You are on page 1of 16

‫موطأ اإلمام مالك بن أنس‬

‫رواية فقيه الكوفة اإلمام محمد بن الحسن الشيباني‬


‫قراءة وتعليق العالمة المربي الدكتور صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‬
‫‪ /8‬ذو القعدة ‪1441 /‬ه – ‪0303 /6 /03‬م‬ ‫المجلس األول‪ :‬مقدمة‪.‬‬

‫كلمة فضيلة الشيخ حمصن دعراوي حفظه هللا تعاىل‬


‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬
‫ئات أعمالِنا‪ ،‬من ي ِ‬
‫هده هللا فال م ِ‬
‫ض َّل له‪،‬‬ ‫حنمده ونَستعينُه ونست ْغفره‪ ،‬ونعوذُ ابهلل من ُشرور أن ُف ِسنا وسيِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬
‫ُ ُ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫إن احلمد هلل‪ْ ُ ْ ُ ُ ،‬‬
‫هادي له‪.‬‬ ‫ومن ي ْ ِ‬
‫ضل ْل فال َ‬ ‫ُْ‬
‫ورسولُه‪.‬‬
‫عب ُدهُ ُ‬
‫أشهد أن سيدان ونبيَّنا حممداً صلى هللا عليه وسلم ْ‬
‫يك له‪ ،‬و ُ‬
‫هد أ ْن ال إله إال هللاُ َو ْح َدهُ ال شر َ‬
‫وأ ْش ُ‬
‫وشر األم ِو ُْحم َداث ُُتا‬ ‫سيدان ٍ‬
‫حممد صلى هللا عليه وسلم‪َّ ،‬‬ ‫هللا‪ ،‬وخري اهل ْد ِي ه ْدي ِ‬
‫احلديث كتاب ِ‬
‫ِ‬ ‫دق‬
‫أص َ‬ ‫وبعد‪َّ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فإن ْ‬
‫ٍ‬
‫ضاللة يف النار‪.‬‬ ‫كل‬ ‫كل ٍ‬
‫بدعة ضاللة‪ ،‬و َّ‬ ‫كل ُْحم َدثٍَة ب ْدعة‪ ،‬و َّ‬
‫و َّ‬
‫الكوفة ِ‬
‫حممد ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫اية ِ‬
‫فقيه‬ ‫مالك‪ ،‬من رو ِ‬ ‫اإلمام ٍ‬ ‫موطأ ِ‬ ‫اءة ِ‬‫اخلاص ِة بقر ِ‬
‫األول يف الدَّورِة َّ‬ ‫الدرس ِ‬
‫ْمرحباً ابحلضور الكرمي يف ِ‬
‫انم ِج‬ ‫ِ‬ ‫َّيبان‪ ،‬بتَ ِ‬
‫احلس ِن الش ِ‬
‫حقيق سيدان وموالان الشيخ الدكتور صفوان الداوودي حفظه هللا تعاىل‪ ،‬وهذا ض ْم َن بر َ‬
‫احة العِْلميَّ ِة‪،‬‬ ‫املساَهةُ يف إطْر ِاء َّ‬
‫الس ِ‬ ‫َ‬ ‫ص ُدوِرِه‬‫سبب ُ‬ ‫ِ‬
‫الو ْحيَ ْْي)‪ ،‬والذي ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(كيف ن ْقرأُ احلديث) التاب ِع (لوقْف تَ ْعظيم َ‬
‫َ‬
‫بيان كيفيَّ ِة قر ِ‬
‫ُ ما يُْن َش ُر يف هذا العاَِ‬ ‫يف‪ ،‬وذلك ألنين تَتَ بَّ ْع ُ‬ ‫اءة احلديث الشر ِ‬ ‫ْ‬ ‫الناس بِدينِهم‪ ،‬و َ‬
‫كذلك يف ِ‬ ‫ص ِري ِ‬ ‫وتَب ِ‬
‫ْ‬
‫وحث ِ‬
‫الناس‬ ‫ماع‪ُّ ،‬‬ ‫الس ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث و َّ‬ ‫جمالس‬
‫َ‬ ‫احد يَ ْع ِق ُد‬
‫كل و ٍ‬
‫بح ُّ‬ ‫أص َ‬‫صالً بليلى‪ ،‬و ْ‬ ‫كل ِ‬
‫االس يدَّعي َو ْ‬ ‫أيُ َّ‬
‫اضي‪ ،‬فر ُ‬‫االفْرت ِ‬
‫الصاحلِ‪.‬‬‫احلديث على غ ِري ه ْد ِي َسلَ ِفنا َّ‬
‫َ‬ ‫ات جعلَهم أيخذون‬ ‫على اإلجاز ِ‬

‫ألن احلديث له عالقةٌ ِ‬ ‫ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫ابلدين‪،‬‬ ‫َ‬ ‫احلديث‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ب‬
‫كيف يُطْلَ ُ‬
‫ناس َ‬‫انم ٍج‪ ُ،‬نُ َعل ُم من خالله أن ُف َسنا وال َ‬
‫إخرا ِج ْبر َ‬ ‫ف َف َّك ْر ُ‬
‫ت يف ْ‬
‫عمن أتخذون دينَكم)‪.1‬‬ ‫ين‪ ،‬فانْظروا َّ‬ ‫ِ‬
‫العلم د ٌ‬
‫الصاحلُ‪( :‬إن هذا َ‬ ‫بعض َسلَ ِفنا َّ‬‫وق ْد قال ُ‬
‫وشيخنا الدكتور صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل رْ ْكر ِامنا ْ ْن‬ ‫وب َف ْ ِ ِ ِ ِ‬
‫وسيدان ُ‬ ‫َّل علينا موالان ُ‬ ‫ض ِل هللا وتوفيقه فق ْد تفض َ‬
‫احلديث‪.‬‬
‫َ‬ ‫أنخ ُذ‬
‫كيف ُ‬ ‫احلديث‪ ،‬و َ‬
‫َ‬ ‫يف‪ ،‬لِنتَعلَّ َم منه‬
‫الشر ِ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫ب‬‫بعض ُكتُ ِ‬
‫يقرأَ معنا َ‬

‫‪ -1‬أخرجه مسلم‪ :‬من قول التابعي ِ‬


‫حممد ب ِن سريين‪ .)62( 33/1 ،‬املكتبة الشاملة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫ِ ٍ‬
‫فاآلن َسن ْقرأُ موطَّأَ اإلمام مالك إن شاء هللا‪ ،‬وال خيْفى على أحدكم من هو ُ‬
‫اإلمام مالك‪ ،‬فقد قال بعض العلماء‪:‬‬
‫فقيه الكوفة‪ ،‬وهو‬ ‫ِ‬
‫اجملتهد ِ‬ ‫فمالك النجم"‪6.‬وسنقرأ املوطأَ من رواية حممد بن احلسن الشيبان‪ ،‬اإلمام‬
‫ٌ‬ ‫"إذا ذُكَِر العماء‬
‫لفقيه جم ٍ‬
‫تهد‪.‬‬ ‫بنكهة حنفيَّ ٍة‪ْ ٍ ،‬‬
‫مالك‪ ،‬فسنقرأ املوطأَ ٍ‬
‫أوثَق الناس يف ٍ‬
‫ْ ُ‬
‫وقبل ِ‬
‫البدء‪ ،‬ومن ابب التَّذك ِري والتنبيه فقط‪ ،‬أقول‪:‬‬ ‫َ‬
‫ثبُ عنه أنه ال‬
‫ب مع حديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬و َ‬ ‫ب وأ ََد ٌ‬ ‫َّ‬
‫إن اإلمام مالكاً رمحه هللا تعاىل كان له دأْ ٌ‬
‫ب ْفضل الطيب‪.‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث حبديث رسول هللا صلى هللا عليه وسلم إال إذا ليس أفضل ثيابه‪ ،‬وتطيَّ َ‬ ‫ُُيد ُ‬
‫شَّت‬
‫مشارك يف َّ‬ ‫ٌ‬ ‫غوي‪ ،‬أديب‪ ،‬جامع للقر ِ‬
‫اءات‪،‬‬ ‫أصويل‪ ،‬لُ ٌّ‬ ‫كما أننا سنقرأه على الدكتور صفوان داوودي‪ ،‬وهو فقيهٌ‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫ات‪ ،‬وله عليه حتقيق نفيس‪ ،‬وإنه لن متر‬ ‫الفنون‪ ،‬وله مع هذا الكتاب صوالت وجوالت‪ ،‬فقد َّقرأه أكثر من عش ِر مر ٍ‬
‫ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬
‫صيَّ َد ما‬ ‫ِ‬ ‫كلمةٌ أو فائدةٌ إال وسيقف فيها معنا وقَ َف ٍ‬
‫أحدان جالساً ابملرصاد ليَ تَ َ‬
‫يد من اجلميع أن يكو َن ُ‬ ‫ات‪ ،‬لذا نُر ُ‬ ‫َ‬
‫سيجود به شيخنا حفظه هللا تعاىل‬

‫أل هللا تعاىل أ ْن‬


‫فنس ُ‬
‫وآداب ينبغي علينا مجيعاً احملافظةَ عليها‪ْ ،‬‬
‫ٌ‬ ‫وأنبِهُ أن هذا الربانمج له قناةٌ يف (تلغرام) وفيها شرو ٌط‬
‫ب وي رضاه‪ ،‬واحلمد هلل ِ‬
‫رب العاملْي‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يوف َقنا ملا ُُي ُّ َ ْ ُ‬

‫‪ -0‬تذكرة الحفاظ‪ :‬الذهبي‪ ،‬نقله عن اإلمام الشافعي‪ .038/1 ،‬المكتبة الشاملة‪.‬‬

‫‪0‬‬
‫املقدمة‬
‫قال سيدي العالمة املريب الدكتور صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‬
‫السالم عليكم ورمحة هللا وبركاته‬

