You are on page 1of 5

‫ماستر الفلسفة والفكر المعاصر‬

‫الوحدة‪ :‬الفلسفة النقدية المعاصرة‬

‫المشرف‪ :‬ذ‪ .‬عادل حدجامي‬

‫تمرين بعنوان "جدل الرغبة‪ :‬السيادة والعبودية"‬

‫‪AMINE LAMHARRES‬‬
‫‪17017792‬‬
‫جدل الرغبة‪ :‬العبد والسيد‬
‫من أين نبدأ الحديث عن جدل الرغبة‪ ،‬وتحديدا جدل السيادة والعبودية؟ لزام أن نتبينَ معنى‬
‫الجدل كما يعنيه هيجل داخل نسقه‪ .‬الجدل عند هيجل منهج في تعقل األشياء الجدلية‪ ،‬فما‬
‫الذي يعنيه بالجدل؟ نجده يقسمه لثالثة لحظات «لحظة الهوية الشيء هو نفسه‪ ،‬أ هي أ‪،...‬‬
‫ثم فلحظة التناقض ما ليس أ فهو ب وهي لحظة النفي الذاتي‪ ،...‬فنصل للحظة الثالثة‪،‬‬
‫يمكن القول أنها لحظة التأمل‪ ،‬في هذه اللحظة الهوية الموجبة ل أ تنفي ذاتها لتصبح ب‪،‬‬
‫و ب التي تنفي ذاتها لتصبح أ»‪ 1‬في حين أن الجدلي « بالنسبة لهيجل‪ ،‬أفالطون هو أول‬
‫من وضع الجدلي بمقابلته بين الواحد والمتعدد‪ ...‬بموجب الجدلي تكون الحركة مبدأ كل‬
‫شيء وكل حياة‪ ،‬فكل ما يحيط بنا يمكن أن نسميه جدلي»‪ 2‬وأناط بالجدل وظيفتين‪ ،‬أولهما‪،‬‬
‫المنهج الذي يدخل عنصر "الزمن" في التفكير وبذلك فهو يُظهر األشياء في تناقض « إذا‬
‫كان الفهم الدّارج يحصر التناقض في القول وفي التفكير‪ ،‬حين تتعارض فرضيتين مثال‪،‬‬
‫مع هيجل التناقض يحيط بنا من كل صوب»‪ ،3‬وهو بهذا يتجاوز المنهج الذي ينظر في‬
‫األشياء بتجريد أي بمعزل عن الزمن‪ ،‬إذ به يقتطع لحظة من الصيرورة‪.‬‬

‫إذا بعد تبين معنى الجدل باقتضاب وجب أن ننظر إليه بجانب مفهوم الرغبة وبالخصوص‬
‫جدل السيادة والعبودية‪ ،‬فهذه اللحظة تأتي بعد لحظتين‪ ،‬لحظة االغتراب‪ :‬التعلق بموضوع‬
‫خارجي « اإلنسان الذي يتأمل هو َ‬
‫غائِص في الشيء الذي يتأمله‪ ،‬فالذات الواعية تتيه في‬
‫الموضوع»‪ 4‬ثم لحظة العودة إلى الذات «اإلنسان الغاطس في الموضوع الذي يتأمله ال‬
‫يستطيع العودة إلى ذاته إال عبر الرغبة‪ :‬مثال كالرغبة في األكل»‪ ، 5‬حينها تفهم الذات أن‬
‫حقيقة الموضوع قائمة في الذات نفسها‪ ،‬هنا الذات تعرف أنها رغبة خالصة‪ ،‬إذن هنا ينبغي‬
‫أن نعرف ماذا تعني الرغبة في لحظة جدل السيادة والعبودية‪« :‬الرغبة تريد إلى شيء غير‬
‫طبيعي يتجاوز الواقع المعطى‪ ،‬ووحدها الرغبة هي ما يتجاوز المعطى هي الرغبة‪ ...‬فهي‬

‫‪1) Bourgeois Bernard, Vocabulaire de Hegel, Ellipses, 2000, p 22.‬‬


‫‪2) Ibidem.‬‬
‫‪3) Ibid p 20.‬‬
‫‪4) Kojeve Alexandre, Introduction à la lecture de Hegel, Gallimard, 1947, p 11.‬‬
‫‪5)Ibidem.‬‬
‫خلو وعدم إن لم تجعل لنفسها موضوعا»‪ 6‬فبعدما سعت الذات للرد الموضوعات لها‪،‬‬
‫ٌ‬
‫لتخرجها من العدم‪ ،‬على اعتبار أن اإلنسان حين يعي العالم فهو ينشئه‪ .‬العالم ينتهي بموتي‬
‫كما يقول بيركلي‪.‬‬

