You are on page 1of 30

‫السلفية‪ ..

‬النشأة والتطور‬
‫دراسة تحليلية‬

‫أ‪.‬م‪.‬د‪ .‬كريم شاتي السراجي‬


‫كلية الفقه‪ /‬جامعة الكوفة‬

‫المقدمة‬
‫الحمد هلل الذي بنعمته تتم الصالحات‪ ،‬وبفضله تتنزل البركات‪ ،‬وبتوفيقه تتحقق الغايات‪ ،‬وبتيسيره تزول العقبات‪ ،‬والصالة والسالم‬
‫على الرحمة المهداة والنعمة المسداة‪ ،‬البشير النذير السراج المنير‪ ،‬حبيب قلوبنا المصطفى األحمد‪ ،‬وعلى آله األخيار المصطفين‬
‫األبرار‪ ،‬وصحبه النجباء‪ ،‬ومن سار على نهجه ومن وااله‪.‬‬

‫أما بعد‪:‬‬
‫في هذا المقطع الزماني الذي شهد كثيراً من المتحوالت والمتغيرات على الصعيد العالمي‪ ،‬شهدت الساحة اإلسالمية ظهوراً مكثفا ً‬
‫للتيار السلفي الذي ترعرع بفعل عوامل عدة‪ ،‬أسهمت في اثراء هذا الفكر بعد ان وجدت البيئة المناسبة لتثبيت سلطته وايديولوجيته‬
‫الصعب في ساح ِة‬
‫َ‬ ‫النصوص‪ ،‬كما أخذ يشكل الرق َم‬
‫ِ‬ ‫ظواهر‬
‫ِ‬ ‫التأويل‪ ،‬والجمو ِد على‬
‫ِ‬ ‫رفض‬
‫ِ‬ ‫العقل المفضي إلى‬
‫ِ‬ ‫القائم ِة على إقصا ِء‬
‫المتمثل بالواليات المتحدة األمريكية وحلفائِها‪.‬‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫الجدي‬ ‫العالميِّ‬ ‫النظام‬
‫ِ‬ ‫ومع‬ ‫‪،‬‬ ‫اإلسالميِّ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫الصعي‬ ‫على‬ ‫ِ‪،‬‬
‫ة‬ ‫واألنظم‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫الحكوما‬ ‫الصراع مع‬
‫ِ‬

‫الباحثين وال ُكتا ِ‬


‫ب والمفكرين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اهتمام‬
‫ِ‬ ‫موضع‬
‫َ‬ ‫ومن هنا أصبح الفك ُر السلفيُ‬

‫وقد انتظم هذا البحث في اربعة مباحث تناولت في المبحث االول نشأة مصطلح السلفية وتطوره‪ ,‬والمبحث الثاني تناول السلفية االولى‬
‫التي وجدت بداياتها مع احمد بن حنبل ثم باتباعه في القرن الرابع الهجري حتى ابن تيمية الحراني وتلميذه ابن قيم الجوزية اما‬
‫المبحث الثالث فتناول السلفية الوسيطة وهي السلفية الوهابية ثم المبحث الرابع الذي تناولت فيه السلفية الجهادية وتشكيالتها ‪.‬‬

‫المبحث األول‬
‫نشأة المصطلح‬
‫يبدو انّ تسمية بعض فرق المسلمين بالسلفية‪ ،‬غريبٌ نوعا ً ما على صعيد الفكر اإلسالمي؛ ألن كثيرين من أرباب الفكر يعتبرون‬
‫السلفية نزعة تميل إلى األخذ بنهج الماضين عموما ً‪ ،‬فالنظر إلى السلف بوصفهم مرجعية فكرية لفهم اإلسالم‪ ،‬واالستضاءة بسلوكهم‪،‬‬
‫صبغة عامة لجميع المسلمين‪ ،‬ال خاصة بجماعة دون أُخرى‪.‬‬

‫في حين ذهب البوطي([‪ )]1‬إلى أنّ السلفية مرحلة زمنية‪ ،‬وليست مذهبا ً إسالميا ً‪.‬‬

‫ويبدو للباحث عدم صحة هذا القول إذا أخذنا بنظر االعتبار انّ السلفية قد ترعرعت ونمت عبر الحقب المتالحقة ح ّتى أصبحت مذهبا ً‬
‫خاصا ً تحمله بعض الجماعات واالتجاهات اإلسالمية التي تنادي بالرجوع إلى السلف الصالح واالقتداء بهم في فهم الدين والدنيا‪،‬‬
‫ويقصدون بالسلف الصالح أهل القرون الثالثة األولى من عمر األمّة اإلسالمية‪ ،‬إذ رووا عنه (ص) أ ّنه قال‪« :‬خير الناس قرني ثم‬
‫الذين يلونهم ثم الذين يلونهم‪.)]2[(»...‬‬

‫بيد أنّ مصطلح السلفية له جذوره التاريخية‪ ،‬وله ارتباطه الوثيق بمصطلحات أُخرى‪ ،‬ينبغي التعرض لها وتوضيح المراد منها قبل‬
‫الولوج في مصطلح السلفية وبيان نشأته واتجاهاته‪ .‬ومن هذه المصطلحات‪ :‬أهل الحديث‪ ،‬وأهل السنة والجماعة‪.‬‬

‫أهل الحديث‪:‬‬
‫يبدو للمتتبع انّ هذه الفرقة ظهرت على يد من امتهن جمع األحاديث النبوية‪ ،‬وتدوينها في القرن الثاني الهجري‪ ،‬وبنوا عقائدهم أو‬
‫أحكامهم^ باالعتماد الكلي على ظواهر اآليات والروايات التي رواها الصحابة والتابعون األوائل عن الرسول (ص) إذ يحرمون‬
‫تأويلها‪ ،‬وقد أثبتوا ـ على سبيل المثال ال الحصر ـ صفات هللا الخبرية وجعلوا الخالق في مصاف المخلوق‪ ،‬فأثبتوا اليدين والرجلين‬
‫والوجه واالستواء على الحقيقة من دون تأويل‪ .‬وفي هذا الصدد يقول عنهم أبو حاتم الرازي (ت‪322:‬هـ)‪« :‬أصحاب الحديث فسمّو‬
‫بذلك أل ّنهم أنكروا الرأي([‪ ،)]3‬والقياس([‪ ، )]4‬وقالوا‪ :‬علينا أن نتبع ما روي لنا عن رسول هللا (ص) وعن الصحابة والتابعين وما‬
‫جاء عنهم من الحديث في الفقه‪ ،‬والحالل والحرام وال يجوز لنا أن نقيس بآرائنا‪ ...‬فقيل لهم أصحاب الحديث وأصحاب األثر‪ ،‬وهم‬
‫مجتمعون على أن اإليمان قول وعمل والقرآن غير مخلوق‪ ،‬وكفروا من قال بخلق القرآن»([‪.)]5‬‬

‫ويقول عنهم المحدّث الصابوني (ت‪ 449 :‬هـ)‪« :‬أصحاب الحديث يعرفون ربّهم ‪ U‬بصفاته التي نطق بها وحيه وتنزيله وشهد له بها‬
‫رسوله (ص) على ما وردت األخبار الصحاح به ونقلته العدول الثقات عنه ويثبتون له ‪ Y‬ما أثبت لنفسه في كتابه وعلى لسان رسوله‬
‫(ص) وال يعتقدون تشبيها ً لصفاته بصفات خلقه فيقولون انه خلق آدم بيده كما نص سبحانه عليه في قوله تعالى‪َ ) :‬يا إ ْبلِيسُ َما َم َن َع َ‬
‫ك‬
‫ت ِبيَدَيَّ ( (سورة ص‪ ،)75 /‬وال يحرّ فون الكالم عن مواضعه بحمل اليدين على النعمتين أو القوتين تحريف‬ ‫أنْ َتسْ جُدَ ِل َما َخلَ ْق ُ‬
‫المعتزلة([‪ )]6‬الجهمية([‪ )] 7‬أهلكهم هللا‪ ،...‬وكذلك يقولون في جميع الصفات التي نزل بذكرها القرآن ووردت بها األخبار الصحاح‬
‫من السمع والبصر والعين والوجه والعلم والقوّ ة والقدرة والقول والكالم والرضا والسخط والحياة واليقظة والفرح والضحك وغيرها‬
‫من غير تشبيه لشيء من ذلك بصفات المربوبين المخلوقين‪ ،‬بل ينتهون فيها إلى ما قاله هللا تعالى وقاله رسوله (ص) من غير زيادة‬
‫عليه وال إضافة إليه وال تكيف له وال تشبيه وال تحريف وال تبديل وال تغير وال إزالة للفظ الخبر عما تعرفه العرب ويقرون بان‬
‫تأويله ال يعلمه إال هللا‪.)]8[(»...‬‬

‫وقيل‪« :‬إ ّن ما سمو أصحاب الحديث ألن عنايتهم بتحصيل الحديث ونقل األخبار وبناء األحكام والنصوص‪ ،‬وال يرجعون إلى قياس‪...‬‬
‫ما وجدوا خبراً أو أثراً»([‪ )]9‬كما يطلق عليهم اسم الصفاتية إذ يقول الشهرستاني‪« :‬اعلم أن جماعة كثيرة من السلف كانوا يثبتون هلل‬
‫صفات أزلية من العلم والحياة والقدرة واإلرادة والسمع والبصر والكالم‪ ...‬وال يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل‪ ،‬وكذلك‬
‫يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والرجلين والوجه وال يؤولون ذلك‪ ..‬ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون‪ ،‬سمي‬
‫السلف صفاتية والمعتزلة معطلة‪ ،‬فبلغ بعض السلف في إثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات»([‪.)]10‬‬

‫وهذا يثبت أ ّن هم يقفون عند النص‪ ،‬من دون النظر إلى المفهومية الواسعة التي تتكفل ببيان معنى تلك النصوص بوجوهها المختلفة‪،‬‬
‫وهذا يبرز المغزى السلوكي‪ ،‬والفكري ألصول هذه الفرقة‪ ،‬ويعكس عن واقعها الموروث الذي يؤطر الواقع العملي للسلفية ويطلق‬
‫عليهم مناوؤهم بالحشوية أي «حشو الحديث بغرائب وشواذ وإسرائيليات([‪ ،...)]11‬وقد اتهم عدد من الصحابة بأ ّنهم قبلوا الكثير من‬
‫األحاديث بدون تفحص أو نقد‪ ،‬وعلى رأس هذا العدد الصحابيان المشهوران عبد هللا بن عمر بن الخطاب (ت‪ 73 :‬هـ) وأبو هريرة([‬
‫‪( )]12‬ت‪ 59 :‬هـ)» ([‪.)]13‬‬

‫ش ون األحاديث التي ال أصل لها في األحاديث المروية عن‬ ‫وقيل عن سبب تسميتهم بالحشوية‪« :‬وسمّيت الحشوية حشوية أل ّنهم يح ّ‬
‫طريق الوحي»([‪ ،)]14‬وقيل أيضا ً سمو حشوية «ألن منهم المجسمة والجسم حشو»([‪ ،)]15‬وجميع الحشوية يقولون بالجبر‬
‫والتشبيه‪ ،‬وتوصيفه تعالى بالنفس‪ ،‬واليد‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن كل حديث يأتي به الثقة من العلماء فهو حجة أيا ً كانت‬
‫الواسطة([‪.)]16‬‬
‫ثم ان الغالب بالحشوية عند أهل الحديث هم الحنابلة‪ ،‬وبذلك يقول الصفدي‪« :‬الغالب في الشافعية^ أشاعرة‪ ،‬والغالب في الحنفية‬
‫معتزلة‪ ،‬والغالب في المالكية قدرية‪ ،‬والغالب في الحنابلة حشوية»([‪.)]17‬‬

‫إنّ هذا االتجاه الحديثي والنقلي كان امتداداً للطبيعة العربية التي وجدناها في جزيرة العرب([‪ ،)]18‬فكانت^ وما زالت الحجاز والمدينة‬
‫مركز المباحث الحديثية والنقلية والسلفية التي ال تخرج عن ظاهر الكتاب واألحاديث‪ ،‬وفي المقابل كان العراق ـ وبالخصوص الكوفة‬
‫ـ مركز المباحث العقلية المعتمدة على الرأي‪.‬‬

‫ولقد جرى على أقالم بعض العلماء انّ أهل الحديث أكثرهم بالحجاز‪ ،‬وأكثر أهل الرأي في العراق([‪ .)]19‬فظهر لنا اتجاه أصحاب‬
‫الحديث ممثالً بعبد هللا بن عمر (ت‪ 73 :‬هـ) واألوزاعي([‪( )]20‬ت‪157 :‬هـ)‪ ،‬وسفيان الثوري([‪( )]21‬ت‪161 :‬هـ) ومالك بن‬
‫أنس([‪( )]22‬ت‪179 :‬هـ) ـ صاحب القول المشهور‪« :‬االستواء معلوم والكيف غير معقول‪ ،‬واإليمان به واجب والسؤال عنه‬
‫بدعة»([‪ )]23‬الذي أصبح فيما بعد عند أصحاب هذا االتجاه قارب النجاة للفرار من المشبهة والمجسمة الخالصة المكيفة‪ ،‬وأحمد بن‬
‫حنبل([‪( )]24‬ت‪ 241 :‬هـ) الذي يعد من أبرز رجاالت هذا االتجاه إذ عمل على جمع األحاديث وتنظيمها وتوحيد العقائد المأخوذة‬
‫من تلك األحاديث وتدوينها‪ ،‬بعد أن كان أهل الحديث على فرق وشيع إذ لم تكن هذه العقائد برمتها مقبولة عندهم‪ ،‬وإ ّنما اإلمام أحمد‬
‫وحّ دهم على تلك العقائد واألصول وقضى على سائر تلك المذاهب الدارجة بين أهل الحديث‪ ،‬فنسبة هذه العقائد إلى إمام الحنابلة أقرب‬
‫إلى الحقيقة من نسبتها إلى الصحابة والتابعين وتابعي التابعين([‪ .)]25‬وقد حصل هذا بعد خروج أحمد بن حنبل من المحنة([‪)]26‬‬
‫صامداً منتصراً في أيام المتوكل العباسي (ت‪ 247 :‬هـ) الذي قرّ به إلى بالطه وصار ذلك سببا ً لشهرته وإمامته في مجال العقائد بعد‬
‫أن تبنت الدولة آراءه وأفكاره‪ ،‬فصار أحمد إمام السنة وناصرها‪ ،‬فصارت السنة ما قاله أحمد‪ ،‬والبدعة ما هجره أحمد وكأنهم نسوا أو‬
‫تناسوا ما كان عليه أسالفهم من الفرق المختلفة([‪.)]27‬‬

‫وقد تطور هذا االتجاه فيما بعد على يد ابن تيمية([‪( )]28‬ت‪ 728 :‬هـ) وتالمذته‪ ،‬ووضع موضع التطبيق على يد محمد بن عبد‬
‫الوهاب([‪( )]29‬ت‪ 1206 :‬هـ) في جزيرة العرب([‪.)]30‬‬

‫أهل السنة والجماعة‪:‬‬


‫السنة في اللغة هي السيرة‪ ،‬حسنة كانت أو قبيحة‪ ،‬وفي الحديث «من سنَّ سُنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة‪،‬‬
‫ومن سنّ سنة سيئة‪.)]31[( »...‬‬

‫وإذا اطلقت في الشرع فإ ّنما يراد بها ما أمر به النبي (ص) ونهى عنه وندب إليه قوالً وفعالً‪ ،‬مما لم ينطق به الكتاب العزيز‪ ،‬ولهذا‬
‫يقال في أدلة الشرع‪ :‬الكتاب والس ّنة([‪.)]32‬‬

‫فالسنة في المصطلح اإلسالمي حديث الرسول وسيرته وتقريره‪ ،‬أن يرى رسول هللا (ص) عمالً من مسلم وال ينهاه عن ذلك فإ ّنه قد‬
‫أقرّ بسكوته صحّ ة ذلك الفعل‪ .‬أما ما استحدث في الدين من أمر ولم يؤخذ من الكتاب والسنة فهو بدعة([‪.)]33‬‬

‫مما تقدّم يتبيّن انّ السنة في االصطالح اإلسالمي تطلق على معنيين‪:‬‬

‫‪ -1‬قول الرسول (ص) وفعله وتقريره‪.‬‬

‫‪ -2‬ما يقابل البدعة وهو ما استحدث في الدين‪ ،‬أي ال أساس له في الشرع‪.‬‬


‫أما لقب أهل السنة فقد كان ابتدا ًء وصفا ً لمجموعة من العلماء المشتغلين بتدوين األحاديث النبوية‪ ،‬والذين عرف منهجهم في تحصيل‬
‫العقائد واألحكام من ظواهر اآليات والروايات باسم فرقة «أهل الحديث» التي ظهرت في عهد األمويين‪ .‬وألنّ موضوع األحاديث هو‬
‫السنة النبوية فان كلمة السنة أصبحت تستخدم أحيانا ً بديالً عن كلمة الحديث‪ .‬وهذا يظهر من رسالة لعمر بن عبد العزيز([‪( )]34‬ت‪:‬‬
‫‪ 101‬هـ) يرد فيها على القدرية قال‪« :‬وقد علمتهم أن أهل السنة كانوا يقولون االعتصام بالسنة نجاة»([‪.)]35‬‬

‫فمن الواضح هنا أن من يشير إليهم عمر بن عبد العزيز بوصف أهل السنة هم مدونو السنة النبوية (الحديث) وليس أية فرقة أُخرى‪،‬‬
‫ومن المعلوم أن تدوين األحاديث النبوية لم يبدأ إال في مطلع القرن الثاني الهجري بأمر من الخليفة عمر بن عبدالعزيز إذ كان التدوين‬
‫ممنوعا ً قبله([‪.)]36‬‬

‫وعلى هذا فمصطلح أهل السنة يكون مرادفا ً لمصطلح أهل الحديث‪ .‬أي‪ :‬المشتغلين بالحديث وليس المقصود أهل سنة النبي (ص) أو‬
‫غير ذلك من االدعاءات‪ ،‬وقد تعددت اآلراء حول سبب التسمية بـ(أهل السنة)‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬إن اإلمام أحمد بن حنبل عندما برز وتصدر العمل في تدوين العقائد والمعارف المأخوذة من األحاديث النبوية في مطلع‬
‫القرن الثالث الهجري أخذ يوسع استخدام لقب (أهل السنة) ـ الذي كان مخصوصا ً بالعلماء مدوني الحديث الشريف ـ ليشمل أيضا ً‬
‫األتباع المقلدين لمذهبه والعوام المؤيدين لمنهج أهل الحديث‪ ،‬وبهذا يكون أحمد بن حنبل قد احتكر اسم أهل السنة ليكون عنوانا ً خاصا ً‬
‫لبعض المسلمين دون سواهم من أهل القبلة‪.‬‬

‫وقد حصل هذا بعد خروج اإلمام أحمد منتصراً من سجنه أيام المتوكل العباسي (ت‪ 247 :‬هـ) الذي ق ّربه إلى بالطه وروّ ج آراءه‬
‫وحارب مخالفيه كالمعتزلة وغيرهم من الفرق األُخرى‪ ،‬فصار أحمد إمام السنة والسنة ما قاله أحمد([‪.)]37‬‬

‫الرأي الثاني‪ :‬يقول الدكتور حسن إبراهيم حسن‪« :‬لم يطلق اسم أهل السنة إال في العصر العباسي األول في الوقت الذي تطور فيه‬
‫مذهب المعتزلة ح ّت ى أصبح يطلق اسم «أهل السنة» على كل من يتمسك بالكتاب والسنة‪ ،‬واسم «المعتزلة» على كل من يأخذ بالكالم‬
‫والنظر‪ ،‬أما في صدر اإلسالم فكان يطلق على كل من يتمسك بالكتاب والسنة اسم الصحابة ألنهم اجتمعوا مع الرسول وناصروه‪ ،‬كما‬
‫أطلق على من أتى بعدهم االتباع وأتباع االتباع‪ .‬وظلت الحالة كذلك إلى أن انتصر أبو الحسن األشعري واتباعه على المعتزلة‪،‬‬
‫واضمحلت أكثر الفرق اإلسالمية األ ُخرى فلم يعد هناك سوى الشيعة وأهل السنة فيقال هذا شيعي وذاك س ّني‪ ،‬واستمرت هذه التسمية‬
‫إلى الوقت الحاضر»([‪.)]38‬‬

‫الرأي الثالث‪ :‬يُذكر انه لما أمر معاوية بلعن اإلمام علي (ص) على المنابر زعم انّ ذلك سنة يثاب فاعلها‪ ،‬وسمّي ذلك العام «عام‬
‫السنة»‪ .‬ولـمّا قتل علي (ع) وصالح الحسن (ع) معاوية واستق ّر األمر لألمويين‪ ،‬قام معاوية بتسمية ذلك العام «عام الجماعة»([‬
‫‪.)]39‬‬

‫الرأي الرابع‪ :‬وهو قول ابن تيمية‪ ،‬يقول‪« :‬فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خالفة الخلفاء الثالثة (أبو بكر وعمر وعثمان) فيدخل في‬
‫ذلك جميع الطوائف إال الرافضة([‪ ، )]40‬وقد يراد بأهل الحديث والسنة المحضة فال يدخل فيه إال من يثبت الصفات هلل تعالى‪،‬‬
‫ويقول‪ :‬ان القرآن غير مخلوق وان هللا يُرى في اآلخرة ويثبت القدر وغير ذلك من األمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة»([‬
‫‪.)]41‬‬

‫ويعتقد الباحث ان الرأي األول‪ ،‬قد يكون أقرب إلى الصحة‪ ،‬كما نعتقد ان اآلراء األُخرى‪ ،‬قد صبت في مصلحة الرأي األول رغم‬
‫االختالف البسيط في الرأي الثاني ‪ ،‬فان مورد االختالف فيه في جعل أبي الحسن األشعري هو البداية النطالق لفظ أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬ولكن المعروف والمشهور تاريخيا ً ان أحمد بن حنبل هو صاحب السبق في ذلك كما تقدم‪.‬‬
‫أما الرأي الثالث‪ ،‬فيصدق على جماعة خاصة ممن رفعت لواء البغض لعلي (ع) وهم النواصب من أمويين وغيرهم‪.‬‬

