Professional Documents
Culture Documents
الإرث في الزواج المختلط
الإرث في الزواج المختلط
بسم هللا الرحمن الرحيم والصالة والسالم على أشرف المرسلين سيدنا محمد صلى هللا عليه وسلم وعلى آله
:الطيبين
وبعد أن انعم هللا علي بإتمام هذا الجهد أشكر هللا سبحانه وتعالى العلي العظيم العلم حمدا وشكرا يليق بجالله
وعظيم سلطانه ويطيب لي بعد سنين ممتدة من الدراسة أن اجزي الشكر الجزيل للمشرف على هذه األطروحة
جناب الدكتور إدريس الفاخوري لتفضله بسعة صدر وطيبوبة ورحابة نفس قبول اإلشراف على هذا العمل
المتواضع ،فقد جاد بوقته وعلمه وصحته في سبيل إفادتي رغم أشغاله الكثيرة ،ولم تكن استفساراتي المتواترة
عائقا له في تقدم بحثي بخطى محفزة ،سندي في ذلك في الشدة والسراء لهذا فإن هذا البحث ثمرة تضحياتك يا
أستاذي الفاضل فلوالك لما جلست على هذا الكرسي فبارك هللا في جهودك وأسبغ عليك وافر النعم وطول
.العمر ودوام الصحة وجعلك نبراسا للعلم وللمتعلمين
والشكر ممتد للسادة األساتذة األفاضل :سعادة الدكتور الحسين بلحساني السامي في علمه والمتواضع^ في خلقه
كانت نصائحه وال تزال تتردد عل مسامعي ،فلساني هذا يعجز عن التعبير عن عظيم امتناني له" ،فال أجد من
تعبير عن شكري الجزيل له أبلغ من أن أتوجه إلى المولى عز وجل بالدعاء الصادق له بأن يجعل ذلك في
ميزان حسناته والشكر موصول لسعادة الدكتور عبد السالم فيغو الذي لم يتوان في قبول مناقشة هذا العمل،
تفضل بقراءة األطروحة تجشم عناء السفر عرفته نعم األستاذ من خالل مؤلفاته التي كانت نبراسا للطالب
الباحث وبالتأكيد فتطالعاتي تنتظر منه قطعا إسهامه في تقويم ها العمل ،فجزاه هللا عني خير الجزاء وجعل
.ذلك في ميزان حسناتك
كما يسعدني أن أتقدم بالشكر الجزيل لسعادة الدكتور محمد مصلح الذي لم يتوانى بدوره في قبول مناقشة هذا
العمل المتواضع ^،تفضل بقراءة وبتصحيح هذه األطروحة ،فلك مني جزيل الشكر ومن المولى عز وجل
.األجر
وواجب العرفان يدعوني أن أتقدم أيضا بالشكر الوفير لسعادة الدكتور مرزوق أيت الحاج الذي تكبد عناء
السفر لكي يكرمني بأن يكون عضوا مناقشا ،ضحى بوقته الثمين إلفادتي وإغناء هذا العمل المتواضع الذي
يبقى عمال بشريا ناقصا أستاذ ينطوي علمه على الخلق الحسن والمعاملة الراقية لك مني أسمى آيات الشكر
.والعرفان
وال يفوتني أن أتقدم بالشكر الجزيل لكافة السادة األساتذة أعضاء مختبر البحث في قانون األسرة والهجرة
.الذين ساهموا في تكويني والرفع من مستواي العلمي والمعرفي فجزاكم هللا عني خير الجزاء
إنه لمن دواعي الفخر واالعتزاز أنال كرم تشريفكم حضور هذه الجلسة العلمية المباركة التي أتشرف من
خاللها بالوقوف أمام حضراتكم لعرض ملخص موجز عن أطروحة متواضعة من صنع بشري ناقصة فالكمال
.هلل سبحانه وتعالى موسومة بأحكام الميراث في الزواج المختلط مقاربة تشريعية قضائية فقهية
إن موضوع أحكام الميراث كان وال يزال نصف العال وهو من أعظم المسائل القانونية والقضائية والفقهية لما
يطرحه من إشكاالت معقدة وآراء مختلفة ،فالميراث الناتج عن الزواج المختلط فيه من المسائل التي أسالت
.مدادا كثيرا
فمعلوم أن الميراث الناتج عن الزواج المختلط يؤدي إلى حرمان غير المسلم من الميراث ،رغم الروابط
األسرية القائمة بينهما ،بغض النظر عن جنسية غير المسلم سواء كان مغربيا أو أجنبيا ولذلك فالديانة تلعب
