You are on page 1of 8

‫الحركة السلفية في العراق ‪-1-‬‬

‫هشام الهاشمي‪ ‬تاريخ النشر‪ :‬الخميس ‪ 15‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫السلفية لغة‪ ،‬نسبة إلى السلف أو الجماعة المتقدمين‪ ،‬كما هي في لسان العرب عند ابن منظور‪ .‬أما المفهوم اإلسالمي‬
‫الشائع للسلفية والمستقر نسبيا ً فهو االتجاه الذي يدعو إلى اإلقتداء بالسلف الصالح واتخاذهم قدوة ونموذجا ً في‬
‫الحاضر‪ .‬والسلف الصالح هم أهل القرون الثالثة األولى من عمر األمة اإلسالمية‪ ،‬عمالً بقول النبي‪" :‬خير الناس قرني‬
‫ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه‪ ،‬ويمينه شهادته"‪.‬‬

‫هذا المفهوم العام والشائع للسلفية ينطبق على أغلب المسلمين‪ ،‬فهم جميعا ً سلفيون بهذا المعنى‪ ،‬إال أن التطور‬
‫التاريخي أسهم في توليد سلفيات متعددة تختلف فيما تتبناه من قضايا وأولويات‪ ،‬وتتباين في درجة أو ش ّدة التسلف في‬
‫العبادات والمعامالت‪ ،‬وفي المقاصد والوسائل‪.‬‬

‫تفاوت المعاصرون في تصوير مفهوم السلفية‪ :‬فبعضهم يرى أن السلفية كمنهج منسوبة إلى السلف‪ ،‬وهم أهل القرون‬
‫الثالثة الذين شهد لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين‬
‫وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى هللا عليه وآله وسلم أنه قال‪( :‬خير الناس قرني‪ ،‬ثم الذين يلونهم‪ ،‬ثم‬
‫الذين يلونهم)‪ .‬فهذه القرون الثالثة هم الذين شهد لهم الرسول عليه السالم بالخيرية‪ ،‬فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف‪،‬‬
‫والسلفيون ينتمون إلى هؤالء السلف‪.‬‬

‫وبعضهم يرى أن السلفية هي موافقة الرأي للكتاب والسنة وروحهما‪ ،‬فمن خالفهما فليس بسلفي‪ ،‬وإن عاش في عهد‬
‫الصحابة الذين بهم ابتدأت السلفية‪.‬‬

‫وبعضهم يرى أن السلفية هي االرتداد للماضي‪ ،‬والتشبث بأصول سابقة في عصور الحقة‪.‬‬

‫السلفي واألصولي‪  ‬ال يميز البعض بين السلفية واألصولية‪ ،‬وهذا خطأ معرفي ومنهجي‪ ،‬فالسلفية في دعوتها األصلية‪،‬‬
‫كما بينا‪ ،‬قامت على تطهير المجتمع من البدع والعادات والتقاليد المخالفة للشريعة كزيارة المقابر واإليمان باألولياء‬
‫والسحر والتنجيم والتعاويذ والتصوف الشعبي وتقديس الموتى‪ ،‬وبهذا المعنى ال تبدو السلفية مذهبا ً شبيها ً بالمذاهب‬
‫اإلسالمية القديمة‪ ،‬بقدر ما تبدو كفرقة حنبلية جديدة‪ ،‬رغم أنها تدعو إلى تجاوز كل المذاهب اإلسالمية التي سبقتها‪،‬‬
‫والعودة إلى اإلجتهاد اعتماداً على الكتاب والسنة فقط‪.‬‬

‫في المقابل نشأت األصولية في بيئة مختلفة‪ ،‬فظهرت في مجتمعات مدنية متقدمة‪ ،‬مثل مصر وبالد المشرق العربي‪،‬‬
‫وفي ظل ظروف وتحديات بالغة التعقيد (سقوط الخالفة ونكبة فلسطين واالستعمار األجنبي)‪ ،‬ورداً على هذا الخطر دعوا‬
‫إلى مقاومة التحديث وتقويض الدولة الوطنية‪ ،‬مؤسسين لخطاب يتحدث عن األمة اإلسالمية والدولة اإلسالمية‪.‬‬

‫األصولية في هذا المعنى خطاب إسالمي مؤدلج يقدم منظومة أفكار تنطلق من الحاضر إلى المستقبل‪ ،‬وذلك على خالف‬
‫السلفية التي تنظر إلى الحاضر لتخليصه من شوائب وممارسات الماضي‪ ،‬متخذة من سيرة السلف الصالح ومعتقداته‬
‫وممارساته عقيدة لتطهير الدين من جاهلية الماضي ووثينته‪ ،‬في حين تعتبر األصولية أن المجتمع اإلسالمي القديم قد‬
‫زال وحل ّ محله التحديث والتخريب والكفر والطاغوت‪ ،‬وعلينا أن نتصدى لذلك كله إلقامة المجتمع اإلسالمي األصيل‬
‫على أنقاض المجتمع القائم الملوث‪.‬‬

‫أقسام السلفية‪  ‬أوال‪ :‬السلفية العلمية وهم مدرسة متصلة بالعالمة النعمان اآللوسي (‪1317 - 1252‬هـ) ومن خالل‬
‫الشيخ المحدث عبد الكريم عباس الشيخلي الشهير بابي صاعقة تأسست هذه المدرسة‪ ،‬ومن أبرز تالميذه الشيخ‬
‫المحدث صبحي السامرائي‪ ،‬وأبو عذراء عبد الرزاق البياتي‪ ،‬والشيخ نوري أحمد التميمي‪ ،‬والشيخ عبد الحميد نادر‬
‫الراشدي‪ ،‬والشيخ عدنان الطائي‪ ،‬والشيخ عبد اللطيف الصوفي‪.‬‬

‫ونتج عن هذه المدرسة طبقة من التالميذ من أشهرهم؛ الشيخ رعد عبد العزيز‪ ،‬والشيخ إياد عبد اللطيف القيسي‪،‬‬
‫والشيخ عبد هللا عبد الصمد المفتي‪ ،‬والشيخ مرشد الحيالي‪ ،‬والشيخ محمود عمران‪ ،‬والشيخ ضياء الدين عبد هللا‬
‫الجواري‪ ،‬والشيخ فتحي الموصلي‪ ،‬والشيخ عامر البرزنجي‪ ،‬والشيخ قاسم العاني‪.‬‬
‫وظلت السلفية العلمية تطلق على نفسها اسم "المدرسة السلفية" لعدة سنوات‪ ،‬لكنها سعيا لتطوير حركتها وإعطائها‬
‫مزيدا من الحركية زاد اهتمامهم بالعمل الجماهيري‪ ،‬وأطلقوا على منظمتهم اسم "الدعوة السلفية"‪ ،‬وبذلك أصبح اسم‬
‫"المدرسة السلفية" مجرد تاريخ‪.‬‬

