You are on page 1of 58

‫جامعة المنصورة‬

‫كلية الحقوق‬

‫قسم القانون العام‬

‫بحث مستخلص من رسالة الدكتوراه‬

‫بعنوان‬

‫المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‬


‫دراسة مقارنة‬

‫الباحث‬
‫سعيد علي سعيد اليماحي‬

‫تحت إشراف‬
‫أ‪.‬د‪ /‬شريف يوسف خاطر‬
‫أستاذ ورئيس قسم القانون العام‬
‫عميد كلية الحقوق – جامعة المنصورة‬

‫‪9102‬‬
‫المقدمة‬
‫يعد موضوع "المسؤولية التأديبية لضباط الشرطة" أحد الموضوعات المهمة والحيوية في‬
‫مجال العمل الشرطي‪ ،‬ولعل ذلك يعود في المقام األول إلى أهمية وعظم الدور الذي تلعبه الشرطة‬
‫في حياة المجتمعات الحديثة؛ من حيث حفاظها على أمن واستقرار المجتمع من جميع النواحي‬
‫السياسية والجنائية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬أو من حيث طبيعة العمل نفسه من كونه عملا شاقا‬
‫ومضنايا‪ ،‬ويستغرق معظم أوقات العاملين به‪ ،‬كما أن ضباط الشرطة يمثلون واجهة المجتمع‪ ،‬وهم‬
‫األمناء على ثروات الوطن واألعراض وسلمة أفراده‪ ،‬وهو ما يتطلب منهم التحلي بالدقة واألمانة‬
‫مختلفا إلى حد ما عن النظام‬
‫ا‬ ‫وتقدير المسئولية‪ ،‬وهي أمور تجعل النظام التأديبي لضباط الشرطة‬
‫التأديبي للعاملين المدنيين في داخل الدولة‪ ،‬وان كان األصل أن ضابط الشرطة هو موظف‬
‫عمومي تتوافر فيه صفاته وشروطه على النحو الذي سنرى عند تعريفنا للموظف العام‪ ،‬إال أن‬
‫طبيعة العمل ومقتضياته اضطرت إلى أن يكون لضباط الشرطة كادرهم الخاص بهم‪.‬‬

‫وهذا الوضع يقتضي وجود علقة تنظيمية بين ضابط الشرطة وجهاز الشرطة؛ بهدف تنظيم‬
‫أداء ضابط الشرطة اللتزاماته وحصوله على حقوقه‪ ،‬وهو األمر الذي تفرضه مقتضيات وظيفته‬
‫لقيام جهاز الشرطة بأداء واجباته‪ ،‬وهو ما يستدعي وجود قواعد تقيس مدى اضطلع العاملين‬
‫خروجا على هذه المهام؛ بهدف بيان كيفية مواجهة‬ ‫ا‬ ‫بمهامهم تجاه هذا المرفق‪ ،‬وتحديد ما يعد‬
‫السلوك المنحرف‪ ،‬ومعاقبة من يثبت انحرافه‪ ،‬وهو ما يسمى بالمسؤولية التأديبية‪.‬‬

‫وقد نظم المشرع المصري وظيفة ضباط الشرطة من خلل قانون الشرطة رقم (‪ )012‬لسنة‬
‫‪ ،0290‬في حين نظم المشرع اإلماراتي وظيفة ضباط الشرطة من خلل قانون قوة الشرطة واألمن‬
‫رقم (‪ )09‬لسنة ‪ ،0291‬وتعديله بالقانون (‪ )1‬لسنة ‪ ،0292‬ونظم المشرع الفرنسي وظيفة ضباط‬
‫الشرطة من خلل القانون ‪ 19 – 0011‬بشأن النظام الخاص لموظفي الشرطة الصادر في ‪99‬‬
‫سبتمبر ‪.0219‬‬

‫تمثل المخالفات التأديبية نقطة االرتكاز التي تدور حولها كل دراسة متعلقة بالتأديب‪ ،‬ويرى‬
‫اكتفاء بالنص على حكم‬
‫ا‬ ‫جانب من الفقه أن معظم التشريعات جاءت خالي اة من تعريف محدد لها‪،‬‬
‫غالبا ما يقضي بأن كل موظف أو ضابط يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو‬ ‫عام ا‬
‫يظهر بمظهر من شأنه اإلخلل بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبيا؛ لذلك فقد تولى القضاء والفقه مهمة‬
‫تعريف المخالفة التأديبية‪.‬‬

‫أ‬
‫مشكلة الدراسة‪:‬‬

‫تكمن اإلشكالية في أن المخالفة التأديبية التي تبني عليها الجهة اإلدارية المسئولية التأديبية‬
‫لم تحدد على سبيل الحصر‪ ،‬مما يترتب عليه عدم إعمال قاعدة "ال جريمة إال بنص"‪ ،‬فيعصف‬
‫بالعديد من الضمانات التأديبية المقررة لضباط الشرطة‪.‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬

‫يهدف البحث الحالي إلى إلقاء الضوء على أهم المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‪ ،‬من‬
‫خلل المقارنة في كل من مصر واإلمارات وفرنسا‪ ،‬ومن ثم يمكن توضيح أهم أهداف البحث في‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫‪ -‬توضيح مدى العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪ ،‬وهل هناك استقلل أو ارتباط‬
‫بينهما‪.‬‬
‫‪ -‬إلقاء الضوء على التباين بين أنواع المخالفات التأديبية لضباط الشرطة في تشريعات الدول‬
‫المقارنة‪.‬‬
‫‪ -‬طرح راؤى جديدة لتحليل أنواع المخالفات التأديبية وقواعدها؛ لتحديد أطر المسئولية التأديبية‬
‫لضباط الشرطة‪.‬‬

‫منهج الدراسة‪:‬‬

‫وصفا تحليليا دقياقا لما‬


‫ا‬ ‫تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي المقارن‪ ،‬حيث سنعتمد‬
‫هي عليه المخالفات التأديبية لضباط الشرطة ومدى تشابهها أو اختلفها في الدول محل المقارنة‪،‬‬
‫وما مدى اختلفها عن المسئولية الجنائية‪.‬‬

‫كما سنتبع المنهج المقارن بين األسس التشريعية والفقهية بين كل من مصر واإلمارات‬
‫وفرنسا‪ ،‬ومدى االختلف بين الدول محل المقارنة تشريعيا وفقهيا وقضائيا‪.‬‬

‫ب‬
‫خطة البحث‬

‫الفصل األول‪ :‬ماهية المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف المخالفة التأديبية‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‬

‫الفصل الثاني‪ :‬تحديد وتصنيف المخالفات التأديبية في نظم الشرطة‬

‫المبحث األول‪ :‬الواجبات اإليجابيـة لضابط الشرطة‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الواجبات السلبية لضابط الشرطة (المحظورات)‬

‫ج‬
‫الفصل األول‬

‫ماهية المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‬


‫إن المخالفة التأديبية أحد عناصر المسئولية التأديبية‪ ،‬فل يمكن معاقبة ضابط الشرطة‬
‫وتأديبه بدون ارتكابه لفعل يؤثم عليه(‪ ،)0‬وتختلف مسميات المخالفة التأديبية؛ فهناك من الفقه من‬
‫(‪)9‬‬
‫وقضاء‪ ،‬وهناك من يطلق عليها الذنب‬ ‫ا‬ ‫فقها‬
‫يطلق عليها اسم الجريمة التأديبية ‪ ،‬وهو الغالب ا‬
‫اإلداري‪ ،‬وتأخذ بعض أحكام القضاء بهذا االسم‪ ،‬وقد يطلق عليها المخالفة التأديبية(‪ ،)3‬وقد‬
‫استعملت المحكمة اإلدارية العليا هذا االسم في بعض أحكامها‪ ،‬إال أن هذا التغير في المصطلحات‬
‫وقضاء(‪.)1‬‬
‫ا‬ ‫لم يؤثر في مضمون تعريف هذه الجريمة ا‬
‫فقها‬

‫وعلى ذلك سوف نتناول موضوع المخالفات التأديبية على مبحثين؛ نتناول في األول تعريف‬
‫المخالفة التأديبية‪ ،‬وفي الثاني سنتناول العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪ ،‬على النحو‬
‫اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف المخالفة التأديبية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة‬
‫دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،1٧٩١ ،‬ص ‪.٩٧‬‬
‫(‪ )2‬من هذا الفقه‪ :‬د‪ .‬سليمان الطماوي‪ ،‬الذي يرى أنها من أكثر المسميات شيوعا‪ ،‬ذلك أنها تشير إلى الترابط بين‬
‫الجرائم التأديبية والجنائية‪ ،‬القضاء اإلداري – الكتاب الثالث "قضاء التأديب"‪ ,‬دار الفكر العربي‪ ,‬الطبعة‬
‫الرابعة‪ ،1٧٧٩ ,‬ص ‪.١٧‬‬
‫المشرع اإلماراتي بمصطلح المخالفة اإلدارية في قانون الخدمة المدنية االتِّحادي رقم (‪ )12‬لسنة‬ ‫ِّ‬ ‫(‪ )١‬وقد أخذ‬
‫المشرع المصري‬
‫ِّ‬ ‫استخدم‬ ‫وقد‬ ‫‪،‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫لسنة‬ ‫)‬ ‫‪11‬‬ ‫(‬ ‫رقم‬ ‫ية‬ ‫حاد‬ ‫ت‬
‫ِّ‬ ‫اال‬ ‫الحكومة‬ ‫في‬ ‫البشرية‬ ‫الموارد‬ ‫وقانون‬ ‫‪،2001‬‬
‫أيضا مصطلح المخالفة اإلدارية في قانون العاملين المدنيين رقم (‪ )7٩‬لسنة ‪ ،1٧٩2‬وقانون الخدمة المدنية رقم‬
‫المشرعين‬
‫ِّ‬ ‫(‪ )12‬لسنة ‪ 2012‬مصطلح المخالفة كمرادف لمصطلح الجريمة التأديبية‪ ،‬وبما أن كلا من‬
‫المصري واإلماراتي استخدم لفظ "المخالفة التأديبية"‪ ،‬فسوف يستخدم الباحث هذا المصطلح في تلك الرسالة‪.‬‬
‫(‪ ) 7‬د‪ .‬إرشيد عبد الهادي الحوري‪ ،‬التأديب في الوظائف المدنية العسكرية‪" ،‬دراسة مقارنة بين التشريعين المصري‬
‫والكويتي"‪ ،‬دار النصر للطباعة اإلسلمية‪ ،‬القاهرة‪ ،2001 ،‬ص ‪.١7٧‬‬
‫‪1‬‬
‫المبحث األول‬

‫تعريف المخالفة التأديبية‬


‫لم تورد التشريعات المختلفة الجنائية أو اإلدارية‪ ،‬سواء أكانت في مصر أم اإلمارات وفرنسا‪،‬‬
‫محددا للمخالفة التأديبية أو الخطأ التأديبي‪ ،‬وهو ما جعل الفقه يتدخل بتعريفات متعددة‬
‫ا‬ ‫تعر ايفا‬
‫ومتنوعة بغرض التصدي لتحديد المخالفة التأديبية وعناصرها‪ ،‬كذلك كان للقضاء اإلداري في‬
‫مصر دور ال بأس به في تعريف وتحديد المخالفة التأديبية وتمييزها عن غيرها‪.‬‬

‫المخالفة التأديبية تعني إخلل الموظف أو الضابط بواجبات وظيفته‪ ،‬فيكون عرض اة لتوقيع‬
‫العقوبة التأديبية عليه‪ ،‬ونظ اار لما يترتب على توقيع الجزاء من آثار على حياة الموظف المادية‬
‫والمعنوية‪ ،‬فإن العديد من األنظمة قد أحاطت توقيع الجزاءات التأديبية ببعض الضوابط التي يتعين‬
‫معيبا جائز الطعن عليه(‪.)0‬‬
‫على السلطة المختصة مراعاتها‪ ،‬واال أصبح قرارها ا‬
‫والسبب في ذلك أن المخالفة التأديبية ال تخضع لمبدأ (ال جريمة إال بنص) المطبق في‬
‫شرعية التجريم في قانون العقوبات‪ ،‬وعدم الخضوع لهذا المبدأ يرجع إلى تعذر حصر المخالفات‬
‫التأديبية‪ ،‬فالحياة اإلدارية تتسم بسرعة التطور والمرونة‪ ،‬فيصعب على المشرع وضع إطار محدد‬
‫لها في نصوص جامدة؛ لذا نص المشرع على بيان بعض الواجبات والمحظورات على سبيل‬
‫الحصر‪ ،‬ووضع لذلك قاعدةا تقضي بأن كل من يخالف الواجبات المنصوص عليها أو يخرج على‬
‫مقتضى الواجب في أعمال الوظيفة يجازى تأديبيا(‪.)9‬‬

‫ولتعريف المخالفة التأديبية سوف نقسم هذا المبحث إلى ثلثة مطالب على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬التعريف التشريعي للمخالفة التأديبية‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف الفقهي للمخالفة التأديبية‪.‬‬

‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف القضائي للمخالفة التأديبية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مليكة الصاروخ‪ ،‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق ‪ -‬جامعة عين شمس‪ ،1٧2١ ،‬ص ‪٩١‬؛ لواء محمد ماجد ياقوت‪ ،‬أصول التحقيق اإلداري في‬
‫المخالفات التأديبية "دراسة مقارنة"‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،201٩ ،‬ص ‪٩٩‬؛ د‪ .‬محمد محمود ندا‪،‬‬
‫انقضاء الدعوى التأديبية‪ ،‬مطبعة نهضة مصر‪ ،‬القاهرة‪ ،1٧20 ،‬ص ‪.٩‬‬
‫ظل قوانين الموارد البشرية‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬أحمد السيد محمد إسماعيل‪ ،‬إجراءات التأديب اإلداري للموظف العام في ِّ‬
‫االتِّحادية والمحلية "دراسة مقارنة"‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‪ ،2017 ،‬ص ‪.17‬‬
‫‪2‬‬
‫المطلب األول‬

‫التعريف التشريعي للمخالفة التأديبية‬


‫لقد جرت أغلب التشريعات على عدم وضع تعريف محدد للمخالفة بصفة عامة‪ ،‬سواء أكانت‬
‫جريم اة تأديبي اة أم جنائية‪ ،‬واألمر سواء في التشريعات الجنائية واإلدارية‪ ،‬وسواء أكان في كل من‬
‫مصر أم اإلمارات‪ ،‬فلم يعرف المشرع المصري أو اإلماراتي المخالفة التأديبية‪ ،‬واكتفى فقط المشرع‬
‫بالنص على بعض الواجبات والمحظورات‪ ،‬وترك األمر للفقه والقضاء‪ ،‬مقتدايا في ذلك بالمشرع‬
‫الفرنسي الذي لم يعرف الجريمة التأديبية في أي من تشريعات العاملين المدنيين المتتالية(‪.)0‬‬

‫ويتضح من نصوص تشريعات الخدمة المدنية أنه لم يرد بها تعريف للجريمة التأديبية‪ ،‬وربمـا‬
‫أيضـا تعـذر حصـر‬ ‫يرجع ذلـك إلـى أنـه مـن الصـعوبة وضـع تعريـف جـامع مـانع للمخالفـة التأديبيـة‪ ،‬و ا‬
‫المخالفــات التأديبيــة باعتبــار أنهــا تمث ـل إخــلالا بواجبــات وظيفيــة متباينــة متعــددة تختلــف مــن مرفــق‬
‫آلخر(‪ ،)9‬وقد اقتصر األمـر علـى أن نصـت هـذه القـوانين علـى أهـم الواجبـات الوظيفيـة والمحظـورات‬
‫التي يمتنع على الموظـف القيـام بهـا‪ ،‬والتـي يمثـل الخـروج عليهـا جريمـ اة أو مخالفـ اة تأديبيـ اة تسـتوجب‬
‫مساءلة مرتكبيها(‪.)3‬‬

‫ففي التشريع المصري؛ أورد قانون الخدمة المدنية رقم ‪ 90‬لسنة ‪ 9101‬في الفقرة األولى من‬
‫المادة رقم (‪ )09‬النص على أن "كل موظف يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته‪ ،‬أو‬
‫يظهر بمظهر من شأنه اإلخلل بكرامة الوظيفة يجازى تأديبيا"‪.‬‬

‫ولم يعرف التشريع اإلماراتي كغيره من التشريعات المقارنة المخالفة التأديبية؛ وذلك بسبب‬
‫طبيعة تلك المخالفات التي ال تقبل التحديد أو الحصر خلافا للجرائم الجنائية‪ ،‬مما يجعلها تخرج‬
‫عن قاعدة (ال جريمة إال بنص)‪ ،‬كما يعكس عدم التعريف خشية المشرع من إيراد تعريف ناقص ال‬
‫يشمل كل أنواع المخالفات التأديبية‪ ،‬فاكتفى بوضع قاعدة عامة تقضي بمعاقبة كل من يخالف‬
‫الواجبات الوظيفية(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المستشار‪ /‬عبد الوهاب البنداري ‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للعاملين في الدولة والقطاع العام‪ ،‬المطبعة‬
‫العالمية‪ ،‬القاهرة‪ ،1٧٩1 ،‬ص ‪12‬؛ د‪ .‬مليكة الصاروخ‪ ،‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء‬
‫"دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪ ،1٧2١ ،‬ص ‪.٩7‬‬
‫(‪ )2‬المستشار عبد الوهاب البنداري‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للعاملين المدنيين بالدولة‪ ,‬المرجع السابق‪ ,‬ص ‪.1١‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬سيف بن سالم بن سعيد السعيدي‪ :‬النظام التأديبي للموظف العام في القانون العماني‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية‬
‫الحقوق‪ ,‬جامعة عين شمس‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪ ,2002‬ص ‪.٩2‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬إبراهيم كامل مفلح الشوابكة‪ ،‬النظام التأديبي للموظف العام االتِّحادي وفقا للمرسوم بقانون اتِّحادي رقم ‪11‬‬
‫لسنة ‪ 2002‬بشأن الموارد البشرية في الحكومة االتِّحادية‪ ،‬مجلة الفكر الشرطي‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬المجلد ‪ ،22‬العدد‬
‫‪ ،201١ ،22‬ص ‪.1١٩ - 101‬‬
‫‪3‬‬
‫اضحا في الفقرة األولى من المادة (‪ )10‬من قانون الخدمة المدنية‬
‫وقد جاء النص على ذلك و ا‬
‫االتحادي رقم (‪ )90‬لسنة ‪ 9110‬بأن‪" :‬كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا‬
‫القانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يجازى تأديبيا‪ ،‬وذلك مع عدم اإلخلل‬
‫بالمسئولية المدنية أو الجزائية عند االقتضاء‪ ،‬وال يعفى الموظف من الجزاء التأديبي إال إذا أثبت أن‬
‫ارتكابه المخالفات المتصلة بالوظيفة كان تنفي اذا ألمر كتابي صادر من رئيسه بالرغم من تنبيهه إلى‬
‫المخالفة‪ ،‬وفي هذه الحالة تكون المسئولية على مصدر األمر"‪ .‬كما جاء في الفقرة األولى من‬
‫المادة (‪ )90‬من المرسوم بقانون اتحادي رقم (‪ )00‬لسنة ‪ 9119‬بشأن الموارد البشرية في الحكومة‬
‫االتحادية النص على أن "كل موظف يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون‬
‫أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يجازى إداريا"‪.‬‬

‫أيضا المادة (‪ )20‬من اللئحة التنفيذية للمرسوم بقانون الموارد البشرية في‬
‫وهو ما أكدته ا‬
‫مسلكا الئاقا يتفق ومعايير السلوك‬
‫ا‬ ‫الحكومة االتحادية بقولها‪" :‬على الموظف أن يسلك في تصرفاته‬
‫المعتمدة للوظائف العامة وفاقا لوثيقة السلوك المهني وأخلقيات الوظيفة العامة‪ ،‬وأن يلتزم‬
‫بالتشريعات النافذة في الدولة‪ ،‬وكل موظف يخالف الواجبات الوظيفية وفاقا لما هو منصوص عليه‬
‫في قانون الموارد البشرية أو يخرج عن مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يجازى إداريا‪ ،‬مع عدم‬
‫اإلخلل بالمسؤولية المدنية أو الجزائية عند االقتضاء"(‪.)0‬‬

‫آنفا على أن "على الموظف‬ ‫وقد نصت المادة (‪ )20‬من اللئحة التنفيذية للمرسوم المذكور ا‬
‫مسلكا الئاقا يتفق ومعايير السلوك المعتمدة للوظائف العامة وفاقا لوثيقة‬
‫ا‬ ‫أن يسلك في تصرفاته‬
‫السلوك المهني وأخلقيات الوظيفة العامة‪ ،‬وأن يلتزم بالتشريعات النافذة في الدولة‪ ،‬وكل موظف‬
‫يخالف الواجبات الوظيفية وفاقا ألحكام المرسوم بقانون أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال‬
‫وظيفته يجازى إداريا‪ ،‬مع عدم اإلخلل بالمسؤولية المدنية أو الجزائية عند االقتضاء"(‪.)9‬‬

‫وفــي فرنســا؛ وعلــى غـرار المشــرع المصــري‪ ،‬نــص المشــرع الفرنســي مــن خــلل المــادة ‪ 00‬مــن‬
‫القانون الصادر في ‪ 02‬أكتوبر ‪ 0211‬المتعلق بـالموظفين علـى أنـه‪" :‬يعاقـب تأديبيـا عـن كـل خطـأ‬
‫يرتكب أثناء أو بمناسبة تأدية الوظيفة"(‪.)3‬‬

‫المشرع اإلماراتي لواجبات الوظيفة العامة دون أن يحصرها في المواد (‪)٩2( )٩١- 22‬‬
‫ِّ‬ ‫(‪ )1‬وقد سبق ذلك تحديد‬
‫من المرسوم بقانون اتِّحادي رقم (‪ )11‬لسنة ‪ 2002‬بشأن الموارد البشرية في الحكومة االتِّحادية وتعديلته‬
‫بالمرسوم بقانون اتِّحادي رقم (‪ )٧‬لسنة ‪ 2011‬والمرسوم بقانون اتِّحادي رقم (‪ )1٩‬لسنة ‪.2012‬‬
‫(‪ )2‬المادة رقم (‪ )٧7‬من اللئحة التنفيذية رقم (‪ )1‬لسنة ‪ 2012‬للمرسوم بقانون اتِّحادي رقم (‪ )1٩‬لسنة ‪.2012‬‬
‫‪)١( CHAPUS (R), Droit administratif général, Tome 2, Montchrestien, Paris, 2001, P.‬‬
‫‪288.‬‬
‫‪4‬‬
‫المخالفة التأديبية‪ ،‬واكتفى بالنص على‬ ‫(‪)0‬‬
‫ولم يعرف قانون الخدمة العامة للدولة الفرنسي‬
‫العقوبات التأديبية‪ ،‬في حين نصت المادة ‪ 92‬من القانون رقم ‪ 131‬لسنة ‪ 0293‬بشأن حقوق‬
‫والتزامات الموظفين المدنيين على أن "كل خطأ يرتكبه الموظف في أداء أو بمناسبة ممارسة‬
‫مهمات وظيفته يعرضه لعقوبة تأديبية دون أي مساس بالعقوبات المنصوص عليها في قانون‬
‫العقوبات"(‪.)9‬‬

‫ويتضح مما سبق أن التشريع المصري واإلماراتي والفرنسي لم يتصد لتحديد الجريمة التأديبية‬
‫حصر أو بتعريفها‪ ،‬كما أن مبدأ شرعية الجريمة المعروف في النظام الجنائي ال يعرف كقاعدة‬
‫اا‬
‫عامة النظام التأديبي‪ ،‬حيث يكتفي المشرع بذكر بعض الواجبات اإليجابية والسلبية التي يعد‬
‫اإلخلل بها جريم اة تأديبية‪ ،‬ثم يورد بعد ذلك نصا عاما يعالج به الحاالت األخرى التي لم ينص‬
‫عليها‪ ،‬وهو ما من شأنه منح السلطة التأديبية تقدير وجود المخالفة التأديبية(‪.)3‬‬

‫استحسانا للمسلك التشريعي وعدم تعريف الجريمة التأديبية؛ وذلك ألنه‬


‫ا‬ ‫وقد أبدى بعض الفقه‬
‫يتفق في رأيهم مع االتجاه التقليدي المشرع في بعض الدول – كمصر ‪ -‬الذي ال يعتني بوضع‬
‫تاركا التعريفات القانونية للفقه والقضاء(‪.)1‬‬
‫التعريفات القانونية‪ ،‬وانما يكتفي بتنظيم الموضوع ا‬
‫كما أن الجريمة التأديبية ال تقبل التحديد أو الحصر؛ الرتباطها بطوائف متعددة من‬
‫تبعا للقيم السياسية‬
‫الموظفين‪ ،‬بل بواجبات متغيرة لهذه الطوائف المتغيرة من وقت آلخر ا‬
‫واالجتماعية السائدة في المجتمع‪ ،‬على العكس من الجريمة الجزائية التي تخاطب كافة أفراد‬
‫المجتمع بشكل عام مجرد دون أي تمييز بين طائفة وأخرى(‪.)0‬‬

‫ويرى الباحث أنه من استعراض نص القانون المصري واإلماراتي والفرنسي الحاليين يتضح‬
‫وجود هدفين من هذا النص؛ هما‪ :‬بيان شرعية المخالفة التأديبية‪ ،‬وعدم االلتزام بمبدأ الشرعية‬
‫نصوصا تحدد ‪ -‬وعلى سبيل المثال‬
‫ا‬ ‫الجنائية‪ ،‬فعقب هذا النص في القانون المصري أورد المشرع‬

