You are on page 1of 11

‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫أهمية القياس التربوي والتقويم ودورهما في العملية التعليمية‬


‫د‪ .‬عفيـفة جـدي ـدي‬
‫أستاذة محاضرة في علم النفس وعلوم التربية‬
‫‪E-mail : af_djedidi@yahoo.fr‬‬
‫كلية العلوم الاجتماعية وإلانسانية‬
‫جامعة العقيد آكلي محند أولحاج بالبويرة ‪ -‬الجزائر‬
‫ملخص‪:‬‬
‫إذا كان من بني أهداف العملية التعليمية هو العمل على تكوين الفرد املتعلم‪ ،‬الواثق من نفسه وقدراته‪ ،‬فإن‬
‫ذلك يتطلب العمل على خلق اجتاهات نفسية إجيابية لدى الفرد حنو ذاته أوالً‪ ،‬وحنو املواضيع اخلارجية احمليطة به‬
‫ثانياً‪ ،‬واليت ال ميكن التعرف عليها بشكل واضح إال من خالل عملية تقوميية وقياسية فعالة ملا حتصل عليه من أرصدة‬
‫فكرية وثقافية ومعرفية لكل مرحلة من مراحل تعلمه‪.‬‬
‫ونظراً ألمهية التقومي والقياس يف احلقل التعليمي ودورمها يف إجناح العملية التعليمية وحتقيق أهدافها املرجوة‬
‫منها‪ ،‬فإننا سوف نتناوله بشيء من التفصيل وفقاً للعناصر التالية‪:‬‬
‫‪ .1‬مفهوم التقومي والقياس‪.‬‬
‫‪ .2‬أمهية التقومي والقياس‪.‬‬
‫‪ .3‬مبادئ وأسس التقومي والقياس‪.‬‬
‫‪ .4‬طرق تقومي وقياس التحصيل الدراسي‪.‬‬
‫‪ .5‬دور التقومي والقياس يف إجناح العملية التعليمية‪.‬‬
‫الكلمات المفتاحية‪ :‬التقومي‪ ،‬القياس الرتبوي‪ ،‬العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪L’importance de l’édumetrie et de l’évaluation et leur rôle dans le processus éducatif‬‬
‫‪Résumé :‬‬
‫‪Si l'un des objectifs du processus éducatifs est de former un individu instruit, confiant de‬‬
‫‪lui-même et de ses capacités, ceci exige de créer des attitudes psychologiques positives chez‬‬
‫‪l’individu envers lui-même d'abord, et envers les sujets externes qui l’entoure, et ça ne peut être‬‬
‫‪identifié clairement que par un processus d’évaluation et de mesure efficace de ce qu’il a obtenu de‬‬
‫‪connaissances intellectuelles, culturelles et cognitives dans chacune des étapes de son apprentissage.‬‬
‫‪Compte tenu de l'importance de l'évaluation et de la mesure dans le domaine de l'éducation, et de‬‬
‫‪leurs rôle pour la réussite du processus éducatif et d'atteindre leurs objectifs souhaités, nous allons‬‬
‫‪les détailler selon les éléments suivants:‬‬
‫‪1. Le concept d'évaluation et de la mesure.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 188 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫‪2. L’importance de l’évaluation et de la mesure‬‬


‫‪3. Principes et fondements de l'évaluation et de la mesure.‬‬
‫‪4. Méthodes d'évaluation et de mesure de l’acquisition scolaire.‬‬
‫‪5. Le rôle de l'évaluation et de la mesure dans la réussite du processus éducatif.‬‬
‫‪Mots clés : Evaluation, Edumetrie, Processus éducatif‬‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫يقاس تقدم األمم بقوة النظام الرتبوي هبا‪ ،‬حيث يُعد أفرادا مؤهلني على درجة عالية من الكفاءة ومبدعني‬
‫قادرين على تطوير اجملتمع‪ ،‬ولديهم مرونة عالية على تطوير أنفسهم ومواكبة التغريات ومستجدات العصر‪ .‬ويعتمد‬
‫ذلك على جودة وسائل القياس والتقومي اليت تساعد يف اختاذ قرارات موضوعية بناءً على أسس علمية‪ ،‬باعتبار التقومي‬
‫جزءاً عضوياً من نسيج النظام التعليمي؛ فمن خالله يتم الوقوف على مدى حتقيق أهداف النظام التعليمي‪ ،‬ويقدم‬
‫تغذية راجعة مستمرة تسهم يف تعديل وتطوير النظام وتزيد من كفاءته ومن مث نوعية وجودة خمرجاته‪ .‬وقد يرجع‬
‫ضعف النظام التعليمي إىل ضعف أدوات ووسائل التقومي املستخدمة‪ ،‬وعليه فإن إصالح التقومي والتعرف على‬
‫املشكالت املرتبطة بأدواته‪ ،‬يُعد مدخالً جيداً إلصالح التعليم واالرتقاء مبستوى جودة خمرجاته‪.‬‬
‫ويعد مفهوم التقومي الرتبوي وممارساته أمراً ليس جبديد‪ ،‬حيث يقول بابام )‪ (Popham‬أن معظم العلماء‬
