Professional Documents
Culture Documents
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الأشخاص في ضوء إتفاقية مونتريال 1999 م والقانونين السوداني واليمني
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الأشخاص في ضوء إتفاقية مونتريال 1999 م والقانونين السوداني واليمني
النظام القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي The legal regime for the liability of the
international air carrier for persons
الدولي عن األشخاص In light of the Montreal Convention of
1999 and the Sudanese and Yemeni laws
Germany:
رقم التسجيل VR.33708.B : Berlin 10315
Gensinger.Str: 112
الطبعة األوىل 2019 : http:// democraticac.doc
املركز ادلميوقراطي العريب
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
طبعة ا ألوىل
2019
1 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
2 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
قال تعاىل:
﴿
و قال جل جالله:
3 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
شكر وعرفان
أمحده موالي على نعمة اإلسالم ,وأمحده تعاىل على نعمة العلم ومن قبله العقل ,واحلمد هلل
يشرفين أن أتقدم بالشكر ملن هم أهل الفضل بعد املوىل عز وجل يف إجناز هذه الرسالة
وأخص بالعرفان أستاذي واملشرف على الرسالة :الدكتور /مصطفى إبراهيم أمحد عرييب .رئيس
قسم القانون التجاري يف جامعة النيلني ,وأستاذ القانون التجاري املساعد الذي ما خبل علي بثمني
وقته وبنيات أفكاره أو صرير قلمه ,فأسأل الشكور عز وجل أن جيزيه عين خري اجلزاء.
كما أتقدم بالشكر لسفارتنا يف اخلرطوم وأخص بالشكر املستشارية الثقافية ممثلة
باألستاذ /مناع العميثلي .املستشار الثقايف بسفارة اجلمهورية اليمنية على وقوفهم إىل جانيب أثناء فرتة
والشكر كل الشكر ملدير جامعة النيلني وعميد كلية الدراسات العليا ,واملكتبة املركزية
وأخص بالشكر صرح العلم الشامخ؛ كلية القانون الفتية اليت الزالت عيناً للعلم ال ينضب ,وحبراً
للمعرفة ال يغلب.
والشكر موصول لكل من األخوة يف جامعة صنعاء ,عدن ,تعز ,العلوم والتكنولوجيا,
اخلرطوم ,جوبا ,الزعيم األزهري ,القاهرة ,عني مشس ,حلوان واإلسكندرية على تقديم العون
كما أنتهزها فرصة للتعبري عن شكري وامتناني لكافة أساتذتي يف مراحل دراسيت السابقة
وأختم بشكري واشتياقي ألسرتي على مجيل صربهم ومؤازرهتم يل وأخص بالشكر
والدي العزيز أطال اهلل عمره ومتعه بوافر الصحة وتام العافية وبلغين اهلل رضاه.
4 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إهداء
5 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ملخص الرسالة
يدور موضوع هذه الدراسة بصفة أساسية حول عقد النقل اجلوي الدويل من منظور االتفاقية
اخلاصة بتوحيد بعض قواعد النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مونرتيال بتاريخ 28مايو 1999م كوهنا
االتفاقية األحدث واألمشل تنظيماً هلذا العقد ,وقد سعى الباحث يف هذه الرسالة إىل حماولة إبراز
أهم ما جاءت به اتفاقية مونرتيال 1999م من أحكام جديدة حول عقد النقل اجلوي الدويل
مقتصراً يف دراسته هذه على النقل اجلوي الدويل لألشخاص واألمتعة سواء تلك املسجلة أو غري
املسجلة ,وما مشلته اتفاقية مونرتيال1999م من أحكام خاصة بتنظيم مفردات هذا العقد ,وبيان
شروط انعقاده ,وثائقه وآثاره اليت يرتبها على طرفيه مع بيان موقف كالً من القانون السوداني
والقانون اليمين يف ذلك ,و مستأنساً بأحكام االتفاقيات السابقة التفاقية مونرتيال1999م,
كما اهتمت هذه الدراسة ببيان أحكام مسؤولية الناقل اجلوي الدويل وفقاً ملا جاءت به
االتفاقية سالفة الذكر ,وخصوصاً أساس تلك املسؤولية وشروط انعقادها و أحكام حتديدها
واإلعفاء منها.
أيضاً سعى الباحث من خالل هذه الدراسة إىل إبراز ما استحدثته اتفاقية مونرتيال 1999م
من أحكام بشأن دعوى التعويض عن الضرر من حيث احملكمة املختصة بنظر النزاع ,والضمانات
ومبا أن القانون اجلوي يتميز برتابط موضوعاته فيما بينها ترابطاً وثيقاً بشكل جيعل احلديث
عن مسؤولية الناقل اجلوي الدويل يف هذه الرسالة حيتاج بالضرورة إىل تفصيل مفردات أخرى من
موضوعات القانون اجلوي مرتبطة هبا كأحكام الطائرة والفضاء اجلوي ,فقد كان من الالزم
6 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
التعرض ألحكام القانون اجلوي يف هذه الرسالة بشيء من التفصيل ,وهو ما أورده الباحث يف
ومن خالل البحث والتحليل ملا سبق فقد وصل الباحث إىل عدة نتائ أوردها يف هناية هذه
الدراسة كان من أهم تلك النتائ أن اتفاقية مونرتيال1999م قد أرست تكامالً بني موضوعات
القانون اجلوي ,كما أهنا قد شكلت حلقة وصل بني هذه املوضوعات والتشريعات الوطنية ,أضف
لذلك مراعاهتا ملصلحة املسافر بقدر ميكنه من احلصول على التعويض املناسب ويضع مجيع املسافرين
تلك النتائ وغريها كان قد توصل إليها الباحث من خالل دراسته ,وقد خلص الباحث يف
هناية هذه الدراسة إىل توصيات عدة كان من أمهها أنه من الالزم على الدول حتديث التشريعات
الوطنية وتطويرها بصفة دورية يف ضوء االتفاقيات الدولية اليت تنظم عقد النقل اجلوي الدويل لكي
تستطيع مواكبة كالً من موضوعات القانون اجلوي واالتفاقيات الدولية املنظمة هلذه املوضوعات.
7 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
Abstract
This thesis discussed mainly the international air transport
contract from the perspective of the Convention for the Unification
of Certain Rules Relating to International Carriage by air convention,
signed at Montreal on May 28, 1999A.D. as the latest and most
comprehensive regulation of this contract.
The researcher tried in this study to highlight the new and most
important provisions of Montreal Convention 1999A.D. relating to
the international air transport for the passenger and baggage either
checked or unchecked, And what was the special provisions and
regulation the items and terms of this contract which Montreal
Convention 1999A.D. included and explain conditions of contract,
documentation, and it's implications on the both side of contract
with the attitude of both Sudanese and Yemeni law and the
provisions of conventions prior to Montreal Convention, such as
Warsaw1929A.D. and it's various amendments.
This thesis also concentrated to clarify international air carrier's
liability rules according to the above convention provisions in
particular the basis and conditions of that liability and limits of
liability and exoneration from it.
The researcher sought to highlight the provisions that were
introduced by Montreal Convention 1999A.D. which relating
jurisdiction and statutory guarantees.
The researcher discussed a detail the air law issues at the
beginning of his study since the air law rules are interrelated and the
liability of the international air carrier require a detailed knowledge
of the terminology air law, such as aircraft and space regulation.
Through research and analysis of above, The researcher arrived
to several conclusions made at the end of this thesis was the most
important of those conclusions that the Montreal Convention
1999A.D. had established an integration between issues of air law,
Also it had formed a link between these issues and national
legislation, In addition taken into account the interests of passengers
املقدمة
إن من نعم اهلل على بين البشر أن خلق هلم اليابسة ،والبحار ومن فوقهما اجلو ،وسخر كل ما
فيها خلدمة اإلنسان ،إال أنه ظل أزماناً يركب البحر ،وميشي على األرض ،ومل يفطن أن يطري يف
اجلو ،أو يستعمل الفضاء اجلوي ،باستثناء بعض احملاوالت الفردية ،مثل حماولة اإلغريقي "ديدالوس"
وابنه "أكاروس" واألندلسي "عباس بن فرناس" اليت راح هذان األخريان ضحية حماوالهتما.
إال أنه مع مرور الزمن ،وامتالك اإلنسان السلطان ـ ـ سلطان العلم ـ ـ استطاع أن يطري يف اجلو،
بل ويستخدم الفضاء اجلوي ـ ـ الداخلي أو اخلارجي ـ ـ يف خدمته ،ومنفعته ،وتطور ذلك االستخدام
يكتسب موضوع الدراسة أمهية كبرية جتعله جدير بالبحث والتحليل ,ونستطيع إبراز هذه
يعد النقل اجلوي من أهم نشاطات استخدام املالحة اجلوية داخل الغالف اجلوي،
خاصة بعد انفتاح الدول على بعضها بالتعاون والتبادل التجاريني ،كما يعترب النقل
اجلوي من أهم ضروب األنشطة االقتصادية للدول ،أو مؤسسات النقل خاصة وأن
االستثمار يف جمال النقل اجلوي ميكن أن يكون مبتناول أي دولة ،فال حيتاج لبيئة
معينة قد ال تتوفر لدى بعض الدول كتلك البحرية ،وال توجد دول ميكن أن نطلق
ونتيجة لسرعة الطائرة ـ ـ وهي أداة تنفيذ عقد النقل اجلوي ـ ـ وكثرة جمال استخدامها فقد
أصبحت ذات أمهية قصوى لربط الدول ببعضها جتارياً ،واقتصادياً ،وعبورها احلدود
السياسية لدول خمتلفة يف أزمنة قصرية ،وأصبحت أداة النقل اجلوي اليت يعتمد عليها
10 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
النشاط اال قتصادي يف العصر احلديث ،خاصة يف جمال نقل األشخاص ،بعد أن أصبح
حيوي املالحة اجلوية مبدأ السالمة اجلوية واألمان ،فكان لزاماً تنظيم هذا العقد
واآلثار املرتتبة عليه من حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل وحدودها ،والتأمني
من تلك املسؤولية ،وحقوق والتزامات كل من طريف عقد النقل ,ودعوى التعويض يف
حالة الضرر.
وسعياً من الدول إىل التخفيف من حدة التعارض بني تشريعاهتا اجلوية الوطنية
املختلفة ،وزيادة حمتوى األمان ،والسالمة اجلويني ،مبا ال يتعارض مع احتفاظها بسيادهتا
على أجوائها ،ومبا يتفق مع حتقيق أهدافها االقتصادية ،ومساعيها التجارية نَحَت
الدول منحى االتفاقيات واملعاهدات الدولية املنظمة الستخدام اجلو ،وعملية النقل
اجلوي ـ عامة كانت أو خاصة ـ ـ سواء تلك النافذة منها ،مثل اتفاقية وارسو املوقعة يف
أكتوبر عام 1929م ،مروراً بتعديالهتا املختلفة ،وتتوجياً لذلك باتفاقية مونرتيال
اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بالنقل اجلوي لعام 1999م واليت دخلت حيز
التنفيذ قبيل أعوام ،أو تلك الغري نافذة مثل بروتوكول جواتيماال سييت املوقع يف
سنحاول يف هذه الدراسة ـ ـ جاهدين إنشاء اهلل تعاىل التعرض لآلتي :ـ ـ
11 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.1موضوع النقل اجلوي الدويل لألشخاص واألمتعة –وإن كانت هذه األخرية مل تظهر يف
عنوان هذه الدراسة و ذلك ألهنا ال تنقل مبوجب عقد نقل خاص بل يتم نقلها مع
املسافر وفق عقد نقل واحد هو عقد نقل املسافر وإال عدّت بضائعاً.
.2عقد نقل األشخاص من منظور اتفاقية مونرتيال اخلاصة بتوحيد بعض قواعد النقل
اجلوي الدويل ,املوقعة يف مونرتيال 1999م ,وذلك بالرتكيز على أحكام مسؤولية
هذه االتفاقية.
مونرتيال1999م ,وإمكانية األخذ هبا ,وتبيان القصور يف ذلك -إن وجد -
.1هل نظمت االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة التفاقية مونرتيال 1999م عقد النقل
اجلوي؟ وهل غطت االتفاقيات السابقة كافة جوانب مسؤولية الناقل اجلوي يف هذا
العقد؟ أم أن قصورًا قد شاهبا حبيث حتم على اجملتمع الدويل البحث عن البديل؟
.2وفيما لو كانت اإلجابة بعدم استطاعة االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة تغطية كافة
جوانب مسؤولية الناقل اجلوي على وجه التحديد وتنظيمها التنظيم الذي هتدف إليه
الدول وتسعى جاهدة إلبراز أهدافه إبان التحضري هلذه االتفاقيات والربوتوكوالت,
12 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
فهل استطاعت اتفاقية مونرتيال1999م تغطية هذه اجلوانب حبيث أغنت عن البحث
عما سواها؟
.3ما مدى قدرة اتفاقية مونرتيال1999م يف جتميع أحكام االتفاقيات السابقة هلا
واملتناثرة فيما بينها ,وما مدى انسجام أحكام هذه االتفاقية ومراعاة قواعدها ملا
شهده عامل الطريان املدني من تقدم تكنولوجي يف صناعة الطريان وعلى وجه
وسنحاول يف هذه الدراسة اإلجابة على التساؤالت السابقة وغريها من املواضيع املتعلقة
مبوضوع الدراسة كمسألة القوانني الوطنية السودانية واليمنية ومدى انسجام أحكام اتفاقية
مونرتيال1999م مع هذه القوانني مع بيان أهم النصوص اجلديدة اليت أتت هبا هذه االتفاقية فيما
يتعلق مبسؤولية الناقل من حيث نطاق تطبيقها القانوني ،وطبيعتها ،وأساسها القانوني ومدى
من خالل إطالعي على الدراسات السابقة اليت تناولت موضوع النقل اجلوي ،ومسؤولية
الناقل اجلوي فيه ـ ـ كتباً ومؤلفات كانت أو أحباثاً ورسائل ـ ـ ملست ندرة هذا املوضوع اهلام بني تلك
كما أن صعوبة تطبيق قواعد اجلو القدمية على كل ما يستحدث من عمليات جوية مدنية وأنشطة
جديدة يف هذا اجملال أدى إىل شح الدراسات وقلة الكتابات يف هذا اجملال.
متثلت صعوبة الدراسة األوىل يف املراجع واملصادر املتعلقة مبوضوع هذه الدراسة ,فمن خالل
متحيص الباحث يف مكتبات اجلامعات أو املكتبات العامة أو املتخصصة أو حتى معارض الكتاب
13 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الدولية ,أويف اجلهات احلكومية املتعلقة مبوضوع الدراسة يف اجلمهورية اليمنية أو مجهورية
السودان ,أو مجهورية مصر العربية -وإن كانت هذه األخرية أفضل إىل حدٍ ما-فقد ملس الباحث
شح يف املراجع واملصادر وندرة يف الكتب والدراسات أو املؤلفات اليت ميكن أن تساعده يف
إبراز مشكلة دراسته يف هذه الرسالة ,كما أنه من خالل رجوع الباحث إىل ارشيف احملكمة
التجارية اليمنية واملكتب الفين يف وزارة العدل السودانية ,مل يقف الباحث على أي قضية تتعلق
مبوضوع دراسته يف هذه الرسالة ليتم االستشهاد هبا واالستفادة منها ,وهو ما زاد من صعوبة األمر
سلك الباحث يف هذه الدراسة املنه االستقرائي الوصفي التحليلي ،من خالل اإلطالع على الكتب،
واملؤلفات ،والقوانني املتباينة ،يف جمال النقل اجلوي ،وكذا االتفاقيات املختلفة يف هذا اجملال.
14 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
القوانني األخرى ،فإذا أردنا -مثالً-احلديث عن مسؤولية الناقل اجلوي – وهو موضوع دراسـتنا-فـال
بــد أن نتعــرض لعقــد النقــل اجلــوي وأداتــه وهــي الطــائرة الــيت تعتــرب أيض ـاً مرتكــزاً لتعريــف القــانون
اجلــوي-كمــا ســنرى-وهلــذا كــان مــن الــالزم علينــا لصــيص هــذا الفصــل للحــديث عــن مفهــوم القــانون
اجلوي وتطور أحكامه و قواعده ،و وذلك من خالل تقسيم هـذا الفصـل إىل أربعـة مباحـث نتحـدث
يف املبح ــث األول من ــها ع ــن تط ــور فكرت ــي الط ــريان اجل ــوي ،والق ــانون اجل ــوي ،ويف املبح ــث الث ــاني
نتح ــدث ع ــن تعري ــف الق ــانون اجل ــوي وحتدي ــد مض ــمونه ،ويف املبح ــث الثال ــث نتح ــدث ع ــن خص ــائص
15 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
صـناعية تكنولوجيــة – أداة طـريان – أو كــان مـن ناحيــة تنظيميـة – التشــريعات واالتفاقيـات املنظمــة
للطريان – مل تطله يـد اإلنسـان و أوصـله فكـره إليـه إالب مـن بعـد حمـاوالتٍ كـان قـد فشـل بعضـها يف
البداية ،بيد أن ذلك الفشـل مل يـدم طـويالً أمـام حتـدي اإلنسـان و إصـراره علـى النجـاح والوصـول إىل
مـا وصـل إليــه اآلن ليصـبح مــا كـان ضـرباً مــن اخليـال واقعـاً يف احلقيقـة ومـا كــان يقعتقـد أنــه مـن صــفات
اجلن وخرافات الشعوذة ناجتاً بشرياً ملموساً خيدم مصاحلَ بشرية ،وحقيقةً علمية ال دخـل للشـعوذة –
كما اعتقد القدماء – فيها وسنتطرق بالتوضيح هلتني الفكرتني من خـالل مطلـبني صصـص األول منـهما
للتحدث عن تطور فكرة الطريان اجلوي ،ونتحدث عن تطور القانون اجلوي يف املطلب الثاني.
16 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ال
على شكل اخرتاعات قام هبا ،إالب أن هذه االخرتاعات -و منها فكـرة الطـريان -مل لـرج إلينـا إ ب
بعد جهود مضنية قامت هبا البشرية ،تكبدت أثناءها الكثري مـن اخلسـائر ( ماديـة كانـت أو بشـرية )
( ،)1لكن وعلى الرغم مـن عـدم جنـاح تلـك احملـاوالت يف البدايـة إالب أنـه توصـل إيل مـا بشـر بإمكانيـة
جناحهــا علــى الــرغم مــن إخفــاق العديــد مــن التجــارب-كمــا أســلفنا –غــري أنــه اســتفيد مــن أخطــاء تلــك
التجارب واحملاوالت بعد أن قتلت البعض منها أصحاهبا ،مثل "ديدال" وابنه "ايكـاراس" الـذي راح
هــذا األخــري ضــحيةَ جتربتــهما بعــد أن فكــرا يف أن مــا يثبــت الطــري يف اجلــو وحيف ـ توازنــه وحيميــه مــن
الســقوط هــي أجنحتــه ،فالــذا فكــرة األجنحــة مرتكــزًا حملاولتــهما وصــنعا أجنح ـ ًة مــن ريــا الطــري
وألصقاها جبسميهما مسـتخدمَني مشـع النحـل ،و مـا أن رفرفـا يف اجلـو ودنـا "ايكـاراس" مـن الشـمس
مل يك ــن اليون ــانيون وح ــدهم م ــن ح ــاول الط ــريان فق ــد حظ ــي الع ــرب و املس ــلمون بنص ــيب يف
حماوالت اخرتاع ،ومن ثم تنفيذ فكرة الطريان على يد بعض من علمائهم مثل"أبو القاسـم عبـاس بـن
( )1د .أبو زيد رضوان .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،دار الفكر العربي ،القاهرة ،1982 ،ص .3
( )2د .عبد الرحمن عبد هللا شمسان .القانون الجوي (قانون الطيران المدني) (المالحةالجوية-النقل الجوي ) ،الهيئة العامة
للطيران المدني واألرصاد )C.A.M.A. ( ،صنعاء2006 ،م ،ص.5
17 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
فرناس"( )3الذي استوحى فكرة الطريان والتحليق يف اجلو مـن الطيـور فقلـدها وكسـا جسـده بـالريا
ولكنه مل يطر طويالً فهوى على األرض وكان ذلك عام 80ميالدية تقريباً(.)4
ويف ذلك يعـزي الـبعض( )5أول حماولـة طـريان إىل العـرب ولـيس إىل اإلغريـق أو األوروبـيني وقـد
كانــت علــى يــد "عبــاس بــن فرنــاس" الــذي كــان-وحبــق-أول مــن حــاول الطــريان يف القــرن الرابــع
أيض ــ ًا يـ ــذكر يف بعـ ــض الكتـ ــب أن العالمـ ــة العربـ ــي "أبـ ــا النصـ ــر ا اعيـ ــل بـ ــن محـ ــاد اجلـ ــوهري
النيس ــابوري" ق ــد ق ــام مبحاول ــة للط ــريان ولك ــن ه ــذه امل ــرة م ــن أعل ــى س ــطح املس ــجد الك ــبري يف
"نيسابور" بعد أن ربـط جسـمه بـدفتني وهـوى ليسـبح يف اهلـواء لكنـه مـا لبـث أن سـقط علـى األرض
ففاضت روحه.
يف القـ ــرن العاشـ ــر املـ ــيالدي قـ ــام اإلجنليـ ــزي "اولفيـ ــه ماملسـ ــبوري"( )Malmesburyمبحاولـ ــة
()3
Around the year 850،A.D.،the Arab scholar "Ibn Furnas" undertook in-depth studies on
flight and near the end of tenth century. the English Benedictine monk، Oliver de
Malmesbory، sufferd the same fate as Simon the Magician، when he hurled himself from the
top of tower in an attempt to fly. In the twelfth century، a Saracen Killed himself in front of
the Byzantine Emperor،Emmanual Comnenus by hurling himself from the tower of the
Hippodrome dressed in a very full white robe، the skirts of which were held up by willow
( wands to serve as wings. Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law
Y.C.A.M.A.)،2003.A.D،page 17.
( )4د .عبد الرحمن شمسان ،مرجع سابق ،ص".5ونذكر هنا أن بن فرناس يعد من األوائل الذين خططوا للطيران وقامت
محاوالتهم الطيران على دراسات أعدوها وحاولوا تنفيذها".
( )5د .مصطفى إبراهيم عريبي ،رئيس قسم القانون التجاري بكلية القانون ،جامعة النيلين ،القانون الجوي (الطيران
التجاري) وفقا ً لالتفاقيات الدولية وقانون الطيران المدني السوداني لسنة 1999م ،بدون ناشر2007 ،م ،ص .7أيضا ً
يسانده في ذلك د .هاني دويدار ،قانون الطيران التجاري ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية2000،م ،ص 6وقد
ذكر د .دويدار أن ابن فرناس هو أول من طار على اإلطالق وكان ذلك في القرن الرابع الهجري.
()6
The Middle Ages also saw a number of experiments to try flying by scholars and inventors
who always paid the price of their courage adventurers in blood some times and the other
times in their lives.
Albert le Grand declared in a work which is attributed to him، that the "air is navigable when
it is contiguous to fire" . His contemporary "Rogar Bacon" ( Doctor admirable )، in his work،
"De secretis operibus artis naturae " believed in the possibility of making flying machines
18 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
جاء القرن السابع عشر مليئـاً مبحـاوالت الطـريان الـيت بـاءت مجيعهـا( )7بالفشـل ،مثـل حماولـة اإليطـايل
(جيــو دوتــي) ع ــام 1628م ،والفرنســي (آالرا) ســنة 1660م ،وم ــن قبلــهما البولنــدي (ي ــورايتيين)
عام 1628م.
وقــد اســتفاد العلمــاء وحمــاولو الطــريان مــن أخطــاء ســابقيهم وأســباب فشــلهم ،فيقــال إن فكــرة
الطــائرة اهليلــوكبرت احلديثــة يرجــع الفضــل فيهــا إىل (ليونــاردو دا فنشــي) ( Leonardo Da
)Vinci'sالــذي اســتفاد بــدوره مــن فشــل حماولــة (بايســت دانــيت) عــام 1503م ومــن أفكــار
وعلى الرغم من فشل مجيع هذه احملاوالت واصطحاهبا مع فشلها خسـائراً بنوعيهـا :البدنيـة الـيت أدى
بعضــها إىل وفــاة أصــحاهبا-كمــا ذكرنــا -أو املاليــة الــيت جعلــت الــبعض يغــادر موطنــه حبث ـاً عــن ممــول
الخرتاعاتـ ــه كـ ــاألخوان ( رايـ ــت ) اللـ ــذين غـ ــادرا الواليـ ــات املتحـ ــدة إىل فرنسـ ــا ،أو يف الوقـ ــت إذ
اســتغرقت هــذة احملــاوالت مــن الــبعض عــدة ســنوات ،إالب أن ذلــك كلــه مل يقفَت ـتٍ للعلمــاء مــن عض ـدٍ أو
يوهن هلم من عزمية أمـام إصـرارهم علـى النجـاح والوصـول بنـا والبشـرية إىل مـا نـراه اليـوم ،فقـد جـاء
القرن الثامن عشر امليالدي مبشرًا بالنجاح املنشود رغم أن مجيع حماوالت الطريان خالل القـرن السـابع
يف النصف الثاني من القرن الثامن عشر تكللـت أول حماولـة طـريان بالنجـاح يف بـاريس إذ صـمم
األخوة (جوزيف) و (ايتان موجنو لفييه) ( )9بالوناً أمـآله بـاهلواء السـاخن وحلقـا بـه يف ـاء بـاريس وكـان
driven "by some starting the fashion of those of the birds. Mohammed A. El-Rahman A. El-
Gader. Air Aeronautical law ( Y.C.A.M.A.) 2003.A.D.page 17 .
( )7باستثناء ما قام به البعض من محاوالت للطيران مثل "فوست فرانزو" الذي صمم أول مظلة هبوط مصنوعة من إطار
من الخشب الخفيف ومغطى بالقماش ،تشبه جناح الخفاش ،وهبط فيها من أعلى قلعة في مدينة"فينسيا" وقد وصل
األرض سالما ً)www.qalqilia.edu.ps) .
( )8د .أبو زيد رضوان .مرجع سابق ،ص.4
( )9أيضا ً نجح الفرنسي( بالنشار) ( )Blanchardفي عبور المانش بين "دوفر" على الشاطئ اإلنجليزي و"كالييه" على
الشاطئ الفرنسي وقطع المسافة في ساعتين وذلك على بالون (مونجو لفييه) عام 1785م.
19 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ثـ ــم انطلقـ ــت فكـ ــرة البالونـ ــات حتـ ــى وصـ ــلت إىل بريطانيـ ــا علـ ــى يـ ــد،)10(م1783/يونيـ ــو/5 ذلـ ــك يف
) ببـ ــالون فكـ ــرة صـ ــنعه هـ ــي نفسـ ــها11(م1784 (لونـ ــاردي ) إذ حلـ ــق فـ ــوق اجلـ ــزر الربيطانيـ ــة عـ ــام
فقد كـان لـه الـدور األبـرز،)13(أما عصر التكنولوجيا احلديثة اليت بدأت وبدايات القرن املنصرم
)(ويلــرب) و (ارفيــل) يف الســابع عشــر14( )يف تطــور الطــريان إذ اســتطاع األخــوان األمريكيــان (رايــت
مرتًا بواسطة أول طائرة تطـري مبحـرك260 م قطع مسافة تقارب الـ1903-ديسمرب-من كانون أول
حققا بـ ــذلك النجـ ــاح األول يف جمـ ــال الطـ ــريان جبسـ ــم أثقـ ــل مـ ــن اهلـ ــواء بواسـ ــطة،املتحـ ــدة األمريكيـ ــة
.)15(احملركات
)10(
In this year '' Benjamin Franklin'' (An American Inventor) was present when the Paris
flight took place – when asked about him opinion and what he thought about this invention –
merely compared it to anew-born child for whom the future can either be glorious or
inglorious. Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law (
Y.C.A.M.A.)،2003 A.D. page 21.
)11(
In 18th century ( 1784) this great scholar and statesmen was already anxious about the
upheavals the machine could cause as a weapon of war ; when writing to friend،he state his
opinion that five balloons ( costing no more than five battle ships) and each one carrying two
soldiers could land behind an army's lines، press home the attack upon the enemy and thus
decide the outcome of a battle . Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical
law ( Y.C.A.M.A.) .)،2003 A.D. page 21.
.6 ص، مرجع سابق، أبو زيد رضوان.) د12(
) تطورت تكنولوجيا صناعة الطائرات بسرعة فائقة حيث صنعت حديثا ً طائرات "الجاكسا" والتي تبلغ سرعتها ضعفي13(
ديسمبر،15 العدد، مجلة ربع سنوية تصدر عن الهيئة العربية لللطيران المدني، الطيران العربي.سرعة الصوت
.م2005 ،الرباط
)14(
The first flight of a power-driven aircraft by Wright brothers in United States Of
America(before they moved to France because they couldn’t get supply in U.S.A) on
December 17/1903، The Wright brothers made their now historic flights in an aircraft
which they had designed and built by themselves; at the fourth attempt on that day (at
afternoon) a distance of 284 metres was covered during a flight which lasted 59 seconds.
Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law ( Y.C.A.M.A.) page241.
، عمان، دار صفاء للنشر والتوزيع، األحكام العامة والنقل الجوي، الطيران المدني. أحمد عبد اللطيف غطاشة.) د15(
.17ص، هـ1422/م2002
20 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
التحليــق( ،)16فقــد جنــح األخــوان (رايــت) يف قطــع مســافة 38كــم ،ويف عــام 1909م( ،)17قــام الفرنســي
(ل ـ ـ ــويس بلريي ـ ـ ــو) برحل ـ ـ ــة م ـ ـ ــن فرنس ـ ـ ــا إىل بريطاني ـ ـ ــا ،وع ـ ـ ــرب أج ـ ـ ــواء احمل ـ ـ ــيط األطلس ـ ـ ــي ،وط ـ ـ ــار
األمريكي(لينــدبر ) مــن أمريكــا إىل بريطانيــا دو ــا توقــف ،ويف عــام 1911م بــدأ الطــريان بــني
عواصم أوروبا بني باريس وكل من مدريد وروما بداية وقد متكنت خالهلما الطـائرات مـن قطـع
مس ــافة ترب ــو عل ــى الـــ( )1500كــم ،أص ــبحت بع ــد ذل ــك الط ــائرة أداة قوي ــة وفيصـ ـ ً
ال يف إث ــارة و إ ــاد
احلروب ومنها احلرب العاملية األوىل اليت حسمت نتيجتها الطـائرات عـام 1918م لينتـهي زمـن احلـرب
والذت الـدول بعـد ذلـك منحـىً جديـداً وهـو الطـريان التجـاري الـذي بـدأ -أيضـ ًا -يف أوروبـا بـني
بروكســل وبــاريس عــام 1919م ليتســع بعــد ذلــك اســتخدام الطــائرة جتاري ـ ًا حتــى أصــبح يشــمل مجيــع
دول العامل تقريباً ولتصـبح الطـائرة هـي أداة التبـادل التجـاري األوىل يف خمتلـف البلـدان( ،)18وبـذا أصـبح
الطريان ذا أمهية بالغة يف تنظيم حياة البشرية و شتى جماالت احلياة كالزراعـة (مسـح األراضـي ور
املبيدات والري) ،الطب ،التكنولوجيا ،مسـح األراضـي و التصـوير الشمسـي اهلـوائي( ،)19أو حتـى علـى
الصــعيد األمــين الــداخلي يف مطــاردة وضــبط قــوارب الصــيد غــري املشــروع يف امليــاه اإلقليميــة أو تفقــد
( )16قبل القرن التاسع عشر كانت محاوالت الطيران بواسطة الهواء الساخن والبالونات وليس الوقود والمحركات.
( )17وفي هذا العام-أيضا ً -بدأت أول محاوالت الطيران في باريس.
( )18د .محمد فريد العريني .القانون الجوي-النقل الجوي-الدار الجامعية ،بيروت1986 ،م ،ص.9
( )19أحمد فهمي بحيري .ضبط المالحة الهوائية ،بدون ناشر1938 ،م ،ص.4 ،3
21 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الــرغم مــن قــول الــبعض بــأن تقــنني أحكــام الطــريان قــد وجــدت منــذ زمــن بعيــد ودليلــهم علــى ذلــك
األمــر الصــادر مــن رئــيس شــرطة بــاريس يف 1784/4/23م ،والــذي كــان متعلــق بتنظــيم طــريان
ونالح ـ علــى هــذا األمــر أنــه مل يصــل إىل مرتبــة التشــريعات اجلويــة إذ مل يَعٍ ـدق أمــراً وقتي ـاً صــدر
أنــه مل يعــدل ومل تٌضــف إليــه أيــة مــواد وهــذا يتنــافى مــع خاصــية أن القــانون اجلــوي قــانون
متطور.
أنـه وضـع علـى شــكل أمـر صـادر مــن سـلطة تنفيذيـة لتنظــيم البالونـات فقـط ،ومل حيــاول
واضعوه تطويره مع تطور صناعة النقـل اجلـوي و أداة الطـريان ،بـل ظـل قاصـراً علـى تنظـيم
وق ــد ل ــوح م ــا خلفت ــه الط ــائرات م ــن دم ــار عق ــب احل ــرب األوىل وش ــعرت ال ــدول خبط ــر ه ــذه
املصنوعة العجيبة والسالح ذي احلدين فاستشعرت ضـرورة وجـود قـانون يـنظم حركتـها ،وتنظـيم حيـد
من أخطارها ،حبيث تعود على البشرية بالنفع األجـدى مـن صـناعتها ...وقـد كـان ،فقـد جـرت عـدة
حمــاوالت إلبــرام معاهــدات دوليــة تتضــمن أحكام ـاً موحــدةً ،وتلتــزم الــدول املصــدقة علــى هــذه
( )20باستثناء بعض القوانين الخاصة كالذي صدر في فرنسا عام 1819م ،وهو أول تشريع جوي ينظم سالمة الطيران في
فرنسا وكان هذا التشريع يتطلب أن تكون البالونات مجهزة بمظالت( )Parachutesالستخدامها عند الخطر .المسافر.
دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية ،السنة ،7العدد( )74-73فبراير -مارس2005،م ،ص.12
( )21د.عبد الرحمن شمسان .مرجع سابق ،ص.6
22 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املعاهــدات بأحكامهــا وتعــديل قوانينــها الوطنيــة أو تشــريع قــوانني جديــدة تتماشــى وأحكــام تلــك
املعاهـدات وبــذا تصــبح الــدول أمـام خيــار االســتمالة واالجنــذاب أو التـبين والتعمــيم هلــذه املعاهــدات
والربوتوكوالت.
وكغريهــا مــن احملــاوالت الــيت حتتمــل الفشــل أو النجــاح فقــد فشــلت هــذه احملــاوالت بداي ـةً ألســباب
رافقتها مثل فشل مؤمتر باريس عام 1910م بسبب اخلـالف الـذي كـان بـني اإلجنليـز والفرنسـيني ،ثـم
اتفاقيــة بــاريس عــام 1919م-عقــب انتــهاء احلــرب األوىل-الــيت دخلــت حيــز التنفيــذ بعــد ثــالث ســنوات
ومــن أهــم أســباب فشــل اتفاقيــة بــاريس 1919م( )22وجــود عرقلــة أمريكيــة هلــا ،األمــر الــذي
سـبب عــدم مشوليتــها وعــدم إضــفاء صـفة الدوليــة عليهــا ،كمــا أن نطــاق تطبيـق تلــك االتفاقيــة قــد حصــر
مل يكن من الصعب وضع القـوانني والتشـريعات املنظمـة ألحكـام الطـريان لكنـها وإن جـاءت
الطــائرات يقتصــر فقــط علــى الــدول املصــنعة هلــا ،كمــا أن اهتمــام الــدول كــان بــالطريان العســكري
والتخطيط له ،والطريان العسكري مل تكن حتكمه اللوائح أو القوانني أو يقيده شيء من ذلك.
( )22على الرغم من فشل هذه المعاهدة إال أنها تعتبر ذات أهمية كبيرة إذ جاءت في وقت كانت الدول تفتقر ألدنى اتفاق ينظم
المالحة الجوية الدولية ،فقد وضعت هذه المعاهدة النموذج الذي سارت عليه االتفاقيات المنظمة للطيران المدني من
بعدها ،وقد نهجت بعض الدول هذا النموذج في اتفاقيات ثنائية بينها واتخذت أحكامها مرجعاً لما كان يسبب نقاط اختالف
بين هذه الدول مثل :االتفاق البريطاني السويسري في 1919/11/6م ،االتفاق الفرنسي السويسري في 1919/12/9م،
االتفاق البريطاني الدنماركي في 1920/12/23م ،االتفاق السويسري األلماني في 1920/9/14م ،واالتفاق الدنماركي
النرويجي في 1921/7/27م .د .أحمد فهمي بحيري .مرجع سابق ،ص.13 ،12
( )23د .أحمد عبد اللطيف غطاشة .مرجع سابق ،ص.19
23 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ونســتطيع القــول أن مــن أهــم األســباب والــدوافع إىل بــدء التشــريعات اجلويــة الــيت حتكــم الطــريان
املدني كان انتهاء احلرب األوىل واجتاه الدول إىل التجارة اجلوية والنقل اجلوي ومـن ثـم إىل تنظـيم تلـك
ولعل مـن أهـم تلـك الـدول هـي الواليـات املتحـدة األمريكيـة الـيت كانـت -عقـب احلـرب األوىل-
متتلك أسطوالً كبرياً من الطائرات اليت وظفتها خلدمتها مدنياً يف محل الطـرود الربيديـة ابتـداء ثـم يف محـل
ونقل املسافرين والبضائع داخل الواليات املتحدة ،وبعـد ذلـك تطـور األمـر للنقـل إىل خـارج الواليـات
(. )24
املتحدة ومنها إىل مجيع أحناء العامل تقريباً
ش ــهدت ف ــرتة م ــابني احل ــربني الع ــامليتني األوىل والثاني ــة تط ــوراً يف جم ــال التش ــريع ال ــدويل للمالح ــة
اجلويــة ،فعلــى الــرغم ممــا كــان يســود العــامل مــن اهتمــام بــالطريان العســكري إالب أن جمــال الطــريان
املـ ـ ــدني ،واصـ ـ ــل مسـ ـ ــرية تطـ ـ ــوره يف تلـ ـ ــك الفـ ـ ــرتة ،فقـ ـ ــد االتفـ ـ ــاق علـ ـ ــى معاهـ ـ ــدة بـ ـ ــاريس يف
1919/10/13م وكــان عــدد أطرافهــا أربــع عشــرة دولــة ،دخلــت هــذه املعاهــدة حيــز التنفيــذ عــام
1922م إ ب
ال أهنــا مل حتـ َ بعضــوية الــدول الكــربى مثــل :اإلحتــاد الســوفييت ،الصــني ،الواليــات املتحــدة،
أملانيــا ...وغريهــا ،األمــر الــذي مل يســاعد علــى جناحهــا وانتشــارها ،وكــان مــن أهــم مــا جــاءت بــه
هــذه املعاهــدة تنظــيم اســتغالل الطــائرات ،وشــهادة صــالحيتها للطــريان ،وحريــة املــرور فــوق أقــاليم
الدول األطراف بشرط إتباع التعليمات اليت تصدرها الدول يف هذا الشأن .
اتفقــت بعــدها بعــض الــدول علــى إبــرام معاهــدة خاصــة باملالحــة اجلويــة يف 1926/10/30م
ال أن هذه املعاهدة مل تـأت جبديـد عـن أحكـام معاهـدة بـاريس لسـنة 1919م،
مدينة "مدريد" إ ب
ســوى الســماح ألســبانيا بالــدخول مــع دول أمريكــا الالتينيــة باتفاقــات جويــة مل تكــن جــائزة يف هــذه
األخرية(. )25
جــاءت بعــد ذلــك اتفاقيــة " بــان أمريك ــان " بشــأن الطــريان التجــاري يف ينــاير 1928م مبدين ــة
"هافانا" وقـد وقعـت علـى هـذه االتفاقيـة واحـد وعشـرون دولـةً ،لكـن مل تصـدق عليهـا سـوى اثنتـا
عشــرة دولــة ،وكانــت تعتــرب هــذه املعاهــدة ذات أمهيــة كــبرية؛ إذ أهنــا ألزمــت الــدول املصــدقة عليهــا
بإقامة املطارات ،غري أهنا اقتصرت على دول القارتني األمريكيتني الشمالية واجلنوبية(.)26
ومل ميـضِ زمــن كــثري علــى هــذه املعاهــدة حتــى وقعــت معاهــدة وارســو( )27يف 1929/10 /12م
مبدين ــة "وارس ــو" ،وتع ــد ه ــذه املعاه ــدة مبثاب ــة دس ــتور ع ــاملي يض ــع احلل ــول لقض ــايا النق ــل اجل ــوي(،)28
وتعتمــدها أغلــب الــدول يف الوقــت احلــايل ضــمن قوانينــها ،نظــراً ألمهيــة مــا نظمتــه مــن مواضــيعَ تتعلــق
بالنقــل اجلــوي ،مســؤولية الناقــل اجلــوي ،حــدود هــذه املســؤولية ،األحكــام املتعلقـة بالنقــل املركــب،
وســندات النقــل اجلــوي ...وغريهــا ،و قــد حــررت هــذه االتفاقيــة باللغــة الفرنســية ،ودخلــت حيــز
ويف العام 1933م وقعت اتفاقيـة رومـا اخلاصـة باألضـرار الـيت توقعهـا الطـائرة للغـري علـى سـطح
األرض ،ومل توقـع بعـدها أي اتفاقيـة تـنظم اسـتعمال الطــائرات حتـى انـدالع احلـرب العامليـة الثانيـة الــيت
أدى انــدالعها إىل ركــود االتفاقيــات لبضــع ســنوات يف أوروبــا مــن غــري القــارة األمريكيــة( )30ولكــن
( )25د.علي البارودي .د.محمد فريد العريني .د .محمد سيد الفقي .القانون البحري والجوي ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت2001،م ،ص.435
( )26د .أبو زيد رضوان .مرجع سابق ،ص.16
( )27عدلت هذه االتفاقية بموجب بروتوكول الهاي في 1955/9/28م الذي دخل حيز التنفيذ في 1963/8/1م وبروتوكول
جواداالخار في 1961/9/18الذي دخل حيز التنفيذ في 1964/5/1م ،ثم عدلت بموجب بروتوكول جواتيماال سيتي في
1971/3/8م ،والذي لم يدخل حيز التنفيذ حتى اآلن ،ثم عدلت بموجب أحكام بروتوكوالت مونتريال اإلضافيةاألربعة
عام 1975م وأخيراً عدلت هذه االتفاقية بموجب أحكام اتفاقية مونتريال في 1999/5/28م والتي دخلت حيز التنفيذ عام
2003م.
( )28إنظمت اليمن إلى هذه االتفاقية في 1982/1/16م بموجب القانون رقم ( )6لسنة 1982م.
( )29د.أحمد عبد اللطيف غطاشة .مرجع سابق ،ص .21
( )30فلم تتأثر المالحة الجوية في القارة األمريكية بالحرب العالمية الثانية بل استمرت وبال قيود.
25 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ســرعان مــا اســتأنفت جناحهــا ثانيــة حتــى قبــل انتــهاء احلــرب العامليــة الثانيــة إذ وقعــت اتفاقيــة شــيكاغو
عام 1944م( ،)31واليت تعترب أهم ا تفاقية يف تنظيم مواضـيع القـانون اجلـوي العامـة ،دعـت هلـذه االتفاقيـة
الواليات املتحدة األمريكيـة يف 1944/11/1م الـيت كانـت متتلـك أضـخم أسـطول جـوي ،وغـاب عنـها
اإلحتـاد السـوفييت حبجــة وجـود دول فيهـا ال يرغــب هبـا كالربتغــال وغريهـا ،وقـد القــت هـذه االتفاقيــة
انتشاراً واسعاً رغم الظروف اليت كانت حميطة بـزمن انعقـاد مؤمترهـا؛ إذ عجـزت االتفاقيـات الدوليـة
وقتها عن التوفيق بني مبدأي "اجلو احلر" و "سيادة الدولة املطلقة على أجوائها" وقد متخض عـن هـذه
ومن احملـاوالت الـيت سـعت الـدول مبوجبـها لتعـديل أحكـام اتفاقيـة وارسـو1929م ،اجتمـاع
"ريودجيــانريو" عــام 1953م ،وقــد حضــر هــذا املــؤمتر منــدوبو أربــع وثالثــون دولــة ،وممثلــو ثــالث
هيئات دولية تر أسـت هـذا املـؤمتر الربازيـل ،والـذي جـاء بتعـديالت هامـة يف تـاريخ وارسـو1929م
فرفع حدود التعويض عن الوفاة واإلصابة البدنية %60عن قيمتـه األصـلية ،كمـا ألـزم الناقـل بتبسـيط
البيانــات الــيت حتتــوي عليهــا ســندات النقــل وغريهــا مــن األحكــام الــيت كانــت ال ترضــي غالــب الــدول
( )31د .جالل وفاء محمدين .دروس في القانون الجوي ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية1992 ،م ،ص.4
( )32د.علي البارودي .د.محمد فريد العريني .د .محمد سيد الفقي .مرجع سابق ،ص.439
( )33وزارة الحربية المصرية ،مصلحة الطيران المدني ،مجموعة تشريعات الطيران المصرية الوطنية منها والدولية،
المطبعة األميرية بالقاهرة1954 ،م ،ص .802 ،801
26 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
واختلــف بعضــها عــن بعــض نظــراً الخــتالف منظــور الــدول ملوضــوع القــانون اجلــوي فاختلفــت التعريفــات
بشــأنه إىل مو ســع ومضــيق لنطــاق هــذا القــانون ،وننــاقا ذلــك مــن خــالل مطلــبني نتحــدث يف املطلــب
األول من ــها ع ــن تس ــمية الق ــانون اجل ــوي ،ويف املطل ــب الث ــاني ع ــن تعري ــف الق ــانون اجل ــوي وحتدي ــد
مضمونه.
27 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الطــريان( ، )34وذلــك ألن اســتخدام هــذه التســمية هــي األمشــل يف اســتخدام الفضــاء للطــريان ،وبــذلك
يكون أكثر حتديداً من حيث املوضوعات اليت ينظمها ،فيدخل حتت نطاقـه تنظـيم موضـوعات هلـا صـلة
مباش ــرة ب ــالطريان مث ــل االتص ــاالت الالس ــلكية وال ــرادارات .خ ــالفهم ب ــذلك الفقه ــاء الفرنس ــيون إذ
يطلقون عليه تسمية القانون اجلوي وقد استخدم هذا املصطلح أو هذه التسمية ألول مرة يف بـاريس
ويرى البعض( )36أنه ال جيب أن يقتصر دور القـانون اجلـوي علـى اسـتخدام الطـائرة ،ويف أغـراض
النقــل التجا ريــة بــاألخص ،ومــا يــثريه هــذا االســتخدام مــن مســائل قانونيــة مــن و إىل بدايــة وهنايــة
الرحلــة ،كمــا أنــه ال جيــب االلتــزام بتســمية واحــدة للقــانون اجلــوي ،بــل جيــب التفرقــة يف التســمية تبع ـاً
ألنشــطة اإلنســان الــيت يقــوم هبــا يف احملــيط اجلــوي ،وإن اســتبعدنا تســمية قــانون الطــريان واســتخدمنا
مصطلح القانون اجلوي إالب أنه ويف هذه احلالة جيـب التفرقـة بـني نشـاطي اإلنسـان البـذين ينقسـمان إىل
وهذا النشاط يتم داخـل الغـالف اهلـوائي باسـتخدام أداة الطـريان التجـاري (الطائرة)وتسـمى
( )34د.محمد فريد العريني .مرجع سابق ،ص . 3وقد استخدم المشرع السوداني هذه التسمية في قوانينه المتعاقبة المنظمة
ألحكام الطيران مثل قانون الطيران لسنة 1960م ،وقانون الطيران المدني السوداني لسنة 1999م .وهي نفس التسمية
التي استخدمها المشرع اليمني في تسمية قانونه الجوي (قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م).
( )35المرجع السابق ،ص.3
( )36د.حفيظة السيد حداد .القانون الجوي ،مدرس القانون الدولي الخاص ،كلية الحقوق ،جامعة اإلسكندرية ،بدون تاريخ،
ص.6
( )37المرجع السابق ،ص.6
28 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وهــذا التقســيم يتســق مــع التقســيم العلمــي للغــالف الغــازي ،كمــا أنــه يزيــل اإلهبــام عــن مضــمون
القــانون اجلــوي ،ويعمــل علــى وضــوح الرؤيــة للباحــث ومســاعدته علــى حتديــد النظــام القــانوني
هذا النشاط يتم خارج الغـالف اهلـوائي باسـتخدام املركبـات اهلوائيـة حيـث ينعـدم اهلـواء ونكـون
حينئذ بصدد تسمية جديدة لقانون جديد خمتلف عن سابقه وهو (قانون الفضاء اخلارجي).
الطــائرة ،مثــل الزراعــة والربيــد واالكتشــافات وال يقــدح ذلــك يف تســميته ألنــه ميكــن أن تــدرج هــذه
أمـا عنـد اإلجنليـز فنجـد أن التسـمية خمتلفـة إذ يطلقـون عليـه قـانون اجلـو ( ،)Air Lawويقطلـق
عليه أيضاً قانون الطريان اجلوي ،ويطلق البعض عليه قانون املالحة اجلوية (.)38
وصلــص ممــا ســبق إىل أن مــا ذهــب إليــه الفقــه اإليطــايل هــو التســمية األنســب لألســباب الــيت ذكــرت
أضــف لــذلك أن هــذه التســمية (قــانون الطــريان) جتعلنــا نفــرق بــني القواعــد املنظمــة للطــريان يف اجلــو
داخل حميط الغالف اهلوائي باستخدام الطائرة-وهـو ومـا يهمنـا يف هـذه الدراسـة -والقواعـد املنظمـة
للسباحة اجلوية خارج حميط الغالف اهلوائي وهو ما خيتص بتنظيمه قانون الفضاء اخلارجي.
اجلوية هي موضوع القانون اجلوي ومن ثم عرفه على أنه (:جمموعة القواعد اليت حتدد شـروط املالحـة
نالح أن هذا التعريف يهتم باملالحة اجلوية كموضوع للقانون اجلوي ،وينظم أداة املالحة اجلويـة (
الطائرة) والعقود املتصلة باستثماراهتا ( كعقد النقل والتـأمني ...وغريهـا ) ،كمـا يـنظم الفضـاء اجلـوي
حيــث جت ــري املالحــة اجلوي ــة ،واملطــارات واملراف ــق املســاعدة كوهن ــا تعمــل عل ــى تســهيل مهم ــة إق ــالع
ال أن ــه أغف ــل مواض ــي َع ت ــؤثر يف نش ــاط اس ــتعمال الط ــائرة مث ــل :ملكي ــة الط ــائرات
وهب ــوط الط ــائرات إ ب
والتصرفات الـواردة عليهـا ،واألفعـال الـيت تقـع علـى متنـها كمـا أنـه جيهـل كـل اسـتخدام للطـائرة يف غـري
نشاطها التجاري ،وكل استخدام للفضاء ال يتصل مبعامالت القانون اخلاص .
فريــق آخــر عــرف القــانون اجلــوي بــالرتكيز علــى أداة املالحــة اجلويــة( ،)40وهــي الطــائرة وجعل ــها
موضوع القانون اجلوي ،ومن ثم عرف القان ون اجلوي علـى أنـه( :ذلـك الفـرع مـن القـانون الـذي حيكـم
الطــائرة ومــا ينشــأ عــن اســتعماهلا يف الطــريان مــن عالقــات قانونيــة ،ويــنظم اجملــال الــذي تعمــل فيــه هــذه
الطائرات ) ( .)41وجند أن هذا التعريف قد نظم أداة املالحة اجلوية وهي الطائرة والنشاط الذي تقـوم
به وهو استعماهلا واجملال الذي تعمل فيه وهو الفضاء اجلوي.
( )39د .إلياس حداد .القانون التجاري ،مطابع مؤسسة الوحدة ،دمشق1401-1400(،هـ )( 1981-1980م) ،ص.526
( )40د .أحمد عبد اللطيف غطاشة .مرجع سابق ،ص.26
( )41أنكر البعض هذا التعريف ،وعارض أن نستند على أداة المالحة الجوية لتعريف القانون الجوي ،فيقول د .بربري:
األداة وسيلة فنية تتأثر بما يحققه اإلنسان من تقدم علمي وهي(أي الوسيلة ) تخضع للتغيير والتطوير وبهذا اليمكن أن
تصلح أساسا ً لتعريف القانون الجوي وتحديد نطاقه لما يجب أن يتوافر لهذا التعريف وذلك التحديد من ثبات نسبي .د.
جالل وفاء محمدين .مرجع سابق ،ص.8
30 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
من الفقهاء( )42أيضاً من جاء بتعريف مغاير فصنف القانون اجلوي إىل فروع القـانون اخلـاص ومـن ثـم
عرفــه علــى أنــه ( :جمموعــة القواعــد الــيت حتكــم االســتغالل اجلــوي ،ومــا قــد ينشــأ مــن عالقــات قانونيـة
.
مبناسبة هذا االستغالل من عالقات القانون اخلاص )
ونالح على هذا التعريف أنه أخرج موضـوعات القـانون اجلـوي العـام عـن نطـاق تعريـف القـانون
اجلـوي باســتثناء بعـض املســائل الـيت تنــدرج حتـت منظومــة القـانون اجلــوي العـام إالب أهنــا تـدخل يف ســياق
مفهــوم القــانون اجلــوي اخلــاص مثــل جنســية الطــائرة ،وتســجيلها ،وموضــوع ســيادة الــدول علــى فضــائها
اجلــوي ،وقــد بــرر الــبعض( )43ذلــك بــأن التقاليــد قــد درجــت علــى إدخــال هــذه املوضــوعات يف هــذا
الســياق ،أيض ـ ًا ألن هــذه املوضــوعات تــرتبط باالســتخدام التجــاري للطــائرة وحتديــد القــانون واجــب
ومــن الفقهــاء( )44مــن عرفــه تعريفـ ًا واســع ًا بأنــه( :جمموعــة القواعــد القانونيــة املتولــدة عــن اســتخدام
على الرغم من أن التعريف السابق يعترب تعريف ًا شامل و واسع إالب أنه قـد أدخـل موضـوعات حتـت
نطـاق القــانون اجلـوي لــيس هلـا عالقــة با ــه مثـل :االتصــاالت ،و البثني(اإلذاعـي والتلفزيــوني) و أيضـ ًا
أدخل موضوعات حتت نطاقه ليس هلا عالقة مبجال إعمـال قواعـده مثـل :اسـتخدام الفضـاء االقتصـادي
كاالستمطار الصناعي ،أو االستخدام العسكري كاحلروب وشن الغارات اجلوية ،أو العلمـي مثـل
أحباث الفضاء.
بعض الفقهاء( )45يعرفون القانون اجلوي على أ نـه ( :ذلـك الفـرع مـن القـانون الـذي يـدرس القواعـد
القانونيــة املنظمــة حلركــة واســتعمال( )46املركبــات اهلوائيــة والعالقــات املرتتبــة عليهمــا) علــى أن يؤخــذ
( )42د .عبد الفضيل محمد أحمد .القانون الخاص الجوي ،دار الفكر والقانون ،المنصورة ،بدون تاريخ ،ص.6
( )43المرجع السابق .ص.6
( )44المرجع السابق ،ص.5
( )45د .محمد فريد العريني .مرجع سابق ،ص.4
31 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
للق ــانون اجل ــوي تنظ ــيم موض ــوعات مرتبط ــة هبـ ـذين املص ــطلحني مثلم ــا ق ــد ي ــرتبط مبص ــطلح (احلرك ــة)
أمــا مصــطلح (االســتعمال) فيــدرج حتتــه مســائل النقــل اجلــوي ومســؤولية الناقــل اجلــوي ،والتــأمني
منــها ،واملســؤولية عــن األضــرار الــيت تلحــق بــالغري علــى ســطح األرض ،التصــادم واإلنقــاذ اجلــويني،
االختطاف واجلرائم اليت ترتكب على منت الطائرات ،و أيضاً أنواع املركبات اهلوائية واستعماالهتا.
غري أننـا نأخـذ علـى هـذا التعريـف أنـه أغفـل اجملـ ال الـذي تعمـل فيـه الطـائرة ومتـارس فيـه نشـاطها
وممــا ســبق نســتطيع تعريــف القــانون اجلــوي علــى أنــه ( :جمموعــة القواعــد القانونيــة الــيت تــنظم حركــة
الطائرات واستعماهلا وما ينشأ عنهما من عالقات قانونية ،وينظم اجملال الذي تعمل فيه هـذه الطـائرات
).
وهذا التعري ف شـامل لعناصـر الطـريان اجلـوي فيـنظم أداة املالحـة اجلويـة وهـي الطـائرة ،والنشـاط
الذي تقوم به وهو احلركة واالستعمال ،واجملال الذي متارس فيه نشاطها وهو الفضاء اجلوي.
( )46يميل إلى هذا التعريف د.العريني حيث يعرف القانون الجوي على أنه ( :ذلك الفرع من القانون الذي يحكم المركبة
الهوائية وماينشأ عن حركتها واستعمالها من وقائع أو عالقات).
( )47مثل المطارات ،والطرق الجوية ،واألرصاد الجوي.
