Professional Documents
Culture Documents
الجزاء التأذيبي لرجال الضبطية القضائية
الجزاء التأذيبي لرجال الضبطية القضائية
ISSN 1112-9255
0202 – ديسمبر3العدد،7المجلد OEB Univ. Publish. Co.
مقدمة:
إن الكشف عن الجريمة وتتبع مرتكبيها من طرف رجال الشرطة ،تكون وفق ألحكام القانون دون
أن يكون هناك تجاوز أو انحراف منهم ،وقد يحدث ذلك بمخالفة أحكام القانون ،سواء كان ذلك بقصد أو
ب دون قصد ،غير أن هذه المخالفة والتجاوز يشكل في كثير من األحيان اعتداء على حقوق األفراد
وحرياتهم المنصوص عليها دستورياً ،مما يستوجب إبطال العمل غير المشروع منها ومالحقة القائمين بها
بإثارة مسئوليتهم الجنائية والمدنية والتأديبية ،ومثال ذلك عدم التزامهم بالشرعية اإلجرائية في الكشف عن
الجريمة ،أو تعذيبهم ألحد المتهمين أو المشتبه فيهم لحمله على االعتراف ،أو قبض على أحدهم بدون
وجه حق ،أو انتهاك لحرمة حياتهم الخاصة سواء في مسكنهم أو محادثاتهم ،هنا يأتي دور الرقابة على
هذه الضوابط ،وذلك بإبطال غير المشروع منها ،ومساءلة المتسبب إن كان هناك وجه لذلك.
وبذلك يمكن القول بأن الرقابة على أعمال التحري واالستدالل تتحق من جهتين ،األولى مراقبة
األعمال ذاتها ،وهي تتحق عن طريق إشراف النيابة العامة ورقابة محكمتي الموضوع والمحكمة العليا،
باستبعاد الدليل الناتج وعدم انتاج آثاره.
وا لثاني الذي يهمنا في هذه الدراسة هو المسؤولية القائمة على رجل الضبط القضائي إذا كان
العمل الذي قام به قد تولد عنه جريمة يعاقب عليها ،مثل القبض بدون وجه حق ،أو االعتداء على حرمة
الحياة الخاصة؛ فهنا تترتب عليه المسئولية الجنائية على رجل الضبط القضائي ،وهناك المسئولية المدنية
التي يترتب على ثبوتها إلزام رجل الضبط القضائي بتعويض المضرور عن الضرر الذي أصابه من
جراء الجريمة.
وهناك نوع اخر من المسؤولية التي هي محل دراستنا وهي المسؤولية التأديبية إذا كان عدم االلتزام
فيها اخالل بواجبات الوظيفة أو مخالفة لما تقضي به القوانين واللوائح التنظيمية من ناحية أخرى ،مثل
كل موظفي الدولة.
فالنظام التأديبي أمر مهم في كل الواجبات العملية لكل وظيفة عامة ،سواء أكان األمر يتعلق
بالشرطة القضائية أم اإلدارية ،فهما من رجال السلطة العامة في الدولة ،والسلم الوظيفي الذي يندرج تحته
رجال الشرطة يتطلب منهم أن تكون أعمالهم وفقا لمبدأ الشرعية وااللتزام بأحكام القانون حتى ال تمس
حريات األفراد (صفا ،9002،ص ،)705وتلتزم السلطة الرئاسية بمراقبة مرؤوسيهم من رجال شرطة
ومساعديهم ،وتأتي من بعد ذلك السلطة القضائية بالرقابة على الشرعية من أجل حماية الحريات،
ولالهتمام بتأكيد حماية األفراد يقوم قانون اإلجراءات الجزائية بمضاعفة الرقابة عن طريق النظام
التأديبي.
والسلطة التأديبية هي سلطة توقيع العقوبة بناء على خطأ قائم على إخالل الموظف بااللتزامات التي
يمليها عليه القانون الذي يخضع له )(Silvera.Salon,1976, p345
الصفحة 731 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
إشكالية البحث :وكيف عالجها المشرع الجزائري الجزاء التأديبي على رجال الضبطية القضائية؟.
المنهج المتبع :ولإلجابة على اإلشكالية السابقة سوف نعتمد على المنهج التحليلي الوصفي وذلك بتحليل
نصوص القانون التي جاءت تعالج اإلشكالية.
ولإلجابة على اإلشكالية السابقة وفق للمنهج المتبع سوف تكون دراستنا كما يلي-:
الصفحة 731 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
مقتضى الواجب في أعمال وظيفته «( الملط ،2295،ص .00صفا ،9002 ،ص ،)702ويستخلص
من قضاء المحكمة اإلدارية في مصر عند تعريفها للجريمة التأديبية بما يلي:
- 2كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في
أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه اإلخالل بكرامة وظيفته يعاقب تأديبيا(صفا ،9002،ص )720
- 9سبب القرار التأديبي في نطاق الوظيفة العامة هو إخالل الموظف بواجبات وظيفته أو خروجه
على مقتضياتها أو ارتكابه خارج الوظيفة ما ينعكس عليها (.عادل ابراهيم صفا ،9002 ،ص .)720
وتشمل هذه التعريفات للجريمة التأديبية بأنها »:كل فعل يرتكبه الموظف يترتب عليه إخالل
بواجبات وظيفته أو مخالفته للقوانين واللوائح يعتبر جريمة تأديبية يحق للجهة اإلدارية التابع لها محاسبته
عليها وتوقيع الجزاء المناسب عليه «.
ثانياً :عناصر الجريمة التأديبية:
تقوم الجريمة التأديبية على عنصرين هما:
-العنصر الشخصي (الموظف المراد تأديبه).
-العنصر الموضوعي (الخطأ اإلداري).
وبالنسبة للعنصر األول تعريف الموظف العام :لم يعرف المشرع الجنائي في كل من مصر
والجزائر الموظف العام فيما يتعلق بجريمة القبض الغير المشروع و جريمة تعذيب المتهم لحمله على
االعتراف ،كما فعل المشرع الجزائري في جرائم الفساد.
