You are on page 1of 123

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬


‫جامعة العربي التبسي– تبسة ‪-‬‬

‫كلية اآلداب واللغات‬


‫قسم اللغة واألدب العربي‬

‫النظرية السيميائية في الخطاب النقدي الجزائري‬


‫المعاصر "أحمد يوسف"‬
‫أنموذجا‬
‫مذكرة مكملة لنيل شهادة الماستر في اللغة واألدب العربي‬

‫تخصص‪ :‬تحليل خطاب‬


‫إشراف الدكتور‪:‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬
‫جويني عسال‬ ‫منال خليلي‬
‫مريم صالحي‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬

‫الصفة‬ ‫الرتبة العلمية‬ ‫االسم واللقب‬


‫رئيسا‬ ‫أستاذ محاضر "ب"‬ ‫رشيد سلطاني‬
‫مشرفا ومقررا‬ ‫أستاذ محاضر "ب"‬ ‫جويني عسال‬
‫مناقشا‬ ‫أستاذ مساعد " أ"‬ ‫بلقاسم رحمون‬

‫السنة الجامعية‪2017/2016:‬‬
‫شكُ َر نِعِمَتَكَ الَّتِي أَنِعَمِتَ‬
‫﴿رَبِّ َأ ِو ِزعِنِي أَنِ َأ ِ‬
‫ن صَاِلحّا َترِضَا ُه‬
‫ي وَأَنِ َأعِمَ َ‬
‫ي َوعَمَى وَاِلدَ َّ‬
‫عَمَ َّ‬
‫ك فِي عِبَا ِدكَ الصَّاِلحِنيَ﴾‬
‫وََأدِخِمِنِي بِرَحِمَتِ َ‬
‫سورة المنل (‪)19‬‬
‫شكـــــــــس وعسفـــــــاٌ‬

‫ىتقدو بالصكس اجلزيل واالمتياٌ اخلاص إىل األستاذ‬


‫الفاضل الدكتوز " جويين عشال " الري قدو ليا التوجيهات‬
‫العلنية واملعسفية‪ ،‬وصرب معيا وخلق فييا حب البحث والعنل‪.‬‬

‫شكسا لكل مً علنيا حسفا عسفاىا وامتياىا‬

‫أساترة قشه األدب العسبي‬

‫أعطاء اللجية املياقصة‬

‫إىل كل مً يعسفيا ويتنيى ليا اليجاح والتوفيق يف‬


‫مشتقبليا‬
‫مقدمـــــة‬
‫مقدمة‬

‫إن الثورة اؼبعرفية اليت حدثت على مستوى النقد األديب ومناىجو بعد التحول الذي حدث‬
‫داخل اغبقل اللغوي واللساين‪ ،‬أفرزت رؤى مفاىيمية فيما ىبص االشتغال على اؼبناىج النقدية‬
‫وخباصة ما تعلق بطروحات ما بعد البنيوية‪.‬‬

‫وقد شكلت اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة قفزة معرفية بعدما أحدثت قطيعة مع التصورات‬
‫التارىبية واالجتماعية يف عالقتها بالبٌت النصية‪ ،‬وَف يكن النقد اعبزائري اؼبعاصر دبنأى عن ىذه‬
‫التحوالت الفكرية واؼبنهجية‪ ،‬فقد استثمر اؼبفاىيم والنظريات الغربية يف تفعيل اػبطاب اإلبداعي‬
‫وبناء رؤية حداثية ؽبا آلياهتا وسياقاهتا الثقافية واعبمالية‪.‬‬

‫وتعترب النظرية السيميائية إحدى ىذه النظريات اليت استثمرىا النقد اعبزائري وتبٌت‬
‫مفاىيمها وأسسها الفلسفية والنقدية‪ ،‬نذكر منها الناقد‪ " :‬أضبد يوسف" الذي استثمر ما استجد‬
‫يف ساحة النقد العريب والغريب من مناىج ووظفها يف استنطاق النصوص وؿباورهتا‪ ،‬وحاول وضعها‬
‫يف إطارىا اػباص بالدرس النقدي اعبزائري‪.‬‬

‫وسنحاول تقدًن رؤية وصفية ؼبشروعو النقدي من خالل ىذا البحث األكاديبي الذي‬
‫جعلنا عنوانو‪ » :‬النظرية السيميائية يف اػبطاب النقدي اعبزائري اؼبعاصر"أضبد يوسف" أمبوذجا «‪.‬‬

‫وقد كان الدافع الختيار ىذا اؼبوضوع ىو ؿباولة فهم ربوالت اػبطاب النقدي اعبزائري‪،‬‬
‫ومعرفة التصورات اؼبفاىيمية اؼبشكلة لو‪ ،‬وتشكيل صورة علمية حول اؼبشروع النقدي والفلسفي‬
‫احدا من الذين كانت ؽبم اإلضافة اؼبعرفية يف ؾبال التأسيسي ؼبنظومة النقد‬
‫ألضبد يوسف باعتباره و ً‬
‫اعبزائري اغبداثي تنظَتا وإجراءً من حيث كونو حفر يف اػبلفيات اإلبستيمية للنظرية السيميائية منذ‬
‫اإلغريق حىت الدرس النقدي اؼبعاصر‪.‬‬

‫وألجل فهم ىذا اؼبشروع كان ال بد من ـبطط حبثي فبنهج يرسم الرؤية اؼبعرفية العامة لو‪،‬‬
‫فقد مت تقسيم العمل إُف‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫مدخل‪ ،‬تناولنا فيو إرىاصات النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬وكيفية استثمارىا للنظريات الغربية‬
‫واشتغالو عليها واالستضاءة هبا لالستنطاق النصوص األدبية‪ ،‬وقد حاولنا اإلحاطة – قدر اإلمكان‬
‫– جبل اؼبناىج اليت استفاد منها النقد اعبزائري‪.‬‬

‫مث أتبعنا اؼبدخل بفصلُت‪ ،‬األول نظري اشتغلنا فيو على النظرية السيميائية دبحموالهتا‬
‫اؼبعرفية وخلفياهتا الفلسفية يف اػبطاب النقدي الغريب‪ ،‬واررباؽبا إُف البيئة الثقافية العربية من خالل‬
‫عمليات اؼبثاقفة واغبوار اغبضاري والًتصبات‪ ،‬والنقل‪ ،‬وقد عرفنا هبذه النظرية من خالل تتبع‬
‫مساراهتا واذباىاهتا ومفاىيمها اؼبعرفية‪.‬‬

‫أما الثاين‪ ،‬فهو تطبيقي مثل قراءة وصفية وؿباورة علمية ربليلية ألىم أعمال الناقد " أضبد‬
‫يوسف " واليت تعترب مشروعا خاصا – تقريبا – بالنظرية السيميائية‪ ،‬والذي تتبع فيو اعبذور‬
‫واػبلفيات اؼبعرفية والفلسفية للسيمياء‪ ،‬وخباصة عالقتها باؼبنطق‪ ،‬وؽبذا وجدناه قد عاد إُف الًتاث‬
‫اإلغريقي لَتبط بُت ىذه النظرية والتصورات الفلسفية اليت صاغت مفاىيمها وأرست أسسها‬
‫ومبادئها‪.‬‬

‫وإلضاءة مفاصل ىذا البحث استعنا باؼبنهج الوصفي‪ ،‬مستثمرينا آليات التحليل اؼبنهجي‬
‫لفهم التصور العام للمشروع السيميائي عند " أضبد يوسف"‪ ،‬واستعنا يف اقباز ىذا العمل البحثي‬
‫على مراجع مركزية نذكر منها‪:‬‬

‫‪ -‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من "الالنسونية" إُف "األلسنية"‪.‬‬


‫‪ -‬بشَت توريرت اغبقيقة الشعرية على ضوء اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة ‪.‬‬
‫‪ -‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪.‬‬
‫‪ -‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائية أصوؽبا وقواعدىا‪.‬‬

‫وكأي عمل أكاديبي فقد اعًتضننا صعوبات وخاصة فيما تعلق بعالقة النظرية صعوبات‬
‫وخاصة فيما تعلق بعالقة النظرية السيميائية باؼبنطق الرياضي‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫ويف األخَت نتقدم بالشكر اعبزيل لألستاذ اؼبشرف " جويٍت عسال" الذي قدم لنا‬
‫التوجهات العلمية الالزمة إلسبام ىذا العمل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مدخل‬

‫النقد الجزائري المعاصر وعالقته بالنظريات الغربية‬

‫إرهاصات النقد الجزائري‬ ‫‪-1‬‬

‫اإلستضاءة بالمناهج النقدية الغربية‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ ‬البنيوية في الدرس النقدي الجزائري‬

‫‪ ‬األسلوبية في الخطاب النقدي الجزائري‬

‫‪ ‬التفكيك في الخطاب النقدي الجزائري‪ :‬الحضور والغياب‬

‫‪ ‬السيميائيات غياب المنهج أم طالسم العالمات‬


‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫مدخل‪ :‬النقد الجزائري المعاصر وعالقته بالنظريات الغربية‬

‫‪ _ 1‬إرهاصات النقد الجزائري ‪:‬‬

‫بدا أن يكون‬
‫إن االىتمام بالنقد األديب اعبزائري قد أصبح ضرورة ملحة‪ ،‬وال يعقل أ ً‬
‫االىتمام بالنقد أقل من االىتمام باإلبداع‪ ،‬فإن كان اإلبداع األديب ىو موضوع النقد‪ ،‬فإن ىذا‬
‫األخَت ىو اؼبوجو واؼبرشد‪ ،‬والنقد اعبزائري يف اغبقيقة‪ ،‬جزء ال يتجزأ من النقد العريب يف بالد‬
‫ناضجا يف بداية نشأتو‪.‬‬
‫اؼبشرق واؼبغرب و أن النقد اعبزائري اغبديث متأخر نسبيًا‪ ،‬فهو َف يكن ً‬
‫األدب والنقد صنوان يستند ويكمل أحدنبا اآلخر‪ ،‬على حد قول ‪":‬أيب القاسم سعد‬
‫ا﵁" » وما دمنا نعًتف بوجود ؿباوالت يف األدب‪ ،‬ضمن اغبقب‪ ،‬أن نعًتف كذلك بوجود‬
‫ؿباوالت أخرى يف النقد «‪ 1،‬ذلك أهنما يوجدان مع بعضهما‪.‬‬

‫ويف اغبديث عن النقد اعبزائري اغبديث‪ ،‬فمن اؼبعلوم أنو بدأ بدايات متعثرة كانت ؽبا‬
‫ىفواهتا‪ » ،‬فيكاد يقع إصباع على أننا ال نلفي نقداً منهجياً باعبزائر قبل سنة ‪1961‬م‪ ،‬فما كان‬
‫قبل ىذه السنة ال يعد أن يكون ؿباوالت متناثرة يف الصحف واجملاالت اليت كان يبثلها بعض‬
‫الكتاب أمثال‪"(:‬رمضان ضبودة"‪" ،‬ؿبمد السعيد الزاىري"‪" ،‬ؿبمد البشَت اإلبراىيمي"‪" ،‬ابن‬
‫باديس"‪" ،‬ضبزة بركوشة"‪"،‬أـحمد بن ذياب"‪" ،‬عبد الوىاب بن منصور")‪ ،‬وغَتىم من األدباء‬
‫احدا منهم جعل النقد شغلو الشاغل «‪.2‬‬
‫واؼبشايخ الذين ال نعرف و ً‬

‫ولعل النهضة النقدية باعبزائر بدأت على كتاب "أيب القاسم سعد ا﵁"‪ ،‬اؼبوسوم بــ‪( :‬‬
‫محمد آل خليفة)‪ ،‬رائد الشعر اعبزائري يف العصر اغبديث‪ ،‬ومنذ ذلك اغبُت باشرت اعبزائر‬

‫‪ 1‬أبو القاسم سعد ا﵁ ‪ ،‬دراسات يف األدب اعبزائري اغبديث‪ ،‬دار الوافد للكاتب‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة‪ ،2007 ،5 ،‬ص ‪.80‬‬
‫‪ 2‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من " الالنسونية " إُف " األلسنية "‪ ،‬رابطة اإلبداع الثقافية‪ ،‬اعبزائر‪ ،2002 ،‬ص‬
‫‪9.‬‬

‫‪6‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫هنضتها النقدية ليصبح اعبو الفكري العام مهمتو النقد األديب‪ ،‬كضرورة ملحة ؼبواكبة اغبركة األدبية‬
‫دافعا عجلة الصَتورة والتطور‪.‬‬
‫ً‬
‫كما أن ؽبذه العثرات تأثَتىا اإلهبايب على الفعل األديب‪ ،‬وعلى تطور اػبطاب النقدي فيما‬
‫بعد‪ ،‬لقد قيل الكثَت من اؽبفوات اليت طبعت اؼبسار النقدي اعبزائري اغبديث يف ـبتلف مراحل‬
‫تشكلو األساسية منها‪ :‬سوء الفهم وضيق ؾبال التمثل‪ ،‬عدم تبٍت منهج معُت يف كليتو ويف‬
‫مرجعياتو الفلسفية‪ ،‬سوء استخدام وترصبة بعض اؼبفاىيم األساسية‪ ،‬ارتباط النقد األديب يف ؾبملو‬
‫بدراسة واحدة‪ ،‬غياب مراعاة خصوصية النص من ناحية وخصوصية النظرية أو اؼبنهج اؼبستورد‬
‫واؼبتبٌت‪ ،‬ىيمنة التعقيد واؼبعيارية‪ ،‬سلطة التطبيق الفج واالستالب اؼبنهجي‪ ،‬ادعاء العلمية العمياء‬
‫الفعال بُت الرواية والنقد‪ ،‬غياب اؼبناخ اؼبالئم والضروري إلنتاج اؼبفاىيم‪،‬‬
‫يف النقد‪ ،‬غياب اغبوار ّ‬
‫وحضور االنتقائية‪ ،‬غياب القراءة اؼبختصة‪ ،‬وغَتىا من اؼبالحظات األخرى اليت ال تتوىف التقليل‬
‫من أنبية ما حققو اػبطاب النقدي األديب عندنا‪ ،‬كما أهنا ال تبتغي التأثَت على الصَتورة النقدية‬
‫واألدبية اعبزائرية باػبصوص‪.1‬‬

‫إن اؼبتتبع غبركة النقد األديب ومالبساتو من قريب أو من بعيد‪ ،‬وما تعج بو من دراسات‬
‫نقدية وذبليات نصية من ـبتلف األشكال واألجناس األدبية‪ ،‬يتضح أن ىناك حركة نقدية تتماشى‬
‫مع التطور اإلبداعي‪ ،‬الذي بلغ إليو النص األديب‪ ،‬واؼبثقف اعبزائري يف ذات الوقت‪ ،‬ونريد يف ىذه‬
‫السطور أن نتقرب من واقع النقد ملتمسُت مالؿبو وىذا بعد توافد اؼبناىج الغربية عليو‪ ،‬وولوج‬
‫نظرياهتا ومفاىيمها اليت صبغت بصبغات متعددة‪ ،‬اليت كانت دبثابة سد لثغرات النقد اغبديث‬
‫واؼبعاصر يف تاريخ النقد وذباوز مؤسس لألفكار النقدية القديبة‪.‬‬

‫انقسم النقد حسب ذلك إُف مرحلتُت نبا‪ :‬مرحلة النقد السياقي‪ ،‬وىذا ما مثلتو اؼبناىج‬
‫التارىبية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬واالجتماعية‪ ،‬اليت تتخذ من العوامل اػبارجية اليت ربيط بالنص‪ ،‬مادة ؽبا‬

‫‪ _1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من " الالنسونية " إُف " األلسنية "‪ ،‬ص‪.10‬‬

‫‪7‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫وتفسره حسبها‪ ،‬ومرحلة ثانية سبثل سيطرة اؼبناىج النسقية‪ ،‬اليت تشتغل على بنية النص اإلبداعي‪،‬‬
‫كاللغة والبنية‪ ،‬النظام‪ ،‬العالمة‪ ،‬الرمز ومن بينها‪ :‬البنيوية‪ ،‬واألسلوبية والسيمائية‪ ،‬وىناك مرحلة‬
‫تلت النقد السياقي وحاولت ذباوزه وىي ما أطلق عليو دبا بعد البنيوية‪ 1،‬فظهرت يف الساحة‬
‫النقدية وجوه رباول أن تتجاوز النقد التقليدي‪ ،‬واالستفادة منو يف الوقت نفسو‪.‬‬

‫َف تكن اعبزائر دبنأى عن التطورات اليت حدثت يف ساحة النقد العريب والعاؼبي‪ ،‬وىذا‬
‫يتجلى فيما قدمو بعض النقاد اعبزائريُت من دراسات تلج باب النقد النسقي‪ ،‬أو ما بعد البنيوي‬
‫وىذا يرجع إُف صبلة من األسباب ساعدت النقد اعبزائري‪ ،‬على تلقف ىذه اؼبناىج النقدية‬
‫اغبديثة‪ ،‬حيث تعد دراسة النص بوصفو لغة خاصة ‪-‬واللغة ىي القاسم اؼبشًتك بينهما‪ ،-‬دراسة‬
‫هتتدي دبفاىيم اللسانيات ومصطلحاهتا وىو‪ -‬بفعل ذلك‪ -‬إحقاق النص‪ ،‬النص اؼبسلوب نسبيًا‬
‫يف اؼبناىج السياقية‪ ،‬وعودة إُف خصوصيتو اللغوية‪.2‬كما أن جل األعمال النقدية يف اعبزائري قد‬
‫بدأت بأسلوب أكاديبي كالسيكي كأعمال " ؿبمد مضياف" أو " عبد ا﵁ ركييب" ولكنها مرحلة‬
‫طبيعية ال يسعنا إال ان نقدر ؾبهودات الذين سانبوا فيها‪.3‬‬

‫ومن األسباب اليت دفعت النقاد اعبزائريُت إُف اعتناق ىذه اؼبناىج‪:‬‬

‫التفتح اللغوي ( تعليم اللغات األجنبية ) وىذا من خالل إنشاء معاىد العلوم اللسانية‬
‫والصوتية‪ ،‬والبعثات العلمية‪ ،‬اليت ساعدت على اتصال الباحثُت اعبزائريُت باعبامعات األجنبية‬
‫واطالعهم على اؼبناىج النقدية يف أصوؽبا واؼبلتقيات العلمية واجملاالت اؼبتخصصة يف اعبانب‬

‫‪( 1‬ينظر)‪ ،‬حياة بن الشيح‪ ،‬اعبهود النقدية عند أضبد يوسف‪ ،‬مذكرة ماجستَت جامعة قاصدي مرباح‪،‬ورقلة‪2014،‬ـ‪-‬‬
‫‪ ،2015‬ص ‪.08‬‬
‫‪ 2‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من " الالنسونية " إُف" األلسنية "‪ ،‬ص ‪.116‬‬
‫‪ 3‬بالوايف ؿبمد‪ ،‬واقع النقد األديب يف اعبزائر مساره واشكاالتو‪ ،‬ديوان العرب‪،2009 ،‬‬
‫‪www.diwanalarab.com.‬‬

‫‪8‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫النقدي واألديب وأىم ىذه اجملالت‪ ،‬ؾبلة ذبليات اغبداثة وؾبلة اللغة النقدية‪ ،‬ؾبلة آداب‪ .1‬فكل‬
‫ىذه األسباب دفعت النقد األديب اعبزائري إُف التعرف على ما جد يف ساحة النقد العريب والعاؼبي‬
‫اؼبعاصر‪ ،‬وما يالحظ يف اغبركة النقدية يف اعبزائر تنوع اؼبناىج النقدية‪.‬‬

‫‪ -2‬االستضاءة بالمناهج النقدية الغربية‬


‫البنيوية في الدرس النقدي الجزائري ‪:‬‬ ‫‪‬‬

‫لقد ظهرت أصوات تسعى إُف تأسيس وتأصيل للمناىج ا﵀دثة وجعلها تتماش مع‬
‫العصر‪ ،‬تعتمد اللغة كعنصر قار يف العلم واؼبعرفة‪ ،‬وقد مكنهم ذلك» من إهباد الروافد اؼبخصبة‬
‫يف نظريات مثل‪ :‬البنيوية والسيمائية كمناىج تدعوا إُف قراءة النص األديب بصفة متواصلة متجددة‪،‬‬
‫يولد خالؽبا النص مع كل قراءة وتتضاعف داللتو‪ ،‬وىكذا ذبسد ىذا التحول‪ ،‬من خالل تبٍت‬
‫القيم الفكرية اؼبعاصرة اليت تشكل جزءً ال يتجزأ من النموذج اغبضاري الغريب«‪.2‬ومن ىنا سنحاول‬
‫الوصول والكشف عن أىم التيارات اللسانية اؼبعاصرة وأىم اؼبنطلقات واألسس الفكرية اليت‬
‫استمد منها النقد اعبزائري اؼبعاصر أفكاره أو النقاد اعبزائريُت‪ ،‬اليت تشكل اختصاصات حقول‬
‫النقد بوجو عام‪.‬‬

‫ومن أوُف اؼبناىج النقدية اليت تعرف إليها الناقد اعبزائري‪ ،‬البنيوية‪ ،‬اليت كانت أوُف بدايات‬
‫االنفتاح مع هناية السبعينيات‪ ،3‬بفضل اإلسهامات البارزة اليت قدمها الدكتور "عبد اؼبالك‬
‫مرتاض" يف اػبطاب النقدي اعبزائري الذي تناول اؼبنهج يف أعمالو‪ ،‬وىو» الناقد اعبزائري الذي‬
‫تبٌت صبلة من اؼبعارف اإلنسانية والعلمية واؼبتمثلة خصوصاً يف النظرية البنيوية « ‪ ،4‬كما عده الناقد‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من" الالنسونية " إُف "األلسنية "‪ ،‬ص ‪ 40‬و ‪41‬‬
‫‪ 2‬موالي علي بوخامت‪ ،‬الدرس السيميائي اؼبغاريب‪" ،‬دراسة وصفية نقدية إحصائية يف مبوذجي" (عبد اؼبالك مرتاض وؿبمد‬
‫مفتاح)‪ ،‬ديوان اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ‪.11‬‬
‫‪ 3‬يوسف وغليسي ‪،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من" الالنسونية" إُف "األلسنية"‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪4‬موالي علي بوخامت‪ ،‬الدرس السيميائي اؼبغاريب‪ ،‬ص‪. 13‬‬

‫‪9‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫"يوسف وغليسي" رائداً للبنيوية وما بعد البنيوية‪ ،‬الذي قسم أعمالو إُف قسمُت‪ ،‬مرحلة التأسيس‬
‫والتجريب ‪ ،‬واليت سبثلت يف ؾبموعة من اؼبؤلفات أنبها كتاب (النص األدبي من أين؟ وإلى‬
‫أين؟)‪1982‬م‪ ،‬و(القصة الجزائرية المعاصرة)‪1990‬م‪.1‬اليت حاول من خالؽبا إرساء منهج‬
‫نقدي جديد‪ ،‬وبتكم إُف التأويل ا﵀ايث للظاىرة النصية من سياقاهتا اػبارجية‪ ،‬برؤية بنيوية‪ ،‬وذلك‬
‫من خالل تشربو من التيارات اللسانية واستفادتو اؼببكرة من النقد اعبديد وتأييده ؼبواقف أعالم‬
‫ىذا التنظَت‪.‬‬

‫كما برز يف ساحة النقد اعبزائري ناقد آخر تبٌت البنيوية التكوينية باعتبارىا أكثر‬
‫انتشارا يف اؼبغرب العريب‪ ،‬الناقد "عبد اغبميد بورايو" الذي اعتمد اؼبنهج البنيوي‬
‫ً‬ ‫االذباىات البنيوية‬
‫يف كتابو ‪):‬القصص الشعبي في منطقة بسكرة) الذي يبكن أن يكون أول ذبربة ( بنيوية‬
‫تكوينية) تطبيقية يف اػبطاب النقدي اعبزائري‪ ،2‬إال أ ّن جهازه اإلجرائي يتكشف – يف مرحلة‬
‫الحقة من الكتاب – عن مصطلحات " غولدمانية" تفصح عن انتمائها اؼبنهجي مثل (‬
‫الشرح)‪ ( ،‬البنية األكرب) و( رؤية العاَف)‪ ،‬ويبدو أن الناقد تبٌت ما عهدنا عند "جولياكرستيفا"‬
‫(‪ ( )Julia Kristeva‬وىي من أساطُت ىذا اؼبنهج)‪ 3‬كما يفيد إفادة واضحة من‬
‫الطروحات اؼبنهجية واؼبصطلحية اليت قدمها‪" :‬روالن بارت" )‪،)Roland Barthes‬‬
‫و"جوليان غريباس"( ‪ ،)Algirdirdas Julien Greimas‬ولكن مرجعيتو األساسية‬
‫يستمدىا من منهج الشكالين الروسي الشهَت "فالديبَت بروب"(‪ )Vladimir. Propp‬كما‬
‫سعى إُف اختزال البنية الًتكيبية للنص إُف ما يسميو "بالوحدة الوظيفية" وىي نفسها ما يسميو‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬اػبطاب النقدي عند عبد اؼبالك مرتاض‪ ( ،‬البحث يف اؼبنهج واشكاليتو) اصدارات رابطة الثقافة‪ ،‬اعبزائر‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص‪.63‬‬
‫‪ 2‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من " الالنسونية" إُف " األلسنية " ‪ ،‬ص ‪. 123‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪124.‬‬

‫‪10‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫اؼبنهج اؼبرفولوجي– لدى بروب– باؼبثال الوظائفي‪ ،‬كما يستعَت من "غريباس" مفهوم االختبار‬
‫بأشكالو الثالثة‪ ،1‬إال أن ىذه الدراسة بقيت على صعيد االستحياء واػبطوات األوُف للبنيوية‪.‬‬

‫وىناك من النقاد اعبزائريُت من اصطنع البنيوية التكوينية وىو الناقد " ؿبمد ساري" الذي‬
‫قدم دراسة بعنوان ( البحث عن النقد األدبي الجديد) سنة ‪1984‬م‪ ،2‬وقد »خصص الكتاب‬
‫للنقد البنيوي التكويٍت وتطبيقاتو فجعل الباب األول لنظرية "لوكاتش" )‪" (Locatch‬‬
‫وغولدمان" )‪ (Goldman‬وحاول اإلحاطة يف القسم التطبيقي هبذا اؼبنهج يف النقد اعبزائري‬
‫اعبديد ويف القصة القصَتة‪ ،‬وقد سبيزت معاعبتو بالتقليدية‪ ،‬إذ اكتفى بتلخيص مضمون القصة‬
‫فقط«‪ 3‬وىناك أظباء نقدية أخرى حاولت أن تستفيد من البنيوية وأن تتخذىا منهجاً للتطبيق‪،‬‬
‫ومن ىؤالء قبد الناقد "إدريس بوديبة"‪ ،‬والعديد من الباحثُت يف ىذا اجملال قدموا دراسات وأحباث‬
‫تنظَتاً وتطبيقاً‪ ،‬كذلك نذكر كتاب ‪ (:‬مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص) الذي اشًتك يف‬
‫تأليفو طائفة من اؼبدرسات يف قسم اللغة الفرنسية جبامعة اعبزائر‪ ( ،‬دليلة مرسلي‪ ،‬كرستيان‬
‫عاشور‪ ،‬زينب بن بوعلي‪ ،‬نجاة خدة‪ ،‬بوبة ثابتة)‪ ،‬ويًتاوح الكتاب بُت البسط التأسيسي‬
‫لنظريات "رومان جاكبسون" (‪ )Jakobson. Roman‬و"بروب" و"بارت" و"غريباس"‬
‫و"ىامون")‪ ... (Ph. Hamon‬وسحبها تطبيقياً على بعض النماذج األدبية ( حكايات‬
‫جزائرية‪ ،‬نماذج "لمحمد ذيب" )‪ 4‬مع كثرة ا﵀اوالت ‪،‬إضافة إُف مباذج "رشيد بنمالك"‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من "الالنسونية" إُف" األلسنية" ‪ ،‬ص‪.127‬‬


‫‪ 2‬حياة بن الشيح‪ ،‬اعبهود النقدية عند أضبد يوسف‪ ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ 3‬ؿبمد عزام ‪ ،‬ربليل اػبطاب األديب على ضوء اؼبناىج النقدية اغبداثية ( دراسة يف نقد النقد)‪ ،‬منشورات ارباد الكتاب‬
‫العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬ط‪ ،2003 ،1‬ص ‪255.‬‬
‫‪4‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من " الالنسونية " إُف" األلسنية" ص ‪.127‬‬

‫‪11‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫و"شايف عكاشة" و"إبراىيم رماين"‪ 1...‬مع أن ىذه ا﵀اوالت يتخللها نوع من القصر إال أهنا ال‬
‫تلغي أنبية ىذه األعمال يف التجربة اعبزائرية النقدية‪ ،‬خاصة ما قدمو "عبد اؼبالك مرتاض"‪.‬‬

‫‪ ‬األسلوبية في الخطاب النقدي الجزائري ‪:‬‬

‫بينما» ليس لألسلوبية يف اػبطاب النقدي اعبزائري مقام يستأىل البحث يف جوانبو‬
‫والتنقيب عن خصوصياتو‪ ،‬وكل ما ىو كائن ال يعد وأن يكون ؾبرد ؿباوالت متواضعة يف كمها‬
‫وكيفها‪ ،‬قدمت – أصال‪ -‬حبوثاً أكاديبية يف نطاق جامعي ؿبدود‪ ،‬فصار ؽبا الظفر بدرجة جامعية‬
‫ما ال أكثر «‪2‬ولذلك فيبدو حظ األسلوبية يف الدراسات النقدية اعبزائرية ضئيالً‪ ،‬إال أنو ال يبنع‬
‫من وجود كتابات راقية سانبت يف إثراء اػبطاب النقدي اعبزائري‪.‬‬

‫مع ذلك فإن النماذج القليلة اليت كتبت فيها‪ ،‬كانت مطية لنا يف ؿباولة الكشف عن‬
‫مالبسات تلقي اػبطاب النقدي اعبزائري ؼبفاىيمها‪ ،‬واؼبالمح اليت حكمت تطبيقاهتا من لدن‬
‫النقاد اعبزائريُت‪ ،‬وأول ما ذبدر اإلشارة إليو أن أغلب التطبيقات األسلوبية يف النقد اعبزائري كانت‬
‫موجهة إُف اػبطاب الشعري‪ ،‬وذلك لتجانس أدواهتا اإلجرائية‪ ،‬مع طبيعة النصوص الشعرية‪ ،‬ومن‬
‫خصوصا على دراسة أسلوب الشعر بوصفو اكبرافات مربرة عن مألوف االستعمال‬
‫ً‬ ‫حيث قيامها‬
‫اللغوي‪ ،‬أما النص السردي فإننا قبده يبتنع عن إعطائنا فرصة لدخول عاؼبو من خالل لغتو‪ ،‬ألن‬
‫اللغة فيو عبارة عن كوكتيل من القيم الشعرية منها والبسيطة والنثرية البليغة منها والعادية [‪،]...‬‬
‫‪3‬‬
‫ومن مث يصبح مفتاح النص من الوجهة األسلوبية أقل اقتدار يف تشخيص البواعث الروائية‪...‬‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من " الالنسونية " إُف" األلسنية" ‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ 2‬ؿبمد مكاكي‪ ،‬االسلوبية يف النقد اؼبعاصر‪ ،‬ؾبلة التبُت‪ ،‬العدد ‪ ،33‬اعبزائر‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.76‬‬

‫‪12‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫ولعل أول إشارة إُف اؼبفاىيم األسلوبية وإجراءاهتا باؼبنظور اؼبعاصر كانت من طرف الدكتور‬
‫" عبد اؼبالك مرتاض" يف كتابو ( األمثال الشعبية في الجزائر)‪1‬وذلك يف أحد فصولو‪ ،‬أين درس‬
‫اسلوب األمثال الشعبية بعد أن قدم لذلك بتعريف لألسلوبية وتارىبها وأىم أعالمها الذي سانبوا‬
‫يف إخراج مفاىيمها إُف الوجود‪ ،‬مث أرفقها جبانب تطبيقي‪ ،2‬وتعد ىذه الدراسة من أوُف الدراسات‬
‫يف النقد اعبزائري لألسلوبية إضافة إُف ( الخصائص الشكلية للشعر الجزائري) ىذه الدراسة‬
‫اليت قال بشأهنا‪ " ،‬عبد ا﵁ أوىيف" » إهنا مبوذج من االستخدام الًتاثي لعناصر األسلوبية اغبديثة‪،‬‬
‫يف سبكُت العمل األديب من دروب إيصالو إُف اؼبتلقي‪ ،‬وإبالغو على وجو اػبصوص« وكما تأكدت‬
‫إفادتو من اغبركة األسلوبية يف مؤلفو ( بنية الخطاب الشعري) الذي أفصح عن اؼبنهج األسلويب‬
‫الذي استخدمو يف ىذه الدراسة‪.3‬‬

‫كما نورد دراسة أخرى من بواكَت الدراسات األسلوبية يف اعبزائر‪ ،‬قدمها الدكتور " إبراىيم‬
‫رماين" عرب صفحات ؾبلة "أمال"‪ ،‬ربت عنوان ( مدخل إلى األسلوبية)‪ ،‬وىي عرض نظري‬
‫دبفهوم األسلوبية تناول فيو ( تاريخ اؼبصطلح – اذباىات األسلوبية – مستويات التحليل‬
‫األسلويب‪ -‬األسلوبية والبالغة)‪ ،‬من خالل اعتماده على ؾبموعة من اؼبؤلفات الغربية ألعالم‬
‫األسلوبية "ريفا تَت" ( ‪ )M.Rafatyr‬و"سبيتزر")‪(Leo.Spitzer‬و"شارل باِف" ‪(Ch.‬‬
‫)‪ Bali‬و "جون كوىن")‪ (Jon. Cohen‬وبالرغم من ىذه البداية االسلوبية يف النقد‬
‫اعبزائري إال أننا ال نصادق أي تطور غبقها‪ ،‬وكان على القارئ أن ينتظر ظهور دراسات الدكتور "‬
‫علي مالحي" و " نور الدين السد" واليت تعترب أكثر إؼباماً واسباماً باألسلوبية سواء كان على‬
‫مستوى االطروحات النظرية أو مستوى تطبيقاهتا على النصوص‪.4‬‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من الالنسونية إُف األلسنية‪ ،‬ص ‪.148‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬موالي علي بوخامت‪ ،‬الدارس السيميائي اؼبغاريب‪ ،‬ص ‪21.‬‬
‫‪ 4‬ؿبمد مكاكي ‪،‬األسلوبية يف النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪13‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫وعلى الصعيد األكاديبي‪ ،‬وإذا ما ذباوزت البحث النظري القيّم الذي قدمتو األستاذة‬
‫"آمنة علوش" يف خصوص اؼبقاربة بُت حاضر األسلوبية الغربية وغابرىا العريب‪(،‬البالغة القديمة‪/‬‬
‫عبد القاهر الجرجاني)‪ 1‬وكما يبكن اإلشارة إُف كتاب ( بناء األسلوب في المقالة عند‬
‫اإلبراهيمي)‪ ،‬لألستاذ " عبد اغبميد بوروينة" وىي دراسة تستأنس بتنظَتات " ليوسبتزر" و "‬
‫‪2‬‬
‫جون كوىن" و " مارسيل كريسو" و " جورج مونان"‪...‬‬

‫إُف جانب ما قدمو األستاذ " رابح بوحوش"‪ ( ،‬البنية اللغوية لبردة البوصيري) ونضيف‬
‫إُف ىذه الدراسات ا﵀دودة كتاب ( البنية السردية في القصص القرآني) لألستاذ "طول ؿبمد"‬
‫الذي خص أسلوب السرد القرآين بدراسة أسلوبية مستفيضة‪ ،‬ووثيقة الصلة بعلمي البالغة‬
‫والنحو‪ ،3‬ومن ىنا نستطيع القول أن الدراسة األسلوبية ترتسي معاؼبها على خارطة النقد األديب‬
‫على يد الدكتور "عبد اؼبالك مرتاض" أما األعمال النقدية اليت قدمت امتزجت دبفاىيم البالغة‬
‫العربية القديبة‪.‬‬

‫‪ ‬التفكيك في الخطاب النقدي الجزائري الحضور والغياب‪:‬‬

‫ظهر التفكيك ليعيد السلطة للقارئ الذي كان أكرب اؼبهمشُت يف اػبطاب البنيوي بل ظل‬
‫مقصا ومغيباً‪ ،‬كما يدعو التفكيك من خالل األسس اليت قام عليها إُف تعددية القراءة وتناسل‬
‫ً‬
‫اؼبعٌت‪ ،‬وهبعل من كتابة االختالف سيمتو‪ ،‬وفتح اؼبعٌت على األرجاء واالنتشار وفبارسة اؽبدم يف‬
‫أبشع صوره ال لتعيد البناء بل لتعيد اؽبدم‪ ،‬وتطرح نفسها كذلك إُف ما ال هناية من القراءات‪» ،‬‬
‫فالقراءة التفكيكية ىي عملية حفر يف العمق اؼباورائي للنص«‪ 4‬لذلك قبد يوسف وغليس ال‬
‫يًتدد يف اإلقرار بزيادة اػبطاب النقدي السعودي اؼبعاصر للتفكيكية "عبد ا﵁ الغذامي"‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر " الالنسونية" إُف "األلسنية"‪.148،‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.149‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.150‬‬
‫‪4‬خَتة ضبر العُت‪ ،‬جدل اغبداثة يف نقد الشعر العريب‪ ،‬منشورات ارباد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬ط‪ ،1996 ،1‬ص ‪.163‬‬

‫‪14‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫يقول‪ » :‬جعلنا نقر – باطمئنان ريادة اػبطاب النقدي السعودي اؼبعاصر‪ -‬للتفكيكية على‬
‫مستوى العريب‪ ،‬ألظباء نقدية ذات سيط عريب طيب‪ ،‬عرفت بنظراهتا النقدية وإسهاماهتا اعبادة يف‬
‫نقد النقد خصوصاً‪ ،‬أمثال‪" :‬عابد خرندار"‪" ،‬سعد البازغي"‪" ،‬ميجان الرويلي"‪ ]...[ ،‬إضافة إُف‬
‫أظباء عربية قليلة أخرى نذكر منها‪" :‬علي حرب"‪" ،‬بسام قطوسا و"عبد اؼبالك مرتاض" « ‪.1‬‬

‫أما يف اعبزائر فإن "عبد اؼبالك مرتاض" الذي عده "يوسف وغليسي" من ثلة النقاد الذين‬
‫تزعموا النقد التفكيكي دون منازع‪ ،‬وقد امتد إُف التفكيكية يف هناية الثمانيات وكان كتابو ( ألف‬
‫ليلة وليلة) ربليل سيميائي فكيكي غبكاية "صبال بغداد"‪ ،‬حيث ألفو سنة ‪1986‬م‪ ،‬ونشره يف‬
‫العراق سنة ‪1989‬م‪ ،‬مث أردفو بكتب الحقة تنهج هنجاً مركباً ( سيميائيا تفكيكيا) مثل‪( :‬‬
‫دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة "أين ليالي") "﵀مد العيد" الذي ألفو سنة ‪ 1987‬ونشره‬
‫سنة ‪1992‬م‪ ،‬وكتاب ( تحليل الخطاب السردي‪ ،‬معالجة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية‬
‫"زقاق المدق") الذي ألفو سنة ‪ ،21989‬وإذا غضضنا الطرف عن " مرتاض" فإننا ال نكاد نعثر‬
‫على مبوذج تفكيكي يستحق الذكر‪ ،‬الدراسة اليت قدمها األستاذ " الطاىر رواينية" بعنوان (‬
‫الكتابة وإشكالية المعنى‪ -‬قراءة في بنية التفكك في رواية " تجربة في العشق للطاهر‬
‫وطار")‪ ،‬وقد أفاد فيها بعض الشيء من بعض اؼبفاىيم التفكيكية ( الكتابة‪ ،‬القراءة‪ ،‬التصدر‬
‫السردي‪ ،‬التناص‪ )...‬اليت استقاىا من " ميشال فوكو")‪ (Michel foko‬و '' روالن بارت''‬
‫ومن كتاب " ويليم راي'')‪ 3(Wilhelm Ray‬فضال عن ترصبة الشاعر " عمر أزراج" لثالثة‬
‫نصوص تفكيكية من النقد االقبليزي‪ ،‬ودراسة الدكتور "سليمان عشرادي" النظرية حول (‬
‫التفكيكية وجذور الوعي التنظيري عند "جاك ديريدا") مثل ما يبت العثور على بعض اؼبفاىيم‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬مناىج النقد األديب‪ ،‬دار اعبسور للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبزائر‪1428 ،‬ىـ‪2007 ،‬م‪ ،‬ص ‪.180 – 179‬‬
‫‪2‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من "الالنسونية "إُف "األلسنية"‪ ،‬ص ‪.163‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫التفكيكية موزعة يف بعض كتابات الناقد الراحل " خبيت بن عودة" كمفهوم اؼبلحق يف دراستو (‬
‫‪1‬‬
‫انسحاب الكتابة)‬

‫ويبكن اإلشارة إُف أن "عبد اؼبالك مرتاض"‪" ،‬حسن طبري"‪" ،‬رشيد بن مالك"‪ ،‬كان من‬
‫حسن طالع ىؤالء أن أشرف على طروحاهتم كبار النقد العاؼبي حيث» أشرفت الناقدة الكبَتة‬
‫جوليا كرستيفا على رسالة دكتورا اغبلقة الثالثة اليت قدمها "حسُت طبري"‪ ،‬مثال« ‪ 2‬وقد سنحت‬
‫ؽبم فرصة حضور أشهر ؿباضرات "غريباس" و"كرستيفا" و"تودوروف" ‪(Tzvetan‬‬
‫)‪ Todorov‬ىناك‪.‬‬

