Professional Documents
Culture Documents
النشأة والتطور
دراسة تحليلية
المقدمة
الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات ،وبفضله تتنزل البركات ،وبتوفيقه تتحقق الغايات ،وبتيسيره تزول العقبات ،والصالة والسالم
على الرحمة المهداة والنعمة المسداة ،البشير النذير السراج المنير ،حبيب قلوبنا المصطفى األحمد ،وعلى آله األخيار المصطفين
األبرار ،وصحبه النجباء ،ومن سار على نهجه ومن وااله.
أما بعد:
في هذا المقطع الزماني الذي شهد كثيراً من المتحوالت والمتغيرات على الصعيد العالمي ،شهدت الساحة اإلسالمية ظهوراً مكثفا ً
للتيار السلفي الذي ترعرع بفعل عوامل عدة ،أسهمت في اثراء هذا الفكر بعد ان وجدت البيئة المناسبة لتثبيت سلطته وايديولوجيته
الصعب في ساح ِة
َ النصوص ،كما أخذ يشكل الرق َم
ِ ظواهر
ِ التأويل ،والجمو ِد على
ِ رفض
ِ العقل المفضي إلى
ِ القائم ِة على إقصا ِء
المتمثل بالواليات المتحدة األمريكية وحلفائِها.
ِ د
ِ الجدي العالميِّ النظام
ِ ومع ، اإلسالميِّ د
ِ الصعي على ِ،
ة واألنظم ت
ِ الحكوما الصراع مع
ِ
وقد انتظم هذا البحث في اربعة مباحث تناولت في المبحث االول نشأة مصطلح السلفية وتطوره ,والمبحث الثاني تناول السلفية االولى
التي وجدت بداياتها مع احمد بن حنبل ثم باتباعه في القرن الرابع الهجري حتى ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن قيم الجوزية اما
المبحث الثالث فتناول السلفية الوسيطة وهي السلفية الوهابية ثم المبحث الرابع الذي تناولت فيه السلفية الجهادية وتشكيالتها .
المبحث األول
نشأة المصطلح
يبدو انّ تسمية بعض فرق المسلمين بالسلفية ،غريبٌ نوعا ً ما على صعيد الفكر اإلسالمي؛ ألن كثيرين من أرباب الفكر يعتبرون
السلفية نزعة تميل إلى األخذ بنهج الماضين عموما ً ،فالنظر إلى السلف بوصفهم مرجعية فكرية لفهم اإلسالم ،واالستضاءة بسلوكهم،
صبغة عامة لجميع المسلمين ،ال خاصة بجماعة دون أُخرى.
في حين ذهب البوطي([ )]1إلى أنّ السلفية مرحلة زمنية ،وليست مذهبا ً إسالميا ً.
ويبدو للباحث عدم صحة هذا القول إذا أخذنا بنظر االعتبار انّ السلفية قد ترعرعت ونمت عبر الحقب المتالحقة ح ّتى أصبحت مذهبا ً
خاصا ً تحمله بعض الجماعات واالتجاهات اإلسالمية التي تنادي بالرجوع إلى السلف الصالح واالقتداء بهم في فهم الدين والدنيا،
ويقصدون بالسلف الصالح أهل القرون الثالثة األولى من عمر األمّة اإلسالمية ،إذ رووا عنه (ص) أ ّنه قال« :خير الناس قرني ثم
الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.)]2[(»...
بيد أنّ مصطلح السلفية له جذوره التاريخية ،وله ارتباطه الوثيق بمصطلحات أُخرى ،ينبغي التعرض لها وتوضيح المراد منها قبل
الولوج في مصطلح السلفية وبيان نشأته واتجاهاته .ومن هذه المصطلحات :أهل الحديث ،وأهل السنة والجماعة.
أهل الحديث:
يبدو للمتتبع انّ هذه الفرقة ظهرت على يد من امتهن جمع األحاديث النبوية ،وتدوينها في القرن الثاني الهجري ،وبنوا عقائدهم أو
أحكامهم^ باالعتماد الكلي على ظواهر اآليات والروايات التي رواها الصحابة والتابعون األوائل عن الرسول (ص) إذ يحرمون
تأويلها ،وقد أثبتوا ـ على سبيل المثال ال الحصر ـ صفات هللا الخبرية وجعلوا الخالق في مصاف المخلوق ،فأثبتوا اليدين والرجلين
والوجه واالستواء على الحقيقة من دون تأويل .وفي هذا الصدد يقول عنهم أبو حاتم الرازي (ت322:هـ)« :أصحاب الحديث فسمّو
بذلك أل ّنهم أنكروا الرأي([ ،)]3والقياس([ ، )]4وقالوا :علينا أن نتبع ما روي لنا عن رسول هللا (ص) وعن الصحابة والتابعين وما
جاء عنهم من الحديث في الفقه ،والحالل والحرام وال يجوز لنا أن نقيس بآرائنا ...فقيل لهم أصحاب الحديث وأصحاب األثر ،وهم
مجتمعون على أن اإليمان قول وعمل والقرآن غير مخلوق ،وكفروا من قال بخلق القرآن»([.)]5
ويقول عنهم المحدّث الصابوني (ت 449 :هـ)« :أصحاب الحديث يعرفون ربّهم Uبصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله وشهد له بها
رسوله (ص) على ما وردت األخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه ويثبتون له Yما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله
(ص) وال يعتقدون تشبيها ً لصفاته بصفات خلقه فيقولون انه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله تعالىَ ) :يا إ ْبلِيسُ َما َم َن َع َ
ك
ت ِبيَدَيَّ ( (سورة ص ،)75 /وال يحرّ فون الكالم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف أنْ َتسْ جُدَ ِل َما َخلَ ْق ُ
المعتزلة([ )]6الجهمية([ )] 7أهلكهم هللا ،...وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها األخبار الصحاح
من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوّ ة والقدرة والقول والكالم والرضا والسخط والحياة واليقظة والفرح والضحك وغيرها
من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين ،بل ينتهون فيها إلى ما قاله هللا تعالى وقاله رسوله (ص) من غير زيادة
عليه وال إضافة إليه وال تكيف له وال تشبيه وال تحريف وال تبديل وال تغير وال إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب ويقرون بان
تأويله ال يعلمه إال هللا.)]8[(»...
وقيل« :إ ّن ما سمو أصحاب الحديث ألن عنايتهم بتحصيل الحديث ونقل األخبار وبناء األحكام والنصوص ،وال يرجعون إلى قياس...
ما وجدوا خبراً أو أثراً»([ )]9كما يطلق عليهم اسم الصفاتية إذ يقول الشهرستاني« :اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون هلل
صفات أزلية من العلم والحياة والقدرة واإلرادة والسمع والبصر والكالم ...وال يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل ،وكذلك
يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والرجلين والوجه وال يؤولون ذلك ..ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون ،سمي
السلف صفاتية والمعتزلة معطلة ،فبلغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات»([.)]10
وهذا يثبت أ ّن هم يقفون عند النص ،من دون النظر إلى المفهومية الواسعة التي تتكفل ببيان معنى تلك النصوص بوجوهها المختلفة،
وهذا يبرز المغزى السلوكي ،والفكري ألصول هذه الفرقة ،ويعكس عن واقعها الموروث الذي يؤطر الواقع العملي للسلفية ويطلق
عليهم مناوؤهم بالحشوية أي «حشو الحديث بغرائب وشواذ وإسرائيليات([ ،...)]11وقد اتهم عدد من الصحابة بأ ّنهم قبلوا الكثير من
األحاديث بدون تفحص أو نقد ،وعلى رأس هذا العدد الصحابيان المشهوران عبد هللا بن عمر بن الخطاب (ت 73 :هـ) وأبو هريرة([
( )]12ت 59 :هـ)» ([.)]13
ش ون األحاديث التي ال أصل لها في األحاديث المروية عن وقيل عن سبب تسميتهم بالحشوية« :وسمّيت الحشوية حشوية أل ّنهم يح ّ
طريق الوحي»([ ،)]14وقيل أيضا ً سمو حشوية «ألن منهم المجسمة والجسم حشو»([ ،)]15وجميع الحشوية يقولون بالجبر
والتشبيه ،وتوصيفه تعالى بالنفس ،واليد ،والسمع ،والبصر ،وقالوا :إن كل حديث يأتي به الثقة من العلماء فهو حجة أيا ً كانت
الواسطة([.)]16
ثم ان الغالب بالحشوية عند أهل الحديث هم الحنابلة ،وبذلك يقول الصفدي« :الغالب في الشافعية^ أشاعرة ،والغالب في الحنفية
معتزلة ،والغالب في المالكية قدرية ،والغالب في الحنابلة حشوية»([.)]17
إنّ هذا االتجاه الحديثي والنقلي كان امتداداً للطبيعة العربية التي وجدناها في جزيرة العرب([ ،)]18فكانت^ وما زالت الحجاز والمدينة
مركز المباحث الحديثية والنقلية والسلفية التي ال تخرج عن ظاهر الكتاب واألحاديث ،وفي المقابل كان العراق ـ وبالخصوص الكوفة
ـ مركز المباحث العقلية المعتمدة على الرأي.
ولقد جرى على أقالم بعض العلماء انّ أهل الحديث أكثرهم بالحجاز ،وأكثر أهل الرأي في العراق([ .)]19فظهر لنا اتجاه أصحاب
الحديث ممثالً بعبد هللا بن عمر (ت 73 :هـ) واألوزاعي([( )]20ت157 :هـ) ،وسفيان الثوري([( )]21ت161 :هـ) ومالك بن
أنس([( )]22ت179 :هـ) ـ صاحب القول المشهور« :االستواء معلوم والكيف غير معقول ،واإليمان به واجب والسؤال عنه
بدعة»([ )]23الذي أصبح فيما بعد عند أصحاب هذا االتجاه قارب النجاة للفرار من المشبهة والمجسمة الخالصة المكيفة ،وأحمد بن
حنبل([( )]24ت 241 :هـ) الذي يعد من أبرز رجاالت هذا االتجاه إذ عمل على جمع األحاديث وتنظيمها وتوحيد العقائد المأخوذة
من تلك األحاديث وتدوينها ،بعد أن كان أهل الحديث على فرق وشيع إذ لم تكن هذه العقائد برمتها مقبولة عندهم ،وإ ّنما اإلمام أحمد
وحّ دهم على تلك العقائد واألصول وقضى على سائر تلك المذاهب الدارجة بين أهل الحديث ،فنسبة هذه العقائد إلى إمام الحنابلة أقرب
إلى الحقيقة من نسبتها إلى الصحابة والتابعين وتابعي التابعين([ .)]25وقد حصل هذا بعد خروج أحمد بن حنبل من المحنة([)]26
صامداً منتصراً في أيام المتوكل العباسي (ت 247 :هـ) الذي قرّ به إلى بالطه وصار ذلك سببا ً لشهرته وإمامته في مجال العقائد بعد
أن تبنت الدولة آراءه وأفكاره ،فصار أحمد إمام السنة وناصرها ،فصارت السنة ما قاله أحمد ،والبدعة ما هجره أحمد وكأنهم نسوا أو
تناسوا ما كان عليه أسالفهم من الفرق المختلفة([.)]27
وقد تطور هذا االتجاه فيما بعد على يد ابن تيمية([( )]28ت 728 :هـ) وتالمذته ،ووضع موضع التطبيق على يد محمد بن عبد
الوهاب([( )]29ت 1206 :هـ) في جزيرة العرب([.)]30
وإذا اطلقت في الشرع فإ ّنما يراد بها ما أمر به النبي (ص) ونهى عنه وندب إليه قوالً وفعالً ،مما لم ينطق به الكتاب العزيز ،ولهذا
يقال في أدلة الشرع :الكتاب والس ّنة([.)]32
فالسنة في المصطلح اإلسالمي حديث الرسول وسيرته وتقريره ،أن يرى رسول هللا (ص) عمالً من مسلم وال ينهاه عن ذلك فإ ّنه قد
أقرّ بسكوته صحّ ة ذلك الفعل .أما ما استحدث في الدين من أمر ولم يؤخذ من الكتاب والسنة فهو بدعة([.)]33
مما تقدّم يتبيّن انّ السنة في االصطالح اإلسالمي تطلق على معنيين:
فمن الواضح هنا أن من يشير إليهم عمر بن عبد العزيز بوصف أهل السنة هم مدونو السنة النبوية (الحديث) وليس أية فرقة أُخرى،
ومن المعلوم أن تدوين األحاديث النبوية لم يبدأ إال في مطلع القرن الثاني الهجري بأمر من الخليفة عمر بن عبدالعزيز إذ كان التدوين
ممنوعا ً قبله([.)]36
وعلى هذا فمصطلح أهل السنة يكون مرادفا ً لمصطلح أهل الحديث .أي :المشتغلين بالحديث وليس المقصود أهل سنة النبي (ص) أو
غير ذلك من االدعاءات ،وقد تعددت اآلراء حول سبب التسمية بـ(أهل السنة):
الرأي األول :إن اإلمام أحمد بن حنبل عندما برز وتصدر العمل في تدوين العقائد والمعارف المأخوذة من األحاديث النبوية في مطلع
القرن الثالث الهجري أخذ يوسع استخدام لقب (أهل السنة) ـ الذي كان مخصوصا ً بالعلماء مدوني الحديث الشريف ـ ليشمل أيضا ً
األتباع المقلدين لمذهبه والعوام المؤيدين لمنهج أهل الحديث ،وبهذا يكون أحمد بن حنبل قد احتكر اسم أهل السنة ليكون عنوانا ً خاصا ً
لبعض المسلمين دون سواهم من أهل القبلة.