-1تعريف الفقه :فقد ذهب الفقه إلى أن الموظف العام في مفهوم قانون العقوبات هو »:كل شخص
يعمل في مواجهة األفراد بإسم الدولة أو أحد األشخاص المعنوية العامة ويمارس إزاءهم في صورة طبيعية
تستدعي ثقتهم أحد االختصاصات التي خولها القانون لمرفق عام تديره الدولة أو الشخص المعنوي العام
إدارة مباشرة « .بمعنى آخر هو(حسني ،2209،ص »:)921كل شخص يباشر طبقا للقانون جزءا من
اختصاصات الدولة « أو( خلف اهلل ،2222،ص »:)209كل شخص يمارس نشاطا عاما باسم إحدى
الجهات العامة أو القائمة على نفع عام ولحسابها بناء على سند قانوني أو ضرورة طواعية أو جب ار بأجر
أو بدون أجر بصفة دائمة أو عرضية « .
وقد ذهب رأي أخر في تعريف الموظف العام إلى أنه(منصور ،2251،ص »:)95كل شخص
يعين أو ينتخب قانونا لممارسة عمل عام ودائم ألداء خدمة عامة أو القيام على مال فيلتزم بتنظيم
الحريات أو الحقوق أو األموال العامة مع سلطة المساس بها عند االقتضاء في حدود القانون ،سواء كان
استناد العمل إليه طواعية أو جب ار أو بدونه بصفة دائمة أو لمدة محددة «.
-1تعريف القضاء:
وهو الذي استقر عليه القضاء اإلداري على تعريفه بأنه (بالل ،2222 ،ص .201مصطفى،
،2202ص .222عجلية ،د.ت ،ص »:)995الشخص الذي يعين بصفة مستمرة غير عارضة
الصفحة 731 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
للمساهمة بعمل دائم في خدمة مرفق عام تديره الدولة بالطريق المباشر « ؛ ومن ثم ال يسري حكم هذه
المادة على األفراد العاديين(حسني ،2209 ،ص)927
وعرفته محكمة الجنايات المصرية بأنه »:كل من يعهد إليه بنصيب من السلطة يزاوله في أداء
العمل الذي يناط به أداؤه سواء كان هذا النصيب قد أسبغ عليه من السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية
أو السلطة القضائية .ويستوي في ذلك أن يكون تابعا مباش ار إلى هذه السلطة أو يكون موظفا لمصلحة
تابعة إلحداها « ( حكم محكمة الجنايات القاهرة ،رقم 2959لسنة ،2259بتاريخ ) 2259/07/27
كما أن محكمة النقض الفرنسية قد عرفت الموظفين العموميين بأنهم »:المواطنون الذين يباشرون
قد ار من السلطة العامة ،وكذلك من يمارسون وكالة عامة بطريق االنتخاب أو بتفويض من السلطة
التنفيذية «(Cass, Crim, 23 Janv 1973, Bull, Crim, n 29).
حيث ذهبت محكمة العليا في الجزائر على أنه »:تشمل كلمة موظف على كل الموظفيين
باإلدارات و المؤسسات العمومية ،وال فرق بين موظف مرسم أو متعاقد أو متربص( «.المجلة القضائية،
،2220ص.)992
والمعنى المقصود من تعبير الموظف الواردة في قانون العقوبات ال يعد محددا الجناة على سبيل
الحصر ،بل إن لهذا التعبير معنى موضوعي يتحقق في حالة من يعمل في خدمة الدولة على اختالف
أوضاعهم وتسميتهم ،ومن ثم فانه يشمل كل شخص مكلف بخدمة عمومية من قبل الدولة أو إحدى
المصالح العامة التي تستمد سلطانها من الدولة( وهاب ،9025،ص )927
وبالتالي فتعبير الموظف العام المقصود به يؤخذ بأوسع معانيه فيشمل بجانب رجال الشرطة من أدنى
رتبة فيهم إلى أعالها( وهاب ،9025،ص .)929
وعرف المشرع الجزائري الموظف في قانون مكافحة الفساد في المادة 9من قانون رقم 02 -09
المؤرخ في 90فبراير 9009المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته الموظف العمومي على النحو اآلتي:
-كل شخص يشغل منصبا تشريعيا أو تنفيذيا أو إداريا أو قضائيا أو في أحد المجالس الشعبية المحلية
المنتخبة ،وسواء أكان معينا أو منتخبا دائما أو مؤقتا ،مدفوع األجر أو غير مدفوع األجر ،بصرف النظر
عن رتبته أو أقدميته،
-كل شخص آخر يتولى ،ولو مؤقتا ،وظيفة أو وكالة بأجر أو بدون أجر ،ويسهم بهذه الصفة في خدمة
هيئة عمومية أو مؤسسة عمومية أو أية مؤسسة أخرى تملك كل أو بعض رأسمالها ،أو أية مؤسسة تقدم
خدمة عمومية،
-كل شخص آخر معرف بأنه موظف عمومي أو من في حكمه طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما.
وهو تعريف مستمد من المادة 9من الفقرة أ ،من اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الفساد المؤرخة في
22أكتوبر ،9002ويختلف تماما عن تعريف الموظف العمومي الذي جاء به األمر رقم 02 -09
المؤرخ في 27يوليو ،9009المتضمن القانون األساسي العام للوظيفة العمومية.
الصفحة 742 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
أما العنصر الثاني فسنتعرض له وفقاً لما يلي :الجريمة التأديبية ابتداء هي سبب صدور القرار من طرف
الجهة المختصة بالعقاب ،فال يعاقب رجل الشرطة؛ إال إذا ارتكب فعل أخل بمقتضيات وظيفته أو ماال
يتفق مع مركزه وشرف مهنته بصفته عضوا في جهاز الشرطة – األمن الوطني ، -ويظهر ذلك في
حالتين:
الحالة األولى :الخطأ اإلداري ومبدأ الشرعية.
الحالة الثانية :دور اإلرادة في الخطأ التأديبي.