‫بسم هللا الرمحن الرحيم‬


‫احلمد هلل ِ‬
‫رب العاملْي‪ ،‬وصلى هللا على سيدان حممد وعلى آله وصحبه أمجعْي‪.‬‬

‫ك ع ْلماً انفعاً‪ ،‬وقلباً خاشعاً‪ ،‬ويقيناً صادقاً‪ ،‬وشفاءً من ِ‬


‫كل داء‪.‬‬ ‫اللهم إان نَ ْسألُ َ‬
‫َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫أرحم‬
‫ك اي َ‬
‫ْمتَ َ‬
‫اب رمحتك‪ ،‬وانْ ُش ْر علينا حك َ‬
‫تح لنا أبْو َ‬
‫الوْهم‪ ،‬وافْ ْ‬
‫رجنا من ظُلُمات َ‬ ‫اللهم أكرمنا بنوِر العل ِم‪ ،‬و ْ‬
‫أخ ْ‬ ‫َّ‬
‫الرامحْي‪.‬‬

‫النب صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬


‫كل مكان يف هذا اللقاء املبارك‪ ،‬على مائدة وسنة ِ‬ ‫ِ‬
‫ابإلخوة احلضوِر من ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬
‫أوالً‪ :‬نَُرح ُ‬
‫َص َل الربانمج‬ ‫طالب‪ِ ،‬ع ْلماً َّ‬
‫ألف ومئتا ٍ‬ ‫فإن البدايةَ مشرقةٌ‪ ،‬حيث انتسب هلذا ِ‬
‫اللقاء ِ‬ ‫احلمد هلل؛ كما يُرى َّ‬
‫أن أ ْ‬ ‫املبارك ٌ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫و ُ‬
‫ِح لكْنه فَ َر ٌح مؤقَّ ٌ‬
‫ُ‪ ،‬فق ْد قالوا‪" :‬العربة ابخلواتيم"‪.‬‬ ‫ألف فقط‪ ،‬فهذا يُ ْفر ُ‬
‫ٌ‬
‫يتأخرون‪ ،‬فلذا العربةُ ِ‬
‫ابخلامت ِة‪،‬‬ ‫لكن أثناءَ الطر ِيق يَتَساقَطون و َّ‬ ‫ِ‬
‫الناس يف بداية الطر ِيق يَتَ َش َّجعو َن ويَتَ َح َّم ُسو َن‪ْ ،‬‬
‫عض ِ‬ ‫فبَ ُ‬
‫الكتاب إن شاء هللا تعاىل‪،‬‬ ‫أايم ٍ‬
‫قليلة سينتهي‬ ‫وبعد ٍ‬‫فنسألُهُ تعاىل كما جعل البدايةَ م ْشرقةً أن جيعل اخلامتةَ مشرقةً‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫انقطاع‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫الكتاب كامالً من غري‬ ‫َ‬ ‫وسنرى وقْتها من الذين ختموا‬

‫حيث قال‪:‬‬
‫الشاعر ُ‬
‫َ‬ ‫ورحم هللاُ‬
‫قليل‬
‫اصلْي ُ‬
‫لكن الو َ‬
‫كثريٌ و َّ‬ ‫َخليلَ َّي قُطَّ ُع ال َفيايف إىل احلِمى‬

‫خليلي قُطَّاعُ الفيايف إىل العال ‪........‬‬


‫َّ‬ ‫ومنهم من يقول‪:‬‬

‫الوْردي رمحه هللا تعاىل‬ ‫ِ‬


‫بن َ‬‫عمر ُ‬
‫ومتأملْي‪ ،‬كما قال ُ‬
‫ومع هذا فإننا نرجوا أن تكون اخلامتة كالبداية‪ ،‬نبقى متفائلْي ُ‬
‫َ‬
‫اآلداب الن ِ‬
‫َّفيسة‪:‬‬ ‫(ت‪947:‬ه)‪ ،‬يف ((الميَّتِ ِه)) املليئة ابحلِكم و ِ‬

‫وصل‬ ‫ِ‬
‫سار على الد َّْرب ْ‬
‫كل َم ْن َ‬
‫ُّ‬ ‫ُ ْأراببُهُ‬
‫ال ت ُق ْل ق ْد َذ َهبَ ْ‬

‫‪0‬‬
‫يومئذ يفرح املؤمنون بنصر هللا‪ ،‬ومن فاته شيءٌ من الدروس نقول له‪:‬‬ ‫فمن واظب عليه حَّت اخلتام نقول له يومها‪ٍ :‬‬
‫عظَّ َم هللا أجركم‪ .‬فنرجوا هللا تعاىل َّأال يَ ْقطعنا عن العل ِم والتَّعلي ِم حَّت نلقاهُ وهو عنا ر ٍ‬
‫اض‪.‬‬
‫وإن أشكر وقْف تعظيم الوحيْي يف املدينة املنورة على ِ‬
‫رعاية هذا الربانمج‪ ،‬والذي امسه ( كيف ن ْقرأ احلديث الشريف)‬ ‫َ َْ‬ ‫َُ َ‬
‫املدينة مع ِ‬
‫فقيه‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اية حممد بن احلس ِن الش ِ‬
‫َّيبان‪ ،‬فقيهُ‬
‫أنس‪ ،‬من رو ِ‬ ‫كتاب املوطَِّأ لإلمام مالك بن ٍ‬ ‫ِ ِِ‬
‫فمن خالله سن ْقرأ َ‬
‫مع شيخ احلنفية‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الكوفة‪ ،‬وشيخ املالكية َ‬
‫نقرؤهُ وكيف نفهمه‪ ،‬لذا ستكون‬ ‫احلديث روايةً ودرايةً‪ ،‬أي‪ :‬كيف ُ‬ ‫وحنن ن ْقرأ‬ ‫أول ٍ‬‫أيها اإلخوةُ‪ :‬ما زلنا يف ِ‬
‫َ‬ ‫جملس‪ُ ،‬‬
‫يد لالستِ ِ‬ ‫الطالب املر ِ‬
‫ِ‬ ‫ليقات والفو ِ‬
‫بعض التَّع ِ‬
‫الكتاب كامالً‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُيضَر‬
‫فادة‪ ،‬أ ْن ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ائد‪ ،‬لذلك ينبغي على‬ ‫القراءةُ مْتقنَةً مع ِ ْ‬
‫ب إىل هللا سبحانه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫قر َ‬
‫الع َم َل‪ ،‬والتَّ ُّ‬
‫العلم‪ ،‬والفائدةَ‪ ،‬و َ‬
‫ك َ‬ ‫كن َهُّ َ‬
‫يكن َهُّك اإلجازةَ‪ ،‬ليَ ْ‬
‫صيل حاص ٌل‪ ،‬فال ْ‬
‫واإلجازةُ َْحت ٌ‬
‫الذين يُريدون اإلجازات فَ َح ْسب‪ ،‬فهؤالء أقول عنهم‪ :‬مساكْي حقيقة‪.‬‬ ‫وتعاىل‪ ،‬أما َ‬
‫أدب إىل آخره‪ ،‬ولن أيخ َذ اإلجازةَ إال‬ ‫رص على العل ِم وعلى ما يَْنفعُك‪ ،‬فاقْرأ قراءةً مضبوطةً‪ ،‬فيها ٌ‬
‫علم وفقهٌ و ٌ‬ ‫فاح ْ‬
‫ْ‬
‫من حضرهُ كامالً‪.‬‬

‫نعظم الوحيْي؟‬
‫واسم هذا الوقف‪( :‬تعظيم الوحيْي)‪ ،‬فكيف ُ‬
‫بد من معرفتِهما‪ ،‬فهذه أول خطْ ٍ‬ ‫ِ‬
‫وة ملعرفتهما‪.‬‬ ‫اجلواب‪ :‬حَّت نعظ َم الوحيْي ال َّ َ ْ‬
‫ضبطاً‪ ،‬وفهماً‪ ،‬ونعمل به‪ ،‬حْي ذلك‬
‫يف ْ‬
‫احلديث الشر َ‬
‫َ‬ ‫وفهماً‪ ،‬وتفسرياً‪ .‬وكذلك ن ْقرأُ‬
‫فنتعلم القرآ َن؛ قراء ًة‪ ،‬وجتويداً‪ْ ،‬‬
‫تعظيم له‪.‬‬ ‫َّ‬
‫يتَ َول ُد عندان ٌ‬
‫احلمد هلل رب العاملْي‪.‬‬
‫التوفيق و ُ‬
‫القبول و َ‬
‫فنسأل هللاَ تعاىل َ‬
‫ُ‬

‫‪4‬‬
‫الحديث المسلسل باألولية‬
‫ٍ‬
‫حديث‬ ‫أول‬ ‫الشر ِ‬
‫يف أ ْن يكون ُ‬ ‫ِ‬
‫احلديث َّ‬ ‫عادةُ ِ‬
‫طالب العل ِم يف‬ ‫ت َ‬ ‫"جَر ْ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫احلديث"‪.‬‬ ‫املسلسل ابألولية‪ ،‬فهي سنةُ وعادةُ ودأْ ُ‬
‫ب أهل‬ ‫َ‬ ‫احلديث‬
‫َ‬ ‫يَ ْسمعونه‪،‬‬

