You are on page 1of 17

Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020

‫الحرف اليدوية المرتبطة بالفروسية المغربية التقليدية‬


‫من خالل الشعر الملحون‬
– ‫– مقاربة لغياتية‬

‫وهيب زنفوخ‬
URAC56 – ‫مختبر اللغة والمجتمع‬
‫جامعة ابن طفيل – القنيطرة‬

‫ فإن اللغية‬،‫ إذا كانت اللغات المتخصصة تندرج في سياق الدراسات اللسانية االجتماعية التي تمنح كل االمتياز لمجال الكتابة فقط‬:‫ملخص‬
‫ بالمجتمعات التي تعتمد في‬،‫ إلى جانب النسق اللغوي لدى كل مجتمع كتابي‬،‫ بحيث تهتم باألساس‬،‫التقنية تدعو إلى مقاربة أكثر شمولية‬
‫) بين لغية عالمة ترتبط‬2012( Leila Messaoudi ‫ تميز ليلى المسعودي‬،‫ ومن ثمة‬.‫ممارساتها التواصلية على الموروث الشفهي‬
.ً‫ ولغية عادية يحدثها النسيج المهني والحرفي بحيث تكتسب باستمرار وبكل عفوية ويتم تداولها شفويا‬،‫بالحقل العلمي واألكاديمي‬
‫ ارتأينا أن نتناول بالدراسة والتحليل منظومة الحرف التقليدية المرتبطة بالفروسية المغربية األصيلة على اعتبار أنها‬،‫من هنا‬
‫ ويقتضي تجسيد طقوس ركوب الخيل وشعائره‬.‫توفر لغية تقنية عادية وأخرى عالمة ظلت طيلة قرون خلت تؤثث متون الشعر الملحون‬
‫ فبعد أن نعالج رصيد الوحدات اللغياتية‬.‫في حضارة بالدنا الكشف عن صنائع وفنون عريقة ظلت تساهم في إعداد كسوة الفرس وزينته‬
‫ نسعى أن نستثمر حصيلة هذه الوحدات في مقاربة ديداكتيكية تهم التكوين المتخصص لفائدة‬،‫ وكذا مستوياتها الخطابية‬،‫و دالالتها اللفظية‬
.‫ حفاظا ً على صناعة السروج التقليدية من التلف واالندثار‬،‫األجيال الجديدة من المعلمين الحرفيين‬

.‫ اللغية التقنية ؛ لغية عادية ؛ لغية عالمة ؛ مقاربة لغياتية ؛ الحرف اليدوية ؛ الفروسية التقليدية ؛ الشعر الملحون‬:‫كلمات مفاتيح‬

Titre / L’artisanat équestre marocain à travers la poésie du malhun : approche technolectale


Résumé / Si les langues spécialisées s’inscrivent dans le sillage des études sociolinguistiques qui
privilégient exclusivement le domaine de l’écrit, le technolecte occasionne une approche plus globale,
celle d’interroger, outre le système linguistique propre à toute société faisant prévaloir le discours écrit,
les communautés humaines qui reposent dans leurs pratiques interactives sur le patrimoine oral. A cet
égard, Leila Messaoudi (2012) distingue entre un technolecte savant caractérisant le champ scientifique
et académique, et un technolecte ordinaire établi par le tissu professionnel et artisanal, étant donné que
l’acquisition des savoirs s’opère continûment et spontanément tout en se déployant à l’oral.
Cela étant, nous envisageons d’entreprendre une approche analytique de l’artisanat équestre marocain,
sachant qu’il constitue un technolecte qui caractérise, des siècles durant, le corpus de la poésie du
malhun La représentation des rites et coutumes de l’équitation traditionnelle dans la civilisation de
notre pays requiert de mettre à découvert des arts et métiers multiséculaires ayant longtemps contribué à
la fabrication du harnachement du cheval. Seront donc examinés, en vue de les analyser, les unités
technolectales, leurs charges sémantiques, au même titre que les niveaux discursifs, avant de proposer
sur une exploitation didactique de ce technolecte dans le cursus de formation spécialisée de la nouvelle
génération des maîtres artisans, et dans la perspective de sauvegarder la sellerie traditionnelle en voie de
disparition.
Mots clés : technolecte ; technolecte ordinaire ; technolecte savant ; approche technolectale ; métiers de
l’artisanat ; équitation traditionnelle ; poésie du malhun.

Title : Moroccan equestrian craftsmanship in the poetry of malhun : technolectal approach


Abstract : If specialized languages come within sociolinguistic studies which exclusively privilege the
field of writing, the technolect requires a more global approach, that of questioning, besides the
linguistic system specific to any society which makes written discourse prevail, the human communities
which are based in their interactive practices on oral heritage. In this regard, Leila Messaoudi (2012)
distinguishes between a learned technolect characterizing the scientific and academic field, and an
ordinary technolect established by the professional and artisanal sector, giving that the knowledge
acquisition can be made continuously, spontaneously and orally.
Therefore, we plan to undertake an analytical approach of Moroccan equestrian craftsmanship, knowing
that it constitutes a technolect wich characterizes, for centuries, the corpus of malhun poetry. The
representation of rites and customs attached to traditional horsemanship in the civilization of our country
197
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫‪involves discovering ancestral arts and crafts that have incessantly contributed to the production of horse‬‬
‫‪harness. In this paper, we aim to identify and analyze firstly the technolectal unites and their semantic‬‬
‫‪aspects, along with the discursive levels, before proposing a didactic use of this technolect in the‬‬
‫‪specialized training course for the new generation of master craftsmen, in order to safeguard the creation‬‬
‫‪of traditional saddles that is dying out.‬‬
‫; ‪Keywords : technolect ; ordinary technolect ; learned technolect ; technolectal approach ; craft trades‬‬
‫‪traditional horse riding ; poetry of malhun.‬‬

‫إذا كانت الدراسات اللسانية الحديثة تدعو عند مقاربتها التحليلية للغات المتخصصة إلى منح كل االمتياز إلى مجال الكتابة‬
‫فحسب‪ ،‬فإن اللغية التقنية تستدعي إحاطة علمية أكثر شمولية‪ ،‬بحيث تعنى باألساس‪ ،‬إلى جانب الوعاء اللغوي لدى كل مجتمع كتابي‪،‬‬
‫بالمجتمعات التي ترتكز في ممارساتها التواصلية على الموروث الشفهي‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬تميز ليلى المسعودي ‪Leïla Messaoudi‬‬
‫(‪ ) 2012‬بين لغية عالمة تهم الميدان العلمي واألكاديمي‪ ،‬ولغية عادية شكلها الحقل المهني والحرفي بحيث تكتسب بشكل عفوي ومستمر‬
‫ويتم تداولها شفوياً‪.‬‬

‫هذا‪ ،‬وتصبو دراستنا هاته نحو معالجة منظومة الحرف التقليدية المرتبطة بالفروسية المغربية األصيلة‪ ،‬ال سيما وأنها أحدثت‬
‫لغية تقنية ظلت طيلة قرون مضت تؤثث متون الشعر الملحون‪ ،‬أو ما يصطلح عليه بعبارة "ديوان المغاربة"‪ .‬فحين ينكب شيخ ّْ‬
‫السجيَّة–‬
‫وال غرو في ذلك‪ ،‬بحيث كان في الغالب صانعا تقليديا يمتهن حرفة عريقة بالمدينة العتيقة ألكبر حواضر المملكة – على التعبير األدبي‬
‫عن عادات وشعائر ركوب الخيل في حضارة بالدنا ‪ ،‬يتبين لنا‪ ،‬في هذا الصدد‪ ،‬أنه ال يدخر جهداً في الكشف عن صنائع وفنون ما زالت‬
‫سائدة وقد ساهمت في إعداد كسوة الفرس وزينته‪ .‬كما ترتك ز هذه المادة الشعرية الفريدة على تقاطع وحدات لغياتية عادية وأخرى عالمة‪،‬‬
‫مما يضمن لناظم ال ّْقصيدة‪ ،‬انطالقا ً من غزارة المصطلحات المعجمية واعتماداً على تنوع الدالالت اللفظية‪ ،‬إضافة إلى تعدد المستويات‬
‫طيِّعاً‪ ،‬بقدر ما يُ ّْك ِرم المتلقي بصور حسية نابضة من خالل حيوية التصوير وجمالية األسلوب‪.‬‬
‫الخطابية‪ ،‬خياالً ِخصبا ً وتخييالً َ‬

‫‪ .1‬اللغية التقنية ‪ :‬تعريف المصطلح وحقل االشتغال‬

‫استنادا إلى األبحاث األكاديمية والدراسات العلمية التي أصدرتها ليلى المسعودي‪ ،‬يجدر بنا الوقوف عند ماهية اللغية‬
‫التقنية ‪ ،Technolecte‬وخصائصها وكذا وظائفها‪ .‬اللغية التقنية هي دراية بالقول » ‪ ،« un savoir dire‬ذات طابع كتابي أو شفهي‪،‬‬
‫تستخدم أي وسيلة لغوية مالئمة‪ ،‬بهدف تبليغ معرفة » ‪ « un savoir‬أو خبرة» ‪ ، un « savoir-faire‬تندرجان في مجال‬
‫متخصص"‪ .1‬باإلضافة إلى أنها ال تقتصر على نسق لغوي واحد عند التواصل بين األفراد‪ ،‬بحيث "يمكنها أن تظهر في لغة واحدة‬
‫بعينها‪ ،‬كما يمكنها أن تنبثق عن مزج بين لغتين فأكثر"‪.2‬‬

‫وعلى اعتبار أن اللغية التقنية "مجموعة استعماالت معجمية وخطابية خاصة بمجال من مجاالت النشاط البشري"‪ ،3‬تجدر‬
‫اإلشارة إلى أن "المفردات العادية والمصطلحات الشعبية تأتي لتنضاف وترتب ضمن اللغية التقنية"‪ ،4‬علما أنه بإمكانها "أن تشمل‬
‫المصطلحات 'العالمة' المضبوطة والموحدة ‪ -‬كما يمكنها أن تشمل المصطلحات 'العادية' أو 'الشعبية'‪ ،‬أي المتمثلة بتلقائية وعفوية ولم‬
‫تخضع لضبط أو توحيد"‪.5‬‬

‫وانطالقا من هذه الخصائص‪ ،‬يتبين لنا أن ليلى المسعودي تميز بين نوعين أساسيين من اللغيات التقنية ‪:‬‬
‫‪ ‬لغية تقنية عالمة ‪ Technolecte savant‬تهم كل ما دون أو تم تداوله شفهيا‪ .‬وتنتمي إلى حقول معرفية يتداولها‬
‫المختصون كالدراسات النظرية والمقاربات العلمية‪ ،‬وكذا التخصصات التقنية‪ ،‬من قبيل علوم الحياة واألرض؛ علوم‬
‫الفيزياء والكيمياء؛ علوم الهندسة؛ الرياضيات؛ صناعة األدوية‪...‬‬
‫‪ ‬لغية تقنية عادية ‪ Technolecte ordinaire6‬تعتمد على المصادر ذات اإلرث الشفهي‪ ،‬وتحيط بالمعارف التقليدية‬
‫المحلية‪ ،‬بحيث تتعلق‪ ،‬على سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬بالقطاع الفالحي ومجال البناء والحرف اليدوية‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫ميادين حديثة تخص إصالح السيارات والكهرباء‪...‬‬

‫‪ .2‬الحرف اليدوية المرتبطة بركوب الخيل ‪ :‬خزان لغياتي‬

‫‪1‬‬
‫‪Leila MESSAOUDI (2012), "Technolectes savants, Technolectes ordinaires : quelles différences ?", dans Leïla Messaoudi‬‬
‫‪(dir.), Sur les technolectes, Kénitra, Pub. Laboratoire Langage et Société, Univ. Ibn Tofail, Imp. Rabat Net, p. 39.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪Leila MESSAOUDI (2012), Op-cit, p. 39‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Leila MESSAOUDI (2012), "Présentation", Op-cit. , p. 5.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪Op-cit. , p. 5‬‬
‫‪5‬‬
‫‪Op-cit, p. 39‬‬
‫‪6‬‬
‫‪Op-cit, p. 39-41‬‬
‫‪198‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫تمتلك الحرف اليدوية مكانة مميزة في نفوس األفراد خاصة وفي حياة المجتمعات عموما‪ ،‬على اعتبار أنها تشكل موروثا ثقافيا‬
‫وإرثا حضاريا لكل بلد‪ .‬وتستمد هذه التسمية أصلها من كون مصطلح "ال ِحرّْ فة" يدل على االستعانة عند االشتغال باليدين والمهارة في‬
‫التصميم والتصنيع‪ ،‬فضال عن التوسل بأداة غالبا ما تكون بسيطة وذلك من أجل إبداع منتوج معين‪ .‬ومن ثمة‪ ،‬فإن الحرف اليدوية تعتمد‬
‫أساسا على العنصر ا لبشري في كل مراحل إعداد المنتوج إلى حين تسويقه‪ ،‬وما يتطلبه من قدرات ذهنية لدى الصانع عند استخراج أفكار‬
‫إبداعية‪ ،‬وابتكار أساليب متجددة عند التنفيذ المتقن‪ ،‬دون أن ننسى – وهذا أمر ال جدال فيه – اعتزاز المعلم الحرفي بقيمة نشاطه اليومي‬
‫أُثناء إنجاز العمل بل وبعده‪ ،‬حفاظا على الطابع التقليدي الذي يتوارثه الخلف عن السلف منذ قرون خلت‪.‬‬

‫وفي هذا السياق‪ ،‬عديدة هي الحرف التقليدية المرتبطة برافد جوهري من روافد هوية مجتمعنا وأصالته‪ ،‬والقصد هنا تراث‬
‫الفروسية المغربية‪ ،‬السيما وأن عالقة الفرس بالفارس تعتبر منذ اإلرهاصات األولى منظومة حضارية بامتياز‪ ،‬لطالما أسست ببالدنا‪،‬‬
‫موازاة مع االنخراط االجتماعي والمجتمعي‪ ،‬لحركية فنية وثقافية تحددها شروط الجودة وااللتزام بمعايير فردية وجماعية‪ ،‬وتوفرها‬
‫عوامل النهوض بهذا التراث اإلنساني الالمادي وحمايته‪ .‬فقد ظلت تربية الخيول ورعايتها والدة ثم نشأة فترويضا‪ 7‬من جملة األنشطة‬
‫الحرفية األصيلة التي حرص المغاربة على االهتمام بها وإيالئها ما تستوجب من عناية واعتناء وما تستحق من اعتزاز وفخر‪.‬‬

‫من المعلوم أن للخيل مكانة دينية وروحية تنفرد بها لقدسيتها في العقيدة اإلسالمية‪ .‬إنها عالقة فطرية وأبدية تربط اإلنسان بأكرم‬
‫حيوان خلقه هللا تعالى وأنالَهُ منزلة رفيعة لدى البشر‪ ،‬بحيث خصه العلي القدير بالذكر في مجموعة من آيات القرآن الكريم‪ .8‬كما أن‬
‫رسول هللا عليه الصالة والسالم قد أفرد الخيل بعدة أحاديث شريفة تؤكد تلك الحظوة الربانية التي تنعم بها‪ .9‬ثم إن ركوب الخيل قد شكل‬
‫على مر العصور ركيزة أساسية في تكوين أجهزة حكم الدولة المغربية وديمومتها‪ ،‬من خالل ال َحرّْ كات السلطانية والتوظيفات العسكرية‬
‫للفرس في استتباب األمن الداخلي وحتى أدواره التاريخية المصيرية في الحفاظ على الوحدة الترابية للبالد‪ .‬وعالوة على هذا‪ ،‬دأب‬
‫المغارب ة‪ ،‬في زمن السلم أو إبان الحرب‪ ،‬على تقاليد الفروسية كممارسة عريقة‪ ،‬إذ كثرت استعماالت الفرس اليومية في تنقل األفراد ونقل‬
‫األثقال‪ ،‬وتعددت صالحياته الدورية في بعث البريد وإخبار القبائل‪ .‬وجدير بنا أيضا أن نشير إلى أن للفرس حضور احتفالي وفرجوي‬
‫متميز ضمن فعاليات عدة تحكي حياة مجتمع وتشهد على تاريخ دولة‪ ،‬من قبيل إقامة المناسبات الدينية (مواسم األولياء والصالحين)‬
‫وتنشيط الحفالت االجتماعية (زواج‪ ،‬عقيقة‪ ،‬ختان‪ ،‬تبوريدة‪ ،)...‬وخصوصا االحتفاء باألعياد الوطنية (حفل بيعة ووالء الرعية للسلطان)‪.‬‬