‫‪)1( Loi n° 84-16 du 11 janvier 1984 portant dispositions statutaires relatives à la‬‬
‫‪fonction publique de l'État‬‬
‫‪)2( Article 29 de la loi n ° 83-634 du 13 juillet 1983 sur les droits et obligations des‬‬
‫‪fonctionnaires. Loi dite Le Bource, "Toute faute commise par un fonctionnaire dans‬‬
‫‪l'exercice ou à l'occasion de l'exercice de ses fonctions l'expose à une sanction‬‬
‫‪disciplinaire sans préjudice, le cas échéant, des peines prévues par la loi pénale".‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬عزيزة الشريف‪ ،‬النظام التأديبي وعلقته باألنظمة الجزائية األخرى‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ،1٧22 ،‬ص‬
‫‪.127‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬عبد الحفيظ علي الشيمي‪ ،‬موانع المسئولية التأديبية للموظف العام في نظام المحكمة اإلدارية العليا‪ ,‬دار‬
‫النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪ ,2002‬ص ‪١٩‬؛ د‪ .‬زهوة عبد الوهاب حمودة‪ :‬التأديب في الوظيفة العامة‪ ,‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة اإلسكندرية‪ ,‬سنة ‪ ,1٧22‬ص ‪.١2‬‬
‫(‪ )٩‬د‪ .‬رمضان محمد بطيخ‪ :‬المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع األعمال العام فقها وقضاء‪,‬‬
‫دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪ ,1٧٧٧‬ص ‪.10٩‬‬
‫‪5‬‬
‫محددة في الوظيفة العامة‪.‬‬
‫ا‬ ‫‪ -‬واجبات ومحظورات‬

‫وفي قوانين الشرطة؛ نص قانون الشرطة المصري رقم (‪ )012‬لسنة ‪ 0290‬في الفقرة‬
‫األولى من المادة رقم (‪ - )19‬وعقب النص على الواجبات والمحظورات ‪ -‬على أن "كل ضابط‬
‫يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في الق اررات الصادرة من وزير الداخلية أو‬
‫سلوكا أو يظهر بمظهر من شأنه اإلخلل‬
‫ا‬ ‫يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يسلك‬
‫بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبيا‪ ،‬وذلك مع عدم اإلخلل بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند‬
‫االقتضاء"‪ .‬وقد أكد هذا النص على أن مخالفة النصوص التي تحدد الواجبات الوظيفية جريمة‬
‫تأديبية‪ ،‬وهو اتجاه القضاء اإلداري المصري ‪ -‬كما سبق الذكر ‪ -‬باإلضافة إلى التأكيد على أهمية‬
‫الق اررات الصادرة من وزير الداخلية‪ ،‬وأن مخالفتها جريمة تأديبية‪.‬‬

‫وقد سار المشرع اإلماراتي على نهج المشرع المصري‪ ،‬فقد نصت المادة (‪ )92‬من قوة‬
‫الشرطة واألمن اإلماراتي رقم (‪ )09‬لسنة ‪ 0291‬على أن "كل منتسب للقوة يخالف الواجبات‬
‫المنصوص عليها في هذا القانون أو في الق اررات الصادرة من الوزير أو من الرؤساء المختصين أو‬
‫يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبيا‪ ،‬وذلك مع عدم اإلخلل بإقامة الدعوى‬
‫المدنية أو الجزائية ضده عند االقتضاء"‪.‬‬

‫وفي فرنسا يخضع الموظفون العاملون في الشرطة الوطنية‪ ،‬لقانون الخدمة المدنية العامة‬
‫الذي ينطبق على جميع موظفي الخدمة المدنية‪ ،‬حيث ال يحتوي النظام التأديبي لضباط الشرطة‬
‫على خصوصيات محددة تميزه عن النظام المطبق على جميع مسؤولي الدولة(‪.)0‬‬

‫ومن هذه النصوص يتضح أن المشرع‪ ،‬وان لم يكن قد نص على تعريف واضح ومحدد‬

‫للمخالفة التأديبية‪ ،‬إال أنه قد اتخذ مبدأا عاما وو ا‬


‫اضحا في تحديده لها‪ ،‬وهذا المبدأ مقتضاه هو‬
‫إخلل الموظف العام أو ضابط الشرطة بالواجبات الوظيفية التي ينص عليها القانون‪ ،‬حيث‬
‫يعرضه هذا اإلخلل للمسئولية‪ ،‬ومن ثم للجزاء أو العقاب التأديبي‪.‬‬

‫ووفاقا لهذه النصوص فإن انحراف الموظف أو ضابط الشرطة في سلوكه الواجب عليه‬
‫خارجا عن مقتضيات وظيفته‪ ،‬وبالتالي وقوع خطأ أو مخالفة تقتضي معاقبته‬ ‫ا‬ ‫االلتزام به يجعله‬
‫تأديبيا عليها‪ ،‬وذلك بصرف النظر عما إذا كانت المخالفة التأديبية ناتج اة عن إهمال أو تقصير من‬
‫جانبه‪ .‬كما أن الخطأ المقدر له جزاء تأديبي هو ما يطلق عليه المخالفة أو الجريمة التأديبية‪ ،‬وهي‬
‫بشكل عام تنقسم إلى ثلثة أنواع‪ ،‬النوع األول مخالفة القوانين واللوائح والق اررات‪ ،‬والثاني يتمثل في‬

‫‪)1( DELPÉRÉE (F), L'élaboration du droit disciplinaire de la Fonction Publique, thèse‬‬


‫‪de doctorat, Paris, Librairie de droit et de jurisprudence, 1969, P. 22.‬‬
‫‪6‬‬
‫الخروج عن مقتضى الوظيفة‪ ،‬والثالث يتمثل في إتيان سلوك من شأنه اإلخلل بكرامة الوظيفة(‪.)9‬‬

‫(‪ ) 2‬لواء‪ /‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬الدعوى التأديبية في النظام الوظيفي لضباط وأفراد الشرطة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،200٩ ،‬ص ‪.1٩٩‬‬
‫‪7‬‬
‫المطلب الثاني‬
‫التعريف الفقهي للمخالفة التأديبية‬
‫لقد حاول الفقه وضع تعريف للمخالفة التأديبية؛ بسبب عدم وجود نص في التشريعات محل‬
‫اضحا للمخالفة التأديبية‪ ،‬فيرى جانب من الفقه أنه ال يمكن وضع تعريف‬ ‫الدراسة يحدد تعر ايفا و ا‬
‫جامع مانع للمخالفة التأديبية(‪ ،)0‬وأنه إذا ما انطوى الفعل على ما يعد إخلالا بكرامة الوظيفة أو‬
‫خروجا على مقتضى الواجب الوظيفي وأمكن رد الفعل أو تكييفه على أنه جريمة تأديبية فإن األمر‬
‫ا‬
‫ال يكون في حاجة إلى تعريف ‪.‬‬
‫(‪)9‬‬

‫وقد علل ذلك بأن المشرع ‪ -‬وهو صاحب االختصاص األول في تقدير المخالفة ‪ -‬قد ترك‬
‫لإلدارة سلط اة تقديري اة في تحديد ما إذا كان فعل الموظف يمثل إخلالا بكرامة الوظيفة من عدمه‪،‬‬
‫وهو أمر نسبي يختلف من وظيفة ألخرى‪ ،‬ولهذا السبب كان وجود الرقابة القضائية على التأديب‬
‫أكبر الضمانات لحماية الموظف العام من سلطة اإلدارة(‪.)3‬‬

‫وتتمثل المخالفة التأديبية في مخالفة العامل الواجبات أو المحظورات الوظيفية المقررة أو‬
‫اإلخلل بمقتضيات الواجب في أعمال وظيفته أو اإلخلل بكرامة الوظيفة‪ ،‬وهي الحالة الواقعية أو‬
‫القانونية التي تبرر تدخل اإلدارة إلصدار القرار التأديبي(‪.)1‬‬

‫ولقد تعددت االجتهادات الفقهية في تعريف المخالفة التأديبية‪ ،‬ويرجع ذلك في األصل‬
‫أيضا الختلف اآلراء في أركان المخالفة‬ ‫الختلف اآلراء في مجال تقنين المخالفات التأديبية‪ ،‬و ا‬
‫التأديبية‪ ،‬ومحاولة كل جانب تضمين التعريف لما يراه في مجالي شرعية المخالفة التأديبية وأركانها‪.‬‬

‫فقد عرفها البعض بأنها هي األفعال التي تستوجب المؤاخذة التأديبية‪ ،‬وهي كل تقصير في‬
‫أداء الواجب أو إخلل بحسن السلوك واآلداب من شأنه أن يترتب عليه امتهان المهنة والحط من‬
‫كرامتها‪ ،‬أو الخروج على االلتزامات السلبية المفروضة على الموظفين(‪ ،)0‬وعرفها البعض اآلخر‬
‫بأنها "كل فعل أو امتناع يرتكبه العامل ويجافي واجبات منصبه"(‪ ،)1‬بينما يرى البعض أنها "كل‬
‫فعل أو امتناع عن فعل مخالف لقاعدة قانونية‪ ،‬أو لمقتضى الواجب‪ ،‬يصدر عن العامل أثناء أداء‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عزيزة الشريف‪ ،‬النظام التأديبي وعلقته باألنظمة الجزائية األخرى‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد الفتاح عبد الحفيظ محمد‪ ،‬حجية قرارات سلطة التحقيق الجنائي والحكم الجنائي البات الصادر بالبراءة‬
‫في مواجهة سلطة التأديب‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أسيوط‪ ،1٧٧2 ،‬ص ‪.٧‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬مليكة الصاروخ‪ ،‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.٩2‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬سمير عبد الله سعد‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للموظف العام‪ ،‬دار منشأة المعارف‪ ،2017 ،‬ص ‪.١١‬‬
‫(‪ )٩‬د‪ .‬إسماعيل زكي‪ ،‬ضمانات الموظفين بالتعيين والترقية والتأديب‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة القاهرة‪,‬‬
‫سنة ‪ ,1٧22‬ص ‪.10٧‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬سليمان محمد الطماوي‪ ،‬قضاء التأديب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.72‬‬
‫‪8‬‬
‫الوظيفة أو خارجها بما ينعكس عليها بغير عذر مقبول"(‪.)0‬‬

‫وقد ذهب رأي إلى أن المخالفة التأديبية هي إخلل الموظف بواجبات الوظيفة‪ ،‬سواء‬
‫أيضا كل إخلل بمقتضيات الوظيفة حتى ولو وقع هذا اإلخلل‬ ‫بالطريق اإليجابي أو السلبي‪ ،‬و ا‬
‫خارج نطاق الوظيفة ما دام ذا أثر على الوظيفة وعلى الكرامة المتطلبة لها(‪.)9‬‬

‫سلبا‪ ,‬وال يقصد بواجبات‬


‫إيجابا أو ا‬
‫ا‬ ‫وعرفها البعض اآلخر بأنها كل إخلل بواجبات الوظيفة‬
‫الوظيفة الواجبات المنصوص عليها في التشريعات المختلفة إدارية وغير إدارية فقط‪ ،‬بل يقصد بها‬
‫أيضا الواجبات التي يقتضيها حسن انتظام العمل في المرافق العامة ولو لم ينص عليها(‪.)3‬‬
‫ا‬
‫وعرفها البعض اآلخر بأنها‪" :‬عبارة عن فعل أو عمل أو واقعة يرتكبها موظف بالمخالفة‬
‫اللتزاماته وواجباته المذكورة في النظام المطبق على الجهة اإلدارية التي ينتمي إليها‪ ،‬ويعمل‬
‫ويباشر مهام وظيفته فيها أو تلك التي تفرضها القواعد األدبية أو األخلقية للوظيفة العامة‪ ،‬وهو‬
‫اسا بشكل مباشر أو غير مباشر بالوظيفة‪ ،‬ويؤدي إلى إثارة المسئولية التأديبية‬
‫فعل يحمل مس ا‬
‫للموظف"(‪.)1‬‬

‫كما يعرف البعض المخالفة التأديبية على أنها كل عمل يأتيه العامل ويكون مخالف اة إداري اة أو‬
‫مالي اة‪ ،‬والمخالفة تعبير يطلق على كل فعل يأتيه العامل وينشأ عنه ضرر يمس إدارة الحكم(‪،)0‬‬
‫باإلضافة إلى الرأي الذي يرى تعريف المخالفة التأديبية بأنها كل خروج على واجب الطاعة‬
‫واإلخلل بأعمال الوظيفة المنوط بها المرفق‪ ،‬وهو ما يميز الجريمة التأديبية بالطابع‬
‫إيجابا‬
‫ا‬ ‫الموضوعي(‪ ،)1‬والرأي الذي يرى أنها كل ما يصدر عن العامل من إخلل بواجبات منصبه‬
‫الجزء التأديبي‬
‫ا‬ ‫سلبا سواء تلك التي نص أو لم ينص عليها القانون‪ ،‬مما يستوجب توقيع‬
‫أو ا‬
‫عليه(‪.)9‬‬

‫وعرفها البعض بأنها "كل اعتداء مباشر على المصلحة المشتركة للهيئة‪ ،‬وليس من‬
‫قانونا‪ ،‬بل يكفي أن يقع من الموظف أي إخلل‬‫معاقبا عليها ا‬
‫ا‬ ‫الضروري أن يكون هذا الخطأ جريم اة‬
‫بواجبات الوظيفة أو خرق لقوانينها‪ ،‬أو مساس بكرامتها‪ ،‬بشرط أن يقع هذا أثناء تأدية الوظيفة أو‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬صلح الدين فوزي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة الجلء الجديدة‪ ،‬المنصورة‪ ،1٧٧١ ،‬ص ‪.١2١‬‬
‫(‪ ) ١‬د‪ .‬محمد جودت الملط‪ ،‬المسؤولية التأديبية للموظف العام‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق – جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1٧2٩‬ص ‪.20‬‬
‫(‪ )7‬عميد‪ .‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬اإلجراءات والضمانات في تأديب ضباط الشرطة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪ ،1٧٧2 ،‬ص ‪.٩1‬‬
‫(‪ )٩‬د‪ .‬فؤاد العطار‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1٧٩0 ،‬ص ‪.77٩‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬فهمي محمود إسماعيل عزت‪ ،‬سلطة التأديب بين اإلدارة والقضاء‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪ ،1٧20 ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )٩‬د‪ .‬مليكة الصاروخ‪ ،‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.٩2‬‬
‫‪9‬‬
‫عمدا أو عن غير عمد‪ ،‬ويشترط أن يكون‬
‫بكيفية تؤثر في أدائها"‪ ،‬وأضاف "أن الخطأ إما أن يقع ا‬
‫محددا‪ ،‬وال يشترط أن يكون هذا الخطأ متصلا‬
‫ا‬ ‫متصلا باإلرادة‪ ،‬كما يجب أن يكون هذا الخطأ‬
‫بالعمل الرسمي وحده‪ ،‬بل إن من األفعال التي تقع من الحياة الخاصة من الموظف أو غيره من‬
‫ستوجبا للمؤاخذة التأديبية"(‪.)0‬‬
‫ا‬ ‫المنضمين للهيئات األخرى أو تمس اعتباره‪ ،‬يعد خطأ م‬

‫أخير اتجه رأي إلى أن تعريف المخالفة التأديبية هو ما يستند إلى إبراز معظم خصائصها؛‬
‫و اا‬
‫بأنها‪ :‬إتيان العامل بإرادته فعلا إيجابيا أو سلبيا يكون من شأنه مخالفة الواجبات الوظيفية أو‬
‫ارتكاب المحظورات المنهي عنها في القانون أو في الواقع‪ ،‬أو اإلخلل بمقتضى الواجب الوظيفي‬
‫المنوط به تأديته‪ ،‬أو أن يكون من شأن الفعل أن يحط من كرامة الوظيفة واعتبارها واعتبار‬
‫شاغلها‪ ،‬والتي يكون من شأن ارتكابه هذه األفعال ‪ -‬يستوي في ذلك أن يرتكبها العامل داخل‬
‫العمل أو خارجه‪ ،‬وسواء أكانت المخالفة مالي اة أم إداري اة ‪ -‬توقيع عقوبة مما نص عليها صراح اة في‬
‫القوانين الخاصة بكل طائفة من العاملين في نطاق الدولة‪ ،‬والتي تعتبر سبب القرار الصادر‬
‫بمجازاته إداريا أو قضائيا(‪.)9‬‬

‫ومن التعريفات السابقة يتبين اتفاق معظمها على أن الجريمة التأديبية تنطوي على فعل‬
‫إيجابي أو امتناع عن فعل صادر عن موظف عام أثناء الوظيفة أو خارجها مخالف لمقتضيات‬
‫الوظيفة‪ ،‬ويبدو الخلف في إبراز البعض لشرعية المخالفة التأديبية ومخالفة الفعل لنص قانوني‪ ،‬أو‬
‫مدى توافر اإلرادة اآلثمة أو العمد من عدمه‪ ،‬وعما إذا كان يشترط من وجود ضرر من عدمه(‪.)3‬‬

‫أيضا تعريفات المخالفة التأديبية في فرنسا‪ ،‬فذهب رأي إلى أنها كل خطأ يرتكبه‬
‫وقد تعددت ا‬
‫موظف أثناء وبسبب ممارسته لوظائفه(‪ .)1‬كما تعرف المخالفة التأديبية بأنها "عبارة عن مخالفة‬
‫االلتزامات الشرعية أو التنظيمية والتي يخضع لها الموظفون العسكريون بمعنى الطاعة والخدمة‬
‫والتقدير المهني"(‪.)0‬‬

‫أيضا بأنها "مخالفة الموظف اللتزاماته المهنية باعتبارها الواقعة‬


‫وعرفت المخالفة التأديبية ا‬
‫التي تحرك المسئولية التأديبية"(‪ ،)1‬أو أنها الفعل أو االمتناع عن فعل ينسب إلى فاعل ويعاقب‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عادل يونس‪ ،‬الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية‪ ،‬مجلة إدارة قضايا الدولة‪ ،‬العدد الثالث‪ ،‬السنة‬
‫األولى‪ ،1٧٩٩ ،‬ص ‪.٩‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬زكي محمد النجار‪ ،‬الوجيز في تأديب العاملين بالحكومة والقطاع العام‪ :‬دراسة نظرية تطبيقية‪ ،‬الهيئة‬
‫المصرية العامة للكتاب‪ ،1٧22 ,‬ص ‪.٩‬‬
‫(‪ )١‬عميد‪ .‬علي أمين سليم‪ ،‬التأديب في الشرطة "دراسة تطبيقية مقارنة على ضباط الشرطة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫أكاديمية الشرطة– كلية الدراسات العليا‪ ،‬القاهرة‪ ،2002 ،‬ص ‪.117‬‬
‫‪)7( Debbasch (C), Science administrative: administration publique, Dalloz, Paris, 1976,‬‬
‫‪P 365.‬‬
‫‪)٩( Decocq (A), Jacques Buisson, Jean Montreuil, Le droit de la police, Lites, Paris,‬‬
‫‪1991, P. 112.‬‬
‫‪(2)Auby (J.M), Aube (J.B), Didier (J.P), Antony Taille fait, droit de la fonction‬‬
‫‪11‬‬
‫عليه بعقوبة تأديبية(‪ ،)0‬بينما يعرفها رأي آخر على أنها فعل أو امتناع عن فعل يكون مخالف اة‬
‫للواجبات التي تفرضها ممارسة الوظيفة(‪ ،)9‬أو أنها مظهر إرادي ضد القانون(‪.)3‬‬

‫وفي مجال الشرطة تبين وجود فلسفة خاصة للمسئولية التأديبية لضباط الشرطة تنبع من‬
‫العديد من العوامل‪ ،‬من أهمها‪ :‬الطبيعة الذاتية لهيئة جهاز الشرطة باعتبارها هيئ اة مدني اة نظامي اة‪،‬‬
‫وهو الوضع الوسطي بين الصفة المدنية والصفة العسكرية‪ ،‬وبما يعكس أهمية االنضباط داخل‬
‫هيئة الشرطة(‪.)1‬‬

‫تأثير جوهريا بقدر تأثيرها‬


‫إال أن هذه الفلسفة الخاصة لن تؤثر في تعريف المخالفة التأديبية اا‬
‫نظر الختلف واجبات ومقتضيات وكرامة الوظيفة الشرطية عن‬ ‫في تحديد المخالفات التأديبية؛ اا‬
‫الوظيفة العامة‪.‬‬

‫وقد ذهب رأي إلى تعريف المخالفة التأديبية في هيئة الشرطة على أنها كل مسلك إيجابي أو‬
‫اقعا يقع بالمخالفة لقانون هيئة الشرطة أو األحكام العسكرية أو الق اررات الو ازرية أو‬
‫سلبي عملا أو و ا‬
‫منصوصا عليه صراح اة أو يمكن استنباطه من‬ ‫ا‬ ‫أوامر الرؤساء الصادرة في حدود القانون‪ ،‬سواء كان‬
‫هذه القوانين واألحكام والق اررات واألوامر(‪.)0‬‬

‫ويرى الباحث أن المخالفة التأديبية هي كل سلوك من جانب الموظف‪ ،‬سواء أكان المشرع‬
‫خروجا عن مقتضيات الوظيفة ويجافي واجباتها‪.‬‬
‫ا‬ ‫نهى عنه في القانون أم لم يفعل‪ ،‬يمثل‬

‫كما يوضح الباحث ‪ -‬من خلل ما تم عرضه – بعض النقاط اآلتية‪:‬‬

‫‪ -‬أن الفقه أبرز عنصرين أساسيين‪ ،‬هما‪ :‬الموظف والخطأ‪.‬‬


‫‪ -‬قد يكون الخطأ الذي يترتب عليه المخالفة بفعل إيجابي أو سلبي‪.‬‬
‫‪ -‬أن المخالفة التي يرتكبها الموظف ال ترتبط بسلوكه أثناء أو بسبب الوظيفة فحسب‪ ،‬بل‬
‫تتجاوز إلى سلوكه في حياته الخاصة خارج إطار الوظيفة‪.‬‬

‫‪publique, Dalloz Précis, 24 Octobre 2012, P. 320.‬‬


‫‪)1( Delperee (F), L'élaboration du droit disciplinaire de la fonction publique, op, cit, P.‬‬
‫‪93.‬‬
‫‪)2( Salon (S). Délinquance et répression disciplinaire dans la fonction publique, thèse de‬‬
‫‪doctorat, Droit, Paris, 1967, dact., 336 f°; Paris, L. G. D. J., 1969, P. 375.‬‬
‫‪)١( Mourgeon (J), La répression administrative, thèse de doctorat, Droit, Toulouse,‬‬
‫‪1966, P. 212,‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬نبيل عبد الجليل أحمد‪ ،‬تأديب العسكريين‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة القاهرة‪ ،1٧٧0 ،‬ص ‪،2٩‬‬
‫وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )٩‬نقيب ياسر حسني أحمد السيد حماد‪ ،‬سلطة التأديب في هيئة الشرطة بين مشروعية العقوبة وعدم مشروعية‬
‫الجريمة‪ ،‬أكاديمية الشرطة‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬القاهرة‪ ،1٧2٧ ،‬ص ‪.2٩‬‬
‫‪11‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫التعريف القضائي للمخالفة التأديبية‬


‫لم يعرف القضاء المخالفة التأديبية بشكل واضح‪ ،‬وانما وضع مبدأا عاما مقتضاه هو مخالفة‬
‫الموظف لواجباته الوظيفية‪ ،‬ولذلك فإن القضاء اإلداري قد تناول في كثير من أحكامه تعريف‬
‫الجريمة التأديبية‪ ،‬وقد أخذ القضاء اإلداري بمصطلح الجريمة التأديبية في بعض أحكامه تارة(‪،)0‬‬
‫وبمصطلح المخالفة التأديبية كمرادف لها تاراة أخرى(‪ ،)9‬وكذلك استخدمت مصطلح الذنب اإلداري‬
‫في بعض األحيان‪ ،‬كقولها‪" :‬إن تكييف الواقعة بما يجعلها من الذنوب اإلدارية المستحقة للعقاب‬
‫إنما مرجعه إلى تقدير اإلدارة ‪.)3("...‬‬

‫والواقع أن هذه المسميات على اختلفها لم تكن تعبر في حقيقتها إال عن معنى واحد‪ ،‬وهو‬
‫المخالفة التأديبية‪ ،‬التي عرفها القضاء اإلداري بأنها "كل عمل إيجابي أو سلبي‪ ،‬يقع من الموظف‬
‫توضيحا‬
‫ا‬ ‫عند ممارسته أعمال وظيفته‪ ،‬إذا كان ذلك ال يتفق وواجبات الوظيفة"(‪ ،)1‬وفي حكم أكثر‬
‫للجريمة التأديبية عرفها بأنها "اإلخلل بواجبات الوظيفة والخروج على مقتضياتها‪ ،‬وما يجب أن‬
‫يتحلى به الموظف العام من األمانة والثقة والسلوك القويم"(‪ ،)0‬وعرفتها الجمعية العمومية لقسمي‬
‫الفتوى والتشريع بأنها "كل فعل يرتكبه الموظف من شأنه اإلخلل بواجبات وظيفته أو مخالفة‬
‫القوانين واللوائح‪ ،‬حيث يحق لإلدارة محاسبته عليها"(‪.)1‬‬

