You are on page 1of 16

‫]‪<êe†Ç¹]<séŠßÖ]<°e<h†Ç¹]<Ù^Ûe<íéÖ^éÞçÖçÓÖ]<íß肹‬‬

‫]‪íÏuøÖ]<íéÞ^f‰ý]<l]‚ééjÖ]æ<Øé‘ù‬‬
‫ﻟﻮﻛﻴﻠﻲ‬ ‫ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﻜﻮﻟﻮﻧﻴﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻨﺴﻴﺞ ﻣﻨﺘﺼﺮ‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﺍﻷﺻﻴﻞ‬ ‫ﺍﻟﻌﻨﻮﺍﻥ‪:‬‬
‫ﻣﻔﺘﺸﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﱐ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻗﺎﺱ‬ ‫ﻭﺍﻟﺘﺸﻴﻴﺪﺍﺕ ﺍﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﻼﺣﻘﺔ‬
‫ﻣﺠﻠﺔ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻵﺩﺍﺏ ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫ﺍﻟﻤﺼﺪﺭ‪ :‬مقدمة‬
‫العشرين‬
‫ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ‬ ‫القرن‬ ‫ﺍﻵﺩﺍﺏل من‬
‫ﻭﺍﻟﻌﻠﻮﻡ‬ ‫النصف ٔالاو‬
‫خالل‪ -‬ﻛﻠﻴﺔ‬ ‫املغرب‬
‫ﻋﺒﺪﺍﷲ‬ ‫بشمال ﺑﻦ‬ ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ٕالاسباني‬
‫ﺳﻴﺪﻱ ﻣﺤﻤﺪ‬ ‫ﺍﻟﻨﺎﺷﺮ‪ :‬يمثل ال اث العمراني‬
‫تتيح فهم تاريخ البلدين الجارين ي إحدى أهم املراحل‬ ‫ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ‪:‬للدراسة والتحليل‪،‬‬
‫ﻟﻮﻛﻴﻠﻲ‪ ،‬ﻣﻨﺘﺼﺮ‬
‫مادة دسمة‬ ‫ﺍﻟﻤؤﻟﻒ‬
‫التاريخية لهما وأشدها تعقيدا‪ ،‬ودراستنا تحمل ي طيا ا هدفا مزدوجا‪ ،‬فمن جهة تسلط‬
‫ﻋﺪﺩ ﺧﺎﺹ‬
‫ٕالاسالمي باملدن الشمالية ي املرحلة السابقة ع ى الوجود ٕالاسباني‪،‬‬ ‫ﺍﻟﻤﺠﻠﺪ‪/‬ﺍﻟﻌﺪﺩ‪ :‬ى ال اث العمراني‬
‫الضوء ع‬
‫ﻣﺤﻜﻤﺔ‪:‬تحلل الخصوصية التاريخية للف ة ال عرفت فرض الحماية ٕالاسبانية ع ى الشمال املغربي‪.‬‬
‫ﻧﻌﻢ‬ ‫ثم‬
‫‪2014‬املدينة العربية ٕالاسالمية املتمثلة ي طنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬القصر الكب ‪،‬‬ ‫فنحن أمام ثنائية‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦوبالتا ي‬
‫ﺍﻟﻤﻴﻼﺩﻱ‪:‬‬
‫واملدينة ٕالاسبانية ال تعت املولود الشر ي ملؤسسة الجيش‬ ‫أصيال‪119 ،‬‬
‫ﺍﻟﺼﻔﺤﺎﺕ‪ :‬ن‬
‫شفشاو ‪ ،‬العرائش‪- 133 ،‬‬
‫)الناظور‪ ،‬الحسيمة‪ .(..،‬وهكذا سنعرض ي دراستنا هذﻩ لنشأة الشبكة الحضرية باملغرب ع‬
‫‪512952‬‬ ‫ﺭﻗﻢ ‪:MD‬‬
‫التاريخ خالل العصور القديمة والوسطى وصوال إ ى غداة الحماية‪ ،‬ثم سنتناول رؤية ٕالادارة‬
‫الحضري سواء خالل مرحلة ما بعد ال دئة وضرب املقاومة أو‬ ‫ﻭﻣﻘﺎﻻﺕ‬ ‫ﺍﻟﻤﺤﺘﻮﻯ‪:‬ية ٕالاسبانية ﺑﺤﻮﺙ‬
‫للتخطيط‬ ‫ﻧﻮﻉ الاستعمار‬
‫‪HumanIndex,‬ر القوي للثنائية ال أشرنا إل ا سلفا‪.‬‬
‫‪AraBase‬ن أن نغفل الحضو‬
‫ﺍﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎﺕ‪:‬الحرب ٔالاهلية دو‬
‫ﻗﻮﺍﻋﺪخالل مرحلة‬
‫ﺍﻟﺘﺮﺍﺙ ﺍﻟﻌﻤﺮﺍﻧﻲ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ‪ ،‬ﺍﻟﻌﻤﺎﺭﺓ‬ ‫القديمة‬ ‫ﺷﻤﺎﻝالعصور‬
‫ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ‪،‬‬ ‫ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ‪،‬خالل‬
‫ﻣﻮﺍﺿﻴﻊ‪ -1 :‬الشبكة الحضرية‬
‫ﺍﻵﺛﺎﺭيخ نقطة تماس ب ن نمط ن من العيش‪ :‬نمط الفالح ن‬ ‫ﺍﻻﺳﺒﺎﻧﻴﺔ‪،‬التار‬
‫كانت منطقة الريف ع‬
‫ﺭﺍﺑﻂ‪ :‬املستقرين ع ى الساحل املتوسطي ونمط الرعاة الرحل ع ى سهول وهضاب‬
‫‪https://search.mandumah.com/Record/512952‬الجنوب ‪ .‬و ي‬
‫منطقة مفتوحة جغرافيا ع ى الشرق‪ ،‬ولك ا صعبة املسالك نحو الجنوب بينما يحدها البحر‬
‫شماال وغربا‪ ،‬وتضم عددا من العشائر وٕالاثنيات ال تتكلم مختلف ٔالالسن‪ ،‬وقد شكل هذا‬
‫ٕالاطار الجغرا ي وٕالانساني مجاال لتطوير شبكة حضرية وفق املتطلبات ال طرح ا الهجرات‬
‫البشرية املختلفة‪.‬‬
‫و ي العصور القديمة‪ ،‬تحتفظ ٔالادبيات باسم هيكاتيوس دي مي ي كأول من تحدث عن‬
‫أرض املغرب الحا ي‪ ،1‬إذ أورد أربع مدن ي املغرب من بي ا ميتاكونيوم‪ .‬أما استاربون فقد ذهب‬
‫إ ى أن ميتاكونيوم كانت رأسا بارزا ربما يقع ي منطقة رأس املاء أو محيط منطقة مليلة‪ ،‬كما‬
‫أننا نجد ميتاكونيوم موثقة ي عدد من املصادر ٔالاخرى مثل إرطوسط ن‪.‬‬
‫و ي القرن الثاني للميالد‪ ،‬يورد صاحب مسالك أنطونان النقاط ال تتصل بي ا بحرا‬
‫مثل آد سيبتيم فراطريس وآد آبيليم وآد أكيالم مينوريم وآد أكيالم مايوريم وآد سيكس‬

