You are on page 1of 16

‫اإلرشاد الفلسفي‬

‫المفاهيم والتصورات في الممارسة‬

‫الدكتور‬
‫رياض نايل العامسي‬
‫أستاذ العالج النفسي‪ ،‬جامعة دمشق‬
‫بسم اهلل الرمحن الرحيم‬

‫مقدمة‪:‬‬

‫كانت فكرة الذهاب إلى فيلسوف لتقديم اإلرشاد أو المشورة بشأن مشكالت المعيشة تبدو‬
‫غير عادية تماما في النصف األول من القرن العشرين عندما حاول الفالسفة ‪ ،‬وخاصة في‬
‫الواليات المتحدة وبريطانيا العظمى‪ ،‬حصر دور الفلسفة في التحليل اللغوي‪ .‬وفقا لهذه النزعة‬
‫اللغوية‪ ،‬لم يكن دور الفيلسوف حل المشكالت األخالقية واالجتماعية والشخصية والسياسية‬
‫التي يواجهها الناس في الحياة اليومية‪ ،‬بل كان بدال من ذلك تحليل اللغة من حيث تأطير‬
‫هذه االهتمامات (على سبيل المثال‪" ،‬جيدة"‪" ،‬سيئة"‪" ،‬ينبغي"‪" ،‬ال ينبغي" ‪....‬الخ)‪ .‬لقد‬
‫أعطى هذا النهج العقيم إلى حد ما لممارسة الفلسفة مصداقية لفكرة أن الفلسفة ال يمكنها‬
‫خبز الخبز؛ والفكرة القائلة أن الفلسفة يمكن أن تساعد في تحسين الزواج غير المستقر أو‬
‫مساعدة شخص يعاني من االكتئاب على تحقيق نظرة مستقبلية تؤكد الحياة‪ ،‬كانت بالفعل‬
‫رؤية بعيدة المنال‪.‬‬
‫وقد بدأ بعض الفالسفة ابتداء من ستينيات لقرن الماضي ينظرون على نحو أكثر إيجابية‬
‫إلى إمكانية بأن الفلسفة يمكن أن توفر التوجيه في إدارة شؤون الحياة‪ .‬ولم يكن هذا واضحا‬
‫في أي مكان أكثر من االنتشار التدريجي لألدب في األخالق التطبيقية لمطابقة مخزون‬
‫متطور باطراد من عروض الدورات في الكليات والجامعات التي كانت ذات صلة بالمشهد‬
‫االجتماعي والسياسي والتكنولوجي واألخالقي المتغير‪ .‬ونتيجة لهذه الحركة التطبيقية في‬
‫األخالق‪ ،‬نجد اآلن فالسفة يكتبون ويدرسون حول أمور متطورة‪ ،‬مثل أخالقيات اإلنترنت‬
‫واالستنساخ والهندسة الوراثية وتكنولوجيا النانو والحرب الروبوتية‪ ،‬ومجموعة متنوعة من‬
‫التحديات المعاصرة األخرى‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن مجال األخالقيات المهنية المزدهر قد‬
‫وفر للفالسفة منتدى في الطب والقانون والهندسة والصحافة واألعمال والخدمات اإلنسانية‬
‫ومجموعة من المجاالت المهنية األخرى‪ .‬وعلى الرغم من هذا التوجه إلى األمام في‬
‫األخالقيات التطبيقية والمهنية‪ ،‬فإن فكرة الفلسفة يجب أن تبقي أنفها خارج التطبيق العملي‬
‫والشؤون الدنيوية للحياة ال يزال لديها العديد من المفاهيم في المجتمع الفلسفي‪.‬‬
‫ال يزال العديد من الفالسفة حتى يومنا هذا يعتقدون أن الفلسفة التطبيقية ‪ ،‬بحكم إضعاف‬
‫التحليل المفاهيمي الصافي مع الحقائق العرضية للحياة اليومية‪ ،‬هي ساللة أدنى من‬
‫الفلسفة‪.‬‬
‫أحد المجاالت كان هذا الرفض للممارسة الفلسفية صحيحا على نحو خاص فيما يتعلق‬
‫بالعالقة بين علم النفس والعالج النفسي والفلسفة‪ .‬في الواقع‪ ،‬على الرغم من عدم معرفة أحد‬
‫ينكر تاريخ الفلسفة أن علم النفس قد بدأ في الفلسفة ‪ ،‬وال يزال هناك اعتقادا شائعا بين‬
‫الفالسفة أنه مع تطور الجانب التجريبي لعلم النفس والعالج النفسي ‪ ،‬يجب اعتبار هذه‬
‫التخصصات متميزة ومستقلة عن الفلسفة ‪ ،‬وأن ال يوجد دور شرعي للفالسفة في تقديم‬
‫اإلرشاد النفسي أو العالج‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬على الرغم من هذا الفصل‪ ،‬كانت هناك أقلية متزايدة‬
‫باطراد من الفالسفة الذين اتخذوا ما يبدو أنه الخطوة التالية في الحركة التقدمية لجعل الفلسفة‬
‫أكثر صلة بالحياة‪ ،‬أي تفاعل الفلسفة مع اإلرشاد والعالج النفسي‪.‬‬
‫من ناحية‪ ،‬هناك عدد من الفالسفة الذين يفكرون في دور الفلسفة في مساعدة الناس‬
‫على حل مشكالت المعيشة‪ ،‬لكنهم ما زالوا يعتقدون أن طرق الممارسة النفسية يجب أن‬
‫تبقى منفصلة عن طرق الممارسة الفلسفية‪ .‬وفقا لهذا الرأي‪ ،‬ال تزال اإلرشاد الفلسفي فريدا‬
‫من نوعه ومتمي از عن نظيره النفسي‪ .‬في المقابل‪ ،‬هناك فالسفة آخرون‪ -‬على سبيل المثال‪،‬‬