وبالنسبة للحالة األولى :الخطأ اإلداري ومبدأ الشرعية:
يعاقب رجال الشرطة إذا ماثبت للجهة المختصة – السلطة العليا -أنه قام بعمل سواء بإيجاب أو
سلب ال يتفق ومقتضيات وظيفته سواء نص على ذلك القانون صراحة أم لم ينص( حجازي،2200،
ص .)5فاألفعال المكونة للخطأ اإلداري ليست محددة حص ار أو نوعا وانما مردها بوجه عام إلى اإلخالل
بواجبات الوظيفة العامة أو الخروج على مقتضياتها وشرف نزاهتها ،وكل فعل لم يحدد له ما يناسبه من
جزاء ،وانما يترك تحديد الجزاء للسلطة التأديبية المختصة بحسب تقديرها لدرجة جسامة الفعل وما
يتناسب من جزاء في حدود القانون ( حكم المحكمة االدارية العليا ،2292/22/22 ،س ،5ص0 ،95
ديسمبر ،2295س ،0ص .)922ويترتب عن ذلك اآلتي:
أن تحديد الفعل المكون للجريمة التأديبية متروك لتقدير السلطة التأديبية التي تلتزم في تقديرها ضوابط
الوظيفة العامة بما تتضمنه من حقوق وواجبات (.حكم المحكمة االدارية العليا ،2299/29/91،س ،29
ص .)120
يجب على السلطة التأديبية أن تحدد ما إذا كان الخطأ المنسوب إلى العضو المراد تأذيبه يعتبر جريمة
تأديبية ،وبعد ذلك تكييفه و تحدد العقوبة المالئمة للخطأ الثابت من قبل الشرطي المخالف .بمعنى أن
على السلطة التأديبية أن تكييف الخطأ و تحدد عناصر الجريمة التأديبية وتنسب لها العقوبة المقررة
قانونا( صفا ،9002 ،ص .)722
الحالة الثانية :دور اإلرادة في الخطأ التأديبي:
تعتبر المسئولية التأديبية مسئولية شخصية تقع على رجل الشرطة ،ومن أجل إدانته إدارياً يجب على
السلطة الرئاسية أن تبين الخطأ الذي وقع منه ،بمعنى أن عبئ اثبات الخطأ يقع على اإلدارة من أجل
معاقبة العضو.
وأساس المسئولية في الجرائم التأديبية هو الخطأ الوظيفي ،أي اإلخالل بواجبات الوظيفية إيجابيا
كاإلهمال في الخدمة أو سلبا كعدم تنفيذ أمر الرئيس .ويكفي أن يكون العضو قد ارتكب الخطأ فعال بال
عذر قانوني ،دون النظر إلى حالته الشخصية لمساءلته سواء أكان حس النية أم سيء النية ،فالخطأ
واقعة محددة قائمة بذاتها متى تحققت أوجبت مسئولية مرتكبها بغض النظر عن الباعث على هذا الخطأ
الصفحة 747 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
( حجازي ،2200 ،ص .)22ويجب على محكمة الموضوع أن تناقشه وتبينه في حكمها ( قرار مجلس
الدولة ،رقم الملف ،95952بتاريخ ،9007/20/97العدد ،0ص .)902
الفرع الثاني :اختالف الجرائم التأديبية عن الجرائم الجنائية
تقوم كل من الجريمة الجنائية أو المخالفة التأديبية على فكرة الخطأ ،بمعنى أن الواقعة المنسوبة إلى
رجل الضبط القضائي سواء أكانت تشكل جريمة تأديبية أم مخالفة تأديبية ،تتأسس على إتيانه بفعل أو
امتناعه عن القيام بأعمال تمثل انحرافا في السلوك القويم الذي يريده المجتمع أو الوظيفة العامة التي
يقوم بأعبائها ،سواء أكان ذلك بقصد وتعمد منه أو كان نتيجة إهمال وعدم تحوط (.عادل ابراهيم صفا،
،9002ص .)729
وتختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية فيما يلي:
-2الجريمة التأديبية تقوم على أساس فعل يصدر من الموظف العام-:
حيث ترى فيه السلطة اإلدارية أنه يمس بالنزاهة والشرف ،ويؤدي إلى زعزعة الثقة واالحترام واألمانة
الواجب توفرها في الوظيفة العامة ،وهذه األخطاء ال تحصرها القوانين أو اللوائح مقدما ،بل يكفي التحذير
العام للواجبات بحيث يصبح الخروج عليها خطأ إداريا.
غير أن الجريمة الجنائية مناطها أفعال تصدر من المتهم ،وتكون من جميع األشخاص ،وهذه األفعال
جرمها المشرع في قانون العقوبات ،وحدد المشرع الجنائي األفعال المكونة للجريمة ووضع لها عقوبة(.
الطماوي ،2200 ،ص .172بركات ،2252 ،ص .)29
أي أنه إذا كانت الجريمة الجنائية واحدة بالنسبة لمختلف المواطنين ،فإن الجريمة التأديبية نسبية،
ولذلك ال يمكن تحديد واجبات الموظفين بصفة عامة وتقنيتها ،فالعقوبات التأديبية التي توقعها الهيئات
المختصة عند ثبوت الخطأ اإلداري تختلف في طبيعتها عن العقوبات الجنائي (صفا ،9002،ص
،.)729حيث ال تخضع الجريمة التأديبية لقاعدة (ال جريمة وال عقوبة إال بنص) تلك التي تخضع لها
الجرائم الجنائية ،ويسعى المشرع فيها إلى تحقيق العدالة الجنائية أو المصلحة االجتماعية ،وهي توقع
باسم الجماعة بأسرها ولصالحها ،بينما في الجريمة التأديبية يسعى المشرع إلى مصلحة طائفة أو هيئة
معينة وال توقع إال بقصد التأديب( صفا ،9002 ،ص .)722
-9تختلف الجريمتان في الركن المعنوي – اإلرادة: -
المسئولية التأديبية مسئولية شخصية أساسها هو خطأ الموظف العام الذي يكفي إلدانته ومساءلته
إداريا عندما يثبت أنه وقع منه إخالل بواجبات الوظيفة إيجابا كاإلهمال في الخدمة أو سلبا كعدم تنفيذ
أمر الرئيس.
