You are on page 1of 18

‫الباب الحادي عشر‪:‬‬

‫عهد الرّكود والتدهوراالجتهاد الفقهي‬


‫أسباب تدهور االجتهاد الفقهي‬

‫ويبدأ هذا العصر في منتصف القرن الرابع إلى سقوط بغداد‪ .‬وفي هذا العهد درس المقلدون لمن سواهم‪ ،‬وسد‬
‫الناس باب الخالف وطرق‪ ،‬وعمل ك‪9‬ل م‪9‬قلد بمذهب من قلده منهم بع‪9‬د تصحيح األصول واتصال سنده بالرواية‬
‫وأيضا لقد أدى الجمود في هذا العصر إلى امتناع بعض الفقهاء من االجتهاد في أحكام الشريعة مع العلم أنه‪9‬م‬
‫قد بلغوا درجته واستوفوا شروطه‪ ،‬واستكملوا طاقاته‬
‫لقد كان الفقه‪9‬اء في هذه العصوررفضوا االنضمام إلى االجته‪9‬اد ومن أجل ذلك‪ ،‬سدوا كل منفذ من شأنه أن‬
‫يؤدي إلى االجتهاد الذي هو مصدر المرونة والحركة في األحكام التشريع‪9‬ية‬
‫فأصبح التقليد يغلب في العلماء‪ ,‬ورضوا به خطة لهم‪ ,‬وال يزال في هذا العصر يزيد التقليد‪ ,‬وينقص االجتهاد‪,‬‬
‫إذ أصبح كثير م‪9‬ن علمائها راضين بخطة التقليد‪ ,‬عالة على فقه أبي حنيفة وم‪9‬الك والشافعي وابن حنبل‬
‫وأضرابهم ممن كانت مذاهبهم متداولة إذ ذاك‬
‫الدوافع او العوامل حول نشأة هذه الظاهر‪9‬ة ( التجميد والتدهير الفقه)‬

‫‪ –١‬اخلوف من أتباع الهَوى وغري املُتفقهني من إ صدار الفتاوى‪ ،‬فيقولون يف الفقه دون عمل‬
‫عرتفة من أصول املذاهب األربعة‬
‫‪ –٢‬اخلوف من تغيري مناجه الاستدالل لرغبة الفقهاء يف الثبات عىل أصول وقواعد ُم َ‬
‫‪ –٣‬التعصب املذهيب‪ ،‬فللك مذهب متعصبوه العاةل عليه رافضني التطور‬
‫‪ –٤‬اخلوف من السلطان اذلي عني مذه ًبا رمس ًيا لدلوةل أو امجلاهري اذلين راضوا ومتسكوا به‬
‫‪ –٥‬الرغبة يف تويل القضاء أو التدريس جعل الفقيه يعتنق مذهب ادلوةل بتطبيقاته حىت يتأهل للمنصب‬
‫‪ -٦‬قد مت حل معظم املسائل الفقهية واسمتر العمل هبا ومل تعد هناك جاحة للبحث والاستنتاج بأحاكهما إ ال قةل‪.‬‬
‫المذهب في نظام الحكم‬
‫لقد ساهمت الدولة الع‪9‬باسية في التأسيس والنشر لم‪9‬ئات المذاهب الفقه‪ ،‬ولكن لم يسكن تلك المذاهب أن تبقى إال‬
‫قليل منه‪9‬م وخصوصا بعد سقوط البغداد‪ ،‬بدأ ك‪9‬ثير من المذهب يتجمد ثم تتالشى‬

‫وعلى سبيل الم‪9‬ثال‪ ،‬قام الدولة العثمانية باتخاذ مذهب اإلمام أبو حنيفة ويجع‪9‬لونه م‪9‬ذهبا رسم‪9‬يا لدولتهم بعد أن ك‪9‬ان‬
‫مذهبا رسميا لدولة العباسي‪ .‬ويلع‪9‬ب هذا المذهب دورا هام‪9‬ا في نظام الحك‪9‬م حتى أنه قد انتشرفي معظم الواليات‬
‫‪.‬التي تحت سيطرتهم‬