‫إليوت كوهين وجون ميلز ‪ -‬يؤمنون بأن هناك أدو ار متبادلة ومترابطة وداعمة يمكن أن‬
‫تؤديها الفلسفة واإلرشاد والعالج النفسي في ممارسة اإلرشاد الفلسفي‪ .‬في الواقع‪ ،‬قد يجادل‬
‫هؤالء الفالسفة بأنه من األهمية بمكان أن يعمل هؤالء الممارسون والمنظرون الفلسفيون‬
‫والنفسيون بشكل تعاوني لبناء أدبيات اإلرشاد الفلسفي‪ .‬وفقا لهذا الرأي‪ ،‬نظ ار لوجود‬
‫مساهمات مهمة يمكن للفالسفة تقديمها في العالج النفسي‪ ،‬فإن العكس صحيح أيضا‪.‬‬
‫ال شك أن األسس النظرية للعالج النفسي تمثل اهتماما آس ار للعديد من الفالسفة‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬بالنسبة لهؤالء الفالسفة المهتمين باإلرشاد أو الممارسة الفلسفية ‪ ،‬فإن االهتمام بالعالج‬
‫النفسي واإلرشاد ليس موجها نظريا فقط‪ .‬إذ يتفق جميع أو معظم الفالسفة الذين يمارسون‬
‫اإلرشاد الفلسفي على أن التدريب الفلسفي الذي تلقوه يمكن أن يكون بمثابة األساس‪ ،‬أو‬
‫على األقل جزءا أساسيا بأن يصبحوا مرشدين فلسفيين‪ .‬على اعتبار أنه حتى القراءة السريعة‬
‫لتاريخ الفلسفة تكشف عن التزام مماثل‪ .‬لقد أدرك جميع المؤلفين من القدماء الفلالسفة إلى‬
‫الحديثين‪ ،‬بشكل أو بآخر‪ ،‬أن جهودهم يمكن أن تؤثر على سعادة الجنس البشري‪ .‬بالطبع‪،‬‬
‫بسبب هذه الحقيقة‪ ،‬ليس من غير المألوف رؤية المرشدين الفلسفيين المعاصرين يكتشفون‬
‫مقاطع من تاريخ الفلسفة في جلسات اإلرشاد‪.‬‬
‫يضيف بعض الفالسفة الذين يطمحون إلى أن يكونوا مرشدين إلى تعليمهم الفلسفي نوعا‬
‫من طريقة العالج النفسي‪ .‬قد يأتي هذا التدريب اإلضافي في أشكال مختلفة‪ .‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬في بعض الحاالت‪ ،‬يعود الفالسفة بتصميم ال يتزعزع إلى الدراسات العليا ويحصلون‬
‫على شهادة من مؤسسة مؤهلة لمنح درجات الصحة النفسية‪ .‬في الواقع‪ ،‬في بعض‬
‫الحاالت‪ ،‬للعمل مع العمالء في بيئة مهنية للصحة النفسية‪ ،‬من الضروري فقط إنهاء درجة‬
‫الماجستير في اآلداب بنجاح في برنامج جامعي يمنح درجة علمية‪ .‬ويستفيد آخرون من‬
‫برامج الشهادات‪ .‬وغالبا ما تختلف هذه البرامج من حيث طول الوقت والشدة‪ .‬على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬تقدم جمعية اإلرشاد الفلسفية الوطنية (‪ - 1)NPCA‬باالشتراك مع معهد التفكير‬
‫النقدي ‪ -‬دورة تدريبية مكثفة لمدة ستة أسابيع في العالج المنطقي لتدريب األفراد الحاصلين‬
‫على شهادات عليا في الفلسفة أو استشارات الصحة النفسية‪ .‬وتقدم البرامج األخرى عادة‬
‫التدريب على مدار يومين‪ .‬على أي حال‪ ،‬في نهاية فترة التدريب‪ ،‬سيتم منح المتدرب الناجح‬
‫دبلوما يوضح الشهادة‪ ،‬وفي بعض الحاالت مستوى الشهادة‪.‬‬
‫هناك مزايا وعيوب للشهادة‪ .‬وتشمل الفوائد التعرف على ديناميات جلسة اإلرشاد‪ .‬ويمكن‬
‫للمتدربين اكتساب خبرة خاضعة لإلشراف في تقديم اإلرشاد لآلخرين وكذلك في تلقي‬
‫المشورة ألنفسهم‪ ،‬وبالتالي اكتساب منظور من كال جانبي العالقة بين المرشد والعميل‪.‬‬
‫عالوة على ذلك‪ ،‬تفيد الشهادة العمالء أيضا من خالل توفير بعض التأكيد على أن المرشد‬
‫الفلسفي قد تلقى تدريبا استشاريا باإلضافة إلى أوراق اعتماده األكاديمية في الفلسفة‪.‬‬
‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يمكن أن تعالج الشهادة بعض مخاوف العميل بشأن المساءلة‪ .‬هذا‬
‫يعني أن العميل يفهم أن المرشد الفلسفي مرتبط ومسؤول أمام مجموعة مصادقة (جمعية‬
‫مهنية) ‪ ،‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فهو ملزم باتباع مجموعة من القواعد المهنية التي توجه سلوك‬
‫المرشد‪.‬‬
‫وتشير العوائق إلى االحترام الذي ال يحظى به المرشدون الفلسفيون غالبا‪ .‬على الرغم‬
‫من أن الشهادة في اإلرشاد الفلسفي يمكن أن تعالج بعض المشكالت‪ ،‬إال أنها ال توفر‬
‫ترخيصا من الدولة‪ ،‬وهو في المقابل‪ ،‬مطلوب عموما لممارسة الصحة النفسية‪ .‬بالنسبة‬