32 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
به القانون اجلوي من قواعد عامة هي يف األصل من أحكام القانون التجاري ،كما درجت أخـرى
بقيــاس موضــوعاته علــى مواضــيع القــانون البحــري ،وبالتــايل تطبيــق أحكــام هــذا األخــري علــى مواضــيع
القانون اجلـوي ،لكـن وعلـى الـرغم مـن ذلـك فـإن للقـانون اجلـوي خصـائص متيـزه عـن غـريه مـن بـاقي
ف ــروع الق ــانون التج ــاري خاص ــة والق ــانون اخل ــاص بص ــفة عام ــة ،كم ــا أن الق ــانون اجل ــوي يتمي ــز ع ــن
القــوانني األخــرى مــن حيــث مصــادر أحكامــه كمــا ســنبني ذلــك يف هــذا املبحــث ،و ســيتم تقســيم هــذا
املبحــث إىل مطلــبني ،نتحــدث يف املطلــب األول عــن خصــائص القــانون اجلــوي ،ونتحــدث عــن مصــادر
33 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
األخرى إىل تشكيل قانون خـاص لـه أحكامـه اخلاصـة بـه الـيت يسـتمد منـها ذاتيتـه ،ونعـين خبصـائص
القانون اجلوي ،إفراده بصفات متيزه عن باقي فروع القانون األخـرى ،ومتنحـه وجـوده املسـتقل باعتبـار
أن موض ــوعاته خاص ــة ،فأص ــبح م ــن الض ــروري أن حي ــوي أحكامـ ـاً خاص ــة لتنظيمه ــا دون الرج ــوع
للقواعــد العامــة يف القــانون املــدني أو التجــاري حلــل الصــعوبات الــيت تكمــن يف موضــوعات القــانون
اجلــوي ،وال يقــدح اقــرتاب القــانون اجلــوي مــن بعــض القــوانني أحكام ـ ًا -كالقــانون البحــري -ال يقــدح
ذلــك يف ضــرورة وجــود أحكــام القــانون اجلــوي اخلاصــة واســتقالليته التامــة هبــا عــن هــذه القــوانني،
وتتمثل خصائص القانون اجلوي يف ظروف نشأته باعتباره قانون حديث النشـأة ،ويف األداة الـيت تـدور
حوهلا أحكامه وهي الطائرة ،لكن قبل أن نذكر هذه اخلصائص البد أن نشري إىل نقطتني:
أن القــانون اجلــوي ضــروري جلميــع الــدول حبيــث ال ميكــن ألي دولــة االســتغناء عنــه أو
أن القانون اجلوي ينظم موضوعات تنـدرج حتـت نطـاق القـانون اخلـاص مثـل :النقـل اجلـوي
التجاري ،والتصرفات اليت ترد علـى الطـائرة كنقـل ملكيتـها ،أو رهنـها ،أو حجزهـا ،أو
كمــا أنــه ي ــنظم مواضــيعاً تعــد م ــن قبيــل الق ــانون العــام مثــل :ص ــالحية الطــائرة للط ــريان،
تسـجيلها ،اجلـرائم املرتكبـة علـى متنـها ،حــق الدولـة يف السـيادة علـى أجوائهـا ،وتــدريب
( )48وذلك لطبيعة أحكام هذا القانون ،وطبيعة ماتنظمه ،فال يمكننا القول بوجود دولة حبيسة جويا ً -كما في القانون البحري
مثالً -بحيث ال تحتاج للقانون الجوي ،وهذا ناتج لطبيعة حركة أداة الطيران ،وطبيعة المجال الذي تعمل فيه ،كونها
التحتاج إلقليم معين لتطير كالسفينة التي تحتاج للمياة لتبحر ،أو أن طيرانها مقصور فقط على دول ذات طبيعة معينة،
كأن تكون جبلية أو صحراوية دون بقية الدول ،بل أن لها القدرة على اإلقالع أو الهبوط حتى على إقليم مائي .وهذا
يشكل انتشاراً كبيراً في مجال عمل الطائرة ،مما يحتم بالضرورة ضرورة تنظيم هذا االنتشار .
34 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الطيارين ...وغريها .وبالتايل فـال ميكـن ضـمه ألي فـرع مـن فـروع القـانون حبيـث ال
تتعدى أحكامه تنظـيم موضـوعات ليسـت مضـمنة حتـت هـذا القـانون ،كـأن يضـم للقـانون
ونقصــد باخلصــائص الســمات واملمي ــزات ،واخــتص بالشــيء إذا انفــرد ب ــه ،واخــتص فــالن ب ــاألمر
ولصص له إذا انفرد( ،)49وخاصية ة ،و اجلمع خصائص أو خاصيات نسبة إىل اخلاصة(.)50
ونعــين خبصــائص القــانون اجلــوي :إفــراده بصــفات متيــزه عــن بــاقي فــروع القــانون األخــرى ،ومتنحــه
وجــوده املســتقل باعتبــار موضــوعاته خاصــة فأصــبح مــن الضــروري أن حيــوي أحكامـ ًا تنظمهــا دون
الرجوع للقواعد العامة للقانون يف حل الصعوبات اليت تكمن يف موضوعات القانون اجلوي.
وتتمثل خصـائص القـانون اجلـوي –كمـا ذكرنـا-يف ظـروف نشـأة هـذا القـانون ،وطبيعـة تكوينـه،
وحميط العالقات القائمة يف بيئته ،ويف األداة اليت تدور حوهلا أحكامه ومن أهم هذه اخلصائص:
يرج ــع الس ــبب يف ذل ــك إىل حداث ــة مواض ــيعه كالط ــائرة وجماهل ــا ال ــذي تعم ــل في ــه ،ونش ــاطها ال ــذي
متارسه ،فكل هذه املواضيع هي وليدة التقنيـة احلديثـة الـيت مل تكـن موجـودة إىل عهـد قريـب ،األمـر
هذا القانون الشاب -كما يصفه البعض( - )51رغم حداثته إالب أنه البـد مـن حتديثـه بصـفة دائمـة
ليتماشى وتنظـيم مـا وقضـع ألجلـه مـن مواضـيعَ وظـواهرَ حتتـاج لقواعـد قانونيـة جديـدة ،فتطـور الطـريان
يزداد بسرعة كبرية ،وهذا جيعل القانون اجلوي حيتاج إىل مفاهيم قانونية جديدة تواكـب هـذا التطـور،
واىل حتديث مستمر وتطوير دائم لتنظيم تلك املوضوعات و الظواهر اجلديدة.
( )49لسان العرب إلبن منظور .دار المعارف ،بدون تاريخ ،ص.117
( )50المنجد في اللغة .ط ،29دار المشرق ،بيروت1987 ،م ،ص (.)181 ،180
( )51د .أبو زيد رضوان .مرجع سابق ،ص.11
35 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
و لكننا نالح علـى مـا سـبق أن مسـألة قـدم القـانون أو حداثتـه ال تعـد ميـزة لـه ،ال سـيما و أن
خاصـية التعــديل يف القـوانني أو حتــديثها ممكنـة .فــإن كـان البــد مـن أن تُسَــم بعـض القــوانني حبداثتــها
فمن باب أوىل أن تسم بقـدمها ،غـري أنـه ميكننـا ذكـر هـذه املسـألة عنـد احلـديث عـن تـاريخ القـانون
اجلوي ،أو عند احلديث عن مصادره كسبب يف جعل التشـريع مصـدراً ر يـ ًا وحيـدًا واسـتبعاد العـرف
يف الواقــع لقــد ثــار جــدل واســع بــني فقهــاء القــانون اجلــوي حــول هــذا املوضــوع مــابني مؤيــد لفكــرة
ذاتية واستقالل القانون اجلوي ،ورافض هلا ،ولكـل يف ذلـك حججـه وأسـانيده ولـن صـوض يف هـذا
احلديث ألنه ليس موضوعنا ،إالب أن ما يهمنا ذكره هو أن الفقه األغلب استقر على أن القـانون اجلـوي
ونعين بذاتيـة القـانون اجلـوي أنـه ال ميكـن حصـره ضـمن فـروع القـانون اخلـاص ،كمـا ال نسـتطيع-
أيضاً -إدراجه ضمن فروع القـانون العـام ،ممـا دعـا الـبعض لتسـميته بالقـانون املخـتلط( ،)52فهـو يـنظم
مواضيعاً تنتمي إىل القانون اخلاص ،كملكية الطائرات ،والتصرف فيها ،واحلجـز عليهـا ...وغريهـا،
و أخــرى تعــد مــن قبيــل القــانون العــام ،مثــل مــا ينظمــه القــانون اجلــوي اإلداري مــن مواضــيع كتنظــيم
املطــارات و طــاقم الطــائرات وهيئــات الطــريان ،أو تلــك الــيت خيــتص هبــا القــانون اجلــوي اجلنــائي و مــا
ينظمه من أفعالٍ جمرَّمة متعلقة بالنشاط اجلوي ،أو اليت ينظمها القـانون اجلـوي املـايل كرسـوم تأشـريات
أما استقالل القانون اجلوي فنعين بـه أنـه حيـوي أحكامـاً خاصـة مبوضـوعاته نظـراً ألنـه خيتلـف عـن
بــاقي فــروع القــانون بيئ ـةً ،وموضــوعاتٍ ،وأطراف ـاً ،فــال ميكــن تطبيــق أي قواعــد قانونيــة أخــرى علــى
موض ــوعات الق ــانون اجل ــوي ،ومم ــا يؤي ــد اس ــتقالل الق ــانون اجل ــوي :التش ــريعات الدولي ــة ال ــيت فرض ــتها
متطلب ــات املالح ــة اجلوي ــة ،واس ــتغالل الط ــائرات وض ــرورات النش ــاط اجل ــوي ال ــيت تعت ــرب أساس ـ ًا لنش ــأة
القانون اجلوي.
وال يقدح باستقاللية القـانون اجلـوي وجـود تقـارب بـني قواعـده و قواعـد فـروع القـانون األخـرى،
مثـ ــل القـ ــانون البحـ ــري( )53لكنـ ــها ال ميكـ ــن تطبيقهـ ــا علـ ــى موضـ ــوعاته أو حتـ ــى االسـ ــتعارة مـ ــن
أحكامها(.)54
لكــن القــول باســتقاللية القــانون اجلــوي عــن بــاقي فــروع القــانون ال يعــين انفصــاله متامـاً عــن هــذه
القواع ــد ،أو انفص ــامه يف املب ــادا العام ــة ال ــيت حتك ــم مجي ــع ف ــروع الق ــانون ،إذ أن وج ــود الص ــلة ب ــني
القانون اجلوي وفروع القانون األخرى ضرورية ،فالقانون اجلوي ال يستطيع أن ينمو أو يتطور مبعـزل
عنها(. )55
ال ميكــن حصــر املالحــة اجلويــة-كمــا ذكرنــا -علــى دولــة واحــدة أو إقلــيم معــني ،فهــي بطبيعتــها
تــتم-غالبـاً -فــوق عــدة ملكيــات خاصــة ،و أقــاليم دول عديــدة ،كمــا أن اســتغالل الطــائرة يكمــن يف
عبورها أجـواء دوليـة عديـدة دون أن حيـول بينـها وتلـك األجـواء أي حائـل جغـرايف أو سياسـي ،وأن
املخاطر اليت هتدد الطريان متوحدة( ،)56األمر الذي خيرج أحكام القانون اجلوي من النطـاق الـوطين
( )53فالقانون البحري يعد من أقرب القوانين تجانسا ً بأحكامه مع القانون الجوي ،وذلك للتشابه الكبير بينهما في المواضيع
التي ينظمانها ،وتشابه درجة المخاطر في كليهما ،وإتسام كل منهما بالطابع الدولي ...إلخ.
( )54د.جالل وفاء محمدين .مرجع سابق ،ص.16
( )55المرجع السابق ،ص.18
( )56فال يقدح اختالف التضاريس في الدول ذات الطبيعة الجبلية عنها في الدول ذات الطبيعة الصحراوية (وهو أمر يزيد
من المخاطر في هذه األخيرة التي تكثر فيها األعاصير وتقلبات األجواء مما يسبب عرقلة أكثر لحركة الطيران
وإحتمال أكبر لوقوع الحوادث) في توحد المخاطر التي تهدد أمن وسالمة الطيران بين الدول.
37 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إىل النط ـ ــاق ال ـ ــدويل ،ويقتض ـ ــي وض ـ ــع ه ـ ــذه األحك ـ ــام التق ـ ــاء العدي ـ ــد م ـ ــن ال ـ ــدول يف معاه ـ ــدات
دولية(.)57
ومن ثم فإن هناك طرق عديدة للتوحيد الدويل لقواعد القانون اجلوي نذكر أمهها باختصار:
عن طريق العادات االتفاقية :وهي قواعد وشـروط غـري ملزمـة تقـوم بوضـعها املنظمـات
ال أن الــدول غــري ملزمــة لألخــذ هبــا ،وتكــون هــذه القواعــد صــحيحة بالقــدر
الدوليــة إ ب
ال ــذي ال تتع ــارض م ــع أحك ــام املعاه ــدات الدولي ــة أو الق ــوانني الوطني ــة ،ومث ــال ذل ــك
توحي ــد قواع ــد اإلس ــناد ال ــيت حت ــدد الق ــانون الواج ــب التطبي ــق يف العالق ــات القانوني ــة ذات
تظهر هذه اخلاصية يف القانون اجلوي بوضوح إذا ما قورنت أحكامـه باإلكتشـافات التكنولوجيـة
احلديثة يف جمال الطريان وأداته وسرعة تطورها ،األمر الذي حيتم وجـود ثـورة تشـريعية متجـددة يف
القــانون اجلــوي متواصــلة ومواكبــة هلــذه االكتشــافات( ،)60ولــذلك يصــف الــبعض القــانون اجلــوي بأنــه
قانون ثوري(.)61
وتكمن أمهية هذه اخلاصية يف تسهيل حركـة النقـل اجلـوي ،وتـأمني سـالمة الطـريان الـيت تشـرتط
وجود قواعد تنظيمية موحدة جيب علـى الكافـة عـدم خمالفتـها ،فتصـبح معروفـة لكـل القـائمني علـى
الطـري ان الـذين حتكمهــم هـذه القواعـد نفســها ،كمـا أنــه ال جيـوز لألطـراف االتفــاق علـى خمالفتــها(،)62
فه ــي ملزم ــة للجمي ــع ،و آم ــرة غ ــري تفس ــريية ،مث ــل مواص ــفات إنش ــاء املط ــارات أو ص ــالحية الط ــائرات
وألن الطــائرة تتميــز عــن غريهــا مــن وســائل النقــل مباكينــة بالغــة التعقيــد وبالتــايل تتــأثر أحكــام
القانون اجلوي-والـذي تـدور معظـم أحكامـه حـول الطـائرة-مبيكنـة هـذه األداة؛ فعلـى الـرغم مـن
أن أحكــام مســؤولية الناقــل تظــل يف اإلطــار التقليــدي للمســؤولية املدنيــة ،إالب أهنــا لضــع لقواعــد
خاصـة ملواجهـة األخطـار الــيت يتعـرض هلـا املســافر أثنـاء انتقالـه بالطـائرة ،كمــا أن هنـاك قواعـد خاصــة
بســالمة الطــائرة وصــالحيتها للطــريان ،و أخــرى خاصــة بضــرورة تــوافر اخلــربة املطلوبــة يف األشــخاص
ونعــين بــأن القــانون اجلــوي قــانون مركــب أنــه ال ينتمــي إىل فــرع معــني مــن فــروع القــانون ،بــل إن
الــبعض يعتــربه نظام ـاً قانوني ـاً متكــامالً بــالنظر إىل التقســيم التقليــدي لفــروع القــانون ،فهــو حيتــوي علــى
مواضيع تنتمي إىل القانون اخلاص بطبيعتها ،وأخرى تعد من قبيل القـانون العـام ،وثالثـة تعـد مـن قبيـل
( )64د .محمود سمير الشرقاوي .محاضرات في القانون الجوي ،دار النهضة العربية ،القاهرة1986 ،م ،ص.5 ،4
40 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
مص ــادر الق ــانون اجل ــوي األص ــلية إىل التش ــريع ،والتفس ــريية إىل الع ــادات االتفاقي ــة وأحك ــام القض ــاء
ومبــادا القــانون الــدويل العــام ،وســنتعرض هلــذه املصــادر تباع ـ ًا بإجيــاز دون التفصــيل يف شــرحها يف
األتي:
التشريع:
نظــرًا ملــا يتميــز بــه القــانون اجلــوي مــن دوليــة قواعــده ،وأن قواعــده آمــره ،فــإن معظــم أحكامــه
ومتث ــل املعاه ــدات واالتفاقي ــات الدولي ــة امللزم ــة ولتل ــف ه ــذه املعاه ــدات يف تنظ ــيم أحك ــام
اتفاقية بيونس آيرس بشأن تنظيم الرتانزيت بني دول أمريكا الالتينية (1935م).
اتفاقية بوخارست بشأن تنظيم شئون املالحة اجلوية بني دول البلقان (1936م).
41 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اتفاقيـ ـ ــة طوكيـ ـ ــو املتعلقـ ـ ــة بـ ـ ــاجلرائم والتصـ ـ ــرفات الـ ـ ــيت ترتكـ ـ ــب علـ ـ ــى مـ ـ ــنت الطـ ـ ــائرة
(1963/9/14م).
اتفاقي ــة اله ــاي بش ــأن قم ــع االس ــتيالء غ ــري املش ــروع املوج ــه ض ــد أم ــن الط ــريان امل ــدني
وسالمته (1971/12/23م).
اتفاقيـ ـ ــة وارسـ ـ ــو اخلاصـ ـ ــة بتوحيـ ـ ــد بعـ ـ ــض القواعـ ـ ــد املتعلقـ ـ ــة بالنقـ ـ ــل اجلـ ـ ــوي الـ ـ ــدويل
(1929/10/12م).
اتفاقية روما بشأن توحيد بعض قواعـد احلجـز التحفظـي علـى الطـائرات ()1933/5/29
(.)65
اتفاقي ـ ـ ــة جني ـ ـ ــف بش ـ ـ ــأن االع ـ ـ ــرتاف ال ـ ـ ــدويل ب ـ ـ ــاحلقوق ال ـ ـ ــيت ت ـ ـ ــرد عل ـ ـ ــى الط ـ ـ ــائرات
(1948/6/19م).
اتفاقية روما اخلاصة باملسؤولية عن األضـرار الـيت حتـدثها الطـائرات علـى سـطح األرض
(1952/10/7م).
اتفاقي ـ ـ ـ ــة مونرتي ـ ـ ـ ــال اخلاص ـ ـ ـ ــة بتوحي ـ ـ ـ ــد بع ـ ـ ـ ــض القواع ـ ـ ـ ــد املتعلق ـ ـ ـ ــة بالنق ـ ـ ـ ــل اجل ـ ـ ـ ــوي
الدويل(1999/5/28م) (.)66
س ــارعت معظ ــم ال ــدول إىل تنظ ــيم قواع ــد وأحك ــام الط ــريان الوطني ــة اخلاص ــة هب ــا ،وم ــن ث ــم
أصدرت تشريعاهتا الوطنية املنظمة للمالحة اجلوية ،ومـن هـذه التشـريعات قـانون الطـريان املـدني يف
إجنلرتا لسنة 1920م ،وتشريع املالحة اجلويـة الفرنسـي لسـنة 1924م ،وجمموعـة تشـريعات الطـريان
اه ــتم الس ــودان كغ ــريه م ــن ال ــدول بتنظ ــيم مس ــائل الط ــريان والنق ــل اجل ــويني فص ــدر في ــه ق ــانون
اخلدمات العامة للطائرات لسنة ،1959ثم قـانون الطـريان لسـنة 1960م ،فـأمر املالحـة اجلويـة رقـم
( )1لســنة 1961م ،واســتمر العمــل بــه إىل أن صــدر قــانون الطــريان املــدني الســوداني النافــذ لســنة
1999م ال ــذي ألغ ــى مجي ــع الق ــوانني الس ــابقة ،وي ــذكر أن هن ــاك مش ــروع ق ــانون جدي ــد ي ــتم إع ــداده
ليكون بديال هلذا القانون( ،)68وقد عرض مشروع الطريان املـدني السـوداني 2008م علـى بعـض
اجلهات ذات الصلة للتعلي ق عليه قبل تقدميه للمجلـس الـوطين إلجازتـه النهائيـة ومـن املتوقـع أن يصـدر
ظل اليمن لسنوات طويلة خاضعاً حلكم اإلمامة املتعاقبة عليه واليت عملت على عزل الـيمن عـن
منظومــة اجملتمــع الــدويل ،فلــم تكــن تــربط الــيمن أي حركـة جويــة جتاريــة ببــاقي اجملتمعــات األخــرى أو
حتــى علــى املســتوى الــداخلي ،ممــا أدى إىل تــأخر بــزو التشــريعات والقــوانني اليمنيــة وخاصــة يف جمــال
املالح ــة اجلوي ــة ،أم ــا بع ــد أن قام ــت ث ــورة 26س ــبتمرب س ــنة 1962م ،ب ــدأ ال ــيمن بع ــدها يف خل ــق
العربية للطيران المدني في دورتها الثامنة التي انعقدت في "مراكش" بالمغرب للفترة من 15ــــ 17مايو 2006م قد
أوصت باقي الدول العربية التي لم تصادق على هذه االتفاقية بسرعة المصادقة عليها.
( )67د .أبو زيد رضوان .مرجع سابق ،ص.29
( )68د .مصطفى ابراهيم عريبي ،مرجع سابق ،ص.11 ،10
43 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
العالقات الدولية وإصدار تشريعاته الوطنية ومنها التشريعات اجلوية فصدر قرار رئيس اجلمهوريـة
العربيــة اليمنيــة-ســابقاً -رقــم ( )6لســنة 1964م بشــأن إنشــاء وحتديــد اختصاصــات مصــلحة الطــريان
املدني ،أعقبه القرار اجلمهوري رقـم ( )2لسـنة 1969م بشـأن تنظـيم وحتديـد اختصاصـات مصـلحة
الطريان املدني يف صنعاء ،وصدر يف عدن القانون رقم ( )28لسـنة 1979م بشـأن الطـريان املـدني
بعدن ،ثم صدر القانون النافذ رقم ( )12لسنة 1993م بشأن الطـريان املـدني والـذي الزال نافـذًا
حتى اليوم.
يرى بعض الكتاب( )69أن العرف يكتسـب أمهيـة نسـبية يف تكـوين القواعـد القانونيـة اجلويـة،
و أن قلة من شباب الفقه يف مصر تؤيد وجود أعراف قانونية تضاف ملصادر القانون اجلوي .
كما يذكر الـبعض( )70أن العـرف قـد احتـل مكانتـه بـني مصـادر القـانون اجلـوي ،ويسـتدل علـى
ذلك بواقعة تعقيم أول مركبة فضائية روسية قبل إطالقها ،حيث فعلت الواليـات املتحـدة الشـيء نفسـه
لكننــا صلــص يف الــرأي إىل أن العــرف بطبيعتــه مل جيــد لــه مكان ـ ًا بــني مصــادر القــانون اجلــوي و
أصبح التشريع هو املصدر الر ي الوحيد للقانون اجلوي ويرجع ذلك لآلتي:
متيز القواعد القانونية اجلويـة-كمـا ذكرنـا-بالدوليـة فمـن الصـعوبة إمجـاع واجتمـاع الـدول
حداثة القانون اجلوي بعكس القواعد القانونية عرفية املصدر اليت تسـتند إىل قـدم عـادة
و إلزاميتها ليتكون منها عـرف فيصـبح بعـد ذلـك تشـريعاً أو مصـدراً للتشـريع ،و مل يكـن
الطريان عادةً لدى الشعوب حتى يكون هنالك عرف ينظمـه يف األصـل لكـي يصـبح مـن
تطــور قواعــد القــانون اجلــوي املســتمر ،وهــذا ال يتوافــق وشــرط العــرف اجلــوهري وهــو
إىل جانــب العــادات االتفاقيــة توجــد بعــض املصــادر التفســريية للقــانون اجلــوي مثــل القضــاء والفقــه
.1العادات االتفاقيـة :مثـل شـروط اآلياتـا( )71( ) I A T Aيف أوروبـا ،واجلمعيـة األمريكيـة
الدائمة للمالحة اجلوية ( )72( )P A A Cوقواعد اإلحتـاد العربـي للنقـل اجلـوي ( A A C
،)73( )Oوقــد أس ــهمت ه ــذه األخ ــرية يف تنظ ــيم حركــة النق ــل اجل ــوي والس ــياحي ب ــني البل ــدان
العربيــة ،وتســوية النزاعــات وحــل املشــاكل بــني الــدول األعضــاء ،وغريهــا مــن املســائل الــيت
.2القضاء :فيمكن االستئناس باألحكام الصادرة من حمكمة العدل الدولية بشـأن قضـايا
القانون اجلوي ،واعتب ارها مصدراً تفسريياً مـن مصـادر القـانون اجلـوي .ونشـري هنـا إىل أنـه
ال توج ــد إىل اآلن حمكم ــة دولي ــة خاص ــة بقض ــايا النق ــل اجل ــوي والط ــريان امل ــدني ،لك ــن
وعلى الرغم من عدم وجـود مثـل هـذه احملكمـة إالب أن معاهـدة شـيكاغو لسـنة 1944م
قــد أجــازت حملكمــة العــدل الدوليــة تــويل الفصــل يف منازعــات شــركات الطــريان بــني الــدول
املختلفــة( ،)75فيمكنن ــا االســتئناس مبث ــل هــذه األحك ــام عنــد تفس ــري قواعــد الق ــانون اجل ــوي
واالتفاقي ــات الدولي ــة بش ــأنه ،أيض ـ ًا يلع ــب القض ــاء دورًا ب ــارزًا يف تفس ــري بع ــض القواع ــد ال ــيت
.3الفق ــه :يلع ــب الفق ــه دورًا ب ــني مص ــادر الق ــانون اجل ــوي التفس ــريية يف حماول ــة التوفي ــق ب ــني م ــا
يتع ــارض م ــن أحك ــام يف االتفاقي ــات الدولي ــة والنص ــوص الوطني ــة ،وإرش ــاد القض ــاء إىل
التطبيقات والسوابق القضـائية ،كمـا ينـاط بالفقـه متابعـة مـدى مالئمـة القـوانني القائمـة والوقـائع
املســتجدة عل ـى ضــوء التطــور التكنولــوجي املســتمر ،واالســتئناس ب ـ راء الفقهــاء يف تعــديل أو
.4يــرى الــبعض( )77وجــوب االســتعانة باملبــادا العامــة للقــانون الــدويل لســد مــا يظهــره العمــل
ال
(الطائرة) ،ودراسة اجملال الذي متارس فيه نشاطها(الفضـاء اجلـوي) ،دراسـة عمليـة النقـل اجلـوي ،إ ب
أننا سنحيد عن هذه األخرية فستأتي دراستها مفصـلة يف الفصـول الالحقـة مـن هـذه الدراسـة ،وعليـه
سنتناول يف هذا املبحث أداة النقل اجلوي (الطائرة ) بإجياز وذلك من خالل املطلـب األول ،وصصـص
47 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وملا كان عقد النقل اجلوي ال يتم-عموماً-إال بواسطة أداة النقل وهي الطائرة ...
ول ــذلك فالب ــد م ــن أن نتح ــدث ع ــن ه ــذه األداة كم ــدخل ه ــام ملوض ــوعنا األساس ــي وس ــوف يقتص ــر
ح ــديثنا ع ــن ه ــذه األداة عل ــى النظ ــام الق ــانوني للط ــائرة م ــن حي ــث تعريفه ــا ،وجنس ــيتها ،وتس ــجيل
الطائرات.
الطبيٍر :اسم جامعٌ مؤنث .الواحد :طائر ،وقلّما يقال لألنثى :طائرة.
وطــار الطــائر وحنــوه طــرياً وطريان ـاً حتــرك وارتفــع يف اهلــواء جبناحيــه ،وطــايَر ســابق يف الطــريان،
والطائرة :مركب آيل على هيئة الطائر يسبح يف اجلو ويستعمل يف النقل واحلرب(. )79
مل تتقيد الدول و املنظمات بتعريف حمدد للطائرة ،فهناك أكثر من تعريـف للطـائرة إذ عرفتـها
اإليك ــاو( )80يف تعديل ــها للتعريف ــات يف 1967/11/6م ،بأهن ــا ( :ك ــل جه ــاز ميكن ــه الص ــمود يف
الفضــاء بفضــل رد فعــل اهلــواء مــع اســتبعاد رد فعــل اهلــواء الناشــع عــن ســطح األرض ) ،وعرفتــها
( )78قاموس العين ،أشهر وأول قواميس اللغة العربية ،للخليل بن أحمد الفراهيدي( 170-100هـ) (786-718م).
( )79إبراهيم مصطفى .أحمد حسن الزيات .حامد عبد القادر .محمد علي النجار .المعجم الوسيط ج ،2المكتبة االسالمية،
تركيا ،ص.574 ،573
( )80المنظمة الدولية للطيران المدني ) .)International Civial Aviation Organization( ( I C A O
48 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اتفاقية باريس لسنة 1919م يف ملحقها ( )Aبأهنا ( :كل آلـة تسـتطيع البقـاء يف الفضـاء بفضـل ردود
فعل اهلواء).
توس ــعت بع ــض الق ــوانني يف تعري ــف الط ــائرة ولع ــل أكث ــر تل ــك الق ــوانني توس ــعاً ه ــو ق ــانون
الواليــات املتحــدة األمريكيــة لعــام 1938م حيــث عــرف الطــائرة أهنــا ( :كــل اخــرتاع معــروف أو
يشــارك القــانون األمريكــي يف ذلــك املشــرع الفرنســي إذ عــرف الطــائرة أهنــا ( :كــل جهــاز يســتطيع
ويالح ـ عل ــى التع ــريفني الس ــابقني أن الق ــانون األمريك ــي والق ــانون الفرنس ــي كليهم ــا مل
حيددا شكالً معيناً للطائرة ،أو غرض ًا حمددًا لطرياهنا ومالحتـها ،فتعتـرب مـن عـداد الطـائرة -وفقـ ًا
هلــذين التعــريفني-أي أداة تســتطيع التحليــق يف اجلــو ولــو لغــري غــرض املالحــة أو النقــل اجلــويني ،مثــل
وم ــن التعريف ــات م ــا ض ــيقت يف حتدي ــد مفه ــوم الط ــائرة وتعريفه ــا مستحض ــرةً الناحي ــة الفني ــة
للطــائرة ،مثــل اتفاقيــة بــاريس لعــام 1919م ،و اتفاقيــة شــيكاغو 1944م ،ومــا جــاء يف تعريــف
املنظمــة الدوليــة للطــريان املــدني (اإليكــاو) يف 1967م ،إذ عرفــت مجيعهــا الطــائرة أهنــا ( :أي
جهاز أو آلة ميكنها التحليق يف الفضاء أو الصمود فيه بفضل رد فعل اهلواء بشرط اسـتثناء رد فعـل
ونالح على هذه التعريفات أهنا تستبعد كل جهـاز ال يعتمـد يف طريانـه علـى رد فعـل اهلـواء
مثل الصواريخ ،واملركبات اهلوائية ،اليت تستطيع الطريان دون احلاجة إىل أي رد فعل للـهواء ،كمـا
تستبعد أي جهاز يعتمد يف طريانـه وارتفاعـه يف اجلـو علـى رد فعـل اهلـواء لكـن ذلـك املـنعكس
ومــن التعريفــات املضــيقة ملفهــوم الطــائرة مــا حــاول الــبعض تعريفهــا مستحضــرًا الغــرض مــن
طرياهنا بأهنا ( :األجهزة اليت تسـتطيع نقـل األشـخاص واألمـوال جـواً) ( ،)84وهـو نفـس التعريـف الـذي
عرفتها بعض القوانني مثل القـانون اليابـاني لسـنة 1921م ،واإليطـايل لسـنة 1942م ،فقـد عرّفـا
ومما سبق نستطيع تعريـف الطـائرة بأهنـا ( :كـل أداة تسـتطيع الطـريان بفضـل رد فعـل اهلـواء غـري
ذاك امل ــنعكس م ــن س ــطح األرض ،وتس ــتخدم للنق ــل اجل ــوي) ،وه ــذا التعري ــف يعت ــرب األنس ــب
واألكثــر مشــوالً؛ ذلــك ألنــه يتناســب والقــانون اجلــوي ويتســق معــه باعتبــاره منظم ـاً للنقــل اجلــوي،
مل يتعـرض املشـرع الســوداني يف قـانون الطــريان املـدني لسـنة 1999م لتعريــف الطـائرة إ ب
ال أنــه
ميكن تعريف الطائرة بالنظر إىل القوانني السابقة هلذا القانون ،حيث عرف املشـرع السـوداني الطـائرة
يف قانون اخلدمات العامة للطائرات لسنة 1959م بنصـه علـى أنـه يقصـد بالطـائرة ( :أي جهـاز يعتمـد
يف طريانه على قـوة رد فعـل اهلـواء) ( ،)86وهـو نفـس التعريـف تقريبـاً يف قـانون الطـريان لسـنة 1960م،
كمــا ميــز هــذا األخــري الطــائرات الســودانية عــن األجنبيــة ،و الطــائرات املدنيــة عــن طــائرات الدولــة
والطائرات احلربية.
ونالح ـ عل ــى ه ــذا األخ ــري أن ــه أدخ ــل ض ــمن تعريف ــه بع ــض املركب ــات ال ــيت ال لض ــع ألحكام ــه
النقــل البحــري أو الــربي حبكــم طبيعــة طرياهنـا إذ أهنــا تعتمــد يف ارتفاعهــا علــى ردود فعــل اهلــواء
وعلى الرغم من أن هذه املركبات متتـاز بالسـرعة أيـاً كـان السـطح الـذي تنزلـق عليـه ،كمـا
أن هلا القدرة على حتقيق االتصال يف املناطق اليت يتعذر االتصال فيها ،وتعتـرب أفضـل مـن الطـائرة
يف إج ــراء بعــض عملي ــات الط ــريان يف جم ــال البح ــوث العلمي ــة كرس ــم ال ــزالزل ،ومس ــح األراض ــي،
والطــائرات جيعــل التكييــف القــانوني هلــذه املركبــات خيتلــف عــن الطــائرة و بالتــايل يتعــذر تطبيــق
كما نالح على القانون السابق يف تعريفه للطائرة أنه مل يتطرق ملوضوع النقل اجلوي كغـرض
من طرياهنا.
ال خيتلف القانون اليمين كثريًا يف تعريفه للطائرة عن القانون السوداني حيث عرف الطـائرة بأهنـا:
( أي آلة يف استطاعتها أن تستمد بقائها يف اجلو مـن ردود فعـل اهلـواء غـري تلـك املنعكسـة مـن سـطح
األرض ،وتشمل كافة املركبات اهلوائية مثل :املناطيـد والبالونـات احلـرة واملقيـدة والطـائرات البحريـة
والطائرات الشـراعية والطـائرات ذات األجنحـة الثابتـة والطـائرات ذات األجنحـة الـدوارة ومركبـات
( )87الزحافات الهوائية :هي مركبات تسير منزلقة على وسائد هوائية تصنعها هي بواسطة محركاتها فتدفعه رأسياً على
سطح األرض ،وتستخدم هذه المركبات لنقل األشخاص واألموال ،إال أن تكييفها يكون أقرب للسفينة إن كان الهواء الذي
تدفعه منعكس من سطح الماء أو ألحكام النقل البري إن كانت على اليابسة .د .طالب حسن موسى .مرجع سابق ،ص
.30،31
( )88األرض هنا تشمل إقليم اليابسة كما تشمل اإلقليم المائي.
( )89د .مصطفى البنداري .الموجز في القانون الجوي ،دار النهضة العربية ،القاهرة1421 ،هـ2000 ،م ،ص.44
51 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الفضاء والصواريخ ومظـالت الطـائرة و ـوذج الطـائرات وغـري ذلـك مـن األجهـزة املعـدة لالسـتخدام يف
اجلو)(.)90
ال أن
من التعريف السابق جند أن القانون اليمين يتفـق مـع القـانون السـوداني يف تعريـف الطـائرة إ ب
الق ــانون ال ــيمين ك ــان أكث ــر حتدي ــدًا للط ــائرة م ــن الق ــانون الس ــوداني إذ اس ــتبعدت الزحاف ــات اهلوائي ــة
( )Hovercraftمن عداد الطائرات وفقاً لتعريف القانون اليمين للطائرة ،فعلـى الـرغم مـن إحتـاد
هــذا القــانون علــى مثــل هــذا النــوع مــن املركبــات فهــي تعتمــد يف طرياهنــا وارتفاعهــا علــى ردود فعــل
جنسية الطائرة:
اســتقر رأي الفقــه الغالــب علــى ضــرورة متتــع الطــائرة برابطــة قانونيــة ،وهــي اجلنســية ،وعلــى
ضـرورة وجـود ووالء سياسـي بـني الطـائرة وبـني الدولـة الـيت منحتـها تلـك اجلنسـية ،و عندئـذٍ ميكنــها
التمتع مبزايا ناجتة عن تلك الرابطة مثل :القيام بـدورها علـى الوجـه املطلـوب ،ومـن ناحيـة اقتصـادية
تتمتع الطائرة بأولوية النقـل الـوطين ،واملنافسـة االقتصـادية ،ومـن ناحيـة ماليـة تتمتـع الطـائرات الوطنيـة
بإعفــاء الطــائرات املدنيــة مــن الضــرائب أو التخفــيض منــها ،كمــا ميثــل محــل الطــائرة جنســية دولــة معينــة
فائدة أمنية للدولـة والطـائرة معـاً؛ فـتمكن الدولـة مـن معرفـة الطـائرات العـابرة يف أجوائهـا وسـيادة
الدولة على فضائها اجلوي ،وتتمتع الطائرة حبماية الدولة احلاملة جلنسيتها(. )91
ومــن ناحيــة قانونيــة متثــل اجلنســية أمهيــة يف حتديــد القــانون الواجــب التطبيــق علــى األفعــال الــيت
ترتكب على منت الطائرة ،وحتديد احملاكم املختصة بنظر النزاعات اخلاصة بالطائرة(.)92
( )90المادة ( )1من قانون الطيران المدني اليمني رقم( )12لسنة 1993م.
( )91د .مصطفى إبراهيم عريبي .مرجع سابق ،ص .18 ،17
( )92مستقبل العالم اإلسالمي ،السنة الثانية ،العدد السادس ،ربيع ،1992دورية تصدر عن مركز دراسات العالم اإلسالمي،
مالطا ،ص.234
52 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أيضـ ًا تعتــرب اجلنســية ســبب ًا يف تطبيــق أحكــام قــانون الدولــة الــوطين علــى طائراهتــا حتــى لــو كانــت
خارج إقليمها(.)93
كما أن بعض احلقوق على الطائرة تنشأ اعتباراً جلنسيتها مثل حق الـرهن الر ـي ،حيـث تعـرتف
الدولــة حبــق الــرهن الر ــي علــى الطــائرات كضــمان لــدين شــريطة أن يــتم قيــدها يف الســجل العــام
ويف اخلالف حول معيار منح الطائرة جنسية معينة حسمت االتفاقيـات الدوليـة هـذا اخلـالف بـأن
أخذت مبعيار دولة التسجيل فقد قضت معاهدة باريس 1919م مبنح الطائرة
أيضاً قضت اتفاقية شيكاغو1944م جبعل معيار جنسـية الطـائرة هـو معيـار دولـة التسـجيل،
كمــا أوجبــت االتفاقيــة الســابقة علــى كــل طــائرة تعمــل يف املالحــة اجلويــة الدوليــة أن حتمــل عالمــات
( )93المادة (/1/3ب) من قانون الطيران المدني السوداني لسنة 1999م .
( )94المادة ( /1د) من االتفاقية المتعلقة باإلعتراف الدولي بالحقوق على الطائرات جنيف 1948م.
( )95المادة ( )6من اتفاقية باريس الدولية بشأن تنظيم المالحة الجوية (1919/10/13م).
( )96المادة ( )17من اتفاقية الطيران المدني الدولي الموقعة في شيكاغو 1944/12/7م.
( )97المادة ( )20من اتفاقية شيكاغو1944م.
53 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
كما أكدت ذات االت فاقية على مبـدأ وحـدة اجلنسـية .ويقصـد هبـذا املبـدأ بأنـه :ال جيـوز تسـجيل
الطائرات تسجيالً صحيحاً يف أكثر من دولة واحدة ولكن جيوز نقل تسجيلها من دولة إىل أخرى:
(An aircraft cannot be validly registered in more
than one State، but its registration may be changed
مل يتعرض القانون السوداني يف قانون الطريان املدني السوداني لسـنة1999م جلنسـية الطـائرة
لكنــه قــد أخــذ بــنفس املعيــار الــذي أخــذت بــه االتفاقيــات الدوليــة فجعــل معيــار جنســية الطــائرة هــو
معيار دولـة التسـجيل ،ويتضـح ذلـك يف قـانون الطـريان لسـنة 1960م الـذي ميـز الطـائرات السـودانية
عــن الطــائرات األجنبيــة ،فــذكر يف تعريــف الطــائرات الســودانية ( :يقصــد هبــا الطــائرات املســجلة علــى
الوجـ ــه الصـ ــحيح يف السـ ــجل السـ ــوداني) ( ،)99ويف تعريـ ــف الطـ ــائرات األجنبيـ ــة ( :يقصـ ــد هبـ ــا الطـ ــائرات
املسجلة يف سجل غري السجل السـوداني ) ( ، )100فنجـد أن القـانون السـوداني قـد جعـل دولـة التسـجيل
معياراً جلنسية الطائرات ،فهو ال يعرتف بأي طـائرة ليسـت مسـجلة يف سـجل سـوداني أو أجـنيب إذ أهنـا
نظم قانون الطريان املـدني رقـم ( )12لسـنة 1993م أحكـام جنسـية الطـائرات فـذكر أنـه :
(تتمتع كل طائرة يتم تسجيلها يف السجل املشار إليه جبنسية اجلمهورية اليمنية ،ويتعني عليهـا أن حتمـل
عالمات جنسيتها وتسجيلها بطريقة ظـاهرة وواضـحة ،وفقـا للقواعـد واملواصـفات الـيت تقررهـا اهليئـة
العامة للطريان املدني( ،)101فنجد أن القانون اليمين قد اتفق مع القانون السوداني واالتفاقيـات الدوليـة
بشــأن معيــار جنســية الطــائرات .وقــد منــع القــانون الــيمين أي طــائرة ال حتمــل عالمــات جنســيتها وفق ـ ًا
لقانون الدولة اليت سجلت الطائرة فيها من العمل يف إقليم اجلمهورية اليمنية( :ال جيوز أليـة طـائرة أن
تعمل يف إقليم اجلمهورية ،ما مل حتمل عالمات جنسيتها طبقاً لقانون دولة التسجيل) (.)102
لكــي تــتمكن الــدول مــن اســتغالل الطــائرات ،وتــتمكن الطــائرات مــن التحليــق فــوق أقــاليم
دوليــة ،والعمــل يف أجــواء تلــك األقــاليم ،البــد وأن تكــون مســجلة يف ســجالت إحــدى هــذه الــدول
وقــد نظمــت االتفاقيــات الدوليــة أحكــام التســجيل ومنــها اتفاقيــة شــيكاغو1944م الــيت حظــرت
تسجيل الطائرة يف أكثر من دولة ،لكنها مل متنع –كما ذكرنا-نقل تسـجيلها بـني الـدول مـن دولـة إىل
أخرى.
كمــا قضــت االتفاقيــة علــى وجــوب محــل كــل طــائرة تعمــل يف املالحــة اجلويــة الدوليــة لعالمــات
جنسيتها وتسجيلها:
(Every aircraft engaged in international air
navigation shall
bear its appropriate nationality and registration
marks))103( .
إال أن االتفاقيــة قــد تركــت لكــل دولــة متعاقــدة حريــة تســجيل الطــائرة أو نقــل تســجيلها وفــق
قانوهنا الوطين:
(The registration or transfer of registration of
aircraft in any
( )101المادة ()1/59من قانون قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م.
( )102المادة ( )52من قانون الطيران المدني اليمني رقم()12لسنة1993م ،،وقد بينت المواد ( ) 58 – 52أحكام السجل
والتسجيل ومحتويات السجل.
( )103المادة ( )20من اتفاقية شيكاغو1944م.
55 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وتشـ ــرتط بعـ ــض الـ ــدول لتسـ ــجيل الطـ ــائرة يف سـ ــجالهتا الوطنيـ ــة أن تكـ ــون الطـ ــائرة مملوكـ ــة
بكاملـ ــها ألشـ ــخاص حيملـ ــون جنسـ ــيتها نفسـ ــها سـ ــواء كـ ــانوا أفـ ــراداً أو مؤسسـ ــات ،مثـ ــل القـ ــانون
املصري( ،)105يف حني لفف بعض الدول من حدة هذا الشـرط مثـل القـانون السـوري الـذي يشـرتط أن
تكون ملكية ثلثي رأ ال الشركات لرعايا سوريني بشـرط أن تكـون مجيـع األسـهم يف الشـركات
املسامهة ا ية ،وأن يكون مدير الشركة وثلثي أعضاء جملس اإلدارة سوريني(.)106
يشــرتط قــانون الطــريان املــدني الســوداني لســنة 1999م تســجيل الطــائرات كشــرط أساســي
لكــي تــتمكن الطــائرات مــن التحليــق والعمــل يف اإلقلــيم الســوداني ( :جيــب يف الطــائرة الــيت تعمــل يف
كمــا ألــزم الطــائرات حبمــل شــهادة صــالحية للطــريان وتكــون بعلــم دولــة التســجيل( :جيــب يف
الطــائرة الــيت تعمــل يف إقلــيم الدولــة أن تكــون شــهادة صــالحيتها للطــريان ســارية املفعــول وصــادرة
نظ ــم ق ــانون الط ــريان امل ــدني ال ــيمين رق ــم( )12لس ــنة 1993م أحك ــام تس ــجيل الط ــائرات
فأوجـب تسـجيل أي طـائرة مملوكـة للدولـة لشـخص طبيعـي أو اعتبـاري ميـين اجلنسـية يف السـجل العــام
للطائرات لـدى اهليئـة العامـة للطـريان املـدني و األرصـاد( ،)109كمـا جيـب تسـجيل كـل طـائرة مسـتأجرة
بقصد الشراء أو مستأجرة ملدة تتجاوز ستة أشهر بواسطة شـخص طبيعـي أو اعتبـاري ميـين اجلنسـية يف
الس ــجل الع ــام للط ــائرات األجنبي ــة ل ــدى اهليئ ــة( ،)110أم ــا الط ــائرات اململوك ــة ألش ــخاص طبيع ــيني أو
اعتباريني أجانب مقيمني يف اجلمهورية اليمنية فيجـب تسـجيلها يف السـجل اخلـاص بالطـائرات األجنبيـة
(. )111
لدى اهليئة
تق ــوم اهليئ ــة بإع ــداد وإدارة الس ــجل الع ــام للط ــائرات الوطني ــة ،والس ــجل اخل ــاص -1
أن تك ــون ح ــائزة عل ــى ش ــهادة ص ــالحية الط ــريان ،س ــارية املفع ــول وفقـ ـ ًا للقواع ــد ب-
املقررة.
إذا كان طالب التسجيل شخصاً طبيعياً ،فيشرتط أن يكون مالكاً للطائرة ملكيـة ج-
تامــة ،أو مســتأجرًا هلــا بقصــد الشــراء ،أو مســتأجرًا هلــا ملــدة تتجــاوز ســتة أشــهر ،وأن
إذا كان طالب التسجيل شخصاً اعتبارياً ،فيجب توفر الشروط التالية: د-
أن يك ـ ــون %51م ـ ــن رأ ـ ــال املؤسس ـ ــة مملوكـ ـ ـاً ألش ـ ــخاص متم ـ ــتعني جبنس ـ ــية ()1
اجلمهورية اليمنية.
( )109المادة ( )1/55من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م .
( )110المادة ( )2/55من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م .
( )111المادة ( )3/55من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م .
57 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أن يكون رئيس جملس إدارة املؤسسة متمتعاً جبنسية اجلمهورية اليمنية. ()4
بيان عن كافة الوثائق والعقـود الدالـة علـى ملكيـة الطـائرة واسـتثمارها وأي تغـيري ه-
كافة الوقائع والتصرفات اليت ترد على الطائرة وتاريخ حدوثها. و-
اسم وموطن وجنسية كل مـن مـديري املؤسسـة وأعضـاء جملـس إدارهتـا ،يف حالـة مـا ز-
أية بيانات أخرى تقرر سلطات الطريان املدني تضمينها يف السجل(. )113 ح-
( )112المادة ( )56من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م ..
( )113المادة( )57من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م .
58 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ومبقتضى هذه النظرية ينفي الفقهاء أية سيادة للدولة على أجوائها ،ويرون أن تظل أجـواء كـل
الدول مفتوحة للطريان والتحليـق فيهـا حبريـة ،ودون قيـد أو انتقـاص مـن هـذه احلريـة ،وسـندهم يف
ذلك أن الوضـع يف الفضـاء يشـبه الوضـع يف أعـايل البحـار ال خيضـع اإلحبـار فيـه لسـيادة أي دولـة ،كمـا أن
أساس املنع والسـيادة هـو امللكيـة واحليـازة الدائمـة واملسـتمرة ،األمـر الـذي ال يتـوفر للدولـة بالنسـبة
ونالح على هذه النظرية أهنا ال لدم مصاحل الدولـة االقتصـادية أو األمنيـة؛ إذ أن القـول هبـا
جيع ــل فض ــاء أي دول ــة مش ــاعاً ب ــني ال ــدول األخ ــرى لألغ ــراض االقتص ــادية أو األعم ــال احلربي ــة و
العسكرية ،وخاصة تلك اليت متتلك تقنية صناعة الطائرات وتطويرها ،كما أنه ال ميكننا القياس بـني
أعايل البحار والفضاء اجلوي الختالف موقع الدولة من كليهما( ،)115وبالتايل اخـتالف درجـة املخـاطر يف
كلٍ منهما.
بعكس مـا ذهـب إليـه الفقهـاء يف النظريـة السـاب قة اجتـه فريـق آخـر مـن الفقـه إىل وجـوب تقريـر
حــق الســيادة الكاملــة واملطلقــة للدولــة علــى أجوائهــا ،ويــربر هــذا االجتــاه ضــرورة محايــة املصــاحل
االقتصــادية و العســكرية للدولــة ،كمــا أن بعــض القــوانني املدنيــة -مثــل القــانون الرومــاني-تقضــي
هذه النظرية مل تسلم من النقد أيضاً إذ أن من الصعب علينا تطبيـق قواعـد القـانون املـدني مـن
حــق ملكيــة أو اســتيالء علــى الفضــاء اجلــوي أو يســتدل هبــا ،كمــا أن الفضــاء اجلــوي ال ميكــن حيازتــه
و إزاء االنتقادات املوجهة لكل من النظريتني السابقتني جاء البعض بنظرية توفيقية حبيث تتمتـع
حق الدول يف السيادة الكاملة على إقليمها مبا فيه فضاؤها اجلوي.
واملقصــود بالنظريــة التوافقيــة أن يــتم تقســيم الفضــاء اجلــوي إىل منــاطق ســيادة ،ومنــاطق تكــون
فيهــا املالحــة حــرة ،حبيــث يكــون للدولــة الســيادة الكاملــة علــى فضــائها اجلــوي الرتفــاع معــني ،ومــا
فوق ذلك تكون مناطق تنعدم فيها السيادة وتكون فيها املالحة حرة لباقي الدول .
ويف حتديد هذه املناطق اقرتح البعض تقسيمها إىل مناطق ثالث :مناطق سيادة ،منـاطق جمـاورة،
ومناطق حرة(.)118
إال أن هذه النظرية-كغريها-مل تن ٌ من النقد إذ أن املخاطر اليت هتدد أمـن الدولـة وسـالمتها
مازالــت موجــودة إذا مــا ــح بــالطريان احلــر فــوق إقليمهــا ولــو يف املنــاطق احلــرة كالتجســس ،وإرســال
( )116د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مبادىء القانون الجوي ،دار جامعة عدن للطباعة والنشر ،ط ،1عدن2005 ،م ،ص(،169
.)170
ً
( )117تسمى هذه النظرية أيضا بالنظرية التوافقية ،أو نظرية المناطق.
( )118د.أحمد عبد اللطيف غطاشة .مرجع سابق ،ص(.)93 ،92
60 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
األقمار الصناعية أو املركبات الفضائية ،كما أهنـا للـق ازدواجـاً يف أحكـام القـانون الـوطين للدولـة
نفسها ،ناهيك عن صعوبة حتديد كل منطقة حبدود معينة كما افرتضت هذه النظرية.
وأســاس هــذه النظريــة يقــوم علــى أن يقــاس مــدى ســيادة الدولــة علــى فضــائها اجلــوي بــاخلطر
املستشعر من الطريان من قبل الدولة نفسها ،فتكون هلا السيادة الكاملة علـى أجوائهـا دون تقيـد
مبنطقــة معينــة عنــدما يشــكل الطــريان خطــورة علــى أمــن الدولــة وســالمتها كالتجســس أو التصــوير
ألغــراض عســكرية ،أو علــى مصــاحلها االقتصــادية عندئ ـذٍ يكــون للدولــة الســيادة املطلقــة علــى
أجوائهــا وحــق املنــع حتــى لــو كــان الطــريان يف الفضــاء اخلــارجي ،أمــا إن كــان الطــريان ال ميــس أمــن
الدولــة ،أو يضــر مبصــاحلها املختلفــة ،فعندئـذٍ يكــون الفضــاء اجلــوي مفتوحـ ًا أمــام أي طــريان يســتهدف
وممـا ســبق نســتنت أن هـذه النظريــة هــي األنسـب لألســباب الــيت ذكرنـا ،كمــا أن تطبيقهــا يســاعد
على الرقي بالبشرية حنو حياة اقتصادية أفضـل ،وتكنولوجيـة أقـوى ،كمـا أن النظريـة الوظيفيـة تسـمح
للدولــة بالســيطرة علــى أجوائهــا باحلــد الــذي يبعــد عنــها املخــاطر دون اإلضــرار حبركــات الط ــريان
التجارية األخرى ،وجينب الدولة وضع أحكاماً لتنظيم اجلو ال تتفق مع بعضـها ممـا خيلـق ازدواجـاً بـني
نظمت اتفاقيـة شـيكاغو 1944م مبـدأ سـيادة الدولـة علـى أجوائهـا ،وحريـة الطـريان يف تلـك
األجواء ،فأقرت حق سيادة الدولة املطلقة على فضائها اجلوي يف صدارة أحكامها:
ولكنــها رغــم إقــرار هــذا احلــق للــدول مل تغفــل االتفاقيــة الســابقة حــق الطــريان التجــاري يف
استخدام الفضاء اجلوي من عبور أو هبوط ألغـراض جتاريـة( ،)121أو أسـباب فنيـة ،غـري أن هـذا احلـق
مل يــرتك للــدول علــى إطالقــه ،بــل وضــعت عليــه قيــود تتمثــل يف حصــر حريــة اهلبــوط أو العبــور علــى
الطــائرات الــيت تعمــل علــى خطــوط جويــة غــري منتظمــة فقــط إذ أهنــا ال متثــل أي خطــورة علــى االقتصــاد
( )120المادة ( )1من اتفاقية شيكاغو 1944م .وقد عرفت االتفاقية اإلقليم بأنه يشمل :األراضي ،والمياة اإلقليمية المالصقة
لها الواقعة تحت سيادة الدولة أو سلطتها أو حمايتها أو المشمولة بإنتدابها .المادة( )2من اتفاقية شيكاغو1944م.
( )121تعد هذه الحقوق استثناءات على مبدأ سيادة الدولة على فضائها الجوي وهي ما عبرت عنها االتفاقيات الدولية
بالحريات الجوية التسع والتي تتمثل باآلتي:
الحرية األولى :الطيران العابر :وهو حق يمنح لدولة ما أن تطير عبر إقليم الدولة التي تمنح الحق بدون هبوط.
الحرية الثانية :التوقف الفني :هو حق يمنح لدولة ما أن تهبط في إقليم الدولة المانحة ألغراض غير تجارية ،كالتزود
بالوقود أو ألي أغراض فنية كالصيانة.
الحرية الثالثة :تفريغ الحركة :حق يمنح لدولة ما أن تنزل إلى الدولة المانحة أشخاص أو بضائع تتعلق بالخدمات الجوية
المنتظمة.
الحرية الرابعة :حق شحن الحركة :حق يمنح لدولة ما أن تحمل ركابا ً أو تشحن بضائعا ً من الدولة المانحة تتعلق بالخدمات
الجوية المنتظمة.
الحرية الخامسة :حق النقل من دولة ثالثة وإليها :حق يمنح لدولة ما أن تشغل خطوطاً منتظمة من و إلى الدولة المانحة
لحمل الركاب والبضائع.
الحرية السادسة :نقل الحركة عن طريق الدولة األم :حق يسمح بالقيام بعملية النقل عن طريق دولة وطن الناقل فيما بين
دولتين أخريين.
الحرية السابعة :التشغيل من دولة ثانية إلى/من دولة ثالثة :حق يمنح من دولة ما إلى دولة أخرى للنقل بين إقليم الدولة
المانحة ودولة ثالثة بدون ضرورة إدراج أي نقطة في إقليم الدولة المستفيدة في هذه العملية ،أي أنه ال
تدعو الحاجة إلى وصل هذا الخط بأي خط أو إمتداد خط من دولة وطن الناقل وإليها.
الحرية الثامنة :نقل الحركة بين نقطتين في دولة أجنبية :حق يمنح من دولة ما لدولة أخرى بالنقل الداخلي بين نقطتين
داخليتين في إقليم الدولة المانحة لخط يبدأ أو ينتهي في إقليم وطن الناقل.
الحرية التاسعة :التشغيل فقط في دولة أجنبية :حق يمنح من دولة ما لدولة أخرى لتشغيل خطوط داخلية فقط في الدولة
المانحة ،وهو ما تعرفة بعض القوانين (بالكابوتاج) أو النقل الداخلي المحظور(.دليل تنظيم النقل الجوي،
منظمة الطيران المدني الدولي ،)ICAO(،ط2004 ،2م ،ص( ) 4.1.12 - 4.1.7
62 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أمــا تلــك الــيت تعمــل يف اخلطــوط اجلويــة املنتظمــة فيجــب أن حتصــل علــى إذن مســبق للطــريان يف
: إالب إذا رفع هذا القيد باتفاق ثنائي،الفضاء اجلوي إلقليم الدولة املتعاقدة
(No scheduled international air service may be
operated over or into the territory of a contracting
State، except with the special permission or other
أي خــط تســتخدم فيــه طــائرات:م1944 واخلــط اجلــوي املنــتظم كمــا عرفتــه اتفاقيــة شــيكاغو
أمــا اخلطــوط اجلويــة غــري املنتظمــة فيقصــد هبــا :اخلطــوط الــيت تقــوم فيهــا الطــائرة بــرحالت غــري
منتظمة تتفاوت يف مواعيدها حسب الطلب وال تعد مرفق ًا عام ًا للنقل اجلـوي كتلـك املنتظمـة إذ أهنـا ال
رحــالت النقــل العــارض :وهــي رحــالت تــتم إمــا بــدون مقابــل وليســت متاحــة للجمهــور
الع ــام ،مث ــل الط ــريان ملهم ــة خاص ــة ،أو يف حال ــة ح ــدوث الك ــوارث ،وإم ــا مبقاب ــل لكن ــها ليس ــت
منتظمة كأن تستأجر الطائرة لفرتة زمنية حمددة أو لرحلة واحدة .
الرحالت اجلوية لغري غرض النقل :وهي الرحالت الـيت تقـوم هبـا الطـائرة لغـري غـرض النقـل
اجلوي مثل املسح أو أغـراض الـدفاع املـدني ومكافحـة األوبئـة أو ألغـراض الزراعـة أو اإلنقـاذ أو
أقــر قــانون الطــريان املــدني الســوداني لســنة 1999م يف أحكــام الشــروط العامــة للطــريان
مب ــدأ س ــيادة الس ــودان الكامل ــة عل ــى فض ــائه اجل ــوي ونـ ـص عل ــى أن ــه( :تك ــون للدول ــة الس ــيادة
كم ــا حظ ــر الق ــانون ط ــريان أي ط ــائرة دون ت ــرخيص إم ــا وف ــق أحك ــام معاه ــدة يك ــون
السودان طرفاً فيهـا ،أو اتفـاق ثنـائي ،ويكـون يف هـذه احلالـة دائمـاً .و ملـدة ال تزيـد عـن سـنة قابلـة
للتجديد يف غري احلاالت السابقة ،ويكون هنا مؤقتاً (:ال جيوز ألي طائرة أن تعمل يف إقلـيم الدولـة
إالب مبوجــب تــرخيص يصــدره املــدير العــام للهيئــة العامــة للطــريان املــدني وحيــدد شــروطه ويســمح
( أ) دائم ـاً ،إذا اســتند إىل معاهــدة دوليــة منضــمة إليهــا الدولــة ودولــة مشــغل الطــائرة أو إىل
اتفاق نقل جوي ثنائي نافذ املفعول مربم بني الدولتني لتنظيم النقل اجلوي بينهما.