فاإلرادة اآلثمة للموظف الذي يراد تأديبه ال تعني أكثر من أنه قد ارتكب الفعل أو االمتناع دون عذر
قانوني أي شرعي ،سواء أكان يدرك أنه يرتكب فعال خاطئا يوجب المسؤولية أم ال ،وسواء كانت نيته
الصفحة 740 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
حسنة أم سيئة ،وتحديد األفعال الممنوعة على الموظفين التي تكون جريمة تأديبية متروكة لتقدير السلطة
التأديبية التي تلتزم في تقديرها بضوابط الوظيفة العامة بما يتضمنه من حقوق وواجبات سواء أكانت
جهات قضائية أم جهات رئاسية(صفا ،9002،ص.)722
بينما تعتبر اإلرادة ركنا في الجريمة الجنائية على النحو المقرر في قانون العقوبات ،حيث يلزم
للعقاب أن يقترن الركن المادي للجريمة بركن المعنوي؛ أي يصدر الفعل المادي اإليجابي أو السلبي عن
إرادة آثمة عن قصد أو خطأ غير عمدي من الجاني.
-2في مجال إجراءات التحقيق والمحاكمة:
الجهة المختصة بالتحقيق في الجرائم التأديبية هي السلطة الرئاسية -اإلدارية – للموظف ،والسلطة
المختصة بتوقيع العقوبات التأديبية قد تكون الرئيس اإلداري أو مجالس تأديب ضباط .
أما الجهة المختصة بالتحقيق في الجرائم الجنائية فهو قاضي التحقيق ،وغرفة االتهام في حالة جريمة
تشكل الجنايات ،وتختص بها المحاكم الجزائية .كما ال يمنع من أن ينشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية
وجريمة تأديبية في نفس الوقت ،مثال ذلك اختالس الموظف العام أمواال في عهدته أو تخص الدولة،
ففي هذه الحالة يتولد عن الفعل دعوتان األولى جناية والثانية تأديبية ،وتستقل كل منهما بجهة
اختصاصها واجراءاتها ( راشد ،2250 ،ص ،.)992كما قررت القضاء اإلدارية بأن لإلدارة توقيع
الجزاء التأديبي دون انتظار نتيجة المحاكمة الجنائية ما دام قد قام لديها السبب المبرر لهذا اإلجراء،
واقتنعت بالدليل على صحته ،كما أن لها إرجاء النظر في المحاكمة التأديبية إلى أن يفصل في المحاكمة
الجنائية حسبما تراه مالئما(.حكم المحكمة االدارية العليا ،2270/29/95 ،دعوى رقم ،959ص
.)9029
المطلب الثاني :أنواع الرقابة التأديبية للسلطة الرئاسية.
يخضع اإلشراف على أعمال رجال الضبط القضائي في أعمالهم القضائية إلى النائب العام ،غير أنهم
يخضعون في االشراف على أعمالهم اإلدارية إلى سلطاتهم اإلدارية ( GUY LE BORGNE, 1996,
،) p 407وقد تضمن القانون األساسي الخاص بالموظفين المنتميين لألسالك الخاصة باألمن الوطني،
بيان الحقوق والواجبات الخاصة برجال الشرطة على اختالف درجاتهم ومراتبهم الوظيفية ،كما بين هذا
القانون الجزاءات التأذيبية التي يمكن أن توقع على أي منهم عند ارتكابه أية جريمة جنائية فضالً عن
الجزاء الجنائي.
وسوف نتناول في هذا المطلب رقابة كلتا السلطتين االدارية والقضائية لرجل الضبط القضائي والسلطات
التأديبية المخولة لكلتيهما.
الفرع األول :الرقابة التأديبية للسلطة اإلدارية الرئاسية.
يتبع رجال الضبط القضائي إلى الجهته اإلدارية التي يعمل تحت إشراف ورقابة السلطة الرئاسية المتدرجة
ويخضع ألوامرها وتعليماتها ونظمها خضوعا تاما ،ومسائلته اإلدارية عما ارتكبه من إجراءات غير
الصفحة 743 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
مشروعة عن طريق مرؤوسيه .فعدم مشروعية القرار اإلداري شرط كاف لقيام المسئولية ،فتتحقق عدم
المشروعية بمخالفة قاعدة قانونية مدونة أو غير مدونة يكون لها قوة القانون وهي ما يطلق عليها المبادئ
القانونية العامة .وبها توجب المسؤولية االدارية( الشهاوي ،2255،ص.)210
والقانون التأديبي لرجل الضبط القضائي سواء في فرنسا أو الجزائر ،بالرغم من كونه عقابيا إال
أنه ال يخضع لنفس مبدأ القانون الجنائي الذي يخضع لمبدأ الشرعية الصارم ،فالسلطة الرئاسية يمكن أن
تفرض عقوبة في حالة ارتكاب خطأ ،يتضمن تقصي ار في االلتزامات التي تنص عليها الالئحة.
وتخضع المسئولية التأديبية لرجال الشرطة بصفة عامة إلى قانون الوظيفة العامة ،وذلك بحكم المادة
5 ،9من القانون األساسي للشرطة .والمسئولية التأديبية تقوم على عنصرين رئيسيين يمثالن النظام
التأديبي وهما الخطأ والعقاب ( .القانون األساسي للشرطة ).
والخطأ التأديبي الذي -لم يعرفه أي نص تشريعي سواء في فرنسا أو الجزائر -؛ يقوم على
تقصير في االلتزامات الشرعية ( (Decoq, Montreuil et Buisson, 1991, p.762.أو القانونية التي
يجب أن يخضع لها الموظفون بصفة عامة ورجال الضبطية القضائية بصفة خاصى محل الدراسة ،وهذه
االلتزامات أي االلتزام بالخضوع وبالسر المهني والتحفظ ( المواد )20 ،25 ،29وأيضا واجب التزام
التدخل لمساعدة الغير أو لقمع أي عمل من شأنه يخل بالنظام العامMadiot , 1990, p 141( .