‫‪ ‬السيميائيات غياب المنهج أم طالسم عالمات‬

‫ومن بُت طرق التحديث والعصرنة اليت سلكها الناقد اعبزائري يف بلورة خطابو النقدي‬
‫اعبديد ىو إعالن افتتاحو – بداية من الثمانيات القرن العشرين‪ -‬على النظريات السيميائية الغربية‬
‫وباألخص النظرية السيميائية الفرنسية ذات التوجو الغريباسي‪ ،3‬فنجد صبلة من الدراسات‬
‫واؼبمارسات نذكر منهم " رشيد بن مالك" و"حسُت طبري" وعبد اؼبالك مرتاض"‪ ،‬إضافة إُف‬
‫"عبد القادر فيدوح"‪ ،]...[4‬فضالً عن ما قدمو الناقد "أضبد يوسف" الذي سيكون لنا اغبديث‬
‫عنو يف ؿبطة قادمة من البحث‪ ،‬لكن قبل ذلك هبب أن نلما باىتمامات النقاد الذين ازبذوا من‬
‫ىذا اؼبنهج سبيالً يف التنظَت والتطبيق‪ ،‬لعل اسم الناقد اعبزائري "عبد اؼبالك مرتاض" يأيت يف‬
‫طليعة النقاد اعبزائريُت من حيث استخدامو ؽبذا اؼبنهج وداعيا إُف إرساء قواعد ىذه النظرية‪ ،‬ففي‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر ‪ ،‬ص ‪.164‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.164‬‬
‫‪3‬سحنُت علي‪ ،‬السرديات السيمائية يف النقد اعبزائري‪ ،‬ؾبلة اؼبخرب العدد ‪ ،11‬أحباث يف اللغة واألدب اعبزائري‪ ،‬جامعة‬
‫بسكرة اعبزائر‪ ،2015 ،‬ص ‪.109‬‬
‫‪4‬بشَت تاوريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية على ضوء اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة‪ ،‬دراسة يف األصول و اؼبفاىيم‪ ،‬عاَف الكتاب اغبديث‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬إبريد‪ ،‬األردن‪1431 ،‬ىـ‪2010 ،‬م‪ ،‬ص ‪.135‬‬

‫‪16‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫مؤلفو( الف ليلة وليلة) ربليل سيميائي تفكيكي ل ـ ‪":‬حكاية صبال بغداد" أفصح الباحث" عبد‬
‫اؼبالك مرتاض" عن تأثره بالدراسات الغربية قائال‪ »:‬فلتكن ىذه ؿباولة منهجية لدراسة الًتاث‬
‫السردي‪ ،‬ولتكن قبل كل شيء مدرجة إلثارة السؤال ومسلكو الستخدام اعبدال‪ ،‬ولتكن أيضا‬
‫دعوة إُف التجديد‪ ،‬أبلتنا ولكن بعيداً عن فخ التقليد الذي ابتلينا بو‪ ،‬ىذه النظريات اليت تقرؤىا‬
‫يف لغاهتا اليت تتسرب يف أجسامنا « ‪ ،1‬وىنا يدعو إُف ذباوز اؼبناىج العتيقة والدعوة إُف اإلفادة‬
‫من ؾباالت ونظريات وللتأكيد أضاف قائالً‪ » :‬أما ما نود كبن‪ ،‬فهو أن نفيد من النظريات الغربية‬
‫القائم كثَت منها على عجن ىذه مع تلك عجينا متينا‪ ،‬مث بعد ذلك كباول أن نتناول النص برؤية‬
‫مستقلة مستقبلية « ‪ 2‬ومن خالل ىذا القول فالناقد يدعوا إُف اإلفادة من النظريات الغربية يف‬
‫تأسيسو للنظرية قاصداً إفادة غَته هبا‪.‬‬

‫وكذلك يبكن الوقوف على ـبتلف التيارات اللسانية اليت تشرب منها الناقد‪ ،‬ومن خالل‬
‫مؤلفاتو دراسة سيميائية تفكيكية لقصيدة " أين ليالي" "﵀مد العيد آل خليفة" ‪1992‬م‪ ،‬كذلك‬
‫شعرية القصيدة‪ ،‬ربليل مركب لقصيدة " اشجان يبانية" ‪1994‬م‪.3‬باإلضافة إُف ما قدمو "رشيد‬
‫بن مالك"‪ ،‬فمن اعبهود النقدية اليت قدمها دراسات سيميائية عديدة يف الرواية اعبزائرية‪ ،‬ولكن َف‬
‫ينظمها يف كتاب فهو منذ دراستو األوُف قد أفصح بدقة عن مرجعيتو وعن والئو اؼبنهجي اغبامل‬
‫ربديدا‪ 4‬وتتميز الدراسة – عموما‪ -‬بالتطبيق اعبربي‪،‬‬
‫ً‬ ‫للمجهود السيميائية الفرنسية والغريباسية‬
‫اآلِف ؼبقوالت السيميائية الفرنسية‪ ،‬كما قدم يف ؾبال التاريخ للسميائية وثيقة ىامة‪ ،‬ترصبها عن‬
‫‪5‬‬
‫"جان كلود كوكي" بعنوان ( وثيقة السيميائية مدرسة باريس)‬

‫‪ 1‬موالي علي بوخامت‪ ،‬الدرس السيميائي اؼبغاريب‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪3‬يوسف وغليسي‪ ،‬اػبطاب النقدي عند عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬ص ‪.64‬‬
‫‪4‬سحنُت علي‪ ،‬السرديات السيميائية يف النقد اعبزائري‪ ،‬ص ‪110.‬‬
‫‪ 5‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.139‬‬

‫‪17‬‬
‫اليقد اجلزائسي املعاصس وعالقته باليظسيات الغسبية‬ ‫مدخل‬

‫أما الدكتور "عبد القادر فيدوح" فقد بدأت جهوده السيميائية مع مطلع التسعينات وكتابو‬
‫األول ضبل عنوان‪ (:‬دالئلية النص األدبي) دراسة سيميائية للشعر اعبزائري‪ ،‬وقد ظهرت أظباء‬
‫نقدية أخرى جعلت من السيميائية السردية موضوعا ؽبا ومن ىؤالء النقاد " سعيد بوطاجُت"‬
‫الذي قدم دراسة موسومة (باالشتغال العاملي – دراسة سيميائية‪ )-‬والذي يقارن بُت‬
‫شخصيات الرواية مقارنة سيميائية‪ ،‬إضافة إُف "عبد اغبميد بورايو" وذلك من خالل كتابو‪(:‬‬
‫المسار السردي)‪ ،‬وعلى هنج ىؤالء سار كل من "حسُت طبري" و"أضبد شريبط" و"بشَت‬
‫إبرير"[‪1،]...‬وما يبيز النقد السيميائي يف اعبزائر ىو أن معظم اؼبقاربات النقدية اقتفت أثر اؼبدرسة‬
‫الباريسية‪ ،‬ورغم االستحضار اؼبكثف للنضاريات الغربية يف الساحة النقدية اعبزائرية إال أن اغبضور‬
‫األكثر كان للخطاب السيميائي وىذا ما سنحاول إبرازه يف ؿبطات قادمة يف البحث‪.‬‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪18‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفصل األول‬

‫النظرية السيميائية الخلفيات المعرفية و اللسانية‬

‫أوال‪ :‬مصطلح السيمياء‪ :‬الضبط المصطلحي‬

‫لداللة اللغوية واالصطالحية‪:‬‬ ‫‪-1‬‬


‫أ‪ -‬في المعاجم اللغوية‬
‫ب‪ -‬الداللة االصطالحية‬

‫ثانيا‪ :‬الخلفيات الفلسفية واللسانية للسيميائية‬

‫الخلفيات الفلسفية‬ ‫‪-1‬‬


‫الخلفية اللسانية‬ ‫‪-2‬‬

‫ثالثا‪ :‬النظرية السيميائية في النقد الغربي‬

‫مبادئ السيميائية‬ ‫‪-1‬‬


‫اتجاهات السيميائية‬ ‫‪-2‬‬

‫رابعا‪ :‬السيميائية في التجربة النقدية العربية المعاصرة‬

‫خامسا‪ :‬النظرية السيميائية في الخطاب النقدي الجزائري المعاصر‬

‫إشكالية المصطلح‬ ‫‪-1‬‬


‫النظرية السيميائية المفاهيم المعرفية والنقدية‬ ‫‪-2‬‬

‫‪19‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫توطئة‬

‫قبل الغوص يف ربديد السيمياء من حيث اؼبفهوم واألبعاد‪ ،‬اعبذور والنشأة‪ ،‬ال بد على أي‬
‫باحث أن ينوه بإشكالية ربديد اؼبصطلح‪ ،‬الذي بدونو ال يبكن الولوج إُف أي علم من قريب أو‬
‫من بعيد‪ ،‬كيف ذلك؟ وكل علم يتحدد دبصطلحاتو‪ ،‬ىذا األخَت‪ ،‬الذي يعد مفاتيح العلوم‪ ،‬هبا‬
‫ندخل إُف كنهها ونكشف الستار عن اؼبعٌت الدفُت خلفها‪ ،‬فهي ؾبمع اغبقائقها اؼبعرفية‪ ،‬كما يرى‬
‫اؼبسدي"‪ » :‬أن السجل االصطالحي ىو الكشف اؼبفهومي الذي يقيم للعلم سوره‬
‫"عبد السالم ّ‬
‫اعبامع ‪،‬وحصنو اؼبانع‪ ،‬فهو لو كالسياج العقلي‪ ،‬الذي يرسي حرماتو رادعا إياه أن يالبس غَته‪،‬‬
‫وحاضراً غَته أن يلتبس بو‪ ،‬ومىت ربل الدال خبصليت اعبمع واؼبنع كان على صعيد اؼبعقوالت دبثابة‬
‫اغبد عند أىل النظر اؼبقولُت الذين ىم اؼبناطقة‪ ،‬فيكون اؼبصطلح الفٍت يف أي شعبة من شعاب‬
‫شجرة اؼبعرفة اإلنسانية سلطة ذىنية ىي سلطة اؼبقوالت اجملردة يف علم اؼبنطق‪ :‬فال شذوذ إذا‬
‫فسدت صورتو واختلت‬ ‫فسد ُ‬‫اعتربنا اعبهاز اؼبصطلحي لكل علم صورة مطابقة لبنية قياساتو مىت ُ‬
‫فاؼبسدي من خالل قولو يؤكد على العالقة اؼبعقودة‬
‫ّ‬ ‫‪،‬‬‫‪1‬‬
‫بنيتو فيتداعى مضمونو باِرتكاس مقوالتو «‬
‫بُت العلم وصبلة مصطلحاتو وضرورة اتسام ىذه العالقة بالتفاعل ألن التفاعل صَتورة كبو ما ال‬
‫يتغَت فيو كل من طريف الفعل واالنفعال والتحديد اؼبصطلحي ىو الذي وبول دون اختالف فإذا‬
‫فسد اؼبصطلح فسدت صورتو واختل علمو فهو الدرع الواقي لو من أي شائبة أو دخيل‪.‬‬

‫إن ربديد مصطلح السيمياء أو علم السيميائيات ليس باألمر السهل لكل باحث يروم‬
‫ذلك‪ ،‬سواء دبعايشتو األوُف يف الثقافة الغربية أو بارربالو إُف الثقافة العربية عن طريق النقل والًتصبة‬
‫أو باألحرى عن طريق تبٍت النقاد العرب ؽبذه النظرية وتطبيقها على النصوص األدبية‪ ،‬وذلك‬
‫حبكم أهنا حقل معريف يتميز باالتساع والشمولية » وأسباب استعصاء ربديد ىذا اغبقل اؼبعريف‬
‫متعددة‪ ،‬فمنها ما يرتبط بالطابع اإلشكاِف اللصيق بالوضع االبستيمولوجي للسيمياء‪ ،‬ومنها ما‬

‫‪1‬‬
‫اؼبسدي‪ ،‬قاموس اللسانيات‪ ،‬الدار العربية للكتاب‪ ،‬د‪ .‬ط‪ ، .‬ص ‪.11‬‬
‫عبد السالم ّ‬

‫‪20‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ىو ناتج عن عالقتها اؼبلتبسة باللسانيات‪ ،‬وآخر يتعلق بتنوع مناىجها وتعدد فروعها ومباحثها‬
‫‪1‬‬
‫وتباين ؾباالهتا «‬

‫واغبديث عن النظرية السيميائية سواء يف البيئة النقدية العربية أو يف البيئة النقدية الغربية‪،‬‬
‫هبعلنا نقف أمام إشكالية تلقي ىذه النظرية وتطبيقها‪ ،‬فكيف تلقى النقد العريب اؼبعاصر النظرية‬
‫السيميائية؟‪ ،‬وكيف استثمرىا يف قراءة النصوص واالشتغال عليها؟‪ ،‬وقبل اػبوص يف التجربة‬
‫النقدية السيمائية ال بد من الوقف على خلفياهتا وروافدىا واالذباىات واؼبفهوم‪.‬‬

‫أوال‪ :‬مصطلح السيمياء‪ :‬الضبط المصطلحي‬

‫‪ -1‬الداللة اللغوية و اإلصطالحية ‪:‬‬

‫أ _ في المعاجم اللغوية‬

‫ورد يف ؾبمع " روبَت" ( ‪ ) Robert‬أن السيميائيات » نظرية عامة لألدلة‪ ،‬وسَتىا‬
‫داخل الفكر[‪ ،]...‬كما أهنا نظرية لألدلة و اؼبعٌت‪ ،‬و سَتىا يف اجملتمع[‪ ،]...‬ويف علم النفس‬
‫تظهر الوظيفة السيمائية يف القدرة على استعمال األدلة والرموز « ‪ ،2‬وىو تعريف لغوي يقًتب‬
‫كثَتا من اؼبفهوم االصطالحي للسيميائيات‪ ،‬الذي ستكون معو وقفة يتضح من خالؽبا حقيقة‬
‫س‪َ ،‬و‪َ ،‬م) أن كلمة " سيمياء" عربية‬ ‫علم السيمياء‪ .‬وقد جاء يف " لسان العرب" يف مادة ( َ‬
‫أصيلة مشتقة من الفعل ( َس َام) الذي ىو مقلوب ( َو َس َم) وأصلها ( َو ْظبَى) ووزهنا ( َع ْفلَى) وىي‬
‫يمى)‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يف ىذه الصورة ( فَـ ْعلَى)‪ ،‬ويدل على ذلك قوؽبم‪ :‬ظبَة فإن أصلها ( َو ْظبَة)‪ ،‬ويقلون ( س َ‬
‫بالقصر و( سيماء) باؼبد‪ ،‬و ( سيمياء) بزيادة الياء وباؼبد‪ ،‬ويقلون ( َس َوَم) إذا جعل ( ِظبَة) وكأهنم‬

‫‪ 1‬عبد الواحد مرابط‪ ،‬السيمياء العامة وسيمياء واألدب‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪1431،‬ىـ ‪2010/‬م‪،‬‬
‫ص ‪.19‬‬
‫‪ 2‬فيصل األضبر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬منشورات االختالف ‪ ،‬ط ‪ ،1‬اعبزائر‪1431 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪2010‬م‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪21‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يمة‪ ،‬والسيماء‪،‬‬
‫ومة‪ ،‬والس َ‬
‫إمبا قلبوا حروف الكلمة لقصد التواصل إُف التخفيف ؽبذه األوزان‪ :‬الس َ‬
‫والسيمياء‪ :‬العالمة‪ ،‬وسوم الفرس‪ :‬جعل عليو السمة‪ ،‬وقال ابن األعرايب‪ :‬السيَ ُم العالمات على‬
‫اؼبسومة‬
‫و‬ ‫‪،‬‬‫ُ‬‫ة‬ ‫ي‬ ‫صوف الغَنَ ِم‪ ،‬واؼبسومةٌ اؼبعلمةُ‪ ،1‬وجاء يف " ـبتار الصحاح"‪ :‬اػبيل ( اؼبسومةُ) اؼبر ِ‬
‫ع‬
‫َ‬ ‫َ َ َ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ َ‬
‫أيضا اؼب َعلَ َمةُ‪.2‬‬
‫ُ‬
‫بناء على ما جاء يف اؼبعاجم العربية‪ ،‬فإن اللفظ ليس دخيالً على اللغة العربية‪ ،‬كما أن‬
‫معناه يتفق وما تشَت إليو اؼبعاجم األجنبية‪ ،‬فكلها تشَت إُف " العالمة"‪ ،‬و يدعم ىذا ورود لفظ‬
‫"السيماء" يف القرآن الكرًن يف مواضع كثَتة دبعٌت "العالمة" سواء أكانت متصلة دبالمح الوجو أم‬
‫ِِ‬
‫اى ْم َال‬ ‫عز وجل_ يف ؿبكم تنزيلو‪ ﴿:‬تَـ ْع ِرفُـ ُهم بس َ‬
‫يم ُ‬ ‫اؽبيئة أم األفعال واألخالق‪ ،‬يقول اؼبوُف _ ّ‬
‫لقاء‬ ‫يسأَلُو َن إِ ْغبافًا وما تُ ِنف ُقوا ِمن خ ٍَت فَِإن اللـو بِِو علِيم﴿ٖ‪﴿،3﴾ٕ٧‬و إِذا ص ِرفَت أَبصارىم تِ‬
‫َ‬ ‫ُُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ْ َْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َْ‬
‫َصحاب اعبَن ِة‬ ‫َصحاب النّا ِر وبينَـهما ِحجاب وعلَى األَعر ِ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫نادوا أ‬
‫سيماىم َو َ‬‫جال يَع ِرفو َن ُك ًال بِ ُ‬
‫اف ِر ٌ‬ ‫ٌ ََ‬ ‫ََ ُ‬ ‫أ‬
‫اف ِر ً‬
‫جاال‬ ‫أَن سالم علَي ُكم ََف يدخلوىا وىم يطمعو َن﴿‪﴿،4﴾ٗ٤‬ونادى أَصحاب األَعر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َُ َ َ‬ ‫َ ٌ َ‬
‫‪5‬‬ ‫ِ‬ ‫يَع ِرفونَـ ُهم بِ ُ‬
‫سيماىم قالوا ما أَغٌت َعن ُكم َصبعُ ُكم َوما ُكنتُم تَستَكربو َن ﴿‪ُ ْ َ ﴾ٗ٤‬‬
‫اء‬ ‫ش‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫و‬‫َ‬‫ل‬‫و‬ ‫﴿‬‫‪،‬‬
‫اى ْم‬ ‫َألَريـنَا َكهم فَـلَعرفْـتَـهم بِ ِسيماىم ولَتَـع ِرفَـنـهم فِيلَح ِن الْ َقوِل واللـو يـعلَم أ َْعمالَ ُكم ﴿ٖٓ﴾‪ِ ﴿،6‬‬
‫يم ُ‬
‫َ‬ ‫س‬ ‫َ ُ ْ َ ْ ُ ْ ْ ْ َ ُ َْ ُ َ ْ‬ ‫َْ ُ ْ ََ ُ‬
‫ف الْمج ِرمو َن بِ ِسيماىم فَـيـ ْؤخ ُذ بِالنـو ِ‬
‫اصي‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫ـ‬‫ي‬ ‫﴿‬‫‪،‬‬‫‪7‬‬
‫﴾‬ ‫‪ٕ٢‬‬‫﴿‬ ‫وى ِهم من أَثَِرالسج ِ‬
‫ود‬ ‫فِيوج ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُُ‬

‫‪ 1‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط جديدة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د ت‪ ،‬ؾبلد ‪ ،7‬مادة ( س و م)ن ص ‪.309 ،308‬‬
‫‪ 2‬الرازي ـبتار الصحاح‪ ،‬دار الكتاب اغبديث‪ ،‬ط‪1414 ،2‬ىـ‪1993 /‬م‪ ،‬الكويت‪ ،‬ص ‪.224‬‬
‫‪ 3‬سورة البقرة‪ ،‬اآلية [ ‪.]273‬‬
‫‪ 4‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية [‪.]46‬‬
‫‪ 5‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية [ ‪.] 48‬‬
‫‪ 6‬سورة ؿبمد‪ ،‬اآلية [ ‪.] 30‬‬
‫‪ 7‬سورة الفتح‪ ،‬اآلية [ ‪.] 29‬‬

‫‪22‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ك‬ ‫ُت ﴿ٖٖ﴾ م َسوَم ًة ِع َ‬


‫ند َرب َ‬ ‫و ْاألَقْ َد ِام﴿ٔٗ﴾‪ ،1‬ويقول أيضا‪﴿ :‬لِنُـرِسل َعلَْي ِهم ِح َجارةً من ِط ٍ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫ُت ﴿ٖٗ﴾‪ ،2‬باإلضافة إُف ما ورد يف اغبديث الشريف وكالم العرب‪.‬‬ ‫ل ْل ُم ْس ِرف َ‬

‫ب‪ -‬الداللة اإلصالحية‪:‬‬

‫وإذا ما انتقلنا إُف اؼبفهوم االصطالحي للسيمائيات‪ ،‬فإنو من الصعب جداً وضع مفهوم‬
‫ؿبدد ؽبا‪ ،‬بيد أن اؼبتفق عليو عند علماء الغرب أهنا » العلم الذي يدرس العالمات«‪ ،‬وهبذا عرفها‬
‫كل من " تدوروف" و" غريباس "‪ ،‬و"جوليا كرستيفا" و"جون دوبوا'' )‪( Jean Dubois‬‬
‫وجوزيف راي دوبوف " ( ‪ ،3( Joseffe Rey _ Debove‬ويبكن القول أنو وعلى‬
‫اللغوية‪.‬‬ ‫اختالف التعاريف اليت طرحها العلماء ؽبذا اؼبصطلح‪ ،‬فإهنا تدور يف فلك العالمة واألنظمة‬
‫وقد عرفها "بيَت جَتو" )‪ )Pierre Guiraud‬وبقولو‪ :‬ىي العلم الذي » يهتم‬
‫بدراسة أنظمة العالمة‪ :‬اللغات‪ ،‬أنظمة اإلشارات‪ ،‬التعليمات‪ ،‬إٍف‪ ...‬وىذا التحديد هبعل اللغة‬
‫جزءاً من السيمياء[‪ ،4 « ]...‬وىو ما ذىب إليو الباحث العريب " ؿبمد السرغيٍت" حينما‬
‫جعلها» علما يبحث يف أنظمة العالمات أياً كان مصدرىا لغوياً أو سننياً أو مؤشرياً « ‪ ،5‬كما‬
‫يعرفها الدكتور " صالح فضل" بأهنا دراسة» األنظمة الرمزية يف كل اإلشارات الدالة وكيفية ىذه‬
‫الداللية « ‪ ،6‬وورد التعريف يف موسوعة علم اإلنسان بأنو» علم العالمات‪ ،‬أو السلوك اؼبستخدم‬
‫للعالمة‪ ،‬وينطوي على دراسة كل من االتصال اللغوي وغَت اللغوي‪ ،‬كما يدرس كيف زبلق عملية‬
‫تنميط السلوك الثقايف البشري صور الداللة اليت يتم تفسَتىا وفقاً ؼببادئ عامة مشًتكة‪ ،‬وعادة ما‬

‫‪ 1‬سورة الرضبن‪ ،‬اآلية [ ‪.]41‬‬


‫‪ 2‬سورة الذاريات‪ ،‬اآليتان [ ‪.]34 ،33‬‬
‫‪ 3‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬دار فرحة للنشر والتوزيع‪ ،‬د ط‪ ،‬مصر‪1431،‬ه‪ ،2003 ،‬ص‬
‫‪.18‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.19 ،‬‬
‫‪ 6‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يتم ذلك دبناظرهتا بالسلوك اللغوي « ‪ ،1‬ومن خالل التعاريف السابقة يبدو أن صبيعها تتفق يف‬
‫أهنا علم يهتم بالعالمة وكيفية ذبلي الداللة يف اػبطاب‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الخلفيات الفلسفية واللسانية للسيميائية ‪:‬‬

‫‪ -1‬الخلفيات الفلسفية‪:‬‬

‫إن اؼبتطلع لتاريخ السيميائيات هبد أهنا علم ضارب يف أغوار الًتاث الفلسفي واللغوي‪،‬‬
‫لكنو رغم ذلك يبقى مولوداً حديثاً وشبرة للقرن العشرين‪ ،‬وىو يف سعي دائم لالرتقاء ولبص بالذكر‬
‫اليونان القدامى مع كل من "أفالطون" )‪ )Platon‬و"آرسطو")‪(Aristoe‬و"الرواقيون"‪ ،‬اليت‬
‫شكلت اإلرىاصات األوُف لفلسفة أخذت على عاقها التأمل يف مسألة اللغة‪ ،2‬وما يؤكد ذلك‬
‫ارتباط السيميائية دبفهوم العالمة يف اػبطاب الثقايف اليوناين‪.‬‬

‫لقد شغل اؼبعٌت من القدًن بال اإلنسان وفكره‪ »،‬وال يبكن تقدًن تصور ؼباىية العالمة دون‬
‫الوقوف على عالقتها باؼبعٌت«‪ ،3‬وردبا فهم اؼبعٌت من اؼبنظور السيميائي ال يبكن فصلو عن[‪]...‬‬
‫اؼبعرفة االنسانية ألن ىذه العالمات تنظم داخل قوانُت الوجود اليت جعلت " جون لوك" يهتدي‬
‫إُف السيميائيات اليت ترتبط ببقية عناصر ىذه اؼبعرفة‪ ،4‬حيث أن " لوك" و " البينز" (‬
‫)‪ Gottried .Wilhelm Leibnz‬خصص اعبزء األخَت من مؤلفيهما)ؿباولة يف ملكة‬
‫الفهم اإلنساين( لتصنيفات العلوم‪ ،‬فأقرأ " السيميائيات" ( نظرية العالمات) ضمن أصناف‬
‫العلوم‪،5‬ومن مث كان السبق يف ميالد السيميائيات‪ ،‬تصوراً ومصطلحاً‪ ،‬من حظ‪" ،‬جون لوك"‪ ،‬من‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ ،‬اإلذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪ ( 2‬ينظر)‪،‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪( ،‬اؼبنطق السيميائي وجَت العالمات )منشورات االختالف ‪،‬اؼبركز الثقايف العريب‪،‬‬
‫الدار العربية للعلوم‪ ،‬ط‪ ،1‬اعبزائر‪ ،‬لبنان‪1429 ،‬ىــ‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.47 ، 46‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪47 ،‬‬

‫‪24‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫من خالل اقًتابو إلشكالية اللغة وفلسفتها النظرية ومن مث اإلشكالية السيميائية ‪،‬عن طريق ربطها‬
‫بنظرية اؼبعرفة‪.‬‬

‫وهبذا فقد طرح " لوك" التفكَت السيميائي على أساس قاعدة اللغة على عكس‬
‫سابقيو‪ »،‬حيث تبلورت سيميئيات مثالية مع " بركلي" )‪ (Gearge Berkley‬وقابلتها‬
‫سيميائيات ذبريبية مليئة بروح الشك مع " ىيوم" )‪ ( David Hume‬وسعت الكانطية (‬
‫نسبة إُف " كانط")‪ ( Ismmanuel .Kant‬إُف التخفيف من غلو التبحرية اؽبيومية« ‪،1‬‬
‫وعموما قد اتسمت سيميائيات القرن الثامن عشر بالطابع اإليدولوجي‪ ،‬وقد ظل سيميائيوىا‬
‫منشغلُت بالعالمة والداللة من أمثال '' جون لوك'' وال بينز'' و '' كوند ياك'' ‪(Elienne‬‬
‫‪ ),Bonid deCondllic‬وحىت " ديدرو" )‪ ،2( Denis Diderot‬وىو نفسو طموح‬
‫السيميائيُت اؼبعاصريُت اليوم‪ .‬إضافة إُف جهود الرواقيُت اؼبؤسسة للفكر السيميائي القدًن‪ ،‬خاصة‬
‫القديس‪ " ،‬أوغستُت" )‪،( saint Augustin‬ويبدو أن الرواقيُت َف يربطوا بصفة جلية نظرية‬
‫اللغة بنظرية العالمات‪ ،‬ويبدو أهنم نقلوا الثالثية اليت أوحى هبا " أفالطون" و أرسطو"‪ »،3‬فكاموا‬
‫أول من ذباوز تلك اؼبركزية العرفية اللغوية اليت ضبلت أرسطو نفسو على تعريف اؼبقوالت اؼبنطقية‬
‫الكلي ة من خالل ألفاظ لغة معينة [‪ ]...‬أما اؼبضمون فلم يعد كما كان لدى اؼبفكرين السابقُت‬
‫حالة نفسية أو مبدأ أو تفكَت أو فكرة [‪ ]...‬على عكس ذلك يوحي الرواقيون بأن اؼبضمون ىو‬
‫شيء " غَت مادي " «‪.4‬‬

‫‪( 1‬ينظر)‪ ،‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.50 ،49‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 3‬أمربتو إيكو‪ ،‬السيميائية وفلسفة اللغة‪ ،‬تر‪ :‬أضبد الصمعي‪ ،‬توزيع مركز دراسات الوحدة العربية‪ ،‬اؼبنظمة العربية للًتصبة‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬نوفمرب‪2005 ،‬م‪ ،‬ص ‪.77 ،76‬‬ ‫ّ‬
‫‪ 4‬آن إينو وآخرون‪ ،‬السيميائية االصول‪ ،‬القواعد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬تر‪ :‬رشيد بن مالك‪ ،‬مراجعة و تقدًن ‪ :‬عزالدين مناصرة‪ ،‬دار‬
‫ؾبدالوي للنشر و التوزيع ‪ ،‬ط‪ ، 1‬عمان ‪ ،‬األردن ‪1428 ،‬ه‪2008،‬م ص ‪.30‬‬

‫‪25‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويبكن اإلشارة يف ىذه السياق إُف أن الًتاث العريب َف يكن بعيداً عن مثل ىذه اؼبشاغل‪،‬‬
‫فقد شغل اؼبناطقة واألصوليون والبالغيون واؼبفسرون تراثاً وغنيا بالدروس واؼبباحث اعبليلة‪،‬‬
‫واؼبالحظات األصلية حول فكرة العالمة وقضايا الداللة واؼبعٌت‪ ،‬ذبلى ذلك يف أطروحات الفالسفة‬
‫اإلسالميُت‪ ،‬ىذا وقد ربدث "عز الدين مناصر" عن " العرب و السيمياء" حديث مطوالً‪ ،‬أفصح‬
‫فيو عن اعبذور االوُف للسيميائية عند "ابن سينا" و"ابن خلدون"‪ ،‬حيث أشار [‪ ]...‬إُف ـبطوطة‬
‫تنسب إُف " ابن سينا" ربت عنوان ( كتاب الدر النظم يف أحوال علوم التعليم) وورد يف ىذه‬
‫اؼبخطوطة فصل ربت عنوان ( علم السيمياء) [‪ ،]...‬و"ابن خلدون" ىو اآلخر كان قد خصص‬
‫فصال من مقدمتو لعلم أسرار اغبروف‪ .‬فعلم أسرار اغبروف" ىو – كما يقول " اؼبسمى‬
‫بالسيمياء" نـَ ْق ٌل وضعو من الطلسمات ‪،‬وقد وجدت السيمياء يف علوم اؼبناظرة واألصول والتفسَت‬
‫والنقد‪ .‬وىكذا قبد أن السيمياء قد عرفت ذبلياهتا األوُف يف كتابات الفالسفة الغربيُت والعرب‬
‫على حد سواء‪ ،‬و ذلك يف سياق حديثهم عن العالمة والداللة اليت تلتصق عند العرب بالسحر‬
‫والطلسمات اليت تعتمد أسرار اغبروف والرموز‪ ،‬وأحيانا تتصل بالكيمياء‪ ،‬وأحيانا آخر باؼبنطق‬
‫وعلم التفسَت والتأويل وإن بدا ذلك ليس بعيداً عن حقوؽبا اؼبعاصرة‪ ،‬فستبق بذور أوُف ترقى إُف‬
‫بناء تصور ونسيج نظري متكامل هبعل من السيميائيات علماً قائماً بذاتو‪.‬‬

‫‪ -2‬الخلفيات اللسانية‬

‫ويف هناية القرن التاسع عشر‪ ،‬وبداية القرن العشرين ارتبط ظهورىم علم العالمة بوجود‬
‫عاؼبُت يرجع الفضل إليهما يف ظهوره بالرغم من عدم معرفة كل منهما باآلخر‪ 1‬نبا‪ :‬العاَف اللساين‬
‫اللغوي السويسري" فرديناند دي سوسَت" )‪ ")1913 – 1875 ( (F de saussure‬و‬
‫الفيلسوف االمريكي " شارل ساندرس بَتس" )‪ 2 )1914-1839 ( ( C,S, peirce‬إذا‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.15‬‬


‫‪ 2‬عبد ا﵁ إبراىيم‪ ،‬وآخرون‪ ،‬معرفة اآلخر‪ ،‬مدخل إُف اؼبناىج النقدية اغبديثة‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ 1996‬ص ‪.73‬‬

‫‪26‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اختلفت اآلراء يف اي العاؼبُت أسبق إُف اكتشاف ىذا العلم ‪ ،‬حيث يرى بعض الدارسُت أن‬
‫السيميائية بدأت مع العاَف النمساوي "دي سوسَت" الذي تنبأ يف ؿباضراتو دبيالد علم جديد يعٍت‬
‫بدراسة العالمات من خالل قولو‪ »:‬لذلك يبكن أن نؤسس علماً يدرس حياة العالمات يف صدر‬
‫اغبياة االجتماعية ‪،‬فهو يشكل جانب من علم النفس االجتماعي وبالتاِف جانبا من علم النفس‬
‫العام وسوف نطلق على ىذا العلم اسم " سيميولوجيا" ‪ ]...[ "Sémiologie‬وسوف يكون‬
‫علم اللغة "‪"Linguistique‬قسماً من السيميولوجيا « ‪ 1‬وهبذا كان الفضل "لسوسَت" الذي‬
‫رأت السميائيات النور على يده‪ ،‬وقد أشار إُف أىم ما يقوم عليو الدرس السيميائي‪" ،‬العالمة"‬
‫وبالنسبة لو‪ ،‬فالعالمة اللغوية ( الدليل اللغوي) تتشكل من دال ومدلول ذبمع بينهما عالقة‬
‫اعتباطية‪ " ،‬فالعالمة إذا ليست ىي ( الدال) بذاتو وال ( اؼبدلول) بذاتو بل ىي بينهما أي ما‬
‫ينهض هبذه العالقة بينهما وهبذه العالقات بُت الناس وموجودات العاَف‪ ،‬وقد بُت "دي سوسَت"‬
‫‪2‬‬
‫رسم العالمة كبنية هبذا الشكل‪:‬‬

‫‪ Signifiont‬دال ( صورة ظبعية)‬

‫‪ Signfié‬مدلول ( مفهــوم )‬

‫» والعالمة اللغوية ىي وحدة نفسية مزدوجة‪ ،‬والعنصران ( مفهوم‪ -‬صورة ظبعية) مرتبطان‬
‫معاً ارتباطاً وثيقاً‪ ،‬ويتطلب وجود الواحد منهما‪ ،‬وجود اآلخر « ‪ 3‬وأن صفة الدال خطية‪ ،‬ذلك‬
‫أن» الدليل يفهم داخل تصور عام‪ ،‬ىو النظام‪ ،‬الذي يتضمن مفهوم الكل و العالقة « ‪ 4‬فال‬

‫‪ 1‬أن إينو وآخرون‪ ،‬السيميائية األصول‪ ،‬القواعد والتاريخ‪ ،‬تر‪ :‬رشيد بن مالك‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫‪ 2‬عاصم خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.34‬‬
‫‪ 3‬آن إينو وآخرون‪ ،‬السيميائية األصول‪ ،‬القواعد والتاريخ‪ ،‬تر ‪:‬رشيد بن مالك ص ‪.33‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.34‬‬

‫‪27‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تأخذ األجزاء وظيفتها إال يف عالقتها االختالفية فيما بينها و ىي عالقة تقوم بإنتاج اؼبعاين و‬
‫تداوؽبا وبفضلها مت ربديد موضوع السيميائية وىو الداللة‪.‬‬

‫إذا كان " دي سوسَت" أصالً لسانياً للسيميائية‪ ،‬فإن "بَتس" )‪(CharlesPierce‬‬
‫(‪ )1914 – 1838‬أصالً منطقيا ؽبا إذ أنو ربط بُت السيميوطيقا واؼبنطق حيث قبده‬
‫يقول» ليس اؼبنطق دبفهومو العام إال اظبا للسيميوطيقا‪ ،‬والسيميوطيقا نظرية شبو ضرورية أو نظرية‬
‫شكلية للعالمات « ‪.1‬‬

‫لقد تناول» بَتس العالمة يف سياق منطقي دقيق متشعب‪ ،‬ما هبعل فهم مفهومو للعالمة‬
‫عبَتا‪ ،‬وإذا كانت العالمة عند " دي سوسَت" ثنائية‪ ،‬فإن بَتس" يرى أن عالمة ىي ثالثية العالقة‪،‬‬
‫وؽبا فبثل وموضوع ومؤول « ‪.2‬‬

‫‪ 4‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائية أصوؽبا و قواعدىا‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬د ط‪ ،2002 ،‬ص ‪.23 – 22‬‬
‫‪ 2‬جَتار دولودال‪ ،‬السيميائيات أو نظرية العالمات‪ ،‬تر‪ :‬عبد الرضبان بوعلي‪ ،‬دار اغبوار للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬الالذقية‪ ،‬سوريا‪،‬‬
‫‪،2004‬ص ‪.27‬‬

‫‪28‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫وفق اؼبخطط اآليت‪:‬‬
‫عالمة قانونية ( عرفية)‬ ‫عالمة عينية ( منفردة)‬ ‫عالمة كيفية ( نوعية)‬

‫‪Legi - sign‬‬ ‫‪Quil - sign‬‬ ‫‪Quil - sign‬‬


‫ـبطط يوضح التقسيم الثالثي للعالمة عند " بَتس"‬
‫اؼباثول ( اؼبؤول)‬

‫‪Representamen‬‬

‫تصور )‪( chena‬‬ ‫أيقونة )‪( Icon‬‬


‫تعبَت (اؼبمثل)‬ ‫موضوع‬
‫تصديق )‪( dinct‬‬ ‫)‪( signe‬‬
‫شاىد ( مؤثر) )‪( Indect‬‬
‫)‪( inleprétant‬‬
‫حجة )‪(Argunt‬‬ ‫العالمة‬ ‫رمز ‪Syndol‬‬
‫)‪( Signe‬‬

‫ومن خالل الشكل نالحظ أن " بَتس" أعترب العالماتية ( السيميوطيقا) إطار مرجعيا‬
‫يتضمن أي دراسة أخرى بقولو‪ »:‬أنو َف يكن بإمكاين على اإلطالق أن أدرس أي شيء [‪]...‬‬
‫إال بوصفو دراسة عالماتية « ‪ 2‬فالسيميائيات ‪-‬تبعا لرؤياه– علم يضم صبيع العلوم على‬
‫اختالفها‪ ،‬يف حُت " سوسَت" جعل السيميائيات جزء من علم النفس االجتماعي‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬النظرية السيميائية في النقد الغربي‪:‬‬

‫سانبت سيميولوجيا " دي سويسر" وسيميوطيقا "بَتس" يف اِنتشار السيميائية يف أكباء‬


‫العاَف وظهور مدارس و صبعيات سبركزت دراستها حوؽبا ‪ ،‬فقد زودت اللسانيات النقد األديب‬
‫بصرامة علمية كبَتة استفاد منها كثَتا ‪ ،‬ورغم وجود اذباىات عديدة للنقد األديب اغبديث‪ ،‬إال أن‬

‫‪ 1‬يشَت تاوريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية على الضوء اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة والنظريات الشعرية‪ ،‬دراسة يف األصول و اؼبفاىيم ‪ ،‬عاَف‬
‫الكتب اغبديث ‪ ،‬ط‪ ،1‬إبريد ‪ ،‬األردن ‪20101431،‬م ‪ ،‬ص ‪.121‬‬
‫‪ 2‬منذر عياشي‪ ،‬العالماتية وعلم النص‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬ط‪ ،2004 ،1‬ص ‪.15‬‬

‫‪29‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ما هبمع بينهما ىو االنطالق من النص دون غَته ‪ ،‬و النظرية السيميائية واحدة من ىذه‬
‫االذباىات اليت شقت طريقها النقدي بوضوح ‪،‬استناداً إُف أسس لسانية بنيوية‪،1‬فكانت بذلك‬
‫منهجا نقديا يستحق أن يتّبع و يتبٌت يف ربليل النصوص‪.‬‬

‫‪ -1‬مبادئ السيميائية‬

‫تبحث السيميائية عن اؼبعٌت ‪ ،‬من خالل بنية االختالف و لغة الشكل‪ ،‬والبٌت الدالة‪،‬‬
‫وىي لذلك ال هتتم بالنص وال دبن قالو‪ ،‬وإمبا رباول اإلجابة عن تساؤل وحيد ىو‪ ،‬كيف قال‬
‫النص ما قالو؟ من أجل ذلك يفكك النص ويعاد تركيبو من جديد لتحدد ثوابتو النبيوية وىذا‬
‫العمل يقوم على اؼببادئ التاِف‪:‬‬

‫أ‪ -‬التحليل المحايث‪ :‬الذي يبحث عما يُكون الداللة من شروط داخلية و أبعاد‬
‫كل من يعد خارجيا‪.‬‬
‫ب‪ -‬التحليل البنيوي‪ :‬إلدراك اؼبعٌت ال بد من وجو نظام من العالقات تربط بُت‬
‫عناصر النص‪ ،‬ولذا فإن االىتمام هبب أن يوجو إُف ما كان داخالً يف نظام االختالف‬
‫الذي يسمى شكل اؼبضمون وىو التحليل البنيوي‪.‬‬
‫ج‪ -‬تحليل الخطاب‪ :‬يعد اػبطاب يف مقدمة اىتمامات التحليل السيميائي الذي‬
‫يهتم بالقدرة اػبطابية ‪،‬وىي القدرة على بناء نظام إلنتاج األقوال على عكس‬
‫اللسانيات النبوية اليت هتتم باعبملة‪.2‬‬

‫‪ 1‬فيصل األضبر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬ص ‪.59‬‬


‫‪ 2‬صبيل ضبداوي‪ ،‬مدخل إُف اؼبنهج السيميائي‪ ،‬ندوة ‪،‬اؼبغرب‪،‬‬
‫‪WWW.arabicnadwah.com/articles/madkhal-hamdaui.htm‬‬

