You are on page 1of 137

‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫مقدمة‬
‫تستدعي المشاريع االستثمارية تعبئة موارد هامة من أجل تحسين سير هذه المشاريع‬
‫وتحقيق أكبر قدر من المكاسب واألرباح‪ ،‬ولتحقيق هذه األهداف كان لزاما على أصحاب‬
‫المشاريع‪ ،‬عالوة على إيجاد اليد العاملة الخبيرة‪ ،‬توفير وسائل اإلنتاج (رأسمال‪ ،‬عقارات‪،‬‬
‫آالت ومعدات)‪ .‬وأمام عجز التمويل الذاتي للمقاولة األمر الذي حتم البحث عن طرق‬
‫تمويلية حديثة‪ ،‬ال ترهق كاهل المقاولة وال تستنزف رأسمالها‪ ،‬ابتدع الفكر القانوني عامة و‬
‫الفكر االئتماني خاصة تقنية التمويل العيني أال وهو االئتمان اإليجاري وهو صورة مبتكرة‬
‫من صور التمويل‪ ،1‬وهو يتيح للمقاوالت فرصة الحصول على اآلالت و المعدات الالزمة‬
‫لها دون أن تكلف بسداد قيمتها فورا‪ ،‬إذ يقتصر التزامها على الوفاء بالدفعات اإليجارية‬
‫المتفق عليها مع احتفاظ الشركة أو المؤسسة المؤجرة بملكية اآلالت واألدوات أو العقار‬
‫طوال مدة اإليجار‪.2‬‬
‫وعلى هذا األساس بدأت المؤسسات البنكية والتمويلية تسعى نحو توسيع أنشطتها‬
‫لتشمل اقتناء العقارات ليس فقط السكينة‪ ،‬بل حتى تلك المعتمدة ألغراض مهنية وتجارية‬
‫وهو االئتمان اإليجاري العقاري ثم الوارد على المنقوالت والمعدات والوارد كذلك على‬
‫األصل التجاري‪.‬‬
‫ويرجع ظهور عقد االئتمان اإليجاري بمفهومه الحديث السيد إلى ‪junior Booth‬‬
‫في الواليات المتحدة األمريكية أثناء فترة الحرب العالمية الثانية ما بين سنة ‪1952-1950‬‬
‫إبان الحرب الكورية‪ ،‬قد كان يملك وحدة إلنتاج المواد الغذائية في كاليفورنيا‪ ،‬وقد طلبت‬
‫منه السلطات توفير كل ما يستطع من مواد غذائية للجيش األمريكي‪ ،‬لكن لم يستطيع تنفيذ‬
‫االلتزام‪ ،‬نتيجة محدودية وسائل اإلنتاج مما دفعه إلى التفكير في إيجاد وسيلة تمويلية تمكنه‬
‫من إيجاد معدات وآليات لتلبي الحاجيات التي يتطلبها االنتاج‪ ،‬لكنه عجز مما جعل الصفقة‬
‫‪ 1‬محمد جنكل‪-‬االئتمان التجاري‪-‬عمليات االئتمان البنكي نموذجا أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪:‬وحدة قانون األعمال جامعة الحسن‬
‫الثاني‪-‬عن الشق‪-‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ‪2001/2000‬ص ‪.136‬‬
‫‪ 2‬عبد الرحمان السيد قرمان‪،‬عقد التأجير التمويلي‪،‬دار النهضة العربية القاهرة الطبعة األولى ‪ 1998‬ص ‪ 5‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫تضيع منه‪ ،‬مما اضطره إلى إنشاء ما يعرف ب ‪ L’os leasing‬بمساعدة بعض أصدقائه‪،‬‬
‫واهتمت بها البنوك والمؤسسات المالية ‪،‬وأدخلتها ضمن القروض التي تقدمها لزبنائها‬
‫المستثمرين‪.3‬وبعدها قام بإنشاء » ‪ « L’obouth leasing connotation‬التي أصبحت‬
‫سنة ‪ 1962‬تحمل اسم » ‪ ،« La greyhond conporation‬هذا العقد هو عقد‬
‫أنجلوأمركي كما تدل على ذلك تسميته المشهور بها ‪ ، Leasing‬لينتشر بعد ذلك بعبور‬
‫المحيط األطلنطي إلى القارة األوربية‪ .‬وكانت بريطانيا أولى الدول التي شهدن مزاولة هذا‬
‫العقد‪ ،‬وبعدها فرنسا التي استطاع رأسمالها نقل هذا العقد في صورته المعروفة في هذا‬
‫البلد إلى العديد من الدول النامية وأهمها دول المغرب العربي‪.‬‬
‫وقد ظهرت أول مؤسسة لالئتمان اإليجاري في فرنسا سنة ‪ 1962‬تحت اسم ‪Loco‬‬
‫‪ ،France‬ثم تدخل بعد ذلك المشرع الفرنسي لتقنين عمليات االئتمان اإليجاري بالقانون‬
‫رقم ‪ 455-66‬الصادر في ‪ 2‬يوليوز ‪ 1966‬ثم تممه باألمر رقم ‪ 738-67‬في ‪ 28‬شتنبر‬
‫‪ ،1967‬ثم بعد ذلك بمرسوم ‪ 665-72‬الصادر في ‪ 4‬يوليوز ‪.1972‬‬
‫ولم يحتفظ له المشرع الفرنسي بنفس المفهوم الذي استقرت عليه الممارسة‬
‫األنجلو أمريكية حيث غدا وسيلة للتملك أيضا فضال عن كونه تقنية لتمويل المشروعات‬
‫التجارية‪ ،‬كما لم يحتفظ بنفس االسم حيث سماه ‪ crédit-bail‬عوض ما استقرت عليه‬
‫الممارسة في السابق من تسميته ب ‪. location financiére4‬‬
‫أما في المغرب في رجع ظهور عقد االئتمان اإليجاري إلى سنوات السبعينات‪ ،‬حيث‬
‫ظهرت أول مؤسسة لالئتمان اإليجاري سنة ‪ 1965‬بمبادرة من الدولة التي أطلق عليها‬
‫‪ Maroc leasing‬وهي أول شركة تمارس التمويل بالمغرب‪ ،‬ثم بعدها أنشئت شركة‬
‫مغرب باي ‪ Maghrebail‬ثم تلتها ظهور شركات أخرى وهي‪- Maghrebail :‬‬
‫‪BMCI leasing -Wafabail - Sogelease- Maroc leasing – Dic leasing‬‬
‫‪ ،chaabi Leasing5 - Crédit du Maroc Leasing‬وانتشر بعد ذلك ليصبح تقنية‬

‫محمد برادة غزيول‪:‬عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه و القضاء‪ ،‬سلسلة المعارف التجارية‪،‬الطبعة األولى سنة ‪ 1998‬ص‪.31‬‬ ‫‪3‬‬

‫أحمد ادريوش ‪،‬الكراء في المدونة الجديدة للتجارة‪ ،‬مطبعة البوكيلي للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬الطبعة األولى ‪ 1998‬ص‪.81‬‬ ‫‪4‬‬

‫تجدر اإلشارة إلى أن الشعبي لنيزنك اندمجت مع الشركة المغربية لإليجار بتاريخ ‪ 2014‬وأصبحت شركة واحدة لها رأس مال ثابت‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪2‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عالمية اقتضت تنظيما دوليا بموجب االتفاقية الدولية التي أعدها المعهد الدولي لتوحيد‬
‫القانون الخاص المؤرخة في ‪ 28‬ماي ‪ 1988‬و المعروفة "باتفاقية أطاوا" والمغرب يعد في‬
‫‪6‬‬
‫وذلك قبل وضع أي مقتضيات قانونية لهذا‬ ‫طليعة الدول التي صادقت على هذه االتفاقية‬
‫العقد‪ .‬و قد سبقت الممارسة العملية لهذا العقد التنظيم التشريعي‪ ،‬إذ تم الحديث عنه في‬
‫مشروع مدونة التجارة لسنة ‪ 1988‬في الفصلين ‪ 404‬و ‪ 405‬تحت اسم "التمويل‬
‫اإليجاري"‪،‬علما أن أول شركة وطنية أنشأت سنة ‪ 1965‬كما سلف الذكر سابقا‪ .‬ثم بعد ذلك‬
‫تم اإلشارة إليه في قانون المالية لسنة ‪ 1992‬ويعتبر ظهير ‪ 6‬يوليوز ‪ ،71993‬المتعلق‬
‫بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها أول تنظيم تشريعي لهذا العقد حيث تولى‬
‫تعريفه وتحديد نطاقه والذي خصص الفصلين ‪ 3‬و ‪ 8‬منه لنشاط مؤسسات االئتمان‪ ،‬كما‬
‫تولى المشرع تنظيمه بمقتضى القسم الخامس من الكتاب الرابع من مدونة التجارة‪ 8‬في‬
‫الفصول من ‪ 431‬إلى ‪ .442‬كما أضاف بمقتضى القانون البنكي الذي لسنة ‪ 2006‬رقم‬
‫‪ 903-34‬الذي أضاف إلى االئتمان اإليجاري الوارد على األصل التجاري الذي نسخ‬
‫بالقانون رقم ‪ 10103.12‬المتعلق بمؤسسة االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬وإن كان‬
‫المشرع عند تنظيمه لهذا العقد اكتفى بتنظيم األحكام الشكلية متجاهال بذلك القواعد‬
‫الموضوعية التي تركها إلرادة الطرفين‪.‬‬
‫كما أن العقد يعتبر من العقود التجارية والتي ال تختلف عن العقود المدنية فيما يتعلق‬
‫باألحكام الخاصة بانعقادها ونفاذها وانقضائها‪ ،‬وتخضع لألحكام المقررة للعقد في قانون‬
‫االلتزامات والعقود وهو ما نصت عليه صراحة المادة ‪ 2‬من م ت حينما حددت مصادر‬
‫ا لقانون التجاري في تشريعات وأعراف وعادات التجارة وقواعد القانون المدني ما لم‬

‫‪ 6‬المختار بكور‪ ،‬قراءة التفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن اإليجار المالي الدولي(أطاوا ‪ 28‬ماي ‪)1988‬المجلة المغربية لقانون‬
‫واقتصاد التنمية‪،‬العدد ‪،34‬سنة ‪ 1994‬ص ‪103‬و‪.104‬‬
‫‪ 7‬ظهير شريف رقم‪ 147.13.1‬صادر بتاريخ ‪6‬يوليوز ‪ 1993‬بمثابة قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها منشور بالجريدة الرسمية‬
‫عدد ‪ 4210‬الصادرة بتاريخ ‪ 07‬يوليوز ‪.1993‬‬
‫‪ 8‬ظهير شريف رقم ‪ 1-83-96‬صادر بتاريخ ‪ 1‬غشت ‪ 1996‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 15-95‬المتعلق بمدونة التجارة‪،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد‬
‫‪ 4418‬الصادرة بتاريخ ‪ 3‬أكتوبر ‪.1996‬‬
‫‪ 9‬ظهير شريف رقم ‪ 178.05.1‬صادر في محرم ‪(1427‬فبراير‪)2006‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 34.03‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة‬
‫في حكمها‪.‬الجريدة الرسمية بتاريخ ‪20‬فبراير‪ 2006‬عدد‪.5397‬‬
‫‪ - 10‬ظهير شريف رقم ‪ 1.14.193‬صادر في فاتح ربيع األول ‪ 24( 1436‬ديسمبر ‪ )2014‬بتنفيذ القانون ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها الجريدة الرسمية ل‪ 22‬يناير ‪ 2015‬عدد‪ 6328‬من ص ‪ 462‬إلى ‪.689‬‬

‫‪3‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫تتعارض قواعده مع المبادئ األساسية للقانون التجاري‪ ،‬مع بعض الخصوصيات التي تتميز‬
‫بها العقود التجارية من حرية اإلثبات والتقادم وما يتعلق بالوفاء‪ ،‬وكذلك ما يتصل بإبرام‬
‫وتنفيذ العقود التجارية‪.11‬‬
‫وعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا تجاريا يتميز بمجموعة الخصائص التي‬
‫تميزه عن باقي العقود الواردة في قانون االلتزامات والعقود ومنها أطراف عقد االئتمان‬
‫اإليجاري حيث يتدخل في هذه العملية التمويلية ثالثة أطراف‪:‬‬
‫المورد‪ :‬يبرم مع شركة االئتمان اإليجاري عقد بيع أولي على إثر المعاملة‬ ‫‪‬‬
‫التي تمت بينه وبين الزبون‪.‬‬
‫مؤسسة االئتمان اإليجاري‪ :‬التي تعبر مشترية في العالقة التي تجمعها‬ ‫‪‬‬
‫بالمورد ومؤجرة بالنسبة للمكتري‪ ،‬مع تعهدها من جانب واحد ببيع الشيء الذي مولت‬
‫شراؤه للمكتري عند نهاية العقد‪.‬‬
‫المستعمل‪ :‬يتعلق األمر بالزبون الذي أعطاه المشرع اسم المكتري‪ ،‬مع‬ ‫‪‬‬
‫استفادته بوعد البيع من جانب واحد‪.‬‬
‫ويتم تضمين عقد االئتمان اإليجاري مجموعة من الشروط والوثائق التي سنحاول‬
‫ذكرها بشكل وجيز وهي تنقسم إلى شروط عامة و خاصة‪:‬‬
‫وفيما يخص الشروط العامة‪ :‬فيتعلق األمر بنماذج شروط معدة مسبقا‪ ،‬حيث يتم‬
‫إرفاقها بالشروط الخاصة وتعتبر جزءا ال يتجزأ من عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫وأما الشروط الخاصة‪ :‬فهي تتضمن معلومات تتعلق بهوية المستعمل (كمقره‬
‫االجتماعي‪ ،‬ورقم تسجيله بالسجل التجاري) ونوعية وثمن ومحل العقد‪ .‬وكذا كل ما يتعلق‬
‫باألقساط وهذه الشروط هي ‪:‬‬
‫‪ -‬األمر باألداء‪ :‬عبارة عن وثيقة تخول لمؤسسة االئتمان اإليجاري بأن تقتطع‬
‫األقساط من الحساب البنكي للمستعمل أو المكتري‪ ،‬لذلك يجب توقيعها من طرف هذا‬
‫األخير وإيداعها لدى مؤسسة بنكية‪.‬‬

‫بوعبيد عباسي‪-‬العقود التجارية ‪-‬المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة األولى ‪2013‬ص‪9‬و ‪.10‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪4‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪ -‬سند الطلب‪ :‬يتعلق األمر بالوثيقة التي تؤكد بواسطتها مؤسسة االئتمان اإليجاري‬
‫الطلب لدى المورد‪ ،‬لذلك يجب المصادقة عليها من لدن المكتري قبل أن ترفع المؤسسة‬
‫المذكورة لهذا األخير بأن يتقدم إلى مؤسسة االئتمان اإليجاري لكي تدفع له الثمن‪.‬‬
‫‪ -‬محضر االستالم‪ :‬بمجرد تسلم المال موضوع عملية االئتمان اإليجاري‪ ،‬يوقع‬
‫المكتري محضر التسلم حيث يسلمه إلى المورد‪ ،‬وتسمح الوثيقة المذكورة لهذا األخير بأن‬
‫يتقدم إلى مؤسسة االئتمان اإليجاري لكي تدفع له كل الثمن‪.‬‬
‫‪ -‬الضمانات‪ :‬بصفة عامة‪ ،‬يراد بها الضمانات التي يقدمها المستعمل أو المكتري‬
‫للمؤسسة مانحة االئتمان‪.‬‬
‫‪ -‬بوليصة التأمين‪ :‬يكتتب المستعمل أو المكتري في بوليصة تأمين شاملة لكل‬
‫األخطار لدى شركة تأمين معتمدة‪.12‬‬
‫أهمية الموضوع‬
‫وترجع أهمية الموضوع إلى أنه يكتسي بعدا وطنيا و دوليا‪،‬وبعده الدولي يتجلى في‬
‫كون المغرب من بين الدول التي صادقت على االتفاقية الدولية التي أعدها المعهد الدولي‬
‫لتوحيد القانون الخاص(أطاوا)‪ ،‬المؤرخة في ‪ 28‬ماي ‪ ،1988‬أما بعده الوطني فيتجلى في‬
‫سن المشرع ترسانة قانونية مهمة‪ ،‬ابتدأت بإصدار ظهير ‪ 6‬يوليوز ‪ 1993‬المعتبر بمثابة‬
‫قانون يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها ومدونة التجارة رقم ‪ 15-95‬بتاريخ‬
‫‪ ،1996‬وقانون إحداث المحاكم التجارية سنة ‪ 1997‬بقانون ‪ ،95-5‬ثم إصدار قانون‬
‫‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ .‬حيث إن أهمية هذا‬
‫الموضوع ترجع إلى تداخل مجموعة من القوانين التي تنضمه وكذا إلى النقص التشريعي‬
‫الذي يكتنف تنظيم هذا العقد خاصة أننا في عالقة تعاقدية‪ ،‬ينعدم فيها التوازن العقدي بالنظر‬
‫إلى القوة االقتصادية التي تتمتع بها شركة االئتمان اإليجاري‪،‬مما جعلنا نبحث عن مظاهر‬
‫التوازن في هذا العقد‪ ،‬حماية لمصالح شركة االئتمان اإليجاري باعتبارها تمثل جزءا ال‬

‫‪ 12‬عبد الهادي المكنوزي‪ ،‬محاضرات تطبيقية في قانون األعمال‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬العقود التجارية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬ص‬
‫‪.86‬‬

‫‪5‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يتجزأ من االقتصاد الوطني والمكتري باعتباره يشكل فئة عريضة من المستفيدين في‬
‫المغرب التي تستوجب التدخل التشريعي والقضائي لحمايتها‪.‬‬
‫دواعي اختيار الموضوع‬
‫أسباب اختياري لهذا الموضوع للمكانة التي يحظى بها عقد االئتمان‬ ‫يرجع‬
‫اإليجاري باعتباره أهم وسائل التمويل الحديثة من جهة‪،‬ومن جهة أخرى كونه من العقود‬
‫التجارية التي نظمها المشرع المغربي في الكتاب الرابع المتعلق بالعقود التجارية‪ ،‬واهتمامنا‬
‫الكبير بالمجال التجاري جعلنا نبحث في هذه التقنية التمويلية‪.‬‬
‫المنهج المعتمد‬
‫سنعتمد في هذه الرسالة منهج نقدي تحليلي مقارن على ضوء االجتهاد القضائي‬
‫المغربي في عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫وسنتناول في هذه الدراسة عقد االئتمان اإليجاري الوارد على العقار والمنقول فقط‬
‫دون المنصب على األصل التجاري وذلك مع دراسة مقارنة في إطار التشريع الفرنسي‬
‫والمصري‪ ،‬مع تدعيمها بالعمل القضائي المغربي‪.‬‬
‫وعلى ضوء ما سبق يمكننا طرح اإلشكالية الجوهرية التالية‪:‬‬
‫إلى أي حد استطاع المشرع و الفقه والقضاء التجاري تحقيق المبدأ الرامي إلى‬
‫تكريس التوازن العقدي بين أطراف عقد االئتمان اإليجاري؟‬
‫من خالل هذه اإلشكالية ارتأينا تقسيم الموضوع إلى فصلين‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اإلطار القانوني لعقد االئتمان اإليجاري‬
‫الفصل الثاني‪ :‬دور القضاء في عقد االئتمان اإليجاري‬

‫‪6‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الفصل األول‬

‫اإلطار القانوين لعقد االئتمان اإلجياري‬


‫يعتبر عقد االئتمان اإليجاري من العقود التجارية التي نظمها المشرع في الكتاب‬
‫الرابع من مدونة التجارة‪ ،‬وهو من العقود النموذجية التي تضعه في صيغته العقدية مؤسسة‬
‫االئتمان اإليجاري‪ ،‬مشتمال على مجموعة من الشروط المحددة على وجه التفصيل‪.‬‬
‫فعقد االئتمان اإليجاري يخضع لسائر العناصر المتطلبة في كافة العقود المنصوص‬
‫عليها في قانون االلتزامات والعقود مع بعض الخصوصيات التي يتميز بها هذا العقد‪ ،‬ألنها‬
‫فضال عن الشروط السالفة الذكر‪ ،‬يتطلب إعداد ملف االئتمان‪ ،‬تقديم طلب من المستفيد‬
‫لمؤسسة االئتمان‪ ،‬والذي يجب أن يكون مستوفيا لسائر المعلومات‪ -‬سواء المتعلقة بشخصه‬
‫أو بمؤهالته المالية و معززا بجميع الوثائق الضرورية وموقعا من طرفه‪.‬‬
‫فالمشرع المغربي استفاد كثيرا من التجربة الفرنسية التي كانت سابقة في تنظيم هذا‬
‫العقد سواء من حيث تعريف العقد أو تنظيم أحكامه‪،‬لكن مقابل ذلك عدم مسايرته التعديالت‬
‫التي أدخلها المشرع الفرنسي على قانون ‪. 1966‬‬
‫فالقاعدة حسب التشريع الفرنسي أن عملية االئتمان اإليجاري تعطي للمكتري عند‬
‫نهاية مدة العقد خيار شراء األصول محل اإليجار‪ ،‬سواء كانت عبارة عن أموال عقارية أو‬
‫منقولة‪ ،‬فيكتسب بذلك ملكية األصل بسعر منخفض تدخل في تقديره المبالغ التي دفعها‬
‫المكتري خالل مدة الكراء وهو نفس توجه المشرع المغربي‪.‬‬
‫كما أن تحديد طبيعة عقد االئتمان يعرف جدال فقهيا لتعدد التأويالت التي سنحاول‬
‫الوقوف عندها لمعرفة طبيعة العقد ومحاولة تكييفه باعتبار أن عملية االئتمان تتداخل فيها‬
‫مجموعة من العمليات القانونية دفعت بعض الفقه إلى اعتباره عقد مركبا‪ .‬فالمشرع المغربي‬
‫عند تنظيمه لهذا العقد خصص حيزا مهما من النصوص القانونية للقواعد المتعلقة بشهر‬
‫عقد االئتمان سواء الوارد على العقار أو المنقول دون تخصيص نفس األهمية للقواعد‬
‫الموضوعية والمتعلقة أساسا بالتزامات أطراف عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬مما جعل المجال‬
‫‪7‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫األطراف يلجؤون إلى التزامات طرفي عقد الكراء والقواعد المنظمة لعقد البيع خاصة‬
‫المتعلقة بضمان البائع للعيوب الخفية‪ ،‬على إعتبار أن المشرع جعل للحرية التعاقدية مجاال‬
‫واسعا في هذا العقد الشيء الذي تستغله شركة االئتمان لحماية مصالحها عن طريق‬
‫مجموعة من اآلليات وعلى وجه الخصوص شرط االحتفاظ بالملكية‪،‬في مقابل ذلك نسجل‬
‫غياب مقتضيات تشريعية توفر الحماية للطرف الضعيف في هذه العالقة التعاقدية ‪،‬باستثناء‬
‫حق الرجوع بدعوى الضمان على المكري‪ ،‬إضافة إلى إمكانية اللجوء إلى القضاء من أجل‬
‫مراجعة بعض الشروط ذات الطابع التعسفي‪.‬‬
‫لذلك ارتأينا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬نتناول في المبحث األول الطبيعة‬
‫القانونية لعقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬على أن نخصص المبحث الثاني‪ :‬آليات حماية أطراف‬
‫عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املبحث األول‬

‫ماهية عقد االئتمان اإلجياري‬


‫نظم المشرع المغربي عقد االئتمان اإليجاري اإليجاري‪ ،‬إال أن هذا التنظيم ما زال‬
‫يطرح العديد من المشاكل القانونية التي تتصف بالتعقيد القانوني ‪ :‬فالفقه مجمع على كون‬
‫نعت هذه المؤسسة القانونية بكونها إيجار كعقد‪ ،‬وائتمان كعملية‪ .13‬وقذا نظم المشرع‬
‫المغربي هذا العقد من خالل القانون الجديد المنظم لمؤسسة االئتمان رقم ‪ 103.12‬حيث‬
‫‪15‬‬
‫لتحديد نطاق عمليات االئتمان االيجاري ‪،‬باإلضافة إلى المواد‬ ‫خصص المادتين ‪ 143‬و ‪4‬‬
‫من ‪ 54‬إلى ‪ 70‬ونص عليه في البند الثاني من الفصل ‪ 58‬من القانون السالف الذكر‬
‫والذي جاء فيه " اإلجارة ‪:‬كل عقد يضع بموجبه بنك تشاركي ‪،‬عن طريق اإليجار‪،‬منقوال‬
‫أو عقارا محددا وفي ملكية هذا البنك تحت تصرف عميل قصد استعمال مسموح به قانونا‪.‬‬
‫تكتسي اإلجارة أحد الشكلين التاليين‪:‬‬
‫‪ -‬إجارة تشغيلية عندما يتعلق األمر بإيجار بسيط‪.‬‬
‫‪ -‬إجارة منتهية بالتمليك عندما ينتهي اإلجارة بتحويل ملكية المنقول أو العقار‬
‫للمستأجر العميل تبعا للكيفيات المتفق عليها بين الطرفين‪.‬‬
‫كما نظمت مدونة التجارة هذا العقد(المواد من ‪ 431‬إلى المادة ‪ 442‬من الكتاب‬
‫الرابع المنظم للعقود التجارية) والتي تعتبر ترجمة حرفية للنصوص األولى التي نظمت هذا‬

‫‪ 13‬رياض فخري "عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة و القانون المنظم لمؤسسات االئتمان "مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية حول‬
‫موضوع "مدونة التجارة"عشر سنوات من التطبيق من تنظيم وحدة التكوين و البحث في قانون األعمال بكلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية بسطات بتعاون مع نقابة هيئة المحامين بالدار البيضاء يومي ‪ 23-22‬يونيو ‪ 2007‬ص‪.91‬‬
‫‪ 14‬تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 3‬من القانون البنكي الجديد ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها على أنه "يعتبر‬
‫عملية ائتمان كل تصرف‪،‬بعوض‪،‬يقوم بمقتضاه شخص من األشخاص‪:‬‬
‫‪ -‬العمليات المتعلقة باالئتمان اإليجاري و باإليجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين المؤجرة والعمليات المعتبرة في حكمها"‬
‫‪ 15‬ونصت المادة ‪ 4‬من نفس القانون على أنه "تشمل العمليات المتعلقة باالئتمان اإليجاري واإليجار التي يكون فيها للمستأجر خيار شراء العين‬
‫المؤجرة والمشار إليها في المادة ‪ 3‬أعاله ‪:‬‬
‫‪ -‬عمليات إيجار المنقوالت التي تمكن المستأجر‪،‬كيفما كانت تكييف تلك العمليات‪،‬من أن يتملك في تاريخ محدد مع المالك كل أو بعض المنقوالت‬
‫المستأجرة‪ ،‬مقابل ثمن متفق عليه يراعى في تحديده على األقل جزئيا المبالغ المدفوعة على سبيل اإليجار‪.‬‬
‫‪ -‬العمليات التي تقوم بموجبها منشأة بإيجار عقارات تكون قد اشترتها أو بنتها لحسابها إذا كان من شأن هذه العمليات‪ ،‬كيفما كان تكييفها ‪،‬أن تمكن‬
‫المستأجر أن يصبح مالكا لكل أو بعض الممتلكات المستأجرة عند انتهاء عقد اإليجار كأقصى أجل‪.‬‬
‫‪ -‬عمليات إيجار األصول التجارية أو أحد عناصرها المعنوية التي تمكن المستأجر‪ ،‬كيفما كان تكييف تلك العمليات‪ ،‬من أن يتملك األصل التجاري‬
‫أو أحد عناصره المعنوية في تا ريخ يحدده مع المالك‪،‬مقابل ثمن متفق يراعى في تحديده جزء على األقل المبالغ المدفوعة على سبيل اإليجار‬
‫‪،‬باستثناء كل عملية إيجار تفضى إلى تفويت األصل التجاري المذكور أو أحد عناصره للمالك الحقيقي‪.‬‬
‫اإليجار المفضي إلى التفويت هو العقد الذي تبيع بموجبه منشأة ملكا تستعمله إلى شخص يسلمه إليها فورا على سبيل االئتمان اإليجاري‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫العقد ونقل هذه القوانين بعيوبها التي أبانت عنها الممارسة العملية وكان على المشرع أن‬
‫يحدو حذو المشرع الفرنسي بعد تعديل قانون ‪ 1966‬و كذا المشرع المصري الذي نظم‬
‫بشكل دقيق مختلف الجوانب المرتبطة بالموضوع من تعريفات دقيقة وتنظيم للعالقات التي‬
‫تنشأ بمناسبتها‪ ،‬واآلثار الناجمة عنها تجاه األطراف فيما بينهم و اتجاه الغير‪ .‬وكذا‬
‫اإلشكاليات التي يطرحها عقد االئتمان اإليجاري خاصة فيما يتعلق بتكييف العقد الذي‬
‫يرجع للقضاء والذي يجد نفسه في صعوبة‪ ،‬خاصة أن المشرع المغربي أحال على‬
‫النصوص العامة الواردة في قانون االلتزامات والعقود المغربي والتي قد يتشابه عقد‬
‫االئتمان اإليجاري مع بعضها مما يستدعي بالضرورة المقارنة والتمييز بين هذا األخير‬
‫والعقود األخرى التي يتشابه معها‪.‬‬
‫باإلضافة إلى عدم تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد و أثارها‪ ،‬محيال‬
‫على القواعد العامة وعلى مبدأ سلطان اإلرادة دون رقابة إال رقابة القضاء التي تصبح دون‬
‫جدوى أمام الفراغ التشريعي‪ ،‬والتي يستغلها الطرف القوي في العالقة التعاقدية لحماية‬
‫مصالحه‪ ،‬حيث أن شركة االئتمان أفرغت بهذا عقد الكراء المنظم بمقتضى ق‪.‬ل‪.‬ع من‬
‫محتواه‪ ،‬حيث جعلت منه عقد فوري بعد أن كان زمنيا متتالي التنفيذ من خالل حصر‬
‫التزاماتها عن تلك الواردة في عقد الكراء‪ ،‬والتي يتحملها المكري من ضمان االنتفاع‬
‫واالستغالل الهادئ لمحل الكراء‪ ،‬بل إن شركات االئتمان تعفي نفسها حتى من ضمان‬
‫العيوب الخفية ليتحول بعد ذلك هذا العقد إلى عقد ملزم لجانب واحد بمجرد تمويلها شراء‬
‫المنقول و العقار‪ ،‬في مقابل ذلك يلتزم المكتري في عقد االئتمان بالتزامات عديدة منها أداء‬
‫الواجبات الكرائية و بصيانة محل العقد و الدفاع عن االستحقاق بأنواعه وتحمل تبعة‬
‫العيوب الخفية التي تظهر في الشيء مادام هو من يقوم باختيارها وتحديد مواصفاتها مع‬
‫المورد و استالمه الشيء مباشرة من المورد وليس من المكري وتحرير محضر بهذا‬
‫االستالم‪.16‬‬
‫لهذا سنتطرق إلى تعريف وتكييف عقد االئتمان اإليجاري (المطلب األول) ثم آثار‬
‫هذا العقد (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫‪ 16‬رياض فخري‪"-‬عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة و القانون المنظم لمؤسسات االئتمان"مرجع سابق ص‪.95‬‬

‫‪10‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املطلب األول‪:‬تعريف وطبيعة عقد االئتمان اإلجياري‬


‫يعتبر عقد االئتمان اإليجاري عبارة عن عملية ائتمانية تمويلية‪ ،‬حيث تقوم في هذا‬
‫اإلطار شركة مالية متخصصة‪ ،‬ومرخص لها من طرف وزير المالية بشراء ما يحتاج إليه‬
‫المكتري أو المقاولة من معدات أو آالت‪ ،‬أو أدوات النقل ألغراض مهنية‪ ،‬أو عقار في‬
‫اسمها مشيدا أو في طور التشييد‪ ،‬بعد اختيار المكتري للمورد وما يحتاج إليه‪ ،‬واالتفاق في‬
‫نفس الوقت مع هذا األخير على كل المواصفات التي يرغب فيها وتاريخ التسليم وتقوم‬
‫مؤسسة االئتمان اإليجاري بشراء ما ذكر باسمها‪ ،‬بعدما تتعاقد مع المستعمل على كراء ما‬
‫اشترته به وهامش الربح ويبقى للمستأجر حق شراء العين المؤجرة إن أراد ذلك بعد نهاية‬
‫مدة العقد‪ .‬وتختلف التعريفات حسب التشريعات والفقه وحري بنا اإلشارة إلى االختالف‬
‫الجوهري بين التشريعات الالتينية و التشريعات األنجلوسكسونية‪.‬‬
‫ويطرح تكييف عقد االئتمان اإليجاري العديد من اإلشكاليات‪ ،‬وان كان القضاء يتجه‬
‫إلى ما اتجهت إليه إرادة األطراف وإلى الظرف المحيطة بالتعاقد‪ ،‬غير أن اإلشكالية تتجلى‬
‫في تشابه عقد االئتمان اإليجاري مع العديد من العقود ومن ذلك مثال عقد البيع اإليجاري‪،‬‬
‫حيث أنهما يلتقيان في كونهما ينتهيان بالبيع في انتهاء المدة لكن عقد االئتمان اإليجاري‬
‫يعطي للمكتري الحق في أن يصبح مالكا فيما بعد بمحض اختياره ‪،‬في حين أن عقد البيع‬
‫اإليجاري يتحول المكتري إلى مالك‪ ،‬كذلك من بين العقود المشابهة لعقد االئتمان اإليجاري‪،‬‬
‫نجد ما يعرف بالكراء العادي‪ ،‬باإلضافة إلى تشابه عقد االئتمان مع عقد القرض عقد البيع‬
‫مما سنحاول الوقوف إلزالة الغموض وكذا اإلشارة بشكل مقتضب إلى أهم نقط التالقي و‬
‫االختالف بين هذه العقود‪.‬‬
‫سنحاول التطرف إلى تعريف عقد االئتمان اإليجاري وشروطه(الفقرة األولى)ثم‬
‫التكييف القانوني لهذا العقد(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعريف عقد االئتمان اإلجياري وشروطه‬

‫أوال‪ :‬تعريف عقد االئتمان‬

‫‪11‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يعتبر عقد االئتمان اإليجاري من العقود التجارية التي خصصها المشرع المغربي‬
‫بتنظيم قانوني في الكتاب الرابع من مدونة التجارة‪ ،‬وهو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية‬
‫‪ Crédit-bail‬وعقد ‪ leasing‬بالنسبة للتشريع األنجلوسكسوني‪.‬‬
‫فالمشرع المغربي لم يخص عقد االئتمان اإليجاري بتنظيم عام‪ ،‬وإنما تطرق إلى كل‬
‫نوع من أنواع هذا العقد على حدة‪ :‬االئتمان اإليجاري للمنقوالت‪ ،‬واالئتمان اإليجاري‬
‫للعقارات‪ ،‬االئتمان اإليجاري لألصل التجاري وهذا األخير يعتبر من المستجدات التي جاء‬
‫بها القانون البنكي ‪ 03-34‬لسنة ‪ 2006‬والملغى بقانون ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات‬
‫االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪ ،‬بحيث لم يكن منصوصا عليه في القانون البنكي لسنة‬
‫‪ 1993‬وال في مدونة التجارة بقانون ‪.15-95‬‬
‫وقد عرفت المادة ‪ 431‬من مدونة التجارة عقد االئتمان اإليجاري بما يلي‪:‬‬
‫يعد عقد ائتمان إيجاري وفق مقتضيات المادة ‪ 8‬من الظهير الشريف رقم‬
‫‪ 1.93.147‬الصادر في ‪ 15‬محرم ‪ 6( 1414‬يوليوز ‪ )1993‬المعتبر بمثابة قانون يتعلق‬
‫بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها‪.‬‬
‫كل عملية إكراء للسلع التجهيزية أو المعدات أو اآلالت التي تمكن المكتري‬ ‫‪-1‬‬
‫كيفما كان تكييف تلك العمليات من أن يتملك في تاريخ يحدده مع المالك كل أو بعض السلع‬
‫المكراة لقاء ثمن متفق عليه يراعي فيه جزء على األقل من المبالغ المدفوعة على سبيل‬
‫الكراء (االئتمان اإليجاري للمنقول)‪.‬‬
‫كل عملية إكراء للعقارات المعدة لغرض مهني‪ ،‬تم شراؤها من طرف المالك‬ ‫‪-2‬‬
‫أو بناها لحسابه‪ ،‬إذا كان من شأن هذه العملية كيفما كان تكييفها أن تمكن المكتري من أن‬
‫يصير مالكا لكل أو بعض األموال المكراة على أبعد تقدير عند انصرام أجل الكراء‬
‫(االئتمان اإليجاري للعقارات)شركة االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫وما يمكن استخالصه من التعريف الذي أورد المشرع لعقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬أن‬
‫فيما يخص الوارد على المنقول فهذا العقد هو كراء للسلع أو المعدات أو اآلالت من طرف‬
‫شركة االئتمان اإليجاري مع إمكانية تملك المنقول عند نهاية العقد تدخله في تحديد ثمنه‬
‫المبالغ التي تم دفعها في الكراء‪ ،‬أما فيما يخص عقد االئتمان العقاري فقد حذف المشرع‬
‫‪12‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫المغربي عبارات العقارات المخصصة لغرض مهني في قانون ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات‬


‫االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها و جاء في الفقرة الثانية من المادة الرابعة " العمليات‬
‫التي تقوم بوا جبها منشأة بإيجار عقارات تكون قد اشترتها أو بنتها لحسابها إذا كان شأن هذه‬
‫العمليات‪ ،‬كيفما كان تكييفها‪ ،‬أن تمكن المستأجر من أن يصبح مالكا لكل أو بعض‬
‫الممتلكات المستأجرة عند انتهاء عقد اإليجار كحد أقصى" وهو نفس توجه المشرع‬
‫المصري‪،17‬أما المشرع الفرنسي فنص على العقارات المخصصة لغرض مهني ‪،‬حيث‬
‫استبعد هذا األخير العقارات المعدة للسكنى من نطاق التطبيق‪ ،‬لكن المشرع المغربي أغفل‬
‫اإلشارة إلى كيفية تحديد أقساط األجرة في هذا النوع (عقد االئتمان اإليجاري العقاري)‪،‬‬
‫عكس ما فعل فيما يخص عقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول‪.‬‬
‫أما فيما يخص بعض التعاريف في النظام القانوني األنجلوسكسوني فقد عرف‬
‫االئتمان اإليجاري في التقنين التجاري الموحد ‪UNIFORM COMMERCIAL CODE‬‬
‫الواليات المتحدة األمريكية في المادة (‪ )2A-103‬وذلك باصطالح ”‪“Finance LEASE‬‬
‫بأنه "عقد إيجار ال يتيح للمؤجر اختيار أو تصنيع أو توريد البضائع محل العقد‪ ،‬بل‬
‫يتعاقد مع طرف ثالث يلتزم بتوريد البضائع فيتملكها المؤجر بقصد تأجيرها إلى‬
‫‪18‬‬
‫المستأجر"‬
‫أما في النظام اإلنجليزي فيعرفه بأنه عقد يبرم بين المؤجر (البائع) والمستأجر‬
‫(المستعمل) يتضمن إيجار أصول معينة يتم اختيارها من مورد‪ ،‬أو بائع بمعرفة المستأجر‬
‫ويظل المؤجر مالكا لألصول والمستأجر حائزا ومستعمال لها‪ ،‬مقابل دفع قيمة معينة يتفق‬
‫عليها خالل مدة اإليجار وال يعطي عقد التأجير التمويلي الحق أو يلقي على عاتقه التزاما‬
‫بتملك األصول ال خالل مدة العقد وال بعد انتهاء العقد‪.19‬‬

‫‪ 17‬تبناه المشرع الفرنسي في القانون عدد ‪ 455.66‬في ‪ 2‬يوليوز لسنة ‪ 1966‬المتمم باألمر عدد ‪837.67‬المؤرخ في ‪ 28‬شتنبر ‪،1967‬وكذا‬
‫المشرع المصري بمقتضى القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1995‬المتعلق باإليجار التمويلي المؤرخ في ‪ 2‬يونيو ‪.1995‬‬
‫‪18‬‬
‫‪« A lease in which the lessor does not select, manufacture, or supply the goods, but enters into a contract‬‬
‫» ‪with a third party supplier to acquire goods specifically for the purpose of leasing them to the lease‬‬

‫‪Disponible sur le site web https://www.law.cornell.edu/ucc/2A.‬‬


‫‪19‬‬
‫‪A lease is a contract between a lessor (the owner) and lessee (the user) for the hire of a specific asset‬‬

‫‪selected from a manufacturer or vendor or such assets by the lessee. The lessor retains ownerchip of the‬‬

‫‪13‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪20‬‬
‫كما أن القوانين الالتينية هي األخرى عرفت هذا العقد ومن بينها القانون الفرنسي‬
‫‪21‬‬
‫عقد االئتمان‬ ‫فلقد عرف قانون ‪ 2‬يوليوز ‪ 1966‬المعدل بقانون ‪ 28‬سبتمبر ‪1967‬‬
‫اإليجاري في مادته األولى بقوله "يقصد بعمليات االئتمان اإليجاري في مفهوم هذا القانون‬
‫ما يلي‪:‬‬
‫عمليات كراء المعدات أو اآلالت الالزمة لمزاولة حرفة أو صناعة‪ ،‬والتي يتم‬ ‫‪-1‬‬
‫شراؤها بقصد إعادة تأجيرها بواسطة مشروعات تظل هي المالكة لها‪ ،‬وذلك عندما تخول‬
‫هذه العمليات أيا كان تكييفها للمكتري الحق في تملك كل أو جزء من األشياء محل الكراء‪،‬‬
‫في مقابل ثمن يتفق عليه ويأخذ بعين االعتبار عند تقديره المبالغ الذي دفعها المكتري على‬
‫سبيل الكراء‪.‬‬
‫العمليات التي تتضمن قيام مشروع بتقديم عقارات مخصصة لالنتفاع المهني‬ ‫‪-2‬‬
‫للكراء‪ ،‬سواء تم شراء هذه العقارات بمعرفته أو تم إنشاؤها لحسابه‪ ،‬وذلك عندما تسمح هذه‬
‫العمليات –أيا كان تكييفها القانوني‪ -‬للمكتري باكتساب ملكية كل أو بعض األصول محل‬
‫الكراء عند انتهاء مدة الكراء‪ ،‬إما عن طريق التنازل تنفيذا لوعد بالبيع من جانب المكري أو‬
‫بشراء حق ملكية األرض المقام عليها العقار أو العقارات المستأجرة مباشرة أو عن طريق‬
‫مباشر‪ ،‬أو بانتقال ملكية األبنية المشيدة على األرض التي تخص المستأجر بقوة القانون‪.‬‬
‫أما المشرع المصري فقد عرفه في المادة الثانية من قانون ‪ 95‬لسنة ‪22 1995‬حيث‬
‫نصت على ما يلي ‪":‬في تطبيق هذا القانون يعد تأجيرا تمويليا ما يأتي‪:‬‬

