Professional Documents
Culture Documents
مدخل عام للادارة
مدخل عام للادارة
2021\2020
خطة العمل :
مقدمة
الخاتمة
مقدمة :
كل مجتمع في يومنا هذا يزخر بالمنظمات التي تسعى لتنظيم أعمالها وتحقيق األهداف التي
أنشئت من أجل تحقيقها .ونجاحها أو فشلها في تحقيق ما تصبو إليه يتوقف على نوعية األداء
اإلداري وفعاليته ،ومقدرة قادتها على تحديد األهداف التي تلبي رغبات المجتمع ،وخلق أنظمة
عمل جيدة تمكنها من تجنيد الموارد البشرية والمادية وتوجيهها بمهارة فائقة حتى تستطيع أن
تصل إلى أهدافها المنشودة.
لكن أدوار المنظمات والمؤسسات العامة أو الخاصة بكل بلد والتفاعل بين مختلف األجهزة
اإلدارية ونوع التعاون الذي يقام بين مختلف المنظمات الحكومية والخاصة ،يختلف من وقت
إلى آخر من نظام رأسمالي إلى نظام إسالمي أو اشتراكي .ففي األنظمة الغربية نجد التفاعل بين
المنظمات اإلجتماعية يتأثر بفلسفة المنافسة والحرية المطلقة في العمل وعدم تدخل الحكومة في
الصراع القائم بين هذه المنظمات إال إذا خرجت عن اإلطار القانوني المرسوم لنشاطاتها
وتجاوزته .أما في األنظمة اإلشتراكية فإن التفاعل بين المنظمات يتحدد ويرتبط بمفهوم مركزية
المنظمات ونظام المؤسسات العامة التي تدار مركزيا من الداخل ورقابيا من قبل الحكومات
1
لتأكيد الوالء من جانب التنفيذيين للسلطة السياسية العليا
ولهذا ،فإن لكل مجتمع فلسفته الخاصة به وتوجد به منظمات ومؤسسات تمارس نشاطاتها وفقا
ألسلوب اإلدارة والفلسفة التنظيمية التي أقرتها القيادة السياسية بالبلد .كما أن وجود الطاقات
البشرية المؤهلة مهنيا ووجود اإلمكانيات المادية بكثرة ،يؤثران في عمليات التنمية اإلدارية
ويساهمان في تقوية أو إضعاف الهياكل اإلدارية التي تنشأ بقصد تقديم الخدمات للمواطنين
ومساعدة كل إنسان في الحصول على الحاجات التي يصعب عليه أن يوفرها لنفسه بمفرده.
ففي داخل المجتمع العربي ،مثال ،نجد أن دول الخليج العربي تمتلك الثروة المالية التي تساعد
اإلدارة العربية بهذه الدول على تلبية حاجات مواطنيها بسرعة مادامت العائدات النفطية متوفرة
بكثرة ،لكن المشكل أنه ينقص هذه اإلدارات ،اإلطارات الوطنية الكافية لمتطلبات التنمية المحلية
بدول الخليج العربي .أما في بعض الدول العربية األخرى كسوريا واألردن ومصر والجزائر
وتونس والمغرب فإنها تمتلك العناصر البشرية المؤهلة والقادرة على إحداث نهضة إدارية
شاملة في وقت قصير ،إال أن اإلمكانيات المادية المطلوبة غير متوفرة بالشكل المرغوب فيه.
إن هذه اإلختالفات في فلسفة وفي طرق التحكم في األجهزة اإلدارية وأساليب توظيف القوى
العاملة وتخطيط التنظيم ،هي العوامل الرئيسية التي تتحكم في العمليات اإلدارية وتنعكس بصفة
عامة على الدور الرئيسي الذي تقوم به اإلدارة في أي مجتمع .ثم إن القيادة التي تهدف إلى
تحقيق سياسة عامة دقيقة ،هي بدورها تؤثر بصفة ملموسة في نوعية التنظيم الذي ينبغي أن
يؤخذ بعين اإلعتبار .فاإلدارات ،بصفة عامة ،ملزمة باإلستجابة لرغبات القادة السياسيين
والعمل وفق التعليمات واألوامر واإلستراتيجيات التي تأتي من اإلدارة العليا.
وكما سنرى في الجزء المتعلق بمفاهيم علم اإلدارة ،فإن فلسفة اإلدارة مستمدة من البيئة
واألوضاع اإلجتماعية السائدة في كل بلد ،والغاية المرجوة من األهداف المطلوب تحقيقها.