أما عن العقوبات التأديبية المقررة لتلك األخطاء ،فتختلف على حسب مستوى الدرجات المطبقة على
رجال الشرطة إذ أن السلطة التأديبية تتبع السلطة األعلى ) . (A. Plantey,1971, p 488ويعهد بها
إلى وزير الداخلية ومديري األمن ومفتشي الشرطة الذين يتلقون تعليمات و تفويضات لتنفيذ أمر غير
شرعي.
وتطبيقا للقواعد االدارية بإحترام السلم الوظيفي وخاصة الذي يخضع له رجال الشرطة فبصدور أم ار
من الرئيس حتى ولو كان غير مشروع هو ملزم بتنفيذه ليجد نفسه أمام خيارين يتضمن كل منها عقوبة.
،(Decocq, Montreuil et Buisson,1991, p763).فعندما يواجه رجل الضبط أم ار غير شرعيا
فيكون مثل أي رجل عسكري أو أي موظف عام .إما الخضوع له ويصبح مدانا جنائيا أو عدم الخضوع
والتعرض لعقوبة تأديبية .ولكنه يخضع على خالف أي موظف آخر في الدولة لتسلسل الرتب واألقدمية.
)(A.Varinard,4eme éd, p 2365
حيث ذهب رأي فقهي إلى القول أن تقدير شرعية أو عدم شرعية العمل اليومي للشرطة ليس عمالً
سهالً إذ يتطلب دائما سرعة شديدة في التنفيذ بالمقارنة بالعمل اإلداري في األجهزة األخرى ،وبهذا يجب
اعفاء رجل الشرطة من العقوبة التأديبية لصعوبة تقدير العمل الشرعي من عدمه.
وذهب رأي أخر )( F. Desportes et F. Le Gunehec, 1995, p 521إلى أن تحديد عدم الشرعية
الملزم للعقوبة التأذيبية يكون بالنظر لطبيعة العمل ،ويضاف اليها معلومات شخصية عن القائم بالتنفيذ،
ونية الفاعل.
الصفحة 744 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
بمعنى أن العقوبة تتحدد وفقا لمعيارين هما أولهما موضوعي يتعلق بطبيعة العمل نفسه مثل التعرض
لحياة شخص ،والثاني لصفة القائم بالتنفيذ.
ويعفى رجل الضبط القضائي من العقوبة في حالة امتناعه عن القيام بالعمل الغير الشرعي ،حيث
يعتبر رفضه عن تنفيذ ألمر غير شرعي عمل صحيحاً ال يعرضه للعقاب.
يجب على المرؤوس أن يبين للسلطة التي أصدرت األمر عن سبب اعتراضه مع التحديد الواضح
لعدم شرعية األمر ،ويمكن أن تظهر في حالتين :األولى أن يعدل الرئيس عن رأيه مما يستوجب عليه
سحب أمره ،والثانية أن يبقى على أمره وقد يخضع المرؤوس بناء على الشرح والتفسير الذي يقدمه له
الرئيس أو يصر على اعتراضه .وفي هذه الحالة األخيرة عليه أن يرجع إلى السلطة العليا األولى ،مما
يجب في هذه الحالة أن يطلب الرئيس من رجل ضبط قضائي آخر أن يقوم بالمهمة موضوع الخالف.
وفي حالة تنفيذ األمر الغير شرعي الصادر من القائد األعلى إذا كان من الصعب تقدير عدم شرعية
ذالك األمر ،ففي هذه الحالة تأخذ حسن نيته بعين االعتبار مما يعفيه من المسئولية الجنائية ،ولكن يفقد
هؤالء الموظفون تلك الضمانات في حالة االشتراك في عمل شغب جماعي ،أو أي عمل مخالف للنظام
العام ،أو االشتراك في إضراب ،أو في الدعوى إلى أي من هذه األعمال.
واإلجراءات التأديبية لرجال الشرطة مماثلة لإلجراءات المطبقة على باقي الموظفين طبقاً ألحكام قانون
الوظيفة العامة ،مع مراعاة قانون األساسي للشرطة طبقا ألحكام المادة 5منه التي تنص على أنه»:
...وكذا النظام التأديبي الخاص بموظفي الشرطة« .
وقسمت المادة 292من قانون الوظيفة العامة ،العقوبات إلى 1مجموعات وهي كالتالي :يدخل في
المجموعة األولى التنبيه واإلنذار الكتابي والتوبيخ ،وفي المجموعة الثانية التوقيف عن العمل من يوم إلى
ثالثة أيام ،والشطب من قائمة التأهيل ،والمجموعة الثالثة التوقيف عن العمل من أربع إلى ثمانية أيام،
التنزيل من درجة إلى درجتين ،النقل اإلجباري ،أما المجموعة الرابعة التزيل إلى الرتبة السفلة مباشرة،
التسريح.
ورأى بعض الفقه أنه مسموح لإلدارة أن تخفي بعض اإلجراءات التأديبية وراء بعض اإلجراءات التي
يتخذها الرؤساء ،على سبيل المثال مثل النقل وتغيير العمل اللذين يتم فرضهما لمصلحة العمل.
ومجال تطبيق القانون التأديبي مستقل عن القانون الجنائي ،وقد عبر عنه المشرع في قانون الوظيفة
العامة في الفصل األول والثاني من الباب السابع تحت عنوان النظام التأديبي.
وتطبق العقوبتين الجنائية والتأديبية في حالة ارتكاب رجل الشرطة لخطأ يتظمن هاتين العقوبتين ،أي
أنه يمكن تطبيق النوعين من الدرع في نفس الوقت دون االلتزام بمبدأ عدم محاكمة نفس الشخص مرتين
لنفس الجريمة وأن الحكم الجنائي ال يلزم الحكم التأديبي.
حيث ذهب الفقه (صفا ،9002 ،ص )799إلى إمكانية معقابة رجل الشرطة بإجراء آخر ،أطلق
عليه البعض عقوبات شبه تأديبية يحكم بها النائب العام وتحتوي على سحب األهلية.
