Professional Documents
Culture Documents
السلفية لغة ،نسبة إلى السلف أو الجماعة المتقدمين ،كما هي في لسان العرب عند ابن منظور .أما المفهوم اإلسالمي
الشائع للسلفية والمستقر نسبيا ً فهو االتجاه الذي يدعو إلى اإلقتداء بالسلف الصالح واتخاذهم قدوة ونموذجا ً في
الحاضر .والسلف الصالح هم أهل القرون الثالثة األولى من عمر األمة اإلسالمية ،عمالً بقول النبي" :خير الناس قرني
ثم الذين يلونهم ،ثم الذين يلونهم ،ثم يجيء أقوام تسبق شهادة أحدهم يمينه ،ويمينه شهادته".
هذا المفهوم العام والشائع للسلفية ينطبق على أغلب المسلمين ،فهم جميعا ً سلفيون بهذا المعنى ،إال أن التطور
التاريخي أسهم في توليد سلفيات متعددة تختلف فيما تتبناه من قضايا وأولويات ،وتتباين في درجة أو ش ّدة التسلف في
العبادات والمعامالت ،وفي المقاصد والوسائل.
تفاوت المعاصرون في تصوير مفهوم السلفية :فبعضهم يرى أن السلفية كمنهج منسوبة إلى السلف ،وهم أهل القرون
الثالثة الذين شهد لهم رسول هللا صلى هللا عليه وسلم بالخيرية في الحديث الصحيح المتواتر المخرج في الصحيحين
وغيرهما عن جماعة من الصحابة عن النبي صلى هللا عليه وآله وسلم أنه قال( :خير الناس قرني ،ثم الذين يلونهم ،ثم
الذين يلونهم) .فهذه القرون الثالثة هم الذين شهد لهم الرسول عليه السالم بالخيرية ،فالسلفية تنتمي إلى هذا السلف،
والسلفيون ينتمون إلى هؤالء السلف.
وبعضهم يرى أن السلفية هي موافقة الرأي للكتاب والسنة وروحهما ،فمن خالفهما فليس بسلفي ،وإن عاش في عهد
الصحابة الذين بهم ابتدأت السلفية.
وبعضهم يرى أن السلفية هي االرتداد للماضي ،والتشبث بأصول سابقة في عصور الحقة.
السلفي واألصولي ال يميز البعض بين السلفية واألصولية ،وهذا خطأ معرفي ومنهجي ،فالسلفية في دعوتها األصلية،
كما بينا ،قامت على تطهير المجتمع من البدع والعادات والتقاليد المخالفة للشريعة كزيارة المقابر واإليمان باألولياء
والسحر والتنجيم والتعاويذ والتصوف الشعبي وتقديس الموتى ،وبهذا المعنى ال تبدو السلفية مذهبا ً شبيها ً بالمذاهب
اإلسالمية القديمة ،بقدر ما تبدو كفرقة حنبلية جديدة ،رغم أنها تدعو إلى تجاوز كل المذاهب اإلسالمية التي سبقتها،
والعودة إلى اإلجتهاد اعتماداً على الكتاب والسنة فقط.
في المقابل نشأت األصولية في بيئة مختلفة ،فظهرت في مجتمعات مدنية متقدمة ،مثل مصر وبالد المشرق العربي،
وفي ظل ظروف وتحديات بالغة التعقيد (سقوط الخالفة ونكبة فلسطين واالستعمار األجنبي) ،ورداً على هذا الخطر دعوا
إلى مقاومة التحديث وتقويض الدولة الوطنية ،مؤسسين لخطاب يتحدث عن األمة اإلسالمية والدولة اإلسالمية.
األصولية في هذا المعنى خطاب إسالمي مؤدلج يقدم منظومة أفكار تنطلق من الحاضر إلى المستقبل ،وذلك على خالف
السلفية التي تنظر إلى الحاضر لتخليصه من شوائب وممارسات الماضي ،متخذة من سيرة السلف الصالح ومعتقداته
وممارساته عقيدة لتطهير الدين من جاهلية الماضي ووثينته ،في حين تعتبر األصولية أن المجتمع اإلسالمي القديم قد
زال وحل ّ محله التحديث والتخريب والكفر والطاغوت ،وعلينا أن نتصدى لذلك كله إلقامة المجتمع اإلسالمي األصيل
على أنقاض المجتمع القائم الملوث.
أقسام السلفية أوال :السلفية العلمية وهم مدرسة متصلة بالعالمة النعمان اآللوسي (1317 - 1252هـ) ومن خالل
الشيخ المحدث عبد الكريم عباس الشيخلي الشهير بابي صاعقة تأسست هذه المدرسة ،ومن أبرز تالميذه الشيخ
المحدث صبحي السامرائي ،وأبو عذراء عبد الرزاق البياتي ،والشيخ نوري أحمد التميمي ،والشيخ عبد الحميد نادر
الراشدي ،والشيخ عدنان الطائي ،والشيخ عبد اللطيف الصوفي.
ونتج عن هذه المدرسة طبقة من التالميذ من أشهرهم؛ الشيخ رعد عبد العزيز ،والشيخ إياد عبد اللطيف القيسي،
والشيخ عبد هللا عبد الصمد المفتي ،والشيخ مرشد الحيالي ،والشيخ محمود عمران ،والشيخ ضياء الدين عبد هللا
الجواري ،والشيخ فتحي الموصلي ،والشيخ عامر البرزنجي ،والشيخ قاسم العاني.