‫و"الدعوة السلفية" منتشرة في كل أنحاء العراق‪ ،‬ولها أتباع كثيرون يقدرون بمئات األلوف‪ ،‬ويطلق عليهم اختصارا‬
‫اسم "السلفيين" كونهم ليسوا تنظيما هرميا متماسكا‪ ،‬مثل اإلخوان المسلمين‪ ،‬بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع‬
‫كل منها شيخ من المشايخ‪ ،‬لكن مشايخها متعاونون بدرجة كبيرة جدا‪ ،‬ومن مشايخها المشهورين غير الذين ذكرناهم‬
‫الشيخ محمد خضير الجبوري أبو المنار العلمي‪ ،‬والشيخ خضير زبار الغريري أبو قصي‪ ،‬والشيخ يعقوب يوسف‬
‫الزوبعي‪ ،‬والشيخ محمد العثماني‪ ،‬والشيخ عماد الموصلي‪ ،‬والشيخ عبد الحق التركماني‪ ،‬والشيخ عبد هللا مهاوش‪،‬‬
‫والشيخ سهيل السردي‪ ،‬وغيرهم كثير‪.‬‬

‫كما أن "الدعوة السلفية" مثلها مثل بقية تيارات الحركة اإلسالمية الحديثة ترى وجوب رجوع المسلمين إلى اإللتزام‬
‫بتعاليم اإلسالم وفقا لمنهج السلف الصالح‪ ،‬لكنهم أكثر حرفية والتزاما بذلك‪ ،‬وأقل اجتهادا وتجديدا فيه‪ .‬ويفرق بينهم‬
‫وبين اإلخوان المسلمين رفضهم للتصوف وآراء األشاعرة والمعتزلة والشيعة‪ ،‬كما يفرقهم عنهم أيضا رفض "الدعوة‬
‫السلفية" للعمل الحزبي والدخول في انتخابات مجلسي المحافظات والبرلمان‪ ،‬كما يفرقهم عن الجهاد والقاعدة رفضهم‬
‫للعمل المسلح والتنظيمات السرية‪.‬‬

‫وأبرز استراتيجية معلنة لـ"الدعوة السلفية"‪ ،‬وأدقها‪ ،‬هي التي طرحها الشيخ محمد ناصر الدين األلباني في عدد من‬
‫محاضراته وكتبه‪ ،‬وتتلخص في (التصفية والتربية‪ )..‬وأن ما لحق بالمسلمين من تدهور حضاري سببه األحاديث‬
‫الضعيفة والموضوعة واإلسرائيليات واآلراء الفقهية التي تخالف الحديث الصحيح!‬

‫ثانيا‪ :‬السلفية الحركية في نفس الوقت الذي نشأت السلفية العلمية (منتصف السبعينات من القرن العشرين الميالدي)‬
‫نشأ في بغداد رافد آخر من روافد السلفية بقيادة عدد من الدعاة الشباب حينذاك‪ ،‬وكان أبرزهم في ذلك الوقت إبراهيم‬
‫المشهداني‪ ،‬وسعدون القاضي‪ ،‬ومحمود المشهداني‪ ،‬ونظام الرفاعي‪ ،‬والشيخ فائز الزيدي‪ ،‬وجمال القيسي‪ ،‬ولم يختلف‬
‫هذا الرافد السلفي عن السلفية العلمية إال في إعالن كفر الحاكم الذي ال يحكم بالشريعة اإلسالمية باسمه أيا كان اسمه‪،‬‬
‫وقد انتشر هذا التيار مع الوقت‪ ،‬وصار له أنصار وأتباع يقدرون بالمئات‪ ،‬السيما بعدما برزت شعبية بعض الدعاة‬
‫اإلسالميين من هذا التيار‪ ،‬مثل الداعية ذائع الصيت سامي رشيد الجنابي‪ ،‬وأيضا الشيخ عادل الجبوري‪ ،‬وقد أطلق‬
‫بعض أتباع هذا التيار على أنفسهم اسم السلفية الحركية‪ ،‬ولكن المشايخ الكبار من هذا التيار ال يطلقون على أنفسهم‬
‫أي اسم‪.‬‬

‫وقد تعرض هذا التيار لحصار أمني شديد منذ عام ‪ 1978‬بسبب قيام عدد من رموزه بانشاء تجمع عرف (بجماعة‬
‫الموحدين)‪ ،‬وتم القاء القبض على هذه المجموعة ورميها بالسجن‪ ،‬ليفرج عنها بعد عدة سنوات‪.‬‬

‫ونتجت عن هذا التيار طبقة من الدعاة كان من أبرزهم الدكتور محمد حسين الجبوري‪ ،‬والدكتور فخري القيسي‪،‬‬
‫والمهندس أسامة العزاوي‪ ،‬والشيخ عبد الستار الجنابي‪ ،‬ولكن ما زال رموز هذا التيار ودعاته متناقضين في التعبير‬
‫عن آرائهم في أي مكان‪ ،‬سواء مساجد أو صحف أو فضائيات أو حتى في جلسات خاصة‪ ،‬وقد تجرأ الشيخ إبراهيم‬
‫المشهداني وألقى بجميع آرائه وأفكاره القديمة‪ ،‬وسعى الى فكرة التقريب بمعناها األعم‪ .‬وأما محمود المشهداني فانه ال‬
‫يزال يعمل في السياسة‪ ،‬ويعتقد أنها الحل للوصول للحاكمية‪ .‬يتبع‪  ...‬‬

‫الحركة السلفية في العراق ‪-2-‬‬

‫هشام الهاشمي‪ ‬تاريخ النشر‪ :‬اﻷربعاء ‪ 21‬كانون الثاني ‪2015‬‬

‫ثالثا‪ :‬السلفية الجهادية ال شك في أن البيئة الفقهية للسلفية المدرسية الحنبلية التي تحولت إلى سلطة في شبه الجزيرة‬
‫العربية والتي فيها ولدت عقيدة الوالء والبراء‪ ،‬تختلف عن البيئة الفقهية اإلسالمية األزهرية في مصر التي ولدت فيها‬
‫حركة اإلخوان المسلمين والتي منها نبتت وخرجت نظرية الحاكمية اإللهية‪ .‬وكلتاهما تختلفان عن البيئة الهندية حيث‬
‫كان أبو األعلى المودودي يرى أن التحديات التي تواجه المسلمين هناك تتمثل في قهر األغلبية الهندوسية وحمالت‬
‫التغريب وتذويب الهوية والشخصية اإلسالمية واالستعمار االنكليزي‪ .‬إنه مناخ الحصار الذي يعيش فيه "الفقيه‬
‫المسلم" بين مطرقة االضطهاد االستعماري وسندان األغلبية الهندوسية الرافعة لشعار السيادة لألمة والدولة‬
‫الديمقراطية‪ .‬وهذه الشعارات إذا ما طبقت فكان يرى أنها ستحول المسلمين الهنود إلى أقليات وجاليات مقهورة‬
‫ومغلوبة‪.‬‬

