Professional Documents
Culture Documents
ورغم أن معجم علوم الرتبية استخدم لفظة التقييم كمرادفة للفظة التقومي ،إال أن أغلبية املتخصصني
والفاعلني يف ميدان الرتبية والتعليم من معلمني وأساتذة ومفتشني مييزون بني املصطلحني من حيث وظيفة كل واحد
منهما ،حيث يدل التقييم – يقول حممد السيد – على إعطاء قيمة للشيء بعد قياسه ومقارنته مبعيار أو جمموعة من
املعايري ،أما التقومي فهو يشمل باإلضافة إىل القياس والتقييم ،عملية تشخيص نقاط القوة والضعف يف املناهج والفعل
الرتبوي وتشخيص أسباهبا ،بغرض البحث عن آليات تعزيز نقاط القوة وحتديد كيفيات التعديل والتحسني أو عالج
نقاط الضعف ،فالتقييم يف جمال العمل الرتبوي يعترب جزءا ال يتجزأ من العملية الشاملة اليت هي التقومي.
ويؤكد ستافلبيم ) (Stufflebeam, 1974على أن التقومي عملية يتم فيها التخطيط واحلصول على
املعلومات اليت تفيد يف احلكم على بدائل القرار .ومع كثرة التعاريف وتعدد املفاهيم وحىت االختالفات حول التقومي
الرتبوي إال أن االتفاق يكون حول أن التقومي عملية إنسانية يتم هبا تقرير القيمة الرتبوية للمعارف والسلوكات أو
الكفاءات واملناهج عموما ،هبدف حتسني ما يلزم من العوامل والعمليات املتوقعة واحلصول على أفضل النتائج،
وبالتايل أجنع آليات االستثمار يف جمال الرتبية( .قرايرية.)2222 -2227 ،
ويعترب موضوع القياس والتقومي ،حجر الزاوية يف التعرف على فئات املتعلمني العاديني وغري العاديني ،والتعرف
أيضا على مستوياهتم ،فبدون توفر أدوات القياس والتقويـم املناسبة لكل فئة ،فإنه يصعب على مصمم الربامج الرتبوية
أن يضع تلك الفئات يف املكان املناسب هلا ،أو أن يصمم الربامج الرتبوية املناسبة ومن مث تقييمها للتعرف على مدى
فعاليتها .واهلدف الرئيسى من العملية التعليمية هو مساعدة الطالب على النمو الشامل ىف مجيع جوانب
شخصياهتم ،واكتساب األهداف الىت حددها اجملتمع.
مفهوم التقويم والقياس:
يف أحيان كثرية ،تستخدم مصطلحات مثل االختبار ،Testوالقياس ،Measurementوالتقييم
،Assessmentوالتقومي Evaluationعلى حنو تباديل أحياناً بسبب العالقات الوظيفية املتداخلة بينها،
إال أنه ميكن استخالص النقاط التالية لتوضيح الفروق بني املصطلحات السابقة :
-االختبار :عملية هنائية تقيس جانباً واحداً من جوانب املتعلم ،أو إجراء منظم لقياس مسة ما من خالل
عينة من السلوك.
-القياس :سابق للتقومي وأساس له ،ويشري إىل كمية ما يوجد يف الشيء من اخلاصية اليت نريد قياسها وفق
مقاييس متدرجة ذات قيمة رقمية متفق عليها.
-التقييم :عملية جتميع ووصف وتكميم املعلومات والبيانات املتعلقة باألداء بقصد املساعدة يف اختاذ قرار
ما .وهو إصدار احلكم على قيمة األشياء ،أي تقدير مدى العالقة بني مستوى التحصيل واألهداف
مبعىن تقدير قيمة الشيء استناداً إىل معيار معني.
-ميتد التقويم ليشمل اجلوانب املختلفة للمتعلم من أجل إعطاء صورة لنمو هذه النواحى ،كما متتد عملية
التقومي لتضع العالج املناسب .كما أن كل عملية تقومي تنطوى على عمليىت قياس وتقييم.
