You are on page 1of 267

‫تأليف‪:‬‬

‫عبد اخلالق صاحل عبد اهلل معزب‬


‫عبد اخلالق صاحل عبد اهلل معزب‬

‫النظام القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي‬ ‫‪The legal regime for the liability of the‬‬
‫‪international air carrier for persons‬‬
‫الدولي عن األشخاص‬ ‫‪In light of the Montreal Convention of‬‬
‫‪1999 and the Sudanese and Yemeni laws‬‬

‫النظام القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي الدولي عن األشخاص‬


‫يف ضوء إتفاقية مونرتيال‪1999‬م والقانونني السوداني واليمين‬

‫‪Germany:‬‬
‫رقم التسجيل ‪VR.33708.B :‬‬ ‫‪Berlin 10315‬‬
‫‪Gensinger.Str: 112‬‬
‫الطبعة األوىل ‪2019 :‬‬ ‫‪http:// democraticac.doc‬‬
‫املركز ادلميوقراطي العريب‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪Democratic Arab Center‬‬


‫‪Strategic, Political & Economic studies‬‬

‫النظام القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي الدولي عن األشخاص‬


‫يف ضوء إتفاقية مونرتيال‪1999‬م والقانونني السوداني واليمين‬
‫العنوان ابلإجنلزيية‬
‫‪The legal regime for the liability of the international‬‬
‫‪air carrier for persons‬‬
‫‪In light of the Montreal Convention of 1999 and‬‬
‫‪the Sudanese and Yemeni laws‬‬

‫تأليف‪ :‬عبد اخلالق صاحل عبد اهلل معزب‬

‫اللجنة الفنية واملراجعة‬


‫‪ ‬املصطفى بوجعبوط‪ ،‬املركز الدميقراطي العربي‪ .‬برلني _أملانيا‬

‫‪ ‬كرميـ ـ ـ ـ ـة الصديقي‪ ،‬املركز الدميقراطي العربي‪ .‬برلني _أملانيا‬

‫‪ ‬زي ـ ـار حـ ـ ـ ـ ـ ـاميـ ـد‪ ،‬املركز الدميقراطي العربي‪ .‬برلني _أملانيـا‬

‫‪ ‬دنـ ـيـ ـ ـا ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوزي‪ ،‬املركز الدميقراطي العربي‪ .‬برلني _أل ـمانيا‪.‬‬

‫طبعة ا ألوىل‬
‫‪2019‬‬
‫‪1‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫رئيس املركز‪:‬أأ‪ .‬عامر رشعان‬


‫املؤلف‪ :‬عبد اخلالق صاحل عبد اهلل معزب‬

‫عنوان املؤلف‪ :‬النظام القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي الدويل عن األشخاص‬

‫يف ضوء اتفاقية مونرتيال‪1999‬م والقانونني السوداني واليمين‬


‫رمق تسجيل الكتاب ‪VR . 33708. B:‬‬
‫عدد صفحات الكتاب‪ 294 :‬صفحة‬
‫الطبعة ‪ :‬ا ألوىل ‪2019‬‬
‫النارش‪:‬‬
‫املركز ادلميقراطي العريب لدلراسات الاستاتيجية والس ياس ية والاقتصادية‪.‬‬
‫برلني _أأملانيا‬
‫ل يسمح ابإعادة اإصدار هذا الكتاب أأو اي جزء منه أأو ختزينه يف نطاق اإس تعادة‬
‫املعلومات أأو نقهل بأأي شلك من ا ألشاكل‪ ،‬دون اإذن مس بق خطي من النارش ‪.‬‬
‫مجيع حقوق الطبع حمفوظة‪ :‬للمركز ادلميقراطي العريب‬
‫برلني‪ -‬أأملانيا‪.‬‬
‫‪2019‬‬
‫‪All rights reserved No part of this book may by reproducted. Stored in a‬‬
‫‪retrieval System or tansmited in any form or by any meas without prior‬‬
‫‪Permission in writing of the publishe‬‬
‫املركز ادلميقراطي العريب لدلراسات الإستاتيجية والس ياس ية والاقتصادية‬
‫‪:Germany‬‬
‫‪Berlin 10315 GensingerStr: 112‬‬
‫‪Tel: 0049-Code Germany‬‬
‫‪030- 54884375‬‬
‫‪030- 91499898‬‬
‫‪030- 86450098‬‬
‫‪mobiltelefon : 00491742783717‬‬
‫‪E-mail: book@democraticac.de‬‬

‫‪2‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫قال تعاىل‪:‬‬

‫﴿ ‪          ‬‬

‫‪﴾      ‬‬

‫اآلية (‪ )33‬من سورة الرمحن‪.‬‬

‫و قال جل جالله‪:‬‬

‫﴿ ‪﴾       ‬‬

‫اآلية (‪ )13‬من سورة اإلسراء‬

‫‪3‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫شكر وعرفان‬

‫أمحده موالي على نعمة اإلسالم‪ ,‬وأمحده تعاىل على نعمة العلم ومن قبله العقل‪ ,‬واحلمد هلل‬

‫قبل كل شيء وبعد كل شيء‪.‬‬

‫يشرفين أن أتقدم بالشكر ملن هم أهل الفضل بعد املوىل عز وجل يف إجناز هذه الرسالة‬

‫وأخص بالعرفان أستاذي واملشرف على الرسالة‪ :‬الدكتور‪ /‬مصطفى إبراهيم أمحد عرييب‪ .‬رئيس‬

‫قسم القانون التجاري يف جامعة النيلني‪ ,‬وأستاذ القانون التجاري املساعد الذي ما خبل علي بثمني‬

‫وقته وبنيات أفكاره أو صرير قلمه‪ ,‬فأسأل الشكور عز وجل أن جيزيه عين خري اجلزاء‪.‬‬

‫كما أتقدم بالشكر لسفارتنا يف اخلرطوم وأخص بالشكر املستشارية الثقافية ممثلة‬

‫باألستاذ‪ /‬مناع العميثلي‪ .‬املستشار الثقايف بسفارة اجلمهورية اليمنية على وقوفهم إىل جانيب أثناء فرتة‬

‫الدراسة وتذليل كل صعيب‪.‬‬

‫والشكر كل الشكر ملدير جامعة النيلني وعميد كلية الدراسات العليا‪ ,‬واملكتبة املركزية‬

‫وأخص بالشكر صرح العلم الشامخ؛ كلية القانون الفتية اليت الزالت عيناً للعلم ال ينضب‪ ,‬وحبراً‬

‫للمعرفة ال يغلب‪.‬‬

‫والشكر موصول لكل من األخوة يف جامعة صنعاء‪ ,‬عدن‪ ,‬تعز‪ ,‬العلوم والتكنولوجيا‪,‬‬

‫اخلرطوم‪ ,‬جوبا‪ ,‬الزعيم األزهري‪ ,‬القاهرة‪ ,‬عني مشس‪ ,‬حلوان واإلسكندرية على تقديم العون‬

‫وتسهيل مهمة البحث يف مكتباهتا املركزية واملتخصصة‪.‬‬

‫كما أنتهزها فرصة للتعبري عن شكري وامتناني لكافة أساتذتي يف مراحل دراسيت السابقة‬

‫املختلفة‪ ,‬وأخص بالشكر أساتذتي يف كلية القانون جامعة النيلني‪.‬‬

‫وأختم بشكري واشتياقي ألسرتي على مجيل صربهم ومؤازرهتم يل وأخص بالشكر‬

‫والدي العزيز أطال اهلل عمره ومتعه بوافر الصحة وتام العافية وبلغين اهلل رضاه‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫إهداء‬

‫إىل من تاقت نفسي للقياه‪ ,‬واشتاقت عيين لرؤيته‪...‬‬


‫إىل من غاب عن عيين مُحيَّاه‪ ،‬وسكنت قليب صورته‪...‬‬
‫إىل من غفوت راجياً رؤياه‪ ،‬ومتنت جوارحي شفاعته‪...‬‬
‫إىل من لست أنساه‪ ،‬وسألت موالي ربي صحبته‪...‬‬
‫إىل شهيد الواجب والدفاع عن وحدة اليمن وسالمة أراضيه‪:‬‬

‫الشهيد‪ /‬علي عبد اهلل سعد معزب‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ملخص الرسالة‬

‫يدور موضوع هذه الدراسة بصفة أساسية حول عقد النقل اجلوي الدويل من منظور االتفاقية‬

‫اخلاصة بتوحيد بعض قواعد النقل اجلوي الدويل املوقعة يف مونرتيال بتاريخ ‪ 28‬مايو ‪1999‬م كوهنا‬

‫االتفاقية األحدث واألمشل تنظيماً هلذا العقد‪ ,‬وقد سعى الباحث يف هذه الرسالة إىل حماولة إبراز‬

‫أهم ما جاءت به اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م من أحكام جديدة حول عقد النقل اجلوي الدويل‬

‫مقتصراً يف دراسته هذه على النقل اجلوي الدويل لألشخاص واألمتعة سواء تلك املسجلة أو غري‬

‫املسجلة‪ ,‬وما مشلته اتفاقية مونرتيال‪1999‬م من أحكام خاصة بتنظيم مفردات هذا العقد‪ ,‬وبيان‬

‫شروط انعقاده‪ ,‬وثائقه وآثاره اليت يرتبها على طرفيه مع بيان موقف كالً من القانون السوداني‬

‫والقانون اليمين يف ذلك‪ ,‬و مستأنساً بأحكام االتفاقيات السابقة التفاقية مونرتيال‪1999‬م‪,‬‬

‫كاتفاقية وارسو‪1929‬م وتعديالهتا املختلفة‪.‬‬

‫كما اهتمت هذه الدراسة ببيان أحكام مسؤولية الناقل اجلوي الدويل وفقاً ملا جاءت به‬

‫االتفاقية سالفة الذكر‪ ,‬وخصوصاً أساس تلك املسؤولية وشروط انعقادها و أحكام حتديدها‬

‫واإلعفاء منها‪.‬‬

‫أيضاً سعى الباحث من خالل هذه الدراسة إىل إبراز ما استحدثته اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م‬

‫من أحكام بشأن دعوى التعويض عن الضرر من حيث احملكمة املختصة بنظر النزاع‪ ,‬والضمانات‬

‫اليت قررهتا االتفاقية السابقة للمتضررين‪.‬‬

‫ومبا أن القانون اجلوي يتميز برتابط موضوعاته فيما بينها ترابطاً وثيقاً بشكل جيعل احلديث‬

‫عن مسؤولية الناقل اجلوي الدويل يف هذه الرسالة حيتاج بالضرورة إىل تفصيل مفردات أخرى من‬

‫موضوعات القانون اجلوي مرتبطة هبا كأحكام الطائرة والفضاء اجلوي‪ ,‬فقد كان من الالزم‬

‫‪6‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫التعرض ألحكام القانون اجلوي يف هذه الرسالة بشيء من التفصيل‪ ,‬وهو ما أورده الباحث يف‬

‫صدارة هذه الدراسة‪.‬‬

‫ومن خالل البحث والتحليل ملا سبق فقد وصل الباحث إىل عدة نتائ أوردها يف هناية هذه‬

‫الدراسة كان من أهم تلك النتائ أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد أرست تكامالً بني موضوعات‬

‫القانون اجلوي‪ ,‬كما أهنا قد شكلت حلقة وصل بني هذه املوضوعات والتشريعات الوطنية‪ ,‬أضف‬

‫لذلك مراعاهتا ملصلحة املسافر بقدر ميكنه من احلصول على التعويض املناسب ويضع مجيع املسافرين‬

‫على قدم املساواة أمام املرافق العامة‪.‬‬

‫تلك النتائ وغريها كان قد توصل إليها الباحث من خالل دراسته‪ ,‬وقد خلص الباحث يف‬

‫هناية هذه الدراسة إىل توصيات عدة كان من أمهها أنه من الالزم على الدول حتديث التشريعات‬

‫الوطنية وتطويرها بصفة دورية يف ضوء االتفاقيات الدولية اليت تنظم عقد النقل اجلوي الدويل لكي‬

‫تستطيع مواكبة كالً من موضوعات القانون اجلوي واالتفاقيات الدولية املنظمة هلذه املوضوعات‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

Abstract
This thesis discussed mainly the international air transport
contract from the perspective of the Convention for the Unification
of Certain Rules Relating to International Carriage by air convention,
signed at Montreal on May 28, 1999A.D. as the latest and most
comprehensive regulation of this contract.
The researcher tried in this study to highlight the new and most
important provisions of Montreal Convention 1999A.D. relating to
the international air transport for the passenger and baggage either
checked or unchecked, And what was the special provisions and
regulation the items and terms of this contract which Montreal
Convention 1999A.D. included and explain conditions of contract,
documentation, and it's implications on the both side of contract
with the attitude of both Sudanese and Yemeni law and the
provisions of conventions prior to Montreal Convention, such as
Warsaw1929A.D. and it's various amendments.
This thesis also concentrated to clarify international air carrier's
liability rules according to the above convention provisions in
particular the basis and conditions of that liability and limits of
liability and exoneration from it.
The researcher sought to highlight the provisions that were
introduced by Montreal Convention 1999A.D. which relating
jurisdiction and statutory guarantees.
The researcher discussed a detail the air law issues at the
beginning of his study since the air law rules are interrelated and the
liability of the international air carrier require a detailed knowledge
of the terminology air law, such as aircraft and space regulation.
Through research and analysis of above, The researcher arrived
to several conclusions made at the end of this thesis was the most
important of those conclusions that the Montreal Convention
1999A.D. had established an integration between issues of air law,
Also it had formed a link between these issues and national
legislation, In addition taken into account the interests of passengers

8 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬


‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

as he could obtain appropriate compensation and put all passengers


on an equal footing at the public utilities.
The researcher suggested at the end of the study to several
recommendations of the fact that it was necessary to update States
national legislations and develop a regular basis in according of
international conventions regulation the International Air Transport
contract to be able to cope with both issues of air law and
international conventions governing such issues.
At the end of this study the researcher suggested a several
recommendations such as regular update to the national legislations
according to the international convention regulations, and the
international air transport contract , so as the able to cope with
both issues of air law and of the international convention .

9 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬


‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املقدمة‬

‫إن من نعم اهلل على بين البشر أن خلق هلم اليابسة‪ ،‬والبحار ومن فوقهما اجلو‪ ،‬وسخر كل ما‬

‫فيها خلدمة اإلنسان‪ ،‬إال أنه ظل أزماناً يركب البحر‪ ،‬وميشي على األرض‪ ،‬ومل يفطن أن يطري يف‬

‫اجلو‪ ،‬أو يستعمل الفضاء اجلوي‪ ،‬باستثناء بعض احملاوالت الفردية‪ ،‬مثل حماولة اإلغريقي "ديدالوس"‬

‫وابنه "أكاروس" واألندلسي "عباس بن فرناس" اليت راح هذان األخريان ضحية حماوالهتما‪.‬‬

‫إال أنه مع مرور الزمن‪ ،‬وامتالك اإلنسان السلطان ـ ـ سلطان العلم ـ ـ استطاع أن يطري يف اجلو‪،‬‬

‫بل ويستخدم الفضاء اجلوي ـ ـ الداخلي أو اخلارجي ـ ـ يف خدمته‪ ،‬ومنفعته‪ ،‬وتطور ذلك االستخدام‬

‫حتى أضحى من أهم ضروب النشاط التجاري واالقتصادي للدول أو األفراد‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬أمهية موضوع الدراسة‪:‬‬

‫يكتسب موضوع الدراسة أمهية كبرية جتعله جدير بالبحث والتحليل‪ ,‬ونستطيع إبراز هذه‬

‫األمهية من خالل التايل‪:‬‬

‫‪ ‬يعد النقل اجلوي من أهم نشاطات استخدام املالحة اجلوية داخل الغالف اجلوي‪،‬‬

‫خاصة بعد انفتاح الدول على بعضها بالتعاون والتبادل التجاريني‪ ،‬كما يعترب النقل‬

‫اجلوي من أهم ضروب األنشطة االقتصادية للدول‪ ،‬أو مؤسسات النقل خاصة وأن‬

‫االستثمار يف جمال النقل اجلوي ميكن أن يكون مبتناول أي دولة‪ ،‬فال حيتاج لبيئة‬

‫معينة قد ال تتوفر لدى بعض الدول كتلك البحرية‪ ،‬وال توجد دول ميكن أن نطلق‬

‫ال حبيسة يف هذا اجملال‪.‬‬


‫عليها دو ً‬

‫‪ ‬ونتيجة لسرعة الطائرة ـ ـ وهي أداة تنفيذ عقد النقل اجلوي ـ ـ وكثرة جمال استخدامها فقد‬

‫أصبحت ذات أمهية قصوى لربط الدول ببعضها جتارياً‪ ،‬واقتصادياً‪ ،‬وعبورها احلدود‬

‫السياسية لدول خمتلفة يف أزمنة قصرية‪ ،‬وأصبحت أداة النقل اجلوي اليت يعتمد عليها‬

‫‪10‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫النشاط اال قتصادي يف العصر احلديث‪ ،‬خاصة يف جمال نقل األشخاص‪ ،‬بعد أن أصبح‬

‫حيوي املالحة اجلوية مبدأ السالمة اجلوية واألمان‪ ،‬فكان لزاماً تنظيم هذا العقد‬

‫واآلثار املرتتبة عليه من حتديد مسؤولية الناقل اجلوي الدويل وحدودها‪ ،‬والتأمني‬

‫من تلك املسؤولية‪ ،‬وحقوق والتزامات كل من طريف عقد النقل‪ ,‬ودعوى التعويض يف‬

‫حالة الضرر‪.‬‬

‫‪ ‬وسعياً من الدول إىل التخفيف من حدة التعارض بني تشريعاهتا اجلوية الوطنية‬

‫املختلفة‪ ،‬وزيادة حمتوى األمان‪ ،‬والسالمة اجلويني‪ ،‬مبا ال يتعارض مع احتفاظها بسيادهتا‬

‫على أجوائها‪ ،‬ومبا يتفق مع حتقيق أهدافها االقتصادية‪ ،‬ومساعيها التجارية نَحَت‬

‫الدول منحى االتفاقيات واملعاهدات الدولية املنظمة الستخدام اجلو‪ ،‬وعملية النقل‬

‫اجلوي ـ عامة كانت أو خاصة ـ ـ سواء تلك النافذة منها‪ ،‬مثل اتفاقية وارسو املوقعة يف‬

‫أكتوبر عام ‪1929‬م‪ ،‬مروراً بتعديالهتا املختلفة‪ ،‬وتتوجياً لذلك باتفاقية مونرتيال‬

‫اخلاصة بتوحيد بعض القواعد املتعلقة بالنقل اجلوي لعام ‪1999‬م واليت دخلت حيز‬

‫التنفيذ قبيل أعوام‪ ،‬أو تلك الغري نافذة مثل بروتوكول جواتيماال سييت املوقع يف‬

‫مدينة"جواتيماال" عام ‪1971‬م‪ ,‬أو بروتوكول مونرتيال اإلضايف رقم (‪ )3‬لعام‬

‫‪1975‬م‪ ,‬اللذين إستفادت من أحكامها الدول يف وضع بعض قواعدها الوطنية‬

‫املنظمة لعملية الطريان املدني والنقل اجلوي‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬أهداف الدراسة‪:‬‬

‫سنحاول يف هذه الدراسة ـ ـ جاهدين إنشاء اهلل تعاىل التعرض لآلتي‪ :‬ـ ـ‬

‫‪11‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .1‬موضوع النقل اجلوي الدويل لألشخاص واألمتعة –وإن كانت هذه األخرية مل تظهر يف‬

‫عنوان هذه الدراسة و ذلك ألهنا ال تنقل مبوجب عقد نقل خاص بل يتم نقلها مع‬

‫املسافر وفق عقد نقل واحد هو عقد نقل املسافر وإال عدّت بضائعاً‪.‬‬

‫‪ .2‬عقد نقل األشخاص من منظور اتفاقية مونرتيال اخلاصة بتوحيد بعض قواعد النقل‬

‫اجلوي الدويل‪ ,‬املوقعة يف مونرتيال ‪1999‬م‪ ,‬وذلك بالرتكيز على أحكام مسؤولية‬

‫الناقل اجلوي يف هذا العقد‪.‬‬

‫‪ .3‬تبيان موقف كل من التشريعات الوطنية السودانية‪ ,‬والتشريعات الوطنية اليمنية من‬

‫هذه االتفاقية‪.‬‬

‫‪ .4‬مدى مطابقة أحكام التشريعات السودانية واليمنية ألحكام اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م‪ ,‬وإمكانية األخذ هبا‪ ,‬وتبيان القصور يف ذلك ‪-‬إن وجد ‪-‬‬

‫واالختالفات والصعوبات يف تطبيق أحكام االتفاقية‪ ,‬وتنفيذ قواعدها‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تساؤالت الدراسة‪:‬‬

‫تربز أهم تساؤالت هذه الدراسة يف التايل‪:‬‬

‫‪ .1‬هل نظمت االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة التفاقية مونرتيال ‪1999‬م عقد النقل‬

‫اجلوي؟ وهل غطت االتفاقيات السابقة كافة جوانب مسؤولية الناقل اجلوي يف هذا‬

‫العقد؟ أم أن قصورًا قد شاهبا حبيث حتم على اجملتمع الدويل البحث عن البديل؟‬

‫‪ .2‬وفيما لو كانت اإلجابة بعدم استطاعة االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة تغطية كافة‬

‫جوانب مسؤولية الناقل اجلوي على وجه التحديد وتنظيمها التنظيم الذي هتدف إليه‬

‫الدول وتسعى جاهدة إلبراز أهدافه إبان التحضري هلذه االتفاقيات والربوتوكوالت‪,‬‬

‫‪12‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فهل استطاعت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م تغطية هذه اجلوانب حبيث أغنت عن البحث‬

‫عما سواها؟‬

‫‪ .3‬ما مدى قدرة اتفاقية مونرتيال‪1999‬م يف جتميع أحكام االتفاقيات السابقة هلا‬

‫واملتناثرة فيما بينها‪ ,‬وما مدى انسجام أحكام هذه االتفاقية ومراعاة قواعدها ملا‬

‫شهده عامل الطريان املدني من تقدم تكنولوجي يف صناعة الطريان وعلى وجه‬

‫اخلصوص وسائل األمان يف الطائرات؟‬

‫وسنحاول يف هذه الدراسة اإلجابة على التساؤالت السابقة وغريها من املواضيع املتعلقة‬

‫مبوضوع الدراسة كمسألة القوانني الوطنية السودانية واليمنية ومدى انسجام أحكام اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م مع هذه القوانني مع بيان أهم النصوص اجلديدة اليت أتت هبا هذه االتفاقية فيما‬

‫يتعلق مبسؤولية الناقل من حيث نطاق تطبيقها القانوني‪ ،‬وطبيعتها‪ ،‬وأساسها القانوني ومدى‬

‫إمكانية أخذ كل من هذه القوانني بأحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ,‬وتبين أحكامها‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬الدراسات السابقة‪:‬‬

‫من خالل إطالعي على الدراسات السابقة اليت تناولت موضوع النقل اجلوي‪ ،‬ومسؤولية‬

‫الناقل اجلوي فيه ـ ـ كتباً ومؤلفات كانت أو أحباثاً ورسائل ـ ـ ملست ندرة هذا املوضوع اهلام بني تلك‬

‫الدراسات وثغرات عديدة مل تسدها التناوالت هلذا اجملال‪.‬‬

‫كما أن صعوبة تطبيق قواعد اجلو القدمية على كل ما يستحدث من عمليات جوية مدنية وأنشطة‬

‫جديدة يف هذا اجملال أدى إىل شح الدراسات وقلة الكتابات يف هذا اجملال‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬صعوبات الدراسة‪:‬‬

‫متثلت صعوبة الدراسة األوىل يف املراجع واملصادر املتعلقة مبوضوع هذه الدراسة‪ ,‬فمن خالل‬

‫متحيص الباحث يف مكتبات اجلامعات أو املكتبات العامة أو املتخصصة أو حتى معارض الكتاب‬

‫‪13‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الدولية‪ ,‬أويف اجلهات احلكومية املتعلقة مبوضوع الدراسة يف اجلمهورية اليمنية أو مجهورية‬

‫السودان‪ ,‬أو مجهورية مصر العربية‪ -‬وإن كانت هذه األخرية أفضل إىل حدٍ ما‪-‬فقد ملس الباحث‬

‫شح يف املراجع واملصادر وندرة يف الكتب والدراسات أو املؤلفات اليت ميكن أن تساعده يف‬

‫إبراز مشكلة دراسته يف هذه الرسالة‪ ,‬كما أنه من خالل رجوع الباحث إىل ارشيف احملكمة‬

‫التجارية اليمنية واملكتب الفين يف وزارة العدل السودانية‪ ,‬مل يقف الباحث على أي قضية تتعلق‬

‫مبوضوع دراسته يف هذه الرسالة ليتم االستشهاد هبا واالستفادة منها‪ ,‬وهو ما زاد من صعوبة األمر‬

‫يف هذه الدراسة‪.‬‬

‫سادساً‪ :‬منه الدراسة ‪:‬‬

‫سلك الباحث يف هذه الدراسة املنه االستقرائي الوصفي التحليلي‪ ،‬من خالل اإلطالع على الكتب‪،‬‬

‫واملؤلفات‪ ،‬والقوانني املتباينة‪ ،‬يف جمال النقل اجلوي‪ ،‬وكذا االتفاقيات املختلفة يف هذا اجملال‪.‬‬

‫سابعاً‪ :‬خطة الدراسة‪:‬‬

‫قسمت هذه الدراسة إىل‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القانون اجلوي وتطور أحكامه‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام عقد النقل اجلوي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫الفصل الرابع‪ :‬أحكام مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫‪14‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القانون اجلوي وتطور أحكامه‬


‫يتسم القانون اجلوي برتابط مواضيعه ترابطاً كبرياً‪ ،‬وتداخلها مع بعضها أكثر من أي فرع مـن فـروع‬

‫القوانني األخرى‪ ،‬فإذا أردنا ‪-‬مثالً‪-‬احلديث عن مسؤولية الناقل اجلوي – وهو موضوع دراسـتنا‪-‬فـال‬

‫بــد أن نتعــرض لعقــد النقــل اجلــوي وأداتــه وهــي الطــائرة الــيت تعتــرب أيض ـاً مرتكــزاً لتعريــف القــانون‬

‫اجلــوي‪-‬كمــا ســنرى‪-‬وهلــذا كــان مــن الــالزم علينــا لصــيص هــذا الفصــل للحــديث عــن مفهــوم القــانون‬

‫اجلوي وتطور أحكامه و قواعده‪ ،‬و وذلك من خالل تقسيم هـذا الفصـل إىل أربعـة مباحـث نتحـدث‬

‫يف املبح ــث األول من ــها ع ــن تط ــور فكرت ــي الط ــريان اجل ــوي‪ ،‬والق ــانون اجل ــوي‪ ،‬ويف املبح ــث الث ــاني‬

‫نتح ــدث ع ــن تعري ــف الق ــانون اجل ــوي وحتدي ــد مض ــمونه‪ ،‬ويف املبح ــث الثال ــث نتح ــدث ع ــن خص ــائص‬

‫ومصادر القانون اجلوي‪ ،‬ونتحدث عن أحكام القانون اجلوي يف املبحث الرابع‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث األول‪ :‬تطور فكرة الطريان اجلوي والقانون اجلوي‬


‫إن مـا وصـل إليـه اإلنسـان مــن تطـور تكنولـوجي يف جمـال الطـريان اجلــوي سـواء كـان مـن ناحيــة‬

‫صـناعية تكنولوجيــة – أداة طـريان – أو كــان مـن ناحيــة تنظيميـة – التشــريعات واالتفاقيـات املنظمــة‬

‫للطريان – مل تطله يـد اإلنسـان و أوصـله فكـره إليـه إالب مـن بعـد حمـاوالتٍ كـان قـد فشـل بعضـها يف‬

‫البداية‪ ،‬بيد أن ذلك الفشـل مل يـدم طـويالً أمـام حتـدي اإلنسـان و إصـراره علـى النجـاح والوصـول إىل‬

‫مـا وصـل إليــه اآلن ليصـبح مــا كـان ضـرباً مــن اخليـال واقعـاً يف احلقيقـة ومـا كــان يقعتقـد أنــه مـن صــفات‬

‫اجلن وخرافات الشعوذة ناجتاً بشرياً ملموساً خيدم مصاحلَ بشرية‪ ،‬وحقيقةً علمية ال دخـل للشـعوذة –‬

‫كما اعتقد القدماء – فيها وسنتطرق بالتوضيح هلتني الفكرتني من خـالل مطلـبني صصـص األول منـهما‬

‫للتحدث عن تطور فكرة الطريان اجلوي‪ ،‬ونتحدث عن تطور القانون اجلوي يف املطلب الثاني‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬تطور فكرة الطريان اجلوي‬


‫بــدأ اإلنســان منــذ زمــن بعيــد حيــاول ترمجــة أفكــارًا وصــل إليهــا وإخراجهــا إىل الواقــع امللمــوس‬

‫ال‬
‫على شكل اخرتاعات قام هبا‪ ،‬إالب أن هذه االخرتاعات ‪-‬و منها فكـرة الطـريان‪ -‬مل لـرج إلينـا إ ب‬

‫بعد جهود مضنية قامت هبا البشرية‪ ،‬تكبدت أثناءها الكثري مـن اخلسـائر ( ماديـة كانـت أو بشـرية )‬

‫(‪ ،)1‬لكن وعلى الرغم مـن عـدم جنـاح تلـك احملـاوالت يف البدايـة إالب أنـه توصـل إيل مـا بشـر بإمكانيـة‬

‫جناحهــا علــى الــرغم مــن إخفــاق العديــد مــن التجــارب‪-‬كمــا أســلفنا –غــري أنــه اســتفيد مــن أخطــاء تلــك‬

‫التجارب واحملاوالت بعد أن قتلت البعض منها أصحاهبا‪ ،‬مثل "ديدال" وابنه "ايكـاراس" الـذي راح‬

‫هــذا األخــري ضــحيةَ جتربتــهما بعــد أن فكــرا يف أن مــا يثبــت الطــري يف اجلــو وحيف ـ توازنــه وحيميــه مــن‬

‫الســقوط هــي أجنحتــه‪ ،‬فالــذا فكــرة األجنحــة مرتكــزًا حملاولتــهما وصــنعا أجنح ـ ًة مــن ريــا الطــري‬

‫وألصقاها جبسميهما مسـتخدمَني مشـع النحـل‪ ،‬و مـا أن رفرفـا يف اجلـو ودنـا "ايكـاراس" مـن الشـمس‬

‫حتى أذابت أشعةٌ الشمسِ الشمعَ فهوى يف حبر "إجية" ومات(‪.)2‬‬

‫مل يك ــن اليون ــانيون وح ــدهم م ــن ح ــاول الط ــريان فق ــد حظ ــي الع ــرب و املس ــلمون بنص ــيب يف‬

‫حماوالت اخرتاع‪ ،‬ومن ثم تنفيذ فكرة الطريان على يد بعض من علمائهم مثل"أبو القاسـم عبـاس بـن‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪ ،1982 ،‬ص ‪.3‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الرحمن عبد هللا شمسان‪ .‬القانون الجوي (قانون الطيران المدني) (المالحةالجوية‪-‬النقل الجوي )‪ ،‬الهيئة العامة‬
‫للطيران المدني واألرصاد‪ )C.A.M.A. ( ،‬صنعاء‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫‪17‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فرناس"(‪ )3‬الذي استوحى فكرة الطريان والتحليق يف اجلو مـن الطيـور فقلـدها وكسـا جسـده بـالريا‬

‫ولكنه مل يطر طويالً فهوى على األرض وكان ذلك عام ‪ 80‬ميالدية تقريباً(‪.)4‬‬

‫ويف ذلك يعـزي الـبعض(‪ )5‬أول حماولـة طـريان إىل العـرب ولـيس إىل اإلغريـق أو األوروبـيني وقـد‬

‫كانــت علــى يــد "عبــاس بــن فرنــاس" الــذي كــان‪-‬وحبــق‪-‬أول مــن حــاول الطــريان يف القــرن الرابــع‬

‫اهلجري بناء على دراسات وخطط أجراها ومن ثم حاول تنفيذها‪.‬‬

‫أيض ــ ًا يـ ــذكر يف بعـ ــض الكتـ ــب أن العالمـ ــة العربـ ــي "أبـ ــا النصـ ــر ا اعيـ ــل بـ ــن محـ ــاد اجلـ ــوهري‬

‫النيس ــابوري" ق ــد ق ــام مبحاول ــة للط ــريان ولك ــن ه ــذه امل ــرة م ــن أعل ــى س ــطح املس ــجد الك ــبري يف‬

‫"نيسابور" بعد أن ربـط جسـمه بـدفتني وهـوى ليسـبح يف اهلـواء لكنـه مـا لبـث أن سـقط علـى األرض‬

‫ففاضت روحه‪.‬‬

‫يف القـ ــرن العاشـ ــر املـ ــيالدي قـ ــام اإلجنليـ ــزي "اولفيـ ــه ماملسـ ــبوري"(‪ )Malmesbury‬مبحاولـ ــة‬

‫ال أنه هوى على األرض وكسرت ساقاه(‪. )6‬‬


‫الطريان إ ب‬

‫(‪)3‬‬
‫‪Around the year 850،A.D.،the Arab scholar "Ibn Furnas" undertook in-depth studies on‬‬
‫‪flight and near the end of tenth century. the English Benedictine monk، Oliver de‬‬
‫‪Malmesbory، sufferd the same fate as Simon the Magician، when he hurled himself from the‬‬
‫‪top of tower in an attempt to fly. In the twelfth century، a Saracen Killed himself in front of‬‬
‫‪the Byzantine Emperor،Emmanual Comnenus by hurling himself from the tower of the‬‬
‫‪Hippodrome dressed in a very full white robe، the skirts of which were held up by willow‬‬
‫( ‪wands to serve as wings. Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law‬‬
‫‪Y.C.A.M.A.)،2003.A.D،page 17.‬‬
‫(‪ )4‬د‪ .‬عبد الرحمن شمسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪".5‬ونذكر هنا أن بن فرناس يعد من األوائل الذين خططوا للطيران وقامت‬
‫محاوالتهم الطيران على دراسات أعدوها وحاولوا تنفيذها"‪.‬‬
‫(‪ )5‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ ،‬رئيس قسم القانون التجاري بكلية القانون‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬القانون الجوي (الطيران‬
‫التجاري) وفقا ً لالتفاقيات الدولية وقانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪ ،‬بدون ناشر‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪ .7‬أيضا ً‬
‫يسانده في ذلك د‪ .‬هاني دويدار‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪2000،‬م‪ ،‬ص‪ 6‬وقد‬
‫ذكر د‪ .‬دويدار أن ابن فرناس هو أول من طار على اإلطالق وكان ذلك في القرن الرابع الهجري‪.‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪The Middle Ages also saw a number of experiments to try flying by scholars and inventors‬‬
‫‪who always paid the price of their courage adventurers in blood some times and the other‬‬
‫‪times in their lives.‬‬
‫‪Albert le Grand declared in a work which is attributed to him، that the "air is navigable when‬‬
‫‪it is contiguous to fire" . His contemporary "Rogar Bacon" ( Doctor admirable )، in his work،‬‬
‫‪"De secretis operibus artis naturae " believed in the possibility of making flying machines‬‬
‫‪18‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫جاء القرن السابع عشر مليئـاً مبحـاوالت الطـريان الـيت بـاءت مجيعهـا(‪ )7‬بالفشـل‪ ،‬مثـل حماولـة اإليطـايل‬

‫(جيــو دوتــي) ع ــام ‪1628‬م‪ ،‬والفرنســي (آالرا) ســنة ‪1660‬م‪ ،‬وم ــن قبلــهما البولنــدي (ي ــورايتيين)‬

‫عام ‪1628‬م‪.‬‬

‫وقــد اســتفاد العلمــاء وحمــاولو الطــريان مــن أخطــاء ســابقيهم وأســباب فشــلهم‪ ،‬فيقــال إن فكــرة‬

‫الطــائرة اهليلــوكبرت احلديثــة يرجــع الفضــل فيهــا إىل (ليونــاردو دا فنشــي) ( ‪Leonardo Da‬‬

‫‪ )Vinci's‬الــذي اســتفاد بــدوره مــن فشــل حماولــة (بايســت دانــيت) عــام ‪1503‬م ومــن أفكــار‬

‫(روجر بيكون)(‪.)8( )Roger Bacon‬‬

‫وعلى الرغم من فشل مجيع هذه احملاوالت واصطحاهبا مع فشلها خسـائراً بنوعيهـا‪ :‬البدنيـة الـيت أدى‬

‫بعضــها إىل وفــاة أصــحاهبا‪-‬كمــا ذكرنــا‪ -‬أو املاليــة الــيت جعلــت الــبعض يغــادر موطنــه حبث ـاً عــن ممــول‬

‫الخرتاعاتـ ــه كـ ــاألخوان ( رايـ ــت ) اللـ ــذين غـ ــادرا الواليـ ــات املتحـ ــدة إىل فرنسـ ــا‪ ،‬أو يف الوقـ ــت إذ‬

‫اســتغرقت هــذة احملــاوالت مــن الــبعض عــدة ســنوات‪ ،‬إالب أن ذلــك كلــه مل يقفَت ـتٍ للعلمــاء مــن عض ـدٍ أو‬

‫يوهن هلم من عزمية أمـام إصـرارهم علـى النجـاح والوصـول بنـا والبشـرية إىل مـا نـراه اليـوم‪ ،‬فقـد جـاء‬

‫القرن الثامن عشر امليالدي مبشرًا بالنجاح املنشود رغم أن مجيع حماوالت الطريان خالل القـرن السـابع‬

‫عشر باءت بالفشل‪.‬‬

‫يف النصف الثاني من القرن الثامن عشر تكللـت أول حماولـة طـريان بالنجـاح يف بـاريس إذ صـمم‬

‫األخوة (جوزيف) و (ايتان موجنو لفييه) (‪ )9‬بالوناً أمـآله بـاهلواء السـاخن وحلقـا بـه يف ـاء بـاريس وكـان‬

‫‪driven "by some starting the fashion of those of the birds. Mohammed A. El-Rahman A. El-‬‬
‫‪Gader. Air Aeronautical law ( Y.C.A.M.A.) 2003.A.D.page 17 .‬‬
‫(‪ )7‬باستثناء ما قام به البعض من محاوالت للطيران مثل "فوست فرانزو" الذي صمم أول مظلة هبوط مصنوعة من إطار‬
‫من الخشب الخفيف ومغطى بالقماش‪ ،‬تشبه جناح الخفاش‪ ،‬وهبط فيها من أعلى قلعة في مدينة"فينسيا" وقد وصل‬
‫األرض سالما ً‪)www.qalqilia.edu.ps) .‬‬
‫(‪ )8‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )9‬أيضا ً نجح الفرنسي( بالنشار) ( ‪ )Blanchard‬في عبور المانش بين "دوفر" على الشاطئ اإلنجليزي و"كالييه" على‬
‫الشاطئ الفرنسي وقطع المسافة في ساعتين وذلك على بالون (مونجو لفييه) عام ‪1785‬م‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ ثـ ــم انطلقـ ــت فكـ ــرة البالونـ ــات حتـ ــى وصـ ــلت إىل بريطانيـ ــا علـ ــى يـ ــد‬،)10(‫م‬1783/‫يونيـ ــو‬/5 ‫ذلـ ــك يف‬

‫) ببـ ــالون فكـ ــرة صـ ــنعه هـ ــي نفسـ ــها‬11(‫م‬1784 ‫(لونـ ــاردي ) إذ حلـ ــق فـ ــوق اجلـ ــزر الربيطانيـ ــة عـ ــام‬

.)12( )‫املستوحاة من األخوة الفرنسيني (لفييه‬

‫ فقد كـان لـه الـدور األبـرز‬،)13(‫أما عصر التكنولوجيا احلديثة اليت بدأت وبدايات القرن املنصرم‬

‫)(ويلــرب) و (ارفيــل) يف الســابع عشــر‬14( )‫يف تطــور الطــريان إذ اســتطاع األخــوان األمريكيــان (رايــت‬

‫ مرتًا بواسطة أول طائرة تطـري مبحـرك‬260 ‫م قطع مسافة تقارب الـ‬1903-‫ديسمرب‬-‫من كانون أول‬

‫) بالواليـات‬North Carolina( ‫) بواليـة‬Kitty Hawk()‫وكـان ذلـك مبدينـة (كـييت هـوك‬

‫حققا بـ ــذلك النجـ ــاح األول يف جمـ ــال الطـ ــريان جبسـ ــم أثقـ ــل مـ ــن اهلـ ــواء بواسـ ــطة‬،‫املتحـ ــدة األمريكيـ ــة‬

.)15(‫احملركات‬

)10(
In this year '' Benjamin Franklin'' (An American Inventor) was present when the Paris
flight took place – when asked about him opinion and what he thought about this invention –
merely compared it to anew-born child for whom the future can either be glorious or
inglorious. Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law (
Y.C.A.M.A.)،2003 A.D. page 21.
)11(
In 18th century ( 1784) this great scholar and statesmen was already anxious about the
upheavals the machine could cause as a weapon of war ; when writing to friend،he state his
opinion that five balloons ( costing no more than five battle ships) and each one carrying two
soldiers could land behind an army's lines، press home the attack upon the enemy and thus
decide the outcome of a battle . Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical
law ( Y.C.A.M.A.) .)،2003 A.D. page 21.
.6‫ ص‬،‫ مرجع سابق‬،‫ أبو زيد رضوان‬.‫) د‬12(
‫) تطورت تكنولوجيا صناعة الطائرات بسرعة فائقة حيث صنعت حديثا ً طائرات "الجاكسا" والتي تبلغ سرعتها ضعفي‬13(
‫ ديسمبر‬،15‫ العدد‬،‫ مجلة ربع سنوية تصدر عن الهيئة العربية لللطيران المدني‬،‫ الطيران العربي‬.‫سرعة الصوت‬
.‫م‬2005 ،‫الرباط‬
)14(
The first flight of a power-driven aircraft by Wright brothers in United States Of
America(before they moved to France because they couldn’t get supply in U.S.A) on
December 17/1903، The Wright brothers made their now historic flights in an aircraft
which they had designed and built by themselves; at the fourth attempt on that day (at
afternoon) a distance of 284 metres was covered during a flight which lasted 59 seconds.
Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law ( Y.C.A.M.A.) page241.
،‫ عمان‬،‫ دار صفاء للنشر والتوزيع‬،‫ األحكام العامة والنقل الجوي‬،‫ الطيران المدني‬.‫ أحمد عبد اللطيف غطاشة‬.‫) د‬15(
.17‫ص‬،‫ هـ‬1422/‫م‬2002
20 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ال أهنـا خمتلفـة عـن السـابق يف كيفيـة‬


‫توالت حماوالت الطريان يف ذات القرن كما يف القرون اخلاليـة إ ب‬

‫التحليــق(‪ ،)16‬فقــد جنــح األخــوان (رايــت) يف قطــع مســافة ‪ 38‬كــم‪ ،‬ويف عــام ‪1909‬م(‪ ،)17‬قــام الفرنســي‬

‫(ل ـ ـ ــويس بلريي ـ ـ ــو) برحل ـ ـ ــة م ـ ـ ــن فرنس ـ ـ ــا إىل بريطاني ـ ـ ــا‪ ،‬وع ـ ـ ــرب أج ـ ـ ــواء احمل ـ ـ ــيط األطلس ـ ـ ــي‪ ،‬وط ـ ـ ــار‬

‫األمريكي(لينــدبر ) مــن أمريكــا إىل بريطانيــا دو ــا توقــف‪ ،‬ويف عــام ‪1911‬م بــدأ الطــريان بــني‬

‫عواصم أوروبا بني باريس وكل من مدريد وروما بداية وقد متكنت خالهلما الطـائرات مـن قطـع‬

‫مس ــافة ترب ــو عل ــى الـــ(‪ )1500‬كــم‪ ،‬أص ــبحت بع ــد ذل ــك الط ــائرة أداة قوي ــة وفيصـ ـ ً‬
‫ال يف إث ــارة و إ ــاد‬

‫احلروب ومنها احلرب العاملية األوىل اليت حسمت نتيجتها الطـائرات عـام ‪1918‬م لينتـهي زمـن احلـرب‬

‫والذت الـدول بعـد ذلـك منحـىً جديـداً وهـو الطـريان التجـاري الـذي بـدأ ‪ -‬أيضـ ًا ‪ -‬يف أوروبـا بـني‬

‫بروكســل وبــاريس عــام ‪1919‬م ليتســع بعــد ذلــك اســتخدام الطــائرة جتاري ـ ًا حتــى أصــبح يشــمل مجيــع‬

‫دول العامل تقريباً ولتصـبح الطـائرة هـي أداة التبـادل التجـاري األوىل يف خمتلـف البلـدان(‪ ،)18‬وبـذا أصـبح‬

‫الطريان ذا أمهية بالغة يف تنظيم حياة البشرية و شتى جماالت احلياة كالزراعـة (مسـح األراضـي ور‬

‫املبيدات والري)‪ ،‬الطب‪ ،‬التكنولوجيا‪ ،‬مسـح األراضـي و التصـوير الشمسـي اهلـوائي(‪ ،)19‬أو حتـى علـى‬

‫الصــعيد األمــين الــداخلي يف مطــاردة وضــبط قــوارب الصــيد غــري املشــروع يف امليــاه اإلقليميــة أو تفقــد‬

‫أحوال أعايل البحار‪.‬‬

‫(‪ )16‬قبل القرن التاسع عشر كانت محاوالت الطيران بواسطة الهواء الساخن والبالونات وليس الوقود والمحركات‪.‬‬
‫(‪ )17‬وفي هذا العام‪-‬أيضا ً‪ -‬بدأت أول محاوالت الطيران في باريس‪.‬‬
‫(‪ )18‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪-‬النقل الجوي‪-‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )19‬أحمد فهمي بحيري‪ .‬ضبط المالحة الهوائية‪ ،‬بدون ناشر‪1938 ،‬م‪ ،‬ص‪.4 ،3‬‬
‫‪21‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تطور تشريعات وتقنني أحكام الطريان‬


‫أوضحنا يف املطلب السابق كيفية تطور فكرة الطريان عرب التاريخ حتى وصلت إىل ما هـي عليـه‬

‫ال مــؤخراً(‪ )20‬علــى‬


‫ال أن هــذا التطــور مل يصــحبه تقــنني ألحكــام الطــريان إ ب‬
‫اليــوم مــن تقــدم وجنــاح‪ ،‬إ ب‬

‫الــرغم مــن قــول الــبعض بــأن تقــنني أحكــام الطــريان قــد وجــدت منــذ زمــن بعيــد ودليلــهم علــى ذلــك‬

‫األمــر الصــادر مــن رئــيس شــرطة بــاريس يف ‪1784/4/23‬م‪ ،‬والــذي كــان متعلــق بتنظــيم طــريان‬

‫البالونات يف اء باريس وضرورة احلصول على تراخيص لصناعتها وتراخيص لطرياهنا(‪.)21‬‬

‫ونالح ـ علــى هــذا األمــر أنــه مل يصــل إىل مرتبــة التشــريعات اجلويــة إذ مل يَعٍ ـدق أمــراً وقتي ـاً صــدر‬

‫حلماية السكان من خماطر الطريان وذلك لآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬أنــه مل يعــدل ومل تٌضــف إليــه أيــة مــواد وهــذا يتنــافى مــع خاصــية أن القــانون اجلــوي قــانون‬

‫متطور‪.‬‬

‫‪ ‬أنـه وضـع علـى شــكل أمـر صـادر مــن سـلطة تنفيذيـة لتنظــيم البالونـات فقـط‪ ،‬ومل حيــاول‬

‫واضعوه تطويره مع تطور صناعة النقـل اجلـوي و أداة الطـريان‪ ،‬بـل ظـل قاصـراً علـى تنظـيم‬

‫البالونات دون غريها‪.‬‬

‫وق ــد ل ــوح م ــا خلفت ــه الط ــائرات م ــن دم ــار عق ــب احل ــرب األوىل وش ــعرت ال ــدول خبط ــر ه ــذه‬

‫املصنوعة العجيبة والسالح ذي احلدين فاستشعرت ضـرورة وجـود قـانون يـنظم حركتـها‪ ،‬وتنظـيم حيـد‬

‫من أخطارها‪ ،‬حبيث تعود على البشرية بالنفع األجـدى مـن صـناعتها‪ ...‬وقـد كـان‪ ،‬فقـد جـرت عـدة‬

‫حمــاوالت إلبــرام معاهــدات دوليــة تتضــمن أحكام ـاً موحــدةً‪ ،‬وتلتــزم الــدول املصــدقة علــى هــذه‬

‫(‪ )20‬باستثناء بعض القوانين الخاصة كالذي صدر في فرنسا عام ‪1819‬م‪ ،‬وهو أول تشريع جوي ينظم سالمة الطيران في‬
‫فرنسا وكان هذا التشريع يتطلب أن تكون البالونات مجهزة بمظالت(‪ )Parachutes‬الستخدامها عند الخطر‪ .‬المسافر‪.‬‬
‫دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية‪ ،‬السنة‪ ،7‬العدد(‪ )74-73‬فبراير‪ -‬مارس‪2005،‬م‪ ،‬ص‪.12‬‬
‫(‪ )21‬د‪.‬عبد الرحمن شمسان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪22‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املعاهــدات بأحكامهــا وتعــديل قوانينــها الوطنيــة أو تشــريع قــوانني جديــدة تتماشــى وأحكــام تلــك‬

‫املعاهـدات وبــذا تصــبح الــدول أمـام خيــار االســتمالة واالجنــذاب أو التـبين والتعمــيم هلــذه املعاهــدات‬

‫والربوتوكوالت‪.‬‬

‫وكغريهــا مــن احملــاوالت الــيت حتتمــل الفشــل أو النجــاح فقــد فشــلت هــذه احملــاوالت بداي ـةً ألســباب‬

‫رافقتها مثل فشل مؤمتر باريس عام ‪ 1910‬م بسبب اخلـالف الـذي كـان بـني اإلجنليـز والفرنسـيني‪ ،‬ثـم‬

‫اتفاقيــة بــاريس عــام ‪1919‬م‪-‬عقــب انتــهاء احلــرب األوىل‪-‬الــيت دخلــت حيــز التنفيــذ بعــد ثــالث ســنوات‬

‫من تاريخ التوقيع عليها أي يف ‪1922/7/11‬م ‪.‬‬

‫ومــن أهــم أســباب فشــل اتفاقيــة بــاريس ‪1919‬م(‪ )22‬وجــود عرقلــة أمريكيــة هلــا‪ ،‬األمــر الــذي‬

‫سـبب عــدم مشوليتــها وعــدم إضــفاء صـفة الدوليــة عليهــا‪ ،‬كمــا أن نطــاق تطبيـق تلــك االتفاقيــة قــد حصــر‬

‫على الدول املنتصرة يف احلرب األوىل واستبعاد الدول املنهزمة فيها(‪.)23‬‬

‫مل يكن من الصعب وضع القـوانني والتشـريعات املنظمـة ألحكـام الطـريان لكنـها وإن جـاءت‬

‫ال أن الســبب يف ذلــك لــيس قصــوراً يف العقــل التشــريعي إ ــا ألن‬


‫متــأخرة علــى فكــرة اخــرتاع الطــائرة إ ب‬

‫ال بعــد احلــرب األوىل إذ كــان امــتالك‬


‫فكــرة الطــريان املــدني نفســها مل لــرج حقيقـ ًة إىل حيــز الوجــود إ ب‬

‫الطــائرات يقتصــر فقــط علــى الــدول املصــنعة هلــا‪ ،‬كمــا أن اهتمــام الــدول كــان بــالطريان العســكري‬

‫والتخطيط له‪ ،‬والطريان العسكري مل تكن حتكمه اللوائح أو القوانني أو يقيده شيء من ذلك‪.‬‬

‫(‪ )22‬على الرغم من فشل هذه المعاهدة إال أنها تعتبر ذات أهمية كبيرة إذ جاءت في وقت كانت الدول تفتقر ألدنى اتفاق ينظم‬
‫المالحة الجوية الدولية‪ ،‬فقد وضعت هذه المعاهدة النموذج الذي سارت عليه االتفاقيات المنظمة للطيران المدني من‬
‫بعدها‪ ،‬وقد نهجت بعض الدول هذا النموذج في اتفاقيات ثنائية بينها واتخذت أحكامها مرجعاً لما كان يسبب نقاط اختالف‬
‫بين هذه الدول مثل‪ :‬االتفاق البريطاني السويسري في ‪1919/11/6‬م‪ ،‬االتفاق الفرنسي السويسري في ‪1919/12/9‬م‪،‬‬
‫االتفاق البريطاني الدنماركي في ‪1920/12/23‬م‪ ،‬االتفاق السويسري األلماني في ‪1920/9/14‬م‪ ،‬واالتفاق الدنماركي‬
‫النرويجي في ‪1921/7/27‬م‪ .‬د‪ .‬أحمد فهمي بحيري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.13 ،12‬‬
‫(‪ )23‬د‪ .‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫‪23‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونســتطيع القــول أن مــن أهــم األســباب والــدوافع إىل بــدء التشــريعات اجلويــة الــيت حتكــم الطــريان‬

‫املدني كان انتهاء احلرب األوىل واجتاه الدول إىل التجارة اجلوية والنقل اجلوي ومـن ثـم إىل تنظـيم تلـك‬

‫التجارة وذلك النقل‪.‬‬

‫ولعل مـن أهـم تلـك الـدول هـي الواليـات املتحـدة األمريكيـة الـيت كانـت ‪-‬عقـب احلـرب األوىل‪-‬‬

‫متتلك أسطوالً كبرياً من الطائرات اليت وظفتها خلدمتها مدنياً يف محل الطـرود الربيديـة ابتـداء ثـم يف محـل‬

‫ونقل املسافرين والبضائع داخل الواليات املتحدة‪ ،‬وبعـد ذلـك تطـور األمـر للنقـل إىل خـارج الواليـات‬
‫(‪. )24‬‬
‫املتحدة ومنها إىل مجيع أحناء العامل تقريباً‬

‫ش ــهدت ف ــرتة م ــابني احل ــربني الع ــامليتني األوىل والثاني ــة تط ــوراً يف جم ــال التش ــريع ال ــدويل للمالح ــة‬

‫اجلويــة‪ ،‬فعلــى الــرغم ممــا كــان يســود العــامل مــن اهتمــام بــالطريان العســكري إالب أن جمــال الطــريان‬

‫املـ ـ ــدني‪ ،‬واصـ ـ ــل مسـ ـ ــرية تطـ ـ ــوره يف تلـ ـ ــك الفـ ـ ــرتة‪ ،‬فقـ ـ ــد االتفـ ـ ــاق علـ ـ ــى معاهـ ـ ــدة بـ ـ ــاريس يف‬

‫‪1919/10/13‬م وكــان عــدد أطرافهــا أربــع عشــرة دولــة‪ ،‬دخلــت هــذه املعاهــدة حيــز التنفيــذ عــام‬

‫‪1922‬م إ ب‬
‫ال أهنــا مل حتـ َ بعضــوية الــدول الكــربى مثــل‪ :‬اإلحتــاد الســوفييت‪ ،‬الصــني‪ ،‬الواليــات املتحــدة‪،‬‬

‫أملانيــا ‪ ...‬وغريهــا‪ ،‬األمــر الــذي مل يســاعد علــى جناحهــا وانتشــارها‪ ،‬وكــان مــن أهــم مــا جــاءت بــه‬

‫هــذه املعاهــدة تنظــيم اســتغالل الطــائرات‪ ،‬وشــهادة صــالحيتها للطــريان‪ ،‬وحريــة املــرور فــوق أقــاليم‬

‫الدول األطراف بشرط إتباع التعليمات اليت تصدرها الدول يف هذا الشأن ‪.‬‬

‫اتفقــت بعــدها بعــض الــدول علــى إبــرام معاهــدة خاصــة باملالحــة اجلويــة يف ‪1926/10/30‬م‬

‫ال أن هذه املعاهدة مل تـأت جبديـد عـن أحكـام معاهـدة بـاريس لسـنة ‪1919‬م‪،‬‬
‫مدينة "مدريد" إ ب‬

‫(‪ )24‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬


‫‪24‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ســوى الســماح ألســبانيا بالــدخول مــع دول أمريكــا الالتينيــة باتفاقــات جويــة مل تكــن جــائزة يف هــذه‬

‫األخرية(‪. )25‬‬

‫جــاءت بعــد ذلــك اتفاقيــة " بــان أمريك ــان " بشــأن الطــريان التجــاري يف ينــاير ‪1928‬م مبدين ــة‬

‫"هافانا" وقـد وقعـت علـى هـذه االتفاقيـة واحـد وعشـرون دولـةً‪ ،‬لكـن مل تصـدق عليهـا سـوى اثنتـا‬

‫عشــرة دولــة‪ ،‬وكانــت تعتــرب هــذه املعاهــدة ذات أمهيــة كــبرية؛ إذ أهنــا ألزمــت الــدول املصــدقة عليهــا‬

‫بإقامة املطارات‪ ،‬غري أهنا اقتصرت على دول القارتني األمريكيتني الشمالية واجلنوبية(‪.)26‬‬

‫ومل ميـضِ زمــن كــثري علــى هــذه املعاهــدة حتــى وقعــت معاهــدة وارســو(‪ )27‬يف ‪1929/10 /12‬م‬

‫مبدين ــة "وارس ــو"‪ ،‬وتع ــد ه ــذه املعاه ــدة مبثاب ــة دس ــتور ع ــاملي يض ــع احلل ــول لقض ــايا النق ــل اجل ــوي(‪،)28‬‬

‫وتعتمــدها أغلــب الــدول يف الوقــت احلــايل ضــمن قوانينــها‪ ،‬نظــراً ألمهيــة مــا نظمتــه مــن مواضــيعَ تتعلــق‬

‫بالنقــل اجلــوي‪ ،‬مســؤولية الناقــل اجلــوي‪ ،‬حــدود هــذه املســؤولية‪ ،‬األحكــام املتعلقـة بالنقــل املركــب‪،‬‬

‫وســندات النقــل اجلــوي ‪ ...‬وغريهــا‪ ،‬و قــد حــررت هــذه االتفاقيــة باللغــة الفرنســية‪ ،‬ودخلــت حيــز‬

‫التنفيذ يف ‪1933/2/13‬م(‪. )29‬‬

‫ويف العام ‪ 1933‬م وقعت اتفاقيـة رومـا اخلاصـة باألضـرار الـيت توقعهـا الطـائرة للغـري علـى سـطح‬

‫األرض‪ ،‬ومل توقـع بعـدها أي اتفاقيـة تـنظم اسـتعمال الطــائرات حتـى انـدالع احلـرب العامليـة الثانيـة الــيت‬

‫أدى انــدالعها إىل ركــود االتفاقيــات لبضــع ســنوات يف أوروبــا مــن غــري القــارة األمريكيــة(‪ )30‬ولكــن‬

‫(‪ )25‬د‪.‬علي البارودي‪ .‬د‪.‬محمد فريد العريني‪ .‬د‪ .‬محمد سيد الفقي‪ .‬القانون البحري والجوي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت‪2001،‬م‪ ،‬ص‪.435‬‬
‫(‪ )26‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )27‬عدلت هذه االتفاقية بموجب بروتوكول الهاي في ‪1955/9/28‬م الذي دخل حيز التنفيذ في ‪1963/8/1‬م وبروتوكول‬
‫جواداالخار في ‪ 1961/9/18‬الذي دخل حيز التنفيذ في ‪1964/5/1‬م‪ ،‬ثم عدلت بموجب بروتوكول جواتيماال سيتي في‬
‫‪1971/3/8‬م‪ ،‬والذي لم يدخل حيز التنفيذ حتى اآلن‪ ،‬ثم عدلت بموجب أحكام بروتوكوالت مونتريال اإلضافيةاألربعة‬
‫عام ‪1975‬م وأخيراً عدلت هذه االتفاقية بموجب أحكام اتفاقية مونتريال في ‪1999/5/28‬م والتي دخلت حيز التنفيذ عام‬
‫‪2003‬م‪.‬‬
‫(‪ )28‬إنظمت اليمن إلى هذه االتفاقية في ‪1982/1/16‬م بموجب القانون رقم (‪ )6‬لسنة ‪1982‬م‪.‬‬
‫(‪ )29‬د‪.‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )30‬فلم تتأثر المالحة الجوية في القارة األمريكية بالحرب العالمية الثانية بل استمرت وبال قيود‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ســرعان مــا اســتأنفت جناحهــا ثانيــة حتــى قبــل انتــهاء احلــرب العامليــة الثانيــة إذ وقعــت اتفاقيــة شــيكاغو‬

‫عام ‪1944‬م(‪ ،)31‬واليت تعترب أهم ا تفاقية يف تنظيم مواضـيع القـانون اجلـوي العامـة‪ ،‬دعـت هلـذه االتفاقيـة‬

‫الواليات املتحدة األمريكيـة يف ‪ 1944/11/1‬م الـيت كانـت متتلـك أضـخم أسـطول جـوي‪ ،‬وغـاب عنـها‬

‫اإلحتـاد السـوفييت حبجــة وجـود دول فيهـا ال يرغــب هبـا كالربتغــال وغريهـا‪ ،‬وقـد القــت هـذه االتفاقيــة‬

‫انتشاراً واسعاً رغم الظروف اليت كانت حميطة بـزمن انعقـاد مؤمترهـا؛ إذ عجـزت االتفاقيـات الدوليـة‬

‫وقتها عن التوفيق بني مبدأي "اجلو احلر" و "سيادة الدولة املطلقة على أجوائها" وقد متخض عـن هـذه‬

‫االتفاقية أربعة بروتوكوالت‪:‬‬

‫‪ .1‬اتفاق مؤقت بشأن الطريان املدني الدويل‪.‬‬

‫‪ .2‬اتفاق بشأن الطريان املدني الدويل ‪.‬‬

‫‪ .3‬اتفاق بشأن مرور اخلطوط اجلوية الدولية‪.‬‬

‫‪ .4‬اتفاق بشأن النقل اجلوي الدويل(‪.)32‬‬

‫ومن احملـاوالت الـيت سـعت الـدول مبوجبـها لتعـديل أحكـام اتفاقيـة وارسـو‪1929‬م‪ ،‬اجتمـاع‬

‫"ريودجيــانريو" عــام ‪1953‬م‪ ،‬وقــد حضــر هــذا املــؤمتر منــدوبو أربــع وثالثــون دولــة‪ ،‬وممثلــو ثــالث‬

‫هيئات دولية تر أسـت هـذا املـؤمتر الربازيـل‪ ،‬والـذي جـاء بتعـديالت هامـة يف تـاريخ وارسـو‪1929‬م‬

‫فرفع حدود التعويض عن الوفاة واإلصابة البدنية ‪ %60‬عن قيمتـه األصـلية‪ ،‬كمـا ألـزم الناقـل بتبسـيط‬

‫البيانــات الــيت حتتــوي عليهــا ســندات النقــل وغريهــا مــن األحكــام الــيت كانــت ال ترضــي غالــب الــدول‬

‫األطراف يف اتفاقية وارسو‪1929‬م(‪.)33‬‬

‫(‪ )31‬د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬دروس في القانون الجوي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪1992 ،‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫(‪ )32‬د‪.‬علي البارودي‪ .‬د‪.‬محمد فريد العريني‪ .‬د‪ .‬محمد سيد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.439‬‬
‫(‪ )33‬وزارة الحربية المصرية‪ ،‬مصلحة الطيران المدني‪ ،‬مجموعة تشريعات الطيران المصرية الوطنية منها والدولية‪،‬‬
‫المطبعة األميرية بالقاهرة‪1954 ،‬م‪ ،‬ص ‪.802 ،801‬‬
‫‪26‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثاني‪ :‬تعريف القانون اجلوي وحتديد مضمونه‬


‫تعددت املسميات اليت يطلقها الفقهاء على القانون اجلـوي‪ ،‬كمـا تعـددت تعريفـات القـانون اجلـوي‬

‫واختلــف بعضــها عــن بعــض نظــراً الخــتالف منظــور الــدول ملوضــوع القــانون اجلــوي فاختلفــت التعريفــات‬

‫بشــأنه إىل مو ســع ومضــيق لنطــاق هــذا القــانون‪ ،‬وننــاقا ذلــك مــن خــالل مطلــبني نتحــدث يف املطلــب‬

‫األول من ــها ع ــن تس ــمية الق ــانون اجل ــوي‪ ،‬ويف املطل ــب الث ــاني ع ــن تعري ــف الق ــانون اجل ــوي وحتدي ــد‬

‫مضمونه‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬تسمية القانون اجلوي‬


‫اختلـ ــف الفقهـ ــاء بداي ــ ًة يف تسـ ــمية القـ ــانون اجلـ ــوي فـ ــذهب الفقـ ــه اإليطـ ــايل إىل تسـ ــميته بقـ ــانون‬

‫الطــريان(‪ ، )34‬وذلــك ألن اســتخدام هــذه التســمية هــي األمشــل يف اســتخدام الفضــاء للطــريان‪ ،‬وبــذلك‬

‫يكون أكثر حتديداً من حيث املوضوعات اليت ينظمها‪ ،‬فيدخل حتت نطاقـه تنظـيم موضـوعات هلـا صـلة‬

‫مباش ــرة ب ــالطريان مث ــل االتص ــاالت الالس ــلكية وال ــرادارات‪ .‬خ ــالفهم ب ــذلك الفقه ــاء الفرنس ــيون إذ‬

‫يطلقون عليه تسمية القانون اجلوي وقد استخدم هذا املصطلح أو هذه التسمية ألول مرة يف بـاريس‬

‫عند إنشاء املدرسة العليا للطريان وذلك عام‪1909‬م (‪.)35‬‬

‫ويرى البعض(‪ )36‬أنه ال جيب أن يقتصر دور القـانون اجلـوي علـى اسـتخدام الطـائرة‪ ،‬ويف أغـراض‬

‫النقــل التجا ريــة بــاألخص‪ ،‬ومــا يــثريه هــذا االســتخدام مــن مســائل قانونيــة مــن و إىل بدايــة وهنايــة‬

‫الرحلــة‪ ،‬كمــا أنــه ال جيــب االلتــزام بتســمية واحــدة للقــانون اجلــوي‪ ،‬بــل جيــب التفرقــة يف التســمية تبع ـاً‬

‫ألنشــطة اإلنســان الــيت يقــوم هبــا يف احملــيط اجلــوي‪ ،‬وإن اســتبعدنا تســمية قــانون الطــريان واســتخدمنا‬

‫مصطلح القانون اجلوي إالب أنه ويف هذه احلالة جيـب التفرقـة بـني نشـاطي اإلنسـان البـذين ينقسـمان إىل‬

‫فرعني أساسيني مها ‪:‬‬

‫‪ .1‬نشاط اإلنسان داخل حميط الغالف اهلوائي ‪:‬‬

‫وهذا النشاط يتم داخـل الغـالف اهلـوائي باسـتخدام أداة الطـريان التجـاري (الطائرة)وتسـمى‬

‫القواعد املنظمة هلذا النشاط بـ (قانون الطريان التجاري) (‪.)37‬‬

‫(‪ )34‬د‪.‬محمد فريد العريني‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ . 3‬وقد استخدم المشرع السوداني هذه التسمية في قوانينه المتعاقبة المنظمة‬
‫ألحكام الطيران مثل قانون الطيران لسنة ‪1960‬م‪ ،‬وقانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪ .‬وهي نفس التسمية‬
‫التي استخدمها المشرع اليمني في تسمية قانونه الجوي (قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م)‪.‬‬
‫(‪ )35‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )36‬د‪.‬حفيظة السيد حداد‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬مدرس القانون الدولي الخاص‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫ص‪.6‬‬
‫(‪ )37‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫‪28‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وهــذا التقســيم يتســق مــع التقســيم العلمــي للغــالف الغــازي‪ ،‬كمــا أنــه يزيــل اإلهبــام عــن مضــمون‬

‫القــانون اجلــوي‪ ،‬ويعمــل علــى وضــوح الرؤيــة للباحــث ومســاعدته علــى حتديــد النظــام القــانوني‬

‫لكل من الغالف اهلوائي والفضاء اخلارجي‪.‬‬

‫‪ .2‬نشاط اإلنسان خارج حميط الغالف اهلوائي‪:‬‬

‫هذا النشاط يتم خارج الغـالف اهلـوائي باسـتخدام املركبـات اهلوائيـة حيـث ينعـدم اهلـواء ونكـون‬

‫حينئذ بصدد تسمية جديدة لقانون جديد خمتلف عن سابقه وهو (قانون الفضاء اخلارجي)‪.‬‬

‫ال مــن الطــريان احلربــي وغــريه مــن اســتخدامات‬


‫وهـذا الــرأي الفقهــي يســتبعد عــن هــذه التســمية كـ ً‬

‫الطــائرة‪ ،‬مثــل الزراعــة والربيــد واالكتشــافات وال يقــدح ذلــك يف تســميته ألنــه ميكــن أن تــدرج هــذه‬

‫االستخدامات ضمن املرافق العامة للدولة‪.‬‬

‫أمـا عنـد اإلجنليـز فنجـد أن التسـمية خمتلفـة إذ يطلقـون عليـه قـانون اجلـو ( ‪ ،)Air Law‬ويقطلـق‬

‫عليه أيضاً قانون الطريان اجلوي‪ ،‬ويطلق البعض عليه قانون املالحة اجلوية (‪.)38‬‬

‫وصلــص ممــا ســبق إىل أن مــا ذهــب إليــه الفقــه اإليطــايل هــو التســمية األنســب لألســباب الــيت ذكــرت‬

‫أضــف لــذلك أن هــذه التســمية (قــانون الطــريان) جتعلنــا نفــرق بــني القواعــد املنظمــة للطــريان يف اجلــو‬

‫داخل حميط الغالف اهلوائي باستخدام الطائرة‪-‬وهـو ومـا يهمنـا يف هـذه الدراسـة ‪-‬والقواعـد املنظمـة‬

‫للسباحة اجلوية خارج حميط الغالف اهلوائي وهو ما خيتص بتنظيمه قانون الفضاء اخلارجي‪.‬‬

‫(‪ )38‬د‪ .‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪.19‬‬


‫‪29‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تعريف القانون اجلوي وحتديد مضمونه‬


‫إن النظر حول موضوع القانون اجلوي هو أسـاس تسـميته وتعريفـه؛ فـبعض الفقـه (‪ )39‬جعـل املالحـة‬

‫اجلوية هي موضوع القانون اجلوي ومن ثم عرفه على أنه‪ (:‬جمموعة القواعد اليت حتدد شـروط املالحـة‬

‫اجلوية واستعماالهتا املدنية)‪.‬‬

‫نالح أن هذا التعريف يهتم باملالحة اجلوية كموضوع للقانون اجلوي‪ ،‬وينظم أداة املالحة اجلويـة (‬

‫الطائرة) والعقود املتصلة باستثماراهتا ( كعقد النقل والتـأمني‪ ...‬وغريهـا )‪ ،‬كمـا يـنظم الفضـاء اجلـوي‬

‫حيــث جت ــري املالحــة اجلوي ــة‪ ،‬واملطــارات واملراف ــق املســاعدة كوهن ــا تعمــل عل ــى تســهيل مهم ــة إق ــالع‬

‫ال أن ــه أغف ــل مواض ــي َع ت ــؤثر يف نش ــاط اس ــتعمال الط ــائرة مث ــل‪ :‬ملكي ــة الط ــائرات‬
‫وهب ــوط الط ــائرات إ ب‬

‫والتصرفات الـواردة عليهـا‪ ،‬واألفعـال الـيت تقـع علـى متنـها كمـا أنـه جيهـل كـل اسـتخدام للطـائرة يف غـري‬

‫نشاطها التجاري‪ ،‬وكل استخدام للفضاء ال يتصل مبعامالت القانون اخلاص ‪.‬‬

‫فريــق آخــر عــرف القــانون اجلــوي بــالرتكيز علــى أداة املالحــة اجلويــة(‪ ،)40‬وهــي الطــائرة وجعل ــها‬

‫موضوع القانون اجلوي‪ ،‬ومن ثم عرف القان ون اجلوي علـى أنـه‪( :‬ذلـك الفـرع مـن القـانون الـذي حيكـم‬

‫الطــائرة ومــا ينشــأ عــن اســتعماهلا يف الطــريان مــن عالقــات قانونيــة‪ ،‬ويــنظم اجملــال الــذي تعمــل فيــه هــذه‬

‫الطائرات ) (‪ .)41‬وجند أن هذا التعريف قد نظم أداة املالحة اجلوية وهي الطائرة والنشاط الذي تقـوم‬

‫به وهو استعماهلا واجملال الذي تعمل فيه وهو الفضاء اجلوي‪.‬‬

‫(‪ )39‬د‪ .‬إلياس حداد‪ .‬القانون التجاري‪ ،‬مطابع مؤسسة الوحدة‪ ،‬دمشق‪1401-1400(،‬هـ )(‪ 1981-1980‬م)‪ ،‬ص‪.526‬‬
‫(‪ )40‬د‪ .‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )41‬أنكر البعض هذا التعريف‪ ،‬وعارض أن نستند على أداة المالحة الجوية لتعريف القانون الجوي‪ ،‬فيقول د‪ .‬بربري‪:‬‬
‫األداة وسيلة فنية تتأثر بما يحققه اإلنسان من تقدم علمي وهي(أي الوسيلة ) تخضع للتغيير والتطوير وبهذا اليمكن أن‬
‫تصلح أساسا ً لتعريف القانون الجوي وتحديد نطاقه لما يجب أن يتوافر لهذا التعريف وذلك التحديد من ثبات نسبي‪ .‬د‪.‬‬
‫جالل وفاء محمدين‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫‪30‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫من الفقهاء(‪ )42‬أيضاً من جاء بتعريف مغاير فصنف القانون اجلوي إىل فروع القـانون اخلـاص ومـن ثـم‬

‫عرفــه علــى أنــه ‪ ( :‬جمموعــة القواعــد الــيت حتكــم االســتغالل اجلــوي‪ ،‬ومــا قــد ينشــأ مــن عالقــات قانونيـة‬
‫‪.‬‬
‫مبناسبة هذا االستغالل من عالقات القانون اخلاص )‬

‫ونالح على هذا التعريف أنه أخرج موضـوعات القـانون اجلـوي العـام عـن نطـاق تعريـف القـانون‬

‫اجلـوي باســتثناء بعـض املســائل الـيت تنــدرج حتـت منظومــة القـانون اجلــوي العـام إالب أهنــا تـدخل يف ســياق‬

‫مفهــوم القــانون اجلــوي اخلــاص مثــل جنســية الطــائرة‪ ،‬وتســجيلها‪ ،‬وموضــوع ســيادة الــدول علــى فضــائها‬

‫اجلــوي‪ ،‬وقــد بــرر الــبعض(‪ )43‬ذلــك بــأن التقاليــد قــد درجــت علــى إدخــال هــذه املوضــوعات يف هــذا‬

‫الســياق‪ ،‬أيض ـ ًا ألن هــذه املوضــوعات تــرتبط باالســتخدام التجــاري للطــائرة وحتديــد القــانون واجــب‬

‫التطبيق عليها من ناحية‪ ،‬ومبدأ حرية الطريان التجاري من ناحية أخرى‪.‬‬

‫ومــن الفقهــاء(‪ )44‬مــن عرفــه تعريفـ ًا واســع ًا بأنــه‪( :‬جمموعــة القواعــد القانونيــة املتولــدة عــن اســتخدام‬

‫البيئة اجلوية أو استعمال اجلو)‪.‬‬

‫على الرغم من أن التعريف السابق يعترب تعريف ًا شامل و واسع إالب أنه قـد أدخـل موضـوعات حتـت‬

‫نطـاق القــانون اجلـوي لــيس هلـا عالقــة با ــه مثـل ‪ :‬االتصــاالت‪ ،‬و البثني(اإلذاعـي والتلفزيــوني) و أيضـ ًا‬

‫أدخل موضوعات حتت نطاقه ليس هلا عالقة مبجال إعمـال قواعـده مثـل‪ :‬اسـتخدام الفضـاء االقتصـادي‬

‫كاالستمطار الصناعي‪ ،‬أو االستخدام العسكري كاحلروب وشن الغارات اجلوية‪ ،‬أو العلمـي مثـل‬

‫أحباث الفضاء‪.‬‬

‫بعض الفقهاء(‪ )45‬يعرفون القانون اجلوي على أ نـه‪ ( :‬ذلـك الفـرع مـن القـانون الـذي يـدرس القواعـد‬

‫القانونيــة املنظمــة حلركــة واســتعمال(‪ )46‬املركبــات اهلوائيــة والعالقــات املرتتبــة عليهمــا) علــى أن يؤخــذ‬

‫(‪ )42‬د‪ .‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ .‬القانون الخاص الجوي‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬المنصورة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )43‬المرجع السابق‪ .‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )44‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )45‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪31‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫مصطلحي (احلركة) (‪ )Circulation‬و (االسـتعمال) (‪ )Utilization‬مبعنامهـا الواسـع ليتسـنى‬

‫للق ــانون اجل ــوي تنظ ــيم موض ــوعات مرتبط ــة هبـ ـذين املص ــطلحني مثلم ــا ق ــد ي ــرتبط مبص ــطلح (احلرك ــة)‬

‫كصـالحية املركبـات اهلوائيـة للطـريان‪ ،‬وملكيـة املركبـات‪-‬سـواء اكتسـاب أو نقـل امللكيـة‪-‬والـرهن‬

‫واحلجز على وبيع الطائرة‪ ،‬واخلدمات املتعلقة باالرتفاقات(‪ )47‬واالتصاالت اجلوية‪.‬‬

‫أمــا مصــطلح (االســتعمال) فيــدرج حتتــه مســائل النقــل اجلــوي ومســؤولية الناقــل اجلــوي‪ ،‬والتــأمني‬

‫منــها‪ ،‬واملســؤولية عــن األضــرار الــيت تلحــق بــالغري علــى ســطح األرض‪ ،‬التصــادم واإلنقــاذ اجلــويني‪،‬‬

‫االختطاف واجلرائم اليت ترتكب على منت الطائرات‪ ،‬و أيضاً أنواع املركبات اهلوائية واستعماالهتا‪.‬‬

‫غري أننـا نأخـذ علـى هـذا التعريـف أنـه أغفـل اجملـ ال الـذي تعمـل فيـه الطـائرة ومتـارس فيـه نشـاطها‬

‫وهو الفضاء اجلوي‪.‬‬

‫وممــا ســبق نســتطيع تعريــف القــانون اجلــوي علــى أنــه‪ ( :‬جمموعــة القواعــد القانونيــة الــيت تــنظم حركــة‬

‫الطائرات واستعماهلا وما ينشأ عنهما من عالقات قانونية‪ ،‬وينظم اجملال الذي تعمل فيه هـذه الطـائرات‬

‫)‪.‬‬

‫وهذا التعري ف شـامل لعناصـر الطـريان اجلـوي فيـنظم أداة املالحـة اجلويـة وهـي الطـائرة‪ ،‬والنشـاط‬

‫الذي تقوم به وهو احلركة واالستعمال‪ ،‬واجملال الذي متارس فيه نشاطها وهو الفضاء اجلوي‪.‬‬

‫(‪ )46‬يميل إلى هذا التعريف د‪.‬العريني حيث يعرف القانون الجوي على أنه‪ ( :‬ذلك الفرع من القانون الذي يحكم المركبة‬
‫الهوائية وماينشأ عن حركتها واستعمالها من وقائع أو عالقات)‪.‬‬
‫(‪ )47‬مثل المطارات‪ ،‬والطرق الجوية‪ ،‬واألرصاد الجوي‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثالث‪ :‬خصائص ومصادر القانون اجلوي‬


‫درجت الغالب من الدول علـى ضـم القـانون اجلـوي ملنظومـة القـانون التجـاري‪ ،‬ذلـك ملـا حيـتكم‬

‫به القانون اجلوي من قواعد عامة هي يف األصل من أحكام القانون التجاري‪ ،‬كما درجت أخـرى‬

‫بقيــاس موضــوعاته علــى مواضــيع القــانون البحــري‪ ،‬وبالتــايل تطبيــق أحكــام هــذا األخــري علــى مواضــيع‬

‫القانون اجلـوي‪ ،‬لكـن وعلـى الـرغم مـن ذلـك فـإن للقـانون اجلـوي خصـائص متيـزه عـن غـريه مـن بـاقي‬

‫ف ــروع الق ــانون التج ــاري خاص ــة والق ــانون اخل ــاص بص ــفة عام ــة‪ ،‬كم ــا أن الق ــانون اجل ــوي يتمي ــز ع ــن‬

‫القــوانني األخــرى مــن حيــث مصــادر أحكامــه كمــا ســنبني ذلــك يف هــذا املبحــث‪ ،‬و ســيتم تقســيم هــذا‬

‫املبحــث إىل مطلــبني‪ ،‬نتحــدث يف املطلــب األول عــن خصــائص القــانون اجلــوي‪ ،‬ونتحــدث عــن مصــادر‬

‫القانون اجلوي يف املطلب الثاني‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬خصائص القانون اجلوي‬


‫يتمي ــز الق ــانون اجل ــوي بع ــدة خص ــائص‪-‬كم ــا ذكرن ــا‪-‬متنح ــه االس ــتقاللية ع ــن بقي ــة ف ــروع الق ــوانني‬

‫األخرى إىل تشكيل قانون خـاص لـه أحكامـه اخلاصـة بـه الـيت يسـتمد منـها ذاتيتـه‪ ،‬ونعـين خبصـائص‬

‫القانون اجلوي‪ ،‬إفراده بصفات متيزه عن باقي فروع القانون األخـرى‪ ،‬ومتنحـه وجـوده املسـتقل باعتبـار‬

‫أن موض ــوعاته خاص ــة‪ ،‬فأص ــبح م ــن الض ــروري أن حي ــوي أحكامـ ـاً خاص ــة لتنظيمه ــا دون الرج ــوع‬

‫للقواعــد العامــة يف القــانون املــدني أو التجــاري حلــل الصــعوبات الــيت تكمــن يف موضــوعات القــانون‬

‫اجلــوي‪ ،‬وال يقــدح اقــرتاب القــانون اجلــوي مــن بعــض القــوانني أحكام ـ ًا ‪-‬كالقــانون البحــري‪ -‬ال يقــدح‬

‫ذلــك يف ضــرورة وجــود أحكــام القــانون اجلــوي اخلاصــة واســتقالليته التامــة هبــا عــن هــذه القــوانني‪،‬‬

‫وتتمثل خصائص القانون اجلوي يف ظروف نشأته باعتباره قانون حديث النشـأة‪ ،‬ويف األداة الـيت تـدور‬

‫حوهلا أحكامه وهي الطائرة‪ ،‬لكن قبل أن نذكر هذه اخلصائص البد أن نشري إىل نقطتني‪:‬‬

‫‪ ‬أن القــانون اجلــوي ضــروري جلميــع الــدول حبيــث ال ميكــن ألي دولــة االســتغناء عنــه أو‬

‫أن للو قوانينها الوطنية منه(‪.)48‬‬

‫‪ ‬أن القانون اجلوي ينظم موضوعات تنـدرج حتـت نطـاق القـانون اخلـاص مثـل‪ :‬النقـل اجلـوي‬

‫التجاري‪ ،‬والتصرفات اليت ترد علـى الطـائرة كنقـل ملكيتـها‪ ،‬أو رهنـها‪ ،‬أو حجزهـا‪ ،‬أو‬

‫إجيارها‪ ،‬موضوع الناقـل اجلـوي ومسـؤوليته وحـدودها‪ ،‬والتـأمني منـها ‪ ....‬وغريهـا‪.‬‬

‫كمــا أنــه ي ــنظم مواضــيعاً تعــد م ــن قبيــل الق ــانون العــام مثــل‪ :‬ص ــالحية الطــائرة للط ــريان‪،‬‬

‫تسـجيلها‪ ،‬اجلـرائم املرتكبـة علـى متنـها‪ ،‬حــق الدولـة يف السـيادة علـى أجوائهـا‪ ،‬وتــدريب‬

‫(‪ )48‬وذلك لطبيعة أحكام هذا القانون‪ ،‬وطبيعة ماتنظمه‪ ،‬فال يمكننا القول بوجود دولة حبيسة جويا ً ‪ -‬كما في القانون البحري‬
‫مثالً‪ -‬بحيث ال تحتاج للقانون الجوي‪ ،‬وهذا ناتج لطبيعة حركة أداة الطيران‪ ،‬وطبيعة المجال الذي تعمل فيه‪ ،‬كونها‬
‫التحتاج إلقليم معين لتطير كالسفينة التي تحتاج للمياة لتبحر‪ ،‬أو أن طيرانها مقصور فقط على دول ذات طبيعة معينة‪،‬‬
‫كأن تكون جبلية أو صحراوية دون بقية الدول‪ ،‬بل أن لها القدرة على اإلقالع أو الهبوط حتى على إقليم مائي‪ .‬وهذا‬
‫يشكل انتشاراً كبيراً في مجال عمل الطائرة‪ ،‬مما يحتم بالضرورة ضرورة تنظيم هذا االنتشار ‪.‬‬
‫‪34‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الطيارين ‪ ...‬وغريها‪ .‬وبالتايل فـال ميكـن ضـمه ألي فـرع مـن فـروع القـانون حبيـث ال‬

‫تتعدى أحكامه تنظـيم موضـوعات ليسـت مضـمنة حتـت هـذا القـانون‪ ،‬كـأن يضـم للقـانون‬