‫أوضحوا يف كتاباهتم عرب القرون مزاولة اإلنسان للعمليات التقوميية وممارسة تقومي ما يقوم به هو أو ما يقوم به غريه من‬
‫أعمال‪ ،‬وما تشمل عليه البيئة من جوانب عديدة يتم تقوميها‪.‬‬
‫ومل يتخذ التقومي صورة التخصص إال مع ظهور الثورة الصناعية (أو ما يعرف بعصر املهنية ابتداء من سنة‬
‫‪ ،)2792‬كما أن الدعوة إلصالح التعليم يف السبعينات والثمانينات عززت مهمة التقومي الرتبوي يف ختطيط املشاريع‬
‫املهمة‪ ،‬واإلشراف على تنفيذها للتوصل إىل تطوير التعليم من خالل تطوير السياسات واملناهج والربامج التعليمية‪.‬‬
‫(حكيم ‪)2224 ،‬‬
‫أما عن القياس يف ميدان الرتبية‪ ،‬فهو أقدم كثرياً من القياس يف ميدان علم النفس‪ ،‬ولقد شعر املربون قدميا‬
‫باحلاجة إىل قياس التقدم والتأخر عند تالميذهم‪ ،‬واحلاجة إىل التعرف على نواحي الضعف لديهم‪ ،‬كما شعروا‬
‫باحلاجة إىل قياس مدى جناح جهودهم وطرقهم يف التدريس بقياس ما يظهره تالميذهم من تقدم فيما يدرسونه‪.‬‬
‫وكان القياس يعتمد يف أول األمر على املالحظة الذاتية واآلراء الشخصية مث مر بعد ذلك مبرحلة االمتحانات‬
‫الشفهية‪ ،‬تلتها مرحلة االمتحانات التحريرية من نوع املقال‪ .‬أما املرحلة الرابعة بدأت حديثاً نسبياً عن طريق‬
‫االمتحانات احلديثة أو ما يعرف باالمتحانات املوضوعية‪ .‬وأخريا مرحلة االختبارات املوضوعية املقننة؛ وتعد تطويرا‬
‫للمرحلة السابقة حيث ظهرت احلاجة إىل ضبط وتقنني اإلجراءات والتعليمات اليت تعطى للمفحوصني‪ ،‬فنشأت فكرة‬
‫التقنني على املستويات املختلفة‪.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 189 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫ورغم أن معجم علوم الرتبية استخدم لفظة التقييم كمرادفة للفظة التقومي‪ ،‬إال أن أغلبية املتخصصني‬
‫والفاعلني يف ميدان الرتبية والتعليم من معلمني وأساتذة ومفتشني مييزون بني املصطلحني من حيث وظيفة كل واحد‬
‫منهما‪ ،‬حيث يدل التقييم – يقول حممد السيد – على إعطاء قيمة للشيء بعد قياسه ومقارنته مبعيار أو جمموعة من‬
‫املعايري‪ ،‬أما التقومي فهو يشمل باإلضافة إىل القياس والتقييم‪ ،‬عملية تشخيص نقاط القوة والضعف يف املناهج والفعل‬
‫الرتبوي وتشخيص أسباهبا‪ ،‬بغرض البحث عن آليات تعزيز نقاط القوة وحتديد كيفيات التعديل والتحسني أو عالج‬
‫نقاط الضعف‪ ،‬فالتقييم يف جمال العمل الرتبوي يعترب جزءا ال يتجزأ من العملية الشاملة اليت هي التقومي‪.‬‬
‫ويؤكد ستافلبيم )‪ (Stufflebeam, 1974‬على أن التقومي عملية يتم فيها التخطيط واحلصول على‬
‫املعلومات اليت تفيد يف احلكم على بدائل القرار‪ .‬ومع كثرة التعاريف وتعدد املفاهيم وحىت االختالفات حول التقومي‬
‫الرتبوي إال أن االتفاق يكون حول أن التقومي عملية إنسانية يتم هبا تقرير القيمة الرتبوية للمعارف والسلوكات أو‬
‫الكفاءات واملناهج عموما‪ ،‬هبدف حتسني ما يلزم من العوامل والعمليات املتوقعة واحلصول على أفضل النتائج‪،‬‬
‫وبالتايل أجنع آليات االستثمار يف جمال الرتبية‪( .‬قرايرية‪.)2222 -2227 ،‬‬
‫ويعترب موضوع القياس والتقومي‪ ،‬حجر الزاوية يف التعرف على فئات املتعلمني العاديني وغري العاديني‪ ،‬والتعرف‬
‫أيضا على مستوياهتم‪ ،‬فبدون توفر أدوات القياس والتقويـم املناسبة لكل فئة‪ ،‬فإنه يصعب على مصمم الربامج الرتبوية‬
‫أن يضع تلك الفئات يف املكان املناسب هلا‪ ،‬أو أن يصمم الربامج الرتبوية املناسبة ومن مث تقييمها للتعرف على مدى‬
‫فعاليتها‪ .‬واهلدف الرئيسى من العملية التعليمية هو مساعدة الطالب على النمو الشامل ىف مجيع جوانب‬
‫شخصياهتم‪ ،‬واكتساب األهداف الىت حددها اجملتمع‪.‬‬
‫مفهوم التقويم والقياس‪:‬‬
‫يف أحيان كثرية‪ ،‬تستخدم مصطلحات مثل االختبار ‪ ،Test‬والقياس ‪ ،Measurement‬والتقييم‬
‫‪ ،Assessment‬والتقومي ‪ Evaluation‬على حنو تباديل أحياناً بسبب العالقات الوظيفية املتداخلة بينها‪،‬‬
‫إال أنه ميكن استخالص النقاط التالية لتوضيح الفروق بني املصطلحات السابقة ‪:‬‬
‫‪ -‬االختبار‪ :‬عملية هنائية تقيس جانباً واحداً من جوانب املتعلم‪ ،‬أو إجراء منظم لقياس مسة ما من خالل‬
‫عينة من السلوك‪.‬‬