‫والرأي الرابع ـ رأي ابن تيمية ـ إذ يقصر لفظ أهل السنة على من أثبت الخلفاء الثالثة دون خالفة علي (ع) وهذا النهج كان هو‬
‫السائد عند المنحرفين عن علي (ع) من األمويين والمتزلفين لهم كعبد هللا بن عمر الذين أسقطوا اسم اإلمام علي(ع) من الخالفة‪،‬‬
‫ويروي عبد هللا بن عمر في ذلك حديثا ً موقوفا ً عليه في التفضيل بين الصحابة‪ ،‬الذي يقول فيه إنهم كانوا على عهد رسول هللا (ص)‬
‫يفاضلون فيقولون‪« :‬أبو بكر‪ ،‬ثم عمر‪ ،‬ثم عثمان ثم يسكتون»([‪.)]42‬‬

‫فابن تيمية في هذا الرأي يُقصر لفظ أهل السنة بخصوص النواصب والمبغضين لعلي (ع) وهم جماعة خاصة تابعت األمويين في‬
‫موقفهم من علي وآل علي (ع)‪.‬‬

‫أما لقب الجماعة فقد أطلقه األمويون على العام الذي تم فيه تسليم الملك لمعاوية وانفراده به‪ ،‬فقالوا‪ :‬عام الجماعة([‪ ،)]43‬وهو عام‬
‫‪ 41‬هـ الذي تم فيه صلح اإلمام الحسن (ع) مع معاوية‪ .‬وهذه الجماعة التي أسست على الظلم والجور وقتل الصحابة ولعن أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على المنابر‪ ،‬فقد كتب زياد إلى معاوية في حجر([‪ )]44‬وأصحابه أنهم خالفوا الجماعة في لعن أبي‬
‫تراب([‪ )]45‬وأزروا([‪ )]46‬على الوالة‪ ،‬فخرجوا بذلك من الطاعة‪ ،‬فقتلهم معاوية وكان ذلك سنة ‪ 52‬هـ([‪. )]47‬‬

‫يقول حسن فرحان المالكي ـ وهو من الحنابلة ـ‪« :‬الناس يعذرون الدول التي جاءت^ متأخرة وال يعذرون الدولة األموية التي سنت تلك‬
‫السنن واضطهدت الصحابة من المهاجرين واألنصار وأبناءهم وكانت السباقة^ في محاربة أهل بيت النبي (ص) وتشويه صورتهم عند‬
‫المسلمين ح ّت ى أصبحت القلوب منقبضة عن أهل بيت النبوة فقتلوا الحسين (ع) وسمّوا الحسن (ع) وقتلوا زيد بن علي وقتلوا محبي‬
‫أهل البيت كحجر بن عدي وكميل بن زياد وعمرو بن الحمق‪ ،‬وسليمان بن صرد الخزاعي وغيرهم‪ ،‬واستطاعت الدولة األموية أن‬
‫تفصل ـ إلى حد كبير ـ أهل البيت عن بقية األمة فأصبحت^ النظرة ألهل البيت نظرة متوجسة من التشيع بينما النظرة المنحرفة عنهم‬
‫أصبحت ت ّد عي تمثيل (الجماعة) و(السنة)!! واستطاع بنو أمية بالترغيب والترهيب ضم بعض العلماء وطالب العلم لنظرتهم كما‬
‫فعلوا مع الشعبي والزهري وقبيصة بن ذؤيب وابن سيرين ورجاء بن حيوة وغيرهم فهؤالء كان فيهم نفور عن ذكر أهل البيت بخير‬
‫أو بشر وكانوا يفضلون السكوت عنهم!! وهذا السكوت يعني اإلهمال واإلماتة لذكرهم وهذا يعني بروز رؤوس تمثل (أهل الجماعة‬
‫وأهل السنة) مع استبعاد (أهل البيت وعلمائهم ومحبيهم) من هذا التمثيل!! فأصبحت (الجماعة) تعني الرأي الصواب وأن من خالف‬
‫(الجماعة) فهو في النار!! ويقصدون بالجماعة الموالية للنظام األموي من علماء وعوام وسلطة‪ ...‬وأصبح الذي ينكر الظلم أو ينقد‬
‫الوالي شاذاً و(ضد الجماعة) ومن شذ شذ في النار!!» ([‪.)]48‬‬

‫ثم يتكلم الباحث عن مكونات تيار السنة والجماعة فيقول‪« :‬ومن هنا تكوّ ن تيار (السنة والجماعة) خليطا ً من تيار العثمانية([‪)]49‬‬
‫النواصب وتيار المحايدين وتم استبعاد العلوية من (السنة والجماعة) ووصفهم بـ(الشيعة والرافضة)»([‪.)]50‬‬

‫يشير الباحث في هذا النص إلى بداية انطالق تيار السنة والجماعة فيقول‪« :‬إذن فتيار (السنة والجماعة) بدأت مالمحه األولى مع‬
‫صلح الحسن وانتشرت األحاديث في التحذير من (مخالفة الجماعة) وحشروا في ذلك كل األحاديث في وجوب التزام الجماعة وكأن‬
‫المراد به الوقوف مع الحاكم في الخير والشر في الحق والباطل!! وكأن البدعة والضاللة في مفارقة (الجماعة والسلطات) وتم ذلك‬
‫بانتقائية عجيبة!! ساعد الظل السياسي على انتشارها وو ّف ر لها الحماية والصالبة أمام كل من أراد إنكار المنكر!! إذ أصبح مثل هذا‬
‫يص ّنف على أنه ضد (وحدة الجماعة) و(ض ّد السنة) ومن َث َّم (ضد اإلسالم) وعلى هذا حكموا على ثورة الحسين بن علي وابن الزبير‬
‫وأهل المدينة وابن األشعث وأصحابه وزيد بن علي وأصحابه والنفس الزكية وأهل المدينة وأمثالهم با ّنهم أصحاب فتن وأنهم ماتوا‬
‫ميتة جاهلية!!‬

‫ومن َث َّم أخرجوا هؤالء الكبار من (السنة والجماعة) إلى (البدعة والضاللة) ألنهم ثاروا على يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف‬
‫وأبي جعفر المنصور‪.)]51[(»...‬‬
‫وبكلمة‪ :‬فإن لفظ أهل الحديث وأهل السنة كانا يطلقان على من يشتغل في الحديث النبوي جمعا ً وتدوينا ً وحفظاً‪ ،‬ثم تطور وتوسع لفظ‬
‫أهل السنة في زمن أحمد بن حنبل فأخذ يشمل عوام الناس من أتباعه ومقلديه‪ ،‬دون سواهم بمساعدة السلطات الحاكمة المتمثلة‬
‫بالمتوكل ومن جاء بعده‪.‬‬

‫أ ّم ا لفظ أهل الجماعة فقد أطلقه األمويون على العام الذي تم فيه الصلح بين اإلمام الحسن ومعاوية عام ‪ 41‬هـ ‪ ،‬والذي وظفه‬
‫األمويون للتنكيل بمعارضيهم ووصفهم بالخارجين عن جماعة المسلمين أي‪ :‬جماعة األمويين والسلطان‪ ،‬وبذلك يستحلون دماءهم‬
‫وأموالهم وأعراضهم‪.‬‬

‫نشأة مفهوم السلفية وتطوره‪:‬‬


‫من خالل متابعتي لكتب المتقدمين في الفرق اإلسالمية كالبغدادي (ت‪ 429 :‬هـ) في كتابه الفرق بين الفرق‪ ،‬وابن حزم (ت‪456 :‬‬
‫هـ) صاحب كتاب الفصل في الملل والنحل‪ ،‬والشهرستاني (ت‪ 548 :‬هـ) في كتابه الملل والنحل‪ ،‬لم نجد عندهم ما يشير إلى اسم‬
‫السلفية‪ ،‬ضمن فرق اإلسالم‪ ،‬نعم تعرض لذكرها بعض المؤلفين في الفرق والمذاهب المعاصرين كأبي زهرة([‪ ،)]52‬والسبحاني([‬
‫‪ ،)]53‬ومن قبلهم التهانوي([‪( )]54‬ت‪ 1158 :‬هـ) على أنها فرقة من اإلمامية!!! وهذا يدل على ان كلمة سلفية لم يكن لها مدلول‬
‫اصطالحي محدد يدل على فرقة أو جماعة معينة‪ ،‬وهذا يعني ان هذه الكلمة اكتسبت المعنى اإلصطالحي المحدد عبر التاريخ وفي‬
‫فترة متأخرة‪ ،‬ومن خالل تتبعنا لبدايات استخدام لفظ السلف أو ما يؤدي معناه في كلمات^ المتقدمين‪ ،‬يبدو ان أول من استخدم هذا‬
‫المفهوم هو الخليفة عمر بن عبد العزيز (ت‪ 101 :‬هـ) عندما سُئل عن القدر فقال‪ ...« :‬فارض لنفسك ما رضي به القوم ألنفسهم‬
‫فانهم على علم وقفوا‪ ،‬وببصر نافذ كفوا‪ ،‬وانهم على كشف األمور كانوا أقوى وبفضل ما كانوا فيه أولى‪ ...‬فإنهم هم السابقون»([‬
‫‪.)]55‬‬

‫وكان يقصد بالقوم الصحابة الموصوفين بالسابقين‪ ،‬فكان يرد على السائل ويأمره أن يقتفي أثر الصحابة فيما وقفوا عليه وكفوا عنه‬
‫وهذا المعنى تنادي به السلفية وترفعه شعاراً ظاهريا ً لها‪.‬‬

‫وورد لفظ السلف في كالم الحسن البصري([‪( )]56‬ت‪ 110 :‬هـ) في رسالته إلى عبد الملك بن مروان (ت‪ 86 :‬هـ) حول القضاء‬
‫والقدر‪ ،‬وقد جاء فيها قوله‪« :‬لم يكن أحد في السلف يذكر ذلك وال يجادل فيه‪ ،‬ألنهم كانوا على أمر واحد‪ ،‬وإ ّنما أحدثنا الكالم فيه لما‬
‫أحدث الناس من النكرة له‪ ،‬فلما أحدث المحدثون في دينه ما أحدثوه أحدث هللا للمتمسكين بكتابه مايبطلون به المحدثات^ ويحذرون به‬
‫من المهلكات»([‪.)]57‬‬

‫يشير الحسن البصري في هذا النص إشارة مهمة‪ ^،‬ترفع الّلبس حول الخوض في مستجدات المسائل التي لم يخض فيها السابقون ـ‬
‫السلف ـ وهي مسألة الحاجة وعدمها‪ ،‬فيقرر في النص المتقدم أن السابقين لم يخوضوا في مسألة القضاء والقدر؛ لعدم الحاجة إليها من‬
‫قبل الناس؛ ذلك أن الناس كانوا على أمر واحد‪ :‬أي ال يوجد اختالف بينهم يستوجب السؤال والجواب في تفاصيل المسائل العقيدية‪،‬‬
‫وهذا هو الجو السائد في وقت الصحابة الموصوف بالبساطة في استيعاب مسائل العقيدة وهو ما اصطلح عليه عند أهل االختصاص‬
‫بمرحلة اإليمان القلبي التي ُتعد المرحلة األولى من نشؤ العقيدة‪ ،‬ولكن عندما دبّ االختالف بين المسلمين نتيجة توسع الدولة‬
‫اإلسالمية بعد الفتوحات الكبيرة واالختالط الثقافي مع الديانات األُخرى وأسباب كثيرة أُخرى أدّت إلى ظهور كثير من الشبهات^ حول‬
‫الدين اإلسالمي احتاج معها^ المسلمون ان يردوا عليها ويبطلوها‪ .‬ومن غير المعقول ان يكتفي المسلمون بالقول ان هذه المسائل‬
‫والشبهات^ لم يخض بها السابقون من المسلمين ويسكتون‪.‬‬

‫فيبدو انّ الحسن البصري هو أول من استخدم لفظ السلف في كالمه‪ ،‬ويقصد به الصحابة الذين تقدموا عليه‪.‬‬
‫وقول األوزاعي‪« :‬اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم‪ ،‬وقل بما قالوا‪ ،‬وكف عما كفوا عنه‪ ،‬واسلك سبيل سلفك الصالح‬
‫فإ ّنه يسعك ما وسعهم»([‪.)]58‬‬

‫وهذا نص واضح في اإلشارة إلى اقتفاء آثار السابقين فيما تكلموا فيه وفيما سكتوا عنه‪ ،‬وفيه تأسيس المنهج السكوت عما سكتوا عنه‪،‬‬
‫الذي سار عليه من بعده مالك بن أنس وأحمد بن حنبل وآخرون‪ ،‬سوف تأتي اإلشارة إلى أقوالهم‪.‬‬

‫فمالك بن أنس قال‪« :‬إياكم والبدع‪ ،‬قيل‪ :‬يا أبا عبدهللا‪ ،‬وما البدع‪ ،‬قال‪ :‬أهل البدع الذين يتكلمون في اسماء هللا وصفاته وكالمه وعلمه‬
‫وقدرته‪ ،‬ال يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون»([‪.)]59‬‬

‫ّ‬
‫يتجذ ر هذا المعنى السكوت عما سكت عنه الصحابة والتابعون عند هذا االتجاه‪ ،‬وأصبح شعاراً يرفع بوجه أي تغير أو‬ ‫وهكذا بدأ‬
‫ً‬
‫تجديد‪ ،‬وصار دينا يدان به عندهم‪.‬‬

‫ثم تجذر هذا المعنى وتخصص على يد أحمد بن حنبل الذي أصبح له تأثير كبير على العامة^ في زمن المتوكل العباسي ول ّقب بإمام‬
‫السنة‪ ،‬وأصبحت أقواله عند هذا االتجاه الميزان الذي توزن به األشياء والمرجع فقال قوله المشهور‪« :‬لست بصاحب كالم‪ ،‬وال أرى‬
‫الكالم في شيء من هذا إال ما كان من كتاب هللا أو في حديث عن النبي (ص) أو عن الصحابة‪ ،‬فأما غير ذلك فان الكالم فيه غير‬
‫محمود»([‪.)]60‬‬

‫وفي حديث([‪ )]61‬آخر ألحمد بن حنبل زاد فيه بعد ذكر الصحابة التابعين‪ ،‬فحصر اإلمام أحمد الكالم المحمود بالكتاب‪ ،‬وحديث‬
‫النبي‪ ،‬والصحابة والتابعين‪ ،‬فاألول والثاني ـ الكتاب وحديث النبي ـ مما ال خالف فيه بين المسلمين‪ ،‬أما الثالث والرابع ـ الصحابة‬
‫والتابعون ـ فإن ثبتت أقوالهم عن رسول هللا (ص) فترجع إلى حديث النبي‪ ،‬وان كانت أقوالهم ناتجة عن فهمهم^ واجتهادهم فموضع‬
‫خالف بين المسلمين‪.‬‬

‫ح ّت ى ان أحمد بن حنبل في مسألة التابعين ورد عنه رأيان‪ :‬األول‪ ،‬يعتبر رأي التابعي حجة يجب األخذ به‪ ،‬والثاني‪ ،‬ال يُلزم األخذ به‪،‬‬
‫قال أحمد بن حنبل‪« :‬االتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي وعن أصحابه‪ ،‬ثم هو من بعد في التابعين مخير»([‪.)]62‬‬

‫وهذا نص منه بعدم االلزام برأي التابعين‪ ،‬ويؤيد هذا القول رواية أُخرى واردة عنه يص ّرح فيها بلفظ السلف ويخصه بالصحابة فقط‬
‫دون التابعين‪ ،‬قال ـ ضمن كالم طويل في بيان اعتقاداته‪« :-‬صفة المؤمن من أهل السنة والجماعة من شهد أن ال إله إال هللا وحده ال‬
‫شريك له‪ ،‬وأن محمداً عبده ورسوله‪ ،‬وأقر بجميع ما أتت به األنبياء والرسل‪ ...‬وعرف حق السلف الذين اختارهم هللا لصحبة نبيّه‬
‫(ص)»([‪.)]63‬‬

‫وأرى انّ نظرية األخذ عن التابعين وتابعي التابعين جاءت^ واكتملت بعد أحمد ابن حنبل عند هذا االتجاه‪ ،‬هذا من جهة ومن جهة‬
‫أ ُ خرى فان المتعارف به عند أهل العلم من الجمهور هو اعتماد أقوال الصحابة بصورته التقليدية باعتباره الهوية التي التنفصل عن‬
‫المرس ل محمد (ص) الذي مثل حقيقة السلف التي أصبحت فيما بعد ضرورة من ضرورات هذا االتجاه لصياغة موقف هذا‬ ‫َ‬ ‫هوية‬
‫االتجاه على المستويين النظري والتطبيقي‪.‬‬

‫ومن هنا ان معنى السلف أخذ منحى آخر بعد أحمد بن حنبل‪ ،‬فأصبح يشمل التابعين وأئمة الحديث‪ ،‬وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل‪.‬‬
‫يقول أبو الحسن األشعري([‪( )]64‬ت‪ 324 :‬هـ)‪« :‬قولنا الذي نقول به‪ ،‬وديانتنا التي ندين بها‪ ،‬التمسك بكتاب ربّنا ‪ ،U‬وبسنة نبيّنا‬
‫(ص) وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث‪ ،‬ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبد هللا أحمد بن حنبل‬
‫نضر هللا وجهه‪ ،‬ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولمن خالف قوله مجانبون ألنه اإلمام الفاضل والرئيس الكامل‪،)]65[( »...‬‬
‫فأصبح قول أحمد بن حنبل دينا ً يدان به عند الذين جاءوا بعده من الحنابلة السلفية‪.‬‬

‫مع ان أحمد بن حنبل ال يلزم بقول التابعي ـ كما تقدم ـ ويقول أيضاً‪« :‬ال تقلدوني وال تقلدوا مالكا ً وال الثوري وال األوزاعي وخذ من‬
‫حيث أخذوا‪ ،‬وقال‪ :‬من قلّة فقه الرجل أن يقلد دينه الرجال»([‪.)]66‬‬

‫وتركز هذا المعنى ـ الدين ما قاله أحمد بن حنبل ـ أكثر عند غالة الحنابلة كالبربهاري([‪( )]67‬ت‪ 328:‬هـ)‪ ،‬المعاصر ألبي الحسن‬
‫ُ‬
‫رددت‬ ‫ُ‬
‫رددت على الجبائي‪،‬‬ ‫األشعري والذي يُروى([‪ )]68‬انّ األشعري لما قدم بغداد جاء إلى أبي محمد البربهاري فجعل يقول‪:‬‬
‫على المجوسي وعلى النصارى فقال أبو محمد البربهاري‪ :‬ال أدري ما تقول وال نعرف إال ما قاله اإلمام أحمد‪.‬‬

‫وابن بطة الحنبلي([‪( )]69‬ت‪387:‬هـ) الذي يقول‪« :‬إذا رأيت الرجل البغدادي يحب أبا الحسن بن بشار([‪ )]70‬وأبا محمد بن‬
‫البربهاري فاعلم أنه صاحب سنة»([‪.)]71‬‬

‫فالسنة عنده ما كان عليها أبو الحسن بن بشار وأبو محمد البربهاري الحنبليان!!‬

‫ثم تطور مصطلح السلف على يد إسماعيل الصابوني([‪( )]72‬ت‪ 449 :‬هـ) ـ صاحب كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث ـ فأخذ‬
‫يشمل كل من تقدمه من أصحاب الحديث وأنصارهم‪ ،‬يقول الصابوني‪« :‬سألني اخواني في الدين أن أجمع لهم فصوالً في أصول‬
‫الدين التي استمسك بها الذين مضوا من أئمة الدين وعلماء المسلمين والسلف الصالح‪.)]73[( »...‬‬

‫ويقول أيضا ً‪« :‬إذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس‪ ،‬واألوزاعي‪ ،‬وشعبة([‪ ،)]74‬وابن المبارك‪ ...‬وأحمد بن حنبل‪...‬‬
‫فهو صاحب سنة»([‪.)]75‬‬

‫أما ابن تيمية الحراني فيبدو أنه أول من استدل على التزام حرفية أقوال‪ ،‬وأفعال‪ ،‬وتصرفات‪ ،‬واعتقادات وعادات‪ ،‬الصحابة‪،‬‬
‫والتابعين‪ ،‬وتابعي التابعين‪ ،‬بحديث القرون الثالثة([‪ ، )]76‬إذ يقول‪( :‬المعلوم بالضرورة لمن تدبر الكتاب والسنة‪ ،‬وما اتفق عليه أهل‬
‫السنة والجماعة من جميع الطوائف‪ :‬أن خير قرون هذه األمة‪ ،‬في األقوال واألعمال واالعتقاد وغيرها من كل فضيلة‪ ،‬أن خيرها‬
‫القرن األول‪ ،‬ثم الذي يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬كما ثبت ذلك عن النبي (ص) من غير وجه‪ ،‬وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة‪:‬‬
‫من علم‪ ،‬وعمل‪ ،‬وإيمان‪ ،‬وعقل ودين وبيان‪ ،‬وعبادة وأنهم أولى بالبيان لكل مشكل‪ .‬هذا ال ينفيه إال من كابر المعلوم من الدين‬
‫بالضرورة من دين اإلسالم‪ ،‬وأضله هللا على علم‪.)]77[( )...‬‬

‫فعل‪ ،‬لم‬
‫قول أو ٍ‬‫وقد سار على خطى ابن تيمية كل من الوهابية ـ أتباع محمد بن عبد الوهاب ـ والسلفية([‪ )]78‬الجهادية في تبديع كل ٍ‬
‫يعرف عند أهل القرون الثالثة‪ ،‬فهذا ابن تيمية‪ ،‬يصف االحتفال في مولد النبي بدعة؛ بحجة أنه لم يفعله السلف([‪ .)]79‬أما الوهابية‪،‬‬
‫فقد قام أحد رجاالتها وهو عبد هللا بن سليمان بن بليهد‪ ،‬باستفتاء علماء المدينة بتخريب قباب الصحابة وأئمة أهل البيت‪ :‬في بقيع‬
‫الغرقد عام ‪ 1344‬هـ‪ ،‬وقد نشر مقاالً في جريدة أم القرى في عدد جمادى اآلخرة سنة ‪ 1345‬هـ‪ ،‬جاء فيه‪ :‬لم نسمع في خير القرون‬
‫عن هذه البدعة ـ البناء على القبور ـ بل بعد القرون الخمسة^([‪.)]80‬‬