‫وقد كان مذهب اإلم‪9‬ام الحنفي أعظم وأشهر م‪9‬ذهبا في عهد الع‪9‬باسي وانتشر هذا المذهب‪ 9‬إلى عهد السالجقة‬
‫‪.‬والدولة الغزنوية‬
‫وبعد سقوط البغداد أصبح مذهب اإلمام الشافعي أكبر مذهبا يتمسك به المسلمون في انهاء العالم‪ .‬ودولتنا‬
‫‪.‬الماليزية ك‪9‬انت شافعية المذهب‬
‫إغالق باب االجتهاد‬

‫فبدأ الجمود في هذا الع‪9‬صر يدبّ في كيانات الم‪9‬ذاهب الفقه‪9‬ية؛ حيث اكتفى العلماء بوضع المختصرات‬
‫أو شرح المتون أو التفريع عليه‪9‬ا أو التخريج والترجيح؛ ولذا طغى التقليد على االجتهاد وصار هو‬
‫‪.‬السمة الغ‪9‬البة حتى تج ّم‪9‬د الفقه وُأقفل باب االجتهاد‪ ،‬وال يعني هذا خل ّو العصر من مجتهدين‬
‫وقد طرأ على بعض الفقهاء بع‪9‬د ظه‪9‬ور المذاهب المتبعة حب التقليد لألئمة السابقين‪ ،‬وعدم الجرأة على‬
‫ممارسة االجته‪9‬اد‪ ،‬وادعى خول األزم‪9‬نة عن المجتهدين وانتشر ذلك بين الناس‪ ،‬حتى حكم بسد باب‬
‫االجتهاد‬
‫وقد اقتصر النشاط الفقه‪9‬ي على اجترار التراث الفقهي عن طريق شرحه واختصاره أو تنظيمه‪ ،‬من‬
‫‪.‬دون إضافة جديدة‪ .‬مع طغيان الم‪9‬باحث اللفظية والم‪9‬سائل االفتراضية‪ ،‬فابتعد الفقه عن الحياة‬
‫اآلثار من إغالق أبواب االجتهاد‬

‫‪ .1‬عدم ظهور مذاهب أخرى غير المذاهب األربعة كما كان من قبل‪ ،‬وبقيت المذاهب؛ الحنفي‪،‬‬
‫والمالكي‪ ،‬والشافعي‪ ،‬والحنبلي إلى يومنا هذا‪ .‬فتتخذ دولة ما مذهبًا من هذه األربعة ال غير‬
‫‪ .2‬إصدار الفتاوى دون مواكبة العصر؛‬
‫المذاهب ال ُم ْندثرة‬
‫األوزا ِع ّي‬
‫مذهب ْ‬

‫• مؤسسه عبد ال ّرحمن بن عمرو بن أبي عمرو األوزاع ّي‪.‬‬


‫• انتشر مذهبه في ال ّشام‪ ،‬ث ّم األندلس‪.‬‬
‫• اندثر مذهبه النتشار المذهب الشافعي في الشام؛ وانتشار المذهب‬
‫المالكي في األندلس‬
‫مذهب الليث‬

‫• مؤسسه الليث بن سعد بن عبد ال ّرحمن‪ ،‬أبو الحارث الفهمي المصري‪.‬‬


‫• انتشر مذهبه في مصر‪ ،‬وأخذ ح ّكام األندلس فتواه في جواز ال ِكراء‬
‫الجزئي لألرض على الرغم من اتِّخاذ ال ّدولة للمذهب المالكي‪.‬‬
‫من المذاهب المندثرة – مذهب الليث‬
‫من أسباب الندثار مذهب الليث‬

‫‪ .1‬عدم تدوين مذهبه كما فعله ال ّشافعي ومالك والحنابلة‪ ،‬مع عدم التأليف‪ 9‬ذهب علمه مع‬
‫وفاته ولم يستفد الناس منه‪.‬‬
‫‪ .2‬عدم قبول منصب القضاء في في خالفة أبي جعفر المنصور العباسي كما فعله الحنابلة ‪،‬‬
‫فقبول المناصب في الحكومة يُم ِّكن العالم من نشر علمه وتطبيقه مع األحداث‪ ،‬وإالّ‬
‫فالفُ َر‪9‬ص قليلة ‪.‬‬
‫‪ .3‬قلة أتباعه الّذين ينشرون فقهه‪ ،‬فاندثر بعد موته بم ّدة وجيزة‪.‬‬
‫مذهب ابن جرير الطّبري‬