‫في ظل هذا المناخ أنتج المودودي مفهوم الجاهلية الجديدة و"الحاكمية اإللهية"‪ ،‬وعلى وقع الصدام مع ثورة ‪ 23‬تموز‬
‫وجمال عبد الناصر‪ ،‬وفي داخل السجون المصرية‪ ،‬انقسم اإلخوان بين وسطية حسن الهضيبي التي عبر عنها في‬
‫كتابه‪ :‬دعاة ال قضاة‪ ،‬وبين جذرية سيد قطب التي عبر عنها في كتابه الذي أصبح أكثر الكتب شهرة بين األصوليين‪:‬‬
‫معالم في الطريق‪ ،‬الذي و ّظ ف فيه مفاهيم المودودي كسالح معرفي وعقائدي إلسقاط ثورة ‪ 23‬تموز واالنقالب على‬
‫حكم جمال عبد الناصر‪ .‬وعلى أرض الجزيرة العربية التي شهدت عصر النبوة قامت الحنبلية والسلفية المدرسية لتقاوم‬
‫أشكال الوثنية واالنحراف التي بدأت فعالً في التسرب إلى عقيدة التوحيد وقواعد التعبد‪.‬‬

‫والحقيقة أن مختلف التيارات والحركات اإلسالمية التي بدأت بالظهور‪ ،‬منذ سبعينات القرن الماضي والتي تبنت العنف‬
‫المسلح (من الجهاد إلى "الجماعة اإلسالمية" إلى "التكفير والهجرة" وغيرها‪ ،)..‬بقيت تتجنب الدخول في المسائل‬
‫العقائدية والفقهية والخالفية التي أثارتها السلفية الحنبلية‪ ،‬إال مسألة واحدة ناقشت فيها بعمق‪ ،‬وهي قضية تكفير‬
‫الحاكم الذي ال يحكم بما أنزل هللا‪ ،‬وهي فكرة للسلفية المدرسية فيها قراءة تتعلق بمفهوم طاعة أولي األمر حيث تضع‬
‫شروطا ً قاسية للخروج على الحاكم‪ ،‬ومنها إعالنه الصريح رفض الشريعة والحكم بما أنزل هللا‪ ،‬فضالً عن نقاط خالفية‬
‫فقهية تتعلق بمصطلحات الجاهلية الجديدة وحاكمية هللا وبعض القضايا الفقهية الفرعية التي يشدد عليها الوهابيون في‬
‫الممارسة والسلوك‪ .‬والواقع أن السلفية المصرية‪ ،‬القطبية الجذور‪ ،‬والتي تبنت العنف كانت أكثر تس ّيسا ً وأقل تف ّقهاً‪،‬‬
‫في حين كانت السلفية المدرسية الحنبلية‪ ،‬على العكس‪ ،‬أقل تس ّيسا ً وأكثر تركيزاً في المسائل الفقهية والعقائدية‪.‬‬

‫لكن التطور الذي أسهم في بروز السلفية الجهادية‪ ،‬كتيار جديد‪ ،‬نتج عن امتزاج عناصر أساسية من المنظومة الحنبلية‬
‫السلفية بعناصر أساسية من المنظومة األصولية القطبية األكثر تسيسا ً‪ .‬حدث هذا األمر على مراحل عدة أولها كان‬
‫عندما استقبلت السعودية اآلالف من كوادر اإلخوان المسلمين المصريين والسوريين وغيرهم من الهاربين من‬
‫أنظمتهم‪ ،‬ووفرت لهم المالذ اآلمن‪ ،‬حيث نجح هؤالء في تبوء مراكز مهمة في المنظومة التعليمية والتربوية السعودية‪.‬‬
‫في عملية التواصل هذه‪ ،‬بين ضفتي البحر األحمر التي بلغت أوجها في العهد الناصري ثم الساداتي الذي فتح أبوابا ً‬
‫واسعة لهؤالء بهدف ضرب االتجاهات الناصرية واليسارية وذهب هو ضحية لهم في النهاية‪ ،‬في عملية التواصل هذه‬
‫حدث نوع من التوافق والتكيف بين المدرستين‪ ،‬ونتج عنها بداية ما يعرف بـ"االتجاه السلفي السروري" نسبة إلى‬
‫محمد سرور بن نايف زين العابدين الذي مزج السلفية الحنبلية بالقطبية األصولية‪.‬‬

‫كان الرجل قريبا ً من عصام العطار‪ ،‬اإلخواني الدمشقي المعروف‪ ،‬ثم تحول عنه إلى مروان حديد قائد "كتائب محمد"‬
‫واإلخواني السوري الذي واجه النظام السوري بشدة‪ .‬كان محمد سرور يرى أن ما ينقص السلفية هو أن تكون مسيسة‬
‫وثورية‪ ،‬ووجد أن فكر سيد قطب يتكفل بهذه المهمة‪ .‬وقد تأثر بآرائه جهيمان العتيبي‪ ،‬القائد العسكري للمجموعة التي‬
‫احتلت الحرم المكي عام ‪ 1979‬والذي كان يعتبر حكم آل سعود وإمامتهم باطلة‪.‬‬