دورا مهما في الميراث الناتج عن الزواج المختلط أكثر من الجنسية ،وعليه اختلف الفقهاء في الميراث الناتج
عن هذا الزواج ،حيث إنه كان سائدا ومجمعا عليه أنه ال توارث مع اختالف الديانة ،إال انه في السنوات
األخيرة ظهر اتجاه ينبش في هذه القضية واعترف أن هناك قراءة فقهية أخرى تسمح بالتوارث رغم اختالف
.الديانة
ولهذا يسمح هذا البحث البسيط من معرفة دور العقيدة والجنسية في مجال الزواج المختلط ،وما ينتجانه من
.آثار وخاصة في الميراث ،فإن هذين األخيرين يشكالن مبدأين يدور في فلكهما حرية الدين والجنسية
والتالزم بين قواعد االختصاص القضائي والتشريعي بالنسبة لجهات األحوال الشخصية بما فيه الميراث،
يعني أن تغيير الديانة هو بمثابة تحايل على ضوابط اإلسناد الداخلية ونفس األمر بالنسبة لضوابط اإلسناد
الدولية الخاصة بتوزيع االختصاص التشريعي والقضائي ،وقد يحدث التغيير آثاره ولو اقتصر على تغير
المذهب وحده مع االحتفاظ بنفس الديانة وكذلك في حالة تغيير الديانة ككل ،كأن يعتنق مسيحي اإلسالم أو أن
.يرتد مسلم عن دينه
هذا وقد قاس الفقهاء تغيير الجنسية ذلك أن تغيير الجنسية آثار مستقبلية من حيث االختصاص القضائي
والتشريعي ،وهو ما يؤدي حتما إلى حصول تنازع متحرك بين تطابق كل من القانون السابق والالحق ،وغالبا
ما يطرح التنازع في الدول الغربية في هذا الصدد ليس بمناسبة حالة الشخص الدينية ولكن بالنسبة الختالف
.النصوص القانونية الموضوعية بين القانونين
أمام هذه الصعوبات ال مناص من اللجوء إلى إعمال القواعد المقررة في حل التنازع المتحرك أو المتغير،
.بتفضيل أحد االعتبارين ،إما تفضيل الديانة أو الجنسية السابقتين على الديانة أو الجنسية الجديدتين
وهذا فإنه توجد هوة عميقة ما بين القانون المغربي للميراث والقانون الغربي عموما واألوروبي خصوصا
للميراث الذي تستقر فيه جالية مغربية مهمة ،حيث أن هذا األخير يعطي الحق للولد المتبنى في الميراث
.ويسمح بتوريث المتعايشين
وكذلك يستطيع كل مورث أن يحدد بنفسه الوارث له من خالل الوصية ،وللمورث أن يحجب من الميراث أي
.وارث ال يرغب بوراثته
هذا االختالف الجذري ما بين قواعد الميراث الغربية التي تستقر فيها جالية مغربية مهمة وينعقد بها زيجات
مختلطة أحد أطرافه مغربيا ،وقانون الميراث المغربي ذي الطابع اإلسالمي تجعل هذه الجالية تتعرض
لمشاكل عديدة فيما يخص توزيع التركة على الورثة ،وكذلك إدارة التركة ونقلها من المورث إلى الورثة،
وخاصة انه ال توجد اتفاقيات دولية أو ثنائية في هذا المجال ،وحتى إن وجدت ،فمن المستحيل تطبيقها إذا
كانت تخالف قواعد الميراث المنصوص عليها في مدونة األسرة ،وحتى إذا لم تنص عليها المدونة وكانت
.تخالف قواعد الميراث الفقهية
إن من بين دواعي اختيار هذا الموضوع كأطروحة هو دراسة الحلول التي جاء بها الفقه المعاصر وارتفاع
نسبة الزواج المختلط الذي يكون أحد أطرافه مغربي ،وكذلك تزايد حاالت مزدوجي الجنسية المغربية
األوروبية خاصة ،مما يستدعي البحث عن القانون المطبق على هذه الفئات ودور مدونة األسرة في ضمان
.تطبيق القانون المغربي على الجالية المغربية أينما وجدت
المشاكل التي تعانيها الجالية المغربية بالخارج فيما يخص توزيع التركة ما بين الورثة مما يستدعي البحث
.والدراسة
تقييم مدى قدرة التشريعات الوطنية على تجاوز اإلشكاالت القانونية والقضائية التي تعترض الميراث الناتج
.عن الزواج المختلط