‫‪1‬‬
‫‪- National Philosophical Counseling Association‬‬
‫للبعض‪ ،‬أثار هذا األمر مسألة ما إذا كان يجب أيضا ترخيص المرشدين الفلسفيين‪ .‬مرة‬
‫أخرى‪ ،‬من المفهوم أن تريد االعتراف الذي يأتي مع الترخيص‪ .‬قد تبدو اإلرشاد الفلسفي‬
‫أكثر "شرعية"‪ ،‬وبالتالي فهي تحظى باالحترام الذي تتمتع به المهن األخرى المرخصة‪ .‬كما‬
‫أوضح العديد من المدافعين عن الترخيص أيضا‪ ،‬سيكون المرشدون الفلسفيون المرخصون‬
‫قادرين على فرض رسوم أعلى على الخدمة وفواتير وكاالت التأمين مقابل خدماتهم أيضا‬
‫إال أنه ال يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوة مرغوبة‪ .‬إذا تم ترخيص المرشدين‬
‫الفلسفيين من قبل الدولة‪ ،‬فإن احتمال فقدان االستقاللية على الممارسة يبدو أم ار ال مفر‬
‫منه‪ .‬بعبارة أخرى‪ ،‬من المحتمل أن يكون هناك اتساق أكبر في كيفية قيام ممارسة المرشدين‬
‫الفلسفيين بذلك‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬اللوائح الخاصة بالتدريب وبالتالي على نوع األساليب‬
‫التي يمكنهم استخدامها‪.‬‬
‫إن مسألة الطرائق هي بالتأكيد قضية مهمة‪ .‬حاليا ‪ ،‬كما توضح وجهات النظر المتنوعة‬
‫المدرجة في هذا الكتاب‪ ،‬هناك الكثير من الجدل حول طبيعة وأغراض‪ /‬أهداف اإلرشاد‬
‫اح عديدة‪ ،‬سؤاال مفتوحا‪ .‬عالوة على ذلك‪ ،‬فقد أدى‬
‫الفلسفي‪ .‬وقد ترك هذا الموضوع‪ ،‬من نو ٍ‬
‫إلى االنطباع بأن جميع طرائق اإلرشاد الفلسفي على قدم المساواة‪ .‬مما ال شك فيه أن هذا‬
‫النقص في التقارب ينظر إليه بعين مستهتر من قبل المهن األخرى‪ .‬لكنه يثير قضية أيضا‬
‫أكثر خطورة تتعلق بما يعد ممارسة فلسفية فعالة وما ال يعتبرها‪ .‬مرة أخرى ‪ ،‬يثير مثل هذا‬
‫السؤال غضب البعض إلى أبعد من التعبير‪" :‬كيف تجرؤ على طرح مثل هذا السؤال! ال‬
‫يحق ألحد أن يقول من هو أفضل من اآلخر! " بالنسبة لبعض الفالسفة ‪ ،‬فإن مثل هذه‬
‫المحاوالت لتنظيم الممارسة الفلسفية تهدد بتقويض جوهر البحث الفلسفي‪ ،‬والذي يجب أن‬
‫يظل بعيدا عن القيود والتدخالت الخارجية‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬فإن مثل هذا السؤال محير للغاية‪ .‬في الواقع ‪ ،‬ال يحترم إال أساليب علمية‬
‫معينة ‪ ،‬فقط أشكال معينة من العالج الطبي هي طرق مناسبة للعناية بصحة المرضى‪،‬‬
‫فقط معايير صحية معينة لزراعة الطعام أو التعامل معه مقبولة وما إلى ذلك‪ .‬وال أحد ينكر‬
‫الحاجة إلى مثل هذه المعايير‪ .‬فلماذا ال ينطبق هذا أيضا على اإلرشاد الفلسفي؟ بالطبع ‪،‬‬
‫يمكن طرح السؤال نفسه حول العالج النفسي‪ .‬حاليا ‪ ،‬تعترف جمعية علم النفس األمريكية‬
‫(‪ 2)APA‬رسميا بأكثر من( ‪ )400‬طريقة مختلفة من العالج النفسي‪ .‬وتم بناء هذا الرقم‬
‫على نطاق واسع‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬على الرغم من أن جمعية علم النفس األمريكية (‪ )APA‬تميل‬
‫إلى ما يعد عالجا نفسيا رسميا‪ ،‬فقد أدى ذلك ببعض النقاد إلى عدم الثقة في( ‪)APA‬‬
‫وآخرين إلى رفض العالجات النفسية التقليدية تماما‪ .‬سواء كانت لوائح االتهام هذه لها أساس‬
‫في الواقع أم ال ‪ ،‬فلن يتم مناقشتها في هذه المختارات‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال ينبغي أن يتفاجأ‬
‫المرشدون الفلسفيون عندما يوضح المعالجون النفسيون وجهة نظرهم المشكوك فيها فيما‬
‫يتعلق باإلرشاد الفلسفي في مقطع غير سار من الكلمات‪.‬‬
‫وبقدر ما نستطيع أن نقول ‪ ،‬ال يبدو أن هناك من يستطيع القول بسلطة أوبطريقة أخرى‬
‫‪ ،‬ما يعد ممارسة فلسفية جيدة‪ .‬بالطبع ‪ ،‬هذا ال يعني أن القضية لم تظهر ولم يتم تناولها‪.‬‬
‫لقد تم ذلك ‪ ،‬وينعكس الجدل في العديد من مقاالت المجالت التي راجعها النظراء‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬ال يبدو أن هناك أي تقارب حول هذا النقاش‪ .‬كما هو الحال في جميع األوساط‬
‫الفلسفية األخرى‪ ،‬هناك حجج جيدة ولكن ال يوجد حل‪ .‬قد يكون هذا بسبب الطبيعة‬
‫المفتوحة للغاية للفلسفة نفسها‪.‬‬
‫إذا كان أي شيء يشبه إلى حد بعيد تقاربا في الرأي حول الممارسة الفلسفية الجيدة‪ ،‬فإن‬
‫المسألتين التاليتين تبدو مناسبة بشكل فريد لذكرهما‪ .‬أوال‪ ،‬يبدو أن هناك اتفافا بين معظم‬
‫الممارسين الفلسفيين حول الطريقة التي يجب عدم استخدامها‪ .‬وهذا يعني أن معظمهم‬
‫يتفقون على أن المرشدين الفلسفيين يجب أال يستخدموا طريقة العالج النفسي إال إذا تم‬
‫تدريبهم على القيام بذلك‪ .‬تبدو البصيرة الكامنة وراء هذا الرأي معقولة‪ :‬فبدون التدريب‬
‫المناسب يكون احتمال إيذاء العميل كبي ار‪ .‬وتأتي المشكلة األخرى في أعقاب القضية‬
‫األولى‪ ،‬وهي أال يستخدم الممارس الفلسفي أي إصدار من الدليل التشخيصي واإلحصائي‬
‫للرابطة األمريكية للطب النفسي (‪ ، )DSM‬وهو نظام تشخيص مجموعة متنوعة من‬
‫األمراض العقلية‪ .‬مرة أخرى‪ ،‬يبدو أن حجة هذا االدعاء معقولة (مع بعض المؤهالت‬
‫المحتملة ‪ ،‬كما ناقشها صموئيل زينايتش‪ Samuel Zinaich‬في الجزء الثالث من هذا‬
‫الكتاب)‪ .‬على الرغم من كتابته( ‪ )DSM‬بطريقة يمكن ألي شخص ذكي فهمها‪ ،‬إال أنه ال‬
‫يزال نصا معقدا له العديد من المؤهالت واالستثناءات‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك جانب من‬

