ص لب األص ول الش ركة وح ول دائ رة القيم ة األولي ة‬

‫للمس اهمات دون تخص يص لقيم معين ة تتعم د الش ركة ب أن تس حب ه ذه األص ول في تل ك‬

‫الدائرة وهنا نستنتج أم مبدأ إثبات رأس المال ولئن اعتبر معيارا لتحديد صورية األرباح‬

‫فإن ه يظ ل معي ارا قاص را ذل ك أن ه يمكن أن تت وفر الجريم ة دون المس اس ب ه من ذل ك م ا‬

‫يتسلط على المبالغ التي يتم دفعها من قبل المساهمين كتكملة لرأس المال لتغطية مصاريف‬

‫إصدار ألسهم أو لضمان المساواة بين المساهمين والذي أثار هذا اإلصدار جدا فقهيا الذي‬

‫اعتبر ذخرا الذي يجب توزيعه وفق شروط في حين اعتبر الذخر ربحا خارجا عن إطار‬

‫عالوة اإلص دار ل ذلك يجب التنص يص عن د توزيع ه عن أن حص ص األرب اح الموزع ة تم‬

‫اقتطاعها من عالوة اإلصدار وإ ال اعتبر ‪..........‬‬

‫‪8‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫كما أن قصور مبدأ إثبات رأس المال في بعض األحيان عند تحديد صورية األرباح‬

‫ال ينحصر في عالوة لإلصدار بل يتجاوز ذلك ليشمل الذخر الظاهر في الموازنة‪.‬‬

‫أم ا فيم يتعل ق من ال ذخر االحتي اطي في الموازن ة‪ ،‬فإن ه يمث ل إم ا ذخ را قانوني ا أو‬

‫إتفاقي ا أو ذخ را خاص ا‪ .‬وه ذا م ا مث ل ال ذخر الظ اهر ولق د ط رح ال ذخر الق انوني إش كاال‬

‫خاص ة عن دما ذهب المش رع لع دم وض ع ج زاء لتكوين ه وال ذي اعت بره الفق ه امت دادا ل رأس‬

‫المال ال يمكن المساس به‪.‬‬

‫أم ا بخص وص ال ذخر اإلتف اقي‪ ،‬فلق د تب اينت اآلراء الفقهي ة حول ه‪ .‬إذ ذهب ش ق أول‬

‫لحصر صورية األرباح التي تقطع من رأس المال للشركة‪ ،‬وبالتالي تنتفي الجريمة لمجرد‬

‫وج وده ك اف يمكن من تغطي ة حص ص األرب اح الموزع ة‪ .‬إال أن ه ذا التض ييق في مفه وم‬

‫الجريمة لم يعمر طويال‪ ،‬إذا اعتبرت محكمة التعقيب الفرنسية في مفهوم الجريمة لم يعمر‬

‫ط ويال‪ ،‬إذا اعت برت محكم ة التعقيب الفرنس ية في ق رار ص ادر بت اريخ ‪ 1937‬أن األرب اح‬

‫المقتطع ة من ال دخول تعت بر ص ورية طالم ا تأسس ت على ق رار الجلس ة العام ة لتوزي ع‬

‫األرب اح المس تندة على ج دول إحص اء م دلس وال ذي يؤس س على تع ارض بين األرب اح‬

‫الحقيقية وبين أنها مثلت في واقعها ذخرا‪.‬‬

‫إال أن هذا الرأي جوبه بالنقد باعتبار أنه ال يمثل جزءا من رأس المال كما يمكن‬

‫إسناده لألرباح‪ ،‬ولعل كل هذه التجاذبات حول مفهوم األرباح الصورية ليس بغاية تجريم‬

‫ق رار الجلس ة العام ة وإ نم ا هدف ه زج ر المغالط ة ال تي يق ع فيه ا الغ ير‪ ،‬وبالت الي‪ ،‬ال يمكن‬

‫توزيع هذا الذخر الظاهر إال بعد احترام جملة من الشروط الحمائية للشركة وللغير‪ .‬هذا‬

‫‪9‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫وقد طرح أيضا الذخر غير الظاهر كغيره من الذخر المذكور سابقا إشكاليات خاصة في‬

‫تمثيلية وعدم ظهوره صلب الموازنة بطريقة غير واضحة‪ .‬ففي هذه الصورة هناك توزيع‬

‫لألرب اح ال يمكن اعتباره ا ص ورية لمج رد لم يظه ر خاص ة أنه ا ال تمس من مص الح‬

‫المساهمين في الشركة‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة التعقيب الفرنسية‪ .‬ذلك أن األرباح تكون في‬

‫حقيقته ا ناتج ة عن الس نة المالي ة ال تي يتم فيه ا التوزي ع وعلى أن يك ون ه ذا ال ربح موج ود‬

‫بصفة فعلية‪ ،‬إال أنه في مرحلة الحقة‪.‬‬

‫أخذ المشرع الفرنسي منحى آخر حيث اصبح يمنع بصفة غير مباشرة توزيع هذا‬

‫ال ذخر كأرب اح‪ .‬ومن المؤك د أن توزي ع األرب اح المس تقبلية ه و توزي ع لألرب اح الص ورية‬