‫‪30‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ -2‬اتجاهات السيميائية‬

‫قد تنوعت االذباىات حسب اىتماماهتا باؼبظاىر اؼبختلفة للعالمة وسنختصر ىذه‬
‫االذباىات يف اؼبخطط اآليت‪:‬‬

‫اتجاهات السيميائية‬

‫سيميائيات الثقافة‬ ‫سيميائيات الداللة‬ ‫سيمائيات التوصل‬

‫‪-‬بوري لوسبان ‪Yuri Lotman‬‬ ‫‪-‬روالن بارت ‪Roland Barthess‬‬ ‫‪George Mouni‬‬ ‫‪-‬جورج مونان‬
‫‪-‬إفانوف ‪Ivanov‬‬
‫‪ -‬بربيطو ‪Priéto luis‬‬
‫‪-‬أسبنانسكي ‪Ouspenski‬‬
‫‪ -‬بويسنس ‪Eric Bayessens‬‬
‫‪-‬روسي الندي ‪R.Landi‬‬
‫‪ -‬مارتينيو ‪André Martinet‬‬
‫‪-‬أمربتو إيكو ‪Umberto Eco‬‬
‫‪ -‬كرايس ‪Grice‬‬

‫مخطط يوضح اتجاهات النظرية السيميائية وأعالمها الغربيين‬

‫لقد استطاعت النظرية السيميائية أن تتوغل يف ـبتلف ؾباالت األدب والفن‬


‫والثقافة‪ »،‬وبكم أهنا ؾباالت تتخذ من عالمات النص األديب واإلبداع اؼبسرحي والسينمائي‬
‫والتشكيلي ىيكال يبكن أن يشمل ثقافة متميزة‪ ،‬وتصلح كمادة ‪-‬متعددة األبعاد واألعماق –‬
‫للدراسة والتحليل « ‪ 1‬فلكل نص أديب كيانو أو أن النص األديب عبارة عن عالمة‪.‬‬

‫‪1‬فيصل األضبر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪31‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقد » اعتربت النظرية السيميائية كما يقول‪ " :‬حامت الصكر" '' األكثر إقًتابا يف ربليل‬
‫النصوص بقواعد واضحة‪ ،‬ومفاىيم متشعبة[‪ ،]...‬فرؤية السيميائيُت للنص تنطلق من كونو عبارة‬
‫عن شبكة من الشفرات يقوم القارئ بفكها « ‪.1‬فجاءت ؿباوالت " روالت بارت" لتواصل‬
‫اعبهود الفلسفية للسيميائية اليت بدأىا "شارل ساندرس بَتس" و اعبهود اللغوية اليت بدأىا " دي‬
‫سوسَت"‪ ،‬فتجاوز البعدين الفلسفي واللغوي إُف البعد النقدي للسيميائيات‪ ،‬فَتى "بارت" أن "‬
‫السيميولوجيا" ( السيميائية) ىي علم الدالئل استمدت مفاىيمها اإلجرائية من اللسانيات‪،‬‬
‫ونتيجة التفكيك الذي أصاب كل اللسانيات فقد قبم عنو ظهور علم السيميولوجيا ( السيمياء)‬
‫وتأيت السيميائية جزء من ىذا النظام الكلي‪.2‬‬

‫والنقد السيميائي يعترب نظاما للعالمات يستند إُف أنظمة اللغة‪ ،‬ألن اللغة ىي الوعاء‬
‫الذي وبوي الرموز األدبية واؼبعايَت النقدية‪ ،‬ومن مث يعد النقد السيميولوجي نظاما من أنظمة‬
‫العالمات ‪ ،‬وىذا ما حاول " بارت" أن يربزه‪ 3‬ويذكر "ؿبمد البكري" يف مقدمة ترصبتو لكتاب‬
‫"بارت" " مبادئ علم الداللة" ؾباالت وموضوعات السيميولوجيا‪( :‬علم الداللة)‪ ،‬على النحو‬
‫التاِف‪:‬‬

‫‪ /1‬وسائل التواصل اغبيواين‪ :/2 ،‬دالئلية التواصل اعبماىَتي‪ /3 ،‬دالئلية السرد‪/4 ،‬‬
‫دالئلية األزياء‪ /5 ،‬صنافة الثقافة‪ .‬وإذا كان "بارت" يربط بُت اللسان واػبطاب فإن اػبطاب‬
‫النقدي السيميائي يعد جزءاً من اللسان عنده‪ ،‬ىذا اعبزء يقوم بتطهَت اللسانيات وتنقية اػبطاب‬
‫فهو هبعل السيمياء تابعة للسانيات ال لشيء سوى ألن إحدى خصائصها لسان ما‪ ،‬قدرتو على‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ :‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.46‬‬


‫‪( 2‬ينظر)‪ ،‬روال بارت‪ ،‬درس السيميولوجيا ‪ ،‬تر‪ :‬عبد السالم بنعبد العاِف‪ ،‬دار توقال للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪،1986‬ط‪، 1993، 3‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪30.‬‬
‫‪( 3‬ينظر)‪،‬آن إينو و آخرون‪ ،‬السيميائية األصول‪ ،‬القواعد و التاريخ‪ ،‬ص‪37.‬‬

‫‪32‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ترصبة األلسنية األخرى وكل السيميائيات األخرى غَت اللفظية ‪،‬فقد رأى " أن التحليل السيميائي‬
‫لن يسمك دبوضوعاتو‪ ،‬أي باألنساق الداللية اللغوية وغَت اللغوية إال من خالل ترصبتها إُف النسق‬
‫طوع اؼبفاىيم اللسانية ( اللسان – الكالم – الدال – اؼبدلول – التعيُت – اإلوباء‬
‫اللغوي ولذلك ّ‬
‫– ا﵀ور الًتكييب – ا﵀ور االستبداِف‪ )...‬لدراسة أنساق اؼبوضة والغناء اؼبالبس‪ ،‬واإلشهار‪،‬‬
‫واألسطورة وغَت ذلك"‪.1‬ويكاد " بارت" أن وبول القارئ إُف كاتب ٍ‬
‫ثان‪ ،‬ألن القراءة السيميولوجية‬
‫تعترب أن النص وبمل أسرار كثَتة والدال ىنا يستفز القارئ ويدعوه إُف البحث عنها وفك رموزىا‬
‫انطالقا من فهم العالقة اعبدلية اؼبوجودة بُت الدال واؼبدلول‪ ،‬كما حددىا علماء اللسان‪ ،‬أي‬
‫عالقة اغبضور والغياب ( الدال حضور واؼبدلول غياب)‪ ،‬حول" بارت" ىذه العالقة إُف تبادل‬
‫اؼبتعة واللذة بُت النص والقارئ‪.2‬‬

‫أما "جورج مونان" إُف جانب ؾبموعة من ا﵀دثُت‪ ،‬فقد ذىبوا صبيعا إُف أن السيميولوجيا‬
‫ربتم بدراسة صبيع السلوكات أو األنظمة التواصلية‪ ،‬فالسيميائية عندىم ىي ذلك العلم الذي‬
‫يدرس سائر الظواىر الثقايف بوصفها أنظمة للعالمات قائمة على فرضية مؤداىا أن ظواىر الثقافة‬
‫صبيعها ما ىي يف الواقع سوى أنظمة عالمات‪ ،‬وىذا يعٍت بال شك بأن الثقافة يف جوىرىا ىي‬
‫عملية اتصال )‪.3( communication‬وقبد يف ىذا االذباه كل من "برييطو")‪ ،( Preto‬و‬
‫"بوسنس")‪ (Buysseens‬وغَتىم‪ ،‬ويذىب ىذا الفريق إُف أن السيمياء دراسة ألنظمة‬
‫االتصال عامة‪ ،‬و ليست خاصة باألنظمة الدالة فحسب‪ ،‬ويتضح أن السيمياء إمبا ىي أساس‬
‫للتواصل ‪ ،‬وبذلك تصبح اللغة أو الرموز اللغوية جزءاً من أنظمة التواصل مثلها مثل اإليباء‬
‫واإلشارة‪ ،4‬أي أن ىذا الفريق اشتغل على السيميولوجيا التواصلية‪ ،‬فقاموا بدراسة لألنساق‬

‫‪ 1‬فركوس حنيفة‪ ،‬األصول الغربية للسيمياء وارىاصاهتا العربية‪ ،‬ؾبلة االثر العدد ‪، 23‬سبتمرب ‪2015،‬م‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 2‬يوسف األطرش‪ ،‬اؼبقاربة السيميائية يف قراءة النص‪ ،‬اؼبلتقى والوطٍت األول‪ ،‬السيمياء والنص األديب‪ ،‬ص ‪.147‬‬
‫‪ 3‬أمال كعواش‪ ،‬السيميائية منهج ألسٍت نقدي‪ ،‬كلية اآلداب واغبضارة اإلسالمية جامعة األمَت عبد القادر‪ ،‬ص ‪.10‬‬
‫‪ 4‬بومعزة رابح‪ ،‬االذباىات السيميائية اؼبعاصرة‪ ،‬اؼبلتقى الوطٍت الرابع‪ ،‬السيمياء و النص األديب" ص ‪.3‬‬

‫‪33‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التواصلية اؼبختلفة‪ ،‬من وجهة سيميائية " مارتينيو" مثال‪ ،‬يرى أن الوظيفة الرئيسية لألداة اليت سبثلها‬
‫اللغة ىي وظيفة اإلبداع‪.1‬‬

‫أما االذباه الثالث فيتدرج ربتو أعمال كل من الباحث اإليطاِف " أمربتو إيكو" و " جوليا‬
‫كرستيفا" وغَتىا‪ .‬وتذىب " كرستيفا" إُف عدم قبول حصر السيميولوجيا يف دراسة األنساق‬
‫التواصلية فحسب‪ ،‬فالسيميولوجيا‪ ،‬عندىا ىي غبظة التفكَت يف قوانُت التدليل‪ ،‬دون أن تبقى‬
‫أسَتة اللغة التواصلية اليت زبلو من مكان الذات‪ ،‬وأصبح مشروعها التحليلي يسمى ( علم الداللة‬
‫التحليلي) (‪.2)sémanalyse‬‬

‫كما أن السيمولوجيا حسب " كريستفا" كعلم نقدي و‪ /‬أو كنقد للعلم‪ ،‬النماذج اليت‬
‫صوغها السيميائية شبيهة بنماذج العلوم اغبقيقية‪ ،‬إال أن السيميائية وىنا اختالفها مع العلوم‪ ،‬ىي‬
‫أيضا إنتاج لنظرية النمذجة اليت تشكل ماىيتها‪ ،‬فالسيميائية إذن مبط من التفكَت‪ ،‬ويف كل غبظة‬
‫تنتج فيها نفسها نتأمل موضوعها وأدلتها والروابط اؼبوجودة بينهما‪ ،‬إهنا سبارس للتفكَت يف ذاهتا‪،‬‬
‫وىذا يعٍت» أن السيميائية إعادة تقوًن مستمرة ؼبوضوعها أو مباذجها‪ ،‬ونقد ؽبذه النماذج (أي ىي‬
‫نقد للعلوم اليت اقتبست منها تلك النماذج)‪ ،‬ونقد لنفسها ( باعتبارىا نظاما للحقائق الثابتة)‪.‬‬
‫ؽبذا فالسيميائية نقد مستمر لنفسها‪ ،‬وباعتبارىا نظرية يف ذاهتا‪ ،‬تكون السيميائية‪ -‬والكالم‬
‫لكريستفا‪ -‬ىي ذلك العلم لإليديولوجيات الذي روجت لو روسيا النووية‪ ،‬ولكنو يف نفس الوقت‬
‫ايدولوجيا العلوم‪ ،‬السيميولوجيا ىي موقف ومنهج أكثر منها علماً « ‪.3‬‬

‫بينما السيميائيات السردية عند غريباس‪ ،‬ىو بال شك حديث عن مبوذجو اؼبوسم ب‪:‬‬
‫(النموذج العاملي‪ )Modeleactontiele ،‬الذي اقًتحو كتمحيص نقدي ؼبورفولوجية "‬

‫‪ 1‬بومعزة رابح‪ ،‬االذباىات السيميائية اؼبعاصرة‪ ،‬اؼبلتقى الوطٍت الرابع‪ ،‬السيمياء و النص األديب‪ ،‬ص ‪.4‬‬
‫‪ 2‬أن إينو وآخرون‪ ،‬السيميائية‪ ،‬األصول القواعد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪34‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫فالدمَت بروب " ويقدم تصور نظري الذباه معريف‪ /‬مدرسة باريس السيميائية الذي اقًتن اظبو هبذا‬
‫الباحث ( غريباس) لقد اىتم "غريباس" أساسا بالشروط الداخلية للمعٌت يف النص‪ 1‬فهو بدراستو‬
‫للبٌت السردية اكتشف بٌت سيميائية تشتمل على األشكال العامة لتنظيم اػبطاب‪ ،‬ويبيز بُت مبطُت‬
‫من الوحدات الداللة انطالقا من اػبصائص الذرية ذات الطابع الكوين‪ ،‬صعودا إُف الوحدات‬
‫األكثر تعقيدا‪ ،‬وذلك اعتمادا على التقابالت اؼبوجودة بُت الوحدات اؼبدلولية‪ ،‬وىذا ما يسمى (‬
‫المربع السيميائي ‪ ،(la carré samiote،‬يسعى إُف الكشف عن منظومة اؼبعٌت‪ ،‬وىذا‬
‫ىو دور اؼبربع السيميائي‪ 2‬ويبكن أن نبُت بنية ىذا النموذج بالشكل التاِف‪.3:‬‬

‫تضاد‬
‫استعباد‬
‫حرٌة‬

‫اقتضاء‬ ‫تناقض‬ ‫تناقض‬ ‫اقتضاء‬

‫ال حرية‬ ‫ال استعباد‬


‫تضاد تحتً ( شبه تضاد )‬

‫وال ننسى جهود بعض اؼبنظرين ؽبذا العلم أمثال أمربتو إيكو‪ ،‬من خالل كتابو (درس‬
‫السيميولوجيا) وبفضل ىؤالء وغَتىم من النقاد استطاعت السيميائية دخول مرحلة تقعيد‬
‫اؼبفاىيم وإرساء الدعائم فبا أىلها يف الكثَت من األقطار خاصة يف العاَف العريب‪.‬‬

‫‪1‬سعيد بوعطية‪ ،‬اؼبرجعية اؼبعرفية للسيمائيات السردية – غريباس مبوذجا‪ -‬اؼبغرب‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 2‬آن اينو وآخرون‪ ،‬السيميائية األصول‪ ،‬القواعد‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪ 3‬يوسف األطرش‪ ،‬اؼبكونات السيميائية والداللية للمعٌت‪ ،‬اؼبلتقى الرابع‪ ،‬السيمياء والنص األديب‪ ،‬ص ‪.11‬‬

‫‪35‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن خالل ما سبق الحظنا نوعا من التأثَت والتأثر يف اعبهود بُت الغرب والعرب بغية‬
‫التأسيس ؼبنهج نقدي متكامل األدوات اإلجرائية مسلحا بوسائل جديدة يف فبارسة ؼبختلف‬
‫األعمال الفنية واألدبية‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬السيميائية في التجربة النقدية العربية المعاصرة‬

‫لقد اعتنقت الساحة النقدية العربية السيميائيات ‪-‬خاصة يف فًتة الثمانينات‪ -‬وأولتها‬
‫اىتماما كبَتا‪ ،‬فقد مت التأسيس ؽبا مع قلة من اإلعالم الذين ما فتئت ترتبط بأظبائهم ارتباط اعبنُت‬
‫بأمو ومع ىذا» َف يتم التعامل [‪ ]...‬إال بالقدر القليل الذي ال يسمح باإلحاطة الشاملة بتفاصيل‬
‫البحث السيميائي اؼبعاصر [‪ ]...‬من ىذه الزاوية‪ ،‬جاءت االنتقادات اليت وجهها بعض النقاد‬
‫العرب للسيميائية ( وىي انتقادات أقرب إُف األحكام القيمية من النقد العلمي اؼبؤسس) مفتقدة‬
‫إُف قراءة واسعة ومتمثلة لألطر اؼبفهومية للنظرية السيميائية « ‪ ،1‬ولعل ىذه اؼبسألة تعود – يف‬
‫األساس‪ -‬إُف كون السيميائيات وليدة العاَف الغريب‪ ،‬والساحة النقدية العربية مستهلكة بالدرجة‬
‫األوُف‪ ،‬لتظل القطيعة مًتسخة بُت القارئ العريب واػبطاب السيميائي اؼبتعدد واؼبختلف يف‬
‫مقاصده العلمية‪ ،‬رغم ىذا» استطاعات بعض البحوث يف ـبتلف البلدان العربية[‪ ]...‬بناء‬
‫إسًتاتيجية حبثية تعمل على إفراز قيم علمية فاعلة «‪ » .2‬ومن األظباء اليت أسست ؽبا بوجو‬
‫خاص نذكر ‪":‬ؿبمد مفتاح"‪" ،‬عبد الفتاح كليطو"‪" ،‬ؿبمد اؼباكري" يف اؼبغرب‪ ...‬يضاف إُف‬
‫ذلك ؾبهودات "عبد ا﵁ الغذامي" يف السعودية و"عبد اؼبالك مرتاض"‪ ،‬و"رشيد بن مالك" و"عبد‬
‫القادر فيدوح" و"حسُت طبري" يف اعبزائر‪ ،‬و"قاسم مقداد" يف سوريا‪ ...‬دون أن ننسى اؼبسانبة‬
‫القيمة اليت تقدم هبا الناقد اؼبصري صالح فضل يف كتابو(شفرات النص‪ :‬دراسة ابستيمولوجية‪،‬‬

‫‪ 1‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬دار ؾبدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،1‬عمان‪ ،‬األردن‪ 1427 ،‬ىـ‪2006 /‬م‪ ،‬ص‬
‫‪.09‬‬
‫‪2‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪36‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫شعرية القص والقصيدة) « ‪.1‬وتنبغي اإلشارة – يف ىذا السياق‪ -‬إُف الدراسة اؼبوسومة بـ‬
‫‪(:‬مدخل إلى الدراسات السيميائية بالمغرب ‪ /‬محاولة تركيبية) للباحث " ؿبسن عمار"‪،‬‬
‫وتكمن أنبيتها " يف توجيو القارئ إُف الدراسة السيميائية األساسية يف اؼبغرب وقواظبها اؼبشًتكة‬
‫اؼبتمثلة يف‪:‬‬

‫‪ -‬ؿباولة زبليص اؼبسافة بُت مفاىيم ومصطلحات مستمدة من سياقات ثقافية مغايرة‬
‫للثقافة العربية‪ ،‬وبُت معطيات النصوص األدبية حبمولتها اللغوية والثقافية‪.‬‬
‫‪ -‬ضبط اؼبفاىيم‪ ،‬وتدقيق اؼبصطلحات‪ ،‬وطرح النظرية قبل وضعها على ؿبك التطبيق‪.‬‬

‫‪ -‬نزوع الباحثُت إُف اختيارات منهجية وطروحات تضع القارئ أمام ترسانو ىائلة من‬
‫اؼبفاىيم واإلجراءات غَت متداولة يف لغتو ويف سياقو الثقايف ويبكن أن تسحب ىذه القواسم على‬
‫الدراسات السيميائية العربية عموما « ‪ ،2‬ويف الفقرات اآلتية‪ ،‬سيجرى الًتكيز على أقطاب مثلوا‬
‫اذباه نقد النص الشعري يف الوطن العريب‪ ،‬ربت ؾبسات السيميائيات‪ ،‬وستكون الفاربة مع الناقد‬
‫اؼبغريب‪ " /‬ؿبمد مفتاح" الذي نشر كتابو األول اؼبوسوم ( في سيمياء الشعر القديم) عام‬
‫‪1982‬م‪ ،‬وىو عبارة عن دروس ىادفة إُف» زرع روح البحث اؼبتعمق يف طلبتو‪ ،‬وسبكينهم من‬
‫االنفتاح على عواَف جديدة يف دراسة األدب « ‪.3‬وقد وقع اشتغالو يف ىذا اؼبؤلف على قصيدة "‬
‫أيب البقاء الرندي" النونية" بوصفها مسرحا استعرض من خاللو أسلحتو اليت غنمها من اػبطاب‬
‫النقدي اغبديث ويف عام ‪1985‬م‪ ،‬قدم " ؿبمد مفتاح " ( تحليل الخطاب الشعري_‬
‫إسًتاتيجية التناص _) وىو عبارة عن دراسة من قسمُت‪ :‬أوؽبما فصول نظرية تدور يف‬
‫فلك» ربديد اؼبفاىيم‪ ،‬وبُت القعدية يف األصوات واؼبعاجم والًتكيب النحوي‪ ،‬وإبراز مقصدية‬

‫‪ 1‬بشَت توريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية‪ ،‬ص ‪.135‬‬


‫‪ 2‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائات السردية‪ ،‬ص ‪.25‬‬
‫‪ 3‬ـبتار مالس‪ ،‬التجربة السيميائية العربية يف نقد الشعر‪ ،‬قراءة يف اؼبنهج اؼبلتقى الوطٍت السادس ‪ (،‬السيمياء والنص األديب) ‪،‬‬
‫ص ‪.125‬‬

‫‪37‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اإلقناع باألدوات البالغية والتناصية واألفعال الكالمية « ‪ .1‬و ثانيهما يف التطبيق ما جاء يف‬
‫الفصول النظرية على قصيدة " ابن عبدون "الراتبة" وقد طرح الناقد أنو رجع إُف خارج النص يف‬
‫حدود ضيقة يف مطاردتو للمعٌت إذا أن القصيدة يف» أغلبها عبارة عن نظم تارىبي ألحداث‬
‫ووقائع وأظباء وأشخاص وأماكن « ‪.2‬ومن خالل عرض الناقد لوجهات النظر السيميائية‪ ،‬خلص‬
‫‪3‬‬
‫إُف قواسم مشًتكة بُت اؼبنظرين السيميائيُت للشعر‪ ،‬وأنبها‪:‬‬

‫قراء النص الشعري من وجهي التعيَت واؼبضمون‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫تعدد القرارات للنص الواحد بناء على تطبيق مفهوم التشاكل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫النص الشعري منغلق على نفسو لو عاؼبو وحياتو اػباصة بو فال وبيل على‬ ‫‪-‬‬
‫الواقع إال خبرقو‪.‬‬
‫جدلية النص والقراءة‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫يضع " مفتاح" بُت يدي القارئ العريب عام ‪1987‬م‪ ،‬مواكبة للنظريات اليت مست‬
‫اؼبمارسة السيميائية للنص األديب – مقاربة جديدة للنص الشعري_ من خالل كتابو (دينامية‬
‫النص – تنظير وإنجاز‪ ) -‬حيث استثمر مفهوما من خالل اغبقل الفيزيائي وىو " الدينامية" يف‬
‫اؼبقاربة السيميائية للنص الشعري العريب‪.‬‬

‫أما إذا انتقل الباحث إُف اؼبشرق العريب فإنو يلفي الناقد " ؿبمد السرغيٍت" قد ألف عام‬
‫‪ ،1987‬كتابو ( محاضرات في السيميولوجيا)‪ ،‬حاول من خالل اعبزء النظري منو تقدًن مفهوم‬
‫متكامل عن السيميائيات‪ ،‬ويف شطره التطبيقي قدم دراستو لقصيدة "اؼبواكب "للشاعر "جربان‬
‫خليل جربان"‪ " ،‬وقد درس ثالثة مستويات‪:‬‬

‫‪ 1‬ؿبمد مفتاح‪ ،‬ربليل اػبطاب الشعري‪( ،‬إسًتاتيجية التناص)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬ط‪ ،4‬الدار البيضاء اؼبغرب‪2005 ،‬م‪،‬‬
‫ص ‪.05‬‬
‫‪ 2‬ؿبمد مفتاح‪ ،‬ربليل اػبطاب الشعري‪ ،‬ص ‪.06‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.12‬‬

‫‪38‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪-1‬اؼبستوى الشعري‪ :‬ووبلل فيو بنية النص اؼبنطقية وحضور الطبعة [‪ ]...‬وبنية الناي مع‬
‫‪1‬‬
‫ما ربملو لفظة " الناي" من دالالت رمزية على اؼبستوى األيديولوجي‪ ،‬والروحي‪ ،‬والنفسي‬

‫‪ »-2‬اؼبستوى اغبسي‪ :‬وهبلل من خاللو بنية الثنائية فهي أساس اؼبفارقة والتناقض داخل‬
‫النص [‪ ]...‬كما وبلل من خالل ىذا اؼبستوى بنية العالقة‪...‬فكل ثنائية من ثنائيات النص ؽبا‬
‫عالقة بشيء ما‪ ،‬وىذا الشيء نفسو دبثابة عمود فقري ؽبا‪ ،‬تقوم عليو [‪ ]...‬ىذه العالقة زبتلف‬
‫‪2‬‬
‫من ثنائية إُف أخرى «‬

‫وينطلق "السرغيٍت" '' من الثنائيات الداللية [‪ ]...‬ليخلص أخَتا إُف كشف ما ظباه»‬
‫الداللية اإليديولوجية العامة للنص « ‪.3‬‬

‫‪ -3‬اؼبستوى ا﵀ايث‪ :‬وتعرض فيو إُف ربليل حاالت األفراد والًتكيب الشكلي [‪]...‬فقد‬
‫حلل فيو اؼبكونات اؼبفردة‪ ،‬واؼبكونات اؼبركبة‪ ،‬وعناصر اإليقاعي وعناصر اعبماِف‪.4‬‬

‫ويقدم "صالح فضل» الناقد اؼبصري عام ‪ ،1995‬دراستو ( شفرات النص‪ ،‬دراسة‬
‫سيميولوجية في تشريعية القص والقصيدة)‪ ،‬وما يلفت االنتباه فيها أن الناقد ذباوز اؼبدخل‬
‫النظري مباشرة مستفيدا '' من كثافة االذباىات السيميولوجية عند " بروب" و"غريباس" و "بارت"‬
‫و "جاكيسون يف وظائف الكالم الست‪...‬ومن أبرزىا " الوظيفة الشعرية" اليت تتمثل يف الًتكيز‬
‫على رسالة اللغة يف حد ذاهتا « ‪ ،5‬وقد جاءت دراستو من قسمُت متمايزين‪ :‬خصص أوؽبما‬
‫لشعرية القصد‪ ،‬وثانيها لشعرية القص‪ ،‬ومن خالل ؾبموعة القرارات اؼبتعددة اليت قدمها " صالح‬
‫فضل" وقع االختيار على النموذج لفك الشفرات [‪ ]...‬واستطاع الناقد من خالل تأمل ىذا‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.89‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.92‬‬

‫‪39‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الديوان [‪ ]...‬أن يكشف مالمح الشعرية اػباصة عند "حسُت طالب"[‪ ]...‬وأبرز ىذه اؼبالمح‬
‫تتمثل يف( االختزال – حوار اإلشكال) [‪ ]...‬ىذا االختزال يتكئ على العنصر اللغوي اؼبتمثل يف‬
‫أفعال الكينونة كأن يذكر لوقة ربتك‪ ،‬لوقة فوقك ـبتزال للفعل كان [‪ ]...‬وكذلك ىبتزل جواب‬
‫الشرط األخَت فتدخل» قد على الظرف فبا يكسر مبط التعبَت اللغوي اؼبألوف مع عدم إخاللو‬
‫بالداللة « ‪،1‬أما اؼبلمح الثاين فهو ( حوار األشكال)‪ ،‬إذ " يبثل ( البنفسج) داال على‬
‫الديبقراطية‪ ...‬ال يلبث أن يتشكل يف وجهُت يصل أحدنبا يف استطالتو ومشولو وإحاطتو بكل‬
‫شيء أن يكون مقابال خداعا للحقائق الدينية أو الذات اآلؽبة"‪.2‬وال ىبفى أن أوِف النظر – ىا‬
‫ىنا‪ -‬أن قراءة " صالح فضل " غَت واضحة اؼبعاَف‪ ،‬فهو َف يشر يف دراستو إُف أنو سيتبُت اؼبنهج‬
‫السيميائي إال عرضا‪ ،‬ومن مث يبكن القول أن ىذه الدراسة ىي عناق بُت قارئ ونص شعري فرض‬
‫نفسو على قارئو ليملي عليو خطوات يرقص هبا على شريان الداللة ىي ىالة من الشعرية‪ ،‬إُف‬
‫جانب ىذا قدم " ؿبمد غرام" من سوريا عام ‪ ،1996‬دراسة سيميائية لقصيدة " شاىُت"‬
‫للشاعر السوري " ؿبمد عمران من ديوان ( أغان علي جدار جليدي) ‪1986‬م‪ ،‬من خالل كتابو‬
‫النقد والداللة – كبو ربليل سيميائي لألدب – بدأ دراستو دبدخل تارىبي عن البحث السيميائي‬
‫معًتضا للمصطلح وتعريفو وصيلتو بالعلوم األخرى‪ ،‬موضحا االذباىات السيميائية اؼبعاصرة‪ ،‬وكافة‬
‫اؼبصطلحات السيميائية‪ ،‬مث استعرض مناىج التحليل السيميائي لألدب يف الفصل الثاين‪ ،‬وبدأ‬
‫الفصل الثالث يف كتابو باػبوض يف اؼبنهج السيميائي يف النقد العريب اؼبعاصر‪ ،‬أما الفصل الرابع‬
‫فكان مقاربات سيميائية‪ ،‬وقد مشل اذباىُت يف التحليل‪ :‬ربليل األدب – وربليل مظاىر اغبياة‬
‫االجتماعية‪ ،3‬فانطلق " ؿبمد عزام" يف ربليل القصيدة من " تقسيم النص إُف وحدات [‪ ]...‬و‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي‪ ،‬ص ‪.95 ،4 9‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ ( 3‬ينظر)‪ ،‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.99 ،98‬‬

‫‪40‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يتجلى ذلك يف ربليل الفنية السطحية لقصيدة ( شاىُت) بالًتكيز على مكونات اػبطاب الشعري‬
‫اؼبتمثلة يف العناصر األساسية‪.‬‬

‫‪ -2‬اؼبستوى اؼبعجمي‬ ‫‪-1‬اؼبستوى الصويت‬


‫‪1‬‬
‫‪ -4‬اؼبستوى اؼبعنوي‬ ‫‪-3‬اؼبستوى الًتكييب‬

‫وإذا ما مت االنتقال إُف القطر السعود‪ ،‬فإن قبم الناقد األلسٍت الكبَت " عبد ا﵁ ؿبمد‬
‫الغذامي" يلوح يف ظباء الدرس النقدي العريب اؼبعاصر‪ ،‬ذلك أنو فارس اؼبناىج النقدية ومروضها‪،‬‬
‫وىو بكتابتو النقدية أخذ من كل منهج بطرف‪ ،‬فاستثمر أدواتو اإلجرائية يف مقاربة النصوص‬
‫اإلبداعية من‪ :‬البنيوية والسيميائيات واألسلوبية والتشريح‪ ،‬ومن أىم كتبو الرائدة يف ىذا اجملال‪( :‬‬
‫الخطيئة والتفكير) و(تشريح النص)‪.‬فقد تعرض يف كتابو األول إُف اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة بدء‬
‫بالنبوية مرورا بالسميائيات وصوال إُف التشروبية‪ ،‬وقد صبع يف ىذا الكتاب بُت التنظَت و اؼبمارسة‪،‬‬
‫حيث حظيت السيميائيات باىتمام بالغ من لدن الناقد‪ ،‬فهي» ند نقدي يعضد البنيوية ويتضافر‬
‫معها يف مسعى استكشاف النص ودراستو « ‪ ،2‬أما الكتاب الثاين فما يهم منو القراءة السيميائية‬
‫لقصيدة " إرادة اغبياة " "أليب القاسم الشايب"‪ »،‬حيث قام بعملية إحصائية ألزمنة أفعال القصيدة‬
‫[‪ ]...‬ليستخلص من خالل إحصاء كل اإلشارات الزمنية يف القصيدة أن ( اغباضر إلمكان لو‬
‫يف ىذا النص الشعري فالقصيدة سبسح اغباضر وتلغيو وتنفيو إُف الفناء‪ ،‬ليحل مكانو اؼباضي يف‬
‫حاالت‪ ،‬كأن تدخل أداة اعبزم ( َف ) على اؼبضارع ليتحول إُف ماض‪ ،‬ويتعاُف اؼبستقبل يف‬

‫‪ 1‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي‪ ،‬ص ‪.100‬‬


‫‪ 2‬عبد ا﵁ ؿبمد الغذامي‪ ،‬اػبطيئة والتفكَت ‪،‬من البنيوية إُف التشروبية‪ ،‬نظرية وتطبيق‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب ‪،‬ط‪ ،6‬الدار البيضاء‬
‫‪ ،‬اؼبغرب ‪2006 ،‬م‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪41‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القصيدة ويسحق اغباضر سحقا كامال ويلغيو « ‪ ،1‬ويتجسد كل ىذا يف اغبركة والسكون‪_ »،‬‬
‫كمصطلح – إُف جانب مصطلح" اؼبد واعبر" الذي تناول فيو توازن القصيدة وانكساراهتا « ‪.2‬‬

‫إن تشروبية " الغذامي" تعتمد على صبلة من اؼببادئ منها‪ »:‬مبدأ االختالف أي اختالف‬
‫اغباضر عن الغائب مع االعتداد الكبَت دبقولة الغياب اليت تفيد يف ربويل القارئ إُف منتج للنص؟‬
‫أي إعادة إنتاج النص مع كل قراءة جديدة « ‪.3‬ومن ىنا يبكن القول أن " الغذامي" قد خطا‬
‫خطوة ىامة يف ميدان السيميائيات والتشريح وىو كثَتا ما يؤكد على دور اؼبتلقي يف العملية‬
‫اإلبداعية أثناء القراءة ‪ ،‬إُف جانب ىذه الدراسات القيمة اكتفى باحثون آخرون بقراءات تطبيقية‬
‫عرفوىا على صفحات بعض اعبرائد واجملاالت‪ ،‬قد يصعب استقصاؤىا‪ ،‬لكن ىذا ال يبنع اإلشارة‬
‫إُف بعضها‪ ،‬ومن ذلك‪ ،‬الدراسة اليت قدمها " ضبيد ظبَت" من اؼبغرب‪ ،‬اؼبوسومة بـ ( مقاربة‬
‫سيميائية حول رؤية الشعر الرؤية عند المتنبي) اليت نشرىا عام ‪1999‬م‪ ،‬دبجلة " البيان"‬
‫الكويتية‪ ،‬ويرى الباحث» أن خطاب الشعري يبكن التعامل معو من زاويتُت‪ :‬األوُف تتمثل يف أنو‬
‫قيمة شعرية داخلية‪ ،‬وعندىا يبكن اعتباره عاؼبا مغلقا [‪ ]...‬وىذا النوع يشكل مبطا خطابيا يبكن‬
‫أن نطلق عليو‪ " :‬شعر اللذة" وىو الذي وبرص على القيمة والرسالة اعبمالية الثاين [‪ ]...‬أنو‬
‫يعكس [‪ ]...‬قيما موضوعية ذاتية أو صبالية‪ ،‬أو حضارية‪ ،‬ويسمى ىذا النوع " شعر الرؤية « ‪،4‬‬
‫ويرى الباحث أن ىذا النوع األخَت» يستطيع أن وبدد لنا اػبصائص األسلوبية للنص « ‪ ،5‬ومن‬
‫مث يبكن العثور على القيمة اؼبهيمنة يف اػبطاب الشعري‪ ،‬ودبقابلتها مع مرادفتها وأضدادىا‪ ،‬يصبح‬
‫اػبطاب حقال دالليا الفتا للنظر‪ ،‬حيث يأخذ الصراع بُت التيمة والتيمات الضديدة ؽبا صورا‬

‫‪ 1‬قماري ديامنتة‪ ،‬النقد الثقايف عند عبد ا﵁ الغامدي‪ ،‬مذكر ماجسًت يف النقد العريب ومصطلحات‪ ،‬قسم اللغة العربية وآداهبا‬
‫كلية اآلداب واللغات‪ ،‬جامعة قاصدي مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬اعبزائر‪1434 ،1433 ،‬ىــ‪2012 ،‬م‪2013 ،‬م‪ ،‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 2‬بشَت تاوريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية على ضوء اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة‪ ،‬ص ‪.138‬‬
‫‪ 3‬قماري ديامنتة‪ ،‬النقد الثقايف عند عبد ا﵁ الغامدي‪ ،‬ص ‪.54‬‬
‫‪ 4‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.108‬‬

‫‪42‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫عديدة‪ ،‬كما يلعب اؼبستوى الًتكييب دورا مهما يف توجيو الداللة وقد استخدم الباحث ( اؼبربع‬
‫السيميائي) لتحديد مسارهتا‪.1‬‬

‫خامسا‪ :‬النظرية السيميائية في الخطاب النقدي الجزائري المعاصر‬

‫‪ -1‬إشكالية المصطلح‬

‫يتفق جل الدارسُت والباحثُت يف ؾبال اؼبصطلح يف الوطن العريب‪ ،‬على أن الدراسة‬


‫واالىتمام باؼبصطلح وماىيتو أو التفكَت يف أفق السيميائيات ومستقبلها يف العاَف العريب يعد‬
‫خوض يف اجملهول‪ ،‬ذلك أن التكهن دبستقبلها مغامرة‪ ،‬فهو» يظل مرىونا بقدرة الباحث أثناء‬
‫تقويبو للحركة السيميائية على صياغة مالحظات موضوعية‪ ،‬يظل مرىونا أيضا هبذه الرغبة يف‬
‫تقليص االختالفات بتنويع البدائل والقيام دبسح شامل ؽبا والوقوف عند القواسم اؼبشًتكة يف‬
‫البحوث العربية الراىنة « ‪ .2‬فقد أفضى االىتمام العريب بالنظريات الغربية ومناىجها‪ ،‬إُف االىتمام‬
‫بقضية اؼبصطلح و االلتفات إليها لضرورة التسلح بقيم العصرنة و اغبداثة و ىو ما وقف عنده‬
‫الباحث " ؿبسن عمار " فالباحث العريب‪ -‬عموما» ظل يشتغل يف ظروف خاصة [‪ ]...‬أن ىناك‬
‫قناعات راسخة يف األذىان مازالت تغذي اؼبمارسة النقدية يف كثَت من اؼبؤسسات التعليمية العربية‬
‫[‪ ]...‬فمازلنا ضائعُت يف متاىات اؼبصطلح وكل باحث يًتجم حسب ما وبلو لو‪ ،‬وَف تتوصل‬
‫البحوث السيميائية إُف بلورة خطاب علمي ال يلفي فيو أصحابو مشقة يف ربديد اؼبعارف‬
‫‪3‬‬
‫السيميائية «‬

‫فقد أصبح من الضرورة االىتمام باؼبصطلحات وذبديدىا‪ ،‬فالوقوف عند بعض‬


‫اؼبصطلحات يرتكز أساسا على ضبط مفاىيمها يف اللغة اؽبدف‪ ،‬والنظر ثانيا‪ ،‬فيما إذا كان‬

‫‪ ( 1‬ينظر)‪ ،‬عصام خلف كامل‪ ،‬االذباه السيميولوجي‪ ،‬ص ‪.112-108‬‬


‫‪ 2‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬ص ‪.42‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪43‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫استعمال ىذه اؼبصطلحات مطردا أم أنو يشكل خرقا ؼبا ىو جار بو العمل يف البحوث‪،‬‬
‫السيميائية الراىنة‪ ،‬ومع ىذا استطاعت بعض الدراسات أن تتعاُف بالنقد العريب من الرؤية اؼبعيارية‬
‫إُف الرؤية العلمية‪ ،‬حيث حاول أصحاهبا تبسيط خطاباهتم النقدية ليتمثلوا ما فيها‪ ،‬ويبلغوه إُف‬
‫القارئ أحسن التبليغ‪ ،‬لذلك وجب» االىتمام بعملية التليُت واؽبضم من أجل التواصل مع القارئ‬
‫العريب « ‪ 1‬و بناءً على ىذا فإنو ال بد من» إدامة النظر يف اؼبصطلحية اؼبعتمدة يف اللغة األصل‬
‫الذي يعدد فبربه « ‪ ، 2‬إذا فاإلشكالية األوُف اليت تواجو الباحث يف السيميائيات ىي قضية‬
‫اؼبصطلح بدال من االسم العلمي‪ ( :‬السيميائيات) وأربكت اػبطاب النقدي العريب بسبب تعدد‬
‫اآلراء ووجهات النظر والتضارب يف إصدار اؼبصطلحات الناتج عن الصراعات الفكرية‪ ،‬الراجع إُف‬
‫غياب الوعي بقضية اؼبصطلح ‪ ،‬إن» اغبلقة الغائبة يف واقعنا العريب من الناحية الفكرية والثقافية‬
‫ليست مقصورة على احتجاب الوعي بدقائق اؼبعضلة اؼبصطلحية‪ ،‬ولكنها متجسمة على‬
‫اػبصوص يف غياب الصرامة مع الذات عند تداول اؼبصطلح‪ ،‬وقد فتح ىذا الغياب بابا واسع من‬
‫التسامح واجملاوزة ما لبث أن استحال معينا بفيض اإللتسابات الذىنية ويكاد ال ينضب « ‪.3‬‬

‫إن االصطالح يعٍت» اتفاقا لغويا طارئا بُت طائفة ـبصوصة على أمر ـبصوص يف ميدان‬
‫خاص « ‪ ،4‬ويدل " اؼبصطلح" يف االستعمال األلسٍت‪ »،‬على وحدة معجمية موظفة ضمن‬
‫إحدى الوظائف الًتكيبية األساسية‪ ،‬ومزودة دبعٌت ؿبدد « ‪.5‬ويعترب اغبديث عن واقع اؼبصطلح‬
‫النقدي العريب اؼبعاصر يف ىذه اؼبرحلة أمرا ضروريا ‪ ،‬بفعل أن ىذا اؼبصطلح ىو يف أصولو أجنيب‬
‫وجد سبيلو إُف خطابنا النقدي العريب عن طريق الًتصبة تارة أو عن طريق التعريب والوضع تارة‬