‫‪2‬‬
‫‪- The American Psychological Association‬‬
‫جوانب التشخيص يتطلب تدريبا مهنيا وخبرة من أجل تحديد العالقات السببية بين األحداث‬
‫المادية التي تحدث في البيئة والحالة النفسية للعميل‪ .‬مرة أخرى‪ ،‬يجب أن تؤخذ احتمالية‬
‫إيذاء العميل على محمل الجد عند تضمين التشخيص (على أساس الدليل التشخيصي‬
‫واإلحصائي لالضطرابات النفسية) كجزء من ممارستهم الفلسفية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬كما جادل‬
‫شلوميت شوستر ‪ Shlomit Schuster‬في هذا الكتاب‪ ،‬هناك معاني أخرى لمصطلح‬
‫"التشخيص"‪ ،‬مثل "التشخيص الذاتي الفلسفي"‪ ،‬والذي يمكن تضمينه بشكل مناسب في‬
‫اإلرشاد الفلسفي‪.‬‬
‫كما هو موضح أعاله ‪ ،‬ينبغي ذكر مؤهل آخر حول التشخيص‪ .‬حيث يأتي األفراد‬
‫المهتمون باإلرشاد الفلسفي إلى الفالسفة ألسباب متنوعة‪ .‬في كثير من األحيان‪ ،‬فهم غالبا‬
‫غير راضين عن طرق العالج النفسي التقليدية‪ ،‬إذ يتوجه الفرد إلى مرشد فلسفي للبحث عن‬
‫نهج مختلف لمشاكله أو صعوباته‪ .‬وهذا يثير مشكلة فريدة‪ .‬حيث يتم وضع الممارسين‬
‫الفلسفيين في موقف ال يحسد عليه في تقرير ما إذا كانوا سيقبلون العميل أم ال‪ .‬لكن لماذا‬
‫هذه مشكلة؟‬
‫اإلجابة هي أنه في كثير من األحيان قد ال يكون المرشد الفلسفي مؤهال للتعامل مع‬
‫مشاكل العميل‪ .‬هذا ألن القيام بذلك يعني أن المرشد الفلسفي يجب أن يكون قاد ار على‬
‫معرفة أعراض معينة حتى يعرف عندما ال يكون مؤهال‪ .‬ولكن ها هي النتيجة‪ .‬كيف يمكن‬
‫للممارس الفلسفي القيام بذلك دون االنخراط ‪ ،‬بمعنى محدود‪ ،‬في عملية التشخيص؟ بالطبع‪،‬‬
‫في بعض األحيان تكون المشكالت التي يواجهها العميل واضحة‪ .‬إذا كانت المرأة التي‬
‫تعرضت لالغتصاب الوحشي تسعى للحصول على اإلرشاد من مرشد فلسفي‪ ،‬فمن مصلحة‬
‫الجميع إرسالها إلى شخص متخصص في مساعدة النساء في هذه المشكلة‪ ،‬أو قد تحدث‬
‫مشكلة أخرى واضحة إذا جاء العميل بخطط مفصلة لقتل نفسه‪ .‬في كلتا الحالتين قد يدرك‬
‫الممارس بشكل صحيح أن المعالج المرخص قد يكون أكثر مالءمة‪.‬‬
‫ومع ذلك‪ ،‬هناك مشكالت أخرى قد يواجهها العميل وليست واضحة‪ .‬بالتأكيد ‪ ،‬في كثير‬
‫من األحيان قد يصطحب العميل تشخيصه معه ؛ فقد يخفف من بعض التخمين‪ .‬في مثل‬
‫هذه الحاالت‪ ،‬يمكن للممارس أن يقرر ما إذا كان مؤهال التخاذ الفرد كعميل‪ .‬لكن ماذا لو‬
‫لم يكن هناك أي شيء؟ دون أن يعرف شيئا عن أعراض اضطرابات الصحة النفسية ‪ ،‬قد‬
‫يقفز الممارس الفلسفي حسن النية إلى مياه اإلرشاد فقط ليكتشف أنه فوق رأسه أو مما يثير‬
‫استيائه‪ ،‬قد يدرك في الواقع أن طريقته العالجية قد تكون ضارة بالفعل العميل بدال من‬
‫المساعدة‪ .‬على الرغم من أنه يبدو أنه ال يوجد حل سهل لهذه المشكلة‪ ،‬إال أن الشرح التالي‬
‫قد يتحايل على المشكلة‪.‬‬
‫ال ينبغي أن يكون مفاجئا أن المشكلة المذكورة أعاله تدور حول مفهوم العالج‬
‫واألهداف العالجية التي يشترك فيها جميع المرشدين‪ ،‬أي لتحسين‪ ،‬بمعنى ما‪ ،‬حياة العميل‪.‬‬
‫بالطبع ‪ ،‬ما إذا كان الهدف هو السعادة أو االستقاللية هو خارج الموضوع‪ .‬لكن تكمن‬
‫المشكلة في أن الممارسين الفلسفيين‪ ،‬مثل علماء النفس المرخصين‪ ،‬يضعون أهدافا عالجية‬
‫لعمالئهم‪ .‬يبدو من الطبيعي أن يقوم المرشد الفلسفي بذلك ثم يستخدم طريقة العالج النفسي‬
‫لتحقيق هذه الغاية‪ .‬مرة أخرى ‪ ،‬بدون التدريب الذي يتلقاه العاملون في مجال الصحة‬
‫النفسية المرخص لهم في الدراسات العليا ومن خالل ندوات التعليم المستمر‪ ،‬فإن المرشد‬
‫الفلسفي حسن النية يسبب لي آثا ار جانبية ضارة أو غير مرغوب فيها‪ .‬لكن ربما يكون الحل‬
‫أوضح اآلن‪ .‬على وجه التحديد ‪ ،‬فإن طريقة حل هذه المشكلة هي تجنب وضع أي أهداف‬
‫عالجية وتجنب استخدام أي طريقة نفسية‪ .‬بدال من ذلك‪ ،‬في طريقة التفكير هذه‪ ،‬يجب‬
‫على المرشدة الفلسفية أن تستخدم فقط األدوات المعرفية التي تمتلكها ‪ ،‬وهي مهارات التحليل‬
‫المفاهيمي والتفكير النقدي‪ .‬وبالتالي‪ ،‬في حالة تقديم المشورة‪ ،‬سيكون هدف الممارس الفلسفي‬
‫هو مساعدة العميل على التفكير بشكل أكثر وضوحا‪ .‬بمعنى آخر‪ ،‬ستكون الجلسة مع‬
‫المرشد الفلسفي مثل نوع المحادثة التي تجريها أستاذة الفلسفة كل يوم مع طالبهم‪.‬‬
‫على الرغم من أن هذا االقتراح قد يحظى ببعض االستحسان ‪ ،‬إال أن مشكلتين تظهران‪.‬‬