‫أما السلفية المعاصرة التي تعتبر أحمد بن حنبل‪ ،‬وابن تيمية أبرز الشخصيات السلفية في التاريخ([‪ .)]81‬إذ يصفها الدكتور‬
‫القرضاوي في بعض مشاهداته بقوله‪« :‬ولقد راعني أن وجدت بعض الشباب المخلصين من بعض الجماعات اإلسالمية في أمريكا قد‬
‫أثاروا جدالً عنيفا ً في أحد المراكز اإلسالمية؛ ألن المسلمين يجلسون على الكراسي في محاضرات السبت واألحد‪ ،‬وال يجلسون على‬
‫الحصير أو السجاد كما يجلس أهل المسجد‪ ..‬وأنهم يلبسون البنطلونات ال الجالليب البيض‪ ،‬ويأكلون على المناضد ال على‬
‫األرض‪.)]82[(»...‬‬

‫الظاهر أن هذه األمور لم تكن متداولة عند أهل القرون([‪ )]83‬الثالثة ولذلك أصبحت عندهم محل جدال ونزاع!!!‬

‫والذي يبدو للباحث أ ّن نا أمام مؤسسين لمنهج سلفي جديد قائم على ضيق األفق وتحجر الرؤية التي يتبناها هؤالء الجدد والتي يمكن أن‬
‫نفسرها باالنعطافة^ الكبرى التي تعاصرت مع التغيرات الكبيرة التي يشهدها الغرب بخاصة والعالم العربي عامة تمثلت باآلراء‬
‫المتضاربة في الواقع العقائدي للسلفية‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فإن ابن تيمية ومن سار على أثره من الوهابية والجماعات السلفية المتأ ّخرة قد اعتمدوا على حديث القرون الثالثة‬
‫في الحكم على تبديع وتحريم مستحدثات^ األمور التي لم تكن عند أصحاب القرون الثالثة‪ ،‬صحيح أن حديث القرون الثالثة قد رواه‬
‫البخاري([‪ )]84‬ومسلم([‪ )]85‬وغيرهم([‪ )]86‬من أصحاب السنن‪ ،‬إال أن الحديث عليه إشكاالت كثيرة تمنع من االحتجاج به في‬
‫إثبات ما يدّعون؛ منها‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬انه خبر آحاد([‪ )]87‬ال يوجب علما ً وال يجوز أن يحتج به في المسائل العقيدية([‪.)]88‬‬

‫وهذا ما ذهب إليه ابن كالب([‪( )]89‬ت‪240:‬هـ)‪ ،‬والقالنسي([‪( )]90‬ت‪255:‬هـ) وهما من أعمق محدثي أهل السنة كما يقول‬
‫النشار([‪.)]91‬‬

‫وأيضا ً ذهبت الشيعة اإلمامية إلى أن خبر الواحد ال يحتج به في المسائل العقائدية وبذلك يقول السيد المرتضى‪( :‬خير الناس قرني‪...‬‬
‫أول ما فيه أنه خبر واحد ال يوجب علما ً وال يجوز أن يحتج به‪.)]92[( )...‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬انه معارض بأحاديث كثيرة صحيحة منها‪ :‬قال (ص)‪« :‬مثل أمتي مثل المطر ال يدرى أوله خير أم آخره»([‪ ،)]93‬وقوله‬
‫(ص)‪« :‬ليردنَّ عليَّ الحوض غداً رجال من أصحابي ثم ليختلجن عن الحوض فأقول‪ :‬يا ربّ أصحابي‪ ،‬فيقال‪ :‬إ ّنك ال تدري ما‬
‫أحدثوا من بعدك‪ ،‬فأقول‪ :‬سحقا ً سحقا ً»([‪.)]94‬‬

‫وحديث عن أبي جمعة قال‪( :‬تغدينا مع رسول هللا (ص) ومعنا أبو عبيدة بن الج ّراح‪ ،‬قال‪ :‬فقلنا‪ :‬يا رسول هللا أح ٌد خير منا أسلمنا‬
‫معك وجاهدنا معك‪ ،‬قال‪ :‬نعم قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني) ([‪.)]95‬‬

‫ثالثا ً‪ :‬ان الحديث من خالله‪ ،‬لو عممنا الحكم بأفضلية وعدالة كل فرد منهم على كل فرد من القرون الالحقة‪ ،‬فانه يجب أن نعمم على‬
‫كل فرد من أفراد القرن الرابع الهجري فما فوق بانه يمينه يسبق شهادته وشهادته يمينه كما في عجز الحديث‪ ،‬وهذا معارض بحديث‬
‫عن رسول هللا (ص)‪« :‬خير الشهود من أدى شهادته قبل أن يسألها»([‪.)]96‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬ان عمدة االحتجاج بحديث القرون الثالثة أن يشمل بالخيرية جميع أفراد القرن وهذا ال يقول به أحد‪ ،‬قال ابن عبد البر‪( :‬وخير‬
‫الناس قرني‪ ...‬ليس على عمومه ألنه جمع المنافقين وأهل الكبائر الذين قامت عليهم وعلى بعضهم الحدود)([‪ .)]97‬ثم ان القرون‬
‫الثالثة شهدت^ ظهور كثير من الفرق المنحرفة كالخوارج والمرجئة والمجبرة!!‬
‫خامسا ً ‪ :‬ان حديث خير القرون قد اضفى الشرعية بل العصمة على جيل الصحابة والتابعين وتابعيهم‪« ،‬ولكن السلف أنفسهم لم يكونوا‬
‫ينظرون إلى ما يصدر عنهم من أقوال وأعمال أو تصرفات‪ ،‬هذه النظرة القدسية الجامدة التي تقتضيهم أن يسمّروها بمسامير البقاء‬
‫والخلود‪ ،‬ويجعلوا من شأنهم معها^ ما يشبه المدينة المسحورة»([‪.)]98‬‬

‫فالخليفة الثاني عمر بن الخطاب مع مكانته وصحبته المعروفة عندهم يخاف أن يذكره رسول هللا (ص) مع المنافقين فيقول لحذيفة‬
‫اليمان‪« :‬أنشدك باهلل هل سمّاني لك رسول هللا (ص) مع من سمّى من المنافقين»([‪.)]99‬‬

‫ومن هذا حاله‪ ،‬كيف يكون معياراً للحق والباطل!!‬

‫وأخيراً فان هذا الحديث ـ القرون الثالثة ـ ال ينسجم مع روح االسالم وتعاليمه )إنَّ أ ْك َر َم ُك ْم عِ ْن َد هّللا ِ أ ْت َقا ُك ْم( (الحجرات‪« ، )13/‬ليس‬
‫السلف بافضل من الخلف بالضرورة وال الخلف أشر من السلف بالضرورة لكن لكل عصر اجتهاداته‪ ،‬ولكل جيل ابداعاته»([‪.)]100‬‬

‫كما إن قضية التراث تطرح عادة طرحا ً مضاعفا ً الخطأ‪ :‬فمن جهة يتضمن الطرح اتخاذ موقف من التراث كلّه بصورة قبلية ومن‬
‫جهة ثانية ُت غفل فيه عند طرحه خاصيتاه األساسيتان‪ :‬عالميته وشموليته‪ ،‬من ناحية‪ ،‬وتاريخيته من ناحية ثانية فمن الناحية المبدئية ال‬
‫يمكن تبني التراث كلّه أل ّن ه ينتمي إلى الماضي؛ وألن العناصر المقومة للماضي ال توجد كلها في الحاضر‪ .‬وليس من الضروري أن‬
‫يكون حضورها في المستقبل هو نفس حضورها في الحاضر‪.‬‬

‫وبالمثل ال يمكن رفض التراث كلّه للسبب نفسه‪ ،‬فهو شئنا أم كرهنا مقوم أساسي من مقومات الحاضر‪ ،‬وتغير الحاضر ال يعني‬
‫البداية من الصفر([‪.)]101‬‬

‫والواقع ان الفكر اإلسالمي يتقدم بعنصرين أساسيين‪ :‬عنصر الثبات والحركة‪ ،‬فمن جهة فيه عناصر ثابتة ال تتغير بتغير الزمان‬
‫والمكان‪ ،‬ومن جهة أ ُخرى فيه عناصر متحركة ومتغيرة مع الزمان والمكان‪ .‬وهذا هو سر قوة الفكر اإلسالمي أنه خليط من هذين‬
‫العنصرين‪ .‬فمن الخطأ ان نتعامل مع الفكر والتراث اإلسالمي على أنّ جميعه ثابت أو جميعه متحرّك‪.‬‬

‫فمشكلة^ السلفية مع الفكر والتراث اإلسالمي ا ّنها تعاملت معه على أنّ جميعه ثابت فلم تميز بين الشكل‪ ،‬والمضمون‪ ،‬وبين الغاية‬
‫والوسيلة فحكمت عليهم بحكم واحد‪« .‬فالسلفية تعني‪ ،‬حضور الماضي في الحاضر حضور السلف في الخلف‪ ،‬حضور األب في‬
‫االبن‪ ،‬حضور الماضي في الحاضر بكل تفاصيله وأشكاله وصوره‪ ،‬ال الوقوف على المضمون هكذا يرى البعض من السلفية‬
‫المتطرفة»([‪.)]102‬‬

‫فالسلفي هو إنسان مقلد اضافة إلى أنه أهمل الزمان والمكان واغتال التاريخ وأسقط العقل ويعيش السلفي في القرن العشرين مقلداً‬
‫القرن السابع‪ ،‬والتقليد مستحيل ألن ظروف القرن السابع تختلف عن ظروف القرن العشرين‪.)]103[( »..‬‬

‫وأمام هذا التردي والالمسؤولية في الموقف نجد السلفية المعاصرة نشأت بوصفها ر ّد فعل للرؤية المتمدنة التي طبقتها أوربا خاصة ـ‬
‫والعالم العربي عامة ـ بعد عصر التنوير ح ّت ى أخذت توجه ضربتها القوية لكل التوجهات التي ال تتناغم والواقع المعاصر الذي‬
‫يتعاكس تماما ً مع توجهاتها ورؤاها‪.‬‬

‫يظهر مما تقدم ان السلفية‪ ،‬بوصفها فرقة أو جماعة إسالمية‪ ،‬لم يرد لها ذكر‪ ،‬عند مصنفي الفرق والمذاهب اإلسالمية‪ ،‬سوى‬
‫المعاصرين منهم‪.‬‬
‫كما ان كلمة السلفية لم يكن لها مدلول اصطالحي محدد‪ ،‬أو ذات معنى واحد عند الجميع‪ ،‬بل تطورت من خالل الحقب المتالحقة‪،‬‬
‫فالسلفية عند االتباع تعني‪ ،‬اتباع السلف الصالح من الصحابة‪ ،‬وعند اتباع االتباع‪ ،‬تعني اتباع السلف الصالح من الصحابة‪ ،‬والتابعين‪،‬‬
‫ثم تطور المصطلح‪ ،‬فأخذ يشمل أئمة الحديث‪ ،‬وفي مقدمتهم أحمد بن حنبل‪ ،‬ثم أضيف إلى أحمد بن حنبل الحقا ً ابن تيمية الحراني‪،‬‬
‫وأصبحا معا ً‪ ،‬أبرز رجاالت السلفية الوسيطة (الوهابية) والسلفية المعاصرة‪.‬‬

‫يبدو ان أول من ّ‬
‫نظ ر‪ ،‬واستدل على التزام حرفية أقوال وأفعال أهل القرون الثالثة ـ الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ـ هو ابن‬
‫تيمية الحراني‪ ،‬وحكم بتبديع كل قول‪ ،‬أو فعل لم يعرف عندهم‪.‬‬

‫إن أحمد بن حنبل‪ ،‬على الرغم من روايته حديث القرون الثالثة‪ ،‬إال أنه لم يذهب إلى ما ذهب إليه ابن تيمية‪ ،‬ولم يستدل بالحديث ـ‬
‫القرون الثالثة ـ على الزام إتباع أهل القرون الثالثة‪ ،‬بل ورد االلزام عنه في اتباع الصحابة فقط‪.‬‬

‫إن حديث القرون الثالثة عليه من االشكاالت^ ما يمنع من االحتجاج به وااللتزام بمضمونة‪ ،‬وهذا ما أشار إليه جمع من علماء‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫المبحث الثاني‬
‫السلفية األولى‬
‫كان المسلمون في عهد النبي (ص) على دين واحد‪ ،‬وهو التسليم بما جاء من عقائد التوحيد‪ ،‬والنبوة‪ ،‬واليوم اآلخر‪ ،‬وأحكام الدين‪،‬‬
‫كأحكام^ الصالة‪ ،‬والصيام‪...‬‬

‫وكانوا يرجعون فيما اختلفوا فيه إلى الرسول (ص) الذي كان عندهم المرجع في حل مسائلهم^ وفض نزاعاتهم وهم راضين بذلك‬
‫ومسلِّمين‪.‬‬

‫كان إيمانهم إيمانا ً عفوياً‪ ،‬خاليا ً من الخوض في صعاب التساؤالت الفكرية المتصلة بصفات هللا‪ ،‬وأحوال القيامة‪ ،‬والجنة والنار‬
‫والقضاء والقدر‪ ...‬كل هذا كان نتاج واقع المجتمع العربي الذي اكتفى بالتعاليم األولى من دون الخوض في أمهات المسائل التي‬
‫شكلت فيما بعد عصب الحياة العقدية عند المسلمين‪ ،‬ولكن بعد وفاة الرسول األكرم (ص) بدأ النزاع على خالفته ومن يكون زعيما ً‬
‫للمسلمين بعد رسول هللا (ص) وهذا ما حدث في سقيفة بني ساعدة([‪.)]104‬‬

‫ثم بعد ذلك تتابعت الفتن والخالفات^ السياسية وخصوصا ً في خالفة عثمان (ت‪ 35 :‬هـ) وخالفة أميرالمؤمنين علي (ع) (ت‪ 40 :‬هـ)‬
‫حيث قتل عثمان وحدثت معارك طاحنة في زمن اإلمام علي (ع) تمثلت في معركة ص ّفين‪ ،‬ومعركة الجمل والنهروان‪.‬‬

‫وعلى أثر هذه الخالفات^ السياسية‪ ،‬والمعارك الطاحنة ظهرت مجموعة من المسائل العقائدية‪ ،‬والدينية‪ ،‬فكان أول األمر جدل الخالفة‪،‬‬
‫وأيهما أحق بالخالفة بعد رسول هللا‪ ،‬ثم جرَّ ذلك الناس إلى الحديث فيما تمر به األمة من أحداث ونكبات‪ ،‬أهي بقضاء هللا وقدره أم‬
‫هي من فعل الناس وعملهم؟ ومن َث َّم هل اإلنسان مجبر في أفعاله أو مخير؟ وهؤالء المسلمون الذين يتساقطون صرعى وهم يقاتلون‬
‫في صفّ علي (ع) أو صفّ معاوية ما حكمهم؟ وما رأي الدين فيهم؟‬
‫هذا من جانب‪ ،‬ومن جانب آخر الفتوحات اإلسالمية الكبرى التي نقلت المسلمين إلى طور جديد حيث دخول شعوب وأقوام تحمل‬
‫ثقافات وأديانا ً مختلفة‪ ،‬مما جعل من المسلمين يقفون عند هذه الثقافات‪ ^،‬موقف الناظر المتفحص لطبيعة تلك الثقافات‪ ^،‬وكيفية الجمع‬
‫التوظيفي بين ما تحمله الحضارة العربية اإلسالمية‪ ،‬وبين متناقضات األمم األُخرى‪ ،‬الموصوفة بأنها دخيلة وغير معدودة على الواقع‬
‫اإلسالمي([‪.)]105‬‬

‫وهكذا نجد إن ما بدأ بسيطا ً كان الزمن كفيالً بتعقيد ِه جراء العوامل آنفة الذكر‪ ،‬والبعد الزمني عن صاحب^ الدعوة‪ ،‬أضف إلى ذلك‬
‫ظهور مستجدات^ كثيرة في الحياة السياسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬والفكرية‪ ،‬مضافا ً إلى كل ذلك التالقح الفكري الفلسفي الذي تم بين هذا‬
‫الخضم من المؤثرات حتى َّلون لنا العقيدة بأشكال ربّما جرّ تها إلى متاهات لم تقصدها أصالً([‪.)]106‬‬

‫وإزاء هذه المستجدات واألحداث والشبهات انقسم أصحاب رسول هللا (ص) إلى فريقين‪ :‬فريق آثر السكوت واالبتعاد عن الجدل في‬
‫هذه المسائل‪ ،‬وع ّد ذلك بدعة منكرة‪ ،‬من هؤالء عمر بن الخطاب([‪( )]107‬ت‪ 23 :‬هـ) وعبدهللا بن عمر (ت‪ 73 :‬هـ) وزيد بن‬
‫ثابت (ت‪ 45 :‬هـ)‪ ،‬وجمع كبير من الصحابة‪ ،‬وقد درج على منوالهم من التابعين ومن بعدهم سفيان الثوري واألوزاعي‪ ،‬ومالك بن‬
‫أنس وأحمد بن حنبل‪ ،‬وفريق آخر آثر البحث والنقاش ومعالجة الشبهات‪ ^،‬أيا ً كانت في رؤوس أصحابها‪ ،‬ومن هؤالء اإلمام علي بن‬
‫أبي طالب([‪ ، )]108‬وعبدهللا بن عباس‪ ،‬وعبدهللا بن مسعود (ت‪ 32:‬هـ)‪ ،‬وجمع كبير من الصحابة‪ ،‬ودرج على مناولهم جملة من‬
‫التابعين ومن بعدهم الحسن البصري([‪ )]109‬وأبو حنيفة‪ ...‬فقد كان علي (ع) يشجع دعوة المبتدعة إلى الحق بمجادلتهم في باطلهم‬
‫الذي تعلقوا به‪ ،‬وقد ناظر (ع) قدريا ً في القدر‪ ،‬وأرسل ابن عباس ليناظر بعض المبتدعة‪ ،‬وناظر عبد هللا بن مسعود يزيد بن عميرة‬
‫في اإليمان‪ .‬هذا في حين أن كثيراً من الصحابة كانوا يرون أن الدخول في مناقشة^ هؤالء الناس بدعة يجب تجنبها([‪.)]110‬‬

‫وظل هذا التيار مستمراً في القرن الثالث الهجري‪ ،‬وصار معتقد أهل السنة جميعا ً بعد أن ارتبط باسم اإلمام أحمد بن حنبل([‪.)]111‬‬
‫الذي ظهرت وتبلورت السلفية األولى على يديه‪ .‬حيث تبلور وعي سلفي‪ ،‬أعلى من شأن السلف الصالح‪ ،‬ووضعهم في موضع‬
‫الجماعة الذهبية صاحبة الوصاية في تأويل النص وتفسيره‪.‬‬

‫وتع ُّد محنة القول بخلق القرآن في عام ‪ 218‬هـ ‪ ،‬الظهور التاريخي األول لبدايات التبلور المذهبي لدعاة السلفية والفرصة األولى التي‬
‫هيأت الشروط الموضوعية لتبلور النزعة السلفية في تيار متميز ألول مرّة([‪.)]112‬‬

‫العوامل التي ساعدت على ظهور التيار السلفي‪:‬‬


‫وقد تضافرت عوامل ع ّد ة‪ ،‬ساعدت على ظهور هذا التيار منها‪ :‬وصول المتوكل العباسي إلى السلطة (‪ 232‬ـ ‪ 247‬هـ) الذي انتصر‬
‫ألهل الحديث‪ ،‬وإمامهم أحمد بن حنبل‪ ،‬وتب ّن ى أفكارهم‪ ،‬إذ أمعن في اضطهاد المعتزلة‪ ،‬وألقى بهم في دياجير السجون‪ ،‬وأعلن براءة‬
‫اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬وكرمه لقاء ما لقى من سلفه من عنت وقسوة([‪ .)]113‬وقد رد أحمد بن حنبل هذا الجميل على المتوكل‬
‫العباسي من خالل فتواه بحرمة الخروج على الحاكم ولو كان فاجراً‪ ،‬يقول أحمد بن حنبل‪« :‬السمع والطاعة لألئمة وأمير المؤمنين‬
‫البر والفاجر»([‪ ،)]114‬ومُنح المتوكل من قبل هذا التيار لقب ناصر ومحيي السنة([‪.)]115‬‬

‫أمّا العامل اآلخر فهو ما قامت^ به المعتزلة ـ عندما كان لها حظوة ومكانة‪ ،‬وجاه‪ ،‬وسعة نفوذ عند خلفاء بني العباس ـ المأمون‪،‬‬
‫المعتصم‪ ،‬الواثق ـ من امتحان الناس في خلق القرآن‪ ،‬وأخذوا بالعقاب الشديد‪ ،‬من تسول له نفسه معارضة هذه المقالة‪ ،‬وضغطهم‬
‫على رجال الحديث‪ ،‬وأئمتهم حتى زجوا بهم في السجون([‪ .)]116‬هذا من جهة ومن جهة أُخرى فان المعتزلة قد بالغت في االعتماد‬
‫على العقل والمنطق والقياس على حساب النصوص‪ ،‬والمأثورات‪ ،‬وخاضوا وتعمقوا في المسائل العقلية الدقيقة‪ ،‬مما جعل فكرهم فكر‬
‫صفوة ال فكر عامة وجمهور([‪ .)]117‬ذلك ان العامة^ والجمهور تميل إلى األخذ بظواهر النصوص‪ ،‬والمحسوس‪ ،‬مما جعل فكر‬
‫السلفية النصي الحرفي الظاهري‪ ،‬أقرب إلى العامة والجمهور‪.‬‬
‫وهذا ما يفسر انتشار الفكر السلفي في األوساط االجتماعية الفقيرة التي تكره كل ما هو جديد‪ ،‬أو ال يتناسب^ مع ظواهر النصوص وقد‬
‫يكون هذا نتيجة طبيعية لضيق األفق ومحدودية التوجه‪ ،‬أضف إلى ذلك شعورهم المتشدد الرافض للعقل خشية انسحاب^ العقل على‬
‫موروثهم العقائدي القائم على ظاهر القرآن والسنة من دون اعتماد العقل في تأويل ما يمكن تأويله شريطة أن ال يضر بجوهر اإلسالم‬
‫وثوابته المعتمدة‪.‬‬