والتقومي يف اجملال الرتبوي اصطالحاً يعين تلك العملية املنهجية اليت تتضمن مجع املعلومات عن مسة معينة
)بالقياس الكمي أو الكيفي( مث استخدام هذه املعلومات يف إصدار حكم على هذه السمة يف ضوء أهداف حمددة
سلفاً للتعرف على مدى فعاليتها.
وهناك عدد من املفاهيم عن التقومي الرتبوي يركز كل واحد منها على بعد أو أكثر من أبعاد العملية ،ومنها
من يعترب التقومي مرادفاً للقياس ،ومنها من اعتربه إصدار حكم ،ومن تلك التعاريف أنه( :حكيم)2224 ،
-2عملية وصف دقيق للحصول على (أو توفري) املعلومات املفيدة للحكم على بدائل القرارات.
-2العملية اليت تسمح بالوصول إىل حكم عن قيمة الشيء.
-3حتديد مدى التطابق بني األداء واألهداف.
-4حتديد ما بلغناه من جناح يف حتقيق األهداف اليت نسعى إىل حتقيقها ،فهو يعيننا على حتدي
املشكالت وتشخيص األوضاع ومعرفة العقبات لتحسني العملية التعليمية ورفع مستواها وحتقيق أهدافها.
-5عملية احلصول على املعلومات واستخدامها للتوصل إىل أحكام توظف بدورها يف اختاذ القرارات.
-6هو األسلوب الذي تستخدم فيه املعلومات والبيانات اليت مت مجعها بواسطة القياس كأساس إلصدار
حكم.
-9عملية منهجية حتدد مدى حتقيق األهداف الرتبوية من قبل التالميذ ،وأهنا تتضمن وصفا كمياً وكيفياً
باإلضافة إىل حكم على القيمة .
-8عمليات تلخيصية أو وصفية يلعب فيها احلكم على قيمة الشيء دوراً كبرياً كما هو احلال يف إعطاء
تقديرات للتالميذ.
-7احلصول على معلومات دورية عن عمليات ونتائج أي برنامج تربوي.
-22تلك العملية املنهجية اليت تتضمن مجع املعلومات عن مسة معينة بالقياس الكمي أو غريه ،مث
استخدام تلك املعلومات يف إصدار حكم على تلك السمة يف ضوء أهداف حمددة سلفا لنعرف مدى كفايتها.
ويعرف القياس يف نظر الرتبية وعلم النفس بأنه جمموعة مرتبة من املثريات أعدت لتقيس بطريقة كمية أو
بطريقة كيفية بعض العمليات العقلية أو السمات أو اخلصائص النفسية .وقد تكون املثريات أسئلة شفهية ،أو أسئلة
حتريرية مكتوبة ،وقد تكون سلسلة من األعداد أو بعض األشكال اهلندسية أو صوراً أو رسوماً ...اخل وهي كلها تؤثر
على الفرد وتستثري استجاباته.
ونشري هنا إىل أن التقومي الرتبوي يرتبط مبفهوم القياس ،وللتمييز بينهما يفضل البعض" أن يقتصر مفهوم
التقومي على احلكم الكلي على الظاهرة ،Globalأما القياس فيعين احلكم التحليلي Analyticalالذي يعتمد
على استخدام االختبارات وغريها من املقاييس األكثر دقة .كما يفضل البعض اآلخر ومنهم جرونالند اعتبار التقومي
أكثر عمومية من القياس فالتقومي يتمثل يف صورة أحكام واختاذ قرارات عملية ،قد يتطلب استخدام أدوات القياس أو
عدم استخدامها ويف كلتا احلالتني يتضمن إصدار أحكام ،كما أن قيم القياس ميكن استخدامها بطرق خمتلفة تبعاً
لألهداف الرتبوية اليت نسعى للحكم عليها( .الدوغان وأبو عوف)2227 ،
أهمية التقويم والقياس:
تعرتض عملية التقومي العديد من املشكالت والصعوبات اليت ختتلف باختالف فلسفة القياس واهلدف منه،
سواء مشكالت ترتبط بأدوات التقومي (االختبارات التحصيلية) أو مشكالت ترتبط باملعايري اليت يستند إليها يف تفسري
درجة التلميذ اليت حتصل عليها يف اختبار ما ،أو مشكالت ترتبط بطبيعة القياس (الكالسيكي أو املوضوعي).
