You are on page 1of 4

‫المبحث الثاني‪ :‬تسخير الكون ومسؤوليّة اإلنسان‬

‫المسألة الثانية‪ :‬اإلنسان ووعي ال ّزمن‬

‫الدرس الرابع‪ :‬الزمن والبناء الحضاري‬

‫مقوما لل ّنهضة ؟ ‪.‬‬ ‫اإلشكالية‪ :‬كيف يكون ّ‬


‫الزمن ّ‬

‫الزمن في الفكر اإلسالمي‬ ‫‪ /1‬منزلة ّ‬


‫الزمن في اإلسالم‪ :‬نعمة ومسؤولية‪ ،‬يجب شكر المنعم (هللا) عليها‪ ،‬ومن الوسائل العمل ّي ة‬ ‫ّ‬
‫(ال ّتطبيقية) ال ّتي يح ّقق من خاللها اإلنسانُ الشكر‪.‬‬
‫‪ ‬المحافظة على الوقت وإحكام توظيفه وعدم تضييعه‪.‬‬
‫الزمن فيما يعود بال ّنفع على الفرد والمجتمع في ال ّدنيا واآلخرة‪.‬‬
‫‪ ‬ضرورة استثمار ّ‬
‫الزمن مسؤولية (أمانة) سيحاسب كل ّ إنسان على كيف ّية ال ّتصرف فيه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪‬‬
‫الرسول صلّى هللا عليه وسلّم "ال تزول قدما عبد يوم القيام ة ح ّتى ُيس أل عن أرب ع‪ :‬عن عم ره فيم‬
‫قال ّ‬
‫أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيم أباله‪ ،‬وعن ماله من أين اكتس به وفيم أنفق ه‪ ،‬وعن علم ه م اذا عم ل في ه؟ رواه‬
‫الترمذي‬

‫‪ /2‬اغتنام الوقت والمبادرة‬


‫قال تعالى‪":‬و ُيسارعون في الخيرات" آل عمران ‪114‬‬
‫قال تعالى‪":‬فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم هللا جميعا إنّ هللا على كل ّ شيء قدير" البقرة ‪148‬‬
‫وصحتك‬
‫ّ‬ ‫الرسول صلّى هللا عليه وسلّم لرجل وهو يعظه‪":‬اغتنم خمسا قبل خمس‪ :‬شبابك قبل هرمك‪،‬‬ ‫قال ّ‬
‫قبل سقمك‪ ،‬وغناك قبل فقرك‪،‬وفراغك قبل شغلك‪ ،‬وحياتك قبل موتك" المستدرك للحاكم ‪216 / 18‬‬
‫في المسارعة في الخيرات واستباقها واغتنام الخمس‪ ،‬تحقيق لفاعل ّي ة إيجاب ّي ة‬
‫لإلنسان في الحياة‪.‬‬

‫الزمان‬‫‪ /3‬ال ّنهي عن شكوى ّ‬


‫يب دو أنّ الع رب في الجاهل ّي ة انطالق ا من وث نيتهم‪ ،‬أو تص ّورهم الخ اص لأللوه ّي ة ك انوا‬
‫قوة خف ّية‪ ،‬ت ّتسم غالبا بالق درة على‬
‫ينسبون ما يحدث لهم من كوارث ونوازل ومصائب إلى ّ‬
‫قوة ال دّ هر فك انوا يس ّبون ال دّ هر عن د ال ّن وازل والح وادث والمص ائب‬
‫الهدم واإلفناء‪ ،‬وهي ّ‬
‫ال ّنازلة بهم من موت أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون‪" :‬ي ا خيب ة ال ّدهر"‪ ،‬ونح و ه ذا من‬
‫سب الدّ هر‪.‬‬
‫ألفاظ ّ‬
‫ومع مجيء اإلسالم‪ ،‬حاول الرسول ص لى هللا علي ه وس لّم تص حيح ه ذا المفه وم الخ اطئ‪،‬‬
‫سب الدّ هر‪ ،‬ألنّ الس ّب إ ّنم ا يق ع على هللا تع الى‪ ،‬وه و‬ ‫والذي كان منتشرا آنذاك‪ ،‬فنهى عن ّ‬
‫شر‪ .‬فكان ال ّن بي ص لّى هللا علي ه وس لّم يق ول‬ ‫الفاعل الحقيقي للحوادث أ ّيا كانت من خير أو ّ‬
‫لهم‪ ":‬ال تس ّبوا الدّ هر فإن هللا ه و ال دّ هر" مس لم‪ .‬وق ال رس ول هللا ص لّى هللا علي ه وس لّم‪:‬‬
‫س ّب بنو آدم الدّ هر وأنا الدّ هر بيدي ال ّليل وال ّنهار" البخاري‬ ‫"قال هللا‪ :‬ي ُ‬
‫في قوله تعالى‪":‬أنا الدّ هر" أي أنا صاحب ال ّدهر وم د ّبر األم ور ال ّتي ينس بونها إلى‬
‫سب الدّ هر من أجل أ ّنه فاعل هذه األمور عاد س ّبه إلى ر ّب ه ال ذي ه و فاعله ا‪،‬‬ ‫الدّ هر‪ ،‬فمن ّ‬
‫سب هللا تعالى‪.‬‬
‫سب ال ّدهر فقد ّ‬ ‫فمن ّ‬
‫ومن نتائج شكوى الزمن‪:‬‬
‫بسب هللا المقدّ ر للكون والمد ّبر له‪.‬‬
‫ّ‬ ‫‪ ‬مخالفة لل ّتوحيد‬
‫سلبية بتبرئة ال ّنفس وا ّتهام الزمان‪.‬‬ ‫صل من المسؤولية وتبرير لل ّ‬ ‫‪ ‬تن ّ‬
‫الزمن نتيجة ال ّتشكي بدل الفاعل ّية وال ّتوكل الحق‪.‬‬ ‫‪ ‬عدم وعي ّ‬
‫قال الشافعي‪:‬‬
‫نعيب زماننا والع ْيب فينا وما ل َِزماننا َع ْي ٌ‬
‫ب سِ َوانا‪.‬‬