‫س ْلس ِل ُ‬
‫عمو َما‪:‬‬ ‫ث الم َ‬
‫تعريف الحدي ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬‬
‫بن احلسْي (‪602-967‬ه)‪:3‬‬ ‫عبد َّ ِ‬
‫الرحيم ُ‬ ‫اقي ُ‬
‫ظ العر ُّ‬
‫قال احلاف ُ‬
‫الرواةُ واحداً فَو ِ‬
‫احدا‬ ‫ِ‬
‫فيه ُّ‬ ‫ِ‬
‫احلديث ما تَ َو َاردا‬ ‫مس ْل َس ُل‬
‫َ‬
‫‪4‬‬
‫عُ فَ َّاحتَ ْد‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫َكقول ُكلهم‪َ :‬مس ُ‬ ‫ف َسنَ ْد‬
‫ص َ‬
‫صفاً ْاو َو ْ‬
‫هلم ْأو َو ْ‬
‫َحاالً ْ‬
‫س ْلسالتِ‪:‬‬ ‫‪ -‬أنوا ُ‬
‫ع الم َ‬
‫املسلسالت أنواعٌ كثريةٌ أ ْش َه ُرها‪:‬‬
‫ُ‬
‫حيث قال له رسول هللا صلى هللا عليه وسلم‪(( :‬إن أل ِ‬
‫ُحبُّك‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪-1‬املسلسل ْحوال ُّ ِ‬
‫الرواة القولية‪ ،‬كحديث معاذ‪ُ .‬‬
‫ِ‬
‫وش ْك ِرَك ُ‬
‫وح ْس ِن عبادتك))‪.‬‬ ‫أعين على ذ ْك ِرَك ُ‬ ‫اللهم ِ‬
‫‪7‬‬
‫فقل‪َّ :‬‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫كحديث املصافحة‪ ،2‬والتَّشبيك‪.‬‬ ‫الرو ِاة ِ‬
‫الفعليَّ ِة‪،‬‬ ‫‪-6‬املسلسل ْحوال ُّ‬
‫ِ‬
‫كاملسلسل ابلفقهاء‪ ،‬واملسلسل ابلنحاة‪.9‬‬ ‫لية‪،‬‬ ‫بصفات ُّ ِ ِ‬
‫الفع ِ‬ ‫ِ‬
‫الرواة ْ‬ ‫‪-3‬املسلسل‬
‫الرو ِ‬
‫اية‪ ،‬كحديث‪(( :‬أَ ْش ُ‬
‫هد ابهلل))‪.‬‬ ‫ِ‬
‫بصفات ِ‬ ‫‪-4‬املسلسل‬
‫ِ‬
‫كحديث الدُّعاء عند امللتزم‪.‬‬ ‫الرواية املكانيَّة‪،‬‬ ‫ِ‬
‫بصفات ِ‬ ‫‪-7‬املسلسل‬
‫‪6‬‬ ‫كحديث ِ‬
‫العيد‪ ،‬وعاشوراء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الزمانيَّ ِة‪،‬‬ ‫الرو ِ‬
‫اية َّ‬ ‫ِ‬
‫بصفات ِ‬ ‫‪-2‬املسلسل‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬وأكثر املس ْل ِ‬
‫سالت ضعيفةُ اإلسناد"‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪ -0‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬هو شيخ الدن وله ألفية في‬
‫مصطلح الحديث‪.‬‬
‫‪ -4‬التبصرة والتذكرة في علوم الحديث‪( :‬المسماة ألفية العراقي)‪ ،‬ص‪.161‬‬
‫‪ -5‬أبو داود‪ ،)1604( 03/5 :‬والنسائي‪ .)1011( 110/5 :‬المكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ -6‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬أي‪ :‬التلميذ صافح سيخه‪ ،‬وسي ُخهُ صافح سي َخهُ‪ ،‬هكذا حتى يصل إلى النبي صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -7‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬وهو سد نادر‪ ،‬يُسمى‪ :‬المسلسل بالرواة‪ ،‬فرجال السند كلهم من علماء النح ِو‪.‬‬
‫‪ -8‬المسلسالت عند المحدثين‪ :‬للجيالني‪ ،‬ص‪.13‬‬

‫‪5‬‬
‫عبد الرمحن بن أيب بك ٍر (‪711-647‬ه) يف ((ألفيته))‪:‬‬
‫السيوطي ُ‬
‫ُّ‬ ‫قال‬

‫ص ِل‬ ‫ِ‬ ‫وقَلَّما يَ ْسلَ ُم يف التَّ َس ْل ُس ِل‬


‫م ْن َخلَ ٍل ُ‬
‫ورََّّبا َْ يُ ْو َ‬
‫سل ِابلْفقها‬
‫وخْي ُرهُ ُمس ْل ٌ‬
‫َ‬ ‫كأَوليَّ ٍة لِ ًسفيا َن انْتهى‬

‫الحديث المسلسل باألولية‬


‫الر ْمحة‪.‬‬
‫حديث َّ‬
‫َ‬ ‫سمى‬
‫ويُ َّ‬
‫حديث ي بدأُ به عاد ًة‪ ،‬وذلك ٍ‬
‫لوجوه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫وهو َّأو ُل‬
‫ُْ‬
‫حديث‬
‫ُ‬ ‫يكو‬
‫ب أ ْن َ‬
‫فناس َ‬
‫‪7‬‬
‫سلناك إال رمحةً للعاملْي} ‪َ ،‬‬
‫خاطب نبيَّهُ صلى هللا عليه وسلم بقوله‪{ :‬وما ْأر َ‬
‫َ‬ ‫األول‪َّ :‬‬
‫أن هللاَ‬
‫املس ْلسلة‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫محة ُّ ِ‬ ‫الر ِ‬
‫األرض َّأوَل األحاديث َ‬ ‫َّبن يف‬‫العام املتَ َعل ُق ْ‬ ‫َّ‬
‫ب أ ْن يَ ْسبِ َق حديثُها‪.‬‬ ‫‪10‬‬ ‫احلديث ال ُقدسي ِمن سب ِق َّ ِ‬ ‫الثان‪ :‬ما َّ‬
‫فناس َ‬
‫رمحيت غضب)) ‪َ ،‬‬
‫ُ ْ‬‫((سبَ َق ْ‬
‫الرمحة‪ ،‬بقوله‪َ :‬‬ ‫ُّ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫دل عليه‬

‫املبتلى واملعاىف‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِِ‬ ‫أن رمحةَ ِ‬ ‫طالب العل ِم َّ‬


‫حم ْ‬ ‫للخاص والعام‪ ،‬ويَ ْر َ‬ ‫ص َح‬
‫للرمحاء من عباده‪ ،‬فَيَ ْن َ‬
‫هللا تعاىل ُّ‬ ‫علم ُ‬‫الثالث‪ :‬أ ْن يَ َ‬
‫يب و ِ‬
‫البعيد‪ ،‬وعلى نَ ْف ِس ِه َّ‬
‫خاصةً‪.‬‬ ‫ويُ ْش ِف َق على القر ِ‬

‫محة‪ ،‬فينبغي على‬ ‫ابلر ِ‬ ‫"وفيه ِداللَةٌ إىل َّ‬


‫أن العِ َلم يَنبغي أ ْن يكو َن َم ْقروانً َّ‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪ِ :‬‬
‫ِ‬ ‫ابلر ِ‬
‫مع الطَّلَبَ ِة َّ‬ ‫ِ‬
‫اإلمكان‪ ،‬كما قالوا‪:‬‬ ‫محة والتَّ ْشجي ِع قَ ْد َر‬ ‫املعل ِم الت ُ‬
‫َّعام ُل َ‬ ‫َ‬
‫العب ُد ي ْقرع ابلعصا واحلُّر تك ِ‬
‫ْفيه اإلشارة‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ َُ َ َ‬
‫ك األكرم* الذي علَّ َم ابلقلم*‬ ‫ويُشريُ هلذا املعىن –الرمحة يف التعليم‪ -‬قولُه تعاىل يف َّأوِل ما نََزَل من القرآن‪{ :‬اقْرأ وربُّ َ‬
‫علَّ َم اإلنسا َن ما َْ يَ ْعلم}‪ 11.‬فلم يَ ُق ْل (وربك اجلبار‪.")...‬‬

‫ايسْي الفادان األندونيسي املكي‬ ‫حممد‬ ‫أرويه عن ٍ‬


‫عدد من الشُّيوخ‪ ،‬أعالهم‪ُ :‬‬ ‫احلديث ِ‬ ‫وقال حفظه هللا تعاىل‪" :‬هذا‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪16‬‬
‫لوي‪ ،‬اهلندي (ت‪1440:‬ه)"‪.‬‬
‫الكانده ُّ‬
‫ْ‬ ‫تخار احلسن‬
‫(ت‪1410:‬ه) ‪ ،‬وافْ ُ‬

‫‪ -3‬األنبياء‪.137 :‬‬
‫‪ -13‬البخاري‪ ،)7550( 443/07 :‬ومسلم‪ .)7146( 453/17 :‬المكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ -11‬العلق‪.5-0 :‬‬
‫‪ -10‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬ينبغي على طالب العلم االعتناء بالتواريخ‪ ،‬فبها يعلم من أخذ عمن‪ ،‬و َم ْن لقي َم ْن‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫عبد احلَ ِي ال َكت ِ‬
‫َّان‬ ‫الشيخ حممد ايسْي الفادان األندونيسي املكي (‪1410-1337‬ه)‪ ،‬عن ِ‬ ‫ِ‬ ‫أوالً‪ :‬أرويه عن‬
‫الرمحن بن حممد‬ ‫َّام ِ‬
‫عبد َّ‬ ‫الس َّكري (ت‪1367:‬ه)‪ ،‬عن مسنِ ِد الش ِ‬ ‫درويش ُّ‬ ‫ِ‬
‫ُْ‬ ‫(‪1366-1307‬ه)‪ ،‬عن عبد هللا بن ْ‬
‫سي‬
‫الغين النَّابُلُ ِ‬
‫عبد ِ‬ ‫الر ْمحيت (‪1607-1137‬ه)‪ ،‬عن ِ‬
‫مصطفى َّ َ‬ ‫ال ُك ْزبَري (‪1626-1164‬ه)‪ ،‬مساعاً من ْ‬
‫حممد الغَ ِز ِي (ت‪764:‬ه)‪،14‬‬ ‫الد ِه البد ِر ٍ‬
‫حممد الغ ِز ِي (‪1021-799‬ه)‪ ،13‬من و ِ‬ ‫(‪1143-1070‬ه)‪ ،‬من النَّج ِم ٍ‬
‫َ‬ ‫َ ْ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫عب ِد َّ‬ ‫احلافظ ِ‬ ‫ِ‬
‫علي اب ِن امللَق ِن (ت‪690:‬ه)‪ ،‬من جده َ‬
‫عمر‬ ‫الرمحن ب ِن ِ‬ ‫يوطي (ت‪711:‬ه)‪ ،‬من ْ‬ ‫الس ِ‬‫جالل الدي ِن ُّ‬ ‫من‬
‫ِ‬
‫اللطيف‬ ‫ومي ( ‪974-224‬ه)‪ ،‬من ِ‬
‫عبد‬ ‫اهيم املْي ُد ِ‬ ‫علي اب ِن امللَ ِق ِن (ت‪604:‬ه)‪ ،‬من أيب ال َفْت ِح ِ‬
‫حممد ب ِن إبر‬ ‫ب ِن ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫إمساعيل ب ِن أيب صالِ ٍح‬
‫َ‬ ‫من‬ ‫ه)‪،‬‬ ‫‪779‬‬‫‪-‬‬ ‫‪716‬‬ ‫ِ‬
‫اجلوزي (‬ ‫ان (‪296-769‬ه)‪ ،‬من أيب ال َفَرِج ابْ ِن‬ ‫ب ِن ِ‬
‫عبد املْنعِِم احلََّر ِ‬
‫سابوري (‪736-476‬ه)‪ ،‬وهو من والده أيب صا ٍحل أمحد ب ِن عبد امللك املؤذن (‪490-370‬ه)‪ِ ،‬‬
‫حممد ب ِن‬ ‫ِ‬ ‫الن َّْي‬
‫َ‬
‫الرمح ِن ب ِن‬ ‫حممد الب َّزا ِز (ت‪330:‬ه)‪ ،‬وهو من ِ‬
‫عبد َّ‬ ‫أمحد ب ِن ٍ‬
‫من َ‬ ‫الز ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ِ‬
‫حممد ب ِن َْحم ِم ِ‬
‫َ‬ ‫ايدي (‪410-369‬ه)‪ ،‬وهو ْ‬
‫وهو من سفيا َن ب ِن عيينةَ (‪176-109‬ه)‪ ،‬وهو من َع ْمرِو ب ِن ِدينا ٍر‬ ‫دي (ت‪620:‬ه)‪َ ،‬‬ ‫بِ ْش ِر بن احلَ َك ِم َ‬
‫العْب ِ‬
‫عبد هللا ب ِن عمرو بن العاص (ت‪ :‬ه)‪ ،‬وهو من ِ‬
‫عبد هللا ب ِن َع ْمرِو بن‬ ‫وس موىل ِ‬‫(‪162-42‬ه)‪ ،‬وهو من أيب قابُ ٍ‬
‫محن‪ْ .‬ارمحوا‬ ‫أن رسول ِ‬
‫العاص‪( 17‬ت‪27:‬ه) رضي هللا عنهما َّ‬
‫الر ُ‬‫((الرامحون يَ ْر َمحُ ُه ُم َّ‬
‫هللا صلى هللا عليه وسلم قال‪َّ :‬‬
‫الرتمذي‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬
‫ُّ‬ ‫السماء))‪ 12‬قال‬
‫كم َم ْن يف َّ‬ ‫ِ‬
‫األرض يَ ْر َمحْ ْ‬ ‫َم ْن يف‬