‫اخلاص أو القانون العام‪.‬‬

‫ونقصــد باخلصــائص الســمات واملمي ــزات‪ ،‬واخــتص بالشــيء إذا انفــرد ب ــه‪ ،‬واخــتص فــالن ب ــاألمر‬

‫ولصص له إذا انفرد(‪ ،)49‬وخاصية ة‪ ،‬و اجلمع خصائص أو خاصيات نسبة إىل اخلاصة(‪.)50‬‬

‫ونعــين خبصــائص القــانون اجلــوي‪ :‬إفــراده بصــفات متيــزه عــن بــاقي فــروع القــانون األخــرى‪ ،‬ومتنحــه‬

‫وجــوده املســتقل باعتبــار موضــوعاته خاصــة فأصــبح مــن الضــروري أن حيــوي أحكامـ ًا تنظمهــا دون‬

‫الرجوع للقواعد العامة للقانون يف حل الصعوبات اليت تكمن يف موضوعات القانون اجلوي‪.‬‬

‫وتتمثل خصـائص القـانون اجلـوي –كمـا ذكرنـا‪-‬يف ظـروف نشـأة هـذا القـانون‪ ،‬وطبيعـة تكوينـه‪،‬‬

‫وحميط العالقات القائمة يف بيئته‪ ،‬ويف األداة اليت تدور حوهلا أحكامه ومن أهم هذه اخلصائص‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬القانون اجلوي قانون حديث النشأة ‪:‬‬

‫يرج ــع الس ــبب يف ذل ــك إىل حداث ــة مواض ــيعه كالط ــائرة وجماهل ــا ال ــذي تعم ــل في ــه‪ ،‬ونش ــاطها ال ــذي‬

‫متارسه‪ ،‬فكل هذه املواضيع هي وليدة التقنيـة احلديثـة الـيت مل تكـن موجـودة إىل عهـد قريـب‪ ،‬األمـر‬

‫الذي استلزم وضع التشريعات و إبرام املعاهدات لتنظيمها‪.‬‬

‫هذا القانون الشاب ‪-‬كما يصفه البعض(‪ - )51‬رغم حداثته إالب أنه البـد مـن حتديثـه بصـفة دائمـة‬

‫ليتماشى وتنظـيم مـا وقضـع ألجلـه مـن مواضـيعَ وظـواهرَ حتتـاج لقواعـد قانونيـة جديـدة‪ ،‬فتطـور الطـريان‬

‫يزداد بسرعة كبرية‪ ،‬وهذا جيعل القانون اجلوي حيتاج إىل مفاهيم قانونية جديدة تواكـب هـذا التطـور‪،‬‬

‫واىل حتديث مستمر وتطوير دائم لتنظيم تلك املوضوعات و الظواهر اجلديدة‪.‬‬

‫(‪ )49‬لسان العرب إلبن منظور‪ .‬دار المعارف‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.117‬‬
‫(‪ )50‬المنجد في اللغة‪ .‬ط ‪ ،29‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪1987 ،‬م‪ ،‬ص (‪.)181 ،180‬‬
‫(‪ )51‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫‪35‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫و لكننا نالح علـى مـا سـبق أن مسـألة قـدم القـانون أو حداثتـه ال تعـد ميـزة لـه‪ ،‬ال سـيما و أن‬

‫خاصـية التعــديل يف القـوانني أو حتــديثها ممكنـة‪ .‬فــإن كـان البــد مـن أن تُسَــم بعـض القــوانني حبداثتــها‬

‫فمن باب أوىل أن تسم بقـدمها‪ ،‬غـري أنـه ميكننـا ذكـر هـذه املسـألة عنـد احلـديث عـن تـاريخ القـانون‬

‫اجلوي‪ ،‬أو عند احلديث عن مصادره كسبب يف جعل التشـريع مصـدراً ر يـ ًا وحيـدًا واسـتبعاد العـرف‬

‫من مصادر القانون اجلوي‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬ذاتية واستقالل القانون اجلوي‪:‬‬

‫يف الواقــع لقــد ثــار جــدل واســع بــني فقهــاء القــانون اجلــوي حــول هــذا املوضــوع مــابني مؤيــد لفكــرة‬

‫ذاتية واستقالل القانون اجلوي‪ ،‬ورافض هلا‪ ،‬ولكـل يف ذلـك حججـه وأسـانيده ولـن صـوض يف هـذا‬

‫احلديث ألنه ليس موضوعنا‪ ،‬إالب أن ما يهمنا ذكره هو أن الفقه األغلب استقر على أن القـانون اجلـوي‬

‫يتمتع بذاتية واستقالل متيزانه عن بقية فروع القوانني األخرى‪.‬‬

‫ونعين بذاتيـة القـانون اجلـوي أنـه ال ميكـن حصـره ضـمن فـروع القـانون اخلـاص‪ ،‬كمـا ال نسـتطيع‪-‬‬

‫أيضاً‪ -‬إدراجه ضمن فروع القـانون العـام‪ ،‬ممـا دعـا الـبعض لتسـميته بالقـانون املخـتلط(‪ ،)52‬فهـو يـنظم‬

‫مواضيعاً تنتمي إىل القانون اخلاص‪ ،‬كملكية الطائرات‪ ،‬والتصرف فيها‪ ،‬واحلجـز عليهـا ‪ ...‬وغريهـا‪،‬‬

‫و أخــرى تعــد مــن قبيــل القــانون العــام‪ ،‬مثــل مــا ينظمــه القــانون اجلــوي اإلداري مــن مواضــيع كتنظــيم‬

‫املطــارات و طــاقم الطــائرات وهيئــات الطــريان‪ ،‬أو تلــك الــيت خيــتص هبــا القــانون اجلــوي اجلنــائي و مــا‬

‫ينظمه من أفعالٍ جمرَّمة متعلقة بالنشاط اجلوي‪ ،‬أو اليت ينظمها القـانون اجلـوي املـايل كرسـوم تأشـريات‬

‫املغادرة أو الدخول‪ ،‬أو تعريفة اجلمارك أو التذاكر وغريها‪.‬‬

‫أما استقالل القانون اجلوي فنعين بـه أنـه حيـوي أحكامـاً خاصـة مبوضـوعاته نظـراً ألنـه خيتلـف عـن‬

‫بــاقي فــروع القــانون بيئ ـةً‪ ،‬وموضــوعاتٍ‪ ،‬وأطراف ـاً‪ ،‬فــال ميكــن تطبيــق أي قواعــد قانونيــة أخــرى علــى‬

‫(‪ )52‬د‪ .‬حفيظة السيد حداد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.21‬‬


‫‪36‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫موض ــوعات الق ــانون اجل ــوي‪ ،‬ومم ــا يؤي ــد اس ــتقالل الق ــانون اجل ــوي‪ :‬التش ــريعات الدولي ــة ال ــيت فرض ــتها‬

‫متطلب ــات املالح ــة اجلوي ــة‪ ،‬واس ــتغالل الط ــائرات وض ــرورات النش ــاط اجل ــوي ال ــيت تعت ــرب أساس ـ ًا لنش ــأة‬

‫القانون اجلوي‪.‬‬

‫وال يقدح باستقاللية القـانون اجلـوي وجـود تقـارب بـني قواعـده و قواعـد فـروع القـانون األخـرى‪،‬‬

‫مثـ ــل القـ ــانون البحـ ــري(‪ )53‬لكنـ ــها ال ميكـ ــن تطبيقهـ ــا علـ ــى موضـ ــوعاته أو حتـ ــى االسـ ــتعارة مـ ــن‬

‫أحكامها(‪.)54‬‬

‫لكــن القــول باســتقاللية القــانون اجلــوي عــن بــاقي فــروع القــانون ال يعــين انفصــاله متامـاً عــن هــذه‬

‫القواع ــد‪ ،‬أو انفص ــامه يف املب ــادا العام ــة ال ــيت حتك ــم مجي ــع ف ــروع الق ــانون‪ ،‬إذ أن وج ــود الص ــلة ب ــني‬

‫القانون اجلوي وفروع القانون األخرى ضرورية‪ ،‬فالقانون اجلوي ال يستطيع أن ينمو أو يتطور مبعـزل‬

‫عنها(‪. )55‬‬

‫ثالثاً ‪ :‬دولية القانون اجلوي ‪:‬‬

‫ال ميكــن حصــر املالحــة اجلويــة‪-‬كمــا ذكرنــا‪ -‬علــى دولــة واحــدة أو إقلــيم معــني‪ ،‬فهــي بطبيعتــها‬

‫تــتم‪-‬غالبـاً‪ -‬فــوق عــدة ملكيــات خاصــة‪ ،‬و أقــاليم دول عديــدة‪ ،‬كمــا أن اســتغالل الطــائرة يكمــن يف‬

‫عبورها أجـواء دوليـة عديـدة دون أن حيـول بينـها وتلـك األجـواء أي حائـل جغـرايف أو سياسـي‪ ،‬وأن‬

‫املخاطر اليت هتدد الطريان متوحدة(‪ ،)56‬األمر الذي خيرج أحكام القانون اجلوي من النطـاق الـوطين‬

‫(‪ )53‬فالقانون البحري يعد من أقرب القوانين تجانسا ً بأحكامه مع القانون الجوي‪ ،‬وذلك للتشابه الكبير بينهما في المواضيع‬
‫التي ينظمانها‪ ،‬وتشابه درجة المخاطر في كليهما‪ ،‬وإتسام كل منهما بالطابع الدولي ‪...‬إلخ‪.‬‬
‫(‪ )54‬د‪.‬جالل وفاء محمدين‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.16‬‬
‫(‪ )55‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫(‪ )56‬فال يقدح اختالف التضاريس في الدول ذات الطبيعة الجبلية عنها في الدول ذات الطبيعة الصحراوية (وهو أمر يزيد‬
‫من المخاطر في هذه األخيرة التي تكثر فيها األعاصير وتقلبات األجواء مما يسبب عرقلة أكثر لحركة الطيران‬
‫وإحتمال أكبر لوقوع الحوادث) في توحد المخاطر التي تهدد أمن وسالمة الطيران بين الدول‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫إىل النط ـ ــاق ال ـ ــدويل‪ ،‬ويقتض ـ ــي وض ـ ــع ه ـ ــذه األحك ـ ــام التق ـ ــاء العدي ـ ــد م ـ ــن ال ـ ــدول يف معاه ـ ــدات‬

‫دولية(‪.)57‬‬

‫ومن ثم فإن هناك طرق عديدة للتوحيد الدويل لقواعد القانون اجلوي نذكر أمهها باختصار‪:‬‬

‫‪ ‬عن طريق العادات االتفاقية ‪ :‬وهي قواعد وشـروط غـري ملزمـة تقـوم بوضـعها املنظمـات‬

‫ال أن الــدول غــري ملزمــة لألخــذ هبــا‪ ،‬وتكــون هــذه القواعــد صــحيحة بالقــدر‬
‫الدوليــة إ ب‬

‫ال ــذي ال تتع ــارض م ــع أحك ــام املعاه ــدات الدولي ــة أو الق ــوانني الوطني ــة‪ ،‬ومث ــال ذل ــك‬

‫الشروط العامة لألياتا (‪.)58()IATA‬‬

‫‪ ‬املعاهدات الدولية يف جمال القانون اجلوي اخلاص أو العام‪.‬‬

‫‪ ‬توحيد التشريعات الوطنية (القواعد املوضوعية يف القانون الوطين)‪.‬‬

‫‪ ‬توحي ــد قواع ــد اإلس ــناد ال ــيت حت ــدد الق ــانون الواج ــب التطبي ــق يف العالق ــات القانوني ــة ذات‬

‫العنصر األجنيب دون احلاجة إىل توحيد القواعد املوضوعية(‪.)59‬‬

‫رابعاً‪ :‬القانون اجلوي قانون متطور ( غري ثابت )‪:‬‬

‫تظهر هذه اخلاصية يف القانون اجلوي بوضوح إذا ما قورنت أحكامـه باإلكتشـافات التكنولوجيـة‬

‫احلديثة يف جمال الطريان وأداته وسرعة تطورها‪ ،‬األمر الذي حيتم وجـود ثـورة تشـريعية متجـددة يف‬

‫(‪ )57‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫(‪ )58‬اإلتحاد الدولي للنقل الجوي ( ‪ )International Air Transport Assosiation‬تأسس في ‪ 1919/8/28‬م في الهاي من قبل‬
‫شركات الطيران األوروبية من أجل التقريب بين القواعد المتباينة التي يخضع لها النقل الجوي في الدول المختلفة‪ ،‬ثم أعيد‬
‫تشكيل هذا اإلتحاد في ‪1945/4/19‬م في مدينة"هافانا" بكوبا وأعلن ميالد اإلتحاد الجديد الذي يحمل نفس االسم واألحرف‬
‫مع تعديل كلمة (‪ )Traffic‬إلى (‪ )Transport‬فأصبح اسم اإلتحاد الجديد‪ ،)International Air Transport Assosiation ( :‬ثم‬
‫إجتمعت الجمعية العامة في تشكيلة جديدة بمدينة (مونتريال) بكندا‪-‬التي أصبحت مقراً له فيما بعد ‪ -‬تضمن ‪ 44‬شركة‬
‫ومؤسسة كأعظاء عاملين (في خطوط جوية دولية) و ‪ 138‬شركة كأعضاء منتدبين( يعملون في خطوط جوية داخلية)‪ ،‬ثم‬
‫بدأت الدول تشجع على اإلنضمام إلى هذا اإلتحاد حتى بلغ عدد األعضاء عام ‪1991‬م ‪ 230‬عضواً من ‪ 130‬دولة من‬
‫مختلف أنحاء العالم‪ .‬د‪ .‬عادل محمد خير‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي ودعوى المسؤولية وآلية التعويض في القانون الجوي‬
‫المصري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتب الدكتور عادل محمد خير للمحاماة واالستشارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪2001 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.44‬‬
‫(‪ )59‬د‪ .‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.51‬‬
‫‪38‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫القــانون اجلــوي متواصــلة ومواكبــة هلــذه االكتشــافات(‪ ،)60‬ولــذلك يصــف الــبعض القــانون اجلــوي بأنــه‬

‫قانون ثوري(‪.)61‬‬

‫خامساً ‪ :‬القانون اجلوي قانون الئحي ذو قواعد آمرة‪:‬‬

‫وتكمن أمهية هذه اخلاصية يف تسهيل حركـة النقـل اجلـوي‪ ،‬وتـأمني سـالمة الطـريان الـيت تشـرتط‬

‫وجود قواعد تنظيمية موحدة جيب علـى الكافـة عـدم خمالفتـها‪ ،‬فتصـبح معروفـة لكـل القـائمني علـى‬

‫الطـري ان الـذين حتكمهــم هـذه القواعـد نفســها‪ ،‬كمـا أنــه ال جيـوز لألطـراف االتفــاق علـى خمالفتــها(‪،)62‬‬

‫فه ــي ملزم ــة للجمي ــع‪ ،‬و آم ــرة غ ــري تفس ــريية‪ ،‬مث ــل مواص ــفات إنش ــاء املط ــارات أو ص ــالحية الط ــائرات‬

‫للمالحة اجلوية‪ ،‬وأهلية القائمني على تلك املالحة وغريها(‪.)63‬‬

‫سادساً ‪ :‬القانون اجلوي قانون فين‪:‬‬

‫وألن الطــائرة تتميــز عــن غريهــا مــن وســائل النقــل مباكينــة بالغــة التعقيــد وبالتــايل تتــأثر أحكــام‬

‫القانون اجلوي‪-‬والـذي تـدور معظـم أحكامـه حـول الطـائرة‪-‬مبيكنـة هـذه األداة؛ فعلـى الـرغم مـن‬

‫أن أحكــام مســؤولية الناقــل تظــل يف اإلطــار التقليــدي للمســؤولية املدنيــة‪ ،‬إالب أهنــا لضــع لقواعــد‬

‫خاصـة ملواجهـة األخطـار الــيت يتعـرض هلـا املســافر أثنـاء انتقالـه بالطـائرة‪ ،‬كمــا أن هنـاك قواعـد خاصــة‬

‫بســالمة الطــائرة وصــالحيتها للطــريان‪ ،‬و أخــرى خاصــة بضــرورة تــوافر اخلــربة املطلوبــة يف األشــخاص‬

‫الذين يقومون على إدارهتا‪.‬‬

‫سابعاً ‪ :‬القانون اجلوي قانون مركب‪:‬‬

‫(‪ )60‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.8‬‬


‫(‪ )61‬د‪ .‬فايز نعيم رضوان‪ .‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬ط‪ ،3‬بدون ناشر‪ ،2003 ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )62‬وذلك باستثناء بعض القواعد في مجال القانون الجوي الخاص‪ ،‬مثل االتفاق على زيادة حدود مسؤولية الناقل التي‬
‫سنتعرض لها الحقا ً في الفصول القادمة من هذه الدراسة‪.‬‬
‫(‪ )63‬د‪ .‬أبو زيد رضوان ‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪39‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونعــين بــأن القــانون اجلــوي قــانون مركــب أنــه ال ينتمــي إىل فــرع معــني مــن فــروع القــانون‪ ،‬بــل إن‬

‫الــبعض يعتــربه نظام ـاً قانوني ـاً متكــامالً بــالنظر إىل التقســيم التقليــدي لفــروع القــانون‪ ،‬فهــو حيتــوي علــى‬

‫مواضيع تنتمي إىل القانون اخلاص بطبيعتها‪ ،‬وأخرى تعد من قبيل القـانون العـام‪ ،‬وثالثـة تعـد مـن قبيـل‬

‫القانون الداخلي‪ ،‬وغريها تنتمي إىل القانون الدويل(‪.)64‬‬

‫(‪ )64‬د‪ .‬محمود سمير الشرقاوي‪ .‬محاضرات في القانون الجوي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1986 ،‬م‪ ،‬ص‪.5 ،4‬‬
‫‪40‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مصادر القانون اجلوي‬


‫خيرج القانون اجلوي عن الرتتيب التقليدي ملصادر القوانني األخـرى إىل ترتيـب خـاص بـه‪ ،‬فتختـزل‬

‫مص ــادر الق ــانون اجل ــوي األص ــلية إىل التش ــريع‪ ،‬والتفس ــريية إىل الع ــادات االتفاقي ــة وأحك ــام القض ــاء‬

‫ومبــادا القــانون الــدويل العــام‪ ،‬وســنتعرض هلــذه املصــادر تباع ـ ًا بإجيــاز دون التفصــيل يف شــرحها يف‬

‫األتي‪:‬‬

‫أوالً ‪ :‬املصادر األصلية للقانون اجلوي‪:‬‬

‫وتنحصر مصادر القانون اجلوي األصلية‪-‬كما ذكرنا‪-‬يف التشريع ‪:‬‬

‫التشريع‪:‬‬

‫نظــرًا ملــا يتميــز بــه القــانون اجلــوي مــن دوليــة قواعــده‪ ،‬وأن قواعــده آمــره‪ ،‬فــإن معظــم أحكامــه‬

‫تستنبط من نوعني من التشريعات ‪:‬‬

‫أ‪ .‬التشريعات الدولية‪:‬‬

‫ومتث ــل املعاه ــدات واالتفاقي ــات الدولي ــة امللزم ــة ولتل ــف ه ــذه املعاه ــدات يف تنظ ــيم أحك ــام‬

‫القانون اجلوي إىل نوعني ‪:‬‬

‫‪-1‬االتفاقيات الدولية املتعلقة بأحكام القانون اجلوي العام‪:‬‬

‫ومن أهم هذه االتفاقيات‪:‬‬

‫‪ ‬اتفاقية باريس الدولية بشأن تنظيم املالحة اجلوية (‪1919/10/13‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية بيونس آيرس بشأن تنظيم الرتانزيت بني دول أمريكا الالتينية (‪1935‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية بوخارست بشأن تنظيم شئون املالحة اجلوية بني دول البلقان (‪1936‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية شيكاغو الدولية للطريان املدني (‪1944/12/7‬م)‪.‬‬

‫‪41‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬اتفاقيـ ـ ــة طوكيـ ـ ــو املتعلقـ ـ ــة بـ ـ ــاجلرائم والتصـ ـ ــرفات الـ ـ ــيت ترتكـ ـ ــب علـ ـ ــى مـ ـ ــنت الطـ ـ ــائرة‬

‫(‪1963/9/14‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقي ــة اله ــاي بش ــأن قم ــع االس ــتيالء غ ــري املش ــروع املوج ــه ض ــد أم ــن الط ــريان امل ــدني‬

‫وسالمته (‪1971/12/23‬م)‪.‬‬

‫‪ – 2‬االتفاقيات الدولية املتعلقة بأحكام القانون اجلوي اخلاص‪:‬‬

‫ومن أهم هذه االتفاقيات ‪:‬‬

‫‪ ‬اتفاقيـ ـ ــة وارسـ ـ ــو اخلاصـ ـ ــة بتوحيـ ـ ــد بعـ ـ ــض القواعـ ـ ــد املتعلقـ ـ ــة بالنقـ ـ ــل اجلـ ـ ــوي الـ ـ ــدويل‬

‫(‪1929/10/12‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية روما بشأن توحيد بعض قواعـد احلجـز التحفظـي علـى الطـائرات (‪)1933/5/29‬‬

‫(‪.)65‬‬

‫‪ ‬اتفاقية بروكسل بشأن مساعدة وإنقاذ الطائرات (‪1938/12/29‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقي ـ ـ ــة جني ـ ـ ــف بش ـ ـ ــأن االع ـ ـ ــرتاف ال ـ ـ ــدويل ب ـ ـ ــاحلقوق ال ـ ـ ــيت ت ـ ـ ــرد عل ـ ـ ــى الط ـ ـ ــائرات‬

‫(‪1948/6/19‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقية روما اخلاصة باملسؤولية عن األضـرار الـيت حتـدثها الطـائرات علـى سـطح األرض‬

‫(‪1952/10/7‬م)‪.‬‬

‫‪ ‬اتفاقي ـ ـ ـ ــة مونرتي ـ ـ ـ ــال اخلاص ـ ـ ـ ــة بتوحي ـ ـ ـ ــد بع ـ ـ ـ ــض القواع ـ ـ ـ ــد املتعلق ـ ـ ـ ــة بالنق ـ ـ ـ ــل اجل ـ ـ ـ ــوي‬

‫الدويل(‪1999/5/28‬م) (‪.)66‬‬

‫(‪ )65‬عدلت هذه االتفاقية في ‪ 1952/10/7‬في روما‪.‬‬


‫(‪)66‬‬
‫دخلت هذه االتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ ‪/4‬نوفمبر ‪2003/‬م بعد أن وقعت عليها الواليات المتحدة لتصبح بذلك الدولة‬
‫الثالثين المنضمة لالتفاقية‪ ،‬وهو النصاب القانوني الذي نصت عليه االتفاقية لبدء سريانها بين الدول األطراف وقد بلغ‬
‫عدد الدول المصادقة عليها ‪ 70‬دولة بينها ‪ 9‬دول عربية هى‪ :‬اإلمارات‪ ،‬األردن‪ ،‬السعودية‪ ،‬البحرين‪ ،‬الكويت‪ ،‬قطر‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬مصر والسودان‪ ،‬وإن كانت هذه األخيرة لم تودع وثائق التصديق أو تدخلها حيز التنفيذ حتى اآلن‪ ،‬إال أن قانون‬
‫الطيران المدني السوداني لسنة‪1999‬م قد أشار إلى إنفاذ أحكامها في المادة(‪ . )2/4‬وقد أوصت الجمعية العامة للهيئة‬
‫‪42‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أ‪ .‬التشريعات الوطنية ‪:‬‬

‫س ــارعت معظ ــم ال ــدول إىل تنظ ــيم قواع ــد وأحك ــام الط ــريان الوطني ــة اخلاص ــة هب ــا‪ ،‬وم ــن ث ــم‬

‫أصدرت تشريعاهتا الوطنية املنظمة للمالحة اجلوية‪ ،‬ومـن هـذه التشـريعات قـانون الطـريان املـدني يف‬

‫إجنلرتا لسنة ‪1920‬م‪ ،‬وتشريع املالحة اجلويـة الفرنسـي لسـنة ‪1924‬م‪ ،‬وجمموعـة تشـريعات الطـريان‬

‫املصرية لسنة ‪1954‬م(‪.)67‬‬

‫التشريعات الوطنية السودانية‪:‬‬

‫اه ــتم الس ــودان كغ ــريه م ــن ال ــدول بتنظ ــيم مس ــائل الط ــريان والنق ــل اجل ــويني فص ــدر في ــه ق ــانون‬

‫اخلدمات العامة للطائرات لسنة ‪ ،1959‬ثم قـانون الطـريان لسـنة ‪1960‬م‪ ،‬فـأمر املالحـة اجلويـة رقـم‬

‫(‪ )1‬لســنة ‪1961‬م‪ ،‬واســتمر العمــل بــه إىل أن صــدر قــانون الطــريان املــدني الســوداني النافــذ لســنة‬

‫‪1999‬م ال ــذي ألغ ــى مجي ــع الق ــوانني الس ــابقة‪ ،‬وي ــذكر أن هن ــاك مش ــروع ق ــانون جدي ــد ي ــتم إع ــداده‬

‫ليكون بديال هلذا القانون(‪ ،)68‬وقد عرض مشروع الطريان املـدني السـوداني ‪2008‬م علـى بعـض‬

‫اجلهات ذات الصلة للتعلي ق عليه قبل تقدميه للمجلـس الـوطين إلجازتـه النهائيـة ومـن املتوقـع أن يصـدر‬

‫يف هناية هذا العام(‪2008‬م)‪.‬‬

‫التشريعات الوطنية اليمنية‪:‬‬

‫ظل اليمن لسنوات طويلة خاضعاً حلكم اإلمامة املتعاقبة عليه واليت عملت على عزل الـيمن عـن‬

‫منظومــة اجملتمــع الــدويل‪ ،‬فلــم تكــن تــربط الــيمن أي حركـة جويــة جتاريــة ببــاقي اجملتمعــات األخــرى أو‬

‫حتــى علــى املســتوى الــداخلي‪ ،‬ممــا أدى إىل تــأخر بــزو التشــريعات والقــوانني اليمنيــة وخاصــة يف جمــال‬

‫املالح ــة اجلوي ــة‪ ،‬أم ــا بع ــد أن قام ــت ث ــورة ‪ 26‬س ــبتمرب س ــنة ‪ 1962‬م‪ ،‬ب ــدأ ال ــيمن بع ــدها يف خل ــق‬

‫العربية للطيران المدني في دورتها الثامنة التي انعقدت في "مراكش" بالمغرب للفترة من ‪15‬ــــ‪ 17‬مايو ‪2006‬م قد‬
‫أوصت باقي الدول العربية التي لم تصادق على هذه االتفاقية بسرعة المصادقة عليها‪.‬‬
‫(‪ )67‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫(‪ )68‬د‪ .‬مصطفى ابراهيم عريبي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.11 ،10‬‬
‫‪43‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫العالقات الدولية وإصدار تشريعاته الوطنية ومنها التشريعات اجلوية فصدر قرار رئيس اجلمهوريـة‬

‫العربيــة اليمنيــة‪-‬ســابقاً‪ -‬رقــم (‪ )6‬لســنة ‪1964‬م بشــأن إنشــاء وحتديــد اختصاصــات مصــلحة الطــريان‬

‫املدني‪ ،‬أعقبه القرار اجلمهوري رقـم (‪ )2‬لسـنة ‪ 1969‬م بشـأن تنظـيم وحتديـد اختصاصـات مصـلحة‬

‫الطريان املدني يف صنعاء‪ ،‬وصدر يف عدن القانون رقم (‪ )28‬لسـنة ‪ 1979‬م بشـأن الطـريان املـدني‬

‫بعدن‪ ،‬ثم صدر القانون النافذ رقم (‪ )12‬لسنة ‪ 1993‬م بشأن الطـريان املـدني والـذي الزال نافـذًا‬

‫حتى اليوم‪.‬‬

‫العرف ومصادر القانون اجلوي‪:‬‬

‫يرى بعض الكتاب(‪ )69‬أن العرف يكتسـب أمهيـة نسـبية يف تكـوين القواعـد القانونيـة اجلويـة‪،‬‬

‫و أن قلة من شباب الفقه يف مصر تؤيد وجود أعراف قانونية تضاف ملصادر القانون اجلوي ‪.‬‬

‫كما يذكر الـبعض(‪ )70‬أن العـرف قـد احتـل مكانتـه بـني مصـادر القـانون اجلـوي‪ ،‬ويسـتدل علـى‬

‫ذلك بواقعة تعقيم أول مركبة فضائية روسية قبل إطالقها‪ ،‬حيث فعلت الواليـات املتحـدة الشـيء نفسـه‬

‫عند إطالقها سفينتها الفضائية‪.‬‬

‫لكننــا صلــص يف الــرأي إىل أن العــرف بطبيعتــه مل جيــد لــه مكان ـ ًا بــني مصــادر القــانون اجلــوي و‬

‫أصبح التشريع هو املصدر الر ي الوحيد للقانون اجلوي ويرجع ذلك لآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬متيز القواعد القانونية اجلويـة‪-‬كمـا ذكرنـا‪-‬بالدوليـة فمـن الصـعوبة إمجـاع واجتمـاع الـدول‬

‫على عادة حمددة واعتيادهم عليها‪.‬‬

‫‪ ‬حداثة القانون اجلوي بعكس القواعد القانونية عرفية املصدر اليت تسـتند إىل قـدم عـادة‬

‫و إلزاميتها ليتكون منها عـرف فيصـبح بعـد ذلـك تشـريعاً أو مصـدراً للتشـريع‪ ،‬و مل يكـن‬

‫(‪ )69‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.12‬‬


‫(‪ )70‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬القانون الجوي الدولي‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.11 ،10‬‬
‫‪44‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الطريان عادةً لدى الشعوب حتى يكون هنالك عرف ينظمـه يف األصـل لكـي يصـبح مـن‬

‫بعد ذلك مصدراً للقانون الصادر‪.‬‬

‫‪ ‬تطــور قواعــد القــانون اجلــوي املســتمر‪ ،‬وهــذا ال يتوافــق وشــرط العــرف اجلــوهري وهــو‬

‫اضطراد العرف ردحاً من الزمن دون أن يتغري بتعديله أو إلغائه‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬املصادر التفسريية للقانون اجلوي‪:‬‬

‫إىل جانــب العــادات االتفاقيــة توجــد بعــض املصــادر التفســريية للقــانون اجلــوي مثــل القضــاء والفقــه‬

‫واملبادا العامة للقانون اجلوي‪:‬‬

‫‪ .1‬العادات االتفاقيـة‪ :‬مثـل شـروط اآلياتـا(‪ )71( ) I A T A‬يف أوروبـا‪ ،‬واجلمعيـة األمريكيـة‬

‫الدائمة للمالحة اجلوية (‪ )72( )P A A C‬وقواعد اإلحتـاد العربـي للنقـل اجلـوي ( ‪A A C‬‬

‫‪ ،)73( )O‬وقــد أس ــهمت ه ــذه األخ ــرية يف تنظ ــيم حركــة النق ــل اجل ــوي والس ــياحي ب ــني البل ــدان‬

‫العربيــة‪ ،‬وتســوية النزاعــات وحــل املشــاكل بــني الــدول األعضــاء‪ ،‬وغريهــا مــن املســائل الــيت‬

‫لص الطريان بني البلدان العربية(‪. )74‬‬

‫‪ .2‬القضاء ‪ :‬فيمكن االستئناس باألحكام الصادرة من حمكمة العدل الدولية بشـأن قضـايا‬

‫القانون اجلوي‪ ،‬واعتب ارها مصدراً تفسريياً مـن مصـادر القـانون اجلـوي‪ .‬ونشـري هنـا إىل أنـه‬

‫ال توج ــد إىل اآلن حمكم ــة دولي ــة خاص ــة بقض ــايا النق ــل اجل ــوي والط ــريان امل ــدني‪ ،‬لك ــن‬

‫وعلى الرغم من عدم وجـود مثـل هـذه احملكمـة إالب أن معاهـدة شـيكاغو لسـنة ‪1944‬م‬

‫قــد أجــازت حملكمــة العــدل الدوليــة تــويل الفصــل يف منازعــات شــركات الطــريان بــني الــدول‬

‫(‪ )71‬اإلتحاد الدولي للنقل الجوي ( ‪.)International Air Traffic Assosiation‬‬


‫(‪ )Permanent American Aeronautical Commission( )72‬نشأت هذه الجمعية في "ليما" بالبيرو عام ‪1937‬م على ضوء‬
‫معاهدة بان أمريكان‪1928‬م وألغيت بمقتضى معاهدة شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬
‫(‪ )73‬اإلتحاد العربي للنقل الجوي (‪ )Arab Air Carrirs Organization‬تأسس في أغسطس ‪1965‬م برعاية جامعة الدول‬
‫العربية‪.‬‬
‫(‪ )74‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.34‬‬
‫‪45‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املختلفــة(‪ ،)75‬فيمكنن ــا االســتئناس مبث ــل هــذه األحك ــام عنــد تفس ــري قواعــد الق ــانون اجل ــوي‬

‫واالتفاقي ــات الدولي ــة بش ــأنه‪ ،‬أيض ـ ًا يلع ــب القض ــاء دورًا ب ــارزًا يف تفس ــري بع ــض القواع ــد ال ــيت‬

‫سكتت عنها االتفاقيات كما سنرى يف الفصول القادمة من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ .3‬الفق ــه‪ :‬يلع ــب الفق ــه دورًا ب ــني مص ــادر الق ــانون اجل ــوي التفس ــريية يف حماول ــة التوفي ــق ب ــني م ــا‬

‫يتع ــارض م ــن أحك ــام يف االتفاقي ــات الدولي ــة والنص ــوص الوطني ــة‪ ،‬وإرش ــاد القض ــاء إىل‬

‫التطبيقات والسوابق القضـائية‪ ،‬كمـا ينـاط بالفقـه متابعـة مـدى مالئمـة القـوانني القائمـة والوقـائع‬

‫املســتجدة عل ـى ضــوء التطــور التكنولــوجي املســتمر‪ ،‬واالســتئناس ب ـ راء الفقهــاء يف تعــديل أو‬

‫إلغاء تلك القوانني(‪.)76‬‬

‫‪ .4‬يــرى الــبعض(‪ )77‬وجــوب االســتعانة باملبــادا العامــة للقــانون الــدويل لســد مــا يظهــره العمــل‬

‫والتطبيق من عجز يف مصادر القانون اجلوي الر ية‪.‬‬

‫(‪ )75‬د‪ .‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.61‬‬


‫(‪ )76‬د‪ .‬عبد الرحمن عبد هللا شمسان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.28‬‬
‫(‪ )77‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪،‬ص‪.34‬‬
‫‪46‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الرابع‪ :‬أحكام القانون اجلوي‬


‫تقتضي دراستنا ألحكام القانون اجلوي تناول مواضـيع ًا ثالثـة وهـي‪ :‬دراسـة أداة النقـل اجلـوي‬

‫ال‬
‫(الطائرة)‪ ،‬ودراسة اجملال الذي متارس فيه نشاطها(الفضـاء اجلـوي)‪ ،‬دراسـة عمليـة النقـل اجلـوي‪ ،‬إ ب‬

‫أننا سنحيد عن هذه األخرية فستأتي دراستها مفصـلة يف الفصـول الالحقـة مـن هـذه الدراسـة‪ ،‬وعليـه‬

‫سنتناول يف هذا املبحث أداة النقل اجلوي (الطائرة ) بإجياز وذلك من خالل املطلـب األول‪ ،‬وصصـص‬

‫املطلب الثاني للمجال الذي تعمل فيه (الفضاء اجلوي)‪.‬‬

‫‪47‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬الطائرة‬


‫ملا كان موضوع دراستنا هو عقد النقل اجلوي‪ ،‬ومسؤولية الناقل اجلوي يف هذا العقد‪...‬‬

‫وملا كان عقد النقل اجلوي ال يتم‪-‬عموماً‪-‬إال بواسطة أداة النقل وهي الطائرة ‪...‬‬

‫ول ــذلك فالب ــد م ــن أن نتح ــدث ع ــن ه ــذه األداة كم ــدخل ه ــام ملوض ــوعنا األساس ــي وس ــوف يقتص ــر‬

‫ح ــديثنا ع ــن ه ــذه األداة عل ــى النظ ــام الق ــانوني للط ــائرة م ــن حي ــث تعريفه ــا‪ ،‬وجنس ــيتها‪ ،‬وتس ــجيل‬

‫الطائرات‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تعريف الطائرة‪:‬‬

‫أ‪ .‬تعريف الطائرة لغةً‪:‬‬

‫الطبيٍر‪ :‬اسم جامعٌ مؤنث‪ .‬الواحد‪ :‬طائر‪ ،‬وقلّما يقال لألنثى‪ :‬طائرة‪.‬‬

‫والطبيَرانق‪ :‬مصدر طار يَطريق(‪. )78‬‬

‫وطــار الطــائر وحنــوه طــرياً وطريان ـاً حتــرك وارتفــع يف اهلــواء جبناحيــه‪ ،‬وطــايَر ســابق يف الطــريان‪،‬‬

‫والطائر من احليوان‪ :‬كل ما يطري يف اهلواء جبناحني‪.‬‬

‫والطائرة ‪ :‬مركب آيل على هيئة الطائر يسبح يف اجلو ويستعمل يف النقل واحلرب(‪. )79‬‬

‫ب‪ .‬تعريف الطائرة يف القانون‪:‬‬

‫مل تتقيد الدول و املنظمات بتعريف حمدد للطائرة‪ ،‬فهناك أكثر من تعريـف للطـائرة إذ عرفتـها‬

‫اإليك ــاو(‪ )80‬يف تعديل ــها للتعريف ــات يف ‪1967/11/6‬م‪ ،‬بأهن ــا‪ ( :‬ك ــل جه ــاز ميكن ــه الص ــمود يف‬

‫الفضــاء بفضــل رد فعــل اهلــواء مــع اســتبعاد رد فعــل اهلــواء الناشــع عــن ســطح األرض )‪ ،‬وعرفتــها‬

‫(‪ )78‬قاموس العين‪ ،‬أشهر وأول قواميس اللغة العربية‪ ،‬للخليل بن أحمد الفراهيدي(‪ 170-100‬هـ) (‪786-718‬م)‪.‬‬
‫(‪ )79‬إبراهيم مصطفى‪ .‬أحمد حسن الزيات‪ .‬حامد عبد القادر‪ .‬محمد علي النجار‪ .‬المعجم الوسيط ج‪ ،2‬المكتبة االسالمية‪،‬‬
‫تركيا‪ ،‬ص‪.574 ،573‬‬
‫(‪ )80‬المنظمة الدولية للطيران المدني ) ‪.)International Civial Aviation Organization( ( I C A O‬‬
‫‪48‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اتفاقية باريس لسنة ‪1919‬م يف ملحقها (‪ )A‬بأهنا ‪( :‬كل آلـة تسـتطيع البقـاء يف الفضـاء بفضـل ردود‬

‫فعل اهلواء)‪.‬‬

‫توس ــعت بع ــض الق ــوانني يف تعري ــف الط ــائرة ولع ــل أكث ــر تل ــك الق ــوانني توس ــعاً ه ــو ق ــانون‬

‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة لعــام ‪ 1938‬م حيــث عــرف الطــائرة أهنــا‪ ( :‬كــل اخــرتاع معــروف أو‬

‫سيكتشف يف املستقبل ويستعمل يف املالحة أو الطريان يف اجلو) (‪. )81‬‬

‫يشــارك القــانون األمريكــي يف ذلــك املشــرع الفرنســي إذ عــرف الطــائرة أهنــا ‪ ( :‬كــل جهــاز يســتطيع‬

‫االرتفاع أو السري يف اجلو ) (‪.)82‬‬

‫ويالح ـ عل ــى التع ــريفني الس ــابقني أن الق ــانون األمريك ــي والق ــانون الفرنس ــي كليهم ــا مل‬

‫حيددا شكالً معيناً للطائرة‪ ،‬أو غرض ًا حمددًا لطرياهنا ومالحتـها‪ ،‬فتعتـرب مـن عـداد الطـائرة ‪-‬وفقـ ًا‬

‫هلــذين التعــريفني‪-‬أي أداة تســتطيع التحليــق يف اجلــو ولــو لغــري غــرض املالحــة أو النقــل اجلــويني‪ ،‬مثــل‬

‫املناطيد‪ ،‬املركبات اهلوائية‪ ،‬الصواريخ‪ ،‬والقذائف املوجهة‪.‬‬

‫وم ــن التعريف ــات م ــا ض ــيقت يف حتدي ــد مفه ــوم الط ــائرة وتعريفه ــا مستحض ــرةً الناحي ــة الفني ــة‬

‫للطــائرة‪ ،‬مثــل اتفاقيــة بــاريس لعــام ‪ 1919‬م‪ ،‬و اتفاقيــة شــيكاغو ‪1944‬م‪ ،‬ومــا جــاء يف تعريــف‬

‫املنظمــة الدوليــة للطــريان املــدني (اإليكــاو) يف ‪ 1967‬م‪ ،‬إذ عرفــت مجيعهــا الطــائرة أهنــا‪ ( :‬أي‬

‫جهاز أو آلة ميكنها التحليق يف الفضاء أو الصمود فيه بفضل رد فعل اهلواء بشرط اسـتثناء رد فعـل‬

‫اهلواء الناشع عن سطح األرض(‪.)83‬‬

‫ونالح على هذه التعريفات أهنا تستبعد كل جهـاز ال يعتمـد يف طريانـه علـى رد فعـل اهلـواء‬

‫مثل الصواريخ‪ ،‬واملركبات اهلوائية‪ ،‬اليت تستطيع الطريان دون احلاجة إىل أي رد فعل للـهواء‪ ،‬كمـا‬

‫(‪ )81‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.38‬‬


‫(‪ )82‬د‪ .‬محمد سعيد فرهود‪ .‬د‪ .‬محمود مرشحة‪ .‬القانون التجاري ( بري‪ ،‬بحري‪ ،‬جوي ) مديرية الكتب والمطبوعات‬
‫الجامعية‪ ،‬دمشق‪ 1415 ( ،‬هـ ‪1994 -‬م )‪ ،‬ص‪.64‬‬
‫(‪ )83‬د‪ .‬عبد الرحمن عبد هللا شمسان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 32‬‬
‫‪49‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫تستبعد أي جهاز يعتمد يف طريانـه وارتفاعـه يف اجلـو علـى رد فعـل اهلـواء لكـن ذلـك املـنعكس‬

‫من سطح األرض‪.‬‬

‫ومــن التعريفــات املضــيقة ملفهــوم الطــائرة مــا حــاول الــبعض تعريفهــا مستحضــرًا الغــرض مــن‬

‫طرياهنا بأهنا‪ ( :‬األجهزة اليت تسـتطيع نقـل األشـخاص واألمـوال جـواً) (‪ ،)84‬وهـو نفـس التعريـف الـذي‬

‫عرفتها بعض القوانني مثل القـانون اليابـاني لسـنة ‪1921‬م‪ ،‬واإليطـايل لسـنة ‪ 1942‬م‪ ،‬فقـد عرّفـا‬

‫الطائرة بأهنا‪ ( :‬اآللة املخصصة لنقل األشخاص واألشياء جواً)(‪.)85‬‬

‫ومما سبق نستطيع تعريـف الطـائرة بأهنـا‪ ( :‬كـل أداة تسـتطيع الطـريان بفضـل رد فعـل اهلـواء غـري‬

‫ذاك امل ــنعكس م ــن س ــطح األرض‪ ،‬وتس ــتخدم للنق ــل اجل ــوي)‪ ،‬وه ــذا التعري ــف يعت ــرب األنس ــب‬

‫واألكثــر مشــوالً؛ ذلــك ألنــه يتناســب والقــانون اجلــوي ويتســق معــه باعتبــاره منظم ـاً للنقــل اجلــوي‪،‬‬

‫ويشمل الطائرة سواء من الناحية الفنية أو الغرض من طرياهنا‪.‬‬

‫تعريف الطائرة يف القانون السوداني‪:‬‬

‫مل يتعـرض املشـرع الســوداني يف قـانون الطــريان املـدني لسـنة ‪ 1999‬م لتعريــف الطـائرة إ ب‬
‫ال أنــه‬

‫ميكن تعريف الطائرة بالنظر إىل القوانني السابقة هلذا القانون‪ ،‬حيث عرف املشـرع السـوداني الطـائرة‬

‫يف قانون اخلدمات العامة للطائرات لسنة ‪ 1959‬م بنصـه علـى أنـه يقصـد بالطـائرة‪ ( :‬أي جهـاز يعتمـد‬

‫يف طريانه على قـوة رد فعـل اهلـواء) (‪ ،)86‬وهـو نفـس التعريـف تقريبـاً يف قـانون الطـريان لسـنة ‪1960‬م‪،‬‬

‫كمــا ميــز هــذا األخــري الطــائرات الســودانية عــن األجنبيــة‪ ،‬و الطــائرات املدنيــة عــن طــائرات الدولــة‬

‫والطائرات احلربية‪.‬‬

‫(‪ )84‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.43‬‬


‫(‪ )85‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪29‬‬
‫(‪ )86‬المادة (‪ )3‬من قانون الخدمات العامة للطائرات السوداني لسنة ‪ 1959‬م‪.‬‬
‫‪50‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونالح ـ عل ــى ه ــذا األخ ــري أن ــه أدخ ــل ض ــمن تعريف ــه بع ــض املركب ــات ال ــيت ال لض ــع ألحكام ــه‬

‫كالزحافات اهلوائية (‪ )87( )Hovercraft‬اليت لضع‪-‬وفقـاً لـرأي الغالـب مـن الفقهـاء‪-‬ألحكـام‬

‫النقــل البحــري أو الــربي حبكــم طبيعــة طرياهنـا إذ أهنــا تعتمــد يف ارتفاعهــا علــى ردود فعــل اهلــواء‬

‫املنعكسة من سطح األرض(‪.)88‬‬

‫وعلى الرغم من أن هذه املركبات متتـاز بالسـرعة أيـاً كـان السـطح الـذي تنزلـق عليـه‪ ،‬كمـا‬

‫أن هلا القدرة على حتقيق االتصال يف املناطق اليت يتعذر االتصال فيها‪ ،‬وتعتـرب أفضـل مـن الطـائرة‬

‫يف إج ــراء بعــض عملي ــات الط ــريان يف جم ــال البح ــوث العلمي ــة كرس ــم ال ــزالزل‪ ،‬ومس ــح األراض ــي‪،‬‬

‫ال أن طبيعــة طرياهنــا واخــتالف املخــاطر ودرجاهتــا بــني تلــك املركبــات‬


‫والرقابــة علــى التــهريب‪ ،‬إ ب‬

‫والطــائرات جيعــل التكييــف القــانوني هلــذه املركبــات خيتلــف عــن الطــائرة و بالتــايل يتعــذر تطبيــق‬

‫أحكام الطائرة على مثل هذه املركبات(‪. )89‬‬

‫كما نالح على القانون السابق يف تعريفه للطائرة أنه مل يتطرق ملوضوع النقل اجلوي كغـرض‬

‫من طرياهنا‪.‬‬

‫تعريف الطائرة يف القانون اليمين‪:‬‬

‫ال خيتلف القانون اليمين كثريًا يف تعريفه للطائرة عن القانون السوداني حيث عرف الطـائرة بأهنـا‪:‬‬

‫( أي آلة يف استطاعتها أن تستمد بقائها يف اجلو مـن ردود فعـل اهلـواء غـري تلـك املنعكسـة مـن سـطح‬

‫األرض‪ ،‬وتشمل كافة املركبات اهلوائية مثل‪ :‬املناطيـد والبالونـات احلـرة واملقيـدة والطـائرات البحريـة‬

‫والطائرات الشـراعية والطـائرات ذات األجنحـة الثابتـة والطـائرات ذات األجنحـة الـدوارة ومركبـات‬

‫(‪ )87‬الزحافات الهوائية‪ :‬هي مركبات تسير منزلقة على وسائد هوائية تصنعها هي بواسطة محركاتها فتدفعه رأسياً على‬
‫سطح األرض‪ ،‬وتستخدم هذه المركبات لنقل األشخاص واألموال‪ ،‬إال أن تكييفها يكون أقرب للسفينة إن كان الهواء الذي‬
‫تدفعه منعكس من سطح الماء أو ألحكام النقل البري إن كانت على اليابسة‪ .‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‬
‫‪.30،31‬‬
‫(‪ )88‬األرض هنا تشمل إقليم اليابسة كما تشمل اإلقليم المائي‪.‬‬
‫(‪ )89‬د‪ .‬مصطفى البنداري‪ .‬الموجز في القانون الجوي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1421 ،‬هـ‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.44‬‬
‫‪51‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفضاء والصواريخ ومظـالت الطـائرة و ـوذج الطـائرات وغـري ذلـك مـن األجهـزة املعـدة لالسـتخدام يف‬

‫اجلو)(‪.)90‬‬

‫ال أن‬
‫من التعريف السابق جند أن القانون اليمين يتفـق مـع القـانون السـوداني يف تعريـف الطـائرة إ ب‬

‫الق ــانون ال ــيمين ك ــان أكث ــر حتدي ــدًا للط ــائرة م ــن الق ــانون الس ــوداني إذ اس ــتبعدت الزحاف ــات اهلوائي ــة‬

‫(‪ )Hovercraft‬من عداد الطائرات وفقاً لتعريف القانون اليمين للطائرة‪ ،‬فعلـى الـرغم مـن إحتـاد‬

‫ال أنـه ال ميكـن تطبيـق أحكـام‬


‫الغرض من طريان هذه املركبات والطائرات‪ ،‬وهو النقـل اجلـوي‪ ،‬إ ب‬

‫هــذا القــانون علــى مثــل هــذا النــوع مــن املركبــات فهــي تعتمــد يف طرياهنــا وارتفاعهــا علــى ردود فعــل‬

‫اهلواء املنعكسة من سطح األرض‪.‬‬

‫جنسية الطائرة‪:‬‬

‫اســتقر رأي الفقــه الغالــب علــى ضــرورة متتــع الطــائرة برابطــة قانونيــة‪ ،‬وهــي اجلنســية‪ ،‬وعلــى‬

‫ضـرورة وجـود ووالء سياسـي بـني الطـائرة وبـني الدولـة الـيت منحتـها تلـك اجلنسـية‪ ،‬و عندئـذٍ ميكنــها‬

‫التمتع مبزايا ناجتة عن تلك الرابطة مثل‪ :‬القيام بـدورها علـى الوجـه املطلـوب‪ ،‬ومـن ناحيـة اقتصـادية‬

‫تتمتع الطائرة بأولوية النقـل الـوطين‪ ،‬واملنافسـة االقتصـادية‪ ،‬ومـن ناحيـة ماليـة تتمتـع الطـائرات الوطنيـة‬

‫بإعفــاء الطــائرات املدنيــة مــن الضــرائب أو التخفــيض منــها‪ ،‬كمــا ميثــل محــل الطــائرة جنســية دولــة معينــة‬

‫فائدة أمنية للدولـة والطـائرة معـاً؛ فـتمكن الدولـة مـن معرفـة الطـائرات العـابرة يف أجوائهـا وسـيادة‬

‫الدولة على فضائها اجلوي‪ ،‬وتتمتع الطائرة حبماية الدولة احلاملة جلنسيتها(‪. )91‬‬

‫ومــن ناحيــة قانونيــة متثــل اجلنســية أمهيــة يف حتديــد القــانون الواجــب التطبيــق علــى األفعــال الــيت‬

‫ترتكب على منت الطائرة‪ ،‬وحتديد احملاكم املختصة بنظر النزاعات اخلاصة بالطائرة(‪.)92‬‬

‫(‪ )90‬المادة (‪ )1‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم(‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫(‪ )91‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.18 ،17‬‬
‫(‪ )92‬مستقبل العالم اإلسالمي‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ربيع ‪ ،1992‬دورية تصدر عن مركز دراسات العالم اإلسالمي‪،‬‬
‫مالطا‪ ،‬ص‪.234‬‬
‫‪52‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أيضـ ًا تعتــرب اجلنســية ســبب ًا يف تطبيــق أحكــام قــانون الدولــة الــوطين علــى طائراهتــا حتــى لــو كانــت‬

‫خارج إقليمها(‪.)93‬‬

‫كما أن بعض احلقوق على الطائرة تنشأ اعتباراً جلنسيتها مثل حق الـرهن الر ـي‪ ،‬حيـث تعـرتف‬

‫الدولــة حبــق الــرهن الر ــي علــى الطــائرات كضــمان لــدين شــريطة أن يــتم قيــدها يف الســجل العــام‬

‫للطائرات وفقاً جلنسيتها(‪.)94‬‬

‫ويف اخلالف حول معيار منح الطائرة جنسية معينة حسمت االتفاقيـات الدوليـة هـذا اخلـالف بـأن‬

‫أخذت مبعيار دولة التسجيل فقد قضت معاهدة باريس ‪ 1919‬م مبنح الطائرة‬

‫جنسية الدولة اليت سجلت فيها(‪.)95‬‬

‫أيضاً قضت اتفاقية شيكاغو‪1944‬م جبعل معيار جنسـية الطـائرة هـو معيـار دولـة التسـجيل‪،‬‬

‫فتحمل الطائرة جنسية الدولة اليت سجلت يف سجالهتا ‪:‬‬


‫‪Aircraft have the nationality of the State in which‬‬
‫‪)they are‬‬

‫‪Registered) )96( .‬‬

‫كمــا أوجبــت االتفاقيــة الســابقة علــى كــل طــائرة تعمــل يف املالحــة اجلويــة الدوليــة أن حتمــل عالمــات‬

‫جنسيتها وتسجيلها ‪:‬‬


‫‪Every aircraft engaged in international air navigation‬‬
‫‪shall bear its appropriate nationality and registration‬‬
‫‪marks)97( .‬‬

‫(‪ )93‬المادة (‪/1/3‬ب) من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م ‪.‬‬
‫(‪ )94‬المادة (‪ /1‬د) من االتفاقية المتعلقة باإلعتراف الدولي بالحقوق على الطائرات جنيف ‪1948‬م‪.‬‬
‫(‪ )95‬المادة (‪ )6‬من اتفاقية باريس الدولية بشأن تنظيم المالحة الجوية (‪1919/10/13‬م)‪.‬‬
‫(‪ )96‬المادة (‪ )17‬من اتفاقية الطيران المدني الدولي الموقعة في شيكاغو ‪1944/12/7‬م‪.‬‬
‫(‪ )97‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬
‫‪53‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫كما أكدت ذات االت فاقية على مبـدأ وحـدة اجلنسـية‪ .‬ويقصـد هبـذا املبـدأ بأنـه ‪:‬ال جيـوز تسـجيل‬

‫الطائرات تسجيالً صحيحاً يف أكثر من دولة واحدة ولكن جيوز نقل تسجيلها من دولة إىل أخرى‪:‬‬
‫‪(An aircraft cannot be validly registered in more‬‬
‫‪than one State، but its registration may be changed‬‬

‫‪from one State to another) )98(.‬‬

‫جنسية الطائرة يف القانون السوداني ‪:‬‬

‫مل يتعرض القانون السوداني يف قانون الطريان املدني السوداني لسـنة‪1999‬م جلنسـية الطـائرة‬

‫لكنــه قــد أخــذ بــنفس املعيــار الــذي أخــذت بــه االتفاقيــات الدوليــة فجعــل معيــار جنســية الطــائرة هــو‬

‫معيار دولـة التسـجيل‪ ،‬ويتضـح ذلـك يف قـانون الطـريان لسـنة ‪1960‬م الـذي ميـز الطـائرات السـودانية‬

‫عــن الطــائرات األجنبيــة‪ ،‬فــذكر يف تعريــف الطــائرات الســودانية ‪ ( :‬يقصــد هبــا الطــائرات املســجلة علــى‬

‫الوجـ ــه الصـ ــحيح يف السـ ــجل السـ ــوداني) (‪ ،)99‬ويف تعريـ ــف الطـ ــائرات األجنبيـ ــة‪ ( :‬يقصـ ــد هبـ ــا الطـ ــائرات‬

‫املسجلة يف سجل غري السجل السـوداني ) (‪ ، )100‬فنجـد أن القـانون السـوداني قـد جعـل دولـة التسـجيل‬

‫معياراً جلنسية الطائرات‪ ،‬فهو ال يعرتف بأي طـائرة ليسـت مسـجلة يف سـجل سـوداني أو أجـنيب إذ أهنـا‬

‫عندئذٍ ال حتمل أية جنسية‪.‬‬

‫جنسية الطائرة يف القانون اليمين‪:‬‬

‫نظم قانون الطريان املـدني رقـم (‪ )12‬لسـنة ‪1993‬م أحكـام جنسـية الطـائرات فـذكر أنـه ‪:‬‬

‫(تتمتع كل طائرة يتم تسجيلها يف السجل املشار إليه جبنسية اجلمهورية اليمنية‪ ،‬ويتعني عليهـا أن حتمـل‬

‫عالمات جنسيتها وتسجيلها بطريقة ظـاهرة وواضـحة‪ ،‬وفقـا للقواعـد واملواصـفات الـيت تقررهـا اهليئـة‬

‫(‪ )98‬المادة (‪ )18‬من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬


‫(‪ )99‬المادة (‪)2‬من قانون الطيران السوداني لسنة ‪ 1960‬م‪.‬‬
‫(‪ )100‬المادة (‪ )2‬من قانون الطيران السوداني لسنة ‪ 1960‬م‪.‬‬
‫‪54‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫العامة للطريان املدني(‪ ،)101‬فنجد أن القانون اليمين قد اتفق مع القانون السوداني واالتفاقيـات الدوليـة‬

‫بشــأن معيــار جنســية الطــائرات‪ .‬وقــد منــع القــانون الــيمين أي طــائرة ال حتمــل عالمــات جنســيتها وفق ـ ًا‬

‫لقانون الدولة اليت سجلت الطائرة فيها من العمل يف إقليم اجلمهورية اليمنية‪( :‬ال جيوز أليـة طـائرة أن‬

‫تعمل يف إقليم اجلمهورية‪ ،‬ما مل حتمل عالمات جنسيتها طبقاً لقانون دولة التسجيل) (‪.)102‬‬

‫تسجيل الطائرات ‪:‬‬

‫لكــي تــتمكن الــدول مــن اســتغالل الطــائرات‪ ،‬وتــتمكن الطــائرات مــن التحليــق فــوق أقــاليم‬

‫دوليــة‪ ،‬والعمــل يف أجــواء تلــك األقــاليم‪ ،‬البــد وأن تكــون مســجلة يف ســجالت إحــدى هــذه الــدول‬

‫وقــد نظمــت االتفاقيــات الدوليــة أحكــام التســجيل ومنــها اتفاقيــة شــيكاغو‪1944‬م الــيت حظــرت‬

‫تسجيل الطائرة يف أكثر من دولة‪ ،‬لكنها مل متنع –كما ذكرنا‪-‬نقل تسـجيلها بـني الـدول مـن دولـة إىل‬

‫أخرى‪.‬‬

‫كمــا قضــت االتفاقيــة علــى وجــوب محــل كــل طــائرة تعمــل يف املالحــة اجلويــة الدوليــة لعالمــات‬

‫جنسيتها وتسجيلها‪:‬‬
‫‪(Every aircraft engaged in international air‬‬
‫‪navigation shall‬‬
‫‪bear its appropriate nationality and registration‬‬
‫‪marks))103( .‬‬

‫إال أن االتفاقيــة قــد تركــت لكــل دولــة متعاقــدة حريــة تســجيل الطــائرة أو نقــل تســجيلها وفــق‬

‫قانوهنا الوطين‪:‬‬
‫‪(The registration or transfer of registration of‬‬
‫‪aircraft in any‬‬

‫(‪ )101‬المادة (‪)1/59‬من قانون قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫(‪ )102‬المادة (‪ )52‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم(‪)12‬لسنة‪1993‬م‪ ،،‬وقد بينت المواد (‪ ) 58 – 52‬أحكام السجل‬
‫والتسجيل ومحتويات السجل‪.‬‬
‫(‪ )103‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬
‫‪55‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪contracting State shall be made in accordance with‬‬


‫‪its laws and‬‬
‫‪regulations) )104( .‬‬

‫وتشـ ــرتط بعـ ــض الـ ــدول لتسـ ــجيل الطـ ــائرة يف سـ ــجالهتا الوطنيـ ــة أن تكـ ــون الطـ ــائرة مملوكـ ــة‬

‫بكاملـ ــها ألشـ ــخاص حيملـ ــون جنسـ ــيتها نفسـ ــها سـ ــواء كـ ــانوا أفـ ــراداً أو مؤسسـ ــات‪ ،‬مثـ ــل القـ ــانون‬

‫املصري(‪ ،)105‬يف حني لفف بعض الدول من حدة هذا الشـرط مثـل القـانون السـوري الـذي يشـرتط أن‬

‫تكون ملكية ثلثي رأ ال الشركات لرعايا سوريني بشـرط أن تكـون مجيـع األسـهم يف الشـركات‬

‫املسامهة ا ية‪ ،‬وأن يكون مدير الشركة وثلثي أعضاء جملس اإلدارة سوريني(‪.)106‬‬

‫تسجيل الطائرات يف القانون السوداني‪:‬‬

‫يشــرتط قــانون الطــريان املــدني الســوداني لســنة ‪1999‬م تســجيل الطــائرات كشــرط أساســي‬

‫لكــي تــتمكن الطــائرات مــن التحليــق والعمــل يف اإلقلــيم الســوداني ‪( :‬جيــب يف الطــائرة الــيت تعمــل يف‬

‫إقليم الدولة أن تكون مسجلة يف الدولة التابعة هلا)(‪. )107‬‬

‫كمــا ألــزم الطــائرات حبمــل شــهادة صــالحية للطــريان وتكــون بعلــم دولــة التســجيل‪( :‬جيــب يف‬

‫الطــائرة الــيت تعمــل يف إقلــيم الدولــة أن تكــون شــهادة صــالحيتها للطــريان ســارية املفعــول وصــادرة‬

‫من دولة التسجيل أو معتمدة منها) (‪. )108‬‬

‫تسجيل الطائرات يف القانون اليمين‪:‬‬

‫نظ ــم ق ــانون الط ــريان امل ــدني ال ــيمين رق ــم(‪ )12‬لس ــنة ‪1993‬م أحك ــام تس ــجيل الط ــائرات‬

‫فأوجـب تسـجيل أي طـائرة مملوكـة للدولـة لشـخص طبيعـي أو اعتبـاري ميـين اجلنسـية يف السـجل العــام‬

‫(‪ )104‬المادة‪ )19( ،‬من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬


‫(‪ )105‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.22‬‬
‫(‪ )106‬د‪ .‬الياس حداد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.530‬‬
‫(‪ )107‬المادة (‪/1/9‬أ) من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )108‬المادة (‪/1/9‬ب) من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪56‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫للطائرات لـدى اهليئـة العامـة للطـريان املـدني و األرصـاد(‪ ،)109‬كمـا جيـب تسـجيل كـل طـائرة مسـتأجرة‬

‫بقصد الشراء أو مستأجرة ملدة تتجاوز ستة أشهر بواسطة شـخص طبيعـي أو اعتبـاري ميـين اجلنسـية يف‬

‫الس ــجل الع ــام للط ــائرات األجنبي ــة ل ــدى اهليئ ــة(‪ ،)110‬أم ــا الط ــائرات اململوك ــة ألش ــخاص طبيع ــيني أو‬

‫اعتباريني أجانب مقيمني يف اجلمهورية اليمنية فيجـب تسـجيلها يف السـجل اخلـاص بالطـائرات األجنبيـة‬
‫(‪. )111‬‬
‫لدى اهليئة‬

‫كما بني القانون شروط تسجيل الطائرات على النحو التايل‪:‬‬

‫تق ــوم اهليئ ــة بإع ــداد وإدارة الس ــجل الع ــام للط ــائرات الوطني ــة‪ ،‬والس ــجل اخل ــاص‬ ‫‪-1‬‬

‫بالطائرات األجنبية‪ ،‬املشار إليهما يف املادة السابقة‪.‬‬

‫يشرتط لتسجيل أي طائرة يف السجل العام توفر الشروط التالية‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫أالب تكون الطائرة مسجلة يف سجل دولة أخرى‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫أن تك ــون ح ــائزة عل ــى ش ــهادة ص ــالحية الط ــريان‪ ،‬س ــارية املفع ــول وفقـ ـ ًا للقواع ــد‬ ‫ب‪-‬‬

‫املقررة‪.‬‬

‫إذا كان طالب التسجيل شخصاً طبيعياً‪ ،‬فيشرتط أن يكون مالكاً للطائرة ملكيـة‬ ‫ج‪-‬‬

‫تامــة‪ ،‬أو مســتأجرًا هلــا بقصــد الشــراء‪ ،‬أو مســتأجرًا هلــا ملــدة تتجــاوز ســتة أشــهر‪ ،‬وأن‬

‫يكون متمتعاً جبنسية اجلمهورية ومقيماً فيها‪.‬‬

‫إذا كان طالب التسجيل شخصاً اعتبارياً‪ ،‬فيجب توفر الشروط التالية‪:‬‬ ‫د‪-‬‬

‫أن يك ـ ــون ‪ %51‬م ـ ــن رأ ـ ــال املؤسس ـ ــة مملوكـ ـ ـاً ألش ـ ــخاص متم ـ ــتعني جبنس ـ ــية‬ ‫(‪)1‬‬

‫اجلمهورية اليمنية‪.‬‬

‫(‪ )109‬المادة (‪ )1/55‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪.‬‬
‫(‪ )110‬المادة (‪ )2/55‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪.‬‬
‫(‪ )111‬المادة (‪ )3/55‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪.‬‬
‫‪57‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أن تكون املؤسسة مكونة تكويناً صحيحاً طبقاً للقانون‪.‬‬ ‫(‪)2‬‬

‫أن يكون املركز الرئيسي باجلمهورية اليمنية‪.‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫أن يكون رئيس جملس إدارة املؤسسة متمتعاً جبنسية اجلمهورية اليمنية‪.‬‬ ‫(‪)4‬‬

‫أن تكون اإلدارة الفعلية الرئيسية يف يد مواطنني مينيني‪.‬‬ ‫(‪)5‬‬

‫ال عاماً‪ ،‬وجيوز ألي شخص ذي مصلحة اإلطالع عليه(‪.)112‬‬


‫يعترب سجل الطائرات سج ً‬ ‫‪-3‬‬

‫كما بني القانون حمتويات السجل وهي ‪:‬‬

‫رقم وتاريخ التسجيل‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬

‫عالمات اجلنسية والتسجيل‪.‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫البيانات األساسية عن الطائرة وحمركاهتا وشهادة صالحيتها للطريان‪.‬‬ ‫ج‪-‬‬

‫اسم وموطن املالك أو املستأجر وأي تغيري يطرأ عليهما‪.‬‬ ‫د‪-‬‬

‫بيان عن كافة الوثائق والعقـود الدالـة علـى ملكيـة الطـائرة واسـتثمارها وأي تغـيري‬ ‫ه‪-‬‬

‫يطرأ على ذلك ‪.‬‬

‫كافة الوقائع والتصرفات اليت ترد على الطائرة وتاريخ حدوثها‪.‬‬ ‫و‪-‬‬

‫اسم وموطن وجنسية كل مـن مـديري املؤسسـة وأعضـاء جملـس إدارهتـا‪ ،‬يف حالـة مـا‬ ‫ز‪-‬‬

‫إذا كانت الطائرة مملوكة ملؤسسة تتمتع جبنسية اجلمهورية‪.‬‬

‫أية بيانات أخرى تقرر سلطات الطريان املدني تضمينها يف السجل(‪. )113‬‬ ‫ح‪-‬‬

‫(‪ )112‬المادة (‪ )56‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪..‬‬
‫(‪ )113‬المادة(‪ )57‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪.‬‬
‫‪58‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬الفضاء اجلوي‬


‫يقصد به اجملال الذي تستخدم فيه الطائرة وتعمل به‪ ،‬وقد تباينت اآلراء حول مدى متتـع الدولـة‬

‫بسيادة مطلقة على فضائها اجلوي إىل أربعة اجتاهات وهي‪:‬‬

‫‪ .1‬نظرية املالحة احلرة‪:‬‬

‫ومبقتضى هذه النظرية ينفي الفقهاء أية سيادة للدولة على أجوائها‪ ،‬ويرون أن تظل أجـواء كـل‬

‫الدول مفتوحة للطريان والتحليـق فيهـا حبريـة‪ ،‬ودون قيـد أو انتقـاص مـن هـذه احلريـة‪ ،‬وسـندهم يف‬

‫ذلك أن الوضـع يف الفضـاء يشـبه الوضـع يف أعـايل البحـار ال خيضـع اإلحبـار فيـه لسـيادة أي دولـة‪ ،‬كمـا أن‬

‫أساس املنع والسـيادة هـو امللكيـة واحليـازة الدائمـة واملسـتمرة‪ ،‬األمـر الـذي ال يتـوفر للدولـة بالنسـبة‬

‫لفضائها اجلوي وبالتايل ال متتلك الدولة السيادة على أجوائها(‪.)114‬‬

‫ونالح على هذه النظرية أهنا ال لدم مصاحل الدولـة االقتصـادية أو األمنيـة؛ إذ أن القـول هبـا‬

‫جيع ــل فض ــاء أي دول ــة مش ــاعاً ب ــني ال ــدول األخ ــرى لألغ ــراض االقتص ــادية أو األعم ــال احلربي ــة و‬

‫العسكرية‪ ،‬وخاصة تلك اليت متتلك تقنية صناعة الطائرات وتطويرها‪ ،‬كما أنه ال ميكننا القياس بـني‬

‫أعايل البحار والفضاء اجلوي الختالف موقع الدولة من كليهما(‪ ،)115‬وبالتايل اخـتالف درجـة املخـاطر يف‬

‫كلٍ منهما‪.‬‬

‫نظرية السيادة املطلقة‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫بعكس مـا ذهـب إليـه الفقهـاء يف النظريـة السـاب قة اجتـه فريـق آخـر مـن الفقـه إىل وجـوب تقريـر‬

‫حــق الســيادة الكاملــة واملطلقــة للدولــة علــى أجوائهــا‪ ،‬ويــربر هــذا االجتــاه ضــرورة محايــة املصــاحل‬

‫(‪ )114‬د‪ .‬إلياس حداد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.532‬‬


‫(‪ )115‬فأعالي البحار ليس منطقة داخلة في إقليم الدولة أو مجاورة إلقليمها بل يبعد عنها أفقيا ً بمسافة تسمح للدولة بأن تأمن‬
‫من المخاطر المحتملة منه‪ ،‬أما فضاء الدولة الجوي فيقع في إقليم الدولة نفسها ويعلوها رأسياً مما تزيد درجة المخاطر‬
‫على الدولة فيه‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫االقتصــادية و العســكرية للدولــة‪ ،‬كمــا أن بعــض القــوانني املدنيــة ‪-‬مثــل القــانون الرومــاني‪-‬تقضــي‬

‫بأن‪ ( :‬من ميلك سطحاً ميلك ما فوقه من طبقات اجلو)(‪.)116‬‬

‫هذه النظرية مل تسلم من النقد أيضاً إذ أن من الصعب علينا تطبيـق قواعـد القـانون املـدني مـن‬

‫حــق ملكيــة أو اســتيالء علــى الفضــاء اجلــوي أو يســتدل هبــا‪ ،‬كمــا أن الفضــاء اجلــوي ال ميكــن حيازتــه‬

‫وبالتايل تطبق عليه أحكام السيادة‪.‬‬

‫النظرية التصاحلية(‪:)117‬‬ ‫‪.3‬‬

‫و إزاء االنتقادات املوجهة لكل من النظريتني السابقتني جاء البعض بنظرية توفيقية حبيث تتمتـع‬

‫بقدر من االتزان والتوفيق بني كل من املبدأين املتعارضني التاليني‪:‬‬

‫‪ ‬حق الدول يف السيادة الكاملة على إقليمها مبا فيه فضاؤها اجلوي‪.‬‬

‫‪ ‬حرية املالحة واحلركة اجلوية وعدم التعسف يف احلد من هذه احلرية‪.‬‬

‫واملقصــود بالنظريــة التوافقيــة أن يــتم تقســيم الفضــاء اجلــوي إىل منــاطق ســيادة‪ ،‬ومنــاطق تكــون‬

‫فيهــا املالحــة حــرة‪ ،‬حبيــث يكــون للدولــة الســيادة الكاملــة علــى فضــائها اجلــوي الرتفــاع معــني‪ ،‬ومــا‬

‫فوق ذلك تكون مناطق تنعدم فيها السيادة وتكون فيها املالحة حرة لباقي الدول ‪.‬‬

‫ويف حتديد هذه املناطق اقرتح البعض تقسيمها إىل مناطق ثالث‪ :‬مناطق سيادة‪ ،‬منـاطق جمـاورة‪،‬‬

‫ومناطق حرة(‪.)118‬‬

‫إال أن هذه النظرية‪-‬كغريها‪-‬مل تن ٌ من النقد إذ أن املخاطر اليت هتدد أمـن الدولـة وسـالمتها‬

‫مازالــت موجــودة إذا مــا ــح بــالطريان احلــر فــوق إقليمهــا ولــو يف املنــاطق احلــرة كالتجســس‪ ،‬وإرســال‬

‫(‪ )116‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مبادىء القانون الجوي‪ ،‬دار جامعة عدن للطباعة والنشر‪ ،‬ط‪ ،1‬عدن‪2005 ،‬م‪ ،‬ص(‪،169‬‬
‫‪.)170‬‬
‫ً‬
‫(‪ )117‬تسمى هذه النظرية أيضا بالنظرية التوافقية‪ ،‬أو نظرية المناطق‪.‬‬
‫(‪ )118‬د‪.‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص(‪.)93 ،92‬‬
‫‪60‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫األقمار الصناعية أو املركبات الفضائية‪ ،‬كما أهنـا للـق ازدواجـاً يف أحكـام القـانون الـوطين للدولـة‬

‫نفسها‪ ،‬ناهيك عن صعوبة حتديد كل منطقة حبدود معينة كما افرتضت هذه النظرية‪.‬‬

‫النظرية الوظيفية‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫وأســاس هــذه النظريــة يقــوم علــى أن يقــاس مــدى ســيادة الدولــة علــى فضــائها اجلــوي بــاخلطر‬

‫املستشعر من الطريان من قبل الدولة نفسها‪ ،‬فتكون هلا السيادة الكاملة علـى أجوائهـا دون تقيـد‬

‫مبنطقــة معينــة عنــدما يشــكل الطــريان خطــورة علــى أمــن الدولــة وســالمتها كالتجســس أو التصــوير‬

‫ألغــراض عســكرية‪ ،‬أو علــى مصــاحلها االقتصــادية عندئ ـذٍ يكــون للدولــة الســيادة املطلقــة علــى‬

‫أجوائهــا وحــق املنــع حتــى لــو كــان الطــريان يف الفضــاء اخلــارجي‪ ،‬أمــا إن كــان الطــريان ال ميــس أمــن‬

‫الدولــة‪ ،‬أو يضــر مبصــاحلها املختلفــة‪ ،‬فعندئـذٍ يكــون الفضــاء اجلــوي مفتوحـ ًا أمــام أي طــريان يســتهدف‬

‫إسعاد البشرية كالعبور‪ ،‬والطريان التجاري‪ ،‬أو االتصاالت التلفزيونية أو اإلذاعية(‪.)119‬‬

‫وممـا ســبق نســتنت أن هـذه النظريــة هــي األنسـب لألســباب الــيت ذكرنـا‪ ،‬كمــا أن تطبيقهــا يســاعد‬

‫على الرقي بالبشرية حنو حياة اقتصادية أفضـل‪ ،‬وتكنولوجيـة أقـوى‪ ،‬كمـا أن النظريـة الوظيفيـة تسـمح‬

‫للدولــة بالســيطرة علــى أجوائهــا باحلــد الــذي يبعــد عنــها املخــاطر دون اإلضــرار حبركــات الط ــريان‬

‫التجارية األخرى‪ ،‬وجينب الدولة وضع أحكاماً لتنظيم اجلو ال تتفق مع بعضـها ممـا خيلـق ازدواجـاً بـني‬

‫أحكام القانون يف الدولة نفسها‪.‬‬

‫مبدأ سيادة الدولة على فضائها اجلوي يف اتفاقية شيكاغو ‪1944‬م‪:‬‬

‫نظمت اتفاقيـة شـيكاغو ‪1944‬م مبـدأ سـيادة الدولـة علـى أجوائهـا‪ ،‬وحريـة الطـريان يف تلـك‬

‫األجواء‪ ،‬فأقرت حق سيادة الدولة املطلقة على فضائها اجلوي يف صدارة أحكامها‪:‬‬

‫(‪ )119‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.207‬‬


‫‪61‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪(The contracting States recognize that every State‬‬


‫‪has complete and exclusive sovereignty over the‬‬
‫‪airspace above its territory))120(.‬‬

‫ولكنــها رغــم إقــرار هــذا احلــق للــدول مل تغفــل االتفاقيــة الســابقة حــق الطــريان التجــاري يف‬

‫استخدام الفضاء اجلوي من عبور أو هبوط ألغـراض جتاريـة(‪ ،)121‬أو أسـباب فنيـة‪ ،‬غـري أن هـذا احلـق‬

‫مل يــرتك للــدول علــى إطالقــه‪ ،‬بــل وضــعت عليــه قيــود تتمثــل يف حصــر حريــة اهلبــوط أو العبــور علــى‬

‫الطــائرات الــيت تعمــل علــى خطــوط جويــة غــري منتظمــة فقــط إذ أهنــا ال متثــل أي خطــورة علــى االقتصــاد‬

‫الوطين للدولة الطرف يف االتفاقية ‪:‬‬

‫‪)Each contracting State agrees that all aircraft of‬‬

‫‪the‬‬ ‫‪other‬‬ ‫‪contracting‬‬ ‫‪States،‬‬ ‫‪being‬‬ ‫‪aircraft‬‬ ‫‪not‬‬


‫‪engaged in scheduled international air services shall‬‬

‫(‪ )120‬المادة (‪ )1‬من اتفاقية شيكاغو ‪1944‬م‪ .‬وقد عرفت االتفاقية اإلقليم بأنه يشمل‪ :‬األراضي‪ ،‬والمياة اإلقليمية المالصقة‬
‫لها الواقعة تحت سيادة الدولة أو سلطتها أو حمايتها أو المشمولة بإنتدابها‪ .‬المادة(‪ )2‬من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪.‬‬
‫(‪ )121‬تعد هذه الحقوق استثناءات على مبدأ سيادة الدولة على فضائها الجوي وهي ما عبرت عنها االتفاقيات الدولية‬
‫بالحريات الجوية التسع والتي تتمثل باآلتي‪:‬‬
‫الحرية األولى‪ :‬الطيران العابر‪ :‬وهو حق يمنح لدولة ما أن تطير عبر إقليم الدولة التي تمنح الحق بدون هبوط‪.‬‬
‫الحرية الثانية‪ :‬التوقف الفني ‪ :‬هو حق يمنح لدولة ما أن تهبط في إقليم الدولة المانحة ألغراض غير تجارية‪ ،‬كالتزود‬
‫بالوقود أو ألي أغراض فنية كالصيانة‪.‬‬
‫الحرية الثالثة‪ :‬تفريغ الحركة ‪ :‬حق يمنح لدولة ما أن تنزل إلى الدولة المانحة أشخاص أو بضائع تتعلق بالخدمات الجوية‬
‫المنتظمة‪.‬‬
‫الحرية الرابعة‪ :‬حق شحن الحركة‪ :‬حق يمنح لدولة ما أن تحمل ركابا ً أو تشحن بضائعا ً من الدولة المانحة تتعلق بالخدمات‬
‫الجوية المنتظمة‪.‬‬
‫الحرية الخامسة‪ :‬حق النقل من دولة ثالثة وإليها‪ :‬حق يمنح لدولة ما أن تشغل خطوطاً منتظمة من و إلى الدولة المانحة‬
‫لحمل الركاب والبضائع‪.‬‬
‫الحرية السادسة‪ :‬نقل الحركة عن طريق الدولة األم ‪ :‬حق يسمح بالقيام بعملية النقل عن طريق دولة وطن الناقل فيما بين‬
‫دولتين أخريين‪.‬‬
‫الحرية السابعة‪ :‬التشغيل من دولة ثانية إلى‪/‬من دولة ثالثة‪ :‬حق يمنح من دولة ما إلى دولة أخرى للنقل بين إقليم الدولة‬
‫المانحة ودولة ثالثة بدون ضرورة إدراج أي نقطة في إقليم الدولة المستفيدة في هذه العملية‪ ،‬أي أنه ال‬
‫تدعو الحاجة إلى وصل هذا الخط بأي خط أو إمتداد خط من دولة وطن الناقل وإليها‪.‬‬
‫الحرية الثامنة‪ :‬نقل الحركة بين نقطتين في دولة أجنبية‪ :‬حق يمنح من دولة ما لدولة أخرى بالنقل الداخلي بين نقطتين‬
‫داخليتين في إقليم الدولة المانحة لخط يبدأ أو ينتهي في إقليم وطن الناقل‪.‬‬
‫الحرية التاسعة‪ :‬التشغيل فقط في دولة أجنبية‪ :‬حق يمنح من دولة ما لدولة أخرى لتشغيل خطوط داخلية فقط في الدولة‬
‫المانحة‪ ،‬وهو ما تعرفة بعض القوانين (بالكابوتاج) أو النقل الداخلي المحظور‪(.‬دليل تنظيم النقل الجوي‪،‬‬
‫منظمة الطيران المدني الدولي‪ ،)ICAO(،‬ط‪2004 ،2‬م‪ ،‬ص( ‪) 4.1.12 - 4.1.7‬‬
‫‪62‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

have the right، subject to the observance of the terms

of this Convention، to make flights into or in transit


non-stop across its territory and to make stops for
non-traffic purposes without the necessity of obtaining
prior permission، and subject to the right of the State

flown over to require landing))122(.

‫أمــا تلــك الــيت تعمــل يف اخلطــوط اجلويــة املنتظمــة فيجــب أن حتصــل علــى إذن مســبق للطــريان يف‬

:‫ إالب إذا رفع هذا القيد باتفاق ثنائي‬،‫الفضاء اجلوي إلقليم الدولة املتعاقدة‬
(No scheduled international air service may be
operated over or into the territory of a contracting
State، except with the special permission or other

authorization of that State، and in accordance with the

terms of such permission or authorization))123(.

‫ أي خــط تســتخدم فيــه طــائرات‬:‫م‬1944 ‫واخلــط اجلــوي املنــتظم كمــا عرفتــه اتفاقيــة شــيكاغو‬

:‫نقل عامة للمسافرين أو الربيد أو البضائع‬


(For the purpose of this Convention the expression:
a- "Air service" means any scheduled air service
performed by aircraft for the public transport of
passengers، mail or cargo))124(.