فهناك الدولة التي يهمها الفعالية في العمل بينما نجد دولة أخرى يهمها توظيف األفراد وإعطائهم
فرصا لكسب ما يرتزقون به .وهناك الدولة التي تسعى لخلق النوعية في العمل وفي الخدمات
بينما هناك دولة أخرى تهتم بالكمية وليس بالنوعية .كما نجد أن بعض الحكومات تتبع سياسة
فريد راغب النجار ،التنظيم والعمليات اإلدارية ،الكويت وكالة المطبوعات ،1977 ،ص 131-130 1
التوازن بين المنظمات وإفساح المجال لها لكي تعمل بحرية ومنافسة شريفة ،في حين نجد دوال
أخرى تفضل أسلوب التخطيط المركزي الذي يضمن استخدام جميع الموارد الوطنية المادية
والطبيعية والبشرية بطريقة علمية وعملية وإنسانية حتى يمكن تحقيق الخير لجميع أفراد الشعب
وتعبئة اإلقتصاد إلقامة مجتمع أكثر عدالة ومساواة.
تعتبر اإلدارة في مفهوم العديد من المفكرين بمثابة تنظيم يسعى إلى حل مشاكل الناس عن
طريق خلق تعاون جماعي بين األفراد بحيث تقدم جميع الخدمات للمواطنين وفق قواعد عامة
وقوانين محددة ،روعي عند وضعها مصلحة أبناء الشعب والمصلحة العامة .وحسب هذا
المفهوم فإن اإلدارة العامة هي عبارة عن مؤسسة تتكون من عناصر بشرية وأدوات مادية
جاءت بها الدولة ووضعتها في خدمة المواطنين بقصد تطبيق القوانين التي سنتها القيادة
السياسية والسلطة التشريعية وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين .فعن طريق هذه
المؤسسات الحكومية تقوم الدولة في أي مجتمع بدورها الحيوي المتمثل في المحافظة على
األمن وتحقيق العدالة اإلجتماعية واإلشراف على التعليم وتوفير الخدمات الصحية
واإلجتماعية لجميع المواطنين.
وعليه ،فإن اإلدارة تعتبر هي إحدى األجهزة الرئيسية للدولة المكلفة بتنفيذ المهام المسندة إليها
من القيادة السياسية .وحسب هذا المنطق فإن دور اإلدارة ال يتجاوز هذا الخط الفاصل بينها
وبين المنظمات اإلجتماعية التي تسعى لتحليل األوضاع وتخطيط سياستها العامة وفق مصالحها
الخاصة بها.
وإذا تمعنا قليال في هذا المفهوم لإلدارة فإننا سنجده ناقصا وال يفي بالغرض .فمن الناحية
المنهجية ،نالحظ بسرعة أن علم اإلدارة يقوم أساسا على دراسة األوضاع اإلدارية والتعرف
على ظروف العمل والواقع المعاش أثناء القيام بالعمل ،وليس على مبدأ تنفيذ تعليمات الحكومة
المركزية فقط .إن تحليل الوظائف واستخالص النتائج واختيار أحسن البدائل قد أصبحت بمثابة
أساليب أساسية للعمل في المجال اإلداري .كما نالحظ أيضا من الناحية اإليديولوجية أنه من
الغلط اعتبار مصالح جميع الفئات اإلجتماعية متساوية وأن الدولة قادرة دوما على تحقيق
المساواة بين األقوياء والضعفاء من مواطنيها .فالتغيرات اإلجتماعية تفرض على اإلدارات
العامة أن تقوم بدراسة موازين القوى وسلوك القادة اإلداريين والتعرف على الجهات التي
2
ينتمون إليها
بالنسبة للعديد من األفراد ،فإن اإلدارة العامة عبارة عن علم يهتم بتنظيم اإلنسان وتوجيه
طاقاته وجهوده بحيث يتمكن من تحسين مستوى اإلنتاج وارتفاع مستوى كفاءته في العمل.