‫‪asset and the lessee has possession and use of the asset on payment of specified rentals over an agreed‬‬

‫‪rental period. In U.K the lease contract does not confer on the lessee either the right or the obligation to‬‬
‫”‪acquire ownership of the asset either during the lease term or thereafter.‬‬

‫‪ - 20‬رياض ف خري‪ ،‬عقد التأجير التمويلي‪ ،‬الطبيعة القانونية والتوازن العقدي‪ ،‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪ 2011‬ص‪.39‬‬

‫‪21‬‬
‫‪Créé par Loi 66-537 1966-07-24 JORF 26 juillet 1966 rectificatif JORF 19 octobre 1966 en‬‬
‫‪vigueur le 1er février 1967 Abrogé par Ordonnance 2000-912 2000-09-18 art. 4 JORF 21‬‬
‫‪septembre 2000 sur le site .http://www.legifrance.gouv.fr/‬‬

‫القانون رقم ‪ 95‬لسنة ‪ 1995‬المتعلق باإليجار التمويلي المؤرخ في ‪ 2‬يونيو ‪ 1995‬المعدل بالقانون رقم ‪ 16‬لسنة ‪.2001‬‬ ‫‪22‬‬

‫‪14‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى مستأجر منقوالً مملوكا ً له أو‬ ‫‪-1‬‬
‫تلقاها من المورد استنادا ً إلى عقد من العقود‪ ،‬ويكون التأجير مقابل قيمة إيجارية يتفق عليها‬
‫المستأجر‪.‬‬ ‫المؤجر مع‬
‫كل عقد يلتزم بمقتضاه المؤجر بأن يؤجر إلى المستأجر عقارات أو منشآت‬ ‫‪-2‬‬
‫يقيمها المؤجر على نفقته‪ ،‬بقصد تأجيرها للمستأجر‪ ،‬وذلك بالشروط والمواصفات والقيمة‬
‫اإليجارية التي يحددها العقد‪.‬‬
‫يتبين من خالل التعريف الذي أورده المشرع الفرنسي على أن عقد االئتمان‬
‫اإليجاري يرد على المنقول‪ ،‬كما أنه يرد على العقارات ونص بشكل صريح على إمكانية‬
‫تملك المكتري للعقار عن طريق التنازل تنفيذا لوعد بالبيع أو عن طريق الشراء وهو ما لم‬
‫يشر إليه المشرع المغربي‪ ،‬حيث تقوم شركة االئتمان اإليجاري بشراء العقارات والبناء‬
‫حسب المواصفات التي يحددها المستأجر‪ ،‬وهو كذلك نفس موقف المشرع المغربي‬
‫والمصري في ما يخص محل هذا العقد‪ .‬ويتبين من خالل دراسة تعريف القانون الفرنسي‬
‫لعقد االئتمان اإليجاري العقاري أنه حدد طبيعة الغرض الذي تستخدم فيه العقارات‪ ،‬حيث‬
‫اشترطا أن تكون مخصصة ألغراض مهنية ‪ ،‬أما المشرع المغربي فقد تخلى عن هذا‬
‫المقتضى بمقتضى القانون البنكي الجديد ‪ 103.12‬وفي المقابل نص المشرع المصري‬
‫على أن يكون العقار الزما لمباشرة نشاط إنتاجي أو خدمي‪.‬‬
‫ولكن المشرع المغربي أغفل التطرق للمنقوالت المثبتة في العقار والمرصودة‬
‫لخدمته خصوصا أنها تصير عقارات بالتخصيص لذلك يرى اتجاه فقهي‪ 23‬بخصوص هذا‬
‫األمر أن المنقوالت المثبتة في العقار والمرصودة لخدمته تخضع لمقتضيات عقد االئتمان‬
‫اإليجاري العقاري‪،‬على اعتبار أن األموال العقارية تشمل العقارات بطبيعتها والعقارات‬
‫بالتخصيص‪ .‬بينما اشترط فريق آخر‪ 24‬لصحة هذا التفسير أن تعود ملكية المال المعد بمثابة‬
‫عقار بالتخصيص إلى مالك العقار‪ ،‬وهذا الرأي صائب في نظرنا ‪.‬‬

‫‪ 23‬محمد هاني دويدار"النظام القانوني للتأجير التمويلي"الطبعة الثانية‪،‬مكتبة اإلشعاع القانونية اإلسكندرية‪ 1998،‬ص‪.62‬‬
‫‪ 24‬زينب تاغيا"عقد االئتمان الكرائي من خالل مدونة التجارة الجديدة"مجلة الدراسات القانونية و االقتصادية واالجتماعية‪،‬جامعة محمد‬
‫األول‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية وجدة‪،‬العدد ‪1999.10‬ص‪.43‬‬

‫‪15‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وفي األخير فإن من خالل مقارنة األحكام المتعلقة بعقد االئتمان اإليجاري الواردة‬
‫في القوانين األنجلوسكسونية‪ ،‬والواردة في القوانين الالتينية‪ ،‬يتبين أن هناك اختالفا حيث أن‬
‫هذه األخيرة تعطي إمكانية الشراء الذي يمنح للمكتري عند انتهاء عقد االئتمان اإليجاري‪،‬‬
‫وهو خالف ما هو عليه األمر في القوانين األنجلوسكسونية التي ال تمنح للمكتري الحق في‬
‫شراء المنقول أو العقار ال خالل مدة العقد وال بعد انتهاء العقد‪.25‬‬
‫كما أن االجتهاد الفقهي يعتبر غزيرا فيما يخص تعريف هذا العقد ‪،‬فقد عرف بعض‬
‫الفقه‪ 26‬عقد االئتمان اإليجاري بأنه عبارة عن عملية ائتمانية متميزة عن العمليات االئتمانية‬
‫التقليدية‪ ،‬حيث تقوم في هذا العقد شركة مالية متخصصة ومرخص لها من طرف السيد‬
‫وزير المالية‪ ،‬بشراء ما يحتاج إليه المستثمر أو المقاولة من معدات أو آالت أو عقارات في‬
‫اسمها‪ ،‬بعد اختيار المستفيد من هذه العملية للمورد وما يحتاج إليه‪ ،‬واالتفاق في نفس الوقت‬
‫مع هذا ا ألخير على تاريخ التسيلم وكل المواصفات التي يرغب فيها‪ .‬وتقوم مؤسسة االئتمان‬
‫اإليجاري بشراء ما ذكر في اسمها‪ ،‬بعدما تتعاقد مع المستفيد على كراء ما اشترته لفائدته‬
‫لمدة معينة غالبا ما تكون هذه األخيرة تستغرق الثمن الذي اشترته به وهامش الربح ويقع‬
‫االتفاق مسبقا ع لى عدم فسخ عقد الكراء طيلة المدة المتفق عليها في العقد وتعفي مؤسسة‬
‫االئتمان اإليجاري نفسها من كل مسؤولية‪.‬‬
‫وأيضا عرفه محمد الكشبور بكونه صورة حديثة من صور التمويل عبارة عن‬
‫تمويل عيني يتيح للمقاولة فرصة الحصول على األصول الرأسمالية التي تحتاج إليها في‬
‫بداية التأسيس دون أن تستنفذ هذه المقاولة الموارد المالية الموجودة لديها التي قد تنفقها في‬
‫موارد أخرى‪ ،27‬وعرفه البعض‪ 28‬بأنه تصميم قانوني يرجع أصله إلى القانون األمريكي‬
‫وهو تقنية قانونية وتمويلية تجمع بين تقنيات التمويل االستثماري وبين مقومات العقد‪ .‬وقد‬
‫عرفه جانب من الفقه الفرنسي‪ 29‬بكونه "إيجار أصل من أجل استعمال مهني‪ ،‬مع وعد‬

‫‪ - 25‬رياض فخري‪ ،‬الطبيعة القانونية والتوازن العقدي‪،‬م س‪ ،‬ص ‪.38‬‬


‫‪ - 26‬محمد برادة غزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء‪-‬الدورة التخصصية في المادة التجارية‪ -‬سلسة الندوات واللقاءات واأليام‬
‫الدراسية يونيو ‪ ،2004‬ص ‪.166-165‬‬
‫‪ - 27‬محمد الكشبور‪ ،‬االئتمان اإليجاري‪ -‬مجلة المحامون‪ -‬العدد السادس‪ ،‬سنة ‪ ،1998‬ص ‪.166‬‬
‫‪28‬‬
‫‪- Mohamed Driss Alami Machichi –droit-commercial instrumental ai Maroc-contrats commerciaux, Moyen de‬‬
‫‪crédit. Moyen de paiment.distribution Dar AL KALAM RABAT 2011 p 153.‬‬
‫‪29‬‬
‫‪- G.Royer.F.A Choiner, la banque et entreprise, revue bancaire, 1992, p 147.‬‬

‫‪16‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫أحادي الجانب بالبيع لصالح المستأجر‪ ،‬وذلك بعد انقضاء مدة العقد‪ ،‬مقابل سعر تم االتفاق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وما يمكن قوله في هذا اإلطار هو أن عقد االئتمان اإليجاري من العقود التي سبقت‬
‫فيها الممارسة النظرية التنظيم التشريعي‪ ،‬وهو من العقود الملزمة للجانبين التي تمكن‬
‫المكتري من الحصول على العقارات أو المنقوالت لممارسة نشاطه في مقابل التزام مؤسسة‬
‫االئتمان اإليجاري بتمويلها وشرائها بناء على طلب المكتري مقابل أقساط تؤدى شهريا مع‬
‫منحه إمكانية تملك العقار أو المنقول عند نهاية مدة العقد مقابل دفعه الجزء المتبقي‪.‬‬
‫هذا فيما يخص التعريف القانوني والفقهي لعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا‬
‫تجاريا بنص القانون‪ ،‬أما عن كيفية إجراء هذه التقنية التمويلية عمليا‪ ،‬فيمكن تلخيصها في‬
‫قيام مؤسسة مالية متخ صصة مرخص لها قانونا‪ ،‬بشراء منقوالت أو عقارات وتسليمها إلى‬
‫المستفيد على وجه الكراء أو اإليجار بعد اختيار هذا األخير للمورد‪ ،‬واالتفاق معه على‬
‫سائر العناصر الضرورية‪ ،‬كالثمن والمواصفات وتاريخ التسليم‪ ،‬وكأنه يشتريها من ماله‬
‫الخاص‪ ،‬ثم تقوم شركة االئتمان اإليجاري بالشراء باسمها وتتعاقد مع المستفيد على كراء ما‬
‫اشترته لفائدته لمدة معينة‪ ،‬غالبا ما تستغرق ثمن الشراء عالوة على الربح ويقع االتفاق‬
‫مسبقا على أداء المستفيد(المكتري) دفعات مالية خالل مدة استعمال األشياء‪ ،‬وزمان‪ ،‬ومكان‬
‫الوفاء بها وعلى عدم فسخ العقد طول المدة المتفق عليها‪ ،‬وعلى كل مسؤولية من الممكن أن‬
‫تترتب عليه‪.30‬‬
‫ثانيا‪:‬القواعد الموضوعية لعقد االئتمان اإليجاري‬
‫وعقد االئتمان اإليجاري باعتباره عقدا تجاريا يتميز بمجموعة من الشروط‬
‫والخصائص عن باقي العقود المدنية الواردة في قانون االلتزامات والعقود ويكن تلخيصها‬
‫فيما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬األهلية‪ :‬تختلف األهلية في عقد االئتمان اإليجاري عن العقود الواردة في القانون‬
‫المدني على األقل أحد أطرافها فشركة االئتمان اإليجاري حسب المادة األولى من قانون‬

‫‪ - 30‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬الوجيز في العقود التجارية –دراسة على ضوء المقتضيات التشريعية والممارسة العملية‪ -‬مطبعة الورود‪ ،‬انزكان‪،‬‬
‫الطبعة األولى ‪ ،2014/1435‬ص ‪.267‬‬

‫‪17‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪ 103.12‬هي شخص معنوي يزاول نشاطه بالمغرب أيا كان موقع مقره االجتماعي أو‬
‫جنسية المشاركين في رأسماله أو مخصصاته أو جنسية مسيريه‪ ،‬والذي يحترف بصورة‬
‫اعتيادية نشاطا واحدا أو أكثر من األنشطة التالية‪ ... :‬عمليات االئتمان "والتي ال تتكون إال‬
‫في شكل شركة مساهمة ذات رأسمال ثابت‪ ،‬بإنشاء المؤسسات التي حدد لها القانون نظاما‬
‫أساسيا خاصا طبقا للمادة ‪ 28‬من القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق بمؤسسات االئتمان‬
‫والهيئات المعتبرة في حكمها وهو نفس توجه المشرع الفرنسي بقانون ‪ 47‬لسنة ‪1984‬‬
‫بشأن نشاط ومراقبة مؤسسات االئتمان‪ 31‬الذي اعتبر عمليات اإليجار التمويلي‪،‬وبوجه عام‬
‫كل العمليات التي تتضمن إيجارا مصحوبا بوعد بالبيع ملزم لجانب واحد شبيهة بعمليات‬
‫االئتمان ‪ 32‬وكذا المشرع المصري الذي قصر ممارسة التأجير التمويلي على شركات‬
‫األموال‪.‬‬
‫وأما أهلية المكتري مشروع اقتصادي فردي أو جماعي‪،‬من أشخاص القانون الخاص‬
‫يباشر نشاطا صناعيا أو تجاريا أو زراعيا أو حرفيا‪،‬فال يشترط فيه أن يكون تاجرا ويجب‬
‫أن ال يكون المكتري يستأجر عقارا أو منقوال الستخدامه الخاص‪ ،‬ألنه والحالة هاته ال‬
‫يخضع للمقتضيات المتعلقة بعقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫‪.2‬الثمن‪ ،‬فالثمن حسب الفقرة الثانية من المادة ‪ 4‬من القانون رقم ‪ 103.12‬المتعلق‬
‫بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها فإن ثمن إيجار المنقوالت يتكون من ثمن‬
‫متفق عليه يراعي في تحديده على األقل جزءا من المبالغ المدفوعة على "سبيل اإليجار"‪،‬‬
‫على العكس من ذلك بالنسبة لالئتمان اإليجاري العقاري فقد اكتفى المشرع بعبارة"إذا كان‬
‫من شأن هذه العمليات كيفما كان تكييفها أن تمكن المستأجر من أن يصبح مالكا لكل أو‬
‫بعض الممتلكات المستأجرة عند انتهاء عقد اإليجار كأقصى أجل"‪ ،‬كما يتكون الثمن من‬

‫‪ 31‬عرف المشرع الفرنسي مؤسسات االئتمان بأنها أشخاص معنوية تتخد من عمليات البنوك حرفة معتادة لها‪،‬ثم حضر على غير مؤسسات‬
‫االئتمان ممارسة عمل البنوك للمزيد من التفاصيل يراجع علي سيد قاسم‪،‬الجوانب القانونية لإليجار التمويلي‪،‬دار النهضة العربية‪،‬القاهرة‪،‬بدون رقم‬
‫وتاريخ الطبعة ص‪.96‬‬
‫‪ 32‬محمد محمد علي الحوثي ‪،‬عقد التأجير التمويلي بين القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية ‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ، 2014-2013‬ص ‪.132‬‬

‫‪18‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عناصر أخرى كالفوائد الناتجة عن القرض والمصاريف والعموالت المستحقة لشركة‬


‫االئتمان اإليجاري‪.33‬‬
‫‪.3‬شرط الوعد بالبيع من جانب واحد‪ :‬يلزم البائع وحده‪ ،‬في حين أن المشتري‬
‫المستقبلي يستفيد من حق ممارسة الخيار‪ ،‬ما نريد التأكيد عليه أن الوعد غير الهادف إلى‬
‫تحقيق نتيجة إيجابية ال ينتج عنه أي التزام‪ ،‬تطبيقا للفصل ‪ 14‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي جاء‪":‬مجرد‬
‫الوعد ال ينشئ التزاما" في هذا الصدد يدرج في عقد االئتمان اإليجاري الذي يربط‬
‫المكتري(الزبون) بمؤسسة االئتمان اإليجاري‪ ،‬شرط تتعهد بمقتضاه هذه األخيرة على أنه‬
‫بمجرد انتهاء العقد ودفع آخر قسط بنقل ملكية المال المنقول أو العقاري إلى المكتري عند‬
‫إعمال هذا األخير خيار الشراء‪.‬‬
‫‪.4‬المحل هو العملية القانونية التي أرادها طرفا العقد‪،‬وهي تمكين المكتري من‬
‫االنتفاع بالشيء المكرى لمدة معينة مقابل أجرة محددة‪،‬وينقسم الشيء المكري في إطار عقد‬
‫االئتمان اإليجاري إلى نوعين‪،‬األول أموال منقولة‪:‬مادية ومعنوية‪،‬والنوع الثاني أموال‬
‫عقارية‪،‬سواء كانت هذه العقارات عبارة عن أراضي خالية الفضاء‪ ،‬أو منشئ عليها مباني‬
‫عقارية‪.34‬‬
‫‪. 5‬أما فيما يخص سبب عقد االئتمان اإليجاري فهو يخضع لما هو منصوص عليه‬
‫في الفصول من ‪ 62‬إلى ‪ 65‬من قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬حيث يجب أن يكون السبب‬
‫مشروعا وغير مخالف للنظام العام‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬القواعد الشكلية لعقد االئتمان اإليجاري‬
‫نظم المشرع المغربي بشكل دقيق اإلجراءات الشكلية لعقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬ومنها‬
‫عملية شهر عقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار باعتباره إجراء‬
‫ضروري وملزم لتفعيل آثار عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬ونص على ضرورة شهره باعتبار أن‬
‫عقد االئتمان اإليجاري الذي لم يتم شهره ال يواجه به األغيار‪ ،‬فعملية الشهر تهدف إلى‬
‫إطالع األغيار على الوضعية القانونية للعقار أو المنقول‪ ،‬وهي تشكل حماية لحقوق‬

‫محمد الهادي المكنوزي‪ ،‬م س ص‪.77‬‬ ‫‪33‬‬

‫محمد محمد علي الحوثي‪ ،‬م س ‪،‬ص ‪ 140‬و ‪.141‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪19‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫األطراف واألغيار و يمثل امتياز لشركة االئتمان اإليجاري في حالة خضوع المكتري‬
‫لمسطرة التسوية أو التصفية القضائية‪ ،‬وتختلف إجراءات شهر عقد االئتمان اإليجاري بين‬
‫الوارد العقار والمنقول‪.‬‬
‫فيما يخص عقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول‪ ،‬فالمشرع انطالقا من الفقرة‬
‫الثانية من المادة ‪ 436‬من مدونة التجارة حدد الجهة المكلفة بعملية شهر العقد‪ ،‬حيث يتم ذلك‬
‫بناء على طلب من شركة االئتمان اإليجاري في سجل مفتوح لهذه الغاية بكتابة الضبط التي‬
‫تمسك السجل التجاري‪.‬‬
‫غير أن المشرع في معرض حديثه عن الشهر لم يحدد المحكمة المختصة‪ ،‬لكن‬
‫بالرجوع إلى الفصل ‪ 24‬من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار تعطي االختصاص‬
‫للمحكمة التجارية بالدار البيضاء‪.35‬‬
‫كما أن شركة االئتمان اإليجاري تتحمل مصاريف التجديد‪ ،‬وكذا التعديالت التي ترد‬
‫على القيد األصلي وتبقى مؤسسة االئتمان اإليجاري هي الطرف المختص بإجراء القيد‬
‫سواء كان أصليا أو الحقا‪ ،36‬فالمشرع لم يحدد أجال لهذا اإلجراء‪ ،‬وإن كان حدد اآلثار‬
‫الناجمة عن التقييدات التي تمت بصفة قانونية‪ ،‬حيث نصت المادة ‪ 438‬من مدونة التجارة‬
‫ما يلي‪" :‬يسري أثر التقييدات التي تمت بصفة قانونية تطبيقا للمواد السابقة ابتداء من‬
‫تاريخها‪.‬‬
‫يشطب على التقييدات إما بناء على اتفاق بين الطرفين‪ ،‬وإما تنفيذا لمقرر قضائي‬
‫اكتسب قوة الشيء المقضي به‪.‬‬
‫تتقادم التقييدات بخمس سنوات ما لم تجدد"‪.‬‬
‫من خالل نص المشرع على جعل التقييدات ال ينتج أثرها إال من تاريخ القيد‪،‬‬
‫فشركة االئتمان تحرص على الشهر لحماية مصالحها المالية‪.‬‬

‫‪ - 35‬ينص الفصل من الشروط الخاصة للشركة المغربية لإليجار على أنه‪ ":‬يعرض أي نزاع يتعلق بتفسير أو تنفيذ هذا العقد‪ ،‬وعموما أي نزاع‬
‫يمكن أن ينشب بين الطرفين على المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪.‬‬
‫‪ - 36‬فشرط االختصاص يبرز بشكل جلي كون عقد االئتمان اإليجاري من عقود اإلذعان‪ ،‬ألنها حسب الفصل ‪ 24‬من الشروط العامة للشركة‬
‫المغربية لإليجار‪،‬تجعل االختصاص للمحكمة التجارية وهذا يرهق كاهل المكتري بمصاريف إضافية‪ ،‬ويدفعنا إلى التساؤل حول جدوى إنشاء‬
‫محاكم تجارية إقليمية‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وجاء في الشروط الخاصة للشركة المغربية لإليجار في الفصل ‪ 19‬منها المتعلق‬


‫باإلعالن على أنه‪" :37‬سيعلن عن هذا العقد‪ ،‬طبقا لمقتضيات الفصل ‪ 436‬من القانون‬
‫التجاري بمبادرة من المكتري عن طريق تسجيله في السجل الخاص المفتوح لدى السجل‬
‫التجاري لمحل استغالل المؤسسة من قبل هذا األخير‪ ،‬ويتم تجديد هذا التسجيل بناء على‬
‫طلب المكري قبل االنتهاء بحوالي ‪ 5‬سنوات"‪.‬‬
‫وجعل المشرع جزاء عدم القيد هو عدم إمكانية االحتجاج به تجاه الغير وهذا المبدأ‬
‫يعتبر من أهم المبادئ المترتبة على عدم القيام بالشهر‪.38‬‬
‫أما فيما يتعلق بشهر عقد االئتمان اإليجاري العقاري‪ ،‬فالمشرع نص في المادة ‪441‬‬
‫على أنه يشهر عقد الكراء وكل تعديل ارتبط به في المحافظة العقارية وفقا ألحكام الظهير‬
‫الشريف الصادر في ‪ 9‬رمضان ‪ 12(1331‬غشت‪ ،)1913‬بشأن التحفيظ العقاري كما تعدله‬
‫وتتميمه بالقانون رقم ‪.14-07‬‬
‫ما يعاب على المشرع المغربي فيما يخص عملية شهر عقد االئتمان اإليجاري‬
‫العقاري‪ ،‬أنه لم يحدد الجهة المحددة المكلفة بهذه العملية بخالف ما هو عليه بالنسبة‬
‫للمنقول‪ ،‬باستثناء اإلشارة في المادة ‪ 442‬من مدونة التجارة على عدم مواجهة األغيار‬
‫بالعقد الذي لم يتم نشره ‪ ،‬لذلك فالشهر يشكل حماية لمصالح شركة االئتمان على اعتبار أن‬
‫عدم شهره يجعلها غير قادرة على مواجهة األغيار والدائنين به‪ ،‬خاصة في الحالة التي تفتح‬
‫في حق المكتري مساطر المعالجة وكان على المشرع مسايرة المشرع الفرنسي الذي ألزم‬
‫شركة االئتمان اإليجاري بتقديم جميع العناصر الضرورية للشهر العقاري لمكتب الرهون‬
‫الرسمية بمقتضى المادة األولى من مرسوم ‪ 72-665‬بتاريخ ‪ 4‬يوليوز ‪ ،1972‬وألزم‬
‫بمقتضى الفقرة العاشرة من المادة ‪ 313‬من مدونة التجارة الفرنسية شهر جميع عمليات‬
‫االئتمان اإليجاري تحت طائلة عدم االحتجاج بها في مواجهة الغير خاصة الغير حسن النية‪.‬‬
‫وما يستشف من موقف المشرع المغربي والفرنسي أنهما تبنيا الشهر العيني لعقد‬
‫االئتمان اإليجاري حيث فرضا الشهر العقاري كشرط شكلي يتعين التقيد به حتى ينتج آثاره‪.‬‬
‫‪ - 37‬أشريفة الغماري‪ ،‬االئتمان اإليجاري للمنقوالت‪-‬دراسة مقارنة‪-‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية و االجتماعية وجدة‪،‬السنة الجامعية ‪ ،2008/2007‬ص ‪.55‬‬
‫‪ - 38‬أحمد يوسف البرقي‪ ،‬مرحل اإلشهار وآثاره في القانون التجاري المغربي‪ ،‬شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪ ،1999‬ص ‪.401‬‬

‫‪21‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ومحل عقد االئتمان اإليجاري ال يرد سوى على عقار محفظ‪ 39‬وهو نفس توجه‬
‫بعض الفقه‪40‬وله حججه في ذلك‪.‬على اعتبار أن شركات االئتمان اإليجاري حفاظا على‬
‫مصالحها‪ ،‬فإن العين محل عقد االئتمان اإليجاري العقاري ال تكون سوى على عقار محفظ‬
‫خصوصا في الحالة التي تم تشييده من طرف شركة اإلئتمان ألجل تأجيره للمكتري‪ ،‬حيث‬
‫يعمل الطرف األول جاهدا على حماية حقوقه العينية المرتبطة باألرض المشيدة فوقها عن‬
‫طريق قيد حق الملكية الوارد على األرض‪ ،‬وعلى العقار المشيد فوقها لدى المحافظة‬
‫العقارية فالرأي القائل بورود محل عقد االئتمان اإليجاري العقاري على عقار محفظ أمر‬
‫صائب من جهتين‪ ،‬من جهة فالعقار المحفظ حسب الفصل األول من قانون ‪ 14-07‬يخضع‬
‫لمسطرة التطهير حيث يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطالن ما عداه من الرسوم‬
‫وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة الذكر غير المضمنة به"‬
‫وبالتالي فالعقار المحفظ يكون خاليا من كل المنازعات التي يمكن أن تثار بشأن‬
‫العقار‪ ،‬وذلك عن طريق التطهير المسبق للملكية العقارية ويتمثل هذا التطهير من‬
‫التعرضات التي يمكن أن تثار أثناء عملية التحفيظ‪.‬‬
‫فالتحفيظ العقاري يقوم بتحديد معالم العقار‪ ،‬وكذا ذوي الحقوق العينية سواء كانت‬
‫حقوقا أصلية أو تبعية‪ ،41‬وبالتالي يضمن لشركة االئتمان عدم دخولها في نزاعات مع‬
‫أصحاب الحقوق العينية‪.‬‬
‫ومن جهة أخرى ما تطلبه المعامالت التجارية من سرعة وذلك بسبب بطئ مسطرة‬
‫التحفيظ‪ ،‬يدفعنا إلى القول بأنه يكفي أن يكون العقار المؤجر محل تسجيل لدى المحافظة‬
‫العقارية‪ ،‬ما دامت الحقوق المسجلة بالسجالت العقارية يمكن اإلطالع عليها‪.‬‬
‫ومن تم إذا كان العقار المؤجر محفظا فإن شركة االئتمان اإليجاري تقوم بإدراج قيد‬
‫عقد االئتمان اإليجاري في رسم المحافظة العقارية‪ ،‬مع اإلشارة إلى رقمه في ذلك الرسم‪.‬‬

‫‪ - 39‬العقار المحفظ من العقار الخاضع للنظام المقرر في هذا القانون من غير أن يكون في اإلمكان إخراجه منه فيما بعد‪ ،‬انظر الفصل األول من‬
‫ظهير التحفيظ العقاري المعدل والمقدم بمقتضى القانون رقم‪.14-07‬‬
‫‪ - 40‬أحمد أدرويش‪ ،‬التمويل بالكراء‪ ،‬المجلة المغربية للقانون والسياسة واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،33‬عدد خاص‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار‬
‫البيضاء‪،1997‬ص ‪.87‬‬
‫‪ - 41‬إدريس السماحي‪ ،‬الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬مطبعة أمرين للطباعة والتلفيف‪ ،‬الطبعة األولى‪،2003‬ص ‪.20‬‬

‫‪22‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫أما شرط الكتابة فتظهر المقتضيات القانونية المنظمة لهذا العقد المنصوص عليها في‬
‫المواد من ‪ 431‬إلى ‪ 442‬من مدونة التجارة أن المشرع لم يشترط إثباته بمحرر مكتوب‬
‫بشكل رسمي أو عرفي‪ ،‬فهذا النوع من العقود يعتبر رضائيا ال يحتاج مبدئيا إلى شكلية‬
‫الكتابة لتمام صحته أو إلثباته‪.‬لكن هناك العديد من المبررات التي توضح أهمية الكتابة‬
‫كشكلية إلثبات عقد االئتمان اإليجاري ومنا‪:‬‬
‫أن المشرع اشترط الكتابة بشكل ضمني‪،‬ما دام نص في المادة ‪ 433‬من م ت‬ ‫‪-‬‬
‫م نص على تضمين عقود االئتمان اإليجاري تحت طائلة البطالن الشروط التي يمكن فيها‬
‫فسخ هذه العقود أو تجديدها‪،‬وهذا المقتضى يؤكد اشتراط المشرع الكتابة ‪.‬‬
‫أن المشرع المغربي فرض من خالل الفصل ‪ 489‬من ق ل كلما تعلق األمر‬ ‫‪-‬‬
‫بعقار شكلية الكتابة إلتمام عملية البيع واإليجار‪ ،‬وهو ما ينطبق على عقد االئتمان اإليجاري‬
‫العقاري‪.‬‬
‫‪ -‬وكذلك فرض المشرع إشهار عقد االئتمان اإليجاري تحت طائلة عدم إمكانية‬
‫االحتجاج تجاه الغير في حالة عدم شهره وهو يبين أهمية الكتابة إلثباته وهذه الشكلية كان‬
‫هدف المشرع من خاللها حماية الغير المتعاملين مع أطراف عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطبيعة القانوين لعقد االئتمان اإلجياري‬

‫تطرح الطبيعة القانونية لعقد االئتمان اإليجاري مجموعة من النقاشات حول طبيعة‬
‫هذا العقد وتكييفه القانوني‪ ،‬خاصة أن المشرع لم ينظم أحكامه الموضوعية‪ ،‬مما يفتح الباب‬
‫أمام النقاشات الفقهية التي حاول كل جانب فقهي تكييفه حسب الحجج واألسانيد‪ ،‬خاصة أن‬
‫المشرع المغربي سكت عن تحديد طبيعة هذا العقد‪ .‬وهو نفس توجه المشرع المصري‪،‬‬
‫تاركا ذلك للفقه والقضاء بخالف المشرع الفرنسي الذي نص على إمكانية تنازل المكري‬
‫على ملكية األصول عند انتهاء مدة الكراء ‪،‬عن طريق التنازل تنفيذا للوعد بالبيع من جانب‬
‫المكري أو شركة االئتمان اإليجاري‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وتنحصر األوصاف التي أعطيت من طرف هؤالء‪ ،‬في كونه عقد إيجار مالي مع‬
‫وعد انفرادي بالبيع من جانب شركات االئتمان اإليجاري‪ ،‬وعقد كراء أو شراء أو مشارطة‬
‫للغير‪ ،42‬إلى غير ذلك من األوصاف القانونية التي أعطيت له‪.‬‬
‫وهناك من يحدد طبيعة االئتمان اإليجاري بالنظر إلى كل طابع يتميز به‪،‬فتارة يعتبر‬
‫‪43‬‬
‫عملية تمويل‪،‬وتارة أخرى باعتباره عملية تأجير‪،‬أو وسيلة ضمان‪.‬‬
‫وقد حلل أحد الفقهاء‪ 44‬عقد االئتمان اإليجاري من الناحية القانونية إلى ثالثة عمليات‬
‫قانونية وهي الشراء بقصد التأجير‪ ،‬ثم التأجير مع إمكانية الشراء أو التملك بالنسبة‬
‫للمكتري‪ ،‬أما الفقيه ‪ CHAMPAUD‬حاول البحث عن الطبيعة القانونية لعقد االئتمان‬
‫اإليجاري‪ ،‬فاعتبرها جد معقدة‪ ،‬ألنها تنتج عن خمس تقنيات قانونية على األقل تستعمل وفق‬
‫ترتيب زمني وهي‪:‬‬
‫وعد متبادل باإليجار بين الشركة الممولة والمكتري في تكوين العقد‪.‬‬ ‫‪.1‬‬
‫وكالة إلى المكتري بتمثيل شركة االئتمان اإليجاري باختيار المعدات وتحديد‬ ‫‪.2‬‬
‫أوصافها وثمنها مع البائع‪.‬‬
‫عقد كراء للمنقول والعقار‪.‬‬ ‫‪.3‬‬
‫وعد غير متبادل بالبيع تتعهد شركة االئتمان بمقتضاه بيع العقار والمنقول إلى‬ ‫‪.4‬‬
‫المكتري في نهاية العقد‪.‬‬
‫وكإحدى الخيارات الممنوحة للمكتري‪ ،‬عقد بيع عند إعالن هذا األخير رغبته‬ ‫‪.5‬‬
‫بالشراء‪.‬‬
‫ومرد هذا النقاش يرجع لكونه عقد االئتمان اإليجاري يعتبر عقدا مركبا‪ ،‬يحتوي‬
‫على مجموعة من العمليات القانونية التقليدية‪ ،‬تلتحم فيما بينها وتكون كال ال يتجزأ مما‬
‫يمكن معه القول بأنه عملية مركبة وليس مجرد عقد‪.‬‬

‫‪ - 42‬أمحمد برادة غزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪67‬‬
‫‪ 43‬القاضي حبيب مزهر‪،‬الطبيعة القانونية لعقد الليزنغ‪ ،‬الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و االقتصادية‪،‬أعمال المؤتمر العلمي‬
‫السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية‪،‬الجزء الثاني‪،‬الجديد في التمويل المصرفي‪،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬بيروت لبنان‪ ،2002،‬ص‪.56‬‬

‫‪ -44‬إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪،‬تطورات حديثة في التأجير التمويلي‪،‬الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية و االقتصادية‪،‬أعمال‬
‫المؤتمر العلمي السنو ي لكلية الحقوق بجامعة بيروت العربية‪،‬الجزء الثاني‪،‬الجديد في التمويل المصرفي‪،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬بيروت لبنان‬
‫‪،2002‬ص‪ 135‬و‪.136‬‬

‫‪24‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وأما البعض اآلخر‪ 45‬فيرى بأنه بالرغم من تعدد آراء الفقهاء حول تحديد طبيعة‬
‫االئتمان اإليجاري القانونية‪ ،‬فإنه يعتبر شكال من أشكال الكراء يمكن للمؤسسة التمويلية في‬
‫حالة عدم الوفاء باألقساط الشهرية من استرجاع المقابل العيني للمبلغ الذي دفعته في‬
‫العملية‪ ،‬مما يضفي على العقد ضمانة عادية‪.‬‬
‫وألن معرفة طبيعة هذا العقد من شأنها أن تزيل كل غلط في هذا الموضوع‪ ،‬وما قد‬
‫يحدث لألطراف من التباس ألنهم ال يستطيعون التنبيه في البداية لجميع المسائل التي يمكن‬
‫أن تنشأ عن العقد‪ ،‬ومما يمكن القضاء من إلغاء بعض الشروط التعسفية التي تدرجها‬
‫شركات االئتمان اإليجاري تحت غطاء اعتبارها شروطا تعاقدية وقعت بموافقة الطرف‬
‫اآلخر‪.46‬‬
‫ويعتمد القضاء في تكييف االتفاق على ما اتجهت إليه نية األطراف فعال‪ ،‬وتظهر‬
‫في إبرام عقد بيع وليس كراء أو العكس في الظروف المختلفة المحيطة بالتعاقد‪ ،‬وعلى‬
‫الخصوص بمدى التزاماتهم‪ ،‬ومن النشاط المهني الذي يمارسه المكري وقد يتأكد أن‬
‫المقصود هو البيع وليس الكراء أو العكس‪ ،‬من وجود اتفاق يلحق بالعقد‪ ،‬ويظل ساريا بين‬
‫المتعاقدين‪.‬‬
‫كما يمكن الوصول إلى نفس النتيجة من خالل السلطات المخولة للمكتري على‬
‫الشيء‪ ،‬وما إذا كان بإمكانه التصرف في الشيء المكتري من عدمه‪.‬‬
‫ويطرح مشكل تكييف عقد االئتمان اإليجاري العديد من الصعوبات وإن كان‬
‫البعض‪ 47‬يكيف ه بأنه عملية إكراء أو إيجار ولو أنه في الواقع يخرج عن القواعد المألوفة في‬
‫الكراء العادي ومنهم من اعترف له بطبيعته الخاصة نظرا لتعدد التقنيات التعاقدية التي‬
‫تدخل في تكوينه‪.‬‬
‫ويمكن اعتبار عقد االئتمان اإليجاري بأنه عقد بيع بالتقسيط مع شرط االحتفاظ‬
‫بالملكية على سبيل الضمان على اعتبار أن العقدين يخوالن االحتفاظ بالملكية‪.‬وهو عقد‬

‫‪ - 45‬بحار عبد الرحيم‪ ،‬اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الدراساتـ‬
‫واألبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،8‬فبراير ‪ ،2008‬ص ‪.394‬‬
‫‪ - 46‬وردة غزال‪ ،‬االئتمان اإليجاري للمنقول في مدونة التجارة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2000-1999‬ص ‪.32‬‬
‫‪ - 47‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.271‬‬

‫‪25‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫مركب‪ ،‬يجمع في طياته العديد من التقنيات القانونية منها اإليجار مع وعد بالبيع والبيع‬
‫بالتقسيط‪.‬‬
‫وما يمكن قوله في هذا اإلطار أن االئتمان اإليجاري يتدرج ضمن العقد المسماة‬
‫متميزا عن العقود التي يدور في فلكها‪ ،‬ما دام المشرع خصه بأحكام خاصة وإن كان لم‬
‫ينظم شروطه الموضوعية واكتفى بتنظيم الشروط الشكلية‪ .‬فالمشرع تارة استعمل مصطلح‬
‫كراء إيجاري في وصف العقد‪ ،‬كما استعمل مصطلح "مكري" ومكتري في وصف طرفيه‬
‫الرئيسيين‪ ،‬ولذلك يمكن اعتباره كراء بنص القانون يتميز عن غيره من األكرية الخاصة‬
‫بوجوب تضمينه وعدا بالبيع لمصلحة المكتري‪ .‬وهو نفس الوصف الذي أطلق عليه طرف‬
‫المشرع الفرنسي في المادة ‪ 1‬من قانون ‪.1966‬‬
‫ثانيا‪:‬تمييز عقد االئتمان اإليجاري عن غيره من العقود المشابهة‬
‫يتشابه عقد االئتمان اإليجاري مع العديد من العقود مثل عقود الكراء بصفة عامة‪،‬‬
‫والعقود التي يكون محلها نقل ملكية شيء كعقد البيع‪ ،‬وهو ما يتطلب منا تمييزه عن هذه‬
‫العقود وبيان نقط التشابه واالختالف فيها‪.‬‬
‫تمييز عقد االئتمان عن عقد البيع‬ ‫‪-1‬‬
‫يعتبر عقد البيع من العقود الناقلة للملكية‪ .48‬وقد عرف المشرع المغربي عقد البيع‬
‫في المادة ‪ 478‬من ق‪.‬ل‪.‬ع ا لذي ورد فيها ما يلي‪" :‬البيع عقد بمقتضاه ينقل أحد المتعاقدين‬
‫لآلخر ملكية شيء‪ ،‬أو حق في مقابل ثمن يلتزم هذا اآلخر بدفعه له"‪ ،‬غير أن هذا التعريف‬
‫يختلف عن تعريف عقد االئتمان اإليجاري وخصوصية هذا األخير‪ ،‬فإذا كان العقدان معا‬
‫يشتركان في وجود التسليم والدفع‪ ،‬إال أن نقل الملكية ال يعد من العناصر الجوهرية في عقد‬
‫االئتمان اإليجاري وهذا يبرز االختالف الواضح بين العقدين ‪ ،‬حيث أنه في عقد البيع يقوم‬
‫البائع بنقل ملكية الشيء المبيع إلى المشتري‪ ،‬أما في عقد االئتمان اإليجاري فإن ملكية‬
‫العقار أو المنقول ال تنتقل إلى المكتري إال إذا مارس حقه بشرائها عند نهاية العقد‪.‬‬
‫تمييز االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي‬ ‫‪-2‬‬

‫‪ - 48‬عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬قانون العقود المسماة‪ ،‬الباب األول العقود الناقلة للملكية ‪-‬عقد البيع‪ ،-‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪،‬‬
‫ص ‪.32‬‬