‫© ‪ 2020‬ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪ .‬ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫ﺗﺤﻤﻴﻞ ﺃﻭ ﻃﺒﺎﻋﺔ‬
‫ﺍﻟﻤﻮﻗﻊ‪la‬ﻣﻊ‪GOZALBES E., 1980: “Atlas Arqueológico del Rif”, Cuadernos de‬‬
‫ﻳﻤﻜﻨﻚ‬ ‫ﻣﺤﻔﻮﻇﺔ‪.‬‬ ‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‬ ‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺟﻤﻴﻊ‬ ‫ﺃﻥ‬ ‫ﻋﻠﻤﺎ‬ ‫ﺍﻟﻨﺸﺮ‪،‬‬ ‫ﺣﻘﻮﻕ‬ ‫ﺃﺻﺤﺎﺏ‬ ‫‪Española‬ﺍﻹﺗﻔﺎﻕ‬
‫‪Biblioteca‬‬ ‫ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺑﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ‬
‫‪de Tetuán,‬‬
‫ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻟﻼﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻓﻘﻂ‪ ،‬ﻭﻳﻤﻨﻊ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺤﻮﻳﻞ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﻋﺒﺮ ﺃﻱ ﻭﺳﻴﻠﺔ )ﻣﺜﻞ ﻣﻮﺍﻗﻊ ﺍﻻﻧﺘﺮﻧﺖ ﺃﻭ ﺍﻟﺒﺮﻳﺪ ﺍﻻﻟﻜﺘﺮﻭﻧﻲ(‬
‫‪21-22, p. 26.‬‬ ‫ﺩﻭﻥ ﺗﺼﺮﻳﺢ ﺧﻄﻲ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻨﺸﺮ ﺃﻭ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ‪.‬‬
‫]‪<êe†Ç¹]<séŠßÖ]<°e<h†Ç¹]<Ù^Ûe<íéÖ^éÞçÖçÓÖ]<íß肹‬‬
‫]‪íÏuøÖ]<íéÞ^f‰ý]<l]‚ééjÖ]æ<Øé‘ù‬‬
‫ﻣﻨﺘﺼﺮ ﻟﻮﻛﻴﻠﻲ‬

‫ﻣﻔﺘﺸﻴﺔ ﺍﳌﺒﺎﱐ ﺍﻟﺘﺎﺭﳜﻴﺔ ﻗﺎﺱ‬


‫مقدمة‬
‫يمثل ال اث العمراني ٕالاسباني بشمال املغرب خالل النصف ٔالاول من القرن العشرين‬
‫مادة دسمة للدراسة والتحليل‪ ،‬تتيح فهم تاريخ البلدين الجارين ي إحدى أهم املراحل‬
‫التاريخية لهما وأشدها تعقيدا‪ ،‬ودراستنا تحمل ي طيا ا هدفا مزدوجا‪ ،‬فمن جهة تسلط‬
‫الضوء ع ى ال اث العمراني ٕالاسالمي باملدن الشمالية ي املرحلة السابقة ع ى الوجود ٕالاسباني‪،‬‬
‫ثم تحلل الخصوصية التاريخية للف ة ال عرفت فرض الحماية ٕالاسبانية ع ى الشمال املغربي‪.‬‬
‫وبالتا ي فنحن أمام ثنائية املدينة العربية ٕالاسالمية املتمثلة ي طنجة‪ ،‬تطوان‪ ،‬القصر الكب ‪،‬‬
‫شفشاون‪ ،‬العرائش‪ ،‬أصيال‪ ،‬واملدينة ٕالاسبانية ال تعت املولود الشر ي ملؤسسة الجيش‬
‫)الناظور‪ ،‬الحسيمة‪ .(..،‬وهكذا سنعرض ي دراستنا هذﻩ لنشأة الشبكة الحضرية باملغرب ع‬
‫التاريخ خالل العصور القديمة والوسطى وصوال إ ى غداة الحماية‪ ،‬ثم سنتناول رؤية ٕالادارة‬
‫الاستعمارية ٕالاسبانية للتخطيط الحضري سواء خالل مرحلة ما بعد ال دئة وضرب املقاومة أو‬
‫خالل مرحلة الحرب ٔالاهلية دون أن نغفل الحضور القوي للثنائية ال أشرنا إل ا سلفا‪.‬‬
‫‪ -1‬الشبكة الحضرية خالل العصور القديمة‬
‫كانت منطقة الريف ع التاريخ نقطة تماس ب ن نمط ن من العيش‪ :‬نمط الفالح ن‬
‫املستقرين ع ى الساحل املتوسطي ونمط الرعاة الرحل ع ى سهول وهضاب الجنوب ‪ .‬و ي‬
‫منطقة مفتوحة جغرافيا ع ى الشرق‪ ،‬ولك ا صعبة املسالك نحو الجنوب بينما يحدها البحر‬
‫شماال وغربا‪ ،‬وتضم عددا من العشائر وٕالاثنيات ال تتكلم مختلف ٔالالسن‪ ،‬وقد شكل هذا‬
‫ٕالاطار الجغرا ي وٕالانساني مجاال لتطوير شبكة حضرية وفق املتطلبات ال طرح ا الهجرات‬
‫البشرية املختلفة‪.‬‬
‫و ي العصور القديمة‪ ،‬تحتفظ ٔالادبيات باسم هيكاتيوس دي مي ي كأول من تحدث عن‬
‫أرض املغرب الحا ي‪ ،1‬إذ أورد أربع مدن ي املغرب من بي ا ميتاكونيوم‪ .‬أما استاربون فقد ذهب‬
‫إ ى أن ميتاكونيوم كانت رأسا بارزا ربما يقع ي منطقة رأس املاء أو محيط منطقة مليلة‪ ،‬كما‬
‫أننا نجد ميتاكونيوم موثقة ي عدد من املصادر ٔالاخرى مثل إرطوسط ن‪.‬‬
‫و ي القرن الثاني للميالد‪ ،‬يورد صاحب مسالك أنطونان النقاط ال تتصل بي ا بحرا‬
‫مثل آد سيبتيم فراطريس وآد آبيليم وآد أكيالم مينوريم وآد أكيالم مايوريم وآد سيكس‬

‫‪1‬‬
‫‪GOZALBES E., 1980: “Atlas Arqueológico del Rif”, Cuadernos de la Biblioteca Española de Tetuán,‬‬
‫‪21-22, p. 26.‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫إنسوالس وبرومونتوريوم روسادير وروسادير كولونيا‪ .‬و ي ف ة متأخرة‪ ،‬يش جغرا ي رافينا‬
‫املجهول إ ى وجود مدينة تحمل اسم ب يتينا‪.2‬‬

‫لقد حاول عدة مؤرخ ن وجغرافي ن تحديد مواقع املدائن ي املغرب املتوسطي حسب‬
‫املسافات‪ .‬دون أن تسعفهم ٔالاركيولوجيا ي الحسم ال ائي‪ .‬فأول منشأة يتم التوافق عل ا ي‬
‫مليلة‪-‬روسادير ال تع "الرأس املهيب" حيث ضربت العملة‪ ،‬وال حملت رسما لنحلة ب ن‬
‫سنبلت ن وعنقود عنب‪ .‬مما يؤكد لدينا وجود شواهد مادية عن مصادر اقتصادية كفيلة بالدفع‬
‫بعجلة العمران وتشجيعه و ي زراعة القمح‪ ،‬وزراعة دوا ي العنب‪ .‬كما أن املؤرخ ن توافقوا أو‬
‫كادوا حول ُمسلمة أن الرومان لم يعمروا منطقة الريف‪ .‬وهو ما يمكن القبول به ي السلسلة‬
‫الجبلية الريفية‪ ،‬ولكن الساحل يطرح أسئلة أك تعقيدا‪ .‬يمكن أن نف ض أن الاحتالل‬
‫العسكري الروماني كان قص ا ي الزمن‪ ،‬تم بعدﻩ انسحاب من املنطقة‪ .‬أما املوقع القديم الذي‬
‫دعا املؤرخ ن إ ى تغي رؤي م حول تاريخ املنطقة وتطور الاستقرار ا‪ ،‬ودعا إ ى تعميق البحث‬
‫ٔالاركيولو ي فهو موقع سيدي ادريس –آكروس‪ ،‬ويقع ع ى الساحل املتوسطي عند مصب وادي‬
‫أغزار امقران بجماعة تمسمان غرب الناظور‪ ،‬وقد تم رصد بقايا سابقة للعصر الروماني ي دوار‬
‫آيت الطاير –ع ى بعد عشرات ٔالامتار من سيدي ادريس‪ -‬وكذلك تحت أنقاض حصن إسباني‬
‫ب ي العشرينيات من القرن املا وهو ٓالان خرب بالكامل‪ ،‬ويرى أحمد سراج أن املوقع‬
‫يستجيب آلكروس املذكور ي ٔالادبيات التاريخية القديمة‪.3‬‬