‫لوي (‪1440-1340‬ه)‪ ،‬عن عالء الدين ال َف ْلهيت (‪1376-1676‬ه)‪،‬‬ ‫الكاند ْه ِ‬ ‫احلس ِن‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫اثنياً‪ :‬أرويه عن افتخار َ‬
‫فضل الرمح ِن َغْنج املراد آابدي (‪1313-1606‬ه)‪ ،‬عن عبد العزيز الدَّهلوي (‪1637-1177‬ه)‪ ،‬عن ِ‬
‫أبيه‬ ‫عن ِ‬
‫ْ‬
‫السقاف (‪1194-1106‬ه)‪ ،‬عن‬ ‫أمحد ب ِن عقيل َّ‬
‫عمر بن َ‬ ‫الشَّاه ِ ِ‬
‫َّهلوي (‪1192-1114‬ه)‪ ،‬عن َ‬ ‫ويل هللا الد ْ‬
‫البابلي (‪-1000‬‬
‫ِ‬ ‫هللا بن ساٍَ البصري (‪1134-1046‬ه)‪ ،19‬عن حممد ب ِن عالء الدين‬ ‫ألم ِه عبد ِ‬ ‫ج ِد ِه ِ‬
‫َ‬
‫يوسف ب ِن زكراي األنصاري‬ ‫الشلب (ت‪1067:‬ه تقريباً)‪ ،‬عن اجلمال‬ ‫أمحد ب ِن ٍ‬
‫حممد َّ‬ ‫‪1099‬ه) ‪ ،‬عن َ‬
‫‪16‬‬
‫َ‬
‫أمحد اب ِن حج ٍر‬
‫شيخ اإلسالم زكراي بن حممد األنصاري (‪762-662‬ه)‪ ،‬عن احلافظ َ‬ ‫(ت‪769:‬ه)‪ ،‬عن أبيه ِ‬
‫امليدومي‬
‫ِ‬ ‫الص ْد ِر ِ‬
‫حممد ب ِن حممد‬ ‫اقي (‪602-967‬ه)‪ ،‬عن ًّ‬ ‫قالن (‪676-993‬ه)‪ ،‬عن احلافظ عبد الرحيم العر ِ‬ ‫العس ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫ول هللا صلى هللا عليه‬‫أن رس َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(‪974-224‬ه)‪ ،‬بسنده املتَّ َقدِم إىل عبد هللا بن عمرو بن العاص رضي هللا عنهما َّ‬
‫ِ‬
‫األرض يَ ْرمحْكم من يف السماء))‪.‬‬ ‫((الرامحون يَ ْر َمحهم الرمحن‪ْ ،‬ارمحوا َم ْن يف‬
‫وسلم قال‪َّ :‬‬

‫‪ -10‬له كتاب (الكواكب السائرة في أعيان المائة العاشرة)‪.‬‬


‫‪14‬‬
‫ابن مالك بالنظم فبلغت حوالي عشرة آالف بيتٍ‪.‬‬
‫‪ -‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬هذا شيخ الدنيا‪ ،‬وقد شرح ألفية ِ‬
‫‪ -15‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬يقال‪ :‬العاص‪ ،‬والعاصي‪ ،‬وقالوا‪ :‬إثبات الياء أفصح‪.‬‬
‫‪ -16‬أبو داود‪ ،)4340( 054/14 :‬والترمذي‪ )0343( 080/7 :‬واللفظ له‪ .‬المكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ -17‬شيخ المحدثين في مكة المكرمة‪.‬‬
‫‪ -18‬شيخ المسْندين في مصر‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ِ‬
‫احلديث الشريف‪،‬‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬اي إخوان؛ عليكم أ ْن َّ‬
‫تتفكروا قليالً يف معان هذا‬
‫نضحك من خالهلا على الناس‪.‬‬ ‫مفرغة عن ال َف ْه ِم‪ْ ،‬‬
‫ال نريد إجازات َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫أيها اإلخوة؛ كلنا حباجة ومفتقرون إىل رمحة هللا تعاىل‪ ،‬خصوصاً يف هذه األ ََزمات‪ ،‬واألوبئة اليت حلَّ ْ‬
‫ُ بنا‪ ،‬فنسأل‬
‫هللا أن ْيرمحنا مجيعاً حبمته الواسعة‪.‬‬

‫ُيتاج إىل رمحتنا‪ ،‬حَّت حنظى برمحة ربنا سبحانه وتعاىل‪.‬‬


‫الضعيف‪ ،‬ومن ُ‬
‫َ‬ ‫لكي ْيرمحنا هللا تعاىل ال بُ َّد أ ْن نرحم‬
‫و ْ‬
‫ِ‬
‫الوجوب‪ ،‬وهنا ال‬ ‫ص ِرفُهُ ع ِن‬ ‫ِ‬ ‫يقول علماء األصول‪( :‬ارمحوا)‪ :‬فعل أم ٍر‪ ،‬واألمر ُّ‬
‫يدل على الوجوب‪ ،‬ما َ أتت قرينةٌ تَ ْ‬ ‫ُ‬
‫شرعي"‪.‬‬
‫اجب ٌّ‬ ‫أمر و ٌ‬ ‫توجد قرينةٌ تص ِرفهُ‪ ،‬إذن فرمحةُ العباد ٌ‬
‫ُ‬
‫‪17‬‬ ‫ِ‬
‫األرض يَ ْرمحْكم أه ُل السماء))‪.‬‬ ‫((ارمحوا ْأه َل‬
‫ويف رواية‪ْ :‬‬
‫‪60‬‬ ‫ِ‬
‫األرض يَ ْرمحْكم َم ْن يف السماء))‪.‬‬ ‫أهل‬
‫ويف رواية‪(( :‬ارمحوا َ‬
‫مجعُ بْي ِ‬
‫الروايَتَْي األوليْي"‪.‬‬ ‫"كأن هذه ِ‬
‫الروايةُ الثالثةُ ْ‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪َّ :‬‬

‫أن التَّس ْلسل ينتهي إىل ُسفيا َن ب ِن عُيينةَ‪.‬‬


‫قال العلماء‪ :‬الصحيح َّ‬

‫وهو عن عمرو ب ِن ِدينا ٍر‪ ،‬عن أيب ٍ‬


‫قابوس موىل عبد هللا بن عمرو بن العاص‪ ،‬عن عبد هللا بن عمرو بن العاص‪.‬‬

‫فوائد‪:‬‬
‫الكافر‪.‬‬ ‫ألفاظ العموم‪ ،‬فَت ع ُّم ِ‬
‫األرض))‪( .‬من) ِمن ِ‬
‫ِ‬
‫املسل َم و َ‬
‫َُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ْ‬ ‫((م ْن يف‬
‫‪-1‬قوله‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫قال العالمةُ حممد بن احلس ِن ال َكواك ُّ‬
‫ب (ت‪1072:‬ه) يف ((منظومته يف أصول الفقه))‪ ،‬ص‪ ،17‬نظم فيها كتاب‬
‫للنسفي‪:61‬‬
‫ِ‬ ‫((املنار))‬

‫عىن فيهما‬ ‫اخلص ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫موم َم ً‬
‫َّائع العُ ُ‬
‫والش ُ‬ ‫وص َم ْن ‪،‬وما‬ ‫ول ْلعُموم و ُ‬
‫وما يكو ُن للذي ال يَ ْع ِق ُل‬ ‫ومن على ذوي الع ِ‬
‫قول ُُْي َم ُل‬‫ُ‬ ‫َْ‬

‫‪ -13‬المصنف‪ :‬ابن أبي شيبة‪ ،)05055( ،‬وأحمد في ((المسند))‪ ،)6434( :‬والحميدي في ((مسنده))‪.)630( :‬‬
‫‪ -03‬أبو داود‪ )4341( :‬وغيره‪.‬‬
‫‪ -01‬المنار‪ :‬كتاب في أصول الفقه‪ ،‬وهو معتمدة عند الحنفية‪ ،‬نظمه الكواكبي في نظم يقدر من ألفين إلى ثالثة آالف بيت‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫(م ْن) تُستعمل للعاقل‪ ،‬و (ما) تستعمل لغري‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬معىن البيُ الثان؛ َّ‬
‫أن َ‬
‫الس ْهلة‬ ‫العاقل‪ .‬وقد مجع الناظم يف هذين البتْي معان عظيمة‪ ،‬بعبارة ٍ‬
‫سهلة‪ ،‬وحنن علينا أن نبحث عن العبارة َّ‬ ‫ُ‬
‫الواضحة اجلامعة‪.‬‬