‫في لحظة معينة من الوعي‪ ،‬تصطدم الذات بعنصر جديد‪ ،‬بالتقائها برغبات أخرى‪ ،‬تساويه‬
‫في درجة الوعي‪ ،‬بالتالي يطرح السؤال هنا كيف ستحقق هذه الذات ذاتها أمام الذوات‬
‫األخرى؟ كيف تحقق هذه الذات رغبتها أمام األغيار؟ « الرغبة بما هي رغبة فهي ترغب‬
‫في قيمة»‪ 7‬عبر الصراع يتم لها ذلك بغية تحقيق االعتراف أو انتزاعه‪ ،‬ويجب شرح‬
‫المقصد من االعتراف «اإلنسان ال يكون إنسانا إال بالقدر الذي يخاطر بحياته (الحيوانية)‬
‫من أجل رغبته اإلنسانية»‪ ،8‬إذن بما أن الرغبات األخرى التي تقع أمام الذات لها نفس‬
‫الخصائص التي ذُ ِكرت سلفا‪ ،‬بالتالي فهو ال يُقَد ُم تلقائيا‪ ،‬بل هو نتاج صراع‪ :‬الذات ال يتم‬
‫لها الوعي بذاتها‪ ،‬كما في جدل الوعي الحسي األول‪ ،‬أي حينما تطوع الموضوع وتجعل‬
‫وجوده قرين بوجدها "مرحلة الوعي الحسي"‪ ،‬هنا في هذه المرحلة من الجدل ال يتحقق‬
‫الوعي بالذات إال عبر صراع «فاإلنسان يحقق إنسانيته بالقدر الذي إذا يخاطر بحياته‬
‫ليشبع رغبته اإلنسانية‪ ،‬أي رغبته التي تنصب على رغبة أخرى»‪ ،9‬كيف ذلك؟ إن الذات‬
‫ال تعي وجودها إال باعتبارها تتميز عن "الشيئية" وبالتالي عن الحيوانية‪ ،‬وال يتحقق لها هذا‬
‫األمر إال حين تتجاوز وضعها البيولوجي الذي ال يتجاوز حاجيات األكل والتكاثر‪ .‬من تم‬
‫كان هذا التجاوز هو ابتعادا عن ما هو مادي شيئي وتتعلق بما ليس مادي‪ ،‬والذي ليس مادي‬
‫هي الرغبة نفسها‪ ،‬بالتالي ستتعلق الذات برغبات األخرى لتضحي بالجانب المادي فيها‪،‬‬
‫فكرامتها ال تتحقق إال بهذا الشرط‪.‬‬

‫إذن حفظ الكرامة يكون بالسيادة على الرغبة األخرى‪ ،‬ثم فقدانها يكون حينما ال تقدر الذات‬
‫على أن تتخلى على البيولوجي فيها‪ ،‬إذ هو يبقى في وضع الحيوان‪ ،‬من هنا إذن هناك‬
‫الكرامة مقابل حيوانية اإلنسان‪ ،‬الذي تكون له كرامة يكون هو السيد‪ ،‬والذي ال يقدر على‬

‫‪6) Ibid p 12.‬‬


‫‪7) Ibid p 14.‬‬
‫‪8) Ibidem.‬‬
‫‪9) Ibidem.‬‬
‫التخلي عن الجزء الحيواني فيه هو العبد‪ ،‬كيف تتجلى الحيوانية والكرامة بشكل خاص؟‬
‫الكرامة تتحقق بقدر ما ال تهاب الذات الموت‪ ،‬فالمحك هنا هو الخوف‪ « ،‬المخاطرة‬
‫بالحياة‪ ،‬تلك المخاطرة التي يظهر عن طريقها الواقع البشري‪ ،‬هي مخاطرة تتوقف على‬
‫تلك الرغبة‪ .‬وعليه فإن الحديث عن “أصل” الوعي بالذات يعني بالضرورة الحديث عن‬
‫بالتالي الذي ال يهاب الموت يكون هو الذي‬ ‫‪10‬‬
‫صراع حتى الموت من أجل االعتراف‪».‬‬
‫يحقق شرط السيادة‪ ،‬أما الحيوانية تتجلى في الخوف من الموت وبذلك هذه الذات هي ما‬
‫يجسد العبودية‪ ،‬وهذا ما يحصل في الحرب‪ ،‬يكون رهان الخوف والموت حاضر‪ ،‬فالذي‬
‫يستطيع التغلب على هذين الشرطين‪ ،‬الخوف والموت‪ ،‬هو من يستطيع أن يسود برغبته‪ ،‬ما‬
‫يجعل هذه اللحظة تتحدد بطابعها التراجيدي‪.‬‬