‫‪1‬رشيد بن ماللك‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.27‬‬
‫‪ 3‬عبد السالم اؼبسدي‪ ،‬األدب وخطاب النقد‪ ،‬دار الكتاب اعبديد اؼبتحدة‪ ،‬لبنان‪ ،2008 ،‬ط‪ ،1‬ص ‪.149‬‬
‫‪ 4‬يوسف وغليسي‪ ،‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي العريب اعبديد‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬منشورات االختالف‪،‬‬
‫ط‪ ،2‬لبنان‪ ،‬اعبزائر‪1429 ،‬ىـ ‪2008 /‬م‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪23‬‬

‫‪44‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أخرى‪ ،‬وقد بذلت جهود عربية فردية وصباعية لضبط اؼبصطلح النقدي‪ ،‬فظهرت العديد من‬
‫اؼبعجمات االصطالحية اغبديثة‪ ،‬وأقبزت اجملامع العربية خدمات كبَتة للمصطلح النقدي‪ ،‬وفتح‬
‫اجملال أمام الباحثُت واؼبًتصبُت والنقاد لنشر أعماؽبم اػباصة باؼبصطلح وطرح إشكالية بأوجهها‬
‫اؼبختلفة وإهباد اغبلول ؽبا‪ ،‬وتبقى اؼبصطلحات» دبا ربتويو من مفاىيم دقيقة‪ ،‬ذبسد نتائج البحث‬
‫وتسمح بالتواصل بُت أىل العلم‪ ،‬ألن داللة األلفاظ فيها مضبوطة‪ ،‬ومىت وضعت ؽبا قوائم هبا‬
‫وحددت معاؼبها ومفاىيمهاّ‪ ،‬فإن ترصبة النصوص اؼبتعلقة هبا تكون أيسر وأسهل « ‪ .1‬ومن مث فإن‬
‫النقل اؼبغلوط أو ا﵀رف عن األصل أو اؼبغاير لو يؤدي ال ؿبالة إُف اؼبغايرة للمفهوم األصلي‬
‫واكبرافو‪.‬‬

‫شهدت الساحة النقدية العربية رواج مصطلحُت يف الدرس السيميائي‪ ،‬على البعدين‬
‫اإلجرائي والنظري‪ " :‬السيميوطيقا" و " السيميولوجا" حيث يستخدم الناطقون باللغة االقبليزية‬
‫اؼبصطلح األول إتباعا للعاَف األمريكي " شارل ساندرس بَتس" يف حُت يستخدم الناطقون باللغة‬
‫الفرنسية اؼبصطلح الثاين اقتداءً برائد مدرسة " جنيف السويدي " فردينان دي سوسَت"‪ ،‬ويفهم‬
‫من ىذا أن (السيميوطيقا)» معطى ثقايف أمريكي أساسا‪ ،‬وبيل على مفاىيم فلسفة شاملة‬
‫وعالمات غَت لغوية‪ ،‬بينما ( السيميولوجيا) معطى أورويب ىو أدىن إُف العالمات اللغوية‪ ،‬واجملال‬
‫األلسٍت عموما‪ ،‬منو إُف أي ؾبال آخر « ‪2‬وؽبذين اؼبصطلحُت أصل واحد ضارب يف القدًن‪ ،‬يعود‬
‫إُف األصل اليوناين " ‪ " Sémeion‬الذي يعٍت» عالمة " و " ‪ "Logos‬الذي يعٍت " اػبطاب‬
‫" [‪ ]...‬وبامتداد وأكرب كلمة " ‪ "Logos‬تعٍت العلم « ‪ 3‬وبدمج الكلمتُت فالسيميائيات ىي"‬

‫‪ 1‬ؿبمد الديداوي‪ ،‬الًتصبة والتعريب ( سنن اللغة البيانية واللغة اغباسوبية)‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب للنشر‪ ،‬د‪ ،‬ط‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص ‪.52‬‬
‫‪ 2‬يوسف وغليس‪ ،‬اشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي العريب اعبديد‪ ،‬ص ‪.228‬‬
‫‪ 3‬فيصل األضبر‪ ،‬معجم السيميائيات‪ ،‬ص ‪.12 ،11‬‬

‫‪45‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫علم العالمات"‪ ،‬وىو ما يتفق عليو كل الباحثُت يف مفهومها‪ ،‬على أن كل واحد يطرح مفهوما‬
‫معينا ؽبا انطالقا من خلفية اؼبعرفية أو ثقافية أو فكرية ما‪.‬‬

‫ولعل أوسع التعاريف اليت حضي هبا مفهوم " السيميائيات ما جاء يف مقولة للباحث‬
‫الغريب " أمربتو إيكو"» تعٌت السيميائية بكل ما يبكن اعتباره إشارة « ‪ ،1‬فالكون دبا فيو يف حالة‬
‫بث غَت منقطع لإلشارات السيميائية ما هبعل الفعل السيميائي فعال قدريا خالدا لكل أنواع‬
‫العالمات‪ ،‬لذلك» ال يدرس السيميائيون اؼبعاصرون اإلشارات مفردة‪ ،‬لكن كجزء من اؼبنظومات‬
‫إشارات" [‪ ]...‬يدرسون كيفية صناعة اؼبعٌت وسبثيل الواقع « ‪.2‬‬

‫فأمام اؼبصطلحُت الغربيُت‪ )Sémiotique /sémiologie ( ،‬ركاما عربيا يبثل من‬


‫اؼبصطلحات‪ ،‬انعكس سلبا على اؼبفاىيم» وبذلك ينبغي اإلشارة إُف وجود تقارب يف الًتصبات‬
‫العربية ؼبصطلحي سيميائية ‪ /‬سيميولوجية وىو ناتج أصال عن االختالفات اؼبوجودة يف البحوث‬
‫السيميائية األوروبية خبصوص اؼبوضوع الذي ينبغي أن تستقل بو كل فبارسة « ‪ 3‬وىذا ما ورد يف‬
‫تصريح "غريباس" يف السابع من شهر جوان ‪ 1974‬يف صفحة خصصتها جريدة ‪Le monde‬‬
‫لعلم األدلة‪ ».‬اعتقد أنو ال هبب أن نوِف أنبية للنزاع حول الكلمات يف الوقت الذي تنتظرنا فيو‬
‫أشياء كثَتة‪ ،‬عندما تعلق األمر من ست سنوات [‪ ]1986‬بإنشاء صبعية دولية كان هبب أن‬
‫"ليفي‬ ‫مع‬ ‫وباالتفاق‬ ‫"جاكسبون"‬ ‫تأثَت‬ ‫ربت‬ ‫اؼبصطلحُت‪،‬‬ ‫بُت‬ ‫لبتار‬
‫شًتاوس")‪)LéviStrausse‬و" بنفيست" (‪ )Bénvisset‬و"بارت" وأنا شخصيا‪ ،‬وقع‬
‫اختيارنا على " السيميائية" غَت أن ؼبصطلح السيميولوجيا جذور عميقة يف فرنسا فبا أدى إُف‬

‫‪ 1‬دانيال تشاندلر ‪ ،‬أسس السيميائية‪ ،‬تر‪ :‬طالل وىبة‪ ،‬مر‪ :‬ميشال زكرياء‪ ،‬مركز دراسات الوحدة العربية اؼبنظمة العربية للًتصبة‪،‬‬
‫ط‪ ،1‬بَتوت‪ ،‬لبنان أكتوبر‪ ،2008 ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.28 .‬‬
‫‪ 3‬رشيد بن مالك‪ ،‬إشكالية ترصبة مصطلح يف البحوث السيميائية العربية الراىنة‪ ،‬ؾبلة عالمات‪ ،‬ج ‪ ،53‬م ‪ 14‬رجب‬
‫‪1425‬ىـ‪ ،‬اؼبغرب سبتمرب ‪ ،2004‬ص ‪.323‬‬

‫‪46‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االحتفاظ بالتسميتُت[‪ ]...‬بناءً على نصيحة "ىياؼبسلف"‪ ،‬يبكن أن نفهم من السيميائيات‬


‫البحوث اػبصوصية اؼبتعلقة باجملاالت اػبصوصية‪ ،‬وتكون السيميولوجيا النظرية العامة لكل ىذه‬
‫السيميائيات « ‪ 1‬ويبكن توضيح اؼبواجهة االصطالحية العربية للمفهومُت الغربيُت اؼبتقاربُت وفق‬
‫اعبدولُت اآلتُت‪:‬‬

‫‪ 1‬رشيد بن مالك‪ ،‬إشكالية ترصبة مصطلح يف البحوث السيميائية العربية الراىنة‪ ، ،‬ص ‪.324‬‬

‫‪47‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ -‬مصطلح ‪( Sémiologie)1‬‬

‫المرجع‬ ‫إسم المترجم‬ ‫المقابل العربي‬

‫نظرية البنائية‪ ،445 :‬شفرات النص‪06 :‬‬ ‫‪-1‬صالح فضل‬ ‫سميولوجيا‬


‫مناىج النقد اؼبعاصر‪115 :‬‬ ‫‪-2‬عبد ا﵁ الغذامي‬ ‫سميولوجية‬
‫اػبطيئة والتفكَت‪12 :‬‬ ‫‪-3‬ؿبمد الغذامي‬
‫اؼبصطلحات األدبية اغبديثة‪153 :‬‬ ‫‪-4‬سعيد علوش‬
‫معجم اؼبصطلحات األدبية اؼبعاصرة ‪71‬‬ ‫‪-5‬عبد اؼبالك مرتاض‬
‫ؾبلة (ذبليات اغبداثة )‪،‬ع ‪ ،2‬يونيو‪ ،1993 ،‬ص ‪15‬‬ ‫‪-6‬عبد العزيز ضبودة‬
‫إعرابا ا﵀دبة‪ ،277 :‬ترصبة كتاب ( ما ىي السميو لوجيا )‬ ‫‪-7‬ؿبمد نظيف‬
‫لربنار توسان‪ ،‬ط‪.2000 ،2‬‬
‫األسلوبية مهجا نقديا‪114 :‬‬ ‫‪-‬ؿبمد عزام‬ ‫سيميولوجيا‬
‫ؾبلة ( اللسان العريب)‪ ،‬ع ‪ ،1985 ،23‬ص ‪.166‬‬ ‫عبد العزيز بن عبد ا﵁‬ ‫علم‬
‫أورده اغبمزاوي يف ( اؼبصطلحات اللغوية اغبديثة يف اللغة‬ ‫السيميولوجيا‬
‫العربية‪ ،‬ص ‪262‬‬ ‫ؿبمود السعران‬ ‫سيميولوجيا‬
‫ترصبة كتاب (السمياء) بيَت جَتو‪ ، 1984 ،‬معجم اللسانية‪:‬‬ ‫‪-1‬انطوان أيب زيد‬ ‫سيمياء‬
‫‪.186‬‬ ‫‪-2‬سام بركة‬
‫قاموس اؼبصطلحات اللغوية واألدبية‪ ،‬معجم مصطلحات نقد‬ ‫‪-3‬إيبيل يعقوب وآخرون‬
‫الرواية‪.209 :‬‬ ‫‪-4‬لطيف زيتوين‬
‫اؼبعجم اؼبوحد اؼبصطلحات اللسانيات‪.129 :‬‬ ‫صاٌف‬ ‫اغباج‬ ‫عبدالرضبن‬ ‫علم‬
‫وآخرون‬ ‫السيمياء‬
‫اؼبنهج واؼبصطلح‪151 :‬‬ ‫خلدون الشعة‬ ‫السيميائية‬
‫دليل الدراسات األسلوبية‪161 :‬‬ ‫جوزيف‪ ،‬م‪ ،‬شريع‬ ‫السيميائية‬
‫( اللسان العريب)‪ ،‬ع ‪ ،1985 ،23‬ص ‪166‬‬ ‫عبد العزيز بن عبد ا﵁‬ ‫السمائية‬
‫السيميائيات‬
‫دروس يف السيميائيات‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،1987 ،‬معجم‬ ‫مبارك حنون‬
‫سيامة‬
‫اللسانية‪.186 :‬‬ ‫بسام بركة‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي اعبديد‪ ،‬ص ‪.230 ،229‬‬

‫‪48‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫معجم مصطلحات علم اللغة اغبديث‪.82 :‬‬ ‫علي القاظبي وآخرون‬ ‫علم الرموز‬

‫علم الداللة العريب‪08 :‬‬ ‫‪ -2‬فايز الداية‬


‫معجم اؼبصطلحات األلسنية‪.262 :‬‬ ‫مبارك مبارك‬ ‫الرموزية‬
‫معجم مصطلحات األدب‪507 :‬‬ ‫‪-1‬ؾبدي وىبة‬ ‫علم العالمات‬
‫قاموس مصطلحات النقد األديب اؼبعاصر‪82 :‬‬ ‫‪-2‬ظبَت حجازي‬
‫معم اؼبصطلحات األدبية اؼبعاصرة‪155 :‬‬ ‫‪-3‬سعيد علوش‬
‫األسلوبية االسلوب‪.182 :‬‬ ‫‪-4‬عبد السالم اؼبسدي‬
‫ترصبة ( نظرية التلقي) الروبرت ىولب‪172 :‬‬ ‫‪-5‬عز الدين إظباعيل‬
‫اللغة واألسلوب‪.113- 78 :‬‬ ‫‪-6‬عدنان بن ذريل‬
‫قاموس اللسانيات‪186 :‬‬ ‫اؼبسدي‬ ‫العالمية‬
‫العالمانية‪ ،‬القاىرة – بَتوت‪1988 ،‬‬ ‫ؿبمد عبد اؼبطلب‬ ‫العالمتية‬
‫أورده اغبمزاوي يف ( اؼبصطلحات اللغوية اغبديثة)‪262 :‬‬ ‫‪-1‬ؿبمود سعران‬ ‫علم العالقات‬
‫األسلوبية‪144 :‬‬ ‫‪-2‬ؿبمد عزام‬
‫ترصبة ( مدخل إُف السيميولوجيا) لـ‪ :‬عليلة مرسلي ترصبة (‬ ‫‪-1‬عبد اغبميد بورايو‬ ‫علم الدالئل‬
‫‪-2‬القرمادي‪،‬الشاوش‪ ،‬عجينة دروس األلسنية العامة) لدو سوسَت‪37 :‬‬
‫اؼبعجم اؼبوحد ؼبصطلحات اللسانيات‪129 :‬‬ ‫‪-1‬اغباج صاٌف( وأخرون)‬ ‫علم األدلة‬
‫ؾبلة (العرب و الفكر العاؼبي ) ‪،‬ع‪،01‬شتاء ‪ ،1988‬ص‬ ‫‪-1‬ؿبمد البكري‬
‫‪ ،71‬ترصبة ( مبادئ يف علم األدلة ‪/‬لـ‪ :‬لبارت‬
‫معجم الدالئلية‪ ،‬ضمن ( اللسان العريب)‪،‬ع‪،1985 ،24‬‬ ‫التهامي الراجي اؽبامشي‬ ‫الداللئية‬
‫ص ‪148‬‬ ‫اغباج صاٌف ( واخرون)‬ ‫علم‬
‫اؼبعجم اؼبوحد‪129 :‬‬ ‫سبام حسان‬ ‫الداللةاللفظية‬
‫السابق‪ ،‬ص ‪262‬‬
‫ّ‬ ‫أورده اغبمزاوي‪،‬‬ ‫علم السيمانتيك مام حسان‬
‫نفسو‪ ،‬ص ‪263‬‬ ‫دراسة المعنى في ميشال زكريا‬
‫األلسنية‪291 :‬‬ ‫حالة سنكر ونية‬
‫علماإلشارات‬
‫ترصبة ( ؿباضرات يف األلسنة العامة لسوسَت‪.27 :‬‬ ‫يوسف غازي‪ ،‬ؾبيد النص‬ ‫األعراضية‬

‫‪49‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وبمل ىذا اعبدول ترصبات متعددة ؼبصطلح "‪ ،"Sémiologie‬حيث يوحي ىذا‬
‫التعدد الدالِف ؼبصطلح واحد بعدم ثبوت معاؼبو‪ ،‬على الساحة العربية وتباينو بُت صبلة النقاد الذين‬
‫تناولوه نظرا الفتقاد الناقد اعبزائري للخلفيات اؼبعرفية اليت تقف وراء بلورة ذلك اؼبصطلح‪ ،‬فالًتصبة‬
‫تعرب عن رغبة فردية زبضع ؼبيول شخصية أكثر فبا زبضع لفعل معريف ذلك أن كل ناقد يًتجم وفق‬
‫لغتو اػباصة وحسب إيديولوجيات سابقة ربكمو وتؤثر فيو‪...‬ويذىب البعض إُف أن قضية‬
‫اؼبصطلح واػبطاب النقدي اعبزائري ال يلتفت إليها كقضية جوىرية يف النقد األديب تساىم يف‬
‫تطور الفكر النقدي والثقايف يف بالدنا ويقول أحد الدارسُت هبذا اػبصوص» اصطناع‬
‫اؼبصطلحات‪ ،‬أو ربتها يف خطابنا النقدي‪ ،‬يكاد ال ينظر إليو كحاجة نقدية‪ ،‬بقدر ما ىو تأسيس‬
‫لشعرية االنفتاح‪ ،‬وبدرجة قصوى على ما يسمى بالكتابة اؼبفككة « ‪.1‬‬

‫ويعترب الباحث اعبزائري " عبد اؼبالك مرتاض" من أكثر النقاد اعبزائريُت اىتماما بقضية‬
‫اؼبصطلح‪ ،‬فحاول دائما من خالل دراساتو اؼبختلفة وضع اؼبصطلحات يف إطارىا اؼبنهجي والوقف‬
‫على ضبطها‪ ،‬نظر لغزارة علم وسعة اطالع ىذا الباحث‪.2‬‬

‫‪3‬‬
‫ب ‪ -‬مصطلح )‪( sémiotique‬‬

‫اؼبرجع‬ ‫اسم اؼبًتشح‬ ‫اؼبقابل‬


‫العريب‬
‫قاموس اللسانيات‪186 :‬‬ ‫‪-1‬اؼبسدي‬ ‫سيميائية‬
‫اللغة الثانية‪15 ،07 :‬‬ ‫‪ -2‬فاضل ثامر‬
‫سيميائية النص األديب‬ ‫‪-3‬أنور اؼبرذبي‬

‫‪ _1‬العبدي فتيحة‪ ،‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي اعبزائري اؼبعاصر رسالة مقدمة لنيل شهادة اؼباجستَت‪ ،‬كلية اآلداب‬
‫واللغات‪ ،‬قم اللغة الغربية وآداهبا‪ ،‬جامعة وىران ( ‪ )2014 – 2013‬ص ‪.35‬‬
‫‪2‬يوسف وغليسي‪ ،‬إشكالية اؼبصطلح‪ ،‬ص ‪.248‬‬
‫‪ 3‬يوسف وغليسي‪ ،‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي العريب اعبديد‪ ،‬ص ‪.232 ،.231‬‬

‫‪50‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫(اؼبعرفة) السورية‪ :‬م ‪ ،39‬س‪ ،23‬ع ‪،235‬‬ ‫‪-4‬قاسم اؼبقداد‬


‫سبتمرب‪ ،‬ص ‪52‬‬ ‫‪-5‬سعيد علوش‬
‫معجم اؼبصطلحات‪69...‬‬ ‫‪-6‬عبد اؼبالك مرتاض‬
‫ذبليات اغبداثة‪ ،‬ع‪ ،1993 ،2‬ص ‪09‬‬ ‫‪-7‬رشيد بن مالك‬
‫قاموس مصطلحات التحليل السيميائي‪41 :‬‬ ‫‪-8‬حسُت طبري‬
‫نظرية النص يف النقد اؼبعاصر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪.97 – 96 ،‬‬
‫قراءة النص‪ ،333 :‬التحليل السيميائي للخطاب‬ ‫عبد اؼبالك مرتاض‬ ‫سيمياء‬
‫الشعري‪08:‬‬ ‫عزة أغا ملك‬
‫ؾبلة ( الفكر العريب اؼبعاصر)‪ ،‬ع ‪ ،38‬اذار‪ ،1986‬ص‬
‫‪.87‬‬
‫ترصبة كتاب ( التأويل بُت السيميائيات والتفكيكية) إلكو‬ ‫‪-1‬سعيد بنكراد‬ ‫سيميائيات‬
‫ترصبة (علم النص) لكريستيفا‪ ،‬ص ‪،20 ،1915‬‬ ‫‪_2‬فريد الزاىي‬
‫‪70،71‬‬ ‫‪-3‬ؿبمد مفتاح‬
‫ربليل اػبطاب الشعري‪07‬‬
‫(ذبليات اغبداثة)‪ ،‬ع‪ ،04‬يونيو ‪ ،1966‬ص ‪23‬‬ ‫عبد اؼبالك مرتاض‬ ‫سيميائيات‬
‫نقال عن (اؼبصطلح النقدي) للمسدي‪109:‬‬ ‫سعيد بنكراد‬
‫معجم مصطلحات علم اللغة اغبديث‪.82 :‬‬ ‫القاسي ( وآخرون)‬ ‫سيميات‬
‫سيميوتية‬
‫علم الداللة عند العرب‪70 :‬‬ ‫‪1‬عادل فاخوري‬ ‫سيمياء‬
‫يف سيمياء الشعر القدًن‬ ‫‪-2‬ؿبمد مفتاح‬
‫معجم مصطلحات نقد الزاوين‪209 :‬‬ ‫‪-3‬لطيف زيتوين‬
‫اؼبعجم اؼبوحد‪.129 :‬‬ ‫‪-1‬اغباج صاٌف وآخرون‬ ‫علم السيمياء‬
‫علم الداللة عند الرب‪05 :‬‬ ‫‪-2‬عادل فاخوري‬
‫ذبليات اغبداثة (ع‪17 ،15 :)1993 ،2‬‬ ‫عبد اؼبالك مرتاض‬ ‫السيميوتيكا‬
‫النص األديب من أين وإُف أي‪21 :‬‬ ‫عبد اؼبالك مرتاض‬ ‫السيموتيية‬
‫معجم اللسانية‪186 :‬‬ ‫‪-1‬بسام بركة‬ ‫علم الرموز‬
‫معجم اؼبصطلحات األلسنية‪262 :‬‬ ‫‪-2‬مبارك مبارك‬
‫يف داللية القصص وشعرية السرد‪،32 ،27 ،11 :‬‬ ‫سامي سويدان‬ ‫الداللية‬
‫‪.64 ،39‬‬
‫(العرب والفكر العاؼبي)‪ ،‬بَتوت‪ ،‬ع‪ ،01‬شتاء‬ ‫‪-1‬ؿبمد البكري‬ ‫الدالئلية‬
‫‪ ،1988‬ص ‪.70‬‬ ‫‪-2‬النحوت وبن سالمة‬
‫ترجم (الشفرية) لـ‪ :‬تودوروف‪91 :‬‬

‫‪51‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ترصبة (عودة إُف خطاب اغبكاية‪ /‬لـ جيزر حنُت‪:‬‬ ‫ؿبمد معتصم‬ ‫الدالئليات‬
‫‪231‬‬
‫اؼبعجم اؼبوحد‪129 :‬‬ ‫اغباج صاٌف ( وآخرون)‬ ‫علم األدلة‬
‫يف اػبطاب السردي‪21 :‬‬ ‫الناصر‬ ‫‪-1‬ؿبمد‬ ‫علم الداللة‬
‫يف دالية القصص‪68 ،17 ،75 ،11 :...‬‬ ‫العجمي‬
‫‪-2‬سامي سويدان‬
‫األسلوبية منهجا نقديا‪29 :‬‬ ‫ؿبمد غرام‬ ‫علم‬
‫الدالالت‬
‫اؼبعجم اؼبوحد‪129 :‬‬ ‫اغباج صاٌف ( وآخرون)‬ ‫علم الداللة‬
‫اللفظية‬
‫معجم الوالئلية‪( ،‬اللسان العريب)‪ ،‬عدد ‪245 :25‬‬ ‫التهامي الراحب اؽباشيم‬ ‫الدالئلي‬
‫بالغة اػبطاب وعلم النص‪22 :‬‬ ‫صالح فضل‬ ‫علم‬
‫السيميولوجيا‬
‫األسلوبية واألسلوب‪181 :‬‬ ‫اؼبسدي‬ ‫العالمية‬
‫معجم مصطلحات األدب‪507 :‬‬ ‫ؾبدي وىبة‬ ‫علم‬
‫العالمات‬
‫اؼبصطلحات األدبية اغبديثة‪153 :‬‬ ‫‪-1‬ؿبمد عناين‬ ‫السيميوطيقا‬
‫ربليل اػبطاب الشعري‪10 :‬‬ ‫‪-2‬ؿبمد مفتاح‬
‫اؼبرايا ا﵀دبة‪278 :‬‬ ‫‪-3‬عبد العزيز ضبودة‬
‫شعرية تودوروف‪69 :‬‬ ‫‪ -4‬عثماين اؼبيلود‬
‫اشكاليات القراءة وآليات التأويل‪185 ،56،66 :‬‬ ‫‪-5‬نصر حامد أو زيد‬
‫الشكل واػبطاب‪39 :‬‬ ‫‪ -6‬ؿبمد اؼباكري‬
‫(عاَف الفكر)‪ ،‬الكويت‪ ،‬م‪ ،25‬ع‪ ،03‬يناير‪ ،‬مارس ‪،97‬‬ ‫‪-7‬صبيل ضبداوي‬
‫ص ‪.79‬‬
‫قاموس مصطلحات النقد األديب اؼبعاصر‪90 :‬‬ ‫ظبَت حجازي‬ ‫السيماطيقا‬
‫ترصبة (اؼبوسوعة الفلسفية)‪ ،‬ص ‪335‬‬ ‫ظبَت كرم‬ ‫نظرية اإلشارة‬
‫النص األديب من أين وإُف أين‪21 :‬‬ ‫عبد اؼبالك مرتاض‬ ‫اإلشارة‬

‫‪52‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ويبكن القول يف األخَت أن الوعي بإشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي اعبزائري َف‬
‫يعرف طريقو إُف نقادنا إال مع ظهور اؼبناىج اغبداثية الغربية يف نقدنا ( البنيوية‪ ،‬السيميائية‪،‬‬
‫األسلوبية والتفكيكية)‪ ،‬حيث بدأ معها تزايد االىتمام باؼبصطلح نظريا وتطبيقيا‪ ،‬ويعد اغبديث‬
‫عن اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي اعبزائري حديث العهد واألعمال اؼبنجزة يف ىذا اػبصوص‪،‬‬
‫ؿبدودة لذلك وجب أن» تتبُت الًتصبة على سبثل وفهم اؼبصطلح يف اللغة األصل وإدراك سياقاتو‬
‫والنظر يف النصوص النظرية اليت تغذيو وتضبطو دبا يتوافق واإلطار العام الذي يندرج ضمنو‬
‫البحث‪ ،‬ويؤدي االعتقاد عن التوجهات األساسية يف العمل الًتصبي إُف اضطراب يف الفهم‬
‫ينعكس سلبا يف عملية تلقي الرسالة « ‪ .1‬ىكذا وتبقى إشكالية التبعية والًتصبة وفهم اؼبعٌت أمام‬
‫تعددية اؼبصطلح وتطوره والبحث عن توحيده‪ ،‬من اؼبسائل اؽبامة يف إشكالية اؼبصطلح‪ ،‬وىذا ما‬
‫قبده يف عمل " يوسف وغليسي) إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي العريب اعبديد ( وىذا‬
‫يعٍت أنو يوجد اىتمام باؼبصطلح النقدي يف اعبزائر إال أن الصورة العامة ؽبذا االىتمام َف تكتمل‬
‫بعد‪.‬‬

‫‪ -2‬النظرية السيميائية‪ :‬المفاهيم المعرفية والنقدية‬

‫شهد اػبطاب النقدي يف اعبزائر يف العقدين األخَتين من القرن العشرين‪ ،‬ربوالت كربى‬
‫عميقة‪ ،‬وبوتَتة متسارعة متداخلة اؼبكونات والرؤى‪ ،‬مست بنياتو‪ ،‬وافًتاضاتو النظرية‪ ،‬وطرائقو يف‬
‫التحليل واؼبقارنة يف بلورة قراءة ثانية للنصوص اإلبداعية‪ .‬ومن اؼبؤكد أن اػبطاب السيميائي من‬
‫أىم وأعقد اؼبناىج اليت ولدهتا اغبداثة الغربية يف صورهتا العاصرة‪ ،‬وبقي إُف حد الساعة صعب‬
‫االقتحام وحىت على أولئك الذين تلقوا ىذا اػبطاب مباشرة من مصدره األصل‪ ،‬لذا نلفي بعض‬
‫اعبهود النقدية اليت تروم التأسيس ؼبثل ىذا اػبطاب‪ ،‬حىت ال يعاين الغربة والضياع كما ىو حالو‬

‫‪ 1‬رشيد بن مالك‪ ،‬السيميائيات السردية‪ ،‬ص ‪.30‬‬

‫‪53‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اآلن يف معظم البلدان العربية‪ ،‬وحىت يسهل على النقاد العرب مهمة امتالك أو التوسل هبذا اؼبنهج‬
‫يف ـبتلف دراساهتم‪ »،‬واؼبقصود خبطاب التأسيس السيميائي اغبديث‪ ،‬أي ىو خطاب وباول‬
‫الكشف عن اعبهاز اؼبفاىيمي اؼبتمثل يف اؼبقوالت الفلسفية واؼبعرفية اليت تقف وراء التنظَت اؼبتمثل‬
‫يف اؼبقوالت الفلسفية واؼبعرفية اليت تقف وراء التنظَت السيميائي اغبديث‪ ،‬والقصد من ذلك ضمان‬
‫اؼبعرفة الصحيحة للخطاب السيميائي‪ ،‬واؼبالحظ أن ىذا النوع من اػبطاب قليل إُف حد الندرة يف‬
‫اؼبشهد النقدي اعبزائري‪ ،‬ويرجع ذلك إُف‪:‬‬

‫‪ -1‬أن السيميائيات اغبديثة ىي مشروع جديد ال زال يف طور النشأة أضف‬


‫إُف ذلك تعدد اذباىاتو‪.‬‬
‫‪ -2‬صعوبة السيميائيات اغبديثة نظرا لتداخالهتا مع علوم شىت ربتاج إُف جهد‬
‫فكري‬
‫‪1‬‬
‫‪ -3‬ضعف الرصيد اؼبعريف العلمي للناقد اعبزائري «‬

‫»إن النقد السيميائي كنشاط فكري خاص‪ ،‬يسعى دوما إُف تعزيز أرضيتو تعزيزا‬
‫ألسانيا وذلك يهدف إنتاج معرفة صبالية عن طريق زبصيصها دبوضوعها الذي ىو نصوص‬
‫أدبية‪ ،‬بيد أن ىذا التخصيص يبقى متحجما ومتقزما إن َف يتخذ من الدرس األلسٍت دعامة‬
‫لو‪ ،‬نظريا وعمليا يف تأثر الدرس السيميائي بالنظرية اللغوية السيوسرية « ‪ ،2‬وىذا يعٍت أن‬
‫الدراسات السيميائية يف طبيعة ىذه اؼبناىج اؼبستثمرة‪ ،‬وذلك يف تركيزىا على القطب الداخلي‬
‫للنص‪.‬‬

‫‪ 1‬وذناين بوداود‪ ،‬خطاب التأسيس السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر [ مقاربة يف بعض أعمال أضبد يوسف عدد خاص]‬
‫أشغال اؼبلتقى الدوِف الثالث يف ربليل اػبطاب‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ص ‪.7 ،6‬‬
‫‪ 2‬بشَت تاوريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية‪ ،‬ص ‪.116‬‬

‫‪54‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن ىنا أدرك الناقد اعبزائري أنبية اؼبنهج السيميائي ؼبا وبتويو من ليونة يف االستعمال‬
‫وقباعة إجراءاتو‪ ،‬فقاموا بًتصبة أىم األعمال اليت تعرف بو وتؤسس لو‪ ،‬أو بتلقينها للطالب يف‬
‫اؼبنظومة النقدية األكاديبية حىت اغتدت مقياسا مستقال ‪،‬ومن النقاد الذين مارسوا السيميائية‬
‫نذكر‪" :‬رشيد بن مالك" و"حسُت طبري" و"أضبد يوسف" و"عبد اغبميد بورايو" ‪ ...‬وإن رأى‬
‫يوسف وغليسي بأهنا ال تتخذ طابع اؼبنهج إال عند "عبد اؼبالك مرتاض" الذي استهل مشواره‪،‬‬
‫تفكيكي‪ ،‬وواصل‬
‫ّ‬ ‫السيميائي بكتابو ( ألف ليلة وليلة) الصادر سنة ‪ ،1989‬دبنهج سيميائي‬
‫بكتب أخرى مثل ( أي) و ( تحليل الخطاب السردي)‪ ( ،‬شعرية القصيدة قصيدة القراءة)‪،1‬‬
‫الذي حاول من خالؽبا نقل اؼبنهج السيميائي من مهاده النظري إُف عاَف اؼبمارسة واإلجراء‬
‫النقدي‪ ،‬داعيا إُف ذباوز التقليد فبتطيا يف ذلك صهوة اغبداثة النقدية كأساس للتمييز‪ »،‬ىذا وقد‬
‫أكد "عبد اؼبالك مرتاض" على ضرورة إلغاء السؤال التقليدي عن اتباع منهج من اؼبناىج‬
‫النقدية « ‪،2‬و ىذا ما ميز دراستو‪ ،‬و ذلك عن مدى استيعابو و وعيو دبختلف النظريات النقدية‬
‫اغبديثة و إؼبامو بالًتاث العريب‪.‬‬

‫وقد ذبلى منهجو اؼبركب ىذا يف ؾبال الشعر من خالل دراستو اؼبوسومة بـ " دراسة‬
‫سيمائية تفكيكية لقصيدة (أين ليالي)" ﵀مد العيد آل خليفة" عام ‪ 3،1992‬فقد عمد اُف‬
‫ربليل بنية النص وزمنو الشعري وتركيبو االيقاعي وان كانت ىذه القصيدة تبدو قصيدة غزلية‪ ،‬فقد‬
‫بُت "عبد اؼبالك مرتاض" كيف أن الشاعر ألف النص إوباءً وإشارة ساحبة يف فضاء دالِف مكثف‬
‫بألوان وطنية‪.‬‬

‫وبعد عشرة "عبد اؼبالك مرتاض" ؽبذا اؼبنهج اؼبركب (السيميائي‪ ،‬التفكيكي) عرب ثالثة‬
‫دراسات رأي الناقد أن يكشف شبار تزاوج الدرس السيميائي مع الدرس األسلويب فكان من نتاج‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من "الالنسونية "إُف "األلسنية"‪ ،‬ص ‪.134‬‬
‫‪ 2‬بشَت توريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية‪ ،‬ص ‪.136‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ذلك دراسة اؼبوسومة بـ (شعرية القصيدة قصيدة القراءة) ربليل مركب لقصيدة (أشجان‬
‫يمانية)‪"1‬لعبد العزيز اؼبقاٌف"‪ ،‬مركزا فيها على» األدوات السيمائية‪ ،‬فقرأ النص يف اؼبستوى األول‬
‫عرب قراءة تشاكلية انتقائية‪ ،‬منطلقا من زاوية الًتاث‪ ،‬واقفا على النص القرآين وراصدا مفهوم‬
‫‪2‬‬
‫» وعلى غرار ىذا تدرج الباحث يف‬ ‫"اؼبقابلة"‪ ،‬وفق عدسة (التشاكل) كفرعية سيمائية أساسية‬
‫ؾبال إؼباماتو إُف قراءة القصيدة متناوال بالتطبيق فروع التشاكل والتباين ونياهتا مًتاصة ال ينفصم‬
‫بعضها عن بعض وعرب خطية اػبطاب أوجد ؾبموعة من التشاكالت و التباينات « ‪ ،3‬ويف‬
‫مستوى آخر عاًف الباحث (معالجة إنزياحية لنص‪ ،‬أشجان يمانية) انصرفت قراءتو إُف آلية‬
‫(االنزياح) ويف ضوء ذلك استند إُف اآلية الكريبة من سورة الفاربة مصداقا لقولو تعاُف‪):‬إِي َ‬
‫اك نَـ ْعبُ ُد‬
‫اك نَ ْستَعُِت(‬
‫َوإِي َ‬

‫معتربا أن الكالم يف اآلية خرج عن مألوف االستعمال الذي ىو يف أصل النسج العادي‬
‫لالستعمال "نعبدك‪ ،‬ونستعينك"‪ ،‬منتقال فيما بعد اُف تناول آلية الفضاء دبا وبملو ىذا اؼبصطلح‬
‫من دالالت لغوية وفلسفية ومن تعريفات متقاربة متغايرة‪ ،‬ذلك أن الفضاء يف القراءة السيمائية‬
‫لدى الباحث يف تفسَت األشكال واػبطوط واألبعاد وبتأويلها يف إطار علم السمة ‪ ،4‬وقد حلل‬
‫مرتاض ضروبا (إنزياحية) شىت بلغة إبداعية ثانية‪ ،‬تتقصى اعبمالية التعبَتية بوصفها أساليب‬
‫منحرفة‪ ،‬على النمط االستعماِف‪ ،‬يف معاعبة النص على مستوى (اغبيز)‪ ،‬وأخرى على مستوى‬
‫الرباعية السيميائية (االيقونة‪ ،‬القرينة‪ ،‬الرمز‪ ،‬اإلشارة)‪.5‬‬

‫‪ 1‬ـبتار مالس‪ ،‬التجربة السيمائية العربية يف نقد الشعر‪ ،‬قراءة يف اؼبنهج‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف السادس‪(،‬السيمياء و النص األديب)‪،‬‬
‫قسم اآلداب و اللغة العربية‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬اعبزائر‪2011،‬م‪ ،‬ص‪.126‬‬
‫‪ 2‬موالي على بوخامت‪ ،‬الدرس السيميائي اؼبغاريب‪ ،‬ص‪.193‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.194‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص‪.204 -203‬‬
‫‪ 5‬يوسف وغليسي‪ ،‬اػبطاب النقدي عند عبد اؼبلك مرتاض‪ ،‬ص ‪.77‬‬

‫‪56‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كما عاًف الناقد يف (تحليل الخطاب السردي) معاعبة تفكيكية سيميائية مركبة لرواية "‬
‫زقاق اؼبدق" "لنجيب ؿبفوظ" ‪-‬والكتاب‪ -‬على غرار سائر كتب مرتاض‪ -‬موطأً دبدخل منهجي‬
‫مهم‪ ،‬يوضح القصد اؼبنهجي الذي أثر أن يسلكو‪ ،‬ابتغاء اغبيثيات السردية ؽبذا اػبطاب‬
‫الروائي‪ ،. .‬ولعل فبا يشفع لو يف اللجوء اُف ىذا الًتكيب اؼبنهجي ىو أن السيميائية ذاهتا "تركيبية‬
‫الطبيعية" حيث تًتكب من (مفاىيم بيولوجية ومفاىيم فيزيائية ومفاىيم الذكاء‬
‫االصطناعي)‪.‬وعموما فقد كان الكتاب على حد قول "يوسف وغليسي"» دراسة بنياوية اؼبنهج‬
‫أصال‪ ،‬لكنها تتمفصل على إجراءات منهجية أخرى معلقة كانت (تفكيكية‪ ،‬سيميائية‪ ،‬إحصائية)‬
‫‪1‬‬
‫أو غَت(أسلوبية‪ ،‬موضوعاتية) « ‪.‬‬

‫كما قدم أيضا الناقد "عبد القادر فيدوح" من اعبزائر سنة ‪ 1993‬دراستو اؼبوسومة‬
‫(دالئلية النص االديب‪ -‬دراسة سيميائية يف الشعر العريب اؼبعاصر)‪ ،‬حيث تعرض فيها اُف مطاردة‬
‫النظرية السيميائية وكيفية تعاملها مع النص األديب‪ ،‬واألبعاد التأويلية ؽبذه النظرية‪ ،‬مطبقا منهجو‬
‫يف الدراسة على مبوذج من الشعر اعبزائري القدًن‪( ،2‬نونية بكر بن ضباد) على ؿبك‪ ،‬القراءة‬
‫السيميائية اليت تثَت تساؤالت النص وال ذبيب عنها‪ ،‬وينتقل بعدىا اُف مباذج من الشعر اعبزائري‬
‫‪3‬‬
‫اؼبعاصر أطلق عليها اسم (شعرية األقالم الغضة)‪ ،‬حيث درس فيها قصائد لشعراء شباب‪،‬‬
‫ورغم ما أخذ على الناقد إال أن دراستو من اإلضافات النقدية اليت قدمها للتجربة النقدية اعبزائرية‪.‬‬

‫يضاف إليها ؿباوالت حسُت طبري الذي صدرت لو دراسات عدة يف الدوريات العربية‬
‫واعبزائرية‪ ،‬تستقي اؼبفاىيم السيمائية‪ ،‬من معنيها (السربوين) ومن صبلة ما قدم نذكر‪ ،‬دراستو‬
‫الرائدة ( "ما تبقى لكم" العنوان والدالالت) اليت أسست لعلم العنوان يف اػبطاب النقدي‬
‫اعبزائري (وردبا العريب أيضا)‪ ،‬مع سحلو على رواية "غسان كنفاين"‪ ،‬من باب ذباوز الدراسة‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬اػبطاب النقدي عند عبد اؼبلك مرتاض ‪ ،‬ص‪.75 ،‬‬
‫‪ 2‬ـبتار مالس‪ ،‬التجربة السيميائية العربية يف نقد الشعر‪ ،‬ص ‪.127‬‬
‫‪ 3‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من "الالنسونية" اُف "األلسنية"‪ ،‬ص ‪.135-134‬‬