‫‪26‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يختلف عقد االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي‪ ،‬من عدة نواحي‪ ،‬حيث عرف‬
‫المشرع المغربي من خالل الفصل ‪ 627‬عقد الكراء بأنه‪" :‬الكراء عقد بمقتضاه يمنح أحد‬
‫طرفيه اآلخر منفعة عقار أو منقول‪ ،‬خالل مدة معينة في مقابل أجر محدد يلتزم الطرف‬
‫اآلخر بدفعه له"‪.‬‬
‫من خالل هذا التعريف نجد أن المشرع المغربي نص على التزامات الطرفين بشكل‬
‫دقيق‪ ،‬فالمكري يكون ملزما بتسيلم الشيء المكرى إلى المكتري‪ ،‬وهذا األخير ملزم‬
‫باستعماله في حدود االتفاق الذي حصل بين الطرفين‪ ،‬وكذلك دفع واجبات الكراء طيلة المدة‬
‫المتفق عليها والمضمنة في العقد‪ ،‬في حين نجد أن االئتمان اإليجاري ليس كراء عاديا بل‬
‫إيجار مقترن بوعد بالبيع‪ .49‬كما أن األجرة تكون مناسبة في الكراء العادي على خالفه‬
‫بالنسبة لعقد االئتمان اإليجاري التي تكون مرتفعة ألنها تشتمل أصل رأس المال زيادة على‬
‫هامش الربح‪ ،‬أما فيما يخص انتهاء هذا العقد فال يمكن أن ينتهي قبل انتهاء المدة المتفق‬
‫عليها عكس الكراء العادي الذي تحكمه مقتضيات مغايرة‪.‬‬
‫كما أن المكتري في عقد اإليجار أو الكراء يضمن العيوب الخفية إذا وجد بالعين‬
‫المؤجرة عيب بموجب أحكام تحمل التبعية وأحكام الضمان‪ . 50‬أما في عقد االئتمان‬
‫اإليجاري فغالبا ما تتحلل شركات االئتمان اإليجاري عن تحمل هذه العيوب بموجب تضمين‬
‫العقد شرطا يعفيها من هذه المسؤولية ورجوع المكتري مباشرة على البائع أو المورد‪.‬‬
‫تمييز عقد االئتمان اإليجاري عن عقد البيع اإليجاري‬ ‫‪-3‬‬
‫إن البيع اإليجاري عقد آخر يشبه عقد االئتمان اإليجاري بالنظر إلى أن كليهما‬
‫يتطلب تسليم الشيء‪ ،‬على سبيل الكراء أو اإليجار إلى المستفيد أو المشتري في مقابل أداء‬
‫وجيبة أو أقساط معينة خالل مدة محددة تنتهي بالبيع‪ ،‬أي أن المكتري يصبح مالكا للشيء‬
‫المكترى أو المؤجر‪ ،‬غير أنه في االئتمان اإليجاري ال يغدو كذلك إال إذا استعمل هذا‬
‫الخيار‪ ،‬أما في البيع اإليجاري فإن البيع يعتبر الطبيعية النهائية للعقد‪.51‬‬

‫‪ - 49‬أشريفة الغماري‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.33‬‬


‫‪ - 50‬عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء السادس اإليجار والعادية‪ ،‬تنقيح أحمد مدحت المرافي‪ ،‬طبعة مع آخر‬
‫المستجدات في التشريع والقضاء والفقه‪ ،‬شركة الجالل للطباعة ‪ ،2004‬ص ‪.433‬‬
‫‪ - 51‬أمحمد برادة غزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.50-49‬‬

‫‪27‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ثم أ نه إذا كان عقد االئتمان اإليجاري يقتصر في أغلب األحيان من حيث محله على‬
‫أموال معينة بالذات تقو م شركات االئتمان اإليجاري بشرائها باسمها وإكرائها للمستفيد فيما‬
‫بعد ليستغلها في أغراض تجارية أو صناعية أو مهنية‪ ،‬وتظل مالكة لها طول فترة الكراء‪،‬‬
‫مما يمكنها والحالة هاته من استرجاعها من بين يدي المستفيد‪ ،52‬فإن عقد البيع اإليجاري‬
‫يتميز باتساع نطاقه الذي ال يتحدد بأموال معينة‪ ،‬وكذا يكون المؤجر مالكا في األصل‬
‫لألشياء المؤجرة التي تنتقل ملكيتها إلى المستأجر المشتري بعد أداء الثمن المتفق عليه‪.‬‬
‫تمييز عقد القرض عن عقد االئتمان اإليجاري‬ ‫‪-4‬‬
‫يقترب عقد القرض من عقد االئتمان اإليجاري من الناحية االقتصادية‪ ،‬فالمقترض‬
‫في عقد القرض بدال من أن يقترض من مؤسسة االئتمان مبلغا لشراء األصول (عقارات أو‬
‫منقوالت) التي يحتاجها‪ ،‬ثم يرد هذا المبلغ على شكل أقساط دورية مع الفوائد المستحقة‪،‬‬
‫فهو في عقد االئتمان يطلب من مؤسسة االئتمان شراء األصول التي يحتاجها حيث تقوم‬
‫بكرائها له مقابل أقساط دورية مع سعر الفائدة وهامش الربح‪.‬‬
‫أما من الناحية القانونية فاالختالف بين العقدين واضح خاصة فيما يخص آثار كال‬
‫العقدين حيث تعرف القوانين المدنية عقد القرض بأنه " ذلك العقد الذي يلتزم بموجبه‬
‫المقرض أن ينقل إلى المقترض ملكية مبلغ من النقود أو أي شيء مثلي آخر‪ ،‬على أن يرد‬
‫إليه المقترض شيئا مثله في مقداره أو نوعه أو صفته‪.53‬‬
‫وتعرف القوانين التي قننت االئتمان اإليجاري (عقد التأجير التمويلي) بأنه‪" :‬ذلك‬
‫العقد الذي يقوم فيه المؤجر بتأجير معدات وآالت تجهيزية حصل على ملكيتها للمستأجر‬
‫ال ذي يستطيع في نهاية العقد أن يصبح مالكا لها بدوره لقاء دفع الثمن المتفق عليه منذ‬
‫البداية‪.54‬‬
‫وتضم نقط االختالف بين العقدين في اآلثار المترتبة عن كل من العقدين‪ ،‬فالقرض‬
‫من العقود الواردة على الملكية‪ ،‬ومن ثم ال يلتزم المقترض برد األشياء التي اقترضها‬

‫‪ - 52‬نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.274‬‬


‫‪ - 53‬المادة ‪ 538‬من القانون المدني المصري و‪ 856‬من ق‪.‬ل‪.‬ع و‪ 1892‬القانون المدني الفرنسي‪ ،‬أشار إليه رياض فخري‪ ،‬عقد اإليجار‬
‫التمويلي‪،‬م س ص ‪.213‬‬
‫‪ - 54‬رياض فخري‪،‬عقد اإليجار التمويلي‪ ،‬المرجع نفسه‪.‬ص‪.213‬‬

‫‪28‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫بذاتها‪ ،‬وإنم ا يجب عليه أن يرد أشياء مماثلة لها في المقدار‪ ،‬النوع والصفة وعليه فتصرف‬
‫المقترض في األصول التي اقترضها‪ ،‬ال يعد مرتكبا لجريمة خيانة األمانة‪.‬‬
‫أما ملكية األصول المكتراة في عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬ال تنتقل إلى المكتري طول‬
‫مدة العقد‪ ،‬وإنما تظل شركة االئتمان محتفظة بملكيتها لألشياء محل العقد‪ ،‬إال عند انتهاء‬
‫العقد حيث يمكن للمكتري تملك األصول‪ ،‬أما إذا لم يرغب المكتري في تملك األصول‬
‫المكتراة ولم يجدد العقد‪ ،‬فعليه أن يرد األصول إلى شركة االئتمان وإال اعتبر مرتكبا‬
‫لجريمة خيانة األمانة‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التزامات أطراف عقد االئتمان اإلجياري‬


‫يمر عقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار بالمراحل الطبيعية‬
‫التي يمر بها العقد بوجه عام من حيث التكوين والتنفيذ واالنقضاء‪ ،‬إال أنه ينفرد ببعض‬
‫المميزات الخاصة ذات األثر في تكوين العقد‪ ،‬وتنفيذه بوجه خاص‪.‬وتجب اإلشارة إلى أن‬
‫تكوين هذا العقد يختلف عن باقي العقود في القانون الخاص‪،‬سواء من حيث الشكل ومن‬
‫حيث المضمون‪.‬‬
‫وعقد االئتمان اإليجاري يتأثر مباشرة بعقد البيع الذي تبرمه شركة االئتمان مع‬
‫المورد أو البائع‪ ،‬وذلك بهدف تسليم المنقول أو تمكين المكتري من العقار ‪،‬وهنا يبرز‬
‫الطابع الثالثي لهذا العقد الذي يفصح عن وجود عالقات قانونية‪ ،‬ليس فقط بين المكري‬
‫والمكتري‪،‬بل يستهدف تدخل طرف ثالث هو المورد‪ ،‬حيث يعتبر هذا األخير شرطا‬
‫جوهريا لوضع االئتمان اإليجاري موضع التنفيذ‪.55‬‬
‫ويبرم هذا العقد مثل باقي العقود بتالقي إيجاب وقبول الطرفين‪،‬وعندما يتوجه‬
‫المستفيد إلى شركة االئتمان اإليجاري إلبرام العقد‪ ،‬تطالبه هذه األخيرة بملء نموذج "طلب‬
‫‪56‬‬
‫المعد سلفا من جانبها‪ ،‬كما تفرض عليه تكوين ملف يحتوي على بعض‬ ‫الكراء "‬
‫المستندات التي تشترط شركة االئتمان الحصول عليها‪.‬‬

‫وردة غزال‪،‬م س ص‪.35‬‬ ‫‪55‬‬

‫أنظر نموذج طلب الكراء لشعبي ليزينك في الملحق‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪29‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫والعالقة القانونية التي تبدو بدون شك رئيسية في عملية االئتمان اإليجاري‪ ،‬هي تلك‬
‫التي تربط بين المكري(شركة االئتمان) والمكتري‪ .‬ولقد اعتبرت هذه العالقة كراء خاضعة‬
‫في أحكامها الموضوعية للقواعد العامة في القوانين المدنية‪ ،‬رغم االعتراضات الحادة التي‬
‫أبداها البعض لكونها لن تسمح لشركات االئتمان اإليجاري بالوصول إلى الهدف الذي‬
‫تنشده‪ ،‬وبالتالي يبقى دورها في شكل ممول واالبتعاد عن دورها الذي يحملها التزامات‬
‫كثيرة‪ ،‬تعتبر غير متوافقة والدور الذي تلعبه‪ ،‬لذلك تتدخل بما لها من قوة واستغالل سلطان‬
‫اإلرادة لفرض شروط تحقق لها أكبر حماية لمصالحها‪ ،‬وإن كان على حساب المكتري‪.‬‬
‫وأما ما يتعلق بالتزامات أطراف هذا العقد‪ ،‬فالمشرع أحال على قواعد الكراء‬
‫المنصوص عليها في المواد من ‪ 627‬إلى ‪ 699‬من ق ل ع ‪.‬‬
‫لذلك سنتطرق إلى التزامات الطرفين في عقد االئتمان اإليجاري في (الفقرة األولى)‬
‫التزامات شركة االئتمان وفي الفقرة الثانية (التزامات المكتري)‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬التزامات شركات االئتمان اإلجياري‬

‫نص المشرع المغربي في المادة ‪ 635‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أن المكري يتحمل التزامين‬
‫أساسين‪:‬‬
‫أوال‪ :‬االلتزام بتسليم الشيء المكترى للمكتري‬
‫ثانيا‪ :‬االلتزام بالضمان‬
‫أوال‪ :‬التزام شركة االئتمان اإليجاري بالتسليم‬
‫يتحمل المكري بمقتضى القواعد العامة لعقد اإليجار االلتزام بتسليم محل اإليجار‬
‫للمستأجر ووضعه رهن تصرفه الستعماله‪.‬‬
‫إال أن شركات االئتمان اإليجاري‪ ،‬ومن خالل إعمال مبدأ سلطان اإلرادة تسعى إلى‬
‫التخلص من هذا االلتزام عن طريق وكالة تمنح بمقتضاها للمستأجر تسلم األصل مباشرة‬
‫من المورد في التاريخ والمكان المحددين في وصل الطلبية‪ ،‬وإن كان ما يحصل في الواقع‬
‫يوحي بوجود وكالتين‪ ،‬األولى تمنحها للمورد ليقوم بتنفيذ االلتزام الملقى على عاتقها أصال‬
‫بتسليم األصل مباشرة للمستأجر‪ ،‬وهو تسليم نابع من عقد البيع المبرم بين المؤجر والبائع‪،‬‬

‫‪30‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫والثانية تمنحها للمستأجر الستالم األصل مباشرة من البائع المورد‪ ،‬وهو نفس التسليم‬
‫موضوع الوكالة األولى‪ ،‬وبالتالي يظل األمر دائما في إطار التسليم النابع أو الناتج عن عقد‬
‫البيع‪ .57‬أما التسليم الواجب بموجب عقد اإليجا ر ال تمنح به أية وكالة مكتفية بكون محل‬
‫التسليم هو واحد سواء في البيع أو اإليجار‪.‬‬
‫ويحصل التسليم على النحو الذي يتفق مع طبيعة المال المؤجر‪ ،‬فإن كان عقارا فيتم‬
‫تسليمه بتسليم مفاتحه للمستأجر‪ ،‬وإن كان منقوال ماديا فيتم تسليمه بوضعه في يد المستأجر‪،‬‬
‫وإن كان منقوال معنويا فيتحقق التسليم بتسليم مستنداته ووثائقه إلى المستأجر وقد يكون‬
‫التسليم عن طريق االتفاق بين المؤجر والمستأجر بتغيير سند حيازة المستأجر لألصل‬
‫المؤجر الذي تحت يده من مالك سابق إلى مستأجر‪.58‬‬
‫لكن شركات االئتمان اإليجاري من خالل التعديالت التي تدخلها على القواعد العامة‬
‫لإليجار تتخلص من المسؤولية الناجمة عن التسليم عبر التنصيص في عقودها على أن‬
‫التسليم يقع على عاتق البائع ‪،‬بحيث يسلم العقار أو المنقول للمكتري مباشرة‪ ،‬أي وضعه‬
‫تحت تصرف هذا األخير بتحرير محضر يثبت استالم األصل ومطابقته للشروط التقنية‬
‫المرغوبة والعكس عدم مطابقته أو وجود عيوب ونواقص تجعل من المستحيل استعماله فيما‬
‫خصص له‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أنه يحق للمكتري رفض استالم العقار أو المنقول إذا رفض‬
‫البائع أو المورد تحرير محضر االستالم أو إذا لم يكن مطابقا للشروط والمواصفات المتفق‬
‫عليها‪.59‬‬
‫ولما كان في الغالب في عقد االئتمان اإليجاري‪،‬اختيار المكتري للمنقول وتعيين‬
‫البائع لشركة االئتمان‪،‬فإن هذه األخيرة تعد موفية بالتزامها بتسليم الشيء المكترى‪،‬بمجرد‬
‫قيامها بشرائه‪ ،‬وكما أن التسليم يعتبر حجة على وفائها بإلتزام تسليم المنقول إلى المكتري‪،‬‬
‫وال يمكن في هذه الحالة لهذا األخير التحلل من أداء األقساط لوجود عيب في الشيء‬

‫‪ - 57‬رياض فخري‪،‬اإليجار التمويلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.138‬‬


‫‪ - 58‬محمد محمد علي الحوثي‪ ،‬م س ‪ ،‬ص ‪.216‬‬
‫‪ 59‬محمد محمد علي الحوثي‪ ،‬م س ص ‪.218‬‬

‫‪31‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫المكرى وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء ‪ 60‬بين‬
‫شركة تريتمون دافير (بوصفها مستأنفة) وبين شركة وفاباي (بوصفها مستأنف عليها)والذي‬
‫جاء فيه"حيث أنه بخصوص ما تدفع به الطاعنة من تضارب المستأنف عليها في تحديد‬
‫المنقول‪،‬إذ أنها قامت برفع دعوتين تتعلقان بنفس عقد االئتمان اإليجاري المبرم بين‬
‫الطرفين‪..‬إال أنهما يختلفان في تحديد المنقول المكترى‪،‬إذ أن دعوى أداء األقساط تتعلق‬
‫بشاحنة من نوع رونو ‪ ME210-16T‬فإن هذا الدفع مردود‪،‬ألن المستأنفة تقر في مقالها‬
‫لم تكون بالمواصفات المطلوبة فقامت‬ ‫االستئنافي بأن الشاحنة رونو ‪ME210-16T‬‬
‫بإرجاعها للمستأنف عليها مقابل التزام هذه األخيرة بتسليمها شاحنة أخرى من نفس‬
‫المواصفات داخل أجل محدد إال أنها أخلت بالتزاماتها وتقدمت بعرض للطاعنة خارج‬
‫‪ 16T‬إال أنه رفضته ولم تتسلم‬ ‫األجل يتعلق بشاحنة من نفس النوع إال أنها بحمولة تبلغ‬
‫الشاحنة‪،‬والحال أن تسلمها الشاحنة ثابت وفق ما ذكر في التعليل‪....‬‬
‫وحيث إنه بخصوص ما تتمسك به الطاعنة من خرق للفصل ‪ 431‬من يليه من‬
‫مدونة التجارة‪،‬فإنه دفع مردود ألن العقد المبرم بين الطرفين قد بني على شروط‬
‫متقابلة‪،‬وأن المستأنفة تسلمت المنقول وشرعت في استغالله إال أنها أخلت‬
‫بالتزاماتها‪،‬وبالتالي فإن دفعها المشار إليه أعاله ال يعفيها من التحلل من التزاماتها وأداء ما‬
‫تخلد بذمتها مقابل انتفاعها بالمنقول‪"...‬‬
‫أما بالنسبة لمكان وزمان تسليم الشيء المكترى ونفقات تسليمه‪،‬فيتم تحديده وفقا لما‬
‫تم االتفاق عليه بين الطرفين‪ ،‬وإذا لم يتفقا على ذلك فيتم الرجوع إلى القواعد العامة لعقد‬
‫الكراء‪ ،‬التي تقضي بأن مكان التسليم هو موطن المكري وزمان التسليم هو ذاته الزمن الذي‬
‫يبدأ سريان العقد فيه واألصل فيه سريانه منذ تاريخ إبرامه‪،‬أما نفقات التسليم فيتحملها‬
‫المكري ونفقات التسلم كالفحص والمعاينة يتحملها المكري وبالنسبة لنفقات محضر التسليم‬
‫فيتحملها المكتري‪ ،‬وإذا لم يوجد اتفاق على ذلك يتحمل النفقات طالب المحضر سواء كان‬
‫‪61‬‬
‫المكري أو المكتري‪ ،‬فإذا كانت بناء على طلب الطرفين فتكون مناصفة بينهما‪.‬‬

‫‪ 60‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء قرار رقم ‪ 2011/5476‬صدر بتاريخ ‪(2011/11/27‬غير منشور) أنظر الملحق‪.‬‬
‫‪ 61‬محمد محمد علي الحوثي‪ ،‬م س‪ ،‬ص ‪.219‬‬

‫‪32‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ثانيا‪ :‬االلتزام بالتمويل والضمان‬


‫يعد االلتزام بالضمان والتمويل من بين االلتزامات التي تتحملها شركات االئتمان‬
‫اإليجاري‪.‬‬
‫ففيما يخص التمويل فإذا كان األمر يتعلق بعقار الذي يحدده المكتري‪ ،‬فهذه العملية‬
‫ال تشهد منذ بدايتها إبرام عقد‪ ،‬حيث يحصل المكتري فقط على تعهد من مؤسسة االئتمان‬
‫بشراء المال محل التفاوض مع البائع‪ ،‬ويحق بذلك للمؤسسة أن تقبل عرض البيع الصادر‬
‫من البائع الذي كان في انتظار قبول التمويل من طرفها‪ ،‬كما لها الحق في رفض تمويل‬
‫العملية وال ينشأ عن رفضها أي مسؤولية مدنية‪ ،‬ألن عالقتها بطالب التمويل لم تترجم في‬
‫قالب قانوني معين‪.62‬‬
‫فإذا وافقت مؤسسة االئتمان على تنفيذ عملية الشراء أو البناء‪ ،‬فإن ملكية األصل‬
‫تنتقل إليها بإنجاز هذه العملية‪ ،‬وبالتالي تستثمر هذه الشركة مبلغا من النقود في سبيل إنجاز‬
‫العملية المذكورة ويترتب على ذلك استردادها الكامل لرأس المال المستثمر‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫حصولها على دخل يمثل الفوائد واألرباح المبتغاة مقابل االستثمار المالي عند نهاية عقد‬
‫االئتمان اإليجاري العقاري‪.‬‬
‫كما أن شركة االئتمان تلتزم بتضمين عقد االئتمان اإليجاري المبرم بعد إنجاز عملية‬
‫الشراء وعدا للبيع عند نهاية العقد‪ ،‬هذا الوعد يكون من جانبها فقط‪ ،‬ويبقى للمكتري حق‬
‫استعماله أو عدم استعماله‪ ،‬ويحق لهذا األخير إعالن رغبته في شراء العقار موضوع العقد‬
‫في فترة معلومة ال تقل عن ستة أشهر وفق العرف المعمول به في المغرب‪ ،‬بينما في‬
‫فرنسا لمدة ال تقل عن عشر أشهر‪ ،‬وذلك قبل انتهاء مدة العقد برسالة مضمونة مع إشعار‬
‫بالتوصل‪.‬‬
‫وفي الحالة التي ال يقوم المكتري بإشعار شركة االئتمان في الفترة المحددة‪ ،‬فإن‬
‫األمر ال يعتب ر إعراضا منه عن تملك العقار‪ ،‬وال يلتزم برده إلى شركة االئتمان إال بعد‬
‫توجيه هذه األخيرة رسالة تعرض فيها خيار الشراء على المكتري‪.‬‬

‫‪ - 62‬سميرة الطويل‪،‬االئتمان اإليجاري العقاري‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص‪،‬كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة‬
‫السنة الجامعية‪ ،2011/2010‬ص ‪.85-84‬‬

‫‪33‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫أما إذا تعلق األمر بتمويل شراء منقول فيكون التمويل عينيا بشراء المنقول‪ ،‬أي ليس‬
‫مجرد نقود تدفع فحسب‪.‬‬
‫فااللتزام بالتمويل‪ ،‬هو االلتزام الرئيسي والذي قد يبرز في العقد بشكل صريح‪،‬‬
‫عندما يذكر صراحة التزام الشركة المؤجرة بتمويل عملية شراء المنقول‪ ،‬أو بشكل ضمني‬
‫–وهو الغالب‪ -‬عندما يذكر في العقد بأن الشركة ملتزمة بتمكين المكتري من االنتفاع بمحل‬
‫العقد منقول كان أم عقار‪ ،‬فهي تقوم بتمويل العملية بتملك محل العقد بناء على طلب‬
‫المستفيد المكتري‪.‬‬
‫والتزام الشركة بالتمويل‪ ،‬هو التزام يبقى معلقا على شرط اكتسابها ملكية األصل‬
‫محل التمويل وتلقي غالبا الشركة الممولة على عاتق المستفيد المكتري كافة تبعاته من خالل‬
‫عدة آليات منها تحديد لبائع المنقوالت واختيار موردها أو منحه بالنيابة عنها الوكالة‬
‫بالشراء وغير ذلك‪.‬‬
‫أما االلتزام اآلخر الذي تتحمله شركة االئتمان فهو االلتزام بالضمان‪ ،‬فهذه األخيرة‬
‫ملزمة بتمكين المكتري من االنتفاع بالمال محل عقد االئتمان اإليجاري‪ ،63‬انتفاعا هادئا‬
‫طيلة مدة عقد االئتمان اإليجاري أي أن المكري يلتزم باالمتناع عن كل ما يؤدي إلى تعكير‬
‫صفو حيازة المكتري أو إلى حرمانه من المزايا التي كان من حقه أن يعول عليها بحسب ما‬
‫أعد له الشيء المكترى والحالة التي كان عليها عند العقد‪ .64‬فإذا ظهر مانع أو عيب يمنع‬
‫انتفاع المكتري من العين المؤجرة‪ ،‬جاز لهذا األخير أن يطالب الشركة (المكري) بضمان‬
‫التعرض وكذا ضمان العيوب الخفية‪.‬‬
‫والمكري ملتزم وفقا للقواعد العامة لعقد اإليجار بعدم التعرض الشخصي للمكتري‪،‬‬
‫سواء كان تعرضه ماديا أم قانونيا‪ ،‬وكذلك يضمن المؤجر عدم التعرض القانوني من قبل‬
‫الغير للمكتري‪ ،‬أما التعرض الم ادي من الغير للمكتري فال يضمنه المكري‪ ،‬ويتولى‬
‫المكتري دفعه بنفسه دون الحاجة للرجوع على المكري‪.‬‬

‫‪ 63‬معتمد أز وكاغ‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري للمنقوالت في التشريع المغربي‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم‪،‬كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪ 2009-2008‬ص‪.54‬‬
‫‪ 64‬عبد الرحمان الشرقاوي‪،‬قانون العقود المسماة‪،‬الكتاب الثاني‪،‬العقود الواردة على منفعة الشيء"عقد الكراء" مطبعة األمنية‪ -‬الرباط الطبعة‬
‫األولى ‪ 2013‬ص‪.78‬‬

‫‪34‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وبذلك فالمكري يجب عليه أن يمتنع عن كل ما من شأنه أن يحول دون انتفاع‬


‫المكتري بالعين المؤجرة واألصل المكترى‪ ،‬ويستوي أن يكون هذا العمل صادرا من‬
‫المكري أو أتباعه أو الغير‪ .‬ولكن في الحالة األخيرة "الغير" يقتصر ضمان المكري على‬
‫التعرض المبني على سبب قانوني فقط دون التعرض المادي‪ .‬غير أن بعض نماذج شروط‬
‫شركات االئتمان اإليجاري تعفي نفسها من االلتزام بالصيانة الضرورية الالزمة للمحافظة‬
‫على المال المؤجر كما جاء في نموذج الشركة المغربية لإليجار في الفصل ‪ 4‬حيث جاء فيه‬
‫"خالل كافة مدة اإليجار يلتزم المستأجر استعمال العين كأب حريص وبعناية طبقا لتعليمات‬
‫الممون أو الصانع واستعماالت المهنة والمحافظة بانتظام على العين في حالة جيدة ولهذا‬
‫‪65‬‬
‫الغرض إجراء كافة اإلصالحات الضرورية على نفقته حيدا عن مقتضيات الفصل ‪638‬‬
‫من قانون االلتزامات والعقود‪ .‬أي خالف ما تقضي به القواعد العامة لإليجار أو الكراء‬
‫العادي التي تفرض على المكري التزاما بتمكين المكتري من االنتفاع بالشيء المؤجر لمدة‬
‫معينة وهو التزام يتفرع عنه التزام المكري بالتسليم ‪66‬والصيانة والضمان‪.67‬‬
‫لكن ما ينبغي اإلشارة إليه أن النصوص المتعلقة بالتزام شركة االئتمان بالضمان‬
‫ليست من النظام العام‪ ،‬مما يجعلها تتحلل من هذا االلتزام وتستغل ذلك من أجل حماية‬
‫مصالحها حيث غالبا ما تدرج في العقد شرط يعفيها من الضمان و تنص على عدم إمكانية‬
‫رجوع المكتري على شركة االئتمان بالفسخ أو التعويض‪ ،‬حيث جاء في الفقرة السابعة من‬
‫الفصل الثالث من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار الذي جاء فيه‪:‬‬
‫"إن ظهور عيوب أيا كانت طبيعتها ال يمنح للمستأجر الحق في التراجع عن العقد أو‬
‫المطالبة بالنسبة لفترة المطابقة بتخفيض أداء االستحقاق أو ترحيل األداء أو الحصول على‬
‫عين تعويضية من قبل المؤجر" ويجد هذا المقتضى أساسه في كون شركة االئتمان تبقى‬
‫بمنأى عن جميع المسائل الفنية المتعلقة بالعقار أو المنقول محل عقد االئتمان اإليجاري‬

‫‪ - 65‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون الجديد ‪ 6‬الجزء األول‪ ،‬اإليجار والعارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‬
‫لبنان ‪ ،1977‬ص ‪.206-205‬‬
‫‪ 66‬الفصل ‪ 638‬من ق ل ع"يلت زم المكري بتسليم العين وملحقاتها‪،‬وبصيانتها أثناء مدة اإليجار في حالة تصلح معها ألداء الغرض الذي خصصت‬
‫له وفقا لطبيعتها ما لم يشترط الطرفان غير ذلك‪،‬وفي كراء العقارات تقع اإلصالحات البسيطة على المكتري إذا قضى عرف المكان بذلك‪".....‬‬
‫‪ - 67‬ينص الفصل ‪ 643‬من ق ل ع على ما يلي"الضمان الذي يلتزم به المكري للمكتري يرد على أمرين‪:‬‬
‫أوال‪:‬االنتفاع بالشيء المكترى وحيازته بال معارض‬
‫ثانيا‪:‬استحقاق الشيء والعيوب التي تشوبه‪.‬‬
‫و يثبت هذا الضمان بقوة القانون‪،‬وإن لم يشترط‪،‬وال يحول حسن نية المكري دون قيامه‪".‬‬

‫‪35‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حيث جاء في الفصل األول من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار على أنه "يقتني‬
‫المؤجر لدى الممونين السلعة التي اختارها المستأجر‪ ...‬وقام المستأجر باختيار العين‬
‫موضوع اإليجار كما تم وصفها في الفصل األول من الشروط الخاصة وذلك تحت مسؤولية‬
‫حصرية في إطار الشروط التي أبرمها بكل حرية مع الممون‪."...‬‬
‫ويجد التزام شركة االئتمان (المكري) بضمان العيوب الخفية للمكتري التي من شأنها‬
‫أن تمنع انتفاعه بالعين المكتراة في القواعد العامة حيث نصت الفقرة األولى من الفصل‬
‫‪ 654‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه "يضمن المكري للمكتري كل عيوب الشيء المكترى التي من‬
‫شأنها أن تنقص من االنتفاع به إلى حد ملموس أو تجعله غير صالح الستعماله في الغرض‬
‫الذي أعد له بحسب طبيعته أو بمقتضى العقد‪"....‬‬
‫والعيب الخفي هو الذي من شأنه أن يحول دون االنتفاع باإليجار على النحو‬
‫المقصود‪ ،‬بحيث أن المستأجر يمتنع عن االستئجار لو علم به‪.68‬‬
‫ويشترط في العيب الموجب للضمان أن يكون مؤثرا أي أن يؤدي إلى اإلنقاص من‬
‫قيمة الشيء‪ ،‬أو اإلخالل بالمنفعة المطلوبة‪ 69‬وأن يكون خفيا‪ ،‬ال يعلم به المكتري وال‬
‫يستطيع اكتشافه بالفحص والمعاينة المعتادة‪ ،‬أي أن تحقق العيب الموجب للضمان يتعين أن‬
‫يكون على درجة من الخطورة وأن يكون خفيا وقديما وهذه الشروط الثالثة ال يتحقق‬
‫الضمان إال بوجودها‪.70‬‬
‫كما أن العيب الظاهر الذي يمكن للشخص العادي أن يكتشفه أو العيوب التي ال‬
‫تخلف إال ضررا تافها‪ 71‬ال تعتبر من العيوب الموجبة للضمان‪ .72‬كما أنه ال يشترط في‬
‫العيب أن يكون قديما مثال راجع إلى ما قبل التسليم كما هو الحال بالنسبة لعقد البيع‪ ،‬بل‬
‫تضمن شركة االئتمان العيوب التي تحدث بعد التسليم‪ ،‬فإذا توفرت الشروط المشار إليها‬
‫‪ - 68‬السنهوري عبد الرزاق‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬ص ‪.426‬‬
‫‪ 69‬أحمد مفلح خوالده ‪ -‬شرط اإلعفاء من المسؤولية العقدية –دراسة مقارنة‪-‬دار الثقافة للنشر و التوزيع عمان األردن الطبعة األولى ‪ 2011‬ص‬
‫‪.52‬‬
‫‪ 70‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ‪،‬الكتاب األول‪-‬عقد البيع‪ -‬الطبعة الثالثة ‪، 2011‬توزيع مكتبة دار األمان‬
‫الرباط ‪،‬ص‪.198‬‬
‫‪ - 71‬حيث تنص الفقرة الثانية من المادة ‪" 654‬العيوب التي ال تحول دون االنتفاع بالشيء المكتري أو العيوب التي ال تلحق به إال نقصا تافها‪ ،‬ال‬
‫تخول المكتري حق الرجوع بالضمان ويطبق نفس الحكم على العيوب التي جرى العرف بالتسامح فيها"‪.‬‬
‫‪ - 72‬شروط العيب الموجب للضمان‪ :‬إن العيب الموجب للضمان يشترط فيه أن يكون‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يكون مؤثرا؛‬
‫‪ -2‬أن يكون خفيا؛‬
‫‪ -2‬أن يكون قديما‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يحق للمستأجر المطالبة بفسخ العقد أو إنقاص األجرة‪ ،‬كما أن ظهور عيب ال يمنح المكتري‬
‫حق التراجع عن العقد أو المطالبة بإنقاص األجرة‪ ،‬وهو ما جاء في نموذج "الشركة‬
‫المغربية لإليجار في الفقرة السابعة من الفصل الثالث" وجاء فيها "إن ظهور عيوب أيا‬
‫كانت طبيعتها ال يمنح للمستأجر الحق في التراجع عن العقد أو المطالبة بالنسبة لفترة‬
‫المطابقة بتخفيض أداء االستحقاق أو ترحيل األداء أو الحصول على عين تعويضية من قبل‬
‫المؤجر"‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬التزامات املستأجر يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫بالرجوع إلى القواعد العامة لعقد الكراء‪ ،‬يتبين من خالل الفصل ‪ 663‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫أن المكتري يكون ملتزما بعدة التزامات أساسية منها االلتزام بدفع أجرة الكراء‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى المحافظة على الشيء المكتري واستعماله وفق الغرض المخصص له ‪ .‬ألن المحل في‬
‫عقد االئتمان اإليجاري يعتبر أساسيا‪.‬‬

‫أوال‪ :‬أداء األجرة المستحقة‬


‫يبقى االلتزام األساسي للمستأجر في مواجهة شركة االئتمان اإليجاري هو أداء‬
‫أقساط كرائية بشكل دوري ‪،‬أي أن أول التزام ملقى على عاتق المكتري يتمثل في دفع أجرة‬
‫الكراء بحسب الشروط المتفق عليها ‪ ،73‬وهي إما أن تكون شهرية‪ ،‬أو كل ثالثة أشهر‪ ،‬وإن‬
‫كان أداء األقساط الكرائية في المغرب يكون بأقساط شهرية‪ ،‬حيث يستحق أول قسط منها‬
‫عند التسليم والثاني عند نهاية أول شهر كراء‪.‬‬
‫فع لى عكس األجرة في الكراء العادي الذي تعتبر مقابل انتفاع المكتري بالعين‬
‫المكتراة ‪،‬فإنه في عقد االئتمان اإليجاري تعتبر األجرة مقابال يغطي النفقات العامة والمالية‬
‫لمؤسسة االئتمان اإليجاري‪ ،‬باإلضافة إلى شمولها لهامش الربح‪ .74‬كما أن األقساط في عقد‬
‫االئتمان اإليجا ري تبقى مرتفعة جدا بالمقارنة مع األقساط في عقد الكراء العادي‪ ،‬وال‬
‫يخضع تحديد هامش الربح ألي نص تشريعي‪ ،‬بل يترك إلرادة األطراف دون أية رقابة‪.‬‬
‫‪ 73‬عبد الرحمان الشرقاوي‪،‬قانون العقود المسماة‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 74‬حنان بلكو‪ ،‬االئتمان اإليجاري العقاري بين الوظيفة الكرائية واالئتمانية‪ ،‬شعبة القانون الخاص‪ ،‬ماستر قانون األعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس‬
‫السويسي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪ ،2008-2007‬ص ‪.75‬‬

‫‪37‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وتكون األجرة مرتفعة في عقد االئتمان اإليجاري ألنها تتعلق بمنقوالت وعقارات قابلة‬
‫لإلهالك بحكم االستغالل لها ومن تم يدخل في تقدير األجرة المستحقة مقابل االنتفاع‬
‫بالمنقول أو العقار محل العقد ونسبة معينة تقابل استهالكه وتكاليف إبرام عقد االئتمان‬
‫اإليجاري‪ ،‬إضافة إلى نسبة معينة التي تستهدف شركات االئتمان الحصول عليها من‬
‫استثمار أموالها في تمويل المشروعات التجارية وهو ما يسمى هامش الربح الذي يحدد‬
‫باتفاق الطرفين‪ ،‬وهو ما نص عليه الفصل ‪ 628‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪" :‬يتم الكراء بتراضي‬
‫الطرفين على الشيء وعلى األجرة وعلى غير ذلك مما عسى أن يتفقا عليه من شروط‬
‫العقد"‪ .‬ويجد التزام المكتري بأداء األجرة في الفقرة الثانية من المادة ‪ 1783‬من التقنين‬
‫المدني الفرنسي الذي نص فيها على التزام المكتري بدفع األجرة مقابل انتفاعه باألشياء‬
‫محل عقد الكراء‪.‬‬
‫وبالرجوع إلى مقتضيات مدونة التجارة نجد أن المادة ‪ 434‬استبعدت خضوع عقود‬
‫االئتمان اإليجاري للظهير المتعلق بالمراجعة الدورية للسومة الكرائية للمحالت المعدة‬
‫للتجارة أو الصناعة أو الحرف (‪ 5‬يناير ‪ 75)1953‬وكذلك لمقتضيات ظهير (‪ 24‬ماي‬
‫‪ )1955‬المتعلق بأكرية المحالت‪ ،‬وهو نفس توجه المشرع الفرنسي الذي استبعد عمليات‬
‫االئتمان اإليجاري الواردة على العقارات من الخضوع لمرسوم ‪ 1953‬المتعلق باإليجارات‬
‫التجارية‪.76‬‬
‫وتضمن شركة االئتمان حصولها على األقساط الكرائية عن طريق إلزام المكتري‬
‫تقديم ضمانات عينية كرهن األصول العقارية التي يمتلكها أو ضمانات شخصية وغالبا ما‬
‫يكون هذا الكفيل مديرا عاما أو عضو بمجلس اإلدارة إذا كان المكتري شركة مساهمة‪.77‬‬
‫وجاء في المقتضيات العامة للشركة المغربية لإليجار في الفصل ‪ 10‬المتعلق بالضمانات‬
‫على أنه " ولتأمين األداء وتسديد كافة المبالغ أصال‪ ،‬وتسبيقات‪ ،‬وفوائد‪ ،‬وعموالت‪،‬‬
‫ومصاريف وتوابع التي قد تستحق على المستأجر لفائدة المؤجر بسبب من األسباب وخاصة‬

‫‪ - 75‬مرسوم رقم ‪ 960-53‬من قانون ‪ 30‬سبتمبر ‪ 1953‬الجريدة الرسمية ‪ 1‬أكتوبر ‪ 1953‬معدل بمقتضى أمر ‪18-09-912‬‬
‫‪ www.legifrance.gouv.fr‬تاريخ الزيارة ‪ 20/11/2014‬على الساعة ‪.21:00‬‬
‫‪76‬‬
‫‪- JEAN DERRUPE- les baux commerciaux du droit- 2 édition, DALLOZ, Paris 1996, page 12.‬‬
‫‪ - 77‬محمد هاني دويدار‪ ،‬النظام القانوني للتأجير التمويلي‪ ،‬دراسة نقدية في القانون الفرنسي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر اإلسكندرية ‪ ،1994‬ص‬
‫‪.399‬‬

‫‪38‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫برسم تنفيذ إحدى االلتزامات موضوع هذا العقد‪،‬يخصص المستأجر على سبيل الضمانة‬
‫العين المضمنة خصائصها في الفصل األول من المقتضيات الخاصة بعقد اإليجار التي‬
‫يشهد بصحتها‪.78"...‬‬
‫باإلضافة إلى إلزام المكتري بإبرام تأمين على حياته‪ ،‬حيث يمكن لشركة االئتمان من‬
‫استرداد قيمة المال المستثمر‪ ،‬إذا تعطل دفع أقساط األجرة بسبب وفاة المكتري‪ ،‬باعتبار‬
‫مبلغ التأمين مقابل ألقساط األجرة غير المسددة من قبل المكتري المتوفى وهو مبلغ تتقاضاه‬
‫شركة االئتمان من مؤسسة التأمين التي أمن فيها المكتري على حياته‪ ،‬ويرجع هذا لالعتبار‬
‫الشخصي المميز لعقد االئتمان اإليجاري عن الكراء العادي الذي تستمر فيه العالقة الكرائية‬
‫بين المكري وورثة المكتري وال يترتب عن وفاة هذا األخير فسخ العقد على عكس العقد‬
‫األول ذو الطابع المالي القائم على كونه ائتمان ال يتم منحه إال بعد قبول طلب المستفيد‪.79‬‬
‫ثانيا‪ :‬المحافظة على الشيء المؤجر‬
‫يلتزم المكتري بالمحافظة على الشيء المكترى عن طريق استعماله بدون إفراط أو‬
‫إساءة وفقا لما أعد له‪ ،‬بصورة طبيعية أو كما خصص له بمقتضى العقد عموما‪ ،‬ببذل‬
‫العناية التي يبذلها الشخص العادي إذا ما وضع في نفس ظروف المستفيد‪.‬‬
‫وال يمكن للمكتري أن يقوم بأي تنازل عن حق االنتفاع بالشيء المكترى إال بوجود‬
‫بند يجيزه‪ ،‬وبالتالي فإن كل تنازل عنه من طرف المكتري‪ ،‬كإكرائه من الباطن دون‬
‫ترخيص من المكري يقع باطال‪،‬ومبطال لعقد االئتمان اإليجاري فشركات االئتمان اإليجاري‬
‫يحق لها طلب فسخ العقد والمطالبة قضائيا بالتعويض عن الضرر الذي لحقها‪.‬‬
‫والمكتري ملزم في سبيل المحافظة على الشيء (المنقول أو العقار) بتحمل جميع‬
‫المصاريف الضرورية الستعمال وصيانة المعدات‪ ،‬وذلك خروجا على مقتضيات الفصل‬
‫‪ 638‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ 80‬الذي يجعل هذه المصاريف على عاتق المكري ‪،‬وذلك راجع باألساس‬
‫إلى كون المشرع لم ينظم القواعد الموضوعية لهذا العقد وإنما ترك ذلك إلرادة األطراف‪،‬‬

