You are on page 1of 6

‫‪‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫وزارة التعليم‬
‫جامعة القصيم‬
‫كلية الشريعة والدراسات اإلسالمية‬
‫وحدة خدمة المجتمع‬

‫حكم إخراج (التمر) يف زكاة الفطر‬

‫أ‪.‬د أمحد بن دمحم اخلليل‬


‫األستاذ بقسم الفقه ‪1441/9/20‬هـ‬

‫احلمد هلل رب العادلني وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آله وصحبه أمجعني‪،‬‬
‫أما بعد‪:‬‬

‫فالتَّمر من األصناف ادلنصوص على أهنا تـجزئ يف زكاة الفطر‪ ،‬كما جاء يف حديث‬
‫أيب سعيد اخلدري هنع هللا يضر‪ :‬كنا خنرج يف عهد رسول هللا ﷺ يوم الفطر صاعا من‬
‫الزبِيب واألقِط والتَّمر»(‪.)1‬‬
‫عامنا الشَّعًِن و َّ‬
‫طعام‪ ،‬وقال أبو سعيد هنع هللا يضر‪« :‬وكا َن طَ َ‬
‫وقد ُحكي اإلمجاع على أنو يـجزئ يف زكاة الفطر‪.‬‬
‫الصحابة يـخرجون التَّمر وي ِ‬
‫قدمونو على غًنه‪.‬‬ ‫بل كان َّ‬
‫قال ابن قدامة‪:‬‬
‫(إمنا اختار أمحد إخراج التَّمر اقتداء أبصحاب رسول هللا ﷺ؛ واتباعا ذلم‪ ،‬وروى‬
‫إبسناده عن أيب رللز قال‪ :‬قلت البن عمر هنع هللا يضر‪ :‬إن هللا قد أوسع‪ ،‬والرب أفضل من‬

‫(‪ )1‬أخرجو البخاري (‪)151١‬‬


‫)‪(1‬‬
‫التَّمر قال‪« :‬إن أصحايب سلكوا طريقا ‪ ،‬وأان أحب أن أسلكو»‪ ،‬وظاىر ىذا أن‬
‫الصحابة كانوا خيرجون التَّمر فأحب ابن عمر موافقتهم‪ ،‬وسلوك طريقتهم‪،‬‬
‫مجاعة َّ‬
‫(‪)2‬‬
‫أيضا االقتداء هبم واتباعهم)‬
‫وأحب أمحد ً‬
‫غري أن بعض األفاضل من أىل عصران يرى أنو يف وقتنا م يعد التَّمر قوات غالبًا يف‬
‫غذاء النَّاس ابلدرجة اليت كان عليها يف عصر النيب ﷺ‪ ،‬بل ىو يف عصران فاكهة‬
‫يتَـ َف َّكو هبا النَّاس؛ بناء عليو يرى أنه ال جيزئ إخراج التَّمر يف زكاة الفطر يف‬
‫عصران‪.‬‬
‫وقد كتبت ىذا البحث ادلختصر يف بيان أن هذا القول مرجوح‪ ،‬وأنو جيوز إخراج‬
‫التَّمر يف زكاة الفطر يف عصران‪.‬‬

‫ورتبتو يف ثالثة مطالب‪:‬‬


‫ادلطلب األول‪ :‬يف منزلة التَّمر يف عرف أىل عصران‪.‬‬
‫ادلطلب الثاين‪ :‬يف حترير ادلراد ابلقوت يف كالم الفقهاء وىل يشرتط فيما يكون قوات‬
‫أن يكون ىو الغالب‪.‬‬
‫الراجح‪.‬‬
‫ادلطلب الثالث‪ :‬يف مؤيدات القول َّ‬
‫السداد‪ ،‬واإلصابة‪ ،‬إنو جواد كرمي‪.‬‬
‫وهللا أسأل التَّوفيق‪ ،‬و َّ‬
‫وصلى هللا وسلم على نبينا دمحم وعلى آلو وصحبو أمجعٌن‬
‫كتبو‪/‬‬
‫أ‪.‬د‪ .‬أمحد بن دمحم اخلليل‬
‫يف رلالس آخرىا‬
‫‪ /14‬رمضان ‪1441 /‬ىـ‬