‫‪57‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫السيميائية للنص إُف خارجيتو أو ؿبيطو (العنوان‪ ،‬اإلىداء‪ ،‬التوطئة‪ ،‬اػبط‪ ،‬عالمات الوقف‪)...‬‬
‫وكذلك دراستو اؼبطولة (سيميائية الخطاب‪ ،‬الدوائي)‪ ،1‬اليت تعرض لرواية "عبد اؼبالك مرتاض"‬
‫(صوت الكهف) برؤية سيميائية تتقصى سيمات‪ :‬الصوت‪ /‬الكهف‪ ،‬العقد‪ /‬حقد‪ ،‬اؼبرأة‪ /‬اػبنجر‬
‫يف إطار (نظام األشياء)‪ ،‬إضافة إُف السرد والشخوص واألمكنة واألحداث (يف تدرجها على سلم‬
‫"بروب" يف إطار‪ ،‬الوظائف اغبكائية الشعبية)‪ ،‬مع تتبع ظبات (الرواية اعبديدة) يف (صوت‬
‫‪2‬‬
‫الكهف)‪.‬‬

‫وكذلك ذبده يف كتابو اؼبوسوم بـ‪( :‬نظرية النص‪ ،‬من بنية المعنى الى سيميائية الدال) أن‬
‫مصطلح النص "عالمة"‪ ،‬ذلك أنو يرتبط باإلطار اؼبضموين العام الذي يشتعل عليو الناقد "حسُت‬
‫طبري" فيقرأ النص بوصفو عالمة تركب من عنصرين الدال واؼبدلول‪ ،‬الدال الذي يبنحو الناقد بعدا‬
‫سيميائيًا واسع يف إطار اإليضاح على تعدد القراءات من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ما وبيل عليو‬
‫النص الدال على مداليل متعددة ذبد مربر إحالتها يف الثقافة وسياقاهتا الواسعة‪ ،‬يقول "حسُت‬
‫طبري"» ونظرا لطبيعة النص اليت تتميز بعدم االستقرار وتعدد األبعاد‪ ،‬فإن تالحم العالمات اليت‬
‫تكونو واليت تشكل يف منظومة سيميائية سبنح للقارئ إمكانية وضع النص يف سياق ثقايف أوسع‪،‬‬
‫ألن كل نص وبتوي على إشارات‪ ،‬وعدد من الشفرات كما وبيل اُف طريقة تفكيكها وعالقتها‬
‫الًتاتبية‪ ،‬وىوما يعٍت أن النص بوصفو عالمة فإنو يبنح للقارئ مستويُت من القراءة « ‪3‬ويضيف‬
‫الناقد أنو‪ » :‬إذا أردنا أن نظهر خاصية النص باعتباره عالمة فإنو يتعُت فحص مكونات‬

‫‪1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من "الالنسونية"‪ ،‬إُف "األلسنية"‪ ،‬ص‪.137‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.138.‬‬
‫‪ 3‬حسُت طبري‪ ،‬نظرية النص (من بنية اؼبعٌت اُف سيميائية الدال)‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪1428 ،1‬ىـ‪2007/‬م‪ ،‬اعبزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ص‪.39‬‬

‫‪58‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫العالمات اللغوية اليت يتكون منها النص الذي ىو هبذا اؼبفهوم عالمة مركبة‪ ،‬وىكذا تصبح كل‬
‫‪1‬‬
‫عالمة نصا‪ ،‬وال يبكن أن يكون ىناك نص دون أن نقرأه كعالمة مركبة «‬

‫إُف جانب حسُت طبري نتذكر أيضا‪" ،‬رشيد بن مالك" ومؤلفاتو اليت خلدت اظبو يف‬
‫النقد اعبزائري‪ ،‬دبحاولتو التأسيس والتأىيل ؽبذا اؼبنهج يف نقدنا واعبهود اليت بذؽبا يف اجملال‬
‫السيميائي يف اعبزائر‪ ،‬فقد أسس السيميائيات السردية يف اعبزائر تنظَتا وفبارسة ومن مؤلفاتو‬
‫(السيميائية بين النظرية والتطبيق) وىو يف األصل أطروحة دكتورا‪ ،‬تعرض فيو ؼبختلف التجليات‬
‫النظرية والتطبيقية للدرس السيميائي‪ ،‬ىذا وقد ترجم جل األفكار النظرية للسيميائُت الغربيُت‬
‫واأللسنيُت من أمثال "دي سوسَت"‪ ،‬و"بَتس"‪ ،‬و"جوليا كريستسفا"‪ ،‬وروالن بارت‪ ،‬و"جَتار‬
‫جينات"‪ ،‬ىذا ما قد تضمنو كتاب ( السيميائية أصولها‪ ،‬قواعدها) جملموعة من اؼبؤلفُت كـ‪:‬‬
‫‪2‬‬
‫"ميشال أرفيو"‪ ،‬و"جان كلود جَتو"‪ ،‬وإن كان ىذا الكتاب وبوي جل أفكار أولئك السيميائُت‪،‬‬
‫كما ويعد كتاب (البنية السردية في النظرية السيميائية) من بُت أىم مؤلفات الباحث "رشيد‬
‫بن ملك"‪ ،‬اليت يعمد فيها اُف التنظَت للنظرية السيميائية (نظرية غريباس)‪ ،‬فهو إذا كان يف كتابو‬
‫األول (مقدمة في السيميائية السردية)‪ ،‬قد حاول التأصيل ؽبذه النظرية بردىا اُف أصوؽبا وربطها‬
‫بأسقيتها اؼبنتجة ؽبا‪ ،‬فإنو وباول من خالل ىذه الدراسة مواصلة بناء مشروعو النقدي والتأسيس‬
‫للنظرية سيميائية لقراءة وربليل النصوص السردية‪3.‬والذي تناول فيو بالدرس والتحليل قصتُت‬
‫قصَتتُت‪ ،‬إحدانبا بعنوان "العروس" "لغسان كنفاين"‪ ،‬والثانية بعنوان "عائشة" "ألضبد رضا‬
‫حوحو"‪4،‬وقد سبيزت دراستو عموما بالتطبيق اعبربي اآلِف والغريباسية خصوصا كما قدم "رشيد بن‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪ 2‬بشَت توريرت‪ ،‬اغبقيقة الشعرية ص‪.140 -138‬‬
‫‪ 3‬سحنُت علي‪ ،‬السرديات السيميائية وخطاب التنظَت يف ذبربة رشيد بن مالك ص‪.61 -‬‬
‫‪ 4‬عقاق قادة‪ ،‬تلقي اؼبعرفة السيميائية يف اػبطاب النقدي اؼبغاريب‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف السادس‪( ،‬السيمياء والنص االديب)‪،‬‬
‫ص‪.74‬‬

‫‪59‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫مالك"‪ -‬يف ؾبال التأريخ للسيميائية واإلحالة على مراجعها‪ -‬وثيقة ىامة‪ ،‬ترصبها عن "جان كلود‬
‫‪1‬‬
‫كوكي"‪ ،‬بعنوان (وثيقة السيميائيات مدرسة باريس)‬

‫كما يستهل " عبد اغبميد بورايوا" مؤلفو ( التحليل السيميائي للخطاب السردي)‪،‬‬
‫بدراسة غبكايات من‪ ( :‬ألف ليلة وليلة) و (كليلة ودمنة) دبقدمة يضبط فيها أوليات منهجيتو‬
‫التحليلية‪ ،‬واليت تقوم يف أساسها على ما يقًتحو التحليل السيميائي للخطاب السردي يف إقامتو‬
‫بنماذج منطقية ربكم البناء الشكلي للمسار السردي واالنبثاق الداللة‪ ،‬ينتقل بعدىا ربديد‬
‫النماذج اليت هتدف ربليالتو إُف مقاربة اغبكايات اؼبختارة وفقها وىي تتمثل يف‪:‬‬

‫مبوذج اؼبسار السردي‬ ‫‪-‬‬


‫مبوذج اؼبسار الغرضي‬ ‫‪-‬‬
‫مبوذج البنية العميقة‬ ‫‪-‬‬
‫‪2‬‬
‫مشَتا يف ىذا الصدد إُف أن لكل نسق من ىذه األنساق قواعد عملو وانسجامو‬
‫كما» ذبدر اإلشارة إُف كتاب ( منطق السرد) اؼبؤلف الذي يًتاوح منهجيا بُت السيميائية‬
‫والبنيوية والواقعية‪ ،‬ويتجلى نصيب الدراسة السيميائية منو – على اػبصوص – يف فصل " اؼبكان‬
‫والزمان يف الرواية اعبزائرية اؼبكتوبة بالعربية « ‪.3‬‬

‫كما قبد السعيد بوطاجُت يف مقاربة الرواية يف مؤلفو ( االشتغال العملي) تفكيك جزء‬
‫من البنية الرواية الكربى لرواية ( غدا يوم جديد) "لنب ىدوقة"‪ ،‬وىو ال ىبرج يف ذلك كما أقرتو‬
‫البنية العاملية للنص‪ ،‬راصد الذوات الكربى‪ ،‬اؼبهيمنة نصيا‪ ،‬رابطا إياىا بالربامج السردية‪ ،‬مبنيا أىم‬

‫‪ 1‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬من "الالنسونية "اُف "األلسنة" ص ‪.139‬‬
‫‪ 2‬عقاق قادة‪ ،‬تلقي اؼبعرفة السيميائية يف اػبطاب النقدي اؼبغريب اؼبلتقى الدوِف السادس‪ (،‬السيمياء والنص األديب)‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 3‬يوسف وغليسي‪ ،‬النقد اعبزائري من " الالنسونية إُف " األلسنية" ص ‪139‬‬

‫‪60‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫االتصاالت واالنفصاالت بُت الذوات وموضوعات قيمتها‪ ،‬ىادفا إُف توضيح كيفية انتشار‬
‫‪1‬‬
‫ـبتلف‪ ،‬اليت يتضمنها النص اؼبقارب‬

‫كما يبثل الناقد "أضبد يوسف" واحدا من األصوات النقدية اعبزائرية يف الدرس السيميائي‬
‫ويظهر ىذا التوجو النقدي جليا يف مؤلفاتو‪ ،‬ولعل أىم ىذه الكتب اليت تربز ىذا اػبطاب‬
‫التأسيسي واليت سبكنا من االطالع عليها مؤلفو ( السيميائية الواصفة وجبر العالمات) والذي‬
‫يقدم فيو باغبفر والنبش يف الًتاث الغريب‪ ،‬فيبدأ بالبحث يف الفكر اآلرسطي حىت الدراسة اللسانية‬
‫اغبديثة اليت لفظت ىذا اؼبولود‪ ،2‬الذي يرى بأنو» ال يبكن ذبديد السيميائيات اؼبعاصرة من أصوؽبا‬
‫الفلسفية القديبة « ‪ ،3‬إُف أن أعمال الشكالنية الروسية استطاعت أن ترسي دعائم القراءة‬
‫النسقية اليت ذبلت يف اؼبقاربات النقدية اغبديثة‪ ،‬ومنها سيميائيات ا﵀ايثة اليت يعترب "غريباس" أبرز‬
‫أعالمها‪ ،4‬وأعمالو اليت قدمها جاءت لتؤسس ؼبشرع سيميائي يف النقد اعبزائري على أسس معرفية‬
‫وفلسفية متينة توزعت جهوده يف اجملاالت التاِف‪:‬‬

‫اقباز ؾبموعة من البحوث العلمية القصد منها تتبع أصول السيميائيات (‬ ‫‪-‬‬
‫‪ 4‬كتب)‪.‬‬
‫تكوين ؾبموعة من الباحثُت يف السيميائيات ( زبرج منها دفعات من طلبة‬ ‫‪-‬‬
‫اؼباجسًت)‬
‫إصدار ؾبلة متخصصة يف السيميائيات (صدر العدد األول يف خريف‬ ‫‪-‬‬
‫‪)2005‬‬

‫‪ 1‬عقاق قادة‪ ،‬تلقي اؼبعرفة السيميائية يف اػبطاب النقدي اؼبغاريب‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف السادس‪( ،‬السيمياء والنص األديب)‪ ،‬ص‬
‫‪.75‬‬
‫‪ 2‬وذناين بوداود‪ ،‬اػبطاب التأسيسي‪ ،‬السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.07‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪ 4‬ؿبمد بوعزة‪ ،‬اسًتاتيجية التأويل من النصية إُف التفكيكية‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬ط‪ ،1‬اعبزائر‪2011 ،‬م‪ ،‬ص ‪.83‬‬

‫‪61‬‬
‫النظرية السيميائية‪ :‬الخلفيات المعرفية واللسانية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تأسس ـبترب السيميائيات وربليل اػبطابات‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫كما أن السيمياء عنده ىي جهاز مفاىيمي معريف يبتد جبذوره يف اإلرث اؼبعريف اإلنساين‬
‫من أن بدأ اإلنسان يعي ويفكر ويضع األسس اؼبعرفية إُف اليوم‪ ،1‬وىذا ما سنقوم بالتفصيل فيو يف‬
‫الفصل التطبيقي عن أعمال ىذا الناقد اليت قدمها يف السيميائيات وفيما سبثلت جهوده‪.‬‬

‫‪ 1‬وذناين بوداود‪ ،‬اػبطاب التأسيسي السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ص ‪.6‬‬

‫‪62‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬


‫أوال‪ :‬الخلفية االبستيمولوجية للنظرية السيميائية‬

‫‪ -1‬النسقية األرسطية وتمفصالتها‪ ،‬جينيالوجيا المفهوم والمحمول المعرفي‬


‫‪ -2‬السيميائيات ولغة الحساب‬
‫‪ -3‬رهان السيميائيات الحسية‬
‫‪ ‬الفلسفة التجريبية وعالقتها بالمشروع السيميائي‬
‫‪ -4‬سيميائيات التعالي‪ :‬الفلسفة المثالية وعالقتها بالنظرية السيميائية‬
‫‪ -5‬جبر العالمات‪ :‬التصور السيميائي المعاصر‬

‫ثانيا‪ :‬التفكير السيميائي وفلسفة الحداثة‬

‫‪ -1‬الفكر األرسطي والتصور السيميائي المعاصر‬


‫‪ -2‬العالمة والتأصيل الفلسفي‬
‫‪ -3‬أنماط العالمة ووظائفها‬
‫‪ -4‬تمظهرات العالمة والصيغ تحققها‬
‫‪ -5‬العالمة األيقونية وإبعادها الجمالية‬

‫ثالثا‪ :‬التأسيس الفكري واللساني للنظرية السيميائية عند " أحمد يوسف "‬

‫[ دراسة وصفية ألبحاث أكاديمية متنوعة ]‬

‫‪ -1‬تهافت المعنى وهباء الحقيقة‬


‫‪ -2‬السيميائيات والتواصل‬
‫‪ -3‬توزيعية هاريس والتحليل النسقي للخطاب‬
‫‪ -4‬تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات‬
‫‪ -5‬السيميائيات التأويلية وفلسفة األسلوب‪.‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬

‫‪ -‬أوال ‪ :‬الخلفية االبستيمولوجية للنظرية السيميائية ‪:‬‬

‫لقد ؼبعت على الساحة النقدية اؼبعاصرة أظباء عديدة تكبدت عناء الغوص‪ ،‬يف‬
‫مستجدات النقد العريب والغريب وجعلوا من استثمار اؼبناىج النقدية وما ضبلتو من مفاىيم وطرائق‬
‫يف ربليل النصوص األدبية ىدفا ؽبم‪ ،‬ويطالعنا يف ىذا اجملال اسم الناقد " أضبد يوسف " الذي‬
‫قدم العديد من األعمال اليت تدخل يف باب النقد اغبداثي‪ ،‬موزعة بُت كتب ومقاالت منشورة‬
‫وؾبالت علمية وملتقيات وطنية ودولية‪ ،‬وىو من بُت النقاد الذين وعبوا ىذا الباب تنظَتا وتطبيقا‪،‬‬
‫وكان اختيارنا ؽبذه الشخصية العلمية يعو إُف ؾبموعة من الدوافع نذكر منها‪:‬‬

‫ما سبيزت بو كتبو النقدية من عمق يف التحليل وتتبع للجذور الفكرية واػبلفيات الفلسفية‬
‫ألىم اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة‪ ،‬فكيف استثمر الناقد " أضبد يوسف" ىذه اؼبرجعيات يف فبارستو؟‬
‫وإُف أي مدى شكلت تلك الرواسب الفكرية أصوال جذرية انطلق منها يف بناء رؤيتو النقدية؟‬

‫وؽبذا سنتحدث عن أصول ومرجعيات اػبطاب النقدي عند " أضبد يوسف" اليت تبدو‬
‫والشك ثروة غزيرة‪ ،‬لذا ال نستطيع أن نلم بكل تلك اؼبرجعيات اؼبعرفية اليت استقى منها ىذا‬
‫اػبطاب النقدي‪ ،‬سنحاول اغبديث عن أبرز تلك اؼبرجعيات‪ .‬فاؼبتطلع ؽبا كتبو أضبد يوسف يدرك‬
‫بأن ىذا الناقد تنبو إُف أمر ىام يتعلق باػبطاب السيميائي يف النقد اعبزائري‪ ،‬ألن جهوده أشبرت‬
‫بصفة ملموسة يف اؼبنهج السيميائي‪ »،‬فاألعمال اليت قدمها جاءت لتؤسس ؽبذا اؼبشروع بأسس‬
‫معرفية وفلسفية متينة والتفت منذ البداية إُف األصول الفلسفية للمناىج النسقية ورأى بأن الفهم‬
‫اعبيد ؽبا يبدأ من معرفة أصولو « ‪ ،1‬وىذا ما يؤكد عليو " ؿبمد عابد اعبابري" الذي يرى‬

‫‪( 1‬ينظر(‪،‬وذناين بوداود‪ ،‬خطاب التأسيس السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر [ مقارنة يف بعض أعمال يوسف أضبد]‬
‫أشغال دبلتقى الدوِف الثالث يف ربليل اػبطاب ‪ ،‬ص ‪.8‬‬

‫‪64‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بأن» كل منهج يصدر وال بد‪ :‬إما صراحة وإما ضمنا‪ ،‬والوعي بأبعاد الرؤية شرط ضروري‬
‫الستعمال اؼبنهج استعماال سليما مثمرا [‪ ]...‬الرؤية تؤطر اؼبنهج‪ ،‬ربدد لو أفقو وأبعاده‪ ،‬واؼبنهج‬
‫بعي الرؤية ويصححها « ‪.1‬ألن ذلك يف نظره يبكن الناقد من السيطرة على األدوات اإلجرائية‬
‫اليت تتحكم يف اؼبنهج وتعصمو من الوقوع يف مزالق التطبيق‪ »،‬شرط أن يكون '' اؼبنهج''‬
‫مستخلصا من أفاق تلك الرؤية « ‪.2‬ومن ىنا كان اػبطاب التأسيسي لدى " أضبد يوسف"‬
‫ينطلق من خالل فرضية مفادىا أن السيميائيات ىي جهاز مفاىيمي معريف يبتد جذوره يف اإلرث‬
‫اإلنساين منذ أن بدأ اإلنسان يعي ويفكر ويضع األسس اؼبعرفية إُف اليوم‪.‬‬

‫ىذا الطرح دفعو إُف القيام بعمل حفري يف الًتاث الثقايف اإلنساين ليتتبع من خاللو اؼبعرفة‬
‫السيميائية يف أصوؽبا األوُف والوقوف على أىم ا﵀طات اليت كان ؽبا التأثَت اؼبباشر يف السيميائيات‬
‫اغبديثة‪ ،3‬وعلى رغم من حفر بعض اؼبتخصصُت يف السيميائيات يف القاع الفلسفي للمعرفة‬
‫السيميائية إال أن ؿباولة " أضبد يوسف" تبدو تأصيلية هنض هبا‪ ،‬تصب يف ؾبال تشخيص القاع‬
‫الفلسفي ؽبذه اؼبعرفة باالنطالق من ذلك االرتباط اؼبتُت» حد التطابق بُت السيميائيات واؼبنطق‬
‫ونظرية اؼبعرفة « ‪ 4‬وىو االرتباط الذي ظل " أضبد يوسف " يتابع سبظهراتو يف اشتغاالت الفالسفة‬
‫والسيميائيُت على مدى العصور‪.‬‬

‫‪ 1‬ؿبمد عايد اعبابري‪ ،‬غبن والًتاث ( قرارات معاصرة يف تراثنا الفلسفي)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬ط‪ ،6‬بَتوت‪ ،1993 ،‬ص‬
‫‪.26‬‬
‫‪ 2‬عبد ا﵁ إبراىي‪ ،‬اؼبطابقة واالختالف لبحث يف نقد اؼبركزيات الثقافية‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسات العربية للدراسات والنشر‪،‬‬
‫بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2004 ، 1‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 3‬وذناين بوداود‪ ،‬اػبطاب التأسيسي السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬أشغال اؼبلتقى الدوِف الثالث‪ ،‬األغواط‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ص‬
‫‪.9‬‬
‫‪4‬ؿبمد رسول ؿبمد‪ ،‬سيميائيون وظبيائيات‪ ،‬السنة السابعة العدد ‪ ،1685‬ؾبلة العاَف اػبميس ‪ 16‬مارس ‪ ،2017‬الزيارة‬
‫على الساعة ‪.18:24‬‬

‫‪65‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وقد جسد عملو ذلك من خالل اؼبؤلفات اليت قدمها واؼبقاالت اليت نشرىا لبص بالذكر‬
‫بداية مؤلفة ( السيميائيات الواصفة‪ ،‬المنطق السيميائي‪ ،‬وجبر العالمات) وقد اتبع يف عملو‬
‫منهجا يقوم على‪:‬‬

‫مناقضة اؼبقوالت الفلسفية اليت تناولت العالمة وفلسفة اللغة قديبا وحديثا‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫العمل على ربط السيميائيات اغبديثة بأصوؽبا الفلسفية والفكرية‪.1‬‬ ‫ب‪-‬‬

‫ىذا الكتاب الذي امتاز حبدة الطرح وذباوز الكثَت من األعمال النظرية العربية خاصة‪،‬‬
‫وىو يقف على ظهور العالمة يف كتابات العلماء وامتدادىا يف تاريخ التفكَت الفلسفي‪ ،‬وقوفا على‬
‫اؼبسار الذي قطعتو السيميائيات من اؼبقوالت الفلسفية اليونانية إُف اؼبقوالت الفلسفية اغبديثة‪.‬‬

‫‪ -1‬النسقية األرسطية وتمفصالتها‪ ،‬جينيالوجيا‪ ،‬المفهوم والمحمول المعرفي‪.‬‬

‫أ‪-‬المنطق اإلغريقي‪:‬‬

‫إن " أضبد يوسف "يف كتابو ( السيميائيات الواصفة) قد كان واضحا فيما يريد قولو فيما‬
‫يتعلق باألصول اؼبعرفية والفلسفية للسيميائيات اغبديثة‪ ،‬حيث أكد على أن أصول اػبطاب‬
‫السيميائي توجد يف تلك اؼبقوالت الفلسفية والفكرية اليت سبقت مقوالت " دي سوسَت" و" ش‪،‬‬
‫س‪ ،‬بوريس" ‪ ،‬وأن عملها جاء نتيجة تراكمات معرفية سبتد من " ديبقريطس "اإلغريقي إُف "‬
‫كارناب " يف العصر اغبديث‪ 2‬ومن ىنا يبكننا» فهم العالقة الوطيدة بُت السيميائيات‬
‫واؼبنطق « ‪ ،3‬فهناك الكثَت من الفالسفة الذين تكلموا عن العالمة وعن فلسفة اللغة وىؤالء ىم‬
‫الذين وضعوا البذرة األوُف للسيميائات‪ ،‬إذا فهناك ارتباط وثيقا بُت السيميائيات واؼبنطق‪ ،‬وىذا‬
‫يعٍت أن اؼبعرفة السيميائية انبثقت من رحم الفلسفة‪ ،‬بل شربت من زالؽبا العذب ومازالت‪ ،‬إذ‬

‫‪ 1‬وذناين بوداود‪ ،‬اػبطاب التأسيسي السيميائي‪ ،‬أشغال اؼبلتقى الدوِف الثالث‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪ ( 2‬ينظر)‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪11‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.17‬‬

‫‪66‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وصف آثار أرسطو بالنسقية اؼبنطقية لكوهنا استطاعت أن تضفي نسقا فلسفيا ومنطقيا كامال‬
‫على ؾبمل اؼبسائل اليت كانت مطروحة ومطروقة قبلو حيث» استخلص أرسطو مبادئ العقل اليت‬
‫ربصر اغبقيقة يف ؾبال تطابق الفكر مع الواقع على كبو ـبالف لفكرة أن اغبقيقة متأتية من‬
‫انسجام الفكر مع نفسو‪ ،‬وىكذا فإن النسقية السيمائية اآلرسطية ذات الطبيعة األنطلوجية تربط‬
‫العالمات بالعواَف العيانية الفعلية‪ ،‬وذلك ألن ىذه العالمات تنتظم داخل قوانُت الوجود « ‪،1‬‬
‫وىذا يعٍت أن النفسية السيميائية اآلرسطية ذات صيغة أنطولوجية مرتبطة بالوجود على حساب‬
‫اؼبمارسة‪.‬‬

‫كما تطرق " أضبد يوسف" للحديث عن التعريف العام للسيميائيات وىي من اغبقول‬
‫اؼبعرفية ذات البعد الثقايف وفبتدة األصول‪ ،‬تقوم على ضرورة وجود قاعدة يف اؼبنطق الرياضي‬
‫والفلسفي ليتم فهمها‪ ،‬ألن اؼبنطق اإلغريقي اىتم بالعالمة اىتمامو باللغة وال غرو أن أرسطو الذي‬
‫يشيد بالقانون فحواه من الوجهة السيميائية » أن العالمة بوصفها وحدة بُت الدال واؼبدلول تصبح‬
‫من زاوية اؼبقاربة السيميائية للنسقية اآلرسطية خصيصة لغوية تًتتب عليها أحكاما ينظر إليها على‬
‫أهنا صبل شرطية تأخذ منحى افًتاضيا وعليو تغدو نظرية األشكال اللسانية خطابا يتضمن‬
‫خصيصتُت اإلثبات والنفي « ‪ ، 2‬ومن ىنا تأت وحدة العالقة بُت الفكر واللغة اؼببنية على مبدأ‬
‫التناظريُت دواؽبا ومدلوالهتا يف غياب وجود صورة حسية‪ ،‬تغيب العالمة اغباملة للفكر‪.‬‬

‫ومن ىنا ذبد أن التصورات اليت قدمها اؼبنطق األرسطي تعد البوادر األوُف للسيميائيات‬
‫اغبسية» وبناء عليو فإن نظرية اغبكم اآلرسطية ببعديها النفسي واؼبنطقي وبطبيعتها اعبدلية العلمية‬
‫تتمثل يف وحدة الًتكيب والتحليل اللذين ال يكاد أن ينفصال يف أثناء عملهما وال سيما إذا كان‬
‫ؾبردين‪ ،‬وترتبط باػبطابات اليت تتوفر على خرب « ‪ ،3‬وبذلك استطاع الناقد " أضبد يوسف" من‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.17‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪67‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫خالل حفره يف عمق مقوالت اؼبنطق األرسطي الوقوف على تلك العالقة اليت تربط من منطق "‬
‫أرسطو " والتنظَت السيميائي اغبديث‪ ،‬والتوصل إُف ىذا العلم اغبديث ما ىو إال ىذا العلم‬
‫اغبديث ما ىو إال نتيجة لذلك ا﵀مول اؼبعريف الذي كان غائبا‪.‬‬

‫ب‪-‬المنطق الرواقي‪:‬‬

‫يبدو اؼبنطق الرواقي منذ الوىلة األوُف بأنو ذو مواصفات سيميائية كما أنو يستقي جدتو‬
‫إذ سلمنا سالفا بأنو لو بعض اعبدة من كونو ارتبط تصوره بالتصور الفلسفي العام‪ ،‬فقد صبعت‬
‫الفلسفة الرواقية بُت اؼبنطق واألخالق وعلم الطب وتفردت يف ضم اؼبنطق إُف مباحث اللغة‬
‫والداللة‪ ،‬وؽبذا كلو كانت ؽبا عقبات السبق يف أن تكون ؽبا قدم راسخة يف تاريخ التقييم‬
‫السيميائي القدًن‪ ،1‬وعليو فقد سبيزت الفلسفة الرواقية بالطرح الغائب والعمق الفكري فيما ىبص‬
‫الربط بُت اؼبنطق واللغة‪ ،‬لذلك استندت ؼبا يسمى بفلسفة اللغة‪ ،‬كما ربط ميالد مصطلح‬
‫السيميائيات " جبون لوك"» الذي يبكن إرجاع بعض ينابيع تصوراتو الفكرية والفلسفية إُف‬
‫الرواقُت‪ ،‬فمكننا أن نقول بأن أصول السيميائيات إذا توخينا التتبع التارىبي‪ ،‬تعود إُف التفكَت‬
‫الرواقي ومنطقهم الذي َف يكن بعيدا عن التصورات األوُف كما يبكن أن نطلق عليو اليوم بفلسفة‬
‫اللغة « ‪.2‬‬

‫فاؼبسألة اللغوية يف نظر الرواقيُت ىي مسألة معرفة فلق أرجع الرواقيون اؼبسألة اللغوية إُف‬
‫اؼبوضوعات اؼبعرفية‪ ،‬وَف يكتفوا بإقحامها يف كمتصورات النظرية العلمية وحقائقها العامة‪ .‬فحياة‬
‫اللغة ال زبرج عن دائرة مستعمليها» فالعالمة ال توجد سوى داخل اؼبؤسسة االجتماعية « ‪ 3‬ومن‬
‫مث» فإن طبيعتها االجتماعية فرضت على الفلسفة الرواقية أن تدؾبها يف القضايا اؼبنطقية‪ ،‬وتضفي‬

‫‪ ( 1‬ينظر)‪ ،‬أضبد يوسف ‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.28 ،27 ،26‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة ( أسسها ومفاىيمها) ط‪ ،1‬اعبزائر‪PDF created 2008 ،‬‬
‫‪Wilhpdfactoy pro trial version . www. Pdf factory. Com.‬‬

‫‪68‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عليها يعد سيميائيا حبكم وظيفتها التوصيلية اليت انتصرت ؽبا اللسانيات اغبديثة‪ ،‬وَف يكتفوا بالنظر‬
‫إُف العالمات اللسانية‪ ،‬وإمبا ركزوا أيضا على العالمات الغَت لسانية « ‪ 1‬ومن ىنا يبكن القول أن‬
‫اؼبنطق الرواقي فيما يتعلق بالعالمات اللسانية والعالمات الغَت لسانية يف اؼبشروع السيميائي يف‬
‫نظر للعالمة يف صورة وحدات ملموسة أي يتعلق بالشيء خارج النفس‪ ،‬فَتتبط جوىر العالمة يف‬
‫ضوء ىذا التصور‪ ،‬دبراتب الوجود‪ »،‬ىذا التصور سيجد صداه يف حد العالمة لدى " بورس "‪،‬‬
‫وسًتجم إُف مفهوم الدالالت اؼبفتوحة اليت ال تؤمن بأن العالمة ىي ؿباكاة ومرآة ؼبا ربملو أو‬
‫تنقلو أو تتمثلو دبا يف ذلك العالمة األيقيونية « ‪ ،2‬فمن خالل الًتاتب تأسست ديناميكية‬
‫الدالالت اؼبفتوحة » ففكرة إقصاء "بورس لدور اإلنسان يف بلورة العالمة‪ ،‬بدعوى أن اإلنسان ىو‬
‫بدوره عالمة [‪ ]...‬فإن اإلنسان ىو عالمة بإدراكاتو وليس بسلوكاتو « ‪ 3‬وىكذا نقف على‬
‫عالقة منطق " بورس" باؼبنطق الرواقي‪ ،‬فقد استطاع الرواقيون من خالل مدارستهم للعالمات أن‬
‫يبنوا نظريتهم االستداللية‪ ،‬فقد رأو بأن ىناك ارتباط وثيقا وضروريا بُت العالمات واألشياء اليت‬
‫تدل عليها‪.‬‬

‫فالناقد " أضبد يوسف " يرى بأن اؼبنطق الرواقي ذو اػبصيصة االظبية اؼبادية قد اختزل‬
‫مقوالت " آرسطو" العشر إُف مقوالت أربع‪ -1 »:‬اعبوىر اعبسماين‪ -2 ...‬الكيف أي اؼباىية‬
‫الفردية‪ -3 ...‬اغبال أو اؼبادة الفردية اؼبلتبسة حبالة معينة‪-4 ...‬النسبة‪ 4 « ...‬مبينا أن» خالفا‬
‫للمقولتُت األوليُت فإن اؼبقولتُت األخَتتُت سبثالن ما ليس جسمانيا يف '' الشيء'' وما ىو آت من‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪69‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫األشياء األخرى‪ ،‬وما ال يظهر إال بالقول‪ ،‬إهنا ؼبدلول(الليكتون) « ‪ 1‬وىذا ما جعلنا نقف على أن‬
‫اؼبنطق الرواقي ىو منطق العالمة يف الفكر اإلغريقي‪.‬‬

‫‪-2‬السيميائيات ولغة الحساب‬

‫يرى الناقد " أضبد يوسف" أن» منطق'' بول رويال'' يعكس تأثرىم جبوىر فلسفة ديكارت‬
‫اليت كانت تنشد وضوح األفكار وبينها‪ ،‬وتنبذ كل ما هبعلها غَت واضحة‪ ،‬إن درجة بيان الفكرة‬
‫ووضوحها مرىونة دبدى تأثَتىا‪ ،‬فينا تأثَتا قويا على العكس من األفكار اؼبلتبسة اليت تنزع إُف‬
‫الضبابية نظرا ألهنا تًتك انطباعات حسيبة ـبتلفة لدى األفراد حول معطيات العاَف العياين‬
‫اؼبباشر « ‪ 2‬وىنا قبد الناقد يبحث عن لغة يتكلمها العاَف‪ ،‬قائمة على الوضوح وزبتلف عن منطق‬
‫اللغات الطبيعية‪ »،‬ودبأن " ديكارت" سلم القيادة للعقل اإلنساين‪ ،‬وجعلو أعدل قسمة بُت البشر‪،‬‬
‫فال غرو أن ما يقع فيو الناس من أخطاء استداللية تعود أسبابو يف نظر صباعة بول رويال إُف‬
‫اؼببادئ اؼبغلوطة اليت يستندون إليها يف توصلهم إُف صدق األفكار وصحة األحكام‪ ،‬اليت ينتهون‬
‫إليها يف أثناء تدقيقهم للقضايا وتأملهم للموضوعات وا﵀موالت « ‪ 3‬وىنا يقوم الناقد " أضبد‬
‫يوسف" باستدعاء فكرة ثالثة إذ أن اغبكم الصادق أو الكاذب ال يتم إثباتو أو نفيو فقط بالتدقيق‬
‫‪4‬‬
‫بُت فكرتُت‪ ،‬يكون وسيطا بُت موضوعات األحكام وؿبموالهتا‪ ،‬وىي فكرة» قياس إضماري «‬
‫هبذا التصور ليكن أن يكون آية من آيات التحليل السيميائي حينما ربتاج إُف معمليات‬
‫االستدالل من أجل التعرف إُف العالمات الطبيعية والعقلية‪.‬‬

‫إن الالفت للنظر أن الفيلسوف " ىوبز" اؼبتأثر باؼبنطق الرواقي‪ ،‬قد نظر إُف الفكر وضمنو‬
‫للغة على أهنا عملية حسابية أو جربية وىو ما دفع التوجو االظبي لفلسفتو» القائلة بعدم وجود‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.40‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.48‬‬
‫‪3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.50‬‬
‫)‪4‬ينظر(‪،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.51‬‬

‫‪70‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فكرة عامة بأن تقبل قبوال ال تردد فيو التسليم باعتباطية اللغة والفكر‪ ،‬على سواء‪ ،‬ألن الكلمة‬
‫وحدىا ىي لفظة عامة « ‪ 1‬إذن فالنزعة االظبية لـ " ىوبز" قد أثارت مسألة أن الفكر ىو عالمات‬
‫حساب أو لغة حساب‪ ،‬وإذا كان " ىوبز" قد تقبل مقولة اعتباطية اللغة فإن " لوك " قد قدم‬
‫دعوى ( االعتباطية) تقديبا جزئيا ال لبس فيو‪ ،‬بل تناولو يف صميم إشكاليتو‪ ،‬وىذا كفيل بأن‬
‫يضعنا مرة أخرى أمام اؼبصادر اػبفية اليت امتحت منها فلسفة " دي سوسَت" اللسانية من "‬
‫ىوبز " إُف " كارناب " ومرورا بـ " المبَت " سعى جلهم سعيا‪ ،‬فيو بعض اعبرب إُف بناء أنساق‬
‫منطقية تنطلق من التفكَت حول العالمة وفلسفة اؼبعٌت‪ ،‬ولعل ذلك يرجع إُف إحساس متعاظم‬
‫بقصور اللغة الطبيعية‪.2‬‬

‫ويف نظر الناقد "أضبد يوسف"» فإن فلسفة ديكارت مهدت الطريق أمام التفكَت الفسلفي‬
‫بأخذ مسألة اللغة يف حسبانو‪ ،‬وببدع أسئلة جديدة نتجاوز ما إنشغلت بو السيميائيات اؼبسيحية‬
‫واإلسالمية على سواء [‪ ]...‬اليت يف نظره لقيت ضباسا كبَتا الذي ال " بينتز " الذي عمل على‬
‫‪3‬‬
‫تطورىا‪ ،‬و" ىوبز" الذي ينظر إُف اللفظ على أنو وعاء التصورات واألحكام واالستدالالت «‬
‫وىنا يتوضح لنا أن آليات التفكَت اإلنساين ال يبكن أن تتجسد دون العالمات اللسانية فال يوجد‬
‫نشاط فكري يف غياب رموز اللغة فهو يرى» أن '' كوند ياك '' مثلو مثل لوك يرى أن اللغة‬
‫األصيلة [‪ ]....‬واألنساق السيميائية غَت اللسانية كانت العمليات األوُف اليت اصطنعها اإلنسان‬
‫يف تبليغ أفكار « ‪ ،4‬وىكذا تنتهي الكوندياكية إُف اإلقرار بالسيميائيات ا﵀ايثة وبلغة اغبساب‬
‫[‪ ]....‬وعليو فإن السَتورات السيميائية للمعرفة سبكننا من خلق نسق من ألفاظ األجناس ذات‬
‫الرتب العليا أو السفلى‪ ،5‬وخالل ىذا بٌت الناقد " أضبد يوسف " تصوراتو من خالل ما قدمو "‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الراصفة‪ ،‬ص ‪.53‬‬


‫‪ 2‬وذناين بوداود‪ ،‬اػبطاب التأسيسي للنقد اعبزائري اؼبعاصر‪ ،‬ملتقى الدوِف الثالث‪ ،‬ص ‪.16‬‬
‫‪3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.71‬‬
‫‪4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.69‬‬
‫‪(5‬ينظر(‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪70‬‬

‫‪71‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كوند ياك" عند تصور ذبرييب يف نظرتو للمعرفة‪ ،‬ففي تشيده نسقا سيميائيا بناءً على متصورات‬
‫حسية للواقع‪ ،‬فقد رأى " أضبد يوسف"» أن التفكَت الفسلفي يف القرنُت السابع عشر والثامن‬
‫عشر انكب باذباىو التجرييب والعقلي على مدارست إشكالية الفكر واللغة ومنزلتها اػباصة يف‬
‫نسقية " كوندياك" [‪ ]...‬وسم الًتعة التجريبية يف عصر التنوير وذبلت يف أدبيات " ديرو" و ''‬
‫داؼبر'' اليت كانت االذباه اغبس باديا عليها « ‪ ،1‬اليت كانت الًتكيز فيها على» نظرية اعتباطية‬
‫العالمات « ‪ ،2‬فيتأسس النسق السيميائي‪ ،‬على منطق الًتاتبات واستثارة التضايفات اؼبًتاكمة‬
‫للتعبَت وا﵀توى‪ ،‬ويف ىذا الصدد يقول " أضبد يوسف"» فتفسَتاتنا العلمية ليست واقعة وال اظبية‬
‫فهي ليست إشارات أو عالمات هتبها كبن لألشياء‪ ،‬كما أهنا ليست معرفة دباىيتها الباطنة‪ ،‬إهنا‬
‫تفسَت طبيعة الشيء كما نفهمها كبن‪ ،‬ال باعتبارىا مطابقة ؼبا ىي عليو يف الواقع « ‪ 3‬أي أهنا‬
‫تتولون بأكثر من تعبَت‪ ،‬وتضمر أكثر من ؿبتوى‪ ،‬أي أننا نفسر األشياء كما نفهمها كبن ال كما‬
‫أوجدىا الواقع‪ ،‬ولكن على حد رأي " أضبد يوسف" فالتفكَت السيميائي َف يعد ىبرج عن دائريت‬
‫االظبية والواقعية دبعٌت أن كل اسم مسمى يف واقعو‪.‬‬

‫‪-3‬رهان السيميائيات الحسية‬

‫‪ ‬الفلسفة التجريبية وعالقتها بالمشروع السيميائي‬

‫تأثرت السيميائيات باؼبدرسة التجريبية فأول من استخدم مصطلح سيميوطيقا يف العصر‬


‫اغبديث ىو الفيلسوف االقبليزي التجرييب '' جون لوك'' الذي يقول بأن» استعمال الكلمات‬
‫هبب أن يكون اإلشارة اغبساسة إُف األفكار‪ ،‬وأن األفكار اليت سبثلها تعد مغزاىا اؼبباشر اػباص‪،‬‬
‫وىذه النظرية ‪ -‬النظرية التصويرية واللفظية ‪ -‬تعترب اللغة وسيلة أو أداة لتوصيل األفكار « ‪ ،4‬فقد‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.73‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪ ،‬ن‪.‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.74‬‬
‫‪ 4‬علي زغينة‪ ،‬مناىج التحليل السيميائي‪ ،‬اؼبلتقى الوطٍت األول‪ ،‬السيمياء والنص األديب‪ ،‬ص ‪.133‬‬