(ب) مؤقتـ ـاً ،مل ــدة ال تزي ــد عل ــى س ــنة يف غ ــري م ــا ن ــص علي ــه يف الفق ــرة (أ) وجي ــوز جتدي ــد ه ــذا
الرتخيص ملدة أخرى بناء على طلب املرخص له وموافقة املدير العام) (.)127
ويف جم ــال األنظم ــة املتعلق ــة بقواع ــد اجل ــو خي ــتص امل ــدير الع ــام للهيئ ــة العام ــة للط ــريان امل ــدني
السودانية بتنظيمهـا وقـد نـص القـانون علـى أنـه (:يصـدر املـدير العـام قواعـد اجلـو واألنظمـة املتعلقـة
بتحليــق الطــائرات واملالحــة اجلويــة ومحايــة األشــخاص واملمتلكــات علــى الســطح واســتعمال الفضــاء
اجلوي للدولة) ( ،)128كما حتدد اهليئة الطرق اجلوية للطائرات ،وحركاهتـا علـى إقليمهـا ( :حتـدد اهليئـة
طــرق خــدمات احلركــة اجلويــة الــيت جيــب أن تســلكها الطــائرات عنــد الــدخول إىل إقلــيم الدولــة أو
اخلروج منه أو الطريان يف الفضاء اجلوي داخله وفقاً ملا هو منشور ومعمم يف دليـل األعـالم اجلـوي أو
وكــنظريه الســوداني أقــر القــانون الــيمين مبــدأ ســيادة الدولــة املطلقــة علــى أجوائهــا ( :
للجمهورية السيادة الكاملة واملطلقة علـى الفضـاء اجلـوي واخلـارجي الـذي يعلـو إقليمهـا)
( ،)130كما أن سلطات الطريان املدني تصدر قواعد اجلو ،وكافـة األنظمـة املتعلقـة باملالحـة
اجلوي ـ ــة ،وحتلي ـ ــق الط ـ ــائرات يف أج ـ ــواء اجلمهوري ـ ــة ،واس ـ ــتخدام الفض ـ ــاء اجل ـ ــوي ،ومحاي ـ ــة
األشخاص واملمتلكات على السطح ،ومنع أخطار الطائرات واحلد مـن األضـرار املرتتبـة
علــى ا ســتخدامها ،وبصــفة خاصــة مــا يتعلــق بالضوضــاء وتلــوث البيئــة وذلــك طبق ـاً للقواعــد
واألنظمـ ــة الدوليـ ــة املقـ ــررة يف هـ ــذا الشـ ــأن ( ،)131و ال جيـ ــوز أليـ ــة طـ ــائرة أن حتلـ ــق علـ ــى
ارتفاعــات لــالف تلــك الــيت حتــددها ســلطات الطــريان املــدني إالب يف احلــاالت االضــطرارية
أو بتصـريح مــن هـذه الســلطات( ،)132وقـد احــتف القـانون لســلطات الطـريان املــدني حبقهــا يف
أن حترم أو تقيد ،دون متييز يف اجلنسية حتليق الطائرات يف األماكن اآلتية:
-1فــوق منــاطق معينــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة ألســباب عســكرية أو ملتطلبــات النظــام العــام
والسالمة.
-2فوق إقليم اجلمهورية اليمنية أو أي جزء منه ،وذلك يف األحـوال االسـتثنائية أو ألسـباب
تتعلـ ــق بالنظـ ــام العـ ــام ،كمـ ــا أن هلـ ــا سـ ــلطات حتديـ ــد منـ ــاطق خطـ ــرة حيظـ ــر فوقهـ ــا
الطريان(.)133
( )131المادة ( )116من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م.
( )132المادة ( )1/118من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م.
( )133المادة (/1/119أ ،ب) من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م .
66 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
تدور حول تنظي م عقد النقل اجلوي ،وأداة تنفيذ هذا العقد وهي الطائرة ،وسوف نفصل دراسة
عقد النقل اجلوي من خالل تقسيم هذا الفصل إىل أربعة مباحث ،نتحدث يف املبحث األول منها عن
تعريف عقد النقل اجلوي و عن خصائصه ،ويف املبحث الثاني نتحدث عن أنواع عقد النقل اجلوي،
ونتحدث عن وثائق عقد النقل اجلوي يف املبحث الثالث ،وصصص املبحث الرابع آلثار عقد النقل
اجلوي.
67 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
دوراً كبرياً يف جمال االقتصاد واحلضارة وتقدم اإلنسان( ،)134كما أن النقل يلعب دوراً هاماً يف
دعم مراكز الدولة يف جمال النشاط االقتصادي( ،)135حتى قيل بأن حضارة األمم تقاس مبا لديها من
ويعتربالنقل اجلوي من أهم أنواع النقل مرتبة ،نظراً لزيادة حجم التبادل التجاري اجلوي
الداخل ي والدويل ،وزيادة حركة اإلنتقال ولذلك أصبح النقل اجلوي ضرورة من ضرورات
النقل( .)137وسيتم تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب األول عن تعريف عقد النقل
( )134د .حمد هللا محمد حمد هللا .مرجع سابق ،ص.5
( )135د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص.189
( )136د .محمد محمد هالليه .محاضرات في القانون الجوي ،جامعة المنصورة ،بدون ناشر1991 ،م ،ص.103
( )137ربان .مدحت عباس خلوصي .قانون النقل الدولي ،الشنهابي للطباعة ،القاهرة2000 ،م ،ص.71
68 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أو اجلمع بني شيئني( )138والعقد مبعنى املعاهدة وامليثاق ،وتعاقد القوم :تعاهدوا ،واجلمع عقود مبعنى
أما النقل لغةً فهو :تغري مكان الشخص أو الشيء( .)140وهو حتويل الشيء من موضع إىل موضع،
و عقد النقل يف القانون :عقد يلتزم مبقتضاه شخص( )142يطلق عليه أمني النقل بنقل أشخاص أو
أشياء من جهة إىل أخرى بواسطة أداة نقل يف مقابل أجر( ،)143والنقل عقد رضائي ينعقد مبجرد
توافق اإلجياب والقبول( ،)144ولتلف أداة النقل حبسب اختالف حميط النقل ،ويرتتب على هذا
وعقد نقل األشخاص :هو اتفاق( )146يلتزم مبقتضاه الناقل بأن ينقل شخصاً أو أكثر
من مكان إىل آخر أو إىل ذات املكان( كما يف حالة النزهة ) ( )147مقابل أجر أو كراء معني
بواسطة وسيلة نقل مأمونة مناسبة ،وبإلاذ اإلحتياطات الالزمة لسالمة املسافر وأمتعته(.)148
( )138د .تاج السر محمد حامد .أحكام العقد ،جامعة النيلين ،بدون ناشر ،1993 ،ص.1
( )139لسان العرب ،لإلمام العالمة ابن منظور ،ج ،8دار الحديث2003 ،م ،القاهرة ،ص.683
( )140د .أكرم ياملكي .القانون الجوي ،دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان1998 ،م ،ص.106
( )141لسان العرب ،ج ،6مرجع سابق ،ص.354
( )142شخص هنا قد يكون فرد أو شركة عامة أو خاصة.
( )143ال يشكل األجر أهمية في وجود عقد النقل عند بعض القوانين كالقانون األردني ،إذ جاء تعريف عقد النقل في القانون
األردني خا ٍل من األجر ،د .عيسى غسان ربضي .مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على األشخاص
وأمتعتهم ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ط،1اإلصدار األول،عمان2008،م ،ص.51
( )144د .علي جمال الدين عوض .العقود التجارية ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة1959 ،م،ص.144
( )145د .علي حسن يونس .العقود التجارية ،دار الفكر العربي ،القاهرة1969،م ،ص.194
( )146يرى البعض أن العقد يختلف عن االتفاق ،فالعقد :إنشاء إلتزام أو نقل حق ،بينما االتفاق :إنشاء إلتزام ،أو تعديله ،أو
إلغائه ،أو نقل حق ،وبذا يكون مفهوم االتفاق أوسع من مفهوم العقد ،إال أن الفقه الغالب يرى عدم وجود أي أهمية
للتفرقة بين العقد و االتفاق ،ويعتبر أنهما لفظان لمعنى واحد .فاروق مصطفى السلمان .مسؤولية الناقل الجوي عن
سالمة المسافرين واألمتعة والبضائع ،دراسة مقارنة ،رسالة ماجستير ،جامعة عدن2002،م ،ص.8
( )147د .علي جمال الدين عوض .مرجع سابق ،ص.180
69 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
واألمتعة :هي األشياء اليت جيوز للمسافر محلها معه يف الطائرة وتسلم للناقل لتكون يف حراسته
أثناء النقل ،وال يشمل هذا اللف ،األشياء الصغرية الشخصية اليت تبقى يف حراسة املسافر أثناء
السفر(.)149
وال خيتلف عقد نقل األشخاص جواً -عموماً -يف جوهره عن سائر عقود النقل إالب من ناحية
األداة إذ أهنا يف هذا العقد تكون الطائرة ،وبذا نستطيع القول بأن عقد نقل األشخاص جواً :اتفاق
بني طرفني أحدمها الناقل واآلخر املسافر يتعهد فيه الناقل بنقل املسافر وأمتعته من نقطة القيام إىل
نقطة الوصول بواسطة الطائرة خالل فرتة زمنية حمددة لقاء أجرٍ حمدود ،مع ضرورة توافر أركان
( )148د .حمد هللا محمد حمد هللا .مرجع سابق ،ص.72
( )149المادة ( )205من قانون التجارة الكويتي رقم 68لسنة 1980م.
( )150د .عدلي أمير خالد .عقد النقل الجوي ،قواعد و أحكام ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية 2006 ،م ،ص.15
( )151د .فاروق أحمد زاهر ،القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،وفقا ً للتشريع الدولي الموحد والقانون المصري ،دار
النهضة العربية ،القاهرة 2005،م ،ص .60ونشير هنا إلى أن هذا الشرط ال يؤخذ على إطالقه وفي جميع األحوال؛
فنستطيع القول بإمكانية تطبيق هذا الشرط على أحد طرفي العقد دون اآلخر ،أي الناقل دون المسافر ،وعلى الرغم من
أن األهلية تعد ركن من أركان العقود المدنية ،يؤثر إنعدامها أو نقصانها في وجود وصحة العقد ،فإننا نجد عقد النقل
الجوي يكون صحيحا ً بنقصان أهلية المسافرأو إنعدامها ،كالمسافر الطفل أو المجنون ،أو كما في حالة نقل جثمان
الموتى.
70 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الوسيلة اليت يتم هبا وهي (الطائرة) ،فهو إذاً خيضع للقواعد العامة للعقود من حيث الشروط
املوضوعية ،إالب أن لعقد النقل اجلوي بعض اخلصائص اليت ينفرد هبا عن سائر عقود النقل األخرى
الرضائية ،إذ يتمثل هذا العقد بعدة شروط حمددة سلفاً من قبل شركات الطريان باعتبارها طرف
العقد األول ،دون أن ميلك املسافر باعتباره الطرف الثاني إرادة مناقشة ومن ثم تعديل أو رفض
أي من هذه الشروط بل يتعني عليه قبوهلا ككل أو رفضها كوحدة واحدة( ،)153ولذلك يرى البعض
أن من االستحالة مبكان املساواة بني املتعاقدين يف عقد النقل اجلوي( ،)154بينما يرى البعض اآلخر
ثانياً :الرضائية:
يعترب عقد النقل اجلوي من العقود الرضائية ،فال يشرتط النعقاده شكالً معيناً أو تسليم عيناً
معينةً ،إ ا يكفي النعقاد عقد النقل اجلوي إقرتان اإلجياب الصادر من أحد املتعاقدين -وهو هنا
الناقل -بقبول الطرف اآلخر وتطابقهما ،واألصل يف عقود النقل أن الناقل يعترب يف حالة إجياب عام،
( )152د .عدلي أمير خالد .أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية2007 ،م ،ص.17
( )153دحسام عبد الغني الصغير ،د .عاطف محمد الفقي .القانون الجوي ،بدون ناشر ،القاهرة2006-2005 ،م ،ص،103
.104
( )154د .بوعشة مبارك .قانون العالقات االقتصادية الدولية ،جامعة التكوين المتواصل ،السنة الثالثة ،اإلرسال الثاني،
الجزائر ،بدون تاريخ ،ص.3
( )155أحمد محمد المليجي في رسالة دكتوراه قدمت ألكاديمية الشرطة في القاهرة بعنوان :التنظيم القانوني والشرطي لدخول ومعاملة
األجانب في مصر1424 ،هـ2003 ،م ،ص.214
71 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
فينعقد العقد متى ما جاء قبول املسافر متطابقاً مع إجياب الناقل وشروطه مع إحتفاظ هذا األخري
لنفسه ببعض احلقوق ،ومتى ماحدث ذلك فعلى الناقل إبرام العقد وإال عدَّ متعسفاً للمسافر ،خمالً
ومن آثار رضائية عقد النقل اجلوي :عدم ضرورة إفرا العقد يف قالب معني كشرط
شكلي ،أو تأثر العقد بقيام الناقل بتحرير وثيقة النقل اجلوي وتسليمها للمسافر من عدمه ،إ ا
يندرج النقل-بصفته خدمة عامة يقدمها الناقل اجلوي إىل املسافر-حتت قائمة األعمال
التجارية متى ما كان اهلدف هو حتقيق الربح ،وكان النقل مبقابل ،فيعترب النقل عمالً جتارياً ولو كان
ف للتجارة(.)158
الناقل غري تاجر أو غري حمرت ٍ
(،)159
كما يعد عمالً جتارياً النقل اجلوي وأي عمل متعلق به بغض النظر عن صفة القائم به أو نيته
ومل تشرتط القوانني العربية باجتاهاهتا احلديثة تكرار عملية النقل اجلوي أوانتظامه إلكتسابه صفه
التجارية بل يكفي أن يتم النقل ولو ملرة واحدة ليكون بذاك العقد عمالً جتارياً( ،)160وهبذا ينفرد
( )156د .محمد فريد العريني ،القانون الجوي ،النقل الجوي ،حوداث الطيران ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية2007،م،
ص . 131،130ولنا مالحظة هنا على ما ذكر أن الناقل يعتبر في إيجاب عام فهذا القول ال يوجد له سند قانوني في
األصل ذلك ألن القاعدة القانونية تقضي بانعقاد العقد متى إقترن قبول أحد األطراف بإيجاب الطرف اآلخر (العقد:
هو إرتباط اإليجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول اآلخر .المادة()1/33من قانون المعامالت المدنية السوداني
لسنة 1984م) ،وعند تطبيق القاعدة السابقة على عقد النقل الجوي وإفتراض أن الناقل في حالة إيجاب عام النعقد
العقد بمجرد قبول المسافر ،وأصبح بعد ذلك العقد منتجا ً آلثاره ملزما ً ألطرافه ،أما التطبيق في الواقع فينم إلى عكس
ذلك إذ أن اتفاقية وارسو1929م و اتفاقية مونتريال 1999م من بعدها واإلتحاد الدولي للنقل الجوي(اآلياتا) قد
إحتفظت جميعها للناقل بحقه في عدم قبول المسافر أو إبرام عقد النقل دون إبداء أي أسباب لذلك أي بعد أن يقبل
المسافر إبرام العقد وبالتالي يقترن قبوله باإليجاب الصادر من الناقل ،إال أن الناقل يستطيع بعد ذلك رفض التعاقد
ودونما أي سبب ،فنخلص مما سبق إلى أن الناقل ال يمكن أن يعد في حالة إيجاب عام لكننا يمكن أن نطلق عليه أنه
في حالة دعوة للتعاقد.
( )157د .مصطفى إبراهيم عريبي .مرجع سابق ،ص.75
( )158المادة ( )8من القانون التجاري اليمني رقم ( )32لسنة 1991م.
( )159المادة ( )11/10من القانون التجاري اليمني رقم( )32لسنة 1991م.
( )160د .عيسى غسان ربضي .مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على األشخاص وأمتعتهم ،ط ،1اإلصدار
األول ،دار الثقافة2008 ،م ،ص .56،57
72 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
عقد النقل اجلوي عن العقود التجارية األخرى حتى عن أقرب العقود جتانساً معه-عقد النقل
البحري-الذي يشرتط إحرتاف الناقل البحري لنشاط النقل على شكل مشروع جتارة وتكراره
وحنن إذ نقول بتجارية عقد النقل اجلوي نقصد جتاريته بالنسبة للناقل ،فيعترب عقد النقل اجلوي
بالنسبة للناقل دائماً عقداً جتارياً ،بشرط أن يكون عقد معاوضة( ،)161أما بالنسبة للمسافر فال
يكون عقد النقل اجلوي عمالً جتارياً إالب يف حالة قيامه بالرحلة ألغراض جتارية أو تلبيةً حلاجته
التجارية(.)162
وما نقصده هنا هو عقد النقل اجلوي التجاري دون سواه من عقود النقل اجلوي األخرى كعقد
ونعين هبذه الصفة أن عقد النقل اجلوي يقوم على اعتبار أشخاص أطرافه ،وهو هبذا املعنى
ميثل عقد شخصي بالنسبة للشخص املسافر والناقل معاً ،فيقوم على اعتبار شخصية املسافر وبذا ال
يستطيع املسافر التنازل عن تذكرته لشخص آخر أو بيعها له ،وال يستفيد منها غري صاحبها الذي
صدرت با ه ،كما أن سفر الشخص على خط جوي يتبع ناقل معني دون أن تكون قد صدرت له
تذكرة سفرعنه يعد حبكم املسافر خلسة ،وال يتحمل الناقل أية مسؤولية جتاهه ،كما أن عقد
النقل اجلوي يقوم على االعتبار الشخصي للناقل( ،)164فالعقد املربم بني املسافر والناقل يلزم الناقل
( )161د .أحمد محمد أبو الروس .الموسوعة التجارية الحديثة ،الكتاب الثاني ،الدار الجامعية ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ،
ص.83
( )162د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص.203
( )163عقد النقل اإلداري :اتفاق يتعهد بمقتضاه شخص بنقل أشياء منقولة ،أو بوضع وسيلة من وسائل النقل تحت تصرفه
كالطائرة أو السفينة .د .محمود حلمي .العقد اإلداري ،ط ،1دار الفكر العربي ،القاهرة1974 ،م ،ص.178
( )164على الرغم من هذا القول فإننا نجد بعض ما يمكن أن نسميه استثناء عليه ،وهو ما نصت عليه المواد ( )40 ،39من
اتفاقية مونتريال 1999م من إمكانية إبرام عقد النقل الجوي بواسطة ناقل أطلقت عليه االتفاقية اسم الناقل المتعاقد،
وتنفيذه بواسطة ناقل آخر أطلقت عليه اسم الناقل الفعلي ،والتي سيأتي الحديث عنهما في الفصول الالحقة من هذه
الدراسة ،إال أننا نشير إلى أن القصد من أن عقد النقل الجوي يعد شخصيا ً بالنسبة للناقل هو عدم تنصل الناقل المتعاقد
73 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
بتنفيذه دون غريه ،وما تقوم به شركات الطريان بتحويل املسافرين إىل شركات أخرى تقوم بتنفيذ
ويف هذه احلالة نكون أمام نوعني من حدود املسؤولية بالنسبة للناقل حنو املسافر:
األوىل :فيما إذا كانت مسؤولية كال من الشركتني متساوية حنو املسافر فال تثور أي مشكلة .
الثانية :فيما لو إختلفت حدود مسؤولية الشركتني حنو املسافر وهنا إما أن تكون:
أ .حدود مسؤولية الشركة اليت فتحت عليها التذاكرحمددة حبدود أكرب من الشركة املتعاقدة
مع املسافر.
ب .حدود مسؤولية الشركة اليت فتحت عليها التذاكرحمددة حبدود أقل من الشركة املتعاقدة
مع املسافر وهنا جيوز للمسافر الرجوع على الشركة املتعاقدة بفارق حدود املسؤولية.
أن العقد ال ينعقد مبجرد قبول أي شخص للعرض املقدم من الناقلني فيجوز للناقل
رفض قبول املسافر للتعاقد برغم أن الناقل يعد يف وضع إجياب دائم حلني إقرتان إجيابه
احلقوق وااللتزامات الناشئة عن عقد النقل اجلوي شخصية غري قابلة لالنتقال لشخص
آخر(. )166
من مسؤوليته حيال األضرار التي قد تصيب المسافر حتى وإن أوكل تنفيذ العقد لناقل آخر فإنه يكون باستطاعة
المسافر الرجوع على الناقل الذي أب رم عقد النقل الجوي معه حتى وإن قام بتنفيذ عقد النقل الجوي ناقل آخر وسنبين
ذلك تفصيالً عند الحديث عن الناقل المتعاقد والناقل الفعلي في الفصل الرابع من هذه الدراسة.
( )165د .مصطفى إبراهيم عريبي .مرجع سابق ،ص.76
( )166فاروق مصطفى السلمان .مرجع سابق،ص.11
74 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أصبح النقل اجلوي يعد أكثر الوسائل أماناً لإلنتقال خاصة مع تطور صناعة النقل اجلوي
وتكنولوجيا تصنيع وجتهيز الطائرات( ،)167وبذا يفوق النقل اجلوي -رغم حداثته -وسائل النقل
األخرى ،فحوادث ومن ثم ضحايا النقل اجلوي قد تضاءلت مؤخراً ،حتى أصبحت أقل بكثري منها
يف النقلني الربي أو البحري ،إذ تفيد دراسات أجريت يف بعض الدول أن ضحايا النقل الربي تصل
إىل 235شخص يومياً وهو رقم مهول أمام ضحايا النقل اجلوي ،كما يذهب البعض للقول بتعرض
قائد الطائرة عند استخدامه لسيارته اخلاصة ملخاطرتزيد أربع مرات عن املخاطر اليت يتعرض هلا
سادساً :اإلحتكار:
أيضا يتميز النقل اجلوي بإحتكار نقل بعض األشياء اليت ينحصر نقلها على النقل اجلوي
فينفرد هبا دون غريه ،مثل نقل البضائع ذات العناية اخلاصة ،كاألجهزة العلمية الدقيقة،
واألجهزة اإللكرتونية عالية احلساسية ،أو تلك عالية القيمة خفيفة الوزن كالقطع األثرية أو
كسب ًا لعامل الزمن يف بعض املنقوالت سريعة التلف ،أو لصعوبة تضاريس بعض املناطق حبيث
وميتاز أيضاً النقل اجلوي بالسرعة اليت أصبحت من مقومات احلياة االقتصادية ،واحلداثة
إذا ما ق ورن بالنقلني الربي و البحري ،فقد ظهر القانون اجلوي مع بداية ظهور تقنية
( )167يقول البعض بأن النقل الجوي يعد أكثر وسائل النقل أمانا ً ألنه يعد أكثرها خطورة (.الشيخ /عبد الجليل الكاروري.
خطيب مسجد الشهيد ،الخرطوم 10 ،جمادى اآلخر1429م2008/6/13-م) .ولعل القصد من ذلك أن كثرة مخاطر
النقل الجوي و حجمها الكبير قد دفعت صناعة النقل الجوي إلى استخدام أرقى ما وصل إليه العقل البشري من
التكنولوجيا الدقيقة لزيادة مجال األمان في الطائرات.
( )168د .محمد عبد الحميد القاضي .أصول القانون الجوي ،دار الرحمن للطباعة ،القليوبية2003 ،م2004-م ،ص 137
ـ.139
( )169د .محمد عبد الحميد .القانون الواجب التطبيق على النقل الجوي الدولي في المملكة العربية السعودية ،مكتبة النصر،
الزقازيق1989 ،م ،ص.9
( )170المسافر ،دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية ،السنة السابعة ،العدد( ،)74-73فبراير-مارس ،ص.7
75 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
جوي للبضائع ونقل جوي للمسافرين ،ويتنوع من حيث وجود األجرة إىل نقل جوي مبقابل ونقل
جوي باجملان ،ومن حيث انتظام رحالت الطائرة وفق جدول زمين معلن عنه أو متعارف عليه
ينقسم النقل اجلوي إىل نقل جوي منتظم ونقل جوي غري منتظم ،ومن حيث الغرض منه ينقسم النقل
اجلوي إىل نقل جوي عام تقوم به الدولة لغرض خدمات عامة كاإلغاثة ،واإلنقاذ ،ونقل جوي
خاص إما للدولة كنقل الوفود الر ية ،أوللمؤسسات والشركات اخلاصة كنقل طاقم تنقيب عن
برتول أو فريق استكشاف معادن ،أو خاص باألفراد كمن ميتلك طائرة يتنقل هبا ،ومن حيث
النطاق اجلغرايف يتنوع النقل اجلوي إىل نقل جوي داخلي ونقل جوي دويل ،وأخرياً فإن النقل اجلوي
ينقسم من حيث نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال1999م-موضوع دراستنا -إىل نقل جوي خاضع هلذه
إال أن مايهمنا يف هذا املقام هو أنواع النقل اجلوي من حيث النطاق اجلغرايف ،ومن حيث
نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال 1999م ،وعليه سيتم تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب
األول عن أنواع النقل اجلوي من حيث نطاق تنفيذه اجلغرايف ،ويف املطلب الثاني نتحدث عن أنواع
خاضعاً ألحكام قانون تلك الدولة الوطين ،وأما إن جتاوز تنفيذه احلدود اإلقليمية للدولة فيصبح
عقد النقل حينئذٍ عقد نقل جوي دويل خيضع يف تنظيمه لالتفاقيات الدولية حبسب قواعد وشروط تلك
هو النقل الذي يتم تنفيذه كامالً داخل احلدود اإلقليمية للدولة ،وتطبق عليه القوانني الوطنية
للدولة ،وغالباً ما خيضع للقواعد العامة للنقل واملستقاة من روح القانون املدني أو التجاري ،إالب
أنه وجتنباً لتعارض تلك القوانني مع أحكام االتفاقيات اليت تنظم النقل اجلوي واليت تكون الدولة
طرفاً فيها ،تلجأ الدول إىل دم قواعد تلك االتفاقيات مع قانوهنا الوطين ،أو النص على تطبيق
مل يتعرض قانون الطريان املدني السوداني 1999م لتعريف النقل الداخلي ،غري أنه قد ورد
تعريف النقل الداخلي يف قانون الطريان 1960م ،حيث يعترب النقل داخلياً وفقاً لقانون الطريان
1960م إذا كان النقل على شكل سلسلة من الرحالت اليت تتوفر فيها الشروط التالية :
-1أن متر عرب الفرا اجلوي فوق اإلقليم السوداني دون غريه،
-2أن تقوم هبا طائرات لنقل املسافرين أو احليوانات أو الربيد أو البضائع مقابل أجر
أما عن أحكام مسؤولية أطراف عقد النقل الداخلي فقد نص قانون الطريان املدني
1999م على أهنا مسؤولية تعاقدية لضع ملا حيدده املدير العام للهيئة العامة للطريان املدني
كما أن القانون السابق قد حظر على الطائرات األجنبية القيام بنقل املسافرين أو البضائع أو
الربيد بني نقطتني واقعتني يف إقليم الدولة ،واستثنى من ذلك احلالة اليت يصدر فيها هلذه الطائرات
تصريح بذلك من قبل اهليئة العامة للطريان املدني السودانية على أن يكون ذلك التصريح يف أضيق
ويقتصر النقل اجلوي الداخ لي على الشركات الوطنية للدولة العتبارات اقتصادية أو سياسية
أو أمنية ،وهذا ما يسمى بالنقل اجلوي الداخلي احملظور( ،)175إالب أن بعض الدول قد تصدر
تراخيص لشركات طريان أجنبية للعمل يف جمال النقل الداخلي وفق ضوابط وأحكام لتص هبا
اهليئة العامة للطريان املدني الوطنية واليت يتعني على هذه الشركات االلتزام هبا وعدم خمالفتها.
ورد تعريف النقل اجلوي الداخلي يف القانون اليمين على أنه(:النقل اجلوي املقرر أن يبدأ
ومن ال تعريف السابق جند أن القانون اليمين مل يشرتط يف تعريفه للنقل الداخلي عدم للل
نقطيت البداية والنهاية نقطة توقف يف دولة ،وهنا قد يتداخل هذا النص مع اتفاقية مونرتيال
1999م إذ أنه يعد نقالً دولياً من منظور االتفاقية كل نقل تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي
في ه داخل إقليم دولتني طرفني يف االتفاقية ،أو إقليم دولة واحدة متعاقدة بشرط وجود نقطة
توقف مشروطة يف إقليم دولة أخرى ،وعليه فإن أقلعت طائرة من مطار صنعاء متجهة إىل
مطار احلديدة-بفرض اجلمهورية اليمنية طرفاً يف االتفاقية-وكان هلا نقطة توقف مشروطة يف
مطار أ رة فإن هذا النقل يعد دولياً من منظور االتفاقية ،بينما ال يعد كذلك من منظور
فصلت اتفاقية مونرتيال1999م تعريف النقل اجلوي الدويل ونصت على صورتني يعترب فيهما
أ .أي نقل تكون فيه نقطتا املغادرة واملقصد النهائي واقعتني يف إقليمي دولتني طرفني:
(The expression international carriage means any
carriage in which، according to the agreement between
فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال1999م قد اشرتطت العتبار النقل دولياً أن تقع
نقطة املغادرة(- )Departureوفقاً ملا عليه االتفاق بني الناقل واملسافر بغض النظر عما
تنفيذه من نقل فعالً-يف إقليم إحدى الدول األطراف فيها ،و تقع نقطة املقصد
النهائي( ) Destinationيف إقليم دولة أخرى طرفاً يف االتفاقية ،ولكن جيب أن نشري هنا إىل
أن االتفاقية قد قصدت مبصطلح "املقصد النهائي" نقطة احملطة األخرية بالنسبة للمسافر
( )Passengerوليس للناقل ( )Carrierفقد عربت عن نقطة املقصد النهائي مبصطلح اهلبوط أو
الوصول( ،)Destinationو بالتايل فإن االتفاقية تعترب النقل دولياً وفق ما سبق تفصيله حتى
وإن كانت نقطة املقصد األخري للناقل تقع يف دولة اإلقليم نفسها اليت أقلع منها.
أ ي نقل تقع فيه نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف إقليم دولة واحدة طرف بشرط ب.
وجود نقطة رسو جوي يف إقليم دولة أخرى:
(The expression international carriage means any
carriage in which، according to the agreement between
الصورة الثانية اليت يصبح النقل اجلوي دولياً فيها وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال1999م هي
أن تقع نقطة املغادرة واملقصد النهائي (بالنسبة للمسافر) يف إقليم دولة واحدة طرفاً يف االتفاقية
بشرط وجود نقطة رسو جوي(توقف)) (stoppingيف إقليم دولة أخرى ،وال أمهية إن كانت
ونشري إىل أنه ويف كلٍ من الصورتني السابقتني(أ ،ب) ال يؤثر ما قيمَ به من نقل فعالً على
دولية عقد النقل إذا ما اتفق أطرافه على دوليته وفق إحدى الصورتني السابقتني.
وبذا نرى أنه يعترب نقالً جوياً دولياً يف اتفاقية مونرتيال1999م كل نقل تكون فيه نقطتا
ـ ـ يف إقليم دولة واحدة متعاقدة بشرط وجود حمطة توقف يف دولة أخرى ويستوي أن
وال يؤثر انقطاع النقل أو تغيري الطائرة أو جنسية األطراف على دولية العقد إذا ما
81 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
تطبق نصوص اتفاقية مونرتيال1999م على النقل اجلوي الدويل بصوره اليت حددناها يف
املطلب األول من هذا املبحث وقد نصت االتفاقية على ذلك يف صدارة أحكامها:
(This Convention applies to all international carriage
of persons، baggage or cargo performed by aircraft for
reward. It applies equally to gratuitous carriage by
aircraft performed by an air transport undertaking))180(.
فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد نصت على تطبيق أحكامها على كل نقل لألشخاص أو
مبقابل ،أي بأجر ( )Rewardمع وجود استثناء طائرة( )Aircraftو أن يكون النقل قد
لعل أهم شرط من شروط خضوع النقل اجلوي التفاقية مونرتيال1999م هو وجود عقد نقل
جوي ،وعلى الرغم من أن االتفاقية مل تتعرض هلذا الشرط صراحةً إالب أنه ميكن استنتاج
والذي اشرتطت االتفاقية لدولية العقد-كما بينا يف املطلب السابق -أن يكون دولياً حسب
اتفاق أطرافه ،فتبنى باقي الشروط على وجوده ،و يتضمن هذا الشرط عنصرين :
فال يكون التغيري املكاني لألشخاص أو األمتعة خاضعاً لالتفاقية ما مل يكن مبوجب
عقد ،وبذا خيرج املسافر خلسة عن نطاق تطبيق االتفاقية ،فإذا ما صعد شخص خلسة إىل
النقل وحصل تغيري ملكان هذا الشخص ،إالب أن طريقة انتقاله كانت الطائرة ،ومن ثم
خلسة ومتصفة بعدم وجود تعاقد ومن ثم عقد النقل بني املسافر و الناقل ،يف هذه احلالة ال
نستطيع وصف السفر بنقل جوي خاضع لالتفاقية وال يلتزم الناقل قبل املسافر حبدود املسؤولية
ا ملقررة يف االتفاقية ،بل خيضع التقدير عندئذٍ للقوانني الوطنية ،وحبسب القانون املطبق على
النزاع ،وحينها ال يستحق املسافر شيئاً من التعويض باعتباره متعدياً يف بعض القوانني كالقانون
األجنلو أمريكي ،أو قد حيصل على تعويض كامل أكرب من املسافر املتعاقد وهذا يف حالة أن
أخذت احملكمة مببدأ املسؤولية التقصريية غري احملدودة للناقل ،وهنا يرى بعض الفقهاء أن
املسافر خلسة ال يستحق بأي حال تعويض أكرب مما حيصل عليه املسافر املتعاقد(.)181
رغم عدم نص االتفاقية صراحة على هذا الشرط إالب أن البعض يضيفه مستنتجاً له من عبارة
"مبقابل" الواردة يف الفقرة األوىل من املادة ( ،)1ومن عبارة "حبسب اتفاق الطرفني" الواردة يف
الفقرة الثانية من املادة املذكورة ،فيدل ذلك على أنه لتطبيق أحكام االتفاقية البد من وجود عقد
نقل جوي و أن يكون حمل هذا ا لعقد هو نقل األشخاص أو األمتعة أو البضائع وبذا خيرج عن
نطاق تطبيق االتفاقية كل عقد ليس حمله ما ذكر ،كعقد إجيار الطائرة ،أو عقد العمل املربم بني
الناقل وتابعيه أو أفراد الطاقم الذين يعملون معه ،على الرغم من أهنم يسافرون مع املسافر
ويتعرضون لنفس األخطار اليت قد يتعرض هلا املسافر فيخضع العقد يف هذه األخرية لقانون العمل
الوطين للدولة وليس ألحكام االتفاقية ،أما إذا سافر أحد تابعي الناقل أو أفراد الطاقم على
أحمد إبراهيم الشيخ .المسؤولية عن تعويض أضرار النقل الجوي الدولي وفقا ً التفاقية وارسو1929م، ()181
طائرة تتبع خلط النقل الذي يعمل لديه مبوجب تذكرة سفر فإن هذا النقل خيضع لالتفاقية ،و إن كانت
فقد نصت اتفاقية مونرتيال1999م صراحة على هذا الشرط إلخضاع عقد النقل ألحكامها،
والنقل الدويل :هو النقل الذي يتجاوز تنفيذه احلدود اإلقليمية للدولة الواحدة( ،)183ويكون النقل
ونعين بذلك أن حيصل النقل بني نقطتني تقع أحدمها يف إقليم دولة وتقع الثانية يف إقليم دولة
أخرى بشرط أن تكون كل من الدولتني طرفاً يف االتفاقية ،وتكون الدولة طرف يف االتفاقية
متى ما انضمت إليها أو صادقت عليها وال يكفي جمرد التوقيع على االتفاقية العتبار الدولة طرفاً
فيها( ،)184ويسمى النقل اجلوي يف هذه احلالة النقل اجلوي يف حالة ثنائية اإلقليم.
تنفيذه يف حدود إقليمية لدولة واحدة فقط بينما اتفق األطراف على النقل الذي
دوليته يظل دولياً خاضعاً ألحكام االتفاقية :كأن تقل طائرة مسافرين مبوجب عقد
نقل من "اخلرطوم" إىل كل من "بور تسودان" فـ "صنعاء" على نفس الرحلة ،فيكون
النقل داخلياً خيضع ألحكام قواعد اإلسناد يف دولة القاضي بالنسبة للمسافرين
املتجهني إىل "بور تسودان" بينما حيتف النقل نفسه بدوليته بالنسبة ألُولَئكَ املتجهني إىل
( )182د .هشام خالد .ماهية العقد الدولي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية2007،م ،ص.184
( )183د .عدلي أمير خالد .أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي ،مرجع سابق ،ص .35
( )184فاروق أحمد محمد زاهر .تحديد مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للنظام الفارسوفي ،رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة،
،1985ص.200 ،199
84 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
"صنعاء" حتى وإن سقطت الطائرة وحتطمت قبل هبوطها يف "بور تسودان" وهذا ما
النقل الذي يقع بني دولتني ليست أيٌ منهما طرفاً يف االتفاقية ال يعد نقالً دولياً يف عرف
النقل الذي يقع بني دولتني أحدمها متعاقدة واألخرى غري متعاقدة ال يعد-أيضاً-نق ً
ال
دولياً من منظور االتفاقية ،وال يصبح النقل خاضعاً لالتفاقية جملرد حدوث رسو جوي
قبل الوصول لنقطة املقصد النهائي حتى لو كان هذا الرسو قد وقع يف دولة متعاقدة
طاملا كان هذا الرسو غري مشروط عند اتفاق الطرفني ،إذ العربة باتفاق الطرفني ونقطة
تنفيذه فعالً من العقد ،والعربة من ذلك هي :أن القيام واملقصد النهائي ،وليس مبا
كل طرف تكون يف نيته عدة اعتبارات قبل إبرام العقد :فاملسافر تتاح له الفرصة
ملعرفة األحكام املطبقة على عقد النقل ،والقانون الذي خيضع له عقد النقل قبل أن
يبدأ مراعاة مقتضيات األمان القانوني ،فيقوم بالتأمني الشخصي على األضرار اليت قد
تصيبه ،أو لتبيان وجود مصلحة خاصة يف استالمه أمتعته عند نقطة املقصد النهائي-كما
سيأتي تفصيل ذلك يف الفصول القادمة -أو االتفاق مع الناقل لزيادة حدود مسؤولية
هذا األخري عما حددهتا االتفاقية من حدود للتعويض ،والناقل يكون ملتزم بنقطيت
البداية والنهاية ،عاملاً حبدود مسؤوليته عن كل حاله من حاالهتا مع احتفاظه حبقه يف
اهلبوط أو عدم اهلبوط يف أقاليم أخ رى أثناء تنفيذ عقد النقل إذا اضطرته لذلك ظروف
()185
د .محمود أحمد الكندري .التنظيم القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية مونتريال1999م ،تحديث نظام وارسو،
ط،1مجلس النشر العلمي ،جامعة الكويت ،الكويت2000 ،م ،ص.37
85 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
قاهرة( ،)186ويف كلٍ خيضع النقل يف هتني احلالتني للقانون الذي تشري إليه قواعد اإلسناد
النقل بني دولتني إحدامها طرفٌ يف اتفاقية مونرتيال1999م دون األخرى ،لكن
كليهما طرفٌ يف اتفاقية وارسو1929م ،أو بروتوكول الهاي 1955م ،يبعد عقد
النقل عن تطبيق أحكام مونرتيال 1999م وخيضع النقل ألحكام وارسو 1929م
لعضويتهما فيها(.)187
ثانياً :أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف إقليم دولة واحدة طرف يف االتفاقية بشرط
وهو النوع الثاني من أنواع النقل اجلوي الدويل الذي يدخل حتت نطاق تطبيق االتفاقية
وصورته أن يتم النقل بني نقطتني تقعان يف إقليم دولة واحدة بشرط:
فإذا غادرت "اخلرطوم" طائرة متجهة إىل " بور تسودان " وحصل رسو جوي مشروط(أي
متفق عليه يف عقد النقل) يف "أديس أبابا" فإن هذا النقل خيضع ألحكام االتفاقية-على اعتبار أن
"السودان" طرفاً يف االتفاقية-يستوي يف ذلك كانت "أثيوبيا" طرفاً يف االتفاقية أم مل تكن كذلك،
فالنقل هنا قد وقع بني إقليمني خيضعان لسيادة دولة متعاقدة ويسمى النقل يف هذه احلالة بالنقل
ال ي قدح يف دولية النقل عدم ذكر حمطة الرسو اجلوي عند التعاقد بل يكفي
ال يقدح يف دولية النقل وقوع نقطة الرسو اجلوي يف دولة غري طرف يف االتفاقية .
ال يقدح يف دولية النقل عدم حصول الرسو اجلوي املتفق عليه حبجة أن النقل قد
تنفيذه داخلياً فإذا غادرت طائرة من "اخلرطوم" متجهة إىل "بور تسودان"
وفق عقد نقل جوي مشروط برسو جوي يف "أديس أبابا" ولظروف طارئة تغري
مسار الطائرة فاجتهت مباشرة إىل "بور تسودان" دون أن تنزل يف "أديس أبابا"
تنفيذه من يظل العقد دولياً إذ العربة-كما أسلفنا-باتفاق األطراف وليس مبا
العقد .
ال يؤثر على دولية النقل شكليته أو إفراغه بصيغة عقد نقل واحد أم عقود
( )188النقل المتتابع :هو قيام عدة ناقلين بتنفيذ عقد نقل واحد( د .نادية محمد معوض .القانون الجوي ،النقل الجوي ،دار
الفكر العربي ،القاهرة2001 ،م ،ص .60وأنظر أيضاً :د .طالب حسن موسى ،مرجع سابق ،ص )91وصورة ذلك
العقد أن يتفق المسافر مع الخطوط السودانية-كناقل-لنقله من " الخرطوم" إلى " الرياض " على أن يكون هناك رسو
جوي في " اسمرة " ،و " صنعاء " و" جدة" تتولى في " صنعاء" اليمنية-كناقل -تنفيذ باقي العقد من " صنعاء "
إلى " الرياض ،فواصلت رحلتها إلى "جدة " وتحطمت بعد اقالعها من "جدة" وقبل وصولها إلى"الرياض" ،فيظل
العقد دوليا ً على الرغم من حصول الحادث بين نقطتين واقعتين في إقليم دولة واحدة بشرط إتجاه إرادة األطراف إلى
اعتبار عمليات النقل المتتابع التي يتوالها عدة ناقلين عملية واحدة.
( )189النقل المشترك :هو النقل الذي يتم جزء منه بواسطة الطائرة ،و جزء آخر بواسطة وسيلة نقل أخرى برية أو بحرية أو
نهرية ،وال يخضع ألحكام االتفاقية إال الجزء الذي تم بواسطة الطائرة فقط دون الذي تم بالوسائل األخرى حتى ولو
كانت عملية النقل يحكمها كلها عقد نقل واحد .د .حسن كيره .مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية فارسوفي وبرتوكول
الهاي المعدل لها ،مجلة كلية الحقوق ،جامعة اإلسكندرية ،مطبعة جامعة اإلسكندرية ،العددان األول والثاني ،السنة
الثامنة1959 ،م ،ص.10
87 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ال يؤثر على دولية النقل وجود انقطاع للنقل أم ال ،أو انتقال املسافر من طائرة
ألخرى من عدمه.
فقد تطول فرتة الرسو اجلوي ملدة عام ،ويف هذه احلالة يرى البعض( )190أن صيغة عقد النقل
اجلوي تعد نقلني منفصلني بتذكرتني منفصلتني وبالتايل ال تطبق املعاهدة على مثل هذه األنواع من
النقل ألن الرحلتني منفصلتان ،فاألوىل من دولة متعاقدة إىل أخرى غري متعاقدة وهنا ال تطبق
أحكام االتفاقية ،واألخرى من دولة غري متعاقدة إىل أخرى متعاقدة وال تطبق أحكام االتفاقية
-أيضاً-ولكننا نؤيد الرأي الذي جعلها نقالً واحداً بتذكرةٍ واحدةٍ ،حتى لو استمر التوقف يف نقطة
الرسو اجلوي ملدة عام ،فال يؤثر على دولية العقد ويظل خاضعاً التفاقية مونرتيال1999م ،فالعربة
باتفاق األطراف ،كما أن االتفاقية مل حتدد زمناً حمدوداً لفرتة الرسو اجلوي ،فيستفيد من تفسري ذلك
الطرف الضعيف يف عقد النقل-وهو هنا املسافر-ويسمى النقل يف هذه احلالة :النقل اجلوي الدويل يف
ب .إحدى هذه الدول متعاقدة واألخرى غري متعاقدة فنجد حالتني هلذا الفرض :
. 1أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف دولة متعاقدة وتقع نقطة الرسو اجلوي
يف دولة غري متعاقدة ،وهنا تطبق أحكام االتفاقية وفقاً للنص الذي جاءت
به االتفاقية(.)192
( )190صفوت ناجي عبد القادر بهنساوي .النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين ،رسالة دكتوراه،
جامعة القاهرة ،بدون تاريخ ،ص.29-26
( )191المادة ( )2/1من اتفاقية مونتريال1999م.
( )192المادة ( )2/1من اتفاقية مونتريال1999م.
88 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
. 2أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف دولة غري متعاقدة غري أن نقطة الرسو
اجلوي كانت يف دولة متعاقدة ،ويف هذه احلالة خيرج النقل اجلوي عن تطبيق
أحكام االتفاقية لعدم انطباق شروطها عليه ويصبح نقالً دولياً مبعناه
اجلغرايف فقط ،وال يهم شكل االتفاق كان يف صورة عقد واحد أو يف
.3أن تتجه إرادة األطراف إىل إبرام عقد نقل جوي دويل:
فال يكفي خلضوع النقل ألحكام االتفاقية وجود عقد النقل أو كون تنفيذه قد
دولياً ،إ ا جيب أن يكون هذا التنفيذ قد وفقاً إلرادة أطراف العقد يف
إبرام عقد نقل جوي دويل وقد عربت االتفاقية عن ذلك بالنص:
وصلص مما سبق إىل أن عقد النقل اجلوي الذي اجتهت إرادة أطرافه إىل أن يكون عقد نقل
تنفيذه منه فعالً ،فإذا اتفق مسافر مع إحدى شركات جوي دويل يظل دولياً دون االلتفات إىل ما
النقل لنقله من "اخلرطوم" إىل "بور تسودان" على أن تكون هنالك نقطة توقف يف "أ رة" -
باعتبار إرتري ــا طرفاً يف االتفاقية وأثناء النقل أعلنت "أ رة" إغالق مطارها وعدم استقبال
الطائرات لظروف أمنية أو حروب أهلية ..أو غري ذلك ،مما حدا بالطائرة التوجه مباشرة إىل مطار
"بور تسودان " فهنا ورغم عدم جتاوز تنفيذ العقد احلدود اإلقليمية للسودان يظل العقد دولياً من
منظور االتفاقية خاضعاً ألحكامها ،وبذا فإن إرادة األطراف عند إبرام عقد النقل اجلوي الدويل
( )193د .عدلي أمير خالد .أحكام دعوى المسؤولية ،مرجع سابق ،ص.39
( )194المادة ()1/1من اتفاقية مونتريال1999م.
89 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
هي ما حيدد ما إذا كان العقد دولياً يف عرف االتفاقية ويف النطاق اجلغرايف معاً وبالتايل خيضع لنظام
املسؤولية احملددة فيها ،أم دولياً من املنظور اجلغرايف فقط فيخرج عن نطاق تطبيق االتفاقية .
لكي خيضع عقد النقل اجلوي ألحكام اتفاقية مونرتيال1999م البد وأن تكون
أداة النقل يف تنفيذ العقد هي الطائرة ( )195( ) By aircraftوبذا خيرج كل عقد نقل عن
نطاق تطبيق االتفاقية ال تكون أداة النقل فيه الطائرة ،كالنقل الربي أو البحري .
ولتحديد معنى الطائرة وتعريفها أمهية تكمن يف استفادة األطراف منه فيستفيد الناقل
من انطباق وصف الطائرة على أداة النقل ليحتمي ببعض القواعد اليت جاءت هبا االتفاقية
كأحكام دفع املسؤولية والتعويض وغريها ،بينما يستفيد املسافر من عدم انطباق ذلك
الوصف على أداة النقل لتنتفي شروط حتديد التعويض املنصوص عليها يف االتفاقية ،كما
تكمن أمهية حتديد املقصود بالطائرة يف أمهية معرفة القانون الواجب التطبيق على عقد
النقل؛ حيث خيرج النقل الذي يتم بواسطة مركبات ليست بالطائرة عن تطبيق أحكام
االتفاقية ،كالذي يتم باملركبات احلديثة مثل الصواريخ والطائرات الشراعية أو العمودية أو
الزحافات اهلوائية.
لكننا نالح على اتفاقية مونرتيال1999م واالتفاقيات السابقة هلا أهنا جاءت خلواً
من تعريف الطائرة ،باستثناء ما جاءت به بعض االتفاقيات ذات الصلة باملوضوع مثل ما ورد
يف امللحق السابع التفاقية شيكاغو بأهنا :أي آلة تستطيع البقاء يف اجلو نتيجة لرد فعل اهلواء
وقد يشكل ذلك اختالفاً بني القوانني مما ينشع تنازعاً بينها نظراً الختالف تعريف
الطائرة بني تلك القوانني كما رأينا عند احلديث عنها يف الفصل السابق من هذه الدراسة.
أيضاً تشرتط االتفاق ية لتطبيق أحكامها على النقل اجلوي وخضوعه هلا أن يكون
النقل مأجوراً ،أي مبقابل ،وقد يكون املقابل نقداً أو عيناً أو أداءَ عملٍ ،أو القيام خبدمة
لصاحل الناقل ،بل ذهب البعض( )197إىل القول بأن وجود عنصر املصلحة كافٍ لقيام املقابل،
بشرط االتفاق على هذا املقابل عند تنفيذ عقد النقل ،وال يشرتط مقدار األجر عند
البعض( ،)198فيكفي أن يكون هنالك مقابل ولو كان رمزياً ،إذ األمهية يف وجود األجر ال
يف مقداره ،بينما يرى البعض اآلخر( )199ضرورة حتقق الربح فال يكون رمزياً ،وأن يكون
حقيقياً متناسباً مع اخلدمة اليت يقدمها الناقل للمسافر ال صورياً فيكون حبكم النقل جماناً
( )196المادة ( )1من الملحق السابع التفاقية شيكاغو1944م ،صادر عن اإليكاو ،اإلصدار الخامس ،يوليو 2003م.
( )197د .جالل وفاء محمدين .مرجع سابق ،ص.265
( )198د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص .196
( )199د .عاطف محمد الفقي .مرجع سابق ،ص .69
( )200المادة( )1/1من اتفاقية مونتريال1999م.
91 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل ألحد تابعيه أو أحد أفراد الطاقم ممن تربطه به
عالقة عمل يكون خاضعاً لالتفاقية ،إذ أنه حينئذٍ يعترب مبقابل ويكون األجر هنا
النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل ألحد أقاربه أو أصدقائه ،خيرج عن نطاق تطبيق
النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل لغرض اجملاملة ،أو األعمال اخلريية خيرج
عن نطاق تطبيق االتفاقية .وهنا نشري إىل أن بعض من هذه النتائ قد
ألحكام االتفاقية أي نقل جماني تقوم به مؤسسة نقل جوي ،وعلى الرغم
مسؤوليته بأن يدفع مبجانية النقل ،إالب أن املسافر قد يكون قريباً له نقله
أو صديقاً لديه جامله وبالتايل فإن النقل يف هذه احلالة ال حيوي أي أجرٍ أو
دعايةٍ للناقل ،وبالتايل ينعدم الشرط التجاري الذي قصدته االتفاقية هلذه
.1النقل اجملاني الذي يقوم به فرد كأن ينقل صديقاً لديه أو قريباًَ له على منت
طائرته اخلاصة ،ومثل هذا النقل خيرج -كما ذكرنا -عن تطبيق أحكام االتفاقية عليه
92 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.2النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة نقل جوي ونفرق يف هذه احلالة بني
فرضني:
أ .النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة حترتف النقل اجلوي ،كأن تقوم شركة طريان
جمانية فقد يتخذه الناقل سبيالً للدعاية والرتوي ملؤسسته ،مما يزيد من اإلقبال
ب .النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة جتارية ال حترتف النقل اجلوي خيرج عن
مفهوم النقل اجملاني الذي تقصده االتفاقية وبالتايل ال خيضع ألحكامها مثل هذا
النقل كأن تقوم شركة تعمل يف جمال التنقيب عن النفط ،أو استكشاف املعادن،
أو الصيد ...أو غريها من األنشطة التجارية غري النقل اجلوي بنقل جماني
لرج أنواع من النقل اجلوي بطبيعتها عن نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال1999م ،كالنقل
الداخلي ،النقل بغري مفهوم االتفاقية(أي الذي ال تنطبق عليه الشروط السابقة) ،النقل اجملاني الذي ال
كما استبعدت االتفاقية نوعني من النقل تنطبق عليهما الشروط الواردة يف االتفاقية من تطبيق
93 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
النقل اجلوي الذي تقوم به الدولة من املواضيع اليت تعاقبت على تنظيمها االتفاقيات الدولية :فقد
ورد يف اتفاقية وارسو1929م أهنا تسري على النقل الذي تتواله الدولة أو األشخاص القانونية
األخرى اخلاضعة للقانون العام متى ما توافرت الشروط اليت ذكرت االتفاقية يف مادهتا األوىل على
هذا النوع من النقل ،إالب أن الربوتوكول اإلضايف للمادة الثانية امللحق باالتفاقية واملوقع عليه معها يف
نفس الوقت قد أجاز للدول األطراف أن تعلن عند التصديق على االتفاقية أو االنضمام إليها
رغبتها يف عدم تطبيق أحكام االتفاقية على النقل الدويل اجلوي الذي تتواله الدولة مباشرة ،أو
مستعمراهتا أو حممياهتا أو األقاليم اليت حتت انتداهبا أو أي إقليم خاضع لسيادهتا أو إماراهتا أو
سلطاهتا( ،)201فاالتفاقية قد استثنت النقل اجلوي الدويل الذي تقوم به الدولة عن تطبيق أحكامها
إذا رغبت الدولة الطرف ذلك بشرط أن تقوم بالنقل الدولة بنفسها ،أو يقوم به أحد األشخاص
االعتبارية العامة ،وبالتايل خيرج عن هذا االستثناء النقل الذي يقوم به أحد أشخاص القانون العام
غري الدولة ،كما خيرج عن هذا االستثناء النقل الذي تقوم به شركات الطريان الوطنية أو األجنبية
حلساب الدولة ،واالستثناء هنا قاصر على النقل الذي تباشره الدولة بنفسها ،فال يتوسع فيه وال يقاس
عليه(.)202
أما اتفاقية مونرتيال 1999م فقد أخضعت مثل هذا النوع من النقل ألحكامها بدايةً حبسب
لكن االتفاقية مل جتعل هذه املادة ملزمة للدول األطراف فيها إالب طوعاً ،وللدول احلرية يف
عد م االلتزام هبا يف حالتني رغم نص االتفاقية على أنه ليس ألي دولة إبداء أي حتف على
أحكامها:
فمــن الــنص الســابق جنــد أن اتفاقيــة مونرتيــال1999م قــد اســتثنت مــن تطبيــق أحكامهــا النقــل
الـذي تقــوم بـه الدولــة الطـرف رغــم تـوفر و انطبــاق شـروطها عليــه وتعتـرب هــذه احلالـة األوىل خلــروج
النقل عن نطاق تطبيق االتفاقية رغـم تـوافر شـروط انطباقهـا عليـه ،لكنـها قـد اشـرتطت لتطبيـق هـذه
أن تعلن الدولة الطرف يف االتفاقية إىل منظمة الطريان املدني () I C A O .1
.
أن تقوم به الدولة مباشرة :ونعين بذلك أن تباشر السلطات العامة يف .2
الدولة النقل بنفسها دون باقي أشخاص القانون العام ،أو األشخاص االعتبارية
أن يتعلق النقل مبهام الدولة بصفتها السيادية شريطة أن يكون ألغراض .3
غري جتارية.
أما احلالة الثانية اليت خيرج فيها النقل اجلوي عن نطاق تطبيق االتفاقية رغم توافر شروطها عليه
فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد اشرتطت خلروج النقل الذي تقوم به السلطات
.1أن تعلن الدولة الطرف رغبتها يف عدم تطبيق أحكام االتفاقية على مثل
.3أن يتم النقل بواسطة طائرة مسجلة يف تلك الدولة أو مستأجرة بواسطتها.
وقد جعلت اتفاقية مونرتيال1999م جهة اإليداع هي "اإليكاو" وليست حكومة الدولة
اليت وقعت عليها الدول فيها كاتفاقية وارسو1929م اليت نصت على أن جهة اإليداع هي
استثنت اتفاقية وارسو 1929م عن تطبيق أحكامها نقل الرسائل والطرود الربيدية ،غري
أن االتفاقية قد اشرتطت خلروج هذا النقل عن تطبيق أحكامها أن يتم النقل وفقاً التفاقيات
الربيد الدولية(.)207
أما بروتوكول الهاي1955م املعدل التفاقية وارسو1929م فقد جاء عاماً دون استثناء
ويف هذا املوضوع قرر بروتوكول مونرتيال اإلضايف رقم ()4لسنة 1975م أن يكون
الناقل مسؤوالً فقط يف مواجهة إدارة الربيد املعنية ،طبقاً للقواعد املطبقة بشأن العالقة بني
الناقلني وإدارات الربيد ،وال تسري االتفاقية على نقل املواد الربيدية(.)209
أما اتفاقية مونرتيال1999م فقد مجعت بني ما جاء به بروتوكول الهاي1955م بشأن نقل
الطرود والرسائل الربيدية و بروتوكول مونرتيال الرابع1975م السابق ذكر أحكامهما هبذا
الشأن ،وأبقت هذا النوع من النقل ضمن أنواع النقل املستثنى عن تطبيق أحكامها رغم انطباق
أما بقية أنواع النقل اليت كانت لرج عن نطاق تطبيق اتفاقية وارسو1929م أو أحكام
االتفاقيات املعدلة هلا فلم تستثنها اتفاقية مونرتيال1999م ،وبالتايل لضع مجيعها لألحكام الواردة
يف اتفاقية مونرتيال 1999م ،وهذه األنواع هي :النقل على سبيل التجربة ،النقل يف ظروف
استثنائية ،النقل اجلوي املتتابع ،والناقل الفعلي و الناقل املتعاقد ،والنقل التجاري الذي تباشره الدولة
أو أشخاصها املعنوية العامة ،ونعتقد أن السبب يف إخراج أنواع النقل هذه من دائرة االستثناء عن
مونرتيال1999م كاتفاقية وارسو 1929م وتعديالهتا الالحقة قد وجدت مجيعها يف ظروف دعت
احلاجة فيها إلخراج هذه األنواع من دائرة تطبيق هذه االتفاقيات ،فقد كانت صناعة الطائرات يف
مهدها مما جعل األخطار اليت هتدد الطائرات كبرية نتيجة لضعف أنظمة األمان يف الطائرات آنذاك،
وظروف احلروب اليت رافقت تطبيق تلك االتفاقيات ،وعدم املعرفة الدقيقة بأحوال األجواء
واملناخات ،وض لة عدد الطائرات واألساطيل اجلوية التجارية الذي حتم على بعض الناقلني اللجوء
إىل النقل املتتابع لتنفيذ عقد النقل اجلوي ،أما وقد استطاعت تكنولوجيا صناعة الطائرات تاليف كل
ذلك ،وقد أصبحت الدول تتجه إىل املنافسة التجارية اجلوية عرب أساطيل ضخمة وكسر حاجز
االحتكار ،فإن كل ذلك كان يف اعتبار الدول األطراف يف اتفاقية مونرتيال1999م إلرجاع
أنواع النقل السابقة إىل دائرة نطاق تطبيق االتفاقية عند التوقيع عليها.