‫خاص ة قب ل القي ام بحس ابات الش ركة‪ ،‬إال أن مكافئ ة أعض اء مجلس اإلدارة المقتطع ة من‬

‫النفقات العامة للشركة ال تمثل جريمة توزيع أرباح صورية العتبارها قائمة على مبدأ أن‬

‫عملية التوزيع تتم لفائدة المساهمين ال غير‪ .‬وتجاوزا لهذه الشروط األولية والتي تقتضي‬

‫في جوهره ا ت وفر ال ركن الم ادي المس توعب له ا والمرتك ز أساس ا على ض رورة ت وفر‬

‫الص فة القانوني ة في الق ائم بفع ل التوزي ع ه ذا م ع الض رر ال ذي س يحققه في ح ق الش ركة‬

‫والمساهمين والغير‪.‬‬

‫ولئن اعت بر التوزي ع كفع ل م ادي يجب أن تتم مباش رته من األش خاص ال ذيم ح ددهم‬

‫المشرع حصرا بالفصل ‪ 223‬من مجلة الشركات التجارية‪ ،‬أما إذا كانت الشركة وعمال‬

‫بأحك ام الفص ل ‪ 257‬من المجل ة الم ذكورة له ا هيئ ة إداري ة جماعي ة أو رقابي ة‪ ،‬فله ا أن‬

‫يس ائلوا وفق ا للمس ؤولية القانوني ة‪ ،‬وه و م ا يع د توس يعا للمش رع التونس ي في تحدي د‬

‫‪10‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫لألشخاص المسؤولين عن هذه الجريمة‪ ،‬كما قد طرح إشكال هنا أو تساؤل حول الشخص‬

‫المعن وي وال ذي ق د أك د أيض ا من خالل م ا تض منته مجل ة الش ركات التجاري ة أن ه ذا‬

‫الشخص المعنوي سيكون ممثال عند توليها لإلدارة بشخص مادي يقوم مقامها‪ ،‬فإنه يمكن‬

‫الق ول أن ه س يتم مس ائلته باعتب اره وكيال عنه ا‪ ،‬ه ذا م ع ض رورية توزي ع م ادي لألرب اح‬

‫المعتبرة صورية والتي تمر عادو بعدة مراحل قبل أن يتم تسليمها للمستحق بصفة فعلية‪.‬‬

‫ذلك بالنسبة وعلى أساس الفصل ‪ 201‬بالنسبة للشركات خفية اإلسم‪ ،‬أو وكالء التصرف‬

‫بالنس بة للش ركات ذات المس ؤولية المح دودة (فص ل ‪ )212‬ال ذين يق ترحون توزي ع األرب اح‬

‫والتي تتم المصادقة عليهم الجمعية العامة مع تحديد التاريخ الذي سيتم فيه المصادقة عليهم‬

‫الجمعية العامة مع تحديد التاريخ الذي سيتم فيه عملية التوزيع‪ .‬ولئن طرح فعل التوزيع‪،‬‬

‫فاعتبر الفقه أن العملية تتم من لحظة وضع الموازنة ذلك وفق فقه القضاء الفرنسي والذي‬

‫جوبه بدوره بالنقد تأسيسا على أنه ال يمكن معاقبة شخص على فعل احتمالي باعتبار أن‬

‫األرب اح ال يمكن أخ ذها إال من ت اريخ المص ادقة ذل ك أن ه من دون مص ادقة عليه ا ال يمكن‬

‫حديث عن وجود أرباح أصال‪ ،‬إال أن هذا الرأي أيضا لم يسلم بدوره في النقد‪ ،‬ذلك أن في‬

‫بع د المص ادقة على توزي ع األرب اح‪ ،‬ال يمكن الح ديث عن قي ام فع ل التوزي ع بح د ذات ه‪ ،‬إذ‬

‫يمكن لهم العدول عن التوزيع إذا اكتشفوا صورية األرباح‪ ،‬وبالتالي ال يمكن الحديث عن‬

‫قيام الجريمة‪.‬‬

‫إذن‪ ،‬ف الرأي الس ائد والغ الب هن ا‪ ،‬أن الجريم ة ال تق وم إال بتحدي د ت اريخ توزي ع‬

‫األرب اح‪ ،‬ه ذا بالنس بة للمش رع الفرنس ي‪ ،‬إال أن ه ذا ال رأي يمكن اعتم اده في الق انون‬

‫‪11‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫التونسي لو اعتمدنا الصيغة الفرنسية للفصل‪ ،‬إال أنه باستعمال كلمة "التوزيع" والتي بقي‬

‫الحصول الفعلي للربح‪ /‬الذي تعنيه توفر الفعل اإليجابي‪.‬‬

‫ه ذا ولم يس لم ه ذا التوج ه في النق د‪ ،‬ذل ك أن ه من الج دير اعتب ار أن توزي ع األرب اح‬