وقد حصل هذا بعد خروج اإلمام أحمد منتصراً من سجنه أيام المتوكل العباسي (ت 247 :هـ) الذي ق ّربه إلى بالطه وروّ ج آراءه
وحارب مخالفيه كالمعتزلة وغيرهم من الفرق األُخرى ،فصار أحمد إمام السنة والسنة ما قاله أحمد([.)]37
الرأي الثاني :يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن« :لم يطلق اسم أهل السنة إال في العصر العباسي األول في الوقت الذي تطور فيه
مذهب المعتزلة ح ّت ى أصبح يطلق اسم «أهل السنة» على كل من يتمسك بالكتاب والسنة ،واسم «المعتزلة» على كل من يأخذ بالكالم
والنظر ،أما في صدر اإلسالم فكان يطلق على كل من يتمسك بالكتاب والسنة اسم الصحابة ألنهم اجتمعوا مع الرسول وناصروه ،كما
أطلق على من أتى بعدهم االتباع وأتباع االتباع .وظلت الحالة كذلك إلى أن انتصر أبو الحسن األشعري واتباعه على المعتزلة،
واضمحلت أكثر الفرق اإلسالمية األ ُخرى فلم يعد هناك سوى الشيعة وأهل السنة فيقال هذا شيعي وذاك س ّني ،واستمرت هذه التسمية
إلى الوقت الحاضر»([.)]38
الرأي الثالث :يُذكر انه لما أمر معاوية بلعن اإلمام علي (ص) على المنابر زعم انّ ذلك سنة يثاب فاعلها ،وسمّي ذلك العام «عام
السنة» .ولـمّا قتل علي (ع) وصالح الحسن (ع) معاوية واستق ّر األمر لألمويين ،قام معاوية بتسمية ذلك العام «عام الجماعة»([
.)]39
الرأي الرابع :وهو قول ابن تيمية ،يقول« :فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خالفة الخلفاء الثالثة (أبو بكر وعمر وعثمان) فيدخل في
ذلك جميع الطوائف إال الرافضة([ ، )]40وقد يراد بأهل الحديث والسنة المحضة فال يدخل فيه إال من يثبت الصفات هلل تعالى،
ويقول :ان القرآن غير مخلوق وان هللا يُرى في اآلخرة ويثبت القدر وغير ذلك من األمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة»([
.)]41
ويعتقد الباحث ان الرأي األول ،قد يكون أقرب إلى الصحة ،كما نعتقد ان اآلراء األُخرى ،قد صبت في مصلحة الرأي األول رغم
االختالف البسيط في الرأي الثاني ،فان مورد االختالف فيه في جعل أبي الحسن األشعري هو البداية النطالق لفظ أهل السنة
والجماعة ،ولكن المعروف والمشهور تاريخيا ً ان أحمد بن حنبل هو صاحب السبق في ذلك كما تقدم.
أما الرأي الثالث ،فيصدق على جماعة خاصة ممن رفعت لواء البغض لعلي (ع) وهم النواصب من أمويين وغيرهم.
والرأي الرابع ـ رأي ابن تيمية ـ إذ يقصر لفظ أهل السنة على من أثبت الخلفاء الثالثة دون خالفة علي (ع) وهذا النهج كان هو
السائد عند المنحرفين عن علي (ع) من األمويين والمتزلفين لهم كعبد هللا بن عمر الذين أسقطوا اسم اإلمام علي(ع) من الخالفة،
ويروي عبد هللا بن عمر في ذلك حديثا ً موقوفا ً عليه في التفضيل بين الصحابة ،الذي يقول فيه إنهم كانوا على عهد رسول هللا (ص)
يفاضلون فيقولون« :أبو بكر ،ثم عمر ،ثم عثمان ثم يسكتون»([.)]42
فابن تيمية في هذا الرأي يُقصر لفظ أهل السنة بخصوص النواصب والمبغضين لعلي (ع) وهم جماعة خاصة تابعت األمويين في
موقفهم من علي وآل علي (ع).
أما لقب الجماعة فقد أطلقه األمويون على العام الذي تم فيه تسليم الملك لمعاوية وانفراده به ،فقالوا :عام الجماعة([ ،)]43وهو عام
41هـ الذي تم فيه صلح اإلمام الحسن (ع) مع معاوية .وهذه الجماعة التي أسست على الظلم والجور وقتل الصحابة ولعن أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على المنابر ،فقد كتب زياد إلى معاوية في حجر([ )]44وأصحابه أنهم خالفوا الجماعة في لعن أبي
تراب([ )]45وأزروا([ )]46على الوالة ،فخرجوا بذلك من الطاعة ،فقتلهم معاوية وكان ذلك سنة 52هـ([. )]47
يقول حسن فرحان المالكي ـ وهو من الحنابلة ـ« :الناس يعذرون الدول التي جاءت^ متأخرة وال يعذرون الدولة األموية التي سنت تلك
السنن واضطهدت الصحابة من المهاجرين واألنصار وأبناءهم وكانت السباقة^ في محاربة أهل بيت النبي (ص) وتشويه صورتهم عند
المسلمين ح ّت ى أصبحت القلوب منقبضة عن أهل بيت النبوة فقتلوا الحسين (ع) وسمّوا الحسن (ع) وقتلوا زيد بن علي وقتلوا محبي
أهل البيت كحجر بن عدي وكميل بن زياد وعمرو بن الحمق ،وسليمان بن صرد الخزاعي وغيرهم ،واستطاعت الدولة األموية أن
تفصل ـ إلى حد كبير ـ أهل البيت عن بقية األمة فأصبحت^ النظرة ألهل البيت نظرة متوجسة من التشيع بينما النظرة المنحرفة عنهم
أصبحت ت ّد عي تمثيل (الجماعة) و(السنة)!! واستطاع بنو أمية بالترغيب والترهيب ضم بعض العلماء وطالب العلم لنظرتهم كما
فعلوا مع الشعبي والزهري وقبيصة بن ذؤيب وابن سيرين ورجاء بن حيوة وغيرهم فهؤالء كان فيهم نفور عن ذكر أهل البيت بخير
أو بشر وكانوا يفضلون السكوت عنهم!! وهذا السكوت يعني اإلهمال واإلماتة لذكرهم وهذا يعني بروز رؤوس تمثل (أهل الجماعة
وأهل السنة) مع استبعاد (أهل البيت وعلمائهم ومحبيهم) من هذا التمثيل!! فأصبحت (الجماعة) تعني الرأي الصواب وأن من خالف
(الجماعة) فهو في النار!! ويقصدون بالجماعة الموالية للنظام األموي من علماء وعوام وسلطة ...وأصبح الذي ينكر الظلم أو ينقد
الوالي شاذاً و(ضد الجماعة) ومن شذ شذ في النار!!» ([.)]48
ثم يتكلم الباحث عن مكونات تيار السنة والجماعة فيقول« :ومن هنا تكوّ ن تيار (السنة والجماعة) خليطا ً من تيار العثمانية([)]49
النواصب وتيار المحايدين وتم استبعاد العلوية من (السنة والجماعة) ووصفهم بـ(الشيعة والرافضة)»([.)]50
يشير الباحث في هذا النص إلى بداية انطالق تيار السنة والجماعة فيقول« :إذن فتيار (السنة والجماعة) بدأت مالمحه األولى مع
صلح الحسن وانتشرت األحاديث في التحذير من (مخالفة الجماعة) وحشروا في ذلك كل األحاديث في وجوب التزام الجماعة وكأن
المراد به الوقوف مع الحاكم في الخير والشر في الحق والباطل!! وكأن البدعة والضاللة في مفارقة (الجماعة والسلطات) وتم ذلك
بانتقائية عجيبة!! ساعد الظل السياسي على انتشارها وو ّف ر لها الحماية والصالبة أمام كل من أراد إنكار المنكر!! إذ أصبح مثل هذا
يص ّنف على أنه ضد (وحدة الجماعة) و(ض ّد السنة) ومن َث َّم (ضد اإلسالم) وعلى هذا حكموا على ثورة الحسين بن علي وابن الزبير
وأهل المدينة وابن األشعث وأصحابه وزيد بن علي وأصحابه والنفس الزكية وأهل المدينة وأمثالهم با ّنهم أصحاب فتن وأنهم ماتوا
ميتة جاهلية!!
ومن َث َّم أخرجوا هؤالء الكبار من (السنة والجماعة) إلى (البدعة والضاللة) ألنهم ثاروا على يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف
وأبي جعفر المنصور.)]51[(»...
وبكلمة :فإن لفظ أهل الحديث وأهل السنة كانا يطلقان على من يشتغل في الحديث النبوي جمعا ً وتدوينا ً وحفظاً ،ثم تطور وتوسع لفظ
أهل السنة في زمن أحمد بن حنبل فأخذ يشمل عوام الناس من أتباعه ومقلديه ،دون سواهم بمساعدة السلطات الحاكمة المتمثلة
بالمتوكل ومن جاء بعده.
أ ّم ا لفظ أهل الجماعة فقد أطلقه األمويون على العام الذي تم فيه الصلح بين اإلمام الحسن ومعاوية عام 41هـ ،والذي وظفه
األمويون للتنكيل بمعارضيهم ووصفهم بالخارجين عن جماعة المسلمين أي :جماعة األمويين والسلطان ،وبذلك يستحلون دماءهم
وأموالهم وأعراضهم.
وكان يقصد بالقوم الصحابة الموصوفين بالسابقين ،فكان يرد على السائل ويأمره أن يقتفي أثر الصحابة فيما وقفوا عليه وكفوا عنه
وهذا المعنى تنادي به السلفية وترفعه شعاراً ظاهريا ً لها.
وورد لفظ السلف في كالم الحسن البصري([( )]56ت 110 :هـ) في رسالته إلى عبد الملك بن مروان (ت 86 :هـ) حول القضاء
والقدر ،وقد جاء فيها قوله« :لم يكن أحد في السلف يذكر ذلك وال يجادل فيه ،ألنهم كانوا على أمر واحد ،وإ ّنما أحدثنا الكالم فيه لما
أحدث الناس من النكرة له ،فلما أحدث المحدثون في دينه ما أحدثوه أحدث هللا للمتمسكين بكتابه مايبطلون به المحدثات^ ويحذرون به
من المهلكات»([.)]57
يشير الحسن البصري في هذا النص إشارة مهمة ^،ترفع الّلبس حول الخوض في مستجدات المسائل التي لم يخض فيها السابقون ـ
السلف ـ وهي مسألة الحاجة وعدمها ،فيقرر في النص المتقدم أن السابقين لم يخوضوا في مسألة القضاء والقدر؛ لعدم الحاجة إليها من
قبل الناس؛ ذلك أن الناس كانوا على أمر واحد :أي ال يوجد اختالف بينهم يستوجب السؤال والجواب في تفاصيل المسائل العقيدية،
وهذا هو الجو السائد في وقت الصحابة الموصوف بالبساطة في استيعاب مسائل العقيدة وهو ما اصطلح عليه عند أهل االختصاص
بمرحلة اإليمان القلبي التي ُتعد المرحلة األولى من نشؤ العقيدة ،ولكن عندما دبّ االختالف بين المسلمين نتيجة توسع الدولة
اإلسالمية بعد الفتوحات الكبيرة واالختالط الثقافي مع الديانات األُخرى وأسباب كثيرة أُخرى أدّت إلى ظهور كثير من الشبهات^ حول
الدين اإلسالمي احتاج معها^ المسلمون ان يردوا عليها ويبطلوها .ومن غير المعقول ان يكتفي المسلمون بالقول ان هذه المسائل
والشبهات^ لم يخض بها السابقون من المسلمين ويسكتون.
فيبدو انّ الحسن البصري هو أول من استخدم لفظ السلف في كالمه ،ويقصد به الصحابة الذين تقدموا عليه.
وقول األوزاعي« :اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم ،وقل بما قالوا ،وكف عما كفوا عنه ،واسلك سبيل سلفك الصالح
فإ ّنه يسعك ما وسعهم»([.)]58
وهذا نص واضح في اإلشارة إلى اقتفاء آثار السابقين فيما تكلموا فيه وفيما سكتوا عنه ،وفيه تأسيس المنهج السكوت عما سكتوا عنه،
الذي سار عليه من بعده مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وآخرون ،سوف تأتي اإلشارة إلى أقوالهم.
فمالك بن أنس قال« :إياكم والبدع ،قيل :يا أبا عبدهللا ،وما البدع ،قال :أهل البدع الذين يتكلمون في اسماء هللا وصفاته وكالمه وعلمه
وقدرته ،ال يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون»([.)]59
ّ
يتجذ ر هذا المعنى السكوت عما سكت عنه الصحابة والتابعون عند هذا االتجاه ،وأصبح شعاراً يرفع بوجه أي تغير أو وهكذا بدأ
ً
تجديد ،وصار دينا يدان به عندهم.
ثم تجذر هذا المعنى وتخصص على يد أحمد بن حنبل الذي أصبح له تأثير كبير على العامة^ في زمن المتوكل العباسي ول ّقب بإمام
السنة ،وأصبحت أقواله عند هذا االتجاه الميزان الذي توزن به األشياء والمرجع فقال قوله المشهور« :لست بصاحب كالم ،وال أرى
الكالم في شيء من هذا إال ما كان من كتاب هللا أو في حديث عن النبي (ص) أو عن الصحابة ،فأما غير ذلك فان الكالم فيه غير
محمود»([.)]60
وفي حديث([ )]61آخر ألحمد بن حنبل زاد فيه بعد ذكر الصحابة التابعين ،فحصر اإلمام أحمد الكالم المحمود بالكتاب ،وحديث
النبي ،والصحابة والتابعين ،فاألول والثاني ـ الكتاب وحديث النبي ـ مما ال خالف فيه بين المسلمين ،أما الثالث والرابع ـ الصحابة
والتابعون ـ فإن ثبتت أقوالهم عن رسول هللا (ص) فترجع إلى حديث النبي ،وان كانت أقوالهم ناتجة عن فهمهم^ واجتهادهم فموضع
خالف بين المسلمين.