‫وضوحا قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن‬


‫ا‬ ‫وفي محاولة لتحديد المخالفة التأديبية بشكل أكثر‬
‫سبب القرار التأديبي هو في ذاته المخالفة التأديبية؛ بأن "سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلل‬
‫الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من األعمال المحرمة عليه‪ ،‬فكل موظف يخالف الواجبات‬
‫التي تنص عليها القوانين أو القواعد التنظيمية أو أوامر الرؤساء في حدود القانون‪ ،‬أو يخرج على‬
‫طا به‪ ،‬وأن‬
‫مقتضى الواجب في أعمال وظيفته التي يجب أن يقوم بها بنفسه إذا كان ذلك منو ا‬
‫ذنبا إداريا يسوغ تأديبه‪ ،‬فتتجه إرادة اإلدارة لتوقيع جزاء عليه بحسب‬
‫يؤديها بدقة وأمانة‪ ،‬إنما يرتكب ا‬
‫قانونا في حدود النصاب المقرر ‪ -‬إذا ما توافر لدى الجهة اإلدارية‬ ‫ا‬ ‫األشكال واألوضاع المقررة‬
‫معينا ينطوي على تقصير واهمال في القيام بعمله أو‬
‫مسلكا ا‬
‫ا‬ ‫المختصة االقتناع بأن العامل سلك‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا في الطعن رقم ‪ 1٩٩‬لسنة ‪ ١0‬ق‪ .‬ع‪ ،.‬جلسة ‪.1٧2٩/2/١1‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬في الطعن رقم ‪ ،١27٧‬لسنة ‪ ١2‬ق‪ .‬ع‪ ،.‬جلسة ‪.2000/7/١0‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬محمد عبد العزيز عبد الغني عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية ودور هيئة الرقابة اإلدارية‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية‬
‫الحقوق ‪ -‬جامعة بني سويف‪ ،200٧ ،‬ص ‪.1٩‬‬
‫(‪ )7‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 7٩7‬لسنة ‪ ٩‬ق‪ ،‬جلسة ‪.1٧21/2/11‬‬
‫(‪ )٩‬المحكمة اإلدارية العليا في الطعن رقم ‪ ٩222‬لسنة ‪ 72‬ق‪ ،‬جلسة ‪.2002/١/١0‬‬
‫(‪ )2‬فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بتاريخ ‪.1٧2٩/1/2٩‬‬
‫‪12‬‬
‫أداء واجباته أو خرج عن مقتضيات وظيفته‪ ،‬أو أخل بكرامتها أو بالثقة الواجب توافرها فيمن يقوم‬
‫مجردا عن الميل والهوى‪ ،‬بنت عليه قرارها‬
‫ا‬ ‫بأعبائها‪ ،‬وكان اقتناعها هذا لوجه المصلحة العامة‬
‫بإدانة سلوكه‪ ،‬واستنبطت هذا من وقائع صحيحة ثابتة من عيون األوراق مؤدية إلى النتيجة التي‬
‫وحصينا من‬
‫ا‬ ‫قائما على سببه‪ ،‬ومطاباقا للقانون‪،‬‬
‫خلصت إليها‪ ،‬فإن قرارها في هذا الشأن يكون ا‬
‫اإللغاء"(‪.)0‬‬

‫وقد تواترت أحكام المحكمة اإلدارية العليا على هذا التعريف حتى اآلن‪ ،‬وذلك باعتبار أن‬
‫المخالفة التأديبية هي سبب القرار التأديبي ‪ -‬وذلك على النحو السابق تناوله ‪ -‬والذي يتمثل في‬
‫إخلل العامل بواجبات وظيفته واتيانه عملا من األعمال المحرمة عليه‪ ،‬وأن كل عامل يخالف‬
‫الواجبات أو يخرج على مقتضى الواجب الوظيفي في أعمال وظيفته المطلوب منه تأديتها بدقة‬
‫ذنبا إداريا هو سبب القرار التأديبي(‪.)9‬‬
‫وأمانة يرتكب ا‬
‫كما قضت المحكمة اإلدارية العليا بأن الجريمة التأديبية قوامها اإلخلل بواجبات الوظيفة‬
‫والخروج على مقتضياتها وما يجب أن يتحلى به الموظف العام من األمانة والثقة والسلوك‬
‫القويم(‪.)3‬‬

‫وتؤكد المحكمة اإلدارية العليا على وجوب قيام القرار التأديبي ‪ -‬شأنه شأن أي قرار إداري‬
‫‪ -‬على سبب يبرر الجريمة التأديبية‪ ،‬وأن القضاء اإلداري يراقب صحة قيام الوقائع القانونية المقررة‬
‫لتوقيع الجزاء وصحة تكييفها القانوني‪ ،‬وأن عدم وقوع أي إخلل من الموظف فإنه ال محل للجزاء‬
‫التأديبي؛ النعدام ركن السبب(‪.)1‬‬

‫أما القضاء اإلماراتي فلم يفصح بشكل مباشر عن تعريف للمخالفة التأديبية‪ ،‬وان كان‬
‫يستخلص من أحد أحكام المحكمة االتحادية العليا بأن تعريفها للمخالفة التأديبية هو "إخلل‬
‫الموظف بواجبات وظيفته أو إتيانه عملا من األعمال المحرمة عليه"(‪.)0‬‬

‫ـاء "مـن أن‬


‫وقضاء وافت ا‬
‫ا‬ ‫وأكدت إدارة الفتوى والتشريع باإلمارات على ما استقر عليه الرأي ا‬
‫فقها‬
‫المخالفــات التأديبيــة غيــر محــددة عل ـى ســبيل الحصــر‪ ،‬ف ـإن انتهــت إلــى أن ارتكــاب موظــف لجريمــة‬

‫(‪ )1‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 212١‬لسنة ‪ 7٩‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 27‬فبراير ‪.200٩‬‬
‫(‪ )2‬راجع أحكام المحكمة اإلدارية العليا "أحكام غير منشورة"‪ :‬الطعن رقم ‪ ٩212٩‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪20‬‬
‫فبراير ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ ٩١72‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬مايو ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ ٩١272‬لسنة ‪ 21‬ق‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 12‬ديسمبر ‪201٩‬؛ الطعن رقم ‪ 122٩0‬لسنة ‪ ٩7‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬إبريل ‪.2012‬‬
‫(‪ )١‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 27١١1‬لسنة ‪ ٩2‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪.2012‬‬
‫(‪ )7‬راجع أحكام المحكمة اإلدارية العليا "أحكام غير منشورة"‪ :‬الطعن رقم ‪ 27٧١7‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 20‬يناير‬
‫‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ 122١‬لسنة ‪ ٩2‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 2٩‬مارس ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ ٩221‬لسنة ‪ ٩2‬ق‪ ،‬بتاريخ‬
‫‪ 2٩‬مارس ‪.2012‬‬
‫(‪ )٩‬المحكمة االتِّحادية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 211‬لسنة ‪ 21‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬يونيه ‪2001‬؛ الطعن رقم ‪ 17٩‬لسنة‬
‫‪ 2002‬قضائية بتاريخ ‪ 1٩‬يونيه ‪2002‬؛ الطعن رقم ‪ 120‬لسنة ‪ 2002‬قضائية بتاريخ ‪ 1٩‬يونيه ‪.2002‬‬
‫‪13‬‬
‫تأديبية غير واردة في قـرار مجلـس الوزراء السابق رقم (‪ )3‬لسنة ‪ 0299‬ال يمنع الجهة اإلدارية مــن‬
‫مجـ ــازاة الموظ ــف ع ــن هـــذه الجريم ــة‪ ،‬وأنـ ـه إن كـ ــان عل ــى ه ــذه الجهـ ــة أن تس ــتهدي قـ ــدر اإلمكـــان‬
‫بالعقوبات المحددة فـي القـرار السـالف الـذكر فإنـه يمكنهـا أن توقـع علـى الموظـف العقوبـة التـي ت ارهـا‬
‫مناسب اة بحسب كل حالة على حدة‪ ،‬طالمـا أنهـا تلتزم بالعقوبات المحددة بقانون الخدمة المدنية"(‪.)0‬‬

‫ومن هذه األحكام يتضح أن القضاء في تعريفه للمخالفة التأديبية قد عمل على إبراز‬
‫خصائصها وبيان عناصرها‪ ،‬فذهب إلى أن سبب القرار التأديبي بوجه عام هو إخلل الموظف‬
‫العام بواجباته الوظيفية أو إتيانه عملا من األعمال المحرمة عليه‪ ،‬فكل موظف يخالف الواجبات‬
‫التي تنص عليها القوانين واللوائح‪ ،‬أو يخرج عن مقتضيات وواجبات وظيفته المنوط به تأديتها‪ ،‬أو‬

‫مسلكا ينطوي على إهمال أو تقصير في القيام بواجباته‪ ،‬أو إخلل بكرامتها‪ ،‬إنما يرتكب ا‬
‫ذنبا‬ ‫ا‬ ‫سلك‬
‫إداريا يسوغ لجهة اإلدارة المختصة تأديبه(‪.)9‬‬

‫ويلحظ بعض الفقه‪ ،‬على هذه التعريفات التي تناولها القضاء اإلداري في أحكامه‪ ،‬أنها‬
‫أهملت دور اإلرادة في قيام المخالفة التأديبية؛ هذا من ناحية‪ ،‬كما أنها عرفت المخالفة التأديبية من‬
‫زاوية أنها كونها سبب القرار اإلداري‪ ،‬أي تناولت تعريف المخالفة بشكل مباشر من ناحية أخرى‪.‬‬
‫ويتضح من النصوص السابقة ما يأتي(‪:)3‬‬

‫أيضا وفاقا ألوامر‬


‫‪ -‬ال يتحدد إخلل الموظف بواجباته وفاقا للقوانين والقواعد التنظيمية فقط‪ ،‬وانما ا‬
‫الرؤساء‪.‬‬
‫‪ -‬قد يقع إخلل الموظف بواجبات وظيفته بعمل إيجابي أو عمل سلبي‪.‬‬
‫نوعا‪ ،‬وانما مردها إلى اإلخلل‬
‫حصر أو ا‬
‫اا‬ ‫محددة‬
‫ا‬ ‫‪ -‬إن األفعال المكونة للذنب اإلداري ليست‬
‫بواجبات الوظيفة أو الخروج على مقتضياتها‪.‬‬
‫‪ -‬إن للسلطة اإلدارية تقدير خطورة الذنب اإلداري‪.‬‬

‫‪ -‬إن الفعل المرتكب قد يكون ا‬


‫ذنبا إداريا وفي الوقت نفسه جريمة جنائية أو ال يعد كذلك‪.‬‬
‫‪ -‬إن القضاء اإلداري حينما يحدد المخالفة التأديبية فإنه يسعى إلى تعريفها في ضوء النصوص‬
‫القانونية‪ ،‬ومن ثم فهو ال ينتقد النصوص القائمة وال يبتدع تعر ايفا منبت الصلة عن النصوص‪.‬‬

‫(‪ )1‬مجلة العدالة التي تصدرها وزارة العدل بدولة اإلمارات العربية المتحـدة‪ ،‬العـدد (‪ ،)20‬ص ‪.1١1‬‬
‫(‪ )2‬عميد‪ /‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬اإلجراءات والضمانات في تأديب ضباط الشرطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪. ٩2‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬أماني زين بدر فراج‪ :‬النظام القانوني لتأديب الموظف العام في بعض الدول العربية واألوربية ‪ -‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ,‬دار الفكر القانوني‪ ,2010 ,‬ص ‪١٩‬؛ د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬المسئولية التأديبية في الوظيفة‬
‫العامة‪ ،‬دار منشأة المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،200٧ ،‬ص ‪.١2‬‬
‫‪14‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫العالقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‬


‫بارز في فقه النظام التأديبي‪،‬‬
‫مكانا اا‬
‫تحتل العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية ا‬
‫فتلتقي المخالفة التأديبية والجنائية في عدة جوانب‪ ،‬فتتفقان في أساس تقرير المسئولية والعقاب‪ ،‬إال‬
‫أن المبدأ السائد الذي يحكم العلقة بين كل منهما هو مبدأ استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة‬
‫الجنائية‪ ،‬وتختلف المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية وترتبط معها في عدد من النواحي(‪.)0‬‬

‫واذا كانـت المخالفـة التأديبيــة مسـتقل اة عــن الجريمـة الجنائيــة‪ ،‬وأن النظـام التــأديبي ‪ -‬مثلـه مثــل‬
‫النظام الجنائي ‪ -‬يحمي مصالح الجماعة ممثل اة في حسن سير المرافق العامة في الدولة عن طريق‬
‫العقــاب عــن فعــل‪ ،‬أو امتنــاع عــن فعــل يضــر بمصــالح هــذه الجماعــة(‪ ،)9‬إال أن هــذا االســتقلل بــين‬
‫الجريمتين ليس استقلالا تامـا بينهمـا‪ ،‬بحيـث إن وحـدة الغايـة المتمثلـة فـي الزجـر يقـارب بينهمـا‪ ،‬كمـا‬
‫أن حداثة العهد بالجريمة التأديبية يجعـل مـن القـانون الجنـائي هـو األصـل الـذي تسـتمد منـه األحكـام‬
‫فيما لم يرد فيه نص في القانون التأديبي(‪.)3‬‬

‫فقد يحدث أن تكون المخالفة التأديبية مرتبط اة بالجريمة الجنائية‪ ،‬أي إن الفعل المرتكب من‬
‫الموظف العام أو ضابط الشرطة يشكل جريم اة جنائي اة وأخرى تأديبية‪ ،‬كما هو الحال في جريمة‬
‫الرشوة‪ ،‬أو االختلس‪ ،‬أو التزوير‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون لسلطة التأديب الحرية ‪ -‬وفاقا لما تقتضيه‬
‫المصلحة ‪ -‬تأجيل المساءلة التأديبية إلى غاية صدور قرار قضائي نهائي‪ ،‬كما يمكنها توقيع‬
‫العقوبة التأديبية دون انتظار العقاب الجنائي(‪.)1‬‬

‫وعلى ذلك؛ سوف نقسم هذا المبحث إلى أربعة مطالب على النحو اآلتي‪:‬‬

‫المطلب األول‪ :‬استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‪.‬‬


‫المطلب الثاني‪ :‬ارتباط المخالفة التأديبية بالجريمة الجنائية‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬مظاهر التشابه واالختلف بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪.‬‬
‫المطلب الرابع‪ :‬النتائج المترتبة على استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫‪)2( PEISER (G), Droit de la fonction publique, 18 e édition, Dalloz, 2006, P. 66.‬‬
‫‪)١( La mise en œuvre des principes de procédures pans les procédures disciplinaires,‬‬
‫‪Revue internationale de droit pénal, 2004/ 3- Vol. 75, p. 773- 775‬‬
‫‪)7( Instruction n° 7 du 7 mai 1969 Relative à la procédure disciplinaire: (… en cas de‬‬
‫‪poursuites devant un tribunal répressif, il peut y avoir intérêt à différer la sanction‬‬
‫‪disciplinaire jusqu’ à la décision définitive de l’autorité judicaire, bien qu’aucune‬‬
‫‪disposition n’empêche l’administration de frapper le fonctionnaire poursuivi‬‬
‫‪pénalement d’une peine disciplinaire sans attendre cette décision.).‬‬
‫‪15‬‬
‫المطلب األول‬

‫استقالل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‬


‫استقر الفقه والقضاء اإلداري على مبدأ استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‪ ،‬وقام‬
‫الفقهاء في العديد من مؤلفاتهم ببيان مظاهر هذا االستقلل والنتائج المترتبة عليه‪ ،‬وسنتناول ماهية‬
‫مبدأ االستقلل ومظاهره والنتائج المترتبة عليه على النحو اآلتي‪:‬‬

‫يقصد بمبدأ استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية استقلل النظام القانوني لكل‬
‫منهما‪ ،‬فكل منهما له طبيعة ذاتية مستقلة عن األخرى‪ ،‬وهو ما يعني أنها تختلف في طبيعتها‬
‫ووزنها ومقوماتها‪ ،‬باإلضافة إلى أن لكل منهما نطاقها ومجالها(‪.)0‬‬

‫يفاد من معنى االستقلل في اختلف المخالفة التأديبية في طبيعتها وأركانها عن الجريمة‬


‫الجنائية؛ فأساس الجريمة التأديبية هو أفعال تصدر عن الموظف العام في نطاق الوظيفة العامة أو‬
‫خروجا عن الواجب واخلالا بالثقة الواجب توافرها في‬
‫ا‬ ‫خارج هذا النطاق تعتبرها السلطة اإلدارية‬
‫الموظف العام واالحترام الواجب للوظيفة العامة‪ ،‬وذلك على الرغم من عدم تأثيم الفعل من الناحية‬
‫حصر في قانون العقوبات من‬
‫اا‬ ‫الجنائية؛ في حين أن أساس الجريمة الجنائية هو أفعال حددت‬
‫السلطة التشريعية‪ ،‬أو بمعنى آخر‪ :‬فإن االستقلل يعني اختلف المخالفة التأديبية في وصفها‬
‫القانوني عن الجريمة الجنائية رغم اتحادهما في الوصف اللغوي(‪.)9‬‬

‫معنى شكلي مفاده أنه ال تثريب على السلطة التأديبية في تصرفها في‬
‫أيضا ا‬ ‫وللستقلل ا‬
‫الجريمة من الناحية التأديبية‪ ،‬ودون انتظار لما سيسفر عنه أري المحاكم الجنائية في الموضوع من‬
‫حيث البراءة أو اإلدانة‪ ،‬وكذلك اتباعها لطرق واجراءات غير المتبعة أمام المحاكم‪ ،‬وان كان ذلك ال‬
‫يحول دون طريق السلطة التأديبية حتى يقول القضاء كلمته في الموضوع‪ ،‬واستعارتها كذلك لبعض‬
‫اإلجراءات المتصلة بالمحاكم الجنائية‪.‬‬

‫وقد قضي بأن "األصل استقلل كل من الجريمة الجنائية عن المخالفة التأديبية‪ ،‬وأساس ذلك‬
‫أن قوام األولى الخروج عن المجتمع واإلخلل بحقه بارتكاب جرم جنائي مؤثم في قانون العقوبات‪،‬‬
‫في حين أن المخالفة التأديبية قوامها اإلخلل بواجبات الوظيفة والخروج عن مقتضياتها وما يجب‬
‫أن يتحلى به الموظف العام من األمانة والثقة والسلوك القويم‪ ،‬ومن ثم فإن الواقعة المكونة لجرم‬

‫جنائي وتكون في ذات الوقت ا‬


‫ذنبا إداريا يتعين مؤاخذة الموظف العام عنه تأديبيا بغض النظر عن‬

‫(‪ )1‬المستشار‪ /‬عبد الوهاب البنداري‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للعاملين في الدولة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.2٩‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬محمد سمير أحمد محمد‪ ،‬التناسب بين الجريمة التأديبية والعقوبة التأديبية "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪،‬‬
‫كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أسيوط‪ ،2002 ،‬ص ‪.12٩‬‬
‫‪16‬‬
‫محاكمته جنائيا عن ذات الواقعة من عدمه"(‪.)0‬‬

‫وقد أكدت المحكمة االتحادية العليا أن "األصل هو استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة‬
‫خروجا عن واجبات المحامي التي حددها قانون المحاماة‪ ،‬بينما تمثل‬‫ا‬ ‫الجنائية؛ ذلك أن األولى تمثل‬
‫تيبا على ذلك فإن‬‫خروجا على نظام المجتمع حسبما تأمر به القوانين الجنائية‪ ،‬وتر ا‬
‫ا‬ ‫الجريمة الجنائية‬
‫الحكم الجنائي بالبراءة النتفاء الجريمة وان كان يجرد الفعل الذي أتاه المحامي من وصف الجريمة‬
‫ذنبا‬
‫الجنائية إال أنه ال يجرده من وصف الجريمة التأديبية‪ ،‬ومن ثم فإن ما وقع منه قد يشكل ا‬
‫تأديبيا يجوز مساءلته"(‪.)9‬‬

‫وجدير بالذكر أن االستقلل ال يعني االنفصال التام بين كل من الدعوى التأديبية والجنائية‪،‬‬
‫فهناك ثمة تداخل بينهما مرجعه ليس الطبيعة العقابية المشتركة فقط‪ ،‬بل مرجعه أن الفرد قد يكون‬
‫عضوا في مجتمع الوظيفة‪،‬‬
‫ا‬ ‫عضوا في األمة يكون‬‫ا‬ ‫عضوا في أكثر من مجتمع‪ ،‬فإلى جانب كونه‬
‫ا‬
‫وعضويته في هذه المجتمعات تفرض عليه احترام واجباتها وااللتزام بواجباتها وخضوعها لنظام‬
‫تأديبي‪ ،‬وكل مجتمع ينظر إلى سلوك الفرد من الزاوية التي يهتم بها‪ ،‬فالدولة تنظر إليه من زاوية‬
‫ضمان األمن والنظام في المجتمع كله‪ ،‬وفي نطاق الوظيفة العامة يعني اإلدارة حسن سير العمل‬
‫وانتظامه(‪.)3‬‬

‫وتؤكد ذلك المحكمة اإلدارية العليا فتقول‪" :‬استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‬
‫ليس من شأنه أن تلتفت المحكمة التأديبية عن الوصف الجنائي – للمحكمة التأديبية التصدي‬
‫لتكييف الوقائع وتحديد وصفها الجنائي لبيان أثره في استطالة مدة سقوط الدعوى التأديبية – يؤخذ‬
‫الوصف الجنائي والعقوبة الجنائية المقررة له في االعتبار عند تقدير جسامة الفعل وتقدير الجزاء‬
‫التأديبي – ال يغير من ذلك عدم إبلغ النيابة العامة بالجرائم المنسوبة للعامل أو عدم عرض أمره‬
‫على المحكمة الجنائية"(‪.)1‬‬

‫(‪ )1‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 27١١1‬لسنة ‪ ٩2‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 11‬يناير ‪.2012‬‬
‫(‪ )2‬المحكمة االتِّحادية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1٧٧١‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ ١‬مايو ‪.1٧٧١‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.12٧‬‬
‫(‪ )7‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 7٩١7‬لسنة ‪ ٩1‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 2١‬يونيه ‪.200٩‬‬
‫‪17‬‬
‫المطلب الثاني‬

‫ارتباط المخالفة التأديبية بالجريمة الجنائية‬


‫هناك أوجه ارتباط بين كل من الجريمة الجنائية والتأديبية‪ ،‬ومرد ذلك أن كل منهما ينبعان‬
‫من أصل واحد‪ ،‬ويستهدفان تطبيق العقاب كل في مجاله‪ ،‬فالمخالفة التأديبية والجريمة الجنائية هما‬
‫في حقيقتهما وجهان لعملة واحدة بحكم أنهما ينتميان إلى طائفة األعمال المؤثمة التي تستوجب‬
‫الردع والعقاب(‪.)0‬‬

‫وتتمثل أوجه االرتباط هذه في اآلتي‪:‬‬

‫أولا‪ :‬أن كل من المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية تقوم على أساس من فكرة الخطأ الذي‬
‫وخروجا عن السلوك االجتماعي الواجب االلتزام به من قبل كافة‬
‫ا‬ ‫يرتكبه الشخص ويمثل انح ارافا‬
‫المواطنين‪ ،‬والذي يقوم على أساس من القطع واليقين(‪.)9‬‬

‫ثانيا‪ :‬أن الفعل الواحد قد يشكل جريم اة تأديبي اة وجنائي اة في وقت واحد‪ ،‬وهو ما يستوجب‬
‫ا‬
‫(‪)3‬‬
‫توقيع عقوبة تأديبية وجنائية عن ذات الفعل ‪.‬‬

‫ثال اثا‪ :‬تتفق الجريمتان فيما يتعلق بآثار توقيع العقوبة على من تثبت في حقه أي منهما‪ ،‬بأنها‬
‫موظفا‬
‫ا‬ ‫صالحا أم الخاص باعتباره‬‫ا‬ ‫اطنا‬
‫تؤثر على حياته ومستقبله‪ ،‬سواء أكان العام باعتباره مو ا‬
‫عاما‪ ،‬وذلك بصرف النظر عن اختلف العقوبات في كل من القانون الجنائي والتأديبي(‪.)1‬‬

‫ابعا‪ :‬تتفق الجريمتان في فكرة وجوب إجراء تحقيق قانوني تتوافر فيه كافة الضمانات‬ ‫را‬
‫المختلفة لمن يتم التحقيق معه قبل توقيع العقوبة عليه‪.‬‬

‫وفي ذلك ذهبت المحكمة اإلدارية العليا إلى أن "من المسلمات في مجال المسئولية العقابية‬
‫جنائي اة كانت أو تأديبي اة‪ ،‬ضرورة ثبوت الفعل المكون للجريمة ثبوتاا يقينيا بدليل مستخلص‬
‫سائغا قبل المتهم‪ ،‬مع سلمة تكييفه القانوني باعتباره جريم اة تأديبي اة أو جنائي اة‪ ،‬وأن وجه‬
‫استخلصا ا‬
‫ا‬
‫الخلف بين الجريمتين أن المشرع حدد األركان المادية والمعنوية والعقوبة في الجريمة الجنائية‪ ،‬ولم‬
‫يترك للقاضي حرية التقدير إال في العقوبات المحددة بحدين أدنى وأقصى‪ ،‬أما في مجال التأديب‬
‫فقد استخدم المشرع أوصاافا واسع اة في واجبات العامل واألفعال المحظورة عليه‪ ،‬ولم يحدد العقوبات‬
‫التأديبية لكل فعل على حدة باستثناء لوائح الجزاءات‪ ،‬وأن تفسير االختلف بين النظامين يتبدى‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬التأديب في الوظيفة العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،2000 ،‬ص ‪.1٩٩‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬المسئولية التأديبية في الوظيفة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.١2‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬سمير سعد عبد الله‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للموظف العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬التأديب في الوظيفة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1٩2‬‬
‫‪18‬‬
‫فيما تقتضيه طبيعة المرافق العامة‪ ،‬سواء في علقاتها بموظفيها أو بجمهور العاملين معها‪،‬‬
‫دوما على الضبط اإلداري في تلك المرافق"(‪.)0‬‬
‫وتمكين السلطة التأديبية من الحفاظ ا‬
‫وكذلك ذهبت المحكمة اإلدارية العليا إلى أن "استقلل الجريمة التأديبية أو المخالفة التأديبية‬
‫عن الجريمة الجزائية ليس من شأن المحكمة أن تلتفت المحكمة كلي اة عن الوصف الجنائي للوقائع‬
‫المكونة للمخالفة التأديبية"(‪.)9‬‬