الصفحة 741 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
والمؤسف لألمر أن العقوبة اإلدارية المفروضة على رجل الشرطة ال تنشر للشعب ليعلم بعقوبة من
تجاهل القانون ()Haritini Matsopoulou,1996, p 849
الجهة المختصة بتوقيع العقوبة التأديبية ،حسب ما جاء في نص المادة 297من قانون الوظيفة
العامة تكون العقوبة المقررة من الدرجة األولى والثانية من صالحيات من قام بالتعيين؛ أما العقوبات
المقررة من الدرجة الثالثة والرابعة تكون من صالحيات من قام بالتعيين وخالل 17يوما من تاريخ
معاينته للخطأ يجب عرض القضية للجنة اإلدارية المتساوية األعضاء المختصة ،التي يجب عليها أن
تبث فيها خالل 17يوما من تاريخ إخطارها .من أجل أخد رأيه وجوباً .واذا تجاوزت مدة 17يوما ولم
يخطر الرئيس المجلس التأديبي بخطأ الموظف تنقض العقوبة.
و يبلغ الموظف المتابع بالعقوبة التأديبية في أجل 27يوم من يوم تحريك الدعوى ،ويجب تبليغه
قبل انعقاد المجلس التأديبي بـ ـ ـ 27يوما من أجل تحضير دفاعه ( المادة . )290ويبلغ بالقرار المجلس
خالل مدة 0أيام من تاريخ صدوره (.المادة .) 259
وان األثر المترتب على تحريك الدعوى التأديبية على الخطأ من الدرجة الرابعة تؤدي إلى توقيفه عن
العمل مع تقاضيه لنص راتبه مع استم ارره في تقاضي المنح العائلية إلى غاية صدور حكم نهائي ،فإذا
تمت تبرئته من األفعال المنسوبة اليه يرجع له راتبه كامالً مع باقي المتسحقات المخصومة له أثناء
المتابعة (.المادة .) 252
كما يمكن الموظف الذي كان محل عقوبة تأديبية من الدرجة الثالثة أو الرابعة ،أن يقدم تظلما أمام
لجنة الطعن المختصة في أجل أقصاه شهر واحد ابتداء من تاريخ تبليغ القرار المادة .257
الفرع الثاني :الرقابة التأديبية للسلطة القضائية
إن المشرع الفرنسي والجزائري قد أخذ بنظام الرقابة التأديبية المباشرة على رجال الضبط القضائي
بنصوص صريحة ،ولم يكتف بتقرير سلطة الرقابة المباشرة ألعضاء النيابة العامة ،وانما أضاف إليهم
رقابة غرفة االتهام( سلطان ،2225،ص .)09
فالنائب العام يستطيع توقيع جزاء اإلنذار بنفسه على رجل الضبط القضائي ،وهو بمثابة تحذير وتنبيه
له ،كما يملك إصدار قرار سحب أهلية وصفة الضبطية القضائية ،ذلك أنه هو الذي يصدر ذلك القرار
بمنحه هذه األهلية ويملك سحبها عند عدم االلتزام عن تأدية واجباته.
أوالً :الرقابة التأديبية من طرف النيابة العامة
فالمادة 9/29من ق ا ج تقابلها المادة 29من ق إ جزائية فرنسي نصت على خضوع رجال
اء في الجزائر أو فرنسا ،هذا الحق
الضبط القضائي إلدارة وكيل الجمهورية ،وقد أكد القانون اإلجرائي سو ً
المباشر الذي حدده في المادة 29من ق ا ج ج التي تقابلها المادة 12فقرة 2من ق إ ج فرنسي
( STEFANI G ), LEVASSEUR ( G), et BOULOC ( B), PROCEDRE PENAL,2006, )p 442
الصفحة 741 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
التي أناطت لوكيل الجمهورية الرقابة على إجراء التحفظ وحقه في زيارة أماكن التحفظ وتفتيشها،
باإلضافة إلى أن المادة 22فقرة 2من ق ا ج ف ،قد منحت النائب العام اإلختصاص بالتوجيه رجال
الضبط القضائي هذا من خالل وجوب عرض الشخص المحتجز على وكيل الجمهورية في كل قرار
يصدره رجال الضبط بإجراء التوقيف للنظر.
ومن اختصاصات النيابة العامة بمتابعة رجال الضبط القضائي ومالحظتهم ولها الحق في إبداء
الرأي فيما يسطرونهم من محاضر وتقارير رسمية وتقدير قيمت المعلومات التي يبلغونها بها وكذلك تقدير
كفائتهم المهنية ودرجة األمانة والثقة الممنوحة لهم ) ،(Le capitaine GUY LE BORGNE,1987, p407ويخول
وبناء على هذا فإنه
ً القانون الفرنسي النيابة العامة سلطة الرقابة التأديبية على أعضاء لشرطة القضائية،
يجوز لهم أن يوقع بنفسه الجزاء على رجل الضبطية القضائية الذي ارتكب اخالالً بواجبات وظيفته ،أما
إذا كان الفعل المرتكب منه يشكل جريمة فإنه يحيله إلى غرفة االتهام والجزاءات التي يوقعها نائب العام
بنفسه هي اإلندار ،أو سحب الكفاءة واإلختصاص.
وقد نظم المشرع الفرنسي عكس المشرع الجزائري الذي لم يبين اختصاص النائب العام في سحب
الكفأة أو االختصاص ،كما فعل المشرع الفرنسي في المادة 29من ق ا ج فرنسي الحاالت التي يجوز
فيها سحب الكفأة أو اإلختصاص )(Cass, Crim, 13 janv, 1998, Bull, Crim, N° 14
فإذا صدر قرار من النائب العام بسحب االختصاص من رجل الضبطية القضائية فقد أجاز له القانون أن
يتقدم خالل شهر بإلتماس إلى نائب العام من أجل إلغاء هذا القرار والعدول عنه طبقا للمادة 2 / 29من
ق ا ج ف .فإذا رفض هذا االلتماس في خالل شهر فلمقدمه الحق في الطعن على هذا القرار أمام لجنة
مشكلة من ثالثة مستشاريين أو رؤساء غرف بمحكمة النقض طبقاً للمادة 9 / 29من ق ا ج ف ،وهذه
اللجنة تفصل في التظلم بعد االستماع إلى المناقشات والمرافعات الشفوية في غرفة اإلتهام بقرار غير
مسبب طبقا للمادة 2/29؛ والمادة 5/ 27وما بعدها من ق ا ج فرنسي( STEFANI ( G ), .