وظلت السلفية العلمية تطلق على نفسها اسم "المدرسة السلفية" لعدة سنوات ،لكنها سعيا لتطوير حركتها وإعطائها
مزيدا من الحركية زاد اهتمامهم بالعمل الجماهيري ،وأطلقوا على منظمتهم اسم "الدعوة السلفية" ،وبذلك أصبح اسم
"المدرسة السلفية" مجرد تاريخ.
و"الدعوة السلفية" منتشرة في كل أنحاء العراق ،ولها أتباع كثيرون يقدرون بمئات األلوف ،ويطلق عليهم اختصارا
اسم "السلفيين" كونهم ليسوا تنظيما هرميا متماسكا ،مثل اإلخوان المسلمين ،بل يغلب عليهم التفرق لمجموعات يتبع
كل منها شيخ من المشايخ ،لكن مشايخها متعاونون بدرجة كبيرة جدا ،ومن مشايخها المشهورين غير الذين ذكرناهم
الشيخ محمد خضير الجبوري أبو المنار العلمي ،والشيخ خضير زبار الغريري أبو قصي ،والشيخ يعقوب يوسف
الزوبعي ،والشيخ محمد العثماني ،والشيخ عماد الموصلي ،والشيخ عبد الحق التركماني ،والشيخ عبد هللا مهاوش،
والشيخ سهيل السردي ،وغيرهم كثير.
كما أن "الدعوة السلفية" مثلها مثل بقية تيارات الحركة اإلسالمية الحديثة ترى وجوب رجوع المسلمين إلى اإللتزام
بتعاليم اإلسالم وفقا لمنهج السلف الصالح ،لكنهم أكثر حرفية والتزاما بذلك ،وأقل اجتهادا وتجديدا فيه .ويفرق بينهم
وبين اإلخوان المسلمين رفضهم للتصوف وآراء األشاعرة والمعتزلة والشيعة ،كما يفرقهم عنهم أيضا رفض "الدعوة
السلفية" للعمل الحزبي والدخول في انتخابات مجلسي المحافظات والبرلمان ،كما يفرقهم عن الجهاد والقاعدة رفضهم
للعمل المسلح والتنظيمات السرية.
وأبرز استراتيجية معلنة لـ"الدعوة السلفية" ،وأدقها ،هي التي طرحها الشيخ محمد ناصر الدين األلباني في عدد من
محاضراته وكتبه ،وتتلخص في (التصفية والتربية )..وأن ما لحق بالمسلمين من تدهور حضاري سببه األحاديث
الضعيفة والموضوعة واإلسرائيليات واآلراء الفقهية التي تخالف الحديث الصحيح!
ثانيا :السلفية الحركية في نفس الوقت الذي نشأت السلفية العلمية (منتصف السبعينات من القرن العشرين الميالدي)
نشأ في بغداد رافد آخر من روافد السلفية بقيادة عدد من الدعاة الشباب حينذاك ،وكان أبرزهم في ذلك الوقت إبراهيم
المشهداني ،وسعدون القاضي ،ومحمود المشهداني ،ونظام الرفاعي ،والشيخ فائز الزيدي ،وجمال القيسي ،ولم يختلف
هذا الرافد السلفي عن السلفية العلمية إال في إعالن كفر الحاكم الذي ال يحكم بالشريعة اإلسالمية باسمه أيا كان اسمه،
وقد انتشر هذا التيار مع الوقت ،وصار له أنصار وأتباع يقدرون بالمئات ،السيما بعدما برزت شعبية بعض الدعاة
اإلسالميين من هذا التيار ،مثل الداعية ذائع الصيت سامي رشيد الجنابي ،وأيضا الشيخ عادل الجبوري ،وقد أطلق
بعض أتباع هذا التيار على أنفسهم اسم السلفية الحركية ،ولكن المشايخ الكبار من هذا التيار ال يطلقون على أنفسهم
أي اسم.
وقد تعرض هذا التيار لحصار أمني شديد منذ عام 1978بسبب قيام عدد من رموزه بانشاء تجمع عرف (بجماعة
الموحدين) ،وتم القاء القبض على هذه المجموعة ورميها بالسجن ،ليفرج عنها بعد عدة سنوات.
ونتجت عن هذا التيار طبقة من الدعاة كان من أبرزهم الدكتور محمد حسين الجبوري ،والدكتور فخري القيسي،
والمهندس أسامة العزاوي ،والشيخ عبد الستار الجنابي ،ولكن ما زال رموز هذا التيار ودعاته متناقضين في التعبير
عن آرائهم في أي مكان ،سواء مساجد أو صحف أو فضائيات أو حتى في جلسات خاصة ،وقد تجرأ الشيخ إبراهيم
المشهداني وألقى بجميع آرائه وأفكاره القديمة ،وسعى الى فكرة التقريب بمعناها األعم .وأما محمود المشهداني فانه ال
يزال يعمل في السياسة ،ويعتقد أنها الحل للوصول للحاكمية .يتبع ...
ثالثا :السلفية الجهادية ال شك في أن البيئة الفقهية للسلفية المدرسية الحنبلية التي تحولت إلى سلطة في شبه الجزيرة
العربية والتي فيها ولدت عقيدة الوالء والبراء ،تختلف عن البيئة الفقهية اإلسالمية األزهرية في مصر التي ولدت فيها
حركة اإلخوان المسلمين والتي منها نبتت وخرجت نظرية الحاكمية اإللهية .وكلتاهما تختلفان عن البيئة الهندية حيث
كان أبو األعلى المودودي يرى أن التحديات التي تواجه المسلمين هناك تتمثل في قهر األغلبية الهندوسية وحمالت
التغريب وتذويب الهوية والشخصية اإلسالمية واالستعمار االنكليزي .إنه مناخ الحصار الذي يعيش فيه "الفقيه
المسلم" بين مطرقة االضطهاد االستعماري وسندان األغلبية الهندوسية الرافعة لشعار السيادة لألمة والدولة
الديمقراطية .وهذه الشعارات إذا ما طبقت فكان يرى أنها ستحول المسلمين الهنود إلى أقليات وجاليات مقهورة
ومغلوبة.