‫ثمة عناصر وعوامل إذن ساعدت م نذ عهد بعيد على التأسيس لنشاط اقتصادي كان عند بداياته المتعثرة غير مهيكل وال منظم‪،‬‬
‫لكنه ما لبث أن أصبح متكامال ومتماسكا‪ ،‬بحيث أسهم – وال يزال إلى يومنا هذا – في إغناء القطاعات الفاعلة والخدمات المنتجة‪ ،‬أعني‬
‫بذلك مجال الحرف اليدوية والصنائع التقليدية التي ظهرت وازدهرت لتواكب تجليات الفروسية كتراث وفن ورياضة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬يبدو لنا‬
‫أن هذا النسيج الحرفي العتيق يقدم لنا درسا تعليميا مميزا عن الوعاء المعجمي المتصل بركوب الخيل‪ ،‬والذي ساهم في إثراء الخطاب‬
‫الشفهي الذي يتداوله الصناع فرادى فيما بينهم‪ ،‬وتتواصل عبره هذه الشريحة من الحرفيين في معامالتها التجارية مع خاصة الناس‬
‫وعامتهم‪.‬‬

‫ونستخلص من هذه الرؤية أن الحديث عن الحرف اليدوية التي ترتبط بالفروسية المغربية األصيلة‪ ،‬موضوع الدراسة‪،‬‬
‫يستعصي علينا إن كنا سنتناول لغياتها التقنية باستفاضة وشمولية‪ ،‬وذلك بحكم غزارة الوحدات اللغياتية وتنوع دالالتها‪ ،‬إضافة إلى تعدد‬
‫المستويات الخطابية ‪ .‬لهذا تروم هذه المقاربة معالجة وتحليل منظومة الصنائع التقليدية التي تنكب على كسوة الفرس وزينته‪ ،‬دون أن‬
‫نتناول لباس الفرس وعدته‪ ،‬وذلك من خالل لون أدبي ال نظير له‪ ،‬يجسد تراث المغاربة قاطبة‪ ،‬وأقصد هنا الشعر الملحون‪.‬‬

‫‪ .3‬الحرف اليدوية المرتبطة بالفروسية المغربية األصيلة من خالل الشعر الملحون ‪ :‬مقاربة لغياتية‬

‫"الملحون فراجتو فكالمو"‪ ،‬تلك عبارة صاغها شيخ علم الموهوب‪ ،10‬وتغنى بها منشد فن القريض‪ ،11‬بل تداولها باحث يهتم‬
‫بديوان المغاربة‪ ،‬دون أن ننسى كل من ُش ِغف بالنسق اللغوي لهذا الموروث األدبي المغربي وأُولِع باإلنشاد الطربي لهذا التراث الغنائي‬
‫األصيل‪ .‬تلك أيضا صيغة قد تبدو مسكوكة جاهزة – على غرار المثل الشعبي – لكن دالالتها عديدة وتوظيفاتها متعددة‪ ،‬بحيث أنها‬
‫تختزل كل ما يُعنى بماهية هذا النمط الشعري وأغراضه وبنياته‪.‬‬

‫‪ 7‬محمد بن محمد بن عبد السالم بن الحسن بناني (‪ ،)2016‬دليل الفارس النجيب والكاتب األريب القتناء ووصف خيل السبق والتقريب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر سعود‪،‬‬
‫مراجعة‪ :‬أحمد شوقي بنبين‪ ،‬جمعية معرض الفرس‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪ ،‬ص‪.121 .‬‬
‫‪ 8‬يقول تعالى في سورة آل عمران‪" :‬والخيل المسومة"‪ ،‬وكقوله في سورة األنفال‪َ " :‬وأَ ِعد ۟‬
‫ُّوا لَهُم َّما ٱ ّْستَطَ ّْعتُم ِّمن قُ َّو ٍة َو ِمن ِّربَا ِط ّْٱل َخ ّْي ِل"‪ ،‬ويقول جل جالله في سورة‬
‫َات ّْال ِجيَا ُد "‪.‬‬
‫ض َعلَ ّْي ِه بِ ّْال َع ِش ِّي الصَّافِن ُ‬
‫ُر َ‬‫ص ّْب ًحا "‪ .‬ثم قوله في سورة 'ص' ‪ ":‬إِ ّْذ ع ِ‬‫ت ُ‬‫ت قَ ّْدحًا فَ ّْال ُم ِغي َرا ِ‬ ‫ض ّْبحًا فَ ّْال ُم ِ‬
‫وريَا ِ‬ ‫العاديات‪َ " :‬و ّْال َعا ِديَا ِ‬
‫ت َ‬
‫‪ 9‬قال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪" :‬إن جبريل عاتبني في الخيل"‪ .‬وفي الحديث الشريف أيضا‪ ،‬قال‪":‬اركبوا الخيل فإنها ميراث أبيكم إسماعيل"‪.‬‬
‫‪ 10‬عباس الجراري (‪ ،)1978‬معجم مصطلحات الملحون الفنية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬مطبعة افضالة‪ ،‬ص‪.66 .‬‬
‫‪ 11‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.72 .‬‬
‫‪199‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫يجسد الشعر الملحون حياة المجتمع المغربي برمته‪ ،‬وهو ما عبر عنه شيوخ ال ّْس ِجية‪ 12‬على مر العصور عند اهتمامهم بالعديد‬
‫من قضايا الناس‪ .‬فقد أبرزت إبداعاتهم الشعرية هوية بالد المغرب ومقوماته الحضارية من فنون اللباس والطبخ والعمارة وما إلى غير‬
‫ذلك‪ ،‬بل كان لهذه التجارب اإلبداعية الفضل في التوثيق ألحداث تاريخية ودينية مصيرية‪ .‬انطالقا من هذا‪ ،‬يتضح لنا أن ثراء أدب‬
‫الملحون من قصائد وسرارب‪ 13‬يتجلى في تعدد أغراضه وتنوعها‪ ،‬إذ غدت األشياخ تَن ِظم في التوسل واإلرشاد‪ ،‬في الوصف والسرد‪ ،‬في‬
‫الهجاء والمدح‪ 14...‬وبشكل أخص‪ ،‬تشتمل خزانة الملحون على مادة شعرية ال تقل أهمية عن موضوعاته المتشعبة والمتداولة‪ ،‬مادة فنية‬
‫ترتبط باألساس بممارسة حضارية عريقة‪ ،‬قلَّما َع َكف عليها الشعراء بمثابة مصدر إلهام إبداعي أو كتخييل أدبي‪ ،‬نعني هنا الحرف‬
‫اليدوية المتعلقة بالفروسية التقليدية المغربية‪،‬‬

‫وعلى اعتبار أن الشعر الملحون يشكل المتن األدبي الذي اعتمدنا عليه لرصد الوحدات اللغياتية التي تنتمي إلى مجال الحرف‬
‫اليدوية المرتبطة بالفروسية المغربية التقليدية‪ ،‬انخرطنا في تجربة اطالع ومطالعة ألحد عشر ديوانا ً من دواوين موسوعة الملحون التي‬
‫أصدرتها أكاديمية المملكة المغربية – كان آخر ما نشرته ديوان قيدوم الشعراء الشيخ الحاج أحمد سهوم – التي سهرت على جمعها لجنة‬
‫الملحون تحت إشراف عباس الجراري‪ ،‬عضو أكاديمية المملكة‪ .‬وقد مضينا أيضا للغوص بين ثنايا معلمة الملحون التي أشرف عليها‬
‫محمد الفاسي‪ ،‬وذلك بغية البحث عن قصائد أخرى نظَمها شيوخ من أهل الملحون‪ ،‬نعتبرها بالغة األهمية من حيث معالجتها لموضوع‬
‫دراستنا هاته‪.‬‬

‫لهذا‪ ،‬ارتأينا أن تتناول مقاربتنا هذه رصد ثم تحليل صنف أساسي من اللغيات التقنية يبرز الحرف اليدوية المرتبطة بالفرس‬
‫وكسوته والعناية به‪ .‬وسنعالج إذن في هذا المحور الذي يقف عند طقم السرج أربعة مباحث وهي‪ :‬مبحث المواد‪ ،‬مبحث األدوات‪ ،‬مبحث‬
‫المنتوج‪ ،‬مبحث زواقات المنتوج‪ .‬ثم ستصبو دراستنا هذه إلى اقتراح مصوغات ديداكتيكية تهم استثمار حصيلة هذه المقاربة اللغياتية‬
‫ضمن برامج التكوين المتخصص في مجاالت الحرف التقليدية المتصلة بركوب الخيل‪.‬‬

‫من الطبيعي‪ ،‬في تقديرنا‪ ،‬أن نعتمد اإلحاطة بهذا المحور الذي يهم كسوة الفرس‪ ،‬على اعتبار أن تراث الفروسية العربية‬
‫األصيلة وال سيما المغربية يستمد حيويته وعراقته من نواة صلبة تبرز اشتقاق التسمية وتجسد دعامة الممارسة‪ ،‬أي الفرس‪ ،‬وما يتحلى به‬
‫من مستلزمات جمالية ووظيفية‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬دأب أهل الملحون‪ ،‬عالوة على استحضار اسم الفرس ولونه وأصله وأصالته‪ ،15‬على‬
‫إبراز كسوته وزينته من خالل وصف شعري وبالغي‪.‬‬

‫وإن كان أصل الفروسية‪ ،‬كما يقال‪ ،‬هو الثبات بشجاعة وإقدام على الفرس العُري‪ ،‬أي الفرس العاري غير ال ُم َسرَّج – وهو ما‬
‫يصطلح عليه بلفظة " ّْم َّال ِطي" في معجم لغة الملحون‪ – 16‬فإن ركوب الخيل تطلب‪ ،‬بعد تدجينها وتطويعها وتليين طبائعها‪ ،‬االعتناء‬
‫بحسن مظهرها والعناية بقيمة معداتها‪ .‬وفي سبيل تحقيق ذلك‪ ،‬أفرد المغاربة لهذا الموروث الحضاري ِحرفة استدعت مهارة الصناع‬
‫وحذاقة الصانعات‪ ،‬كي يبدعوا‪ ،‬ليس للعوام فحسب بل للخواص أيضا من علية القوم والملوك والسالطين‪ ،‬منتوجا مغربيا أصيال ظل‬
‫يكسو منذ عهد بعيد صهوة الفرس ويزينها بحلل زاهية وثمينة‪ ،‬والقصد هنا السَّرّْ ج‪.‬‬

‫في هذا الصدد‪ ،‬تَيسَّر ألهل الملحون جمع شتات ما تفرق في صنعة السَّرا َجة التقليدية من وحدات لغياتية‪ ،‬تدل كل واحدة منها‬
‫"السرّْ ج"‪ .‬جاء في لسان العرب‪" ،‬السَّرّْ ج" هو " َرحّْ ل‬ ‫ّْ‬ ‫على مكون من مكونات كسوة الفرس‪ ،‬أو ما يعرف عادة عند الصانع التقليدي باسم‬
‫ُ ‪17‬‬
‫اجة" ‪.‬‬ ‫ُوج وصانعها‪ ،‬وحرفته الس ََّر َ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ُّ‬
‫س‬ ‫ال‬ ‫بائع‬ ‫الدابة‪ ،‬معروف‪ ،‬والجمع سُروج‪ .‬وأَ ّْس َر َجها إِسّْراجاً‪ ،‬وضع عليها السرج‪ .‬وال َّسرَّا ُج‬
‫وقد عبر "ديوان المغاربة" عن هذا االستعمال المفرد كما يلي‪:‬‬
‫‪18‬‬
‫بالواجب وحدي ا ّْنشَد َسرّْ جي وا ّْن َس ّْتوا فُوق سابَق ال ِخيل مكَرّْ َود‬
‫َ‬ ‫قُلت‬

‫ّْنان فو ّْق البرية‬


‫ف َسرّْ ّْع الع ّْ‬ ‫َر ّْكبَ ّْ‬
‫ت عن ش ّْهبَة صا ّْيلَة سري َعة ت َّْخطَ ّْ‬
‫‪19‬‬
‫َسرّْ جّْ عليها مقيو ّْم وركابّْ امشللّْ تشليلّْ‬
‫كما طرأت على بنية لفظة "السَّرّْ ج" تغييرات صوتية‪ ،‬إذ تم نطق السين شينا في الخطاب العا ِّمي‪ ،‬ونمثل لذلك من خالل‬
‫النموذج التالي‪:‬‬
‫‪12‬‬
‫المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.55 .‬‬
‫عباس الجراري (‪ ،)1970‬الزجل في المغرب‪ ،‬القصيدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬ص‪.147 .‬‬ ‫‪13‬‬