تركته للقوانني الوطنية لكل دو لة وفق القواعد املتبعة يف تلك الدول ،وقد نظمت اتفاقية
مونرتيال 1999م وثائق عقد النقل اجلوي وهي تذكرة السفر ،استمارة (إيصال) نقل األمتعة،
وخطاب نقل البضائع ،وسنتحدث عن تذكرة السفر يف املطلب األول ،واستمارة نقل األمتعة يف
املطلب الثاني ،وحنيد عن موضوع خطاب نقل البضائع كونه خيرج عن موضوع دراستنا.
99 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
النقل اجلوي ،وقد نصت على هذه األمهية اتفاقية وارسو1929م بتقريرها وجوب إصدار تذكرة
سفر للمسافر ،كما قررت االتفاقية أن إصدار تذكرة السفر بصورة صحيحة جينب الناقل من أن يثقل
كاهله مبسؤولية مطلقة ليست حمدودة ،فليس للناقل أن يتمسك حبدود املسؤولية املقررة يف
االتفاقية السابقة إن مل يصدر مستند نقل جوي للمسافر أو أنه أصدرها لكن بصوره غري
صحيحة:
(If the carrier accepts a passenger without a
passenger ticket having been delivered he shall not be
entitled to avail himself of those provisions of this
Convention which exclude or limit his liability))211(.
وقد أوجب بروتوكول الهاي 1955م على الناقل تسليم املسافر تذكرة سفر مشتملة على
نقطيت القيام والوصول ،ونقطة رسو جوي واحدة على األقل إن كان العقد بني نقطتني واقعتني يف
إقليم نفس الدولة ،و وجدت نقطة أو نقاط رسو جوي يف دولة أخرى ،وإعالن املسافر أن هذا
العقد خيضع ألحكام اتفاقية وارسو1929م املعدل بأحكام الهاي1955م ،وعدم التزام
الن اقل مبا سبق يسقط حقه يف التمسك بأحكام املسؤولية الواردة يف االتفاقية( ،)212كما اعترب
الربوتوكول السابق تذكرة السفر دليالً على إبرام عقد النقل اجلوي وحجة بشروطه حتى يثبت
()213
العكس
وقد أجاز بروتوكول جواتيماال سييت1971م للناقل أن يصدر تذكرة سفر فردية أو مجاعية،
كما أجاز للناقل االستعاضة عن تسليم التذكرة بأي وسيلة أخرى من شأهنا أن تؤدي إىل االحتفاظ
أما اتفاقية مونرتيال1999م فقد نصت على وجوب تسليم تذكرة سفر للمسافر فردية أو
كما بينت االتفاقية السابقة أهم ما جيب على الناقل تبيانه للمسافر يف تذكرة السفر وهو بيان
على األقل من نقاط التوقف( )Stopping placeإذا كانت هناك نقطة توقف أو نقاط توقف متفق
ومن النص السابق نالح أن اتفاقية مونرتيال1999م قد مجعت كل األحكام والقواعد اليت
جاءت هبا االتفاقيات وا لربوتوكوالت السابقة بشأن تذكرة السفر فألزمت الناقل عند تسليمه املسافر
فيجب على الناقل أن يبني للمسافر نقطة بداية تنفيذ عقد النقل اجلوي ،والنقطة اليت ينتهي
عندها تن فيذ العقد ،واحلكمة من ذلك تبيان ما إذا كان العقد دولياً فيخضع بالتايل ألحكام
االتفاقية ،أم داخلياً يسري عليه القانون الذي تشري إليه قواعد اإلسناد يف قانون دولة القاضي
املختص بنظر النزاع ،أيضاً بيان احملكمة املختصة بنظر النزاع كما سيأتي تفصيلها يف الفصل األخري
و جيب على الناقل تبيان نقطة توقف واحدة على األقل إن كان النقل يف حالة النقل
الدويل الذي يتم بني نقطتني واقعتني يف إقليم دولة واحدة وتوجد نقطة أو نقاط رسو جوي يف
دولة أخرى ،وال نعين بذلك أنه جيب على الناقل الرسو يف هذه النقطة عند تنفيذ العقد أو عدم
تغيريها ،إ ا لتبيان دولية العقد وخضوعه ألحكام االتفاقية ،وتبصرة املسافر يف أن الدول اليت
توجد هبا بعض أو كل نقاط التوقف تتطلب إجراءات خاصة على جواز سفره كتأشريات الدخول،
يضيف البعض( )217ضرورة اشتمال التذكرة على مكان وتاريخ إصدارها ،واسم وعنوان
الناقل أو الناقلني ،ليتمكن الناقل من معرفة وكالئه ،ومعرفة احملكمة املختصة بنظر النزاع.
( )217د .يحيى أحمد البناء .أثر اإلرهاب الدولي على مسؤولية الناقل الجوي ،رسالة دكتوراه ،جامعة اإلسكندرية1993 ،م،
ص.288
102 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ومل تشرتط االتفاقية تسليم التذكرة للمسافر شخصياً فيجوز تسليمها إىل من ينوب عنه ،أو أحد
تابعيه ،أو اجلهة اليت تولت تنظيم الرحلة اجلوية أو حجز تذاكر الطريان ،أو رئيس اجملموعة أو
وعلى الرغم من أحكام االتفاقية السابقة إالب أن االتفاقية قد أجازت للناقل االستعاضة عن
تسليم تذكرة السفر للمسافر بأي وسيلة أخرى تسجل هبا املعلومات السابق تفصيلها:
(Any other means which preserves the information
indicated in paragraph (1)may be substituted for the
delivery of the document referred to in that
paragraph))218(.
إال أن االتفاقية قد ألزمت الناقل يف هذه احلالة أن يعرض على املسافر تسليمه بياناً كتابياً
وأخرياً فقد قررت االتفاقية أن عدم االلتزام باألحكام السابقة ال يؤثر على وجود أو
على صحة عقد النقل اجلوي ،وال يعفي الناقل من مسؤوليته وفق ما حددهتا االتفاقية وال خيرج النقل
وال يوحي عدم تعرض االتفاقية لوجوب كتابة اسم صاحب التذكرة عليها بعدم ضرورته ،أو
أهنا قا بلة للتبادل بني األشخاص ،فالشروط العامة لإلحتاد الدويل للنقل اجلوي متنع إصدار تذكرة
()221
( A ticket is not قابلة للتحويل ،وتشرتط ا ية التذكرة بأن حتمل اسم صاحبها عليها
وطين(. )222
كما أن اتفاقية مونرتيال1999م مل تتعرض للغة أو شكل التذكرة ،فقد جاءت اتفاقية
وارسو1929م والربوتوكوالت املعدلة هلا خالية متاماً من أي التزام على الناقل اجلوي بأن يصدر
تذكرة السفر بلغة معينة أو بلغة كل مسافر وبالتايل فانه البد من الرجوع إىل القوانني الوطنية لكل
دولة تصدر فيها التذكرة وكذلك مل تتعرض االتفاقيات املشار إليها إىل ضرورة كتابة بيانات التذكرة
حبروف ذات خصائص حمدودة عدا ما اجتهد به البعض( )223بأن تكتب بلغة بلد التعاقد الر ية
التذكرة اإللكرتونية هي :وذج إلكرتوني للتذكرة الورقية ،وهي طريقة بديلة لتوثيق
عملية بيع التذاكر حيث يتم إنشاء سجالهتا يف قاعدة املعلومات اخلاصة بالناقل املصدر للتذكرة ،ويتم
لزين تفاصيلها إلكرتوني ًا حبيث ميكن للناقل الرجوع إليها عند احلاجة يف أي وقت.
ويف العادة تطبع شركات الطريان اليت تصدر التذاكر اإللكرتونية إيصاالً حيتوي على بياناتٍ
يستدل هبا على املعلومات املدخلة آلياً بشأن التذكرة اإللكرتونية ،كما يبني هذا اإليصال معلومات
أخرى قد حيتاجها ناقل آخر أو حتتاجها اجلهات املختصة يف بعض الدول للسماح بدخول املسافر إىل
أراضيها كاحلالة اليت تشرتط بعض السلطات وجود تذكرة عودة أو تذكرة مواصلة
إن فكرة التذكرة اإللكرتونية هي وليدة التقدم التكنولوجي يف جمال صناعة النقل اجلوي،
وفكرة هذه التذكرة تقوم على فتح قناة توزيع جديدة بني شركات الطريان واملسافر فتلغي بذلك
التذكرة الورقية ،وحتل حملها التذكرة اإللكرتونية أو البطاقة الذكية( ،)224وميكن أيضاً للمسافر
أن يدفع قيمة التذكرة إلكرتونياً عن طريق بطاقات االعتماد وذلك بالدخول إىل موقع شركة النقل
اجلوي على شب كة اإلنرتنت ،ومن ثم يتم حتويل املبلغ إلكرتونياً حلساب شركة النقل ،أو عن
طريق البطاقة الذكية اليت يتم وصلها جبهاز خاص إىل الكمبيوتر الذي بدوره يقوم خبصم قيمة
العادية أو الورقية بأي وسيلة أخرى ،ومل حتدد االتفاقية هذه الوسيلة بل تركت حتديدها للناقلني
اجلويني والدول األعضاء والتقدم التكنولوجي يف جمال صناعة النقل اجلوي ،وتعترب التذكرة
اإللكرتونية تطبيقاً لنص اتفاقية مونرتيال 1999م هبذا الشأن ،كما أن اإلحتاد الدويل للنقل
( )224البطاقة الذكية :عبارة عن معالج( )Proecssorمصغر وذاكرة( )Memoryكبيرة إلى ح ٍد ما تسمح بحمل
معلومات( )Informationsمن خالل هذه المعلومات يعرف المسافر عن نفسه ،وتسجل كافة بياناته ( All
)detailsعليها ،كما يمكنه استخدامها لصعود الطائرة.
( )225أ .ماهر عبد الخالق السيسي .أعمال شركات الطيران ،ج ،1مقدمة في النقل الجوي والحجز ،بدون ناشر2003 ،م،
ص.133 ،132
105 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اجلوي(اآلياتا) قد جعل إصدار هذا النوع من التذاكر واجباً على مجيع الناقلني اجلويني ،بل وحدد
هناية العام 2007م كأقصى موعد النتهاء التعامل بالتذكرة الورقية ،متديد هذا املوعد فيما بعد
إىل مايو 2008م ،وقد بدأ جنم هذا النوع من التذاكر يلوح يف األفق يف "سنغافورة"( )226عام2004م
عندما أعلن اإلحتاد اجلوي للنقل الدويل (اآلياتا)ألول مرة بأنه بصدد إصدار مثل هذا النوع من
تتميز التذاكر اإللكرتونية عن التذاكر الورقية بالعديد من املزايا نورد أمهها فيما يلي:
ميزة احلجز اإللكرتوني :حبيث يستطيع املسافر تأكيد حجزه أو إلغائه إلكرتونياً عرب
شبكة اإلنرتنت يف أي مكان كان دون احلاجة للظهور يف مكتب الناقل وعرض
توفري التكاليف :فحني ترتاوح قيمة تكلفة إصدار التذكرة الورقية للمسافر ما بني (عشرة)
إىل (عشرين) دوالرً للتذكرة الواحدة ،ترتاوح قيمة إصدار تذكرة إلكرتونية ما بني
(دوالر) إىل (دوالرين) للتذكرة الواحدة ،وبذا توفر التذاكر اإللكرتونية على شركات
اخلاصة بالناقل املصدر هلا فقط ،وبذا قضت على عمليات تزوير التذاكر أو انتحال شخصية
( )226تعتبر شركات النقل الجوي السنغافورية من أكبر شركات النقل الجوي العالمية.
()227
www.sea7h.net
()228
www.fananews.com
()229
www.alriyadh.com
106 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
احلد من املشاكل اليت يواجهها املسافرون عند التعامل بالتذكرة الورقية واليت تتمثل بالتلف
أو الضياع ،اللذين يدفع املسافر عليهما غرامة يقدرها الن ـ ــاقل ،كما توفر التذاكر
اإللكرتونية ميزة احملافظة عليها من األخطاء يف محلها أو سرقتها ،وتوفر أيضاً على املسافر
الوقت الذي قد تستغرقه الطوابري و االنتظار يف الطوابري داخل مكاتب الناقل الستالم
تذكرته ،أو لتأكيد حجزه أو إلغائه أو تعديله ،ويستطيع املسافر احلجز لسفره أو تأكيده أو
إلغائه إلكرتونياً عن طريق موقع الناقل اإللكرتوني عرب شبكة اإلنرتنت بواسطة رمز
دخول آمن يعطيه الناقل للمسافر ،ولتأكيد ذلك تقوم شركة النقل بإرسال رسالة
تسهل التذاكر اإللكرتونية إجراءات املغادرة على كل من طريف عقد النقل فالناقل ال
حيتاج إالب إىل معلومات بسيطة ليتم التأكد من وجود التذكرة أو صحتها أو صالحيتها كرقم
احلجز املرجعي أو أي بيانات عن املسافر كا ه أو رقم جواز ه ،كما أهنا تتيح للناقل قدراً
وعلى الرغم من مزايا التذاكر اإللكرتونية السابق ذكرها إالب أن التطبيق العملي هلذه
عدم توافر شبكة اإلنرتنت يف كل مكان مما يشكل عائقاً أمام املسافر للحجز
()230
www.arabic-av.com،and; www.alriyath.com
()231
www.iata.org
107 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إن أي مشاكل قد تطرأ على شبكة اإلنرتنت متثل مشاكالً بالنسبة للتذكرة
اإللكرتونية ،ذلك ألنه وكما ذكرنا فإن إصدار مثل هذه التذاكر أو التعامل هبا
عدم وجود بطاقة االئتمان لدى كل املسافرين ،وبالتايل عدم استطاعة املسافر أو
الراغب يف السفر الدخول إىل مواقع شراء التذكرة اإللكرتونية و إمتام عملية البيع.
يف حالة الغلط أو اخلطأ من قبل أحد تابعي الناقل يف إدخال البيانات الالزمة إلصدار
تذكرة إلكرتونية فلن يتمكن املسافر من ركوب الطائرة يف حالة عدم تطابق
هذه البيانات-كرقم جواز السفر أو االسم -مع ما يربزها املسافر يف مطار املغادرة إذ
أن تسليم بطاقة صعود الطائرة ( )Boarding Passيتوقف على تطابق هذه
االعتماد الكلي على قاعدة املعلومات اخلاصة املوجودة يف شبكة اإلنرتنت أمر قد
خيلق ن وعاً من الصعوبات يف إمتام عقد النقل ،فقد ال يتمكن الناقل من الدخول إىل
قاعدة املعلومات اخلاصة بإصدار التذاكر ومراجعتها على شبكة اإلنرتنت خلطأ يف
النظام ،أو خللل يف أجهزة إصدار التذاكر اإللكرتونية املوجودة يف املطار ،أو
لتعطل ألياف الشبكة ،أو النقطاع التيار الكهربائي ،وبالتايل تنشأ تعقيدات يف تنفيذ
عقد النقل قد تصل لتأخري املسافر عن صعود الطائرة أو إلغاء رحلته بالكلية.
ال تتيح التذكرة اإللكرتونية للمسافر الوقوف على أو الرجوع إىل شروط عقد النقل،
أو تبيان أي نظام للمسؤولية اليت خيضع هلا عقد النقل اجلوي ،وما درجت عليه بعض
شركات الطريان من كتابة شروط العقد ونظام املسؤولية اليت خيضع هلا عقد النقل
على ظهر مظاريف ورقية حلف إيصال استالم قيمة التذكرة تسلم للمسافر يف مكتب
108 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الناقل عند شراء التذكرة ذلك ال يفيد املسافر بشيء ،ألنه وكما ذكرنا أن التذكرة
اإللكرتونية تتيح للم سافر التعاقد إلكرتونياً عن طريق شبكة اإلنرتنت دون
أن التذاكر اإللكرتونية قد حرمت املسافر من حقه يف إمكانية إثبات عقد النقل
اجلوي إىل حدٍ ما ونقلت وسيلة اإلثبات إىل سلطة الناقل ،فقد ذكرنا أن أهم ما
تضطلع به تذكرة السفر من دور يتمثل يف اعتبارها أداة إثبات على وجود العقد
وصحته حتى يثبت الناقل العكس ،وكان األمر سهالً على املسافر إبان العمل
بالتذاكر الورقية ألهنا كانت يف حوزته ومتناول يده ،أما التذكرة اإللكرتونية فيحتف
هبا الناقل لديه وال يسلم للمسافر إالب إيصال استالم قيمتها الذي ميكن للناقل دحضه
عدم وجود آلية حمددة إلصدار هذه التذاكر بني الدول ،وعدم وجود مقياس
دويل بشأهنا ،كما قد تتعارض هذه الفكرة مع قوانني بعض الدول اليت تنص على
إضا فة إىل ما سبق فإنه من االستحالة مبكان اجلزم بدراية مجيع املسافرين
وإما:
109 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اإللكرتوني من عدمه(.)232
من قبل غري أصحاهبا أو انتحال شخصية املسافر الذي كانت مصاحبة للتذاكر الورقية،
وقد أصبحت معظم شركات الطريان اليوم تستخدم شبكة اإلنرتنت يف إصدار التذاكر
االلكرتونية ،وشرائها آلياً ،وذلك استجابة للنداء الذي أطلقه اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي (األياتا)
لدعوة كافة شركات الطريان األعضاء الستبدال التذاكر الورقية بالتذاكر اإللكرتونية يف موعد
أقصاه آيار (مايو) 2008م( ،)233وجتدر اإلشارة إىل أن اخلطوط اجلوية السودانية كانت قد بدأت
إصدار التذاكر اإللكرتونية والتعامل من خالهلا يف العام 2007م ،لكنها توقفت عن إصدارها
يف العام 2008م ،وأعادت التعامل بالتذاكر الورقية أما اخلطوط اجلوية اليمنية فقد بدأت إصدار
()232
www.flyingway.com
()233
5jl.comــwww.al
110 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وحقائبه اليدوية( ) Hand bagsاليت يصعد هبا الطائرة وتظل يف صحبته طيلة فرتة الرحلة اجلوية
دون أن يسلمها للناقل أو يستلم هبا أي إيصال من هذا األخري ،أما النوع الثاني فيسمى باألمتعة
املسجلة() Checked baggagesو يت باملسجلة ألن املسافر يسلمها للناقل قبل بدء تنفيذ عقد
النقل اجلوي ويستلم إيصال من الناقل بذلك يسمى هذا اإليصال باستمارة نقل األمتعة.
ألزمت اتفاقية وارسو1929م الناقل حترير استمارة نقل لألمتعة املسجلة ويدون عليها
أما اتفاقية مونرتيال 1999م فقد ألزمت الناقل بتسليم املسافر بطاقة تعريف عن كل قطعة من
األمتعة املسجلة اليت سلمها املسافر للناقل قبل بدء تنفيذ العقد يف مطار املغادرة أو يف أحد مكاتب
كما أوجبت الشروط العامة لألياتا شروط مل تتضمنها االتفاقية وهي وجوب نقل األمتعة على
نفس الطائرة اليت يستقلها املسافر أي بنفس الرحلة ،أو بالرحلة اليت تليها إن تعذر نقلها بصحبة
املسافر ،كما جيب أن تكون األمتعة حمكمة الربط ،والتغليف ،وبيان أهنا ال حتتوي أي مواد ممنوع
نقلها بالطائرات ،وأيضاً علم وموافقة الناقل إن كانت هذه األمتعة مشتملة على مواد معينة
وقيمة مستندات عقد النقل اجلوي السابقة هي قيمة نسبية ،فهي ليست واجبة النعقاد العقد،
وإ ا تكمن أمهيتها يف إثبات ذلك العقد( ،)237وهي هبذه األمهية قرينة بسيطة ميكن للمسافر إثبات
عكس ما فيها ،ثم إن اتفاقية مونرتيال1999م قد نصت على أن عدم وجود هذه املستندات أو
ضياعها أو إتالفها ال يؤثر على وجود عقد النقل اجلوي أو على صحته فيظل العقد مع ذلك خاضعاً
التزامات( ) Obligationsتقع على عاتق طرفيه ،وقد حددت االتفاقيات الدولية املتعاقبة التزامات
الناقل ومل حتدد التزامات املسافر اليت تكفل هبا اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي(األياتا) ،وبعض
االتفاقيات الدولية األ خرى أو القوانني الوطنية ذلك ألن مسؤولية الناقل اجلوي تتمحور مع التزامات
الناقل يف عقد النقل فإذا أخل الناقل اجلوي بكل أو بعض التزاماته هنضت مسؤوليته وفق ما
حددت االتفاقية من شروط لقيامها وحدود لقيمتها–كما سنرى يف الفصول القادمة-وسوف نقوم
بتقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب األول عن التزامات الناقل وصصص املطلب الثاني
114 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ويعد هذا أول التزام يقع على عاتق الناقل ويؤخذ تفسري هذا االلتزام على معناه
الواسع ،فيلتزم الناقل بتوفري طائرة صاحلة للمالحة اجلوية من الناحيتني املادية والفنية،
ونقصد أن تكون الطائرة صاحلة للمالحة اجلوية من الناحية املادية أن تتوفر فيها وسائل
اخلدمات للمسافر وااللتزام بتوفري الدرجة واالمتيازات املتفق عليها يف عقد النقل ،فإن
أخل الناقل هبذا االلتزام يكون للمسافر احلق يف اسرتداد فرق األجرة والسفر على
الدرجة األقل ،أو رد التذكرة واستالم قيمتها من الناقل ،أما من الناحية الفنية فنقصد أن
تتوفر يف الطائرة مجيع وسائل األمان مثل التأكد من جاهزية حمركاهتا لإلقالع ومواصلة
الرحل ة ،وأنظمة االتصال فيها ،وأجهزة الطوارا من خمارج وكمامات تنفس وبدالت
السباحة و أدوات إطفاء احلرائق وغريها مما يؤمن سالمة وصول املسافر وأمتعته ويضمن
يلتزم الناقل بتسليم تذكرة سفر للمسافر مشتملة على البيانات اليت حددهتا اتفاقية
مونرتيال1999م وخبط مقروء ،ليتمكن املسافر من معرفة شروط النقل ،وإتاحة الفرصة
له حلماية نفسه أو التأمني على حياته ،إن قدر ذلك ،وال يغين تسليم الناقل إيصال مؤقت أو
( )239د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص.211 ،210
( )240د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي-حوادث الطيران ،مرجع سابق ،ص.172
115 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ونالح على االلتزام السابق عدم أمهيته يف الوقت احلاضر بعد أن حلت التذكرة
اإللكرتونية حمل التذكرة الورقية-كما ذكرنا -فلم يعد الناقل ملزماً إالب بتسليم إيصال دفع
فال جيوز للناقل توصيل املسافر بوسائط أخرى غري الطائرة كأن ينقله بواسطة أداة نقل
بري أو حبري ،فالناقل هنا ملزم بنقل املسافر جواً من بلد املغادرة إىل بلد املقصد النهائي
حبسب االتفاق بينهما ،وتنعقد مسؤولية الناقل اجلوي إذا تقاعس عن النقل وذلك إما يف حالة
بني هاتني احلالتني فإن احلكم واحد وهو انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري يف النقل
تلزم بعض القوانني الناقلني اجلويني بالتحقق من استيفاء املسافر على الطائرة ،و أمتعته
املسجلة أو غري املسجلة منها جلميع الشروط الالزمة للصعود أو الشحن على الطائرة ،كما
وهذا االلتزام مؤداه أن يلتزم الناقل بتوصيل املسافر من مكان املغادرة إىل مكان
الوصول ساملاً أثناء تنفيذ عقد النقل الذي يبدأ منذ دخول املسافر حتت احتماالت خماطر السفر
و وضع نفسه حتت إمرة وسيطرة الناقل إىل أن يصبح يف مأمنٍ من هذه املخاطر( ،)243وينوب
عن الناقل اجلوي يف حالة طريان الطائرة قائد الطائرة ،وتكون له سلطات التصرف لضمان
سالمة الرحلة واملسافرين وفق ما متليه عليه واجبات وظيفته و لول له حدود سلطاته.
يلتزم الناقل باحرتام مواعيد النقل وكسب الوقت لتنفيذ عقد النقل يف ميعاده ،وإخالل
الناقل هبذا االلتزام على حنو يلحق الضرر باملسافر أو األمتعة جيعله حتت طائلة املسؤولية،
وهذا االلتزام يعد التزام بتحقيق غاية ،إالب إذا استطاع الناقل إثبات أن السبب الذي سبب
الضرر أجنيب ال دخل له فيه فيتحول عندئذٍ التزامه إىل التزام ببذل عناية لتنفيذ العقد يف
امليعاد املعقول( )244مع انعقاد مسؤولي ته عن الضرر احلاصل للمسافر أو األمتعة كما سنرى يف
الفصل القادم.
تسجيلها وتسليم استمارة كما يلتزم الناقل بنقل أمتعة املسافر بنوعيها املسجلة اليت
نقل للمسافر بشأهنا ،وغري املسجلة اليت حيتف هبا املسافر بصحبته أثناء صعوده الطائرة وال تسلم
للناقل ،وحتدد شركات الطريان عادة الوزن املسموح للمسافر حبمله جماناً لكل تذكرة سفر،
أو عدد الطرود بالنسبة لألمتعة الغري مسجلة ،والتزام الناقل هنا هو التزام بتحقيق غاية ،إذ
تنعقد مسؤولية الناقل إن مل تصل األمتعة إىل بلد املقصد النهائي أو وصلت لكنها معيبة ،أو
تالفة لسبب ال يعود خللل كامن فيها أو لنوعيتها أو عيب ذاتي فيها كما سنبني ذلك يف الفصول
كما تقضي بعض االتفاقيات بأنه جيب على الناقل اجلوي عند حدوث تأخري يف قيام
رحلته إذا كانت مدة التأخري يف حدود (الساعتني) تقديم املرطبات وتوفري اتصال جماني
هاتفي أو فاكس أو بريداً إلكرتونياً وفقاً الختيار املسافر ،أما إذا جتاوزت فرتة التأخري
(األربع ساعات) فيجب على الناقل باإلضافة إىل ما سبق ذكره تقديم وجبة مناسبة ،ويف حالة
جتاوز التأخري فرتة (الست ساعات) توفري املواصالت املناسبة لتوصيل املسافر إىل منزله أو إىل
الفندق حبسب اختياره حلني قيام الرحلة ،دون أدنى متييز بني املسافرين ،كما ال يفقد ما سبق
كما ألزمت اتفاقية حترير النقل اجلوي العربي املوقعة يف دمشق عام2004م الناقل
بتوفري املعلومات والبيانات التوضيحية للمسافر حول األسعار وعمالت الدفع ،والتذاكر اليت
تصدر قبل إعالن زيادة األسعار ،وشروط اسرتداد قيمة التذاكر غري املستخدمة أو
املفقودة ،وتأكيد احلجز من عدمه ،ومواعيد حضور املسافر إىل املطار ،واملواد املمنوع محلها
على الطائرة ب سبب احلجز الزائد ،ومتطلبات الصحة والتأمني ،وشروط نقل القصر واحليوانات
األليفة ،واألنظمة اخلاصة بالتدخني والسالمة على منت الطائرة ،واإلجراءات املتبعة يف حالة
( )245المادة ( )58من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام 2004م .لم تدخل هذه االتفاقية حيز التنفيذ
بعد وقد انعقد مؤتمر عربي لمناقشة مشروع تنفيذها في "طرابلس" في الفترة 13-12مايو 2008م .ورقة عمل مقدمة في
الدورة الحادية عشر للجمعية العامة للهيئة العربية للطيران المدني ،طرابلس 13-12مايو 2008م.
( )246المادة ( )45من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام 2004م.
118 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
يلتزم املسافر بدفع األجرة املقررة نظري قيام الناقل بتوصيله إىل بلد املقصد النهائي
حسب العقد املربم بينهما ،وتكون أجرة النقل حمددة سلفاً بواسطة الناقل مراعياً بذلك
قواعد اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي (األياتا) هبذا الشأن ،واليت حيدد (األياتا) احلدود القصوى
ألسعار التذاكر لكي ال يضام املسافر من تعسف الناقلني بالتحكم بأسعار التذاكر ورفع
قيمتها ،كما يضع (األياتا) احلد األدنى لألجرة (أسعار التذاكر)وذلك لغرض احملافظة على
استمرار شركات النقل اجلوي الصغرية لالستثمار يف جمال النقل اجلوي وتقديم اخلدمة دون
سيطرة الشركات الضخمة ذات األساطيل اجلوية العمالقة على هذا اجملال( ،)247وتكون
أجرة النقل عرضة للتغري قبل البدء بعملية النقل حبيث يراعي الناقل أحكام (اآلياتا) السابق
ذكرها ،و دفع األجرة من شروط إمتام تنفيذ عقد النقل إذ يستطيع الناقل رفض النقل إذا مل
تشهد شركات النقل اجلوي إقباالً متزايداً من املسافرين ،األمر الذي جيعل عدد املقاعد
املهيأة للسفر عليها يف الطائرات قليل حبيث ال يكفي جلميع الراغبني يف السفر ،ويف هذه احلالة
تلزم شركات الطريان املسافرين باحلجز للرحلة قبل الذهاب إىل مبتدأ تنفيذ العقد ،وحصول
املسافر على تذكرة سفر أو إيصال مؤقت هبا ال خيوله احلق بالسفر على أي رحلة شاء قبل
احلجز على تلك الرحلة أو إعادة تأكيد حجزه عليها ،ولرغبة شركات الطريان يف املنافسة
تعطي احلق للمسافرين يف احلجز املبدئي للرحلة اجلوية حتى قبل احلصول على تذكرة السفر
()247
www.pukmedia.com.
119 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وحجز املقعد ال عالقة له بالتذكرة إذ أنه ميكن للمسافر احلجز قبل التعاقد أو شراء التذكرة
ودفع األجرة ،بيد أنه ال يتم إعادة تأكيد احلجز إالب بواسطتها ،وجيب على املسافر يف هذه
احلالة إعادة تأكيد حجزه قبل سفره مبده حتدد أقصاها شركة الطريان الناقلة ،وغالباً ما
تكون مابني الـ 24وال ـ 72ساعة ،يقعطى فيها الفرصة من لديه تذكرة سفر إلعادة تأكيد
حجزه للسفر على الرحلة اليت حجز عليها ،وقد اشرتطت اتفاقية حترير النقل اجلوي العربي
املوقعة يف دمشق عام2004م على املسافر أن يكون لديه حجز مؤكد على الرحلة
احملددة بالتذكرة(.)248
يلتــزم املســافر بإتبــاع تعليمــات الناقــل الواجبــة لتنفيــذ عقــد النقــل ،فيحضــر املســافر يف الوقــت
احملدد إىل مكان املغادرة احملدد سلفاً قبل قيام الرحلـة بوقـت كـافٍ ،ويلتـزم أيضـ ًا باالنصـياع و
وضع نفسه حتت إمرة الناقل حتـى يصـل إىل بلـد املقصـد النـهائي سـاملاً ،وهـذا االلتـزام مـؤداه أن
تــتم عمليــة النقــل دون أن يكــون هنالــك تــأخري ســببه املســافر ،أو حيصــل ضــرر لــه مــن جانبــه
نفسه ،ويدخل حتت هذا االلتزام إتباع تعليمات قائد الطائرة والطـاقم الـذين معـه ،كـاجللوس يف
املقعــد احملــدد لــه ،وربــط حــزام األمــان عن ــد إقــالع الطــائرة وعنــد هبوطهــا ،أو عنــد احلاج ــة،
وعــدم التــدخني علــى مــنت الطــائرة ،ومراعــاة راحــة اآلخــرين( ،)249وعــدم اســتخدام األجهــزة
اإللكرتونية حلظـيت اإلقـالع واهلبـوط أو طـوال الرحلـة حسـب مـا حيـدده الناقـل ،وعـدم صـعود
الطائرة وهو يف حالة سكر ،ويف هذه األخرية جيـوز للناقـل إرجـاع املسـافر ولـو كـان قـد صـعد
( )248المادة ( )46من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام 2004م.
( )249د .زهير عباس كريم .مبادىء القانون التجاري ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان1995 ،م ،ص.332
120 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الطــائرة وجلــس يف املقعــد أو كــان حجــزه مؤكــداً كمــا ال يلتــزم يف هــذه احلالــة بــرد أجــرة نقــل
املسافر أو األمتعة(.)250
كم ــا يلت ــزم املس ــافر حبم ــل مجي ــع الوث ــائق املطلوب ــة من ــه للس ــفر ،مث ــل ج ــواز س ــفره س ــاري
املفعـول ،وتأشـريات املغـادرة أو الـدخول مـن أو إىل الــبالد الـيت تتطلـب قوانينـها ذلـك ،أو كــروت
التطعــيم ضــد بعــض األمــراض ،كمــا يلتــزم املســافر مبراجعــة شــرطة املطــارات للتأكــد مــن عــدم
.5وأخرياً فأنه حيتف الناقل حبق رفض نقل أي شخص حصل على تذكرة خمالفة
من ناحية األساس الذي تقوم عليه تلك املسؤولية ،أو شروط انعقادها ،واليت يصبح الناقل مبوجب
تلك الشروط مسؤوالً عن تعويض األضرار اليت تصيب املسافر أو أمتعته وفقاً ألحكام االتفاقية،
وسوف نتحدث يف هذا الفصل عن أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي وذلك من خالل
تقسيم هذا الفصل إىل أربعة مباحث نتحدث يف املبحث األول عن تطور أساس مسؤولية الناقل
اجلوي ،ويف املبحث الثاني نتحدث عن شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب
املسافرين وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال 1999م ،ويف املبحث الثالث نذكر شروط انعقاد
مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب األمتعة وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال 1999م،
وصصص املبحث الرابع للحديث عن شروط مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار النامجة عن التأخري
122 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الدولية اخلاصة بتنظيم عقد النقل اجلوي إىل أن أصبحت يف اتفاقية مونرتيال 1999م مسؤولية
موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة بعد أن كانت يف اتفاقية وارسو1929م مسؤولية
شخصية قائمة على أساس اخلطأ املفرتض من جانب الناقل ،وسوف نقوم بتفصيل ذلك من خالل
تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب نتحدث يف املطلب األول منها عن أساس مسؤولية الناقل اجلوي
يف اتفاقية وارسو1929م ،و نتحدث يف املطلب الثاني عن تطور أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف
االتفاقيات املعدلة التفاقية وارسو1929م ،وصصص املطلب الثالث للحديث عن أساس مسؤولية
123 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الدول ،بل كانت كل دولة حتتكم يف قواعد القانون اجلوي وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي فيها
إىل أحكامها العامة املوجودة يف قانوهنا الوطين ،ومل تكن هناك قواعد متفق عليها بني مجيع الدول
تلزم الناقل حبدود معينة ملسؤوليته جتاه املسافر الذي تضرر من عقد النقل اجلوي ،األمر الذي جعل
أساس املسؤولية إبان التحضري التفاقية وارسو تتنازعه عدة اجتاهات خمتلفة ،وتفصيل ذلك كالتايل:
كان الناقل اجلوي يف القانون اإلجنليزي قبل اتفاقية وارسو1929م يتمتع حبرية مطلقة يف
التعاقد وله سلطة حتديد مسؤوليته مببلغ حيدده هو بل كان له احلق يف اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية
أو لفيفها.
أما القانون األمريكي فكان حيرم على الناقل شرط اإلعفاء من املسؤولية ولكن مل
يكن الغرض من ذلك محاية املسافر ،بل ألهنا كانت لالف النظام العام واآلداب ،بيد أن القانون
أما املشرع الفرنسي فقد أبطل شروط اإلعفاء من املسؤولية عن أخطاء الناقل الشخصية فقط،
و ح له أن حيدد مسؤوليته أو خيفف منها لشروط خاصة كأخطار املالحة اجلوية( ،)254و كانت احملاكم
يف فرنسا تطبق أحكام القانون املدني على عقد النقل اجلوي ،و مل يكن الناقل ملتزم بضمان
السالمة ،وبالتايل يكون مصدر االلتزام هو العقد وليس القانون ،إذ كان املدعي يؤسس دعواه
( )253د .عدلي أمير خالد .عقد النقل الجوي ،قواعد وأحكام ،مرجع سابق ،ص.67
( )254المرجع السابق،ص.67
124 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
على عقد النقل املربم بينه وبني الناقل وليس على أساس الفعل الضار أو اخلطأ املفرتض أو اخلطأ
واجب اإلثبات(.)255
تنازعت أساس مسؤولية الناقل اجلوي إبان التحضري التفاقية وارسو 1929م ،ثالثة اجتاهات
– كما ذكرنا -تزعم األول منها فرنسا اليت استقت مسؤولية الناقل اجلوي من روح قواعد قانوهنا
املدني العامة فسعت إىل بناء مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطأ الثابت حبيث يلتزم الناقل أمام
املسافر بتوصيله إىل نقطة مقصده النهائي معافىً ،وهو التزام بتحقيق نتيجة ،إذ يلقي على الناقل تبعة
أما اإلجنليز فكانت هلم نظرة خمتلفة ،وهي إقامة مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطأ
واجب اإلثبات ،فال يكون الناقل ملتزم قبل املسافر يف عقد النقل اجلوي إالب ببذل عناية وليس
بتحقيق نتيجة ،فال يفرتض وقوع اخلطأ من جانبه ،ولذلك يقع على كاهل املسافر عبء إثبات عدم
بذل الناقل تلك العناية( ،)257وللناقل أيضاً اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية يف جمال نقل األشخاص،
بشرط أن يستخدم الناقل عند التعاقد عبارات صرحية ال غموض فيها ،و إالب يكون هنـ ـ ــاك إخالالً
جوه ـ ـ ـ ــرياً لعـ ـ ــقد النق ـ ـ ــل اجل ـ ـ ـ ـ ـ ــوي ( A fundamental breach of contract of
،)258()carriageأما االجتاه الثالث والذي تزعمته كل من أملانيا وروسيا( )259اللتان كانت هلما نظرة
بعيدة فريون أن تكون املسؤولية امللقاة على عاتق الناقل يف عقد النقل اجلوي قائمة على أساس
( )255د .يحي أحمد البناء .اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية1994 ،م ،ص.66
( )256د .فاروق أحمد زاهر .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،مرجع سابق ،ص.77 ،76
( )257أصحاب هذا الرأي ال يفرقون أيضا ً بين الناقل العام( )Common carrierوالناقل الخاص()Private carrier
فتنعقد مسؤولية الناقل الجوي العام أو الناقل الجوي الخاص على أساس التقصير أو اإلهمال في تنفيذ عقد النقل ،ويقع
في هذه الحالة عبء اإلثبات على المضرور وهو المسافر .د .نادية محمد معوض .مرجع سابق ،ص ،102أنظر
أيضاً :د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص.231
( )258صفوت ناجي عبد القادر بهنساوي .مرجع سابق ،ص.305 ،304
( )259ساند هذا االتجاه كل من سويسرا ،التشيك ويوغسالفيا.
125 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املخاطر وحتمل التبعة ،فتصبح مسؤولية الناقل مسؤولية موضوعية ،إذ كانوا يرون أن الغرم بالغنم،
فكما أنه(أي الناقل) يربح من عقد النقل اجلوي فالبد أن يتحمل مغارمه(.)260
على الرغم من أن كل اجتاه من االجتاهات السابقة أبدى متبنوه أسبابه و أسانيده حماوالً بذلك
كل طرف منهم تأسيس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو1929م مبا يتوافق و اجتاهه ،وخيدم
مصاحله اليت تتالءم مع قواعده الوطنية ،إالب أن اتفاقية وارسو 1929م مل ترتكز على اجتاه معني من
تلك االجتاهات ،بل حاولت التوفيق بني مصاحل الدول املتعارضة املوقعة عليها وتقريب وجهات النظر
املتباعدة ،وما كانت تسري عليه قوانني تلك الدول الوطنية من تباين بشأن أحكام النقل اجلوي،
و خاصة فيما يتعلق بقواعد وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي ،لذلك فقد استبعد الرأي األملاني
القائل جبعل مسؤولية الناقل اجلوي مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة،
وذلك نتيجة للظروف اليت كانت سائدة يف ذلك الوقت من كثرة خماطر الطريان ،إذ مل تكن صناعة
الطائرات -خاصة وسائل األمان يف الطائرة-متطورة بشكل يسمح بأن يقثقل عاتق الناقل اجلوي
معه مبثل هذه املسؤولية واليت قد تصبح حجر عثرة يف طريق قدرته على االستمرار يف جمال النقل
اجلوي ،أضف لذلك أن النقل اجلوي يعترب حديث النشأة لذلك كان يف اعتبار االتفاقية تشجيع
امل ستثمرين وأرباب األموال لالستثمار يف مرفق النقل اجلوي ،والعمل على تقديم التسهيالت املختلفة
لشركات الطريان لالستمرار هبذا املرفق ،وعليه فقد جرى التوفيق بني وجهيت النظر الفرنسية
واإلجنليزية ،وحماولة إجياد رأياً وسطاً و التوفيق بني املسؤوليتني العقدية والتقصريية( ،)261فأخذت
( )260د .فاروق أحمد زاهر .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،مرجع سابق ،ص .76،77وأنظر :د .أبو زيد
رضوان .مرجع سابق ،ص .169،170و د .نادية محمد معوض .مرجع سابق ،ص.103
( )261على الرغم من أن المسؤوليتين(التقصيرية والعقدية) تتفقان في األساس القانوني لكل منهما ،وهو اإلخالل بالتزام
نواح قانونية عديدة نوجزها في
ٍ سابق أو الخطأ ،وأن قوام كل منهما هو التعويض وجبر الضرر ،إال أنهما تختلفان في
اآلتي :جهة المصدر المنشئ لكل منهما :فالمسؤولية العقدية تجد مصدرها في العقد ألنها تنهض عند اإلخالل بالتزام
عقدي سابق ،أما المسؤولية التقصيرية فتجد مصدرها في القانون مباشرة ألنها جزاء على اإلخالل بواجب عام سابق،
أيضا ً تتطلب المسؤولية العقدية أهلية الرشد القانونية بينما يُكتفى في المسؤولية التقصيرية بأهلية التمييز ،ويكون
اإلعذار واجب لقيام المسؤولية العقدية وطلب التعويض في حين ال يشترط أي إعذار في المسؤولية التقصيرية ،أيضاً
يقع عبء اإلثبات في المسؤولية العقدية على عاتق المدين بأنه قد أوفى بالتزامه الناشئ عن العقد وإخالل الطرف
126 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
االتفاقية مببدأ املسؤولية العقدية من القانون الفرنسي ،و ألزمت الناقل ببذل العناية الواجبة يف تنفيذ
عقد النقل اجلوي أخذاً من الرأي اإلجنليزي ،وجعلت أيضاً خطأ الناقل مفرتضاً مبجرد وقوع الضرر،
وعليه إثبات بذله العناية الواجبة لتفاديه كدفعٍ للمسؤولية( .)262وبذا كان التفاقية وارسو الفضل
األول يف تقريب وجهات النظر املتباينة و يف وضع اللبنات األوىل لتوحيد بعض قواعد النقل اجلوي
وخاصة فيما يتعلق مبسؤولية الناقل اجلوي وحتديدها ،ونشري إىل أن افرتاض االتفاقية اخلطأ من
جانب الناقل يف إصابة املسافر ال يلزم هذا األخري إقامة الدليل على خطأ الناقل ،لكن هذا األخري
يستطيع التخلص من املسؤولية بإثبات أنه وتابعيه قد الذوا مجيع التدابري الضرورية ( The
ويعفى أيض ًا الناقل من املسؤولية بقدر مسامهة املسافر املضرور يف وقوع الضرر(.)263
كما نشري إىل أن اتفاقية وارسو السابقة قد وجدت قبوالً منتشراً من خمتلف الدول ذلك ألهنا
تعترب أول اتفاقية دولية حقيقية يف جمال تنظيم مرفق النقل اجلوي وحتديد مسؤولية الناقل اجلوي فيه،
أضف لذلك أن األحكام اليت وضعتها االتفاقية كانت متناسبة مع ظروف الدول حتى تلك اليت كانت
اآلخر أو الدائن بينما يقع عبء إثبات خطأ المدين في المسؤولية التقصيرية على عاتق الدائن المضرور.إذا تعدد
المسؤولون في المسؤولية العقدية فإن كل متعاقد مسؤول بقدر ما يمليه عليه العقد وال يلزم بينهم التضامن في تحمل
المسؤولية إال في حالة اتفاق سابق بينهم على خالف المسؤولية التقصيرية إذ يكون المسؤولون متضامنين بدفع
التعويض فيها .وأخيراً فإنه يجوز االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها إن انتفى الغش أو الخطأ الجسيم
في المسؤولية التعاقدية في حين ال يجد هذا االتفاق مكاناً له في المسؤولية التقصيرية إذ ال يجوز االتفاق على اإلعفاء
أو التخفيف منها .أشرف جابر سيد.المسؤولية عن فعل األشياء المستخدمة في تنفيذ العقد ،دار النهضة العربية،
القاهرة2002 ،م ،ص .17-12أنظر أيضاً :فاروق مصطفى السلمان .مسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين
واألمتعة والبضائع ،دراسة مقارنة ،رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في القانون ،جامعة عدن ،عدن،
2002م ،ص).45،46
( )262د .فاروق أحمد زاهر .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،مرجع سابق ،ص.77،78
( )263د .يحي أحمد البناء .اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،مرجع سابق ،ص.90،91
127 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املطلب الثاني :تطور أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف الربوتوكوالت املعدلة التفاقية وارسو1929م
وجدت اتفاقية وارسو1929م قبوالً واسعاً بني الدول و شركات الطريان ألهنا -كما
أسلفنا-راعت مصاحل الناقل بتحديد مسؤوليته ،وتشجيعه على االستثمار ،والتوسيع من نطاق طرق
إال أن حدود مبالغ التعويض اليت وضعتها االتفاقية قد أثارت بعض الصعوبات واملشاكل عند
التطبيق العملي يف احملاكم ،ذلك ألن املسافر الداخلي كان باستطاعته احلصول على تعويض قد يبلغ
أضعاف ما قد حيصل عليه املسافر الدويل ،بدأت احملاكم بعد ذلك توحي بقلة مبالغ التعويض تلك من
خالل أحكامها ،وبالتايل كان للقضاء رأي خمالف ملا ذهبت إليه الدول عند التوقيع على االتفاقية
حبجة أن املبلغ الذي حيصل عليه املسافر كتعويض وفقاً ألحكام اتفاقية وارسو1929م ال يتناسب
وحجم الضرر الذي أصابه ،حتى أن بعض احملاكم قررت عدم االلتزام بأحكام االتفاقية
نفسها( ، )264هذا من ناحية ومن ناحيةٍ أخرى إن هذا املبلغ يتخلف كثرياً عما تقرره وسائل النقل
ي مختلف بعد التوقيع على اتفاقية وارسو1929م وهو بناء مسؤولية الناقل الجوي قياساً ( )264فقد كان للمحاكم في إنجلترا رأ ُ
على مسؤولية الناقل البري(الســــــــــــــكة حديد) وسعى القضاء اإلنجليزي حثيثا ً لتطبيق قاعدة ( Res ipsa
) loquiturعلى مسؤولية الناقل الجوي وازدهرت هذه القاعدة في األربعينات حتى قبيل تعديل اتفاقية وارسو بموجب
بروتوكول الهاي ،1955وقاعدة ( )Res ipsa loquiturتعني أن الشيء يتحدث لذاته ( The thing speaks for it
)selfوتعني أن الحادث ما كان ليقع لوال إهمال()Negligenceصاحب السيطرة على الشيء(وهو هنا الناقل)
ويتطلب إعمال هذه القاعدة توافر شرطين:
.1رجوع الحادث الذي سبب الضرر للناقل وحده.
.2خضوع الشيء(أداة النقل) لسيطرته الكاملة،
أي أن الحادثة لم تكن لتقع بحسب المجرى العادي لألمور إذا بذل الناقل العناية الواجبة لذلك.
وقد طبقت المحاكم في انجلترا هذه القاعدة على قضايا النقل الجوي آنذاك ،خاصة بعد أن أصبح باستطاعة الطائرة
مغالبة عناصر الطبيعة ،وصار من السهل على الناقل التنبؤ باألحوال الجوية وتقلبات األجواء ،إذ انحصرت حوادث
الطيران التي يكون سببها تقلبات الجو حتى أصبحت تشكل ( )%9فقط من إجمالي حوادث الطيران ،وأصبحت أغلب
الحوادث الجوية تنشأ من خطأ الناقل أو إهماله ،أو خطأ تابعيه أو إهمالهم .ففي قضيةMalone v. Trans. :
)1942()Canada Airlinesم) والتي تتلخص وقائعها في اصطدام طائرة تابعة للخطوط الجوية الكندية باألرض
وتحطمها أثناء عملية الهبوط ،قالت محكمة استئناف "أونتارينو" أن السفر بالطائرة قد أصبح وسيلة مألوفة للنقل في
مناطق كثيرة من العالم ،وبالتالي أجازت المحكمة تطبيق قاعدة ( .)Res ipsa loquiturوهو نفس الحكم الذي
توصلت إليه محكمة استئناف الواليات المتحدة عام 1951م في قضية ) )United States v. Kesinger elalبأن
الحادث لم يكن ليقع لوال إهمال الناقل وتابعيه ،وان الطائرة وقت وقوع الحادث كانت تحت سيطرة المدعى عليه
(الناقل) وحده ،وال يتخلف هذا الشرط إال في حاالت نادرة غير اعتيادية كأن يتولى المسافر بنفسه قيادة الطائرة التي
هو على متنها(.د .ثروت أنيس األسيوطي .مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن ،ط ،1المطبعة العالمية،
القاهرة1960 ،م ،ص .).185-180وفي قضية ( )Fosbroke-Hobbes v. Airwork Ltd etelوالتي تتلخص
128 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
األخرى من تعويض للمتضررين من عقود النقل بواسطتها ،واتسام النقل اجلوي باألمان تواكباً مع
التطور التكنولوجي يف صناعة النقل اجلوي وأداة الطريان (الطائرة) من ناحية ثالثة ،ومل يكن من
جمالٍ أمام احملاكم للتعبري عن رأيها هذا يف أحكام االتفاقية إالب أن جلأت إىل االستفادة من مدخل
وحيد تركته هلا االتفاقية ،هذا املدخل هو عدم استطاعة الناقل التمسك حبدود املسؤولية اليت
فرضتها االتفاقية عليه يف حالة كان سيء النية ،فجعلت احملاكم تتوسع يف تفسري النصوص اليت تضفي على
الناقل سيع النية على حنو حيقق م رهبا يف احلصول على أكرب قدر من احلماية ملصلحة املسافرين،
والقفز فوق ح دود املسؤولية اليت حددهتا االتفاقية ،وكثرياً ما كانت احملاكم توحي يف ثنايا أحكامها
برغباهتا يف تعديل نصوص االتفاقية على حنوٍ يتفق وما ذكر( ،)265وقد متخض عن كل ذلك ميالد
بروتوكول الهي 1955م املعدل ألحكام اتفاقية وارسو1929م الذي رفع احلد األقصى
للتعويض إىل ضعف ما كانت عليه إبان اتفاقية وارسو1929م كما سنفصل ذلك يف املباحث
القادمة.
ومما ساعد احملاكم يف اجتاهها هذا هو موقف الواليات املتحدة األمريكية اليت رفضت التصديق
على بروتوكول الهاي 1955م املعدل التفاقية وارسو1929م ،بسبب عدم كفاية احلد األقصى
للتعويض الذي جاء ب ه الربوتوكول السابق ،بل إن الواليات املتحدة قد ذهبت إىل أبعد من ذلك
وقائعها في أن الطائرة لم تكد تغادر مطار اإلقالع إلى ارتفاع 100قدم حتى سقطت وتهشمت ،أعملت المحكمة قاعدة
( )Res ipsa loquiturإذ أن مثل هذا الحادث ما كان ليحدث لوال إهمال الناقل(المرجع السابق .ص ،)189وأصل
قاعدة ( )Res ipsa loquiturيعود إلى العام 1863م ،حين سقط برميل من نافذة إحدى المخازن في إنجلترا وأصاب
أحد المارة بجراح ،فرفع دعوى بالتعويض لكنه لم يتمكن من إثبات خطأ صاحب الحانوت إذ دفع هذا األخير بأن
الخطأ ال يفترض ،لكن المحكمة ذهبت إلى وقوع إهمال من صاحب الحانوت مستدلة بتدحرج البرميل ،إذ ال يمكن أن
يسقط البرميل في حالة عدم وجود إهمال .أيضا ً ال يتصور أن يحضر المدعي شهوداً من داخل الحانوت إلثبات ما
يدعيه.
( )265د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي الداخلي والدولي ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية،
2002م .ص .182-179
ً
( )266وبهذا الشأن أرسلت الواليات المتحدة األمريكية إلى حكومة جمهورية بولندا –باعتبارها جهة اإليداع-إعالنا ( A
)notificationبتاريخ 1965/11/15م تفصح فيه عن ارادتها باالنسحاب من اتفاقية وارسو 1929م.
129 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
شكل هتديداً كبرياً ملستقبل النقل اجلوي واالتفاقيات املربمة هبذا اخلصوص فستصبح يف مهب الريح إن
نفذت الواليات املتحدة ما لوحت به ألهنا كانت متلك كربى شركات النقل العاملية ،و أكثر من %40
من إمجايل شركات النقل اجلوي ،هلذا سارع اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي( )IATAبإجياد طريقة
لتفادي وقوع ما ال حيمد عقباه ،واستطاع اإلحتاد السابق إقناع عدد كبري من شركات الطريان الدولية
وقد رفع بروتوكول مونرتيال السابق حدود التعويض عن املسؤولية إىل أضعاف ما كانت عليه
يف اتفاقية وارسو فجعلها حمدودة مببلغ 75ألف دوالر أمريكي جتاه كل مسافر مضرور ،أو 58
ألف دوالر أمريكي إن دفعت مصاريف الدعوى وأتعاب املقاضاة يف الدولة اليت رفعت فيها
الدعوى وسوف نفصل ذلك عند احلديث عن حدود التعويض يف املباحث القادمة ،كما حصر
( )267يسمى هذا االتفاق :اتفاق مونتريال المؤقت ( ،)The Montreal Interim Agreement of 1966وقد حقق
للواليات المتحدة ما كانت ترمي إليه من رفع الحد األقصى للتعويض ليصل إلى ما أسمته الحد العادل للتعويض عن
إصابة المسافر أو وفاته ،وعلى الرغم من عدم دخول الدول بصفتها دول ذات سيادة في هذا االتفاق ،بما فيها الواليات
المتحدة -وإن كانت صياغة هذا االتفاق قد تمت بمعرفة ممثلين عن الحكومة األمريكية-وعلى الرغم من ذلك إال أنه
أصبح ساريا ً بين شركات الطيران الحكومية التابعة لهذه الدول ليحقق بذلك رغبات الواليات المتحدة وبغيتها األولى منه
في حماية رعاياها المسافرين جواً .ويطلق بعض الفقه األمريكي على هذا االتفاق " االتفاق الخاص" إذ أنه – من وجهة
نظرهم -ال يعتبر اتفاقا ً جديداً ،بل يعتبر عين التطبيق لنص اتفاقية وارسو1929م الذي قرر بأنه يمكن للناقلين
والمسافرين بموجب اتفاق خاص رفع الحد األقصى للتعويض على ما قررتها االتفاقية:
(Nevertheless، by special contract، the carrier and the passenger may agree to a higher limit
of liability). Warsaw Convention 1929، article22/1.
وإرضاء لحكومات الشركات الموقعة في هذا االتفاق فقد وافقت الواليات المتحدة على إرساء المسؤولية الموضوعية
كأساس لمسؤولية الناقل الجوي رغم معارضتها لهذا األساس ومهاجمتها له في االتفاقيات السابقة ،أيضاَ يعد هذا االتفاق
من أسرع االتفاقيات التي دخلت حيز التنفيذ بعد التوقيع عليها إذ أصبح ساريا ً بين شركات الطيران في تاريخ
1966/5/13م ،أي بعد ( )9أيام فقط من التوقيع عليه والسبب في ذلك أن الواليات المتحدة عندما بعثت خطابها لحكومة
جمهورية بولندا مفصحة فيه عن رغبتها باالنسحاب من اتفاقية وارسو 1929م بتاريخ 1965/11/15م كان سيصبح من
حقها التنصـــــــــل ( )Denounceعن االتفاقيـــــــــــة بتاريخ1966/5/15م أي بعد ستة أشهر من تاريخ اإلخطار وفقاً
لنص اتفاقية وارسو :
(1. Any one of the High Contracting Parties may denounce this Convention by a notification
addressed to the Government of the Republic of Poland، which will at once inform the
Government of each of the High Contracting Parties.
2. Denunciation shall take effect six months after the notification of denunciation، and
)shall operate only as regards the Party who shall have proceeded to denunciation.
)(Warsaw convention 1929 A.D، Article 40.
فلم يكن أمام شركات الطيران إال التوقيع على اتفاق مونتريال1966م قبل تاريخ 1966/5/15م وهو ما حدث بالفعل.