‫احدا فقط الذي‬


‫وهو األمر الذي دفع بالبعض إلى القول بوحدتهما‪ ،‬والقول بأن هناك شيائا و ا‬
‫يختلف فيه القانون التأديبي عن القانون الجنائي‪ ،‬وهو أن األول يقتصر تطبيقه على طائفة‬
‫عددا من النتائج‪ ،‬منها‪ :‬نفي وجود‬
‫الموظفين‪ ،‬وهو األمر الذي رتب عليه أنصار هذا الرأي ا‬
‫خروجا على مبدأ المشروعية‪ ،‬كذلك التضييق من‬
‫ا‬ ‫المخالفة التأديبية من وجهة نظرهم‪ ،‬والتي تمثل‬
‫سلطة اإلدارة في تأثيمها لألفعال التي ال تعد جريم اة جنائي اة كأساس للتأديب‪ ،‬وكذلك سحب‬
‫الضمانات المقررة في قانون العقوبات إلى نطاق القانون التأديبي‪ ،‬فل مجال لتعسف السلطة في‬
‫تكييف األفعال البريئة وتأثيمها(‪.)3‬‬

‫ومن البدهي أنه يشترط لكي يكون للحكم الجنائي حجية أمام كافة المحاكم األخرى أن يكون‬
‫صادر من محكمة مختصة‪ ،‬وال حجية لغير األحكام‪ ،‬فجميع‬
‫اا‬ ‫الحكم النهائي فاصلا في الدعوى‬
‫ق اررات التحقيق‪ ،‬سواء كانت باإلحالة إلى المحاكمة أو بأن ال وجه إلقامة الدعوى أيا كانت‬
‫أحكاما قضائي اة من األساس‪ ،‬ولذا‬
‫ا‬ ‫أسبابها‪ ،‬قانونية أو متعلقة بالوقائع‪ ،‬فجميع تلك الق اررات ال تعد‬
‫فل حجية لها‪ ،‬وكذا فإن األحكام التمهيدية والتحضيرية ال حجية لها‪.‬‬

‫وال يحوز الحكم الجنائي الحجية؛ أي ال تتقيد به جهات التأديب‪ ،‬في عدد من الحاالت‪ ،‬هي‪:‬‬

‫‪ -‬إذا صدر الحكم الجنائي بالبراءة النعدام أحد أركان الجريمة‪ ،‬كتخلف القصد الجنائي‪ ،‬أو إذا‬
‫كانت األفعال التي قارفها الموظف ال تشكل الجريمة‪ ،‬إال أنها تعد مخالف اة إداري اة أو مهنية؛‬
‫ألن مناط العقاب فيها هو الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي أو المهني‪.‬‬
‫‪ -‬الحكم الجنائي الصادر بالبراءة المبنية على بطلن اإلجراءات أو عدم كفاية األدلة أو الشك‬
‫في االتهام‪.‬‬
‫‪ -‬الحكم الجنائي الصادر باإلدانة مع وقف التنفيذ‪.‬‬

‫(‪ )1‬راجع أحكام المحكمة اإلدارية العليا "أحكام غير منشورة"‪ :‬الطعن رقم ‪ ١2272‬لسنة ‪ ٩٧‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬إبريل‬
‫‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ 22١٩٩‬لسنة ‪ ٩٧‬قضائية بتاريخ ‪ 1٩‬مارس ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ ١1١72‬لسنة ‪ ٩٧‬ق‪،‬‬
‫بتاريخ ‪ 1٩‬مارس ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ 2212٩‬لسنة ‪ ٩٧‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬مارس ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪22277‬‬
‫لسنة ‪ 21‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬فبراير ‪2012‬؛ الطعن رقم ‪ 2٧02٩‬لسنة ‪ 21‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬فبراير ‪.2012‬‬
‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 7٩١7‬لسنة ‪ ٩1‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 2١‬يونيه ‪.200٩‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬إسماعيل زكي‪ ،‬ضمانات الموظفين في التعيين والترقية والتأديب‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫‪19‬‬
‫‪ -‬صدور عفو شامل عن العقوبة أو الجريمة‪.‬‬

‫وال تتقيد جهات التأديب في تلك الحاالت بالحكم الجنائي‪ ،‬ويمكنها مساءلة الموظف تأديبيا‪،‬‬
‫مرد ذلك أن الجريمة التأديبية تختلف بطبيعتها وأركانها عن الجريمة الجنائية‪ .‬ومن ثم يجوز الجمع‬

‫بين المسئوليتين الجنائية والتأديبية دون أن يعد ذلك ازدو ا‬


‫اجا‪ .‬فالجهة اإلدارية أو النقابية تستطيع‬
‫محاسبة الموظف عما يكون قد انطوى عليه الفعل المنسوب إليه من مخالفات إدارية أو مهنية‪.‬‬

‫فقد قضت محكمة النقض بالدائرة المدنية بأنه "ال تنافر إطلاقا بين المسئولية اإلدارية‬
‫والمسئولية أمام المحاكم الجنائية بمقتضى أحكام القانون العام عن كل جريمة يتصف بها هذا‬
‫الفعل؛ وذلك الجنائية‪ ،‬فكل يجري في فلكه‪ ،‬وله جهة اختصاص غير مقيدة باألخرى‪ ،‬وأن مجازاة‬
‫الموظف بصفة إدارية أو توقيع عقوبة عليه من المحكمة التأديبية عن فعل وقع منه ال يحول أيهما‬
‫وموضوعا‪ ،‬وأن قوة األمر‬
‫ا‬ ‫دون إمكان محاكمته؛ الختلف الدعويين الجنائية والتأديبية ا‬
‫سببا‬
‫المقضي به أمام المحاكم الجنائية ال تكون إال لألحكام الجنائية الباتة‪ ،‬ومن ثم فإن األحكام الصادرة‬
‫من المحاكم التأديبية ال تنقضي بها الدعوى الجنائية‪ ،‬وليس لها قوة الشيء المحكوم فيه أمام‬
‫المحاكم الجنائية"(‪.)0‬‬

‫فقها‬
‫وبالرغم من أوجه االرتباط بين كل من الجريمة التأديبية والجنائية‪ ،‬فإن المستقر عليه ا‬
‫وقضاء هو استقلل كل من المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‪.‬‬
‫ا‬

‫(‪ )1‬نقض مدني ‪ ,2000/11/2‬الطعن رقم ‪ 7١0٧‬لسنة ‪ 22‬ق‪ ,‬مجلة المحاماة‪ ,‬نقابة المحامين‪ ,‬مصر‪ ,‬العدد الثاني‪,‬‬
‫سنة ‪ ,2002‬ص ‪.١22‬‬
‫‪21‬‬
‫المطلب الثالث‬

‫مظاهر التشابه واالختالف بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‬


‫إن اختلف النظام التأديبي عن النظام الجنائي ال يعني أنه ال يوجد بينهما تشابه‪ ،‬بل ال‬
‫موظفا‬
‫ا‬ ‫يخلو من وجود مظاهر تشابه بين النظامين خاصة عندما يكون مرتكب الجريمة الجنائية‬
‫عاما‪.‬‬

‫وعليه؛ يمكن لنا أن نوجز مظاهر التشابه كما يأتي‪:‬‬

‫‪ .1‬تشابه الجزاءين في خلوهما من التعويض‪ :‬يتشابه الجزاء التأديبي مع العقوبة الجنائية‬


‫تعويضا للمتضرر‪ .‬وانما هو تحقيق الردع الخاص والعام في كل من النظامين‬
‫ا‬ ‫في أن كليهما ليس‬
‫بهدف حماية المجتمع ومصالحه‪.‬‬
‫وقانونا أن‬
‫ا‬ ‫وقضاء‬
‫ا‬ ‫فقها‬
‫‪ .2‬تشابه الجزاءين من حيث شخصية العقوبة‪ :‬من المسلم به ا‬
‫األصل العام في الجزاءين التأديبي والجنائي إنما هو جزاء شخصي ال يوقع وال ينفذ إال على من‬
‫ارتكب الجريمة أو شارك فيها‪.‬‬
‫‪ .3‬تشابه النظامين من حيث عدم جواز العتذار بالجهل بالقانون‪ :‬تتشابه المسئولية‬
‫التأديبية والمسئولية الجنائية في انطباق هذا المبدأ في كليهما على قدم المساواة‪ ،‬حيث إن قرينة‬
‫العلم بالقانون مفترضة في كليهما‪.‬‬
‫‪ .4‬تشابه الجزاءين من حيث رد العتبار ومحو الجزاء‪ :‬من المعروف قانونيا أن العقوبة‬
‫الجنائية تخضع لنظام رد االعتبار‪ ،‬وهذا ما نص عليه قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ويترتب على ذلك‬
‫إزالة حكم اإلدانة بالنسبة للمستقبل على وجه تقتضي معه جميع آثار هذا الحكم‪ ،‬كذلك يخضع‬
‫الجزاء التأديبي لنظام محو الجزاء‪ ،‬ويترتب على ذلك محو آثار القرار التأديبي واعتباره كأن لم‬
‫يكن‪ ،‬وهذا ما نظمه قانون العاملين المدنيين بالدولة الملغى رقم ‪ 19‬لسنة ‪ 0299‬دون أن يتناوله‬
‫قانون الخدمة المدنية الجديد رقم ‪ 90‬لسنة ‪.)0(9101‬‬

‫وتتمثل مظاهر االختلف بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية في‪:‬‬

‫‪ .1‬من حيث شرعية الجريمة‪ :‬حيث تخضع الجريمة الجنائية لمبدأ مشروعية الجريمة‪،‬‬
‫محددة على‬
‫ا‬ ‫والذي يعني أنه ال جريمة إال بنص‪ ،‬فالجرائم الجنائية طباقا لمبدأ المشروعية تكون‬
‫مقدما‪ ،‬أما المخالفة التأديبية فل تخضع لهذا المبدأ‪ ،‬وبالتالي تختلف عن الجريمة‬
‫ا‬ ‫سبيل الحصر‬
‫التأديبية في أن المخالفات التأديبية ال تقع تحت حصر‪ ،‬وتملك السلطة التأديبية في شأنها سلط اة‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.1٧2‬‬
‫‪21‬‬
‫تقديري اة واسعة(‪.)0‬‬

‫‪ .2‬من حيث أساس المسئولية‪ :‬أساس المسئولية الجنائية هو اإلخلل بواجب قانوني يكفله‬
‫إيجابا أو‬
‫ا‬ ‫القانون العقابي بنص خاص‪ ،‬أما أساس المسئولية التأديبية فهو اإلخلل بواجبات الوظيفة‬
‫سلبا(‪.)9‬‬
‫ا‬
‫‪ .3‬من حيث الهدف‪ :‬تهدف المسئولية الجنائية إلى مكافحة الجريمة‪ ،‬في حين تهدف‬
‫المسئولية التأديبية إلى ضمان حسن سير المرافق العامة‪.‬‬

‫‪ .4‬من حيث مصدرها‪ :‬المخالفة التأديبية ال تقع إال من موظف عام في أثناء وجوده في‬
‫الخدمة أو بسببها‪ ،‬أما الجريمة الجنائية فتقع من أي شخص داخل المجتمع بما فيها الموظف‬
‫نفسه‪.‬‬

‫‪ .٥‬من حيث عالقتها بحياة الموظف‪ :‬قد تتعلق المخالفة التأديبية بحياة الموظف الخاصة‪،‬‬
‫فيجب على الموظف أال يسيء إلى كرامة الوظيفة‪ ،‬سواء أكان في حياته العامة أم الخاصة‪ ،‬أما‬
‫الجريمة الجنائية فليس لها علقة بحياة الموظف الخاصة طالما كانت حياته في حدود القانون(‪.)3‬‬

‫‪ .٦‬من حيث اإلجراءات‪ :‬تستقل كل من المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية عن األخرى في‬
‫اإلجراءات‪ ،‬وهو ما يعني أن لكل من السلطة الجنائية والتأديبية إجراءاتها الخاصة لتحديد السير في‬
‫الدعوى الجنائية والدعوى التأديبية والمسئولية الخاصة بكل منهما‪ ،‬وهو ما ينتج عنه عدم تقيد‬
‫المحاكمة التأديبية بالتحقيق أو السير في الدعوى الجنائية‪ ،‬فل يترتب على ذلك وقف سير الدعوى‬
‫التأديبية أو تأثرها بها(‪.)1‬‬

‫لقد عبر الفقه الفرنسي عن هذا االستقلل ‪ -‬بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية ‪ -‬في‬
‫الغاية من العقاب التأديبي والجنائي‪ ،‬حيث يرى أن العقاب الجنائي غرضه األساس العقاب‬
‫الشخصي الذي يوقع على المتهم حماي اة للمجتمع‪ ،‬أما العقاب التأديبي فهدفه الرئيس حسن تنظيم‬
‫المرفق العام(‪.)0‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم بسيوني‪ ،‬الجريمة التأديبية وعلقتها بالجريمة الجنائية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،1٧٧٩ ،‬ص‬
‫‪.77‬‬
‫(‪ )2‬د‪ .‬زكي محمد النجار‪ ،‬الجريمة الجنائية والتأديبية‪ ،‬مجلة المحاماة‪ ،‬مصر‪ ،‬العدد الخامس والسادس‪ ،‬السنة ‪،22‬‬
‫‪ ،1٧22‬ص ‪ 117‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ ) ١‬د‪ .‬عادل يونس‪ ،‬الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية‪ ،‬مجلة إدارة قضايا الدولة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‬
‫‪.٩1‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬عبد الرءوف هاشم بسيوني‪ ،‬الجريمة التأديبية وعلقتها بالجريمة الجنائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7٩‬‬
‫‪)٩( JÈZE (G.): Les principes généraux du droit administratif, Le fonctionnement des‬‬
‫‪services publics, Tome 3, Dalloz, 2011, p. 89.‬‬
‫‪22‬‬
‫المطلب الرابع‬

‫النتائج المترتبة على استقالل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‬


‫يترتب على استقلل كل من الجريمة الجنائية عن المخالفة التأديبية عدد من النتائج‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫‪ -0‬يكون لكل من السلطتين التأديبية والجنائية حق البدء في اتخاذ إجراءات المحاكمة دون‬
‫مناسبا‬
‫ا‬ ‫انتظار الفصل في األخرى‪ ،‬إال أن ذلك ال يحول دون قيام السلطة التأديبية إذا رأت ذلك‬
‫بإرجاء الفصل في الدعوى التأديبية لحين الفصل في الدعوى الجنائية(‪.)0‬‬

‫وهو ما أكدته المحكمة اإلدارية العليا في حكم لها بأن قضت بأنه "ولئن كان لإلدارة أن توقع‬
‫الجزاء التأديبي‪ ،‬سواء أكان بالفصل أو بما هو أقل منه‪ ،‬دون انتظار لنتيجة المحاكمة الجنائية‪ ،‬ما‬
‫دام قام لديها السبب المبرر لهذا الجزاء‪ ،‬واقتنعت بأن الدليل على صحته‪ ،‬إال أنها قد ترى أنه من‬
‫الملئم انتظار الفصل في المحكمة الجنائية قبل النظر في المحاكمة التأديبية‪ ،‬ولكن تلك ملءمة‬
‫متروكة لتقديرها"(‪.)9‬‬

‫وفي حكم آخر لها قضت بأنه "يجوز للجهة التي يعمل بها الموظف أن تقرر مجازاته تأديبيا‬
‫دون انتظار نتيجة التحقيق الجنائي؛ الختلف الغاية من الجزاء في المجالين التأديبي الجنائي –‬
‫الجزاء التأديبي مقرر لحماية الوظيفة العامة‪ ،‬أما الجزاء الجنائي فهو قصاص من المجرم لحماية‬
‫المجتمع‪ ،‬كما أن الحكم ببراءة الموظف مما أسند إليه ال يرفع عنه الشبهة نهائيا وال يحول دون‬
‫إدانة سلوكه اإلداري بحسبان أنه وضع نفسه موضع الشبهات والريب وشاع أمره بين الخاصة‬
‫خطير بواجبات الوظيفة والحط من‬
‫اا‬ ‫والعامة‪ ،‬مما يفقده الثقة بين زملئه‪ ،‬األمر الذي يعد إخلالا‬
‫كرامتها"(‪.)3‬‬

‫‪ -9‬أن األسباب التي قد تمنع محاكمة الموظف جنائيا ال تحول دون محاكمته تأديبيا عن‬
‫الواقعة نفسها؛ الختلف قواعد التجريم في كل من المجالين‪ ،‬فق اررات النيابة مثلا بالحفظ في‬

‫(‪ )1‬وقد استقرت أحكام هذه المحكمة على وقف الدعوى التأديبية لحين الفصل في الشق الجنائي يكون وجوبياا في‬
‫حالة ما إذا كانت هناك دعوى جنائية قائمة ومنظورة عن ذات الوقائع المنسوبة للمخالف بالدعوى التأديبية‪،‬‬
‫ويتوقف الفصل في األخيرة على الفصل في الشق الجنائي‪ ،‬إال أن هذا الحكم ال يغل يد المحكمة التأديبية وال‬
‫يقضي على سلطتها التقديرية في أن توقف الدعوى التأديبية إذا ما تبين لها أن هناك تحقيقا جنائياا عن ذات‬
‫الوقائع المنسوبة للمتهم في المحاكمة التأديبية؛ وذلك تفاديا لما قد يحدث من تعارض بين الحكم التأديبي في حالة‬
‫صدوره وما قد ينتهي إليه التحقيق الجنائي عن ذات الواقعة‪ ،‬كما أن الدعوى الجنائية تستمد مصدرها وبدايتها‬
‫أصل من التحقيق الجنائي الذي قد ينتهي إلى حكم جنائي قد يتعارض مع الحكم التأديبي‪.‬‬
‫راجع أحكام المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2٧١٩١‬لسنة ‪ ٩٧‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 12‬نوفمبر ‪2012‬؛ الطعن رقم‬
‫‪ 12277‬لسنة ‪ ٩0‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 1٩‬ديسمبر ‪200٩‬؛ الطعن رقم ‪ 10١2١‬لسنة ‪ 7٧‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 22‬يناير ‪.2002‬‬
‫(‪ )2‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2٩2‬لسنة ‪ ١‬ق‪ ،‬جلسة ‪.1٧٩٧/12/2٩‬‬
‫(‪ )١‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ ٩212٩‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 20‬فبراير ‪.2012‬‬
‫‪23‬‬
‫الدعوى الجنائية ال حجية لها في الدعوى التأديبية(‪.)0‬‬

‫‪ -3‬كما يجوز مجازاة الموظف تأديبيا من جانب جهة العمل دون انتظار نتيجة التحقيق‬
‫الجنائي‪ ،‬فقضت المحكمة بأنه "يجوز لجهة العمل التي يعمل بها الموظف أن تقرر مجازاته تأديبيا‬
‫دون انتظار نتيجة التحقيق الجنائي؛ الختلف الغاية من الجزاء في المجالين التأديبي والجنائي"(‪.)9‬‬
‫وفي حكم آخر "يجوز لإلدارة توقيع الجزاء التأديبي دون انتظار نتيجة المحاكمة التأديبية"(‪.)3‬‬

‫‪ -1‬جواز الجمع بين عقوبتين أو أكثر عن الجريمة الواحدة المرتكبة‪ ،‬دون أن يعد ذلك‬
‫اجا في العقاب عن فعل واحد‪ ،‬إذ ال تحجب المسئولية أو العقوبة الموقعة عن األخرى‪.‬‬
‫ازدو ا‬
‫‪ -0‬أن مبدأ التفسير الضيق المعمول به في القانون الجنائي اللتزامه بمبدأ المشروعية ال‬
‫يمكن العمل به في القانون التأديبي(‪.)1‬‬

‫‪ -1‬ال يسري نظام وقف تنفيذ العقوبة بالنسبة للمخالفات التأديبية‪ ،‬إذ إن ذلك النظام خاص‬
‫بنوع من المخالفات المنطوية على سلب الحرية أو الملكية (الغرامات والمخالفات)‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫عدم إمكانية تطبيق هذا النظام في المجال التأديبي دون النظام القانوني الذي يسمح بذلك(‪.)0‬‬

‫وقضت المحكمة اإلدارية العليا بذلك بقولها‪" :‬وال وجه للقول بأن الحكم الجنائي‪ ،‬وقد قضى‬
‫بإيقاف تنفيذ العقوبة‪ ،‬ال يجوز ترتيب أية آثار إدارية عليه‪ ،‬ذلك أن مجال التأديب هو العقاب عما‬
‫وقع من العامل من مخالفات‪ ،‬وهو مجال يختلف عن أعمال آثار الحكم الجنائي الموقوف تنفيذه‬
‫على العلقة الوظيفية‪ ،‬كما أن الحكم الصادر مع إيقاف التنفيذ في الجريمة التي أدين فيها المتهم‬
‫كرمة الوظيفة"(‪.)1‬‬
‫ال يمنع من محاكمته تأديبيا عن ذات السلوك؛ لما فيه من اعتداء على ا‬

‫(‪ )1‬محكمة القضاء اإلداري‪ ،‬الطعن رقم ‪ ١2271‬لسنة ‪ ٩٩‬قضائية بتاريخ ‪ 2١‬مايو ‪201٩‬؛ الطعن رقم ‪2١١0‬‬
‫لسنة ‪ ٩2‬قضائية بتاريخ ‪ 2١‬مايو ‪.201٩‬‬
‫(‪ )2‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 22٩١‬لسنة ‪ 2٧‬ق‪ .‬جلسة ‪.1٧2٩/1/١1‬‬
‫(‪ )١‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2٩220‬لسنة ‪ ٩٧‬ق‪ ،‬بتاريخ ‪ 21‬مايو ‪.2012‬‬
‫(‪ )7‬د‪ .‬عادل يونس‪ ،‬الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7٧‬‬
‫(‪ )٩‬د‪ .‬مصطفى عفيفي‪ ،‬فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة‬
‫القاهرة‪ ،1٧٩2 ،‬ص ‪.٩1‬‬
‫(‪ )2‬المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 222‬لسنة ‪ ١2‬ق‪ ،‬جلسة ‪ 2٩‬يناير ‪.1٧٧2‬‬
‫‪24‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫تحديد وتصنيف المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‬


‫إن مـ ــرد المخالفـ ــة التأديبيـ ــة هـ ــو أي خـ ــروج علـ ــى مقتضـ ــيات الواجـ ــب ال ـ ــوظيفي‪ ،‬واإلخـ ــلل‬
‫بالمصــلحة العامــة للمرفــق العــام‪ ،‬ومــن ثــم ف ـإن جميــع األفع ــال الت ــي ينطبــق عليهــا وصــف المخالفــة‬
‫التأديبيــة مرجعهــا الوظيفــة العامــة وعلقــة العم ــل‪ ،‬حيــث تملــك الجهــة اإلداريــة ســلط اة تقديري ـ اة واســع اة‬
‫لتقييم سلوك الموظف العام(‪.)0‬‬

‫وق ــد اكتف ــى المش ــرع ف ــي ق ــانون هيئ ــة الش ــرطة ببي ــان الواجب ــات العام ــة للض ــباط دون تحدي ــد‬
‫األخطــاء والمخالفــات التأديبيــة‪ .‬ويحــدد واجبــات الوظيفــة فــي الشــرطة نصــوص القــانون التــي تـرد فــي‬
‫أيضـا اعتبـارات أخـرى‪ ،‬واتبـع المشـرع فـي قـانون‬ ‫التشريع أو القواعد العامة‪ ،‬كمـا يتـدخل فـي تحديـدها ا‬
‫هيئــة الشــرطة مبــدأ عــدم تحديــد األخطــاء التأديبيــة‪ ،‬واالكتفــاء بتحديــد الواجبــات العامــة أو األساســية‪،‬‬
‫تاركا للسلطة التأديبية تحديد ما يعد مخالف اة تستوجب الجزاء التأديبي وما ال يعد كذلك‪.‬‬
‫ا‬
‫ولــذلك نجــده‪ ،‬بعــد تعــداد بعــض الواجبــات والمحظــورات‪ ،‬أورد نص ـا عام ـا يقضــي باعتبــار كــل‬
‫مخالفة لواجبات الوظيفة أو خروج على مقتضـياتها أو المسـاس بكرامتهـا يسـتوجب العقـاب التـأديبي‪.‬‬
‫ومن ثم فإن الواجبات األساسية للضـباط فـي جهـاز الشـرطة هـي عبـارة عـن الواجبـات والمحظـورات‪،‬‬
‫وهي تمثل الحد األدنى لما يجب أن يؤديه الضابط‪ ،‬وأي إخلل بها يوجب المساءلة التأديبية(‪.)9‬‬

‫وتفرض الوظيفة الشرطية على الضابط‪ ،‬أن يتحلى بمجموعة من القيم السلوكية‪ ،‬تنعكس‬
‫على كيفية أدائه لعمله‪ ،‬مثل االعتماد على النفس‪ ،‬والتمسك بالقيم الدينية‪ ،‬والترفع عن العادات‬
‫السيئة‪ ،‬والحرص والوضوح(‪.)3‬‬