‫‪ 2‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Siraj (Ahmed), De Ighzar Amekrane à Akros : réflexions rétrospectives sur les sources historiques‬‬
‫‪du Rif, in : Rif, Les traces de l’Histoire, Actes du colloque Patrimoine Culturel du Rif, Quelle‬‬
‫‪Muséographie ? Edition C.N.D.H, 2011, p.67.‬‬
‫‪120‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪ -2‬بعد الفتح ٕالاسالمي‬


‫عرفت الشبكة الحضرية ازدهارا ملحوظا بعد الفتح ٕالاسالمي‪ ،‬واتفق العديد من‬
‫املؤرخ ن ع ى أن أو ى بواك العمران الحضري ي املغرب ٕالاسالمي ظهرت ي الساحل املتوسطي‬
‫وعاصمته مدينة نكور‪ ،‬إذ تعت إمارة النكور أول إمارة أسست ي املغرب بعد اعتناق ٕالاسالم‪،‬‬
‫وقد خربت بشكل تام بعد دخول جيوش يوسف بن تاشف ن سنة ‪ 472‬هـ فلم تعمر بعدها ولو‬
‫أ ا عرفت نكبات قبل ذلك‪ ،‬ففي حملة مو بن أبي العافية خربت نكور ولم تعد سوى‬
‫"بالقع تسفي ف ا الرياح وتعوي الذئاب" ع ى حد تعب البكري‪ .4‬وغ بعيد عن نكور أسست‬
‫مدينة باديس خالل القرن الثامن امليالدي‪ ،‬ولعبت خالل القرن العاشر دورا هاما كإحدى‬
‫موانئ مملكة ب صالح )وعاصم ا نكور(‪ ،‬وقد صارت مركزا حضريا هاما قبل ظهور الدعوة‬
‫املوحدية‪ ،‬وقام يعقوب املنصور بتحصي ا بجدار إحاطة سنة ‪ 1204‬كما تورد املصادر‬
‫التاريخية‪ .‬ومع ب مرين عرفت بادس ازدهارا تجاريا تج ى ي معامال ا مع العالم املسي ي‪،‬‬
‫وانعكس ع ى ساكن ا فتوسعت املدينة‪ ،‬وضمت أسواقا وأحياء سكنية‪ ،‬ومسجدا جامعا‪،‬‬
‫ومص ى‪ ،‬وقصبة‪ ،‬وع ى ارتفاع ‪ 350‬م ا‪ ،‬ينتصب مب حسن التحص ن‪ ،‬يحتمل بقوة أن يكون‬
‫رابطة تعود للعهد املوحدي توفر رؤية شاملة ملحيط بادس برا وبحرا‪.‬‬
‫ومن ب ن مدائن الشبكة الحضرية املذكورة حاضرة املزمة ال ولدت ي القرن العاشر‬
‫كميناء إلمارة نكور‪ .‬وبما أن نكور توجد بالداخل فإن ميناءها الذي ضمن لها التواصل مع البحر‬
‫لم يكن إال "املزمة" ولهذا يذكرها البكري ي القرن الحادي عشر كميناء لنكور‪ ،‬ورغم الخراب‬
‫ال ائي لعاصمة ٕالامارة فقد أخذت وضعا خاصا‪ ،‬وورد ذكرها ي القرن الثاني عشر لدى‬
‫ٕالادري ؤالانصاري‪ .‬وعرفت تتابع الاجتياح ن املرابطي واملوحدي‪ ،‬دون أن تفقد مكان ا كإحدى‬
‫أهم مدائن الجهة‪ .‬واستمر بنو مرين هم ٓالاخرون ي تكريسها كمركز عسكري كب ‪ .‬وخالل القرن‬
‫السادس عشر فقدت املزمة جزءا كب ا من أهمي ا‪ ،‬ي غمرة أزمة الريف آنذاك‪ .‬واختفت ائيا‬
‫سنة ‪ ،1687‬عندما هوجمت من طرف ٕالاسبان الذين فضلوا املقام بالجزيرة الك ى للحسيمة‪.‬‬
‫تازوضا‬
‫ي القرن الحادي عشر للميالد‪ ،‬سكنت املدينة قبيلة "ب أورتدي"‪ ،‬وكانت تابعة ململكة‬
‫نكور‪ ،‬وتذكر بعض املصادر أن قلعة جارة "‪..‬و ي حصن منيع ي أع ى جبل ال متناول له وال‬
‫مطمع فيه‪ .5"..‬وقد عرفت تازوضة حيوية ي القرن الرابع عشر امليالدي‪ .‬ويعتقد حسن‬
‫الفيكيكي أن املريني ن وجدوا القلعة ع ى رسمها وحال ا القديمة‪ ،‬وكان عل م فقط أن يبادروا‬
‫إ ى تجديد املباني البارزة ي الداخل وتشييد ٔالاسوار الخارجية‪ .6‬خالل ف ة الحماية ٕالاسبانية تم‬
‫تشييد برج مراقبة خالل العشرينيات من القرن املا ‪ ،‬يتم بتصميمه املستدير‪ ،‬وتمكينه من‬

‫‪ 4‬أبو عبيد البكري‪ ،‬املسالك واململك‪ ،‬تحقيق جمال طلبة‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬ب وت ‪ ،2003‬ص‪.281‬‬
‫‪ 5‬الفيكيكي‪ ،‬حسن‪ .‬مادة "تازوطا"‪ ،‬معلمة املغرب‪.6/2040 ،‬‬
‫‪ 6‬الفيكيكي‪ ،‬حسن‪ .‬املرجع نفسه‪.‬‬
‫‪121‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫مراقبة املنطقة‪ ،‬وهو ٓالان خرب و ي حالة تصدع وا يار‪ ،‬وتجدر ٕالاشارة إ ى أنه ب بدورﻩ ع ى‬
‫أنقاض ٓالاثار املرينية‪.‬‬
‫غساسة‬
‫نعلم من خالل البكري أن غساسة كانت تابعة ململكة نكور‪ .‬و ي القرن الرابع عشر‬
‫يتحدث ع ا ابن خلدون والعمري كمدينة‪ ،‬هذا ٔالاخ يش ي "املسالك" إ ى أ ا كانت‬
‫تسم "الكدية البيضاء"‪ .‬وبميناء غساسة نزل أبو عبد ﷲ‪ ،‬آخر ملوك ب نصر‪ ،‬بعد مغادرته‬
‫غرناطة إثر سقوطها سنة ‪ .1492‬وبعد سنوات من سقوط مدينة مليلة‪ ،‬تحولت أنظار ٕالاسبان‬
‫إ ى غساسة فتمكنوا من احتاللها سنة ‪ ،1506‬وتم تحريرها بعد ذلك من طرف املقاومة‬
‫املتمركزة ي تازوضة سنة ‪ . 1532‬ورغم أ ا كانت موضوع حفائر أركيولوجية خالل ٔالاربعينيات‬
‫توجت بنشر كتاب حول تاريخها‪ ،‬إال أننا ال نتوفر ع ى تصاميم واضحة ملعالم املدينة‪ .‬كل ما‬
‫تبقى هو جدار إحاطة مختلط تم بناؤﻩ بالطابية ويبلغ طوله حوا ي ‪ 200‬م وعرضه ي اوح ب ن‬
‫‪60‬م و‪140‬م‪ ،7‬ومطعم بأبراج مستطيلة‪.‬‬