‫أوال‪ ،‬بسبب االرتباط الوثيق بين المعتقدات واالنفعاالت‪ ،‬فإن المحادثة مع ممارس فلسفي‪،‬‬
‫ستنتج في كثير من الحاالت تأثي ار عالجيا بشكل طبيعي‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬إذا أبلغت‬
‫إحدى العمالء أنها غير سعيدة للغاية ألنها زوجة سيئة (رأي صادر عن زوجها) ‪ ،‬فسوف‬
‫تشعر بطبيعة الحال بتحسن تجاه نفسها عندما تدرك أنها ليست زوجة سيئة‪ .‬في الواقع ‪ ،‬قد‬
‫تستعيد حتى الشعور بمفهومها الذاتي المستقل‪ .‬وبالتالي ‪ ،‬تجنب بوعي الهدف العالجي في‬
‫اإلرشاد الفلسفي يغفل فوائد التفكير الفلسفي السليم‪ .‬وثانيا ‪ ،‬قد يؤدي التنصل من هدف‬
‫عالجي إلى إرباك العميل بعدة طرق‪ .‬على سبيل المثال ‪ ،‬قد يبدو العميل غريبا للغاية إذا‬
‫اعترف المرشد الفلسفي بأن هدفه ليس إسعاد العميل‪ ،‬بل فقط لتوضيح تفكيره‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك‪ ،‬ال يتطلب األمر قد ار كبي ار من الخيال لنرى أن مثل هذا االعتراف قد يأتي بنتائج‬
‫عكسية ويترك العميل يتساءل عن جدوى طلب المساعدة من مرشد فلسفي‪ .‬لماذا تذهب إلى‬
‫مرشد فلسفي إذا لم يكن المرشد موجودا للمساعدة في تعزيز سعادة حياة العميل؟‬
‫على الرغم من المشكالت التي يواجهها المرشدون الفلسفيون‪ ،‬فإن الحركة نفسها ال تزال‬
‫دون عوائق‪ .‬ويسعى عدد متزايد من الفالسفة للحصول على شهادات من جمعيات االعتماد‬
‫ويقيمون ممارسات في الواليات المتحدة وأماكن أخرى‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬يمكن اآلن العثور‬
‫على الجمعيات والممارسين في كندا وألمانيا وهولندا والنرويج وانجلت ار وايرلندا وفنلندا وايطاليا‬
‫واليونان وتايوان وأستراليا واسبانيا وجنوب إفريقيا والب ارزيل والبرتغال وكوريا‪ .‬في حين إن‬
‫جميع البلدان لديها لوائح توجه المهنيين النموذجيين بشكل عام‪ ،‬يواجه المرشدون الفلسفيون‬
‫في الواليات المتحدة جمودا كبي ار ال يواجهه الممارسون اآلخرون في البلدان األخرى‪ .‬ثالثة‬
‫جديرة بالذكر‪.‬‬
‫أو ال‪ :‬على عكس البلدان األخرى‪ ،‬تمتلك صناعة الصحة النفسية في الواليات المتحدة‬
‫احتكا ار لمن يستطيع ومن ال يستطيع تقديم خدمات الصحة النفسية‪ .‬لذلك ‪ ،‬ما لم يحصل‬
‫الفيلسوف على درجة علمية من برنامج معتمد للصحة النفسية ‪ ،‬يجب أن يظل المرشدون‬
‫الفلسفيون المعتمدون على الهامش ‪ ،‬إذا جاز التعبير ‪ ،‬في انتظار مساعدة العمالء الذين لم‬
‫يستجيبوا ألساليب العالج التقليدية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أكبر خصم تواجهه حركة اإلرشاد الفلسفي هو من صناعة الصحة النفسية نفسها‪.‬‬
‫ا‬
‫حيث يشعر غالبية العاملين في مجال الصحة النفسية (وان لم يكن جميعهم) بقلق شديد‬
‫عندما يسمعون عن فيلسوف يقدم شيئا يشبه خدمات الصحة النفسية‪ .‬رد فعلهم مشابه لملء‬
‫النساء للمهن التي كان يشغلها الذكور تقليديا‪ .‬في بعض الحاالت‪ ،‬يصبح الذكور معاديين‬
‫للمرأة عندما يشعرون أن العشب في خطر‪ .‬بطريقة مماثلة ‪ ،‬يصبح علماء النفس معاديين‬
‫للفالسفة ألنهم يرون في ذلك تعديا غير مبرر على أراضيهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬يواجه المرشدون الفلسفيون أيضا عامة الناس المتشككين أو الجهل لهؤالء المرشدين‪.‬‬
‫يشير أحد تفسيرات عدم الثقة إلى الموقف الرقابي من قبل صناعة الصحة النفسية تجاه أي‬
‫اح عديدة‪ ،‬ليس المرشدون‬
‫نوع من العالجات النفسية البديلة خارج نطاق اختصاصهم‪ .‬من نو ٍ‬
‫الفلسفيون أفضل من ممارسي المعالجة المثلية‪ .‬الجهل بجهود المرشدين الفلسفيين قد يمكن‬
‫شرحها ببساطة من خالل اإلشارة إلى حقيقة أن الفرد العادي ‪ ،‬الذي لم يذهب إلى الكلية ‪،‬‬
‫ليس على دراية بما يجري في البيئات األكاديمية‪ .‬تفسير آخر‪ ،‬ويتفق بالتأكيد مع التفسير‬
‫األخير‪ ،‬يتحول إلى حقيقة أن معظم الناس يخافون أو يخجلون من طلب أي نوع من‬
‫المساعدة عندما يتعلق األمر بقضايا الصحة النفسية‪ .‬ستتم مناقشة هذه القضايا وغيرها في‬
‫لفصول هذا الكتاب‪.‬‬
‫من أجل تعزيز وتوضيح الموضوعات في اإلرشاد الفلسفي‪ ،‬تم تجميع األوراق لمجموعة‬
‫متنوعة من المؤلفين الذين تعرف آرائهم في مجال اإلرشاد الفلسفي‪ .‬وتجدر اإلشارة أيضا‬
‫إلى أن العديد من المؤلفين هم أيضا مرشدون في ممارستهم الفلسفية الخاصة لرؤية العمالء‬
‫على أساس منتظم‪ .‬وبالتالي‪ ،‬ال يمثل المؤلفون فقط الجهود األكاديمية العليا فيما يتعلق‬