‫ارتكزت عملية التوفيق والتكيف بين طرفي المعادلة الجديدة (السلفي ‪ -‬القطبي) على ترسيخ وتشريع "عقيدة الوالء‬
‫والبراء" بعد إعادة إنتاجها وتشكيلها‪ ،‬فحلّت محل فكرة الحاكمية التي اتكأ عليها طويالً التيار القطبي األصولي‪ .‬وحيث‬
‫أن فكرة الحاكمية ملوثة بشبهة الخوارج الذين رفعوها شعاراً أثناء الفتنة الكبرى في وجه اإلمام علي‪ ،‬وحيث أن‬
‫المنظومة الفكرية التي طرحها سيد قطب‪ ،‬منظر الحاكمية‪ ،‬تحتوي على قابلية كبيرة لتقبل عقيدة الوالء والبراء‪ ،‬خاصة‬
‫لجهة تفسيراته وتأويالته للعالقة مع اآلخر غير المسلم‪ ،‬وأخيراً حيث أن السعودية تطبق الشريعة وتتبنى اإلسالم منهجا ً‬
‫للحياة ونظاما ً للحكم‪ ،‬وال مجال للمزايدة في هذا المجال‪ .‬لذلك كله وجد الطرفان‪ ،‬وألسباب عقائدية وعمالنية‪ ،‬ضرورة‬
‫استبدال فكرة الحاكمية‪ ،‬التي بقيت كمضمون‪ ،‬بعقيدة الوالء والبراء‪ ،‬التي تؤدي إلى المفاصلة مع مجتمع الجاهلية‪:‬‬
‫فالوالء كل الوالء لإلسالم‪ ،‬والبراءة من المشركين وغير المسلمين‪ .‬وال يكتمل إسالم المرء عندهم إال باعتناق هذه‬
‫العقيدة التي نجحوا في إدخالها في صميم المناهج الدراسية‪ ،‬بل أصبحت عماد هذه المناهج‪ ،‬وتم زرعها وترسيخها في‬
‫عقول الناشئة بعمومياتها وتفصيالتها‪.‬‬

‫أ ّد ت عملية المزاوجة بين مفهوم الحاكمية وعقيدة الوالء والبراء‪ ،‬بين المنظومة الفكرية القطبية والمنظومة الفقهية‬
‫الحنبلية‪ ،‬إلى ديناميكية حركية وفكرية تمثلت في شحن الموقف من "اآلخر" مسلما ً أو غير مسلم‪ ،‬بمضامين عقيدية‪،‬‬
‫فضالً عن المحتوى السياسي والموقف من الحاكم المسلم الذي ال يقيم حكم هللا وال يطبق شريعته‪ .‬وقد نشأ عن هذه‬
‫المزاوجة تيار فكري جديد وتيار حركي جديد‪ ،‬األول عبر عنه كما سبق وقدمنا‪ ،‬مجموعة من المفكرين من دعاة‬
‫السلفية الجهادية النظرية‪ ،‬وبينهم مجموعة من الكتاب والدعاة حازوا شهرة واسعة‪ ،‬وبنتيجة هذا المزج أو المثاقفة‬
‫خرج ما يعرف بتيار الصحوة في السعودية الذي استقطب مجموعة واسعة من الشباب المتدين أمثال الدكتور عوض‬
‫القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر ومحسن العواجي وسعد الفقيه ومحمد المسعري وناصر الفهد‬
‫وعلي الخضير‪.‬‬

‫أما التيار الحركي الجديد فقد اتجه نحو المزيد من التبلور بتأثير العشرات من الدعاة الجدد لهذا التيار الجديد في مصر‬
‫والسودان والكويت واألردن وسوريا وغيرها‪ .‬لقد نتج عن عملية المزج هذه المزيد من تحنبل اإلخوان "وتوهب"‬
‫القطبيين‪ ،‬و"قطبنة" تيار الصحوة الوهابي وتسييسه‪ ،‬وسارت بعض أوجه هذا التيار باتجاه "الطلبنة" حتى قبل ظهور‬
‫حركة طالبان في أفغانستان وتسلمها زمام الحكم هناك‪.‬‬

‫كفرانية النظم أصدر أيمن الظواهري كتابة‪ :‬الوالء والبراء‪ ،‬عقيدة منقولة وواقع مفقود‪ ،‬الذي يعتبر فيه أن معاداة‬
‫الكافرين‪ ،‬التي هي ركن اإليمان باهلل‪ ،‬ال تتم إال بالكفر بالطاغوت‪ ،‬وأن التفريط في هذا الركن هو الثغرة التي ينفذ منها‬
‫أعداء اإلسالم‪ ،‬رافضا ً الدعوات الرامية إلى إخالء الميدان أمام أعداء األمة المسلمة‪ ،‬مؤكداً أن أي "مسلم" حريص‬
‫على انتصار اإلسالم ال يمكن أن يقبل أي نداء إلى إيقاف الجهاد أو تعطيله‪ .‬ومن أعظم صور الجهاد العيني في هذا‬
‫الزمان جهاد الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة اإلسالم… ومن أعظم صور الجهاد العيني في هذا الزمان جهاد‬
‫الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة اإلسالم الموالين لليهود والنصارى"‪ .‬وكان سبق هذا الكتاب ما نشره أيضا ً تحت‬
‫عنوان‪" :‬بيان كفر الحكام الحاكمين بغير شريعة اإلسالم ووجوب جهادهم"‪ ،‬وكتاب آخر بعنوان الحوار مع الطواغيت‬
‫(ومَنْ َل ْم َي ْح ُك ْم ِب َما َأ ْن َزل َ هَّللا ُ َفُأولَِئ َك‬
‫مقبرة الدعوة والدعاة‪ .‬ويقول فيه ما نصه‪" :‬إما كونهم كفاراً ومرتدين‪ ،‬فلقوله تعالى َ‬
‫ُه ُم ا ْل َكافِرُونَ )‪ ،‬وذلك ألن ما يفعله هؤالء الحكام هو نفسه صورة وسبب نزول اآلية‪ ،‬وهو تعطيل حكم الشريعة اإللهية‬
‫واختراع حكم جديد وجعله تشريعا ً ملزما ً للناس"‪.‬‬

‫ويستشهد لتدعيم وجهة نظره بتفسير ابن كثير آلية [المائدة‪َ( :]50/‬أ َف ُح ْك َم ا ْل َجا ِهلِ َّي ِة َي ْب ُغونَ َومَنْ َأ ْحسَنُ مِنَ هّللا ِ ُح ْك ًما‬
‫لِّ َق ْو ٍم ُيوقِ ُن ون) الذي يعتبر أهل الجاهلية هم الذين يحكمون بالضالالت "بما يضعونه بآرائهم وأهوائهم‪ ،‬وكما كان يحكم‬
‫به التتار من السياسات المحلية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم الياسق‪ ...‬فمن فعل ذلك فهو كافر يجب‬
‫قتاله حتى يرجع إلى حكم هللا ورسوله"‪ ،‬وهي خالصة الفتوى التي خرج بها ابن تيمية وتبناها كل األصوليين‬
‫والسلفيين فيما بعد‪  .‬‬