‫االستِطاعة"‪.‬‬
‫وُيفظها قَ ْد َر ْ‬ ‫وطالب العل ِم ُّ‬
‫املهتم ابلعلم؛ عليه أن جيمع ويكتب‪ ،‬هذه الفوائد‪َْ ،‬‬ ‫ُ‬
‫املضاف له من ألفاظ العموم‪.‬‬ ‫ ْل‪ ،‬وكذا‬
‫ف ْ‬ ‫معَّر ُ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫‪-6‬قوله‪(( :‬أهل األرض))‪ .‬من ألفاظ العموم‪ ،‬فالْ َ‬
‫خس ٍر}‪ 66‬فم املقصود من‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬كقوله تعاىل‪{ :‬والعص ِر* َّ‬
‫إن اإلنسان لفي ْ‬
‫لفظ (اإلنسان)‪ ،‬اجلواب‪ :‬كل إنسان‪ ،‬من املؤمنْي وغريهم"‪.‬‬

‫املضاف له من ألفاظ العموم)‪ ،‬أي‪ :‬كقوله يف احلديث‪(( :‬أهل األرض)) فقد أضاف أهل‬
‫ُ‬ ‫وقال حفظه هللا تعاىل‪(" :‬‬
‫إىل األرض‪ .‬فهذا من ألفاظ العموم"‪.‬‬

‫الالمعة يف نَظِْم الش ِ‬


‫ُّموس الطالعة))‪،‬‬ ‫َّنقيطي (ت‪1643:‬ه) يف نظمه ((مسائل األصول َّ‬
‫اليعقويب الش ُّ‬
‫قال حممد مولود ْ‬
‫ُ‬
‫ص‪ ،37‬نظم فيه ((تَ ْنقيح الفصول))‪ 63‬للقر ِ‬
‫ايف‪:‬‬

‫ضاف ُمطْلَقاً يَعُ ُّم‬ ‫ِجْن ٍ‬


‫س ُم ٌ‬ ‫اس ُم‬ ‫بالم ِجْن ٍ‬
‫س‪ ،‬و ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ُم َعَّر ٌ‬
‫‪-3‬قوله‪(( :‬يَ ْرمحْكم))‪ِ .‬‬
‫الروايةُ املشهورة ابجلزم‪.‬‬

‫اب األم ِر‪ ،‬ويف نُ ْس َخ ٍة َّ‬


‫جمزوم على جو ِ‬
‫‪64‬‬
‫ابلرفع‪ .‬ا‪ .‬ه‪.‬‬ ‫القاري‪ :‬وهو ٌ‬
‫ُّ‬ ‫علي‬
‫قال املال ٌّ‬
‫لوقوع ِه جواابً للطَّلب‪.‬‬
‫اية املشهورِة‪ :‬هو معل مضارع ْجمزوم ِ‬
‫ٌ ٌ‬ ‫ٌ‬
‫الرو ِ‬
‫فعلى ِ‬
‫تتمكن يف القرآن و ِ‬
‫احلديث والعلوم‬ ‫ت أ ْن َّ‬
‫َ‬ ‫أرد َ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬اي طالب العلم؛ إذا ْ‬
‫بعلم ِه‪ ،‬ولو حفظ القراآت‪ ،‬وكتب‬
‫مكن ابلعربية ال يوثَق ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ُّ‬
‫الشرعية‪ ،‬ابْدأْ ابلتَّمك ِن ابللغة العربية‪ُ ،‬ك ُّل طالب علم ال يَتَ ُ‬
‫احلديث‪.‬‬

‫‪ -00‬العصر‪.0-1 :‬‬
‫‪ -00‬هو من كتب األصول النفيسة عند المالكية‪.‬‬
‫‪ِ -04‬مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح‪ :‬مال علي القاري‪.0110/8 ،‬‬

‫‪3‬‬
‫ِ‬
‫الكافية الشَّافية‪ ،‬واليت تُ ْعتربُ أ َُّماً لأللفية‪:‬‬ ‫‪-‬قال ابن ٍ‬
‫مالك يف‬

‫س إ ْن تَ ْع َد ْم َسناهُ يف ِسن ْة‬


‫والنَّ ْف ُ‬ ‫صالح األلْ ِسن ْة‬
‫ُ‬ ‫َّح ُو‬
‫وبَ ْع ُد فالن ْ‬
‫عان "‬ ‫وج ْلوةُ امل ْف ِ‬
‫هوم ذا إ ْذ ِ‬ ‫املعان‬ ‫ِبه انْ ِك ُ‬
‫شاف َح َج ِ‬
‫ب‬
‫ََ‬ ‫ْ‬
‫مع ٍط‪( 67‬ت‪266 :‬ه) يف ((ألفيته))‪:62‬‬ ‫ابن ْ‬
‫‪-‬قال ُ‬
‫ضيض إ ْن َْ تَ ْ ِ‬
‫ب‬ ‫َّخ ِ‬ ‫الع ْر ِ‬
‫ض‪ ،‬والت ْ‬ ‫وَ‬ ‫اب األم ِر والت ََّم ِ ْين‬
‫اج ْزم جو َ‬
‫وْ‬
‫اب لِْل ُم ْستَ ْف َه ِم‬
‫وهكذا اجلو ُ‬ ‫َْحن ُو‪َ :‬أال تَْن ِزُل فينا تُكَْرِم‬

‫تجب‬ ‫ِ‬
‫أس ْ‬‫كم ْادعون ْ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬ومثالُهُ من القرآن الكرمي قوله تعاىل‪{ :‬وقال بُّ ُ‬
‫لكم} ‪ ،‬وقوله‪{ :‬وألْ ِق ما يف ميينِك تَ ْل ْ‬
‫‪66‬‬ ‫‪69‬‬
‫صنَعوا}‪.‬‬‫قف ما َ‬
‫ليسُ جواابً للطَّلب‪.‬‬
‫الرف ِع (يَرمحُكم) تكون مجلةً دعائيَّةً‪ْ ،‬‬
‫وعلى رواي ْة َّ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬وها هنا قاعدةٌ حنويةٌ كثريةُ التَّطْ ِ‬
‫بيقات واألمثلة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫إنما اإلعراب بالنيات‪.‬‬


‫هذه القاعدة منطبقةٌ على حديثنا‪ ،‬فإذا نوينا اجلواب َج ْزمنا‪ ،‬وإذا نوينا الدعاء َر ْفعنا‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫ويرث من آل يعقوب}‪.‬‬
‫ك ولياً * يرثين ُ‬
‫{فهب يل من ُلدنْ َ‬
‫ْ‬ ‫ومثل‪ 67‬ذلك قوله تعاىل حكايةً عن زكراي عليه السالم‪:‬‬

‫قُِر َ‬
‫ئ (يرثين‪ ،‬ويرث) ابلرفع واجلزم‪.‬‬
‫ألّنما جواُب (فهب)‪ ،‬والباقون ابلرفع‪ ،‬على جع ِل اجل ِ‬
‫ملة ِصفةً‬ ‫فالجز ُم قراءة ُ أبي عمر ٍو‪ ،‬والكسائي؛ َّ‬
‫َْ‬ ‫ْ‬
‫‪31‬‬ ‫ل(وليا)‪ ،‬أي‪ :‬هب يل ولياً واراثً ِم ِين ِ‬
‫وم ْن ِآل يعقوب‪.‬‬ ‫ْ‬

‫معط في ألفيته‪ ،‬وشهر ابن مالك ألفية ابن معط بقوله‪ :‬فائقةَ ألفية ابن‬ ‫ِ‬ ‫‪ -05‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬ذكر ابن مالك ألفية ابن‬
‫معط‪ ،‬وكالم ابن مالك ليس مسلَّما له‪ ،‬فقد ذكر ابن معط أمورا فاق فيها ابن مالك‪ ،:‬وكلك العكس‪.‬‬
‫‪ -06‬الصفوة الصفية في شرح األلفية‪ :‬للنيلي‪.030/1 ،‬‬
‫‪ - 07‬غافر‪.63 :‬‬
‫‪ -08‬طه‪.63 :‬‬
‫‪ -03‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬نحن قو ٌم نحب األمثلةَ‪ ،‬ولقد قالوا‪ :‬العل ُم باألمثل ِة والنَّظائر‪ .‬فمن لم يكن كذلك فعلمه ناقص‪ ،‬يحتاج‬
‫إلى تثبي ٍ‬
‫ت وترقيع وتجديد‪.‬‬
‫‪ -03‬مريم‪.6-5 :‬‬
‫‪ -01‬شرح طيبة النشر‪ :‬ابن ناظم‪ ،‬ص‪.071‬‬