‫تيبـ ـا عل ــى ذل ــك؛ ف ــإن المخالف ــات التأديبي ــة تظه ــر عن ــدما يخ ــالف الض ــابط ف ــي أداء عمل ــه‬
‫وتر ا‬
‫الواجبات اإليجابية أو السلبية المفروضة عليه صراح اة‪ ،‬وعندما يخرج على مقتضيات هذه الواجبـات‬
‫ولــو لــم يتضــمن ذلــك نصــوص فــي القــانون‪ ،‬وعلـى ذلــك ســوف نقســم هــذا الفصــل إلـى مبحثــين علــى‬
‫النحو اآلتي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬الواجبات اإليجابيـة لضابط الشرطة‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الواجبات السلبية لضابط الشرطة (المحظورات)‪.‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عليوة مصطفى فتح الباب‪ ،‬موسوعة اإلمارات القانونية اإلدارية‪ ،‬الجزء الخامس "شرح قانون الخدمة‬
‫المدنية والئحته التنفيذية"‪ ،‬مكتبة كوميت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،200٩ ،‬ص ‪.21‬‬
‫(‪ )2‬لواء‪ .‬أحمد درويش‪ ،‬المهنة‪ ،‬مجلة األمن العام‪ ,‬العدد ‪ ،7٩‬السنة ‪ ،1٧2٧‬ص ‪.12٩‬‬
‫(‪ )١‬لواء‪ .‬علي رفاعي‪ ،‬القيم المهنية والمسلكية لضباط الشرطة‪ ،‬مجلة األمن العام‪ ,‬العدد ‪ ،٩2‬السنة ‪ ،1٧٩7‬ص‬
‫‪.12٩‬‬
‫‪25‬‬
‫المبحث األول‬

‫الواجبات اإليجابيـة لضابط الشرطة‬


‫يجب على ضابط الشرطة القيام بالواجبات التي حددها له القانون؛ حتى ينضبط سير جهاز‬
‫الشرطة والقيام بواجبه في حفظ األمن واألمان‪ ،‬واذا أخل بأحد تلك الواجبات فبذلك يكون قد ارتكب‬
‫مخالف اة تأديبي اة تستوجب المساءلة التأديبية‪ ،‬ومن خلل هذه المطلب يستعرض الباحث أهم الواجبات‬
‫اإليجابية المنصوص عليها في قوانين الشرطة والق اررات الو ازرية في مصر واإلمارات وفرنسا‪.‬‬

‫أولا‪ :‬الواجبات المتعلقة بضمان استمرار وانتظام العمل‬


‫إن ضمان انتظام العمل واستم ارره هو من أهم المبادئ التي تقوم عليها اإلدارة‪ ،‬إذ إن أي‬
‫توقف أو تعطل في أداء المرفق لمهامه يعرض مصالح الجمهور للخطر أو للضطراب ال سيما‬
‫في مرفق كمرفق األمن‪ ،‬مما يفرض التزامات معين اة على عاتق ضابط شرطة إلمكان المرفق من‬
‫بلوغ أهدافه وتحقيق رسالته‪ ،‬ويظهر ذلك فيما يأتي‪:‬‬

‫أ) تخصيص كل وقت العمل الرسمي ألداء واجبات الوظيفة‪:‬‬

‫األصل أن يخصص الضابط وقته وجهده‪ ،‬في الحدود المعقولة‪ ،‬ألداء واجبات وظيفته‪ ،‬وأن‬
‫يقوم بالعمل المنوط به في أوقات العمل الرسمية‪ .‬وال يكفي أن يوجد الضابط في مقر عمله في‬
‫أوقات العمل‪ ،‬بل يجب أن يؤدي عمله خلل هذه األوقات ويقوم بإنجاز ما يكلف به بطريقة مؤثرة‬
‫ومنتجة(‪.)0‬‬

‫ب) القيام بالعمل الذي يكلف به في غير أوقات العمل الرسمية عالواة على الوقت المحدد‬
‫إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك‪:‬‬

‫إن تحديد مواعيد العمل ليس من شأنه أن يرفع تكليف الضابط فيما جاوز هذه المواعيد‪،‬‬
‫وتقدير احتياجات العمل أمر تستقل به الجهة التي يتبعها الضابط‪ ،‬دون أن يكون له الحق في‬
‫التمسك بمواعيد العمل أو المطالبة بأي حقوق مادية أو أدبية عما زاد عن هذه المواعيد(‪.)9‬‬

‫جـ) اللتزام في المواظبة على العمل‪:‬‬


‫يقصد بهذا الواجب احترام النظم المعمول بها؛ خشية اضطراب العمل‪ ،‬ومواظبة الضابط‬
‫على الحضور لعمله وانتظامه فيه هو التزام أساس يترتب على اإلخلل به الخطأ التأديبي(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬أماني زين بدر فراج‪ :‬النظام القانوني لتأديب الموظف العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫(‪ )2‬لواء‪ .‬جمال الدين سالم حجازي‪ ،‬تأديب أعضاء هيئة الشرطة "دراسة تطبيقية"‪ ،‬دار الحليم للطباعة‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،1٧22‬ص ‪.٩7‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬زكي محمد النجار‪ ،‬الوجيز في تأديب العاملين بالحكومة والقطاع العام‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.٩١‬‬
‫‪26‬‬
‫ثانيا‪ :‬الواجبات التي تتعلق بضوابط أداء العمل‪:‬‬
‫ا‬
‫هي واجبات تحدد كيفية أداء العمل المكلف به الضابط واألسلوب الذي يتم به هذا األداء‪،‬‬
‫منها‪:‬‬

‫أ) أداء الضابط للعمل بنفسه‪:‬‬

‫هذا االلتزام من أهم واجبات الضابط‪ ،‬ومن ثم فليس للضابط أن يستعين بغيره في أداء العمل‬
‫الموكول إليه ولو جزئيا‪ ،‬فعليه أن يقوم بعمله بنفسه‪ ،‬ويستوي في ذلك أن يكون هذا العمل منو ا‬
‫طا‬
‫به بصفة أصلية أو بصفة احتياطية‪ ،‬واالختصاص بالعمل من النظام العام‪ ،‬ومن ثم فليس للضابط‬
‫قانونا‪ ،‬فاالختصاص‬
‫ا‬ ‫أن يتنازل عن اختصاصه أو ينيب غيره فيه إال في حاالت تفويض السلطة‬
‫واجب على ضابط الشرطة وليس حقا له(‪.)0‬‬

‫وعلى ذلك فل يجوز أن يتفق ضابط المباحث وضابط القسم أن يقوم كل منهما بأعمال‬
‫اآلخر دون الحصول على موافقة رئاستهم‪ ،‬أو أن يترك ضابط النقطة أو ضابط القسم التحقيقات‬
‫الهامة أو المعاينات لضابط صف‪ ،‬أو أن يترك ضابط المباحث لغيره من المرؤوسين التحري في‬
‫أمور هامة وحيوية؛ كالتحريات عن الطلبة المتقدمين لللتحاق بكلية الشرطة‪ ،‬أو المتقدمين لوظائف‬
‫هامة‪ ،‬أو أن يكلف أحد الضباط غيره من المرؤوسين بتحرير محاضر الوقائع باسمه‪ ،‬إذ فضلا عما‬
‫في هذا العمل من مساءلة تأديبية فقد يشكل جريم اة جنائي اة (تزوير في أوراق رسمية)(‪.)9‬‬

‫ب) يتعين على الضابط أن يؤدي العمل المنوط بدقة وأمانة‪:‬‬

‫‪ -‬أداء العمل بدقة‪ :‬ومقتضى هذا االلتزام أن يبذل العناية اللزمة لحسن أداء العمل‪ ،‬فإذا ما‬
‫قصر في ذلك أو أهمل فأدى واجبه بغير تحوط أو احتراز تعرض للمساءلة التأديبية‪.‬‬

‫ومفهوم الدقة يتسع لكثير من الضوابط التي يجب على الضابط مراعاتها أثناء أداء عمله‪ ،‬إذ‬
‫يجب عليه مراعاة القواعد اإلدارية والفنية وتوجيهات الرؤساء ومقتضيات الوظيفة والمواعيد المحددة‬
‫إلنجاز العمل‪ ،‬وكذلك مراعاة مبادئ اإلدارة العامة التي تهدف إلى رفع الكفاءة وحسن أداء العمل‪.‬‬

‫‪ -‬األمانة‪ :‬الوظائف العامة تكليف للقائمين بها‪ ،‬هدفها خدمة المواطنين تحقياقا للمصلحة‬
‫العامة‪ ،‬فالسلطة واالختصاص ‪ -‬كما سبق القول ‪ -‬ليس حقا شخصيا للموظف يمارسه كيف‬
‫اعيا لمصالحها‪ ،‬فهو األمين على المصلحة العامة‪،‬‬‫يشاء‪ ،‬وانما يمارسه كوكيل عن األمة ور ا‬
‫والمسئول عن الوفاء بمتطلباتها‪ ،‬ومن ذلك التزام الموظف باألمانة(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 20١‬لسنة ‪ 1١‬ق‪ ،‬جلسة ‪ ١‬إبريل ‪.1٧٩1‬‬
‫(‪ )2‬لواء‪ .‬جمال الدين سالم حجازي‪ ،‬تأديب أعضاء هيئة الشرطة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.117‬‬
‫(‪ )١‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.102‬‬
‫‪27‬‬
‫ويندرج تحت االلتزام باألمانة كثير من الواجبات‪ ،‬فالضابط يجب أن يكون ا‬
‫أمينا على عمله‬
‫أمينا في معاملته للجمهور فيعاملهم بالعدل والمساواة وبروح الخدمة‬
‫فيبذل في أدائه كل طاقته‪ ،‬ا‬
‫أمينا مع زملئه فيصدقهم القول ويخلص لهم في التعاون وتقديم المساعدة‪ ،‬ا‬
‫أمينا مع‬ ‫العامة‪ ،‬ا‬
‫أمر يهم العمل ويقدم إليهم كل ما لديه من معلومات وخبرات‪ .‬وااللتزام‬
‫رؤسائه ال يخفي عنهم اا‬
‫باألمانة يتفرع عنه واجبات أخرى‪ ،‬منها‪ :‬عدم قبول هدايا‪ ،‬والصدق‪ ،‬والعدل(‪.)0‬‬

‫وقد نصت الفقرة األولى من المادة (‪ )91‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة‬
‫‪ 0291‬بأنه‪" :‬يجب على كل منتسب للقوة مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬ويجب عليه كذلك‪:‬‬
‫أن يؤدي العمل المنوط به بدقة وأمانة‪ ،‬وأن يخصص وقت العمل الرسمي ألداء واجبات وظيفته‪،‬‬
‫ويجوز تكليفه بالعمل في غير أوقات العمل الرسمي إذا اقتضت ظروف العمل ذلك"‪.‬‬

‫بينما في قانون الشرطة المصري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ ،0290‬نصت المادة (‪ )10‬منه على أنه‪:‬‬
‫يجب على الضابط االلتزام بأحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬وعليه – كذلك ‪ -‬أن يؤدي العمل المنوط‬
‫به بنفسه بدقة وأمانة‪ ،‬وأن يخصص وقت العمل الرسمي ألداء واجبات وظيفته‪ ،‬ويجوز تكليفه‬
‫علوة على الوقت المعين إذا اقتضت مصلحة العمل ذلك‪.‬‬
‫ا‬ ‫بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية‬

‫استنادا إلى النصوص القانونية السابقة أنه يجب على ضابط الشرطة أن‬
‫ا‬ ‫ويرى الباحث‬
‫يمارس عمله المنوط بدقة وأمانة‪ ،‬ويتفرع عن هذا الواجب ما يأتي‪:‬‬

‫‪ .0‬أن يقوم بالعمل بنفسه؛ ألن االختصـاص شخصـي‪ ،‬وال يجوز له أن يفوض غيره للقيام‬
‫بأعمالـه الموكلة إليه‪ ،‬إال إذا أجاز له القانون ذلك صراح اة‪ ،‬وفي حدود الشروط واألوضاع‬
‫التي يحددها القانون وفاقا لقاعدة "ال تفويض إال بنص"‪.‬‬
‫‪ .9‬أن يكرس كل وقت العمل لممارسـة أعمالـه الموكلة إليه ومراعاة وقت الدوام الرسمي‪ ،‬فـل‬
‫يكفـي أن يتواجد الضابط بمقر عمله‪ ،‬بل يجب عليـه أن يكـرس وقتـه ألداء وظيفته‪.‬‬
‫‪ .3‬أال يرفض أي تكليف يصدر له بالعمل في غير أوقات العمل الرسمية إذا اقتضت المصلحة‬
‫العامة ذلك‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يؤدي عمله بدقة وأمانة‪ ،‬وهـذا يتطلـب االنضباط في تنفيذ األوامر بكل إخلص وجدية‪.‬‬

‫جـ ـ تنفيذ أوامر الرؤساء‪:‬‬

‫يجب على الضابط أن ينصاع لألمر الصادر إليه من رئيسه ما دام متعلاقا بأعمال وظيفته‬
‫وينفذه فور إبلغه به‪ ،‬ولكن ال يمنع من أن يكون للمرؤوس وجهة نظر معينة في موضوع ما‬
‫ويجتهد في إقناع رئيسه بها ما دام يفعل ذلك بحسن نية في سبيل المصلحة العامة‪ .‬وال جناح عليه‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬عبد العظيم عبد السلم عبد الحميد‪ ,‬تأديب الموظف العام في مصر‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ،2007 ,‬ص ‪.110‬‬
‫‪28‬‬
‫دائما وليدة اختلف الرأي ال يجليها إال قرع‬
‫أن يختلف مع رئيسه في وجهات النظر؛ إذ الحقيقة ا‬
‫الحجة بالحجة ومناقشة البرهان بالبرهان‪ ،‬وانما ليس معنى ذلك أال يراعي المرؤوس ما يقتضيه حق‬
‫الطاعة للرؤساء على مرؤوسيهم ووجوب احترامهم بالقدر الذي يجب أن يسود بين الرئيس‬
‫والمرؤوس؛ فطاعة الرؤساء واحترامهم واجب يضمن للسلطة الرئاسية فاعليتها‬
‫ونفاذها(‪.)0‬‬

‫والتزام الضابط بتنفيذ األوامر التي تصدر إليه يكون وفاقا للضوابط اآلتية‪:‬‬

‫صادر له عن رؤسائه المباشرين في نفس الو ازرة أو المصلحة أو اإلدارة أو‬


‫اا‬ ‫‪ .0‬أن يكون األمر‬
‫القسم‪ ،‬وهم الرؤساء الذين لهم السلطة‪.‬‬
‫‪ .9‬أن يكون األمر الصادر قانونيا‪ ،‬في احترام القانون‪ ،‬يخضع له جميع الضباط على كافة‬
‫المستويات‪.‬‬

‫أمر كتابيا لتنفيذ ما أمر به في هذه الحالة؛ لضمان‬


‫وال يجوز للضابط أن يطلب من رئيسه اا‬
‫عدم تهرب الرئيس من المسئولية؛ ألن ذلك ال يتفق واألوضاع النظامية في هيئة الشرطة‪ ،‬وهو‬
‫المعنى الذي أكدته المذكرة اإليضاحية للقانون(‪ ،)9‬أما المسئولية المترتبة على تنفيذ أمر الرئيس‬
‫فإنها تقع على عاتق مصدر األمر(‪.)3‬‬

‫ويجب التفرقة بين تنبيه المرؤوس لرئيسه إلى المخالفة وابداء رأيه في ذلك‪ ،‬وبين االعتراض‬
‫على األوامر أو االمتناع عن تنفيذها‪ ،‬فليس للضابط بعد أن أبدى وجهة نظره أن يعترض على ما‬
‫استقر عليه رأي رؤسائه‪ ،‬وهو ما ذهبت إليه المحكمة اإلدارية العليا(‪.)1‬‬

‫وقد نصت الفقرة الثالثة من المادة (‪ )91‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة‬
‫‪ 0291‬بأنه‪" :‬يجب على كل منتسب للقوة مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬ويجب عليه كذلك‪:‬‬
‫أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة‪ ،‬ويتحمل كل رئيس مسؤولية األوامر التي تصدر منه‪،‬‬
‫وهو المسؤول عن حسن سير العمل في حدود اختصاصه"‪ .‬في حين نصت الفقرة الثامنة من المادة‬
‫(‪ )10‬من قانون الشرطة المصري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ ،0290‬على أنه‪" :‬يجب على الضابط االلتزام‬
‫بأحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬وعليه كذلك‪ :‬أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر بدقة وأمانة‪ ،‬وذلك في‬
‫حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها‪ ،‬ويتحمل كل رئيس مسئولية األوامر التي تصدر منه‪،‬‬
‫وهو المسئول عن حسن سير العمل في حدود اختصاصه"‪.‬‬

‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 2٩2‬لسنة ‪ 20‬ق‪ ،‬جلسة ‪ 12‬ديسمبر ‪.201٩‬‬
‫(‪ )2‬المذكرة اإليضاحية لمشروع القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫(‪ )١‬الفقرة الثانية من المادة (‪ )7٩‬من القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫(‪ )7‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 1222‬لسنة ‪ 10‬ق‪ ،‬جلسة ‪ 1‬يونيه ‪.1٧22‬‬
‫‪29‬‬
‫يلتزم ضابط الشرطة بتنفيذ األوامر الصادرة إليه‪ ،‬ويترتب على ذلك‪:‬‬

‫‪ .0‬تنفيذ أوامر رؤسائه في العمل بكل دقة وأمانة‪.‬‬


‫‪ .9‬مراعاة تسلسل الرتب‪ ،‬وهذا ما أكدته المـادة ‪ 90‬مـن قـانون الشـرطة االتحادي بقولها‪:‬‬
‫"يخضع منتسبو القوة من ذوي الرتب األقل لذوي الرتب األعلى‪ ،‬فإذا اتحدت الرتب خضع‬
‫األحدث في الرتبة لألقدم فيها"‪.‬‬
‫‪ .3‬واجب طاعة المرؤوس للرئيس‪ ،‬وهذا يعبر عنه بأن الشرطة "هيئة نظامية"‪ ،‬ويقتضي‬
‫واجب طاعة الرؤساء عدم مخالفة المرؤوس لألوامر الصادرة إليه إال إذا كان تنفيذ هذه‬
‫األوامر ينطوي على ارتكاب جريمة جنائيـة‪ ،‬كأن يطلب الرئيس من مرؤوسيه إخفاء‬
‫مسروقات أو االعتداء على الغير أو قبول الرشوة أو اختلس أموال عامة‪ ..‬إلخ‪.‬‬
‫‪ .1‬يتحمل كل رئيس مسؤولية األوامر التي تصدر عنه‪ ،‬ويبقى فـي النهايـة هـو المسؤول عن‬
‫حسن سير العمل في حدود اختصاصه‪.‬‬

‫د ـ المحافظة على كرامة الوظيفة والسلوك الذي يتفق مع الحترام الواجب‪:‬‬

‫يجب على ضابط الشرطة أن يتجنب ما قد يكون من شأنه اإلخلل بكرامة الوظيفة‪ ،‬وأن‬
‫مسلكا يتفق واالحترام الواجب لها‪.‬‬
‫ا‬ ‫يحافظ على كرامتها طباقا للعرف العام‪ ،‬وأن يسلك في تصرفاته‬
‫واألصل أن ما يشين خارج دائرة الوظيفة له ج ازؤه الجنائي والمدني حسب األحوال ومتى توافرت‬
‫الشروط اللزمة لذلك‪.‬‬

‫والمعروف أن الضابط يسترد خارج الوظيفة حريته‪ ،‬لذلك ال يجوز لإلدارة أن ترتفع في هذا‬
‫الميدان بتصرفات الضابط إلى مرتبة المخالفة التأديبية إال إذا كانت تنعكس حقا على الوظيفة‬
‫بحيث يتساوى الخطأ رغم ارتكابه خارج الوظيفة بالخطأ الذي داخلها من ناحية مدى تأثيره فيه‪،‬‬
‫وهو ما يستتبع القول بصعوبة وضع معيار ثابت يقاس به هذا النوع من الخطأ‪ ،‬بل يتعين النظر‬
‫إلى كل تصرف في ضوء ظروفه وملبساته‪ ،‬وكذلك في ضوء مركز الضابط ومكان أدائه‪.‬‬
‫والضابط الذي يتسم بسوء السمعة من حق اإلدارة ‪ -‬بل من واجبها ‪ -‬أن توقع عليه العقوبات التي‬
‫تراها محقق اة للصالح العام‪ ،‬وذلك متى اطمأنت واقتنعت بصحة ما نسب إليه من أمور قد تخدش‬
‫السمعة والسيرة‪ ،‬وان لم يصل األمر إلى حد تكوين الفعل المنسوب إليه جريم اة يعاقب عليها قانون‬
‫العقوبات(‪.)0‬‬

‫فيكفي لتحقيق سوء السمعة أو سوء السيرة قيام شبهات قوية تتردد على ألسنة الناس بما‬

‫(‪ )1‬لواء‪ .‬أحمد فؤاد كامل‪ ،‬سلوكيات العمل الشرطي‪ ،‬مجلة األمن العام‪ ,‬العدد ‪ ،110‬السنة ‪ ،1٧2٩‬ص ‪.72‬‬
‫‪31‬‬
‫يمس خلق الضابط ويؤثر على سمعته الوظيفية (‪.)9‬‬

‫وقد نصت الفقرة الرابعة من المادة (‪ )91‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة‬
‫‪ 0291‬بأنه‪" :‬يجب على كل منتسب للقوة مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬ويجب عليه كذلك‪:‬‬
‫مسلكا يتفق واالحترام‬
‫ا‬ ‫أن يحافظ على كرامة الوظيفة طباقا للعرف العام‪ ،‬وأن يسلك في تصرفاته‬
‫الواجب لها"‪ .‬في حين نصت الفقرة التاسعة من المادة (‪ )10‬من قانون الشرطة المصري رقم ‪012‬‬
‫لسنة ‪ ،0290‬على أنه‪" :‬يجب على الضابط االلتزام بأحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬وعليه كذلك‪ :‬أن‬
‫مسلكا يتفق واالحترام الواجب لها طباقا‬
‫ا‬ ‫يحافظ على كرامة وظيفته‪ ،‬وأن يسلك في تصرفاته‬
‫للتعليمات والعرف السائد بهيئة الشرطة"‪.‬‬

‫فيرى الباحث أنه يجب على ضابط الشرطة أن يحافظ على كرامة وظيفته طباقا للعرف العـام‬
‫مسلكا يتفق واالحترام الواجـب لذلك‪.‬‬
‫ا‬ ‫وقـيم المجتمع وعاداته وتقاليده‪ ،‬وأن يسلك في تصرفاته‬
‫ويقتضي واجب المحافظة على كرامة الوظيفة ابتعاد منتسب للقوة عن كـل ما من شأنه المساس‬
‫بشـرف الوظيفة وكرامتها‪ .‬ومن األفعال التي تمـس بشـرف الوظيفة وكرامتها‪ :‬تناول المشروبات‬
‫الكحولية‪ ،‬وتعاطي المخدرات‪ ،‬ولعب القمار‪ ،‬والتواجد في أماكن مشبوهة‪ ،‬وارتياد الملهي‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫هـ) اإلقامة بالجهة التي بها مقر العمل‪:‬‬

‫على الضابط اإلقامة في مقر عمله؛ ذلك أن إقامته قر ايبا من عمله تجعله متفراغا له حقيقة ال‬
‫اظبا على مواعيد الحضور واالنصراف‪ ،‬فضلا عن تيسير‬ ‫مكرسا وقته وجهده ألدائه‪ ،‬مو ا‬
‫ا‬ ‫حكما‪،‬‬
‫ا‬
‫بعيدا عن مقر عمله إال ألسباب‬ ‫عملية اإلشراف على المرؤوسين إش ارافا كاملا‪ .‬وال يجوز أن يقيم ا‬
‫ضرورية يقرها رئيس المصلحة(‪.)0‬‬

‫ففي قانون الشرطة المصري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ ،0290‬نصت الفقرة العاشرة من المادة (‪)10‬‬
‫بعيدا عنها إال ألسباب‬
‫منه على أنه‪ :‬أن يقيم في الجهة التي بها مقر وظيفته‪ ،‬وال يجوز أن يقيم ا‬
‫ضرورية يقرها رئيس المصلحة‪.‬‬

‫و) التعاون مع الزمالء في أداء الواجبات العاجلة‪:‬‬

‫يجب على الضابط أن يتعامل مع زملئه في أداء الواجبات اللزمة لتأمين سير العمل وتنفيذ‬
‫دائما سرعة انتقال واتصال‬
‫الخدمة العامة المطلوبة في الوقت المناسب؛ فالعمل الشرطي يتطلب ا‬
‫وبصفة خاصة في حوادث المصادمات والحرائق وانهيار المنازل والجسور‪.‬‬

‫فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (‪ )91‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة‬

‫(‪ )2‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 202‬لسنة ‪ ٩‬ق‪ ،‬جلسة ‪.1٧21/12/1٩‬‬
‫(‪ )1‬الفقرة الخامسة من المادة (‪ )71‬من القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫‪ 0291‬بأنه‪" :‬يجب على كل منتسب للقوة مراعاة أحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬ويجب عليه كذلك‪:‬‬
‫أن يتعاون مع زملئه في أداء الواجبات اللزمة لتأمين سير العمل وتنفيذ الخدمة العامة"‪.‬‬

‫في حين أنه في قانون الشرطة المصري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ ،0290‬نصت الفقرة السابعة من‬
‫المادة (‪ )10‬منه على أنه‪" :‬يجب على الضابط االلتزام بأحكام هذا القانون وتنفيذها‪ ،‬وعليه كذلك‪:‬‬
‫أن يتعاون مع زملئه في أداء الواجبات العاجلة اللزمة لتأمين سير العمل وتنفيذ الخدمة العامة"‪.‬‬

‫ويقع على عاتق ضابط الشرطة واجب التعاون مع زملئه في العمل لتأمين سير مرفق‬
‫منتظما‪ ،‬ويترتب على ذلك‪:‬‬
‫ا‬ ‫سير‬
‫الشرطة اا‬