ح ّت ى ان أحمد بن حنبل في مسألة التابعين ورد عنه رأيان :األول ،يعتبر رأي التابعي حجة يجب األخذ به ،والثاني ،ال يُلزم األخذ به،
قال أحمد بن حنبل« :االتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه ،ثم هو من بعد في التابعين مخير»([.)]62
وهذا نص منه بعدم االلزام برأي التابعين ،ويؤيد هذا القول رواية أُخرى واردة عنه يص ّرح فيها بلفظ السلف ويخصه بالصحابة فقط
دون التابعين ،قال ـ ضمن كالم طويل في بيان اعتقاداته« :-صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة من شهد أن ال إله إال هللا وحده ال
شريك له ،وأن محمداً عبده ورسوله ،وأقر بجميع ما أتت به األنبياء والرسل ...وعرف حق السلف الذين اختارهم هللا لصحبة نبيّه
(ص)»([.)]63
وأرى انّ نظرية األخذ عن التابعين وتابعي التابعين جاءت^ واكتملت بعد أحمد ابن حنبل عند هذا االتجاه ،هذا من جهة ومن جهة
أ ُ خرى فان المتعارف به عند أهل العلم من الجمهور هو اعتماد أقوال الصحابة بصورته التقليدية باعتباره الهوية التي التنفصل عن
المرس ل محمد (ص) الذي مثل حقيقة السلف التي أصبحت فيما بعد ضرورة من ضرورات هذا االتجاه لصياغة موقف هذا َ هوية
االتجاه على المستويين النظري والتطبيقي.
ومن هنا ان معنى السلف أخذ منحى آخر بعد أحمد بن حنبل ،فأصبح يشمل التابعين وأئمة الحديث ،وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل.
يقول أبو الحسن األشعري([( )]64ت 324 :هـ)« :قولنا الذي نقول به ،وديانتنا التي ندين بها ،التمسك بكتاب ربّنا ،Uوبسنة نبيّنا
(ص) وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ،ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد هللا أحمد بن حنبل
نضر هللا وجهه ،ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون ألنه اإلمام الفاضل والرئيس الكامل،)]65[( »...
فأصبح قول أحمد بن حنبل دينا ً يدان به عند الذين جاءوا بعده من الحنابلة السلفية.
مع ان أحمد بن حنبل ال يلزم بقول التابعي ـ كما تقدم ـ ويقول أيضاً« :ال تقلدوني وال تقلدوا مالكا ً وال الثوري وال األوزاعي وخذ من
حيث أخذوا ،وقال :من قلّة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال»([.)]66
وتركز هذا المعنى ـ الدين ما قاله أحمد بن حنبل ـ أكثر عند غالة الحنابلة كالبربهاري([( )]67ت 328:هـ) ،المعاصر ألبي الحسن
ُ
رددت ُ
رددت على الجبائي، األشعري والذي يُروى([ )]68انّ األشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول:
على المجوسي وعلى النصارى فقال أبو محمد البربهاري :ال أدري ما تقول وال نعرف إال ما قاله اإلمام أحمد.
وابن بطة الحنبلي([( )]69ت387:هـ) الذي يقول« :إذا رأيت الرجل البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار([ )]70وأبا محمد بن
البربهاري فاعلم أنه صاحب سنة»([.)]71
فالسنة عنده ما كان عليها أبو الحسن بن بشار وأبو محمد البربهاري الحنبليان!!
ثم تطور مصطلح السلف على يد إسماعيل الصابوني([( )]72ت 449 :هـ) ـ صاحب كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث ـ فأخذ
يشمل كل من تقدمه من أصحاب الحديث وأنصارهم ،يقول الصابوني« :سألني اخواني في الدين أن أجمع لهم فصوالً في أصول
الدين التي استمسك بها الذين مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالح.)]73[( »...
ويقول أيضا ً« :إذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس ،واألوزاعي ،وشعبة([ ،)]74وابن المبارك ...وأحمد بن حنبل...
فهو صاحب سنة»([.)]75
أما ابن تيمية الحراني فيبدو أنه أول من استدل على التزام حرفية أقوال ،وأفعال ،وتصرفات ،واعتقادات وعادات ،الصحابة،
والتابعين ،وتابعي التابعين ،بحديث القرون الثالثة([ ، )]76إذ يقول( :المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتاب والسنة ،وما اتفق عليه أهل
السنة والجماعة من جميع الطوائف :أن خير قرون هذه األمة ،في األقوال واألعمال واالعتقاد وغيرها من كل فضيلة ،أن خيرها
القرن األول ،ثم الذي يلونهم ،ثم الذين يلونهم ،كما ثبت ذلك عن النبي (ص) من غير وجه ،وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة:
من علم ،وعمل ،وإيمان ،وعقل ودين وبيان ،وعبادة وأنهم أولى بالبيان لكل مشكل .هذا ال ينفيه إال من كابر المعلوم من الدين
بالضرورة من دين اإلسالم ،وأضله هللا على علم.)]77[( )...
فعل ،لم
قول أو ٍوقد سار على خطى ابن تيمية كل من الوهابية ـ أتباع محمد بن عبد الوهاب ـ والسلفية([ )]78الجهادية في تبديع كل ٍ
يعرف عند أهل القرون الثالثة ،فهذا ابن تيمية ،يصف االحتفال في مولد النبي بدعة؛ بحجة أنه لم يفعله السلف([ .)]79أما الوهابية،
فقد قام أحد رجاالتها وهو عبد هللا بن سليمان بن بليهد ،باستفتاء علماء المدينة بتخريب قباب الصحابة وأئمة أهل البيت :في بقيع
الغرقد عام 1344هـ ،وقد نشر مقاالً في جريدة أم القرى في عدد جمادى اآلخرة سنة 1345هـ ،جاء فيه :لم نسمع في خير القرون
عن هذه البدعة ـ البناء على القبور ـ بل بعد القرون الخمسة^([.)]80
أما السلفية المعاصرة التي تعتبر أحمد بن حنبل ،وابن تيمية أبرز الشخصيات السلفية في التاريخ([ .)]81إذ يصفها الدكتور
القرضاوي في بعض مشاهداته بقوله« :ولقد راعني أن وجدت بعض الشباب المخلصين من بعض الجماعات اإلسالمية في أمريكا قد
أثاروا جدالً عنيفا ً في أحد المراكز اإلسالمية؛ ألن المسلمين يجلسون على الكراسي في محاضرات السبت واألحد ،وال يجلسون على
الحصير أو السجاد كما يجلس أهل المسجد ..وأنهم يلبسون البنطلونات ال الجالليب البيض ،ويأكلون على المناضد ال على
األرض.)]82[(»...
الظاهر أن هذه األمور لم تكن متداولة عند أهل القرون([ )]83الثالثة ولذلك أصبحت عندهم محل جدال ونزاع!!!
والذي يبدو للباحث أ ّن نا أمام مؤسسين لمنهج سلفي جديد قائم على ضيق األفق وتحجر الرؤية التي يتبناها هؤالء الجدد والتي يمكن أن
نفسرها باالنعطافة^ الكبرى التي تعاصرت مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها الغرب بخاصة والعالم العربي عامة تمثلت باآلراء
المتضاربة في الواقع العقائدي للسلفية.
وعلى هذا األساس فإن ابن تيمية ومن سار على أثره من الوهابية والجماعات السلفية المتأ ّخرة قد اعتمدوا على حديث القرون الثالثة
في الحكم على تبديع وتحريم مستحدثات^ األمور التي لم تكن عند أصحاب القرون الثالثة ،صحيح أن حديث القرون الثالثة قد رواه
البخاري([ )]84ومسلم([ )]85وغيرهم([ )]86من أصحاب السنن ،إال أن الحديث عليه إشكاالت كثيرة تمنع من االحتجاج به في
إثبات ما يدّعون؛ منها:
أوالً :انه خبر آحاد([ )]87ال يوجب علما ً وال يجوز أن يحتج به في المسائل العقيدية([.)]88
وهذا ما ذهب إليه ابن كالب([( )]89ت240:هـ) ،والقالنسي([( )]90ت255:هـ) وهما من أعمق محدثي أهل السنة كما يقول
النشار([.)]91
وأيضا ً ذهبت الشيعة اإلمامية إلى أن خبر الواحد ال يحتج به في المسائل العقائدية وبذلك يقول السيد المرتضى( :خير الناس قرني...
أول ما فيه أنه خبر واحد ال يوجب علما ً وال يجوز أن يحتج به.)]92[( )...
ثانيا ً :انه معارض بأحاديث كثيرة صحيحة منها :قال (ص)« :مثل أمتي مثل المطر ال يدرى أوله خير أم آخره»([ ،)]93وقوله
(ص)« :ليردنَّ عليَّ الحوض غداً رجال من أصحابي ثم ليختلجن عن الحوض فأقول :يا ربّ أصحابي ،فيقال :إ ّنك ال تدري ما
أحدثوا من بعدك ،فأقول :سحقا ً سحقا ً»([.)]94
وحديث عن أبي جمعة قال( :تغدينا مع رسول هللا (ص) ومعنا أبو عبيدة بن الج ّراح ،قال :فقلنا :يا رسول هللا أح ٌد خير منا أسلمنا
معك وجاهدنا معك ،قال :نعم قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني) ([.)]95
ثالثا ً :ان الحديث من خالله ،لو عممنا الحكم بأفضلية وعدالة كل فرد منهم على كل فرد من القرون الالحقة ،فانه يجب أن نعمم على
كل فرد من أفراد القرن الرابع الهجري فما فوق بانه يمينه يسبق شهادته وشهادته يمينه كما في عجز الحديث ،وهذا معارض بحديث
عن رسول هللا (ص)« :خير الشهود من أدى شهادته قبل أن يسألها»([.)]96
رابعا ً :ان عمدة االحتجاج بحديث القرون الثالثة أن يشمل بالخيرية جميع أفراد القرن وهذا ال يقول به أحد ،قال ابن عبد البر( :وخير
الناس قرني ...ليس على عمومه ألنه جمع المنافقين وأهل الكبائر الذين قامت عليهم وعلى بعضهم الحدود)([ .)]97ثم ان القرون
الثالثة شهدت^ ظهور كثير من الفرق المنحرفة كالخوارج والمرجئة والمجبرة!!
خامسا ً :ان حديث خير القرون قد اضفى الشرعية بل العصمة على جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم« ،ولكن السلف أنفسهم لم يكونوا
ينظرون إلى ما يصدر عنهم من أقوال وأعمال أو تصرفات ،هذه النظرة القدسية الجامدة التي تقتضيهم أن يسمّروها بمسامير البقاء
والخلود ،ويجعلوا من شأنهم معها^ ما يشبه المدينة المسحورة»([.)]98
فالخليفة الثاني عمر بن الخطاب مع مكانته وصحبته المعروفة عندهم يخاف أن يذكره رسول هللا (ص) مع المنافقين فيقول لحذيفة
اليمان« :أنشدك باهلل هل سمّاني لك رسول هللا (ص) مع من سمّى من المنافقين»([.)]99
وأخيراً فان هذا الحديث ـ القرون الثالثة ـ ال ينسجم مع روح االسالم وتعاليمه )إنَّ أ ْك َر َم ُك ْم عِ ْن َد هّللا ِ أ ْت َقا ُك ْم( (الحجرات« ، )13/ليس
السلف بافضل من الخلف بالضرورة وال الخلف أشر من السلف بالضرورة لكن لكل عصر اجتهاداته ،ولكل جيل ابداعاته»([.)]100
كما إن قضية التراث تطرح عادة طرحا ً مضاعفا ً الخطأ :فمن جهة يتضمن الطرح اتخاذ موقف من التراث كلّه بصورة قبلية ومن
جهة ثانية ُت غفل فيه عند طرحه خاصيتاه األساسيتان :عالميته وشموليته ،من ناحية ،وتاريخيته من ناحية ثانية فمن الناحية المبدئية ال
يمكن تبني التراث كلّه أل ّن ه ينتمي إلى الماضي؛ وألن العناصر المقومة للماضي ال توجد كلها في الحاضر .وليس من الضروري أن
يكون حضورها في المستقبل هو نفس حضورها في الحاضر.
وبالمثل ال يمكن رفض التراث كلّه للسبب نفسه ،فهو شئنا أم كرهنا مقوم أساسي من مقومات الحاضر ،وتغير الحاضر ال يعني
البداية من الصفر([.)]101
والواقع ان الفكر اإلسالمي يتقدم بعنصرين أساسيين :عنصر الثبات والحركة ،فمن جهة فيه عناصر ثابتة ال تتغير بتغير الزمان
والمكان ،ومن جهة أ ُخرى فيه عناصر متحركة ومتغيرة مع الزمان والمكان .وهذا هو سر قوة الفكر اإلسالمي أنه خليط من هذين
العنصرين .فمن الخطأ ان نتعامل مع الفكر والتراث اإلسالمي على أنّ جميعه ثابت أو جميعه متحرّك.
فمشكلة^ السلفية مع الفكر والتراث اإلسالمي ا ّنها تعاملت معه على أنّ جميعه ثابت فلم تميز بين الشكل ،والمضمون ،وبين الغاية
والوسيلة فحكمت عليهم بحكم واحد« .فالسلفية تعني ،حضور الماضي في الحاضر حضور السلف في الخلف ،حضور األب في
االبن ،حضور الماضي في الحاضر بكل تفاصيله وأشكاله وصوره ،ال الوقوف على المضمون هكذا يرى البعض من السلفية
المتطرفة»([.)]102
فالسلفي هو إنسان مقلد اضافة إلى أنه أهمل الزمان والمكان واغتال التاريخ وأسقط العقل ويعيش السلفي في القرن العشرين مقلداً
القرن السابع ،والتقليد مستحيل ألن ظروف القرن السابع تختلف عن ظروف القرن العشرين.)]103[( »..
وأمام هذا التردي والالمسؤولية في الموقف نجد السلفية المعاصرة نشأت بوصفها ر ّد فعل للرؤية المتمدنة التي طبقتها أوربا خاصة ـ
والعالم العربي عامة ـ بعد عصر التنوير ح ّت ى أخذت توجه ضربتها القوية لكل التوجهات التي ال تتناغم والواقع المعاصر الذي
يتعاكس تماما ً مع توجهاتها ورؤاها.
يظهر مما تقدم ان السلفية ،بوصفها فرقة أو جماعة إسالمية ،لم يرد لها ذكر ،عند مصنفي الفرق والمذاهب اإلسالمية ،سوى
المعاصرين منهم.