.‫م‬1944 ‫) من اتفاقية شيكاغو‬5( ‫) المادة‬122(


.‫م‬1944 ‫) من اتفاقية شيكاغو‬6( ‫) المادة‬123(
.‫م‬1944 ‫ أ ) من اتفاقية شيكاغو‬/ 96( ‫) المادة‬124(
63 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أمــا اخلطــوط اجلويــة غــري املنتظمــة فيقصــد هبــا ‪ :‬اخلطــوط الــيت تقــوم فيهــا الطــائرة بــرحالت غــري‬

‫منتظمة تتفاوت يف مواعيدها حسب الطلب وال تعد مرفق ًا عام ًا للنقل اجلـوي كتلـك املنتظمـة إذ أهنـا ال‬

‫تعدو سوى عمليات جتارية وهلا صورتان ‪:‬‬

‫رحــالت النقــل العــارض ‪ :‬وهــي رحــالت تــتم إمــا بــدون مقابــل وليســت متاحــة للجمهــور‬ ‫‪‬‬
‫الع ــام‪ ،‬مث ــل الط ــريان ملهم ــة خاص ــة‪ ،‬أو يف حال ــة ح ــدوث الك ــوارث‪ ،‬وإم ــا مبقاب ــل لكن ــها ليس ــت‬

‫منتظمة كأن تستأجر الطائرة لفرتة زمنية حمددة أو لرحلة واحدة ‪.‬‬

‫الرحالت اجلوية لغري غرض النقل‪ :‬وهي الرحالت الـيت تقـوم هبـا الطـائرة لغـري غـرض النقـل‬ ‫‪‬‬
‫اجلوي مثل املسح أو أغـراض الـدفاع املـدني ومكافحـة األوبئـة أو ألغـراض الزراعـة أو اإلنقـاذ أو‬

‫أي أغراضٍ أخرى(‪.)125‬‬

‫مبدأ سيادة الدولة على فضائها اجلوي يف القانون السوداني‪:‬‬

‫أقــر قــانون الطــريان املــدني الســوداني لســنة ‪ 1999‬م يف أحكــام الشــروط العامــة للطــريان‬

‫مب ــدأ س ــيادة الس ــودان الكامل ــة عل ــى فض ــائه اجل ــوي ونـ ـص عل ــى أن ــه‪( :‬تك ــون للدول ــة الس ــيادة‬

‫الكاملة واملطلقة على الفضاء اجلوي داخل إقليمها) (‪.)126‬‬

‫كم ــا حظ ــر الق ــانون ط ــريان أي ط ــائرة دون ت ــرخيص إم ــا وف ــق أحك ــام معاه ــدة يك ــون‬

‫السودان طرفاً فيهـا‪ ،‬أو اتفـاق ثنـائي‪ ،‬ويكـون يف هـذه احلالـة دائمـاً‪ .‬و ملـدة ال تزيـد عـن سـنة قابلـة‬

‫للتجديد يف غري احلاالت السابقة‪ ،‬ويكون هنا مؤقتاً ‪ (:‬ال جيوز ألي طائرة أن تعمل يف إقلـيم الدولـة‬

‫إالب مبوجــب تــرخيص يصــدره املــدير العــام للهيئــة العامــة للطــريان املــدني وحيــدد شــروطه ويســمح‬

‫ملشغلها بالقيام بعمليات جوية معينة ويكون هذا الرتخيص‪-:‬‬

‫(‪ )125‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.179‬‬


‫(‪ )126‬المادة (‪ )1/ 6‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪64‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫( أ) دائم ـاً‪ ،‬إذا اســتند إىل معاهــدة دوليــة منضــمة إليهــا الدولــة ودولــة مشــغل الطــائرة أو إىل‬

‫اتفاق نقل جوي ثنائي نافذ املفعول مربم بني الدولتني لتنظيم النقل اجلوي بينهما‪.‬‬

‫(ب) مؤقتـ ـاً‪ ،‬مل ــدة ال تزي ــد عل ــى س ــنة يف غ ــري م ــا ن ــص علي ــه يف الفق ــرة (أ) وجي ــوز جتدي ــد ه ــذا‬

‫الرتخيص ملدة أخرى بناء على طلب املرخص له وموافقة املدير العام) (‪.)127‬‬

‫ويف جم ــال األنظم ــة املتعلق ــة بقواع ــد اجل ــو خي ــتص امل ــدير الع ــام للهيئ ــة العام ــة للط ــريان امل ــدني‬

‫السودانية بتنظيمهـا وقـد نـص القـانون علـى أنـه‪ (:‬يصـدر املـدير العـام قواعـد اجلـو واألنظمـة املتعلقـة‬

‫بتحليــق الطــائرات واملالحــة اجلويــة ومحايــة األشــخاص واملمتلكــات علــى الســطح واســتعمال الفضــاء‬

‫اجلوي للدولة) (‪ ،)128‬كما حتدد اهليئة الطرق اجلوية للطائرات‪ ،‬وحركاهتـا علـى إقليمهـا ‪ ( :‬حتـدد اهليئـة‬

‫طــرق خــدمات احلركــة اجلويــة الــيت جيــب أن تســلكها الطــائرات عنــد الــدخول إىل إقلــيم الدولــة أو‬

‫اخلروج منه أو الطريان يف الفضاء اجلوي داخله وفقاً ملا هو منشور ومعمم يف دليـل األعـالم اجلـوي أو‬

‫نشرات الطيارين) (‪. )129‬‬

‫مبدأ سيادة الدولة على فضائها اجلوي يف القانون اليمين‪:‬‬

‫وكــنظريه الســوداني أقــر القــانون الــيمين مبــدأ ســيادة الدولــة املطلقــة علــى أجوائهــا ‪( :‬‬

‫للجمهورية السيادة الكاملة واملطلقة علـى الفضـاء اجلـوي واخلـارجي الـذي يعلـو إقليمهـا)‬

‫(‪ ،)130‬كما أن سلطات الطريان املدني تصدر قواعد اجلو‪ ،‬وكافـة األنظمـة املتعلقـة باملالحـة‬

‫اجلوي ـ ــة‪ ،‬وحتلي ـ ــق الط ـ ــائرات يف أج ـ ــواء اجلمهوري ـ ــة‪ ،‬واس ـ ــتخدام الفض ـ ــاء اجل ـ ــوي‪ ،‬ومحاي ـ ــة‬

‫األشخاص واملمتلكات على السطح‪ ،‬ومنع أخطار الطائرات واحلد مـن األضـرار املرتتبـة‬

‫علــى ا ســتخدامها‪ ،‬وبصــفة خاصــة مــا يتعلــق بالضوضــاء وتلــوث البيئــة وذلــك طبق ـاً للقواعــد‬

‫(‪ )127‬المادة (‪ )7‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪ 1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )128‬المادة (‪ )36‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪ 1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )129‬المادة (‪ )38‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪ 1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )130‬المادة (‪ )26‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫واألنظمـ ــة الدوليـ ــة املقـ ــررة يف هـ ــذا الشـ ــأن (‪ ،)131‬و ال جيـ ــوز أليـ ــة طـ ــائرة أن حتلـ ــق علـ ــى‬

‫ارتفاعــات لــالف تلــك الــيت حتــددها ســلطات الطــريان املــدني إالب يف احلــاالت االضــطرارية‬

‫أو بتصـريح مــن هـذه الســلطات(‪ ،)132‬وقـد احــتف القـانون لســلطات الطـريان املــدني حبقهــا يف‬

‫أن حترم أو تقيد‪ ،‬دون متييز يف اجلنسية حتليق الطائرات يف األماكن اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬فــوق منــاطق معينــة يف اجلمهوريــة اليمنيــة ألســباب عســكرية أو ملتطلبــات النظــام العــام‬

‫والسالمة‪.‬‬

‫‪-2‬فوق إقليم اجلمهورية اليمنية أو أي جزء منه‪ ،‬وذلك يف األحـوال االسـتثنائية أو ألسـباب‬

‫تتعلـ ــق بالنظـ ــام العـ ــام‪ ،‬كمـ ــا أن هلـ ــا سـ ــلطات حتديـ ــد منـ ــاطق خطـ ــرة حيظـ ــر فوقهـ ــا‬

‫الطريان(‪.)133‬‬

‫(‪ )131‬المادة (‪ )116‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫(‪ )132‬المادة (‪ )1/118‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫(‪ )133‬المادة (‪/1/119‬أ‪ ،‬ب) من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م ‪.‬‬
‫‪66‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام عقد النقل اجلوي‬


‫يعترب عقد النقل اجلوي من أهم مواضيع القانون اجلوي‪ ،‬ذلك ألن معظم أحكام القانون اجلوي‬

‫تدور حول تنظي م عقد النقل اجلوي‪ ،‬وأداة تنفيذ هذا العقد وهي الطائرة‪ ،‬وسوف نفصل دراسة‬

‫عقد النقل اجلوي من خالل تقسيم هذا الفصل إىل أربعة مباحث‪ ،‬نتحدث يف املبحث األول منها عن‬

‫تعريف عقد النقل اجلوي و عن خصائصه‪ ،‬ويف املبحث الثاني نتحدث عن أنواع عقد النقل اجلوي‪،‬‬

‫ونتحدث عن وثائق عقد النقل اجلوي يف املبحث الثالث‪ ،‬وصصص املبحث الرابع آلثار عقد النقل‬

‫اجلوي‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف عقد النقل اجلوي وخصائصه‬


‫النقل عصب احلياة فبه يسهل إنتقال األشخاص واخلربات من دولة إىل أخرى‪ ،‬وهو بذا يلعب‬

‫دوراً كبرياً يف جمال االقتصاد واحلضارة وتقدم اإلنسان(‪ ،)134‬كما أن النقل يلعب دوراً هاماً يف‬

‫دعم مراكز الدولة يف جمال النشاط االقتصادي(‪ ،)135‬حتى قيل بأن حضارة األمم تقاس مبا لديها من‬

‫خطوط وشبكات للنقل بوسائلها املختلفة(‪.)136‬‬

‫ويعتربالنقل اجلوي من أهم أنواع النقل مرتبة‪ ،‬نظراً لزيادة حجم التبادل التجاري اجلوي‬

‫الداخل ي والدويل‪ ،‬وزيادة حركة اإلنتقال ولذلك أصبح النقل اجلوي ضرورة من ضرورات‬

‫النقل(‪ .)137‬وسيتم تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب األول عن تعريف عقد النقل‬

‫اجلوي‪ ،‬وصصص املطلب الثاني للحديث عن خصائص عقد النقل اجلوي‪.‬‬

‫(‪ )134‬د‪ .‬حمد هللا محمد حمد هللا‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.5‬‬
‫(‪ )135‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.189‬‬
‫(‪ )136‬د‪ .‬محمد محمد هالليه‪ .‬محاضرات في القانون الجوي‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬بدون ناشر‪1991 ،‬م‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫(‪ )137‬ربان ‪ .‬مدحت عباس خلوصي‪ .‬قانون النقل الدولي‪ ،‬الشنهابي للطباعة‪ ،‬القاهرة‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.71‬‬
‫‪68‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف عقد النقل اجلوي‬


‫ور د تعريف العقد لغةً يف بعض الكتب مبعنى‪ :‬الربط أو الشد أو التوثيق واألحكام والقوة‪،‬‬

‫أو اجلمع بني شيئني(‪ )138‬والعقد مبعنى املعاهدة وامليثاق‪ ،‬وتعاقد القوم‪ :‬تعاهدوا‪ ،‬واجلمع عقود مبعنى‬

‫العهود أو الفرائض الالزمة(‪.)139‬‬

‫أما النقل لغةً فهو‪ :‬تغري مكان الشخص أو الشيء(‪ .)140‬وهو حتويل الشيء من موضع إىل موضع‪،‬‬

‫نقله ينقل نقالً فانتقل(‪.)141‬‬

‫و عقد النقل يف القانون‪ :‬عقد يلتزم مبقتضاه شخص(‪ )142‬يطلق عليه أمني النقل بنقل أشخاص أو‬

‫أشياء من جهة إىل أخرى بواسطة أداة نقل يف مقابل أجر(‪ ،)143‬والنقل عقد رضائي ينعقد مبجرد‬

‫توافق اإلجياب والقبول(‪ ،)144‬ولتلف أداة النقل حبسب اختالف حميط النقل‪ ،‬ويرتتب على هذا‬

‫االختالف أحكام خاصة خيضع هلا بالتايل عقد النقل(‪.)145‬‬

‫وعقد نقل األشخاص‪ :‬هو اتفاق(‪ )146‬يلتزم مبقتضاه الناقل بأن ينقل شخصاً أو أكثر‬

‫من مكان إىل آخر أو إىل ذات املكان( كما يف حالة النزهة ) (‪ )147‬مقابل أجر أو كراء معني‬

‫بواسطة وسيلة نقل مأمونة مناسبة‪ ،‬وبإلاذ اإلحتياطات الالزمة لسالمة املسافر وأمتعته(‪.)148‬‬

‫(‪ )138‬د‪ .‬تاج السر محمد حامد‪ .‬أحكام العقد‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬بدون ناشر‪ ،1993 ،‬ص‪.1‬‬
‫(‪ )139‬لسان العرب‪ ،‬لإلمام العالمة ابن منظور‪ ،‬ج‪ ،8‬دار الحديث‪2003 ،‬م‪ ،‬القاهرة‪ ،‬ص‪.683‬‬
‫(‪ )140‬د‪ .‬أكرم ياملكي‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1998 ،‬م‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫(‪ )141‬لسان العرب‪ ،‬ج‪ ،6‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.354‬‬
‫(‪ )142‬شخص هنا قد يكون فرد أو شركة عامة أو خاصة‪.‬‬
‫(‪ )143‬ال يشكل األجر أهمية في وجود عقد النقل عند بعض القوانين كالقانون األردني‪ ،‬إذ جاء تعريف عقد النقل في القانون‬
‫األردني خا ٍل من األجر‪ ،‬د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على األشخاص‬
‫وأمتعتهم‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪،1‬اإلصدار األول‪،‬عمان‪2008،‬م‪ ،‬ص‪.51‬‬
‫(‪ )144‬د‪ .‬علي جمال الدين عوض‪ .‬العقود التجارية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪1959 ،‬م‪،‬ص‪.144‬‬
‫(‪ )145‬د‪ .‬علي حسن يونس‪ .‬العقود التجارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪1969،‬م‪ ،‬ص‪.194‬‬
‫(‪ )146‬يرى البعض أن العقد يختلف عن االتفاق‪ ،‬فالعقد‪ :‬إنشاء إلتزام أو نقل حق‪ ،‬بينما االتفاق‪ :‬إنشاء إلتزام‪ ،‬أو تعديله‪ ،‬أو‬
‫إلغائه‪ ،‬أو نقل حق‪ ،‬وبذا يكون مفهوم االتفاق أوسع من مفهوم العقد‪ ،‬إال أن الفقه الغالب يرى عدم وجود أي أهمية‬
‫للتفرقة بين العقد و االتفاق‪ ،‬ويعتبر أنهما لفظان لمعنى واحد‪ .‬فاروق مصطفى السلمان‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي عن‬
‫سالمة المسافرين واألمتعة والبضائع‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة عدن‪2002،‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )147‬د‪ .‬علي جمال الدين عوض‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪69‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫واألمتعة‪ :‬هي األشياء اليت جيوز للمسافر محلها معه يف الطائرة وتسلم للناقل لتكون يف حراسته‬

‫أثناء النقل‪ ،‬وال يشمل هذا اللف ‪ ،‬األشياء الصغرية الشخصية اليت تبقى يف حراسة املسافر أثناء‬

‫السفر(‪.)149‬‬

‫وال خيتلف عقد نقل األشخاص جواً ‪-‬عموماً ‪ -‬يف جوهره عن سائر عقود النقل إالب من ناحية‬

‫األداة إذ أهنا يف هذا العقد تكون الطائرة‪ ،‬وبذا نستطيع القول بأن عقد نقل األشخاص جواً‪ :‬اتفاق‬

‫بني طرفني أحدمها الناقل واآلخر املسافر يتعهد فيه الناقل بنقل املسافر وأمتعته من نقطة القيام إىل‬

‫نقطة الوصول بواسطة الطائرة خالل فرتة زمنية حمددة لقاء أجرٍ حمدود‪ ،‬مع ضرورة توافر أركان‬

‫العقد من رضا وحمل وسبب(‪ ،)150‬وأضاف بعضهم األهلية(‪. )151‬‬

‫(‪ )148‬د‪ .‬حمد هللا محمد حمد هللا‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫(‪ )149‬المادة (‪ )205‬من قانون التجارة الكويتي رقم ‪ 68‬لسنة ‪1980‬م‪.‬‬
‫(‪ )150‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬عقد النقل الجوي‪ ،‬قواعد و أحكام‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ 2006 ،‬م‪ ،‬ص‪.15‬‬
‫(‪ )151‬د‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ ،‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬وفقا ً للتشريع الدولي الموحد والقانون المصري‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ 2005،‬م‪ ،‬ص‪ .60‬ونشير هنا إلى أن هذا الشرط ال يؤخذ على إطالقه وفي جميع األحوال؛‬
‫فنستطيع القول بإمكانية تطبيق هذا الشرط على أحد طرفي العقد دون اآلخر‪ ،‬أي الناقل دون المسافر‪ ،‬وعلى الرغم من‬
‫أن األهلية تعد ركن من أركان العقود المدنية‪ ،‬يؤثر إنعدامها أو نقصانها في وجود وصحة العقد‪ ،‬فإننا نجد عقد النقل‬
‫الجوي يكون صحيحا ً بنقصان أهلية المسافرأو إنعدامها‪ ،‬كالمسافر الطفل أو المجنون‪ ،‬أو كما في حالة نقل جثمان‬
‫الموتى‪.‬‬
‫‪70‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬خصائص عقد النقل اجلوي‬


‫ال خيتلف عقد النقل اجلوي –كما ذكرنا‪-‬يف تكوينه عن بقية عقود النقل األخرى إالب من حيث‬

‫الوسيلة اليت يتم هبا وهي (الطائرة)‪ ،‬فهو إذاً خيضع للقواعد العامة للعقود من حيث الشروط‬

‫املوضوعية‪ ،‬إالب أن لعقد النقل اجلوي بعض اخلصائص اليت ينفرد هبا عن سائر عقود النقل األخرى‬

‫ومن أهم تلك اخلصائص‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬اإلذعان ‪:‬‬


‫(‪)152‬‬
‫أن عقد النقل اجلوي يعترب من عقود اإلذعان‪ ،‬رغم أنه يقوم على مبدأ‬ ‫يرى البعض‬

‫الرضائية‪ ،‬إذ يتمثل هذا العقد بعدة شروط حمددة سلفاً من قبل شركات الطريان باعتبارها طرف‬

‫العقد األول‪ ،‬دون أن ميلك املسافر باعتباره الطرف الثاني إرادة مناقشة ومن ثم تعديل أو رفض‬

‫أي من هذه الشروط بل يتعني عليه قبوهلا ككل أو رفضها كوحدة واحدة(‪ ،)153‬ولذلك يرى البعض‬

‫أن من االستحالة مبكان املساواة بني املتعاقدين يف عقد النقل اجلوي(‪ ،)154‬بينما يرى البعض اآلخر‬

‫أن عقد النقل اجلوي عقد رضائي من عقود اإلذعان(‪.)155‬‬

‫ثانياً‪ :‬الرضائية‪:‬‬

‫يعترب عقد النقل اجلوي من العقود الرضائية‪ ،‬فال يشرتط النعقاده شكالً معيناً أو تسليم عيناً‬

‫معينةً‪ ،‬إ ا يكفي النعقاد عقد النقل اجلوي إقرتان اإلجياب الصادر من أحد املتعاقدين‪ -‬وهو هنا‬

‫الناقل‪ -‬بقبول الطرف اآلخر وتطابقهما‪ ،‬واألصل يف عقود النقل أن الناقل يعترب يف حالة إجياب عام‪،‬‬

‫(‪ )152‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )153‬دحسام عبد الغني الصغير‪ ،‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬بدون ناشر‪ ،‬القاهرة‪2006-2005 ،‬م‪ ،‬ص‪،103‬‬
‫‪.104‬‬
‫(‪ )154‬د‪ .‬بوعشة مبارك ‪ .‬قانون العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬جامعة التكوين المتواصل‪ ،‬السنة الثالثة‪ ،‬اإلرسال الثاني‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.3‬‬
‫(‪ )155‬أحمد محمد المليجي في رسالة دكتوراه قدمت ألكاديمية الشرطة في القاهرة بعنوان‪ :‬التنظيم القانوني والشرطي لدخول ومعاملة‬
‫األجانب في مصر‪1424 ،‬هـ‪2003 ،‬م‪ ،‬ص‪.214‬‬
‫‪71‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فينعقد العقد متى ما جاء قبول املسافر متطابقاً مع إجياب الناقل وشروطه مع إحتفاظ هذا األخري‬

‫لنفسه ببعض احلقوق‪ ،‬ومتى ماحدث ذلك فعلى الناقل إبرام العقد وإال عدَّ متعسفاً للمسافر‪ ،‬خمالً‬

‫مببدأ املساواة بني األفراد(‪. )156‬‬

‫ومن آثار رضائية عقد النقل اجلوي‪ :‬عدم ضرورة إفرا العقد يف قالب معني كشرط‬

‫شكلي‪ ،‬أو تأثر العقد بقيام الناقل بتحرير وثيقة النقل اجلوي وتسليمها للمسافر من عدمه‪ ،‬إ ا‬

‫يكمن دورها يف إثبات العقد(‪.)157‬‬

‫ثالث ًا ‪ :‬التجارية ‪:‬‬

‫يندرج النقل‪-‬بصفته خدمة عامة يقدمها الناقل اجلوي إىل املسافر‪-‬حتت قائمة األعمال‬

‫التجارية متى ما كان اهلدف هو حتقيق الربح‪ ،‬وكان النقل مبقابل‪ ،‬فيعترب النقل عمالً جتارياً ولو كان‬

‫ف للتجارة(‪.)158‬‬
‫الناقل غري تاجر أو غري حمرت ٍ‬
‫(‪،)159‬‬
‫كما يعد عمالً جتارياً النقل اجلوي وأي عمل متعلق به بغض النظر عن صفة القائم به أو نيته‬

‫ومل تشرتط القوانني العربية باجتاهاهتا احلديثة تكرار عملية النقل اجلوي أوانتظامه إلكتسابه صفه‬

‫التجارية بل يكفي أن يتم النقل ولو ملرة واحدة ليكون بذاك العقد عمالً جتارياً(‪ ،)160‬وهبذا ينفرد‬

‫(‪ )156‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ ،‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‪ ،‬حوداث الطيران‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪2007،‬م‪،‬‬
‫ص‪ . 131،130‬ولنا مالحظة هنا على ما ذكر أن الناقل يعتبر في إيجاب عام فهذا القول ال يوجد له سند قانوني في‬
‫األصل ذلك ألن القاعدة القانونية تقضي بانعقاد العقد متى إقترن قبول أحد األطراف بإيجاب الطرف اآلخر (العقد‪:‬‬
‫هو إرتباط اإليجاب الصادر من أحد المتعاقدين بقبول اآلخر‪ .‬المادة(‪)1/33‬من قانون المعامالت المدنية السوداني‬
‫لسنة‪ 1984‬م)‪ ،‬وعند تطبيق القاعدة السابقة على عقد النقل الجوي وإفتراض أن الناقل في حالة إيجاب عام النعقد‬
‫العقد بمجرد قبول المسافر‪ ،‬وأصبح بعد ذلك العقد منتجا ً آلثاره ملزما ً ألطرافه‪ ،‬أما التطبيق في الواقع فينم إلى عكس‬
‫ذلك إذ أن اتفاقية وارسو‪1929‬م و اتفاقية مونتريال ‪1999‬م من بعدها واإلتحاد الدولي للنقل الجوي(اآلياتا) قد‬
‫إحتفظت جميعها للناقل بحقه في عدم قبول المسافر أو إبرام عقد النقل دون إبداء أي أسباب لذلك أي بعد أن يقبل‬
‫المسافر إبرام العقد وبالتالي يقترن قبوله باإليجاب الصادر من الناقل‪ ،‬إال أن الناقل يستطيع بعد ذلك رفض التعاقد‬
‫ودونما أي سبب‪ ،‬فنخلص مما سبق إلى أن الناقل ال يمكن أن يعد في حالة إيجاب عام لكننا يمكن أن نطلق عليه أنه‬
‫في حالة دعوة للتعاقد‪.‬‬
‫(‪ )157‬د ‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.75‬‬
‫(‪ )158‬المادة (‪ )8‬من القانون التجاري اليمني رقم (‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫(‪ )159‬المادة (‪ )11/10‬من القانون التجاري اليمني رقم(‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫(‪ )160‬د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على األشخاص وأمتعتهم‪ ،‬ط‪ ،1‬اإلصدار‬
‫األول‪ ،‬دار الثقافة‪2008 ،‬م‪ ،‬ص ‪.56،57‬‬
‫‪72‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫عقد النقل اجلوي عن العقود التجارية األخرى حتى عن أقرب العقود جتانساً معه‪-‬عقد النقل‬

‫البحري‪-‬الذي يشرتط إحرتاف الناقل البحري لنشاط النقل على شكل مشروع جتارة وتكراره‬

‫لتقديم هذه اخلدمة كي يعد عمالً جتارياً‪.‬‬

‫وحنن إذ نقول بتجارية عقد النقل اجلوي نقصد جتاريته بالنسبة للناقل‪ ،‬فيعترب عقد النقل اجلوي‬

‫بالنسبة للناقل دائماً عقداً جتارياً‪ ،‬بشرط أن يكون عقد معاوضة(‪ ،)161‬أما بالنسبة للمسافر فال‬

‫يكون عقد النقل اجلوي عمالً جتارياً إالب يف حالة قيامه بالرحلة ألغراض جتارية أو تلبيةً حلاجته‬

‫التجارية(‪.)162‬‬

‫وما نقصده هنا هو عقد النقل اجلوي التجاري دون سواه من عقود النقل اجلوي األخرى كعقد‬

‫النقل اجلوي اإلداري(‪ )163‬وغريه‪.‬‬

‫رابعاً ‪ :‬عقد النقل اجلوي عقد شخصي ‪:‬‬

‫ونعين هبذه الصفة أن عقد النقل اجلوي يقوم على اعتبار أشخاص أطرافه‪ ،‬وهو هبذا املعنى‬

‫ميثل عقد شخصي بالنسبة للشخص املسافر والناقل معاً‪ ،‬فيقوم على اعتبار شخصية املسافر وبذا ال‬

‫يستطيع املسافر التنازل عن تذكرته لشخص آخر أو بيعها له‪ ،‬وال يستفيد منها غري صاحبها الذي‬

‫صدرت با ه‪ ،‬كما أن سفر الشخص على خط جوي يتبع ناقل معني دون أن تكون قد صدرت له‬

‫تذكرة سفرعنه يعد حبكم املسافر خلسة‪ ،‬وال يتحمل الناقل أية مسؤولية جتاهه‪ ،‬كما أن عقد‬

‫النقل اجلوي يقوم على االعتبار الشخصي للناقل(‪ ،)164‬فالعقد املربم بني املسافر والناقل يلزم الناقل‬

‫(‪ )161‬د‪ .‬أحمد محمد أبو الروس‪ .‬الموسوعة التجارية الحديثة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬الدار الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪،‬‬
‫ص‪.83‬‬
‫(‪ )162‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.203‬‬
‫(‪ )163‬عقد النقل اإلداري‪ :‬اتفاق يتعهد بمقتضاه شخص بنقل أشياء منقولة‪ ،‬أو بوضع وسيلة من وسائل النقل تحت تصرفه‬
‫كالطائرة أو السفينة‪ .‬د‪ .‬محمود حلمي‪ .‬العقد اإلداري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪1974 ،‬م‪ ،‬ص‪.178‬‬
‫(‪ )164‬على الرغم من هذا القول فإننا نجد بعض ما يمكن أن نسميه استثناء عليه‪ ،‬وهو ما نصت عليه المواد (‪ )40 ،39‬من‬
‫اتفاقية مونتريال‪ 1999‬م من إمكانية إبرام عقد النقل الجوي بواسطة ناقل أطلقت عليه االتفاقية اسم الناقل المتعاقد‪،‬‬
‫وتنفيذه بواسطة ناقل آخر أطلقت عليه اسم الناقل الفعلي‪ ،‬والتي سيأتي الحديث عنهما في الفصول الالحقة من هذه‬
‫الدراسة‪ ،‬إال أننا نشير إلى أن القصد من أن عقد النقل الجوي يعد شخصيا ً بالنسبة للناقل هو عدم تنصل الناقل المتعاقد‬
‫‪73‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بتنفيذه دون غريه‪ ،‬وما تقوم به شركات الطريان بتحويل املسافرين إىل شركات أخرى تقوم بتنفيذ‬

‫العقد يرتتب عليه نقل املسؤولية إىل هذه األخرية (‪.)165‬‬

‫ويف هذه احلالة نكون أمام نوعني من حدود املسؤولية بالنسبة للناقل حنو املسافر‪:‬‬

‫األوىل‪ :‬فيما إذا كانت مسؤولية كال من الشركتني متساوية حنو املسافر فال تثور أي مشكلة ‪.‬‬

‫الثانية‪ :‬فيما لو إختلفت حدود مسؤولية الشركتني حنو املسافر وهنا إما أن تكون‪:‬‬

‫أ ‪ .‬حدود مسؤولية الشركة اليت فتحت عليها التذاكرحمددة حبدود أكرب من الشركة املتعاقدة‬

‫مع املسافر‪.‬‬

‫ب‪ .‬حدود مسؤولية الشركة اليت فتحت عليها التذاكرحمددة حبدود أقل من الشركة املتعاقدة‬

‫مع املسافر وهنا جيوز للمسافر الرجوع على الشركة املتعاقدة بفارق حدود املسؤولية‪.‬‬

‫ويرتتب على شخصية عقد النقل اجلوي مايلي‪:‬‬

‫‪ ‬أن العقد ال ينعقد مبجرد قبول أي شخص للعرض املقدم من الناقلني فيجوز للناقل‬

‫رفض قبول املسافر للتعاقد برغم أن الناقل يعد يف وضع إجياب دائم حلني إقرتان إجيابه‬

‫بقبول املسافر ‪.‬‬

‫‪ ‬جيوز للناقل رفض التعاقد ألسباب تتعلق بشخص املسافر‪.‬‬

‫‪ ‬احلقوق وااللتزامات الناشئة عن عقد النقل اجلوي شخصية غري قابلة لالنتقال لشخص‬

‫آخر(‪. )166‬‬

‫خامس ًا ‪ :‬األمان ‪:‬‬

‫من مسؤوليته حيال األضرار التي قد تصيب المسافر حتى وإن أوكل تنفيذ العقد لناقل آخر فإنه يكون باستطاعة‬
‫المسافر الرجوع على الناقل الذي أب رم عقد النقل الجوي معه حتى وإن قام بتنفيذ عقد النقل الجوي ناقل آخر وسنبين‬
‫ذلك تفصيالً عند الحديث عن الناقل المتعاقد والناقل الفعلي في الفصل الرابع من هذه الدراسة‪.‬‬
‫(‪ )165‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫(‪ )166‬فاروق مصطفى السلمان‪ .‬مرجع سابق‪،‬ص‪.11‬‬
‫‪74‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أصبح النقل اجلوي يعد أكثر الوسائل أماناً لإلنتقال خاصة مع تطور صناعة النقل اجلوي‬

‫وتكنولوجيا تصنيع وجتهيز الطائرات(‪ ،)167‬وبذا يفوق النقل اجلوي‪ -‬رغم حداثته ‪ -‬وسائل النقل‬

‫األخرى‪ ،‬فحوادث ومن ثم ضحايا النقل اجلوي قد تضاءلت مؤخراً‪ ،‬حتى أصبحت أقل بكثري منها‬

‫يف النقلني الربي أو البحري‪ ،‬إذ تفيد دراسات أجريت يف بعض الدول أن ضحايا النقل الربي تصل‬

‫إىل ‪ 235‬شخص يومياً وهو رقم مهول أمام ضحايا النقل اجلوي‪ ،‬كما يذهب البعض للقول بتعرض‬

‫قائد الطائرة عند استخدامه لسيارته اخلاصة ملخاطرتزيد أربع مرات عن املخاطر اليت يتعرض هلا‬

‫وهو على منت طائرته(‪. )168‬‬

‫سادساً‪ :‬اإلحتكار‪:‬‬

‫أيضا يتميز النقل اجلوي بإحتكار نقل بعض األشياء اليت ينحصر نقلها على النقل اجلوي‬

‫فينفرد هبا دون غريه‪ ،‬مثل نقل البضائع ذات العناية اخلاصة‪ ،‬كاألجهزة العلمية الدقيقة‪،‬‬

‫واألجهزة اإللكرتونية عالية احلساسية‪ ،‬أو تلك عالية القيمة خفيفة الوزن كالقطع األثرية أو‬

‫كسب ًا لعامل الزمن يف بعض املنقوالت سريعة التلف‪ ،‬أو لصعوبة تضاريس بعض املناطق حبيث‬

‫ال تستطيع وسائل النقل األخرى الوصول إليها(‪.)169‬‬

‫وميتاز أيضاً النقل اجلوي بالسرعة اليت أصبحت من مقومات احلياة االقتصادية‪ ،‬واحلداثة‬

‫إذا ما ق ورن بالنقلني الربي و البحري‪ ،‬فقد ظهر القانون اجلوي مع بداية ظهور تقنية‬

‫استخدام الفضاء اجلوي كوسيلة للنقل‪ ،‬واملالحة فيه(‪. )170‬‬

‫(‪ )167‬يقول البعض بأن النقل الجوي يعد أكثر وسائل النقل أمانا ً ألنه يعد أكثرها خطورة‪ (.‬الشيخ‪ /‬عبد الجليل الكاروري‪.‬‬
‫خطيب مسجد الشهيد‪ ،‬الخرطوم‪ 10 ،‬جمادى اآلخر‪1429‬م‪2008/6/13-‬م)‪ .‬ولعل القصد من ذلك أن كثرة مخاطر‬
‫النقل الجوي و حجمها الكبير قد دفعت صناعة النقل الجوي إلى استخدام أرقى ما وصل إليه العقل البشري من‬
‫التكنولوجيا الدقيقة لزيادة مجال األمان في الطائرات‪.‬‬
‫(‪ )168‬د‪ .‬محمد عبد الحميد القاضي‪ .‬أصول القانون الجوي‪ ،‬دار الرحمن للطباعة‪ ،‬القليوبية‪2003 ،‬م‪2004-‬م‪ ،‬ص ‪137‬‬
‫ـ‪.139‬‬
‫(‪ )169‬د‪ .‬محمد عبد الحميد‪ .‬القانون الواجب التطبيق على النقل الجوي الدولي في المملكة العربية السعودية‪ ،‬مكتبة النصر‪،‬‬
‫الزقازيق‪1989 ،‬م‪ ،‬ص‪.9‬‬
‫(‪ )170‬المسافر‪ ،‬دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬العدد(‪ ،)74-73‬فبراير‪-‬مارس‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫‪75‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أنواع عقد النقل اجلوي‬


‫ينقسم عقد النقل اجلوي إىل أنواع عدة حبسب طبيعة نشاطه‪ ،‬فيتنوع من حيث جتاريته إىل نقل‬

‫جوي للبضائع ونقل جوي للمسافرين‪ ،‬ويتنوع من حيث وجود األجرة إىل نقل جوي مبقابل ونقل‬

‫جوي باجملان‪ ،‬ومن حيث انتظام رحالت الطائرة وفق جدول زمين معلن عنه أو متعارف عليه‬

‫ينقسم النقل اجلوي إىل نقل جوي منتظم ونقل جوي غري منتظم‪ ،‬ومن حيث الغرض منه ينقسم النقل‬

‫اجلوي إىل نقل جوي عام تقوم به الدولة لغرض خدمات عامة كاإلغاثة‪ ،‬واإلنقاذ‪ ،‬ونقل جوي‬

‫خاص إما للدولة كنقل الوفود الر ية‪ ،‬أوللمؤسسات والشركات اخلاصة كنقل طاقم تنقيب عن‬

‫برتول أو فريق استكشاف معادن‪ ،‬أو خاص باألفراد كمن ميتلك طائرة يتنقل هبا‪ ،‬ومن حيث‬

‫النطاق اجلغرايف يتنوع النقل اجلوي إىل نقل جوي داخلي ونقل جوي دويل‪ ،‬وأخرياً فإن النقل اجلوي‬

‫ينقسم من حيث نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪-‬موضوع دراستنا‪ -‬إىل نقل جوي خاضع هلذه‬

‫االتفاقية‪ ،‬ونقل جوي غري خاضع هلا(‪.)171‬‬

‫إال أن مايهمنا يف هذا املقام هو أنواع النقل اجلوي من حيث النطاق اجلغرايف‪ ،‬ومن حيث‬

‫نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م‪ ،‬وعليه سيتم تقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب‬

‫األول عن أنواع النقل اجلوي من حيث نطاق تنفيذه اجلغرايف‪ ،‬ويف املطلب الثاني نتحدث عن أنواع‬

‫عقد النقل اجلوي من حيث نطاق تنفيذه القانوني‪.‬‬

‫(‪ )171‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.190،191‬‬


‫‪76‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬النطاق اجلغرايف لتنفيذ عقد النقل اجلوي‬


‫إذا ما تنفيذ النقل اجلوي يف احلدود اإلقليمية للدولة يكون عندها نقالً جوياً داخلياً‬

‫خاضعاً ألحكام قانون تلك الدولة الوطين‪ ،‬وأما إن جتاوز تنفيذه احلدود اإلقليمية للدولة فيصبح‬

‫عقد النقل حينئذٍ عقد نقل جوي دويل خيضع يف تنظيمه لالتفاقيات الدولية حبسب قواعد وشروط تلك‬

‫االتفاقيات‪ ،‬ونفصل ذلك كما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬النقل اجلوي الداخلي ‪:‬‬

‫هو النقل الذي يتم تنفيذه كامالً داخل احلدود اإلقليمية للدولة‪ ،‬وتطبق عليه القوانني الوطنية‬

‫للدولة‪ ،‬وغالباً ما خيضع للقواعد العامة للنقل واملستقاة من روح القانون املدني أو التجاري‪ ،‬إالب‬

‫أنه وجتنباً لتعارض تلك القوانني مع أحكام االتفاقيات اليت تنظم النقل اجلوي واليت تكون الدولة‬

‫طرفاً فيها‪ ،‬تلجأ الدول إىل دم قواعد تلك االتفاقيات مع قانوهنا الوطين‪ ،‬أو النص على تطبيق‬

‫أحكام االتفاقية عند حدوث تعارض بني االتفاقيات وقوانينها الوطنية‪.‬‬

‫تعريف النقل اجلوي الداخلي يف القانون السوداني‪:‬‬

‫مل يتعرض قانون الطريان املدني السوداني‪ 1999‬م لتعريف النقل الداخلي‪ ،‬غري أنه قد ورد‬

‫تعريف النقل الداخلي يف قانون الطريان ‪1960‬م‪ ،‬حيث يعترب النقل داخلياً وفقاً لقانون الطريان‬

‫‪1960‬م إذا كان النقل على شكل سلسلة من الرحالت اليت تتوفر فيها الشروط التالية ‪:‬‬

‫‪ -1‬أن متر عرب الفرا اجلوي فوق اإلقليم السوداني دون غريه‪،‬‬

‫‪-2‬أن تقوم هبا طائرات لنقل املسافرين أو احليوانات أو الربيد أو البضائع مقابل أجر‬

‫حبيث تكون كل رحلة منها متاحة الستعمال أفراد اجلمهور(‪.)172‬‬

‫(‪ )172‬المادة(‪ )2‬من قانون الطيران السوداني لسنة ‪1960‬م‪.‬‬


‫‪77‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أما عن أحكام مسؤولية أطراف عقد النقل الداخلي فقد نص قانون الطريان املدني‬

‫‪ 1999‬م على أهنا مسؤولية تعاقدية لضع ملا حيدده املدير العام للهيئة العامة للطريان املدني‬

‫السودانية من أحكام بشأهنا(‪.)173‬‬

‫كما أن القانون السابق قد حظر على الطائرات األجنبية القيام بنقل املسافرين أو البضائع أو‬

‫الربيد بني نقطتني واقعتني يف إقليم الدولة‪ ،‬واستثنى من ذلك احلالة اليت يصدر فيها هلذه الطائرات‬

‫تصريح بذلك من قبل اهليئة العامة للطريان املدني السودانية على أن يكون ذلك التصريح يف أضيق‬

‫حدوده وفق ما تقتضيه احلاجة لذلك(‪.)174‬‬

‫ويقتصر النقل اجلوي الداخ لي على الشركات الوطنية للدولة العتبارات اقتصادية أو سياسية‬

‫أو أمنية‪ ،‬وهذا ما يسمى بالنقل اجلوي الداخلي احملظور(‪ ،)175‬إالب أن بعض الدول قد تصدر‬

‫تراخيص لشركات طريان أجنبية للعمل يف جمال النقل الداخلي وفق ضوابط وأحكام لتص هبا‬

‫اهليئة العامة للطريان املدني الوطنية واليت يتعني على هذه الشركات االلتزام هبا وعدم خمالفتها‪.‬‬

‫تعريف النقل اجلوي الداخلي يف القانون اليمين‪:‬‬

‫ورد تعريف النقل اجلوي الداخلي يف القانون اليمين على أنه‪(:‬النقل اجلوي املقرر أن يبدأ‬

‫وينتهي يف نقطة أو أكثر تقع يف احلدود اإلقليمية للدولة) (‪.)176‬‬

‫ومن ال تعريف السابق جند أن القانون اليمين مل يشرتط يف تعريفه للنقل الداخلي عدم للل‬

‫نقطيت البداية والنهاية نقطة توقف يف دولة‪ ،‬وهنا قد يتداخل هذا النص مع اتفاقية مونرتيال‬

‫‪ 1999‬م إذ أنه يعد نقالً دولياً من منظور االتفاقية كل نقل تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي‬

‫(‪ )173‬المادة(‪ )118‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )174‬المادة(‪ )66‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )175‬أطلق القانون اليمني على هذا النوع من النقل اسم (الكابوتاج) بحيث ال يجوز ألي طائرة أجنبية أن تقوم بنقل مسافرين‬
‫أو بضا ئع أو بريد مقابل أجر أو مكافأة من نقطة داخـــل إقليم الجمهورية اليمنية إلى نقطة أخرى داخــــل نفس اإلقليم‪.‬‬
‫المادة( ‪ )15‬قانون الطيران المدني اليمني رقم(‪)12‬لسنة‪1993‬م‪.‬‬
‫(‪ )176‬المادة(‪ )43/1‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم(‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪78‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫في ه داخل إقليم دولتني طرفني يف االتفاقية‪ ،‬أو إقليم دولة واحدة متعاقدة بشرط وجود نقطة‬

‫توقف مشروطة يف إقليم دولة أخرى‪ ،‬وعليه فإن أقلعت طائرة من مطار صنعاء متجهة إىل‬

‫مطار احلديدة‪-‬بفرض اجلمهورية اليمنية طرفاً يف االتفاقية‪-‬وكان هلا نقطة توقف مشروطة يف‬

‫مطار أ رة فإن هذا النقل يعد دولياً من منظور االتفاقية‪ ،‬بينما ال يعد كذلك من منظور‬

‫القانون اليمين ‪.‬‬

‫‪ .2‬النقل اجلوي الدويل‪:‬‬

‫فصلت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م تعريف النقل اجلوي الدويل ونصت على صورتني يعترب فيهما‬

‫النقل اجلوي دولياً‪ ،‬و هاتان الصورتان مها‪:‬‬

‫أ‪ .‬أي نقل تكون فيه نقطتا املغادرة واملقصد النهائي واقعتني يف إقليمي دولتني طرفني‪:‬‬
‫‪(The expression international carriage means any‬‬
‫‪carriage in which، according to the agreement between‬‬

‫‪the parties، the place of departure and the place of‬‬


‫)‪destination within the territories of two States Parties‬‬
‫(‪)177‬‬
‫‪.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد اشرتطت العتبار النقل دولياً أن تقع‬

‫نقطة املغادرة(‪- )Departure‬وفقاً ملا عليه االتفاق بني الناقل واملسافر بغض النظر عما‬

‫تنفيذه من نقل فعالً‪-‬يف إقليم إحدى الدول األطراف فيها‪ ،‬و تقع نقطة املقصد‬

‫النهائي(‪ ) Destination‬يف إقليم دولة أخرى طرفاً يف االتفاقية‪ ،‬ولكن جيب أن نشري هنا إىل‬

‫أن االتفاقية قد قصدت مبصطلح "املقصد النهائي" نقطة احملطة األخرية بالنسبة للمسافر‬

‫(‪ )Passenger‬وليس للناقل (‪ )Carrier‬فقد عربت عن نقطة املقصد النهائي مبصطلح اهلبوط أو‬

‫(‪ )177‬المادة (‪ )2/1‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪79‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الوصول(‪ ،)Destination‬و بالتايل فإن االتفاقية تعترب النقل دولياً وفق ما سبق تفصيله حتى‬

‫وإن كانت نقطة املقصد األخري للناقل تقع يف دولة اإلقليم نفسها اليت أقلع منها‪.‬‬

‫أ ي نقل تقع فيه نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف إقليم دولة واحدة طرف بشرط‬ ‫ب‪.‬‬
‫وجود نقطة رسو جوي يف إقليم دولة أخرى‪:‬‬
‫‪(The expression international carriage means any‬‬
‫‪carriage in which، according to the agreement between‬‬

‫‪the parties، the place of departure and the place of‬‬


‫‪destination within the territory of a single State Party if‬‬
‫‪there is an agreed stopping place within the territory of‬‬
‫‪another State))178(.‬‬

‫الصورة الثانية اليت يصبح النقل اجلوي دولياً فيها وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م هي‬

‫أن تقع نقطة املغادرة واملقصد النهائي (بالنسبة للمسافر) يف إقليم دولة واحدة طرفاً يف االتفاقية‬

‫بشرط وجود نقطة رسو جوي(توقف))‪ (stopping‬يف إقليم دولة أخرى‪ ،‬وال أمهية إن كانت‬

‫هذه األخرية طرف ًا يف االتفاقية أم مل تكن كذلك‪:‬‬

‫‪(Even if that State is not a State Party))179(.‬‬

‫ونشري إىل أنه ويف كلٍ من الصورتني السابقتني(أ‪ ،‬ب) ال يؤثر ما قيمَ به من نقل فعالً على‬

‫دولية عقد النقل إذا ما اتفق أطرافه على دوليته وفق إحدى الصورتني السابقتني‪.‬‬

‫وبذا نرى أنه يعترب نقالً جوياً دولياً يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م كل نقل تكون فيه نقطتا‬

‫املغادرة واملقصد النهائي واقعتني ‪:‬‬

‫ـ ـ إما يف إقليم دولتني متعاقدتني أو‪،‬‬

‫(‪ )178‬المادة(‪ )2/1‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )179‬المادة(‪ )2/1‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ـ ـ يف إقليم دولة واحدة متعاقدة بشرط وجود حمطة توقف يف دولة أخرى ويستوي أن‬

‫تكون هذه األخرية طرفاً يف االتفاقية أو ليست طرفاً فيها ‪.‬‬

‫وال يؤثر انقطاع النقل أو تغيري الطائرة أو جنسية األطراف على دولية العقد إذا ما‬

‫استوفى الشروط السابقة ‪.‬‬

‫‪81‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬النطاق القانوني لتطبيق اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬


‫أوالً‪ :‬النقل اجلوي اخلاضع التفاقية مونرتيال‪1999‬م‪:‬‬

‫تطبق نصوص اتفاقية مونرتيال‪1999‬م على النقل اجلوي الدويل بصوره اليت حددناها يف‬

‫املطلب األول من هذا املبحث وقد نصت االتفاقية على ذلك يف صدارة أحكامها‪:‬‬
‫‪(This Convention applies to all international carriage‬‬
‫‪of persons، baggage or cargo performed by aircraft for‬‬
‫‪reward. It applies equally to gratuitous carriage by‬‬
‫‪aircraft performed by an air transport undertaking))180(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد نصت على تطبيق أحكامها على كل نقل لألشخاص أو‬

‫األمتعة أو البضائع بشرط أن يكون النقل دويل(‪ )International‬وبواسطة‬

‫مبقابل‪ ،‬أي بأجر (‪ )Reward‬مع وجود استثناء‬ ‫طائرة(‪ )Aircraft‬و أن يكون النقل قد‬

‫على هذه األخرية‪ ،‬ونفصل مجيع هذه الشروط كاألتي‪:‬‬

‫‪ .1‬وجود عقد نقل جوي ‪:‬‬

‫لعل أهم شرط من شروط خضوع النقل اجلوي التفاقية مونرتيال‪1999‬م هو وجود عقد نقل‬

‫جوي‪ ،‬وعلى الرغم من أن االتفاقية مل تتعرض هلذا الشرط صراحةً إالب أنه ميكن استنتاج‬

‫ضرورته من مصطلح "نقل دويل" (‪ )International carriage‬الوارد يف النص‬

‫والذي اشرتطت االتفاقية لدولية العقد‪-‬كما بينا يف املطلب السابق‪ -‬أن يكون دولياً حسب‬

‫اتفاق أطرافه‪ ،‬فتبنى باقي الشروط على وجوده‪ ،‬و يتضمن هذا الشرط عنصرين ‪:‬‬

‫األول‪ :‬وجود العقد‪:‬‬

‫(‪ )180‬المادة (‪ )1/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪82‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فال يكون التغيري املكاني لألشخاص أو األمتعة خاضعاً لالتفاقية ما مل يكن مبوجب‬

‫عقد‪ ،‬وبذا خيرج املسافر خلسة عن نطاق تطبيق االتفاقية‪ ،‬فإذا ما صعد شخص خلسة إىل‬

‫النقل وحصل تغيري ملكان هذا الشخص‪ ،‬إالب أن طريقة انتقاله كانت‬ ‫الطائرة‪ ،‬ومن ثم‬

‫خلسة ومتصفة بعدم وجود تعاقد ومن ثم عقد النقل بني املسافر و الناقل‪ ،‬يف هذه احلالة ال‬

‫نستطيع وصف السفر بنقل جوي خاضع لالتفاقية وال يلتزم الناقل قبل املسافر حبدود املسؤولية‬

‫ا ملقررة يف االتفاقية‪ ،‬بل خيضع التقدير عندئذٍ للقوانني الوطنية‪ ،‬وحبسب القانون املطبق على‬

‫النزاع‪ ،‬وحينها ال يستحق املسافر شيئاً من التعويض باعتباره متعدياً يف بعض القوانني كالقانون‬

‫األجنلو أمريكي‪ ،‬أو قد حيصل على تعويض كامل أكرب من املسافر املتعاقد وهذا يف حالة أن‬

‫أخذت احملكمة مببدأ املسؤولية التقصريية غري احملدودة للناقل‪ ،‬وهنا يرى بعض الفقهاء أن‬

‫املسافر خلسة ال يستحق بأي حال تعويض أكرب مما حيصل عليه املسافر املتعاقد(‪.)181‬‬

‫الثاني‪ :‬أن يكون حمل العقد هو نقل األشخاص أو األمتعة ‪:‬‬

‫رغم عدم نص االتفاقية صراحة على هذا الشرط إالب أن البعض يضيفه مستنتجاً له من عبارة‬

‫"مبقابل" الواردة يف الفقرة األوىل من املادة (‪ ،)1‬ومن عبارة "حبسب اتفاق الطرفني" الواردة يف‬

‫الفقرة الثانية من املادة املذكورة‪ ،‬فيدل ذلك على أنه لتطبيق أحكام االتفاقية البد من وجود عقد‬

‫نقل جوي و أن يكون حمل هذا ا لعقد هو نقل األشخاص أو األمتعة أو البضائع وبذا خيرج عن‬

‫نطاق تطبيق االتفاقية كل عقد ليس حمله ما ذكر‪ ،‬كعقد إجيار الطائرة‪ ،‬أو عقد العمل املربم بني‬

‫الناقل وتابعيه أو أفراد الطاقم الذين يعملون معه‪ ،‬على الرغم من أهنم يسافرون مع املسافر‬

‫ويتعرضون لنفس األخطار اليت قد يتعرض هلا املسافر فيخضع العقد يف هذه األخرية لقانون العمل‬

‫الوطين للدولة وليس ألحكام االتفاقية‪ ،‬أما إذا سافر أحد تابعي الناقل أو أفراد الطاقم على‬

‫أحمد إبراهيم الشيخ‪ .‬المسؤولية عن تعويض أضرار النقل الجوي الدولي وفقا ً التفاقية وارسو‪1929‬م‪،‬‬ ‫(‪)181‬‬

‫ومونتريال‪1999‬م‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪2006 ،‬م‪ ،‬ص‪.85‬‬


‫‪83‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫طائرة تتبع خلط النقل الذي يعمل لديه مبوجب تذكرة سفر فإن هذا النقل خيضع لالتفاقية‪ ،‬و إن كانت‬

‫التذكرة بدون مقابل أو كانت قيمتها رمزية(‪. )182‬‬

‫‪ .2‬أن يكون عقد النقل اجلوي دولي ًا ‪:‬‬

‫فقد نصت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م صراحة على هذا الشرط إلخضاع عقد النقل ألحكامها‪،‬‬

‫والنقل الدويل‪ :‬هو النقل الذي يتجاوز تنفيذه احلدود اإلقليمية للدولة الواحدة(‪ ،)183‬ويكون النقل‬

‫اجلوي دولياً يف عرف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م إذا ‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬وقع النقل بني دولتني كل منهما طرف ًا يف االتفاقية ‪:‬‬

‫ونعين بذلك أن حيصل النقل بني نقطتني تقع أحدمها يف إقليم دولة وتقع الثانية يف إقليم دولة‬

‫أخرى بشرط أن تكون كل من الدولتني طرفاً يف االتفاقية‪ ،‬وتكون الدولة طرف يف االتفاقية‬

‫متى ما انضمت إليها أو صادقت عليها وال يكفي جمرد التوقيع على االتفاقية العتبار الدولة طرفاً‬

‫فيها(‪ ،)184‬ويسمى النقل اجلوي يف هذه احلالة النقل اجلوي يف حالة ثنائية اإلقليم‪.‬‬

‫ومما سبق نستنت أن ‪:‬‬

‫تنفيذه يف حدود إقليمية لدولة واحدة فقط بينما اتفق األطراف على‬ ‫النقل الذي‬ ‫‪‬‬

‫دوليته يظل دولياً خاضعاً ألحكام االتفاقية‪ :‬كأن تقل طائرة مسافرين مبوجب عقد‬

‫نقل من "اخلرطوم" إىل كل من "بور تسودان" فـ "صنعاء" على نفس الرحلة‪ ،‬فيكون‬

‫النقل داخلياً خيضع ألحكام قواعد اإلسناد يف دولة القاضي بالنسبة للمسافرين‬

‫املتجهني إىل "بور تسودان" بينما حيتف النقل نفسه بدوليته بالنسبة ألُولَئكَ املتجهني إىل‬

‫(‪ )182‬د ‪ .‬هشام خالد‪ .‬ماهية العقد الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪2007،‬م‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫(‪ )183‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.35‬‬
‫(‪ )184‬فاروق أحمد محمد زاهر‪ .‬تحديد مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للنظام الفارسوفي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1985‬ص‪.200 ،199‬‬
‫‪84‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫"صنعاء" حتى وإن سقطت الطائرة وحتطمت قبل هبوطها يف "بور تسودان" وهذا ما‬

‫نسميه بـ (األمان القانوني) (‪. )185‬‬

‫‪ ‬النقل الذي يقع بني دولتني ليست أيٌ منهما طرفاً يف االتفاقية ال يعد نقالً دولياً يف عرف‬

‫ال دولي ًا من الناحية اجلغرافية فقط ‪.‬‬


‫االتفاقية وإ ا يعد نق ً‬

‫‪ ‬النقل الذي يقع بني دولتني أحدمها متعاقدة واألخرى غري متعاقدة ال يعد‪-‬أيضاً‪-‬نق ً‬
‫ال‬

‫دولياً من منظور االتفاقية‪ ،‬وال يصبح النقل خاضعاً لالتفاقية جملرد حدوث رسو جوي‬

‫قبل الوصول لنقطة املقصد النهائي حتى لو كان هذا الرسو قد وقع يف دولة متعاقدة‬

‫طاملا كان هذا الرسو غري مشروط عند اتفاق الطرفني‪ ،‬إذ العربة باتفاق الطرفني ونقطة‬

‫تنفيذه فعالً من العقد‪ ،‬والعربة من ذلك هي‪ :‬أن‬ ‫القيام واملقصد النهائي‪ ،‬وليس مبا‬

‫كل طرف تكون يف نيته عدة اعتبارات قبل إبرام العقد‪ :‬فاملسافر تتاح له الفرصة‬

‫ملعرفة األحكام املطبقة على عقد النقل‪ ،‬والقانون الذي خيضع له عقد النقل قبل أن‬

‫يبدأ مراعاة مقتضيات األمان القانوني‪ ،‬فيقوم بالتأمني الشخصي على األضرار اليت قد‬

‫تصيبه‪ ،‬أو لتبيان وجود مصلحة خاصة يف استالمه أمتعته عند نقطة املقصد النهائي‪-‬كما‬

‫سيأتي تفصيل ذلك يف الفصول القادمة‪ -‬أو االتفاق مع الناقل لزيادة حدود مسؤولية‬

‫هذا األخري عما حددهتا االتفاقية من حدود للتعويض‪ ،‬والناقل يكون ملتزم بنقطيت‬

‫البداية والنهاية‪ ،‬عاملاً حبدود مسؤوليته عن كل حاله من حاالهتا مع احتفاظه حبقه يف‬

‫اهلبوط أو عدم اهلبوط يف أقاليم أخ رى أثناء تنفيذ عقد النقل إذا اضطرته لذلك ظروف‬

‫(‪)185‬‬
‫د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬التنظيم القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪ ،‬تحديث نظام وارسو‪،‬‬
‫ط‪،1‬مجلس النشر العلمي‪ ،‬جامعة الكويت‪ ،‬الكويت‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫‪85‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫قاهرة(‪ ،)186‬ويف كلٍ خيضع النقل يف هتني احلالتني للقانون الذي تشري إليه قواعد اإلسناد‬

‫يف احملكمة املختصة بنظر النزاع‪.‬‬

‫النقل بني دولتني إحدامها طرفٌ يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م دون األخرى‪ ،‬لكن‬ ‫‪‬‬

‫كليهما طرفٌ يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬أو بروتوكول الهاي ‪1955‬م‪ ،‬يبعد عقد‬

‫النقل عن تطبيق أحكام مونرتيال ‪1999‬م وخيضع النقل ألحكام وارسو ‪1929‬م‬

‫أو الهاي‪1955‬م ‪-‬حبسب احلال ‪-‬باعتبارها االتفاقية األقرب للدولتني واجلامعة‬

‫لعضويتهما فيها(‪.)187‬‬

‫ثانياً‪ :‬أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف إقليم دولة واحدة طرف يف االتفاقية بشرط‬

‫وجود رسو جوي مشروط يف دولة أخرى(رحالت الذهاب والعودة) ‪:‬‬

‫وهو النوع الثاني من أنواع النقل اجلوي الدويل الذي يدخل حتت نطاق تطبيق االتفاقية‬

‫وصورته أن يتم النقل بني نقطتني تقعان يف إقليم دولة واحدة بشرط‪:‬‬

‫‪ .i‬أن تكون هذه الدولة طرف ًا يف االتفاقية ‪.‬‬

‫‪ .ii‬أن حيصل رسو جوي يف إقليم دولة أخرى ‪.‬‬

‫‪ .iii‬أن يكون متفق ًا على هذا الرسو يف عقد النقل ‪.‬‬

‫فإذا غادرت "اخلرطوم" طائرة متجهة إىل " بور تسودان " وحصل رسو جوي مشروط(أي‬

‫متفق عليه يف عقد النقل) يف "أديس أبابا" فإن هذا النقل خيضع ألحكام االتفاقية‪-‬على اعتبار أن‬

‫"السودان" طرفاً يف االتفاقية‪-‬يستوي يف ذلك كانت "أثيوبيا" طرفاً يف االتفاقية أم مل تكن كذلك‪،‬‬

‫فالنقل هنا قد وقع بني إقليمني خيضعان لسيادة دولة متعاقدة ويسمى النقل يف هذه احلالة بالنقل‬

‫اجلوي الدويل يف حالة أحادية اإلقليم‪.‬‬

‫(‪ )186‬د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.37‬‬


‫(‪ )187‬ربان‪ .‬مدحت عباس خلوصي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.74‬‬
‫‪86‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ومما سبق نستنت أنه ‪:‬‬

‫‪ ‬ال ي قدح يف دولية النقل عدم ذكر حمطة الرسو اجلوي عند التعاقد بل يكفي‬

‫إعالن الناقل عنها وإعالم املسافر هبا ‪.‬‬

‫‪ ‬ال يقدح يف دولية النقل وقوع نقطة الرسو اجلوي يف دولة غري طرف يف االتفاقية ‪.‬‬

‫ال يقدح يف دولية النقل عدم حصول الرسو اجلوي املتفق عليه حبجة أن النقل قد‬ ‫‪‬‬

‫تنفيذه داخلياً فإذا غادرت طائرة من "اخلرطوم" متجهة إىل "بور تسودان"‬

‫وفق عقد نقل جوي مشروط برسو جوي يف "أديس أبابا" ولظروف طارئة تغري‬

‫مسار الطائرة فاجتهت مباشرة إىل "بور تسودان" دون أن تنزل يف "أديس أبابا"‬

‫تنفيذه من‬ ‫يظل العقد دولياً إذ العربة‪-‬كما أسلفنا‪-‬باتفاق األطراف وليس مبا‬

‫العقد ‪.‬‬

‫‪ ‬ال يؤثر على دولية النقل شكليته أو إفراغه بصيغة عقد نقل واحد أم عقود‬

‫متعددة كالنقل املتتابع(‪ ،)188‬أو النقل املشرتك(‪.)189‬‬

‫(‪ )188‬النقل المتتابع ‪ :‬هو قيام عدة ناقلين بتنفيذ عقد نقل واحد( د‪ .‬نادية محمد معوض‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‪ ،‬دار‬
‫الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪2001 ،‬م‪ ،‬ص‪ .60‬وأنظر أيضاً‪ :‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ )91‬وصورة ذلك‬
‫العقد أن يتفق المسافر مع الخطوط السودانية‪-‬كناقل‪-‬لنقله من " الخرطوم" إلى " الرياض " على أن يكون هناك رسو‬
‫جوي في " اسمرة "‪ ،‬و " صنعاء " و" جدة" تتولى في " صنعاء" اليمنية‪-‬كناقل‪ -‬تنفيذ باقي العقد من " صنعاء "‬
‫إلى " الرياض‪ ،‬فواصلت رحلتها إلى "جدة " وتحطمت بعد اقالعها من "جدة" وقبل وصولها إلى"الرياض"‪ ،‬فيظل‬
‫العقد دوليا ً على الرغم من حصول الحادث بين نقطتين واقعتين في إقليم دولة واحدة بشرط إتجاه إرادة األطراف إلى‬
‫اعتبار عمليات النقل المتتابع التي يتوالها عدة ناقلين عملية واحدة‪.‬‬
‫(‪ )189‬النقل المشترك‪ :‬هو النقل الذي يتم جزء منه بواسطة الطائرة‪ ،‬و جزء آخر بواسطة وسيلة نقل أخرى برية أو بحرية أو‬
‫نهرية‪ ،‬وال يخضع ألحكام االتفاقية إال الجزء الذي تم بواسطة الطائرة فقط دون الذي تم بالوسائل األخرى حتى ولو‬
‫كانت عملية النقل يحكمها كلها عقد نقل واحد‪ .‬د‪ .‬حسن كيره‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية فارسوفي وبرتوكول‬
‫الهاي المعدل لها‪ ،‬مجلة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مطبعة جامعة اإلسكندرية‪ ،‬العددان األول والثاني‪ ،‬السنة‬
‫الثامنة‪1959 ،‬م‪ ،‬ص‪.10‬‬
‫‪87‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ال يؤثر على دولية النقل وجود انقطاع للنقل أم ال‪ ،‬أو انتقال املسافر من طائرة‬ ‫‪‬‬

‫ألخرى من عدمه‪.‬‬

‫‪ ‬ال يؤثر املدى الزمين للرسو اجلوي على دولية العقد‪:‬‬

‫فقد تطول فرتة الرسو اجلوي ملدة عام‪ ،‬ويف هذه احلالة يرى البعض(‪ )190‬أن صيغة عقد النقل‬

‫اجلوي تعد نقلني منفصلني بتذكرتني منفصلتني وبالتايل ال تطبق املعاهدة على مثل هذه األنواع من‬

‫النقل ألن الرحلتني منفصلتان‪ ،‬فاألوىل من دولة متعاقدة إىل أخرى غري متعاقدة وهنا ال تطبق‬

‫أحكام االتفاقية‪ ،‬واألخرى من دولة غري متعاقدة إىل أخرى متعاقدة وال تطبق أحكام االتفاقية‬

‫‪-‬أيضاً‪-‬ولكننا نؤيد الرأي الذي جعلها نقالً واحداً بتذكرةٍ واحدةٍ‪ ،‬حتى لو استمر التوقف يف نقطة‬

‫الرسو اجلوي ملدة عام‪ ،‬فال يؤثر على دولية العقد ويظل خاضعاً التفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬فالعربة‬

‫باتفاق األطراف‪ ،‬كما أن االتفاقية مل حتدد زمناً حمدوداً لفرتة الرسو اجلوي‪ ،‬فيستفيد من تفسري ذلك‬

‫الطرف الضعيف يف عقد النقل‪-‬وهو هنا املسافر‪-‬ويسمى النقل يف هذه احلالة‪ :‬النقل اجلوي الدويل يف‬

‫حالة أحادية اإلقليم‪.‬‬

‫ويف رحالت الذهاب والعودة إما أن تكون‪:‬‬

‫أ ‪ .‬الدولتان متعاقدتني‪ ،‬وهنا تطبق أحكام االتفاقية(‪.)191‬‬

‫ب ‪ .‬إحدى هذه الدول متعاقدة واألخرى غري متعاقدة فنجد حالتني هلذا الفرض ‪:‬‬

‫‪ . 1‬أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف دولة متعاقدة وتقع نقطة الرسو اجلوي‬

‫يف دولة غري متعاقدة‪ ،‬وهنا تطبق أحكام االتفاقية وفقاً للنص الذي جاءت‬

‫به االتفاقية(‪.)192‬‬

‫(‪ )190‬صفوت ناجي عبد القادر بهنساوي‪ .‬النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.29-26‬‬
‫(‪ )191‬المادة (‪ )2/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )192‬المادة (‪ )2/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪88‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ . 2‬أن تقع نقطتا املغادرة واملقصد النهائي يف دولة غري متعاقدة غري أن نقطة الرسو‬

‫اجلوي كانت يف دولة متعاقدة‪ ،‬ويف هذه احلالة خيرج النقل اجلوي عن تطبيق‬

‫أحكام االتفاقية لعدم انطباق شروطها عليه ويصبح نقالً دولياً مبعناه‬

‫اجلغرايف فقط‪ ،‬وال يهم شكل االتفاق كان يف صورة عقد واحد أو يف‬

‫صورة عقود متعددة‪ ،‬وال تأثري‪-‬أيضاً‪-‬جلنسية األطراف على دولية عقد‬

‫النقل كأن حيمل مجيع أطراف العقد جنسية دول ٍة واحدة(‪.)193‬‬

‫‪ .3‬أن تتجه إرادة األطراف إىل إبرام عقد نقل جوي دويل‪:‬‬

‫فال يكفي خلضوع النقل ألحكام االتفاقية وجود عقد النقل أو كون تنفيذه قد‬

‫دولياً‪ ،‬إ ا جيب أن يكون هذا التنفيذ قد وفقاً إلرادة أطراف العقد يف‬

‫إبرام عقد نقل جوي دويل وقد عربت االتفاقية عن ذلك بالنص‪:‬‬

‫‪(According to the agreement between the parties))194( .‬‬

‫وصلص مما سبق إىل أن عقد النقل اجلوي الذي اجتهت إرادة أطرافه إىل أن يكون عقد نقل‬

‫تنفيذه منه فعالً‪ ،‬فإذا اتفق مسافر مع إحدى شركات‬ ‫جوي دويل يظل دولياً دون االلتفات إىل ما‬

‫النقل لنقله من "اخلرطوم" إىل "بور تسودان" على أن تكون هنالك نقطة توقف يف "أ رة" ‪-‬‬

‫باعتبار إرتري ــا طرفاً يف االتفاقية وأثناء النقل أعلنت "أ رة" إغالق مطارها وعدم استقبال‬

‫الطائرات لظروف أمنية أو حروب أهلية ‪ ..‬أو غري ذلك‪ ،‬مما حدا بالطائرة التوجه مباشرة إىل مطار‬

‫"بور تسودان " فهنا ورغم عدم جتاوز تنفيذ العقد احلدود اإلقليمية للسودان يظل العقد دولياً من‬

‫منظور االتفاقية خاضعاً ألحكامها‪ ،‬وبذا فإن إرادة األطراف عند إبرام عقد النقل اجلوي الدويل‬

‫(‪ )193‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬أحكام دعوى المسؤولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫(‪ )194‬المادة (‪)1/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫هي ما حيدد ما إذا كان العقد دولياً يف عرف االتفاقية ويف النطاق اجلغرايف معاً وبالتايل خيضع لنظام‬

‫املسؤولية احملددة فيها‪ ،‬أم دولياً من املنظور اجلغرايف فقط فيخرج عن نطاق تطبيق االتفاقية ‪.‬‬

‫‪ .4‬أن يتم النقل بواسطة الطائرة‪:‬‬

‫لكي خيضع عقد النقل اجلوي ألحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م البد وأن تكون‬

‫أداة النقل يف تنفيذ العقد هي الطائرة (‪ )195( ) By aircraft‬وبذا خيرج كل عقد نقل عن‬

‫نطاق تطبيق االتفاقية ال تكون أداة النقل فيه الطائرة‪ ،‬كالنقل الربي أو البحري ‪.‬‬

‫ولتحديد معنى الطائرة وتعريفها أمهية تكمن يف استفادة األطراف منه فيستفيد الناقل‬

‫من انطباق وصف الطائرة على أداة النقل ليحتمي ببعض القواعد اليت جاءت هبا االتفاقية‬

‫كأحكام دفع املسؤولية والتعويض وغريها‪ ،‬بينما يستفيد املسافر من عدم انطباق ذلك‬

‫الوصف على أداة النقل لتنتفي شروط حتديد التعويض املنصوص عليها يف االتفاقية‪ ،‬كما‬

‫تكمن أمهية حتديد املقصود بالطائرة يف أمهية معرفة القانون الواجب التطبيق على عقد‬

‫النقل؛ حيث خيرج النقل الذي يتم بواسطة مركبات ليست بالطائرة عن تطبيق أحكام‬

‫االتفاقية‪ ،‬كالذي يتم باملركبات احلديثة مثل الصواريخ والطائرات الشراعية أو العمودية أو‬

‫الزحافات اهلوائية‪.‬‬

‫لكننا نالح على اتفاقية مونرتيال‪1999‬م واالتفاقيات السابقة هلا أهنا جاءت خلواً‬

‫من تعريف الطائرة‪ ،‬باستثناء ما جاءت به بعض االتفاقيات ذات الصلة باملوضوع مثل ما ورد‬

‫يف امللحق السابع التفاقية شيكاغو بأهنا‪ :‬أي آلة تستطيع البقاء يف اجلو نتيجة لرد فعل اهلواء‬

‫غري ذلك املنعكس من سطح األرض‪:‬‬

‫(‪ )195‬المادة(‪)2/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪90‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪(Any machine that can derive support in the‬‬


‫‪atmosphere from the reactions of the air other than the‬‬
‫‪reactions of the air against the earth’s surface))196( .‬‬

‫وقد يشكل ذلك اختالفاً بني القوانني مما ينشع تنازعاً بينها نظراً الختالف تعريف‬

‫الطائرة بني تلك القوانني كما رأينا عند احلديث عنها يف الفصل السابق من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ .5‬أن يكون النقل مبقابل‪ ( :‬الشرط التجاري )‪:‬‬

‫أيضاً تشرتط االتفاق ية لتطبيق أحكامها على النقل اجلوي وخضوعه هلا أن يكون‬

‫النقل مأجوراً‪ ،‬أي مبقابل‪ ،‬وقد يكون املقابل نقداً أو عيناً أو أداءَ عملٍ‪ ،‬أو القيام خبدمة‬

‫لصاحل الناقل‪ ،‬بل ذهب البعض(‪ )197‬إىل القول بأن وجود عنصر املصلحة كافٍ لقيام املقابل‪،‬‬

‫بشرط االتفاق على هذا املقابل عند تنفيذ عقد النقل‪ ،‬وال يشرتط مقدار األجر عند‬

‫البعض(‪ ،)198‬فيكفي أن يكون هنالك مقابل ولو كان رمزياً‪ ،‬إذ األمهية يف وجود األجر ال‬

‫يف مقداره‪ ،‬بينما يرى البعض اآلخر(‪ )199‬ضرورة حتقق الربح فال يكون رمزياً‪ ،‬وأن يكون‬

‫حقيقياً متناسباً مع اخلدمة اليت يقدمها الناقل للمسافر ال صورياً فيكون حبكم النقل جماناً‬

‫وخيرج بذا عن نطاق تطبيق االتفاقية‪:‬‬


‫‪(It applies equally to gratuitous carriage by‬‬
‫‪aircraft performed by an air transport‬‬
‫‪undertaking))200(.‬‬

‫(‪ )196‬المادة (‪ )1‬من الملحق السابع التفاقية شيكاغو‪1944‬م‪ ،‬صادر عن اإليكاو‪ ،‬اإلصدار الخامس‪ ،‬يوليو ‪2003‬م‪.‬‬
‫(‪ )197‬د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.265‬‬
‫(‪ )198‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.196‬‬
‫(‪ )199‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫(‪ )200‬المادة(‪ )1/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪91‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ومما سبق نستنت اآلتي ‪:‬‬

‫‪ ‬النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل ألحد تابعيه أو أحد أفراد الطاقم ممن تربطه به‬

‫عالقة عمل يكون خاضعاً لالتفاقية‪ ،‬إذ أنه حينئذٍ يعترب مبقابل ويكون األجر هنا‬

‫جزء من أجر العمل أو املكافأة‪.‬‬

‫‪ ‬النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل ألحد أقاربه أو أصدقائه‪ ،‬خيرج عن نطاق تطبيق‬

‫االتفاقية النعدام األجر أو املصلحة‪.‬‬

‫‪ ‬النقل اجملاني الذي يقوم به الناقل لغرض اجملاملة‪ ،‬أو األعمال اخلريية خيرج‬

‫عن نطاق تطبيق االتفاقية‪ .‬وهنا نشري إىل أن بعض من هذه النتائ قد‬

‫يتعارض مع نص االتفاقية‪ ،‬فالنص يف االتفاقية قد جاء عاماً وبالتايل خيضع‬

‫ألحكام االتفاقية أي نقل جماني تقوم به مؤسسة نقل جوي‪ ،‬وعلى الرغم‬

‫من أن قصد االتفاقية هبذا النص هو حرمان الناقل من التنصل عن حتمل‬

‫مسؤوليته بأن يدفع مبجانية النقل‪ ،‬إالب أن املسافر قد يكون قريباً له نقله‬

‫أو صديقاً لديه جامله وبالتايل فإن النقل يف هذه احلالة ال حيوي أي أجرٍ أو‬

‫دعايةٍ للناقل‪ ،‬وبالتايل ينعدم الشرط التجاري الذي قصدته االتفاقية هلذه‬

‫الرحالت فتخرج عن نطاق تطبيق االتفاقية‪ ،‬وبالتايل يكون تفصيل النقل‬

‫اجملاني الذي نصت عليه االتفاقية كالتايل‪:‬‬

‫‪ .1‬النقل اجملاني الذي يقوم به فرد كأن ينقل صديقاً لديه أو قريباًَ له على منت‬

‫طائرته اخلاصة‪ ،‬ومثل هذا النقل خيرج‪ -‬كما ذكرنا ‪-‬عن تطبيق أحكام االتفاقية عليه‬

‫النعدام شرط التجارية‪.‬‬

‫‪92‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .2‬النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة نقل جوي ونفرق يف هذه احلالة بني‬

‫فرضني‪:‬‬

‫أ ‪ .‬النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة حترتف النقل اجلوي‪ ،‬كأن تقوم شركة طريان‬

‫بنقل أحد املشاهري أو الشخصيات االجتماعية أو السياسية اهلامة جماناً‪ ،‬وهذا‬

‫النوع من النقل هو ما عنته االتفاقية باخلضوع ألحكامها‪ ،‬إذ أن حقيقته ال تكون‬

‫جمانية فقد يتخذه الناقل سبيالً للدعاية والرتوي ملؤسسته‪ ،‬مما يزيد من اإلقبال‬

‫عليها‪ ،‬وخيضع ألحكام االتفاقية‪-‬أيضاً‪-‬النقل اجملاني الذي تقوم مؤسسة النقل‬

‫اجلوي لشخص تابع هلا أو أحد طاقمها كما أسلفنا به‪.‬‬

‫ب ‪ .‬النقل اجلوي اجملاني الذي تقوم به مؤسسة جتارية ال حترتف النقل اجلوي خيرج عن‬

‫مفهوم النقل اجملاني الذي تقصده االتفاقية وبالتايل ال خيضع ألحكامها مثل هذا‬

‫النقل كأن تقوم شركة تعمل يف جمال التنقيب عن النفط‪ ،‬أو استكشاف املعادن‪،‬‬

‫أو الصيد ‪ ...‬أو غريها من األنشطة التجارية غري النقل اجلوي بنقل جماني‬

‫لتابعيها بطائراهتا اخلاصة من أو إىل مواقع عملهم ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬النقل اجلوي غري اخلاضع التفاقية مونرتيال‪1999‬م‪:‬‬

‫لرج أنواع من النقل اجلوي بطبيعتها عن نطاق تطبيق اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬كالنقل‬

‫الداخلي‪ ،‬النقل بغري مفهوم االتفاقية(أي الذي ال تنطبق عليه الشروط السابقة)‪ ،‬النقل اجملاني الذي ال‬

‫تقوم به مؤسسة نقل جوي والنقل دون تعاقد (خلسة) ‪.‬‬

‫كما استبعدت االتفاقية نوعني من النقل تنطبق عليهما الشروط الواردة يف االتفاقية من تطبيق‬

‫أحكامها عليهما‪ ،‬وهذان النوعان مها‪:‬‬

‫ال ‪ :‬النقل اجلوي الذي تقوم به الدولة‪:‬‬


‫أو ً‬

‫‪93‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫النقل اجلوي الذي تقوم به الدولة من املواضيع اليت تعاقبت على تنظيمها االتفاقيات الدولية‪ :‬فقد‬

‫ورد يف اتفاقية وارسو‪1929‬م أهنا تسري على النقل الذي تتواله الدولة أو األشخاص القانونية‬

‫األخرى اخلاضعة للقانون العام متى ما توافرت الشروط اليت ذكرت االتفاقية يف مادهتا األوىل على‬

‫هذا النوع من النقل‪ ،‬إالب أن الربوتوكول اإلضايف للمادة الثانية امللحق باالتفاقية واملوقع عليه معها يف‬

‫نفس الوقت قد أجاز للدول األطراف أن تعلن عند التصديق على االتفاقية أو االنضمام إليها‬

‫رغبتها يف عدم تطبيق أحكام االتفاقية على النقل الدويل اجلوي الذي تتواله الدولة مباشرة‪ ،‬أو‬

‫مستعمراهتا أو حممياهتا أو األقاليم اليت حتت انتداهبا أو أي إقليم خاضع لسيادهتا أو إماراهتا أو‬

‫سلطاهتا(‪ ،)201‬فاالتفاقية قد استثنت النقل اجلوي الدويل الذي تقوم به الدولة عن تطبيق أحكامها‬

‫إذا رغبت الدولة الطرف ذلك بشرط أن تقوم بالنقل الدولة بنفسها‪ ،‬أو يقوم به أحد األشخاص‬

‫االعتبارية العامة‪ ،‬وبالتايل خيرج عن هذا االستثناء النقل الذي يقوم به أحد أشخاص القانون العام‬

‫غري الدولة‪ ،‬كما خيرج عن هذا االستثناء النقل الذي تقوم به شركات الطريان الوطنية أو األجنبية‬

‫حلساب الدولة‪ ،‬واالستثناء هنا قاصر على النقل الذي تباشره الدولة بنفسها‪ ،‬فال يتوسع فيه وال يقاس‬

‫عليه(‪.)202‬‬

‫أما اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م فقد أخضعت مثل هذا النوع من النقل ألحكامها بدايةً حبسب‬

‫الشروط املنصوص عليها يف مادهتا األوىل ‪:‬‬


‫‪(This Convention applies to carriage performed by‬‬
‫‪the State or by legally constituted public bodies‬‬
‫‪provided it falls within the conditions laid down in‬‬
‫‪Article 1))203( .‬‬

‫(‪ )201‬المادة (‪)1/2‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪.‬‬


‫(‪ )202‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.62‬‬
‫(‪ )203‬المادة (‪)1/2‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪94‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫لكن االتفاقية مل جتعل هذه املادة ملزمة للدول األطراف فيها إالب طوعاً‪ ،‬وللدول احلرية يف‬

‫عد م االلتزام هبا يف حالتني رغم نص االتفاقية على أنه ليس ألي دولة إبداء أي حتف على‬

‫أحكامها‪:‬‬

‫‪(No reservation may be made to this Convention except‬‬


‫‪that a State Party may at any time declare by a notification‬‬
‫‪addressed to the Depositary that this Convention shall not‬‬
‫‪apply to international carriage by air performed and operated‬‬
‫‪directly by that State Party for non-commercial purposes in‬‬
‫‪respect to its functions and duties as a sovereign State))204(.‬‬

‫فمــن الــنص الســابق جنــد أن اتفاقيــة مونرتيــال‪1999‬م قــد اســتثنت مــن تطبيــق أحكامهــا النقــل‬

‫الـذي تقــوم بـه الدولــة الطـرف رغــم تـوفر و انطبــاق شـروطها عليــه وتعتـرب هــذه احلالـة األوىل خلــروج‬

‫النقل عن نطاق تطبيق االتفاقية رغـم تـوافر شـروط انطباقهـا عليـه‪ ،‬لكنـها قـد اشـرتطت لتطبيـق هـذه‬

‫احلالة الشروط التالية‪:‬‬

‫أن تعلن الدولة الطرف يف االتفاقية إىل منظمة الطريان املدني (‪) I C A O‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪-‬بصفتها جهة اإليداع‪-‬عدم رغبتها يف تطبيق ما ورد يف املادة (‪ )1/2‬من االتفاقية‬

‫‪.‬‬

‫أن تقوم به الدولة مباشرة‪ :‬ونعين بذلك أن تباشر السلطات العامة يف‬ ‫‪.2‬‬

‫الدولة النقل بنفسها دون باقي أشخاص القانون العام‪ ،‬أو األشخاص االعتبارية‬

‫األخرى غري العامة يف الدولة حتى لو كان حلساهبا ‪.‬‬

‫(‪ )204‬المادة(‪ )1/57‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪95‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أن يتعلق النقل مبهام الدولة بصفتها السيادية شريطة أن يكون ألغراض‬ ‫‪.3‬‬

‫غري جتارية‪.‬‬

‫أما احلالة الثانية اليت خيرج فيها النقل اجلوي عن نطاق تطبيق االتفاقية رغم توافر شروطها عليه‬

‫فهي‪ :‬حالة النقل الذي تقوم به السلطات العسكرية‪:‬‬

‫‪(No reservation may be made to this Convention except‬‬


‫‪that a State Party may at any time declare by a notification‬‬
‫‪addressed to the Depositary that this Convention shall not‬‬
‫‪apply to the carriage of persons، cargo and baggage for its‬‬
‫‪military authorities on aircraft registered in or leased by that‬‬
‫‪State Party، the whole capacity of which has been reserved by‬‬

‫‪or on behalf of such authorities))205(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد اشرتطت خلروج النقل الذي تقوم به السلطات‬

‫العسكرية(‪ )Military authorities‬يف الدولة عن نطاق تطبيق أحكامها ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬أن تعلن الدولة الطرف رغبتها يف عدم تطبيق أحكام االتفاقية على مثل‬

‫هذا النوع من النقل مبوجب إخطار موجه إىل (اإليكاو) (‪.)206‬‬

‫‪ .2‬أن يكون النقل حلساب سلطات الدولة العسكرية ‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يتم النقل بواسطة طائرة مسجلة يف تلك الدولة أو مستأجرة بواسطتها‪.‬‬

‫‪ .4‬أن حتجز كافة احلمولة من أشخاص أو أمتعة أو بضائع بواسطة السلطات‬

‫العسكرية يف الدولة أو بالنيابة عنها‪.‬‬

‫(‪ )205‬المادة(‪ )2/57‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )206‬و قد أعلنت عند التوقيع على االتفاقية عدة دول برغبتها عن عدم تطبيق أحكام االتفاقية على هذا النوع من النقل‪ ،‬وهذه‬
‫الدول هي‪ :‬الواليات المتحدة األمريكية‪ ،‬المملكة المتحدة‪ ،‬استراليا‪ ،‬كندا وفرنسا‪.‬‬
‫‪96‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وقد جعلت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م جهة اإليداع هي "اإليكاو" وليست حكومة الدولة‬

‫اليت وقعت عليها الدول فيها كاتفاقية وارسو‪1929‬م اليت نصت على أن جهة اإليداع هي‬

‫حكومة مجهورية بولندا‪.‬‬

‫ثانياً ‪ :‬نقل الرسائل والطرود الربيدية‪:‬‬

‫استثنت اتفاقية وارسو‪ 1929‬م عن تطبيق أحكامها نقل الرسائل والطرود الربيدية‪ ،‬غري‬

‫أن االتفاقية قد اشرتطت خلروج هذا النقل عن تطبيق أحكامها أن يتم النقل وفقاً التفاقيات‬

‫الربيد الدولية(‪.)207‬‬

‫أما بروتوكول الهاي‪1955‬م املعدل التفاقية وارسو‪1929‬م فقد جاء عاماً دون استثناء‬

‫وبالتايل ال تسري االتفاقية على نقل الرسائل والطرود الربيدية(‪.)208‬‬

‫ويف هذا املوضوع قرر بروتوكول مونرتيال اإلضايف رقم (‪)4‬لسنة ‪1975‬م أن يكون‬

‫الناقل مسؤوالً فقط يف مواجهة إدارة الربيد املعنية‪ ،‬طبقاً للقواعد املطبقة بشأن العالقة بني‬

‫الناقلني وإدارات الربيد‪ ،‬وال تسري االتفاقية على نقل املواد الربيدية(‪.)209‬‬

‫أما اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فقد مجعت بني ما جاء به بروتوكول الهاي‪1955‬م بشأن نقل‬

‫الطرود والرسائل الربيدية و بروتوكول مونرتيال الرابع‪1975‬م السابق ذكر أحكامهما هبذا‬

‫الشأن‪ ،‬وأبقت هذا النوع من النقل ضمن أنواع النقل املستثنى عن تطبيق أحكامها رغم انطباق‬

‫الشروط املذكورة يف مادهتا األوىل عليه‪:‬‬

‫‪(In the carriage of postal items، the carrier shall be liable‬‬


‫‪only to the relevant postal administration in accordance with‬‬

‫(‪ )207‬المادة (‪ )2/2‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪.‬‬


‫(‪ )208‬المادة(‪ )2‬من بروتوكول الهاي‪1955‬م‪.‬‬
‫(‪ )209‬المادة(‪ )3/2/2‬من بروتوكول مونتريال اإلضافي رقم(‪1975 )4‬م‪.‬‬
‫‪97‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪the rules applicable to the relationship between the carriers‬‬


‫‪and the postal administrations))210( .‬‬

‫أما بقية أنواع النقل اليت كانت لرج عن نطاق تطبيق اتفاقية وارسو‪1929‬م أو أحكام‬

‫االتفاقيات املعدلة هلا فلم تستثنها اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬وبالتايل لضع مجيعها لألحكام الواردة‬