‫جاهلية المجتمعات وهو مفهوم تأسيسي يستخدم للحكم على نموذج الدول اإلسالمية القائمة في عالم اليوم‪ .‬ومفهوم‬
‫جاهلية المجتمعات عند السلفية الجهادية دخل في المنظومة العقدية والفقهية كحكم شرعي يرمى به األفراد والجماعات‪،‬‬
‫فضالً عن المجتمعات والدول‪ ،‬بل العصر والحياة‪ .‬وإذا كان المودودي أول من استخدم هذا المصطلح‪ ،‬وسيد قطب أول‬
‫من وظفه في منظومة فكرية متكاملة‪ ،‬فإن التيار السلفي الجهادي قام بتأصيل هذا المفهوم عمالنياً‪ ،‬وإن كان بعض‬
‫رموزه يتردد في إطالق وصف الجاهلية على عموم المجتمع‪ ،‬لكنه عمليا ً يخلص إلى نتيجة أخطر من حيث تحميل‬
‫الناس واجب "البراءة من الحكام الكافرين وأعوانهم والبراءة من قوانينهم الوضعية بما فيها االشتراكية والديمقراطية‬
‫وسائر كفرهم‪ ،‬وإظهار العداوة لهم‪ ،‬وهذا يكون بكشف كفرهم للناس وتسفيه رأيهم ودينهم الكفري‪ ،‬وحض الناس على‬
‫عداوتهم وكراهيتهم وقتالهم حتى يكون الدين كله هلل"‪.‬‬

‫وكل ّ ما تقدم ال يصح به القلب أو الخفاء‪ ،‬بل يجب أن يكون ظاهراً معلنا ً وإالّ فقد ناقض التوحيد‪ .‬وهو ما تذهب إليه‬
‫جماعة الجهاد المصرية وزعيمها أيمن الظواهري الذي أصدر كتابا ً يرد على الشيخ ناصر األلباني أحد أبرز علماء‬
‫السلفية المدرسية الحنبلية وأسماه الرد على شبهة خطيرة للشيخ األلباني بشأن السكوت عن الحكام المرتدين‪.‬‬

‫الجهاد المسلح سبيل التغيير إعالن جاهلية المجتمعات المعاصرة كان المقدمة في مسألة التكفير الذي طال الحكام‪،‬‬
‫وكفرانية النظم كانت نقطة االنطالق في التنظير الشرعي عند هؤالء لخلع هؤالء الحكام وتغيير أنظمتهم‪ ،‬وهذا الخلع‬
‫والتغيير وفق فقه السلفية الجهادية ال يكون إال قتاال‪ .‬أسس لهذا االجتهاد سيد قطب في معالم في الطريق‪ ،‬مد ّ‬
‫شنا ً نهج‬
‫الخروج على الحكام "أولي األمر" مخالفا ً بذلك ما عليه السلفية التاريخية والحنبلية في موقفها التقليدي الداعي إلى‬
‫وحدة الجماعة اإلسالمية وإنكارها الخروج على الجماعة وأولي األمر‪.‬‬
‫مع السلفية الجهادية تضخم مبحث موجبات التكفير على المباحث األخرى التي قد تطال ضمن التنظير الفقهي مسائل‬
‫السلطة‪ .‬ومنها مباحث الغصب والظلم واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة‪ ،‬ألنها مباحث ال تفضي في‬
‫أحكامها إلى التكفير الموجب للخروج المسلح على الحاكم‪ ،‬بل تبقى أحكامها في دائرة "التعزير باعتبارها معاصي‬
‫وآثام"‪.‬‬

‫السلفية الجهادية في العراق في أوائل التسعينيات رغب عدد من الجهاديين العرب البارزين أمثال جمال الفلسطيني أبو‬
‫طلحة‪ ،‬وعبد الناصر الجياب الفلسطيني‪ ،‬وعبد الحميد الفلسطيني أبو عزام في ادخال األفكار الجهادية الى العراق‪،‬‬
‫وتحريض الشباب على المواجهة المسلحة للطواغيت‪ ،‬ونشر كتب عبد القادر عبد العزيز‪ ،‬وكتب أبي محمد المقدسي‪،‬‬
‫وكتب أبي قتادة الفلسطيني‪ ،‬وأبي بصر الطرطوسي‪ .‬هذا التيار لقي قبوال عند السلفية الحركية أمثال سعدون القاضي‪،‬‬
‫ومحمد الجبوري‪ ،‬وأسامة العزاوي‪ ،‬وطائفة كبيرة من طالب العلم أمثال أمين الجنابي‪ ،‬ومؤيد الجبوري‪ ،‬ومحمد حردان‬
‫العيساوي‪ ،‬وملة حقي الشورتاني‪ ،‬وجمال الحمداني‪ ،‬وعبد الرحيم المفتي‪ ،‬وعبد المنعم البدراني‪ ،‬حيث مزج هؤالء بين‬
‫العلم والجهاد‪ ،‬وبذلك دفعوا تهمة طالما أثارها بعض اإلسالميين السلفيين تجاه التيار الجهادي‪ ،‬وهي أنهم يهتمون‬
‫بالجهاد فقط‪ ،‬بينما ال يهتمون بالعلم‪ ،‬فأطلق هؤالء اسم السلفية الجهادية على التيار الجهادي‪ ،‬وانتشر هذا االسم في كل‬
‫العراق‪ ،‬لكن اسم السلفية الجهادية أصبح اسما ذائع الصيت بعد عدد من العمليات المسلحة شمال العراق‪ ،‬وفي بغداد‬
‫والموصل‪ ،‬وتأسست على ذلك في شمال العراق حركات وتجمعات أشهرها أنصار اإلسالم‪ ،‬ومعظم قيادات ودعاة هذا‬
‫التيار هم قيادات الفصائل المسلحة التي قاومت االحتالل األمريكي للعراق‪.‬‬

‫تنظيم حركة الموحدين تنظيم سلفي حركي ظهر منتصف السبعينيات‪ ،‬وكانت القيادة العامة له هي‪ :‬إبراهيم خليل إبراهيم‬
‫المشهداني‪ ،‬أمير الجماعة‪ ،‬وكان موظفا في معهد صحي‪ .‬رعد عبد العزيز‪ ،‬نائب أمير الجماعة‪ ،‬نائب مجلس الشورى‪.‬‬
‫جميل كل محمد‪ ،‬عضو مجلس الشورى‪ .‬قاسم محمد حسن العاني‪ ،‬عضو مجلس الشورى‪ .‬قاسم محمد عبد الرزاق‬
‫الكبيسي‪ ،‬عضو مجلس الشورى‪ .‬ضياء كامل‪ ،‬عضو مجلس الشورى‪ .‬عالء الدين محمد علي‪ ،‬عضو مجلس الشورى‪.‬‬
‫والمذكورون (‪ 1‬ـ ‪ )4‬هم القيادة التأسيسية‪ ،‬واألسماء ‪ 5،6،7‬أضيفوا الى القيادة التأسيسية عام ‪ .1977‬وفي شهر‬
‫محرم عام ‪ 1980‬عقد المؤتمر التأسيسي في محافظة البصرة‪ ،‬وتم انتخاب إبراهيم خليل المشهداني أميرا للجماعة‪،‬‬
‫ورئيسا لمجلس الشورى‪ ،‬ورعد عبد العزيز نائبا لألمير‪ ،‬ثم كلف المؤتمر لجنة إلعداد النظام الداخلي للتنظيم ليعرض‬
‫بعد ثالثة أشهر لغرض إقراره‪.‬‬