‫(‪ )2‬ادلغين البن قدامة ‪.291/4‬‬


‫)‪(2‬‬
‫ادلطلب األول‪:‬‬
‫يف منزلة التَّمر يف عرف أهل عصران‪.‬‬

‫ال شك أن التَّمر كان قوات غالبًا قدديًا‪ ،‬و لو مكانو أكرب من مكانتو اليوم‪ ،‬ىذا ال‬
‫ينكره أحد‪.‬‬
‫لكن يف ادلقابل اعتبار التَّمر يف عصران كسائر الفاكهة يف عرف الناس‪ ،‬ىذا فيو‬
‫مبالغة كبًنة‪ ،‬فالتَّمر غذاء أساسي يتناولو الكثًن من الناس يوميًا ‪-‬أو شبو يومي‪-‬‬
‫وليس كسائر الفاكهة‪ ،‬وىذا ظاىر ال خيفى ‪-‬إن شاء هللا‪ ،-‬بل بعض البيوت أتكل‬
‫التَّمر أكثر من أكلها الرز‪ ،‬وقد حدثين هبذا بعض النَّاس وىو معلوم‪.‬‬

‫ادلطلب الثاين‪:‬‬
‫يف حترير ادلراد ابلقوت يف كالم الفقهاء وهل يشرتط فيما يكون قوات أن يكون‬
‫هو الغالب‪.‬‬
‫الذي يظهر من كالمهم أن ادلراد ابلقوت ما يصلح أن يكون ً‬
‫قوات تغذى بو‬
‫األجسام على الدوام‪ ،‬خبالف ما يكون قو ًاما لألجسام ال على الدوام‪.‬‬
‫الزبِيب واألقِط‬
‫عامنا الشَّعًِن و َّ‬
‫وادلراد‪ :‬مما أيكلو النَّاس؛ لقول أيب سعيد‪« :‬وكا َن طَ َ‬
‫الشعًن يف وقتنا مثال‪.‬‬‫والتَّمر»(‪ ،)3‬فال بد أن يكون مما أيكلو الناس عادة خبالف َّ‬
‫وحاصل ما تقدم‪ :‬جواز إخراج‪ :‬كل ما يؤكل من طعام الناس ادلعتاد يف البلد مما‬
‫يكون قواما لألجسام على الدوام‪.‬‬
‫ويف ادلوسوعة الفقهية الكويتية‪:‬‬
‫(والقوت‪ :‬ما يؤكل ليمسك الرمق‪ ،‬كالقمح واألرز‪.‬‬

‫(‪ )3‬أخرجو البخاري (‪)151١‬‬


‫)‪(3‬‬
‫واألشياء الـمقتاتة‪ :‬ىي اليت تصلح أن تكون قوات تغذى بو األجسام على الدوام‪،‬‬
‫خبالف ما يكون قواما لألجسام ال على الدوام‪.‬‬
‫عرفو الدسوقي أبنو‪ :‬ما تقوم‬‫ويستَعمل االقتيات عند الفقهاء ابدلعىن اللغوي‪ ،‬إذ َّ‬
‫البـنية ابستعمالو‪ ،‬حبيث ال تفسد عند االقتصار عليو‪.‬‬
‫واألغذية أعم من القوت‪ ،‬فإهنا قد يتناوذلا اإلنسان تقوات أو أتدما أو تفكها أو‬
‫(‪)4‬‬
‫تداواي) ‪.‬‬
‫بناءً عليه‪:‬‬
‫ال يشرتط فيما يكون قوات أن يكون ىو الغالب‪ ،‬وال يشرتط يف القوت أن يكون‬
‫طعاما أساسيًا يؤكل يف الغداء والعشاء مثال‪ ،‬كما قد يتبادر للذىن‪ ،‬بل ىو كل ما‬
‫يؤكل من طعام الناس ادلعتاد يف البلد‪ ،‬مما يصلح أن يكون قوات تغذى بو األجسام‬
‫متاما‪.‬‬
‫على الدوام؛ وهذا يصدق على التَّمر ً‬

‫ادلطلب الثالث‪:‬‬
‫يف مؤيدات القول الراجح‪.‬‬
‫يدل على صحة ما تقدم أمران‪:‬‬
‫الزبيب)‪ ،‬وىو ليس مما يؤكل كوجبة‬
‫األمر األول‪ :‬أن احلديث فيو النَّص على‪َّ ( :‬‬
‫الشعًن فقط‪.‬‬
‫أساسيَّة‪ ،‬يف العهد النَّبوي‪ ،‬بل كان الطعام األساسي عندىم التَّمر و َّ‬
‫وذلذا قال ويل الدين العراقي‪:‬‬
‫الشعًن؛ ألهنما غالب ما‬
‫(واقتصر يف ادلشهور من رواايت ابن عمر على التَّمر‪ ،‬و َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫يقتات ابدلدينة يف ذلك الوقت) ‪.‬‬