LEVASSEUR ( G), et BOULOC ( B), PROCEDRE PENAL,2006, p 358,359).
وعلى المشرع الجزائري أن يوضح صالحية النيابة العامة في توقيع عقوبة سحب الكفأة واإلختصاص
الضطية القضائية ،ويوضح حاالت الطعن فيه.
ثانياً :الرقابة التأديبية لغرفة االتهام
باإلضافة إلى السلطة التأذيبية المقررة للجهة اإلدارية التي يتبعها رجل الضبط القضائي
) (Decocq, Montreuil et Buisson,p431وحق سحب الكفأة واإلختصاص المقرر للنيابة العامة
على النحو السابق وفقا للقانون الفرنسي ،فإن جميع أعضاء الشرطة القضائي بما في ذلك األعضاء
المكلفين ببعض مهام الشرطة القضائية يكونون محال للجزاءات التأديبية ،وغرفة االتهام يمكن لها أن
تصدر ق ار اًر بالوقف(Cass, Crim, 4 mais 1988, Bull. Crim, n° 191, D1988.) .
الصفحة 741 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
كما أن لها الحق من تلقاء نفسها أن تجري تحقيقاً لإلجراءات التي تكون خاضعة لرقابتها (المادة
900من ق ا ج ج جزائري) ،وهي تجري تحقيقاً بعد أن تخطر النائب العام وعضو الشرطة القضائية
بالسبب .وله أن يطلع على ملف القضية لدى النيابة العامة ،وأن يوكل محامي للدفاع عنه ( المادة
9/900من ق ا ج جزائري ) ،كما لها الحق في فرض بعض القيود على اعضاء الضبط القضائي
فيجوز لها أن تمنعه من ممارسة عمله سواء في دائرة اختصاص محكمة اإلستئناف التي يتبعها أم في
كل أرجاء االقليم ،بصفته رجل ضبط قضائي أو بصفته مندوباً للتحقيق في بعض االجراءات.
بناء على طلب النائب العام إلى السلطات وقرار غرفة االتهام بالوقف عن ممارسة العمل يصبح نافداً ً
االدارية التي يتبعها هذا الضابط أو عضو الشرطة القضائية ،وهذا القرار وفقاً لألحكام القانون الفرنسي
يكون قابال للطعن فيه على النحو المشار اليه سابقاً .عكس المشرع الجزائري الذي لم يجيز الطعن في
الق اررات التأديبية الصادر ضد ضابط الشرطة القضائية من النيابة العامة أو غرفة االتهام ( القرار رقم
،207525بتاريخ ،2222/02/07المجلة القضائية ،لسنة ،22221العدد ،2ص .)915
وقد اعترض بعض الفقه بتوقيع العقاب التأديبي نتيجة أخطاء الموظف عن طريق سلطة ليست هي
السلطة الرئاسية الطبيعية لهم ( (.Ravier,1978, p312ومن وجهة نظرنا أن هذا القانون التأديبي من
طرف النائب العام أو غرفة االتهام ،يجب أن يؤيده كل ضابط الشرطة ألنه سيكون حماية لهم أكثر منه
تهديدا ،كما أن ق اررات غرفة االتهام تجاه ضباط الشرطة القضائية قابلة للنقض وفقا ألحكام القانون
الفرنسي عكس المشرع الجزائري الذي لم يجز الطعن فيه ،وهذا النقض له أثر في الدعوى ،فالعقوبة
التأديبية التي تنطلق بها غرفة االتهام ضد ضباط الشرطة القضائية ليست جزءا وفقا للمادة 9-2من
االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان
( Cass. crim 26 février 1997, Foll, Bull. crim. n ̊ 78, D. 1997, 297)..
إن األحكام التي تصدر من مجالس التأديب المبينة في قانون الوظيفة العامة المبين بالمادة 297من
ذات القانون ،جميعها ال حجية لها أما المحاكم الجنائية في حالة محاكمة ضابط الشرطة الذي سبقة له
المحاكم أم هذه المجالس ،وال يجوز الدفع عند محاكمته بعدم جواز نظر دعواه لسبق الفصل فيها عن
طريق المجلس التأديبي ،ذلك أن جميع الجزاءات المقررة في قانون الوظيفة العامة أو قانون األساسي
للشرطة سواء ما تعلق منها بالضباط أم بغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحثة بما فيها عقوبة الحبس والسجن
وهذا ما استقرت عليه أحدث أحكام محكمة النقض(.الطعن رقم 22590لسنة 52ق جلسة /01 /90
،9001منشور بمجلة المحاماة ،العدد الرابع ،ص .121 ،122الطعن رقم 92219لسنة 72ق جلسة
،2220 /22 /02أحكام النقض ،س 12ق ،299ص .)2251
وقد انتهت المحكمة اإلدارية العليا في مصر إلى أن المحاكم التأديبية مستقلة تماماً عن المحاكم
الجنائية فاألمر الذي تصدره النيابة العامة بحفظ التحقيق لعدم كفاية األدلة ال يحول دون مساءلة المتهم
تأديبياً ،وأساس ذلك استقالل تلك المسؤوليتين التأديبية والجنائية من حيث مناط إعمال كل منهما
الصفحة 741 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
ومجاله (.الطعن رقم 2205لسنة 22عليا ،جلسة ،2205 /02 /02مجموعة أحكام المحكمة اإلدارية
العليا ،س 29ق ،221 ،ص .).527
سقوط الدعوى التأديبية :تسقط الدعوى التأديبية حسبما نصت عليه المادة 77من قانون الشرطة
المصري بمضي سنة من تاريخ علم رئيس المصلحة أو من له توقيع الجزاء بوقوع المخالفة ،أو بمضي
ثالث سنوات من تاريخ ارتكابها أي المدتين أقرب وتنقطع هذه المدة بإي إجراء من إجراءات التحقيق أو
اإلتهام أو المحاكمة ...الخ .أم بالنسبة للمشرع الجزائري طبقا للمادة 299أنه إذا لم تحرك الدعوى من
طرف من له صالحية التعيين لمدة 71يوما من تاريخ الخطأ فتعتبر تقادم ال يجوز تحريك الدعوى.