‫يعتبر محققا عندما يتم تحديد األرباح وتخصيص المساهمين أو المشاركين الذين يكتسبون‬

‫حقا نهائيا عليها‪ ،‬وإ ال ارتبط تجريم هذا الفعل ارتكبه شخص بإرادة شخص آخر‪ ،‬كما أنه‬

‫ال يمكن تحديد تاريخ التوزيع دون ضبط صورة التوزيع وطريقته‪.‬‬

‫كم ا أن ه يمكن للجريم ة أن تق وم ح تى بالنس بة لعملي ة توزي ع التس بقات أو األرب اح‬

‫المستقبلية دون وجود موازنة مع غياب جدول إحصاء أو تدليسه هذا وكنظيره الفرنسي‪،‬‬

‫أقص ى المش رع التونس ي ه ذه الجريم ة من نط اق مكافئ ات الحض ور لفائ دة أعض اء مجلس‬

‫اإلدارة وكذلك الشأن بالنسبة للمنح‪.‬‬

‫هذا وقد اعتبر الفقه أيضا أن توزيع األرباح الموسمية تؤسس لقيام الجريمة‪ ،‬ذلك‬

‫أن المسؤول عن التوزيع عليه أن يأخذ جميع االحتياطات الالزمة لتفادي خسارة الشركة‬

‫في مرحلة الحقة‪ ،‬إال أن وجود الضرر يبقى مفترضا خاصة بالرجوع إلى الغاية التي قام‬

‫المشرع على أساسها بالتجريم خاصة وأن هدفها األساسي يتمثل في حماية الشركة وعدم‬

‫استنزاف أموالها‪ .‬وبالتالي‪ ،‬قد حدد المشرع األفعال التي تؤدي الرتكابها إلى قيام جريمة‬

‫توزي ع أرب اح ص ورية ال تي ال تظه ر إال إذا باش ر أعض اء مجلس اإلدارة بتوزيعه ا في‬

‫غياب جدول إحصاء أو جدول مدلس‪ ،‬وبالتالي في صورة غياب األركان األولية‪ ،‬ال يمكن‬

‫الح ديث عن جريم ة الفص ل ‪ 223‬وباعتب ار أن اعتم اد الج دول أو ع دم وض عه م ا ه و إال‬

‫‪12‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫وس يلة وأداة للحص ول على األرب اح الص ورية وتوزيعه ا‪ ،‬فإن ه وعلى ه ذا األس اس تنتفي‬

‫الجريمة بصفة الجدول‪ .‬غير أنه وفي كل الحاالت فإن الجريمة ال تقوم إال من ثبت تقدم‬

‫أعض اء مجلس اإلدارة توزي ع األرب اح‪ ،‬وه و م ا يحيلن ا إلى ني ة األعض اء في تحقي ق ذل ك‬

‫الهدف‪ ،‬أي الركن المعنوي للجريمة‪.‬‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'ل'ث'ا'ن'ي'ة' ‪ ':‬ا'ل'ر'ك'ن' ا'ل'م'ع'ن'و'ي' ل'ج'ر'ي'م'ة' ت'و'ز'ي'ع' أ'ر'ب'ا'ح' ص'و'ر'ي'ة'‬

‫ال تخلو أي جريمة سواء كانت سلبية أو إيجابية من أركانها الثالثة التي ال تقوم إال‬

‫بت وفرهم ولكن ب الرغم من ع دم اش تراط المش رع للقص د الج زائي ص لب الفص ل ‪ 223‬من‬

‫مجلة الشركات التجارية يجدر بنا التساؤل حول ما إذا كانت جريمة توزيع أرباح صورية‬

‫جريمة مادة تقوم بتوفر ركنها المادي أي فعل توزيع ارباح صورية على المساهمين في‬

‫غي اب ج دول إحص اء أو اعتن اء على ج دول إحص اء م دلس وذل ك دون البحث عن ت وفر‬

‫القصد الجزائي من عدمه بيد أن هذا الرأي يتعارض مع القواعد العامة للقانون الجزائي‪.‬‬

‫فب العودة للق انون الج زائي وم ا يحتوي ه من قواع د عام ة تس ري على الج رائم‬

‫والعقوبات فإننا نلمح أن القصد الجزائي يمثل األساس األول للمسؤولية الجزائية فاألصل‬

‫في الجريمة أن تكون قصدية وقد جاء بالفصل ‪ 37‬من المجلة الجزائية أنه ال يعاقب أحد‬

‫إال بفعل ارتكب قصدا عدا الصور المقررة بوجه خاص بالقانون وهو ما يعني أن الجريمة‬

‫ال تك ون مادي ة إال إذا نص المش رع ص راحة على ذل ك وفي غي اب ه ذا التنص يص تبقى‬

‫الجريمة قصدية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫وهن ا يمكن أن يستش ف الط ابع القص دي لجريم ة توزي ع أرب اح ص ورية ذل ك أن‬

‫المش رع نص على غي اب قائم ة اإلحص اء مم ا يفهم أن المس يرين ال ذين يتول ون توزي ع‬