‫عبد الصمد بلكبير (‪ ،)2010‬شعر الملحون‪ ،‬الظاهرة ودالالتها‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1.‬ج‪ ،1.‬ص‪.253-239 .‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ 15‬زنفوخ وهيب (‪" ،)2020‬تراث الفروسية المغربية كخزان للقيم اإلنسانية من خالل شعر الملحون" ضمن الفن المكمول‪ ،‬نحو مقاربة جديدة للشعر الملحون‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬منشورات النادي الجراري‪ ،‬رقم ‪ ،92‬مطابع الرباط نت‪ ،‬ط‪ .1 .‬ص‪.373 .‬‬
‫‪ 16‬محمد الفاسي(‪ ،)1991‬معلمة الملحون‪ ،‬ج‪ ،2.‬ق‪" ،1.‬معجم لغة الملحون"‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬ص‪.118 .‬‬
‫‪ 17‬ابن منظور‪ ،‬جمال الدين (‪ ،)1999‬لسان العرب ‪ ،‬ت‪ :‬أمين عبد الوهاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ج‪ ،6 .‬مدخل سرج‪.‬‬
‫‪ 18‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.639‬‬
‫‪ 19‬محمد بن علي المسفيوي الدمناتي (‪ ،)2016‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة‬
‫المغربية‪ ،‬ص‪.524 .‬‬
‫‪200‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫‪20‬‬
‫ب ّْع ِقي ّْق وعقيان‬ ‫واشرّْ ج موبَّرّْ َع ّْدرة ا ّْمنَبّْتة‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن لغة فن القريض حافظت‪ ،‬بالرغم من اعتبارها نسقا لسانيا شعبيا‪ ،‬على صيغة " ُسرُوج" بمثابة جمع كلمة‬
‫" َسرج"‪ ،‬كما جاء في البيت الشعري‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫ّْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫وهو يا سيدي ُموّْ لوع بالس َّْراتَة َمرّْ ڭو ِمين ال ُّسرُوج‬
‫لكن‪ ،‬تم رصد وحدة لغياتية عادية تخالف تشكيل الجمع المتعارف عليه في اللغة العربية المعيارية‪ ،‬فأصبحت كلمة " ُسرُوج"‬
‫عبارة عن " ّْسرُو َجة" في نظم السلطان موالي عبد الحفيظ‪:‬‬
‫‪22‬‬
‫مركوبي مسروج من سروجة يَفهى في اشكالها‬
‫الفرس‪ :‬شد عليه السَّرّْ ج أي الرَّحّْ ل الذي يُوضع على ظهره فيُ ّْقعد عليه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقد ورد في معجم اللغة العربية المعاصرة‪" :‬أسر َج‬
‫َّج يُسرِّج‪ ،‬تسريجا ً‪ .‬فهو ُم َسرِّ ج‪ ،‬والمفعول ُم َسرَّج"‪ .23‬ويتداول أهل الملحون من أرباب الصنعة لفظة " َم ّْسرُوج" بدال من لفظ "‬ ‫سر َ‬
‫ُم َسرَّج "‪ ،‬كما يوثق لذلك بالبيت التالي‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫ظ رانِي دايَم احّْ ٍريص َم ّْسرُوج ا ّْم َوجَّد‬ ‫قال عَوّْ ِدي يا ِسي ِدي على ال َح ّْ‬
‫وقد يطلَق على "السَّرج" مصطلح "ال ّْس ِري َجة" الذي يزعم بعض اللغويين أنه يحمل داللة قدحية بحكم بنيته كاسم تصغير‪:‬‬
‫‪25‬‬
‫لو اركب عن شلوي يبغي اندرجه يلقاني على الجواد بسريجة‬
‫َّج الشي َء‪َ :‬زيَّنه"‪ ،26‬وهو ما أكده أحمد مختارعمر‪ :‬سرَّج هللاُ وجهَه‪ :‬حسَّنه‪ ،‬بهجه"‪ .27‬من هنا يتضح‬ ‫ويضيف ابن منظور‪َ " :‬سر َ‬
‫لنا أن السرج يؤدي‪ ،‬باإلضافة إلى كونه مطية اإلنسان عند التنقل والنقل‪ ،‬وظيفة جمالية إذ يضفي على الخيل زينة يتباهى بها الفارس في‬
‫زمن السلم كما في فترة الحرب‪ ،‬وذلك مصداقا لقوله تعالى في الكتاب الحكيم‪َ " :‬و ّْال َخ ّْي َل َو ّْالبِغَا َل َو ّْال َح ِم َ‬
‫ير لِتَرّْ َكبُوهَا َو ِزينَةً َويَ ّْخلُ ُ‬
‫ق َما َال‬
‫تَ ّْعلَ ُمونَ "‪.28‬‬
‫وقبل أن ننطلق إلى معالجة الوحدات اللغياتية التي تنتمي إلى حرفة السراجة المغربية‪ ،‬يجب التذكير بأنه سيتم ترتيب األلفاظ‬
‫ألفبائيا ً بحسب ورودها ف ي النطق‪ ،‬بدون مراعاة األلف التي تمكننا من اإلتيان بالساكن‪ ،‬وال الالم المعرفة في الدارجة‪ ،‬وال حتى األلف‬
‫والالم المعرفة أيضا‪ .‬وتجدر اإلشارة كذلك إلى أن كل مبحث مستقل عن غيره كما المباحث في الترتيب األلفبائي‪.‬‬

‫سنعالج إذن في هذا الباب الذي يقف عند طقم السرج أربعة مباحث وهي ‪:‬‬

‫‪ .1.3‬مبحث المواد‬

‫‪ .1.1.3‬مواد الصياغة والترصيع‬

‫▪ الحّْ دي ّْد‬
‫"حدائِ ٌد"‪ ،‬يدل على معدن لونه رمادي يميل إلى الزرقة‪ .‬واستنادا لما ورد في معجم اللغة‬ ‫اسم مفرد يقابله "ال َحديد" ويجمع على َ‬
‫العربية المعاصرة‪ ،‬فإنه "قابل للطَّرق والسحب والتشكيل‪ ،‬يجذبه المغنطيس ويصدأ بسرعة‪ ،‬ويندر أن يوجد في حالة نقاء" ‪ .‬ويقدم له‬
‫‪29‬‬

‫المطاوع أي سهل الطرق أو‬


‫ِ‬ ‫أحمد مختار عمر ثالث أصناف هي‪ :‬الحديد ال َّزهر ذو صالبة عالية تخول له تحمل الضغط‪ ،‬الحديد‬
‫‪30‬‬
‫التشكيل‪ ،‬ثم الحديد الصُّ لب‪.‬‬
‫و"الحديد" اسم سورة من سور القرآن الكريم‪ ،‬وهي السورة رقم ‪ 25‬في ترتيب المصحف‪ ،‬مدنية‪ ،‬عدد آياتها تسع وعشرون آية‪.‬‬
‫وتعتبر السورة القرآنية الوحيدة التي تحمل اسم عنصر من العناصر المعروفة لنا‪ ،‬والتي يبلغ عددها خمسة ومائة (‪ )105‬عنصر‪ .‬يقول‬
‫ُ‬ ‫ّْ‬
‫هللا عز وجل‪َ ":‬وأَ ّْن َز ّْلنَا ّْال َح ِدي َد فِي ِه بَأسٌ َش ِدي ٌد َو َمنَافِ ُع لِلنَّ ِ‬
‫‪31‬‬
‫نزل إنزاال من السماء‪ ،‬وتؤكد أن هذا‬‫اس" ‪ .‬تفيد هذه اآلية الكريمة أن الحديد أ ِ‬
‫المعدن يمتاز بما يضر اإلنسان وما ينفعه في حياته الفردية والجماعية‪.‬‬

‫‪ 20‬ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫ص‪.308.‬‬
‫‪ 21‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪.309‬‬
‫‪ 22‬السلطان موالي عبد الحفيظ (‪ ،)2014‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫ص‪.311.‬‬
‫‪ 23‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬مدخل سرج‪.‬‬
‫‪ 24‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.639.‬‬
‫‪ 25‬أحمد الڭندوز (‪ ،)2011‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬ص‪.485.‬‬
‫‪ 26‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل سرج‪.‬‬
‫‪ 27‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل سرج‪.‬‬
‫‪ 28‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة النحل‪ ،‬اآلية ‪.8‬‬
‫‪ 29‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل حديد‪.‬‬
‫‪ 30‬المرجع نفسه‪ ،‬مدخل حديد‪.‬‬
‫‪ 31‬القرآن الكريم‪ ،‬سورة الحديد‪ ،‬اآلية ‪.25‬‬
‫‪201‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫وفي السياق ذاته‪ ،‬استُخ ِدم الحديد في األنشطة الصناعية وال سيما التقليدية‪ ،‬بحيث استعمله َ‬
‫الح َّداد لصنع لوازم السرج من لجام‬
‫واركاب وخرص وابزيمات‪ ،‬عالوة على التوسل به عند ابتكار لوازم عدة الفارس من أسلحة جارحة وأخرى نارية‪ .‬وبالرغم من عدم‬
‫توفر الرصيد المعجمي على وحدات لغياتية عديدة تهم هذه المادة المعدنية‪ ،‬نمثل الستعمالها الحربي من خالل األبيات التالية‪:‬‬
‫اري‬‫بالحّْ ِديد اختلفُوا بين دُوا ودُوا على العّْقاري حافظين طَي‪ّْ32‬ف الح َّد ِ‬
‫في اللطام يحُو ُموا نَحّْ ِكي أسُود في يَوّْ م ال َكسّْرة‬

‫ان في حُو َمة ال ّْسقَا َرة َراكَبّْ فُو ّْق اجّْ َوادُه‬ ‫س ُّْلطَ ّْ‬
‫‪33‬‬ ‫ُوف الطَّع ّّْْن وال ّْمزَ ا َر ّْق وا ّْم َعا ّْه ا ّْبطَالّْ غ ّْ‬
‫َاط َسة في ال َّزرّْ ّْد والحّْ ِدي ّْد‬ ‫بَ ّْسي ّْ‬

‫▪ الدّْرارّْ‬
‫تفيد معاجم اللغة العربية أن مصطلح "ال ُّد َرر" – شأنه في ذلك شأن "ال ُّدرَّات" – هو جمع كلمة "دُرٌّ"‪ .‬ثم إن الواحدة من هذه‬
‫رواسب أو جوام َد ص ُّْلبَ ٍة ل َّماعة مستديرة في بعض‬
‫َ‬ ‫اللفظة هي ال ُّدرَّة‪ ،‬وتعني اللؤلؤة العظيمة الكبيرة‪ .‬فهي تتكون في األصداف من‬
‫الحيوانات المائية الدنيا من الرخويات‪ .‬ويقال‪ُ " :‬درَّة التاج‪ :‬أبرز وأغلى ما فيه [‪ ]...‬كال ُّدرَّة المكنونة‪ :‬كاللؤلؤة المستورة داخل صدفتها‪،‬‬
‫تُشبَّه بها المرأة التي تصون نف َسها عن التبذل"‪ .34‬وما يميز الدرر هو الصفاء والحسن والبياض واللمعان‪ ،‬بحيث يشير ابن منظور في‬
‫‪35‬‬
‫ي في أفُق السماء‪ ،‬أي الش ِدي َد ا ِإلنا َر ِة"‪.‬‬ ‫معجمه‪ :‬وفي الحديث‪ :‬كما تَ َروّْ نَ الكوكب ال ُّدرِّ َّ‬
‫وفي األبيات التالية‪ ،‬لجأ الناظم إلى استعمال لفظة " ّْد َرارّْ " في صيغة الجمع‪ ،‬مقتبسا بنيتها من المعجم العربي الفصيح‪ ،‬وذلك‬
‫للتعبير عن زينة ونفاسة سرج الفرس من خالل ند رة األحجار الكريمة التي تستخدم‪ ،‬إلى جانب المعادن الصقيلة‪ ،‬في توشيح وتطريز‬
‫القطع الحرفية‪:‬‬
‫ارّْ كَابّْ َم ّْن ال ّْدهَبّْ تورا ّْق وتنيل‬ ‫ا ّْمها َم ّْز ا ّْتاللِي‬
‫‪36‬‬
‫ّْالجا ّْم من الدّْرارّْ ا ّْم َكلَّلّْ تَ ّْكلِيلّْ‬ ‫ا ّْب َر ّْس ّْع اآللِي‬

‫▪ ال ّْدهَب‬
‫اسم مفرد‪ ،‬معروف‪ ،‬بمعنى "ال َّذهَب" والجمع‪ " :‬أَ ّْذهَابٌ " و " ُذهُوبٌ "‪ .‬و تجدر اإلشارة إلى أن "القطعة منه َذهَبَةٌ‪ ،‬وعلى هذا‬
‫ضةَ‪ ،‬وال يُ ّْنفِقونَها في سبيل هللا ؛‬ ‫ت بٍلُ َغتِهم‪ :‬والذين يَ ّْكنِزونَ ال َّذه َ‬
‫َب والفِ َّ‬ ‫يُ َذ َّكر ويُؤَ نَّث [‪ ]...‬وأه ُل ال ِحجاز يقولون‪ :‬هي ال َّذهَبُ ‪ ،‬ويقال‪ :‬نَ َزلَ ّْ‬
‫ث"‪.37‬‬ ‫ب ال ُم َذ َّك ُر ال ُم َؤنَّ َ‬
‫ولوال ذلك لَ َغلَ َ‬
‫ّْ‬ ‫َ‬
‫ب الشي َء أذهَبَه‬ ‫َّ‬ ‫َ‬
‫وتدل لفظة "الذهَب" على أنه عنصر فلزي أصفر اللون‪ ،‬ثمين جدا‪ ،‬له قيمة دولية في المعامالت‪ .‬ويقال‪ :‬ذه َ‬ ‫َّ‬
‫ت َّْذ ِهيباً‪ :‬طاله وغطاه بالذهب‪ ،‬أو طاله بمادة تشبه الذهب‪ .‬وال ُم ّْذهَب‪ :‬الشي ُء ال َمطل ُّي بالذهب‪ .‬وتفيدنا معاجم اللغة العربية‪ :‬ذهبي أي‬
‫منسوب إلى َذهَب‪ ،‬أو في لون ال َّذهب‪.‬‬
‫ومن قبيل التمثيل لهذه االستعماالت المتنوعة‪ ،‬نقف عند بعض النماذج الشعرية التي جسدت كسوة الفرس مزينة بأحجار كريمة‬
‫وبمعادن نفيسة‪ ،‬من ضمنها الذهب‪ .‬يقول الناظم‪:‬‬
‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫واسّْطا َرت ال ُمبَّرّْ فو ّْق ال َمن ِديل‬ ‫َسرّْ جّْ فِياللِي‬
‫ارّْ كَابّْ َم ّْن ال ّْدهَبّْ تورا ّْق وتنيل‬ ‫ا ّْمها َم ّْز ا ّْتاللِي‬
‫‪38‬‬ ‫ّْ‬ ‫َّ‬
‫الجا ّْم من الدّْرارّْ ا ّْم َكللّْ تَكلِيلّْ‬ ‫ّْ‬ ‫ا ّْب َر ّْس ّْع اآللِي‬

‫راكَبّْ ع َّْن ش َّْلوي ا ّْع ِجيبّْ‬


‫من ال ّْدهَبّْ وارّْ كابُه يو َ‬
‫بلجا ّْم ا ّْعقِيقي َسرّْ جّْ ّْ‬
‫‪39‬‬
‫ضحّْ‬ ‫َ‬

‫▪ ُع ّْقيان‬
‫‪40‬‬
‫ف في مناجمه‪ ،‬خالصٌ مما يختلِط به من الرِّمال والحجارة" ‪ .‬ويقال إنه الذهب‬ ‫ورد في المعجم الوسيط أن ال ِع ّْقيان " َذهَبٌ متكاثِ ٌ‬
‫الخالص الصافي‪ ،‬ويسمى أيضا ً بـ"ال ِعيقَان"‪ ،‬قال اإلمام علي رضي هللا عنه‪ " :‬ولو أراد هللا سبحانه ألنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز‬

‫‪ 32‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.327 .‬‬


‫‪ 33‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.376 .‬‬
‫‪ 34‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق ‪ ،‬مدخل در‪.‬‬
‫‪ 35‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل در‪.‬‬
‫‪ 36‬محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫ص‪.282 .‬‬
‫‪ 37‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل ذهب‪.‬‬
‫‪ 38‬محمد بن علي ولد ارزين‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.282 .‬‬
‫‪ 39‬الجياللي امتيرد (‪ ،)2008‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫ص‪.210 .‬‬
‫‪ 40‬إبراهيم أنيس‪ ،‬عبد الحليم منتصر‪ ،‬عطية الصوالحي‪ ،‬محمد خلف هللا أحمد (‪ ،)2004‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق‬
‫الدولية‪ ،‬مدخل عقيان‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫الذهبان ومعادن العيقان[‪ ]...‬لفَ َعل"‪ .41‬وفي معجم الملحون‪ ،‬يصنف محمد الفاسي العقيان كنوع "من أنواع الجواهر"‪ .42‬ونمثل الستعمال‬
‫هذه اللفظة بالبيت الشعري التالي‪:‬‬
‫‪43‬‬
‫ّْ‬
‫وعقيان‬ ‫ب ّْعقِي ّْق‬ ‫واشرجّْ موبَّرّْ َع ّْدرة ا ّْمنَبّْتة‬