130 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
بروتوكول مونرتيال1966م وسائل دفع الناقل للمسؤولية عن كاهله خبطأ املضرور فقط( ،)268وبذا
أصبحت مسؤولية الناقل اجلوي وفقاً هلذا الربوتوكول مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر
وحتمل تبعاته ،لكن الربوتوكول السابق مل ميكن مجيع املسافرين من االنتفاع بأحكامه ،بل
حصرت إمكانية االستفادة منها على الطريان الذي متثل فيه الواليات املتحدة األمريكية نقطة إقالع
وملا ك ان من شأن تطبيق هذا الربوتوكول هدم مبدأ املساواة بني املسافرين أمام املرافق
العامة ،وخلق تعارضاً بني أحكام حدود مسؤولية الناقل اجلوي ،واملساس بسيادة الدول
املتعاقدة( )270فقد نادى الفقهاء واهليئات املهتمة بشؤون املالحة اجلوية إىل عقد مؤمتر حيد من هذا
التعارض ،ويرسي توازناً بني شركات الطريان وحدود مسؤولياهتا جتاه مسافريها ،وحماولة وضع
مجيع املسافرين على قدم املساواة ،فعقد مؤمتر جواتيماال يف مدينة "جواتيماال" نت عنه بروتوكول
جواتيماال سييت لعام 1971م ،القاضي جبعل مسؤولية الناقل اجلوي مسؤولية موضوعية قائمة على
أ ساس اخلطر وحتمل التبعة بالنسبة لألضرار اليت تقع على املسافرين وأمتعتهم غري تلك النامجة عن
التأخري إذ أبقى عليها الربوتوكول يف عداد املسؤولية العقدية القائمة على أساس اخلطأ
املفرتض(.)271
ومما سبق جند أنه على الرغم من التعديالت املتواصلة واملختلفة التفاقية وارسو 1929م إالب
أن اتفاقية واحدة مل تغط مجيع جوانب مسؤولية الناقل اجلوي أو جتمع أحكام املسؤولية كاملة ،إذ
أن كل اتفاقية كانت هتتم ببعض مواضيع مسؤولية الناقل اجلوي دون التطرق لبعضها اآلخر
كربوتوكول الهاي1955م الذي رفع احلد األقصى للتعويض عن الضرر الذي يصيب املسافر ،بينما
أبقى على حاالت املسؤولية األخرى كما وردت يف أحكام اتفاقية وارسو1929م ،أو
بروتوكول مونرتيال1966م اخلاص الذي اهتم فقط برفع حدود املسؤولية عن األضرار اليت تصيب
املسافرين من رعايا الواليات املتحدة ،أما بروتوكول جواتيماال سييت 1971م والذي كان يعترب
مبثابة األمل الوحيد ملعاجلة ما سببه بروتوكول مونرتيال 1966م من املثالب فلم يدخل حيز التنفيذ
من األصل.
132 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وارسو1929م ،فإن اتفاقية مونرتيال 1999م ال تنقص عنها أمهية إذ أن الفضل يعود هلا يف حماولة
إنقاذ مبدأ توحيد قواعد النقل اجلوي الدويل بعد أن اعرتت اتفاقية وارسو وتعديالهتا الصعوبات يف
توحيد هذه القواعد ،وخاصة بعد دخول بروتوكوالت مونرتيال اإلضافية الثالثة لعام 1975م حيز
التنفيذ( )272وما جاءت به هذه الربوتوكوالت من أحكام جديدة بشأن أحكام مسؤولية الناقل
اجلوي واليت سيتم التعرض هلا يف الفصل القادم ،فاالختالف فيما بني هذه الربوتوكوالت واتفاقية
وارسو و تعديالهتا كان واضحاً خاصة فيما خيص أساس مسؤولية الناقل اجلوي وحدود التعويض
املقررة فيها ،فكان البد على اجملتمع الدويل من حماولة وضع اتفاقية واحدة شاملة ألحكام النقل
جاءت اتفاقية مونرتيال املوقعة يف مايو 1999م ،مستصحبة يف أحكامها ما وصلت إليه مجيع
االتفاقيات السابقة هلا من تطورات يف أساس مسؤولية الناقل اجلوي الدويل ،ومستصحبة أيضاً تطور
مرفق النقل اجلوي وتطور صناعة الطريان معه ،حتى أصبح مرفق النقل اجلوي ميثل عصب احلياة
فعالً( ،)273ومن ثم وضعت اتفاقية مونرتيال1999م كل ما ذكر يف االعتبار فأرست نظام املسؤولية
املطلقة ( )Absolute Liabilityاليت يعد الناقل مبوجبها مسؤوالً عن الضرر الذي يصيب املسافر
( )272تسمى هذه البروتوكوالت ببروتوكوالت مونتريال اإلضافية األربعة لسنة1975م ،وقد دخل البروتوكوالن األول
والثاني منها حيز التنفيذ في 15فبراير 1996م ،أما البروتوكول الرابع فقد دخل حيز التنفيذ في 14يونيو 1998م ،أما
البروتوكول الثالث فلم يدخل حيز التنفيذ حتى اآلن.
( )273إذ تقول دراسة إحصائية أجريت أنه في كل عام تسافر 15مليون طائرة مسافرين تجارية حاملة معها 1.2مليار
مسافر ...مما يعني إقالع طائرة تجارية من مكا ٍن ما في العالم كل ثانيتين .مجلة آفاق العلم ()prospects of science
العدد ،11أكتوبر -نوفمبر 2006م ،ص.8
( )274لم تكن اتفاقية مونتريال 1999م هي أول اتفاقية تتحدد مسؤولية الناقل الجوي الدولي فيها على أساس الخطر وتحمل
التبعة ،فقد جاء بروتوكول مونتريال 1966م ،وبروتوكول جواتيماال1971م بذات األساس لمسؤولية الناقل الجوي.
133 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وعلى الرغم من إمكانية القول أن اتفاقية مونرتيال 1999قد حوت أحكام اتفاقية
وارسو 1929وتعديالهتا املختلفة إالب أهنا قد جاءت خمالفة كافة االتفاقيات السابقة يف بعض
األحكام؛ ففي الوقت الذي تشرتط اتفاقية وارسو1929م على املضرور حلصوله على تعويض
يتجاوز احلد األقصى املقرر فيها إقامة الدليل على غا الناقل أو خطئه اجلسيم املساوي للغا(،)275
وتؤسس املسؤولية يف هذه احلالة على أساس اخلطأ واجب اإلثبات ،ويف الوقت الذي يشرتط
بروتوكول الهاي 1955م يف مثل هذه احلالة إثبات املضرور لفعل من جانب الناقل أو امتناع عن
فعل بقصد إحداث الضرر أو برعونة مقرونة باحتمال ترتب ضرر على ذلك( ،)276ويف الوقت الذي ال
جييز بروتوكول جواتيماال سييت 1971م يف مثل هذه احلالة جتاوز احلد األقصى
للتعويض( )Unbreakableبأي حال( ،)277جند اتفاقية مونرتيال1999م يف هذه احلالة جتيز جتاوز
احلد األقصى للتعويض لكنها جتعل مسؤولية الناقل مسؤولية عقدية قائمة على أساس اخلطأ
أيضاً من أهم املشكالت اليت اهتمت اتفاقية مونرتيال1999م بوضع حلول مناسبة هلا ،هي
مسألة توحيد احللول املتبناة يف جمال حتديد احلد األقصى للتعويض ،والقواعد اخلاصة حلساب هذا احلد
فقد نشأ تضارب بني االتفاقيات السابقة يف حساب قيمة التعويض ذلك ألن التطور احلادث يف جمال
احلد األقصى للتعويض جعل التعويض حيسب مببالغ لتلف عن بعضها البعض حبسب ما تنص عليه
االتفاقية اليت حتكم العقد فقد نصت بعض االتفاقيات على حساب قيمة التعويض مبوجب الفرنك
الفرنسي ،ونصت أخرى على حساب قيمته مبوجب الدوالر األمريكي ،وثالثة مبوجب وحدات
حقوق السحب اخلاصة ( )Special Drawing Rightوما واجهته التطبيقات العملية من صعوبة
عند حتويل هذه املبالغ إىل ما يساويها بالعملة الوطنية باالستناد إىل واقع صرف الذهب الذي مل يستقر
هو اآلخر على سعر حمدد ،أيضاً افرتاض عضوية الدول اليت وقعت على بروتوكوالت مونرتيال
اإلضافية األربعة 1975م يف صندوق النقد الدويل سبب صعوبة يف حساب قيمة التعويض على
أساس وحدات السحب اخلاصة وفق ما حيدده صندوق النقد الدويل (Monetary Fund()IMF
) Internationalمن أحكام ،مما جعل هذه الدول حتسب التعويض على أساس وحدات
السحب اليت نصت عليها اتفاقية وارسو وتعديالهتا وهي(الفرنك بوانكاريه) (Poincaré ( )PF
( )Francأي الفرن ك الفرنسي) وهو األمر الذي أنشأ التعارض بني االتفاقيات نفسها فيما يتعلق مبدى
أسعار هذه الوحدات عن بعضها وحدود التعويض املقررة( ،)278وقد تالفت اتفاقية
مونرتيال1999م هذه العيوب ووضعت أحكاماً خاصة بالدول األعضاء يف صندوق النقد الدويل،
كما وضعت أحكاماً أخرى خاصة بالدول اليت ليست أعضاء يف الصندوق وسنفصل ذلك عند
احلديث عن حدود التعويض يف الفصل الرابع من هذه الدراسة إالب أن ما يهمنا ذكره يف هذا املقام
أن اتفاقية مونرتيال1999م قد الذت نظامني كأساس ملسؤولية الناقل اجلوي يف وقت واحد،
فتكون مسؤولية الناقل مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة عن األضرار
( )278د .هشام فضلي .مسؤولية الناقل الجوي على الصعيدين الدولي والداخلي ،دراسة في اتفاقية مونتريال 1999م،
وقانون التجارة الجديد ،ط ،1دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية2005 ،م ،ص.44 ،43
135 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اليت ال تتجاوز احلد األقصى للتعويض وهو( )100.000وحدة حقوق سحب خاصة ،ومسؤولية
شخصية قائمة على أساس خطأ الناقل املفرتض عن األضرار اليت تتجاوز احلد األقصى للتعويض
ونالح مما سبق أن اتفاقية مونرتيال 1999م قد ارتفعت بأساس مسؤولية الناقل اجلوي
ملصلحة املسافر بشكل خيتلف عما كانت عليه يف أحكام اتفاقية وارسو1929م؛ فحينما كان
أساس مسؤولية الناقل اجلوي يؤسس يف اتفاقية وارسو 1929على اخلطأ املفرتض عن األضرار اليت
ال تتجاوز حدود مبلغ التعويض جنده يف اتفاقية مونرتيال 1999م يؤسس على أساس مطلق قوامه
اخلطر وحتمل التبعة ،ويف الوقت الذي تبين اتفاقية وراسو1929م مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ
واجب اإلثبات يف حالة جتاوز مبالغ التعويض احلدود اليت قررهتا االتفاقية ،جند اتفاقية
مونرتيال1999م قد إرتفعت بأساس املسؤولية ملصلحة املسافر يف هذه احلالة لتصبح مسؤولية
كما نستطيع القول أن اتفاقية مونرتيال1999م بتأسيسها املسؤولية املطلقة قد أرست توافقاً
فيما بني موضوعات القانون اجلوي وتكامالً مع بعضها البعض ،كما أهنا بتأسيسها لتلك املسؤولية قد
شكلت حلقة وصل بني عامة موضوعات القانون اجلوي والقوانني الوطنية؛ ففي الوقت الذي تكون
أحكام القانون اجلوي فيه واجبة التطبيق على كل األشياء املتحركة يف اجلو وكل ما من شأنه أن
يشكل بالنسبة للغري خطراً خاصاً ومتصالً باستعماهلا جند ان اتفاقية مونرتيال1999م قد وضعت
حتديداً أوضح ملعنى الطائرة وذلك بتأسيسها مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطر وهو األساس
136 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
نقطة مقصده النهائي ساملاً معافىً ،وإخالل الناقل هبذا االلتزام جيعله عرضة لتحمل مسؤولية عدم
تنفيذ العقد كما بينتها االتفاقيات الدولية ذات الصلة مبوضوع النقل اجلوي ومسؤولية الناقل ،و تنعقد
مسؤولية الناقل اجلوي وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال1999م إن هو أخل بالتزامه حنو املسافر و
أمتعته ،لكن هذه املسؤولية ليست مطلقة دون قيد إ ا قيدهتا االتفاقية بشروطٍ ثالثة نصت عليها
االتفاقية:
(The carrier is liable for damage sustained in case of death or
bodily injury of a passenger upon condition only that the accident
which caused the death or injury took place on board the aircraft or
)in the course of any of the operations of embarking or disembarking
.
()279
من النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال1999م قد جعلت الناقل مسؤوالً عن
الضرر( )Damageالذي حيصل للمسافر يف حالة أدى هذا الضرر إىل وفاة املسافر()Death
أو إصابته بدنياً( ،)Bodily injuryلكنها قد اشرتطت لتحمل الناقل املسؤولية عن هذا
الضرر أن تكون احلادثة( )The accidentاليت سببت الوفاة أو اإلصابة البدنية قد وقعت
على منت الطائرة ( )On board the aircraftأو أثناء أي من عمليات الصعود
استخالص شروط( )280ثالثة النعقاد مسؤولية الناقل اجلوي جتاه املسافر ،نفصلها من خالل املطالب
التالية:
املطلب األول :وقوع ضرر أدى إىل وفاة املسافر أو عرّضَه إلصابة جسدية
أوالً :املقصود بالضرر:
أول شرط من الشروط اخلاصة النعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب
املسافر كما بينتها اتفاقية مونرتيال 1999م هو وقوع ضرر يصيب املسافر وتكون نتيجته وفاة
نالح من النص السابق أن مسؤولية الناقل اجلوي تنعقد يف اتفاقية مونرتيال1999م جملرد
وقوع الضرر ،لكن االتفاقية السابقة مل تأت بتعريفٍ حمد ٍد ملعنى الضرر بل اكتفت بذكر صوره وهي
الوفاة أو األذى البدني ،وعليه فإنه يرجع يف تفسري املقصود بالضرر إىل القواعد العامة يف القانون
والضرر يف اللغة :النقصان يدخل يف الشيء( ،)282والضَرَّ :خالف النفع( ،)283ال يضر الرجل أخاه
فينقصه شيء من حقه( ،)284أما تعريف الضرر يف القانون -و هو ما نود اإلشارة إليه هنا -فليس ثابتاً
إذ أن القوانني الوطنية لتلف فيما بينها يف تفسري معنى الضرر فتتوسع بعض هذه القوانني ليدخل يف
عداد الضرر في ها األضرار النفسية مثل القانون السوداني الذي يعرف الضرر على أنه ( :أي أذى يقع
باملخالفة للقانون يصيب الشخص يف جسمه أو صحته العقلية أو النفسية أو يف عرضه أو ماله أو
عته)( ،)285ويتوسع البعض اآلخر ليدخل الضرر املتوقع ( )expected damageوغري املتوقع
ثانياً :مدى مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر:
إن حوادث النقل عامة وحوادث الطريان خاصة قد تسبب إىل جانب األضرار البدنية
( ) Bodily Injuryاملتمثلة يف وفاة املسافر أو جرح جسمه ،أضراراً نفسية ( )Mental Injuryقد
)traumaأو غريها من تلك اليت ال تكون ظاهرة على جسم املسافر ،فهل تتسع مسؤولية الناقل
لتشمل التعويض عن األضرار النفسية؟ أم أن مسؤوليته قاصرة على تغطية اإلصابات البدنية فقط
النفسية( )Mental injuryبل أن االتفاقية قصرت التعويض عن األضرار البدنية فقط املتمثلة يف
وفاة املسافر أو إصابة بدنه جبروح ( ،)287( )Bodily injuryبيد أن القضاء قد تصدى هلذه املسألة
وتناوهلا يف قضايا عديدة اجتهت يف بداية األمر إىل عدم التعويض عن األضرار النفسية واقتصار
التعويض على األضرار البدنية منها ،ففي قضية ( )288( )Husserlاليت جاء يف حكم القاضي ()Tyler
أنه من خالل قراءته لنص املادة ( )17من اتفاقية وارسو1929م فإن هناك صعوبة يف إلزام الناقل
بالتعويض عن األضرار النفسية وحدها إذ أن عبارة "أذى بدني" تنصرف إىل األذى اجلسماني
فقط( ،)289وهو نفس االجتاه الذي ذهبت إليه احملكمة يف قضية (Burnett V. Trans World
) )290(Airlines Incبرفض التعويض عن األضرار النفسية اليت أصابت املسافر( )Burnettجراء
عملية اختطاف الطائرة وحتويل مسارها إىل "صحراء األردن" بدالً عن"نيويورك" واحتجازها
هناك ملدة سة أيام ،فقد استند القاضي يف هذه القضية إىل أن القانون الفرنسي واألمريكي
كليهما مييزان متييزاً دقيقاً بني األذى البدني( )Bodily Injuryواألذى النفسي(،)Mental Injury
وما دامت االتفاقية قد اقتصرت بالتعويض عن األذى البدني فال وجه هنا للتوسع بالتفسري ألن
األضرار النفسية وحدها غري كافية لقيام مسؤولية الناقل اجلوي ،كما جاء يف قضية:
) )291((Antal Beck V. KIM Royal Dutch Airlines and Ritz Travelأنه ال
يعد من قبيل األذى البدني الذي يوجب مسؤولية الناقل اجلوي االضطراب النفسي الذي أصاب
املسافرين نتيجة هبوط الطائرة اضطرارياً خللل أصاهبا أثناء رحلتها من "أمسرتدام" إىل
"بودابست" ،وهو نفس احلكم الذي انتهت إليه احملكمة يف قضيةRosman V. trans world (:
أيضاً حكمت احملكمة بعدم التعويض عن األضرار النفسية اليت تلحق باملضرور يف الفرتة ما
بني وقوع احلادث والوفاة إذ أن املوت السريع مل يفسح اجملال للضرر النفسي ،جاء ذلك يف دعوى(In :
( )290د .رفعت أبادير .مرجع سابق ،ص .8-6وأنظر أيضاً :د.رفعت فخري ،د .محمد فريد العريني ،مرجع سابق،
ص119م.
( )291أوردها د .عاطف محمد الفقي .مرجع سابق ،ص.106
140 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
) )292(Re Aircash Disasterحيث حتطمت الطائرة قرب بلدة " "Rose lawnبالقرب من والية
"أنديان" بالواليات املتحدة األمريكية فطالب املدعون بالتعويض عن األضرار البدنية املتمثلة
بالوفاة واألضرار النفسية املتمثلة باخلوف والذعر الذي أصاب املتوفني قبيل حلظة الوفاة.
مل تظل احملاكم على هذا النه طويالً فقد اجتهت إىل تفسري نص املادة ( )17التفسري الواسع حبيث
يستطيع املسافر معه احلصول على التعويض عن األضرار النفسية املصاحبة لألضرار البدنية .ففي
قضية:
) ( Alvarez v. American Airlinesانتهت احملكمة إىل ضرورة وجود رابط بني
وهو نفس النه الذي سارت عليه احملاكم اإلجنليزية ففي قضية:
املسافرين كان جيلس خلف الطفلة ( )Marrisيف رحلة من "كواالالمبور" إىل "أمسرتدام" فتحر
هبا جنسياً ،ا دعت والدة الطفلة بإصابة ابنتها بأضرار نفسية تتمثل باكتئاب إكلينيكي ،جاء يف حكم
جملس اللوردات ) (The House of Lordأن وجود ضرر نفسي مستقل عن الضرر البدني ال
يرتقي إىل التعويض ومن ثم ال تعويض عن الضرر النفسي يف حالة عدم وجود ضرر بدني مرتبط به
:
No Recovery is available for mental injury absent physical
symptoms .
( )292المرجع السابق ،ص .114ونالحظ من هذه القضية أن المحكمة قد اعترفت ضمنا ً بإمكانية التعويض عن األضرار
النفسية ،ونستنتج ذلك مما ذهبت إليه المحكمة بعدم الحكم بالتعويض عن األضرار النفسية نسبة لعدم وجودها ،بمعنى
أن المحكمة كانت ستحكم بالتعويض عن األضرار النفسية التي أصابت المسافرين المتوفين لو كان هناك فارق زمني
كاف لحدوثها بين لحظة وقوع الحادث ولحظة الوفاة.
141 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
كان أحد مسافرين الطائرة "هيلوكبرت" فتعطلت وسقطت يف املاء قرب ميناء حبر الشمال مما أصاب
املدعي بأضرار بدنية وأخرى نفسية متثلت يف اخلوف من الطريان والقلق والكوابيس واألرق ،جاء
يف حكم اللوردات أنه :إن صاحبت األضرار البدنية أضرار نفسية فقد يستطيع املسافر املطالبة
بالتعويض عن مجيع األضرار سواء كانت بدنية أو نفسية ،وبالتايل أجابت احملكمة املدعي إىل طلبه
ثالثاً :موقف القضاء العربي من التعويض عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر:
القضاء العربي أيضاً كان له رأي يف هذه املسألة إذ يعرتف القضاء املصري بإمكانية التعويض
عن األضرار غري البدنية اليت تصيب املسافر ،جاء ذلك يف الطعن رقم ( )888لسنة 60ق جلسة
1994/6/19م ،إذ ذهب القاضي إىل إمكانية تعويض املسافر يف عقد النقل اجلوي عن الضرر
يرى بعض الكتاب( )295أيضاً أن الناقل يسأل عما يلحق املسافر أثناء تنفيذ عقد النقل اجلوي من
أضرار بدنية أو غري بدنية فإذا كانت األضرار البدنية تشتمل على الوفاة واجلروح فإن األضرار غري
البدنية تشمل ما عدا ذلك من ضرر معنوي كاإلحساس باألمل واملعاناة النفسية بسبب ما أصابه،
فاألذى املعنوي ال يقل عن األذى البدني يف خطورته ،بل إن بعض األضرار النفسية تدخل يف معنى
األضرار البدنية ،كاالهنيـ ــار العصيب ( )Nervous breakdownأو اخللل العقـ ـ ــلي ( Mental
.)296( )defect
ويرى البعض( )297أن من مصلحة الناقل تعويض املسافر عن األضرار النفسية وفق حدود
االتفاقيات الدولية ذات الصلة مبوضوع النقل اجلوي؛ فإذا كانت االتفاقيات قد اجتهت إىل وضع حدوداً
للتعويض حلماية الناقل وتشجيعاً لصناعة النقل اجلوي ،فإن عدم مسائلة الناقل عن األضرار النفسية
اليت أصيب هبا املسافر يفتح الباب أمام هذا األخري ملسائلة الناقل عن تلك األضرار وفقاً لقواعد
القوانني الوطنية ،وبالتايل ال يستطيع الناقل االنتفاع حبدود املسؤولية املقررة يف االتفاقيات ،بل إن
األمر قد يتطور فيطالب املسافر الناقل بتعويضني ،األول عن األضرار البدنية وفق أحكام
االتفاقيات الدولية ،واآلخر عن األضرار النفسية وفق القوانني الوطنية وهذا األمر خيل بالغرض
الذي وضعت االتفاقيات من أجلة بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي قبَل كل مسافر.
لكننا نالح على الرأي السابق عدم إمكانية األخذ به عند تطبيق أحكام اتفاقية
مونرتيال1999م ،ذلك ألن االتفاقية السابقة قد نصت صراحة على عدم جواز رفع أي دعوى
للتعويض مهما كان سندها ،سواء مبقتضى االتفاقية نفسها ،أو بناء على عقد ،أو بسبب عمل غري
مشروع ،أو ألي سبب آخر ،إالب وفق ًا لشروط وحدود املسؤولية املقررة فيها:
(In the carriage of passengers، baggage and cargo، any action for
( )296د .أكثم أمين الخولي .دروس في القانون البحري والجوي ،مكتبة سيد عبد هللا وهبه ،القاهرة1971 ،م ،ص.416
( )297د .رفعت أبادير .مرجع سابق ،ص.26
( )298المادة( )29من اتفاقية مونتريال1999م.
143 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ومما سبق صلص إىل أنه وعلى الرغم من إتباع اتفاقية مونرتيال 1999م سابقاهتا بعدم
التعويض عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر واقتصارها فقط على تعويض األضرار البدنية منها،
إالب أنه ميكن للمسافر املطالبة بالتعويض عن األضرار النفسية اليت أصابته وسندنا يف ذلك أن القضاء
يعرتف بالتعويض عن األضرار النفسية بشرط أن تكون مصاحبة ألضرار بدنية أصابت املسافر ،و
يستطيع املدعي إثبات وجود الضرر النفسي وارتباطه بالضرر البدني ،واألمر هنا يعد نسبياً خيضع
لتقدير القاضي املختص بنظر النزاع ،بل إن املضرور -وحبق -قد يصاب بأضرار نفسية أكرب من
األضرار البدنية ونورد مثالً لذلك قضية(Nazir Tarar v. Pakistan International Air :
()299
واليت تتلخص وقائعها يف أن ورثة املتوفى( )Tararتعاقدوا مع الشركة اجلوية )Lines
الباكستانية الدولية لنقل جثمان السيد ( )Tararإىل مسقط رأسه يف "باكستان" ليتم دفنه هناك،
فقام ا لناقل بتأخري نقل اجلثمان أربع وعشرين ساعة ،و نقل اجلثمان على طائرة (بضائع) تعطلت
هذه الطائرة يف مطار "أمسرتدام" ،فلم يكرتث الناقل إلخراج اجلثة ونقلها على رحلة أخرى أو
شركة أخرى مع إمكانيته ذلك ،وقد أجابت احملكمة املتضررين بالتعويض عما أصاهبم من أضرار
نفس ية ،متثلت يف تأخري مراسم اجلنازة ،وعدم احرتام حرمة املتوفى باعتبار نقل اجلثم ــان ميثل شحنة
غري عادية ( ،)Extraordinary Shipmentولذلك فقد حكمت احملكمة مبسؤولية الناقل ،بل
وبتشديد مسؤوليته ومنح املضرورين تعويضاً يزيد عن احلدود القصوى املقررة يف االتفاقية .أيضاً
أثبت الطب احلديث أن مزاج اجلسم يتبع أخالق النفس ،و أن الوهم واألحداث النفسية من العلل اليت
تؤثر يف البدن كالتهاب املفاصل الروماتيزمي .الذي تؤثر فيه أُصول نفسية وبعض أنواع سوء اهلضم اليت
تنشأ عن أسباب نفسية( ،)300كما أن الضرر النفسي الذي ينجم عنه ضرر معنوي تعتربه احملاكم من قبيل
( )299أوردها د .جالل وفاء محمدين .تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين ،دراسة في القضاء األمريكي،
دار الجامعة الجديدة للنشر ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ ،ص.71 ،70
( )300الموسوعة العربية العالمية ،موسوعة العلوم عند العرب والمسلمين (الطب النفسي) ،الرياض ،بدون تاريخ .
144 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
(سالرينو) تستحق تعويض عن إصابتها باإلجهاض النات عن إصابتها حبالة اهنيار لتلقي طاقم الطائرة
إخطاراً بوجود قنبلة على متنها مما أدى إىل ذعر املسافرين ومن بينهم املدعية .كما انتهت احملاكم
الفيدرالية إىل اعتبار االختطاف والعمليات اإلرهابية اليت يتضرر منها املسافرون من قبيل احلادث
ويتحمل تبعتها الناقل اجلوي وحده لقدرته على اتقائها ،ورمبا السيطرة عليها ففي قضية( Herman
)V. TWAاملتعلقة باختطاف إحدى طائرات هذه الشركة ،وكانت املدعية على متنها ،قضت
حمكمة نيويورك بالتعويض عن الضرر النفسي الذي وقع على املدعية واملتمثل يف اخلوف الشديد،
واإلصابة باألرق ومن ثم نقص يف الوزن نت عنه مضاعفة يف احلساسية اليت كانت لديها( .)302ويدعم
هذا االجتاه -أيضاً-قول البعض( )303أنه ميكن للمسافر املطالبة بالتعويض عن أي ضرر يلحق به يف
حقوقه غري املالية ،وتعين األضرار غري املالية هنا األضرار األدبية اليت تصيب العاطفة أو الشعور و
اليت ال ينت عنها أي إنفاق للمال على العالج ،أو نقص يف القدرة على الكسب املادي ،كما أن احملاكم
األملانية تعرتف بالتعويض عن األضرار النفسية يف حالة خطأ الناقل اجلسيم أو الغا من جانبه(.)304
( )301أوردها د .يحيى أحمد البناء .اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،مرجع سابق ،ص.124
( )302د .مراد منير فهيم .خضوع النقل الجوي الداخلي لنظام اتفاقية وارسو للنقل الدولي ،منشاة المعارف ،اإلسكندرية1968،م ،ص.49
( )303عبد الحكم محمد عبد السالم عثمان .التزام السالمة في النقل الجوي ،رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه ،جامعة عين
شمس،القاهرة1983 ،م1403-هـ ،ص.395
( )304الخطأ الجسيم :كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه بطيش مقرون بعلم لما قد ينجم عنه من ضرر .أما الغش
فهو :كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه بقصد إحداث الضرر .د .أكرم يا ملكي.مرجع سابق ،ص ،141 ،140
.150وقد تبلور جليا ً معنى الضرر الجسيم في قضية رفعت ضد الخطوط الجوية الليبية عام 1973م ،والتي تتلخص وقائعها في أن
المدعين(وهم ورثة المسافرين المتعاقدين) طالبوا الشركة الناقلة بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المسافرين وسبب وفاتهم ،بعد
أن أسقطت الطائرة بنيران السالح اإلسرائيلي ،فقد أقلعت الطائرة من مطار "بنغازي" في 1973/2/21م متجهة إلى "القاهرة" إال
أنها لم تصل نقطة مقصد المسافرين النهائية بسبب أنها انحرفت عن الممر المالحي الجوي المرسوم لها نتيجة لتشويش خارج عن
األجهزة المالحية في الطائرة ،ثم دخلت الطائرة مجاالً جويا ً تحتله إسرائيل فلحقتها طائرات اعتراضية إسرائيلية ووجه قائد شعبة
الطائرات اإلسرائيلية إشارات للطائرة الليبية فهبطت في قاعدة السالح الجوي اإلسرائيلي ،لكن قائد الطائرة عاد لإلقالع مرة أخرى
بعد أن الحظ اختفاء الطائرات المالحقة له األمر الذي تسبب في إسقاط الطائرة بواسطة نيران السالح الجوي اإلسرائيلي ،دفع
الناقل ببذله العناية الالزمة ،وما حدث لهو خارج عن إرادته أو خطئه الجسيم ،انتهت محكمة أول درجة إلى مسؤولية الناقل عن
الحادث مما يوجب التعويض وفقا ً للحدود المقررة في اتفاقية وارسو المعدلة ببروتوكول الهاي1955م ،استأنف الناقل الحكم فذهبت
محكمة االستئناف إلى رفض ما تقدم به الناقل وأيدت وجوب التعويض إال أنها خرجت عن حكم محكمة أول درجة ،وقررت عدم
االلتزام بحدود التعويض المقررة في االتفاقية سالفة الذكر ألن ثمة خطأ جسيم آخر قد وقع من الناقل بطيرانه فوق أراضي خاضعة
لسيطرة العدو ،فال يمكن الدفع بعدم علم الناقل وتوقعه لما سيحدث وعواقبه .عبد السالم علي المزوغي .مجلة الدراسات القانونية،
تعليق على حكمين لمحكمة بنغازي االبتدائية ،جامعة قاريونس1977،م ،ص.373-371
145 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
بل يشرتط أن يكون هذا الضرر قد جنم عن وقوع حادث ( ،)Accidentوعلى الرغم من
اش رتاط االتفاقية هذا الشرط ،إالب أهنا مل تورد تعريفاً حمدداً ملعنى مصطلح "حادث" بل تركت ذلك
للفقه والقضاء الذي بدوره هذا األخري مل يتوانَ عن تفسري معنى "احلادث" التفسري الواسع( )305يف ظل
اتفاقية مونرتيال1999م ،و اليت يسعى فيها الناقل للدفع بأن الواقعة ( )Incidentاليت سببت الضرر
( )Damageال تعد من قبيل احلادث ( )Accidentالذي قصدته االتفاقية بعد أن كان الناقل
الذي خيضع أساس مسؤوليته التفاقية وارسو1929م جيد طرقاً عدة لدرء املسؤولية عن كاهله،
إذ كان يكفيه الدفع بأنه الذ وتابعيه مجيع التدابري الالزمة التقاء احلادث ،أو أنه استحال عليه الاذ
مثل تلك التدابري ،أما اتفاقية مونرتيال1999م فال سبيل يف أحكامها للناقل بأن يتنصل من
املسؤولية مبثل هكذا دفع ،إذ أن املسؤولية قد أصبحت موضوعية أساسها اخلطر وحتمل التبعة،
وليس اخلطأ املفرتض أو واجب اإلثبات كما كان من قبل كما ذكرنا ،كما استبعدت االتفاقية أي دفع
للناقل ال يقوم على خطأ املسافر أو حالته الصحية ،وبالتايل جلأ الناقل إىل دفع آخر لدرء املسؤولية
عن كاهله يتمثل هذا الدفع يف انتفاء صفة "احلادث" عن الواقعة اليت سببت الوفاة أو اإلصابة للمسافر
وفقاً لتفسري اتفاقية مونرتيال1999م ،وبالتايل جند اتفاقية مونرتيال1999م وإن كانت مل تعط
تعريفاً حمدداً ملصطلح "احلادث" إالب أهنا قد توسعت ضمناً يف تفسري هذا املصطلح عما كان عليه إبان
( )305ذلك لما شهدته صناعة ال نقل الجوي من تطور في استخدام وسائل األمان والتكنولوجيا الحديثة في صناعة الطائرات،
فبينما كانت الطائرات إبان اتفاقية وارسو1929م تفتقر إلى كثير من وسائل األمان ومجابهة األخطار ،فقد أصبحت اليوم
تمتاز بتكنولوجيا عالية سواء من حيث حجمها الذي يصل بعضها لدرجة تستطيع معه الطائرة حمل ما يقارب األلف مسافر
وحمولة 600طن عند اإلقالع ،أو من حيث تصاميمها المتميزة إذ أصبحت تضم كافة وسائل الراحة والرفاهية والسالمة
واألمان ،فهي تضم مطاعم واستراحات وغرف نوم وأماكن استحمام ومنظومة متكاملة لالتصاالت الهاتفية وخدمات
الفاكس واإل نترنت وصالة ألعاب هذا عدا عن خدمات البثين التلفزيوني واإلذاعي ،وخدمات خاصة لرجال األعمال
واستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية (.آفاق العلم ،العدد ،12يناير -فبراير2007 ،م).
146 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اتفاقية وارسو 1929م وتعديالهتا الالحقة ،فقد أصبح من قبيل احلادث يف اتفاقية مونرتيال1999م
اختطاف الطائرات ( ،)Hijackingالقرصنة اجلوية ( ،)Air piracyاحلروب املعـ ــلن عنها و غري
ارتباط بني تعريف احلادث و نوع املسؤولية وطبيعتها فإذا كانت املسؤولية شخصية وفقاً ألحكام
اتفاقية وارسو 1929م اليت جتعل اخلطأ املفرتض من جانب الناقل أساساً لتحمله املسؤولية ،عندها
سيحمل تعريف "احلادث" املعنى الضيق ،أما يف اتفاقية مونرتيال 1999م اليت تؤسس مسؤولية الناقل
اجلوي على اخلطر وحتمل التبعة ،فان تعريف مصطلح حادث سيتوسع ليدخل حتت نطاق احلادث
ال ال ترتبط حبسب األصل بعملية النقل اجلوي كأن يصاب مسافر جراء اعتداء آخر عليه بالضرب.
أفعا ً
تباينت التعريفات الفقهية ملعنى احلادث فيذهب بعض الفقهاء إىل تعريف احلادث تعريفاً ضيقاً
وجيعل احلادث مرتبطاً بتشغيل الطائرة فقط ،فال توصف الواقعة بأهنا "حادث" إالب إذا ارتبطت من
حيث األصل بتشغيل الطائرة كاحلالة اليت تعطب فيها الطائرة أو حترتق ونتيجة لذلك يصاب املسافر
بأذى( ، )306أما االجتاه اآلخر فيتوسع يف تفسري معنى "حادث" نسبة إىل املساس بشخص املسافر
واألضرار به ،فكل واقعة ترتب عليها املساس بشخص املسافر تعترب حادثاً بشرط أن لرج عن
إرادة الناقل وتابعيه( ، )307ويالح على هذا التعريف اشرتاطه خروج الواقعة اليت يرتتب عليها
املساس بشخص املسافر عن إرادة الناقل وتابعيه واألخذ هبذا الشرط يضيق من مفهوم احلادث إذ
حيصر مفهوم احلادث على الوقائع اليت ال يكون للناقل وتابعيه أي عالقة يف وقوعها وهذا التفسري من
( )306د .يحيى أحمد البناء .اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية1994 ،م ،ص.118 ،117
( )307د .أبو زيد رضوان .مرجع سابق ،ص.336
147 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
شأنه النأي بالناقل عن أخطائه أو أخطاء تابعيه كقائد الطائرة والطاقم ،وهو ما جيايف اهلدف الذي
سعى القضاء حثيثاً لتفسري كلمة "حادث" إذ ورد يف القضاء الفرنسي تعريف "احلادث" بأنه كل
واقعة مفاجئة وغري متوقعة ،مستقلة عن إرادة الناقل وتابعيه( ،)308ولل بالسري املعتاد للرحلة
اجلوية جاء ذلك يف قضية الزوجني "حداد" ضد اخلطوط اجلوية الفرنسية ( Haddad v. Air
)309()Franceإثر اختطاف الطائرة الفرنسية اليت كانا على متنها أثناء قيامها برحلة دولية بني "تل
أبيب" و "باريس" وقد بينت احملكمة أن اختطاف الطائرة وحتويل مسارها يعد حادثاً إذ أن
أم ا القضاء األمريكي فقد توسع يف تفسري معنى "احلادث" ليشمل كل واقعة فجائية غري معتادة
لل بالسري املعتاد للرحلة اجلوية ،ووفقاً هلذا التعريف يشمل احلادث انفجار الطائرة أو ارتطامها
باألرض أو بسفينة يف البحر أو بطائرة أخرى يف اجلو سواء كان ناشئاً عن عطل بالطائرة أو خطأ يف
قيادهتا ،أما إذا كان الضرر ناشئاً عن شجار بني اثنني من املسافرين -مثالً -فال ميثل ذلك الشجار
حادثاً( )310يرتب املسؤولية على عاتق الناقل اجلوي( ،)311كما يسأل الناقل وفقاً للقضاء األمريكي عن
( )308نالحظ على هذا التعريف أنه قد ضيق من تعريف مصطلح "الحادث" إذ ال يعتبر خطأ الناقل وتابعيه من عداد الحادث،
وبالتالي ال يسأل الناقل عن األخطاء المالحية ،أو أخطاء قائد الطائرة أو طاقمها.
( )309د .رفعت فخري .د.محمد فريد العريني .مرجع سابق ،ص .144 ،143
( )310على الرغم من ذلك فإن بعض أحكام القضاء األمريكي تعتبر مثل هذا النوع من اإلصابات حادثا ً بالمعنى الذي قصدته
االتفاقية بشرط أن يكون سبب اإلصابة متعلق بموضوع االستغالل الجوي للطائرة -كأن يتمثل في تقصير الناقل في
تقديم الخدمة مثالً -حيث قضت محكمة استئناف نيويورك بالواليات المتحدة األمريكية حين عرضت عليها قضية" :
"Ricci v. American Airlinesلصالح المدعي "ريتشي" حيث أصيب أثناء رحلة جوية نتيجة اعتداء مسافر آخر
عليه كان يجلس بجواره في األماكن المخصصة للمدخنين( )A smoker seatedبالضرب قضت بتعويض المدعي
واعتبار اإلصابة حادثا ً بمفهوم االتفاقية رغم عدم ارتباطها بحسب األصل بعملية االستغالل الجوي للطائرة على أساس
أن الناقل لعدم وجود مقاعد خالية في قسم المسافرين غير المدخنين ،قام بحجز مقعد لمسافر غير مدخن في قسم
المس افرين المدخنين .أوردها د .يحي أحمد البناء.اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،مرجع سابق ،ص،130
.131
()311
www.farrajlawyer.com.
148 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
احلادث الذي مل تعرف مسبباته ،جاء ذلك يف احلكم الذي أرسته حمكمة)- SUR-Le Main
)Frankfortيف مارس عام 1939م بأن الناقل يعد مسؤوالً عن آثار احلادث إذا مل تعرف
مسبباته أو كان من املستحيل معرفة الظروف اليت وقع فيها( ،)312بل إنه يف قضية Saks v. Air
) ) Franceقد ذهبت احملكمة إىل تفسري أوسع من ذلك مؤداه أن احلادث :كل واقعة فجائية غري
ذكرنا -وإصابة احملرك بعطل أثناء هبوط الطائرة أو بعد هبوطها( ،)314وتضرر املسافرين من وقائع
( )312د .عبد الرافع موسى .أبعاد مفهوم التدابير الضرورية أو الالزمة في نص المادة 20من اتفاقية وارسو لسنة 1929م،
دار النهضة العربية ،القاهرة1997،م ،ص .22
( )313د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي الداخلي والدولي ،مرجع سابق ،ص.191
( )314في العاشر من يونيو 2008م ،تحطمت طائرة سودانية من طراز( )Air-bus A310-300في مطار الخرطوم بعيد
هبوطها في مطار الخرطوم أثناء رحلة دولية قادمة من "عمان" و"دمشق" إثر اشتعال النار فيها بسبب انفجار في أحد
محركاتها ،األمر الذي أودى بحياة أكثر من ثالثين شخصا ً أغلبهم من المسافرين على متنها ،فالناقل هنا يعد مسؤوالً
وفق أحكام اتفاقية مونتريال 1999م ،وأحكام قانون الطيران المدني السوداني لسنة 1999م عن الحادث رغم وقوعه
بعد هبوط الطائرة لكن قبل مغادرة جميع المسافرين الذين كانوا على متنها ،الطائرة المذكورة لم تكن قد أتمت عامها
األول لدى الناقل الوطني السوداني إال ان حالتها الفنية لم تكن بالشكل المطلوب لنقل المسافرين والبضائع ،يأتي ذلك
من تقارير هيئات الطيران األجنبية التي أفاد آخرها بعزوف شركة " ايرولينس" األرجنتينية عن استئجار الطائرة
المذكورة ألسباب فنية كامنة فيها ،أيضا ً تعرضها لعطل في مطار القاهرة قبل الحادث ب24ساعة نجم عن تسرب
الوقود إلى محركاتها-وهو ما نظنه قد سبب انفجار محركها في اليوم التالي -ويسال الناقل عن أخطاء تابعيه في عدم
اتخاذ التدابير المتزامنة مع وقوع الحادث كعدم االهتمام بفتح جميع أبواب الطوارئ بعد اشتعال الحريق في الطائرة
عدا باب واحد منها ،وعدم استخدام وسائل اإلطفاء المتاحة أو المفترض أن تكون متاحة في الطائرة( .تناولت الحادث
الصحف السودانية في األعداد الصادرة بتاريخ 2008/6/11م(صحيفة "آخر لحظة" السودانية الصادرة بتاريخ - 11
2008/6/19م ).ووفق أحكام اتفاقية مونتريال1999م يستطيع الناقل الرجوع على سلطات الطيران المدني باعتبارها
من الغير بالنسبة له حيث نصت اال تفاقية السابقة على أنه ليس في أحكامها ما يؤثر بأي صورة على ما قد يكون أو ال
ق في الرجوع على أي شخص آخر: يكون للشخص المسؤول عن الضرر وفقا ً ألحكامها من ح ٍ
(Nothing in this Convention shall prejudice the question whether a person liable for
damage in accordance with its provisions has a right of recourse against any other person).
Montreal Convention1999 A.D .Article (37).
فيستطيع الناقل وفق النص السابق الرجوع على هيئة الطيران المدني السودانية إن ثبت ما نسب إليها من عدم
استعدادها لمجابهة الكوارث و تأخر عملية اإلطفاء حتى تمكن الحريق من القضاء على معظم أجزاء الطائرة وذلك لعدم
وجود مواد اإلطفاء الكيميائية المناسبة وعدم جاهزية سياراتها ،تم استعمال المياه العادية لإلطفاء ،إضافة إلى أن شراء
الطائرة المذكورة قد تم في ظروف غامضة ودون إشراف لجنة من المختصين والفنيين مما شكك بصالحيتها للطيران
أصالً .و لم تنص اتفاقية مونتريال 1999م على تنظيم أحكام رجوع الناقل على الهيئة فتخضع بذلك لقواعد المسؤولية
التقصيرية وفق القانون المدني.
149 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
خارجة عن إرادة الناقل كسقوط أشياء عليهم أثناء جلوسهم يف مقاعدهم ،أو سقوط فنجان القهوة
الساخن على املسافر بعد أن وضعته املضيفة على املنضدة املعلقة أمام مقعده( ،)315واهلبوط املفاجع
للطائرة مما أدى إىل إصابة املسافر بالصمم( ،)316أو حتى سقوط مسافر خممور على مسافر أخر مما أدى
عرف قانون الطريان املدني السوداني لسنة 1999م مصطلح "احلادث" بأنه :كل حادث
يكون مرتبطاً بتشغيل الطائرة ويقع يف الفرتة ما بني الوقت الذي يصعد فيه أي شخص إىل الطائرة
بقصد الطريان حتى الوقت الذي يتم فيه مغادرة مجيع األشخاص للطائرة( .)318ونالح على هذا
التعريف أنه مل يعرف مصطلح "احلادث" باملعنى املطلوب لتفسريه وفقاً ملا أسلفنا ،كما أن القانون
السوداني ربط معنى احلادث مبصطلح تشغيل الطائرة ومل يضع تفسرياً واضحاً ملعنى هذا املصطلح،
أضف لذلك أن لف احلادث يف القانون السوداني قد جاء عاماً ومل يفرد القانون الوقائع اليت تعد من
قبيل احلادث عن تلك اليت لرج عن نطاق تعريفه كما فصلت ذلك بعض القوانني العربية األخرى(.)319
إضافة إىل ما سبق نالح -أيضاً -على القانون السوداني أنه قد ضيق من تعريف احلادث
حبصره الفرتة الزمنية لوقوع احلادث يف الفرتة الواقعة بني صعود الطائرة ومغادرهتا ،بينما متتد الفرتة
الزمنية لوقوع احلادث إىل ما بعد مغادرة الطائرة كما سنرى يف املطلب الثالث من هذا املبحث.
((Affaire Lugo v. American Airlines) )315أوردها د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي الداخلي
والدولي ،مرجع سابق ،ص.193
( ( Affaire Schneider v.Swiss Air ) )316أوردها د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي الداخلي
والدولي ،مرجع سابق ،ص.193
( )317المرجع السابق ،ص.193
( )318المادة( )5من قانون الطيران المدني السوداني لسنة 1999م.
( )319كالقانون اليمني ،والسعودي ،والبحريني ،والقطري.
150 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
عرف القانون اليمين"احلادث" بأنه( (:)320كل حادث ترتتب عليه إحدى النتائ املشار إليها فيما
يلي ،ويكون مرتبطاً بتشغيل الطائرة و يقع يف الفرتة ما بني الوقت الذي يصعد فيه أي شخص إىل
الطائرة بقصد الطريان حتى الوقت الذي يتم فيه مغادرة مجيع األشخاص للطائرة مع مراعاة التفصيالت
وفاة أي شخص أو إصابته بإصابات بالغة نتيجة لوجوده على منت الطائرة أو أ-
هذا ويستثنى من ذلك اإلصابات البالغة أو املميتة اليت ال ترتتب بصفة مباشرة على تشغيل
الطائرة وهي:
من التعريف السابق جند أن القانون اليمين قد فصل تعريف "احلادث" أكثر من نظريه
السوداني ولعله قد استقى هذا التعريف من روح االتفاقيات الدولية اليت ال تنظم موضوع النقل
( )320وهو نفس التعريف الذي ورد في المادة ( )38/1من المرسوم الملكي السعودي رقم ( )44لسنة 1426هـ ،بشان قانون
الطيران المدني ،و المادة( )1من المرسوم البحريني بالقانون رقم ( )6لسنة 1995م بشأن قانون الطيران المدني،
المادة ( )25/1من وقانون دولة قطر رقم 15لسنة 2002م.
( )321المادة ( )65/1من قانون الطيران المدني اليمني رقم( )12لسنة 1993م.
151 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
اجلوي بصورة مباشرة كاتفاقية شيكاغو1944م يف ملحقها الثالث عشر( ،)Annex 13ووفقاً
لتعريف مصطلح احلادث يف القانون اليمين يعد من قبيل "احلادث" أي حادث سبب لشخص صعد
الطائرة بقصد السفر على متنها ،أو أحتك هبا احتكاكاً مباشراً ،أو بأي شيءٍ مثبتٍ فيها كالسالمل
املستخدمة يف الصعود إىل الطائرة ،الوفاة أو اإلصابة البالغة ،بشرط وجود تعاقد بينه وبني الناقل
إذ ال يستفيد من هذا التعريف الشخص الذي يصعد الطائرة بقصد الطريان إالب أنه مسافر
خلسةً( )322دون تعاقد سابق بينه وبني الناقل ،كما أن إصابة الطائرة بعطبٍ جسيم أو فقداهنا يعد
من قبيل احلادث يف القانون اليمين ،وقد اشرتط القانون اليمين لتفسري الضرر الواقع على الشخص
املسافر أن يكون سبب هذا الضرر حادثاً مرتبط بتشغيل الطائرة فإذا إنتفى هذا الشرط خرج
الضرر الواقع على الشخص املسافر عن مفهوم احلادث يف القانون اليمين ،كالضرر الذي حيدث
نتيجة وفاة طبيعية ،أو اإلصابة اليت يتسبب فيها الشخص املضرور لنفسه ،أو اليت يتسبب فيها الغري
للمسافر ،أما إصابة العاملني على األرض قبل بداية الرحلة أو بعد هنايتها جراءَ حادث باملفهوم
السابق فيخرج عن نطاق املسؤولية اليت قصدها هنا القانون اليمين ،ويتم مطالبة الناقل بالتعويض
عن األضرار أو احلوادث وفقاً لالتفاقيات الدولية املنظمة هلذا الشأن كاتفاقية روما لسنة
1952م اخلاصة باملسؤولية عن األضرار اليت توقعها الطائرة على السطح ،أو القواعد العامة
إالب أننا نالح على القانون اليمين يف تعريفه لـ"حادث" اشرتاطه أن تكون اإلصابة اليت
وقعت ل لمضرور بالغة ،يف حني أنه مل يورد معياراً لتمييز اإلصابة البالغة عن غري البالغة(،)323
( )322تعتبر بعض القوانين صعود المسافر إلى متن الطائرة بقصد الطيران ،بموافقة الناقل قبوالً لإليجاب الصادر من هذا
األخير وبالتالي ينعقد العقد وال يؤثر في وجود العقد عدم وجود تذكرة سفر للمسافر .المادة ( )3/210من قانون التجارة
الجديد المصري رقم 17لسنة 1999م.
( )323يتفق البعض مع القانون اليمني في هذه الوجهة لكنهم يفرقون بين "الحادث" وهو :وقوع الخطر الذي ينتج عنه فقدان
لألرواح أو خسارة في الممتلكات أي بمعنى فقدان طائرة أو أحد األطقم الجوية ،وبين "الحويدث" وهو :وقوع إصابة بشرية
152 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أضف لذلك أن هذا التفسري يتعارض مع تفسري اتفاقية مونرتيال1999م اليت حولت مسؤولية الناقل
اجلوي عن الوفاة أو اإلصابة إىل مسؤولية موضوعية ،ومل تشرتط لتحمل الناقل املسؤولية هذا
ا لشرط ،وأيضاً اشرتاط القانون اليمين إصابة الطائرة بعطب جسيم حبيث لو تعطلت الطائرة ومل
حيدث هلا عطب جسيم من منظور القانون اليمين -الذي مل يضع تفسرياً جلسامة العطب -فال يعد
ذلك من قبيل احلادث ،وأخرياً إن نفي القانون اليمين لصفة احلادث عن الضرر الذي تسبب به الغري
للمسافر جيايف روح اتفاقية مونرتيال1999م اليت أسست مسؤولية الناقل على اخلطر وحتمل
التبعة مادام الضرر الواقع على الشخص املسافر مرتبطاً بتشغيل الطائرة وال يرجع السبب فيه خلطأ
وعلى الرغم من أن القانون اليمين قد فصل يف معنى األفعال اليت تعترب من قبيل احلادث
بشكل أوسع من نظريه السوداني إالب أن القانونني السابقني كليهما مل يوردا تعريفاً واضحاً حمدداً
ملعنى احلادث إذ أهنما قد عرفا "احلادث" باحلادث دون تبيان معناه أو تفسريه.
أما الوقائع اليت ترتبط بتشغيل الطائرة وتؤثر أو ميكن أن تؤثر على سالمة
التشغيل(.)324لكنها ال تدخل ضمن تفسري "احلادث" وفق ما سبق شرحه فعرفها القانون اليمين
بأهنا "واقعة طائرة" ،ونالح على هذا التعريف عدم إبراز القانون لفائدته ،كما أن القانون قد
جتاهل االرتباط الوثيق والطردي بني كل من سالمة التشغيل وحادث الطائرة باملفهوم احملدد يف
القانون ،إذ أن الغلط أو التقصري يف سالمة التشغيل يؤدي حتماً لوقوع حوادث الطريان وهو
التقسيم الذي فرق بني أسبابه القانون بينما تتحد نتائجه عملياً وهي وقوع احلوادث املسببة للضرر.
غير مميتة أو خسارة غير باهظة في الممتلكات نتيجة خطأ بشري أو فني ،غير أننا نالحظ عدم وجود أي جدوى من هذه
التفرقة إال من الناحية الفنية فقط أما الناحية القانونية فاالتفاقيات جميعها لم تعرف هذه التفرقة.) )www.cd.gov.sa.
( )324المادة( )66/1من قانون الطيران المدني اليمني رقم ( )12لسنة 1993م.
153 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
يتزامن مع بداية تنفيذ عقد النقل اجلوي ويستمر هذا االلتزام حتى ينتهي عقد النقل اجلوي بوصول
وقد حددت اتفاقية مونرتيال1999م الفرتة الزمنية اليت يكون خالهلا الناقل اجلوي ملتزماً
بسالمة املسافر ومسؤوالً عن الضرر الذي يصيبه نتيجة لوقوع حادث بالفرتة اليت يكون فيها املسافر
وإذا كانت فرتة وجود املسافر على منت الطائرة واضحة( ،)326فإن االتفاقية مل توضح املقصود
)(Disembarkingاليت اختلفت املعايري اليت استند عليها الفقهاء يف تفسري هذه الفرتة حيث ذهب
البعض إىل األخذ مبعيار خماطر الطريان ،فيسأل الناقل عن األضرار اليت تصيب املسافر من اللحظة
اليت يصبح فيها معرضاً ملخاطر الطريان حتى اللحظة اليت تنتهي هذه املخاطر( ،)327وذهب البعض إىل
األخذ مبعيار رعاية الناقل ،حبيث ال يكون الناقل مسؤوالً عن الضرر إالب منذ اللحظة اليت يصبح
املسافر فيها حتت وصاية و رعاية الناقل وتنتهي مسؤوليته حلظة للص املسافر من رعاية
الناقل( ،)328وجيمع البعض بني املعيارين السابقني حبيث يسأل الناقل عن األضرار اليت تصيب املسافر يف
الفرتة اليت يكون فيها املسافر حتت رعاية الناقل ومعرضاً ملخاطر الطريان( ،)329وتطبيقاً لذلك فقد
قضى بعدم مسؤولية الناقل اجلوي عن سقوط املدعية يف ردهات املطار قبل النداء على املسافرين
واصطحاهبم من قبل أحد تابعي الناقل لإلقالع ،وبعدم مسؤولية الناقل أيضاً عن انزالق املسافر
وإصابته داخل مباني املطار لوقوع احلادث يف مكان خيضع ملستغل املطار وليس ملستغل الطائرة
(الناقل)( ، )330كما قضي مبسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي أصاب املسافر إثر انزالقه بسبب
وجود كمية من املاء املغطاة بالطني يف أرض املطار بعد نزوله من الطائرة وتوجهه إىل مبنى املطار
لكنه انزلق وسقط على مسافة 20مرت قبل وصوله مبنى املطار وسقوطه مما أدى إىل إصابته(.)331
ونالح على ما سبق أن األخذ مبعيار خماطر الطريان( )332يكون من شأنه تعطيل أهداف
اتفاقية مونرتيال1999م بتوسيع طرق تنصل الناقل عن املسؤولية واليت حصرهتا االتفاقية خبطأ
املسافر أو حالته الصحية ،فيستطيع الناقل وفقاً للمعيار السابق الدفع بأن املسافر مل يكن وقت وقوع
احلادث الذي سبب الضرر معرض ًا ملخاطر الطريان وبالتايل فال مسؤولية تقع على كاهله.
عرف البعض( )333الفرتة الزمنية تعريفاً مضيقاً بأهنا تبدأ منذ اللحظة اليت يدخل فيها املسافر صحن
املطار متجهاً إىل الطائرة اليت تكون رابضة يف خطها ،وتنتهي عند اللحظة اليت حيط املسافر قدمه
على مدخل مطار الوصول .ووفقاً هلذا الرأي ال يعد الناقل مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب
املسافر ع ند جتوله يف املطعم أو املقهى أو صاالت املطار األخرى أو عند تنقله بني مكاتب تغيري
ويف ذلك يقول الفقهاء أن الفرتة الزمنية للنقل حتدد بلحظة صعود املسافر الطائرة ونزوله منها
وهي الفرتة اليت يكون فيها املسافر معرضاً ملخاطر الطريان( ،)335ونالح على هذا القول أنه
يتعارض ومبدأ املسؤولية املوضوعية اليت جاءت به اتفاقية مونرتيال1999م ،ففي حني تبين االتفاقية
مسؤولية الناقل على أساس اخلطر وحتمل التبعة ،يقلص الرأي السابق الفرتة الزمنية إىل الفرتة اليت
يكون فيها ا ملسافر معرضاً ملخاطر الطريان وبالتايل ال يكون الناقل مسؤوالً عن ضرر وقع
للمسافر ال تكون سببه حادثة مرتبطة مبخاطر الطريان كاعتداء مسافر آخر عليه.
تتبنى بعض القوانني الوطنية تفسرياً لنص الفرتة الزمنية اليت حددهتا اتفاقية مونرتيال 1999م
فيعد الناقل اجلوي وفقاً للقانون املصري مسؤوالً عن الضرر الذي حيدث يف حالة وفاة املسافر ،أو
إصابته جبروح ،أو بأي أذى بدني آخر إذا وقع احلادث الذي أدى إىل الضرر أثناء وجود املسافر يف
حراسة الناقل أو تابعيه ،داخل مطار القيام أو يف الطائرة أو داخل مطار الوصول أو أي مطار
آخر أو مكان تنزل فيه الطائرة اضطراراً أو اختياراً( .)336إالب أن هذا التفسري يالح عليه أنه مل
حيدد اللحظة اليت يكون فيها املسافر حتت حراسة الناقل داخل مطار املغادرة ،واستناداً إىل هذا
التعريف يكون املسافر حتت رعاية الناقل ،وبالتايل يتحمل هذا األخري املسؤولية عن األضرار اليت
تصيبه أثناء انتقاله من صالة االنتظار املعدة يف مطار املغادرة إىل الطائرة سرياً على األقدام أو
بواسطة احلافالت املعدة لذلك ،ويعد كذلك املسافر حتت حراسة الناقل أثناء هبوط الطائرة يف مطار
آخر أو مكان غري مطار الوصول نتيجة حلادث أو حدث إرهابي( )337ولو استمر لعدة أيام قبل
وصوهلا مطار الوصول وحترر املسافر من حراسة الناقل بعد وصوله نقطة مقصده النهائي وتسلمه
أمتعته.