‫مقومات ال ّنهضة‬‫الزمن من ّ‬ ‫‪ /4‬وعي ّ‬


‫الزمن بين الثروة والعدم‬ ‫أ‪ّ /‬‬
‫الزمن (فراغ) ‪ /‬عدم (‪)-‬‬ ‫الزمن ثروة (‪)+‬‬
‫عند تنافر اإلنسان وال ّتراب والوقت‬ ‫عن**د تكام**ل اإلنس**ان م**ع التّ**راب (المك**ان)‬
‫والوقت (ال ّزمن)‬
‫عند إهدار (تضييع) ّ‬
‫الزمن‬ ‫عند وعي الزمن‬
‫عند الغفلة عن منزلة ّ‬
‫الزمن‬ ‫عند التّنبه إلى قيمة ال ّزمن‬
‫والس لبية وال ّتس ويف‬
‫ّ‬ ‫عند البطالة والجم ود‬ ‫عند االغتنام والمبادرة‬
‫وال ّتأجيل المفتوح‬
‫عند ركود اإلنسان وغياب الفاعلية‬ ‫عند فعالية اإلنسان في التّاريخ‬
‫عند العبث ّية في ال ّنظرة إلى الحياة‬ ‫عند اإلحساس بالغاية من الوجود‬
‫الزمن وال ّتنصل من المسؤولية‪.‬‬ ‫عند شكوى ّ‬ ‫عند النّقد الذاتي وتح ّمل المسؤولية‬

‫تخلّف المسلمين‬ ‫تقدم المسلمين‬


‫االنحطاط‬ ‫االزدهار‬
‫* الحضارة عند "مالك بن نبي"‪:‬‬
‫الوقت‬ ‫‪+‬‬ ‫ال ّتراب‬ ‫‪+‬‬ ‫اإلنسان‬

‫مساحة متاحة لتوظيف‬ ‫منه ُخل َِق ومنه وعليه‬ ‫قدرة فاعلة وعقل مد ّبر‬
‫هذه القدرات واستغالل هذا ال ّتراب‬ ‫وبه يعيش اإلنسان‬ ‫حرة (جسد وروح)‬ ‫إرادة ّ‬