وتأتي هذه النظرية كتكملة لنظرية اإلدارة كمؤسسة .فالتنظيم قد جاء ليوحد األهداف
المشتركة للناس ويربط بين المصالح المشتركة ككل إلى درجة أن المؤسسات تصبح أداة
للتوازن اإلجتماعي بعد أن كانت أداة في يد أصحاب المال والنفوذ السياسي والطبقات
األرستقراطية .ويالحظ هنا أن مفهوم اإلدارة العامة ال ينحصر في اإلدارة الحكومية وإنما
يتعداه إلى أبعد من ذلك ،إذ أن اإلدارة تعني هنا أية مؤسسة يتم فيها التعاقد بين العمال
واإلدارة العامة للمؤسسة للقيام بمهام معينة مقابل الحصول على أجر معين ،سواء كان يوميا
أو شهريا.
واعتمدت نظرية اإلدارة المرتبطة بالتنظيم على فلسفة العقالنية والرشادة في العمل .وقد كان
أحد قادتها البارزين فريدريك تايلور الذي بلور فكرة اإلدارة العلمية والتي كانت تهدف في
األساس إلى زيادة اإلنتاج عن طريق تدريب العمال ومنحهم مكافآت مادية لتشجيعهم على
مضاعفة جهودهم ،واإلعتماد على خبراء متخصصين في ميادين اإلشراف والمتابعة والمراقبة.
وبفضل األساليب الجديدة في اإلدارة ،حسب وجهة نظر تايلور ،يستطيع العمال أن يحصلوا
على مكافآت مالية تمكنهم من التغلب على المشاكل المالية ،وصرف طاقاتهم في األعمال المفيدة
واإلبتعاد عن الصراعات الطبقية بين العمال واإلدارة وخلق جو جديد تسوده الثقة المتبادلة بين
العمال واإلدارة.
إال أن هذا المفهوم لإلدارة قد تغير بمرور الزمن وأصبح ال يتماشى وروح العصر .فتسخير
العامل ألغراض المؤسسات الصناعية واعتباره بمثابة آلة في يد أصحاب المال والنفوذ،
باإلضافة إلى بروز تكنولوجيا متطورة أصبحت تهدد العمال بالبطالة واحالل اآللة محلهم ،قد
أديا إلى تغيير مجرى األمور .كما أن المنظمات والنقابات أصبحت تتصارع فيما بينها لتدعيم
نفوذ قادتها وتقليدهم مناصب سياسية ووظائف عليا بالدولة قد أثرت عكسيا في نظرية التنظيم
اإلداري.
هناك مفهوم آخر لإلدارة قريب من المفهوم السابق الذي أشرنا إليه آنفا والمتمثل في التنظيم
واستعمال العقالنية وتجنيد العمال أو تحفيزهم لخدمة مؤسستهم .وحسب هذا المفهوم الجديد
فإن كلمة اإلدارة تعني تحليل الوظائف ودراسة المهام وإنشاء الهياكل المالئمة لكل تنظيم.
وقد أتى بهذه النظرية المفكر الفرنسي هنري فيول في عام .1916فالوحدات اإلدارية في
أية مؤسسة تقوم بواجباتها المناطة بها لكي تحقق األهداف العامة للمؤسسة ،وهذا يتطلب
وضع استراتيجية متكاملة لجميع الوحدات ،وتقسيم العمل بين العمال ووحدات اإلنتاج،
ووضع الخرائط التنظيمية والهياكل الضرورية التي يتعين على المؤسسة اإلعتماد عليها
3
سواء أثناء التوظيف أو إنجاز األعمال.
وتمتاز هذه النظرية بتركيزها على الجوانب اإلستراتيجية والعملية في أية مؤسسة ،حيث أنه
يتعين على المسؤولين أن يدرسوا ويحللوا وضعية كل قطاع أو وحدة إدارية ووضع المخطط
.Nair et M.Lowy, Goldman, Paris : Seghers, 1973, p. 27. 3
التنظيمي لها حتى تتمكن المؤسسة ،في النهاية ،من خلق وحدات إنتاجية قادرة على تلبية
الحاجات اإلجتماعية والتغلب على الصعاب التي تبرز من حين آلخر.
وبيد أن هذه النظرية القريبة من نظرية ماكس ويبر الذي يعتبر البيروقراطية بمثابة جهاز
متخصص في اإلدارة وقادر على توجيه األمور حسب أهوائه ،تعاني من بعض النقائص التي
تطغى عليها .فالقيادات السياسية واإلدارية عندما تخطط وتوجه ،تسن القوانين التي تسمح لها
بسط نفوذها والتحكم في اآلخرين .كما أن الجماعات المنظمة والتي تؤثر في القرارات السياسية
هي التي تسيطر على كل شيء ومصالحها الخاصة تؤخذ بعين اإلعتبار عند اتخاذ القرارات
أكثر من المصلحة العامة .ثم إن فكرة العقالنية في التخطيط ووضع اإلستراتيجيات وحسن
التوجيه ،هي محدودة وكل شيء يتوقف على أخالق وقيم وذكاء األفراد الذين يشرفون على
التسيير وبيدهم السلطة واتخاذ القرارات النهائية.