في ظل هذا المناخ أنتج المودودي مفهوم الجاهلية الجديدة و"الحاكمية اإللهية" ،وعلى وقع الصدام مع ثورة 23تموز
وجمال عبد الناصر ،وفي داخل السجون المصرية ،انقسم اإلخوان بين وسطية حسن الهضيبي التي عبر عنها في
كتابه :دعاة ال قضاة ،وبين جذرية سيد قطب التي عبر عنها في كتابه الذي أصبح أكثر الكتب شهرة بين األصوليين:
معالم في الطريق ،الذي و ّظ ف فيه مفاهيم المودودي كسالح معرفي وعقائدي إلسقاط ثورة 23تموز واالنقالب على
حكم جمال عبد الناصر .وعلى أرض الجزيرة العربية التي شهدت عصر النبوة قامت الحنبلية والسلفية المدرسية لتقاوم
أشكال الوثنية واالنحراف التي بدأت فعالً في التسرب إلى عقيدة التوحيد وقواعد التعبد.
والحقيقة أن مختلف التيارات والحركات اإلسالمية التي بدأت بالظهور ،منذ سبعينات القرن الماضي والتي تبنت العنف
المسلح (من الجهاد إلى "الجماعة اإلسالمية" إلى "التكفير والهجرة" وغيرها ،)..بقيت تتجنب الدخول في المسائل
العقائدية والفقهية والخالفية التي أثارتها السلفية الحنبلية ،إال مسألة واحدة ناقشت فيها بعمق ،وهي قضية تكفير
الحاكم الذي ال يحكم بما أنزل هللا ،وهي فكرة للسلفية المدرسية فيها قراءة تتعلق بمفهوم طاعة أولي األمر حيث تضع
شروطا ً قاسية للخروج على الحاكم ،ومنها إعالنه الصريح رفض الشريعة والحكم بما أنزل هللا ،فضالً عن نقاط خالفية
فقهية تتعلق بمصطلحات الجاهلية الجديدة وحاكمية هللا وبعض القضايا الفقهية الفرعية التي يشدد عليها الوهابيون في
الممارسة والسلوك .والواقع أن السلفية المصرية ،القطبية الجذور ،والتي تبنت العنف كانت أكثر تس ّيسا ً وأقل تف ّقهاً،
في حين كانت السلفية المدرسية الحنبلية ،على العكس ،أقل تس ّيسا ً وأكثر تركيزاً في المسائل الفقهية والعقائدية.
لكن التطور الذي أسهم في بروز السلفية الجهادية ،كتيار جديد ،نتج عن امتزاج عناصر أساسية من المنظومة الحنبلية
السلفية بعناصر أساسية من المنظومة األصولية القطبية األكثر تسيسا ً .حدث هذا األمر على مراحل عدة أولها كان
عندما استقبلت السعودية اآلالف من كوادر اإلخوان المسلمين المصريين والسوريين وغيرهم من الهاربين من
أنظمتهم ،ووفرت لهم المالذ اآلمن ،حيث نجح هؤالء في تبوء مراكز مهمة في المنظومة التعليمية والتربوية السعودية.
في عملية التواصل هذه ،بين ضفتي البحر األحمر التي بلغت أوجها في العهد الناصري ثم الساداتي الذي فتح أبوابا ً
واسعة لهؤالء بهدف ضرب االتجاهات الناصرية واليسارية وذهب هو ضحية لهم في النهاية ،في عملية التواصل هذه
حدث نوع من التوافق والتكيف بين المدرستين ،ونتج عنها بداية ما يعرف بـ"االتجاه السلفي السروري" نسبة إلى
محمد سرور بن نايف زين العابدين الذي مزج السلفية الحنبلية بالقطبية األصولية.
كان الرجل قريبا ً من عصام العطار ،اإلخواني الدمشقي المعروف ،ثم تحول عنه إلى مروان حديد قائد "كتائب محمد"
واإلخواني السوري الذي واجه النظام السوري بشدة .كان محمد سرور يرى أن ما ينقص السلفية هو أن تكون مسيسة
وثورية ،ووجد أن فكر سيد قطب يتكفل بهذه المهمة .وقد تأثر بآرائه جهيمان العتيبي ،القائد العسكري للمجموعة التي
احتلت الحرم المكي عام 1979والذي كان يعتبر حكم آل سعود وإمامتهم باطلة.