‫يف اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م‪ ،‬وهذه األنواع هي‪ :‬النقل على سبيل التجربة‪ ،‬النقل يف ظروف‬

‫استثنائية‪ ،‬النقل اجلوي املتتابع‪ ،‬والناقل الفعلي و الناقل املتعاقد‪ ،‬والنقل التجاري الذي تباشره الدولة‬

‫أو أشخاصها املعنوية العامة‪ ،‬ونعتقد أن السبب يف إخراج أنواع النقل هذه من دائرة االستثناء عن‬

‫تطبيق أحكام االتفاقية‪ ،‬وبالتايل إخضاعها ألحكامها أن االتفاقيات السابقة التفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م كاتفاقية وارسو ‪1929‬م وتعديالهتا الالحقة قد وجدت مجيعها يف ظروف دعت‬

‫احلاجة فيها إلخراج هذه األنواع من دائرة تطبيق هذه االتفاقيات‪ ،‬فقد كانت صناعة الطائرات يف‬

‫مهدها مما جعل األخطار اليت هتدد الطائرات كبرية نتيجة لضعف أنظمة األمان يف الطائرات آنذاك‪،‬‬

‫وظروف احلروب اليت رافقت تطبيق تلك االتفاقيات‪ ،‬وعدم املعرفة الدقيقة بأحوال األجواء‬

‫واملناخات‪ ،‬وض لة عدد الطائرات واألساطيل اجلوية التجارية الذي حتم على بعض الناقلني اللجوء‬

‫إىل النقل املتتابع لتنفيذ عقد النقل اجلوي‪ ،‬أما وقد استطاعت تكنولوجيا صناعة الطائرات تاليف كل‬

‫ذلك‪ ،‬وقد أصبحت الدول تتجه إىل املنافسة التجارية اجلوية عرب أساطيل ضخمة وكسر حاجز‬

‫االحتكار‪ ،‬فإن كل ذلك كان يف اعتبار الدول األطراف يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م إلرجاع‬

‫أنواع النقل السابقة إىل دائرة نطاق تطبيق االتفاقية عند التوقيع عليها‪.‬‬

‫(‪ )210‬المادة (‪ )2/2‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪98‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثالث‪ :‬وثائق عقد النقل اجلوي‬


‫اهتمت اتفاقية مونرتيال ‪ 1999‬م بتنظيم مستند النقل اجلوي دون تكوين عقد النقل الذي‬

‫تركته للقوانني الوطنية لكل دو لة وفق القواعد املتبعة يف تلك الدول‪ ،‬وقد نظمت اتفاقية‬

‫مونرتيال‪ 1999‬م وثائق عقد النقل اجلوي وهي تذكرة السفر‪ ،‬استمارة (إيصال) نقل األمتعة‪،‬‬

‫وخطاب نقل البضائع‪ ،‬وسنتحدث عن تذكرة السفر يف املطلب األول‪ ،‬واستمارة نقل األمتعة يف‬

‫املطلب الثاني‪ ،‬وحنيد عن موضوع خطاب نقل البضائع كونه خيرج عن موضوع دراستنا‪.‬‬

‫‪99‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول ‪ :‬تذكرة السفر‬


‫تكتسب تذكرة السفر أمهية قانونية كبرية يف عقد النقل اجلوي‪ ،‬ذلك ألهنا تساعد يف إثبات عقد‬

‫النقل اجلوي‪ ،‬وقد نصت على هذه األمهية اتفاقية وارسو‪1929‬م بتقريرها وجوب إصدار تذكرة‬

‫سفر للمسافر‪ ،‬كما قررت االتفاقية أن إصدار تذكرة السفر بصورة صحيحة جينب الناقل من أن يثقل‬

‫كاهله مبسؤولية مطلقة ليست حمدودة‪ ،‬فليس للناقل أن يتمسك حبدود املسؤولية املقررة يف‬

‫االتفاقية السابقة إن مل يصدر مستند نقل جوي للمسافر أو أنه أصدرها لكن بصوره غري‬

‫صحيحة‪:‬‬
‫‪(If the carrier accepts a passenger without a‬‬
‫‪passenger ticket having been delivered he shall not be‬‬
‫‪entitled to avail himself of those provisions of this‬‬
‫‪Convention which exclude or limit his liability))211(.‬‬

‫وقد أوجب بروتوكول الهاي ‪1955‬م على الناقل تسليم املسافر تذكرة سفر مشتملة على‬

‫نقطيت القيام والوصول‪ ،‬ونقطة رسو جوي واحدة على األقل إن كان العقد بني نقطتني واقعتني يف‬

‫إقليم نفس الدولة‪ ،‬و وجدت نقطة أو نقاط رسو جوي يف دولة أخرى‪ ،‬وإعالن املسافر أن هذا‬

‫العقد خيضع ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م املعدل بأحكام الهاي‪1955‬م‪ ،‬وعدم التزام‬

‫الن اقل مبا سبق يسقط حقه يف التمسك بأحكام املسؤولية الواردة يف االتفاقية(‪ ،)212‬كما اعترب‬

‫الربوتوكول السابق تذكرة السفر دليالً على إبرام عقد النقل اجلوي وحجة بشروطه حتى يثبت‬
‫(‪)213‬‬
‫العكس‬

‫(‪ )211‬المادة (‪)2/3‬من اتفاقية وارسو ‪1929‬م‪.‬‬


‫(‪ )212‬المادة(‪/1/3‬أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج) من بروتوكول الهاي ‪1955‬م‪.‬‬
‫(‪ )213‬المادة(‪ )2/3‬من بروتوكول الهاي ‪1955‬م‪.‬‬
‫‪100‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وقد أجاز بروتوكول جواتيماال سييت‪1971‬م للناقل أن يصدر تذكرة سفر فردية أو مجاعية‪،‬‬

‫كما أجاز للناقل االستعاضة عن تسليم التذكرة بأي وسيلة أخرى من شأهنا أن تؤدي إىل االحتفاظ‬

‫بسجل للمعلومات اليت تشتمل عليها تذكرة السفر(‪.)214‬‬

‫أما اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فقد نصت على وجوب تسليم تذكرة سفر للمسافر فردية أو‬

‫مجاعية حبسب احلال‪:‬‬

‫‪(In respect of carriage of passengers، an individual‬‬

‫‪or collective document of carriage shall be delivered))215(.‬‬

‫كما بينت االتفاقية السابقة أهم ما جيب على الناقل تبيانه للمسافر يف تذكرة السفر وهو بيان‬

‫نقطيت املغادرة(‪ )Departure‬واملقصد النهائي(‪ ،)Destination‬وبيان نقطة توقف واحدة‬

‫على األقل من نقاط التوقف(‪ )Stopping place‬إذا كانت هناك نقطة توقف أو نقاط توقف متفق‬

‫عليها واقعة يف إقليم دولة أخرى‪:‬‬

‫‪(An indication of the places of departure and‬‬


‫‪destination and if the places of departure and‬‬
‫‪destination are within the territory of a single State‬‬
‫‪Party، one or more agreed stopping places being within‬‬

‫‪the territory of another State، an indication of at least‬‬

‫‪one such stopping place))216(.‬‬

‫(‪ )214‬المادة (‪ )2/1/3‬من بروتوكول جواتيماال سيتي ‪1971‬م‪.‬‬


‫(‪ )215‬الماة (‪ )1/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )216‬المادة (‪/1/3‬أ‪ ،‬ب) من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪101‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ومن النص السابق نالح أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد مجعت كل األحكام والقواعد اليت‬

‫جاءت هبا االتفاقيات وا لربوتوكوالت السابقة بشأن تذكرة السفر فألزمت الناقل عند تسليمه املسافر‬

‫مستند النقل اجلوي (تذكرة السفر) ذكر البيانات التالية‪:‬‬

‫بيان نقطيت املغادرة واملقصد النهائي‪:‬‬

‫فيجب على الناقل أن يبني للمسافر نقطة بداية تنفيذ عقد النقل اجلوي‪ ،‬والنقطة اليت ينتهي‬

‫عندها تن فيذ العقد‪ ،‬واحلكمة من ذلك تبيان ما إذا كان العقد دولياً فيخضع بالتايل ألحكام‬

‫االتفاقية‪ ،‬أم داخلياً يسري عليه القانون الذي تشري إليه قواعد اإلسناد يف قانون دولة القاضي‬

‫املختص بنظر النزاع‪ ،‬أيضاً بيان احملكمة املختصة بنظر النزاع كما سيأتي تفصيلها يف الفصل األخري‬

‫من هذه الدراسة‪.‬‬

‫‪ ‬النقل الدويل يف حالة أحادية اإلقليم ‪:‬‬

‫و جيب على الناقل تبيان نقطة توقف واحدة على األقل إن كان النقل يف حالة النقل‬

‫الدويل الذي يتم بني نقطتني واقعتني يف إقليم دولة واحدة وتوجد نقطة أو نقاط رسو جوي يف‬

‫دولة أخرى‪ ،‬وال نعين بذلك أنه جيب على الناقل الرسو يف هذه النقطة عند تنفيذ العقد أو عدم‬

‫تغيريها‪ ،‬إ ا لتبيان دولية العقد وخضوعه ألحكام االتفاقية‪ ،‬وتبصرة املسافر يف أن الدول اليت‬

‫توجد هبا بعض أو كل نقاط التوقف تتطلب إجراءات خاصة على جواز سفره كتأشريات الدخول‪،‬‬

‫أو بعض الفحوصات أو التطعيمات الطبية على سبيل املثال‪.‬‬

‫يضيف البعض(‪ )217‬ضرورة اشتمال التذكرة على مكان وتاريخ إصدارها‪ ،‬واسم وعنوان‬

‫الناقل أو الناقلني‪ ،‬ليتمكن الناقل من معرفة وكالئه‪ ،‬ومعرفة احملكمة املختصة بنظر النزاع‪.‬‬

‫(‪ )217‬د‪ .‬يحيى أحمد البناء‪ .‬أثر اإلرهاب الدولي على مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪1993 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.288‬‬
‫‪102‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ومل تشرتط االتفاقية تسليم التذكرة للمسافر شخصياً فيجوز تسليمها إىل من ينوب عنه‪ ،‬أو أحد‬

‫تابعيه‪ ،‬أو اجلهة اليت تولت تنظيم الرحلة اجلوية أو حجز تذاكر الطريان‪ ،‬أو رئيس اجملموعة أو‬

‫مندوهبا يف حالة صدور التذكرة بشكل مجاعي‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أحكام االتفاقية السابقة إالب أن االتفاقية قد أجازت للناقل االستعاضة عن‬

‫تسليم تذكرة السفر للمسافر بأي وسيلة أخرى تسجل هبا املعلومات السابق تفصيلها‪:‬‬
‫‪(Any other means which preserves the information‬‬
‫‪indicated in paragraph (1)may be substituted for the‬‬
‫‪delivery of the document referred to in that‬‬
‫‪paragraph))218(.‬‬

‫إال أن االتفاقية قد ألزمت الناقل يف هذه احلالة أن يعرض على املسافر تسليمه بياناً كتابياً‬

‫باملعلومات املسجلة يف هذه الوسيلة‪:‬‬

‫‪(If any such other means is used، the carrier shall‬‬


‫‪offer to deliver to the passenger a written statement of‬‬
‫‪the information so preserved))219(.‬‬

‫وأخرياً فقد قررت االتفاقية أن عدم االلتزام باألحكام السابقة ال يؤثر على وجود أو‬

‫على صحة عقد النقل اجلوي‪ ،‬وال يعفي الناقل من مسؤوليته وفق ما حددهتا االتفاقية وال خيرج النقل‬

‫عن دائرة تطبيق أحكامها‪:‬‬


‫‪(Non-compliance with the provisions of the‬‬
‫‪foregoing paragraphs shall not affect the existence or‬‬
‫‪the validity of the contract of carriage، which shall،‬‬

‫(‪ )218‬المادة (‪ )2/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )219‬المادة (‪ )2/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪103‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪nonetheless، be subject to the rules of this Convention‬‬

‫‪including those relating to limitation of liability))220(.‬‬

‫وال يوحي عدم تعرض االتفاقية لوجوب كتابة اسم صاحب التذكرة عليها بعدم ضرورته‪ ،‬أو‬

‫أهنا قا بلة للتبادل بني األشخاص‪ ،‬فالشروط العامة لإلحتاد الدويل للنقل اجلوي متنع إصدار تذكرة‬
‫(‪)221‬‬
‫( ‪A ticket is not‬‬ ‫قابلة للتحويل‪ ،‬وتشرتط ا ية التذكرة بأن حتمل اسم صاحبها عليها‬

‫‪ ،) transferable‬وهذه الشروط تعترب نافذة طاملا مل لالف نص أي اتفاق دويلٍ أو نص قانون‬

‫وطين(‪. )222‬‬

‫كما أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م مل تتعرض للغة أو شكل التذكرة‪ ،‬فقد جاءت اتفاقية‬

‫وارسو‪1929‬م والربوتوكوالت املعدلة هلا خالية متاماً من أي التزام على الناقل اجلوي بأن يصدر‬

‫تذكرة السفر بلغة معينة أو بلغة كل مسافر وبالتايل فانه البد من الرجوع إىل القوانني الوطنية لكل‬

‫دولة تصدر فيها التذكرة وكذلك مل تتعرض االتفاقيات املشار إليها إىل ضرورة كتابة بيانات التذكرة‬

‫حبروف ذات خصائص حمدودة عدا ما اجتهد به البعض(‪ )223‬بأن تكتب بلغة بلد التعاقد الر ية‬

‫ليسهل على املسافر فهم بياناهتا وما حتتوي عليه‪.‬‬

‫التذكرة اإللكرتونية(‪:)Ticket Electronic‬‬

‫التذكرة اإللكرتونية هي‪ :‬وذج إلكرتوني للتذكرة الورقية‪ ،‬وهي طريقة بديلة لتوثيق‬

‫عملية بيع التذاكر حيث يتم إنشاء سجالهتا يف قاعدة املعلومات اخلاصة بالناقل املصدر للتذكرة‪ ،‬ويتم‬

‫لزين تفاصيلها إلكرتوني ًا حبيث ميكن للناقل الرجوع إليها عند احلاجة يف أي وقت‪.‬‬

‫(‪ )220‬المادة (‪ )5/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪)221‬‬
‫‪IATA General conditions of carriage (Passenger and Baggage) article 3.1.4.‬‬
‫(‪ )222‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي( النقل الجوي‪-‬حوادث الطيران)‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬اإلسكندرية‪2007 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.147‬‬
‫(‪ )223‬د‪.‬عبد الرحمن عبد هللا شمسان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.241 ،240‬‬
‫‪104‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ويف العادة تطبع شركات الطريان اليت تصدر التذاكر اإللكرتونية إيصاالً حيتوي على بياناتٍ‬

‫يستدل هبا على املعلومات املدخلة آلياً بشأن التذكرة اإللكرتونية‪ ،‬كما يبني هذا اإليصال معلومات‬

‫أخرى قد حيتاجها ناقل آخر أو حتتاجها اجلهات املختصة يف بعض الدول للسماح بدخول املسافر إىل‬

‫أراضيها كاحلالة اليت تشرتط بعض السلطات وجود تذكرة عودة أو تذكرة مواصلة‬

‫الرحلة(الرتانزيت) لكي تسمح للمسافر بالدخول إىل أراضيها‪.‬‬

‫إن فكرة التذكرة اإللكرتونية هي وليدة التقدم التكنولوجي يف جمال صناعة النقل اجلوي‪،‬‬

‫وفكرة هذه التذكرة تقوم على فتح قناة توزيع جديدة بني شركات الطريان واملسافر فتلغي بذلك‬

‫التذكرة الورقية‪ ،‬وحتل حملها التذكرة اإللكرتونية أو البطاقة الذكية(‪ ،)224‬وميكن أيضاً للمسافر‬

‫أن يدفع قيمة التذكرة إلكرتونياً عن طريق بطاقات االعتماد وذلك بالدخول إىل موقع شركة النقل‬

‫اجلوي على شب كة اإلنرتنت‪ ،‬ومن ثم يتم حتويل املبلغ إلكرتونياً حلساب شركة النقل‪ ،‬أو عن‬

‫طريق البطاقة الذكية اليت يتم وصلها جبهاز خاص إىل الكمبيوتر الذي بدوره يقوم خبصم قيمة‬

‫التذكرة و تسجيل البيانات كاملة عليها مبا يف ذلك احلجز للسفر(‪.)225‬‬

‫التكييف القانوني للتذكرة اإللكرتونية‪:‬‬

‫ذكرنا أن اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م قد أجازت للناقل االستعاضة عن إصدار التذكرة‬

‫العادية أو الورقية بأي وسيلة أخرى‪ ،‬ومل حتدد االتفاقية هذه الوسيلة بل تركت حتديدها للناقلني‬

‫اجلويني والدول األعضاء والتقدم التكنولوجي يف جمال صناعة النقل اجلوي‪ ،‬وتعترب التذكرة‬

‫اإللكرتونية تطبيقاً لنص اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م هبذا الشأن‪ ،‬كما أن اإلحتاد الدويل للنقل‬

‫(‪ )224‬البطاقة الذكية‪ :‬عبارة عن معالج(‪ )Proecssor‬مصغر وذاكرة(‪ )Memory‬كبيرة إلى ح ٍد ما تسمح بحمل‬
‫معلومات(‪ )Informations‬من خالل هذه المعلومات يعرف المسافر عن نفسه‪ ،‬وتسجل كافة بياناته ( ‪All‬‬
‫‪ )details‬عليها‪ ،‬كما يمكنه استخدامها لصعود الطائرة‪.‬‬
‫(‪ )225‬أ ‪ .‬ماهر عبد الخالق السيسي‪ .‬أعمال شركات الطيران‪ ،‬ج‪ ،1‬مقدمة في النقل الجوي والحجز‪ ،‬بدون ناشر‪2003 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.133 ،132‬‬
‫‪105‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اجلوي(اآلياتا) قد جعل إصدار هذا النوع من التذاكر واجباً على مجيع الناقلني اجلويني‪ ،‬بل وحدد‬

‫هناية العام ‪ 2007‬م كأقصى موعد النتهاء التعامل بالتذكرة الورقية‪ ،‬متديد هذا املوعد فيما بعد‬

‫إىل مايو ‪ 2008‬م‪ ،‬وقد بدأ جنم هذا النوع من التذاكر يلوح يف األفق يف "سنغافورة"(‪ )226‬عام‪2004‬م‬

‫عندما أعلن اإلحتاد اجلوي للنقل الدويل (اآلياتا)ألول مرة بأنه بصدد إصدار مثل هذا النوع من‬

‫التوجيه لتنفيذ ذلك اإللزام‪.‬‬

‫مزايا التذكرة اإللكرتونية‪:‬‬

‫تتميز التذاكر اإللكرتونية عن التذاكر الورقية بالعديد من املزايا نورد أمهها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ ‬إراحة املسافر من محل التذكرة الورقية ومواصلة احلرص عليها(‪.)227‬‬

‫‪ ‬ميزة احلجز اإللكرتوني‪ :‬حبيث يستطيع املسافر تأكيد حجزه أو إلغائه إلكرتونياً عرب‬

‫شبكة اإلنرتنت يف أي مكان كان دون احلاجة للظهور يف مكتب الناقل وعرض‬

‫تذكرته الورقية عليه(‪.)228‬‬

‫‪ ‬توفري التكاليف‪ :‬فحني ترتاوح قيمة تكلفة إصدار التذكرة الورقية للمسافر ما بني (عشرة)‬

‫إىل (عشرين) دوالرً للتذكرة الواحدة‪ ،‬ترتاوح قيمة إصدار تذكرة إلكرتونية ما بني‬

‫(دوالر) إىل (دوالرين) للتذكرة الواحدة‪ ،‬وبذا توفر التذاكر اإللكرتونية على شركات‬

‫الطريان ما يقارب الثالثة مليار دوالر سنوياً(‪.)229‬‬

‫‪ ‬صعوبة اخرتاقها أو تزويرها‪ :‬فبيانات التذكرة اإللكرتونية حمفوظة يف قاعدة املعلومات‬

‫اخلاصة بالناقل املصدر هلا فقط‪ ،‬وبذا قضت على عمليات تزوير التذاكر أو انتحال شخصية‬

‫املسافر اليت كانت مصاحبة للتذاكر الورقية‪.‬‬

‫(‪ )226‬تعتبر شركات النقل الجوي السنغافورية من أكبر شركات النقل الجوي العالمية‪.‬‬
‫(‪)227‬‬
‫‪www.sea7h.net‬‬
‫(‪)228‬‬
‫‪www.fananews.com‬‬
‫(‪)229‬‬
‫‪www.alriyadh.com‬‬
‫‪106‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬احلد من املشاكل اليت يواجهها املسافرون عند التعامل بالتذكرة الورقية واليت تتمثل بالتلف‬

‫أو الضياع‪ ،‬اللذين يدفع املسافر عليهما غرامة يقدرها الن ـ ــاقل‪ ،‬كما توفر التذاكر‬

‫اإللكرتونية ميزة احملافظة عليها من األخطاء يف محلها أو سرقتها‪ ،‬وتوفر أيضاً على املسافر‬

‫الوقت الذي قد تستغرقه الطوابري و االنتظار يف الطوابري داخل مكاتب الناقل الستالم‬

‫تذكرته‪ ،‬أو لتأكيد حجزه أو إلغائه أو تعديله‪ ،‬ويستطيع املسافر احلجز لسفره أو تأكيده أو‬

‫إلغائه إلكرتونياً عن طريق موقع الناقل اإللكرتوني عرب شبكة اإلنرتنت بواسطة رمز‬

‫دخول آمن يعطيه الناقل للمسافر‪ ،‬ولتأكيد ذلك تقوم شركة النقل بإرسال رسالة‬

‫إلكرتونية(‪ )Email‬إىل بريد املسافر اإللكرتوني(‪ )Inbox‬تشتمل على تفاصيل مسار‬

‫رحلته‪ ،‬ورقم حجزه املرجعي‪ ،‬وإيصاالت تذكرته اإللكرتونية(‪.)230‬‬

‫‪ ‬تسهل التذاكر اإللكرتونية إجراءات املغادرة على كل من طريف عقد النقل فالناقل ال‬

‫حيتاج إالب إىل معلومات بسيطة ليتم التأكد من وجود التذكرة أو صحتها أو صالحيتها كرقم‬

‫احلجز املرجعي أو أي بيانات عن املسافر كا ه أو رقم جواز ه‪ ،‬كما أهنا تتيح للناقل قدراً‬

‫أكرب من املرونة يف إجراء تغيريات على خط سري الرحلة(‪.)231‬‬

‫عيوب التذكرة اإللكرتونية‪:‬‬

‫وعلى الرغم من مزايا التذاكر اإللكرتونية السابق ذكرها إالب أن التطبيق العملي هلذه‬

‫الفكرة تواجهه بعض الصعوبات ونذكر منها‪:‬‬

‫‪ ‬عدم توافر شبكة اإلنرتنت يف كل مكان مما يشكل عائقاً أمام املسافر للحجز‬

‫اإللكرتوني أو عملية شراء التذاكر اإللكرتونية‪.‬‬

‫(‪)230‬‬
‫‪www.arabic-av.com،and; www.alriyath.com‬‬
‫(‪)231‬‬
‫‪www.iata.org‬‬
‫‪107‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬إن أي مشاكل قد تطرأ على شبكة اإلنرتنت متثل مشاكالً بالنسبة للتذكرة‬

‫اإللكرتونية‪ ،‬ذلك ألنه وكما ذكرنا فإن إصدار مثل هذه التذاكر أو التعامل هبا‬

‫يرتبط كلياً بشبكة اإلنرتنت‪.‬‬

‫‪ ‬عدم وجود بطاقة االئتمان لدى كل املسافرين‪ ،‬وبالتايل عدم استطاعة املسافر أو‬

‫الراغب يف السفر الدخول إىل مواقع شراء التذكرة اإللكرتونية و إمتام عملية البيع‪.‬‬

‫‪ ‬يف حالة الغلط أو اخلطأ من قبل أحد تابعي الناقل يف إدخال البيانات الالزمة إلصدار‬

‫تذكرة إلكرتونية فلن يتمكن املسافر من ركوب الطائرة يف حالة عدم تطابق‬

‫هذه البيانات‪-‬كرقم جواز السفر أو االسم‪ -‬مع ما يربزها املسافر يف مطار املغادرة إذ‬

‫أن تسليم بطاقة صعود الطائرة (‪ )Boarding Pass‬يتوقف على تطابق هذه‬

‫املعلومات مع ما هو مدخل بواسطة الناقل أو تابعيه أو وكالئه‪.‬‬

‫‪ ‬االعتماد الكلي على قاعدة املعلومات اخلاصة املوجودة يف شبكة اإلنرتنت أمر قد‬

‫خيلق ن وعاً من الصعوبات يف إمتام عقد النقل‪ ،‬فقد ال يتمكن الناقل من الدخول إىل‬

‫قاعدة املعلومات اخلاصة بإصدار التذاكر ومراجعتها على شبكة اإلنرتنت خلطأ يف‬

‫النظام‪ ،‬أو خللل يف أجهزة إصدار التذاكر اإللكرتونية املوجودة يف املطار‪ ،‬أو‬

‫لتعطل ألياف الشبكة‪ ،‬أو النقطاع التيار الكهربائي‪ ،‬وبالتايل تنشأ تعقيدات يف تنفيذ‬

‫عقد النقل قد تصل لتأخري املسافر عن صعود الطائرة أو إلغاء رحلته بالكلية‪.‬‬

‫‪ ‬ال تتيح التذكرة اإللكرتونية للمسافر الوقوف على أو الرجوع إىل شروط عقد النقل‪،‬‬

‫أو تبيان أي نظام للمسؤولية اليت خيضع هلا عقد النقل اجلوي‪ ،‬وما درجت عليه بعض‬

‫شركات الطريان من كتابة شروط العقد ونظام املسؤولية اليت خيضع هلا عقد النقل‬

‫على ظهر مظاريف ورقية حلف إيصال استالم قيمة التذكرة تسلم للمسافر يف مكتب‬

‫‪108‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الناقل عند شراء التذكرة ذلك ال يفيد املسافر بشيء‪ ،‬ألنه وكما ذكرنا أن التذكرة‬

‫اإللكرتونية تتيح للم سافر التعاقد إلكرتونياً عن طريق شبكة اإلنرتنت دون‬

‫احلاجة للذهاب إىل مكتب الناقل‪.‬‬

‫‪ ‬أن التذاكر اإللكرتونية قد حرمت املسافر من حقه يف إمكانية إثبات عقد النقل‬

‫اجلوي إىل حدٍ ما ونقلت وسيلة اإلثبات إىل سلطة الناقل‪ ،‬فقد ذكرنا أن أهم ما‬

‫تضطلع به تذكرة السفر من دور يتمثل يف اعتبارها أداة إثبات على وجود العقد‬

‫وصحته حتى يثبت الناقل العكس‪ ،‬وكان األمر سهالً على املسافر إبان العمل‬

‫بالتذاكر الورقية ألهنا كانت يف حوزته ومتناول يده‪ ،‬أما التذكرة اإللكرتونية فيحتف‬

‫هبا الناقل لديه وال يسلم للمسافر إالب إيصال استالم قيمتها الذي ميكن للناقل دحضه‬

‫بدون صعوبة مقارنة مع ما كان سائر يف التذاكر الورقية‪.‬‬

‫‪ ‬عدم وجود آلية حمددة إلصدار هذه التذاكر بني الدول‪ ،‬وعدم وجود مقياس‬

‫دويل بشأهنا‪ ،‬كما قد تتعارض هذه الفكرة مع قوانني بعض الدول اليت تنص على‬

‫وجوب إصدار تذكرة ورقية مكتوبة تسلم للمسافر‪.‬‬

‫‪ ‬إضا فة إىل ما سبق فإنه من االستحالة مبكان اجلزم بدراية مجيع املسافرين‬

‫باإلنرتنت وذلك من حيث‪:‬‬

‫إما عدم دراية املسافر باستخدام اإلنرتنت من حيث األصل‪،‬‬

‫وإما‪:‬‬

‫عدم دراية املسافر بكيفية احلجز واألسعار وذلك ألن لكل‬

‫خط جوي أسعار شهرية أو شهرين أو ثالثة أو سنوية أو أسعار‬

‫طالب أو دبلوماسيني أو غريها‪ ،‬وإما‪:‬‬

‫‪109‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫عدم دراية املسافر بارتباط شركة الطريان مبنظومة اجلزء‬

‫اإللكرتوني من عدمه(‪.)232‬‬

‫‪ ‬وأخرياً فإن كانت التذكرة اإللكرتونية قد حدت من سرقات التذاكر واستعماهلا‬

‫من قبل غري أصحاهبا أو انتحال شخصية املسافر الذي كانت مصاحبة للتذاكر الورقية‪،‬‬

‫فإن ذلك ال يعين أن التذكرة اإللكرتونية قد أصبحت يف مأمن من التزوير أو‬

‫السرقات فقد تتعرض للسرقة اإللكرتونية أو ما يسمى بالقرصنة(‪.)Hacking‬‬

‫وقد أصبحت معظم شركات الطريان اليوم تستخدم شبكة اإلنرتنت يف إصدار التذاكر‬

‫االلكرتونية‪ ،‬وشرائها آلياً‪ ،‬وذلك استجابة للنداء الذي أطلقه اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي (األياتا)‬

‫لدعوة كافة شركات الطريان األعضاء الستبدال التذاكر الورقية بالتذاكر اإللكرتونية يف موعد‬

‫أقصاه آيار (مايو) ‪2008‬م(‪ ،)233‬وجتدر اإلشارة إىل أن اخلطوط اجلوية السودانية كانت قد بدأت‬

‫إصدار التذاكر اإللكرتونية والتعامل من خالهلا يف العام ‪2007‬م‪ ،‬لكنها توقفت عن إصدارها‬

‫يف العام ‪ 2008‬م‪ ،‬وأعادت التعامل بالتذاكر الورقية أما اخلطوط اجلوية اليمنية فقد بدأت إصدار‬

‫التذاكر اإللكرتونية والتعامل من خالهلا منذ العام ‪2007‬م‪.‬‬

‫(‪)232‬‬
‫‪www.flyingway.com‬‬
‫(‪)233‬‬
‫‪5jl.com‬ــ‪www.al‬‬
‫‪110‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬استمارة نقل األمتعة‬


‫يصطحب املسافر غالباً أثناء رحلته اجلوية نوعني من األمتعة النوع األول يسمى باألمتعة غري‬

‫املسجلة(‪ )Unchecked baggages‬وهي حاجات املسافر الشخصية (‪)Personal items‬‬

‫وحقائبه اليدوية(‪ ) Hand bags‬اليت يصعد هبا الطائرة وتظل يف صحبته طيلة فرتة الرحلة اجلوية‬

‫دون أن يسلمها للناقل أو يستلم هبا أي إيصال من هذا األخري‪ ،‬أما النوع الثاني فيسمى باألمتعة‬

‫املسجلة(‪) Checked baggages‬و يت باملسجلة ألن املسافر يسلمها للناقل قبل بدء تنفيذ عقد‬

‫النقل اجلوي ويستلم إيصال من الناقل بذلك يسمى هذا اإليصال باستمارة نقل األمتعة‪.‬‬

‫ألزمت اتفاقية وارسو‪1929‬م الناقل حترير استمارة نقل لألمتعة املسجلة ويدون عليها‬

‫البيانات التالية ‪:‬‬

‫‪ ‬مكان وتاريخ إصدارها‪.‬‬

‫‪ ‬نقطتا القيام والوصول ‪.‬‬

‫‪ ‬اسم وعنوان الناقل أو الناقلني ‪.‬‬

‫‪ ‬رقم تذكرة السفر ‪.‬‬

‫‪ ‬النص على أن يكون تسليم األمتعة حلامل االستمارة‪.‬‬

‫‪ ‬عدد الطرود ووزهنا‪.‬‬

‫‪ ‬بيان بقيمة األمتعة حسب قواعد االتفاقية‪.‬‬

‫‪ ‬النص على أن النقل خيضع لنظام املسؤولية املقررة يف هذه االتفاقية(‪.)234‬‬

‫(‪ )234‬المادة(‪ )4‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪.‬‬


‫‪111‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أما اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م فقد ألزمت الناقل بتسليم املسافر بطاقة تعريف عن كل قطعة من‬

‫األمتعة املسجلة اليت سلمها املسافر للناقل قبل بدء تنفيذ العقد يف مطار املغادرة أو يف أحد مكاتب‬

‫الناقل خارج مطار املغادرة ويستلمها منه يف مطار الوصول‪:‬‬

‫‪ (The carrier shall deliver to the passenger a‬‬


‫‪baggage identification tag for each piece of‬‬
‫‪checked baggage) )235(.‬‬

‫كما أوجبت الشروط العامة لألياتا شروط مل تتضمنها االتفاقية وهي وجوب نقل األمتعة على‬

‫نفس الطائرة اليت يستقلها املسافر أي بنفس الرحلة‪ ،‬أو بالرحلة اليت تليها إن تعذر نقلها بصحبة‬

‫املسافر‪ ،‬كما جيب أن تكون األمتعة حمكمة الربط‪ ،‬والتغليف‪ ،‬وبيان أهنا ال حتتوي أي مواد ممنوع‬

‫نقلها بالطائرات‪ ،‬وأيضاً علم وموافقة الناقل إن كانت هذه األمتعة مشتملة على مواد معينة‬

‫كاحليوانات أو بعض السوائل(‪. )236‬‬

‫وقيمة مستندات عقد النقل اجلوي السابقة هي قيمة نسبية‪ ،‬فهي ليست واجبة النعقاد العقد‪،‬‬

‫وإ ا تكمن أمهيتها يف إثبات ذلك العقد(‪ ،)237‬وهي هبذه األمهية قرينة بسيطة ميكن للمسافر إثبات‬

‫عكس ما فيها‪ ،‬ثم إن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد نصت على أن عدم وجود هذه املستندات أو‬

‫ضياعها أو إتالفها ال يؤثر على وجود عقد النقل اجلوي أو على صحته فيظل العقد مع ذلك خاضعاً‬

‫لقواعد االتفاقية مبا يف ذلك القواعد املتعلقة حبدود املسؤولية‪:‬‬


‫‪(Non-compliance with the provisions of the foregoing‬‬
‫‪paragraphs shall not affect the existence or the validity of the‬‬
‫‪contract of carriage، which shall، nonetheless، be subject to the‬‬

‫(‪ )235‬المادة (‪ )3/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )236‬د ‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.63‬‬
‫(‪ )237‬د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.59‬‬
‫‪112‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪rules of this Convention including those relating to limitation of‬‬


‫‪liability))238( .‬‬

‫(‪ )238‬المادة (‪ )5/3‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪..‬‬


‫‪113‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الرابع‪ :‬آثار عقد النقل اجلوي‬


‫شأنه شأن باقي العقود إذا انعقد صحيحاً ينت عقد النقل اجلوي آثاراً على شكل‬

‫التزامات(‪ ) Obligations‬تقع على عاتق طرفيه‪ ،‬وقد حددت االتفاقيات الدولية املتعاقبة التزامات‬

‫الناقل ومل حتدد التزامات املسافر اليت تكفل هبا اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي(األياتا)‪ ،‬وبعض‬

‫االتفاقيات الدولية األ خرى أو القوانني الوطنية ذلك ألن مسؤولية الناقل اجلوي تتمحور مع التزامات‬

‫الناقل يف عقد النقل فإذا أخل الناقل اجلوي بكل أو بعض التزاماته هنضت مسؤوليته وفق ما‬

‫حددت االتفاقية من شروط لقيامها وحدود لقيمتها–كما سنرى يف الفصول القادمة‪-‬وسوف نقوم‬

‫بتقسيم هذا املبحث إىل مطلبني نتحدث يف املطلب األول عن التزامات الناقل وصصص املطلب الثاني‬

‫للحديث عن التزامات املسافر‪.‬‬

‫‪114‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬التزامات الناقل يف عقد النقل اجلوي‬


‫إعداد طائرة صاحلة للمالحة اجلوية‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫ويعد هذا أول التزام يقع على عاتق الناقل ويؤخذ تفسري هذا االلتزام على معناه‬

‫الواسع‪ ،‬فيلتزم الناقل بتوفري طائرة صاحلة للمالحة اجلوية من الناحيتني املادية والفنية‪،‬‬

‫ونقصد أن تكون الطائرة صاحلة للمالحة اجلوية من الناحية املادية أن تتوفر فيها وسائل‬

‫اخلدمات للمسافر وااللتزام بتوفري الدرجة واالمتيازات املتفق عليها يف عقد النقل‪ ،‬فإن‬

‫أخل الناقل هبذا االلتزام يكون للمسافر احلق يف اسرتداد فرق األجرة والسفر على‬

‫الدرجة األقل‪ ،‬أو رد التذكرة واستالم قيمتها من الناقل‪ ،‬أما من الناحية الفنية فنقصد أن‬

‫تتوفر يف الطائرة مجيع وسائل األمان مثل التأكد من جاهزية حمركاهتا لإلقالع ومواصلة‬

‫الرحل ة‪ ،‬وأنظمة االتصال فيها‪ ،‬وأجهزة الطوارا من خمارج وكمامات تنفس وبدالت‬

‫السباحة و أدوات إطفاء احلرائق وغريها مما يؤمن سالمة وصول املسافر وأمتعته ويضمن‬

‫إمتام الرحلة بسالم(‪.)239‬‬

‫تسليم تذكرة سفر للمسافر‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫يلتزم الناقل بتسليم تذكرة سفر للمسافر مشتملة على البيانات اليت حددهتا اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م وخبط مقروء‪ ،‬ليتمكن املسافر من معرفة شروط النقل‪ ،‬وإتاحة الفرصة‬

‫له حلماية نفسه أو التأمني على حياته‪ ،‬إن قدر ذلك‪ ،‬وال يغين تسليم الناقل إيصال مؤقت أو‬

‫تذكرة مؤقتة عن تسليم تذكرة السفر(‪.)240‬‬

‫(‪ )239‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.211 ،210‬‬
‫(‪ )240‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‪-‬حوادث الطيران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.172‬‬
‫‪115‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونالح على االلتزام السابق عدم أمهيته يف الوقت احلاضر بعد أن حلت التذكرة‬

‫اإللكرتونية حمل التذكرة الورقية‪-‬كما ذكرنا‪ -‬فلم يعد الناقل ملزماً إالب بتسليم إيصال دفع‬

‫قيمة التذكرة فقط وليس تسليم التذكرة نفسها‪.‬‬

‫نقل املسافر جوًا ‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫فال جيوز للناقل توصيل املسافر بوسائط أخرى غري الطائرة كأن ينقله بواسطة أداة نقل‬

‫بري أو حبري‪ ،‬فالناقل هنا ملزم بنقل املسافر جواً من بلد املغادرة إىل بلد املقصد النهائي‬

‫حبسب االتفاق بينهما‪ ،‬وتنعقد مسؤولية الناقل اجلوي إذا تقاعس عن النقل وذلك إما يف حالة‬

‫إلغاء املكان املخصص للمسافر يف الطائرة وهذه احلالة تسمى بـ (‪ )Over-booking‬أو‬

‫إلغاء الرحلة كاملة و تسمى بـ (‪ )Cancellation‬ومبا أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م مل تفرق‬

‫بني هاتني احلالتني فإن احلكم واحد وهو انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري يف النقل‬

‫وفق ًا لألحكام املقررة فيها(‪.)241‬‬

‫التحقق من استيفاء املسافر الشروط الالزمة للسفر‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫تلزم بعض القوانني الناقلني اجلويني بالتحقق من استيفاء املسافر على الطائرة‪ ،‬و أمتعته‬

‫املسجلة أو غري املسجلة منها جلميع الشروط الالزمة للصعود أو الشحن على الطائرة‪ ،‬كما‬

‫تقررها القوانني الداخلية ولوائح النقل(‪.)242‬‬

‫التزام السالمة ‪:‬‬ ‫‪.5‬‬

‫وهذا االلتزام مؤداه أن يلتزم الناقل بتوصيل املسافر من مكان املغادرة إىل مكان‬

‫الوصول ساملاً أثناء تنفيذ عقد النقل الذي يبدأ منذ دخول املسافر حتت احتماالت خماطر السفر‬

‫(‪ )241‬د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.81 ،80‬‬


‫(‪ )242‬المادة (‪ )286‬من قانون التجارة الجديد المصري رقم(‪ )17‬لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪116‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫و وضع نفسه حتت إمرة وسيطرة الناقل إىل أن يصبح يف مأمنٍ من هذه املخاطر(‪ ،)243‬وينوب‬

‫عن الناقل اجلوي يف حالة طريان الطائرة قائد الطائرة‪ ،‬وتكون له سلطات التصرف لضمان‬

‫سالمة الرحلة واملسافرين وفق ما متليه عليه واجبات وظيفته و لول له حدود سلطاته‪.‬‬

‫احرتام مواعيد النقل‬ ‫‪.6‬‬

‫يلتزم الناقل باحرتام مواعيد النقل وكسب الوقت لتنفيذ عقد النقل يف ميعاده‪ ،‬وإخالل‬

‫الناقل هبذا االلتزام على حنو يلحق الضرر باملسافر أو األمتعة جيعله حتت طائلة املسؤولية‪،‬‬

‫وهذا االلتزام يعد التزام بتحقيق غاية‪ ،‬إالب إذا استطاع الناقل إثبات أن السبب الذي سبب‬

‫الضرر أجنيب ال دخل له فيه فيتحول عندئذٍ التزامه إىل التزام ببذل عناية لتنفيذ العقد يف‬

‫امليعاد املعقول(‪ )244‬مع انعقاد مسؤولي ته عن الضرر احلاصل للمسافر أو األمتعة كما سنرى يف‬

‫الفصل القادم‪.‬‬

‫نقل األمتعة ‪:‬‬ ‫‪.7‬‬

‫تسجيلها وتسليم استمارة‬ ‫كما يلتزم الناقل بنقل أمتعة املسافر بنوعيها املسجلة اليت‬

‫نقل للمسافر بشأهنا‪ ،‬وغري املسجلة اليت حيتف هبا املسافر بصحبته أثناء صعوده الطائرة وال تسلم‬

‫للناقل‪ ،‬وحتدد شركات الطريان عادة الوزن املسموح للمسافر حبمله جماناً لكل تذكرة سفر‪،‬‬

‫أو عدد الطرود بالنسبة لألمتعة الغري مسجلة‪ ،‬والتزام الناقل هنا هو التزام بتحقيق غاية‪ ،‬إذ‬

‫تنعقد مسؤولية الناقل إن مل تصل األمتعة إىل بلد املقصد النهائي أو وصلت لكنها معيبة‪ ،‬أو‬

‫تالفة لسبب ال يعود خللل كامن فيها أو لنوعيتها أو عيب ذاتي فيها كما سنبني ذلك يف الفصول‬

‫القادمة من هذه الدراسة‪.‬‬

‫اخلدمات اإلضافية‪:‬‬ ‫‪.8‬‬

‫(‪ )243‬د‪ .‬فايز نعيم رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.162‬‬


‫(‪ )244‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬عقد النقل الجوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.80‬‬
‫‪117‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫كما تقضي بعض االتفاقيات بأنه جيب على الناقل اجلوي عند حدوث تأخري يف قيام‬

‫رحلته إذا كانت مدة التأخري يف حدود (الساعتني) تقديم املرطبات وتوفري اتصال جماني‬

‫هاتفي أو فاكس أو بريداً إلكرتونياً وفقاً الختيار املسافر‪ ،‬أما إذا جتاوزت فرتة التأخري‬

‫(األربع ساعات) فيجب على الناقل باإلضافة إىل ما سبق ذكره تقديم وجبة مناسبة‪ ،‬ويف حالة‬

‫جتاوز التأخري فرتة (الست ساعات) توفري املواصالت املناسبة لتوصيل املسافر إىل منزله أو إىل‬

‫الفندق حبسب اختياره حلني قيام الرحلة‪ ،‬دون أدنى متييز بني املسافرين‪ ،‬كما ال يفقد ما سبق‬

‫ذكره للمسافر أي حق يف املطالبة بالتعويض(‪.)245‬‬

‫التزامات أخرى‪:‬‬ ‫‪.9‬‬

‫كما ألزمت اتفاقية حترير النقل اجلوي العربي املوقعة يف دمشق عام‪2004‬م الناقل‬

‫بتوفري املعلومات والبيانات التوضيحية للمسافر حول األسعار وعمالت الدفع‪ ،‬والتذاكر اليت‬

‫تصدر قبل إعالن زيادة األسعار‪ ،‬وشروط اسرتداد قيمة التذاكر غري املستخدمة أو‬

‫املفقودة‪ ،‬وتأكيد احلجز من عدمه‪ ،‬ومواعيد حضور املسافر إىل املطار‪ ،‬واملواد املمنوع محلها‬

‫على الطائرة ب سبب احلجز الزائد‪ ،‬ومتطلبات الصحة والتأمني‪ ،‬وشروط نقل القصر واحليوانات‬

‫األليفة‪ ،‬واألنظمة اخلاصة بالتدخني والسالمة على منت الطائرة‪ ،‬واإلجراءات املتبعة يف حالة‬

‫ضياع األمتعة‪ ،‬وأي معلومات أخرى ميكن أن تفيد املسافر(‪.)246‬‬

‫(‪ )245‬المادة (‪ )58‬من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام ‪2004‬م‪ .‬لم تدخل هذه االتفاقية حيز التنفيذ‬
‫بعد وقد انعقد مؤتمر عربي لمناقشة مشروع تنفيذها في "طرابلس" في الفترة ‪ 13-12‬مايو ‪2008‬م‪ .‬ورقة عمل مقدمة في‬
‫الدورة الحادية عشر للجمعية العامة للهيئة العربية للطيران المدني‪ ،‬طرابلس ‪ 13-12‬مايو ‪2008‬م‪.‬‬
‫(‪ )246‬المادة (‪ )45‬من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪118‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬التزامات املسافر يف عقد النقل اجلوي‬


‫دفع األجرة‪:‬‬ ‫‪.1‬‬

‫يلتزم املسافر بدفع األجرة املقررة نظري قيام الناقل بتوصيله إىل بلد املقصد النهائي‬

‫حسب العقد املربم بينهما‪ ،‬وتكون أجرة النقل حمددة سلفاً بواسطة الناقل مراعياً بذلك‬

‫قواعد اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي (األياتا) هبذا الشأن‪ ،‬واليت حيدد (األياتا) احلدود القصوى‬

‫ألسعار التذاكر لكي ال يضام املسافر من تعسف الناقلني بالتحكم بأسعار التذاكر ورفع‬

‫قيمتها‪ ،‬كما يضع (األياتا) احلد األدنى لألجرة (أسعار التذاكر)وذلك لغرض احملافظة على‬

‫استمرار شركات النقل اجلوي الصغرية لالستثمار يف جمال النقل اجلوي وتقديم اخلدمة دون‬

‫سيطرة الشركات الضخمة ذات األساطيل اجلوية العمالقة على هذا اجملال(‪ ،)247‬وتكون‬

‫أجرة النقل عرضة للتغري قبل البدء بعملية النقل حبيث يراعي الناقل أحكام (اآلياتا) السابق‬

‫ذكرها‪ ،‬و دفع األجرة من شروط إمتام تنفيذ عقد النقل إذ يستطيع الناقل رفض النقل إذا مل‬

‫تدفع له األجرة املطلوبة‪.‬‬

‫احلجز للرحلة ‪:‬‬ ‫‪.2‬‬

‫تشهد شركات النقل اجلوي إقباالً متزايداً من املسافرين‪ ،‬األمر الذي جيعل عدد املقاعد‬

‫املهيأة للسفر عليها يف الطائرات قليل حبيث ال يكفي جلميع الراغبني يف السفر‪ ،‬ويف هذه احلالة‬

‫تلزم شركات الطريان املسافرين باحلجز للرحلة قبل الذهاب إىل مبتدأ تنفيذ العقد‪ ،‬وحصول‬

‫املسافر على تذكرة سفر أو إيصال مؤقت هبا ال خيوله احلق بالسفر على أي رحلة شاء قبل‬

‫احلجز على تلك الرحلة أو إعادة تأكيد حجزه عليها‪ ،‬ولرغبة شركات الطريان يف املنافسة‬

‫تعطي احلق للمسافرين يف احلجز املبدئي للرحلة اجلوية حتى قبل احلصول على تذكرة السفر‬

‫(‪)247‬‬
‫‪www.pukmedia.com.‬‬
‫‪119‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وحجز املقعد ال عالقة له بالتذكرة إذ أنه ميكن للمسافر احلجز قبل التعاقد أو شراء التذكرة‬

‫ودفع األجرة‪ ،‬بيد أنه ال يتم إعادة تأكيد احلجز إالب بواسطتها‪ ،‬وجيب على املسافر يف هذه‬

‫احلالة إعادة تأكيد حجزه قبل سفره مبده حتدد أقصاها شركة الطريان الناقلة‪ ،‬وغالباً ما‬

‫تكون مابني الـ ‪ 24‬وال ـ‪ 72‬ساعة‪ ،‬يقعطى فيها الفرصة من لديه تذكرة سفر إلعادة تأكيد‬

‫حجزه للسفر على الرحلة اليت حجز عليها‪ ،‬وقد اشرتطت اتفاقية حترير النقل اجلوي العربي‬

‫املوقعة يف دمشق عام‪2004‬م على املسافر أن يكون لديه حجز مؤكد على الرحلة‬

‫احملددة بالتذكرة(‪.)248‬‬

‫االلتزام بتعليمات الناقل وتنفيذها‪:‬‬ ‫‪.3‬‬

‫يلتــزم املســافر بإتبــاع تعليمــات الناقــل الواجبــة لتنفيــذ عقــد النقــل‪ ،‬فيحضــر املســافر يف الوقــت‬

‫احملدد إىل مكان املغادرة احملدد سلفاً قبل قيام الرحلـة بوقـت كـافٍ‪ ،‬ويلتـزم أيضـ ًا باالنصـياع و‬

‫وضع نفسه حتت إمرة الناقل حتـى يصـل إىل بلـد املقصـد النـهائي سـاملاً‪ ،‬وهـذا االلتـزام مـؤداه أن‬

‫تــتم عمليــة النقــل دون أن يكــون هنالــك تــأخري ســببه املســافر‪ ،‬أو حيصــل ضــرر لــه مــن جانبــه‬

‫نفسه‪ ،‬ويدخل حتت هذا االلتزام إتباع تعليمات قائد الطائرة والطـاقم الـذين معـه‪ ،‬كـاجللوس يف‬

‫املقعــد احملــدد لــه‪ ،‬وربــط حــزام األمــان عن ــد إقــالع الطــائرة وعنــد هبوطهــا‪ ،‬أو عنــد احلاج ــة‪،‬‬

‫وعــدم التــدخني علــى مــنت الطــائرة‪ ،‬ومراعــاة راحــة اآلخــرين(‪ ،)249‬وعــدم اســتخدام األجهــزة‬

‫اإللكرتونية حلظـيت اإلقـالع واهلبـوط أو طـوال الرحلـة حسـب مـا حيـدده الناقـل‪ ،‬وعـدم صـعود‬

‫الطائرة وهو يف حالة سكر‪ ،‬ويف هذه األخرية جيـوز للناقـل إرجـاع املسـافر ولـو كـان قـد صـعد‬

‫(‪ )248‬المادة (‪ )46‬من اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام ‪2004‬م‪.‬‬
‫(‪ )249‬د‪ .‬زهير عباس كريم‪ .‬مبادىء القانون التجاري‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪1995 ،‬م‪ ،‬ص‪.332‬‬
‫‪120‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الطــائرة وجلــس يف املقعــد أو كــان حجــزه مؤكــداً كمــا ال يلتــزم يف هــذه احلالــة بــرد أجــرة نقــل‬

‫املسافر أو األمتعة(‪.)250‬‬

‫محل الوثائق املطلوبة للسفر‪:‬‬ ‫‪.4‬‬

‫كم ــا يلت ــزم املس ــافر حبم ــل مجي ــع الوث ــائق املطلوب ــة من ــه للس ــفر‪ ،‬مث ــل ج ــواز س ــفره س ــاري‬

‫املفعـول ‪ ،‬وتأشـريات املغـادرة أو الـدخول مـن أو إىل الــبالد الـيت تتطلـب قوانينـها ذلـك‪ ،‬أو كــروت‬

‫التطعــيم ضــد بعــض األمــراض‪ ،‬كمــا يلتــزم املســافر مبراجعــة شــرطة املطــارات للتأكــد مــن عــدم‬

‫منعه من السفر‪ ،‬وإهناء اإلجراءات اإلدارية واجلمركية لسفره(‪.)251‬‬

‫‪ .5‬وأخرياً فأنه حيتف الناقل حبق رفض نقل أي شخص حصل على تذكرة خمالفة‬

‫للقوانني املطبقة أو لتعرفة الناقل أو قوانينه أو أنظمته(‪.)252‬‬

‫(‪ )250‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.132‬‬


‫(‪ )251‬د‪.‬محمد محمد هالليه‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫(‪)252‬‬
‫‪www.iatatravelcentre.com‬‬
‫‪121‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفصل الثالث‪ :‬أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي‬


‫من أهم املواضيع اليت نظمتها اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬موضوع مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬سواء‬

‫من ناحية األساس الذي تقوم عليه تلك املسؤولية‪ ،‬أو شروط انعقادها‪ ،‬واليت يصبح الناقل مبوجب‬

‫تلك الشروط مسؤوالً عن تعويض األضرار اليت تصيب املسافر أو أمتعته وفقاً ألحكام االتفاقية‪،‬‬

‫وسوف نتحدث يف هذا الفصل عن أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي وذلك من خالل‬

‫تقسيم هذا الفصل إىل أربعة مباحث نتحدث يف املبحث األول عن تطور أساس مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي‪ ،‬ويف املبحث الثاني نتحدث عن شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب‬

‫املسافرين وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م‪ ،‬ويف املبحث الثالث نذكر شروط انعقاد‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب األمتعة وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م‪،‬‬

‫وصصص املبحث الرابع للحديث عن شروط مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار النامجة عن التأخري‬

‫يف عملية النقل اجلوي‪.‬‬

‫‪122‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث األول‪ :‬تطور أساس مسؤولية الناقل اجلوي‬


‫سوف نتتبع يف هذا املبحث تطور األساس الذي تقوم عليه مسؤولية الناقل اجلوي يف االتفاقيات‬

‫الدولية اخلاصة بتنظيم عقد النقل اجلوي إىل أن أصبحت يف اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م مسؤولية‬

‫موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة بعد أن كانت يف اتفاقية وارسو‪1929‬م مسؤولية‬

‫شخصية قائمة على أساس اخلطأ املفرتض من جانب الناقل‪ ،‬وسوف نقوم بتفصيل ذلك من خالل‬

‫تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب نتحدث يف املطلب األول منها عن أساس مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬و نتحدث يف املطلب الثاني عن تطور أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف‬

‫االتفاقيات املعدلة التفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬وصصص املطلب الثالث للحديث عن أساس مسؤولية‬

‫الناقل اجلوي يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪.‬‬

‫‪123‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‪:‬‬


‫مل تكن أحكام مسؤولية الناقل اجلوي الدويل قبل اتفاقية وارسو‪1929‬م واحدة عند مجيع‬

‫الدول‪ ،‬بل كانت كل دولة حتتكم يف قواعد القانون اجلوي وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي فيها‬

‫إىل أحكامها العامة املوجودة يف قانوهنا الوطين‪ ،‬ومل تكن هناك قواعد متفق عليها بني مجيع الدول‬

‫تلزم الناقل حبدود معينة ملسؤوليته جتاه املسافر الذي تضرر من عقد النقل اجلوي‪ ،‬األمر الذي جعل‬

‫أساس املسؤولية إبان التحضري التفاقية وارسو تتنازعه عدة اجتاهات خمتلفة‪ ،‬وتفصيل ذلك كالتايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬أساس مسؤولية الناقل اجلوي قبل اتفاقية وارسو ‪1929‬م‪:‬‬

‫كان الناقل اجلوي يف القانون اإلجنليزي قبل اتفاقية وارسو‪1929‬م يتمتع حبرية مطلقة يف‬

‫التعاقد وله سلطة حتديد مسؤوليته مببلغ حيدده هو بل كان له احلق يف اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية‬

‫أو لفيفها‪.‬‬

‫أما القانون األمريكي فكان حيرم على الناقل شرط اإلعفاء من املسؤولية ولكن مل‬

‫يكن الغرض من ذلك محاية املسافر‪ ،‬بل ألهنا كانت لالف النظام العام واآلداب‪ ،‬بيد أن القانون‬

‫األمريكي قد ح للناقل بتحديد مسؤوليته حبدود معينة بشرط أن تكون عادلة(‪.)253‬‬

‫أما املشرع الفرنسي فقد أبطل شروط اإلعفاء من املسؤولية عن أخطاء الناقل الشخصية فقط‪،‬‬

‫و ح له أن حيدد مسؤوليته أو خيفف منها لشروط خاصة كأخطار املالحة اجلوية(‪ ،)254‬و كانت احملاكم‬

‫يف فرنسا تطبق أحكام القانون املدني على عقد النقل اجلوي‪ ،‬و مل يكن الناقل ملتزم بضمان‬

‫السالمة‪ ،‬وبالتايل يكون مصدر االلتزام هو العقد وليس القانون‪ ،‬إذ كان املدعي يؤسس دعواه‬

‫(‪ )253‬د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ .‬عقد النقل الجوي‪ ،‬قواعد وأحكام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.67‬‬
‫(‪ )254‬المرجع السابق‪،‬ص‪.67‬‬
‫‪124‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫على عقد النقل املربم بينه وبني الناقل وليس على أساس الفعل الضار أو اخلطأ املفرتض أو اخلطأ‬

‫واجب اإلثبات(‪.)255‬‬

‫ثانياً‪ :‬أساس مسؤولية الناقل اجلوي إبان التحضري التفاقية وارسو‪1929‬م‪:‬‬

‫تنازعت أساس مسؤولية الناقل اجلوي إبان التحضري التفاقية وارسو ‪1929‬م‪ ،‬ثالثة اجتاهات‬

‫– كما ذكرنا ‪-‬تزعم األول منها فرنسا اليت استقت مسؤولية الناقل اجلوي من روح قواعد قانوهنا‬

‫املدني العامة فسعت إىل بناء مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطأ الثابت حبيث يلتزم الناقل أمام‬

‫املسافر بتوصيله إىل نقطة مقصده النهائي معافىً‪ ،‬وهو التزام بتحقيق نتيجة‪ ،‬إذ يلقي على الناقل تبعة‬

‫احلادث الضار الذي يرتب مسؤولية تقع على كاهله(‪.)256‬‬

‫أما اإلجنليز فكانت هلم نظرة خمتلفة‪ ،‬وهي إقامة مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطأ‬

‫واجب اإلثبات‪ ،‬فال يكون الناقل ملتزم قبل املسافر يف عقد النقل اجلوي إالب ببذل عناية وليس‬

‫بتحقيق نتيجة‪ ،‬فال يفرتض وقوع اخلطأ من جانبه‪ ،‬ولذلك يقع على كاهل املسافر عبء إثبات عدم‬

‫بذل الناقل تلك العناية(‪ ،)257‬وللناقل أيضاً اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية يف جمال نقل األشخاص‪،‬‬

‫بشرط أن يستخدم الناقل عند التعاقد عبارات صرحية ال غموض فيها‪ ،‬و إالب يكون هنـ ـ ــاك إخالالً‬

‫جوه ـ ـ ـ ــرياً لعـ ـ ــقد النق ـ ـ ــل اجل ـ ـ ـ ـ ـ ــوي ( ‪A fundamental breach of contract of‬‬

‫‪ ،)258()carriage‬أما االجتاه الثالث والذي تزعمته كل من أملانيا وروسيا(‪ )259‬اللتان كانت هلما نظرة‬

‫بعيدة فريون أن تكون املسؤولية امللقاة على عاتق الناقل يف عقد النقل اجلوي قائمة على أساس‬

‫(‪ )255‬د‪ .‬يحي أحمد البناء‪ .‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.66‬‬
‫(‪ )256‬د‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77 ،76‬‬
‫(‪ )257‬أصحاب هذا الرأي ال يفرقون أيضا ً بين الناقل العام(‪ )Common carrier‬والناقل الخاص(‪)Private carrier‬‬
‫فتنعقد مسؤولية الناقل الجوي العام أو الناقل الجوي الخاص على أساس التقصير أو اإلهمال في تنفيذ عقد النقل‪ ،‬ويقع‬
‫في هذه الحالة عبء اإلثبات على المضرور وهو المسافر‪ .‬د‪ .‬نادية محمد معوض‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،102‬أنظر‬
‫أيضاً‪ :‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.231‬‬
‫(‪ )258‬صفوت ناجي عبد القادر بهنساوي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.305 ،304‬‬
‫(‪ )259‬ساند هذا االتجاه كل من سويسرا‪ ،‬التشيك ويوغسالفيا‪.‬‬
‫‪125‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املخاطر وحتمل التبعة‪ ،‬فتصبح مسؤولية الناقل مسؤولية موضوعية‪ ،‬إذ كانوا يرون أن الغرم بالغنم‪،‬‬

‫فكما أنه(أي الناقل) يربح من عقد النقل اجلوي فالبد أن يتحمل مغارمه(‪.)260‬‬

‫على الرغم من أن كل اجتاه من االجتاهات السابقة أبدى متبنوه أسبابه و أسانيده حماوالً بذلك‬

‫كل طرف منهم تأسيس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو‪1929‬م مبا يتوافق و اجتاهه‪ ،‬وخيدم‬

‫مصاحله اليت تتالءم مع قواعده الوطنية‪ ،‬إالب أن اتفاقية وارسو ‪1929‬م مل ترتكز على اجتاه معني من‬

‫تلك االجتاهات‪ ،‬بل حاولت التوفيق بني مصاحل الدول املتعارضة املوقعة عليها وتقريب وجهات النظر‬

‫املتباعدة‪ ،‬وما كانت تسري عليه قوانني تلك الدول الوطنية من تباين بشأن أحكام النقل اجلوي‪،‬‬

‫و خاصة فيما يتعلق بقواعد وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬لذلك فقد استبعد الرأي األملاني‬

‫القائل جبعل مسؤولية الناقل اجلوي مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة‪،‬‬

‫وذلك نتيجة للظروف اليت كانت سائدة يف ذلك الوقت من كثرة خماطر الطريان‪ ،‬إذ مل تكن صناعة‬

‫الطائرات ‪-‬خاصة وسائل األمان يف الطائرة‪-‬متطورة بشكل يسمح بأن يقثقل عاتق الناقل اجلوي‬

‫معه مبثل هذه املسؤولية واليت قد تصبح حجر عثرة يف طريق قدرته على االستمرار يف جمال النقل‬

‫اجلوي‪ ،‬أضف لذلك أن النقل اجلوي يعترب حديث النشأة لذلك كان يف اعتبار االتفاقية تشجيع‬

‫امل ستثمرين وأرباب األموال لالستثمار يف مرفق النقل اجلوي‪ ،‬والعمل على تقديم التسهيالت املختلفة‬

‫لشركات الطريان لالستمرار هبذا املرفق‪ ،‬وعليه فقد جرى التوفيق بني وجهيت النظر الفرنسية‬

‫واإلجنليزية‪ ،‬وحماولة إجياد رأياً وسطاً و التوفيق بني املسؤوليتني العقدية والتقصريية(‪ ،)261‬فأخذت‬

‫(‪ )260‬د‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .76،77‬وأنظر‪ :‬د‪ .‬أبو زيد‬
‫رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .169،170‬و د‪ .‬نادية محمد معوض‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103‬‬
‫(‪ )261‬على الرغم من أن المسؤوليتين(التقصيرية والعقدية) تتفقان في األساس القانوني لكل منهما‪ ،‬وهو اإلخالل بالتزام‬
‫نواح قانونية عديدة نوجزها في‬
‫ٍ‬ ‫سابق أو الخطأ‪ ،‬وأن قوام كل منهما هو التعويض وجبر الضرر‪ ،‬إال أنهما تختلفان في‬
‫اآلتي‪ :‬جهة المصدر المنشئ لكل منهما‪ :‬فالمسؤولية العقدية تجد مصدرها في العقد ألنها تنهض عند اإلخالل بالتزام‬
‫عقدي سابق‪ ،‬أما المسؤولية التقصيرية فتجد مصدرها في القانون مباشرة ألنها جزاء على اإلخالل بواجب عام سابق‪،‬‬
‫أيضا ً تتطلب المسؤولية العقدية أهلية الرشد القانونية بينما يُكتفى في المسؤولية التقصيرية بأهلية التمييز‪ ،‬ويكون‬
‫اإلعذار واجب لقيام المسؤولية العقدية وطلب التعويض في حين ال يشترط أي إعذار في المسؤولية التقصيرية‪ ،‬أيضاً‬
‫يقع عبء اإلثبات في المسؤولية العقدية على عاتق المدين بأنه قد أوفى بالتزامه الناشئ عن العقد وإخالل الطرف‬
‫‪126‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫االتفاقية مببدأ املسؤولية العقدية من القانون الفرنسي‪ ،‬و ألزمت الناقل ببذل العناية الواجبة يف تنفيذ‬

‫عقد النقل اجلوي أخذاً من الرأي اإلجنليزي‪ ،‬وجعلت أيضاً خطأ الناقل مفرتضاً مبجرد وقوع الضرر‪،‬‬

‫وعليه إثبات بذله العناية الواجبة لتفاديه كدفعٍ للمسؤولية(‪ .)262‬وبذا كان التفاقية وارسو الفضل‬

‫األول يف تقريب وجهات النظر املتباينة و يف وضع اللبنات األوىل لتوحيد بعض قواعد النقل اجلوي‬

‫وخاصة فيما يتعلق مبسؤولية الناقل اجلوي وحتديدها‪ ،‬ونشري إىل أن افرتاض االتفاقية اخلطأ من‬

‫جانب الناقل يف إصابة املسافر ال يلزم هذا األخري إقامة الدليل على خطأ الناقل‪ ،‬لكن هذا األخري‬

‫يستطيع التخلص من املسؤولية بإثبات أنه وتابعيه قد الذوا مجيع التدابري الضرورية ( ‪The‬‬

‫‪ )necessary measures‬لتجنب وقوع الضرر(‪ )The Damage‬أو إثبات استحالة الاذها‪،‬‬

‫ويعفى أيض ًا الناقل من املسؤولية بقدر مسامهة املسافر املضرور يف وقوع الضرر(‪.)263‬‬

‫كما نشري إىل أن اتفاقية وارسو السابقة قد وجدت قبوالً منتشراً من خمتلف الدول ذلك ألهنا‬

‫تعترب أول اتفاقية دولية حقيقية يف جمال تنظيم مرفق النقل اجلوي وحتديد مسؤولية الناقل اجلوي فيه‪،‬‬

‫أضف لذلك أن األحكام اليت وضعتها االتفاقية كانت متناسبة مع ظروف الدول حتى تلك اليت كانت‬

‫متتلك أساطيل جوية صغرية أو عدد ضئيل من الطائرات‪.‬‬

‫اآلخر أو الدائن بينما يقع عبء إثبات خطأ المدين في المسؤولية التقصيرية على عاتق الدائن المضرور‪.‬إذا تعدد‬
‫المسؤولون في المسؤولية العقدية فإن كل متعاقد مسؤول بقدر ما يمليه عليه العقد وال يلزم بينهم التضامن في تحمل‬
‫المسؤولية إال في حالة اتفاق سابق بينهم على خالف المسؤولية التقصيرية إذ يكون المسؤولون متضامنين بدفع‬
‫التعويض فيها‪ .‬وأخيراً فإنه يجوز االتفاق على اإلعفاء من المسؤولية أو التخفيف منها إن انتفى الغش أو الخطأ الجسيم‬
‫في المسؤولية التعاقدية في حين ال يجد هذا االتفاق مكاناً له في المسؤولية التقصيرية إذ ال يجوز االتفاق على اإلعفاء‬
‫أو التخفيف منها‪ .‬أشرف جابر سيد‪.‬المسؤولية عن فعل األشياء المستخدمة في تنفيذ العقد‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫القاهرة‪2002 ،‬م‪ ،‬ص‪ .17-12‬أنظر أيضاً‪ :‬فاروق مصطفى السلمان‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين‬
‫واألمتعة والبضائع‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الماجستير في القانون‪ ،‬جامعة عدن‪ ،‬عدن‪،‬‬
‫‪2002‬م‪ ،‬ص‪).45،46‬‬
‫(‪ )262‬د‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.77،78‬‬
‫(‪ )263‬د‪ .‬يحي أحمد البناء‪ .‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.90،91‬‬
‫‪127‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬تطور أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف الربوتوكوالت املعدلة التفاقية وارسو‪1929‬م‬

‫وجدت اتفاقية وارسو‪1929‬م قبوالً واسعاً بني الدول و شركات الطريان ألهنا ‪-‬كما‬

‫أسلفنا‪-‬راعت مصاحل الناقل بتحديد مسؤوليته‪ ،‬وتشجيعه على االستثمار‪ ،‬والتوسيع من نطاق طرق‬

‫دفع مسؤوليته والتحلل منها‪.‬‬

‫إال أن حدود مبالغ التعويض اليت وضعتها االتفاقية قد أثارت بعض الصعوبات واملشاكل عند‬

‫التطبيق العملي يف احملاكم‪ ،‬ذلك ألن املسافر الداخلي كان باستطاعته احلصول على تعويض قد يبلغ‬

‫أضعاف ما قد حيصل عليه املسافر الدويل‪ ،‬بدأت احملاكم بعد ذلك توحي بقلة مبالغ التعويض تلك من‬

‫خالل أحكامها‪ ،‬وبالتايل كان للقضاء رأي خمالف ملا ذهبت إليه الدول عند التوقيع على االتفاقية‬

‫حبجة أن املبلغ الذي حيصل عليه املسافر كتعويض وفقاً ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م ال يتناسب‬

‫وحجم الضرر الذي أصابه‪ ،‬حتى أن بعض احملاكم قررت عدم االلتزام بأحكام االتفاقية‬

‫نفسها(‪ ، )264‬هذا من ناحية ومن ناحيةٍ أخرى إن هذا املبلغ يتخلف كثرياً عما تقرره وسائل النقل‬

‫ي مختلف بعد التوقيع على اتفاقية وارسو‪1929‬م وهو بناء مسؤولية الناقل الجوي قياساً‬ ‫(‪ )264‬فقد كان للمحاكم في إنجلترا رأ ُ‬
‫على مسؤولية الناقل البري(الســــــــــــــكة حديد) وسعى القضاء اإلنجليزي حثيثا ً لتطبيق قاعدة ( ‪Res ipsa‬‬
‫‪ ) loquitur‬على مسؤولية الناقل الجوي وازدهرت هذه القاعدة في األربعينات حتى قبيل تعديل اتفاقية وارسو بموجب‬
‫بروتوكول الهاي‪ ،1955‬وقاعدة (‪ )Res ipsa loquitur‬تعني أن الشيء يتحدث لذاته ( ‪The thing speaks for it‬‬
‫‪ )self‬وتعني أن الحادث ما كان ليقع لوال إهمال(‪)Negligence‬صاحب السيطرة على الشيء(وهو هنا الناقل)‬
‫ويتطلب إعمال هذه القاعدة توافر شرطين‪:‬‬
‫‪ .1‬رجوع الحادث الذي سبب الضرر للناقل وحده‪.‬‬
‫‪ .2‬خضوع الشيء(أداة النقل) لسيطرته الكاملة‪،‬‬
‫أي أن الحادثة لم تكن لتقع بحسب المجرى العادي لألمور إذا بذل الناقل العناية الواجبة لذلك‪.‬‬
‫وقد طبقت المحاكم في انجلترا هذه القاعدة على قضايا النقل الجوي آنذاك‪ ،‬خاصة بعد أن أصبح باستطاعة الطائرة‬
‫مغالبة عناصر الطبيعة‪ ،‬وصار من السهل على الناقل التنبؤ باألحوال الجوية وتقلبات األجواء‪ ،‬إذ انحصرت حوادث‬
‫الطيران التي يكون سببها تقلبات الجو حتى أصبحت تشكل (‪ )%9‬فقط من إجمالي حوادث الطيران‪ ،‬وأصبحت أغلب‬
‫الحوادث الجوية تنشأ من خطأ الناقل أو إهماله‪ ،‬أو خطأ تابعيه أو إهمالهم‪ .‬ففي قضية‪Malone v. Trans. :‬‬
‫)‪1942()Canada Airlines‬م) والتي تتلخص وقائعها في اصطدام طائرة تابعة للخطوط الجوية الكندية باألرض‬
‫وتحطمها أثناء عملية الهبوط‪ ،‬قالت محكمة استئناف "أونتارينو" أن السفر بالطائرة قد أصبح وسيلة مألوفة للنقل في‬
‫مناطق كثيرة من العالم‪ ،‬وبالتالي أجازت المحكمة تطبيق قاعدة (‪ .)Res ipsa loquitur‬وهو نفس الحكم الذي‬
‫توصلت إليه محكمة استئناف الواليات المتحدة عام ‪1951‬م في قضية )‪ )United States v. Kesinger elal‬بأن‬
‫الحادث لم يكن ليقع لوال إهمال الناقل وتابعيه‪ ،‬وان الطائرة وقت وقوع الحادث كانت تحت سيطرة المدعى عليه‬
‫(الناقل) وحده‪ ،‬وال يتخلف هذا الشرط إال في حاالت نادرة غير اعتيادية كأن يتولى المسافر بنفسه قيادة الطائرة التي‬
‫هو على متنها‪(.‬د‪ .‬ثروت أنيس األسيوطي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن‪ ،‬ط‪ ،1‬المطبعة العالمية‪،‬‬
‫القاهرة‪1960 ،‬م‪ ،‬ص‪ .).185-180‬وفي قضية ( ‪ )Fosbroke-Hobbes v. Airwork Ltd etel‬والتي تتلخص‬
‫‪128‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫األخرى من تعويض للمتضررين من عقود النقل بواسطتها‪ ،‬واتسام النقل اجلوي باألمان تواكباً مع‬

‫التطور التكنولوجي يف صناعة النقل اجلوي وأداة الطريان (الطائرة) من ناحية ثالثة‪ ،‬ومل يكن من‬

‫جمالٍ أمام احملاكم للتعبري عن رأيها هذا يف أحكام االتفاقية إالب أن جلأت إىل االستفادة من مدخل‬

‫وحيد تركته هلا االتفاقية‪ ،‬هذا املدخل هو عدم استطاعة الناقل التمسك حبدود املسؤولية اليت‬

‫فرضتها االتفاقية عليه يف حالة كان سيء النية‪ ،‬فجعلت احملاكم تتوسع يف تفسري النصوص اليت تضفي على‬

‫الناقل سيع النية على حنو حيقق م رهبا يف احلصول على أكرب قدر من احلماية ملصلحة املسافرين‪،‬‬

‫والقفز فوق ح دود املسؤولية اليت حددهتا االتفاقية‪ ،‬وكثرياً ما كانت احملاكم توحي يف ثنايا أحكامها‬

‫برغباهتا يف تعديل نصوص االتفاقية على حنوٍ يتفق وما ذكر(‪ ،)265‬وقد متخض عن كل ذلك ميالد‬

‫بروتوكول الهي ‪1955‬م املعدل ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م الذي رفع احلد األقصى‬

‫للتعويض إىل ضعف ما كانت عليه إبان اتفاقية وارسو‪1929‬م كما سنفصل ذلك يف املباحث‬

‫القادمة‪.‬‬

‫ومما ساعد احملاكم يف اجتاهها هذا هو موقف الواليات املتحدة األمريكية اليت رفضت التصديق‬

‫على بروتوكول الهاي ‪1955‬م املعدل التفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬بسبب عدم كفاية احلد األقصى‬

‫للتعويض الذي جاء ب ه الربوتوكول السابق‪ ،‬بل إن الواليات املتحدة قد ذهبت إىل أبعد من ذلك‬

‫فأفصحت عن رغبتها باالنسحاب(‪ )Denounce‬من االتفاقية األصلية(وارسو) (‪ ،)266‬األمر الذي‬

‫وقائعها في أن الطائرة لم تكد تغادر مطار اإلقالع إلى ارتفاع ‪ 100‬قدم حتى سقطت وتهشمت‪ ،‬أعملت المحكمة قاعدة‬
‫(‪ )Res ipsa loquitur‬إذ أن مثل هذا الحادث ما كان ليحدث لوال إهمال الناقل(المرجع السابق‪ .‬ص‪ ،)189‬وأصل‬
‫قاعدة (‪ )Res ipsa loquitur‬يعود إلى العام ‪1863‬م‪ ،‬حين سقط برميل من نافذة إحدى المخازن في إنجلترا وأصاب‬
‫أحد المارة بجراح‪ ،‬فرفع دعوى بالتعويض لكنه لم يتمكن من إثبات خطأ صاحب الحانوت إذ دفع هذا األخير بأن‬
‫الخطأ ال يفترض‪ ،‬لكن المحكمة ذهبت إلى وقوع إهمال من صاحب الحانوت مستدلة بتدحرج البرميل‪ ،‬إذ ال يمكن أن‬
‫يسقط البرميل في حالة عدم وجود إهمال‪ .‬أيضا ً ال يتصور أن يحضر المدعي شهوداً من داخل الحانوت إلثبات ما‬
‫يدعيه‪.‬‬
‫(‪ )265‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي الداخلي والدولي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪2002‬م‪ .‬ص ‪.182-179‬‬
‫ً‬
‫(‪ )266‬وبهذا الشأن أرسلت الواليات المتحدة األمريكية إلى حكومة جمهورية بولندا –باعتبارها جهة اإليداع‪-‬إعالنا ( ‪A‬‬
‫‪ )notification‬بتاريخ ‪1965/11/15‬م تفصح فيه عن ارادتها باالنسحاب من اتفاقية وارسو ‪1929‬م‪.‬‬
‫‪129‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫شكل هتديداً كبرياً ملستقبل النقل اجلوي واالتفاقيات املربمة هبذا اخلصوص فستصبح يف مهب الريح إن‬

‫نفذت الواليات املتحدة ما لوحت به ألهنا كانت متلك كربى شركات النقل العاملية‪ ،‬و أكثر من ‪%40‬‬

‫من إمجايل شركات النقل اجلوي‪ ،‬هلذا سارع اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي(‪ )IATA‬بإجياد طريقة‬

‫لتفادي وقوع ما ال حيمد عقباه‪ ،‬واستطاع اإلحتاد السابق إقناع عدد كبري من شركات الطريان الدولية‬

‫لتوقيع اتفاق مع هيئة الطريان املدني الفيدرالية يف الرابع من مايو ‪1966‬م(‪.)267‬‬

‫وقد رفع بروتوكول مونرتيال السابق حدود التعويض عن املسؤولية إىل أضعاف ما كانت عليه‬

‫يف اتفاقية وارسو فجعلها حمدودة مببلغ ‪ 75‬ألف دوالر أمريكي جتاه كل مسافر مضرور‪ ،‬أو ‪58‬‬

‫ألف دوالر أمريكي إن دفعت مصاريف الدعوى وأتعاب املقاضاة يف الدولة اليت رفعت فيها‬

‫الدعوى وسوف نفصل ذلك عند احلديث عن حدود التعويض يف املباحث القادمة‪ ،‬كما حصر‬

‫(‪ )267‬يسمى هذا االتفاق‪ :‬اتفاق مونتريال المؤقت (‪ ،)The Montreal Interim Agreement of 1966‬وقد حقق‬
‫للواليات المتحدة ما كانت ترمي إليه من رفع الحد األقصى للتعويض ليصل إلى ما أسمته الحد العادل للتعويض عن‬
‫إصابة المسافر أو وفاته‪ ،‬وعلى الرغم من عدم دخول الدول بصفتها دول ذات سيادة في هذا االتفاق‪ ،‬بما فيها الواليات‬
‫المتحدة ‪-‬وإن كانت صياغة هذا االتفاق قد تمت بمعرفة ممثلين عن الحكومة األمريكية‪-‬وعلى الرغم من ذلك إال أنه‬
‫أصبح ساريا ً بين شركات الطيران الحكومية التابعة لهذه الدول ليحقق بذلك رغبات الواليات المتحدة وبغيتها األولى منه‬
‫في حماية رعاياها المسافرين جواً ‪ .‬ويطلق بعض الفقه األمريكي على هذا االتفاق " االتفاق الخاص" إذ أنه – من وجهة‬
‫نظرهم‪ -‬ال يعتبر اتفاقا ً جديداً‪ ،‬بل يعتبر عين التطبيق لنص اتفاقية وارسو‪1929‬م الذي قرر بأنه يمكن للناقلين‬
‫والمسافرين بموجب اتفاق خاص رفع الحد األقصى للتعويض على ما قررتها االتفاقية‪:‬‬
‫‪(Nevertheless، by special contract، the carrier and the passenger may agree to a higher limit‬‬
‫‪of liability). Warsaw Convention 1929، article22/1.‬‬
‫وإرضاء لحكومات الشركات الموقعة في هذا االتفاق فقد وافقت الواليات المتحدة على إرساء المسؤولية الموضوعية‬
‫كأساس لمسؤولية الناقل الجوي رغم معارضتها لهذا األساس ومهاجمتها له في االتفاقيات السابقة‪ ،‬أيضاَ يعد هذا االتفاق‬
‫من أسرع االتفاقيات التي دخلت حيز التنفيذ بعد التوقيع عليها إذ أصبح ساريا ً بين شركات الطيران في تاريخ‬
‫‪1966/5/13‬م‪ ،‬أي بعد (‪ )9‬أيام فقط من التوقيع عليه والسبب في ذلك أن الواليات المتحدة عندما بعثت خطابها لحكومة‬
‫جمهورية بولندا مفصحة فيه عن رغبتها باالنسحاب من اتفاقية وارسو ‪1929‬م بتاريخ ‪1965/11/15‬م كان سيصبح من‬
‫حقها التنصـــــــــل (‪ )Denounce‬عن االتفاقيـــــــــــة بتاريخ‪1966/5/15‬م أي بعد ستة أشهر من تاريخ اإلخطار وفقاً‬
‫لنص اتفاقية وارسو ‪:‬‬
‫‪(1. Any one of the High Contracting Parties may denounce this Convention by a notification‬‬
‫‪addressed to the Government of the Republic of Poland، which will at once inform the‬‬
‫‪Government of each of the High Contracting Parties.‬‬
‫‪2. Denunciation shall take effect six months after the notification of denunciation، and‬‬
‫)‪shall operate only as regards the Party who shall have proceeded to denunciation.‬‬
‫)‪(Warsaw convention 1929 A.D، Article 40.‬‬
‫فلم يكن أمام شركات الطيران إال التوقيع على اتفاق مونتريال‪1966‬م قبل تاريخ ‪1966/5/15‬م وهو ما حدث بالفعل‪.‬‬
‫‪130‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بروتوكول مونرتيال‪1966‬م وسائل دفع الناقل للمسؤولية عن كاهله خبطأ املضرور فقط(‪ ،)268‬وبذا‬

‫أصبحت مسؤولية الناقل اجلوي وفقاً هلذا الربوتوكول مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر‬

‫وحتمل تبعاته‪ ،‬لكن الربوتوكول السابق مل ميكن مجيع املسافرين من االنتفاع بأحكامه‪ ،‬بل‬

‫حصرت إمكانية االستفادة منها على الطريان الذي متثل فيه الواليات املتحدة األمريكية نقطة إقالع‬

‫أو توقف أو هبوط(‪.)269‬‬

‫وملا ك ان من شأن تطبيق هذا الربوتوكول هدم مبدأ املساواة بني املسافرين أمام املرافق‬

‫العامة‪ ،‬وخلق تعارضاً بني أحكام حدود مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬واملساس بسيادة الدول‬

‫املتعاقدة(‪ )270‬فقد نادى الفقهاء واهليئات املهتمة بشؤون املالحة اجلوية إىل عقد مؤمتر حيد من هذا‬

‫التعارض‪ ،‬ويرسي توازناً بني شركات الطريان وحدود مسؤولياهتا جتاه مسافريها‪ ،‬وحماولة وضع‬

‫مجيع املسافرين على قدم املساواة‪ ،‬فعقد مؤمتر جواتيماال يف مدينة "جواتيماال" نت عنه بروتوكول‬

‫جواتيماال سييت لعام ‪1971‬م‪ ،‬القاضي جبعل مسؤولية الناقل اجلوي مسؤولية موضوعية قائمة على‬

‫أ ساس اخلطر وحتمل التبعة بالنسبة لألضرار اليت تقع على املسافرين وأمتعتهم غري تلك النامجة عن‬

‫التأخري إذ أبقى عليها الربوتوكول يف عداد املسؤولية العقدية القائمة على أساس اخلطأ‬

‫املفرتض(‪.)271‬‬

‫ومما سبق جند أنه على الرغم من التعديالت املتواصلة واملختلفة التفاقية وارسو ‪1929‬م إالب‬

‫أن اتفاقية واحدة مل تغط مجيع جوانب مسؤولية الناقل اجلوي أو جتمع أحكام املسؤولية كاملة‪ ،‬إذ‬