‫‪ .0‬اللباقة في التعامل مع الرؤساء "احترام الرؤساء"‪ ،‬والتزام قواعد األخلق في التعامل معهم‪.‬‬
‫‪ .9‬اللباقة في التعامل مع المرؤوسين‪ ،‬وأن يتصرف بكياسة وأدب مع مرؤوسيه‪.‬‬
‫‪ .3‬اللباقة في التعامل مع زملئه في العمل‪.‬‬

‫ثال اثا‪ :‬الواجبات التي تتعلق بمراعاة األحكام المالية‪:‬‬


‫على الضابط مراعاة األحكام المالية‪ ،‬ويحظر عليه ما يأتي(‪:)0‬‬

‫‪0‬ـ مخالفة القواعد واألحكام المالية المنصوص عليها في القوانين واللوائح المعمول بها‪.‬‬
‫‪9‬ـ مخالفة األحكام الخاصة بضبط الرقابة على تنفيذ الميزانية‪.‬‬
‫‪3‬ـ مخالفة اللوائح والقوانين الخاصة بالمناقصات والمزايدات والمشتريات وكافة اللوائح المالية‪.‬‬
‫‪1‬ـ اإلهمال أو التقصير الذي يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو أحد‬
‫األشخاص العامة األخرى أو الهيئات الخاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات أو‬
‫المساس بمصلحة من مصالحها المالية‪ ،‬أو يكون من شأنه أن يؤدي إلى ذلك بصفة مباشرة‪.‬‬
‫‪0‬ـ عدم الرد على مناقضات الجهاز المركزي للمحاسبات أو مكاتبته بصفة عامة أو تأخير الرد‪،‬‬
‫ويعتبر في حكم عدم الرد أن يجيب الضابط إجاب اة الغرض منها المماطلة والتسويف‪.‬‬
‫‪1‬ـ عدم موافاة الجهاز المركزي للمحاسبات بغير عذر مقبول بالحسابات والمستندات المؤيدة لها‬
‫في المواعيد المقررة أو بما يطلبه من أوراق أو وثائق أو غيرها‪ ،‬مما يكون له الحق في‬
‫فحصها أو مراقبتها أو االطلع عليها بمقتضى قانون إنشائه‪.‬‬

‫فقد نصت المادة (‪ )99‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنه ‪ 0291‬بأنه‪:‬‬

‫أ‪ .‬يعتبر منتسبو القوة مسؤولين عن األموال التي تكون في عهدتهم أو حوزتهم‪.‬‬

‫ب‪ .‬ال يعني ما تضمنه البند السابق قيام المسؤولية عن أي شيء تلف بسبب استعماله استعماالا‬

‫(‪ )1‬المادة (‪ )7٩‬من القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫معقوالا أو بدون إهمال من منتسب القوة الذي كان ذلك الشيء في عهدته أو حوزته‪.‬‬

‫يقتضي هذا الواجب من ضابط الشرطة المحافظة على األموال العامة وخاص اة األموال التي‬
‫في عهدته أو في حيازته‪ ،‬وهذا يستوجب‪:‬‬

‫‪ .0‬المحافظة على أموال وممتلكات اإلدارة التي يعمل فيها‪.‬‬


‫‪ .9‬عدم اإلهمال أو التقصير أو التجاوز للحقوق المالية والخاصة بالدولـة بصفة عامة وبإدارته‬
‫بصفة خاصة‪.‬‬
‫‪ .3‬عدم االستيلء على األموال واألشياء المسلمة له بمقتضى وظيفته‪.‬‬
‫‪ .1‬عدم اإلهمال في صيانة األجهزة أو األدوات المسـلمة لـه بمقتضـى وظيفته‪.‬‬

‫وجدير بالذكر أن وزير الداخلية اإلماراتي قد حدد المخالفات المسلكية لضباط الشرطة في‬
‫القرار رقم (‪ )012‬لسنة ‪ 0292‬بشأن مخالفات قواعد السلوك وعقوبتها‪ ،‬وذلك وفاقا لمبدأ شرعية‬
‫(‪)0‬‬
‫بناء على نص‬
‫العقوبات في المخالفات ‪ ،‬إذ ال يجوز تقرير عقوبة على المخالفات المسلكية إال ا‬
‫في قانون أو الئحة‪ ،‬أما بالنسبة للمخالفات المسلكية فل يتعين إعمال مبدأ مشروعية المخالفة‬
‫المسلكية بالنسبة لها‪ ،‬إذ ال يتصور حصر جميع المخالفات ووضع نص تجريمي لكل منها كما هو‬
‫الحال في الجرائم العقابية‪ ،‬والتي تخضع فيها جميع األفعال وفاقا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات‪،‬‬
‫بخلف الحال في العقوبات التأديبية التي تخضع لمبدأ الشرعية(‪.)9‬‬

‫والمبدأ العام هو عدم االلتزام بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات في تقرير المخالفات‪،‬‬
‫فالمخالفات المسلكية ال تقع تحت حصر‪ ،‬بخلف الحال في العقوبات عن المخالفات المسلكية؛ إذ‬
‫يتعين النص عليها وفاقا لمبدأ شرعية العقوبات في المخالفات المسلكية(‪.)3‬‬

‫وقد تضمن القرار الوزاري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ 0292‬بشأن مخالفات قواعد السلوك وعقوباتها‬
‫والق اررات المعدلة له النص على المخالفات المسلكية‪ ،‬ويمكن تصنيف هذه المخالفات إلى تسع‬
‫مجموعات‪:‬‬

‫المجموعة األولى‪ :‬مخالفات بإهمال منتسبي القوة‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬إهمال منتسب القوة باالعتناء بمظهره وسلحه‪.‬‬
‫‪ -‬إهمال منتسب القوة باالعتناء بنظافة ثكنة نومه أو مكان عمله‪.‬‬
‫‪ -‬إهماله في أداء وظيفته‪.‬‬

‫(‪ ) 1‬د‪ .‬محمد قدري‪ ،‬الوظيفة العامة في تشريعات الخدمة المدنية في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪ -‬دراسة مقارنة‬
‫مع جمهورية مصر العربية‪ ،2002 ،‬ص ‪ ٧٩‬وما بعدها‪.‬‬
‫(‪ )2‬د ‪ .‬ماجد الحلو‪ ،‬القانون اإلداري في دولة اإلمارات‪ ،‬دار القلم بدبي – اإلمارات‪ ،1٧٧0 ،‬ص ‪.١72‬‬
‫(‪ )١‬د ‪ .‬أعاد حمود‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،2007 ،‬ص ‪ 202‬وما بعدها؛ د ‪ .‬رفعت‬
‫عيد سيد‪ ،‬مبادئ القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،200١ ،‬ص ‪.1٩2‬‬
‫‪33‬‬
‫‪ -‬إهماله وتقصيره في دراسته أو تكرار رسوبه بدون عذر شرعي ‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫المجموعة الثانية‪ :‬مخالفات تتعلق بنظام العمل‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬انقطاع منتسب القوة عن عمله بدون إذن‪.‬‬
‫‪ -‬تكرار انقطاعه عن عمله‪.‬‬
‫‪ -‬تركه عمله في حراسة أو مكان عمله مؤقتاا دون إذن‪.‬‬
‫‪ -‬تجاوزه مدة اإلجازة أو ف ارره من الخدمة ‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫المجموعة الثالثة‪ :‬مخالفات تتعلق باستغالل الوظيفة‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬التوسط أو قبول الواسطة‪.‬‬
‫‪ -‬استغلل الوظيفة‪.‬‬
‫‪ -‬التعسف في استعمال السلطة ‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫المجموعة الرابعة‪ :‬مخالفات تتعلق بإفشاء األسرار أو كتم المعلومات‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬اإلفضاء بتصريحات أو ببيانات عن أعمال وظيفته‪.‬‬
‫‪ -‬كتم معلومات عن أي جريمة نمت إلى علمه‪.‬‬
‫‪ -‬قدم أو أدلى ببيانات أو معلومات غير صحيحة… إلخ‪.‬‬

‫المجموعة الخامسة‪ :‬مخالفات تتعلق بالشتغال بالسياسة أو النضمام إلى هيئات‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬االنضمام إلى هيئة أو نقابة سواء كان هدفها سياسيا أو اجتماعيا دون إذن‪.‬‬
‫‪ -‬االنضمام إلى جمعية أو هيئة أو نقابة هدفها المساس بالنظام االجتمـاعي أو السياسي أو‬
‫االقتصادي للدولة‪.‬‬

‫المجموعة السادسة‪ :‬مخالفات تتعلق بالعتداء على المال العام‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬اإلتلف عن قصد أي مال من األموال العامة‪.‬‬
‫‪ -‬إتلف أو فقدان كل أو بعض ما سلم لمنتسب القوة مـن أمـوال عامـة أو أمانات ‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫المجموعة السابعة‪ :‬مخالفات تتعلق بالعتداء على منتسبي القوة‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬اتهام أحد منتسبي القوة مع علمه بأنه بريء‪.‬‬
‫‪ -‬االعتداء بالقول أو بالفعل على أحد منتسبي القوة‪.‬‬
‫‪ -‬اإلساءة إلى سمعة رجل أمن أو سمعة القوة ‪ ..‬إلخ‪.‬‬

‫المجموعة الثامنة‪ :‬مخالفات تتعلق بعدم تنفيذ األوامر ومخالفات التعليمات في تنفيذها‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -‬مخالفة األوامر المشروعة الصادرة أو التردد في تنفيذها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلخلل بحسن النظام أو الضبط العسكري‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬رفض تنفيذ أمر مشروع صادر إليه‪.‬‬

‫المجموعة التاسعة‪ :‬اإلدانة بأحكام قضائية‪ ،‬ومنها‪:‬‬


‫‪ -‬اإلدانة بحكم قضائي حائز على الدرجة القطعية بجريمة السرقة أو الرشـوة أو خيانة األمانة‬
‫أو التزوير‪.‬‬
‫‪ -‬اإلدانة بحكم قضائي حائز على الدرجة القطعية بجريمة اغتصاب أو زنا أو التحريض على‬
‫الفجور والدعارة‪.‬‬

‫ويلحظ أن التنظيم الوارد في القرار الوزاري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ 0292‬قد اعتمد في تنظيم قواعد‬
‫المخالفة المسلكية وعقوباتها على معنى واستعمال واسع‪ ،‬إذ لم يقصر المخالفة على ما يقع من‬
‫رجال الشرطة واألمن أثناء أداء أعمالهم‪ ،‬بل تعد من المخالفات المسلكية تلك التي تقع من منتسبي‬
‫قوة الشرطة واألمن أثناء وبعد أداء أعمالهم‪.‬‬

‫وال تسقط المخالفة المسلكية باإلحالة للتقاعد‪ ،‬فيجوز معاقبة مرتكبيها حتى ولو أحيلوا‬
‫للتقاعد‪ ،‬وهي سلطة تقديرية لإلدارة‪ ،‬غير أن الجاري عليه العمل من الناحية العملية حفظ‬
‫المخالفات المسلكية في حالة اإلحالة للتقاعد‪ ،‬والمخالفة المسلكية لمنتسبي قوة الشرطة واألمن تعبير‬
‫واصطلح خاص بالمخالفات التي تتعلق بسلوك العسكريين عند مخالفة الواجبات العسكرية سواء‬
‫أثناء العمل العسكري أو خارجه‪ ،‬فتعد من المخالفات المسلكية لمنتسبي قوة الشرطة واألمن أي‬
‫مخالفة من شأنها أن تسيء لسمعة رجل الشرطة أو األمن أو سمعة القوة أو قام بعمل يحط من‬
‫كرامة وظيفته وفاقا للعرف العام‪ ،‬كما نص قانون الشرطة واألمن على معاقبة كل من أدلى ببيانات‬
‫أو إيضاحات عن المسائل السرية أو التي ينبغي أن تظل سري اة بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات‬
‫خاصة حتى بعد انتهاء الخدمة‪.‬‬

‫كما أصدر وزير الداخلية اإلماراتي وثيقة قواعد السلوك واألخلقيات الشرطية(‪ ،)0‬حيـث تـنص‬
‫هذه الوثيقة على القواعد األخلقية الشـرطية التـي تتبناهـا و ازرة الداخليـة وتسـعى إلـى نشـرها وتعزيزهـا‬
‫لدى منتسبي القوة‪ ،‬ومن ثم فإن اإلخلل بها يعد خطأا مسلكيا‪ ،‬وتشمل هذه القواعد ما يأتي‪:‬‬

‫وضمانا لسلمة أرواح وممتلكات‬


‫ا‬ ‫‪ .0‬العمل كممثلين للدولة في مجال تنفيذ القوانين خدم اة للمجتمع‬
‫أفراده‪ ،‬وحفظ األمن والنظام العام وحماية األخلق واآلداب‪ ،‬وصون حقوق اإلنسان‪ ،‬واتخاذ كافة‬
‫تدابير الوقاية من الجريمة واالنحراف‪ ،‬وتحقيق العدالة‪ ،‬وحماية حقوق المتهمين والمحكوم عليهم‬
‫وضحايا الجريمة‪.‬‬
‫‪ .9‬التعامل مع أفراد المجتمع كافة وفي جميع األحوال وفاقا للقانون واالحترام الواجب دون محاباة أو‬

‫(‪ )1‬وثيقة قواعد السلوك واألخلقيات الشرطية لمنتسبي وزارة الداخلية المعتمدة بموجب القرار الوزاري رقم ‪2٩7‬‬
‫لسنة ‪200٩‬م‪ ،‬وتم نشرها وتعزيزها لدى منتسبيها من رؤساء ومرؤوسين‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫تمييز‪.‬‬
‫‪ .3‬االستعداد الدائم والجاهزية لتلبية احتياجات أفراد المجتمع وتقديم العون لهم في جميع األوقات‬
‫وتحت كافة الظروف بغض النظر عن اختصاصنا المهني‪.‬‬
‫‪ .1‬االمتناع في كل الظروف عن جميع صور المعاملة القاسية أو المهينة لكرامة اإلنسان‪.‬‬
‫‪ .0‬المحافظة على صحة جميع األشخاص المحكوم عليهم أو المحتجزين رهن التحقيق أو‬
‫المحاكمة‪ ،‬ومراعاة كافة الحقوق التي يكفلها لهم الشرع والقانون وتقاليد المجتمع‪.‬‬
‫‪ .1‬احترام ومراعاة النظم والقوانين والتحلي بالنزاهة واألمانة والوالء الوطني والمهنة‪.‬‬
‫‪ .9‬االستقامة وتجنب ما من شأنه أن يعرض مهنة الشرطة لإلساءة أو يقلل من ثقة المجتمع بها‪.‬‬
‫‪ .9‬الحرص على أن تكون حياتنا الخاصة فوق الشبهات‪ ،‬وأن تكون قدواة يحتذى بها في المجتمع‬
‫والنأي عن الممارسات االجتماعية الفاسدة أو الضارة‪ ،‬وعن كل ما من شأنه أن يضعنا في‬
‫موضع الشبهة‪ ،‬كالتورط في الفساد أو الرشوة أو اإلخلل بمبادئ العدالة‪.‬‬
‫‪ .2‬تعزيز التعاون مع أجهزة الدولة‪ ،‬وخاص اة تلك األجهزة المناط بها تنفيذ القانون وحماية أمن‬
‫الدولة‪.‬‬
‫‪ .01‬المحافظة على األسرار المهنية وابقائها طي الكتمان أثناء الخدمة وبعدها‪ ،‬خاص اة تلك‬
‫المتصلة منها بالحريات الشخصية وتقاليد المجتمع ومثله العليا‪.‬‬
‫‪ .00‬التزام أسس وقواعد استعمال القوة متى اقتضت الضرورة‪ ،‬ومراعاة الحيطة والحذر‪.‬‬
‫‪ .09‬استعمال السلطة بالحكمة واتخاذ الق اررات بوعي وادراك وتجرد‪.‬‬
‫‪ .03‬السعي الكتساب المعرفة والوعي األمني وأسباب الكفاءة المهنية بكل الوسائل المتاحة‪.‬‬
‫‪ .01‬إعطاء األولوية الكتساب ثقة الجمهور وتشجيعه على المشاركة في تحمل المسئولية األمنية‪.‬‬
‫‪ .00‬العمل على إبراز قيم المجتمع وفضائله وفكر قيادته العليا من خلل التعامل مع الجمهور‬
‫والمسلك العام‪.‬‬
‫‪ .01‬احترام قسم الوفاء بالعهد وخدمة المجتمع والسهر على أمنه‪.‬‬
‫‪ .09‬اإلدراك التام بأننا مراقبون في عملنا من قبل المولى ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وأن السلطة أمانة‪ ،‬والعدل‬
‫رحمة‪.‬‬
‫‪ .09‬التواضع والبعد عن الغطرسة والتكبر‪.‬‬
‫‪ .02‬عدم تلقي أو قبول الهدايا والخدمات أو االستضافات بما يتجاوز العرف االجتماعي‪.‬‬
‫‪ .91‬إخطار الرؤساء عن كل محاوالت الرشوة أو التهديدات التي نتعرض لها‪.‬‬
‫‪ .90‬االعتدال في القول والفعل والبعد عن المزاح والحركات غير اللئقة‪.‬‬
‫‪ .99‬االلتزام بالهدوء وضبط النفس والحياد خلل التعامل مع األحداث والوقائع‪.‬‬
‫‪ .93‬عدم التمييز بين أفراد المجتمع على أساس اللون أو الجنس أو الجنسية أو الدين والمعتقد أو‬
‫‪36‬‬
‫اللغة أو العمر أو الحالة االجتماعية‪.‬‬
‫وعدا مقابل استغلل النفوذ‪.‬‬
‫‪ .91‬االمتناع عن الطلب من أفراد الجمهور ماالا أو منفع اة أو ا‬
‫‪ .90‬االهتمام بالمظهر الشخصي من حيث اللبس‪ ،‬وبالمظهر الملئم للمكاتب واألماكن النظيفة‪.‬‬
‫‪ .91‬التذكر بأن الحزم ال يتنافى مع األدب واالعتدال في القول والتصرفات‪.‬‬
‫‪ .99‬االلتزام بالشرعية في الحصول على المعلومات واحترام سرية مقدميها وااللتزام بحمايتهم‪.‬‬
‫‪ .99‬قيام العلقات الشرطية على االحترام المتبادل والنزاهة والتكافل واالنضباط والصراحة‬
‫والتضامن‪.‬‬
‫‪ .92‬االمتناع عن المساهمة في نشر الشائعات‪.‬‬
‫‪ .31‬الحرص على احترام وقت العمل واستغلله بالشكل األمثل‪.‬‬
‫‪ .30‬احترام الزي الرسمي وعدم استغلله في تحقيق منافع شخصية‪.‬‬
‫‪ .32‬االستعداد للتضحية بالنفس والوقت في سبيل إنجاز المهام الشرطية‪.‬‬

‫أيضـا علـى سـبيل الحصـر‪ ،‬حيـث‬ ‫ويرى الباحـث أن التحديـد المتقـدم لألخطـاء التأديبيـة لـم يـرد ا‬
‫ورد فــي صــلبها مــا ينطــوي علــى تعمــيم بــال ومرونــة واســعة فــي التحديــد‪ ،‬ومثــال ذلــك‪ :‬المخالفتــان‬
‫المنصوص عليهما في المادتين (‪/99 ،01‬أ ) من القرار الوزاري‪ ،‬كمـا ورد فيهـا مـا يتسـع ليسـتوعب‬
‫كاف ــة المخالف ــات سـ ـواء الت ــي ورد ال ــنص عليه ــا ف ــي القـ ـرار أو الت ــي ل ــم يـ ـرد به ــا ن ــص‪ ،‬ومث ــال ذل ــك‬
‫المخالفات المنصوص عليها في المواد (‪ )39 ،31 ،2‬من القـرار الـوزاري‪ ،‬ولكـن ممـا يجـدر اإلشـارة‬
‫تقنينا جزئيا لألخطاء فحسب‪ ،‬وانما ربط كل خطأ منها بعقوبة معينة‪.‬‬
‫إليه أن هذا القرار قد تضمن ا‬
‫ومن جهة ثانية؛ فإن صيغة القواعد التـي وردت بالوثيقـة الصـادرة بـالقرار الـوزاري رقـم (‪)101‬‬
‫بالغا ومرون اة واسع اة في تحديد القواعد المسلكية واألخلقية‬
‫تعميما ا‬
‫ا‬ ‫لسنة ‪ 9110‬تتضمن هي األخرى‬
‫ار لما ورد سواء في الواجبات الوظيفية التي نص عليها قـانون قـوة‬
‫الشرطية‪ ،‬كما أن بعضها يعد تكراا‬
‫الشرطة واألمن أو في الئحة مخالفات قواعد السلوك وعقوبتها وان كان ذلك بصي مختلفة‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا النهج التشريعي المتقدم يؤكد على صعوبة التحديد الكامل الجامع المـانع لألخطـاء التأديبيـة‪،‬‬
‫وال شــك أن ه ــذه الص ــعوبة تكم ــن بصــفة خاصـ ـة بالنس ــبة لقواع ــد الســلوك األخلقي ــة‪ ،‬مث ــل الض ــمير‬
‫واإلخلص وغير ذلك من القيم والمثل العليا(‪.)0‬‬

‫(‪ )1‬د‪ .‬مصطفى العوجى‪ ،‬القانون الجنائي العام‪ ،‬الجزء الثاني "المسئولية الجنائية"‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫‪ ،2012‬ص ‪.102‬‬
‫‪37‬‬
‫المبحث الثاني‬

‫الواجبات السلبية لضابط الشرطة (المحظورات)‬


‫أولا‪ :‬المحظورات التي تتعلق بالنهي عن أفعال معينة في نطاق الوظيفة‪:‬‬
‫وهي األفعال التي يجب على الضابط االمتناع عن إتيانها داخل نطاق الوظيفة المكلف‬
‫بأدائها‪ ،‬ومن أهمها‪:‬‬

‫‪ .0‬واجب عدم إفشاء أسرار الوظيفة‪:‬‬

‫يقع على عاتق ضابط الشـرطة عـدم اإلفضـاء بأيـة معلومـات أو إيضاحات أو بيانات عن‬
‫المسائل التي يطلع عليها بحكم وظيفتـه إذا كانـت هـذه المسائل مما يدخـل في عداد األسرار التي‬
‫صدرت بشأن سريتها تعليمات وأوامـر خاصة‪ ،‬أو تقررت سريتها بحكم طبيعتها‪ ،‬وظل هذا االلتزام‬
‫قائما ولو بعد انتهـاء خدمة ضابط الشرطة‪.‬‬
‫ا‬
‫فقد نصت الفقرة األولى من المادة (‪ )99‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة‬
‫‪ 0291‬بأنه‪" :‬يحظر على منتسب القوة‪ :‬أن يفضي بمعلومات أو إيضاحات عن المسائل السرية أو‬
‫قائما ولو بعد‬
‫التي ينبغي أن تظل سري اة بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات خاصة‪ ،‬ويظل هذا االلتزام ا‬
‫انتهاء خدمة المنتسب"‪.‬‬
‫(‪)0‬‬
‫في حين نصت الفقرة األولى من المادة ‪ 19‬من قانون الشرطة رقم ‪ 012‬لسنة ‪0290‬‬
‫على أنه‪" :‬يحظر على الضابط أن يفضي بغير إذن كتابي من وزير الداخلية بمعلومات أو‬
‫إيضاحات عن المسائل السرية بطبيعتها أو بمقتضى تعليمات كتابية صادرة عن الجهة المختصة‪،‬‬
‫أو يفشي المعلومات الخاصة بالوقائع التي تتصل بعلمه بحكم عمله‪ ،‬أو ينشر الوثائق أو‬
‫المستندات أو صورها المتعلقة بنشاط هيئة الشرطة أو أساليب عملها في مجال المحافظة على‬
‫قائما بعد انتهاء الخدمة‪.‬‬
‫سلمة وأمن الدولة‪ ،‬ويستمر هذا االلتزام ا‬
‫ومع عدم اإلخلل بأية عقوبة أشد منصوص عليها في قانون آخر‪ ،‬يعاقب على مخالفة‬
‫الحظر المنصوص عليه في الفقرة السابقة‪ ،‬بالحبس وبغرامة ال تقل عن عشرة آالف جنيه وال تزيد‬
‫على عشرين ألف جنيه‪ ،‬كما يحكم بمصادرة المضبوطات محل الجريمة‪.‬‬

‫وواجب عدم إفشاء األسرار ال ينحصر بانفصام العلقة الوظيفية للضابط‪ ،‬بل يلحقه حتى‬

‫(‪ )1‬هذه المادة معدلة بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 2012‬بشأن تعديل بعض أحكام قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون‬
‫رقم ‪ 10٧‬لسنة ‪ ،1٧٩1‬الصادر بتاريخ ‪ 1٩‬أغسطس ‪.2012‬‬
‫‪38‬‬
‫أيضا الضابط الموقوف عن العمل والمحال إلى االحتياط‪ .‬ويترتب‬
‫بعد انتهاء خدمته‪ ،‬كما يلتزم به ا‬
‫على هذا الواجب إعفاء الضابط من الشهادة في بعض األحيان‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ /911‬مرافعات‬
‫على أنه "الموظفون والمستخدمون والمكلفون بخدمة عامة ال يشهدون ‪ -‬ولو بعد تركهم العمل ‪-‬‬
‫بما يكون قد وصل إلى علمهم في أثناء قيامهم به من معلومات لم تنشر بالطريق القانوني ولم تأذن‬
‫بناء على طلب المحكمة أو أحد الخصوم"‪ .‬كما يؤدي اإلخلل بهذا الواجب إلى‬ ‫لهم في الشهادة ا‬
‫معا من الناحية المدنية‪ ،‬وذلك‬
‫مسئولية الضابط الجنائية‪ ،‬كما يؤدي إلى مسئولية الضابط واإلدارة ا‬
‫فضلا عن المسئولية التأديبية(‪.)0‬‬