‫وبرزت لهذا الجمهور قيادات تنادي بالعودة إلى إسالم السلف‪ ،‬اإلسالم الذي أصبح غريبا ً في مناخ متفلسف‪ ،‬يقدم العقل وبراهينه على‬
‫النصوص وكان على رأس هؤالء اإلمام أحمد بن حنبل([‪ ،)]118‬خصوصا ً بعد خروجه من المحنة منتصراً بمساعدة المتوكل‬
‫العباسي‪ ،‬الذي تبنى هذا الفكر‪ ،‬وآزره بكل قوّ ة‪.‬‬

‫والناس على دين ملوكهم‪« :‬فاستبدل السلفية بالمعتزلة‪ ،‬وحلّت النصوص محل العقالنية والرأي والتأويل‪ ،‬وخرج المحدّثون من‬
‫محابسهم‪ ^،‬وحل محلهم فيها علماء الكالم»([‪ .)]119‬ثم ان المتوكل العباسي أشخص الفقهاء والمحدّثين‪ ،‬فقُسّمت^ بينهم الجوائز‪،‬‬
‫وأ ُ جريت عليهم األرزاق‪ ،‬وأمرهم المتوكل أن يجلسوا للناس وأن يحدثوا األحاديث التي فيها الرد على المعتزلة والجهمية‪ ،‬وأن يحدثوا‬
‫بأحاديث الرؤية([‪ .)]120‬فوضعت أحاديث كثيرة في الصفات تفيد التجسيم‪ ،‬وفي الرؤية‪ ،‬وفي قدم القرآن مما ليس له أصل في‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولم يُعرف قبل هذا التاريخ‪ .‬وفي هذه األجواء نشطت عقيدة التشبيه والتجسيم([‪ )]121‬وذم الكالم ‪ ،‬والقول بقدم القرآن‪.‬‬

‫وهكذا انتعشت^ الحركة السلفية‪ ،‬وانتشرت في اآلفاق‪ ،‬وساد نهجها النصي الحديثي في مرافق الحياة العلمية والبحثية‪ ،‬وأصبحت مذهبا ً‬
‫للدولة آنذاك‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس فقد أسهمت العوامل السياسية في وضع القواعد المنهجية التي تم على أساسها^ تأسيس الفكر السلفي الذي نشأ‬
‫وترعرع في أحضان الساسة^ الذين التزموا ور ّتبوا عليه كثيراً من الثمرات والنتائج التي أصبحت ذات قيمة ذاتية عند األوائل من‬
‫السلف‪ ،‬ومن بعدهم من بناة هذا الفكر الذين أخذوا على عاتقهم نشر الوعي الثقافي السلفي على الصعيد العالمي‪.‬‬

‫وقد واصلت الحركة السلفية بعد أحمد بن حنبل السير على منوال العقائد التي صاغها‪ ،‬متمثلة بابنه عبد هللا(ت‪ 290 :‬هـ) ([‪،)]122‬‬
‫والبربهاري (ت‪ 362 :‬هـ)‪ ،‬وابن بطة (ت‪387:‬هـ) والقاضي أبي يعلى([‪ )]123‬الحنبلي (ت‪458:‬هـ)‪ ،‬وابن الزاغوني([‪)]124‬‬
‫(ت‪528 :‬هـ) وفي هذه الفترة امتازت الحركة السلفية‪ ،‬بالمغاالة الشديدة بإمامهم أحمد بن حنبل‪ ،‬في تسطير المناقب له‪ ،‬والدعوة إلى‬
‫مذهبه‪ ،‬عن طريق المنامات والرؤى‪ ،‬وفي هذا الصدد يقول عبد الوهاب الو ّراق([‪( )]125‬ت‪ 251 :‬هـ)‪« :‬رأيت النبي (ص) أقبل‬
‫فقال لي‪ :‬مالي أراك محزوناً؟ فقلت‪ :‬وكيف ال أكون محزونا ً وقد حل بأمّتك ما قد ترى؟ فقال لي‪ :‬لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن‬
‫حنبل‪ ،‬لينتهينَّ الناس إلى مذهب أحمد بن حنبل»([‪ ,)]126‬وعلى هذا المنوال أخذت تنسج القصص واألساطير حول شخصية أحمد‬
‫بن حنبل‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك فإن هذه الفترة قد امتازت باستخدام العنف والقوّ ة لكل من اليرى رأيهم أو ال يسير على مذهبهم حتى ان اإلمام‬
‫الطبري (ت‪ 310 :‬هـ) صاحب التفسير والتاريخ ظل حبيس داره م ّدة ولما توفي حالوا دون تشييعه ودفنه‪ ،‬أل ّنه ص ّنف كتابا ً للفقهاء‬
‫ولم يذكر فيه أحمد بن حنبل‪ ،‬فقيل له في ذلك فقال‪ :‬لم يكن فقيها ً وإ ّنما كان محدّثا ً([‪.)]127‬‬

‫ويروى أيضا ً ‪ :‬ان نائحة في بغداد كانت تنوح على الحسين (ع) من غير تعريض بالسلف‪ ،‬فسمع بها الحنابلة أيام البربهاري الحنبلي‬
‫فقال‪ :‬بلغني أن نائحة يقال لها خلب تنوح‪ ،‬اطلبوها فاقتلوها([‪.)]128‬‬

‫بعد أحمد بن حنبل خفَّ صوت السلفية‪ ،‬وابتعدت عن دائرة التأثير بين الناس‪ ،‬خصوصا ً بعد ظهور دعوى أبي الحسن األشعري (ت‪:‬‬
‫‪ 324‬هـ) وانتشار مذهبه بين الناس‪ ،‬إذ أصبح بديالً عن أحمد بن حنبل في ساحة^ العقائد‪ ،‬عند أهل السنة‪ ،‬يقول المقريزي (ت‪845 :‬‬
‫هـ) بعد اإلشارة إلى عقائد اإلمام أبي الحسن األشعري‪« :‬هذه جملة من أصول عقيدته التي عليها اآلن جماهير أهل األمصار‬
‫اإلسالمية‪ ،‬والتي من جهر بخالفها أريق دمه»([‪.)]129‬‬
‫األسباب التي أدت إلى انحسار الفكر الحنبلي‪:‬‬
‫ان من األسباب التي أ ّد ت إلى انحسار الفكر العقائدي الحنبلي عن الساحة السنية هو المبالغة في إقصاء العقل‪ ،‬والحرفية في التعامل‬
‫مع النص‪ ،‬فجاء أبو الحسن األشعري بمنهج فيه شيء من الوسطية بين المعتزلة أصحاب العقل‪ ،‬والحنابلة النصيين فأصبح له نفوذ‬
‫وتأثير في الساحة السنية العقيدية‪ ،‬استطاع من خاللها أن يكون البديل عن أحمد بن حنبل‪ ،‬ويل ّقب بإمام السنة‪.‬‬

‫يعرض عرفان عبد الحميد األسباب التي أ ّد ت إلى انحسار عقائد أحمد بن حنبل‪ ،‬فيقول‪ :‬مع سالمة هذه العقيدة‪ ،‬وارتباطها بإمام أهل‬
‫السنة ـ أحمد بن حنبل ـ فإنها لم تستمر طويالً ألنها تتضمن اإلحالة إلى المجهوالت‪ ،‬ال تفهم مؤداها وال غايتها‪ .‬وهاجمها كثير من‬
‫العلماء حتى عدّها ابن حزم األندلسي مدخالً لطريق ينتهي بالتشبيه‪.‬‬

‫ومن جهة أُخرى ظهور المدارس التوفيقية كمدرسة أبي الحسن األشعري (ت‪ 324:‬هـ)‪ ،‬ومدرسة أبي منصور الماتريدي([‪)]130‬‬
‫السمرقندي (ت‪ 331:‬هـ)‪ ،‬الذين أخذوا بالتأويالت المجازية‪ ،‬متبعين االسلوب الذي بدأه المعتزلة من قبل([‪.)]131‬‬

‫الظهور الثاني للسلفية األولى‪:‬‬


‫أما الظهور الثاني للسلفية األولى([‪ ،)]132‬فكان على يد ابن تيمية الحراني (ت‪ 728:‬هـ) عند نهاية الخالفة العباسية‪ ،‬وعقيب سقوط‬
‫بغداد عام ‪ 656‬هـ ‪ .‬إذ يحمّل ابن تيمية أهل البدع ـ على حد تعبيره ـ من جهمية وقدرية وباطنية‪ ،‬وصوفية وفالسفة مسؤولية‬
‫السقوط‪ ،‬ويشنّ عليهم حملة عنيفة‪ ،‬داعيا ً إلى إحياء عقيدة السلف ومنهجهم فيتبعه نفر كثير‪.‬‬

‫ويمكننا القول ان السلفية األولى بلغت مع ابن تيمية أوج نضوجها‪ ،‬واكتمالها‪ ،‬وغاية مداها‪ ،،‬ومعه اتخذ المنهج السلفي صورته البينة‬
‫التي أبانت عن قواعده‪ ،‬وقضاياه بصورة حاسمة‪ ^،‬وحددت الطريق لكل الذين جاءوا من بعده‪ ،‬أما آراؤه في اإليمان والكفر والقتال‬
‫فستجعلها^ الجماعات اإلسالمية المعاصرة ـ من السلفية الجهادية ـ عمدة حراكها‪ ،‬وسنداً لفعلها المباشر([‪.)]133‬‬

‫فابن تيمية هو الذي أصّل األصول وق ّع د القواعد للسلفية‪ ،‬فهو بحق المنظر‪ ،‬والمشيد للبنيان القاعدي ألفكارها‪.‬‬

‫يصف عرفان عبد الحميد الحركة السلفية في زمن ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية([‪ )]134‬فيقول‪« :‬وقد قوى هذا التيار في القرن‬
‫السابع للهجرة على يد اإلمام تقي الدين ابن تيمية الحراني (ت‪ 728 :‬هـ) وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت‪ 751 :‬هـ) وصار يعرف‬
‫بالعقيدة السلفية‪ ،‬وقد حاول كل من ابن تيمية‪ ،‬وابن قيم الجوزية دفع الشبه التي ألقيت عليه‪ ،‬وذلك بإيجاد أساس فكري‪ ،‬مبني على مبدأ‬
‫عام‪ ،‬يقضي بان ال ضير من إثبات ظواهر الصفات الخبرية‪ ،‬وان ذلك لن يؤدي إلى التشبيه‪ ،‬ما دامت المماثلة منفية‪ ،‬وغير واردة‬
‫بين هللا الخالق واإلنسان المخلوق»([‪.)]135‬‬

‫فالحركة السلفية انتشرت بقوة في زمن ابن تيمية الذي أعلن هذا المذهب في «جرأة وقوّ ة وزاد آراءه انتشاراً اضطهاده بسببها‪ ،‬فإنّ‬
‫االضطهاد يُذيع اآلراء وينشرها»([‪ )]136‬لكن هذه الصحوة السلفية لم تنجح فيما نجح فيه ابن حنبل‪ ،‬فلم تصبح مذهبا ً للدولة‪ ،‬وإ ّنما‬
‫ظلت حركة‪ ،‬يلقى اعالمها السجن والعنت واالضطهاد([‪.)]137‬‬

‫وقد تميزت السلفية في عصر ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية‪ ،‬باتساق المنهج ووحدة األصول االعتقادية والفكرية ألن ابن قيم‬
‫الجوزية كان تلميذاً مخلصا ً لشيخه ابن تيمية‪ ،‬ومن أكثر الناس التصاقا ً به‪ ،‬يقول ابن حجر (ت‪ 852 :‬هـ)‪ُ « :‬غلب عليه حب ابن تيمية‬
‫هذب كتبه‪ ،‬ونشر علمه‪ ... ،‬واعتقل مع ابن تيمية‬ ‫حتى كان ال يخرج عن شيء من أقواله‪ ،‬بل ينتصر له في جميع ذلك‪ ،‬وهو الذي ّ‬
‫بالقلعة»([‪.)]138‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫السلفية الوسيطة (الوهابية)‬
‫السلفية الوسيطة‪ ،‬هي السلفية التي تمثلها الوهابية‪ ،‬والتي تكونت في شبه الجزيرة العربية‪ ،‬في البيئة النجدية([‪ )]139‬البدوية([‬
‫‪ ،)]140‬وهي سلفية نصوصية صلبة([‪ ،)]141‬ارتبطت باسم مؤسسها محمد بن عبد الوهاب (‪ 1115‬ـ ‪ 1206‬هـ)‪ ،‬والتي قامت‬
‫على بناء العقيدة في ضوء احيائها لمدرسة أحمد بن تيمية الحراني (‪ 661‬ـ ‪ 728‬هـ)‪ ،‬وتلميذه ابن قيم الجوزية (ت‪ 758 :‬هـ)‪،‬‬
‫وإضافتها عنصر مدرسة الحديث المرتبط باسم أحمد بن حنبل‪.‬‬

‫وما يميز السلفية الوسيطة عن السلفية األولى‪ ،‬هو أنها أدمجت اتجاه أهل الحديث بشكل عضوي في مسائلها االعتقادية‪ ،‬والعبادية‪،‬‬
‫لكنها من ناحية رؤيتها االعتقادية‪ ،‬لمفهوم التوحيد كانت تعيد إحياء المنظومة الفكرية البن تيمية([‪ ،)]142‬فلقد تابعت الوهابية([‬
‫‪ )]143‬تقسيم ابن تيمية([‪ )]144‬للتوحيد ـ الربوبية‪ ،‬االلوهية‪ ،‬األسماء والصفات ـ بشكل أكثر تشدداً‪ ،‬وحكمت على أغلب المسلمين‬
‫بالكفر والخروج من الملة‪ ،‬لممارستهم بعض العبادات‪ ،‬كالتوسل باألنبياء والصالحين‪ ،‬والتشفع بهم عند هللا‪ ،‬وزيارة القبور‪ ،‬يقول‬
‫محمد بن عبد الوهاب‪« :‬إن الذين قاتلهم رسول هللا (ص) أصح عقوالً‪ ،‬وأخف شركا ً من هؤالء»([‪ .)]145‬ويعني بهم المسلمين‬
‫باستثناء أتباعه!!‬

‫كما تدعي الوهابية‪ :‬أنّ العبادة مبنية على أصل توحيد االلوهية‪ ،‬ال على توحيد الربوبية‪ ،‬وان المشركين كانوا يوحدون في الربوبية‪،‬‬
‫ولكنهم يشركون في االلوهية([‪.)]146‬‬

‫وقد طبق الوهابية هذه المقولة على المسلمين‪ ،‬وقالوا‪ :‬ان المسلمين كالمشركين في عصر الجاهلية‪ ،‬موحدين في الربوبية‪ ،‬مشركين في‬
‫االلوهية([‪ ، )]147‬وبذلك وضعوا قواعد للتكفير‪ ،‬وحددوها بعشرة‪ ،‬فمنها‪ :‬الذبح لغير هللا‪ ،‬واالستعانة‪ ،‬واالستعاذة‪ ^،‬واالستغاثة‪ ،‬والنذر‬
‫لغير هللا‪ ،‬والدعاء من غير هللا‪.)]148[(...‬‬

‫وإذا نظرنا في كتب محمد بن عبدالوهاب([‪ ، )]149‬وبالخصوص كتابيه‪ ،‬التوحيد وكشف الشبهات نجدها مليئة بالعبارات الصريحة‬
‫في تكفير المسلمين‪ ،‬وكذلك االستشهادات واالقتباسات^ التي تؤكد مرجعيته الحنبلية التيمية المتشددة حتى انّ أحمد بن حنبل لم يرد عنه‬
‫نهي في مسألة التوسل باألولياء وزيارة األضرحة‪ ،‬التي تعرض لها ابن تيمية([‪ )]150‬بالنقد والتخطئة‪ ،‬وصوالً إلى استخدام العنف‬
‫وهدم األضرحة في زمن الوهابيين([‪ ، )]151‬بحيث لم يبق في نجد والحجاز أي قبر من قبور الصحابة واألولياء‪ ،‬باستثناء قبر النبي‬
‫(ص) الذي يُع ّد في نظر الوهابيين صنم يعبد من دون هللا‪ ،‬ولوال صيحات المسلمين في كل أنحاء العالم لهدم قبر الرسول (ص) في‬
‫ذلك الوقت([‪.)]152‬‬

‫يقول محمد أبو زهرة عن الوهابية وهدم األضرحة‪« :‬إنها كانت كلما مكن لها من قرية أو مدينة أتت على األضرحة هدما ً وتخريبا ً‬
‫حتى أطلق عليها بعض الك ّتاب األوربيين وصف هدامي المعابد»([‪ )]153‬ويضيف قائالً‪« :‬لقد درس محمد بن عبدالوهاب مؤلفات‬
‫ابن تيمية‪ ،‬فراقت في نظره‪ ،‬وتعمق فيها‪ ،‬وأخرجها من حيز النظر إلى حيز العمل»([‪ )]154‬خصوصا ً تلك التي تتصل بالمجتمع‬
‫والدولة‪ ،‬وركز على فكرة ابن تيمية‪ ،‬التي تدعو إلى التعاون بين أهم فئتين في المجتمع وهما‪ ،‬األمراء والعلماء‪ ،‬والتي تعرض لها ابن‬
‫تيمية في كتابه الراعي والرعية‪ ،‬وقد ترجم محمد بن عبد الوهاب هذا التعاون باالتفاق الذي تم بينه وبين األمير محمد بن سعود حاكم‬
‫الدرعية([‪ )]155‬في نجد عام (‪1745‬م) ويُع ّد هذا حجر الزاوية في الحلف الوهابي السعودي الذي قامت^ على أساسه‪ ^،‬وال تزال‬
‫المملكة العربية السعودية([‪.)]156‬‬

‫يقول عثمان بن بشر النجدي في كتابه المجد في تاريخ نجد‪ ،‬عن االتفاق بين محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬ومحمد بن سعود أمير نجد بما‬
‫ص ه‪« :‬وصل الشيخ ابن عبد الوهاب الدرعية بعد خروجه من العيينة([‪ ، )]157‬فالتقى ببعض رجالها‪ ،‬وقرر لهم التوحيد‪ ،‬واستقر في‬
‫ن ّ‬
‫قلوبهم‪ ،‬فأرادوا أن يخبروا محمد بن سعود (أمير الدرعية) ويشيروا عليه بنصرته فهابوه‪ ،‬فأتوا إلى زوجته موضى‪ ،‬وكانت ذات عقل‬
‫ومعرفة فأخبروها بمكان الشيخ‪ ،‬وصفة ما يأمر به‪ ،‬وينهي عنه‪ ،‬فوقر في قلبها معرفة التوحيد‪ ،‬وقذف هللا في قلبها محبة الشيخ فلما‬
‫ّ‬
‫وعظمه‪ ،‬واغتنم‬ ‫دخل عليها زوجها محمد‪ ،‬أخبرته بمكانه‪ ،‬وقالت إن هذا الرجل‪ ،‬أتى إليك وهو غنيمة‪ ،‬ساقها^ هللا لك‪ ،‬فأكرمه‬
‫ّ‬
‫نصرته‪ ،‬عمل أمير الدرعية بما أشارت عليه زوجته‪ ،‬فتوجه إلى الشيخ ورحّ ب به وأكرمه‪ ،‬وأمنه على نفسه‪ ،‬وبشره بالنصرة‬
‫والدفاع‪ ،‬ثم أخبره الشيخ بما كان عليه الرسول (ص) وما دعا إليه‪ ،‬وما عليه أصحابه من بعده‪ ،‬وما أمروا به‪ ،‬وما نهوا عنه‪ ،‬وان كل‬
‫بدعة بعدهم ضالل‪ ،‬وما أعزهم هللا به بالجهاد في سبيل هللا وأغناهم به‪ ،‬ثم أخبره بما عليه أهل نجد اليوم من مخالفتهم بالشرك باهلل‬
‫تعالى‪ ،‬والبدع‪ ،‬واالختالف والجور والظلم‪.‬‬

‫فلما تحقق محمد معرفة التوحيد وعلم ما فيه من المصالح الدينية والدنيوية‪ ،‬قال له‪ :‬يا شيخ إن هذا دين هللا ورسوله الذي ال شك فيه‪،‬‬
‫وابشر بالنصرة لك‪ ،‬ولما أمرت به‪ ،‬والجهاد لمن خالف التوحيد‪ ،‬ولكن أريد أن اشترط عليك اثنين‪ ،‬نحن إذا قمنا في نصرتك والجهاد‬
‫في سبيل هللا‪ ،‬وفتح هللا لنا ولك البلدان‪ ،‬أخاف أن ترحل عنا‪ ،‬وتستبدل بنا غيرنا‪.‬‬

‫والثانية‪ :‬ان لي على الدرعية قانونا ً أخذه منهم في وقت الثمار وأخاف أن تقول‪ ،‬ال تأخذ منهم شيئاً‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬أما األولى فابسط يدك‬
‫الدم بالدم والهدم بالهدم‪ ،‬وأما الثانية‪ ،‬فلعل هللا يفتح لك الفتوحات فيعوضك هللا من الغنائم ماهو خير منها»([‪.)]158‬‬

‫المالحظ على هذا االتفاق على ما يراه الباحث‪ :‬ان نصرة محمد بن سعود‪ ،‬وقبول دعوة محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬لم تكن لوجه هللا‪ ،‬بل‬
‫لتوسعة السلطان والملك‪ ،‬والسبب في ذلك‪ ،‬ان دولة الخالفة اإلسالمية المتمثلة بالدولة العثمانية كانت قائمة‪ ،‬ويتربص بها األعداء من‬
‫كل مكان‪ ،‬فكان األولى البن سعود أن ينصر دولة الخالفة على المشركين من الصليبيين المتمثلين آنذاك بالعدوان اإلنكليزي‬
‫والفرنسي‪ ،‬ال أن ينصر محمد بن عبد الوهاب على المسلمين‪ ،‬من أبناء جلدته ويُعمل فيهم السيف‪ ،‬والسلب والنهب‪.‬‬

‫ثم ان رد محمد بن عبد الوهاب على طلب ابن سعود‪ ،‬كان رداً مثيراً حيث قال‪ :‬الدم بالدم والهدم بالهدم‪ ،‬وهو شعار خطير‪ ،‬يُرفع‬
‫ويُعمل به مع المسلمين‪ ،‬وكان األجدر به أن يرفعه بوجه اإلنكليز والفرنسيين‪ ،‬ثم من أين البن عبد الوهاب نبوءة فتح البلدان‪،‬‬
‫والحصول على الغنائم!!‬