‫(‪ )268‬د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.134‬‬


‫(‪ )269‬وفي هذا إشارة واضحة إلى أن الغرض من هذا البروتوكول كان توفير حماية أكبر للمسافرين األمريكيين‪.‬‬
‫(‪ )270‬فقد كان من شأن تطبيق أحكام هذا البروتوكول اختالف التعويض الذي يحصل عليه بعض المسافرين عن البعض‬
‫اآلخر نسبة الت جاه كل منهم؛ فالمسافر الذي تشتمل رحلته على نقطة مغادرة أو توقف أو مقصد نهائي واقعة في إقليم‬
‫الواليات المتحدة يحصل على التعويض المنصوص عليه ببروتوكول مونتريال دون غيره الذي تبقى حدود تعويضه‬
‫خاضعة ألحكام اتفاقية وارسو المعدلة باتفاقية الهاي نظراً ألن رحلته ال تشتمل على أي من النقاط المذكورة ‪.‬‬
‫(‪ )271‬لم يستفد المسافرون من التعديالت التي جاء بها هذا البروتوكول ألنه لم يدخل حيز التنفيذ لعدم إكتمال النصاب‬
‫القانوني من الدول الموقعة عليه ليصبح ساريا ً بينها‪.‬‬
‫‪131‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أن كل اتفاقية كانت هتتم ببعض مواضيع مسؤولية الناقل اجلوي دون التطرق لبعضها اآلخر‬

‫كربوتوكول الهاي‪1955‬م الذي رفع احلد األقصى للتعويض عن الضرر الذي يصيب املسافر‪ ،‬بينما‬

‫أبقى على حاالت املسؤولية األخرى كما وردت يف أحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬أو‬

‫بروتوكول مونرتيال‪1966‬م اخلاص الذي اهتم فقط برفع حدود املسؤولية عن األضرار اليت تصيب‬

‫املسافرين من رعايا الواليات املتحدة‪ ،‬أما بروتوكول جواتيماال سييت ‪1971‬م والذي كان يعترب‬

‫مبثابة األمل الوحيد ملعاجلة ما سببه بروتوكول مونرتيال ‪1966‬م من املثالب فلم يدخل حيز التنفيذ‬

‫من األصل‪.‬‬

‫‪132‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬


‫إذا كان الفضل األول يف حماولة مجع وتوحيد بعض قواعد النقل اجلوي الدويل يرجع التفاقية‬

‫وارسو‪1929‬م‪ ،‬فإن اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م ال تنقص عنها أمهية إذ أن الفضل يعود هلا يف حماولة‬

‫إنقاذ مبدأ توحيد قواعد النقل اجلوي الدويل بعد أن اعرتت اتفاقية وارسو وتعديالهتا الصعوبات يف‬

‫توحيد هذه القواعد‪ ،‬وخاصة بعد دخول بروتوكوالت مونرتيال اإلضافية الثالثة لعام ‪1975‬م حيز‬

‫التنفيذ(‪ )272‬وما جاءت به هذه الربوتوكوالت من أحكام جديدة بشأن أحكام مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي واليت سيتم التعرض هلا يف الفصل القادم‪ ،‬فاالختالف فيما بني هذه الربوتوكوالت واتفاقية‬

‫وارسو و تعديالهتا كان واضحاً خاصة فيما خيص أساس مسؤولية الناقل اجلوي وحدود التعويض‬

‫املقررة فيها‪ ،‬فكان البد على اجملتمع الدويل من حماولة وضع اتفاقية واحدة شاملة ألحكام النقل‬

‫اجلوي‪ ،‬فتم التوقيع على اتفاقية مونرتيال يف ‪ 28‬مايو ‪1999‬م‪.‬‬

‫جاءت اتفاقية مونرتيال املوقعة يف مايو ‪1999‬م‪ ،‬مستصحبة يف أحكامها ما وصلت إليه مجيع‬

‫االتفاقيات السابقة هلا من تطورات يف أساس مسؤولية الناقل اجلوي الدويل‪ ،‬ومستصحبة أيضاً تطور‬

‫مرفق النقل اجلوي وتطور صناعة الطريان معه‪ ،‬حتى أصبح مرفق النقل اجلوي ميثل عصب احلياة‬

‫فعالً(‪ ،)273‬ومن ثم وضعت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م كل ما ذكر يف االعتبار فأرست نظام املسؤولية‬

‫املطلقة (‪ )Absolute Liability‬اليت يعد الناقل مبوجبها مسؤوالً عن الضرر الذي يصيب املسافر‬

‫بغض النظر عن عدم خطأ الناقل أو تابعيه (‪.)274‬‬

‫(‪ )272‬تسمى هذه البروتوكوالت ببروتوكوالت مونتريال اإلضافية األربعة لسنة‪1975‬م‪ ،‬وقد دخل البروتوكوالن األول‬
‫والثاني منها حيز التنفيذ في ‪ 15‬فبراير ‪1996‬م‪ ،‬أما البروتوكول الرابع فقد دخل حيز التنفيذ في ‪ 14‬يونيو ‪1998‬م‪ ،‬أما‬
‫البروتوكول الثالث فلم يدخل حيز التنفيذ حتى اآلن‪.‬‬
‫(‪ )273‬إذ تقول دراسة إحصائية أجريت أنه في كل عام تسافر ‪ 15‬مليون طائرة مسافرين تجارية حاملة معها ‪1.2‬مليار‬
‫مسافر ‪...‬مما يعني إقالع طائرة تجارية من مكا ٍن ما في العالم كل ثانيتين‪ .‬مجلة آفاق العلم (‪)prospects of science‬‬
‫العدد‪ ،11‬أكتوبر‪ -‬نوفمبر ‪2006‬م‪ ،‬ص‪.8‬‬
‫(‪ )274‬لم تكن اتفاقية مونتريال ‪1999‬م هي أول اتفاقية تتحدد مسؤولية الناقل الجوي الدولي فيها على أساس الخطر وتحمل‬
‫التبعة‪ ،‬فقد جاء بروتوكول مونتريال ‪1966‬م‪ ،‬وبروتوكول جواتيماال‪1971‬م بذات األساس لمسؤولية الناقل الجوي‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وعلى الرغم من إمكانية القول أن اتفاقية مونرتيال ‪1999‬قد حوت أحكام اتفاقية‬

‫وارسو‪ 1929‬وتعديالهتا املختلفة إالب أهنا قد جاءت خمالفة كافة االتفاقيات السابقة يف بعض‬

‫األحكام؛ ففي الوقت الذي تشرتط اتفاقية وارسو‪1929‬م على املضرور حلصوله على تعويض‬

‫يتجاوز احلد األقصى املقرر فيها إقامة الدليل على غا الناقل أو خطئه اجلسيم املساوي للغا(‪،)275‬‬

‫وتؤسس املسؤولية يف هذه احلالة على أساس اخلطأ واجب اإلثبات‪ ،‬ويف الوقت الذي يشرتط‬

‫بروتوكول الهاي ‪1955‬م يف مثل هذه احلالة إثبات املضرور لفعل من جانب الناقل أو امتناع عن‬

‫فعل بقصد إحداث الضرر أو برعونة مقرونة باحتمال ترتب ضرر على ذلك(‪ ،)276‬ويف الوقت الذي ال‬

‫جييز بروتوكول جواتيماال سييت ‪1971‬م يف مثل هذه احلالة جتاوز احلد األقصى‬

‫للتعويض(‪ )Unbreakable‬بأي حال(‪ ،)277‬جند اتفاقية مونرتيال‪1999‬م يف هذه احلالة جتيز جتاوز‬

‫احلد األقصى للتعويض لكنها جتعل مسؤولية الناقل مسؤولية عقدية قائمة على أساس اخلطأ‬

‫املفرتض من جانب الناقل‪.‬‬

‫أيضاً من أهم املشكالت اليت اهتمت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م بوضع حلول مناسبة هلا‪ ،‬هي‬

‫مسألة توحيد احللول املتبناة يف جمال حتديد احلد األقصى للتعويض‪ ،‬والقواعد اخلاصة حلساب هذا احلد‬

‫فقد نشأ تضارب بني االتفاقيات السابقة يف حساب قيمة التعويض ذلك ألن التطور احلادث يف جمال‬

‫(‪ )275‬حيث تنص المادة (‪ )1/ 25‬من اتفاقية وراسو‪1929‬م على‪:‬‬


‫‪(The carrier shall not be entitled to avail himself of the provisions of this Convention‬‬
‫‪which exclude or limit his liability، if the damage is caused by his wilful misconduct or by‬‬
‫‪such default on his part as، in accordance with the law of the Court seised of the case، is‬‬
‫‪considered to be equivalent to wilful misconduct).‬‬
‫(‪ )276‬حيث تنص المادة(‪ )XIII‬من اتفاقية الهاي ‪1955‬م المعدلة للمادة ‪ 25‬من اتفاقية وراسو‪1929‬م على‪:‬‬
‫‪(The limits of liability specified in Article 22 shall not apply if it is proved that the‬‬
‫‪damage resulted from an act or omission of the carrier، his servants or agents، done with‬‬
‫;‪intent to cause damage or recklessly and with knowledge that damage would probably result‬‬
‫‪provided that، in the case of such act or omission of a servant or agent، it is also proved that‬‬
‫‪he was acting within the scope of his employment).‬‬
‫(‪ )277‬حيث تنص المادة (‪ )IX( )9‬من بروتوكول جواتيماال سيتي‪1971‬م المعدل للمادة ‪ 24‬من اتفاقية وراسو ‪1929‬م على‪:‬‬
‫‪(Such limits of liability constitute maximum limits and may not be exceeded‬‬
‫‪whatever the circumstances which gave rise to the liability).‬‬
‫‪134‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫احلد األقصى للتعويض جعل التعويض حيسب مببالغ لتلف عن بعضها البعض حبسب ما تنص عليه‬

‫االتفاقية اليت حتكم العقد فقد نصت بعض االتفاقيات على حساب قيمة التعويض مبوجب الفرنك‬

‫الفرنسي‪ ،‬ونصت أخرى على حساب قيمته مبوجب الدوالر األمريكي‪ ،‬وثالثة مبوجب وحدات‬

‫حقوق السحب اخلاصة (‪ )Special Drawing Right‬وما واجهته التطبيقات العملية من صعوبة‬

‫عند حتويل هذه املبالغ إىل ما يساويها بالعملة الوطنية باالستناد إىل واقع صرف الذهب الذي مل يستقر‬

‫هو اآلخر على سعر حمدد‪ ،‬أيضاً افرتاض عضوية الدول اليت وقعت على بروتوكوالت مونرتيال‬

‫اإلضافية األربعة ‪1975‬م يف صندوق النقد الدويل سبب صعوبة يف حساب قيمة التعويض على‬

‫أساس وحدات السحب اخلاصة وفق ما حيدده صندوق النقد الدويل (‪Monetary Fund()IMF‬‬

‫‪ ) International‬من أحكام‪ ،‬مما جعل هذه الدول حتسب التعويض على أساس وحدات‬

‫السحب اليت نصت عليها اتفاقية وارسو وتعديالهتا وهي(الفرنك بوانكاريه) (‪Poincaré ( )PF‬‬

‫‪( )Franc‬أي الفرن ك الفرنسي) وهو األمر الذي أنشأ التعارض بني االتفاقيات نفسها فيما يتعلق مبدى‬

‫التعويض عن الضرر )‪ )Extent of the compensation for damage‬نظراً الختالف‬

‫أسعار هذه الوحدات عن بعضها وحدود التعويض املقررة(‪ ،)278‬وقد تالفت اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م هذه العيوب ووضعت أحكاماً خاصة بالدول األعضاء يف صندوق النقد الدويل‪،‬‬

‫كما وضعت أحكاماً أخرى خاصة بالدول اليت ليست أعضاء يف الصندوق وسنفصل ذلك عند‬

‫احلديث عن حدود التعويض يف الفصل الرابع من هذه الدراسة إالب أن ما يهمنا ذكره يف هذا املقام‬

‫أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد الذت نظامني كأساس ملسؤولية الناقل اجلوي يف وقت واحد‪،‬‬

‫فتكون مسؤولية الناقل مسؤولية موضوعية قائمة على أساس اخلطر وحتمل التبعة عن األضرار‬

‫(‪ )278‬د‪ .‬هشام فضلي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي على الصعيدين الدولي والداخلي‪ ،‬دراسة في اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪،‬‬
‫وقانون التجارة الجديد‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.44 ،43‬‬

‫‪135‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اليت ال تتجاوز احلد األقصى للتعويض وهو(‪ )100.000‬وحدة حقوق سحب خاصة‪ ،‬ومسؤولية‬

‫شخصية قائمة على أساس خطأ الناقل املفرتض عن األضرار اليت تتجاوز احلد األقصى للتعويض‬

‫املشار إليه (‪.)Exceeding the maximum compensation‬‬

‫ونالح مما سبق أن اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م قد ارتفعت بأساس مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫ملصلحة املسافر بشكل خيتلف عما كانت عليه يف أحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م؛ فحينما كان‬

‫أساس مسؤولية الناقل اجلوي يؤسس يف اتفاقية وارسو‪ 1929‬على اخلطأ املفرتض عن األضرار اليت‬

‫ال تتجاوز حدود مبلغ التعويض جنده يف اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م يؤسس على أساس مطلق قوامه‬

‫اخلطر وحتمل التبعة‪ ،‬ويف الوقت الذي تبين اتفاقية وراسو‪1929‬م مسؤولية الناقل على أساس اخلطأ‬

‫واجب اإلثبات يف حالة جتاوز مبالغ التعويض احلدود اليت قررهتا االتفاقية‪ ،‬جند اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م قد إرتفعت بأساس املسؤولية ملصلحة املسافر يف هذه احلالة لتصبح مسؤولية‬

‫الناقل اجلوي قائمة على أساس اخلطأ املفرتض‪.‬‬

‫كما نستطيع القول أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م بتأسيسها املسؤولية املطلقة قد أرست توافقاً‬

‫فيما بني موضوعات القانون اجلوي وتكامالً مع بعضها البعض‪ ،‬كما أهنا بتأسيسها لتلك املسؤولية قد‬

‫شكلت حلقة وصل بني عامة موضوعات القانون اجلوي والقوانني الوطنية؛ ففي الوقت الذي تكون‬

‫أحكام القانون اجلوي فيه واجبة التطبيق على كل األشياء املتحركة يف اجلو وكل ما من شأنه أن‬

‫يشكل بالنسبة للغري خطراً خاصاً ومتصالً باستعماهلا جند ان اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد وضعت‬

‫حتديداً أوضح ملعنى الطائرة وذلك بتأسيسها مسؤولية الناقل اجلوي على أساس اخلطر وهو األساس‬

‫الذي ارتكزت عليه القوانني الوطنية يف تعريفها ملعنى الطائرة‪.‬‬

‫‪136‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثاني‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي جتاه املسافر‬


‫أوضحنا يف الفصل السابق أن أهم التزام يقع على عاتق الناقل اجلوي هو توصيل املسافر إىل‬

‫نقطة مقصده النهائي ساملاً معافىً‪ ،‬وإخالل الناقل هبذا االلتزام جيعله عرضة لتحمل مسؤولية عدم‬

‫تنفيذ العقد كما بينتها االتفاقيات الدولية ذات الصلة مبوضوع النقل اجلوي ومسؤولية الناقل‪ ،‬و تنعقد‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي وفقاً ألحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م إن هو أخل بالتزامه حنو املسافر و‬

‫أمتعته‪ ،‬لكن هذه املسؤولية ليست مطلقة دون قيد إ ا قيدهتا االتفاقية بشروطٍ ثالثة نصت عليها‬

‫االتفاقية‪:‬‬
‫‪(The carrier is liable for damage sustained in case of death or‬‬
‫‪bodily injury of a passenger upon condition only that the accident‬‬
‫‪which caused the death or injury took place on board the aircraft or‬‬
‫)‪in the course of any of the operations of embarking or disembarking‬‬
‫‪.‬‬
‫(‪)279‬‬

‫من النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد جعلت الناقل مسؤوالً عن‬

‫الضرر(‪ )Damage‬الذي حيصل للمسافر يف حالة أدى هذا الضرر إىل وفاة املسافر(‪)Death‬‬

‫أو إصابته بدنياً(‪ ،)Bodily injury‬لكنها قد اشرتطت لتحمل الناقل املسؤولية عن هذا‬

‫الضرر أن تكون احلادثة(‪ )The accident‬اليت سببت الوفاة أو اإلصابة البدنية قد وقعت‬

‫على منت الطائرة (‪ )On board the aircraft‬أو أثناء أي من عمليات الصعود‬

‫إليها(‪ )Embarking‬أو اهلبوط منها (‪ )Disembarking‬ونستطيع من خالل النص أعاله‬

‫استخالص شروط(‪ )280‬ثالثة النعقاد مسؤولية الناقل اجلوي جتاه املسافر‪ ،‬نفصلها من خالل املطالب‬

‫التالية‪:‬‬

‫(‪ )279‬المادة (‪ )1/17‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )280‬ونحن إذ نتحدث عن هذه الشروط فإننا نقصد الشروط الخاصة النعقاد مسؤولية الناقل الجوي مفترضين توافر‬
‫الشروط العامة والتي تتمثل في كون عقد النقل عقداً جويا ً تجارياً دولياً‪.‬‬
‫‪137‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬وقوع ضرر أدى إىل وفاة املسافر أو عرّضَه إلصابة جسدية‬
‫أوالً‪ :‬املقصود بالضرر‪:‬‬

‫أول شرط من الشروط اخلاصة النعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب‬

‫املسافر كما بينتها اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م هو وقوع ضرر يصيب املسافر وتكون نتيجته وفاة‬

‫املسافر أو إصابته اجلسدية‪:‬‬


‫‪(The carrier is liable for damage sustained in case of death or‬‬
‫‪bodily injury of a passenger))281( .‬‬

‫نالح من النص السابق أن مسؤولية الناقل اجلوي تنعقد يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م جملرد‬

‫وقوع الضرر‪ ،‬لكن االتفاقية السابقة مل تأت بتعريفٍ حمد ٍد ملعنى الضرر بل اكتفت بذكر صوره وهي‬

‫الوفاة أو األذى البدني‪ ،‬وعليه فإنه يرجع يف تفسري املقصود بالضرر إىل القواعد العامة يف القانون‬

‫الواجب التطبيق على النزاع‪.‬‬

‫والضرر يف اللغة‪ :‬النقصان يدخل يف الشيء(‪ ،)282‬والضَرَّ‪ :‬خالف النفع(‪ ،)283‬ال يضر الرجل أخاه‬

‫فينقصه شيء من حقه(‪ ،)284‬أما تعريف الضرر يف القانون ‪-‬و هو ما نود اإلشارة إليه هنا‪ -‬فليس ثابتاً‬

‫إذ أن القوانني الوطنية لتلف فيما بينها يف تفسري معنى الضرر فتتوسع بعض هذه القوانني ليدخل يف‬

‫عداد الضرر في ها األضرار النفسية مثل القانون السوداني الذي يعرف الضرر على أنه‪ ( :‬أي أذى يقع‬

‫باملخالفة للقانون يصيب الشخص يف جسمه أو صحته العقلية أو النفسية أو يف عرضه أو ماله أو‬

‫عته)(‪ ،)285‬ويتوسع البعض اآلخر ليدخل الضرر املتوقع (‪ )expected damage‬وغري املتوقع‬

‫(‪ )281‬المادة(‪ )1/17‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )282‬كتاب العين‪ .‬ألبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ .‬الجزء السابع‪ ،‬ص‪.7‬‬
‫(‪ )283‬الصحاح في اللغة‪ .‬للجوهري‪ .‬الجزء األول‪ ،‬باب ضرزم‪ ،‬ص‪.408‬‬
‫(‪ )284‬تاج العروس‪ .‬لمرتضى الزبيدي‪ .‬الجزء األول‪ ،‬باب ضجر‪ ،‬ص‪.3090‬‬
‫(‪ )285‬المادة (‪ )3‬من القانون الجنائي السوداني لسنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪138‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ال عن الضرر املتوقع فقط‬


‫عند التعويض مثل القوانني األجنلوسكسونية‪ ،‬بينما ال تعوض بعض القوانني إ ب‬

‫كبعض القوانني العربية وهذا االختالف قد يؤدي إىل تنازع يف القوانني(‪.)286‬‬

‫ثانياً‪ :‬مدى مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر‪:‬‬

‫إن حوادث النقل عامة وحوادث الطريان خاصة قد تسبب إىل جانب األضرار البدنية‬

‫(‪ ) Bodily Injury‬املتمثلة يف وفاة املسافر أو جرح جسمه‪ ،‬أضراراً نفسية (‪ )Mental Injury‬قد‬

‫تتمثل يف االهنيارات العصبية(‪ )Nervous breakdown‬أو الصدمات النفسية( ‪Psychological‬‬

‫‪ )trauma‬أو غريها من تلك اليت ال تكون ظاهرة على جسم املسافر‪ ،‬فهل تتسع مسؤولية الناقل‬

‫لتشمل التعويض عن األضرار النفسية؟ أم أن مسؤوليته قاصرة على تغطية اإلصابات البدنية فقط‬

‫دون تلك النفسية؟‬

‫مل تُلزم اتفاقية مونرتيال‪1999‬م الناقل بالتعويض(‪ )Compensation‬عن األضرار‬

‫النفسية(‪ )Mental injury‬بل أن االتفاقية قصرت التعويض عن األضرار البدنية فقط املتمثلة يف‬

‫وفاة املسافر أو إصابة بدنه جبروح ( ‪ ،)287( )Bodily injury‬بيد أن القضاء قد تصدى هلذه املسألة‬

‫وتناوهلا يف قضايا عديدة اجتهت يف بداية األمر إىل عدم التعويض عن األضرار النفسية واقتصار‬

‫التعويض على األضرار البدنية منها‪ ،‬ففي قضية (‪ )288( )Husserl‬اليت جاء يف حكم القاضي (‪)Tyler‬‬

‫أنه من خالل قراءته لنص املادة (‪ )17‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م فإن هناك صعوبة يف إلزام الناقل‬

‫بالتعويض عن األضرار النفسية وحدها إذ أن عبارة "أذى بدني" تنصرف إىل األذى اجلسماني‬

‫فقط(‪ ،)289‬وهو نفس االجتاه الذي ذهبت إليه احملكمة يف قضية ‪(Burnett V. Trans World‬‬

‫(‪ )286‬د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.104‬‬


‫(‪ )287‬المادة(‪ )17‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )288‬د‪ .‬رفعت أبادير‪ .‬مدى مسؤولية الناقل الجوي وفقا ً التفاقية وارسو ‪1929‬عن األضرار التي تلحق المسافرين من جراء‬
‫عمليات اختطاف الطائرات وأعمال العنف التي تقع داخل المطارات‪ ،‬دون ناشر‪ ،‬القاهرة‪1983،‬م‪ .‬ص‪.6‬‬
‫(‪ )289‬وهو نفس النص الذي جاءت به اتفاقية مونتريال في المادة(‪.)1/17‬‬
‫‪139‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫)‪ )290(Airlines Inc‬برفض التعويض عن األضرار النفسية اليت أصابت املسافر(‪ )Burnett‬جراء‬

‫عملية اختطاف الطائرة وحتويل مسارها إىل "صحراء األردن" بدالً عن"نيويورك" واحتجازها‬

‫هناك ملدة سة أيام‪ ،‬فقد استند القاضي يف هذه القضية إىل أن القانون الفرنسي واألمريكي‬

‫كليهما مييزان متييزاً دقيقاً بني األذى البدني(‪ )Bodily Injury‬واألذى النفسي(‪،)Mental Injury‬‬

‫وما دامت االتفاقية قد اقتصرت بالتعويض عن األذى البدني فال وجه هنا للتوسع بالتفسري ألن‬

‫األضرار النفسية وحدها غري كافية لقيام مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬كما جاء يف قضية‪:‬‬

‫)‪ )291((Antal Beck V. KIM Royal Dutch Airlines and Ritz Travel‬أنه ال‬

‫يعد من قبيل األذى البدني الذي يوجب مسؤولية الناقل اجلوي االضطراب النفسي الذي أصاب‬

‫املسافرين نتيجة هبوط الطائرة اضطرارياً خللل أصاهبا أثناء رحلتها من "أمسرتدام" إىل‬

‫"بودابست"‪ ،‬وهو نفس احلكم الذي انتهت إليه احملكمة يف قضية‪Rosman V. trans world (:‬‬

‫‪ )Airlines‬وقد جاء يف احلكم أنه‪:‬‬


‫‪An air carrier can't be held liable under Article (17) when an‬‬
‫‪accident has not caused a passenger to suffer death or physical injury‬‬
‫‪and no view as to whether passenger can recover for mental injuries‬‬
‫‪are accompanied by physical injury.‬‬
‫فإذا تسبب احلادث يف ضرر نفسي فقط ومل يتسبب يف وفاة املسافر أو إصابته بأذىً بدني فال‬

‫مسؤولية على الناقل‪.‬‬

‫أيضاً حكمت احملكمة بعدم التعويض عن األضرار النفسية اليت تلحق باملضرور يف الفرتة ما‬

‫بني وقوع احلادث والوفاة إذ أن املوت السريع مل يفسح اجملال للضرر النفسي‪ ،‬جاء ذلك يف دعوى‪(In :‬‬

‫(‪ )290‬د‪ .‬رفعت أبادير‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .8-6‬وأنظر أيضاً‪ :‬د‪.‬رفعت فخري‪ ،‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ ،‬مرجع سابق‪،‬‬
‫ص‪119‬م‪.‬‬
‫(‪ )291‬أوردها د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫‪140‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫)‪ )292(Re Aircash Disaster‬حيث حتطمت الطائرة قرب بلدة "‪ "Rose lawn‬بالقرب من والية‬

‫"أنديان" بالواليات املتحدة األمريكية فطالب املدعون بالتعويض عن األضرار البدنية املتمثلة‬

‫بالوفاة واألضرار النفسية املتمثلة باخلوف والذعر الذي أصاب املتوفني قبيل حلظة الوفاة‪.‬‬

‫مل تظل احملاكم على هذا النه طويالً فقد اجتهت إىل تفسري نص املادة (‪ )17‬التفسري الواسع حبيث‬

‫يستطيع املسافر معه احلصول على التعويض عن األضرار النفسية املصاحبة لألضرار البدنية‪ .‬ففي‬

‫قضية‪:‬‬

‫)‪ ( Alvarez v. American Airlines‬انتهت احملكمة إىل ضرورة وجود رابط بني‬

‫الضرر النفسي والضرر البدني حتى يتم التعويض عن الضرر النفسي‪:‬‬


‫‪There must be a causal link between the alleged physical injury‬‬
‫‪and the alleged emotional injury .‬‬

‫وهو نفس النه الذي سارت عليه احملاكم اإلجنليزية ففي قضية‪:‬‬

‫)‪ (Marris v. KIM Royal Dutch Airlines‬واليت تتلخص وقائعها يف أن أحد‬

‫املسافرين كان جيلس خلف الطفلة (‪ )Marris‬يف رحلة من "كواالالمبور" إىل "أمسرتدام" فتحر‬

‫هبا جنسياً‪ ،‬ا دعت والدة الطفلة بإصابة ابنتها بأضرار نفسية تتمثل باكتئاب إكلينيكي‪ ،‬جاء يف حكم‬

‫جملس اللوردات )‪ (The House of Lord‬أن وجود ضرر نفسي مستقل عن الضرر البدني ال‬

‫يرتقي إىل التعويض ومن ثم ال تعويض عن الضرر النفسي يف حالة عدم وجود ضرر بدني مرتبط به‬

‫‪:‬‬
‫‪No Recovery is available for mental injury absent physical‬‬
‫‪symptoms .‬‬

‫(‪ )292‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .114‬ونالحظ من هذه القضية أن المحكمة قد اعترفت ضمنا ً بإمكانية التعويض عن األضرار‬
‫النفسية‪ ،‬ونستنتج ذلك مما ذهبت إليه المحكمة بعدم الحكم بالتعويض عن األضرار النفسية نسبة لعدم وجودها‪ ،‬بمعنى‬
‫أن المحكمة كانت ستحكم بالتعويض عن األضرار النفسية التي أصابت المسافرين المتوفين لو كان هناك فارق زمني‬
‫كاف لحدوثها بين لحظة وقوع الحادث ولحظة الوفاة‪.‬‬
‫‪141‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫و يف قضية‪ (King v. Bristow Helicopters Ltd) :‬واليت تتلخص وقائعها يف أن املدعي‬

‫كان أحد مسافرين الطائرة "هيلوكبرت" فتعطلت وسقطت يف املاء قرب ميناء حبر الشمال مما أصاب‬

‫املدعي بأضرار بدنية وأخرى نفسية متثلت يف اخلوف من الطريان والقلق والكوابيس واألرق‪ ،‬جاء‬

‫يف حكم اللوردات أنه‪ :‬إن صاحبت األضرار البدنية أضرار نفسية فقد يستطيع املسافر املطالبة‬

‫بالتعويض عن مجيع األضرار سواء كانت بدنية أو نفسية‪ ،‬وبالتايل أجابت احملكمة املدعي إىل طلبه‬

‫بالتعويض عن األضرار النفسية املصاحبة لألضرار البدنية النامجة عن احلادث‪:‬‬


‫‪A casual link can be established by showing that the mental‬‬
‫‪injury causing the physical symptoms itself caused by the accident‬‬
‫(‪.)293‬‬

‫ثالثاً‪ :‬موقف القضاء العربي من التعويض عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر‪:‬‬

‫القضاء العربي أيضاً كان له رأي يف هذه املسألة إذ يعرتف القضاء املصري بإمكانية التعويض‬

‫عن األضرار غري البدنية اليت تصيب املسافر‪ ،‬جاء ذلك يف الطعن رقم (‪ )888‬لسنة ‪ 60‬ق جلسة‬

‫‪ 1994/6/19‬م‪ ،‬إذ ذهب القاضي إىل إمكانية تعويض املسافر يف عقد النقل اجلوي عن الضرر‬

‫املادي والضرر األدبي)‪ (Mental distress‬الذي أصابه(‪.)294‬‬

‫يرى بعض الكتاب(‪ )295‬أيضاً أن الناقل يسأل عما يلحق املسافر أثناء تنفيذ عقد النقل اجلوي من‬

‫أضرار بدنية أو غري بدنية فإذا كانت األضرار البدنية تشتمل على الوفاة واجلروح فإن األضرار غري‬

‫البدنية تشمل ما عدا ذلك من ضرر معنوي كاإلحساس باألمل واملعاناة النفسية بسبب ما أصابه‪،‬‬

‫فاألذى املعنوي ال يقل عن األذى البدني يف خطورته‪ ،‬بل إن بعض األضرار النفسية تدخل يف معنى‬

‫(‪ )293‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.121 ،120‬‬


‫(‪ )294‬إبراهيم سيد أحمد‪ .‬العقود والشركات التجارية فقها ً وقضا ًء‪ ،‬ط‪ ،1‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬اإلسكندرية‪1999 ،‬م‪،‬‬
‫ص‪.53‬‬
‫(‪ )295‬شريف أحمد الطباخ‪ .‬التعويض عن النقل البري والبحري والجوي‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪2005 ،‬م‪ ،‬ص‪.99‬‬
‫‪142‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫األضرار البدنية‪ ،‬كاالهنيـ ــار العصيب (‪ )Nervous breakdown‬أو اخللل العقـ ـ ــلي ( ‪Mental‬‬

‫‪.)296( )defect‬‬

‫ويرى البعض(‪ )297‬أن من مصلحة الناقل تعويض املسافر عن األضرار النفسية وفق حدود‬

‫االتفاقيات الدولية ذات الصلة مبوضوع النقل اجلوي؛ فإذا كانت االتفاقيات قد اجتهت إىل وضع حدوداً‬

‫للتعويض حلماية الناقل وتشجيعاً لصناعة النقل اجلوي‪ ،‬فإن عدم مسائلة الناقل عن األضرار النفسية‬

‫اليت أصيب هبا املسافر يفتح الباب أمام هذا األخري ملسائلة الناقل عن تلك األضرار وفقاً لقواعد‬

‫القوانني الوطنية‪ ،‬وبالتايل ال يستطيع الناقل االنتفاع حبدود املسؤولية املقررة يف االتفاقيات‪ ،‬بل إن‬

‫األمر قد يتطور فيطالب املسافر الناقل بتعويضني‪ ،‬األول عن األضرار البدنية وفق أحكام‬

‫االتفاقيات الدولية‪ ،‬واآلخر عن األضرار النفسية وفق القوانني الوطنية وهذا األمر خيل بالغرض‬

‫الذي وضعت االتفاقيات من أجلة بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي قبَل كل مسافر‪.‬‬

‫لكننا نالح على الرأي السابق عدم إمكانية األخذ به عند تطبيق أحكام اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬ذلك ألن االتفاقية السابقة قد نصت صراحة على عدم جواز رفع أي دعوى‬

‫للتعويض مهما كان سندها‪ ،‬سواء مبقتضى االتفاقية نفسها‪ ،‬أو بناء على عقد‪ ،‬أو بسبب عمل غري‬

‫مشروع‪ ،‬أو ألي سبب آخر‪ ،‬إالب وفق ًا لشروط وحدود املسؤولية املقررة فيها‪:‬‬

‫‪(In the carriage of passengers، baggage and cargo، any action for‬‬

‫‪damages، however founded، whether under this Convention or in‬‬

‫‪contract or in tort or otherwise، can only be brought subject to the‬‬


‫‪conditions and such limits of liability as are set out in this‬‬
‫‪Convention))298(.‬‬

‫(‪ )296‬د‪ .‬أكثم أمين الخولي‪ .‬دروس في القانون البحري والجوي‪ ،‬مكتبة سيد عبد هللا وهبه‪ ،‬القاهرة‪1971 ،‬م‪ ،‬ص‪.416‬‬
‫(‪ )297‬د‪ .‬رفعت أبادير‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )298‬المادة(‪ )29‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪143‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ومما سبق صلص إىل أنه وعلى الرغم من إتباع اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م سابقاهتا بعدم‬

‫التعويض عن األضرار النفسية اليت تصيب املسافر واقتصارها فقط على تعويض األضرار البدنية منها‪،‬‬

‫إالب أنه ميكن للمسافر املطالبة بالتعويض عن األضرار النفسية اليت أصابته وسندنا يف ذلك أن القضاء‬

‫يعرتف بالتعويض عن األضرار النفسية بشرط أن تكون مصاحبة ألضرار بدنية أصابت املسافر‪ ،‬و‬

‫يستطيع املدعي إثبات وجود الضرر النفسي وارتباطه بالضرر البدني‪ ،‬واألمر هنا يعد نسبياً خيضع‬

‫لتقدير القاضي املختص بنظر النزاع‪ ،‬بل إن املضرور ‪ -‬وحبق‪ -‬قد يصاب بأضرار نفسية أكرب من‬

‫األضرار البدنية ونورد مثالً لذلك قضية‪(Nazir Tarar v. Pakistan International Air :‬‬
‫(‪)299‬‬
‫واليت تتلخص وقائعها يف أن ورثة املتوفى(‪ )Tarar‬تعاقدوا مع الشركة اجلوية‬ ‫)‪Lines‬‬

‫الباكستانية الدولية لنقل جثمان السيد (‪ )Tarar‬إىل مسقط رأسه يف "باكستان" ليتم دفنه هناك‪،‬‬

‫فقام ا لناقل بتأخري نقل اجلثمان أربع وعشرين ساعة‪ ،‬و نقل اجلثمان على طائرة (بضائع) تعطلت‬

‫هذه الطائرة يف مطار "أمسرتدام"‪ ،‬فلم يكرتث الناقل إلخراج اجلثة ونقلها على رحلة أخرى أو‬

‫شركة أخرى مع إمكانيته ذلك‪ ،‬وقد أجابت احملكمة املتضررين بالتعويض عما أصاهبم من أضرار‬

‫نفس ية‪ ،‬متثلت يف تأخري مراسم اجلنازة‪ ،‬وعدم احرتام حرمة املتوفى باعتبار نقل اجلثم ــان ميثل شحنة‬

‫غري عادية (‪ ،)Extraordinary Shipment‬ولذلك فقد حكمت احملكمة مبسؤولية الناقل‪ ،‬بل‬

‫وبتشديد مسؤوليته ومنح املضرورين تعويضاً يزيد عن احلدود القصوى املقررة يف االتفاقية‪ .‬أيضاً‬

‫أثبت الطب احلديث أن مزاج اجلسم يتبع أخالق النفس‪ ،‬و أن الوهم واألحداث النفسية من العلل اليت‬

‫تؤثر يف البدن كالتهاب املفاصل الروماتيزمي‪ .‬الذي تؤثر فيه أُصول نفسية وبعض أنواع سوء اهلضم اليت‬

‫تنشأ عن أسباب نفسية(‪ ،)300‬كما أن الضرر النفسي الذي ينجم عنه ضرر معنوي تعتربه احملاكم من قبيل‬

‫(‪ )299‬أوردها د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين‪ ،‬دراسة في القضاء األمريكي‪،‬‬
‫دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.71 ،70‬‬
‫(‪ )300‬الموسوعة العربية العالمية‪ ،‬موسوعة العلوم عند العرب والمسلمين (الطب النفسي)‪ ،‬الرياض‪ ،‬بدون تاريخ ‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫احلادث إذ جاء يف قضية‪ )301((Salerno V. Pan American World Airway):‬أن املدعية‬

‫(سالرينو) تستحق تعويض عن إصابتها باإلجهاض النات عن إصابتها حبالة اهنيار لتلقي طاقم الطائرة‬

‫إخطاراً بوجود قنبلة على متنها مما أدى إىل ذعر املسافرين ومن بينهم املدعية‪ .‬كما انتهت احملاكم‬

‫الفيدرالية إىل اعتبار االختطاف والعمليات اإلرهابية اليت يتضرر منها املسافرون من قبيل احلادث‬

‫ويتحمل تبعتها الناقل اجلوي وحده لقدرته على اتقائها‪ ،‬ورمبا السيطرة عليها ففي قضية( ‪Herman‬‬

‫‪ )V. TWA‬املتعلقة باختطاف إحدى طائرات هذه الشركة‪ ،‬وكانت املدعية على متنها‪ ،‬قضت‬

‫حمكمة نيويورك بالتعويض عن الضرر النفسي الذي وقع على املدعية واملتمثل يف اخلوف الشديد‪،‬‬

‫واإلصابة باألرق ومن ثم نقص يف الوزن نت عنه مضاعفة يف احلساسية اليت كانت لديها(‪ .)302‬ويدعم‬

‫هذا االجتاه ‪-‬أيضاً‪-‬قول البعض(‪ )303‬أنه ميكن للمسافر املطالبة بالتعويض عن أي ضرر يلحق به يف‬

‫حقوقه غري املالية‪ ،‬وتعين األضرار غري املالية هنا األضرار األدبية اليت تصيب العاطفة أو الشعور و‬

‫اليت ال ينت عنها أي إنفاق للمال على العالج‪ ،‬أو نقص يف القدرة على الكسب املادي‪ ،‬كما أن احملاكم‬

‫األملانية تعرتف بالتعويض عن األضرار النفسية يف حالة خطأ الناقل اجلسيم أو الغا من جانبه(‪.)304‬‬

‫(‪ )301‬أوردها د‪ .‬يحيى أحمد البناء‪ .‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.124‬‬
‫(‪ )302‬د‪ .‬مراد منير فهيم‪ .‬خضوع النقل الجوي الداخلي لنظام اتفاقية وارسو للنقل الدولي‪ ،‬منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1968،‬م‪ ،‬ص‪.49‬‬
‫(‪ )303‬عبد الحكم محمد عبد السالم عثمان‪ .‬التزام السالمة في النقل الجوي‪ ،‬رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه‪ ،‬جامعة عين‬
‫شمس‪،‬القاهرة‪1983 ،‬م‪1403-‬هـ‪ ،‬ص‪.395‬‬
‫(‪ )304‬الخطأ الجسيم‪ :‬كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه بطيش مقرون بعلم لما قد ينجم عنه من ضرر‪ .‬أما الغش‬
‫فهو‪ :‬كل فعل أو امتناع عن فعل يقع من الناقل أو من تابعيه بقصد إحداث الضرر‪ .‬د‪ .‬أكرم يا ملكي‪.‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪،141 ،140‬‬
‫‪ .150‬وقد تبلور جليا ً معنى الضرر الجسيم في قضية رفعت ضد الخطوط الجوية الليبية عام ‪1973‬م‪ ،‬والتي تتلخص وقائعها في أن‬
‫المدعين(وهم ورثة المسافرين المتعاقدين) طالبوا الشركة الناقلة بالتعويض عن الضرر الذي أصاب المسافرين وسبب وفاتهم‪ ،‬بعد‬
‫أن أسقطت الطائرة بنيران السالح اإلسرائيلي‪ ،‬فقد أقلعت الطائرة من مطار "بنغازي" في ‪1973/2/21‬م متجهة إلى "القاهرة" إال‬
‫أنها لم تصل نقطة مقصد المسافرين النهائية بسبب أنها انحرفت عن الممر المالحي الجوي المرسوم لها نتيجة لتشويش خارج عن‬
‫األجهزة المالحية في الطائرة‪ ،‬ثم دخلت الطائرة مجاالً جويا ً تحتله إسرائيل فلحقتها طائرات اعتراضية إسرائيلية ووجه قائد شعبة‬
‫الطائرات اإلسرائيلية إشارات للطائرة الليبية فهبطت في قاعدة السالح الجوي اإلسرائيلي‪ ،‬لكن قائد الطائرة عاد لإلقالع مرة أخرى‬
‫بعد أن الحظ اختفاء الطائرات المالحقة له األمر الذي تسبب في إسقاط الطائرة بواسطة نيران السالح الجوي اإلسرائيلي‪ ،‬دفع‬
‫الناقل ببذله العناية الالزمة‪ ،‬وما حدث لهو خارج عن إرادته أو خطئه الجسيم‪ ،‬انتهت محكمة أول درجة إلى مسؤولية الناقل عن‬
‫الحادث مما يوجب التعويض وفقا ً للحدود المقررة في اتفاقية وارسو المعدلة ببروتوكول الهاي‪1955‬م‪ ،‬استأنف الناقل الحكم فذهبت‬
‫محكمة االستئناف إلى رفض ما تقدم به الناقل وأيدت وجوب التعويض إال أنها خرجت عن حكم محكمة أول درجة‪ ،‬وقررت عدم‬
‫االلتزام بحدود التعويض المقررة في االتفاقية سالفة الذكر ألن ثمة خطأ جسيم آخر قد وقع من الناقل بطيرانه فوق أراضي خاضعة‬
‫لسيطرة العدو‪ ،‬فال يمكن الدفع بعدم علم الناقل وتوقعه لما سيحدث وعواقبه‪ .‬عبد السالم علي المزوغي‪ .‬مجلة الدراسات القانونية‪،‬‬
‫تعليق على حكمين لمحكمة بنغازي االبتدائية‪ ،‬جامعة قاريونس‪1977،‬م‪ ،‬ص‪.373-371‬‬
‫‪145‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬احلادث املسبب للضرر‬


‫ال يكفي لتحمل الناقل اجلوي املسؤولية عن الضرر الذي أصاب املسافر وقوع الضرر فقط‪،‬‬

‫بل يشرتط أن يكون هذا الضرر قد جنم عن وقوع حادث (‪ ،)Accident‬وعلى الرغم من‬

‫اش رتاط االتفاقية هذا الشرط‪ ،‬إالب أهنا مل تورد تعريفاً حمدداً ملعنى مصطلح "حادث" بل تركت ذلك‬

‫للفقه والقضاء الذي بدوره هذا األخري مل يتوانَ عن تفسري معنى "احلادث" التفسري الواسع(‪ )305‬يف ظل‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬و اليت يسعى فيها الناقل للدفع بأن الواقعة (‪ )Incident‬اليت سببت الضرر‬

‫(‪ )Damage‬ال تعد من قبيل احلادث (‪ )Accident‬الذي قصدته االتفاقية بعد أن كان الناقل‬

‫الذي خيضع أساس مسؤوليته التفاقية وارسو‪1929‬م جيد طرقاً عدة لدرء املسؤولية عن كاهله‪،‬‬

‫إذ كان يكفيه الدفع بأنه الذ وتابعيه مجيع التدابري الالزمة التقاء احلادث‪ ،‬أو أنه استحال عليه الاذ‬

‫مثل تلك التدابري‪ ،‬أما اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فال سبيل يف أحكامها للناقل بأن يتنصل من‬

‫املسؤولية مبثل هكذا دفع‪ ،‬إذ أن املسؤولية قد أصبحت موضوعية أساسها اخلطر وحتمل التبعة‪،‬‬

‫وليس اخلطأ املفرتض أو واجب اإلثبات كما كان من قبل كما ذكرنا‪ ،‬كما استبعدت االتفاقية أي دفع‬

‫للناقل ال يقوم على خطأ املسافر أو حالته الصحية‪ ،‬وبالتايل جلأ الناقل إىل دفع آخر لدرء املسؤولية‬

‫عن كاهله يتمثل هذا الدفع يف انتفاء صفة "احلادث" عن الواقعة اليت سببت الوفاة أو اإلصابة للمسافر‬

‫وفقاً لتفسري اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬وبالتايل جند اتفاقية مونرتيال‪1999‬م وإن كانت مل تعط‬

‫تعريفاً حمدداً ملصطلح "احلادث" إالب أهنا قد توسعت ضمناً يف تفسري هذا املصطلح عما كان عليه إبان‬

‫(‪ )305‬ذلك لما شهدته صناعة ال نقل الجوي من تطور في استخدام وسائل األمان والتكنولوجيا الحديثة في صناعة الطائرات‪،‬‬
‫فبينما كانت الطائرات إبان اتفاقية وارسو‪1929‬م تفتقر إلى كثير من وسائل األمان ومجابهة األخطار‪ ،‬فقد أصبحت اليوم‬
‫تمتاز بتكنولوجيا عالية سواء من حيث حجمها الذي يصل بعضها لدرجة تستطيع معه الطائرة حمل ما يقارب األلف مسافر‬
‫وحمولة ‪ 600‬طن عند اإلقالع‪ ،‬أو من حيث تصاميمها المتميزة إذ أصبحت تضم كافة وسائل الراحة والرفاهية والسالمة‬
‫واألمان‪ ،‬فهي تضم مطاعم واستراحات وغرف نوم وأماكن استحمام ومنظومة متكاملة لالتصاالت الهاتفية وخدمات‬
‫الفاكس واإل نترنت وصالة ألعاب هذا عدا عن خدمات البثين التلفزيوني واإلذاعي‪ ،‬وخدمات خاصة لرجال األعمال‬
‫واستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية‪ (.‬آفاق العلم‪ ،‬العدد ‪ ،12‬يناير‪ -‬فبراير‪2007 ،‬م)‪.‬‬
‫‪146‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اتفاقية وارسو‪ 1929‬م وتعديالهتا الالحقة‪ ،‬فقد أصبح من قبيل احلادث يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬

‫وقائع مل تكن تعد كذلك يف سابقاهتا‪ ،‬كاإلرهاب الدويل (‪،)International terrorism‬‬

‫اختطاف الطائرات (‪ ،)Hijacking‬القرصنة اجلوية (‪ ،)Air piracy‬احلروب املعـ ــلن عنها و غري‬

‫املعلـ ــن(‪ )declared or undeclared war‬و األحوال اجلوية (‪ ،)Weather‬ذلك لوجود‬

‫ارتباط بني تعريف احلادث و نوع املسؤولية وطبيعتها فإذا كانت املسؤولية شخصية وفقاً ألحكام‬

‫اتفاقية وارسو‪ 1929‬م اليت جتعل اخلطأ املفرتض من جانب الناقل أساساً لتحمله املسؤولية‪ ،‬عندها‬

‫سيحمل تعريف "احلادث" املعنى الضيق‪ ،‬أما يف اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م اليت تؤسس مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي على اخلطر وحتمل التبعة‪ ،‬فان تعريف مصطلح حادث سيتوسع ليدخل حتت نطاق احلادث‬

‫ال ال ترتبط حبسب األصل بعملية النقل اجلوي كأن يصاب مسافر جراء اعتداء آخر عليه بالضرب‪.‬‬
‫أفعا ً‬

‫تعريف "احلادث" يف الفقه‪:‬‬

‫تباينت التعريفات الفقهية ملعنى احلادث فيذهب بعض الفقهاء إىل تعريف احلادث تعريفاً ضيقاً‬

‫وجيعل احلادث مرتبطاً بتشغيل الطائرة فقط‪ ،‬فال توصف الواقعة بأهنا "حادث" إالب إذا ارتبطت من‬

‫حيث األصل بتشغيل الطائرة كاحلالة اليت تعطب فيها الطائرة أو حترتق ونتيجة لذلك يصاب املسافر‬

‫بأذى(‪ ، )306‬أما االجتاه اآلخر فيتوسع يف تفسري معنى "حادث" نسبة إىل املساس بشخص املسافر‬

‫واألضرار به‪ ،‬فكل واقعة ترتب عليها املساس بشخص املسافر تعترب حادثاً بشرط أن لرج عن‬

‫إرادة الناقل وتابعيه(‪ ، )307‬ويالح على هذا التعريف اشرتاطه خروج الواقعة اليت يرتتب عليها‬

‫املساس بشخص املسافر عن إرادة الناقل وتابعيه واألخذ هبذا الشرط يضيق من مفهوم احلادث إذ‬

‫حيصر مفهوم احلادث على الوقائع اليت ال يكون للناقل وتابعيه أي عالقة يف وقوعها وهذا التفسري من‬

‫(‪ )306‬د‪ .‬يحيى أحمد البناء‪ .‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.118 ،117‬‬
‫(‪ )307‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.336‬‬
‫‪147‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫شأنه النأي بالناقل عن أخطائه أو أخطاء تابعيه كقائد الطائرة والطاقم‪ ،‬وهو ما جيايف اهلدف الذي‬

‫تسعى إليه االتفاقية حبماية املسافر من أي ضرر يقع عليه‪.‬‬

‫تعريف "احلادث" يف القضاء‪:‬‬

‫سعى القضاء حثيثاً لتفسري كلمة "حادث" إذ ورد يف القضاء الفرنسي تعريف "احلادث" بأنه كل‬

‫واقعة مفاجئة وغري متوقعة‪ ،‬مستقلة عن إرادة الناقل وتابعيه(‪ ،)308‬ولل بالسري املعتاد للرحلة‬

‫اجلوية جاء ذلك يف قضية الزوجني "حداد" ضد اخلطوط اجلوية الفرنسية ( ‪Haddad v. Air‬‬

‫‪ )309()France‬إثر اختطاف الطائرة الفرنسية اليت كانا على متنها أثناء قيامها برحلة دولية بني "تل‬

‫أبيب" و "باريس" وقد بينت احملكمة أن اختطاف الطائرة وحتويل مسارها يعد حادثاً إذ أن‬

‫احلادث ال يقتصر على العطب الفين أو اخللل امليكانيكي للطائرة‪.‬‬

‫أم ا القضاء األمريكي فقد توسع يف تفسري معنى "احلادث" ليشمل كل واقعة فجائية غري معتادة‬

‫لل بالسري املعتاد للرحلة اجلوية‪ ،‬ووفقاً هلذا التعريف يشمل احلادث انفجار الطائرة أو ارتطامها‬

‫باألرض أو بسفينة يف البحر أو بطائرة أخرى يف اجلو سواء كان ناشئاً عن عطل بالطائرة أو خطأ يف‬

‫قيادهتا‪ ،‬أما إذا كان الضرر ناشئاً عن شجار بني اثنني من املسافرين ‪-‬مثالً‪ -‬فال ميثل ذلك الشجار‬

‫حادثاً(‪ )310‬يرتب املسؤولية على عاتق الناقل اجلوي(‪ ،)311‬كما يسأل الناقل وفقاً للقضاء األمريكي عن‬

‫(‪ )308‬نالحظ على هذا التعريف أنه قد ضيق من تعريف مصطلح "الحادث" إذ ال يعتبر خطأ الناقل وتابعيه من عداد الحادث‪،‬‬
‫وبالتالي ال يسأل الناقل عن األخطاء المالحية‪ ،‬أو أخطاء قائد الطائرة أو طاقمها‪.‬‬
‫(‪ )309‬د‪ .‬رفعت فخري‪ .‬د‪.‬محمد فريد العريني‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.144 ،143‬‬
‫(‪ )310‬على الرغم من ذلك فإن بعض أحكام القضاء األمريكي تعتبر مثل هذا النوع من اإلصابات حادثا ً بالمعنى الذي قصدته‬
‫االتفاقية بشرط أن يكون سبب اإلصابة متعلق بموضوع االستغالل الجوي للطائرة ‪-‬كأن يتمثل في تقصير الناقل في‬
‫تقديم الخدمة مثالً ‪-‬حيث قضت محكمة استئناف نيويورك بالواليات المتحدة األمريكية حين عرضت عليها قضية‪" :‬‬
‫‪ "Ricci v. American Airlines‬لصالح المدعي "ريتشي" حيث أصيب أثناء رحلة جوية نتيجة اعتداء مسافر آخر‬
‫عليه كان يجلس بجواره في األماكن المخصصة للمدخنين(‪ )A smoker seated‬بالضرب قضت بتعويض المدعي‬
‫واعتبار اإلصابة حادثا ً بمفهوم االتفاقية رغم عدم ارتباطها بحسب األصل بعملية االستغالل الجوي للطائرة على أساس‬
‫أن الناقل لعدم وجود مقاعد خالية في قسم المسافرين غير المدخنين‪ ،‬قام بحجز مقعد لمسافر غير مدخن في قسم‬
‫المس افرين المدخنين‪ .‬أوردها د‪ .‬يحي أحمد البناء‪.‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،130‬‬
‫‪.131‬‬
‫(‪)311‬‬
‫‪www.farrajlawyer.com.‬‬
‫‪148‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫احلادث الذي مل تعرف مسبباته‪ ،‬جاء ذلك يف احلكم الذي أرسته حمكمة)‪- SUR-Le Main‬‬

‫‪)Frankfort‬يف مارس عام ‪1939‬م بأن الناقل يعد مسؤوالً عن آثار احلادث إذا مل تعرف‬

‫مسبباته أو كان من املستحيل معرفة الظروف اليت وقع فيها(‪ ،)312‬بل إنه يف قضية ‪Saks v. Air‬‬

‫)‪ ) France‬قد ذهبت احملكمة إىل تفسري أوسع من ذلك مؤداه أن احلادث‪ :‬كل واقعة فجائية غري‬

‫معتادة خارجة عن الشخص املضرور(‪:)313‬‬


‫‪An unexpected or unusual event happening that is external to‬‬
‫‪the passenger.‬‬
‫واألخذ بالتفسري السابق جيعل من قبيل احلادث عمليات اإلرهاب و اختطاف الطائرات ‪ -‬كما‬

‫ذكرنا ‪ -‬وإصابة احملرك بعطل أثناء هبوط الطائرة أو بعد هبوطها(‪ ،)314‬وتضرر املسافرين من وقائع‬

‫(‪ )312‬د‪ .‬عبد الرافع موسى‪ .‬أبعاد مفهوم التدابير الضرورية أو الالزمة في نص المادة‪ 20‬من اتفاقية وارسو لسنة ‪1929‬م‪،‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪1997،‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )313‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي الداخلي والدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫(‪ )314‬في العاشر من يونيو ‪2008‬م‪ ،‬تحطمت طائرة سودانية من طراز(‪ )Air-bus A310-300‬في مطار الخرطوم بعيد‬
‫هبوطها في مطار الخرطوم أثناء رحلة دولية قادمة من "عمان" و"دمشق" إثر اشتعال النار فيها بسبب انفجار في أحد‬
‫محركاتها‪ ،‬األمر الذي أودى بحياة أكثر من ثالثين شخصا ً أغلبهم من المسافرين على متنها‪ ،‬فالناقل هنا يعد مسؤوالً‬
‫وفق أحكام اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪ ،‬وأحكام قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م عن الحادث رغم وقوعه‬
‫بعد هبوط الطائرة لكن قبل مغادرة جميع المسافرين الذين كانوا على متنها‪ ،‬الطائرة المذكورة لم تكن قد أتمت عامها‬
‫األول لدى الناقل الوطني السوداني إال ان حالتها الفنية لم تكن بالشكل المطلوب لنقل المسافرين والبضائع‪ ،‬يأتي ذلك‬
‫من تقارير هيئات الطيران األجنبية التي أفاد آخرها بعزوف شركة " ايرولينس" األرجنتينية عن استئجار الطائرة‬
‫المذكورة ألسباب فنية كامنة فيها‪ ،‬أيضا ً تعرضها لعطل في مطار القاهرة قبل الحادث ب‪24‬ساعة نجم عن تسرب‬
‫الوقود إلى محركاتها‪-‬وهو ما نظنه قد سبب انفجار محركها في اليوم التالي‪ -‬ويسال الناقل عن أخطاء تابعيه في عدم‬
‫اتخاذ التدابير المتزامنة مع وقوع الحادث كعدم االهتمام بفتح جميع أبواب الطوارئ بعد اشتعال الحريق في الطائرة‬
‫عدا باب واحد منها‪ ،‬وعدم استخدام وسائل اإلطفاء المتاحة أو المفترض أن تكون متاحة في الطائرة‪( .‬تناولت الحادث‬
‫الصحف السودانية في األعداد الصادرة بتاريخ ‪2008/6/11‬م(صحيفة "آخر لحظة" السودانية الصادرة بتاريخ ‪- 11‬‬
‫‪2008/6/19‬م ‪ ).‬ووفق أحكام اتفاقية مونتريال‪1999‬م يستطيع الناقل الرجوع على سلطات الطيران المدني باعتبارها‬
‫من الغير بالنسبة له حيث نصت اال تفاقية السابقة على أنه ليس في أحكامها ما يؤثر بأي صورة على ما قد يكون أو ال‬
‫ق في الرجوع على أي شخص آخر‪:‬‬ ‫يكون للشخص المسؤول عن الضرر وفقا ً ألحكامها من ح ٍ‬
‫‪(Nothing in this Convention shall prejudice the question whether a person liable for‬‬
‫‪damage in accordance with its provisions has a right of recourse against any other person).‬‬
‫‪Montreal Convention1999 A.D .Article (37).‬‬
‫فيستطيع الناقل وفق النص السابق الرجوع على هيئة الطيران المدني السودانية إن ثبت ما نسب إليها من عدم‬
‫استعدادها لمجابهة الكوارث و تأخر عملية اإلطفاء حتى تمكن الحريق من القضاء على معظم أجزاء الطائرة وذلك لعدم‬
‫وجود مواد اإلطفاء الكيميائية المناسبة وعدم جاهزية سياراتها‪ ،‬تم استعمال المياه العادية لإلطفاء‪ ،‬إضافة إلى أن شراء‬
‫الطائرة المذكورة قد تم في ظروف غامضة ودون إشراف لجنة من المختصين والفنيين مما شكك بصالحيتها للطيران‬
‫أصالً‪ .‬و لم تنص اتفاقية مونتريال ‪1999‬م على تنظيم أحكام رجوع الناقل على الهيئة فتخضع بذلك لقواعد المسؤولية‬
‫التقصيرية وفق القانون المدني‪.‬‬
‫‪149‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫خارجة عن إرادة الناقل كسقوط أشياء عليهم أثناء جلوسهم يف مقاعدهم‪ ،‬أو سقوط فنجان القهوة‬

‫الساخن على املسافر بعد أن وضعته املضيفة على املنضدة املعلقة أمام مقعده(‪ ،)315‬واهلبوط املفاجع‬

‫للطائرة مما أدى إىل إصابة املسافر بالصمم(‪ ،)316‬أو حتى سقوط مسافر خممور على مسافر أخر مما أدى‬

‫إىل جرح األخري أو إصابته(‪.)317‬‬

‫تعريف "احلادث" يف القانون السوداني‪:‬‬

‫عرف قانون الطريان املدني السوداني لسنة ‪1999‬م مصطلح "احلادث" بأنه‪ :‬كل حادث‬

‫يكون مرتبطاً بتشغيل الطائرة ويقع يف الفرتة ما بني الوقت الذي يصعد فيه أي شخص إىل الطائرة‬

‫بقصد الطريان حتى الوقت الذي يتم فيه مغادرة مجيع األشخاص للطائرة(‪ .)318‬ونالح على هذا‬

‫التعريف أنه مل يعرف مصطلح "احلادث" باملعنى املطلوب لتفسريه وفقاً ملا أسلفنا‪ ،‬كما أن القانون‬

‫السوداني ربط معنى احلادث مبصطلح تشغيل الطائرة ومل يضع تفسرياً واضحاً ملعنى هذا املصطلح‪،‬‬

‫أضف لذلك أن لف احلادث يف القانون السوداني قد جاء عاماً ومل يفرد القانون الوقائع اليت تعد من‬

‫قبيل احلادث عن تلك اليت لرج عن نطاق تعريفه كما فصلت ذلك بعض القوانني العربية األخرى(‪.)319‬‬

‫إضافة إىل ما سبق نالح ‪ -‬أيضاً‪ -‬على القانون السوداني أنه قد ضيق من تعريف احلادث‬

‫حبصره الفرتة الزمنية لوقوع احلادث يف الفرتة الواقعة بني صعود الطائرة ومغادرهتا‪ ،‬بينما متتد الفرتة‬

‫الزمنية لوقوع احلادث إىل ما بعد مغادرة الطائرة كما سنرى يف املطلب الثالث من هذا املبحث‪.‬‬

‫(‪(Affaire Lugo v. American Airlines) )315‬أوردها د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي الداخلي‬
‫والدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫(‪ ( Affaire Schneider v.Swiss Air ) )316‬أوردها د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي الداخلي‬
‫والدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫(‪ )317‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫(‪ )318‬المادة(‪ )5‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )319‬كالقانون اليمني‪ ،‬والسعودي‪ ،‬والبحريني‪ ،‬والقطري‪.‬‬
‫‪150‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫تعريف "احلادث" يف القانون اليمين‪:‬‬

‫عرف القانون اليمين"احلادث" بأنه(‪ (:)320‬كل حادث ترتتب عليه إحدى النتائ املشار إليها فيما‬

‫يلي‪ ،‬ويكون مرتبطاً بتشغيل الطائرة و يقع يف الفرتة ما بني الوقت الذي يصعد فيه أي شخص إىل‬

‫الطائرة بقصد الطريان حتى الوقت الذي يتم فيه مغادرة مجيع األشخاص للطائرة مع مراعاة التفصيالت‬

‫احملددة يف امللحق الثالث عشر من اتفاقية شيكاغو‪1944‬م‪:‬‬

‫وفاة أي شخص أو إصابته بإصابات بالغة نتيجة لوجوده على منت الطائرة أو‬ ‫أ‪-‬‬

‫احتكاكه هبا مباشرة أو بأي شيء مثبت فيها‪.‬‬

‫ب‪ -‬إصابة الطائرة بعطب جسيم‪.‬‬

‫ج‪ -‬فقدان الطائرة ومل يعثر عليها هنائي ًا بعد البحث‪.‬‬

‫هذا ويستثنى من ذلك اإلصابات البالغة أو املميتة اليت ال ترتتب بصفة مباشرة على تشغيل‬

‫الطائرة وهي‪:‬‬

‫‪ -1‬الوفاة ألسباب طبيعية‪.‬‬

‫‪ -2‬اإلصابات اليت يلحقها الشخص بنفسه ‪.‬‬

‫‪ -3‬اإلصابات اليت يتسبب فيها أشخاص آخرون‪.‬‬

‫‪ -4‬إصابات األشخاص املتسللني للطائرة خارج مقصورة املسافرين‪.‬‬


‫(‪)321‬‬
‫‪ -5‬إصابة العاملني على األرض قبل قيام الطائرة بالرحلة أو بعد هنايتها‬

‫من التعريف السابق جند أن القانون اليمين قد فصل تعريف "احلادث" أكثر من نظريه‬

‫السوداني ولعله قد استقى هذا التعريف من روح االتفاقيات الدولية اليت ال تنظم موضوع النقل‬

‫(‪ )320‬وهو نفس التعريف الذي ورد في المادة (‪ )38/1‬من المرسوم الملكي السعودي رقم (‪ )44‬لسنة‪ 1426‬هـ‪ ،‬بشان قانون‬
‫الطيران المدني‪ ،‬و المادة(‪ )1‬من المرسوم البحريني بالقانون رقم (‪ )6‬لسنة ‪1995‬م بشأن قانون الطيران المدني‪،‬‬
‫المادة (‪ )25/1‬من وقانون دولة قطر رقم ‪ 15‬لسنة ‪2002‬م‪.‬‬
‫(‪ )321‬المادة (‪ )65/1‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم(‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪151‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اجلوي بصورة مباشرة كاتفاقية شيكاغو‪1944‬م يف ملحقها الثالث عشر(‪ ،)Annex 13‬ووفقاً‬

‫لتعريف مصطلح احلادث يف القانون اليمين يعد من قبيل "احلادث" أي حادث سبب لشخص صعد‬

‫الطائرة بقصد السفر على متنها‪ ،‬أو أحتك هبا احتكاكاً مباشراً‪ ،‬أو بأي شيءٍ مثبتٍ فيها كالسالمل‬

‫املستخدمة يف الصعود إىل الطائرة‪ ،‬الوفاة أو اإلصابة البالغة‪ ،‬بشرط وجود تعاقد بينه وبني الناقل‬

‫إذ ال يستفيد من هذا التعريف الشخص الذي يصعد الطائرة بقصد الطريان إالب أنه مسافر‬

‫خلسةً(‪ )322‬دون تعاقد سابق بينه وبني الناقل‪ ،‬كما أن إصابة الطائرة بعطبٍ جسيم أو فقداهنا يعد‬

‫من قبيل احلادث يف القانون اليمين‪ ،‬وقد اشرتط القانون اليمين لتفسري الضرر الواقع على الشخص‬

‫املسافر أن يكون سبب هذا الضرر حادثاً مرتبط بتشغيل الطائرة فإذا إنتفى هذا الشرط خرج‬

‫الضرر الواقع على الشخص املسافر عن مفهوم احلادث يف القانون اليمين‪ ،‬كالضرر الذي حيدث‬

‫نتيجة وفاة طبيعية‪ ،‬أو اإلصابة اليت يتسبب فيها الشخص املضرور لنفسه‪ ،‬أو اليت يتسبب فيها الغري‬

‫للمسافر‪ ،‬أما إصابة العاملني على األرض قبل بداية الرحلة أو بعد هنايتها جراءَ حادث باملفهوم‬

‫السابق فيخرج عن نطاق املسؤولية اليت قصدها هنا القانون اليمين‪ ،‬ويتم مطالبة الناقل بالتعويض‬

‫عن األضرار أو احلوادث وفقاً لالتفاقيات الدولية املنظمة هلذا الشأن كاتفاقية روما لسنة‬

‫‪ 1952‬م اخلاصة باملسؤولية عن األضرار اليت توقعها الطائرة على السطح‪ ،‬أو القواعد العامة‬

‫ألحكام القانون املدني‪.‬‬

‫إالب أننا نالح على القانون اليمين يف تعريفه لـ"حادث" اشرتاطه أن تكون اإلصابة اليت‬

‫وقعت ل لمضرور بالغة‪ ،‬يف حني أنه مل يورد معياراً لتمييز اإلصابة البالغة عن غري البالغة(‪،)323‬‬

‫(‪ )322‬تعتبر بعض القوانين صعود المسافر إلى متن الطائرة بقصد الطيران‪ ،‬بموافقة الناقل قبوالً لإليجاب الصادر من هذا‬
‫األخير وبالتالي ينعقد العقد وال يؤثر في وجود العقد عدم وجود تذكرة سفر للمسافر‪ .‬المادة (‪ )3/210‬من قانون التجارة‬
‫الجديد المصري رقم‪ 17‬لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )323‬يتفق البعض مع القانون اليمني في هذه الوجهة لكنهم يفرقون بين "الحادث" وهو‪ :‬وقوع الخطر الذي ينتج عنه فقدان‬
‫لألرواح أو خسارة في الممتلكات أي بمعنى فقدان طائرة أو أحد األطقم الجوية‪ ،‬وبين "الحويدث" وهو‪ :‬وقوع إصابة بشرية‬
‫‪152‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أضف لذلك أن هذا التفسري يتعارض مع تفسري اتفاقية مونرتيال‪1999‬م اليت حولت مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي عن الوفاة أو اإلصابة إىل مسؤولية موضوعية‪ ،‬ومل تشرتط لتحمل الناقل املسؤولية هذا‬

‫ا لشرط‪ ،‬وأيضاً اشرتاط القانون اليمين إصابة الطائرة بعطب جسيم حبيث لو تعطلت الطائرة ومل‬

‫حيدث هلا عطب جسيم من منظور القانون اليمين ‪ -‬الذي مل يضع تفسرياً جلسامة العطب ‪ -‬فال يعد‬

‫ذلك من قبيل احلادث‪ ،‬وأخرياً إن نفي القانون اليمين لصفة احلادث عن الضرر الذي تسبب به الغري‬

‫للمسافر جيايف روح اتفاقية مونرتيال‪1999‬م اليت أسست مسؤولية الناقل على اخلطر وحتمل‬

‫التبعة مادام الضرر الواقع على الشخص املسافر مرتبطاً بتشغيل الطائرة وال يرجع السبب فيه خلطأ‬

‫املسافر املضرور نفسه أو حلالته الصحية‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن القانون اليمين قد فصل يف معنى األفعال اليت تعترب من قبيل احلادث‬

‫بشكل أوسع من نظريه السوداني إالب أن القانونني السابقني كليهما مل يوردا تعريفاً واضحاً حمدداً‬

‫ملعنى احلادث إذ أهنما قد عرفا "احلادث" باحلادث دون تبيان معناه أو تفسريه‪.‬‬

‫أما الوقائع اليت ترتبط بتشغيل الطائرة وتؤثر أو ميكن أن تؤثر على سالمة‬

‫التشغيل(‪.)324‬لكنها ال تدخل ضمن تفسري "احلادث" وفق ما سبق شرحه فعرفها القانون اليمين‬

‫بأهنا "واقعة طائرة"‪ ،‬ونالح على هذا التعريف عدم إبراز القانون لفائدته‪ ،‬كما أن القانون قد‬

‫جتاهل االرتباط الوثيق والطردي بني كل من سالمة التشغيل وحادث الطائرة باملفهوم احملدد يف‬

‫القانون‪ ،‬إذ أن الغلط أو التقصري يف سالمة التشغيل يؤدي حتماً لوقوع حوادث الطريان وهو‬

‫التقسيم الذي فرق بني أسبابه القانون بينما تتحد نتائجه عملياً وهي وقوع احلوادث املسببة للضرر‪.‬‬

‫غير مميتة أو خسارة غير باهظة في الممتلكات نتيجة خطأ بشري أو فني‪ ،‬غير أننا نالحظ عدم وجود أي جدوى من هذه‬
‫التفرقة إال من الناحية الفنية فقط أما الناحية القانونية فاالتفاقيات جميعها لم تعرف هذه التفرقة‪.) )www.cd.gov.sa.‬‬
‫(‪ )324‬المادة(‪ )66/1‬من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪153‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬وقوع احلادث أثناء فرتة زمنية حمددة‬


‫ال يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عن سالمة املسافر منذ إبرام العقد بل إن التزام السالمة‬

‫يتزامن مع بداية تنفيذ عقد النقل اجلوي ويستمر هذا االلتزام حتى ينتهي عقد النقل اجلوي بوصول‬

‫املسافر نقطة مقصده النهائي سامل ًا واستالمه أمتعته سليمةً‪.‬‬

‫وقد حددت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م الفرتة الزمنية اليت يكون خالهلا الناقل اجلوي ملتزماً‬

‫بسالمة املسافر ومسؤوالً عن الضرر الذي يصيبه نتيجة لوقوع حادث بالفرتة اليت يكون فيها املسافر‬

‫على منت الطائرة‪ ،‬أو خالل عملية صعود املسافرين ونزوهلم‪:‬‬


‫‪(Upon condition only that the accident which caused the death‬‬
‫‪or injury took place on board the aircraft or in the course of any of‬‬
‫‪the operations of embarking or disembarking ))325( .‬‬

‫وإذا كانت فرتة وجود املسافر على منت الطائرة واضحة(‪ ،)326‬فإن االتفاقية مل توضح املقصود‬

‫بعبارة‪ :‬عملية صعود املسافرين )‪ (Operations of embarking‬أو نزوهلم‬

‫)‪(Disembarking‬اليت اختلفت املعايري اليت استند عليها الفقهاء يف تفسري هذه الفرتة حيث ذهب‬

‫البعض إىل األخذ مبعيار خماطر الطريان‪ ،‬فيسأل الناقل عن األضرار اليت تصيب املسافر من اللحظة‬

‫اليت يصبح فيها معرضاً ملخاطر الطريان حتى اللحظة اليت تنتهي هذه املخاطر(‪ ،)327‬وذهب البعض إىل‬

‫األخذ مبعيار رعاية الناقل‪ ،‬حبيث ال يكون الناقل مسؤوالً عن الضرر إالب منذ اللحظة اليت يصبح‬

‫املسافر فيها حتت وصاية و رعاية الناقل وتنتهي مسؤوليته حلظة للص املسافر من رعاية‬

‫(‪ )325‬المادة(‪ )1/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )326‬فال اعتبار هنا للمدة الزمنية التي يظل المسافر فيها على متن الطائرة والتي قد تطول أليام أو أسابيع كما في حالة‬
‫القرصنة الجوية واالختطاف التي يعتبر المسافر على متن الطائرة خاللها حتى وإن اقتيد لخارج الطائرة طالما لم يصل بعد‬
‫إلى نقطة مقصده النهائي وتطبيقا ً لذلك فقد قررت المحكمة في قضية (‪ )Husserl V. Swiss Air‬مسؤولية الناقل عن‬
‫تعويض جميع األضرار للمسافرة (‪ )Husserl‬طوال فترة احتجازها في أحد فنادق مدينة عمان‪ ،‬والتي استمرت لعدة أيام‪.‬‬
‫د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫(‪ )327‬د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪154‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الناقل(‪ ،)328‬وجيمع البعض بني املعيارين السابقني حبيث يسأل الناقل عن األضرار اليت تصيب املسافر يف‬

‫الفرتة اليت يكون فيها املسافر حتت رعاية الناقل ومعرضاً ملخاطر الطريان(‪ ،)329‬وتطبيقاً لذلك فقد‬

‫قضى بعدم مسؤولية الناقل اجلوي عن سقوط املدعية يف ردهات املطار قبل النداء على املسافرين‬

‫واصطحاهبم من قبل أحد تابعي الناقل لإلقالع‪ ،‬وبعدم مسؤولية الناقل أيضاً عن انزالق املسافر‬

‫وإصابته داخل مباني املطار لوقوع احلادث يف مكان خيضع ملستغل املطار وليس ملستغل الطائرة‬

‫(الناقل)(‪ ، )330‬كما قضي مبسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي أصاب املسافر إثر انزالقه بسبب‬

‫وجود كمية من املاء املغطاة بالطني يف أرض املطار بعد نزوله من الطائرة وتوجهه إىل مبنى املطار‬

‫لكنه انزلق وسقط على مسافة ‪ 20‬مرت قبل وصوله مبنى املطار وسقوطه مما أدى إىل إصابته(‪.)331‬‬

‫ونالح على ما سبق أن األخذ مبعيار خماطر الطريان(‪ )332‬يكون من شأنه تعطيل أهداف‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م بتوسيع طرق تنصل الناقل عن املسؤولية واليت حصرهتا االتفاقية خبطأ‬

‫(‪ )328‬د‪ .‬جعفر مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.241‬‬


‫(‪ )329‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.241‬‬
‫(‪ )330‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.89‬‬
‫(‪ )331‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.150‬‬
‫(‪ )332‬هذا المعيار كان يمكن األخذ به وتطبيقه في تفسير أحكام اتفاقية وارسو التي تبنت نظام المسؤولية العقدية القائمة على‬
‫الخطأ المفترض من جانب الناقل ونورد مثاالً لذلك قضية (‪ )Szigti v. American over seas Airlines‬والتي‬
‫تتلخص وقائعها في أن المسافر المضرور كان أحد المسافرين على هذه الرحلة المتجهة من "فرانكفورت" إلى‬
‫"بتسبرج" وكانت لها نقطة توقف في "نيويورك" فبعد أن هبطت الطائرة في "نيويورك" اصطحب أحد تابعي الناقل‬
‫المسافر (‪ )Szigti‬إلى إدارة الصحة في المطار‪ ،‬اختفى فجأة بعدها وعثر على جثته بعد ‪ 10‬أيام في خليج "بومباي"‬
‫وظل سبب الغرق مجهوالً‪ .‬رفضت المحكمة العليا في "نيويورك" التعويض استناداً إلى أن الحادث لم ينجم عن‬
‫مخاطر الطيران وبالتالي ال يعد الناقل مسؤوالً‪ .‬أوردها د‪ .‬عز الدين الطيب آدم‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.116 ،115‬‬
‫ونالحظ أن هذه القضية وقعت في ظل اتفاقية وارسو وحتماً كان األمر يسختلف ويصبح الناقل مسؤوالً عن الضرر‬
‫الذي أصاب المسافر(‪ )Szigti‬لو أنها حدثت في ظل اتفاقية مونتريال‪1999‬م التي يسأل الناقل الجوي عن الضرر‬
‫لمجرد وقوعه دون العبء بسبب الحادثة من غير خطأ المسافر أو حالته الصحية‪ ،‬فقد أصبح الناقل الجوي وفقاً التفاقية‬
‫مونتريال‪1999‬م مسؤوالً عن أي ضرر يصيب المسافر بسبب أي حادث يقع بغض النظر عن مصدر هذا الحادث من‬
‫غير خطأ المسافر وحالته الصحية‪ ،‬سوا ًء وقع الحادث أثناء اإلقالع أو أثناء الطيران‪ ،‬أو بسبب العطل المفاجئ لمحرك‬
‫الطائرة‪ ،‬أو االهتزازات العنيفة في الطائرة نتيجة لسوء األحوال الجوية كالعواصف المشحونة بالبرق‪ ،‬أو التصادم بين‬
‫شامخ أو جب ٍل عال‪ ،‬أو بسبب سقوط الطائرة من الجو وتهشمها‪ ،‬أو أي حادث‬ ‫ٍ‬ ‫كصار‬
‫ٍ‬ ‫طائرتين أو االرتطام بجسم مرتفع‬
‫وقع أثناء الهبوط أو بسبب االرتطام بجسم على سطح األرض‪ ،‬أو فقدان الطائرة وانعدام أثرها‪ ،‬أو أي حادثة أخرى‬
‫أثناء فترة الطيران التي عنتها وبينتها االتفاقية‪.‬‬
‫‪155‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املسافر أو حالته الصحية‪ ،‬فيستطيع الناقل وفقاً للمعيار السابق الدفع بأن املسافر مل يكن وقت وقوع‬

‫احلادث الذي سبب الضرر معرض ًا ملخاطر الطريان وبالتايل فال مسؤولية تقع على كاهله‪.‬‬

‫عرف البعض(‪ )333‬الفرتة الزمنية تعريفاً مضيقاً بأهنا تبدأ منذ اللحظة اليت يدخل فيها املسافر صحن‬

‫املطار متجهاً إىل الطائرة اليت تكون رابضة يف خطها‪ ،‬وتنتهي عند اللحظة اليت حيط املسافر قدمه‬

‫على مدخل مطار الوصول‪ .‬ووفقاً هلذا الرأي ال يعد الناقل مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب‬

‫املسافر ع ند جتوله يف املطعم أو املقهى أو صاالت املطار األخرى أو عند تنقله بني مكاتب تغيري‬

‫العمالت واألسواق املوجودة يف املطار أو عند توديع اجلمهور(‪.)334‬‬

‫ويف ذلك يقول الفقهاء أن الفرتة الزمنية للنقل حتدد بلحظة صعود املسافر الطائرة ونزوله منها‬

‫وهي الفرتة اليت يكون فيها املسافر معرضاً ملخاطر الطريان(‪ ،)335‬ونالح على هذا القول أنه‬

‫يتعارض ومبدأ املسؤولية املوضوعية اليت جاءت به اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬ففي حني تبين االتفاقية‬

‫مسؤولية الناقل على أساس اخلطر وحتمل التبعة‪ ،‬يقلص الرأي السابق الفرتة الزمنية إىل الفرتة اليت‬

‫يكون فيها ا ملسافر معرضاً ملخاطر الطريان وبالتايل ال يكون الناقل مسؤوالً عن ضرر وقع‬

‫للمسافر ال تكون سببه حادثة مرتبطة مبخاطر الطريان كاعتداء مسافر آخر عليه‪.‬‬

‫تتبنى بعض القوانني الوطنية تفسرياً لنص الفرتة الزمنية اليت حددهتا اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م‬

‫فيعد الناقل اجلوي وفقاً للقانون املصري مسؤوالً عن الضرر الذي حيدث يف حالة وفاة املسافر‪ ،‬أو‬

‫إصابته جبروح‪ ،‬أو بأي أذى بدني آخر إذا وقع احلادث الذي أدى إىل الضرر أثناء وجود املسافر يف‬

‫حراسة الناقل أو تابعيه‪ ،‬داخل مطار القيام أو يف الطائرة أو داخل مطار الوصول أو أي مطار‬

‫آخر أو مكان تنزل فيه الطائرة اضطراراً أو اختياراً(‪ .)336‬إالب أن هذا التفسري يالح عليه أنه مل‬

‫(‪ )333‬د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.150‬‬


‫(‪ )334‬د‪ .‬محمود مختار بربري‪ .‬قانون الطيران وقت السلم‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪1985،‬م‪ ،‬ص‪.115 ،114‬‬
‫(‪ )335‬د‪ .‬محمود أحمد الكندي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.103 ،102‬‬
‫(‪ )336‬قانون التجارة الجديد المصري رقم (‪ )17‬لسنة ‪1999‬م‪ ،‬المادة (‪)287‬‬
‫‪156‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫حيدد اللحظة اليت يكون فيها املسافر حتت حراسة الناقل داخل مطار املغادرة‪ ،‬واستناداً إىل هذا‬

‫التعريف يكون املسافر حتت رعاية الناقل‪ ،‬وبالتايل يتحمل هذا األخري املسؤولية عن األضرار اليت‬

‫تصيبه أثناء انتقاله من صالة االنتظار املعدة يف مطار املغادرة إىل الطائرة سرياً على األقدام أو‬

‫بواسطة احلافالت املعدة لذلك‪ ،‬ويعد كذلك املسافر حتت حراسة الناقل أثناء هبوط الطائرة يف مطار‬

‫آخر أو مكان غري مطار الوصول نتيجة حلادث أو حدث إرهابي(‪ )337‬ولو استمر لعدة أيام قبل‬

‫وصوهلا مطار الوصول وحترر املسافر من حراسة الناقل بعد وصوله نقطة مقصده النهائي وتسلمه‬

‫أمتعته‪.‬‬

‫و مما سبق نستطيع القول بأن عمليات صعود املسافرين ونزوهلم ميكن أن تتحدد باللحظة اليت‬

‫يضع املسافر نفسه فيها حتت سيطرة الناقل بتسلمه كرت الصعود (‪ )Boarding Pass‬يف مطار‬

‫املغادرة إىل اللحظة اليت يتسلم فيها أمتعته يف املكان املخصص هلا يف مطار الوصول‪ ،‬مع األخذ بعني‬

‫االعتبار عدم التقيد هبذه الفرتة إن كان احلادث املسبب للضرر سببه القرصنة اجلوية أو حادث‬

‫إرهابي‪ ،‬وهذا التحديد يتسق مع أكرب قدر من احلماية للمسافر سواء كان باملسؤولية املوضوعية‪،‬‬

‫أو بتوسيع الفرتة الزمنية اليت تكون خاضعة للمسؤولية املوضوعية‪.‬‬

‫(‪ )337‬د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين‪ ،‬دراسة مقارنة في القضاء‬
‫األمريكي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪ ،‬ص‪.72‬‬
‫‪157‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثالث‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب األمتعة‬
‫ذكرنا يف الفصل السابق أن الناقل اجلوي يلتزم بضمان سالمة أمتعة املسافر املسجلة‬

‫(‪ ) checked baggage‬وذلك بتوصيلها إىل نقطة مقصد املسافر النهائية سليمة ال تالفة وال‬

‫معيوبة‪ ،‬وقد نصت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م على ذلك‪:‬‬


‫‪(The carrier is liable for damage sustained in case of destruction‬‬
‫‪or loss of، or of damage to، checked baggage Upon condition only‬‬

‫‪that the event which caused the destruction، loss or damage took‬‬
‫‪place on board the aircraft or during any period within which the‬‬
‫‪checked baggage was in the charge of the carrier))338(.‬‬

‫من النص السابق نالح أن مسؤولية الناقل اجلوي عن أمتعة املسافر املسجلة تتحقق عند‬

‫الضرر الناشع (‪ )Damage sustained‬يف حالة تلف األمتعة املسجلة ( ‪Damage to‬‬

‫‪ ،)checked baggage‬أو ضياعها (‪ ،)Loss of‬أو تعييبها (‪ ،)Destruction‬ولكن االتفاقية‬

‫تشرتط لتحمل الناقل اجلوي املسؤولية عن الضرر الذي يصيب هذه األمتعة ثالثة شروط نذكرها‬

‫من خالل املطالب التالية‪:‬‬

‫(‪ )338‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪158‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬إصابة األمتعة بضرر‬


‫أول شرط لتحقق مسؤولية الناقل اجلوي عن أمتعة املسافر املسجلة هو إصابة هذه األمتعة‬

‫بضرر(‪ )Damage‬وقد حددت االتفاقية صوراً ثالث للضرر الذي ميكن أن يقع على األمتعة‬

‫املسجلة فقط وهي‪ :‬إما أن تصاب األمتعة املسجلة بتلف (‪ )Damage‬ونعين بتلف األمتعة‪ :‬أي عطبٍ‬