‫ويحظر على ضابط الشرطة أن يفضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته بأية وسيلة‬
‫مصرحا له بذلك كتاب اة من الجهة التي يحددها‬
‫ا‬ ‫من وسائل اإلعلم أو النشر أو اإلتاحة إال إذا كان‬
‫وزير الداخلية‪.‬‬

‫كما يحظر عليه أن يحتفظ لنفسه أو يتداول في غير األحوال المصرح بها أية ورقة متصلة‬
‫بالعمل أو ينزعها من الملفات المخصصة لحفظها‪.‬‬

‫معتمدا من المصلحة أو القسم ويجوز االحتجاج‬


‫ا‬ ‫توقيعا‬
‫ا‬ ‫المقصود بأصل الورقة‪ :‬التي تحمل‬
‫بها عليها‪ ،‬والحظر يمتد إلى إعطاء هذه األوراق للغير‪.‬‬

‫ويرفع واجب عدم إفشاء األسرار في الحاالت اآلتية‪:‬‬

‫أـ إذا فقد الموضوع سريته؛ إما بصيرورته معروافا بطبيعته أو إلغاء األمر الذي فرض هذه‬
‫السرية‪.‬‬
‫بناء على أمر من الرئيس‪.‬‬
‫ب‪ .‬إذا كان إفشاء السرية ا‬
‫جـ إذا كان من شأن إذاعة السرية منع ارتكاب جريمة(‪.)9‬‬
‫قانونا بتلقيها‪ ،‬كما أنه ليس ثمة ما يمنع من اإلفصاح‬
‫دـ الكشف عن السرية للجهات المختصة ا‬
‫عنها لمقتضيات العمل؛ كأن يكون ذلك في علقة المرؤوس بالرئيس أو بمناسبة تدريب‬
‫ضابط حديث على أداء وظيفته الجديدة (‪.)3‬‬

‫‪ .9‬أن يخالف إجراءات األمن الخاص والعام التي يحددها وزير الداخلية‪.‬‬

‫‪ .3‬أن يوسـط أحـ اـدا أو يقبــل الوســاطة فــي أي شــأن خــاص بوظيفتــه أو أن يتوسـط لضــابط أو‬
‫لموظف آخر في أي شأن من ذلك‪.‬‬

‫(‪ )1‬المواد (‪ )210 ،1٩7‬من قانون العقوبات المصري‪.‬‬


‫(‪ )2‬المادة (‪ )22‬من قانون اإلجراءات الجنائية‪.‬‬
‫(‪ )١‬لواء‪ .‬أحمد فؤاد كامل‪ ،‬سلوكيات العمل الشرطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.7٧‬‬
‫‪39‬‬
‫‪ .1‬أن يتجــاوز فــي اســتعمال ســلطته بإســاءة معاملــة الم ـواطنين بصــورة تنــال مــن ك ـرامتهم أو‬
‫ك ارمـة هيئــة الشـرطة‪ ،‬أو ينتهــك الحقـوق والحريــات المكفولـة بالدســتور والقـانون‪ ،‬أو يخـالف الواجبــات‬
‫أو التعليمات أو الكتب الدورية الصادرة عن الو ازرة‪.‬‬

‫‪ .0‬أن ينضـم إلــى أي مــن الكيانــات الحزبيــة أو النقابيــة أو السياســية أو الدينيــة أو الفئويــة‪ ،‬أو‬
‫يرتبط بالعمل العام طوال مدة خدمته‪ ،‬أو أن ينحاز سياسيا ألية جهة أو طرف‪ ،‬وذلك دون اإلخـلل‬
‫بحقه في االنضمام للنقابات التي تنظم المهن المرتبطـة بالشـهادات الد ارسـية التـي حصـل عليهـا وفاقـا‬
‫للقواعد المقررة في هذا الشأن‪.‬‬

‫‪ .1‬أن ينشئ أو يساهم في إنشاء أية نقابة أو لجنة نقابية أو اتحاد نقابات‪.‬‬

‫‪ .9‬أن ينشئ أو ينضـم إلـى جمعيـة أو اتحـاد أو أي كيـان آخـر غيـر مـرخص بـه أو يتعـارض‬
‫مع مقتضيات وظيفته‪.‬‬

‫‪ .9‬أن يلجأ إلى استخدام القوة أو استعمال األسلحة النارية في غير األحوال المصرح بها‬
‫قانونا(‪.)0‬‬
‫ا‬
‫‪ .2‬واجب عدم االشتغال بالسياسة واالنضمام إلى جمعية أو نقابة‪:‬‬

‫يحظر على منتسب القوة االشتغال بالسياسة أو االنضمام إلـى جمعيـة أو نقابـة أو ما شاكلها‬
‫أيا كان هدفها اجتماعيا أو سياسيا أو رياضيا أو غيره‪ .‬ومـرد هذا الواجب طبيعة عمل الشرطة‬
‫وحيادها في تنفيذ القـوانين واألنظمـة واللـوائح لتحقيق األمن واالستقرار‪ ،‬ويستثنى من ذلك الهيئات‬
‫المخصصة للشرطة‪ ،‬كما يجوز لوزير الداخلية ‪ -‬وبقرار منه ‪ -‬اإلذن ألي منتسب للقوة باالنضمام‬
‫إلى نقابة أو جمعية يرى أن االنضمام إليها ال يتعارض مع واجبات وظيفته‪.‬‬

‫فقد نصت المادة (‪ )91‬من قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم (‪ )09‬لسنة ‪ 0291‬بأنه‪:‬‬
‫يحظر على منتسبي القوة االشتغال بالسياسة‪ ،‬كما يحظر عليهم االنضمام إلى أية جمعية أو نقابة‬
‫أو ما شاكلها أيا كان هدفها اجتماعيا أو سياسيا أو رياضيا أو غيره‪ .‬ويستثنى من ذلك الهيئات‬
‫المخصصة للشرطة‪ ،‬ويجوز للوزير بقرار منه اإلذن ألي منتسب للقوة باالنضمام إلى نقابة أو‬
‫جمعية يرى أن االنضمام إليها ال يتعارض مع واجبات عمل المنتسب‪.‬‬

‫في حين نصت الفقرات السابعة والثامنة والتاسعة من المادة (‪ )19‬من قانون الشرطة رقم‬
‫(‪ )012‬لسنة ‪ 0290‬على أنه‪" :‬يحظر على الضابط أن ينضم إلى أي من الكيانات الحزبية أو‬
‫النقابية أو السياسية أو الدينية أو الفئوية‪ ،‬أو يرتبط بالعمل العام طوال مدة خدمته‪ ،‬أو أن ينحاز‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 72‬من القانون رقم ‪ 10٧‬لسنة ‪ ،1٧٩1‬وهذه المادة معدلة بالقانون رقم ‪ 27‬لسنة ‪ 2012‬بشأن تعديل‬
‫بعض أحكام قانون هيئة الشرطة الصادر بتاريخ ‪ 1٩‬أغسطس ‪.2012‬‬
‫‪41‬‬
‫سياسيا ألية جهة أو طرف‪ ،‬وذلك دون اإلخلل بحقه في االنضمام للنقابات التي تنظم المهن‬
‫المرتبطة بالشهادات الدراسية التي حصل عليها وفاقا للقواعد المقررة في هذا الشأن‪ ،‬أو أن ينشئ أو‬
‫يساهم في إنشاء أية نقابة أو لجنة نقابية أو اتحاد نقابات‪ ،‬أو أن ينشئ أو ينضم إلى جمعية أو‬
‫اتحاد أو أي كيان آخر غير مرخص به أو يتعارض مع مقتضيات وظيفته"‪.‬‬

‫ويقصد باالشتغال بالسياسة بالمفهوم الواسع إبداء آراء سياسية أو االنتمـاء إلى أحزاب‬
‫سياسية أو جمعيات أو نقابات ذات ميـول وآراء ومواقـف سياسـية‪ ،‬وكذلك تنظيم االجتماعات‬
‫الحزبية واالنتخابية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المحظورات التي تتعلق بالنهي عن أفعال معينة خارج العمل‪:‬‬


‫ا‬
‫إن سوء السلوك خارج النطاق الوظيفي معناه‪ :‬أن ال يسوغ للضابط حتى خارج العمل أن‬
‫يغفل عن صفته كضابط شرطة‪ ،‬إذ ال يقوم عازل سميك بين الحياة العامة والحياة الخاصة يمنع‬
‫مؤثر فيه ما دام هذا يكون‬
‫غالبا ما يكون مسلك الضابط ماسا به أو اا‬
‫كل تأثير متبادل بينهما‪ ،‬إذ ا‬
‫معيبا ينعكس أثره على كرامة الوظيفة ويمسه ويمس المرفق الذي يعمل في خدمته‪،‬‬
‫سلوكا ا‬
‫ا‬ ‫في ذاته‬
‫فيفقد الجهاز هيبته ويزعزع من ثقة الجمهور فيه‪ .‬لهذا نص المشرع على أعمال معينة يجب على‬
‫الضابط االمتناع عنها ولو خارج نطاق الوظيفة‪.‬‬

‫فيحظر على الضابط بالذات أو بالواسطة(‪:)0‬‬

‫‪ .0‬أن يشـتري عقــارات أو منقـوالت ممــا تطرحـه الجهــات القضـائية أو اإلداريــة للبيـع إذا كــان ذلــك‬
‫يتصل بأعمال وظيفته أو كان البيع في الدائرة التي يؤدي فيها أعمال وظيفته‪.‬‬
‫‪ .9‬أن يزاول أي أعمال تجارية وبوجه خاص أن يكون لـه أي مصـلحة فـي أعمـال أو مقـاوالت أو‬
‫مناقصات في الدائرة التي يؤدي فيها أعمال وظيفته أو كانت تتصل بها‪.‬‬
‫أرضا أو عقارات بقصد استغللها في الـدائرة التـي يـؤدي فيهـا أعمـال وظيفتـه‪ ،‬إذا‬
‫‪ .3‬أن يستأجر ا‬
‫كان لهذا االستغلل صلة بعمله‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يشــترك فــي تأســيس الشــركات أو أن يقبــل عضــوية مجــالس إدارتهــا‪ ،‬أو أي عمــل فيهــا‪ ،‬إال‬

‫أن يك ــون من ـ ا‬
‫ـدوبا ع ــن الحكوم ــة أو الهيئ ــات العام ــة أو المؤسس ــات العام ــة أو وح ــدات اإلدارة‬
‫المحلية أو كان ذلك بترخيص من وزير الداخلية‪.‬‬
‫‪ .0‬أن يضارب في البورصات‪.‬‬
‫‪ .1‬أن يلعب القمار في األندية أو المحال العامة‪.‬‬

‫والمقصود بالحظر من إتيان هذه األعمال هو تفرغ الضابط لعمله وابعاده عن مواطن‬

‫(‪ )1‬المادة ‪ 77‬من القانون رقم ‪ 10٧‬لسنة ‪.1٧٩1‬‬


‫‪41‬‬
‫ضا في السوق‬
‫الشبهات وكل ما من شأنه أن يثار حول سلوكه من استغلل النفوذ‪ ،‬وما يجعله معر ا‬
‫التجارية لألحوال االقتصادية وتقلباتها‪ ،‬وخشية أن يستغل الضابط مركزه الوظيفي في الحصول‬
‫على مزايا لنشاطه التجاري الخاص أو تحقيق مصلحة خاصة وال سيما بقصد اإلثراء أو يؤدي‬
‫أعماالا تخدم العمل التجاري الذي يزاوله ويكون فيه منافسة لمصالح الجهة التي يتبعها‪ ،‬فضلا عن‬
‫أن ما قد يزاوله من نشاط تجاري أو يشترك فيه من أعمال قد يدفعه إلى اإلضرار بمصالح الجهة‬
‫ابتغاء للمنفعة الخاصة‪ ،‬أو ارتكاب الجرم‪ ،‬ومنه الرشوة(‪.)9‬‬
‫ا‬ ‫التابع لها؛‬

‫على أن الممنوع على الضابط في هذا المقام هو أن يمارس عملا تجاريا مما ينص عليه‬
‫القانون التجاري‪ ،‬وهو ما يتميز بعنصر المضاربة؛ أي السعي للحصول على الربح(‪.)0‬‬

‫أيضا‪:‬‬
‫ويحظر على الضابط ا‬
‫‪ 0‬ـ أن يجمع بين وظيفته وبين أي عمل آخر يؤديه بنفسه أو بالواسطة إذا كان من شأن هذا‬
‫اإلضرار بأداء واجبات الوظيفة‪ ،‬أو كان غير متفق مع مقتضياتها(‪.)9‬‬

‫وهذا الحظر يقتضيه الواجب األول الذي يلتزم به الضابط من ضرورة أداء العمل بنفسه‬
‫بكفاءة وتقدير مع تخصيص وقت العمل ألدائه بما يتفرع عنه أن يمتنع على الضابط االشتغال بأي‬
‫عمل خارجي يؤثر على عمله األصلي حتى ولو تم ذلك بالواسطة‪.‬‬

‫ويسري هذا المنع حتى ولو كان الضابط في إجازة مرضية أو محاالا للحتياط‪.‬‬

‫‪ 9‬ـ ال يجــوز للضــابط أن يــؤدي أعمــاالا للغيــر بمرتــب أو بمكافــأة ولــو فــي غيــر أوقــات العمــل‬
‫الرس ــمية‪ ،‬وم ــع ذل ــك يج ــوز ل ــوزير الداخلي ــة ‪ -‬بع ــد أخ ــذ رأي المجل ــس األعل ــى للش ــرطة ‪ -‬أن ي ــأذن‬
‫للضــابط فــي عمــل معــين فــي غيــر أوقــات العمــل الرســمية‪ .‬كمــا يجــوز أن يتــولى الضــابط بمرتــب أو‬
‫بمكافأة أعمال القوامة أو الوصاية أو الوكالـة عـن الغـائبين أو المسـاعدة القضـائية إذا كـان المشـمول‬
‫ـاعدا قض ــائيا مم ــن تـ ـربطهم ب ــه ص ــلة قرب ــى أو‬
‫بالقوام ــة أو الوص ــاية أو الغائ ــب أو المع ــين ل ــه مس ـ ا‬
‫مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة‪ .‬كما يجوز أن يتولى الضابط بمرتب أو بمكافأة الحراسة على األمـوال‬
‫التــي يكــون ش ـر ا‬
‫يكا أو صــاحب مصــلحة فيهــا أو مملوكــة لمــن تربطــه بــه صــلة القربــى أو المصــاهرة‬
‫لغاية الدرجة الرابعة‪ ،‬وذلك كله بشرط إخطار الجهة الرئاسية التـابع لهـا بـذلك‪ ،‬ويحفـظ اإلخطـار فـي‬
‫ملف خدمته (‪ ،)3‬وأال يتعارض ذلك مع طبيعة العمل‪ ،‬وأال تكون هذه األعمال محظوراة أصلا علـيهم‬

‫(‪ )2‬فتوى الجمعية العمومية في ‪ ،1٧٩0/1/1٩‬ملف ‪.1٩0/2/22‬‬


‫(‪ )1‬حكم المحكمة اإلدارية العليا‪ ،‬الطعن رقم ‪ 720‬لسنة ‪ 10‬ق‪ ،‬جلسة ‪.1٧2٩/2/12‬‬
‫(‪ )2‬الفقرة األولى المادة (‪ )7١‬من القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫(‪ )١‬الفقرتان الثانية والثالثة‪ ،‬من المادة (‪ )7١‬من القانون رقم (‪ )10٧‬لسنة ‪ 1٧٩1‬بشأن قانون هيئة الشرطة‪.‬‬
‫‪42‬‬
‫كاألعمال التجارية مثلا‪ ،‬إذ ما هو محظور على الضابط القيام به بنفسه يحظر عليه القيام به نياب اة‬
‫عن غيره‪ ،‬سواء كانت هذه اإلنابة قانوني اة أو اتفاقية (‪.)1‬‬

‫ويتفرع عن الواجبات خارج العمل ممارسة الحياة العامة وحدودها؛ أي االلتزام الذي يقع على‬
‫كثير من المجاالت‪،‬‬‫عاتق الضابط في ممارسته للحقوق العامة‪ .‬واألنشطة في الحياة العامة تشمل اا‬
‫أبرزها ممارسة حق االنتخاب‪ ،‬واالنضمام إلى األحزاب السياسية‪ ،‬والترشح للمجالس النيابية‪ ،‬وابداء‬
‫اطنا من الدرجة‬
‫اآلراء السياسية‪ .‬والضابط في ممارسته لنشاطه في الحياة العامة ال يعتبر مو ا‬
‫الثانية‪ ،‬وانما له صفتان‪ :‬صفة كضابط شرطة‪ ،‬وصفة كمواطن‪ .‬فهو كمواطن يتمتع بالحقوق العامة‬
‫للمواطنين‪ ،‬بينما هو كضابط شرطة بالدولة ترد على ممارسته للحقوق العامة بعض القيود‪.‬‬

‫فيجب على الضابط بمجرد التحاقه بالخدمة أن تتطابق أفكاره وأعماله مع سياسة الحكومة‪،‬‬
‫فيخضع لسياستها وال يتصرف على خلفها في حياته العامة أو الخاصة داخل العمل أو خارجه‪،‬‬
‫ويترتب على ذلك االلتزامات اآلتية‪:‬‬

‫أ ـ اللتزام بالولء للنظام الدستوري الجمهوري والدفاع عنه‪:‬‬

‫وفي سبيل ضمان والء الضابط للنظام الدستوري الجمهوري فرض قانون هيئة الشرطة على‬
‫الضابط أداء قسم باحترام النظام والمحافظة على سلمة الوطن‪ ،‬فنصت المادة ‪ 9‬منه على أنه‬
‫يمينا أمام وزير الداخلية‬
‫"يؤدي ضباط الشرطة عند بدء تعيينهم‪ ،‬وقبل مباشرة أعمال وظائفهم‪ ،‬ا‬
‫بالنص اآلتي‪" :‬أقسم بالله العظيم‪ ،‬أن أحافظ على النظام الجمهوري‪ ،‬وأن أحترم الدستور والقانون‪،‬‬
‫وأرعى سلمة الوطن‪ ،‬وأؤدي واجبي بالذمة والصدق"‪.‬‬

‫ب ـ اللتزام بالولء للحكومة بمساندتها في سياستها‪:‬‬

‫وااللتزام هنا له صورتان؛ الحياد السياسي والتحفظ(‪.)0‬‬

‫‪ -‬الحياد السياسي‪ :‬في ظل نظام الحزب الواحد يلتزم الضابط بنفس االتجاهات السياسية‬

‫للحزب‪ .‬وفي ظل نظام تعدد األحزاب يكون الحياد السياسي باالبتعاد ا‬


‫تماما عن السياسة‪ ،‬فيمنع‬
‫ضباط الشرطة من حق االنتخاب واالنضمام إلى األحزاب السياسية‪.‬‬

‫‪ -‬اللتزام بالتحفظ ‪ :‬ويقتضي هذا االلتزام أن يتجنب الضابط في سلوكه العام أو في تعبيره‬
‫عن آ ارئه السياسية أي تجاوز عن المألوف‪ ،‬مما يجعل معارض اة لسياسة الحكومة أو مهاجمة‬
‫للقيادات‪.‬‬

‫بعد أن عرضنا للواجبات األساسية للضباط‪ ،‬نجد أنها في تقديرنا ليست إال توجيهات جاءت‬

‫(‪ )7‬فتوى الجمعية العمومية في ‪ ،1٧٩0/1/1٩‬ملف ‪.1٩0/2/22‬‬


‫(‪ )1‬د‪ .‬محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.122‬‬
‫‪43‬‬
‫في عبارات فضفاضة‪ ،‬وأقرب إلى السلوكيات منها إلى أداء الواجبات المحددة‪ ،‬كما أنها وردت على‬
‫سبيل المثال ال الحصر‪ ،‬ولهذا فالسلطة التأديبية تتمتع باختصاص تقديري واسع في تحديد فكرة‬
‫الخطأ التأديبي‪ ،‬واعتبار أفعال بذاتها أو عدم اعتبارها جرائم تأديبية‪ ،‬وما إذا كان تصرف ما ينطوي‬
‫أو ال ينطوي على اعتداء على النظام المقرر‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫وفي فرنسا نظم المشرع الواجبات والمحظورات على ضباط الشرطة بالمرسوم رقم ‪– 209‬‬
‫‪ 91‬الصادر بتاريخ ‪ 09‬مارس ‪ 0291‬بشأن قانون واجبات الشرطة الوطنية(‪ ،)0‬وقد صدر هذا‬
‫المرسوم تنفي اذا لحكم المادة الرابعة من القانون رقم ‪ 90 – 930‬الصادر في ‪ 9‬أغسطس ‪،0290‬‬
‫والذي تم إلغاؤه فيما سبق؛ لصدور قانون التوجه المستقبلي ووضع البرامج الخاصة باألمن‪.‬‬

‫تسعى الشرطة الوطنية ‪ -‬في كامل األراضي الفرنسية ‪ -‬إلى ضمان الحريات وحماية‬
‫مؤسسات الجمهورية وحفظ السلم واألمن العام‪ ،‬وكذلك حماية األشخاص والممتلكات‪ .‬وتعمل‬
‫الشرطة الوطنية على تأدية مهامها‪ ،‬وهي تراعي حقوق اإلنسان والمواطن والدستور واألعراف‬
‫الدولية والقوانين‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫أولا‪ :‬الواجبات العامة لموظفي الشرطة الوطنية‬
‫‪ -‬يتصف موظف الشرطة الوطنية بالوالء تجاه المؤسسات الجمهورية‪ ،‬كما أنه مستقيم‬
‫وعادل وال يتنازل عن كرامته في أي ظرف من الظروف‪ ،‬ويتصرف مع الجمهور بطريقة مثالية‪.‬‬
‫اما مطلاقا لألشخاص أيا كانت جنسياتهم أو أصولهم أو ظروفهم االجتماعية أو معتقداتهم‬ ‫ويكن احتر ا‬
‫السياسية أو الدينية أو الفلسفية‪.‬‬

‫‪ -‬يتعين على موظف الشرطة الوطنية حتى عندما يكون خارج أوقات الخدمة التدخل من‬
‫تلقاء نفسه لتقديم المعونة ألي شخص يتعرض للخطر؛ وذلك لدرء أو منع أي عمل قد يحدث خللا‬
‫في النظام العام‪ ،‬ولحماية الفرد وسط الجماعة من التعدي على شخصه وممتلكاته‪.‬‬

‫وتحديدا استخدام السلح‪ ،‬فإنه ليس بوسع موظف‬


‫ا‬ ‫‪ -‬حينما يجيز القانون استخدام القوة‪،‬‬
‫الشرطة اللجوء لها إال عند الضرورة القصوى‪ ،‬وبطريقة تناسب الغاية المقصودة‪.‬‬

‫‪ -‬إن أي شخص يقبض عليه‪ ،‬يصبح تحت مسؤولية وحماية الشرطة‪ ،‬ويتعين أال يتعرض‬
‫ألي شكل من أشكال العنف أو المعاملة غير اإلنسانية أو المهينة من قبل موظفي الشرطة أو أي‬
‫شاهدا على تصرفات تحظرها هذه المادة‬
‫ا‬ ‫طرف آخر‪ .‬ويخضع موظف الشرطة الذي سيكون‬
‫شيئا لمنعها أو أهمل إطلع السلطة المختصة عليها‪ .‬ويتعين‬
‫للمسؤولية االنضباطية إذا لم يفعل ا‬
‫على موظف الشرطة الذي يقوم بحراسة شخص ما تستدعي حالته عناي اة خاصة‪ ،‬أن يستدعي فرياقا‬
‫طبيا‪ ،‬وعند الضرورة يتعين عليه اتخاذ تدابير أخرى لحماية حياة وصحة هذا الشخص‪.‬‬

‫‪ -‬يمكن لموظفي الشرطة التحدث بحرية ضمن حدود تراعي الواجب التحفظي الذي يلتزمون‬

‫‪)1( Décret n ° 952-86 du 18 mars 1986 relatif à la loi sur les obligations de la police‬‬
‫‪nationale‬‬
‫(‪ )2‬راجع الباب األول من المرسوم رقم ‪ 22 – ٧٩2‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 1٧22‬بشأن قانون واجبات‬
‫الشرطة الوطنية‪.‬‬
‫‪45‬‬
‫به‪ ،‬والقواعد المتعلقة بالفطنة والسرية المهنية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬حقوق وواجبات ضباط الشرطة والسلطات القيادية‬


‫(‪)1‬‬
‫ا‬
‫‪ -‬تمارس السلطة التي تمنح رتب اة معين اة واجبات قيادي اة‪ ،‬حيث تتخذ الق اررات وتعمل على‬
‫تطبيقها بعد أن تترجمها لجملة أوامر يتعين أن تكون دقيق اة ومدعم اة بالتوضيحات الضرورية التي‬
‫حسنا‪.‬‬
‫تضمن تنفيذها تنفي اذا ا‬
‫‪ -‬إن السلطة القيادية مسؤولة عن األوامر الصادرة عنها‪ ،‬وعن تنفيذها وما قد ينجم عنها‪،‬‬
‫وعندما تكلف أحد مرؤوسيها بالتصرف باسمها فإن مسؤوليتها تبقى كامل اة وتتسع لتشمل األعمال‬
‫التي يقوم بها المرؤوس دوريا‪ ،‬في إطار مهامه واألوامر التي تلقاها‪ .‬ويتعين على موظف الشرطة‬
‫اإلخلص في تنفيذ األوامر الصادرة عن السلطة القيادية‪ ،‬وهو مسؤول عن تنفيذها أو عواقب عدم‬
‫تنفيذها‪ .‬وتصدر السلطة القيادية أوامرها عن طريق التسلسل‪ ،‬واذا لم تسمح ضرورات الموقف بنهج‬
‫هذه الطريقة‪ ،‬يتم إيصالها عبر رتب وسيطة دون تأخير‪.‬‬