‫بتصرف عن‪ :‬باتريس كريس ‪ ،‬استكشاف أركيولو ي ي الريف‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫السلك الثالث ي جامعة باريس‪ ،‬السوربون‪ ،1981 .‬ص‪.419 :‬‬

‫‪7‬‬
‫‪LAOUKILI, Montaser, El yacimiento arqueologico de Ghassassa, notas de Historia y de Arqueologia,‬‬
‫‪in : Akros, Revista del Museo de Melilla, n° 4, 2005, p. 115.‬‬
‫‪122‬‬
‫‪ ‬‬

‫من املمكن أن نستنتج أن الشبكة الحضرية ملنطقة شمال املغرب ارتبطت إ ى حد كب‬
‫بالبحر‪ ،‬وانتعش اقتصادها مع نشاط املوانئ‪ ،‬إال أن الزحف املسي ي ٕالايب ي والقضاء امل م‬
‫ع ى الحضور العربي ٕالاسالمي ي شبه الجزيرة ٕالايب ية‪ ،‬واحتالل املوانئ الساحلية املغربية تباعا‬
‫)سبتة ‪،1415‬مليلة ‪ ،1498‬غساسة ‪ (...1506‬جعل الساكنة ت اجع عن تعم السواحل لتحتم‬
‫بالداخل‪ ،‬وتغ معها نمط الحياة املدني ليأخذ شكل تجمعات قروية محدودة‪ ،‬ومع وصول‬
‫الجيوش ٕالاسبانية غداة الحماية‪ ،‬كانت املدن الحضرية منحصرة ي شبه الجزيرة الطنجية و ي‬
‫طنجة وتطوان وشفشاون والقصر الكب والعرائش وأصيال‪ ،‬أما املناطق الشرقية والوسطى فلم‬
‫تعرف وجود النمط الحضري املغربي املألوف‪ ،‬وبالتا ي فإن الحماية ٕالاسبانية كانت أمام خريطة‬
‫جغرافية وحضرية غ متوازنة من الناحية املجالية والديموغرافية‪.‬‬

‫‪ -3‬رؤية ٕالادارة الاستعمارية ٕالاسبانية للتخطيط الحضري‬


‫عرف املغرب ي أوائل القرن العشرين ما سم بتطبيق الحماية ع ى أراضيه تبعا‬
‫لألزمات السياسية والاقتصادية الخانقة املتعاقبة عليه‪ ،‬وهكذا صار الشمال املغربي من حدود‬
‫ر ملوية إ ى املحيط ٔالاطل تابعا إلدارة الحماية ٕالاسبانية وعاصم ا مدينة تطوان‪ ،‬ويرد ذكر‬
‫املنطقة ي ٔالادبيات التاريخية ٕالاسبانية باسم املغرب الخليفي ‪ Marruecos jalifano‬ويضم‬
‫منطق الريف وجبالة ‪.‬‬
‫لم يكن الهاجس الذي دفع القوات الاستعمارية آنذاك هو عصرنة النظام املغربي أو‬
‫تحديثه بل كان الهاجس الحقيقي هو التوسع الاستعماري‪ ،‬ومع تمكن ثورة الريف ي‬
‫عشرينيات القرن العشرين من إعالن ٕالافالس الرسم للعسكرية ٕالاسبانية املتأرجح ب ن آثار‬
‫معركة كوبا ونتائج حرب تطوان‪ ،‬عمدت ٕالادارة الاستعمارية ٕالاسبانية إ ى تغي نهجها‪ ،‬ال سيما‬
‫ع ى مستوى العمارة العسكرية‪ .‬حيث قام مهندسو الجيش بوضع أو ى املخططات والتصاميم‬
‫منطلق ن من توج ات إيديولوجيا الوجود ٕالاسباني املعتمد ع ى الجغرافيا‪ ،‬دون اعتماد أي‬
‫منطق للمصالح الداخلية وقطعت أوصال الطرق التقليدية الرابطة ب ن شمال املغرب وجنوبه‬
‫املعتمدة ي أغل ا ع ى ٔالاودية‪ ،‬بينما تم ربط مناطق جبلية ببعضها البعض من الشرق إ ى‬
‫الغرب ع سلسلة جبال الريف ألسباب عسكرية محضة تكمن ي تسهيل انتشار القوات‬
‫ٕالاسبانية‪ ،‬وإحكام سيطر ا امليدانية ع ى مجموع ال اب‪.‬‬
‫و ي هذا السياق‪ ،‬يرى املؤرخ ٕالاسباني أنطونيو برافو نييتو أن الوجود ٕالاسباني اعتمد‬
‫حضورا جغرافيا ال عقالنيا‪ ،‬وهو ما أفرز منطقا مبنيا ع ى تصورين مختلف ن‪ٕ :‬الادارة املدنية‬
‫ال مثل ا املندوبية الخليفية مستقرة ي تطوان‪ ،‬وٕالادارة العسكرية ال اعتمدت باألساس ع ى‬
‫املهندس ن العسكري ن‪ ،‬وقد استمرت ثنائية ٕالادارت ن والتصورين ح سنة ‪ ،19278‬أي ٕالا اء‬

‫‪8‬‬
‫‪Antonio Bravo NIETO, Arquitectura y urbanismo espanol en el norte de Marruecos, Seveilla, Junta‬‬
‫‪de Andalucia, 2000, p : 67.‬‬
‫‪123‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫العسكري للمقاومة الريفية‪ ،‬لتقوم ٕالادارة املدنية ببسط سلطا ا ع ى شبكة الطرق ومباشرة‬
‫ورشات م املجاالت الحضرية كمشروع تموين املاء الشروب ي تطوان والعرائش‪ ،‬الذي ترتب‬
‫عنه استغالل وادي مارتيل ووادي الو وإنشاء خزانات ضخمة‪ .‬ونظرا لكون مناطق الريف‬
‫ٔالاوسط والشر ي كانت مأهولة بساكنة قروية فقد تأخر ظهور ٔالانوية الحضرية ا‪.‬‬