‫األرب اح في غي اب قائم ة إحص اء وجوبي ة اإلع داد تك ون نيتهم متجه ة نح و إخف اء عملهم‬

‫اإلج رامي أم ا إذا تم توزي ع أرب اح ص ورية إس تنادا على قائم ة إحص اء مدلس ة ف إن القص د‬

‫الجزائي يكون مفترضا لئن الوكالء وأعضاء مجلس اإلدارة يتوفر لديهم قصد القيام بالفع ل‬

‫اإلج رامي وفع ل الت دليس في ح د ذات ه يس توجب فعال إيجابي ا وه و جريم ة قص دية مس تقلة‬

‫وف ق الفص ل ‪ 172‬م‪.‬ج ومن جه ة أخ رى ف إن اس تعمال المش رع للف ظ أرب اح ص ورية ال‬

‫من اص في أن ه م راده ت وفر القص د الج زائي ألن الص ورية عي إخف اء الوض عية الحقيقي ة‬

‫للش ركة واتجاه قص د الجن اة إلى توزي ع أرب اح على أنه ا حقيقي ة في حين انه ا غ ير مت وفرة‬

‫وغ ير كافي ة لتغطي ة حص ص األرب اح الموزع ة وب الرغم من أهمي ة ال ركن المعن وي في‬

‫جريمة توزيع أرباح صورية وزمنية الفعل ألن التوزيع يتم في أطر زمنية متفرقة يصعب‬

‫من خالله ا التحدي د الحص ري لس وء ني ة الوكي ل أو أعض اء مجلس اإلدارة خصوص ا وأن‬

‫ه ذا الفع ل إن ك ان قص ديا سيض ر حتم ا بمص لحة الش ركة ومص لحة المس اهمين ومص لحة‬

‫الغير حسن النية وب العودة إلى القواعد العامة للقانون الجزائي نجد أن المشرع لم يعرف‬

‫القصد الجزائي وترك ذلك للفقه وخاصة فقه القضاء الذي فرق بين القصد الجزائي العام‬

‫الذي هو اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل إجرامي رغم علمه بذلك الفعل وهو ما نجده‬

‫ص لب عدي د الق رارات التعقيبي ة منه ا الق رار التعقي بي ع دد ‪ 18412‬بت اريخ ‪ 30‬أفري ل‬

‫‪ 1986‬والذي جاء فيه أن القصد الجنائي هو انصراف إرادة الجاني إلى ارتكاب الفعل مع‬

‫علمه بأنه يرتكب فعال غير جائزا‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫لكن ت وفر القص د الجن ائي الع ام بمف رده غ ير ك اف إذ يف ترض أيض ا ت وفر عنص ر‬

‫القص د الج زائي الخ اص وه و لإلس تيالء على أم وال الش ركة بغاي ة امتالكه ا واإلض رار‬

‫بالمتعاملين معها خصوصا وأن القائمين على الشركة باعتبارهم تجارا محترفين ملتزمين‬

‫بالحفاظ على رأس المال الشركة مع العلم أن أي عملية التوزيع ال يجب في كل الحاالت‬

‫أن يتم اقتطاعها من رأس مال الشركة الذي بحكمه مبدأ الثبات والذي ينفصل بدوره عن‬

‫الذم ة المالي ة للش ركاء او للمس اهمين وت برز أك ثر خصوص ية ال ركن المعن وي في تق دير‬

‫سوئ نية المساهمين إما من خالل تقديم موازنة وهمية أو جدول بيانات غائبة الجياد عن‬

‫الوض عية الدقيق ة للش ركة أو الني ة المتجه ة إلى توزي ع أرب اح ص ورية للمس من الوض عية‬

‫المالية للشركة وكذلك في الوضعية القانونية للشركة خاصة وأن للدائنين حق يسمى الرف اع‬

‫يض منه رأس م ال الش ركة وقرين ة س وء الني ة ب الرغم من أن المش رع تط رق له ا بالفص ل‬

‫‪ 223‬مجلة الشركات التجارية بالفقرة الثانية والثالثة‪.‬‬

‫يتعم دون ‪ .....‬في ص ورة م ا إذا لم يق ع توزي ع أرب اح نش ر موازن ة غ ير مطابق ة‬

‫للواقع‪.‬‬

‫أعض اء مجلس اإلدارة ال ذين يس تعملون عن س وء ني ة قص د مكاس ب الش ركة أو‬

‫سمعتها‪.‬‬

‫فب الرغم من التأكي د عن عنص ر س وء الني ة إال أن للقاض ي الس لطة التق ديري لتحدي د‬

‫سوء النية وفق ما نصت عليها محكمة التعقيب خصوصا مع ما تقتضيه المادة االقتصادية‬

‫من ميزات وخصائص‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫لكن اإلش كال يتبل ور تحدي دا في م دى اكتف اء القاض ي بعملي ة توزي ع أرب اح ص ورية‬

‫لإلثب ات القص د الجن ائي أم علي ه ان يستش فها ع بر الف ترة الفاص لة بين ع دم إع داد موازن ة‬