‫(‪ )4‬ادلوسوعة الفقهية الكويتية ‪.44/6‬‬


‫(‪ )5‬طرح التثريب ‪52 – 5١/ 4‬‬
‫)‪(4‬‬
‫الصحابة كان التَّمر؛ ألنو غالب أكلهم ‪-‬كما ذكر ابن عمر‪-‬‬ ‫بل غالب ما يـخرج َّ‬
‫رضي هللا عنهما‪.-‬‬
‫ويف حديث عائشة اهنع هللا يضر يف البخاري أن عروة ‪-‬رمحو هللا‪ -‬قال ذلا‪ :‬اي خالة! ما كان‬
‫يعيِشكم؟ قالت‪« :‬األسودان‪ :‬التَّمر وادلاء»(‪.)6‬‬
‫قوات غالبًا‪ ،‬ومع ذلك ىو من أصناف زكاة الفطر يف‬ ‫فالزبيب يصدق عليو أنو ليس ً‬ ‫َّ‬
‫العهد النبوي بنص السنة‪.‬‬

‫األمر الثاين‪ :‬أن (الرب) م يذكر يف حديث أيب سعيد هنع هللا يضر يف الصحيحٌن؛ ألنو م‬
‫الشعًن كما تقدم‪.‬‬
‫كثًنا يف ادلدينة‪ ،‬و م يكن غالب قوهتم‪ ،‬بل غالبو التَّمر و َّ‬
‫يكن ً‬
‫بل م ينتشر يف ادلدينة إال يف زمن الصحابة‪ ،‬بعد وفاتو ﷺ‪.‬‬
‫موجودا‪ ،‬ومع‬
‫ً‬ ‫فتبني دبا سبق أن (الربَّ) ليس من غالب القوت عندىم‪ ،‬وإن كان‬
‫(الرب) يف زكاة الفطر‪ ،‬يف زمنو ﷺ فإين ال أظن أن‬‫ذلك لو أخرج أح ٌد من الصحابة َّ‬
‫الشعًن الذي نص‬‫فقيها سيقول ال جيزئ عنو؛ وذلك ألن الرب خًن وأنفع للفقًن من َّ‬ ‫ً‬
‫ابلشعًن‪ ،‬وقد نقل‬
‫عليو احلديث‪ ،‬وما حيصل للفقًن من غناء ابلرب أكرب مما حيصل َّ‬
‫اف َى َذا اليَـوِم»(‪.)7‬‬
‫أنو ﷺ قال‪« :‬أَغنوىم عن طَو ِ‬
‫َ َ‬
‫فنتج مما سبق أنو جيزئ إخراج الرب يف عهده ﷺ ولو م يكن الرب من غالب القوت‪.‬‬
‫وهذا يدل على أن األصناف ادلنصوص عليها ذكِرت ألهنا يف متناول اجلميع‪،‬‬
‫ويقدرون على إخراجها‪ ،‬وليس ألن غًنىا ال جيزئ‪ ،‬وال ألهنا غالب القوت‪.‬‬
‫احلاصل‪:‬‬
‫بناء على ما َّ‬
‫تقدم فالتَّمر يصدق عليو أنو قوت كما ىو ظاىر‪ ،‬وىو شبيو ابلزبيب‬

‫(‪ )6‬أخرجو البخاري (‪.)2567‬‬


‫(‪ )7‬سنن الدارقطين (‪.)2133‬‬
‫)‪(5‬‬
‫يف العهد النبوي‪ ،‬من حيث أنو يؤكل ويقتات عليو‪ ،‬وإن م يكن وجبة يومية ‪-‬أعين‬
‫الزبيب‪ ،-‬بل كان قليال ابلنِسبة للثالثة ادلذكورة يف حديث أيب سعيد هنع هللا يضر‪ ،‬كما‬
‫َّ‬
‫َّ‬
‫تقدم توضيحو‪.‬‬
‫قال احلافظ يف الفتح‪( :‬ودلسلم من وجو آخر عن عياض عن أيب سعيد كنا خنرج‬
‫من ثالثة أصناف صاعا من متر أو صاعا من أقط أو صاعا من شعًن وكأنو سكت‬
‫(‪)8‬‬
‫عن الزبيب يف ىذه الرواية لقلتو ابلنسبة إىل الثالثة ادلذكورة) ‪.‬‬

‫وصلى اهلل وسلم على نبينا حممد وعلى آله وصحبه‬


‫أمجعني‬

‫(‪ )8‬فتح الباري ‪.373/3‬‬


‫)‪(6‬‬

You might also like