‫تصميم مدينة تطوان بعد سنة ‪ٔ– 1860‬الارشيف الخاص للمؤرخ أنطونيو برافو‪-‬‬

‫‪ -4‬الشبكة الحضرية ي شبه الجزيرة الطنجية‬


‫أثارت املدينة املغربية ٔالاصيلة اهتمام السلطات الاستعمارية ٕالاسبانية‪ ،‬فاعت ا‬
‫رواسب هامة لثقافة يجب الحفاظ عل ا وصو ا‪ ،‬وكلفت ٔالاكاديميات الخاصة بالتاريخ والفنون‬
‫الجميلة أساتذة أقاموا ي مدينة تطوان لدراسة املدن العتيقة املذكورة وحماي ا‪ .‬ففي سنة‬
‫‪ 1914‬كانت أو ى مهمات مدير قسم الهندسة لدى ٕالادارة الخليفية ترميم القصر الخليفي‬
‫بتطوان والذي يعود للقرن الثامن عشر وكذا أسوار املدينة‪ .‬ومع أو ى التخطيطات ألحياء تطوان‬
‫والعرائش ظهرت نصوص قانونية ووثائق تحث ع ى اح ام املدينة العتيقة وتمنع أي بناء ذي‬
‫طابع أوروبي بداخلها‪ ،‬و ي املهمة ال أسندت إ ى لجان ٓالاثار واملعالم التاريخية‪ .‬ويعود أول‬
‫قانون اهتم بحماية ال اث الثقا ي ي شمال املغرب إ ى سنة ‪ ،1916‬ويتعلق ٔالامر بمرسوم ملكي‬
‫مؤرخ بـ ‪ 30‬أبريل ‪ ،1916‬وقد تم بموجبه إنشاء املجلس ٔالاع ى للدراسات التاريخية والجغرافية‬
‫باملغرب‪ ،‬وهو ملحق مباشرة بوزارة الشؤون الخارجية ٕالاسبانية‪ .‬وهذا املرسوم مستو ى بشكل‬
‫مباشر من القانون الخاص بالحفريات ٔالاركيولوجية ي إسبانيا سنة ‪ .1911‬و ي سنة ‪،1919‬‬
‫وتبعا لطلب من وزير الشؤون الخارجية موجه إ ى ٔالاكاديمية امللكية للتاريخ بإعداد تقرير حول‬
‫إنشاء مجلس أع ى ومجالس محلية للمباني التاريخية والفنية‪ ،‬فأصدرت ٕالادارة الخليفية ظه ا‬
‫أنشأت بموجبه هذﻩ املؤسسات‪ ،‬وقد تكون املجلس من أم ن املندوبية السامية باملغرب‪،‬‬
‫ومندوب الشؤون ٔالاهلية‪ .‬بينما تكونت اللجان املحلية من املراقب املح ي كرئيس ومهندس‬
‫معماري أو مدني وفقيه مغربي‪ ،‬و ي املؤسسة ال أشرفت ع ى حفائر ليكسوس وتمودا‪ .‬وقد‬
‫كانت هذﻩ املؤسسات تم بالنسيج العتيق للمدن العتيقة‪.‬‬
‫‪124‬‬
‫‪ ‬‬

‫صورة لفناء م ل تطواني باملدينة العتيقة‬

‫ربما كان هذا الاهتمام بال اث املغربي ومالءمته مع النظرة ٔالاوروبية القادمة من الشمال‬
‫عائدا لنوسطالجيا دفينة تعت فيه إسبانيا الفضاء املغربي ترجمة جغرافية ل ا ا ٔالاندل ‪،‬‬
‫فمدن طنجة والشاون وتطوان تمثل شواهد عن حضارة أندلسية كانت مزدهرة ي زمن عانت‬
‫فيه أوروبا من القرون الوسطى املظلمة‪ ،‬وربما كان ٔالامر عائدا كذلك ألسباب تتعلق بالوضعية‬
‫العقارية لألرض‪ ،‬بيد أن النتيجة كانت تركيبة عمرانية ملدينة مزدوجة‪ ،‬فبجانب املدينة العتيقة‬
‫املحاطة باألسوار تم تصميم فضاء متسع يضمن التواصل ب ن الواقع ن املعماري ن املختلف ن‪،‬‬
‫و ي ٓالان الذي كانت ٔالاسوار تصلح فيه ملرور الدوريات الدفاعية وتلعب فيه ٔالابواب دور املمر‬
‫الضروري‪ ،‬والفضاء املتسع هو الساحة ال كان ُيطلق عل ا اسم ساحة إسبانيا‪ .‬ففي تطوان‬
‫ُ‬
‫لعبت ساحة الفدان )كما كانت تسم ( دور مع ب ن املدينة العتيقة واملدينة ٕالاسبانية دون أي‬
‫ُ‬
‫نشاز يخدش البصر‪ ،‬كما أ ا كانت تمثل دور السلطة حيث كانت تمتد أمام القصر الخليفي‬
‫واملندوبية السامية واملؤسسات الرسمية‪ ،‬والواقع أن هذﻩ الساحة تذكرنا بالساحة اليونانية‬
‫ٓالاكورا أو الساحة الرومانية الفوروم ملا تتوفر عليه من خصائص الالتقاء والامتداد‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫وقد عرفت مدينة العرائش بدورها الفضاء املتسع املذكور‪ ،‬حيث تم تشييد ساحة‬
‫بيضوية الشكل تمتد تحت أقدام جدار ٕالاحاطة لتعانق ال ي ٕالاسباني ٕالانسان ‪ .‬ولتص قلب‬
‫املدينة النابض ومركز الثقل العمراني والسيا للمدينة‪ ،‬فحولها تنتصب املباني الرسمية‪ .9‬أما‬
‫ي مدينة القصر الكب ‪ ،‬فقد نهجت السلطات ٕالاسبانية نهجا مخالفا حيث هدمت ٔالاسوار‬
‫العتيقة وصارت املباني ٕالاسبانية ملتصقة بدور املدينة القديمة مما ولد أشكاال مختلفة‬
‫ومتنوعة معماريا وعمرانيا‪ .‬وتم ت مدينة الشاون بكو ا املدينة ال تبدي أك انفصام ب ن‬
‫املدينة الحديثة واملدينة العتيقة وربما يعود ذلك إ ى طبوغرافيا املوقع من جهة وقلة ٕالاسباني ن‬
‫الذين استوطنوا من جهة أخرى‪ .‬و ي جميع الحاالت فإن التصور العام كان دف إ ى خلق‬
‫منظور متسع غايته توزيع ٔالازقة والشوارع بشكل يجعل للبنايات طابعا خاصا تنفرد به‪.‬‬

‫تصميم التوسعة ٕالاسبانية ملدينة القصر الكب ‪ ،‬ونالحظ انعدام فضاء املتسع للربط‬
‫ب ن النسيج العتيق والتدخل ٕالاسباني‬

‫‪9‬‬
‫‪BRAVO NIETO, Antonio. “Tetuán y Larache, dos modelos de ensanche en el norte de Marruecos”.‬‬
‫‪En: La formación de una ciudad: Apuntes sobre el urbanismo histórico de Ceuta. VI Jornadas de‬‬
‫‪historia de Ceuta. Ceuta: Instituto de Estudios Ceutíes, 2006; p. 83.‬‬
‫‪126‬‬
‫‪ ‬‬