‫هذه المالحظات وغيرها تؤيد الرأي القائل‪ ،‬ان مشروع ابن عبد الوهاب وابن سعود‪ ،‬كان مشروعا ً بريطانيا ً([‪ ،)]159‬أراد تفتيت‬
‫وحدة المسلمين‪ ،‬وإشغالهم ببعضهم البعض‪ ،‬من باب فرق تسد‪ ،‬الشعار البريطاني المعروف‪ ،‬تمهيداً للسيطرة عليهم‪.‬‬

‫كان التفاق محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬وابن سعود‪ ،‬أثر مهم في وضع األساس لقيام الدولة السعودية([‪ )]160‬الوهابية في بالد نجد‬
‫والحجاز‪ ،‬وأخذت الدعوة الوهابية‪ ،‬تنتشر في بالد نجد بشكل واسع وسريع يدعمها السيف والسلطان‪.‬‬

‫يقول محمد أبو زهرة‪« :‬لقد قاد الفكرة الوهابية في ميدان الحرب والصراع‪ ،‬محمد بن سعود جد األسرة السعودية الحاكمة^ لألراضي‬
‫العربية‪ ،‬وقد كان صهراً للشيخ محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬واعتنق مذهبه وتحمس له وأخذ يدعو إلى الفكرة بقوّ ة السيف‪ ،‬وأعلن أنه يفعل‬
‫ذلك إلقامة السنة‪ ،‬وإماتة البدعة‪ ،‬ولع ّل هذه الدعوة الدينية التي أخذت طابع العنف كانت تحمل معها تمرداً على حكم العثمانيين‪،‬‬
‫ومهما يكن من أمر فقد استمرت الدعوة مؤيدة بقوّ ة السالح‪ ،‬فج ّردت الدولة العثمانية لها القوّ ة‪ ،‬ولكنها لم تنتصر عليها‪ ،‬ولم تقو على‬
‫القضاء على قوتها‪ ،‬حتى تصدى والي مصر محمد علي لها‪ ،‬فانقضّ على الوهابية بجيشه‪ ،‬وهزمهم في عدّة معارك‪ ،‬وعندئذ انقبضت‬
‫القوّ ة المسلحة واقتصرت على القبائل العربية‪ ،‬وكانت الرياض وما حولها مركزاً لهذه الدعوة المستمرة التي كانت تعنف ان وجدت‬
‫قوّ ة‪ ،‬وتنقبض ان وجدت مقاومة عنيفة»([‪.)]161‬‬

‫ان جنود محمد علي هم الذين هزموا الوهابيين في ‪ 1811‬م‪ ،‬واستعادوا مكة والمدينة‪ ،‬ودفعوا بهم نحو الحجاز‪ ،‬وفي عام ‪1818‬م‬
‫انقضّ ابنه إبراهيم باشا على القوات الوهابية ـ السعودية‪ ،‬في عقر قاعدتهم في نجد‪ ،‬ودمّر عاصمتهم الدرعية‪ ،‬لقد أعيد تأسيس‬
‫السيطرة العثمانية‪ ،‬حتى أنهم لم يتمكنوا من إعادة تأسيس أنفسهم كسلطة محلية إال بعد مائة عام‪ ،‬عندما تحالفوا مع اإلمبراطورية‬
‫البريطانية‪ ،‬السترجاع نجد بإشعال الجهاد ضد مسلمي الخالفة([‪.)]162‬‬
‫لقد تقاسم آل الشيخ وآل سعود أمور الدولة السعودية الوهابية‪ ،‬منذ البداية‪ ،‬فما تعلق بالهوية واألحوال الشخصية والدينية تواله آل‬
‫الشيخ‪ ،‬وما تعلق بتسيير أ ُمور الجماعة العامة (الدولة) تواله آل سعود‪ ،‬ومعلوم ان موقف السلفية الوسيطة (الوهابية) من السلطة‬
‫السياسية هو امتداد طبيعي لموقف السلفية األولى‪ ،‬الداعي إلى وجوب طاعة أولي األمر في السراء والضراء‪ ،‬بمعنى ان السلفي ال‬
‫يتجه في األصل إلنقاذ نفسه عن طريق تولي السلطة‪ ،‬بل يسلّم به للقائم على األمر‪ ،‬أو يكتفي هو بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر‬
‫بالحسنى‪ ،‬وبما ال يخل بالهيبة والسلطان([‪.)]163‬‬

‫ومع مرور الوقت تميّزت وهابيتان‪ ،‬الوهابية الرسمية التي تلعب دور و ّع اظ السالطين للحكام السعوديين‪ ،‬والوهابية المنشقة المنتمية‬
‫للسلفية الجهادية([‪.)]164‬‬

‫لقد تع ّرض الفكر الوهابي من قبل علماء المسلمين ـ السنة والشيعة ـ للر ّد والمناقشة‪ ،‬والتفنيد واالستنكار‪ ،‬وكان على رأس قائمة‬
‫الرا ّدين عليه‪ ،‬أخوه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب (ت‪1210:‬هـ) في كتابه الصواعق اإللهية‪ ،‬حيث جاء فيه‪« :‬ان هذه األمور ـ التي‬
‫كفر بها الوهابيون المسلمين ـ حدثت من زمن اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬في زمان أئمة اإلسالم‪ ،‬وأنكرها من أنكرها منهم‪ ،‬والزالت حتى‬
‫يرو عن أحد من أئمة المسلمين أنهم كفروا بذلك‪ ،‬وال قالوا‬ ‫مألت بالد اإلسالم كلّها‪ ،‬وفعلت هذه األفاعيل كلّها التي تكفرون بها‪ ،‬ولم َ‬
‫هؤالء مرتدون‪ ،‬وال أمروا بجهادهم‪ ،‬وال سموا بالد المسلمين بالد شرك وحرب كما قلتم أنتم‪ ،‬بل ك ّفرتم من لم يكفر بهذه األفاعيل‬
‫وإن لم يفعلها‪.)]165[(»...‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫السلفية المتأخرة (الجهادية)‬
‫ُتع ّد السلفية الجهادية امتداداً طبيعيا ً للسلفية األولى والوسيطة‪ ،‬ويُعد المودودي([‪( )]166‬ت‪1979:‬م)‪ ،‬وسيد قطب([‪( )]167‬ت‪:‬‬
‫‪1966‬م) الركيزة األساسية لهذا االتجاه الفكري([‪.)]168‬‬

‫نظر مسألة الحاكمية‪ ^،‬التي من خاللها حكم على المجتمعات^ المسلمة بالجاهلية‪ ،‬معلالً ذلك با ّنها ال تطبق الشريعة‬‫فالمودودي أول من ّ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬وعلى األنظمة بالكفر‪ ،‬ألنها تحكم على وفق القانون الوضعي([‪ ، )]169‬وعلى هذا األساس فهو «يربط بين مفهومي‬
‫الوحدانية واالستخالف ربطا ً محكماً^»([‪ )]170‬إذ يقول المودودي في هذا الصدد‪« :‬إنّ الدولة اإلسالمية تقوم على أساس واحد‪ ،‬هو‬
‫حاكمية^ هللا الواحد األحد‪ ،‬إنّ نظريتها األساسية‪ ^،‬تقوم على أنّ األرض كلّها هلل‪ ،‬وهو ربّها‪ ،‬والمتصرف في شؤونها‪ ،‬فاألمر والتشريع‬
‫والحكم‪ ،‬كلّها مختصة باهلل وحده‪ ،‬وليس لفرد أو أسرة أو طبقة أو شعب‪ ،‬وال للنوع البشري كافة^ شيء‪ ،‬من سلطة األمر والتشريع‪،‬‬
‫فال مجال في حظيرة اإلسالم‪ ،‬ودائرة نفوذه إال لدولة يقوم فيها المرء بوظيفة خليفة هللا»([‪.)]171‬‬

‫استعمال المودودي‪ ،‬ومن بعده سيد قطب مفهوم الجاهلية([‪ ،)]172‬سالحا ً معرفيا ً لرفض كل نمط من أنماط الحياة غير اإلسالمية‪،‬‬
‫(عز وجلّ) ومنهاجه‪.‬‬‫ّ‬ ‫ومفهوم الحاكمية([‪ )]173‬لرفض كل حكم ال يستند على شريعة هللا‬

‫ففي مسألة الجاهلية يؤ ّس س المودودي لظاهرة خطيرة‪ ،‬وهي رمي المجتمع المسلم بصفة الجاهلية التي هي على النقيض من اإلسالم‪،‬‬
‫إذ يقول من كالم طويل له‪ :‬فإن عشرتنا ومواكبنا كلّها مصطبغة بصبغة الجاهليتين القديمة‪ ،‬والجديدة متلونة بلونها‪ ،‬ثم يقول‪ :‬وجملة‬
‫القول‪ :‬إنّ ك ّل فرع من فروع حياتنا االجتماعية يناقض اإلسالم ويعارضه‪ ،‬وناهيك به حجة للناس‪ ،‬والعالم على أن أتباع اإلسالم‬
‫أنفسهم يؤثرون الجاهلية على اإلسالم([‪.)]174‬‬
‫ويضيف المودودي في مسألة الحاكمية^ والخالفة‪ ،‬فيقول‪« :‬الحاكم الحقيقي في اإلسالم‪ ،‬إ ّنما هو هللا وحده‪ ،‬فإذا نظرت إلى هذه النظرية‬
‫األساسية‪ ،‬وبحثت عن موقف الذين يقومون بتنفيذ القانون اإللهي في األرض تبين لك أنه ال يكون موقفهم إال كموقف النواب عن‬
‫الحاكم الحقيقي‪ ،‬فهذا هو موقف أولي األمر في اإلسالم بعينه»([‪.)]175‬‬

‫وفي موضع آخر يقرر المودودي ان الحاكمية قد أجاب عليها القرآن بشكل قطعي وواضح كل الوضوح‪ ،‬وهو ان الحاكمية بكل معنى‬
‫من معانيها فهي هلل تعالى وحده فانه هو الحاكم الحقيقي‪ ،‬في واقع األمر‪ ،‬وال يستحق أن يكون الحاكم األصلي إال هو وحده([‪.)]176‬‬

‫أمّا سيد قطب فقد تأثر كثيراً بآراء المودودي‪ ،‬وأعطى لمفاهيمه بعداً حركياً‪ ،‬وذهب بها إلى المدى األقصى([‪ .)]177‬وقد نقل سيد‬
‫قطب كثيراً من آراء المودودي‪ ،‬وأودعها تفسيره في ظالل القرآن وكتابه معالم في الطريق‪« ،‬الذي وصف بأنه زنزانة فكرية مغلقة‪،‬‬
‫شكلت في السجون»([‪.)]178‬‬ ‫فهو بيئة العذابات التي ُ‬

‫وقد اشتمل كتابه الموسوم بـ(معالم في الطريق) على رؤية نوعية للمجتمع‪ ،‬وللعالقات^ القائمة في إطاره‪ ،‬وهو يُع ُّد دليل ومشروع‬
‫عمل للجماعات^ الجهادية‪ ،‬ومحور رؤية سيد قطب تقوم على أساس االعتداء على سلطان هللا في األرض‪ ،‬وعلى أخصّ خصائص‬
‫االلوهية‪ ،‬وهي الحاكمية([‪.)]179‬‬

‫فالمجتمع والنظام ـ على وفق هذا المنظور ـ الذي ال يتخذ من التشريع والقانون اإللهي حكما ً ومنهجاً‪ ،‬فهو مجتمع جاهلي ونظام كافر‪،‬‬
‫ومفهوما الجاهلية‪ ،‬والحاكمية‪ ،‬ولدا على يد أبي األعلى المودودي‪ ،‬وأشاع استخدامهما سيد قطب‪ ،‬ومن ثم تعاقب ّ‬
‫منظرو السلفية‬
‫الجهادية على توسعتهما‪ ،‬وصوالً إلى مفهومي الوالء والبراءة([‪ )]180‬عند تنظيم القاعدة([‪.)]181‬‬

‫ومفهوم الجاهلية هو توصيف للواقع االجتماعي والسياسي المعاش‪ ،‬إذا كان اليستقيم ومفاهيم السلفية الجهادية‪ ^،‬تجاه المجتمع والدولة‪،‬‬
‫وغدا اطالقه‪ ،‬على هذا الواقع‪ ،‬ال بوصفه توصيفا ً سلبيا ً فحسب بل تم إدخاله في المنظومة العقدية والفقهية بوصفه حكما ً شرعيا ً يُرمى‬
‫به األفراد والجماعات^ والمجتمعات^([‪ ، )]182‬يقول سيد قطب في هذا الوصف‪« :‬ان العالم يعيش اليوم في جاهلية‪ ،‬من ناحية األصل‬
‫الذي تنبثق منه مقومات الحياة‪ ،‬وأنظمتها جاهلية‪ ،‬ال تخفف منها شيئا ً هذه التيسيرات المادية الهائلة‪ ،‬وهذا االبداع المادي الفائق هذه‬
‫الجاهلية تقوم على أساس االعتداء على سلطان هللا في أرضه‪ ،‬وعلى أخص خصائص االلوهية‪ ،‬وهي الحاكمية‪ ،‬إنها تسند الحاكمية‬
‫إلى البشر‪ ،‬فتجعل بعضهم لبعض أربابا ً‪ ،‬ال في الصورة البدائية الساذجة التي عرفتها الجاهلية األولى‪ ،‬ولكن في صورة ادعاء حق‬
‫وضع التصورات والقيم‪ ،‬والشرائع والقوانين‪ ،‬واألنظمة واألوضاع بمعزل عن منهج هللا للحياة‪ ،‬وفيما لم يأذن به هللا»([‪.)]183‬‬

‫وفي ضوء ما تقدم يعتقد الباحث ان سيد قطب لم يفرق بين مجتمع الجاهلية األولى الوثنية المشركة في عبادة هللا تعالى‪ ،‬والمتخذة‬
‫لنفسها منهجا ً ال يقوم على شرعية هللا‪ ،‬وبين المجتمعات^ المسلمة التي اعتمدت في قوانينها ودستورها على القانون الوضعي‪،‬‬
‫فالمجتمعات^ المسلمة‪ ،‬على الرغم من اعتقادها باإلله الواحد وإيمانها باإلسالم ديناً‪ ،‬إال أنها في نظر سيد قطب‪ ،‬تع ُّد مجتمعات^ جاهلية‬
‫كافرة‪ ،‬كالجاهلية األولى‪ ،‬ألنها نازعت هللا في سلطانه‪ ،‬وعلى أخص خصائص االلوهية‪ ،‬وهي الركون واالستناد إلى حاكمية البشر‬
‫دون حاكمية^ هللا تعالى وتشريعه‪.‬‬

‫فسيد قطب يُع ّد رائد التحول الكبير في الحراك اإلسالمي المعاصر‪ ،‬عندما تحول في مطلع الستينات عن النهج اإلخواني([‪)]184‬‬
‫الداعي إلى التغيير السلمي‪ ،‬والتدرج‪ ،‬واضعا ً كتابه (معالم في الطريق) الذي أصبح برنامج عمل لكثير من الجماعات^ السلفية‬
‫المعاصرة‪ ،‬كما أسس سيد قطب في معالمه لفكر الثورة ونهج الخروج على الحكام وأولي األمر([‪ ،)]185‬مخالفا ً بذلك ما عليه السلفية‬
‫األولى والوسيطة‪ ،‬في موقفها الداعي إلى عدم الخروج على الحكام‪ ،‬وان كانوا ظلمة‪ ،‬ما لم يظهر منهم كفر بواح([‪.)]186‬‬

‫يستثن‬
‫ِ‬ ‫فحكم سيد قطب من خالل كتابه معالم في الطريق بكفر األمة‪ ،‬بدون تردد‪ ،‬شامالً الحاضر وأربعة عشر قرنا ً من الماضي‪ ،‬ولم‬
‫إال الخالفة الراشدة‪ ،‬إذ قال‪« :‬ليس على وجه األرض مجتمع قرّ ر فعالً تمكين شريعة هللا وحدها‪ ،‬ورفض كل شريعة سواها»([‬
‫‪ ،)]187‬فاألمة اإلسالمية ـ كما يرى سيد قطب ـ «قد انقطع وجودها منذ قرون كثيرة»([‪.)]188‬‬
‫ثم يقرر بشكل صريح‪« :‬إن الناس ليسوا مسلمين ـ كما يدعون ـ وهم يحيون حياة الجاهلية»([‪.)]189‬‬

‫وفي موضع آخر من كتابه معالم في الطريق يقول‪« :‬ينبغي أن يكون مفهوما ً ألصحاب الدعوة اإلسالمية أنهم حين يدعون الناس‬
‫إلعادة انشاء هذا الدين يجب أن يدعوهم أوالً إلى اعتناق العقيدة حتى لو كانوا يدعون أنفسهم مسلمين‪ ،‬وتشهد لهم شهادات الميالد‬
‫بأنهم مسلمون؛ يجب أن يعلموهم أن اإلسالم هو أوالً‪ ،‬إقرار عقيدة ال إله إال هللا‪ ،‬بمدلولها الحقيقي‪ ،‬وهو رد الحاكمية هلل في أمرهم‬
‫كلّه‪ ...‬فإذا دخل في هذا الدين ـ بمفهومه األصيل ـ عصبة من الناس‪ ،‬فهذه العصبة هي التي يطلق عليها اسم المجتمع المسلم»([‬
‫‪.)]190‬‬

‫وفي هذه النصوص داللة واضحة وجلية على أن سيد قطب يحكم على األمة المسلمة‪ ،‬بالكفر العقيدي‪ ،‬المخرج من الملة‪ ،‬ويقدم تعريفا ً‬
‫جديداً للمسلم ـ ما أنزل هللا به من سلطان ـ فالمسلم الذي تشهد له شهادة الميالد يجب عليه أن يتشهد الشهادة من جديد‪ ،‬بمدلولها‬
‫الحقيقي‪ ،‬الذي هو رد الحاكمية هلل في أموره كلّها‪ ،‬وهذا لم يقل به أحد من علماء المسلمين! ثم انه يؤسس للجماعة والعصبة الجديدة‬
‫البديلة عن المجتمع المسلم‪ ،‬والمتحيزة والخارجة عنه‪ ،‬وبذلك أسس للقطيعة والعنف والتكفير في داخل المجتمع المسلم‪.‬‬

‫هذه الجماعة والعصبة الجديدة‪ ،‬التي بدأت شيئا ً فشيئا ً تنسلخ عن المجتمع ـ وفق البرنامج القطبي ـ وتبني حولها أسواراً عالية عازلة‬
‫بينها وبين المجتمع المسلم الذي تعيش فيه‪ ،‬وبدأت تذوب كل المشتركات بينها من مشاعر وأحاسيس واخوة‪ ،‬وتح ّل محلّها مفاهيم‬
‫جديدة أُخرى على وفق المنظومة الجديدة لهذه الجماعات^ التي شكلت النظام الداخلي لها‪.‬‬

‫كما أعتقد ان موقف سيد قطب األخير يُعد تكثيفا ً متطرفا ً التجاه موجود في ضمن الدائرة اإلسالمية (المحيط اإلسالمي) إذ كانت‬
‫الرهانات الدينية القائمة على التغولق واالنكفاء المشحونة بقدسية النصوص التي لم تنفك ابداً عن توجهات السلف وخطاباتهم تتجاوز‬
‫الحد المعقول لكي تلبي الحاجيات^ العقدية والنفسية واالجتماعية وااليديلوجية طبقا ً لقواعد الخلفاء وجيل الصحابة الذين يعدّونهم القادة‬
‫الروحيين لتأصيل هذا التراث المعبر عن ذاتية التفكير السلفي واتجاهاته‪.‬‬

‫يقول أحد الباحثين‪ :‬ان النواة التنظيمية للسلفية الجهادية‪ ،‬قد تشكلت من رحم حركة اإلخوان المسلمين‪ ،‬خصوصا ً بعد حالة العداء التي‬
‫حصلت بين اإلخوان وحكومة عبدالناصر‪ ،‬وبالتحديد بعد محاولة اغتيال عبد الناصر سنة ‪1954‬م([‪ ،)]191‬والتي ا َّتهم بها اإلخوان‬
‫المسلمين‪ ،‬فز َج اإلخوان على أثر ذلك بالسجون والمعتقالت‪ ،‬والتعذيب‪ ،‬في هذه األجواء بدأ فكر سيد قطب يتحرك عند هذه‬
‫الجماعات‪ ،‬خصوصا ً بعد تأليفه كتاب معالم في الطريق‪« ،‬الذي بات نوعا ً من البيان‪ ،‬وأشبه بدليل «ما العمل»؟ للتيار اإلسالمي‬
‫المتشدد»([‪.)]192‬‬

‫وفي هذه األثناء بدأ شباب الجماعة بالتعرف على فكر المودودي‪ ،‬من خالل ترجمة أعماله إلى العربية‪ ،‬ومن كل ذلك ولدت مدرسة‬
‫الغلو والتطرف في مصر‪ ،‬وتأسست جماعة الجهاد‪ ،‬التي اعتمدت فكر المودودي وسيد قطب‪.‬‬

‫وقد كشفت الثمانينات في مصر‪ ،‬والتسعينات في أفعانستان أن جماعة الجهاد المصرية تقود تحوالت كبرى في الحركة اإلسالمية في‬
‫مصر‪ ،‬والعالم العربي واإلسالمي([‪ ،)]193‬والتي اشتركت مع ابن الدن ـ مؤخراً ـ من خالل الظواهري في تشكيل تنظيم القاعدة‬
‫عام ‪.)]194[(1986‬‬