‫وفق المقتضيات القانونية وضمن المدة الزمنية الواجب إعدادها وبيم مباشرة عملية توزيع‬

‫األرباح أم عليه أن يعتبر أن القيام بفعل التوزيع دون وجود هذه القائمة كاف لوحدة القصد‬

‫الجنائي الخاص‪.‬‬

‫ه ذا م ا ي دفع الج زائي لإلعم ال وجدان ه الخ الص باعتب ار أن القض اء في الم ادة‬

‫الجزائي ة ه و قض اء وج دان ف إن علي ه أن يس تخلص وج ود القص د الجن ائي من عدم ه من‬

‫خالل دراسته مختلف المراحل التي مرت بها عملية توزيع األرباح الصورية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫الجزء الثاني ‪ :‬زجر جريمة توزيع أرباح صورية‬

‫ولئن ح دد المش رع في الفص ل ‪ 223‬م‪.‬ش‪.‬ت ال ركن الم ادي للجريم ة إال أن ه ح دد‬

‫أيضا قائمة األشخاص المعنيين بارتكاب هذه األفعال المجرمة وذلك بصفة حصرية (فقرة‬

‫أولى) قبل أن نتطرق إلى العقوبة المسلطة (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'أل'و'ل'ى' ‪ ':‬ا'أل'ش'خ'اص' ا'ل'م'ع'ن'ي'ي'ن' ب'ا'ل'ت'ج'ر'ي'م'‬

‫نص المش رع ص لب الفص الن ‪ 86‬و‪ 169‬من المجل ة التجاري ة األش خاص ال ذين‬

‫يمكن تتبعهم من اجل ارتكابهم جريمة توزيع أرباح صورية والمتمثلين في أعضاء مجلس‬

‫اإلدارة مس ؤولين في إط ار الش ركة خفي ة اإلسم‪ 1‬أم ا في إط ار ش ركة المعارض ة باألس هم‬

‫والش ركة ذات المس ؤولية المح دودة فإن ه ال يمكن مس اءلة إال وكالء التص رف وباعتب ار أن‬

‫المشرع لم يشترط أن يكون أعضاء مجلس اإلدارة أو وكالء التصرف أشخاص طبيعيين‬

‫فغنه يمكن أن يكونوا أشخاصا معنويين وإ ن كان من المسلم به اإلقرار بمسؤولية الشخص‬

‫الطبيعي فإن مسؤولية الشخص المعنوي تبقى محل إشكال‪.‬‬

‫وبصدور مجلة الشركات التجارية سنة ‪ 2000‬بموحب قانون ‪ 93‬والمؤرخ في ‪3‬‬

‫نوفمبر ‪ 2000‬تغيرت مالمح تجريم توزيع أرباح صورية والتي نص عليها الفصل ‪223‬‬

‫مجددا على سبيل الحصر األشخاص المعنيين بالتجريم وهم ‪:‬‬

‫"‪ -1‬أعضاء مجلس اإلدارة الذين بدون إعداد قائمة لإلحصاء أو باستعمال قائمات‬

‫إحصاء مدلسة يباشرون توزيع أرباح صورية على المساهمين‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫حاتم معتوق‪ ,،‬جريمة توزيع أرباح صورية‪ ،‬مذكرة‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس ‪ ،1997/1998‬ص‪.103‬‬

‫‪17‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫‪ -2‬أعض اء مجلس اإلدارة ال ذين يتعم دون ول و في ص ورة م ا إذا لم يق ع توزي ع‬

‫أرب اح نش ر موازي ة غ ير مطابق ة للواق ع إلخض اع الحال ة الحقيقي ة للش ركة او يعتم دون‬

‫تقديمها للمساهمين‪"...‬‬

‫إذن وانطالقا من هذا الفصل يمكن أن نستنتج أن جريمة أرباح صورية ال يمكن أن‬

‫ت رتكب من قب ل أي ش خص ف المرتكب هن ا ل ه ص فة معني ة وه ذه الص فة مس تمدة من ن وع‬

‫المهن ة ال تي يمارس ها وعلي ه فص فة الفاع ل ركن لقي ام الجريم ة حيث أن جوهره ا ه و‬

‫اإلخالل باإللتزام الناشئ عن مهنته وما يتفرع عنها من واجبات‪.1‬‬

‫وق د اتج ه بعض الفقه اء إلى تص نيفها ض من الج رائم "ذوي الص فة"‪ 2‬وذل ك أن ص فة‬

‫اإلئتم ان ال تي منحت إمتي ازا لبعض األش خاص داخ ل الش ركات التجاري ة يمكنه ا أن تمث ل‬

‫سببا لتحميلهم المسؤولية إذا ما تالعبوا بأموال الشركة وخانوا األمانة والثقة التي أنبطت‬

‫بعهدتهم‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة هنا إلى أن غاية المشرع من تحديد األشخاص المعنيين بالمؤاخذة‬

‫بص فة حص رية هي محاول ة دفعهم لتحقي ق أك ثر نجاع ة وفاعلي ة وذل ك من خالل تج ريم‬