كما ان كلمة السلفية لم يكن لها مدلول اصطالحي محدد ،أو ذات معنى واحد عند الجميع ،بل تطورت من خالل الحقب المتالحقة،
فالسلفية عند االتباع تعني ،اتباع السلف الصالح من الصحابة ،وعند اتباع االتباع ،تعني اتباع السلف الصالح من الصحابة ،والتابعين،
ثم تطور المصطلح ،فأخذ يشمل أئمة الحديث ،وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل ،ثم أضيف إلى أحمد بن حنبل الحقا ً ابن تيمية الحراني،
وأصبحا معا ً ،أبرز رجاالت السلفية الوسيطة (الوهابية) والسلفية المعاصرة.
يبدو ان أول من ّ
نظ ر ،واستدل على التزام حرفية أقوال وأفعال أهل القرون الثالثة ـ الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ـ هو ابن
تيمية الحراني ،وحكم بتبديع كل قول ،أو فعل لم يعرف عندهم.
إن أحمد بن حنبل ،على الرغم من روايته حديث القرون الثالثة ،إال أنه لم يذهب إلى ما ذهب إليه ابن تيمية ،ولم يستدل بالحديث ـ
القرون الثالثة ـ على الزام إتباع أهل القرون الثالثة ،بل ورد االلزام عنه في اتباع الصحابة فقط.
إن حديث القرون الثالثة عليه من االشكاالت^ ما يمنع من االحتجاج به وااللتزام بمضمونة ،وهذا ما أشار إليه جمع من علماء
المسلمين.
المبحث الثاني
السلفية األولى
كان المسلمون في عهد النبي (ص) على دين واحد ،وهو التسليم بما جاء من عقائد التوحيد ،والنبوة ،واليوم اآلخر ،وأحكام الدين،
كأحكام^ الصالة ،والصيام...
وكانوا يرجعون فيما اختلفوا فيه إلى الرسول (ص) الذي كان عندهم المرجع في حل مسائلهم^ وفض نزاعاتهم وهم راضين بذلك
ومسلِّمين.
كان إيمانهم إيمانا ً عفوياً ،خاليا ً من الخوض في صعاب التساؤالت الفكرية المتصلة بصفات هللا ،وأحوال القيامة ،والجنة والنار
والقضاء والقدر ...كل هذا كان نتاج واقع المجتمع العربي الذي اكتفى بالتعاليم األولى من دون الخوض في أمهات المسائل التي
شكلت فيما بعد عصب الحياة العقدية عند المسلمين ،ولكن بعد وفاة الرسول األكرم (ص) بدأ النزاع على خالفته ومن يكون زعيما ً
للمسلمين بعد رسول هللا (ص) وهذا ما حدث في سقيفة بني ساعدة([.)]104
ثم بعد ذلك تتابعت الفتن والخالفات^ السياسية وخصوصا ً في خالفة عثمان (ت 35 :هـ) وخالفة أميرالمؤمنين علي (ع) (ت 40 :هـ)
حيث قتل عثمان وحدثت معارك طاحنة في زمن اإلمام علي (ع) تمثلت في معركة ص ّفين ،ومعركة الجمل والنهروان.
وعلى أثر هذه الخالفات^ السياسية ،والمعارك الطاحنة ظهرت مجموعة من المسائل العقائدية ،والدينية ،فكان أول األمر جدل الخالفة،
وأيهما أحق بالخالفة بعد رسول هللا ،ثم جرَّ ذلك الناس إلى الحديث فيما تمر به األمة من أحداث ونكبات ،أهي بقضاء هللا وقدره أم
هي من فعل الناس وعملهم؟ ومن َث َّم هل اإلنسان مجبر في أفعاله أو مخير؟ وهؤالء المسلمون الذين يتساقطون صرعى وهم يقاتلون
في صفّ علي (ع) أو صفّ معاوية ما حكمهم؟ وما رأي الدين فيهم؟
هذا من جانب ،ومن جانب آخر الفتوحات اإلسالمية الكبرى التي نقلت المسلمين إلى طور جديد حيث دخول شعوب وأقوام تحمل
ثقافات وأديانا ً مختلفة ،مما جعل من المسلمين يقفون عند هذه الثقافات ^،موقف الناظر المتفحص لطبيعة تلك الثقافات ^،وكيفية الجمع
التوظيفي بين ما تحمله الحضارة العربية اإلسالمية ،وبين متناقضات األمم األُخرى ،الموصوفة بأنها دخيلة وغير معدودة على الواقع
اإلسالمي([.)]105
وهكذا نجد إن ما بدأ بسيطا ً كان الزمن كفيالً بتعقيد ِه جراء العوامل آنفة الذكر ،والبعد الزمني عن صاحب^ الدعوة ،أضف إلى ذلك
ظهور مستجدات^ كثيرة في الحياة السياسية ،واالجتماعية ،والفكرية ،مضافا ً إلى كل ذلك التالقح الفكري الفلسفي الذي تم بين هذا
الخضم من المؤثرات حتى َّلون لنا العقيدة بأشكال ربّما جرّ تها إلى متاهات لم تقصدها أصالً([.)]106
وإزاء هذه المستجدات واألحداث والشبهات انقسم أصحاب رسول هللا (ص) إلى فريقين :فريق آثر السكوت واالبتعاد عن الجدل في
هذه المسائل ،وع ّد ذلك بدعة منكرة ،من هؤالء عمر بن الخطاب([( )]107ت 23 :هـ) وعبدهللا بن عمر (ت 73 :هـ) وزيد بن
ثابت (ت 45 :هـ) ،وجمع كبير من الصحابة ،وقد درج على منوالهم من التابعين ومن بعدهم سفيان الثوري واألوزاعي ،ومالك بن
أنس وأحمد بن حنبل ،وفريق آخر آثر البحث والنقاش ومعالجة الشبهات ^،أيا ً كانت في رؤوس أصحابها ،ومن هؤالء اإلمام علي بن
أبي طالب([ ، )]108وعبدهللا بن عباس ،وعبدهللا بن مسعود (ت 32:هـ) ،وجمع كبير من الصحابة ،ودرج على مناولهم جملة من
التابعين ومن بعدهم الحسن البصري([ )]109وأبو حنيفة ...فقد كان علي (ع) يشجع دعوة المبتدعة إلى الحق بمجادلتهم في باطلهم
الذي تعلقوا به ،وقد ناظر (ع) قدريا ً في القدر ،وأرسل ابن عباس ليناظر بعض المبتدعة ،وناظر عبد هللا بن مسعود يزيد بن عميرة
في اإليمان .هذا في حين أن كثيراً من الصحابة كانوا يرون أن الدخول في مناقشة^ هؤالء الناس بدعة يجب تجنبها([.)]110
وظل هذا التيار مستمراً في القرن الثالث الهجري ،وصار معتقد أهل السنة جميعا ً بعد أن ارتبط باسم اإلمام أحمد بن حنبل([.)]111
الذي ظهرت وتبلورت السلفية األولى على يديه .حيث تبلور وعي سلفي ،أعلى من شأن السلف الصالح ،ووضعهم في موضع
الجماعة الذهبية صاحبة الوصاية في تأويل النص وتفسيره.
وتع ُّد محنة القول بخلق القرآن في عام 218هـ ،الظهور التاريخي األول لبدايات التبلور المذهبي لدعاة السلفية والفرصة األولى التي
هيأت الشروط الموضوعية لتبلور النزعة السلفية في تيار متميز ألول مرّة([.)]112
أمّا العامل اآلخر فهو ما قامت^ به المعتزلة ـ عندما كان لها حظوة ومكانة ،وجاه ،وسعة نفوذ عند خلفاء بني العباس ـ المأمون،
المعتصم ،الواثق ـ من امتحان الناس في خلق القرآن ،وأخذوا بالعقاب الشديد ،من تسول له نفسه معارضة هذه المقالة ،وضغطهم
على رجال الحديث ،وأئمتهم حتى زجوا بهم في السجون([ .)]116هذا من جهة ومن جهة أُخرى فان المعتزلة قد بالغت في االعتماد
على العقل والمنطق والقياس على حساب النصوص ،والمأثورات ،وخاضوا وتعمقوا في المسائل العقلية الدقيقة ،مما جعل فكرهم فكر
صفوة ال فكر عامة وجمهور([ .)]117ذلك ان العامة^ والجمهور تميل إلى األخذ بظواهر النصوص ،والمحسوس ،مما جعل فكر
السلفية النصي الحرفي الظاهري ،أقرب إلى العامة والجمهور.
وهذا ما يفسر انتشار الفكر السلفي في األوساط االجتماعية الفقيرة التي تكره كل ما هو جديد ،أو ال يتناسب^ مع ظواهر النصوص وقد
يكون هذا نتيجة طبيعية لضيق األفق ومحدودية التوجه ،أضف إلى ذلك شعورهم المتشدد الرافض للعقل خشية انسحاب^ العقل على
موروثهم العقائدي القائم على ظاهر القرآن والسنة من دون اعتماد العقل في تأويل ما يمكن تأويله شريطة أن ال يضر بجوهر اإلسالم
وثوابته المعتمدة.
وبرزت لهذا الجمهور قيادات تنادي بالعودة إلى إسالم السلف ،اإلسالم الذي أصبح غريبا ً في مناخ متفلسف ،يقدم العقل وبراهينه على
النصوص وكان على رأس هؤالء اإلمام أحمد بن حنبل([ ،)]118خصوصا ً بعد خروجه من المحنة منتصراً بمساعدة المتوكل
العباسي ،الذي تبنى هذا الفكر ،وآزره بكل قوّ ة.
والناس على دين ملوكهم« :فاستبدل السلفية بالمعتزلة ،وحلّت النصوص محل العقالنية والرأي والتأويل ،وخرج المحدّثون من
محابسهم ^،وحل محلهم فيها علماء الكالم»([ .)]119ثم ان المتوكل العباسي أشخص الفقهاء والمحدّثين ،فقُسّمت^ بينهم الجوائز،
وأ ُ جريت عليهم األرزاق ،وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس وأن يحدثوا األحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية ،وأن يحدثوا
بأحاديث الرؤية([ .)]120فوضعت أحاديث كثيرة في الصفات تفيد التجسيم ،وفي الرؤية ،وفي قدم القرآن مما ليس له أصل في
اإلسالم ،ولم يُعرف قبل هذا التاريخ .وفي هذه األجواء نشطت عقيدة التشبيه والتجسيم([ )]121وذم الكالم ،والقول بقدم القرآن.
وهكذا انتعشت^ الحركة السلفية ،وانتشرت في اآلفاق ،وساد نهجها النصي الحديثي في مرافق الحياة العلمية والبحثية ،وأصبحت مذهبا ً
للدولة آنذاك.
وعلى هذا األساس فقد أسهمت العوامل السياسية في وضع القواعد المنهجية التي تم على أساسها^ تأسيس الفكر السلفي الذي نشأ
وترعرع في أحضان الساسة^ الذين التزموا ور ّتبوا عليه كثيراً من الثمرات والنتائج التي أصبحت ذات قيمة ذاتية عند األوائل من
السلف ،ومن بعدهم من بناة هذا الفكر الذين أخذوا على عاتقهم نشر الوعي الثقافي السلفي على الصعيد العالمي.
وقد واصلت الحركة السلفية بعد أحمد بن حنبل السير على منوال العقائد التي صاغها ،متمثلة بابنه عبد هللا(ت 290 :هـ) ([،)]122
والبربهاري (ت 362 :هـ) ،وابن بطة (ت387:هـ) والقاضي أبي يعلى([ )]123الحنبلي (ت458:هـ) ،وابن الزاغوني([)]124
(ت528 :هـ) وفي هذه الفترة امتازت الحركة السلفية ،بالمغاالة الشديدة بإمامهم أحمد بن حنبل ،في تسطير المناقب له ،والدعوة إلى
مذهبه ،عن طريق المنامات والرؤى ،وفي هذا الصدد يقول عبد الوهاب الو ّراق([( )]125ت 251 :هـ)« :رأيت النبي (ص) أقبل
فقال لي :مالي أراك محزوناً؟ فقلت :وكيف ال أكون محزونا ً وقد حل بأمّتك ما قد ترى؟ فقال لي :لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن
حنبل ،لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل»([ ,)]126وعلى هذا المنوال أخذت تنسج القصص واألساطير حول شخصية أحمد
بن حنبل.
أضف إلى ذلك فإن هذه الفترة قد امتازت باستخدام العنف والقوّ ة لكل من اليرى رأيهم أو ال يسير على مذهبهم حتى ان اإلمام
الطبري (ت 310 :هـ) صاحب التفسير والتاريخ ظل حبيس داره م ّدة ولما توفي حالوا دون تشييعه ودفنه ،أل ّنه ص ّنف كتابا ً للفقهاء
ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل ،فقيل له في ذلك فقال :لم يكن فقيها ً وإ ّنما كان محدّثا ً([.)]127
ويروى أيضا ً :ان نائحة في بغداد كانت تنوح على الحسين (ع) من غير تعريض بالسلف ،فسمع بها الحنابلة أيام البربهاري الحنبلي
فقال :بلغني أن نائحة يقال لها خلب تنوح ،اطلبوها فاقتلوها([.)]128
بعد أحمد بن حنبل خفَّ صوت السلفية ،وابتعدت عن دائرة التأثير بين الناس ،خصوصا ً بعد ظهور دعوى أبي الحسن األشعري (ت:
324هـ) وانتشار مذهبه بين الناس ،إذ أصبح بديالً عن أحمد بن حنبل في ساحة^ العقائد ،عند أهل السنة ،يقول المقريزي (ت845 :
هـ) بعد اإلشارة إلى عقائد اإلمام أبي الحسن األشعري« :هذه جملة من أصول عقيدته التي عليها اآلن جماهير أهل األمصار
اإلسالمية ،والتي من جهر بخالفها أريق دمه»([.)]129
األسباب التي أدت إلى انحسار الفكر الحنبلي:
ان من األسباب التي أ ّد ت إلى انحسار الفكر العقائدي الحنبلي عن الساحة السنية هو المبالغة في إقصاء العقل ،والحرفية في التعامل
مع النص ،فجاء أبو الحسن األشعري بمنهج فيه شيء من الوسطية بين المعتزلة أصحاب العقل ،والحنابلة النصيين فأصبح له نفوذ
وتأثير في الساحة السنية العقيدية ،استطاع من خاللها أن يكون البديل عن أحمد بن حنبل ،ويل ّقب بإمام السنة.