‫يجب التفصيل في هذه الحرب التي تضع تخوما لها الموت‪ ،‬في هذه الحرب يكون شرط أن‬
‫ترى ذوات األخرى كموضوعات‪ ،‬فاآلخر يصعب على الذات أن تستدمجه‪ ،‬وهي ال تمنح‬
‫االعتراف إال بشيء من التخلي عن الذات‪ ،‬فاالعتراف ال يتأتى إال بقدر ما تستطيع الذات‬
‫مجابهة الخوف من الموت‪ .‬بالتالي االعتراف يستلزم وجود اآلخر « لكي يتشكل الواقع‬
‫البشري كواقع معترف به‪ ،‬ينبغي أن يبقي الخصمان على قيد الحياة بعد صراعهما‪،11».‬‬
‫فالصراع يبدأ بجعل الذات األخرى كمعطى‪ ،‬كشيء‪ ،‬ثم تعترف بالذات بعد ذلك في‬
‫الصراع‪ ،‬فهذا يتم بشكل متقابل داخل هذه الحرب‪ ،‬وبداية المجتمع والسياسة واألخالق تتأتى‬
‫بعد هذا الصراع‪.‬‬

‫من هنا تكون كل رغبة هي تابعة‪ ،‬بجعلها لالعتراف غاية لها‪ ،‬ال يتحقق ذلك إال بحرب تبلغ‬
‫حد الموت‪ ،‬والذي ال يهاب الموت يغنم االعتراف وبذلك تكون له السيادة على العبد الذي‬
‫بسط الخوف من الموت سلطته عليه‪ .‬أيضا ال يتحقق الوعي بالذات إال على هذا المراس‪،‬‬
‫على الرهان‪« :‬المخاطرة التي يظهر عن طريقها الواقع البشري‪ ،‬هي مخاطرة تتوقف على‬
‫تلك الرغبة‪ .‬وعليه فإن الحديث عن “أصل” الوعي بالذات يعني بالضرورة الحديث عن‬

‫‪10) Ibidem.‬‬
‫‪11) Ibid p 15.‬‬
‫فهذا الصراع هو الذي يجعل الحياة ممكنة‪،‬‬ ‫‪12‬‬
‫صراع حتى الموت من أجل االعتراف‪».‬‬
‫وعلى شرطه تأسس الحياة اإلنسانية‪ ،‬ال بد من صراع رغبات كي تستمر التجربة اإلنسانية‬
‫على هذه األرض‪ ،‬الصراع حول االعتراف‪ ،‬على أساسه ينشأ ويظهر للسطح ما يظهر من‬
‫أخالق وسياسة‪ ،‬الخلفية لكل هذه القيم التي تظهر والتي يمتلكها اإلنسان هي نتيجة هذا‬
‫الصراع من أجل االعتراف‪ ،‬ما يؤسس الواقع المجتمعي هو هذا الصراع‪ « :‬إذا كان الواقع‬
‫اإلنساني ال يمكن أن يتركب إال كواقع اجتماعي‪ ،‬فإن المجتمع ال يكون إنسانية ‪-‬على األقل‬
‫كي يتأسس الواقع‬ ‫‪13‬‬
‫في أصله– إال شريطة أن يستلزم عنصرا للسيادة وآخر للعبودية»‬
‫خاضع و ُم ْخ ِ‬
‫ضع‪ ،‬خاضع هو العبد و ُمخضع هو السيد‪ ،‬وكي يتحقق‬ ‫ِ‬ ‫اإلنساني إذن ال بد من‬
‫أي‬ ‫‪14‬‬
‫الوعي بالذات « يعني بالضرورة الحديث عن استقالل الوعي بالذات وخضوعه»‬
‫أنه يستلزم طرفا له استقاللية في الوعي بذاته‪ ،‬وطرف آخر وعي بذاته ُمتَ َوسط‬
‫‪ . médiatiser‬على أن ال نفهم أن استقاللية الوعي كما عند نيتشه الذي يخرج السيد أصال‬
‫من الدياليكتيك وباعتباره ال يقوم برد فعل‪ ،‬السيد عند نيتشه يفعل وفق صيغة ‪schéma‬‬
‫حيث الغرائز ال تظل مستبطنة‪.15‬‬

‫‪12) Ibid p 14.‬‬


‫‪13) Ibid p 15.‬‬
‫‪14) Ibid p 15.‬‬
‫‪15) Gilles Deleuze, Nietzsche et la philosophie, partie intitulé [ contre la Dialectique].‬‬

You might also like