‫األفعال التي من شأنها المساس بالشركات وسير نظامها على غرار توزيع أرباح صورية‪.‬‬

‫إال أن ه ذا التط بيق في األش خاص يمكن البعض من ارتك اب ه ذه الجريم ة حيث أن ه ذا‬

‫النص ال يمكن أن ينطب ق فعلي ا على أش خاص يس يرون الش ركة ويس تترون وراء أش خاص‬

‫صوريين ليس لهم أي نفوذ وهي ظاهرة منتشرة في الواقع إلى جانب أن الفصل ‪ 223‬من‬
‫‪ 1‬سماح مغران‪ ،‬حماية المساهم في ش‪,‬ركة المس‪,‬اهمة‪ ،‬م‪,‬ذكرة لني‪,‬ل ش‪,‬هادة ماجس‪,‬تير أك‪,‬اديمي‪ ،‬كلي‪,‬ة الحق‪,‬وق والعل‪,‬وم السياس‪,‬ية‪ ،‬الجزائ‪,‬ر ‪-2016‬‬
‫‪ ،2017‬ص‪17‬‬
‫‪ 2‬حاتم معتوق‪ ,،‬مرجع سابق‬

‫‪18‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫م‪.‬ش‪.‬ت لم يتط رق إلى مس ألة مؤاخ ذة الش خص المعن وي ليبقى مس ؤوال بالتض امن فحسب‬

‫مع ممثله القانوني الذي يمكن أن يكون أداة لتحقيق الفعل اإلجرامي لفائدة الذات المعنوية‬

‫ال تي تنتف ع من الجريمة‪ 1‬وأم ا إذا ك انت الش ركة وعمال بالفص ل ‪ 257‬م‪.‬ش‪.‬ت له ا هيئ ة‬

‫إدارة جماعي ة وهيئ ة مراقب ة فإنهم ا يكون ان مس ؤوالن وف ق المس ؤولية القانوني ة للش ركة‬

‫للرئيس المدير العام والمدير العام وأعضاء مجلس اإلدارة وقد جاء بالفص ل ‪ 257‬م‪.‬ش‪.‬ت‬

‫أن ه "تنطب ق العقوب ات المنص وص عليه ا به ذه المجل ة بالنس بة إلى ال رئيس الم دير الع ام‬

‫والم دير الع ام وأعض اء مجلس اإلدارة ك ل حس ب ص الحياته الخاص ة على أعض اء هيئ ة‬

‫اإلدارة الجماعية وأعضاء مجلس المراقبة للشركات خفية اإلسم الخاضعة ألحكام ‪ 224‬و‬

‫‪ 256‬من هذه المجلة"‪.‬‬

‫وهو ما يعد توسعا من المشرع التونسي في تحديد األشخاص المسؤولين عن هذه‬

‫الجريمة وذلك حتى يحقق الزجر الجزائي الذي هو غاية كل تجريم وحتى ال يتمكن أي‬

‫شخص ساهم في عملية توزيع األرباح من التنصل من فعله بمجرد انتفاء الصفة الحصرية‬

‫التي اشترطها القانون‪.‬‬

‫كما أن ما يثير التساؤل هنا هو الصورة التي تكون فيها هيئة اإلدارية مشتملة على‬

‫ش خص معن وي هن ا يمكن الق ول أن ه وباعتب ار أن المش رع التونس ي ق د أك د ص لب مجل ة‬

‫الش ركات التجاري ة على ض رورة أن تك ون ممثل ة عن توليه ا لإلدارة بش خص م ادي يق وم‬

‫مقامها فإنه يمكن القول أن هذا الشخص باعتباره وكيال عنها هو الذي يجب مساءلته‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫توفيق المشرقي‪ ،‬الربح في الشركات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في الحقوق‪ ،‬ص‪.136‬‬

‫‪19‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫ا'ل'ف'ق'ر'ة' ا'ل'ث'ا'ن'ي'ة' ‪ ':‬ا'ل'ع'ق'ا'ب' ا'ل'ج'ز'ا'ئ'ي' ل'ج'ر'ي'م'ة' ت'و'ز'ي'ع' أ'ر'ب'ا'ح' ص'و'ر'ي'ة'‬

‫يعت بر العق اب الج زائي من أهم الخص ائص ال تي تم يز الم ادة الجزائي ة باعتب ار أن ه‬

‫بدونه ال يمكن الحديث عن وجود جريمة‪ ،‬إذ أن الجدوى من التجريم ال تتحقق إال بتسليك‬

‫عقاب ناجع على كل من اقترف الجريمة وذلك بمراعات طبيعة كل جريمة وخصوصيتها‪.‬‬

‫وق د نص الفص ل ‪ 223‬من مجل ة الش ركات التجاري ة على معاقب ة "أعض اء مجلس‬

‫اإلدارة" الذين قاموا بتوزيع أرباح صورية "بالسجن مدة ال تقل عن عام واحد وال تتجاوز‬