‫أقر النظام الداخلي في اجتماع عقد في منزل عالء الدين محمد علي‪ ،‬وتم تسليم النظام الداخلي لصاحب المنزل بأمر‬
‫رئيس مجلس الشورى‪.‬‬

‫النظام الداخلي للتنظيم يتكون النظام الداخلي من ست أبواب هي‪ :‬الباب األول‪ :‬يتضمن البحث عن اسم التنظيم وأهدافه‬
‫فاسم جماعة الموحدين تمثل الخط السلفي في العراق‪ ،‬وأما أهدافه فهي‪ :‬االلتزام بتعاليم الكتاب والسنة في ذات نفسها‬
‫وفق السلف الصالح‪ .‬دعوة المسلمين الى الكتاب والسنة وتحذيرهم من البدع والشرك والخرافات‪ .‬التعاون مع‬
‫الجماعات السلفية فيما يحقق وحدة المسلمين‪ .‬محاربة الظلم بشتى صوره وباألساليب الشرعية كافة‪ .‬السعي إلقامة‬
‫حكم هللا في األرض وتحرير الناس من عبودية العباد‪.‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬أوال‪ :‬الدرجات التنظيمية‪( :‬أ) تتألف الدرجات التنظيمية‪ ،‬كاآلتي‪ ،‬من األدنى فاألعلى‪ )1( :‬الصديق ‪/‬‬
‫اإلنسان الذي استجاب الى قضية الصالة‪ ،‬وتستمر العالقة معه حتى يتحول الى داعية‪ ،‬وقد يتحول الى مؤيد قبل ان‬
‫يلتحق بالتنظيم‪ )2( .‬مجاهد‪ )3( .‬نقيب ـ مسؤول المجاهد‪ )4( .‬األمين ـ مسؤول النقيب‪ )5( .‬عضو مجلس الشورى ـ‬
‫ويكون مسؤول عن األمناء‪ )6( .‬أمير الجماعة ـ رئيس مجلس الشورى‪.‬‬

‫(ب) ينتخب مجلس الشورى من بين أعضائه أميرا للجماعة ونائبا لألمير‪( .‬ج) رأي مجلس الشورى الجمع عليه ملزم‬
‫ألمير الجماعة‪( .‬د) أمير الجماعة ال ينحى مدى الحياة‪ ،‬إال بعارض الموت وارتكاب الكفر‪( .‬هـ) يقوم نائب األمير مقامه‬
‫في حالة غيابه‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬الوحدات التنظيمية‪( :‬أ) الحلقة‪ :‬وتطلق على مجموعة األصدقاء والدعاة بقيادة المجاهد‪( .‬ب) األسرة‪ :‬حلقة‬
‫المجاهدين بقيادة النقيب‪( .‬ج) الفرقة‪ :‬حلقة النقباء بقيادة األمين‪( .‬د) الطائفة‪ :‬حلقة األمناء بقيادة عضو مجلس‬
‫الشورى‪( .‬هـ) المؤتمر السنوي ويرشح إليه من حاز على درجة نقيب فما فوق‪.‬‬
‫الباب الثالث‪( :‬أ) المنهج الثقافي‪ :‬ويتألف من خمس مراحل‪ :‬المرحلة األولى‪ :‬تدريس القرآن الكريم (جزء عم) والتلقين‬
‫الشفوي‪ .‬المرحلة الثانية‪ :‬تدريس رياض الصالحين والسنن والمبتدعات والشبهات بالتوحيد‪ ،‬وجزء تبارك مع تفسيره‪.‬‬
‫المرحلة الثالثة‪ :‬كتاب فتح المجيد‪ ،‬وشرع التوحيد مقدمة ابن الصالح في الحديث‪ ،‬وسبل السالم في شرح بلوغ المرام‪،‬‬
‫وقضايا الدعوة مختارة من ظالل القرآن‪ ،‬وحفظ جزء قد سمع‪ .‬المرحلة الرابعة‪ :‬سيرة ابن كثير ـ دروس وعبر في‬
‫السيرة‪ ،‬وحفظ جزء الذاريات‪ .‬المرحلة الخامسة‪ :‬التخصص في واحد من هذه العلوم‪ :‬التوحيد وعلومه‪ .‬الحديث‬
‫وعلومه‪ .‬الفقه‪ .‬العقائد والفرق‪ .‬اللغة واآلداب‪.‬‬

‫(ب) التنظيم أو الجماعة مسؤول عن تثقيف أفرادها‪ ،‬ولها منع أو قراءة أي كتاب احتفال ديني أو اشتراك في جمعية إال‬
‫باذن من الجماعة نفسها‪( .‬ج) يمنع طبع أي كتاب ألي من األعضاء إال بعد حصول موافقة‪( .‬د) يجوز للجماعة أن تتبنى‬
‫أكثر من رأي فقهي في المسألة الواحدة‪ ،‬وألفرادها العمل بواحد فقط من هذه اآلراء‪.‬‬

‫الباب الرابع‪ :‬الشؤون المالية‪( :‬أ) يكون أحد أعضاء مجلس الشورى مسؤوال ماليا‪( .‬ب) يقوم مسؤول المال بفتح‬
‫صندوق توفير يستخدم في منح ديون ألعضاء الجماعة‪( .‬ج) له أن يفتح صندوق استثمار من رؤوس أموال األعضاء‬
‫ومساهمة صندوق التوفير تكون مشاريعه مربحة‪ ،‬عل ان يتوزع الربح مناصفة على رؤوس األموال والنصف اآلخر‬
‫لصندوق الجماعة‪( .‬د) تحديد نسبة ‪ % 5‬من مجموع دخل المجاهدين فما فوق كاشتراك شهري‪( .‬هـ) ألمير الجماعة ان‬
‫يستثني من يشاء من االشتراك الشهري‪( .‬و) يستخدم الصندوق فيما يخدم أنشطة الجماعة المختلفة‪( .‬ز) لمجلس‬
‫الشورى رفض أو قبول أي تبرع مادي معين‪( .‬ح) يدفع أعضاء الجماعة زكاة أموالهم اليها وتصرف على المستحقين‬
‫من أفراد الجماعة‪.‬‬