‫باإلرشاد الفلسفي‪ ،‬فقد تم اختبار العديد من وجهات نظر الباحثين في خنادق الممارسة‬
‫الفلسفية‪.‬‬
‫لتسهيل المناقشة‪ ،‬تم تقسيم الفصول إلى ثالثة أقسام‪ .‬الجزء األول مخصص لبعض‬
‫القضايا األساسية والمقدمة في اإلرشاد الفلسفي‪ .‬يوضح الفصل األول الذي كتبه روجر‬
‫بادين أن اإلرشاد الفلسفي في فترة "ما قبل النموذج بحثا عن تعريف موحد‪ .‬وتستكشف سارة‬
‫والر ‪ ،‬العالقة المألوفة بين المعتقدات واالنفعاالت‪ ،‬وهي عالقة يفترض وجودها في معظم‪،‬‬
‫إن لم يكن كل‪ ،‬األساليب المعرفية للعالج النفسي واالستشارات الفلسفية‪ .‬ويتناول والر‬
‫المشكلة القديمة المتمثلة في الفصل بين االنفعال والعقل‪ .‬بعد والر ‪ ،‬تلفت ليديا أمير انتباهنا‬
‫إلى موضوع مهم ومهمل‪ ،‬أال وهو أن المرشدين الفلسفيين فشلوا في النظر في ثالثة‬
‫افتراضات أساسية تم طرحها في سياق اإلرشاد‪ ،‬والتي تجادل بأنها مشكوك فيها للغاية‬
‫وتحتاج إلى دعم تجريبي‪ .‬بعد ذلك ‪ ،‬يثير بن ميجوسكوفيتش‪ Mijuskovic‬مسألة مهمة‬
‫حول ما إذا كانت نظرية الوعي تحدث أي فرق عندما يتعلق األمر بالعالج‪ .‬يجادل‬
‫‪ Mijuskovic‬بشكل مقنع بأنه يفعل ذلك ويوضح اآلثار المترتبة على ذلك بالنسبة لمقاربات‬
‫مختلفة للعالج في إدارتها للتحديات البشرية الرئيسية ‪ ،‬على وجه الخصوص ‪ ،‬التعامل مع‬
‫الوحدة‪ .‬في الفصل األخير من الجزء األول ‪ ،‬يقدم جيمس تايلور وجهة النظر القائلة بأن‬
‫المرشدين الفلسفيين ال يحتاجون إلى القلق بشأن الشكوى من أن اإلرشاد الفلسفي ليس فلسفة‬
‫حقيقية‪ .‬ويجادل بأن بعض األساليب المستخدمة في سياقات اإلرشاد الفلسفي هي نفسها‬
‫المستخدمة في الفلسفة األكاديمية‪.‬‬
‫وخصص الجزء الثاني لتقديم األساليب المختلفة التي طورها المرشدون الفلسفيون‪ .‬مثل‬
‫هذه المناقشة مهمة لعدة أسباب‪ .‬أوال ‪ ،‬مثل الصناعة النفسية‪ ،‬من المهم توضيح أن‬
‫المرشدين الفلسفيين يمثلون مجموعة متنوعة من األساليب لإلرشاد الفلسفي‪ .‬ال شك أن قائمة‬
‫المؤلفين لدينا تمثل عينة صغيرة من األساليب المختلفة التي طورتها واستخدمتها الفالسفة‪.‬‬
‫ومع ذلك ‪ ،‬فإننا نؤكد أنه على الرغم من أن اختيارنا للمؤلفين ضئيل بالنسبة لعدد المناهج‬
‫الفلسفية المختلفة لتقديم اإلرشاد‪ ،‬فإن كل مؤلف يمثل نهجا فريدا ويساهم بشكل كبير في‬
‫األدبيات والطرائق المتزايدة المخصصة للممارسة الفلسفية‪ .‬وهناك موضوع ثابت في الجزء‬
‫الثاني من هذا الكتاب وفي الجزأين اآلخرين هو السؤال عن كيفية ارتباط اإلرشاد الفلسفي‬
‫والنفسي‪ ،‬أي أوجه التشابه واالختالف بينهما؛ وكيف يمثل كل نهج فهما بديهيا عمقا لما هو‬
‫مهم في حالة اإلرشاد‪ .‬في الواقع ‪ ،‬ما يقدمه الجزء الثاني من هذا المجلد ليس مجرد بدائل‬
‫للطرائق النفسية التقليدية ؛ على العكس من ذلك ‪ ،‬فهي تمثل حركة قوية تهدف إلى تشجيع‬
‫المرشدين النفسيين على التفكير بعمق في أهمية اإلرشاد الفلسفي فيما يتعلق بأهدافهم‬
‫ومشاريعهم‪.‬‬
‫في بداية الجزء الثاني‪ ،‬طور "ران الهف مفهوم "النظرة المحيطية للعالم"‪ .‬وفقا الهاف ‪،‬‬
‫يمتلك كل شخص وجهة نظر للعالم‪ ،‬وعلى هذا النحو‪ ،‬فهي تمثل وجهة نظر الشخص في‬
‫الحياة (على الرغم من أنه‪ ،‬كما يوضح الهاف‪ ،‬ناد ار ما يتم التعبير عنها بالكلمات)‪ .‬ومع‬
‫ذلك ‪ ،‬فإنه يفسر سبب تصرف الناس و (عادة) يتصرفون بالطريقة التي يتصرفون بها‪ .‬ومع‬
‫ذلك ‪ ،‬تذكرنا بشخص راسل الغريزي ‪ ،‬يوضح الهف أيضا أنه نظ ار ألن وجهات النظر‬
‫العالمية لها "محيط" ‪ ،‬فإن وجهات النظر العالمية تقصر الفرد غالبا على نظرة ضيقة للحياة‬
‫مع عواقب مؤسفة وخيمة‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬يجادل جون ميلز‪ ،‬من بين أمور أخرى ‪ ،‬بأن اإلرشاد‬
‫الفلسفي يحتاج إلى تبني نموذج "فلسفي‪-‬نفسي" انتقائي فلسفيا‪ ،‬والذي يتكون من أدوات‬
‫فلسفية ونفسية\‪ ،‬والتي تتضمن أيضا مناهج فلسفية بديلة‪ .‬بعد ميلز‪ ،‬إليوت يناقش كوهين‬
‫نظريته في العالج القائم على المنطق (‪ ، )3()LBT‬وهو شكل من أشكال اإلرشاد الفلسفي‬
‫المتجذر في نهج العالج النفسي المعروف باسم السلوك العقالني االنفعالي (‪.3)REBT‬‬
‫ويعتقد (‪ )LBT‬أن البشر يخلقون إلى حد كبير مشكالتهم االنفعالية والسلوكية من خالل‬
‫استنتاج االستنتاجات السلوكية واالنفعالية المدمرة والهزيمة الذاتية من مقدمات غير عقالنية‪.‬‬
‫بعد كوهين ‪ ،‬يناقش شلوميت شوستر‪ ،‬وهو مرشد فلسفي ممارس متفرغ ‪ ،‬الحاجة إلى مقاربة‬