‫‪ -‬القياس‪ :‬سابق للتقومي وأساس له‪ ،‬ويشري إىل كمية ما يوجد يف الشيء من اخلاصية اليت نريد قياسها وفق‬
‫مقاييس متدرجة ذات قيمة رقمية متفق عليها‪.‬‬
‫‪ -‬التقييم‪ :‬عملية جتميع ووصف وتكميم املعلومات والبيانات املتعلقة باألداء بقصد املساعدة يف اختاذ قرار‬
‫ما‪ .‬وهو إصدار احلكم على قيمة األشياء ‪ ،‬أي تقدير مدى العالقة بني مستوى التحصيل واألهداف‬
‫مبعىن تقدير قيمة الشيء استناداً إىل معيار معني‪.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 190 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫‪ -‬ميتد التقويم ليشمل اجلوانب املختلفة للمتعلم من أجل إعطاء صورة لنمو هذه النواحى‪ ،‬كما متتد عملية‬
‫التقومي لتضع العالج املناسب‪ .‬كما أن كل عملية تقومي تنطوى على عمليىت قياس وتقييم‪.‬‬
‫والتقومي يف اجملال الرتبوي اصطالحاً يعين تلك العملية املنهجية اليت تتضمن مجع املعلومات عن مسة معينة‬
‫)بالقياس الكمي أو الكيفي( مث استخدام هذه املعلومات يف إصدار حكم على هذه السمة يف ضوء أهداف حمددة‬
‫سلفاً للتعرف على مدى فعاليتها‪.‬‬
‫وهناك عدد من املفاهيم عن التقومي الرتبوي يركز كل واحد منها على بعد أو أكثر من أبعاد العملية ‪ ،‬ومنها‬
‫من يعترب التقومي مرادفاً للقياس‪ ،‬ومنها من اعتربه إصدار حكم‪ ،‬ومن تلك التعاريف أنه‪( :‬حكيم‪)2224 ،‬‬
‫‪ -2‬عملية وصف دقيق للحصول على (أو توفري) املعلومات املفيدة للحكم على بدائل القرارات‪.‬‬
‫‪ -2‬العملية اليت تسمح بالوصول إىل حكم عن قيمة الشيء‪.‬‬
‫‪ -3‬حتديد مدى التطابق بني األداء واألهداف‪.‬‬
‫‪ -4‬حتديد ما بلغناه من جناح يف حتقيق األهداف اليت نسعى إىل حتقيقها‪ ،‬فهو يعيننا على حتدي‬
‫املشكالت وتشخيص األوضاع ومعرفة العقبات لتحسني العملية التعليمية ورفع مستواها وحتقيق أهدافها‪.‬‬
‫‪ -5‬عملية احلصول على املعلومات واستخدامها للتوصل إىل أحكام توظف بدورها يف اختاذ القرارات‪.‬‬
‫‪ -6‬هو األسلوب الذي تستخدم فيه املعلومات والبيانات اليت مت مجعها بواسطة القياس كأساس إلصدار‬
‫حكم‪.‬‬
‫‪ -9‬عملية منهجية حتدد مدى حتقيق األهداف الرتبوية من قبل التالميذ‪ ،‬وأهنا تتضمن وصفا كمياً وكيفياً‬
‫باإلضافة إىل حكم على القيمة ‪.‬‬
‫‪ -8‬عمليات تلخيصية أو وصفية يلعب فيها احلكم على قيمة الشيء دوراً كبرياً كما هو احلال يف إعطاء‬
‫تقديرات للتالميذ‪.‬‬
‫‪ -7‬احلصول على معلومات دورية عن عمليات ونتائج أي برنامج تربوي‪.‬‬
‫‪ -22‬تلك العملية املنهجية اليت تتضمن مجع املعلومات عن مسة معينة بالقياس الكمي أو غريه‪ ،‬مث‬
‫استخدام تلك املعلومات يف إصدار حكم على تلك السمة يف ضوء أهداف حمددة سلفا لنعرف مدى كفايتها‪.‬‬
‫ويعرف القياس يف نظر الرتبية وعلم النفس بأنه جمموعة مرتبة من املثريات أعدت لتقيس بطريقة كمية أو‬
‫بطريقة كيفية بعض العمليات العقلية أو السمات أو اخلصائص النفسية‪ .‬وقد تكون املثريات أسئلة شفهية‪ ،‬أو أسئلة‬
‫حتريرية مكتوبة‪ ،‬وقد تكون سلسلة من األعداد أو بعض األشكال اهلندسية أو صوراً أو رسوماً ‪...‬اخل وهي كلها تؤثر‬
‫على الفرد وتستثري استجاباته‪.‬‬
‫ونشري هنا إىل أن التقومي الرتبوي يرتبط مبفهوم القياس‪ ،‬وللتمييز بينهما يفضل البعض" أن يقتصر مفهوم‬
‫التقومي على احلكم الكلي على الظاهرة ‪ ،Global‬أما القياس فيعين احلكم التحليلي ‪ Analytical‬الذي يعتمد‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 191 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫على استخدام االختبارات وغريها من املقاييس األكثر دقة‪ .‬كما يفضل البعض اآلخر ومنهم جرونالند اعتبار التقومي‬
‫أكثر عمومية من القياس فالتقومي يتمثل يف صورة أحكام واختاذ قرارات عملية‪ ،‬قد يتطلب استخدام أدوات القياس أو‬
‫عدم استخدامها ويف كلتا احلالتني يتضمن إصدار أحكام‪ ،‬كما أن قيم القياس ميكن استخدامها بطرق خمتلفة تبعاً‬
‫لألهداف الرتبوية اليت نسعى للحكم عليها‪( .‬الدوغان وأبو عوف‪)2227 ،‬‬
‫أهمية التقويم والقياس‪:‬‬
‫تعرتض عملية التقومي العديد من املشكالت والصعوبات اليت ختتلف باختالف فلسفة القياس واهلدف منه‪،‬‬