ارتكزت عملية التوفيق والتكيف بين طرفي المعادلة الجديدة (السلفي -القطبي) على ترسيخ وتشريع "عقيدة الوالء
والبراء" بعد إعادة إنتاجها وتشكيلها ،فحلّت محل فكرة الحاكمية التي اتكأ عليها طويالً التيار القطبي األصولي .وحيث
أن فكرة الحاكمية ملوثة بشبهة الخوارج الذين رفعوها شعاراً أثناء الفتنة الكبرى في وجه اإلمام علي ،وحيث أن
المنظومة الفكرية التي طرحها سيد قطب ،منظر الحاكمية ،تحتوي على قابلية كبيرة لتقبل عقيدة الوالء والبراء ،خاصة
لجهة تفسيراته وتأويالته للعالقة مع اآلخر غير المسلم ،وأخيراً حيث أن السعودية تطبق الشريعة وتتبنى اإلسالم منهجا ً
للحياة ونظاما ً للحكم ،وال مجال للمزايدة في هذا المجال .لذلك كله وجد الطرفان ،وألسباب عقائدية وعمالنية ،ضرورة
استبدال فكرة الحاكمية ،التي بقيت كمضمون ،بعقيدة الوالء والبراء ،التي تؤدي إلى المفاصلة مع مجتمع الجاهلية:
فالوالء كل الوالء لإلسالم ،والبراءة من المشركين وغير المسلمين .وال يكتمل إسالم المرء عندهم إال باعتناق هذه
العقيدة التي نجحوا في إدخالها في صميم المناهج الدراسية ،بل أصبحت عماد هذه المناهج ،وتم زرعها وترسيخها في
عقول الناشئة بعمومياتها وتفصيالتها.
أ ّد ت عملية المزاوجة بين مفهوم الحاكمية وعقيدة الوالء والبراء ،بين المنظومة الفكرية القطبية والمنظومة الفقهية
الحنبلية ،إلى ديناميكية حركية وفكرية تمثلت في شحن الموقف من "اآلخر" مسلما ً أو غير مسلم ،بمضامين عقيدية،
فضالً عن المحتوى السياسي والموقف من الحاكم المسلم الذي ال يقيم حكم هللا وال يطبق شريعته .وقد نشأ عن هذه
المزاوجة تيار فكري جديد وتيار حركي جديد ،األول عبر عنه كما سبق وقدمنا ،مجموعة من المفكرين من دعاة
السلفية الجهادية النظرية ،وبينهم مجموعة من الكتاب والدعاة حازوا شهرة واسعة ،وبنتيجة هذا المزج أو المثاقفة
خرج ما يعرف بتيار الصحوة في السعودية الذي استقطب مجموعة واسعة من الشباب المتدين أمثال الدكتور عوض
القرني وسلمان العودة وسفر الحوالي وناصر العمر ومحسن العواجي وسعد الفقيه ومحمد المسعري وناصر الفهد
وعلي الخضير.
أما التيار الحركي الجديد فقد اتجه نحو المزيد من التبلور بتأثير العشرات من الدعاة الجدد لهذا التيار الجديد في مصر
والسودان والكويت واألردن وسوريا وغيرها .لقد نتج عن عملية المزج هذه المزيد من تحنبل اإلخوان "وتوهب"
القطبيين ،و"قطبنة" تيار الصحوة الوهابي وتسييسه ،وسارت بعض أوجه هذا التيار باتجاه "الطلبنة" حتى قبل ظهور
حركة طالبان في أفغانستان وتسلمها زمام الحكم هناك.
كفرانية النظم أصدر أيمن الظواهري كتابة :الوالء والبراء ،عقيدة منقولة وواقع مفقود ،الذي يعتبر فيه أن معاداة
الكافرين ،التي هي ركن اإليمان باهلل ،ال تتم إال بالكفر بالطاغوت ،وأن التفريط في هذا الركن هو الثغرة التي ينفذ منها
أعداء اإلسالم ،رافضا ً الدعوات الرامية إلى إخالء الميدان أمام أعداء األمة المسلمة ،مؤكداً أن أي "مسلم" حريص
على انتصار اإلسالم ال يمكن أن يقبل أي نداء إلى إيقاف الجهاد أو تعطيله .ومن أعظم صور الجهاد العيني في هذا
الزمان جهاد الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة اإلسالم… ومن أعظم صور الجهاد العيني في هذا الزمان جهاد
الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة اإلسالم الموالين لليهود والنصارى" .وكان سبق هذا الكتاب ما نشره أيضا ً تحت
عنوان" :بيان كفر الحكام الحاكمين بغير شريعة اإلسالم ووجوب جهادهم" ،وكتاب آخر بعنوان الحوار مع الطواغيت
(ومَنْ َل ْم َي ْح ُك ْم ِب َما َأ ْن َزل َ هَّللا ُ َفُأولَِئ َك
مقبرة الدعوة والدعاة .ويقول فيه ما نصه" :إما كونهم كفاراً ومرتدين ،فلقوله تعالى َ
ُه ُم ا ْل َكافِرُونَ ) ،وذلك ألن ما يفعله هؤالء الحكام هو نفسه صورة وسبب نزول اآلية ،وهو تعطيل حكم الشريعة اإللهية
واختراع حكم جديد وجعله تشريعا ً ملزما ً للناس".
ويستشهد لتدعيم وجهة نظره بتفسير ابن كثير آلية [المائدةَ( :]50/أ َف ُح ْك َم ا ْل َجا ِهلِ َّي ِة َي ْب ُغونَ َومَنْ َأ ْحسَنُ مِنَ هّللا ِ ُح ْك ًما
لِّ َق ْو ٍم ُيوقِ ُن ون) الذي يعتبر أهل الجاهلية هم الذين يحكمون بالضالالت "بما يضعونه بآرائهم وأهوائهم ،وكما كان يحكم
به التتار من السياسات المحلية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم الياسق ...فمن فعل ذلك فهو كافر يجب
قتاله حتى يرجع إلى حكم هللا ورسوله" ،وهي خالصة الفتوى التي خرج بها ابن تيمية وتبناها كل األصوليين
والسلفيين فيما بعد .