‫‪3‬‬
‫‪-Rational motive behavioral therapy‬‬
‫"غير إكلينيكية" لإلرشاد الفلسفي ‪ ،‬بمقارنتها مع العالج النفسي‪ .‬باالعتماد على عمل مارتن‬
‫بوبر‪ ،‬تطور ماريا دافين از تيلمانس بعد ذلك منظو ار استشاريا يؤكد على حاجة المرشد إلى‬
‫فهم منظور "أنا أنت" (على عكس وجهة نظر "‪ - )"I-It‬وجهة نظر تحاول ربط الفجوة‬
‫واستعادة الثقة بين أنا المرشد وأخرى للعميل‪ .‬يختتم الجزء الثاني مع براين رويثر الذي يجمع‬
‫بين "انعكاسات المشاعر" لكارل روجر ومفهوم مارتن هايدجر عن "الحالة المزاجية" من أجل‬
‫توضيح الحياة االنفعالية للعميل‪ .‬وتركز وظيفة المرشد ‪ ،‬إذا جاز التعبير‪ ،‬على توضيح‬
‫الحالة المزاجية للعميل وعواطفه ومشاعره ضمن سياق "هنا واآلن" من أجل فهم كيفية عمله‬
‫في الحياة اليومية‪.‬‬
‫يتناول الجزء الثالث من هذا الكتاب القضايا التطبيقية في اإلرشاد الفلسفي‪ ،‬أي القضايا‬
‫العملية التي تنشأ في سياق اإلرشاد الفلسفي‪ .‬في حين إن هناك العديد من هذه القضايا التي‬
‫يمكن طرحها ‪ ،‬فإن هذا المجلد يناقش ثالثة‪ :‬استخدام الفلسفة الرواقية في اإلرشاد الفلسفي‬
‫والنفسي‪ .‬مسألة ما إذا كان على المرشدين الفلسفيين تشخيص المرشدين والى أي مدى؛ وما‬
‫إذا كان يجب ترخيص المرشدين الفلسفيين‪ .‬تم اختيار هذه القضايا العملية ألنها‪ ،‬تماشيا مع‬
‫موضوع هذا المجلد‪ ،‬تطرح أسئلة إرشادية حول العالقة بين الفلسفة واإلرشاد والعالج‬
‫النفسي‪ .‬في الفصل األول من الجزء الثالث‪ ،‬استند ويليام فيرايولو إلى الفلسفة الرواقية‬
‫القديمة‪ ،‬وخاصة فلسفة إبيكتيتوس‪ ،‬في محاولة إلظهار كيف يمكن استخدامها لعالج القلق‬
‫بنجاح في اإلرشاد الفلسفي‪ .‬بالتوسع في مناقشة ‪ Ferraiolo‬للرواقية ‪ ،‬يوضح عالم النفس‬
‫بيل كناوس بعد ذلك كيف يستخدم العالج النفسي أللبرت إليس لـ ‪ REBT‬رؤى ‪Epictetus‬‬
‫في عالج القلق والمماطلة والمشاكل المعرفية والسلوكية واالنفعالية ذات الصلة‪ .‬بعد ذلك‪،‬‬
‫يقدم بيتررابي ‪ Peter Raabe‬دراسة حالة لمحاولة إظهار أن التعاسة ليست اضط اربا دماغيا‬
‫يمكن تشخيصه‪ ،‬ويمكن عالجه باألدوية‪ ،‬بل هي حالة ذهنية مقترحة يمكن معالجتها بشكل‬
‫أفضل من خالل اإلرشاد الفلسفي‪ .‬بعد رابي ‪ ،‬يفحص صموئيل زينيش االبن موقف رابي‬
‫ضد تشخيص المرض العقلي في االستشارة الفلسفي ‪ ،‬ويطرح السؤال عما إذا كان‬
‫التشخيص يجب أن يكون جزءا من ممارسة فلسفية‪ .‬باستخدام فكرة "األمراض النفسية‬
‫المعروفة ثقافيا‪ ،‬يجادل بأن شكال محدودا من التشخيص مسموح به كما هو مطلوب‪.‬‬
‫استجابة لمسألة التشخيص هذه في اإلرشاد الفلسفي‪ ،‬يطبق إليوت كوهين منهجه القائم على‬
‫المنطق (‪4 )LBT‬في محاولة إلظهار أن التفكير المثالي يمكن أن يكون من أعراض‬
‫تصنيفات اضطراب القلق العام واالكتئاب الشديد في الدليل التشخيصي واإلحصائي‬
‫لالضطرابات النفسية‪ .‬أخي ار ‪ ،‬يحاول مايكل ديفيس اإلجابة عن السؤال حول ما إذا كان‬
‫الترخيص ضروريا حتى يتم اعتبار اإلرشاد الفلسفي مهنة‪ .‬ويستكشف ديفيس أيضا ما يعتبره‬
‫مزايا (وعيوب) الترخيص والتسجيل واصدار الشهادات للمرشدين الفلسفيين‪.‬‬
‫في التقسيم الثالثي األجزاء لهذا الكتاب‪ ،‬يحاول المحررون لفصول هذا الكتاب على‬
‫بعض األسئلة المفاهيمية واإلجرائية والعملية األكثر إلحاحا واألهمية التي أثارتها الحركة‬
‫المتنامية لإلرشاد الفلسفي‪ .‬بينما تضمنت وجهات النظر ال تكاد تكون شاملة لجميع القضايا‬
‫التي أثارتها هذه الحركة‪ ،‬فهي تهدف إلى تحفيز الفكر المستقبلي بين المرشدين الفلسفيين‬
‫والفالسفة وممارسي الصحة النفسية والطالب في تخصصاتهم الخاصة‪ .‬يعتقد المحررون‬
‫اعتقادا راسخا أنه فقط من خالل مثل هذا النهج متعدد التخصصات‪ ،‬وهو النهج الذي‬
‫يشارك فيه الفالسفة باإلضافة إلى علماء النفس وغيرهم من علماء وممارسو الصحة النفسية‬
‫أفكارهم‪ ،‬فإن هذه التخصصات ستوسع آفاقهم بشكل متآزر‪ .‬ونأمل بكل احترام أن يوفر هذا‬
‫الكتاب مثل هذا المنتدى المفيد لتحفيز المزيد من النقاش لألجيال القادمة في الحاضر‬
‫والمستقبل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫‪- Logic-Based therapy‬‬
‫فهرس الكتاب‬