‫الباب الخامس‪ :‬حقوق أفراد الجماعة وتشمل المجاهدين فما فوق‪( :‬أ) يمنع إقدام أفراد التنظيم على الزواج او السفر‬
‫خارج العراق او اكمال الدراسة او التطوع في الجيش او أي أمر مهم آخر إال بموافقة الجماعة‪( .‬ب) ال يحق ألي عضو‬
‫التحدث باسم الجماعة او فتح حوار إال بتكليف من الجماعة‪.‬‬

‫الباب السادس‪ :‬التحذير والعقوبات‪( :‬أ) تتخذ الجماعة بحق أفرادها عند اللزوم العقوبات اآلتية‪ :‬المقاطعة على أصعدة‬
‫السالم والكالم واللقاء لفترة ال تزيد على خمسين يوما‪ .‬تنزيل الدرجة التنظيمية‪ .‬الطرد من الجماعة‪.‬‬

‫(ب) لمجلس الشورى فقط وباالجماع إصدار هذه العقوبات‪( .‬ج) في حالة اتخاذ أي من القرارات المشار اليها في (‪3‬‬
‫من أ) ال يعلم من يتخذ بحقه‪  .‬‬

‫اتصاالت التنظيم خارج العراق (أ) عالقة التنظيم في سوريا عام ‪ 1979‬سافر الى سوريا بعض أعضاء التنظيم بتكليف‬
‫إبراهيم خليل المشهداني لالتصال بالجماعة السلفية هناك‪ ،‬وتم اللقاء‪ ،‬واستفسر ممثل تنظيم العراق بخصوص تنظيم‬
‫الموحدين السوري‪ ،‬فظهر أنه بدأ مباشرة العمل عام ‪ ،1975‬تم خالل اللقاء االتفاق على التعاون من حيث المبدأ‬
‫وتطوير الزيارات المتبادلة‪ .‬وأوضح مسؤول التنظيم السوري أنه يوجد تنظيم في الكويت شبه علني‪ ،‬وهناك روابط بين‬
‫التنظيمين على الصعيد الشخصي والفكري‪ ،‬وطرح فكرة لعقد مؤتمر السلفيين في الكويت‪ ،‬وتم االتفاق على ترشيح‬
‫ممثل تنظيم العراق لحضور المؤتمر بعد االتصال بالكويتيين لهذا الغرض‪ .‬وفي كانون الثاني عام ‪ 1980‬حضر مثل‬
‫تنظيم سوريا الى بغداد‪ ،‬وعقدت عدة لقاءات بين مسؤولي التنظيم نوقشت خاللها كيفية الوصول للحكم‪ ،‬واختلفوا فيما‬
‫بينهم‪ ،‬حيث كان رأي تنظيم العراق أن يتم عن طريق التحرك في البلد المتواجد فيه‪ ،‬بينما كان رأي التنظيم السوري هو‬
‫تجمع المجاهدين من بلدان العالم اإلسالمي والهجرة بهم إلى مكان مناسب وإعالن الجهاد‪.‬‬

‫كما نوقشت آفاق التعاون التنظيمي والثقافي وبعض المسائل الشرعية‪ ،‬وكذلك تمت مناقشة عقد مؤتمر في العراق‪ ،‬لكن‬
‫لم يتفق عليه في هذه الجلسة‪ .‬وفي العطلة الربيعية لعام ‪ 1980‬سافر بعض أعضاء قيادة التنظيم الى سوريا‪ ،‬وتم‬
‫اللقاء بسؤولي التنظيم في سوريا‪ ،‬وعقدت عدة لقاءات نتج عنها ما يأتي‪:‬‬

‫(‪ ) 1‬دمج التنظيمين في العراق وسوريا‪ ،‬وعرض الفكرة على الكويتيين‪ ،‬واحالة القضية إلى مؤتمر يتم عقده في سوريا‬
‫بدال من تركيا‪ ،‬مع اشتراك تنظيم األردن بممثل سوري‪ )2( .‬تم االتفاق على أن يقتصر المؤتمر األول على السوريين‬
‫باعتبارهم ممثلين عن األردن وبعض دول الخليج والعراقيين عن أنفسهم بحدود ثالثة أفراد لكل جماعة لحين دعوة‬
‫التنظيمات الباقية‪.‬‬
‫(ب) عالقة التنظيم في الكويت عام ‪ 1979‬سافر الى الكويت أحد أعضاء التنظيم مع مسؤول التنظيم إبراهيم خليل‬
‫المشهداني‪ ،‬واتصل هناك بمسؤول التنظيم السلفي بغاية فتح عالقة بين التنظيمين‪ ،‬كما نوقشت قضية المؤتمر المزمع‬
‫عقده في وقت مناسب‪ ،‬وقد أسهم تنظيم الكويت بمبلغ (‪ )1200‬دينار‪ ،‬وفي نفس العام تمت عدة لقاءات في موسم‬
‫الحج‪ ،‬وأثناء اللقاء تطرق ممثل الكويت الى بدايات تأسس الجماعة السلفية في الكويت على أيدي طالب من اإلمارات‬
‫العربية والبحرين درسوا في الكويت‪ ،‬وتطرق أيضا الى نظرتهم في الوصول للحكم التي تتلخص في التغلغل داخل دوائر‬
‫الدولة المختلفة لكسب بعض أبناء األمراء بالخصوص في وزارتي األوقاف واإلعالم‪ ،‬وخصوصا في أقسام العالقات‬
‫العامة‪.‬‬

‫(ج) عالقة التنظيم في السعودية في موسمي حج عام ‪ 1980‬و‪ 1981‬سافر بعض أعضاء التنظيم الى السعودية‪ ،‬وتم‬
‫اللقاء بالطالب العراقي أحمد قاسم الذي يدرس الشريعة اإلسالمية في المدينة المنورة‪ ،‬وعن طريقه اتصلوا بالسعودي‬
‫علي مشرفي من الجامعة اإلسالمية‪ ،‬وتمت مفاتحة التنظيم فأبدى استعداده‪ ،‬وتم منحه درجة تنظيمية‪ ،‬لكن اللقاءات‬
‫توقفت مع هذا الشخص بعد سفره للقاهرة لغرض الدراسة‪.‬‬