‫سواء مشكالت ترتبط بأدوات التقومي (االختبارات التحصيلية) أو مشكالت ترتبط باملعايري اليت يستند إليها يف تفسري‬
‫درجة التلميذ اليت حتصل عليها يف اختبار ما‪ ،‬أو مشكالت ترتبط بطبيعة القياس (الكالسيكي أو املوضوعي)‪.‬‬
‫والقياس يعترب اخلطوة األوىل من عملية تقومي التحصيل الدراسي‪ ،‬حيث له أدواته اليت يتم هبا تقدير أداء املتعلم يف‬
‫صورة كمية‪ ،‬لتبدأ عملية اختاذ القرار عند موازنة الكمية (درجة املتعلم) مبعيار متفق عليه لتفسري وحتديد معىن هلذه‬
‫الكمية‪ ،‬واليت يتحدد يف ضوئها جوانب القوة والضعف‪ ،‬مث تأتى املرحلة النهائية (العالج) والىت يتم فيها تدعيم نواحي‬
‫القوة وعالج نواحي الضعف سواء أكان للمتعلم أو املعلم أو احملتوى أو طرق التدريس‪( .‬الظاهر وعبد اهلادي‪،‬‬
‫‪.)2222‬‬
‫وحىت نتمكن من تذليل هذه الصعوبات واملشكالت اليت نواجهها يف عملييت التقومي والقياس‪ ،‬جيب أن‬
‫نعرف أوال أمهية هاتني العمليتنب يف اجملال الرتبوي‪ .‬وقد مت تلخيص أمهيتهما يف النقاط اآلتية حسب (الزيود وعليان‪،‬‬
‫‪:)2222‬‬
‫‪ -‬يشخص للمدرسة وللمسؤولني عنها مدى حتقيقهم لألهداف اليت وضعت هلم‪ ،‬أو مدى دنوهم‪ ،‬أو‬
‫نأيهم وهو بذلك يفتح أمامهم الباب لتصحيح مسارهم يف ضوء األهداف اليت ال تغيب عن عيوهنم ‪.‬‬
‫‪ -‬معرفة املدى الذي وصل إليه الدارسون‪ ،‬ويف اكتساهبم ألنواع معينه من العادات واملهارات اليت تكونت‬
‫عندهم نتيجة ممارسة أنواع معينة من أوجه النشاط‪.‬‬
‫‪ -‬التوصل إىل اكتشاف احلاالت املرضية عند الطالب يف النواحي النفسية‪ ،‬وحماولة عالجها عن طريق‬
‫اإلرشاد النفسي والتوجيه‪ ،‬وكذلك اكتشاف حاالت التخلف الدراسي وصعوبات التعلم‪ ،‬ومعاجلتها يف‬
‫حينها ‪.‬‬
‫‪ -‬وضع يد املعلم على نتائج عمله‪ ،‬ونشاطه حبيث يستطيع أن يدعمها‪ ،‬أو يغري فيها حنو األفضل سواء يف‬
‫طريقة التدريس‪ ،‬أو أساليب التعامل مع الطالب ‪.‬‬
‫‪ -‬معاونة املدرسة يف توزيع الطالب على الفصول الدراسية ويف أوجه النشاط املختلفة اليت تناسبهم‬
‫وتوجيههم يف اختبار ما يدرسونه‪ ،‬وما ميارسونه ‪.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 192 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫معاونة البيئة املنزلية للطالب على فهم ما جيري يف البيئة املدرسية طلباً للتعاون بني املدرسة‪ ،‬والبيت‬ ‫‪-‬‬
‫لتحسني نتائج الطالب العلمية‪.‬‬
‫يساعد التقومي القائمني على سياسة التعليم على أن يعيدوا النظر يف األهداف الرتبوية اليت وضعت‬ ‫‪-‬‬
‫مسبقا حبيث تكون أكثر مالءمة للواقع الذي تعيشه املؤسسات التعليمية‪.‬‬
‫للتقومي دور فاعل يف توجيه املعلم لطالبه بناء على ما بينهم من فروق تتضح أثناء عمله معهم‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يساعد التقومي على تطوير املناهج‪ ،‬حبيث تالحق التقدم العلمي والرتبوي املعاصر‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫يساعد التقومي األفراد اإلداريني على اختاذ القرارات الالزمة لتصحيح مسار إدارهتم‪ ،‬وكذلك اختاذ‬ ‫‪-‬‬
‫القرارات اخلاصة بالعاملني معهم فيها سواء برتقيتهم‪ ،‬أو مبجازاهتم‪.‬‬
‫يساعد التقومي املشرفني الرتبويني على معرفة مدى جناح املعلمني يف أداء رسالتهم ومدى كفايتهم يف‬ ‫‪-‬‬
‫أدائها‪.‬‬
‫تستطيع املدرسة من خالل تقوميها لطالهبا باألساليب املختلفة أن تكتب تقارير موضوعية عن مدى‬
‫تقدم الطالب يف النشاطات العلمية املختلفة وتزويد أولياء األمور بنسخ منها ليطلعوا عليها ‪.‬‬
‫مبادئ وأسس التقويم والقياس‪:‬‬
‫يقوم التقومي والقياس يف اجملال التعليمي على عدة مبادئ وأسس نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يبىن التقومي والقياس على أساس الفلسفة الدميقراطية والقيم األخالقية اليت تنادي هبا العملية التعليمية‬
‫واليت من بينها مراعاة الفروق الفردية‪ ،‬حيث أن كل فرد يف اجملتمع خيتلف عن اآلخر يف قدراته واستعداداته‪ ،‬وما‬
‫تؤهله له هذه القدرات واالستعدادات‪ ،‬إىل جانب املستوى العلمي واالقتصادي واالجتماعي الذي ميكن أن يصل‬
‫إليه‪.‬‬
‫‪ -2‬يبىن التقومي والقياس على أساس األهداف العامة للعملية التعليمية واليت ترسم للقائمني عليها اإلطار‬