‫احملتويات‬
‫إهداء‬

‫شكر وتقدير‬

‫مقدمة الكتاب‬

‫تقديم الكتاب‬

‫الفصل األول اإلرشاد والعالج الفلسفي مفهومه وتاريخه‬

‫الفصل الثاني اإلرشاد الفلسفي‪-‬المبادئ‪ ،‬الحدود‪ ،‬ودور المرشد الفلسفي‬

‫الفصل الثالث‪ :‬كيف يعمل اإلرشاد الفلسفي؟ الحكم والتفسير‬

‫الفصل الخامس‪:‬نظريات الوعي‪ ،‬العالج ‪ ،‬والشعور بالوحدة‬

‫الفصل السادس‪:‬القيمة المركزية لإلرشاد الفلسفي‬

‫الفصل السابع ‪:‬مناهج اإلرشاد الفلسفي والتحول الذاتي‬

‫الفصل الثامن ‪:‬العالج القائم على المنطق وفرضياته‬

‫الفصل التاسع ‪:‬التشخيص الفلسفي الذاتي والمساعدة الذاتية‪ -‬توضيح‬


‫الممارسة غير السريرية لالستشارات الفلسفية‬
‫اإلرشاد الفلسفي‪ :‬فهم الذات الفريدة من خالل الحوار‪:‬الفصل العاشر‬

‫الفصل الحادي عشر‪:‬القلق‪ ،‬والتغيير‪ ،‬والتسويف‬

‫الفصل الثاني عشر استخالص الحياة النفعالية‪ :‬نهج فلسفي انتقائي للعالج‬
‫النفسي‬
‫الفصل الثالث عشر‪ :‬اإلرشاد الفلسفي والصحة النفسية‬

‫قائمة المراجع‬

You might also like