جاهلية المجتمعات وهو مفهوم تأسيسي يستخدم للحكم على نموذج الدول اإلسالمية القائمة في عالم اليوم .ومفهوم
جاهلية المجتمعات عند السلفية الجهادية دخل في المنظومة العقدية والفقهية كحكم شرعي يرمى به األفراد والجماعات،
فضالً عن المجتمعات والدول ،بل العصر والحياة .وإذا كان المودودي أول من استخدم هذا المصطلح ،وسيد قطب أول
من وظفه في منظومة فكرية متكاملة ،فإن التيار السلفي الجهادي قام بتأصيل هذا المفهوم عمالنياً ،وإن كان بعض
رموزه يتردد في إطالق وصف الجاهلية على عموم المجتمع ،لكنه عمليا ً يخلص إلى نتيجة أخطر من حيث تحميل
الناس واجب "البراءة من الحكام الكافرين وأعوانهم والبراءة من قوانينهم الوضعية بما فيها االشتراكية والديمقراطية
وسائر كفرهم ،وإظهار العداوة لهم ،وهذا يكون بكشف كفرهم للناس وتسفيه رأيهم ودينهم الكفري ،وحض الناس على
عداوتهم وكراهيتهم وقتالهم حتى يكون الدين كله هلل".
وكل ّ ما تقدم ال يصح به القلب أو الخفاء ،بل يجب أن يكون ظاهراً معلنا ً وإالّ فقد ناقض التوحيد .وهو ما تذهب إليه
جماعة الجهاد المصرية وزعيمها أيمن الظواهري الذي أصدر كتابا ً يرد على الشيخ ناصر األلباني أحد أبرز علماء
السلفية المدرسية الحنبلية وأسماه الرد على شبهة خطيرة للشيخ األلباني بشأن السكوت عن الحكام المرتدين.
الجهاد المسلح سبيل التغيير إعالن جاهلية المجتمعات المعاصرة كان المقدمة في مسألة التكفير الذي طال الحكام،
وكفرانية النظم كانت نقطة االنطالق في التنظير الشرعي عند هؤالء لخلع هؤالء الحكام وتغيير أنظمتهم ،وهذا الخلع
والتغيير وفق فقه السلفية الجهادية ال يكون إال قتاال .أسس لهذا االجتهاد سيد قطب في معالم في الطريق ،مد ّ
شنا ً نهج
الخروج على الحكام "أولي األمر" مخالفا ً بذلك ما عليه السلفية التاريخية والحنبلية في موقفها التقليدي الداعي إلى
وحدة الجماعة اإلسالمية وإنكارها الخروج على الجماعة وأولي األمر.
مع السلفية الجهادية تضخم مبحث موجبات التكفير على المباحث األخرى التي قد تطال ضمن التنظير الفقهي مسائل
السلطة .ومنها مباحث الغصب والظلم واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة ،ألنها مباحث ال تفضي في
أحكامها إلى التكفير الموجب للخروج المسلح على الحاكم ،بل تبقى أحكامها في دائرة "التعزير باعتبارها معاصي
وآثام".
السلفية الجهادية في العراق في أوائل التسعينيات رغب عدد من الجهاديين العرب البارزين أمثال جمال الفلسطيني أبو
طلحة ،وعبد الناصر الجياب الفلسطيني ،وعبد الحميد الفلسطيني أبو عزام في ادخال األفكار الجهادية الى العراق،
وتحريض الشباب على المواجهة المسلحة للطواغيت ،ونشر كتب عبد القادر عبد العزيز ،وكتب أبي محمد المقدسي،
وكتب أبي قتادة الفلسطيني ،وأبي بصر الطرطوسي .هذا التيار لقي قبوال عند السلفية الحركية أمثال سعدون القاضي،
ومحمد الجبوري ،وأسامة العزاوي ،وطائفة كبيرة من طالب العلم أمثال أمين الجنابي ،ومؤيد الجبوري ،ومحمد حردان
العيساوي ،وملة حقي الشورتاني ،وجمال الحمداني ،وعبد الرحيم المفتي ،وعبد المنعم البدراني ،حيث مزج هؤالء بين
العلم والجهاد ،وبذلك دفعوا تهمة طالما أثارها بعض اإلسالميين السلفيين تجاه التيار الجهادي ،وهي أنهم يهتمون
بالجهاد فقط ،بينما ال يهتمون بالعلم ،فأطلق هؤالء اسم السلفية الجهادية على التيار الجهادي ،وانتشر هذا االسم في كل
العراق ،لكن اسم السلفية الجهادية أصبح اسما ذائع الصيت بعد عدد من العمليات المسلحة شمال العراق ،وفي بغداد
والموصل ،وتأسست على ذلك في شمال العراق حركات وتجمعات أشهرها أنصار اإلسالم ،ومعظم قيادات ودعاة هذا
التيار هم قيادات الفصائل المسلحة التي قاومت االحتالل األمريكي للعراق.
تنظيم حركة الموحدين تنظيم سلفي حركي ظهر منتصف السبعينيات ،وكانت القيادة العامة له هي :إبراهيم خليل إبراهيم
المشهداني ،أمير الجماعة ،وكان موظفا في معهد صحي .رعد عبد العزيز ،نائب أمير الجماعة ،نائب مجلس الشورى.
جميل كل محمد ،عضو مجلس الشورى .قاسم محمد حسن العاني ،عضو مجلس الشورى .قاسم محمد عبد الرزاق
الكبيسي ،عضو مجلس الشورى .ضياء كامل ،عضو مجلس الشورى .عالء الدين محمد علي ،عضو مجلس الشورى.