‫‪72‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫أحدثت معاعبتو لعاَف الفكر‪ ،‬ثورة كوبرنيكية إذ اىتدى إُف طرائق تفسَت ظاىرة الفكر من حيث‬
‫منشؤىا وتطورىا‪ ،‬حيث قام مشروعو الفلسفي على نقد األفكار الفطرية وإيضاح طرائق بناء‬
‫األفكار والتأمل يف مسائل اللغة‪ ،‬ومن مث الوقوف على رسم معاَف السيميائيات عن طريق ربطها‬
‫بنظرية اؼبعرفة‪ ،1‬وقد اىتم بدراسة الطرق والوسائل اليت تؤدي إُف التعرف على نظام الفلسفة‬
‫واألخالق فقد مت التشكيك يف األشياء‪ ،‬وليس العالمات كما يقول " جون لوك "» فاألفكار‬
‫ليست شيئا آخر سوى عالمات ـبتزلة نستعملها من أجل بلورة وتنظيم بعض فرضياتنا حول‬
‫األشياء اليت نسائلها « ‪ ،2‬فهو يعترب األفكار ذو طبيعة نفسية فليس ما نتلفظو أحاسيس‪ ،‬إمبا‬
‫أيضا التجارب الذاتية‪ ،‬ومن ىنا قبد أن الناقد "أضبد يوسف" اؼبتتبع للقاع الفلسفي واغبضر‬
‫للسيميائيات يرى أن "جون لوك" َف يشايع " آرسطو ديكارت" يف القول بوجود أفكار فطرية‪،‬‬
‫وإمبا دعى ضرورة تأمل ملكة الفهم لدى اإلنسان‪ ،‬أن لوك حسب " اضبد يوسف "» يرتكز على‬
‫أحد ىذين اؼببدأين ( مبدأ اؽبوية ومبدأ التناقض) يف نقض التسليم بوجود األفكار الفطرية « ‪.3‬‬

‫ومن ىنا فإن السيميائيات ارتبطت برغبة اإلنسان يف اإلمساك بوحدة التجربة‪ ،‬لقد عد‬
‫لوك األفكار البسيطة بأهنا األفكار األولية اليت ال نتعلمها إال باػبربة‪ ،‬وىي اليت تتألف منها‬
‫األفكار اؼبركبة وأن التفكَت وحده يستطيع أن يصل إال اإلرادة وغَتىا من العمليات الفكرية‬
‫وليست النفس‪ ،‬وؽبذا يصنف لوك تبعا لذلك األفكار إُف ( ثالثة أنواع من األفكار‪ ،‬األحوال‪،‬‬
‫األغراض) واعبواىر واالضافات ( العالقات) واألحوال ( األعراض) أفكار عن األشياء اليت سبتلك‬
‫وجودا مستقال‪ ،4‬وؽبذا كانت الرياضيات األمبوذج األعلى '' لسيميائيات اؼبتعالية '' يف نظر " أضبد‬
‫يوسف " وأنو قد سنت " لديكارت" و " سبينوزا" أن وضعوا لبنات النسق السيميائي يف التأمل‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫‪ 2‬أمربتو إيكو‪ ،‬العالمة‪ ،‬ربليل اؼبفهوم وتارىبو‪ ،‬ت ر‪ :‬سعيد بن كراد‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪1427‬ىـ ‪2008 /‬م‪ ،‬ص ‪.24‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.77‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.78‬‬

‫‪73‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الفلسفي من خالل ما أظباه باؼبنهج اؽبندسي عند "سبينوزا" وكذلك فلسفة ديكارت اليت أسهمت‬
‫يف تشيد صروح الفلسفة والعلم على مرتكزات اليقُت الذي ماثل اليقُت اؽبندسي‪ .‬وعليو فإن‬
‫"لوك" يصنف اؼبعرفة إُف ثالثة أصناف‪ :‬حدسية وبرىانية وحسية‪ ،‬وقبد "أضبد يوسف" يتطرق‬
‫ؽبذه األصناف معرفا إياىا ومفصال فيها‪.‬‬

‫كما طرح "لوك" مسألة وظيفة العالمة‪ ،‬الرواية اغبسية يف اؼبعرفة العلمية ومعاداهتا لألفكار‬
‫الفطرية‪ ،‬فاإلنسان يولد صفحة بيضاء ويكتسب األشياء ومسمياهتا من الواقع‪ ،‬إن ألفكار "لوك"‬
‫حضورا قويا يف فلسفة " ىيوم" اليت تقرر أن اؼبعرفة اإلنساين كلها تبدأ من االنطباعات‪ ،1‬وطرق‬
‫الناقد إُف أيقونية " باركلي" والنزعة االظبية لفلسفتو اليت قادتو إُف تأمل اؼبعرفة تأمال سيميائيا‬
‫حسيا‪ »،‬حيث َف يكن يؤمن بوجود عالمة الشيء خارج اإلدراك اغبسي « ‪ ،2‬فالنسبة "للوك"‬
‫وخالفا ؼبا يقولو "باركلي" و"ىيوم"» فإن الفكرة اجملردة اليت ىي اعبوىر االظباين َف تتخلص بعد‬
‫من عمق وظبك ذىنُت أكيدين إال أهنا تعد مع ذلك‪ ،‬منتوجا سيميائيا « ‪ 3‬ىذا ما ساىم يف بناء‬
‫سيميائيات حسية يف اإلدراك اغبسي يرى " أضبد يوسف" أن السيميائيات اغبسية استندت إُف‬
‫الصورة البصرية واألصوات اؼبسموعة والروائح والطعوم واغبركة لبسط فكرة نفي وجود جواىر مادية‬
‫نقيا مطلقا» فالسلوك اإلنساين بدأ يف التبلور حُت أحس اإلنسان سبَته وانفصالو التدرهبي عن‬
‫الكائنات األخرى « ‪ ،4‬ومن خالل أفكار ىؤالء الفالسفة حاول "أضبد يوسف" ربديد العالقة‬
‫بُت الفلسفة التجريبية والسيميائيات‪ ،‬إذ انقادت السيميائيات إُف توجهات النزعة التجريبية اليت‬
‫ركزت على الداخل بالعودة إُف األفكار‪ ،‬إذا أنزلوا االنطباعات اغبسية منزلة عليا‪ ،‬ونبذوا األفكار‬
‫الفطرية‪ ،‬ويقول يف ىذا الصدد» فإنو بدل االلبراط من مناقشة األفكار ورفضها فقط الًتكيز على‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.79‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪80‬‬
‫‪ 3‬أمربتوأيكو‪ ،‬العالمة ربليل اؼبفهوم وتارىبو‪ ،‬ص ‪.231‬‬
‫‪4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.24‬‬

‫‪74‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫العالمة بدل الفكرة‪ ،‬وأن ىذا االختيار لو تبعات ابسمولوجية تستند إُف إسًتاتيجية جديدة تتعامل‬
‫مع اللغة تعامال سيميائيا غالبا ما يتلبس بلبوس التصورات االظبية « ‪ ،1‬وعلى ىذا األساس تعد‬
‫ىذه النظرية نظرية قد أثبت بشكل مدىش‪ ،‬فاستطاع "لوك" أن يقدم نقدا كبَتا للعادات اػباصة‬
‫باإلفراط يف استعمال اللغة‪ 2‬وفلسفتو لغوية ذات أبعاد سيميائية‪ ،‬وحسب رأي " أضبد يوسف "»‬
‫فقد ورثت السيميائيات على يد "ىوبز" و"لوك" و"ىيوم" وأشياعهم عقيدة راسخة تسلم بأن‬
‫ماىر معقول ينحصر فقط يف ؾبال اغبس‪ ،‬وأن ربليل األفكار ال يصبح عمليا ما َف تستند ىذه‬
‫األفكار على قاعة االنطباعات اغبسية « ‪ 3‬وىذا ما ساعد على إعادة صياغة مفهوم اإلدراك ذاتو‬
‫واغبسي فتأيت» اؼبعرفة اغبسية يف مرتبة ذبعل منها سيدة اؼبعارف يف طلب موضوع العاَف اػبارجي‬
‫[‪ ]...‬كما ىو اغبال بالنسبة لقدرة أي نسق سيميائي على التواصل « ‪ ،4‬إذا ىنا َف يعد اؼبطلوب‬
‫اؼبعرفة بل معرفة اؼبعرفة وكيفية إدراك العاَف من خالل أشيائو‪.‬‬

‫سيميائيات التعالي‪ :‬الفلسفة المثالية وعالقتها بالنظرية السيميائية‬ ‫‪-4‬‬

‫لقد أظهرت العالقات اؼبتباينة بُت الكانطية والسيميائيات التجريبية انطالقا من اؼبفهوم‬
‫الكانطي للتمثيل والنظريات الداللية فالفلسفة اؼبثالية التقليدية كانت ىي األخرى ميالة لتأسيس‬
‫نظرية عامة يف العالمات دبوجب نسق العلوم [‪ ]...‬فهي ؿباولة الختزال نظرية الشيء إُف نظرية‬
‫العالمة‪ ،‬فالسيميائيات كانت على قطيعة بالفلسفة اؼبثالية إذا فهي مطالبة بالعودة إُف منطق‬
‫اغبسابية والتمثيل الواضع للعالمة‪ ،‬فكان ال بد على أي باحث أن يسلط الضوء على تلك‬
‫القطيعة اليت تربط السيميائيات بأصوؽبا وىذا ما يؤكد عليو الناقد "أضبد يوسف" ىذا الربط الذي‬
‫يكشف عن السيميائيات الفلسفية اؼبثالية أو ما يعرف باؼبنطق اؼبتعاِف لدى '' كانط ''» الذي‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.87‬‬


‫‪( 2‬ينظر(‪،‬أمربتو إيكو‪ ،‬العالمة ربليل اؼبفهوم وتارىبو‪ ،‬ص ‪.238‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.87‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.79‬‬

‫‪75‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫يسعى إُف إعادة بناء الشروط اؼبتعالية للسان[‪ ]...‬ىذه الفلسفة اليت حاولت أن ذبدد اللسان‬
‫بوصفة جهازا ربليليا[‪ ]...‬وعنصرا متعاِف عن التجربة « ‪ 1‬بوصفو أداة للعلم واؼبعرفة وأداة يكون‬
‫ضامنا للعالقة بُت اللغة والعاَف‪ .‬إن " كانط " صاحب الفلسفة اؼبثالية ذات النزعة اؼبتعالية عمل‬
‫على نطق اؼبناىج الرياضية على الفلسفة وتوقف عن مسألة نقد العقل اػبالص فالرياضيات ىي‬
‫عملية ارتقاء علمي للمنطق» ما وبكم النزعة الكانطية ىو ذبربة مفهوم جديد للشكل بوصفو‬
‫عنصرا متعاليا‪ ،‬وإذن فهو غَت مشروط‪ ،‬وىذا يعٍت بداىة بأنو ال يتعايش مع تصور اللغة بوصفها‬
‫اقباز التجربة أيقونية وسيميائية مشكلة ومتحولة « ‪ ،2‬فالكانطية حريصة على توكيد مسالة أن‬
‫اؼبعرفة تنبع من اغبدس ال من التصورات‪.‬‬

‫" كانط " الذي يشيد باؼبنطق اآلرسطي وىو الذي يطرح سؤال جوىري‪ ،‬ىل‬
‫العالمات منقادة لألشياء انقياد تصليو ضروريات التجربة؟ وعليو فهل العالمة اليت تربط بُت‬
‫العالمة واليت تتمثل يف اغبدس أم يف الًتكيب ومبدأ عدم التناقض ىو الذي يبيز تلك العالقة‪،‬‬
‫يضيف " أضبد يوسف " قائال‪ »:‬أن كل معارفنا عبارة عن أحكام واغبكم ىو إدراك وقوع النسبة‬
‫بُت أمرين أو إدراك وقوعها « ‪ 3‬ؿبددا مراتب األحكام عند كانط وإشارة كانط إُف ضرورة التمييز‬
‫بُت اغبسابية والفهم وفق منظور االستطيقا اؼبتعالية وربط الناقد ىذه اإلشكالية بنظرية اغبكم‪،‬‬
‫وخلص إُف انو ىناك إمكانات لألحكام الًتكيبية القبلية اليت تعد اإلشكاالت اعبوىري يف النسقية‬
‫الكانطية‪ ،‬وأشار الناقد إُف أهنا ذات طبيعة سيكولوجية تتعلق بالواقع‪.‬‬

‫حاولت فلسفة كانط أن تؤسس نظرية ذبربة [‪ ]...‬وال سيما أن كانط يعًتف بأن ىيوم قد‬
‫أيقضو من سباتو العميق‪ ،‬قبل مرحلة " النقد العقل اػبالص"» ويقًتن التصور اللساين اػبصيصة‬
‫السيميائية باػبضوع لنسق القيمة فتعرب أي تأويل تتوُف الرياضيات الواصفة‪ ،‬بوصفها تصورا أوليا‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.94‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.96‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.96‬‬

‫‪76‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫لنظرية اؼبنطقية للعالمات « ‪ 1‬والناقد " أضبد يوسف" وباول رصد أفكار كانط الذي اؽبدف‬
‫األساسي من مشروعو الفلسفي ىو التوفيق بُت اؼبذىب العقلي والتجرييب‪ ،‬وما عاعبو‪ ،‬يف نقد‬
‫العقل اػبالص» وأن أىم ما ورد يف منطق كانط سبييزه بُت األحكام التحليلية واألحكام‬
‫الًتكيبة « ‪ 2‬حسب الناقد " أضبد يوسف" وأن يصبح اؼبنطق اؼبتعاِف فعاال ينبغي أن يتحول إُف‬
‫طريقة منهجية يف البحث كما سيحقق ذلك يف سيميائيات بورس‪ ،‬فتحقق نسبة القيمة يف النسق‬
‫السيميائي‪ ،‬عامة بتحديد أشكال العالمات يف صورة وحدات ملموسة‪ ،3‬فكانط ينفي أن يكون‬
‫العقل قادر على إدراك ما يناظر ىذه التمثالت‪ ،‬وبعد العالقة بُت الرياضيات واؼبنطق رسخ الوىم‬
‫باشًتاطو غبقيقة العلم أن تكون حاملة ؼبضمون رياضي‪ »،‬فقد شككت الكانطية يف قدرة معرفتنا‬
‫على اإلحاطة بالواقع اؼبوضوعي « ‪ 4‬حسب " أضبد وسف" إال أن ما يعيو الناقد أن على ‪ -‬وجو‬
‫التحديد‪ -‬بالتناص الفلسفي ما اتصل بتداخل األنساق السيميائية ذات الطبيعة الفكرية‪ ،‬وهبذا‬
‫اقًتح كانط منطقا متعاليا ساىم يف نظرية معرفية‪ ،‬والوقوف على رسم معاَف السيميائيات‪.‬‬

‫جبر العالمات‪ :‬التصور السيمائي المعاصر‬ ‫‪-5‬‬

‫إذا كان فالسفة اليونان وفالسفة القرون الوسطى قد قدموا مقوالت فلسفية متعلقة بالكون‬
‫والوجود وباإلنسان واللغة‪ ،‬فإن فالسفة العصر اغبديث قد حاولوا إرساء النظم الفكرية الكربى مع‬
‫األخذ دبا تركو األسالف‪ ،‬كان ؽبم دبثابة الدافع لتطوير ذلك اؼبوروث الفسلفي‪ ،‬وقد ذبسدت‬
‫رؤيتهم السيميائية انطالقا من تصورىم للوجود ونظريتهم إُف الفكر واللغة على أهنا عملية حسابية‬
‫أو جربية‪ ،‬ولكن السؤال ىنا ما عالقة اعبرب بالسيميائيات؟ فالفكر إذا حسب " ىوبز" عالمات‬
‫حساب أو لغة حساب بناءً على أنساق منطقية تنطلق من التفكَت حول العالمة وفلسفة اؼبعٌت‪،‬‬

‫‪ 1‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص‪.49 ،48 ،‬‬
‫‪ 2‬أضبد يوسف السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.101‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.106‬‬

‫‪77‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فيتساءل الناقد اضبد يوسف " حول إذا ما كانت سيميائيات " ش‪ ،‬س‪ ،‬بورس" ؽبا تأثَت جامع يف‬
‫السيميائيات التواصلية؟ ىذا السؤال بُت من خاللو توجهو السيميائي وتأثره بالسيميائيات‬
‫األمريكية يف نسختها البورسية اليت ذباوزت البعد الثنائي إُف البعد الثالثي‪ ،‬وبأهنا ال تستند إُف‬
‫اللسانيات فهي ذات منطلقات فلسفية‪ ،‬ميينا أن بورس استند يف ذلك إُف ما اقًتحو "جَتار‬
‫دولودال"‪ ،‬يف كتابو اؼبوسوم ( بالفلسفة األمريكية ) الذي خصصو لبورس وتاثره "بالنقد العقل‬
‫اػبالص" وربطها بنسقية " كانط" اليت جعلت بورس» يرسم معاَف نسقية سيميائية قوامها البحث‬
‫يف عالقة القضايا الكلية بعاَف اعبزئيات الفعلي « ‪ 1‬واؼبتشابو غبساب القضايا الذي يرادف اؼبنطق‬
‫الرياضي‪ ،‬ففي نظر " أضبد يوسف"» ال يبكن ذبريد السيميائيات اؼبعاصرة من أصوؽبا الفلسفة‬
‫القديبة ونبذ كل مزية يف التفكَت اؼبنطق القدًن « ‪.2‬‬

‫وذلك إلدراك أبعاد العالمة الثالثة وقوامها انطالقا من قاعها الفلسفي ومرجعها وىذه‬
‫التأمالت واؼبقوالت استثمرىا الناقد " أضبد يوسف" وعرف كيف يستفيد منها فنجده يلتقي مع "‬
‫بربس" يف تركيزه على الداللة من خالل حبث مسألة العالمة وتبٍت فكرة النسق اؼبفتوح‪ ،‬وأصبح‬
‫انصهار األبعاد الثالثية للعالمة ( اؼبمثل‪ ،‬اؼبوضوع‪ ،‬اؼبؤول) يبثل سَتورة العالمة أو ما يعرف "‬
‫السيميوزيس" ‪ »،‬إن اؼبعٌت الذي يستخلصو السيميائي من علل الطبيعة ىو خالصة "‬
‫السيميوزيس" أو الدالالت الالمتناىية يف الكون على وجود ا﵁ وعظمتو [‪ ]...‬ذلكأن التفكَت‬
‫اؼبنطقي ال يتولد من التعريفات [‪ ]...‬إمبا يستند إُف صور السَتورات اليت تسهم يف بناء مقدمات‬
‫وضع النتائج ألن التعريفات والقضايا تتجلى فعاليتها يف النشاط االستدالِف « ‪ ،3‬فالسيميوزيس‬
‫نشاط نابع من فعل يقتضي بالضرورة حضور األبعاد الثالثية للعالمة‪ ،‬وكذلك االستدالل‬
‫وتصنيفاتو الذي حظي بأولوية كبَتة يف منطق" بورس"‪ ،‬على أنو مركز التفكَت اؼبنطقي‪،‬‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.118‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.120‬‬

‫‪78‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فَتى " أضبد يوسف" يف ىذا الصدد أن سيميائيات "بورس" ترتكز على أبعاد عقلية‬
‫وتبولوجة» فاؼبنطق ال ينفصل عن الغايات األخالقية السامية « ‪ 1‬ومنتهيا يف ذلك إُف» أن اؼبعٌت‬
‫ليس نتاجا ذىٍت خالص بل ىو ذو عالقة بالواقع واألحداث « ‪ 2‬كما ذبدر اإلشارة إُف أن‬
‫الرياضيات كانت عامال حاظبا أثر يف منطق " بورس"» ألهنا أكثر اؼبعارف ذبريدا‪ ،‬وىي سابقة عن‬
‫اؼبنطق حسب تصنيفها للعلوم‪ ،‬كما أصبحت تعتمد على العبارات الرمزية ذات الصيغ اعبربية‬
‫بوصفها لغات اصطناعية تتجاوز عجز اللغات الطبيعية « ‪ ،3‬ومن خالل ىذا اتسم منطق " بورس‬
‫" يف ؾبال " جرب العالمات" الذي تأثر جبرب" "بول" الذي أضفى مقتضيات العدد على علم‬
‫اؼبنطق ولكن اختلف حسب " أضبد يوسف" عن قيم العالمات الذي سيشكل جوىر‬
‫سيميائيات " بورس" ومرتكزاهتا‪ ،‬ومن ىنا يرتبط جوىر العالمات يف ضوء ىذا التصور دبراتب‬
‫‪ »،‬فحيث ربدث النقلة الوجودية للفكرة وبصل التبلور واالكتمال داخل حدود الربوتوكول‬
‫الرياضي [‪ ]...‬والواقع أن أصل الًتاتب والتعالق‪ ،‬ىي اليت تكفل إعادة إنتاج موضوع مرجعيتو يف‬
‫سوق تداول العالمات « ‪ ،4‬ىكذا يتوقف تفسَت اؼبعٌت‪ ،‬عند "بورس" عن نتائج استعمال العالمة‬
‫فهو مرهتن بالعقل الذي يدركو وفق بروتوكول رياضي ثالثي واليت يدعمها " بورس" ( اؼباثول‪،‬‬
‫اؼبوضوع‪ ،‬اؼبؤول)» ولعل السيميائيات تشكل واحد من أبرز اغبقول اليت تركز يف جانب منها‪،‬‬
‫على فكرة االىتمام باػبطابات يف أبعادىا التداولية « ‪ ،5‬وخارج إطار التجربة اليت ىي سبيل‬
‫الوحيد الذي نقل الواقع إُف الذات ال يبكن إدراك العالمات من اؼبنظور الربغمايت حسب الناقد "‬
‫اضبد يوسف" كما أنو أشار إُف أن التأويل يضفي على سَتورة الدالالت اؼبفتوحة خصيصة‬
‫الضرورة‪ ،‬فقد كان من دعاة الًتاحم بُت السيميائيات والتأويليات وؽبذا خص الناقد سيميائية "‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات الواصفة‪ ،‬ص ‪.123‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.125‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.128‬‬
‫‪ 4‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.76‬‬
‫‪ 5‬ىامل بن عيسى‪ ،‬التداولية وربليل اػبطاب السيميائي يف النقد األديب اؼبعاصر‪ ،‬جامعة األغواط‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ض ‪.55‬‬

‫‪79‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بَتس" اليت تضع الرياضيات على رأس قائمة العلوم ومن ىنا نقف على حقيقة مفادىا أن‬
‫السيميائيات سواء كانت ذات منطلق لساين أو منطلق فلسفي فإن جذورىا سبتد يف الًتاث اؼبعريف‬
‫والفكري للثقافة الغربية بل اإلنسانية ككل‪ .‬وهبذا استطاع " أضبد يوسف" ربط الًتاث النقدي‬
‫العريب مع السيميائيات وأعالمها فاؼبنطق الواصف وجرب العالمات قوام السيميائيات وبناء صيغ‬
‫منطقية تعتمد يف مقاربة العالمة وسؤال اؼبعٌت‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬التفكير السيميائي و فلسفة الحداثة‬

‫يؤكد الناقد " أضبد يوسف" يف كتابو ( الدالالت اؼبفتوحة ) على ضرورة ربط السيمياء‬
‫بالًتاث الفلسفي القدًن إذ قبده يذكر أظباء العديد من الفالسفة و العلماء مثل ( أرسطو‪ ،‬جون‬
‫لوك‪ ،‬كانط‪ ،‬ديكارت) فهو يرى» أن فهم اؼبعن من اؼبنظور السيميائي ال ينبغي فصلو عن النسق‬
‫الفلسلفي والعلمي العامُت أي اؼبعرفة اإلنسانية اليت جعلت " جون لوك " يهتدي إُف السيميائية‬
‫اليت ترتبط ببقية عناصر ىذه اؼبعرفة « ‪ ،1‬ىذا إلن " بربس" يعًتف بأن االستقرار على ىذه الصور‬
‫الثالثة للجملة كانت نتيجة قرارات ألعمال واذباىات فلسفية متعددة منها " أرسطو "‪ ،‬والقديس‬
‫أو " أغستُت " ‪...‬‬

‫‪ -1‬الفكر اآلرسطي و التصور السيميائي المعاصر‪:‬‬

‫انطلقا من ذلك التوجو البَتسي الذي اختاره الناقد عنون الفصل األول ؼبؤلفو ( اآلرسطية‬
‫وامتداداتها في التفكير السيميائي) باعتبار أن " بربس" تأثر كثَتا بالطرح اآلرسطي‪ ،‬خاصة يف‬
‫اؼبرحلة األوُف من مراحل تفكَته واليت ظباىا "جَتارد لودال" باؼبرحلة الكانطية ( ‪185‬م‪/‬‬
‫‪1870‬م) واليت قام فيها دبراجعة اؼبقوالت الكانطية يف سياق اؼبنطق األرسطي‪.2‬‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬الدالالت اؼبفتوحة (مقاربة سيميائية يف فلسفة العالمة) منشورات االختالف‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬اعبزائر العاصمة ‪ ،‬اؼبركز‬
‫الثقايف‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الدار العربية للعلوم‪ ،‬بيوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،2005 ،1‬ص ‪.19‬‬
‫‪ (2‬ينظر) جَتارد دودال‪ ،‬السيميائية أو نظرية العالمات‪ ،‬ت‪ ،‬عبد الرضبن بو عل‪ ،‬ص ‪19‬‬

‫‪80‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫فتعترب الدالالت اؼبفتوحة حسب الناقد " أضبد يوسف" موضوع السيميائيات اؼبركزية يف‬
‫أحباث السيميائيات البورسية ىو وبقية الدراسات اليت استلهمت أفكاره يف ىذا الشأن "‬
‫فالسيميزيس" ىو العملية اليت يشتغل فيها الشيء بوصفو عالم ة‪، 1‬ويعترب " السيميوزيس‬
‫"‪ »"sémiosis‬سَتورة ربدث تدرهبيا يف ذىن اؼبؤول بدء من إدراك العالمة ووصوال إُف حضور‬
‫موضوع العالمة يف الذىن‪ ،‬إهنا سَتورة مرجعية‪ ،‬وينتمي كل عنصر من ىذه العناصر اؼبشكلة ؽبذه‬
‫السَتورة إُف مبط معُت من أمباط الوجود « ‪.2‬‬

‫لبلص إُف أن " أضبد يوسف" يركز يف ىذا اؼبؤلف على سيميائيات '' بَتس'' وىذا ما يربز‬
‫العنوان الفرعي للمؤلف ( مقاربة سيميائية يف فلسفة العالمة) الذي وبدد بدوره التوجو الفسلفي‬
‫للناقد وسبثل ىذه اؼبدونة الفصل الثاين من الباب األول لرسالة الناقد يف الفلسفة واليت ضبلت عنوان‬
‫( السيميائيات وفلسفة المعنى)‪ ،3‬وىو الفصل الذي عنونو ( بالمنطق الواصف وجبر‬
‫العالمات)‪ ،‬وؽبذا قبده تناول العالمة اعتمادا على الطرح الفلسفي‪ ،‬وذلك ألن العالمة تضخمت‬
‫واجتاحت كل اغبقول وىي اآلن تتحول تدرهبيا إُف " متعال" جديد ينافس الكثَت من العلوم‬
‫والفلسفات يف االدعاء بإمكانية تقدًن ربليل مشوِف لكافة مظاىر اغبياة والكون والسلوك‪ ،4‬ونظرا‬
‫ؽبذا الدور العظيم للعالمة يف السيميائيات العامة واليت تتضمن داخل إطار نظرية العالمة‪ ،‬على‬
‫حقول نظرية قاعدية كتلك اليت ترتبط بأمبوذج العالمة اللسانية أو دبتصورات الدالالت اؼبفتوحة أو‬
‫بالنظرية السردية للخطاب‪ 5‬فإن " أضبد يوسف" يركز على مفهوم العالمة يف ظل " الدالالت‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬الدالالت اؼبفتوحة‪ ( ،‬مقاربة سيميائية يف فلسفة العالمة) ص ‪.57‬‬


‫‪ 2‬تشيكو نعيمة‪ ،‬الدالالت اؼبفتوحة والسَتورة التأويلية يف فكر أمربتو إيكو‪ ،‬مذكرة ماجسًت‪ ،‬ـبطوط‪ ،‬جامعة وىران‪( ،‬‬
‫‪ ،)2007 ،2006‬ص ‪.12‬‬
‫‪ ( 3‬ينظر )‪ ،‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات وفلسفة اؼبعٌت‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬ـبطوط‪ ،‬جامعة وىران‪ ،)2004-2003 ( ،‬ص‬
‫‪.241‬‬
‫‪ 4‬فاضل ثامر‪ ،‬اللغة الثانية‪ ( ،‬يف إشكالية اللغة واؼبصطلح واؼبنهج)اؼبركز الثقايف العريب‪،‬ط‪1994 ،1‬م‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪(5‬ينظر)‪ ،‬عبد القادر‪ ،‬فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة ( أسسها ومفاىيمها)‪ ،‬ص ‪.09‬‬

‫‪81‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اؼبفتوحة "‪ ،‬وىذا ألن ؼبفهوم الدالالت اؼبفتوحة ( السيميوزيس ) أنبية ؿبورية داخل الصرح اؼبعريف‬
‫لنظرية " بَتس" السيميائية‪ ،‬كون ىذه األخَتة قد انبنت على أسس مرجعية الفكروسكويية (‬
‫)‪ phocerescopiyaes‬اليت تعٌت باؼبقوالت الثالثة ىي األوالنية‪ ،‬والثانينية‪ ،‬والثالثانية‪ ،‬من‬
‫جهة وأفضت إُف تفعيلها تطبيقا من جهة أخرى‪ ،‬بيد أن ضرورة الفعل اؼبنهجي بُت السيميائيات‬
‫والدالالت اؼبفتوحة تظل يف نظر أمربتو إكو )‪ (ECO‬أمرا ال مناص منو‪ ،‬فعل يقوم يف أساسو‬
‫على سبييز اؼبعرفة عن موضوعها‪ ،‬فاؼبعرفة السيميائية خطاب نظري وليست عالمة خطاب يتناول‬
‫بدراسة الطبيعة اعبوىرية لكل الدالالت اؼبفتوحة اؼبمكنة وربوالهتا‪1‬كما أن اغبرص على تناول‬
‫العالمة من جهة فلسفية يبكن يف أن " ما ىو أساس يف أي نظرية ليست التقنيات واألدوات‬
‫واؼبفاىيم اؼبعزولة إن ىذه األدوات أمر الحق‪ ،‬وال تشكل يف هناية األمر سوى وجو مرئي ألساس‬
‫معريف ىو وحده الضامن ؽبويتو النظرية ووجودىا [‪ ]...‬إن ما هبمع بُت تصورات معرفية متعددة‬
‫وبُت نظرية " بَتس" ىو منطلقاهتا الفسلفية وليس ؾبموع اؼبصطلحات اليت جاء هبا‪.2‬‬

‫ويظهر من خالل العنوان الذي اختاره الناقد ذلك التوجو البَتسي الذي كباه " أضبد‬
‫يوسف" وىذا ألن السيميائيات عند " بَتس" ليست صنافة جامدة تدرج أنواع العالمات يف‬
‫خانات قارة بشكل هنائي إمبا على العكس من ذلك ترد كل أنساق إُف حركات الفعل اإلنساين‪،‬‬
‫إهنا ذبعل من اإلنسان عالمة وذبعل منو صانعا للعالمة‪ ،‬وتقدمو كضحية ؽبا يف نفس اآلن‪.3‬‬

‫‪ -2‬العالمة و التأصيل الفلسفي‬

‫يف ىذا الفصل الثاين والذي عنونو ( مفهوم العالمة في الخطاب الفلسفي الحديث )‬
‫حاول فيو الناقد " أضبد يوسف" التأصيل ؼبفهوم العالمة يف الفكر الغريب والعريب‪ ،‬حيث استفاد‬

‫‪ (1‬ينظر)‪ ،‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ 2‬سعيد بن كراد‪ ،‬السيميائيات والتأويل‪( ،‬مدخل لسيميائيات" ش س‪ ،‬بَتس") مؤسسة ربديث الفكر العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬
‫اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬ط‪2005 ،1‬م‪ ،‬ص ‪.‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.28‬‬

‫‪82‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الناقد من فالسفة ىذه الفًتة مثل البينتيز‪ ،‬وكاسَتر‪ ،‬حيث تناول ما جاءوا بو يف مؤلفاهتم‬
‫األصلية‪.‬‬

‫" البينتيز" الذي» قد أشار إُف اعتباطية العالمة اللسانية‪ ،‬ونبو إُف أن اللغة ىي من أقدم‬
‫ربف الشعوب قبل ظهور الكتابة والفن وأنتصر لفكرة " اللغة العاؼبية" « ‪ ، 1‬فتصورات‬
‫السيميائيات ال ذبمع على أهنا علم لو موضوع ؿبدد يتمثل يف دراسة العالمات‪ ،‬وإمبا تكتسب‬
‫الطابع الصارم للعلم‪ ،‬ولكنها سبيل ألن تكون تأمال فلسفيا يضطلع إلبداع اؼبفاىيم وؿباولة فهم‬
‫عاَف العالمات ونشاطها الرمزي‪ ،‬وتندرج فلسفة " كاسَتر" يف ىذا السياق اليت تبغي من وراءه‬
‫سد اعبيوب الفارغة يف فلسفة " كانط" اليت أنبلت اللغة وبقية األشكال الرمزية وؿباولة ربطها‬
‫باألنطولوجية الفلسفية " لكانط" واضفاء الصبغة الرمزية على طبيعة التفكَت اإلنساين‪ ،‬وؽبذا فغنها‬
‫تنطلق يف تعريف اإلنسان من اؼبصادرة اآلتية» أنو حيوان رامز « ‪ ،2‬وىو الوحيد من الكائنات‬
‫الذي حيب باستعمال اللغة‪ ،‬فأصبحت خصيصة نوعية تقرد هبا حسب " تشومسكي"‪.‬‬

‫ينبثق مفهوم العالمة من منظور " بَتس" انطالقا من " السيميوزيس" ( العالمة أو اؼبمثل)‬
‫ىو األوالين‪ ،‬الذي ينوب عن الثاين‪ ،‬الذي يسمى " اؼبوضوع" واؼبمثل هبد الثالثاين الذي يدعى "‬
‫اؼبؤول"‪ ،‬وىذه ىي العالقة الثالثية األصلية وأي شيء وبدد شيء آخر ىو ( مؤولو)‪ ،‬حبيث أن "‬
‫اؼبؤول" وبيل على " موضوع" وىذا "اؼبوضوع" وبيل بدوره على " موضوع" آخر بنفس الطريقة‪،‬‬
‫أي أن اؼبؤول أصبح ىو نفسو عالمة‪ ،‬وىكذا إُف ماال هناية‪.3‬إذن فهو نشاط نابع من فعل‬
‫يقتضي بالضرورة حضور األبعاد الثالثية للعالمة‪ (.‬اؼبمثل‪ ،‬اؼبوضوع‪ ،‬اؼبؤول) " فالسيميوزيس" يف‬
‫تصور " بَتس" فعل العالمة وعملها وؽبذا ربظى الوظيفة الرمزية دبنزلة خاصة يف سيميائيات "‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف الدالالت اؼبفتوحة‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.61‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص‪.57 ،56 ،‬‬

‫‪83‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بَتس" ألهنا ربافظ على الطبيعة اؼبنطقية العليا للنشاط السيميائي وسَتورتو‪ ،‬الذي يستدعي اؼبؤول‬
‫الضامن لربط اؼبوضوع بالعالمة‪.‬‬

‫‪ -3‬أنماك العالمة ووظائفها‪:‬‬

‫ىو العنوان الذي وسم بو الناقد " أضبد يوسف" فصلو الثالث‪ ،‬أين يظهر فيو التوجو‬
‫البَتسي الذي قسم العالمة إُف ثالثة أقسام ( قرائن‪ ،‬أيقونات‪ ،‬رموز) ولذلك قبد اعتماده على‬
‫الكتب الغربية الشارحة لسيميائيات "بَتس" كثَتا وأنبها كتاب أمربتو إيكو‪ ،‬ىذا ألن "بَتس" أخذ‬
‫حصة األسد يف اؼبنظومة اؼبعرفية " اإلكاوية" ويرجع ذلك للطابع االنفتاحي الذي تتميز بو آراءه‬
‫اػباصة بالدليل من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى ال تقتصر وجهتو السيميائية على الدليل اللساين بل‬
‫تطال األنساق األخرى لتشمل األيقونة والرمز واإلشارة‪.1‬‬

‫وقد ظهر تأثره بطرح أمربتو إيكو للعالمة خاصة يف كتابو ( السيميائية وفلسفة اللغة)‬
‫الذي يبثل عمال نظريا على غاية من التعمق والدقة‪ ،‬وتعد نظرة "إيكو"‪ ،‬للًتاث عملية تأصيلية‬
‫للعالمة فهي مبوذج نظري أراد أن يتبع فيو طريقة السجال ومناقشة كل اآلراء اليت يراىا من منظوره‬
‫متطرفة وراديكالية‪ ،‬فبعد أن نبش يف أصول تسع مقوالت‪ ،‬السميوزيس اؽبرموسية‪ ،‬و ىي العالمة‬
‫النوعية ‪ ،Qusligmne‬واؼبتفردة ‪ ،Sinsigne‬والعرفية ‪ ،Legisgne‬والعالمة يوصفها‬
‫أيقونة ومؤشرات ورمزا والعالمة بوصفها تصورا ‪ Rhéme‬تصديق ‪ Dicisigne‬وحجة‬
‫‪ Argennet‬يف ذبلياهتا التارىبية وراح يسلط الضوء على السيميوزيس اؼبعاصر‪ ،2‬كما يربز تأثر "‬
‫أضبد يوسف" ''بإيكو'' يف تبنيو للسيميائيات الـتأويلية حيث يقول‪ »:‬وكبن نتطلع إُف سيميائيات‬
‫نسقية تًتاحم فيها البنية بالذات‪ ،‬والنقد بالتأويل‪ ،‬والنسق بالسياق‪ ،‬والعالمة باؼبعٌت‪ ،‬وعلى الرغم‬

‫‪ ( 1‬ينظر) آراء عابد اعبرماين‪ ،‬اذباىات النقد السيميائي للرواية العربية‪ ،‬منشورات‪ ،‬ضفاف‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬ط‪ ، 2012 ،1‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 2‬وحيد بن بوعزيز‪ ،‬فتنة السيميوزيس‪ ،‬من انفتاح القراءة إُف حدود التأويل‪ ،‬ؾبلة التبُت ( باب الدراسات)‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬عدد ‪،29‬‬
‫‪ ،2008‬ص ‪.77‬‬

‫‪84‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫من أن ىذه النسقية ال تتحمس كثَتا إُف نزعة ؿبايثة وأوىامها‪ ،‬إال أننا كنا قد أكدنا سلفا ضرورة‬
‫حضورىا بل يشًتط ىذا اغبضور يف ىذه النسقية اليت مازلنا َف نرزق اغبكمة بعد « ‪.1‬‬

‫كما يؤكد يف موضع آخر ضرورة الًتاحم بُت السيميائيات والتأويليات قصد الوقوف على‬
‫الدالالت اؼبفتوحة ( للسيميوزيس) وزبوم التأويل‪ ، 2‬وىذا التأويل الذي دعا إليو إيكو‬
‫باعتباره» أحد أبرز من نبو صبهور الباحثُت إُف اؼبردودية التحليلية البالغة الغٌت اليت تشتمل عليها‬
‫نظرية بَتس « ‪ ،3‬وَف يتوقف يتأثر الناقد '' بإبكو'' على اعبوانب اؼبعرفية بل تعدى ذلك إُف تبنيو‬
‫نفس الطرح اؼبنهجي يف مدارستو العالمة حيث يدرس " إيكو" يف مؤلفو )العالمة ( طبسة مفاىيم‬
‫سيطرت على صبيع النقاشات السيميائية وىي‪) :‬العالمة‪ ،‬واؼبدلول‪ ،‬واالستعارة‪ ،‬والزمن‪ ،‬والسنن‪(،‬‬
‫وذلك من خالل إعادة النظر فيها من الزاوية التارىبية‪ ،4‬فنجد " أضبد يوسف" قد تناول مفهوم‬
‫العالمة من وجهة تارىبية تنزع للتأصيل الغريب والعريب‪ ،‬كما احتوى كتابو على نفس مباحث‬
‫"إيكو" ( العالمة‪ ،‬الرمز‪ ،‬االستعارة‪ ،‬األسطورة‪ )...‬بل وبنفس الطرح التارىبي الذي دعا لو "‬
‫إيكو" بقولو» لكي تفهم فهما أفضل اؼبسائل اليت ال تزال ذبَتنا‪ ،‬هبب أن نعود إُف السياقات اليت‬
‫ظهرت فيها اؼبقولة ألول مرة « ‪.5‬حيث تتخلص نظرة " إيكو" للسيميوزيس" باعتباره ال وبيل إُف‬
‫تصور يف التأويل وسَتورة ال تنتهي عند حد بعينو‪ ،‬بل نظر "إيكو" إُف " السيميوز"‪ ،‬وإُف كل‬
‫اؼبفاىيم اؼبرتبطة هبا باعتبارىا مبدأ للتعددية باعتبارىا تأوال بال هناية‪.‬‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائية وفلسفة اؼبعٌت‪ ،‬د‪ ،‬ص‪.‬‬


‫‪( 2‬ينظر) أضبد يوسف‪ ،‬القراءة النسقية‪ ( ،‬سلطة البنية ووىم ا﵀ايثة)‪،‬دار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬دار‬
‫االختالف‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ط‪ ،2007 ،1‬ص ‪.557‬‬
‫‪ 3‬سعيد بن كراد‪ ،‬السيميائيات والتأويل‪ (،‬مدخل لسيميائيات ش‪ .‬س‪ .‬بَتس)‪ ،‬ص ‪.36‬‬
‫‪ 4‬أمربتو إيكو‪ ،‬السيميائية و فلسفة اللغة‪ ،‬تر ‪ :‬أضبد الصمعي‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪5‬اؼبرجع فسو‪ ،‬ص ‪.32‬‬

‫‪85‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪ -4‬تمظهرات العالمة و صيغ تحققها ‪:‬‬