‫يف مادهتا يؤثر على قيمتها حبسب االستعمال الذي أُعدت له(‪ ،)339‬أما الصورة الثانية فهي ضياع( ‪Loss‬‬

‫‪ ) of‬األمتعة املسجلة‪ :‬فتنهض املسؤولية عند ضياع أمتعة املسافر املسجلة‪ ،‬ويقصد بضياع األمتعة‪:‬‬

‫اختفاء(‪ )340‬األمتعة وفقداهنا وعدم متكن الناقل من العثور عليها أو إعادهتا(‪ ،)341‬والصورة األخرية‬

‫للضرر الذي يصيب أمتعة املسافر املسجلة ويسأل الناقل اجلوي عنه هي‪ :‬تعييب‬

‫(‪)Destruction‬األمتعة املسجلة(‪ ،)342‬وتعييب األمتعة يعين‪ :‬العوار الذي يلحق باألمتعة بيد أنه ال‬

‫يؤثر على استخدامها فيما أعدت له(‪ ،)343‬وتعد هذه هي صور األضرار اليت ميكن أن تصيب أمتعة‬

‫املسافر املسجلة واليت يسأل عنها الناقل اجلوي‪ ،‬وحنن إذ نتحدث عن األمتعة املسجلة فإننا نقصد‪:‬‬

‫األشياء اليت جيوز للمسافر محلها معه يف الطائرة وتسلم للناقل لتكون يف حراسته‪ ،‬وال متتد لتشمل‬

‫(‪ )339‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬


‫(‪ )340‬فقدان األمتعة قد يكون كليا ً أو جزئيا ً فيسأل الناقل عنه‪ ،‬فيما عدا حاالت الفقدان الطفيف الذي يصيب األمتعة بحسب‬
‫طبيعتها‪ ،‬كأن تكون األمتعة سوائل تبخر منها القليل أثناء النقل‪ .‬د‪ .‬عبد الرحمن عبد هللا شمسان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.314‬‬
‫(‪ )341‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫(‪ )342‬على الرغم من أن اتفاقية مونتريال ‪1999‬م واتفاقية وارسو‪1929‬م قد استخدمتا نفس المصطلحات لصور الضرر‬
‫التي يمكن أن تصيب األمتعة المسجلة وهي‪ ،)Damage(،)Loss of( ،)Destruction( :‬إال أن النص المترجم إلى‬
‫اللغة العربية قد أختلف في االتفاقيتين بالنسبة للصورة الثالثة(‪ ،)Destruction‬فبينما استخدمت اتفاقية مونتريال‬
‫مصطلح (تعييب) كمرادف لمصطلح(‪- )Destruction‬ونقول مرادف ألن اللغة العربية كانت من ضمن اللغات التي‬
‫حررت بها االتفاقية ‪ -‬فقد ترجم هذا المصطلح في اتفاقية وارسو إلى مصطلح(دمار أو تحطيم) والشك أن مصطلح‬
‫تعييب أكثر دقةً من مصطلح دمار أو تحطيم‪ ،‬ألننا حينما نعني بالتعييب‪ :‬العوار الذي يلحق باألمتعة بيد أنه ال يؤثر‬
‫على استخدامها فيم ا أعدت له‪ ،‬فإننا نقصد بالدمار أو التحطيم‪ :‬تكسير األمتعة وهالك مادتها‪(.‬معجم البستان‪ ،‬للشيخ عبد‬
‫هللا البستاني اللبناني‪،‬ص‪ ،)794‬وقد تتعيب األمتعة دون أن يحدث لها أي دمار أو تحطيم كأن تفقد الورود رائحتها‬
‫بسبب روائح أخرى أثرت عليها دون أي هالك في مادتها‪.‬‬
‫(‪ )343‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.130‬‬
‫‪159‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫األشياء الصغرية ال يت ال تسلم للناقل لتكون يف حراسته بل تبقى بصحبة املسافر طيلة السفر(‪،)344‬واليت‬

‫تسمى باألمتعة غري املسجلة(‪.)Unchecked baggage‬‬

‫(‪ )344‬المادة (‪)284‬من قانون التجارة الجديد المصري رقم(‪ )17‬لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪160‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬وقوع احلدث املسبب للضرر‬


‫الشرط الثاني من الشروط اليت نصت عليها اتفاقية مونرتيال‪1999‬م لكي يصبح الناقل‬

‫مس ؤوالً عن الضرر الذي أصاب أمتعة املسافر املسجلة هو ضرورة وقوع حدث(‪ ،)Event‬سبَّب‬

‫ضررًا لألمتعة‪ ،‬فينت عنه تلف األمتعة أو تعييبها أو فقداهنا‪.‬‬

‫وعلى الرغم من اشرتاط اتفاقية مونرتيال‪1999‬م وقوع احلدث لقيام مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫إالب أهنا مل تُعنَ بتحديد تفسرياً معيناً ملصطلح (حدث) (‪ ،)Event‬بيد أن الراجح يف الفقه والقضاء أن‬

‫هذا املصطلح ال يقعد مرادفاً ملصطلح (حادث) (‪ ،)Accident‬الذي ورد أيضاً يف االتفاقية ويسأل‬

‫الناقل مبوجبه عن الضرر الواقع على املسافرين‪ ،‬ونالح أن االتفاقية قد استخدمت مصطلح(حدث)‬

‫عند احلديث عن مسؤولية الناقل اجلوي جتاه أمتعة املسافر املسجلة‪ ،‬ذلك ألن مصطلح(حدث) أمشل‬

‫عند تفسريه من مصطلح(حادث) فبينما عرفنا احلادث على أنه‪ :‬كل واقعة فجائية غري معتادة لل‬

‫بالسري املعتاد للرحلة اجلوية‪ ،‬يعرف احلدث على أنه‪ :‬كل األسباب املمكنة للضرر(‪ .)345‬وهذا‬

‫التعريف أوسع وأمشل من تعريف مصطلح احلادث إذ أن وقوع الضرر ‪-‬وفقاً لتفسري مصطلح احلدث ‪-‬‬

‫ال يتطلب بالضرورة وقوع احلادث‪ ،‬فقد تفقد أمتعة املسافر املسجلة أو تعطب أو تتعيب دون أن‬

‫حيصل هلا أي حادث وفقاً للمفهوم الذي بينته االتفاقية‪ ،‬وحنن إذ نعترب أن االتفاقية قد وسعت من‬

‫نطاق مسؤول ية الناقل اجلوي عن الضرر الذي يصيب األمتعة أكثر منه عن إصابة املسافرين‪ ،‬ذلك‬

‫ألن سيطرة الناقل على األمتعة املسجلة (‪)checked baggage‬تكون مطلقة وكاملة(‪ ،)346‬األمر‬

‫الذي ال يتوفر للناقل عند نقل املسافرين‪ ،‬أو األمتعة غري املسجلة(‪– )Unchecked baggage‬‬

‫كما سنرى‪-‬وهذا التوسع يظهر يف مكنة حتمل الناقل للمسؤولية عن الضرر الذي يقع لألمتعة‬

‫(‪ )345‬د‪ .‬علي البارودي‪ ،‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ ،‬د‪ .‬محمد سيد الفقي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.605‬‬
‫(‪ )346‬ويتضح لنا ذلك أيضا ً من اختالف األساس الذي انتهجته االتفاقية لقيام مسؤولية الناقل الجوي حيال األمتعة غير‬
‫المسجلة كما سنرى الحقاً‪.‬‬
‫‪161‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املسجلة جملرد وقوع احلدث‪ ،‬فيسأل الناقل اجلوي ‪-‬مثالً ‪-‬عن الفواكه اليت تغري طعمها بسبب وجود‬

‫بضاعة أو أمتعة مسجلة أخرى ذات روائح نفاذة جبوارها على الرغم من عدم وقوع أي حادث‬

‫باملعنى الذي قصدته االتفاقية كشرط لتحمل الناقل املسؤولية بالنسبة للمسافرين‪.‬‬

‫وعلى الرغم من أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد جعلت مسؤولية الناقل اجلوي عن أمتعة‬

‫املسافر املسجلة مسؤولية موضوعية قائمة على اخلطر وحتمل التبعة‪ ،‬إالب أهنا قد استثنت أحواالً ال‬

‫يكون الناقل اجلوي مسؤوالً فيها عن الضرر الذي يصيب األمتعة فتتلف أو تتعيب‪ ،‬وقد نصت‬

‫االتفاقية على هذا االستثناء‪:‬‬

‫‪(However، the carrier is not liable if and to the extent that the‬‬

‫‪damage resulted from the inherent defect، quality or vice of the‬‬

‫‪baggage))347( .‬‬

‫إذ من النص السابق نالح أن االتفاقية قد نفت مسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي‬

‫يصيب أمتعة املسافر املسجلة فيلحق أي تلف يف مادهتا(‪ ،)Damage‬أو أي عوار‬

‫فيها(‪ ، )Destruction‬عندما يكون التلف الذي أصاب األمتعة املسجلة أو التعييب نامجاً عن خللٍ‬

‫كامنٍ (‪ )Inherent defect‬يف األمتعة عينها‪ ،‬ونعين باخللل الكامن‪ :‬العيب املتأصل فيها‪ ،‬كأن‬

‫تكون األمتعة فواكه كامنٌ فسادقها‪ ،‬فتكون معطوبة بسببٍ خارج عن الناقل كنوعيتها أو سوء‬

‫لزينها قبل تسليمها للناقل لتصبح يف حراسته‪ ،‬كما ال يسأل الناقل عن التعييب أو التلف الذي يصيب‬

‫األمتعة املسجلة بسبب نوعيتها(‪ ،)Quality‬أو العيب الذاتي فيها( ‪Vice of checked‬‬

‫‪ ) baggage‬كأن تكون هذه األمتعة عبارة عن ألبانٍ صادف انتهاء مدة صالحيتها أثناء الرحلة‬

‫اجلوية مع عدم إخالل الناقل مبوعد الرحلة احملدد لقيامها‪ ،‬أو تكون حلوماً تسنَّهت أثناء عملية النقل‬

‫(‪ )347‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪162‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اجلوي‪ ،‬أو تكون دهوناً ساخت نسبةً لنوع يتها‪ ،‬فال يقسأل الناقل عن كل ذلك ما دام وأنه قد التزم‬

‫بقيام الرحلة يف موعدها املتفق عليه أو املعقول عند عدم االتفاق على موعد حمدد‪ ،‬ومل حيصل أي‬

‫إمهال من جانبه أو تابعيه أو وكالئه أدى إىل ضرر هذه األمتعة‪ .‬و جيب أن نشري هنا إىل نقطتني‪:‬‬

‫‪ ‬إن االستثناء الذي جاءت به االتفاقية والذي يعفى مبوجبه الناقل من حتمل املسؤولية‬

‫عن األضرار اليت تصيب األمتعة املسجلة ال يشمل صور الضرر الذي يصيب األمتعة‬

‫مجيعها‪ ،‬بل إن هذا االستثناء مقصور فقط على التلف أو التعييب فقط وال يشمل‬

‫الفقدان‪ ،‬وإن كانت االتفاقية مل تنص على ذلك صراحة‪ ،‬إالب أنه من غري املتصور‬

‫أن يدفع الناقل اجلوي بالعيب الذاتي أو نوع البضاعة أو اخللل الكامن فيها ليتحلل‬

‫من مسؤوليته حيال فقداهنا‪.‬‬

‫‪ ‬أن الناقل ال يستطيع الدفع باالستثناء الذي أوردته االتفاقية ليتحلل من مسؤوليته‬

‫كاملةً جتاه الضرر الذي أصاب أمتعة املسافر املسجلة إن مل يكن سبب الضرر‬

‫الوحيد يعود إىل نوعية األمتعة أو إىل عيب ذاتي فيها‪ ،‬بل إنه ال يعفى إالب بقدر ما‬

‫أثر هذا الضرر عليها‪ ،‬فإذا تلفت األمتعة وكان سبب تلف بعضها عائداً إىل نوعيتها‬

‫أو إىل عيب متأصل فيها والبعض األخر سبَّب تلفه إمهال الناقل أو تابعيه‪ ،‬أو‬

‫وكالئه‪ ،‬فال يعفى الناقل إالب عن اجلزئية اليت تلفت أو تعيبت بسبب نوعيتها أو العيب‬

‫الذاتي فيها‪ ،‬وتظل مسؤوليته قائمة عن اجلزئية الباقية بقدرها‪ ،‬ونستنت ذلك من‬

‫عبارة‪ ) And to the extent(:‬اليت وردت يف نص املادة (‪ )2/17‬من‬

‫االتفاقية‪ ،‬واليت تعين أن إعفاء الناقل ال يكون بصورة مطلقة‪ ،‬إ ا بقدر ما يكون‬

‫نامجاً عن خلل كامنٍ أو عيبٍ ذاتي‪ ،‬أو نوعية األمتعة‪ ،‬فيعفى الناقل من املسؤولية‬

‫بقدر هذه النتيجة(‪.)The extent of this result‬‬

‫‪163‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬الفرتة الزمنية لوقوع احلدث‬


‫ويشرتط أخرياً لقيام مسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي يصيب أمتعة املسافر أن يقع‬

‫احلدث الذي أدى إىل ضرر األمتعة خالل فرتة زمنية معينة‪ ،‬ونعين بالفرتة الزمنية لوقوع احلدث‪ :‬الزمن‬

‫الذي يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عما يصيب أمتعة املسافر من ضرر خالله‪ .‬وهذا شرطٌ بديهي‪،‬‬

‫إذ من غري املتصور أن يسأل الناقل عن الضرر الذي أصاب األمتعة قبل أن يستلمها من املسافر‬

‫حلظة بدء تنفيذ العقد‪ ،‬أو بعد تسليمها هلذا األخري يف نقطة مقصده النهائي‪ .‬ولكن كيف يتم حتديد‬

‫الفرتة الزمنية اليت يسأل الناقل خالهلا عن األضرار اليت تصيب األمتعة؟‬

‫حددت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م هذه الفرتة بالفرتة اليت تكون فيها األمتعة على منت الطائرة‬

‫(‪ ،)On board the aircraft‬أو أثناء أي فرتة كانت فيها األمتعة حتت حراسة الناقل وسيطرته‪:‬‬
‫‪(During any period within which the checked baggage was in the‬‬
‫‪charge of the carrier))348( .‬‬

‫(‪ )348‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪ .‬و نصت المادة (‪ )1/18‬من اتفاقية وارسو ‪1929‬م على مسؤولية الناقل‬
‫الجوي عن األضرار التي تصيب األمتعة المسجلة أو البضائع‪:‬‬
‫‪(The carrier is liable for damage sustained in the event of the destruction or loss of، or of‬‬
‫‪damage to، any registered luggage or any goods، if the occurrence which caused the damage‬‬
‫‪so sustained took place during the carriage by air).(WARSAW CONVENTION 1929 AD، Article‬‬
‫)‪18/1.‬‬
‫والمالحظ من النص أن اتفاقية وارسو ‪1929‬م قد عبرت عن الفترة الزمنية التي يكون الناقل الجوي مسؤوالً عن الضرر‬
‫الذي يصيب األمتعة المسجلة فيها بمصطلح (خالل النقل الجوي) (‪ ،)During the carriage by air‬أما اتفاقية‬
‫مونتريال‪1999‬م فقد حددت هذا الزمن بالفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة (أي في جوفها) ( ‪On board the‬‬
‫‪ ،) aircraft‬أو باإلضافة للفترة السابقة أي فترة أخرى تكون فيها األمتعة في حراسة الناقل الجوي ( ‪Any period‬‬
‫‪ ،)within which the checked baggage was in the charge of the carrier‬وال شك أن هذا المصطلح يأخذ‬
‫تفسيراً أشمل من ذلك الذي اتخذته اتفاقية وارسو‪ ،‬إذ أن الفترة التي تكون فيها األمتعة في حراسة الناقل تشمل الفترة من‬
‫لحظة تسليم المسافر األمتعة للناقل إلى اللحظة التي يصل فيها المسافر نقطة مقصده النهائي ويتسلم أمتعته‪ ،‬بما في ذلك‬
‫الفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة‪ ،‬وفترة النقل الجوي أيضاً‪ .‬إال أن اتفاقية مونتريال‪1999‬م قد عبرت عن‬
‫فترة مسؤولية الناقل الجوي عن األمتعة بفترتين وهما‪ :‬الفترة التي تكون فيها األمتعة على متن الطائرة والفترة التي تكون‬
‫فيها األمتعة في حراسة الناقل الجوي وال نرى أي وجه لهذا التقسيم إذ أن األمتعة عندما تكون على متن الطائرة هي‬
‫بالضرورة في حراسة الناقل الجوي‪ ،‬إال في حالة أن تكون االتفاقية قد قصدت تفسير الشق الثاني من الفترة الزمنية(في‬
‫حراسة الناقل) التفسير األوسع؛ فإذا كانت عبارة على (على متن الطائرة) تعني مسؤولية الناقل عن األمتعة حال الطيران‪،‬‬
‫تعني عبارة (في حراسة الناقل) الفترة من اللحظة التي سلمت األمتعة للناقل الجوي ولو في غير مطار القيام أو قبيل الرحلة‬
‫الجوية – كأن تسلم لمكتب الناقل في وسط المدينة‪ -‬إلى اللحظة التي يستلم فيها المسافر أمتعته شاملة بذلك حاالت هبوط‬
‫الطائرة اضطراريا ً في غير مطار الوصول‪.‬‬
‫‪164‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أي يف الفرتة اليت تكون فيها األمتعة حمملة يف جوف الطائرة وموضوعة يف املكان املخصص هلا‬

‫ليتم نقلها‪ ،‬أو الفرتة اليت تكون فيها األمتعة حتت رعاية وحراسة الناقل وتكون األمتعة كذلك منذ‬

‫اللحظة اليت يتسلمها الناقل من املسافر بغرض نقلها سواء تسلمها الناقل يف مطار املغادرة‪ ،‬أو يف أحد‬

‫مكاتبه خارج مطار املغادرة‪ ،‬و نالح هنا أن فرتة النقل اجلوي اليت يسأل الناقل فيها عن الضرر‬

‫الذي يصيب األمتعة أوسع من تلك اليت يسأل فيها عن الضرر الذي يصيب املسافرين إذ أن الفرتة‬

‫الزمنية يف حالة نقل األمتعة متتد إىل ما قبل البدء يف تنفيذ عقد النقل اجلوي‪ ،‬كأن يتسلم الناقل األمتعة‬

‫يف أحد مكاتبه وسط املدينة عند التعاقد‪.‬‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي عن أمتعة املسافر غري املسجلة‪:‬‬

‫األمتعة غري املسجلة(‪ :)Unchecked baggage‬هي األشياء الصغرية اليت جيوز للمسافر‬

‫محلها معه أثناء رحلته اجلوية‪ ،‬و اليت تبقى يف صحبته طوال الرحلة اجلوية‪ ،‬وال تسلم للناقل لتكون يف‬

‫حراسته‪ ،‬وتشمل األمتعة غري املسجلة حقائب املسافر اليدوية(‪ ،)Hand bags‬وحاجياته‬

‫الشخصية(‪ .)Personal items‬و يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عن الضرر الذي يلحق هذه‬

‫األمتعة مبوجب أحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪:‬‬

‫‪(In the case of unchecked baggage، including personal items، the‬‬


‫‪carrier is liable if the damage resulted from its fault or that of its‬‬
‫‪servants or agents))349(.‬‬

‫من النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يسأل وفق أحكام االتفاقية عن الضرر الذي يصيب‬

‫أمتعة املسافر غري املسجلة(‪ ،)Unchecked baggage‬غري أن االتفاقية قد انتهجت يف أساس‬

‫هذه املسؤولية منهجاً خمتلفاً عنه يف حالة األمتعة املسجلة (‪ ،)Checked baggage‬فبينما أسست‬

‫(‪ )349‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪165‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫مسؤولية الناقل عن األمتعة املسجلة على أساس اخلطر وحتمل التبعة( مسؤولية موضوعية)‪ ،‬تركت‬

‫أساس املسؤولية عن األمتعة غري املسجلة قائماً على أساس اخلطأ املفرتض من جانب‬

‫ال عن الضرر الذي يصيب هذه األمتعة إالب‬


‫الناقل(مسؤولية شخصية)‪ ،‬أي أن الناقل ال يكون مسؤو ً‬

‫إذا أُثبت أن الضرر نات عن خطأ (‪ )Fault‬من الناقل أو وكالئه(‪ )Agents‬أو تابعيه‬

‫(‪ .) Servants‬وتفسري ذلك أن هذه األمتعة تكون بصحبة املسافر وال يتوافر للناقل أي سلطة‬

‫حراسة هلا‪ ،‬أو س يطرة عليها كما هو احلال يف األمتعة املسجلة اليت تسلم للناقل لتكون حتت حراسته‬

‫وتام سيطرته‪.‬‬

‫ومما سبق صلص إىل أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد فرقت بني مسؤولية الناقل اجلوي لألمتعة‬

‫حبسب نوعها كانت مسجلة أو غري مسجلة وشددت مسؤولية الناقل عن األمتعة املسجلة فجعلتها‬

‫موضوعية ال يستطيع الناقل دفعها عن كاهله إالب بإثبات أن الضرر النات لألمتعة املسجلة كان ناجتاً‬

‫عن عيبٍ كامنٍ فيها أو خلل ذاتي هبا أو نوعيتها‪ ،‬بينما سهلت للناقل دفع املسؤولية عنه يف حالة‬

‫األمتعة غري املسجلة بإثبات انتفاء خطئه أو خطأ تابعيه أوكالئه بتفسري أن األمتعة غري املسجلة ال‬

‫تكون حتت سيطرة وحراسة الناقل الكاملتني كتلك املسجلة لذلك فإن مسؤولية الناقل عنها ليست‬

‫مشددة كما يف حالة األمتعة املسجلة‪.‬‬

‫‪166‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الرابع‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري يف النقل‬


‫أصبح الكثري من املسافرين يبحثون عن وسائط النقل اليت تتوفر فيها أفضل ات النقل‪ ،‬ومن‬

‫أهم هذه املزايا هي السرعة يف النقل‪ ،‬وهو األمر الذي جيعل اإلقبال على السفر جواً يتزايد يوما بعد‬

‫يوم‪ ،‬فال عجب أن نرى أغلب الناس يتحدث عن وقته وتنقالته بالساعة الواحدة فلقد أصبح الزمن‬

‫هو معيار التعامل‪ ،‬وقد راعت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م هذا الشأن فنصت على مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي عن الضرر(‪ )Damage‬الناجم عن التأخري(‪ )Delay‬يف النقل‪:‬‬


‫‪(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the carriage‬‬
‫‪by air of passengers، baggage))350( .‬‬

‫من النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يعد مسؤوالً عن الضرر الذي ينشأ عن التأخري يف‬

‫نقل املسافرين‪ ،‬أو األمتعة‪ ،‬ولكن االتفاقية قد اشرتطت لتحقق مسؤولية الناقل اجلوي ثالثة‬

‫شروط نوضحها من خالل املطالب الثالثة التالية‪:‬‬

‫(‪ )350‬المادة (‪ )19‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪167‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬التأخري يف النقل‬


‫التأخري يف اللغة يعين جعل الشيء بعد موضعه(‪ ،)351‬والتأخري نقيض العاجل(‪ ،)352‬وتأخر يف الشيء‬

‫تقاعس عن تنفيذه(‪ ، )353‬أما يف القانون فإن التأخري يف النقل يعين جماوزة النقل مليعاده احملدد لتنفيذه فيه‪،‬‬

‫وجماوزة هذا املوعد ترتب عليه مسؤولية يثقل هبا كاهل الناقل اجلوي وفقاً ألحكام اتفاقية‬

‫مونرتيال‪:‬‬
‫‪(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the‬‬
‫‪carriage by air of passengers, baggage))354( .‬‬

‫ونالح من النص السابق أن اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م قد جعلت الناقل اجلوي مسؤوالً عن‬

‫الضرر الناجم عن التأخري يف النقل اجلوي لكنها استثنت هذه املسؤولية من نطاق املسؤولية‬

‫املوضوعي ة كما يف حالة األضرار اليت تصيب املسافر أو األمتعة املسجلة ويكون سببها حادث أو‬

‫حدث كما وضحنا ذلك يف املباحث السابقة فقد أبقت عليها بالنسبة لألضرار اليت تنجم عن التأخري كما‬

‫كانت يف اتفاقية وارسو ‪1929‬م مسؤولية تعاقدية‪ ،‬ويرجع السبب يف ذلك إىل أن مواعيد النقل‬

‫املتفق عليها ليتم النقل خالهلا قد يطرأ عليها تغيري ال يكون سببه الناقل بل تتدخل يف ذلك أسباب‬

‫أخرى عامة كأعمال السلطات العامة(‪ ،)355‬أو الظروف الطارئة(‪ ،)356‬أو تقلبات األحوال اجلوية‪.‬‬

‫(‪ )351‬معجم لغة الفقهاء‪ .‬الجزء األول‪ ،‬باب معجم لغة الفقهاء‪ ،‬ص‪.118‬‬
‫(‪ )352‬لسان العرب‪ .‬إلبن منظور الجزء الحادي عشر‪ ،‬باب آجل‪ ،‬ص‪.11‬‬
‫(‪ )353‬القاموس المحيط‪ .‬للفيروز آبادي‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬باب القعس‪ -‬حركة خروج الصدر‪ ،‬ص‪.106‬‬
‫(‪ )354‬المادة(‪ )19‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )355‬كالحالة التي أصدرت فيها السلطات الموريتانية الحالية إغالق كافة مطارات الدولة في وجه أي طيران إثر إمساكها‬
‫بزمام الحكم بعد انقال بها على السلطات السابقة‪ ،‬فلم يعد بمقدور أي ناقل جوي اإلقالع من أو الهبوط في أي من هذه‬
‫المطارات‪(.‬قناة الجزيرة الفضائية ‪2008/8/6‬م)‪.‬‬
‫(‪ )356‬كاإلعالن الروسي بتعليق الطيران المدني الروسي إلى أي من المطارات الجورجية‪ ،‬وفي نفس الوقت عجزت‬
‫المطارات الجورجية عن استقبال أي طيران مدني آخر نتيجة لحالة الحرب التي نشبت بينهما والتي تم فيها تدمير‬
‫المطارات الجورجية‪ (.‬قناة الجزيرة الفضائية ‪/9 ،8‬أغسطس‪2008/‬م)‪.‬‬
‫‪168‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وملا كان التأخري يفسر على أنه جماوزة امليعاد احملدد للنقل فالبد إذاً من وجود ميعاد للنقل‬

‫حمدد سلفاً يسأل الناقل اجلوي عن اإلخالل به‪ ،‬ومل يرد يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م تفسرياً معيناً‬

‫ملعنى التأخري‪ ،‬أو مدته‪ ،‬األمر الذي يسعى معه الناقل لالستفادة القصوى منه وذلك بتفسري النص‬

‫الوارد يف االتفاقية التفسري األوسع لرعاية مصلحته‪ ،‬ويسانده يف ذلك شركات التأمني ممثلة باإلحتاد‬

‫الدويل ملؤمين شركات الطريان‪ ،‬وحجتهم يف ذلك أن االلتزام باملواعيد احملددة للنقل اجلوي ال لضع‬

‫لسيطرة الناقل يف غالب األحوال وإن مساءلة الناقل عن إخالله هلذه املواعيد يعرقل املالحة اجلوية‪،‬‬

‫ويعرض سالمتها للخطر؛ إذ أهنا تضع الناقل موضع املغامر جملاهبة الظروف أو ركوب األخطار(‪ ،)357‬أما‬

‫املسافر فمصلحته تقتضي وصوله وأمتعته باملوعد احملدد للنقل اجلوي والذي قد رتب معامالته‬

‫األخرى على أساسه‪.‬‬

‫إزاء هذا التعارض تدخل اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي(‪ )IATA‬و وضع شرطاً ضمن الشروط‬

‫العامة لألياتا يقضي بأن يتعهد الناقل لبذل أقصى جمهود لديه لنقل املسافرين وأمتعتهم باملوعد‬

‫املعقول أو احملدد مسبق ًا يف جداول الطريان املتفق عليها بينهما‪:‬‬


‫‪(Carrier undertakes to use its best efforts to carry the passenger‬‬
‫‪and his baggage with reasonable dispatch and to adhere to published‬‬
‫(‪schedules in effect on the date of travel).)358‬‬

‫كما أدرجت شرطاً يقضي بأن مواعيد الرحالت اجلوية احملددة من قبل الناقل اجلوي يف وثيقة‬

‫السفر أو أي وثيقة أخرى تعد مواعيداً تقريبية‪ ،‬وليست مضمونة كما ال تعد هذه املواعيد جزءاً من‬

‫عقد النقل اجلوي‪:‬‬

‫(‪ )357‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.246‬‬


‫(‪)358‬‬
‫‪IATA General conditions of carriage(Passenger and Baggage).Article(10.1).‬‬
‫‪169‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪(Times shown in carrier's timetables or elsewhere are‬‬


‫‪approximated and not guaranteed and form no part of the contract‬‬
‫‪of carriage))359( .‬‬

‫كما أنه ال يوجد هناك زمن ثابت يف مواجهة الناقل لبدء أو انتهاء عملية النقل اجلوي ما مل يتفق‬

‫على خالف ذلك على وجه التحديد واإلشارة إليه يف مستند النقل اجلوي أو سجل الشحن‪ ،‬ويتعهد‬

‫الناقل لنقل البضاعة يف مدة معقولة وال يفرتض أي التزام بنقل البضاعة بطائرة معينة أو طريقة‬

‫حمددة‪ ،‬كما أسقطت يف مواجهة الناقل كل ميعاد حمدد للنقل‪.:‬‬


‫‪(No time is fixed for commencement or completion of carriage or‬‬
‫‪delivery of cargo. Unless specifically agreed otherwise and so‬‬
‫‪indicated in the air waybill or shipment record، carrier undertakes to‬‬
‫‪carry the cargo with reasonable despatch but assumes no obligation‬‬
‫‪to carry the cargo by any specified aircraft or over any particular‬‬
‫‪route or routes، or to make connections at any point according to any‬‬

‫‪particular schedule))360(.‬‬

‫ومن خالل النصوص السابقة جند أن الشروط العامة لألياتا قد خففت من مسؤولية الناقل‬

‫اجلوي عن الضرر الناجم من التأخري يف نقل املسافرين و أمتعتهم واليت قد راعتها اتفاقية‬

‫مونرتيال‪ 1999‬م أصالً بأن أبقتها قائمة على أساس املسؤولية العقدية ومن ثم فقد سهلت طرق‬

‫دفعها عن كاهله والتحلل منها غري أننا نالح اآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬إن تطبيق شرط إعفاء الناقل من املسؤولية الذي جاءت به نصوص الشروط‬

‫العامة لألياتا سالفة الذكر ال يؤخذ على إطالقه؛ ذلك ألن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م مل‬

‫تتشدد أصالً يف مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري‪ ،‬فلم جتعلها مسؤولية موضوعية كما‬

‫(‪)359‬‬
‫‪IATA Conditions of carriage for cargo. Article( 6.3.1).‬‬
‫(‪)360‬‬
‫‪IATA conditions of carriage for cargo. article 6.3.1‬‬
‫‪170‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ذكرنا وبالتايل يكون مبقدور الناقل دفعها بطرق عدةٍ‪ ،‬وبشكل أوسع من طرق‬

‫دفع املسؤولية عن ضرر املسافر أو أمتعته املسجلة بسبب احلادث أو احلدث‪ ،‬أيضاً إن‬

‫شروط اإلحتاد الدويل للنقل اجلوي تتعطل نصوصها عند تعارض هذه النصوص مع نص‬

‫دويل أو قانون وطين كما وضحنا يف الفصل السابق‪ ،‬وشرط استبعاد مواعيد النقل‬

‫اجلوي عن عقد النقل يعين عدم التزام الناقل هبا‪ ،‬ومن ثم عدم مساءلة الناقل عن‬

‫الضرر الناجم من التأخري يف النقل‪.‬‬

‫‪ ‬إن إعفاء الناقل اجلوي من املسؤولية عن الضرر الناجم من التأخري يف النقل‬

‫يعطل نصوص االتفاقية نفسها وخيلق تعارضاً بني أحكامها؛ ففي الوقت الذي لفف‬

‫الشروط العامة لألياتا من مسؤولية الناقل وتوسع للناقل طرق دفعها‪ ،‬تنص االتفاقية‬

‫على بطالن كل بند يهدف إىل إعفاء الناقل من مسؤوليته أو إىل وضع حداً أدنى من‬

‫احلدود املعينة يف االتفاقية‪:‬‬


‫‪(Any provision tending to relieve the carrier of liability‬‬
‫‪or to fix a lower limit than that which is laid down in this‬‬
‫‪Convention shall be null and void))361( .‬‬

‫(‪ )361‬المادة (‪ )26‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪171‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حدوث التأخري يف فرتة زمنية معينة‬


‫ال يكفي النعقاد مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري حدوث التأخري يف النقل فقط‪ ،‬لكن‬

‫يشرتط أيض ًا لقيام هذه املسؤولية حدوث التأخري خالل فرتة زمنية معينة‪:‬‬
‫‪(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the‬‬
‫‪carriage by air of passengers، baggage or cargo))362( .‬‬

‫مل حتدد اتفاقية مونرتيال‪1999‬م مدة حمددة لفرتة النقل اجلوي اليت يسأل الناقل اجلوي عن‬

‫إخالله تنفيذ عقد النقل خالهلا مما أثار خالفاً حول حتديد هذه الفرتة‪ ،‬فذهب رأيٌ(‪ )363‬إىل حتديدها‬

‫بالفرتة ما بني حلظة استعداد الطائرة لإلقالع وحلظة هبوطها يف مطار الوصول(‪.)364‬‬

‫ونالح على هذا الرأي أنه قد ضيق من الفرتة الزمنية اليت يستوجب مساءلة الناقل عند إخالله‬

‫بتنفيذ عقد النقل خالهلا‪ ،‬إذ ال يسأل الناقل وفقاً هلذا الرأي عن التأخري يف النقل قبل حلظة استعداد‬

‫الطائرة لإلقالع‪ ،‬وبعد اللحظة اليت تصل فيها الطائرة مطار الوصول وهو ماال حيقق غرض االتفاقية‬

‫من نص مساءلة الناقل عن الضرر الناجم عن التأخري يف تنفيذ النقل‪ .‬أيضاً إن الواقع العملي يسجل‬

‫الكثري من حاالت التأخري اليت تكون قبل حلظة استعداد الطائرة لإلقالع أو بعد حلظة وصوهلا‬

‫نقطة املقصد النهائي‪.‬‬

‫يتجه رأيٌ آخر(‪ )365‬إىل تفسري الفرتة الزمنية السابقة التفسري األوسع حبيث تأخذ الفرتة الزمنية اليت‬

‫يسأل الناقل عن التأخري يف تنفيذ النقل خالهلا بقياسها على الفرتة اليت أتت هبا املادة (‪ )18 ،17‬من‬

‫اتفاقية وارسو(‪ )366‬واخلاصة بتحديد الفرتة الزمنية ملسؤولية الناقل عن الضرر الواقع على املسافرين‬

‫بسبب احلادث‪ ،‬واألمتعة بسبب احلدث أو الواقعة‪ ،‬و وفقاً هلذا الرأي يكون الناقل مسؤوالً عن‬

‫(‪ )362‬المادة (‪ )19‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )363‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.246‬‬
‫(‪ )364‬يسمى هذا الرأي بنظرية "جوديس" "‪ "Goedhuis‬نسبة لصاحبها "جوديس"‪.‬‬
‫(‪ )365‬يسمى هذا الرأي بنظرية "موريس" "‪ "Maurice‬نسبة لصاحبها " موريس ليموان" "‪."Mourice Lemoine‬‬
‫(‪ )366‬وهي نفس المادة (‪ )2/1/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪172‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الضرر الناجم من التأخري بالنسبة للمسافرين يف الفرتة اليت يكون فيها املسافر على منت الطائرة‪ ،‬أو‬

‫أثناء عملية الصعود والنزول‪ ،‬وبالنسبة لألمتعة يكون الناقل مسؤوالً عن الضرر الناجم من التأخري‬

‫يف الفرتة اليت تكون فيها األمتعة حتت حراسة الناقل‪.‬‬

‫ونالح على هذا الرأي التايل‪:‬‬

‫‪ ‬لتلف صور الضرر اليت تصيب املسافرين عن تلك اليت تصيب األمتعة‪،‬‬

‫وبالتايل فإن سلمنا بإمكانية تطبيق الرأي السابق على األمتعة فال ميكن تطبيقه على‬

‫املسافرين‪.‬‬

‫‪ ‬أن املادة(‪ )17‬مل تورد تفسرياً حمدداً للفرتة الزمنية اليت يكون الناقل‬

‫مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب املسافر نتيجة لوقوع حادث‪ ،‬وبالتايل ال يستقيم القياس‬

‫على هذه الفرتة‪.‬‬

‫يذهب البعض(‪ )367‬إىل قيام مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري بالنسبة للمسافرين من‬

‫اللحظة اليت يغادر فيها املسافر حتت إمرة الناقل اجلوي أو أحد تابعيه القاعة احملددة لتجمع‬

‫املسافرين مبطار القيام إىل حلظة للصه من وصاية الناقل اجلوي أو تابعيه بدخوله مطار‬

‫الوصول‪ .‬أما بالنسبة لألمتعة فيسأل الناقل عن الضرر الذي يصيب األمتعة جراء التأخري يف‬

‫النقل يف الفرتة اليت تكون فيها هذه األمتعة حتت حراسة الناقل‪.‬‬

‫ومبراجعة نص املادة(‪ )19‬من االتفاقية اليت مل حتدد فرتة زمنية يسأل الناقل اجلوي عن‬

‫التأخري خالهلا‪ .‬نالح أهنا أعفت الناقل من هذه املسؤولية إن استطاع هو وتابعوه و وكالؤه‬

‫إثبات أهنم قد الذوا كافة التدابري املعقولة والالزمة لتفادي وقوع الضرر أو أنه استحال عليهم‬

‫الاذ مثل هذه التدابري(‪ ، )368‬نستطيع حتديد الفرتة الزمنية اليت يسأل الناقل اجلوي عن التأخري فيها‬

‫(‪ )367‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي الداخلي والدولي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.255‬‬
‫(‪ )368‬المادة(‪ )19‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪173‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بامليعاد احملدد للحظة وصول املسافر نقطة مقصده النهائي إن وجد ميعاد متفق عليه‪ ،‬أو‬

‫بامليعاد املعقول والذي خيضع لتقدير القاضي املختص يف حالة عدم وجود مثل ذلك امليعاد‬

‫بغض النظر عن حلظة إقالع الطائرة أو دخول املسافر حتت إمرة الناقل استعداداً لالنتقال‪،‬‬

‫ولكن جيب مراعاة اآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬عدم التوسع يف تفسري االستثناء الوارد يف نص املادة (‪ )19‬من االتفاقية واليت‬

‫يعفى الناقل مبوجبه من املسؤولية عن التأخري إن أثبت أنه وتابعيه ووكالئه قد‬

‫الذوا مجيع التدابري املعقولة والالزمة لتفادي الضرر أو أثبت أنه من املستحيل عليهم‬

‫الاذ مثل هذه التدابري‪ ،‬حبيث يستفيد الناقل من هذا االستثناء إن كان السبب يف‬

‫التأخري عاماً ال يقتصر على الناقل املتعاقد وحده‪ ،‬كالقوة القاهرة‪ ،‬أو سوء األحوال‬

‫اجلوية‪ ،‬وغريها من الظروف اليت ليس يف مقدور أي ناقل آخر التغلب عليها‪ ،‬أما إن‬

‫كان السبب يف التأخري راجعاً إىل الناقل املتعاقد وحده كتعطل طائراته أو احلجز‬

‫عليها‪ ،‬أو بيعها وفاءً لديونه فتظل مسؤوليته يف هذه احلالة قائمة جتاه املسافر و‬

‫أمتعته‪.‬‬

‫‪ ‬حتديد الفرتة الزمنية ملسائلة الناقل عن التأخري فيها بلحظة وصول املسافر‬

‫نقطة مقصده النهائي يف املوعد املتفق عليه أو املعقول عند عدم االتفاق على موعد‬

‫معني دون العبء بلحظة استعداد الطائرة لإلقالع‪ ،‬هذا التحديد يوسع من فرصة‬

‫الناقل لتنفيذ عقد النقل اجلوي يف موعده احملدد‪ ،‬كأن يتم نقل املسافرين على طائرة‬

‫ذات سرعة أعلى‪ ،‬أو إلغاء بعض أو مجيع نقاط التوقف املذكورة يف عقد النقل اجلوي‬

‫مادامت ال يضار منها مسافرون آخرون‪.‬‬

‫‪174‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬أن الضرر الذي يصيب املسافر جراء التأخري يف النقل غالباً ما يرتبط بلحظة‬

‫وصول املسافر نقطة مقصده النهائي أكثر من ارتباطه بلحظة إقالع الطائرة أو وجوده‬

‫حتت إمرة الناقل يف صالة االنتظار مبطار املغادرة‪ ،‬ذلك ألن أغلب املسافرين ينصب‬

‫اهتمامهم على زمن الوصول الذي يربطهم به معامالت خاصة كحضور مهرجان كبري‪،‬‬

‫د معني‪ ،‬أو املشاركة يف احتفال حيضره كبار املسؤولني أو املشاهري‪.‬‬


‫أو شهود عق ٍ‬

‫أما الواقع العملي لعملية النقل يف املوعد املعلن عنه أو املعقول يف حالة عدم اإلعالن فإننا‬

‫نالح أن شركات الطريان ال تتقيد به عادة‪ ،‬ولكن التأخري غالباً ما يتحدد مبدة زمنية صغرية‪ ،‬ال‬

‫تسبب للمسافر يف غالب األحيان أي ضرر‪ ،‬واالجتاه السائد أن الناقل ال يسأل عن التأخري خالل‬

‫هذه الفرتة وذلك ألن عملية النقل تكون خاضعة لظروف أخرى خارجة عن إرادة أو سيطرة‬

‫الناقل مثل أعمال الدولة السيادية كأن تعلن الدولة جلميع الناقلني املشغلني خطوطاً جوية من أو‬

‫إىل إقليمها بإرجاء كافة الرحالت لبضع ساعات وذلك النشغال مطاراهتا باستقبال أو وداع الوفود‬

‫الر ية‪ ،‬أو أعمال الظروف الطارئة‪ ،‬أو سوء األحوال اجلوية‪.‬‬

‫‪175‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬الضرر الناجم عن التأخري‬


‫الشرط الثالث لقيام مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري يتمثل يف وقوع ضرر للمسافر أو أمتعته‪،‬‬

‫فال يكفي لقيام هذه املسؤولية وقوع تأخرياً يف تنفيذ عقد النقل اجلوي‪ ،‬أو إخالالً من جانب الناقل‬

‫بالفرتة الزمنية احملددة لتنفيذ العقد‪ ،‬بل يلزم مع ذلك وقوع ضرراً يستوجب مساءلة الناقل والتعويض‬

‫عنه حسب نص االتفاقية‪:‬‬


‫‪(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the‬‬
‫‪carriage by air of passengers، baggage))369( .‬‬

‫ونالح من النص السابق عدم حتديد االتفاقية تفسرياً حمدداً ملعنى الضرر الناجم عن التأخري‬

‫يف تنفيذ العقد و الذي يستوجب معه مساءلة الناقل عنه‪ ،‬األمر الذي خيضع معه هذا التحديد لتقدير‬

‫القاضي املختص بنظر النزاع‪ ،‬واستصحاب أحكام القضاء يف هذا التقدير‪ ،‬وقد اعتربت أحكام‬

‫القضاء أن من األضرار اليت تستوجب مساءلة الناقل عنها التأخري الذي يرتتب عليه حرمان املسافر من‬

‫االشرتاك يف احلفل االفتتاحي حملفل علمي دعي إليه بصفته أو مركزه أو منصبه لتقديم خرباته‪ ،‬أو‬

‫التأخري يف وصول مريض إلجراء عملية جراحية عاجلة‪ ،‬أو التأخري الذي يرتتب عليه حرمان اشرتاك‬

‫املعروضات يف مسابقة دولية رصدت هلا جائزة كبرية‪ ،‬أو التأخري الذي يرتتب عليه هالك أو تلف‬

‫األمتعة‪ ،‬أو نقص يف قيمتها أو بوار يف بيعها (‪ ،)370‬ومن ذلك صلص إىل أن مساءلة الناقل اجلوي عن‬

‫األضرار اليت تصيب املسافر نتيجة اإلخالل بتنفيذ عقد النقل اجلوي ال لضع لقاعدة معينة بل تتعلق‬

‫بكل مسافر على حده إذ قد يتم تعويض مسافر استطاع إثبات ضرراً وقع عليه دون تعويض مسافراً‬

‫آخر مل يتم كن من إثبات وقوع ذلك الضرر‪ ،‬أو أنه مل يتضرر أصالً‪ ،‬ونشري إىل أن عبء إثبات وقوع‬

‫الضرر يقع على كاهل املتضرر(املسافر) وفقاً للقواعد العامة لإلثبات‪ ،‬أما عبء إثبات الاذ الناقل‬

‫(‪ )369‬المادة(‪ )19‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )370‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 345‬‬
‫‪176‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫للتدابري املعقولة والالزمة لتفادي وقوع الضرر أو استحالة الاذهم ملثل هذه التدابري فيقع على عاتق‬

‫الناقل‪ .‬وبقي أن نشري إىل أن القضاء يعرتف بأن مسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الناشع من‬

‫التأخري يف تنفيذ عقد النقل تشمل أي ضرر يصيب املسافر سواء كان مادي ًا أو أدبياً(‪.)371‬‬

‫أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون السوداني‪:‬‬

‫مل يتعــرض املشــرع الســوداني لتنظــيم عقــد النقــل اجلــوي أو ألحكــام مســؤولية الناقــل اجلــوي يف‬

‫ال أنـ ــه قـ ــد تبنـ ــى يف قـ ــانون الطـ ــريان املـ ــدني السـ ــوداني لسـ ــنة‪1999‬م أحكـ ــام‬
‫قوانينـ ــه املتعاقبـ ــة‪ ،‬إ ب‬

‫االتفاقيــات الدوليــة للطــريان املــدني الــيت انضــم إليهــا الســودان‪ ،‬أو الــيت سينضــم إليهــا مســتقبالً‪ (:‬تطبــق‬

‫أحكام االتفاقيات الدولية للطريان املدني اليت انضمت إليها الدولة مبوجب قـانون أو الـيت تنضـم إليهـا‬

‫مستقبالً) (‪.)372‬‬

‫كمــا نــص ذات القــانون علــى ســيادة أحكــام اتفاقيــات الطــريان املــدني الــيت يكــون الســودان‬

‫طرفـاً فيهــا علــى القــانون الــوطين و تطبيــق أحكــام االتفاقيــات الدوليــة عنــد تعارضــها مــع أحكامــه‪(:‬‬

‫تطبق أحكام هذا القانون مبا ال يتعارض مع أحكام تلك االتفاقيات) (‪.)373‬‬

‫كم ــا أورد الق ــانون امل ــذكور نص ـاً خاص ـ ًا بتطبي ــق أحك ــام اتفاقي ــة مونرتي ــال ‪1999‬م‪(:‬تطب ــق‬

‫أحكام اتفاقية توحيد بعض قواعد النقل اجلوي الدويل املوقعـة يف مونرتيـال يف الثـامن والعشـرين مـن‬

‫شهر مايو ‪1999‬م) (‪.)374‬‬

‫ونالح مما سبق أن املشرع السوداني مل يفصل أحكام عقد النقل اجلوي‪ ،‬بـل اكتفـى باإلشـارة‬

‫إىل تطبيــق أحكــام املعاهــدات الدوليــة ذات الصــلة(‪ )375‬والــيت يكــون الســودان طرف ـاً فيهــا‪ ،‬كمــا أنــه‬

‫(‪ )371‬جاء ذلك في حكم لمحكمة التمييز البحرينية‪(www.mohamoon-ju.net) :‬‬


‫(‪ )372‬المادة(‪ )1/4‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )373‬المادة(‪ )1/4‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )374‬المادة(‪ )2/4‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )375‬كاتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬وبروتوكول الهاي ‪1955‬م المعدل لها اللذين لم يوقع عليهما السودان لكنه أودع وثائق‬
‫التصديق عليهما في ‪1975/2/11‬م‪ ،‬وأدخال حيز التنفيذ في ‪1975/5/12‬م‪.‬‬
‫‪177‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫نص على تطبيـق أحكـام اتفاقيـة مونرتيـال‪1999‬م‪ ،‬والـيت يعتـرب السـودان مـن أوائـل الـدول العربيـة‬

‫املوقعة عليها إىل جانب اململكة العربية السـعودية والكويـت(‪ ،)376‬إ ب‬


‫ال أن أحكـام الطـريان املـدني‬

‫يف السودان ال زالت خاضعة التفاقية وارسو ‪1929‬م املعدلة بربوتوكول الهاي‪1955‬م‪ .‬ونالحـ‬

‫أيضاً أنه ال يوجد أي تعـارض بـني نـص املـادة (‪ )2/4‬مـن القـانون الـيت تقضـي بتطبيـق أحكـام اتفاقيـة‬

‫مونرتيــال ‪ 1999‬م‪ ،‬وبــني مــا هــو جــاري عليــه العمــل مــن تطبيــق أحكــام اتفاقيــة وارســو‪1929‬م‬

‫املعدلة بربوتوكول الهـاي‪1955‬م‪ ،‬ذلـك ألن اتفاقيـة مونرتيـال ‪1999‬م تقتضـي لسـريان أحكامهـا‬

‫إيداع وثائق التصديق أو القبول أو املوافقة لدى جهـة اإليـداع يف " مونرتيـال "(‪ ،)377‬وهـو األمـر الـذي مل‬

‫يبتــه الســودان بعــد‪ ،‬إذ أن جمــرد التوقيــع علــى االتفاقيــة ال يعــدو ســوى تعــبري عــن الرغبــة الصــادقة يف‬

‫االنضمام إليها‪.‬‬

‫أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون اليمين‪:‬‬

‫مل يتعرض قانون الطريان املدني اليمين رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م لتنظيم عقد النقل اجلوي‬

‫وأساس أو شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي فيه‪ ،‬إالب أن هذه األحكام قد جاءت ضمن مواد‬

‫القانون التجاري اليمين ذلك ألن عقد النقل اجلوي يعترب من العقود التجارية‪ ،‬واليت مل خيرج القانون‬

‫التجاري اليمين رقم (‪ )32‬لسنة ‪1991‬م بدوره يف تنظيمها عما جاءت به اتفاقية وارسو‪ ،‬فيسأل‬

‫الناقل اجلوي وفقاً للقانون التجاري اليمين عن الضرر الناشع عن وفاة املسافر أو أي أذىً بدني آخر‬

‫يقع للمسافر بشرط وقوع احلادث الذي نشأ عنه الضرر على منت الطائرة‪ ،‬أو أثناء عملية صعود‬

‫(‪ )376‬تعتبر هذه الدول من أوائل الدول الموقعة على االتفاقية في ‪1999/5/28‬م‪ ،‬إال أن االتفاقية لم تدخل حيز التنفيذ في‬
‫السودان بعد‪ ،‬ولم يودع السودان وثائق التصديق عليها حتى اآلن كما ذكرنا‪ .‬أما المملكة العربية السعودية فقد أودعت‬
‫وثائق التصديق على المعاهدة في ‪2003/10/15‬م‪ ،‬ودخلت حيز التنفيذ في ‪2003/12/14‬م‪ ،‬وأودعت الكويت وثائق‬
‫التصديق عليها في ‪2002/6/11‬م‪ ،‬ودخلت حيز التنفيذ في ‪2003/11/4‬م‪.‬‬
‫(‪ )377‬نصت اتفاقية مونتريال ‪1999‬م على ذلك في المادة (‪ )6/53‬بقولها‪:‬‬
‫‪(This Convention shall enter into force on the sixtieth day following the date of deposit of‬‬
‫‪the thirtieth instrument of ratification، acceptance، approval or accession with the‬‬
‫‪Depositary between the States which have deposited such instrument).‬‬

‫‪178‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املسافرين أو نزوهلم(‪ ،)378‬كما يسأل الناقل عن الضرر الذي حيدث لألمتعة املسجلة فيسبب هالكها‪،‬‬

‫أو فقداهنا‪ ،‬أو تلفها إذا وقع احلدث الذي أدى إىل الضرر أثناء النقل اجلوي(‪ ،)379‬ويسأل الناقل أيضاً‬

‫وفق ًا للقانون اليمين عن الضرر الذي يرتتب على التأخري يف وصول املسافر أو األمتعة(‪.)380‬‬

‫وجتدر اإلشارة يف األخري إىل أن ما سبق شرحه يف املباحث الثالثة األخرية من هذا الفصل‬

‫ميثل حاالت مسؤولية الناقل اجلوي اليت تتمثل يف‪:‬‬

‫‪ -1‬إصابة املسافر بضرر يؤدي إىل وفاته أو إصابته بأي أضرار بدنية بسبب وقوع‬

‫احلادث أو بسبب التأخري يف النقل ‪.‬‬

‫‪ -2‬إصابة األمتعة املسجلة أو غري املسجلة بضرر بسبب وقوع احلدث أو بسبب‬

‫التأخري يف النقل‪.‬‬

‫وقد فصل بعض الكتاب احلاالت السابقة حتت عناوين مستقلة ولكننا مل نسلك هذا التفصيل‪،‬‬

‫واكتفينا بشرحها ضمناً مع شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي خشية التكرار‪.‬‬

‫(‪ )378‬المادة(‪ )201‬من القانون التجاري اليمني رقم(‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪ ،‬وهو نفس النص الوارد في المادة (‪ )17‬من اتفاقية‬
‫وارسو‪1929‬م‪.‬‬
‫(‪ )379‬المادة(‪ )202‬من القانون التجاري اليمني رقم (‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪ ،‬وهو نفس النص الوارد في المادة(‪ )18‬من اتفاقية‬
‫وارسو‪1929‬م‪.‬‬
‫(‪ )380‬المادة(‪ )203‬من القانون التجاري اليمني رقم (‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪ ،‬وهو نفس النص الوارد في المادة(‪ )19‬من اتفاقية‬
‫وارسو‪.‬إال أننا نالحظ أن القانون اليمني قد خالف االتفاقية في تحديد الفترة الزمنية التي يكون الناقل مسؤوالً عن‬
‫التأخير خاللها‪ ،‬يظهر ذلك من نص االتفاقية التي استخدمت مصطلح (في نقل) (‪ )In the carriage‬الوارد في نص‬
‫المادة (‪ )19‬من اتفاقية وارسو االتفاقية‪:‬‬
‫‪،(The carrier is liable for damage occasioned by delay in the carriage by air of passengers‬‬
‫‪luggage or good).‬‬
‫والتي تعني أن الناقل يسأل عن التأخير في النقل‪ ،‬أما القانون اليمني فقد استخدم مصطلح (في وصول) ( ‪Arrival of‬‬
‫‪ ) passengers‬عند نصه على مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير‪(:‬يسأل الناقل الجوي عن الضرر الذي يترتب على‬
‫التأخير في وصول المسافر أو األمتعة) المادة(‪ )203‬تجاري يمني‪ .‬ويتضح مما سبق أن القانون اليمني قد أعطى الناقل‬
‫الجوي فرصة أكبر لتنفيذ عقد النقل منها في االتفاقية إذ ال يسأل الناقل الجوي عن التأخير في النقل وفقاً للقانون اليمني‬
‫إال عند تجاوزه الزمن المحدد لوصول المسافر وأمتعته بغض النظر عن مجاوزة ميعاد اإلقالع ويستفيد الناقل من ذلك‬
‫كأن ينقل المسافر على طائرة أحدث ذات سرعة أعلى‪ ،‬أو بإلغاء بعض أو كل نقاط التوقف مثالً‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفصل الرابع‪ :‬أحكام مسؤولية الناقل اجلوي‬


‫تنهض مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار النامجة عن احلادث وتكون نتيجتها وفاة املسافر‬

‫أو إصابته‪ ،‬أو النامجة عن حدث فتتلف األمتعة‪ ،‬أو تضيع جراها‪ ،‬أو تتعيب‪ ،‬أو النامجة عن التأخري يف‬

‫تنفيذ عقد النقل اجلوي سواء بالنسبة للمسافر أو األمتعة‪ ،‬تنهض مسؤوليته بالتعويض عن مجيع األضرار‬

‫السابق ذكرها إذا توافرت مجيع شروط قيام املسؤولية اليت ذكرناها يف الفصل السابق‪ ،‬وعندئذٍ‬

‫وجب التعويض وفق ما حددته اتفاقية مونرتيال‪1999‬م من أحكام خاصة مبسؤولية الناقل‬

‫وحدودها وذلك عن طريق اللجوء إىل القضاء برفع دعوى التعويض ضد الناقل اجلوي‪ ،‬وسوف نقوم‬

‫بتفصيل ذلك من خالل تقسيم هذا الفصل إىل ثالثة مباحث نتحدث يف املبحث األول عن حتديد‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬و نتحدث يف املبحث الثاني عن أسباب دفع مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬و اخلروج‬

‫القانوني واالتفاقي عنها‪ ،‬ونتحدث يف املبحث الثالث عن دعوى التعويض ضد الناقل اجلوي والضمانات‬

‫اليت قررهتا اتفاقية مونرتيال‪1999‬م للمدعي‪.‬‬

‫‪180‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث األول‪ :‬حتديد مسؤولية الناقل اجلوي‬


‫من املالح أن اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م قد سعت يف أحكامها حلماية مصاحلاً متعارضة‬

‫ترتكز بني مصلحة املسافر يف احلصول على أكرب قدر ممكن من التعويض‪ ،‬ومصلحة الناقل يف ضم‬

‫أكرب قدر من طرق دفع املسؤولية عن كاهله إىل نطاقه‪ ،‬فجعلت االتفاقية مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫مسؤولية موضوعية رعاية ملصلحة املسافر باعتباره الطرف األضعف يف عقد النقل اجلوي لتصبح بذلك‬

‫مسؤولية الناقل مسؤولية مطلقة‪ ،‬و وضعت حدوداً معينة جلرب الضرر محاية ملصلحة الناقل و‬

‫استمرار نشاطه التجاري يف جمال النقل اجلوي كما أرست شرطاً يعترب مبثابة احلماية العامة ألطراف‬

‫عقد النقل اجلوي مجيعاً هو شرط الضمانات املتمثلة يف التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي الذي‬

‫سنعرض له يف هناية هذا الفصل‪.‬‬

‫وإذا كان أساس مسؤولية الناقل اجلوي قد تطور بالشكل الذي رأيناه يف الفصل السابق من‬

‫هذه الدراس ة‪ ،‬فإن حدود مسؤولية الناقل اجلوي مل تظل هي األخرى جامدة كما وضعتها اتفاقية‬

‫وارسو‪ 1929‬م‪ ،‬بل أهنا قد اختلفت مرتفعة يف كل اتفاقية عن سابقتها حتى وصلت للحدود اليت‬

‫وضعتها اتفاقية مونرتيال ‪ 1999‬م متواكبة بذلك مع ارتفاع األسعار ومع اصفاض قيمة النقود وبالتايل‬

‫اصفا ض قيمة مبالغ التعويض‪ ،‬ومع زيادة تقنية صناعة الطائرات‪ ،‬وتكنولوجيا األمان فيها‪ ،‬وبالتايل‬

‫تقلص خماطر الطريان و احلط من احلوادث اليت يرجع سببها إىل خلل يف صناعة الطائرات وبالتايل أصبح‬

‫باإلمكان رفع قيمة التعويض عن األضرار اليت تصيب املسافرين أو أمتعتهم‪.‬‬

‫وألن اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م ليست االتفاقية األوىل اليت تضع حدوداً ملسؤولية الناقل اجلوي‪،‬‬

‫بل أهنا قد جاءت مكملة وجامعة لالتفاقيات السابقة‪ ،‬فسوف يتم تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب‬

‫نتحدث يف املطلب األول عن حدود مسؤولية الناقل يف اتفاقية وارسو‪1929‬م وتعديالهتا‪،‬‬

‫‪181‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونتحدث يف املطلب الثاني عن حدود مسؤولية الناقل يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬ونتحدث عن‬

‫حساب قيمة التعويض يف املطلب الثالث‪.‬‬

‫‪182‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو‪1929‬م وتعديالهتا‬


‫أوالً‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‪:‬‬

‫وضعت اتفاقية وراسو‪1929‬م حدوداً قصوى ملسؤولية الناقل اجلوي عن الضرر الذي يصيب‬

‫األشخاص‪ ،‬ونصت على حتديد مسؤولية الناقل اجلوي مببلغ (‪ 125000‬بونكاريه فرانك)‬

‫(‪ )Poincare Francs‬لكل مسافر ‪:‬‬


‫‪(In the carriage of passengers the liability of the‬‬
‫‪carrier for each passenger is limited to the sum of‬‬
‫‪125،000 francs))381( .‬‬

‫كما نصت االتفاقية السابقة على حتديد مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة املسجلة مببلغ‬

‫(‪ 5000‬بونكاريه فرانك)‪:‬‬

‫‪(In the carriage of registered luggage and of goods،‬‬


‫‪the liability of the carrier is limited to a sum of 250‬‬
‫‪francs per kilogram))382( .‬‬

‫كما حددت االتفاقية احلدود القصوى ملبلغ التعويض يف حالة نقل األمتعة غري املسجلة مببلغ‬

‫‪ 5000‬بونكاريه فرانك‪:‬‬
‫‪(As regards objects of which the passenger takes‬‬
‫‪charge himself the liability of the carrier is limited to‬‬
‫‪5،000 francs per passenger))383( .‬‬

‫وإذا كان تقدير مبلغ التعويض الذي وضعته اتفاقية وارسو‪1929‬م كحدٍ أقصى للتعويض عن‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي قبل املسافر يعد اليوم باملبلغ القليل‪ ،‬فإن هذا املبلغ كان مبلغاً مناسباً للتعويض‬

‫(‪ )381‬المادة (‪ )1/22‬من اتفاقية وراسو‪1929‬م‪.‬‬


‫(‪ )382‬المادة (‪ )2/22‬من اتفاقية وراسو‪1929‬م‪.‬‬
‫(‪ )383‬المادة (‪ )3/22‬من اتفاقية وراسو‪1929‬م‪.‬‬
‫‪183‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫إبان تطبيق االتفاقية سالفة الذكر من وجهة نظر أغلب الدول املنضمة لالتفاقية لكن الكثري من‬

‫الدول مل تعد راضية عن هذه احلدود فسعت جاهدة إىل تعديل اتفاقية وراسو‪1929‬م ورفع‬

‫حدود التعويض فيه مبوجب بروتوكول الهاي‪1955‬م‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف بروتوكول الهاي ‪1955‬م‪:‬‬

‫ملا كانت حدود التعويض اليت أرستها اتفاقية وارسو‪1929‬م مل تعد ترضي الكثري من‬

‫الدول األطراف فيها‪ ،‬وملا كانت قد كثرت مطالبات القضاء والفقهاء برفع تلك احلدود كما ذكرنا‪ ،‬إذ‬

‫أصبحت هذه املبالغ تكاد تكون باملبالغ الضئيلة وغري املرضية إذا ما قورنت باملبالغ اليت تدفع‬

‫كتعويض عند وقوع أي ضرر ملسافر داخلي‪ ،‬وملا كانت قيمة النقود يف اصفاضٍ متزايد مبرور السنني‪،‬‬

‫كل ذلك أدى إىل السعي لتعديل اتفاقية وارسو ورفع احلدود القصوى للتعويض‪ ،‬وقد كان ذلك عن‬

‫طريق بروتوكول الهاي ‪1955‬م‪ ،‬املعدل التفاقية وراسو‪1929‬م‪ ،‬الذي رفع حدود التعويض‬

‫بالنسبة للضرر الذي يصيب املسافر إىل (‪ )250000‬بونكاريه فرانكاً(‪ ،)384‬يف حني مل يتعرض لرفع‬

‫حدود التعويض بشأن األمتعة املسجلة وغري املسجلة بل ظلت يف هذا الربوتوكول ثابتة مل تتغري عما‬

‫جاءت به اتفاقية وارسو‪1929‬م‪.‬‬

‫ثالث ًا ‪:‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف بروتوكول مونرتيال ‪1966‬م‪:‬‬

‫يعترب بروتوكول مونرتيال‪1966‬م املؤقت(‪ ،)385‬أو كما يسميه بعض الفقهاء باالتفاق اخلاص(‪،)386‬‬

‫يعترب هذا الربوتوكول من أهم االتفاقيات اليت أحدثت تغيرياً يف مسؤولية الناقل اجلوي(‪ )387‬وحدود‬

‫(‪ )384‬حيث تنص المادة (‪ )1/ 9‬من بروتوكول الهاي‪1955‬م المعدلة للمادة (‪ )1/22‬على‪:‬‬
‫‪(In the carriage of persons the liability of the carrier for each passenger is limited to the‬‬
‫‪sum of‬‬ ‫‪،250000 francs).‬‬
‫(‪ )385‬سمي كذلك ألن الواليات المتحدة أعلنت بواسطة ممثلها المبعوث لحضور هذا االتفاق أنه ال يعدو سوى اتفاق مؤقت‬
‫لحين وضع اتفاقية دولية ترفع من شأن حدود مسؤولية الناقل الجوي ليصل إلى المبلغ العادل للتعويض‪ ،‬وأنها بصدد‬
‫التحضير التفاق دولي بهذا الشأن وهو ما عرف بعد ذلك باتفاقية جواتيماال سيتي ‪1971‬م‪.‬‬
‫(‪ )386‬يطلق بعض الفقهاء األمريكيين عليه هذا االسم ألنه كما يعتبرونه ال يعد اتفاقا ً مستقالً بل يعتبر امتداداً ألحكام اتفاقية‬
‫وارسو‪1929‬م‪ ،‬ويستندون بذلك إلى نص المادة(‪ )1/22‬من االتفاقية القاضي بجواز رفع حدود التعويض إلى مبلغ أكبر‬
‫من الذي حددته االتفاقية بنا ًء على اتفاق خاص بين المسافر والناقل‪ ،‬ونحن إذ نسميه باالتفاق الخاص ذلك ليس ألنه‬
‫‪184‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫هذه املسؤولية إذ بلغت حدود التعويض يف هذا الربوتوكول مبلغ(‪)75000‬دوالر أمريكي لكل‬

‫مسافر يف حالة وفاته أو جرحه أو إصابته بأي أذى بدني آخر‪ ،‬ويكون املبلغ املذكور شامالً أتعاب‬

‫احملاماة والتقاضي‪ ،‬أما إن كان قانون الدولة اليت رفعت فيها الدعوى يقضي باحلكم بأتعاب احملاماة‬

‫ومصاريف التقاضي مستقلة‪ ،‬عندئذٍ فإن حدود املسؤولية تكون حمدودة مببلغ(‪ )58000‬دوالر‬

‫أمريكي من غري تلك األتعاب أو املصاريف‪ ،‬ومن ذلك نستنت أن اتفاق مونرتيال‪1966‬م قد وضع‬

‫حدوداً قصوى ملا يدفعه الناقل من تعويض مببلغ (‪ )75000‬دوالر أمريكي ال جيوز االرتفاع هبذا‬

‫املبلغ إىل مبلغ أكرب‪ ،‬وحدد صايف املبلغ األدنى الذي يدفع للمسافر مببلغ (‪ )58000‬دوالر أمريكي ال‬

‫جيوز النزول عنه إىل مب لغ أقل منه‪ ،‬كما حدد أقصى مبلغ ميكن أن يستقطع كأتعاب حماماة ومصاريف‬

‫تقاضي يف البلد اليت يقضي قانوهنا باحلكم فيهما مستقلتني عن مبلغ التعويض مببلغ (‪ )17000‬دوالر‬

‫أمريكي‪ ،‬غري أنه ميكن للقاضي النزول عنه ملبلغ أقل منه واالرتفاع مببلغ التعويض للمضرور‬

‫فيحكم مثالً مببلغ (‪)10000‬دوالر أمريكي كمصاريف تقاضي وأتعاب حماماة و مببلغ‬

‫(‪) 65000‬دوالر أمريكي كتعويض للمسافر املضرور‪ ،‬ولكن ال يستطيع القاضي النزول عن مبلغ‬

‫التعويض واالرتفاع مببلغ األتعاب ومصاريف التقاضي كأن حيكم مببلغ (‪ )20000‬دوالر أمريكي‬

‫كمصاريف تقاضي وأتعاب حماماة ومببلغ(‪)50000‬دوالر أمريكي‪ ،‬ألن االتفاق حدد أقصى مبلغ‬

‫وكما قال بعض الفقهاء األمريكيين امتداداً التفاقية وارسو ‪1929‬م‪ ،‬إنما ألنه خاص بحماية المسافرين من رعايا‬
‫الواليات المتحدة األمريكية برفع حدود التعويض لتصل إلى مبلغ (‪ )75000‬دوالر أمريكي‪ ،‬و ال يستفيد من ذلك إال‬
‫المسافر الذي يشتمل خط سفره على إقليم أمريكي‪ ،‬استوى بعد ذلك كان هذا اإلقليم نقطة بداية لرحلة جوية أو نقطة‬
‫مقصد نهائي أو نقطة توقف متفق عليها في عقد النقل‪.‬‬
‫(‪ )387‬يعتبر اتفاق مونتريال‪1966‬م أول اتفاق تم فيه تغيير أساس مسؤولية الناقل الجوي من مسؤولية شخصية قائمة على‬
‫افتراض الخطأ من جانب الناقل إلى مسؤولية موضوعية مطلقة قائمة على الخطر وتحمل التبعة‪ ،‬وبالتالي ليس للناقل‬
‫وفق أحكام هذا البروتوكول وفيما يختص بدعاوى التعويض الناشئة عن وفاة مسافر أو جرحه أو إصابته بأي أذىً بدني‬
‫آخر‪ ،‬أن يتمسك بأي دفع مما ورد في الفقرة ‪1‬من المادة (‪ )20‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م أو تعديلها الوارد في‬
‫بروتوكول الهاي ‪1955‬م الخاص بهذا الشأن‪ ،‬والتي تقضي بأن الناقل ال يكون مسؤوالً إذا أثبت أنه وتابعيه قد اتخذوا‬
‫كل التدابير الضرورية لتفادي الضرر أو أنه كان يستحيل عليهم اتخاذ تلك التدابير‪.‬‬
‫‪185‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ميكن للقاضي احلكم على الناقل به مببلغ (‪)75000‬دوالر أمريكي وأقل مبلغ ميكن أن يدفع‬

‫للمسافر املضرور (‪)58000‬دوالر أمريكي وجعل املبلغ الدائر بينهما حمل تقدير القاضي‪.‬‬

‫رابعاً‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية جواتيماال سييت ‪1971‬م‪:‬‬

‫ذكرنا أن الواليات املتحدة كانت قد صرحت أثناء التوقيع على اتفاق مونرتيال ‪1966‬م أنه ال‬

‫يعدو اتفاق مؤقت وأهنا بصدد التحضري التفاقية دولية ترفع من حدود التعويض بالقدر الذي‬

‫يتوازن مع مصلحة املسافرين‪ ،‬وكانت الواليات املتحدة بالفعل قد بدأت يف التحضري لالتفاق املعين‪،‬‬

‫التوقيع عليها بعد س سنوات فقط‬ ‫فكان هذا االتفاق هو اتفاقية جواتيماال سييت‪1971‬م اليت‬

‫رفع حدود التعويض يف هذه االتفاقية إىل‬ ‫من بروتوكول مونرتيال ‪1966‬م املؤقت‪ ،‬و‬

‫(‪ )000،1500‬بونكاريه فرانك (‪.)388‬‬

‫وعن األمتعة غري املسجلة أو احملمولة صحبة املسافر يكون مبلغ التعويض وفقاً هلذه االتفاقية‬

‫حمددًا بـمبلغ(‪ )15000‬بونكاريه فرانك لكل مسافر(‪.)389‬‬

‫أما األمتعة الغري مسجلة فقد تركت هذه االتفاقية حدود التعويض بشأهنا كما هي يف اتفاقية‬

‫الهاي‪1955‬م دون تعديل لكنها وضعت حدوداً عن التأخري يف نقل املسافر ( ‪Delay in the‬‬

‫‪)carriage of passenger‬وحددهتا مببلغ(‪ )62500‬بونكاريه فرانك لكل مسافر (‪.)390‬‬

‫(‪ )388‬المادة (‪ )a /1/VIII‬من بروتوكول جواتيماال سيتي ‪1971‬م‪ ،‬المعدلة للمادة (‪ )22‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬وقد‬
‫نصت هذه المادة على ‪:‬‬
‫‪(In the carriage of persons the liability of the carrier is limited to the sum of one million‬‬
‫‪five hundred thousand francs for the aggregate of the claims، however founded، in respect of‬‬
‫‪damage suffered as a result of the death or personal injury of each passenger).‬‬
‫(‪ )389‬المادة (‪ )c/1/VIII‬من بروتوكول جواتيماال سيتي ‪1971‬م‪ ،‬المعدلة للمادة (‪ )22‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬وقد نصت‬
‫هذه المادة على‪:‬‬
‫‪(In the carriage of baggage the liability of the carrier in the case of destruction، loss،‬‬
‫‪damage or delay is limited to fifteen thousand francs for each passenger).‬‬
‫(‪ )390‬المادة (‪ )b/1/VIII‬من بروتوكول جواتيماال سيتي ‪1971‬م‪ ،‬المعدلة للمادة (‪ )22‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬وقد نصت‬
‫هذه المادة على‪:‬‬
‫‪(In the case of delay in the carriage of persons the liability of the carrier for each‬‬
‫‪passenger is limited to sixty-two thousand five hundred francs).‬‬
‫‪186‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وعلى الرغم من مناسبة املبالغ اليت جاءت هبا اتفاقية جواتيماال سييت‪1971‬م ملا يتفق مع مصلحة‬

‫املسافر‪ ،‬ويسعى إليه القضاء من رفع حدود التعويض للمسافر‪ ،‬وعلى الرغم أيضاً من تبين الواليات‬

‫املتحدة األمريكية هلذه االتفاقية إالب أهنا مل تدخل حيز التنفيذ حتى اآلن لعدم اكتمال النصاب‬

‫املطلوب من وثائق التصديق عليها لتصبح نافذًة بني الدول األطراف‪.‬‬

‫خامساً‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف بروتوكوالت مونرتيال اإلضافية األربعة‪1975‬م‪:‬‬

‫جاءت بروتوكوالت مونرتيال اإلضافية‪1975‬م رقم (‪ )3 ،2 ،1‬بتعديالت على حدود‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي إذ عدل بروتوكول مونرتيال اإلضايف رقم(‪1975 )1‬م حدود مسؤولية‬

‫الناقل اجلوي للمسافر إىل مبلغ (‪ )8300‬وحدة حق سحب خاص (‪Special Drawing ()SDR‬‬

‫‪ )Right‬وبلغت يف الربوتوكول اإلضايف رقم (‪ )16600( )2‬وحدة حق سحب خاص (‪)SDR‬‬

‫ويف الربوتوكول اإلضايف رقم (‪ )000،100( )3‬وحدة حق سحب خاص(‪ )SDR‬إالب أن هذا‬

‫األخري مل يدخل حيز التنفيذ لعدم اكتمال النصاب املطلوب من الدول املصدقة عليه لدخوله حيز‬

‫التنفيذ‪.‬‬

‫وميثل الشكل التايل حدود التعويض القصوى اليت وضعتها اتفاقية وارسو‪1929‬م‪،‬‬

‫وتعديالهتا مبوجب بروتوكول الهاي‪1955‬م‪ ،‬وبروتوكول مونرتيال املؤقت ‪1966‬م‪،‬‬

‫وبروتوكوالت مونرتيال اإلضافية ‪1975‬م واتفاقية مونرتيال ‪1999‬م اليت سنتحدث عن حدود‬

‫التعويض فيها يف املطلب الالحق‪:‬‬

‫‪187‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

GUATEMALA CITY
WARSAW CONVENTION THE HAGUE PROTOCOL PROTOCOL 1971
1929 1955 Per passenger 1500000 PF
Per passenger 125000 PF Per passenger 250000 PF Passenger delay 62500 PF
Hand carry 5000 PF Hand carry 5000 PF Hand carry 15000 PF
Goods (per Kg) 250 PF Goods (per Kg) 250 PF Goods (per Kg) 250 PF

ADDITIONAL PROTOCOL ADDITIONAL PROTOCOL ADDITIONAL PROTOCOL


NO.1 1975 NO.2 1975 NO.3 1975
Per passenger 100000 SDR
Per passenger 8300 SDR Passenger delay 4150 SDR
Hand carry 332 SDR Hand carry 1000 SDR
Goods (per Kg) 17 SDR Per passenger 16600 SDR Goods (per Kg) 17 SDR

GUADALAJARA ADDITIONAL PROTOCOL MONTREAL


CONVENTION 1961 NO.4 1975 AGREMENT OF 1966
Provisions regarding actual carriers Per passenger (per kg) 17 SDR Per passenger U.S.$ 75000
(chartereers or freight forwarders)

MONTREAL CONVENTION
1999
Two-tier liability regime for proven damage at or below
100000 SDR and over 100000 SDR
Keys:
PF= Poincare Francs
SDR = Special Drawing Right = De facto amendment =Air law
instrument in force
= Not an international agreement but = Replacement(as between
its parties) = Air law
an arrangement among carriers instrument not
in force
= amendment

188 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪Source: Manual on the regulation of International Air Transport، Second Edition، Issued by‬‬

‫‪ICAO، 2004،page 3-2-7.‬‬

‫تعديلها املباشر وفق‬ ‫أن اتفاقية وارسو‪1929‬م قد‬ ‫من الشكل السابق نالح‬

‫بروتوكوالتٍ ثالثة هي‪ :‬بروتوكول الهاي‪1955‬م‪ ،‬وبروتوكول مونرتيال اإلضايف‪1975‬م رقم‬

‫(‪ ،)1‬وبروتوكول جوادا الخارا‪1961‬م الذي مل يعدل هذا األخري من حدود املسؤولية لكن‬

‫أحكامه جاءت بشأن الناقل الفعلي والناقلني املتعاقدين‪ ،‬أما بروتوكول الهاي ‪1955‬م فقد‬

‫تعدي ــل حدود املسؤولية اليت جـ ــاء هبا بداية حب ــكم األم ــر الواقـ ــع وفق بروتوكول مونرتيال‬

‫املؤقت‪1966‬م‪ ،‬وبروتوكول مونرتيال اإلضايف ‪1975‬م رقم(‪ ،)2‬وبروتوكول جواتيماال‬

‫سييت‪1971‬م‪ ،‬الذي تعديله مبوجب بروتوكول مونرتيال اإلضايف ‪1975‬م رقم(‪ ،)3‬وقد عدلت‬

‫أحكام اتفاقية وراسو‪1929‬م وبروتوكول الهاي‪1955‬م جمتمعة وفق بروتوكول مونرتيال‬

‫اإلضايف ‪ 1975‬رقم (‪ )4‬لكن هذ ا األخري مل يعدل من حدود املسؤولية اليت جاءت هبا االتفاقيتني‬

‫بالنسبة للمسافرين ولكنه عدل من حدود املسؤولية عن األمتعة غري املسجلة‪.‬‬

‫ونالح مما سبق أن حدود مسؤولية الناقل اجلوي مل تظل ثابتة مببلغ معني يلتزم الناقل به جتاه‬

‫كل مسافر‪ ،‬لكنها قد عدلت مرة تلوَ األخرى وتباينت االتفاقيات الدولية بشأن هذا التعديل بغية‬

‫الوصول حلدود ترسي هبا توازناً بني أطراف عقد النقل اجلوي‪ ،‬وحيقق أكرب قدر ممكن من احلماية‬

‫للطرف األضعف يف هذا العقد وهو املسافر‪ ،‬إالب أن أي من االتفاقيات السابقة مل تشمل كل ما يتعلق‬

‫حبدود مسؤولية الناقل اجلوي بشأن املسافرين وأمتعتهم والتأخري يف النقل كما أن االتفاقيات‬

‫السابقة مل تدخل مجيعها حيز التنفيذ األمر الذي زادت معه حاجة اجملتمع الدويل التفاقية دولية جامعة‬

‫ألحكام الناقل اجلوي و أساس مسؤوليته وحدودها‪.‬‬

‫‪189‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬


‫ذكرنا يف املطلب السابق أن مجيع االتفاقيات املعدلة ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م مل تأت‬

‫بتعديل شامل جلميع ما يتعلق بأحكام حدود مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬بل جاء بعضها معدالً حلدود‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي يف حالة إصابة املسافرين أو أمتعتهم املسجلة كربوتوكول الهاي‪1955‬م‪،‬‬

‫بروتوكول مونرتيال اخلاص ‪1966‬م‪ ،‬بروتوك ـ ــول جواتيماال سييت‪1971‬م و بــروتوكوالت‬

‫مونرتيال اإلض ـ ــافية ‪1975‬م رقم (‪ ،)3 ،2 ،1‬وبعضها جاء معدالً حلدود مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫عن األمتعة غري املسجلة كربوتوكول مونرتيال اإلضايف‪1975‬م رقم(‪ ،)4‬والبعض األخر وضع‬

‫حدوداً ملسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري كربوتوكويل جواتيماال سييت‪1971‬م‪ ،‬و مونرتيال‬

‫اإلضايف‪ 1975‬م رقم(‪ ،)3‬وهلذا فقد احتاج جمتمع الطريان املدني الدويل إىل اتفاقية دولية واحدة‬

‫جتمع كل التعديالت اليت أرستها االتفاقيات السابقة‪ ،‬واليت نعترب اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م هي‬

‫االتفاقية اجلامعة و املعدلة جلميع اتفاقيات النقل اجلوي السابقة‪ ،‬ذلك ألهنا احتوت على كل ما جاءت‬

‫به االتفاقيات املذكورة من تعديالت بشأن مسؤولية الناقل اجلوي وخاصة فيما يتعلق بأساس تلك‬

‫املسؤولية وحدودها‪.‬‬

‫وضعت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م نظامني حلدود مسؤولية الناقل اجلوي يف حالة إصابة‬

‫املسافرين‪ ،‬فجعلت مسؤولية الناقل اجلوي املطلقة حمدودة مببلغ(‪ )100000‬وحدة حقوق سحب‬

‫خاصة(‪ )SDR‬فيما يتعلق باألضرار اليت تصيب املسافر من وفاة أو أي إصابة بدنية أخرى‪:‬‬

‫‪(For damages arising under paragraph 1 of Article 17 not‬‬


‫‪exceeding 100 000 Special Drawing Rights for each passenger، the‬‬

‫‪carrier shall not be able to exclude or limit its liability))391( .‬‬

‫(‪ )391‬المادة (‪ )1/21‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪190‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ويسأل الناقل أيضاً وفق اتفاقية مونرتيال‪1999‬م عن األضرار اليت تزيد قيمتها‬

‫عن(‪ )100000‬وحدة حق سحب خاصة(‪ )SDR‬بشرط أن يكون الضرر قد نشأ عن إمهال‬

‫الناقل أو تابعيه أو وكالئه أو خطأ أي منهم أو امتناعه‪:‬‬

‫‪(The carrier shall not be liable for damages arising under‬‬


‫‪paragraph 1 of Article 17 to the extent that they exceed for each‬‬
‫‪passenger 100 000 Special Drawing Rights if the carrier proves that‬‬
‫‪such damage was not due to the negligence or other wrongful act or‬‬
‫‪omission of the carrier or its servants or agents))392( .‬‬

‫فمن النص السابق نالح أن الناقل اجلوي يعد مسؤوالً مسؤولية غري حمدودة عن األضرار‬

‫اليت تصيب املسافر وتكون قيمتها أعلى من احلد الذي بينته االتفاقية إذا كان الضرر قد نشأ عن‬

‫إمهال الناقل‪ ،‬كأن يتهاون الناقل يف جتهيز الطائرة وصيانتها وإعدادها للطريان أو إمهال الطاقم يف‬

‫تزويد املسافر بأدوات النجاة مثالً أو تقاعسهم يف فتح أبوب الطائرة احملرتقة لينزل املسافرون‪ ،‬أو خطأ‬

‫الناقل كأن ينقل املسافر على طائرة مل لضع لفحصها من قبل سلطات الطريان املدني الوطنية‪.‬‬

‫كما يسأل الناقل أيضاً وفق هذه االتفاقية عن األضرار اليت تزيد قيمتها عن(‪)100000‬‬

‫وحدة حق سحب خاصة(‪ )SDR‬بشرط أن يكون الضرر قد نشأ عن إمهال أو خطأ أو امتناع من‬

‫جانب الغري‪:‬‬

‫‪(The carrier shall not be liable for damages arising under‬‬


‫‪paragraph 1 of Article 17 to the extent that they exceed for each‬‬
‫‪passenger 100 000 Special Drawing Rights if the carrier proves that‬‬

‫(‪ )392‬المادة (‪ )2/21‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪191‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪such damage was solely due to the negligence or other wrongful act‬‬
‫‪or omission of a third ply))393( .‬‬

‫ومن النصوص السابقة جند أن الناقل اجلوي يسأل مسؤولية مطلقة عن األضرار اليت تصيب‬

‫املسافر واليت ال تتجاوز قيمتها(‪ )SDR( )100000‬وال يستطيع الناقل دفعها عن كاهله بأي‬

‫حال(‪ ،)394‬أما تلك اليت تتجاوز قيمتها(‪ )SDR( )100000‬فال يكون الناقل مسؤوالً عنها مبا يف ذلك‬

‫الضرر الذي أصاب املسافر بسبب حالته الصحية(‪ )395‬إالب إذا أثبت املسافر أن الضرر يعود إلمهال أو‬

‫خطأ أو امتناع من جانب الناقل أو أحد تابعيه أو وكالئه أو الغري‪ ،‬فإذا مل يستطع املسافر إثبات ذلك‬

‫فإن مسؤولية الناقل تنزل لتصبح مسؤولية حمدودة مببلغ (‪ )SDR( )100000‬حتى وإن زادت قيمة‬

‫الضرر الذي أصاب املسافر عن ذلك املبلغ‪.‬‬

‫أما يف حالة نقل األمتعة سواء كانت املسجلة أو غري املسجلة فقد حددت اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م مسؤولية الناقل اجلوي عنها مببلغ (‪ )SDR( )1000‬لكل مسافر‪:‬‬

‫(‪ )393‬المادة (‪ )2/21‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )394‬وهذا التحديد يمثل الحماية التي وضعتها اتفاقية مونتريال‪1999‬م للناقل الجوي بتحديد مسؤوليته عن األضرار بمبالغ‬
‫محدودة‪ ،‬كما أن االتفاقية قد أكدت على هذه الحماية بنصها على تحريم رفع دعوى للتعويض ضد الناقل الجوي مهما‬
‫كان سندها سواء بمقتضى االتفاقية نفسها أو بناء على عقد أو بسبب عمل غير مشروع أو ألي سبب آخر خارج ما‬
‫وضعته االتفاقية من شروط لرفع تلك الدعوى‪ ،‬أو حدود قررتها وفق أحكامها‪:‬‬
‫‪(In the carriage of passengers، baggage، any action for damages، however founded،‬‬
‫‪whether under this Convention or in contract or in tort or otherwise، can only be brought‬‬
‫‪subject to the conditions and such limits of liability as are set out in this Convention).‬‬
‫‪Montreal Convention1999 A.D Article (29).‬‬
‫(‪ )395‬على الرغم من أن االتفاقية لم تنص على عدم مسؤولية الناقل الجوي عن األضرار التي ترجع لحالة المسافر الصحية‬
‫إال أننا نستطيع استنتاج ذلك من صيغة االتفاقية التي تشترط على المسافر إثبات رجوع الضرر الذي أصابه إلهمال أو‬
‫خطا أو امتناع الناقل أو أحد تابعيه أو وكالئه أو الغير‪ ،‬وذلك يخرج الناقل من دائرة المسؤولية عن األضرار التي‬
‫ترجع لحالة المسافر الصحية‪ ،‬لكن لو أن صيغة االتفاقية اشترطت على المسافر في هذه الحالة إثبات عدم وقوع إهمال‬
‫أو خطأ أو امتناع من جانبه الستطاع المسافر المطالبة بالتعويض عن األضرار التي سببتها حالته الصحية‪ ،‬ألنه‬
‫سيصبح من السهل عليه إثبات أن الضرر لم يقع بإهمال منه أو خطأ أو امتناع من جانبه‪ ،‬وليس في ذلك من ضيم على‬
‫المسافر إذ أن الغرض من االتفاقية حماية المسافر من األضرار التي يسببها عقد النقل الجوي له والتي قد ال تمت‬
‫لألضرار الناجمة عن حالة المسافر الصحية بصلة‪.‬‬
‫‪192‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

(In the carriage of baggage، the liability of the carrier in the case

of destruction، loss, damage or delay is limited to 1 000 Special

Drawing Rights for each passenger))396(.