والقياس يعترب اخلطوة األوىل من عملية تقومي التحصيل الدراسي ،حيث له أدواته اليت يتم هبا تقدير أداء املتعلم يف
صورة كمية ،لتبدأ عملية اختاذ القرار عند موازنة الكمية (درجة املتعلم) مبعيار متفق عليه لتفسري وحتديد معىن هلذه
الكمية ،واليت يتحدد يف ضوئها جوانب القوة والضعف ،مث تأتى املرحلة النهائية (العالج) والىت يتم فيها تدعيم نواحي
القوة وعالج نواحي الضعف سواء أكان للمتعلم أو املعلم أو احملتوى أو طرق التدريس( .الظاهر وعبد اهلادي،
.)2222
وحىت نتمكن من تذليل هذه الصعوبات واملشكالت اليت نواجهها يف عملييت التقومي والقياس ،جيب أن
نعرف أوال أمهية هاتني العمليتنب يف اجملال الرتبوي .وقد مت تلخيص أمهيتهما يف النقاط اآلتية حسب (الزيود وعليان،
:)2222
-يشخص للمدرسة وللمسؤولني عنها مدى حتقيقهم لألهداف اليت وضعت هلم ،أو مدى دنوهم ،أو
نأيهم وهو بذلك يفتح أمامهم الباب لتصحيح مسارهم يف ضوء األهداف اليت ال تغيب عن عيوهنم .
-معرفة املدى الذي وصل إليه الدارسون ،ويف اكتساهبم ألنواع معينه من العادات واملهارات اليت تكونت
عندهم نتيجة ممارسة أنواع معينة من أوجه النشاط.
-التوصل إىل اكتشاف احلاالت املرضية عند الطالب يف النواحي النفسية ،وحماولة عالجها عن طريق
اإلرشاد النفسي والتوجيه ،وكذلك اكتشاف حاالت التخلف الدراسي وصعوبات التعلم ،ومعاجلتها يف
حينها .
-وضع يد املعلم على نتائج عمله ،ونشاطه حبيث يستطيع أن يدعمها ،أو يغري فيها حنو األفضل سواء يف
طريقة التدريس ،أو أساليب التعامل مع الطالب .
-معاونة املدرسة يف توزيع الطالب على الفصول الدراسية ويف أوجه النشاط املختلفة اليت تناسبهم
وتوجيههم يف اختبار ما يدرسونه ،وما ميارسونه .
معاونة البيئة املنزلية للطالب على فهم ما جيري يف البيئة املدرسية طلباً للتعاون بني املدرسة ،والبيت -
لتحسني نتائج الطالب العلمية.
يساعد التقومي القائمني على سياسة التعليم على أن يعيدوا النظر يف األهداف الرتبوية اليت وضعت -
مسبقا حبيث تكون أكثر مالءمة للواقع الذي تعيشه املؤسسات التعليمية.
للتقومي دور فاعل يف توجيه املعلم لطالبه بناء على ما بينهم من فروق تتضح أثناء عمله معهم. -
يساعد التقومي على تطوير املناهج ،حبيث تالحق التقدم العلمي والرتبوي املعاصر. -
يساعد التقومي األفراد اإلداريني على اختاذ القرارات الالزمة لتصحيح مسار إدارهتم ،وكذلك اختاذ -
القرارات اخلاصة بالعاملني معهم فيها سواء برتقيتهم ،أو مبجازاهتم.
يساعد التقومي املشرفني الرتبويني على معرفة مدى جناح املعلمني يف أداء رسالتهم ومدى كفايتهم يف -
أدائها.
تستطيع املدرسة من خالل تقوميها لطالهبا باألساليب املختلفة أن تكتب تقارير موضوعية عن مدى
تقدم الطالب يف النشاطات العلمية املختلفة وتزويد أولياء األمور بنسخ منها ليطلعوا عليها .