‫▪ ا ّْعقِيق ‪ /‬ال ّْعقِيق‬


‫العقيق حجر كريم أحمر تُعمل منه الفُصُوص‪ ،‬يوجد باليمن وسواحل البحر المتوسط [‪ ]...‬واحدته‪ :‬عقيقة‪ ،44‬والجمع‪ :‬أَ ِعقَّة‪ٌ.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن كلمة "فُصُوص" هي جمع "فَصَّ " أي كل ما يُر َّكب في وسطه من الحجارة الكريمة‪ ،‬مثل فَصُّ الخاتم‪ .‬وقد جاء‬
‫في لسان العرب‪" :‬فَصُّ الشيء‪ :‬حقيقته وكنهه‪ ،‬والكنه‪ .‬جوهر الشيء"‪.45‬‬
‫وال ريب في أن "العقيق" ‪ -‬كمادة نادرة ونفيسة يصعب الحصول عليها ‪ -‬يضيف لمطية الفرس‪ ،‬أي السرج ومستلزماته‪ ،‬قيمة‬
‫جمالية باعتباره تحفة فنية تبدعها عبقرية ومهارة المعلم الحرفي‪ ،‬عالوة على أنه يشكل قيمة اقتصادية لكونه سلعة تجارية ينتجها الصانع‬
‫التقليدي‪ .‬وقد وظف شاعر الملحون لفظة "العقيق" في قصائد عدة تتغنى بركوب الخيل‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪46‬‬
‫ّْ‬
‫وعقيان‬ ‫ب ّْع ِقي ّْق‬ ‫واشرجّْ موبَّرّْ َع ّْدرة ا ّْمنَبّْتة‬

‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬


‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة ُش ّْغل العّْجام‬
‫‪47‬‬ ‫ّْ‬
‫صنع الدهات‬‫ّْ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَف ُ‬
‫ّْ‬

‫▪ الفَ َّ‬
‫ضة‬
‫َ‬
‫ضض" و "فِضاض"‪ .‬وتدل لفظة "فِضَّة" على أنها "فِلِ ُّز أبيضُ قاب ٌل للسَّحب والطرق والصَّقل‪ ،‬من‬ ‫اسم مفرد يجمع على "فِ َ‬
‫أكثر المواد توصيالً للحرارة والكهرباء‪ ،‬وهو من الجواهر النفيسة التي تستخدم في سك النقود‪ ،48‬كما تستعمل أمالحها في التصوير‬
‫ضةٌ نَقِيَّةٌ‪ ،‬بمعنى أُشابَةٌ نسبة الفضة فيها تساوي ‪ 5‬وتحتوي نحاسا‬ ‫ضةٌ َمحّْ ضٌ ‪ ،‬أي خالصة نقية‪ ،‬ثم فِ َّ‬
‫الضوئي وما إلى غير ذلك‪ .‬ويقال‪ :‬فِ َّ‬
‫أو معدنا آخر‪.‬‬
‫ويسجل المتن الشعري لديوان المغاربة رصد هذه الوحدة اللغياتية‪ ،‬وذلك للداللة على جملة من المواد المعدنية النفيسة التي‬
‫يتوسل بها أرباب صناعة السروج التقليدية قصد ابتكار زواقات جديدة ومتجددة للمنتوجات الحرفية المرتبطة بركوب الخيل‪ .‬يقول الناظم‪:‬‬
‫والصُّ ولَة وال َع ّْز في ارّْ ُكوبّْ الفُرّْ ّْ‬
‫سان احّْ قِيقَة‬
‫‪49‬‬
‫و مع الفَضَّة والوّْ ِري ّْق‬

‫▪ الوّْ ِريق‬
‫يعرف محمد الفاسي "الوّْ ِريق" على أنه اسم من أسماء الذهب‪ .50‬و يسجل الخطاب الشفهي الذي يتداوله أرباب الصنعة ورود‬
‫مصطلحات معجمية عديدة اشتقت من كلمة "ورق"‪ ،‬لترتبط بالفنون التزيينة وال سيما اإلسالمية من خالل ابتكار وتطوير تشكيالت‬
‫زخرفية من أوراق النباتات‪.‬‬
‫والمالحظ أن لغة الملحون تتسع الحتضان وحدات متنوعة من لفظة "الوّْ ِريق" تفيد نفس المعنى‪ ،‬منها‪" :‬توراق"‪" ،‬توريق"‪،‬‬
‫"توريقات"‪ ،‬وما إلى غير ذلك‪ .‬وقد رصدنا بعضا من العبارات الشعرية التي تدل على ذلك‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫والصُّ ولَة وال َع ّْز في ارّْ ُكوبّْ الفُرّْ ّْ‬
‫سان احّْ قِيقَة‬
‫‪51‬‬
‫و مع الفَضَّة والوّْ ِري ّْق‬

‫ت ال ُمبَّرّْ فو ّْق ال َم ّْن ِديل‬ ‫ّْطار ّْ‬


‫واس َ‬ ‫َسرّْ جّْ فِياللِي‬
‫ارّْ كَابّْ َم ّْن ال ّْدهَبّْ تورا ّْق وتنيل‬ ‫ا ّْمها َم ّْز ا ّْتاللِي‬
‫‪52‬‬
‫ّْالجا ّْم من الدّْرارّْ ا ّْم َكلَّلّْ تَ ّْكلِيلّْ‬ ‫ا ّْب َر ّْس ّْع اآللِي‬

‫‪ .2.1.3‬مواد الحياكة والنسج‬

‫ابن أبي الحديد المعتزلي (‪ ،)2007‬شرح نهج البالغة‪ ،‬ج‪ ،13‬ص‪.152 .‬‬ ‫‪41‬‬

‫محمد الفاسي‪ ،‬معلمة الملحون‪ ،‬ص‪.148 .‬‬ ‫‪42‬‬

‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪43‬‬


‫‪44‬‬
‫أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل عقيق‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل عقيق‪.‬‬
‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪46‬‬

‫عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص ‪.464‬‬ ‫‪47‬‬


‫‪48‬‬
‫أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل فضة‪.‬‬
‫عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.286 .‬‬ ‫‪49‬‬

‫محمد الفاسي‪ ،‬معلمة الملحون‪ ،‬ج‪ ،2‬ق‪ ،1‬ص‪.192 .‬‬ ‫‪50‬‬


‫‪51‬‬
‫عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.286 .‬‬
‫محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.282 .‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪203‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫▪ احّْ ِرير ‪ /‬الحّْ ِرير‬


‫يبدو أن لفظة "الحرير" لم تحظ باستفاضة في الشرح من لدن اللغويين والفقهاء‪ ،‬وأخص بالذكر عند ابن منظور‪ .‬جاء في لسان‬
‫العرب‪ :‬الحرير" هو اإلبريسم [‪ ]...‬ثياب من إِ ّْب َر ّْي َسم"‪ ،53‬مضيفا ضمن هذا المدخل أن "الحريرة بالنصب‪ :‬واحدة الحرير من الثياب"‪.54‬‬
‫وعند البحث في مدخل "إبرسيم"‪ ،‬فسوف نجد أنه الحرير قبل أن تخلق دودة القز‪.‬‬
‫ولعل ما يميز هذه المادة‪ ،‬أي الحرير الطبيعي‪ ،‬من ِرقَّة األلياف و ِدقَّة الخيوط ونعومة النسيج‪ ،‬هو ما يجعل صناعة الثياب‬
‫النفيسة واأللبسة الثمينة والمنسوجات الفاخرة تعتمد عليها باألساس‪ .‬ومن ثمة‪ ،‬تُو َّشى قِطع السرج وتُطرز بالحرير لوظيفته الصناعية‬
‫الحرَّار كما جاء في تاج‬
‫ولقيمته الجمالية‪ .‬ويقال في مجال الحرف اليدوية‪ :‬ال َح ِريري هو صانع الحرير وبائعه‪ ،‬ويطلق عليه أيضا اسم َ‬
‫العروس‪ ،55‬ويجمع على "ال َحرَّارون"‪.56‬‬
‫ويستعمل الحرير لتحسين مظهر السروج المغربية من خالل نمنمة بعض القطع الجوهرية وتنعيمها وتلوينها‪ ،‬من قبيل‬
‫"السطارة" و"الدير" و"المجدول" وما إلى غير ذلك‪ .57‬وقد اشتغل شعراء الملحون على توثيق هذه الوحدة اللغياتية في قصائدهم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقٍيق التَّ ّْنبات‬
‫والصّْ قَلِّي طَرّْ ز ال َّش ّْنعات والر َكبات بدَهب اضّْ وات‬
‫‪58‬‬
‫تَحت َسبّْتات احّْ ِريراضّْ وات فُوق قِيمات‬

‫علوي على ا ّْشڭرّْ تُه بَرّْ نِي َغ َّز ّْار‬‫فا َرس ِ‬


‫احّْ‬
‫راع والدِّير من ِرير‬ ‫الصّْ‬ ‫َسبتُه وحزا ُمه مع‬
‫ّْ ُ ‪59‬‬
‫وعدار ّْالجا ُمه من ال ّْعقِيق أ ّْمنَبَّت َمظفور‬

‫من الحّْ ِريرّْ الهَ ّْندي ما في ّْه صا ّْب َرة‬ ‫َمجّْ دُولّْ إي َّْحيرّْ‬
‫‪60‬‬ ‫ّْ‬
‫دينات الحُورّْ‬ ‫من قالّْ ا ّْق ّْ‬
‫راط شا ّْفهُ ّْم في اوّْ‬ ‫ريصات ما ا ّْفتَ َرى‬
‫ّْ‬ ‫ولَ ّْخ‬

‫▪ اصّْ قَلِّي‬
‫تدل هذه اللفظة على خيط مغلف بقشرة المعة تكون إما ذهبية أو فضية‪ ،‬بحيث يطلق عليه الصناع الحرفيون عبارة "خَ يّْط‬
‫"صقَ َل" يفي بالغرض إن كنا نروم تفسير‬‫"الصقَلِّي" ال وجود لها بالمعاجم المعتمدة‪ ،‬لكن يبدو أن مدخل َ‬ ‫ّْ‬ ‫الصقَلِّي"‪ .‬ومادة "اصّْ قَلي" أو‬
‫ّْ‬
‫‪61‬‬
‫َ‬
‫وصقِيلٌ‪ ،‬بمعنى َجاله ونمقه ‪ .‬ويقول ابن‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫صّْ‬
‫صقاال‪ ،‬والمفعول َم قول َ‬ ‫ً‬ ‫صقال و ِ‬‫ً‬ ‫ّْ‬ ‫صّْ‬ ‫َ‬
‫صق َل يَ قِ ُل َ‬ ‫هذه الوحدة اللغياتية‪ .‬جاء في المعجم الوسيط‪َ :‬‬
‫ص ّْقل هو ال َجالء‪ ،62‬أي التلميع من خالل إزالة الصدأ الذي ال تحدثه إال المواد المعدنية كالحديد والنحاس‬ ‫منظور في نفس السياق‪ :‬ال َّ‬
‫صقَّا ُل لمبالغته في الصَّقل‪.‬‬ ‫والذهب والفضة وغيرها‪ ،‬وتلك عملية يقوم بها ال َّ‬
‫"الصقَلِّي" تستمد داللتها المعجمية من كون ال ّْم َع ّْل َمة الطَّرازة تقوم بتغطية زواقات المنتوج التقليدي‬ ‫ّْ‬ ‫ومن المالحظ أن لفظة‬
‫"الصقَلِّي"‪ .‬ويحكى أن اليهود المغاربة من أرباب الصنعة في المالح اشتهروا بإنتاج الصقلي الحر لجودته وندرته‪ ،‬بحيث ال‬ ‫ّْ‬ ‫بخيوط‬
‫تنسلخ القشرة الالمعة عن الخيط المكسو لمدة أطول وال يصيبه سواد‪ .‬وهو ما يضفي على السرج المغربي مظهرا ناعما والمعا‪ ،‬تصوره‬
‫بعض من أشعار ديوان المغاربة ببالغة تعبيرية كاآلتي‪:‬‬
‫َّ‬
‫وهو يا ِسي ِدي بالسرُوج من ال ُموبَّر والل ّْمط على القوام‬ ‫ّْ‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقٍيق التَّ ّْنبات‬
‫والصّْ قَلِّي طَرّْ ز ال َّش ّْنعات والر َكبات بدَهب اضّْ وات‬
‫‪63‬‬
‫تَحت َسبّْتات احّْ ِريراضّْ وات فُوق قِيمات‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن كلمة الصقلي قد طرأت عليها أحيانا تغييرات في النطق‪ ،‬من قبيل إبدال الصاد بالسين‪ ،‬كما ورد في‬
‫إحدى القصائد الشعرية‪:‬‬
‫وعالمات الحريرّْ تضهرّْ‬ ‫ّْ‬ ‫والفِي بالڭيشّْ أاليلُه ا ّْنهايَة‬‫جات ّْ‬
‫ّْ‬
‫ّْ‬
‫والزردخان‬ ‫داروا اقبالها بسرور متنبتين من الموبرّْ‬
‫‪64‬‬
‫ّْ‬
‫العين‬ ‫بلجمات السقلي عقيقهُ ّْم في ّْه أتحيرّْ‬ ‫ّْ‬

‫‪ 53‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل حرير‪.‬‬


‫‪ 54‬المرجع نفسه‪ ،‬مدخل حرير‪.‬‬
‫‪ 55‬محمد مرتضى الحسيني الزبيدي (‪ ،)2008‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬مدخل حرر‪.‬‬
‫‪ 56‬موالي عبد الرحمان ابن زيدان (‪ ،)2009‬إتحاف أعالم الناس بجمال اخبار حاضرة مكناس‪ ،‬ص‪ ،172 .‬تقديم وتحقيق‪ :‬عبد اللطيف الشادلي‪ ،6 ،‬مطبعة‬
‫كانبرانت‪.‬‬
‫‪ 57‬انظر الحقا "مبحث المنتوج" بخصوص "كسوة الفرس"‪.‬‬
‫‪ 58‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.463 .‬‬
‫‪ 59‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.94 .‬‬
‫‪ 60‬أحمد سهوم (‪ ،)2018‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬ص‪.464.‬‬
‫‪ 61‬إبراهيم أنيس‪ ،‬عبد الحليم منتصر‪ ،‬عطية الصوالحي‪ ،‬محمد خلف هللا أحمد (‪ ،)2004‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل صقل‪.‬‬
‫‪ 62‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل صقل‪.‬‬
‫‪ 63‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.463 .‬‬
‫‪204‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫▪ ال ُموبَّر‬
‫"وب ََّر"‪ .‬وتستمد هذه الوحدة اللغياتية‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫المفعول‬ ‫اسم‬ ‫وهو‬ ‫َّر"‪،‬‬ ‫ب‬‫و‬‫َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ال‬ ‫"‬ ‫كلمة‬ ‫المعيارية‬ ‫العربية‬ ‫اللغة‬ ‫في‬ ‫َّر"‬ ‫ب‬‫و‬‫م‬‫ُ‬ ‫"ال‬ ‫لفظة‬ ‫يقابل‬
‫اإلبِل واألرانب ونحوها‪ ،‬والجمع أوّْ با ٌر [‪ ]...‬والواحدة‬ ‫"وبَر"‪ ،‬وهو اسم يعني في لسان العرب‪" :‬صوف ِ‬ ‫بنيتها الصوتية والداللية من كلمة َ‬
‫اإلبِل ألَن‬ ‫ِ‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫ب‬‫و‬‫َ‬ ‫من‬ ‫وهو‬ ‫والقرى‪،‬‬ ‫ن‬‫ٍ‬ ‫ّْ‬
‫د‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫وال‬ ‫البوادي‬ ‫أهل‬ ‫أي‬ ‫َر‬ ‫د‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫وال‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ب‬‫و‬‫َ‬ ‫ال‬ ‫أهل‬ ‫من‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫بُّ‬‫ح‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫الحديث‪:‬‬ ‫"وفي‬ ‫َوبَ َرةٌ"‪ .65‬ويضيف ابن منظور‪:‬‬
‫ّْ ُ ‪66‬‬
‫الوبَر‪ :-‬وبَر‬ ‫كثير َ‬ ‫َ‬ ‫بيوتهم يتخدونها منه‪ ،‬وال َم َد ُر جمع َمد ََرة‪ ،‬وهي البِنيَة"‪ .‬ويفيد معجم اللغة العربية المعاصرة‪َ :‬وبَر البعي ُر كان‬
‫األرنبُ ‪/‬وبَر القماشُ ‪".‬‬
‫ويتداول الصناع في مجال الحرف اليدوية مفردة "ال ُموبَّر" أو"توب الموبرا"‪ ،‬وهو الثوب الذي نُسج على شاكلة جلد األرانب‬
‫واإلبل ونحوهما‪ .‬ومن المعلوم أن للوبر خصائص تميزه عن الصوف والش َعر وكذا الجلد‪ ،‬نذكر أهمها‪ :‬نعومة الملمس‪ ،‬قلة توصيل‬
‫ّْ‬
‫والش َرابّْلي‬ ‫الحرارة‪ ،‬متانة المادة‪ ،‬خفة الوزن‪ ...‬ويستعمل ليس من لدن ال َّسرَّاج فحسب‪ ،‬بل من طرف ّْم َع ّْل ِمين حرفيين من قبيل الخَ رَّاز‬
‫ضا ّْي ِمي والخَ يَّاط أيضا‪.67‬‬‫وال ّْم َ‬
‫وقد وردت هذه اللفظة في العديد من القصائد التي تغنت بأمور الخيل وركوبها‪ ،‬على غرار‪:‬‬
‫‪68‬‬
‫ب ّْعقِي ّْق وعقيان‬ ‫واشرّْ ج موبَّرّْ َع ّْدرة ا ّْمنَبّْتة‬

‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬


‫‪69‬‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫وقد نالحظ أن بعض الشعراء استبدلوا اللفظة ذاتها بكلمة توضح اختزاال حركيا في النطق كما في التدوين‪:‬‬
‫‪70‬‬
‫ت ال ُمبَّرّْ فو ّْق ال َم ّْن ِديل‬‫واسّْطا َر ّْ‬ ‫َسرّْ جّْ فِياللِي‬
‫وقد أفادنا أيضا المتن قيد الدراسة أن لفظة " ُموبَّر" استبدلت ببنية التأنيث " ُموبَّرة"‪ ،‬كما ورد في ما يلي‪:‬‬
‫‪71‬‬
‫الدِّير ّْتلَ ّْمسانِي والسَّرّْ ج ُموبّْره َم ّْت َر َّڭم بالبَ ّْل َسيان‬

‫‪.2.3‬مبحث األدوات‬

‫يبدو أن المتن الشعري لثقافة الملحون ال يتوفر على وحدات لغياتية تهم هذا المبحث‪ .‬لربما لم يكن ناظم القصيدة ليهتم بمجموع‬
‫األدوات التي صمم بها الصانع التقليدي كسوة الفرس وأبدع بواسطتها قِطعها المتنوعة‪ ،‬والقصد هنا السرج المغربي كتحفة فنية أبهرت‬
‫وال زالت تبهر كل من يمتطي صهوة الفرس‪ ،‬بل وكل من لديه شغف بالخيول العربية‪ .‬غريب أمر هذا ال ُّشح المعجمي – إن كان هناك‬
‫قدر من الصحة في هذا الرأي – علما بأن جل شعراء الملحون امتهنوا حرفة من الحرف اليدوية التي تنكب على إعداد مكونات السروج‪.‬‬
‫ولعل ديوان المغاربة قد استدرك ندرة المصطلحات التي تخص مبحث األدوات‪ ،‬بحيث أكرم الشاعر الصانع التقليدي عندما‬
‫أثنى عل ى القيم اإلنسانية المرتبطة بالنشاط الحرفي والمهارة في اإلبداع واالبتكار‪ .‬ونستدل لذلك باألبيات الشعرية التالية‪:‬‬
‫كل حنطة وكل حرفة يوهَبّْ ليها من ايّْوري‬
‫للناسّْ ا ّْف ّْ‬
‫نون وي ّْغري‬
‫‪72‬‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬
‫با ِالسّْتمرارّْ والتباتَة ويجلبّْ اذوا ّْق حايرة‬
‫‪73‬‬
‫ص ّْنعوا حتَّى لبِيب ماهَر َح َّداد‬
‫سيف ما َ‬

‫‪.3.3‬مبحث المنتوج‬

‫يهم هذا المبحث رصد الوحدات اللغياتية المتداولة في مجال الحرف اليدوية التي تساهم في تصميم السرج المغربي وابتكار‬
‫القطع المتنوعة التي يضمها‪ .‬وفضال عن هذه الوحدات ا لتي سنستخرجها من المتن الشعري قيد الدراسة‪ ،‬سنتناول بالتحليل دالالتها‬
‫اللفظية ومستويات الخطاب الذي تنتجه قصيدة الملحون حول صناعة السروج التقليدية‪.‬‬

‫▪ تَرّْ شيحّْ‬

‫‪ 64‬محمد بن علي المسفيوي الدمناتي (‪ ،)2016‬الديوان‪ ،‬ص‪.332 .‬‬


‫‪ 65‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق ‪ ،‬مدخل وبر‪.‬‬
‫‪ 66‬المرجع نفسه‪ ،‬مدخل وبر‪.‬‬
‫‪67‬‬
‫موالي عبد الرحمان ابن زيدان (‪ ،)2009‬إتحاف أعالم الناس بجمال اخبار حاضرة مكناس‪ ،‬ص‪.182-163 .‬‬
‫‪ 68‬ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308.‬‬
‫‪ 69‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.463.‬‬
‫‪ 70‬محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.282 .‬‬
‫‪ 71‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.223 .‬‬
‫‪ 72‬أحمد سهوم (‪ ،)2018‬الديوان‪ ،‬ص‪.895 .‬‬
‫‪ 73‬الجياللي امتيرد (‪ ،)2008‬الديوان ‪ ،‬ص‪.444 .‬‬
‫‪205‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫بخصوص ممارسة الفروسية التقليدية المغربية‪ ،‬يقابل لفظة "تَرّْ ِشيح" في اللغة العربية المعيارية كلمة " ِمرّْ شَح"‪ ،‬والجمع‪:‬‬
‫راشحٌ‪ .‬ويدل هذا المصطلح على أنه "البِطاَنةُ التي تحت لِبّْد السَّرّْ ج ونحوه‪ ،‬وعموما ً ما ي ُّْلبَسُ تحت الثَّوب‪ ،‬ألنها تن ِّشف ال َّر ّْشح‪ ،‬وهو‬ ‫َم ِ‬
‫العرق ألنه يخرج من البدن شيئا فشيئا كما يَرّْ شَح اإلناء المتخلخل األجزاء"‪ 74.‬ويبدو أن فعل " َر َش َح"‪ ،‬بمعنى نضح وسال‪ ،‬يحيلنا على‬
‫الداللة اللغوية لهذه الوحدة قيد التحليل‪ ،‬والقصد "الترشيح"‪ ،‬على اعتبار أنها تعني تنقية الماء ونحوه من المواد العالقة به‪.‬‬
‫ويضيف ابن منظور‪" :‬ال ِمرّْ َش ٌح وال ِمرّْ َش َحة‪ :‬هي ما تحت ال ِميثَ َرة"‪ ،75‬اسم يطلق على لِ ّْبدَة الفرس‪ ،‬ويقال أيضا ً لِ ّْبدُه‪ ،‬أي كل َش َعر‬
‫صوف متلبِّد‪ ،‬بحيث تم نفشه وتبليله بالماء‪ ،‬حتى َر ِكب بعضه بعضاً‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يُرشح هذا المنتوج أثناء صنعه بالماء والصابون‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬
‫في الصوف‪ ،‬فيتلبَّد الصوف‪ .‬وعند استعماله على صهوة الفرس‪ ،‬يمسح ما يرشح تحت السرج من عرق يتصبب من جسم الفرس‪ .‬ولعل‬
‫"البود" الذي يطلق على "اللبُد" السبعة – األَ ّْلباد أو اللُّبود في اللغة العربية المعيارية – التي يجمعها الحرفي‬ ‫الترشيح هو مرادف للفظة ّْ‬
‫فتخاط‪ ،‬وكثيرا ما تضاف إليها قطعة جلدية في وسطها كي ال تنسلخ اللبد أو يتمزق صوفها من كثرة الحركة أو ثقل الفارس‪.‬‬
‫والمالحظ أن شاعر الملحون أكرم المتلقي حين ابتكر ألفاظا وأضافها تطويعا للغته األدبية حتى تسعفه في التعبير الفني عن‬
‫وحدات لغياتية ترتبط بمستلزمات السرج المغربي‪ .‬فقد تم توظيف " ّْترا َشحّْ " كصيغة جمع للفظة "ترشيح"‪ .‬يقول الناظم‪:‬‬
‫أوّْ تايَ ّْق يُوم َحرّْ ب ّْالطا ِمي‬
‫‪76‬‬
‫والزيُوف وتراشَحّْ من ُش ّْغل ا ّْم َعلَّم في تَرّْ ِڭي َمة‬
‫ّْ‬

‫▪ لَحّْ زا ّْم‬
‫ف‬‫اسم مفرد‪ ،‬معروف وأضيف حرف الالم للتعريف‪ .‬يقابله " ِحزا ٌم" والجمع‪ :‬أحزمة و ُح ُزم‪ ،‬وهو شريط من الجلد وغيره يُلَ ُّ‬
‫ُز َم به من حب ٍل ونحوه‪ .77‬وقد ورد في لسان العرب‪ :‬ال ِحزا ُم للسرّْ ج والرحّْ ل والدابة والصبي في َم ّْه ِده‬ ‫الحيوان‪ ،‬ما ح ِ‬ ‫حول وسط اإلنسان أو‬
‫س‪َ :‬ش َّد ِحزا َمه ُ‪.78‬‬ ‫[‪َ ]...‬ح َز َم َ‬
‫الفر َ‬
‫أن طو َل ال ِحزام عموما مت ٌر وثمانون سنتيم‪ ،‬ويكون مطرزاً وليس على شكل حبل‪ ،‬بل مبسوط‬ ‫ومن المعلوم في حرفة السراجة َّ‬
‫وله عروتان عن اليمين وعن الشمال‪ .‬وقيل إنه كان يُصنع فيما مضى من الصوف وتلصق به ّْ‬
‫السفِيفَة‪.‬‬
‫الصغير يسمى أيضا حزاما ً‪ ،‬على اعتبار أن الفارس يتوسل به كي يتمكن من شد السرج الى جسد‬ ‫وتجدر اإلشارة إلى أن ال ِّدير ّْ‬
‫الفرس‪ .‬وهو متوسط الحجم وتلصق أيضا فيه سفيفة مناسبة للحزام الكبير وفي طرفه إبزيم‪ .‬وقد تم رصد هذه الوحدة اللغياتية في صيغة‬
‫جمع المؤنث السالم في الدارجة المغربية من خالل القسم التالي‪:‬‬
‫ّْ‬ ‫ُ‬
‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة شغل العّْجام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫ّْ‬
‫ص ّْنع الدهات‬
‫ف ُ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَ ّْ‬
‫والفكا َرن بتَ ّْنبِيالت وال ّْديُور تلَ ّْم ِسينات‬
‫‪79‬‬
‫والحّْ زَمات في تَ ّْف ِخيمات بين َح ّْلقات‬

‫▪ ال ِّديرّْ‬
‫ّْ‬
‫الصغيرّْ " وهو عبارة عن‬ ‫اسم مفرد يدل على رباط السرج الذي يكون في صدر الفرس‪ .80‬ونميز بين نوعين أساسيين‪" :‬الدِّيرّْ‬
‫يف" ويكون مزركشا ومزينا ب ّْسفٍيفَة عريضة‪ .‬أما "الدِّير ال ّْكبيرّْ " فيربط السرج من اليمين الى‬ ‫ِّ‬
‫"الز ّْ‬ ‫حزام عريض يشده الفارس إلى‬
‫اليسار‪ ،‬ويوضع كي يزين به صدر الفرس مع أهداب تتدلى إلى األمام وتهتز عند الحركة والتنقل‪ ،‬وخصوصا أثناء العدو والصعود‪ .‬وهو‬
‫قطعة من القطع التقليدية التي تطرزها معلمة طرز الصقلي‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن وظيفة الدير الكبير على وجه الخصوص تكمن‪ ،‬إلى جانب مظهره الجمالي‪ ،‬في شد السرج كي ال ينزلق‬
‫ويرجع إلى الخلف عندما يقف الفرس على أرجله الخلفية والفارس على صهوته‪.‬‬
‫و قد رصدنا في المتن الشعري ألدب الملحون نماذج عديدة الستعمال لفظة " الدِّيرّْ "‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫واركابِي سيسانِي وسبَ ّْد نَعّْمانِي والدِّيرّْ تلمسانِي يا لبيبّْ‬
‫بعقيق وعقيان‬ ‫واشرج موبر عدرة امنبتة‬
‫‪81‬‬
‫وال ّْمها َم ّْز في قدا ِمي را ّْي ِم ّْ‬
‫ين‬

‫نَهِّيت لغايا ارّْ َكبّْت لل َحرّْ ب جواد‬


‫في ّْالجا ُمه َڭ َّداد‬
‫‪82‬‬
‫ليه ِدير و َش ّْه َرة وارّْ كابُه احّْ َمر‬

‫‪ 74‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل رشح‪.‬‬


‫‪ 75‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل رشح‪.‬‬
‫‪ 76‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.464 .‬‬
‫‪ 77‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل حزام‪.‬‬
‫‪ 78‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل حزام‪.‬‬
‫‪ 79‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.464 .‬‬
‫‪ 80‬محمد الفاسي‪ ،‬معلمة الملحون‪ ،‬ص‪.73 .‬‬
‫‪ 81‬ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬
‫‪ 82‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.446 .‬‬
‫‪206‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫وقد أشارت بعض القصائد إلى استعمال لفظة "الدِّير" بصيغة الجمع "ديور" ؛ وتذكرنا هذه البنية اللفظية بمصطلح " ُدي َ‬
‫ُورة"‬
‫أو"أَ ّْديِ َرة" وأَ ّْديار"‪ ،‬جمع " َديّْر" بمفهوم "دار الرهبان والراهبات"‪ ،‬كما ورد في معاجم اللغة العربية‪ .‬ومن هذه األبيات الشعرية‪ ،‬نجد‪:‬‬
‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة ُش ّْغل العّْجام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫ّْ‬
‫صنع الدهات‬ ‫ّْ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَف ُ‬
‫ّْ‬
‫‪83‬‬
‫والفكا َرن بتَ ّْن ِبيالت وال ّْديُور تلَ ّْم ِسينات‬