‫‪13‬‬
‫قال ابن اجلزري‪:‬‬
‫ِِ ‪36‬‬ ‫بِ َكس ِر َ ِ ِ ِ‬
‫ضى عُتيا‬
‫ضمه ر ً‬ ‫ْ‬ ‫رث ُح ْز ُرْد معاً‪ .‬بُكيِا‬
‫اج ِزْم يَ ْ‬
‫وْ‬
‫‪33‬‬
‫ص ِدقُين}‪.‬‬
‫معي ِرْدءاً يُ َ‬
‫صح مين لساانً فأرسله َ‬
‫ومثاله قوله تعاىل عن موسى عليه السالم‪{ :‬وأخي هارو ُن هو أفْ ُ‬
‫ئ (ي ِ‬
‫لعاصم وحمزة‪ ،‬واجلزم للباقي‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫صدقُين) ابلرف ِع واجلزم‪ ،‬فالرفع‬‫قُِر َ ُ‬
‫الشاطب‪:‬‬
‫ُّ‬ ‫قال‬
‫‪34‬‬
‫اح ِذ ْ‬
‫ف الو َاو ُد ْخلُ َال‬ ‫قال موسى‪ ،‬و ْ‬
‫وقُ ْل َ‬ ‫يص ِدقُين ارفع جزمه يف نُص ِ‬
‫وص ِه‬ ‫ُ‬ ‫ْ ْ َ َْ ُ‬ ‫َُ‬
‫فائدة‪:‬‬
‫بن احلَسن‪791-477( 37‬ه) رمحه هللا تعاىل‪:‬‬ ‫ِ‬
‫علي ُ‬
‫شقي ُّ‬
‫عساكر الد َم ُّ‬
‫َ‬ ‫ابن‬
‫ظ ُ‬ ‫أنشد احلاف ُ‬
‫‪َ -‬‬
‫قليل ا خل ِري ُمْن َح ِرما‬
‫عن ِ‬ ‫ب ُم ْغتَنِما‬ ‫ِ‬
‫ابد ْر إىل اخل ِري اي ذا اللُّ ِ‬
‫كن ْ‬ ‫وال تَ ْ‬
‫ضال والكرما‬ ‫ب اإلفْ َ‬ ‫ِ‬ ‫أوالك ِم ْن نِع ٍم‬
‫فالشك ُْر يَ ْستوج ُ‬
‫ُّ‬ ‫ملوالك ما َ‬
‫كر َ‬ ‫وا ْش ْ‬
‫الرمحن َم ْن َرِمحا‬ ‫ُ‬ ‫رحم‬
‫فإمنا يَ ُ‬
‫وارحم ب َق ْلبك خلق ِ‬
‫هللا و ْار َع ُه ُم‬ ‫َ َ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫اقي (‪602-967‬ه)‪:‬‬
‫ظ العر ُّ‬
‫‪-‬وأنشد احلاف ُ‬

‫الع َدما‬
‫لك َ‬‫الفقري إذا يَ ْشكو َ‬
‫وال َ‬ ‫كْي إ ْن َع ِدما‬
‫املس َ‬
‫حم ْ‬
‫ُ ال تَ ْر ُ‬
‫إ ْن ُكْن َ‬

‫الرمح ِن َر ْمحَتَهُ‬
‫‪32‬‬
‫محن َم ْن َرمحا‬
‫حم ا َّلر ُ‬
‫وإمنا يَ ْر ُ‬ ‫من َّ‬
‫فكيف تَ ْرجو َ‬
‫َ‬
‫ب‪676-927( 39‬ه) رمحه هللا تعاىل‪:‬‬
‫الشيخ رضوان العُ ْق ُّ‬
‫ُ‬ ‫‪-‬وأنشد‬

‫كالم العُ َّذ ِل‬


‫مع َ‬ ‫فَ ْامنُ ْن‪ ،‬وال تَ ْس ْ‬ ‫ابألوِل‬
‫َّ‬ ‫فيك ُم َس ْل َس ٌل‬
‫ب َ‬ ‫احلُ ُّ‬
‫العلي‬ ‫َم ْن يَ ْر َح ِم ُّ‬ ‫وارحم عباد ِ‬
‫لي يَ ْرمحْهُ َ‬
‫الس ْف َّ‬ ‫هللا اي َم ْن ق ْد عال‬ ‫ْ ْ َ‬

‫‪ -00‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.84‬‬


‫‪ -00‬القصص‪.04 :‬‬
‫‪ -04‬الشاطبية‪ :‬ص‪.76‬‬
‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ؤي ِمثلهُ‪ ،‬فهو من نوادر الزمان‪ ،‬هو من كبار الحفاظ‬ ‫ْ‬
‫‪ -‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬قالوا‪ :‬ابن عساكر ما رأى مث َل نف ِس ِه‪ ،‬وما ُر َ‬
‫‪05‬‬

‫والمحدثين‪ ،‬وله ((تاريخ دمشق)) وهو أكبر كتاب موجود إلى اآلن مطبوع بخمسين مجلدا‪.‬‬
‫‪ -06‬صلة الخلف بموصول السلف‪ :‬للرداني‪ ،‬ص‪ ،00‬والنفحة المسكية في الرحلة المكية‪ :‬للسويدي‪ ،67/1 ،‬ونسبها السّفيري في‬
‫((شرح البخاري)) (ت‪356:‬ه) للشهاب الحجازي‪ ،‬ولم يُصب في ذلك‪.‬‬
‫‪ -07‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬العقبي؛ من القراء والمحدثين‪ ،‬وهو من تالمذة اإلمام ابن الجزري حمهما هللا تعالى‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الس ْل َس ِل‬ ‫الع ْذ ِب َّ‬
‫الر ِ‬
‫حيق َّ‬ ‫ِ‬
‫من َ‬‫ُش ْرابً َ‬ ‫ذاب َوَرِج َع ْفواً إ ْن تَ ُرْم‬
‫الع َ‬
‫َو َخف َ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬هذا كالم راقي أطيب من العسل‪ ،‬اي إخوان‪ :‬احلياةُ َّب ِ‬
‫جالسة العلماء‬
‫خمتلفةٌ‪ ،‬تطول ابلعمر‪ ،‬وتنور القلب‪ ،‬وتزيد العقل"‪.‬‬

‫‪-‬تنبيهٌ‪.‬‬

‫ضعيف‪،‬‬ ‫أن أ ْك َثرَها‬ ‫ِ‬


‫لسالت وتَتَ بُّعِها مع َّ‬ ‫املس‬
‫ٌ‬ ‫"الناس يُغالون أحياانً يف َ‬
‫ُ‬ ‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪:‬‬
‫ذاُتا‪ .‬أي‪ :‬مقصودة للعمل وليس جلمع األسانيد"‪.‬‬ ‫وليس م ْقصوداً لِ ِ‬
‫َ َ‬
‫بن موسى‪( 36‬ت‪970:‬ه)‪:‬‬
‫اهيم ُ‬
‫الشاطب إبر ُ‬
‫ُّ‬ ‫قال اإلمام‬
‫كاألحاديث املس ْل ِ‬
‫سلة اليت‬ ‫ِ‬ ‫ب الْتز ُامها‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الثان‪َ :‬حت ُّم ُل األخبار واآلاثر على الْتزام ِ َكيفيَّات ال يَ ْلَزُم مثْ لُها‪ ،‬وال يُطْلَ ُ‬
‫املتأخرو َن ابل َق ِ‬
‫قدِم على غ ِري قَص ٍد‪ ،‬فالتزمها ِ‬ ‫مان املت ِ‬ ‫أُِت هبا على و ٍ‬
‫جوه ُم ْلتَ َزم ٍة يف َّ‬
‫فصار َحت ُّملُها على ذلك‬
‫صد َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬ ‫الز ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫عمل‪،‬‬
‫القص َد ال يَْن بَين عليه ٌ‬
‫أن ذلك ْ‬ ‫مع َّ‬
‫خبصوصها‪َ ،‬‬ ‫ث عنها ُ‬ ‫ويبح ُ‬
‫تخراجها‪َ ،‬‬ ‫تعىن يف ا ْس ْ‬ ‫القصد َحت ِرايً له‪ُ ،‬‬
‫حبيث يَ َّ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األسانيد ال يَ ْق َد ُح يف ِ‬ ‫ألن َتلَُّفه يف ِ‬ ‫وإ ْن ِ‬
‫األحاديث‪ ،‬كما يف‬ ‫تلك‬
‫ضى َ‬ ‫العمل َّبُْقتَ َ‬ ‫أثناء تلك‬ ‫الع َم ُل؛ َّ ُ‬ ‫صحبَ َها َِ َ‬‫َ‬
‫حديث‪:‬‬

‫يخه‪ ،‬فإ ْن َِمس َعهُ منهُ بَ َ‬


‫عد‬ ‫حديث يسمعه التِلمي ُذ من َش ِ‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ ُُ‬
‫ٍ‬ ‫((الرامحون يرمحهم الرمحن))‪ ،‬فإّنم الْتزموا ِ‬
‫فيه أ ْن يكو َن َّأوَل‬ ‫ُ ُ‬
‫ذلك على ج ِ‬
‫هة التَّبَ ُّرِك‪،‬‬ ‫أّنم الْتزموا َ‬
‫‪37‬‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫غري ُ‬ ‫سائرها ؛ َ‬ ‫ضاهُ‪[ )) (( ،‬وكذا ُ‬ ‫فاد َة َّبُْقتَ َ‬
‫نع ذلك اال ْست َ‬
‫أخ َذ عنهُ َغ َريهُ؛ َ ميَْ ْ‬
‫ما َ‬
‫ب ِمثْ ِل‬ ‫صود؛ فَ َ‬
‫طلَ ُ‬ ‫األحاديث ِ‬
‫النبوية أو أ ْكث ِرَها؛ حَّت يُق ُ‬
‫ال‪ :‬إنَّهُ م ْق ٌ‬ ‫ِ‬ ‫خاصةً]‪ ،‬وليس َّبُطَِّرٍد يف مجي ِع‬
‫ْي الظَّ ِن َّ‬ ‫وحتس ِ‬
‫َْ‬
‫ْ ‪41 43‬‬
‫صل ِبه ‪.‬‬ ‫ح ال ِع ِلم ال ِم ْن ُ‬ ‫ذلك ِم ْن ُملَ ِ‬
‫آخذاً له عن‬ ‫َُ‬ ‫ص ِد طَلَ ِ‬
‫ب تَواتُِرِه‪ ،‬بل على أ ْن ي ع َّد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫من طُُرق كثرية‪ ،‬ال على قَ ْ‬
‫ِ‬
‫تخر ِاج احلديث ْ‬ ‫والثالث‪ :‬التَّأَنُّ ُق يف ْ‬
‫اس ْ‬
‫ْ‬
‫الص ِ‬
‫حابة‪ ،‬أو التَّابعْي‪ ،‬أو غ ِريهم؛ فاال ْشتغا ُل بهذا‬ ‫ِ‬
‫اآلحاد يف َّ‬ ‫هات َش ََّّت‪ ،‬وإ ْن كا َن راجعاً إىل‬‫ومن ِج ٍ‬
‫ُش ٍ ٍ ِ‬
‫يوخ كثرية‪ْ ،‬‬
‫ب ال ِع ِلم‪.‬‬‫ص ْل ِ‬‫ح‪ ،‬ال ِم ْن ُ‬ ‫منَ ال ُملَ ِ‬
‫نب صلى هللا عليه وسلم‬ ‫ُ حديثاً واحداً ع ِن ال ِ‬ ‫حممد ِ‬
‫الكنَ ِ‬ ‫الرب عن محزَة ب ِن ٍ‬ ‫عبد ِ‬‫خَّرج أبو عمر بن ِ‬
‫ان؛ قال‪َ :‬خَّر ْج ُ‬ ‫َ َ َُ ُ‬
‫شك الراوي‪.‬‬ ‫ِم ْن ِمائيت طر ٍيق‪ ،‬أو من حن ِو ِمائيت طر ٍيق‪َّ .‬‬