‫تصميم مدينة العرائش سنة ‪ ،1927‬ويبدو مدى الاتصال ب ن املركز ٕالاسباني والنسيج‬
‫ٔالاصيل‬
‫كذلك فقد عرف التعم ٕالاسباني ظهور نماذج متم ة‪ ،‬ومن بي ا نموذج ال ي ٕالاسباني‬
‫ذي الخطوط املتعامدة والذي يبدو مثاال ناجحا ع ى نمو املدينة وتطورها‪ ،‬ال سيما وأن ظهورها‬
‫بدأ سنة ‪ 1914‬موازاة مع انطالق التكوين العلم للمهندس ن املعماري ن‪ ،‬مما جعل طرزا أخرى‬
‫تضاف وأهمها طراز املدينة الحديقة وال اعتمدها املهندسون لكسر الروت ن الذي تفرضه‬
‫املباني ٕالاسمنتية ذات الشكل املوحد والرتيب‪ ،10‬فكانوا يبحثون عن فضاءات خضراء كالفدان‬
‫أو ممر النخيل بتطوان أو شارع امللكة فيكتوريا أوخينيا ي العرائش‪ ،‬بيد أن هذﻩ النماذج لم‬
‫تتمكن من أن توقف البناء العشوائي والذي تسببت فيه هجرة املعوزين من إسباني ن ومغاربة‪،‬‬
‫وقد حاولت ٕالادارة ٕالاسبانية الالتفاف ع ى هذا املشكل خالل ٔالاربعينيات من خالل بناء‬
‫منشآت سكنية خاصة بموظفي ومستخدمي القطاع العام‪ ،‬ولم تتمكن هذﻩ املحاوالت من‬
‫امتصاص الزحف الذي تسببت فيه الفاقة‪ ،‬فاستمر ظهور البناء العشوائي ولم يكتمل الحلم‬
‫الرومان بتشكيل مدينة مكتملة ٔالانساق تنجح ي الربط ب ن املدينة املغربية ٔالاصيلة بما‬
‫تخ نه من تاريخ واملدينة ٔالاوروبية بما تمثله من تطلع نحو املستقبل‪ ،‬فقد كان ضغط الواقع‬
‫الاجتما ي أك شدة‪ .‬ولو أن املجهودات ال بذلها مختلف املهندس ن أفرزت شبكة حضرية‬
‫ُ‬
‫متنوعة ومختلفة عن ما كان من قبل‪ ،‬فانتشرت مناطق سكنية عمودية بمحاذاة أسوار تذكر‬
‫الرائي بالعصور الوسطى كما هو الشأن ي تطوان وأصيال والعرائش‪.‬‬

‫تصميم مدينة الشاون سنة ‪ ،1940‬ويبدو مدى الانفصام ب ن املركز ٕالاسباني والنسيج‬
‫ٔالاصيل‬
‫‪10‬‬
‫‪Principe, Albderto Darias, Algunos aspectos de la labor urbana de Espana en el norte de‬‬
‫‪Marruecos, in : Arquitecturas y ciudades hispanicas de los siglos XIX y XX en torno al‬‬
‫‪Mediterraneo Occidental, Centro Asociado de la ciudad de Melilla, p : 327.‬‬
‫‪127‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬

‫مدينة تطوان سنة ‪ ،1944‬ويبدو مدى الارتباط ب ن املركز ٕالاسباني والنسيج ٔالاصيل من‬
‫خالل الفضاء املتسع الخاص بالساحة‬

‫وبالرغم مما أشرنا إليه آنفا من إعجاب ٕالادارة ٕالاسبانية بالهندسة ٔالاصيلة املغربية‪ ،‬إال‬
‫أن املهندس ن القادم ن من الجامعات ٕالاسبانية آمنوا بتفوق هندس م الجامعية ع ى ما وجدوﻩ‬
‫أمامهم من أشكال وأساليب وزخارف ومواد بناء وتقنيات‪ ،‬وكان من شأن هذا الاقتحام املفا ئ‬
‫أن أسس لثورة رأسمالية تقوم ع ى توف املواد والتقنيات الجديدة وما يتبعها من أساليب‪.‬‬
‫ووجد القيمون ع ى التعم أنفسهم أمام مفارقة تق بتصور تشريعات مختلفة تأخذ بع ن‬
‫الاعتبار البناء ي كل منطقة‪ ،‬ومحاولة إضفاء شرعية ع ى هذا ٔالاسلوب الهند املزدوج‪ .‬وهكذا‬
‫شيدت ٕالادارة ٕالاسبانية سكنا خاصا بالجنود املسلم ن سنة ‪ 1918‬ي تطوان حيث قام‬
‫املهندس كابديكي بدراسة طريقة تنظيم ٔالاسرة املسلمة أو عندما قام املهندس ألفونسو ديسي ا‬
‫ي الخمسينيات لخلق نماذج قريبة من ٔالاسلوب املغربي ي ي موالي الحسن بتطوان‪.‬‬
‫‪ -4‬التشييدات الحضرية ٕالاسبانية ي ٔالاوساط القروية‪ ،‬الريف الشر ي والريف‬
‫ٔالاوسط‬
‫يمكن اعتبار اية الحرب ٔالاهلية ٕالاسبانية الانطالقة الحقيقية لسياسة البناء‬
‫والتشييد‪ ،‬من خالل اعتماد مقاييس أك عقالنية وواقعية‪ .‬وهكذا‪ ،‬كانت فيالق الجيش‬
‫ٕالاسباني املنتشرة ي الشرق والوسط منذ سنة ‪ 1909‬تعمل ع ى خلق نوى مدن ي املستقبل‬
‫كنموذج مدينة الناظور ي الريف الشر ي‪ ،‬و ي العملية ال استمرت سنة ‪ 1927‬حيث شهد‬
‫الريف ٔالاوسط تشييد نوى الحسيمة وتاركيست‪ ،‬وذلك ب امن مع تراجع الجيش ٕالاسباني من‬
‫بعض املواقع ال لم تعد لها نفس ٔالاهمية‪ ،‬فبدأت املجموعات السكنية املتاخمة لها ي‬