‫احلقيقي الذي جيب أن يعملوا فيه‪ ،‬وهنا يوضح التقومي ما إذا كانت اخلربات اليت مير هبا التالميذ واقعة يف هذا اإلطار‬
‫أم ال‪ ،‬ألن التفاعل املستمر بني اخلربات واألهداف جيعلها مرنة وتسمح بتغيري أو تطوير للعملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ -3‬التقومي والقياس يف الرتبية عملية شاملة جلميع مراحل منو التلميذ؛ أي ال تقتصر عملية التقومي على‬
‫الناحية العقلية دون غريها من النواحي األخرى بل جيب أن تشمل كذلك النواحي اجلسمية واالنفعالية واخللقية‬
‫واالجتماعية‪.‬‬
‫‪ -4‬التقومي والقياس يهدفان إىل حتسني العملية التعليمية كي تتحقق األهداف املرجوة‪ ،‬ويكون ذلك عن‬
‫طريق بيان كامل للعقبات اليت تقف دون االستمرار يف العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ -5‬جيب أن تكون األدوات املستعملة يف التقومي والقياس سليمة من الناحية العلمية‪ ،‬وذلك قصد احلصول‬
‫على تشخيص وعالج دقيق وناجح‪.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 193 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫‪ -6‬جيب أن تكون عملية التقومي والقياس عملية تعاونيه يشارك فيها مجيع من له عالقة هبا‪ ،‬إذ ال يقتصرا‬
‫على شخص واحد‪ ،‬بل جيب أن تشرتك فيهما مجيع األطراف بدءا من مدير املدرسة وأولياء األمر‪ ،‬إىل زمالء القسم‬
‫قصد الوصول إىل نتائج إجيابية وهادفة ختدم الصاحل العام‪.‬‬
‫طرق تقويم وقياس التحصيل الدراسي‪:‬‬
‫لقد جلأت املؤسسات الرتبوية إىل استخدام طرق خمتلفة لتقومي وقياس تعليم أبنائها واختذت بعضها كمقياس‬
‫لقيمة املعلومات والبعض اآلخر كوسيلة لتحسني عملية التعليم‪ ،‬وهنا نشري وبإجياز إىل الطرق التقوميية والقياسية‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪-1‬االختبارات الشفهية‪ :‬وهي من أقدم أنواع االختبارات وتستخدم يف تقومي جماالت معينة من التحصيل‬
‫كالقراءة اجلهرية وإلقاء الشعر وتالوة القرآن الكرمي‪.‬‬
‫‪-2‬االختبارات المقالية‪ :‬وهي االختبارات ذات اإلجابة احلرة‪ ،‬ويطلق عليها أحياناً اسم االختبارات‬
‫اإلنشائية أو التقليدية‪ ،‬وألن هذه االختبارات تتيح للمتعلم فرصة إصدار جوابه اخلاص به وكيفية تنظيم اإلجابة‬
‫وتركيبها فهي تساعد على قياس أهداف معقدة كاالبتكار والتنظيم والتكامل بني األفكار والتعبري عنها باستخدام‬
‫ألفاظه اخلاصة‪ .‬ومن نقاط ضعف هذا النوع من االختبارات قلة مشول أسئلتها للمادة الدراسية كلها‪ ،‬وتأثر‬
‫تصحيحها بالعوامل الذاتية للمصحح‪.‬‬
‫‪-3‬االختبارات الموضوعية‪ :‬وقد اطلقت عليها هذه التسمية لدقتها ولعدم تأثر تصحيحها بالعوامل‬
‫الذاتية للمصحح‪ ،‬وهي تتميز باملوضوعية والشمول وارتفاع معاملي الصدق والثبات وسهولة يف التطبيق والتصحيح‪،‬‬
‫إال أن إعدادها صعب وتقتصر على قياس بعض األهداف التعليمية كالرتكيب والتقومي كما أهنا تفتح جماالً للغش‬
‫والتخمني من قبل املفحوصني‪ ،‬ولذلك فإنه ينصح بعدم استخدامها منفردة دون االختبارات املقالية‪( .‬الدوغان وأبو‬
‫عوف‪)2227 ،‬‬
‫‪ -4‬االختبارات األدائية‪ :‬وهي االختبارات اليت تقيس أداء األفراد هبدف التعرف على بعض اجلوانب‬
‫الفنية يف املادة املتعلمة وعلى بعض املهارات اليت ال ميكن قياسها باألنواع األخرى من االختبارات‪ ،‬وبذلك فهي ال‬
‫تعتمد على األداء اللغوي املعريف للطالب‪ ،‬وإمنا تعتمد على ما يقدمه الطالب من أداء عملي يف الواقع‪ .‬وهلذا النوع‬
‫من االختبارات التحصيلية عدة أغراض متصلة بأغراض التقومي والقياس عامة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أ‪ .‬التشخيص‪ :‬أي حماولة التعرف على جوانب القوة والضعف لدى الطالب يف جانب من جوانب التحصيل‬
‫لالستفادة من النتائج يف تدعيم جوانب القوة ومعاجلة جوانب الضعف مع ما يستدعيه ذلك من تقومي ألسلوب‬
‫التدريس أو املنهاج أو املرافق التعليمية املختلفة ومصادر التعلم‪.‬‬
‫ب‪ .‬التصنيف‪ :‬أي تصنيف الطالب إىل ختصصات خمتلفة؛ أكادميي– جتاري‪ -‬صناعي ‪-‬زراعي وما إىل‬
‫ذلك‪ ،‬أو تصنيفهم إىل جمموعات اعتماداً على قدراهتم العقلية أو ميوهلم‪ ،‬وبطبيعة احلال ال يكون هذا التصنيف ممكناً‬
‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 194 -‬‬
‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫إال باالعتماد على نتائج الطالب يف اختبارات حتصيلية‪ ،‬أو اختبارات خاصة‪ ،‬أو وسائل قياس أخرى من مقابالت‬
‫شخصية واستبيانات وما إىل ذلك‪.‬‬
‫ج‪ .‬قياس مستوى التحصيل‪ :‬أي مدى حتقيق األهداف التعليمية لدى املتعلم يف مادة دراسـية معينـة أو يف‬
‫مجيع املواد الدراسية ؛ وذلك من خالل معرفة مستوى الطالب وقدراهتم قبل التدريس‪ ،‬حيث يفيد ذلك يف عمليـة بنـاء‬
‫وتصميم األهداف التعليمية‪ ،‬ومعرفة أثر املواد وطرق التدريس املستعملة يف عملية التعليم؛ ذلـك أن التقـومي يـزود املعلـم‬
‫بتغذية راجعة عن مدى مالئمة املواد وطرق التدريس املستعملة ملستوى الطالب‪ ،‬وقدراهتم ورغباهتم‪ ،‬مث تعديل ما يلـزم‬
‫يف ضوء ذلك‪( .‬حكيم‪)2224 ،‬‬
‫دور التقويم والقياس في إنجاح العملية التعليمية‪:‬‬
‫في مجال صياغة أهداف العملية التعليمية‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫يساهم التقومي والقياس يف كثري من األحيان يف عملية اختيار األهداف الرتبوية‪ .‬واخلطوات املتبعة يف اختيارها‬
‫وحتديدها على درجة كبرية من األمهية ألننا نسعى إىل تغيري سلوك األفراد خالل التعلم والتدريب‪ ،‬ولكن بعض هذه‬
‫التغريات قد ال تكون مرغوباً فيها‪ ،‬حيث أن التعلم داخل املؤسسات الرتبوية قصري نسبياً وال يسمح لنا بالوصول إىل‬
‫مجيع أهدافنا وغاياتنا‪ ،‬فمثالً ال ميكن للمعلم أن يقيس نتائج تدريس التالميذ مقرراً يف اللغة العربية دون أن حيدد‬
‫مسبقا أي تغريات يف السلوك يهدف إىل حتقيقها‪ ،‬فالتقومي بأدواته املختلفة يهدف يف هذه احلالة إىل حتديد ما إذا‬
‫كانت هذه التغريات قد متت على النحو الذي كنا ننشده‪ ،‬فإذا كان مقرر اللغة يهدف إىل تنمية املهارة يف تنظيم‬
‫املادة املكتوبة فإن أدوات التقومي يف هذه احلالة ختتلف عنها يف مقرر يهدف إىل تنمية املعلومات األدبية أو تنمية‬
‫مهارة القراءة‪ .‬فالتقومي والقياس يساعدان يف اختيار األهداف الرتبوية وتوضيحها على حنو غري مباشر‪ ،‬أي حتفيز‬
‫املؤسسة الرتبوية على صياغة أهدافها والتعبري عنها بوضوح يف عبارات سلوكية‪.‬‬
‫في مجال الحكم على نجاح المتعلمين‪:‬‬ ‫‪.II‬‬
‫من املؤكد أن لكل مرحلة تعليمية عدد من السنوات الدراسية الالزمة هلا فإذا كان التعليم يف كل مراحله‬
‫يتفق مع احلاجات واإلمكانيات الفردية يصبح للسنوات الدراسية معىن أكرب من كوهنا جمرد زمن عابر‪ ،‬خاصة إذا‬
‫كان مستوى التحصيل الذي يصل إليه كل تلميذ يف خمتلف امليادين يتحدد بأساليب التقومي وأدوات القياس‪ .‬ويقرتح‬
‫وود ‪ Wood‬نظاماً ثنائياً إلعطاء الدرجات والتقديرات املدرسية ملواجهة اهلدفني املرتبطني واملستقلني معاً اللذين‬
‫من أجلهما وضع هذا النظام‪ ،‬فهو يوصي يف حالة انتقال التالميذ من مرحلة ألخرى أن يعتمد التقومي الرتبوي على‬
‫االختبارات الرتبوية والنفسية املقننة‪ ،‬أما يف أغراض الرفع من املستوى اخللقي واالجتماعي للتلميذ فإنه يوصي‬
‫باالحتفاظ بنظام التقديرات الراهن والذي تستوجبه املدارس مبختلف أنواعها ومستوياهتا‪ .‬وعند استخدام التقومي‬
‫للحكم على جناح التلميذ البد من التأكد من مقابلة القدرات واإلمكانيات باحلاجات الفردية للتالميذ‪ ،‬ويعتمد هذا‬
‫على معرفة دقيقة خبصائص النمو ومطالبه‪( .‬علوان‪)2229 ،‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 195 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫في مجال زيادة الدافعية للتعلم‪:‬‬ ‫‪.III‬‬


‫يقوم التقومي والقياس بالوظائف الثالث الرئيسة للدافعية يف التعلم وهي‪:‬‬
‫أ‪ .‬وظيفة التنشيط ‪: Energizing‬‬
‫تعمل الدافعية على تعبئة الطاقة ‪ Energizing‬لدى الفرد وحتفزه حنو اهلدف‪ ،‬وتستمر هذه الطاقة معبأة‬
‫إىل أن يشبع الفرد حاجته أو حيقق هدفه‪ .‬وعلى أساس أن الدافعية يف شكلها العام ما هي إال صورة من صور‬
‫االستثارة فقد اتضح أن تعبئة الكائن بدرجة شديدة قد تؤدي إىل تشتته‪ ،‬وهلذا فإن زيادة الدافعية فوق حد أمثل‬