‫« في الثمانينات من القرن العشرين‪ ،‬ظهر االتجاه السلفي الجهادي بشكل قوي‪ ،‬إثر اجتياح الجيش السوفيتي ألفغانستان‪ ،‬ومع توجه‬
‫أمريكا لالستعانة باإلسالم في مواجهة الشيوعية الزاحفة آنذاك نحو المياه الدافئة‪ ،‬ونفط الخليج‪ ،‬هذا االتجاه الذي تعضد بالمجاهدين‬
‫العرب»([‪ ، )]195‬من األقطار العربية كافة‪ ،‬وبالخصوص مصر‪ ،‬وكان هذا التوجه يتماشى مع «رغبة األجهزة األمنية العربية في‬
‫التخلص من هؤالء الشباب‪ ،‬الذين بدأوا يثيرون صراعا ً ال ينتهي بالنسبة لهم َ‬
‫عبر اللقاءات والندوات في المساجد‪ ،‬والمواجهات^ الدامية‬
‫العنيفة مع االجهزة األمنية‪ ،‬في كثير من الدول العربية واإلسالمية‪ ،‬وكان من وجهة نظرهم ـ الجهات األمنية ـ أن السفر إلى‬
‫أفغانستان يعد الطريقة المثلى للتخلص منهم بدون مشاكل‪ ،‬بالنظر إلى أنه سيتم القضاء عليهم‪ ،‬حيث ال قبل لهم بمواجهة جيوش‬
‫نظامية تملك كل أنواع األسلحة الفتاكة»([‪.)]196‬‬

‫يبدو للباحث ان السلفية الجهادية بدأت مع حرب أفغانستان وإن لم يكن اسمها ذلك ساعتها‪ ،‬ولكن نواياها بدأت في ذلك الوقت على يد‬
‫المجاهدين العرب‪ ،‬وقد مرّ ت بمراحل كثيرة‪ ،‬قبل أن تتطور وتصل إلى شكلها الحالي وكانت أولى بداياتها على يد الشيخ عبد هللا([‬
‫وعظمه في مجموعة من المقاالت‪ ،‬والمؤتمرات عبر العالم‪ ،‬وفي‬ ‫ّ‬ ‫‪ )]197‬ع ّزام (ت‪1989 :‬م) المبشر بالجهاد‪ ،‬وقد دعا إلى الجهاد‬
‫معسكرات^ التدريب الباكستانية‪ ،‬وكان في أفغانستان يقوم باستقبال شبان الجهاد‪ ،‬وتنظيم صفوف المقاتلين([‪ .)]198‬وهو مؤسس أول‬
‫كتيبة للمجاهدين العرب في أفغانستان‪ ،‬وكان رئيس مكتب المجاهدين العرب في بيشاور([‪.)]199‬‬

‫كان عبد هللا عزام‪ ،‬يرى ان العدو البعيد قبل القريب‪ ،‬وهذه المقولة كانت محور الخالف بينه وبين الظواهري‪ ،‬الذي كان يرى ان‬
‫األولى باالزالة هي األنظمة العربية‪ ،‬بالطريقة العسكرية‪ ،‬ثم إقامة الدولة اإلسالمية‪ ،‬ثم التفرغ للعدو البعيد‪ ،‬فعبد هللا ع ّزام كان يرفض‬
‫مطلقا ً العمليات العسكرية في الدول اإلسالمية‪ ،‬بينما الجماعات األُخرى وعلى رأسهم الظواهري‪ ،‬يستحلون دماء المسلمين بدون‬
‫تح ّر ج‪ ،‬طالما انها ستؤدي في النهاية إلى قيام الدولة اإلسالمية على حد زعمهم([‪.)]200‬‬

‫عزام‪ ،‬أصبحت الشخصية األولى في اإلشراف على معسكرات^ المجاهدين في بيشاور‪ ،‬هي شخصية ابن الدن‪ ،‬الذي‬ ‫بعد مقتل عبد هللا ّ‬
‫أصبح زعيم تنظيم القاعدة‪« ،‬الذي يلقبونه بأبي التنظيمات»([‪.)]201‬‬

‫وقد حظي أسامة بن الدن‪ ،‬بشهرة دولية واسعة‪ ،‬وثقة األوساط األفغانية نتيجة جهوده الكبيرة في تنظيم وتجميع المجاهدين العرب في‬
‫أفغانستان‪ ،‬واالسهام بفعالية في االنتصارات األفغانية على القوات السوفيتية الغازية([‪.)]202‬‬

‫الصعود الثاني البن الدن‪ ،‬كان في منتصف التسعينات من القرن العشرين‪ ،‬عندما انتهى الجهاد في أفغانستان‪ ،‬وبدأ يتفرغ لتنفيذ عدد‬
‫من عمليات اإلرهاب والعنف‪ ،‬وكان يدعو إلى انعاش العمل الجهادي‪ ،‬وإخراج القوات األمريكية من دول الخليج‪.‬‬

‫وعلى إثر ذلك جاءت^ الضربات الموجعة التي وجهت إلى البعثة العسكرية األمريكية في الرياض‪ ،‬وكذلك موقع القوات األمريكية في‬
‫الخبر والذي أسفر عن عشرات القتلى ومئات من الجرحى باإلضافة إلى حادثي انفجار السفارة األمريكية في نيروبي ودار السالم‬
‫الذي كان بمثابة إعالن قوي عن تواجد أسامة بن الدن القوي في كل موقع له عالقة بالمصالح األمريكية([‪.)]203‬‬

‫أخيراً توجت هذه األعمال باإلعالن الصريح عن قيام الجبهة اإلسالمية العالمية لجهاد اليهود والنصارى عام ‪1998‬م‪ ،‬التي تشارك‬
‫جماعة الجهاد المصرية فيها بزعامة أيمن الظواهري‪ ،‬وجماعتان من باكستان‪ ،‬وأُخرى من بنجالدش والفلبين بهدف تدمير المصالح‬
‫األمريكية([‪.)]204‬‬

‫بعد أحداث الحادي عشر من أيلول‪ ،‬ومباركة ابن الدن لها واعالن تنظيمه المسؤولية عنها‪ ...‬وما تبعها من غزو أمريكي ألفغانستان‪^،‬‬
‫والعراق‪ ،‬بدأ الفكر السلفي الجهادي باالنتشار إلى حد كبير‪ ،‬وصارت له أعداد كثيرة من المؤيدين في الدول العربية واإلسالمية‪،‬‬
‫وعلى مواقع االنترنت([‪.)]205‬‬

‫ويرتكز تنظيم القاعدة على عقيدة الوالء والبراءة‪ ،‬ويستقي قوته من ع ّد ة عوامل أهمها‪ ،‬جاذبية الطرح وبساطته‪ ،‬وروح التدين التي‬
‫تسود المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬وخبرة اإلخوان المسلمين في التنظيم والعمل السياسي‪ ،‬وتفرده في ساحة المواجهة مع الغرب([‪.)]206‬‬
‫‪---------------------------------------‬‬
‫([‪ )]1‬البوطي‪ /‬السلفية مرحلة زمنية مباركة ال مذهب إسالمي‪.‬‬
‫([‪ )]2‬البخاري‪ /‬صحيح البخاري ‪ 151 /3‬كتاب الشهادات‪ ،‬الترمذي‪ /‬سنن الترمذي ‪.2320 /+339 /3‬‬
‫([‪ )]3‬الرأي‪ :‬هو اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبة الظن‪ ،‬الراغب‪ /‬مفردات غريب القرآن‪.209 /‬‬
‫([‪ )]4‬القياس‪ :‬هو التسوية في الحكم بين أصل منصوص عليه وفرع لم ينصّ عليه لمشابهة^ بينهما‪ .‬مصطفى جمال الدين‪ /‬القياس‬
‫حقيقته وحجيته‪ 53 /‬ـ ‪.54‬‬
‫([‪ )]5‬أبو حاتم الرازي‪ /‬الزينة في الكلمات اإلسالمية العربية‪ 267 /‬القسم الثالث‪.‬‬
‫([‪ )]6‬جماعة ظهروا في البصرة وكانوا من أهل النظر والكالم والجدل يمثلون الخط العقلي في الفكر اإلسالمي‪ ،‬ظهروا حينما انشق‬
‫واصل بن عطاء (ت‪ 131 :‬هـ) عن مجلس الحسن البصري (ت‪ 110 :‬هـ)‪ .‬ظ‪ :‬الشهرستاني الملل والنحل ‪ ،38 /1‬د‪ .‬أحمد محمود‬
‫صبحي‪ /‬في علم الكالم ‪.103 /1‬‬
‫([‪ )]7‬نسبة إلى جهم بن صفوان‪ ،‬ويك ّن ى أبا محرز‪ ،‬فقد نشأ في سمرقند بخراسان وينسب إليه القول بالجبر ونفي الصفات ونفي‬
‫التشبيه‪ .‬ظ‪ :‬علي سامي النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم‪ 333 /‬ـ ‪.342‬‬
‫([‪ )]8‬الصابوني‪ ،‬أبو عثمان إسماعيل‪ /‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪.106 /‬‬
‫([‪ )]9‬الجابري‪ /‬الفكر السلفي عند الشيعة اإلمامية‪.43 /‬‬
‫([‪ )]10‬الشهرستاني‪ /‬الملل والنحل ‪.79 /1‬‬
‫([‪ )]11‬وهي األحاديث ذات األصل اليهودي‪ .‬ظ‪ :‬الدكتور علي سامي النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم ‪.1/70‬‬
‫([‪ )]12‬اختلفوا في اسم أبي هريرة واسم أبيه اختالفا ً كبيراً ال يحاط به وال يضبط في الجاهلية واإلسالم وقد غلبت عليه كنيته فهو‬
‫كمن ال اسم له غيرها‪ ،‬وأصله من عشيرة سليم بن فهم من قبيلة أزد ثم من دوس اسلم بعد الثالثين من عمره في سنة ‪ 7‬من الهجرة‪،‬‬
‫ولفقره اتخذ سبيله إلى الصفة وهو موضع في مؤخر مسجد النبي (ص) اعد للفقراء الذين ال منازل لهم وال عشائر‪.‬‬
‫ظ‪ :‬ابن حجر العسقالني‪ /‬اإلصابة ‪ ،200 /4‬ابن عبد البر‪ /‬االستيعاب ‪ ،200 /4‬محمود أبو ريّة‪ /‬أضواء على السنة المحمدية‪202 /‬‬
‫ـ ‪.204‬‬
‫([‪ )]13‬النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي في اإلسالم ‪.258 /1‬‬
‫([‪ )]14‬الشهيد الثاني‪ /‬حقائق اإليمان‪.59 /‬‬
‫([‪ )]15‬التهانوي‪ /‬موسوعة كشاف اصطالحات^ الفنون والعلوم ‪.678 /1‬‬
‫([‪ )]16‬سبحاني‪ /‬الملل والنحل ‪.124 /1‬‬
‫([‪ )]17‬الصفدي‪ /‬الغيث المنسجم ‪.55 /2‬‬
‫([‪ )]18‬الجابري‪ /‬الفكر السلفي عند الشيعة االثنا عشرية‪.79 /‬‬
‫([‪ )]19‬أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.259 /‬‬
‫([‪ )]20‬هو عبد الرحمن بن عمر األوزاعي إمام أهل الشام روى عنه سفيان الثوري وأخذ عنه كثيرون وكانت والدته ببعلبك سنة‬
‫‪ 88‬هـ وقيل سنة ‪ 93‬وتوفي في سنة ‪ 157‬هـ ‪.‬‬
‫ظ‪ :‬ابن خلكان‪ /‬وفيات األعيان ‪ 127 /3‬رقم ‪ ، 361‬بطرس البستاني‪ /‬دائرة المعارف ‪.643 /4‬‬
‫([‪ )]21‬هو أبو عبد هللا سفيان بن سعيد بن مسروق‪ ،‬مات في البصرة‪ ،‬متواريا ً عن الخليفة العباسي سنة ‪ 161‬هـ ‪ .‬ظ‪ :‬الذهبي‪ /‬سير‬
‫أعالم النبالء ‪ /130 /6‬رقم ‪.1218‬‬
‫([‪ )]22‬صاحب المذهب المالكي وكتاب الموطا وهو أبو عبد هللا مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر‪ .‬ظ‪ :‬الذهبي ‪ /‬سير أعالم النبالء‬
‫‪ /303 /6‬رقم ‪.1315‬‬
‫([‪ )]23‬الصابوني‪ /‬عقيدة السلف‪ ،110 /‬البغوي‪ /‬تفسير البغوي ‪ ،165 /2‬السيوطي‪ /‬الدر المنثور ‪ ،170 /3‬ابن تيمية‪ /‬نقض‬
‫المنطق‪16 /‬‬
‫([‪ )]24‬هو أبو عبدهللا أحمد بن حنبل بن هالل بن أسد‪ ،‬عربي النسب إذ ينتهي إلى قبيلة شيبان‪ ،‬كانت أسرته في خراسان‪ ،‬ثم انتقلت‬
‫إلى بغداد‪ ،‬حيث ولد أحمد بن حنبل فيها سنة ‪164‬هـ‪ ،‬وكان جده واليا ً عند األمويين أواخر أيامهم ثم اتصل بالعباسين وعمل معهم^ وقد‬
‫وجه أحمد منذ صباه إلى دراسة القرآن والسنة‪ ،‬وبالخصوص الحديث حيث أنه اختص فيه حفظا ً ورواية وجمعاً‪ ،‬ابتدأ رحالته في‬
‫طلب الحديث سنة ‪186‬هـ إذ رحل إلى البصرة ثم الحجاز والكوفة واليمن‪ ،‬ص ّنف كتابه المسند‪ ،‬وجمع فيه األحاديث الكثيرة‪ ،‬وكان‬
‫أحمد بن حنبل من أصحاب الشافعي^ وخواصه‪ ،‬وكان له ولدان‪ ،‬صالح وعبد هللا‪ ،‬عاصر من الخلفاء العباسين المأمون والواثق‬
‫والمعتصم والمتوكل‪ .‬توفي في بغداد ودفن فيها‪.‬‬
‫ظ‪ :‬أبو يعلى‪/‬طبقات الحنابلة ‪ 1/8‬رقم‪ ،1‬ابن خلكان‪/‬وفيات األعيان ‪ 1/63‬رقم‪ ،20‬الذهبي‪/‬العبر في خبر من عبر ‪ ،1/215‬ابن‬
‫العماد الحنبلي‪/‬شذرات الذهب ‪ ،2/96‬محمد أبو زهرة‪/‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.484 /‬‬
‫([‪ )]25‬سبحاني‪ /‬الملل والنحل‪.309 /‬‬
‫([‪ )]26‬أي بعد هالك الواثق العباسي ومجيء المتوكل‪ ،‬والمحنة هي ما صنعه المأمون العباسي في امتحان الناس وإجبارهم على‬
‫القول بخلق القرآن‪ ،‬وذلك في سنة ثمان عشرة ومائتين‪ .‬ظ‪ :‬تاريخ الطبري ‪ 518 /7‬ـ ‪ ،519‬د‪ .‬أحمد محمود صبحي‪ /‬في علم الكالم‬
‫‪.133 /1‬‬
‫([‪ )]27‬سبحاني‪ /‬الملل والنحل ‪( 310 /3‬بتصرف)‪.‬‬
‫([‪ )]28‬هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد الحليم بن عبد السالم بن عبد هللا بن الخضر بن علي بن عبد هللا‪ ،‬وتعرف اسرته بأسرة ابن‬
‫تيمية‪ ،‬ويعرف ابن تيمية بالحراني والدمشقي ـ والنسب إلى بلد دون القبيلة تومي إلى أنه ليس بعربي ـ كان مولده سنة ‪ 661‬هـ في‬
‫حران من بيت حمل لواء المذهب الحنبلي‪ ،‬وتعاقب^ فيه رجاله على زعامة المذهب‪ ،‬وتوارثوا البيان والبنان فتصدروا الخطابة‬
‫وأكثروا التأليف‪ .‬انتقل مع أبيه إلى دمشق واشتهر فيها‪ ،‬تعرض لالعتقال والسجن بسبب خروجه على إجماع المسلمين بآرائه وأفكاره‬
‫حتى مات مسجونا ً في قلعة دمشق سنة ‪ 728‬هـ ‪ ،‬له مص ّنفات كثيرة‪ .‬ظ‪ :‬الذهبي‪ :‬العبر في خبر من عبر ‪ ،405 /2‬ابن العماد‬
‫الحنبلي‪/‬شذرات الذهب ‪ ،80 /6‬الزرگلي‪/‬األعالم ‪.1/144‬‬
‫([‪ )]29‬ولد في قرية العيينة بنجد وفيها أخذ دروسه األولى‪ ،‬ثم انتقل إلى المدينة المنوّ رة‪ ،‬وأقام مدة في البصرة وبغداد ثم عاد إلى‬
‫العيينة ليخرج منها بدعوته الجديدة‪ ،‬متأثراً بأفكار ابن تيمية وابن قيم الجوزية التابعين لمذهب أحمد بن حنبل‪ ،‬وقد صادفت دعوته‬
‫نجاحا ً كبيراً بعد أن أخذ بها أمير الدرعية في نجد محمد بن سعود وبعد هذا االتفاق أخذت دعوته باالنتشار في شبه الجزيرة العربية‬
‫ووصل نشاط الوهابيين إلى أطراف بالد الشام والعراق فطلب السلطان العثماني إلى محمد علي باشا والي مصر قتالهم فبعث‬
‫بحمالت ع ّد ة إلى الجزيرة تمكنت من الحاق الهزيمة بهم وتقليص نفوذهم وحصره في نجد‪.‬‬
‫لكن الوهابيين عادوا في عام ‪ 1841‬م بعد انسحاب الجيوش المصرية إلى نشاطهم فتمكنوا بقيادة آل سعود من السيطرة على الجزيرة‬
‫العربية وبعث الدولة السعودية وقد انتشرت أفكار ابن عبد الوهاب وتأثر بها سلطان مراكش سيدي محمد بن عبد هللا (ت‪1790 :‬م)‬