‫• هو محمد بن جرير الطبري‬


‫• انتشر مذهبه في بغداد‪.‬‬
‫• اندثر مذهبه بسبب التعصب المذهبي لألحناف‬
‫داود ا‪1‬لظّاهر ّ‬
‫ي‬

‫• مؤسسه هو داود بن علي بن خلف‪ ،‬أبو سليمان األصبهاني‬


‫• وقد انتشر هذا المذهب في بغداد‪ ،‬وبالد الشرق للخالفة اإلسالميّة‪،‬‬
‫واألندلس‪.‬‬
‫• اندثر مذهبه بسبب التعصب المذهبي‬
‫عوامل ال ُركود للحركة االجتهادية‬

‫صب المذهبي‬
‫‪ )1‬التع ّ‬
‫صب التالميذ آلثار أساتذتهم من االَئ ّمة المجتهدين الّذين أناروا العصر‬
‫• فقد تع ّ‬
‫السابق‪.‬‬
‫نسان على الجمود عليها والتعلّق‬
‫اال َ‬‫صب لفكرة‪ ،‬يحمل ِ‬ ‫• وال يخفى ّ‬
‫ان التع ّ‬
‫بأهدابها‪ ،‬ودعوة الناس إليها دون سواها‪.‬‬
‫عوامل ال ُركود للحركة االجتهادية‬

‫‪ .2‬والية القضاء‬
‫• قد آثر الحكام اختيار القضاة من المقلّدين‪ ،‬ليقيدوهم بمذهب معين‪ ،‬ويعيّنوا لهم ما‬
‫يحكمون على أساسه بحيث يكونون معزولين عن ك ّل قضاء يخالف ذلك المذهب‪.‬‬
‫• وقد اختار‪ 9‬الحكام العباسيين والعُثمانيين القضاة من األحناف‪ ،‬كما اختار‪ 9‬حكام عالم‬
‫الماليو القضاة من الشافعية‪.‬‬
‫عوامل ال ُركود للحركة االجتهادية‬

‫ت‪11‬دوينا‪11‬لمذا‪1‬هب‪3.‬‬
‫إن تدوين المذاهب قد سهّل على الناس تناولها‪ ،‬والناس دائما ً يطلبون السهل اليسير دون الصعب‬
‫• ّ‬
‫العسير‪ ،‬وقد كان يدفع الناس إلى االجتهاد في العصور السابقة ضرورة ملجئة إلى تعرّف أحكام‬
‫حوادث وش َوون جديدة ما كانوا يعرفون حكمها الشرعي‪.‬‬
‫• فل ّما جاء المجتهدون ود ّونوا أحكام الحوادث التي عرضت والتي يحتمل عروضها‪ ،‬صار الناس‬
‫كلّما عرضت لهم مسألة وجدوا السابقين قدتع ّرضوا لها‪ ،‬فاكتفوا بمقالهم في شأنها‪ ،‬فس ّدت حاجتهم‬
‫بما وجدوا‪ ،‬فال عامل يُحفزهم إلى بحث جديد‪.‬‬
‫اآلثار المترتب‪1‬ة من إغالق أبواب االجتهاد‬

‫‪ .1‬بقاء المذاهب األربعة واندثار‪ 1‬غيرها‬


‫• بسبب إغالق أبواب االجتهاد بقيت المذاهب األربعة؛ من الحنفي‪ ،‬والمالكي‪،‬‬
‫والشافعي‪ ،‬والحنبلي‪ .‬واندثرت مذاهب كثيرة منها؛ مذهب أهل الظاهر‪ ،9‬ومذهب‬
‫األوزاعي‪ ،‬ومذهب الليث وغيرها‪.‬‬
‫اآلثار المترتبة من إغالق أبواب االجتهاد‬

‫‪ .2‬ظهور كتب الفقه التي تجمع الفتاوى السابقة‬


‫• أن الفتاوى السابقة قد دونت في كتب الفقه ليسهل المسلمين على تقليد‬
‫مذاهبهم‪ .‬من الكتب ما ذكرت الفتاوى للمذاهب؛ ومنها ما ذكرت الفتاوى‬
‫لمذهب معين فقط‪.‬‬
‫• على سبيل المثال كتب الفقه في عالم الماليو تتناول فقط عن فقه الشافعي‪.‬‬

You might also like