‫▪ ارّْ كابّْ‬
‫يقول ابن منظور‪" :‬الرِّكابُ للسرج‪ ،‬كالغَرّْ ز للرَّحّْ ل‪ ،‬والجمع ُر ُكبٌ "‪ 84.‬ويقال‪ :‬الغَرّْ ُز هو ِركاب ال َرحّْ ل من جلد مخروز يُ ّْعتَ َم ُد‬
‫عليه في الركوب‪ .‬وقد جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة‪" :‬الركاب للسرج‪ ،‬أي َح ّْلقَةٌ من حديد جهتها السُّفلى مفلطحة معلقة بالسَّرج‬
‫‪85‬‬
‫يم ِّكن فيها الفارس ِرجّْ له‪ ،‬وهما ِركابان"‪.‬‬
‫ويتوفر المتن الشعري على صيغ مختلفة من هذه الوحدة اللغياتية‪ ،‬تارة على شكل "رّْ كاب" وتارة من خالل بنية "ارّْ كاب"‪.‬‬
‫وكالهما يدل عل القطعة المعدنية التي يبدعها الصانع ال ّْركايبي‪ ،86‬انطالقا من مادة الحديد‪ ،‬حيث يزينها بخيوط من فضة أو من ذهب‪،‬‬
‫فينقشها في زواقات بتوريق يحيلنا إلى أوراق النباتات من أزهار وأشجار‪.‬ونذكر من هذه األشعار‪:‬‬
‫‪87‬‬
‫واركابِي سيسانِي وسبَ ّْد نَعّْمانِي والدِّيرّْ تلمسانِي يا لبيبّْ‬

‫والدِّير ّْتلَ ّْمسانِي والسَّرّْ ج ُموبّْره َم ّْت َر َّڭم بالبَ ّْل َسيان‬
‫‪88‬‬
‫ازيان‬‫ُحلَّة من ال ّْشكَرّْ نَط الَبّْس بِها ّْ‬ ‫وركابُه سُوسانِي‬

‫نَهِّيت لغايا ارّْ َكبّْت لل َحرّْ ب جواد‬


‫في ّْالجا ُمه َڭ َّداد‬
‫‪89‬‬
‫ليه ِدير و َش ّْه َرة وارّْ كابُه احّْ َمر‬

‫ّْنان فو ّْق البرية‬


‫ف َسرّْ ّْع الع ّْ‬ ‫َر ّْكبَ ّْ‬
‫ت عن ش ّْهبَة صا ّْيلَة سري َعة ت َّْخطَ ّْ‬
‫‪90‬‬
‫َسرّْ جّْ عليها مقيو ّْم وركابّْ امشللّْ تشليلّْ‬

‫▪ ال ِّز ّْ‬
‫يف‬
‫صفَة (لها داللة قدحية‪ ،‬بمعنى رديء ومغشوش) أو بمثابة اسم يجمع على " ُز ٌ‬
‫يوف‪،‬‬ ‫ّْف" يُقَ َّدم ك ِ‬
‫يفيد المعجم أن مصطلح"زَ ي ٌ‬
‫ياف"‪ .‬فاستنادا لمعجم لسان العرب‪ ،‬ال َّزيّْفُ ‪ :‬ا ِإل ّْقري ُز الذي في أعلى الدار‪ ،‬وهو ُّ‬
‫الطنُفُ المحيطُ بالجدار [‪ُ ]...‬‬
‫ش َرفُ القُصُور‪،‬‬ ‫أَ ّْز ٌ‬
‫ياف‪ِ ،‬ز ٌ‬
‫ِّ‬
‫واحدته َز ّْيفَة"‪ .‬ويتبين من هنا أن "الزيف" يدل كوحدة لغياتية على أهم قطعة من قطع السرج‪ ،‬تستمد شكلها ووظيفتها من ميزات العلو‬ ‫‪91‬‬

‫والوقاية والمكانة‪ .‬وفي سبيل تحقيق هذا المبتغى‪ ،‬يعتبر "ال ِّزيف" أول مكونات "ال َّس ّْقط"‪ ،‬أي مجموع األجزاء اللينة والمطرزة في طقم‬
‫الخيل ؛ وهو في الحقيقة فراش ثان‪ ،‬ال يقتصر التخفيف من حدة االحتكاك بين السرج والفرس‪ ،‬بل يكون مطرزا ومزركشا كي يضفي‬
‫جمالية على كسوة المطية‪.‬‬
‫وللتذكير فإن "الزيف" هو ما يوضع فوق الترشيح" – وقد سبق أن تطرقنا إليه – ويتركب من أربعة أطراف‪ .‬ومن المعلوم لدى‬ ‫ِّ‬
‫أرباب الصنعة‪ ،‬بل وعند كل من يهتم بشؤون الخيل‪ ،‬أن الطرفين حول مؤخرة الفرس هو ما يطلق عليه حقا "ال ِّزيف"‪ ،‬بحيث هما اللذان‬
‫يظهران خلف الفارس لما يميزهما من تطريزات وزواقات رائعة بحسب طلب الزبون أو بفضل إبداع الصانع‪.‬‬
‫أوّْ تايَ ّْق يُوم َحرّْ ب ّْالطا ِمي‬
‫‪92‬‬
‫والزيُوف وتراشَحّْ من ُش ّْغل ا ّْم َعلَّم في تَرّْ ِڭي َمة‬
‫ّْ‬

‫▪ ال َّسب ّْ‬
‫ّْت‬

‫‪ 83‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.464 .‬‬


‫‪ 84‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل ركاب‪.‬‬
‫‪ 85‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل ركاب‪.‬‬
‫‪86‬‬
‫موالي عبد الرحمان ابن زيدان (‪ ،)2009‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.168 .‬‬
‫‪ 87‬ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬
‫‪ 88‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.223 .‬‬
‫‪ 89‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.446 .‬‬
‫‪ 90‬محمد بن علي المسفيوي الدمناتي‪ ،‬الديوان‪ ،‬ص‪.524 .‬‬
‫‪ 91‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل سبت‪.‬‬
‫‪ 92‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.464 .‬‬
‫‪207‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫ثمة مصطلح آخر يصطف‪ ،‬إلى جانب الدِّير‪ ،‬ضمن ذخيرة اللغيات العادية الشعبية التي ترتبط بتراث الفروسية المغربية‬
‫التقليدية‪ .‬وهو عبارة عن حبال أو سيور مفتولة يُ َش ُّد في أطرافها زوج الركابان على جانبي السرج فينسدالن مرتخيان‪ ،‬وذلك قصد تسهيل‬
‫عملية امتطاء الفارس ونخس فرسه‪ .‬ولإلشارة‪ ،‬فإن "السُّيور" هو جمع " َسيّْر"‪ ،‬أي خيط من جلد ونحوه أو قطعة مستطيلة من الجلد‬
‫تستخدم لربط األشياء مع بعضها أو لتثبيتها في موقع ما‪.93‬‬
‫ص‪ ،‬بمعنى أن تأخذ المرأة كل خصلة‬ ‫ّْت [هو] إرسال الشعر عن ال َع ّْق ٍ‬ ‫أما بخصوص أصل لفظة " َسبّْت"‪ ،‬يقول ابن منظور‪" :‬ال َّسب ُ‬
‫ُ‬
‫من شعرها فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها"‪ .94‬وقد جاء أيضا في المصدر نفسه‪ :‬ال ِّسبّْت‪ ،‬بالكسر‪ :‬كل جلد مدبوغ [‪]...‬‬
‫بالقَ َر ِظ خاصة"‪ – 95‬أي بواسطة نوع من األشجار المعمرة التي يستخرج منها عطر نفيس وصمغ مشهور – ومنه تحذى النِّعال ال ِّسبّْتية‪.‬‬
‫ونستخلص من هذه المعالجة اللسانية أن صيغة اللفظ التي رسمت بها كلمة " َسبّْت"‪ ،‬انطالقا من داللتها عن عملية ال عن منتوج‪،‬‬
‫ثم إدراجها ضمن القاموس المعجمي لحرفة السراجة التقليدية‪ ،‬هو ما يفسر اختيار هذه الوحدة اللغياتية للتعبير عن شكل هذا العنصر‬
‫الحرفي ومواده األولية وجماليته‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬صور الناظم لوحات وصفية تبرز إسهام "ال َّسبّْت" أو جمعها "ال َّسبّْتات" في تصميم‬
‫كسوة الفرس وإنتاجها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫علوي على ا ّْشڭرّْ تُه بَرّْ نِي َغ َّز ّْار‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ر‬‫َ‬ ‫فا‬
‫‪96‬‬
‫َسبتُه وحزا ُمه مع الصّْ راع والدِّير من احّْ ِرير‬

‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقٍيق التَّ ّْنبات‬
‫‪97‬‬
‫والصّْ قَلِّي طَرّْ ز ال َّش ّْنعات والر َكبات بدَهب وات‬
‫اضّْ‬
‫تَحت َسبّْتات احّْ ِريراضّْ وات فُوق قِيمات‬
‫"السبَد أو "ا ّْسبَد"‪ ،‬من خالل نماذج شعرية رصدناها في دواوين الملحون‪ ،‬منها‪:‬‬ ‫ّْ‬ ‫ويطلق على "ال َّسبّْت" أحيانا‬
‫واركابِي سيسانِي وسبَ ّْد نَعّْمانِي والدِّيرّْ تلمسانِي يا لبيبّْ‬
‫بعقيق وعقيان‬ ‫واشرج موبر عدرة امنبتة‬
‫‪98‬‬
‫وال ّْمها َم ّْز في قدا ِمي را ّْي ِم ّْ‬
‫ين‬

‫ّْطار ّْ‬
‫ت‬ ‫▪ ّْ‬
‫اسطا َر ّْة‪/‬اس َ‬
‫يقابل هذه اللفظة في اللغة العربية المعيارية مصطلح " ِستا َرة"‪"/‬السِّتا َرة"‪ ،‬والجمع " ِستارات و َستائِرُ"‪ .‬ومن باب االشتقاق‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫السِّتارُ‪ ،‬وهو ما يسدل على نوافذ البيت وأبوابه حجبا للنظر أو اتقاء للشمس‪ .‬وجاء أيضا في لسان العرب‪" :‬وال ِّس ّْت ُر معروف‪ ،‬ما ُستِ َر به‬
‫[‪ ]...‬وال ُّس ّْت َرة‪ :‬ما استترت به من شيء كائنا ما كان"‪ 99.‬وتفيد المعاجم في هذا الصدد أن مصدر هذا اللفظ هو فعل " َست ََر"‪ ،‬بمعنى غطى‪،‬‬
‫حجب‪ ،‬أخفى دون كشف مساوئ الشيء أو عيوب األمر‪.‬‬
‫"اسطا َرة" – أو ما يصطلح عليه أيضا عند أرباب الحرفة بكلمة "ال َغبَّارة" – على قطعة جلدية مستديرة مطرزة‬ ‫ويدل لفظ ّْ‬
‫بالحرير ال غير‪ .‬وقد طرأ تغيير في البنية الصوتية بحيث تم نطق التاء طاءا مرققة في بعض مناطق المغرب‪ ،‬ونخص بالذكر مدينة‬
‫ضم"‪ ،‬أي ذلك الشكل الهندسي المصنوع من الخشب والمغلف بالجلد‬ ‫مراكش وأحوازها‪ .‬وقد سميت كذلك لكونها هي التي تستر "لَ ّْع َ‬
‫الملصق المخيط‪ ،‬والذي يتم تثبيته فوق الزيف والترشيح‪ .‬ثمة وظيفة أخرى تؤديها "اسطارة" تتجلى في أنها تشكل حاجزا لَيِّنا ً يضمن‬
‫راحة جسدية للفارس بحيث تخفف من خشونة وصالبة "لعضم"‪.‬‬
‫ومن األبيات الشعرية التي وثقت الستعمال هذه الوحدة اللغياتية نذكر‪:‬‬
‫‪100‬‬
‫ت ال ُمبَّرّْ فو ّْق ال َم ّْن ِديل‬
‫واسّْطا َر ّْ‬ ‫َسرّْ جّْ فِياللِي‬

‫▪ ّْال َڭرّْ ب ّْ‬


‫ُوز‬
‫تم رصد هذه الوحدة اللغياتية في ديوان المغاربة ويقابلها في اللغة العربية المعيارية مصطلح "القَ َربوس" أو "القَرّْ بوس"‪ .‬وهو‬
‫ِح ّْن ُو السَّرّْ ج [‪ ]...‬وجمعه قَرابِيس‪ ،‬كما ورد في لسان العرب‪ .101‬ويتألف من القربوس "القُدامي" (نسبة إلى القُدا ّْم بمعنى األمام) أي‬
‫القربوس الصغير وهو نتوء جلدي فارغ من تحت‪ ،‬باإلضافة إلى القربوس "اللُّورانِي" (نسبة إلى الوراء أي الخلف) وهو القربوس الكبير‬
‫على نفس الشكل إال أنه أكبر حجما ألنه سوف يُغلِّف "لعضم"‪.‬‬

‫‪ 93‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل سبت‪.‬‬


‫‪ 94‬ابن منظور‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل سبت‪.‬‬
‫‪ 95‬المرجع نفسه‪ ،‬مدخل سبت‪.‬‬
‫‪ 96‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.94.‬‬
‫‪ 97‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.463 .‬‬
‫‪ 98‬ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬
‫‪ 99‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل ستر‪.‬‬
‫‪ 100‬محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.282 .‬‬
‫‪ 101‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل قربوس‪.‬‬
‫‪208‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫وقد تم توظيف "ال َڭرّْ بُوز" كوحدة عادية شعبية في متن الشعر الملحون‪ ،‬من خالل بنيتها اللغوية وتشكيلها الصوتي في العامية‬
‫المغربية‪ ،‬خصوصا وأن حرف القاف نُ ِطق كافا ً معقودةً كما في البوادي المغربية أو لدى بعض المشارقة كما هو الشأن عند نطق الجيم‬
‫في القاهرة من بالد مصر‪ .‬يقول الناظم‪:‬‬
‫ّْ‬ ‫ّْ‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫صال في َخلفِي زوجّْ اعبِيد شَادة زوجّْ اسّْالڭ اقبَالها‬ ‫ُ‬ ‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫امقلد بن َ‬ ‫ّْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫راكَبّْ ش َّْل ِوي ِكيف ِجيتنِي و ّْ‬
‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫ّْ ‪102‬‬ ‫ِّ‬ ‫َ‬ ‫ّْعلَى ال َڭرّْ ب ّْ‬
‫ُوز َم ّْن ابّْرانَا دَايَرّْ َش ّْم َاللّْ األرّْ ضّْ اللِّي َشڭي ّْتهَا ا ّْن َروَّ حّْ شاتِي َم ّْن َمالهَا‬

‫▪ ّْالجا ّْم‬
‫يقول ابن منظور‪" :‬اللجام حب ٌل أو عصا ً تُ ّْد َخل في فم الدابة وتُ ّْلزَق غلى قفاه‪ .‬وقال سبويه‪ :‬هو فارسي معرب‪ ،‬والجمع أَ ّْل ِج َمةٌ‬
‫ولُ ُج ٌم ولُجّْ ٌم‪ .‬ولَ َجمة الدابة هي موقع اللجام في وجهها"‪ .103‬وقد ورد في المعجم‪ :‬اللجام هو الحديدةُ في فم الفرس‪ ،‬ثم َس َّموّْ ها مع ما يتصل‬
‫بها من سيور وآلة لجاما ً ؛ ألجم الدابة‪ :‬ألبسها اللجا َم‪ ،‬أو َو َس َمها به‪ .‬ويقال اللَّجَّا ُم هو صان ُع اللُّجم وبائعُها‪ .104‬ويضم المتن الشعري للفن‬
‫المكمول عدة نماذج من استعمال هذه الوحدة اللغياتية كمفرد‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫نَهِّيت لغايا ارّْ َكبّْت لل َحرّْ ب جواد‬
‫في ّْالجا ُمه َڭ َّداد‬
‫‪105‬‬
‫ليه ِدير و َشه َّْرة وارّْ كابُه احّْ َمر‬
‫‪106‬‬ ‫ويضل مع ّْ‬
‫اللجام َمسّْكين ا ّْي َك َّدد‬ ‫َ‬ ‫ايّْباتيَرّْ تِي‬ ‫سال عَوّْ ِدي عن َو ّْع ِدي‬