و مما سبق نستطيع القول بأن عمليات صعود املسافرين ونزوهلم ميكن أن تتحدد باللحظة اليت
يضع املسافر نفسه فيها حتت سيطرة الناقل بتسلمه كرت الصعود ( )Boarding Passيف مطار
املغادرة إىل اللحظة اليت يتسلم فيها أمتعته يف املكان املخصص هلا يف مطار الوصول ،مع األخذ بعني
االعتبار عدم التقيد هبذه الفرتة إن كان احلادث املسبب للضرر سببه القرصنة اجلوية أو حادث
إرهابي ،وهذا التحديد يتسق مع أكرب قدر من احلماية للمسافر سواء كان باملسؤولية املوضوعية،
( )337د .جالل وفاء محمدين .تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين ،دراسة مقارنة في القضاء
األمريكي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ ،ص.72
157 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املبحث الثالث :شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب األمتعة
ذكرنا يف الفصل السابق أن الناقل اجلوي يلتزم بضمان سالمة أمتعة املسافر املسجلة
( ) checked baggageوذلك بتوصيلها إىل نقطة مقصد املسافر النهائية سليمة ال تالفة وال
that the event which caused the destruction، loss or damage took
place on board the aircraft or during any period within which the
checked baggage was in the charge of the carrier))338(.
من النص السابق نالح أن مسؤولية الناقل اجلوي عن أمتعة املسافر املسجلة تتحقق عند
الضرر الناشع ( )Damage sustainedيف حالة تلف األمتعة املسجلة ( Damage to
تشرتط لتحمل الناقل اجلوي املسؤولية عن الضرر الذي يصيب هذه األمتعة ثالثة شروط نذكرها
بضرر( )Damageوقد حددت االتفاقية صوراً ثالث للضرر الذي ميكن أن يقع على األمتعة
املسجلة فقط وهي :إما أن تصاب األمتعة املسجلة بتلف ( )Damageونعين بتلف األمتعة :أي عطبٍ
يف مادهتا يؤثر على قيمتها حبسب االستعمال الذي أُعدت له( ،)339أما الصورة الثانية فهي ضياع( Loss
) ofاألمتعة املسجلة :فتنهض املسؤولية عند ضياع أمتعة املسافر املسجلة ،ويقصد بضياع األمتعة:
اختفاء( )340األمتعة وفقداهنا وعدم متكن الناقل من العثور عليها أو إعادهتا( ،)341والصورة األخرية
للضرر الذي يصيب أمتعة املسافر املسجلة ويسأل الناقل اجلوي عنه هي :تعييب
()Destructionاألمتعة املسجلة( ،)342وتعييب األمتعة يعين :العوار الذي يلحق باألمتعة بيد أنه ال
يؤثر على استخدامها فيما أعدت له( ،)343وتعد هذه هي صور األضرار اليت ميكن أن تصيب أمتعة
املسافر املسجلة واليت يسأل عنها الناقل اجلوي ،وحنن إذ نتحدث عن األمتعة املسجلة فإننا نقصد:
األشياء اليت جيوز للمسافر محلها معه يف الطائرة وتسلم للناقل لتكون يف حراسته ،وال متتد لتشمل
األشياء الصغرية ال يت ال تسلم للناقل لتكون يف حراسته بل تبقى بصحبة املسافر طيلة السفر(،)344واليت
( )344المادة ()284من قانون التجارة الجديد المصري رقم( )17لسنة 1999م.
160 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
مس ؤوالً عن الضرر الذي أصاب أمتعة املسافر املسجلة هو ضرورة وقوع حدث( ،)Eventسبَّب
وعلى الرغم من اشرتاط اتفاقية مونرتيال1999م وقوع احلدث لقيام مسؤولية الناقل اجلوي
إالب أهنا مل تُعنَ بتحديد تفسرياً معيناً ملصطلح (حدث) ( ،)Eventبيد أن الراجح يف الفقه والقضاء أن
هذا املصطلح ال يقعد مرادفاً ملصطلح (حادث) ( ،)Accidentالذي ورد أيضاً يف االتفاقية ويسأل
الناقل مبوجبه عن الضرر الواقع على املسافرين ،ونالح أن االتفاقية قد استخدمت مصطلح(حدث)
عند احلديث عن مسؤولية الناقل اجلوي جتاه أمتعة املسافر املسجلة ،ذلك ألن مصطلح(حدث) أمشل
عند تفسريه من مصطلح(حادث) فبينما عرفنا احلادث على أنه :كل واقعة فجائية غري معتادة لل
بالسري املعتاد للرحلة اجلوية ،يعرف احلدث على أنه :كل األسباب املمكنة للضرر( .)345وهذا
التعريف أوسع وأمشل من تعريف مصطلح احلادث إذ أن وقوع الضرر -وفقاً لتفسري مصطلح احلدث -
ال يتطلب بالضرورة وقوع احلادث ،فقد تفقد أمتعة املسافر املسجلة أو تعطب أو تتعيب دون أن
حيصل هلا أي حادث وفقاً للمفهوم الذي بينته االتفاقية ،وحنن إذ نعترب أن االتفاقية قد وسعت من
نطاق مسؤول ية الناقل اجلوي عن الضرر الذي يصيب األمتعة أكثر منه عن إصابة املسافرين ،ذلك
ألن سيطرة الناقل على األمتعة املسجلة ()checked baggageتكون مطلقة وكاملة( ،)346األمر
الذي ال يتوفر للناقل عند نقل املسافرين ،أو األمتعة غري املسجلة(– )Unchecked baggage
كما سنرى-وهذا التوسع يظهر يف مكنة حتمل الناقل للمسؤولية عن الضرر الذي يقع لألمتعة
( )345د .علي البارودي ،د .محمد فريد العريني ،د .محمد سيد الفقي ،مرجع سابق ،ص.605
( )346ويتضح لنا ذلك أيضا ً من اختالف األساس الذي انتهجته االتفاقية لقيام مسؤولية الناقل الجوي حيال األمتعة غير
المسجلة كما سنرى الحقاً.
161 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املسجلة جملرد وقوع احلدث ،فيسأل الناقل اجلوي -مثالً -عن الفواكه اليت تغري طعمها بسبب وجود
بضاعة أو أمتعة مسجلة أخرى ذات روائح نفاذة جبوارها على الرغم من عدم وقوع أي حادث
باملعنى الذي قصدته االتفاقية كشرط لتحمل الناقل املسؤولية بالنسبة للمسافرين.
املسافر املسجلة مسؤولية موضوعية قائمة على اخلطر وحتمل التبعة ،إالب أهنا قد استثنت أحواالً ال
يكون الناقل اجلوي مسؤوالً فيها عن الضرر الذي يصيب األمتعة فتتلف أو تتعيب ،وقد نصت
(However، the carrier is not liable if and to the extent that the
baggage))347( .
إذ من النص السابق نالح أن االتفاقية قد نفت مسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي
فيها( ، )Destructionعندما يكون التلف الذي أصاب األمتعة املسجلة أو التعييب نامجاً عن خللٍ
كامنٍ ( )Inherent defectيف األمتعة عينها ،ونعين باخللل الكامن :العيب املتأصل فيها ،كأن
تكون األمتعة فواكه كامنٌ فسادقها ،فتكون معطوبة بسببٍ خارج عن الناقل كنوعيتها أو سوء
لزينها قبل تسليمها للناقل لتصبح يف حراسته ،كما ال يسأل الناقل عن التعييب أو التلف الذي يصيب
األمتعة املسجلة بسبب نوعيتها( ،)Qualityأو العيب الذاتي فيها( Vice of checked
) baggageكأن تكون هذه األمتعة عبارة عن ألبانٍ صادف انتهاء مدة صالحيتها أثناء الرحلة
اجلوية مع عدم إخالل الناقل مبوعد الرحلة احملدد لقيامها ،أو تكون حلوماً تسنَّهت أثناء عملية النقل
اجلوي ،أو تكون دهوناً ساخت نسبةً لنوع يتها ،فال يقسأل الناقل عن كل ذلك ما دام وأنه قد التزم
بقيام الرحلة يف موعدها املتفق عليه أو املعقول عند عدم االتفاق على موعد حمدد ،ومل حيصل أي
إمهال من جانبه أو تابعيه أو وكالئه أدى إىل ضرر هذه األمتعة .و جيب أن نشري هنا إىل نقطتني:
إن االستثناء الذي جاءت به االتفاقية والذي يعفى مبوجبه الناقل من حتمل املسؤولية
عن األضرار اليت تصيب األمتعة املسجلة ال يشمل صور الضرر الذي يصيب األمتعة
مجيعها ،بل إن هذا االستثناء مقصور فقط على التلف أو التعييب فقط وال يشمل
الفقدان ،وإن كانت االتفاقية مل تنص على ذلك صراحة ،إالب أنه من غري املتصور
أن يدفع الناقل اجلوي بالعيب الذاتي أو نوع البضاعة أو اخللل الكامن فيها ليتحلل
أن الناقل ال يستطيع الدفع باالستثناء الذي أوردته االتفاقية ليتحلل من مسؤوليته
كاملةً جتاه الضرر الذي أصاب أمتعة املسافر املسجلة إن مل يكن سبب الضرر
الوحيد يعود إىل نوعية األمتعة أو إىل عيب ذاتي فيها ،بل إنه ال يعفى إالب بقدر ما
أثر هذا الضرر عليها ،فإذا تلفت األمتعة وكان سبب تلف بعضها عائداً إىل نوعيتها
أو إىل عيب متأصل فيها والبعض األخر سبَّب تلفه إمهال الناقل أو تابعيه ،أو
وكالئه ،فال يعفى الناقل إالب عن اجلزئية اليت تلفت أو تعيبت بسبب نوعيتها أو العيب
الذاتي فيها ،وتظل مسؤوليته قائمة عن اجلزئية الباقية بقدرها ،ونستنت ذلك من
االتفاقية ،واليت تعين أن إعفاء الناقل ال يكون بصورة مطلقة ،إ ا بقدر ما يكون
نامجاً عن خلل كامنٍ أو عيبٍ ذاتي ،أو نوعية األمتعة ،فيعفى الناقل من املسؤولية
163 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
احلدث الذي أدى إىل ضرر األمتعة خالل فرتة زمنية معينة ،ونعين بالفرتة الزمنية لوقوع احلدث :الزمن
الذي يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عما يصيب أمتعة املسافر من ضرر خالله .وهذا شرطٌ بديهي،
إذ من غري املتصور أن يسأل الناقل عن الضرر الذي أصاب األمتعة قبل أن يستلمها من املسافر
حلظة بدء تنفيذ العقد ،أو بعد تسليمها هلذا األخري يف نقطة مقصده النهائي .ولكن كيف يتم حتديد
الفرتة الزمنية اليت يسأل الناقل خالهلا عن األضرار اليت تصيب األمتعة؟
حددت اتفاقية مونرتيال1999م هذه الفرتة بالفرتة اليت تكون فيها األمتعة على منت الطائرة
( ،)On board the aircraftأو أثناء أي فرتة كانت فيها األمتعة حتت حراسة الناقل وسيطرته:
(During any period within which the checked baggage was in the
charge of the carrier))348( .
( )348المادة( )2/17من اتفاقية مونتريال1999م .و نصت المادة ( )1/18من اتفاقية وارسو 1929م على مسؤولية الناقل
الجوي عن األضرار التي تصيب األمتعة المسجلة أو البضائع:
(The carrier is liable for damage sustained in the event of the destruction or loss of، or of
damage to، any registered luggage or any goods، if the occurrence which caused the damage
so sustained took place during the carriage by air).(WARSAW CONVENTION 1929 AD، Article
)18/1.
والمالحظ من النص أن اتفاقية وارسو 1929م قد عبرت عن الفترة الزمنية التي يكون الناقل الجوي مسؤوالً عن الضرر
الذي يصيب األمتعة المسجلة فيها بمصطلح (خالل النقل الجوي) ( ،)During the carriage by airأما اتفاقية
مونتريال1999م فقد حددت هذا الزمن بالفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة (أي في جوفها) ( On board the
،) aircraftأو باإلضافة للفترة السابقة أي فترة أخرى تكون فيها األمتعة في حراسة الناقل الجوي ( Any period
،)within which the checked baggage was in the charge of the carrierوال شك أن هذا المصطلح يأخذ
تفسيراً أشمل من ذلك الذي اتخذته اتفاقية وارسو ،إذ أن الفترة التي تكون فيها األمتعة في حراسة الناقل تشمل الفترة من
لحظة تسليم المسافر األمتعة للناقل إلى اللحظة التي يصل فيها المسافر نقطة مقصده النهائي ويتسلم أمتعته ،بما في ذلك
الفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة ،وفترة النقل الجوي أيضاً .إال أن اتفاقية مونتريال1999م قد عبرت عن
فترة مسؤولية الناقل الجوي عن األمتعة بفترتين وهما :الفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة والفترة التي تكون
فيها األمتعة في حراسة الناقل الجوي وال نرى أي وجه لهذا التقسيم إذ أن األمتعة عندما تكون على متن الطائرة هي
بالضرورة في حراسة الناقل الجوي ،إال في حالة أن تكون االتفاقية قد قصدت تفسير الشق الثاني من الفترة الزمنية(في
حراسة الناقل) التفسير األوسع؛ فإذا كانت عبارة على (على متن الطائرة) تعني مسؤولية الناقل عن األمتعة حال الطيران،
تعني عبارة (في حراسة الناقل) الفترة من اللحظة التي سلمت األمتعة للناقل الجوي ولو في غير مطار القيام أو قبيل الرحلة
الجوية – كأن تسلم لمكتب الناقل في وسط المدينة -إلى اللحظة التي يستلم فيها المسافر أمتعته شاملة بذلك حاالت هبوط
الطائرة اضطراريا ً في غير مطار الوصول.
164 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أي يف الفرتة اليت تكون فيها األمتعة حمملة يف جوف الطائرة وموضوعة يف املكان املخصص هلا
ليتم نقلها ،أو الفرتة اليت تكون فيها األمتعة حتت رعاية وحراسة الناقل وتكون األمتعة كذلك منذ
اللحظة اليت يتسلمها الناقل من املسافر بغرض نقلها سواء تسلمها الناقل يف مطار املغادرة ،أو يف أحد
مكاتبه خارج مطار املغادرة ،و نالح هنا أن فرتة النقل اجلوي اليت يسأل الناقل فيها عن الضرر
الذي يصيب األمتعة أوسع من تلك اليت يسأل فيها عن الضرر الذي يصيب املسافرين إذ أن الفرتة
الزمنية يف حالة نقل األمتعة متتد إىل ما قبل البدء يف تنفيذ عقد النقل اجلوي ،كأن يتسلم الناقل األمتعة
األمتعة غري املسجلة( :)Unchecked baggageهي األشياء الصغرية اليت جيوز للمسافر
محلها معه أثناء رحلته اجلوية ،و اليت تبقى يف صحبته طوال الرحلة اجلوية ،وال تسلم للناقل لتكون يف
حراسته ،وتشمل األمتعة غري املسجلة حقائب املسافر اليدوية( ،)Hand bagsوحاجياته
الشخصية( .)Personal itemsو يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عن الضرر الذي يلحق هذه
من النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يسأل وفق أحكام االتفاقية عن الضرر الذي يصيب
هذه املسؤولية منهجاً خمتلفاً عنه يف حالة األمتعة املسجلة ( ،)Checked baggageفبينما أسست
مسؤولية الناقل عن األمتعة املسجلة على أساس اخلطر وحتمل التبعة( مسؤولية موضوعية) ،تركت
أساس املسؤولية عن األمتعة غري املسجلة قائماً على أساس اخلطأ املفرتض من جانب
إذا أُثبت أن الضرر نات عن خطأ ( )Faultمن الناقل أو وكالئه( )Agentsأو تابعيه
( .) Servantsوتفسري ذلك أن هذه األمتعة تكون بصحبة املسافر وال يتوافر للناقل أي سلطة
حراسة هلا ،أو س يطرة عليها كما هو احلال يف األمتعة املسجلة اليت تسلم للناقل لتكون حتت حراسته
وتام سيطرته.
ومما سبق صلص إىل أن اتفاقية مونرتيال1999م قد فرقت بني مسؤولية الناقل اجلوي لألمتعة
حبسب نوعها كانت مسجلة أو غري مسجلة وشددت مسؤولية الناقل عن األمتعة املسجلة فجعلتها
موضوعية ال يستطيع الناقل دفعها عن كاهله إالب بإثبات أن الضرر النات لألمتعة املسجلة كان ناجتاً
عن عيبٍ كامنٍ فيها أو خلل ذاتي هبا أو نوعيتها ،بينما سهلت للناقل دفع املسؤولية عنه يف حالة
األمتعة غري املسجلة بإثبات انتفاء خطئه أو خطأ تابعيه أوكالئه بتفسري أن األمتعة غري املسجلة ال
تكون حتت سيطرة وحراسة الناقل الكاملتني كتلك املسجلة لذلك فإن مسؤولية الناقل عنها ليست
166 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أهم هذه املزايا هي السرعة يف النقل ،وهو األمر الذي جيعل اإلقبال على السفر جواً يتزايد يوما بعد
يوم ،فال عجب أن نرى أغلب الناس يتحدث عن وقته وتنقالته بالساعة الواحدة فلقد أصبح الزمن
هو معيار التعامل ،وقد راعت اتفاقية مونرتيال1999م هذا الشأن فنصت على مسؤولية الناقل
من النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يعد مسؤوالً عن الضرر الذي ينشأ عن التأخري يف
نقل املسافرين ،أو األمتعة ،ولكن االتفاقية قد اشرتطت لتحقق مسؤولية الناقل اجلوي ثالثة
تقاعس عن تنفيذه( ، )353أما يف القانون فإن التأخري يف النقل يعين جماوزة النقل مليعاده احملدد لتنفيذه فيه،
وجماوزة هذا املوعد ترتب عليه مسؤولية يثقل هبا كاهل الناقل اجلوي وفقاً ألحكام اتفاقية
مونرتيال:
(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the
carriage by air of passengers, baggage))354( .
ونالح من النص السابق أن اتفاقية مونرتيال 1999م قد جعلت الناقل اجلوي مسؤوالً عن
الضرر الناجم عن التأخري يف النقل اجلوي لكنها استثنت هذه املسؤولية من نطاق املسؤولية
املوضوعي ة كما يف حالة األضرار اليت تصيب املسافر أو األمتعة املسجلة ويكون سببها حادث أو
حدث كما وضحنا ذلك يف املباحث السابقة فقد أبقت عليها بالنسبة لألضرار اليت تنجم عن التأخري كما
كانت يف اتفاقية وارسو 1929م مسؤولية تعاقدية ،ويرجع السبب يف ذلك إىل أن مواعيد النقل
املتفق عليها ليتم النقل خالهلا قد يطرأ عليها تغيري ال يكون سببه الناقل بل تتدخل يف ذلك أسباب
أخرى عامة كأعمال السلطات العامة( ،)355أو الظروف الطارئة( ،)356أو تقلبات األحوال اجلوية.
( )351معجم لغة الفقهاء .الجزء األول ،باب معجم لغة الفقهاء ،ص.118
( )352لسان العرب .إلبن منظور الجزء الحادي عشر ،باب آجل ،ص.11
( )353القاموس المحيط .للفيروز آبادي ،الجزء الثاني ،باب القعس -حركة خروج الصدر ،ص.106
( )354المادة( )19من اتفاقية مونتريال1999م.
( )355كالحالة التي أصدرت فيها السلطات الموريتانية الحالية إغالق كافة مطارات الدولة في وجه أي طيران إثر إمساكها
بزمام الحكم بعد انقال بها على السلطات السابقة ،فلم يعد بمقدور أي ناقل جوي اإلقالع من أو الهبوط في أي من هذه
المطارات(.قناة الجزيرة الفضائية 2008/8/6م).
( )356كاإلعالن الروسي بتعليق الطيران المدني الروسي إلى أي من المطارات الجورجية ،وفي نفس الوقت عجزت
المطارات الجورجية عن استقبال أي طيران مدني آخر نتيجة لحالة الحرب التي نشبت بينهما والتي تم فيها تدمير
المطارات الجورجية (.قناة الجزيرة الفضائية /9 ،8أغسطس2008/م).
168 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وملا كان التأخري يفسر على أنه جماوزة امليعاد احملدد للنقل فالبد إذاً من وجود ميعاد للنقل
حمدد سلفاً يسأل الناقل اجلوي عن اإلخالل به ،ومل يرد يف اتفاقية مونرتيال1999م تفسرياً معيناً
ملعنى التأخري ،أو مدته ،األمر الذي يسعى معه الناقل لالستفادة القصوى منه وذلك بتفسري النص
الوارد يف االتفاقية التفسري األوسع لرعاية مصلحته ،ويسانده يف ذلك شركات التأمني ممثلة باإلحتاد
الدويل ملؤمين شركات الطريان ،وحجتهم يف ذلك أن االلتزام باملواعيد احملددة للنقل اجلوي ال لضع
لسيطرة الناقل يف غالب األحوال وإن مساءلة الناقل عن إخالله هلذه املواعيد يعرقل املالحة اجلوية،
ويعرض سالمتها للخطر؛ إذ أهنا تضع الناقل موضع املغامر جملاهبة الظروف أو ركوب األخطار( ،)357أما
املسافر فمصلحته تقتضي وصوله وأمتعته باملوعد احملدد للنقل اجلوي والذي قد رتب معامالته
إزاء هذا التعارض تدخل اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي( )IATAو وضع شرطاً ضمن الشروط
العامة لألياتا يقضي بأن يتعهد الناقل لبذل أقصى جمهود لديه لنقل املسافرين وأمتعتهم باملوعد
كما أدرجت شرطاً يقضي بأن مواعيد الرحالت اجلوية احملددة من قبل الناقل اجلوي يف وثيقة
السفر أو أي وثيقة أخرى تعد مواعيداً تقريبية ،وليست مضمونة كما ال تعد هذه املواعيد جزءاً من
كما أنه ال يوجد هناك زمن ثابت يف مواجهة الناقل لبدء أو انتهاء عملية النقل اجلوي ما مل يتفق
على خالف ذلك على وجه التحديد واإلشارة إليه يف مستند النقل اجلوي أو سجل الشحن ،ويتعهد
الناقل لنقل البضاعة يف مدة معقولة وال يفرتض أي التزام بنقل البضاعة بطائرة معينة أو طريقة
particular schedule))360(.
ومن خالل النصوص السابقة جند أن الشروط العامة لألياتا قد خففت من مسؤولية الناقل
اجلوي عن الضرر الناجم من التأخري يف نقل املسافرين و أمتعتهم واليت قد راعتها اتفاقية
مونرتيال 1999م أصالً بأن أبقتها قائمة على أساس املسؤولية العقدية ومن ثم فقد سهلت طرق
إن تطبيق شرط إعفاء الناقل من املسؤولية الذي جاءت به نصوص الشروط
العامة لألياتا سالفة الذكر ال يؤخذ على إطالقه؛ ذلك ألن اتفاقية مونرتيال1999م مل
تتشدد أصالً يف مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري ،فلم جتعلها مسؤولية موضوعية كما
()359
IATA Conditions of carriage for cargo. Article( 6.3.1).
()360
IATA conditions of carriage for cargo. article 6.3.1
170 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ذكرنا وبالتايل يكون مبقدور الناقل دفعها بطرق عدةٍ ،وبشكل أوسع من طرق
دفع املسؤولية عن ضرر املسافر أو أمتعته املسجلة بسبب احلادث أو احلدث ،أيضاً إن
شروط اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي تتعطل نصوصها عند تعارض هذه النصوص مع نص
دويل أو قانون وطين كما وضحنا يف الفصل السابق ،وشرط استبعاد مواعيد النقل
اجلوي عن عقد النقل يعين عدم التزام الناقل هبا ،ومن ثم عدم مساءلة الناقل عن
يعطل نصوص االتفاقية نفسها وخيلق تعارضاً بني أحكامها؛ ففي الوقت الذي لفف
الشروط العامة لألياتا من مسؤولية الناقل وتوسع للناقل طرق دفعها ،تنص االتفاقية
على بطالن كل بند يهدف إىل إعفاء الناقل من مسؤوليته أو إىل وضع حداً أدنى من
يشرتط أيض ًا لقيام هذه املسؤولية حدوث التأخري خالل فرتة زمنية معينة:
(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the
carriage by air of passengers، baggage or cargo))362( .
مل حتدد اتفاقية مونرتيال1999م مدة حمددة لفرتة النقل اجلوي اليت يسأل الناقل اجلوي عن
إخالله تنفيذ عقد النقل خالهلا مما أثار خالفاً حول حتديد هذه الفرتة ،فذهب رأيٌ( )363إىل حتديدها
بالفرتة ما بني حلظة استعداد الطائرة لإلقالع وحلظة هبوطها يف مطار الوصول(.)364
ونالح على هذا الرأي أنه قد ضيق من الفرتة الزمنية اليت يستوجب مساءلة الناقل عند إخالله
بتنفيذ عقد النقل خالهلا ،إذ ال يسأل الناقل وفقاً هلذا الرأي عن التأخري يف النقل قبل حلظة استعداد
الطائرة لإلقالع ،وبعد اللحظة اليت تصل فيها الطائرة مطار الوصول وهو ماال حيقق غرض االتفاقية
من نص مساءلة الناقل عن الضرر الناجم عن التأخري يف تنفيذ النقل .أيضاً إن الواقع العملي يسجل
الكثري من حاالت التأخري اليت تكون قبل حلظة استعداد الطائرة لإلقالع أو بعد حلظة وصوهلا
يتجه رأيٌ آخر( )365إىل تفسري الفرتة الزمنية السابقة التفسري األوسع حبيث تأخذ الفرتة الزمنية اليت
يسأل الناقل عن التأخري يف تنفيذ النقل خالهلا بقياسها على الفرتة اليت أتت هبا املادة ( )18 ،17من
اتفاقية وارسو( )366واخلاصة بتحديد الفرتة الزمنية ملسؤولية الناقل عن الضرر الواقع على املسافرين
بسبب احلادث ،واألمتعة بسبب احلدث أو الواقعة ،و وفقاً هلذا الرأي يكون الناقل مسؤوالً عن
الضرر الناجم من التأخري بالنسبة للمسافرين يف الفرتة اليت يكون فيها املسافر على منت الطائرة ،أو
أثناء عملية الصعود والنزول ،وبالنسبة لألمتعة يكون الناقل مسؤوالً عن الضرر الناجم من التأخري
لتلف صور الضرر اليت تصيب املسافرين عن تلك اليت تصيب األمتعة،
وبالتايل فإن سلمنا بإمكانية تطبيق الرأي السابق على األمتعة فال ميكن تطبيقه على
املسافرين.
أن املادة( )17مل تورد تفسرياً حمدداً للفرتة الزمنية اليت يكون الناقل
مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب املسافر نتيجة لوقوع حادث ،وبالتايل ال يستقيم القياس
يذهب البعض( )367إىل قيام مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري بالنسبة للمسافرين من
اللحظة اليت يغادر فيها املسافر حتت إمرة الناقل اجلوي أو أحد تابعيه القاعة احملددة لتجمع
املسافرين مبطار القيام إىل حلظة للصه من وصاية الناقل اجلوي أو تابعيه بدخوله مطار
الوصول .أما بالنسبة لألمتعة فيسأل الناقل عن الضرر الذي يصيب األمتعة جراء التأخري يف
النقل يف الفرتة اليت تكون فيها هذه األمتعة حتت حراسة الناقل.
ومبراجعة نص املادة( )19من االتفاقية اليت مل حتدد فرتة زمنية يسأل الناقل اجلوي عن
التأخري خالهلا .نالح أهنا أعفت الناقل من هذه املسؤولية إن استطاع هو وتابعوه و وكالؤه
إثبات أهنم قد الذوا كافة التدابري املعقولة والالزمة لتفادي وقوع الضرر أو أنه استحال عليهم
الاذ مثل هذه التدابري( ، )368نستطيع حتديد الفرتة الزمنية اليت يسأل الناقل اجلوي عن التأخري فيها
( )367د .محمد فريد العريني .القانون الجوي ،النقل الجوي الداخلي والدولي ،مرجع سابق ،ص.255
( )368المادة( )19من اتفاقية مونتريال 1999م.
173 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
بامليعاد احملدد للحظة وصول املسافر نقطة مقصده النهائي إن وجد ميعاد متفق عليه ،أو
بامليعاد املعقول والذي خيضع لتقدير القاضي املختص يف حالة عدم وجود مثل ذلك امليعاد
بغض النظر عن حلظة إقالع الطائرة أو دخول املسافر حتت إمرة الناقل استعداداً لالنتقال،
يعفى الناقل مبوجبه من املسؤولية عن التأخري إن أثبت أنه وتابعيه ووكالئه قد
الذوا مجيع التدابري املعقولة والالزمة لتفادي الضرر أو أثبت أنه من املستحيل عليهم
الاذ مثل هذه التدابري ،حبيث يستفيد الناقل من هذا االستثناء إن كان السبب يف
التأخري عاماً ال يقتصر على الناقل املتعاقد وحده ،كالقوة القاهرة ،أو سوء األحوال
اجلوية ،وغريها من الظروف اليت ليس يف مقدور أي ناقل آخر التغلب عليها ،أما إن
كان السبب يف التأخري راجعاً إىل الناقل املتعاقد وحده كتعطل طائراته أو احلجز
عليها ،أو بيعها وفاءً لديونه فتظل مسؤوليته يف هذه احلالة قائمة جتاه املسافر و
أمتعته.
حتديد الفرتة الزمنية ملسائلة الناقل عن التأخري فيها بلحظة وصول املسافر
نقطة مقصده النهائي يف املوعد املتفق عليه أو املعقول عند عدم االتفاق على موعد
معني دون العبء بلحظة استعداد الطائرة لإلقالع ،هذا التحديد يوسع من فرصة
الناقل لتنفيذ عقد النقل اجلوي يف موعده احملدد ،كأن يتم نقل املسافرين على طائرة
ذات سرعة أعلى ،أو إلغاء بعض أو مجيع نقاط التوقف املذكورة يف عقد النقل اجلوي
174 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أن الضرر الذي يصيب املسافر جراء التأخري يف النقل غالباً ما يرتبط بلحظة
وصول املسافر نقطة مقصده النهائي أكثر من ارتباطه بلحظة إقالع الطائرة أو وجوده
حتت إمرة الناقل يف صالة االنتظار مبطار املغادرة ،ذلك ألن أغلب املسافرين ينصب
اهتمامهم على زمن الوصول الذي يربطهم به معامالت خاصة كحضور مهرجان كبري،
أما الواقع العملي لعملية النقل يف املوعد املعلن عنه أو املعقول يف حالة عدم اإلعالن فإننا
نالح أن شركات الطريان ال تتقيد به عادة ،ولكن التأخري غالباً ما يتحدد مبدة زمنية صغرية ،ال
تسبب للمسافر يف غالب األحيان أي ضرر ،واالجتاه السائد أن الناقل ال يسأل عن التأخري خالل
هذه الفرتة وذلك ألن عملية النقل تكون خاضعة لظروف أخرى خارجة عن إرادة أو سيطرة
الناقل مثل أعمال الدولة السيادية كأن تعلن الدولة جلميع الناقلني املشغلني خطوطاً جوية من أو
إىل إقليمها بإرجاء كافة الرحالت لبضع ساعات وذلك النشغال مطاراهتا باستقبال أو وداع الوفود
الر ية ،أو أعمال الظروف الطارئة ،أو سوء األحوال اجلوية.
175 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
فال يكفي لقيام هذه املسؤولية وقوع تأخرياً يف تنفيذ عقد النقل اجلوي ،أو إخالالً من جانب الناقل
بالفرتة الزمنية احملددة لتنفيذ العقد ،بل يلزم مع ذلك وقوع ضرراً يستوجب مساءلة الناقل والتعويض
ونالح من النص السابق عدم حتديد االتفاقية تفسرياً حمدداً ملعنى الضرر الناجم عن التأخري
يف تنفيذ العقد و الذي يستوجب معه مساءلة الناقل عنه ،األمر الذي خيضع معه هذا التحديد لتقدير
القاضي املختص بنظر النزاع ،واستصحاب أحكام القضاء يف هذا التقدير ،وقد اعتربت أحكام
القضاء أن من األضرار اليت تستوجب مساءلة الناقل عنها التأخري الذي يرتتب عليه حرمان املسافر من
االشرتاك يف احلفل االفتتاحي حملفل علمي دعي إليه بصفته أو مركزه أو منصبه لتقديم خرباته ،أو
التأخري يف وصول مريض إلجراء عملية جراحية عاجلة ،أو التأخري الذي يرتتب عليه حرمان اشرتاك
املعروضات يف مسابقة دولية رصدت هلا جائزة كبرية ،أو التأخري الذي يرتتب عليه هالك أو تلف
األمتعة ،أو نقص يف قيمتها أو بوار يف بيعها ( ،)370ومن ذلك صلص إىل أن مساءلة الناقل اجلوي عن
األضرار اليت تصيب املسافر نتيجة اإلخالل بتنفيذ عقد النقل اجلوي ال لضع لقاعدة معينة بل تتعلق
بكل مسافر على حده إذ قد يتم تعويض مسافر استطاع إثبات ضرراً وقع عليه دون تعويض مسافراً
آخر مل يتم كن من إثبات وقوع ذلك الضرر ،أو أنه مل يتضرر أصالً ،ونشري إىل أن عبء إثبات وقوع
الضرر يقع على كاهل املتضرر(املسافر) وفقاً للقواعد العامة لإلثبات ،أما عبء إثبات الاذ الناقل
للتدابري املعقولة والالزمة لتفادي وقوع الضرر أو استحالة الاذهم ملثل هذه التدابري فيقع على عاتق
الناقل .وبقي أن نشري إىل أن القضاء يعرتف بأن مسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الناشع من
التأخري يف تنفيذ عقد النقل تشمل أي ضرر يصيب املسافر سواء كان مادي ًا أو أدبياً(.)371
مل يتعــرض املشــرع الســوداني لتنظــيم عقــد النقــل اجلــوي أو ألحكــام مســؤولية الناقــل اجلــوي يف
ال أنـ ــه قـ ــد تبنـ ــى يف قـ ــانون الطـ ــريان املـ ــدني السـ ــوداني لسـ ــنة1999م أحكـ ــام
قوانينـ ــه املتعاقبـ ــة ،إ ب
االتفاقيــات الدوليــة للطــريان املــدني الــيت انضــم إليهــا الســودان ،أو الــيت سينضــم إليهــا مســتقبالً (:تطبــق
أحكام االتفاقيات الدولية للطريان املدني اليت انضمت إليها الدولة مبوجب قـانون أو الـيت تنضـم إليهـا
مستقبالً) (.)372
كمــا نــص ذات القــانون علــى ســيادة أحكــام اتفاقيــات الطــريان املــدني الــيت يكــون الســودان
طرفـاً فيهــا علــى القــانون الــوطين و تطبيــق أحكــام االتفاقيــات الدوليــة عنــد تعارضــها مــع أحكامــه(:
تطبق أحكام هذا القانون مبا ال يتعارض مع أحكام تلك االتفاقيات) (.)373
كم ــا أورد الق ــانون امل ــذكور نص ـاً خاص ـ ًا بتطبي ــق أحك ــام اتفاقي ــة مونرتي ــال 1999م(:تطب ــق
أحكام اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل اجلوي الدويل املوقعـة يف مونرتيـال يف الثـامن والعشـرين مـن
ونالح مما سبق أن املشرع السوداني مل يفصل أحكام عقد النقل اجلوي ،بـل اكتفـى باإلشـارة
إىل تطبيــق أحكــام املعاهــدات الدوليــة ذات الصــلة( )375والــيت يكــون الســودان طرف ـاً فيهــا ،كمــا أنــه
نص على تطبيـق أحكـام اتفاقيـة مونرتيـال1999م ،والـيت يعتـرب السـودان مـن أوائـل الـدول العربيـة
يف السودان ال زالت خاضعة التفاقية وارسو 1929م املعدلة بربوتوكول الهاي1955م .ونالحـ
أيضاً أنه ال يوجد أي تعـارض بـني نـص املـادة ( )2/4مـن القـانون الـيت تقضـي بتطبيـق أحكـام اتفاقيـة
مونرتيــال 1999م ،وبــني مــا هــو جــاري عليــه العمــل مــن تطبيــق أحكــام اتفاقيــة وارســو1929م
املعدلة بربوتوكول الهـاي1955م ،ذلـك ألن اتفاقيـة مونرتيـال 1999م تقتضـي لسـريان أحكامهـا
إيداع وثائق التصديق أو القبول أو املوافقة لدى جهـة اإليـداع يف " مونرتيـال "( ،)377وهـو األمـر الـذي مل
يبتــه الســودان بعــد ،إذ أن جمــرد التوقيــع علــى االتفاقيــة ال يعــدو ســوى تعــبري عــن الرغبــة الصــادقة يف
االنضمام إليها.
مل يتعرض قانون الطريان املدني اليمين رقم ( )12لسنة 1993م لتنظيم عقد النقل اجلوي
وأساس أو شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي فيه ،إالب أن هذه األحكام قد جاءت ضمن مواد
القانون التجاري اليمين ذلك ألن عقد النقل اجلوي يعترب من العقود التجارية ،واليت مل خيرج القانون
التجاري اليمين رقم ( )32لسنة 1991م بدوره يف تنظيمها عما جاءت به اتفاقية وارسو ،فيسأل
الناقل اجلوي وفقاً للقانون التجاري اليمين عن الضرر الناشع عن وفاة املسافر أو أي أذىً بدني آخر
يقع للمسافر بشرط وقوع احلادث الذي نشأ عنه الضرر على منت الطائرة ،أو أثناء عملية صعود
( )376تعتبر هذه الدول من أوائل الدول الموقعة على االتفاقية في 1999/5/28م ،إال أن االتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ في
السودان بعد ،ولم يودع السودان وثائق التصديق عليها حتى اآلن كما ذكرنا .أما المملكة العربية السعودية فقد أودعت
وثائق التصديق على المعاهدة في 2003/10/15م ،ودخلت حيز التنفيذ في 2003/12/14م ،وأودعت الكويت وثائق
التصديق عليها في 2002/6/11م ،ودخلت حيز التنفيذ في 2003/11/4م.
( )377نصت اتفاقية مونتريال 1999م على ذلك في المادة ( )6/53بقولها:
(This Convention shall enter into force on the sixtieth day following the date of deposit of
the thirtieth instrument of ratification، acceptance، approval or accession with the
Depositary between the States which have deposited such instrument).
178 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املسافرين أو نزوهلم( ،)378كما يسأل الناقل عن الضرر الذي حيدث لألمتعة املسجلة فيسبب هالكها،
أو فقداهنا ،أو تلفها إذا وقع احلدث الذي أدى إىل الضرر أثناء النقل اجلوي( ،)379ويسأل الناقل أيضاً
وفق ًا للقانون اليمين عن الضرر الذي يرتتب على التأخري يف وصول املسافر أو األمتعة(.)380
وجتدر اإلشارة يف األخري إىل أن ما سبق شرحه يف املباحث الثالثة األخرية من هذا الفصل
-1إصابة املسافر بضرر يؤدي إىل وفاته أو إصابته بأي أضرار بدنية بسبب وقوع
-2إصابة األمتعة املسجلة أو غري املسجلة بضرر بسبب وقوع احلدث أو بسبب
التأخري يف النقل.
وقد فصل بعض الكتاب احلاالت السابقة حتت عناوين مستقلة ولكننا مل نسلك هذا التفصيل،
واكتفينا بشرحها ضمناً مع شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي خشية التكرار.
( )378المادة( )201من القانون التجاري اليمني رقم( )32لسنة 1991م ،وهو نفس النص الوارد في المادة ( )17من اتفاقية
وارسو1929م.
( )379المادة( )202من القانون التجاري اليمني رقم ( )32لسنة 1991م ،وهو نفس النص الوارد في المادة( )18من اتفاقية
وارسو1929م.
( )380المادة( )203من القانون التجاري اليمني رقم ( )32لسنة 1991م ،وهو نفس النص الوارد في المادة( )19من اتفاقية
وارسو.إال أننا نالحظ أن القانون اليمني قد خالف االتفاقية في تحديد الفترة الزمنية التي يكون الناقل مسؤوالً عن
التأخير خاللها ،يظهر ذلك من نص االتفاقية التي استخدمت مصطلح (في نقل) ( )In the carriageالوارد في نص
المادة ( )19من اتفاقية وارسو االتفاقية:
،(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the carriage by air of passengers
luggage or good).
والتي تعني أن الناقل يسأل عن التأخير في النقل ،أما القانون اليمني فقد استخدم مصطلح (في وصول) ( Arrival of
) passengersعند نصه على مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير(:يسأل الناقل الجوي عن الضرر الذي يترتب على
التأخير في وصول المسافر أو األمتعة) المادة( )203تجاري يمني .ويتضح مما سبق أن القانون اليمني قد أعطى الناقل
الجوي فرصة أكبر لتنفيذ عقد النقل منها في االتفاقية إذ ال يسأل الناقل الجوي عن التأخير في النقل وفقاً للقانون اليمني
إال عند تجاوزه الزمن المحدد لوصول المسافر وأمتعته بغض النظر عن مجاوزة ميعاد اإلقالع ويستفيد الناقل من ذلك
كأن ينقل المسافر على طائرة أحدث ذات سرعة أعلى ،أو بإلغاء بعض أو كل نقاط التوقف مثالً.
179 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أو إصابته ،أو النامجة عن حدث فتتلف األمتعة ،أو تضيع جراها ،أو تتعيب ،أو النامجة عن التأخري يف
تنفيذ عقد النقل اجلوي سواء بالنسبة للمسافر أو األمتعة ،تنهض مسؤوليته بالتعويض عن مجيع األضرار
السابق ذكرها إذا توافرت مجيع شروط قيام املسؤولية اليت ذكرناها يف الفصل السابق ،وعندئذٍ
وجب التعويض وفق ما حددته اتفاقية مونرتيال1999م من أحكام خاصة مبسؤولية الناقل
وحدودها وذلك عن طريق اللجوء إىل القضاء برفع دعوى التعويض ضد الناقل اجلوي ،وسوف نقوم
بتفصيل ذلك من خالل تقسيم هذا الفصل إىل ثالثة مباحث نتحدث يف املبحث األول عن حتديد
مسؤولية الناقل اجلوي ،و نتحدث يف املبحث الثاني عن أسباب دفع مسؤولية الناقل اجلوي ،و اخلروج
القانوني واالتفاقي عنها ،ونتحدث يف املبحث الثالث عن دعوى التعويض ضد الناقل اجلوي والضمانات
180 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ترتكز بني مصلحة املسافر يف احلصول على أكرب قدر ممكن من التعويض ،ومصلحة الناقل يف ضم
أكرب قدر من طرق دفع املسؤولية عن كاهله إىل نطاقه ،فجعلت االتفاقية مسؤولية الناقل اجلوي
مسؤولية موضوعية رعاية ملصلحة املسافر باعتباره الطرف األضعف يف عقد النقل اجلوي لتصبح بذلك
مسؤولية الناقل مسؤولية مطلقة ،و وضعت حدوداً معينة جلرب الضرر محاية ملصلحة الناقل و
استمرار نشاطه التجاري يف جمال النقل اجلوي كما أرست شرطاً يعترب مبثابة احلماية العامة ألطراف
عقد النقل اجلوي مجيعاً هو شرط الضمانات املتمثلة يف التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي الذي
وإذا كان أساس مسؤولية الناقل اجلوي قد تطور بالشكل الذي رأيناه يف الفصل السابق من
هذه الدراس ة ،فإن حدود مسؤولية الناقل اجلوي مل تظل هي األخرى جامدة كما وضعتها اتفاقية
وارسو 1929م ،بل أهنا قد اختلفت مرتفعة يف كل اتفاقية عن سابقتها حتى وصلت للحدود اليت
وضعتها اتفاقية مونرتيال 1999م متواكبة بذلك مع ارتفاع األسعار ومع اصفاض قيمة النقود وبالتايل
اصفا ض قيمة مبالغ التعويض ،ومع زيادة تقنية صناعة الطائرات ،وتكنولوجيا األمان فيها ،وبالتايل
تقلص خماطر الطريان و احلط من احلوادث اليت يرجع سببها إىل خلل يف صناعة الطائرات وبالتايل أصبح
وألن اتفاقية مونرتيال 1999م ليست االتفاقية األوىل اليت تضع حدوداً ملسؤولية الناقل اجلوي،
بل أهنا قد جاءت مكملة وجامعة لالتفاقيات السابقة ،فسوف يتم تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب
181 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ونتحدث يف املطلب الثاني عن حدود مسؤولية الناقل يف اتفاقية مونرتيال1999م ،ونتحدث عن
182 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وضعت اتفاقية وراسو1929م حدوداً قصوى ملسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي يصيب
األشخاص ،ونصت على حتديد مسؤولية الناقل اجلوي مببلغ ( 125000بونكاريه فرانك)
كما نصت االتفاقية السابقة على حتديد مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة املسجلة مببلغ
كما حددت االتفاقية احلدود القصوى ملبلغ التعويض يف حالة نقل األمتعة غري املسجلة مببلغ
5000بونكاريه فرانك:
(As regards objects of which the passenger takes
charge himself the liability of the carrier is limited to
5،000 francs per passenger))383( .
وإذا كان تقدير مبلغ التعويض الذي وضعته اتفاقية وارسو1929م كحدٍ أقصى للتعويض عن
مسؤولية الناقل اجلوي قبل املسافر يعد اليوم باملبلغ القليل ،فإن هذا املبلغ كان مبلغاً مناسباً للتعويض
إبان تطبيق االتفاقية سالفة الذكر من وجهة نظر أغلب الدول املنضمة لالتفاقية لكن الكثري من
الدول مل تعد راضية عن هذه احلدود فسعت جاهدة إىل تعديل اتفاقية وراسو1929م ورفع
ملا كانت حدود التعويض اليت أرستها اتفاقية وارسو1929م مل تعد ترضي الكثري من
الدول األطراف فيها ،وملا كانت قد كثرت مطالبات القضاء والفقهاء برفع تلك احلدود كما ذكرنا ،إذ
أصبحت هذه املبالغ تكاد تكون باملبالغ الضئيلة وغري املرضية إذا ما قورنت باملبالغ اليت تدفع
كتعويض عند وقوع أي ضرر ملسافر داخلي ،وملا كانت قيمة النقود يف اصفاضٍ متزايد مبرور السنني،
كل ذلك أدى إىل السعي لتعديل اتفاقية وارسو ورفع احلدود القصوى للتعويض ،وقد كان ذلك عن
طريق بروتوكول الهاي 1955م ،املعدل التفاقية وراسو1929م ،الذي رفع حدود التعويض
بالنسبة للضرر الذي يصيب املسافر إىل ( )250000بونكاريه فرانكاً( ،)384يف حني مل يتعرض لرفع
حدود التعويض بشأن األمتعة املسجلة وغري املسجلة بل ظلت يف هذا الربوتوكول ثابتة مل تتغري عما
يعترب بروتوكول مونرتيال1966م املؤقت( ،)385أو كما يسميه بعض الفقهاء باالتفاق اخلاص(،)386
يعترب هذا الربوتوكول من أهم االتفاقيات اليت أحدثت تغيرياً يف مسؤولية الناقل اجلوي( )387وحدود
( )384حيث تنص المادة ( )1/ 9من بروتوكول الهاي1955م المعدلة للمادة ( )1/22على:
(In the carriage of persons the liability of the carrier for each passenger is limited to the
sum of ،250000 francs).
( )385سمي كذلك ألن الواليات المتحدة أعلنت بواسطة ممثلها المبعوث لحضور هذا االتفاق أنه ال يعدو سوى اتفاق مؤقت
لحين وضع اتفاقية دولية ترفع من شأن حدود مسؤولية الناقل الجوي ليصل إلى المبلغ العادل للتعويض ،وأنها بصدد
التحضير التفاق دولي بهذا الشأن وهو ما عرف بعد ذلك باتفاقية جواتيماال سيتي 1971م.
( )386يطلق بعض الفقهاء األمريكيين عليه هذا االسم ألنه كما يعتبرونه ال يعد اتفاقا ً مستقالً بل يعتبر امتداداً ألحكام اتفاقية
وارسو1929م ،ويستندون بذلك إلى نص المادة( )1/22من االتفاقية القاضي بجواز رفع حدود التعويض إلى مبلغ أكبر
من الذي حددته االتفاقية بنا ًء على اتفاق خاص بين المسافر والناقل ،ونحن إذ نسميه باالتفاق الخاص ذلك ليس ألنه
184 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
هذه املسؤولية إذ بلغت حدود التعويض يف هذا الربوتوكول مبلغ()75000دوالر أمريكي لكل
مسافر يف حالة وفاته أو جرحه أو إصابته بأي أذى بدني آخر ،ويكون املبلغ املذكور شامالً أتعاب
احملاماة والتقاضي ،أما إن كان قانون الدولة اليت رفعت فيها الدعوى يقضي باحلكم بأتعاب احملاماة
ومصاريف التقاضي مستقلة ،عندئذٍ فإن حدود املسؤولية تكون حمدودة مببلغ( )58000دوالر
أمريكي من غري تلك األتعاب أو املصاريف ،ومن ذلك نستنت أن اتفاق مونرتيال1966م قد وضع
حدوداً قصوى ملا يدفعه الناقل من تعويض مببلغ ( )75000دوالر أمريكي ال جيوز االرتفاع هبذا
املبلغ إىل مبلغ أكرب ،وحدد صايف املبلغ األدنى الذي يدفع للمسافر مببلغ ( )58000دوالر أمريكي ال
جيوز النزول عنه إىل مب لغ أقل منه ،كما حدد أقصى مبلغ ميكن أن يستقطع كأتعاب حماماة ومصاريف
تقاضي يف البلد اليت يقضي قانوهنا باحلكم فيهما مستقلتني عن مبلغ التعويض مببلغ ( )17000دوالر
أمريكي ،غري أنه ميكن للقاضي النزول عنه ملبلغ أقل منه واالرتفاع مببلغ التعويض للمضرور
فيحكم مثالً مببلغ ()10000دوالر أمريكي كمصاريف تقاضي وأتعاب حماماة و مببلغ
() 65000دوالر أمريكي كتعويض للمسافر املضرور ،ولكن ال يستطيع القاضي النزول عن مبلغ
التعويض واالرتفاع مببلغ األتعاب ومصاريف التقاضي كأن حيكم مببلغ ( )20000دوالر أمريكي
كمصاريف تقاضي وأتعاب حماماة ومببلغ()50000دوالر أمريكي ،ألن االتفاق حدد أقصى مبلغ
وكما قال بعض الفقهاء األمريكيين امتداداً التفاقية وارسو 1929م ،إنما ألنه خاص بحماية المسافرين من رعايا
الواليات المتحدة األمريكية برفع حدود التعويض لتصل إلى مبلغ ( )75000دوالر أمريكي ،و ال يستفيد من ذلك إال
المسافر الذي يشتمل خط سفره على إقليم أمريكي ،استوى بعد ذلك كان هذا اإلقليم نقطة بداية لرحلة جوية أو نقطة
مقصد نهائي أو نقطة توقف متفق عليها في عقد النقل.
( )387يعتبر اتفاق مونتريال1966م أول اتفاق تم فيه تغيير أساس مسؤولية الناقل الجوي من مسؤولية شخصية قائمة على
افتراض الخطأ من جانب الناقل إلى مسؤولية موضوعية مطلقة قائمة على الخطر وتحمل التبعة ،وبالتالي ليس للناقل
وفق أحكام هذا البروتوكول وفيما يختص بدعاوى التعويض الناشئة عن وفاة مسافر أو جرحه أو إصابته بأي أذىً بدني
آخر ،أن يتمسك بأي دفع مما ورد في الفقرة 1من المادة ( )20من اتفاقية وارسو1929م أو تعديلها الوارد في
بروتوكول الهاي 1955م الخاص بهذا الشأن ،والتي تقضي بأن الناقل ال يكون مسؤوالً إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا
كل التدابير الضرورية لتفادي الضرر أو أنه كان يستحيل عليهم اتخاذ تلك التدابير.
185 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ميكن للقاضي احلكم على الناقل به مببلغ ()75000دوالر أمريكي وأقل مبلغ ميكن أن يدفع
للمسافر املضرور ()58000دوالر أمريكي وجعل املبلغ الدائر بينهما حمل تقدير القاضي.
ذكرنا أن الواليات املتحدة كانت قد صرحت أثناء التوقيع على اتفاق مونرتيال 1966م أنه ال
يعدو اتفاق مؤقت وأهنا بصدد التحضري التفاقية دولية ترفع من حدود التعويض بالقدر الذي
يتوازن مع مصلحة املسافرين ،وكانت الواليات املتحدة بالفعل قد بدأت يف التحضري لالتفاق املعين،
التوقيع عليها بعد س سنوات فقط فكان هذا االتفاق هو اتفاقية جواتيماال سييت1971م اليت
رفع حدود التعويض يف هذه االتفاقية إىل من بروتوكول مونرتيال 1966م املؤقت ،و
وعن األمتعة غري املسجلة أو احملمولة صحبة املسافر يكون مبلغ التعويض وفقاً هلذه االتفاقية
أما األمتعة الغري مسجلة فقد تركت هذه االتفاقية حدود التعويض بشأهنا كما هي يف اتفاقية
الهاي1955م دون تعديل لكنها وضعت حدوداً عن التأخري يف نقل املسافر ( Delay in the
( )388المادة ( )a /1/VIIIمن بروتوكول جواتيماال سيتي 1971م ،المعدلة للمادة ( )22من اتفاقية وارسو1929م ،وقد
نصت هذه المادة على :
(In the carriage of persons the liability of the carrier is limited to the sum of one million
five hundred thousand francs for the aggregate of the claims، however founded، in respect of
damage suffered as a result of the death or personal injury of each passenger).
( )389المادة ( )c/1/VIIIمن بروتوكول جواتيماال سيتي 1971م ،المعدلة للمادة ( )22من اتفاقية وارسو1929م ،وقد نصت
هذه المادة على:
(In the carriage of baggage the liability of the carrier in the case of destruction، loss،
damage or delay is limited to fifteen thousand francs for each passenger).
( )390المادة ( )b/1/VIIIمن بروتوكول جواتيماال سيتي 1971م ،المعدلة للمادة ( )22من اتفاقية وارسو1929م ،وقد نصت
هذه المادة على:
(In the case of delay in the carriage of persons the liability of the carrier for each
passenger is limited to sixty-two thousand five hundred francs).
186 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وعلى الرغم من مناسبة املبالغ اليت جاءت هبا اتفاقية جواتيماال سييت1971م ملا يتفق مع مصلحة
املسافر ،ويسعى إليه القضاء من رفع حدود التعويض للمسافر ،وعلى الرغم أيضاً من تبين الواليات
املتحدة األمريكية هلذه االتفاقية إالب أهنا مل تدخل حيز التنفيذ حتى اآلن لعدم اكتمال النصاب
مسؤولية الناقل اجلوي إذ عدل بروتوكول مونرتيال اإلضايف رقم(1975 )1م حدود مسؤولية
الناقل اجلوي للمسافر إىل مبلغ ( )8300وحدة حق سحب خاص (Special Drawing ()SDR
ويف الربوتوكول اإلضايف رقم ( )000،100( )3وحدة حق سحب خاص( )SDRإالب أن هذا
األخري مل يدخل حيز التنفيذ لعدم اكتمال النصاب املطلوب من الدول املصدقة عليه لدخوله حيز
التنفيذ.
وميثل الشكل التايل حدود التعويض القصوى اليت وضعتها اتفاقية وارسو1929م،
وبروتوكوالت مونرتيال اإلضافية 1975م واتفاقية مونرتيال 1999م اليت سنتحدث عن حدود
187 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
GUATEMALA CITY
WARSAW CONVENTION THE HAGUE PROTOCOL PROTOCOL 1971
1929 1955 Per passenger 1500000 PF
Per passenger 125000 PF Per passenger 250000 PF Passenger delay 62500 PF
Hand carry 5000 PF Hand carry 5000 PF Hand carry 15000 PF
Goods (per Kg) 250 PF Goods (per Kg) 250 PF Goods (per Kg) 250 PF
MONTREAL CONVENTION
1999
Two-tier liability regime for proven damage at or below
100000 SDR and over 100000 SDR
Keys:
PF= Poincare Francs
SDR = Special Drawing Right = De facto amendment =Air law
instrument in force
= Not an international agreement but = Replacement(as between
its parties) = Air law
an arrangement among carriers instrument not
in force
= amendment
188 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
Source: Manual on the regulation of International Air Transport، Second Edition، Issued by
تعديلها املباشر وفق أن اتفاقية وارسو1929م قد من الشكل السابق نالح
( ،)1وبروتوكول جوادا الخارا1961م الذي مل يعدل هذا األخري من حدود املسؤولية لكن
أحكامه جاءت بشأن الناقل الفعلي والناقلني املتعاقدين ،أما بروتوكول الهاي 1955م فقد
تعدي ــل حدود املسؤولية اليت جـ ــاء هبا بداية حب ــكم األم ــر الواقـ ــع وفق بروتوكول مونرتيال
سييت1971م ،الذي تعديله مبوجب بروتوكول مونرتيال اإلضايف 1975م رقم( ،)3وقد عدلت
اإلضايف 1975رقم ( )4لكن هذ ا األخري مل يعدل من حدود املسؤولية اليت جاءت هبا االتفاقيتني
ونالح مما سبق أن حدود مسؤولية الناقل اجلوي مل تظل ثابتة مببلغ معني يلتزم الناقل به جتاه
كل مسافر ،لكنها قد عدلت مرة تلوَ األخرى وتباينت االتفاقيات الدولية بشأن هذا التعديل بغية
الوصول حلدود ترسي هبا توازناً بني أطراف عقد النقل اجلوي ،وحيقق أكرب قدر ممكن من احلماية
للطرف األضعف يف هذا العقد وهو املسافر ،إالب أن أي من االتفاقيات السابقة مل تشمل كل ما يتعلق
حبدود مسؤولية الناقل اجلوي بشأن املسافرين وأمتعتهم والتأخري يف النقل كما أن االتفاقيات
السابقة مل تدخل مجيعها حيز التنفيذ األمر الذي زادت معه حاجة اجملتمع الدويل التفاقية دولية جامعة
189 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
بتعديل شامل جلميع ما يتعلق بأحكام حدود مسؤولية الناقل اجلوي ،بل جاء بعضها معدالً حلدود
مسؤولية الناقل اجلوي يف حالة إصابة املسافرين أو أمتعتهم املسجلة كربوتوكول الهاي1955م،
مونرتيال اإلض ـ ــافية 1975م رقم ( ،)3 ،2 ،1وبعضها جاء معدالً حلدود مسؤولية الناقل اجلوي
عن األمتعة غري املسجلة كربوتوكول مونرتيال اإلضايف1975م رقم( ،)4والبعض األخر وضع
حدوداً ملسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري كربوتوكويل جواتيماال سييت1971م ،و مونرتيال
اإلضايف 1975م رقم( ،)3وهلذا فقد احتاج جمتمع الطريان املدني الدويل إىل اتفاقية دولية واحدة
جتمع كل التعديالت اليت أرستها االتفاقيات السابقة ،واليت نعترب اتفاقية مونرتيال 1999م هي
االتفاقية اجلامعة و املعدلة جلميع اتفاقيات النقل اجلوي السابقة ،ذلك ألهنا احتوت على كل ما جاءت
به االتفاقيات املذكورة من تعديالت بشأن مسؤولية الناقل اجلوي وخاصة فيما يتعلق بأساس تلك
املسؤولية وحدودها.