‫أما الفصل الرابع اؼبعنون بـ‪ ( :‬صيغ تحقق العالمة) وىو عبارة عن نقل حريف ألحد‬
‫عناوين " أمربتو إيكو" يف كتابو ( السيميائية وفلسفة اللغة)‪ ،1‬فقد اعتمد عليو الناقد اعتمادا‬
‫كبَتا كما أسلفنا الذكر وتبٌت تصنيفو للعالمة يف كتابو ( العالمة)‪ ،‬ربليل اؼبفهوم وتارىبو‪ " 2‬إذا‬
‫ربيلنا اإلجراءات السيميائية اليت نظر ؽبا "إيكو" إُف أن منطلق اىتمامو كامن يف قدرة العالمة‬
‫الدينامية وأصلها‪ ،‬التأمل يف كل جوانب حياتنا‪ ،‬الذي نتعرف إليو من خالل تتبع سنن العالمة‬
‫داخل االكسيولوجيا العامة (‪ )Laxiologsc‬فبا جعلو يدخل السيميائية متلهفا للتعرف إليها‬
‫عن كثب فجاءت دراستو لتكثر من اغبفر يف الدالالت واؼبؤوالت‪ 3‬حيث ذىب الناقد ليبحث يف‬
‫وظائف العالمة‪ ،‬أصنافها‪ ،‬ونشاطها‪ ،‬إذ أخذ» أصناف العالمات اليت تستند على مبادئ‬
‫للتحليل مثل القرائن األيقونات وحىت الرموز فهي على الرغم من أهنا تقوم إما على مبدأ السببية‬
‫وإما على مبدأ اؼبشاهبة وإما على مبدأ التعليل‪ ،‬فإن ذلك ال يشفع ؽبا أن تدعي عالمات تعليلية‬
‫مطلقة « ‪ ،4‬كما أن للسياق دور يف ربديد طبيعة العالمة فإذا قابلنا العالمات ذات الطبيعية‬
‫االعتباطية بالعالمات ذات الطبيعية التعليلية سيكون دور السياق حاظبا‪ ،‬داخل العالمات‬
‫االعتباطية» إن تعدد دالالت العالمة الواحدة عائد إُف دور السياق االجتماعي والثقايف الذي‬
‫تنتمي إليو ىذه األنساق السيميائية‪ ،‬حىت تصبح قادرة على الداللة «‪ ،5‬مثال‪ :‬فالنار بوصفها‬
‫ظاىرة طبيعية قد يكون ؽبا ما يعللها من الناحية الفيزيائية أو الكيميائية وقد يكون رمزا دينيا وإال‬
‫على العقائد الدينية كاجملوسية ‪،‬الذي يعبد أتباعها النار أو اؼبانوية‪ ،‬وقد تكون إشارة داخل إطار‬
‫من أطر عالمات اؼبرور تدل على ربذير اؼبارة والسائقُت‪ ،‬من رمي النار على حافة الطريق‪ ،‬وىي‬

‫‪( 1‬ينظر)‪ ،‬أمربتو إيكو‪ ،،‬السيميائية وفلسفة اللغة‪ ،‬ص ‪.99‬‬


‫‪( 2‬ينظر)‪ ،‬أمربتو إيكو‪ ،‬العالمة (ربليل اؼبفهوم وتارىبو)‪ ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 3‬أراء عابد اعبرماين‪ ،‬اذباىات النقد السيميائي للرواية العربية‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬الدالالت اؼبقًتحة‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.109‬‬

‫‪86‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫تدل يف موضع آخر على العقاب ( يف الثقافة اإلسالمية بالنسبة للكفار)‪ ،‬ىذه اؼبدلوالت وغَتىا‬
‫وبددىا الواقع والثقافة واالجتماع وبعبارة أخرى وبددىا السياق إذ يرى " بورس" أن العالمات‬
‫بنوعيتها وكيفياهتا اؼبتغايرة ( كلمة‪ ،‬قضية‪ ،‬خطاب‪ ،‬برىان‪ ،‬إشارة‪ ،‬قطعة موسيقية‪ »،)...‬ال زبرج‬
‫عن حد العالمة البسيطة أو اؼبركبة وأيا كانت صورة التعالق اليت تنسجها العالمات البسيطة فيما‬
‫بينها بالغة التحقيق فإن النسق الذي تبلوره ال يغدو إال أن يكون عالمة « ‪ 1‬فإذا افًتضنا أن كل‬
‫فكرة ىي عالمة‪ ،‬فينبغي على كل فكرة أن تقود بدورىا إُف فكرة أخرى‪ ،‬و أن ربدد فكرة أخرى‬
‫طاؼبا أنو كذلك ىو جوىر العالمة ىذا ما يؤكد عليو " بورس"‪ ،‬إن الدالالت اؼبفتوحة دبثابة‬
‫االنفجار الكبَت لذرة داللة أولية غامضة اعبوىر متخلقة من العدم‪ ،‬حيث تدافع سيميائيات "‬
‫بورس" عن أوالنية العالمة بوصفها سابقة للوجود فهي هتب بوضعها الكارثي موضوعات الواقع‬
‫كينوناهتا وربمل يف طياهتا – على صعيد اللغة – خطر " التهديد الذي وبملو اؼبوجود‬
‫للموجود"‪ ،2‬وذلك حُت يتحول الواقع بدوره إُف أمثول لواقع آخر‪.‬‬

‫‪ -5‬العالمة األيقونية وأبعادها الجمالية‬

‫وىو العنوان الذي ضبلو الفصل اػبامس واألخَت من مؤلفو – أضبد يوسف‪ -‬الدالالت‬
‫اؼبفتوحة‪ ،‬حيث تناول فيو سيميائية الصورة باعتبارىا جزءا من اغبقل البَتسي والذي تناول فيو‬
‫األيقونة» ومن ىذا استقرأ الصورة وبٌت سيميولوجية منتجة للمعٌت بدأت تغدو شكال‬
‫ابستيمولوجيا مستقال بذاتو وقادرا على التعبَت والتأثَت‪ ،‬السيميولوجيا الغَت العقيمة اؼبنتجة للمعٌت‬
‫ىي اليت تدرج يف بٌت الصورة‪ ،‬وطبقاهتا وتتجاوز مع السيكولوجيا من جهة وباستيطيقا التعبَت من‬
‫جهة « ‪،3‬حيث ركز يف ىذا الفصل على إظهار قيمة السيميائيات األيقونية أو سيميائيات‬

‫‪ 1‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.77‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.83‬‬
‫‪ 3‬قدور عبد ا﵁ ثاين‪ ،‬سيميائية الصورة ( مغامرة سيميائية يف أشهر االرساليات البصرية يف عاَف)‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬ط‪ ،2008 ،1‬ص ‪.13‬‬

‫‪87‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الصورة‪ ،‬باعتبارىا أحد اغبقول السيميائية اعبديدة» غَت أن داللة الصورة ظلت تتجاذهبا اآلراء‬
‫والتوجهات‪ ،‬وَف ذبد حىت اآلن اجملال الفعلي داخل السيميائيات العامة « ‪ 1‬حيث نالحظ أن‬
‫االىتمام كان منصب عن أثار اؼبعٌت الناذبة عن االستعمال واستقطاب ـبتلف األنساق الدالة‬
‫االجتماعية‪ ،‬كما قبد الناقد يراىن على التحليل السيميائي يف إدراك وجود البنية الفنية اؼبشتغلة‬
‫وديناميتها عندما ترتبط باألسيقة الثقافية العامة اليت يتم يف ظلها تأمل نشأة اػبطابات الفنية‬
‫وأشكال تقبلها وتلقيها‪ ،‬وؽبذا نلفيو يدرس وظائف خطاب اإلماءة عند شارِف شابلُت"‬
‫السيميائي‪.2‬‬

‫فالعالمة حقل واسع تتنازعو عدة علوم مثلما ىو الشأن بالنسبة إُف البنية والقيمة‪ ،‬ومن‬
‫ىنا ال هبعل الفن يف حقل العالمة وحدىا وإمبا يرى "موكاروفسكي" بأن» العمل الفٍت عالمة‬
‫وبنية وقيمة يف نفس الوقت « ‪ ،3‬وإذ نظرنا أيضا إُف السيميائيات قبدىا تندمج يف عاَف‬
‫السيميائيات اػباصة اليت تتطلع ؼبدارسة اػبطابات اؼبتعددة السنن» إذنلفي اللغة اؼبسرحية‬
‫تستدعي أنساقا متباينة من العالمات اؼبتمثلة يف اللسان وا﵀كي واؼبكان واغبركات‪ ،‬والضوء‪،‬‬
‫والديكور‪ ،‬واعبمهور‪ ،‬وال غرو أن تعد سيميائيات اؼبسرح ملتقى للعالمات « ‪ ،4‬حيث أصبحت‬
‫اؼبتصورات السيميائية للجماليات خاصة اؼبتعلقة جبماليات اػبطاب البصري سواء تعلق األمر‬
‫بالصور الفوتوغرافية أو بفنون العروض اؼبسرحية و إخراج الديكور وما إُف ذلك من ما ىبرج عن‬
‫فضاء العالمات اللسانية‪ ،‬مثل السنيما والفنون التشكيلية والعمارة‪ ،‬لتتخذ تعبَتا أيوقونيا تارة‬
‫ورمزيا تارة أخرى‪ ،‬وىي بذلك تغدو سيميائيات مستقلة ألن موضوعاهتا يف ثقافتنا ؽبا وجود‬
‫ثابت‪ ،‬وعلى الرغم من أن ىذه اؼبوضوعات تكون خطابات‪ ،‬تستدعي عن طريق االستدالل أمباطا‬

‫‪1‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.10‬‬


‫‪ 2‬أضبد يوسف‪ ،‬الدالالت اؼبفتوحة‪ ،‬ص ‪.135 -134‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪.135 ،‬‬
‫‪4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.134‬‬

‫‪88‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫عديدة من السيميائيات إال أن مكانتها صارت ؿبل اىتمام بالغ من قبل السيميائُت‪ .‬إذا فدعوة "‬
‫أضبد يوسف" إُف االنفتاح على ـبتلف اؼبرجعيات اؼبعرفية تربز معاَف الوجهة النقدية اليت ازبذه‬
‫اػبطاب عنو‪ ،‬مطية للبحث يف تاريخ األدب اعبزائري‪ ،‬وحبث خفوت الساللة وضياع اعبنيالوجيا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬التأسيس الفكري و اللساني للنظرية السيميائية عند " أحمد يوسف"‬

‫إن مقاربتنا اليوم ىي مقاربة لباحث أكاديبي عريق ملم برصانة اغبداثة ىذا اؼبهتم دبجال‬
‫السيمياء وربليل اػبطاب‪ ،‬واؼبهم يف ىذا اؼبقام اغبديث والتطرق ألىم اقبازاتو الفكرية واؼبعرفية اليت‬
‫سنحاول االشتغال على بعض أىم اؼبقاالت اليت تناول فيها الدرس السيميائي‪ ،‬فمن أحباثو‬
‫اؼبنشورة يف اجملاالت العلمية ا﵀كمة مقالو اؼبعنون بـ ( السيميائيات التأويلية وفلسفة األسلوب)‪،‬‬
‫كذلك مقال بعنوان (السيميائيات و مرتكزاتها االبستمولوجية )‪ ،‬باإلضافة إُف مقال آخر‬
‫عنوانو ( تأثير الجلوسيمياتية في النظرية السيميمائية‪ ،‬مدرسة باريس أنموذجا )‪ ،‬باإلضافة إُف‬
‫العديد من اؼبقاالت اليت كانت دبثابة التأسيس لتوجهو السيميائي‪.‬‬

‫دراسة وصفية ألبحاث أكاديمية متنوعة ‪:‬‬

‫‪ -1‬تهافت المعنى وهباء الحقيقة‬

‫تعد ىذه الدراسة تأمالً سيميائيًا لتهافت اؼبعٌت‪ ،‬يسعى من خاللو الناقد " أضبد يوسف"‬
‫إُف فهم إشكاالت ىباء التأويل يف أدبيات البالغة السفسطائية وما تنشده اللغة العلمية الواصفة‪،‬‬
‫اليت ظهرت يف مطلع القرن اػبامس قبل اؼبيالد بعد أطول قبم حكم األقلية األوليجارشية وبروز‬
‫حكم " ديبقراطي" راشد يف القرن الثاين بعد اؼبيالد‪ 1‬وىنا يبُت " أضبد يوسف" أن ىذا التأمل‬
‫يرسم لنفسو مسارا نقديا يتعامل مع البالغة على أهنا ثراء لغوي وفكري غَت منفصل عن نشاط‬
‫السلوك اإلنساين وضبوالتو الفلسفية واغبضارية‪ ،‬مركزا على طبيعة الدوائر اليت ينفلت فيها اؼبعٌت من‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت وىباء اغبقيقة‪ ،‬مقال يف ؾبلة عاَف فكر‪ ،‬العدد ‪ 1‬اجمللد‪ ،38‬سبتمرب ‪ ،2009‬الكويت‪ ،‬ص ‪.7‬‬

‫‪89‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫هباء النسق‪ ،‬وتنزلق فيها الدالالت إُف ىباء التأويل لدى السفسطائيُت األوائل حيث‬
‫يقول» فتصَت '' اغبقيقة'' إُف التيهاء‪ :‬وال معلم ؽبا إال ىذا الذي تكنست قواريره ليصبح مقياسا‬
‫لكل األشياء « ‪ ،1‬وىذا ما جعلو يتساءل حول كيفية قراءة مدونة البالغة الفسفاطية‪ ،‬وقد وصلنا‬
‫ارثها مكتوبا بأقالم خصومها‪ ،‬واصفا ىذه القراءة بـ " اؼبناحرة" مشَتا إُف ضرورة أن على التأمل‬
‫النق‪-‬دي أن يستنفر احتياطاتو اؼبنهجية‪ »،‬وؽبذا عميت على مؤرخي الفلسفة أنباء النصوص‬
‫السفسطائيُت‪ ،‬ورمت هبم أسفار البحث أبعد مرامها « ‪ ،2‬وىذه دعوة من النقاد إُف إعادة قراءة‬
‫البالغة السفسطائية من حيث ىي وحدة فكرية بدل أن يعزؽبا تاريخ الفلسفة مبينا» أن البالغة‬
‫السفسطائية فجوة سحيقة يف تاريخ الفلسفة نظرا إُف ما تعرضت لو من ضروب الطمس والتدليس‬
‫[‪ ]...‬على الرغم من اعبهد الذي يبذلو "جرورج ببيكوكفريد" يف إعادة تأىيل تاريخ الًتاث‬
‫السفسطائي وإعادة قراءة تاريخ تأويالت التيار السفسطائي « ‪ ، 3‬منتقال يف طرحو أشهر‬
‫السفسطائيُت أمثال‪ ،‬بروتاغوراس‪ ،‬وغورغياس وىيبياس‪ ،‬الذين يبثلون رصيد البالغة يف صورة‬
‫اػبطابة عند الغرب الذي ظل شفوي َف يدون‪ »،‬تعد البالغة السفسطائية إحدى ضحايا الثقافة‬
‫الشفوية اليت َف ربفظها الكتابة من الضياع « ‪ 4‬حبكم أهنم معلمي اػبطابة وفن اإللقاء يعتمدون‬
‫على ما ىو منطوق‪.‬‬

‫فيشَت الناقد " أضبد يوسف" إُف أن الكتابة كوهنا نسقا سيميائيا دالو القدرة على مناقشة‬
‫اللسان مسألة يف غاية اغبساسية‪ ،‬ودعا من خالل ىذا اغباجة إُف االستعانة بالسيميائيات‬
‫التأويلية يف البحث عن» أثر النصوص )‪ ) Tracedes Textes‬السفسطائية يف‬
‫مسرحيات"بوربيدس" الكوميدية ويف ؿباولة أفالطون وكتابات آرسطو « ‪ ،5‬وقد حصر الناقد‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت و ىباء اغبقيقة ‪ ،‬ص ‪.8‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.8‬‬
‫‪3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن ‪.‬‬
‫‪ 4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.9‬‬
‫‪( 5‬ينظر)‪ ،‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.10‬‬

‫‪90‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫قراءتو السيميائية ىذه ضمن دائرتُت يف السياسة واغبكمة‪ ،‬فتحدث عن ىذه البالغة اغباملة لذلك‬
‫اغبيوان الذي يبتلك سلطة النطق ومهابة الكالم‪ ،‬وتكون ىنا القوة والسلطة والسيادة ؼبن يبتلك‬
‫سحر البالغة‪ ،‬مبينا أن العالمة كانت منضوية يف الذات الفردية‪ ،‬دبعٌت ما كانت تقع خارجها‬
‫‪1‬‬
‫لدى الفالسفة الطبيعيُت‪ ،‬وأن عالمة اإلنسان ذات معٌت ؾبرد‪ ،‬وافًتاضي يكمن يف فرد اإلنسان‬
‫مبينا أيضا ارتباط نشأة البالغة دبمارسة اؼبواطنُت اللغوية وأن صراع الـتأويل حسب " أضبد يوسف‬
‫" بدأ عمليا مع السفسطائيُت‪ »،‬حينما انتقل التفكَت الفلسفي من البحث يف األنطولوجيا إُف‬
‫البحث يف اإلنسان وحصر حاجاتو وربديد رغباتو « ‪ »،2‬فالعالمات تربز فقط عندما يبكن التعبَت‬
‫عنها بصفة عقلية من خالل عناصر اللغة واللغة تًتكب ألهنا تعرب عن أحداث ؿبملة دبعٌت « ‪،3‬‬
‫مبينا أن البالغة تعد جزءا ؿبركا يسهم يف بناء النسق السيميائي‪ ،‬كما ؽبا من قدرة على خلق‬
‫عالقات جديدة بُت العالمات وفق ما تستند إليو من تناقض‪.‬‬

‫ومن خالل ما قدمو " أضبد يوسف" يف ىذه الدراسة فهو يصل إُف حقيقة مفادىا» أن‬
‫التباين يف اؼبقاصد واؼبصاٌف تكتسي صيغا خطابية تتجلى يف درجات اللغوس‪ ،‬وبالتاِف ربمل أبعاد‬
‫السَتورة التأويلية – يف تصوره – طبيعة سيميائية يبٍت جرب عالماهتا على قانون تركييب داخلي‬
‫يستجيب ؼبقتضيات الدائرتُت السياسية والفلسفية معا « ‪ 4‬كما يرى» أن ىذا اؼبنطق يؤمن بأن‬
‫اللغة ضبالة عالمات ال ضبالة أشياء « ‪ 5‬أي أفكار ؾبردة باعتبارىا جواىر ظبيائية‪ ،‬منتهيا إُف أن‬
‫البالغة السفسطائية قائمة على نزعة إنسانية ـبصوصة َف تتبلور يف التفكَت الفلسفي إال يف عصر‬
‫النهضة وأن انطالقات اؼبعٌت يف اػبطاب السفسطائي ذبلت ألسباب سياسية وأخالقية وعلمية‬
‫تتسم بالتحليل الشكالين مع " جور جياس "‪ ،‬مسلما دبقولة "بَتس" أن اإلنسان عالمة فأفضى‬

‫‪( 1‬ينظر)‪ ،‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت و ىباء اغبقيقة‪ ،‬ص ‪.14‬‬
‫‪2‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت وىباء اغبقيقة‪ ،‬ص ‪.19‬‬
‫‪ 3‬أمربتوإيكو‪ ،‬السيميائيات وفلسفة اؼبعٌت‪ ،‬ص ‪.81‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت وىباء اغبقيقة‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪91‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بو ىذا التسليم إُف أن العالمة ىي مقياس كل شيء‪ »،‬ويًتتب على ىذا القياس أن العالمة ال‬
‫تتسم بالثبات على كبو ما كانت ربملو العالمات يف فلسفة الطبيعيُت‪ ،‬ما قبل سقراط وأن‬
‫الدالالت اؼبفتوحة أو النشاط السيميائي وحيويتو وبيل إُف انزالقات اؼبعٌت وانعطافات ربوالتو‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫وذلك عرب االستدالالت اليت كانت تثَت فقط فصدم السفسطائيُت بوصفها ضرب من التمويو «‬
‫فقد توصل الناقد " أضبد يوسف" إُف أن ىذه البالغة اختارت ىباء التأويل وتركت هباء النسق‬
‫آلرسطو‪ ،‬واىتمت الحقا بالتقنيات اغبجاجية وفلسفة األسلوب وبنظرية الصور‪ ،‬فسميت‬
‫باػبطاب ضد اؼبنهج لتصبح آلية من آليات ربليل اػبطاب‪ ،‬وأصبحت اؼبغالط ضربا من ضروب‬
‫اغبجاج حسب الناقد " أضبد يوسف " إن مثل ىذه الدراسة اليت قدمها الناقد ذبعلنا كقراء‬
‫نتجاوز أي قراءة تقليدية ومسبقة ألي نص دبا دبأن اغبقيقة متعددة بتعدد اؼبالبسات‪ ،‬و أن اؼبعٌت‬
‫ليس قاظبا مشًتكا يتقاظبو صبيع الناس ألنو مرتبط بتعدد الثقافات يف البيئة اليت يقرأ هبا النص‪،2‬‬
‫كل ىذا هبعلنا ال نقبل اغبقائق الناجزة‪ ،‬بل وبفزنا إُف البحث عن عدة أنساق للحقيقة‪.‬‬

‫‪ -2‬السميائيات والتواصل‬

‫ويف ىذه الدراسة ابتدأ الناقد " أضبد يوسف" بتمهيد بُت فيو الفروق اليت وضعها الباحثُت‬
‫بُت اللسان والكالم من جهة والكفاية اللغوية واألداء اللغوي من جهة أخرى‪ ،‬واىتمام‬
‫السيميائيات بشكلي التعبَت وا﵀توى الذين بسطتهما اللسانيات النسقية " ليامسليف" مبينا أنو ال‬
‫يبكن تصور سيميائيات دون تواصل حسب " جورج مونان "‪ ،3‬وتطرق إُف أىم الفروق اليت‬
‫أحصاىا " بنفنيست" بُت االتصال اغبيواين ولغة اإلنسان‪.‬‬

‫‪( 1‬ينظر(‪ ،‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت‪ ،‬وىياء اغبقيقة‪ ،‬ص ‪.28‬‬
‫‪( 2‬ينظر(‪ ،‬أضبد يوسف‪ ،‬السميائيات والتواصل‪ ،‬العاَف مبٍت وفق أمبوذج اللسان‪ ،‬كلية األداب جبامعة وىران‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬ؾبلة‬
‫عالمات العدد ‪ ،24‬ص ‪.37 ،36‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬السميائيات والتواصل‪ ،‬العاَف مبٍت وفق أمبوذج اللسان‪،‬ص‪.37‬‬

‫‪92‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫الغائية البيولوجية والقصدية اللغوية‬

‫يظهر فضل التواصل يف أنو مدين للتمدن البشري الذي تعد فعالية اغبوار من أظبى آياتو‬
‫وىنا يربط الناقد " أضبد يوسف" اغبوار باإلنسان ويالحظ تفاوت بُت اإلنسان واغبيوان يف ؾبال‬
‫االتصال واللغة‪ ،‬وربدث عن طريقة استقبال العالمة لدى اإلنسان واغبيوان» فإهنا ال تكاد تعدو‬
‫دائرة اإلشارة لدى اغبيوان بينما تتحول العالمات إُف رموز « ‪.1‬وىنا الناقد أبقى على التميز الذي‬
‫وضعو " دوسوسَت" بُت العالمات اليت تقوم على مبدأ اإلعتباطية والرموز اليت تستند إُف مبدأ‬
‫التحفَت أو التعليل‪.‬‬

‫كما يرى " أرنست كاسَتر"» أن يقيم فاصال الواقع اؼبمكن وبُت اغباِف اؼبثاِف‪ ،‬إن الرموز‬
‫ىي تضفي الداللة على حياة اإلنسان‪ ،‬وىذا ما نلمسو يف األسطورة والدين واللغة وكافة األشكال‬
‫الرمزية «‪. 1‬فسوسَت حصر كنو اإلنسان والكشف عن قوانينو» فاللسان ىو أداة الوصف‬
‫والتصنيف بل ىو األداة اغبالقة واؼبؤولة للمجتمع كلو [‪ ]...‬فهو أرقى وسيلة للتوصل وتبادل‬
‫اؼبعارف واػبربات اإلنسانية «‪ 2‬فهو األداة الوحيدة لفهم وتأويل األنساق األخرى‪ ،‬وىنا تقوم‬
‫إسًتاتيجية السيميائية السوسرية على دراسة اللسان بالتغاضي عن تلك اػبصائص اليت ال تعمل‬
‫إال على سبيزه عن باقي األنساق السيميائية‪ ،3‬فيقر " سوسَت" بتمييز النسق اللساين‪ ،‬إذ يرهتن‬
‫النشاط الرمزي لإلنسان بالنشاط التأويلي الذي ربركو دواليب اؼبؤوالت ( اعبمل‪ ،‬اؼبقولة‪ ،‬اغبجة)‬
‫وتنظمو الدالالت اؼبفتوحة‪ ،‬ويوضح الناقد» أن االتصال اغبيواين يفتقر إُف فضيلة اػبيال الذي‬
‫يغذي النشاط " السيميوز" لدى اغبيوان‪ ،‬وعليو فإن العالمات اللسانية ال تكتفي بتحقيق‬

‫‪ 1‬عبد القادر فهيم ناشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.114‬‬


‫‪ 2‬سعيد بنكراد‪ ،‬السيميائيات مفاىيمها وتطبيقاهتا‪ ،‬دار اغبوار للنشر والتوزيع‪ ،‬مكتبة األدب اؼبغريب‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬سورية‬
‫الالذقية‪ ،2012 ،‬ص ‪.63‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬السميايئيات العامة‪ ،‬ص ‪.13‬‬

‫‪93‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫مقاصدىا « ‪ 1‬طارحا ؾبموعة من األسئلة مبينا النتائج اليت انتمت إليها اللسانيات العامة» فإن‬
‫النظام البيولوجي وجهاز النطق ربديدا ال عالقة مباشرة لو بواقع اللسان [‪ ]...‬وأن ىذه األجهزة‬
‫ال تؤثر يف النسق العام للسان وال تغَت من بنيتو شيء « ‪ 2‬ففي عملية التواصل يتخلى اللسان عن‬
‫ىالة التعاِف ليلبس لباس السنن‪ ،3‬ومن ىنا يتبلور القصد التواصلي من منظور السيميائيات‪،‬‬
‫وحاول الناقد تقدًن مقارنة بُت الغائية الطبيعية والقصدية اللغوية‪ ،‬معرفا القصد» جوىر السَتورة‬
‫التواصلية وعماد اؼبعٌت [‪ ]...‬ذلك أن القصد توجو مباشر إُف اؼبوضوع ليتماىى مع فعل اإلدراك‬
‫من قبل الذات « ‪. 4‬‬

‫ومن خالل ىذا يبُت الناقد أن السيميائيات استثمرت ىذه الوقائع اللغوية يف العمل على‬
‫توسيع مفهوم اللغة لتشمل أنساق العالمات الغَت اللسانية‪ ،‬اليت تتضمن اػبصيصة الداللية‪،‬‬
‫ويقًتن التصور اللساين واػبصيصة السيميائية باػبضوع لنسق القيمة وكما هبد الناقد أن» اؼبعيار‬
‫الوظائفي يبقى األساس الذي يبيز اللسان من حيث ىو ظاىرة كونية تتصف بالتعدد وؽبا مزية يف‬
‫إضفاء صفة اإلنسانية على البشر من بُت الكائنات األخرى « ‪ 5‬وىنا إذا أردنا ربديد ؾبال‬
‫السيميائيات التواصلية أهنا ضمن األحداث اؼبدركة واؼبرتبطة حباالت الوعي‪ ،‬ويصرح الناقد " أضبد‬
‫يوسف" أنو ال يبكن للسيميائيات التأويلية أن تتنكر للنتائج العلمية ا﵀مودة اليت حققتها‬
‫السيميائيات ا﵀ايثة وذلك من خالل» مشروعها يف علمنة دراسة اؼبعٌت‪ ،‬ضمن الربنامج الطموح‬
‫لدالئليات غريباس البنيوية عام ‪ ]...[ 1996‬إذ أن اؼبشروع مؤمن باؼبنطلقات اللسانية لبناء‬
‫اؼبعرفة السيميائية بناءا علميا صارما « ‪.6‬‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ،‬ص ‪.39‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬ص ‪.11‬‬
‫‪4‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪39‬‬
‫‪ 5‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 6‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل ‪ ،‬ص ‪.41‬‬

‫‪94‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫وذلك من خالل بناءه لسانيات النص‪ ،‬كما أشر الناقد يف مقالو إُف أن مفهوما االعتباطية‬
‫والتعليلية أصبحا يف الدراسات السيميائية مركزين يف سبثيل العالمة وسَتوهتا» ألن مفهوم اعتباطية‬
‫العالمات اللسانية ظبح بفهم حقيقة تعدد األلسن وتنوعها « ‪ 1‬ىذا ما قاد إُف استكشاف صور‬
‫اآلليات البسيطة للتواصل‪ ،‬إُف فهم حقيقة التواصل اللساين‪.‬‬

‫كما يوضح الناقد أن رومان " جاكبسون" قد استطاع أن يستوضح خبطاطة التواصلية‬
‫عناصر الشبكة األمبوذجية للتواصل» الذي استثمر علوم عصره من رياضيات وىندسة وطب‬
‫وفيزياء وفلسفة وعلم النفس « ‪ 2‬وعلى هنج ىذه الشبكة طفقت سيميائيات التواصل تبلور‬
‫مفاىيمها‪ ،‬لقد انكبت السيميائيات العامة على مدارسة أسسن األنساق الدالة وذباوز الوضع‬
‫اغبدسي ؼبستعمل السنن إُف إدراك اؼبعطيات الشكلية اؼبرسلة‪ ،‬إذ يستطيع التحليل السيميائي‬
‫للتواصل‪ ،‬على آلية الفعل السيمي أن يوضع العالمة داخل الفعل التواصلي بالنظر إُف مقتضيات‬
‫اؼبقصدية‪ 3‬حيث يصف الناقد السيميولوجية بأهنا» العلم العام لكل أنساق التواصل اللسانية وغَت‬
‫اللسانية وأن النتيجة الضمنية اليت تنتهي إليها من ىذا اؼبتصور أن السيميائيات ىي علم‬
‫اؼبقاصد « ‪ 4‬مث يبُت أنو ال يبكن أن نفضل الصوت عن اؼبعٌت واستكشاف العالقات الوطيدة بُت‬
‫بُت األصوات واؼبعاين أثناء السَتورات التواصلية والتغلب على الصعوبات اؼبنهجية اليت تعًتض‬
‫سبيل التحليلي اللساين‪ ،5‬إن األصوات اليت ىبرجها اإلنسان رموز غباالت نفسية‪ ،‬واأللفاظ‬
‫اؼبكتوبة ىي رموز لأللفاظ اليت ينتجها الصوت [‪ ]...‬ولكن حاالت النفس اليت تعرب عنها ىذه‬
‫العالمات اؼبباشرة متطابقة عند اعبميع‪.6‬‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو ‪ ،‬ص ‪.42‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.46‬‬
‫‪ 3‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬ص ‪.7‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ،‬ص ‪.41‬‬
‫‪ 5‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.47‬‬
‫‪ 6‬صاٌف مفقود‪ ،‬السيميولوجيا والسرد األديب‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف األوُف‪ ،‬السيمياء والنص األديب‪ ،‬ص ‪.318‬‬

‫‪95‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫كما تطرق الناقد إُف الكالم واؼبفهوم من منظور علم النفس اللغوي وكيف تتم العملية‬
‫التواصلية يف ضوء اؼبعجم الذىٍت‪ ،‬متطرقا إُف خصائص الكالم البشري‪ ،‬منتهيا إُف أن» الكالم ال‬
‫سباثلو يف سهولة االتصال إال الصورة «‪ 1‬وأنو ال يبكن فصل اللغة عن اػبطاب‪ »،‬إن الطبيعة‬
‫التواصلية لغالبية األنساق الدالة‪ ،‬وضعت ثلة من السيميائُت إُف الربط بُت السيميائيات بوصفها‬
‫علما يدرس أنساق العالمات الدالة وبُت وظيفتها التواصلية مقتدين دبا قررتو اللسانية من أن‬
‫التواصل ىو عصب الوظيفة اللسانية ومن شبة فهو أساس اػبطاب « ‪ ،2‬ولعالمات حبث التواصل‬
‫ودبا وبدث اػبلق واالبتكار‪ ،3‬إذن مادام ىناك تواصل فثمة حقيقة خطابية سبتلك وسائل التعبئة‪،‬‬
‫ومن ىنا أبا الناقد " أضبد يوسف" على مناقشة الوظائف التواصلية سعيا منو إُف تفعيل مبدأ‬
‫اغبوار يف سيميائيات التواصل‪.‬‬

‫‪ -3‬توزيعية هاريس والتحليل النسقي للخطاب‬

‫من اؼبعلوم لدى اؼبتضلعُت للمعرفة اللسانية اؼبعاصرة أن ؿباضرات "سوسَت" بسطت بعض‬
‫األفكار األولية حول التحليل النسقي للخطاب بنيويا‪ ،‬وحاولت أن تعمقو تاليا اللسانيات‬
‫اعبلوسيماتية ( النسقية) اليت طرحها " يامسليف" على أهنا استمرارية ؼبسعى" دي سوسَت" تارة‬
‫وربول عن مساره تارة أخرى» أما الذي يهمنا أكثر ىنا ىو العالقة بُت األسس النظرية والعملية‬
‫للدرس اللساين بوصفو إجراء يشتغل يف نظام اللغة‪ ،‬واألسس النظرية واإلجرائية للدرس اللساين‬
‫السيميائي بوصفو تصورا منهجيا يتأمل األنظمة الدالة‪ ،‬سواء كانت لسانية أو غَت لسانية « ‪،4‬‬
‫حيث يرى الناقد " أضبد يوسف " أن '' يامسليف '' رسم توجو جديد يف التحليل اللساين ولكنو‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ،‬ص ‪.47‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.20‬‬
‫‪ 3‬شلواي عمار‪ ،‬السيميائية اؼبفهوم واألفاق‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 4‬يوسف األأطرش‪ ،‬العالقة بُت اللسانيات والسيمياء‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف اػبامس ( السيمياء والنص األديب)‪ ،‬اؼبركز اعبامعي‪،‬‬
‫خنشلة‪ ،‬د‪ ،‬ص‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫بقى ـبلصا ؼببدأ ا﵀ايثة ومهما يكن فإنو كان يشايع نسقية " دي سوسَت " اليت تؤكد أن اللسان‬
‫شكل وليس جوىر» بل إن " دي سوسَت" كان يعتقد يف دراستو للجناسات التصحيفية ‪( les‬‬
‫)‪ Argrammes‬بأن التغيَتات البسيطة إما أن تكون جربية وإما ال تكون‪ ،‬وىو ما حاولت‬
‫"جوليا كرستيفا" دراستو دراسة سيميائية « ‪ 1‬أين اقًتحت مفهوما جيدا لو صلة باالكبراف‬
‫اللغوي‪ ،‬فأطلقت عليو مصطلح )‪ ( Proagnamma‬ودبا ظباه " ميخائيل ريفاتَت باإلبوجرام‬
‫‪ ،Hypogramma‬ولو عالقة باالكبوية ‪ ،Agrammaticalité‬كما هبد الناقد " أن‬
‫"ىاريس" َف ينخرط يف اغبديث عن موضوع اللسانيات كما ىو لدى" دي سوسَت" و أنو اكتف‬
‫فقط بوصف األطرحات اؼبميزة للكالم‪ ،‬واؼبؤلفة ؼبخزون اؼبلفوظات أو اؼبدونة اليت يرتكز عليها‬
‫التحليل التوزيعي كما أشار الناقد " أضبد يوسف" يف مقالو ىذا إُف أن بعض االذباىات‬
‫السيميائية اغبديثة يف العقود األخَتة منالقرن العشرين بدأت هتتم " بروندال" أحد اللسانُت الذي‬
‫عده "كلود زيلربيرج ")‪ (c.lelbat berg‬مرتكزا من مرتكزات السيميائيات السردية لدى‬
‫"غريباس"وخباصة مسألة استقاللية الًتكيب‪ ،2‬غريباس الذي ال يفصل اللسانيات عن النظرية‬
‫السيميائية العامة‪ ،‬حبيث يعتربىا جزءا منها‪ ،‬بوصفها ( اللسانيات) دراسة علمية للسان (‬
‫‪ )Langage‬واللغات الطبيعية )‪ ،( Langues naturelle‬دبعٌت التفكَت النظري حول‬
‫اللسان‪ »،‬أي وصف اللغات الطبيعية من حيث طبيعتها واشتغاؽبا‪ ،‬ويف الوقت نفسو تتعدى‬
‫الدراسة من النتائج التحليلية ذاهتا « ‪.3‬‬

‫كما يرى " أضبد يوسف" أن بروندال حصر ؾبموعة من اؼبصطلحات اعبلوسيماتية يف‬
‫اثناء االنتقال من مستوى التجلي إُف مستوى ا﵀ايثة‪ »]...[ ،‬فإن بروندال آمن بأن مفاىيم‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬توزيعية ىاريس والتحليل النسقي للخطاب‪ ،‬ؾبلة عاَف الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد‪ ،1‬اجمللد ‪ ،33‬سبتمرب‬
‫‪ ،2004‬ص ‪.108‬‬
‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬يوسف األاطرش‪ ،‬العالقة بُت اللسانيات والسيمياء اؼبلتقى الدوِف اػبامس‪ ،‬د‪،‬ص‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫اؼبنطق قارة يف اللغة على كبو ما اعتقدتو الفلسفة منذ آرسطو حىت بالنسبة إُف بعض اؼبناطقة‬
‫اؼبعاصرين « ‪ ،1‬كما وضح أن توزيعية " ىاريس" ضبلت مشروعا متكامال قائما على أسس‬
‫ابستمولوجية‪ ،‬حبيث ذباوزت ؿبدودية موضوع اللسانيات» فانتقلت من إطار اعبملة إُف إطار‬
‫اػبطاب « ‪ ،2‬كما تطرق إُف مفهوم التوزيع وأن بعض جوانبو تتضح يف عالقتو مع الًتكيب‪ ،‬كما‬
‫قد بُت الناقد أن "ىاريس" يبثل يف بداية مسَتهتا الفكرية ‪ ،‬اؼبنطلقات العامة للسانيات الواصفة‬
‫اليت أرسى قواعدىا بلومفيلد ومن ىنا يف نظره‪ ،‬فإن» ىناك قسم كبَت من الدراسات اللسانية‬
‫والسيميائية األمريكية وقعت ربت تأثَت اؼبدرسة السلوكية‪ ،‬فألقت بظالؽبا على النزوع السيميائي‬
‫‪3‬‬
‫ونظرية القراءة «‬

‫إشكالية المعنى ومأزق اللسانيات التوزيعية‬

‫يرى الناقد " أضبد يوسف" أن " ىاريس" يطبق معيار الداللة من جهة ومعيار التوزيع من‬
‫جهة أخرى‪ ،‬وأن طريق التحليل التوزيعي ػبطاب يكون ؿبفوفا باؼبزالق إذا َف يراع الداللة وبنيتها‬
‫اللسانية وتلك كانت قاصمة الظهر لو ولغَته من اؼبدارس اللسانية اليت ذباىلت اؼبعٌت‪ ،‬فبا جعل‬
‫التحليل السيميائي يوليها عناية خاصة ليحدث انعطافا حاظبا يف تاريخ الدرس النقدي – حسب‬
‫أضبد يوسف ‪.‬إذن فإن ىاريس يف نظر " أضبد يوسف " كان من الصعب أن يتخلص من مسألة‬
‫اؼبعٌت اليت ربمس ؽبا " بلو مفيد"‪ ،‬فقد» أكد ىاريس أن اللجوء إُف اؼبعٌت ليس لو مقصد سوى‬
‫ربديد التكرار « ‪ ،4‬وعليو يبُت الناقد أن» مرد اإلخفاق يف مشروع النظرية التوزيعية إُف أهنا َف‬
‫تعتقد بأهنا ؾبرد آلية من آليات التحليل اللساين اليت أسهمت يف تقدًن بعض اغبلول للمشكالت‬
‫اللغوية اليت كانت تعًتض سبيل علماء اللغة‪ ،‬ولكن يف اؼبقابل كانت ىذه النظرية تتوافر على‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬توزيعية ىاريس والتحليل النسقي للخطاب‪ ،‬ص ‪.109‬‬


‫‪2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ن‪.‬‬
‫‪ 3‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.113‬‬
‫‪ 4‬توزيعية ىاريس والتحليل النسقي للخطاب ‪ ،‬ص ‪.123‬‬

‫‪98‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫حظوظ كبَتة يف أن تكون أداة اجرائية تتسم باألصالة والعمق لو ال " مًتاس اؼبعٌت " الذي أهنك‬
‫‪1‬‬
‫نسقية التحليل التوزيعي «‬

‫‪ -4‬تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات ‪:‬‬

‫إضافة إُف ما ذكرناه قبد الناقد " أضبد يوسف" يف مقال آخر ( تحليل الخطاب من‬
‫اللسانيات إلى السيميائيات) قد ربط بُت اللسانيات والسيميائيات حث يدرج ذلك ربت عنوان‬
‫فرعي ( التحليل السيميائي للخطاب) ينطلق فبا انتهت إليو جهود اللسانيُت حول النظرية العامة‬
‫للغة‪ ،‬ودبسائل التصورات اليت أحيطت باػبطاب ‪ ،‬وتقتضي أن يكون متجنسا مع» الثنائيات‬
‫األساسية ( اللغة الكالم)‪ ( ،‬النسق ‪ /‬العملية)‪ ( ،‬الكفاية ‪ /‬األداء الكالمي)‪ ،‬كما أنو ال يغفل‬
‫العالمة اليت تربطو دبقولة التلفظ « ‪ ،2‬فاؼبعجم السيميائي " لغريباس " و " كورتيس" وىو يناقش‬
‫مصطلح الكفاية من وجهة نظر "تشومسكي" ينظر إليها على أهنا ؾبموعة من الشروط الضرورية‬
‫يف عملية التلفظ كما أنو يتوافر على صورتُت مستقلتُت ؽبذه الكفاية‪.‬‬