‫‪ -08‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬صاحب كتاب الموافقات‪ :‬الذي لم يولَّف في الشريعة مثله‪ ،‬صاغ اإلمام فيه أصول الفق ِه بطريقة‬
‫جديدة‪ .‬فهو فخر المالكية‪ ،‬وفع رأس المشارقة والمغاربة‪.‬‬
‫‪ -03‬أي‪ :‬سائر المسلسالت‪.‬‬
‫‪ -43‬أي‪ :‬ليس من أساسيات العلم‪ ،‬بل هي أمور كمالية‪.‬‬
‫العلم‪ ،‬ويُن ِ ّمي العقلَ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُعلّم‬
‫‪ -41‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعالى‪ :‬من ميزات علم أصول الفقه؛ أنه ي ِ‬

‫‪10‬‬
‫أيُ ُيىي بن َمع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫من ذلك من ال َفرِح غريُ ٍ‬
‫ْي يف املنام‪ ،‬فقلُ له‪ :‬اي أاب زكراي!‬ ‫َ‬ ‫ُ بذلك؛ فر ُ‬ ‫قليل‪ ،‬وأُ ْعجْب ُ‬ ‫اخلَين ْ‬‫فد َ‬
‫قال‪َ :‬‬
‫ِ‬
‫أخشى أ ْن‬
‫كُ عين ساعةً‪ ،‬مث قال‪َ :‬‬ ‫النب صلى هللا عليه وسلم من مائيت طر ٍيق‪ ،‬قال‪ :‬فَ َس َ‬ ‫جُ حديثاً عن ِ‬ ‫ق ْد َخَّر ُ‬
‫‪46‬‬
‫ُ‪{ :‬أهلا ُك ُم التَّكاثر}‪.‬‬
‫يَ ْد ُخ َل هذا ْحت َ‬
‫ائد‬
‫الز ُ‬
‫فصار َّ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫صحيح يف االعتبا ِر َّ‬
‫ألن َتْرجيَهُ من طُُرق يَسرية كاف يف املقصود منه؛ َ‬ ‫ٌ‬ ‫قال الشاطب‪ :‬هذا ما قال‪ .‬وهو‬
‫‪43‬‬
‫ضالً‪.‬‬
‫على ذلك فَ ْ‬

‫مقدمة‬
‫ٍ‬
‫كلمات ال بُ َّد منها‪ ،‬فنقول‪:‬‬ ‫نذكر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬قبل البدء ابلكتاب ُ‬
‫خصائص هذه األ ِ‬
‫مة‬ ‫ِ‬ ‫النب صلى هللا عليه وسلم ِم ْن‬
‫َّصل إىل ِ‬‫ابلسنَ ِد املت ِ‬
‫الكرمي َّ‬ ‫يف‪ ،‬بل و ِ‬
‫القرآن ِ‬
‫ْ‬
‫ِ‬
‫احلديث الشر ِ‬ ‫َّ‬
‫إن قراءةَ‬
‫ننتسب ابلعل ِم إىل ِ‬
‫النب صلى هللا‬ ‫َ‬ ‫أن هللا سبحانه وتعاىل رفعنا قدران ومكانتنا أ ْن‬‫حيث َّ‬
‫فخر عظيم‪ُ ،‬‬
‫احملمدية‪ ،‬فهذا ٌ‬
‫رب العزِة سبحانه وتعاىل"‪.‬‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬ويف القرآن إىل النب ومن مث إىل جربيل إىل ِ‬

‫وسنَّةٌ ابلغةٌ‬ ‫ِ‬ ‫فاضلَةٌ من َخصائِ ِ‬


‫صيصةٌ ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسناد َّأوالً خ ِ‬
‫ص هذه األمة‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أص ُل‬
‫الح (ت‪243:‬ه)‪ْ :‬‬
‫الص ِ‬
‫بن َّ‬ ‫قال أبو عمرو ُ‬
‫السن ِن املؤَّك َد ِة‪.‬‬
‫من ُّ‬
‫َ‬
‫عبد هللا ب ِن املبارِك رضي هللا عنه أنه قال‪ :‬اإلسناد من ِ‬
‫الدي ِن‪ ،‬لوال‬ ‫رِوينا من غ ِري وج ٍه عن ِ‬
‫لقال َم ْن شاءَ‬
‫اإلسناد‪َ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬
‫‪44‬‬
‫ما شاءَ‪.‬‬

‫البغدادي (ت‪423:‬ه)‪:‬‬
‫ُ‬ ‫اخلطيب‬
‫ُ‬ ‫‪-‬وقال‬
‫ناد‪ ،‬وليس ألح ٍد من األم ِم ُكلِها ِ‬
‫قدميِهم‬ ‫ضلَها ابإلس ِ‬
‫وشَّرفَها وفَ َّ‬ ‫حممد بن ِ‬
‫حامت ب ِن املظََّف ِر‪َّ :‬‬
‫َ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫األمةَ َ‬
‫إن هللاَ أ ْك َرم َّ‬ ‫قال ُ ُ‬
‫‪47‬‬
‫ف يف أيديهم‪.‬‬ ‫ص ُح ٌ‬ ‫ِِ‬
‫ناد‪ ،‬وإمنا هي ُ‬ ‫إس ٌ‬
‫وحديثهم ْ‬
‫ٍ‬ ‫وفيه قال‪ :‬قال أبو ٍ‬
‫من األم ِم ُمْن ُذ َخلَ َق هللاُ َ‬
‫ِ ‪42‬‬
‫آاثر‬
‫آدم أ َُمناءُ َُْيفظو َن َ‬ ‫يكن يف أمة َ‬
‫ازي (ت‪699:‬ه)‪ْ َ :‬‬ ‫الر‬
‫حامت َّ‬
‫ِ ‪49‬‬
‫األمة‪.‬‬ ‫الرس ِل َّإال يف ِ‬
‫هذه َّ‬ ‫ُّ ُ‬

‫‪ -40‬التكاثر‪.1 :‬‬
‫‪ -40‬الموافقات‪ :‬للشاطبي‪ .80-81/1 ،‬المكتبة الشاملة‪.‬‬
‫‪ -44‬مقدمة ابن الصالح‪ :‬ص‪.407‬‬
‫‪ -45‬شرف أصحاب الحديث‪ :‬الخطيب‪ ،‬ص‪.43‬‬
‫‪ -46‬شيخ الجرح والتعديل‪.‬‬
‫‪ -47‬المصدر السابق‪ :‬ص‪.40‬‬

‫‪10‬‬
‫‪46‬‬ ‫األنساب‪ ،‬واإلعر ِ‬
‫اب‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلسناد‪ ،‬و‬ ‫األمة ِ‬
‫بثالثة أشياءَ‪ َْ ،‬يُ ْعطها َم ْن ْقبلها‪:‬‬ ‫ص ِ‬
‫هذه ِ‬ ‫وفيه قال أيضاً‪َّ :‬‬
‫إن هللاَ َخ َّ‬
‫فهو خلٌّ وبَ ْق ٌل‪.‬‬ ‫ٍِ‬
‫ليس فيه حدَّثنا أو أخربان‪َ ،‬‬
‫اج (ت‪120 :‬ه)‪ُ :‬ك ُّل ع ْلم َ‬
‫بن احلَ َّج ِ‬
‫قال ُشعبَةُ ُ‬
‫ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الح املؤم ِن‪ ،‬فإذا َ ي ُك ْن معه س ٌ‬
‫‪47‬‬
‫قاتل!‬
‫الح‪ ،‬فبأي شيء يُ ُ‬ ‫اإلسناد س ُ‬
‫ُ‬ ‫وقال سفيان الثوري (ت‪121 :‬ه)‪:‬‬
‫ِ‬
‫الشرعية إىل اآلن تُ ْقرأُ ابلسند‪ ،‬سواء يف ذلك الفقه‪،‬‬ ‫‪-‬قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪ُ " :‬ج ُّل العلوم‬
‫أو األصول‪ ،،‬والنحو‪ ،‬فألفية ابن مالك مثالً إىل اآلن تُقرأ ابلسند"‪.‬‬

‫الوح ِي‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ ِ‬


‫س أّنا تُ ْع َق ُد يف مدينة رسول هللا صلى هللاُ عليه وسلم َم ْهبط َ‬ ‫وقال حفظه هللا تعاىل‪" :‬ومن بركا ِت هذه اجملالِ ِ‬
‫يث‬
‫يف‪ ،‬ح ُ‬ ‫الشر ِ‬ ‫املس ِج ِد الن ِ‬
‫َّبوي َّ‬ ‫يخ‪ ،‬وذلك يف ْ‬ ‫إسالميَّ ٍة يف التَّار ِ‬ ‫ٍ‬
‫ظم جامعة ْ‬ ‫أع َ‬
‫ُ َّأو ُل و ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اإلميان‪ ،‬وفيها أُس َس ْ‬ ‫ومأْ ِرِز‬
‫َ‬
‫كانُ َْحمبوبةً من‬ ‫ِ‬ ‫نورها على مجي ِع العاَِ َش ْرقاً و َغ ْرابً‪َ ،‬‬ ‫قات العل ِم يف ِ‬
‫وَشاالً وجنوابً‪ ،‬لذا ْ‬ ‫كل زواايهُ‪ ،‬فَ َش َّع ُ‬ ‫كانُ َحلَ ُ‬
‫ْ‬
‫املسلِمْي"‪.‬‬
‫كل ْ‬ ‫ِ‬