وضعت اتفاقية مونرتيال1999م نظامني حلدود مسؤولية الناقل اجلوي يف حالة إصابة
املسافرين ،فجعلت مسؤولية الناقل اجلوي املطلقة حمدودة مببلغ( )100000وحدة حقوق سحب
خاصة( )SDRفيما يتعلق باألضرار اليت تصيب املسافر من وفاة أو أي إصابة بدنية أخرى:
ويسأل الناقل أيضاً وفق اتفاقية مونرتيال1999م عن األضرار اليت تزيد قيمتها
فمن النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يعد مسؤوالً مسؤولية غري حمدودة عن األضرار
اليت تصيب املسافر وتكون قيمتها أعلى من احلد الذي بينته االتفاقية إذا كان الضرر قد نشأ عن
إمهال الناقل ،كأن يتهاون الناقل يف جتهيز الطائرة وصيانتها وإعدادها للطريان أو إمهال الطاقم يف
تزويد املسافر بأدوات النجاة مثالً أو تقاعسهم يف فتح أبوب الطائرة احملرتقة لينزل املسافرون ،أو خطأ
الناقل كأن ينقل املسافر على طائرة مل لضع لفحصها من قبل سلطات الطريان املدني الوطنية.
كما يسأل الناقل أيضاً وفق هذه االتفاقية عن األضرار اليت تزيد قيمتها عن()100000
وحدة حق سحب خاصة( )SDRبشرط أن يكون الضرر قد نشأ عن إمهال أو خطأ أو امتناع من
جانب الغري:
such damage was solely due to the negligence or other wrongful act
or omission of a third ply))393( .
ومن النصوص السابقة جند أن الناقل اجلوي يسأل مسؤولية مطلقة عن األضرار اليت تصيب
املسافر واليت ال تتجاوز قيمتها( )SDR( )100000وال يستطيع الناقل دفعها عن كاهله بأي
حال( ،)394أما تلك اليت تتجاوز قيمتها( )SDR( )100000فال يكون الناقل مسؤوالً عنها مبا يف ذلك
الضرر الذي أصاب املسافر بسبب حالته الصحية( )395إالب إذا أثبت املسافر أن الضرر يعود إلمهال أو
خطأ أو امتناع من جانب الناقل أو أحد تابعيه أو وكالئه أو الغري ،فإذا مل يستطع املسافر إثبات ذلك
فإن مسؤولية الناقل تنزل لتصبح مسؤولية حمدودة مببلغ ( )SDR( )100000حتى وإن زادت قيمة
أما يف حالة نقل األمتعة سواء كانت املسجلة أو غري املسجلة فقد حددت اتفاقية
(In the carriage of baggage، the liability of the carrier in the case
)4150( ويف حالة الضرر الناجم عن التأخري يف النقل تكون مسؤولية الناقل حمدودة مببلغ
:) عن كل مسافرSDR(
إذا ما استحق املسافر املضرور للتعويض عن الضرر الذي أصابه أو أصاب أمتعته وفقاً
ألحكام اتفاقية مونرتيال1999م ،فعندئذٍ يتوجب على الناقل دفع املبلغ الذي نصت عليه االتفاقية،
ولكن االتفاقية مل تنص على دفع مبلغ التعويض بعملة وطنية كاتفاقية وارسو1929م اليت
استخدمت الفرنك الفرنسي ،أو اتفاق مونرتيال1966م ،الذي استخدم الدوالر األمريكي لتقدير
استخدمت اتفاقية وارسو1929م (الفرنك الفرنسي) لتقدير مبالغ التعويض ونالح ذلك من
و قد بينت اتفاقية وارسو1929م أن تقدير قيمة التعويض يكون بواقع (الفرنك بونكاريه)
الذي يشتمل على 65مليجراماً( )398من الذهب عيار 900من األلف( )399من الذهب اخلالص على
أن تكون قابلة للتحويل إىل أرقام دائرية( )round figuresيف كل عملة
( )398نص بروتوكول الهاي 1955م في المادة( )5/11منه المعدلة للمادة( )4/22من اتفاقية وارسو 1929م على أن الفرنك
يشتمل على 65.5مليجراماً من الذهب عيار 900في األلف:
(The sums mentioned in francs in this Article shall be deemed to refer to a currency unit
consisting of sixty-five and a half milligrammes of gold of millesimal fineness nine hundred).
( )399وهو ما يعرف تجاريا ً (في سوق الذهب) بعيار .24
( )400المادة( )4/22من اتفاقية وارسو1929م .وقد نصت المادة على:
« (The sums mentioned above shall be deemed to refer to the French franc consisting of 65
milligrams gold of millesimal fineness 900. These sums may be converted into any national
currency in round figures).
194 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
وعلى الرغم من أن االتفاقية قد سهلت األمر بتحويل قيمة التعويض إىل ما يعادهلا من
العمالت الوطنية ،إالب أهنا مل تضع معياراً معيناً لتعويل سعر الصرف عليه ،األمر الذي أثار اختالفاً
فقهياً ،بشأن وضع سعر صرف حمدد يعول عليه عند دفع مبلغ التعويض ،فذهب البعض( )401إىل حساب
قيمة التعويض على أ ساس سعر الذهب ،لكن هذا السعر ال خيدم مصلحة املتضررين باالستفادة
من مبلغ التعويض ذلك ألن سعر الذهب مل يعد يوجد يف العديد من الدول اليت تركت التعامل به،
أضف لذلك وجود اختالفات بني الدول بشأن أسعار الذهب تبعاً لسياسات هذه الدول ،كما أن
سعر الذهب نفسه ليس ثابت ًا ذلك الختالف سعره الر ي عن السعر احلر.
()402
إىل حساب قيمة التعويض بواقع الفرنك الفرنسي ،إالب أن هذا الرأي وقد ذهب البعض
يشكل صعوبةً عند التطبيق العملي ،ذلك ألن ليس من مصلحة املتضررين يف كافة دول العامل
تدخل احلكومة الفرنسية بتحديد سعر صرف الفرنك الفرنسي وفقاً ملا خيدم مصاحلها ويرعى
لسياستها.
كان لبعض الدول رأي خمالف ملا سبق وهو حساب قيمة التعويض بالدوالر األمريكي،
انطالقاً من قاعدة التسوية الفعلية بني الذهب والدوالر اليت أرستها معاهدة"بريتون وودز"(،)403
وقاعدة التسوية هذه جتعل كل من الدوالر والذهب متساوين يف السيولة والقبول العام(،)404
ولكن هذه الطريقة وإن كانت قد جنحت فرتة من الزمن إالب أهنا مل تستطع مواصلة مسريها ،فقد
بدأت بوادر فشلها تنجلي يف العام 1960م ،بسبب العجز املستمر يف ميزان املدفوعات األمريكية،
وتضخم الدوالرات الورقية اليت حتتف هبا الدول كعملة احتياطي مما جعل إمكانية حتويلها إىل
ذهب مسألة نظرية حبته( ، )405كل ذلك أثار العديد من الصعوبات العملية يف تطبيق هذه القاعدة من
بضائع أثناء نقلها من "الواليات املتحدة" إىل "بريطانيا" قضت الدائرة الثانية حملكمة استئناف الواليات
املتحدة األمريكية بأنه منذ أن للى النظام النقدي الدويل عن العمل بقاعدة الذهب ،وما نت عن
ذلك من استحالة حتويل الفرنك الذهب إىل دوالرات ورقية ،أصبحت اتفاقية وراسو1929م يف
شقها اخلاص بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي جمرد ة من قوهتا التنفيذية ،األمر الذي يقف عائق أمام
ومما سبق نستنت أن اتفاقية وارسو1929م مل حت َ برضى الكثري من الدول األطراف ،ذلك
ملا اعرتهتا من صعوبات بشأن حتديد وحساب قيمة التعويض ،وتضارب حساب قيمة التعويض بني
الفرنك الفرنسي ،الذهب والدوالر األمريكي ،اليت كشف التطبيق العملي لالتفاقية عن خدمة كل
منها ملصاحل دول معينة وتدخل سياسات الدول بتحديد مسألة التعويض الذي أصاب املسافر اجلوي
خلدمة اقتصادها فقط دون العبء مبا قد يتكبده املسافر املضرور من عدم احلصول على حقوقه
ذكرنا أن اتفاقية وارسو1929م قد أقرت حساب قيمة التعويض فيها بواسطة (الفرنك
الربوتوكوالت اليت عدلت أحكام اتفاقية وارسو1929م ،فقد انتهجت هنجاً مغايراً ملا سبق؛ فمنها
اخلاص1966م ،ومنها ما قرر حساب قيمة التعويض بواسطة وحدات حقوق السحب
اخلاصة( )SDRوفق تقويم صندوق النقد الدويل ،كربوتوكوالت مونرتيال اإلضافية األربعة
1975م ،األمر الذي ا عرتته بعض الصعوبات عند التطبيق العملي ألحكام التعويض الواردة يف
الربوتوكوالت السابقة كما بينّا ذلك يف بداية هذا املطلب ،أضف لذلك أن الربوتوكوالت اليت الذت
من وحدات حقوق السحب اخلاصة معياراً لتقويم مبالغ التعويض ،تفرتض عضوية الدولة اليت ترفع فيها
دعوى التعويض يف صندوق النقد الدويل ،وهو ما أوجد صعوبة حقيقية يف تطبيق أحكام
الربوتوكوالت املذكورة ،ذلك ألن الدولة الطرف يف أحد الربوتوكوالت املعنية قد ال تسمح قوانينها
بإجراء طريقة التقويم هذه نظرًا لعدم عضوية الدولة يف صندوق النقد الدويل.
أما اتفاقية مونرتيال1999م فقد عاجلت هذه الصعوبات و وضعت أحكاماً لكل حالة
على حده حبسب عضوية الدولة يف صندوق النقد الدويل من عدمها ونفصل ذلك يف اآلتي:
أوالً :إذا كانت الدولة اليت تقام الدعوى فيها عضوًا يف صندوق النقد الدويل:
من املعلوم أن قيمة العمالت لتلف من دولة ألخرى حبسب قوة تلك الدولة االقتصادية،
وتقدمها الصناعي فتكون عملة إحدى الدول أرفع من األخرى نسبة ملا ذكر ،وقد حرصت
االتفاقية على إرساء نظام نقدي واحد حيسب على أساسه مقدار التعويض للمسافر حبيث ال يؤثر
مركز دولته اليت حيمل جنسيتها االقتصادي ،أو مركز الدولة اليت تقام فيها الدعوى على نقص
197 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
التعويض أو ارتفاعه ،لرتسي بذلك مبدأ املساواة بني األفراد(املسافرين) أمام املرافق العامة ،و
مبدأ التعويض العادل للمسافرين ،فنصت اتفاقية مونرتيال1999م على أن املبالغ اليت وضعتها
كتعويض يف شكل وحدات سحب خاصة تشري إىل وحدة حقوق السحب اخلاصة حسب تعريف
االتفاقية قد أحالت حتويل قيمة التعويض إىل مبالغ نقدية ملا يقرره صندوق النقد الدويل ،بشرط أن
يتم حتويل هذه املبالغ إىل ما يعادهلا من العمالت الوطنية لكل دولة عند التقاضي ،يوم صدور
وقد نصت االتفاقية يف املادة السابقة على حتويل املبالغ إىل العمالت الوطنية عند التقاضي يوم
صدور احلكم مراعاةً حلقوق املسافر بصفته الطرف األضعف ،وبذلك يستطيع املسافر االستفادة من
أي زيادة قد تطرأ على حتويل قيمة التعويض إىل العملة الوطنية يف الفرتة ما بني وقوع الضرر
كما نصت ا التفاقية على أن قيمة العملة الوطنية لدولة عضو يف صندوق النقد الدويل حتسب
مقومة بوحدات السحب اخلاصة وفقاً لطريقة التقويم اليت يطبقها صندوق النقد الدويل بالنسبة
transactions))408(.
إذا ومن خالل النص السابق جند أن الدول األطراف يف صندوق النقد الدويل جيب عليها
مراعاة ما أحالت االتفاقية إليه من أحكام بشأن تقويم وحدات السحب اخلاصة وفقاً لعملياته،
قد تقام الدعوى وفق اختيار املدعي-كما سيأتي الحقاً يف هذا الفصل -يف دولة طرفاً يف
اتفاقية مونرتيال 1999م لكنها ليست طرفاً يف صندوق النقد الدويل ،وبالتايل ال تكون هذه
الدولة ملزمة بطريقة تقويم وحدات السحب اخلاصة املنصوص عليها يف االتفاقية كتعويض إىل
عمالهتا الوطنية وفق ما حيدده الصندوق ،ويف هذه احلالة حتسب قيمة العملة الوطنية هلذه الدولة
(In terms of the Special Drawing Right، of a State Party which is
ولكن االتفاقية قد أجازت عند التصديق على اتفاقية مونرتيال1999م أو االنضمام يف أي
وقت الحق للدولة اليت ال تسمح قوانينها بتطبيق قواعد صندوق النقد الدويل بشأن تقويم قيمة
التعويض إىل عمالهتا الوطنية ،أجازت هلا يف هذه احلالة أن تعلن أن مسؤولية الناقل اجلوي عن
األضرار اليت تصيب املسافر فتسبب وفاته أو جرحه بدنياً ،حمدودة مببلغ( )1500.000وحدة نقدية
عن كل مسافر عند التقاضي داخل أقاليمها ،ومببلغ ()62500وحدة نقدية عن كل مسافر بالنسبة
لألضرار اليت تصيب املسافر يف حالة التأخري يف النقل ،ومببلغ( )15000وحدة نقدية عن كل مسافر
بالنسبة لألضرار اليت تصيب أمتعة املسافر غري املسجلة ،ومببلغ( )250وحدة نقدية عن كل كيلو
جرام بالنسبة لألضرار اليت تصيب أمتعة املسافر املسجلة ،على أن كل وحدة نقدية من الوحدات
السابقة تساوي ()65.5ملجم من الذهب البالغة نسبة نقائه( ،)1000%900وجيوز حتويل هذه
املبالغ إىل العملة الوطنية للدولة املعنية وفق قانون الدولة بشرط أن جترب كسور هذه املبالغ إن
كما اشرتطت االتفاقية على الدولة املعنية بأحكام املواد السابقة ما يلي:
.1عند إجراء احلساب وفق الطريقة اليت حتددها هذه الدولة ،وإسلوب التحويل السابق
ذكره مراعاة إجراء احلساب والتحويل بطريقة تعرب إىل أبعد حد ممكن بالعملة
الوطنية للدولة الطرف يف االتفاقية عن نفس القيمة احلقيقة ملبالغ التعويض اليت بيناها يف
.2تبليغ جهة اإليداع بطريقة احلساب أو بنتيجة التحويل اليت اتبعتها ،حسب احلالة ،أو أي
تغيري يف طريقة احلساب أو نتائجه ،ويتم التبليغ عند إيداع وثائق التصديق أو املوافقة
عند قيام الناقل اجلوي بتنفيذ عقد النقل :فإما أن يويف جبميع التزاماته سواء تلك اليت حتمتها عليه
االتفاقية ،أو تلك اليت االتفاق مع املسافر عليها ،وبذا ينتهي عقد النقل اجلوي ،وتنتهي معه التزامات
مجيع أطرافه ،وإما أن يقصر الناقل ببعض أو كل التزاماته وعندئذٍ يصبح عرضةً لتحمل املسؤولية
وفق ما قررهتا اتفاقية مونرتيال 1999م من حدود خاصة بتحمله املسؤولية واليت ال جيوز للناقل
االتفاق على وضعها أو احلد منها ،لكن وعلى الرغم من ذلك فإن االتفاقية قد أقرت أحكاماً
يستطيع مبوجبها الناقل دفع املسؤولية عن كاهله والتنصل عنها كاملة أو عن جزء منها ،كما أقرت
أخرى يستفيد منها املسافر باخلروج عن احلدود اليت وضعتها االتفاقية إىل حدودٍ أعلى ،وسنبني
ذلك من خالل تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب ،نتحدث يف املطلب األول منها عن أسباب دفع
مسؤولية الناقل اجلوي ،ونتحدث يف املطلب الثاني عن اخلروج القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي،
202 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إذا ما استوفت مسؤولية الناقل اجلوي جتاه املسافرين وأمتعتهم شروط انعقادها وفقاً ملا
حددته اتفاقية مونرتيال1999م ،فإنه يصبح من املتعذر على الناقل وضعها أو احلد منها فقد
حرمت االتفاقية على الناقل اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية أو اشرتاط وضع حدوداً أقل من احلد
املعني فيها:
بل أن اتفاقية مونرتيال1999م قد ذهبت إىل أبعد من ذلك فقررت بطالن تلك الشروط
من غري أن يؤثر بطالهنا على وجود أو صحة عقد النقل اجلوي ،لتصبح الشروط الغيةً كأن مل تكن
ويستمر تنفيذ عقد النقل اجلوي بني أطرافه منتج ًا آلثاره وملزم ًا لطرفيه:
(But the nullity of any such provision does not involve the nullity
of the whole contract، which shall remain subject to the provisions of
this Convention))414(.
النص السابق محاية ملصلحة املسافر من تعسف الناقلني ،ومنعاً هلدر حقوقه اليت يكتسبها من عقد
النقل اجلوي ،لكنها قد نصت على طرقٍ يستطيع الناقل اجلوي التنصل مبوجبها عن حتمل املسؤولية أو
التخفيف منها إذا ما توافرت شروط دفع املسؤولية اليت نصت عليها االتفاقية ،فقد فقررت االتفاقية
سبباً عاماً لدفع مسؤولية الناقل اجلوي أياً كانت حدودها أو نوعها أو سند املطالبة بالتعويض فيها أو
حاالهتا ،وأسباباً خاصة لكل حالة من حاالت مسؤولية الناقل اجلوي على حدا وتفصيل ذلك
كاآلتي:
نعين بالسبب العام أن الناقل اجلوي يستطيع باالستناد إليه دفع املسؤولية عن كاهله يف حالة
نقل األشخاص مهما كان سندها أو حدودها ،وقد نصت على ذلك اتفاقية مونرتيال1999م
بقوهلا:
(If the carrier proves that the damage was caused or contributed
to by the negligence or other wrongful act or omission of the person
claiming compensation، or the person from whom he or she derives
his or her rights، the carrier shall be wholly or partly exonerated from
its liability to the claimant to the extent that such negligence or
wrongful act or omission caused or contributed to the damage))415(.
من النص السابق جند أن االتفاقية تعفي الناقل اجلوي من حتمل املسؤولية جتاه املسافر
املضرور -بقطع النظر عن حدود هذه املسؤولية-أو عن أمتعته أو عن التأخري يف نقلهما إذا
فإذا أصيب املسافر بضرر أدى إىل وفاته أو جرحه بدنياً أثناء هبوط الطائرة نتيجة إلمهاله يف
ربط حزام األمان املوجود يف مقعده واملهيَّـأ من قبل الناقل لربطه ،أو ملخالفته توجيهات تابعي الناقل
بعدم نزع ــه والتحرك من مقعده حلظيت اإلقالع واهلبوط ،أو امتنع املسافر عن استخدام أقنعة
األكسجني املدالة أمامه إلمداده باهلواء الالزم الستمرار حياته ،أو اخلروج من الطائرة اليت بدأت
حترتق وبقائه فيها حتى قضت نرياهنا عليه أو أصابته حبروق ،أو أمهل املسافر تبصري الناقل عن
األمتعة اليت حتتاج لعناية خاصة كاألجهزة اإللكرتونية ،أو امتنع عن دفع مبالغ إضافية نظري نقل
أمتعته الزائد وزهنا عن املسموح به ،أو تأخر عن احلضور إىل مبتدأ تنفيذ عقد النقل اجلوي حتى قيام
الرحلة ،أو أخطأ املسافر يف محل وثائق سفره أو أمهل محلها أو امتنع عن اخلضوع للتفتيا اخلاص
باملطارات ،كل ذلك يدعم الناقل بإعفائه من حتمل املسؤولية جتاه الضرر الذي أصاب املسافر ،وقد
قررت االتفاقية هذا النص منعاً لتساهل املسافرين يف تنفيذ التزاماهتم اليت حتمها عقد النقل عليهم ،أو
السعي إلثقال عاتق الناقل باملسؤولية جتاههم دون وجه حق أو سند تعاقدي.
وحنن إذ نقول أن السبب السابق لدفع املسؤولية يعترب سبباً عاماً نقصد بذلك إالب اعتبار
حلدود املسؤولية أو ألساسها الذي تبنى مطالبة التعويض عليه يف إعمال النص السابق ،أو نوعها
وحالتها عن مسافرٍ كانت أو أمتعةٍ أو عن تأخريمها ،ولكن ال نقصد بذلك أن الناقل يعفى من
حتمل املسؤولية حتى وإن وقع الضرر باملشاركة بني هذا األخري واملسافر ،فقد بينت االتفاقية هذه
احلالة صراحة ونصت على أن الناقل ال يعفى من املسؤولية إالب بقدر خطأ أو إمهال أو امتناع
فيعفى الناقل من املسؤولية وفق النص السابق بقدر مسامهة املسافر املضرور يف إحداث
الضرر فقط وتظل مسؤوليته قائمة عن بقية األضرار ،فإذا أصيب املسافر بأضرار بدنية بعضها
ناجم عن عدم ربطه حزام األمان املوجود على مقعده ،والبعض اآلخر ناجم عن أكله أطعمة
ملوثة قدمها له تابعو الناقل يف الطائرة ،فإن الناقل اجلوي يكون مسؤوالً –يف نظرنا-بتعويض
املسافر عن هذه األخرية دون غريها ،ويكون أمر تقدير مسامهة املسافر يف إحداث الضرر
خاضع للقاضي املختص بنظر الدعوى ،دون أن يكون له سلطة تقدير حتمل الناقل املسؤولية من
عدمه فهو أم ر قد بتت فيه االتفاقية ،وعندئذٍ ال يقاس مقدار حتمل الناقل للمسؤولية وفق معيار
مقارنة خطأ أو إمهال أو امتناع املسافر يف وقوع الضرر إىل خطأ الناقل ،أو جسامة خطأ أحدمها
إىل اآلخر ،ولكن يقاس مقدار حتمل الناقل للمسؤولية مبعيار مقدار مسامهة خطأ املسافر أو
كما أن إعفاء الناقل من املسؤولية على الوجه السابق تفصيله يشمل مجيع أحكام املسؤولية
املبينة يف االتفاقية مهما كان سند رفع الدعوى إذ يستفيد الناقل اجلوي من النص السابق بإعفائه من
املسؤولية سواء كانت األضرار اليت أصابت املسافر مل تتجاوز احلدود القصوى اليت بينتها االتفاقية
( )SDR( )100000أو جتاوزهتا إىل أكثر من ذلك فال أمهية هنا ملقدار الضرر طاملا أنه جنم نتيجةً
ويطبق نص اإلعفاء من املسؤولية السابق سواء تقدم بطلب التعويض املسافر شخصه ،أو أي
شخص آخر غري املسافر هذا يف حالة كان الضرر هو الوفاة ،فيعفى الناقل من املسؤولية إذا تقدم
بطلب التعويض شخص آخر غري املسافر كالورثة الشرعيني أو أي شخص يستمد من التعويض
حقوقه إذا أثبت الناقل أن الضرر الواقع كان نتيجة خلطـأ أو إمهال أو امتناع الشخص املسافر:
(When by reason of death or injury of a passenger compensation
is claimed by a person other than the passenger، the carrier shall
likewise be wholly or partly exonerated from its liability to the extent
that it proves that the damage was caused or contributed to by the
negligence or other wrongful act or omission of that passenger))418(.
وجيب أن نفرق بني النص السابق ونص املادة( )26من نفس االتفاقية الذي يلغي أي بند
يهدف إىل إعفاء الناقل من املسؤولية أو إىل وضع حد أدنى من احلد املعني يف االتفاقية ،و إذا كان
اللف يوحي بوجود تعارض بني النصني ذلك ألنه يف الوقت الذي تنص االتفاقية يف املادة ( )26على
بطالن أي بند يهدف إلعفاء الناقل من املسؤولية أو وضع حد أدنى منها ،تنص ذات االتفاقية يف
املادة( ) 20على إعفاء الناقل جزئياً أو كلياً من املسؤولية جتاه املسافر إذا توافرت الشروط اليت نصت
عليها االتفاقية يف نفس املادة ،فإن املعنى يوضح عدم وجود أي تعارض بني النصني ذلك ألن
االتفاقية عند نصها على بطالن أي بند يهدف إلعفاء الناقل من مسؤوليته الكلية أو اجلزئية جتاه
املسافر إ ا تقصد بذلك أي حالة أخرى غري تلك اليت نصت عليها يف املادة ( )20كاحلالة اليت يشرتط
فيها الناقل إعفائه من مسؤوليته أو حتديدها حبدود أقل من تلك املقررة يف االتفاقية.
يستطيع الناقل إضافة إىل السبب العام السابق تفصيله دفع مسؤوليته يف حالة نقل األشخاص
ب خاصة لكل حالة من حاالت مسؤولية الناقل اجلوي ونفصل ذلك كالتايل:
وفق أسبا ٍ
ذكرنا أن اتفاقية مونرتيال1999م قد أرست نوعني لنظام مسؤولية الناقل اجلوي عن
املسافرين حبسب قيمة األضرار اليت تصيب املسافر فجعلتها مسؤولية موضوعية مطلقة عن تلك اليت ال
تتجاوز قيمتها مبلغ( )SDR( )100000و ذكرنا أن هذه احلالة ال جيوز للناقل اجلوي دفع مسؤوليته
قبل املسافر فيها إالب عن طريق السبب العام السابق ذكره ،وجعلتها مسؤولية شخصية عن تلك اليت
تتجاوز قيمتها مبلغ( ،)SDR( )100000وهذه احلالة جيوز للناقل اجلوي دفعها بطريقني :إما استناداً
للسبب العام السابق ذكره ،أو استنادًا لألسباب اخلاصة هبذه احلالة ،وهذه األسباب هي:
أ .ال يسأل الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب املسافر إذا استطاع إثبات أن الضرر مل
فمن النص السابق جند أن االتفاقية تعفي الناقل من املسؤولية عن األضرار اليت تصيب املسافر
)1أن تكون قيمة األضرار اليت أصابت املسافر تزيد على مبلغ()100000
( ،)SDRفال يطبق النص السابق إالب يف حالة كانت قيمة األضرار تزيد على احلدود
القصوى اليت وضعتها االتفاقية كأن يصاب املسافر حبروق وتشوهات جلدية تكون
قيمتها مبلغ ( ،)SDR( )101000أو فاقت عليه ،أما إذا كانت قيمة األضرار اليت
ولكن فيما إذا استطاع الناقل دفع املسؤولية عن األضرار حبسب النص
السابق فهل يعفى من كامل مسؤوليته؟ أم أنه يعفى فقط بالقدر الذي يزيد عن
احلدود القصوى للتعويض؟ مبعنى أنه إذا أصيب املسافر بتشوهات وحروق وإصابات
أخرى نتيجة لوقوع حادث جوي –مثالً -وكانت قيمة هذه األضرار تقدر مببلغ
( ،)SDR( )130000فهل يعفى الناقل منها كاملة أو يعفى فقط من مسؤوليته عن
األضرار اليت تقدر قيمتها مببلغ( )SDR( )30000وهو املبلغ الزائد عن احلدود
القصوى للتعويض؟ وتظل مسؤوليته قائمة عن تلك اليت تكون قيمتها ()100000
()SDR؟
إن نص االتفاقية السابق يوحي بأن الناقل يعفى من مسؤوليته كاملةً ألنه مل
يرد يف النص لصيص إلعفاء الناقل من املبلغ الذي ميثل قيمة األضرار الزائدة عن
احلدود القصوى للتعويض فقد استخدمت االتفاقية للتعبري عن ذلك مصطلح (ال
عام يشمل إعفاء الناقل من مسؤوليته كاملة ،ولكن إعفاء الناقل من مسؤوليته
كاملة وفق النص السابق يعطل نص الفقرة ( )1من نفس املادة الذي يقضي صراحة
بأنه ال جيوز للناقل أن ينفي مسؤوليته عن األضرار اليت ال تتجاوز قيمتها ()100000
( ، )SDRأو حيد منها وبالتايل صلص إىل أنه وعلى الرغم من عدم نص االتفاقية على
مقدار اإلعفاء من مسؤوليته استناداً لنص املادة( )2/21السابق ،إالب أن النص ال
209 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
يعفي الناقل إالب بقدر املبلغ الزائد عن احلدود القصوى وتظل مسؤوليته قائمة عن
)2أن يربهن الناقل أن الضرر الناجم مل ينشأ عن اإلمهال أو اخلطأ أو االمتناع من
جانبه ،أو جانب أحد تابعيه ،أو أحد وكالئه :فيستطيع الناقل اجلوي دفع املسؤولية
عن كاهله بإثبات عدم تقصريه ،أو خطئه ،أو امتناعه ،هو أو أحد وكالئه أو تابعيه،
فيكفي لدفع املسؤولية إثبات الناقل جتهيزه الطائرة للمالحة قبل الرحلة اجلوية
بالصيانة الالزمة ووسائل األمان فيها وتأكده من أحوال األجواء مبراجعة اجلهات
إجراءات صعود املسافر إىل منت الطائرة ،أو امتناعهم عن ذلك ،أو خطئهم يف إبال
املسافر مبوعد الرحلة اليت أكد حجزه عليها ،أو امتناعهم عن ذلك ،أو إمهال الناقل يف
تبصري املسافر بوسائل األمان يف الطائرة كحزام األمان وخمارج الطوارا أو وسائل
النجاة كطوق السباحة أو كمامات األكسجني االحتياطية ،أو امتناع تابعيه عن متكني
و نالح من الشرط السابق أن اتفاقية مونرتيال1999م قد سهلت األمر على الناقل اجلوي
هبذا الشرط أكثر من اتفاقية وارسو1929م اليت تطلبت لدفع مسؤولية الناقل اجلوي إثبات الناقل
اجلوي أنه وتابعيه قد الذوا كل التدابري الضرورية لتفادي وقوع الضرر أو إثبات أنه استحال عليهم
ونستطيع القول أن اتفاقية وارسو1929م قد تطلبت من الناقل يف مثل هذه احلالة اإلثبات
اإلجيابي كأن يثبت قيامه بأعمال متثل التدابري الضرورية ملنع وقوع الضرر ،فيثبت أنه فعالً قد قام
بعمل الصيانة الالزمة وتفقد احملركات قبل الرحلة اجلوية ،أما النص الذي أقرته اتفاقية
مونرتيال1999م ،من إثبات الناقل عدم إمهاله أو خطئه أو امتناعه ،هو أو أحد وكالئه أو
تابعيه ،فنستطيع وصفه باإلثبات السليب ،ونأخذ مثاالً لتوضيح ذلك الطائرة السودانية ( Air-bus
الناقل_اخلطوط اجلوية السودانية -يف هذه احلالة فيما لو كانت أحكام النقل اجلوي الدويل يف
السودان حمكومة وفق اتفاقية مونرتيال1999م ،وعلى افرتاض أن األضرار اليت وقعت تزيد عن
مبلغ ( )SDR( )100000للمسافر ،سيكون الناقل مطالب باإلثبات السليب لدرء مسؤوليته عن
األضرار فيكفي إثباته عدم تقصريه يف صيانة الطائرة وحمركاهتا ،وعدم وقوع أي خطأ مالحي من
قبل تابعيه ،أي أن األضرار اليت أصابت املسافرين بسبب احلريق الذي نشب يف الطائرة مل تنشأ نتيجة
خلطأ من قبل الناقل أو تابعيه ،أو إمهال أحدهم أو امتناعه ،أما وما دام الناقل اجلوي السوداني
خيضع ألحكام اتفاقية وارسو1929م فيجب عليه إثبات قيامه بأفعال إجيابية ملنع وقوع الضرر
للمسافر وميتد هذا االلتزام حتى حلظة وقوع الضرر ،فال يكفي إثبات الناقل أنه قد قام جبميع
أعمال صيانة الطائرة وتفقد حمركاهتا والتأكد من جاهزيتها للمالحة على متنها لدفع املسؤولية عن
كاهله ،بل ميتد مصطلح التدابري الضرورية ليشمل كل ما من شأنه منع وقوع الضرر كسرعة فتح
اختلف الفقه والقضاء في تفسير معنى"التدابير الضرورية" فذهب اتجاه إلى أن المقصود بمثل هذه التدابير :اتخاذ جميع
التدابير التي من شأنها أن تؤدي موضوعيا ً لمنع حدوث الضرر ،بمعنى أنها لو اتخذت_وهذا هو التفسير الحرفي-لما وقع
تفسير مضيق لتعني عبارة "التدابير الضرورية" وفقاً له إثبات الناقل عدم رجوع
ٍ الضرر ،في حين ذهب اتجاه آخر إلى
الضرر إلى خطئه ،وذهب اتجاه ثالث إلى أن معنى " التدابير الضرورية " ينصرف إلى بذل الناقل الهمة الكافية والعناية
المطلوبة وهذا هو التفسير الموسع للعبارة السابقة .د .هشام فضلي .مرجع سابق ،ص ،52وأنظر :د.عدلي أمير خالد .عقد
النقل الجوي قواعد وأحكام ،مرجع سابق ،ص،125-123وأنظر أيضاً :د .حفيظة السيد حداد .القانون الجوي ،مرجع
سابق ،ص.156-152
211 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
األبواب وخمارج الطوارا ،وقيام تابعي الناقل مبحاولة إ اد احلريق و إنقاذ ما ميكن للناقل إنقاذه
من املسافرين ،وإثبات الاذه كافة التدابري الضرورية حلظة وقوع احلادث كاستخدام أدوات إطفاء
احلريق املفرتض وجودها يف الطائرة وجاهزيتها لالستخدام ،وسرعة االتصال بسلطات الطريان
املدني وسلطات املطار ملساعدته ،أو الاذ غري ذلك من التدابري اليت من شأهنا منع وقوع الضرر أو
إثبات أنه استحال عليه وتابعيه الاذ أي منها لسبب راجع للغري ،و املعيار هنا هو معيار الناقل
احلريص ول يس معيار الناقل املسؤول ،وصلص إىل أنه ميكن القول بأن معيار دفع املسؤولية يف
اتفاقية مونرتيال1999م يقاس بعدم هتاون الناقل ،أما يف اتفاقية وارسو1929م فيقاس بإقدام
ب .ال يسأل الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب املسافر إذا استطاع إثبات أن الضرر
ويعد النص السابق هو السبب اخلاص الثاني لدفع مسؤولية الناقل اجلوي عن األشخاص
ويشرتط لتطبيقه:
)1أن تكون قيمة األضرار اليت أصابت املسافر تزيد على احلدود القصوى اليت وضعتها
)2أن يربهن الناقل أن الضرر الذي وقع قد نشأ عن خطأ أو إمهال أو امتناع من جانب
الغري ،والغري هنا كل شخص أجنيب عن الناقل ال يكون الناقل مسؤوالً عن أفعاله،
حبيث يكون أجنبياً متاماً عن الناقل وال تربطه به أية رابطة عقدية كأن يكون
)3أن يكون الضرر قد نشأ عن إمهال أو خطأ أو امتناع الغري فقط ،فإذا وقع أحد
األفعال السابقة من جانب الغري لكنه مل يسبب الضرر للمسافر بل سببه إمهال آخر
أو خطأ أو امتناع وقع من جانب الناقل ،ال يعفى الناقل من مسؤوليته ،وخري مثال
على ذلك القضية اليت رفعت ضد اخلطوط اجلوية الليبية السابق ذكرها يف الفصل
السابق من هذه الدراسة ،فعلى الرغم أن الضرر قد وقع نتيجة ألعمال احلروب
وإسقاط الطائرة بنريان إسرائيلية ،إالب أن سبب ذلك الضرر يعود خلطأ الناقل ،فخطأ
تابعي الناقل يف إعادة اإلقالع بالطائرة بعد إجبارها على اهلبوط ،وعدم املقدرة
على فهم إشارات سالح اجلوية اإلسرائيلية هو ما سبب ضرهبا بالنريان اإلسرائيلية
وإسقاطها ،كما أنه إذا أسهم الناقل جبزء من الضرر و أسهم الغري باجلزء اآلخر ال
يعفى الناقل من مسؤوليته كذلك إالب عن اجلزء الذي تسبب فيه الغري فقط و تظل
التعليمات للناقل باهلبوط يف إحدى نقاط التوقف فهبطت الطائرة غري متزنة ،فسبب ذلك
للمسافرة إجهاض أعقبه نزيف حاد ،لكن الناقل امتنع عن إنزاهلا من الطائرة أو
تقديم هلا العالج الالزم وقرر مواصلة الرحلة فأدى ذلك إىل وفاهتا.
ويفسر النص السابق التفسري الواسع فيعد من الغري بالنسبة للناقل كل شخص طبيعي أو
اعتباري ال تربطه به عالقة عقدية كوكالئه ونائبيه( ،)423وال يكون الناقل مسؤوالً عن أعماله
كأعمال السلطات العامة والقوة القاهرة أو األحوال اجلوية الغري متوقعة ،أو أعمال احلرب األهلية
إذا كانت اتفاقية مونرتيال1999م قد حددت صور الضرر اليت تصيب األمتعة واليت يسأل
عنها الناقل اجلوي وه ي التلف ،الضياع و التعييب ،فإن الناقل اجلوي ال يكون مسؤوالً عن أي ضرر
بالصورة السابقة وفقاً ألحكام االتفاقية إذا استطاع إثبات أن الضرر املتمثل يف الصور السابقة قد
جنم بسبب خلل كامن يف األمتعة ،أو عن نوعيتها ،أو عن عيبٍ ذاتي فيها( ،)424وقد تفصيل ذلك يف
الف صل الثالث من هذه الدراسة فسوف حنيل عنها هنا منعاً للتكرار ،إالب أن ما جتدر اإلشارة إليه
أن الناقل ال يعفى من املسؤولية عن الضرر الذي يصيب األمتعة وفقاً ألحكام االتفاقية إالب بقدر
ما سببه اخللل الكامن يف األمتعة أو نوعيتها أو العيب الذاتي فيها من ضرر ،فإذا أصاب أمتعة
الناقل املسجلة تلف وكان سبب التلف راجع يف بعضه لنوعيتها ،أو خللل كامن فيها -كأن تكون
األمتعة فواكه أصاب العطب جزء منها قبل تسليمها للناقل -ويف بعضه اآلخر راجع خلطأ الناقل يف
تستيفها فوق بعضها بشكل يعرضها للتلف ،يعفى الناقل من املسؤولية عن الضرر الذي سببه اخللل
( )423ونالحظ أن الناقل يسأل عن أعمال هؤالء إن كانت في حدود ما ُخول لهم من قبله ،أو ما يمليه عليهم العقد معه ،أو ما
تقتضيه واجبات وظائفهم ،أما إن تصرف الوكالء أو التابعون في غير ذلك ونجم ضرر عن تصرفهم فإنهم يعدون من
الغير بالنسبة للناقل.
( )424المادة( )2/17من اتفاقية مونتريال1999م.
214 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
مل تشدد اتفاقية مونرتيال 1999م املسؤولية على الناقل اجلوي بشأن األمتعة غري املسجلة
ولذلك فإن سبب دفع مسؤولية الناقل عن هذه األمتعة قد أصبح سهالً وفق أحكام االتفاقية إذ
أن االتفاقية قد نصت على إالب يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عن هذه األمتعة إالب إذا استطاع
املسافر إثبات أن الضرر الذي أصاب هذه األمتعة قد جنم عن خطأ الناقل أو تابعيه أو وكالئه:
فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد بنت أساس مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة
املسجلة على أساس اخلطأ واجب اإلثبات ،كما ألقت بعبء اإلثبات على عاتق املسافر ،وبذا
تكون االتفاقية قد توسعت يف أسباب دفع الناقل اجلوي ملسؤوليته عن األمتعة املسجلة ،ونالح أن
ذلك ليس من مصلحة املسافر إذ أن األمتعة املسجلة قد تبلغ قيمتها مبلغاً كبرياً كأن تكون
جموهرات ،أو من األجهزة اإللكرتونية مثل كامريات التصوير ،أو أجهزة احلاسوب احملمولة ،أو عمالً
أدبياً نادراً و اليت قد تبلغ من القيمة أضعاف ما حددته االتفاقية ،وإذا كانت االتفاقية قد قررت ما
سبق نظراً ألن األمتعة غري املسجلة تظل حتت سيطرة املسافر اخلالصة ،فإن الناقل حتماً سيكون
ترتبط أسباب دفع مسؤولية الناقل اجلوي باألساس الذي تقوم عليه هذه املسؤولية؛ ففي حني
كانت موضوعية مطلقة عن األشخاص ،كان ال جيوز دفعها أو اشرتاط الوضع منها مطلقاً ،فيما عدا
السبب العام السابق ذكره ،أما يف حالة التأخري يف النقل فأن مسؤولية الناقل اجلوي تؤسس على
أساس اخلطأ املفرتض ،وبذلك تكون أسباب دفع هذه املسؤولية أسهل على الناقل ،وقد نصت
فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال1999م قد أعفت الناقل اجلوي من املسؤولية عن
األضرار اليت تصيب املسافر أو األمتعة واليت تنشأ عن التأخري ()Delayيف النقل إذا استطاع الناقل
،)damageأو أنه استحال عليهم الاذها ،وفلسفة تسهيل االتفاقية على الناقل لدفع مسؤوليته
أن األضرار اليت تصيب املسافر أو أمتعته وتكون نامجة عن التأخري يف النقل ال
تكون –غالباً-حبجم تلك اليت تصيب املسافر أو األمتعة وتكون نامجة عن حادث
أو حدث إذ أهنا قد تؤدي يف هذه األخرية إىل وفاة املسافر أو هالك أمتعته مما تطلب
أن جعل مسؤولية الناقل عن األضرار اليت تنجم عن التأخري يف النقل مسؤولية
موضوعية يعد إجحاف يف حق الناقل وضيم عليه ،ذلك ألن مواعيد النقل غالباً ما لضع
لظروف أخرى ال يقوى الناقل التحكم هبا كأعمال السلطات العامة أو تقلبات
األجواء أو احلروب.
وقد سهلت اتفاقية مونرتيال 1999م على الناقل أسباب دفع مسؤوليته عن األضرار اليت
تنشأ نتيجة للتأخري يف النقل أسهل منها يف اتفاقية وارسو1929م ،ففي حني تشرتط اتفاقية وارسو
1929م على الناقل لدفع مسؤوليته عن األضرار اليت تنجم عن التأخري يف النقل تشرتط إثبات أنه
وتابعيه قد الذوا مجيع التدابري الضرورية ( )The necessary measuresاليت تعين إثبات
الناقل أنه وتابعيه قد الذوا مجيع قد الذوا التدابري اليت من شأهنا أن تؤدي موضوعياً ملنع حدوث
الضرر ،فإن اتفاقية مونرتيال1999م قد خففت هذا الشرط ليصبح الناقل مطالباً لدفع مسؤوليته
بإثبات أنه وتابعيه ووكالئه الذوا مجيع التدابري املعقولة()The reasonably measures
التقاء الضرر ونعين بعبارة التدابري املعقولة أن الناقل قد الذ وتابعيه ووكالئه تدابري الناقل
احلريص على عدم وقوع الضرر كأن يثبت أن الطائرة كانت جمهزة متاماً قبل الرحلة ،أو إثبات تأكده
217 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
يتطلب تنفيذ عقد النقل اجلوي استصحاب مبدأ حسن النية ،وبذل الناقل اجلهد األفضل يف
سبيل تنفيذ التزاماته اليت حتمها عليه عقد النقل ،وإن إخالل الناقل اجلوي بذلك جيعله عرضةً لتحمل
مسؤولية غري حمدودة عن جرب األضرار ،حبيث حيرم الناقل من االستفادة من أحكام املسؤولية
احملدودة اليت وضعتها االتفاقية ،وخيضع ألحكام أخرى قررهتا االتفاقية نفصلها فيما يلي:
من النص السابق جند أن الناقل ال يكون مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب املسافر فتسبب
وفاته أو تسبب له إصابة جسدية إذا كانت قيمة هذه األضرار تزيد عن ( )SDR( )100000إذا
أثبت أن الضرر مل ينشأ عن إمهال منه أو أحد تابعيه أو وكالئه أو خطأ أي منهم أو امتناعه .كما
أنه ال يسأل عن هذه األضرار إذا استطاع إثبات أن الضرر قد نشأ عن إمهال الغري أو خطئه أو
امتناعه .ويستفاد من النص السابق أن الناقل إذا مل يستطع إثبات ما سبق فإنه يصبح عرضةً لتحمل
مسؤولية غري حمدودة ،فيكون الناقل اجلوي مسؤوالً بتعويض املسافر عن األضرار اليت أصابت
هذا األخري واليت ال تتقيد بأي حدود للمسؤولية أو تقف عند سقفها األعلى الذي وضعته االتفاقية
a servant or agent، it is also proved that such servant or agent was
فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد حرمت الناقل اجلوي من حتديد مسؤوليته وفق ما
قررهتا من حدود بشأن الضرر الذي يصيب األمتعة ،أو عن الضرر الناجم عن التأخري يف نقل
األشخاص أو أمتعتهم إذا نت ذلك الضرر من فعل أو امتناع من جانب الناقل بقصد إحداث الضرر؛
أي أن االتفاقية قد تطلبت للخروج عن حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف احلالة السابقة قصد الناقل
بإتيان فعل أو بامتناع عنه مع علمه بأن ضرراً قد يرتتب على هذا اإلتيان أو االمتناع ويكون
أيضاً ال يستفيد الناقل وفق النص السابق من حدود مسؤوليته اليت قررهتا االتفاقية إذا أتى
الفعل أو امتنع عن إتيانه برعونة مقرونة بإدراك أن ضرراً سينجم عن ذلك يف الغالب ،كأن يعطي
الناقل توجيهاته لتابعيه باإلقالع دون العبء مبا أصدرته سلطات األرصاد اجلوي من نشرات بسوء
األحوال اجلوية أو باحتمال وجود أعاصري تعيق الطريان أو حتجب الرؤية ،أو مواصلة الرحلة
اجلوية يف أجواء تع بنريان ا حلروب ،فقد قصدت االتفاقية تنبيه الناقل لعدم التهاون مطلقاً فيما من
شأنه أن حيدث ضرراً وفق الصورة السابقة ،أو حيتمل أن حيدثه ،واملعيار يف هذا اخلصوص معيار
موضوعي إذ تكون للقاضي سلطة تقدير ذلك وفقاً ملعيار الناقل العادي وليس الناقل املسؤول.
أيضاً يسأل الناقل وفق النص السابق عن أفعال تابعيه أو وكالئه وفق ما شرحنا إذا ثبت أن
هؤالء التابعني أو الوكالء قد تصرفوا يف نطاق ممارستهم لوظيفتهم ،فإذا ثبت عكس ذلك ،أي أن
الضرر قد نت خلطأ الوكيل أو التابع بقصد أو برعونة مقرونة بإدراك ولكن يف غري نطاق ممارسته
لوظائفه أو حد ود سلطاته ،فإن الناقل ال يكون مسؤول يف هذه احلالة بل يسأل التابع أو الوكيل
مسؤولية حيددها قدر الضرر الواقع ولكن ليست مسؤولية عقدية خاضعة ألحكام االتفاقية
إ ا يسأل عما جنم من األضرار مسؤولية تقصريية لضع للقواعد العامة للمسؤولية التقصريية يف
القانون املختص.
220 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إذا توافرت شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي يصبح بذلك مسؤوالً عن األضرار اليت
أصابت املسافر أو األمتعة ،وال جيوز له تقويض تلك املسؤولية إالب بالطرق اليت حددهتا االتفاقية ،كما
أنه ال جيوز للناقل اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية أو حتديدها حبدود أقل من اليت وضعتها االتفاقية،
فإن حدث واشرتط الناقل على املسافر إعفاءه من املسؤولية أو احلد منها ،فإن هذا الشرط يعترب
باطالً و يف حكم العدم من دون أن يؤثر بطالنه على وجود عقد النقل اجلوي أو بقائه ،أو
صحته:
the nullity of the whole contract، which shall remain subject to the
و إذا كانت اتفاقية مونرتيال1999م قد وضعت األحكام السابقة ملصلحة املسافر ومحايةً
حلقوقه كونه يعد الطرف األضعف يف عقد النقل اجلوي ،فإهنا قد قررت أيضاً أحكاماً أخرى ملصلحة
املسافر تتمثل يف إمكانية اشرتاط اخلروج االتفاقي عن احلدود القصوى اليت حددهتا االتفاقية -سواء
بالنسبة للمسافر أو أمتعته بنوعيها املسجلة وغري املسجلة-إىل حدود أكرب منها حبيث يصبح الناقل
مسؤوالً جتاه املسافر وأمتعته حبدود أكرب مما حددهتا االتفاقية فأجازت االتفاقية للناقل اجلوي
اشرتاط خضوع عقد النقل اجلوي حلدود مسؤولية أعلى من احلدود املنصوص عليها فيها ،أو أنه ال
(A carrier may stipulate that the contract of carriage shall be
subject to higher limits of liability than those provided for in this
Convention or to no limits of liability whatsoever))430(.
فيجوز للناقل وفقاً لنص االتفاقية السابق االتفاق مع املسافر على زيادة حدود مسؤوليته عن
احلدود القصوى اليت أقرهتا ،كأن يتفق الطرفان على حتديد مسؤولية الناقل مببلغ()SDR( )140000
بدالً من ()SDR( )100000عن األضرار اليت تصيب املسافر ،أو مببلغ( )SDR( )1500بدالً من
()SDR( )1000عن األضرار اليت تصيب األمتعة املسجلة ،أو مببلغ( )SDR( )6000بدالً من
( )SDR( )4150لكل مسافر عن األضرار اليت أصابته جراء التأخري يف النقل ،أو مببلغ()SDR( )20
بدالً من ( )SDR( )17عن كل كيلو يف حالة األمتعة غري املسجلة ،كما جيوز هلما االتفاق على عدم
تقيد املسافر بأي حدود من اليت وضعتها االتفاقية ليطالب هبا الناقل فيخضع تقدير املبلغ املستحق
للضرر الواقع حسب االتفاق أو ملا يتفقان عليه بشرط إالب يقل عما وضعتها االتفاقية من حدود.
اتفاق بني املسافر و الناقل على رفع حدود مسؤولية هذا األخري عن .1إذا ما
األضرار اليت تصيب املسافر فال جيوز للناقل مناهضة هذه املسؤولية مستندًا لنص املادة
( ) 2/21الذي جييز له دفعها بإثبات أن الضرر مل ينشأ عن اإلمهال أو اخلطأ أو
االمتناع من جانبه أو وكالئه أو تابعيه ،أو إثبات أن الضرر نشأ عن إمهال أو امتناع
واليت تعين أن عقد النقل ال خيضع ألي حدود للمسؤولية تقصد فقط اخلروج عن
حدود املسؤولية إىل حدود أكرب منها وليس أقل ألن املادة ( )1/21من االتفاقية
.3يستطيع طرفا العقد تطبيق هذا النص على مجيع أحكام مسؤولية الناقل اجلوي سواء
.4يوجد بعض التعارض بني ما يقضي به النص السابق وأحكام املادة ( )2/22فبينما
تقضي هذه األخرية بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة املسجلة مببلغ()1000
( )SDRوال جيوز اخلروج عن هذا املبلغ إىل مبلغ أكرب إالب إذا قام املسافر عند تسليم
األمتعة للناقل بتقديم بيان خاص هلذا األخري يوضح فيه مصلحته يف رفع قيمة التعويض
عن هذا احلد وللناقل اخليار يف رفع أجرة نقل األمتعة املذكورة من عدمه ،جند
مببلغ( )SDR( )1000إىل حدود أكرب منها إالب بتقدميه بيان خاص يوضح فيه
قيمتها ومصلحته يف تسليمها عند نقطة املقصد بينما جييز النص موضوع املطلب
223 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
واملتفق عليه والنزول مببلغ التعويض إىل احلد املقرر يف االتفاقية إذا أثبت أن
املبلغ الذي اتفق مع املسافر على دفعه يفوق مصلحة املسافر الفعلية يف استالم
األمتعة عند هناية املقصد بينما ال جيوز للناقل وفقاً للنص موضوع املطلب
تقويض مسؤوليته بأي حال بعد اشرتاط خضوع العقد حلدود مسؤولية
أعلى.
.5أن اشرتاط رفع مسؤولية الناقل وفقاً هلذا النص تعد حالة خاصة بكل مسافر على
حده ،فيمكن للناقل اشرتاط خضوع العقد حلدود مسؤولية أعلى مما قررهتا
االتفاقية ملصلحة مسافر دون اآلخر ،وال يؤثر ذلك مببدأ املساواة بني األفراد أمام
املرافق العامة.
إال أننا نالح على النص السابق استخدامه لعبارة (جيوز للناقل أن يشرتطA ( )...
( ) stipulateلضم بعض مزايا العقد جلانب املشرتط أو إلعفائه من بعض االلتزامات اليت حيتمها
عليه العقد وبالتايل جند يف هذا النص أن املشرتط هو املسافر وليس الناقل.
224 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
عقد النقل اجلوي–كما ذكرنا يف الفصل الثاني من هذه الدراسة -من العقود امللزمة
للجانبني ،ويعنينا يف هذا املقام التزام الناقل الذي يبدأ تنفيذه ببدء عملية النقل اجلوي وينتهي
بانتهائها ،وإخالل الناقل اجلوي مبا حيتمه عليه عقد النقل من التزامات يعرضه لتحمل مسؤولية جتاه
املسافر أو ع ن أمتعته أو عن تأخريمها ،وإذا ما قامت مسؤولية الناقل اجلوي فإن املسافر يصبح
بذلك ذا حقٍ نشأ عن عقد النقل اجلوي يتمثل هذا احلق بالتعويض الذي يستطيع املسافر احلصول عليه
قضائياً عن طريق رفع دعوى املسؤولية ضد الناقل اجلوي ،وقد نظمت اتفاقية مونرتيال1999م
أحكام هذه الدعوى على وجه ما سوف نفصله من خالل تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب،
نتحدث يف املطلب األول منها عن أطراف دعوى املسؤولية ،ونتحدث يف املطلب الثاني عن احملكمة
املختصة بنظر دعوى املسؤولية ،وصصص املطلب الثالث للحديث عن الضمانات اليت قررهتا اتفاقية
225 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
)1املدعـي (:)Plaintiff
املسافر هو املدعي بطبيعة احلال يف دعوى مسؤولية الناقل اجلوي للمسافرين ،واألصل أنه
من يطالب جبرب األضرار اليت أصابته أو أمتعته ،لكنما قد تتمثل األضرار بالوفاة فينتقل احلق يف
املطال بة بالتعويض إىل غري املسافر املضرور وهم خلفه من الورثة ،فيستطيع الورثة رفع دعوى
املسؤولية ضد الناقل ومطالبته بالتعويض وفق أحكام اتفاقية مونرتيال1999م ،ونستنت ذلك من
نص االتفاقية الذي منع رفع أي دعوى للتعويض مهما كان سندها إالب وفقاً لشروط وحدود
املسؤولية املقررة فيها دو ا املساس مبسألة حتديد األشخاص الذين هلم حق املقاضاة أو حبقوق كل
منهم:
فمن النص السابق جند أن االتفاقية مل حتدد شخصاً معيناً جيوز له رفع دعوى التعويض ضد
الناقل اجلوي فيجوز للمسافر رفعها كما جيوز خللفه أو أي شخص آخر يستمد من املسافر حقوقه
رفع تلك الدعوى ،فقد تركت االتفاقية حتديد ذلك لقواعد القانون الواجب التطبيق على النزاع حبسب
قواعد االختصاص مراعية بذ لك أن الدول لتلف فيما بينها يف حتديد من هم خلف املدعي تبعاً
لدساتري تلك الدول وأدياهنا حبيث يقتصر دور قوانني تلك الدول على حتديد األشخاص الذين هلم
حق رفع الدعوى و توزيع األنصبة بينهم دون التعرض لتحديد مبالغ التعويض أو تقديرها ،لكن
االتفاقية قد اشرتطت يف ه ذه احلالة تقريراً ملبدأ مسؤولية الناقل احملدودة عدم رفع أي دعوى
للتعويض من أي مدعٍ إالب وفقاً لشروط وحدود املسؤولية اليت أقرهتا ،وبذا تكون االتفاقية قد
قطعت على احملاكم أي سبيل للخروج عن احلدود املقررة يف االتفاقية مهما كان سند هذا اخلروج
كأن تذهب احملكمة إىل مساءلة الناقل مبوجب مسؤولية تقصريية غري خاضعة حلدود املسؤولية
اليت أقرهتا اتفاقية مونرتيال1999م عن األضرار اليت أصابت الورثة جراء تويف عائلهم الوحيد كون
هذه احملكمة تعد الورثة من الغرباء بالقياس إىل مسؤولية الناقل اجلوي ،كما تشرتط االتفاقية أيضاً
عدم املطالبة بأي تعويضات جزائية أو تعويضات أخرى لرج عن نطاق التعويض عن الضرر الذي
)2املدعـى عليه(:)Defendant
( )432المادة ( )29من اتفاقية مونتريال 1999م .ونالحظ أن هذا النص يشكل حماية أخرى أقرتها اتفاقية مونتريال 1999م
للناقل الجوي من أن ترفع ضد الناقل الجوي دعاوى تعويض أخرى غير التي قررتها االتفاقية كأن يطالب الورثة
بتعويضين من خالل دعويين منفصلتين تستند إحداهما إلى عقد النقل الجوي وتؤسس على المسؤولية العقدية فيه،
وتستند األخرى إلى األضرار التي أصابتهم وتؤسس على المسؤولية التقصيرية كون المسافر المتوفى كان يمثل عائلهم
الوحيد ،أو أن يطالب المدعي بتعويض عن األضرار التي أصابته ،وتعويض آخر رادع للناقل الجوي كما حصل في
قضية "لوكربي" الشهيرة التي طالب فيها المدعون بالتعويضين السابقين.
227 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
املدعى عليه هو الناقل املسؤول ،ففي حالة كان الناقل على قيد احلياة ترفع الدعوى ضده ،ويف
حالة وفاة الناقل املسؤول جيوز أن ترفع الدعوى وفق أحكام اتفاقية مونرتيال1999م ضد
(In the case of the death of the person liable، an action for
damages lies in accordance with the terms of this Convention
against those legally representing his or her estate))433(.