خــاتمة:
زيادة على الجزاءات الموقعة ضد رجال الضبط القضائي – جنائية ومدنية –هناك جزء آخر كما
بينا وهو الجزاء التأديبي وذلك عندما يخرج رجل الضبط القضائي عن نطاق مشروعية عمله ،وهذا الجزاء
يشمل في طياته عنصر ردع رجل الضبط القضائي.
ومما تجدر اإلشارة إليه أن هناك اختالف في تطبيق الجزاء بين الجزاء الجنائي والجزاء التأديبي ،
وكذلك االختالف في مناط المسؤولية إذ تعتبر لدى الجزاء التأديبي هو الخروج عن مقتضيات العمل
الوظيفي عكس المسؤولية الجنائية التي تعتبر مناطها في جريمة دخول المسكن بدون إذن أو استعمال
القسوة أو التنصت بدون إذن – جريمة المساس بحرمة الحياة الخاصة ،وغيرها من الجرائم المقررة
والمنصوص عليها في قانون العقوبات.
كما ال يوجد رابط بين الجريميتين فقد يحاكم الشخص جنائيا وتأديبيا وال يجوز له الدفع بتوقيع العقاب
مرتين على فعل واحد.
كما نجد توافق كل من المشرع الفرنسي والجزائري عن أق ارره الحق للسلطة القضائية في معاقبة رجال
الضبطية القضائية ،ومساعديهم ،ونظم ذلك في قانون اإلجراءات الجزائية .وهذا التنظيم ال مثيل له في
قانون اإلجراءات الجنائية المصري.
قائمة المراجع:
أوالً -المراجع باللغة العربية:
-أحكام المحكمة اإلدارية العليا بمصر.
-أحكام المحكمة العليا بالجزائر.
-أحكام مجلس الدولة بالجزائر.
-أحكام محكمة الطعن المصرية.
-أحكام محكمة النقض الفرنسية.
الصفحة 741 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة الجزاء التأديبي لرجال...
-أحمد طه محمد خلف اهلل ،)2222(.،الموظف العام في قانون العقوبات ،رسالة دكتوراه ،جامعة
القاهرة ،كلية الحقوق.
-أحمد عوض بالل،)2222(.شرح قانون العقوبات ،دار النهضة العربية ،القاهرة.
-اسحاق إبراهيم منصور ،)2251(.ممارسة السلطة وأثره في قانون العقوبات ،رسالة دكتوراه ،جامعة
القاهرة ،كلية الحقوق.
يتضمن
ّ مؤرخ في 22جمادى الثانية عام 2195الموافق 27يوليو سنة ،9009 -أمر رقم ّ 02-09
لقانون األساسي العام للوظيفة العمومية.
-جمال الدين سالم حجازي ،)2200(.تأديب أعضاء هيئة الشرطة ،الطبعة األولى ،دار الحكيم
للطباعة.
-سليمان محمد الطماوي ،)2252(.القضاء اإلداري (قضاء التأديب) ،دار الفكر العربي ،القاهرة.
-سليمان محمد الطماوي ،)2200(.الوجيز في القانون اإلداري ،دراسة مقارنة دار الفكر العربي.
-سمير قطب سلطان ،)2225(.حدود السلطة والمسئولية اإلشرافية مع التطبيق على الشرطة ،دراسة
مقارنة ،دار النهضة العربية ،القاهرة.
-عادل ابراهيم صفا ،)9002(.سلطات مأموري الضبط القضائي ،دراسة مقارنة ،الطبعة األولى ،دار
النهضة العربية ،القاهرة.
-عاصم أحمد عجيلة(.د.ت) ،طاعة الرؤساء وحدودها في الوظيفة العامة ،عالم الكتب.
-عبد الفتاح حسن ،)2291(.التأديب في الوظيفة العامة ،بدون دار نشر ،القاهرة.
-علي راشد،)2250(.القانون الجنائي ،المدخل وأصول النظرية العامة ،مكتبة سيد عبد اهلل وهبه،
الطبعة األولى.
-عمر فؤاد أحمد بركات،)2252(.السلطة التأديبية ،دراسة مقارنة ،رسالة دكتوراه.
-قانون االجراءات الجزائية الجزائري
-قانون االجراءات الجنائية الفرنسي
-قانون االجراءات الجنائية المصري.
-قانون رقم 02 – 09المؤرخ في 92محرم عام 2195الموافق 90فبراير سنة ،9009المتعلق
بالوقاية من الفساد ومكافحته.
-قدري الشهاوي ،)2255(.جرائم السلطة الشرطية ،مكتبة النهضة المصرية ،القاهرة.
-محمد جودت الملط،)2295(.المسئولية التأديبية للموظف العام ،رسالة دكتوراه ،كلية الحقوق ،جامعة
القاهرة.
الصفحة 712 المجلد،7العدد - 3ديسمبر 2020 مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي
وهاب حمزة ...الجزاء التأديبي لرجال
، دار الجامعة الجديدة للنشر، الحماية الجنائية للحريات الشخصية،)9022(. محمد زكي أبو عامر-
.اإلسكندرية
الطبعة، مطبعة جامعة القاهرة، القسم العام، شرح قانون العقوبات،)2202(. محمود محمود مصطفى-
.العاشرة
. القاهرة، دار النهضة العربية، القسم الخاص، شرح قانون العقوبات،)2200(. محمود نجيب حسني-
. القاهرة، دار النهضة العربية،اختصاصات مأمور الضبط القضائي،)9022(. ممدوح خليل بحر-
رسالة، سلطات الضبطية القضائية بين الفعالية وحماية الحريات الفردية،)9025(. وهاب حمزة-
. جامعة تلمسان،دكتوراه
717 الصفحة 2020 ديسمبر- 3العدد،7المجلد مجلة العلوم اإلنسانية لجامعة أم البواقي