‫‪ - 78‬أنظر الشروط الخاصة بعقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول في الملحق‪.‬‬
‫‪ - 79‬حنان بلكو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.79‬‬
‫‪ - 80‬تنص الفقرة األولى من الفصل ‪ 638‬من ق‪.‬ل‪.‬ع على أنه‪" :‬يلزم المكري بتسليم العين وملحقاتها‪ ،‬وبصيانتها أثناء مدة اإليجار في حالة تصلح‬
‫معها ألداء الغرض الذي خصصت له وفقا لطبيعتها ما لم يشترط الطرفان غير ذلك‪ ،‬وفي كراء العقارات تقع اإلصالحات البسيطة على المكتري‬
‫إذا قضى عرف المكان بذلك‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الشيء الذي يدفع شركة االئتمان اإليجاري إلى إدراج بنود في العقد تجعل المكتري يتحمل‬
‫جميع نفقات ومصاريف الصيانة واإلصالح‪ ،‬وإذا ما ترتب عن هذه الصيانة إضافة‬
‫إصالحات أو تحسينات على العقار‪ ،‬فإنها تصير بحكم القانون في ملك المكري دون تخويل‬
‫المكتري الحق في المطالبة بتخفيض األجرة‪ ،‬أو فسخ العقد في حالة عدم استعمال العقار‬
‫ألي سبب كان بما في ذلك القوة القاهرة‪.81‬‬
‫كما أن التزام المستأجر بالصيانة يجد تبريره في اكتساب ملكية العقار بإعماله لخيار‬
‫الشراء الممنوح له عند نهاية مدة عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫ومن تم ليس هناك ما يمنع من تحمله تبعات الملكية منذ بداية انتفاعه باألصل‪ 82‬في‬
‫حين نجد أنه في الكراء العادي ال يرد إال على منفعة المال المكتري مع ضمان عودته إلى‬
‫المكري عند حلول أجل العقد‪.‬‬
‫ومن ناحية أخرى فالمكتري ملزم بالتأمين على الشيء المكترى من األضرار التي قد‬
‫تصيب الغير طبقا لمسؤولية حارس الشيء المنصوص عليها في الفصل ‪ 88‬من ق‪.‬ل‪.‬ع وتأمينه‬
‫على األضرار التي قد تلحق بالمال نفسه‪ ،‬لذلك فإن جميع عقود اإلئتمان اإليجاري تنص على‬
‫ضرورة إبرام المكتري لعقد تأمين لدى شركات التأمين الذي يحددها المكري(شركة االئتمان‬
‫اإليجاري) والتي تغطي مسؤوليته المدنية‪ ،‬باإلضافة إلى تأمين آخر يغطي جميع المخاطر التي قد‬
‫تلحق المال المكترى سواء كان الهالك كليا أو جزئيا‪.‬‬
‫ففي حالة الهالك الجزئي يجب على المكري إما إصالح المعدات أو العمل على استبدالها‬
‫وفق اختيار المكتري أو إعادة األصل إلى الحالة التي كان عليها قبل حدوث الضرر‪ ،‬وعلى ضوء‬
‫ذلك تقوم شركة االئتمان بتمكين المستفيد من المبالغ التي توصلت بها شركة التأمين‪ ،‬وفي حالة‬
‫عدم كفاية هذه المبالغ فإن المكتري هو الذي يتحمل الفرق‪.‬‬
‫أما في حالة الهالك الكلي‪ ،‬فيكون للمكري الخيار بين استبدال المعدات بأخرى مماثلة لها‬
‫على نفقته ويستمر بالتالي العقد بنفس الشروط‪ ،‬وإما فسخ العقد مقابل أداء المكتري لمبلغ يساوي‬
‫قيمة األكرية المتبقاة إلى نهاية العقد‪ ،‬على أن يصبح مالك لتلك المعدات‪.‬‬

‫‪ - 81‬حنان بلكو‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.86‬‬


‫‪ 82‬عبد السالم الوهابي‪ ،‬مرحع سابق ص ‪.381‬‬

‫‪40‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫أما في فرنسا‪ ،‬فيتم التمييز بين المنقول والعقار‪ ،‬فإذا كان المحل منقوال فيفسخ العقد من‬
‫تلقاء نفسه‪ ،‬وتقبض شركات االئتمان اإليجاري مبلغ التأمين‪ ،‬ويتحمل المستأجر فارق التعويض‬
‫إذا لم يغطه مبلغ التأمين‪ ،‬حيث أن هذه الشركة تحرص على الحصول على كامل مبلغ األجرة‬
‫المتبقية غير المدفوعة‪ ،‬باإلضافة إلى الثمن المتبقي لألصل إلى نهاية المدة والمتفق عليه سلفا بين‬
‫طرفي العقد‪ ،‬أما إذا كان محل العقد الهالك كليا عقارا فال يفسخ العقد‪ ،‬ويتم إعادة بنائه من قبل‬
‫المستأجر من مبلغ التأمين الذي تسلمه له الشركة المؤجرة بعد قبضه من شركة التأمين ويتحمل‬
‫المستأجر الفارق إن وجد بين مبلغ التأمين وتكلفة بناء األصل وإعادته إلى الحالة التي كان‬
‫عليها‪.83‬‬

‫املبحث الثاين‬

‫آليات محاية أطراف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫إن المشرع عند تنظيمه لعقد االئتمان اإليجاري تغاضى عن تنظيم األحكام العامة‬
‫لهذا العقد‪ ،‬رغم األهمية التي تلعبها في تنظيم العالقة بين المتعاقدين‪ ،‬وتحديد حقوق‬
‫والتزامات األطراف المتعاقدة ونوع الشروط التي يجب تضمينها في هذا العقد‪ ،‬وإنما أشار‬
‫فقط إلى جزاء بطالن العقد عند عدم ذكر الشروط التي يمكن من خاللها فسخ العقد أو‬
‫تجديده بطلب من المتعاقد المستأجر‪.‬‬
‫لذلك فإن العقد يخضع للحرية التعاقدية لألطراف في تنظيم حقوقهم والتزاماتهم‪،‬‬
‫مكرسا بذلك مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬لكن في مقابل ذلك يعاب على المشرع المغربي تنظيمه‬
‫بشكل دقيق القواعد الشكلية التي تهدف إلى حماية األطراف وكذلك الغير(كإجراءات شهر‬
‫عقد االئتمان اإليجاري)‪ ،‬حيث خصص حيزا مهما من النصوص لعملية شهر هذا العقد في‬
‫مقابل إغفال تنظيم القواعد الموضوعية‪ ،‬مما فتح الباب على مصراعيه أمام شركات‬
‫االئتمان اإليجاري الستغالل الحرية التعاقدية من أجل فرض مجموعة من الشروط التي‬
‫تثقل كاهل المكتري‪ ،‬مما يجعل مصالح وحقوق المكتري في عقد االئتمان اإليجاري تضيع‬

‫‪ - 83‬محمد علي الحوثي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.23‬‬

‫‪41‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وتحمله شروطا مجحفة مما يقتضي منا الرجوع إلى القواعد العامة خاصة إمكانية تداخل‬
‫القاضي لحماية المتعاقد بصفة عامة والمكتري من الشروط التعسفية وإن كان هناك خالف‬
‫حول مدى اعتبار المكتري مستهلكا من عدمه‪ .‬وكذلك حماية المكري لمصالحه بموجب‬
‫شرط االحتفاظ بالملكية وبعض الشروط الخاصة التي تضمنها شركة االئتمان اإليجاري في‬
‫عقودها النموذجية‪.‬‬
‫غير أنه بالرجوع إلى القانونين سواء الفرنسي أو المغربي فإننا ال نجد أي مقتضى‬
‫عام يتضمن التوازن العقدي ويبقى المعول عليه هو القضاء المغربي الذي أصبح مطالبا‬
‫بتجاوز المفاهيم التقليدية التي أصبحت متجاوزة بفعل التطورات التي طرأت على نظرية‬
‫االلتزام العتبارات اقتصادية واجتماعية وهو ما أصبح يعرف بتأثر قواعد القانون المدني‬
‫التقليدي بالمفاهيم الجديدة للقانون االقتصادي‪ .‬خاصة أننا أمام عالقة غير متوازنة تنعدم فيها‬
‫المساومة الحرة التي تتميز بها العقود االختيارية أو التفاوضية‪ ،‬بحيث تتم مناقشة بنود العقد‬
‫بمحض اختيار المتعاقدين معا وفقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين وإنما نحن هنا بصدد عقد‬
‫يعتبر من عقود اإلذعان‪،‬الذي اشترط فيه بعض الفقه أن تتوفر فيه ثالث سمات وهي أوال‬
‫أن يكون اإليجاب موجه للعموم‪ ،‬و ثانيا أن يكون عقد اإلذعان من العقود الضرورية‬
‫للمذعن‪ ،‬وأخير أن يكون هناك احتكار قانوني أو فعلي لسلعة‪.84‬‬
‫وعقود اإلذعان تتميز في مجملها بانعدام إرادة أحد طرفيها أو على األقل في انفراد‬
‫إحدى هذه اإلرادات في تحديد بنود العقد أو االلتزامات الناتجة عنه والتي تتميز بغياب‬
‫التوازن االقتصادي بين الطرفين‪.‬‬
‫لذلك سنتناول حماية المكري لمصالحه في عقد االئتمان اإليجاري(المطلب األول) ثم‬
‫آليات حماية المكتري في عقد االئتمان اإليجاري(المطلب الثاني)‬

‫املطلب األول‪ :‬محاية املكري ملصاحله يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫تحمي شركات االئتمان مصالحها من خالل مجموعة من المقتضيات القانونية ويبقى‬


‫أبرزها شرط االحتفاظ بالملكية الذي تحتفظ بموجبه شركات االئتمان اإليجاري بالعقار أو‬
‫‪ - 84‬عبر الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون المدني‪ -‬مصادر االلتزام‪ -‬الجزء األول‪ ،‬التصرف القانوني‪ ،‬مطبعة المعرف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية‬
‫‪ ،2014‬ص ‪64‬و ‪.65‬‬

‫‪42‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫المنقول إلى غاية إعمال المكتري خيار الشراء عند انتهاء العقد ‪.‬كما أن شركة االئتمان تعمد‬
‫إلى تضمين العقد مجموعة من الشروط الخاصة التي تحمي بها مصالحها حيث أنها تضع‬
‫مجموعة من االلتزامات على عاتق المكتري ومنها إخبار الشركة باحتمال إيقاع حجز وكذا‬
‫القيام بجميع اإلجراءات القانونية من أجل المحافظة على حق الملكية الذي تملكه مؤسسة‬
‫االئتمان ‪.‬‬
‫كما تحمي شركة االئتمان مصالحها بإلزام المكتري إبرام تأمين يضمن مسؤوليته‬
‫المدنية غير المحددة على األقل فيما يتعلق باألضرار الجسيمة‪،‬بصفته حارسا قانونيا‬
‫للمنقول وحائزا للعقار‪،‬وكذلك التأمين على اآلالت و المعدات نفسها ضد وقوع خطر‪.‬‬
‫وسنتطرق في هذا المطلب حماية المكري لمصالحه من خالل شرط االحتفاظ‬
‫بالملكية في الفقرة األولى‪ ،‬وكذا حماية المكري من خالل إدراج شروط خاصة في عقد‬
‫االئتمان اإليجاري (الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬محاية املكري ملصاحله من خالل شرط االحتفاظ ابمللكية‬

‫يعتبر شرط االحتفاظ بالملكية في عقد االئتمان اإليجاري أهم ضمانة من الضمانات‬
‫التي تتمتع بها شركة االئتمان لحماية حقوقها وكذلك التقليل من مخاطر وعواقب عدم وفاء‬
‫المكتري بالتزاماته‪ .‬لذلك تلجأ هذه الشركات إلى تضمين عقودها مجموعة من الشروط التي‬
‫تهدف من وراءها تأمين حقوقها المالية‪ ،‬ومن أهم الضمانات نجد شرط االحتفاظ بالملكية‪.‬‬
‫فما المقصود بهذا الشرط؟ وما هي طبيعته القانونية؟‬
‫أوال‪ :‬مفهوم شرط االحتفاظ بالملكية‬
‫يعرف بعض الفقه‪ 85‬شرط االحتفاظ بالملكية بأنه اتفاق بمقتضاه يحتفظ البائع بملكية‬
‫الشيء المبيع‪،‬وال يسلمه حتى يستوفي الثمن كامال‪.‬‬
‫لذلك فعملية االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار‪ ،‬تمنح لشركة‬
‫االئتمان اإليجاري االحتفاظ بملكية الشيء محل العقد‪ ،‬ويقوم المكتري باستعمال المنقول أو‬
‫العقار بمقتضى العقد المبرم بينهما مقابل أجرة معينة‪ ،‬يتم تحديدها باالتفاق بين الطرفين‬
‫‪ - 85‬نبيل إبراهيم‪ :‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪ ،‬في قانون االلتزامات‪ ،‬في نطاق قانون األعمال‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعرف‬
‫اإلسكندرية‪ ،‬السنة ‪،1991‬ص ‪.229‬‬

‫‪43‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وفقا لمعايير محددة ويكون للمستأجر عند نهاية العقد حق إعمال خيار شراء األصل‬
‫الممنوح في نهاية العقد‪.‬‬
‫ويعتبر االئتمان اإليجاري من أهم الوسائل التمويلية‪ ،‬ولكن شركة االئتمان اإليجاري‬
‫ال تقوم بمنح االئتمان إال عند توفر مجموعة من الضمانات إضافة إلى ضمان حقوقها عن‬
‫طريق شرط االحتفاظ بالملكية‪.‬‬
‫ومن تم فإن االحتفاظ بالملكية يعتبر أفضل ضمانة تحمي شركات االئتمان اإليجاري‬
‫حقوقها من خطر إعسار المكتري وامتناعه عن أداء األقساط أو نتيجة إخالله بالتزاماته‬
‫التعاقدية‪.‬‬
‫ولقد كان المشرع الفرنسي سباقا إلى تنظيم شرط االحتفاظ بالملكية بمقتضى قانون‬
‫‪ 12‬ماي ‪ ، 1980‬نظرا لألهمية التي يكتسيها هذا الشرط في الحفاظ على حقوق شركة‬
‫االئتمان اإليجاري من خطر امتناع المكتري عن الوفاء بالتزاماته التعاقدية ومنها أداء‬
‫األ قساط في تاريخ استحقاقها‪ ،‬غير أن المشرع المغربي رغم كونه يستقي نصوصه القانونية‬
‫من القانون الفرنسي إال أنه تغاضى عن تنظيم مجموعة من الشروط واألحكام المتعلقة بهذا‬
‫العقد‪ ،‬ومنها شرط االحتفاظ بالملكية باستثناء تخصيص بعض المواد لهذا الشرط بمناسبة‬
‫معالجة مسطرة االسترداد في إطار المواد من ‪ 667‬إلى ‪ 676‬من ت‪.86‬‬
‫وبناء على ما تقدم ذكره‪ ،‬فإن ما يهمنا في هذا اإلطار هو الضمان الذي يحققه شرط‬
‫االحتفاظ بالملكية في عقود البيع التجارية بصفة عامة وعقد االئتمان اإليجاري بصفة خاصة‬
‫هو امتالك شركات االئتمان اإليجاري وسيلة ضغط على المكتري للوفاء بالتزاماته‪ ،‬كما‬
‫يمكن لهذه الشركات من استرجاع المنقول أو العقار في حالة تعرض المدين لصعوبات‬
‫مالية‪.‬‬
‫خالصة القول في هذه النقطة على أن شرط االحتفاظ بالملكية يعتبر أهم ضمان تتمتع‬
‫به شركات االئتمان اإليجاري لحماية حقوقها من خطر إعسار المكتري في عقد االئتمان‬
‫اإليجاري‪.‬‬

‫‪ - 86‬عب د الرحيم بحار‪ ،‬اإلجراءات التحفيظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪،2005-2004،‬ص ‪.215‬‬

‫‪44‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ومن تم التساؤل عن الطبيعة القانونية لهذا الشرط؟‬


‫ثانيا‪ :‬الطبيعة القانونية لشرط االحتفاظ بالملكية‬
‫تعددت األوصاف الفقهية حول الطبيعة القانونية لشرط االحتفاظ بالملكية وكذا‬
‫المميزات التي يتميز بها عن غيره من الشروط األخرى فهناك من اعتبره شرطا واقفا‪،‬‬
‫بينما اعتبره البعض اآلخر بأنه شرط فاسخ‪.87‬‬
‫فملكية العقار أو المنقول تبقى ثابتة لمؤسسة االئتمان اإليجاري طيلة مدة العقد‪،‬‬
‫وتبقى لهذه األخيرة ملكية العقار أو المنقول إلى أن يستعمل المكتري خيار شراء المال‬
‫المكترى‪.‬‬
‫وبناء على ذلك فمؤسسة االئتمان يمكن لها االحتجاج بهذه الملكية في مواجهة جميع‬
‫دائني المكتري‪ ،‬فهذا الشرط يعتبر وسيلة ضغط لشركة االئتمان اإليجاري لكي يفي بجميع‬
‫بملكية األدوات‬ ‫االلتزامات الواقعة على عاتقه ‪.‬ويترتب على احتفاظ شركة االئتمان‬
‫والمعدات عدم اعتبارها عقارات بالتخصيص لفائدة المكتري‪ ،‬وذلك لتخلف شرط‬
‫الملكية‪.‬وعليه إذا كان العقار المرصود لخدمته مرهونا رهنا رسميا‪ ،‬فإنها ال تعتبر من‬
‫مشتمالت الرهن وبالتالي ال يمتد عليها حق الدائن المرتهن‪.‬‬
‫ويبقى من أهم نتائج احتفاظ شركة االئتمان اإليجاري بملكية المنقول أو العقار‪ ،‬هو‬
‫إمكانية اال سترداد في حالة خضوع المكتري لنظام صعوبات المقاولة‪ ،‬وبالتالي عدم‬
‫تعرضها لمزاحمة باقي الدائنين لها بخصوص هذا األصل المكترى‪ ،‬حيث ال يعتبر عنصر‬
‫من عناصر الضمان العام لهؤالء الدائنين‪ ،‬فال يتعلق به حقهم‪ ،‬إال أن هذا مشروط بان تكون‬
‫شركة االئتمان اإليجاري قد قامت بشهر هذا العقد‪ ،‬مما يترتب عنه السماح لها بالتصرف‬
‫بكل حرية في المنقول أو العقار موضوع العقد‪ ،‬وبالتالي تحمي نفسها من الضرر الذي‬
‫يمكن أن يصيبها في حالة عدم وجود هذا الضمان‪.88‬‬
‫و رغم المزايا التي يحققها شرط االحتفاظ بالملكية لشركة االئتمان اإليجاري‪ ،‬فإنه‬
‫يرتب آثار سلبية وذلك في الحالة التي تقوم باسترداد العقار أو المنقول ويتعذر التصرف فيه‬
‫بالبيع أو إعادة التأجير خاصة بفعل اإلهالك الكلي بفعل اإلنسان أو بالطبيعة‪ ،‬وهو ما يفسر‬
‫‪ 87‬نبيل سعد‪،‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪،‬م‪،‬س ص‪.181‬‬
‫‪ - 88‬نبيل إبراهيم سعد‪ ،‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪،‬م س ص‪.230‬‬

‫‪45‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عزوف شركات االئتمان عن تمويل شراء التجهيزات ذات التقنية العالية‪ ،‬أو تقوم برفع‬
‫األقساط المؤداة مقابل تخفيض قيمة العقار أو المنقول عند نهاية العقد إلى حدود ثمن بسيط‬
‫لتجنب تبعات إرجاع العقار أو المنقول عند نهاية العقد‪.89‬‬
‫لكن مع كل هذا‪ ،‬فال يمكن إنكار الدور الفعال لشرط االحتفاظ بالملكية حيث يعتبر‬
‫أداة فعالة في يد شركة االئتمان في حالة إعسار المكتري وإخالله بالتزاماته المتعلقة بأداء‬
‫األجرة‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إدراج املكري شروط خاصة يف العقد‬

‫تعمد شركة االئتمان اإليجاري من أجل حماية مصالحها إلى تضمين عقودها‬
‫النموذجية مجموعة من الشروط الخاصة ومنها إلزام المكتري بضمان الملكية في حالة‬
‫الحجز ثم إلزامية التأمين على جميع المخاطر التي يمكن تقع على العقار أو المنقول‪.‬‬
‫أوال‪ :‬إلزام المكتري بضمان حق الملكية في حالة الحجز على العقار‬
‫تعتبر شركة االئتمان اإليجاري مالكة للمنقول أو العقار طيلة مدة العقد ما لم يعمل‬
‫المكتري خيار الشراء عند نهاية العقد‪ ،‬وبهذا المقتضى تحتفظ في حالة الحجز على األصل‬
‫المؤجر‪ ،‬وإن كانت مدونة التجارة لم تتطرق إلى هذا االلتزام‪ ،‬غير أنه يمكن الرجوع‬
‫ألحكام الحجز المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية سواء تعلق األمر بالحجز على‬
‫المنقول أو العقار‪.‬‬
‫إال أنه بالرجوع إلى نماذج عقود شركات االئتمان اإليجاري(منها الشركة المغربية‬
‫لإليجار)‪ ،‬نجدها تلقي على عاتق المكتري(المستأجر) واجبات في حالة الحجز أو مطلب أو‬
‫حراسة على المنقول أو العقار المؤجر‪ ،‬وذلك بغية تحقيق حماية لألصل المكري‪.‬‬
‫فالفصل السادس من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار ينص على أنه‪ ":‬يتعين‬
‫على المستأجر أن يخبر المؤجر بواسطة رسالة مسجلة مع وصل باالستالم في الحال‪،‬‬
‫با حتمال إيقاع حجز أو احتجاز أو مطلب أو حراسة تهم العين المستأجرة‪ ،‬وهو يعاين أنه ال‬

‫‪ 89‬عبد هللا زوقة‪ ،‬حماية األطراف والغير في عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون األعمال‪ ،‬جامعة عين الشق‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪ 2005-2004‬ص‪.20‬‬

‫‪46‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يمكن له في هذه الحالة مطالبة المؤجر بأي شيء ويعد مسؤوال إزاء هذا األخير عن كافة‬
‫المصاريف المترتبة عن حماية مصالحه بصفته مالكا"‪.‬‬
‫وغالبا ما يكون الحجز من دائني المكتري‪ ،‬ومن تم يكون على عاتقه التزام بإخبار‬
‫شركة االئتمان بهذا الحجز‪ ،‬وأن يقوم باتخاذ اإلجراءات الضرورية من أجل المحافظة على‬
‫حق الملكية هذه األخيرة‪ ،90‬من خالل قيامه بشهر عقد االئتمان اإليجاري لكي يعلم دائنوه‬
‫بأن العقار أو المنقول في ملكية شركة االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إلزام شركة االئتمان المكتري بالتأمين‬
‫نظرا لألهمية التي أضحى يعرفها التأمين في مجال العقود التجارية‪ ،‬وخاصة عقد‬
‫االئتمان اإليجاري‪ ،‬فإن شركة االئتمان‪،‬تحرص حماية لمصالحها على إدراج شرط التأمين‬
‫في بنودها حتى تضمن بذلك الشيء المكترى‪،‬مما قد يتعرض له من أخطار وحوادث‪،‬يؤثر‬
‫سلبا على حق الملكية المقرر لها‪.‬‬
‫وبذلك تلزم شركة االئتمان المكري بإبرام تأمين يضمن مسؤوليته المدنية غير‬
‫المحددة على األقل فيما يتعلق باألضرار الجسيمة‪،‬بصفته حارسا قانونيا للمنقول وحائزا‬
‫للعقار‪ ،‬وكذلك التأمين على اآلالت والمعدات نفسها ضد وقوع خطر كالفيضانات‪،‬و‬
‫االنفجار والحريق‪...‬‬
‫وهذا عكس ما نص عليه الفصل ‪ 679‬من ق‪.‬ل‪.‬ع حيث ال يسأل المكتري عن‬
‫الهالك نتيجة حادث فجائي أو القوة قاهرة ال يعزى أي منهما إلى خطئه‪ .‬فاألمر على خالفه‬
‫في عقد االئتمان اإليجاري فالمكتري يتحمل تبعة الهالك وإن كان راجع إلى قوة قاهرة أو‬
‫حادث فجائي‪.‬كما تلزم شركة االئتمان المكتري بأن يشمل قيمة المنقول وهو جديد‪،‬بحيث‬
‫يضمن عقد التأمين القيمة الفعلية للشيء المكرى‪.‬‬
‫كما تحرص شركات االئتمان اإليجار بأن يتم النص في عقود التأمين صراحة على‬
‫أن المنقوالت والعقارات هي ملك لها‪،‬وأنه في حالة وقوع أي حادث كيفما كان نوعه‪،‬فإن‬
‫التعويضات تسدد مباشرة من شركة التأمين إلى شركة االئتمان اإليجاري‪.‬‬

‫‪ - 90‬بوشعيب اإلبراهيمي‪ :‬االئتمان اإليجاري‪ ،‬رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪ ،1999 -1998‬ص ‪.68‬‬

‫‪47‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وعليه فشركة االئتمان تهدف من وراء تحميل المكتري االلتزام بالتأمين‪ ،‬هو حماية‬
‫نفسها من المخاطر التي قد يتعرض لها األصل المؤجر‪ ،‬وذلك على نحو تضمن به استيفاء‬
‫كل حقوقها المالية ‪.91‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬آليات محاية املكرتي يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫نتيجة التطورات الحاصلة في المجال التعاقدي‪ ،‬جعلت الشروط العامة التي تحررها‬
‫شركات االئتمان اإليجاري أساس العقود الرابطة بينها وبين المكتري‪ ،‬مستندة في ذلك على‬
‫مبدأ سلطان اإلرادة‪ ،‬خاصة أن القواعد العامة أصبحت عاجزة عن تحقيق حماية للمكتري‪،‬‬
‫خاصة في عالقته مع مؤسسات االئتمان اإليجاري التي تتمتع بخبرة تقنية واقتصادية تجعلها‬
‫تدرس كل الضمانات المقدمة من طرف طالب خدمات االئتمان اإليجاري قبل اإلقدام على‬
‫إبرام العقد معه‪.‬‬
‫وهذا يجعلنا نبحث في اآلليات التي يمكن من خاللها حماية المكتري في عقد االئتمان‬
‫اإليجاري ‪،‬ومنها ممارسة دعوى الضمان من خالل رجوع المكتري مباشرة على المورد‪،‬‬
‫تفاديا لطول اإلجراءات‪ ،‬إضافة إلى القواعد العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات‬
‫والعقود وسلطة القضاء في إبطال الشروط التعسفية وخاصة مراجعة الشرط الجزائي‬
‫المبالغ فيه‪.‬‬
‫لذا سنتناول في هذا المطلب األول حماية المكتري من خالل دعوى الضمان (فقرة‬
‫األولى) وحماية المكتري من خالل القواعد العامة والخاصة (فقرة ثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬محاية املكرتي من خالل دعوى الضمان‬

‫توحي النصوص القانونية المنظمة لعقد االئتمان اإليجاري المنصوص عليها في‬
‫مدونة التجارة‪ ،‬بأن عقد االئتمان اإليجاري عقد رضائي أضفى عليه المشرع طبيعة عقد‬
‫كراء‪.‬‬

‫عبد هللا زوقة‪ ،‬م س ص‪.24‬‬ ‫‪91‬‬

‫‪48‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫إال أنه نظرا للمغاالة في اعتماد مبدأ سلطان اإلرادة وترك المجال واسع للحرية‬
‫التعاقدية‪ ،‬وكذلك عدم تنظيم المشرع لمجموعة من األحكام الخاصة بهذا العقد‪ ،‬فسح المجال‬
‫أمام إرادة شركة االئتمان اإليجاري لتعديله وفرض شروط على المكتري‪ ،‬يبقى أمامها‬
‫عاجزا عن مناقشة هذه الشروط‪ .‬مما يجعلنا نحاول إيجاد الحماية التي كان هدف المشرع‬
‫من خاللها هو إيجاد توازن ألطراف عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬ويعتبر هذا العقد من العقود‬
‫الملزمة للجانبين التي ترتب التزامات متقابلة في ذمة الطرفين‪ ،‬سواء تعلق األمر بعقد‬
‫ائتمان إيجاري وارد على العقار أو المنقول‪ ،‬وتعد دعوى الضمان من أهم اآلليات التي‬
‫تشكل ضمانة للمكتري‪ .‬ويقصد بها الدعوى التي يمارسها أحد أطراف العقود المتبادلة‬
‫للرجوع على الطرف اآلخر في حالة اكتشاف عيب في الشيء المؤجر‪.92‬‬
‫إال أن هذه الدعوى تخضع للشروط الموضوعية المنصوص عليها في الفصل األول‬
‫من قانون المسطرة المدنية التي جاء في الفقرة األولى منه على أنه‪ ":‬ال يصح التقاضي إال‬
‫ممن له الصفة و األهلية والمصلحة إلثبات حقوقه‪"....‬‬
‫إن الدراسة ستقتصر على شرط الصفة باعتباره من الشروط التي تطرح مجموعة‬
‫من اإلشكاالت‪ .‬فشرط الصفة وإن كان ال يطرح اإلشكال في العقود الثنائية األطراف‪ ،‬إال‬
‫أن األمر يختلف بالنسبة لعقد االئتمان اإليجاري ألنه عقد ثالثي األطراف‪ ،‬يتكون من‬
‫مؤسسة االئتمان اإليجاري والمكتري(المستفيد) والبائع‪.‬‬
‫هذه العالقة تقتضي بأنه عند وجود عيب يرجع المستفيد على مؤسسة االئتمان‬
‫اإليجاري من أجل ضمان العيوب الخفية‪ ،‬هذه األخيرة لها حق الرجوع على البائع‪ ،‬ما لم‬
‫تعفي نفسها من ضمان العيوب الخفية بإدراج شرط في العقد في هذه الحالة برجوع‬
‫المكتري المستفيد على البائع مباشرة‪ ،‬واعتبر هذه الحالة أكثر الحاالت فائدة لألطراف‪،‬‬
‫لكونها تؤدي إلى ربح الوقت وعدم الدخول في متاهات طول إجراءات التقاضي‪.93‬‬

‫‪ - 92‬عبد هللا زرقه‪ ،‬م‪،‬س‪،‬ص ‪.26‬‬


‫‪ - 93‬عبد السالم الوهابي‪ /‬عقد اإلئتمان اإليجاري للمنقول في القانون المغرب‪ ،‬الندوة الرابعة للعمل القضائي والبنكي‪ /‬سلسلة الندوات واأليام‬
‫الدراسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مطبعة السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ /‬يناير ‪،2004‬ص ‪.376‬‬

‫‪49‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫غير أن ما يطرح اإلشكال هو األساس القانوني لنقل دعوى الضمان من شركة‬


‫االئتمان اإليجاري إلى المكتري المستفيد‪.94‬‬
‫استند الفقه على مجموعة من النظريات التي يمكن أن تعطي حل األساس القانوني‬
‫لنقل دعوى الضمان‪ ،‬ويمكن إجمالها في أربعة نظريات‪:‬‬
‫أوال نظرية الوكالة‬
‫تقوم نظرية الوكالة في هذا العقد على أساس أن شركة االئتمان اإليجاري باعتبارها‬
‫دائنة للبائع بالضمان‪ ،‬فإنها تدرج شرطا في هذا العقد‪ ،‬توكل بمقتضاه المستفيد من الرجوع‬
‫على البائع بجميع الدعاوى الناتجة عن االلتزام بالضمان‪ ،‬بما في ذلك دعوى فسخ البيع‪.95‬‬
‫ما لم تقوم شركة االئتمان اإليجاري بإدراج شرط إعالمها قبل إقامة دعوى الضمان أو‬
‫الفسخ‪.‬‬
‫لكن ما يمكن أن يطرح اإلشكال‪ ،‬هل هو األمر يتعلق بوكالة عامة أو خاصة؟ خاصة‬
‫أن الوكالة العامة تجعل المستفيد يقوم بدعوى الرجوع لحسابه الخاص وباسمه‪ ،‬وهذا ما‬
‫يشكل تهديدا لمصالح شركة االئتمان‪ .‬وهذا من شأنه إضعاف االمتيازات التي تكون لها‬
‫على المنقول أو العقار موضوع عقد االئتمان اإليجاري‪.96‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظرية حوالة الحق‬
‫قد يستعين المكري في نقل التزامه بتسليم العقار‪ ،‬و ضمان خلوه من العيوب الخفية‬
‫إلى البائع والمقاول‪ ،‬بآلية حوالة الحق‪ .‬التي بمقتضاها يحيل حقه في الرجوع على هؤالء‬
‫بتنفيذ االلتزامين المذكورين إلى المكتري‪ ،‬مقابل تنازل هذا األخير عن حقه في الرجوع‬
‫على المكري‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما يبدو عليه انسجام الحق مع متطلبات عملية نقل االلتزام إلى الغير‪،‬‬
‫من حيث قيامها على عالقة ثالثية‪ :‬المكري وبصفته محيال والبائع والمقاول بصفتهما محاال‬
‫عليهما‪ ،‬والمكتري بصفته محاال له من جهة‪ ،‬ومن حيث تحقق أهم شرط تقوم عليه حوالة‬
‫الحق‪ ،‬وهو المتمثل في ثبوت الحق المحال بمقتضى عقد البيع وعقد المقاولة‪ ،‬اللذين يكفالن‬
‫‪94‬‬
‫‪- Jocelyne çay Ron ; crédit- bail. Grands annates du droit des affaires Dalloz. 1995.p 423.‬‬
‫‪95‬‬
‫‪Leila zouhry. Propos sur la pratique du crédit- bail au Maroc revue marocaine de droit et économique du‬‬
‫‪développement n° 34.annèe 1994. P 24. Et suit.‬‬
‫‪ - 96‬محمد برادة عزيول‪،‬عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه و القضاء‪،‬الدورة التخصصية في المادة التجارية م س‪،‬ص‪.185‬‬

‫‪50‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫للمكري ممارسة الدعاوى الرامية إلى إجبار البائع والمقاول على تنفيذ التزاماتهما من جهة‬
‫أخرى‪،‬فإنها تبقى قاصرة على المحافظة على التوازن بين مختلف المراكز القانونية‪ ،‬بالنظر‬
‫لما يتطلب اللجوء إليها من شكلية الكتابة التي نص عليها المشرع المغربي في الفقرة األولى‬
‫من الفصل ‪ 185‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪ ،‬ومنها تبليغ الحوالة إلى البائع والمقاول‪ :‬تبليغا رسميا‪ ،‬أو‬
‫قبولهما لها في العقود التي تربطهما بالمكري‪ .‬حتى تسري في حقهما‪ ،‬مما يجعل العالقة‬
‫القائمة بين هذا األخير والمكتري‪ ،‬رهينة بما ينص عليه عقد البيع وعقد المقاولة‪ ،‬وبما قد‬
‫يؤول إليه هذان العقدان‪ .‬إذ سيترتب عن بطالن أحدهما بطالن الحوالة نتيجة زوال الحق‬
‫المحال ‪.97‬‬
‫وما يسري على آلية حوالة الحق‪ ،‬يسري على آلية الحلول بالنظر لما تتطلبه من وفاء‬
‫الغير بدينه تجاه الدائن من أجل الحلول محل هذا األخير في حقوقه تجاه مدينه‪ ،‬حيث ال‬
‫يتصور أن يقوم المكتري بالوفاء بدينه كامال تجاه المكري حتى يحق له الحلول محله في‬
‫الرجوع على البائع والمقاول‪ ،‬إذ لو كان في استطاعته ذلك لما لجأ أصال إلى تقنية االئتمان‬
‫اإليجاري‪.98‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظرية االشتراط لمصلحة الغير‬
‫االشتراط لمصلحة الغير هو عقد يشترط فيه أحد المتعاقدين ويسمى المشترط‪ ،‬على‬
‫الطرف اآلخر ويسمى المتعهد‪.‬التزاما لمصلحة شخص ثالث ليس طرفا في العقد ويسمى‬
‫المنتفع أو المستفيد‪ ،‬بحيث ينشأ عن هذا العقد حق مباشر للمنتفع قبل المتعهد‪.99‬‬
‫وقد أخد المشرع المغربي بنظرية االشتراط لمصلحة الغير وخصص ألحكامها‬
‫المادتين ‪ 34‬و‪ 35‬من قانون االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫وهناك مجموعة من الشروط لقيام االشتراط لمصلحة الغير نظرا للطبيعة الخاصة‬
‫لهذا العقد‪.‬‬
‫وهناك من الفقه من اعتمد على نظرية االشتراط لمصلحة الغير‪ ،‬على اعتبار أن‬
‫االشتراط لمصلحة الغير يفترض وجود ثالثة أطراف كما سبق اإلشارة إلى ذلك أعاله‪،‬‬
‫‪ - 97‬نبيل أبو مسلم‪ ،‬نقل االلتزام في عقد االئتمان اإليجاري على العقار واالتجاهات الحديثة في قانون األعمال‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق المغربية‪،‬‬
‫مطبعة المعرف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪،2012‬ص ‪.77‬‬
‫‪98‬‬
‫‪Daniéle Crémieux-Israel-leasing et crédit bail mobiliers-Dalloz paris 1975 page 64.‬‬
‫‪ - 99‬أستاذنا عبد الرحمان أسامة‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مكتبة و مطبعة وراقة طه حسين‪ ،‬السنة ‪ ،2008-2007‬ص ‪.199‬‬

‫‪51‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فشركة االئتمان اإليجاري تشترط على البائع تعهده بتنفيذ التزامه بالضمان لمصلحة المنتفع‪،‬‬
‫بما يؤدي إلى خلق عالقة مباشرة بين المنتفع أو المستفيد و المتعهد الذي هو البائع‪ ،‬وبالتالي‬
‫يكون من حق األول الرجوع على الثاني لمطالبته بالوفاء بالحقوق التي عليه للمشترط‪ ،‬لكنه‬
‫ال يمكنه المطالبة بفسخ العقد األصلي الذي يظل غيرا بالنسبة له‪ ،‬وهو ما يشكل عيبا في‬
‫هذه النظرية‪.100‬‬
‫إال أن هناك اتجاه فقهي يقر رغم ذلك بأهمية هذه النظرية على أساس أنه يسمح‬
‫بمنع المستعمل من أن يتسبب في حل عقد البيع‪ ،‬ويعطي في نفس الوقت لشركة االئتمان‬
‫اإليجاري الحق في اختيار األسلوب الذي تراه مناسبا في تمكين المستعمل من ممارسة‬
‫بعض الحقوق‪.‬‬
‫فحسب هذا االتجاه الفقهي‪ 101‬فنظرية االشتراط لمصلحة الغير تنسجم مع طبيعة‬
‫الخصوصية عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬نظرية اإلنابة‬
‫تعرف اإلنابة بأنها تصرف قانوني يطلب بمقتضاه إليه اسمه المنيب من شخص‬
‫اسمه المناب‪ ،‬أن يقوم بأداء ما أو أن يلتزم بمثل هذا األداء لمصلحة شخص ثالث اسمه‬
‫المناب لديه‪.‬‬
‫وعند محاولة تطبيق نظرية اإلنابة على عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬فإن المكري يكون‬
‫هو المنيب ويكون البائع منابا والمكتري منابا لديه‪ ،‬إال أن هذه النظرية بدورها لم تسلم من‬
‫االنتقادات التي وجهتها باقي النظريات‪ ،‬على أساس كون الحق الذي ينقله المكري(مؤسسة‬
‫االئتمان اإليجاري) للمكري أو المستفيد متعلق بضمان الشيء المبيع‪ ،‬في حين أن نظرية‬
‫اإلنابة تقتضي التزام البائع بضمان المكتري تجاه المستفيد‪. 102‬‬
‫فهذه اآللية يمكن بمقتضاها للمكري إنابة المكتري في ممارسة حقه في الرجوع‬
‫على البائع والمقاول بتنفيذ التزامهما بتسليم العقار في عقد االئتمان اإليجاري الوارد على‬
‫العقار‪ ،‬وبضمان خلوه من العيوب الخفية‪ .‬مقابل إبراء ذمته تجاه المكتري‪ ،‬وهذه اآللية‬

‫‪ - 100‬عبد هللا زوقة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.29‬‬


‫‪ 101‬محمد برادة غزيول‪،‬عقد االئتمان االيجاري بين الفقه و القضاء م س ص ‪.187‬‬
‫‪ - 102‬هاني محمد دويدار‪ ،‬م س ص ‪.248‬‬

‫‪52‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫تمكن األطراف من تجاوز العيوب واالنتقادات التي وجهت النظريات السابقة حيث يتم‬
‫تفادي تعليق سريان اثر االتفاق بنقل االلتزام في حق البائع والمقاول على موافقتهما‬
‫الصريحة؛ الذي يقتضي االعتماد على آلية حوالة الحق‪ ،103‬نتيجة لكون المشرع المغربي‬
‫في الفصل‪ 200‬من ق ل ع لم يشترط علم أو موافقة المناب من أجل سريان اإلنابة في‬
‫حقه‪ .‬كما تمكن هذه النظرية من تجاوز حرمان المكتري من ممارسة دعوى الفسخ في‬
‫مواجهة البائع والمقاول الذي تفرضه االستعانة بآلية االشتراط لمصلحة الغير إعماال للفقرة‬
‫الثانية من الفصل ‪ 200‬من ق ل ع‪.‬‬
‫والمحال عليه من قبل الفصل ‪ 225104‬من نفس القانون‪ ،‬وهو ما أكدنه محكمة‬
‫‪105‬‬
‫في حكم صادر عنها بتاريخ ‪ ،1996/06/04‬حينما قرار استثنائيا‬ ‫النقض الفرنسية‬
‫قضت فيه محكمة الموضوع بعدم قبول دعوى الفسخ الذي تقدم بها المكتري في مواجهة‬
‫البائع بسبب اتسام المبيع بعيب خفي‪ ،‬معتبرة أن اإلنابة تخول للمكتري ممارسة الدعوى‬
‫المذكورة من دون أن يتوقف ذلك على قبول اإلنابة من طرف البائع‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محاية املكرتي من خالل القواعد العامة واخلاصة‬

‫يبقى هدف المشرع المغربي من خالل تنظيم عملية االئتمان اإليجاري إيجاد توازن‬
‫عقدي شامل للعالقة التعاقدية‪ ،‬لذلك ترك المشرع الحرية للمتعاقدين في إبرام ما شاءوا من‬
‫االتفاقات شريطة عدم مخالفة القانون‪ ،‬على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬غير أنه‬
‫استفادة المكتري في عقد االئتمان اإليجاري من قانون حماية‬ ‫أغفل التنصيص على‬
‫المستهلك اإليجاري باعتباره الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‪ ،‬باستثناء الحماية التي‬
‫تتجلى القواعد العامة التي جعلها المشرع القاعدة العامة في جميع العقود‪ ،‬وهي عيوب‬
‫اإلرادة ومنها الغلط والتدليس واإلكراه والغبن‪.‬‬
‫والقواعد العامة مما تتضمنه من حماية و التي يمكن أن تنطبق مع طبيعة هذا العقد‬
‫من غلط وتدليس وإكراه تبقى عاجزة عن تحقيق الحماية الكافية للمكتري في هذا العقد‬
‫‪ - 103‬نبيل أبو مسلم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 104‬ينص الفصل ‪ 225‬من ق ل ع " تطبق األحكام المقررة في الفصول ‪ 193‬و ‪ 197‬و ‪ 198‬و ‪200‬و ‪ 201‬و ‪202‬و ‪ 204‬على اإلنابة"‬
‫‪105‬‬
‫‪Cours de cassation « chambre commercial 24 juin 1996 n 94-14-768.bulletin 1996 n 156 page 136 DALLOZ‬‬
‫‪ .‬أشار إليه نبيل أبو مسلم مرجع سابق ص ‪78‬‬

‫‪53‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫إضافة إلى صعوبة إثباتها‪ ،‬أما الغبن فال يتصور في هذا العقد(عقد االئتمان اإليجاري)‪،‬‬
‫ألن المتعاقد يعلم وقت التعاقد قيمة ما يعطي وما يأخذ‪ ،‬ويبقى تحقيق التوازن في عقد‬
‫االئتمان مطمحا مثاليا ناهيك على أن الغلط ال يخول إبطال العقد‪ ،‬إال إذا وقع على الضرر‬
‫الذي حدده المشرع‪.106‬‬
‫وعليه حتى يمكن اعتماد الغلط كسبب لإلبطال في عقد االئتمان اإليجاري كسائر‬
‫العقود ال بد من تحقق الشرطين التاليين‪ :‬أن يكون الغلط فادحا‪ ،‬وغير ممكن العذر عنه‪.‬‬
‫أما التدليس فقد نظمه المشرع في الفصول ‪ 52‬و‪ 53‬من قانون االلتزامات والعقود‪،‬‬
‫فالقاعدة العامة أن إقحام شروط جائرة في العقد ال يشكل في حد ذاته تدليسا‪ ،‬ما لم يثبت‬
‫المكتري أن شركة االئتمان اإليجاري أو من يقوم مقامها استعمل وسائل احتيالية من أجل‬
‫تضليله ودفعه إلى التعاقد‪.107‬‬
‫في هذا الصدد تبنى القضاء الفرنسي ‪108‬مفهوما جديدا للتدليس إذ يمكن للمدلس عليه‬
‫طلب إبطال شرط من شروط العقد المدلسة‪ ،‬وهو أكثر العيوب تحقيقا للحماية للمكتري‪،‬‬
‫غير أنه ال يحقق تلك الحماية إال في أحوال استثنائية‪ .‬فالقضاء ال يحكم بالتدليس نتيجة‬
‫الكتمان إال استنادا على تخلف المدلس عن واجبه باإلعالم‪ ،109‬بناءا على أن سالمة الرضا‬
‫ال يمكن أن تتحقق إال بإعادة التوازن المعرفي بين المتعاقدين‪ ،‬وأن هذا التوازن نفسه لن‬
‫يتبلور‪ ،‬إال إذا كان رضا األطراف عن بينة واختيار لكافة مضامين العقد وظروفه‪.‬‬
‫كما أن عيب التدليس ال يعتد به‪ ،‬إال إذا كان جوهريا يدفع إلى التعاقد للقول بإمكانية‬
‫اإلبطال‪ .‬أما اإلكراه فقد عرفه الفصل ‪ 46‬من ق‪.‬ل‪.‬ع" بأنه إجبار يباشر من غير أن يسمح‬
‫به القانون يحمل بواسطته شخص شخصا آخر على أن يعمل عمال بدون رضاه"‪.‬‬

‫‪ - 106‬عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬لمصدر اإلرادي اللتزامات العقد‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬تكوين العقد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬دون ذكر سنة الطبعة ‪،‬ص ‪.309 -308‬‬
‫‪ 107‬والجي بشرى‪-‬الحماية التشريعية لمستهلك خدمات اإلئتمان اإليجاري‪-‬منشورات مجلة الحقوق المغربية االتجاهات الحديثة في قانون األعمال‬
‫–مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة األولى ‪ 2012‬ص ‪ 85‬و ‪.86‬‬
‫‪ 108‬نقض تجاري فرنسي صادر بتاريخ ‪ 22‬دجنبر ‪ 1954‬أشارت اليه والجي بشرى‪-‬مرجع سابق ص ‪.87‬‬
‫‪109‬‬
‫‪Jacques Ghestin: « traité de droit civil l’information de contrat »3éme édition,L.G.D PARIS 1993 P606.‬‬
‫عبد هللا ايت الطالب" التدليس بالكتمان وأثره في التصرف القانوني دراسة مقارنة "رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة‪،‬تخصص القانون‬
‫المدني‪،‬جامعة محمد الخامس‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪-‬أكدال‪-‬الرباط‪،‬السنة الجامعية‪ 2003-2002‬ص‪.101‬‬

‫‪54‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫واإلكراه إما أن يكون ماديا أو معنويا‪ ،‬إال أن اإلكراه المعنوي هو الشائع ومن تم ال‬
‫يعتبر عيبا في اإلرادة ‪،‬وانما يعتبر ظرفا خارجيا يؤثر على رضا المتعاقد بسبب ما يولده في‬
‫نفسه من رهبة وخوف يدفعه إلى التعاقد‪.‬‬
‫و تماشيا مع منظور الفقه المقارن‪ ،‬نجد بأن االستناد على اإلكراه من أجل توفير‬
‫حماية للمستهلك سيكون مجديا خاصة ما يسمى باإلكراه االقتصادي‪.‬‬
‫كما أن الفصل ‪ 878‬سيشكل أكبر حماية للمستهلك خدمات االئتمان اإليجاري‪ ،‬لذا‬
‫فالقواعد الخاصة تشكل أكبر ضمانة والتي يبقى هدفها هو إعادة التوازن بين أطراف‬
‫العالقة التعاقدية ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن المكتري ال يستفيد من الحماية المقررة في القواعد أو النصوص‬
‫الخاصة ومنها قانون حماية المستهلك والذي تبقى غايته حماية المستهلك من الشروط‬
‫التعسفية الواردة في العقد‪،‬رغم كون فلسفة المشرع في قانون حماية المستهلك خلق التوازن‬
‫بين األطراف الذي يبقى أحد مقومات العقد‪، ،‬وأيضا كون عقد االئتمان اإليجاري من‬
‫العقود التي يسودها اختالل في التوازن بالنظر إلى القوة االقتصادية التي تتوفر عليها شركة‬
‫االئتمان ‪ ،‬ويبقي في نظرنا عدم وجود مانع يمنع استفادة المكتري من هذه النصوص‬
‫الخاصة مادام هدف هذا القانون هو حماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية وهو‬
‫موقف ينسجم مع خصوصية هذا العقد الذي تكون فيه شركة االئتمان اإليجاري في مركز‬
‫قوة مما يجعلها تملي شروطها على الطرف اآلخر(المكتري) كما هو الحال كذلك بالنسبة‬
‫للشرط الجزائي في عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫م ن هنا برزت فكرة ضرورة حماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية خصوصا‬
‫مع تغير أنماط التعاقد‪ ،‬فلم تعد المعامالت تقتصر على عقود المساواة الحرة‪ .‬بل ظهرت إلى‬
‫الوجود أنماط جديدة يختل فيها التوازن العقدي بسبب استغالل نفوذ اقتصادي أو معرفة‬
‫فنية‪ ،110‬حيث أصبح هذا العقد من عقود اإلذعان‪ ،‬ومجاال خصبا لمجموعة من الشروط‬
‫التعسفية التي يتم استشفافها من القوة االقتصادية للمهني‪ .‬ومما ال شك فيه فالقوة االقتصادية‬

‫‪ - 110‬عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ -‬نظرية العقد‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،2005‬ص ‪.143‬‬

‫‪55‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لمؤسسة االئتمان ثابتة‪ 111‬ألنها تحتكر الحق في منح االئتمان‪ ،‬وذلك أمام الحاجة الماسة‬
‫للمكتري في الحصول على االئتمان‪.‬‬
‫وقد عرف بعض الفقه الشرط التعسفي بأنه" الشرط المعد سلفا من طرف المتعاقد‬
‫القوي بمقتضاه يستطيع جني منفعة فاحشة‪ ،‬ويدخل في حكمه شروط اإلعفاء من المسؤولية‬
‫أو المحددة لها كالشروط الجزائية وشروط االختصاص"‪.112‬‬
‫فالشروط التعسفية تكون عادة في العقود التي يمكن ألحد األطراف فرض إرادته‬
‫على المتعاقد اآلخر‪ ،‬وهو ما يمكن تصوره في عقد اإلذعان بصفة عامة‪ 113‬وعقد اإلئتمان‬
‫اإليجاري بصفة خاصة‪.‬‬
‫فقد عرف المشرع المغربي الفقرة األولى من المادة ‪ 15‬من قانون ‪ 31-08‬الشرط‬
‫التعسفي‪ ":‬بأنه يعتبر شرطا تعسفيا في العقود المبرمة بين المورد والمستهلك كل شرط‬
‫يكون الغرض منه أو يترتب عته اختالل كبير بين حقوق وواجبات طرفي العقد على حساب‬
‫المستهلك"‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار تعد شروطا تعسفية تلك الواردة في الشروط العامة لعقود االئتمان‬
‫اإليجاري‪ ،‬ومنها ارتفاع األجرة بما ال يتناسب مع االستغالل‪ ،‬وتحمل المكتري عبء‬
‫إصالحات المنقول وإعفاء المكري نفسه من الضمان‪ ،‬وكذا طابع المبالغة في الشرط‬
‫الجزائي‪.‬‬
‫و تعرف مسألة اعتبار المكتري مستهلكا من عدمه واستفادته من مقتضيات قانون‬
‫حماية المستهلك‪ ،‬نقاشا فقهيا واسعا وتتداخل فيه ثالث اتجاهات‪:‬‬
‫االتجاه األول‪:‬يرى ضرورة األخذ بالمفهوم الواسع للمستهلك‪ ،‬وذلك من أجل مد‬
‫نطاق الحماية على أكبر شريحة ممكنة من األشخاص‪ ،‬وعليه يورد التعريف اآلتي‬
‫للمستهلك‪":‬هو من يتعاقد بهدف استعمال أو استخدام مال أو خدمة‪ ،‬سواء الستعماله‬

‫‪ - 111‬الزبير المعروفي‪،‬حماية المقترض من الشروط التعسفية‪ ،‬حماية المستهلك دراسات وأبحاث في ضوء مستجدات القانون ‪ ،31-08‬القاضي‬
‫بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬العدد ‪،2004 -4‬ص ‪.92‬‬
‫‪112‬‬
‫‪- voir calais aulos (jean) droit de la consommation 3 éme édition Dalloz paris 1992. P 134.‬‬
‫‪ - 113‬العربي مياد‪ ،‬مقاومة الشروط التعسفية في العقد‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪ ،‬العدد ‪ 13‬مارس ‪،2009‬ص ‪.5‬‬

‫‪56‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الشخصي أو المهني"‪، 114‬وهي مسألة تتعلق بظروف كل متعاقد بصرف النظر عن صفته‬
‫مستهلكا عاديا أو مهنيا‪.‬‬
‫وفي مقابل ذلك فيرى االتجاه الثاني العكس‪ ،‬ويقر بضرورة األخذ بالمفهوم الضيق‬
‫للمستهلك‪ ،‬حيث يقصر نطاق الحماية على الشخص الذي تتوافر عنده حالة الضعف مقارنة‬
‫بالمتعاقد اآلخر‪ ،‬بالنظر إلى طبيعة السلعة أو الخدمة موضوع العقد والظروف التي جرى‬
‫فيها التعاقد‪ ،‬النسجام ذلك مع الغاية والحكمة التي شرعت من أجلها قواعد حماية‬
‫المستهلك‪ .115‬فالمهني الذي يتعاقد ألغراض مهنته‪ ،‬ال تتوافر بشأنه مقومات الحماية‪،‬ألنه‬
‫حتى وإن خارج إطار تخصصه‪ ،‬يمتلك من المعرفة و الخبرة التي يفوق بها معرفة‬
‫المستهلك العادي‪،‬فقوته االقتصادية والخبرة التي يكتسبها من تكرار المعاملة‪ ،‬حتى في مجال‬
‫خارج عن إطار تخصصه‪،‬تنأيان به عن الوقوع فريسة غش وتحايل الطرف اآلخر‪،‬فالمهني‬
‫يمكنه دائما‪،‬حتى في الفرض الذي ال يمتلك فيه القدرات الفنية واالقتصادية الكافية للدفاع‬
‫عن حقوقه‪،‬االستعانة بخبراء متخصصين في مجال العقد‪.‬‬
‫وأما االتجاه الثالث واألخير‪ ،‬فيحاول التوفيق بين االتجاهين السابقين متبعا مسلكا‬
‫وسطا بينهما بما يحقق التوازن بين أمرين‪ :‬تقرير حماية المهني غير المتخصص في جميع‬
‫األحوال والظروف‪،‬بموجب هذا االتجاه‪ ،‬يتم إدخال المهني ضمن مفهوم المستهلك‪ ،‬إذا كان‬
‫ينقصه االختصاص القانوني والفني تجاه مهني آخر متخصص‪ ،‬في المقابل‪ ،‬يتم استبعاده‬
‫من هذا المفهوم إذا تبين أنه مختص‪ ،‬أو كان بإمكانه االستعالم بنفسه بالنظر إلى البناء‬
‫القانوني للشركة فال يعقل مثال تقرير حماية شركة ضخمة من الشروط التعسفية في مواجهة‬
‫أحد صغار الحرفيين بحجة أنه كان ينقصها االختصاص الفني والقانوني في موضوع‬
‫العقد‪ .‬فقانون حماية المستهلك يهدف إلى حماية الطرف الضعيف في مواجهة الطرف القوي‬
‫وليس العكس‪.116‬‬

‫‪114‬‬
‫‪J.P.Pizzio L’introduction de la notion de con sommateur en droit français Dalloz Paris 1982 N 20 P.91‬‬
‫يمثل هذا االتجاه الفقهي أحمد عبد العال أبو قرين أشار إليه محمد عبد الباقي الصغير‪،‬م س ص‪.30‬‬ ‫‪115‬‬
‫‪116‬‬
‫‪Y.Picod.sous cassation 1er civile,27 septembre 2005:DALLOZ 2006,Juris.n3,p.239.‬‬

‫‪57‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ويؤيد أحد الباحثين‪ 117‬هذا الرأي على اعتبار أنه األصوب واألقرب إلى منطق‬
‫العدالة‪ ،‬فهو يجيز من حيث المبدأ حماية المهني غير المتخصص‪ ،‬بموجب القواعد‬
‫االستهالكية‪ ،‬إذا كانت ظروف التعاقد تدل بصورة مؤكدة وفعلية على أنه أضعف في‬
‫المعرفة واالختصاص بمحل العقد من نظيره المهني اآلخر‪،‬وهذا يتفق مع منطق التوازن‬
‫العقدي‪ ،‬لكنه يضع ضوابط لهذه الحماية تجنبا لتعسف والتحايل على القانون‪.‬‬
‫وأهم هذه الضوابط استبعاد المهني غير المتخصص من نطاق حماية المستهلك‪،‬إذا‬
‫تبين أنه كان قادرا على االستعالم بنفسه‪ ،‬أو كان بإمكانه اللجوء إلى أحد مستشاريه‬
‫القانونيين لحماية نفسه‪ ،‬ويتم تقدير ذلك بناء على معيار موضوعي‪ ،‬يستخلص من شكل و‬
‫بناء الشركة أو مؤسسة المهني‪ .‬والضابط الثاني هو أنه ال يجوز تقرير حماية المهني‬
‫بموجب القواعد االستهالكية‪ ،‬حتى ولو لم يكن مختصا‪،‬في مواجهة شركة أصغر‪،‬أو‬
‫محترف صغير بالنظر إلى القوة االقتصادية واإلدارية لكليهما‪ ،‬وإال أصبح قانون االستهالك‬
‫وسيلة القوي في مواجهة الضعيف‪،‬علما بأن الحكمة من تشريع قانون االستهالك تتمثل في‬
‫حماية الضعيف في مواجهة القوي‪.‬‬
‫لكن القضاء المغربي يرى عدم استفادة المكتري من قواعد حماية المستهلك وهو ما‬
‫جاء في قرار صادر عن محكمة االستئناف‪ 118‬بالدار البيضاء بتاريخ ‪ ،2012/05/29‬حيث‬
‫اعتبر على أن العقد الرابط بين الطاعنة(الشركة المغربية للتمويل اإليجاري مغرب باي)‬
‫والمستأنف عليه‪ ،‬وجاء في تعليلها حيث أن الظاهر من وثائق الملف أن األمر المستأنف بين‬
‫منطوقه على مقتضيات القانون ‪ 31-08‬المتعلق بتحديد تدابير حماية المستهلك‪ ،‬واعتبر‬
‫العقد الرابط بين الطاعنة والمستأنف عليه عقد قرض استهالكي‪....‬‬
‫وحيث أن العقد الرابط بين الطرفين هو عقد ائتمان إيجاري وأن المشرع عرف هذا‬
‫الصنف من العقود في المادة ‪ 431‬من مدونة التجارة بأنه كل عملية كراء السلع التجهيزية‬
‫أو المعدات أو اآلالت أو العقارات المعدة لغرض مهني‪ ،‬فهذه المقتضيات أضفت الطابع‬
‫المهني على هذه العقود وجعلتها تتعلق باالستعمال المهني وليس باالستعمال الشخصي‪.‬‬

‫‪ 117‬يوسف شندي‪-‬المفهوم القانوني للمستهلك‪،‬دراسة تحليلية نقدية‪ ،‬مجلة القضاء التجاري‪،‬العدد الثالث‪-‬السنة الثانية‪،‬شتاء‪/‬ربيع ‪ 2014‬ص‪.25‬‬
‫‪ - 118‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬رقم ‪ ،2012/2897‬بتاريخ ‪(2012/5/29‬غير منشور)‪ ،‬للمزيد من التفاصيل‬
‫انظر الملحق‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وبذلك اعتبرت المستأنف عليه ال يدخل ضمن حكم المادة ‪ 2‬من قانون حماية المستهلك التي‬
‫حصرت تضمين مقتضياتها على المستهلك الذي يقتني المنقول أو العقار لالستعمال‬
‫الشخصي وليس المهني"‪.‬‬
‫وما يمكن مالحظته من خالل القرار المشار إليه أعاله‪ ،‬هو أن القضاء اعتبر عقد‬
‫االئتمان اإليجاري الرابط بين الطاعنة شركة مغرب بأي‪ ،‬والمكتري (المستأنف عليه) ال‬
‫يخضع للمقتضيات المتعلقة بحماية المستهلك مستندا في ذلك على المادة ‪ 2‬من قانون حماية‬
‫المستهلك التي نصت على أن تطبق على عمليات كراء المنقوالت أو العقارات المخصصة‬
‫لغرض شخصي‪ ،‬غير أننا نرى ضرورة تطبيق المقتضيات المتعلقة بحماية المستهلك لكون‬
‫عقد االئتمان اإليجاري يحمل في طياته العديد من الشروط التعسفية في بعض األحيان‪ ،‬مما‬
‫يقتضي التدخل لحماية الطرف الضعيف في العالقة التعاقدية‪ .‬ونؤيد ما توجه إليه بعض‬
‫الفقه عند تعريف الشرط التعسفي بأنه الشرط المعد سلفا من المتعاقد الذي يكون في موقع‬
‫قوي‪( ،‬شركات االئتمان اإليجاري) يجعله يجني منفعة فاحشة ويثقل كاهل المكتري‬
‫بالتزامات إضافية‪ ،‬كالمبالغة في الشرط الجزائي أو رفع الفوائد االتفاقية إلى دون الحد‬
‫المسموح به قانونا‪.‬‬
‫ويقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع‬
‫الظروف المحيطة بإبرامه‪ ،‬وإلى جميع الشروط األخرى الواردة في العقد‪ .‬ويتمتع القاضي‬
‫ب سلطة واسعة في تقدير الشروط التعسفية المدرجة في العقد‪ ،‬فالقاضي إذا بدا له انعدام‬
‫التوازن العقدي بسبب هذه الشروط كانت له سلطة إبطال هذه الشروط‪ ،‬ألن دوره يكون‬
‫منشأ للحق وليس كاشفا عنه وهو ما جاء في قرار لمحكمة النقض الفرنسية‪ 119‬صادر‬
‫بتاريخ ‪ 26‬فبراير ‪" 2006‬على أن القاضي عند تقدير الطابع التعسفي يجب أن يبدأ من‬
‫تاريخ إبرام العقد وليس من تاريخ البدء في النزاع"‪.‬‬

‫‪ - 119‬قرار أشار إليه يوسف المومني‪ ،‬المنازعة المتعلقة بالشروط التعسفية في القانون المغربي المجلة المغربية للقانون واالقتصاد‪،‬مطبعة البالبل‪-‬‬
‫فاس عدد مزدوج ‪ 2013 6-5‬ص ‪.157‬‬

‫‪59‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لكن هناك من يرى على أن القاضي خادم للعقد وليس له أن يعدل أو يلغي من بنود‬
‫العقد على اعتبار أن العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬ألن من شأن ذلك أن يوقعه في التعسف وأن‬
‫من شأن ذلك المساس باألمن القانوني‪.‬‬
‫لكن هناك اتجاه فقهي يرى رغم كون هذه االعتراضات وجيهة‪ ،‬إال أنه يرى أنه‬
‫يجب أن ال تحول دون تدخل القاضي إلعادة بناء العقد وذلك لعدة أسباب عدة‪ ،‬من بينها أن‬
‫وظيفة القاضي تكمن في إقامة العدل بين المتعاقدين وهو ما يستدعي تدخله في العالقة‬
‫التعاقدية التي تربطهم ا‪ ،‬فضال عن التطور الذي طرأ على نظرية االلتزام يوجب القول‬
‫بإعطاء القاضي هذه السلطة‪.120‬‬
‫وبناء على ما سبق يمكن القول على أن القاضي ليس في حاجة إلى نص يعطيه‬
‫سلطة إبطال شرط تعسفي مدرج في عقود‪.‬‬
‫ويع تبر عقد االئتمان اإليجاري من عقود اإلذعان لكون المكتري ال يتمتع بحق‬
‫مناقشة الشروط و البنود التي تضعها شركة االئتمان اإليجاري وذلك راجع إلى القوة‬
‫االقتصادية التي تتمتع بها هذه األخيرة تؤهلها لفرض هذه الشروط‪.‬‬
‫وقد نص المشرع المصري في المادة ‪ 100‬من القانون المدني المصري على هذا‬
‫النوع من عقود اإلذعان‪ 121‬وجاء فيه "القبول في عقود اإلذعان يقتصر على مجرد التسليم‬
‫بشروط مقررة يضعها الموجب وال يقبل المناقشة فيها‪ .‬وانسجاما مع موقف المشرع‬
‫المصري‪ ،‬تعد من الشروط التعسفية الشرط الجزائي ‪ 122‬المبالغ فيه‪ ،‬ألن المبالغة في تقدير‬
‫التعويض المستحق عن عدم تنفيذ االلتزام أو التأخر في تنفيذه تتجاوز حدود الشخص‬
‫العادي الذي ال يقبله إال مضطرا‪ .‬لذلك تدخل المشرع المغربي وكذا المشرعين الفرنسي‬
‫والمصري صراحة على إعطاء القضاء إمكانية التدخل لمراجعة هذه الشروط بحيث نص‬
‫المشرع المغربي في الفصل ‪ 254‬في فقرته الثالثة بعد تعديل ‪ 1994‬من ق ل ع على‬
‫أنه"يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا‬

‫‪ 120‬ل أحمد كويسي‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود االئتمان‪ ،‬المجلة المغربية للقانون االقتصادي‪ ،‬العدد الثاني ‪ ،2009‬ص ‪.31‬‬
‫‪ 121‬هشام إبراهيم توفيق التعويض اإلتفاقي‪-‬الشرط الجزائي دراسة مقارنة بين الفقه اإلسالمي والقانون المقارن المصدر القومي لإلصدارات‬
‫القانونية الطبعة ‪ 2011‬ص‪.130‬‬
‫‪ 122‬يعرف الشرط الجزائي بأنه"شرط يدرج في العقد أو اتفاق الحق‪ ،‬ويتم بموجبه تحديد مقدار ما يستحقه الدائن في حالة عدم تنفيذ المدين اللتزامه‬
‫أو تأخره في تنفيذه"وهو التزام تبعي وليس التزام أصلي‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫كان زهيدا‪،‬ولها أيضا أن تخفض التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من‬
‫جراء التنفيذ الجزئي"‪.‬‬
‫وجاء في المادة ‪ 1152‬من القانون المدني الفرنسي "ويستطيع القاضي من تلقاء نفسه‬
‫تخفيض أو زيادة الجزاء المتفق عليه‪،‬إذا كان مبالغا فيه أو زهيدا‪ "...‬وكما نص على ذلك‬
‫أيضا المشرع المصري في الفقرة الثانية من المادة ‪ 223‬من القانون المدني المصري على‬
‫ما يلي "يجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقدير كان مبالغا فيه‬
‫إلى درجة كبيرة‪ ،‬وأن االلتزام األصلي قد نفذ في جزء منه "‬
‫فهذه النصوص تعطي للقضاء سلطة الرقابة على مدى التزام أطراف العقد لقواعد‬
‫تقدير التعويض بال مغاالة وتعسف‪ .‬وبذلك حد المشرع من مبدأ سلطان اإلرادة الذي أصبح‬
‫يستغله الطرف القوي في العالقة التعاقدية للمبالغة في الشرط الجزائي‪ ،‬فإذا كان في حدود‬
‫المعقول فال يعتبر شرطا تعسفيا ‪.‬‬
‫لذلك تدخل المشرع المغربي والفرنسي والمصري إلعادة التوازن بين التعويض‬
‫اإلتفاقي و الضرر الواقع بالفعل على الدائن والتدخل كذلك إلحداث التناسب بين التعويض‬
‫اإلتفاقي وما تم من تنفيذ جزئي لاللتزام ‪ ،‬وأصبح القضاء يتمتع بسلطة تقديرية واسعة فيما‬
‫يقرره أو ينفيه من مبالغة في التعويض اإلتفاقي‪ ،‬وفيما يراه مناسبا لتخفيضه‪ ،‬إلى الحد‬
‫المعقول أي إلى الحد الذي يتناسب مع الضرر‪.‬‬
‫وبحسب النصوص السالفة الذكر‪،‬فإن سلطة القضاء في المراجعة تعد من النظام‬
‫‪123‬‬
‫لذلك ال يجوز االتفاق على مخالفة مقتضياتها‪ .‬إلعادة التوازن بين التعويض‬ ‫العام‬
‫اإلتفاقي المستحق وقدر الضرر الواقع بالفعل على الدائن والتدخل كذلك إلحداث التناسب‬
‫بين التعويض اإلتفاقي وما تم من تنفيذ جزئي لاللتزام‪ ،124‬باإلضافة إلى التدخل لتحديد‬
‫الفوائد ‪ .‬وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ 125‬بين‬
‫شركة ماروك ليزنك بوصفها مستأنفة و بين شركة المالبس بوصفها مستأنف عليها‪.‬‬

‫رياض فخري اإليجار التمويلي‪،‬مرجع سابق ص ‪.508‬‬ ‫‪123‬‬

‫هشام إبراهيم توفيق م س ص ‪.222‬‬ ‫‪124‬‬

‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم ‪ 3021‬صدر بتاريخ ‪( 2009/05/21‬غير منشور)انظر الملحق‪.‬‬ ‫‪125‬‬

‫‪61‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫"حيث تعيب الطاعنة ماروك ليزنك في مقالها االستئنافي على الحكم االبتدائي كونه‬
‫لم يستجب لطلبها بإجراء خبرة دون تعليل ذلك وتتمسك بكونها محقة لجميع واجبات‬
‫القرض و التأجير التي حلت و التي لم تؤد إلى غاية األجل الطبيعي للعقد بكونها محقة في‬
‫الفوائد االتفاقية عن القانونية ‪.‬‬
‫حيث تمسكت شركة المالبس بكون محكمة الدرجة األولى وقعت في خطأ عند‬
‫احتساب المديونية الحقيقية‪،‬وذلك بسبب اإلغفال عن خصم االقتطاعات التي تمت من‬
‫حسابها بعد تاريخ الفسخ ‪،‬كما أن التعويض عن الفسخ المحكوم به جد مغالى فيه ويتجاوز‬
‫أصل الدين بالضعف ‪.‬‬
‫وحيث‪.......‬‬
‫وحيث أن الفصل ‪ 9‬في فقرته الثانية في جميع العقود المبرمة بين الطرفين يوجب‬
‫على المكتري أن يؤد ي للمكري كتعويض عن الفسخ مبلغا يساوي قيمة واجبات الكراء التي‬
‫بقيت مستحقة إلى نهاية العقد‪.‬‬
‫وحيث بما أن الواجبات الكرائية المتبقية بعد الفسخ إلى نهاية العقود يحكم بها على‬
‫شكل تعويض فإن محكمة الدرجة األولى لما أخضعتها لسلطاتها التقديرية وحددتها في‬
‫مبلغ‪...‬يعتبر جد مبالغ فيه ويتجاوز بذلك أصل الدين‪.‬‬
‫وحيث أن الفصل ‪ 264‬بعد التعديل أعطى للمحكمة إمكانية تخفيض التعويض عن‬
‫األضرار حتى ولو اتفق األطراف على تحديده وذلك متى كان مبالغا فيه‪...‬وحيث أن الفوائد‬
‫االتفاقية تتوقف بمجرد توقف الحساب وال تستمر في السريان إال بوجود اتفاق بذلك‪...‬‬
‫حيث يتعين لذلك رد استئناف شركة "ماروك لينزنك" واعتبار استئناف شركة‬
‫المالبس"‬
‫من خالل القرار موضوع الدراسة يتبين الدور الذي يلعبه القضاء في إعمال الرقابة‬
‫على الشرط الجزائي ولو تم تحديد التعويض برضا الطرفين متى كان مبالغا فيه ويتدخل‬
‫القضاء لتحديده إلى حدود ما يتناسب مع حجم الضرر وكان هدف المشرع من خالل نص‬
‫الفصل ‪ 264‬م ق ل ع هو تحقيق التوازن و الذي يعول على القضاء في تحقيقه‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الفصل الثاين‬

‫دور القضاء يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫يلعب القضاء دورا هاما في صيانة الحقوق وتفعيل النصوص القانونية ونقلها من‬
‫حالة الجمود إلى حالة التطبيق‪ ،‬ويعمل على تحقيق العدالة القانونية حماية ألطراف العقد‬
‫سواء المكري أو المكتري في عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬غير أن هذا األخير له خصوصيات‬
‫ينفرد بها عن غيره من العقود التجارية الواردة في مدونة التجارة‪ ،‬حيث أن المشرع أولى‬
‫عناية خاصة في ما يخص النزاعات التي يترتب عنها هذا العقد حفاظا على التوازن العقدي‬
‫وحماية لمصالح شركات االئتمان اإليجاري‪ ،‬بالتنصيص على إلزامية اللجوء إلى الوسائل‬
‫الودية لتسوية المنازعات التي تقع بين الطرفين قبل عرض النزاع على القضاء تحت طائلة‬
‫البطالن في هذا العقد بمقتضى المادة ‪ 433‬من مدونة التجارة وذلك لما تلعبه هذه الوسائل‬
‫من دور في التخفيف من كثرة النزاعات المعروضة على القضاء‪ ،‬وما تتطلبه من سرعة‬
‫في فض النزاعات بما ينسجم مع خصوصية المعامالت التجارية التي تتجلى في السرعة‬
‫واالئتمان وحرية اإلثبات واالختصاص المكاني والزماني التي تميزها عن المعامالت‬
‫المدنية ‪.‬‬
‫كما أعطى المشرع سلطات واسعة إلى رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضيا‬
‫للمستعجالت لألمر باسترجاع العقار أو المنقول‪ ،‬بعد معاينة واقعة عدم األداء والتأكد من‬
‫تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬وكذا إعطاء القضاء سلطة الرقابة على الشرط الجزائي بإمكانية‬
‫التدخل لتعديله بالتخفيض إذا كان مبالغا فيه أو الزيادة إذا كان زهيدا‪ ،‬وفي حالة االسترداد‬
‫عند تعرض المكتري لمساطر المعالجة و شروط دعوى االسترداد واآلجال‪ ،‬خاصة عقد‬
‫االئتمان اإليجاري باعتباره من العقود الجارية وأهميته في حل أزمة صعوبات المكتري‬

‫‪63‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫والتخفيف من حدتها‪ ،‬وكذت تحديد الجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد وما يضمنه‬
‫شرط االحتفاظ بالملكية من ضمان لشركة االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫كما أن انتهاء عقد االئتمان اإليجاري يرتب مجموعة من اآلثار على طرفي العقد‬
‫سواء كان اإلنهاء من جانب شركة االئتمان اإليجاري أو المكتري مع ما ينتج عن ذلك من‬
‫التزامات وآثار‪.‬‬
‫وسنفصل في هاته األمور من خالل الحديث عقد االئتمان اإليجاري بين إجبارية‬
‫اللجوء إلى وسائل التسوية الودية ونظام صعوبات المقاولة (في المبحث األول) ثم انتهاء‬
‫عقد االئتمان اإليجاري (في المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املبحث األول‬

‫عقد االئتمان اإلجياري بني إجبارية اللجوء إىل وسائل التسوية الودية ونظام‬
‫صعوابت املقاولة‬

‫إذا كان عقد االئتمان اإليجاري من العقود الملزمة للجانبين‪ ،‬فإن أي إخالل‬
‫بااللتزامات من قبل أحد الطرفين ينجم عنه فسخ عقد االئتمان فانتهاء العقد يكون إما بانتهاء‬
‫المدة المحددة في العقد‪ ،‬وهذه الحالة الطبيعية النتهاء جميع أنوع العقود‪.‬‬
‫والحاثة الثانية وهي فسخ العقد نتيجة إخالل أحد الطرفين ببنود العقد‪ ،‬ويكون سبب‬
‫اإلنهاء في غالب األحيان عدم أداء المكتري األقساط الواجبة األداء للمكري‪ ،‬حيث يكون‬
‫لهذا األخير اللجوء إلى رئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة‬
‫عدم األداء‪،‬وفسخ العقد الذي يكون بقوة القانون‪ ،‬لكن المشرع جعل اللجوء إلى قاضي‬
‫المستعجالت كمرحلة ثانية‪ ،‬حيث يتم اللجوء إلى هذه المرحلة بعد استيفاء جميع الطرق‬
‫الودية لتسوية المنازعات‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر لنا إلزامية اللجوء إلى وسائل التسوية الودية قبل عرض النزاع على‬
‫القضاء ألن المشرع رتب البطالن على مخالفة مقتضيات المادة ‪ 433‬من مدونة‬
‫التجارة‪،‬غير أنه استعمل عبارة فضفاضة وبالتالي نتساءل عن المقصود بهذه الوسائل هل‬
‫تشمل الصلح والتحكيم والوساطة؟ باإلضافة إلى عدم صدور نص تنظيمي يبين كيفية إجراء‬
‫هذه التسوية وكيفية التبليغ وهل يتم الرجوع إلى قواعد قانون المسطرة المدنية ومنها المواد‬
‫‪ 36‬و‪ 37‬و‪ 38‬و‪.39‬‬
‫وقد أناط المشرع المغربي برئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضي المستعجالت‬
‫صالحيات واسعة تتمثل في معاينة واقعة عدم األداء واألمر باسترجاع العقار‪ .‬لكن المشرع‬

‫‪65‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لم يشر إلى استرجاع المنقول؟ لكننا نرى أن األمر يشمل حتى المنقول على اعتبار أن عقد‬
‫االئتمان اإليجاري يشمل العقار والمنقول إضافة إلى األصل التجاري‪.‬‬
‫لذلك ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين‪ ،‬نتناول وسائل التسوية الودية للنزاعات‬
‫التي تنشأ عن عقد االئتمان اإليجاري (المطلب األول) ‪ ،‬ثم خصوصيات ممارسة دعوى‬
‫االسترداد في حالة خضوع المقاولة لنظام صعوبات المقاولة (المطلب الثاني)‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التسوية الودية يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫أصبح الحديث عن الوسائل البديلة‪ 126‬لحل المنازعات يكتسي أهمية كبيرة في الوقت‬
‫الراهن باعتبارها إحدى اآلليات القانونية لفض النزاع بشكل متميز وسريع في الزمان‬
‫والمكان‪ . 127‬وذلك لتلبية متطلبات األعمال الحديثة‪ ،‬وربحا للوقت وطول اإلجراءات‬
‫القضائية‪ ،‬فمع التطور المستمر في التجارة وما نتج عن ذلك من تعقيد في المعامالت‬
‫وتوفير السرعة والفعالية للبت في المنازعات ظهرت الحاجة للجوء إلى آليات قانونية يمكن‬
‫لألطراف من خاللها حل خالفاتهم بشكل سريع وفعال مع منحهم مرونة وحرية ال تتوفر‬
‫عادة في المحاكم بسبب بطء هذه األخيرة وتعقيد اإلجراءات والمساطر وارتفاع تكاليف‬
‫اللجوء إلى القضاء‪ ،‬بدء بالرسوم والمصاريف القضائية وانتهاءا بأتعاب هيئة الدفاع‬
‫واألعوان القضائيين‪ ، 128‬لذلك أصبحت الوسائل البديلة لحل المنازعات تعرف اهتماما‬
‫متزايدا على صعيد مختلف األنظمة القانونية والقضائية وذلك لما توفره هذه األخيرة من‬
‫مرونة وسرعة في البت والحفاظ على السرية ‪،‬وما تضمنه من مشاركة األطراف في إيجاد‬
‫الحلول لمنازعاتهم‪ ،‬فأصبحت بذلك تحتل مكانة بارزة في الفكر القانوني واالقتصادي على‬
‫المستوى العالمي لذلك عمل المشرع المغربي على إيجاد اإلطار المالئم لها عن طريق‬
‫تقنينها ثم تطبيقها لتكون بذلك قوة فعالة لتحقيق وتثبيت العدالة وصيانة الحقوق‪.‬‬

‫‪ - 126‬هي تلك اآلليات التي يلجأ إليها األطراف عوضا عن القضاء عند نشوء خالف بينهم بغية التوصل لحل لذلك الخالف‪.‬‬
‫‪ .- 127‬محمد سالم‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات –التجربة األمريكية كنموذج‪ -‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬السنة ‪ ،2004‬ص ‪ 66‬وما يليها‬
‫‪ .- 128‬محمد أطويف‪ ،‬الوساطة االتفاقية على ضوء قانون ‪ ،05.58‬مجلة الحقوق‪ ،‬العدد ‪ 14‬يناير – ماي ‪ ،2013‬مطبعة المعارف الجديدة‪،‬‬
‫الرباط‪ ،‬ص ‪.160‬‬

‫‪66‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وقد أكد المشرع المغربي من خالل المادة ‪ 433‬من مدونة إلزامية اللجوء إلى وسائل‬
‫التسوية قبل عرض النزاع على القضاء حيث جاء في آخر هذه المادة على أنه‪ .." :‬كما‬
‫تتضمن تلك العقود كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين المتعاقدين"‪ ،‬حيث أن‬
‫مخالفة هذا المقتضى يرتب البطالن‪.‬‬
‫فالمشرع أكد من خالل المادة السالفة الذكر على ضرورة تضمين عقود االئتمان‬
‫اإليجاري كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين شركة االئتمان اإليجاري من‬
‫جهة والمكتري من جهة أخرى‪ ،‬وذلك تحت طائلة البطالن‪ ،‬فالمشرع جعل التسوية الودية‬
‫أمرا إجباريا وهو ما يؤكد الطبيعة اآلمرة التي تتميز بها النصوص المنضمة لهذا العقد ‪.‬‬
‫لكن ما يعاب على المشرع المغربي هو عدم أجرأته لهذا النص‪ ،‬وذلك من أجل تبيان‬
‫المقصود بالتسوية الودية للنزاعات في عقد االئتمان اإليجاري وكيفية ممارستها‪.‬‬
‫مما يدفعنا إلى التساؤل حول ما هي وسائل التسوية الودية التي قصدها المشرع من‬
‫خالل المادة ‪ 433‬؟ هل يتعلق األمر بوسائل التسوية الودية للنزاعات بصفة عامة؟ والتي‬
‫يندرج في إطارها الصلح والتحكيم والوساطة والتسوية التوافقية‪ ،‬ألن المشرع استعمل‬
‫عبارة فضفاضة يبقى من الصعب إعطاء تأويل لها‪ ،‬مما يحتم علينا دراسة مختلف هذه‬
‫الوسائل مع االعتماد على بعض القرارات الصادرة في نفس المضمون‪.‬‬
‫من خالل ذلك سنقوم بدراسة الصلح والتحكيم (الفقرة األولى) والتسوية التوافقية‬
‫(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬الصلح والتحكيم‬

‫من الوسائل البديلة لتسوية المنازعات نجد الصلح والتحكيم وهي التي تعرف إقباال‬
‫أكثر من غيرها لذلك نتناولها بنوع من التفصيل‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الصلح‬
‫يعتبر الصلح أقدم وسائل التسوية للنزاعات حيث عرف في ظل المجتمع اإلسالمي‬
‫كذلك أش ارت إليه آيات كريمة من الذكر الحكيم‪ ،‬كما أشار إليه الحديث النبوي‬
‫الشريف‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حيث يدعو القران الكريم إلى الصلح بين المسلمين بقوله تعالى‪":‬إنما المؤمنون إخوة‪،‬‬

‫ف أصلحوا بين إخوانكم واتقوا هللا لعلكم تف لحون‪."129‬‬

‫كما أن الرسول صلى هللا عليه و سلم أقر الصلح في العديد من النوازل وفي حديث‬
‫شريف عن أبي هريرة رضي هللا عنه‪ 130‬أنه قال "الصلح جائز بين المسلمين إال صلحا‬
‫أحل حراما أو حرم حالال"‪.‬‬
‫وكما يجد أساسه في قانون االلتزامات والعقود باعتباره آلية لحل لجميع النزاعات‬
‫الناشئة عن جميع أنواع العقود ‪،‬حيث عرفه المشرع المغربي في الفصل ‪ 1098‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‬
‫على أن "الصلح عقد‪ ،‬بمقتضاه يحسم الطرفان نزاعا قائما أو يتوقعان قيامه وذلك بتنازل‬
‫كل منهما لآلخر عن جزء مما يدعيه لنفسه أو بإعطائه ماال معينا أو حقا"‪.‬‬
‫أما الفقيه عبد الرزاق السنهوري فيعرفه بأنه "عقد يحسم به الطرفان نزاعا دائما أو‬
‫يتوقعان نزاعا محتمال‪ ،‬وذلك بأن يتنازل كل منهما عن إدعاء له يتصل برابطة قانونية‬
‫قائمة بينهما"‪.‬‬
‫ويشترط السنهوري لكي يكون الصلح عقدا قائما‪ 131‬وجود نزاع أو احتمال وجوده‪،‬‬
‫تتجه إرادة األطراف إلى حسمه يتنازل كل طرف عن جزء مما يدعيه‪،‬و إال فال محل‬
‫للصلح‪.‬‬
‫فالصلح له ثالث مقومات‪ ،‬وجود نزاع قائم أو محتمل‪ ،‬حيث أنه لقيام الصلح فمن‬
‫المفترض أن يكون هناك نزاع بين المتصالحين قائم أو محتمل‪ ،‬فإن لم يتواجد نزاع قائم أو‬
‫نزاع محتمل فلن يكون العقد صلحا‪ ،‬ونية حسم النزاع وتنازل كل طرف عن جزء مما‬
‫يدعيه وهو كذلك ما نص عليه المشرع الفرنسي في المادة ‪ 2044‬من القانون المدني‬
‫والمشرع المصري في المادة ‪ 549‬من قانون المرافعات المدنية‪ ،‬مما يدل أن كل القوانين‬
‫المدنية اتفقت على هذا المعطى المتطلب لقيام الصلح‪.132‬‬

‫‪ 129‬سورة الحجرات اآلية ‪10‬‬


‫‪ 130‬أخرجه الترمذي في صحيحه وأبو داود في سننه‪.‬‬
‫‪ - 131‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬الجزء الخامس‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪،2000‬‬
‫ص ‪.508‬‬
‫‪ 132‬محمد سعيد الحاجي‪-‬الوسائل البديلة لفض النزاع البنكي‪-‬الصلح و التحكيم نموذجا رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة و األعمال كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪ 2009/2008‬ص‪.9‬‬

‫‪68‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪133‬‬
‫ويجب لصحة عقد الصلح توفر الشروط القانونية للعقد‪ ،‬ومنها الرضا واألهلية‬
‫والمحل والسبب‪.‬‬
‫ويتم اللجوء إلى الصلح بين طرفي عقد االئتمان اإليجاري إلنهاء النزاع بشكل حبي‬
‫كونه أهم وأقدم وسائل فض النزاعات التي تقدم عليه شركات التمويل‪ ،‬والمؤسسات‬
‫البنكية‪ ،‬وتعده في صيغة عقد نموذجي وتكمن أهميته على مستوى هذا العقد في كونه وسيلة‬
‫لربح الوقت ويكون بين طرفيه دون تدخل طرف ثالث في النزاع‪،‬و ما يتميز به من حفظ‬
‫األسرار التجارية التي يهدف األطراف إلى المحافظة عليها ‪،‬والسمعة التجارية التي تلعب‬
‫دورا كبيرا في المجال التجاري‪.‬‬
‫وهناك مجموعة من النزاعات التي يتم حلها عن طريق آلية الصلح وغالبا ما تضمن‬
‫شركات االئتمان اإليجاري عقودها النموذجية إبرام صلح قبل عرض النزاع على القضاء‬
‫وهذا األخير ال ينظر في النزاع إذا تم إبرام صلح بين الطرفين ويكتفي فقط باإلشهاد عليه‬
‫ويتم اللجوء إلى الصلح حتى بعد اللجوء إلى القضاء وهو ما جاء في قرار صادر عن‬
‫محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ 134‬بتاريخ ‪ 2003/01/09‬بين شركة برومي تور‬
‫بوصفها مستأنفة و بين القرض التجاري اإليجاري بوصفه مستأنف عليه في إطار عقد‬
‫ائتمان إيجاري حيث جاء في قرارها‪:‬‬
‫"وحيث أدلى نائب المستأنف عليه بتوقيع الصلح الواقع بين الطرفين‬
‫وحيث أسند النظر نائب المستأنفة في الصلح الواقع بين الطرفين‬
‫وحيث ألجله فإن المحكمة ال يسعها إال اإلشهاد على الصلح الواقع بين الطرفين مع‬
‫التصريح بأن االستئناف أصبح غير ذي موضوع و تحميل المستأنف عليها الصائر"‬
‫من خالل القرار يتبين لنا أهمية الصلح في عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬فهو يلعب دورا‬
‫هاما في تسوية النزاع بطريقة حبية دون تدخل أي طرف والقضاء تبقى وظيفته عند إبرام‬
‫عقد صلح بين طرفي عقد االئتمان فقط اإلشهاد‪ ،‬كما أن القضاء يمنع عليه النظر في النزاع‬

‫‪ 133‬نص المشرع المغربي في المادة ‪ 206‬من مدونة األسرة على أن األهلية نوعان‪:‬أهلية وجوب وأهلية أداء‪.‬أما أهلية الوجوب فهي حسب المادة‬
‫‪ 207‬من مدونة األسرة "هي صالحية الشخص الكتساب الحقوق و تحمل الواجبات التي يحددها القانون و هي مالزمة له طول حياته وال يمكنه‬
‫حرمانه منها‪.‬أما أهلية األداء فهي حسب المادة ‪" 208‬هي صالحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية و المالية ونفاذ تصرفاته ‪،‬ويحدد القانون‬
‫الشروط‪ ،‬شروط اكتسابها وأسباب نقصانها أو انعدامها‪.‬‬
‫‪ 134‬قرار رقم ‪ 2003/102‬صادر بتاريخ ‪ 2003/01/09‬رقمه بالمحكمة االبتدائية ‪ 1/2001/908‬رقمه بمحكمة االستئناف التجارية‬
‫‪ 9/2002/3667‬للمزيد من التفاصيل يراجع الملحق‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عند وجود عقد صلح أو بند في العقد يحيل على الصلح باعتبار أن المشرع جعل من خالل‬
‫المادة ‪ 433‬اللجوء إلى وسائل التسوية الودية أمر إجباري قبل عرض النزاع على القضاء‬
‫وإال ما الفائدة من التنصيص عليها دون إلزام األطراف باحترامها و تقرير جزاء لمخالفة‬
‫أحكامها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التحكيم‬
‫يعتبر التحكيم من وسائل تسوية المنازعات‪ ،‬مفاده الخروج عن طرق التقاضي‬
‫العادية‪ ،‬وما تكلفه من ضمانات ووقت قد ال تسمح به ظروف التجارة‪.135‬‬
‫وقد اهتم المشرع المغربي بمؤسسة التحكيم‪ ،‬حينما نص في الفقرة األخيرة من المادة‬
‫‪ 5‬من قانون إحداث هذه المحاكم التجارية‪136‬على أنه "يجوز لألطراف االتفاق على عرض‬
‫النزاعات المبنية أعاله على مسطرة التحكيم وفقا ألحكام الفصول ‪ 306‬إلى ‪ 327‬من قانون‬
‫المسطرة المدنية‪.‬‬
‫وقد عرف الفصل ‪ 316‬من ق‪.‬م‪.‬م شرط التحكيم بكونه "االتفاق الذي يلتزم فيه‬
‫أطراف عقد بأن يعرضوا على التحكيم النزاعات التي تنشأ عن العقد المذكور‪.‬‬
‫كما عرفه بعض الفقه بكونه "اتفاق المتعاقدين عند التعاقد‪ ،‬وقبل أن يحدث أي نزاع‬
‫على إدراج شرط بالعقد‪ ،‬يلزم الطرفين بإحالة كل ما يثور بينهم من نزاعات أو خالفات‬
‫على محكم سواء تعلق األمر بتنفيذ العقد أو تفسيره‪.137‬‬
‫وقد نظم المشرع المغربي التحكيم بمقتضى الفصول ‪ 306‬إلى ‪ 327‬من ق‪.‬م‪.‬م‪،‬‬
‫وعلى المستوى الوطني أحدث على مستوى مدينة الدار البيضاء بتاريخ ‪2003/02/17‬‬
‫مركز التحكيم والوساطة التابع لغرفة التجارة والصناعة والخدمات بالدار البيضاء ويتكون‬
‫من ثالثة محكمين ويختص بالفصل في النزاعات القائمة بين التجار وكذا بالوساطة فيما‬
‫بينهم‪.‬‬

‫‪ - 135‬أبو جعفر المنصوري‪ ،‬خصومة التحكيم اإللكتروني في ضوء القواعد العامة للتحكيم‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد ‪ 26‬ماي ‪ ،2010‬ص ‪.11‬‬
‫‪ - 136‬ظهير شريف رقم ‪ 1.97.65‬صادر في ‪ 4‬شوال (‪ 12‬فبراير ‪ )1977‬بتنفيذ القانون رقم ‪ 53.95‬القاضي بإحداث محاكم تجارية منشور‬
‫بالجريدة الرسمية عدد ‪.4482‬‬
‫‪ - 137‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في قانون التجارة المغربي والمقارن‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬النظرية العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية‪ ،‬دار‬
‫نشر المعرفة الرباط‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،1988‬ص ‪.455‬‬

‫‪70‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فالمبدأ السائد في مجال التحكيم التجاري هو أن مبدأ سلطان اإلرادة يلعب دورا مهما‬
‫في تنظيم كيفية سير اإلجراءات‪ 138‬والذي يتم فيه كذلك االختيار الحر لألطراف بمحض‬
‫إرادتهم للجوء إلى هذه الوسيلة لتسوية منازعاتهم‪ ،‬والمشرع بمقتضى الفقرة األولى من‬
‫الفصل ‪ 139308‬من قانون ‪ 05.08‬أعطى إمكانية للجوء إلى التحكيم لجميع األشخاص من‬
‫ذوي األهلية الكاملة‪ ،‬سواء كانوا طبيعيين أو معنويين مع مراعاة الفصل ‪ 14062‬من ظهير‬
‫االلتزامات والعقود‪.‬‬
‫لذا ليس هناك أي مانع يمنع طرفي عقد االئتمان اللجوء إلى التحكيم لتسوية‬
‫منازعاتهم بطريقة ودية‪ ،‬وإمكانية تضمين الطرفين شرط التحكيم ضمن بنود العقد يقرر‬
‫اللجوء إلى التحكيم لحل المنازعات التي قد تثور مستقبال بين المتعاقدين بصدد هذا العقد‬
‫وتنفيذه ويتم االتفاق على التحكيم كما يرى بعض الفقه قبل نشوء أي نزاع بينهما بشأن‬
‫عالقة قانونية معينة‪ ،‬ويتم تضمين شرط التحكيم إما في عقد أصلي أو في عقد الحق ويكون‬
‫مجرد وعد باللجوء إلى التحكيم في حال نشوب نزاع‪.‬‬
‫بل أعطى كذلك المشرع المغربي من خالل قانون‪ 08.05‬للمحكم األمر باإلجراءات‬
‫الوقتية والتحفظية‪ ،141‬حيث جاء في الفصل ‪ 15‬منه "يجوز للهيأة التحكيمية‪ ،‬ما لم يتم‬
‫االتفاق على خالف ذلك‪ ،‬أن تتخذ بطلب من أحد األطراف كل تدبير مؤقت أو تحفظي تراه‬
‫الزما في حدود مهمتها‪.‬‬
‫ويبقى اختصاص المحكمة التجارية فقط بمنح الحكم الصادر عن المحكمين الصيغة‬
‫التنفيذية بعد تأكدها من كون المقرر التحكيمي غير مشوب بالبطالن وغير مخالف للنظام‬
‫العام دون النظر ف ي الموضوع وهو ما أكده قرار صادر عن المجلس األعلى (محكمة‬

‫‪ - 138‬طارق الجبلي‪ ،‬مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية –التحكيم التجاري نموذجا‪ -‬رسالة لنيل الماستر في القضاء والتحكيم‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2010-2009‬ص ‪.44‬‬
‫‪ - 139‬ينص الفصل ‪ 308‬في فقرته األولى "يجوز لجميع األشخاص من ذوي األهلية الكاملة سواء كانوا طبيعيين أو معنويين أن يبرموا اتفاق تحكيم‬
‫في الحقوق التي يملكون حرية التصرف فيها ضمن الحدود ووفق اإلجراءات والمساطر المنصوص عليها في هذا الباب وذلك مع التقيد بمقتضيات‬
‫ظهير االلتزامات والعقود والسيما الفصل ‪ 62‬منه"‪.‬‬
‫‪ - 140‬ينص الفصل ‪ 62‬من ظهير االلتزامات والعقود "االلتزام الذي ال سبب له والمبني على سبب غير مشروع يعد كأن لم يكن‪.‬‬
‫‪ 141‬عبد الرحمان المصباحي‪ ،‬التحكيم والتدابير المؤقتة والتحفظية‪ ،‬نشرة قرارات محكمة النقض‪ ،‬الغرفة التجارية‪ ،‬السلسلة ‪ ،3‬الجزء ‪ ،11‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬ص ‪.175‬‬

‫‪71‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫النقض حاليا) عدد ‪ 129‬بتاريخ ‪ 28‬يناير ‪ 1422010‬والذي جاء في‪" :‬لئن كانت المحكمة‬
‫فيما يتعلق بمنح الصيغة التنفيذية يتمحور حول التأكد من كون المقرر التحكيمي غير مشوب‬
‫بالبطالن وغير مخالف للنظام العام دون أن تتجاوز ذلك إلى النظر في الموضوع الذي‬
‫فصل فيه المحكمون‪.".....‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التسوية التوافقية‬

‫يندرج ضمن التسوية التوافقية كل من الوساطة والمصالحة باعتبارهما من الوسائل‬


‫البديلة لحل المنازعات التجارية‪.‬‬
‫لكن مع خصوصية عقد االئتمان اإليجاري تبقى المصالحة مستبعدة من نطاق المادة‬
‫‪ 433‬من م‪.‬ت على اعتبار أنه كما يرى بعض الفقه الفرنسي تعتبر مجرد مفاوضة منظمة‬
‫يمكن لألطراف أن يختاروا وسيطا مكلفا القتراح توصيات أو حلول ال تلزمهم في شيء‪.‬‬
‫لذلك تبقى الوساطة من بين الوسائل الناجعة للحل الودي للنزاع لما تحققه من ضمان‬
‫الس تقرار واستمرار العالقات التجارية بين األطراف المتنازعة بعد تلك الخالفات وكذلك لما‬
‫تحققه من سرعة ومرونة وحفظ أسرار األطراف وتوفير الجهد والوقت والمال فيما لو‬
‫اعتمد الطريق القضائي‪.143‬‬
‫وقد عرف المشرع المغربي الوساطة من خالل الفصل ‪ 56-327‬من قانون المسطرة‬
‫المدنية بأنه "العقد الذي يتفق األطراف بموجبه على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح‬
‫إلنهاء نزاع نشأ أو قد ينشأ فيما بعد" لكن المشرع لم يعط تعريفا دقيقا للوساطة تاركا ذلك‬
‫للفقه والقضاء مكتفيا بوضع اإلطار القانوني من خالل القانون رقم ‪.08.05‬‬
‫لكن بما أن الوساطة لم تدخل حقل المنظومة القانونية إال حديثا‪ ،‬فقد عرفها بعض‬
‫‪144‬‬
‫بأنها تعني التفاوض بين المتخاصمين وحضور طرف ثالث محايد‪ ،‬دوره هو‬ ‫الفقه‬
‫تسهيل البحث عن حل النزاع"‪.‬‬

‫‪- 142‬قرار صادر عن المجلس األعلى(محكمة النقض حاليا) رقم ‪ 129‬بتاريخ ‪ 28‬يناير ‪ 2010‬في الملف عدد ‪ 2009/3/3/896‬الغرفة التجارية‪-‬‬
‫نشرة قرارات المجلس األعلى السلسلة ‪ 12‬الجزء ‪ 5‬ص ‪.45‬‬
‫‪ - 143‬فيصل بجي‪ ،‬الوساطة والعدالة والمطلوبة‪ ،‬مجلة المنبر القانوني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ 6‬أبريل ‪ ،2014‬ص ‪.245‬‬
‫‪ H.Touzard 144‬أشار إليه فيصل بجي‪-‬نحو إقرار الوساطة القضائية كخيار بديل لفض المنازعات‪-‬مجلة الدراسات القضائية واإلدارية العدد ‪5‬‬
‫دجنبر ‪ 2013‬دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع –الرباط ص ‪.127‬‬

‫‪72‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫واتفاق الوساطة قد يتم بعد نشوء النزاع و في هذه الحالة يحيي عقد الوساطة أو‬
‫يترتب على االتفاق األصلي بين األطراف ويسمى شرط الوساطة‪ 145‬وعقد الوساطة هو‬
‫ذلك االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف النزاع على عرض هذا األخير على وسيط‪،‬ويتعين أن‬
‫يتضمن تحت طائلة البطالن‪ ،‬موضوع النزاع وتعيين الوسيط أو طريقة تعيينه‪ .‬و أما شرط‬
‫الوساطة فهو االتفاق الذي يلتزم فيه أطراف عقد على عرض النزاع الذي ينشأ بينهم على‬
‫وسيط‪ ،‬ومن شروطه الكتابة ومدة قيام الوسيط بمهامه‪.146‬‬
‫وتكمن أهمية اشتراط اللجوء إلى الوساطة أو االتفاق على ذلك في عقد خاص‪ ،‬في‬
‫أن المحكمة تصرح بعدم قبول الدعوى الرامية إلى النظر في النزاع الذي تم االتفاق فيه‬
‫على اللجوء إلى الوساطة‪ .147‬وهي وسيلة غير قضائية لحل النزاعات بواسطة تدخل طرف‬
‫ثالث محايد ومستقل عن أطراف النزاع‪ ،‬وليست له أية سلطة في اتخاذ القرار‪.‬‬
‫وقد كرس العمل القضائي مبدأ عدم اللجوء إلى المسطرة القضائية‪ ،‬إال بعد استنفاذ‬
‫وسائل التسوية الودية إلنهاء النزاع‪.‬‬
‫كما أن نص المادة ‪ 433‬من مدونة لتجارة يصنف في إطار القواعد القانونية اآلمرة‬
‫التي ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها‪ ،148‬ويؤكد ضرورة تضمين عقود االئتمان‬
‫اإليجاري تحت طائلة البطالن كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين‬
‫المتعاقدين‪.‬‬
‫ومع غياب مرسوم تطبيقي يبين كيفية التسوية الودية‪ ،‬فإن شركات التمويل‬
‫المتخصصة في عمليات االئتمان اإليجاري والمنضوية تحت لواء الجمعية المهنية لشركات‬
‫التمويل قد تعاملت مع هذا الغياب بوضع تفسير لنص المادة ‪ .433‬من م‪.‬ت بأن كل نزاع‬
‫يتعلق بتأويل أو تنفيذ أي بند من هذا العقد يكون محل تسوية ودية‪.149‬‬

‫‪ 145‬عبد الكريم الطالب‪-‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية المطبعة والوراقة الوطنية مراكش الطبعة أبريل ‪ 2013‬ص‪.346‬‬
‫‪ 146‬ومن شروط الوساطة ‪:‬الكتابة إما في وثيقة أصلية أو في وثيقة تحيل عليه وتعيين الوسيط وذلك تحت طائلة البطالن ويقوم الوسيط بمهمته‬
‫داخل أجل ثالثة أش هر ما لم يتفق األطراف على تمديد هذا األجل ويتعين على الوسيط أن يكتم السر المهني‪،‬وبعد وصوله إلى الصلح تحرر وثيقة‬
‫بذلك‪.‬‬
‫‪ 147‬عبد الكريم الطالب‪،‬نفسه‪.‬‬
‫‪ - 148‬عز الدين بنستي‪ ،‬بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية‪ ،‬مقال منشور بمجلة المجلس األعلى‪ ،‬ندوة الصلح والتحكيم والوسائل‬
‫البديلة لحل النزاعات من خالل اجتماعات المجلس األعلى‪ ،2007 /‬ص ‪.415‬‬
‫‪ 149‬عز الدين بنستي‪ ،‬نفسه ص ‪.416‬‬

‫‪73‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لهذا الغرض يخبر الطرف المدعى الطرف اآلخر المعني بموضوع العقد برسالة‬
‫مضمونة مع إشعار بالتوصل بالعنوان المشار إليه في هذا العقد أو المغير الذي تم تبليغه إلى‬
‫المرسل ويجب على المرسل إليه أن يكشف عن مقترحاته للتسوية الحبية في الخمس عشر‬
‫يوما الموالية لتاريخ وضع رسالة المرسل إليه للرسالة‪.‬‬
‫وإذا حصل االتفاق تم تسجيله في محضر أو في وثيقة تقوم مقامه‪ ،‬وهذا المقتضى‬
‫تؤكده مجموعة من القرارات منها ما هو صادر عن محكمة النقض ومنها ما هو صادر عن‬
‫محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ ،‬حيث صدر قرار عن محكمة النقض‪ 150‬بتاريخ‬
‫‪ 2013/05/09‬بين الشركة المغربية لإليجار (الطالبة) وشركة كومباني ماريتيم‬
‫(المطلوبة)‪ ،‬حيث تنعى الطاعنة على القرار خرق وسوء تطبيق وتحريف مقتضيات المادة‬
‫‪ 433‬من مدونة التجارة وخرق الفصل ‪ 416‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والفصل ‪ 345‬من ق‪.‬م‪.‬م وفساد‬
‫التعليل الموازي النعدامه وعدم االرتكاز على أساس‪ ،‬بدعوى أن المحكمة المصدرة له‬
‫اعتبرت "أن مسطرة الفسخ يتعين مباشرتها بعد مرور شهر من التوصل برسالة اإلنذار‪،‬‬
‫وأن اإلشعار البريدي المدلى به ال يشير إلى تاريخ التوصل وال يتضمن توقيع المرسل"‬
‫والحال أن اإلشعار البريدي صادر عن مصلحة البريد التي تعتبر مؤسسة عمومية ويثبت‬
‫توصل المطلوبة باإلنذار الموجه إليها‪ ،‬وبياناته حجة قاطعة ال يطعن فيها إال بالزور‪ ،‬وأن‬
‫المطلوبة لم تطعن بالزور في اإلشعار التي توصلت به‪ .‬كما أن المحكمة اعتبرت "أن‬
‫مقتضيات المادة ‪ 433‬من مدونة التجارة تفيد ضرورة أن تنتظر العارضة أجل شهر بعد‬
‫توصل المطلوبة باإلنذار قبل إقامة دعوى االسترجاع" في حين ليس في المادة ‪ 433‬من‬
‫مدونة التجارة ما يفيد ذلك مما يستوجب نقض القرار المطعون فيه‪.‬‬
‫لكن حيث إنه لما كان البند ‪ 11‬من عقد االئتمان اإليجاري يلزم قبل رفع الدعوى‬
‫بشأن تفسيره أو تنفيذه‪ ،‬بتوجيه رسالة مع اإلشعار بالتوصل‪ ،‬وبعد ثمانية أيام يتعين على‬
‫المرسل إليه أن يدلي باقتراحه حول التسوية الودية للنزاع‪ ،‬وإن لم يحل ذلك خالل أجل‬
‫شهر أمكن رفع الدعوى‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي ثبت لها أن‬

‫‪ - 150‬قرار صادر عن محكمة النقض بغرفتها التجارية‪ ،‬قرار عدد ‪ 1/206‬المؤرخ في ‪ 2013/15/04‬ملف تجاري عدد ‪(2012 /1/3/1636‬غير‬
‫منشور) أنظر الملحق‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫اإلشعار البريدي ال يفيد توصل المطلوبة باإلنذار لعدم توقيعها عليه وعدم تضمين تاريخ‬
‫التوصل به –وهو األمر المطابق لواقع الملف‪ -‬اعتبرت وعن صواب أنه لم يثبت توصل‬
‫المطلوبة باإلنذار حتى تمارس مسطرة التسوية الودية‪ ،‬مما تبقى معه الدعوى مرفوعة دون‬
‫مراعاة المسطرة المذكورة‪ .‬ويتعين التصريح بعد قبولها‪"...‬‬
‫من خالل القرار الذي تم التطرق يتبين أن مسطرة استرجاع المنقول لعدم أداء‬
‫المكتري ألقساط الكراء‪ ،‬ال يتم اللجوء إليها إال بعد استنفاذ وسائل التسوية الودية تحت‬
‫طائلة البطالن وتبليغ المكتري برسالة مع إشعار بالتوصل من أجل مباشرة هذه التسوية وأن‬
‫يكون التبليغ قانونيا‪ ،‬مع اإلشارة إلى تاريخ التوصل وتوقيع المرسل وإال اعتبر التبليغ كأن‬
‫لم يكن‪.‬‬
‫وكذا مجموعة من القرارات الصادرة عن محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‬
‫ومنها قرار بتاريخ ‪ 2012/5/3‬بين شركة شانتي مودرن‪( ...‬بوصفها مستأنفة) وبين شركة‬
‫سوجليز المغرب (بوصفها مستأنف عليها)‪.‬‬
‫" حيث تمسكت الطاعنة في استئنافها خرق األمر المستأنف مقتضيات الفصل ‪433‬‬
‫من مدونة التجارة وعقد االئتمان اإليجاري وخرق حقوق الدفاع وذلك بتوجيه المستأنف‬
‫عليها االستدعاء لغير العنوان الصحيح المضمن بعقد االئتمان اإليجاري الشيء الذي يشكل‬
‫خرقا بأحد حقوق الدفاع يستوجب إلغاء األمر المستأنف‪.‬‬
‫حيث أنه بخصوص خرق مقتضيات الفصل ‪ 433‬من المدونة والمادة ‪ 13‬من عقد‬
‫االئتمان اإليجاري فإنه باإلطالع على محضر تبليغ إنذار الموجه من طرف المستأنف عليها‬
‫للطاعنة يتبين أن المستأنف عليها وجهت إنذار من أجل األداء وأعربت لها بأنها على‬
‫استعداد إليجاد تسوية ودية بخصوص أداء الدين المترتب شريطة االتصال بها خالل‬
‫األجل الممنوح لها وحيث أن رسالة اإلنذار وجهت للمستأنف بالعنوان‪ ..‬وهو نفس العنوان‬
‫المضمن بعقد االئتمان اإليجاري وهو نفس العنوان الذي قدمت به المستأنفة مقالها‬
‫االستئنافي وإن رسالة اإلنذار توصل بها المدعي ‪ ...‬بصفته مسؤول مالي للمستأنفة ولم‬
‫تنازع في صفه من توصل بهذا اإلنذار‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫وحيث مم ا ذكر يتبين أن رسالة اإلنذار المشار إليها أعاله قد احترمت الفصل ‪433‬‬
‫من م‪.‬ت‪.‬‬
‫وحيث بخصوص خرق حقوق للدفاع‪ ،‬فإنه ثبت باإلطالع على االستدعاء الموجه‬
‫للطاعنة أنه وجه بنفس العنوان الوارد بالعقد ورجع بمالحظة أن المعنية باألمر انتقلت‪ ،‬وأنه‬
‫طبقا لعقد االئتمان فإن الطاعنة التزمت في حالة تغيير العنوان إخبار المكرية بذلك‪.‬‬
‫وحيث أن الطاعنة لم تدل بما يثبت أنها أخبرت المستأنف عليها بالعنوان الجديد‬
‫ورغم ذلك قامت بتوجيه االستدعاء للعنوان القديم وبالتالي فإن الدفع بخرق حقوق الدفاع‬
‫غير ثابت مما يتعين معه رد االستئناف وتأييد األمر المستأنف‪.‬‬
‫وحيث يتعين إبقاء الصائر على رافعته"‪.‬‬
‫حيث يتبين من خالل القرار السالف الذكر أن المحكمة تبسط رقابتها على مدى‬
‫احترام أطراف عقد االئتمان اإليجاري لمقتضيات المادة ‪ 433‬من م‪.‬ت‪ ،‬وبالتالي فإن شركة‬
‫االئتمان احترمت هاته المقتضيات عن طريق توجيه رسالة تتعهد فيها بإيجاد حل ودي‬
‫للنزاع غير أن المكتري (شركة شانتي مودرن) استأنف األمر الصادر عن محكمة االبتدائية‬
‫بعلة أن رسالة وجهت إلى عنوان غير صحيح لكن هذا يلقي على هاته األخيرة التزامها‬
‫بإخبار المكري (شركة سوجليز) بالعنوان الجديد في حالة تغييره وهو توجه صائب لمحكمة‬
‫االستئناف التجارية بالدار البيضاء بتطبيقها السليم لنص المادة أعاله‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مآل عقد االئتمان اإلجياري يف مساطر صعوابت املقاولة‬

‫أعطى المش رع المغربي لرئيس المحكمة التجارية باعتباره قاضيا لألمور المستعجلة‬
‫مجموعة من الصالحيات‪ ،‬إذ أن شركات االئتمان اإليجاري يمكنها اللجوء إليه لمعاينة‬
‫واقعة عدم األداء ‪،‬واألمر باسترداد المنقول أو العقار‪ ،‬إال أن اإلشكال الذي يطرح يتمثل في‬
‫ما هي اإلجراءات التي يجب إتباعها في الحالة التي تتعرض المقاولة لمساطر صعوبات‬
‫المقاولة؟ فكيف يتم االسترداد في هذه الحالة؟ وإلى من يعود االختصاص للبت في طلبات‬
‫االسترداد هل قاضي األمور المستعجلة باعتباره الجهة التي كلفها المشرع بمعاينة واقعة‬
‫عدم األداء أم القاضي المنتدب؟‬
‫‪76‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فعقد االئتمان اإليجاري يخول لشركة االئتمان (المكري) الحق في الحفاظ على‬
‫منقوالتها وعقاراتها المحتفظ بملكيتها‪ ،‬متى كان المدين خاضعا للتسوية أو التصفية القضائية‬
‫وتمنح لها إمكانية االسترداد شريطة االلتزام باألجل الذي حدده المشرع لممارسة هذه‬
‫الدعوى‪ ،‬وكذا الجهة المكلفة بتلقي طلب االسترداد‪ ،‬إضافة إلى توفر شرط الصفة ألنه شرط‬
‫مهم في هذه دعوى االسترداد‪ ،‬أي أن يكون طالب االسترداد هو صاحب حق الملكية على‬
‫المال المؤجر‪.‬‬
‫كذلك نتساءل عن موقع عقد االئتمان اإليجاري عند فتح مساطر المعالجة في حق‬
‫المكتري‪ ،‬وعلى وجه الخصوص مسطرة التسوية القضائية والسلطات التي يملكها السنديك‬
‫في إطار مخطط االستمرارية في مواصلة أو عدم مواصلة عقد االئتمان اإليجاري باعتبار‬
‫المشرع والقضاء جعله من العقود الجارية‪ ،‬أو تفويته واآلثار التي تنتج عن تفويت عقد‬
‫االئتمان اإليجاري وخاصة األقساط الواجبة قبل التفويت‪.‬وهل يتحملها المفوت إليه؟ خاصة‬
‫أن المفوت إليه ال يمكنه تملك العقار أو المنقول عند نهاية العقد وإعماله خيار الشراء إال‬
‫عند أداء جميع األقساط ‪.‬‬
‫لذا ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين نتطرق إلى إجراءات االسترداد والجهة‬
‫المكلفة بالبت في طلبات االسترداد في الفقرة األولى ثم موقع عقد االئتمان اإليجاري في‬
‫مساطر صعوبات المقاولة في الفقرة الثانية‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬إجراءات االسرتداد واجلهة املكلفة ابلبت يف طلبات االسرتداد‬

‫تطرق المشرع المغربي لحالة االسترداد من خالل المواد ‪ 667‬إلى ‪ 676‬من مدونة‬
‫التجارة حيث أشار إلى شروط وآجال االسترداد والجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد‪.‬‬
‫ويقدم طلب االسترداد‪ ،‬من طرف شركة االئتمان فيما يتعلق بعقد االئتمان اإليجاري ومما‬
‫ينبغي التأكيد عليه أن هذا الحق قرره المشرع فقط لفائدة غير الدائنين(أصحاب حقوق‬
‫االسترداد ويضاف إليهم كذلك حقوق الزوج والمكري) للمقاولة الخاضعة للتسوية أو‬
‫التصفية القضائية‪ ،‬الذي يستند في طلبه إلى حق الملكية على المنقول وليس مجرد حق‬
‫شخصي وإذا كان حق االسترداد مقرر فقط لفائدة صاحب حق الملكية بصفته مالكا له‪ ،‬فانه‬

‫‪77‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يجب على المدعى في دعوى االسترداد في إطار صعوبات المقاولة أن يستجيب لهذه الصفة‬
‫وأن يستطيع إثبات هذه الصفة عند الحكم بفتح المسطرة‪ ،151‬ما لم يسبق له إشهار العقد‬
‫موضوع الحال‪،‬حيث يعفى في هذه الحالة من إثبات صفته كمالك‪.152‬‬
‫وفيما يخص آجال رفع دعوى االسترداد البد من تحليل النطاق الزمني لمعرفة تاريخ‬
‫سريان أجل االسترداد ارتباطا بنشر الحكم بفتح المسطرة (الحالة األولى) وارتباطا بتاريخ‬
‫فسخ العقد أو انتهائه متى كانت األموال المراد استردادها موضوع عقد جار يوم فتح‬
‫المسطرة (الحالة الثانية)‪.‬‬
‫الحالة األولى‪:‬تاريخ سريان أجل االسترداد ارتباطا بنشر حكم فتح المسطرة‪:‬‬
‫ما يعنينا هنا هو األجل الذي وضعه المشرع المغربي للمطالبة باالسترداد وعلى‬
‫طالب االسترداد االلتزام به لتقديم طلبه داخل أجل ثالثة أشهر لنشر حكم فتح مسطرة‬
‫التسوية القضائية أو التصفية القضائية‪ 153‬وبمضي هذا األجل يسقط حقه في ممارسة دعواه‪.‬‬
‫لكن من وجهة نظرنا يبقى هذا األجل قصيرا‪ ،‬بالمقارنة مع النص الذي يقابله في‬
‫التشريع المصري الذي نص بمقتضى القانون رقم ‪ 17‬لسنة ‪ 1999‬المتعلق بالتجارة في‬
‫مادته ‪ 632‬على انه"تتقادم دعوى االسترداد التي توجه إلى أمين التفليسة في الحاالت‬
‫المذكورة في المواد من ‪ 626‬إلى ‪ 630‬من هذا القانون بمضي سنة من تاريخ نشر حكم‬
‫شهر اإلفالس في الصحيفة اليومية التي تعينها المحكمة وفقا للفقرة الثالثة من المادة ‪564‬‬
‫من هذا القانون"‬
‫الحالة الثانية‪:‬تاريخ أجل االسترداد ارتباطا بتاريخ فسخ أو انتهاء العقد متى كانت‬
‫األموال المراد استردادها موضوع عقد جار ابتداء من تاريخ فسخ هذا العقد أو انتهائه‪.‬‬
‫مما ين بغي اإلشارة إليه أن هذا األجل ال يسري بالنسبة لألموال موضوع عقد جار‬
‫يوم فتح المسطرة إال من تاريخ فسخ هذا العقد أو انتهائه بمقتضى الفقرة الثانية من المادة‬

‫‪151‬‬
‫‪Pérochon. F .entreprise en difficulté instrument de crédit et de paiement, librairie générale de droit de‬‬
‫‪jurisprudence PARIS 3eme édition octobre1997, n 288 p 273.‬‬
‫‪ 152‬تنص المادة ‪ 668‬من م ت على ما يلي‪:‬‬
‫يعفى صاحب المال من إثبات حقه كمالك إذا سبق شهر العقد موضوع هذا المال"‬
‫‪ 153‬تنص المادة ‪ 667‬من م ت "ال يمكن ممارسة استرداد المنقول إال في أجل الثالثة أشهر التالية لنشر الحكم القاضي بفتح التسوية أو التصفية‬
‫القضائية‪.‬‬
‫يسري األ جل بالنسبة لألموال موضوع عقد جار يوم فتح المسطرة ابتداء من تاريخ فسخ العقد أو انتهائه"‬

‫‪78‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪ 667‬من م ت وما يالحظ من خالل هاته المادة أن المشرع أقر قاعدة أساسية تتمثل في أن‬
‫العقود الجارية تستمر بقوة القانون بعد فتح مسطرة التسوية القضائية‪.‬و األجل المحدد من‬
‫طرف المشرع لالسترداد ال يخضع النقطاع وال للوقف‪ .‬ويرى األستاذ أحمد شكري‪ 154‬أن‬
‫هذا األجل جيد بالرغم من عدم تحديد طبيعة هذا األجل‪ ،‬لكن االجتهاد الفرنسي قد تصدى‬
‫‪155‬‬
‫لهذه الثغرة معتبرا أن أجل االسترداد ثابت‬
‫ويرى األستاذ أحمد شكري السباعي أن المشرع حدد أجل استرداد المنقول‪ ،‬أما فيما‬
‫يتعلق بأجل استحقاق العقار‪ ،‬فتبقى خاضعة لقواعد القانون العادي‪.‬في الثالثة أشهر التالية‬
‫لنشر الحكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية‪ .156‬أما المشرع الفرنسي فقد‬
‫أدخل تعديل على قانون ‪ 1985‬بمقتضى قانون‪10‬يونيو‪ 1994‬في المادة ‪ 115‬حيث تخلى‬
‫عن سريان األجل ابتداء من تاريخ التصريح بفتح المسطرة وذلك حماية لمصالح الدائنين‬
‫الذين لم يكونوا طرفا في الدعوى وأضرار إعالم األغيار وتجنبا لالنتقادات التي وجهت‬
‫لقانون ‪.1985‬‬
‫هذا االسترداد يضمنه شرط االحتفاظ بالملكية الذي تتمتع به شركات االئتمان‬
‫اإليجاري‪ ،‬حيث أن هذا الشرط يعتبر ضمانة لها يمكنها من استرداد المنقول أو العقار لكن‬
‫شريطة التقيد بمجموعة من الشروط‪ ،‬باعتبار أن المكتري ال يصير مالكا له إال عند نهاية‬
‫العقد و إعماله خيار الشراء مستندة في ذلك على حق عيني وليس مجرد حق دائنية‪ .157‬لكن‬
‫عندما يتعرض المكتري لمساطر صعوبات المقاولة ‪،‬فإن الوضع يختلف باعتبار أن‬
‫االسترداد سيؤدي إلى حرمانه من منقوالت أو عقارات تكون ضرورية الستمرارية نشاط‬
‫المقاولة المتعثرة‪ .‬لكل هاته االعتبارات حاول المشرع التدخل لتنظيم مسألة االسترداد‬
‫بتحديد الجهة المكلفة بالبت في طلب االسترداد خاصة أن مساطر معالجة صعوبات المقاولة‬
‫تتداخل فيها العديد من األجهزة حسب نوع المسطرة كما أن مسألة االسترداد ينعقد‬

‫‪ 154‬أحمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة ومساطر معالجتها‪،‬الجزء الثالث في التصفية القضائية‬
‫والجزاءات التجارية و الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة‪،‬دار نشر المعرفة الرباط الطبعة األولى‪ 2000،‬ص ‪.272‬‬
‫‪ 155‬زكية عومري أثار فتح مسطرة التسوية القضائية على الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة‪،‬مجلة القصر‪،‬العدد ‪ 11‬ماي ‪2005‬ص‪.52‬‬
‫‪ 156‬أحمد شكري السباعي نفسه ‪.‬‬
‫‪ -157‬جواد الدهبي‪-‬شرط االحتفاظ بالملكية في مساطر صعوبة المقاولة رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني سطات السنة الجامعية ‪ 2008-2007‬ص ‪.20‬‬

‫‪79‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫االختصاص للسنديك وهي المرحلة الودية واختصاص القاضي المنتدب وهي المرحلة‬
‫القضائية‪.‬‬

‫المرحلة الودية‪ :‬اختصاص السنديك‬


‫ينظر في هاته المرحلة السنديك الذي يمكنه قبول االسترداد أو عدم قبوله بعد موافقة‬
‫المدين وقد كان المشرع الفرنسي سبقا إلى تنظيمه مسألة االسترداد إثر تعديالت ‪ 10‬يونيو‬
‫‪ 1994‬بغية إعطاء الجانب الرضائي والتفاوضي هامشا أساسيا في هاته المسطرة بشكل ال‬
‫يدع مجاال للبس الغموض‪ 158‬حيث ألزم طالب االسترداد تحت طائلة السقوط بتوجيه طلبه‬
‫إلى المتصرف القضائي أو ممثل الدائنين أو المصفي حسب طبيعة المسطرة الجارية ‪،‬وذلك‬
‫برسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل داخل آجال االسترداد القانونية ‪،‬أي ابتداء من تاريخ‬
‫نشر الحكم القضائي بفتح مساطر المعالجة القضائية أو من تاريخ فسخ العقد أو انتهائه إذا‬
‫كانت األموال المحتفظ بملكيتها موضوع عقود جارية ‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة إلى أن السنديك يستشير مع المدين (المكتري) بخصوص طلب‬
‫االسترداد‪ ،‬فان وافق هذا األخير يتم البت في طلب االسترداد وهو ما نص عليه المشرع في‬
‫الفقرة األولى من المادة ‪ 675‬من م ت والتي جاء فيها "يمكن للسنديك أن يقبل طلب‬
‫االسترداد بموافقة المدين " وإما أن يرفض المكتري المدين االسترداد العيني‬
‫لألموال‪159.‬وفي هذه الحالة األخيرة يتم االنتقال إلى المرحلة الثانية من االسترداد ‪ 160‬وهي‬
‫المرحلة القضائية التي يختص بها القاضي المنتدب التابع لمحكمة المسطرة‪.‬‬

‫‪ - 158‬نظم المشرع الفرنسي مسطرة االسترداد تنظيما دقيقا شامال‪ ،‬وفي هذا اإلطار نصت مقتضيات المادة ‪14‬من المرسوم رقم‬
‫‪1677.2005‬الصادر بتاريخ ‪ 28‬دجنبر ‪ 2005‬كما يلي‪:‬‬
‫‪« la demande de revendication d’un bien est adressé dans de délai prévu à l’article L 264 du code de‬‬
‫‪commerce par la lettre recommandée avec la demande d’avis de réception à l’administrateur s’il en a été‬‬
‫‪désigne ou à défaut au débiteur le demandeur en adresse une copie au mondataire.‬‬
‫‪A défaut d’acquiescement dans le délai d’un mois à compter de la réception de la demande,le demandeur doit‬‬
‫‪sous peine de forclusion, saisir le juge commissaire au plus tard dans le délai d’un mois à compter de‬‬
‫‪l’expiration du délai de réponse du délai de réponse.‬‬
‫‪Avant de statuer,le juge -commissaire recueille les observation des parties intéressés.‬‬
‫» ‪La demande en revendication emporte de pleine droit demande en restitution‬‬
‫‪ 159‬حكيم الشرقاوي حق االسترداد كضمانة في مساطر صعوبات المقاولة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني سطات السنة الجامعية ‪ 2013-2012‬ص ‪.50‬‬
‫‪ 160‬تجدر اإلشارة إلى أن مرور طلب االسترداد عبر المرحلة الودية يعد إجراء إلزامي‪،‬بحيث أن كل طلب يوجه مباشرة إلى القاضي المنتدب‬
‫المرور بالمرحلة الودية يكون مآله عدم القبول‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ولكن المشرع المغربي لم يبين طريقة توجيه طلب االسترداد إلى السنديك وفي‬
‫غياب نص قانوني فإنه يتم اعتماد وسائل التبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة‬
‫المدنية وذلك عن طريق رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة إنذار قضائي‬
‫يوجه بأمر من رئيس المحكمة في نطاق مقتضيات الفصل ‪ 148‬من ق‪ .‬م ‪.‬م‪ .‬و‪،‬عن آجال‬
‫البت في الطلب فإنه يتعين على السنديك أن ينظر في الطلب داخل آجال معقولة ويجب عليه‬
‫قبل ذلك استشارة المدين وهي استشارة إلزامية حسب نص المادة ‪ 675‬من م ت وفي حالة‬
‫عدم موافقة المدين ينتقل المكري(شركة االئتمان اإليجاري) إلى المرحلة القضائية‪.‬‬
‫المرحلة القضائية‪ :‬اختصاص القاضي المنتدب‬
‫يبدأ دور القاضي المنتدب بانتهاء مهمة السنديك بإصدار تقريره برفض الطلب الموجه‬
‫إليه‪،‬فتعذر موافقة السنديك يمنح للقاضي المنتدب اختصاصا استئثاريا للنظر في النزاعات‬
‫المترتبة عن االسترداد‪ ،‬إعماال لمقتضيات المادة ‪ 675‬من م ت‪ ،‬غير أن المشرع الفرنسي‬
‫بعد تعديالت ‪ 10‬يونيو ‪ 1994‬أعطى االختصاص العام للبث في الدعوى المتصلة‬
‫بالمسطرة مشروطا بعدم المساس بالصالحيات الممنوحة ابتدائيا للقاضي المنتدب ومن بينها‬
‫‪161‬‬
‫دعوى االسترداد‬
‫فطلب االسترداد يخضع للشروط العامة لقبول الطلبات والمنصوص عليها في الفصل ‪32‬‬
‫من ق م م وعلى القاضي حسم النزاع داخل أجل معقول ‪.‬‬
‫فدور القاضي المنتدب يبدأ من تاريخ انتهاء مهمة السنديك بإصدار تقريره برفض الطلب‬
‫الموجه إليه ‪،‬حيث يصبح طالب االسترداد في المرحلة القضائية ‪ ،‬إذ يبث هذا القاضي في‬
‫‪162‬‬
‫صحة طلب االسترداد من عدمه بمقتضى أمر قضائي ‪.‬‬
‫وخالفا للمرحلة الودية فهاته المرحلة (القضائية) غير مقيدة بأجل سقوط أو تقادم في‬
‫مواج هة صاحب حق االسترداد الذي تقاعس عن المبادرة لرفع طلبه إلى القاضي المنتدب‬
‫داخل أجل محدد‪ ،‬مع أن المشرع الفرنسي قيد هذا األجل وحصره في شهر يبتدئ سريانه‬
‫من تاريخ انتهاء أجل الشهر الممنوح للسنديك تحت طائلة سقوط حقه في‬

‫‪ 161‬جواد الدهبي مرجع سابق ص‪.52‬‬


‫‪ 162‬حكيم الشرقاوي حق االسترداد كضمانة في مساطر صعوبات المقاولة رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و‬
‫االقتصادية و االجتماعية جامعة الحسن الثاني سطات السنة الجامعية ‪ 2013-2012‬ص ‪.81‬‬

‫‪81‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫االسترداد‪. 163‬ويجب على القاضي المنتدب أن يتحقق عند اتخاذ القرار المتعلق بصحة‬
‫االسترداد المقدم من طرف طالبه من توفر كافة الشروط القانونية الالزمة لممارسة هذه‬
‫الدعوى‪ ،‬كأن يرد طلب االسترداد على موضوع المنقول أو العقار‪.‬‬
‫وتعتبر المادة ‪ 667‬من م ت من النصوص اآلمرة التي البد من طالب االسترداد المرور‬
‫منها وهو ما أكده حكم صادر عن محكمة االستئناف التجارية‪ 164‬بمراكش وجاء " إن‬
‫استرداد المنقوالت في مواجهة المقاوالت المفتوحة في حقهم التسوية القضائية أو التصفية‬
‫القضائية يخضع لمقتضيات الفصل ‪ 667‬من مدونة التجارة وعلى مؤسسة القاضي المنتدب‬
‫التأكد من مدى توفر شروط الفصل المذكور"‬
‫وقد أحسن المشرع عندما حدد الجهة المختصة للبت في طلب االسترداد خصوصا أمام تعدد‬
‫مساطر معالجة صعوبات المقاولة من تسوية و تصفية قضائية واستفاد كثيرا من التجربة‬
‫الفرنسية ومنع بذلك أي مجال لتضارب اآلراء و التأويالت ‪.‬‬
‫لكن اإلشكال الذي يثار هل يمكن لمكتري التصرف في المنقول أو العقار محل عقد االئتمان‬
‫اإليجاري قبل البت في طلب االسترداد؟‬
‫توجه شركة االئتمان اإليجاري التماس إلي السنديك الذي له وحده حق ممارسة دعوى‬
‫البطالن حسب مضمون المادة ‪ 685‬من م ت و التي جاء فيها "يمارس السنديك دعوى‬
‫البطالن قصد إعادة جميع أصول المقولة "وذلك في فترة الريبة التي تفصل بين تاريخ‬
‫التوقف عن الدفع وتاريخ فتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية ومن ذلك منع التصرف‬
‫في المنقول‪.‬‬
‫أما في مرحلة إعداد الحل وهي الفترة الفاصلة بين حكم فتح المسطرة وبين الحكم القاضي‬
‫بالتسوية بواسطة مخطط االستمرارية أو مخطط التفويت ألحد األغيار أو الحكم القاضي‬
‫بالتصفية والتي ال تتجاوز هذه المدة أربعة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة بناء على طلب‬
‫السنديك‪ .165‬فالحكم القاضي بفتح المسطرة وكما جاء في المادة ‪ 576‬من م ت قد يكلف‬
‫السنديك بمراقبة عمليات التسيير ال غير‪ ،‬وهذا يترك المجال واسعا لرئيس المقاولة إلدارة‬

‫‪163‬‬
‫‪Voir l’article85-1 du décret de 27 Décembre ,1985.‬‬
‫قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش رقم ‪ 125‬بتاريخ ‪2009/01/08‬منشور بموقع ‪www.Cacmarrakech.ma‬‬ ‫‪164‬‬

‫حكيم الشرقاوي‪-‬مرجع سابق ص‪.92‬‬ ‫‪165‬‬

‫‪82‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫مقاولته وتسييرها خالل فترة إعداد الحل ويمكنه القيام بجميع األعمال المرتبطة بالتسيير‬
‫واإلدارة والتي من شأنها التأثير بالسلب على إمكانية تسوية المقاولة‪.166‬‬
‫ويحمي شرط االحتفاظ بالملكية الذي هو من أهم مميزات عقد االئتمان اإليجاري مصالح‬
‫شركة االئتمان من األعمال التي يمكن أن يبرمها المكتري المدين سيئ النية مثل إبرامه‬
‫لعقود البيع أو الرهن على المنقوالت الموجودة بحيازة المقاولة أو إنشاء امتيازات‪ ،‬كما يمنع‬
‫على دائني المكتري الحجز عليه‪ ،‬وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية‬
‫بالدار البيضاء‪ 167‬قرار رقم ‪ 2004/405‬بتاريخ ‪ 2004/04/06‬والذي جاء فيه "حيث أن‬
‫تمسك الطاعنة بمقتضيات المادة ‪ 653‬من م ت وبأن مقتضياتها تمنع المستأنف عليها من‬
‫إجراء التنفيذ‪ ،‬على اعتبار أن حكم فتح المسطرة يوقف و يمنع كل إجراء للتنفيذ يقيمه‬
‫الدائنون سواء على المنقوالت أو العقارات ‪،‬فإنه دفع مردود استنادا إلى أن المقتضيات‬
‫المذكورة غير قابلة للتنفيذ على النازلة باعتبار أن المنقوالت موضوع النزاع و التأجير ملك‬
‫للمكرية "شركة وفاباي" التي ضمنت العقد المذكور شرط االحتفاظ بالملكية ‪".....‬‬
‫وقد جعل المشرع دعوى االسترداد مقيدة بمجموعة من الشروط يتصل بعضها بنفاذ شرط‬
‫االحتفاظ بالملكية تجاه المقاولة المدينة ودائنها واألخرى باإلجراءات الكفيلة ببلوغ شركة‬
‫االئتمان إلى حقها في االسترداد وقد حددت المادة ‪ 672‬من م ت شروط االسترداد العيني‬
‫لألموال المحتفظ بملكيتها وهما‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬الكتابة حيث تعتبر الكتابة أساسا لالحتجاج بشرط االحتفاظ بالملكية تجاه‬
‫المدين عند تعرضه لمساطر صعوبات المقاولة وهي شكلية تؤكد الطابع االستثنائي للشرط‬
‫و خصوصيته في هاته المساطر‪ ،‬فإذا كانت القواعد العامة تقضي بعدم خضوع شرط‬
‫االحتفاظ بالملكية ألية شروط محددة سواء من حيث صحته أم إثباته أم نفاذه‪ ،‬فإنه استثناء‬
‫من هذه القاعدة قرر المشرع المغربي على غرار نظير المشرع الفرنسي بشكل صريح أنه‬

‫‪ 166‬محمد لفروجي‪ -‬وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة م س ص ‪.56‬‬


‫‪ 167‬حكم أشار إليه حكيم الشرقاوي مرجع سابق ص‪.20‬‬

‫‪83‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ال يجوز للبائع استرداد المنقوالت المحتفظ بملكيتها ما لم يكن هناك اتفاق مكتوب على‬
‫الشرط على األكثر حين التسليم‪.168‬‬
‫أما الشرط الثاني‪ :‬فقد أوجب المشرع السترداد المنقوالت أن تبقى على حالتها العينية في‬
‫تاريخ فتح المسطرة‪ ،‬وذلك حسب مقتضيات المادة ‪ 672‬والتي تنص على‪ ":‬يمكن أيضا‬
‫استرداد البضائع‪ ....‬إذا كانت هذه البضائع موجودة بعينها وقت فتح المسطرة‪ ،‬أما‬
‫بخصوص اإلجراءات التي يجب على شركة االئتمان اإليجاري االلتزام بها هي التصريح‬
‫بالديون الناشئة عن عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬ولكن بعد إشعارهم شخصيا بواسطة السنديك‬
‫ولكن المشرع سكت في المادة ‪ 686‬من م ت عن تحديد أجل التصريح بديونهم‪ ،‬مما يقتضي‬
‫بالرجوع إلى المادة ‪ 687‬واعتماد أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة‬
‫بالجريدة الرسمية‪ ،‬وهو ما أكده قرار صادر عن محكمة النقض‪ 169‬وجاء فيه‪ ":‬لئن كان‬
‫المشرع في المادة ‪ 686‬من مدونة التجارة خص الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد االئتمان‬
‫اإليجاري تم شهره‪ ،‬بوجوب إشعارهم شخصيا بحكم فتح المسطرة إال أنه سكت عند تحديد‬
‫تاريخ انطالق أجل التصريح بديونهم‪ ،‬مما يقتضي الرجوع إلى مقتضيات المادة ‪ 687‬من م‬
‫ت التي اعتمدت أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية‬
‫للتصريح بديونهم بالنسبة لكافة الدائنين‪ ،‬فإذا لم يصرح الدائن الحامل لضمانة أو عقد ائتمان‬
‫إيجاري بعد إشعاره شخصيا‪ ،‬فإن األجل العام الممنوح لكافة الدائنين المنطلق من تاريخ‬
‫النشر بالجريدة الرسمية يظل ساريا بالنسبة إليه طالما لم تنته مدته"‪.‬‬
‫يتبين من خالل قرار محكمة النقض أنه أمام عدم تحديد المشرع ألجل تصريح أصحاب‬
‫الديون المشعرون شخصيا‪ ،‬اعتمدت مقتضيات المادة ‪ 687‬التي تنص على اعتماد أجل‬
‫شهرين يبتدأ من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية وهذا ما لم يسلكه القرض‬
‫العقاري والسياحي‪ ،‬التي تم إشعاره شخصيا مما جعل المحكمة مصدرة القرار تعتبر‬
‫التصريح المقدم خارج المدة القانونية وبالتالي قضت أن أمامه األجل العام الممنوح لكافة‬

‫‪ - 168‬المادة ‪ 672‬من م ت في القفرة األخيرة"‪.....‬هذا الشرط يمكن أن يرد في محرر ينظم مجموعة من العمليات التجارية المتفق عليها بين‬
‫األطراف‪ ،‬يجب أن يكون متفقا عليه كتابة على األكثر حين التسليم‪".‬‬
‫‪ - 169‬المادة ‪ 672‬الفقرة األخيرة‪ ....":‬هذا الشرط يمكن أن يرد في محرر ينظم مجموعة من العمليات التجارية المتفق عليها بين األطراف‪ ،‬يجب‬
‫أن يكون متفقا عليه كتابة على األكثر حين التسليم"‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الدائنين المنطلق من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية الذي يبقى ساريا‪ ،‬ويمكنه االستفادة منه‬
‫طالما لم تنته مدته‪.‬‬
‫وفي قرار آخر صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش‪ 170‬اعتبرت دين مؤسسة‬
‫االئتمان اإليجاري دينا امتيازيا‪ ،‬وهكذا فقد جاء في قرارها عدد ‪ 688‬الصادر بتاريخ ‪-31‬‬
‫‪" ،05-2007‬وحيث أنه فضال عما ذكر فإن ما يؤكد طبيعة االمتياز التي يتمتع بها دين‬
‫المستأنفة كون المشرع سوى في المادة ‪ 686‬من مدونة التجارة بين الدائنين الحاملين‬
‫ضمانات وأصحاب عقود االئتمان الكرائي فيما يخص ضرورة إشعارهم بالتصريح‬
‫بديونهم‪ ،‬باعتبارها ديونا مقرونة بامتيازات ناجمة عن تلك الضمانات أو العقود هذا يعني‬
‫أنها سوف تحضي بامتياز االمتياز"‪.‬‬
‫وخالصة القول ‪ ،‬فشركة االئتمان تظل مالكة للعقار أو المنقول محل عقد االئتمان اإليجاري‬
‫إلى حين إعمال خيار الشراء من طرف المكتري‪ ،‬وبدخول هذا األخير مسطرة التسوية أو‬
‫التصفية القضائية يكون لشركة االئتمان اإليجاري الحق في استردادها استنادا إلى حق‬
‫الملكية التي تملكها‪ ،‬وما يؤكد ذلك هو ما تقتضي به المادة ‪ 671‬من م ت‪ ،‬والتي تنص على‬
‫إمكانية استرداد الموجود بعينه من البضائع المسلمة للمقاولة على وجه الوديعة أو بيعها‬
‫لحساب مالكها‪ ،‬ويمكن إدخال تسليم المنقوالت على سبيل االئتمان اإليجاري ضمن‬
‫مقتضيات هذه المادة ما دامت جاءت بصياغة عامة وعلى سبيل المثال ال الحصر‪.‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬موقع عقد االئتمان اإلجياري عند فتح املساطر اجلماعية‬

‫يتميز عقد االئتمان اإليجاري بمجموعة من الخصوصيات التي تميزه عن باقي‬


‫العقود المشابهة ومن بينها شرط االحتفاظ بالملكية الذي يعتبر ضمان عيني يمنح لشركة‬
‫االئتمان اإليجاري استرجاع المنقول أو العقار في حالة تخلف المكتري عن الوفاء بالتزاماته‬
‫التعاقدية والقانونية‪ ،‬و الذي يعتبر كتعويض عن الفسخ المقرر نتيجة عدم احترام هذا األخير‬
‫لهاته االلتزامات ‪.‬‬

‫‪ 170‬قرار عدد ‪ 688‬صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتاريخ ‪ 2007/05/31‬منشور بمجلة المحاكم التجارية العدد الثالث و الرابع‬
‫فبراير ‪ 2009‬ص‪.212‬‬

‫‪85‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫صعوبات المقاولة يجعل فسخ العقد مقترنا‬ ‫غير أن تعرض المكتري لمساطر‬
‫باحترام مجموعة من اإلجراءات‪ .‬إذ تتوقف كل المتابعات الفردية ضده‪،‬و يصبح عقد‬
‫االئتمان اإليجاري من العقود التي يملك في إطارها السنديك سلطات واسعة ‪.‬‬
‫فالمشرع لم يفرد لهذا العقد على الرغم من أهميته أحكاما خاصة تنسجم مع‬
‫خصوصيته ‪ ،‬بل أخضعه هو اآلخر للمقتضيات الباب الخامس من مدونة التجارة المتعلقة‬
‫بمساطر المعالجة و خاصة العقود الجارية ‪171‬المنصوص عليها في المادة ‪ 573‬من م ت و‬
‫بالتالي فعقد االئتمان اإليجاري كي يعتبر عقدا جاريا البد من توافر الشروط المتطلبة لكي‬
‫يعتبر كذلك وهي‪:‬‬
‫الشرط األول‪ :‬يتمثل في إبرام عقد االئتمان اإليجاري قبل فتح المسطرة ضد‬
‫المكتري وأن ال تنتهي قبل ذلك‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬يتمثل في ضرورة كون عقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على‬
‫المنقول أو العقار ال زال ساري المفعول في تاريخ فتح المسطرة ضد المكتري المدين‪،‬‬
‫حيث أنه لما كان فسخ العقد بسبب عدم تنفيذ أحد المتعاقدين اللتزاماتهما أمرا واردا‪ ،‬فإنه‬
‫حتى يعتبر هذا العقد جاري التنفيذ فيجب أال يتم إنهاؤه عن طريق الفسخ قبل فتح المسطرة‪.‬‬
‫وإذا كانت شركات االئتمان تقوم بتضمين العقد النموذجي الذي يجمعها مع المكتري‬
‫بمجموعة من المقتضيات والشروط التي تهدف من ورائها حماية مصالحها‪ ،‬خاصة في‬
‫حالة توقفه عن دفع األقساط‪ ،‬غير أن األمر على خالفه عندما تفتح مساطر المعالجة سواء‬
‫تعلق األمر بمسطرة التسوية أو التصفية القضائية‪ ،‬حيث أن المتحكمات الجديدة التي‬
‫أصبحت تسير المقاولة أو المكتري في هاته الفترة‪ ،‬تحد من استفادة شركة االئتمان من‬
‫مجموعة من المقتضيات االتفاقية المضمنة بالعقد النموذجي ‪ ،‬و تصبح شركة االئتمان في‬
‫مرتبة باقي دائني المكتري الذي دخل في نظام صعوبات المقاولة الذي يحكمه البعد الحمائي‬
‫والمحافظة على قدرة المقاولة اإلنتاجية‪ ،‬وترك المجال مفتوحا لمعامالتها التجارية التي تأتي‬
‫العقود في مقدمتها‪ ،‬باعتبارها مصدرا يزود المدين بالتجهيزات واألدوات التي يحتاجها في‬
‫‪171‬عرف األ ستاذ أحمد شكري السباعي العقود الجارية "بأنها العقود التي في طور التنفيذ التي أبرمها رئيس المقاولة مع األغيار المتعاقدين و التي‬
‫لم تستنفد أو لم تنقض آثارها الرئيسية بعد حكم فتح مسطرة المعالجة"في كتابه ‪-‬الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة‬
‫ومساطر معالجتها‪،‬الجزء الثاني في مساطر المعالجة حكم مسطرة المعالجة و التسوية القضائية مطبعة المعارف الجديدة الرباط الطبعة الثانية‬
‫‪2007‬ص‪.313‬‬

‫‪86‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫تنمية نشاطه‪ ،‬وتساهم بشكل كبير في عملية التسوية‪ .172‬وبذلك تتحمل شركات االئتمان‬
‫اإليجاري كافة اإلجراءات التي تفرضها مسطرة التسوية القضائية (أوال) أو التصفية‬
‫القضائية(ثانيا)‪ ،‬حيث لن يكون بإمكانها إعمال الشرط الفاسخ أو فسخ العقد بمجرد فتح‬
‫مساطر المعالجة التي تضمنه في عقودها النموذجية لتصبح هاته الشروط غير خاضعة‬
‫إلرادتها المنفردة‪ ،‬حسب محتوى الفقرة األخيرة من المادة ‪ 573‬من م ت‪ ،‬التي تعطل كل‬
‫مقتضى قانوني أو أي شرط تعاقدي يؤدي إلى فسخ أو إلغاء أو تجزئة العقد بمجرد فتح‬
‫المسطرة‪ ،‬بذلك يمنع على شركة االئتمان إعمال تلك الشروط ألن تقرر تعطليها بنصوص‬
‫آمرة ال يجوز االتفاق على مخالفة أحكامها‪ ،173‬ومنها وقف جميع المتابعات الفردية ضد‬
‫المدين المكتري ووقف سريان الفوائد ومنع أداء الديون السابقة الفتتاح المسطرة‪.‬‬
‫أوال‪ :‬فتح مسطرة التسوية القضائية‬
‫إن الغاية من فتح مسطرة التسوية القضائية هي التوصل إلى حصر المخطط لتجاوز‬
‫الصعوبات التي تم ر منها المقاولة‪ ،‬لكن قبل الحسم في مخطط التسوية والبت في التدابير‬
‫والتغييرات المواكبة له‪ ،‬تمر المسطرة ومعها المقاولة من مرحلة إعداد هذا المخطط‪ .‬كما‬
‫أن مرحلة إعداد الحل توفر المعطيات الكاملة للمحكمة الختيار الحل المناسب لوضعية‬
‫‪174‬‬
‫من خالل حصرها لمخطط التسوية والذي يكون إما استمرارية النشاط أو‬ ‫المقاولة‬
‫التفويت‪ ،‬لكن نتساءل عن موقع عقد االئتمان اإليجاري من اعتماد مخطط االستمرارية أو‬
‫مخطط التفويت‪.‬‬
‫‪-1‬مخطط االستمرارية‬
‫يعتبر مخطط االستمرارية أداة تدخلية لرسم الخطة االقتصادية والمالية واالجتماعية‬
‫للمقاولة وإعادة هيكلتها وتقوية أصولها والتخفيف من أعبائها‪ ،‬لذلك تقرر المحكمة التفويت‬
‫الجزئي لبعض قطاعات نشاط المقاولة‪ .‬وكذا الحفاظ على التجهيزات وأدوات اإلنتاج للرفع‬
‫من المردودية والحيلولة دون تفويت أو تبديد أجهزة ذات قيمة بالنسبة للمقاولة‪ ،‬خاصة تلك‬
‫‪ - 172‬فضل أبابري‪ ،‬نظام العقود الجارية أثناء التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007-2006‬ص ‪.93‬‬
‫‪ - 173‬عبد الحق بوكبيش‪ ،‬استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.146 ،200-2004‬‬
‫‪ - 174‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات المقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2001-2000‬ص ‪.179‬‬

‫‪87‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫التي تعتبرها المحكمة ضرورية الستمرارية المقاولة وهو قرار يرد في حصر المخطط‪،‬‬
‫وبالتالي يعتبر هذا قيدا على حرية التصرف التي يملكها رئيس المقاولة أو مسيرها بمجرد‬
‫الحكم بحصر مخطط االستمرارية‪ ،‬من أجل تنفيذ مقتضيات هذا المخطط تحت مسؤوليته‪،‬‬
‫تحت طائلة فسخ المخطط والخضوع لمسطرة التصفية القضائية‪ .‬وال يعتبر التفويت ممنوعا‬
‫وإنما يتوقف على ترخيص المحكمة‪.175‬‬
‫ويستفاد من مقتضيات المادة ‪ 573‬من م ت أنها تمنح للسنديك في إطار مخطط‬
‫االستمرارية سلطات واسعة‪ ،‬حيث يتمتع بحق مواصلة تنفيذ العقود الجارية أو فسخها‪،‬‬
‫وعقد االئتمان اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار يخضع لسلطة السنديك‬
‫وخياراته بهذا الشأن‪ ،‬والتي ال تخرج عن المطالبة بمواصلة تنفيذ العقد أو اختياره عدم‬
‫متابعته‪.‬‬
‫الحالة األولى‪ :‬اختيار السنديك مواصلة عقد االئتمان اإليجاري‬
‫واختيار السنديك مواصلة عقد االئتمان اإليجاري يكون إما صريحا أو ضمنيا‪،‬‬
‫غير أن المشرع لم يحدد أجال يلزمه من خالله اتخاذ القرار و يرجع السبب في ذلك إلى‬
‫التعقيدات والمشاكل التي تعترض التسوية أو التصحيح‪ ،‬إال أن المشرع المغربي من أجل‬
‫خلق نوع من التوازن بين مصالح الدائن المكري وبين السلطات المخولة للسنديك أعطى‬
‫للطرف األول(المكري) الحق في توجيه إنذار للسنديك‪ ،‬هذا األخير الذي يتعين عليه‬
‫الجواب باستمرارية العقد داخل أجل شهر‪ ،‬وفي حالة مرور هذا األجل دون اتخاذه موقف‬
‫صريح فإن ذلك يعد بمثابة اختياره لعدم المتابعة‪ ،176‬والمشرع بمقتضى الفقرة األولى من‬
‫المادة ‪ 573‬من م ت نص على أن العقد يصبح مفسوخا بموجب القانون بعد توجيه إنذار إلى‬
‫السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا‪.‬‬
‫ويجب على الطرفين(السنديك وشركة االئتمان اإليجاري) تنفيذ التزاماتهما المتقابلة‬
‫وفق الشروط واالتفاقات الواردة في العقد‪ .‬حيث يلتزم بذلك السنديك بأداء األقساط لشركة‬
‫االئتمان‪ ،‬في حين تلتزم هذه األخيرة بتمكين المدين المكتري من االنتفاع بالعقار أو المنقول‬

‫‪ - 175‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.202-201‬‬


‫‪ - 176‬حنان بلكو‪ ،‬االئتمان اإليجاري بين الوظيفتين الكرائية واالئتمانية‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.114‬‬

‫‪88‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫المؤجر وال يمكنها بالمقابل المطالبة باألقساط المستحقة قبل فتح المسطرة‪ ،‬ألنها ال يبقى لها‬
‫سوى التصريح بتلك الديون على غرار سائر دائني المكتري الناشئة ديونهم قبل فتح‬
‫المسطرة‪.177‬‬
‫وال بد من اإلشارة أنه ال يجوز لطرفي عقد االئتمان اإليجاري االتفاق على تعديل‬
‫تلك المقتضيات إال بموافقة السنديك وبعد إذن القاضي المنتدب‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان اإليجاري‬
‫إن اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان اإليجاري يكون إما بطريقة‬
‫ضمنية أو صريحة‪ ،‬عن طريق تقديم جواب عن اإلنذار الموجه من طرف المكري داخل‬
‫األجل القانوني المحدد في شهر‪ ،‬انطالقا من تاريخ توصله بهذا اإلنذار‪.‬‬
‫وتبقى اإلشارة إلى أنه في حالة اختيار السنديك عدم مواصلة تنفيذ عقد االئتمان‬
‫اإليجاري‪ ،‬يبقى لشركة االئتمان إمكانية المطالبة بالتعويض عن األضرار التي لحقتها‪.‬‬
‫وهذا الحق أكدته محكمة النقض الفرنسية في قرار جاء فيه‪ ":‬في حالة تنازل المتصرف‬
‫القضائي عن مواصلة تنفيذ عقد جاري يحق للمتعاقد المطالبة بالتعويض عن األضرار‬
‫الناجمة عن عدم التنفيذ‪ ،‬يدرج مبلغه في قائمة الخصوم‪.178‬‬
‫ولقد أعطى جانب من الفقه‪ 179‬المغربي الحق للمتعاقد في المطالبة بالتعويض كون‬
‫فتح مسطرة التسوية القضائية ال يعفيها من مسؤوليتها التعاقدية الناتجة عن توقفها عن‬
‫الدفع‪.‬‬
‫‪ -2‬مخطط التفويت‬
‫يعتبر مخطط التفويت الوجه الثاني لمخطط التسوية الذي تخضع له المقاولة في‬
‫مسطرة المعالجة‪ ،‬فمخطط التفويت هو نوع من النقل القضائي الجبري لملكية المقاولة من‬
‫مالكها األصلي إلى مالك جديد بهدف الحفاظ على النشاط‪ ،‬أما الدائنون فمصلحتهم في‬
‫المرتبة األخيرة‪ ،‬ألن حقوقهم تسدد من ثمن التفويت الذي قد يكون كافيا أو غير كاف‬

‫‪ - 177‬زكرياء البلعيدي‪ ،‬الوضعية القانونية للعقار خالل مسطرة التسوية القضائية للمقاولة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬طبعة ‪،2014‬ص ‪.63‬‬
‫‪ - 178‬حكم أشار إليه زكرياء البلعيدي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.64‬‬
‫‪ - 179‬محمد لفروجي‪ ،‬صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،2000 ،‬ص ‪.317‬‬

‫‪89‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لتغطيتها‪ . 180‬ويبقى القضاء هو الذي يحرص على احترام إبقاء النشاط والحفاظ على‬
‫مناصب الشغل ويعمل كذلك على اختيار أحسن عرض تتوفر فيه الشروط وتحديد‬
‫مضمونه‪ ،‬وحدود هذا العرض من خالل تحديد العقود القابلة و الغير القابلة للتفويت‪.‬‬
‫لكن ما يهمنا في هذه النقطة موضوع الدراسة هو العقود القابلة للتفويت خاصة عقد‬
‫االئتمان اإليجاري‪ ،‬باعتبار أن المشرع المغربي بمقتضى المادة ‪ 606‬نص على هذا‬
‫المقتضى والذي جاء فيه‪ ":‬تحدد المحكمة عقود االئتمان اإليجاري أو عقود الكراء‪ ....‬أو‬
‫الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط المؤسسة‪ ،‬بناء على مالحظات األطراف المتعاقدة‬
‫مع المقاولة التي يقوم السنديك باإلبالغ بها‪.‬‬
‫يكون الحكم الذي يحصر المخطط بمثابة تفويت لهذه العقود‪.‬‬
‫ويجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة على الرغم من‬
‫كل شرط مخالف‪ ،‬مع مراعاة آجال األداء التي يمكن أن تفرضها المحكمة لضمان التقييد‬
‫السليم للمخطط بعد االستماع إلى المتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني"‪.‬‬
‫ويكفي أن تقوم المحكمة بتحديد هذه العقود لتنتقل تلقائيا وبقوة القانون إلى المفوت‬
‫إليه‪ ،‬بمجرد الحكم الذي يحصر مخطط التفويت وال يشمل التفويت سوى العقود الجارية‪،‬‬
‫أما التي استنفدت آثارها قبل حصر مخطط التفويت فال يشملها هذا التفويت الجبري‪.181‬‬
‫ويعتبر تفويتا قضائيا جبريا‪ ،‬ألنه ال يتوقف على إرادة المتعاقد أو رئيس المقاولة والمحكمة‬
‫ال تملك صالحية تعديل بنود هذه العقود‪ ،‬ما عدا آجال األداء التي يمكن للمحكمة أن تفرضها‬
‫على المتعاقد وتمنحها للمفوت إليه ضمانا للتنفيذ السليم للمخطط‪.‬‬
‫وما يمكننا قوله هو أن عقد االئتمان اإليجاري يبقى من الضروري تفويته وذلك‬
‫لكون هذا األخير يساهم بشكل كبير في عملية التسوية‪ ،‬حيث أن هذا العقد يشكل وسيلة‬
‫قانونية في طبيعته ومالية في أسسه‪ ،‬تمكن المقاولة من االنتفاع من العقارات والمنقوالت‬
‫محل هذا العقد‪ ،‬مع تمديد زمن التحمالت المالية المتعلقة بها وعند نهاية العقد تملك كل أو‬
‫بعض هاته العقارات أو المنقوالت عند نهاية العقد و إعمال خيار الشراء وخاصة وأن‬

‫‪ - 180‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪.205‬‬


‫‪ - 181‬عبد الحميد أخريف‪ ،‬نفسه‪،‬ص ‪.221‬‬

‫‪90‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫العقار يعتبر ضروريا الستمرار نشاطها‪ .‬غير أن هذا العقد يستدعي مالءمة القواعد‬
‫الخاصة لعقد االئتمان اإليجاري مع القواعد المنظمة لمخطط التفويت‪ ،‬وهو ما يطرح العديد‬
‫من اإلشكاالت لعلها أهمها تلك المرتبطة بسلطة المحكمة في تعديل آجال األداء من جهة‪،‬‬
‫وبين آجال العقد أو المدة المحددة والتي تشكل أحد أهم عناصر عقد االئتمان من جهة‬
‫أخرى‪ .‬وبالتالي هل يحق للمحكمة غض النظر عن كافة مقتضيات العقد التي من شأنها‬
‫عرقلة المخطط أم أنها تكون ملزمة باحترام العقد في كافة جوانبه؟‬
‫كما سبق اإلشارة إلى ذلك فإن عقد االئتمان اإليجاري ينفرد عن غيره من العقود‬
‫بالعديد من المميزات سواء من حيث الخدمات‪،‬أو من حيث الميكانيزمات التي يعتمد عليها‪،‬‬
‫ومنها استفادة المقاولة من العقار أو المنقول‪ ،‬وهذه الخصوصيات تجعل المحكمة تراعي في‬
‫بعض األحيان هذا الوضع قصد عدم المساس بإحدى العناصر األساسية التي يقوم عليها هذا‬
‫العقد خاصة المدة‪ ،‬وبالتالي فالمحكمة ال يمكنها تعديل شروط هذا العقد باعتباره يتعلق‬
‫بمجموعة من اآلليات التي ي مكنها قبول البعض منها ورد األخرى‪ .‬إال أن هذا ال يقصي‬
‫احتمال تفاوض شركة االئتمان والمفوت إليه بعد إنجاز التفويت للوصول إلى إدخال بعض‬
‫التعديالت ويبقى دور المحكمة منحصرا في منح أجال األداء‪ ،‬أما تنظيم المدة فهو يخضع‬
‫لحرية األطراف ما دام المكتري يمكنه امتالك كل أو بعض العقارات المؤجرة أو المنقوالت‬
‫عند نهاية العقد وإعماله خيار الشراء‪.‬‬
‫وتثير مسألة مالءمة مقتضيات عقد االئتمان اإليجاري مع متطلبات مسطرة التسوية‬
‫مسألة في غاية األهمية‪ ،‬فإذا كان المفوت إليه ال يتحمل بااللتزامات السابقة التي لم يقع‬
‫تنفيذها من طرف رئيس المقاولة قبل تاريخ التفويت‪ ،182‬فهو ال يسأل عن التنفيذ إال من‬
‫تاريخ اعتماد مخطط التفويت‪ ،‬وهذا المقتضى ال ينسجم مع طبيعة عقد االئتمان اإليجاري‪،‬‬
‫ولذلك نتساءل عن من يتحمل االلتزامات(الديون) السابقة إلجراء التفويت خاصة أن المفوت‬
‫إليه ال يمكنه تملك العقار أو المنقول إال عندما تحصل شركة االئتمان على كل المبالغ‬
‫المتعلقة بهذا العقد سواء الناشئة قبل التفويت أو بعده؟‬

‫‪ - 182‬عبد الحميد أخريف رجع سابق ص ‪.223‬‬

‫‪91‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يذهب جانب من الفقه‪ 183‬إلى القول بأن المفوت إليه ال يلتزم إال باألداءات الالحقة‬
‫دون السابقة لكونها ستؤثر على مبدأ المساواة بين الدائنين‪ ،‬غير أن هذا الرأي ال يمكن‬
‫األخذ به على إطالقه‪ .‬ذلك أن منطق األمور يقتضي في هذه الحالة التمييز بين فرضيتين‬
‫األولى هي تلك التي يعمل فيها صاحب عقد االئتمان اإليجاري على التصريح بديونه وفق‬
‫مسطرة التصريح بالديون‪ ،‬والثانية هي تلك التي يهمل فيها هذا اإلجراء‪.184‬‬
‫ففي الفرضية األولى وبالرغم من أن صاحب العقار موضوع االئتمان ال يملك حق‬
‫إلزام المفوت إليه باألداء عن الفترة السابقة للتفويت‪ ،‬ألنه لم يلتزم اتجاهه بأي شيء حينها‪.‬‬
‫فهذا األخير(المفوت إليه) ال يستطيع تملك هذا العقار أو المنقول ما لم يؤد كل االلتزامات‬
‫المالية المتعلقة بالعقد‪ ،‬وعليه يكون المفوت إليه ملزما بأداء المبالغ السابقة للتفويت للدائن‬
‫صاحب المنقول أو العقار‪ ،‬حتى يكون له الحق في تملك العقار موضوع االئتمان‪.‬‬
‫غير أن القضاء يميز في مجموعة من القرارات بين الديون الناشئة قبل اعتماد‬
‫التسوية القضائية و بين تلك الناشئة قبل فتح المسطرة‪ ،‬وتلك الناشئة بعدها وإن كان األمر‬
‫يتعلق بعقد االئتمان اإليجاري أو عقد اإليجار‪ ،‬كما أطلق عليه في القرار الذي جاء عن‬
‫محكمة النقض‪185‬بين الشركة المغربية لإليجار بوصفها طالبة وبين شركة نقل بلدي ومن‬
‫معها " حيث يستفاد من مستندات الملف وطلب القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة‬
‫االستئناف التجارية بالدار البيضاء أن الطالبة تقدمت ‪ ...‬مفادها أنها دائنة‪ ....‬ناتج عن‬
‫توقف المطلوبة عن أداء أقساط اإليجار المبرم معها امتنعت عن أدائها‪ ،‬وأن المدعية‬
‫المذكورة تخضع لمسطرة التسوية القضائية وأن الدين ناتج عن أقساط بعد فتح المسطرة‬
‫وثابت ببروتوكول اتفاق و كمبياالت‪ ،‬وأن المدعي عليهما تعمد بضمان أداء ديون المدعى‬
‫عليها‪ ،‬ألجله تلتمس الطاعنة الحكم على المدعى بالتضامن‪ .....‬مع الفوائد القانونية ابتداء‬
‫من تاريخ توقيف الحساب‪ ....‬كتعويض مع النفاذ المعجل والحائز وتحديد اإلكراه البدني في‬
‫األقصى في حق الكفالء‪"....‬‬