)4150( ‫ويف حالة الضرر الناجم عن التأخري يف النقل تكون مسؤولية الناقل حمدودة مببلغ‬

:‫) عن كل مسافر‬SDR(

(In the case of damage caused by delay as specified in Article 19


in the carriage of persons, the liability of the carrier for each
passenger is limited to 4150 Special Drawing Rights))397(.

.‫م‬1999‫) من اتفاقية مونتريال‬2/22( ‫) المادة‬396(


.‫م‬1999‫) من اتفاقية مونتريال‬1/22( ‫) المادة‬397(
193 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬حساب قيمة التعويض‬

‫إذا ما استحق املسافر املضرور للتعويض عن الضرر الذي أصابه أو أصاب أمتعته وفقاً‬

‫ألحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬فعندئذٍ يتوجب على الناقل دفع املبلغ الذي نصت عليه االتفاقية‪،‬‬

‫ولكن االتفاقية مل تنص على دفع مبلغ التعويض بعملة وطنية كاتفاقية وارسو‪1929‬م اليت‬

‫استخدمت الفرنك الفرنسي‪ ،‬أو اتفاق مونرتيال‪1966‬م‪ ،‬الذي استخدم الدوالر األمريكي لتقدير‬

‫مبالغ التعويض ونفصل ذلك كالتايل‪:‬‬

‫‪ .1‬حساب قيمة التعويض يف اتفاقية وارسو‪:1929‬‬

‫استخدمت اتفاقية وارسو‪1929‬م (الفرنك الفرنسي) لتقدير مبالغ التعويض ونالح ذلك من‬

‫نصوصها املتعددة حيال التعويض عن الضرر الذي يصيب املسافر أو أمتعته‪.‬‬

‫و قد بينت اتفاقية وارسو‪1929‬م أن تقدير قيمة التعويض يكون بواقع (الفرنك بونكاريه)‬

‫الذي يشتمل على ‪ 65‬مليجراماً(‪ )398‬من الذهب عيار‪ 900‬من األلف(‪ )399‬من الذهب اخلالص على‬

‫أن تكون قابلة للتحويل إىل أرقام دائرية(‪ )round figures‬يف كل عملة‬

‫وطنية(‪.)400( )national currency‬‬

‫(‪ )398‬نص بروتوكول الهاي ‪1955‬م في المادة(‪ )5/11‬منه المعدلة للمادة(‪ )4/22‬من اتفاقية وارسو ‪1929‬م على أن الفرنك‬
‫يشتمل على ‪ 65.5‬مليجراماً من الذهب عيار ‪ 900‬في األلف‪:‬‬
‫‪(The sums mentioned in francs in this Article shall be deemed to refer to a currency unit‬‬
‫‪consisting of sixty-five and a half milligrammes of gold of millesimal fineness nine hundred).‬‬
‫(‪ )399‬وهو ما يعرف تجاريا ً (في سوق الذهب) بعيار ‪.24‬‬
‫(‪ )400‬المادة(‪ )4/22‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ .‬وقد نصت المادة على‪:‬‬
‫« ‪(The sums mentioned above shall be deemed to refer to the French franc consisting of 65‬‬
‫‪milligrams gold of millesimal fineness 900. These sums may be converted into any national‬‬
‫‪currency in round figures).‬‬
‫‪194‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫وعلى الرغم من أن االتفاقية قد سهلت األمر بتحويل قيمة التعويض إىل ما يعادهلا من‬

‫العمالت الوطنية‪ ،‬إالب أهنا مل تضع معياراً معيناً لتعويل سعر الصرف عليه‪ ،‬األمر الذي أثار اختالفاً‬

‫فقهياً‪ ،‬بشأن وضع سعر صرف حمدد يعول عليه عند دفع مبلغ التعويض‪ ،‬فذهب البعض(‪ )401‬إىل حساب‬

‫قيمة التعويض على أ ساس سعر الذهب‪ ،‬لكن هذا السعر ال خيدم مصلحة املتضررين باالستفادة‬

‫من مبلغ التعويض ذلك ألن سعر الذهب مل يعد يوجد يف العديد من الدول اليت تركت التعامل به‪،‬‬

‫أضف لذلك وجود اختالفات بني الدول بشأن أسعار الذهب تبعاً لسياسات هذه الدول‪ ،‬كما أن‬

‫سعر الذهب نفسه ليس ثابت ًا ذلك الختالف سعره الر ي عن السعر احلر‪.‬‬

‫(‪)402‬‬
‫إىل حساب قيمة التعويض بواقع الفرنك الفرنسي‪ ،‬إالب أن هذا الرأي‬ ‫وقد ذهب البعض‬

‫يشكل صعوبةً عند التطبيق العملي‪ ،‬ذلك ألن ليس من مصلحة املتضررين يف كافة دول العامل‬

‫تدخل احلكومة الفرنسية بتحديد سعر صرف الفرنك الفرنسي وفقاً ملا خيدم مصاحلها ويرعى‬

‫لسياستها‪.‬‬

‫كان لبعض الدول رأي خمالف ملا سبق وهو حساب قيمة التعويض بالدوالر األمريكي‪،‬‬

‫انطالقاً من قاعدة التسوية الفعلية بني الذهب والدوالر اليت أرستها معاهدة"بريتون وودز"(‪،)403‬‬

‫وقاعدة التسوية هذه جتعل كل من الدوالر والذهب متساوين يف السيولة والقبول العام(‪،)404‬‬

‫ولكن هذه الطريقة وإن كانت قد جنحت فرتة من الزمن إالب أهنا مل تستطع مواصلة مسريها‪ ،‬فقد‬

‫(‪ )401‬د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.183‬‬


‫(‪ )402‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.184‬‬
‫(‪ )403‬أبرمت هذه المعاهدة في ‪1944/7/22‬م‪ ،‬التي أنشأت صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإلنشاء والتعمير‪ ،‬تعهدت‬
‫بموجب هذه المعاهدة الواليات المتحدة بتثبيت سعر الذهب على أساس ‪ 35‬دوالر لألوقية(األوقية عبارة عن‪31.1‬‬
‫جراماً) كما التزمت بتحويل الدوالرات الورقية لدى البنوك المركزية في المعامالت الخارجية إلى ذهب وفقاً للسعر‬
‫السالف الذكر‪ ،‬د‪ .‬رفعت فخري‪ ،‬د‪ .‬محمد فريدالعريني‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،182‬و كان الغرض من إلتزام الواليات‬
‫المتحدة األمريكية بذينك االلتزامين هو تثبيت سعر الذهب‪ ،‬و السيطرة االقتصادية للدوالر عالمياً‪.‬‬
‫(‪ )404‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.182‬‬
‫‪195‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بدأت بوادر فشلها تنجلي يف العام ‪1960‬م‪ ،‬بسبب العجز املستمر يف ميزان املدفوعات األمريكية‪،‬‬

‫وتضخم الدوالرات الورقية اليت حتتف هبا الدول كعملة احتياطي مما جعل إمكانية حتويلها إىل‬

‫ذهب مسألة نظرية حبته(‪ ، )405‬كل ذلك أثار العديد من الصعوبات العملية يف تطبيق هذه القاعدة من‬

‫ذلك ما جاء يف قضية (‪ )Franklin mint. v. T.W.A‬واخلاصة بالتعويض عن أضرار أصابت‬

‫بضائع أثناء نقلها من "الواليات املتحدة" إىل "بريطانيا" قضت الدائرة الثانية حملكمة استئناف الواليات‬

‫املتحدة األمريكية بأنه منذ أن للى النظام النقدي الدويل عن العمل بقاعدة الذهب‪ ،‬وما نت عن‬

‫ذلك من استحالة حتويل الفرنك الذهب إىل دوالرات ورقية‪ ،‬أصبحت اتفاقية وراسو‪1929‬م يف‬

‫شقها اخلاص بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي جمرد ة من قوهتا التنفيذية‪ ،‬األمر الذي يقف عائق أمام‬

‫املدعي يف احلصول على تعويض كامل عن ما أصابه من أضرار(‪.)406‬‬

‫ومما سبق نستنت أن اتفاقية وارسو‪1929‬م مل حت َ برضى الكثري من الدول األطراف‪ ،‬ذلك‬

‫ملا اعرتهتا من صعوبات بشأن حتديد وحساب قيمة التعويض‪ ،‬وتضارب حساب قيمة التعويض بني‬

‫الفرنك الفرنسي‪ ،‬الذهب والدوالر األمريكي‪ ،‬اليت كشف التطبيق العملي لالتفاقية عن خدمة كل‬

‫منها ملصاحل دول معينة وتدخل سياسات الدول بتحديد مسألة التعويض الذي أصاب املسافر اجلوي‬

‫خلدمة اقتصادها فقط دون العبء مبا قد يتكبده املسافر املضرور من عدم احلصول على حقوقه‬

‫من التعويض كاملة‪.‬‬

‫‪ .2‬حساب قيمة التعويض يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪:‬‬

‫(‪ )405‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.184‬‬


‫(‪ )406‬أورداها د‪ .‬رفعت فخري‪ .‬د‪ .‬محمد فريد العريني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.196‬‬
‫‪196‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ذكرنا أن اتفاقية وارسو‪1929‬م قد أقرت حساب قيمة التعويض فيها بواسطة (الفرنك‬

‫الفرنسي) وتبعها يف ذلك بروتوكوال الهاي‪1955‬م‪ ،‬وجواتيماال سييت‪1971‬م‪ ،‬أما بقية‬

‫الربوتوكوالت اليت عدلت أحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬فقد انتهجت هنجاً مغايراً ملا سبق؛ فمنها‬

‫ما قرر حساب قيمة التعويض بواسطة(الدوالر األمريكي) كربوتوكول مونرتيال‬

‫اخلاص‪1966‬م‪ ،‬ومنها ما قرر حساب قيمة التعويض بواسطة وحدات حقوق السحب‬

‫اخلاصة(‪ )SDR‬وفق تقويم صندوق النقد الدويل‪ ،‬كربوتوكوالت مونرتيال اإلضافية األربعة‬

‫‪1975‬م‪ ،‬األمر الذي ا عرتته بعض الصعوبات عند التطبيق العملي ألحكام التعويض الواردة يف‬

‫الربوتوكوالت السابقة كما بينّا ذلك يف بداية هذا املطلب‪ ،‬أضف لذلك أن الربوتوكوالت اليت الذت‬

‫من وحدات حقوق السحب اخلاصة معياراً لتقويم مبالغ التعويض‪ ،‬تفرتض عضوية الدولة اليت ترفع فيها‬

‫دعوى التعويض يف صندوق النقد الدويل‪ ،‬وهو ما أوجد صعوبة حقيقية يف تطبيق أحكام‬

‫الربوتوكوالت املذكورة‪ ،‬ذلك ألن الدولة الطرف يف أحد الربوتوكوالت املعنية قد ال تسمح قوانينها‬

‫بإجراء طريقة التقويم هذه نظرًا لعدم عضوية الدولة يف صندوق النقد الدويل‪.‬‬

‫أما اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فقد عاجلت هذه الصعوبات و وضعت أحكاماً لكل حالة‬

‫على حده حبسب عضوية الدولة يف صندوق النقد الدويل من عدمها ونفصل ذلك يف اآلتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬إذا كانت الدولة اليت تقام الدعوى فيها عضوًا يف صندوق النقد الدويل‪:‬‬

‫من املعلوم أن قيمة العمالت لتلف من دولة ألخرى حبسب قوة تلك الدولة االقتصادية‪،‬‬

‫وتقدمها الصناعي فتكون عملة إحدى الدول أرفع من األخرى نسبة ملا ذكر‪ ،‬وقد حرصت‬

‫االتفاقية على إرساء نظام نقدي واحد حيسب على أساسه مقدار التعويض للمسافر حبيث ال يؤثر‬

‫مركز دولته اليت حيمل جنسيتها االقتصادي‪ ،‬أو مركز الدولة اليت تقام فيها الدعوى على نقص‬
‫‪197‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫التعويض أو ارتفاعه‪ ،‬لرتسي بذلك مبدأ املساواة بني األفراد(املسافرين) أمام املرافق العامة‪ ،‬و‬

‫مبدأ التعويض العادل للمسافرين‪ ،‬فنصت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م على أن املبالغ اليت وضعتها‬

‫كتعويض يف شكل وحدات سحب خاصة تشري إىل وحدة حقوق السحب اخلاصة حسب تعريف‬

‫صندوق النقد الدويل (‪ )International Monetary Fund‬هلذه الوحدات‪ ،‬أي أن‬

‫االتفاقية قد أحالت حتويل قيمة التعويض إىل مبالغ نقدية ملا يقرره صندوق النقد الدويل‪ ،‬بشرط أن‬

‫يتم حتويل هذه املبالغ إىل ما يعادهلا من العمالت الوطنية لكل دولة عند التقاضي‪ ،‬يوم صدور‬

‫احلكم وليس عند وقوع احلادث أو احلدث أو التأخري املسببة للضرر‪:‬‬

‫‪(The sums mentioned in terms of Special Drawing Right in this‬‬


‫‪Convention shall be deemed to refer to the Special Drawing Right as‬‬
‫‪defined by the International Monetary Fund. Conversion of the sums‬‬
‫‪into national currencies shall، in case of judicial proceedings، be‬‬
‫‪made according to the value of such currencies in terms of the‬‬
‫‪Special Drawing Right at the date of the judgment))407(.‬‬

‫وقد نصت االتفاقية يف املادة السابقة على حتويل املبالغ إىل العمالت الوطنية عند التقاضي يوم‬

‫صدور احلكم مراعاةً حلقوق املسافر بصفته الطرف األضعف‪ ،‬وبذلك يستطيع املسافر االستفادة من‬

‫أي زيادة قد تطرأ على حتويل قيمة التعويض إىل العملة الوطنية يف الفرتة ما بني وقوع الضرر‬

‫وصدور احلكم بالتعويض‪.‬‬

‫(‪ )407‬المادة (‪ )1/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪198‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫كما نصت ا التفاقية على أن قيمة العملة الوطنية لدولة عضو يف صندوق النقد الدويل حتسب‬

‫مقومة بوحدات السحب اخلاصة وفقاً لطريقة التقويم اليت يطبقها صندوق النقد الدويل بالنسبة‬

‫ملعامالته السارية بتاريخ صدور احلكم‪:‬‬

‫‪(The value of a national currency، in terms of the Special‬‬

‫‪Drawing Right، of a State Party which is a Member of the‬‬

‫‪International Monetary Fund، shall be calculated in accordance with‬‬


‫‪the method of valuation applied by the International Monetary‬‬
‫‪Fund، in effect at the date of the judgment، for its operations and‬‬

‫‪transactions))408(.‬‬

‫إذا ومن خالل النص السابق جند أن الدول األطراف يف صندوق النقد الدويل جيب عليها‬

‫مراعاة ما أحالت االتفاقية إليه من أحكام بشأن تقويم وحدات السحب اخلاصة وفقاً لعملياته‪،‬‬

‫ومعامالته السارية يوم صدور احلكم يف هذه الدولة‪.‬‬

‫ري عضوٍ يف صندوق النقد الدويل‪:‬‬


‫ثانياً‪ :‬إذا كانت الدولة اليت تقام الدعوى فيها غ َ‬

‫قد تقام الدعوى وفق اختيار املدعي‪-‬كما سيأتي الحقاً يف هذا الفصل‪ -‬يف دولة طرفاً يف‬

‫اتفاقية مونرتيال ‪ 1999‬م لكنها ليست طرفاً يف صندوق النقد الدويل‪ ،‬وبالتايل ال تكون هذه‬

‫الدولة ملزمة بطريقة تقويم وحدات السحب اخلاصة املنصوص عليها يف االتفاقية كتعويض إىل‬

‫عمالهتا الوطنية وفق ما حيدده الصندوق‪ ،‬ويف هذه احلالة حتسب قيمة العملة الوطنية هلذه الدولة‬

‫بوحدات السحب اخلاصة وفقاً ملا حتدده هذه الدولة من طريقة‪:‬‬

‫(‪ )408‬المادة (‪ )1/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪199‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪(In terms of the Special Drawing Right، of a State Party which is‬‬

‫‪not a Member of the International Monetary Fund، shall be‬‬

‫‪calculated in a manner determined by that State))409(.‬‬

‫ولكن االتفاقية قد أجازت عند التصديق على اتفاقية مونرتيال‪1999‬م أو االنضمام يف أي‬

‫وقت الحق للدولة اليت ال تسمح قوانينها بتطبيق قواعد صندوق النقد الدويل بشأن تقويم قيمة‬

‫التعويض إىل عمالهتا الوطنية‪ ،‬أجازت هلا يف هذه احلالة أن تعلن أن مسؤولية الناقل اجلوي عن‬

‫األضرار اليت تصيب املسافر فتسبب وفاته أو جرحه بدنياً‪ ،‬حمدودة مببلغ(‪ )1500.000‬وحدة نقدية‬

‫عن كل مسافر عند التقاضي داخل أقاليمها‪ ،‬ومببلغ (‪)62500‬وحدة نقدية عن كل مسافر بالنسبة‬

‫لألضرار اليت تصيب املسافر يف حالة التأخري يف النقل‪ ،‬ومببلغ(‪ )15000‬وحدة نقدية عن كل مسافر‬

‫بالنسبة لألضرار اليت تصيب أمتعة املسافر غري املسجلة‪ ،‬ومببلغ(‪ )250‬وحدة نقدية عن كل كيلو‬

‫جرام بالنسبة لألضرار اليت تصيب أمتعة املسافر املسجلة‪ ،‬على أن كل وحدة نقدية من الوحدات‬

‫السابقة تساوي (‪)65.5‬ملجم من الذهب البالغة نسبة نقائه(‪ ،)1000%900‬وجيوز حتويل هذه‬

‫املبالغ إىل العملة الوطنية للدولة املعنية وفق قانون الدولة بشرط أن جترب كسور هذه املبالغ إن‬

‫وجدت كسور (‪.)410‬‬

‫كما اشرتطت االتفاقية على الدولة املعنية بأحكام املواد السابقة ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬عند إجراء احلساب وفق الطريقة اليت حتددها هذه الدولة‪ ،‬وإسلوب التحويل السابق‬

‫ذكره مراعاة إجراء احلساب والتحويل بطريقة تعرب إىل أبعد حد ممكن بالعملة‬

‫(‪ )409‬المادة (‪ )1/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )410‬المادة (‪ )2/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪200‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الوطنية للدولة الطرف يف االتفاقية عن نفس القيمة احلقيقة ملبالغ التعويض اليت بيناها يف‬

‫املطلب الثاني من هذا املبحث(‪.)411‬‬

‫‪ .2‬تبليغ جهة اإليداع بطريقة احلساب أو بنتيجة التحويل اليت اتبعتها‪ ،‬حسب احلالة‪ ،‬أو أي‬

‫تغيري يف طريقة احلساب أو نتائجه‪ ،‬ويتم التبليغ عند إيداع وثائق التصديق أو املوافقة‬

‫على االتفاقية أو االنضمام إليها(‪.)412‬‬

‫(‪ )411‬المادة (‪ )3/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )412‬المادة (‪ )3/23‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪201‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثاني‪ :‬أسباب دفع املسؤولية واخلروج عنها‬

‫عند قيام الناقل اجلوي بتنفيذ عقد النقل‪ :‬فإما أن يويف جبميع التزاماته سواء تلك اليت حتمتها عليه‬

‫االتفاقية‪ ،‬أو تلك اليت االتفاق مع املسافر عليها‪ ،‬وبذا ينتهي عقد النقل اجلوي‪ ،‬وتنتهي معه التزامات‬

‫مجيع أطرافه‪ ،‬وإما أن يقصر الناقل ببعض أو كل التزاماته وعندئذٍ يصبح عرضةً لتحمل املسؤولية‬

‫وفق ما قررهتا اتفاقية مونرتيال ‪ 1999‬م من حدود خاصة بتحمله املسؤولية واليت ال جيوز للناقل‬

‫االتفاق على وضعها أو احلد منها‪ ،‬لكن وعلى الرغم من ذلك فإن االتفاقية قد أقرت أحكاماً‬

‫يستطيع مبوجبها الناقل دفع املسؤولية عن كاهله والتنصل عنها كاملة أو عن جزء منها‪ ،‬كما أقرت‬

‫أخرى يستفيد منها املسافر باخلروج عن احلدود اليت وضعتها االتفاقية إىل حدودٍ أعلى‪ ،‬وسنبني‬

‫ذلك من خالل تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب‪ ،‬نتحدث يف املطلب األول منها عن أسباب دفع‬

‫مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬ونتحدث يف املطلب الثاني عن اخلروج القانوني ملسؤولية الناقل اجلوي‪،‬‬

‫ونتحدث عن اخلروج االتفاقي ملسؤولية الناقل اجلوي يف املطلب الثالث‪.‬‬

‫‪202‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬أسباب دفع مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫إذا ما استوفت مسؤولية الناقل اجلوي جتاه املسافرين وأمتعتهم شروط انعقادها وفقاً ملا‬

‫حددته اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬فإنه يصبح من املتعذر على الناقل وضعها أو احلد منها فقد‬

‫حرمت االتفاقية على الناقل اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية أو اشرتاط وضع حدوداً أقل من احلد‬

‫املعني فيها‪:‬‬

‫‪(Any provision tending to relieve the carrier of liability or to fix a‬‬


‫‪lower limit than that which is laid down in this Convention shall be‬‬
‫‪null and void))413(.‬‬

‫بل أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد ذهبت إىل أبعد من ذلك فقررت بطالن تلك الشروط‬

‫من غري أن يؤثر بطالهنا على وجود أو صحة عقد النقل اجلوي‪ ،‬لتصبح الشروط الغيةً كأن مل تكن‬

‫ويستمر تنفيذ عقد النقل اجلوي بني أطرافه منتج ًا آلثاره وملزم ًا لطرفيه‪:‬‬

‫‪(But the nullity of any such provision does not involve the nullity‬‬
‫‪of the whole contract، which shall remain subject to the provisions of‬‬

‫‪this Convention))414(.‬‬

‫وعلى الرغم من أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م كانت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد وضعت‬

‫النص السابق محاية ملصلحة املسافر من تعسف الناقلني‪ ،‬ومنعاً هلدر حقوقه اليت يكتسبها من عقد‬

‫النقل اجلوي‪ ،‬لكنها قد نصت على طرقٍ يستطيع الناقل اجلوي التنصل مبوجبها عن حتمل املسؤولية أو‬

‫التخفيف منها إذا ما توافرت شروط دفع املسؤولية اليت نصت عليها االتفاقية‪ ،‬فقد فقررت االتفاقية‬

‫(‪ )413‬المادة (‪ )26‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )414‬المادة (‪ )26‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪203‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫سبباً عاماً لدفع مسؤولية الناقل اجلوي أياً كانت حدودها أو نوعها أو سند املطالبة بالتعويض فيها أو‬

‫حاالهتا‪ ،‬وأسباباً خاصة لكل حالة من حاالت مسؤولية الناقل اجلوي على حدا وتفصيل ذلك‬

‫كاآلتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬السبب العام لدفع مسؤولية الناقل اجلوي ‪:‬‬

‫نعين بالسبب العام أن الناقل اجلوي يستطيع باالستناد إليه دفع املسؤولية عن كاهله يف حالة‬

‫نقل األشخاص مهما كان سندها أو حدودها‪ ،‬وقد نصت على ذلك اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬

‫بقوهلا‪:‬‬
‫‪(If the carrier proves that the damage was caused or contributed‬‬
‫‪to by the negligence or other wrongful act or omission of the person‬‬
‫‪claiming compensation، or the person from whom he or she derives‬‬

‫‪his or her rights، the carrier shall be wholly or partly exonerated from‬‬
‫‪its liability to the claimant to the extent that such negligence or‬‬
‫‪wrongful act or omission caused or contributed to the damage))415(.‬‬

‫من النص السابق جند أن االتفاقية تعفي الناقل اجلوي من حتمل املسؤولية جتاه املسافر‬

‫املضرور‪ -‬بقطع النظر عن حدود هذه املسؤولية‪-‬أو عن أمتعته أو عن التأخري يف نقلهما إذا‬

‫استطاع الناقل إثبات أن الضرر الناجم قد وقع نتيجة‪:‬‬

‫‪ ‬خلطأ املسافر (‪،)Wrongful‬‬

‫‪ ‬امتناع املسافر (‪،)Omission‬‬

‫‪ ‬إمهال املسافر (‪،)Negligence‬‬

‫(‪ )415‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪204‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فإذا أصيب املسافر بضرر أدى إىل وفاته أو جرحه بدنياً أثناء هبوط الطائرة نتيجة إلمهاله يف‬

‫ربط حزام األمان املوجود يف مقعده واملهيَّـأ من قبل الناقل لربطه‪ ،‬أو ملخالفته توجيهات تابعي الناقل‬

‫بعدم نزع ــه والتحرك من مقعده حلظيت اإلقالع واهلبوط‪ ،‬أو امتنع املسافر عن استخدام أقنعة‬

‫األكسجني املدالة أمامه إلمداده باهلواء الالزم الستمرار حياته‪ ،‬أو اخلروج من الطائرة اليت بدأت‬

‫حترتق وبقائه فيها حتى قضت نرياهنا عليه أو أصابته حبروق‪ ،‬أو أمهل املسافر تبصري الناقل عن‬

‫األمتعة اليت حتتاج لعناية خاصة كاألجهزة اإللكرتونية‪ ،‬أو امتنع عن دفع مبالغ إضافية نظري نقل‬

‫أمتعته الزائد وزهنا عن املسموح به‪ ،‬أو تأخر عن احلضور إىل مبتدأ تنفيذ عقد النقل اجلوي حتى قيام‬

‫الرحلة‪ ،‬أو أخطأ املسافر يف محل وثائق سفره أو أمهل محلها أو امتنع عن اخلضوع للتفتيا اخلاص‬

‫باملطارات‪ ،‬كل ذلك يدعم الناقل بإعفائه من حتمل املسؤولية جتاه الضرر الذي أصاب املسافر‪ ،‬وقد‬

‫قررت االتفاقية هذا النص منعاً لتساهل املسافرين يف تنفيذ التزاماهتم اليت حتمها عقد النقل عليهم‪ ،‬أو‬

‫السعي إلثقال عاتق الناقل باملسؤولية جتاههم دون وجه حق أو سند تعاقدي‪.‬‬

‫وحنن إذ نقول أن السبب السابق لدفع املسؤولية يعترب سبباً عاماً نقصد بذلك إالب اعتبار‬

‫حلدود املسؤولية أو ألساسها الذي تبنى مطالبة التعويض عليه يف إعمال النص السابق‪ ،‬أو نوعها‬

‫وحالتها عن مسافرٍ كانت أو أمتعةٍ أو عن تأخريمها‪ ،‬ولكن ال نقصد بذلك أن الناقل يعفى من‬

‫حتمل املسؤولية حتى وإن وقع الضرر باملشاركة بني هذا األخري واملسافر‪ ،‬فقد بينت االتفاقية هذه‬

‫احلالة صراحة ونصت على أن الناقل ال يعفى من املسؤولية إالب بقدر خطأ أو إمهال أو امتناع‬

‫املسافر يف وقوع الضرر ومشاركته فيه‪:‬‬


‫‪(the carrier shall be wholly or partly exonerated from its liability‬‬
‫‪to the claimant to the extent that such negligence or wrongful act or‬‬
‫‪omission caused or contributed to the damage))416(.‬‬

‫(‪ )416‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪205‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فيعفى الناقل من املسؤولية وفق النص السابق بقدر مسامهة املسافر املضرور يف إحداث‬

‫الضرر فقط وتظل مسؤوليته قائمة عن بقية األضرار‪ ،‬فإذا أصيب املسافر بأضرار بدنية بعضها‬

‫ناجم عن عدم ربطه حزام األمان املوجود على مقعده‪ ،‬والبعض اآلخر ناجم عن أكله أطعمة‬

‫ملوثة قدمها له تابعو الناقل يف الطائرة‪ ،‬فإن الناقل اجلوي يكون مسؤوالً –يف نظرنا‪-‬بتعويض‬

‫املسافر عن هذه األخرية دون غريها‪ ،‬ويكون أمر تقدير مسامهة املسافر يف إحداث الضرر‬

‫خاضع للقاضي املختص بنظر الدعوى‪ ،‬دون أن يكون له سلطة تقدير حتمل الناقل املسؤولية من‬

‫عدمه فهو أم ر قد بتت فيه االتفاقية‪ ،‬وعندئذٍ ال يقاس مقدار حتمل الناقل للمسؤولية وفق معيار‬

‫مقارنة خطأ أو إمهال أو امتناع املسافر يف وقوع الضرر إىل خطأ الناقل‪ ،‬أو جسامة خطأ أحدمها‬

‫إىل اآلخر‪ ،‬ولكن يقاس مقدار حتمل الناقل للمسؤولية مبعيار مقدار مسامهة خطأ املسافر أو‬

‫إمهاله أو امتناعه يف إحداث الضرر‪.‬‬

‫كما أن إعفاء الناقل من املسؤولية على الوجه السابق تفصيله يشمل مجيع أحكام املسؤولية‬

‫املبينة يف االتفاقية مهما كان سند رفع الدعوى إذ يستفيد الناقل اجلوي من النص السابق بإعفائه من‬

‫املسؤولية سواء كانت األضرار اليت أصابت املسافر مل تتجاوز احلدود القصوى اليت بينتها االتفاقية‬

‫(‪ )SDR( )100000‬أو جتاوزهتا إىل أكثر من ذلك فال أمهية هنا ملقدار الضرر طاملا أنه جنم نتيجةً‬

‫إلحدى أفعال املسافر السابق ذكرها‪:‬‬


‫‪(This Article applies to all the liability provisions in this‬‬
‫‪Convention، including paragraph 1 of Article 21))417(.‬‬

‫ويطبق نص اإلعفاء من املسؤولية السابق سواء تقدم بطلب التعويض املسافر شخصه‪ ،‬أو أي‬

‫شخص آخر غري املسافر هذا يف حالة كان الضرر هو الوفاة‪ ،‬فيعفى الناقل من املسؤولية إذا تقدم‬

‫(‪ )417‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪206‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫بطلب التعويض شخص آخر غري املسافر كالورثة الشرعيني أو أي شخص يستمد من التعويض‬

‫حقوقه إذا أثبت الناقل أن الضرر الواقع كان نتيجة خلطـأ أو إمهال أو امتناع الشخص املسافر‪:‬‬
‫‪(When by reason of death or injury of a passenger compensation‬‬
‫‪is claimed by a person other than the passenger، the carrier shall‬‬
‫‪likewise be wholly or partly exonerated from its liability to the extent‬‬
‫‪that it proves that the damage was caused or contributed to by the‬‬
‫‪negligence or other wrongful act or omission of that passenger))418(.‬‬

‫وجيب أن نفرق بني النص السابق ونص املادة(‪ )26‬من نفس االتفاقية الذي يلغي أي بند‬

‫يهدف إىل إعفاء الناقل من املسؤولية أو إىل وضع حد أدنى من احلد املعني يف االتفاقية‪ ،‬و إذا كان‬

‫اللف يوحي بوجود تعارض بني النصني ذلك ألنه يف الوقت الذي تنص االتفاقية يف املادة (‪ )26‬على‬

‫بطالن أي بند يهدف إلعفاء الناقل من املسؤولية أو وضع حد أدنى منها‪ ،‬تنص ذات االتفاقية يف‬

‫املادة(‪ ) 20‬على إعفاء الناقل جزئياً أو كلياً من املسؤولية جتاه املسافر إذا توافرت الشروط اليت نصت‬

‫عليها االتفاقية يف نفس املادة‪ ،‬فإن املعنى يوضح عدم وجود أي تعارض بني النصني ذلك ألن‬

‫االتفاقية عند نصها على بطالن أي بند يهدف إلعفاء الناقل من مسؤوليته الكلية أو اجلزئية جتاه‬

‫املسافر إ ا تقصد بذلك أي حالة أخرى غري تلك اليت نصت عليها يف املادة (‪ )20‬كاحلالة اليت يشرتط‬

‫فيها الناقل إعفائه من مسؤوليته أو حتديدها حبدود أقل من تلك املقررة يف االتفاقية‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬األسباب اخلاصة لدفع مسؤولية الناقل اجلوي‪:‬‬

‫يستطيع الناقل إضافة إىل السبب العام السابق تفصيله دفع مسؤوليته يف حالة نقل األشخاص‬

‫ب خاصة لكل حالة من حاالت مسؤولية الناقل اجلوي ونفصل ذلك كالتايل‪:‬‬
‫وفق أسبا ٍ‬

‫(‪ )418‬المادة (‪ )20‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪207‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬األسباب اخلاصة لدفع مسؤولية الناقل اجلوي يف حالة نقل املسافرين‪:‬‬

‫ذكرنا أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد أرست نوعني لنظام مسؤولية الناقل اجلوي عن‬

‫املسافرين حبسب قيمة األضرار اليت تصيب املسافر فجعلتها مسؤولية موضوعية مطلقة عن تلك اليت ال‬

‫تتجاوز قيمتها مبلغ(‪ )SDR( )100000‬و ذكرنا أن هذه احلالة ال جيوز للناقل اجلوي دفع مسؤوليته‬

‫قبل املسافر فيها إالب عن طريق السبب العام السابق ذكره‪ ،‬وجعلتها مسؤولية شخصية عن تلك اليت‬

‫تتجاوز قيمتها مبلغ(‪ ،)SDR( )100000‬وهذه احلالة جيوز للناقل اجلوي دفعها بطريقني‪ :‬إما استناداً‬

‫للسبب العام السابق ذكره‪ ،‬أو استنادًا لألسباب اخلاصة هبذه احلالة‪ ،‬وهذه األسباب هي‪:‬‬

‫أ‪ .‬ال يسأل الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب املسافر إذا استطاع إثبات أن الضرر مل‬

‫ينشأ عن خطأ أو إمهال أو امتناع من جانبه أو من جانب تابعيه أو وكالئه‪:‬‬

‫‪)The carrier shall not be liable for damages arising under‬‬


‫‪paragraph 1 of Article 17 to the extent that they exceed for each‬‬
‫‪passenger 100 000 Special Drawing Rights if the carrier proves that‬‬
‫‪such damage was not due to the negligence or other wrongful act or‬‬
‫‪omission of the carrier or its servants or agents))419(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية تعفي الناقل من املسؤولية عن األضرار اليت تصيب املسافر‬

‫إذا توافرت الشروط التالية‪:‬‬

‫‪ )1‬أن تكون قيمة األضرار اليت أصابت املسافر تزيد على مبلغ(‪)100000‬‬

‫(‪ ،)SDR‬فال يطبق النص السابق إالب يف حالة كانت قيمة األضرار تزيد على احلدود‬

‫القصوى اليت وضعتها االتفاقية كأن يصاب املسافر حبروق وتشوهات جلدية تكون‬

‫قيمتها مبلغ (‪ ،)SDR( )101000‬أو فاقت عليه‪ ،‬أما إذا كانت قيمة األضرار اليت‬

‫(‪ )419‬المادة (‪/2/21‬أ) من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪208‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أصابت املسافر تساوي أو تقل عن مبلغ (‪ )SDR( )100000‬فال ميكن دفع‬

‫مسؤولية الناقل عنها إالب وفق ًا للسبب العام لدفع املسؤولية‪.‬‬

‫ولكن فيما إذا استطاع الناقل دفع املسؤولية عن األضرار حبسب النص‬

‫السابق فهل يعفى من كامل مسؤوليته؟ أم أنه يعفى فقط بالقدر الذي يزيد عن‬

‫احلدود القصوى للتعويض؟ مبعنى أنه إذا أصيب املسافر بتشوهات وحروق وإصابات‬

‫أخرى نتيجة لوقوع حادث جوي –مثالً‪ -‬وكانت قيمة هذه األضرار تقدر مببلغ‬

‫(‪ ،)SDR( )130000‬فهل يعفى الناقل منها كاملة أو يعفى فقط من مسؤوليته عن‬

‫األضرار اليت تقدر قيمتها مببلغ(‪ )SDR( )30000‬وهو املبلغ الزائد عن احلدود‬

‫القصوى للتعويض؟ وتظل مسؤوليته قائمة عن تلك اليت تكون قيمتها (‪)100000‬‬

‫(‪)SDR‬؟‬

‫إن نص االتفاقية السابق يوحي بأن الناقل يعفى من مسؤوليته كاملةً ألنه مل‬

‫يرد يف النص لصيص إلعفاء الناقل من املبلغ الذي ميثل قيمة األضرار الزائدة عن‬

‫احلدود القصوى للتعويض فقد استخدمت االتفاقية للتعبري عن ذلك مصطلح (ال‬

‫يكون الناقل مسؤوالً) (‪ ) The carrier shall not be liable‬وهو لف‬

‫عام يشمل إعفاء الناقل من مسؤوليته كاملة‪ ،‬ولكن إعفاء الناقل من مسؤوليته‬

‫كاملة وفق النص السابق يعطل نص الفقرة (‪ )1‬من نفس املادة الذي يقضي صراحة‬

‫بأنه ال جيوز للناقل أن ينفي مسؤوليته عن األضرار اليت ال تتجاوز قيمتها (‪)100000‬‬

‫(‪ ، )SDR‬أو حيد منها وبالتايل صلص إىل أنه وعلى الرغم من عدم نص االتفاقية على‬

‫مقدار اإلعفاء من مسؤوليته استناداً لنص املادة(‪ )2/21‬السابق‪ ،‬إالب أن النص ال‬

‫‪209‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫يعفي الناقل إالب بقدر املبلغ الزائد عن احلدود القصوى وتظل مسؤوليته قائمة عن‬

‫باقي األضرار وفق ًا لنص املادة (‪.)1/21‬‬

‫‪ )2‬أن يربهن الناقل أن الضرر الناجم مل ينشأ عن اإلمهال أو اخلطأ أو االمتناع من‬

‫جانبه‪ ،‬أو جانب أحد تابعيه‪ ،‬أو أحد وكالئه‪ :‬فيستطيع الناقل اجلوي دفع املسؤولية‬

‫عن كاهله بإثبات عدم تقصريه‪ ،‬أو خطئه‪ ،‬أو امتناعه‪ ،‬هو أو أحد وكالئه أو تابعيه‪،‬‬

‫فيكفي لدفع املسؤولية إثبات الناقل جتهيزه الطائرة للمالحة قبل الرحلة اجلوية‬

‫بالصيانة الالزمة ووسائل األمان فيها وتأكده من أحوال األجواء مبراجعة اجلهات‬

‫املعنية وإمكانية الطريان فيها‪ ،‬وعدم إمهال وكالئه أو تابعيه يف استكمال‬

‫إجراءات صعود املسافر إىل منت الطائرة‪ ،‬أو امتناعهم عن ذلك‪ ،‬أو خطئهم يف إبال‬

‫املسافر مبوعد الرحلة اليت أكد حجزه عليها‪ ،‬أو امتناعهم عن ذلك‪ ،‬أو إمهال الناقل يف‬

‫تبصري املسافر بوسائل األمان يف الطائرة كحزام األمان وخمارج الطوارا أو وسائل‬

‫النجاة كطوق السباحة أو كمامات األكسجني االحتياطية‪ ،‬أو امتناع تابعيه عن متكني‬

‫املسافر من استخدام تلك الوسائل‪.‬‬

‫و نالح من الشرط السابق أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد سهلت األمر على الناقل اجلوي‬

‫هبذا الشرط أكثر من اتفاقية وارسو‪1929‬م اليت تطلبت لدفع مسؤولية الناقل اجلوي إثبات الناقل‬

‫اجلوي أنه وتابعيه قد الذوا كل التدابري الضرورية لتفادي وقوع الضرر أو إثبات أنه استحال عليهم‬

‫الاذ مثل تلك التدابري(‪.)420‬‬

‫(‪ )420‬تنص المادة (‪)1/20‬من اتفاقية وارسو‪1929‬م على أنه‪:‬‬


‫‪(The carrier is not liable if he proves that he and his agents have taken all necessary‬‬
‫‪measures to avoid the damage or that it was impossible for him or them to take such‬‬
‫‪measures).‬‬
‫فتشترط االتفاقية وفق النص السابق على الناقل لدفع مسؤوليته إثبات أنه وتابعيه(‪ )His agents‬قد اتخذوا جميع‬
‫التدابير الضرورية(‪ )The necessary measures‬لمنع وقوع الضرر أو أنه استحال(‪ )Impossible‬عليهم اتخاذها‪ ،‬وقد‬
‫‪210‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ونستطيع القول أن اتفاقية وارسو‪1929‬م قد تطلبت من الناقل يف مثل هذه احلالة اإلثبات‬

‫اإلجيابي كأن يثبت قيامه بأعمال متثل التدابري الضرورية ملنع وقوع الضرر‪ ،‬فيثبت أنه فعالً قد قام‬

‫بعمل الصيانة الالزمة وتفقد احملركات قبل الرحلة اجلوية‪ ،‬أما النص الذي أقرته اتفاقية‬

‫مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬من إثبات الناقل عدم إمهاله أو خطئه أو امتناعه‪ ،‬هو أو أحد وكالئه أو‬

‫تابعيه‪ ،‬فنستطيع وصفه باإلثبات السليب‪ ،‬ونأخذ مثاالً لتوضيح ذلك الطائرة السودانية ( ‪Air-bus‬‬

‫‪ )A310-300‬اليت احرتقت يف مطار الوصول(اخلرطوم) يف ‪2008/6/10‬م‪ ،‬سيكون‬

‫الناقل_اخلطوط اجلوية السودانية‪ -‬يف هذه احلالة فيما لو كانت أحكام النقل اجلوي الدويل يف‬

‫السودان حمكومة وفق اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬وعلى افرتاض أن األضرار اليت وقعت تزيد عن‬

‫مبلغ (‪ )SDR( )100000‬للمسافر‪ ،‬سيكون الناقل مطالب باإلثبات السليب لدرء مسؤوليته عن‬

‫األضرار فيكفي إثباته عدم تقصريه يف صيانة الطائرة وحمركاهتا‪ ،‬وعدم وقوع أي خطأ مالحي من‬

‫قبل تابعيه‪ ،‬أي أن األضرار اليت أصابت املسافرين بسبب احلريق الذي نشب يف الطائرة مل تنشأ نتيجة‬

‫خلطأ من قبل الناقل أو تابعيه‪ ،‬أو إمهال أحدهم أو امتناعه‪ ،‬أما وما دام الناقل اجلوي السوداني‬

‫خيضع ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م فيجب عليه إثبات قيامه بأفعال إجيابية ملنع وقوع الضرر‬

‫للمسافر وميتد هذا االلتزام حتى حلظة وقوع الضرر‪ ،‬فال يكفي إثبات الناقل أنه قد قام جبميع‬

‫أعمال صيانة الطائرة وتفقد حمركاهتا والتأكد من جاهزيتها للمالحة على متنها لدفع املسؤولية عن‬

‫كاهله‪ ،‬بل ميتد مصطلح التدابري الضرورية ليشمل كل ما من شأنه منع وقوع الضرر كسرعة فتح‬

‫اختلف الفقه والقضاء في تفسير معنى"التدابير الضرورية" فذهب اتجاه إلى أن المقصود بمثل هذه التدابير‪ :‬اتخاذ جميع‬
‫التدابير التي من شأنها أن تؤدي موضوعيا ً لمنع حدوث الضرر‪ ،‬بمعنى أنها لو اتخذت_وهذا هو التفسير الحرفي‪-‬لما وقع‬
‫تفسير مضيق لتعني عبارة "التدابير الضرورية" وفقاً له إثبات الناقل عدم رجوع‬
‫ٍ‬ ‫الضرر‪ ،‬في حين ذهب اتجاه آخر إلى‬
‫الضرر إلى خطئه‪ ،‬وذهب اتجاه ثالث إلى أن معنى " التدابير الضرورية " ينصرف إلى بذل الناقل الهمة الكافية والعناية‬
‫المطلوبة وهذا هو التفسير الموسع للعبارة السابقة‪ .‬د‪ .‬هشام فضلي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ ،52‬وأنظر ‪ :‬د‪.‬عدلي أمير خالد‪ .‬عقد‬
‫النقل الجوي قواعد وأحكام‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪،125-123‬وأنظر أيضاً‪ :‬د‪ .‬حفيظة السيد حداد‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬مرجع‬
‫سابق‪ ،‬ص‪.156-152‬‬
‫‪211‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫األبواب وخمارج الطوارا‪ ،‬وقيام تابعي الناقل مبحاولة إ اد احلريق و إنقاذ ما ميكن للناقل إنقاذه‬

‫من املسافرين‪ ،‬وإثبات الاذه كافة التدابري الضرورية حلظة وقوع احلادث كاستخدام أدوات إطفاء‬

‫احلريق املفرتض وجودها يف الطائرة وجاهزيتها لالستخدام‪ ،‬وسرعة االتصال بسلطات الطريان‬

‫املدني وسلطات املطار ملساعدته‪ ،‬أو الاذ غري ذلك من التدابري اليت من شأهنا منع وقوع الضرر أو‬

‫إثبات أنه استحال عليه وتابعيه الاذ أي منها لسبب راجع للغري‪ ،‬و املعيار هنا هو معيار الناقل‬

‫احلريص ول يس معيار الناقل املسؤول‪ ،‬وصلص إىل أنه ميكن القول بأن معيار دفع املسؤولية يف‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م يقاس بعدم هتاون الناقل‪ ،‬أما يف اتفاقية وارسو‪1929‬م فيقاس بإقدام‬

‫الناقل على فعل التدابري الضرورية مجيعها التقاء الضرر‪.‬‬

‫ب‪ .‬ال يسأل الناقل اجلوي عن األضرار اليت تصيب املسافر إذا استطاع إثبات أن الضرر‬

‫نشأ عن خطأ أو إمهال أو امتناع من جانب الغري‪:‬‬

‫‪(The carrier shall not be liable for damages arising under‬‬


‫‪paragraph 1 of Article 17 to the extent that they exceed for each‬‬
‫‪passenger 100 000 Special Drawing Rights if the carrier proves that‬‬
‫‪such damage was solely due to the negligence or other wrongful act‬‬
‫‪or omission of a third ply))421(.‬‬

‫ويعد النص السابق هو السبب اخلاص الثاني لدفع مسؤولية الناقل اجلوي عن األشخاص‬

‫ويشرتط لتطبيقه‪:‬‬

‫‪ )1‬أن تكون قيمة األضرار اليت أصابت املسافر تزيد على احلدود القصوى اليت وضعتها‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م(‪.)SDR( )100000‬‬

‫(‪ )421‬المادة (‪/2/21‬ب) من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪212‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ )2‬أن يربهن الناقل أن الضرر الذي وقع قد نشأ عن خطأ أو إمهال أو امتناع من جانب‬

‫الغري‪ ،‬والغري هنا كل شخص أجنيب عن الناقل ال يكون الناقل مسؤوالً عن أفعاله‪،‬‬

‫حبيث يكون أجنبياً متاماً عن الناقل وال تربطه به أية رابطة عقدية كأن يكون‬

‫ال عنه أو تابع ًا له(‪.)422‬‬


‫نائب ًا له أو وكي ً‬

‫‪ )3‬أن يكون الضرر قد نشأ عن إمهال أو خطأ أو امتناع الغري فقط‪ ،‬فإذا وقع أحد‬

‫األفعال السابقة من جانب الغري لكنه مل يسبب الضرر للمسافر بل سببه إمهال آخر‬

‫أو خطأ أو امتناع وقع من جانب الناقل‪ ،‬ال يعفى الناقل من مسؤوليته‪ ،‬وخري مثال‬

‫على ذلك القضية اليت رفعت ضد اخلطوط اجلوية الليبية السابق ذكرها يف الفصل‬

‫السابق من هذه الدراسة‪ ،‬فعلى الرغم أن الضرر قد وقع نتيجة ألعمال احلروب‬

‫وإسقاط الطائرة بنريان إسرائيلية‪ ،‬إالب أن سبب ذلك الضرر يعود خلطأ الناقل‪ ،‬فخطأ‬

‫تابعي الناقل يف إعادة اإلقالع بالطائرة بعد إجبارها على اهلبوط‪ ،‬وعدم املقدرة‬

‫على فهم إشارات سالح اجلوية اإلسرائيلية هو ما سبب ضرهبا بالنريان اإلسرائيلية‬

‫وإسقاطها‪ ،‬كما أنه إذا أسهم الناقل جبزء من الضرر و أسهم الغري باجلزء اآلخر ال‬

‫يعفى الناقل من مسؤوليته كذلك إالب عن اجلزء الذي تسبب فيه الغري فقط و تظل‬

‫مسؤوليته قائمة عن باقي األضرار كما لو أخطأت سلطات املطار بإرسال‬

‫التعليمات للناقل باهلبوط يف إحدى نقاط التوقف فهبطت الطائرة غري متزنة‪ ،‬فسبب ذلك‬

‫للمسافرة إجهاض أعقبه نزيف حاد‪ ،‬لكن الناقل امتنع عن إنزاهلا من الطائرة أو‬

‫تقديم هلا العالج الالزم وقرر مواصلة الرحلة فأدى ذلك إىل وفاهتا‪.‬‬

‫(‪ )422‬د‪ .‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.321‬‬


‫‪213‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ويفسر النص السابق التفسري الواسع فيعد من الغري بالنسبة للناقل كل شخص طبيعي أو‬

‫اعتباري ال تربطه به عالقة عقدية كوكالئه ونائبيه(‪ ،)423‬وال يكون الناقل مسؤوالً عن أعماله‬

‫كأعمال السلطات العامة والقوة القاهرة أو األحوال اجلوية الغري متوقعة‪ ،‬أو أعمال احلرب األهلية‬

‫أو الدولية أو غري ذلك‪.‬‬

‫‪ ‬األسباب اخلاصة لدفع مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة املسجلة‪:‬‬

‫إذا كانت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد حددت صور الضرر اليت تصيب األمتعة واليت يسأل‬

‫عنها الناقل اجلوي وه ي التلف‪ ،‬الضياع و التعييب‪ ،‬فإن الناقل اجلوي ال يكون مسؤوالً عن أي ضرر‬

‫بالصورة السابقة وفقاً ألحكام االتفاقية إذا استطاع إثبات أن الضرر املتمثل يف الصور السابقة قد‬

‫جنم بسبب خلل كامن يف األمتعة‪ ،‬أو عن نوعيتها‪ ،‬أو عن عيبٍ ذاتي فيها(‪ ،)424‬وقد تفصيل ذلك يف‬

‫الف صل الثالث من هذه الدراسة فسوف حنيل عنها هنا منعاً للتكرار‪ ،‬إالب أن ما جتدر اإلشارة إليه‬

‫أن الناقل ال يعفى من املسؤولية عن الضرر الذي يصيب األمتعة وفقاً ألحكام االتفاقية إالب بقدر‬

‫ما سببه اخللل الكامن يف األمتعة أو نوعيتها أو العيب الذاتي فيها من ضرر‪ ،‬فإذا أصاب أمتعة‬

‫الناقل املسجلة تلف وكان سبب التلف راجع يف بعضه لنوعيتها‪ ،‬أو خللل كامن فيها‪ -‬كأن تكون‬

‫األمتعة فواكه أصاب العطب جزء منها قبل تسليمها للناقل‪ -‬ويف بعضه اآلخر راجع خلطأ الناقل يف‬

‫تستيفها فوق بعضها بشكل يعرضها للتلف‪ ،‬يعفى الناقل من املسؤولية عن الضرر الذي سببه اخللل‬

‫الكامن يف تلك األمتعة ونوعيتها‪ ،‬وتظل مسؤوليته قائمة عن باقي األضرار‪.‬‬

‫(‪ )423‬ونالحظ أن الناقل يسأل عن أعمال هؤالء إن كانت في حدود ما ُخول لهم من قبله‪ ،‬أو ما يمليه عليهم العقد معه‪ ،‬أو ما‬
‫تقتضيه واجبات وظائفهم‪ ،‬أما إن تصرف الوكالء أو التابعون في غير ذلك ونجم ضرر عن تصرفهم فإنهم يعدون من‬
‫الغير بالنسبة للناقل‪.‬‬
‫(‪ )424‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪214‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬األسباب اخلاصة لدفع مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة غري املسجلة‪:‬‬

‫مل تشدد اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م املسؤولية على الناقل اجلوي بشأن األمتعة غري املسجلة‬

‫ولذلك فإن سبب دفع مسؤولية الناقل عن هذه األمتعة قد أصبح سهالً وفق أحكام االتفاقية إذ‬

‫أن االتفاقية قد نصت على إالب يكون الناقل اجلوي مسؤوالً عن هذه األمتعة إالب إذا استطاع‬

‫املسافر إثبات أن الضرر الذي أصاب هذه األمتعة قد جنم عن خطأ الناقل أو تابعيه أو وكالئه‪:‬‬

‫‪(In the case of unchecked baggage، including personal items، the‬‬


‫‪carrier is liable if the damage resulted from its fault or that of its‬‬
‫‪servants or agents))425(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد بنت أساس مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة‬

‫املسجلة على أساس اخلطأ واجب اإلثبات‪ ،‬كما ألقت بعبء اإلثبات على عاتق املسافر‪ ،‬وبذا‬

‫تكون االتفاقية قد توسعت يف أسباب دفع الناقل اجلوي ملسؤوليته عن األمتعة املسجلة‪ ،‬ونالح أن‬

‫ذلك ليس من مصلحة املسافر إذ أن األمتعة املسجلة قد تبلغ قيمتها مبلغاً كبرياً كأن تكون‬

‫جموهرات‪ ،‬أو من األجهزة اإللكرتونية مثل كامريات التصوير‪ ،‬أو أجهزة احلاسوب احملمولة‪ ،‬أو عمالً‬

‫أدبياً نادراً و اليت قد تبلغ من القيمة أضعاف ما حددته االتفاقية‪ ،‬وإذا كانت االتفاقية قد قررت ما‬

‫سبق نظراً ألن األمتعة غري املسجلة تظل حتت سيطرة املسافر اخلالصة‪ ،‬فإن الناقل حتماً سيكون‬

‫غري مكرتث هبذه األمتعة أو عابع مبا قد يصيبها من أضرار‪.‬‬

‫‪ ‬األسباب اخلاصة لدفع مسؤولية الناقل اجلوي عن التأخري‪:‬‬

‫(‪ )425‬المادة(‪ )2/17‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪215‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ترتبط أسباب دفع مسؤولية الناقل اجلوي باألساس الذي تقوم عليه هذه املسؤولية؛ ففي حني‬

‫كانت موضوعية مطلقة عن األشخاص‪ ،‬كان ال جيوز دفعها أو اشرتاط الوضع منها مطلقاً‪ ،‬فيما عدا‬

‫السبب العام السابق ذكره‪ ،‬أما يف حالة التأخري يف النقل فأن مسؤولية الناقل اجلوي تؤسس على‬

‫أساس اخلطأ املفرتض‪ ،‬وبذلك تكون أسباب دفع هذه املسؤولية أسهل على الناقل‪ ،‬وقد نصت‬

‫على ذلك اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪:‬‬


‫‪(The carrier shall not be liable for damage occasioned by delay if‬‬
‫‪it proves that it and its servants and agents took all measures that‬‬
‫‪could reasonably be required to avoid the damage or that it was‬‬
‫‪impossible for it or them to take such measures))426(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد أعفت الناقل اجلوي من املسؤولية عن‬

‫األضرار اليت تصيب املسافر أو األمتعة واليت تنشأ عن التأخري (‪)Delay‬يف النقل إذا استطاع الناقل‬

‫اجلوي إثبات أنه الذ هو وتابعوه(‪ )Servants‬ووكالؤه (‪)Agents‬مجيع التدابري‬

‫املعقولة(‪ )Measures that could reasonably‬لتفادي الضرر( ‪To avoid the‬‬

‫‪ ،)damage‬أو أنه استحال عليهم الاذها‪ ،‬وفلسفة تسهيل االتفاقية على الناقل لدفع مسؤوليته‬

‫عن التأخري يف نقل املسافرين واألمتعة ترجع لآلتي‪:‬‬

‫‪ ‬أن األضرار اليت تصيب املسافر أو أمتعته وتكون نامجة عن التأخري يف النقل ال‬

‫تكون –غالباً‪-‬حبجم تلك اليت تصيب املسافر أو األمتعة وتكون نامجة عن حادث‬

‫أو حدث إذ أهنا قد تؤدي يف هذه األخرية إىل وفاة املسافر أو هالك أمتعته مما تطلب‬

‫من االتفاقية تشديد مسؤولية الناقل فيها وتضييق أسباب دفعها‪.‬‬

‫(‪ )426‬المادة(‪ )19‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪216‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬أن جعل مسؤولية الناقل عن األضرار اليت تنجم عن التأخري يف النقل مسؤولية‬

‫موضوعية يعد إجحاف يف حق الناقل وضيم عليه‪ ،‬ذلك ألن مواعيد النقل غالباً ما لضع‬

‫لظروف أخرى ال يقوى الناقل التحكم هبا كأعمال السلطات العامة أو تقلبات‬

‫األجواء أو احلروب‪.‬‬

‫وقد سهلت اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م على الناقل أسباب دفع مسؤوليته عن األضرار اليت‬

‫تنشأ نتيجة للتأخري يف النقل أسهل منها يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‪ ،‬ففي حني تشرتط اتفاقية وارسو‬

‫‪ 1929‬م على الناقل لدفع مسؤوليته عن األضرار اليت تنجم عن التأخري يف النقل تشرتط إثبات أنه‬

‫وتابعيه قد الذوا مجيع التدابري الضرورية (‪ )The necessary measures‬اليت تعين إثبات‬

‫الناقل أنه وتابعيه قد الذوا مجيع قد الذوا التدابري اليت من شأهنا أن تؤدي موضوعياً ملنع حدوث‬

‫الضرر‪ ،‬فإن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد خففت هذا الشرط ليصبح الناقل مطالباً لدفع مسؤوليته‬

‫بإثبات أنه وتابعيه ووكالئه الذوا مجيع التدابري املعقولة(‪)The reasonably measures‬‬

‫التقاء الضرر ونعين بعبارة التدابري املعقولة أن الناقل قد الذ وتابعيه ووكالئه تدابري الناقل‬

‫احلريص على عدم وقوع الضرر كأن يثبت أن الطائرة كانت جمهزة متاماً قبل الرحلة‪ ،‬أو إثبات تأكده‬

‫من كل ما من شأنه إمتام الرحلة اجلوية بسالم‪.‬‬

‫‪217‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬اخلروج القانوني عن حدود املسؤولية‬

‫يتطلب تنفيذ عقد النقل اجلوي استصحاب مبدأ حسن النية‪ ،‬وبذل الناقل اجلهد األفضل يف‬

‫سبيل تنفيذ التزاماته اليت حتمها عليه عقد النقل‪ ،‬وإن إخالل الناقل اجلوي بذلك جيعله عرضةً لتحمل‬

‫مسؤولية غري حمدودة عن جرب األضرار‪ ،‬حبيث حيرم الناقل من االستفادة من أحكام املسؤولية‬

‫احملدودة اليت وضعتها االتفاقية‪ ،‬وخيضع ألحكام أخرى قررهتا االتفاقية نفصلها فيما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬يف حالة نقل املسافر‪:‬‬

‫نصت اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م على أنه‪:‬‬


‫‪(The carrier shall not be liable for damages arising under‬‬
‫‪paragraph 1 of Article 17 to the extent that they exceed for each‬‬
‫‪passenger 100000 S.D.R. if the carrier proves that:‬‬
‫‪(a) such damage was not due to the negligence or other wrongful‬‬
‫‪act or omission of the carrier or its servants or agents; or‬‬
‫‪(b) such damage was solely due to the negligence or other‬‬
‫‪wrongful act or omission of a third ply))427( .‬‬

‫من النص السابق جند أن الناقل ال يكون مسؤوالً عن األضرار اليت تصيب املسافر فتسبب‬

‫وفاته أو تسبب له إصابة جسدية إذا كانت قيمة هذه األضرار تزيد عن (‪ )SDR( )100000‬إذا‬

‫أثبت أن الضرر مل ينشأ عن إمهال منه أو أحد تابعيه أو وكالئه أو خطأ أي منهم أو امتناعه‪ .‬كما‬

‫أنه ال يسأل عن هذه األضرار إذا استطاع إثبات أن الضرر قد نشأ عن إمهال الغري أو خطئه أو‬

‫امتناعه‪ .‬ويستفاد من النص السابق أن الناقل إذا مل يستطع إثبات ما سبق فإنه يصبح عرضةً لتحمل‬

‫مسؤولية غري حمدودة‪ ،‬فيكون الناقل اجلوي مسؤوالً بتعويض املسافر عن األضرار اليت أصابت‬

‫(‪ )427‬المادة (‪ /2/21‬أ‪ ،‬ب) من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪218‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫هذا األخري واليت ال تتقيد بأي حدود للمسؤولية أو تقف عند سقفها األعلى الذي وضعته االتفاقية‬

‫إذا كانت قيمة األضرار تزيد على مبلغ (‪.)SDR( )100000‬‬

‫‪ .2‬يف حالة نقل األمتعة والتأخري‪:‬‬

‫نصت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م على‪:‬‬

‫‪(The foregoing provisions of paragraphs I and 2 of this Article‬‬


‫‪shall not apply if it is proved that the damage resulted from an act or‬‬
‫‪omission of the carrier، its servants or agents، done with intent to‬‬
‫‪cause damage or recklessly and with knowledge that damage would‬‬
‫‪probably result; provided that، in the case of such act or omission of‬‬

‫‪a servant or agent، it is also proved that such servant or agent was‬‬

‫‪acting within the scope of its employment))428(.‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية قد حرمت الناقل اجلوي من حتديد مسؤوليته وفق ما‬

‫قررهتا من حدود بشأن الضرر الذي يصيب األمتعة‪ ،‬أو عن الضرر الناجم عن التأخري يف نقل‬

‫األشخاص أو أمتعتهم إذا نت ذلك الضرر من فعل أو امتناع من جانب الناقل بقصد إحداث الضرر؛‬

‫أي أن االتفاقية قد تطلبت للخروج عن حدود مسؤولية الناقل اجلوي يف احلالة السابقة قصد الناقل‬

‫بإتيان فعل أو بامتناع عنه مع علمه بأن ضرراً قد يرتتب على هذا اإلتيان أو االمتناع ويكون‬

‫تقدير ذلك للقاضي املختص بنظر النزاع‪.‬‬

‫(‪ )428‬المادة (‪ )5/22‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪219‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أيضاً ال يستفيد الناقل وفق النص السابق من حدود مسؤوليته اليت قررهتا االتفاقية إذا أتى‬

‫الفعل أو امتنع عن إتيانه برعونة مقرونة بإدراك أن ضرراً سينجم عن ذلك يف الغالب‪ ،‬كأن يعطي‬

‫الناقل توجيهاته لتابعيه باإلقالع دون العبء مبا أصدرته سلطات األرصاد اجلوي من نشرات بسوء‬

‫األحوال اجلوية أو باحتمال وجود أعاصري تعيق الطريان أو حتجب الرؤية‪ ،‬أو مواصلة الرحلة‬

‫اجلوية يف أجواء تع بنريان ا حلروب‪ ،‬فقد قصدت االتفاقية تنبيه الناقل لعدم التهاون مطلقاً فيما من‬

‫شأنه أن حيدث ضرراً وفق الصورة السابقة‪ ،‬أو حيتمل أن حيدثه‪ ،‬واملعيار يف هذا اخلصوص معيار‬

‫موضوعي إذ تكون للقاضي سلطة تقدير ذلك وفقاً ملعيار الناقل العادي وليس الناقل املسؤول‪.‬‬

‫أيضاً يسأل الناقل وفق النص السابق عن أفعال تابعيه أو وكالئه وفق ما شرحنا إذا ثبت أن‬

‫هؤالء التابعني أو الوكالء قد تصرفوا يف نطاق ممارستهم لوظيفتهم‪ ،‬فإذا ثبت عكس ذلك‪ ،‬أي أن‬

‫الضرر قد نت خلطأ الوكيل أو التابع بقصد أو برعونة مقرونة بإدراك ولكن يف غري نطاق ممارسته‬

‫لوظائفه أو حد ود سلطاته‪ ،‬فإن الناقل ال يكون مسؤول يف هذه احلالة بل يسأل التابع أو الوكيل‬

‫مسؤولية حيددها قدر الضرر الواقع ولكن ليست مسؤولية عقدية خاضعة ألحكام االتفاقية‬

‫إ ا يسأل عما جنم من األضرار مسؤولية تقصريية لضع للقواعد العامة للمسؤولية التقصريية يف‬

‫القانون املختص‪.‬‬

‫‪220‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثالث‪ :‬اخلروج االتفاقي عن حدود املسؤولية‬

‫إذا توافرت شروط انعقاد مسؤولية الناقل اجلوي يصبح بذلك مسؤوالً عن األضرار اليت‬

‫أصابت املسافر أو األمتعة‪ ،‬وال جيوز له تقويض تلك املسؤولية إالب بالطرق اليت حددهتا االتفاقية‪ ،‬كما‬

‫أنه ال جيوز للناقل اشرتاط اإلعفاء من املسؤولية أو حتديدها حبدود أقل من اليت وضعتها االتفاقية‪،‬‬

‫فإن حدث واشرتط الناقل على املسافر إعفاءه من املسؤولية أو احلد منها‪ ،‬فإن هذا الشرط يعترب‬

‫باطالً و يف حكم العدم من دون أن يؤثر بطالنه على وجود عقد النقل اجلوي أو بقائه‪ ،‬أو‬

‫صحته‪:‬‬

‫‪(Any provision tending to relieve the carrier of liability or to fix a‬‬


‫‪lower limit than that which is laid down in this Convention shall be‬‬
‫‪null and void، but the nullity of any such provision does not involve‬‬

‫‪the nullity of the whole contract، which shall remain subject to the‬‬

‫‪provisions of this Convention))429( .‬‬

‫و إذا كانت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد وضعت األحكام السابقة ملصلحة املسافر ومحايةً‬

‫حلقوقه كونه يعد الطرف األضعف يف عقد النقل اجلوي‪ ،‬فإهنا قد قررت أيضاً أحكاماً أخرى ملصلحة‬

‫املسافر تتمثل يف إمكانية اشرتاط اخلروج االتفاقي عن احلدود القصوى اليت حددهتا االتفاقية ‪-‬سواء‬

‫بالنسبة للمسافر أو أمتعته بنوعيها املسجلة وغري املسجلة‪-‬إىل حدود أكرب منها حبيث يصبح الناقل‬

‫مسؤوالً جتاه املسافر وأمتعته حبدود أكرب مما حددهتا االتفاقية فأجازت االتفاقية للناقل اجلوي‬

‫(‪ )429‬المادة (‪ )26‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪221‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اشرتاط خضوع عقد النقل اجلوي حلدود مسؤولية أعلى من احلدود املنصوص عليها فيها‪ ،‬أو أنه ال‬

‫خيضع ألي حدود للمسؤولية‪:‬‬

‫‪(A carrier may stipulate that the contract of carriage shall be‬‬
‫‪subject to higher limits of liability than those provided for in this‬‬
‫‪Convention or to no limits of liability whatsoever))430(.‬‬

‫فيجوز للناقل وفقاً لنص االتفاقية السابق االتفاق مع املسافر على زيادة حدود مسؤوليته عن‬

‫احلدود القصوى اليت أقرهتا‪ ،‬كأن يتفق الطرفان على حتديد مسؤولية الناقل مببلغ(‪)SDR( )140000‬‬

‫بدالً من (‪)SDR( )100000‬عن األضرار اليت تصيب املسافر‪ ،‬أو مببلغ(‪ )SDR( )1500‬بدالً من‬

‫(‪)SDR( )1000‬عن األضرار اليت تصيب األمتعة املسجلة‪ ،‬أو مببلغ(‪ )SDR( )6000‬بدالً من‬

‫(‪ )SDR( )4150‬لكل مسافر عن األضرار اليت أصابته جراء التأخري يف النقل‪ ،‬أو مببلغ(‪)SDR( )20‬‬

‫بدالً من (‪ )SDR( )17‬عن كل كيلو يف حالة األمتعة غري املسجلة‪ ،‬كما جيوز هلما االتفاق على عدم‬

‫تقيد املسافر بأي حدود من اليت وضعتها االتفاقية ليطالب هبا الناقل فيخضع تقدير املبلغ املستحق‬

‫للضرر الواقع حسب االتفاق أو ملا يتفقان عليه بشرط إالب يقل عما وضعتها االتفاقية من حدود‪.‬‬

‫ومن النص السابق ميكننا استنتاج اآلتي‪:‬‬

‫اتفاق بني املسافر و الناقل على رفع حدود مسؤولية هذا األخري عن‬ ‫‪ .1‬إذا ما‬

‫األضرار اليت تصيب املسافر فال جيوز للناقل مناهضة هذه املسؤولية مستندًا لنص املادة‬

‫(‪ ) 2/21‬الذي جييز له دفعها بإثبات أن الضرر مل ينشأ عن اإلمهال أو اخلطأ أو‬

‫(‪ )430‬المادة (‪ )25‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪222‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫االمتناع من جانبه أو وكالئه أو تابعيه‪ ،‬أو إثبات أن الضرر نشأ عن إمهال أو امتناع‬

‫أو خطأ الغري‪.‬‬

‫‪ .2‬عبارة (‪ )Or to no limits of liability whatsoever‬الواردة يف النص‬

‫واليت تعين أن عقد النقل ال خيضع ألي حدود للمسؤولية تقصد فقط اخلروج عن‬

‫حدود املسؤولية إىل حدود أكرب منها وليس أقل ألن املادة (‪ )1/21‬من االتفاقية‬

‫حترم على الناقل احلد من مسؤوليته أو نفيها‪.‬‬

‫‪ .3‬يستطيع طرفا العقد تطبيق هذا النص على مجيع أحكام مسؤولية الناقل اجلوي سواء‬

‫كانت مسؤولية عن املسافر شخصه أو عن أمتعته أو عن التأخري يف نقلهما‪.‬‬

‫‪ .4‬يوجد بعض التعارض بني ما يقضي به النص السابق وأحكام املادة (‪ )2/22‬فبينما‬

‫تقضي هذه األخرية بتحديد مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة املسجلة مببلغ(‪)1000‬‬

‫(‪ )SDR‬وال جيوز اخلروج عن هذا املبلغ إىل مبلغ أكرب إالب إذا قام املسافر عند تسليم‬

‫األمتعة للناقل بتقديم بيان خاص هلذا األخري يوضح فيه مصلحته يف رفع قيمة التعويض‬

‫عن هذا احلد وللناقل اخليار يف رفع أجرة نقل األمتعة املذكورة من عدمه‪ ،‬جند‬

‫التعارض قائم يف موضعني‪:‬‬

‫‪ ‬هذا النص ال جييز للمسافر كسر حدود مسؤولية الناقل احملدودة‬

‫مببلغ(‪ )SDR( )1000‬إىل حدود أكرب منها إالب بتقدميه بيان خاص يوضح فيه‬

‫قيمتها ومصلحته يف تسليمها عند نقطة املقصد بينما جييز النص موضوع املطلب‬

‫للمسافر االستفادة من هذه احلدود دون قيد أو شرط‪.‬‬

‫‪223‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ ‬يستطيع الناقل وفقاً لنص املادة(‪ )2/22‬تقويض مسؤوليته عن املبلغ املعلن‬

‫واملتفق عليه والنزول مببلغ التعويض إىل احلد املقرر يف االتفاقية إذا أثبت أن‬

‫املبلغ الذي اتفق مع املسافر على دفعه يفوق مصلحة املسافر الفعلية يف استالم‬

‫األمتعة عند هناية املقصد بينما ال جيوز للناقل وفقاً للنص موضوع املطلب‬

‫تقويض مسؤوليته بأي حال بعد اشرتاط خضوع العقد حلدود مسؤولية‬

‫أعلى‪.‬‬

‫‪ .5‬أن اشرتاط رفع مسؤولية الناقل وفقاً هلذا النص تعد حالة خاصة بكل مسافر على‬

‫حده‪ ،‬فيمكن للناقل اشرتاط خضوع العقد حلدود مسؤولية أعلى مما قررهتا‬

‫االتفاقية ملصلحة مسافر دون اآلخر‪ ،‬وال يؤثر ذلك مببدأ املساواة بني األفراد أمام‬

‫املرافق العامة‪.‬‬

‫إال أننا نالح على النص السابق استخدامه لعبارة (جيوز للناقل أن يشرتط‪A ( )...‬‬

‫…‪ )carrier may stipulate that‬وقد درج قانوناً استخدام مصطلح(يشرتط)‬

‫(‪ ) stipulate‬لضم بعض مزايا العقد جلانب املشرتط أو إلعفائه من بعض االلتزامات اليت حيتمها‬

‫عليه العقد وبالتايل جند يف هذا النص أن املشرتط هو املسافر وليس الناقل‪.‬‬

‫‪224‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املبحث الثالث‪ :‬دعوى مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫عقد النقل اجلوي–كما ذكرنا يف الفصل الثاني من هذه الدراسة‪ -‬من العقود امللزمة‬

‫للجانبني‪ ،‬ويعنينا يف هذا املقام التزام الناقل الذي يبدأ تنفيذه ببدء عملية النقل اجلوي وينتهي‬

‫بانتهائها‪ ،‬وإخالل الناقل اجلوي مبا حيتمه عليه عقد النقل من التزامات يعرضه لتحمل مسؤولية جتاه‬

‫املسافر أو ع ن أمتعته أو عن تأخريمها‪ ،‬وإذا ما قامت مسؤولية الناقل اجلوي فإن املسافر يصبح‬

‫بذلك ذا حقٍ نشأ عن عقد النقل اجلوي يتمثل هذا احلق بالتعويض الذي يستطيع املسافر احلصول عليه‬

‫قضائياً عن طريق رفع دعوى املسؤولية ضد الناقل اجلوي‪ ،‬وقد نظمت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬

‫أحكام هذه الدعوى على وجه ما سوف نفصله من خالل تقسيم هذا املبحث إىل ثالثة مطالب‪،‬‬

‫نتحدث يف املطلب األول منها عن أطراف دعوى املسؤولية‪ ،‬ونتحدث يف املطلب الثاني عن احملكمة‬

‫املختصة بنظر دعوى املسؤولية‪ ،‬وصصص املطلب الثالث للحديث عن الضمانات اليت قررهتا اتفاقية‬

‫مونرتيال للمسافر املضرور‪.‬‬

‫‪225‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب األول‪ :‬أطراف دعوى املسؤولية‬

‫‪ )1‬املدعـي (‪:)Plaintiff‬‬

‫املسافر هو املدعي بطبيعة احلال يف دعوى مسؤولية الناقل اجلوي للمسافرين‪ ،‬واألصل أنه‬

‫من يطالب جبرب األضرار اليت أصابته أو أمتعته‪ ،‬لكنما قد تتمثل األضرار بالوفاة فينتقل احلق يف‬

‫املطال بة بالتعويض إىل غري املسافر املضرور وهم خلفه من الورثة‪ ،‬فيستطيع الورثة رفع دعوى‬

‫املسؤولية ضد الناقل ومطالبته بالتعويض وفق أحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ ،‬ونستنت ذلك من‬

‫نص االتفاقية الذي منع رفع أي دعوى للتعويض مهما كان سندها إالب وفقاً لشروط وحدود‬

‫املسؤولية املقررة فيها دو ا املساس مبسألة حتديد األشخاص الذين هلم حق املقاضاة أو حبقوق كل‬

‫منهم‪:‬‬

‫‪(In the carriage of passengers، baggage، any action for damages،‬‬

‫‪however founded، whether under this Convention or in contract or‬‬

‫‪in tort or otherwise، can only be brought subject to the conditions‬‬


‫‪and such limits of liability as are set out in this Convention without‬‬
‫‪prejudice to the question as to who are the persons who have the‬‬
‫‪right to bring suit and what are their respective rights))431( .‬‬

‫فمن النص السابق جند أن االتفاقية مل حتدد شخصاً معيناً جيوز له رفع دعوى التعويض ضد‬

‫الناقل اجلوي فيجوز للمسافر رفعها كما جيوز خللفه أو أي شخص آخر يستمد من املسافر حقوقه‬

‫رفع تلك الدعوى‪ ،‬فقد تركت االتفاقية حتديد ذلك لقواعد القانون الواجب التطبيق على النزاع حبسب‬

‫(‪ )431‬المادة (‪ )29‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪226‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫قواعد االختصاص مراعية بذ لك أن الدول لتلف فيما بينها يف حتديد من هم خلف املدعي تبعاً‬

‫لدساتري تلك الدول وأدياهنا حبيث يقتصر دور قوانني تلك الدول على حتديد األشخاص الذين هلم‬

‫حق رفع الدعوى و توزيع األنصبة بينهم دون التعرض لتحديد مبالغ التعويض أو تقديرها‪ ،‬لكن‬

‫االتفاقية قد اشرتطت يف ه ذه احلالة تقريراً ملبدأ مسؤولية الناقل احملدودة عدم رفع أي دعوى‬

‫للتعويض من أي مدعٍ إالب وفقاً لشروط وحدود املسؤولية اليت أقرهتا‪ ،‬وبذا تكون االتفاقية قد‬

‫قطعت على احملاكم أي سبيل للخروج عن احلدود املقررة يف االتفاقية مهما كان سند هذا اخلروج‬

‫كأن تذهب احملكمة إىل مساءلة الناقل مبوجب مسؤولية تقصريية غري خاضعة حلدود املسؤولية‬

‫اليت أقرهتا اتفاقية مونرتيال‪1999‬م عن األضرار اليت أصابت الورثة جراء تويف عائلهم الوحيد كون‬

‫هذه احملكمة تعد الورثة من الغرباء بالقياس إىل مسؤولية الناقل اجلوي‪ ،‬كما تشرتط االتفاقية أيضاً‬

‫عدم املطالبة بأي تعويضات جزائية أو تعويضات أخرى لرج عن نطاق التعويض عن الضرر الذي‬

‫أصاب املسافر وأمتعته‪:‬‬

‫‪(In any action for damages، however founded، whether under‬‬

‫‪this Convention or in contract or in tort or otherwise، punitive،‬‬


‫‪exemplary or any other non-compensatory damages shall not be‬‬
‫‪recoverable))432(.‬‬

‫‪ )2‬املدعـى عليه(‪:)Defendant‬‬

‫(‪ )432‬المادة (‪ )29‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪ .‬ونالحظ أن هذا النص يشكل حماية أخرى أقرتها اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‬
‫للناقل الجوي من أن ترفع ضد الناقل الجوي دعاوى تعويض أخرى غير التي قررتها االتفاقية كأن يطالب الورثة‬
‫بتعويضين من خالل دعويين منفصلتين تستند إحداهما إلى عقد النقل الجوي وتؤسس على المسؤولية العقدية فيه‪،‬‬
‫وتستند األخرى إلى األضرار التي أصابتهم وتؤسس على المسؤولية التقصيرية كون المسافر المتوفى كان يمثل عائلهم‬
‫الوحيد‪ ،‬أو أن يطالب المدعي بتعويض عن األضرار التي أصابته‪ ،‬وتعويض آخر رادع للناقل الجوي كما حصل في‬
‫قضية "لوكربي" الشهيرة التي طالب فيها المدعون بالتعويضين السابقين‪.‬‬
‫‪227‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املدعى عليه هو الناقل املسؤول‪ ،‬ففي حالة كان الناقل على قيد احلياة ترفع الدعوى ضده‪ ،‬ويف‬

‫حالة وفاة الناقل املسؤول جيوز أن ترفع الدعوى وفق أحكام اتفاقية مونرتيال‪1999‬م ضد‬

‫أصحاب احلقوق الشرعيني يف تركته‪:‬‬

‫‪(In the case of the death of the person liable، an action for‬‬
‫‪damages lies in accordance with the terms of this Convention‬‬
‫‪against those legally representing his or her estate))433(.‬‬

‫وتكون بذلك اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد استبعدت رفع دعوى املسؤولية ضد أي شخص‬

‫من غري أصحاب احلقوق الشرعيني يف تركة الناقل املسؤول كخلف الناقل من غري الورثة أو أقربائه‬

‫الذين ال يرثونه‪ ،‬وقد تركت االتفاقية مسألة حتديد أصحاب احلقوق الشرعيني للدول األعضاء‬

‫حبسب ما هو متبع يف كل دولة وسائد يف قوانينها وأدياهنا‪.‬‬

‫وعند إبرام امل سافر عقد نقل جوي دويل مع أحد الناقلني فإن هذا الناقل يكون ملزماً بتنفيذ‬

‫عقد النقل املتفق عليه مع املسافر‪ ،‬وغالباً ما يقوم بتنفيذه بنفسه عن طريق أسطوله اجلوي الذي‬

‫ميلكه أو يستأجره‪ ،‬لكن أحياناً قد يرغب هذا الناقل عن تنفيذ العقد مع بقاء التزاماته اليت حتمها‬

‫العقد على كاهله‪ ،‬أو يتعذر عليه تنفيذه بنفسه ألي سبب‪ ،‬فيلجأ الناقل إىل االتفاق مع ناقل آخر‬

‫ليقوم بتنفيذ جزء من العقد أو تنفيذه كامالً‪ ،‬ويسمى هذا األخري الناقل املنفذ‪ ،‬أو الفعلي كما أوردته‬

‫اتفاقية مونرتيال‪ 1999‬م‪،‬كما أن عقد النقل اجلوي قد يتطلب ألكثر من ناقل لتنفيذه وهو ما جيعلنا‬

‫(‪ )433‬المادة (‪ )32‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪228‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أمام مسألة الناقلني املتتابعني‪ ،‬وقد أفردت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م تعريفاً لكل نوع من أنواع‬

‫النقل السابقة نفصلها كاآلتي‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬الناقل املتعاقد(‪ :)Contracting carrier‬هو الشخص الذي يربم بصفته طرفاً‬

‫أساسي ًا عقد نقل جوي خاضع ألحكام االتفاقية مع مسافر‪ ،‬أو مع شخص يعمل بالنيابة عنه(‪.)434‬‬

‫ثانياً‪ :‬الناقل الفعلي(‪ :)The actual carrier‬هو الشخص الذي يقوم مبقتضى ترخيص‬

‫من الناقل املتعاقد بكل أو جبزء من النقل(‪.)435‬‬

‫كما قررت االتفاقية أنه يف حالة كان تنفيذ عقد النقل اجلوي يشتمل على ناقل متعاقد‪ ،‬وآخر‬