اإلدارة هي الجهاز التنفيذي المكلف بتطبيق قوانين الدولة وتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين
وذلك في إطار القوانين المرسومة واألهداف التي وضعتها القيادة السياسية في خططها السياسية
واإلقتصادية واإلجتماعية .وعليه ،فإن علم اإلدارة يهتم بصفة خاصة برؤساء الحكومات
وبالبرلمانيين الذين يتم انتخابهم من طرف الشعوب لكي يناقشوا السياسة العامة للدولة ويحددوا
أهدافها الدقيقة ويعطوها صفة المشروعية ثم يحيلوها إلى الجهاز التنفيذي لتحويلها من نظريات
5
إلى أعمال ملموسـة.
اإلدارة هي اإلرادة والمقدرة على تنظيم وتحفيز العاملين بحيث أن مجهوداتهم وطاقاتهم تصرف
في تحقيق األهداف المشتركة .والفكرة األساسية التي يمكن الخروج بها من هذا التعريف هي أن
اإلدارة تهدف في األصل إلى تحديد األهداف المشتركة ثم تجنيد األفراد للعمل وحثهم على
التعاون فيما بينهم وبين اإلدارة حتى يساهم الجميع في خدمة القضايا المشتركة التي يمكننا أن
نسميها بالمصلحة العامة .ولعل المشكل الذي يطرح هنا :كيف يمكن فصل مصالح األفراد عن
مصالح المؤسسات ومصالح الجمهور ؟ فلكل مصلحته الخاصة به وأهدافه البعيدة المدى ،ومن
الصعب االتفاق على أية خطة ال تلبي اإلحتياجات األساسية ألي طـرف.
الخاتمة :
6
وهناك تعاريف أخرى كثيرة للتوسع ،يمكن مراجعة :
أ -/محمد ابراهيم عنبر ،الضوابط العلمية والقانونية لإلدارة العامة ،القاهرة :الهيئة المصرية العامة للكتاب،
.1973
ب -/محمود عساف ،أصول اإلدارة ،القاهرة :مكتب لطفي لآلالت الكاتبة.1979 ،
ونستخلص من هذه المفاهيم والتعاريف أن علم اإلدارة يتمثل في تخطيط السياسة العامة للدولة
والبحث عن األساليب الفعالة لوضع تلك الخطط حيز التنفيذ وتحويلها من نظريات على الورق
إلى نتائج ملموسة يقطف ثمارها كل مواطن .وخالفا لما يتصور الكثير من الناس ،فإن دور
اإلدارة ال يقتصر على تقديم الخدمات للمواطنين وحل مشاكل أبناء الشعب حسبما تنص عليه
القوانين الجاري العمل بها فحسب ،بل يمتد دورها إلى حماية جميع األفراد من الظلم ،وتوفير
األمن ،وفرض الضرائب وحرمان األفراد من القيام بأي عمل ال يروق لرجال اإلدارة أن يقوم
به أي مواطن .كما أن قوة اإلدارة مستمدة من قوة السلطة المركزية ،وبالتالي فإن علم اإلدارة
يهتم بصفة خاصة بتحديد الحقوق والواجبات للمواطنين ،وتوزيع الثروات واألموال على
المؤسسات لتمكينها من إنجاز المهام المسندة إليها ،وتوجيه األفراد وتقديم المساعدة إليهم
إلعانتهم على تنفيذ السياسة العامة للدولة بأحسن األساليب العلمية التي يعرفها العقل البشـري.
المراجع :
ص،1977 ، الكويت وكالة المطبوعات،التنظيم والعمليات اإلدارية ،فريد راغب النجار
.131-130
Michel Crazier, « Sentiments, Organisation et systèmes », )1(
,Revue Française de sociologie
.pp . 141-154
.S.Nair et M.Lowy, Goldman, Paris : Seghers, 1973, p. 27
.Hodgkinson, Op-cit, p. 10
Ibid, pp 10-11