‫وفي الهند سيد أحمد وفي الشمال األفريقي محمد بن علي السنوسي وفي السودان وغيره‪ .‬وله تصانيف منها كتاب التوحيد وكتاب‬
‫الكبائر وكشف الشبهات‪ ...‬ظ‪ :‬الزرگلي‪ /‬األعالم ‪ ،257 /6‬فهمي جدعان‪ /‬أسس التقدم العلمي‪. 569/‬‬
‫([‪ )]30‬أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.187 /‬‬
‫([‪ )]31‬محمد بن يزيد القزويني‪ /‬سنن ابن ماجة ‪ 125 /1‬ح‪.203‬‬
‫([‪ )]32‬ابن منظور‪ /‬لسان العرب ‪.280 /7‬‬
‫([‪ )]33‬العسكري‪ /‬المصطلحات^ اإلسالمية‪.223 /‬‬
‫([‪ )]34‬عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم القرشي األموي ملك تسعة وعشرين شهراً مات^ وهو ابن تسع وثالثين سنة‪ .‬ظ‪:‬‬
‫البخاري‪/‬التاريخ الكبير ‪ /32 /6‬رقم ‪ ،2079‬األصبهاني‪ /‬حلية األولياء ‪ /288 /5‬رقم ‪.323‬‬
‫([‪ )]35‬األصبهاني‪ /‬حلية األولياء ‪ 380 /5‬ح ‪.7477‬‬
‫([‪ )]36‬حسن الحكيم‪ /‬مذاهب اإلسالميين‪.43 /‬‬
‫([‪ )]37‬سبحاني‪ /‬الملل والنحل ‪.310 /1‬‬
‫([‪ )]38‬حسن إبراهيم حسن‪ /‬تاريخ اإلسالم ‪.134 /2‬‬
‫([‪ )]39‬أحمد بن يحيى بن المرتضى‪ /‬المنية واألمل في شرح الملل والنحل‪.106 /‬‬
‫([‪ )]40‬مصطلح سياسي أطلق على الشيعة من قبل أعدائهم‪ .‬وفي األصل (اللغة)‪ :‬جنود تركوا قائدهم وانصرفوا‪ ،‬فكل طائفة منهم‬
‫رافضة والنسبة إليهم رافضي‪ .‬ظ‪ :‬ابن منظور‪ /‬لسان العرب ‪ 191 /6‬مادة (رفض)‪.‬‬
‫([‪ )]41‬ابن تيمية‪ /‬منهاج السنة ‪.291 /1‬‬
‫([‪ )]42‬ابن حبان‪ /‬الصحيح ‪.237 / 16‬‬
‫([‪ )]43‬السيوطي‪ /‬تاريخ الخلفاء‪.153 /‬‬
‫([‪ )]44‬حجر بن عدي الكندي يكنى أبا عبد الرحمن كان قد وفد إلى النبي (ص) وشهد القادسية وشهد الجمل وص ّفين مع علي (ع)‪،‬‬
‫قتله معاوية بن أبي سفيان بمرج عذراء سنة ثالث وخمسين‪ .‬ظ‪ :‬الحاكم النيسابوري‪ /‬المستدرك ‪ 531 /3‬ـ ‪ 532‬ح‪.5974‬‬
‫([‪ )]45‬ان رجالً جاء إلى سهل بن سعد فقال‪ :‬هذا فالن أمير المدينة يذكر عليا ً (ع) عند المنبر‪ ،‬قال فيقول ماذا؟ قال يقول له أبو‬
‫تراب‪ ،‬فضحك وقال‪ :‬ما سماه به إال النبي (ص) وما كان له اسم أحب إليه منه‪ ،‬فاستعظمت^ الحديث وقلت يا أباعباس كيف كان ذلك؟‬
‫قال دخل علي (ع) على فاطمة^ (ع) ثم خرج فاضطجع في المسجد فدخل رسول هللا (ص) على ابنته فاطمة (ع) وقبّل رأسها ونحرها‬
‫وقال لها‪ :‬أين ابن عمك؟ قالت‪ :‬في المسجد فخرج النبي (ص) فوجد رداءه قد سقط عن ظهره وخلط التراب إلى ظهره فجعل يمسح‬
‫التراب عن ظهره ويقول قم أبا تراب مرّ تين‪.‬‬
‫ظ‪ :‬صحيح مسلم‪ 942 /‬ح‪( 2409‬باب فضائل علي ‪ )7‬ظ‪ :‬ابن طاووس‪ /‬الطرائف ‪.118 /1‬‬
‫([‪ )]46‬زرى عليه عمله إذا عابه وع ّنفه‪ .‬ظ‪ :‬ابن منظور ‪ /‬لسان العرب ‪.30 /7‬‬
‫([‪ )]47‬اليعقوبي‪/‬تاريخ اليعقوبي ‪ 160 /2‬ـ ‪ ،161‬المسعودي‪ /‬مروج الذهب ‪ 12 /3‬ـ ‪.13‬‬
‫([‪ )]48‬المالكي‪ /‬قراءة في كتب العقائد المذهب الحنبلي انموذجاً‪ 75 /‬ـ ‪.76‬‬
‫([‪ )]49‬نسبة إلى الخليفة عثمان بن عفان‪.‬‬
‫([‪ )]50‬المالكي‪ /‬قراءة في كتب العقائد‪.76 /‬‬
‫([‪ )]51‬المالكي‪ /‬قراءة في كتب العقائد‪.76 /‬‬
‫([‪ )]52‬أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.187 /‬‬
‫([‪ )]53‬السبحاني‪ /‬المذاهب اإلسالمية الملل والنحل‪.33 /‬‬
‫([‪ )]54‬التهانوي‪ /‬كشاف اصطالحات الفنون ‪.385 /2‬‬
‫([‪ )]55‬ابن داود‪ /‬السنن ‪ 202 /4‬ـ ‪.4612 /203‬‬
‫([‪ )]56‬الحسن البصري اإلمام الفصيح المشهور كان من سادات التابعين وكبرائهم وجمع كل فن من علم وزهد وورع وعبادة‪ ،‬أبو‬
‫يسار كان مولى زيد بن ثابت األنصاري وأمه خيرة موالة أم سلمة زوجة النبي (ص) ولد بالمدينة لسنتين بقينا من خالفة عمر وتوفي‬
‫بالبصرة في رجب سنة ‪ 110‬هـ‪ .‬ظ‪ :‬البخاري‪ /‬التاريخ الكبير ‪ 272 /2‬رقم ‪ ،2503‬الذهبي‪ /‬سير أعالم النبالء ‪ 642 /4‬رقم‬
‫‪ ،7206‬بطرس البستاني‪ /‬دائرة المعارف ‪.44 /7‬‬
‫([‪ )]57‬ابن المرتضى‪ /‬المنية واألمل في شرح الملل والنحل‪.134 /‬‬
‫([‪ )]58‬أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي‪ /‬تلبيس إبليس‪.9 /‬‬
‫([‪ )]59‬الصابوني‪ /‬عقيدة السلف‪.119 /‬‬
‫([‪ )]60‬أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي‪ /‬مناقب اإلمام أحمد بن حنبل‪.156 /‬‬
‫([‪ )]61‬المصدر السابق‪ 378 /‬ـ ‪.379‬‬
‫([‪ )]62‬ابن قيم الجوزية‪ /‬أعالم الموقعين ‪.139 /2‬‬
‫([‪ )]63‬أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي‪ /‬مناقب أحمد بن حنبل‪.165 /‬‬
‫([‪ )]64‬أبو الحسن األشعري علي بن إسماعيل بن أبي بشر المتكلم البصري صاحب التصانيف وله بضع وستون سنة أخذ علم الجدل‬
‫والنظر عن أبي علي الجبائي المعتزلي وكان متكلما ً على طريقة المتعتزلة ثم خرج عليهم‪ ،‬وتنسب فرقة األشاعرة الكالمية إليه‪ .‬ظ‪:‬‬
‫ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪ ،303 /2‬بشير محمد عيون‪ /‬مقدمة اإلبانة عن أصول الدين لألشعري‪.8 /‬‬
‫([‪ )]65‬أبو الحسن األشعري‪ /‬اإلبانة‪.43 /‬‬
‫([‪ )]66‬ابن القيم الجوزية‪ /‬اعالم الموقعين ‪.139 /2‬‬
‫([‪ )]67‬البربهاري هو أبو محمد الحسن بن علي بن خلف شيخ الحنابلة في وقته الفقيه الداعية إلى األثر توفي مستتراً من الحاكم في‬
‫رجب سنة ثمان وعشرين وثالث مائة‪ .‬ظ‪ :‬الذهبي‪ /‬سير أعالم النبالء ‪ 50 /10‬الرقم ‪.3037‬‬
‫([‪ )]68‬الذهبي‪ /‬سير أعالم النبالء ‪ 50 /10‬الرقم ‪.3037‬‬
‫([‪ )]69‬ابن بطة هو أبو عبد هللا عبيد هللا بن محمد بن محمد بن حمدان بن بطة العكبري الفقيه الحنبلي توفي في المحرم وله ثالث‬
‫وثمانون سنة كان صاحب حديث ولكنه ضعيف من قبل حفظه ومن مصنفاته كتاب اإلبانة في أصول الدين‪ .‬ظ‪ :‬الذهبي‪ /‬سير أعالم‬
‫النبالء ‪ 658 /10‬رقم ‪ ،3739‬ابن عماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪( 122 /3‬حوادث سنة ‪ 387‬هـ)‪.‬‬
‫([‪ )]70‬أبو الحسن بن بشار هو علي بن محمد بن بشار البغدادي الزاهد شيخ الحنابلة أخذ عن صالح بن أحمد بن حنبل توفي سنة‬
‫‪ 313‬هـ ‪ ،‬ظ‪ :‬أبو يعلى ‪ /‬طبقات الحنابلة ‪ 111 /3‬رقم ‪ ،599‬البغدادي‪ /‬تاريخ بغداد ‪ ،67 /22‬الذهبي‪ /‬تاريخ اإلسالم ‪،458 /23‬‬
‫ابن عماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪.267 /2‬‬
‫([‪ )]71‬أبو يعلى‪ /‬طبقات الحنابلة ‪ 111 /3‬رقم ‪ ،599‬البغدادي‪ /‬تاريخ بغداد ‪ ،67 /22‬الذهبي‪ /‬تاريخ اإلسالم ‪.458 /23‬‬
‫([‪ )]72‬إسماعيل الصابوني هو أبو عثمان شيخ اإلسالم إسماعيل بن عبد الرحمن النيسابوري الشافعي^ الواعظ المفسّر المص ّنف أحد‬
‫األعالم‪ .‬ظ‪ :‬األسنوي‪ /‬طبقات الشافعية ‪ 43 /2‬رقم ‪ ،734‬ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪.282 /3‬‬
‫([‪ )]73‬الصابوني‪ /‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪.106 /‬‬
‫([‪ )]74‬وهو شعبة بن الحجاج المكنى بأبي بسطام (ت‪ 106 :‬هـ)‪.‬‬
‫([‪ )]75‬الصابوني‪ /‬عقيدة السلف وأصحاب الحديث‪ 133 /‬ـ ‪.134‬‬
‫([‪ )]76‬قال (ص)‪( :‬خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته)‪.‬‬
‫صحيح البخاري ‪ 151 /3‬كتاب الشهادات^‪.‬‬
‫([‪ )]77‬ابن تيمية‪ /‬مجموع الفتاوى ‪.84 /4‬‬
‫([‪ )]78‬سيرد التعريف بها ضمن مبحث خاص في هذا الفصل‪.‬‬
‫([‪ )]79‬ابن تيمية‪ /‬اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم‪ 294 /‬ـ ‪.295‬‬
‫([‪ )]80‬األميني‪ /‬كشف االرتياب في اتباع محمد بن عبد الوهاب‪.286 /‬‬
‫([‪ )]81‬البوطي‪ /‬السلفية‪.240 /‬‬
‫([‪ )]82‬الصحوة اإلسالمية بين الجمود والتطرف‪.39 /‬‬
‫([‪ )]83‬القرن‪ :‬األمة تأتي بعد األمة‪ ،‬وقيل‪ :‬مدته عشر سنين‪ ،‬وقيل عشرون سنة‪ ،‬وقيل‪ :‬ثالثون‪ ،‬وقيل‪ :‬ستون‪ ،‬وقيل‪ :‬سبعون‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫ثمانون وهو مقدار التوسط في أعمار أهل الزمان‪ ،‬وفي النهاية‪ :‬أهل كل زمان‪ ،‬مأخوذ من االقتران فكأنه المقدار الذي يقترن فيه أهل‬
‫ذلك الزمان في أعمارهم وأحوالهم‪ .‬ظ‪ :‬ابن منظور‪ /‬لسان العرب ‪( 87 / 12‬مادة قرن)‪.‬‬
‫([‪ )]84‬ظ‪ :‬البخاري‪ /‬صحيح البخاري ‪ 151 /3‬كتاب الشهادات^‪.‬‬
‫([‪ )]85‬ظ‪ :‬مسلم ‪ /‬صحيح مسلم‪ 983 /‬رقم الحديث ‪( 2533‬باب فضائل الصحابة ثم الذين يلونهم‪.)...‬‬
‫([‪ )]86‬ظ‪ :‬أحمد بن حنبل ‪ /‬المسند ‪ 267 /4‬حديث حنظلة الكاتب األسدي‪.‬‬
‫([‪ )]87‬ظ‪ :‬خبر اآلحاد‪ :‬هو الذي ال تتوفر فيه مواصفات الحديث المتواتر‪ ،‬سواء كثرة رواته أم قلتهم‪ ،‬وليس شأنه افادة العلم بنفسه‪،‬‬
‫نعم قد يفيده بانضمام القرآن إليه‪ ،‬وقد اختلفوا في حجية خبر الواحد‪ ،‬فالشريف المرتضى كان ال يعمل بأخبار اآلحاد وتابعه عدد من‬
‫الفقهاء والمح ّد ثين وقد ادعى على ذلك اجماع اإلمامية بقوله‪( :‬ان أصحابنا كلهم سلفهم وخلفهم ومتقدمهم ومتأخرهم يمنعون من العمل‬
‫بأخبار اآلحاد)‪ ،‬أما الشيخ الطوسي (ت‪ 460 :‬هـ) قد أخذ بحجية خبر الواحد ولكن وفق شروط وقرائن تدل على صدقه‪ .‬ظ‪ :‬حسن‬
‫الحكيم‪ /‬مذاهب اإلسالميين في الحديث‪ 183 /‬ـ ‪.184‬‬
‫([‪ )]88‬ألن المسألة المطروحة هنا عقيدية وهي‪ :‬ان اجتهادات أهل القرون الثالثة حجة لذاتها أي‪ :‬انّ تصرفات أهل القرون الثالثة‬
‫حجة ألنهم أهل القرون الثالثة ال غير!!‬
‫([‪ )]89‬رأس المتكلمين في البصرة في زمانه‪ ،‬أبو محمد عبد هللا بن سعيد بن كالب القطان البصري‪ ،‬صاحب التصانيف في الرد‬
‫على المعتزلة‪ .‬أخذ عنه الكالم داود الظاهري‪ ،‬وكان يلقب كالبا ً ألنه كان يجر الخصم إلى نفسه ببيانه وبالغته وأصحابه هم الكالبية‪.‬‬
‫الذهبي‪ /‬سير أعالم النبالء ‪ 113 /8‬رقم ‪ ،2012‬السبكي‪ /‬طبقات الشافعية^ الكبرى ‪ 492 /1‬رقم ‪.65‬‬
‫([‪ )]90‬هو أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القالنسي‪.‬‬
‫([‪ )]91‬ظ‪ :‬النشار‪ /‬نشأة الفكر الفلسفي‪.282 /‬‬
‫([‪ )]92‬المرتضى‪ /‬الشافي في اإلمامية ‪.55 /4‬‬
‫([‪ )]93‬أحمد بن حنبل‪ /‬المسند ‪ 130 /3‬مسند أنس بن مالك‪.‬‬
‫([‪ )]94‬مسلم ‪ /‬صحيح مسلم‪( 901 /‬باب اثبات حوض نبينا (ص) وصفاته)‪.‬‬
‫([‪ )]95‬الحاكم النيسابوري‪/‬المستدرك على الصحيحن ‪ 96–4/95‬ح‪( 6992‬باب فضائل األمة بعد الصحابة والتابعين)‪.‬‬
‫([‪ )]96‬سنن ابن ماجة ‪ 129 /3‬ح‪.2364‬‬
‫([‪ )]97‬المقريزي‪ /‬امتاع االسماع ‪ 341 /12‬نقالً عن ابن عبد البر‪.‬‬
‫([‪ )]98‬البوطي‪ /‬السلفية‪ 14 /‬ـ ‪.15‬‬
‫([‪ )]99‬محمد بن صالح العثيمين ‪ /‬شرح األصول الثالثة والستة لمحمد بن عبد الوهاب‪.127 /‬‬
‫([‪ )]100‬حسن حنفي‪ /‬من العقيدة إلى الثورة ‪.34 /1‬‬
‫([‪ )]101‬ظ‪ :‬محمد عزام‪ /‬االتجاهات الفكرية المعاصرة من السلفية إلى الحداثة‪.70 /‬‬
‫([‪ )]102‬د‪ .‬محمد عابد الجابري‪ /‬التراث والحداثة‪.24 /‬‬
‫([‪ )]103‬محمد رفعت زنجير‪ /‬اتجاهات تجديدية متطرفة في الفكر اإلسالمي المعاصر‪.95 /‬‬
‫([‪ )]104‬وهو المكان الذي اجتمع فيه األنصار وبعض المهاجرين منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة‪ .‬وحصلت فيه البيعة ألبي بكر‬
‫بالخالفة‪ .‬ظ‪ :‬المسعودي‪ /‬مروج الذهب ‪ ،316 /2‬تاريخ الطبري ‪ ،70 /3‬تاريخ اليعقوبي ‪.83 /2‬‬
‫([‪ )]105‬ظ‪ :‬عرفان عبد الحميد‪ /‬دراسات في الفرق والعقائد‪ ،124 /‬أحمد محمود صبحي‪ /‬في علم الكالم ‪.32 /1‬‬
‫([‪ )]106‬الجابري‪ /‬الفكر السلفي‪.68 /‬‬
‫)و َفا ِك َه ًة َوأ ّباً( (عبس‪ ، )31 /‬وقال هذه الفاكهة فما األب؟ ثم قال‪ :‬نهينا عن التكلف‪.‬‬
‫([‪ )]107‬قرأ عمر بن الخطاب َ‬
‫القرضاوي‪ /‬كيف نتعامل مع التراث والتمذهب واالختالف‪.263 /‬‬