والمذكورون ( 1ـ )4هم القيادة التأسيسية ،واألسماء 5،6،7أضيفوا الى القيادة التأسيسية عام .1977وفي شهر
محرم عام 1980عقد المؤتمر التأسيسي في محافظة البصرة ،وتم انتخاب إبراهيم خليل المشهداني أميرا للجماعة،
ورئيسا لمجلس الشورى ،ورعد عبد العزيز نائبا لألمير ،ثم كلف المؤتمر لجنة إلعداد النظام الداخلي للتنظيم ليعرض
بعد ثالثة أشهر لغرض إقراره.
أقر النظام الداخلي في اجتماع عقد في منزل عالء الدين محمد علي ،وتم تسليم النظام الداخلي لصاحب المنزل بأمر
رئيس مجلس الشورى.
النظام الداخلي للتنظيم يتكون النظام الداخلي من ست أبواب هي :الباب األول :يتضمن البحث عن اسم التنظيم وأهدافه
فاسم جماعة الموحدين تمثل الخط السلفي في العراق ،وأما أهدافه فهي :االلتزام بتعاليم الكتاب والسنة في ذات نفسها
وفق السلف الصالح .دعوة المسلمين الى الكتاب والسنة وتحذيرهم من البدع والشرك والخرافات .التعاون مع
الجماعات السلفية فيما يحقق وحدة المسلمين .محاربة الظلم بشتى صوره وباألساليب الشرعية كافة .السعي إلقامة
حكم هللا في األرض وتحرير الناس من عبودية العباد.
الباب الثاني :أوال :الدرجات التنظيمية( :أ) تتألف الدرجات التنظيمية ،كاآلتي ،من األدنى فاألعلى )1( :الصديق /
اإلنسان الذي استجاب الى قضية الصالة ،وتستمر العالقة معه حتى يتحول الى داعية ،وقد يتحول الى مؤيد قبل ان
يلتحق بالتنظيم )2( .مجاهد )3( .نقيب ـ مسؤول المجاهد )4( .األمين ـ مسؤول النقيب )5( .عضو مجلس الشورى ـ
ويكون مسؤول عن األمناء )6( .أمير الجماعة ـ رئيس مجلس الشورى.
(ب) ينتخب مجلس الشورى من بين أعضائه أميرا للجماعة ونائبا لألمير( .ج) رأي مجلس الشورى الجمع عليه ملزم
ألمير الجماعة( .د) أمير الجماعة ال ينحى مدى الحياة ،إال بعارض الموت وارتكاب الكفر( .هـ) يقوم نائب األمير مقامه
في حالة غيابه.
ثالثا :الوحدات التنظيمية( :أ) الحلقة :وتطلق على مجموعة األصدقاء والدعاة بقيادة المجاهد( .ب) األسرة :حلقة
المجاهدين بقيادة النقيب( .ج) الفرقة :حلقة النقباء بقيادة األمين( .د) الطائفة :حلقة األمناء بقيادة عضو مجلس
الشورى( .هـ) المؤتمر السنوي ويرشح إليه من حاز على درجة نقيب فما فوق.
الباب الثالث( :أ) المنهج الثقافي :ويتألف من خمس مراحل :المرحلة األولى :تدريس القرآن الكريم (جزء عم) والتلقين
الشفوي .المرحلة الثانية :تدريس رياض الصالحين والسنن والمبتدعات والشبهات بالتوحيد ،وجزء تبارك مع تفسيره.
المرحلة الثالثة :كتاب فتح المجيد ،وشرع التوحيد مقدمة ابن الصالح في الحديث ،وسبل السالم في شرح بلوغ المرام،
وقضايا الدعوة مختارة من ظالل القرآن ،وحفظ جزء قد سمع .المرحلة الرابعة :سيرة ابن كثير ـ دروس وعبر في
السيرة ،وحفظ جزء الذاريات .المرحلة الخامسة :التخصص في واحد من هذه العلوم :التوحيد وعلومه .الحديث
وعلومه .الفقه .العقائد والفرق .اللغة واآلداب.
(ب) التنظيم أو الجماعة مسؤول عن تثقيف أفرادها ،ولها منع أو قراءة أي كتاب احتفال ديني أو اشتراك في جمعية إال
باذن من الجماعة نفسها( .ج) يمنع طبع أي كتاب ألي من األعضاء إال بعد حصول موافقة( .د) يجوز للجماعة أن تتبنى
أكثر من رأي فقهي في المسألة الواحدة ،وألفرادها العمل بواحد فقط من هذه اآلراء.
الباب الرابع :الشؤون المالية( :أ) يكون أحد أعضاء مجلس الشورى مسؤوال ماليا( .ب) يقوم مسؤول المال بفتح
صندوق توفير يستخدم في منح ديون ألعضاء الجماعة( .ج) له أن يفتح صندوق استثمار من رؤوس أموال األعضاء
ومساهمة صندوق التوفير تكون مشاريعه مربحة ،عل ان يتوزع الربح مناصفة على رؤوس األموال والنصف اآلخر
لصندوق الجماعة( .د) تحديد نسبة % 5من مجموع دخل المجاهدين فما فوق كاشتراك شهري( .هـ) ألمير الجماعة ان
يستثني من يشاء من االشتراك الشهري( .و) يستخدم الصندوق فيما يخدم أنشطة الجماعة المختلفة( .ز) لمجلس
الشورى رفض أو قبول أي تبرع مادي معين( .ح) يدفع أعضاء الجماعة زكاة أموالهم اليها وتصرف على المستحقين
من أفراد الجماعة.