‫مالحظات عن التنظيم وأهدافه (‪ ) 1‬تصلح قيادة التنظيم في العراق أن تكون هي المشرفة على التنظيمات السلفية في‬
‫المنطقة اإلسالمية‪ ) 2( .‬يكون التثقيف بالكتب التي ألفها مؤسس الحركة الحنبلية محمد بن عبد الوهاب‪ ،‬ومؤلفات ابن‬
‫تيمية‪ ،‬وابن القيم الجوزية‪ ) 3( .‬التركيز في جذب العسكريين‪ ،‬والتركيز في الشباب‪ ،‬وعدم الصالة في الجوامع التي‬
‫تحتوي على القبور‪ ) 4( .‬قام التنظيم بشراء سيارات تكسي من الشركة العامة للسيارت ودراجات نارية الستخدامها في‬
‫تحركاتهم ونشاطاتهم‪ ) 5( .‬يهدف التنظيم الى إقامة الدولة اإلسالمية على المراحل اآلتية‪ :‬األولى‪ :‬تكوين نواة أولية‬
‫للتنظيم‪ ،‬وتكون الدعوة سرية‪ .‬الثانية‪ :‬توسيع التنظيم‪ ،‬وتكون الدعوة علنية‪ .‬الثالثة‪ :‬المزاحمة على السلطة‪ ،‬وتبدأ‬
‫بالحوار مع السلطة‪ ،‬وفي حالة الفشل تبدأ مواجهة السلطة باألسلوب العسكري‪.‬‬

‫(‪ ) 6‬يهدف التنظيم إلى الحصول على السالح من المنطقة الشمالية‪ ،‬ومن الحركات السلفية في البالد العربية او‬
‫خارجها‪ ) 7( .‬تؤكد قيادة التنظيم على أعضاء التنظيم الذين يؤدون الخدمة العسكرية على ضرورة استخدام السالح‬
‫واالنخراط في الدورات العسكرية لكونها مجاال خصبا للتدريب‪ )8( .‬يطمح التنظيم لشراء دور سكنية لتكوين محالت‬
‫اجتماعات للقيادة‪ ،‬وكذلك شراء مكائن خاصة للطباعة والنشر‪.‬‬

‫القطبيون تكونت جماعة القطبيين في السجن بعد انتهاء محاكمات قضية اإلخوان المسلمين عام ‪ 1965‬التي تعرف عند‬
‫بعضهم بتنظيم سيد قطب‪ ،‬وقد تكونت من مجموعة صغيرة من قادة وأعضاء اإلخوان المسلمين‪ ،‬وكان على رأسهم‬
‫األستاذ محمد قطب شقيق سيد قطب‪ ،‬وكان من ضمنهم كل من عبد المجيد الشاذلي‪ ،‬ومصطفى الخضيري‪ ،‬والدكتور‬
‫محمد مأمون‪ ،‬وقد اختلفوا مع اإلخوان في عدة قضايا أهمها استراتيجية العمل اإلسالمي‪.‬‬

‫واإلستراتيجية التي اعتمدها القطبيون للتغيير اإلسالمي دونها‪ ،‬مؤخرا بشكل متكامل‪ ،‬محمد قطب في كتابه "واقعنا‬
‫المعاصر"‪ .‬وتتلخص في أنه يتحتم تربية أغلبية الشعب على العقيدة اإلسالمية الصحيحة‪ ،‬حتى إذا قامت الدولة‬
‫اإلسالمية الحقيقية أيدها وتحمل الصعاب التي ستترتب على قيامها من قبل القوى الغربية التي ستقاوم أي نهضة‬
‫إسالمية حقيقية في مصر‪ ،‬وستضرب حصارا ظالما (حسب رأيه) على الدولة اإلسالمية الناشئة يطال كل شيء من منع‬
‫استيراد القمح والمواد الغذائية‪ ،‬إلى منع استيراد أي مواد صناعية‪ ،‬بل ومنع تدفق ماء النيل بطريقة أو أخرى‪ ،‬حتى لو‬
‫وصل األمر إلى ضرب السد العالي بقنبلة نووية صغيرة‪ .‬وانطالقا من هذه الرؤية فالقطبيون يرون أنه يتحتم بجانب‬
‫تربية الشعب‪ ،‬قبل إقامة الدولة اإلسالمية‪ ،‬أن يهتم أبناء الحركة اإلسالمية بالتفوق في تعلم العلوم والتكنولوجيا الغربية‬
‫الحديثة‪ ،‬حتى تتوافر لهم فرص إيجاد الحلول العلمية والعملية الحديثة للتغلب على الصعاب المترتبة على إقامة الدولة‬
‫اإلسالمية في مصر‪.‬‬

‫ورغم أن استراتيجية القطبيين في التغيير لها رونقها ووجاهتها "بالنسبة لكثيرين من اإلسالميين" فإنهم لم يضعوا‬
‫تكتيكات (أساليب) واضحة ومناسبة لتحقيقها‪ ،‬ما جعلها تبدو وكأنها نوع من الترف الفكري‪ .‬كما يالحظ أن القطبيين‬
‫ليس لهم نشاط في الجامعات أوالمعاهد أوالنقابات‪ ،‬بعكس كل من اإلخوان والسلفيين اآلن‪ ،‬والجهاد والجماعة اإلسالمية‬
‫سابقا‪ ،‬وهذا أيضا يعد مظهرا من مظاهر الخلل في أساليب عمل جماعة القطبيين‪.‬‬

‫التيار القطبي في العراق ظهر في بداية التسعينيات‪ ،‬وكان من أبرز شخوصه الشيخ سامي رشيد الجنابي‪ ،‬والشيخ‬
‫موفق الراوي‪ ،‬والشيخ عبد الستار عبد الجبار الجنابي‪ ،‬ومجموعة كبيرة من الشباب في بغداد‪ ،‬وخاصة الكرخ‪ ،‬حيث‬
‫حمل هذه الفكرة مجموعة من السلفية الحركية أمثال الدكتور محمد الجبوري‪ ،‬والشيخ محارب عبد اللطيف الجبوري‪،‬‬
‫والشيخ وليد حسن الجبوري‪ ،‬والشيخ عاصم الخزرجي‪ ،‬وآخرين ممن اشتهروا بالدعوة والنشاط المعادي ألفكار حزب‬
‫البعث الحاكم آنذاك‪.‬‬

‫ورغم ذلك كله فإن التيار القطبي ما زال تيارا مؤثرا وموجودا في معظم محافظات العراق‪ ،‬خاصة بغداد‪ ،‬لكنهم في كل‬
‫مكان لهم نفس الخصائص الموجودة فيهم في مصر من حيث البطء وعدم الفاعلية‪ ،‬وقد أدى ذلك‪ ،‬في بعض الحاالت‪،‬‬
‫إلى تململ عناصر فاعلة داخل الجماعة‪ ،‬ومن ثم االنشقاق عليها ملال من جمود المنهج الحركي لها‪.‬‬

You might also like