‫‪128‬‬
‫‪ ‬‬

‫الاختفاء كما هو الشأن بالنسبة لتالمغايت وتافرسيت‪ .11‬بينما ارتفع الحضور السكاني ب ايد‬
‫النمو الديموغرا ي إ ى حد ابتالع املنشآت العسكرية ال صار من الصعب استكشافها اليوم‬
‫بسبب نزوح سكان القرى نحو املدن‪ ،‬ورحيل السكان ٕالاسباني ن‪.‬‬
‫لم تكن الهندسة ٔالاحادية الشكل ي م ة العمارة ال بدأت تسود ي الريف بعد سنة‬
‫‪ 1927‬بل ارتبطت بتنوع الخيارات الشكلية‪ .‬لهذا‪ ،‬فإن التطرق للتيارات املتعددة ال عرف ا‬
‫املنطقة يظل مق نا بحجم املهندس ن املعماري ن وبالتنوع الكب ي الفضاء والزمان‪ ،‬ويمكن‬
‫تلخيص املدارس املعمارية املتعاقبة ع ى الريف خالل هذﻩ املرحلة كالتا ي‪ :‬الهندسة العسكرية‪،‬‬
‫الاصطفائية )الاكليتية(‪ ،‬العقالنية‪ ،‬املعمار العربي الجديد‪ ،‬املعمار الريفي )طراز إيميليو بالنكو‬
‫إيثاكا(‪ ،‬الطراز الفرانكوي ‪.‬‬
‫‪ -5‬الريف الشر ي‪ ،‬مدينة الناظور‪ :‬قطعة الشطرنج العائمة‬
‫تعكس عمارة الناظور تيارين هما الهندسة ذات التصور ٔالاوروبي املحض من جهة‬
‫والهندسة املتأثرة بالعمارة العربية ٕالاسالمية‪ ،‬مع حضور بارز لالنتقائية )ٕالاكليتية( ي بعض‬
‫املباني‪ ،‬ويظل أهمها ع ى ٕالاطالق مب كنيسة سانتياغو ٔالاك للمهندس املعماري فرانسيسكو‬
‫س ا ال شيدت ب ن ‪ 1917‬و‪ 1921‬الواقعة ي شارع موالي الحسن بن املهدي وال تظل‬
‫إحدى املباني املعمارية ٔالاك شموخا وتمثيال للمدرسة الاصطفائية )ٕالاكليتية(‪ .12‬إال أن ف ة‬
‫طالئعية وعقالنية طبعت مدينة الناظور الناشئة مع املهندس املعماري املتم فرانسيسكو‬
‫مارتينيث ه نانث خالل الثالثينيات حيث تو ى مسؤولية الهندسة املعمارية ب ن ‪،1936-1929‬‬
‫و ي الف ة ال يمكن أن نرصد ف ا بدايات ٔالارت ديكو ‪ Art deco‬حيث انطلقت معه رؤية‬
‫الجيل الجديد ي ٔالاعمال العقالنية والتصورات ٔالايرودينامية والتجديدات ي الحقل املعماري‬
‫من استعمال مواد جديدة ي البناء وتقنيات مختلفة عن التقنيات واملواد املألوفة‪ ،‬إ ا تأث ات‬
‫ٓالالة وهيمن ا ي مرحلة ما ب ن الحرب ن العامليت ن‪ .‬وخلفا لفرانسيسكو ه نانث‪ ،‬تو ى مانويل‬
‫الطوري باستور مسؤولية الرئاسة الجهوية للهندسة املعمارية ب ن ‪ 1943-1938‬ي توطئة‬
‫لعمارة من نوع خاص‪ ،‬م ها أسلوب اختلطت فيه العمارة العربية ٕالاسالمية باأليرودينامية‬
‫والواقعية‪ ،‬خالل مرحلة سياسية دقيقة‪ ،‬كانت فيه إسبانيا تضمد جراحها بعد الحرب ٔالاهلية‪.‬‬
‫ومثلما فعل الطوري ي ضامة الناظور فعل خارجها‪ ،‬فهذا املهندس الذي ينتقد بشدة املباني‬
‫‪11‬‬
‫‪Antonio Bravo NIETO, Arquitectura y urbanismo español en el norte de Marruecos, Junta de‬‬
‫‪Andalucía, Consejería de Obras Publicas, 2000, p: 112.‬‬
‫‪12‬‬
‫‪BRAVO NIETO, Antonio, BELLVER GARRIDO, Juan Antonio, LAOUKILI, Montaser. “Nador (1909-‬‬
‫‪1956). Historia de una ciudad del Norte de Marruecos. / Nador (1909-1956). Histoire d’une‬‬
‫‪ville du nord du Maroc”. En: Aproximación a los edificios históricos y patrimoniales de Málaga,‬‬
‫‪Tetuán, Nador, Tánger y Alhucemas / Un rapprochement entre les édifices historiques et‬‬
‫‪patrimoniaux de Málaga, Tetouan, Nador, Tánger et Al Hoceima. Cooperación internacional‬‬
‫‪OMAU, Ayuntamiento de Málaga, UE, 2011; p. 231.‬‬
‫‪129‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫املعمارية السابقة لسنة ‪ ،1931‬يرى أن العمارة ٔالاندلسية تستطيع أن تكون نقطة انطالق نحو‬
‫جمالية جديدة بدون الحاجة إ ى القيام بنسخ أساليب جاهزة‪ ،‬مستعمال مظاهرها التشكيلية ي‬
‫قالب بسيط‪ .‬وقد نجح الطوري ي تقوية تصميم املخطط العمراني للناظور بإنجاز مبان‬
‫أساسية ورائعة ال زالت إ ى اليوم تشهد ع ى ذكاء وتصور متم للفضاء العمراني كما هو الشأن‬
‫لبلدية الناظور )ٕالادارة العامة لجهة كرط( والنادي البحري الذين وضعا ي نفس املحور )شارع‬
‫إسبانيا "شارع محمد الخامس" حاليا(‪ ،‬وبدت ٔالاربعينات حقبة ولدت معمارا أشبه ما يكون‬
‫بأداة إيديولوجية تعكس النظام الفرانكاوي الفردي ي أسلوب خاص باملغرب يعتمد الباروك ذا‬
‫ال رجة الكثيفة كاملثلثات ي أع ى املباني‪ .‬كما مثلت هذﻩ املرحلة محاولة ي ال كيب جمعت‬
‫ألول مرة ب ن ٔالارت ديكو والعقالنية والتأث ات ٔالايرودينامية والعربية ٕالاسالمية ؤالاسلوب‬
‫الفرانكوي ي محاولة للبحث عن فضاء أرحب لضم املزيد من املم ات الثقافية الخارجية‬
‫والداخلية‪.‬‬

‫صورة جوية ملدينة الناظور ي عشرينيات القرن املا‬


‫‪ -1-5‬الريف ٔالاوسط‪ ،‬من فيال سانخورخو إ ى الحسيمة‬
‫تعود أصول مدينة الحسيمة إ ى ٕالانزال العسكري ٕالاسباني ‪ 8‬شتن ‪ ،1925‬حيث‬
‫شهدت املنطقة والدة هذﻩ املدينة بشكل عفوي مع استقرار الجيش‪ ،‬وهكذا ظهرت أو ى بوادر‬
‫الاستقرار املدني ع ى ضوء التحركات العسكرية‪ ،‬وحمل أول تصميم توقيع املهندس العسكري‬
‫خايم كارصيا الرويل عام ‪ 1926‬تحت اسم‪" :‬شاطئ كيمادو وحيه" تبعه تشييد ثكنات الفرسان‬
‫واملشاة واملدفعية‪.‬‬
‫قام "أليخاندرو ف انت" بتصميم توسعة فضاء "فيال سانخورخو" سنة ‪ 1928‬حيث‬
‫ضمت ‪ 86‬بناية وارتفع هذا الرقم إ ى ‪ 160‬بناية سنة ‪ 1934‬بغض النظر عن منازل العمال‬
‫والفقراء باألحياء الفق ة الناشئة‪ ،‬وبدورها عرفت املدينة الناشئة التيار الاصطفائي وٕالاطارات‬
‫املتكتلة ال تو ي ببدايات ٔالارت ديكو بعاصمة الريف ٔالاوسط‪ .‬ونظرا لتألقها كعاصمة مرتقبة‬
‫للريف ٔالاوسط‪ ،‬فقد فكر املراقب املدني إدموندو سيكو ببناء ي "ريفي" يستجيب ملتطلبات‬
‫الثقافة الريفية والدين ٕالاسالمي‪ ،‬ورغم عدم استطاعة ٕالادارة ٕالاسبانية الوفاء ذا الحلم إال‬
‫أن املعماري ن أثثوا فضاء الحسيمة بواجهات تجمع ب ن املعمار ٔالاوروبي وتأث ات العمارة العربية‬