.رصد مختلف االتجاهات القضائية والفقهية في كيفية معالجتها لمشاكل الميراث الناتج عن الزواج المختلط
البحث عن مدى إمكانية توفير حلول توفيقية للمشاكل الخاصة بالميراث في الروابط الدولية الخاصة التي من
.شأنها التخفيف من حدة اختالف المرجعيات
:فاإلشكالية المحورية التي يدور حولها هذا البحث على الشكل التالي
إلى أي حد استطاع التشريع المغربي بمفهومه العام تنظيم أحكام الميراث الناتج عن الزواج المختلط على
ضوء المستجدات الدولية ،وخلق دينامية قانونية وقضائية وفقهية للحد من اآلثار المشددة لقانون الميراث
اإلسالمي؟
:ولتحليل هذه اإلشكالية الرئيسية ،ارتأيت عرض مجموعة من التساؤالت الفرعية ،وتتمثل أساسا في
ما هي القواعد الفقهية التي تحكم الميراث في الزواج المختلط؟ وأين تكمن مظاهر الحداثة في مجال التوارث؟
وهل التشريع المغربي بالفعل ملتزم بالقواعد الفقهية المنصوص عليها في مدونة األسرة المتعلقة بالميراث؟
وإلى أي حد استطاع القضاء المغربي والمقارن الحد من المشاكل الناجمة عن الميراث الناتج عن الزواج
المختلط؟
وإلى جانب ذلك أتسائل عن آفاق تطبيق قواعد الميراث بالمغرب على ضوء تطور ضوابط اإلسناد في هذه
األخيرة؟ وكيف يمكن حل التنازع القانوني فيما يتعلق بالميراث الناتج عن العالقات الدولية الخاصة؟ وما هي
الحدود الممكنة لحل التنازع القانوني والقضائي في مجال الميراث بين قانون ديني وقانون علماني؟
وأمام هذه اإلشكالية المحورية واإلشكاليات الفرعية فقد قسمت هذا البحث المتواضع^ إلى بابين عالجت في
األول :اإلطار المرجعي للميراث في الزواج المختلط ،وفي الثاني تحدثت عن آليات حل التنازع في مسائل
.اإلرث الناتج عن الزواج المختلط
:ولتجاوز المشاكل التي تواجه الميراث في الزواج المختلط ،فقد وضعت مجموعة من االقتراحات من بينها
.سن قانون دولي خاص مغربي متكامل يتضمن القواعد المتعلقة بالميراث الناتج عن الزواج المختلط +
إعادة النظر في القواعد الفقهية المتعلقة بتوريث المسلم من غير المسلم ،وذلك بإباحة توريث هذا األخير+ ،
.مادام يوجد في الفقه اإلسالمي من يدعو بهذا التوريث
.ضرورة أخذ بعين االعتبار الفتاوى المعاصرة في مجال الميراث الناتج عن الزواج المختلط +
تحديد مفهوم الزواج المختلط وذلك باعتباره تغييرا في المراكز القانونية ووجود قانونين مختلفين بغض +
النظر عن جنسية وديانة الطرفين
.تجريم حرمان المرأة من الميراث وذلك باعتبارها جريمة منصوص عليها في القانون الجنائي +
.التنصيص دستوريا على سمو االتفاقيات الدولية في المنظومة القانونية الداخلية للتشريع المغربي +
تعديل المادة 332من مدونة األسرة وذلك بالنص عليها وفق الشكل التالي :يرث المسلم من غير المسلم وال +
.يرث غير المسلم من المسلم
.تحديد الوصف القانوني أليلولة التركة الشاغرة للدولة المغربية +
تنظيم االختصاص القضائي للمحاكم المغاربية في مادة المواريث^ الدولية من خالل معرفة المعايير المعتمدة +
.لتحديد االختصاص
.التنصيص على حالة اإلسناد إلى قانون دولة تتعدد فيها الشرائع المتعلقة بالمواريث +
.إعادة النظر في البنية القانونية للميراث الدولي واعتماد نصوص تشريعية جديدة لتنظيم التركات الدولية +
تطوير الخطاب اإلسالمي بشأن قضايا المواريث ،بما يسمح بتجاوز دائرة الحديث عن المواريث في +
.اإلسالم إلى الحديث عن إجراءات كفالة وتطبيق تلك المواريث في المجتمعات اإلسالمية المعاصرة
والسالم عليكم