مبادئ وأسس التقويم والقياس:
يقوم التقومي والقياس يف اجملال التعليمي على عدة مبادئ وأسس نذكر منها ما يلي:
-1يبىن التقومي والقياس على أساس الفلسفة الدميقراطية والقيم األخالقية اليت تنادي هبا العملية التعليمية
واليت من بينها مراعاة الفروق الفردية ،حيث أن كل فرد يف اجملتمع خيتلف عن اآلخر يف قدراته واستعداداته ،وما
تؤهله له هذه القدرات واالستعدادات ،إىل جانب املستوى العلمي واالقتصادي واالجتماعي الذي ميكن أن يصل
إليه.
-2يبىن التقومي والقياس على أساس األهداف العامة للعملية التعليمية واليت ترسم للقائمني عليها اإلطار
احلقيقي الذي جيب أن يعملوا فيه ،وهنا يوضح التقومي ما إذا كانت اخلربات اليت مير هبا التالميذ واقعة يف هذا اإلطار
أم ال ،ألن التفاعل املستمر بني اخلربات واألهداف جيعلها مرنة وتسمح بتغيري أو تطوير للعملية التعليمية.
-3التقومي والقياس يف الرتبية عملية شاملة جلميع مراحل منو التلميذ؛ أي ال تقتصر عملية التقومي على
الناحية العقلية دون غريها من النواحي األخرى بل جيب أن تشمل كذلك النواحي اجلسمية واالنفعالية واخللقية
واالجتماعية.
-4التقومي والقياس يهدفان إىل حتسني العملية التعليمية كي تتحقق األهداف املرجوة ،ويكون ذلك عن
طريق بيان كامل للعقبات اليت تقف دون االستمرار يف العملية التعليمية.
-5جيب أن تكون األدوات املستعملة يف التقومي والقياس سليمة من الناحية العلمية ،وذلك قصد احلصول
على تشخيص وعالج دقيق وناجح.
-6جيب أن تكون عملية التقومي والقياس عملية تعاونيه يشارك فيها مجيع من له عالقة هبا ،إذ ال يقتصرا
على شخص واحد ،بل جيب أن تشرتك فيهما مجيع األطراف بدءا من مدير املدرسة وأولياء األمر ،إىل زمالء القسم
قصد الوصول إىل نتائج إجيابية وهادفة ختدم الصاحل العام.
طرق تقويم وقياس التحصيل الدراسي:
لقد جلأت املؤسسات الرتبوية إىل استخدام طرق خمتلفة لتقومي وقياس تعليم أبنائها واختذت بعضها كمقياس
لقيمة املعلومات والبعض اآلخر كوسيلة لتحسني عملية التعليم ،وهنا نشري وبإجياز إىل الطرق التقوميية والقياسية
التالية:
-1االختبارات الشفهية :وهي من أقدم أنواع االختبارات وتستخدم يف تقومي جماالت معينة من التحصيل
كالقراءة اجلهرية وإلقاء الشعر وتالوة القرآن الكرمي.
-2االختبارات المقالية :وهي االختبارات ذات اإلجابة احلرة ،ويطلق عليها أحياناً اسم االختبارات
اإلنشائية أو التقليدية ،وألن هذه االختبارات تتيح للمتعلم فرصة إصدار جوابه اخلاص به وكيفية تنظيم اإلجابة
وتركيبها فهي تساعد على قياس أهداف معقدة كاالبتكار والتنظيم والتكامل بني األفكار والتعبري عنها باستخدام
ألفاظه اخلاصة .ومن نقاط ضعف هذا النوع من االختبارات قلة مشول أسئلتها للمادة الدراسية كلها ،وتأثر
تصحيحها بالعوامل الذاتية للمصحح.