‫بالزمن‪.‬‬‫ال أهم ّية لل ّتراب وإلنسان إذا غاب الوعي ّ‬


‫القض ّية ليس ت قض ّية أدوات وإمكاني ات‪ ،‬وإ ّنم ا قض ّية اإلنس ان نفس ه‪ ،‬ف إذا تح ّرك‬
‫تحرك المجتمع وال ّتاريخ‪.‬‬
‫اإلنسان ّ‬
‫ــ إنّ البناء الحضاري ال يعني القطع الكلي مع تاريخنا وتراثنا (الماضي) بدعوى ال ّتح ديث‬
‫ومواكبة العصر‪ ،‬وإ ّنما يكون بال ّتفاعل اإليجابي مع الواقع (اآلن وهنا) م ع ض رورة األخ ذ‬
‫من القديم (التراث) عناصره اإليجابية ال ّتي تحفزن ا على العم ل واإلب داع‪ ،‬يكفي ل ذلك على‬
‫سبيل المثال ال الحص ر‪ :‬إع ادة تفعي ل مب دأ تق ديس ال وقت ورفض اإلهم ال وال ّت راخي في‬
‫العم ل ال ذي ق امت علي ه الحض ارة واإلس المية في أوج ازدهاره ا أي في الق رنين الث امن‬
‫والتاسع للميالد "الوقت من ذهب" ‪" ،‬الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك"‪...‬‬
‫ب‪ /‬أبعاد مصطلح ّ‬
‫الزمن‪:‬‬
‫قال تعالى‪":‬الذي خلق الموت والحياة ل َي ْبلُ َو ُكم أ ّيكم أحسن عمال وهو العزيز الغفور" الملك‪2‬‬
‫وقال تعالى‪":‬فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا ي أت بكم هللا جميع ا إنّ هللا على ك ل ّ ش يء ق دير" البق رة‬
‫‪148‬‬
‫"أبعاد مصطلح "وعي ال ّزمن"‬
‫أمانة‬ ‫وعي ال ّزمن يجعل اإلنسان ينظر إلى ال ّزمن على أنّه‪:‬‬
‫وعي ال ّزمن يجعل اإلنسان يعي أنّ هللا أوجده في هذه الحياة لغاية ليبلوه‬
‫ال ّتسابق في الخيرات‬ ‫وعي ال ّزمن يدفع اإلنسان في حياته إلى‪:‬‬
‫قيمته عند هللا‬ ‫وعي ال ّزمن سعادة في عالقة العبد بخالقه إذ به ترتفع‬
‫ّلذة نفس ّية عظيمة‬ ‫وعي ال ّزمن سعادة في عالقة اإلنسان بنفسه إذ يحقّق له‪:‬‬
‫المجتم ع وفي البيئ ة والك ون‬ ‫وعي ال ّزمن حضور عالمي يتجلّى في إيجابيّة اإلنسان في‪:‬‬
‫واإلنسانية‪.‬‬

‫الزمن األخروي بالفعل في ّ‬


‫الزمن الدّنيوي‬ ‫‪ /5‬عالقة ّ‬
‫الزمن األخروي ال يلغي الفعل في ّ‬
‫الزمن الدّنيوي‪:‬‬ ‫أ‪ /‬وعي ّ‬
‫الش هادة) ب دعوى االهتم ام ب اآلخرة‪ ،‬ليس وعي ا لل ّزمن‬
‫ــ ترك الفاعل ّي ة في ال دّ نيا (ع الم ّ‬
‫األخروي وال وعيا للدّين‪.‬‬
‫بالزمن األخروي (عالم الغيب‪ /‬اآلخرة) ليس قف زا على ع الم الش هادة في حقيق ة‬ ‫ــ الوعي ّ‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ويوجهه‪:‬‬
‫ّ‬ ‫الزمن األخروي ين ّمي الفعل في ّ‬
‫الزمن ال ّدنيوي‬ ‫ب‪ /‬وعي ّ‬
‫قال تعالى‪":‬يا أ ّيها اإلنسان إ ّنك كادح إلى ر ّبك كدحا فمالقيه" االنشقاق‪6‬‬
‫ــ جعل هللا ال ّتسابق في الخيرات نابعا من ن ّية اإلنسان وهدف ه وجهت ه ورب ط ه ذا ال ّتس ابق‬
‫بمصير اإلنسان‪ .‬قال تع الى‪":‬فاس تبقوا الخ يرات أين م ا تكون وا ي أت بكم هللا جميع ا إنّ هللا على ك ل ّ‬
‫شيء قدير" البقرة ‪148‬‬
‫ال ّداللة‬ ‫العبارات من اآلية‬
‫دعوة إلى الفاعلية‪.‬‬ ‫"فاس َت ِبقُوا"‬
‫ْ‬
‫توجيه لهذه الفاعل ّية نحو الخير‪.‬‬ ‫"الخيرات"‬
‫يح ّمل اإلنسان مسؤول ّية فعله في ال ّزمن ال دّ نيوي‪ ،‬فم ا س يختاره ك ل ّ‬ ‫"يأت بكم هللا جميعا"‬
‫إنسان من فعل في الدّ نيا سيحاسب عليه في اآلخرة‪.‬‬

‫شعوب المتق ّدمة في المدن ّية قد وعت قيمة ّ‬


‫الزمن في الفعل الحضاري‪ ،‬ف إنّ ه ذا‬ ‫إذا كانت ال ّ‬
‫الراهنة (العص ر الحاض ر) ولم تتعلّم ض بط‬
‫الوعي قد غاب عن العقل ّية العرب ّية واإلسالمية ّ‬
‫حظها من ال ّتقدم الحضاري ح ّظا زهيدا‪.‬‬
‫الزمني‪ ،‬فكان ّ‬ ‫العمل في سياقه ّ‬

You might also like