‫حيث قال‪:‬‬ ‫عبد ِ‬


‫ري (ت‪913 :‬ه) ُ‬
‫هللا البَ ْس َك َّ‬ ‫"ورحم هللا َ‬
‫وحت َّن من طََر ٍب إىل ِذ ْكراها‬
‫َِ‬ ‫أح ُّق أ ْن تَ ْهواها‬ ‫ِ‬
‫احلبيب َ‬ ‫دار‬
‫ُ‬
‫حممد بِِفناها‬
‫ول ٍ‬ ‫َشَرفاً ُحلُ ُ‬ ‫ِ‬
‫كاملدينة َمْن ِزٌل‪ ،‬وكفى هلا‬ ‫ال‬

‫ف‬ ‫قيام َّ ِ‬
‫عود‪ ،‬وال ي ْن َق ِطع إىل ِ‬ ‫ِ‬
‫ض ُع َ‬
‫الساعة إ ْن شاء هللا تعاىل؛ وإ ْن كا َن ق ْد َ‬ ‫لم‪ ،‬وإليها يَ ُ َ ُ‬ ‫هذه املدينة املباركةُ منها َخَر َج الع ُ‬
‫األز ِ‬
‫منة"‪.‬‬ ‫بعض ْ‬ ‫يف ِ‬

‫بن ُشْب ُرمةَ (فقيه العراق‪ ،‬وقاضي الكوفة‪،‬‬ ‫ِ ِ ِِ‬ ‫ِ‬


‫عبد هللا ُ‬
‫العلم‪ ،‬فقال ُ‬
‫رجل من فُقهاء املدينة‪ :‬م ْن عندان َخَر َج ُ‬
‫قال ٌ‬
‫‪70‬‬
‫رجع إليكم‪.‬‬
‫ت‪144:‬ه)‪ :‬نعم‪ .‬مثَّ َ يَ ْ‬
‫قال الشيخ صفوان داوودي حفظه هللا تعاىل‪" :‬فَرِحم هللا ابن ُشب رمةَ رمحةً واسعةً‪ ،‬فلو جاء ورأى حلَ ِ‬
‫قات القرآن‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُْ َ‬
‫رجع عن مقالَتِه"‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫يف على َس َعته رجاالً ونساءً‪ ،‬صغاراً وكباراً‪ ،‬صباحاً ومساءً‪ ،‬لَ َ‬
‫الشر َ‬
‫النبوي َّ‬
‫جد َّ‬ ‫الكرمي متَْألُ امل ْس َ‬

‫‪ -48‬المصدر السابق‪ :‬ص‪ ،43‬والنكت على مقدمة ابن الصالح‪ :‬لبدر الدين َّ‬
‫الزركشي (ت‪.87/1 )734 :‬‬
‫‪ -43‬المدخل إلى كتاب اإلكليل‪ :‬للحاكم النيسابوري (ت‪435 :‬ه)‪ ،‬ص‪.03‬‬
‫‪ -53‬البيان والتبين‪ :‬للجاحظ‪ ،007/1 ،‬والعقد الفريد‪ :‬البن عبد ربه ‪.100/4‬‬

‫‪14‬‬
‫املنوَرِة وبََرَكتِها‪.‬‬
‫َّعلُِّم يف املدينة َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫‪-‬ونَ ْذ ُك ُر هنا مثاالً واحداً على فضيلَة الت َ‬
‫كالم ِ‬
‫املؤرخْي‬ ‫املنورِة لِطَلَ ِ‬
‫ب العلم‪ ،‬ولْنَستمع إىل ِ‬ ‫عاَ من ِ‬
‫اهلند إىل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يف أو ِ ِ‬
‫ْ‬ ‫املدينة َّ‬ ‫رحل ٌ َ‬
‫ائل ال َق ْرن الثانَ عشر اهلجري َ‬
‫فيه‪.‬‬
‫ترمجة ِ ِ‬‫احلي احلسين اهلندي (ت‪1341 :‬ه)‪ ،‬يف ِ‬
‫ِ‬
‫اهلندي (‪-1114‬‬ ‫وي‬ ‫ويل هللا ب ِن عبد الرحي ِم الد ْ‬
‫َّهلَ ِ‬ ‫قال العالمةُ عبد ِ َ ُّ‬
‫‪1192‬ه)‪:‬‬

‫الشيخ عبد هللا‬ ‫ثالث وأربعْي ٍ‬


‫ومائة و ٍ‬ ‫ْي‪ ،‬فَرحل إليهما سنةَ ٍ‬ ‫الشري َف ِ‬ ‫تاق إىل زايرِة احلرم ِ‬
‫ُ‬ ‫ألف‪ ،‬ومعهُ خالُهُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْي َّ‬ ‫وا ْش َ‬
‫ْي‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب علماءَ احلرمْي‬ ‫وصح َ‬ ‫عامْي كاملَ ِ َ‬
‫ابحلرمْي َ ِ‬
‫َِ‬ ‫ابن خاله حممد عاشق‪ ،‬وغريَُها من أصحابِه‪َ ،‬‬
‫فأقام‬ ‫البارهوي‪ ،‬و ُ‬
‫ُّ‬
‫ِ‬
‫املد ِن يف املدينة املنورة‪ ،‬فَتَلقَّى منه َ‬
‫مجيع‬ ‫الكردي َ‬ ‫َّيخ أيب طاه ٍر حممد ب ِن إبراهيم ْ‬‫ص ْحبةً شريفةً‪ ،‬وتَتَ ْلم َذ على الش ِ‬ ‫ُ‬
‫الرتمذي))‪ ،‬و ((سنن أيب‬ ‫ِ‬ ‫البخاري)) ما بْي قر ٍ‬‫ِ‬
‫ومساع‪ ،‬وشيئاً من ((صحيح مسلم))‪ ،‬و ((جامع ْ‬ ‫اءة ٍ‬ ‫((صحيح‬
‫((الرسالة للشافعي))‪ ،‬و‬ ‫داود))‪ ،‬و ((سنن ابن ماجه))‪ ،‬و ((موطَّأَ اإلمام مالك))‪ ،‬و ((مسند اإلمام أمحد))‪ ،‬و ِ‬
‫َّارمي)) من َّأولِِه إىل آخره يف ع ْشرِة جمالس‪ .‬كلُّها ابملسجد ِ‬
‫النبوي‬ ‫ومسع منه ((مسند احلافظ الد ِ‬ ‫((اجلامع الكبري))‪َ ،‬‬
‫َ‬
‫فاء)) للقاضي‬ ‫((الش ِ‬
‫الشريف‪ ،‬وشيئاً من ((األدب املفرد)) للبخاري‪ ،‬وشيئاً من َّأوِل ِ‬ ‫عند احملراب العثمان ُجتاه القرب َّ‬ ‫َ‬
‫الشيخ أبو الطَّاه ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اهيم بن احلس ِن ال ُكردي املدن‪ ،‬مع التَّذييل‪ ،‬فأجازه ُ‬ ‫الشيخ إبر َ‬
‫س ِ‬ ‫ومسع عليه ((األ ََمم)) ْفهر ُ‬‫عياض‪َ ،‬‬
‫وقدمي‪ ،‬وَْحم ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫موع‪ ،‬وأ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫وذلك يف‬‫فوظ َوَرقي ٍم َ‬ ‫وفروع‪ ،‬وحديث ٍ َ‬ ‫ُصول ٍ‬ ‫جتوز له وعنه ِروايَتُهُ‪ ،‬م ْن َم ْقروء َ‬
‫وم ْس ٍ‬ ‫عامةً َّبا ُ‬‫إجازًة َّ‬
‫س ِنة أرب ٍع وأربعْي ٍ‬
‫ومائة و ٍ‬
‫ألف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اتج الدي ِن‬ ‫املالكي ِ‬ ‫الشيخ وفْ ِد ِ‬ ‫َّ‬
‫الشيخ ِ‬
‫دروس ِ‬ ‫وحضر َ‬ ‫َ‬ ‫املك ِي‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫هللا‬ ‫املباركةَ‪ ،‬وأخ َذ ((موطأَ مالك)) عن ِ َ‬ ‫مثَّ َورَد مكةَ َ‬
‫الست َِّة‪ ،‬و((موطأ مالك))‪،‬‬ ‫اف الكتب ِ‬ ‫س ((صحيح البخاري))‪ ،‬ومسع عليه أطْر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املكي أايماً حْي كان يُ َدر ُ‬ ‫عي ِ‬ ‫الق ْل ِ‬

‫سل‬ ‫ِ‬ ‫الدارمي))‪ ،‬وكتاب ((اآلاثر)) حملمد‪ ،‬وأخ َذ اإلجازةَ عنه لسائ ِر‬
‫املس ْل َ‬
‫احلديث َ‬
‫َ‬ ‫الكتب‪ ،‬وأخ َذ عنه‬ ‫ِ‬ ‫و((مسند‬
‫من زايرِة ِ‬
‫النب صلى هللا عليه‬ ‫حديث مسع منه َ ِِ‬ ‫ٍ‬ ‫اهيم ب ِن احلس ِن ِ‬
‫بعد عودته ْ‬ ‫َ‬ ‫أول‬
‫املدن‪ ،‬وهو ُ‬ ‫ابألولية عن الشيخ إبر َ‬
‫س وأربعْي و ٍ‬
‫مائة و ٍ‬
‫ألف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وسلم‪ ،‬وعاد إىل اهلِْن ِد سنةَ مخْ ٍ‬
‫ناؤه من ب ع ِد ِه‪ ،‬حَّت ع َّمُ مدا ِرس ا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وملا رجع ُّ ِ‬
‫حلديث بالد‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫قام بن ْش ِر احلديث‪ ،‬مثَّ َخلَ َفهُ أبْ ُ ُ َ ْ‬
‫لوي إىل اهلند‪َ ،‬‬
‫َّه ُّ‬
‫ويل هللا الد ْ‬ ‫َ‬
‫اآلالف املؤلََّفةُ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وتََّر َج منها‬ ‫ِ‬
‫اهلند‪ ،‬وابكستا َن‪ ،‬وبنغالديش‪ ،‬وبورما‪َ ،‬‬

‫املنوَرِة‪ ،‬ومكةَ املكرمة‪.‬‬ ‫احلديث كلُّها تَرجع إليه‪ ،‬فهذا إحدى بر ِ‬


‫كات املدينة َّ‬ ‫ِ‬ ‫أسانيد‬
‫و ُ‬
‫َ‬ ‫ْ ُ‬

‫‪15‬‬
16

You might also like