‫أوال‪ :‬كفاية السرد السيميائي‬


‫‪3‬‬
‫ثانثا‪ :‬الكفاية القابلة للوصف أو التعبَت بالكالم‬

‫حيث قبد الناقد " أضبد يوسف" يعترب أن التحليل السيميائي ىو» ذاتو ربليل اػبطاب‬
‫ويبيز بُت " السيميوطيقا النصية" وبُت " اللسانيات البنيوية" ذلك أن ىذه األخَتة هتتم باعبملة‬
‫تركيبا إنتاجا وىو ما ظبي بالقدرة اعبميلة [‪ ،]...‬فإن السيميوطيقا هتتم ببناء نظام إنتاج األقوال‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو أضبد يوسف‪ ، ،‬ص ‪.129‬‬


‫‪ 2‬أضبد يوسف‪ ،‬ربليل اػبطاب من اللسانيات إُف السيميائيات"‪ ،‬منتدى معمري للعلوم‪ ،‬اؼبنتدى األول‪ ،‬الفئة‬
‫األوُف‪،‬نوفمرب‪2010،‬م‪.maamri-ilm 2010 yoo7.com. ،‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬ربليل اػبطاب من اللسانيات إُف السيميائيات "‪ ،‬د ص‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫والنصوص وىو ما ظبي بالقدرة اػبطابية « ‪ 1‬ويف كل األحوال فإن اػبطاب يطرح مسألة عالقتو‬
‫بالتلفظ وبالتواصل‪ ،‬ولكن اجملال السيميائي يهتم بأطره اؼبرجعية مثل‪ :‬اإلهباد االجتماعي ونسبتو‬
‫للسياق الثقايف اؼبعفى اؼبستقل داخل ربليلو الًتكييب أو الدالِف‪ ،‬حيث يرى " أضبد يوسف" بأن‬
‫سيميائيات التواصل عرفت تقدما فعليا يف ؾبال ربليل الرسالة‪ ،‬وذلك بتحديد وظائفها الست»‬
‫وتأخذ العملية التوصلية صورهتا اؼببسطة ضمن التصور اآلِف الذي يستند إُف اؼبرجعية السلوكية "‬
‫بلومفيد" حيث تتحول العالمة إُف كيان سلوكي ذي وجهُت يستدعى أحدنبا اآلخر يف أثناء‬
‫عملية التواصل « ‪ 2‬فوصف الناقد اللغة بأهنا نظام للتواصل يتضمن قدرا كبَتا من االنسجام فبا‬
‫ظبح للدراسة اللسانية باالىتمام بالنموذج الذي رظبو " جاكبسون"» الباث‪ ،‬الرسالة‪ -‬اؼبتلقي‪-‬‬
‫سنن الرسالة‪ -‬مرجعيتها‪ ،‬ذلك أنو مكنها من ذباوز التطبيق اللساين ا﵀صور على صبلة ؿبدودة من‬
‫اػبصائص اليت ينشق على الظاىرة اللغوية إُف القراءة اللسانية للنصوص ومظاىر التعبَت‬
‫األخرى « ‪ ، 3‬ومن ىنا حاول الناقد " أضبد يوسف" انطالقا من ربطو بُت اللسانيات‬
‫والسيميائيات وتفعيلو ؼببدأ اغبوار يف سيميائيات التواصل‪ ،‬تقدًن قراءة نقدية ؼبشروع ىذه اػبطاطة‬
‫ومن مث دأب على مناقشة الوظائف التواصلية بالنظر إُف أركاهنا‪.‬‬

‫وبذلك» تكاد تتفق اللسانيات والسيميائيات على تسمية األنساق التواصلية الدالة‬
‫باللغات علما بأهنا زبتلف عن وسائل االتصال اليت نلفيها لدى الكائنات اغبيوانية اليت تفتقر إُف‬
‫القدرة على إضفاء القصدية على أنساق التواصل وتكاد تشتمل على تلك األنواع من األفعال اليت‬
‫يبتكرىا اإلنسان‪ ،‬عن طريق العلم والتقنيات اؼبعاصرة « ‪ ، 4‬وبذلك وما سبق يبكن اعتبار الدرس‬
‫السيميائي بوصفو علما يقارب األنساق العلمية يهدف إُف زبليص عقول اؼبعرفة اإلنسانية من‬

‫‪ 1‬اؼبرجع نفسو ‪،‬د‪ ،‬ص‪.‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر فهيم الشيباين‪ ،‬معاَف السيميائيات العامة‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫‪ 3‬أضبد يوسف‪ ،‬ربليل اػبطاب من " اللسانيات إُف السيميائيات" د‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪ 4‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ،‬ص ‪.40‬‬

‫‪100‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫القيود اؼبيتافيزيقية اليت تكبلها‪ ،‬و تعوق أحباثها من الوصول إُف نتائج ذبعل منها علوم ذات سلطان‬
‫ؽبا مكانتها اؼبرموقة يف وسط اؼبعرفة اإلنسانية اؼبعاصرة‪.‬‬

‫السيميائيات التأويلية و فلسفة األسلوب ‪:‬‬ ‫‪-5‬‬

‫سئل "أمربتوإيكو" عن الدور الذي يبكن أن تلعبو السيميائيات يف النضال ضد العنصرية‬


‫والكراىية فكان جوابو بسيط‪ »،‬علموا الطفل الفرنسي أن كلمة ( أرنب ) "‪ "Lapin‬الفرنسية‬
‫ليست سوى كلمة ضمن آالف الكلمات اؼبنتمية إُف لغات أخرى تستعمل ىي أيضا من أجل‬
‫اإلحالة إُف الشيء نفسو يف العاَف اػبارجي إن العاَف الذي نطلق عليو صفة " اإلنساين" ليس‬
‫كذلك إال يف حدود إحالتو إُف معٌت ما « ‪ 1‬فكل ما يف العاَف قابل للتأويل وحىت إذا أخر الشيء‬
‫معناه بصفة ما وبشكل معُت فهو ليس معٌت ثابت وأخَت وإمبا تتعدد الدالالت بتعدد التأويالت‬
‫وبتباين األساليب ا﵀يلة إُف ذلك اؼبعٌت ىذا ما أكد عيو الناقد " أضبد يوسف" يف مقالو (‬
‫السيميائيات التأويلية وفلسفة األسلوب) الذي افتتحو بج اإلشكالية التالية‪ :‬ىل يف مقدور‬
‫السيميائيات بعامة والسيميائيات التأويلية خباصة االىتداء إُف متصورات نسقية مفتوحة تضبط‬
‫مقولة األسلوب ومفهومو وفلسفتو‪ ،‬فما العالقة اليت تربط األسوب باؼبنهج والبنيات اللسانية‬
‫واػبطاب؟‪ ،‬ويف اآلن نفسو هبيب على تلك اإلشكالية بتأكيده على» أن النظريات السيميائية‬
‫رباول ما بوسعها أن ربيط جبملة من اؼبسائل الشائكة اليت تربط بُت فلسفة األسلوب دبفاىيم‬
‫ؾباورة لو ومتباعدة عنو يف آن واحد « ‪.2‬‬

‫ولعل ما يساعد على مقاربة تلك اؼبسائل العويصة الفضاء العام للسيميائيات الذي يكاد‬
‫يتماىى مع» "علم العلم" واإلبستيمولوجة – علم اؼبعرفة – " ونظرية اػبطاب" و" فلسفة اؼبعٌت"‬

‫‪ 1‬سعيد بنكراد‪ ،‬السيميائيات النشأة واؼبوضوع‪ ،‬ؾبلة عاَف الفكر‪ ،‬الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،3‬اجمللد ‪ ،35‬يناير ‪ ،‬مارس‪ ،2007 ،‬ص‬
‫‪.7‬‬
‫‪ 2‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات التأويلية وفلسفة األاسلوب‪ ،‬ؾبلة عاَف الفكر الكويت‪ ،‬العدد ‪ ،3‬اجمللد ‪ ،35‬يناير‪ ،‬مارس‬
‫‪ ،2003‬ص ‪.47‬‬

‫‪101‬‬
‫المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬ ‫الفصل الثاني‬

‫‪1‬‬
‫وسَتورة الدالالت اؼبفتوحة" ودراسة األنساق والداللة" و " اؼبنطق الواصف وجرب العالمات «‬
‫فإذا أردنا معرفة أوجو التقاطع بُت السيميائيات واألسلوبيات قبد أن ىذه األخَتة معنية دبدارسة‬
‫الوظيفة األسلوبية يف ربليل اػبطاب العلمي من حيث ظباتو الفردية والعاؼبية‪ ،‬ومن حيث شكل‬
‫التعبَت وا﵀توى‪ ،‬اللذان يتمثالن يف وظائفو السيميائية حيث» يؤكد بأن سيميائيات الفنون ما ىي‬
‫إال عملية حبث وتعرية " ؼبكننة األسلوب" ىذا من جهة ومن جهة أخرى فإن السيميائيات سبثل‬
‫‪2‬‬
‫الشكل األعلى لألسلوبيات وأمبوذج لكل ناقد فٍت «‬

‫لقد سعى الناقد من خالل ىذه الدراسة اليت قدمها إُف تبُت مقصد فلسفة األسلوب‬
‫وأعرضو حىت يتنقل من السيميائيات اللسانية إُف السيميائيات التأويلية ذات اػبصيصة النسقية‬
‫اؼبفتوحة‪ ،‬وأنو ال حرج يف أن تقتحم األسلوبيات بياض العلم والفلسفة وىي ذبد فيالسيميائيات‬
‫سندا ؽبا وال ينبغي أن تكون دراسة علمية لألسلوب يف األعمال األدبية فقط‪ ،‬وإمبا قراءة لشمول‬
‫اؼبعرفة اإلنسانية إن ىي توخت تلك الفضيلة اؼببتغاة‪ ،‬وأن على األسلوبيات أن هترع إُف‬
‫السيميائيات لتصيب حظا وافرا يف إدراك وظائف األساليب غَت األدبية من حيث ىي أنساق‬
‫سيميائية دالة‪.‬‬

‫بناءً على ما سبق بسطو يبكن القول أن الناقد " أضبد يوسف " قبح يف رسم اؼبعاَف األوُف‬
‫ىم التأسيس‬
‫للمشروع السيميائي يف اػبطاب النقدي اعبزائري‪ ،‬فلم ينفك عن ذلك اؼبسار‪ ،‬وىو ّ‬
‫للسيميائية يف الساحة النقدية العربية‪ ،‬حيث استطاع أن يستثمر ـبتلف اؼبفاىيم النقدية والبالغية‬
‫القديبة وربيينها‪ ،‬ويطعم قراءتو تلك الروح العربية التقليدية وىي ميزة الناقد اؼبتمرس الذي هبمع بُت‬
‫اغبس الًتاثي اؼبتأصل والوعي النقدي اؼبعاصر‪.‬‬

‫‪ 1‬أضبد يوسف‪ ،‬السيمياءية التأويلية و فلسفة األسلوب ‪ ،‬ص ‪47‬‬


‫‪ 2‬اؼبرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪102‬‬
‫خامتـــــة‬
‫خاتمة‬
‫يف ختام ىذا البحث‪ ،‬وبعد مغامرة معرفية مع اؼبشروع السيميائي يف اػبطاب النقدي‬
‫اعبزائري‪ ،‬وؿباولتنا لتقدًن قراءة علمية للنظرية السيميائية عند " أضبد يوسف " توصلنا إُف ؾبموعة‬
‫من النتائج نوجزىا فيما يلي‪:‬‬

‫عرف القدماء بعض مالمح النظرية السيميائية يف جانبها النظري‪ ،‬لكنها بقيت مرتبطة‬ ‫‪-1‬‬
‫بشكل كبَت دبجاالت ـبتلفة كالسحر والشعوذة‪ ،‬وإذا جئنا إُف جانبها واإلجرائي َف نلمس آليات‬
‫خاصة هبا‪.‬‬
‫َف ىبتلف مفهوم السميائيات يف نسختو العربية عن اؼبفهوم الغريب رغم بعض اجملهودات‬ ‫‪-2‬‬
‫يف ؾبال اؼبناىج النقدية‪ ،‬حيث قبد التقاء معريف بُت أعمال الفالسفة اؼبسلمُت وبعض الفالسفة‬
‫والنقاد الغربيُت ولبص بالذكر " ابن سنا " مع " دي سوسَت " أثناء حديثهما عن العالمة‪.‬‬
‫انفتاح النقاد اعبزائريُت على الفكر الغريب عن طريق الًتصبة والتلمذة على أيدي أساتذة‬ ‫‪-3‬‬
‫غربيُت‪ ،‬أدى هبم إُف النهل من آرائهم ونظرياهتم خاصة النظرية السيميائية‪.‬‬
‫بعد استعارة النظرية السيميائية من بيئتها األصل وإدخاؽبا إُف البيئة العربية وقع العديد من‬ ‫‪-4‬‬
‫النقاد العرب اغبداثيُت يف إشكالية مصطلحية مازالت إُف يومنا ىذا تؤرق نقدنا اغبديث‪.‬‬
‫تبٍت " أضبد يوسف" للمناىج النقدية اغبداثية‪ ،‬منهم اؼبنهج البنيوي واؼبنهج السيميائي‬ ‫‪-5‬‬
‫وتفعيلو اؼبكثف خاصة للمقوالت السيميائية والتأويلية وحىت اللسانية وعرف كيف يستثمر ـبتلف‬
‫اآلليات واستنطاقها‪ ،‬عن طريق الفهم والتأويل‪.‬‬
‫تأثره السيميائيات األمريكية اليت بشر هبا " بَتس" وؿبالتو لتأصيل بعض اؼبفاىيم‬ ‫‪-6‬‬
‫واؼبصطلحات السيميائية وربطها بالًتاث الغريب والعريب‪.‬‬
‫تبنيو الذباه جديد يف السيميائيات وىو سيميائيات الصورة ( السيميائيات األيقونية)‬ ‫‪-7‬‬
‫وذلك يف مؤلفو ( الدالالت اؼبفتوحة)‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫خاتمة‬
‫نزوعو الفلسفي يف الطرح النقدي السيميائي‪ ،‬باعتبار طبيعة زبصصو ( الفلسفة )‪ ،‬وىذا‬ ‫‪-8‬‬
‫يدخل الناقد يف زمرة النقاد العرب الذين حاولوا أن يغوصوا يف الطروحات الفكرية واػبلفيات‬
‫الفلسفية للمناىج النقدية‪.‬‬
‫الربط بُت النظرية السيميائية والتأويل حيث استفاد من ما وفره التأويل من إنفتاح قرائي‬ ‫‪-9‬‬
‫وىذا وبيلنا إُف نتيجة أخرى سبثلت يف الـتأثر الكبَت للناقد " أضبد يوسف" دبا جاء بو " بَتس" و "‬
‫أمرب تو إيكو"‪.‬‬
‫استطاع الناقد " أضبد يوسف" أن يؤسس لرؤية منهجية متميزة حيث طوع اؼبناىج‬ ‫‪-10‬‬
‫الغربية ومن بينها السيميائية‪ ،‬للمنت الفكري اعبزائري‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫قائنة املصادز واملساجع‬

‫‪106‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫المصادر والمراجع‬
‫القرآن الكرًن رواية ورش‬ ‫‪-‬‬

‫أوال‪ :‬المصادر‪:‬‬

‫‪ -‬يوسف ‪ ،‬أحمد‪:‬‬

‫‪ -1‬السيميائيات الواصفة ( اؼبنطق السيميائي وجرب العالقات )‪ ،‬منشورات االختالف‪،‬‬


‫اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬دار العربية للعلوم‪ ،‬الطبعة األوُف‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪1489 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪2005‬م‪.‬‬

‫‪ -2‬الدالالت اؼبفتوحة ( مقاربة سيميائية يف فلسفة العالمة)‪ ،‬منشورات االختالف‪،‬‬


‫اعبزائر العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬اؼبركز الثقايف اؼبغرب‪ ،‬دار العربية للعلوم‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوُف‪.‬‬

‫‪ -3‬القراءة النسقية‪ ( ،‬سلطة البنية ووىم ا﵀ايثة)‪ ،‬دار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬دار االختالف‪ ،‬اعبزائر العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة األوُف ‪2007‬م‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المراجع‪:‬‬

‫‪ -1‬المراجع باللغة العربية‪:‬‬

‫إبراهيم‪ ،‬عبد اهلل‬

‫‪ -4‬اؼبطابقة واالختالف‪ ،‬يف نقد اؼبركزيات الثقافية‪ ،‬اؼبؤسسة العربية للدراسة العربية‬
‫والنشر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان الطبعة األوُف‪2004 ،‬م‬

‫إبراهيم‪ ،‬عبد اهلل وآخرون‪:‬‬

‫‪-5‬معرفة اآلخر‪ ،‬مدخل إُف اؼبناىج النقدية اغبديثة‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫الطبعة الثانية‪ ،‬ص ‪1996‬م‪.‬‬

‫األحمر فيصل‪:‬‬

‫‪107‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -6‬معجم السيميائيات‪ ،‬دار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬الطبعة‬


‫األوُف‪ ،‬اعبزائر‪1431 ،‬ىـ‪2010 ،‬م‪.‬‬

‫الديداوي‪ ،‬محمد‬

‫‪ -7‬الًتصبة والتعريب ( سنن اللغة البيانية واللغة اغباسوبية) الدار البيضاء‪ ،‬اؼبركز الثقايف‬
‫العريب للنشر‪2002 ،‬م‬

‫‪ -‬المسدي‪ ،‬عبد السالم‬

‫‪ -8‬األدب وخطاب النقد وخطاب النقد‪ ،‬الدار العربية للعلوم ناشرون‪ ،‬منشورات‬
‫االختالف‪ ،‬الطبعة األوُف‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬لبنان‪2008 ،‬م‪.‬‬

‫‪ -9‬قاموس اللسانيات‪ ،‬دار العربية للكتاب‪.‬‬

‫‪ -‬بنكراد‪ ،‬سعيد ‪11‬‬

‫‪ -11‬السيميائيات والتأويل ( مدخل إُف سيميائيات‪ ،‬ش‪ ،‬س‪ ،‬بَتس) مؤسسة ربديث‬
‫الفكر العريب‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة األوُف‪،‬‬
‫‪2005‬م ‪12‬‬

‫‪ -‬السيميائيات مفاىيمها وتطبيقاهتا‪ ،‬دار اغبوار للنشر والتوزيع‪ ،‬مكتبة األدب اؼبغريب‪،‬‬
‫الطبعة الثالثة‪ ،‬سوريا‪ ،‬الالذقية ‪2012‬م‪.‬‬

‫‪ -‬بن مالك‪ ،‬رشيد‬

‫‪ -13‬السيميائية‪ ،‬أصوؽبا وقواعدىا‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬اعبزائر ‪2002‬م‪.‬‬

‫‪ -14‬السيميائية السردية‪ ،‬دار ؾبدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوُف‪،‬‬
‫‪1427‬ىـ ‪2006 /‬م‪.‬‬

‫‪ -‬بوعزة‪ ،‬محمد‬

‫‪108‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -15‬إسًتاتيجية التأويل من النصية إُف التفكيكية‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة‬


‫األوُف‪2011 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬توريت‪ ،‬بشير‬
‫‪ -16‬اغبقيقة الشعرية على ضوء اؼبناىج النقدية اؼبعاصرة والنظريات الشعرية‪ ،‬دراسة يف‬
‫األصول واؼبفاىيم‪ ،‬عاَف الكتب اغبديثة‪ ،‬ابريد‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوُف‪1431 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪2010‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ثامر‪ ،‬فاضل‬
‫‪ -17‬اللغة الثانية يف إشكالية اللغة واؼبصطلح واؼبنهج‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫لبنان‪ ،‬الطبعة األوُف ‪1996‬م‪.‬‬
‫‪ -‬حمر العين‪ ،‬خيرة‬
‫‪ -18‬جدل اغبداثة يف نقد الشعر العريب‪ ،‬منشورات ارباد الكتاب العريب‪ ،‬دمشق‪ ،‬الطبعة‬
‫األوُف‪1996 ،‬م‬
‫‪ -‬خمري‪ ،‬حسين‬
‫‪ -19‬نظرية النص [ من بنية اؼبعٌت إُف سيميائية الدال ]‪ ،‬منشورات االختالف‪ ،‬اعبزائر‬
‫العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة األوُف‪1428 ،‬ىـ ‪2007 /‬م‪.‬‬
‫‪ -‬سعد اهلل‪ ،‬أبو القاسم‬
‫‪ – -‬دراسات يف األدب اعبزائري اغبديث‪ ،‬دار الوافد للكتاب‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة اػباصة‪،‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عابد الجابري‪ ،‬محمد‬
‫‪ -20‬كبن والًتاث‪ ( ،‬قراءات معاصرة يف تراثنا الفلسفي)‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬بَتوت‪،‬‬
‫الصبغة السادسة ‪1993‬م‬
‫‪ -‬عابد الجرماني‪ ،‬آراء‬

‫‪ -21‬اذباىات النقد السيميائي يف الرواية العربية‪ ،‬منشورات ضفاف‪ ،‬بَتوت لبنان‪،‬‬


‫منشورات االختالف‪ ،‬عبزائر العاصمة‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬دار األمان‪ ،‬الرباط‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة األوُف‬
‫‪2012‬م‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -‬عبد اهلل‪ ،‬ثابي قدور‪:‬‬


‫‪ -22‬سيميائيات الصورة ( يف أشهر اإلرساليات البصرية يف العاَف)‪ ،‬مؤسسة الوراق‬
‫للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوُف ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ -‬عزام‪ ،‬محمد‪:‬‬
‫‪ -23 -‬ربليل اػبطاب األديب على ضوء اؼبناىج النقدية اغبداثية ( دراسة يف نقد‬
‫النقد)‪ ،‬منشورات ارباد الكتاب العرب‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة األوُف‪2003 ،‬م‬
‫‪ -‬علي بوخاتم‪ ،‬موالي‪:‬‬
‫‪ -24‬الدرس السيميائي اؼبغاريب‪ " ،‬دراسة وصفية نقدية إحصائية يف مبوذجي ( عبد‬
‫اؼبالك مرتاض‪ ،‬ؿبمد مفتاح)‪ ،‬ديوان اؼبطبوعات اعبامعية‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة األوُف ‪2005‬م‬
‫‪ -‬عياشي‪ ،‬منذر‪:‬‬
‫‪ -25‬العالفباتية وعلم النص‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة األوُف‪،‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬
‫‪ -‬فهيم الشيباني‪ ،‬عبد القادر‪:‬‬
‫‪ -26 -‬معاَف السيميائيات العامة‪ [ ،‬أسسها ومفاىيمها]‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة األوُف‬
‫‪2008‬م‪.‬‬
‫‪ -‬كامل‪ ،‬عصام خلف‪:‬‬
‫‪ -27 -‬االذباه السيميولوجي ونقد الشعر‪ ،‬دار فرحة للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪1431 ،‬ىـ‬
‫‪2003 /‬م‪.‬‬
‫‪ -‬محمد الغذامي‪ ،‬عبد اهلل‪:‬‬
‫‪ -28‬اػبطيئة والتغيَت‪ ،‬من البنيوية إُف التشروبية‪ ،‬نظرية تطبيق‪ ،‬اؼبركز الثقايف‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة السادسة‪2006 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مرابط‪ ،‬عبد الواحد‪:‬‬
‫‪ -29‬السيمياء العامة وسيمياء األدب‪ ،‬دار العربية للعلوم‪،‬ناشرون‪ ،‬بَتوت لبنان‪ ،‬الطبعة‬
‫‪1432‬ىـ ‪2010 /‬م‬
‫‪ -‬مفتاح‪ ،‬محمد‪:‬‬

‫‪110‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -30‬ربليل اػبطاب الشعري ( اسًتاتيجية التناص) اؼبركز الثقايف العريب‪ ،‬الدار البيضاء‬
‫اؼبغرب‪ ،‬الطبعة الرابعة‪2005 ،‬م‬
‫‪ -‬وغليسي يوسف‬

‫‪ - 31‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي العريب اعبديد الدار العربية للعلوم‪ ،‬ناشرون‪،‬‬
‫منشورات االختالف‪ ،‬لبنان‪ ،‬اعبزائر‪ ،‬الطبعة الثانية‪ 1429 ،‬ىـ ‪2008 /‬م‬

‫‪ -32‬اػبطاب النقدي عند اؼبلك مرتاض‪ ( ،‬البحث يف اؼبنهج وإشكالية)‪ ،‬إصدارات‬


‫رابطة الثقافة اعبزائر‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -33‬النقد اعبزائري اؼبعاصر من " الالنسونية" إُف " األلسنية" رابطة اإلبداع الثقافية‪،‬‬
‫اعبزائر‪2002 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -34‬مناىج النقد األديب‪ ،‬دار جسور للنشر والتوزيع‪ ،‬اعبزائر‪1428 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪2007‬م‪.‬‬

‫‪-2‬المراجع المترجمة‪:‬‬

‫‪ -‬إيكو‪ ،‬أمبرتو‬
‫‪ -34 -‬السيميائيات وفلسفة اللغة‪ ،‬ترصبة أضبد الصمعي‪ ،‬توزيع مركز دراسات الوحدة‬
‫العربية‪ ،‬اؼبنظمة العربية للًتصبة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوُف‪2005 ،‬م‬

‫‪ -35‬العالمة ( ربليل اؼبفهوم وتارىبو)‪ ،‬ترصبة‪ ،‬سعيد بنكراد‪ ،‬اؼبركز الثقايف العريب‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة األوُف‪1427 ،‬ىـ ‪2008 /‬م‪.‬‬

‫‪ -‬أن إينو‪ ،‬وآخرون‬


‫‪ -36 -‬السيميائيات‪ ،‬األصول‪ ،‬القواعد‪ ،‬التاريخ‪ ،‬ترصبة‪ :‬رشيد بن مالك‪ ،‬مراجعة‬
‫وتقدًن عز الدين مناصرة‪ ،‬دار ؾبدالوي للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪ ،‬الطبعة األوُف‪،‬‬
‫‪1428‬ىـ ‪2008 /‬م‬
‫‪ -‬جيرارد‪ ،‬لودال‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -37 -‬السيميائيات أو نظرية العالمات‪ ،‬ترصبة‪ :‬عبد الرضبن بوعلي‪ ،‬دار اغبوار للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬الالذقية‪ ،‬سوريا‪ ،‬الطبعة األوُف‪2004 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬روالن‪ ،‬بارت‪:‬‬
‫‪ -38 -‬درس السيميولوجيا‪ ،‬ترصبة‪ :‬عبد السالم بن عبد العاِف‪ ،‬درار توقال للنشر‪،‬‬
‫الدار البيضاء‪ ،‬اؼبغرب‪ ،‬الطبعة الثانية‪1986 ،‬م‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪1993‬م‪.‬‬
‫‪ -‬دانيال‪ ،‬تشاندلر‪:‬‬
‫‪ -39 -‬أسس السيميائية‪ ،‬ترصبة‪ ،‬طالل وىبة‪ ،‬مراجعة‪ :‬ميشال زكرياء‪ ،‬مركز دراسات‬
‫الوحدة العربية‪ ،‬اؼبنغامة العربية للًتصبة‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬الطبعة األوُف‪2008 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬ابن منظور‪:‬‬
‫‪ – 40 -‬لسان العرب‪ ،‬دار صادر‪ ،‬بَتوت‪ ،‬لبنان‪ ،‬طبعة جديدة‪ ،‬ؾبلد السابع‪.‬‬
‫‪ -‬الرازي‪:‬‬
‫‪ -41 -‬ـبتار الصحاح‪ ،‬دار الكتاب‪ ،‬اغبديث‪ ،‬الكويت‪ ،‬الطبعة الثانية‪1414 ،‬ىـ ‪/‬‬
‫‪1993‬م‪.‬‬
‫‪-4‬المجاالت والدوريات‪:‬‬
‫‪ -‬مجلة األثر‪:‬‬
‫‪ -42‬فركوس حنيفة‪ ،‬األول الغربية للسيمياء إرىاصاهتا العربية‪ ،‬ؾبلة األاثر‪ ،‬العدد‬ ‫‪-‬‬
‫‪ ،23‬سبتمرب‪2015 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -‬مجلة البين‪:‬‬
‫‪ -43 -‬ؿبمد مكاكي‪ ،‬األسلوبية يف النقد اؼبعاصر‪ ،‬من انفتاح التبُت العدد ‪،33‬‬
‫اعبزائر‪.‬‬
‫‪ - 44 -‬وحيد بن بوعزيز‪ ،‬فتنة السيميوزيس‪ ،‬من انفتاح القراءة إُف حدود التأويل‪،‬‬
‫ؾبلة التبُت عدد ‪ ،29‬باب الدراسات‪ ،‬اعبزائر‬

‫‪ -45 -‬ؿبمد رسول ؿبمد‪ ،‬سيميائيون وسيميائيات‪ ،‬السنة السابعة‪ ،‬العدد ‪،1685‬‬
‫‪2017‬م‬

‫‪112‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -46‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات التأويلية وفلسفة األسلوب‪ ،‬عاَف الفكر العدد ‪،3‬‬
‫اجمللد ‪ ،35‬الكويت‪ ،‬مارس ‪2007‬م‬

‫‪ -47‬أطبد يوسف‪ ،‬توزيعية ىاريس‪ ،‬التحليل النسقي للخطاب‪ ،‬عاَف الفكر‪ ،‬العدد‪1‬‬
‫ؾبلد ‪ ،33‬الكويت‪ ،‬سبتمرب ‪2004‬م‬

‫‪ -48‬أضبد يوسف‪ ،‬هتافت اؼبعٌت وىباء اغبقيقة‪ ،‬عاَف الفكر العدد‪ ،1‬اجمللد ‪38‬‬
‫الكويت‪ ،‬سبتمرب ‪2009‬م‬

‫‪ -49‬سعيد بنكراد‪ ،‬السيميائيات‪ ،‬النشأة واؼبوضوع‪ ،‬عاَف الفكر العدد ‪ ،3‬اجمللد ‪،35‬‬
‫الكويت‪ ،‬مارس ‪2007‬م‬

‫مجلة عالمات‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -50‬أضبد يوسف‪ ،‬السيميائيات والتواصل‪ ( ،‬العاَف مبٍت وفق أمبوذج اللسان )‪،‬‬ ‫‪-‬‬
‫عالمات العدد ‪ ،24‬اعبزائر‬
‫مجلة عالمات‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -51‬رشيد بن مالك‪ ،‬إشكالية ترصبة مصطلح يف البحوث السيميائية العربية‬ ‫‪-‬‬
‫الراىنة‪ ،‬عالمات العدد ‪ ،531‬رجب اؼبغرب‪ 1425 ،‬ىـ ‪ /‬سبتمرب ‪2004‬م‬
‫مجلة المغبر‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -52 -‬سحنُت علي‪ ،‬السرجيات السيميائية يف النقد اعبزائري‪ ،‬جامعة بسكرة‪،‬‬
‫اعبزائر‪2015 ،‬م‬
‫األطرش يوسف‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -53‬العالقة بُت اللسانيات والسيميائيات‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف اػبامس (‬ ‫‪-‬‬
‫السيميائيات والنص األديب)‪ ،‬اؼبركز اعبامعي‪ ،‬خنشلة‪.‬‬

‫‪ -54 -‬اؼبقاربة السيميائية يف قراءة النص‪ ،‬اؼبلتقى الوطٍت األول‪ ،‬السيمياء والنص‬
‫األيب) اعبزائر‬

‫‪113‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -55 -‬اؼبكونات السيميائية والداللية للمعٌت‪ ،‬اؼبلتقى الرابع‪ ( ،‬السيمياء والنص‬


‫األديب)‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬

‫عيسى هامل‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -56‬التداولية وربليل اػبطاب السيميائي‪ ،‬يف النقد األديب اؼبعاصر‪ ،‬جامعة‬ ‫‪-‬‬
‫األغواط‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬
‫بوداود وزناني‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -57‬خطاب التأسيس السيميائي يف النقد اعبزائري اؼبعاصر [ مقاربة يف بعض‬ ‫‪-‬‬
‫أعمال اضبد يوسف ]‪ ،‬عدد خاص‪ ،‬أشغال اؼبلتقى الدوِف الثالث يف ربليل اػبطاب‪،‬‬
‫جامعة االغواط‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬
‫بوعطية سعيد‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ - 58‬اؼبرجعية اؼبعرفة للسيميائيات السردية ( غريباس أمبوذجا)‬ ‫‪-‬‬
‫رابح بومعزة‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -59‬االذباىات السيميائية اؼبعاصرة اؼبلتقى الوطٍت الرابع‪ ( ،‬السيمياء والنص‬ ‫‪-‬‬
‫األديب)‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬
‫زغينة علي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -60‬مناىج التحليل السيميائي‪ ،‬اؼبلتقى الوطٍت األول‪ ( ،‬السيمياء والنص‬ ‫‪-‬‬
‫األديب)‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬
‫عمار شلواي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -61‬السيميائية اؼبفهوم واألثر‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫قادة عقاق‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -62 -‬تلقي اؼبعرفة السيميائية يف اػبطاب النقدي اؼبغاريب اؼبلتقى الدوِف السادس‪،‬‬
‫( السيمياء والنص األديب)‪.‬‬
‫كحلوش أمال‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -63 -‬السيميائية منهج ألسٍت نقدي‪ ،‬كلية اآلداب واغبضارة اإلسالمية‪ ،‬جامعة‬
‫األمَت عب القادر‪ ،‬اعبزائر‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫مفقود صالح‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ -64‬السيميولوجيا والسرد األديب‪ ،‬اؼبلتقى الدوِف األول ( السيمياء والنص‬ ‫‪-‬‬
‫األديب)‪،‬‬
‫مالس مختار‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -65‬التجربة السيميائية العربية يف نقد الشعر‪ ،‬قراءة يف اؼبنهج اؼبلتقى الوطٍت‬ ‫‪-‬‬
‫السادس ( السيمياء‪ ،‬والنص األديب)‪ ،‬قسم األدب واللغة العربية‪ ،‬جامعة ؿبمد خيضر‪،‬‬
‫بسكرة ‪2011‬م‪.‬‬
‫يوسف احمد‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -66 -‬ربليل اػبطاب من اللسانيات إُف السيميائيات‪ ،‬منتدى معمري للعلوم‬
‫اؼبنتدى األول‪ ،‬الفئة األوُف ‪2010‬م‪.‬‬

‫‪ -5‬الرسائل واألطروحات‪:‬‬

‫بن الشيح حياة‪:‬‬ ‫‪-‬‬


‫‪ 67‬اعبهود النقدية عند أضبد يوس‪ ،‬مذكرة ماجستَت‪ ،‬يف النقد العريب‬ ‫‪-‬‬
‫ومصطلحاتو‪ ،‬قسم اللغة العربية وآالئها‪ ،‬كلية األدب واللغات جامعة مرباح‪ ،‬ورقلة‪ ،‬اعبزائر‪،‬‬
‫‪1433‬ىـ ‪1434 /‬ىـ‪2012 ،‬م‪2013 ،‬م‬
‫فتيحة العبدي‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -69‬إشكالية اؼبصطلح يف اػبطاب النقدي اعبزائري اؼبعاصر رسالة مقدمة لنيل شهادة‬
‫اؼباجسًت‪ ،‬كلية اآلداب واللغات‪ ،‬سم اللغة العربية وآداهبا‪ ،‬جامعة وىران‪2013 ،‬م‪/‬‬
‫‪2014‬م‪.‬‬
‫نعيمة تشيكو‪:‬‬ ‫‪-‬‬
‫‪ -70 -‬الدالالت اؼبفتوحة والسَتورة التأويلية‪ ،‬يف فكر أمربتو إيكو‪ ،‬مذكرة‬
‫ماجسًت‪ ،‬ـبطوط جامعة وىران‪2006 ،‬م‪2007 ،‬م ‪.‬‬
‫يوسف أحمد‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪115‬‬
‫قائمة المصادر والمراجع‬

‫‪ -71‬السيميائيات وفلسفة اؼبعٌت‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬ـبطوط جامعة وىران‪2003 ،‬م ‪/‬‬
‫‪2004‬م‪.‬‬

‫‪ -6‬المواقع االلكترونية‪:‬‬

‫– ‪72- www. Arabie vhadwah. Com/ arties / madkal‬‬


‫‪hamdaui .htm.‬‬

‫‪73- www. Diwan alarab. com‬‬

‫‪73- www.maamri- ilm 2010 yoo7. Com.‬‬

‫‪116‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫فهسس املوضوعات‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫المقدمة‬
‫[‪]81 –5‬‬ ‫المدخل‬
‫‪8 -5‬‬ ‫إرهاصات النقد الجزائري‪.....................................................‬‬
‫‪87 – 8‬‬ ‫اإلستضاءة بالمناهج النقدٌة الغربٌة‪...........................................‬‬
‫‪81 – 8‬‬ ‫البنٌوٌة فً الدرس النقدي الجزائري‪..........................................‬‬
‫‪83 – 81‬‬ ‫األسلوبٌة فً الخطاب النقدي الجزائري‪......................................‬‬
‫‪85 – 83‬‬ ‫التفكٌك فً الخطاب النقدي الجزائري‪ :‬الحضور والغٌاب‪...................‬‬
‫‪87 – 85‬‬ ‫السٌمٌائٌات غٌاب المنهج أم طالسم العالمات‪................................‬‬
‫الفصل األول‪ :‬النظرية السيميائية الخلفيات المعرفية واللسانية [‪]36 –81‬‬
‫‪13 – 18‬‬ ‫أوال‪ :‬مصطلح السٌمٌاء‪ :‬الضبط المصطلحً‪................................‬‬
‫‪18‬‬ ‫لداللة اللغوٌة واالصطالحٌة‪.................................................:‬‬
‫‪12 – 18‬‬ ‫فً المعاجم اللغوٌة‪............................................................‬‬
‫‪13 – 12‬‬ ‫الداللة االصطالحٌة‪............................................................‬‬
‫‪18– 13‬‬ ‫ثانٌا‪ :‬الخلفٌات الفلسفٌة واللسانٌة للسٌمٌائٌة‪...................................‬‬
‫‪15 – 13‬‬ ‫الخلفٌات الفلسفٌة‪..............................................................‬‬
‫‪18 – 15‬‬ ‫الخلفٌة اللسانٌة‪.................................................................‬‬
‫‪25 – 18‬‬ ‫ثالثا‪ :‬النظرٌة السٌمٌائٌة فً النقد الغربً‪.....................................‬‬
‫‪23‬‬ ‫مبادئ السٌمٌائٌة‪................................................................‬‬
‫‪25 – 28‬‬ ‫اتجاهات السٌمٌائٌة‪.............................................................‬‬
‫‪38 – 25‬‬ ‫رابعا‪ :‬السٌمٌائٌة فً التجربة النقدٌة العربٌة المعاصرة‪......................‬‬
‫‪52 – 38‬‬ ‫خامسا‪ :‬النظرٌة السٌمٌائٌة فً الخطاب النقدي الجزائري المعاصر‪.........‬‬
‫‪43 – 38‬‬ ‫إشكالٌة المصطلح‪..............................................................‬‬
‫‪52 – 44‬‬ ‫النظرٌة السٌمٌائٌة المفاهٌم المعرفٌة والنقدٌة‪.................................‬‬
‫[‪]806 –36‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬المشروع السيميائي عند أحمد يوسف‬
‫‪78 – 54‬‬ ‫أوال‪ :‬الخلفٌة االبستٌمولوجٌة للنظرٌة السٌمٌائٌة‪..............................‬‬
‫‪78– 56‬‬ ‫النسقٌة األرسطٌة وتمفصالتها‪ ،‬جٌنٌالوجٌا المفهوم والمحمول المعرفً‪....‬‬
‫‪62 - 68‬‬ ‫السٌمٌائٌات ولغة الحساب‪....................................................‬‬
‫فهرس الموضوعات‬
‫‪65 -62‬‬ ‫رهان السٌمٌائٌات الحسٌة‪...............................................‬‬
‫الفلسفة التجرٌبٌة وعالقتها بالمشروع السٌمٌائً‬
‫‪67 - 65‬‬ ‫سٌمٌائٌات التعالً‪ :‬الفلسفة المثالٌة وعالقتها بالنظرٌة السٌمٌائٌة‪...........‬‬
‫‪78 – 67‬‬ ‫جبر العالمات‪ :‬التصور السٌمٌائً المعاصر‪.................................‬‬
‫‪83 – 78‬‬ ‫ثانٌا‪ :‬التفكٌر السٌمٌائً وفلسفة الحداثة ‪......................................‬‬
‫‪72 – 78‬‬ ‫الفكر األرسطً والتصور السٌمٌائً المعاصر‪...............................‬‬
‫‪73 – 72‬‬ ‫العالمة والتأصٌل الفلسفً‪.....................................................‬‬
‫‪75 – 74‬‬ ‫أنماط العالمة ووظائفها‪.......................................................‬‬
‫‪77 – 75‬‬ ‫تمظهرات العالمة والصٌغ تحققها‪.............................................‬‬
‫‪83 – 77‬‬ ‫العالمة األٌقونٌة وإبعادها الجمالٌة‪.............................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬التأسٌس الفكري واللسانً للنظرٌة السٌمٌائٌة عند " أحمد ٌوسف "‬
‫‪832 – 83‬‬ ‫[ دراسة وصفٌة ألبحاث أكادٌمٌة متنوعة ]‪..................................‬‬

‫‪82 – 83‬‬ ‫تهافت المعنى وهباء الحقٌقة‪....................................................‬‬


‫‪86 – 82‬‬ ‫السٌمٌائٌات والتواصل‪.........................................................‬‬
‫‪88 – 86‬‬ ‫توزٌعٌة هارٌس والتحلٌل النسقً للخطاب‪...................................‬‬
‫‪83 –833‬‬ ‫تحلٌل الخطاب من اللسانٌات إلى السٌمٌائٌات‪.................................‬‬
‫‪83 –831‬‬ ‫السٌمٌائٌات التأوٌلٌة وفلسفة األسلوب‪.........................................‬‬
‫[‪]801 – 805‬‬ ‫خاتمة‬
‫[‪]881 – 801‬‬ ‫قائمة المصادر والمراجع‬
‫الفهرس‬

You might also like