‫‪130‬‬
‫‪ ‬‬

‫ٕالاسالمية ي مبان كـ" ثكنة الفرسان" وساحة فلوريدو‪ ،‬ومن أجمل املباني بالحسيمة مب‬
‫"الكوليخيو ٕالاسباني" الذي صممه مارين دي ب ناردو ي هندسة تذكر الرائي بالعمارة ٕالاشبيلية‬
‫وقد صممه كمشروع ملقر إقامة الج ال ٔالاك بالريف‪ ،‬وكذلك متحف الحسيمة )املب املسم‬
‫كاسا دي إن بنثيونيس( الذي يعود تاريخ تشييدﻩ إ ى سنة ‪ ،1926‬والذي يتم بواجهة من‬
‫مستوي ن‪ .‬بشكل مستطيل وزوايا مربعة مع اح ام ملبدأ التماثل حيث ينتصب برجان ي زاوي‬
‫الواجهة‪ ،‬وقد ارتفعت فوقهما أفاريز مزدانة بالقرمود‪ ،‬ويؤثث طول الواجهة شريط من الزخرفة‬
‫ع ى الزليج وأعمدة أسطوانية ‪.‬‬
‫‪ -2-5‬طراز إميليو بالنكو إيثاكا أو ٔالاسلوب الريفي‬
‫بعيدا عن املجال الحضري وتخطيط املدن‪ ،‬عرفت منطقة الحماية ٕالاسبانية نزوات‬
‫ثقافية ي العمارة والتشكيل‪ ،‬دف إ ى دراسة الخصوصية الريفية وإعادة إنتاجها‪ ،‬وكانت‬
‫تجربة الضابط إيزاكا أهم هذﻩ ال وات‪ .‬كان إيميليو بالنكو إيزاكا ضابطا ي فرقة املشاة ي‬
‫الجيش ٕالاسباني‪ ،‬عمل ي منطقة الريف سنة ‪ 1927‬كمراقب عسكري‪ ،‬ومندوب للشؤون‬
‫ٔالاهلية ي عدة مناطق‪ :‬أيت اعمارت‪ ،‬إيزمورن‪ ،‬وأجدير‪ ،‬تماسينت‪ ،‬أربعاء تاوريرت‪ ..،‬وب ن سن‬
‫‪ 1936‬و‪ 1942‬ر ي إ ى مراقب لل اب الريفي‪ ،‬وأخ ا مندوبا مفوضا للشؤون ٔالاهلية‪ ،‬اش ر‬
‫بطرازﻩ املعماري املتم وأبحاثه حول القوان ن ؤالاعراف ي منطقة الريف‪ ،‬ولم يكن مسؤولو‬
‫إدارة الحماية ينظرون بع ن الر إ ى مغامرته ٕالابداعية‪.‬‬

‫أربعاء تاوريرت‪ ،‬من أعمال بالنكو إيثاكا بالريف ٔالاوسط‬

‫حاول أيميليو بالنكو أن يزاوج بوضوح ب ن ٔالاشكال املعمارية ؤالادلوجات من خالل تزويد‬
‫ساكنة الريف بأشكال معمارية تحاول إعطاءﻩ هوية محددة‪ ،‬واملصادر ال ألهمته ي قصور‬
‫ٔالاطلس الكب وقصبات جنوب املغرب ذوات ٔالاشكال ؤالالوان الحمراء بأحجام مكورة وواضحة‬
‫ونقوش هندسية بسيطة‪ .‬و ي منظورﻩ‪ ،‬يلتقي بناء ٔالاسرة والقبيلة من الناحية الاجتماعية مع‬
‫‪131‬‬
‫א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪‬א‪ ‬‬ ‫<‬
‫الهندسة الريفية ي شكل الفضاء‪ ،‬ويظل من واجب املهندس الاج اد للوصول إ ى الفضاء‬
‫الريفي‪ ،‬ومن أجمل إنجازاته مب أربعاء تاوريرت وبعض املباني املنفردة بالحسيمة وإيمزورن‬
‫وتماسينت‪.‬‬
‫خاتمة‬
‫إذا كانت مباني الحمراء بغرناطة أو مسجد قرطبة ٔالاعظم أو التشييدات العربية‬
‫ٕالاسالمية باألندلس مصدر فخر املواطن ٕالاسباني فأل ا حملت ي ف ة من الف ات التاريخية‬
‫حمولة ثقافية شرقية ي وسط غربي مختلف‪ ،‬ومن نافل القول بأن منطقة الريف كانت‬
‫مسرحا ألحداث تاريخية مش كة ب ن بلدين جارين تقر ما الجغرافيا ويباعدهما التاريخ‪ ،‬وكان‬
‫من نتائج هذﻩ ٔالاحداث أن تم إنتاج فضاء عمراني ومعماري مختلف عن ما كان من قبل‪ ،‬وأن‬
‫ظهرت للعيان معادلة مختلفة تمثلت ي حلم العودة ٔالاندلسية إ ى الفضاء املغربي‪ ،‬وحلم خلق‬
‫التقارب ب ن الضفت ن‪ .‬فلماذا ال نطرح من ب ن أولوياتنا الحفاظ ع ى هذا ال اث العمراني‬
‫واملعماري املتم الذي احتضنته أرض الريف خالل النصف ٔالاول من القرن العشرين؟ ربما‬
‫سيمثل بدورﻩ مفخرة ملواط البلدين املغرب وإسبانيا‪ ،‬وسيلعب دورا ي التقارب‪.‬‬

‫الئحة املراجع‬
‫أبو عبيد البكري‪ ،‬املسالك واململك‪ ،‬تحقيق جمال طلبة‪ ،‬املجلد الثاني‪ ،‬دار الكتب العلمية‪،‬‬
‫ب وت ‪ ،2003‬ص‪.281‬‬
‫الفيكيكي‪ ،‬حسن‪ .‬مادة "تازوطا"‪ ،‬معلمة املغرب‪.6/2040 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪Siraj (Ahmed), De Ighzar Amekrane à Akros : réflexions rétrospectives sur les sources‬‬
‫‪historiques du Rif, in : Rif, Les traces de l’Histoire, Actes du colloque Patrimoine‬‬
‫‪Culturel du Rif, Quelle Muséographie ? Edition C.N.D.H, 2011, p.67.‬‬
‫‪GOZALBES E., 1980: “Atlas Arqueológico del Rif”, Cuadernos de la Biblioteca‬‬
‫‪Española de Tetuán, 21-22, p. 26.‬‬
‫‪Antonio Bravo NIETO, Arquitectura y urbanismo espanol en el norte de Marruecos,‬‬
‫‪Seveilla, Junta de Andalucia, 2000, p : 67 .‬‬
‫‪BRAVO NIETO, Antonio. “Tetuán y Larache, dos modelos de ensanche en el norte de‬‬
‫‪Marruecos”. En: La formación de una ciudad: Apuntes sobre el urbanismo‬‬
‫‪histórico de Ceuta. VI Jornadas de historia de Ceuta. Ceuta: Instituto de Estudios‬‬
‫‪Ceutíes, 2006; p. 83.‬‬
‫‪Antonio Bravo NIETO, Arquitectura y urbanismo español en el norte de Marruecos,‬‬
‫‪Junta de Andalucía, Consejería de Obras Publicas, 2000, p: 112.‬‬

‫‪132‬‬
 

BRAVO NIETO, Antonio, BELLVER GARRIDO, Juan Antonio, LAOUKILI, Montaser.


“Nador (1909-1956). Historia de una ciudad del Norte de Marruecos. / Nador
(1909-1956). Histoire d’une ville du nord du Maroc”. En: Aproximación a los
edificios históricos y patrimoniales de Málaga, Tetuán, Nador, Tánger y
Alhucemas / Un rapprochement entre les édifices historiques et patrimoniaux
de Málaga, Tetouan, Nador, Tánger et Al Hoceima. Cooperación internacional
OMAU, Ayuntamiento de Málaga, UE, 2011; p. 231.
Principe, Albderto Darias, Algunos aspectos de la labor urbana de Espana en el norte
de Marruecos, in : Arquitecturas y ciudades hispanicas de los siglos XIX y XX en
torno al Mediterraneo Occidental, Centro Asociado de la ciudad de Melilla, p :
327.
LAOUKILI, Montaser, El yacimiento arqueologico de Ghassassa, notas de Historia y de
Arqueologia, in : Akros, Revista del Museo de Melilla, n° 4, 2005, p. 115.

133

Powered by TCPDF (www.tcpdf.org)

You might also like