من غري أصحاب احلقوق الشرعيني يف تركة الناقل املسؤول كخلف الناقل من غري الورثة أو أقربائه
الذين ال يرثونه ،وقد تركت االتفاقية مسألة حتديد أصحاب احلقوق الشرعيني للدول األعضاء
وعند إبرام امل سافر عقد نقل جوي دويل مع أحد الناقلني فإن هذا الناقل يكون ملزماً بتنفيذ
عقد النقل املتفق عليه مع املسافر ،وغالباً ما يقوم بتنفيذه بنفسه عن طريق أسطوله اجلوي الذي
ميلكه أو يستأجره ،لكن أحياناً قد يرغب هذا الناقل عن تنفيذ العقد مع بقاء التزاماته اليت حتمها
العقد على كاهله ،أو يتعذر عليه تنفيذه بنفسه ألي سبب ،فيلجأ الناقل إىل االتفاق مع ناقل آخر
ليقوم بتنفيذ جزء من العقد أو تنفيذه كامالً ،ويسمى هذا األخري الناقل املنفذ ،أو الفعلي كما أوردته
اتفاقية مونرتيال 1999م،كما أن عقد النقل اجلوي قد يتطلب ألكثر من ناقل لتنفيذه وهو ما جيعلنا
أمام مسألة الناقلني املتتابعني ،وقد أفردت اتفاقية مونرتيال1999م تعريفاً لكل نوع من أنواع
أوالً :الناقل املتعاقد( :)Contracting carrierهو الشخص الذي يربم بصفته طرفاً
أساسي ًا عقد نقل جوي خاضع ألحكام االتفاقية مع مسافر ،أو مع شخص يعمل بالنيابة عنه(.)434
ثانياً :الناقل الفعلي( :)The actual carrierهو الشخص الذي يقوم مبقتضى ترخيص
كما قررت االتفاقية أنه يف حالة كان تنفيذ عقد النقل اجلوي يشتمل على ناقل متعاقد ،وآخر
فعلي بالصورة اليت سبق توضيحها فإن كالً من الناقلني يعد مسؤوالً عن الضرر الذي يصيب املسافر
وأمتعته ،و لكن الناقل الفعلي ال يكون مسؤوالً إالب عن األضرار اليت وقعت خالل ما قام به من
نقل فقط ،أما الناقل املتعاقد فيكون مسؤوالً عن األضرار عامة طيلة فرتة تنفيذ العقد مبا فيها
األضرار اليت وقعت خالل النقل الذي قام به الناقل الفعلي أو املنفذ:
(If an actual carrier performs the whole or part of carriage which
is governed by this Convention، both the contracting carrier and the
فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال1999م قد أجازت إبرام عقد النقل اجلوي
بواسطة ناقل ،وتنفيذه بواسطة ناقل آخر( ،)437لكن االتفاقية قد جعلت الناقل املتعاقد مسؤوالً عن
كل أجزاء تنفيذ العقد مبا يف ذلك األجزاء اليت نفذها الناقل الفعلي ،بينما قصرت مسؤولية هذا األخري
على ما قام بتنفيذه من العقد فقط ،وقد قصدت االتفاقية من ذلك مراعاة مصلحة املسافر يف احملافظة
على حقوقه يف التعويض وضمان وجود ناقل مسؤول عن األضرار اليت قد يتسبب هبا تنفيذ عقد النقل
اجلوي ،إذ يعد الناقل غري املتعاقد أجنبياً عن العقد يف حالة وقوع الضرر أثناء النقل الذي مل يقم به
هو ،ويصبح من الغري بالنسبة للمسافر والناقل مجيعاً ،وبالتايل خيرج عن دائرة حتمل املسؤولية اليت تقع
فإذا تعاقد شخص مع اخلطوط اجلوية السودانية "كناقل متعاقد" لنقله من مطار اخلرطوم
"بالسودان" إىل مطار أنقرة "برتكيا" وتضمن العقد نقطة توقف يف مطار القاهرة "مبصر" وقامت
اخلطوط اجلوية الرتكية مبوجب اتفاق "ترخيص" مع اخلطوط اجلوية السودانية بنقل املسافر "كناقل
فعلي" من مطار القاهرة إىل مطار أنقرة كجزء من تنفيذ العقد أو بنقل املسافر من مطار اخلرطوم
إىل مطار أنقرة أي تنفيذ العقد برمته ،فعندئذٍ يصبح للمدعي اخليار يف إقامة الدعوى ضد هذا األخري
(مع مراعاة شرط وقوع الضرر خالل اجلزء الذي قام به من نقل) ،أو ضد الناقل املتعاقد ،أو ضدمها
( )437وهنا نشير إلى أن ذلك ال يخل بخاصية أن عقد النقل من العقود الشخصية بالنسبة للناقل ،ذلك ألنه حتى و إن قام ناقل
فعلي غير ذاك المتعاقد بتنفيذ العقد فإن هذا األخير يظل مسؤوالً عن األضرار التي نجمت عن تنفيذ العقد.
230 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
together or separately))438(.
لكن جيب يف حالة رفع الدعوى ضد الناقل املتعاقد ،والناقل الفعلي منفردين ،أو تابعيهم
ووكالئهم الذين قد تصرفوا يف نطاق ممارستهم لوظائفهم ،مراعاة عدم جتاوز مبلغ التعويض الذي
تقضي به احملكمة للحدود القصوى اليت وضعتها االتفاقية حبيث ال تتعدى املسؤولية اليت تلقى على
the scope of their employment، shall not exceed the highest amount
which could be awarded against either the contracting carrier or the
actual carrier under this Convention، but none of the persons
mentioned shall be liable for a sum in excess of the limit applicable to
that person))439( .
ويف األخري جتدر اإلشارة إىل أن اتفاقية مونرتيال1999م قد اعتربت الناقل الفعلي من الغري
بالنسبة للناقل املتعاقد وال يسأل متضامناً معه أو منفرداً يف حالة وجود اتفاق خاص( Special
أوجه دفاع( )Defencesقررهتا االتفاقية لصاحله ،أو إقرار خاص بوجود مصلحة للمسافر يف
تسليم األمتعة إىل اجلهة املقصودة ،فإن الناقل الفعلي يصبح أجنبياً عن هذا االتفاق ،وال يسأل عنه أو
ال مبوافقته ،حتى وإن وقع الضرر يف اجلزء الذي نفذه من العقد:
يصبح ملزم ًا له إ ب
(Any special agreement under which the contracting carrier
assumes obligations not imposed by this Convention or any waiver of
rights or defences conferred by this Convention or any special
declaration of interest in delivery at destination contemplated in
Article 22 shall not affect the actual carrier unless agreed to by it) )440( .
الذي يقوم به عدد من الناقلني املتتابعني ويعترب نقالً واحداً ال يتجزأ إذا ما اعتربه األطراف عملية
واحدة ،استوى بعد ذلك أن أبرم االتفاق بشأنه يف صورة عقد واحد أو أبرم بصورة سلسلة من
العقود(.)441
وتعترب اتفاقية مونرتيال1999م كل ناقل يقبل مسافراً أو أمتعةً وفق التعريف السابق طرفاً يف
عقد النقل وخيضع ألحكام املسؤولية املقررة فيها حبيث يكون مسؤوالً عن الضرر الذي أصاب
وعلى عكس حالة الناقل املتعاقد والناقل الفعلي اليت جيوز فيها للمدعي رفع الدعوى ضد
الناقلني كليهما بالتضامن أو منفردين أو ضد أحدمها مع االحتفاظ لكل منهما بالرجوع على اآلخر،
على عكس هذه احلالة ال جيوز للمدعي يف حالة النقل بالتتابع -بشأن الضرر الذي أصاب املسافر-
رفع الدعوى إالب ضد الناقل الذي وقع احلادث أو التأخري املسبب للضرر خالل فرتة النقل اليت قام هبا:
لكن االتفاقية قد أجازت خالفاً ملا سبق رفع دعوى التعويض ضد الناقل الذي وقع الضرر
خالل النقل الذي قام به هو أو ضد الناقل األول يف حالة وجود اتفاق صريح يتحمل مبوجبه الناقل
أما يف حالة نقل األمتعة فيجوز للمسافر خالفاً ملا سبق رفع دعوى التعويض ضد الناقل األول،
أو الناقل األخري ،أو الناقل الذي توىل مرحلة النقل اليت وقع فيها الضرر ،أو ضدهم مجيعاً ويكون
مجيع الناقلني السابقني مسؤولني بالتضامن عن الضرر الذي أصاب األمتعة( ،)445ذلك ألن األمتعة
تصبح حتت حراسة كل ناقل من هؤالء الناقلني ،وكل ناقل يصبح مسؤول عن توصيلها ساملة إىل
نقطة مقصد املسافر النهائية ،وقد قصدت االتفاقية من ذلك ضمان حق املسافر يف التعويض عن
234 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ذكرنا يف الفصل األول من هذه الدراسة أن القانون اجلوي يتمتع بصفة الدولية ،كما ذكرنا يف
الفصل الثاني أن تنفيذ عقد النقل اجلوي الدويل حيتم ارتباط العقد بأكثر من دولة ،فإذا ما أصاب
املسافر أو أمتعته ضرراً ،فإن تنازعاً قد يثور بشأن حتديد احملكمة املختصة لنظر دعوى التعويض
األمر الذي تسعى كل دولة من الدول األطراف معه لضم هذا االختصاص إىل حماكمها ،لكن
اتفاقية مونرتيال1999م قد قضت على مثل هذا التنازع وتولت حتديد احملاكم اليت جيوز رفع دعوى
ومن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال1999م قد سهلت األمر على املدعي( )447يف رفع
د عوى التعويض ضد الناقل إذ مل تلزمه بإقامة الدعوى لدى حمكمة أحد األطراف بعينه ،أو
حمكمة دون غريها ،و وفق النص السابق يستطيع املدعي رفع دعوى التعويض ضد الناقل يف
ونعين مبحل إقامة الناقل مكان تواجده وسكنه الرئيسي والدائم ،ويف وضع هذه
احملكمة تسهيل لطريف عقد النقل اجلوي _املدعي واملدعى عليه -إذ يسهل على
املدعي طلب الناقل إىل القضاء ،ويسهل على احملكمة تنفيذ احلكم يف حال صدر
ملصلحته ،كما يسهل على الناقل التقاضي وجتنبه عناء السفر إىل حمكمة أخرى أو
:) businessجيوز رفع الدعوى أيضاً أمام احملكمة اليت يباشر الناقل نشاطه
الرئيسي يف دائرة اختصاصها ،أو يوجد مكتبه الرئيسي الذي تنشأ باقي فروعه عن
طريقه يف حمل اختصاصها ،وليس بالضرورة أن يكون للناقل سكن واقع يف دائرة
أو خاصة) إذا كان مكتب هذه الشركة الرئيسي يقع يف السودان أو أن أعماهلا
بواسطته إبرام .3حمكمة املكان الذي يوجد للناقل فيه مركز أعمال
:)been madeكما جيوز للمدعي رفع دعوى التعويض ضد الناقل لدى حمكمة
الدولة اليت يوجد هبا فرع لنشاط الناقل ،أو وكالة معتمدة لديه ،أو نائباً عنه ،و
بواسطة أحدهم إبرام عقد النقل اجلوي الذي أنشأ احلق املطالب به ،فال يكفي -
مثالً -أن يكون لشركةٍ أجنبية فرعٌ يف "السودان" لرفع الدعوى يف "السودان" بل
236 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
للمدعي رفع دعوى التعويض لدى حمكمة املكان الذي تقع فيه نقطة مقصد املسافر
كون أن له ارتباطات يف هذا احملل ،وللناقل تشغيل خطوط إليه أيضاً ،ولكن
االتفاقية مل حتدد أي من نقاط املقصد اليت جيوز رفع الدعوى فيها ،إذ قد يتضمن عقد
النقل اجلوي عدة نقاط توقف قبل نقطة املقصد النهائي ،األمر الذي تعترب معه مجيع هذه
النقاط نقاط مقصد للمسافر فضالً عن نقطة مقصده النهائية ،وإذا كانت االتفاقية قد
وسعت من هذا النص ليشمل مجيع نقاط التوقف كأماكن اختصاص لرفع الدعوى
باعتبارها نقاط مقصد فإهنا مل تشرتط هبوط الطائرة فعالً يف هذه النقاط لتتحقق
إمكانية رفع الد عوى فيها وبالتايل جيوز للمدعي رفع الدعوى يف أي مكان تضمنه
إلغائه عند تنفيذ العقد ،أو وقع احلادث عقد النقل اجلوي كنقاط توقف حتى وإن
أضافت هذه األخرية حمكمة خامسة تنعقد هلا والية االختصاص وبالتايل جيوز
للمدعي-وفق اختياره-رفع دعوى التعويض لديها وهي حمكمة إقليم إحدى الدول
األطراف الذي يوجد فيه حمل اإلقامة الرئيسي والدائم للمسافر وقت وقوع احلادث:
( )448باستثناء بروتوكول جواتيماال سيتي1971م الذي أجاز في المادة( )2/12منه رفع الدعوى في إقليم أحد األطراف
المتعاقدة السامية التي يقع في دائرة اختصاصها منشأة للناقل الجوي إذا كان موطن المسافر أو محل إقامته الدائمة واقعاً في
إقليم نفس الطرف المتعاقد السامي.
237 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
م قد اشرتطت وفق النص السابق إلمكان رفع الدعوى لدى هذه1999ولكن اتفاقية مونرتيال
:احملكمة ما يلي
فيجب أن يوجد للمدعي حمل إقامة دائم أو:) أن يوجد حمل إقامة رئيسي دائم للمسافر1
وقد عرفت االتفاقية حمل اإلقامة الدائم،سكن رئيسي يف إقليم هذه احملكمة
مكان السكن األوحد والثابت والدائم دون أن يكون هنالك أي:والرئيسي بأنه
فيستطيع املسافر "اليمين" –مثالً-وفق النص السابق رفع دعوى التعويض ضد
"اخلطوط اجلوية اإلماراتية" لدى حمكمة سودانية طاملا أنه الذ "السودان" سكنه
الدائم واألوحد بغض النظر عن محله للجنسية السودانية من عدمه ،وسواء وجد مركز
رئيسي أو فرعي للناقل يف "السودان " أم مل يوجد ،كما يستوي وجود منشأة نقل متمثلة
)2أن ميثل احملل السابق ذكره سكن املسافر الدائم واألوحد وقت وقوع احلادث :فقد
تطلبت االتفاقية تزامن الاذ املسافر حملل الوالية القضائية اخلامسة موضوع احلديث مع
زمن وقوع احلادث فال ينعقد االختصاص هلذه احملكمة إذا كان املسافر قد هجر هذا
اإلقليم هنائياً قبل وقوع احلادث أو أنه مل يعد سكنه الدائم حتى وإن ظل املسافر يقطنه
وقت وقوع احلادث ،ومل تضع االتفاقية معياراً دقيقاً لتحديد الفرتة الزمنية اليت أوجبت
تزامن وقوع احلادث مع الاذ املسافر حملل رفع الدعوى فيها ،فإذا صمم املسافر املضرور
على العودة من بلد سكنه الدائم احلايل إىل موطنه األصلي كما يف حالة املغرتبني عن
أوطاهنم األصلية ،أو أراد أحد األشخاص هجر موطنه األصلي إىل بلدٍ آخر ليصبح هذا
األخري احملل األوحد والدائم لسكنه ،فهل يعتد لتطبيق النص السابق ببلد املغادرة؟ أم
بلد الوصول؟ فاملسافر يف هذه اللحظة ال يوجد له أي حمل يعتد به كسكن دائم و
أوحد أو ثابت ،ونعتقد يف هذه احلالة أن االختصاص ينعقد لنقطة مقصد املسافر.
)3وجود نشاط للناقل يف هذا اإلقليم :جيب أيض ًا إلعمال اختصاص والية احملكمة اخلامسة
وفق النص السابق أن يوجد للناقل نشاط جتاري يف احملل الذي ترفع فيه الدعوى ،فيشغل
239 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
ناقالً متعاقداً ،تعاقد مع املسافرين من خالل مبانٍ ميلكها أو يستأجرها هو ،أو من
خالل مبانٍ ميلكها أو يستأجرها ناقل آخر ارتبط معه باتفاق جتاري خيدم هذا
الشأن ،وقد عرفت االتفاقية عبارة اتفاق جتاري على أهنا :أي اتفاق ما عدا اتفاق الوكالة
معقود بني الناقلني اجلويني ،ويتعلق بتقديم خدماهتم املشرتكة لنقل املسافرين جواً:
وقد استبعدت االتفاقية يف النص السابق اتفاق الوكالة من أغراض االتفاق التجاري ألن
الوكيل إ ا يزاول أعماله التجارية واخلاصة ألغراض املادة السابقة بصفته وكيالً عن
ذهب البعض( )452إىل تأييد وجود مثل هذه احملكمة مدعم ًا رأيه باألتي:
أن الدول الكربى واليت متتلك األساطيل اجلوية األضخم يف العامل قد سعت لتأييد
وجود مثل هذه احملكمة ،كالواليات املتحدة ،دول أوروبا الغربية ،واليابان ،دول
أن دولة حمل إقامة املسافر متثل مكان وجود معظم من هلم املطالب ،فيكونوا
يسهل حمل سكن املسافر التحقق من قيمة الرتكة وتوزيع األنصبة مبا يف ذلك قيمة
التعويض.
تكفل هذه احملكمة التعويض العادل واملناسب للمسافر كون املدعي يعرفها أكثر
من غريها.
أن هذه الوالية ليست جديدة ومستحدثة يف اتفاقية مونرتيال1999م فقد أدرجها
وعلى الرغم مما ذكر من تأييد لوجود مثل هذه احملكمة إالب أننا نستطيع مالحظة التايل:
أن موافقة الدول الكربى على وجود مثل هذا االختصاص وتأييدها له ال يعين
بالضرورة ضرورة وجود هذه احملكمة ،فذلك يعد مدعاة لإلذعان يف اتفاقيات
القانون اجلوي وسيطرة الدول اليت متتلك األساطيل التجارية اجلوية الكربى على
تلك اليت متتلك أساطيل صغرية ،مما يؤدي الحتكار النقل اجلوي على بعض الدول
دون األخرى وبالتايل انعدام املنافسة وازدهار النقل اجلوي ،وارتفاع أجور النقل
اجلوي مما يؤثر سلب ًا على اقتصاد الدول ،وازدهار النقل اجلوي.
ال يثري عدم وجود من هلم احلق يف رفع الدعوى ضد الناقل يف إقليم الدولة اليت ينعقد
حملاكمها االختصاص كمحاكم الوالية اخلامسة السابق ،أو عدم وجود تركة املسافر يف
هذه الدولة ،ال يثري ذلك أي صعوبة يف سري الدعوى أو تنفيذ احلكم الصادر ،ذلك
ألن الدول تعرتف بقواعد القانون الدويل اخلاص وقواعد تنفيذ األحكام األجنبية.
القول بضمان التعويض العادل املناسب إن رفعت الدعوى لدى حمكمة الوالية
اخلامسة ليس له أي مسو قانوني ذلك ألن االتفاقية قد قطعت على مجيع الدول مسألة
االجتهاد بشأن حدود التعويض أو مقداره ،كما أن القول مبثل ذلك جيايف مبدأ
ال يعد ما جاء به بروتوكول جواتيماال 1971م هبذا اخلصوص تأييداً لوجود مثل هذه
-1أن الدول اليت كانت هلا املصلحة الكربى يف انعقاد االختصاص ملثل هذه
األمريكية ،وقد ظهر ذلك جلياً بتصريح الواليات املتحدة األمريكية إبان
242 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أ .يف حني تنعقد والية احملكمة اخلامسة وفق أحكام بروتوكول
فقط.
لديها هي حمكمة املكان الذي يوجد فيه حمل إقامة للناقل الفعلي أو حمكمة
املركز الرئيسي ألعماله ،هذا يف حالة تضمن تنفيذ عقد النقل اجلوي ناقالً فعلي ( An
)actual carrierقام بتنفيذ العقد أو جزء منه ،فضالً عن الناقل التعاقدي( the
243 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
)contracting carrierالذي أبرم العقد ،فإنه جيوز للمدعي وفق اختياره رفع
دعوى التعويض لدى حمكمة سادسة هي حمكمة املكان الذي يوجد فيه حمل
إقامة للناقل الفعلي أو حمكمة املركز الرئيسي ألعماله( ،)453ذلك ألن اتفاقية
مونرتيال 1999م اعتربت الناقلني مسؤولني كليهما بالتضامن عن الضرر الذي أصاب
املسافر أو أمتعته ،وتشرتط االتفاقية لرفع الدعوى يف احملكمة السابقة ،أن يكون
النقل قد فعالً بصورة الناقل الفعلي ،واملتعاقد البذَين قد سبق احلديث عنهما يف هذا
املبحث.
كفلت اتفاقية مونرتيال1999م للمدعي وفاء الناقل بالتعويض الذي قررته أحكامها يف
حالة إصابة املسافر بضرر أو أمتعته ،و وضعت لضمان دفع ذلك التعويض ضمانات جيب على الناقل
مراعاهتا وااللتزام هبا ،وهذه الضمانات تتمثل يف دفع مبلغ معجل للمدعي ،والتأمني من مسؤولية
الناقل اجلوي ،ومراجعة احلدود اليت أقرهتا االتفاقية بصفة دورية ،وتفصيل ذلك كالتايل:
قد يتكبد املسافر املضرور الكثري من اخلسائر جراء حوادث النقل اجلوي الذي أصابه
فيكلفه ذلك خسائر مادية كثرية من مصاريف تقاضي ضد الناقل ومصاريف شخصية يف حالة كان
املدعي من حمدودي الدخل أو غري ميسور احلال ،أو أن الورثة املدعني ال يستطيعون التصرف
بشي من أموال مورثهم املضرور كمصاريف تقاضي و أتعاب حماماة قبل تقسيم األنصبة ،كل ذلك
قد يشكل عائق أمام املدعي يف إجراءات احلصول على حقوقه اليت قررهتا له االتفاقية لذلك فقد
راعت االتفاقية ذلك و قررت دفع مبلغ معجل للمدعي حلني صدور احلكم:
من النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال 1999م قد ألزمت الناقل دفع مبالغ
التأجيل أو التأخري أو دفع هذه املبالغ كذلك لتلبية احتياجات ورثته الشرعيني يف حالة كان الضرر
الذي أصاب املسافر متمثالً يف الوفاة ،إالب أن االتفاقية قد اشرتطت إللزام الناقل بدفع مثل هذه املبالغ
ما يلي:
.1يطبق هذا النص يف حالة حوادث الطائرات اليت ينت عنها وفاة املسافرين أو إصابتهم
فقط ،فال يكون الناقل ملزماً بدفع املبالغ املقررة وفق النص السابق إالب يف حالة متثل
الضرر مبوت املسافر أو إصابته ،أما الضرر الذي يصيب األمتعة-سواء املسجلة أو غري
املسجلة -فال ميكن إعمال هذا النص بشأنه ،ذلك ألن االتفاقية إ ا قررت إعمال
النص السابق كنوع من مساعدة الشخص املضرور من تنفيذ عقد النقل أو الذي يستمد
.2ال يطبق النص السـابق إالب إذا تضمن القانون الوطين للن ــاقل (national law
)carrier'sأحكاماً تلزم الناقل اجلوي بدفع مثل هذه املبالغ أو تسمح بإلزامه،
فيجب أن يكون للمحكمة املختصة سند قانوني يف قانون الدولة اليت حيمل الناقل
جنسيتها يسمح بتطبيق هذا اإلجراء ،حتى و إن رفعت الدعوى أمام حمكمة دولة ال
حيمل الناقل جنسيتها ،فالقانون الوطين للناقل هو من يقرر دفع هذه املبالغ من عدمه
وفق أحكامه ،ومقدارها يف حالة الدفع ومل حتدد االتفاقية إجراءات اإلحالة إىل
القانون الوطين للناقل األمر الذي يرجع القاضي املختص بشأنه إىل قواعد اإلسناد يف
.3ليس للمبالغ املدفوعة عالقة بتحمل الناقل للمسؤولية ،وال يشكل إلزام الناقل هبا،
الطبيعي( )Natural personفقط ،استوى بعد ذلك كان املسافر نفسه أو
246 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
التأمني هو ( :عقد يلتزم به املؤمن أن يؤدي إىل املؤمن له أو إىل املستفيد الذي اشرتط
التأمني لصاحله مبلغاً من املال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مايل آخر يف حالة وقوع احلادث املؤمن
ضده أو حتقق اخلطر املبني يف العقد وذلك مقابل مبلغ حمدد أو أقساط دوريه يؤديها املؤمن له
للمؤمن) (.)455
مل يتقبل اجملتمع الدويل فكرة التأمني من مس ؤولية الناقل اجلوي يف بدايات القرن العشرين أي
مع دخول اتفاقية وراسو 1929م حيز التنفيذ ،ذلك ألن النظرة حنو التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي
كانت واحدة لدى مجيع الدول وهي أن التأمني عمل غري أخالقي مؤداه التأمني عن خطأ الناقل
اجلوي( ،)456والسبب يف ذلك ألن أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو1929م كان يقوم
على اخلطأ ،ولكن األمر مل يظل كذلك خاصة مع تطور صناعة الطائرات وتقدم وسائل األمان
يف الطائرة ،فقد بدأت شركات التأمني بقبول إبرام عقود التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي ومستغل
الطائرة ،ثم تطور األمر بعد ذلك فأصبح التأمني يشمل مجيع ما ميكن أن حتدثه الطائرة من أضرار
( )455المادة ( )1065من القانون المدني الجديد اليمني رقم ( )14لسنة 2002م .وهو نفس التعريف الوارد في المادة()576
من قانون المعامالت المدنية السوداني لسنة 1984م.
( )456د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مرجع سابق ،ص .265كما أن شركات التأمين نفسها كانت ترفض وبشدة مسألة التأمين
عن مسؤولية الناقل الجوي ،بل كانت تنص في عقود التأمين على الحياة صراحة استبعاد مخاطر الطيران من
مسؤوليتها عن التعويض ،ولكن الدافع في رفض هذه الشركات للتأمين عن مسؤولية الناقل الجوي لم يكن نفس الدافع
الذي يرفض المجتمع الدولي فكرة التأمين بسببه أي النظر إلى التأمين أنه عمل غير أخالقي ،بل كان األمر يختلف لدى
شركات لتأمين فقد كانت تنظر للمسألة نظرة تجارية بحتة ،ورفضها عقود التأمين هذه يرجع لكثرة مخاطر الطيران في
بدايات القرن العشرين ،األمر الذي يتسبب لها بالمزيد من الخسائر إن هي قبلت مثل هذه العقود.
( )457المرجع السابق ،ص.266
247 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
أما يف اتفاقية مونرتيال1999م فقد اختلف األمر بالكلية عنه يف اتفاقية وارسو1929م
ذلك ألن أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية مونرتيال1999م يبنى على أساس املخاطر
وقد ألزمت اتفاقية مونرتيال1999م شركات النقل اجلوي بالتأمني من مسؤوليتها جتاه
املسافرين وأمتعتهم ويف ذلك ضماناً للمسافر باحلصول على حقوقه من التعويض املقرر يف االتفاقية
عند وقوع األضرار واليت فصلناها يف الفصل السابق من هذه الدراسة ،كما أن فكرة التأمني هذه
تعد مبثابة احلماية للناقل نفسه ذلك ألن الناقل ال يستطيع دفع املبالغ اليت نصت عليها االتفاقية مجيعها
مبفرده.
قد يثور تساؤل بصدد التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي مقتضاه أن ما قررته اتفاقية
مونرتيال 1999م من وجوب قيام الناقل اجلوي بالتأمني من مسؤوليته قد جيعل الناقل اجلوي
يتهاون يف الاذ احليطة واحلذر الالزمني يف تنفيذ العقد؟ ولكن مثل هذا التساؤل ال جمال له هنا
وذلك لآلتي:
.1يف الوقت الذي تلتزم يف شركة التأمني بتغطية األضرار بقيمة حمددة تتمثل باحلدود
املقررة يف االتفاقية فإن االتفاقية قد حرمت الناقل من التمسك باحلدود املقررة فيها
( )458ومع ذلك فقد ظلت شركات التأمين غير واثقة من نتائج إبرام مثل هذه العقود فسعت إلى سبل أخرى لتأمين ما يمكن أن
تسببه لها نتائج إبرام عقود التأمين مع شركات الطيران أو المسافرين ضد المخاطر الجوية التي قد يخرج بعضها
شركة التأمين من سوق المنافسة التجارية ،ويسبب إفالسها ،فسعت شركات التأمين التقاء ذلك عن طريق التأمين
المشترك وإعادة التأمين وتأسيس اتحادات المؤمنين الجويين.
248 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.2إن هتاون الناقل يف الاذ احليطة واحلذر الالزمني يف تنفيذ عقد النقل اجلوي يسبب
للناقل خسائرَ أخرى مثل التعويض عن األضرار اليت تسببها الطائرة للغري على سطح
وقد نصت اتفاقية مونرتيال1999م على وجوب التأمني اجلوي وألزمت الدول األطراف فيها
أن تطلب من ناقليها أن حيتفظوا بقدر كاف من التأمني قبل منحهم تصاريح النقل اجلوي بشرط أن
يكون قدر التأمني الذي تلزم به الدول الناقلني كافياً ليغطي مسؤولية الناقلني اليت حددهتا
االتفاقية:
ويعد النص السابق مبثابة القاعدة اآلمرة إذ ال جيوز ألي من األطراف االتفاق على خمالفته ،إذ
أن االتفاقية قد حرصت على وجود ضمانات تغطي حاالت مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار
اليت تسبب هبا عقد النقل ،كما أن االتفاقية قد أجازت للدول األطراف طلب الدليل من الناقل الذي
ينظم رحالت إليها على احتفاظه بالقدر الكايف من التأمني والذي يغطي حاالت مسؤوليته وفق
أحكام االتفاقية:
(A carrier may be required by the State Party into which it
operates to furnish evidence that it maintains adequate insurance
covering its liability under this Convention))460( .
ويف ذلك يرى البعض( )461أن التأمني اإلجباري من مسؤولية الناقل اجلوي هو النظام القانوني
الوحيد الذي يستطيع تأمني البشرية من األخطار اجلوية ،كما أنه يقضي على التفاوت بني قيمة ما
ويعد هذا الرأي بالوصف الدقيق ملا جرت عليه االتفاقيات الدولية السابقة التفاقية
مونرتيال 1999م واليت الحظنا فيها اختالف مبالغ التعويض تبعاً جلنسية املسافر وهو ما أخل بثقة
الدول األطراف هبذه االتفاقيات ،ومن ثم السعي حنو وجود اتفاقية دولية جديدة تضمن جلميع
املسافرين املساواة وعدم التفرقة يف مبالغ التعويض أمام مرافق النقل اجلوي.
اتفق قانون الطريان املدني السوداني لسنة 1999م مع اتفاقية مونرتيال1999م بشأن
التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي فنص على وجوب التأمني على كل مشغل لطائرة تعمل يف إقليم
الدولة لتغطية مسؤوليته عن األضرار اليت تصيب الركاب واألمتعة اليت تكون على منت
الطائرة(:جيب على كل مشغل لطائرة تعمل يف إقليم الدولة أن يؤمن لتغطية مسؤوليته عن األضرار
اليت تصيب الركاب واألمتعة والبضائع اليت تكون على منت الطائرة واألضرار اليت تسببها الطائرة
إال أ ن القانون السوداني قد توسع يف ضمان تغطية مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت
تصيب املسافر أو األمتعة فأورد طرقاً أخرى واليت جيوز للناقل االستعاضة عن التأمني بإحدى هذه
( أ ) إيداع تأمني نقدي يف خزينة الدولة املسجلة فيها الطائرة أو مصرف مرخص له بذلك منها.
(ب) تقــديم كفالــة مــن مصــرف مــرخص لــه بــذلك مــن الدولــة املســجلة فيهــا الطــائرة بشــرط أن
( ج) تقديم كفالة من الدولة املسجلة فيها الطائرة بشرط أن تتعهد هذه الدولة بعدم الدفع بـأي
( د) يف مجيـ ــع احلـ ــاالت املـ ــذكورة يف الفقـ ــرات (أ)( ،ب) ،و (ج) جيـ ــب أن تكـ ــون الضـ ــمانات يف
احلدود اليت يقررها الوزير بتوصية من املدير العام على ضوء االتفاقيات الدولية(.)463
إال أن البعض( )464يرى -حمقاً-أن هذا التوسـع-خاصـة أحكـام الفقـرة (أ) مـن املـادة السـابقة-
تصاحبه صعوبة عند التطبيق العملي وذلك ألنه ال يوجد أي أساس أو معيـار يـتم مبوجبـه حتديـد املبلـغ
واجب الدفع كتأمني ،أضف لذلك أن هـذا املبلـغ سـيدخر لتغطيـة أضـرار مسـتقبلية غـري معلومـة احلجـم
أو القيمة ،كما أن الناقل اجلوي قـد يبلـى حبـوادث جويـة متعـددة-كتلـك الـيت حصـلت ألكثـر مـن طـائرة
سودانية يف شهر يونيو2008م -فكيف سيكون احلـال وتغطيـة هـذه األضـرار كـل ذلـك فضـالً عـن
جتميد املبلغ الذي يدفعه الناقل كتأمني بدالً من أن يستثمره لتطوير أسطوله أو خدماته.
أوجــب قــانون الطــريان املــدني الــيمين رقــم ( )12لســنة 1993م التــأمني مــن مســؤولية الناقــل
اجل ــوي حبي ــث من ــع الق ــانون أي ناق ــل ج ــوي م ــن العم ــل يف إقل ــيم اجلمهوري ــة م ــامل يك ــن مؤمنـ ـاً م ــن
مسؤوليته عن األضرار اليت تصيب املسافرين ،ويكون قـدر التـأمني خاضـع ًا لألحكـام الـيت يقرهـا
و أخرياً فقد قررت اتفاقية مونرتيال1999م مراجعة حدود املسؤولية اليت وضعتها بصفة
دورية مرة واحدة كل س سنوات من قبل جهة اإليداع ( ،)ICAOأو يف أي وقت تعرب فيه ثلث
الدول األطراف يف االتفاقية عن رغبتها يف املراجعة بشرط أن يكون عامل التضخم يف هذه
األخرية قد جتاوز %30منذ املراجعة السابقة ،وتكون املراجعة من قبل جهة اإليداع ()ICAO
باستخدام عامل تضخم مطابق ملعدل التضخم املرتاكم منذ املراجعة السابقة ،وجيب أن يكون
مقياس معدل التضخم املستخدم يف حتديد عامل التضخم هو املتوسط املرجح للمعدالت السنوية
للزيادة أو النقصان يف األرقام القياسية ألسعار االستهالك يف الدول اليت تشكل عمالهتا وحدة
حقوق السحب اخلاصة حبسب تعريف صندوق النقد الدويل كما بينا ذلك عند احلديث عن حساب
قيمة التعويض(.)466
اخلاتــمة
النتائ :
من خالل الدراسة السابقة توصلنا إىل عدة نتائ من أمهها:
.1أن القانون اجلوي قانون حديث النشأة ودائم التطور يف موضوعاته خاصة فيما يتعلق
بعقد النقل اجلوي وتنظمه وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي يف هذا العقد ولذا كان
لزاماً حتديث التشريعات الوطنية وتطوير االتفاقيات الدولية بصفة دورية ،بشكل
اجلوي ،كما أهنا قد شكلت حلقة وصل بني هذه املوضوعات والقوانني الوطنية.
.3أن اتفاقية مونرتيال 1999م تعترب اتفاقية شامله جلميع االتفاقيات السابقة ذلك ألهنا
تضمنت يف أحكامها كافة أحكام مسؤولية الناقل اجلوي الدويل اليت كانت متناثرة
بني مواد االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة وحققت الغرض الذي سعت الدول إليه
من خالل التعديالت املختلفة التفاقية وارسو1929م وهو مراعاة مصلحة املسافر
عن طريق تشديد مسؤولية الناقل اجلوي وحدود التعويض املناسبة وإرساء مبدأ
اليمين يف تفسري مفردات عقد النقل اجلوي أو تنظيم أحكامه ،ووجود مجوداً يف
أحكام كلٍ من القانونني السابقني حبيث يشكل صعوبة عند التطبيق العملي هلذه
253 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
التوصيات:
وقد خلصنا يف هناية هذه الرسالة إىل عدة توصيات واليت نرى أهنا من األمهية مبكان ونورد
بعضها يف اآلتي:
.1إن موضوع عقد النقل اجلوي الدويل ومسؤولية الناقل اجلوي يف هذا العقد من اإلتساع مبكان،
جعل من غري املقدور على الباحث تغطيتها بصفحات هذه الرسالة احملدودة ،ولذا يأمل الباحث من
الباحثني الالحقني واملهتمني يف هذا اجملال التعمق يف دراسة جوانب هذا املوضوع وإبراز كافة
تفاصيله.
.2تشديد الرقابة على الناقلني اجلويني بشأن االلتزام مبواعيد النقل املعلنة وذلك مراعاة ملصلحة
املسافر العربي ،وقصر إعفاء الناقل من مسؤوليته على احلالة اليت يكون السبب يف التأخري فيها عاماً
على مجيع الناقلني غري مقتص ٍر على الناقل املتعاقد دون غريه.
.3إجياد تفسرياً حمدداً و واضحاً ملعنى احلادث كونه أساس قيام مسؤولية الناقل اجلوي والتوسع يف
تفسريه حبيث يشمل كل ما ميكن أن يسبب للمسافر ضرراً مبا يف ذلك األضرار النفسية.
.4تشديد أحكام مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة الغري مسجلة ملا أصبحت تكتسبه هذه األمتعة
من أمهية كبرية وقيمة عالية قد تصل يف بعض األحيان إىل أضعاف تلك املسجلة.
.5مراجعة نصوص القوانني الوطنية اخلاصة بأحكام التأمني حبيث لدم الغرض الذي وضعت من
أجله أساساً كون التأمني يعد الوسيلة األكثر فاعلية يف ضمان حقوق املتضررين ومحاية املسافرين.
.6كما نوصي ح كومات الدول العربية اليت ليست أعضاء يف اتفاقية مونرتيال 1999م باالنضمام إىل
االتفاقية ومن ثم إدخاهلا حيز التنفيذ وتعديل قوانينها الوطنية مبا يتوافق مع أحكام هذه االتفاقية
خاصة وأن الدول العربية تسعى جمتمعة إىل توحيد قوانني الطريان املدني فيها وإجياد سوق نقل
254 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.7ونوصي أيضاً بتشجيع الباحث العربي يف جمال النقل اجلوي ،والعمل على تأهيل خرباء جويني يف
هذا اجملال قادرين على التفاوض وإبراز مصلحة املسافر العربي عند أي مراجعة حلدود
.8وأخرياً إجياد حماكم خاصة للفصل يف منازعات وقضايا النقل اجلوي والعمل على تأهيل قضاة
255 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
256 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
قائمة املراجع
أوالً :المراجع باللغة العربية:
أ .قواميس اللغة:
.تاج العروس ،لمرتضى الزبيدي .الجزء األول ،باب ضجر.
.الصحاح في اللغة ،للجوهري .الجزء األول ،باب ضرزم.
.قاموس العين ،أشهر وأولى قواميس اللغة العربية ،للخليل بن أحمدالفراهيدي 100( .ـ
170هـ) ( 718ـ 786م).
.القاموس المحيط ،للفيروز آبادي .الجزء الثاني.
م. .لسان العرب ،إلبن منظور .الجزء الثامن ،دار الحديث ،القاهرة،
.مجمع لغة الفقهاء.الجزء األول.
.معجم البستان ،للشيخ عبد الله البستاني اللبناني.
.المعجم الوسيط ،إلبراهيم مصطفى .و أحمد حسن الزيات .وحامد عبد القادر .ومحمد
علي النجار .الجزء الثاني ،المكتبة اإلسالمية ،تركيا ،بدون تاريخ.
م. .المنجد في اللغة .ط ،29دار المشرق ،بيروت،
ب .المراجع العامة:
.10إبراهيم سيد أحمد .العقود والشركات التجارية فقهاً وقضاءً ،ط ،دار الجامعة
م. الجديدة للنشر ،اإلسكندرية،
.أحمد محمد أحمد المليجي .التنظيم القانوني والشرطي لدخول ومعاملة األجانب في
م. هـ، مصر ،رسالة دكتوراه مقدمة إلى أكاديمية الشرطة ،القاهرة،
.أشرف جابر سيد.المسؤولية عن فعل األشياء المستخدمة في تنفيذ العقد ،دار النهضة
م. العربية ،القاهرة،
.د .أحمد محمد أبو الروس .الموسوعة التجارية الحديثة ،الكتاب الثاني ،الدار
الجامعية ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ.
.د .إليـاس حداد .القانـــــــــــــــــــــــــــون التجاري ،مطابع مؤسسة الوحدة،
م). ـ هـ )( ـ دمشق( ،
.د .بوعشة مبارك .قانون العالقات االقتصادية الدولية ،جامعة التكوين المتواصل،
السنة الثالثة ،اإلرسال الثاني ،الجزائر ،بدون تاريخ.
.د .تاج السر محمد حامد .أحكام العقد ،جامعة النيلين ،الخرطوم ،بدون ناشر،
م.
.د .زهير عباس كريم .مبادئ القانون التجاري ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
م.
257 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.د .علي جمال الدين عوض .العقود التجارية ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة،
م.
م. .د .علي حسن يونس .العقود التجارية ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
.د .محمد سعيد فرهود .د .محمود مرشحة .القانون التجاري( بري ،بحري ،جوي)
م ). هـ ـ مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية ،دمشق( ،
م. .د .محمود حلمي .العقد اإلداري ،ط ،دار الفكر العربي ،القاهرة،
ج .المراجع المتخصصة:
الكتب:
.22أ .ماهر عبد الخالق السيسي .أعمال شركة الطيران ،ج ،مقدمة في النقل الجوي
م. والحجز ،بدون ناشر،
م. .أحمد فهمي بحيري .ضبط المالحة الهوائية ،بدون ناشر،
م. ) ،ط ، .24دليل تنظيم النقل الجوي ،منظمة الطيران المدني الدولي(،
.25د .أبو زيد رضوان .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،دار الفكر العربي،
م. القاهرة،
.26د .أحمد عبد اللطيف غطاشة.الطيران المدني ،األحكام العامة والنقل الجوي ،دار
م. هـ، صفاء للنشر والتوزيع ،عمان،
.27د .أكثم أمين الخولي .دروس في القانون البحري والجوي ،مكتبة سيد عبد الله وهبه،
م. القاهرة،
.28د .أكرم ياملكي .القانون الجوي ،دراسة مقارنة ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان،
م.
.29د .ثروت أنيس األسيوطي .مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن ،ط ،المطبعة
م. العالمية ،القاهرة،
.30د .جعفر محمد مقبل الشاللي .مبادئ القانون الجوي ،دار جامعة عدن للطباعة
م. والنشر ،ط ،عدن،
.31د .جالل وفاء محمدين .تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين،
دراسة مقارنة في القضاء األمريكي ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ.
.32د .جالل وفاء محمدين .دروس في القانون الجوي ،دار المطبوعات الجامعية،
م. اإلسكندرية،
.33د .حسام عبد الغني الصغير .د .عاطف محمد الفقي .القانون الجوي ،بدون ناشر،
م. م- القاهرة،
.34د .حفيظة السيد حداد .القانون الجوي ،مدرس القانون الدولي الخاص ،كلية
الحقوق ،جامعة اإلسكندرية ،اإلسكندرية ،بدون تاريخ.
258 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
د .حمد الله محمد حمد الله .عقد النقل البري ،البحري ،الجوي ،دار النهضة .35
م. - العربية ،القاهرة،
د .رفعت أبادير .مدى مسؤولية الناقل الجوي وفقاً التفاقية وارسو عن األضرار التي .36
تلحق المسافرين من جراء عمليات اختطاف الطائرات وأعمال العنف التي تقع داخل
المطارات ،بدون ناشر ،القاهرة1983،م.
د .طالب حسن موسى .القانون الجوي الدولي ،مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان، .37
م.
د .عادل محمد خير .مسؤولية الناقل الجوي ودعوى المسؤولية وآلية التعويض في .38
القانون الجوي المصري واالتفاقيات الدولية ،ط ،1مكتب الدكتور عادل محمد خير
للمحاماة واالستشارات القانونية ،القاهرة2001 ،م.
د .عبد الرافع موسى .أبعاد مفهوم التدابير الالزمة أو الضرورية في نص المادة .39
م. م ،دار النهضة العربية ،القاهرة، من اتفاقية وارسو لسنة
د .عبد الرحمن عبد الله شمسان .القانون الجوي ،قانون الطيران المدني ،المالحة .40
) الجوية ،النقل الجوي ،الهيئة العامة للطيران المدني واألرصاد( ،
م. صنعاء،
د .عبد الفضيل محمد أحمد .القانون الخاص الجوي ،دار الفكر والقانون ،المنصورة، .41
بدون تاريخ.
د .عدلي أمير خالد ،أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي ،منشأة المعارف، .42
م. اإلسكندرية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .عقد النقل الجوي ،قواعد و أحكام ،دار .43
م. الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
د .عز الدين الطيب آدم .محاضرات في القانون الجوي ،جامعة النيلين ،بدون ناشر. .44
بدون تاريخ.
د .علي البارودي .د.محمد فريد العريني .د .محمد سيد الفقي .القانون البحري .45
م. والجوي ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت،
د .عيسى غسان ربضي .مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على .46
م. األشخاص وأمتعتهم ،دار الثقافة للنشر والتوزيع ،ط ،اإلصدار األول ،عمان،
د .فاروق أحمد زاهر .القانون الجوي ،قانون الطيران التجاري ،وفقاً للتشريع الدولي .47
م. الموحد والقانون المصري ،دار النهضة العربية ،القاهرة،
م. د .فايز نعيم رضوان .قانون الطيران التجاري ،ط ،بدون ناشر، .48
د .محمد عبد الحميد القاضي ،أصول القانون الجوي ،دار الرحمن للطباعة، .49
م. م- القليوبية،
259 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
د .محمد عبد الحميد .القانون الواجب التطبيق على النقل الجوي الدولي في .50
م. المملكة العربية السعودية ،مكتبة النصر ،الزقازيق،
د .محمد فريد العريني .القانون الجوي-النقل الجوي-الدار الجامعية ،بيروت، .51
1986م.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .القانون الجوي ،النقل الجوي .
م. الداخلي والدولي ،دار المطبوعات الجامعية ،اإلسكندرية،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ .القانون الجوي ،النقل الجوي، .53
م. حوادث الطيران ،دار الجامعة الجديدة ،اإلسكندرية،
د .محمد محمد هالليه .محاضرات في القانون الجوي ،جامعة المنصورة ،بدون .54
م. ناشر،
د .محمود أحمد الكندري .التنظيم القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية .55
م ،تحديث نظام وارسو ،ط ،مجلس النشر العلمي ،جامعة مونتريال لعام
م. الكويت ،الكويت،
د .محمود سمير الشرقاوي .محاضرات في القانون الجوي ،دار النهضة العربية، .56
م. القاهرة،
د .محمود مختار بربري .قانون الطيران وقت السلم ،دار الفكر العربي، .57
م. القاهرة،
د .مراد منير فهيم .خضوع النقل الجوي الداخلي لنظام اتفاقية وارسو للنقل الدولي، .58
م. منشاة المعارف ،اإلسكندرية،
د .مصطفى إبراهيم عريبي .القانون الجوي ،الطيران التجاري ،وفقاً لالتفاقيات .59
م. م ،بدون ناشر، الدولية وقانون الطيران المدني السوداني لسنة
د .مصطفى البنداري .الموجز في القانون الجوي ،دار النهضة العربية ،القاهرة، .60
م. هـ،
د .نادية محمد معوض .القانون الجوي ،النقل الجوي ،دار الفكر العربي ،القاهرة، .61
م.
د .هاني دويدار .قانون الطيران التجاري ،دار الجامعة الجديدة للنشر، .62
م. اإلسكندرية،
م. د .هشام خالد .ماهية العقد الدولي ،منشأة المعارف ،اإلسكندرية، .63
د .هشام فضلي .مسؤولية الناقل الجوي على الصعيدين الدولي والداخلي ،دراسة في .64
م وقانون التجارة الجديد ،ط ،دار الجامعة الجديدة للنشر، اتفاقية مونتريال
م. اإلسكندرية،
260 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.65د .يحيى أحمد البناء.اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران ،منشأة المعارف،
م. اإلسكندرية،
م. .66ربان .مدحت عباس خلوصي .قانون النقل الدولي ،الشنهابي للطباعة،
.67شريف أحمد الطباخ .التعويض عن النقل البري والبحري والجوي ،دار الفكر
م. الجامعي ،اإلسكندرية،
.68وزارة الحربية المصرية .مصلحة الطيران المدني ،مجموعة تشريعات الطيران
المصرية الوطنية منها والدولية ،المطبعة األميرية بالقاهرة1954،م.
الرسائل:
.69أحمد إبراهيم الشيخ .المسؤولية عن تعويض أضرار النقل الجوي الدولي وفقاً
م ،رسالة دكتوراه ،جامعة عين شمس، م ،ومونتريال التفاقية وارسو
م. القاهرة،
.70صفوت عبد القادر بهنساوي .النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي عن سالمة
المسافرين ،رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه ،جامعة القاهرة ،القاهرة،
بدون تاريخ.
.71عبد الحكم محمد عبد السالم عثمان .التزام السالمة في النقل الجوي ،رسالة
دكتوراه ،جامعة عين شمس ،القاهرة1403 ،هـ1983 -م.
.72فاروق أحمد محمد زاهر .تحديد مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للنظام الفارسوفي،
م. رسالة دكتوراه ،جامعة القاهرة ،القاهرة،
.73فاروق مصطفى السلمان .مسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين واألمتعة
م. والبضائع ،دراسة مقارنة ،رسالة ماجستير ،جامعة عدن ،عدن،
.74يحيى أحمد البناء .أثر اإلرهاب الدولي على مسؤولية الناقل الجوي ،رسالة دكتوراه،
م. جامعة اإلسكندرية ،اإلسكندرية،
المقاالت واألبحاث:
.75د .حسن كيره .مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية فارسوفي وبرتوكول الهاي المعدل
لها ،مجلة كلية الحقوق ،جامعة اإلسكندرية ،مطبعة جامعة اإلسكندرية ،العددان
األول والثاني ،السنة الثامنة ،اإلسكندرية1959 ،م.
.76عبد السالم علي المزوغي .مجلة الدراسات القانونية ،تعليق على حكمين لمحكمة
م. بنغازي االبتدائية ،جامعة قاريونس،
.77ورقة عمل رقم مقدمة في الدورة الحادية عشرة للجمعية العامة للهيئة العربية
م. للطيران المدني المنعقدة في طرابلس من -مايو ،طرابلس،
الدوريات والمجالت:
261 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
.78الطيران العربي ،مجلة ربع سنوية تصدر عن الهيئة العربية للطيران المدني،
العدد ،15ديسمبر ،الرباط2005 ،م.
.79المسافر ،دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية ،السنة السابعة ،العدد ( -
) ،فبراير ـ مارس ،صنعاء2005 ،م.
.80مستقبل العالم اإلسالمي ،السنة الثانية ،العدد السادس ،ربيع ،1992تصدر عن مركز
دراسات العالم اإلسالمي ،مالطا1992 .م.
.81الموسوعة العربية العالمية ،موسوعة العلوم عند العرب والمسلمين (الطب النفسي)
الرياض ،بدون تاريخ.
م. ) العدد ،يناير -فبراير، .82مجلة آفاق العلم(
م. )العدد ،أكتوبر-نوفمبر، .83مجلة آفاق العلم(
االتفاقيات والبروتوكوالت الدولية:
.اتفاقية باريس الدولية بشأن تنظيم المالحة الجوية 1919م.
.85اتفاقية وارسو بشأن توحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي1929م.
.اتفاقية شيكاغو بشأن الطيران المدني الدولي 1944م.
.اتفاقية جنيف المتعلقة باإلعتراف الدولي بالحقوق على الطائرات 1948م.
.بروتوكول الهاي 1955م المعدل ألحكام اتفاقية وارسو1929م.
.بروتوكول مونتريال المؤقت 1966م.
.بروتوكول جواتيماال سيتي1971م.
.بروتوكول مونتريال اإلضافي رقم (1975)4م.
.92اتفاقية مونتريال بشأن توحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي1999م.
.اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام 2004م.
94.
( ).
التشريعات والقوانين:
القوانين السودانية:
.97قانون الخدمات العامة للطائرات السوداني لسنة 1959م.
.98قانون الطيران السوداني لسنة 1960م.
.99قانون اإلثبات السوداني لسنة1983م.
.100قانون المعامالت المدنية السوداني لسنة 1984م.
.101القانون الجنائي السوداني لسنة 1991م.
262 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
مراجع أخرى:
.111صحيفة آخر لحظة السودانية ،األعداد الصادرة من تاريخ 19 - 11يونيو 2008م.
.112قناة الجزيرة الفضائية .بتاريخ /9 ،8 ،6أغسطس2008/م.
263 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
الفهرس
شكر وعرفان 4 ......................... ................................ ................................ ................................
إهداء 5 ................................. ................................ ................................ ................................
ملخص الرسالة 6 ..................... ................................ ................................ ................................
المقدمة 10 ............................ ................................ ................................ ................................
الفصل األول :مفهوم القانون الجوي وتطور أحكامه 15 ......... ................................ ................................
المبحث األول :تطور فكرة الطيران الجوي والقانون الجوي 16 ................................. ................................
المطلب األول :تطور فكرة الطيران الجوي 17 .................... ................................ ................................
المطلب الثاني :تطور تشريعات وتقنين أحكام الطيران 22 ....................................... ................................
المبحث الثاني :تعريف القانون الجوي وتحديد مضمونه 27 .................................... ................................
المطلب األول :تسمية القانون الجوي 28 .......................... ................................ ................................
المطلب الثاني :تعريف القانون الجوي وتحديد مضمونه 30 .................................... ................................
المبحث الثالث :خصائص ومصادر القانون الجوي 33 ............ ................................ ................................
المطلب األول :خصائص القانون الجوي 34 ........................ ................................ ................................
المطلب الثاني :مصادر القانون الجوي 41 .......................... ................................ ................................
المبحث الرابع :أحكام القانون الجوي 47 .......................... ................................ ................................
المطلب األول :الطائرة 48 ........... ................................ ................................ ................................
المطلب الثاني :الفضاء الجوي 59 ................................... ................................ ................................
الفصل الثاني :أحكام عقد النقل الجوي 67 ........................ ................................ ................................
المبحث األول :تعريف عقد النقل الجوي وخصائصه 68 ......... ................................ ................................
المطلب األول :تعريف عقد النقل الجوي 69 ....................... ................................ ................................
المطلب الثاني :خصائص عقد النقل الجوي 71 ................... ................................ ................................
المبحث الثاني :أنواع عقد النقل الجوي 76 ....................... ................................ ................................
المطلب األول :النطاق الجغرافي لتنفيذ عقد النقل الجوي 77 .................................. ................................
المطلب الثاني :النطاق القانوني لتطبيق اتفاقية مونتريال1999م 82 ........................... ................................
المبحث الثالث :وثائق عقد النقل الجوي 99 ........................ ................................ ................................
المطلب األول :تذكرة السفر 100 ................................... ................................ ................................
المطلب الثاني :استمارة نقل األمتعة 111 ........................ ................................ ................................
المبحث الرابع :آثار عقد النقل الجوي 114 ........................ ................................ ................................
المطلب األول :التزامات الناقل في عقد النقل الجوي 115 ...................................... ................................
المطلب الثاني :التزامات المسافر في عقد النقل الجوي 119 .................................. ................................
الفصل الثالث :أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي 122 ............................. ................................
المبحث األول :تطور أساس مسؤولية الناقل الجوي 123 ........................................ ................................
المطلب األول :أساس مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية وارسو1929م124 ............... ................................ :
المطلب الثاني :تطور أساس مسؤولية الناقل الجوي في البروتوكوالت المعدلة التفاقية وارسو1929م 128 ..............
المطلب الثالث :أساس مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية مونتريال1999م 133 ............ ................................
المبحث الثاني :شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي تجاه المسافر 137 .................... ................................
المطلب األول :وقوع ضرر أدى إلى وفاة المسافر أو عرّضَه إلصابة جسدية 138 ............. ................................
المطلب الثاني :الحادث المسبب للضرر 146 ....................... ................................ ................................
المطلب الثالث :وقوع الحادث أثناء فترة زمنية محددة 154 .................................... ................................
264 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
المبحث الثالث :شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن األضرار التي تصيب األمتعة 158 ..............................
المطلب األول :إصابة األمتعة بضرر 159 .......................... ................................ ................................
المطلب الثاني :وقوع الحدث المسبب للضرر 161 ................. ................................ ................................
المطلب الثالث :الفترة الزمنية لوقوع الحدث 164 ................ ................................ ................................
المبحث الرابع :شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير في النقل 167 ........... ................................
المطلب األول :التأخير في النقل 168 .............................. ................................ ................................
المطلب الثاني :حدوث التأخير في فترة زمنية معينة 172 ...................................... ................................
المطلب الثالث :الضرر الناجم عن التأخير 176 ................... ................................ ................................
الفصل الرابع :أحكام مسؤولية الناقل الجوي 180 ............... ................................ ................................
المبحث األول :تحديد مسؤولية الناقل الجوي 181 .............. ................................ ................................
المطلب األول :حدود مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية وارسو1929م وتعديالتها 183 ....................................
المطلب الثاني :حدود مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية مونتريال1999م 190 ............. ................................
المطلب الثالث :حساب قيمة التعويض 194 ...................... ................................ ................................
المبحث الثاني :أسباب دفع المسؤولية والخروج عنها 202 ...................................... ................................
المطلب األول :أسباب دفع مسؤولية الناقل الجوي 203 ......... ................................ ................................
المطلب الثاني :الخروج القانوني عن حدود المسؤولية 218 ..................................... ................................
المطلب الثالث :الخروج االتفاقي عن حدود المسؤولية 221 .................................... ................................
المبحث الثالث :دعوى مسؤولية الناقل الجوي 225 .............. ................................ ................................
المطلب األول :أطراف دعوى المسؤولية 226 ...................... ................................ ................................
المطلب الثاني :المحكمة المختصة بنظر دعوى المسؤولية 235 .............................. ................................
المطلب الثالث :الضمانات التي قررتها اتفاقية مونتريال1999م للمدعي 244 ................ ................................
الخاتــمة 253 ......................... ................................ ................................ ................................
النتائج253 ............................ ................................ ................................ ................................ :
التوصيات254 ......................... ................................ ................................ ................................ :
قائمة بأهم االختصارات الواردة في الرسالة 256 ................. ................................ ................................
قائمة المراجع 257 .................. ................................ ................................ ................................
الفهرس 266 ........................... ................................ ................................ ................................
265 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا
النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب
إصدار
والسياسية واالقتصادية
برلين – ألمانيا
أ آ
تحمل بالضرورة وجهة نظر
إن الراء والفكار التي يحملها المؤلف ل ِ
المركز الديمقراطي العربي فمؤلف الك تاب يتحمل مسؤو َ
لية مضامينه.
الطبعة األولى
2019
266 املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا