Professional Documents
Culture Documents
مقدمة
تستدعي المشاريع االستثمارية تعبئة موارد هامة من أجل تحسين سير هذه المشاريع
وتحقيق أكبر قدر من المكاسب واألرباح ،ولتحقيق هذه األهداف كان لزاما على أصحاب
المشاريع ،عالوة على إيجاد اليد العاملة الخبيرة ،توفير وسائل اإلنتاج (رأسمال ،عقارات،
آالت ومعدات) .وأمام عجز التمويل الذاتي للمقاولة األمر الذي حتم البحث عن طرق
تمويلية حديثة ،ال ترهق كاهل المقاولة وال تستنزف رأسمالها ،ابتدع الفكر القانوني عامة و
الفكر االئتماني خاصة تقنية التمويل العيني أال وهو االئتمان اإليجاري وهو صورة مبتكرة
من صور التمويل ،1وهو يتيح للمقاوالت فرصة الحصول على اآلالت و المعدات الالزمة
لها دون أن تكلف بسداد قيمتها فورا ،إذ يقتصر التزامها على الوفاء بالدفعات اإليجارية
المتفق عليها مع احتفاظ الشركة أو المؤسسة المؤجرة بملكية اآلالت واألدوات أو العقار
طوال مدة اإليجار.2
وعلى هذا األساس بدأت المؤسسات البنكية والتمويلية تسعى نحو توسيع أنشطتها
لتشمل اقتناء العقارات ليس فقط السكينة ،بل حتى تلك المعتمدة ألغراض مهنية وتجارية
وهو االئتمان اإليجاري العقاري ثم الوارد على المنقوالت والمعدات والوارد كذلك على
األصل التجاري.
ويرجع ظهور عقد االئتمان اإليجاري بمفهومه الحديث السيد إلى junior Booth
في الواليات المتحدة األمريكية أثناء فترة الحرب العالمية الثانية ما بين سنة 1952-1950
إبان الحرب الكورية ،قد كان يملك وحدة إلنتاج المواد الغذائية في كاليفورنيا ،وقد طلبت
منه السلطات توفير كل ما يستطع من مواد غذائية للجيش األمريكي ،لكن لم يستطيع تنفيذ
االلتزام ،نتيجة محدودية وسائل اإلنتاج مما دفعه إلى التفكير في إيجاد وسيلة تمويلية تمكنه
من إيجاد معدات وآليات لتلبي الحاجيات التي يتطلبها االنتاج ،لكنه عجز مما جعل الصفقة
1محمد جنكل-االئتمان التجاري-عمليات االئتمان البنكي نموذجا أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص:وحدة قانون األعمال جامعة الحسن
الثاني-عن الشق-كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية 2001/2000ص .136
2عبد الرحمان السيد قرمان،عقد التأجير التمويلي،دار النهضة العربية القاهرة الطبعة األولى 1998ص 5وما بعدها.
1
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
تضيع منه ،مما اضطره إلى إنشاء ما يعرف ب L’os leasingبمساعدة بعض أصدقائه،
واهتمت بها البنوك والمؤسسات المالية ،وأدخلتها ضمن القروض التي تقدمها لزبنائها
المستثمرين.3وبعدها قام بإنشاء » « L’obouth leasing connotationالتي أصبحت
سنة 1962تحمل اسم » ،« La greyhond conporationهذا العقد هو عقد
أنجلوأمركي كما تدل على ذلك تسميته المشهور بها ، Leasingلينتشر بعد ذلك بعبور
المحيط األطلنطي إلى القارة األوربية .وكانت بريطانيا أولى الدول التي شهدن مزاولة هذا
العقد ،وبعدها فرنسا التي استطاع رأسمالها نقل هذا العقد في صورته المعروفة في هذا
البلد إلى العديد من الدول النامية وأهمها دول المغرب العربي.
وقد ظهرت أول مؤسسة لالئتمان اإليجاري في فرنسا سنة 1962تحت اسم Loco
،Franceثم تدخل بعد ذلك المشرع الفرنسي لتقنين عمليات االئتمان اإليجاري بالقانون
رقم 455-66الصادر في 2يوليوز 1966ثم تممه باألمر رقم 738-67في 28شتنبر
،1967ثم بعد ذلك بمرسوم 665-72الصادر في 4يوليوز .1972
ولم يحتفظ له المشرع الفرنسي بنفس المفهوم الذي استقرت عليه الممارسة
األنجلو أمريكية حيث غدا وسيلة للتملك أيضا فضال عن كونه تقنية لتمويل المشروعات
التجارية ،كما لم يحتفظ بنفس االسم حيث سماه crédit-bailعوض ما استقرت عليه
الممارسة في السابق من تسميته ب . location financiére4
أما في المغرب في رجع ظهور عقد االئتمان اإليجاري إلى سنوات السبعينات ،حيث
ظهرت أول مؤسسة لالئتمان اإليجاري سنة 1965بمبادرة من الدولة التي أطلق عليها
Maroc leasingوهي أول شركة تمارس التمويل بالمغرب ،ثم بعدها أنشئت شركة
مغرب باي Maghrebailثم تلتها ظهور شركات أخرى وهي- Maghrebail :
BMCI leasing -Wafabail - Sogelease- Maroc leasing – Dic leasing
،chaabi Leasing5 - Crédit du Maroc Leasingوانتشر بعد ذلك ليصبح تقنية
محمد برادة غزيول:عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه و القضاء ،سلسلة المعارف التجارية،الطبعة األولى سنة 1998ص.31 3
أحمد ادريوش ،الكراء في المدونة الجديدة للتجارة ،مطبعة البوكيلي للطباعة و النشر و التوزيع،الطبعة األولى 1998ص.81 4
تجدر اإلشارة إلى أن الشعبي لنيزنك اندمجت مع الشركة المغربية لإليجار بتاريخ 2014وأصبحت شركة واحدة لها رأس مال ثابت. 5
2
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
عالمية اقتضت تنظيما دوليا بموجب االتفاقية الدولية التي أعدها المعهد الدولي لتوحيد
القانون الخاص المؤرخة في 28ماي 1988و المعروفة "باتفاقية أطاوا" والمغرب يعد في
6
وذلك قبل وضع أي مقتضيات قانونية لهذا طليعة الدول التي صادقت على هذه االتفاقية
العقد .و قد سبقت الممارسة العملية لهذا العقد التنظيم التشريعي ،إذ تم الحديث عنه في
مشروع مدونة التجارة لسنة 1988في الفصلين 404و 405تحت اسم "التمويل
اإليجاري"،علما أن أول شركة وطنية أنشأت سنة 1965كما سلف الذكر سابقا .ثم بعد ذلك
تم اإلشارة إليه في قانون المالية لسنة 1992ويعتبر ظهير 6يوليوز ،71993المتعلق
بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها أول تنظيم تشريعي لهذا العقد حيث تولى
تعريفه وتحديد نطاقه والذي خصص الفصلين 3و 8منه لنشاط مؤسسات االئتمان ،كما
تولى المشرع تنظيمه بمقتضى القسم الخامس من الكتاب الرابع من مدونة التجارة 8في
الفصول من 431إلى .442كما أضاف بمقتضى القانون البنكي الذي لسنة 2006رقم
903-34الذي أضاف إلى االئتمان اإليجاري الوارد على األصل التجاري الذي نسخ
بالقانون رقم 10103.12المتعلق بمؤسسة االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ،وإن كان
المشرع عند تنظيمه لهذا العقد اكتفى بتنظيم األحكام الشكلية متجاهال بذلك القواعد
الموضوعية التي تركها إلرادة الطرفين.
كما أن العقد يعتبر من العقود التجارية والتي ال تختلف عن العقود المدنية فيما يتعلق
باألحكام الخاصة بانعقادها ونفاذها وانقضائها ،وتخضع لألحكام المقررة للعقد في قانون
االلتزامات والعقود وهو ما نصت عليه صراحة المادة 2من م ت حينما حددت مصادر
ا لقانون التجاري في تشريعات وأعراف وعادات التجارة وقواعد القانون المدني ما لم
6المختار بكور ،قراءة التفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن اإليجار المالي الدولي(أطاوا 28ماي )1988المجلة المغربية لقانون
واقتصاد التنمية،العدد ،34سنة 1994ص 103و.104
7ظهير شريف رقم 147.13.1صادر بتاريخ 6يوليوز 1993بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها منشور بالجريدة الرسمية
عدد 4210الصادرة بتاريخ 07يوليوز .1993
8ظهير شريف رقم 1-83-96صادر بتاريخ 1غشت 1996بتنفيذ القانون رقم 15-95المتعلق بمدونة التجارة،منشور بالجريدة الرسمية عدد
4418الصادرة بتاريخ 3أكتوبر .1996
9ظهير شريف رقم 178.05.1صادر في محرم (1427فبراير)2006بتنفيذ القانون رقم 34.03المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة
في حكمها.الجريدة الرسمية بتاريخ 20فبراير 2006عدد.5397
- 10ظهير شريف رقم 1.14.193صادر في فاتح ربيع األول 24( 1436ديسمبر )2014بتنفيذ القانون 103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها الجريدة الرسمية ل 22يناير 2015عدد 6328من ص 462إلى .689
3
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
تتعارض قواعده مع المبادئ األساسية للقانون التجاري ،مع بعض الخصوصيات التي تتميز
بها العقود التجارية من حرية اإلثبات والتقادم وما يتعلق بالوفاء ،وكذلك ما يتصل بإبرام
وتنفيذ العقود التجارية.11
وعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا تجاريا يتميز بمجموعة الخصائص التي
تميزه عن باقي العقود الواردة في قانون االلتزامات والعقود ومنها أطراف عقد االئتمان
اإليجاري حيث يتدخل في هذه العملية التمويلية ثالثة أطراف:
المورد :يبرم مع شركة االئتمان اإليجاري عقد بيع أولي على إثر المعاملة
التي تمت بينه وبين الزبون.
مؤسسة االئتمان اإليجاري :التي تعبر مشترية في العالقة التي تجمعها
بالمورد ومؤجرة بالنسبة للمكتري ،مع تعهدها من جانب واحد ببيع الشيء الذي مولت
شراؤه للمكتري عند نهاية العقد.
المستعمل :يتعلق األمر بالزبون الذي أعطاه المشرع اسم المكتري ،مع
استفادته بوعد البيع من جانب واحد.
ويتم تضمين عقد االئتمان اإليجاري مجموعة من الشروط والوثائق التي سنحاول
ذكرها بشكل وجيز وهي تنقسم إلى شروط عامة و خاصة:
وفيما يخص الشروط العامة :فيتعلق األمر بنماذج شروط معدة مسبقا ،حيث يتم
إرفاقها بالشروط الخاصة وتعتبر جزءا ال يتجزأ من عقد االئتمان اإليجاري.
وأما الشروط الخاصة :فهي تتضمن معلومات تتعلق بهوية المستعمل (كمقره
االجتماعي ،ورقم تسجيله بالسجل التجاري) ونوعية وثمن ومحل العقد .وكذا كل ما يتعلق
باألقساط وهذه الشروط هي :
-األمر باألداء :عبارة عن وثيقة تخول لمؤسسة االئتمان اإليجاري بأن تقتطع
األقساط من الحساب البنكي للمستعمل أو المكتري ،لذلك يجب توقيعها من طرف هذا
األخير وإيداعها لدى مؤسسة بنكية.
بوعبيد عباسي-العقود التجارية -المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش ،الطبعة األولى 2013ص9و .10 11
4
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
-سند الطلب :يتعلق األمر بالوثيقة التي تؤكد بواسطتها مؤسسة االئتمان اإليجاري
الطلب لدى المورد ،لذلك يجب المصادقة عليها من لدن المكتري قبل أن ترفع المؤسسة
المذكورة لهذا األخير بأن يتقدم إلى مؤسسة االئتمان اإليجاري لكي تدفع له الثمن.
-محضر االستالم :بمجرد تسلم المال موضوع عملية االئتمان اإليجاري ،يوقع
المكتري محضر التسلم حيث يسلمه إلى المورد ،وتسمح الوثيقة المذكورة لهذا األخير بأن
يتقدم إلى مؤسسة االئتمان اإليجاري لكي تدفع له كل الثمن.
-الضمانات :بصفة عامة ،يراد بها الضمانات التي يقدمها المستعمل أو المكتري
للمؤسسة مانحة االئتمان.
-بوليصة التأمين :يكتتب المستعمل أو المكتري في بوليصة تأمين شاملة لكل
األخطار لدى شركة تأمين معتمدة.12
أهمية الموضوع
وترجع أهمية الموضوع إلى أنه يكتسي بعدا وطنيا و دوليا،وبعده الدولي يتجلى في
كون المغرب من بين الدول التي صادقت على االتفاقية الدولية التي أعدها المعهد الدولي
لتوحيد القانون الخاص(أطاوا) ،المؤرخة في 28ماي ،1988أما بعده الوطني فيتجلى في
سن المشرع ترسانة قانونية مهمة ،ابتدأت بإصدار ظهير 6يوليوز 1993المعتبر بمثابة
قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها ومدونة التجارة رقم 15-95بتاريخ
،1996وقانون إحداث المحاكم التجارية سنة 1997بقانون ،95-5ثم إصدار قانون
103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها .حيث إن أهمية هذا
الموضوع ترجع إلى تداخل مجموعة من القوانين التي تنضمه وكذا إلى النقص التشريعي
الذي يكتنف تنظيم هذا العقد خاصة أننا في عالقة تعاقدية ،ينعدم فيها التوازن العقدي بالنظر
إلى القوة االقتصادية التي تتمتع بها شركة االئتمان اإليجاري،مما جعلنا نبحث عن مظاهر
التوازن في هذا العقد ،حماية لمصالح شركة االئتمان اإليجاري باعتبارها تمثل جزءا ال
12عبد الهادي المكنوزي ،محاضرات تطبيقية في قانون األعمال ،الجزء الثاني ،العقود التجارية ،الطبعة األولى ،2013دون ذكر المطبعة ،ص
.86
5
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يتجزأ من االقتصاد الوطني والمكتري باعتباره يشكل فئة عريضة من المستفيدين في
المغرب التي تستوجب التدخل التشريعي والقضائي لحمايتها.
دواعي اختيار الموضوع
أسباب اختياري لهذا الموضوع للمكانة التي يحظى بها عقد االئتمان يرجع
اإليجاري باعتباره أهم وسائل التمويل الحديثة من جهة،ومن جهة أخرى كونه من العقود
التجارية التي نظمها المشرع المغربي في الكتاب الرابع المتعلق بالعقود التجارية ،واهتمامنا
الكبير بالمجال التجاري جعلنا نبحث في هذه التقنية التمويلية.
المنهج المعتمد
سنعتمد في هذه الرسالة منهج نقدي تحليلي مقارن على ضوء االجتهاد القضائي
المغربي في عقد االئتمان اإليجاري.
وسنتناول في هذه الدراسة عقد االئتمان اإليجاري الوارد على العقار والمنقول فقط
دون المنصب على األصل التجاري وذلك مع دراسة مقارنة في إطار التشريع الفرنسي
والمصري ،مع تدعيمها بالعمل القضائي المغربي.
وعلى ضوء ما سبق يمكننا طرح اإلشكالية الجوهرية التالية:
إلى أي حد استطاع المشرع و الفقه والقضاء التجاري تحقيق المبدأ الرامي إلى
تكريس التوازن العقدي بين أطراف عقد االئتمان اإليجاري؟
من خالل هذه اإلشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى فصلين:
الفصل األول :اإلطار القانوني لعقد االئتمان اإليجاري
الفصل الثاني :دور القضاء في عقد االئتمان اإليجاري
6
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الفصل األول
األطراف يلجؤون إلى التزامات طرفي عقد الكراء والقواعد المنظمة لعقد البيع خاصة
المتعلقة بضمان البائع للعيوب الخفية ،على إعتبار أن المشرع جعل للحرية التعاقدية مجاال
واسعا في هذا العقد الشيء الذي تستغله شركة االئتمان لحماية مصالحها عن طريق
مجموعة من اآلليات وعلى وجه الخصوص شرط االحتفاظ بالملكية،في مقابل ذلك نسجل
غياب مقتضيات تشريعية توفر الحماية للطرف الضعيف في هذه العالقة التعاقدية ،باستثناء
حق الرجوع بدعوى الضمان على المكري ،إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء من أجل
مراجعة بعض الشروط ذات الطابع التعسفي.
لذلك ارتأينا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين ،نتناول في المبحث األول الطبيعة
القانونية لعقد االئتمان اإليجاري ،على أن نخصص المبحث الثاني :آليات حماية أطراف
عقد االئتمان اإليجاري.
8
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املبحث األول
13رياض فخري "عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة و القانون المنظم لمؤسسات االئتمان "مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية حول
موضوع "مدونة التجارة"عشر سنوات من التطبيق من تنظيم وحدة التكوين و البحث في قانون األعمال بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية بسطات بتعاون مع نقابة هيئة المحامين بالدار البيضاء يومي 23-22يونيو 2007ص.91
14تنص الفقرة الثالثة من المادة 3من القانون البنكي الجديد 103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على أنه "يعتبر
عملية ائتمان كل تصرف،بعوض،يقوم بمقتضاه شخص من األشخاص:
-العمليات المتعلقة باالئتمان اإليجاري و باإليجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين المؤجرة والعمليات المعتبرة في حكمها"
15ونصت المادة 4من نفس القانون على أنه "تشمل العمليات المتعلقة باالئتمان اإليجاري واإليجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين
المؤجرة والمشار إليها في المادة 3أعاله :
-عمليات إيجار المنقوالت التي تمكن المستأجر،كيفما كانت تكييف تلك العمليات،من أن يتملك في تاريخ محدد مع المالك كل أو بعض المنقوالت
المستأجرة ،مقابل ثمن متفق عليه يراعى في تحديده على األقل جزئيا المبالغ المدفوعة على سبيل اإليجار.
-العمليات التي تقوم بموجبها منشأة بإيجار عقارات تكون قد اشترتها أو بنتها لحسابها إذا كان من شأن هذه العمليات ،كيفما كان تكييفها ،أن تمكن
المستأجر أن يصبح مالكا لكل أو بعض الممتلكات المستأجرة عند انتهاء عقد اإليجار كأقصى أجل.
-عمليات إيجار األصول التجارية أو أحد عناصرها المعنوية التي تمكن المستأجر ،كيفما كان تكييف تلك العمليات ،من أن يتملك األصل التجاري
أو أحد عناصره المعنوية في تا ريخ يحدده مع المالك،مقابل ثمن متفق يراعى في تحديده جزء على األقل المبالغ المدفوعة على سبيل اإليجار
،باستثناء كل عملية إيجار تفضى إلى تفويت األصل التجاري المذكور أو أحد عناصره للمالك الحقيقي.
اإليجار المفضي إلى التفويت هو العقد الذي تبيع بموجبه منشأة ملكا تستعمله إلى شخص يسلمه إليها فورا على سبيل االئتمان اإليجاري.
9
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
العقد ونقل هذه القوانين بعيوبها التي أبانت عنها الممارسة العملية وكان على المشرع أن
يحدو حذو المشرع الفرنسي بعد تعديل قانون 1966و كذا المشرع المصري الذي نظم
بشكل دقيق مختلف الجوانب المرتبطة بالموضوع من تعريفات دقيقة وتنظيم للعالقات التي
تنشأ بمناسبتها ،واآلثار الناجمة عنها تجاه األطراف فيما بينهم و اتجاه الغير .وكذا
اإلشكاليات التي يطرحها عقد االئتمان اإليجاري خاصة فيما يتعلق بتكييف العقد الذي
يرجع للقضاء والذي يجد نفسه في صعوبة ،خاصة أن المشرع المغربي أحال على
النصوص العامة الواردة في قانون االلتزامات والعقود المغربي والتي قد يتشابه عقد
االئتمان اإليجاري مع بعضها مما يستدعي بالضرورة المقارنة والتمييز بين هذا األخير
والعقود األخرى التي يتشابه معها.
باإلضافة إلى عدم تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد و أثارها ،محيال
على القواعد العامة وعلى مبدأ سلطان اإلرادة دون رقابة إال رقابة القضاء التي تصبح دون
جدوى أمام الفراغ التشريعي ،والتي يستغلها الطرف القوي في العالقة التعاقدية لحماية
مصالحه ،حيث أن شركة االئتمان أفرغت بهذا عقد الكراء المنظم بمقتضى ق.ل.ع من
محتواه ،حيث جعلت منه عقد فوري بعد أن كان زمنيا متتالي التنفيذ من خالل حصر
التزاماتها عن تلك الواردة في عقد الكراء ،والتي يتحملها المكري من ضمان االنتفاع
واالستغالل الهادئ لمحل الكراء ،بل إن شركات االئتمان تعفي نفسها حتى من ضمان
العيوب الخفية ليتحول بعد ذلك هذا العقد إلى عقد ملزم لجانب واحد بمجرد تمويلها شراء
المنقول و العقار ،في مقابل ذلك يلتزم المكتري في عقد االئتمان بالتزامات عديدة منها أداء
الواجبات الكرائية و بصيانة محل العقد و الدفاع عن االستحقاق بأنواعه وتحمل تبعة
العيوب الخفية التي تظهر في الشيء مادام هو من يقوم باختيارها وتحديد مواصفاتها مع
المورد و استالمه الشيء مباشرة من المورد وليس من المكري وتحرير محضر بهذا
االستالم.16
لهذا سنتطرق إلى تعريف وتكييف عقد االئتمان اإليجاري (المطلب األول) ثم آثار
هذا العقد (المطلب الثاني).
16رياض فخري"-عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة و القانون المنظم لمؤسسات االئتمان"مرجع سابق ص.95
10
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
11
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يعتبر عقد االئتمان اإليجاري من العقود التجارية التي خصصها المشرع المغربي
بتنظيم قانوني في الكتاب الرابع من مدونة التجارة ،وهو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية
Crédit-bailوعقد leasingبالنسبة للتشريع األنجلوسكسوني.
فالمشرع المغربي لم يخص عقد االئتمان اإليجاري بتنظيم عام ،وإنما تطرق إلى كل
نوع من أنواع هذا العقد على حدة :االئتمان اإليجاري للمنقوالت ،واالئتمان اإليجاري
للعقارات ،االئتمان اإليجاري لألصل التجاري وهذا األخير يعتبر من المستجدات التي جاء
بها القانون البنكي 03-34لسنة 2006والملغى بقانون 103.12المتعلق بمؤسسات
االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها ،بحيث لم يكن منصوصا عليه في القانون البنكي لسنة
1993وال في مدونة التجارة بقانون .15-95
وقد عرفت المادة 431من مدونة التجارة عقد االئتمان اإليجاري بما يلي:
يعد عقد ائتمان إيجاري وفق مقتضيات المادة 8من الظهير الشريف رقم
1.93.147الصادر في 15محرم 6( 1414يوليوز )1993المعتبر بمثابة قانون يتعلق
بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها.
كل عملية إكراء للسلع التجهيزية أو المعدات أو اآلالت التي تمكن المكتري -1
كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع
المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعي فيه جزء على األقل من المبالغ المدفوعة على سبيل
الكراء (االئتمان اإليجاري للمنقول).
كل عملية إكراء للعقارات المعدة لغرض مهني ،تم شراؤها من طرف المالك -2
أو بناها لحسابه ،إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن تمكن المكتري من أن
يصير مالكا لكل أو بعض األموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء
(االئتمان اإليجاري للعقارات)شركة االئتمان اإليجاري.
وما يمكن استخالصه من التعريف الذي أورد المشرع لعقد االئتمان اإليجاري ،أن
فيما يخص الوارد على المنقول فهذا العقد هو كراء للسلع أو المعدات أو اآلالت من طرف
شركة االئتمان اإليجاري مع إمكانية تملك المنقول عند نهاية العقد تدخله في تحديد ثمنه
المبالغ التي تم دفعها في الكراء ،أما فيما يخص عقد االئتمان العقاري فقد حذف المشرع
12
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
17تبناه المشرع الفرنسي في القانون عدد 455.66في 2يوليوز لسنة 1966المتمم باألمر عدد 837.67المؤرخ في 28شتنبر ،1967وكذا
المشرع المصري بمقتضى القانون رقم 95لسنة 1995المتعلق باإليجار التمويلي المؤرخ في 2يونيو .1995
18
« A lease in which the lessor does not select, manufacture, or supply the goods, but enters into a contract
» with a third party supplier to acquire goods specifically for the purpose of leasing them to the lease
selected from a manufacturer or vendor or such assets by the lessee. The lessor retains ownerchip of the
13
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
20
كما أن القوانين الالتينية هي األخرى عرفت هذا العقد ومن بينها القانون الفرنسي
21
عقد االئتمان فلقد عرف قانون 2يوليوز 1966المعدل بقانون 28سبتمبر 1967
اإليجاري في مادته األولى بقوله "يقصد بعمليات االئتمان اإليجاري في مفهوم هذا القانون
ما يلي:
عمليات كراء المعدات أو اآلالت الالزمة لمزاولة حرفة أو صناعة ،والتي يتم -1
شراؤها بقصد إعادة تأجيرها بواسطة مشروعات تظل هي المالكة لها ،وذلك عندما تخول
هذه العمليات أيا كان تكييفها للمكتري الحق في تملك كل أو جزء من األشياء محل الكراء،
في مقابل ثمن يتفق عليه ويأخذ بعين االعتبار عند تقديره المبالغ الذي دفعها المكتري على
سبيل الكراء.
العمليات التي تتضمن قيام مشروع بتقديم عقارات مخصصة لالنتفاع المهني -2
للكراء ،سواء تم شراء هذه العقارات بمعرفته أو تم إنشاؤها لحسابه ،وذلك عندما تسمح هذه
العمليات –أيا كان تكييفها القانوني -للمكتري باكتساب ملكية كل أو بعض األصول محل
الكراء عند انتهاء مدة الكراء ،إما عن طريق التنازل تنفيذا لوعد بالبيع من جانب المكري أو
بشراء حق ملكية األرض المقام عليها العقار أو العقارات المستأجرة مباشرة أو عن طريق
مباشر ،أو بانتقال ملكية األبنية المشيدة على األرض التي تخص المستأجر بقوة القانون.
أما المشرع المصري فقد عرفه في المادة الثانية من قانون 95لسنة 22 1995حيث
نصت على ما يلي ":في تطبيق هذا القانون يعد تأجيرا تمويليا ما يأتي:
asset and the lessee has possession and use of the asset on payment of specified rentals over an agreed
rental period. In U.K the lease contract does not confer on the lessee either the right or the obligation to
”acquire ownership of the asset either during the lease term or thereafter.
- 20رياض ف خري ،عقد التأجير التمويلي ،الطبيعة القانونية والتوازن العقدي ،مطبعة األمنية ،الرباط ،الطبعة األولى 2011ص.39
21
Créé par Loi 66-537 1966-07-24 JORF 26 juillet 1966 rectificatif JORF 19 octobre 1966 en
vigueur le 1er février 1967 Abrogé par Ordonnance 2000-912 2000-09-18 art. 4 JORF 21
septembre 2000 sur le site .http://www.legifrance.gouv.fr/
القانون رقم 95لسنة 1995المتعلق باإليجار التمويلي المؤرخ في 2يونيو 1995المعدل بالقانون رقم 16لسنة .2001 22
14
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى مستأجر منقوالً مملوكا ً له أو -1
تلقاها من المورد استنادا ً إلى عقد من العقود ،ويكون التأجير مقابل قيمة إيجارية يتفق عليها
المستأجر. المؤجر مع
كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى المستأجر عقارات أو منشآت -2
يقيمها المؤجر على نفقته ،بقصد تأجيرها للمستأجر ،وذلك بالشروط والمواصفات والقيمة
اإليجارية التي يحددها العقد.
يتبين من خالل التعريف الذي أورده المشرع الفرنسي على أن عقد االئتمان
اإليجاري يرد على المنقول ،كما أنه يرد على العقارات ونص بشكل صريح على إمكانية
تملك المكتري للعقار عن طريق التنازل تنفيذا لوعد بالبيع أو عن طريق الشراء وهو ما لم
يشر إليه المشرع المغربي ،حيث تقوم شركة االئتمان اإليجاري بشراء العقارات والبناء
حسب المواصفات التي يحددها المستأجر ،وهو كذلك نفس موقف المشرع المغربي
والمصري في ما يخص محل هذا العقد .ويتبين من خالل دراسة تعريف القانون الفرنسي
لعقد االئتمان اإليجاري العقاري أنه حدد طبيعة الغرض الذي تستخدم فيه العقارات ،حيث
اشترطا أن تكون مخصصة ألغراض مهنية ،أما المشرع المغربي فقد تخلى عن هذا
المقتضى بمقتضى القانون البنكي الجديد 103.12وفي المقابل نص المشرع المصري
على أن يكون العقار الزما لمباشرة نشاط إنتاجي أو خدمي.
ولكن المشرع المغربي أغفل التطرق للمنقوالت المثبتة في العقار والمرصودة
لخدمته خصوصا أنها تصير عقارات بالتخصيص لذلك يرى اتجاه فقهي 23بخصوص هذا
األمر أن المنقوالت المثبتة في العقار والمرصودة لخدمته تخضع لمقتضيات عقد االئتمان
اإليجاري العقاري،على اعتبار أن األموال العقارية تشمل العقارات بطبيعتها والعقارات
بالتخصيص .بينما اشترط فريق آخر 24لصحة هذا التفسير أن تعود ملكية المال المعد بمثابة
عقار بالتخصيص إلى مالك العقار ،وهذا الرأي صائب في نظرنا .
23محمد هاني دويدار"النظام القانوني للتأجير التمويلي"الطبعة الثانية،مكتبة اإلشعاع القانونية اإلسكندرية 1998،ص.62
24زينب تاغيا"عقد االئتمان الكرائي من خالل مدونة التجارة الجديدة"مجلة الدراسات القانونية و االقتصادية واالجتماعية،جامعة محمد
األول،كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية وجدة،العدد 1999.10ص.43
15
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وفي األخير فإن من خالل مقارنة األحكام المتعلقة بعقد االئتمان اإليجاري الواردة
في القوانين األنجلوسكسونية ،والواردة في القوانين الالتينية ،يتبين أن هناك اختالفا حيث أن
هذه األخيرة تعطي إمكانية الشراء الذي يمنح للمكتري عند انتهاء عقد االئتمان اإليجاري،
وهو خالف ما هو عليه األمر في القوانين األنجلوسكسونية التي ال تمنح للمكتري الحق في
شراء المنقول أو العقار ال خالل مدة العقد وال بعد انتهاء العقد.25
كما أن االجتهاد الفقهي يعتبر غزيرا فيما يخص تعريف هذا العقد ،فقد عرف بعض
الفقه 26عقد االئتمان اإليجاري بأنه عبارة عن عملية ائتمانية متميزة عن العمليات االئتمانية
التقليدية ،حيث تقوم في هذا العقد شركة مالية متخصصة ومرخص لها من طرف السيد
وزير المالية ،بشراء ما يحتاج إليه المستثمر أو المقاولة من معدات أو آالت أو عقارات في
اسمها ،بعد اختيار المستفيد من هذه العملية للمورد وما يحتاج إليه ،واالتفاق في نفس الوقت
مع هذا ا ألخير على تاريخ التسيلم وكل المواصفات التي يرغب فيها .وتقوم مؤسسة االئتمان
اإليجاري بشراء ما ذكر في اسمها ،بعدما تتعاقد مع المستفيد على كراء ما اشترته لفائدته
لمدة معينة غالبا ما تكون هذه األخيرة تستغرق الثمن الذي اشترته به وهامش الربح ويقع
االتفاق مسبقا ع لى عدم فسخ عقد الكراء طيلة المدة المتفق عليها في العقد وتعفي مؤسسة
االئتمان اإليجاري نفسها من كل مسؤولية.
وأيضا عرفه محمد الكشبور بكونه صورة حديثة من صور التمويل عبارة عن
تمويل عيني يتيح للمقاولة فرصة الحصول على األصول الرأسمالية التي تحتاج إليها في
بداية التأسيس دون أن تستنفذ هذه المقاولة الموارد المالية الموجودة لديها التي قد تنفقها في
موارد أخرى ،27وعرفه البعض 28بأنه تصميم قانوني يرجع أصله إلى القانون األمريكي
وهو تقنية قانونية وتمويلية تجمع بين تقنيات التمويل االستثماري وبين مقومات العقد .وقد
عرفه جانب من الفقه الفرنسي 29بكونه "إيجار أصل من أجل استعمال مهني ،مع وعد
16
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
أحادي الجانب بالبيع لصالح المستأجر ،وذلك بعد انقضاء مدة العقد ،مقابل سعر تم االتفاق
عليه.
وما يمكن قوله في هذا اإلطار هو أن عقد االئتمان اإليجاري من العقود التي سبقت
فيها الممارسة النظرية التنظيم التشريعي ،وهو من العقود الملزمة للجانبين التي تمكن
المكتري من الحصول على العقارات أو المنقوالت لممارسة نشاطه في مقابل التزام مؤسسة
االئتمان اإليجاري بتمويلها وشرائها بناء على طلب المكتري مقابل أقساط تؤدى شهريا مع
منحه إمكانية تملك العقار أو المنقول عند نهاية مدة العقد مقابل دفعه الجزء المتبقي.
هذا فيما يخص التعريف القانوني والفقهي لعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا
تجاريا بنص القانون ،أما عن كيفية إجراء هذه التقنية التمويلية عمليا ،فيمكن تلخيصها في
قيام مؤسسة مالية متخ صصة مرخص لها قانونا ،بشراء منقوالت أو عقارات وتسليمها إلى
المستفيد على وجه الكراء أو اإليجار بعد اختيار هذا األخير للمورد ،واالتفاق معه على
سائر العناصر الضرورية ،كالثمن والمواصفات وتاريخ التسليم ،وكأنه يشتريها من ماله
الخاص ،ثم تقوم شركة االئتمان اإليجاري بالشراء باسمها وتتعاقد مع المستفيد على كراء ما
اشترته لفائدته لمدة معينة ،غالبا ما تستغرق ثمن الشراء عالوة على الربح ويقع االتفاق
مسبقا على أداء المستفيد(المكتري) دفعات مالية خالل مدة استعمال األشياء ،وزمان ،ومكان
الوفاء بها وعلى عدم فسخ العقد طول المدة المتفق عليها ،وعلى كل مسؤولية من الممكن أن
تترتب عليه.30
ثانيا:القواعد الموضوعية لعقد االئتمان اإليجاري
وعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا تجاريا يتميز بمجموعة من الشروط
والخصائص عن باقي العقود المدنية الواردة في قانون االلتزامات والعقود ويكن تلخيصها
فيما يلي:
.1األهلية :تختلف األهلية في عقد االئتمان اإليجاري عن العقود الواردة في القانون
المدني على األقل أحد أطرافها فشركة االئتمان اإليجاري حسب المادة األولى من قانون
- 30نورة غزالن الشنيوي ،الوجيز في العقود التجارية –دراسة على ضوء المقتضيات التشريعية والممارسة العملية -مطبعة الورود ،انزكان،
الطبعة األولى ،2014/1435ص .267
17
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
103.12هي شخص معنوي يزاول نشاطه بالمغرب أيا كان موقع مقره االجتماعي أو
جنسية المشاركين في رأسماله أو مخصصاته أو جنسية مسيريه ،والذي يحترف بصورة
اعتيادية نشاطا واحدا أو أكثر من األنشطة التالية ... :عمليات االئتمان "والتي ال تتكون إال
في شكل شركة مساهمة ذات رأسمال ثابت ،بإنشاء المؤسسات التي حدد لها القانون نظاما
أساسيا خاصا طبقا للمادة 28من القانون رقم 103.12المتعلق بمؤسسات االئتمان
والهيئات المعتبرة في حكمها وهو نفس توجه المشرع الفرنسي بقانون 47لسنة 1984
بشأن نشاط ومراقبة مؤسسات االئتمان 31الذي اعتبر عمليات اإليجار التمويلي،وبوجه عام
كل العمليات التي تتضمن إيجارا مصحوبا بوعد بالبيع ملزم لجانب واحد شبيهة بعمليات
االئتمان 32وكذا المشرع المصري الذي قصر ممارسة التأجير التمويلي على شركات
األموال.
وأما أهلية المكتري مشروع اقتصادي فردي أو جماعي،من أشخاص القانون الخاص
يباشر نشاطا صناعيا أو تجاريا أو زراعيا أو حرفيا،فال يشترط فيه أن يكون تاجرا ويجب
أن ال يكون المكتري يستأجر عقارا أو منقوال الستخدامه الخاص ،ألنه والحالة هاته ال
يخضع للمقتضيات المتعلقة بعقد االئتمان اإليجاري.
.2الثمن ،فالثمن حسب الفقرة الثانية من المادة 4من القانون رقم 103.12المتعلق
بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها فإن ثمن إيجار المنقوالت يتكون من ثمن
متفق عليه يراعي في تحديده على األقل جزءا من المبالغ المدفوعة على "سبيل اإليجار"،
على العكس من ذلك بالنسبة لالئتمان اإليجاري العقاري فقد اكتفى المشرع بعبارة"إذا كان
من شأن هذه العمليات كيفما كان تكييفها أن تمكن المستأجر من أن يصبح مالكا لكل أو
بعض الممتلكات المستأجرة عند انتهاء عقد اإليجار كأقصى أجل" ،كما يتكون الثمن من
31عرف المشرع الفرنسي مؤسسات االئتمان بأنها أشخاص معنوية تتخد من عمليات البنوك حرفة معتادة لها،ثم حضر على غير مؤسسات
االئتمان ممارسة عمل البنوك للمزيد من التفاصيل يراجع علي سيد قاسم،الجوانب القانونية لإليجار التمويلي،دار النهضة العربية،القاهرة،بدون رقم
وتاريخ الطبعة ص.96
32محمد محمد علي الحوثي ،عقد التأجير التمويلي بين القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية -دراسة مقارنة -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية ، 2014-2013ص .132
18
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
19
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
األطراف واألغيار و يمثل امتياز لشركة االئتمان اإليجاري في حالة خضوع المكتري
لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،وتختلف إجراءات شهر عقد االئتمان اإليجاري بين
الوارد العقار والمنقول.
فيما يخص عقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول ،فالمشرع انطالقا من الفقرة
الثانية من المادة 436من مدونة التجارة حدد الجهة المكلفة بعملية شهر العقد ،حيث يتم ذلك
بناء على طلب من شركة االئتمان اإليجاري في سجل مفتوح لهذه الغاية بكتابة الضبط التي
تمسك السجل التجاري.
غير أن المشرع في معرض حديثه عن الشهر لم يحدد المحكمة المختصة ،لكن
بالرجوع إلى الفصل 24من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار تعطي االختصاص
للمحكمة التجارية بالدار البيضاء.35
كما أن شركة االئتمان اإليجاري تتحمل مصاريف التجديد ،وكذا التعديالت التي ترد
على القيد األصلي وتبقى مؤسسة االئتمان اإليجاري هي الطرف المختص بإجراء القيد
سواء كان أصليا أو الحقا ،36فالمشرع لم يحدد أجال لهذا اإلجراء ،وإن كان حدد اآلثار
الناجمة عن التقييدات التي تمت بصفة قانونية ،حيث نصت المادة 438من مدونة التجارة
ما يلي" :يسري أثر التقييدات التي تمت بصفة قانونية تطبيقا للمواد السابقة ابتداء من
تاريخها.
يشطب على التقييدات إما بناء على اتفاق بين الطرفين ،وإما تنفيذا لمقرر قضائي
اكتسب قوة الشيء المقضي به.
تتقادم التقييدات بخمس سنوات ما لم تجدد".
من خالل نص المشرع على جعل التقييدات ال ينتج أثرها إال من تاريخ القيد،
فشركة االئتمان تحرص على الشهر لحماية مصالحها المالية.
- 35ينص الفصل من الشروط الخاصة للشركة المغربية لإليجار على أنه ":يعرض أي نزاع يتعلق بتفسير أو تنفيذ هذا العقد ،وعموما أي نزاع
يمكن أن ينشب بين الطرفين على المحكمة التجارية بالدار البيضاء.
- 36فشرط االختصاص يبرز بشكل جلي كون عقد االئتمان اإليجاري من عقود اإلذعان ،ألنها حسب الفصل 24من الشروط العامة للشركة
المغربية لإليجار،تجعل االختصاص للمحكمة التجارية وهذا يرهق كاهل المكتري بمصاريف إضافية ،ويدفعنا إلى التساؤل حول جدوى إنشاء
محاكم تجارية إقليمية.
20
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
21
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ومحل عقد االئتمان اإليجاري ال يرد سوى على عقار محفظ 39وهو نفس توجه
بعض الفقه40وله حججه في ذلك.على اعتبار أن شركات االئتمان اإليجاري حفاظا على
مصالحها ،فإن العين محل عقد االئتمان اإليجاري العقاري ال تكون سوى على عقار محفظ
خصوصا في الحالة التي تم تشييده من طرف شركة اإلئتمان ألجل تأجيره للمكتري ،حيث
يعمل الطرف األول جاهدا على حماية حقوقه العينية المرتبطة باألرض المشيدة فوقها عن
طريق قيد حق الملكية الوارد على األرض ،وعلى العقار المشيد فوقها لدى المحافظة
العقارية فالرأي القائل بورود محل عقد االئتمان اإليجاري العقاري على عقار محفظ أمر
صائب من جهتين ،من جهة فالعقار المحفظ حسب الفصل األول من قانون 14-07يخضع
لمسطرة التطهير حيث يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من الرسوم
وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة الذكر غير المضمنة به"
وبالتالي فالعقار المحفظ يكون خاليا من كل المنازعات التي يمكن أن تثار بشأن
العقار ،وذلك عن طريق التطهير المسبق للملكية العقارية ويتمثل هذا التطهير من
التعرضات التي يمكن أن تثار أثناء عملية التحفيظ.
فالتحفيظ العقاري يقوم بتحديد معالم العقار ،وكذا ذوي الحقوق العينية سواء كانت
حقوقا أصلية أو تبعية ،41وبالتالي يضمن لشركة االئتمان عدم دخولها في نزاعات مع
أصحاب الحقوق العينية.
ومن جهة أخرى ما تطلبه المعامالت التجارية من سرعة وذلك بسبب بطئ مسطرة
التحفيظ ،يدفعنا إلى القول بأنه يكفي أن يكون العقار المؤجر محل تسجيل لدى المحافظة
العقارية ،ما دامت الحقوق المسجلة بالسجالت العقارية يمكن اإلطالع عليها.
ومن تم إذا كان العقار المؤجر محفظا فإن شركة االئتمان اإليجاري تقوم بإدراج قيد
عقد االئتمان اإليجاري في رسم المحافظة العقارية ،مع اإلشارة إلى رقمه في ذلك الرسم.
- 39العقار المحفظ من العقار الخاضع للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في اإلمكان إخراجه منه فيما بعد ،انظر الفصل األول من
ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمقدم بمقتضى القانون رقم.14-07
- 40أحمد أدرويش ،التمويل بالكراء ،المجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد ،العدد ،33عدد خاص ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار
البيضاء،1997ص .87
- 41إدريس السماحي ،الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري ،مطبعة أمرين للطباعة والتلفيف ،الطبعة األولى،2003ص .20
22
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
أما شرط الكتابة فتظهر المقتضيات القانونية المنظمة لهذا العقد المنصوص عليها في
المواد من 431إلى 442من مدونة التجارة أن المشرع لم يشترط إثباته بمحرر مكتوب
بشكل رسمي أو عرفي ،فهذا النوع من العقود يعتبر رضائيا ال يحتاج مبدئيا إلى شكلية
الكتابة لتمام صحته أو إلثباته.لكن هناك العديد من المبررات التي توضح أهمية الكتابة
كشكلية إلثبات عقد االئتمان اإليجاري ومنا:
أن المشرع اشترط الكتابة بشكل ضمني،ما دام نص في المادة 433من م ت -
م نص على تضمين عقود االئتمان اإليجاري تحت طائلة البطالن الشروط التي يمكن فيها
فسخ هذه العقود أو تجديدها،وهذا المقتضى يؤكد اشتراط المشرع الكتابة .
أن المشرع المغربي فرض من خالل الفصل 489من ق ل كلما تعلق األمر -
بعقار شكلية الكتابة إلتمام عملية البيع واإليجار ،وهو ما ينطبق على عقد االئتمان اإليجاري
العقاري.
-وكذلك فرض المشرع إشهار عقد االئتمان اإليجاري تحت طائلة عدم إمكانية
االحتجاج تجاه الغير في حالة عدم شهره وهو يبين أهمية الكتابة إلثباته وهذه الشكلية كان
هدف المشرع من خاللها حماية الغير المتعاملين مع أطراف عقد االئتمان اإليجاري.
تطرح الطبيعة القانونية لعقد االئتمان اإليجاري مجموعة من النقاشات حول طبيعة
هذا العقد وتكييفه القانوني ،خاصة أن المشرع لم ينظم أحكامه الموضوعية ،مما يفتح الباب
أمام النقاشات الفقهية التي حاول كل جانب فقهي تكييفه حسب الحجج واألسانيد ،خاصة أن
المشرع المغربي سكت عن تحديد طبيعة هذا العقد .وهو نفس توجه المشرع المصري،
تاركا ذلك للفقه والقضاء بخالف المشرع الفرنسي الذي نص على إمكانية تنازل المكري
على ملكية األصول عند انتهاء مدة الكراء ،عن طريق التنازل تنفيذا للوعد بالبيع من جانب
المكري أو شركة االئتمان اإليجاري.
23
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وتنحصر األوصاف التي أعطيت من طرف هؤالء ،في كونه عقد إيجار مالي مع
وعد انفرادي بالبيع من جانب شركات االئتمان اإليجاري ،وعقد كراء أو شراء أو مشارطة
للغير ،42إلى غير ذلك من األوصاف القانونية التي أعطيت له.
وهناك من يحدد طبيعة االئتمان اإليجاري بالنظر إلى كل طابع يتميز به،فتارة يعتبر
43
عملية تمويل،وتارة أخرى باعتباره عملية تأجير،أو وسيلة ضمان.
وقد حلل أحد الفقهاء 44عقد االئتمان اإليجاري من الناحية القانونية إلى ثالثة عمليات
قانونية وهي الشراء بقصد التأجير ،ثم التأجير مع إمكانية الشراء أو التملك بالنسبة
للمكتري ،أما الفقيه CHAMPAUDحاول البحث عن الطبيعة القانونية لعقد االئتمان
اإليجاري ،فاعتبرها جد معقدة ،ألنها تنتج عن خمس تقنيات قانونية على األقل تستعمل وفق
ترتيب زمني وهي:
وعد متبادل باإليجار بين الشركة الممولة والمكتري في تكوين العقد. .1
وكالة إلى المكتري بتمثيل شركة االئتمان اإليجاري باختيار المعدات وتحديد .2
أوصافها وثمنها مع البائع.
عقد كراء للمنقول والعقار. .3
وعد غير متبادل بالبيع تتعهد شركة االئتمان بمقتضاه بيع العقار والمنقول إلى .4
المكتري في نهاية العقد.
وكإحدى الخيارات الممنوحة للمكتري ،عقد بيع عند إعالن هذا األخير رغبته .5
بالشراء.
ومرد هذا النقاش يرجع لكونه عقد االئتمان اإليجاري يعتبر عقدا مركبا ،يحتوي
على مجموعة من العمليات القانونية التقليدية ،تلتحم فيما بينها وتكون كال ال يتجزأ مما
يمكن معه القول بأنه عملية مركبة وليس مجرد عقد.
- 42أمحمد برادة غزيول ،عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء ،م س ،ص 67
43القاضي حبيب مزهر،الطبيعة القانونية لعقد الليزنغ ،الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و االقتصادية،أعمال المؤتمر العلمي
السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية،الجزء الثاني،الجديد في التمويل المصرفي،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت لبنان ،2002،ص.56
-44إبراهيم الدسوقي أبو الليل،تطورات حديثة في التأجير التمويلي،الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و االقتصادية،أعمال
المؤتمر العلمي السنو ي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية،الجزء الثاني،الجديد في التمويل المصرفي،منشورات الحلبي الحقوقية،بيروت لبنان
،2002ص 135و.136
24
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وأما البعض اآلخر 45فيرى بأنه بالرغم من تعدد آراء الفقهاء حول تحديد طبيعة
االئتمان اإليجاري القانونية ،فإنه يعتبر شكال من أشكال الكراء يمكن للمؤسسة التمويلية في
حالة عدم الوفاء باألقساط الشهرية من استرجاع المقابل العيني للمبلغ الذي دفعته في
العملية ،مما يضفي على العقد ضمانة عادية.
وألن معرفة طبيعة هذا العقد من شأنها أن تزيل كل غلط في هذا الموضوع ،وما قد
يحدث لألطراف من التباس ألنهم ال يستطيعون التنبيه في البداية لجميع المسائل التي يمكن
أن تنشأ عن العقد ،ومما يمكن القضاء من إلغاء بعض الشروط التعسفية التي تدرجها
شركات االئتمان اإليجاري تحت غطاء اعتبارها شروطا تعاقدية وقعت بموافقة الطرف
اآلخر.46
ويعتمد القضاء في تكييف االتفاق على ما اتجهت إليه نية األطراف فعال ،وتظهر
في إبرام عقد بيع وليس كراء أو العكس في الظروف المختلفة المحيطة بالتعاقد ،وعلى
الخصوص بمدى التزاماتهم ،ومن النشاط المهني الذي يمارسه المكري وقد يتأكد أن
المقصود هو البيع وليس الكراء أو العكس ،من وجود اتفاق يلحق بالعقد ،ويظل ساريا بين
المتعاقدين.
كما يمكن الوصول إلى نفس النتيجة من خالل السلطات المخولة للمكتري على
الشيء ،وما إذا كان بإمكانه التصرف في الشيء المكتري من عدمه.
ويطرح مشكل تكييف عقد االئتمان اإليجاري العديد من الصعوبات وإن كان
البعض 47يكيف ه بأنه عملية إكراء أو إيجار ولو أنه في الواقع يخرج عن القواعد المألوفة في
الكراء العادي ومنهم من اعترف له بطبيعته الخاصة نظرا لتعدد التقنيات التعاقدية التي
تدخل في تكوينه.
ويمكن اعتبار عقد االئتمان اإليجاري بأنه عقد بيع بالتقسيط مع شرط االحتفاظ
بالملكية على سبيل الضمان على اعتبار أن العقدين يخوالن االحتفاظ بالملكية.وهو عقد
- 45بحار عبد الرحيم ،اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية ،منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية ،سلسلة الدراساتـ
واألبحاث ،العدد ،8فبراير ،2008ص .394
- 46وردة غزال ،االئتمان اإليجاري للمنقول في مدونة التجارة ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية ،2000-1999ص .32
- 47نورة غزالن الشنيوي ،مرجع سابق ،ص .271
25
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
مركب ،يجمع في طياته العديد من التقنيات القانونية منها اإليجار مع وعد بالبيع والبيع
بالتقسيط.
وما يمكن قوله في هذا اإلطار أن االئتمان اإليجاري يتدرج ضمن العقد المسماة
متميزا عن العقود التي يدور في فلكها ،ما دام المشرع خصه بأحكام خاصة وإن كان لم
ينظم شروطه الموضوعية واكتفى بتنظيم الشروط الشكلية .فالمشرع تارة استعمل مصطلح
كراء إيجاري في وصف العقد ،كما استعمل مصطلح "مكري" ومكتري في وصف طرفيه
الرئيسيين ،ولذلك يمكن اعتباره كراء بنص القانون يتميز عن غيره من األكرية الخاصة
بوجوب تضمينه وعدا بالبيع لمصلحة المكتري .وهو نفس الوصف الذي أطلق عليه طرف
المشرع الفرنسي في المادة 1من قانون .1966
ثانيا:تمييز عقد االئتمان اإليجاري عن غيره من العقود المشابهة
يتشابه عقد االئتمان اإليجاري مع العديد من العقود مثل عقود الكراء بصفة عامة،
والعقود التي يكون محلها نقل ملكية شيء كعقد البيع ،وهو ما يتطلب منا تمييزه عن هذه
العقود وبيان نقط التشابه واالختالف فيها.
تمييز عقد االئتمان عن عقد البيع -1
يعتبر عقد البيع من العقود الناقلة للملكية .48وقد عرف المشرع المغربي عقد البيع
في المادة 478من ق.ل.ع ا لذي ورد فيها ما يلي" :البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين
لآلخر ملكية شيء ،أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا اآلخر بدفعه له" ،غير أن هذا التعريف
يختلف عن تعريف عقد االئتمان اإليجاري وخصوصية هذا األخير ،فإذا كان العقدان معا
يشتركان في وجود التسليم والدفع ،إال أن نقل الملكية ال يعد من العناصر الجوهرية في عقد
االئتمان اإليجاري وهذا يبرز االختالف الواضح بين العقدين ،حيث أنه في عقد البيع يقوم
البائع بنقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري ،أما في عقد االئتمان اإليجاري فإن ملكية
العقار أو المنقول ال تنتقل إلى المكتري إال إذا مارس حقه بشرائها عند نهاية العقد.
تمييز االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي -2
- 48عبد الرحمان الشرقاوي ،قانون العقود المسماة ،الباب األول العقود الناقلة للملكية -عقد البيع ،-الطبعة األولى ،2011مطبعة األمنية ،الرباط،
ص .32
26
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يختلف عقد االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي ،من عدة نواحي ،حيث عرف
المشرع المغربي من خالل الفصل 627عقد الكراء بأنه" :الكراء عقد بمقتضاه يمنح أحد
طرفيه اآلخر منفعة عقار أو منقول ،خالل مدة معينة في مقابل أجر محدد يلتزم الطرف
اآلخر بدفعه له".
من خالل هذا التعريف نجد أن المشرع المغربي نص على التزامات الطرفين بشكل
دقيق ،فالمكري يكون ملزما بتسيلم الشيء المكرى إلى المكتري ،وهذا األخير ملزم
باستعماله في حدود االتفاق الذي حصل بين الطرفين ،وكذلك دفع واجبات الكراء طيلة المدة
المتفق عليها والمضمنة في العقد ،في حين نجد أن االئتمان اإليجاري ليس كراء عاديا بل
إيجار مقترن بوعد بالبيع .49كما أن األجرة تكون مناسبة في الكراء العادي على خالفه
بالنسبة لعقد االئتمان اإليجاري التي تكون مرتفعة ألنها تشتمل أصل رأس المال زيادة على
هامش الربح ،أما فيما يخص انتهاء هذا العقد فال يمكن أن ينتهي قبل انتهاء المدة المتفق
عليها عكس الكراء العادي الذي تحكمه مقتضيات مغايرة.
كما أن المكتري في عقد اإليجار أو الكراء يضمن العيوب الخفية إذا وجد بالعين
المؤجرة عيب بموجب أحكام تحمل التبعية وأحكام الضمان . 50أما في عقد االئتمان
اإليجاري فغالبا ما تتحلل شركات االئتمان اإليجاري عن تحمل هذه العيوب بموجب تضمين
العقد شرطا يعفيها من هذه المسؤولية ورجوع المكتري مباشرة على البائع أو المورد.
تمييز عقد االئتمان اإليجاري عن عقد البيع اإليجاري -3
إن البيع اإليجاري عقد آخر يشبه عقد االئتمان اإليجاري بالنظر إلى أن كليهما
يتطلب تسليم الشيء ،على سبيل الكراء أو اإليجار إلى المستفيد أو المشتري في مقابل أداء
وجيبة أو أقساط معينة خالل مدة محددة تنتهي بالبيع ،أي أن المكتري يصبح مالكا للشيء
المكترى أو المؤجر ،غير أنه في االئتمان اإليجاري ال يغدو كذلك إال إذا استعمل هذا
الخيار ،أما في البيع اإليجاري فإن البيع يعتبر الطبيعية النهائية للعقد.51
27
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ثم أ نه إذا كان عقد االئتمان اإليجاري يقتصر في أغلب األحيان من حيث محله على
أموال معينة بالذات تقو م شركات االئتمان اإليجاري بشرائها باسمها وإكرائها للمستفيد فيما
بعد ليستغلها في أغراض تجارية أو صناعية أو مهنية ،وتظل مالكة لها طول فترة الكراء،
مما يمكنها والحالة هاته من استرجاعها من بين يدي المستفيد ،52فإن عقد البيع اإليجاري
يتميز باتساع نطاقه الذي ال يتحدد بأموال معينة ،وكذا يكون المؤجر مالكا في األصل
لألشياء المؤجرة التي تنتقل ملكيتها إلى المستأجر المشتري بعد أداء الثمن المتفق عليه.
تمييز عقد القرض عن عقد االئتمان اإليجاري -4
يقترب عقد القرض من عقد االئتمان اإليجاري من الناحية االقتصادية ،فالمقترض
في عقد القرض بدال من أن يقترض من مؤسسة االئتمان مبلغا لشراء األصول (عقارات أو
منقوالت) التي يحتاجها ،ثم يرد هذا المبلغ على شكل أقساط دورية مع الفوائد المستحقة،
فهو في عقد االئتمان يطلب من مؤسسة االئتمان شراء األصول التي يحتاجها حيث تقوم
بكرائها له مقابل أقساط دورية مع سعر الفائدة وهامش الربح.
أما من الناحية القانونية فاالختالف بين العقدين واضح خاصة فيما يخص آثار كال
العقدين حيث تعرف القوانين المدنية عقد القرض بأنه " ذلك العقد الذي يلتزم بموجبه
المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر ،على أن يرد
إليه المقترض شيئا مثله في مقداره أو نوعه أو صفته.53
وتعرف القوانين التي قننت االئتمان اإليجاري (عقد التأجير التمويلي) بأنه" :ذلك
العقد الذي يقوم فيه المؤجر بتأجير معدات وآالت تجهيزية حصل على ملكيتها للمستأجر
ال ذي يستطيع في نهاية العقد أن يصبح مالكا لها بدوره لقاء دفع الثمن المتفق عليه منذ
البداية.54
وتضم نقط االختالف بين العقدين في اآلثار المترتبة عن كل من العقدين ،فالقرض
من العقود الواردة على الملكية ،ومن ثم ال يلتزم المقترض برد األشياء التي اقترضها
28
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
بذاتها ،وإنم ا يجب عليه أن يرد أشياء مماثلة لها في المقدار ،النوع والصفة وعليه فتصرف
المقترض في األصول التي اقترضها ،ال يعد مرتكبا لجريمة خيانة األمانة.
أما ملكية األصول المكتراة في عقد االئتمان اإليجاري ،ال تنتقل إلى المكتري طول
مدة العقد ،وإنما تظل شركة االئتمان محتفظة بملكيتها لألشياء محل العقد ،إال عند انتهاء
العقد حيث يمكن للمكتري تملك األصول ،أما إذا لم يرغب المكتري في تملك األصول
المكتراة ولم يجدد العقد ،فعليه أن يرد األصول إلى شركة االئتمان وإال اعتبر مرتكبا
لجريمة خيانة األمانة.
29
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
والعالقة القانونية التي تبدو بدون شك رئيسية في عملية االئتمان اإليجاري ،هي تلك
التي تربط بين المكري(شركة االئتمان) والمكتري .ولقد اعتبرت هذه العالقة كراء خاضعة
في أحكامها الموضوعية للقواعد العامة في القوانين المدنية ،رغم االعتراضات الحادة التي
أبداها البعض لكونها لن تسمح لشركات االئتمان اإليجاري بالوصول إلى الهدف الذي
تنشده ،وبالتالي يبقى دورها في شكل ممول واالبتعاد عن دورها الذي يحملها التزامات
كثيرة ،تعتبر غير متوافقة والدور الذي تلعبه ،لذلك تتدخل بما لها من قوة واستغالل سلطان
اإلرادة لفرض شروط تحقق لها أكبر حماية لمصالحها ،وإن كان على حساب المكتري.
وأما ما يتعلق بالتزامات أطراف هذا العقد ،فالمشرع أحال على قواعد الكراء
المنصوص عليها في المواد من 627إلى 699من ق ل ع .
لذلك سنتطرق إلى التزامات الطرفين في عقد االئتمان اإليجاري في (الفقرة األولى)
التزامات شركة االئتمان وفي الفقرة الثانية (التزامات المكتري).
الفقرة األوىل :التزامات شركات االئتمان اإلجياري
نص المشرع المغربي في المادة 635من ق.ل.ع على أن المكري يتحمل التزامين
أساسين:
أوال :االلتزام بتسليم الشيء المكترى للمكتري
ثانيا :االلتزام بالضمان
أوال :التزام شركة االئتمان اإليجاري بالتسليم
يتحمل المكري بمقتضى القواعد العامة لعقد اإليجار االلتزام بتسليم محل اإليجار
للمستأجر ووضعه رهن تصرفه الستعماله.
إال أن شركات االئتمان اإليجاري ،ومن خالل إعمال مبدأ سلطان اإلرادة تسعى إلى
التخلص من هذا االلتزام عن طريق وكالة تمنح بمقتضاها للمستأجر تسلم األصل مباشرة
من المورد في التاريخ والمكان المحددين في وصل الطلبية ،وإن كان ما يحصل في الواقع
يوحي بوجود وكالتين ،األولى تمنحها للمورد ليقوم بتنفيذ االلتزام الملقى على عاتقها أصال
بتسليم األصل مباشرة للمستأجر ،وهو تسليم نابع من عقد البيع المبرم بين المؤجر والبائع،
30
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
والثانية تمنحها للمستأجر الستالم األصل مباشرة من البائع المورد ،وهو نفس التسليم
موضوع الوكالة األولى ،وبالتالي يظل األمر دائما في إطار التسليم النابع أو الناتج عن عقد
البيع .57أما التسليم الواجب بموجب عقد اإليجا ر ال تمنح به أية وكالة مكتفية بكون محل
التسليم هو واحد سواء في البيع أو اإليجار.
ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة المال المؤجر ،فإن كان عقارا فيتم
تسليمه بتسليم مفاتحه للمستأجر ،وإن كان منقوال ماديا فيتم تسليمه بوضعه في يد المستأجر،
وإن كان منقوال معنويا فيتحقق التسليم بتسليم مستنداته ووثائقه إلى المستأجر وقد يكون
التسليم عن طريق االتفاق بين المؤجر والمستأجر بتغيير سند حيازة المستأجر لألصل
المؤجر الذي تحت يده من مالك سابق إلى مستأجر.58
لكن شركات االئتمان اإليجاري من خالل التعديالت التي تدخلها على القواعد العامة
لإليجار تتخلص من المسؤولية الناجمة عن التسليم عبر التنصيص في عقودها على أن
التسليم يقع على عاتق البائع ،بحيث يسلم العقار أو المنقول للمكتري مباشرة ،أي وضعه
تحت تصرف هذا األخير بتحرير محضر يثبت استالم األصل ومطابقته للشروط التقنية
المرغوبة والعكس عدم مطابقته أو وجود عيوب ونواقص تجعل من المستحيل استعماله فيما
خصص له.
وتجدر اإلشارة إلى أنه يحق للمكتري رفض استالم العقار أو المنقول إذا رفض
البائع أو المورد تحرير محضر االستالم أو إذا لم يكن مطابقا للشروط والمواصفات المتفق
عليها.59
ولما كان في الغالب في عقد االئتمان اإليجاري،اختيار المكتري للمنقول وتعيين
البائع لشركة االئتمان،فإن هذه األخيرة تعد موفية بالتزامها بتسليم الشيء المكترى،بمجرد
قيامها بشرائه ،وكما أن التسليم يعتبر حجة على وفائها بإلتزام تسليم المنقول إلى المكتري،
وال يمكن في هذه الحالة لهذا األخير التحلل من أداء األقساط لوجود عيب في الشيء
31
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
المكرى وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء 60بين
شركة تريتمون دافير (بوصفها مستأنفة) وبين شركة وفاباي (بوصفها مستأنف عليها)والذي
جاء فيه"حيث أنه بخصوص ما تدفع به الطاعنة من تضارب المستأنف عليها في تحديد
المنقول،إذ أنها قامت برفع دعوتين تتعلقان بنفس عقد االئتمان اإليجاري المبرم بين
الطرفين..إال أنهما يختلفان في تحديد المنقول المكترى،إذ أن دعوى أداء األقساط تتعلق
بشاحنة من نوع رونو ME210-16Tفإن هذا الدفع مردود،ألن المستأنفة تقر في مقالها
لم تكون بالمواصفات المطلوبة فقامت االستئنافي بأن الشاحنة رونو ME210-16T
بإرجاعها للمستأنف عليها مقابل التزام هذه األخيرة بتسليمها شاحنة أخرى من نفس
المواصفات داخل أجل محدد إال أنها أخلت بالتزاماتها وتقدمت بعرض للطاعنة خارج
16Tإال أنه رفضته ولم تتسلم األجل يتعلق بشاحنة من نفس النوع إال أنها بحمولة تبلغ
الشاحنة،والحال أن تسلمها الشاحنة ثابت وفق ما ذكر في التعليل....
وحيث إنه بخصوص ما تتمسك به الطاعنة من خرق للفصل 431من يليه من
مدونة التجارة،فإنه دفع مردود ألن العقد المبرم بين الطرفين قد بني على شروط
متقابلة،وأن المستأنفة تسلمت المنقول وشرعت في استغالله إال أنها أخلت
بالتزاماتها،وبالتالي فإن دفعها المشار إليه أعاله ال يعفيها من التحلل من التزاماتها وأداء ما
تخلد بذمتها مقابل انتفاعها بالمنقول"...
أما بالنسبة لمكان وزمان تسليم الشيء المكترى ونفقات تسليمه،فيتم تحديده وفقا لما
تم االتفاق عليه بين الطرفين ،وإذا لم يتفقا على ذلك فيتم الرجوع إلى القواعد العامة لعقد
الكراء ،التي تقضي بأن مكان التسليم هو موطن المكري وزمان التسليم هو ذاته الزمن الذي
يبدأ سريان العقد فيه واألصل فيه سريانه منذ تاريخ إبرامه،أما نفقات التسليم فيتحملها
المكري ونفقات التسلم كالفحص والمعاينة يتحملها المكري وبالنسبة لنفقات محضر التسليم
فيتحملها المكتري ،وإذا لم يوجد اتفاق على ذلك يتحمل النفقات طالب المحضر سواء كان
61
المكري أو المكتري ،فإذا كانت بناء على طلب الطرفين فتكون مناصفة بينهما.
60قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء قرار رقم 2011/5476صدر بتاريخ (2011/11/27غير منشور) أنظر الملحق.
61محمد محمد علي الحوثي ،م س ،ص .219
32
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
- 62سميرة الطويل،االئتمان اإليجاري العقاري،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة
السنة الجامعية ،2011/2010ص .85-84
33
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
أما إذا تعلق األمر بتمويل شراء منقول فيكون التمويل عينيا بشراء المنقول ،أي ليس
مجرد نقود تدفع فحسب.
فااللتزام بالتمويل ،هو االلتزام الرئيسي والذي قد يبرز في العقد بشكل صريح،
عندما يذكر صراحة التزام الشركة المؤجرة بتمويل عملية شراء المنقول ،أو بشكل ضمني
–وهو الغالب -عندما يذكر في العقد بأن الشركة ملتزمة بتمكين المكتري من االنتفاع بمحل
العقد منقول كان أم عقار ،فهي تقوم بتمويل العملية بتملك محل العقد بناء على طلب
المستفيد المكتري.
والتزام الشركة بالتمويل ،هو التزام يبقى معلقا على شرط اكتسابها ملكية األصل
محل التمويل وتلقي غالبا الشركة الممولة على عاتق المستفيد المكتري كافة تبعاته من خالل
عدة آليات منها تحديد لبائع المنقوالت واختيار موردها أو منحه بالنيابة عنها الوكالة
بالشراء وغير ذلك.
أما االلتزام اآلخر الذي تتحمله شركة االئتمان فهو االلتزام بالضمان ،فهذه األخيرة
ملزمة بتمكين المكتري من االنتفاع بالمال محل عقد االئتمان اإليجاري ،63انتفاعا هادئا
طيلة مدة عقد االئتمان اإليجاري أي أن المكري يلتزم باالمتناع عن كل ما يؤدي إلى تعكير
صفو حيازة المكتري أو إلى حرمانه من المزايا التي كان من حقه أن يعول عليها بحسب ما
أعد له الشيء المكترى والحالة التي كان عليها عند العقد .64فإذا ظهر مانع أو عيب يمنع
انتفاع المكتري من العين المؤجرة ،جاز لهذا األخير أن يطالب الشركة (المكري) بضمان
التعرض وكذا ضمان العيوب الخفية.
والمكري ملتزم وفقا للقواعد العامة لعقد اإليجار بعدم التعرض الشخصي للمكتري،
سواء كان تعرضه ماديا أم قانونيا ،وكذلك يضمن المؤجر عدم التعرض القانوني من قبل
الغير للمكتري ،أما التعرض الم ادي من الغير للمكتري فال يضمنه المكري ،ويتولى
المكتري دفعه بنفسه دون الحاجة للرجوع على المكري.
63معتمد أز وكاغ ،عقد االئتمان اإليجاري للمنقوالت في التشريع المغربي،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم،كلية العلوم القانونية و
االقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية 2009-2008ص.54
64عبد الرحمان الشرقاوي،قانون العقود المسماة،الكتاب الثاني،العقود الواردة على منفعة الشيء"عقد الكراء" مطبعة األمنية -الرباط الطبعة
األولى 2013ص.78
34
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
- 65عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون الجديد 6الجزء األول ،اإليجار والعارية ،الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت
لبنان ،1977ص .206-205
66الفصل 638من ق ل ع"يلت زم المكري بتسليم العين وملحقاتها،وبصيانتها أثناء مدة اإليجار في حالة تصلح معها ألداء الغرض الذي خصصت
له وفقا لطبيعتها ما لم يشترط الطرفان غير ذلك،وفي كراء العقارات تقع اإلصالحات البسيطة على المكتري إذا قضى عرف المكان بذلك".....
- 67ينص الفصل 643من ق ل ع على ما يلي"الضمان الذي يلتزم به المكري للمكتري يرد على أمرين:
أوال:االنتفاع بالشيء المكترى وحيازته بال معارض
ثانيا:استحقاق الشيء والعيوب التي تشوبه.
و يثبت هذا الضمان بقوة القانون،وإن لم يشترط،وال يحول حسن نية المكري دون قيامه".
35
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حيث جاء في الفصل األول من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار على أنه "يقتني
المؤجر لدى الممونين السلعة التي اختارها المستأجر ...وقام المستأجر باختيار العين
موضوع اإليجار كما تم وصفها في الفصل األول من الشروط الخاصة وذلك تحت مسؤولية
حصرية في إطار الشروط التي أبرمها بكل حرية مع الممون."...
ويجد التزام شركة االئتمان (المكري) بضمان العيوب الخفية للمكتري التي من شأنها
أن تمنع انتفاعه بالعين المكتراة في القواعد العامة حيث نصت الفقرة األولى من الفصل
654من ق.ل.ع على أنه "يضمن المكري للمكتري كل عيوب الشيء المكترى التي من
شأنها أن تنقص من االنتفاع به إلى حد ملموس أو تجعله غير صالح الستعماله في الغرض
الذي أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد"....
والعيب الخفي هو الذي من شأنه أن يحول دون االنتفاع باإليجار على النحو
المقصود ،بحيث أن المستأجر يمتنع عن االستئجار لو علم به.68
ويشترط في العيب الموجب للضمان أن يكون مؤثرا أي أن يؤدي إلى اإلنقاص من
قيمة الشيء ،أو اإلخالل بالمنفعة المطلوبة 69وأن يكون خفيا ،ال يعلم به المكتري وال
يستطيع اكتشافه بالفحص والمعاينة المعتادة ،أي أن تحقق العيب الموجب للضمان يتعين أن
يكون على درجة من الخطورة وأن يكون خفيا وقديما وهذه الشروط الثالثة ال يتحقق
الضمان إال بوجودها.70
كما أن العيب الظاهر الذي يمكن للشخص العادي أن يكتشفه أو العيوب التي ال
تخلف إال ضررا تافها 71ال تعتبر من العيوب الموجبة للضمان .72كما أنه ال يشترط في
العيب أن يكون قديما مثال راجع إلى ما قبل التسليم كما هو الحال بالنسبة لعقد البيع ،بل
تضمن شركة االئتمان العيوب التي تحدث بعد التسليم ،فإذا توفرت الشروط المشار إليها
- 68السنهوري عبد الرزاق ،الجزء األول ،ص .426
69أحمد مفلح خوالده -شرط اإلعفاء من المسؤولية العقدية –دراسة مقارنة-دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان األردن الطبعة األولى 2011ص
.52
70عبد القادر العرعاري ،الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ،الكتاب األول-عقد البيع -الطبعة الثالثة ، 2011توزيع مكتبة دار األمان
الرباط ،ص.198
- 71حيث تنص الفقرة الثانية من المادة " 654العيوب التي ال تحول دون االنتفاع بالشيء المكتري أو العيوب التي ال تلحق به إال نقصا تافها ،ال
تخول المكتري حق الرجوع بالضمان ويطبق نفس الحكم على العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها".
- 72شروط العيب الموجب للضمان :إن العيب الموجب للضمان يشترط فيه أن يكون:
-1أن يكون مؤثرا؛
-2أن يكون خفيا؛
-2أن يكون قديما.
36
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يحق للمستأجر المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص األجرة ،كما أن ظهور عيب ال يمنح المكتري
حق التراجع عن العقد أو المطالبة بإنقاص األجرة ،وهو ما جاء في نموذج "الشركة
المغربية لإليجار في الفقرة السابعة من الفصل الثالث" وجاء فيها "إن ظهور عيوب أيا
كانت طبيعتها ال يمنح للمستأجر الحق في التراجع عن العقد أو المطالبة بالنسبة لفترة
المطابقة بتخفيض أداء االستحقاق أو ترحيل األداء أو الحصول على عين تعويضية من قبل
المؤجر".
الفقرة الثانية :التزامات املستأجر يف عقد االئتمان اإلجياري
بالرجوع إلى القواعد العامة لعقد الكراء ،يتبين من خالل الفصل 663من ق.ل.ع
أن المكتري يكون ملتزما بعدة التزامات أساسية منها االلتزام بدفع أجرة الكراء ،باإلضافة
إلى المحافظة على الشيء المكتري واستعماله وفق الغرض المخصص له .ألن المحل في
عقد االئتمان اإليجاري يعتبر أساسيا.
37
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وتكون األجرة مرتفعة في عقد االئتمان اإليجاري ألنها تتعلق بمنقوالت وعقارات قابلة
لإلهالك بحكم االستغالل لها ومن تم يدخل في تقدير األجرة المستحقة مقابل االنتفاع
بالمنقول أو العقار محل العقد ونسبة معينة تقابل استهالكه وتكاليف إبرام عقد االئتمان
اإليجاري ،إضافة إلى نسبة معينة التي تستهدف شركات االئتمان الحصول عليها من
استثمار أموالها في تمويل المشروعات التجارية وهو ما يسمى هامش الربح الذي يحدد
باتفاق الطرفين ،وهو ما نص عليه الفصل 628من ق.ل.ع على أنه" :يتم الكراء بتراضي
الطرفين على الشيء وعلى األجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط
العقد" .ويجد التزام المكتري بأداء األجرة في الفقرة الثانية من المادة 1783من التقنين
المدني الفرنسي الذي نص فيها على التزام المكتري بدفع األجرة مقابل انتفاعه باألشياء
محل عقد الكراء.
وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة التجارة نجد أن المادة 434استبعدت خضوع عقود
االئتمان اإليجاري للظهير المتعلق بالمراجعة الدورية للسومة الكرائية للمحالت المعدة
للتجارة أو الصناعة أو الحرف ( 5يناير 75)1953وكذلك لمقتضيات ظهير ( 24ماي
)1955المتعلق بأكرية المحالت ،وهو نفس توجه المشرع الفرنسي الذي استبعد عمليات
االئتمان اإليجاري الواردة على العقارات من الخضوع لمرسوم 1953المتعلق باإليجارات
التجارية.76
وتضمن شركة االئتمان حصولها على األقساط الكرائية عن طريق إلزام المكتري
تقديم ضمانات عينية كرهن األصول العقارية التي يمتلكها أو ضمانات شخصية وغالبا ما
يكون هذا الكفيل مديرا عاما أو عضو بمجلس اإلدارة إذا كان المكتري شركة مساهمة.77
وجاء في المقتضيات العامة للشركة المغربية لإليجار في الفصل 10المتعلق بالضمانات
على أنه " ولتأمين األداء وتسديد كافة المبالغ أصال ،وتسبيقات ،وفوائد ،وعموالت،
ومصاريف وتوابع التي قد تستحق على المستأجر لفائدة المؤجر بسبب من األسباب وخاصة
- 75مرسوم رقم 960-53من قانون 30سبتمبر 1953الجريدة الرسمية 1أكتوبر 1953معدل بمقتضى أمر 18-09-912
www.legifrance.gouv.frتاريخ الزيارة 20/11/2014على الساعة .21:00
76
- JEAN DERRUPE- les baux commerciaux du droit- 2 édition, DALLOZ, Paris 1996, page 12.
- 77محمد هاني دويدار ،النظام القانوني للتأجير التمويلي ،دراسة نقدية في القانون الفرنسي ،دار الجامعة الجديدة للنشر اإلسكندرية ،1994ص
.399
38
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
برسم تنفيذ إحدى االلتزامات موضوع هذا العقد،يخصص المستأجر على سبيل الضمانة
العين المضمنة خصائصها في الفصل األول من المقتضيات الخاصة بعقد اإليجار التي
يشهد بصحتها.78"...
باإلضافة إلى إلزام المكتري بإبرام تأمين على حياته ،حيث يمكن لشركة االئتمان من
استرداد قيمة المال المستثمر ،إذا تعطل دفع أقساط األجرة بسبب وفاة المكتري ،باعتبار
مبلغ التأمين مقابل ألقساط األجرة غير المسددة من قبل المكتري المتوفى وهو مبلغ تتقاضاه
شركة االئتمان من مؤسسة التأمين التي أمن فيها المكتري على حياته ،ويرجع هذا لالعتبار
الشخصي المميز لعقد االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي الذي تستمر فيه العالقة الكرائية
بين المكري وورثة المكتري وال يترتب عن وفاة هذا األخير فسخ العقد على عكس العقد
األول ذو الطابع المالي القائم على كونه ائتمان ال يتم منحه إال بعد قبول طلب المستفيد.79
ثانيا :المحافظة على الشيء المؤجر
يلتزم المكتري بالمحافظة على الشيء المكترى عن طريق استعماله بدون إفراط أو
إساءة وفقا لما أعد له ،بصورة طبيعية أو كما خصص له بمقتضى العقد عموما ،ببذل
العناية التي يبذلها الشخص العادي إذا ما وضع في نفس ظروف المستفيد.
وال يمكن للمكتري أن يقوم بأي تنازل عن حق االنتفاع بالشيء المكترى إال بوجود
بند يجيزه ،وبالتالي فإن كل تنازل عنه من طرف المكتري ،كإكرائه من الباطن دون
ترخيص من المكري يقع باطال،ومبطال لعقد االئتمان اإليجاري فشركات االئتمان اإليجاري
يحق لها طلب فسخ العقد والمطالبة قضائيا بالتعويض عن الضرر الذي لحقها.
والمكتري ملزم في سبيل المحافظة على الشيء (المنقول أو العقار) بتحمل جميع
المصاريف الضرورية الستعمال وصيانة المعدات ،وذلك خروجا على مقتضيات الفصل
638من ق.ل.ع 80الذي يجعل هذه المصاريف على عاتق المكري ،وذلك راجع باألساس
إلى كون المشرع لم ينظم القواعد الموضوعية لهذا العقد وإنما ترك ذلك إلرادة األطراف،
- 78أنظر الشروط الخاصة بعقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول في الملحق.
- 79حنان بلكو ،مرجع سابق ،ص .79
- 80تنص الفقرة األولى من الفصل 638من ق.ل.ع على أنه" :يلزم المكري بتسليم العين وملحقاتها ،وبصيانتها أثناء مدة اإليجار في حالة تصلح
معها ألداء الغرض الذي خصصت له وفقا لطبيعتها ما لم يشترط الطرفان غير ذلك ،وفي كراء العقارات تقع اإلصالحات البسيطة على المكتري
إذا قضى عرف المكان بذلك.
39
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الشيء الذي يدفع شركة االئتمان اإليجاري إلى إدراج بنود في العقد تجعل المكتري يتحمل
جميع نفقات ومصاريف الصيانة واإلصالح ،وإذا ما ترتب عن هذه الصيانة إضافة
إصالحات أو تحسينات على العقار ،فإنها تصير بحكم القانون في ملك المكري دون تخويل
المكتري الحق في المطالبة بتخفيض األجرة ،أو فسخ العقد في حالة عدم استعمال العقار
ألي سبب كان بما في ذلك القوة القاهرة.81
كما أن التزام المستأجر بالصيانة يجد تبريره في اكتساب ملكية العقار بإعماله لخيار
الشراء الممنوح له عند نهاية مدة عقد االئتمان اإليجاري.
ومن تم ليس هناك ما يمنع من تحمله تبعات الملكية منذ بداية انتفاعه باألصل 82في
حين نجد أنه في الكراء العادي ال يرد إال على منفعة المال المكتري مع ضمان عودته إلى
المكري عند حلول أجل العقد.
ومن ناحية أخرى فالمكتري ملزم بالتأمين على الشيء المكترى من األضرار التي قد
تصيب الغير طبقا لمسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في الفصل 88من ق.ل.ع وتأمينه
على األضرار التي قد تلحق بالمال نفسه ،لذلك فإن جميع عقود اإلئتمان اإليجاري تنص على
ضرورة إبرام المكتري لعقد تأمين لدى شركات التأمين الذي يحددها المكري(شركة االئتمان
اإليجاري) والتي تغطي مسؤوليته المدنية ،باإلضافة إلى تأمين آخر يغطي جميع المخاطر التي قد
تلحق المال المكترى سواء كان الهالك كليا أو جزئيا.
ففي حالة الهالك الجزئي يجب على المكري إما إصالح المعدات أو العمل على استبدالها
وفق اختيار المكتري أو إعادة األصل إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث الضرر ،وعلى ضوء
ذلك تقوم شركة االئتمان بتمكين المستفيد من المبالغ التي توصلت بها شركة التأمين ،وفي حالة
عدم كفاية هذه المبالغ فإن المكتري هو الذي يتحمل الفرق.
أما في حالة الهالك الكلي ،فيكون للمكري الخيار بين استبدال المعدات بأخرى مماثلة لها
على نفقته ويستمر بالتالي العقد بنفس الشروط ،وإما فسخ العقد مقابل أداء المكتري لمبلغ يساوي
قيمة األكرية المتبقاة إلى نهاية العقد ،على أن يصبح مالك لتلك المعدات.
40
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
أما في فرنسا ،فيتم التمييز بين المنقول والعقار ،فإذا كان المحل منقوال فيفسخ العقد من
تلقاء نفسه ،وتقبض شركات االئتمان اإليجاري مبلغ التأمين ،ويتحمل المستأجر فارق التعويض
إذا لم يغطه مبلغ التأمين ،حيث أن هذه الشركة تحرص على الحصول على كامل مبلغ األجرة
المتبقية غير المدفوعة ،باإلضافة إلى الثمن المتبقي لألصل إلى نهاية المدة والمتفق عليه سلفا بين
طرفي العقد ،أما إذا كان محل العقد الهالك كليا عقارا فال يفسخ العقد ،ويتم إعادة بنائه من قبل
المستأجر من مبلغ التأمين الذي تسلمه له الشركة المؤجرة بعد قبضه من شركة التأمين ويتحمل
المستأجر الفارق إن وجد بين مبلغ التأمين وتكلفة بناء األصل وإعادته إلى الحالة التي كان
عليها.83
املبحث الثاين
إن المشرع عند تنظيمه لعقد االئتمان اإليجاري تغاضى عن تنظيم األحكام العامة
لهذا العقد ،رغم األهمية التي تلعبها في تنظيم العالقة بين المتعاقدين ،وتحديد حقوق
والتزامات األطراف المتعاقدة ونوع الشروط التي يجب تضمينها في هذا العقد ،وإنما أشار
فقط إلى جزاء بطالن العقد عند عدم ذكر الشروط التي يمكن من خاللها فسخ العقد أو
تجديده بطلب من المتعاقد المستأجر.
لذلك فإن العقد يخضع للحرية التعاقدية لألطراف في تنظيم حقوقهم والتزاماتهم،
مكرسا بذلك مبدأ سلطان اإلرادة ،لكن في مقابل ذلك يعاب على المشرع المغربي تنظيمه
بشكل دقيق القواعد الشكلية التي تهدف إلى حماية األطراف وكذلك الغير(كإجراءات شهر
عقد االئتمان اإليجاري) ،حيث خصص حيزا مهما من النصوص لعملية شهر هذا العقد في
مقابل إغفال تنظيم القواعد الموضوعية ،مما فتح الباب على مصراعيه أمام شركات
االئتمان اإليجاري الستغالل الحرية التعاقدية من أجل فرض مجموعة من الشروط التي
تثقل كاهل المكتري ،مما يجعل مصالح وحقوق المكتري في عقد االئتمان اإليجاري تضيع
41
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وتحمله شروطا مجحفة مما يقتضي منا الرجوع إلى القواعد العامة خاصة إمكانية تداخل
القاضي لحماية المتعاقد بصفة عامة والمكتري من الشروط التعسفية وإن كان هناك خالف
حول مدى اعتبار المكتري مستهلكا من عدمه .وكذلك حماية المكري لمصالحه بموجب
شرط االحتفاظ بالملكية وبعض الشروط الخاصة التي تضمنها شركة االئتمان اإليجاري في
عقودها النموذجية.
غير أنه بالرجوع إلى القانونين سواء الفرنسي أو المغربي فإننا ال نجد أي مقتضى
عام يتضمن التوازن العقدي ويبقى المعول عليه هو القضاء المغربي الذي أصبح مطالبا
بتجاوز المفاهيم التقليدية التي أصبحت متجاوزة بفعل التطورات التي طرأت على نظرية
االلتزام العتبارات اقتصادية واجتماعية وهو ما أصبح يعرف بتأثر قواعد القانون المدني
التقليدي بالمفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي .خاصة أننا أمام عالقة غير متوازنة تنعدم فيها
المساومة الحرة التي تتميز بها العقود االختيارية أو التفاوضية ،بحيث تتم مناقشة بنود العقد
بمحض اختيار المتعاقدين معا وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين وإنما نحن هنا بصدد عقد
يعتبر من عقود اإلذعان،الذي اشترط فيه بعض الفقه أن تتوفر فيه ثالث سمات وهي أوال
أن يكون اإليجاب موجه للعموم ،و ثانيا أن يكون عقد اإلذعان من العقود الضرورية
للمذعن ،وأخير أن يكون هناك احتكار قانوني أو فعلي لسلعة.84
وعقود اإلذعان تتميز في مجملها بانعدام إرادة أحد طرفيها أو على األقل في انفراد
إحدى هذه اإلرادات في تحديد بنود العقد أو االلتزامات الناتجة عنه والتي تتميز بغياب
التوازن االقتصادي بين الطرفين.
لذلك سنتناول حماية المكري لمصالحه في عقد االئتمان اإليجاري(المطلب األول) ثم
آليات حماية المكتري في عقد االئتمان اإليجاري(المطلب الثاني)
42
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
المنقول إلى غاية إعمال المكتري خيار الشراء عند انتهاء العقد .كما أن شركة االئتمان تعمد
إلى تضمين العقد مجموعة من الشروط الخاصة التي تحمي بها مصالحها حيث أنها تضع
مجموعة من االلتزامات على عاتق المكتري ومنها إخبار الشركة باحتمال إيقاع حجز وكذا
القيام بجميع اإلجراءات القانونية من أجل المحافظة على حق الملكية الذي تملكه مؤسسة
االئتمان .
كما تحمي شركة االئتمان مصالحها بإلزام المكتري إبرام تأمين يضمن مسؤوليته
المدنية غير المحددة على األقل فيما يتعلق باألضرار الجسيمة،بصفته حارسا قانونيا
للمنقول وحائزا للعقار،وكذلك التأمين على اآلالت و المعدات نفسها ضد وقوع خطر.
وسنتطرق في هذا المطلب حماية المكري لمصالحه من خالل شرط االحتفاظ
بالملكية في الفقرة األولى ،وكذا حماية المكري من خالل إدراج شروط خاصة في عقد
االئتمان اإليجاري (الفقرة الثانية).
يعتبر شرط االحتفاظ بالملكية في عقد االئتمان اإليجاري أهم ضمانة من الضمانات
التي تتمتع بها شركة االئتمان لحماية حقوقها وكذلك التقليل من مخاطر وعواقب عدم وفاء
المكتري بالتزاماته .لذلك تلجأ هذه الشركات إلى تضمين عقودها مجموعة من الشروط التي
تهدف من وراءها تأمين حقوقها المالية ،ومن أهم الضمانات نجد شرط االحتفاظ بالملكية.
فما المقصود بهذا الشرط؟ وما هي طبيعته القانونية؟
أوال :مفهوم شرط االحتفاظ بالملكية
يعرف بعض الفقه 85شرط االحتفاظ بالملكية بأنه اتفاق بمقتضاه يحتفظ البائع بملكية
الشيء المبيع،وال يسلمه حتى يستوفي الثمن كامال.
لذلك فعملية االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار ،تمنح لشركة
االئتمان اإليجاري االحتفاظ بملكية الشيء محل العقد ،ويقوم المكتري باستعمال المنقول أو
العقار بمقتضى العقد المبرم بينهما مقابل أجرة معينة ،يتم تحديدها باالتفاق بين الطرفين
- 85نبيل إبراهيم :الضمانات غير المسماة في القانون الخاص ،في قانون االلتزامات ،في نطاق قانون األعمال -دراسة مقارنة ،منشأة المعرف
اإلسكندرية ،السنة ،1991ص .229
43
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وفقا لمعايير محددة ويكون للمستأجر عند نهاية العقد حق إعمال خيار شراء األصل
الممنوح في نهاية العقد.
ويعتبر االئتمان اإليجاري من أهم الوسائل التمويلية ،ولكن شركة االئتمان اإليجاري
ال تقوم بمنح االئتمان إال عند توفر مجموعة من الضمانات إضافة إلى ضمان حقوقها عن
طريق شرط االحتفاظ بالملكية.
ومن تم فإن االحتفاظ بالملكية يعتبر أفضل ضمانة تحمي شركات االئتمان اإليجاري
حقوقها من خطر إعسار المكتري وامتناعه عن أداء األقساط أو نتيجة إخالله بالتزاماته
التعاقدية.
ولقد كان المشرع الفرنسي سباقا إلى تنظيم شرط االحتفاظ بالملكية بمقتضى قانون
12ماي ، 1980نظرا لألهمية التي يكتسيها هذا الشرط في الحفاظ على حقوق شركة
االئتمان اإليجاري من خطر امتناع المكتري عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية ومنها أداء
األ قساط في تاريخ استحقاقها ،غير أن المشرع المغربي رغم كونه يستقي نصوصه القانونية
من القانون الفرنسي إال أنه تغاضى عن تنظيم مجموعة من الشروط واألحكام المتعلقة بهذا
العقد ،ومنها شرط االحتفاظ بالملكية باستثناء تخصيص بعض المواد لهذا الشرط بمناسبة
معالجة مسطرة االسترداد في إطار المواد من 667إلى 676من ت.86
وبناء على ما تقدم ذكره ،فإن ما يهمنا في هذا اإلطار هو الضمان الذي يحققه شرط
االحتفاظ بالملكية في عقود البيع التجارية بصفة عامة وعقد االئتمان اإليجاري بصفة خاصة
هو امتالك شركات االئتمان اإليجاري وسيلة ضغط على المكتري للوفاء بالتزاماته ،كما
يمكن لهذه الشركات من استرجاع المنقول أو العقار في حالة تعرض المدين لصعوبات
مالية.
خالصة القول في هذه النقطة على أن شرط االحتفاظ بالملكية يعتبر أهم ضمان تتمتع
به شركات االئتمان اإليجاري لحماية حقوقها من خطر إعسار المكتري في عقد االئتمان
اإليجاري.
- 86عب د الرحيم بحار ،اإلجراءات التحفيظية في مادة العقود التجارية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،عين الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية،2005-2004،ص .215
44
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
45
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
عزوف شركات االئتمان عن تمويل شراء التجهيزات ذات التقنية العالية ،أو تقوم برفع
األقساط المؤداة مقابل تخفيض قيمة العقار أو المنقول عند نهاية العقد إلى حدود ثمن بسيط
لتجنب تبعات إرجاع العقار أو المنقول عند نهاية العقد.89
لكن مع كل هذا ،فال يمكن إنكار الدور الفعال لشرط االحتفاظ بالملكية حيث يعتبر
أداة فعالة في يد شركة االئتمان في حالة إعسار المكتري وإخالله بالتزاماته المتعلقة بأداء
األجرة.
تعمد شركة االئتمان اإليجاري من أجل حماية مصالحها إلى تضمين عقودها
النموذجية مجموعة من الشروط الخاصة ومنها إلزام المكتري بضمان الملكية في حالة
الحجز ثم إلزامية التأمين على جميع المخاطر التي يمكن تقع على العقار أو المنقول.
أوال :إلزام المكتري بضمان حق الملكية في حالة الحجز على العقار
تعتبر شركة االئتمان اإليجاري مالكة للمنقول أو العقار طيلة مدة العقد ما لم يعمل
المكتري خيار الشراء عند نهاية العقد ،وبهذا المقتضى تحتفظ في حالة الحجز على األصل
المؤجر ،وإن كانت مدونة التجارة لم تتطرق إلى هذا االلتزام ،غير أنه يمكن الرجوع
ألحكام الحجز المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية سواء تعلق األمر بالحجز على
المنقول أو العقار.
إال أنه بالرجوع إلى نماذج عقود شركات االئتمان اإليجاري(منها الشركة المغربية
لإليجار) ،نجدها تلقي على عاتق المكتري(المستأجر) واجبات في حالة الحجز أو مطلب أو
حراسة على المنقول أو العقار المؤجر ،وذلك بغية تحقيق حماية لألصل المكري.
فالفصل السادس من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار ينص على أنه ":يتعين
على المستأجر أن يخبر المؤجر بواسطة رسالة مسجلة مع وصل باالستالم في الحال،
با حتمال إيقاع حجز أو احتجاز أو مطلب أو حراسة تهم العين المستأجرة ،وهو يعاين أنه ال
89عبد هللا زوقة ،حماية األطراف والغير في عقد االئتمان اإليجاري ،رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال ،جامعة عين الشق ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية 2005-2004ص.20
46
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يمكن له في هذه الحالة مطالبة المؤجر بأي شيء ويعد مسؤوال إزاء هذا األخير عن كافة
المصاريف المترتبة عن حماية مصالحه بصفته مالكا".
وغالبا ما يكون الحجز من دائني المكتري ،ومن تم يكون على عاتقه التزام بإخبار
شركة االئتمان بهذا الحجز ،وأن يقوم باتخاذ اإلجراءات الضرورية من أجل المحافظة على
حق الملكية هذه األخيرة ،90من خالل قيامه بشهر عقد االئتمان اإليجاري لكي يعلم دائنوه
بأن العقار أو المنقول في ملكية شركة االئتمان اإليجاري.
ثانيا :إلزام شركة االئتمان المكتري بالتأمين
نظرا لألهمية التي أضحى يعرفها التأمين في مجال العقود التجارية ،وخاصة عقد
االئتمان اإليجاري ،فإن شركة االئتمان،تحرص حماية لمصالحها على إدراج شرط التأمين
في بنودها حتى تضمن بذلك الشيء المكترى،مما قد يتعرض له من أخطار وحوادث،يؤثر
سلبا على حق الملكية المقرر لها.
وبذلك تلزم شركة االئتمان المكري بإبرام تأمين يضمن مسؤوليته المدنية غير
المحددة على األقل فيما يتعلق باألضرار الجسيمة،بصفته حارسا قانونيا للمنقول وحائزا
للعقار ،وكذلك التأمين على اآلالت والمعدات نفسها ضد وقوع خطر كالفيضانات،و
االنفجار والحريق...
وهذا عكس ما نص عليه الفصل 679من ق.ل.ع حيث ال يسأل المكتري عن
الهالك نتيجة حادث فجائي أو القوة قاهرة ال يعزى أي منهما إلى خطئه .فاألمر على خالفه
في عقد االئتمان اإليجاري فالمكتري يتحمل تبعة الهالك وإن كان راجع إلى قوة قاهرة أو
حادث فجائي.كما تلزم شركة االئتمان المكتري بأن يشمل قيمة المنقول وهو جديد،بحيث
يضمن عقد التأمين القيمة الفعلية للشيء المكرى.
كما تحرص شركات االئتمان اإليجار بأن يتم النص في عقود التأمين صراحة على
أن المنقوالت والعقارات هي ملك لها،وأنه في حالة وقوع أي حادث كيفما كان نوعه،فإن
التعويضات تسدد مباشرة من شركة التأمين إلى شركة االئتمان اإليجاري.
- 90بوشعيب اإلبراهيمي :االئتمان اإليجاري ،رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء،
السنة الجامعية ،1999 -1998ص .68
47
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وعليه فشركة االئتمان تهدف من وراء تحميل المكتري االلتزام بالتأمين ،هو حماية
نفسها من المخاطر التي قد يتعرض لها األصل المؤجر ،وذلك على نحو تضمن به استيفاء
كل حقوقها المالية .91
نتيجة التطورات الحاصلة في المجال التعاقدي ،جعلت الشروط العامة التي تحررها
شركات االئتمان اإليجاري أساس العقود الرابطة بينها وبين المكتري ،مستندة في ذلك على
مبدأ سلطان اإلرادة ،خاصة أن القواعد العامة أصبحت عاجزة عن تحقيق حماية للمكتري،
خاصة في عالقته مع مؤسسات االئتمان اإليجاري التي تتمتع بخبرة تقنية واقتصادية تجعلها
تدرس كل الضمانات المقدمة من طرف طالب خدمات االئتمان اإليجاري قبل اإلقدام على
إبرام العقد معه.
وهذا يجعلنا نبحث في اآلليات التي يمكن من خاللها حماية المكتري في عقد االئتمان
اإليجاري ،ومنها ممارسة دعوى الضمان من خالل رجوع المكتري مباشرة على المورد،
تفاديا لطول اإلجراءات ،إضافة إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات
والعقود وسلطة القضاء في إبطال الشروط التعسفية وخاصة مراجعة الشرط الجزائي
المبالغ فيه.
لذا سنتناول في هذا المطلب األول حماية المكتري من خالل دعوى الضمان (فقرة
األولى) وحماية المكتري من خالل القواعد العامة والخاصة (فقرة ثانية).
توحي النصوص القانونية المنظمة لعقد االئتمان اإليجاري المنصوص عليها في
مدونة التجارة ،بأن عقد االئتمان اإليجاري عقد رضائي أضفى عليه المشرع طبيعة عقد
كراء.
48
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
إال أنه نظرا للمغاالة في اعتماد مبدأ سلطان اإلرادة وترك المجال واسع للحرية
التعاقدية ،وكذلك عدم تنظيم المشرع لمجموعة من األحكام الخاصة بهذا العقد ،فسح المجال
أمام إرادة شركة االئتمان اإليجاري لتعديله وفرض شروط على المكتري ،يبقى أمامها
عاجزا عن مناقشة هذه الشروط .مما يجعلنا نحاول إيجاد الحماية التي كان هدف المشرع
من خاللها هو إيجاد توازن ألطراف عقد االئتمان اإليجاري ،ويعتبر هذا العقد من العقود
الملزمة للجانبين التي ترتب التزامات متقابلة في ذمة الطرفين ،سواء تعلق األمر بعقد
ائتمان إيجاري وارد على العقار أو المنقول ،وتعد دعوى الضمان من أهم اآلليات التي
تشكل ضمانة للمكتري .ويقصد بها الدعوى التي يمارسها أحد أطراف العقود المتبادلة
للرجوع على الطرف اآلخر في حالة اكتشاف عيب في الشيء المؤجر.92
إال أن هذه الدعوى تخضع للشروط الموضوعية المنصوص عليها في الفصل األول
من قانون المسطرة المدنية التي جاء في الفقرة األولى منه على أنه ":ال يصح التقاضي إال
ممن له الصفة و األهلية والمصلحة إلثبات حقوقه"....
إن الدراسة ستقتصر على شرط الصفة باعتباره من الشروط التي تطرح مجموعة
من اإلشكاالت .فشرط الصفة وإن كان ال يطرح اإلشكال في العقود الثنائية األطراف ،إال
أن األمر يختلف بالنسبة لعقد االئتمان اإليجاري ألنه عقد ثالثي األطراف ،يتكون من
مؤسسة االئتمان اإليجاري والمكتري(المستفيد) والبائع.
هذه العالقة تقتضي بأنه عند وجود عيب يرجع المستفيد على مؤسسة االئتمان
اإليجاري من أجل ضمان العيوب الخفية ،هذه األخيرة لها حق الرجوع على البائع ،ما لم
تعفي نفسها من ضمان العيوب الخفية بإدراج شرط في العقد في هذه الحالة برجوع
المكتري المستفيد على البائع مباشرة ،واعتبر هذه الحالة أكثر الحاالت فائدة لألطراف،
لكونها تؤدي إلى ربح الوقت وعدم الدخول في متاهات طول إجراءات التقاضي.93
49
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
50
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
للمكري ممارسة الدعاوى الرامية إلى إجبار البائع والمقاول على تنفيذ التزاماتهما من جهة
أخرى،فإنها تبقى قاصرة على المحافظة على التوازن بين مختلف المراكز القانونية ،بالنظر
لما يتطلب اللجوء إليها من شكلية الكتابة التي نص عليها المشرع المغربي في الفقرة األولى
من الفصل 185من ق.ل.ع ،ومنها تبليغ الحوالة إلى البائع والمقاول :تبليغا رسميا ،أو
قبولهما لها في العقود التي تربطهما بالمكري .حتى تسري في حقهما ،مما يجعل العالقة
القائمة بين هذا األخير والمكتري ،رهينة بما ينص عليه عقد البيع وعقد المقاولة ،وبما قد
يؤول إليه هذان العقدان .إذ سيترتب عن بطالن أحدهما بطالن الحوالة نتيجة زوال الحق
المحال .97
وما يسري على آلية حوالة الحق ،يسري على آلية الحلول بالنظر لما تتطلبه من وفاء
الغير بدينه تجاه الدائن من أجل الحلول محل هذا األخير في حقوقه تجاه مدينه ،حيث ال
يتصور أن يقوم المكتري بالوفاء بدينه كامال تجاه المكري حتى يحق له الحلول محله في
الرجوع على البائع والمقاول ،إذ لو كان في استطاعته ذلك لما لجأ أصال إلى تقنية االئتمان
اإليجاري.98
ثالثا :نظرية االشتراط لمصلحة الغير
االشتراط لمصلحة الغير هو عقد يشترط فيه أحد المتعاقدين ويسمى المشترط ،على
الطرف اآلخر ويسمى المتعهد.التزاما لمصلحة شخص ثالث ليس طرفا في العقد ويسمى
المنتفع أو المستفيد ،بحيث ينشأ عن هذا العقد حق مباشر للمنتفع قبل المتعهد.99
وقد أخد المشرع المغربي بنظرية االشتراط لمصلحة الغير وخصص ألحكامها
المادتين 34و 35من قانون االلتزامات والعقود.
وهناك مجموعة من الشروط لقيام االشتراط لمصلحة الغير نظرا للطبيعة الخاصة
لهذا العقد.
وهناك من الفقه من اعتمد على نظرية االشتراط لمصلحة الغير ،على اعتبار أن
االشتراط لمصلحة الغير يفترض وجود ثالثة أطراف كما سبق اإلشارة إلى ذلك أعاله،
- 97نبيل أبو مسلم ،نقل االلتزام في عقد االئتمان اإليجاري على العقار واالتجاهات الحديثة في قانون األعمال ،منشورات مجلة الحقوق المغربية،
مطبعة المعرف الجديدة ،الرباط ،الطبعة األولى ،2012ص .77
98
Daniéle Crémieux-Israel-leasing et crédit bail mobiliers-Dalloz paris 1975 page 64.
- 99أستاذنا عبد الرحمان أسامة ،نظرية العقد ،مكتبة و مطبعة وراقة طه حسين ،السنة ،2008-2007ص .199
51
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فشركة االئتمان اإليجاري تشترط على البائع تعهده بتنفيذ التزامه بالضمان لمصلحة المنتفع،
بما يؤدي إلى خلق عالقة مباشرة بين المنتفع أو المستفيد و المتعهد الذي هو البائع ،وبالتالي
يكون من حق األول الرجوع على الثاني لمطالبته بالوفاء بالحقوق التي عليه للمشترط ،لكنه
ال يمكنه المطالبة بفسخ العقد األصلي الذي يظل غيرا بالنسبة له ،وهو ما يشكل عيبا في
هذه النظرية.100
إال أن هناك اتجاه فقهي يقر رغم ذلك بأهمية هذه النظرية على أساس أنه يسمح
بمنع المستعمل من أن يتسبب في حل عقد البيع ،ويعطي في نفس الوقت لشركة االئتمان
اإليجاري الحق في اختيار األسلوب الذي تراه مناسبا في تمكين المستعمل من ممارسة
بعض الحقوق.
فحسب هذا االتجاه الفقهي 101فنظرية االشتراط لمصلحة الغير تنسجم مع طبيعة
الخصوصية عقد االئتمان اإليجاري.
رابعا :نظرية اإلنابة
تعرف اإلنابة بأنها تصرف قانوني يطلب بمقتضاه إليه اسمه المنيب من شخص
اسمه المناب ،أن يقوم بأداء ما أو أن يلتزم بمثل هذا األداء لمصلحة شخص ثالث اسمه
المناب لديه.
وعند محاولة تطبيق نظرية اإلنابة على عقد االئتمان اإليجاري ،فإن المكري يكون
هو المنيب ويكون البائع منابا والمكتري منابا لديه ،إال أن هذه النظرية بدورها لم تسلم من
االنتقادات التي وجهتها باقي النظريات ،على أساس كون الحق الذي ينقله المكري(مؤسسة
االئتمان اإليجاري) للمكري أو المستفيد متعلق بضمان الشيء المبيع ،في حين أن نظرية
اإلنابة تقتضي التزام البائع بضمان المكتري تجاه المستفيد. 102
فهذه اآللية يمكن بمقتضاها للمكري إنابة المكتري في ممارسة حقه في الرجوع
على البائع والمقاول بتنفيذ التزامهما بتسليم العقار في عقد االئتمان اإليجاري الوارد على
العقار ،وبضمان خلوه من العيوب الخفية .مقابل إبراء ذمته تجاه المكتري ،وهذه اآللية
52
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
تمكن األطراف من تجاوز العيوب واالنتقادات التي وجهت النظريات السابقة حيث يتم
تفادي تعليق سريان اثر االتفاق بنقل االلتزام في حق البائع والمقاول على موافقتهما
الصريحة؛ الذي يقتضي االعتماد على آلية حوالة الحق ،103نتيجة لكون المشرع المغربي
في الفصل 200من ق ل ع لم يشترط علم أو موافقة المناب من أجل سريان اإلنابة في
حقه .كما تمكن هذه النظرية من تجاوز حرمان المكتري من ممارسة دعوى الفسخ في
مواجهة البائع والمقاول الذي تفرضه االستعانة بآلية االشتراط لمصلحة الغير إعماال للفقرة
الثانية من الفصل 200من ق ل ع.
والمحال عليه من قبل الفصل 225104من نفس القانون ،وهو ما أكدنه محكمة
105
في حكم صادر عنها بتاريخ ،1996/06/04حينما قرار استثنائيا النقض الفرنسية
قضت فيه محكمة الموضوع بعدم قبول دعوى الفسخ الذي تقدم بها المكتري في مواجهة
البائع بسبب اتسام المبيع بعيب خفي ،معتبرة أن اإلنابة تخول للمكتري ممارسة الدعوى
المذكورة من دون أن يتوقف ذلك على قبول اإلنابة من طرف البائع.
يبقى هدف المشرع المغربي من خالل تنظيم عملية االئتمان اإليجاري إيجاد توازن
عقدي شامل للعالقة التعاقدية ،لذلك ترك المشرع الحرية للمتعاقدين في إبرام ما شاءوا من
االتفاقات شريطة عدم مخالفة القانون ،على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين ،غير أنه
استفادة المكتري في عقد االئتمان اإليجاري من قانون حماية أغفل التنصيص على
المستهلك اإليجاري باعتباره الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية ،باستثناء الحماية التي
تتجلى القواعد العامة التي جعلها المشرع القاعدة العامة في جميع العقود ،وهي عيوب
اإلرادة ومنها الغلط والتدليس واإلكراه والغبن.
والقواعد العامة مما تتضمنه من حماية و التي يمكن أن تنطبق مع طبيعة هذا العقد
من غلط وتدليس وإكراه تبقى عاجزة عن تحقيق الحماية الكافية للمكتري في هذا العقد
- 103نبيل أبو مسلم ،مرجع سابق ،ص .78
104ينص الفصل 225من ق ل ع " تطبق األحكام المقررة في الفصول 193و 197و 198و 200و 201و 202و 204على اإلنابة"
105
Cours de cassation « chambre commercial 24 juin 1996 n 94-14-768.bulletin 1996 n 156 page 136 DALLOZ
.أشار إليه نبيل أبو مسلم مرجع سابق ص 78
53
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
إضافة إلى صعوبة إثباتها ،أما الغبن فال يتصور في هذا العقد(عقد االئتمان اإليجاري)،
ألن المتعاقد يعلم وقت التعاقد قيمة ما يعطي وما يأخذ ،ويبقى تحقيق التوازن في عقد
االئتمان مطمحا مثاليا ناهيك على أن الغلط ال يخول إبطال العقد ،إال إذا وقع على الضرر
الذي حدده المشرع.106
وعليه حتى يمكن اعتماد الغلط كسبب لإلبطال في عقد االئتمان اإليجاري كسائر
العقود ال بد من تحقق الشرطين التاليين :أن يكون الغلط فادحا ،وغير ممكن العذر عنه.
أما التدليس فقد نظمه المشرع في الفصول 52و 53من قانون االلتزامات والعقود،
فالقاعدة العامة أن إقحام شروط جائرة في العقد ال يشكل في حد ذاته تدليسا ،ما لم يثبت
المكتري أن شركة االئتمان اإليجاري أو من يقوم مقامها استعمل وسائل احتيالية من أجل
تضليله ودفعه إلى التعاقد.107
في هذا الصدد تبنى القضاء الفرنسي 108مفهوما جديدا للتدليس إذ يمكن للمدلس عليه
طلب إبطال شرط من شروط العقد المدلسة ،وهو أكثر العيوب تحقيقا للحماية للمكتري،
غير أنه ال يحقق تلك الحماية إال في أحوال استثنائية .فالقضاء ال يحكم بالتدليس نتيجة
الكتمان إال استنادا على تخلف المدلس عن واجبه باإلعالم ،109بناءا على أن سالمة الرضا
ال يمكن أن تتحقق إال بإعادة التوازن المعرفي بين المتعاقدين ،وأن هذا التوازن نفسه لن
يتبلور ،إال إذا كان رضا األطراف عن بينة واختيار لكافة مضامين العقد وظروفه.
كما أن عيب التدليس ال يعتد به ،إال إذا كان جوهريا يدفع إلى التعاقد للقول بإمكانية
اإلبطال .أما اإلكراه فقد عرفه الفصل 46من ق.ل.ع" بأنه إجبار يباشر من غير أن يسمح
به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون رضاه".
- 106عبد الحق الصافي ،القانون المدني ،الجزء األول ،لمصدر اإلرادي اللتزامات العقد ،الكتاب األول ،تكوين العقد ،الطبعة األولى ،مطبعة
النجاح الجديدة ،دون ذكر سنة الطبعة ،ص .309 -308
107والجي بشرى-الحماية التشريعية لمستهلك خدمات اإلئتمان اإليجاري-منشورات مجلة الحقوق المغربية االتجاهات الحديثة في قانون األعمال
–مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة األولى 2012ص 85و .86
108نقض تجاري فرنسي صادر بتاريخ 22دجنبر 1954أشارت اليه والجي بشرى-مرجع سابق ص .87
109
Jacques Ghestin: « traité de droit civil l’information de contrat »3éme édition,L.G.D PARIS 1993 P606.
عبد هللا ايت الطالب" التدليس بالكتمان وأثره في التصرف القانوني دراسة مقارنة "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة،تخصص القانون
المدني،جامعة محمد الخامس،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية-أكدال-الرباط،السنة الجامعية 2003-2002ص.101
54
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
واإلكراه إما أن يكون ماديا أو معنويا ،إال أن اإلكراه المعنوي هو الشائع ومن تم ال
يعتبر عيبا في اإلرادة ،وانما يعتبر ظرفا خارجيا يؤثر على رضا المتعاقد بسبب ما يولده في
نفسه من رهبة وخوف يدفعه إلى التعاقد.
و تماشيا مع منظور الفقه المقارن ،نجد بأن االستناد على اإلكراه من أجل توفير
حماية للمستهلك سيكون مجديا خاصة ما يسمى باإلكراه االقتصادي.
كما أن الفصل 878سيشكل أكبر حماية للمستهلك خدمات االئتمان اإليجاري ،لذا
فالقواعد الخاصة تشكل أكبر ضمانة والتي يبقى هدفها هو إعادة التوازن بين أطراف
العالقة التعاقدية .
وتجدر اإلشارة أن المكتري ال يستفيد من الحماية المقررة في القواعد أو النصوص
الخاصة ومنها قانون حماية المستهلك والذي تبقى غايته حماية المستهلك من الشروط
التعسفية الواردة في العقد،رغم كون فلسفة المشرع في قانون حماية المستهلك خلق التوازن
بين األطراف الذي يبقى أحد مقومات العقد، ،وأيضا كون عقد االئتمان اإليجاري من
العقود التي يسودها اختالل في التوازن بالنظر إلى القوة االقتصادية التي تتوفر عليها شركة
االئتمان ،ويبقي في نظرنا عدم وجود مانع يمنع استفادة المكتري من هذه النصوص
الخاصة مادام هدف هذا القانون هو حماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وهو
موقف ينسجم مع خصوصية هذا العقد الذي تكون فيه شركة االئتمان اإليجاري في مركز
قوة مما يجعلها تملي شروطها على الطرف اآلخر(المكتري) كما هو الحال كذلك بالنسبة
للشرط الجزائي في عقد االئتمان اإليجاري.
م ن هنا برزت فكرة ضرورة حماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية خصوصا
مع تغير أنماط التعاقد ،فلم تعد المعامالت تقتصر على عقود المساواة الحرة .بل ظهرت إلى
الوجود أنماط جديدة يختل فيها التوازن العقدي بسبب استغالل نفوذ اقتصادي أو معرفة
فنية ،110حيث أصبح هذا العقد من عقود اإلذعان ،ومجاال خصبا لمجموعة من الشروط
التعسفية التي يتم استشفافها من القوة االقتصادية للمهني .ومما ال شك فيه فالقوة االقتصادية
- 110عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام -نظرية العقد ،دون ذكر المطبعة ،الطبعة الثانية ،2005ص .143
55
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لمؤسسة االئتمان ثابتة 111ألنها تحتكر الحق في منح االئتمان ،وذلك أمام الحاجة الماسة
للمكتري في الحصول على االئتمان.
وقد عرف بعض الفقه الشرط التعسفي بأنه" الشرط المعد سلفا من طرف المتعاقد
القوي بمقتضاه يستطيع جني منفعة فاحشة ،ويدخل في حكمه شروط اإلعفاء من المسؤولية
أو المحددة لها كالشروط الجزائية وشروط االختصاص".112
فالشروط التعسفية تكون عادة في العقود التي يمكن ألحد األطراف فرض إرادته
على المتعاقد اآلخر ،وهو ما يمكن تصوره في عقد اإلذعان بصفة عامة 113وعقد اإلئتمان
اإليجاري بصفة خاصة.
فقد عرف المشرع المغربي الفقرة األولى من المادة 15من قانون 31-08الشرط
التعسفي ":بأنه يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط
يكون الغرض منه أو يترتب عته اختالل كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب
المستهلك".
وفي هذا اإلطار تعد شروطا تعسفية تلك الواردة في الشروط العامة لعقود االئتمان
اإليجاري ،ومنها ارتفاع األجرة بما ال يتناسب مع االستغالل ،وتحمل المكتري عبء
إصالحات المنقول وإعفاء المكري نفسه من الضمان ،وكذا طابع المبالغة في الشرط
الجزائي.
و تعرف مسألة اعتبار المكتري مستهلكا من عدمه واستفادته من مقتضيات قانون
حماية المستهلك ،نقاشا فقهيا واسعا وتتداخل فيه ثالث اتجاهات:
االتجاه األول:يرى ضرورة األخذ بالمفهوم الواسع للمستهلك ،وذلك من أجل مد
نطاق الحماية على أكبر شريحة ممكنة من األشخاص ،وعليه يورد التعريف اآلتي
للمستهلك":هو من يتعاقد بهدف استعمال أو استخدام مال أو خدمة ،سواء الستعماله
- 111الزبير المعروفي،حماية المقترض من الشروط التعسفية ،حماية المستهلك دراسات وأبحاث في ضوء مستجدات القانون ،31-08القاضي
بتحديد تدابير حماية المستهلك ،منشورات مجلة القضاء المدني ،مطبعة المعارف الجديدة ،العدد ،2004 -4ص .92
112
- voir calais aulos (jean) droit de la consommation 3 éme édition Dalloz paris 1992. P 134.
- 113العربي مياد ،مقاومة الشروط التعسفية في العقد ،مجلة القانون المغربي ،العدد 13مارس ،2009ص .5
56
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الشخصي أو المهني"، 114وهي مسألة تتعلق بظروف كل متعاقد بصرف النظر عن صفته
مستهلكا عاديا أو مهنيا.
وفي مقابل ذلك فيرى االتجاه الثاني العكس ،ويقر بضرورة األخذ بالمفهوم الضيق
للمستهلك ،حيث يقصر نطاق الحماية على الشخص الذي تتوافر عنده حالة الضعف مقارنة
بالمتعاقد اآلخر ،بالنظر إلى طبيعة السلعة أو الخدمة موضوع العقد والظروف التي جرى
فيها التعاقد ،النسجام ذلك مع الغاية والحكمة التي شرعت من أجلها قواعد حماية
المستهلك .115فالمهني الذي يتعاقد ألغراض مهنته ،ال تتوافر بشأنه مقومات الحماية،ألنه
حتى وإن خارج إطار تخصصه ،يمتلك من المعرفة و الخبرة التي يفوق بها معرفة
المستهلك العادي،فقوته االقتصادية والخبرة التي يكتسبها من تكرار المعاملة ،حتى في مجال
خارج عن إطار تخصصه،تنأيان به عن الوقوع فريسة غش وتحايل الطرف اآلخر،فالمهني
يمكنه دائما،حتى في الفرض الذي ال يمتلك فيه القدرات الفنية واالقتصادية الكافية للدفاع
عن حقوقه،االستعانة بخبراء متخصصين في مجال العقد.
وأما االتجاه الثالث واألخير ،فيحاول التوفيق بين االتجاهين السابقين متبعا مسلكا
وسطا بينهما بما يحقق التوازن بين أمرين :تقرير حماية المهني غير المتخصص في جميع
األحوال والظروف،بموجب هذا االتجاه ،يتم إدخال المهني ضمن مفهوم المستهلك ،إذا كان
ينقصه االختصاص القانوني والفني تجاه مهني آخر متخصص ،في المقابل ،يتم استبعاده
من هذا المفهوم إذا تبين أنه مختص ،أو كان بإمكانه االستعالم بنفسه بالنظر إلى البناء
القانوني للشركة فال يعقل مثال تقرير حماية شركة ضخمة من الشروط التعسفية في مواجهة
أحد صغار الحرفيين بحجة أنه كان ينقصها االختصاص الفني والقانوني في موضوع
العقد .فقانون حماية المستهلك يهدف إلى حماية الطرف الضعيف في مواجهة الطرف القوي
وليس العكس.116
114
J.P.Pizzio L’introduction de la notion de con sommateur en droit français Dalloz Paris 1982 N 20 P.91
يمثل هذا االتجاه الفقهي أحمد عبد العال أبو قرين أشار إليه محمد عبد الباقي الصغير،م س ص.30 115
116
Y.Picod.sous cassation 1er civile,27 septembre 2005:DALLOZ 2006,Juris.n3,p.239.
57
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ويؤيد أحد الباحثين 117هذا الرأي على اعتبار أنه األصوب واألقرب إلى منطق
العدالة ،فهو يجيز من حيث المبدأ حماية المهني غير المتخصص ،بموجب القواعد
االستهالكية ،إذا كانت ظروف التعاقد تدل بصورة مؤكدة وفعلية على أنه أضعف في
المعرفة واالختصاص بمحل العقد من نظيره المهني اآلخر،وهذا يتفق مع منطق التوازن
العقدي ،لكنه يضع ضوابط لهذه الحماية تجنبا لتعسف والتحايل على القانون.
وأهم هذه الضوابط استبعاد المهني غير المتخصص من نطاق حماية المستهلك،إذا
تبين أنه كان قادرا على االستعالم بنفسه ،أو كان بإمكانه اللجوء إلى أحد مستشاريه
القانونيين لحماية نفسه ،ويتم تقدير ذلك بناء على معيار موضوعي ،يستخلص من شكل و
بناء الشركة أو مؤسسة المهني .والضابط الثاني هو أنه ال يجوز تقرير حماية المهني
بموجب القواعد االستهالكية ،حتى ولو لم يكن مختصا،في مواجهة شركة أصغر،أو
محترف صغير بالنظر إلى القوة االقتصادية واإلدارية لكليهما ،وإال أصبح قانون االستهالك
وسيلة القوي في مواجهة الضعيف،علما بأن الحكمة من تشريع قانون االستهالك تتمثل في
حماية الضعيف في مواجهة القوي.
لكن القضاء المغربي يرى عدم استفادة المكتري من قواعد حماية المستهلك وهو ما
جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف 118بالدار البيضاء بتاريخ ،2012/05/29حيث
اعتبر على أن العقد الرابط بين الطاعنة(الشركة المغربية للتمويل اإليجاري مغرب باي)
والمستأنف عليه ،وجاء في تعليلها حيث أن الظاهر من وثائق الملف أن األمر المستأنف بين
منطوقه على مقتضيات القانون 31-08المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك ،واعتبر
العقد الرابط بين الطاعنة والمستأنف عليه عقد قرض استهالكي....
وحيث أن العقد الرابط بين الطرفين هو عقد ائتمان إيجاري وأن المشرع عرف هذا
الصنف من العقود في المادة 431من مدونة التجارة بأنه كل عملية كراء السلع التجهيزية
أو المعدات أو اآلالت أو العقارات المعدة لغرض مهني ،فهذه المقتضيات أضفت الطابع
المهني على هذه العقود وجعلتها تتعلق باالستعمال المهني وليس باالستعمال الشخصي.
117يوسف شندي-المفهوم القانوني للمستهلك،دراسة تحليلية نقدية ،مجلة القضاء التجاري،العدد الثالث-السنة الثانية،شتاء/ربيع 2014ص.25
- 118قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء ،رقم ،2012/2897بتاريخ (2012/5/29غير منشور) ،للمزيد من التفاصيل
انظر الملحق.
58
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وبذلك اعتبرت المستأنف عليه ال يدخل ضمن حكم المادة 2من قانون حماية المستهلك التي
حصرت تضمين مقتضياتها على المستهلك الذي يقتني المنقول أو العقار لالستعمال
الشخصي وليس المهني".
وما يمكن مالحظته من خالل القرار المشار إليه أعاله ،هو أن القضاء اعتبر عقد
االئتمان اإليجاري الرابط بين الطاعنة شركة مغرب بأي ،والمكتري (المستأنف عليه) ال
يخضع للمقتضيات المتعلقة بحماية المستهلك مستندا في ذلك على المادة 2من قانون حماية
المستهلك التي نصت على أن تطبق على عمليات كراء المنقوالت أو العقارات المخصصة
لغرض شخصي ،غير أننا نرى ضرورة تطبيق المقتضيات المتعلقة بحماية المستهلك لكون
عقد االئتمان اإليجاري يحمل في طياته العديد من الشروط التعسفية في بعض األحيان ،مما
يقتضي التدخل لحماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية .ونؤيد ما توجه إليه بعض
الفقه عند تعريف الشرط التعسفي بأنه الشرط المعد سلفا من المتعاقد الذي يكون في موقع
قوي( ،شركات االئتمان اإليجاري) يجعله يجني منفعة فاحشة ويثقل كاهل المكتري
بالتزامات إضافية ،كالمبالغة في الشرط الجزائي أو رفع الفوائد االتفاقية إلى دون الحد
المسموح به قانونا.
ويقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع
الظروف المحيطة بإبرامه ،وإلى جميع الشروط األخرى الواردة في العقد .ويتمتع القاضي
ب سلطة واسعة في تقدير الشروط التعسفية المدرجة في العقد ،فالقاضي إذا بدا له انعدام
التوازن العقدي بسبب هذه الشروط كانت له سلطة إبطال هذه الشروط ،ألن دوره يكون
منشأ للحق وليس كاشفا عنه وهو ما جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية 119صادر
بتاريخ 26فبراير " 2006على أن القاضي عند تقدير الطابع التعسفي يجب أن يبدأ من
تاريخ إبرام العقد وليس من تاريخ البدء في النزاع".
- 119قرار أشار إليه يوسف المومني ،المنازعة المتعلقة بالشروط التعسفية في القانون المغربي المجلة المغربية للقانون واالقتصاد،مطبعة البالبل-
فاس عدد مزدوج 2013 6-5ص .157
59
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لكن هناك من يرى على أن القاضي خادم للعقد وليس له أن يعدل أو يلغي من بنود
العقد على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين ،ألن من شأن ذلك أن يوقعه في التعسف وأن
من شأن ذلك المساس باألمن القانوني.
لكن هناك اتجاه فقهي يرى رغم كون هذه االعتراضات وجيهة ،إال أنه يرى أنه
يجب أن ال تحول دون تدخل القاضي إلعادة بناء العقد وذلك لعدة أسباب عدة ،من بينها أن
وظيفة القاضي تكمن في إقامة العدل بين المتعاقدين وهو ما يستدعي تدخله في العالقة
التعاقدية التي تربطهم ا ،فضال عن التطور الذي طرأ على نظرية االلتزام يوجب القول
بإعطاء القاضي هذه السلطة.120
وبناء على ما سبق يمكن القول على أن القاضي ليس في حاجة إلى نص يعطيه
سلطة إبطال شرط تعسفي مدرج في عقود.
ويع تبر عقد االئتمان اإليجاري من عقود اإلذعان لكون المكتري ال يتمتع بحق
مناقشة الشروط و البنود التي تضعها شركة االئتمان اإليجاري وذلك راجع إلى القوة
االقتصادية التي تتمتع بها هذه األخيرة تؤهلها لفرض هذه الشروط.
وقد نص المشرع المصري في المادة 100من القانون المدني المصري على هذا
النوع من عقود اإلذعان 121وجاء فيه "القبول في عقود اإلذعان يقتصر على مجرد التسليم
بشروط مقررة يضعها الموجب وال يقبل المناقشة فيها .وانسجاما مع موقف المشرع
المصري ،تعد من الشروط التعسفية الشرط الجزائي 122المبالغ فيه ،ألن المبالغة في تقدير
التعويض المستحق عن عدم تنفيذ االلتزام أو التأخر في تنفيذه تتجاوز حدود الشخص
العادي الذي ال يقبله إال مضطرا .لذلك تدخل المشرع المغربي وكذا المشرعين الفرنسي
والمصري صراحة على إعطاء القضاء إمكانية التدخل لمراجعة هذه الشروط بحيث نص
المشرع المغربي في الفصل 254في فقرته الثالثة بعد تعديل 1994من ق ل ع على
أنه"يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا
120ل أحمد كويسي ،حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود االئتمان ،المجلة المغربية للقانون االقتصادي ،العدد الثاني ،2009ص .31
121هشام إبراهيم توفيق التعويض اإلتفاقي-الشرط الجزائي دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون المقارن المصدر القومي لإلصدارات
القانونية الطبعة 2011ص.130
122يعرف الشرط الجزائي بأنه"شرط يدرج في العقد أو اتفاق الحق ،ويتم بموجبه تحديد مقدار ما يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين اللتزامه
أو تأخره في تنفيذه"وهو التزام تبعي وليس التزام أصلي.
60
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
كان زهيدا،ولها أيضا أن تخفض التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من
جراء التنفيذ الجزئي".
وجاء في المادة 1152من القانون المدني الفرنسي "ويستطيع القاضي من تلقاء نفسه
تخفيض أو زيادة الجزاء المتفق عليه،إذا كان مبالغا فيه أو زهيدا "...وكما نص على ذلك
أيضا المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة 223من القانون المدني المصري على
ما يلي "يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه
إلى درجة كبيرة ،وأن االلتزام األصلي قد نفذ في جزء منه "
فهذه النصوص تعطي للقضاء سلطة الرقابة على مدى التزام أطراف العقد لقواعد
تقدير التعويض بال مغاالة وتعسف .وبذلك حد المشرع من مبدأ سلطان اإلرادة الذي أصبح
يستغله الطرف القوي في العالقة التعاقدية للمبالغة في الشرط الجزائي ،فإذا كان في حدود
المعقول فال يعتبر شرطا تعسفيا .
لذلك تدخل المشرع المغربي والفرنسي والمصري إلعادة التوازن بين التعويض
اإلتفاقي و الضرر الواقع بالفعل على الدائن والتدخل كذلك إلحداث التناسب بين التعويض
اإلتفاقي وما تم من تنفيذ جزئي لاللتزام ،وأصبح القضاء يتمتع بسلطة تقديرية واسعة فيما
يقرره أو ينفيه من مبالغة في التعويض اإلتفاقي ،وفيما يراه مناسبا لتخفيضه ،إلى الحد
المعقول أي إلى الحد الذي يتناسب مع الضرر.
وبحسب النصوص السالفة الذكر،فإن سلطة القضاء في المراجعة تعد من النظام
123
لذلك ال يجوز االتفاق على مخالفة مقتضياتها .إلعادة التوازن بين التعويض العام
اإلتفاقي المستحق وقدر الضرر الواقع بالفعل على الدائن والتدخل كذلك إلحداث التناسب
بين التعويض اإلتفاقي وما تم من تنفيذ جزئي لاللتزام ،124باإلضافة إلى التدخل لتحديد
الفوائد .وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء 125بين
شركة ماروك ليزنك بوصفها مستأنفة و بين شركة المالبس بوصفها مستأنف عليها.
قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 3021صدر بتاريخ ( 2009/05/21غير منشور)انظر الملحق. 125
61
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
"حيث تعيب الطاعنة ماروك ليزنك في مقالها االستئنافي على الحكم االبتدائي كونه
لم يستجب لطلبها بإجراء خبرة دون تعليل ذلك وتتمسك بكونها محقة لجميع واجبات
القرض و التأجير التي حلت و التي لم تؤد إلى غاية األجل الطبيعي للعقد بكونها محقة في
الفوائد االتفاقية عن القانونية .
حيث تمسكت شركة المالبس بكون محكمة الدرجة األولى وقعت في خطأ عند
احتساب المديونية الحقيقية،وذلك بسبب اإلغفال عن خصم االقتطاعات التي تمت من
حسابها بعد تاريخ الفسخ ،كما أن التعويض عن الفسخ المحكوم به جد مغالى فيه ويتجاوز
أصل الدين بالضعف .
وحيث.......
وحيث أن الفصل 9في فقرته الثانية في جميع العقود المبرمة بين الطرفين يوجب
على المكتري أن يؤد ي للمكري كتعويض عن الفسخ مبلغا يساوي قيمة واجبات الكراء التي
بقيت مستحقة إلى نهاية العقد.
وحيث بما أن الواجبات الكرائية المتبقية بعد الفسخ إلى نهاية العقود يحكم بها على
شكل تعويض فإن محكمة الدرجة األولى لما أخضعتها لسلطاتها التقديرية وحددتها في
مبلغ...يعتبر جد مبالغ فيه ويتجاوز بذلك أصل الدين.
وحيث أن الفصل 264بعد التعديل أعطى للمحكمة إمكانية تخفيض التعويض عن
األضرار حتى ولو اتفق األطراف على تحديده وذلك متى كان مبالغا فيه...وحيث أن الفوائد
االتفاقية تتوقف بمجرد توقف الحساب وال تستمر في السريان إال بوجود اتفاق بذلك...
حيث يتعين لذلك رد استئناف شركة "ماروك لينزنك" واعتبار استئناف شركة
المالبس"
من خالل القرار موضوع الدراسة يتبين الدور الذي يلعبه القضاء في إعمال الرقابة
على الشرط الجزائي ولو تم تحديد التعويض برضا الطرفين متى كان مبالغا فيه ويتدخل
القضاء لتحديده إلى حدود ما يتناسب مع حجم الضرر وكان هدف المشرع من خالل نص
الفصل 264م ق ل ع هو تحقيق التوازن و الذي يعول على القضاء في تحقيقه.
62
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الفصل الثاين
يلعب القضاء دورا هاما في صيانة الحقوق وتفعيل النصوص القانونية ونقلها من
حالة الجمود إلى حالة التطبيق ،ويعمل على تحقيق العدالة القانونية حماية ألطراف العقد
سواء المكري أو المكتري في عقد االئتمان اإليجاري ،غير أن هذا األخير له خصوصيات
ينفرد بها عن غيره من العقود التجارية الواردة في مدونة التجارة ،حيث أن المشرع أولى
عناية خاصة في ما يخص النزاعات التي يترتب عنها هذا العقد حفاظا على التوازن العقدي
وحماية لمصالح شركات االئتمان اإليجاري ،بالتنصيص على إلزامية اللجوء إلى الوسائل
الودية لتسوية المنازعات التي تقع بين الطرفين قبل عرض النزاع على القضاء تحت طائلة
البطالن في هذا العقد بمقتضى المادة 433من مدونة التجارة وذلك لما تلعبه هذه الوسائل
من دور في التخفيف من كثرة النزاعات المعروضة على القضاء ،وما تتطلبه من سرعة
في فض النزاعات بما ينسجم مع خصوصية المعامالت التجارية التي تتجلى في السرعة
واالئتمان وحرية اإلثبات واالختصاص المكاني والزماني التي تميزها عن المعامالت
المدنية .
كما أعطى المشرع سلطات واسعة إلى رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضيا
للمستعجالت لألمر باسترجاع العقار أو المنقول ،بعد معاينة واقعة عدم األداء والتأكد من
تحقق الشرط الفاسخ ،وكذا إعطاء القضاء سلطة الرقابة على الشرط الجزائي بإمكانية
التدخل لتعديله بالتخفيض إذا كان مبالغا فيه أو الزيادة إذا كان زهيدا ،وفي حالة االسترداد
عند تعرض المكتري لمساطر المعالجة و شروط دعوى االسترداد واآلجال ،خاصة عقد
االئتمان اإليجاري باعتباره من العقود الجارية وأهميته في حل أزمة صعوبات المكتري
63
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
والتخفيف من حدتها ،وكذت تحديد الجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد وما يضمنه
شرط االحتفاظ بالملكية من ضمان لشركة االئتمان اإليجاري.
كما أن انتهاء عقد االئتمان اإليجاري يرتب مجموعة من اآلثار على طرفي العقد
سواء كان اإلنهاء من جانب شركة االئتمان اإليجاري أو المكتري مع ما ينتج عن ذلك من
التزامات وآثار.
وسنفصل في هاته األمور من خالل الحديث عقد االئتمان اإليجاري بين إجبارية
اللجوء إلى وسائل التسوية الودية ونظام صعوبات المقاولة (في المبحث األول) ثم انتهاء
عقد االئتمان اإليجاري (في المبحث الثاني).
64
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املبحث األول
عقد االئتمان اإلجياري بني إجبارية اللجوء إىل وسائل التسوية الودية ونظام
صعوابت املقاولة
إذا كان عقد االئتمان اإليجاري من العقود الملزمة للجانبين ،فإن أي إخالل
بااللتزامات من قبل أحد الطرفين ينجم عنه فسخ عقد االئتمان فانتهاء العقد يكون إما بانتهاء
المدة المحددة في العقد ،وهذه الحالة الطبيعية النتهاء جميع أنوع العقود.
والحاثة الثانية وهي فسخ العقد نتيجة إخالل أحد الطرفين ببنود العقد ،ويكون سبب
اإلنهاء في غالب األحيان عدم أداء المكتري األقساط الواجبة األداء للمكري ،حيث يكون
لهذا األخير اللجوء إلى رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة
عدم األداء،وفسخ العقد الذي يكون بقوة القانون ،لكن المشرع جعل اللجوء إلى قاضي
المستعجالت كمرحلة ثانية ،حيث يتم اللجوء إلى هذه المرحلة بعد استيفاء جميع الطرق
الودية لتسوية المنازعات.
ومن هنا تظهر لنا إلزامية اللجوء إلى وسائل التسوية الودية قبل عرض النزاع على
القضاء ألن المشرع رتب البطالن على مخالفة مقتضيات المادة 433من مدونة
التجارة،غير أنه استعمل عبارة فضفاضة وبالتالي نتساءل عن المقصود بهذه الوسائل هل
تشمل الصلح والتحكيم والوساطة؟ باإلضافة إلى عدم صدور نص تنظيمي يبين كيفية إجراء
هذه التسوية وكيفية التبليغ وهل يتم الرجوع إلى قواعد قانون المسطرة المدنية ومنها المواد
36و 37و 38و.39
وقد أناط المشرع المغربي برئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجالت
صالحيات واسعة تتمثل في معاينة واقعة عدم األداء واألمر باسترجاع العقار .لكن المشرع
65
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لم يشر إلى استرجاع المنقول؟ لكننا نرى أن األمر يشمل حتى المنقول على اعتبار أن عقد
االئتمان اإليجاري يشمل العقار والمنقول إضافة إلى األصل التجاري.
لذلك ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين ،نتناول وسائل التسوية الودية للنزاعات
التي تنشأ عن عقد االئتمان اإليجاري (المطلب األول) ،ثم خصوصيات ممارسة دعوى
االسترداد في حالة خضوع المقاولة لنظام صعوبات المقاولة (المطلب الثاني).
أصبح الحديث عن الوسائل البديلة 126لحل المنازعات يكتسي أهمية كبيرة في الوقت
الراهن باعتبارها إحدى اآلليات القانونية لفض النزاع بشكل متميز وسريع في الزمان
والمكان . 127وذلك لتلبية متطلبات األعمال الحديثة ،وربحا للوقت وطول اإلجراءات
القضائية ،فمع التطور المستمر في التجارة وما نتج عن ذلك من تعقيد في المعامالت
وتوفير السرعة والفعالية للبت في المنازعات ظهرت الحاجة للجوء إلى آليات قانونية يمكن
لألطراف من خاللها حل خالفاتهم بشكل سريع وفعال مع منحهم مرونة وحرية ال تتوفر
عادة في المحاكم بسبب بطء هذه األخيرة وتعقيد اإلجراءات والمساطر وارتفاع تكاليف
اللجوء إلى القضاء ،بدء بالرسوم والمصاريف القضائية وانتهاءا بأتعاب هيئة الدفاع
واألعوان القضائيين ، 128لذلك أصبحت الوسائل البديلة لحل المنازعات تعرف اهتماما
متزايدا على صعيد مختلف األنظمة القانونية والقضائية وذلك لما توفره هذه األخيرة من
مرونة وسرعة في البت والحفاظ على السرية ،وما تضمنه من مشاركة األطراف في إيجاد
الحلول لمنازعاتهم ،فأصبحت بذلك تحتل مكانة بارزة في الفكر القانوني واالقتصادي على
المستوى العالمي لذلك عمل المشرع المغربي على إيجاد اإلطار المالئم لها عن طريق
تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذلك قوة فعالة لتحقيق وتثبيت العدالة وصيانة الحقوق.
- 126هي تلك اآلليات التي يلجأ إليها األطراف عوضا عن القضاء عند نشوء خالف بينهم بغية التوصل لحل لذلك الخالف.
.- 127محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات –التجربة األمريكية كنموذج -سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،مطبعة فضالة ،العدد ،2الطبعة
األولى ،السنة ،2004ص 66وما يليها
.- 128محمد أطويف ،الوساطة االتفاقية على ضوء قانون ،05.58مجلة الحقوق ،العدد 14يناير – ماي ،2013مطبعة المعارف الجديدة،
الرباط ،ص .160
66
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وقد أكد المشرع المغربي من خالل المادة 433من مدونة إلزامية اللجوء إلى وسائل
التسوية قبل عرض النزاع على القضاء حيث جاء في آخر هذه المادة على أنه .." :كما
تتضمن تلك العقود كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين المتعاقدين" ،حيث أن
مخالفة هذا المقتضى يرتب البطالن.
فالمشرع أكد من خالل المادة السالفة الذكر على ضرورة تضمين عقود االئتمان
اإليجاري كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين شركة االئتمان اإليجاري من
جهة والمكتري من جهة أخرى ،وذلك تحت طائلة البطالن ،فالمشرع جعل التسوية الودية
أمرا إجباريا وهو ما يؤكد الطبيعة اآلمرة التي تتميز بها النصوص المنضمة لهذا العقد .
لكن ما يعاب على المشرع المغربي هو عدم أجرأته لهذا النص ،وذلك من أجل تبيان
المقصود بالتسوية الودية للنزاعات في عقد االئتمان اإليجاري وكيفية ممارستها.
مما يدفعنا إلى التساؤل حول ما هي وسائل التسوية الودية التي قصدها المشرع من
خالل المادة 433؟ هل يتعلق األمر بوسائل التسوية الودية للنزاعات بصفة عامة؟ والتي
يندرج في إطارها الصلح والتحكيم والوساطة والتسوية التوافقية ،ألن المشرع استعمل
عبارة فضفاضة يبقى من الصعب إعطاء تأويل لها ،مما يحتم علينا دراسة مختلف هذه
الوسائل مع االعتماد على بعض القرارات الصادرة في نفس المضمون.
من خالل ذلك سنقوم بدراسة الصلح والتحكيم (الفقرة األولى) والتسوية التوافقية
(الفقرة الثانية).
من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات نجد الصلح والتحكيم وهي التي تعرف إقباال
أكثر من غيرها لذلك نتناولها بنوع من التفصيل.
أوال :الصلح
يعتبر الصلح أقدم وسائل التسوية للنزاعات حيث عرف في ظل المجتمع اإلسالمي
كذلك أش ارت إليه آيات كريمة من الذكر الحكيم ،كما أشار إليه الحديث النبوي
الشريف.
67
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حيث يدعو القران الكريم إلى الصلح بين المسلمين بقوله تعالى":إنما المؤمنون إخوة،
كما أن الرسول صلى هللا عليه و سلم أقر الصلح في العديد من النوازل وفي حديث
شريف عن أبي هريرة رضي هللا عنه 130أنه قال "الصلح جائز بين المسلمين إال صلحا
أحل حراما أو حرم حالال".
وكما يجد أساسه في قانون االلتزامات والعقود باعتباره آلية لحل لجميع النزاعات
الناشئة عن جميع أنواع العقود ،حيث عرفه المشرع المغربي في الفصل 1098من ق.ل.ع
على أن "الصلح عقد ،بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه وذلك بتنازل
كل منهما لآلخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه ماال معينا أو حقا".
أما الفقيه عبد الرزاق السنهوري فيعرفه بأنه "عقد يحسم به الطرفان نزاعا دائما أو
يتوقعان نزاعا محتمال ،وذلك بأن يتنازل كل منهما عن إدعاء له يتصل برابطة قانونية
قائمة بينهما".
ويشترط السنهوري لكي يكون الصلح عقدا قائما 131وجود نزاع أو احتمال وجوده،
تتجه إرادة األطراف إلى حسمه يتنازل كل طرف عن جزء مما يدعيه،و إال فال محل
للصلح.
فالصلح له ثالث مقومات ،وجود نزاع قائم أو محتمل ،حيث أنه لقيام الصلح فمن
المفترض أن يكون هناك نزاع بين المتصالحين قائم أو محتمل ،فإن لم يتواجد نزاع قائم أو
نزاع محتمل فلن يكون العقد صلحا ،ونية حسم النزاع وتنازل كل طرف عن جزء مما
يدعيه وهو كذلك ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة 2044من القانون المدني
والمشرع المصري في المادة 549من قانون المرافعات المدنية ،مما يدل أن كل القوانين
المدنية اتفقت على هذا المعطى المتطلب لقيام الصلح.132
68
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
133
ويجب لصحة عقد الصلح توفر الشروط القانونية للعقد ،ومنها الرضا واألهلية
والمحل والسبب.
ويتم اللجوء إلى الصلح بين طرفي عقد االئتمان اإليجاري إلنهاء النزاع بشكل حبي
كونه أهم وأقدم وسائل فض النزاعات التي تقدم عليه شركات التمويل ،والمؤسسات
البنكية ،وتعده في صيغة عقد نموذجي وتكمن أهميته على مستوى هذا العقد في كونه وسيلة
لربح الوقت ويكون بين طرفيه دون تدخل طرف ثالث في النزاع،و ما يتميز به من حفظ
األسرار التجارية التي يهدف األطراف إلى المحافظة عليها ،والسمعة التجارية التي تلعب
دورا كبيرا في المجال التجاري.
وهناك مجموعة من النزاعات التي يتم حلها عن طريق آلية الصلح وغالبا ما تضمن
شركات االئتمان اإليجاري عقودها النموذجية إبرام صلح قبل عرض النزاع على القضاء
وهذا األخير ال ينظر في النزاع إذا تم إبرام صلح بين الطرفين ويكتفي فقط باإلشهاد عليه
ويتم اللجوء إلى الصلح حتى بعد اللجوء إلى القضاء وهو ما جاء في قرار صادر عن
محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء 134بتاريخ 2003/01/09بين شركة برومي تور
بوصفها مستأنفة و بين القرض التجاري اإليجاري بوصفه مستأنف عليه في إطار عقد
ائتمان إيجاري حيث جاء في قرارها:
"وحيث أدلى نائب المستأنف عليه بتوقيع الصلح الواقع بين الطرفين
وحيث أسند النظر نائب المستأنفة في الصلح الواقع بين الطرفين
وحيث ألجله فإن المحكمة ال يسعها إال اإلشهاد على الصلح الواقع بين الطرفين مع
التصريح بأن االستئناف أصبح غير ذي موضوع و تحميل المستأنف عليها الصائر"
من خالل القرار يتبين لنا أهمية الصلح في عقد االئتمان اإليجاري ،فهو يلعب دورا
هاما في تسوية النزاع بطريقة حبية دون تدخل أي طرف والقضاء تبقى وظيفته عند إبرام
عقد صلح بين طرفي عقد االئتمان فقط اإلشهاد ،كما أن القضاء يمنع عليه النظر في النزاع
133نص المشرع المغربي في المادة 206من مدونة األسرة على أن األهلية نوعان:أهلية وجوب وأهلية أداء.أما أهلية الوجوب فهي حسب المادة
207من مدونة األسرة "هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق و تحمل الواجبات التي يحددها القانون و هي مالزمة له طول حياته وال يمكنه
حرمانه منها.أما أهلية األداء فهي حسب المادة " 208هي صالحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية و المالية ونفاذ تصرفاته ،ويحدد القانون
الشروط ،شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها.
134قرار رقم 2003/102صادر بتاريخ 2003/01/09رقمه بالمحكمة االبتدائية 1/2001/908رقمه بمحكمة االستئناف التجارية
9/2002/3667للمزيد من التفاصيل يراجع الملحق.
69
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
عند وجود عقد صلح أو بند في العقد يحيل على الصلح باعتبار أن المشرع جعل من خالل
المادة 433اللجوء إلى وسائل التسوية الودية أمر إجباري قبل عرض النزاع على القضاء
وإال ما الفائدة من التنصيص عليها دون إلزام األطراف باحترامها و تقرير جزاء لمخالفة
أحكامها.
ثانيا :التحكيم
يعتبر التحكيم من وسائل تسوية المنازعات ،مفاده الخروج عن طرق التقاضي
العادية ،وما تكلفه من ضمانات ووقت قد ال تسمح به ظروف التجارة.135
وقد اهتم المشرع المغربي بمؤسسة التحكيم ،حينما نص في الفقرة األخيرة من المادة
5من قانون إحداث هذه المحاكم التجارية136على أنه "يجوز لألطراف االتفاق على عرض
النزاعات المبنية أعاله على مسطرة التحكيم وفقا ألحكام الفصول 306إلى 327من قانون
المسطرة المدنية.
وقد عرف الفصل 316من ق.م.م شرط التحكيم بكونه "االتفاق الذي يلتزم فيه
أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي تنشأ عن العقد المذكور.
كما عرفه بعض الفقه بكونه "اتفاق المتعاقدين عند التعاقد ،وقبل أن يحدث أي نزاع
على إدراج شرط بالعقد ،يلزم الطرفين بإحالة كل ما يثور بينهم من نزاعات أو خالفات
على محكم سواء تعلق األمر بتنفيذ العقد أو تفسيره.137
وقد نظم المشرع المغربي التحكيم بمقتضى الفصول 306إلى 327من ق.م.م،
وعلى المستوى الوطني أحدث على مستوى مدينة الدار البيضاء بتاريخ 2003/02/17
مركز التحكيم والوساطة التابع لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء ويتكون
من ثالثة محكمين ويختص بالفصل في النزاعات القائمة بين التجار وكذا بالوساطة فيما
بينهم.
- 135أبو جعفر المنصوري ،خصومة التحكيم اإللكتروني في ضوء القواعد العامة للتحكيم ،مجلة القصر ،العدد 26ماي ،2010ص .11
- 136ظهير شريف رقم 1.97.65صادر في 4شوال ( 12فبراير )1977بتنفيذ القانون رقم 53.95القاضي بإحداث محاكم تجارية منشور
بالجريدة الرسمية عدد .4482
- 137أحمد شكري السباعي ،الوسيط في قانون التجارة المغربي والمقارن ،الجزء األول ،النظرية العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية ،دار
نشر المعرفة الرباط ،الطبعة الثالثة ،1988ص .455
70
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فالمبدأ السائد في مجال التحكيم التجاري هو أن مبدأ سلطان اإلرادة يلعب دورا مهما
في تنظيم كيفية سير اإلجراءات 138والذي يتم فيه كذلك االختيار الحر لألطراف بمحض
إرادتهم للجوء إلى هذه الوسيلة لتسوية منازعاتهم ،والمشرع بمقتضى الفقرة األولى من
الفصل 139308من قانون 05.08أعطى إمكانية للجوء إلى التحكيم لجميع األشخاص من
ذوي األهلية الكاملة ،سواء كانوا طبيعيين أو معنويين مع مراعاة الفصل 14062من ظهير
االلتزامات والعقود.
لذا ليس هناك أي مانع يمنع طرفي عقد االئتمان اللجوء إلى التحكيم لتسوية
منازعاتهم بطريقة ودية ،وإمكانية تضمين الطرفين شرط التحكيم ضمن بنود العقد يقرر
اللجوء إلى التحكيم لحل المنازعات التي قد تثور مستقبال بين المتعاقدين بصدد هذا العقد
وتنفيذه ويتم االتفاق على التحكيم كما يرى بعض الفقه قبل نشوء أي نزاع بينهما بشأن
عالقة قانونية معينة ،ويتم تضمين شرط التحكيم إما في عقد أصلي أو في عقد الحق ويكون
مجرد وعد باللجوء إلى التحكيم في حال نشوب نزاع.
بل أعطى كذلك المشرع المغربي من خالل قانون 08.05للمحكم األمر باإلجراءات
الوقتية والتحفظية ،141حيث جاء في الفصل 15منه "يجوز للهيأة التحكيمية ،ما لم يتم
االتفاق على خالف ذلك ،أن تتخذ بطلب من أحد األطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه
الزما في حدود مهمتها.
ويبقى اختصاص المحكمة التجارية فقط بمنح الحكم الصادر عن المحكمين الصيغة
التنفيذية بعد تأكدها من كون المقرر التحكيمي غير مشوب بالبطالن وغير مخالف للنظام
العام دون النظر ف ي الموضوع وهو ما أكده قرار صادر عن المجلس األعلى (محكمة
- 138طارق الجبلي ،مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية –التحكيم التجاري نموذجا -رسالة لنيل الماستر في القضاء والتحكيم ،كلية
العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية ،2010-2009ص .44
- 139ينص الفصل 308في فقرته األولى "يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم
في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات
ظهير االلتزامات والعقود والسيما الفصل 62منه".
- 140ينص الفصل 62من ظهير االلتزامات والعقود "االلتزام الذي ال سبب له والمبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن.
141عبد الرحمان المصباحي ،التحكيم والتدابير المؤقتة والتحفظية ،نشرة قرارات محكمة النقض ،الغرفة التجارية ،السلسلة ،3الجزء ،11مطبعة
األمنية ،الرباط ،ص .175
71
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
النقض حاليا) عدد 129بتاريخ 28يناير 1422010والذي جاء في" :لئن كانت المحكمة
فيما يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية يتمحور حول التأكد من كون المقرر التحكيمي غير مشوب
بالبطالن وغير مخالف للنظام العام دون أن تتجاوز ذلك إلى النظر في الموضوع الذي
فصل فيه المحكمون.".....
- 142قرار صادر عن المجلس األعلى(محكمة النقض حاليا) رقم 129بتاريخ 28يناير 2010في الملف عدد 2009/3/3/896الغرفة التجارية-
نشرة قرارات المجلس األعلى السلسلة 12الجزء 5ص .45
- 143فيصل بجي ،الوساطة والعدالة والمطلوبة ،مجلة المنبر القانوني ،مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط ،العدد 6أبريل ،2014ص .245
H.Touzard 144أشار إليه فيصل بجي-نحو إقرار الوساطة القضائية كخيار بديل لفض المنازعات-مجلة الدراسات القضائية واإلدارية العدد 5
دجنبر 2013دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع –الرباط ص .127
72
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
واتفاق الوساطة قد يتم بعد نشوء النزاع و في هذه الحالة يحيي عقد الوساطة أو
يترتب على االتفاق األصلي بين األطراف ويسمى شرط الوساطة 145وعقد الوساطة هو
ذلك االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف النزاع على عرض هذا األخير على وسيط،ويتعين أن
يتضمن تحت طائلة البطالن ،موضوع النزاع وتعيين الوسيط أو طريقة تعيينه .و أما شرط
الوساطة فهو االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد على عرض النزاع الذي ينشأ بينهم على
وسيط ،ومن شروطه الكتابة ومدة قيام الوسيط بمهامه.146
وتكمن أهمية اشتراط اللجوء إلى الوساطة أو االتفاق على ذلك في عقد خاص ،في
أن المحكمة تصرح بعدم قبول الدعوى الرامية إلى النظر في النزاع الذي تم االتفاق فيه
على اللجوء إلى الوساطة .147وهي وسيلة غير قضائية لحل النزاعات بواسطة تدخل طرف
ثالث محايد ومستقل عن أطراف النزاع ،وليست له أية سلطة في اتخاذ القرار.
وقد كرس العمل القضائي مبدأ عدم اللجوء إلى المسطرة القضائية ،إال بعد استنفاذ
وسائل التسوية الودية إلنهاء النزاع.
كما أن نص المادة 433من مدونة لتجارة يصنف في إطار القواعد القانونية اآلمرة
التي ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها ،148ويؤكد ضرورة تضمين عقود االئتمان
اإليجاري تحت طائلة البطالن كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين
المتعاقدين.
ومع غياب مرسوم تطبيقي يبين كيفية التسوية الودية ،فإن شركات التمويل
المتخصصة في عمليات االئتمان اإليجاري والمنضوية تحت لواء الجمعية المهنية لشركات
التمويل قد تعاملت مع هذا الغياب بوضع تفسير لنص المادة .433من م.ت بأن كل نزاع
يتعلق بتأويل أو تنفيذ أي بند من هذا العقد يكون محل تسوية ودية.149
145عبد الكريم الطالب-الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة أبريل 2013ص.346
146ومن شروط الوساطة :الكتابة إما في وثيقة أصلية أو في وثيقة تحيل عليه وتعيين الوسيط وذلك تحت طائلة البطالن ويقوم الوسيط بمهمته
داخل أجل ثالثة أش هر ما لم يتفق األطراف على تمديد هذا األجل ويتعين على الوسيط أن يكتم السر المهني،وبعد وصوله إلى الصلح تحرر وثيقة
بذلك.
147عبد الكريم الطالب،نفسه.
- 148عز الدين بنستي ،بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية ،مقال منشور بمجلة المجلس األعلى ،ندوة الصلح والتحكيم والوسائل
البديلة لحل النزاعات من خالل اجتماعات المجلس األعلى ،2007 /ص .415
149عز الدين بنستي ،نفسه ص .416
73
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لهذا الغرض يخبر الطرف المدعى الطرف اآلخر المعني بموضوع العقد برسالة
مضمونة مع إشعار بالتوصل بالعنوان المشار إليه في هذا العقد أو المغير الذي تم تبليغه إلى
المرسل ويجب على المرسل إليه أن يكشف عن مقترحاته للتسوية الحبية في الخمس عشر
يوما الموالية لتاريخ وضع رسالة المرسل إليه للرسالة.
وإذا حصل االتفاق تم تسجيله في محضر أو في وثيقة تقوم مقامه ،وهذا المقتضى
تؤكده مجموعة من القرارات منها ما هو صادر عن محكمة النقض ومنها ما هو صادر عن
محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء ،حيث صدر قرار عن محكمة النقض 150بتاريخ
2013/05/09بين الشركة المغربية لإليجار (الطالبة) وشركة كومباني ماريتيم
(المطلوبة) ،حيث تنعى الطاعنة على القرار خرق وسوء تطبيق وتحريف مقتضيات المادة
433من مدونة التجارة وخرق الفصل 416من ق.ل.ع والفصل 345من ق.م.م وفساد
التعليل الموازي النعدامه وعدم االرتكاز على أساس ،بدعوى أن المحكمة المصدرة له
اعتبرت "أن مسطرة الفسخ يتعين مباشرتها بعد مرور شهر من التوصل برسالة اإلنذار،
وأن اإلشعار البريدي المدلى به ال يشير إلى تاريخ التوصل وال يتضمن توقيع المرسل"
والحال أن اإلشعار البريدي صادر عن مصلحة البريد التي تعتبر مؤسسة عمومية ويثبت
توصل المطلوبة باإلنذار الموجه إليها ،وبياناته حجة قاطعة ال يطعن فيها إال بالزور ،وأن
المطلوبة لم تطعن بالزور في اإلشعار التي توصلت به .كما أن المحكمة اعتبرت "أن
مقتضيات المادة 433من مدونة التجارة تفيد ضرورة أن تنتظر العارضة أجل شهر بعد
توصل المطلوبة باإلنذار قبل إقامة دعوى االسترجاع" في حين ليس في المادة 433من
مدونة التجارة ما يفيد ذلك مما يستوجب نقض القرار المطعون فيه.
لكن حيث إنه لما كان البند 11من عقد االئتمان اإليجاري يلزم قبل رفع الدعوى
بشأن تفسيره أو تنفيذه ،بتوجيه رسالة مع اإلشعار بالتوصل ،وبعد ثمانية أيام يتعين على
المرسل إليه أن يدلي باقتراحه حول التسوية الودية للنزاع ،وإن لم يحل ذلك خالل أجل
شهر أمكن رفع الدعوى ،فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ثبت لها أن
- 150قرار صادر عن محكمة النقض بغرفتها التجارية ،قرار عدد 1/206المؤرخ في 2013/15/04ملف تجاري عدد (2012 /1/3/1636غير
منشور) أنظر الملحق.
74
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
اإلشعار البريدي ال يفيد توصل المطلوبة باإلنذار لعدم توقيعها عليه وعدم تضمين تاريخ
التوصل به –وهو األمر المطابق لواقع الملف -اعتبرت وعن صواب أنه لم يثبت توصل
المطلوبة باإلنذار حتى تمارس مسطرة التسوية الودية ،مما تبقى معه الدعوى مرفوعة دون
مراعاة المسطرة المذكورة .ويتعين التصريح بعد قبولها"...
من خالل القرار الذي تم التطرق يتبين أن مسطرة استرجاع المنقول لعدم أداء
المكتري ألقساط الكراء ،ال يتم اللجوء إليها إال بعد استنفاذ وسائل التسوية الودية تحت
طائلة البطالن وتبليغ المكتري برسالة مع إشعار بالتوصل من أجل مباشرة هذه التسوية وأن
يكون التبليغ قانونيا ،مع اإلشارة إلى تاريخ التوصل وتوقيع المرسل وإال اعتبر التبليغ كأن
لم يكن.
وكذا مجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء
ومنها قرار بتاريخ 2012/5/3بين شركة شانتي مودرن( ...بوصفها مستأنفة) وبين شركة
سوجليز المغرب (بوصفها مستأنف عليها).
" حيث تمسكت الطاعنة في استئنافها خرق األمر المستأنف مقتضيات الفصل 433
من مدونة التجارة وعقد االئتمان اإليجاري وخرق حقوق الدفاع وذلك بتوجيه المستأنف
عليها االستدعاء لغير العنوان الصحيح المضمن بعقد االئتمان اإليجاري الشيء الذي يشكل
خرقا بأحد حقوق الدفاع يستوجب إلغاء األمر المستأنف.
حيث أنه بخصوص خرق مقتضيات الفصل 433من المدونة والمادة 13من عقد
االئتمان اإليجاري فإنه باإلطالع على محضر تبليغ إنذار الموجه من طرف المستأنف عليها
للطاعنة يتبين أن المستأنف عليها وجهت إنذار من أجل األداء وأعربت لها بأنها على
استعداد إليجاد تسوية ودية بخصوص أداء الدين المترتب شريطة االتصال بها خالل
األجل الممنوح لها وحيث أن رسالة اإلنذار وجهت للمستأنف بالعنوان ..وهو نفس العنوان
المضمن بعقد االئتمان اإليجاري وهو نفس العنوان الذي قدمت به المستأنفة مقالها
االستئنافي وإن رسالة اإلنذار توصل بها المدعي ...بصفته مسؤول مالي للمستأنفة ولم
تنازع في صفه من توصل بهذا اإلنذار.
75
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
وحيث مم ا ذكر يتبين أن رسالة اإلنذار المشار إليها أعاله قد احترمت الفصل 433
من م.ت.
وحيث بخصوص خرق حقوق للدفاع ،فإنه ثبت باإلطالع على االستدعاء الموجه
للطاعنة أنه وجه بنفس العنوان الوارد بالعقد ورجع بمالحظة أن المعنية باألمر انتقلت ،وأنه
طبقا لعقد االئتمان فإن الطاعنة التزمت في حالة تغيير العنوان إخبار المكرية بذلك.
وحيث أن الطاعنة لم تدل بما يثبت أنها أخبرت المستأنف عليها بالعنوان الجديد
ورغم ذلك قامت بتوجيه االستدعاء للعنوان القديم وبالتالي فإن الدفع بخرق حقوق الدفاع
غير ثابت مما يتعين معه رد االستئناف وتأييد األمر المستأنف.
وحيث يتعين إبقاء الصائر على رافعته".
حيث يتبين من خالل القرار السالف الذكر أن المحكمة تبسط رقابتها على مدى
احترام أطراف عقد االئتمان اإليجاري لمقتضيات المادة 433من م.ت ،وبالتالي فإن شركة
االئتمان احترمت هاته المقتضيات عن طريق توجيه رسالة تتعهد فيها بإيجاد حل ودي
للنزاع غير أن المكتري (شركة شانتي مودرن) استأنف األمر الصادر عن محكمة االبتدائية
بعلة أن رسالة وجهت إلى عنوان غير صحيح لكن هذا يلقي على هاته األخيرة التزامها
بإخبار المكري (شركة سوجليز) بالعنوان الجديد في حالة تغييره وهو توجه صائب لمحكمة
االستئناف التجارية بالدار البيضاء بتطبيقها السليم لنص المادة أعاله.
أعطى المش رع المغربي لرئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضيا لألمور المستعجلة
مجموعة من الصالحيات ،إذ أن شركات االئتمان اإليجاري يمكنها اللجوء إليه لمعاينة
واقعة عدم األداء ،واألمر باسترداد المنقول أو العقار ،إال أن اإلشكال الذي يطرح يتمثل في
ما هي اإلجراءات التي يجب إتباعها في الحالة التي تتعرض المقاولة لمساطر صعوبات
المقاولة؟ فكيف يتم االسترداد في هذه الحالة؟ وإلى من يعود االختصاص للبت في طلبات
االسترداد هل قاضي األمور المستعجلة باعتباره الجهة التي كلفها المشرع بمعاينة واقعة
عدم األداء أم القاضي المنتدب؟
76
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فعقد االئتمان اإليجاري يخول لشركة االئتمان (المكري) الحق في الحفاظ على
منقوالتها وعقاراتها المحتفظ بملكيتها ،متى كان المدين خاضعا للتسوية أو التصفية القضائية
وتمنح لها إمكانية االسترداد شريطة االلتزام باألجل الذي حدده المشرع لممارسة هذه
الدعوى ،وكذا الجهة المكلفة بتلقي طلب االسترداد ،إضافة إلى توفر شرط الصفة ألنه شرط
مهم في هذه دعوى االسترداد ،أي أن يكون طالب االسترداد هو صاحب حق الملكية على
المال المؤجر.
كذلك نتساءل عن موقع عقد االئتمان اإليجاري عند فتح مساطر المعالجة في حق
المكتري ،وعلى وجه الخصوص مسطرة التسوية القضائية والسلطات التي يملكها السنديك
في إطار مخطط االستمرارية في مواصلة أو عدم مواصلة عقد االئتمان اإليجاري باعتبار
المشرع والقضاء جعله من العقود الجارية ،أو تفويته واآلثار التي تنتج عن تفويت عقد
االئتمان اإليجاري وخاصة األقساط الواجبة قبل التفويت.وهل يتحملها المفوت إليه؟ خاصة
أن المفوت إليه ال يمكنه تملك العقار أو المنقول عند نهاية العقد وإعماله خيار الشراء إال
عند أداء جميع األقساط .
لذا ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نتطرق إلى إجراءات االسترداد والجهة
المكلفة بالبت في طلبات االسترداد في الفقرة األولى ثم موقع عقد االئتمان اإليجاري في
مساطر صعوبات المقاولة في الفقرة الثانية.
تطرق المشرع المغربي لحالة االسترداد من خالل المواد 667إلى 676من مدونة
التجارة حيث أشار إلى شروط وآجال االسترداد والجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد.
ويقدم طلب االسترداد ،من طرف شركة االئتمان فيما يتعلق بعقد االئتمان اإليجاري ومما
ينبغي التأكيد عليه أن هذا الحق قرره المشرع فقط لفائدة غير الدائنين(أصحاب حقوق
االسترداد ويضاف إليهم كذلك حقوق الزوج والمكري) للمقاولة الخاضعة للتسوية أو
التصفية القضائية ،الذي يستند في طلبه إلى حق الملكية على المنقول وليس مجرد حق
شخصي وإذا كان حق االسترداد مقرر فقط لفائدة صاحب حق الملكية بصفته مالكا له ،فانه
77
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يجب على المدعى في دعوى االسترداد في إطار صعوبات المقاولة أن يستجيب لهذه الصفة
وأن يستطيع إثبات هذه الصفة عند الحكم بفتح المسطرة ،151ما لم يسبق له إشهار العقد
موضوع الحال،حيث يعفى في هذه الحالة من إثبات صفته كمالك.152
وفيما يخص آجال رفع دعوى االسترداد البد من تحليل النطاق الزمني لمعرفة تاريخ
سريان أجل االسترداد ارتباطا بنشر الحكم بفتح المسطرة (الحالة األولى) وارتباطا بتاريخ
فسخ العقد أو انتهائه متى كانت األموال المراد استردادها موضوع عقد جار يوم فتح
المسطرة (الحالة الثانية).
الحالة األولى:تاريخ سريان أجل االسترداد ارتباطا بنشر حكم فتح المسطرة:
ما يعنينا هنا هو األجل الذي وضعه المشرع المغربي للمطالبة باالسترداد وعلى
طالب االسترداد االلتزام به لتقديم طلبه داخل أجل ثالثة أشهر لنشر حكم فتح مسطرة
التسوية القضائية أو التصفية القضائية 153وبمضي هذا األجل يسقط حقه في ممارسة دعواه.
لكن من وجهة نظرنا يبقى هذا األجل قصيرا ،بالمقارنة مع النص الذي يقابله في
التشريع المصري الذي نص بمقتضى القانون رقم 17لسنة 1999المتعلق بالتجارة في
مادته 632على انه"تتقادم دعوى االسترداد التي توجه إلى أمين التفليسة في الحاالت
المذكورة في المواد من 626إلى 630من هذا القانون بمضي سنة من تاريخ نشر حكم
شهر اإلفالس في الصحيفة اليومية التي تعينها المحكمة وفقا للفقرة الثالثة من المادة 564
من هذا القانون"
الحالة الثانية:تاريخ أجل االسترداد ارتباطا بتاريخ فسخ أو انتهاء العقد متى كانت
األموال المراد استردادها موضوع عقد جار ابتداء من تاريخ فسخ هذا العقد أو انتهائه.
مما ين بغي اإلشارة إليه أن هذا األجل ال يسري بالنسبة لألموال موضوع عقد جار
يوم فتح المسطرة إال من تاريخ فسخ هذا العقد أو انتهائه بمقتضى الفقرة الثانية من المادة
151
Pérochon. F .entreprise en difficulté instrument de crédit et de paiement, librairie générale de droit de
jurisprudence PARIS 3eme édition octobre1997, n 288 p 273.
152تنص المادة 668من م ت على ما يلي:
يعفى صاحب المال من إثبات حقه كمالك إذا سبق شهر العقد موضوع هذا المال"
153تنص المادة 667من م ت "ال يمكن ممارسة استرداد المنقول إال في أجل الثالثة أشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية أو التصفية
القضائية.
يسري األ جل بالنسبة لألموال موضوع عقد جار يوم فتح المسطرة ابتداء من تاريخ فسخ العقد أو انتهائه"
78
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
667من م ت وما يالحظ من خالل هاته المادة أن المشرع أقر قاعدة أساسية تتمثل في أن
العقود الجارية تستمر بقوة القانون بعد فتح مسطرة التسوية القضائية.و األجل المحدد من
طرف المشرع لالسترداد ال يخضع النقطاع وال للوقف .ويرى األستاذ أحمد شكري 154أن
هذا األجل جيد بالرغم من عدم تحديد طبيعة هذا األجل ،لكن االجتهاد الفرنسي قد تصدى
155
لهذه الثغرة معتبرا أن أجل االسترداد ثابت
ويرى األستاذ أحمد شكري السباعي أن المشرع حدد أجل استرداد المنقول ،أما فيما
يتعلق بأجل استحقاق العقار ،فتبقى خاضعة لقواعد القانون العادي.في الثالثة أشهر التالية
لنشر الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية .156أما المشرع الفرنسي فقد
أدخل تعديل على قانون 1985بمقتضى قانون10يونيو 1994في المادة 115حيث تخلى
عن سريان األجل ابتداء من تاريخ التصريح بفتح المسطرة وذلك حماية لمصالح الدائنين
الذين لم يكونوا طرفا في الدعوى وأضرار إعالم األغيار وتجنبا لالنتقادات التي وجهت
لقانون .1985
هذا االسترداد يضمنه شرط االحتفاظ بالملكية الذي تتمتع به شركات االئتمان
اإليجاري ،حيث أن هذا الشرط يعتبر ضمانة لها يمكنها من استرداد المنقول أو العقار لكن
شريطة التقيد بمجموعة من الشروط ،باعتبار أن المكتري ال يصير مالكا له إال عند نهاية
العقد و إعماله خيار الشراء مستندة في ذلك على حق عيني وليس مجرد حق دائنية .157لكن
عندما يتعرض المكتري لمساطر صعوبات المقاولة ،فإن الوضع يختلف باعتبار أن
االسترداد سيؤدي إلى حرمانه من منقوالت أو عقارات تكون ضرورية الستمرارية نشاط
المقاولة المتعثرة .لكل هاته االعتبارات حاول المشرع التدخل لتنظيم مسألة االسترداد
بتحديد الجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد خاصة أن مساطر معالجة صعوبات المقاولة
تتداخل فيها العديد من األجهزة حسب نوع المسطرة كما أن مسألة االسترداد ينعقد
154أحمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها،الجزء الثالث في التصفية القضائية
والجزاءات التجارية و الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة،دار نشر المعرفة الرباط الطبعة األولى 2000،ص .272
155زكية عومري أثار فتح مسطرة التسوية القضائية على الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة،مجلة القصر،العدد 11ماي 2005ص.52
156أحمد شكري السباعي نفسه .
-157جواد الدهبي-شرط االحتفاظ بالملكية في مساطر صعوبة المقاولة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص كلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني سطات السنة الجامعية 2008-2007ص .20
79
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
االختصاص للسنديك وهي المرحلة الودية واختصاص القاضي المنتدب وهي المرحلة
القضائية.
- 158نظم المشرع الفرنسي مسطرة االسترداد تنظيما دقيقا شامال ،وفي هذا اإلطار نصت مقتضيات المادة 14من المرسوم رقم
1677.2005الصادر بتاريخ 28دجنبر 2005كما يلي:
« la demande de revendication d’un bien est adressé dans de délai prévu à l’article L 264 du code de
commerce par la lettre recommandée avec la demande d’avis de réception à l’administrateur s’il en a été
désigne ou à défaut au débiteur le demandeur en adresse une copie au mondataire.
A défaut d’acquiescement dans le délai d’un mois à compter de la réception de la demande,le demandeur doit
sous peine de forclusion, saisir le juge commissaire au plus tard dans le délai d’un mois à compter de
l’expiration du délai de réponse du délai de réponse.
Avant de statuer,le juge -commissaire recueille les observation des parties intéressés.
» La demande en revendication emporte de pleine droit demande en restitution
159حكيم الشرقاوي حق االسترداد كضمانة في مساطر صعوبات المقاولة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و
االقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني سطات السنة الجامعية 2013-2012ص .50
160تجدر اإلشارة إلى أن مرور طلب االسترداد عبر المرحلة الودية يعد إجراء إلزامي،بحيث أن كل طلب يوجه مباشرة إلى القاضي المنتدب
المرور بالمرحلة الودية يكون مآله عدم القبول.
80
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ولكن المشرع المغربي لم يبين طريقة توجيه طلب االسترداد إلى السنديك وفي
غياب نص قانوني فإنه يتم اعتماد وسائل التبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة
المدنية وذلك عن طريق رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة إنذار قضائي
يوجه بأمر من رئيس المحكمة في نطاق مقتضيات الفصل 148من ق .م .م .و،عن آجال
البت في الطلب فإنه يتعين على السنديك أن ينظر في الطلب داخل آجال معقولة ويجب عليه
قبل ذلك استشارة المدين وهي استشارة إلزامية حسب نص المادة 675من م ت وفي حالة
عدم موافقة المدين ينتقل المكري(شركة االئتمان اإليجاري) إلى المرحلة القضائية.
المرحلة القضائية :اختصاص القاضي المنتدب
يبدأ دور القاضي المنتدب بانتهاء مهمة السنديك بإصدار تقريره برفض الطلب الموجه
إليه،فتعذر موافقة السنديك يمنح للقاضي المنتدب اختصاصا استئثاريا للنظر في النزاعات
المترتبة عن االسترداد ،إعماال لمقتضيات المادة 675من م ت ،غير أن المشرع الفرنسي
بعد تعديالت 10يونيو 1994أعطى االختصاص العام للبث في الدعوى المتصلة
بالمسطرة مشروطا بعدم المساس بالصالحيات الممنوحة ابتدائيا للقاضي المنتدب ومن بينها
161
دعوى االسترداد
فطلب االسترداد يخضع للشروط العامة لقبول الطلبات والمنصوص عليها في الفصل 32
من ق م م وعلى القاضي حسم النزاع داخل أجل معقول .
فدور القاضي المنتدب يبدأ من تاريخ انتهاء مهمة السنديك بإصدار تقريره برفض الطلب
الموجه إليه ،حيث يصبح طالب االسترداد في المرحلة القضائية ،إذ يبث هذا القاضي في
162
صحة طلب االسترداد من عدمه بمقتضى أمر قضائي .
وخالفا للمرحلة الودية فهاته المرحلة (القضائية) غير مقيدة بأجل سقوط أو تقادم في
مواج هة صاحب حق االسترداد الذي تقاعس عن المبادرة لرفع طلبه إلى القاضي المنتدب
داخل أجل محدد ،مع أن المشرع الفرنسي قيد هذا األجل وحصره في شهر يبتدئ سريانه
من تاريخ انتهاء أجل الشهر الممنوح للسنديك تحت طائلة سقوط حقه في
81
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
االسترداد. 163ويجب على القاضي المنتدب أن يتحقق عند اتخاذ القرار المتعلق بصحة
االسترداد المقدم من طرف طالبه من توفر كافة الشروط القانونية الالزمة لممارسة هذه
الدعوى ،كأن يرد طلب االسترداد على موضوع المنقول أو العقار.
وتعتبر المادة 667من م ت من النصوص اآلمرة التي البد من طالب االسترداد المرور
منها وهو ما أكده حكم صادر عن محكمة االستئناف التجارية 164بمراكش وجاء " إن
استرداد المنقوالت في مواجهة المقاوالت المفتوحة في حقهم التسوية القضائية أو التصفية
القضائية يخضع لمقتضيات الفصل 667من مدونة التجارة وعلى مؤسسة القاضي المنتدب
التأكد من مدى توفر شروط الفصل المذكور"
وقد أحسن المشرع عندما حدد الجهة المختصة للبت في طلب االسترداد خصوصا أمام تعدد
مساطر معالجة صعوبات المقاولة من تسوية و تصفية قضائية واستفاد كثيرا من التجربة
الفرنسية ومنع بذلك أي مجال لتضارب اآلراء و التأويالت .
لكن اإلشكال الذي يثار هل يمكن لمكتري التصرف في المنقول أو العقار محل عقد االئتمان
اإليجاري قبل البت في طلب االسترداد؟
توجه شركة االئتمان اإليجاري التماس إلي السنديك الذي له وحده حق ممارسة دعوى
البطالن حسب مضمون المادة 685من م ت و التي جاء فيها "يمارس السنديك دعوى
البطالن قصد إعادة جميع أصول المقولة "وذلك في فترة الريبة التي تفصل بين تاريخ
التوقف عن الدفع وتاريخ فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ومن ذلك منع التصرف
في المنقول.
أما في مرحلة إعداد الحل وهي الفترة الفاصلة بين حكم فتح المسطرة وبين الحكم القاضي
بالتسوية بواسطة مخطط االستمرارية أو مخطط التفويت ألحد األغيار أو الحكم القاضي
بالتصفية والتي ال تتجاوز هذه المدة أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بناء على طلب
السنديك .165فالحكم القاضي بفتح المسطرة وكما جاء في المادة 576من م ت قد يكلف
السنديك بمراقبة عمليات التسيير ال غير ،وهذا يترك المجال واسعا لرئيس المقاولة إلدارة
163
Voir l’article85-1 du décret de 27 Décembre ,1985.
قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش رقم 125بتاريخ 2009/01/08منشور بموقع www.Cacmarrakech.ma 164
82
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
مقاولته وتسييرها خالل فترة إعداد الحل ويمكنه القيام بجميع األعمال المرتبطة بالتسيير
واإلدارة والتي من شأنها التأثير بالسلب على إمكانية تسوية المقاولة.166
ويحمي شرط االحتفاظ بالملكية الذي هو من أهم مميزات عقد االئتمان اإليجاري مصالح
شركة االئتمان من األعمال التي يمكن أن يبرمها المكتري المدين سيئ النية مثل إبرامه
لعقود البيع أو الرهن على المنقوالت الموجودة بحيازة المقاولة أو إنشاء امتيازات ،كما يمنع
على دائني المكتري الحجز عليه ،وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية
بالدار البيضاء 167قرار رقم 2004/405بتاريخ 2004/04/06والذي جاء فيه "حيث أن
تمسك الطاعنة بمقتضيات المادة 653من م ت وبأن مقتضياتها تمنع المستأنف عليها من
إجراء التنفيذ ،على اعتبار أن حكم فتح المسطرة يوقف و يمنع كل إجراء للتنفيذ يقيمه
الدائنون سواء على المنقوالت أو العقارات ،فإنه دفع مردود استنادا إلى أن المقتضيات
المذكورة غير قابلة للتنفيذ على النازلة باعتبار أن المنقوالت موضوع النزاع و التأجير ملك
للمكرية "شركة وفاباي" التي ضمنت العقد المذكور شرط االحتفاظ بالملكية ".....
وقد جعل المشرع دعوى االسترداد مقيدة بمجموعة من الشروط يتصل بعضها بنفاذ شرط
االحتفاظ بالملكية تجاه المقاولة المدينة ودائنها واألخرى باإلجراءات الكفيلة ببلوغ شركة
االئتمان إلى حقها في االسترداد وقد حددت المادة 672من م ت شروط االسترداد العيني
لألموال المحتفظ بملكيتها وهما:
الشرط األول :الكتابة حيث تعتبر الكتابة أساسا لالحتجاج بشرط االحتفاظ بالملكية تجاه
المدين عند تعرضه لمساطر صعوبات المقاولة وهي شكلية تؤكد الطابع االستثنائي للشرط
و خصوصيته في هاته المساطر ،فإذا كانت القواعد العامة تقضي بعدم خضوع شرط
االحتفاظ بالملكية ألية شروط محددة سواء من حيث صحته أم إثباته أم نفاذه ،فإنه استثناء
من هذه القاعدة قرر المشرع المغربي على غرار نظير المشرع الفرنسي بشكل صريح أنه
83
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ال يجوز للبائع استرداد المنقوالت المحتفظ بملكيتها ما لم يكن هناك اتفاق مكتوب على
الشرط على األكثر حين التسليم.168
أما الشرط الثاني :فقد أوجب المشرع السترداد المنقوالت أن تبقى على حالتها العينية في
تاريخ فتح المسطرة ،وذلك حسب مقتضيات المادة 672والتي تنص على ":يمكن أيضا
استرداد البضائع ....إذا كانت هذه البضائع موجودة بعينها وقت فتح المسطرة ،أما
بخصوص اإلجراءات التي يجب على شركة االئتمان اإليجاري االلتزام بها هي التصريح
بالديون الناشئة عن عقد االئتمان اإليجاري ،ولكن بعد إشعارهم شخصيا بواسطة السنديك
ولكن المشرع سكت في المادة 686من م ت عن تحديد أجل التصريح بديونهم ،مما يقتضي
بالرجوع إلى المادة 687واعتماد أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة
بالجريدة الرسمية ،وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة النقض 169وجاء فيه ":لئن كان
المشرع في المادة 686من مدونة التجارة خص الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد االئتمان
اإليجاري تم شهره ،بوجوب إشعارهم شخصيا بحكم فتح المسطرة إال أنه سكت عند تحديد
تاريخ انطالق أجل التصريح بديونهم ،مما يقتضي الرجوع إلى مقتضيات المادة 687من م
ت التي اعتمدت أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية
للتصريح بديونهم بالنسبة لكافة الدائنين ،فإذا لم يصرح الدائن الحامل لضمانة أو عقد ائتمان
إيجاري بعد إشعاره شخصيا ،فإن األجل العام الممنوح لكافة الدائنين المنطلق من تاريخ
النشر بالجريدة الرسمية يظل ساريا بالنسبة إليه طالما لم تنته مدته".
يتبين من خالل قرار محكمة النقض أنه أمام عدم تحديد المشرع ألجل تصريح أصحاب
الديون المشعرون شخصيا ،اعتمدت مقتضيات المادة 687التي تنص على اعتماد أجل
شهرين يبتدأ من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية وهذا ما لم يسلكه القرض
العقاري والسياحي ،التي تم إشعاره شخصيا مما جعل المحكمة مصدرة القرار تعتبر
التصريح المقدم خارج المدة القانونية وبالتالي قضت أن أمامه األجل العام الممنوح لكافة
- 168المادة 672من م ت في القفرة األخيرة".....هذا الشرط يمكن أن يرد في محرر ينظم مجموعة من العمليات التجارية المتفق عليها بين
األطراف ،يجب أن يكون متفقا عليه كتابة على األكثر حين التسليم".
- 169المادة 672الفقرة األخيرة ....":هذا الشرط يمكن أن يرد في محرر ينظم مجموعة من العمليات التجارية المتفق عليها بين األطراف ،يجب
أن يكون متفقا عليه كتابة على األكثر حين التسليم".
84
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الدائنين المنطلق من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية الذي يبقى ساريا ،ويمكنه االستفادة منه
طالما لم تنته مدته.
وفي قرار آخر صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش 170اعتبرت دين مؤسسة
االئتمان اإليجاري دينا امتيازيا ،وهكذا فقد جاء في قرارها عدد 688الصادر بتاريخ -31
" ،05-2007وحيث أنه فضال عما ذكر فإن ما يؤكد طبيعة االمتياز التي يتمتع بها دين
المستأنفة كون المشرع سوى في المادة 686من مدونة التجارة بين الدائنين الحاملين
ضمانات وأصحاب عقود االئتمان الكرائي فيما يخص ضرورة إشعارهم بالتصريح
بديونهم ،باعتبارها ديونا مقرونة بامتيازات ناجمة عن تلك الضمانات أو العقود هذا يعني
أنها سوف تحضي بامتياز االمتياز".
وخالصة القول ،فشركة االئتمان تظل مالكة للعقار أو المنقول محل عقد االئتمان اإليجاري
إلى حين إعمال خيار الشراء من طرف المكتري ،وبدخول هذا األخير مسطرة التسوية أو
التصفية القضائية يكون لشركة االئتمان اإليجاري الحق في استردادها استنادا إلى حق
الملكية التي تملكها ،وما يؤكد ذلك هو ما تقتضي به المادة 671من م ت ،والتي تنص على
إمكانية استرداد الموجود بعينه من البضائع المسلمة للمقاولة على وجه الوديعة أو بيعها
لحساب مالكها ،ويمكن إدخال تسليم المنقوالت على سبيل االئتمان اإليجاري ضمن
مقتضيات هذه المادة ما دامت جاءت بصياغة عامة وعلى سبيل المثال ال الحصر.
170قرار عدد 688صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 2007/05/31منشور بمجلة المحاكم التجارية العدد الثالث و الرابع
فبراير 2009ص.212
85
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
صعوبات المقاولة يجعل فسخ العقد مقترنا غير أن تعرض المكتري لمساطر
باحترام مجموعة من اإلجراءات .إذ تتوقف كل المتابعات الفردية ضده،و يصبح عقد
االئتمان اإليجاري من العقود التي يملك في إطارها السنديك سلطات واسعة .
فالمشرع لم يفرد لهذا العقد على الرغم من أهميته أحكاما خاصة تنسجم مع
خصوصيته ،بل أخضعه هو اآلخر للمقتضيات الباب الخامس من مدونة التجارة المتعلقة
بمساطر المعالجة و خاصة العقود الجارية 171المنصوص عليها في المادة 573من م ت و
بالتالي فعقد االئتمان اإليجاري كي يعتبر عقدا جاريا البد من توافر الشروط المتطلبة لكي
يعتبر كذلك وهي:
الشرط األول :يتمثل في إبرام عقد االئتمان اإليجاري قبل فتح المسطرة ضد
المكتري وأن ال تنتهي قبل ذلك.
الشرط الثاني :يتمثل في ضرورة كون عقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على
المنقول أو العقار ال زال ساري المفعول في تاريخ فتح المسطرة ضد المكتري المدين،
حيث أنه لما كان فسخ العقد بسبب عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزاماتهما أمرا واردا ،فإنه
حتى يعتبر هذا العقد جاري التنفيذ فيجب أال يتم إنهاؤه عن طريق الفسخ قبل فتح المسطرة.
وإذا كانت شركات االئتمان تقوم بتضمين العقد النموذجي الذي يجمعها مع المكتري
بمجموعة من المقتضيات والشروط التي تهدف من ورائها حماية مصالحها ،خاصة في
حالة توقفه عن دفع األقساط ،غير أن األمر على خالفه عندما تفتح مساطر المعالجة سواء
تعلق األمر بمسطرة التسوية أو التصفية القضائية ،حيث أن المتحكمات الجديدة التي
أصبحت تسير المقاولة أو المكتري في هاته الفترة ،تحد من استفادة شركة االئتمان من
مجموعة من المقتضيات االتفاقية المضمنة بالعقد النموذجي ،و تصبح شركة االئتمان في
مرتبة باقي دائني المكتري الذي دخل في نظام صعوبات المقاولة الذي يحكمه البعد الحمائي
والمحافظة على قدرة المقاولة اإلنتاجية ،وترك المجال مفتوحا لمعامالتها التجارية التي تأتي
العقود في مقدمتها ،باعتبارها مصدرا يزود المدين بالتجهيزات واألدوات التي يحتاجها في
171عرف األ ستاذ أحمد شكري السباعي العقود الجارية "بأنها العقود التي في طور التنفيذ التي أبرمها رئيس المقاولة مع األغيار المتعاقدين و التي
لم تستنفد أو لم تنقض آثارها الرئيسية بعد حكم فتح مسطرة المعالجة"في كتابه -الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة
ومساطر معالجتها،الجزء الثاني في مساطر المعالجة حكم مسطرة المعالجة و التسوية القضائية مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة الثانية
2007ص.313
86
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
تنمية نشاطه ،وتساهم بشكل كبير في عملية التسوية .172وبذلك تتحمل شركات االئتمان
اإليجاري كافة اإلجراءات التي تفرضها مسطرة التسوية القضائية (أوال) أو التصفية
القضائية(ثانيا) ،حيث لن يكون بإمكانها إعمال الشرط الفاسخ أو فسخ العقد بمجرد فتح
مساطر المعالجة التي تضمنه في عقودها النموذجية لتصبح هاته الشروط غير خاضعة
إلرادتها المنفردة ،حسب محتوى الفقرة األخيرة من المادة 573من م ت ،التي تعطل كل
مقتضى قانوني أو أي شرط تعاقدي يؤدي إلى فسخ أو إلغاء أو تجزئة العقد بمجرد فتح
المسطرة ،بذلك يمنع على شركة االئتمان إعمال تلك الشروط ألن تقرر تعطليها بنصوص
آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها ،173ومنها وقف جميع المتابعات الفردية ضد
المدين المكتري ووقف سريان الفوائد ومنع أداء الديون السابقة الفتتاح المسطرة.
أوال :فتح مسطرة التسوية القضائية
إن الغاية من فتح مسطرة التسوية القضائية هي التوصل إلى حصر المخطط لتجاوز
الصعوبات التي تم ر منها المقاولة ،لكن قبل الحسم في مخطط التسوية والبت في التدابير
والتغييرات المواكبة له ،تمر المسطرة ومعها المقاولة من مرحلة إعداد هذا المخطط .كما
أن مرحلة إعداد الحل توفر المعطيات الكاملة للمحكمة الختيار الحل المناسب لوضعية
174
من خالل حصرها لمخطط التسوية والذي يكون إما استمرارية النشاط أو المقاولة
التفويت ،لكن نتساءل عن موقع عقد االئتمان اإليجاري من اعتماد مخطط االستمرارية أو
مخطط التفويت.
-1مخطط االستمرارية
يعتبر مخطط االستمرارية أداة تدخلية لرسم الخطة االقتصادية والمالية واالجتماعية
للمقاولة وإعادة هيكلتها وتقوية أصولها والتخفيف من أعبائها ،لذلك تقرر المحكمة التفويت
الجزئي لبعض قطاعات نشاط المقاولة .وكذا الحفاظ على التجهيزات وأدوات اإلنتاج للرفع
من المردودية والحيلولة دون تفويت أو تبديد أجهزة ذات قيمة بالنسبة للمقاولة ،خاصة تلك
- 172فضل أبابري ،نظام العقود الجارية أثناء التسوية القضائية ،رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ،2007-2006ص .93
- 173عبد الحق بوكبيش ،استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .146 ،200-2004
- 174عبد الحميد أخريف ،الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية ،2001-2000ص .179
87
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
التي تعتبرها المحكمة ضرورية الستمرارية المقاولة وهو قرار يرد في حصر المخطط،
وبالتالي يعتبر هذا قيدا على حرية التصرف التي يملكها رئيس المقاولة أو مسيرها بمجرد
الحكم بحصر مخطط االستمرارية ،من أجل تنفيذ مقتضيات هذا المخطط تحت مسؤوليته،
تحت طائلة فسخ المخطط والخضوع لمسطرة التصفية القضائية .وال يعتبر التفويت ممنوعا
وإنما يتوقف على ترخيص المحكمة.175
ويستفاد من مقتضيات المادة 573من م ت أنها تمنح للسنديك في إطار مخطط
االستمرارية سلطات واسعة ،حيث يتمتع بحق مواصلة تنفيذ العقود الجارية أو فسخها،
وعقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار يخضع لسلطة السنديك
وخياراته بهذا الشأن ،والتي ال تخرج عن المطالبة بمواصلة تنفيذ العقد أو اختياره عدم
متابعته.
الحالة األولى :اختيار السنديك مواصلة عقد االئتمان اإليجاري
واختيار السنديك مواصلة عقد االئتمان اإليجاري يكون إما صريحا أو ضمنيا،
غير أن المشرع لم يحدد أجال يلزمه من خالله اتخاذ القرار و يرجع السبب في ذلك إلى
التعقيدات والمشاكل التي تعترض التسوية أو التصحيح ،إال أن المشرع المغربي من أجل
خلق نوع من التوازن بين مصالح الدائن المكري وبين السلطات المخولة للسنديك أعطى
للطرف األول(المكري) الحق في توجيه إنذار للسنديك ،هذا األخير الذي يتعين عليه
الجواب باستمرارية العقد داخل أجل شهر ،وفي حالة مرور هذا األجل دون اتخاذه موقف
صريح فإن ذلك يعد بمثابة اختياره لعدم المتابعة ،176والمشرع بمقتضى الفقرة األولى من
المادة 573من م ت نص على أن العقد يصبح مفسوخا بموجب القانون بعد توجيه إنذار إلى
السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا.
ويجب على الطرفين(السنديك وشركة االئتمان اإليجاري) تنفيذ التزاماتهما المتقابلة
وفق الشروط واالتفاقات الواردة في العقد .حيث يلتزم بذلك السنديك بأداء األقساط لشركة
االئتمان ،في حين تلتزم هذه األخيرة بتمكين المدين المكتري من االنتفاع بالعقار أو المنقول
88
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
المؤجر وال يمكنها بالمقابل المطالبة باألقساط المستحقة قبل فتح المسطرة ،ألنها ال يبقى لها
سوى التصريح بتلك الديون على غرار سائر دائني المكتري الناشئة ديونهم قبل فتح
المسطرة.177
وال بد من اإلشارة أنه ال يجوز لطرفي عقد االئتمان اإليجاري االتفاق على تعديل
تلك المقتضيات إال بموافقة السنديك وبعد إذن القاضي المنتدب.
الحالة الثانية :اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان اإليجاري
إن اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان اإليجاري يكون إما بطريقة
ضمنية أو صريحة ،عن طريق تقديم جواب عن اإلنذار الموجه من طرف المكري داخل
األجل القانوني المحدد في شهر ،انطالقا من تاريخ توصله بهذا اإلنذار.
وتبقى اإلشارة إلى أنه في حالة اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان
اإليجاري ،يبقى لشركة االئتمان إمكانية المطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقتها.
وهذا الحق أكدته محكمة النقض الفرنسية في قرار جاء فيه ":في حالة تنازل المتصرف
القضائي عن مواصلة تنفيذ عقد جاري يحق للمتعاقد المطالبة بالتعويض عن األضرار
الناجمة عن عدم التنفيذ ،يدرج مبلغه في قائمة الخصوم.178
ولقد أعطى جانب من الفقه 179المغربي الحق للمتعاقد في المطالبة بالتعويض كون
فتح مسطرة التسوية القضائية ال يعفيها من مسؤوليتها التعاقدية الناتجة عن توقفها عن
الدفع.
-2مخطط التفويت
يعتبر مخطط التفويت الوجه الثاني لمخطط التسوية الذي تخضع له المقاولة في
مسطرة المعالجة ،فمخطط التفويت هو نوع من النقل القضائي الجبري لملكية المقاولة من
مالكها األصلي إلى مالك جديد بهدف الحفاظ على النشاط ،أما الدائنون فمصلحتهم في
المرتبة األخيرة ،ألن حقوقهم تسدد من ثمن التفويت الذي قد يكون كافيا أو غير كاف
- 177زكرياء البلعيدي ،الوضعية القانونية للعقار خالل مسطرة التسوية القضائية للمقاولة ،مطبعة المعارف الجديدة الرباط ،طبعة ،2014ص .63
- 178حكم أشار إليه زكرياء البلعيدي ،مرجع سابق،ص .64
- 179محمد لفروجي ،صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها ،مطبعة النجاح الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى ،2000 ،ص .317
89
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لتغطيتها . 180ويبقى القضاء هو الذي يحرص على احترام إبقاء النشاط والحفاظ على
مناصب الشغل ويعمل كذلك على اختيار أحسن عرض تتوفر فيه الشروط وتحديد
مضمونه ،وحدود هذا العرض من خالل تحديد العقود القابلة و الغير القابلة للتفويت.
لكن ما يهمنا في هذه النقطة موضوع الدراسة هو العقود القابلة للتفويت خاصة عقد
االئتمان اإليجاري ،باعتبار أن المشرع المغربي بمقتضى المادة 606نص على هذا
المقتضى والذي جاء فيه ":تحدد المحكمة عقود االئتمان اإليجاري أو عقود الكراء ....أو
الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط المؤسسة ،بناء على مالحظات األطراف المتعاقدة
مع المقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها.
يكون الحكم الذي يحصر المخطط بمثابة تفويت لهذه العقود.
ويجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة على الرغم من
كل شرط مخالف ،مع مراعاة آجال األداء التي يمكن أن تفرضها المحكمة لضمان التقييد
السليم للمخطط بعد االستماع إلى المتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني".
ويكفي أن تقوم المحكمة بتحديد هذه العقود لتنتقل تلقائيا وبقوة القانون إلى المفوت
إليه ،بمجرد الحكم الذي يحصر مخطط التفويت وال يشمل التفويت سوى العقود الجارية،
أما التي استنفدت آثارها قبل حصر مخطط التفويت فال يشملها هذا التفويت الجبري.181
ويعتبر تفويتا قضائيا جبريا ،ألنه ال يتوقف على إرادة المتعاقد أو رئيس المقاولة والمحكمة
ال تملك صالحية تعديل بنود هذه العقود ،ما عدا آجال األداء التي يمكن للمحكمة أن تفرضها
على المتعاقد وتمنحها للمفوت إليه ضمانا للتنفيذ السليم للمخطط.
وما يمكننا قوله هو أن عقد االئتمان اإليجاري يبقى من الضروري تفويته وذلك
لكون هذا األخير يساهم بشكل كبير في عملية التسوية ،حيث أن هذا العقد يشكل وسيلة
قانونية في طبيعته ومالية في أسسه ،تمكن المقاولة من االنتفاع من العقارات والمنقوالت
محل هذا العقد ،مع تمديد زمن التحمالت المالية المتعلقة بها وعند نهاية العقد تملك كل أو
بعض هاته العقارات أو المنقوالت عند نهاية العقد و إعمال خيار الشراء وخاصة وأن
90
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
العقار يعتبر ضروريا الستمرار نشاطها .غير أن هذا العقد يستدعي مالءمة القواعد
الخاصة لعقد االئتمان اإليجاري مع القواعد المنظمة لمخطط التفويت ،وهو ما يطرح العديد
من اإلشكاالت لعلها أهمها تلك المرتبطة بسلطة المحكمة في تعديل آجال األداء من جهة،
وبين آجال العقد أو المدة المحددة والتي تشكل أحد أهم عناصر عقد االئتمان من جهة
أخرى .وبالتالي هل يحق للمحكمة غض النظر عن كافة مقتضيات العقد التي من شأنها
عرقلة المخطط أم أنها تكون ملزمة باحترام العقد في كافة جوانبه؟
كما سبق اإلشارة إلى ذلك فإن عقد االئتمان اإليجاري ينفرد عن غيره من العقود
بالعديد من المميزات سواء من حيث الخدمات،أو من حيث الميكانيزمات التي يعتمد عليها،
ومنها استفادة المقاولة من العقار أو المنقول ،وهذه الخصوصيات تجعل المحكمة تراعي في
بعض األحيان هذا الوضع قصد عدم المساس بإحدى العناصر األساسية التي يقوم عليها هذا
العقد خاصة المدة ،وبالتالي فالمحكمة ال يمكنها تعديل شروط هذا العقد باعتباره يتعلق
بمجموعة من اآلليات التي ي مكنها قبول البعض منها ورد األخرى .إال أن هذا ال يقصي
احتمال تفاوض شركة االئتمان والمفوت إليه بعد إنجاز التفويت للوصول إلى إدخال بعض
التعديالت ويبقى دور المحكمة منحصرا في منح أجال األداء ،أما تنظيم المدة فهو يخضع
لحرية األطراف ما دام المكتري يمكنه امتالك كل أو بعض العقارات المؤجرة أو المنقوالت
عند نهاية العقد وإعماله خيار الشراء.
وتثير مسألة مالءمة مقتضيات عقد االئتمان اإليجاري مع متطلبات مسطرة التسوية
مسألة في غاية األهمية ،فإذا كان المفوت إليه ال يتحمل بااللتزامات السابقة التي لم يقع
تنفيذها من طرف رئيس المقاولة قبل تاريخ التفويت ،182فهو ال يسأل عن التنفيذ إال من
تاريخ اعتماد مخطط التفويت ،وهذا المقتضى ال ينسجم مع طبيعة عقد االئتمان اإليجاري،
ولذلك نتساءل عن من يتحمل االلتزامات(الديون) السابقة إلجراء التفويت خاصة أن المفوت
إليه ال يمكنه تملك العقار أو المنقول إال عندما تحصل شركة االئتمان على كل المبالغ
المتعلقة بهذا العقد سواء الناشئة قبل التفويت أو بعده؟
91
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يذهب جانب من الفقه 183إلى القول بأن المفوت إليه ال يلتزم إال باألداءات الالحقة
دون السابقة لكونها ستؤثر على مبدأ المساواة بين الدائنين ،غير أن هذا الرأي ال يمكن
األخذ به على إطالقه .ذلك أن منطق األمور يقتضي في هذه الحالة التمييز بين فرضيتين
األولى هي تلك التي يعمل فيها صاحب عقد االئتمان اإليجاري على التصريح بديونه وفق
مسطرة التصريح بالديون ،والثانية هي تلك التي يهمل فيها هذا اإلجراء.184
ففي الفرضية األولى وبالرغم من أن صاحب العقار موضوع االئتمان ال يملك حق
إلزام المفوت إليه باألداء عن الفترة السابقة للتفويت ،ألنه لم يلتزم اتجاهه بأي شيء حينها.
فهذا األخير(المفوت إليه) ال يستطيع تملك هذا العقار أو المنقول ما لم يؤد كل االلتزامات
المالية المتعلقة بالعقد ،وعليه يكون المفوت إليه ملزما بأداء المبالغ السابقة للتفويت للدائن
صاحب المنقول أو العقار ،حتى يكون له الحق في تملك العقار موضوع االئتمان.
غير أن القضاء يميز في مجموعة من القرارات بين الديون الناشئة قبل اعتماد
التسوية القضائية و بين تلك الناشئة قبل فتح المسطرة ،وتلك الناشئة بعدها وإن كان األمر
يتعلق بعقد االئتمان اإليجاري أو عقد اإليجار ،كما أطلق عليه في القرار الذي جاء عن
محكمة النقض185بين الشركة المغربية لإليجار بوصفها طالبة وبين شركة نقل بلدي ومن
معها " حيث يستفاد من مستندات الملف وطلب القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة
االستئناف التجارية بالدار البيضاء أن الطالبة تقدمت ...مفادها أنها دائنة ....ناتج عن
توقف المطلوبة عن أداء أقساط اإليجار المبرم معها امتنعت عن أدائها ،وأن المدعية
المذكورة تخضع لمسطرة التسوية القضائية وأن الدين ناتج عن أقساط بعد فتح المسطرة
وثابت ببروتوكول اتفاق و كمبياالت ،وأن المدعي عليهما تعمد بضمان أداء ديون المدعى
عليها ،ألجله تلتمس الطاعنة الحكم على المدعى بالتضامن .....مع الفوائد القانونية ابتداء
من تاريخ توقيف الحساب ....كتعويض مع النفاذ المعجل والحائز وتحديد اإلكراه البدني في
األقصى في حق الكفالء"....
92
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حيث تنعي الطاعنة على القرار خرق وسوء تطبيق الفصل 451من ق ل ع والمادة
575من مدونة التجارة ....،بدعوى أنه اعتبر عن خطأ أن المديونية صدر بها حكم برفض
الدين والحال أن الدين الذي طالبت به العارضة في إطار الدعوى الحالية يتعلق بدين حال
في تاريخ الحق بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة المطلوبة شركة نقل بلدي،
وليس قبل ذلك وبالتالي عناصر قوة الشيء المقضي غير متوفرة...
وأمام تطبيق مقتضيات الفصل 451من ق ل ع الناصة على أنه ال يمكن اعتماد قوة
الشيء المقضي به ،إال إذا توافرت ثالثة شروط ....في حين أن الدين الذي تطالب به
العارضة في الدعوى الحالية يتعلق بدين نشأ بعد فتح المسطرة...
....تم البت فيه بمقتضى الحكم االبتدائي عدد 5/49والقرار في المؤيد له في الملف
عدد 11/06/3646على قراراها بما جاء به"....أن التصريح بالدين الذي قامت به الطاعنة
على أساس الديون الناتجة عن بروتوكول االتفاق المؤرخ في ،2006/06/31والتي نشأت
قبل صدور الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية ،مما تبقى معه مقتضيات المادة 575من
مدونة التجارة غير واجبة التطبيق في النازلة ....تكون قد طبقت مقتضيات الفصل 451من
ق ل ع والمادة 575من مدونة التجارة تطبيقا سليما ويكون قرارها مرتكزا على أساس
ومعلال تعليال كافيا والوسيلتان على غير أساس".
من خالل موقف محكمة النقض تبين لنا أنها طبقت مقتضيات المادة 575من مدونة
التجارة التي تعطي األسبقية عن كل الديون األخرى ،سواء كانت مقرونة أم ال باالمتيازات
أو بضمانات الديون الناشئة بعد صدور حكم فتح التسوية والحال أن الديون التي طالبت بها
الشركة المغربية لإليجار تتعلق بالديون الناتجة عن بروتوكول اتفاقي نشأت قبل صدور
الحكم بفتح المسطرة ،والتي تخضع في هاته المرحلة لسلطة السنديك بناء على مقتضيات
المادة 573من م ت.
لكن ما يعاب عل المشرع المغربي هو تنظيمه لمسألة حق المفوت إليه في تملك
العقار دون أداء جميع اإلقساط المتبقية من المبلغ األساسي ،بخالف المشرع الفرنسي الذي
93
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
نص صراحة على عدم اإلمكانية .186وهذا الموقف صائب ألنه ال يعقل أن يحصل المفوت
إليه على العقار دون أداء جميع األقساط الالحقة وإال كان إثراء بال سبب.
أما الفرضية الثانية فهي التي ال يقوم فيها الدائن صاحب عقد االئتمان اإليجاري
بالتصريح بدينه ،فإنه يفقد حقه في الرجوع على المدين وال يمكنه ذلك من الرجوع على
المفوت في المبالغ السابقة لعملية التفويت.187
لكن نتساءل عن موقع دين شركة االئتمان اإليجاري الذي نشأ بعد فتح مسطرة
التسوية القضائية؟ وما مظاهر األسبقية التي يتمتع عقد االئتمان اإليجاري؟
يشكل حق األسبقية ضمانة لحقوق الدائنين المرتبطين بنشاط المقاولة الخاضعة
للتسوية القضائية ،وأعطى لهؤالء الدائنين وضعية متميزة تمكنهم من استيفاء ديونهم
باألولوية ،غير أن المشرع المغربي جاء بصياغة عامة في المادة 575من مدونة التجارة
دون وضع أي ترتيب للدائنين ،بخالف المشرع الفرنسي الذي وضع ترتيبا دقيقا بين
الدائنين لحل اإلشكاالت المثارة بهذا الخصوص ،مما جعل المشرع المغربي يلجأ إلى آليات
تسوية النزاعات الناشئة بين الدائنين في ظل غياب ترتيب بينهم.188
وقبل التطرق إلى ترتيب الدائنين الذي اعتمده المشرع الفرنسي ال بد من التطرق
لشروط حق األسبقية.
-1نشوء الدين بعد فتح مسطرة التسوية القضائية :ويتحقق هذا الشرط بمجرد مقابلة
تاريخ حكم فتح المسطرة مع تاريخ نشأة الدين ،ومتى كان هذا التاريخ األخير الحقا للتاريخ
األول فإن الدائن يكون متوفر على شرط نشأة الدين بعد فتح المسطرة.189
-2نشأة الدين بصفة قانونية :أي يجب أن تنشأ الديون عن تصرفات تدخل في نطاق
الصالحيات الممنوحة لكل من رئيس المقاولة أو السنديك،حسب أنماط اإلدارة خالل فترة
إعداد الحل.
186
- l’article 642-7 aliéna 4du code de procédures collectivesenomce « en cas de cession d’un contrat de crédit
prôneur ne peut lever l’option d’achat qu’ en cas de paiement des sommes restant dues dans la valeur du bien
fixée d’un commun entres les parties ou à Deffant par le tribunal à mol date de la session ».
- 187زكرياء البلعيدي ،مرجع سابق ،ص .220-219
- 188حياة حجي ،حق األسبقية المقررة للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية ،جامعة محمد الخامس السويسي رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السنة ،2004 -2003ص .110
- 189عمر السكتاني ،بعض مظاهر حماية الدائنين بعد فتح مسطرة التسوية القضائية ،المجلة المغرية للدراسات واالستثمارات القانونية ،عدد
مزدوج ،2012 3-2مطبعة األمنية الرباط ،ص .66
94
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
-3نشوء الدين ألجل مواصلة نشاط المقاولة :ثار جدل فقهي حول الديون التي تشملها
المادة 575من م ت ،هل تشمل الديون المهنية وغير المهنية أم المهنية فقط وهناك
اتجاهان:
فاالتجاه األول :يرى بأن جميع الديون الناشئة بعد صدور حكم التسوية القضائية
تستف يد من حق األولوية في الوفاء ،سواء كانت هذه الديون مهنية أو غير مهنية وذلك
لعمومية النص ولكون المسطرة تشمل سائر أموال المدين وليس فقط ذمة المقاولة.190
أما االتجاه الثاني الذي يجمع فيه الفقه المغربي على استبعاد الديون غير المهنية من
حق األسبقية في الوفاء ،حيث يرى أحمد شكري السباعي 191أن المقصود بالديون هنا
الديون المهنية فقط ،وهو كذلك موقف محمد لفروجي 192بأن الديون الشخصية المتعلقة
بحياة المدين ال يشملها حق األسبقية.
انطالقا من المادة ، 575فإن حق األولوية ينتج عنه ضمانتين هامتين مخولتين
للدائنين الالحقين ،وذلك بالرغم من عدم تنصيص المشرع عليهما وهما الحكم باألولوية في
استيفاء الدين .ثم اعتبار الرتبة في حالة التسوية القضائية.
فيما يخص الحكم باألولية استناد إلى تاريخ تقديم الدين حيث يعتبر تاريخ تقديم الدين
أو تاريخ االستحقاق ضمانة هامة للدائنين الالحقين في عقودهم الجارية التنفيذ بصدور
الحكم بفتح المسطرة ،والتصريح باستمرارية نشاط المقاولة اثر اختيار مخطط االستمرارية
أو التفويت –ألنه عند هذا التاريخ سوف يحصل هؤالء على ديونهم الناشئة بصفة قانونية
باألسبقية .وبالرغم كذلك من عدم تنصيص المشرع المغربي على ذلك صراحة،فإن األمر
يتضح من خالل منح الدائنين الالحقين قاعدتين هامتين :القاعدة األولى تتعلق بسلوك
المتابعات الفردية بعد فتح صدور حكم فتح المسطرة ،حيث بإمكان الدائنين الناشئة ديونهم
بعد حكم فتح مسطرة التسوية القضائية والمستفيدين من حق األولوية ممارسة كل متابعة
فردية تهدف إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال ،أو فسخ العقد لعدم أداء مبلغ من
- 190محمد لعروصي ،مصير العقود الجارية في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية ،رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،جامعة محمد
الخامس السويسي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،الرباط ،السنة ،2005 -2004ص .209
- 191أحمد شكري السباعي ،مسطرة التسوية القضائية والتصفية القضائية وتمويل المقاولة ،مجلة المحاكم المغربية ،العدد ،80يناير -فبراير
،2000ص .21
- 192محمد لفروجي ،مرجع سابق ،ص .388
95
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
المال .وذلك في حالة تماطل المدين عن أداء ديون الدائنين عند استحقاقها ضمانا له ،ولما
سبق التأكيد عليه قبل اختيار مخطط االستمرارية-أو التفويت-إن لم نقل أن هذا الضمان يعد
من األسباب التي تحفز الدائنين في عقودهم الجارية التنفيذ على قبولهم لتسوية المقاولة
193
وكقاعدة ثانية الحق في استحقاق الفوائد والمغامرة من جديد مع وضعيتها لتسوية
بالنسبة للدائنين الالحقين عن فتح مسطرة التسوية القضائية ،ألنهم غير معنيين بوقف
الفردية باإلضافة إلى تمتعهم بحق األولوية في استيفاء الدين.
فمبدأ االستحقاق يعد بمثابة حق مخول للدائن الناشئة ديونه بعد فتح مسطرة التسوية
القضائية ،وهذا المبدأ يخول للدائن سلوك المتابعات الفردية طبقا للمواد من 653إلى 656
من م ت والمادة 621-39من م ت ف ،كما يمكنه ممارسة الحجز التخصيصي إذ ظلت
غير مؤداة عند تاريخ االستحقاق وسلوك هذه المسطرة ،ال بد من حصول الدائن على السند
التنفيذي المتعلق بمبدأ مالي حال األداء حسب مقتضيات المادة 448من ق م م والمادة 42
يضع به الدائن المال من قانون 1997/7/9الفرنسي ، 194أو الحجز التنفيذي الذي
المحجوز تحت يد القضاء وبيعه واستيفاء دينه سواء كان الحجز التنفيذي على عقار أو
منقول.
أما فيما يخص اعتماد الرتبة في حالة التسوية القضائية ،فقد عمد المشرع الفرنسي
إلى تشجيع المقترضين الذين يتعاملون مع مقاولة تعرف وضعية حرجة ،عبر حق األسبقية
المقرر لهم الستيفاء ديونهم عند االستحقاق باألولوية في مواجهة الدائنين ومن أجل حاجيات
استمرار النشاط ،وهو ما سعى إليه المشرع الفرنسي من خالل التصنيف الذي أورده بالمادة
622-17من م ت ،بعد تعديل ( 26يوليوز ) 2005وفق النهج التالي:
-1ديون الطبقة العاملة التي لم تمر تغطيتها عبر جمعية إدارة تأمينات ديون
األجراء).)AGS
محمد لعروصي-مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح المسطرة م س ص .219 193
96
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
97
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
للد ائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية .لكنه أغفل وضع ترتيب للدائنين
مما يؤدي إلى نشوب مجموعة من النزاعات الداخلية.
ثانيا :مسطرة التصفية القضائية
أما في مرحلة التصفية القضائية فيتم التصريح بالديون داخل أجل شهرين من تاريخ
نشر حكم فتح مسطرة التصفية القضائية ،ما لم يتعلق األمر بدائنين حاملين لضمانات أو عقد
ائتمان إيجاري تم شهرهما ،الذين أوجب المشرع إشعارهم شخصيا من طرف السنديك .أما
عقد االئتمان اإليجاري الذي لم يتم شهره فشركة االئتمان اإليجاري ال يمكن لها االحتجاج
بعدم إشعارها شخصيا ،196أما في حالة شهرها العقد السالف الذكر ،فإنها ال تواجه بالسقوط
وهو ما أكده قرار صادر عن المجلس األعلى سابقا( 197محكمة النقض حاليا)والذي جاء
فيه،
"بمقتضى المادة 687من م ت فإنه يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين
ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية ولما كان من الثابت من وثائق
الملف إن الحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية قد تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ
2007/11/11وأن الطالبتين ليستا من الدائنين الحاملين ضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم
شهرهما الذين أوجب المشرع إشعارهم شخصيا حسب المادة 686من م ت والذين ال
يواجهون بالسقوط حسب المادة 690في حالة اإلخالل باإلشعار المذكور،وأنهما لم تصرحا
بدينهما غال بتاريخ 2008/3/24أي خارج أجل شهرين،وأنهما لم تتقدما بدعوى رفع
السقوط وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي أيدت مقرر القاضي المنتدب رتبت
بعدم قبول التصريح بالدين تكون قد طبقت تطبيقا صحيحا أحكام المادتين 687و 690من م
ت."....
196وهو ما أكده أيضا قرار آخر عدد 163صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتاريخ 2009/02/10وجاء في حيثياته "...لكن
حيث أن عقد االئتمان اإليجاري الذي تتمسك به المستأنفة لم يتم شهره ،بحيث سيق للقاضي المنتدب أن أنذرها من أجل األداء بما يفيد شهره عمال
بمقتضيات الفصل 436من م ت غير أنها لم تدل بما يفيد إجراء اإلشهار وأن المستفاد من مقالها االستئنافي أن عقد االئتمان اإليجاري لم يشهر،أن
مقتضيات تنص على إشهار الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم شهرهما وما دام عقد االئتمان اإليجاري الذي تعتمده المستأنفة
غير مشهر،فإنه ال يمكنها التمسك بعدم إشعارها من طرف السنديك وبالتالي ت كون ملزمة بالتصريح بدينها داخل أجل شهرين من تاريخ نشر الحكم
القاضي بفتح المسطرة ".منشور بموقع www.cacmarramech.ma
197قرار 821المؤرخ ب 2011/06/09ملف تجاري 2010/1/3/1758منشور بمجلة القضاء التجاري مطبعة المعرفة الجديدة الرباط عدد 3
الطبعة األولى 2014ص .218
98
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
تقوم شركة االئتمان اإليجاري عند إبرام العقد بإدراج مجموعة من البنود ،التي
تهدف من خاللها إلى حماية مصالحها من خطر إعسار المكتري أو تحسبا لتوقف هذا
األخير عن أداء أقساط الكراء ،ومنها فسخ العقد في حالة عدم أدائه لهاته األقساط وكذا
سلوكها لمجموعة من اإلجراءات التحفظية التي تهدف منها ضمان وفاء المكتري بالتزاماته
ومنها رهن الحصص ،واألسهم بالنسبة لعقد االئتمان الوارد على العقار ،وشرط االحتفاظ
بالملكية الذي يضمن لها حق الملكية وعدم إمكانية التنفيذ عليه من جانب دائني المكتري.
باإلضافة إلى الشرط الفاسخ والجزائي وما يشكالنه من ضمان في حالة التخلف عن
أداء التزاماته ،وتجد هاته المقتضيات أساسها في المادة 433التي جاء على أنه":تنص
عقود االئتمان اإليجاري تحت طائلة البطالن ،على الشروط التي يمكن فيها نسخها
وتجديدها بطلب من المتعاقد المكتري".....
ومن خالل هاته المادة تبين أن المشرع نص تحت طائلة البطالن على تضمين عقد
االئتمان اإليجاري على الشروط التي يمكن فيها فسخ هذا العقد باتفاق الطرفين.
لذلك تقوم شركات االئتمان اإليجاري بالتنصيص في عقودها النموذجية على
مجموعة من اإلجراءات التحفظية التي تهدف من خاللها الحفاظ على حقوقها في حالة
تخلف المكتري عن الوفاء بالتزاماته ومن ذلك التنصيص على الشرط الفاسخ وفي هذا
اإلطار يتفق األطراف على تدخل قاضي المستعجالت من أجل معاينة تحقق الشرط الفاسخ،
مما يؤكد الطبيعة االتفاقية لهذا الشرط .ويهدف مضمون هذا الشرط الحفاظ على مصالح
وحقوق شركة االئتمان في مواجهة المكتري المتقاعس عن تنفيذ التزاماته وهو يعد بذلك
من أهم مظاهر الحماية المقررة لها.
99
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
كما أن الشرط الجزائي هو اآلخر يلعب دورا كبيرا في عقد االئتمان اإليجاري في
الحفاظ على مصالح طرفي هذا العقد.
وال يفوتنا اإلشارة إلى أن انتهاء عقد االئتمان اإليجاري سواء كان اإلنهاء من جانب
المكري(شركة االئتمان اإليجاري أو من جانب المكتري) وإن كان اإلنهاء من طرف هذا
األخير نادر الحصول بالنظر إلى االلتزامات التي يتحملها ومنها أداء جميع األقساط
الواجبة إلى نهاية العقد كما لو أن العقد ما زال ساري المفعول وكذلك إعفاء شركة االئتمان
نفسها من مجموعة من االلتزامات ومنها إعفاء نفسها من ضمان العيوب الخفية وتخويلها
المكتري الرجوع بالضمان مباشرة على البائع أو المورد و كذا إدراجها في الشروط
المؤجر يقوم باختيار العقار أو المنقول تحت مسؤوليته.
الخاصة التي تضعها أن ِ
لذلك ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في المطلب األول اإلجراءات
التحفظية في عقد االئتمان اإليجاري وكذا إنهاء عقد االئتمان اإليجاري في المطلب الثاني.
تعتبر العقود التجارية بصفة عامة وعقد االئتمان اإليجاري بصفة خاصة مجاال
خصبا لإلجراءات التحفظية ،كما هو الحال بالنسبة للشرط الصريح الفاسخ ،بحيث وإن كان
هذا الشرط هو وصف من أوصاف االلتزام فإنه يعد بمثابة تأمين لضمان حقوق الدائن
وتأكيد تنفيذ العقد.
فشركة االئتمان اإليجاري ال غنى لها عن التنصيص على مقتضيات الشرط الفاسخ
في بنود عقودها المعدة لهذا الغرض ،وكذا ما تشير إليه المادة 433من م ت من خالل
لجوءها إلى قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة عدم أداء األقساط الواجبة والحالة واألمر
بإرجاع العقار ،وكذا هو الحال بالنسبة للمنقول وإن كان المشرع لم يشر إليه من خالل
المادة أعاله فإنه ال يخلو عقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول من التنصيص على
تدخل قاضي المستعجالت لألمر ،بإرجاع المعدات والتجهيزات موضوع العقد إلى الشركة
الممولة في حالة التوقف عن أداء الوجيبات الكرائية الشهرية.
100
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
والقضاء التجاري صدرت عنه مجموعة من األوامر المستعجلة المهمة الصادرة في
الموضوع ،والتي كرست ما ذهب إليه الفقه وكذا القانون والقضاء الفرنسيان بخصوص
أحقية قاضي المستعجالت في معاينة تحقق الشرط الفاسخ ،واتخاذ التدابير اإلستعجالية على
ضوء ذلك ويكتسب هذا األمر اإلستعجالي الحجية فقط وهو ما كرسه المجلس األعلى ،كون
القاضي اإلستعجالي له الحق في معاينة تحقق الشرط الفاسخ وهذا األمر اإلستعجالي ال
يكتسب قوة الشيء المقضي به بل فقط الحجية.
كما أن شركة االئتمان تضمن بنود عقودها في إطار عقد االئتمان اإليجاري العقاري
ما يسمى رهن الحصص ،واألسهم في الشركة ضمانا للتنفيذ والحصول على حقوقها في
حالة امتناع المكتري عن تنفيذ التزاماته ،وتدخل قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة عدم
األداء وإرجاع العقار أو المنقول.
لكل ما سبق سنتطرق إلى تعامل القضاء مع الشرط الجزائي (الفقرة األولى) ،تم
اإلجراءات التحفظية التي تسلكها شركات التمويل(الفقرة الثانية).
يلعب الشرط الجزائي دورا كبيرا في عقد االئتمان اإليجاري في الحفاظ على مصالح
طرفي هذا العقد ،مما جعل العديد من التشريعات تعترف به بنص صريح في قوانينها،
كالتشريع المصري والسوري والليبي والعراقي ،تحت اسم التعويض اإلتفاقي بخالف
المشرع الفرنسي والمشرع المغربي اللذان يطلقان عليه الشرط الجزائي.198
وقد عرفه البعض بكونه اتفاق بمقتضاه يحدد طرفا العقد مسبقا مقدار التعويض
المستحق للدائن في حالة إخالل المدين جزئيا أو كليا بالتزاماته التعاقدية أو تأخره في
تنفيذها ،199في حين عرفه بعض الفقه بأنه تقرير اتفاقي جزائي يقدر بواسطته طرفا العقد
-198أحمد أدريوش ،االجتهاد القضائي والشرط الجزائي والفوائد القانونية ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الدار البيضاء ،الطبعة ،2001ص.64 :
- 199أحمد أدريوش م س ،ص.64 :
101
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
مقدارا للتعويض الذي يستحقه أحدهما عن الضرر الذي لحقه نتيجة عدم تنفيذ اآلخر لاللتزام
إما كال أو بعضا أو لتأخيره في تنفيذه.200
فالتعريف يختلف حسب كل رأي فقهي ،إال أن مضمون هذا الشرط يبقى واحدا
باعتباره بندا عقديا يدرجه المتعاقدان في عقدهما ،أو في اتفاق الحق لضمان احترام العقد
وكفالة تنفيذه ،بحيث إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته أدى مبلغا معينا للمتعاقد اآلخر ،فهو
في حقيقة األمر تقدير اتفاقي للتعويض قد يتمثل في مبلغ نقدي ،أو في عمل ،أو امتناع عن
عمل .فالشرط الجزائي تصرف خاضع في أساسه القانوني لما يخضع له العقد في القانون
المغربي و الفرنسي والمصري ،وهو نظرية سلطان اإلرادة .لكن رغم صفته اإلرادية إال
أنها ال تنفي عنه صفته التبعية لاللتزام األصلي ،بل إن وجوده يؤكد بشكل تقني وجود
االلتزام األصلي ،وانطالقا من مهمته ،فهو إما مقرر لتعويض اإلخالل بالوفاء بااللتزام
األصلي ،وإما لضمان حصول الوفاء العيني ،لذلك فإن الشرط الجزائي هو التزام تابع من
جهة واتفاق سابق على واقعة اإلخالل بتنفيذ االلتزام من جهة ثانية.201
ولعل القانون الفرنسي هو الوحيد من بين القوانين محل الدراسة الذي قدم تعريفا
للشرط الجزائي في المادة 1229من ق.م.ف حيث نصت على ما يلي" :الشرط الجزائي
هو التعويض الذي يقابل األضرار الالحقة بالدائن نتيجة عدم تنفيذ االلتزام األصلي" ،أما
قانون االلتزامات والعقود المغربي فلم يكن يتضمن أي نص مباشر يتعلق بها الشرط ،إلى
حدود سنة 1995فأصدر القانون 27/95بتاريخ 1995/7/13الذي عدل وتمم بموجبه
الفصل 264من ق.ل.ع الذي أصبح "الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة ...يجوز
للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء
بااللتزام األصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه".
أما القانون المدني المصري فقد جاء في المادة 223ما يلي:
- 200فؤاد معالل الشرط الجزائي في القانون المغربي -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص-جامعة محمد بن عبد هللا -كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،فاس ،1993/1992ص.3
- 201رياض فخري ،عقد التأجير التمويلي ،دراسة مقارنة ،مرجع سابق ،ص.449 :
102
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
"يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليه في العقد أو في اتفاق
الحق "...ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقديم كان مبالغا فيه
إلى درجة كبيرة أو أن االلتزام األصلي قد نفذ جزء منه.
فااللتزام األصلي ذلك الذي يتعهد المدين بتنفيذه لمصلحة الدائن ،وهو التزام يقتضى
تنفيذه عينا ،وليس للدائن أن يطالب بالتعويض ،بل بإمكانه أن ال يقبل به ما دام التنفيذ العيني
ممكنا ،202وهو ما أكده توجه محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء 203في قرار صادر
بتاريخ 2011/11/18بين شركة كلوبال انجليز (شركة بيع السيارات) بوصفها مستأنفة
وبين خليفي باعتباره مستفيدا (مستأنف عليه) وشركة مغرب باي (الممولة لشراء المنقول)
باعتبارها شركة ائتمان.
حيث جاء في تعليلها "أن النقطة القانونية التي أثارها المجلس األعلى (محكمة
النقض حاليا) في هذه النازلة تتمحور حول كون الطاعنة تمسكت في استئنافها بمقتضيات
الفصول 234و 259و 264من ق.ل .ع وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تجب
عنها على الرغم من أهميتها.
وحيث تمسكت الطاعنة في أوجه استئنافها بأن المستأنف عليه لم يطلب بمقتضى
مقاله االفتتاحي تسليمه السيارة ولم يعرض ثمنها .كما أن السيارة مثلها موجودة وأنه لم
يطلب إتمام البيع .والتمس مباشرة وبصفة أصلية حصوله على تعويض طبقا للفصلين 259
و 264من ق.ل.ع.
حيث أن النزاع القائم بين الطرفين يدور حول عقد البيع الذي يدعي المستأنف عليه
كونه أبرمه مع الطاعنة من أجل اقتناء سيارة ...وأنه أدى جزء من الثمن والطاعنة لم تمكنه
من السيارة.
وحيث أن الفصل 259ينص على أنه إذا كان المدين في حالة مطل ،يتعين على
الدائن أن يجبره على تنفيذ االلتزام مادام تنفيذه ممكنا ،فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن
يطلب فسخ العقد وله عندئذ الحق في التعويض وفي النازلة .وبالرجوع إلى المقال االفتتاحي
103
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
للدعوى يتبين أن المستأنف عليه لم يطلب ت سليمه السيارة المبيعة أو مثلها كما أنه لم يطلب
إتمام البيع وإنما التمس مباشرة وبصفة أصلية الحصول على التعويض تبعا للفصل 259
المذكور و 264من ق.ل.ع والحال أن الحق في التعويض في إطار الفصل 259ال يكون
للمستأنف عليه إال إذا طلب سيارة مماثلة للسيارة التي تسلمت عنها الطاعنة مصاريف
التسجيل باعتبار أن السيارة تعد من األشياء المثلية ،بمفهوم الفصل 264من ق.ل.ع أو إذا
طلب فسخ العقد الستحالة التنفيذ ،وبما أنه لم يطلب أي مما ذكر ،فإنه ال حق له في المطالبة
مباشرة بالتعويض األمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بعدم قبول
الطلب".
حيث أن القرار أعاله الذي طلب المستفيد بالتعويض عن الضرر نتيجة عدم قيام
شركة كلوبال انجليز (بائع) بتسليم المنقول له رغم قيامه بأداء الدفعة األولى من الثمن
وحصول على موافقة شركة مغرب باي (شركة االئتمان اإليجاري) ألداء باقي الثمن
وأق ساط التأمين اإلجباري بعد معاينة العربة من طرف المستفيد وتجربتها وتأكده من
المواصفات المطلوبة ،وطلبت شركة انجليز مهلة 6أشهر لتسليمه السيرة غير أن هذه
األخيرة قامت بتفويتها ،فالقرار قضى بعدم إمكانية االستفادة من التعويض ما دام التنفيذ
العيني ممكننا،
وبالتالي ال يحق له المطالبة بفسخ العقد مع التعويض .وذلك راجع لكون الشرط
الجزائي قائم على تحديد مقدار التعويض ،ألن االلتزام األصلي يقوم على التنفيذ العيني
لاللتزام المتفق عليه ،ألن بإمكان المدين (شركة انجليز) أن يعرض على الدائن (المستفيد)
الوفاء بااللتزام األصلي ،ال أن يعرض الوفاء بالشرط الجزائي والتنفيذ العيني ال زال
ممكنا ،فالمدين ملزم بطلب التنفيذ العيني وبقبوله ،دون حقه في االختيار فاتجاه محكمة
االستئناف التجارية بالدار البيضاء كان على صواب فيما قضى به.
ويبقى من الضروري اإلشارة إلى أن سلطة القضاء في ما يخص الشرط الجزائي
تنحصر فقط في المراجعة أو التعديل كما نص على ذلك للمشرع المغربي الفصل 264من
ق ل ع وال يملك سلطة إبطال الشروط الجزائية المجحفة كما هو الشأن بالنسبة للشروط
التعسفية ،والتي خولت التشريعات المنظمة لها كالقانون الفرنسي ،سلطة حذفها من العقد
104
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
واعتبارها كأن لم تكن .مع اإلشارة إلى أن المشرع البلجيكي خطا خطوات كبيرة بخصوص
سلطة القاضي إزاء الشروط الجزائية حيث أقر بأن هذه الشروط إذا كان مبالغا فيها،فإنها ال
تدخل في مفهوم المادة 1152من القانون المدني البلجيكي ،وإنما يجوز للقاضي إبطالها
لمخالفتها النظام العام لكون سببها غير مشروع بناء على المادتين 1131و 1132من
القانون المدني البلجيكي.204
إن القاعدة العامة التي تبناها المشرع المغربي في القانون المحدث للمحاكم التجارية،
هو اعتباره قانون المسطرة المدنية هو المرجع العام في اإلجراءات المسطرية في حالة عدم
وجود نص في قانون 53.95وهو ما سلكه عندما تحدث عن اختصاص رئيس المحكمة
التجارية في القضايا المستعجلة بمقتضى المادة ،20521كما ال تفوتنا الفرصة لإلشارة في
هذا الصدد أن قانون المسطرة المدنية الفرنسي بمقتضى المادة 809يمنح نفس لرئيس
المحكمة االبتدائية...
فقد راهن المشرع المغربي كثيرا على القضاء المستعجل في مجال العقود التجارية،
لما له من دور الحماية الوقتية للمصالح ،والحقوق ،وقد أخذ المشرع المغربي عن نظيره
الفرنسي بشكل حرفي اإلطار التنظيمي العام للقضاء المستعجل التجاري ،حيث قام بعملية
دمج المادتين 872و 873من قانون المسطرة المدنية الفرنسية 206الفقرة الثالثة من المادة
21من قانون 53-95المحدث للمحاكم التجارية التي جاء فيها " ...يمكن لرئيس المحكمة
التجارية ضمن نفس النطاق –رغم وجود منازعة جدية -أن يأمر بكل التدابير التحفظية
وبإرجاع الحالة إال ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو لوضع حد الضطراب ثبت جليا أنه
غير مشروع".
105
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حيث تعتبر العقود التجارية مجاال خصبا لإلجراءات التحفظية ،كذلك عقد االئتمان
اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار ال يخلو من هذه اإلجراءات والتي تسلكها
شركات االئتمان لضمان استيفاء حقوقها ومن بينها نجد ما يسمى برهن الحصص وأسهم
الشركات.
لذلك نجد الفصل 37من عقد االئتمان اإليجاري المنصب على العقار المشيد التي
تبرمها الشركة المغربية لالئتمان اإليجاري "مغرب باي" مع زبنائها ينص على أنه" :ألجل
ضمان حقوق المؤجر المتعلقة بدينه المترتب عن هذا العقد ،فإن األشخاص الوارد أسماؤهم
في الفصل 64بالباب المتعلق بالشروط الخاصة ،يصرحون بمقتضى هذا العقد بأنهم
يمنحون رهنا لفائدة المؤجر ويخصصون لهذا الرهن الحصص واألسهم التي يملكونها في
الشركة المستأجرة.207
ويمارس المؤجر على هذه الحصص واألسهم والحقوق واالمتيازات المخولة له
بمقتضى القانون إلى حدود المبلغ األصلي والفوائد والمصاريف والتوابع"...
باإلضافة إلى مسطرة الرهن على الحصص وأسهم الشركة ،نجد شركة االئتمان،
تضمن عقودها بعض الشروط التي يغلب عليها الطابع التحفظي الحمائي ،ومن ذلك
استرجاع المنقوالت موضوع عقد االئتمان اإليجاري عن طريق تدخل قاضي األمور
المستعجلة.
وبرجوعنا إلى نموذج الشروط العامة لعقد االئتمان اإليجاري على المنقول الذي
تهيئه بعض شركات التمويل المتخصصة في ميدان االئتمان اإليجاري نجدها تنص في بنود
عقودها على أنه" :وفي حالة عدم إرجاع المعدات بالمكان وفي اليوم المحددين ،فإن المؤجر
مرخص له بمقتضى هذا العقد بحيازتها مباشرة في أي مكان توجد به وبين أيدي أي شخص
كان ،ويتحمل المستأجر في هذه الحالة كل مصاريف الترحيل والنقل وإن اقتضى الحال،
فإن قاضي األمور المستعجلة لدى المحكمة االبتدائية للمقر االجتماعي للمؤجر أو المكان
المتواجدة فيه المعدات حسب اختيار المؤجر مختص لمعاينة فسخ العقد الحالي بقوة القانون
ليأمر بإرجاع المعدات بمقتضى أمر تنفيذي يصدره على المسودة ،وقبل التسجيل مع
- 207عبد الرحيم بحار ،اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجاريةـ أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،م س ص .535
106
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
استعمال القوة العمومية عند االقتضاء والمالحظ أن هذه الشروط غير واردة في المواد
المنظمة لعقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول ،األمر الذي يفسر أن شركة االئتمان
تهدف إلى الحفاظ على مصالحها بإدراج مثل هذه الشروط.
كما أعطى المشرع المغربي االختصاص لرئيس المحكمة التجارية األمر بإرجاع
العقار بعد معاينة واقعة عدم األداء ،وذلك في حالة عدم تنفيذ المكتري اللتزاماته التعاقدية.
لكن ذلك مشروط باستنفاذ جميع وسائل التسوية الحبية للنزاع ،بحيث أن المشرع رتب
البطالن في حالة عدم تضمين عقد االئتمان اإليجاري كيفية التسوية الودية لكل النزاعات.
كما نجد بأن شركة االئتمان تلجأ إلى مسطرة إخراج منقوالتها موضوع عقود
االئتمان اإليجاري من الحجز التنفيذي ،وذلك أمام رئيس المحكمة في إطار مقتضيات المادة
21من ق.م.ت بحيث تستند في طلبها على كون تلك المنقوالت هي المالكة األصلية لها،
وأن المكتري لتلك المنقوالت ما هو إال مستفيد ،وبالتالي مآل طلبها القبول ،مع إشعار شركة
االئتمان بضرورة سلوك مسطرة استحقاق المنقوالت في إطار الفصل 468من ق.م.م
داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ صدور األمر بإخراج المنقوالت من البيع من طرف قاضي
المستعجالت .كما ينبغي اإلشارة إلى أن مسطرة اإلرجاع بعدم األداء ،ال يتم اللجوء إليها إال
بعد استنفاذ كل وسائل التسوية الودية للنزاع المنصوص عليها في المادة 433من مدونة
التجارة ،بحيث رتب المشرع المغربي بطالن العقد في حالة عدم تضمينه كيفية التسوية
الودية لكل النزاعات.
107
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يعتبر عقد االئتمان من العقود المحددة المدة ،حيث ينتهي كما تنتهي باقي األخرى،
ويتم االتفاق بين طرفيه على مدة العقد أي بحلول أجله.
فعقد االئتمان اإليجاري من العقود الملزمة للجانبين ،حيث يصبح كال الطرفين في
الوقت ذاته دائنا مدينا ،كما يتميز بارتباط االلتزامات العقدية المتقابلة مما يكون معه التزام
كل متعاقد سببا اللتزام المتعاقد اآلخر ،بحيث إذا اخل أحد العاقدين كان للعاقد اآلخر أن
يمتنع هو اآلخر ،أو أن يطلب الفسخ وحل الرابطة العقدية بينهما .ما لم يبادر هو إلى طلب
208
يمكن اعتباره بمثابة الجزاء على إخالل أحد التنفيذ العيني ،إذا كان ممكنا ،فالفسخ
العاقدين بتنفيذ التزامه العقدي تجاه العاقد اآلخر.209
ويؤدي ذلك إلى انتهاء العقد قبل حلول اجله ،فالفسخ يكون بناء على طلب أحد
طرفي العقد.
فعقد االئتمان اإليجاري يخضع في إنهائه لمجموع المقتضيات العامة الواردة في
قانون االلتزامات والعقود،وأيضا للشروط والمقتضيات الخاصة التي يتفق عليها الطرفان
عند إبرام هذا العقد ،وهذا المقتضي يجد أساسه في كونه العقد شريعة المتعاقدين ،لكن
بالنسبة لهذا العقد ونظرا لبعض الخصائص والمميزات التي يتميز بها يجعله ينفرد ببعض
األحكام عن باقي العقود األخرى و تتجلى خصوصية هذا العقد عند إنهاء العقد من جانب
المكتري بأدائه ،لفائدة شركة االئتمان اإليجاري جميع األقساط الواجبة في ذمته ،أو مع
إمكانية تنازله عن الكراء شريطة تقديم مشتر للعقار أو إكرائه من الباطن ،لكن كل هذا
مشروط بضرورة قبول شركة االئتمان بذلك وأن فسخ العقد من جانب المكتري يكون إما
قضائيا أو اتفاقيا يخضع التفاق األطراف ،مع ما يترتب عنه من التزامات وآثار.
ويكون الفسخ من جانب شركة االئتمان وهي األكثر حصوال وترجع إلى إخالل
المكري عن أداء األقساط ،أو تحقق الشرط الفاسخ الذي سبقت اإلشارة إليه أو نقصان
الضمان المقدم من طرف المكتري.
- 208شروط الفسخ:
-1إخالل المدين بتنفيذ التزامه العقدي؛
-2إعذار الدائن للمدين؛
-3أن يعزى اإلخالل بتنفيذ االلتزام إلى المدين.
- 209ياسين محمد الجبوري :الوجيز في شرح القانون المدني –الجزء األول -مصادر الحقوق الشخصية ،مصادر االلتزام ،دراسة موازنة ،دار
الثقافة للنشر والتوزيع ،عمان ،الطبعة الثانية ،2011/1432ص.427 :
108
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
لذلك ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين ،نخصص الفقرة األولى للحديث عن فسخ
عقد االئتمان اإليجاري من جانب شركة االئتمان ،والفقرة الثانية لفسخ العقد من جانب
المكتري.
الفقرة األوىل :فسخ العقد من طرف شركة االئتمان اإلجياري
يعتبر الشرط الفاسخ وصفا من أوصاف االلتزام وهو يعد بمثابة تأمين لضمان حقوق
الدائن وتأكيد تنفيذ العقد ،وقبل بيان تعامل القضاء مع الشرط الفاسخ ،البد من إعطاء
تعريف أو نضرة حوله حيث عرفه بعض الفقه بأنه "اتفاق األطراف مسبقا على أن يكون
العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة أو حكم أو دون أن يكون للقاضي سلطة تقديرية في
ذلك ،وعند عدم الوفاء بااللتزامات الناشئة عنه ،وال يتم الفسخ إال بعد إعذار المدين ما لم
يتفق األطراف صراحة على اإلعفاء من اإلعذار".210
ويجد الشرط الفاسخ أساسه التشريعي بمقتضى الفصل 260من ق.ل.ع الذي نص
على أنه "إذا اتفق المتعا قدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ
بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء".
وفي هذا اإلطار يتفق األطراف على تدخل قاضي المستعجالت 211من أجل معاينة
تحقق الشرط الفاسخ ،مما يؤكد الطبيعة االتفاقية لهذا الشرط .ويهدف مضمون هذا الشرط
الحفاظ على م صالح وحقوق الدائن في مواجهة المدين المتقاعس عن تنفيذ التزاماته وهو
يعد بذلك من أهم مظاهر الحماية المقررة للدائ ن ، 212األمر الذي حدا ببعض الفقه
الفرنسي )pierre Estoup( 213إلى التعبير عن اختصاص قاضي المستعجالت للنظر في
تحقق الشرط الفاسخ بمسطرة القضاء اإلستعجالي التعاقدي داللة على أن مصدر تدخل هذا
القاضي هو اتفاق األطراف بالتنصيص على الشرط ببنود العقد.
ويلعب هذا الشرط دورا كبيرا في مجال العقود التجارية وخاصة في عقد االئتمان
اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار ،حيث يمر بمرحلتين أساسيتين ،المرحة
- 210محمد حسني منصور :الشرط الصريح الفاسخ ،دار الجامعة الجديدة للنشر ،الطبعة ،2003ص .16
- 211يمتاز تدخل قاضي المستعجالت بالشرعة والفعالية وبدون الدخول في مناقشة موضوع العقد الرابط بين الطرفين ،مما يدل على الحماية التي
يوفرها هذا الشرط لفائدة الدائنين وتخلصهم من بطء قضاء الموضوع للبت في نزاعاتهم.
- 212عبد الرحيم بحار :اإلجراءات التحفظية في العقود التجارية ،مرجع سابق ،ص.165 :
213
- pierre Estoup, la pratique des procédures rapides, éditions litec, 1990, p : 107.
109
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
األولى تلجأ شركة االئتمان إلى قاضي المستعجالت من أجل معاينة تحقق الشرط الفاسخ،
وبالتالي فسخ عقد االئتمان ،وكمرحلة ثانية سلوكها مسطرة التقاضي أمام قضاء الموضوع
بخصوص الديون التي تبقى بذمة المكتري .لذلك يحرص األطراف وخاصة الطرف القوي
في العالقة التعاقدية على تضمين هذا العقد شرطا صريحا فاسخا .وهذا الشرط ال يتصور
إال في العقود الملزمة للجانبين لكونها تنشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين .وقد
كرست المحكمة التجارية بالرباط في أمر استعجالي رقم 158بتاريخ 2000/05/28اتجاه
المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار 2220بتاريخ 1989/10/11جاء فيه بأن
قاضي المستعجالت يكون مختصا عندما يتحقق الشرط الفاسخ دون أن يكون في ذلك أ ي
مساس بالجوهر بحيث جاء فيه' :إذا تحقق الشرط الفاسخ أصبح العقد مفسوخا بقوة
القانون"...
فجميع عقود االئتمان اإليجاري تتضمن شرط الفاسخ ،الذي ينص على تدخل قاضي
المستعجالت من أجل معاينة وقعة عدم األداء واألمر بإرجاع العقار وهو ما جاء في أمر
214
بصفته قاضيا بالدار البيضا ء استعجالي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية
للمستعجالت في إطار عقد ائتمان إيجاري عقاري بين شركة سوجيليز(مدعية)وبين شركة
جينز(مدعى عليها)جاء في قراره :
نعاين فسخ العقدة عدد 13848الرابطة بين الطرفين )1
نأمر المدعى عليها بإرجاع العمارة المسماة....والتي مساحتها 2197متر )2
مربع ورسمها العقاري عدد...6375/32إلى المدعية شركة سوجيليز تحت طائلة غرامة
تهديدية قدرها 500درهم عن كل يوم تأخير مع تحميلها الصائر.
نصرح بأن هذا األمر مشمول بالنفاد المعجل )3
لكن هذا الشرط يتميز ببعض الخصوصيات في عقد االئتمان اإليجاري تميزه عن
غيره من العقود المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود ،حيث أن فسخ العقد في
214أمر إستعجالي ملف 200/1/686رقم 2000/1371أشارت إلية صليحة حاجي في ملحق رسالتها –االئتمان اإليجاري العقاري بين
النظرية و التطبيق –رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية وجدة السنة
الجامعية 2000/1999ص .128
110
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
ظل القواعد العامة ينهي العقد وال يبقى للدائن سوى المطالبة بالتعويض ،215عكس عقد
االئتمان الذي عند تحق الشرط الفاسخ ،يطالب بأقساط الكراء إلى نهاية العقد مع
التعويضات والفوائد االتفاقية والغرامة التهديدية في بعض األحوال ،وهو ما جاء في قرار
216
(محكمة النقض حاليا) بتاريخ صادر عن الغرفة التجارية بالمجلس األعل ى
2009/12/30بين الطالبين عبد هللا بوسنان وشركة ايري سود في شخص ممثلها القانوني
وشركة صوفاك كريدي (المطلوبة) وجاء في تعليلها "حيث ينعي الطاعنان على القرار
المطعون فيه انعدام التعليل واألساس القانوني ....كما أن القرار لم يتناول الدفع المتعلق
بالفوائد االتفاقية ،إذا لم يرد في البند 18من االتفاقية إال نسبة %2وليس %2.5المعتمدة
...
حيث إن الطاعنين أثار في مقالهما االستئنافي الحكم المستأنف قضى لفائدة المدعية
(المطلوبة) بالفوائد االتفاقية بسعر %2.5استنادا إلى البند 18من عقد القرض ،إال أنه
بالرجوع إلى البند 18المذكور يلغي أن الفوائد االتفاقية محصورة في %2فقط...
إال أ ن المحكمة مصدرة القرار لم تجب عنه ال سلبا وال إيجابا رغم ما قد يكون له
من تأثير على مصلحة النزاع فجاء قرارها ناقص التعليل عرضة للنقض".
حيث تبين عن القرار الصادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) أن
المحكمة باإلضافة إلى فسخ عقد االئتمان اإليجاري الرابط بين الطرفين (شركة صوفاك
كريدي) باعتبارها من مولت شراء منقول وشركة إيري سود وعبد هللا بوسنان باعتباره قدم
كفالة شخصية ألداء مبلغ القرض في حالة عدم أدائه من طرف شركة إيري .غير أن توقف
هذه األخيرة عن أداء 20قسط قامت شركة صوفاك كريدي باعتبارها شركة ائتمان ببيع
المنقول والمطالبة بأدائها فوائد قدرها .%2.5
- 215الفصل " 261االلتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض"...
-الفقرة األولى من الفصل " 262إذا كان محل االلتزام امتناعا عن عمل ،أصبح المدين ملتزما بالتعويض بمجرد حصول اإلخالل"...
-الفصل " 263يستحق التعويض ،إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام ،وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولم يكن هناك أي سوء نية من جانب
المدين".
- 216قرار عدد 2089المؤرخ في 2009/12/30صادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) (غير منشور)
111
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فالقضاء يعتمد فسخ العقد أو استرداد المنقول وبيعه الستخالصه قيمة وأداء المبلغ
المتبقى مع الحكم بالفوائد االتفاقية المتفق عليها بين الطرفين ،مما يوضح لنا جليا
الخصوصيات التي يتمتع بها عقد االئتمان اإليجاري.
وهو ما جاء في أمر استعجالي عدد 2309الصادر عن رئيس المحكمة التجارية
بالدار البيضاء بصفته قاضيا للمستعجالت في الملف عدد 2011/13/1704بتاريخ
2011/3/14بين شركة سوجيليز (شركة ائتمان وشركة شانتي مودرن روت (مكتري)
وقضى بما يلي:
نعاين إخالل المدعى عليها بالتزاماتها التعاقدية ،وبأن عقد االئتمان اإليجاري -
رقم 38238قد فسخ بقوة القانون.
نأمر المدعى عليها بإرجاع تراكتور سكانيا رقم لوحته -26أ 48072-مجهز -
بالسيمي رومورك إلى المدعية شركة سوجيليز المغرب تحت غرامة تهديدية قدرها 200
درهم عن كل يوم تأخير.
نصرح بأن هذا األمر مشمول بالتنفيذ المعجل بقوة القانون. -
من خالل األمر اإلستعجالي السالف الذكر ،يتبين لنا أن قاضي المستعجالت مختص
بمعاينة واقعة عدم دفع األقساط الواجبة في ذمة المكتري أو عدم تنفيذه ألحد االلتزامات
الملقاة على عاتقه مما يجعل العقد مفسوخا بقوة القانون مع استرجاع المنقول في يد أي
شخص توجد بيده ،تحت غرامة تهديدية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي مع شمول األمر
بالنفاذ المعجل .مما يبرز لنا ما يحققه القضاء اإلستعجالي من حماية لحقوق شركة االئتمان
اإليجاري.
كذلك صدر أمر استعجالي عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء 217رقم
2003/1857بتاريخ 2003/09/09بين شركة دياك ليزينك (شركة ائتمان إيجاري) وبين
أبو الفضل بديعة (مكتري) في إطار عقد ائتمان إيجاري للمنقول حيث في تعليل هذه
المحكمة:
نعاين إخالل المدعى عليها بالتزاماتها التعاقدية؛ )1
- 217أمر رقم 2003/1857بتاريخ 09.09.2003ملف رقم 2003/1782أنظر الملحق.
112
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
نأمر المدعي عليه بإرجاع سيارة بوجو 306Knمسجلة تحت عدد -42-2 )2
1081إلى المدعية مع تحميل المدعى عليها؛
نصرح بأن هذا األمر مشمول بالنفاذ المعجل. )3
كما سبقت اإلشارة بأن القضاء اإلستعجالي سواء على مستوى المحاكم االبتدائية أو
محاكم االستئناف التجارية يقضي بفسخ العقد نتيجة عدم تنفيذ أحد االلتزامات التعاقدية من
طرف المكتري إضافة إلى استرجاع العقار أو المنقول على نفقة هذا األخير لفائدة شركة
االئتمان مع شمول األمر بالنفاذ المعجل.