الباب الخامس :حقوق أفراد الجماعة وتشمل المجاهدين فما فوق( :أ) يمنع إقدام أفراد التنظيم على الزواج او السفر
خارج العراق او اكمال الدراسة او التطوع في الجيش او أي أمر مهم آخر إال بموافقة الجماعة( .ب) ال يحق ألي عضو
التحدث باسم الجماعة او فتح حوار إال بتكليف من الجماعة.
الباب السادس :التحذير والعقوبات( :أ) تتخذ الجماعة بحق أفرادها عند اللزوم العقوبات اآلتية :المقاطعة على أصعدة
السالم والكالم واللقاء لفترة ال تزيد على خمسين يوما .تنزيل الدرجة التنظيمية .الطرد من الجماعة.
(ب) لمجلس الشورى فقط وباالجماع إصدار هذه العقوبات( .ج) في حالة اتخاذ أي من القرارات المشار اليها في (3
من أ) ال يعلم من يتخذ بحقه .
اتصاالت التنظيم خارج العراق (أ) عالقة التنظيم في سوريا عام 1979سافر الى سوريا بعض أعضاء التنظيم بتكليف
إبراهيم خليل المشهداني لالتصال بالجماعة السلفية هناك ،وتم اللقاء ،واستفسر ممثل تنظيم العراق بخصوص تنظيم
الموحدين السوري ،فظهر أنه بدأ مباشرة العمل عام ،1975تم خالل اللقاء االتفاق على التعاون من حيث المبدأ
وتطوير الزيارات المتبادلة .وأوضح مسؤول التنظيم السوري أنه يوجد تنظيم في الكويت شبه علني ،وهناك روابط بين
التنظيمين على الصعيد الشخصي والفكري ،وطرح فكرة لعقد مؤتمر السلفيين في الكويت ،وتم االتفاق على ترشيح
ممثل تنظيم العراق لحضور المؤتمر بعد االتصال بالكويتيين لهذا الغرض .وفي كانون الثاني عام 1980حضر مثل
تنظيم سوريا الى بغداد ،وعقدت عدة لقاءات بين مسؤولي التنظيم نوقشت خاللها كيفية الوصول للحكم ،واختلفوا فيما
بينهم ،حيث كان رأي تنظيم العراق أن يتم عن طريق التحرك في البلد المتواجد فيه ،بينما كان رأي التنظيم السوري هو
تجمع المجاهدين من بلدان العالم اإلسالمي والهجرة بهم إلى مكان مناسب وإعالن الجهاد.
كما نوقشت آفاق التعاون التنظيمي والثقافي وبعض المسائل الشرعية ،وكذلك تمت مناقشة عقد مؤتمر في العراق ،لكن
لم يتفق عليه في هذه الجلسة .وفي العطلة الربيعية لعام 1980سافر بعض أعضاء قيادة التنظيم الى سوريا ،وتم
اللقاء بسؤولي التنظيم في سوريا ،وعقدت عدة لقاءات نتج عنها ما يأتي:
( ) 1دمج التنظيمين في العراق وسوريا ،وعرض الفكرة على الكويتيين ،واحالة القضية إلى مؤتمر يتم عقده في سوريا
بدال من تركيا ،مع اشتراك تنظيم األردن بممثل سوري )2( .تم االتفاق على أن يقتصر المؤتمر األول على السوريين
باعتبارهم ممثلين عن األردن وبعض دول الخليج والعراقيين عن أنفسهم بحدود ثالثة أفراد لكل جماعة لحين دعوة
التنظيمات الباقية.
(ب) عالقة التنظيم في الكويت عام 1979سافر الى الكويت أحد أعضاء التنظيم مع مسؤول التنظيم إبراهيم خليل
المشهداني ،واتصل هناك بمسؤول التنظيم السلفي بغاية فتح عالقة بين التنظيمين ،كما نوقشت قضية المؤتمر المزمع
عقده في وقت مناسب ،وقد أسهم تنظيم الكويت بمبلغ ( )1200دينار ،وفي نفس العام تمت عدة لقاءات في موسم
الحج ،وأثناء اللقاء تطرق ممثل الكويت الى بدايات تأسس الجماعة السلفية في الكويت على أيدي طالب من اإلمارات
العربية والبحرين درسوا في الكويت ،وتطرق أيضا الى نظرتهم في الوصول للحكم التي تتلخص في التغلغل داخل دوائر
الدولة المختلفة لكسب بعض أبناء األمراء بالخصوص في وزارتي األوقاف واإلعالم ،وخصوصا في أقسام العالقات
العامة.
(ج) عالقة التنظيم في السعودية في موسمي حج عام 1980و 1981سافر بعض أعضاء التنظيم الى السعودية ،وتم
اللقاء بالطالب العراقي أحمد قاسم الذي يدرس الشريعة اإلسالمية في المدينة المنورة ،وعن طريقه اتصلوا بالسعودي
علي مشرفي من الجامعة اإلسالمية ،وتمت مفاتحة التنظيم فأبدى استعداده ،وتم منحه درجة تنظيمية ،لكن اللقاءات
توقفت مع هذا الشخص بعد سفره للقاهرة لغرض الدراسة.