‫يعوق األداء أكثر مما ييسره‪ .‬وبوجه عام فإن املستوى املتوسط من الدافعية أو االستثارة االنفعالية هو أفضل املستويات‬
‫اليت يكون الفرد خالله على درجة مالئمة من اليقظة والتنبه للقيام بأعماله ونشاطاته‪( .‬خليفة‪)2222 ،‬‬
‫وميكن لالمتحانات أن حتدث زيادة يف النشاط واجلهد العقلي؛ وذلك من خالل فرتات العمل اليت يقضيها‬
‫الطالب يف املدارس الثانوية واجلامعات قبيل االمتحانات‪ ،‬وكثريا ما تكون هذه االمتحانات يف معظمها خامتة املطاف‬
‫ويكون للنجاح والفشل فيها أمهية كبرية‪ ،‬كما حتدد هذه االمتحانات عموماً مىت يتعلم التالميذ وماذا يتعلمون وكيف‬
‫يتعلمون‪ ،‬ولذلك فإهنا إذا مل تقم بقياس أهداف املنهج أو املقرر قياساً حقيقياً وصادقاً فإن الدافعية اليت تستثريها لن‬
‫تكون ذات قيمة‪.‬‬
‫ميكن القول إذن أنه إذا كان التقومي يزيد من اجلهد املبذول فإن تكرار إجراءات التقومي يؤدي بالتايل إىل زيادة‬
‫اجلهد الكلي للتالميذ‪ ،‬إال أن التكرار املناسب للتقومي يعتمد على طبيعة األدوات اليت نستخدمها وطرق التدريس‬
‫وقدرة التالميذ بوجه عام‪ ،‬ومما ال شك فيه أن إجراء التقومي والقياس بكثرة يقلل نسبياً من أمهيته‪ ،‬ويلخص كوك نتائج‬
‫البحوث اليت أجريت حول أثر التقومي على الدافعية يف" أنه عندما تعطى يف كل أسبوع االختبارات التحصيلية يف‬
‫املواد الدراسية يف مستوى اجلامعة مث تناقش النتائج وتستخرج األخطاء الفردية وعندما تتم صياغة أسئلة االمتحان‬
‫النهائي على صورة تشبه تلك االختبارات فإن حتصيل الطالب من ذوي املستوى املنخفض من القدرة يكون أعلى‬
‫منه يف حالة التقومي األقل تكرارا‪ ،‬أما الطالب من ذوي املستوى املرتفع من القدرة فقد يتخلفون ما مل يكن يف كل‬
‫اختبار أسئلة على درجة مناسبة من الصعوبة حتتوي قدرهتم‪ ،‬كما أهنم يستفيدون أكثر من املادة اإلضافية اليت ميكن‬
‫للمعلم أن يدرسها إذا كرس وقتاً أقصر للتقومي‪( .‬علوان‪)2229 ،‬‬
‫ب‪ .‬وظيفة التوجيه ‪:Directive‬‬
‫تعمل الدافعية كمخطط؛ فهي توجه سلوك الفرد وما ينوي القيام به يف املستقبل حنو حتقيق اهلدف‪ ،‬وهذا‬
‫ما أوضحه ميلر وآخرون ‪ Miller & al‬يف نظرية السلوك الموجه نحو الهدف حيث يقوم الفرد باملقارنة بني‬
‫البيئة واهلدف‪ ،‬يقوم مبعاجلة البيئة حىت يقلل من التفاوت بينها وبني اهلدف‪ ،‬خيترب مرة أخرى التفاوت بني البيئة‬
‫واهلدف‪ ،‬مث يسعى بعد ذلك لتحقيق اهلدف‪( .‬خليفة‪)2222 ،‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 196 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫وحتدد طبيعة أدوات التقومي إىل حد كبري نوع العملية الرتبوية‪ ،‬فإذا كانت االختبارات تتضمن أحكاماً كيفية‬
‫هامة فإهنا تفيد كثرياً يف حتديد األهداف والطرق الرتبوية‪ ،‬وإذا كانت االختبارات تعتمد على مضمون تقليدي حبيث‬
‫تكون معظم أسئلتها حول احلقائق بغرض حتديد مقدار ما حفظه التالميذ من معلومات فإن آثار هذا النوع من‬
‫االختبارات ختتلف عن االختبارات اليت تقيس مهارات الدراسة وقدرات حل املشكلة ألن األخرية تؤكد املفاهيم‬
‫وتوضح األهداف اهلامة لعملية الرتبية وهو التعلم الدائم‪.‬‬
‫ج‪ .‬وظيفة االنتقاء ‪:Selective‬‬
‫أي حتديد االستجابات اليت سوف يتم تثبيتها وبقاؤها عند التالميذ واالستجابات اليت سوف حتذف‪.‬‬
‫وترتبط هذه الوظيفة باجلانب التشخيصي للتقومي‪ ،‬إال أن الفرق بني االنتقاء والتشخيص هو أن االختبار التشخيصي‬
‫يركز االهتمام على تشخيص الصعوبات كما يقرتحها املعلم أو األخصائي النفسي املدرسي‪ ،‬وتؤكد البحوث التجريبية‬
‫أنه كلما كانت معرفة التالميذ جلوانب الصواب واخلطأ يف استجاباهتم معرفة مباشرة يف موقف االختبار فإن ذلك‬
‫يؤدي إىل تثبيت االستجابات الصحيحة أو السلوك املرغوب فيه وحذف األخطاء واستبعادها‪( .‬علوان‪)2229 ،‬‬
‫في مجال اإلرشاد النفسي ‪Counseling‬‬ ‫‪.IV‬‬
‫هو العملية اليت ميكن هبا تنظيم أو عرض املعلومات اخلاصة بالفرد على حنو يساعده للوصول إىل حلول فعالة‬
‫ملشكالت التكيف اليت قد يعاين منها‪.‬‬
‫واملرشد النفسي هو يف العادة أخصائي إكلينيكي يتعامل مع فرد واحد يف املرة الواحدة‪ ،‬ولذلك فهو عادة ما‬