‫ار ال ُكـ َّن ِ‬


‫س(؟ (التكوير‪ )16 /‬فطعن عمر‬ ‫وعن العدبس‪ ،‬قال‪ :‬ك ّن ا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين! ما َ‬
‫)الج َو ِ‬
‫بمخصرة معه في عمامة الرجل فألقاها عن رأسه‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أحروري؟‪ .‬السيوطي‪ /‬الدر المنثور ‪.529 /6‬‬
‫([‪ )]108‬قال اإلمام علي (ع)‪« :‬سلوني قبل أن تفقدوني‪ ،‬فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة‪ ،‬لو سألتموني عن آية آية‪ ،‬في ليل نزلت أم‬
‫في نهار نزلت‪ ،‬مكيها ومدنيها‪ ،‬سفريها وحضريها‪ ،‬وناسخها ومنسوخها‪ ،‬ومحكمها ومتشابهها‪ ،‬وتأويلها وتنزيلها ألنبأتكم»‪،‬‬
‫الطبرسي‪ :‬االحتجاج‪.313 /1‬‬
‫([‪ )]109‬يقول الحسن البصري في رسالة له حول القضاء والقدر‪« :‬لم يكن أحد من السلف يذكر ذلك وال يجادل فيه ألنهم كانوا على‬
‫أمر واحد‪ .‬وإ ّنما أحدثنا الكالم فيه لما أحدث الناس من النكرة له فلما أحدث المح ّدثون في دينهم ما أحدثوه أحدث هللا للمتمسكين بكتابه‬
‫ٍ‬
‫ما يبطلون به المحدثات ويحذرون به من المهلكات»‪ .‬ابن المرتضى‪ /‬المنية واألمل‪.12 /‬‬
‫([‪ )]110‬ظ‪ :‬البوطي‪ /‬السلفية‪ 151 /‬ـ ‪.152‬‬
‫([‪ )]111‬ظ‪ :‬عرفان عبد الحميد‪ /‬دراسات في الفرق والعقائد‪.210 /‬‬
‫([‪ )]112‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة) ‪ 113‬ـ ‪.114‬‬
‫([‪ )]113‬ظ‪ :‬أبو الفرج عبد الرحمن الجوزي ‪ /‬مناقب^ اإلمام أحمد‪.361 /‬‬
‫([‪ )]114‬د‪ .‬عبد العزيز السيلي‪ /‬العقيدة السلفية‪.213 /‬‬
‫([‪ )]115‬ظ‪ :‬الذهبي‪ /‬سير أعالم النبالء ‪ 341 /8‬رقم ‪ ،2110‬ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪.114 /2‬‬
‫([‪ )]116‬ظ‪ :‬الطبري‪ /‬تاريخ األمم والملوك ‪.45 /11‬‬
‫([‪ )]117‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬السلفية‪.201 /‬‬
‫([‪ )]118‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬السلفية‪.202 /‬‬
‫([‪ )]119‬م‪ .‬ن‪.203 /‬‬
‫([‪ )]120‬ظ‪ :‬عبد الرحمن بن علي الجوزي‪ /‬المنتظم في تواريخ الملوك واألمم ‪ ،423 /6‬حوادث سنة ‪.234‬‬
‫([‪ )]121‬ظ‪ :‬صائب عبد الحميد‪ /‬تاريخ اإلسالم الثقافي والسياسي‪.580 /‬‬
‫([‪ )]122‬هو عبد هللا بن أحمد بن حنبل أبو عبد الرحمن المولود سنة ‪ 213‬هـ حدّث عن أبيه ور ّتب مسنده‪ .‬ظ‪ :‬الف ّراء الحنبلي ‪/‬‬
‫طبقات الحنابلة ‪ 5 / 2‬رقم ‪ ،249‬ابن العماد الحنبلي ‪ /‬شذرات الذهب ‪ 202 / 2‬ـ ‪.203‬‬
‫([‪ )]123‬القاضي أبو يعلى‪ ،‬وهو محمد بن الحسين بن الف ّراء‪ ،‬المتوفى سنة ‪ 458‬هـ‪ ،‬قيل فيه‪« :‬انه شان الحنابلة شينا ً ال يغسله ماء‬
‫البحر»‪ .‬ظ‪ :‬الخطيب البغدادي‪ /‬تاريخ بغداد ‪ 257 /2‬رقم ‪ ،730‬ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪.306 /3‬‬
‫([‪ )]124‬ابن الزاغوني‪ ،‬أبوالحسن علي بن عبيدهللا المتوفى سنة ‪ 527‬هـ كتب رسالة في العقائد عنوانها‪( :‬اإليضاح)‪ ،‬وقد قيل عنه‪:‬‬
‫«ان في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه»‪ ،‬ظ‪ :‬ابن العماد الحنبلي‪ /‬شذرات الذهب ‪.80 /4‬‬
‫([‪ )]125‬هو عبد الوهاب بن عبد الحكيم بن نافع‪ ،‬أبو الحسن البغدادي‪ ،‬وقال المروزي‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل يقول‪ :‬عبد الوهاب‬
‫الو ّر اق رجل صالح مثله يوفق إلصابة الحق‪ .‬ظ‪ :‬القاضي أبي يعلى الفرّ اء الحنبلي‪ /‬طبقات الحنابلة ‪ 85 /2‬ـ ‪ 92‬رقم ‪.281‬‬
‫([‪ )]126‬القاضي أبي يعلى الحنبلي‪ /‬طبقات الحنابلة ‪.89 /2‬‬
‫([‪ )]127‬ظ‪ :‬ابن األثير‪ /‬الكامل في التاريخ ‪ 8 /7‬ـ ‪.9‬‬
‫([‪ )]128‬التنوخي‪ /‬نشوار المحاضرة ‪.233 /2‬‬
‫([‪ )]129‬المقريزي‪ /‬الخطط ‪.316 /3‬‬
‫([‪ )]130‬هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي من كبار العلماء صاحب المدرسة الكالمية الماتريدية في سمرقند له‬
‫كتاب التوحيد وكتاب المقاالت وكتاب تأويالت القرآن‪ .‬ظ‪ :‬أبو الوفاء القرشي‪ /‬الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية‪.375 /‬‬
‫([‪ )]131‬عرفان عبد الحميد‪ /‬دراسات في الفرق والمذاهب‪ 210 /‬ـ ‪.211‬‬
‫([‪ )]132‬السبب في جعل ابن تيمية ضمن السلفية األولى ألنه شكل مع أحمد بن حنبل المرجعية الفكرية لجميع االتجاهات السلفية‪.‬‬
‫([‪ )]133‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)‪.114 /‬‬
‫([‪ )]134‬هو شمس الدين أبو عبد هللا محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الحنبلي‪ ،‬ولد سنة ‪ 691‬هـ تتلمذ على يد‬
‫ابن تيمية الحراني غلب عليه حب ابن تيمية حتى كان ال يخرج عن شيء من أقواله بل ينتصر له في جميع ذلك‪ ،‬وهو الذي هذب‬
‫كتبه‪ ،‬واعتقل مع ابن تيمية في القلعة وحبس إلنكاره شد الرحال لزيارة قبل الخليل ثم تصدر لالشتغال ونشر العلم ولكنه معجب^ برأيه‬
‫جريء على األمور‪.‬‬
‫له مصنفات كثيرة منها‪ :‬اعالم الموقعين عن رب العالمين‪ ،‬وكتاب مراحل السائرين‪ ،‬وكتاب شرح أسماء الكتاب العزيز‪ ،‬وكتاب زاد‬
‫المسافرين‪ ،‬وزاد المعاد‪.‬‬
‫ظ‪ :‬ابن حجر العسقالني‪ /‬الدرر الكامنة ‪ 243 /3‬ـ ‪ 244‬رقم ‪ ،3700‬الذهبي‪ /‬العبر في خبر من عبر ‪ ،452 /2‬ابن العماد الحنبلي‪/‬‬
‫شذرات الذهب ‪.168 /6‬‬
‫([‪ )]135‬عرفان عبد الحميد‪ /‬دراسات في الفرق والمذاهب‪.213/‬‬
‫([‪ )]136‬أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.194 /‬‬
‫([‪ )]137‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬السلفية‪.205 /‬‬
‫([‪ )]138‬ابن حجر العسقالني‪ /‬الدرر الكامنة ‪ 243 /3‬ـ ‪ 244‬رقم ‪.3700‬‬
‫([‪ )]139‬النجد في األصل‪ :‬كل ما ارتفع عن تهامة فهو نجد‪ ،‬وقيل نجد كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى إلى أن تميل إلى‬
‫الحرّ ة فإذا ملت إليها فأنت في الحجاز‪ ،‬وقيل نجد هو اسم لألرض العريضة التي أعالها تهامة واليمن وأسفلها العراق والشام‪ .‬ظ‪:‬‬
‫ياقوت الحموي‪ /‬معجم البلدان ‪.304 /5‬‬
‫([‪ )]140‬يقول علي الوردي‪ :‬أن البدو يميلون إلى الدين القوي الذي يؤدي بهم إلى النصر والغنيمة‪ .‬ظ‪ :‬علي الوردي ‪ /‬دراسات في‬
‫طبيعة المجتمع العراقي‪.12 /‬‬
‫([‪ )]141‬بعض الكتاب يرى إن الوهابية حركة تجديدية إصالحية قامت^ على أساس محاربة البدع والخرافات‪ .‬ظ‪ :‬د‪ .‬محمد صالح‬
‫المراكشي‪ /‬اإليديولوجية والحداثة‪ ،24 /‬محمد عزام‪ /‬االتجاهات الفكرية المعاصرة‪.88 /‬‬
‫([‪ )]142‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬محمد جمال باروت‪ /‬السلفية (المؤثرات الفكرية للسلفية)‪.168 /‬‬
‫([‪ )]143‬ظ‪ :‬محمد صالح العثيمين‪ /‬شرح العقيدة الواسطية البن تيمية‪ 16 /‬ـ ‪.21‬‬
‫([‪ )]144‬يقسم ابن تيمية التوحيد إلى ثالثة أقسام‪ :‬أوالً ‪ :‬توحيد االلوهية‪ :‬ويقصد به ان هللا تعالى هو الذي يجب أن يكون هو المقصود‬
‫المدعو المطلوب وهو المعين على دفع المكروه‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬توحيد الربوبية‪ :‬ويقصد به ان الرب هو الذي يربي عبده فيعطيه خلقه ثم يهديه إلى جميع أحواله من العبادة وغيرها‪ .‬ظ‪:‬‬
‫مجموع الفتاوى ‪.57 /1‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬توحيد األسماء والصفات‪ :‬وهو ان يوصف هللا بما وصف به نفسه وبما وصفته به رسله نفيا ً واثباتاً‪ .‬ظ‪ :‬مجموع التفاوى ‪.3/6‬‬
‫([‪ )]145‬كشف الشبهات في التوحيد‪.12 /‬‬
‫([‪ )]146‬ظ‪ :‬م‪ .‬ن‪.35 /‬‬
‫([‪ )]147‬م‪ .‬ن‪.35 /‬‬
‫([‪ )]148‬محمد بن عبد الوهاب‪ /‬شرح األصول الثالثة‪ 41 /‬ـ ‪.126 ،42‬‬
‫([‪ )]149‬أما كتب محمد بن عبد الوهاب األُخرى فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب الكبائر‪.‬‬
‫‪ -2‬كتاب األصول الثالثة‪.‬‬
‫‪ -3‬كتاب مختصر اإلنصاف والشرح الكبير‪.‬‬
‫‪ -4‬كتاب مختصر زاد المعاد‪.‬‬
‫ظ‪ :‬الزرگلي ‪ /‬األعالم ‪.257 /6‬‬
‫([‪ )]150‬اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم‪ 108 /‬ـ ‪.318 ،109‬‬
‫([‪ )]151‬ظ‪ :‬الجبرتي‪ /‬تاريخ عجائب اآلثار ‪ 408 /2‬حوادث سنة ‪ 1218‬هـ‪ ،‬أيوب صبري قائد البحرية العثمانية‪ /‬تاريخ الوهابيين‪/‬‬
‫‪ ،85‬محمود شكري اآللوسي‪ /‬تاريخ نجد‪ ،114 /‬محسن األمين‪ /‬كشف االرتياب‪ 53 /‬ـ ‪.56‬‬
‫([‪ )]152‬ابن باز مفتي الديار السعودية يسمي قبر الرسول (ص) بالصنم‪ ،‬ويقول ما دام (أي قبة الرسول (ص) هناك ال أزوره‪.‬‬
‫وكان محمد بن عبد الوهاب يقول عن الرسول (ص) انه طارش‪ ،‬وان بعض اتباعه كان يقول عصاي هذه خير من محمد ألنه ينتفع‬
‫بها في قتل الحية ونحوها‪ ،‬ومحمد قد مات‪ ،‬ولم يبق فيه نفع وإ ّنما هو طارش ومضى‪ ،‬وإنهم َر َموا قبة الرسول (ص) بالرصاص‪ ،‬ظ‪:‬‬
‫محسن األمين‪ /‬كشف االرتياب‪ 53 /‬ـ ‪ ،56‬حسين أبو علي ‪ /‬الوهابية جذورها التاريخية‪ 102 /‬ـ ‪.104‬‬
‫([‪ )]153‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.209 /‬‬
‫([‪ )]154‬م‪ .‬ن‪.208 /‬‬
‫([‪ )]155‬الدرعية‪ :‬نسبة إلى الدروع وهم بطن من بني حنيفة‪ ،‬وهي قرية صغيرة قرب الرياض‪ ،‬اتخذها آل سعود مقراً لحكمهم‪ ،‬وقد‬
‫اتخذها محمد بن عبد الوهاب مقراً له بعد تحالفه مع ابن سعود حاكم الدرعية آنذاك‪.‬‬
‫ظ‪ :‬عبد هللا بن محمد بن خميس‪ /‬معجم اليمامة‪.416 /‬‬
‫([‪ )]156‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أحمد ملي‪ /‬السلفية والسلطة‪.94 /‬‬
‫([‪ )]157‬العيينة‪ :‬تقع في رحبة واسعة وأرض لينة خصبة وماء وفير‪ ،‬في ملتقى شعاب وادي (حنيفة) الرئيسية‪ ،‬وهي التي ولد فيها‬
‫الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة ‪ 1115‬هـ ‪ ،‬ظ‪ :‬عبد هللا بن محمد بن خميس‪ /‬معجم اليمامة ‪.198 /2‬‬
‫([‪ )]158‬عثمان بن بشر النجدي‪ /‬عنوان المجد في تاريخ نجد‪ 11 /‬ـ ‪ ،12‬نقالً عن الكثيري‪ /‬السلفية بين أهل السنة واإلمامية‪،301 /‬‬
‫محمود شكري اآللوسي‪ /‬تاريخ نجد‪ 115 /‬ـ ‪.117‬‬
‫([‪ )]159‬ظ‪ :‬جورج انطونيوس ‪ /‬يقظة العرب ‪ ، 448 /‬عبد العزيز عبد الغني إبراهيم ‪ /‬صراع األمراء ‪ 65 /‬وكذلك ص‪ ،70‬نجدة‬
‫فتحي صفوة‪ /‬الجزيرة العربية في الوثائق البريطانية ‪ 24 /1‬ـ ‪ ،27‬محمد عوض الخطيب ‪ /‬صفحات من تاريخ الجزيرة العربية ‪/‬‬
‫‪ 209‬ـ ‪ ،268‬لويس دوكورأنس ‪ /‬الوهابيون تاريخ ما أهمله التاريخ‪.192 /‬‬
‫([‪ )]160‬قُ ِّس َم تاريخ السعودية من قبل الباحثين إلى ثالثة أدوار‪:‬‬
‫يبدأ األول منها بالمبايعة التي تمت بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود عام ‪ 1157‬هـ‪ ،‬وينتهي باستسالم عبد هللا بن‬
‫سعود إلبراهيم باشا سنة ‪ 1233‬هـ‪.‬‬
‫ويبدأ الدور الثاني عند أكثر الباحثين بنجاح تركي بن عبد هللا في إخراج بقية جنود الحاميات العسكرية التابعة لمحمد علي من نجد‬
‫عام ‪ 1240‬هـ‪ ،‬وينتهي بظهور األمير محمد بن رشيد على عبد الرحمن بن فيصل عام ‪ 1309‬هـ ‪.‬‬
‫والدور الثالث يبدأ بدخول الملك عبدالعزيز ابن عبدالرحمن آل سعود الرياض عام ‪1319‬هـ‪.‬‬
‫ظ‪ :‬د‪ .‬سهيل صابان‪ /‬الجزيرة العربية‪ /‬بحوث ودراسات من وثائق األرشيف العثماني والمصادر التركية‪.313 /‬‬
‫([‪ )]161‬محمد أبو زهرة‪ /‬تاريخ المذاهب اإلسالمية‪.209 /‬‬
‫([‪ )]162‬ظ‪ :‬طارق علي‪ /‬مائة عام من العبودية‪.21 /‬‬
‫([‪ )]163‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية مدخل في المصطلح)‪.117 /‬‬
‫([‪ )]164‬ظ‪ :‬م‪ .‬ن‪.161 /‬‬
‫([‪ )]165‬سليمان بن عبد الوهاب‪ /‬الصواعق اإللهية في الرد على الوهابية‪.38 /‬‬
‫([‪ )]166‬ولد سنة ‪1903‬م‪ ،‬بـ«اورانك آ باد» بمقاطعة حيدرآباد وبها قضى األعوام األربعة عشر األولى من عمره‪ .‬التحق‬
‫بالمدرسة في الحادية عشرة‪ ،‬واتجهت دراسته إلى اللغة العربية والفارسية وتراث اإلسالم‪ ،‬درس الفقه والحديث‪ ،‬وكانت الصحافة‬
‫طريقه إلى كسب^ الرزق بعد نيله شهادة (مولوي) المعادلة لدرجة اللسانس‪ .‬أسس عام ‪1920‬م جبهة صحفية لدعم اإلسالم‪ ،‬جمع في‬
‫شخصه ثقافة إسالمية وغربية‪ ،‬وتركزت جهوده السياسية والفكرية في الثلث األول من القرن العشرين حول المساهمة في رسم‬
‫مستقبل مسلمي الهند‪ ،‬وعندما تأسست الجماعة اإلسالمية عام ‪1941‬م انتخب المودودي أميراً لها‪.‬‬
‫وبعد ظهور دولة بنغالدش‪ ،‬طلب المودودي أعفاءه من إمارة الجماعة وتفرغ للعمل الفكري حتى وفاته‪ .‬سجن مراراً بين األعوام‬
‫‪1948‬م و‪1953‬م‪ .‬من مص ّن فاته‪ :‬تفسير تفهيم القرآن (ستة أجزاء) المكانة القانونية للسنة‪ ،‬سيرة النبي (ع) ‪ ،‬اإلسالم والجاهلية‪،‬‬
‫الجهاد في سبيل هللا‪ ،‬نظرية اإلسالم السياسية الدين القيم‪ .‬ظ‪ :‬د‪ .‬حسين سعد‪ /‬األصولية اإلسالمية العربية المعاصرة‪.105 /‬‬
‫([‪ )]167‬ولد في قرية من قرى أسيوط بمصر سنة ‪1906‬م ألب ميسور الحال منتسب إلى الحزب الوطني‪ ،‬أدخل المدرسة وحفظ‬
‫القرآن وهو في العاشرة من عمره أرسله أبوه بعد ذلك إلى القاهرة ليتم دراسته فتخ ّرج من دار العلوم عام ‪1929‬م‪ ،‬اشتغل في التعليم‬
‫وأرسلته وزارة المعارف إلى أمريكا لدراسة نظام التعليم فرجع منها عام ‪1951‬م‪ ،‬اعتزل الوظيفة ليتفرغ للتأليف والكتابة‪ ،‬كان قد‬
‫بدأ حياته األدبية في مدرسة العقاد‪ ،‬لكنه ما لبث أن تحول عن األدب الخالص إلى الفعالية الفكرية اإلسالمية‪ ،‬وكان ذلك في أواخر‬
‫األربعينات‪ ،‬في الوقت الذي أصبحت فيه جماعة اإلخوان المسلمين قويّة وفعالة‪ ،‬وقد وجد سيد قطب في هذه الحركة تجسيداً لتطلعاته‪،‬‬
‫انخرط في الجماعة وبدأ التأليف في تيارها فأصدر دراسات إسالمية‪ ،‬والعدالة االجتماعية في اإلسالم‪ .‬وبعد صراع عام ‪1954‬م بين‬
‫اإلخوان المسلمين وقادة الثورة في مصر تعرض سيد قطب لالضطهاد والسجن‪ ،‬لكن النهاية الفاجعة التي مني بها سيد قطب جاءت‬
‫بعد إصداره لمجموعة من الكتب الثورية (هذا الدين‪ ،‬المستقبل لهذا الدين‪ ،‬معالم في الطريق) إذ زج به في السجن عام ‪1965‬م واتهم‬
‫بالتآمر على النظام السياسي القائم وحكم عليه باإلعدام مع مجموعة من رفاقه ونفذ الحكم عام ‪1966‬م‪ ،‬له مجموعة كبيرة من‬
‫المؤلفات‪ .‬ظ‪ :‬الزرگلي‪ /‬االعالم ‪ ،147 /3‬د‪ .‬فهمي جدعان‪ /‬أسس التقدم العلمي عند مفكري اإلسالم‪ 573 /‬ـ ‪.574‬‬
‫([‪ )]168‬ظ‪ :‬اإلمام حسن البنا‪ /‬د‪ .‬محمد أحمد صالح أبو الطيب‪ ،126 /‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية الجهادية‬
‫ومسألة الدولة)‪.113 /‬‬
‫([‪ )]169‬الوضعي‪ :‬ما ارتبط بالتجربة‪ ،‬واألشياء التي هذا حالها تكون متحققة في عالم الحس والتجربة‪ .‬ظ‪ :‬مراد وهبة‪ ،‬يوسف كرم‪،‬‬
‫ويوسف شالل‪ /‬المعجم الفلسفي مادة وضعي‪ .‬وما تقصده بالوضعي هنا ما يكون من وضع اإلنسان‪ ،‬أي من انتاج عقله وفكره فهو‬
‫بشري‪ ،‬ويقابل االلهي‪.‬‬
‫([‪ )]170‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬عبد الغني عماد‪ /‬السلفية (السلفية وإشكالية اآلخر)‪.62 /‬‬
‫([‪ )]171‬نظرية اإلسالم وهديه في السياسة^ والقانون والدستور‪ 77 /‬ـ ‪.78‬‬
‫([‪ )]172‬الجاهلية كما يعرّ فها سيد قطب‪ :‬هي حكم البشر للبشر‪ ،‬ألنها هي عبودية البشر للبشر‪ ،‬والخروج من عبودية هللا‪ ،‬ورفض‬
‫إلوهية هللا‪ ،‬واالعتراف في مقابل هذا الرفض بإلوهية بعض البشر‪ ،‬والعبودية لهم دون هللا‪ ،‬والناس في أي زمان وفي أي مكان إما‬
‫أنهم يحكمون بشريعة هللا‪ ،‬وإما أنهم يحكمون بشريعة من صنع البشر‪ ،‬والذي ال يبتغي حكم هللا‪ ،‬يبتغي حكم الجاهلية‪ .‬ظ‪ :‬في ظالل‬
‫القرآن ‪.751 /2‬‬
‫([‪ )]173‬الحاكمية‪ :‬هي أن يكون الحكم والشريعة‪ ،‬والتقاضي حسب مواثيق هللا وعقودة وشرائعه‪ ،‬التي اس ُتحفظ عليها أصحاب‬
‫الديانات السماوية‪ ،‬واحدة بعد األ ُخرى‪ ،‬وكتبها على الرسل‪ ،‬وعلى من يتولون األمر بعدهم ليسيروا على هداهم‪ .‬ظ‪ :‬سيد قطب‪ /‬ظالل‬
‫القرآن ‪.724 /2‬‬
‫فالحاكمية‪ ^:‬تعني تحكيم شريعة هللا‪ ،‬ورفض كل شريعة أُخرى سواء أكانت حكم الشعب واألمة ـ الديمقراطية ـ أو حكم الحاكم‬
‫والطاغوت‪ ،‬ووصف المجتمعات^ التي ال تحكم وفق شريعة هللا‪ ،‬بالمجتمعات^ الجاهلية‪ ،‬ومعلوم ان وصف الجاهلية كان يطلق على‬
‫عصر ما قبل البعثة النبوية‪.‬‬
‫([‪ )]174‬ظ‪ :‬شهادة^ حق ضمن كتاب اإلسالم والجاهلية‪ 24 /‬ـ ‪.25‬‬
‫([‪ )]175‬نظرية اإلسالم وهديه‪ 48 /‬ـ ‪.49‬‬
‫([‪ )]176‬م‪ .‬ن‪.250 /‬‬
‫([‪ )]177‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬عبد الغني عماد‪ /‬السلفية (السلفية وإشكالية اآلخر)‪.65 /‬‬
‫([‪ )]178‬م‪ .‬ن‪ ،188 /‬تعقيب‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪.‬‬
‫([‪ )]179‬ظ‪ :‬سيد قطب‪ /‬معالم في الطريق‪.10 /‬‬
‫([‪ )]180‬الوالء‪ :‬يعني التولي للعقيدة ولإلسالم‪ ،‬وليس للمسلمين أو الوطن‪ ،‬أو ألية أفكار بشرية‪ ،‬كاالشتراكية‪ ،‬والليبرالية‪ ،‬والقومية‪،‬‬
‫والديمقراطية‪. ...‬‬
‫والبراءة‪ :‬تعني التبرء من اآلخر‪ ،‬المتمثل بأنظمة الكفر السائدة في العالم اإلسالمي وفي الغرب‪ ،‬واإليمان بأن الصراع والجهاد حتمي‬
‫ضدها في كل زمان ومكان‪ .‬ظ‪ :‬السلفية‪ /‬مجموعة باحثين‪.76 /‬‬
‫([‪ )]181‬التنظيم الذي تأسس سنة ‪1986‬م على يد ابن الدن‪ .‬ظ‪ :‬جيل كيبيل‪ /‬الفتنة‪.215 /‬‬
‫([‪ )]182‬ظ‪ :‬مجموع باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)‪.129 /‬‬
‫([‪ )]183‬سيد قطب‪ /‬معالم في الطريق‪.10 /‬‬
‫([‪ )]184‬اإلخوان المسلمين‪ :‬حركة تأسست^ سنة ‪1928‬م في مصر على يد حسن البنا (ت‪1949 :‬م) مع ستة من رفاقه‪ ،‬تتخذ من‬
‫اإلسالم منهجا ً‪ .‬ظ‪ :‬ريتشارد ب‪ .‬ميتشل‪ /‬اإلخوان المسلمون‪ 90 /‬ـ ‪ ،91‬محمود عبد الحليم‪ /‬اإلخوان المسلمون أحداث صنعت‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫([‪ )]185‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬أنور أبو طه‪ /‬السلفية (السلفية الجهادية ومسألة الدولة)‪.132 /‬‬
‫([‪ )]186‬ظ‪ :‬النووي‪ /‬شرح صحيح مسلم ‪ ،229 /12‬د‪ .‬عبد العزيز السيلي‪ /‬العقيدة والسلفية‪.213 /‬‬
‫([‪ )]187‬معالم في الطريق‪.39 /‬‬
‫([‪ )]188‬م‪ .‬ن‪.8 /‬‬
‫([‪ )]189‬م‪ .‬ن‪.173 /‬‬
‫([‪ )]190‬م‪ .‬ن‪.40 /‬‬
‫([‪ )]191‬ظ‪ :‬جيل كيبيل‪ /‬الفتنة حروب في ديار المسلمين‪.208 /‬‬
‫([‪ )]192‬م‪ .‬ن‪.212 /‬‬
‫([‪ )]193‬د‪ .‬محمد أحمد صالح أبو الطيب‪ /‬اإلمام حسن البنا‪.127 /‬‬
‫([‪ )]194‬جيل كيبيل‪ /‬الفتنة‪.215 /‬‬
‫([‪ )]195‬ظ‪ :‬الموقع األلكتروني‪ /‬انباء االخباري‪.‬‬
‫([‪ )]196‬خالد خليل أسعد‪ /‬مقاتل من مكة‪ 53 /‬ـ ‪.54‬‬
‫([‪ )]197‬وهو أحد اإلخوان المسلمين‪ ،‬من أصل فلسطيني أردني ولد في قرية سيلة بفلسطين‪ ،‬كان له أثر كبير في جمع المجاهدين‬
‫في أفغانستان‪ ،‬وتقليل نقاط الخالف بينهم‪ ،‬قتل مع اثنين من أوالده في سيارة ملغمة في بيشاور في عام ‪1989‬م‪ ،‬بتدبير من‬
‫المخابرات االمريكية‪ ،‬وهو صاحب مقولة العدو البعيد قبل القريب‪ ،‬أي كان يرفض العمليات العسكرية في الدول اإلسالمية‪ ،‬وهو‬
‫صاحب المقولة ـ التي يعتمدها الفكر الجهادي بشكل كبير ‪« :-‬وإني ألشعر بفضل هللا العظيم عليَّ إذ شرح صدري‪ ،‬وفتح قلبي‬
‫لدراسة كتب سيد قطب‪ ،‬فقد وجّ هني سيد قطب فكريا ً وابن تيمية عقديا ً وابن القيم روحياً»‪ ،‬ظ‪ :‬الموقع االلكتروني‪ /‬الفكر السلفي‬
‫الجهادي‪ ،‬خالد خليل أسعد‪ /‬مقاتل من مكة‪ ،80 /‬الزرگلي‪ /‬إتمام االعالم‪ 265 /‬ـ ‪.266‬‬
‫([‪ )]198‬ظ‪ :‬جيل كيبيل‪ /‬الفتنة‪ 114 /‬ـ ‪.115‬‬
‫([‪ )]199‬ظ‪ :‬خالد خليل أسعد‪ /‬مقاتل من مكة‪.80 /‬‬
‫([‪ )]200‬ظ‪ :‬الموقع األلكتروني‪ /‬الفكر السلفي الجهادي‪.‬‬
‫([‪ )]201‬خالد خليل أسعد‪ /‬مقاتل من مكة‪.145 /‬‬
‫([‪ )]202‬ظ‪ :‬م‪ .‬ن‪.145 /‬‬
‫([‪ )]203‬م‪ .‬ن‪.146 /‬‬
‫([‪ )]204‬ظ‪ :‬م‪ .‬ن‪ ،‬الموقع االلكتروني‪ /‬أنباء االخباري‪.‬‬
‫([‪ )]205‬ظ‪ :‬الموقع االلكتروني‪ /‬الفكر السلفي الجهادي‪.‬‬
‫([‪ )] 206‬ظ‪ :‬مجموعة باحثين‪ /‬د‪ .‬عبد الغني عماد‪ /‬السلفية (السلفية وإشكالية اآلخر)‪.7 /‬‬

You might also like