كما سبقت اإلشارة فالفسخ يكون بناء على أحد أطراف العقد فشركة االئتمان
اإليجاري تحرص أشد الحرص على إدراج التزامات واسعة في عقودها على عاتق
المكتري من أجل حماية مصالحها المالية ،فالفسخ يعد أهم الضمانات القانونية التي تتمتع بها
في حالة إخالل المكتري بالتزاماته التعاقدية ،وقد حددت الشركة المغربية لإليجار المنقول
حيث تنص في الفصل 8المتعلق بالفسخ على ما يلي:
يسوغ فسخ هذا العقد بقوة القانون إذا ما ارتأى المؤجر ذلك ثمانية أيام بعد إرسال
رسالة مسجلة مع وصل باالستالم إلى العنوان المشار إليه في العقد أو العنوان الذي أخبر به
المؤجر ،وهو اإلنذار الذي ظل دون جدوى ،وذلك في حالة التخلف عن تنفيذ إحدى الشروط
العامة أو الخاصة المنصوص عليها في هذا العقد.
كما يتم فسخ العقد بقوة القانون خاصة في الحاالت التالية:
-عند تخلف المستأجر عن أداء أحد االستحقاقات االتفاقية في تاريخها أو كل مبلغ
مستحق بموجب هذا العقد.
-في حالة حدوث ما من شأنه المس بقيمة األمالك المخصصة للضمان ولو كان ذلك
بفعل قوة قاهرة.
-في توقف أنشطة المستأجر أو في حالة انخفاض قيمة الضمانات التي أدلى بها
المستأجر أو التصريحات التي قام بها خاطئة أو غير صحيحة جزئيا أو كليا ،وكذا في
الحاالت التي قام فيها المستأجر بمناورة تدليسية أو احتيالية في مواجهة المؤجر.
113
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
-في حالة االندماج أو الحل أو تخفيض رأسمال المستأجر،و عموما عند تعديل
قانونه األساسي أو تغيير وضعيته القانونية ،ما لم يحصل على موافقة المؤجر الكتابية
والمسبقة .
-في الحالة التي تصبح فيها الوضعية المالية للمستأجر من منظور المؤجر معرضة
للخطر بشكل نهائي
-في حالة التي يكون فيها المستأجر موضوع متابعة قضائية تترتب عنها مصادرة
أمالكه.
-في حالة وفاة المستأجر
-كما يسوغ للمؤجر أن يفسخ العقد بقوة القانون دون الحاجة إلى توجيه إنذار إذا
كان المستأجر موضوع تصفية قضائية أو حبية يترتب عن الفسخ بقوة القانون لفائدة المؤجر
عالوة على الوجيبات الكرائية غير المسددة و توابعها تعويضا يساوي الوجيبات الباقية يوم
وقوع الفسخ ..والكل حال األداء يوم فسخ العقد مع نسبة فائدة بنسبة .....1%
ويمكن اعتبار أهم أسباب الفسخ عدم أداء أقساط الكراء المتفق عليها في العقد أو
أحد توابعها أو إذا تعرض المكتري لمساطر صعوبات المقاولة ،مع المالحظة أنه من خالل
اإلطالع على هاته الشروط يتبين لنا توسيع شركات االئتمان من حجم أسباب الفسخ
و إنفرادها بمجموعة من الشروط التي تخضع إلراداتها المنفرد دون أمكانية مناقشتها حيث
أن المكتري في هذا العقد ال يملك سوى التوقيع و المصادقة علية لدي السلطات المختصة.
وتجدر اإلشارة أن الفسخ ال تمارسه شركة االئتمان من تلقاء نفسها ،بل لبد من
معاينة واقعة عدم األداء من طرف رئيس المحكمة التجارية وهو ما جاء في المادة 435من
مدونة التجارة والتي تنص على ما يلي" :في حالة تنفيذ المكتري اللتزاماته التعاقدية
المتعلقة بأداء المستحقات الناجمة عن االئتمان اإليجاري الواجبة األداء ،فإن رئيس المحكمة
مختص بصفته قاضيا للمستعجالت األمر بإرجاع العقار بعد معاينة واقعة عدم األداء.
ال يلتجأ إلى المسطرة موضوع الفقرة إال بعد استنفاذ كل الوسائل الودية المشار إليها
في المادة 433إلنهاء النزاع".
114
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
يتضح من خالل مقتضيات المادة أعاله أن المشرع ألزم المكتري في حالة إخالل
المكتري بأداء األقساط المستحقة عن عقد االئتمان اإليجاري من اللجوء إلى وسائل التسوية
الودية لحل النزاع ،قبل اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا لألمور المستعجلة ،وأن
المشرع عند حديثه عن واقعة المعاينة تحدث عن العقار دون المنقول فهل هذا المقتضى
يشمل حتى المنقول؟ رغم عدم شمول النص للمنقول ،فإن ذلك ال يعني استبعاد تطبيق نفس
اإلجراءات على المنقول مادام أن الفسخ يكون واحدا نتيجة عدم أداء أقساط الكراء ،وهذا ما
نجده في عقد الكراء المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود وخاصة الفصل 692
من ق.ل.ع والذي يعطي للمكري إذا تخلف المكتري عن أداء واجبات الكراء الحق في
فسخ عقد الكراء لكن الفسخ في هذه الحالة يكون بناء على حكم فضائي .أما الفسخ في عقد
االئتمان اإليجاري يقع بقوة القانون نتيجة تضمينه في العقد المبرم بين الطرفين دون اللجوء
إلى القضاء ،فشركة االئتمان اإليجاري ال تتقيد بأي إجراء قضائي في إعمالها الشرط
الفاسخ ،وكل ما تلتزم به هو توجيه إنذار بواسطة البريد المضمون مع اإلشعار بالتوصل
إلى المكتري ،ويحدد العقد المدة التي يتعين على المكتري أداء األجرة بعد توصله باإلنذار،
فإذا انقضت المدة المتفق عليها ألداء األجرة ،تقوم شركة االئتمان اإليجاري بفسخ العقد.
لكن قبل الفسخ كما سبق اإلشارة البد من إجراء التسوية الودية وهو ما جاء في قرار
218
بتاريخ 2011/12/22بين 5387صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالبيضاء
شركة نيباك بوصفها مستأنفة والقرض اإليجاري للتجارة والصناعة باعتبارها مستأنف
عليها وجاء في تعليلها على أن العقد الرباط بين الطرفين يعلق األداء والفسخ على شرط
واقف وهو تبليغ رسالة اإلنذار بالفسخ أو األداء للشركة (نيباك) وتوصلها بها توصال
قانونيا ،والحال أنها لم تتوصل بأي إشعار مادام أن المالحظة الواردة بمحضر التبليغ هي
"رفضت الكاتبة بالشركة حسب تصريحها كما رفضت اإلدالء بالبطاقة الوطنية".
وحيث أنه باالطالع على العقد الرابط بين الطرفين تبين مقتضياته على ضرورة
توجيه رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل إليجاد التسوية الودية قبل تقديم الدعوى.
قرار رقم 2011/5387صدر بتاريخ ( 2011/12/22غير منشور) للمزيد من التفاصيل يراجع الملحق . 218
115
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حيث أنه ال وجود بالملف ما يفيد توجيه الرسالة بالطريقة المذكورة بل وال يفيد
توصل الطاعنة (نيباك) باإلنذار ألن االستدعاء أو اإلنذار الذي هو مناط علم المدعى عليه
بالنزاع ووسيلة الدفاع عن حقوقه خصه المشرع في الفصل 37و 38و 39بشروط يجب
توفرها كذكر االسم الشخصي والعائلي والهوية ورقم البطاقة الوطنية مع التوقيع وإن رفض
المبلغ إليه التسلم اإلشارة إلى ذلك مع وصف الشخص الرافض األمر المنعدم في التوصل
المشار إليه أعاله.
وحيث أن مالحظة رفضت الكاتبة ال ترفع الجهالة عن متسلمة اإلنذار.
وحيث إنه المستقر عليه قضاء أنه إذا كان ينتج عن اإلنذار أثر قانوني فالبد من
توصل المدعى عليه به وهذا ما أكده المجلس األعلى في القرار الصادر بتاريخ
... 1996/01/02جاء فيه" :إن فسخ العقد مشروط بتوجيه اإلنذار إلى المدعي وتوصله به
وإذا كان قد تحقق توجيه اإلنذار فإن الغاية من توجيهه وهي التوصل لم تتحقق.
كما يم كن اللجوء إلى بيع المنقول بالمزاد في حالة إخالل المكتري ببنود االتفاق
المضمن بناء على أمر استعجالي بعد معاينة واقعة اإلخالل واسترجاع المنقول .وهو ما
أكدته محكمة االستئناف التجارية بمراكش 219في قرار صادر بتاريخ 2007/05/31حيث
جاء فيه" :عقد االئتمان اإليجاري يبقى معه المؤجر مالكا للمعدات المكتراة طيلة مدة الكراء
إلى أن يتم بيعها بالمزاد العلني في حالة اإلخالل ببنود هذا العقد بناء على أمر استعجالي
بعد معاينة هذا اإلخالل والقضاء باسترجاع تلك المعدات وبيعها وتمكين المؤجر من دينه
من ثمن البيع أصال وفوائد ومصاريف".
الفقرة الثانية :إهناء العقد من جانب املكرتي
كما سبقت اإلشارة فعقد االئتمان اإليجاري يعتبر من العقود الملزمة للجانبين ،إذ كما
يحق لشركة االئتمان اإليجاري إنهاء العقد ،فهو كذلك مخول للمكتري إنهاؤه نتيجة إخاللها
بأحد التزاماتها التعاقدية وقد حدد نموذج شروط الشركة المغربية لإليجار سبب فسخ عقد
- 219قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش قرار رقم 688صدر بتاريخ 07/05/31ملف رقم ،06/6/1026مجلة المحاكم
التجارية ،مرجع سابق ،ص.212 :
116
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
االئتمان اإليجاري 220على انه يسوغ للمستأجر طلب فسخ هذا العقد قبل حلول أجله شريطة
أن يسدد للمؤجر تعويضا يساوي السومات اإليجارية والتوابع المتبقية معالة بالقيمة المتبقية
والرسوم السارية ،ويتم الفسخ إما عن طريق القضاء (الفسخ القضائي) يطلب المكتري
بفسخ العقد إعماال لشرط مدرج في العقد لمصلحته (الفسخ اإلتفاقي).
أوال :الفسخ القضائي
يجد الفسخ القضائي في العقود المدنية أساسه في الفصل 259من ق.ل.ع الذي يمنح
الدائن اللجوء إلى القضاء لفسخ العقد حيث نص على أنه" :إذا كان المدين في حالة مطل،
كان للدائن الحق بإجباره على تنفيذ االلتزام ،مادام تنفيذه الزال ممكنا ،فإن لم يكن كذلك،
جاز للدائن طلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين ،ويجب أن يحصل هذا
اإلنذار كتابة ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو رسالة مضمونة أو بالمطالبة ولو رفعت إلى
قاضي غير مختص".
لكن بالنظر إلى طبيعة وخصوصية عقد االئتمان اإليجاري فال يمكن األخذ بهذا
النص ،ألنه ال يمكن اعتبار شركة االئتمان في حالة مطل والمكتري دائن ،ورق ،مادام أن
الفسخ من جانب المكتري المنصوص عليه في الفصل 259ينطبق على العقود بصفة
عامة ،ال ينسجم مع خصوصيات هذا العقد ،ألن شركات االئتمان اإليجاري ال تفتح مجاال
للمكتري من أجل إثارة مسؤوليتها وفسخ العقد من جانبه ،مادام أنها تتمتع بالقوة االقتصادية
التي تجعل من الصعب على المكتري تضمين بنود في العقد تمنحه إمكانية فسخ العقد ،حيث
أنها تجرد نفسها من كل مسؤولية فيما يخص اقتناء العقار أو بنائه أو صيانته تعد عقودا
نموذجية مسبقة تحمل بمقتضاها للمكتري العديد من االلتزامات بالرغم من المشاكل العديدة
التي قد تعترض استعمال المكتري للعقار وكذا المنقول بحيث أنها ال تتماشى مع تنازل
المكتري عن مطالبة الشركة بأي تعويض أو حتى فسخ العقد إذا أصبحت حالة العقار ال
تسمح باستعماله ألي سبب من األسباب وحرمانه من المطالبة بتخفيض أجرة الكراء
117
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
و بالتعويض في حالة عدم استعماله ألي سبب كان ولو تعلق األمر بحادث فجائي أو قوة
قاهرة.221
كما أن هذا المبدأ يصطدم بانحصار أداءات شركة االئتمان اإليجاري للمنقوالت
والعقارات ،حيث ال تترك مجاال واسعا إلثارة مسؤوليتها بالرغم من المشاكل العديدة التي
قد تعترض استعمال المستفيد من األصل ،فاالعتراف بحق المكتري في طلب الفسخ ال
يستقيم والمبدأ القائل بإعفاء شركة االئتمان اإليجاري للمنقوالت من كل مسؤولية خاصة
فيما يتعلق بالتركيب واالستخدام واالستالم.222
لكن السؤال الذي يثار هنا هل يترتب عن الحكم بفسخ البيع فسخ عقد االئتمان
اإليجاري؟
لقد أثار هذا التساؤل جدال في القضاء الفرنسي،بحيث ذهب اتجاه 223إلى أن فسخ
البيع ال تأثير له على عقد االئتمان اإليجاري،ويبقى المكتري ملزما بأداء األقساط وهذا
توجه في نظرنا يبقي غير صحيح،ألن ذلك يتعارض مع أهم شروط هذا العقد وهو االنتفاع
224
بأن فسخ عقد البيع يترتب عليه مقابل األداء،واستقرت محكمة النقض الفرنسي ة
بالضرورة فسخ عقد االئتمان اإليجاري.
الفسخ االتفاقي
يجد هذا الفسخ أساسه في المادة 225433من مدونة التجارة التي تنص تحت طائلة
البطالن على الشروط التي يمكن فيها فسخ عقود االئتمان اإليجاري وتجديدها بطلب من
المتعاقد المكتري ،فهذه المادة تمنح إمكانية فسخ العقد في حالة إخالل شركة االئتمان
اإليجاري بأحد االلتزامات الملقاة على عاتقها .لكن ما يالحظ على هذه المادة أنها جاءت
شاملة للمنقول والعقار حيث أن المكتري يملك حق فسخ العقد بإرادته المنفردة وهذه
الشروط التي تمنحه هذه اإلمكانية تخضع التفاق الطرفين ،لكن إعمال هذا الفسخ من جانب
ا لمكتري يبقى ناذرا مادام أن شركة االئتمان اإليجاري تعفي نفسها من أبسط االلتزامات،
118
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
بمقتضى عقود معدة سلفا تتضمن أكبر حماية في مواجهته ،بل وال تمنحه بمقتضى هذه
العقود النموذجية أية فرصة لمناقشة تلك البنود وإنما يقوم فقط بالتوقيع عليها 226وحتى في
حالة فسخ العقد م ن جانب المكتري فهو يظل ملزما بدفع األقساط المتبقية إلى نهاية العقد،
باإلضافة إلى مبلغ القيمة المتبقاة ،مما يعني أن يدفع للشركة جميع المصاريف والحقوق كما
لو أن العقد ما زال ساريا المفعول.
227
جعل فالمشرع بترك تحديد الشروط الموضوعية لهذا العقد التفاق الطرفين
المكتري في موقف ضعيف في هذه العالقة التعاقدية خاصة الشروط التعسفية المضمنة بهذه
العقود ،فشركة االئتمان تعفي نفسها حتى من ضمان العيوب ،حيث جاء في الشروط
الخاصة للشركة المغربية لإليجار حيث جاء في قرار صادر بتاريخ 2009/01/06عن
محكمة االستئناف التجارية ب الدار البيضاء بين السيد بريان باعتباره (مستأنف) وبين شركة
(وفاباي) حيث جاء في منطوقها "حيث إن تمسك به الطاعن في مقاله االستئنافي غير جدير
باالعتبار لعلة أن المبلغ المحكوم به لفائدة المستأنف ال يشكل سوى قسطا من الدين وأن
باقي األقساط األخرى المحددة إلى نهاية العقد ،فإن المحكمة مصدرة المطعون فيه اعتبرتها
وعن صواب بمثابة التعويضات التي تم تخفيضها".
حيث أن شركة االئتمان تفرض على المكتري في حالة الفسخ التزامين هما إرجاع
المنقول أو العقار ودفع تعويض مالي عن الفسخ غالبا ما يعادل قيمة األقساط المتبقية بذمته
إلى حين انتهاء العقد وإما أن يقدم للشركة مشتر أو مكتري جديد للعقار ،228وكل ذلك يحمي
حقوقها ،وعليه فالشركة تسترد المنقول أو العقار في حالة فسخ العقد باعتبارها المالك
األصلي للمال المكتري .وفي حالة امتناع المكتري يتم إجباره قضائيا ،وذلك عن طريق
رئيس المحكمة التجارية حيث أنه يعتبر في حالة امتناعه عن رد المال المكتري بعد توجيه
إنذار له مرتكبا لجريمة خيانة األمانة تطبق عليه مقتضيات المادة 547من القانون الجنائي،
إضافة إلى المطالبة بالتعويض.
119
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فالمكتري يمكن له فسخ العقد إذا أتلفت األموال موضوع العقد بسبب قوة قاهرة ،لكن
شركة االئتمان اإليجاري تعفي نفسها في هذه الحالة.
والبد من اإلشارة كآخر نقطة إلى نهاية العقد بصورة طبيعية إلى نهاية مدته ،حيث
يملك المكتري ثالث خيارات ،إما شراء األموال موضوع عقد االئتمان اإليجاري وهو
مقتضى يتميز به كل من المشرع المغربي والفرنسي عن التشريعات األنجلوسكسونية
بتمكينه من تملك المال المكترى تنفيذا للوعد بالبيع من جانب شركة االئتمان ،بخالف
المكتري الذي ال يكون ملزما بإعمال خيار الشراء ،فهذا الخيار يمكنه من تملك األصل
مقابل مبلغ زهيد تدخل فيه قيمة األقساط المؤداة.
وإما رد األموال المؤجرة لشركة االئتمان اإليجاري ،حيث يصبح المكتري
ملزما برد إليها في حالة عدم إعمال خيار الشراء أو تجديد العقد وإال اعتبر في حالة حائز
دون سند قانوني كما يتحمل المكتري نفقات رد األصل.
وإما تجديد العقد ،وهو خيار أتاحه المشرع المغربي والفرنسي والمصري
للمكتري في الحالة التي ال يريد شراء المنقول أو العقار عند نهاية العقد ،فيمارس هذا
الخيار قبل انقضاء مدة العقد ،لكن أقساط الكراء تكون منخفضة ،فشركة االئتمان اإليجاري
تكون ملزمة بتجديد العقد في حالة ما إذا أراد المكتري االستمرار في العقد.
120
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
خامتة
يبقى تنظيم المشرع المغربي لعقد االئتمان اإليجاري يكتنفه النقص التشريعي الذي
أولى تنظيما دقيقا للقواعد الشكلية ،التي كان هدف المشرع من خاللها حماية األغيار في
هذا العقد من خالل إلزامية شهره تحت طائلة عدم إمكانية االحتجاج به ،خاصة عند فتح
مساطر المعالجة ضد المكتري لذلك نجده رتب جزاء عن مخالفة المقتضيات المتعلقة بشهر
عقد االئتمان اإليجاري دون تخصيص نفس الجزاء والتنظيم للقواعد الموضوعية التي
تركها للحرية التعاقدية للطرفين ،واعتبار اإلرادة هي المحددة لتلك االلتزامات .مما جعل
الطرف القوي(شركة االئتمان اإليجاري) يفرض التزامات تثقل كاهل المكتري،ألنه بمجرد
تمويل شركة االئتمان شراء المنقول والعقار يتحول بعد ذلك هذا العقد إلى عقد ملزم لجانب
واحد.
من هنا يمكننا القول أن حماية المكتري في عقد االئتمان اإليجاري تبقى ناقصة،
مادام المشرع ترك حيزا مهما إلرادة األطراف والتي تستفيد منها شركات االئتمان لحماية
مصالحها بشكل تعسفي ،باستثناء ما نص عليه الفصل 264من ق ل ع من إعطاء القضاء
إمكانية تعديل الشرط الجزائي المبالغ فيه إلى الحد المعقول ،وكان على المشرع مسايرة
بعض التشريعات التي ذهبت بعيدا في هذا المجال كالتشريع البلجيكي الذي اعتبر تدخل
القاضي في تعديل هذا الشرط من النظام العام ،وبالتالي أعطى للقضاء حرية أكبر في
التدخل القضائي في هذا العقد .أضف إلى ذلك عدم استفادة المكتري من مقتضيات قانون
حماية المستهلك بعلة كرائه للمنقول والعقار لغرض مهني والتي تراجع عنها المشرع في
قانون 103.12كما نصت على ذلك المادة 431من مدونة التجارة وذهب إلى ذلك القضاء،
وكذا عجز عيوب اإلرادة عن تحقيق حماية فعالة له نظرا لعدم إمكانية إثبات التدليس والغلط
واإلكراه حتى يمكن له المطالبة بإبطال العقد.
ومن خالل دراسة هذا الموضوع يمكن طرح مكامن النقص التشريعي في النصوص
المنظمة لهذا العقد ،مع مجموعة من المقترحات لتحقيق الحماية التشريعية والقضائية للنظر
121
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
في عقد االئتمان اإليجاري و تحقيق التوازن العقدي حفاظا على مصالح مؤسسات التمويل
من جهة،ومن جهة أخرى مصالح المكتري من الشروط المجحفة.
ومن مكامن النقص التشريعي في هذا العقد:
-عدم تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد بنصوص خاصة واردة في
نصوص مدونة التجارة وخاصة العالقة بين أطراف عقد االئتمان اإليجاري،وهذا بخالف
اتفاقية أوتاوا حيث خصصت سبع مواد (من 7إلى )14لتنظيم حقوق والتزامات األطراف.
-إحالة المشرع فيما لم يتم التنصيص عليه في مدونة التجارة على قانون االلتزامات
والعقود .وبالخصوص تلك المنظمة لعقد الكراء فيما يتعلق بالتزامات الطرفين التي تتحلل
منها شركة االئتمان اإليجاري عن طريق تحميل المكتري العيوب الناتجة عن الشيء
المكترى عند التسليم ،و عدم إمكانية المطالبة بفسخ العقد أو التعويض ما دام هو الذي يقوم
بتسلمه والتوقيع على محضر االستالم .فقط تلزم شركة االئتمان بالتمويل ألن تعفي نفسها
من ضمان العيوب الخفية عن طريق رجوع المكتري مباشرة على المورد .في مقابل ذلك
يلتزم المكري بمجموعة من االلتزامات إلى نهاية العقد من أداء األقساط ،التأمين ،الحراسة
على الشيء ،عدم إتالفه....
-عدم تنصيص المشرع بوضع نص صريح يمنح للمكتري حق الرجوع مباشرة
على البائع أو المورد وتنظيم العالقة بينها.
-كان على المشرع التدخل لتحديد طبيعة هذا العقد،من أجل إضفاء نوع من التوازن
بين طرفي العقد.
-عدم كفاية القواعد العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات في تحقيق
التوازن العقدي بين الطرفين باستثناء الفصل 264من ق ل ع الذي أعطى للقاضي إمكانية
تعديل الشرط الجزائي ،بالزيادة إذا كان زهيدا أو بالنقصان إذا كان مبالغا فيه.
-عدم التنصيص عند تعريف عقد االئتمان اإليجاري على إلزام شركة االئتمان
بإدراج في صلب العقد وعد بالبيع ،كما نص على ذلك المشرع الفرنسي عند تعريفه لهذا
العقد.
122
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
-قصور التنظيم التشريعي لعقد االئتمان اإليجاري عند فتح مساطر المعالجة في حق
المكتري ،وخاصة عند تفويت هذا العقد وعدم التنصيص على تحمل المفوت إليه األقساط
الواجبة قبل فتح المسطرة ،ما دام انه عند نهاية العقد يمكنه تملك العقار أو المنقول عند
إعماله خيار الشراء مع دفعه ثمن زهيد ،تدخل في تحديده جزء من األقساط المدفوعة على
سبيل اإليجار .
ويمكن ذكر مجموعة من المقترحات:
أوال :تنظيم المشرع المغربي للقواعد الموضوعية لعقد االئتمان اإليجاري في
مشروع مدونة التجارة.
ثانيا :التنصيص على إمكانية استفادة المكتري من مقتضيات قانون حماية المستهلك.
ثالثا :ضمان حماية تشريعية من أجل تحقيق توازن عقدي.
رابعا :التنصيص على بطالن الشروط التعسفية عن طريق اللجوء إلى القضاء.
خامسا :وأخيرا ضرورة تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد،وعدم ترك
المجال للحرية التعاقدية التي تستغلها شركة االئتمان إلرهاق كاهل المكتري بمجموعة من
االلتزامات أو إصدار قانون خاص باالئتمان اإليجاري كما هو شأن المشرع المصري.
الئحة املراجع
املراجع العامة:
123
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
124
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
عبد الرحمان الشرقاوي ،قانون العقود المسماة ،الباب األول العقود الناقلة
للملكية -عقد البيع ،-الطبعة األولى ،2011مطبعة األمنية ،الرباط.
عبد الرحمان الشرقاوي ،قانون العقود المسماة ،الكتاب الثاني،العقود الواردة
على منفعة الشيء"عقد الكراء" مطبعة األمنية -الرباط الطبعة األولى .2013
عبد الرحيم بحار ،القضاء التجاري والمنازعات التجارية ،دراسة تأصيلية
مقارنة ومعززة بأحدث االجتهادات القضائية الصادرة في المادة التجارية ،مطبعة النجاح
الجديدة ،الدار البيضاء ،الطبعة األولى .2014
عبد الرزاق أحمد السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني ،الجزء
السادس اإليجار والعادية ،تنقيح أحمد مدحت المرافي ،طبعة مع آخر المستجدات في
التشريع والقضاء والفقه ،شركة الجالل للطباعة .2004
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون الجديد 6الجزء األول،
اإليجار والعارية ،الطبعة الثالثة ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت لبنان .1977
عبد الرزاق السنهوري ،الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ،الجزء
الخامس ،منشورات الحلبي الحقوقية ،بيروت ،الطبعة الثالثة .2000
عبد القادر العرعاري ،مصادر االلتزام -نظرية العقد ،دون ذكر المطبعة،
الطبعة الثانية .2005
عبد القادر العرعاري،الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ،الكتاب
األول-عقد البيع -الطبعة الثالثة ،2011توزيع مكتبة دار األمان الرباط.
عبد الكريم الطالب-الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية المطبعة والوراقة
الوطنية مراكش الطبعة أبريل . 2013
عبد الهادي المكنوزي ،محاضرات تطبيقية في قانون األعمال ،الجزء الثاني،
العقود التجارية ،الطبعة األولى ،2013دون ذكر المطبعة.
عبد الرحمان الشرقاوي ،القانون المدني -مصادر االلتزام -الجزء األول،
التصرف القانوني ،مطبعة المعرف الجديدة ،الرباط ،الطبعة الثانية .2014
125
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املراجع اخلاصة:
أمحمد برادة غزيول ،عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء،
مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.1998 ،
رياض فخري ،عقد التأجير التمويلي ،الطبيعة القانونية والتوازن العقدي ،مطبعة
األمنية ،الرباط ،الطبعة األولى .2011
126
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
عبد الرحمان السيد قرمان،عقد التأجير التمويلي،دار النهضة العربية القاهرة الطبعة
األولى .1998
محمد هاني دويدار"النظام القانوني للتأجير التمويلي"الطبعة الثانية ،مكتبة اإلشعاع
القانونية اإلسكندرية.1998 ،
محمد هاني دويدار ،النظام القانوني للتأجير التمويلي ،دراسة نقدية في القانون
الفرنسي ،دار الجامعة الجديدة للنشر اإلسكندرية .1994
األطروحات والرسائل
127
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
حياة حجي ،حق األسبقية المقررة للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية
القضائية ،جامعة محمد الخامس السويسي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في
القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الرباط ،السنة -2003
.2004
سميرة الطويل،االئتمان اإليجاري العقاري،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون
الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية.2011/2010
صليحة حاجي ،االئتمان اإليجاري العقاري بين النظرية والتطبيق ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية
وجدة السنة الجامعية .2000/1999
طارق الجبلي ،مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية –التحكيم التجاري
نموذجا -رسالة لنيل الماستر في القضاء والتحكيم ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .2010-2009
عبد الحق بوكبيش ،استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية ،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة،
السنة الجامعية .2005 -2004
عبد الحميد أخريف ،الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات
المقاولة ،أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية ،وجدة ،السنة الجامعية .2001-2000
عبد الرحيم بحار ،اإلجراءات التحفيظية في مادة العقود التجارية ،أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص ،جامعة الحسن ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية
واالجتماعية ،عين الشق ،الدار البيضاء ،السنة الجامعية.2005-2004،
عبد هللا زوقة ،حماية األطراف والغير في عقد االئتمان اإليجاري ،رسالة لنيل دبلوم
الماستر في قانون األعمال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ،الدار البيضاء،
السنة الجامعية.2005-2004
128
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
فؤاد معالل الشرط الجزائي في القانون المغربي -أطروحة لنيل الدكتوراه في
القانون الخاص-جامعة محمد بن عبد هللا -كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
فاس 1993/1992
فضل أبابري ،نظام العقود الجارية أثناء التسوية القضائية ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية،
وجدة ،السنة الجامعية .2007-2006
محمد جنكل-االئتمان التجاري-عمليات االئتمان البنكي نموذجا أطروحة لنيل
الدكتوراه في القانون الخاص:وحدة قانون األعمال جامعة الحسن الثاني-عن الشق-كلية
العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية .2001/2000
محمد سعيد الحاجي-الوسائل البديلة لفض النزاع البنكي-الصلح و التحكيم نموذجا
رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة و األعمال كلية العلوم القانونية و االقتصادية و
االجتماعية وجدة السنة الجامعية . 2009/2008
محمد علي الحوثي ،عقد التأجير التمويلي بين القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية
-دراسة مقارنة -أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية
واالقتصادية واالجتماعية وجدة ،السنة الجامعية .2014-2013
محمد لعروصي ،مصير العقود الجارية في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية،
رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص،جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم
القانونية واالقتصادية واالجتماعية،الرباط ،السنة .2005 -2004
معتمد أزوكاغ ،عقد االئتمان اإليجاري للمنقوالت في التشريع المغربي ،رسالة لنيل
دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة
السنة الجامعية .2009-2008
وردة غزال ،االئتمان اإليجاري للمنقول في مدونة التجارة ،رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال ،كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية
وجدة ،السنة الجامعية .2000-1999
129
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املقاالت:
عز الدين بنستي ،بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية ،مقال
منشور بمجلة المجلس األعلى ،ندوة الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من
خالل اجتماعات المجلس األعلى .2007
عمر السكتاني ،بعض مظاهر حماية الدائنين بعد فتح مسطرة التسوية
القضائية ،المجلة المغرية للدراسات واالستثمارات القانونية ،عدد مزدوج ،2012 3-2
مطبعة األمنية الرباط.
فيصل بجي ،الوساطة والعدالة والمطلوبة ،مجلة المنبر القانوني ،مطبعة
المعارف الجديدة ،الرباط ،العدد 6أبريل .2014
فيصل بجي-نحو إقرار الوساطة القضائية كخيار بديل لفض المنازعات-مجلة
الدراسات القضائية واإلدارية العدد 5دجنبر 2013دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع
-الرباط.
محمد أطويف ،الوساطة االتفاقية على ضوء قانون ،05.58مجلة الحقوق،
العدد 14يناير -ماي ،2013مطبعة المعارف الجديدة ،الرباط.
محمد الكشبور ،االئتمان اإليجاري -مجلة المحامون -العدد السادس ،سنة
.1998
المختار بكور ،قراءة التفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن
اإليجار المالي الدولي(أطاوا 28ماي )1988المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية،العدد
،34سنة .1994
نبيل أبو مسلم ،نقل االلتزام في عقد االئتمان اإليجاري على العقار
واالتجاهات الحديثة في قانون األعمال ،منشورات مجلة الحقوق المغربية ،مطبعة المعرف
الجديدة ،الرباط ،الطبعة األولى .2012
والجي بشرى-الحماية التشريعية لمستهلك خدمات االئتمان اإليجاري-
منشورات مجلة الحقوق المغربية االتجاهات الحديثة في قانون األعمال –مطبعة المعارف
الجديدة الرباط الطبعة األولى .2012
131
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الندوات:
إبراهيم الدسوقي أبو الليل ،تطورات حديثة في التأجير التمويلي ،الجديد في أعمال
المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية ،أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق
بجامعة بيروت العربية ،الجزء الثاني ،الجديد في التمويل المصرفي،منشورات الحلبي
الحقوقية ،بيروت لبنان .2002
رياض فخري "عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة والقانون المنظم لمؤسسات
االئتمان "مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية حول موضوع "مدونة التجارة"عشر سنوات
من التطبيق من تنظيم وحدة التكوين والبحث في قانون األعمال بكلية العلوم القانونية
واالقتصادية و االجتماعية بسطات بتعاون مع نقابة هيئة المحامين بالدار البيضاء يومي -22
23يونيو .2007
عبد السالم الوهابي ،عقد االئتمان اإليجاري للمنقول في القانون المغرب ،الندوة
الرابعة للعمل القضائي والبنكي ،سلسلة الندوات واأليام الدراسية ،العدد األول ،مطبعة
السالم ،الرباط ،الطبعة األولى ،يناير .2004
القاضي حبيب مزهر،الطبيعة القانونية لعقد الليزنغ ،الجديد في أعمال المصارف من
الوجهتين القانونية واالقتصادية ،أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة
بيروت العربية ،الجزء الثاني ،الجديد في التمويل المصرفي ،منشورات الحلبي الحقوقية،
بيروت لبنان.2002،
محمد برادة عزيول ،عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء ،الدورة التخصصية
في المادة التجارية سلسلة الندوات واأليام الدراسية الرابعة ،الرباط يونيو .2004
محمد برادة غزيول ،عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء-الدورة التخصصية
في المادة التجارية -سلسة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية يونيو .2004
132
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
محمد سالم ،الطرق البديلة لحل النزاعات –التجربة األمريكية كنموذج -سلسلة
الندوات واأليام الدراسية ،مطبعة فضالة ،العدد ،2الطبعة األولى ،السنة 2004
الظهائر:
Les ouvrages:
A.Cohen «le crédit-bail immobilier 2éme édition Masson PARIS
1990.
G.Royer.F.A Choiner, la banque et entreprise, revue bancaire,
1992.
133
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
134
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املواقع اإللكرتونية:
www.law.cornell.edu/ucc/2A
www.legifrance.gouv.fr/
www.Cacmarrakech.ma
135
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
الفهرس
مقدمة 1 ................................................................................................
املطلب األول :محاية املكري ملصاحله يف عقد اإلئتمان اإلجياري 42 ....................................
الفقرة األوىل :محاية املكري ملصاحله من خالل شرط االحتفاظ ابمللكية 43 .............................
136
عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي
املبحث األول :عقد االئتمان اإلجياري بني إجبارية اللجوء إىل وسائل التسوية الودية ونظام صعوابت
املقاولة 65 ...........................................................................................
املطلب الثاين :مآل عقد االئتمان اإلجياري يف مساطر صعوابت املقاولة 76 .............................
الفقرة األوىل :إجراءات االسرتداد واجلهة املكلفة ابلبت يف طلبات االسرتداد 77 .......................
الفقرة الثانية:موقع عقد االئتمان اإلجياري عند فتح املساطر اجلماعية85 ...............................
الفقرة الثانية :اإلجراءات التحفظية اليت تسلكها شركات التمويل 105 .................................
الفقرة األوىل :فسخ العقد من طرف شركة االئتمان اإلجياري 109 ......................................
الفهرس136 ...........................................................................................
137