‫الخمسة أع وام وبخطي ة من ألفين إلى عش رة آالف دين ار أو بإح دى العقوب تين فق ط" كم ا‬

‫يخض ع إلى نفس العقوب ة ض رورة ك ل من ش ارك في ارتك اب الجريم ة باعتب ار أن أحك ام‬

‫الفصل ‪ 33‬من المجلة الجزائية كرست نظرية استعارة العقوبة‪.‬‬

‫إذن وانطالقا من المدة المحددة صلب الفصل فجريمة توزيع أرباح صورية تعتبر‬

‫جنحة‪ ،‬بالتالي فان المحاولة فيها غير موجبة للعقاب طبقا لما أقره المشرع بالفصل ‪59‬‬

‫من المجلة الجزائية الذي ينص على أن "كل محاولة الرتكاب جريمة يعاقب مرتكبها‬

‫بالعقاب المقرر للجريمة نفسها إذا كان تعطيلها أو عدم حصول القصد منها مسببا عن‬

‫أمور خارجة عن ارادة فاعل الجريمة لكن ال يترتب على المحاولة عقاب في كل الصور‬

‫التي ال توجب الجريمة فيها السجن أكثر من خمسة أعوام إال إذا نص القانون على خالفه"‪.‬‬

‫وتخض ع جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية الى قواع د التق ادم ال واردة ص لب الفص ل‬

‫الرابع من مجلة اإلجراءات الجزائية أي بموت المتهم‪ ،‬بمرور الزمن‪ ،‬بالعفو العام وبنسخ‬

‫‪20‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫النص الج زائي أم ا بالنس بة النق راض ال دعوى العمومي ة وباعتباره ا جنح ة فإنه ا تس قط‬

‫بم رور ثالث س نوات طبق ا للفص ل ‪ 5‬من مجل ة اإلج راءات الجزائي ة (‪ ...‬وبم رور ثالث ة‬

‫أعوام كاملة إذا كانت ناتجة عن جنحة)‪.‬‬

‫غير أن هذا الجزاء صلب جريمة توزيع أرباح صورية يثير العديد من اإلشكاليات‬

‫وذلك خاصة في خصوص النص الجزائي المنطبق‪.‬‬

‫إن ما يمكن التأكيد عليه أن هذا اإلشكال قد طرح من منطلق أن نفس األفعال التي‬

‫يمكن اعتب ار ه ا من قبي ل جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية يمكن أن ينطب ق عليه ا النص‬

‫الجزائي العام الذي هو الفصل ‪ 297‬من المجلة الجنائية المتعلق بجريمة خيانة مؤتمن‪.‬‬

‫لحل هذا المشكل تولى جانب من الفقه االعتماد على نظرية الخاص يقدم على العام‬

‫وذل ك بإعم ال الفص ل ‪ 534‬من مجل ة االلتزام ات والعق ود ال ذي نص على أن ه "إذا خص‬

‫القانون صورة معينة بقي إطالقه في جميع الصور األخرى"‪.‬‬

‫وبالت الي م ا دام المش رع التونس ي ق د خص جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية بنص‬

‫خ اص ص لب مجل ة الش ركات التجاري ة فإن ه تبع ا ل ذلك يعت بر الفص ل ‪ 297‬من الق انون‬

‫الجن ائي نص ا عام ا يجب أن يس تبعد عن د التج ريم خاص ة أن التج ريم ال وارد ص لب مجل ة‬

‫الشركات التجارية جاء من حيث الزمن بعد التجريم الوارد صلب المجلة الجنائية بما يمكن‬

‫مع ه الق ول أن النص اللاح ق في ال زمن ه و ال ذي يأخ ذ مكان ه في التط بيق مك ان النص‬

‫السابق له في الزمن‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫غير أن هذا الرأي على رجاحته وإ ن وجد له مبررا صلب قواعد القانون العام إال‬

‫أننا ال نجد له مرتكزا قانونيا صلب المجلة الجزائية باعتبار أن المشرع التونسي اقتصر‬

‫على تطبيق قاعدة التوارد في صورة تعدد النصوص القانونية وذلك صلب الفصل ‪ 54‬من‬

‫المجلة الجزائية الذي نص على أنه "إذا تكون من الفعل الواحد عدة جرائم فالعقاب المقرر‬

‫للجريمة التي تستوجب أكبر عقاب هو الذي يقع الحكم به وحده"‪.‬‬

‫وإ ذا ما تولينا تطبيق هذه القاعدة فإننا نقوم تبعا لذلك باإلفراغ الكلي لمحتوى قواعد‬

‫التجريم صلب مجلة الشركات التجارية باعتبار أن الفصل ‪ 297‬من المجلة الجزائية هو‬

‫وح ده الذي س وف يق ع تطبيق ه وبالت الي ف إن الخصوص ية ال تي س عى المش رع التونس ي إلى‬

‫إنشائها في آليات القانون الجنائي االقتصادي سوف تفقد أسباب وجودها األعمال التجارية‬