‫‪ -‬باستثناء حاالت االستدعاء الرسمي يحظر إصدار أي أمر لموظف الشرطة ال يمت بصلة‬
‫طا بتطبيق القواعد االنضباطية العامة‪.‬‬
‫للتوكيل الوظيفي للجهة الصادر عنها‪ ،‬ما لم يكن ذلك مرتب ا‬
‫‪ -‬يلتزم المرؤوس بإطاعة تعليمات السلطة‪ ،‬ما عدا الحاالت التي يكون فيها األمر الصادر‬
‫أمر ما‪،‬‬
‫إساءة بالغة‪ .‬واذا ما أيقن المرؤوس أنه يواجه اا‬
‫ا‬ ‫له غير شرعي ويسيء للمصلحة العامة‬
‫فيتعين عليه في هذه الحالة إخبار السلطة التي أصدرته باعتراضه مع اإلشارة‪ ،‬صراح اة‪ ،‬إلى الصفة‬
‫قائما‪ ،‬واذا بقي‬
‫غير الشرعية التي ينسبها لألمر الصادر له والمتنازع فيه‪ .‬واذا بقي األمر الذي تلقاه ا‬
‫المرؤوس على اعتراضه رغم التوضيحات أو التأويلت التي قدمت حوله‪ ،‬فإن مرجعه هنا السلطة‬
‫العليا األولى التي يمكنه االتصال بها؛ إذ يجب أخذ العلم باعتراضه‪ .‬كما أن كل امتناع عن تنفيذ‬
‫آنفا‪ ،‬يضع الشخص الممتنع تحت المسؤولية‪.‬‬
‫أمر ما قد ال يتفق مع الشروط المذكورة ا‬
‫ير لرئيسه حول تنفيذ المهمات الموكلة إليه أو‬
‫‪ -‬يتعين على كل موظف شرطة أن يقدم تقر اا‬
‫إذا دعت الضرورة‪ ،‬حول األسباب التي حالت دون تنفيذها‪.‬‬

‫ويستخلص الباحث أن قوانين الشرطة في الدول المقارنة لم تنص على المخالفات التأديبية‬
‫صراح اة‪ ،‬وانما نصت على الواجبات والمحظورات على ضابط الشرطة‪ ،‬ثم نصت على أن أي‬
‫خروج عن تلك الواجبات والمحظورات تعد مخالف اة تأديبي اة تستوجب المساءلة التأديبية‪.‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 19‬من قانون الشرطة المصري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ 0290‬على أن كل ضابط‬

‫(‪ )1‬راجع الباب األول من المرسوم رقم ‪ 22 – ٧٩2‬الصادر بتاريخ ‪ 12‬مارس ‪ 1٧22‬بشأن قانون واجبات‬
‫الشرطة الوطنية‪.‬‬
‫‪46‬‬
‫يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في الق اررات الصادرة من وزير الداخلية أو‬
‫سلوكا أو يظهر بمظهر من شأنه اإلخلل‬
‫ا‬ ‫يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يسلك‬
‫بكرامة الوظيفة يعاقب تأديبيا‪ ،‬وذلك مع عدم اإلخلل بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند‬
‫االقتضاء‪.‬‬

‫في حين نصت المادة ‪ 92‬من قانون الشرطة اإلماراتي رقم ‪ 09‬لسنة ‪ 0291‬على أن كل‬
‫منتسب للقوة يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا القانون أو في الق اررات الصادرة من الوزير‬
‫أو من الرؤساء المختصين أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبيا‪ ،‬وذلك‬
‫مع عدم اإلخلل بإقامة الدعوى المدنية أو الجزائية ضده عند االقتضاء‪.‬‬

‫ونصت المادة السادسة من المرسوم رقم ‪ 91 – 209‬بشأن قانون واجبات الشرطة الوطنية‬
‫الفرنسية على أن أي خرق للواجبات المحددة في هذا القانون يعرض مرتكبها لعقوبة تأديبية‪ ،‬دون‬
‫المساس ‪ -‬عند الضرورة ‪ -‬بالعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائي‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫الخاتمة‬
‫تناولنا موضوع "المخالفات التأديبية لضـباط الشـرطة" د ارسـة مقارنـة‪ ،‬وذلـك مـن خـلل فصـلين‬
‫متتاليين‪ ،‬في محاولة لتأصيل المخالفات التأديبية لضباط الشرطة تأصيلا قانونيـا باعتبارهـا أحـد أهـم‬
‫عناصر المسؤولية التأديبية لضباط الشرطة‪.‬‬

‫وفــي ســبيل تحديــد ماهيــة المخالفــات التأديبيــة لضــباط الشــرطة‪ ،‬عرضــنا للتعريــف التش ـريعي‬
‫والفقهي والقضائي للمخالفة التأديبية‪ ،‬واتضح أن المشرع – سواء في مصر أو اإلمارات أو فرنسا –‬
‫تاركا ذلك لفقهاء القانون‪.‬‬
‫محددا للمخالفة التأديبية ا‬
‫ا‬ ‫لم يضع تعر ايفا‬

‫كما عرضنا لمدى العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪ ،‬من حيث مدى االستقلل‬
‫أو االرتبــاط بينهمــا‪ ،‬ومظــاهر التشــابه واالخــتلف بينهمــا‪ ،‬والنتــائج المترتبــة عل ـى اســتقلل المخالفــة‬
‫التأديبية عن الجريمة الجنائية‪.‬‬

‫ووض ــحنا تص ــنيف المخالف ــات التأديبي ــة لض ــباط الش ــرطة م ــن خ ــلل ع ــرض أه ــم الواجب ــات‬
‫والمحظــورات لضــباط الشــرطة‪ ،‬حيــث تتمثــل أهــم الواجبــات اإليجابي ــة لضــابط الشــرطة فــي الواجبــات‬
‫المتعلقــة بضــمان اســتمرار وانتظــام العمــل‪ ،‬والواجبــات التــي تتعلــق بض ـوابط أداء العمــل‪ ،‬والواجبــات‬
‫التي تتعلق بمراعاة األحكام المالية‪.‬‬

‫بينمــا تضــمن أهــم الواجبــات الســلبية لضــابط الشــرطة ‪ -‬والتــي تمثــل محظــورات عل ـى ضــابط‬
‫الشرطة ‪ -‬في المحظورات التي تتعلق بالنهي عـن أفعـال معينـة فـي نطـاق الوظيفـة مثـل واجـب عـدم‬
‫إفشاء أسرار الوظيفة‪ ،‬وواجب عدم االشتغال بالسياسة واالنضمام إلى جمعية أو نقابة‪ ،‬والمحظورات‬
‫التي تتعلق بالنهي عن أفعال معينة خارج العمل‪.‬‬

‫وفي نهاية البحث توصلنا لبعض النتائج والتوصيات‪ ،‬والتي من أبرزها‪:‬‬


‫ا‬
‫أوال‪ :‬النتائج‪:‬‬

‫‪ -0‬لم تتضمن التشريعات تعداادا حصريا للمخالفات التأديبية‪ ،‬وانما اقتصرت على بيان الواجبات‬
‫التي يجب على ضابط الشرطة اتباعها‪ ،‬والمحظورات التي يلتزم باالبتعاد عنها؛ وذلك بصورة‬
‫عامة دون تحديد‪.‬‬

‫كثير من التشريعات تفوض اإلدارة في وضع لوائح تتضمن المخالفات التأديبية‬


‫‪ -9‬يلحظ أن اا‬
‫والجزاءات المقررة لها‪ ،‬مع العلم أن المخالفات المنصوص عليها في تلك اللوائح على سبيل‬
‫المثال‪ ،‬كما أن عدم حصر المخالفات التأديبية يعطي الفرصة الكافية للسلطة المختصة‬

‫‪48‬‬
‫بالتأديب في تقدير ما إذا كان الفعل أو تركه من جانب ضابط الشرطة يشكل مخالف اة تأديبي اة‬
‫من عدمه‪.‬‬

‫‪ -3‬بالرغم من أوجه االرتباط بين كل من المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‪ ،‬فإن المستقر عليه‬
‫وقضاء هو استقلل كل من المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‪.‬‬
‫ا‬ ‫فقها‬
‫ا‬

‫وحزما عن غيرها من األنظمة؛‬


‫ا‬ ‫‪ -1‬تتميز المخالفات التأديبية لضباط الشرطة بكونها أكثر صرام اة‬
‫وذلك يعود للدور الخطير الذي يتواله جهاز الشرطة والذي ال يستدعي أو يتحمل أي تهاون‬
‫من قبل أفرادها‪.‬‬

‫‪ -0‬إن النظام التأديبي لضباط الشرطة يخضع لمبدأ الشرعية في أحد شقيه فقط دون اآلخر‪ ،‬حيث‬
‫نظر لصعوبة تحديد المخالفات التأديبية كلها في‬
‫ال تخضع المخالفات التأديبية لمبدأ الشرعية؛ اا‬
‫نصوص محددة‪ ،‬ألن طبيعة كل عمل تجعل من المخالفات التأديبية مختلف اة عن غيرها‪.‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬التوصيات‬

‫‪ -0‬مراجعة قوانين الشرطة بقصد تطوير البنود والمواد المنظمة للواجبات والمحظورات والمهام‬
‫الشرطية‪ ،‬وتحديد المخالفات والجزاءات بما يواكب المتغيرات المهنية‪ ،‬حيث برزت واجبات‬
‫ومحظورات وسلوكيات مهنية جديدة فرضتها بيئة التقنية المعلوماتية‪.‬‬

‫‪ -9‬ضرورة توحيد القوانين واللوائح التي تنص على المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‪ ،‬فعلى‬
‫سبيل المثال‪ :‬هناك مخالفات تأديبية منصوص عليها في قانون الشرطة واألمن االتحادي رقم‬
‫(‪ )09‬لسنة ‪ ،0291‬والقرار الوزاري رقم ‪ 012‬لسنة ‪ 0292‬بشأن مخالفات قواعد السلوك‬
‫وعقوباتها‪ ،‬ووثيقة قواعد السلوك واألخلقيات الشرطية بموجب القرار الوزاري رقم ‪ 101‬لسنة‬
‫‪.9110‬‬

‫‪ -3‬ضرورة النص على بعض الواجبات والمحظورات التي طرأت على جهاز الشرطة بسبب الثورة‬
‫مؤخرا‪ ،‬مثل حظر استخدام مواقع التواصل االجتماعي بما‬
‫ا‬ ‫التكنولوجية التي شهدها العالم‬
‫يسيء للوظيفة الشرطية‪.‬‬

‫‪ -1‬ضرورة تقنين الواجبات والمحظورات الوظيفية والمهنية في الشرطة بأقصى درجة ممكنة من‬
‫الوضوح؛ ليكون الضباط المخاطبون بهذه القواعد على علم بما هو مطلوب منهم وما هو‬
‫علوة على أن اتباع هذا األسلوب يضيق الخناق على سلطات التأديب ويحد‬
‫ا‬ ‫محظور عليهم‪،‬‬
‫من تعسفها في تقديرها وتكييفها لما يصدر عنهم من أفعال‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫ا‬
‫أوال‪ :‬المراجع العامة‬

‫‪ .0‬أعاد علي حمود القيسي‪ ،‬الوجيز في القانون اإلداري‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪.9111 ،‬‬
‫‪ .9‬رفعت عيد سيد‪ ،‬مبادئ القضاء اإلداري‪ ،‬الكتاب األول دار النهضة العربية‪.9113 ،‬‬
‫‪ .3‬صلح الدين فوزي‪ ،‬القانون اإلداري‪ ،‬مكتبة الجلء الجديدة‪ ،‬المنصورة‪.0223 ،‬‬
‫‪ .1‬عليوة مصطفى فتح الباب‪ ،‬موسوعة اإلمارات القانونية اإلدارية‪ ،‬الجزء الخامس "شرح قانون‬
‫الخدمة المدنية والئحته التنفيذية"‪ ،‬مكتبة كوميت‪ ،‬القاهرة‪ ،‬الطبعة الثانية‪.9110 ،‬‬
‫‪ .0‬فؤاد العطار‪ ،‬مبادئ القانون اإلداري‪ ،‬دار النهضة العربية‪.0291 ،‬‬
‫‪ .1‬ماجد راغب الحلو‪ ،‬القانون اإلداري في دولة اإلمارات‪ ،‬دار القلم بدبي – اإلمارات‪.0221 ،‬‬
‫‪ .9‬محمد قدري‪ ،‬الوظيفة العامة في تشريعات الخدمة المدنية في دولة اإلمارات العربية المتحدة ‪-‬‬
‫دراسة مقارنة مع جمهورية مصر العربية‪.9119 ،‬‬
‫‪ .9‬مصطفى العوجى‪ ،‬القانون الجنائي العام‪ ،‬الجزء الثاني "المسئولية الجنائية"‪ ،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪.9101 ،‬‬
‫ا‬
‫ثانيا‪ :‬المراجع المتخصصة‬

‫أ‪ .‬المراجع المتخصصة في المجال التأديبي‬


‫‪ .0‬إرشيد عبد الهادي الحوري‪ ،‬التأديب في الوظائف المدنية العسكرية "دراسة مقارنة بين‬
‫التشريعين المصري والكويتي"‪ ،‬دار النصر للطباعة اإلسلمية‪ ،‬القاهرة‪.9110 ،‬‬
‫‪ .9‬أحمد السيد محمد إسماعيل‪ ،‬إجراءات التأديب اإلداري للموظف العام في ظل قوانين الموارد‬
‫البشرية االتحادية والمحلية "دراسة مقارنة"‪ ،‬أكاديمية شرطة دبي‪ ،‬اإلمارات‪.9101 ،‬‬
‫‪ .3‬أماني زين بدر فراج‪ :‬النظام القانوني لتأديب الموظف العام في بعض الدول العربية واألوربية‬
‫‪ -‬دراسة مقارنة‪ ,‬دار الفكر القانوني‪ ,‬سنة ‪.9101‬‬
‫‪ .1‬رمضان محمد بطيخ‪ :‬المسئولية التأديبية لعمال الحكومة والقطاع العام وقطاع األعمال العام‬
‫وقضاء‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪.0222‬‬
‫ا‬ ‫فقها‬
‫ا‬
‫‪ .0‬زكي محمد النجار‪ ،‬الوجيز في تأديب العاملين بالحكومة والقطاع العام‪ :‬دراسة نظرية‬
‫تطبيقية‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب‪.0291 ,‬‬
‫‪ .1‬سليمان محمد الطماوي‪ ,‬القضاء اإلداري – الكتاب الثالث "قضاء التأديب"‪ ,‬دار الفكر العربي‪,‬‬
‫الطبعة الرابعة‪.0220 ,‬‬
‫‪ .9‬سمير عبد الله سعد‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للموظف العام‪ ،‬دار منشأة المعارف‪،‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلسكندرية‪.9101 ،‬‬
‫‪ .9‬عبد الحفيظ علي الشيمي‪ ،‬موانع المسئولية التأديبية للموظف العام في نظام المحكمة اإلدارية‬
‫العليا‪ ,‬دار النهضة العربية‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪.9111‬‬
‫‪ .2‬عبد الرءوف هاشم بسيوني‪ ،‬الجريمة التأديبية وعلقتها بالجريمة الجنائية‪ ،‬دار النهضة‬
‫العربية‪.0220 ،‬‬
‫‪ .01‬عبد العزيز عبد المنعم خليفة‪ ،‬المسئولية التأديبية في الوظيفة العامة‪ ،‬دار منشأة المعارف‪،‬‬
‫اإلسكندرية‪.9112 ،‬‬
‫‪ .00‬عبد العظيم عبد السلم عبد الحميد‪ ,‬تأديب الموظف العام في مصر‪ ,‬دار النهضة العربية‪,‬‬
‫‪.9111‬‬
‫‪ .09‬المستشار‪ .‬عبد الوهاب البنداري‪ ،‬الجرائم التأديبية والجنائية للعاملين في الدولة والقطاع العام‪،‬‬
‫المطبعة العالمية‪ ،‬القاهرة‪.0290 ،‬‬
‫‪ .03‬عزيزة الشريف‪ ،‬النظام التأديبي وعلقته باألنظمة الجزائية األخرى‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬
‫‪.0299‬‬
‫‪ .01‬فهمي محمد إسماعيل عزت‪ ،‬سلطة التأديب بين اإلدارة والقضاء‪ ،‬عالم الكتب‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.0291‬‬
‫‪ .00‬محمد ماهر أبو العينين‪ ،‬التأديب في الوظيفة العامة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.9111 ،‬‬
‫ب‪ .‬المراجع المتخصصة في مجال الشرطة‬
‫‪ .0‬لواء‪ .‬جمال الدين سالم حجازي‪ ،‬تأديب أعضاء هيئة الشرطة "دراسة تطبيقية"‪ ،‬دار الحليم‬
‫للطباعة‪ ،‬القاهرة‪.0299 ،‬‬
‫‪ .9‬عميد‪ .‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬اإلجراءات والضمانات في تأديب ضباط الشرطة‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬‬
‫دار المعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.0221 ،‬‬
‫‪ .3‬لواء‪ .‬محمد ماجد ياقوت‪ ،‬الدعوى التأديبية في النظام الوظيفي لضباط وأفراد الشرطة‪ ،‬دار‬
‫الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪.9119 ،‬‬
‫‪ .1‬نقيب‪ .‬ياسر حسني أحمد السيد حماد‪ ،‬سلطة التأديب في هيئة الشرطة بين مشروعية العقوبة‬
‫وعدم مشروعية الجريمة‪ ،‬أكاديمية الشرطة‪ ،‬كلية الدراسات العليا‪ ،‬القاهرة‪.0292 ،‬‬
‫ا‬
‫ثالثا‪ :‬الرسائل العلمية‬

‫إسماعيل زكي‪ ،‬ضمانات الموظفين بالتعيين والترقية والتأديب‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪,‬‬ ‫‪.0‬‬
‫جامعة القاهرة‪ ,‬سنة ‪.0291‬‬
‫زهوة عبد الوهاب حمودة‪ :‬التأديب في الوظيفة العامة ‪ -‬دراسة مقارنة‪ ,‬رسالة دكتوراه‪ ,‬كلية‬ ‫‪.9‬‬

‫‪51‬‬
‫الحقوق‪ ,‬جامعة اإلسكندرية‪ ,‬سنة ‪.0299‬‬
‫سيف بن سالم بن سعيد السعيدي‪ ،‬النظام التأديبي للموظف العام في القانون العماني‪ ,‬رسالة‬ ‫‪.3‬‬
‫دكتوراه‪ ,‬كلية الحقوق‪ ,‬جامعة عين شمس‪ ,‬القاهرة‪ ,‬سنة ‪.9111‬‬
‫عبدالفتاح عبد الحفيظ محمد‪ ،‬حجية ق اررات سلطة التحقيق الجنائي والحكم الجنائي البات‬ ‫‪.1‬‬
‫الصادر بالبراءة في مواجهة سلطة التأديب "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬
‫جامعة أسيوط‪.0221 ،‬‬
‫عميد‪ .‬علي أمين سليم‪ :‬التأديب في الشرطة "دراسة تطبيقية مقارنة على ضباط الشرطة"‪،‬‬ ‫‪.0‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬أكاديمية الشرطة– كلية الدراسات العليا‪ ،‬القاهرة‪.9119 ،‬‬
‫محمد جودت الملط‪ ،‬المسؤولية التأديبية للموظف العام‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق –‬ ‫‪.1‬‬
‫جامعة القاهرة‪.0219 ،‬‬
‫محمد مختار عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية بين القانون اإلداري وعلم اإلدارة العامة "دراسة‬ ‫‪.9‬‬
‫مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬جامعة عين شمس‪.0293 ،‬‬
‫محمد سمير أحمد محمد‪ ،‬التناسب بين الجريمة التأديبية والعقوبة التأديبية "دراسة مقارنة"‪،‬‬ ‫‪.9‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة أسيوط‪.9119 ،‬‬
‫محمد عبد العزيز عبد الغني عثمان‪ ،‬الجريمة التأديبية ودور هيئة الرقابة اإلدارية‪ ،‬رسالة‬ ‫‪.2‬‬
‫دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة بني سويف‪.9112 ،‬‬
‫‪ .01‬مصطفى عفيفي‪ ،‬فلسفة العقوبة التأديبية وأهدافها "دراسة مقارنة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‬
‫‪ -‬جامعة القاهرة‪.0291 ،‬‬
‫‪ .00‬مليكة الصاروخ‪ ،‬سلطة التأديب في الوظيفة العامة بين اإلدارة والقضاء "دراسة مقارنة"‪،‬‬
‫رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة عين شمس‪.0293 ،‬‬
‫‪ .09‬نبيل عبد الجليل أحمد‪ ،‬تأديب العسكريين‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬جامعة القاهرة‪،‬‬
‫‪.0221‬‬
‫ا‬
‫رابعا‪ :‬المقاالت واألبحاث‬
‫‪ .0‬إبراهيم كامل مفلح الشوابكة‪ ،‬النظام التأديبي للموظف العام االتحادي وفاقا للمرسوم بقانون‬
‫اتحادي رقم ‪ 00‬لسنة ‪ 9119‬بشأن الموارد البشرية في الحكومة االتحادية‪ ،‬مجلة الفكر‬
‫الشرطي‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬المجلد ‪ ،99‬العدد ‪.9103 ،91‬‬
‫‪ .9‬لواء‪ .‬أحمد درويش‪ ،‬المهنة‪ ،‬مجلة األمن العام‪ ,‬العدد ‪ ،10‬السنة ‪.0212‬‬
‫‪ .3‬لواء‪ .‬أحمد فؤاد كامل‪ ،‬سلوكيات العمل الشرطي‪ ،‬مجلة األمن العام‪ ,‬العدد ‪ ،001‬السنة‬
‫‪.0290‬‬

‫‪52‬‬
‫ العدد الخامس‬،‫ مصر‬،‫ مجلة المحاماة‬،‫ الجريمة الجنائية والتأديبية‬،‫ زكي محمد النجار‬.1
.0299 ،19 ‫ السنة‬،‫والسادس‬
‫ العدد‬،‫ مجلة إدارة قضايا الدولة‬،‫ الدعوى التأديبية وصلتها بالدعوى الجنائية‬،‫ عادل يونس‬.0
.0209 ،‫ السنة األولى‬،‫الثالث‬
،01 ‫ العدد‬,‫ مجلة األمن العام‬،‫ القيم المهنية والمسلكية لضباط الشرطة‬،‫ علي رفاعي‬.‫ لواء‬.1
.0291 ‫السنة‬
‫ا‬
‫ المراجع الفرنسية‬:‫خامسا‬
Auby (J.M), Aube (J.B), Didier (J.P), Antony Taille fait, droit de la .1
fonction publique, Dalloz Precis, 24 Octobre 2012
CHAPUS (R), Droit administratif général, Tome 2,Montchrestien, .2
Paris, 2001.
Debbasch (C), Science administrative: administration publique, Dalloz, .١
Paris, 1976.
Decoq (A), Montreuil (J), Buisson (J): Le droit de la police, lites, Paris, .7
.1991
DELPÉRÉE (F),L'élaboration du droit disciplinaire de la fonction .٩
.publique, Thèse, L.G.D.J., Paris, 1969
JÈZE (G.): Les principes généraux du droit administratif, Le .2
fonctionnement des services publics, Tome 3, Dalloz, 2011.
Salon (S). Délinquance et répression disciplinaire dans la fonction .٩
publique, thèse de doctorat, Droit, Paris, 1967, dact., 336 f°; Paris, L.
G. D. J., 1969.
Mourgeon (J), La répression administrative, thèse de doctorat, Droit, .2
Toulouse, 1966
PEISER (G), Droit de la fonction publique, 18e edition, Dalloz, 2006. .٧

53
‫الفهرس‬

‫أ‬ ‫‪.........................................................................................................................‬‬ ‫مقدمة‬


‫‪1‬‬ ‫‪..................................................‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ماهية المخالفات التأديبية لضباط الشرطة‬
‫‪9‬‬ ‫‪........................................................... ...............‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف المخالفة التأديبية‬
‫‪3‬‬ ‫‪...........................................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬التعريف التشريعي للمخالفة التأديبية‬
‫‪9‬‬ ‫‪................................................. .............‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التعريف الفقهي للمخالفة التأديبية‬
‫‪09‬‬ ‫‪........................................................‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬التعريف القضائي للمخالفة التأديبية‬
‫‪00‬‬ ‫‪.........................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلقة بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‬
‫‪01‬‬ ‫‪.........................................‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‬
‫‪09‬‬ ‫‪................................................‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬ارتباط المخالفة التأديبية بالجريمة الجنائية‬
‫‪90‬‬ ‫‪..............‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مظاهر التشابه واالختلف بين المخالفة التأديبية والجريمة الجنائية‬
‫‪93‬‬ ‫‪.............‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬النتائج المترتبة على استقلل المخالفة التأديبية عن الجريمة الجنائية‬
‫‪2٥‬‬ ‫‪.................................‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬تحديد وتصنيف المخالفات التأديبية في نظم الشرطة‬
‫‪91‬‬ ‫‪..........................................................‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬الواجبات اإليجابيـة لضابط الشرطة‬
‫‪39‬‬ ‫‪.........................................‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الواجبات السلبية لضابط الشرطة (المحظورات)‬
‫‪19‬‬ ‫‪....................................................................................................................‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪01‬‬ ‫‪............................................................... .............................................‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪01‬‬ ‫‪.......................................................................... ..........................................‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪54‬‬

You might also like