‫ينزع إىل أن يكون أكثر اهتماماً جبوانب السلوك الفردي ملتزماً مبعيار متعدد األبعاد لتكيف الفرد‪ ،‬وهو ال يهتم‬
‫بالنجاح كما يقاس بالتحصيل املباشر فحسب ولكن بالنجاح الذي يقاس بالرضا الفردي والبقاء واالستمرار يف‬
‫املدرسة أو املهنة‪( .‬علوان‪)2229 ،‬‬
‫أما عن عالقة التقومي والقياس باإلرشاد النفسي فهي عالقة الوسيلة بالغاية؛ أي املساعدة على التعرف على‬
‫نواحي القوة والضعف سواء كانت داخل الفرد أو بني األفراد‪ ،‬أي أن التقومي والقياس يفيد يف مجع املعلومات عن‬
‫األفراد الذين يعانون من املشكالت الفردية اخلاصة بالتكيف والتوجيه والنمو‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫ميكن القول أن عملييت التقومي والقياس يف احلقل التعليمي تعتمدان أساساً على مدى جناح التلميذ‪ ،‬فالذي‬
‫حيصل على درجات عالية ينجح ويتقدم وتكون استثارته أسهل من التلميذ الذي حيصل على درجات منخفضة وما‬
‫يتبع ذلك من فشل‪ ،‬وهذه النتيجة تؤكد ضرورة وضع أهداف تربوية معقولة تتضمن على األقل جناحاً جزئياً وممكناً‬
‫للجميع‪.‬‬
‫والواقع أن املؤسسات التعليمية لديها كثري من العمليات واإلجراءات اليت أصبحت مبرور الزمن أقرب إىل‬
‫التقاليد الراسخة؛ أي تتحول ممارسة التعليم إىل عملية ميكانيكية بال أهداف واضحة وصرحية وهذا يتناىف مع ما‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 197 -‬‬


‫ردمد‪0712-7171:‬‬ ‫المجلد ‪ 5‬العدد ‪ 71‬مارس ‪0272‬‬ ‫التعليمية‬

‫نرمي إليه من الوصول إىل التخطيط يف خمتلف جوانب السلوك‪ ،‬والذي يتطلب توفر قدر من الفهم الواضح للغايات‬
‫اليت نسعى إليها مجيعاً‪ ،‬وميكن أن يتحقق هذا بالتقومي والقياس الرتبوي‪ ،‬إذ أهنما دعامة رئيسية من دعائم العملية‬
‫التعليمية ويعتمد جناحها إىل حد كبري على جناح عملييت التقومي والقياس‪.‬‬
‫وعليه‪ ،‬ميكن اقرتاح ما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬حتديد أهداف العملية التعليمية مبا يتماشى مع اجتاهات الفرد وحاجاته من جهة‪ ،‬وقيم اجملتمع ومتطلباته‬
‫من جهة أخرى‪.‬‬
‫‪ -‬وضع خطة تعليمية واضحة‪ ،‬تسمح بتكوين الفرد الصاحل والقادر على خدمة اجملتمع واالرتقاء به‪.‬‬
‫‪ -‬االهتمام بعملييت القياس والتقومي ألهنما وسيلتان فعالتان يف الكشف عن النقائص اليت ميكن أن توجد‬
‫يف العملية التعليمية‪.‬‬
‫‪ -‬تكوين املعلمني يف جمال القياس والتقومي من خالل تبين طرق تتماشى مع تطورات العصر‪ ،‬تسمح بتقييم‬
‫املتعلمني بفعالية‪ .‬وهذا بدوره يقلل من فرص اإلهدار الرتبوي بنوعيه‪ :‬الرسوب والتسرب‪.‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫حكيم‪ ،‬عبد احلميد بن عبد اجمليد بن عبد احلميد‪2425( .‬هـ املوافق ‪2224‬م)‪ .‬االختبارات والقياس والتقويم‪ ،‬حقيبة تدريبية‪ .‬السعودية‪:‬‬ ‫‪‬‬
‫مركز خدمة اجملتمع والتعليم املستمر‪ ،‬كلية املعلمني مبكة‪.‬‬
‫‪ ‬خليفة‪ ،‬عبد اللطيف حممد‪ .)2222( .‬الدافعية لإلنجاز‪ .‬القاهرة‪ :‬دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع‪.‬‬
‫الدوغان‪ ،‬عبد اهلل بن أمحد وأبو عوف‪ ،‬طلعت حممد حممد‪ .)2227( .‬القياس والتقويم النفسي واألسري‪ ،‬حقيبة تدريبية أكاديمية‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫السعودية‪ :‬مركز التنمية البشرية‪ ،‬جامعة امللك فيصل‪.‬‬
‫‪ ‬الزيود‪ ،‬نادر فهمي وعليان‪ ،‬هاشم عامر‪ .)2222( .‬مبادئ القياس والتقويم في التربية‪ .‬األردن‪ :‬دار الفكر‪.‬‬
‫‪ ‬الظاهر‪ ،‬زكريا حممد وعبد اهلادي‪ ،‬جودت عزت‪ .)2222( .‬مبادئ القياس والتقويم في التربية‪ .‬األردن‪ :‬الدار العلمية الدولية للنشر والتوزيع‬
‫ودار القافلة للنشر والتوزيع‪.‬‬
‫‪ ‬علوان‪ ،‬حيي‪( .‬ماي ‪ .)2229‬التقومي والقياس الرتبوي ودوره يف إجناح العملية الرتبوية‪ .‬مجلة العلوم اإلنسانية‪ .‬بسكرة‪ :‬جامعة حممد خيضر‪.‬‬
‫‪ ‬قرايرية حرقاس‪ ،‬وسيلة‪ .)2222 – 2227( .‬تقييم مدى تحقيق المقاربة بالكفاءات ألهداف المناهج الجديدة في إطار اإلصالحات‬
‫التربوية حسب معلمي ومفتشي المرحلة االبتدائية‪ .‬رسالة دكتوراه العلوم يف علم النفس الرتبوي‪ .‬قسنطينة‪ :‬جامعة منتوري‪.‬‬

‫عفيفة جديدي‬ ‫‪- 198 -‬‬

You might also like