‫عبر وضع خاصة أن هذا القانون قد راعى خصوصية المجال االقتصادي المبني أساسا‬

‫على المال وبالتالي فإن طبيعته هذه تقتضي أن يكون العقاب المالي أهم من العقاب السالب‬

‫للحرية‪.‬‬

‫ك ل ه ذا فض ال عن أن الح ل المق رر ص لب الفص ل ‪ 297‬من المجل ة الجزائي ة ق د‬

‫يخ رج الجريم ة من دائ رة الجنح ة ال تي كرس تها عقوب ة الفص ل ‪ 223‬من مجل ة الش ركات‬

‫التجاري ة نح و الح ديث عن جناي ة ب النظر إلى العقوب ة المق ررة ب الفقرة الثاني ة أي بعش رة‬

‫أع وام باعتب ار أن الفص ل ‪ 54‬من المجل ة الجزائي ة يف رض على القاض ي اعتم اد العقوب ة‬

‫األشد في حالة التوارد الصوري‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫ونظ را لك ل ه ذه األس باب فق د ك ان االتج اه الغ الب من الفق ه ي رى أن النص وص‬

‫العقابية المنصوص عليها بمجلة الشركات التجارية هي التي يقع تطبيقها‪.‬‬

‫ويتجه التساؤل حول نجاعة العقوبة المقررة لجريمة توزيع أرباح صورية وحول‬

‫وجود نقائص كان يمكن للمشرع تالفيها‪.‬‬

‫إن العقوبة في إطار جريمة األرباح الصورية رغم صرامتها ال توفر الردع الناجع‬

‫فالفائ دة المرج وة من إيق اع العق اب على الج اني لم تخ دم في ش يء غاي ات الق انون الج زائي‬

‫وأهداف ه‪ .‬حيث أن ه ذا األخ ير لم يع د يه د يه دف الي وم إلى مج رد القص اص من المج رم‬

‫والتنكيل به بل إلى محاولة إصالحه كذا األمر بالنسبة للقانون الجنائي للشركات‪.‬‬

‫كم ا أن المش رع التونس ي م ع حرص ه على ص رامة العقوب ة وال ردع أهم ل ج انب‬

‫الوقاية من جريمة توزيع أرباح صورية‪ ،‬حيث أنه ال يوجد في التشريع التجاري التونسي‬

‫نص يمن ع ك ل ش خص أدين من أج ل جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية من ح ق التس يير أو‬

‫التصرف أو مراقبة شركة أخرى مما قد يمثل خطرا على االقتصاد بصورة عامة‪.‬‬

‫على عكس المش رع الفرنس ي ال ذي نص ص لب الفص ل ‪ 6‬من مرس وم ‪8/8/1935‬‬

‫على من ع ك ل ش خص من ح ق التس يير أو التص رف أو المراقب ة في الش ركة ذاته ا أو في‬

‫ش ركة أخ رى إذا م ا تمت إدانت ه من أج ل جريم ة تحي ل أو أي جريم ة أخرى يعاقب عليها‬

‫بعقوبة التحيل‪ .‬كم ا نص على أن ه ال يمكن لمن حكم علي ه بالس جن أك ثر من ثالث ة أش هر‬

‫دون تأجيل التنفيذ من ممارسة النشاط التجاري‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫إضافة إلى ذلك لم ينص المشرع التونسي على إمكانية تسليط عقوبات تكميلية‬

‫وبالتالي ال يمكن للقاضي التصريح بها احتراما لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات إذ لو أراد‬

‫المشرع اعتمادها لنص صراحة على إمكانية الحكم بها‪ .‬وهو ما يؤكد التوجه الذي اتخذه‬

‫المشرع التونسي والذي يبدو أكثر وفاء للقانون الجنائي التقليدي من وفائه لخصوصية‬

‫القانون التجاري عموما والقانون الجزائي للشركات بصفة خاصة‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫بحث جزائي‬ ‫جريمة توزيع أرباح صورية‬
‫دولي‬

‫ق'ا'ئ'م'ة' ال'مر'اج'ع'‬

‫ف رج القص ير‪ ،‬الق انون الجن ائي الع ام‪ ،‬محاض رات بكلي ة الحق وق بسوس ة مرك ز‬ ‫‪‬‬

‫النشر الجامعي‪.‬‬

‫أسماء الخليفي‪ ،‬محاضرات في الشركات التجارية‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ح اتم معت وق‪ ،‬جريم ة توزي ع أرب اح ص ورية‪ ،‬م ذكرة‪ ،‬كلي ة الحق وق والعل وم‬ ‫‪‬‬

‫السياسية بتونس ‪.1997/1998‬‬

‫سماح مغران‪ ،‬حماية المساهم في شركة المساهمة‪ ،‬مذكرة لنيل شهادة ماجستير‬ ‫‪‬‬

‫أكاديمي‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪ ،‬الجزائر ‪.2017-2016‬‬

‫توفيق المشرقي‪ ،‬الربح في الشركات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل شهادة الماجستير في‬ ‫‪‬‬

‫الحقوق‪.‬‬

‫‪25‬‬

You might also like