يعرض عرفان عبد الحميد األسباب التي أ ّد ت إلى انحسار عقائد أحمد بن حنبل ،فيقول :مع سالمة هذه العقيدة ،وارتباطها بإمام أهل
السنة ـ أحمد بن حنبل ـ فإنها لم تستمر طويالً ألنها تتضمن اإلحالة إلى المجهوالت ،ال تفهم مؤداها وال غايتها .وهاجمها كثير من
العلماء حتى عدّها ابن حزم األندلسي مدخالً لطريق ينتهي بالتشبيه.
ومن جهة أُخرى ظهور المدارس التوفيقية كمدرسة أبي الحسن األشعري (ت 324:هـ) ،ومدرسة أبي منصور الماتريدي([)]130
السمرقندي (ت 331:هـ) ،الذين أخذوا بالتأويالت المجازية ،متبعين االسلوب الذي بدأه المعتزلة من قبل([.)]131
ويمكننا القول ان السلفية األولى بلغت مع ابن تيمية أوج نضوجها ،واكتمالها ،وغاية مداها ،،ومعه اتخذ المنهج السلفي صورته البينة
التي أبانت عن قواعده ،وقضاياه بصورة حاسمة ^،وحددت الطريق لكل الذين جاءوا من بعده ،أما آراؤه في اإليمان والكفر والقتال
فستجعلها^ الجماعات اإلسالمية المعاصرة ـ من السلفية الجهادية ـ عمدة حراكها ،وسنداً لفعلها المباشر([.)]133
فابن تيمية هو الذي أصّل األصول وق ّع د القواعد للسلفية ،فهو بحق المنظر ،والمشيد للبنيان القاعدي ألفكارها.
يصف عرفان عبد الحميد الحركة السلفية في زمن ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية([ )]134فيقول« :وقد قوى هذا التيار في القرن
السابع للهجرة على يد اإلمام تقي الدين ابن تيمية الحراني (ت 728 :هـ) وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت 751 :هـ) وصار يعرف
بالعقيدة السلفية ،وقد حاول كل من ابن تيمية ،وابن قيم الجوزية دفع الشبه التي ألقيت عليه ،وذلك بإيجاد أساس فكري ،مبني على مبدأ
عام ،يقضي بان ال ضير من إثبات ظواهر الصفات الخبرية ،وان ذلك لن يؤدي إلى التشبيه ،ما دامت المماثلة منفية ،وغير واردة
بين هللا الخالق واإلنسان المخلوق»([.)]135
فالحركة السلفية انتشرت بقوة في زمن ابن تيمية الذي أعلن هذا المذهب في «جرأة وقوّ ة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها ،فإنّ
االضطهاد يُذيع اآلراء وينشرها»([ )]136لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل ،فلم تصبح مذهبا ً للدولة ،وإ ّنما
ظلت حركة ،يلقى اعالمها السجن والعنت واالضطهاد([.)]137
وقد تميزت السلفية في عصر ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية ،باتساق المنهج ووحدة األصول االعتقادية والفكرية ألن ابن قيم
الجوزية كان تلميذاً مخلصا ً لشيخه ابن تيمية ،ومن أكثر الناس التصاقا ً به ،يقول ابن حجر (ت 852 :هـ)ُ « :غلب عليه حب ابن تيمية
هذب كتبه ،ونشر علمه ... ،واعتقل مع ابن تيمية حتى كان ال يخرج عن شيء من أقواله ،بل ينتصر له في جميع ذلك ،وهو الذي ّ
بالقلعة»([.)]138
المبحث الثالث
السلفية الوسيطة (الوهابية)
السلفية الوسيطة ،هي السلفية التي تمثلها الوهابية ،والتي تكونت في شبه الجزيرة العربية ،في البيئة النجدية([ )]139البدوية([
،)]140وهي سلفية نصوصية صلبة([ ،)]141ارتبطت باسم مؤسسها محمد بن عبد الوهاب ( 1115ـ 1206هـ) ،والتي قامت
على بناء العقيدة في ضوء احيائها لمدرسة أحمد بن تيمية الحراني ( 661ـ 728هـ) ،وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت 758 :هـ)،
وإضافتها عنصر مدرسة الحديث المرتبط باسم أحمد بن حنبل.
وما يميز السلفية الوسيطة عن السلفية األولى ،هو أنها أدمجت اتجاه أهل الحديث بشكل عضوي في مسائلها االعتقادية ،والعبادية،
لكنها من ناحية رؤيتها االعتقادية ،لمفهوم التوحيد كانت تعيد إحياء المنظومة الفكرية البن تيمية([ ،)]142فلقد تابعت الوهابية([
)]143تقسيم ابن تيمية([ )]144للتوحيد ـ الربوبية ،االلوهية ،األسماء والصفات ـ بشكل أكثر تشدداً ،وحكمت على أغلب المسلمين
بالكفر والخروج من الملة ،لممارستهم بعض العبادات ،كالتوسل باألنبياء والصالحين ،والتشفع بهم عند هللا ،وزيارة القبور ،يقول
محمد بن عبد الوهاب« :إن الذين قاتلهم رسول هللا (ص) أصح عقوالً ،وأخف شركا ً من هؤالء»([ .)]145ويعني بهم المسلمين
باستثناء أتباعه!!
كما تدعي الوهابية :أنّ العبادة مبنية على أصل توحيد االلوهية ،ال على توحيد الربوبية ،وان المشركين كانوا يوحدون في الربوبية،
ولكنهم يشركون في االلوهية([.)]146
وقد طبق الوهابية هذه المقولة على المسلمين ،وقالوا :ان المسلمين كالمشركين في عصر الجاهلية ،موحدين في الربوبية ،مشركين في
االلوهية([ ، )]147وبذلك وضعوا قواعد للتكفير ،وحددوها بعشرة ،فمنها :الذبح لغير هللا ،واالستعانة ،واالستعاذة ^،واالستغاثة ،والنذر
لغير هللا ،والدعاء من غير هللا.)]148[(...
وإذا نظرنا في كتب محمد بن عبدالوهاب([ ، )]149وبالخصوص كتابيه ،التوحيد وكشف الشبهات نجدها مليئة بالعبارات الصريحة
في تكفير المسلمين ،وكذلك االستشهادات واالقتباسات^ التي تؤكد مرجعيته الحنبلية التيمية المتشددة حتى انّ أحمد بن حنبل لم يرد عنه
نهي في مسألة التوسل باألولياء وزيارة األضرحة ،التي تعرض لها ابن تيمية([ )]150بالنقد والتخطئة ،وصوالً إلى استخدام العنف
وهدم األضرحة في زمن الوهابيين([ ، )]151بحيث لم يبق في نجد والحجاز أي قبر من قبور الصحابة واألولياء ،باستثناء قبر النبي
(ص) الذي يُع ّد في نظر الوهابيين صنم يعبد من دون هللا ،ولوال صيحات المسلمين في كل أنحاء العالم لهدم قبر الرسول (ص) في
ذلك الوقت([.)]152
يقول محمد أبو زهرة عن الوهابية وهدم األضرحة« :إنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على األضرحة هدما ً وتخريبا ً
حتى أطلق عليها بعض الك ّتاب األوربيين وصف هدامي المعابد»([ )]153ويضيف قائالً« :لقد درس محمد بن عبدالوهاب مؤلفات
ابن تيمية ،فراقت في نظره ،وتعمق فيها ،وأخرجها من حيز النظر إلى حيز العمل»([ )]154خصوصا ً تلك التي تتصل بالمجتمع
والدولة ،وركز على فكرة ابن تيمية ،التي تدعو إلى التعاون بين أهم فئتين في المجتمع وهما ،األمراء والعلماء ،والتي تعرض لها ابن
تيمية في كتابه الراعي والرعية ،وقد ترجم محمد بن عبد الوهاب هذا التعاون باالتفاق الذي تم بينه وبين األمير محمد بن سعود حاكم
الدرعية([ )]155في نجد عام (1745م) ويُع ّد هذا حجر الزاوية في الحلف الوهابي السعودي الذي قامت^ على أساسه ^،وال تزال
المملكة العربية السعودية([.)]156
يقول عثمان بن بشر النجدي في كتابه المجد في تاريخ نجد ،عن االتفاق بين محمد بن عبد الوهاب ،ومحمد بن سعود أمير نجد بما
ص ه« :وصل الشيخ ابن عبد الوهاب الدرعية بعد خروجه من العيينة([ ، )]157فالتقى ببعض رجالها ،وقرر لهم التوحيد ،واستقر في
ن ّ
قلوبهم ،فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود (أمير الدرعية) ويشيروا عليه بنصرته فهابوه ،فأتوا إلى زوجته موضى ،وكانت ذات عقل
ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ ،وصفة ما يأمر به ،وينهي عنه ،فوقر في قلبها معرفة التوحيد ،وقذف هللا في قلبها محبة الشيخ فلما
ّ
وعظمه ،واغتنم دخل عليها زوجها محمد ،أخبرته بمكانه ،وقالت إن هذا الرجل ،أتى إليك وهو غنيمة ،ساقها^ هللا لك ،فأكرمه
ّ
نصرته ،عمل أمير الدرعية بما أشارت عليه زوجته ،فتوجه إلى الشيخ ورحّ ب به وأكرمه ،وأمنه على نفسه ،وبشره بالنصرة
والدفاع ،ثم أخبره الشيخ بما كان عليه الرسول (ص) وما دعا إليه ،وما عليه أصحابه من بعده ،وما أمروا به ،وما نهوا عنه ،وان كل
بدعة بعدهم ضالل ،وما أعزهم هللا به بالجهاد في سبيل هللا وأغناهم به ،ثم أخبره بما عليه أهل نجد اليوم من مخالفتهم بالشرك باهلل
تعالى ،والبدع ،واالختالف والجور والظلم.
فلما تحقق محمد معرفة التوحيد وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية ،قال له :يا شيخ إن هذا دين هللا ورسوله الذي ال شك فيه،
وابشر بالنصرة لك ،ولما أمرت به ،والجهاد لمن خالف التوحيد ،ولكن أريد أن اشترط عليك اثنين ،نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد
في سبيل هللا ،وفتح هللا لنا ولك البلدان ،أخاف أن ترحل عنا ،وتستبدل بنا غيرنا.
والثانية :ان لي على الدرعية قانونا ً أخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول ،ال تأخذ منهم شيئاً ،فقال الشيخ :أما األولى فابسط يدك
الدم بالدم والهدم بالهدم ،وأما الثانية ،فلعل هللا يفتح لك الفتوحات فيعوضك هللا من الغنائم ماهو خير منها»([.)]158
المالحظ على هذا االتفاق على ما يراه الباحث :ان نصرة محمد بن سعود ،وقبول دعوة محمد بن عبد الوهاب ،لم تكن لوجه هللا ،بل
لتوسعة السلطان والملك ،والسبب في ذلك ،ان دولة الخالفة اإلسالمية المتمثلة بالدولة العثمانية كانت قائمة ،ويتربص بها األعداء من
كل مكان ،فكان األولى البن سعود أن ينصر دولة الخالفة على المشركين من الصليبيين المتمثلين آنذاك بالعدوان اإلنكليزي
والفرنسي ،ال أن ينصر محمد بن عبد الوهاب على المسلمين ،من أبناء جلدته ويُعمل فيهم السيف ،والسلب والنهب.
ثم ان رد محمد بن عبد الوهاب على طلب ابن سعود ،كان رداً مثيراً حيث قال :الدم بالدم والهدم بالهدم ،وهو شعار خطير ،يُرفع
ويُعمل به مع المسلمين ،وكان األجدر به أن يرفعه بوجه اإلنكليز والفرنسيين ،ثم من أين البن عبد الوهاب نبوءة فتح البلدان،
والحصول على الغنائم!!
هذه المالحظات وغيرها تؤيد الرأي القائل ،ان مشروع ابن عبد الوهاب وابن سعود ،كان مشروعا ً بريطانيا ً([ ،)]159أراد تفتيت
وحدة المسلمين ،وإشغالهم ببعضهم البعض ،من باب فرق تسد ،الشعار البريطاني المعروف ،تمهيداً للسيطرة عليهم.
كان التفاق محمد بن عبد الوهاب ،وابن سعود ،أثر مهم في وضع األساس لقيام الدولة السعودية([ )]160الوهابية في بالد نجد
والحجاز ،وأخذت الدعوة الوهابية ،تنتشر في بالد نجد بشكل واسع وسريع يدعمها السيف والسلطان.
