Professional Documents
Culture Documents
نقد قاعدة نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه
نقد قاعدة نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه
ﱡﭐﲼ األول :قوله" نتعاون فيما اتفقنا عليه" وهذا الشق الكالم فيه مبين على قوله تعاىل:
ﳅ المائدة٢ :
ﲽﲾﲿﳀﳁﳂ ﳃﳄ ﱠ
فإن كان االتفاق على أمر باطل مل جيز التعاون فيه ،فليست العلة يف االتفاق ،بل العلة يف
ك ون الش يء املتف ق علي ه مواف ق للش رع ،ف إن خالف ه ك ان ه ذا من التع اون على اإلمث
والعدوان الذي هنى اهلل عنه.
أما إن كان موافقا للشرع كان هذا التعاون مما حث عليه الشارع ورغب فيه ،وهبذا املعىن
كان الشق األول من القاعدة ال إشكال فيه.
أما الشق الثاين فقوله" :ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه" والكالم فيه من وجوه:
األول :أن العذر وعدم اإلنكار ال جيري يف كل مسائل اخلالف ،فالقول إن خالف سنة أو
إمجاعا قدميا وجب إنكاره باتفاق أهل العلم ،والذي يسوغ فيه االختالف وال يتعني فيه
اإلنكار ،ما مل يكن فيه سنة وال إمجاع وكان لالجتهاد فيه مساغ ،قال شيخ اإلسالم -
رمحه اهلل " :-وق وهلم :مس ائل اخلالف ال إنك ار فيه ا ليس بص حيح ،ف إن اإلنك ار إم ا أن
يتوجه إىل القول باحلكم أو العمل ،أما األول فإذا كان القول خيالف سنة أو إمجاع اً قدمياً
وجب إنك اره وفاق اً ،وإن مل يكن ك ذلك فإن ه ينك ر مبع ىن بي ان ض عفه عن د من يق ول:
املص يب واح د ،وهم عام ة الس لف والفقه اء ،وأم ا العم ل ف إذا ك ان على خالف س نة أو
إمجاع وجب إنكاره أيض اً حبسب درجات اإلنكار ...وأما إذا مل يكن يف املسألة سنة وال
إمجاع ولالجتهاد فيها مساغ مل ينكر على من عمل هبا جمتهداً أو مقلداً" ، 1وسبب اخلطأ
( )
الث اني :أن أه ل الس نة واجلماع ة يوال ون املؤمن املس تقيم على دين ه والء ك امالً وحيبون ه
وينصرونه نصرة كاملة ،ويتربؤون من الكفرة وامللحدين واملشركني واملرتدين ويعادوهنم
عداوة وبغض اً كاملني .أما من خلط عمالً صاحلاً وآخر سيئاً فيوالونه حبسب ما عنده من
اإلميان ،ويعادونه حبسب ما هو عليه من الشر.
يقول شيخ اإلسالم ابن تيمية رمحه اهلل" :وإذا اجتمع يف الرجل الواحد :خري وشر ،وفجور
وطاعة ،ومعصية وسنة وبدعة استحق من املواالة والثواب بقدر ما فيه من اخلري ،واستحق
من املع اداة والعق اب حبس ب م ا في ه من الش ر ،فيجتم ع يف الش خص الواح د موجب ات
اإلكرام واإلهانة كاللص تقطع يده لسرقته ،ويعطى من بيت املال ما يكفيه حلاجته ،هذا
هو األصل الذي اتفق عليه أهل السنة واجلماعة ،وخالفهم اخلوارج واملعتزلة ومن وافقهم)
)
(3
الثالث :ليس الشأن يف أن جيتمع عليك العدد الكبري من األتباع ،وإمنا الشأن يف أن يكون
ه ؤالء متبعني للكت اب والس نة ،متناص حني فيم ا بينهم ،يعظم ون ح ق اهلل ع ز وج ل
ويعظم ون حرمات ه ،حيب ون يف اهلل ويبغض ون في ه ،حني إذ يتحق ق وع د اهلل فيهم بنص رته
وتأييده كما كان حال أتباع األنبياء من النصر مع قلتهم وكثرة عدوهم ،وقد ورد عن
ابن عب اس رض ي اهلل عنهم ا قول ه" :من أحب يف اهلل ،وأبغض يف اهلل وواىل يف اهلل ،وع ادى
)( 4رواه حممد بن نصر املروزي يف ((تعظيم قدر الصالة)) ( ،)1/406والعدين يف ((اإلميان)) (
،)63وأورده السيوطي يف ((الدر املنثور)) ( )8/87وقال :وأخرج ابن أيب شيبة ،واحلكيم الرتمذي
يف ((نوادر األصول)) ،وابن أيب حامت عن ابن عباس مث ذكره بنحوه ...وفيه الليث بن أيب سليم قال
عنه ابن حجر يف ((تقريب التهذيب)) ( :)2/48صدوق اختلط جدا ومل يتميز حديثه.