‫ت ال ُمبَّرّْ فو ّْق ال َم ّْن ِديل‬ ‫ّْطار ّْ‬


‫واس َ‬ ‫َسرّْ جّْ فِياللِي‬
‫ارّْ كَابّْ َم ّْن ال ّْدهَبّْ تورا ّْق وتنيل‬ ‫ا ّْمها َم ّْز ا ّْتاللِي‬
‫‪107‬‬
‫ّْالجا ّْم من الدّْرارّْ ا ّْم َكلَّلّْ تَ ّْكلِيلّْ‬ ‫اب َّْر ّْس ّْع اآللِي‬

‫أرّْ ِخي ّْ‬


‫الل َجام أوّْ جُودَك يَ ّْنطَ ّْق ال ّْب َكام وتَصّْ ِغي ل ّْت َواشَح ال ّْنظَام‬
‫‪108‬‬

‫ونمثل أيضا لصيغة الجمع في بنيتها العامية مع إضافة حرف الواو بمثابة مد حركي للتذكير باالستعمال ذاته‪ ،‬وذلك في ما يلي‪:‬‬
‫‪109‬‬
‫َم ّْشنُوعَة يُوم ال ّْم َڭا ّْب َحة‬ ‫َم ّْتقَنَّع بَ ّْلجُوم جا ّْمحة‬ ‫بَ ّْخيُول اصّْ حاح‬

‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة ُش ّْغل العّْجام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫‪110‬‬ ‫ّْ‬
‫ص ّْنع الدهات‬ ‫ف ُ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَ ّْ‬
‫و ذكر أحمد مختار عمر في معجم اللغة العربية المعاصرة وظيفة هذا المكون األساسي لكسوة الفرس؛ "أَ ّْل َج َم الدابَّةَ ونحوها‪،‬‬
‫ضع في فمها حديدةً لقيادتها"‪ .‬ويضيف أيضا إلى أن الفاع َل الَ ِج ٌم والمفعو َل َم ّْلجو ٌم‪ ،111‬كما في البيت الشعري اآلتي‪:‬‬ ‫أَلبسها اللجام‪ ،‬و َ‬
‫‪112‬‬ ‫ّْ‬
‫واطلَ ّْع طَهَ م َع السفِيرّْ‬ ‫َع ّْندُه َخلَّى ال ّْب َرا ّْق َم ّْلجُو ّْم‬

‫▪ ّْال َمجّْ دولّْ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫اسم مفعول من " َج َد َل" و" َجد َو َل"‪ ،‬ويقال‪ :‬حب ٌل َمجّْ دولٌ‪ ،‬أي مفتول فتال محكما‪ .‬وفتَل الخيط بمعنى"لواه‪ ،‬بر َمه‪ ،‬غزله‪ ،‬لفه‪،‬‬ ‫ّْ‬
‫ب‬‫صل ُ َ‬
‫يو َ‬ ‫أداره بسرعة"‪ .‬وتفيدنا المعاجم المعتمدة أن هذه الداللة تستعمل عند وصف اإلنسان الخ َّْلقي وال ُخلُقي‪ ،‬من قبيل َ‬
‫"ج َد َل الولدُ‪ :‬قَ ِو َ‬
‫ضفَ َر ّْته‪َ ،‬ر ُج ٌل َمجّْ دو ُل ال َخ ّْلق‪ُ :‬محّْ َك ُم الفَ ّْتل‪ ،‬جارية َمجّْ دولَةُ الخ َّْلق‪َ :‬ح َسنَتُه"‪.113‬‬ ‫ع ّْ‬
‫َظ ُمهُ‪َ ،‬ج َدلَت َشعّْرها‪َ :‬‬
‫من هنا يتضح أن شكل هذا المنتوج الحرفي ومتانته هو ما يجعل كلمة "مجدول" صفةً لموصوف هو الحرير أو الصَّاب َّْرة‪،‬‬
‫مركبة ومفتولة بإحكام مع القنب أو ما يسمى 'ا ّْشتَب"‪ .‬والمجدول أنواع عدة‪ :‬مجدول لَحّْ مالَة‪ ،‬مجدول لَحّْ زا ّْم‪ ،‬مجدول ارّْ كابّْ ‪ ،‬دون أن‬
‫ننسى لَ ّْم ِجيدّْلّْ ؛ وهذا الصنف األخير هو ما يركبه المعلم ال َّسراج في الدير الكبير قصد التزيين والتحسين‪.‬‬
‫ومن المالحظ أن اسم المفعول هذا‪ ،‬أي "المجدول"‪ ،‬يستعمل في الحرف اليدوية بمثابة اسم يدل على مكون من مكونات كسوة‬
‫الفرس‪ .‬ونمثل لذلك بهذا النموذج‪:‬‬

‫‪ 102‬محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.335 .‬‬


‫‪ 103‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل لجام‪.‬‬
‫‪ 104‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل لجام‪.‬‬
‫‪ 105‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.446 .‬‬
‫‪ 106‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.639 .‬‬
‫‪ 107‬محمد بن علي ولد ارزين (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.282 .‬‬
‫‪ 108‬عبد القادر العلمي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬ص‪.296 .‬‬
‫‪ 109‬التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.209 .‬‬
‫‪ 110‬المرجع نفسه‪ ،‬ص‪.464 .‬‬
‫‪ 111‬أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل لجام‪.‬‬
‫‪ 112‬عبد العزيز المغراوي (‪ ،)2008‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪،‬‬
‫ص‪.97 .‬‬
‫‪ 113‬ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل جدل‪.‬‬
‫‪209‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫من الحّْ ِريرّْ الهَ ّْندي ما في ّْه صا ّْب َرة‬ ‫َمجّْ دُولّْ إي َّْحيرّْ‬
‫‪114‬‬ ‫ّْ‬
‫دينات الحُورّْ‬ ‫من قالّْ ا ّْق ّْ‬
‫راط شا ّْفهُ ّْم في اوّْ‬ ‫ريصات ما ا ّْفت ََرى‬
‫ّْ‬ ‫ولَ ّْخ‬

‫مبحث زواقات المنتوج‬ ‫‪.4.3‬‬

‫ليس خفيا على كل من له شغف بالخيل وركوبه‪ ،‬داخل التراب الوطني أو خارجه‪ ،‬أن صناعة السرج المغربي التقليدي تتطلب‬
‫عدة شهور أو ما يزيد عن السنة الواحدة‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬يقتضي تصميم وإبداع هذا الموروث الحضاري تضافر جهود غير قليل من‬
‫الحرف اليدوية يزاولها الصناع وتمارسها الصانعات‪ ،‬والتي تستغرق مدة زمنية طويلة قصد ابتكار أشكال ورسومات وزخارف وألوان‬
‫تعبر عن تراثنا الفني األصيل وهويتنا الثقافية العريقة‪.‬‬

‫والشعر الملحون يوثق منذ قرون خلت لحذق ومهارة أرباب الصنعة‪ ،‬إناثا وذكورا‪ ،‬عند االنكباب على تحسين مظهر مستلزمات‬
‫السرج التقليدية وتزيين قطعه الوظيفية‪ .‬وقد تمكنا من رصد عدد من الوحدات اللغياتية التي تدل على تنوع زواقات المنتوج الحرفي "من‬
‫ُش ّْغل ا ّْم َعلَّم في تَرّْ ِڭي َمة"‪ 115.‬ونذكر منها‪:‬‬

‫السفِيفَة‬‫▪ ّْ‬
‫اسم مفرد‪ ،‬والجمع َسفائِ ‪ .‬وتدل على شريط رهيف من حرير أو قطن‪ ،‬أو كتان خفيف‪،‬ألوانه زاهية‪ ،‬يزين بها حواش َي المالبس‬ ‫فُ‬
‫النسائية‪ ،‬أو يجعل لربط خصل شعورهن‪ .‬وتعد السفيفة من أهم زواقات منتوج حرفة السراجة‪ ،‬بحيث يعتمد الصانع على إعداد الخيوط‬
‫ونقعها في الماء قصد تطريتها‪ ،‬وذلك قبل عملية التلوين ثم الزخرفة‪.‬‬
‫وقد ذكر شعراء علم الموهوب لفظة "السفيفة" في قصائد عدة‪ ،‬نقدم لها هذه النماذج التالية‪:‬‬
‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة ُش ّْغل العّْجام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫‪116‬‬
‫صنع الدهات‬‫ّْ‬ ‫ّْ‬ ‫ف ُ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَ ّْ‬
‫▪ الطَّرّْ ّْز‬
‫وينتمي هذا المصطلح في اللغة العربية المعيارية إلى الحقل المعجمي لفعل "طَ َّرزَ"‪ ،‬من قبيل "ت ّْ‬
‫َطري ٌز‪ُ ،‬مطَرِّ ٌز‪ُ ،‬مطَ َّرز‪ٌ،‬‬
‫َخ َرفَ ّْتهُ‪ .‬وقد تتقاطع الدالالت اللغوية عند معالجة مفهومي كلمة "الطَّرّْ ز"‪" :‬الشكل‬ ‫طَرا ٌز‪ ."...‬ويقال‪ :‬طَ َّرزَت الفستانَ بمعنى َو َّش ّْتهُ‪ ،‬ز ّْ‬
‫ُّ‬
‫والنمط" ثم "الجيد من كل شيء"‪ .‬وتقتضي هذه الحرفة اليدوية من الصانعة أن تزين الثوب بالخيوط الملونة أو الصور بواسطة شغل‬
‫‪117‬‬
‫اإلبرة"‬
‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقٍيق التَّ ّْنبات‬
‫والصّْ قَلِّي طَرّْ ز ال َّش ّْنعات والر َكبات بدَهب اضّْ وات‬
‫تَحت َسبّْتات احّْ ِريراضّْ وات فُوق قِيمات‬

‫باللجُوم من ال ّْعقِيق وشه َّْرة ُش ّْغل العّْجام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫ّْ‬
‫ص ّْنع الدهات‬‫ف ُ‬ ‫بالطَّرّْ ز والسّْفايَ ّْ‬
‫‪118‬‬
‫والفكا َرن بتَ ّْنبِيالت وال ّْديُور تلَ ّْم ِسينات‬

‫ص ّْع‬
‫▪ ا ّْم َر َّ‬
‫ٌ‬ ‫َّ‬
‫ص َع‪ .‬ويدل على ما هو ُمنَقط و ُم َزي ٌَّن بالجواهر‪ .‬وتقتضي عملية التَّرّْ صيع أن يتم نَ ّْس ُج الجوهر أو َحب ُ‬
‫َّات‬ ‫اسم مفعول‪ ،‬مصدره َر َّ‬
‫بالجوهر‪ ،‬نظمه فيه وضم بعضه إلى‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫َ‬ ‫العق‬ ‫ع‬‫ص‬‫َّ‬
‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫‪،‬‬ ‫العرب‬ ‫لسان‬ ‫لمعجم‬ ‫واستنادا‬ ‫بالذهب‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ت‬‫ي‬
‫َِ‬ ‫ل‬ ‫َحّْ‬ ‫ت‬ ‫أو‬ ‫اللباس‬ ‫العقيق على أطراف الثوب أو‬
‫‪119‬‬
‫بعض‪.‬‬
‫ووردت عند أهل الملحون أمثلة عدة تسجل هذا االستعمال اللغوي‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬
‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫‪120‬‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقِيق التَّ ّْنبات‬

‫▪ ا ّْم َشلَّلّْ‬

‫أحمد سهوم (‪ ،)2018‬الديوان‪ ،‬ص‪.464 .‬‬ ‫‪114‬‬

‫التهامي المدغري (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬ص‪.464-463 .‬‬ ‫‪115‬‬

‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪116‬‬


‫‪117‬‬
‫أحمد مختار عمر (‪ ،)2008‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل طرز‪.‬‬
‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪118‬‬
‫‪119‬‬
‫ابن منظور (‪ ،)1999‬مرجع سابق‪ ،‬مدخل رصع‪.‬‬
‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪120‬‬

‫‪210‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫تفيد المعاجم العربية أن هذه اللفظة تستعمل في صيغتها العامية من خالل رسم الحروف ونطق الكلمة‪ .‬يقال‪َ :‬شلَّ َل يُ َشلِّل تَ ّْشليال‪،‬‬
‫والمفعول ُمشَلل‪ .‬وتجدر اإلشارة إلى أن هذا يحيلنا إلى "ال َّش َّالل"‪ ،‬أي هبوط المياه من مرتفعات عالية لتَصُبَّ في نهر عظيم‪ .‬وقد قيل‬
‫أيضا‪ :‬ال َّش ّْل َشلَة وهي قطران الماء وسيالنه‪.‬‬
‫ّْ‬ ‫َّ‬
‫وفي مجال الصناعة التقليدية‪ ،‬يدل استعمال كلمة "ا ّْم َشلل تَشلِيل" على عملية طالء منتوج معدني بسائل غالبا ما يكون ملونا‬
‫والمعا( الذهب أو الفضة في غالب األحيان) قصد تحسين مظهره‪ .‬ونستدل بهذا االستعمال من خالل وصف اركاب السرج في ما يلي‪:‬‬
‫ّْنان فو ّْق البرية‬ ‫ت عن ش ّْهبَة صا ّْيلَة سري َعة ت َّْخطَ ّْ‬
‫ف َسرّْ ّْع الع ّْ‬ ‫َر ّْكبَ ّْ‬
‫‪121‬‬
‫َسرّْ جّْ عليها مقيو ّْم وركابّْ امشللّْ تشليلّْ‬

‫▪ ّْمنَب ّْ‬
‫َّت‬
‫ِّت‪ ،‬تَ ّْنبيتا‪ ،‬والفاعل ُمنَبِّت‪ .‬والمقصود هنا عملية استنبات أحجار كريمة وجواهر نفيسة‪ ،‬أي‬ ‫اسم مفعول‪ ،‬والمصدر َنبَّتَ ‪ ،‬يُنَب ُ‬
‫غرسها على سطح المنتوج بأكمله أو زرعها في جسم قطعة من قطعه الحرفية‪ ،‬وذلك بعد حفر موضعها‪ .‬ومن المالحظ أن هذه اللفظة‬
‫تتشكل من خالل بنيات معجمية متنوعة‪ ،‬من قبيل "ا ّْمنَبتَة" مع إضافة األلف للتسكين‪ ،‬و" ّْم ّْتنَبتين" بدال عن " ُمنَبَّتين"‪ ،‬ثم ّْ‬
‫"الت ّْنبات" عوضا‬
‫عن "التَّ ّْنبيت"‪.‬‬
‫ونمثل لهذه االستعماالت اللغياتية من خالل أبيات تصور لوحات مشهدية لتراث الفروسية المغربية التقليدية‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫واركابِي سيسانِي وسبَ ّْد نَعّْمانِي والدِّيرّْ تلمسانِي يا لبيبّْ‬
‫‪122‬‬
‫بعقيق وعقيان‬ ‫واشرج موبر عدرة امنبتة‬

‫ّْ‬
‫وعالمات الحريرّْ تضهرّْ‬ ‫جات ّْ‬
‫والفِي بالكيشّْ أاليلُه ا ّْنهايَة‬ ‫ّْ‬
‫ّْ‬
‫والزردخان‬ ‫داروا اقبالها بسرور متنبتين من الموبرّْ‬
‫‪123‬‬
‫ّْ‬
‫العين‬ ‫ّْ‬
‫بلجمات السقلي عقيقهُ ّْم في ّْه أتحيرّْ‬