‫فعلي بالصورة اليت سبق توضيحها فإن كالً من الناقلني يعد مسؤوالً عن الضرر الذي يصيب املسافر‬

‫وأمتعته‪ ،‬و لكن الناقل الفعلي ال يكون مسؤوالً إالب عن األضرار اليت وقعت خالل ما قام به من‬

‫نقل فقط‪ ،‬أما الناقل املتعاقد فيكون مسؤوالً عن األضرار عامة طيلة فرتة تنفيذ العقد مبا فيها‬

‫األضرار اليت وقعت خالل النقل الذي قام به الناقل الفعلي أو املنفذ‪:‬‬
‫‪(If an actual carrier performs the whole or part of carriage which‬‬
‫‪is governed by this Convention، both the contracting carrier and the‬‬

‫‪actual carrier shall be subject to the rules of this Convention، the‬‬

‫‪former for the whole of the carriage contemplated in the contract،‬‬

‫‪the latter solely for the carriage which it performs))436(.‬‬

‫(‪ )434‬المادة (‪ )39‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬

‫(‪ )435‬المادة (‪ )39‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )436‬المادة (‪ )40‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪229‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فمن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد أجازت إبرام عقد النقل اجلوي‬

‫بواسطة ناقل‪ ،‬وتنفيذه بواسطة ناقل آخر(‪ ،)437‬لكن االتفاقية قد جعلت الناقل املتعاقد مسؤوالً عن‬

‫كل أجزاء تنفيذ العقد مبا يف ذلك األجزاء اليت نفذها الناقل الفعلي‪ ،‬بينما قصرت مسؤولية هذا األخري‬

‫على ما قام بتنفيذه من العقد فقط‪ ،‬وقد قصدت االتفاقية من ذلك مراعاة مصلحة املسافر يف احملافظة‬

‫على حقوقه يف التعويض وضمان وجود ناقل مسؤول عن األضرار اليت قد يتسبب هبا تنفيذ عقد النقل‬

‫اجلوي‪ ،‬إذ يعد الناقل غري املتعاقد أجنبياً عن العقد يف حالة وقوع الضرر أثناء النقل الذي مل يقم به‬

‫هو‪ ،‬ويصبح من الغري بالنسبة للمسافر والناقل مجيعاً‪ ،‬وبالتايل خيرج عن دائرة حتمل املسؤولية اليت تقع‬

‫كاملة على كاهل الناقل املتعاقد‪.‬‬

‫فإذا تعاقد شخص مع اخلطوط اجلوية السودانية "كناقل متعاقد" لنقله من مطار اخلرطوم‬

‫"بالسودان" إىل مطار أنقرة "برتكيا" وتضمن العقد نقطة توقف يف مطار القاهرة "مبصر" وقامت‬

‫اخلطوط اجلوية الرتكية مبوجب اتفاق "ترخيص" مع اخلطوط اجلوية السودانية بنقل املسافر "كناقل‬

‫فعلي" من مطار القاهرة إىل مطار أنقرة كجزء من تنفيذ العقد أو بنقل املسافر من مطار اخلرطوم‬

‫إىل مطار أنقرة أي تنفيذ العقد برمته‪ ،‬فعندئذٍ يصبح للمدعي اخليار يف إقامة الدعوى ضد هذا األخري‬

‫(مع مراعاة شرط وقوع الضرر خالل اجلزء الذي قام به من نقل)‪ ،‬أو ضد الناقل املتعاقد‪ ،‬أو ضدمها‬

‫متضامنني (‪ )Both together‬أو منفردين(‪:)Separately‬‬

‫‪(In relation to the carriage performed by the actual carrier، an‬‬

‫‪action for damages may be brought، at the option of the plaintiff،‬‬

‫(‪ )437‬وهنا نشير إلى أن ذلك ال يخل بخاصية أن عقد النقل من العقود الشخصية بالنسبة للناقل‪ ،‬ذلك ألنه حتى و إن قام ناقل‬
‫فعلي غير ذاك المتعاقد بتنفيذ العقد فإن هذا األخير يظل مسؤوالً عن األضرار التي نجمت عن تنفيذ العقد‪.‬‬
‫‪230‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪against that carrier or the contracting carrier، or against both‬‬

‫‪together or separately))438(.‬‬

‫لكن جيب يف حالة رفع الدعوى ضد الناقل املتعاقد‪ ،‬والناقل الفعلي منفردين‪ ،‬أو تابعيهم‬

‫ووكالئهم الذين قد تصرفوا يف نطاق ممارستهم لوظائفهم‪ ،‬مراعاة عدم جتاوز مبلغ التعويض الذي‬

‫تقضي به احملكمة للحدود القصوى اليت وضعتها االتفاقية حبيث ال تتعدى املسؤولية اليت تلقى على‬

‫عاتق أي شخص من األشخاص املذكورين احلد الذي ينطبق عليه‪:‬‬

‫‪(In relation to the carriage performed by the actual carrier، the‬‬


‫‪aggregate of the amounts recoverable from that carrier and the‬‬
‫‪contracting carrier، and from their servants and agents acting within‬‬

‫‪the scope of their employment، shall not exceed the highest amount‬‬
‫‪which could be awarded against either the contracting carrier or the‬‬
‫‪actual carrier under this Convention، but none of the persons‬‬
‫‪mentioned shall be liable for a sum in excess of the limit applicable to‬‬
‫‪that person))439( .‬‬

‫ويف األخري جتدر اإلشارة إىل أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد اعتربت الناقل الفعلي من الغري‬

‫بالنسبة للناقل املتعاقد وال يسأل متضامناً معه أو منفرداً يف حالة وجود اتفاق خاص( ‪Special‬‬

‫‪ ) agreement‬بني هذا األخري واملسافر بشأن حتمل الناقل املتعاقد التزامات‬

‫إضافية(‪)Assumes obligations‬ال تفرضها االتفاقية‪ ،‬أو تنازل عن حقوق(‪ )Rights‬أو‬

‫أوجه دفاع(‪ )Defences‬قررهتا االتفاقية لصاحله‪ ،‬أو إقرار خاص بوجود مصلحة للمسافر يف‬

‫(‪ )438‬المادة (‪ )45‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )439‬المادة (‪ )44‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪231‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫تسليم األمتعة إىل اجلهة املقصودة‪ ،‬فإن الناقل الفعلي يصبح أجنبياً عن هذا االتفاق‪ ،‬وال يسأل عنه أو‬

‫ال مبوافقته‪ ،‬حتى وإن وقع الضرر يف اجلزء الذي نفذه من العقد‪:‬‬
‫يصبح ملزم ًا له إ ب‬
‫‪(Any special agreement under which the contracting carrier‬‬
‫‪assumes obligations not imposed by this Convention or any waiver of‬‬
‫‪rights or defences conferred by this Convention or any special‬‬
‫‪declaration of interest in delivery at destination contemplated in‬‬
‫‪Article 22 shall not affect the actual carrier unless agreed to by it) )440( .‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الناقلون املتتابعون(‪:)Successive carriers‬‬

‫النقل بالتتابع(‪ )Successive Carriage‬كما عرفته اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪ :‬هو النقل‬

‫الذي يقوم به عدد من الناقلني املتتابعني ويعترب نقالً واحداً ال يتجزأ إذا ما اعتربه األطراف عملية‬

‫واحدة‪ ،‬استوى بعد ذلك أن أبرم االتفاق بشأنه يف صورة عقد واحد أو أبرم بصورة سلسلة من‬

‫العقود(‪.)441‬‬

‫وتعترب اتفاقية مونرتيال‪1999‬م كل ناقل يقبل مسافراً أو أمتعةً وفق التعريف السابق طرفاً يف‬

‫عقد النقل وخيضع ألحكام املسؤولية املقررة فيها حبيث يكون مسؤوالً عن الضرر الذي أصاب‬

‫املسافر أو األمتعة مبرحلة النقل اليت جرت حتت إشرافه‪:‬‬

‫‪(Each carrier which accepts passengers، baggage is subject to the‬‬


‫‪rules set out in this Convention and is deemed to be one of the‬‬
‫‪parties to the contract of carriage in so far as the contract deals with‬‬

‫(‪ )440‬المادة (‪ )2/41‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )441‬المادة(‪ )3/1‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪232‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪that part of the carriage which is performed under its‬‬


‫‪supervision))442(.‬‬

‫وعلى عكس حالة الناقل املتعاقد والناقل الفعلي اليت جيوز فيها للمدعي رفع الدعوى ضد‬

‫الناقلني كليهما بالتضامن أو منفردين أو ضد أحدمها مع االحتفاظ لكل منهما بالرجوع على اآلخر‪،‬‬

‫على عكس هذه احلالة ال جيوز للمدعي يف حالة النقل بالتتابع ‪-‬بشأن الضرر الذي أصاب املسافر‪-‬‬

‫رفع الدعوى إالب ضد الناقل الذي وقع احلادث أو التأخري املسبب للضرر خالل فرتة النقل اليت قام هبا‪:‬‬

‫‪(In the case of carriage of this nature، the passenger or any‬‬


‫‪person entitled to compensation in respect of him or her can take‬‬
‫‪action only against the carrier which performed the carriage during‬‬
‫‪which the accident or the delay occurred))443(.‬‬

‫لكن االتفاقية قد أجازت خالفاً ملا سبق رفع دعوى التعويض ضد الناقل الذي وقع الضرر‬

‫خالل النقل الذي قام به هو أو ضد الناقل األول يف حالة وجود اتفاق صريح يتحمل مبوجبه الناقل‬

‫األول مسؤولية الرحلة كاملة(‪.)444‬‬

‫أما يف حالة نقل األمتعة فيجوز للمسافر خالفاً ملا سبق رفع دعوى التعويض ضد الناقل األول‪،‬‬

‫أو الناقل األخري‪ ،‬أو الناقل الذي توىل مرحلة النقل اليت وقع فيها الضرر‪ ،‬أو ضدهم مجيعاً ويكون‬

‫مجيع الناقلني السابقني مسؤولني بالتضامن عن الضرر الذي أصاب األمتعة(‪ ،)445‬ذلك ألن األمتعة‬

‫تصبح حتت حراسة كل ناقل من هؤالء الناقلني‪ ،‬وكل ناقل يصبح مسؤول عن توصيلها ساملة إىل‬

‫(‪ )442‬المادة(‪ )1/36‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )443‬المادة (‪ )2/36‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )444‬المادة (‪ )2/36‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫(‪ )445‬المادة (‪ )3/36‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪233‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫نقطة مقصد املسافر النهائية‪ ،‬وقد قصدت االتفاقية من ذلك ضمان حق املسافر يف التعويض عن‬

‫أمتعته دون تكليفه بعناء إثبات وقوع الضرر من جانب أي من الناقلني‪.‬‬

‫‪234‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫املطلب الثاني‪ :‬احملكمة املختصة بنظر دعوى املسؤولية‬

‫ذكرنا يف الفصل األول من هذه الدراسة أن القانون اجلوي يتمتع بصفة الدولية‪ ،‬كما ذكرنا يف‬

‫الفصل الثاني أن تنفيذ عقد النقل اجلوي الدويل حيتم ارتباط العقد بأكثر من دولة‪ ،‬فإذا ما أصاب‬

‫املسافر أو أمتعته ضرراً‪ ،‬فإن تنازعاً قد يثور بشأن حتديد احملكمة املختصة لنظر دعوى التعويض‬

‫األمر الذي تسعى كل دولة من الدول األطراف معه لضم هذا االختصاص إىل حماكمها‪ ،‬لكن‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد قضت على مثل هذا التنازع وتولت حتديد احملاكم اليت جيوز رفع دعوى‬

‫التعويض لديها‪ ،‬وقد نصت االتفاقية هبذا اخلصوص على‪:‬‬

‫‪(An action for damages must be brought، at the option of the‬‬

‫‪plaintiff، in the territory of one of the States Parties، either before‬‬


‫‪the court of the domicile of the carrier or of its principal place of‬‬
‫‪business، or where it has a place of business through which the‬‬
‫‪contract has been made or before the court at the place of‬‬
‫‪destination))446(.‬‬

‫ومن النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد سهلت األمر على املدعي(‪ )447‬يف رفع‬

‫د عوى التعويض ضد الناقل إذ مل تلزمه بإقامة الدعوى لدى حمكمة أحد األطراف بعينه‪ ،‬أو‬

‫حمكمة دون غريها‪ ،‬و وفق النص السابق يستطيع املدعي رفع دعوى التعويض ضد الناقل يف‬

‫إحدى احملاكم التالية‪:‬‬

‫(‪ )446‬المادة(‪ )1/33‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )447‬استخدمت االتفاقية هنا لفظ المدعي(‪ )plaintiff‬وليس المسافر(‪ )passenger‬ذلك ألن المدعي قد يكون الشخص‬
‫المضرور نفسه‪-‬المسافر‪ -‬كما قد يكون شخصا ً آخر يستمد من التعويض حقوقه‪ ،‬كالورثة والدائنين‪.‬‬
‫‪235‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .1‬حمكمة حمل إقامة الناقل(‪:)Court of the domicile of the carrier‬‬

‫ونعين مبحل إقامة الناقل مكان تواجده وسكنه الرئيسي والدائم‪ ،‬ويف وضع هذه‬

‫احملكمة تسهيل لطريف عقد النقل اجلوي _املدعي واملدعى عليه‪ -‬إذ يسهل على‬

‫املدعي طلب الناقل إىل القضاء‪ ،‬ويسهل على احملكمة تنفيذ احلكم يف حال صدر‬

‫ملصلحته‪ ،‬كما يسهل على الناقل التقاضي وجتنبه عناء السفر إىل حمكمة أخرى أو‬

‫ال عنه يف بلدٍ آخر‪.‬‬


‫إقامة وكي ً‬

‫‪ .2‬حمكمة حمل مركز أعمال الناقل الرئيسي( ‪Principal place of‬‬

‫‪ :) business‬جيوز رفع الدعوى أيضاً أمام احملكمة اليت يباشر الناقل نشاطه‬

‫الرئيسي يف دائرة اختصاصها‪ ،‬أو يوجد مكتبه الرئيسي الذي تنشأ باقي فروعه عن‬

‫طريقه يف حمل اختصاصها‪ ،‬وليس بالضرورة أن يكون للناقل سكن واقع يف دائرة‬

‫اختصاص هذه احملكمة‪ ،‬كأن ترفع الدعوى يف "السودان" ضد شركة أجنبية(وطنية‬

‫أو خاصة) إذا كان مكتب هذه الشركة الرئيسي يقع يف السودان أو أن أعماهلا‬

‫الرئيسية تتمركز يف "السودان"‪.‬‬

‫بواسطته إبرام‬ ‫‪ .3‬حمكمة املكان الذي يوجد للناقل فيه مركز أعمال‬

‫العقد( ‪Place of business through which the contract has‬‬

‫‪ :)been made‬كما جيوز للمدعي رفع دعوى التعويض ضد الناقل لدى حمكمة‬

‫الدولة اليت يوجد هبا فرع لنشاط الناقل‪ ،‬أو وكالة معتمدة لديه‪ ،‬أو نائباً عنه‪ ،‬و‬

‫بواسطة أحدهم إبرام عقد النقل اجلوي الذي أنشأ احلق املطالب به‪ ،‬فال يكفي ‪-‬‬

‫مثالً‪ -‬أن يكون لشركةٍ أجنبية فرعٌ يف "السودان" لرفع الدعوى يف "السودان" بل‬

‫البد أن يكون عقد النقل قد أبرم بواسطة هذا الفرع‪.‬‬

‫‪236‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .4‬حمكمة مكان نقطة املقصد(‪ :)The place of destination‬كما جيوز‬

‫للمدعي رفع دعوى التعويض لدى حمكمة املكان الذي تقع فيه نقطة مقصد املسافر‬

‫كون أن له ارتباطات يف هذا احملل‪ ،‬وللناقل تشغيل خطوط إليه أيضاً‪ ،‬ولكن‬

‫االتفاقية مل حتدد أي من نقاط املقصد اليت جيوز رفع الدعوى فيها‪ ،‬إذ قد يتضمن عقد‬

‫النقل اجلوي عدة نقاط توقف قبل نقطة املقصد النهائي‪ ،‬األمر الذي تعترب معه مجيع هذه‬

‫النقاط نقاط مقصد للمسافر فضالً عن نقطة مقصده النهائية‪ ،‬وإذا كانت االتفاقية قد‬

‫وسعت من هذا النص ليشمل مجيع نقاط التوقف كأماكن اختصاص لرفع الدعوى‬

‫باعتبارها نقاط مقصد فإهنا مل تشرتط هبوط الطائرة فعالً يف هذه النقاط لتتحقق‬

‫إمكانية رفع الد عوى فيها وبالتايل جيوز للمدعي رفع الدعوى يف أي مكان تضمنه‬

‫إلغائه عند تنفيذ العقد‪ ،‬أو وقع احلادث‬ ‫عقد النقل اجلوي كنقاط توقف حتى وإن‬

‫قبل الوصول إليه‪.‬‬

‫‪ .5‬خالفاً ملا درجت عليه االتفاقيات السابقة التفاقية مونرتيال‪1999‬م(‪ ،)448‬فقد‬

‫أضافت هذه األخرية حمكمة خامسة تنعقد هلا والية االختصاص وبالتايل جيوز‬

‫للمدعي‪-‬وفق اختياره‪-‬رفع دعوى التعويض لديها وهي حمكمة إقليم إحدى الدول‬

‫األطراف الذي يوجد فيه حمل اإلقامة الرئيسي والدائم للمسافر وقت وقوع احلادث‪:‬‬

‫‪(In respect of damage resulting from the death or‬‬


‫‪injury of a passenger، an action may be brought before one‬‬

‫‪of the courts mentioned in paragraph 1 of this Article، or in‬‬

‫(‪ )448‬باستثناء بروتوكول جواتيماال سيتي‪1971‬م الذي أجاز في المادة(‪ )2/12‬منه رفع الدعوى في إقليم أحد األطراف‬
‫المتعاقدة السامية التي يقع في دائرة اختصاصها منشأة للناقل الجوي إذا كان موطن المسافر أو محل إقامته الدائمة واقعاً في‬
‫إقليم نفس الطرف المتعاقد السامي‪.‬‬

‫‪237‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

the territory of a State Party in which at the time of the


accident the passenger has his or her principal and
permanent residence and to or from which the carrier
operates services for the carriage of passengers by air،

either on its own aircraft، or on another carrier's aircraft

pursuant to a commercial agreement، and in which that


carrier conducts its business of carriage of passengers by
air from premises leased or owned by the carrier itself or
by another carrier with which it has a commercial
agreement))449(.

‫م قد اشرتطت وفق النص السابق إلمكان رفع الدعوى لدى هذه‬1999‫ولكن اتفاقية مونرتيال‬

:‫احملكمة ما يلي‬

‫ فيجب أن يوجد للمدعي حمل إقامة دائم أو‬:‫) أن يوجد حمل إقامة رئيسي دائم للمسافر‬1

‫ وقد عرفت االتفاقية حمل اإلقامة الدائم‬،‫سكن رئيسي يف إقليم هذه احملكمة‬

‫ مكان السكن األوحد والثابت والدائم دون أن يكون هنالك أي‬:‫والرئيسي بأنه‬

:‫أمهية جلنسية املسافر يف حتديد هذا احملل‬

(Principal and permanent residence" means the one


fixed and permanent abode of the passenger at the time of
the accident. The nationality of the passenger shall not be the
determining factor in this regard))450(.

.‫م‬1999‫) من اتفاقية مونتريال‬2/33( ‫) المادة‬449(


.‫م‬1999‫ ب) من اتفاقية مونتريال‬،3 ،33( ‫) المادة‬450(
238 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫فيستطيع املسافر "اليمين" –مثالً‪-‬وفق النص السابق رفع دعوى التعويض ضد‬

‫"اخلطوط اجلوية اإلماراتية" لدى حمكمة سودانية طاملا أنه الذ "السودان" سكنه‬

‫الدائم واألوحد بغض النظر عن محله للجنسية السودانية من عدمه‪ ،‬وسواء وجد مركز‬

‫رئيسي أو فرعي للناقل يف "السودان " أم مل يوجد‪ ،‬كما يستوي وجود منشأة نقل متمثلة‬

‫مبكاتب رئيسية أو فرعية للناقل يف "السودان" من عدمه‪.‬‬

‫‪ )2‬أن ميثل احملل السابق ذكره سكن املسافر الدائم واألوحد وقت وقوع احلادث‪ :‬فقد‬

‫تطلبت االتفاقية تزامن الاذ املسافر حملل الوالية القضائية اخلامسة موضوع احلديث مع‬

‫زمن وقوع احلادث فال ينعقد االختصاص هلذه احملكمة إذا كان املسافر قد هجر هذا‬

‫اإلقليم هنائياً قبل وقوع احلادث أو أنه مل يعد سكنه الدائم حتى وإن ظل املسافر يقطنه‬

‫وقت وقوع احلادث‪ ،‬ومل تضع االتفاقية معياراً دقيقاً لتحديد الفرتة الزمنية اليت أوجبت‬

‫تزامن وقوع احلادث مع الاذ املسافر حملل رفع الدعوى فيها‪ ،‬فإذا صمم املسافر املضرور‬

‫على العودة من بلد سكنه الدائم احلايل إىل موطنه األصلي كما يف حالة املغرتبني عن‬

‫أوطاهنم األصلية‪ ،‬أو أراد أحد األشخاص هجر موطنه األصلي إىل بلدٍ آخر ليصبح هذا‬

‫األخري احملل األوحد والدائم لسكنه‪ ،‬فهل يعتد لتطبيق النص السابق ببلد املغادرة؟ أم‬

‫بلد الوصول؟ فاملسافر يف هذه اللحظة ال يوجد له أي حمل يعتد به كسكن دائم و‬

‫أوحد أو ثابت‪ ،‬ونعتقد يف هذه احلالة أن االختصاص ينعقد لنقطة مقصد املسافر‪.‬‬

‫‪ )3‬وجود نشاط للناقل يف هذا اإلقليم‪ :‬جيب أيض ًا إلعمال اختصاص والية احملكمة اخلامسة‬

‫وفق النص السابق أن يوجد للناقل نشاط جتاري يف احملل الذي ترفع فيه الدعوى‪ ،‬فيشغل‬

‫ال فعلي ًا أم‬


‫الناقل منه أو إليه خطوط ًا لنقل املسافرين جواً‪ ،‬استوى بعد ذلك كان الناقل ناق ً‬

‫‪239‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ناقالً متعاقداً‪ ،‬تعاقد مع املسافرين من خالل مبانٍ ميلكها أو يستأجرها هو‪ ،‬أو من‬

‫خالل مبانٍ ميلكها أو يستأجرها ناقل آخر ارتبط معه باتفاق جتاري خيدم هذا‬

‫الشأن‪ ،‬وقد عرفت االتفاقية عبارة اتفاق جتاري على أهنا‪ :‬أي اتفاق ما عدا اتفاق الوكالة‬

‫معقود بني الناقلني اجلويني‪ ،‬ويتعلق بتقديم خدماهتم املشرتكة لنقل املسافرين جواً‪:‬‬

‫‪("commercial agreement" means an agreement، other‬‬

‫‪than an agency agreement، made between carriers and‬‬


‫‪relating to the provision of their joint services for carriage of‬‬
‫‪passengers by air))451(.‬‬

‫وقد استبعدت االتفاقية يف النص السابق اتفاق الوكالة من أغراض االتفاق التجاري ألن‬

‫الوكيل إ ا يزاول أعماله التجارية واخلاصة ألغراض املادة السابقة بصفته وكيالً عن‬

‫ال آخر‪ ،‬أو ملصلحة شخص أخر غري الناقل‪.‬‬


‫الناقل ولصاحل الناقل نفسه‪ ،‬وليس بصفته ناق ً‬

‫(‪ )451‬المادة(‪/3/33‬أ) من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪240‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫رأي الفقه يف والية االختصاص للمحكمة اخلامسة‪:‬‬

‫ذهب البعض(‪ )452‬إىل تأييد وجود مثل هذه احملكمة مدعم ًا رأيه باألتي‪:‬‬

‫‪ ‬أن الدول الكربى واليت متتلك األساطيل اجلوية األضخم يف العامل قد سعت لتأييد‬

‫وجود مثل هذه احملكمة‪ ،‬كالواليات املتحدة‪ ،‬دول أوروبا الغربية‪ ،‬واليابان‪ ،‬دول‬

‫شرق آسيا‪ ،‬ودول أمريكا الالتينية‪.‬‬

‫‪ ‬أن دولة حمل إقامة املسافر متثل مكان وجود معظم من هلم املطالب‪ ،‬فيكونوا‬

‫بذلك أدرى مبعايري التعويض املناسب ملصلحتهم ‪.‬‬

‫‪ ‬يسهل حمل سكن املسافر التحقق من قيمة الرتكة وتوزيع األنصبة مبا يف ذلك قيمة‬

‫التعويض‪.‬‬

‫‪ ‬تكفل هذه احملكمة التعويض العادل واملناسب للمسافر كون املدعي يعرفها أكثر‬

‫من غريها‪.‬‬

‫‪ ‬أن هذه الوالية ليست جديدة ومستحدثة يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فقد أدرجها‬

‫قبلها بروتوكول جواتيماال سييت‪1971‬م‪.‬‬

‫وعلى الرغم مما ذكر من تأييد لوجود مثل هذه احملكمة إالب أننا نستطيع مالحظة التايل‪:‬‬

‫‪ ‬أن موافقة الدول الكربى على وجود مثل هذا االختصاص وتأييدها له ال يعين‬

‫بالضرورة ضرورة وجود هذه احملكمة‪ ،‬فذلك يعد مدعاة لإلذعان يف اتفاقيات‬

‫القانون اجلوي وسيطرة الدول اليت متتلك األساطيل التجارية اجلوية الكربى على‬

‫(‪ )452‬د‪ .‬محمد أحمد الكندري‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.186-183‬‬


‫‪241‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫تلك اليت متتلك أساطيل صغرية‪ ،‬مما يؤدي الحتكار النقل اجلوي على بعض الدول‬

‫دون األخرى وبالتايل انعدام املنافسة وازدهار النقل اجلوي‪ ،‬وارتفاع أجور النقل‬

‫اجلوي مما يؤثر سلب ًا على اقتصاد الدول‪ ،‬وازدهار النقل اجلوي‪.‬‬

‫‪ ‬ال يثري عدم وجود من هلم احلق يف رفع الدعوى ضد الناقل يف إقليم الدولة اليت ينعقد‬

‫حملاكمها االختصاص كمحاكم الوالية اخلامسة السابق‪ ،‬أو عدم وجود تركة املسافر يف‬

‫هذه الدولة‪ ،‬ال يثري ذلك أي صعوبة يف سري الدعوى أو تنفيذ احلكم الصادر‪ ،‬ذلك‬

‫ألن الدول تعرتف بقواعد القانون الدويل اخلاص وقواعد تنفيذ األحكام األجنبية‪.‬‬

‫‪ ‬القول بضمان التعويض العادل املناسب إن رفعت الدعوى لدى حمكمة الوالية‬

‫اخلامسة ليس له أي مسو قانوني ذلك ألن االتفاقية قد قطعت على مجيع الدول مسألة‬

‫االجتهاد بشأن حدود التعويض أو مقداره‪ ،‬كما أن القول مبثل ذلك جيايف مبدأ‬

‫املساواة بني األفراد أمام املرافق العامة‪.‬‬

‫‪ ‬ال يعد ما جاء به بروتوكول جواتيماال ‪1971‬م هبذا اخلصوص تأييداً لوجود مثل هذه‬

‫احملكمة وذلك لآلتي‪:‬‬

‫‪-1‬أن الدول اليت كانت هلا املصلحة الكربى يف انعقاد االختصاص ملثل هذه‬

‫احملكمة يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م هي نفسها اليت اشرتطت وجود مثل‬

‫هذه احملكمة يف بروتوكول جواتيماال ‪1971‬م بزعامة الواليات املتحدة‬

‫األمريكية‪ ،‬وقد ظهر ذلك جلياً بتصريح الواليات املتحدة األمريكية إبان‬

‫التوقيع على بروتوكول مونرتيال اخلاص‪1966‬م بأهنا بصدد التحضري التفاقية‬

‫‪242‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫تضع احلد العادل واملناسب من التعويض‪ ،‬وكان بروتوكول جواتيماال‬

‫‪1971‬م هو املعين هبذا التصريح‪.‬‬

‫‪-2‬توجد اختالفات عدة بني ما جاء به بروتوكول جواتيماال‪1971‬م وما أقرته‬

‫اتفاقية مونرتيال‪1999‬م هبذا اخلصوص نذكر منها‪:‬‬

‫أ‪ .‬يف حني تنعقد والية احملكمة اخلامسة وفق أحكام بروتوكول‬

‫جواتيماال‪1971‬م يف حالة الضرر الذي يصيب املسافرين أو األمتعة‬

‫أو حالة الضرر الناجم عن التأخري‪ ،‬قصرت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‬

‫والية هذه احملكمة على حالة إصابة املسافر بضرر فقط‪.‬‬

‫ب‪ .‬يشرتط بروتوكول جواتيماال سييت‪1971‬م النعقاد الوالية‬

‫للمحكمة اخلامسة وجود منشأة نقل جوي للناقل يف حمل احملكمة‪،‬‬

‫بينما تشرتط اتفاقية مونرتيال‪1999‬م وجود نشاط جتاري للناقل‬

‫فقط‪.‬‬

‫‪ -3‬إضافة إىل ما سبق فإن بروتوكول جواتيماال‪1971‬م مل يدخل حيز التنفيذ‬

‫أصالً وبذلك تنعدم قوته اإللزامية أو االستشهاد به‪.‬‬

‫‪ .6‬هناك حمكمة سادسة أجازت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م للمدعي رفع الدعوى‬

‫لديها هي حمكمة املكان الذي يوجد فيه حمل إقامة للناقل الفعلي أو حمكمة‬

‫املركز الرئيسي ألعماله‪ ،‬هذا يف حالة تضمن تنفيذ عقد النقل اجلوي ناقالً فعلي ( ‪An‬‬

‫‪ )actual carrier‬قام بتنفيذ العقد أو جزء منه‪ ،‬فضالً عن الناقل التعاقدي( ‪the‬‬

‫‪243‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ )contracting carrier‬الذي أبرم العقد‪ ،‬فإنه جيوز للمدعي وفق اختياره رفع‬

‫دعوى التعويض لدى حمكمة سادسة هي حمكمة املكان الذي يوجد فيه حمل‬

‫إقامة للناقل الفعلي أو حمكمة املركز الرئيسي ألعماله(‪ ،)453‬ذلك ألن اتفاقية‬

‫مونرتيال‪ 1999‬م اعتربت الناقلني مسؤولني كليهما بالتضامن عن الضرر الذي أصاب‬

‫املسافر أو أمتعته‪ ،‬وتشرتط االتفاقية لرفع الدعوى يف احملكمة السابقة‪ ،‬أن يكون‬

‫النقل قد فعالً بصورة الناقل الفعلي‪ ،‬واملتعاقد البذَين قد سبق احلديث عنهما يف هذا‬

‫املبحث‪.‬‬

‫املطلب الثالث‪ :‬الضمانات اليت قررهتا اتفاقية مونرتيال‪1999‬م للمدعي‬

‫كفلت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م للمدعي وفاء الناقل بالتعويض الذي قررته أحكامها يف‬

‫حالة إصابة املسافر بضرر أو أمتعته‪ ،‬و وضعت لضمان دفع ذلك التعويض ضمانات جيب على الناقل‬

‫مراعاهتا وااللتزام هبا‪ ،‬وهذه الضمانات تتمثل يف دفع مبلغ معجل للمدعي‪ ،‬والتأمني من مسؤولية‬

‫الناقل اجلوي‪ ،‬ومراجعة احلدود اليت أقرهتا االتفاقية بصفة دورية‪ ،‬وتفصيل ذلك كالتايل‪:‬‬

‫أوالً‪ :‬دفع مبلغ معجل للمدعي‪:‬‬

‫قد يتكبد املسافر املضرور الكثري من اخلسائر جراء حوادث النقل اجلوي الذي أصابه‬

‫فيكلفه ذلك خسائر مادية كثرية من مصاريف تقاضي ضد الناقل ومصاريف شخصية يف حالة كان‬

‫املدعي من حمدودي الدخل أو غري ميسور احلال‪ ،‬أو أن الورثة املدعني ال يستطيعون التصرف‬

‫بشي من أموال مورثهم املضرور كمصاريف تقاضي و أتعاب حماماة قبل تقسيم األنصبة‪ ،‬كل ذلك‬

‫(‪ )453‬المادة (‪ )46‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫‪244‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫قد يشكل عائق أمام املدعي يف إجراءات احلصول على حقوقه اليت قررهتا له االتفاقية لذلك فقد‬

‫راعت االتفاقية ذلك و قررت دفع مبلغ معجل للمدعي حلني صدور احلكم‪:‬‬

‫‪(In the case of aircraft accidents resulting in death or injury of‬‬


‫‪passengers، the carrier shall، if required by its national law، make‬‬
‫‪advance payments without delay to a natural person or persons who‬‬
‫‪are entitled to claim compensation in order to meet the immediate‬‬
‫‪economic needs of such persons. Such advance payments shall not‬‬
‫‪constitute recognition of liability and may be offset against any‬‬
‫‪amounts subsequently paid as damages by the carrier))454(.‬‬

‫من النص السابق جند أن اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م قد ألزمت الناقل دفع مبالغ‬

‫سابقة(‪ )Advance payments‬لصاحل املسافر املضرور دون تأخري(‪)Without delay‬‬

‫لتلبية احتياجاته االقتصادية العاجلة(‪)Immediate economic needs‬اليت ال حتتمل‬

‫التأجيل أو التأخري أو دفع هذه املبالغ كذلك لتلبية احتياجات ورثته الشرعيني يف حالة كان الضرر‬

‫الذي أصاب املسافر متمثالً يف الوفاة‪ ،‬إالب أن االتفاقية قد اشرتطت إللزام الناقل بدفع مثل هذه املبالغ‬

‫ما يلي‪:‬‬

‫‪ .1‬يطبق هذا النص يف حالة حوادث الطائرات اليت ينت عنها وفاة املسافرين أو إصابتهم‬

‫فقط‪ ،‬فال يكون الناقل ملزماً بدفع املبالغ املقررة وفق النص السابق إالب يف حالة متثل‬

‫الضرر مبوت املسافر أو إصابته‪ ،‬أما الضرر الذي يصيب األمتعة‪-‬سواء املسجلة أو غري‬

‫املسجلة‪ -‬فال ميكن إعمال هذا النص بشأنه‪ ،‬ذلك ألن االتفاقية إ ا قررت إعمال‬

‫(‪ )454‬المادة (‪ )28‬من اتفاقية مونتريال ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪245‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫النص السابق كنوع من مساعدة الشخص املضرور من تنفيذ عقد النقل أو الذي يستمد‬

‫منه حقوقه حلني صدور احلكم سواء بتعويضه أو عدم التعويض‪.‬‬

‫‪ .2‬ال يطبق النص السـابق إالب إذا تضمن القانون الوطين للن ــاقل (‪national law‬‬

‫‪ )carrier's‬أحكاماً تلزم الناقل اجلوي بدفع مثل هذه املبالغ أو تسمح بإلزامه‪،‬‬

‫فيجب أن يكون للمحكمة املختصة سند قانوني يف قانون الدولة اليت حيمل الناقل‬

‫جنسيتها يسمح بتطبيق هذا اإلجراء‪ ،‬حتى و إن رفعت الدعوى أمام حمكمة دولة ال‬

‫حيمل الناقل جنسيتها‪ ،‬فالقانون الوطين للناقل هو من يقرر دفع هذه املبالغ من عدمه‬

‫وفق أحكامه‪ ،‬ومقدارها يف حالة الدفع ومل حتدد االتفاقية إجراءات اإلحالة إىل‬

‫القانون الوطين للناقل األمر الذي يرجع القاضي املختص بشأنه إىل قواعد اإلسناد يف‬

‫القانون املختص بنظر الدعوى‪.‬‬

‫‪ .3‬ليس للمبالغ املدفوعة عالقة بتحمل الناقل للمسؤولية‪ ،‬وال يشكل إلزام الناقل هبا‪،‬‬

‫ومن ثم دفْعها اعرتافاً (‪)Recognition‬من الناقل باملسؤولية‪ ،‬أو إقرراً منه‬

‫بتحملها‪ ،‬فيتم خصمها(‪ )Offset it‬من أي مبالغ تدفع للمدعي كتعويض‬

‫الحق(‪ )Subsequently‬أو إلزام ردها للناقل يف حالة استطاع دفع مسؤوليته‬

‫عن األضرار موضوع الدعوى‪.‬‬

‫‪ .4‬ال يستفيد من نص اتفاقية مونرتيال‪1999‬م السابق إالب الشـ ـ ــخص‬

‫الطبيعي(‪ )Natural person‬فقط‪ ،‬استوى بعد ذلك كان املسافر نفسه أو‬

‫األشخاص الذين هل م حق املطالبة بالتعويض‪ ،‬فال يستفيد الشخص االعتباري من النص‬

‫السابق كون الغرض من وضعه قد جاء واضحاً بتلبية احلاجيات االقتصادية‬

‫الضرورية والعاجلة للمدعي‪.‬‬

‫‪246‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ثانياً‪ :‬التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي‪:‬‬

‫التأمني هو‪ ( :‬عقد يلتزم به املؤمن أن يؤدي إىل املؤمن له أو إىل املستفيد الذي اشرتط‬

‫التأمني لصاحله مبلغاً من املال أو إيراداً مرتباً أو أي عوض مايل آخر يف حالة وقوع احلادث املؤمن‬

‫ضده أو حتقق اخلطر املبني يف العقد وذلك مقابل مبلغ حمدد أو أقساط دوريه يؤديها املؤمن له‬

‫للمؤمن) (‪.)455‬‬

‫مل يتقبل اجملتمع الدويل فكرة التأمني من مس ؤولية الناقل اجلوي يف بدايات القرن العشرين أي‬

‫مع دخول اتفاقية وراسو‪ 1929‬م حيز التنفيذ‪ ،‬ذلك ألن النظرة حنو التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي‬

‫كانت واحدة لدى مجيع الدول وهي أن التأمني عمل غري أخالقي مؤداه التأمني عن خطأ الناقل‬

‫اجلوي(‪ ،)456‬والسبب يف ذلك ألن أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية وارسو‪1929‬م كان يقوم‬

‫على اخلطأ‪ ،‬ولكن األمر مل يظل كذلك خاصة مع تطور صناعة الطائرات وتقدم وسائل األمان‬

‫يف الطائرة‪ ،‬فقد بدأت شركات التأمني بقبول إبرام عقود التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي ومستغل‬

‫الطائرة‪ ،‬ثم تطور األمر بعد ذلك فأصبح التأمني يشمل مجيع ما ميكن أن حتدثه الطائرة من أضرار‬

‫حتى تلك اليت ليست بالبالغة كاإلزعاج أو الضجي (‪.)457‬‬

‫(‪ )455‬المادة (‪ )1065‬من القانون المدني الجديد اليمني رقم (‪ )14‬لسنة ‪2002‬م‪ .‬وهو نفس التعريف الوارد في المادة(‪)576‬‬
‫من قانون المعامالت المدنية السوداني لسنة ‪1984‬م‪.‬‬
‫(‪ )456‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .265‬كما أن شركات التأمين نفسها كانت ترفض وبشدة مسألة التأمين‬
‫عن مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬بل كانت تنص في عقود التأمين على الحياة صراحة استبعاد مخاطر الطيران من‬
‫مسؤوليتها عن التعويض‪ ،‬ولكن الدافع في رفض هذه الشركات للتأمين عن مسؤولية الناقل الجوي لم يكن نفس الدافع‬
‫الذي يرفض المجتمع الدولي فكرة التأمين بسببه أي النظر إلى التأمين أنه عمل غير أخالقي‪ ،‬بل كان األمر يختلف لدى‬
‫شركات لتأمين فقد كانت تنظر للمسألة نظرة تجارية بحتة‪ ،‬ورفضها عقود التأمين هذه يرجع لكثرة مخاطر الطيران في‬
‫بدايات القرن العشرين‪ ،‬األمر الذي يتسبب لها بالمزيد من الخسائر إن هي قبلت مثل هذه العقود‪.‬‬
‫(‪ )457‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.266‬‬
‫‪247‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫أما يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م فقد اختلف األمر بالكلية عنه يف اتفاقية وارسو‪1929‬م‬

‫ذلك ألن أساس مسؤولية الناقل اجلوي يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م يبنى على أساس املخاطر‬

‫وبالتايل يتحد التأمني ضد هذه املخاطر مع التأمني البحري والربي(‪.)458‬‬

‫وقد ألزمت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م شركات النقل اجلوي بالتأمني من مسؤوليتها جتاه‬

‫املسافرين وأمتعتهم ويف ذلك ضماناً للمسافر باحلصول على حقوقه من التعويض املقرر يف االتفاقية‬

‫عند وقوع األضرار واليت فصلناها يف الفصل السابق من هذه الدراسة‪ ،‬كما أن فكرة التأمني هذه‬

‫تعد مبثابة احلماية للناقل نفسه ذلك ألن الناقل ال يستطيع دفع املبالغ اليت نصت عليها االتفاقية مجيعها‬

‫مبفرده‪.‬‬

‫قد يثور تساؤل بصدد التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي مقتضاه أن ما قررته اتفاقية‬

‫مونرتيال ‪ 1999‬م من وجوب قيام الناقل اجلوي بالتأمني من مسؤوليته قد جيعل الناقل اجلوي‬

‫يتهاون يف الاذ احليطة واحلذر الالزمني يف تنفيذ العقد؟ ولكن مثل هذا التساؤل ال جمال له هنا‬

‫وذلك لآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬يف الوقت الذي تلتزم يف شركة التأمني بتغطية األضرار بقيمة حمددة تتمثل باحلدود‬

‫املقررة يف االتفاقية فإن االتفاقية قد حرمت الناقل من التمسك باحلدود املقررة فيها‬

‫إن ثبت هتاونه أو تساهله حتى وقوع الضرر‪.‬‬

‫(‪ )458‬ومع ذلك فقد ظلت شركات التأمين غير واثقة من نتائج إبرام مثل هذه العقود فسعت إلى سبل أخرى لتأمين ما يمكن أن‬
‫تسببه لها نتائج إبرام عقود التأمين مع شركات الطيران أو المسافرين ضد المخاطر الجوية التي قد يخرج بعضها‬
‫شركة التأمين من سوق المنافسة التجارية‪ ،‬ويسبب إفالسها‪ ،‬فسعت شركات التأمين التقاء ذلك عن طريق التأمين‬
‫المشترك وإعادة التأمين وتأسيس اتحادات المؤمنين الجويين‪.‬‬
‫‪248‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .2‬إن هتاون الناقل يف الاذ احليطة واحلذر الالزمني يف تنفيذ عقد النقل اجلوي يسبب‬

‫للناقل خسائرَ أخرى مثل التعويض عن األضرار اليت تسببها الطائرة للغري على سطح‬

‫األرض‪ ،‬أو فقدان الطائرة نفسها‪.‬‬

‫وقد نصت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م على وجوب التأمني اجلوي وألزمت الدول األطراف فيها‬

‫أن تطلب من ناقليها أن حيتفظوا بقدر كاف من التأمني قبل منحهم تصاريح النقل اجلوي بشرط أن‬

‫يكون قدر التأمني الذي تلزم به الدول الناقلني كافياً ليغطي مسؤولية الناقلني اليت حددهتا‬

‫االتفاقية‪:‬‬

‫‪(States Parties shall require their carriers to maintain adequate‬‬


‫‪insurance covering their liability under this Convention))459( .‬‬

‫ويعد النص السابق مبثابة القاعدة اآلمرة إذ ال جيوز ألي من األطراف االتفاق على خمالفته‪ ،‬إذ‬

‫أن االتفاقية قد حرصت على وجود ضمانات تغطي حاالت مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار‬

‫اليت تسبب هبا عقد النقل‪ ،‬كما أن االتفاقية قد أجازت للدول األطراف طلب الدليل من الناقل الذي‬

‫ينظم رحالت إليها على احتفاظه بالقدر الكايف من التأمني والذي يغطي حاالت مسؤوليته وفق‬

‫أحكام االتفاقية‪:‬‬

‫‪(A carrier may be required by the State Party into which it‬‬
‫‪operates to furnish evidence that it maintains adequate insurance‬‬
‫‪covering its liability under this Convention))460( .‬‬

‫(‪ )459‬المادة(‪ )50‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )460‬المادة(‪ )50‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪249‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫ويف ذلك يرى البعض(‪ )461‬أن التأمني اإلجباري من مسؤولية الناقل اجلوي هو النظام القانوني‬

‫الوحيد الذي يستطيع تأمني البشرية من األخطار اجلوية‪ ،‬كما أنه يقضي على التفاوت بني قيمة ما‬

‫حيصل عليه اإلنسان بسبب االنتماء اجلغرايف أو السياسي‪.‬‬

‫ويعد هذا الرأي بالوصف الدقيق ملا جرت عليه االتفاقيات الدولية السابقة التفاقية‬

‫مونرتيال‪ 1999‬م واليت الحظنا فيها اختالف مبالغ التعويض تبعاً جلنسية املسافر وهو ما أخل بثقة‬

‫الدول األطراف هبذه االتفاقيات‪ ،‬ومن ثم السعي حنو وجود اتفاقية دولية جديدة تضمن جلميع‬

‫املسافرين املساواة وعدم التفرقة يف مبالغ التعويض أمام مرافق النقل اجلوي‪.‬‬

‫التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون السوداني‪:‬‬

‫اتفق قانون الطريان املدني السوداني لسنة ‪1999‬م مع اتفاقية مونرتيال‪1999‬م بشأن‬

‫التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي فنص على وجوب التأمني على كل مشغل لطائرة تعمل يف إقليم‬

‫الدولة لتغطية مسؤوليته عن األضرار اليت تصيب الركاب واألمتعة اليت تكون على منت‬

‫الطائرة‪(:‬جيب على كل مشغل لطائرة تعمل يف إقليم الدولة أن يؤمن لتغطية مسؤوليته عن األضرار‬

‫اليت تصيب الركاب واألمتعة والبضائع اليت تكون على منت الطائرة واألضرار اليت تسببها الطائرة‬

‫للغري على سطح األرض) (‪.)462‬‬

‫إال أ ن القانون السوداني قد توسع يف ضمان تغطية مسؤولية الناقل اجلوي عن األضرار اليت‬

‫تصيب املسافر أو األمتعة فأورد طرقاً أخرى واليت جيوز للناقل االستعاضة عن التأمني بإحدى هذه‬

‫الطرق ونص على أنه ‪:‬‬

‫(‪ )461‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.447‬‬


‫(‪ )462‬المادة (‪ )133‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة‪1999‬م‪.‬‬
‫‪250‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫(جيوز االستعاضة عن التأمني املشار إليه يف املادة (‪ )133‬بإحدى الضمانات اآلتية‪-:‬‬

‫( أ ) إيداع تأمني نقدي يف خزينة الدولة املسجلة فيها الطائرة أو مصرف مرخص له بذلك منها‪.‬‬

‫(ب) تقــديم كفالــة مــن مصــرف مــرخص لــه بــذلك مــن الدولــة املســجلة فيهــا الطــائرة بشــرط أن‬

‫تتحقق هذه الدولة من قدرة املشغل على الوفاء بالتزاماته‪.‬‬

‫( ج) تقديم كفالة من الدولة املسجلة فيها الطائرة بشرط أن تتعهد هذه الدولة بعدم الدفع بـأي‬

‫حصانة قضائية عند النزاع حول تلك الكفالة‪.‬‬

‫( د) يف مجيـ ــع احلـ ــاالت املـ ــذكورة يف الفقـ ــرات (أ)‪( ،‬ب)‪ ،‬و (ج) جيـ ــب أن تكـ ــون الضـ ــمانات يف‬

‫احلدود اليت يقررها الوزير بتوصية من املدير العام على ضوء االتفاقيات الدولية(‪.)463‬‬

‫إال أن البعض(‪ )464‬يرى ‪-‬حمقاً‪-‬أن هذا التوسـع‪-‬خاصـة أحكـام الفقـرة (أ) مـن املـادة السـابقة‪-‬‬

‫تصاحبه صعوبة عند التطبيق العملي وذلك ألنه ال يوجد أي أساس أو معيـار يـتم مبوجبـه حتديـد املبلـغ‬

‫واجب الدفع كتأمني‪ ،‬أضف لذلك أن هـذا املبلـغ سـيدخر لتغطيـة أضـرار مسـتقبلية غـري معلومـة احلجـم‬

‫أو القيمة‪ ،‬كما أن الناقل اجلوي قـد يبلـى حبـوادث جويـة متعـددة‪-‬كتلـك الـيت حصـلت ألكثـر مـن طـائرة‬

‫سودانية يف شهر يونيو‪2008‬م‪ -‬فكيف سيكون احلـال وتغطيـة هـذه األضـرار كـل ذلـك فضـالً عـن‬

‫جتميد املبلغ الذي يدفعه الناقل كتأمني بدالً من أن يستثمره لتطوير أسطوله أو خدماته‪.‬‬

‫التأمني من مسؤولية الناقل اجلوي يف القانون اليمين‪:‬‬

‫أوجــب قــانون الطــريان املــدني الــيمين رقــم (‪ )12‬لســنة ‪1993‬م التــأمني مــن مســؤولية الناقــل‬

‫اجل ــوي حبي ــث من ــع الق ــانون أي ناق ــل ج ــوي م ــن العم ــل يف إقل ــيم اجلمهوري ــة م ــامل يك ــن مؤمنـ ـاً م ــن‬

‫(‪ )463‬المادة (‪ )135‬من قانون الطيران المدني السوداني لسنة‪1999‬م‪.‬‬


‫(‪ )464‬د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.106 ،105‬‬
‫‪251‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫مسؤوليته عن األضرار اليت تصيب املسافرين‪ ،‬ويكون قـدر التـأمني خاضـع ًا لألحكـام الـيت يقرهـا‬

‫القانون يف هذا الشأن (‪.)465‬‬

‫ثالثاً‪ :‬مراجعة حدود التعويض يف االتفاقية بصفة دورية‪:‬‬

‫و أخرياً فقد قررت اتفاقية مونرتيال‪1999‬م مراجعة حدود املسؤولية اليت وضعتها بصفة‬

‫دورية مرة واحدة كل س سنوات من قبل جهة اإليداع (‪ ،)ICAO‬أو يف أي وقت تعرب فيه ثلث‬

‫الدول األطراف يف االتفاقية عن رغبتها يف املراجعة بشرط أن يكون عامل التضخم يف هذه‬

‫األخرية قد جتاوز ‪ %30‬منذ املراجعة السابقة‪ ،‬وتكون املراجعة من قبل جهة اإليداع (‪)ICAO‬‬

‫باستخدام عامل تضخم مطابق ملعدل التضخم املرتاكم منذ املراجعة السابقة‪ ،‬وجيب أن يكون‬

‫مقياس معدل التضخم املستخدم يف حتديد عامل التضخم هو املتوسط املرجح للمعدالت السنوية‬

‫للزيادة أو النقصان يف األرقام القياسية ألسعار االستهالك يف الدول اليت تشكل عمالهتا وحدة‬

‫حقوق السحب اخلاصة حبسب تعريف صندوق النقد الدويل كما بينا ذلك عند احلديث عن حساب‬

‫قيمة التعويض(‪.)466‬‬

‫(‪ )465‬المادة(‪/1/49‬و) من قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة ‪1993‬م‪.‬‬


‫(‪ )466‬المادة(‪ )24‬من اتفاقية مونتريال‪1999‬م‪.‬‬
‫‪252‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫اخلاتــمة‬

‫النتائ ‪:‬‬
‫من خالل الدراسة السابقة توصلنا إىل عدة نتائ من أمهها‪:‬‬

‫‪ .1‬أن القانون اجلوي قانون حديث النشأة ودائم التطور يف موضوعاته خاصة فيما يتعلق‬

‫بعقد النقل اجلوي وتنظمه وأحكام مسؤولية الناقل اجلوي يف هذا العقد ولذا كان‬

‫لزاماً حتديث التشريعات الوطنية وتطوير االتفاقيات الدولية بصفة دورية‪ ،‬بشكل‬

‫يواكب تطور موضوعات القانون اجلوي‪.‬‬

‫‪ .2‬أن اتفاقية مونرتيال‪1999‬م قد أرست تكامالً وتوافقاً بني موضوعات القانون‬

‫اجلوي‪ ،‬كما أهنا قد شكلت حلقة وصل بني هذه املوضوعات والقوانني الوطنية‪.‬‬

‫‪ .3‬أن اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م تعترب اتفاقية شامله جلميع االتفاقيات السابقة ذلك ألهنا‬

‫تضمنت يف أحكامها كافة أحكام مسؤولية الناقل اجلوي الدويل اليت كانت متناثرة‬

‫بني مواد االتفاقيات والربوتوكوالت السابقة وحققت الغرض الذي سعت الدول إليه‬

‫من خالل التعديالت املختلفة التفاقية وارسو‪1929‬م وهو مراعاة مصلحة املسافر‬

‫عن طريق تشديد مسؤولية الناقل اجلوي وحدود التعويض املناسبة وإرساء مبدأ‬

‫املساواة بني األفراد أمام املرافق العامة‪.‬‬

‫‪ .4‬وجود بعض القصور التشريعي يف أحكام كل من القانون السوداني‪ ،‬والقانون‬

‫اليمين يف تفسري مفردات عقد النقل اجلوي أو تنظيم أحكامه‪ ،‬ووجود مجوداً يف‬

‫أحكام كلٍ من القانونني السابقني حبيث يشكل صعوبة عند التطبيق العملي هلذه‬

‫األحكام مبا يتوافق و اتفاقية مونرتيال‪1999‬م‪.‬‬

‫‪253‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫التوصيات‪:‬‬
‫وقد خلصنا يف هناية هذه الرسالة إىل عدة توصيات واليت نرى أهنا من األمهية مبكان ونورد‬

‫بعضها يف اآلتي‪:‬‬

‫‪ .1‬إن موضوع عقد النقل اجلوي الدويل ومسؤولية الناقل اجلوي يف هذا العقد من اإلتساع مبكان‪،‬‬

‫جعل من غري املقدور على الباحث تغطيتها بصفحات هذه الرسالة احملدودة‪ ،‬ولذا يأمل الباحث من‬

‫الباحثني الالحقني واملهتمني يف هذا اجملال التعمق يف دراسة جوانب هذا املوضوع وإبراز كافة‬

‫تفاصيله‪.‬‬

‫‪ .2‬تشديد الرقابة على الناقلني اجلويني بشأن االلتزام مبواعيد النقل املعلنة وذلك مراعاة ملصلحة‬

‫املسافر العربي‪ ،‬وقصر إعفاء الناقل من مسؤوليته على احلالة اليت يكون السبب يف التأخري فيها عاماً‬

‫على مجيع الناقلني غري مقتص ٍر على الناقل املتعاقد دون غريه‪.‬‬

‫‪ .3‬إجياد تفسرياً حمدداً و واضحاً ملعنى احلادث كونه أساس قيام مسؤولية الناقل اجلوي والتوسع يف‬

‫تفسريه حبيث يشمل كل ما ميكن أن يسبب للمسافر ضرراً مبا يف ذلك األضرار النفسية‪.‬‬

‫‪ .4‬تشديد أحكام مسؤولية الناقل اجلوي عن األمتعة الغري مسجلة ملا أصبحت تكتسبه هذه األمتعة‬

‫من أمهية كبرية وقيمة عالية قد تصل يف بعض األحيان إىل أضعاف تلك املسجلة‪.‬‬

‫‪ .5‬مراجعة نصوص القوانني الوطنية اخلاصة بأحكام التأمني حبيث لدم الغرض الذي وضعت من‬

‫أجله أساساً كون التأمني يعد الوسيلة األكثر فاعلية يف ضمان حقوق املتضررين ومحاية املسافرين‪.‬‬

‫‪ .6‬كما نوصي ح كومات الدول العربية اليت ليست أعضاء يف اتفاقية مونرتيال ‪1999‬م باالنضمام إىل‬

‫االتفاقية ومن ثم إدخاهلا حيز التنفيذ وتعديل قوانينها الوطنية مبا يتوافق مع أحكام هذه االتفاقية‬

‫خاصة وأن الدول العربية تسعى جمتمعة إىل توحيد قوانني الطريان املدني فيها وإجياد سوق نقل‬

‫جوي عربي واحدة وحترير النقل اجلوي العربي‪.‬‬

‫‪254‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .7‬ونوصي أيضاً بتشجيع الباحث العربي يف جمال النقل اجلوي‪ ،‬والعمل على تأهيل خرباء جويني يف‬

‫هذا اجملال قادرين على التفاوض وإبراز مصلحة املسافر العربي عند أي مراجعة حلدود‬

‫املسؤولية يف اتفاقية مونرتيال‪1999‬م أو أي تعديل ألحكام هذه االتفاقية يف املستقبل‪.‬‬

‫‪ .8‬وأخرياً إجياد حماكم خاصة للفصل يف منازعات وقضايا النقل اجلوي والعمل على تأهيل قضاة‬

‫خمتصني ذوي دراية للفصل يف تلك املنازعات‪.‬‬

‫‪255‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫قائمة بأهم االختصارات الواردة يف الرسالة‬

(AACO) Arab Air Carriers Organization


(A.D.) After Christ
(IATA) International Air Traffic Association
(ICAO) International Civil Aviation Organization
(PAAC) Permanent American Aeronautical Commission
(PF) Poincare Francs
(SDR) Special Drawing Right
(CAMA) Civil Aviation Meteorology Authority
(I M F) International Monetary Fund

256 ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫قائمة املراجع‬
‫أوالً‪ :‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬
‫أ‪ .‬قواميس اللغة‪:‬‬
‫‪ .‬تاج العروس‪ ،‬لمرتضى الزبيدي‪ .‬الجزء األول‪ ،‬باب ضجر‪.‬‬
‫‪ .‬الصحاح في اللغة‪ ،‬للجوهري‪ .‬الجزء األول‪ ،‬باب ضرزم‪.‬‬
‫‪ .‬قاموس العين‪ ،‬أشهر وأولى قواميس اللغة العربية‪ ،‬للخليل بن أحمدالفراهيدي‪ 100( .‬ـ‬
‫‪ 170‬هـ) (‪ 718‬ـ ‪786‬م)‪.‬‬
‫‪ .‬القاموس المحيط‪ ،‬للفيروز آبادي‪ .‬الجزء الثاني‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .‬لسان العرب‪ ،‬إلبن منظور‪ .‬الجزء الثامن‪ ،‬دار الحديث‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .‬مجمع لغة الفقهاء‪.‬الجزء األول‪.‬‬
‫‪ .‬معجم البستان‪ ،‬للشيخ عبد الله البستاني اللبناني‪.‬‬
‫‪ .‬المعجم الوسيط‪ ،‬إلبراهيم مصطفى‪ .‬و أحمد حسن الزيات‪ .‬وحامد عبد القادر‪ .‬ومحمد‬
‫علي النجار‪ .‬الجزء الثاني‪ ،‬المكتبة اإلسالمية‪ ،‬تركيا‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .‬المنجد في اللغة‪ .‬ط ‪ ،29‬دار المشرق‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫ب‪ .‬المراجع العامة‪:‬‬
‫‪ .10‬إبراهيم سيد أحمد‪ .‬العقود والشركات التجارية فقهاً وقضاءً‪ ،‬ط ‪ ،‬دار الجامعة‬
‫م‪.‬‬ ‫الجديدة للنشر‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ .‬أحمد محمد أحمد المليجي‪ .‬التنظيم القانوني والشرطي لدخول ومعاملة األجانب في‬
‫م‪.‬‬ ‫هـ‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬رسالة دكتوراه مقدمة إلى أكاديمية الشرطة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .‬أشرف جابر سيد‪.‬المسؤولية عن فعل األشياء المستخدمة في تنفيذ العقد‪ ،‬دار النهضة‬
‫م‪.‬‬ ‫العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬أحمد محمد أبو الروس‪ .‬الموسوعة التجارية الحديثة‪ ،‬الكتاب الثاني‪ ،‬الدار‬
‫الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬إليـاس حداد‪ .‬القانـــــــــــــــــــــــــــون التجاري‪ ،‬مطابع مؤسسة الوحدة‪،‬‬
‫م)‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫هـ )(‬ ‫ـ‬ ‫دمشق‪( ،‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬بوعشة مبارك‪ .‬قانون العالقات االقتصادية الدولية‪ ،‬جامعة التكوين المتواصل‪،‬‬
‫السنة الثالثة‪ ،‬اإلرسال الثاني‪ ،‬الجزائر‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬تاج السر محمد حامد‪ .‬أحكام العقد‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬زهير عباس كريم‪ .‬مبادئ القانون التجاري‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫م‪.‬‬

‫‪257‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .‬د‪ .‬علي جمال الدين عوض‪ .‬العقود التجارية‪ ،‬مكتبة النهضة المصرية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫م‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .‬د‪ .‬علي حسن يونس‪ .‬العقود التجارية‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .‬د‪ .‬محمد سعيد فرهود‪ .‬د‪ .‬محمود مرشحة‪ .‬القانون التجاري( بري‪ ،‬بحري‪ ،‬جوي)‬
‫م )‪.‬‬ ‫هـ ـ‬ ‫مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية‪ ،‬دمشق‪( ،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .‬د‪ .‬محمود حلمي‪ .‬العقد اإلداري‪ ،‬ط ‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫ج‪ .‬المراجع المتخصصة‪:‬‬
‫‪ ‬الكتب‪:‬‬
‫‪ .22‬أ ‪ .‬ماهر عبد الخالق السيسي‪ .‬أعمال شركة الطيران‪ ،‬ج ‪ ،‬مقدمة في النقل الجوي‬
‫م‪.‬‬ ‫والحجز‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .‬أحمد فهمي بحيري‪ .‬ضبط المالحة الهوائية‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫)‪ ،‬ط ‪،‬‬ ‫‪ .24‬دليل تنظيم النقل الجوي‪ ،‬منظمة الطيران المدني الدولي‪(،‬‬
‫‪ .25‬د‪ .‬أبو زيد رضوان‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫‪ .26‬د‪ .‬أحمد عبد اللطيف غطاشة‪.‬الطيران المدني‪ ،‬األحكام العامة والنقل الجوي‪ ،‬دار‬
‫م‪.‬‬ ‫هـ‪،‬‬ ‫صفاء للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫‪ .27‬د‪ .‬أكثم أمين الخولي‪ .‬دروس في القانون البحري والجوي‪ ،‬مكتبة سيد عبد الله وهبه‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫‪ .28‬د‪ .‬أكرم ياملكي‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪ .29‬د‪ .‬ثروت أنيس األسيوطي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي في القانون المقارن‪ ،‬ط ‪ ،‬المطبعة‬
‫م‪.‬‬ ‫العالمية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .30‬د‪ .‬جعفر محمد مقبل الشاللي‪ .‬مبادئ القانون الجوي‪ ،‬دار جامعة عدن للطباعة‬
‫م‪.‬‬ ‫والنشر‪ ،‬ط ‪،‬عدن‪،‬‬
‫‪ .31‬د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬تشديد مسؤولية الناقل عن األضرار الحاصلة للمسافرين‪،‬‬
‫دراسة مقارنة في القضاء األمريكي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .32‬د‪ .‬جالل وفاء محمدين‪ .‬دروس في القانون الجوي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ .33‬د‪ .‬حسام عبد الغني الصغير‪ .‬د‪ .‬عاطف محمد الفقي‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫م‪-‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫‪ .34‬د‪ .‬حفيظة السيد حداد‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬مدرس القانون الدولي الخاص‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬

‫‪258‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫د‪ .‬حمد الله محمد حمد الله‪ .‬عقد النقل البري‪ ،‬البحري‪ ،‬الجوي‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪.35‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫د‪ .‬رفعت أبادير‪ .‬مدى مسؤولية الناقل الجوي وفقاً التفاقية وارسو عن األضرار التي‬ ‫‪.36‬‬
‫تلحق المسافرين من جراء عمليات اختطاف الطائرات وأعمال العنف التي تقع داخل‬
‫المطارات‪ ،‬بدون ناشر‪ ،‬القاهرة‪1983،‬م‪.‬‬
‫د‪ .‬طالب حسن موسى‪ .‬القانون الجوي الدولي‪ ،‬مكتبة الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪،‬‬ ‫‪.37‬‬
‫م‪.‬‬
‫د‪ .‬عادل محمد خير‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي ودعوى المسؤولية وآلية التعويض في‬ ‫‪.38‬‬
‫القانون الجوي المصري واالتفاقيات الدولية‪ ،‬ط‪ ،1‬مكتب الدكتور عادل محمد خير‬
‫للمحاماة واالستشارات القانونية‪ ،‬القاهرة‪2001 ،‬م‪.‬‬
‫د‪ .‬عبد الرافع موسى‪ .‬أبعاد مفهوم التدابير الالزمة أو الضرورية في نص المادة‬ ‫‪.39‬‬
‫م‪.‬‬ ‫م‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫من اتفاقية وارسو لسنة‬
‫د‪ .‬عبد الرحمن عبد الله شمسان‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران المدني‪ ،‬المالحة‬ ‫‪.40‬‬
‫)‬ ‫الجوية‪ ،‬النقل الجوي‪ ،‬الهيئة العامة للطيران المدني واألرصاد‪( ،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫صنعاء‪،‬‬
‫د‪ .‬عبد الفضيل محمد أحمد‪ .‬القانون الخاص الجوي‪ ،‬دار الفكر والقانون‪ ،‬المنصورة‪،‬‬ ‫‪.41‬‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫د‪ .‬عدلي أمير خالد‪ ،‬أحكام دعوى مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬ ‫‪.42‬‬
‫م‪.‬‬ ‫اإلسكندرية‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ .‬عقد النقل الجوي‪ ،‬قواعد و أحكام‪ ،‬دار‬ ‫‪.43‬‬
‫م‪.‬‬ ‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫د‪ .‬عز الدين الطيب آدم‪ .‬محاضرات في القانون الجوي‪ ،‬جامعة النيلين‪ ،‬بدون ناشر‪.‬‬ ‫‪.44‬‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫د‪ .‬علي البارودي‪ .‬د‪.‬محمد فريد العريني‪ .‬د‪ .‬محمد سيد الفقي‪ .‬القانون البحري‬ ‫‪.45‬‬
‫م‪.‬‬ ‫والجوي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪،‬‬
‫د‪ .‬عيسى غسان ربضي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي الدولي عن الضرر الواقع على‬ ‫‪.46‬‬
‫م‪.‬‬ ‫األشخاص وأمتعتهم‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬ط ‪،‬اإلصدار األول‪ ،‬عمان‪،‬‬
‫د‪ .‬فاروق أحمد زاهر‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬وفقاً للتشريع الدولي‬ ‫‪.47‬‬
‫م‪.‬‬ ‫الموحد والقانون المصري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫د‪ .‬فايز نعيم رضوان‪ .‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬ط ‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬ ‫‪.48‬‬
‫د‪ .‬محمد عبد الحميد القاضي‪ ،‬أصول القانون الجوي‪ ،‬دار الرحمن للطباعة‪،‬‬ ‫‪.49‬‬
‫م‪.‬‬ ‫م‪-‬‬ ‫القليوبية‪،‬‬

‫‪259‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫د‪ .‬محمد عبد الحميد‪ .‬القانون الواجب التطبيق على النقل الجوي الدولي في‬ ‫‪.50‬‬
‫م‪.‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬مكتبة النصر‪ ،‬الزقازيق‪،‬‬
‫د‪ .‬محمد فريد العريني‪ .‬القانون الجوي‪-‬النقل الجوي‪-‬الدار الجامعية‪ ،‬بيروت‪،‬‬ ‫‪.51‬‬
‫‪1986‬م‪.‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‬ ‫‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫الداخلي والدولي‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‪،‬‬ ‫‪.53‬‬
‫م‪.‬‬ ‫حوادث الطيران‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫د‪ .‬محمد محمد هالليه‪ .‬محاضرات في القانون الجوي‪ ،‬جامعة المنصورة‪ ،‬بدون‬ ‫‪.54‬‬
‫م‪.‬‬ ‫ناشر‪،‬‬
‫د‪ .‬محمود أحمد الكندري‪ .‬التنظيم القانوني للنقل الجوي الدولي وفق اتفاقية‬ ‫‪.55‬‬
‫م‪ ،‬تحديث نظام وارسو‪ ،‬ط ‪ ،‬مجلس النشر العلمي‪ ،‬جامعة‬ ‫مونتريال لعام‬
‫م‪.‬‬ ‫الكويت‪ ،‬الكويت‪،‬‬
‫د‪ .‬محمود سمير الشرقاوي‪ .‬محاضرات في القانون الجوي‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫‪.56‬‬
‫م‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫د‪ .‬محمود مختار بربري‪ .‬قانون الطيران وقت السلم‪ ،‬دار الفكر العربي‪،‬‬ ‫‪.57‬‬
‫م‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫د‪ .‬مراد منير فهيم‪ .‬خضوع النقل الجوي الداخلي لنظام اتفاقية وارسو للنقل الدولي‪،‬‬ ‫‪.58‬‬
‫م‪.‬‬ ‫منشاة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫د‪ .‬مصطفى إبراهيم عريبي‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬الطيران التجاري‪ ،‬وفقاً لالتفاقيات‬ ‫‪.59‬‬
‫م‪.‬‬ ‫م‪ ،‬بدون ناشر‪،‬‬ ‫الدولية وقانون الطيران المدني السوداني لسنة‬
‫د‪ .‬مصطفى البنداري‪ .‬الموجز في القانون الجوي‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.60‬‬
‫م‪.‬‬ ‫هـ‪،‬‬
‫د‪ .‬نادية محمد معوض‪ .‬القانون الجوي‪ ،‬النقل الجوي‪ ،‬دار الفكر العربي‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫‪.61‬‬
‫م‪.‬‬
‫د‪ .‬هاني دويدار‪ .‬قانون الطيران التجاري‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬ ‫‪.62‬‬
‫م‪.‬‬ ‫اإلسكندرية‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫د‪ .‬هشام خالد‪ .‬ماهية العقد الدولي‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬ ‫‪.63‬‬
‫د‪ .‬هشام فضلي‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي على الصعيدين الدولي والداخلي‪ ،‬دراسة في‬ ‫‪.64‬‬
‫م وقانون التجارة الجديد‪ ،‬ط ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬ ‫اتفاقية مونتريال‬
‫م‪.‬‬ ‫اإلسكندرية‪،‬‬

‫‪260‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .65‬د‪ .‬يحيى أحمد البناء‪.‬اإلرهاب الدولي ومسؤولية شركات الطيران‪ ،‬منشأة المعارف‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫اإلسكندرية‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫‪ .66‬ربان‪ .‬مدحت عباس خلوصي‪ .‬قانون النقل الدولي‪ ،‬الشنهابي للطباعة‪،‬‬
‫‪ .67‬شريف أحمد الطباخ‪ .‬التعويض عن النقل البري والبحري والجوي‪ ،‬دار الفكر‬
‫م‪.‬‬ ‫الجامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ .68‬وزارة الحربية المصرية‪ .‬مصلحة الطيران المدني‪ ،‬مجموعة تشريعات الطيران‬
‫المصرية الوطنية منها والدولية‪ ،‬المطبعة األميرية بالقاهرة‪1954،‬م‪.‬‬
‫‪ ‬الرسائل‪:‬‬
‫‪ .69‬أحمد إبراهيم الشيخ‪ .‬المسؤولية عن تعويض أضرار النقل الجوي الدولي وفقاً‬
‫م‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪،‬‬ ‫م‪ ،‬ومونتريال‬ ‫التفاقية وارسو‬
‫م‪.‬‬ ‫القاهرة‪،‬‬
‫‪ .70‬صفوت عبد القادر بهنساوي‪ .‬النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي عن سالمة‬
‫المسافرين‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ .71‬عبد الحكم محمد عبد السالم عثمان‪ .‬التزام السالمة في النقل الجوي‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،‬القاهرة‪1403 ،‬هـ‪1983 -‬م‪.‬‬
‫‪ .72‬فاروق أحمد محمد زاهر‪ .‬تحديد مسؤولية الناقل الجوي وفقاً للنظام الفارسوفي‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ .73‬فاروق مصطفى السلمان‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي عن سالمة المسافرين واألمتعة‬
‫م‪.‬‬ ‫والبضائع‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬جامعة عدن‪ ،‬عدن‪،‬‬
‫‪ .74‬يحيى أحمد البناء‪ .‬أثر اإلرهاب الدولي على مسؤولية الناقل الجوي‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫م‪.‬‬ ‫جامعة اإلسكندرية‪ ،‬اإلسكندرية‪،‬‬
‫‪ ‬المقاالت واألبحاث‪:‬‬
‫‪ .75‬د‪ .‬حسن كيره‪ .‬مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية فارسوفي وبرتوكول الهاي المعدل‬
‫لها‪ ،‬مجلة كلية الحقوق‪ ،‬جامعة اإلسكندرية‪ ،‬مطبعة جامعة اإلسكندرية‪ ،‬العددان‬
‫األول والثاني‪ ،‬السنة الثامنة‪ ،‬اإلسكندرية‪1959 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .76‬عبد السالم علي المزوغي‪ .‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬تعليق على حكمين لمحكمة‬
‫م‪.‬‬ ‫بنغازي االبتدائية‪ ،‬جامعة قاريونس‪،‬‬
‫‪ .77‬ورقة عمل رقم مقدمة في الدورة الحادية عشرة للجمعية العامة للهيئة العربية‬
‫م‪.‬‬ ‫للطيران المدني المنعقدة في طرابلس من ‪ -‬مايو‪ ،‬طرابلس‪،‬‬
‫‪ ‬الدوريات والمجالت‪:‬‬

‫‪261‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .78‬الطيران العربي‪ ،‬مجلة ربع سنوية تصدر عن الهيئة العربية للطيران المدني‪،‬‬
‫العدد‪ ،15‬ديسمبر‪ ،‬الرباط‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .79‬المسافر‪ ،‬دورية تصدر عن الخطوط الجوية اليمنية‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬العدد ( ‪-‬‬
‫)‪ ،‬فبراير ـ مارس‪ ،‬صنعاء‪2005 ،‬م‪.‬‬
‫‪ .80‬مستقبل العالم اإلسالمي‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬العدد السادس‪ ،‬ربيع ‪ ،1992‬تصدر عن مركز‬
‫دراسات العالم اإلسالمي‪ ،‬مالطا‪1992 .‬م‪.‬‬
‫‪ .81‬الموسوعة العربية العالمية‪ ،‬موسوعة العلوم عند العرب والمسلمين (الطب النفسي)‬
‫الرياض‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫م‪.‬‬ ‫) العدد ‪ ،‬يناير‪ -‬فبراير‪،‬‬ ‫‪ .82‬مجلة آفاق العلم(‬
‫م‪.‬‬ ‫)العدد ‪ ،‬أكتوبر‪-‬نوفمبر‪،‬‬ ‫‪ .83‬مجلة آفاق العلم(‬
‫‪ ‬االتفاقيات والبروتوكوالت الدولية‪:‬‬
‫‪ .‬اتفاقية باريس الدولية بشأن تنظيم المالحة الجوية ‪1919‬م‪.‬‬
‫‪ .85‬اتفاقية وارسو بشأن توحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي‪1929‬م‪.‬‬
‫‪ .‬اتفاقية شيكاغو بشأن الطيران المدني الدولي ‪1944‬م‪.‬‬
‫‪ .‬اتفاقية جنيف المتعلقة باإلعتراف الدولي بالحقوق على الطائرات ‪1948‬م‪.‬‬
‫‪ .‬بروتوكول الهاي ‪1955‬م المعدل ألحكام اتفاقية وارسو‪1929‬م‪.‬‬
‫‪ .‬بروتوكول مونتريال المؤقت ‪1966‬م‪.‬‬
‫‪ .‬بروتوكول جواتيماال سيتي‪1971‬م‪.‬‬
‫‪ .‬بروتوكول مونتريال اإلضافي رقم (‪1975)4‬م‪.‬‬
‫‪ .92‬اتفاقية مونتريال بشأن توحيد بعض القواعد المتعلقة بالنقل الجوي‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ .‬اتفاقية تحرير النقل الجوي العربي الموقعة في دمشق عام ‪2004‬م‪.‬‬
‫‪94.‬‬
‫(‬ ‫‪).‬‬

‫‪ ‬التشريعات والقوانين‪:‬‬
‫‪ ‬القوانين السودانية‪:‬‬
‫‪ .97‬قانون الخدمات العامة للطائرات السوداني لسنة ‪1959‬م‪.‬‬
‫‪ .98‬قانون الطيران السوداني لسنة ‪1960‬م‪.‬‬
‫‪ .99‬قانون اإلثبات السوداني لسنة‪1983‬م‪.‬‬
‫‪ .100‬قانون المعامالت المدنية السوداني لسنة ‪1984‬م‪.‬‬
‫‪ .101‬القانون الجنائي السوداني لسنة ‪1991‬م‪.‬‬

‫‪262‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫‪ .102‬قانون الطيران المدني السوداني لسنة ‪1999‬م‪.‬‬


‫‪ ‬القوانين اليمنية‪:‬‬
‫‪ .103‬القانون التجاري اليمني رقم(‪ )32‬لسنة ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪ .104‬القانون المدني الجديد اليمني رقم(‪ )14‬لسنة‪2002‬م‪.‬‬
‫‪ .105‬قانون الطيران المدني اليمني رقم (‪ )12‬لسنة‪1993‬م‪.‬‬
‫‪ ‬القوانين العربية األخرى‪:‬‬
‫‪ .106‬قانون التجارة الكويتي رقم(‪ )68‬لسنة ‪1980‬م‪.‬‬
‫‪ .107‬قانون التجارة الجديد المصري رقم(‪ )17‬لسنة ‪1999‬م‪.‬‬
‫‪ .108‬قانون دولة قطر رقم ‪ 15‬لسنة ‪2002‬م بشان الطيران المدني‪.‬‬
‫‪ .109‬المرسوم البحريني بالقانون رقم (‪ )6‬لسنة ‪1995‬م بشأن قانون الطيران المدني‪.‬‬
‫‪ .110‬المرسوم الملكي السعودي رقم (‪ )44‬لسنة‪ 1426‬هـ‪ ،‬بشان قانون الطيران المدني‪.‬‬

‫‪ ‬مراجع أخرى‪:‬‬
‫‪ .111‬صحيفة آخر لحظة السودانية‪ ،‬األعداد الصادرة من تاريخ ‪ 19 - 11‬يونيو ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ .112‬قناة الجزيرة الفضائية‪ .‬بتاريخ ‪ /9 ،8 ،6‬أغسطس‪2008/‬م‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬المراجع باللغة اإلنجليزية‪:‬‬


‫‪113. Manual on the regulation of International Air Transport، Second‬‬
‫‪Edition، Issued by ICAO.2004 A.D.‬‬
‫‪114. Mohammed A. El-Rahman A. El-Gader. Air Aeronautical law‬‬
‫‪(Y.C.A.M.A ).2003A.D.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬المواقع اإللكترونية‪:‬‬
‫‪5jl.com‬ــ‪115. www.al‬‬
‫‪116. www.alriyath.com‬‬
‫‪117. www.arabic-av.com‬‬
‫‪118. www.cd.gov.sa‬‬
‫‪119. www.fananews.com‬‬
‫‪120. www.farrajlawyer.com‬‬
‫‪121. www.flyingway.com‬‬
‫‪122. www.iata.org‬‬
‫‪123. www.mohamoon-ju.net‬‬
‫‪124. www.pukmedia.com‬‬
‫‪125. www.qalqilia.edu.ps‬‬
‫‪126. www.sea7h.net‬‬

‫‪263‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫الفهرس‬
‫شكر وعرفان ‪4 ......................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫إهداء ‪5 ................................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫ملخص الرسالة ‪6 ..................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫المقدمة ‪10 ............................ ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القانون الجوي وتطور أحكامه ‪15 ......... ................................ ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تطور فكرة الطيران الجوي والقانون الجوي ‪16 ................................. ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تطور فكرة الطيران الجوي ‪17 .................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور تشريعات وتقنين أحكام الطيران ‪22 ....................................... ................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف القانون الجوي وتحديد مضمونه ‪27 .................................... ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تسمية القانون الجوي ‪28 .......................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تعريف القانون الجوي وتحديد مضمونه ‪30 .................................... ................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬خصائص ومصادر القانون الجوي ‪33 ............ ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬خصائص القانون الجوي ‪34 ........................ ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬مصادر القانون الجوي ‪41 .......................... ................................ ................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬أحكام القانون الجوي ‪47 .......................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الطائرة ‪48 ........... ................................ ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الفضاء الجوي ‪59 ................................... ................................ ................................‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام عقد النقل الجوي ‪67 ........................ ................................ ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف عقد النقل الجوي وخصائصه ‪68 ......... ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬تعريف عقد النقل الجوي ‪69 ....................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص عقد النقل الجوي ‪71 ................... ................................ ................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أنواع عقد النقل الجوي ‪76 ....................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬النطاق الجغرافي لتنفيذ عقد النقل الجوي ‪77 .................................. ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬النطاق القانوني لتطبيق اتفاقية مونتريال‪1999‬م ‪82 ........................... ................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬وثائق عقد النقل الجوي ‪99 ........................ ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تذكرة السفر ‪100 ................................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬استمارة نقل األمتعة ‪111 ........................ ................................ ................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬آثار عقد النقل الجوي ‪114 ........................ ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التزامات الناقل في عقد النقل الجوي ‪115 ...................................... ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬التزامات المسافر في عقد النقل الجوي ‪119 .................................. ................................‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أساس وشروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي ‪122 ............................. ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تطور أساس مسؤولية الناقل الجوي ‪123 ........................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أساس مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية وارسو‪1929‬م‪124 ............... ................................ :‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬تطور أساس مسؤولية الناقل الجوي في البروتوكوالت المعدلة التفاقية وارسو‪1929‬م ‪128 ..............‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬أساس مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية مونتريال‪1999‬م ‪133 ............ ................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي تجاه المسافر ‪137 .................... ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬وقوع ضرر أدى إلى وفاة المسافر أو عرّضَه إلصابة جسدية ‪138 ............. ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الحادث المسبب للضرر ‪146 ....................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬وقوع الحادث أثناء فترة زمنية محددة ‪154 .................................... ................................‬‬

‫‪264‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫المبحث الثالث‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن األضرار التي تصيب األمتعة ‪158 ..............................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬إصابة األمتعة بضرر ‪159 .......................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬وقوع الحدث المسبب للضرر ‪161 ................. ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الفترة الزمنية لوقوع الحدث ‪164 ................ ................................ ................................‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬شروط انعقاد مسؤولية الناقل الجوي عن التأخير في النقل ‪167 ........... ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬التأخير في النقل ‪168 .............................. ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حدوث التأخير في فترة زمنية معينة ‪172 ...................................... ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الضرر الناجم عن التأخير ‪176 ................... ................................ ................................‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أحكام مسؤولية الناقل الجوي ‪180 ............... ................................ ................................‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تحديد مسؤولية الناقل الجوي ‪181 .............. ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬حدود مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية وارسو‪1929‬م وتعديالتها ‪183 ....................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬حدود مسؤولية الناقل الجوي في اتفاقية مونتريال‪1999‬م ‪190 ............. ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬حساب قيمة التعويض ‪194 ...................... ................................ ................................‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب دفع المسؤولية والخروج عنها ‪202 ...................................... ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أسباب دفع مسؤولية الناقل الجوي ‪203 ......... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الخروج القانوني عن حدود المسؤولية ‪218 ..................................... ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الخروج االتفاقي عن حدود المسؤولية ‪221 .................................... ................................‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬دعوى مسؤولية الناقل الجوي ‪225 .............. ................................ ................................‬‬
‫المطلب األول‪ :‬أطراف دعوى المسؤولية ‪226 ...................... ................................ ................................‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬المحكمة المختصة بنظر دعوى المسؤولية ‪235 .............................. ................................‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬الضمانات التي قررتها اتفاقية مونتريال‪1999‬م للمدعي ‪244 ................ ................................‬‬
‫الخاتــمة ‪253 ......................... ................................ ................................ ................................‬‬
‫النتائج‪253 ............................ ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫التوصيات‪254 ......................... ................................ ................................ ................................ :‬‬
‫قائمة بأهم االختصارات الواردة في الرسالة ‪256 ................. ................................ ................................‬‬
‫قائمة المراجع ‪257 .................. ................................ ................................ ................................‬‬
‫الفهرس ‪266 ........................... ................................ ................................ ................................‬‬

‫‪265‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬
‫النظام القانوني لمسؤولية الناقل الجوي الدولي عن األشخاص……………………… عبد الخالق صالح عبد الله معزب‬

‫إصدار‬

‫المركز الديمقراطي العربي للدراسات االستراتيجية‬

‫والسياسية واالقتصادية‬

‫برلين – ألمانيا‬
‫أ‬ ‫آ‬
‫تحمل بالضرورة وجهة نظر‬
‫إن الراء والفكار التي يحملها المؤلف ل ِ‬
‫المركز الديمقراطي العربي فمؤلف الك تاب يتحمل مسؤو َ‬
‫لية مضامينه‪.‬‬

‫الطبعة األولى‬

‫‪2019‬‬
‫‪266‬‬ ‫املركز الدميقراطي العربي للدراسات االسرتاتيجية والسياسية واالقتصادية برلني – أملانيا‬

You might also like