-3االختبارات الموضوعية :وقد اطلقت عليها هذه التسمية لدقتها ولعدم تأثر تصحيحها بالعوامل
الذاتية للمصحح ،وهي تتميز باملوضوعية والشمول وارتفاع معاملي الصدق والثبات وسهولة يف التطبيق والتصحيح،
إال أن إعدادها صعب وتقتصر على قياس بعض األهداف التعليمية كالرتكيب والتقومي كما أهنا تفتح جماالً للغش
والتخمني من قبل املفحوصني ،ولذلك فإنه ينصح بعدم استخدامها منفردة دون االختبارات املقالية( .الدوغان وأبو
عوف)2227 ،
-4االختبارات األدائية :وهي االختبارات اليت تقيس أداء األفراد هبدف التعرف على بعض اجلوانب
الفنية يف املادة املتعلمة وعلى بعض املهارات اليت ال ميكن قياسها باألنواع األخرى من االختبارات ،وبذلك فهي ال
تعتمد على األداء اللغوي املعريف للطالب ،وإمنا تعتمد على ما يقدمه الطالب من أداء عملي يف الواقع .وهلذا النوع
من االختبارات التحصيلية عدة أغراض متصلة بأغراض التقومي والقياس عامة ،ومنها:
أ .التشخيص :أي حماولة التعرف على جوانب القوة والضعف لدى الطالب يف جانب من جوانب التحصيل
لالستفادة من النتائج يف تدعيم جوانب القوة ومعاجلة جوانب الضعف مع ما يستدعيه ذلك من تقومي ألسلوب
التدريس أو املنهاج أو املرافق التعليمية املختلفة ومصادر التعلم.
ب .التصنيف :أي تصنيف الطالب إىل ختصصات خمتلفة؛ أكادميي– جتاري -صناعي -زراعي وما إىل
ذلك ،أو تصنيفهم إىل جمموعات اعتماداً على قدراهتم العقلية أو ميوهلم ،وبطبيعة احلال ال يكون هذا التصنيف ممكناً
عفيفة جديدي - 194 -
ردمد0712-7171: المجلد 5العدد 71مارس 0272 التعليمية
إال باالعتماد على نتائج الطالب يف اختبارات حتصيلية ،أو اختبارات خاصة ،أو وسائل قياس أخرى من مقابالت
شخصية واستبيانات وما إىل ذلك.
ج .قياس مستوى التحصيل :أي مدى حتقيق األهداف التعليمية لدى املتعلم يف مادة دراسـية معينـة أو يف
مجيع املواد الدراسية ؛ وذلك من خالل معرفة مستوى الطالب وقدراهتم قبل التدريس ،حيث يفيد ذلك يف عمليـة بنـاء
وتصميم األهداف التعليمية ،ومعرفة أثر املواد وطرق التدريس املستعملة يف عملية التعليم؛ ذلـك أن التقـومي يـزود املعلـم
بتغذية راجعة عن مدى مالئمة املواد وطرق التدريس املستعملة ملستوى الطالب ،وقدراهتم ورغباهتم ،مث تعديل ما يلـزم
يف ضوء ذلك( .حكيم)2224 ،
دور التقويم والقياس في إنجاح العملية التعليمية:
في مجال صياغة أهداف العملية التعليمية: .I
يساهم التقومي والقياس يف كثري من األحيان يف عملية اختيار األهداف الرتبوية .واخلطوات املتبعة يف اختيارها
وحتديدها على درجة كبرية من األمهية ألننا نسعى إىل تغيري سلوك األفراد خالل التعلم والتدريب ،ولكن بعض هذه
التغريات قد ال تكون مرغوباً فيها ،حيث أن التعلم داخل املؤسسات الرتبوية قصري نسبياً وال يسمح لنا بالوصول إىل
مجيع أهدافنا وغاياتنا ،فمثالً ال ميكن للمعلم أن يقيس نتائج تدريس التالميذ مقرراً يف اللغة العربية دون أن حيدد
مسبقا أي تغريات يف السلوك يهدف إىل حتقيقها ،فالتقومي بأدواته املختلفة يهدف يف هذه احلالة إىل حتديد ما إذا
كانت هذه التغريات قد متت على النحو الذي كنا ننشده ،فإذا كان مقرر اللغة يهدف إىل تنمية املهارة يف تنظيم
املادة املكتوبة فإن أدوات التقومي يف هذه احلالة ختتلف عنها يف مقرر يهدف إىل تنمية املعلومات األدبية أو تنمية
مهارة القراءة .فالتقومي والقياس يساعدان يف اختيار األهداف الرتبوية وتوضيحها على حنو غري مباشر ،أي حتفيز
املؤسسة الرتبوية على صياغة أهدافها والتعبري عنها بوضوح يف عبارات سلوكية.
في مجال الحكم على نجاح المتعلمين: .II
من املؤكد أن لكل مرحلة تعليمية عدد من السنوات الدراسية الالزمة هلا فإذا كان التعليم يف كل مراحله
يتفق مع احلاجات واإلمكانيات الفردية يصبح للسنوات الدراسية معىن أكرب من كوهنا جمرد زمن عابر ،خاصة إذا
كان مستوى التحصيل الذي يصل إليه كل تلميذ يف خمتلف امليادين يتحدد بأساليب التقومي وأدوات القياس .ويقرتح
وود Woodنظاماً ثنائياً إلعطاء الدرجات والتقديرات املدرسية ملواجهة اهلدفني املرتبطني واملستقلني معاً اللذين
من أجلهما وضع هذا النظام ،فهو يوصي يف حالة انتقال التالميذ من مرحلة ألخرى أن يعتمد التقومي الرتبوي على
االختبارات الرتبوية والنفسية املقننة ،أما يف أغراض الرفع من املستوى اخللقي واالجتماعي للتلميذ فإنه يوصي
باالحتفاظ بنظام التقديرات الراهن والذي تستوجبه املدارس مبختلف أنواعها ومستوياهتا .وعند استخدام التقومي
للحكم على جناح التلميذ البد من التأكد من مقابلة القدرات واإلمكانيات باحلاجات الفردية للتالميذ ،ويعتمد هذا
على معرفة دقيقة خبصائص النمو ومطالبه( .علوان)2229 ،
وحتدد طبيعة أدوات التقومي إىل حد كبري نوع العملية الرتبوية ،فإذا كانت االختبارات تتضمن أحكاماً كيفية
هامة فإهنا تفيد كثرياً يف حتديد األهداف والطرق الرتبوية ،وإذا كانت االختبارات تعتمد على مضمون تقليدي حبيث
تكون معظم أسئلتها حول احلقائق بغرض حتديد مقدار ما حفظه التالميذ من معلومات فإن آثار هذا النوع من
االختبارات ختتلف عن االختبارات اليت تقيس مهارات الدراسة وقدرات حل املشكلة ألن األخرية تؤكد املفاهيم
وتوضح األهداف اهلامة لعملية الرتبية وهو التعلم الدائم.
ج .وظيفة االنتقاء :Selective
أي حتديد االستجابات اليت سوف يتم تثبيتها وبقاؤها عند التالميذ واالستجابات اليت سوف حتذف.
وترتبط هذه الوظيفة باجلانب التشخيصي للتقومي ،إال أن الفرق بني االنتقاء والتشخيص هو أن االختبار التشخيصي
يركز االهتمام على تشخيص الصعوبات كما يقرتحها املعلم أو األخصائي النفسي املدرسي ،وتؤكد البحوث التجريبية
أنه كلما كانت معرفة التالميذ جلوانب الصواب واخلطأ يف استجاباهتم معرفة مباشرة يف موقف االختبار فإن ذلك
يؤدي إىل تثبيت االستجابات الصحيحة أو السلوك املرغوب فيه وحذف األخطاء واستبعادها( .علوان)2229 ،
في مجال اإلرشاد النفسي Counseling .IV
هو العملية اليت ميكن هبا تنظيم أو عرض املعلومات اخلاصة بالفرد على حنو يساعده للوصول إىل حلول فعالة
ملشكالت التكيف اليت قد يعاين منها.
واملرشد النفسي هو يف العادة أخصائي إكلينيكي يتعامل مع فرد واحد يف املرة الواحدة ،ولذلك فهو عادة ما
ينزع إىل أن يكون أكثر اهتماماً جبوانب السلوك الفردي ملتزماً مبعيار متعدد األبعاد لتكيف الفرد ،وهو ال يهتم
بالنجاح كما يقاس بالتحصيل املباشر فحسب ولكن بالنجاح الذي يقاس بالرضا الفردي والبقاء واالستمرار يف
املدرسة أو املهنة( .علوان)2229 ،
أما عن عالقة التقومي والقياس باإلرشاد النفسي فهي عالقة الوسيلة بالغاية؛ أي املساعدة على التعرف على
نواحي القوة والضعف سواء كانت داخل الفرد أو بني األفراد ،أي أن التقومي والقياس يفيد يف مجع املعلومات عن
األفراد الذين يعانون من املشكالت الفردية اخلاصة بالتكيف والتوجيه والنمو.
خاتمة:
ميكن القول أن عملييت التقومي والقياس يف احلقل التعليمي تعتمدان أساساً على مدى جناح التلميذ ،فالذي
حيصل على درجات عالية ينجح ويتقدم وتكون استثارته أسهل من التلميذ الذي حيصل على درجات منخفضة وما
يتبع ذلك من فشل ،وهذه النتيجة تؤكد ضرورة وضع أهداف تربوية معقولة تتضمن على األقل جناحاً جزئياً وممكناً
للجميع.
والواقع أن املؤسسات التعليمية لديها كثري من العمليات واإلجراءات اليت أصبحت مبرور الزمن أقرب إىل
التقاليد الراسخة؛ أي تتحول ممارسة التعليم إىل عملية ميكانيكية بال أهداف واضحة وصرحية وهذا يتناىف مع ما
نرمي إليه من الوصول إىل التخطيط يف خمتلف جوانب السلوك ،والذي يتطلب توفر قدر من الفهم الواضح للغايات
اليت نسعى إليها مجيعاً ،وميكن أن يتحقق هذا بالتقومي والقياس الرتبوي ،إذ أهنما دعامة رئيسية من دعائم العملية
التعليمية ويعتمد جناحها إىل حد كبري على جناح عملييت التقومي والقياس.
وعليه ،ميكن اقرتاح ما يلي:
-حتديد أهداف العملية التعليمية مبا يتماشى مع اجتاهات الفرد وحاجاته من جهة ،وقيم اجملتمع ومتطلباته
من جهة أخرى.
-وضع خطة تعليمية واضحة ،تسمح بتكوين الفرد الصاحل والقادر على خدمة اجملتمع واالرتقاء به.
-االهتمام بعملييت القياس والتقومي ألهنما وسيلتان فعالتان يف الكشف عن النقائص اليت ميكن أن توجد
يف العملية التعليمية.
-تكوين املعلمني يف جمال القياس والتقومي من خالل تبين طرق تتماشى مع تطورات العصر ،تسمح بتقييم
املتعلمني بفعالية .وهذا بدوره يقلل من فرص اإلهدار الرتبوي بنوعيه :الرسوب والتسرب.
المراجع:
حكيم ،عبد احلميد بن عبد اجمليد بن عبد احلميد2425( .هـ املوافق 2224م) .االختبارات والقياس والتقويم ،حقيبة تدريبية .السعودية:
مركز خدمة اجملتمع والتعليم املستمر ،كلية املعلمني مبكة.
خليفة ،عبد اللطيف حممد .)2222( .الدافعية لإلنجاز .القاهرة :دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع.
الدوغان ،عبد اهلل بن أمحد وأبو عوف ،طلعت حممد حممد .)2227( .القياس والتقويم النفسي واألسري ،حقيبة تدريبية أكاديمية.
السعودية :مركز التنمية البشرية ،جامعة امللك فيصل.
الزيود ،نادر فهمي وعليان ،هاشم عامر .)2222( .مبادئ القياس والتقويم في التربية .األردن :دار الفكر.
الظاهر ،زكريا حممد وعبد اهلادي ،جودت عزت .)2222( .مبادئ القياس والتقويم في التربية .األردن :الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع
ودار القافلة للنشر والتوزيع.
علوان ،حيي( .ماي .)2229التقومي والقياس الرتبوي ودوره يف إجناح العملية الرتبوية .مجلة العلوم اإلنسانية .بسكرة :جامعة حممد خيضر.
قرايرية حرقاس ،وسيلة .)2222 – 2227( .تقييم مدى تحقيق المقاربة بالكفاءات ألهداف المناهج الجديدة في إطار اإلصالحات
التربوية حسب معلمي ومفتشي المرحلة االبتدائية .رسالة دكتوراه العلوم يف علم النفس الرتبوي .قسنطينة :جامعة منتوري.