يقول محمد أبو زهرة« :لقد قاد الفكرة الوهابية في ميدان الحرب والصراع ،محمد بن سعود جد األسرة السعودية الحاكمة^ لألراضي
العربية ،وقد كان صهراً للشيخ محمد بن عبد الوهاب ،واعتنق مذهبه وتحمس له وأخذ يدعو إلى الفكرة بقوّ ة السيف ،وأعلن أنه يفعل
ذلك إلقامة السنة ،وإماتة البدعة ،ولع ّل هذه الدعوة الدينية التي أخذت طابع العنف كانت تحمل معها تمرداً على حكم العثمانيين،
ومهما يكن من أمر فقد استمرت الدعوة مؤيدة بقوّ ة السالح ،فج ّردت الدولة العثمانية لها القوّ ة ،ولكنها لم تنتصر عليها ،ولم تقو على
القضاء على قوتها ،حتى تصدى والي مصر محمد علي لها ،فانقضّ على الوهابية بجيشه ،وهزمهم في عدّة معارك ،وعندئذ انقبضت
القوّ ة المسلحة واقتصرت على القبائل العربية ،وكانت الرياض وما حولها مركزاً لهذه الدعوة المستمرة التي كانت تعنف ان وجدت
قوّ ة ،وتنقبض ان وجدت مقاومة عنيفة»([.)]161
ان جنود محمد علي هم الذين هزموا الوهابيين في 1811م ،واستعادوا مكة والمدينة ،ودفعوا بهم نحو الحجاز ،وفي عام 1818م
انقضّ ابنه إبراهيم باشا على القوات الوهابية ـ السعودية ،في عقر قاعدتهم في نجد ،ودمّر عاصمتهم الدرعية ،لقد أعيد تأسيس
السيطرة العثمانية ،حتى أنهم لم يتمكنوا من إعادة تأسيس أنفسهم كسلطة محلية إال بعد مائة عام ،عندما تحالفوا مع اإلمبراطورية
البريطانية ،السترجاع نجد بإشعال الجهاد ضد مسلمي الخالفة([.)]162
لقد تقاسم آل الشيخ وآل سعود أمور الدولة السعودية الوهابية ،منذ البداية ،فما تعلق بالهوية واألحوال الشخصية والدينية تواله آل
الشيخ ،وما تعلق بتسيير أ ُمور الجماعة العامة (الدولة) تواله آل سعود ،ومعلوم ان موقف السلفية الوسيطة (الوهابية) من السلطة
السياسية هو امتداد طبيعي لموقف السلفية األولى ،الداعي إلى وجوب طاعة أولي األمر في السراء والضراء ،بمعنى ان السلفي ال
يتجه في األصل إلنقاذ نفسه عن طريق تولي السلطة ،بل يسلّم به للقائم على األمر ،أو يكتفي هو بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر
بالحسنى ،وبما ال يخل بالهيبة والسلطان([.)]163
ومع مرور الوقت تميّزت وهابيتان ،الوهابية الرسمية التي تلعب دور و ّع اظ السالطين للحكام السعوديين ،والوهابية المنشقة المنتمية
للسلفية الجهادية([.)]164
لقد تع ّرض الفكر الوهابي من قبل علماء المسلمين ـ السنة والشيعة ـ للر ّد والمناقشة ،والتفنيد واالستنكار ،وكان على رأس قائمة
الرا ّدين عليه ،أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب (ت1210:هـ) في كتابه الصواعق اإللهية ،حيث جاء فيه« :ان هذه األمور ـ التي
كفر بها الوهابيون المسلمين ـ حدثت من زمن اإلمام أحمد بن حنبل ،في زمان أئمة اإلسالم ،وأنكرها من أنكرها منهم ،والزالت حتى
يرو عن أحد من أئمة المسلمين أنهم كفروا بذلك ،وال قالوا مألت بالد اإلسالم كلّها ،وفعلت هذه األفاعيل كلّها التي تكفرون بها ،ولم َ
هؤالء مرتدون ،وال أمروا بجهادهم ،وال سموا بالد المسلمين بالد شرك وحرب كما قلتم أنتم ،بل ك ّفرتم من لم يكفر بهذه األفاعيل
وإن لم يفعلها.)]165[(»...
المبحث الرابع
السلفية المتأخرة (الجهادية)
ُتع ّد السلفية الجهادية امتداداً طبيعيا ً للسلفية األولى والوسيطة ،ويُعد المودودي([( )]166ت1979:م) ،وسيد قطب([( )]167ت:
1966م) الركيزة األساسية لهذا االتجاه الفكري([.)]168
نظر مسألة الحاكمية ^،التي من خاللها حكم على المجتمعات^ المسلمة بالجاهلية ،معلالً ذلك با ّنها ال تطبق الشريعةفالمودودي أول من ّ
اإلسالمية ،وعلى األنظمة بالكفر ،ألنها تحكم على وفق القانون الوضعي([ ، )]169وعلى هذا األساس فهو «يربط بين مفهومي
الوحدانية واالستخالف ربطا ً محكماً^»([ )]170إذ يقول المودودي في هذا الصدد« :إنّ الدولة اإلسالمية تقوم على أساس واحد ،هو
حاكمية^ هللا الواحد األحد ،إنّ نظريتها األساسية ^،تقوم على أنّ األرض كلّها هلل ،وهو ربّها ،والمتصرف في شؤونها ،فاألمر والتشريع
والحكم ،كلّها مختصة باهلل وحده ،وليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو شعب ،وال للنوع البشري كافة^ شيء ،من سلطة األمر والتشريع،
فال مجال في حظيرة اإلسالم ،ودائرة نفوذه إال لدولة يقوم فيها المرء بوظيفة خليفة هللا»([.)]171
استعمال المودودي ،ومن بعده سيد قطب مفهوم الجاهلية([ ،)]172سالحا ً معرفيا ً لرفض كل نمط من أنماط الحياة غير اإلسالمية،
(عز وجلّ) ومنهاجه.ّ ومفهوم الحاكمية([ )]173لرفض كل حكم ال يستند على شريعة هللا
ففي مسألة الجاهلية يؤ ّس س المودودي لظاهرة خطيرة ،وهي رمي المجتمع المسلم بصفة الجاهلية التي هي على النقيض من اإلسالم،
إذ يقول من كالم طويل له :فإن عشرتنا ومواكبنا كلّها مصطبغة بصبغة الجاهليتين القديمة ،والجديدة متلونة بلونها ،ثم يقول :وجملة
القول :إنّ ك ّل فرع من فروع حياتنا االجتماعية يناقض اإلسالم ويعارضه ،وناهيك به حجة للناس ،والعالم على أن أتباع اإلسالم
أنفسهم يؤثرون الجاهلية على اإلسالم([.)]174
ويضيف المودودي في مسألة الحاكمية^ والخالفة ،فيقول« :الحاكم الحقيقي في اإلسالم ،إ ّنما هو هللا وحده ،فإذا نظرت إلى هذه النظرية
األساسية ،وبحثت عن موقف الذين يقومون بتنفيذ القانون اإللهي في األرض تبين لك أنه ال يكون موقفهم إال كموقف النواب عن
الحاكم الحقيقي ،فهذا هو موقف أولي األمر في اإلسالم بعينه»([.)]175
وفي موضع آخر يقرر المودودي ان الحاكمية قد أجاب عليها القرآن بشكل قطعي وواضح كل الوضوح ،وهو ان الحاكمية بكل معنى
من معانيها فهي هلل تعالى وحده فانه هو الحاكم الحقيقي ،في واقع األمر ،وال يستحق أن يكون الحاكم األصلي إال هو وحده([.)]176
أمّا سيد قطب فقد تأثر كثيراً بآراء المودودي ،وأعطى لمفاهيمه بعداً حركياً ،وذهب بها إلى المدى األقصى([ .)]177وقد نقل سيد
قطب كثيراً من آراء المودودي ،وأودعها تفسيره في ظالل القرآن وكتابه معالم في الطريق« ،الذي وصف بأنه زنزانة فكرية مغلقة،
شكلت في السجون»([.)]178 فهو بيئة العذابات التي ُ
وقد اشتمل كتابه الموسوم بـ(معالم في الطريق) على رؤية نوعية للمجتمع ،وللعالقات^ القائمة في إطاره ،وهو يُع ُّد دليل ومشروع
عمل للجماعات^ الجهادية ،ومحور رؤية سيد قطب تقوم على أساس االعتداء على سلطان هللا في األرض ،وعلى أخصّ خصائص
االلوهية ،وهي الحاكمية([.)]179
فالمجتمع والنظام ـ على وفق هذا المنظور ـ الذي ال يتخذ من التشريع والقانون اإللهي حكما ً ومنهجاً ،فهو مجتمع جاهلي ونظام كافر،
ومفهوما الجاهلية ،والحاكمية ،ولدا على يد أبي األعلى المودودي ،وأشاع استخدامهما سيد قطب ،ومن ثم تعاقب ّ
منظرو السلفية
الجهادية على توسعتهما ،وصوالً إلى مفهومي الوالء والبراءة([ )]180عند تنظيم القاعدة([.)]181
ومفهوم الجاهلية هو توصيف للواقع االجتماعي والسياسي المعاش ،إذا كان اليستقيم ومفاهيم السلفية الجهادية ^،تجاه المجتمع والدولة،
وغدا اطالقه ،على هذا الواقع ،ال بوصفه توصيفا ً سلبيا ً فحسب بل تم إدخاله في المنظومة العقدية والفقهية بوصفه حكما ً شرعيا ً يُرمى
به األفراد والجماعات^ والمجتمعات^([ ، )]182يقول سيد قطب في هذا الوصف« :ان العالم يعيش اليوم في جاهلية ،من ناحية األصل
الذي تنبثق منه مقومات الحياة ،وأنظمتها جاهلية ،ال تخفف منها شيئا ً هذه التيسيرات المادية الهائلة ،وهذا االبداع المادي الفائق هذه
الجاهلية تقوم على أساس االعتداء على سلطان هللا في أرضه ،وعلى أخص خصائص االلوهية ،وهي الحاكمية ،إنها تسند الحاكمية
إلى البشر ،فتجعل بعضهم لبعض أربابا ً ،ال في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية األولى ،ولكن في صورة ادعاء حق
وضع التصورات والقيم ،والشرائع والقوانين ،واألنظمة واألوضاع بمعزل عن منهج هللا للحياة ،وفيما لم يأذن به هللا»([.)]183
وفي ضوء ما تقدم يعتقد الباحث ان سيد قطب لم يفرق بين مجتمع الجاهلية األولى الوثنية المشركة في عبادة هللا تعالى ،والمتخذة
لنفسها منهجا ً ال يقوم على شرعية هللا ،وبين المجتمعات^ المسلمة التي اعتمدت في قوانينها ودستورها على القانون الوضعي،
فالمجتمعات^ المسلمة ،على الرغم من اعتقادها باإلله الواحد وإيمانها باإلسالم ديناً ،إال أنها في نظر سيد قطب ،تع ُّد مجتمعات^ جاهلية
كافرة ،كالجاهلية األولى ،ألنها نازعت هللا في سلطانه ،وعلى أخص خصائص االلوهية ،وهي الركون واالستناد إلى حاكمية البشر
دون حاكمية^ هللا تعالى وتشريعه.
فسيد قطب يُع ّد رائد التحول الكبير في الحراك اإلسالمي المعاصر ،عندما تحول في مطلع الستينات عن النهج اإلخواني([)]184
الداعي إلى التغيير السلمي ،والتدرج ،واضعا ً كتابه (معالم في الطريق) الذي أصبح برنامج عمل لكثير من الجماعات^ السلفية
المعاصرة ،كما أسس سيد قطب في معالمه لفكر الثورة ونهج الخروج على الحكام وأولي األمر([ ،)]185مخالفا ً بذلك ما عليه السلفية
األولى والوسيطة ،في موقفها الداعي إلى عدم الخروج على الحكام ،وان كانوا ظلمة ،ما لم يظهر منهم كفر بواح([.)]186
يستثن
ِ فحكم سيد قطب من خالل كتابه معالم في الطريق بكفر األمة ،بدون تردد ،شامالً الحاضر وأربعة عشر قرنا ً من الماضي ،ولم
إال الخالفة الراشدة ،إذ قال« :ليس على وجه األرض مجتمع قرّ ر فعالً تمكين شريعة هللا وحدها ،ورفض كل شريعة سواها»([
،)]187فاألمة اإلسالمية ـ كما يرى سيد قطب ـ «قد انقطع وجودها منذ قرون كثيرة»([.)]188
ثم يقرر بشكل صريح« :إن الناس ليسوا مسلمين ـ كما يدعون ـ وهم يحيون حياة الجاهلية»([.)]189
وفي موضع آخر من كتابه معالم في الطريق يقول« :ينبغي أن يكون مفهوما ً ألصحاب الدعوة اإلسالمية أنهم حين يدعون الناس
إلعادة انشاء هذا الدين يجب أن يدعوهم أوالً إلى اعتناق العقيدة حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين ،وتشهد لهم شهادات الميالد
بأنهم مسلمون؛ يجب أن يعلموهم أن اإلسالم هو أوالً ،إقرار عقيدة ال إله إال هللا ،بمدلولها الحقيقي ،وهو رد الحاكمية هلل في أمرهم
كلّه ...فإذا دخل في هذا الدين ـ بمفهومه األصيل ـ عصبة من الناس ،فهذه العصبة هي التي يطلق عليها اسم المجتمع المسلم»([
.)]190
وفي هذه النصوص داللة واضحة وجلية على أن سيد قطب يحكم على األمة المسلمة ،بالكفر العقيدي ،المخرج من الملة ،ويقدم تعريفا ً
جديداً للمسلم ـ ما أنزل هللا به من سلطان ـ فالمسلم الذي تشهد له شهادة الميالد يجب عليه أن يتشهد الشهادة من جديد ،بمدلولها
الحقيقي ،الذي هو رد الحاكمية هلل في أموره كلّها ،وهذا لم يقل به أحد من علماء المسلمين! ثم انه يؤسس للجماعة والعصبة الجديدة
البديلة عن المجتمع المسلم ،والمتحيزة والخارجة عنه ،وبذلك أسس للقطيعة والعنف والتكفير في داخل المجتمع المسلم.
هذه الجماعة والعصبة الجديدة ،التي بدأت شيئا ً فشيئا ً تنسلخ عن المجتمع ـ وفق البرنامج القطبي ـ وتبني حولها أسواراً عالية عازلة
بينها وبين المجتمع المسلم الذي تعيش فيه ،وبدأت تذوب كل المشتركات بينها من مشاعر وأحاسيس واخوة ،وتح ّل محلّها مفاهيم
جديدة أُخرى على وفق المنظومة الجديدة لهذه الجماعات^ التي شكلت النظام الداخلي لها.
كما أعتقد ان موقف سيد قطب األخير يُعد تكثيفا ً متطرفا ً التجاه موجود في ضمن الدائرة اإلسالمية (المحيط اإلسالمي) إذ كانت
الرهانات الدينية القائمة على التغولق واالنكفاء المشحونة بقدسية النصوص التي لم تنفك ابداً عن توجهات السلف وخطاباتهم تتجاوز
الحد المعقول لكي تلبي الحاجيات^ العقدية والنفسية واالجتماعية وااليديلوجية طبقا ً لقواعد الخلفاء وجيل الصحابة الذين يعدّونهم القادة
الروحيين لتأصيل هذا التراث المعبر عن ذاتية التفكير السلفي واتجاهاته.
يقول أحد الباحثين :ان النواة التنظيمية للسلفية الجهادية ،قد تشكلت من رحم حركة اإلخوان المسلمين ،خصوصا ً بعد حالة العداء التي
حصلت بين اإلخوان وحكومة عبدالناصر ،وبالتحديد بعد محاولة اغتيال عبد الناصر سنة 1954م([ ،)]191والتي ا َّتهم بها اإلخوان
المسلمين ،فز َج اإلخوان على أثر ذلك بالسجون والمعتقالت ،والتعذيب ،في هذه األجواء بدأ فكر سيد قطب يتحرك عند هذه
الجماعات ،خصوصا ً بعد تأليفه كتاب معالم في الطريق« ،الذي بات نوعا ً من البيان ،وأشبه بدليل «ما العمل»؟ للتيار اإلسالمي
المتشدد»([.)]192
وفي هذه األثناء بدأ شباب الجماعة بالتعرف على فكر المودودي ،من خالل ترجمة أعماله إلى العربية ،ومن كل ذلك ولدت مدرسة
الغلو والتطرف في مصر ،وتأسست جماعة الجهاد ،التي اعتمدت فكر المودودي وسيد قطب.
وقد كشفت الثمانينات في مصر ،والتسعينات في أفعانستان أن جماعة الجهاد المصرية تقود تحوالت كبرى في الحركة اإلسالمية في
مصر ،والعالم العربي واإلسالمي([ ،)]193والتي اشتركت مع ابن الدن ـ مؤخراً ـ من خالل الظواهري في تشكيل تنظيم القاعدة
عام .)]194[(1986
« في الثمانينات من القرن العشرين ،ظهر االتجاه السلفي الجهادي بشكل قوي ،إثر اجتياح الجيش السوفيتي ألفغانستان ،ومع توجه
أمريكا لالستعانة باإلسالم في مواجهة الشيوعية الزاحفة آنذاك نحو المياه الدافئة ،ونفط الخليج ،هذا االتجاه الذي تعضد بالمجاهدين
العرب»([ ، )]195من األقطار العربية كافة ،وبالخصوص مصر ،وكان هذا التوجه يتماشى مع «رغبة األجهزة األمنية العربية في
التخلص من هؤالء الشباب ،الذين بدأوا يثيرون صراعا ً ال ينتهي بالنسبة لهم َ
عبر اللقاءات والندوات في المساجد ،والمواجهات^ الدامية
العنيفة مع االجهزة األمنية ،في كثير من الدول العربية واإلسالمية ،وكان من وجهة نظرهم ـ الجهات األمنية ـ أن السفر إلى
أفغانستان يعد الطريقة المثلى للتخلص منهم بدون مشاكل ،بالنظر إلى أنه سيتم القضاء عليهم ،حيث ال قبل لهم بمواجهة جيوش
نظامية تملك كل أنواع األسلحة الفتاكة»([.)]196
يبدو للباحث ان السلفية الجهادية بدأت مع حرب أفغانستان وإن لم يكن اسمها ذلك ساعتها ،ولكن نواياها بدأت في ذلك الوقت على يد
المجاهدين العرب ،وقد مرّ ت بمراحل كثيرة ،قبل أن تتطور وتصل إلى شكلها الحالي وكانت أولى بداياتها على يد الشيخ عبد هللا([
وعظمه في مجموعة من المقاالت ،والمؤتمرات عبر العالم ،وفي ّ )]197ع ّزام (ت1989 :م) المبشر بالجهاد ،وقد دعا إلى الجهاد
معسكرات^ التدريب الباكستانية ،وكان في أفغانستان يقوم باستقبال شبان الجهاد ،وتنظيم صفوف المقاتلين([ .)]198وهو مؤسس أول
كتيبة للمجاهدين العرب في أفغانستان ،وكان رئيس مكتب المجاهدين العرب في بيشاور([.)]199
كان عبد هللا عزام ،يرى ان العدو البعيد قبل القريب ،وهذه المقولة كانت محور الخالف بينه وبين الظواهري ،الذي كان يرى ان
األولى باالزالة هي األنظمة العربية ،بالطريقة العسكرية ،ثم إقامة الدولة اإلسالمية ،ثم التفرغ للعدو البعيد ،فعبد هللا ع ّزام كان يرفض
مطلقا ً العمليات العسكرية في الدول اإلسالمية ،بينما الجماعات األُخرى وعلى رأسهم الظواهري ،يستحلون دماء المسلمين بدون
تح ّر ج ،طالما انها ستؤدي في النهاية إلى قيام الدولة اإلسالمية على حد زعمهم([.)]200
عزام ،أصبحت الشخصية األولى في اإلشراف على معسكرات^ المجاهدين في بيشاور ،هي شخصية ابن الدن ،الذي بعد مقتل عبد هللا ّ
أصبح زعيم تنظيم القاعدة« ،الذي يلقبونه بأبي التنظيمات»([.)]201
وقد حظي أسامة بن الدن ،بشهرة دولية واسعة ،وثقة األوساط األفغانية نتيجة جهوده الكبيرة في تنظيم وتجميع المجاهدين العرب في
أفغانستان ،واالسهام بفعالية في االنتصارات األفغانية على القوات السوفيتية الغازية([.)]202
الصعود الثاني البن الدن ،كان في منتصف التسعينات من القرن العشرين ،عندما انتهى الجهاد في أفغانستان ،وبدأ يتفرغ لتنفيذ عدد
من عمليات اإلرهاب والعنف ،وكان يدعو إلى انعاش العمل الجهادي ،وإخراج القوات األمريكية من دول الخليج.
وعلى إثر ذلك جاءت^ الضربات الموجعة التي وجهت إلى البعثة العسكرية األمريكية في الرياض ،وكذلك موقع القوات األمريكية في
الخبر والذي أسفر عن عشرات القتلى ومئات من الجرحى باإلضافة إلى حادثي انفجار السفارة األمريكية في نيروبي ودار السالم
الذي كان بمثابة إعالن قوي عن تواجد أسامة بن الدن القوي في كل موقع له عالقة بالمصالح األمريكية([.)]203
أخيراً توجت هذه األعمال باإلعالن الصريح عن قيام الجبهة اإلسالمية العالمية لجهاد اليهود والنصارى عام 1998م ،التي تشارك
جماعة الجهاد المصرية فيها بزعامة أيمن الظواهري ،وجماعتان من باكستان ،وأُخرى من بنجالدش والفلبين بهدف تدمير المصالح
األمريكية([.)]204
بعد أحداث الحادي عشر من أيلول ،ومباركة ابن الدن لها واعالن تنظيمه المسؤولية عنها ...وما تبعها من غزو أمريكي ألفغانستان^،
والعراق ،بدأ الفكر السلفي الجهادي باالنتشار إلى حد كبير ،وصارت له أعداد كثيرة من المؤيدين في الدول العربية واإلسالمية،
وعلى مواقع االنترنت([.)]205
ويرتكز تنظيم القاعدة على عقيدة الوالء والبراءة ،ويستقي قوته من ع ّد ة عوامل أهمها ،جاذبية الطرح وبساطته ،وروح التدين التي
تسود المجتمعات اإلسالمية ،وخبرة اإلخوان المسلمين في التنظيم والعمل السياسي ،وتفرده في ساحة المواجهة مع الغرب([.)]206
---------------------------------------
([ )]1البوطي /السلفية مرحلة زمنية مباركة ال مذهب إسالمي.
([ )]2البخاري /صحيح البخاري 151 /3كتاب الشهادات ،الترمذي /سنن الترمذي .2320 /+339 /3
([ )]3الرأي :هو اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن ،الراغب /مفردات غريب القرآن.209 /
([ )]4القياس :هو التسوية في الحكم بين أصل منصوص عليه وفرع لم ينصّ عليه لمشابهة^ بينهما .مصطفى جمال الدين /القياس
حقيقته وحجيته 53 /ـ .54
([ )]5أبو حاتم الرازي /الزينة في الكلمات اإلسالمية العربية 267 /القسم الثالث.
([ )]6جماعة ظهروا في البصرة وكانوا من أهل النظر والكالم والجدل يمثلون الخط العقلي في الفكر اإلسالمي ،ظهروا حينما انشق
واصل بن عطاء (ت 131 :هـ) عن مجلس الحسن البصري (ت 110 :هـ) .ظ :الشهرستاني الملل والنحل ،38 /1د .أحمد محمود
صبحي /في علم الكالم .103 /1
([ )]7نسبة إلى جهم بن صفوان ،ويك ّن ى أبا محرز ،فقد نشأ في سمرقند بخراسان وينسب إليه القول بالجبر ونفي الصفات ونفي
التشبيه .ظ :علي سامي النشار /نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم 333 /ـ .342
([ )]8الصابوني ،أبو عثمان إسماعيل /عقيدة السلف وأصحاب الحديث.106 /
([ )]9الجابري /الفكر السلفي عند الشيعة اإلمامية.43 /
([ )]10الشهرستاني /الملل والنحل .79 /1
([ )]11وهي األحاديث ذات األصل اليهودي .ظ :الدكتور علي سامي النشار /نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم .1/70
([ )]12اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختالفا ً كبيراً ال يحاط به وال يضبط في الجاهلية واإلسالم وقد غلبت عليه كنيته فهو
كمن ال اسم له غيرها ،وأصله من عشيرة سليم بن فهم من قبيلة أزد ثم من دوس اسلم بعد الثالثين من عمره في سنة 7من الهجرة،
ولفقره اتخذ سبيله إلى الصفة وهو موضع في مؤخر مسجد النبي (ص) اعد للفقراء الذين ال منازل لهم وال عشائر.
ظ :ابن حجر العسقالني /اإلصابة ،200 /4ابن عبد البر /االستيعاب ،200 /4محمود أبو ريّة /أضواء على السنة المحمدية202 /
ـ .204
([ )]13النشار /نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم .258 /1
([ )]14الشهيد الثاني /حقائق اإليمان.59 /
([ )]15التهانوي /موسوعة كشاف اصطالحات^ الفنون والعلوم .678 /1
([ )]16سبحاني /الملل والنحل .124 /1
([ )]17الصفدي /الغيث المنسجم .55 /2
([ )]18الجابري /الفكر السلفي عند الشيعة االثنا عشرية.79 /
([ )]19أبو زهرة /تاريخ المذاهب اإلسالمية.259 /
([ )]20هو عبد الرحمن بن عمر األوزاعي إمام أهل الشام روى عنه سفيان الثوري وأخذ عنه كثيرون وكانت والدته ببعلبك سنة
88هـ وقيل سنة 93وتوفي في سنة 157هـ .
ظ :ابن خلكان /وفيات األعيان 127 /3رقم ، 361بطرس البستاني /دائرة المعارف .643 /4
([ )]21هو أبو عبد هللا سفيان بن سعيد بن مسروق ،مات في البصرة ،متواريا ً عن الخليفة العباسي سنة 161هـ .ظ :الذهبي /سير
أعالم النبالء /130 /6رقم .1218
([ )]22صاحب المذهب المالكي وكتاب الموطا وهو أبو عبد هللا مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر .ظ :الذهبي /سير أعالم النبالء
/303 /6رقم .1315
([ )]23الصابوني /عقيدة السلف ،110 /البغوي /تفسير البغوي ،165 /2السيوطي /الدر المنثور ،170 /3ابن تيمية /نقض
المنطق16 /
([ )]24هو أبو عبدهللا أحمد بن حنبل بن هالل بن أسد ،عربي النسب إذ ينتهي إلى قبيلة شيبان ،كانت أسرته في خراسان ،ثم انتقلت
إلى بغداد ،حيث ولد أحمد بن حنبل فيها سنة 164هـ ،وكان جده واليا ً عند األمويين أواخر أيامهم ثم اتصل بالعباسين وعمل معهم^ وقد
وجه أحمد منذ صباه إلى دراسة القرآن والسنة ،وبالخصوص الحديث حيث أنه اختص فيه حفظا ً ورواية وجمعاً ،ابتدأ رحالته في
طلب الحديث سنة 186هـ إذ رحل إلى البصرة ثم الحجاز والكوفة واليمن ،ص ّنف كتابه المسند ،وجمع فيه األحاديث الكثيرة ،وكان
أحمد بن حنبل من أصحاب الشافعي^ وخواصه ،وكان له ولدان ،صالح وعبد هللا ،عاصر من الخلفاء العباسين المأمون والواثق
والمعتصم والمتوكل .توفي في بغداد ودفن فيها.
ظ :أبو يعلى/طبقات الحنابلة 1/8رقم ،1ابن خلكان/وفيات األعيان 1/63رقم ،20الذهبي/العبر في خبر من عبر ،1/215ابن
العماد الحنبلي/شذرات الذهب ،2/96محمد أبو زهرة/تاريخ المذاهب اإلسالمية.484 /
([ )]25سبحاني /الملل والنحل.309 /
([ )]26أي بعد هالك الواثق العباسي ومجيء المتوكل ،والمحنة هي ما صنعه المأمون العباسي في امتحان الناس وإجبارهم على
القول بخلق القرآن ،وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين .ظ :تاريخ الطبري 518 /7ـ ،519د .أحمد محمود صبحي /في علم الكالم
.133 /1
([ )]27سبحاني /الملل والنحل ( 310 /3بتصرف).
([ )]28هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن الخضر بن علي بن عبد هللا ،وتعرف اسرته بأسرة ابن
تيمية ،ويعرف ابن تيمية بالحراني والدمشقي ـ والنسب إلى بلد دون القبيلة تومي إلى أنه ليس بعربي ـ كان مولده سنة 661هـ في
حران من بيت حمل لواء المذهب الحنبلي ،وتعاقب^ فيه رجاله على زعامة المذهب ،وتوارثوا البيان والبنان فتصدروا الخطابة
وأكثروا التأليف .انتقل مع أبيه إلى دمشق واشتهر فيها ،تعرض لالعتقال والسجن بسبب خروجه على إجماع المسلمين بآرائه وأفكاره
حتى مات مسجونا ً في قلعة دمشق سنة 728هـ ،له مص ّنفات كثيرة .ظ :الذهبي :العبر في خبر من عبر ،405 /2ابن العماد
الحنبلي/شذرات الذهب ،80 /6الزرگلي/األعالم .1/144
([ )]29ولد في قرية العيينة بنجد وفيها أخذ دروسه األولى ،ثم انتقل إلى المدينة المنوّ رة ،وأقام مدة في البصرة وبغداد ثم عاد إلى
العيينة ليخرج منها بدعوته الجديدة ،متأثراً بأفكار ابن تيمية وابن قيم الجوزية التابعين لمذهب أحمد بن حنبل ،وقد صادفت دعوته
نجاحا ً كبيراً بعد أن أخذ بها أمير الدرعية في نجد محمد بن سعود وبعد هذا االتفاق أخذت دعوته باالنتشار في شبه الجزيرة العربية
ووصل نشاط الوهابيين إلى أطراف بالد الشام والعراق فطلب السلطان العثماني إلى محمد علي باشا والي مصر قتالهم فبعث
بحمالت ع ّد ة إلى الجزيرة تمكنت من الحاق الهزيمة بهم وتقليص نفوذهم وحصره في نجد.