مالحظات عن التنظيم وأهدافه ( ) 1تصلح قيادة التنظيم في العراق أن تكون هي المشرفة على التنظيمات السلفية في
المنطقة اإلسالمية ) 2( .يكون التثقيف بالكتب التي ألفها مؤسس الحركة الحنبلية محمد بن عبد الوهاب ،ومؤلفات ابن
تيمية ،وابن القيم الجوزية ) 3( .التركيز في جذب العسكريين ،والتركيز في الشباب ،وعدم الصالة في الجوامع التي
تحتوي على القبور ) 4( .قام التنظيم بشراء سيارات تكسي من الشركة العامة للسيارت ودراجات نارية الستخدامها في
تحركاتهم ونشاطاتهم ) 5( .يهدف التنظيم الى إقامة الدولة اإلسالمية على المراحل اآلتية :األولى :تكوين نواة أولية
للتنظيم ،وتكون الدعوة سرية .الثانية :توسيع التنظيم ،وتكون الدعوة علنية .الثالثة :المزاحمة على السلطة ،وتبدأ
بالحوار مع السلطة ،وفي حالة الفشل تبدأ مواجهة السلطة باألسلوب العسكري.
( ) 6يهدف التنظيم إلى الحصول على السالح من المنطقة الشمالية ،ومن الحركات السلفية في البالد العربية او
خارجها ) 7( .تؤكد قيادة التنظيم على أعضاء التنظيم الذين يؤدون الخدمة العسكرية على ضرورة استخدام السالح
واالنخراط في الدورات العسكرية لكونها مجاال خصبا للتدريب )8( .يطمح التنظيم لشراء دور سكنية لتكوين محالت
اجتماعات للقيادة ،وكذلك شراء مكائن خاصة للطباعة والنشر.
القطبيون تكونت جماعة القطبيين في السجن بعد انتهاء محاكمات قضية اإلخوان المسلمين عام 1965التي تعرف عند
بعضهم بتنظيم سيد قطب ،وقد تكونت من مجموعة صغيرة من قادة وأعضاء اإلخوان المسلمين ،وكان على رأسهم
األستاذ محمد قطب شقيق سيد قطب ،وكان من ضمنهم كل من عبد المجيد الشاذلي ،ومصطفى الخضيري ،والدكتور
محمد مأمون ،وقد اختلفوا مع اإلخوان في عدة قضايا أهمها استراتيجية العمل اإلسالمي.
واإلستراتيجية التي اعتمدها القطبيون للتغيير اإلسالمي دونها ،مؤخرا بشكل متكامل ،محمد قطب في كتابه "واقعنا
المعاصر" .وتتلخص في أنه يتحتم تربية أغلبية الشعب على العقيدة اإلسالمية الصحيحة ،حتى إذا قامت الدولة
اإلسالمية الحقيقية أيدها وتحمل الصعاب التي ستترتب على قيامها من قبل القوى الغربية التي ستقاوم أي نهضة
إسالمية حقيقية في مصر ،وستضرب حصارا ظالما (حسب رأيه) على الدولة اإلسالمية الناشئة يطال كل شيء من منع
استيراد القمح والمواد الغذائية ،إلى منع استيراد أي مواد صناعية ،بل ومنع تدفق ماء النيل بطريقة أو أخرى ،حتى لو
وصل األمر إلى ضرب السد العالي بقنبلة نووية صغيرة .وانطالقا من هذه الرؤية فالقطبيون يرون أنه يتحتم بجانب
تربية الشعب ،قبل إقامة الدولة اإلسالمية ،أن يهتم أبناء الحركة اإلسالمية بالتفوق في تعلم العلوم والتكنولوجيا الغربية
الحديثة ،حتى تتوافر لهم فرص إيجاد الحلول العلمية والعملية الحديثة للتغلب على الصعاب المترتبة على إقامة الدولة
اإلسالمية في مصر.
ورغم أن استراتيجية القطبيين في التغيير لها رونقها ووجاهتها "بالنسبة لكثيرين من اإلسالميين" فإنهم لم يضعوا
تكتيكات (أساليب) واضحة ومناسبة لتحقيقها ،ما جعلها تبدو وكأنها نوع من الترف الفكري .كما يالحظ أن القطبيين
ليس لهم نشاط في الجامعات أوالمعاهد أوالنقابات ،بعكس كل من اإلخوان والسلفيين اآلن ،والجهاد والجماعة اإلسالمية
سابقا ،وهذا أيضا يعد مظهرا من مظاهر الخلل في أساليب عمل جماعة القطبيين.
التيار القطبي في العراق ظهر في بداية التسعينيات ،وكان من أبرز شخوصه الشيخ سامي رشيد الجنابي ،والشيخ
موفق الراوي ،والشيخ عبد الستار عبد الجبار الجنابي ،ومجموعة كبيرة من الشباب في بغداد ،وخاصة الكرخ ،حيث
حمل هذه الفكرة مجموعة من السلفية الحركية أمثال الدكتور محمد الجبوري ،والشيخ محارب عبد اللطيف الجبوري،
والشيخ وليد حسن الجبوري ،والشيخ عاصم الخزرجي ،وآخرين ممن اشتهروا بالدعوة والنشاط المعادي ألفكار حزب
البعث الحاكم آنذاك.
ورغم ذلك كله فإن التيار القطبي ما زال تيارا مؤثرا وموجودا في معظم محافظات العراق ،خاصة بغداد ،لكنهم في كل
مكان لهم نفس الخصائص الموجودة فيهم في مصر من حيث البطء وعدم الفاعلية ،وقد أدى ذلك ،في بعض الحاالت،
إلى تململ عناصر فاعلة داخل الجماعة ،ومن ثم االنشقاق عليها ملال من جمود المنهج الحركي لها.