‫بالسرُوج من ال ُموبَّر واللَّ ّْمط على القوام‬ ‫وهو يا ِسي ِدي ّْ‬
‫‪124‬‬
‫تَضّْ ٍوي ا ّْم َرصّْ عة بَ ّْعقِيق التَّ ّْنبات‬

‫‪ .4‬بخصوص الدرس التعليمي التعلمي‬

‫يتضح لنا جليا أن النسق اللغياتي التقني الذي يوفره لنا األدب الشعبي الخصيب‪ ،‬متن المقاربة‪ ،‬يشكل وعاء لسانيا اجتماعيا‬
‫متميزا‪ ،‬إذ يستوجب اعتماده في إطار مناهج التدريس المتخصص في تكوين وتأهيل أجيال جديدة من المعلمين الحرفيين في مجال‬
‫الصناعة التقليدية المرتبطة بالفروسية المغربية األصيلة‪.‬‬

‫باعتبار التكوين المهني في حرف الصناعة التقليدية قاطرة لتنمية القطاع وأداة فعالة لتوفير فرص الشغل للشباب واالندماج على‬
‫الفور في النسيج اإلنتاجي‪ ،‬والرفع من مستوى المهارات العملية والتقنية للصناع‪ ،‬توفر هذه المنظومة تكوينا أوليا من خالل مسارات‬
‫للتكوين في عشرات الحرف للصناعة التقليدية الفنية واإلنتاجية‪ ،‬مرتبطة باألساس بميادين الخشب والجلد والمعادن والنسيج وما إلى غير‬
‫ذلك‪ ،‬في سبيل الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والحضاري من االندثار‪.‬‬

‫ولضمان استمرارية الحرف اليدوية المرتبطة بتراث الفروسية التقليدية المغربية عبر نقل المعارف والمهارات العريقة المتصلة‬
‫بها عبر األجيال‪ ،‬يجب تعزيز التكوين النظامي‪ ،‬بجانبيه النظري والتطبيقي‪ ،‬داخل مؤسسات التكوين المهني‪ ،‬بتداريب تأهيلية لمدة‬
‫قصيرة داخل مقاوالت المعلمين الحرفيين في المدن العتيقة‪ .‬ولهذه الممارسات الجديدة بالنسبة لمعظم الحرفيين أهمية بالغة‪ ،‬حتى وإن‬
‫كانت كفاياتهم التقليدية ال ترقى دائما إلى مستوى التواصل الجيد واالستيعاب السلس لمتطلبات المهارة والجودة‪ .‬كما يتطلب مجال التكوين‬
‫المستمر‪ ،‬عالوة على تقنيات الصنع والتشكيل واألدوات المعلوماتية وتاريخ الفن‪ ،‬إسهام اختصاصيين أكفاء في حقول اشتغالهم‪ ،‬وال سيما‬
‫في ما يهم النسق اللغوي الذي يرتبط منذ قرون ولت بكل حرفة من الحرف التي تستلزمها صناعة السروج التقليدية‪.‬‬

‫انطالقا مما سبق‪ ،‬تروم هذه المقاربة اللغياتية اقتراح برنامج تأهيل لغوي وثقافي يستهدف كل المستفيدين من التكوين‬
‫المتخصص من خالل وضع وتنفيذ برنامج تكوين مستمر لفائدة المتدربين الشباب من أجل اكتساب معارف معمقة حول األسلوب واإلبداع‬
‫والتصميم‪ ،‬تتعلق بمقومات صناعة السروج التقليدية ومصطلحاتها‪ .‬ويجب أن يتمحور إعداد ووضع برنامج هذا التكوين المستمر حول‬
‫اكتساب وتعزيز مهارات لغوية تصب مباشرة في الخطاب اليومي للصانع والصانعة‪ ،‬من خالل تنشيط ورشات تكوينية يؤطرها معلم‬
‫حرفي عن كل نمط من األنماط الصناعة التقليدية‪.‬‬

‫محمد بن علي المسفيوي الدمناتي (‪ ،)2016‬الديوان‪ ،‬ص‪.524 .‬‬ ‫‪121‬‬

‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪122‬‬

‫محمد بن علي المسفيوي الدمناتي (‪ ،)2016‬الديوان‪ ،‬ص‪.332 .‬‬ ‫‪123‬‬

‫ادريس بن علي السناني (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬ص‪.308 .‬‬ ‫‪124‬‬

‫‪211‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫قد يبدو للبعض أن اللغيات التقنية العادية التي يتداولها أرباب صنعة السراجة ال ترقى ألن تُعتمد كلغيات عالمة مضبوطة‬
‫ومحدودة‪ ،‬فال يسعنا إال أن نعتبر أن المادة اللغياتية متوفرة مثلما تتوفر لدينا اآلن‪ ،‬بعد معالجتنا لقصائد الشعر الملحون‪ ،‬دالالتها اللفظية‬
‫ومستويات خطابها المتعددة‪.‬‬

‫على سبيل الختم‬

‫تلكم كانت إذن مقاربتنا لمنظومة الحرف اليدوية المرتبطة بالفروسية المغربية األصيلة‪ ،‬كموروث ثقافي وسجل حضاري‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل معالجتنا لرافد فريد ومتميز من روافد الثقافة الشفهية‪ ،‬والقصد هنا للتذكير فقط الشعر الملحون‪ .‬لقد دعت هذه الدراسة إلى‬
‫تسليط الضوء على اللغيات التقنية المتعلقة بصنائع عريقة وبحرف عتيقة ارتبطت بطقوس وعادات ركوب الخيل بالمغرب‪ .‬فبالرغم من‬
‫أننا استطعنا أن نرصد من خالل هذه اإلحاطة عددا وافرا من اإلشارات والعالمات التي تهم تلك الوحدات اللغياتية‪ ،‬قليلة هي النصوص‬
‫الشعرية التي توفرها خزانة أدب الملحون عن الفرس والفارس بشكل خاص ؛ غالبا ً ما يأتي ذكرها حين يبتغي الشاعر توثيقا أدبيا‬
‫لل َحرّْ كات والمعارك‪ ،‬أو تمثال شعريا عن التنقل واإلخبار‪ ،‬بل وتجسيدا فنيا للبطوالت األسطورية العجائبية‪.‬‬

‫وعلى اعتبار أن الحرف اليدوية تغطي مساحة موضوعاتية هامة في الثقافة الشعبية‪ ،‬وضمن الشعر الملحون على وجه‬
‫الخصوص‪ ،‬نخلص الى أن الدينامية اللغياتية المرتبطة بمجال السراجة التقليدية تبرز‪:‬‬

‫وجود تداخل بل تقاطع بين اللغية التقنية العادية والعالمة‪ ،‬يتحكم فيه غنى الرصيد المعجمي وتنوع آليات التواصل‬ ‫‪‬‬
‫الشفهي بين أرباب الصنعة ؛‬
‫حضور اللغية العالمة بحمولتها العلمية والتقنية‪ ،‬الذي ال يجهل تجليات التجربة والخبرة التي يتوسل بها الحرفي؛‬ ‫‪‬‬
‫مرونة اللغية التقنية وقدرتها على التبلور ضمن خطابات أخرى‪ ،‬ال سيما في هذا اإلرث الشفهي الذي يمثل لغة‬ ‫‪‬‬
‫الحرفيين وبنيتها اللغوية ودالالتها االجتماعية ؛‬
‫ضرورة فتح آفاق واسعة لدراسة اللهجة المغربية‪ ،‬وما تكتنزه من تنوع الممارسات اللغوية وتعدد مستويات الخطاب ؛‬ ‫‪‬‬
‫إمكانية معرفة الخصائص اللهجية وتحوالتها حسب الظرفية التاريخية والتباين الجغرافي‪ ،‬مما يساهم في استثمارها‬ ‫‪‬‬
‫ضمن برامج التأهيل اللغوي لفائدة الشباب المقبل على التكوين في مجال السراجة التقليدية داخل المؤسسات التربوية‬
‫والتكوينية ؛‬
‫حتمية الحفاظ على النشاط الحرفي التقليدي وصونه كتراث إنساني غير مادي داخل الوطن وخارجه‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫وليس أدل على وجوب االهتمام بالحرف اليدوية وال سيما المرتبطة بركوب الخيل وشعائره من نظم الشيخ المرحوم أحمد سهوم‬
‫في قصيدته "دقات الساعة" حين قال‪:‬‬
‫َدقات الساعة للصنايَ ِع هذه ما هي ا ّْمصانعة‬ ‫ّْ‬ ‫َّ‬
‫بشرّْ ت َّْك يا ال ُخو الصانَ ّْع دُوالّْ األَرّْ ض وا ّْسقَة من شَعبَ ّْك الَ ّْسلُو ّْع‬
‫بك شايّْعة‬ ‫ا ّْتقَ ّْن البّْضاعَة يا الصان ّْع ص ّْن ّْ‬
‫عاتك ِ‬
‫ّْ‬
‫يك ُك ّْن َوال ّْع وا ّْشغالَ ّْك يا ّْال ُخو ابّْطابَ ّْع ش ّْعبَ ّْك َمطبو ّْع‬ ‫واصّْ لَحّْ يد ّْ‬
‫ّْ‬ ‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫رقي الصناعة كي اترقاتامعاملناا ّْمتابعة‬
‫‪125‬‬
‫واعرف الكسا ّْد آصلُه من تكريرّْ النو ّْع‬ ‫ّْ‬ ‫ّْ‬
‫تكون تابَ ّْع‬ ‫وا ّْب َد ّْع وال‬

‫مراجع‬
‫‪ -‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬إبراهيم أنيس‪ ،‬عبد الحليم منتصر‪ ،‬عطية الصوالحي‪ ،‬محمد خلف هللا أحمد (‪ ،)2004‬المعجم الوسيط‪ ،‬مجمع اللغة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪ ،‬مكتبة الشروق الدولية‪ ،‬ط‪.4.‬‬
‫‪ -‬ابن زيدان‪ ،‬موالي عبد الرحمان (‪ ،)2009‬إتحاف أعالم الناس بجمال اخبار حاضرة مكناس‪ ،‬تقديم وتحقيق‪ :‬عبد اللطيف‬
‫الشادلي‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة كانبرانت‪ ،‬ج‪.6.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور‪ ،‬جمال الدين (‪ ،)1999‬لسان العرب‪ ،‬ت‪ :‬أمين عبد الوهاب‪ ،‬بيروت‪ ،‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬ج‪.6 .‬‬
‫‪ -‬أعمار‪ ،‬عبد العزيز (‪" ،)2010‬معجم مصطلحات الملحون"‪ ،‬تنسيق‪ :‬ليلى المسعودي‪ ،‬حفيظة العمراني‪،‬إبراهيم الكعاك‪ ،‬توفيق‬
‫هللا أفكينيش‪ ،‬ضمن الثقافة الشفهية والتنوع اللغوي في المغرب‪ ،‬منشورات مختبر اللغة والمجتمع‪ ،‬جامعة ابن طفيل‪ ،‬مطابع‬
‫الرباط نت‪.‬‬
‫‪ -‬بلكبير‪ ،‬عبد الصمد (‪ ،)2010‬شعر الملحون‪ ،‬الظاهرة ودالالتها‪،‬الدار البيضاء‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬ط‪ ،1.‬ج‪.1.‬‬

‫أحمد سهوم (‪ ،)2018‬الديوان‪ ،‬ص‪.615 .‬‬ ‫‪125‬‬

‫‪212‬‬
‫‪Revue Langues, cultures et sociétés, Volume 6, n° 2, décembre 2020‬‬

‫بناني‪ ،‬محمد بن محمد بن عبد السالم بن الحسن (‪ ،)2016‬دليل الفارس النجيب والكاتب األريب القتناء ووصف خيل السبق‬ ‫‪-‬‬
‫والتقريب‪ ،‬تحقيق‪ :‬عبد القادر سعود‪ ،‬مراجعة‪ :‬أحمد شوقي بنبين‪ ،‬جمعية معرض الفرس‪ ،‬دار أبي رقراق للطباعة والنشر‪.‬‬
‫الجراري‪ ،‬عباس (‪ ،)1978‬معجم مصطلحات الملحون الفنية‪ ،‬المحمدية‪ ،‬مطبعة افضالة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الجراري‪ ،‬عباس (‪ ،)1970‬الزجل في المغرب‪ ،‬القصيدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبعة األمنية‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الدمناتي‪ ،‬محمد بن علي المسفيوي (‪ ،)2016‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬الزبيدي‪ ،‬محمد مرتضى الحسيني (‪ ،)2008‬تاج العروس من جواهر القاموس‪ ،‬طبعة الكويت‪ ،‬ط‪ ،2.‬ج‪.8.‬‬
‫‪ -‬زنفوخ‪ ،‬وهيب (‪" ،) 2020‬تراث الفروسية المغربية كخزان للقيم اإلنسانية من خالل شعر الملحون" ضمن الفن المكمول‪ ،‬نحو‬
‫مقاربة جديدة للشعر الملحون‪ ،‬الرباط‪ ،‬منشورات النادي الجراري‪ ،‬رقم ‪ ،92‬مطابع الرباط نت‪ ،‬ط‪.1 .‬‬
‫‪ -‬السناني‪ ،‬ادريس بن علي (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬سهوم‪ ،‬أحمد (‪ ،)2018‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية‬
‫المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬العلمي‪ ،‬عبد القادر (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات‬
‫أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬العلوي‪ ،‬موالي عبد الحفيظ (‪ ،)2014‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬عمر‪ ،‬أحمد مختار(‪ ،)2008‬معجم اللغة العربية المعاصرة‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪1.‬‬
‫‪ -‬الغرابلي‪ ،‬أحمد (‪ ،)2012‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات‬
‫أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬الفاسي‪ ،‬محمد (‪ ،)1991‬معلمة الملحون‪ ،‬ج‪ ،2.‬ق‪" ،1.‬معجم لغة الملحون"‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬الڭندوز‪ ،‬أحمد (‪ ،)2011‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات‬
‫أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬امتيرد‪ ،‬الجياللي (‪ ،)2008‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات‬
‫أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬المدغري‪ ،‬التهامي (‪ ،)2010‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪ ،‬مطبوعات‬
‫أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬المعتزلي‪ ،‬ابن أبي الحديد (‪ ،)2007‬شرح نهج البالغة‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬دار األميرة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ج ‪.13‬‬
‫‪ -‬المغراوي‪ ،‬عبد العزيز (‪ ،)2008‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪ -‬ولد ارزين‪ ،‬محمد بن علي (‪ ،)2009‬الديوان‪ ،‬جمع لجنة الملحون التابعة ألكاديمية المملكة المغربية‪ ،‬س‪ .‬التراث‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫مطبوعات أكاديمية المملكة المغربية‪.‬‬
‫‪- MESSAOUDI, Leila (2012), "Technolectes savants, Technolectes ordinaires : quelles‬‬
‫‪différences ?", dans Leïla Messaoudi (dir.), Sur les technolectes, Kénitra, Pub. Laboratoire‬‬
‫‪Langage et Société, Univ. Ibn Tofail, Imp. Rabat Net, p. 39-46.‬‬
‫‪- MESSAOUDI, Leila (2010), « Langue spécialisée et technolecte : quelles relations ? », dans‬‬
‫‪Salah Mejri et Gaston Gross (dir.), Meta, Presse universitaire de Montréal, V. 55, n⁰. 1, p. 127-‬‬
‫‪135.‬‬

‫‪213‬‬

You might also like