لكن الوهابيين عادوا في عام 1841م بعد انسحاب الجيوش المصرية إلى نشاطهم فتمكنوا بقيادة آل سعود من السيطرة على الجزيرة
العربية وبعث الدولة السعودية وقد انتشرت أفكار ابن عبد الوهاب وتأثر بها سلطان مراكش سيدي محمد بن عبد هللا (ت1790 :م)
وفي الهند سيد أحمد وفي الشمال األفريقي محمد بن علي السنوسي وفي السودان وغيره .وله تصانيف منها كتاب التوحيد وكتاب
الكبائر وكشف الشبهات ...ظ :الزرگلي /األعالم ،257 /6فهمي جدعان /أسس التقدم العلمي. 569/
([ )]30أبو زهرة /تاريخ المذاهب اإلسالمية.187 /
([ )]31محمد بن يزيد القزويني /سنن ابن ماجة 125 /1ح.203
([ )]32ابن منظور /لسان العرب .280 /7
([ )]33العسكري /المصطلحات^ اإلسالمية.223 /
([ )]34عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم القرشي األموي ملك تسعة وعشرين شهراً مات^ وهو ابن تسع وثالثين سنة .ظ:
البخاري/التاريخ الكبير /32 /6رقم ،2079األصبهاني /حلية األولياء /288 /5رقم .323
([ )]35األصبهاني /حلية األولياء 380 /5ح .7477
([ )]36حسن الحكيم /مذاهب اإلسالميين.43 /
([ )]37سبحاني /الملل والنحل .310 /1
([ )]38حسن إبراهيم حسن /تاريخ اإلسالم .134 /2
([ )]39أحمد بن يحيى بن المرتضى /المنية واألمل في شرح الملل والنحل.106 /
([ )]40مصطلح سياسي أطلق على الشيعة من قبل أعدائهم .وفي األصل (اللغة) :جنود تركوا قائدهم وانصرفوا ،فكل طائفة منهم
رافضة والنسبة إليهم رافضي .ظ :ابن منظور /لسان العرب 191 /6مادة (رفض).
([ )]41ابن تيمية /منهاج السنة .291 /1
([ )]42ابن حبان /الصحيح .237 / 16
([ )]43السيوطي /تاريخ الخلفاء.153 /
([ )]44حجر بن عدي الكندي يكنى أبا عبد الرحمن كان قد وفد إلى النبي (ص) وشهد القادسية وشهد الجمل وص ّفين مع علي (ع)،
قتله معاوية بن أبي سفيان بمرج عذراء سنة ثالث وخمسين .ظ :الحاكم النيسابوري /المستدرك 531 /3ـ 532ح.5974
([ )]45ان رجالً جاء إلى سهل بن سعد فقال :هذا فالن أمير المدينة يذكر عليا ً (ع) عند المنبر ،قال فيقول ماذا؟ قال يقول له أبو
تراب ،فضحك وقال :ما سماه به إال النبي (ص) وما كان له اسم أحب إليه منه ،فاستعظمت^ الحديث وقلت يا أباعباس كيف كان ذلك؟
قال دخل علي (ع) على فاطمة^ (ع) ثم خرج فاضطجع في المسجد فدخل رسول هللا (ص) على ابنته فاطمة (ع) وقبّل رأسها ونحرها
وقال لها :أين ابن عمك؟ قالت :في المسجد فخرج النبي (ص) فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلط التراب إلى ظهره فجعل يمسح
التراب عن ظهره ويقول قم أبا تراب مرّ تين.
ظ :صحيح مسلم 942 /ح( 2409باب فضائل علي )7ظ :ابن طاووس /الطرائف .118 /1
([ )]46زرى عليه عمله إذا عابه وع ّنفه .ظ :ابن منظور /لسان العرب .30 /7
([ )]47اليعقوبي/تاريخ اليعقوبي 160 /2ـ ،161المسعودي /مروج الذهب 12 /3ـ .13
([ )]48المالكي /قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي انموذجاً 75 /ـ .76
([ )]49نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان.
([ )]50المالكي /قراءة في كتب العقائد.76 /
([ )]51المالكي /قراءة في كتب العقائد.76 /
([ )]52أبو زهرة /تاريخ المذاهب اإلسالمية.187 /
([ )]53السبحاني /المذاهب اإلسالمية الملل والنحل.33 /
([ )]54التهانوي /كشاف اصطالحات الفنون .385 /2
([ )]55ابن داود /السنن 202 /4ـ .4612 /203
([ )]56الحسن البصري اإلمام الفصيح المشهور كان من سادات التابعين وكبرائهم وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة ،أبو
يسار كان مولى زيد بن ثابت األنصاري وأمه خيرة موالة أم سلمة زوجة النبي (ص) ولد بالمدينة لسنتين بقينا من خالفة عمر وتوفي
بالبصرة في رجب سنة 110هـ .ظ :البخاري /التاريخ الكبير 272 /2رقم ،2503الذهبي /سير أعالم النبالء 642 /4رقم
،7206بطرس البستاني /دائرة المعارف .44 /7
([ )]57ابن المرتضى /المنية واألمل في شرح الملل والنحل.134 /
([ )]58أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي /تلبيس إبليس.9 /
([ )]59الصابوني /عقيدة السلف.119 /
([ )]60أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي /مناقب اإلمام أحمد بن حنبل.156 /
([ )]61المصدر السابق 378 /ـ .379
([ )]62ابن قيم الجوزية /أعالم الموقعين .139 /2
([ )]63أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي /مناقب أحمد بن حنبل.165 /
([ )]64أبو الحسن األشعري علي بن إسماعيل بن أبي بشر المتكلم البصري صاحب التصانيف وله بضع وستون سنة أخذ علم الجدل
والنظر عن أبي علي الجبائي المعتزلي وكان متكلما ً على طريقة المتعتزلة ثم خرج عليهم ،وتنسب فرقة األشاعرة الكالمية إليه .ظ:
ابن العماد الحنبلي /شذرات الذهب ،303 /2بشير محمد عيون /مقدمة اإلبانة عن أصول الدين لألشعري.8 /
([ )]65أبو الحسن األشعري /اإلبانة.43 /
([ )]66ابن القيم الجوزية /اعالم الموقعين .139 /2
([ )]67البربهاري هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف شيخ الحنابلة في وقته الفقيه الداعية إلى األثر توفي مستتراً من الحاكم في
رجب سنة ثمان وعشرين وثالث مائة .ظ :الذهبي /سير أعالم النبالء 50 /10الرقم .3037
([ )]68الذهبي /سير أعالم النبالء 50 /10الرقم .3037
([ )]69ابن بطة هو أبو عبد هللا عبيد هللا بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري الفقيه الحنبلي توفي في المحرم وله ثالث
وثمانون سنة كان صاحب حديث ولكنه ضعيف من قبل حفظه ومن مصنفاته كتاب اإلبانة في أصول الدين .ظ :الذهبي /سير أعالم
النبالء 658 /10رقم ،3739ابن عماد الحنبلي /شذرات الذهب ( 122 /3حوادث سنة 387هـ).
([ )]70أبو الحسن بن بشار هو علي بن محمد بن بشار البغدادي الزاهد شيخ الحنابلة أخذ عن صالح بن أحمد بن حنبل توفي سنة
313هـ ،ظ :أبو يعلى /طبقات الحنابلة 111 /3رقم ،599البغدادي /تاريخ بغداد ،67 /22الذهبي /تاريخ اإلسالم ،458 /23
ابن عماد الحنبلي /شذرات الذهب .267 /2
([ )]71أبو يعلى /طبقات الحنابلة 111 /3رقم ،599البغدادي /تاريخ بغداد ،67 /22الذهبي /تاريخ اإلسالم .458 /23
([ )]72إسماعيل الصابوني هو أبو عثمان شيخ اإلسالم إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي^ الواعظ المفسّر المص ّنف أحد
األعالم .ظ :األسنوي /طبقات الشافعية 43 /2رقم ،734ابن العماد الحنبلي /شذرات الذهب .282 /3
([ )]73الصابوني /عقيدة السلف وأصحاب الحديث.106 /
([ )]74وهو شعبة بن الحجاج المكنى بأبي بسطام (ت 106 :هـ).
([ )]75الصابوني /عقيدة السلف وأصحاب الحديث 133 /ـ .134
([ )]76قال (ص)( :خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته).
صحيح البخاري 151 /3كتاب الشهادات^.
([ )]77ابن تيمية /مجموع الفتاوى .84 /4
([ )]78سيرد التعريف بها ضمن مبحث خاص في هذا الفصل.
([ )]79ابن تيمية /اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم 294 /ـ .295
([ )]80األميني /كشف االرتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب.286 /
([ )]81البوطي /السلفية.240 /
([ )]82الصحوة اإلسالمية بين الجمود والتطرف.39 /
([ )]83القرن :األمة تأتي بعد األمة ،وقيل :مدته عشر سنين ،وقيل عشرون سنة ،وقيل :ثالثون ،وقيل :ستون ،وقيل :سبعون ،وقيل:
ثمانون وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان ،وفي النهاية :أهل كل زمان ،مأخوذ من االقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل
ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم .ظ :ابن منظور /لسان العرب ( 87 / 12مادة قرن).
([ )]84ظ :البخاري /صحيح البخاري 151 /3كتاب الشهادات^.
([ )]85ظ :مسلم /صحيح مسلم 983 /رقم الحديث ( 2533باب فضائل الصحابة ثم الذين يلونهم.)...
([ )]86ظ :أحمد بن حنبل /المسند 267 /4حديث حنظلة الكاتب األسدي.
([ )]87ظ :خبر اآلحاد :هو الذي ال تتوفر فيه مواصفات الحديث المتواتر ،سواء كثرة رواته أم قلتهم ،وليس شأنه افادة العلم بنفسه،
نعم قد يفيده بانضمام القرآن إليه ،وقد اختلفوا في حجية خبر الواحد ،فالشريف المرتضى كان ال يعمل بأخبار اآلحاد وتابعه عدد من
الفقهاء والمح ّد ثين وقد ادعى على ذلك اجماع اإلمامية بقوله( :ان أصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهم ومتأخرهم يمنعون من العمل
بأخبار اآلحاد) ،أما الشيخ الطوسي (ت 460 :هـ) قد أخذ بحجية خبر الواحد ولكن وفق شروط وقرائن تدل على صدقه .ظ :حسن
الحكيم /مذاهب اإلسالميين في الحديث 183 /ـ .184
([ )]88ألن المسألة المطروحة هنا عقيدية وهي :ان اجتهادات أهل القرون الثالثة حجة لذاتها أي :انّ تصرفات أهل القرون الثالثة
حجة ألنهم أهل القرون الثالثة ال غير!!
([ )]89رأس المتكلمين في البصرة في زمانه ،أبو محمد عبد هللا بن سعيد بن كالب القطان البصري ،صاحب التصانيف في الرد
على المعتزلة .أخذ عنه الكالم داود الظاهري ،وكان يلقب كالبا ً ألنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبالغته وأصحابه هم الكالبية.
الذهبي /سير أعالم النبالء 113 /8رقم ،2012السبكي /طبقات الشافعية^ الكبرى 492 /1رقم .65
([ )]90هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القالنسي.
([ )]91ظ :النشار /نشأة الفكر الفلسفي.282 /
([ )]92المرتضى /الشافي في اإلمامية .55 /4
([ )]93أحمد بن حنبل /المسند 130 /3مسند أنس بن مالك.
([ )]94مسلم /صحيح مسلم( 901 /باب اثبات حوض نبينا (ص) وصفاته).
([ )]95الحاكم النيسابوري/المستدرك على الصحيحن 96–4/95ح( 6992باب فضائل األمة بعد الصحابة والتابعين).
([ )]96سنن ابن ماجة 129 /3ح.2364
([ )]97المقريزي /امتاع االسماع 341 /12نقالً عن ابن عبد البر.
([ )]98البوطي /السلفية 14 /ـ .15
([ )]99محمد بن صالح العثيمين /شرح األصول الثالثة والستة لمحمد بن عبد الوهاب.127 /
([ )]100حسن حنفي /من العقيدة إلى الثورة .34 /1
([ )]101ظ :محمد عزام /االتجاهات الفكرية المعاصرة من السلفية إلى الحداثة.70 /
([ )]102د .محمد عابد الجابري /التراث والحداثة.24 /
([ )]103محمد رفعت زنجير /اتجاهات تجديدية متطرفة في الفكر اإلسالمي المعاصر.95 /
([ )]104وهو المكان الذي اجتمع فيه األنصار وبعض المهاجرين منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة .وحصلت فيه البيعة ألبي بكر
بالخالفة .ظ :المسعودي /مروج الذهب ،316 /2تاريخ الطبري ،70 /3تاريخ اليعقوبي .83 /2
([ )]105ظ :عرفان عبد الحميد /دراسات في الفرق والعقائد ،124 /أحمد محمود صبحي /في علم الكالم .32 /1
([ )]106الجابري /الفكر السلفي.68 /
)و َفا ِك َه ًة َوأ ّباً( (عبس ، )31 /وقال هذه الفاكهة فما األب؟ ثم قال :نهينا عن التكلف.
([ )]107قرأ عمر بن الخطاب َ
القرضاوي /كيف نتعامل مع التراث والتمذهب واالختالف.263 /