‫‪ - 183‬زكرياء البلعيدي م س ص ‪.217‬‬


‫‪- Paul Philippe Masson « la situation des cranâtes après la réforme de la loi de 25 janvier 1985 »184‬‬
‫‪ - 185‬قرار رقم ‪ ،90‬صادر عن محكمة النقض‪ ،‬المؤرخ في ‪ ،2012/01/26‬ملف تجاري عدد ‪(،2011/1/3/1147‬غير منشور)‪ ،‬للمزيد من‬
‫التفاصيل يراجع الملحق‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حيث تنعي الطاعنة على القرار خرق وسوء تطبيق الفصل ‪ 451‬من ق ل ع والمادة‬
‫‪ 575‬من مدونة التجارة‪ ....،‬بدعوى أنه اعتبر عن خطأ أن المديونية صدر بها حكم برفض‬
‫الدين والحال أن الدين الذي طالبت به العارضة في إطار الدعوى الحالية يتعلق بدين حال‬
‫في تاريخ الحق بفتح مسطرة التسوية القضائية في مواجهة المطلوبة شركة نقل بلدي‪،‬‬
‫وليس قبل ذلك وبالتالي عناصر قوة الشيء المقضي غير متوفرة‪...‬‬
‫وأمام تطبيق مقتضيات الفصل ‪ 451‬من ق ل ع الناصة على أنه ال يمكن اعتماد قوة‬
‫الشيء المقضي به‪ ،‬إال إذا توافرت ثالثة شروط‪ ....‬في حين أن الدين الذي تطالب به‬
‫العارضة في الدعوى الحالية يتعلق بدين نشأ بعد فتح المسطرة‪...‬‬
‫‪ ....‬تم البت فيه بمقتضى الحكم االبتدائي عدد‪ 5/49‬والقرار في المؤيد له في الملف‬
‫عدد ‪ 11/06/3646‬على قراراها بما جاء به"‪....‬أن التصريح بالدين الذي قامت به الطاعنة‬
‫على أساس الديون الناتجة عن بروتوكول االتفاق المؤرخ في ‪ ،2006/06/31‬والتي نشأت‬
‫قبل صدور الحكم بفتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬مما تبقى معه مقتضيات المادة ‪ 575‬من‬
‫مدونة التجارة غير واجبة التطبيق في النازلة‪ ....‬تكون قد طبقت مقتضيات الفصل ‪ 451‬من‬
‫ق ل ع والمادة ‪ 575‬من مدونة التجارة تطبيقا سليما ويكون قرارها مرتكزا على أساس‬
‫ومعلال تعليال كافيا والوسيلتان على غير أساس‪".‬‬
‫من خالل موقف محكمة النقض تبين لنا أنها طبقت مقتضيات المادة ‪ 575‬من مدونة‬
‫التجارة التي تعطي األسبقية عن كل الديون األخرى‪ ،‬سواء كانت مقرونة أم ال باالمتيازات‬
‫أو بضمانات الديون الناشئة بعد صدور حكم فتح التسوية والحال أن الديون التي طالبت بها‬
‫الشركة المغربية لإليجار تتعلق بالديون الناتجة عن بروتوكول اتفاقي نشأت قبل صدور‬
‫الحكم بفتح المسطرة‪ ،‬والتي تخضع في هاته المرحلة لسلطة السنديك بناء على مقتضيات‬
‫المادة ‪ 573‬من م ت‪.‬‬
‫لكن ما يعاب عل المشرع المغربي هو تنظيمه لمسألة حق المفوت إليه في تملك‬
‫العقار دون أداء جميع اإلقساط المتبقية من المبلغ األساسي‪ ،‬بخالف المشرع الفرنسي الذي‬

‫‪93‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫نص صراحة على عدم اإلمكانية‪ .186‬وهذا الموقف صائب ألنه ال يعقل أن يحصل المفوت‬
‫إليه على العقار دون أداء جميع األقساط الالحقة وإال كان إثراء بال سبب‪.‬‬
‫أما الفرضية الثانية فهي التي ال يقوم فيها الدائن صاحب عقد االئتمان اإليجاري‬
‫بالتصريح بدينه‪ ،‬فإنه يفقد حقه في الرجوع على المدين وال يمكنه ذلك من الرجوع على‬
‫المفوت في المبالغ السابقة لعملية التفويت‪.187‬‬
‫لكن نتساءل عن موقع دين شركة االئتمان اإليجاري الذي نشأ بعد فتح مسطرة‬
‫التسوية القضائية؟ وما مظاهر األسبقية التي يتمتع عقد االئتمان اإليجاري؟‬
‫يشكل حق األسبقية ضمانة لحقوق الدائنين المرتبطين بنشاط المقاولة الخاضعة‬
‫للتسوية القضائية‪ ،‬وأعطى لهؤالء الدائنين وضعية متميزة تمكنهم من استيفاء ديونهم‬
‫باألولوية‪ ،‬غير أن المشرع المغربي جاء بصياغة عامة في المادة ‪ 575‬من مدونة التجارة‬
‫دون وضع أي ترتيب للدائنين‪ ،‬بخالف المشرع الفرنسي الذي وضع ترتيبا دقيقا بين‬
‫الدائنين لحل اإلشكاالت المثارة بهذا الخصوص‪ ،‬مما جعل المشرع المغربي يلجأ إلى آليات‬
‫تسوية النزاعات الناشئة بين الدائنين في ظل غياب ترتيب بينهم‪.188‬‬
‫وقبل التطرق إلى ترتيب الدائنين الذي اعتمده المشرع الفرنسي ال بد من التطرق‬
‫لشروط حق األسبقية‪.‬‬
‫‪-1‬نشوء الدين بعد فتح مسطرة التسوية القضائية‪ :‬ويتحقق هذا الشرط بمجرد مقابلة‬
‫تاريخ حكم فتح المسطرة مع تاريخ نشأة الدين‪ ،‬ومتى كان هذا التاريخ األخير الحقا للتاريخ‬
‫األول فإن الدائن يكون متوفر على شرط نشأة الدين بعد فتح المسطرة‪.189‬‬
‫‪-2‬نشأة الدين بصفة قانونية‪ :‬أي يجب أن تنشأ الديون عن تصرفات تدخل في نطاق‬
‫الصالحيات الممنوحة لكل من رئيس المقاولة أو السنديك‪،‬حسب أنماط اإلدارة خالل فترة‬
‫إعداد الحل‪.‬‬
‫‪186‬‬
‫‪- l’article 642-7 aliéna 4du code de procédures collectivesenomce « en cas de cession d’un contrat de crédit‬‬
‫‪prôneur ne peut lever l’option d’achat qu’ en cas de paiement des sommes restant dues dans la valeur du bien‬‬
‫‪fixée d’un commun entres les parties ou à Deffant par le tribunal à mol date de la session ».‬‬
‫‪ - 187‬زكرياء البلعيدي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.220-219‬‬
‫‪ - 188‬حياة حجي‪ ،‬حق األسبقية المقررة للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪ ،2004 -2003‬ص ‪.110‬‬
‫‪ - 189‬عمر السكتاني‪ ،‬بعض مظاهر حماية الدائنين بعد فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬المجلة المغرية للدراسات واالستثمارات القانونية‪ ،‬عدد‬
‫مزدوج ‪ ،2012 3-2‬مطبعة األمنية الرباط‪ ،‬ص ‪.66‬‬

‫‪94‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪-3‬نشوء الدين ألجل مواصلة نشاط المقاولة‪ :‬ثار جدل فقهي حول الديون التي تشملها‬
‫المادة ‪ 575‬من م ت‪ ،‬هل تشمل الديون المهنية وغير المهنية أم المهنية فقط وهناك‬
‫اتجاهان‪:‬‬
‫فاالتجاه األول‪ :‬يرى بأن جميع الديون الناشئة بعد صدور حكم التسوية القضائية‬
‫تستف يد من حق األولوية في الوفاء‪ ،‬سواء كانت هذه الديون مهنية أو غير مهنية وذلك‬
‫لعمومية النص ولكون المسطرة تشمل سائر أموال المدين وليس فقط ذمة المقاولة‪.190‬‬
‫أما االتجاه الثاني الذي يجمع فيه الفقه المغربي على استبعاد الديون غير المهنية من‬
‫حق األسبقية في الوفاء‪ ،‬حيث يرى أحمد شكري السباعي‪ 191‬أن المقصود بالديون هنا‬
‫الديون المهنية فقط‪ ،‬وهو كذلك موقف محمد لفروجي‪ 192‬بأن الديون الشخصية المتعلقة‬
‫بحياة المدين ال يشملها حق األسبقية‪.‬‬
‫انطالقا من المادة ‪، 575‬فإن حق األولوية ينتج عنه ضمانتين هامتين مخولتين‬
‫للدائنين الالحقين‪ ،‬وذلك بالرغم من عدم تنصيص المشرع عليهما وهما الحكم باألولوية في‬
‫استيفاء الدين‪ .‬ثم اعتبار الرتبة في حالة التسوية القضائية‪.‬‬
‫فيما يخص الحكم باألولية استناد إلى تاريخ تقديم الدين حيث يعتبر تاريخ تقديم الدين‬
‫أو تاريخ االستحقاق ضمانة هامة للدائنين الالحقين في عقودهم الجارية التنفيذ بصدور‬
‫الحكم بفتح المسطرة‪ ،‬والتصريح باستمرارية نشاط المقاولة اثر اختيار مخطط االستمرارية‬
‫أو التفويت –ألنه عند هذا التاريخ سوف يحصل هؤالء على ديونهم الناشئة بصفة قانونية‬
‫باألسبقية‪ .‬وبالرغم كذلك من عدم تنصيص المشرع المغربي على ذلك صراحة‪،‬فإن األمر‬
‫يتضح من خالل منح الدائنين الالحقين قاعدتين هامتين‪ :‬القاعدة األولى تتعلق بسلوك‬
‫المتابعات الفردية بعد فتح صدور حكم فتح المسطرة‪ ،‬حيث بإمكان الدائنين الناشئة ديونهم‬
‫بعد حكم فتح مسطرة التسوية القضائية والمستفيدين من حق األولوية ممارسة كل متابعة‬
‫فردية تهدف إلى الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال‪ ،‬أو فسخ العقد لعدم أداء مبلغ من‬

‫‪ - 190‬محمد لعروصي‪ ،‬مصير العقود الجارية في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬جامعة محمد‬
‫الخامس السويسي كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪ ،2005 -2004‬ص ‪.209‬‬
‫‪ - 191‬أحمد شكري السباعي‪ ،‬مسطرة التسوية القضائية والتصفية القضائية وتمويل المقاولة‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد‪ ،80‬يناير‪ -‬فبراير‬
‫‪ ،2000‬ص ‪.21‬‬
‫‪ - 192‬محمد لفروجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.388‬‬

‫‪95‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫المال‪ .‬وذلك في حالة تماطل المدين عن أداء ديون الدائنين عند استحقاقها ضمانا له‪ ،‬ولما‬
‫سبق التأكيد عليه قبل اختيار مخطط االستمرارية‪-‬أو التفويت‪-‬إن لم نقل أن هذا الضمان يعد‬
‫من األسباب التي تحفز الدائنين في عقودهم الجارية التنفيذ على قبولهم لتسوية المقاولة‬
‫‪193‬‬
‫وكقاعدة ثانية الحق في استحقاق الفوائد‬ ‫والمغامرة من جديد مع وضعيتها لتسوية‬
‫بالنسبة للدائنين الالحقين عن فتح مسطرة التسوية القضائية‪ ،‬ألنهم غير معنيين بوقف‬
‫الفردية باإلضافة إلى تمتعهم بحق األولوية في استيفاء الدين‪.‬‬
‫فمبدأ االستحقاق يعد بمثابة حق مخول للدائن الناشئة ديونه بعد فتح مسطرة التسوية‬
‫القضائية‪ ،‬وهذا المبدأ يخول للدائن سلوك المتابعات الفردية طبقا للمواد من ‪ 653‬إلى ‪656‬‬
‫من م ت والمادة ‪ 621-39‬من م ت ف‪ ،‬كما يمكنه ممارسة الحجز التخصيصي إذ ظلت‬
‫غير مؤداة عند تاريخ االستحقاق وسلوك هذه المسطرة‪ ،‬ال بد من حصول الدائن على السند‬
‫التنفيذي المتعلق بمبدأ مالي حال األداء حسب مقتضيات المادة ‪ 448‬من ق م م والمادة ‪42‬‬
‫يضع به الدائن المال‬ ‫من قانون ‪ 1997/7/9‬الفرنسي‪ ، 194‬أو الحجز التنفيذي الذي‬
‫المحجوز تحت يد القضاء وبيعه واستيفاء دينه سواء كان الحجز التنفيذي على عقار أو‬
‫منقول‪.‬‬
‫أما فيما يخص اعتماد الرتبة في حالة التسوية القضائية ‪ ،‬فقد عمد المشرع الفرنسي‬
‫إلى تشجيع المقترضين الذين يتعاملون مع مقاولة تعرف وضعية حرجة‪ ،‬عبر حق األسبقية‬
‫المقرر لهم الستيفاء ديونهم عند االستحقاق باألولوية في مواجهة الدائنين ومن أجل حاجيات‬
‫استمرار النشاط‪ ،‬وهو ما سعى إليه المشرع الفرنسي من خالل التصنيف الذي أورده بالمادة‬
‫‪ 622-17‬من م ت‪ ،‬بعد تعديل (‪ 26‬يوليوز ‪ ) 2005‬وفق النهج التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬ديون الطبقة العاملة التي لم تمر تغطيتها عبر جمعية إدارة تأمينات ديون‬
‫األجراء)‪.)AGS‬‬

‫محمد لعروصي‪-‬مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح المسطرة م س ص ‪.219‬‬ ‫‪193‬‬

‫حياة حجي‪،‬م س ص ‪.99‬‬ ‫‪194‬‬

‫‪96‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪-2‬مصاريف الخزينة وأتعاب جهاز القضاء أي كل المصاريف القضائية المتعلقة‬


‫بمسطرة المعالجة المفتوحة في مواجهة المقاولة‪ ،‬وتتعلق أساسا بأتعاب السنادكة وأعوان‬
‫الجهاز القضائي‪.‬‬
‫‪-3‬قروض مؤسسات االئتمان وديون المتعاقدين مع المقاولة من أجل استمرارية‬
‫المقاولة‪ ،‬ويشترط في قروض مؤسسات االئتمان أن تنشأ خالل الفترة االنتقالية‪ ،‬وليس قبل‬
‫افتتاح المسطرة في مواجهة المقاولة‪ .‬كما يشترط في هذه القروض إذن القاضي المنتدب‬
‫حتى ال تفقد هذه الرتبة‪.‬‬
‫‪-4‬ديون الطبقة العاملة التي يتم استخالصها عبر‪ AGS‬من أجل استمرار عقود العمل‬
‫طبقا للمادة ‪ 143-11-1‬من مدونة الشغل في مرحلة التصفية القضائية فقط‪ ،‬في حدود‬
‫السقف المتعلق بخمسة وأربعين يوما من العمل‪.195‬‬
‫‪-5‬باقي الدائنين الالحقين أي أصحاب العقود الجديدة تبعا لتواريخها وضماناتها‬
‫كالديون الجبائية‪.‬‬
‫خالصة القول أن المشرع نظم بشكل يبقى ناقصا فيما يتعلق في حالة خضوع‬
‫المكتري لصعوبات المقاولة‪ ،‬ومن ذلك عدم وضع ترتيب للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح‬
‫المسطرة خاصة دين شركة االئتمان اإليجاري أسوة بالمشرع الفرنسي‪ ،‬ولم يراع في ذلك‬
‫خصوصية عقد االئتمان اإليجاري وإن كان جعلها من العقود القابلة للتفويت حسب المادة‬
‫‪ 606‬من م ت‪ ،‬لكن في غياب ضمانات عديدة لشركات االئتمان اإليجاري خاصة الديون‬
‫الناشئة قبل فتح المسطرة وتفويت عقد االئتمان‪ ،‬دون مراعاة مصير وضعية هذا العقد الذي‬
‫يبقى ذا طبيعة مركبة خاصة‪ ،‬يمنح للمكتري عند نهاية العقد حق تملك العقار أو المنقول‬
‫عند إعماله خيار الشراء‪ .‬خاصة المفوت إليه كما يلزمه بتحمل أداء األقساط الواجبة قبل‬
‫التفويت وسكت عن مدى إمكانية تملك المفوت إليه العقار أو المنقول من عدمه‪ ،‬ما يبقى‬
‫معه تدخل المشرع واجبا لتنظيم مختلف الجوانب المتعلقة بهذا العقد في مرحلة التسوية‬
‫والتصفية القضائية‪ ،‬وإن كان ما يحسب له هو توفير مجموعة من الضمانات المخولة‬

‫‪ - 195‬حياة حجي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.114-112‬‬

‫‪97‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫للد ائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية‪ .‬لكنه أغفل وضع ترتيب للدائنين‬
‫مما يؤدي إلى نشوب مجموعة من النزاعات الداخلية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسطرة التصفية القضائية‬
‫أما في مرحلة التصفية القضائية فيتم التصريح بالديون داخل أجل شهرين من تاريخ‬
‫نشر حكم فتح مسطرة التصفية القضائية‪ ،‬ما لم يتعلق األمر بدائنين حاملين لضمانات أو عقد‬
‫ائتمان إيجاري تم شهرهما‪ ،‬الذين أوجب المشرع إشعارهم شخصيا من طرف السنديك‪ .‬أما‬
‫عقد االئتمان اإليجاري الذي لم يتم شهره فشركة االئتمان اإليجاري ال يمكن لها االحتجاج‬
‫بعدم إشعارها شخصيا‪ ،196‬أما في حالة شهرها العقد السالف الذكر‪ ،‬فإنها ال تواجه بالسقوط‬
‫وهو ما أكده قرار صادر عن المجلس األعلى سابقا‪( 197‬محكمة النقض حاليا)والذي جاء‬
‫فيه‪،‬‬
‫"بمقتضى المادة ‪ 687‬من م ت فإنه يجب تقديم التصريح بالديون داخل أجل شهرين‬
‫ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية ولما كان من الثابت من وثائق‬
‫الملف إن الحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية قد تم نشره بالجريدة الرسمية بتاريخ‬
‫‪ 2007/11/11‬وأن الطالبتين ليستا من الدائنين الحاملين ضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم‬
‫شهرهما الذين أوجب المشرع إشعارهم شخصيا حسب المادة ‪ 686‬من م ت والذين ال‬
‫يواجهون بالسقوط حسب المادة ‪ 690‬في حالة اإلخالل باإلشعار المذكور‪،‬وأنهما لم تصرحا‬
‫بدينهما غال بتاريخ ‪ 2008/3/24‬أي خارج أجل شهرين‪،‬وأنهما لم تتقدما بدعوى رفع‬
‫السقوط وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه التي أيدت مقرر القاضي المنتدب رتبت‬
‫بعدم قبول التصريح بالدين تكون قد طبقت تطبيقا صحيحا أحكام المادتين ‪ 687‬و‪ 690‬من م‬
‫ت‪."....‬‬

‫‪ 196‬وهو ما أكده أيضا قرار آخر عدد ‪ 163‬صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش بتاريخ ‪ 2009/02/10‬وجاء في حيثياته "‪...‬لكن‬
‫حيث أن عقد االئتمان اإليجاري الذي تتمسك به المستأنفة لم يتم شهره‪ ،‬بحيث سيق للقاضي المنتدب أن أنذرها من أجل األداء بما يفيد شهره عمال‬
‫بمقتضيات الفصل ‪ 436‬من م ت غير أنها لم تدل بما يفيد إجراء اإلشهار وأن المستفاد من مقالها االستئنافي أن عقد االئتمان اإليجاري لم يشهر‪،‬أن‬
‫مقتضيات تنص على إشهار الدائنين الحاملين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم شهرهما وما دام عقد االئتمان اإليجاري الذي تعتمده المستأنفة‬
‫غير مشهر‪،‬فإنه ال يمكنها التمسك بعدم إشعارها من طرف السنديك وبالتالي ت كون ملزمة بالتصريح بدينها داخل أجل شهرين من تاريخ نشر الحكم‬
‫القاضي بفتح المسطرة‪ ".‬منشور بموقع ‪www.cacmarramech.ma‬‬
‫‪ 197‬قرار ‪ 821‬المؤرخ ب ‪ 2011/06/09‬ملف تجاري ‪ 2010/1/3/1758‬منشور بمجلة القضاء التجاري مطبعة المعرفة الجديدة الرباط عدد ‪3‬‬
‫الطبعة األولى ‪ 2014‬ص ‪.218‬‬

‫‪98‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املبحث الثاين‪ :‬إجراءات فسخ العقد‬

‫تقوم شركة االئتمان اإليجاري عند إبرام العقد بإدراج مجموعة من البنود‪ ،‬التي‬
‫تهدف من خاللها إلى حماية مصالحها من خطر إعسار المكتري أو تحسبا لتوقف هذا‬
‫األخير عن أداء أقساط الكراء‪ ،‬ومنها فسخ العقد في حالة عدم أدائه لهاته األقساط وكذا‬
‫سلوكها لمجموعة من اإلجراءات التحفظية التي تهدف منها ضمان وفاء المكتري بالتزاماته‬
‫ومنها رهن الحصص‪ ،‬واألسهم بالنسبة لعقد االئتمان الوارد على العقار‪ ،‬وشرط االحتفاظ‬
‫بالملكية الذي يضمن لها حق الملكية وعدم إمكانية التنفيذ عليه من جانب دائني المكتري‪.‬‬
‫باإلضافة إلى الشرط الفاسخ والجزائي وما يشكالنه من ضمان في حالة التخلف عن‬
‫أداء التزاماته‪ ،‬وتجد هاته المقتضيات أساسها في المادة ‪ 433‬التي جاء على أنه‪":‬تنص‬
‫عقود االئتمان اإليجاري تحت طائلة البطالن‪ ،‬على الشروط التي يمكن فيها نسخها‬
‫وتجديدها بطلب من المتعاقد المكتري‪".....‬‬
‫ومن خالل هاته المادة تبين أن المشرع نص تحت طائلة البطالن على تضمين عقد‬
‫االئتمان اإليجاري على الشروط التي يمكن فيها فسخ هذا العقد باتفاق الطرفين‪.‬‬
‫لذلك تقوم شركات االئتمان اإليجاري بالتنصيص في عقودها النموذجية على‬
‫مجموعة من اإلجراءات التحفظية التي تهدف من خاللها الحفاظ على حقوقها في حالة‬
‫تخلف المكتري عن الوفاء بالتزاماته ومن ذلك التنصيص على الشرط الفاسخ وفي هذا‬
‫اإلطار يتفق األطراف على تدخل قاضي المستعجالت من أجل معاينة تحقق الشرط الفاسخ‪،‬‬
‫مما يؤكد الطبيعة االتفاقية لهذا الشرط‪ .‬ويهدف مضمون هذا الشرط الحفاظ على مصالح‬
‫وحقوق شركة االئتمان في مواجهة المكتري المتقاعس عن تنفيذ التزاماته وهو يعد بذلك‬
‫من أهم مظاهر الحماية المقررة لها‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫كما أن الشرط الجزائي هو اآلخر يلعب دورا كبيرا في عقد االئتمان اإليجاري في‬
‫الحفاظ على مصالح طرفي هذا العقد‪.‬‬
‫وال يفوتنا اإلشارة إلى أن انتهاء عقد االئتمان اإليجاري سواء كان اإلنهاء من جانب‬
‫المكري(شركة االئتمان اإليجاري أو من جانب المكتري) وإن كان اإلنهاء من طرف هذا‬
‫األخير نادر الحصول بالنظر إلى االلتزامات التي يتحملها ومنها أداء جميع األقساط‬
‫الواجبة إلى نهاية العقد كما لو أن العقد ما زال ساري المفعول وكذلك إعفاء شركة االئتمان‬
‫نفسها من مجموعة من االلتزامات ومنها إعفاء نفسها من ضمان العيوب الخفية وتخويلها‬
‫المكتري الرجوع بالضمان مباشرة على البائع أو المورد و كذا إدراجها في الشروط‬
‫المؤجر يقوم باختيار العقار أو المنقول تحت مسؤوليته‪.‬‬
‫الخاصة التي تضعها أن ِ‬
‫لذلك ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين نتناول في المطلب األول اإلجراءات‬
‫التحفظية في عقد االئتمان اإليجاري وكذا إنهاء عقد االئتمان اإليجاري في المطلب الثاني‪.‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجراءات التحفظية يف عقد االئتمان اإلجياري‬

‫تعتبر العقود التجارية بصفة عامة وعقد االئتمان اإليجاري بصفة خاصة مجاال‬
‫خصبا لإلجراءات التحفظية‪ ،‬كما هو الحال بالنسبة للشرط الصريح الفاسخ‪ ،‬بحيث وإن كان‬
‫هذا الشرط هو وصف من أوصاف االلتزام فإنه يعد بمثابة تأمين لضمان حقوق الدائن‬
‫وتأكيد تنفيذ العقد‪.‬‬
‫فشركة االئتمان اإليجاري ال غنى لها عن التنصيص على مقتضيات الشرط الفاسخ‬
‫في بنود عقودها المعدة لهذا الغرض‪ ،‬وكذا ما تشير إليه المادة ‪ 433‬من م ت من خالل‬
‫لجوءها إلى قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة عدم أداء األقساط الواجبة والحالة واألمر‬
‫بإرجاع العقار‪ ،‬وكذا هو الحال بالنسبة للمنقول وإن كان المشرع لم يشر إليه من خالل‬
‫المادة أعاله فإنه ال يخلو عقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول من التنصيص على‬
‫تدخل قاضي المستعجالت لألمر‪ ،‬بإرجاع المعدات والتجهيزات موضوع العقد إلى الشركة‬
‫الممولة في حالة التوقف عن أداء الوجيبات الكرائية الشهرية‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫والقضاء التجاري صدرت عنه مجموعة من األوامر المستعجلة المهمة الصادرة في‬
‫الموضوع‪ ،‬والتي كرست ما ذهب إليه الفقه وكذا القانون والقضاء الفرنسيان بخصوص‬
‫أحقية قاضي المستعجالت في معاينة تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬واتخاذ التدابير اإلستعجالية على‬
‫ضوء ذلك ويكتسب هذا األمر اإلستعجالي الحجية فقط وهو ما كرسه المجلس األعلى‪ ،‬كون‬
‫القاضي اإلستعجالي له الحق في معاينة تحقق الشرط الفاسخ وهذا األمر اإلستعجالي ال‬
‫يكتسب قوة الشيء المقضي به بل فقط الحجية‪.‬‬
‫كما أن شركة االئتمان تضمن بنود عقودها في إطار عقد االئتمان اإليجاري العقاري‬
‫ما يسمى رهن الحصص‪ ،‬واألسهم في الشركة ضمانا للتنفيذ والحصول على حقوقها في‬
‫حالة امتناع المكتري عن تنفيذ التزاماته‪ ،‬وتدخل قاضي المستعجالت لمعاينة واقعة عدم‬
‫األداء وإرجاع العقار أو المنقول‪.‬‬
‫لكل ما سبق سنتطرق إلى تعامل القضاء مع الشرط الجزائي (الفقرة األولى)‪ ،‬تم‬
‫اإلجراءات التحفظية التي تسلكها شركات التمويل(الفقرة الثانية)‪.‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعامل القضاء مع الشرط اجلزائي‬

‫يلعب الشرط الجزائي دورا كبيرا في عقد االئتمان اإليجاري في الحفاظ على مصالح‬
‫طرفي هذا العقد‪ ،‬مما جعل العديد من التشريعات تعترف به بنص صريح في قوانينها‪،‬‬
‫كالتشريع المصري والسوري والليبي والعراقي‪ ،‬تحت اسم التعويض اإلتفاقي بخالف‬
‫المشرع الفرنسي والمشرع المغربي اللذان يطلقان عليه الشرط الجزائي‪.198‬‬
‫وقد عرفه البعض بكونه اتفاق بمقتضاه يحدد طرفا العقد مسبقا مقدار التعويض‬
‫المستحق للدائن في حالة إخالل المدين جزئيا أو كليا بالتزاماته التعاقدية أو تأخره في‬
‫تنفيذها‪ ،199‬في حين عرفه بعض الفقه بأنه تقرير اتفاقي جزائي يقدر بواسطته طرفا العقد‬

‫‪ -198‬أحمد أدريوش‪ ،‬االجتهاد القضائي والشرط الجزائي والفوائد القانونية‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ‪ ،2001‬ص‪.64 :‬‬
‫‪ - 199‬أحمد أدريوش م س ‪ ،‬ص‪.64 :‬‬

‫‪101‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫مقدارا للتعويض الذي يستحقه أحدهما عن الضرر الذي لحقه نتيجة عدم تنفيذ اآلخر لاللتزام‬
‫إما كال أو بعضا أو لتأخيره في تنفيذه‪.200‬‬
‫فالتعريف يختلف حسب كل رأي فقهي‪ ،‬إال أن مضمون هذا الشرط يبقى واحدا‬
‫باعتباره بندا عقديا يدرجه المتعاقدان في عقدهما‪ ،‬أو في اتفاق الحق لضمان احترام العقد‬
‫وكفالة تنفيذه‪ ،‬بحيث إذا أخل أحد المتعاقدين بالتزاماته أدى مبلغا معينا للمتعاقد اآلخر‪ ،‬فهو‬
‫في حقيقة األمر تقدير اتفاقي للتعويض قد يتمثل في مبلغ نقدي‪ ،‬أو في عمل‪ ،‬أو امتناع عن‬
‫عمل‪ .‬فالشرط الجزائي تصرف خاضع في أساسه القانوني لما يخضع له العقد في القانون‬
‫المغربي و الفرنسي والمصري‪ ،‬وهو نظرية سلطان اإلرادة‪ .‬لكن رغم صفته اإلرادية إال‬
‫أنها ال تنفي عنه صفته التبعية لاللتزام األصلي‪ ،‬بل إن وجوده يؤكد بشكل تقني وجود‬
‫االلتزام األصلي‪ ،‬وانطالقا من مهمته‪ ،‬فهو إما مقرر لتعويض اإلخالل بالوفاء بااللتزام‬
‫األصلي‪ ،‬وإما لضمان حصول الوفاء العيني‪ ،‬لذلك فإن الشرط الجزائي هو التزام تابع من‬
‫جهة واتفاق سابق على واقعة اإلخالل بتنفيذ االلتزام من جهة ثانية‪.201‬‬
‫ولعل القانون الفرنسي هو الوحيد من بين القوانين محل الدراسة الذي قدم تعريفا‬
‫للشرط الجزائي في المادة ‪ 1229‬من ق‪.‬م‪.‬ف حيث نصت على ما يلي‪" :‬الشرط الجزائي‬
‫هو التعويض الذي يقابل األضرار الالحقة بالدائن نتيجة عدم تنفيذ االلتزام األصلي"‪ ،‬أما‬
‫قانون االلتزامات والعقود المغربي فلم يكن يتضمن أي نص مباشر يتعلق بها الشرط‪ ،‬إلى‬
‫حدود سنة ‪ 1995‬فأصدر القانون ‪ 27/95‬بتاريخ ‪ 1995/7/13‬الذي عدل وتمم بموجبه‬
‫الفصل ‪ 264‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي أصبح "الضرر هو ما لحق الدائن من خسارة‪ ...‬يجوز‬
‫للمتعاقدين أن يتفقا على التعويض عن األضرار التي قد تلحق الدائن من جراء عدم الوفاء‬
‫بااللتزام األصلي كليا أو جزئيا أو التأخير في تنفيذه"‪.‬‬
‫أما القانون المدني المصري فقد جاء في المادة ‪ 223‬ما يلي‪:‬‬

‫‪ - 200‬فؤاد معالل الشرط الجزائي في القانون المغربي ‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪-‬جامعة محمد بن عبد هللا ‪ -‬كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬فاس ‪ ،1993/1992‬ص‪.3‬‬
‫‪ - 201‬رياض فخري‪ ،‬عقد التأجير التمويلي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.449 :‬‬

‫‪102‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫"يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليه في العقد أو في اتفاق‬
‫الحق‪ "...‬ويجوز للقاضي أن يخفض هذا التعويض إذا أثبت المدين أن التقديم كان مبالغا فيه‬
‫إلى درجة كبيرة أو أن االلتزام األصلي قد نفذ جزء منه‪.‬‬
‫فااللتزام األصلي ذلك الذي يتعهد المدين بتنفيذه لمصلحة الدائن‪ ،‬وهو التزام يقتضى‬
‫تنفيذه عينا‪ ،‬وليس للدائن أن يطالب بالتعويض‪ ،‬بل بإمكانه أن ال يقبل به ما دام التنفيذ العيني‬
‫ممكنا‪ ،202‬وهو ما أكده توجه محكمة االستئناف التجارية بالدار البيضاء‪ 203‬في قرار صادر‬
‫بتاريخ ‪ 2011/11/18‬بين شركة كلوبال انجليز (شركة بيع السيارات) بوصفها مستأنفة‬
‫وبين خليفي باعتباره مستفيدا (مستأنف عليه) وشركة مغرب باي (الممولة لشراء المنقول)‬
‫باعتبارها شركة ائتمان‪.‬‬
‫حيث جاء في تعليلها "أن النقطة القانونية التي أثارها المجلس األعلى (محكمة‬
‫النقض حاليا) في هذه النازلة تتمحور حول كون الطاعنة تمسكت في استئنافها بمقتضيات‬
‫الفصول ‪ 234‬و‪ 259‬و‪ 264‬من ق‪.‬ل‪ .‬ع وأن المحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لم تجب‬
‫عنها على الرغم من أهميتها‪.‬‬
‫وحيث تمسكت الطاعنة في أوجه استئنافها بأن المستأنف عليه لم يطلب بمقتضى‬
‫مقاله االفتتاحي تسليمه السيارة ولم يعرض ثمنها‪ .‬كما أن السيارة مثلها موجودة وأنه لم‬
‫يطلب إتمام البيع‪ .‬والتمس مباشرة وبصفة أصلية حصوله على تعويض طبقا للفصلين ‪259‬‬
‫و‪ 264‬من ق‪.‬ل‪.‬ع‪.‬‬
‫حيث أن النزاع القائم بين الطرفين يدور حول عقد البيع الذي يدعي المستأنف عليه‬
‫كونه أبرمه مع الطاعنة من أجل اقتناء سيارة‪ ...‬وأنه أدى جزء من الثمن والطاعنة لم تمكنه‬
‫من السيارة‪.‬‬
‫وحيث أن الفصل ‪ 259‬ينص على أنه إذا كان المدين في حالة مطل‪ ،‬يتعين على‬
‫الدائن أن يجبره على تنفيذ االلتزام مادام تنفيذه ممكنا‪ ،‬فإن لم يكن ممكنا جاز للدائن أن‬
‫يطلب فسخ العقد وله عندئذ الحق في التعويض وفي النازلة‪ .‬وبالرجوع إلى المقال االفتتاحي‬

‫‪ - 202‬رياض فخري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.450 :‬‬


‫‪ - 203‬قرار رقم ‪ 2011/232‬صدر بتاريخ ‪( 2011/01/08‬غير منشور) أنظر الملحق‬

‫‪103‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫للدعوى يتبين أن المستأنف عليه لم يطلب ت سليمه السيارة المبيعة أو مثلها كما أنه لم يطلب‬
‫إتمام البيع وإنما التمس مباشرة وبصفة أصلية الحصول على التعويض تبعا للفصل ‪259‬‬
‫المذكور و‪ 264‬من ق‪.‬ل‪.‬ع والحال أن الحق في التعويض في إطار الفصل ‪ 259‬ال يكون‬
‫للمستأنف عليه إال إذا طلب سيارة مماثلة للسيارة التي تسلمت عنها الطاعنة مصاريف‬
‫التسجيل باعتبار أن السيارة تعد من األشياء المثلية‪ ،‬بمفهوم الفصل ‪ 264‬من ق‪.‬ل‪.‬ع أو إذا‬
‫طلب فسخ العقد الستحالة التنفيذ‪ ،‬وبما أنه لم يطلب أي مما ذكر‪ ،‬فإنه ال حق له في المطالبة‬
‫مباشرة بالتعويض األمر الذي يتعين معه إلغاء الحكم المستأنف والحكم من جديد بعدم قبول‬
‫الطلب"‪.‬‬
‫حيث أن القرار أعاله الذي طلب المستفيد بالتعويض عن الضرر نتيجة عدم قيام‬
‫شركة كلوبال انجليز (بائع) بتسليم المنقول له رغم قيامه بأداء الدفعة األولى من الثمن‬
‫وحصول على موافقة شركة مغرب باي (شركة االئتمان اإليجاري) ألداء باقي الثمن‬
‫وأق ساط التأمين اإلجباري بعد معاينة العربة من طرف المستفيد وتجربتها وتأكده من‬
‫المواصفات المطلوبة‪ ،‬وطلبت شركة انجليز مهلة ‪ 6‬أشهر لتسليمه السيرة غير أن هذه‬
‫األخيرة قامت بتفويتها‪ ،‬فالقرار قضى بعدم إمكانية االستفادة من التعويض ما دام التنفيذ‬
‫العيني ممكننا‪،‬‬
‫وبالتالي ال يحق له المطالبة بفسخ العقد مع التعويض‪ .‬وذلك راجع لكون الشرط‬
‫الجزائي قائم على تحديد مقدار التعويض‪ ،‬ألن االلتزام األصلي يقوم على التنفيذ العيني‬
‫لاللتزام المتفق عليه‪ ،‬ألن بإمكان المدين (شركة انجليز) أن يعرض على الدائن (المستفيد)‬
‫الوفاء بااللتزام األصلي‪ ،‬ال أن يعرض الوفاء بالشرط الجزائي والتنفيذ العيني ال زال‬
‫ممكنا‪ ،‬فالمدين ملزم بطلب التنفيذ العيني وبقبوله‪ ،‬دون حقه في االختيار فاتجاه محكمة‬
‫االستئناف التجارية بالدار البيضاء كان على صواب فيما قضى به‪.‬‬
‫ويبقى من الضروري اإلشارة إلى أن سلطة القضاء في ما يخص الشرط الجزائي‬
‫تنحصر فقط في المراجعة أو التعديل كما نص على ذلك للمشرع المغربي الفصل ‪ 264‬من‬
‫ق ل ع وال يملك سلطة إبطال الشروط الجزائية المجحفة كما هو الشأن بالنسبة للشروط‬
‫التعسفية‪ ،‬والتي خولت التشريعات المنظمة لها كالقانون الفرنسي‪ ،‬سلطة حذفها من العقد‬
‫‪104‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫واعتبارها كأن لم تكن‪ .‬مع اإلشارة إلى أن المشرع البلجيكي خطا خطوات كبيرة بخصوص‬
‫سلطة القاضي إزاء الشروط الجزائية حيث أقر بأن هذه الشروط إذا كان مبالغا فيها‪،‬فإنها ال‬
‫تدخل في مفهوم المادة ‪ 1152‬من القانون المدني البلجيكي ‪،‬وإنما يجوز للقاضي إبطالها‬
‫لمخالفتها النظام العام لكون سببها غير مشروع بناء على المادتين ‪ 1131‬و‪ 1132‬من‬
‫القانون المدني البلجيكي‪.204‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات التحفظية اليت تسلكها شركات التمويل‬

‫إن القاعدة العامة التي تبناها المشرع المغربي في القانون المحدث للمحاكم التجارية‪،‬‬
‫هو اعتباره قانون المسطرة المدنية هو المرجع العام في اإلجراءات المسطرية في حالة عدم‬
‫وجود نص في قانون ‪ 53.95‬وهو ما سلكه عندما تحدث عن اختصاص رئيس المحكمة‬
‫التجارية في القضايا المستعجلة بمقتضى المادة ‪ ،20521‬كما ال تفوتنا الفرصة لإلشارة في‬
‫هذا الصدد أن قانون المسطرة المدنية الفرنسي بمقتضى المادة ‪ 809‬يمنح نفس لرئيس‬
‫المحكمة االبتدائية‪...‬‬
‫فقد راهن المشرع المغربي كثيرا على القضاء المستعجل في مجال العقود التجارية‪،‬‬
‫لما له من دور الحماية الوقتية للمصالح‪ ،‬والحقوق‪ ،‬وقد أخذ المشرع المغربي عن نظيره‬
‫الفرنسي بشكل حرفي اإلطار التنظيمي العام للقضاء المستعجل التجاري‪ ،‬حيث قام بعملية‬
‫دمج المادتين ‪ 872‬و‪ 873‬من قانون المسطرة المدنية الفرنسية ‪206‬الفقرة الثالثة من المادة‬
‫‪ 21‬من قانون ‪ 53-95‬المحدث للمحاكم التجارية التي جاء فيها "‪ ...‬يمكن لرئيس المحكمة‬
‫التجارية ضمن نفس النطاق –رغم وجود منازعة جدية‪ -‬أن يأمر بكل التدابير التحفظية‬
‫وبإرجاع الحالة إال ما كانت عليه لدرء ضرر حال أو لوضع حد الضطراب ثبت جليا أنه‬
‫غير مشروع"‪.‬‬

‫‪ 204‬عبد الرحمان الشرقاوي م س ص ‪.270‬‬


‫‪ - 205‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬دراسة تأصيلية مقارنة ومعززة بأحدث االجتهادات القضائية الصادرة في المادة‬
‫التجارية‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2014‬ص‪.97 :‬‬
‫‪ - 206‬عبد ال لطيف الشنتوف‪ ،‬القضاء اإلستعجالي في المادة التجارية‪ ،‬مجلة القضاء التجاري‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪ 2013‬ص‬
‫‪.263‬‬

‫‪105‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حيث تعتبر العقود التجارية مجاال خصبا لإلجراءات التحفظية‪ ،‬كذلك عقد االئتمان‬
‫اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار ال يخلو من هذه اإلجراءات والتي تسلكها‬
‫شركات االئتمان لضمان استيفاء حقوقها ومن بينها نجد ما يسمى برهن الحصص وأسهم‬
‫الشركات‪.‬‬
‫لذلك نجد الفصل ‪ 37‬من عقد االئتمان اإليجاري المنصب على العقار المشيد التي‬
‫تبرمها الشركة المغربية لالئتمان اإليجاري "مغرب باي" مع زبنائها ينص على أنه‪" :‬ألجل‬
‫ضمان حقوق المؤجر المتعلقة بدينه المترتب عن هذا العقد‪ ،‬فإن األشخاص الوارد أسماؤهم‬
‫في الفصل ‪ 64‬بالباب المتعلق بالشروط الخاصة‪ ،‬يصرحون بمقتضى هذا العقد بأنهم‬
‫يمنحون رهنا لفائدة المؤجر ويخصصون لهذا الرهن الحصص واألسهم التي يملكونها في‬
‫الشركة المستأجرة‪.207‬‬
‫ويمارس المؤجر على هذه الحصص واألسهم والحقوق واالمتيازات المخولة له‬
‫بمقتضى القانون إلى حدود المبلغ األصلي والفوائد والمصاريف والتوابع‪"...‬‬
‫باإلضافة إلى مسطرة الرهن على الحصص وأسهم الشركة‪ ،‬نجد شركة االئتمان‪،‬‬
‫تضمن عقودها بعض الشروط التي يغلب عليها الطابع التحفظي الحمائي‪ ،‬ومن ذلك‬
‫استرجاع المنقوالت موضوع عقد االئتمان اإليجاري عن طريق تدخل قاضي األمور‬
‫المستعجلة‪.‬‬
‫وبرجوعنا إلى نموذج الشروط العامة لعقد االئتمان اإليجاري على المنقول الذي‬
‫تهيئه بعض شركات التمويل المتخصصة في ميدان االئتمان اإليجاري نجدها تنص في بنود‬
‫عقودها على أنه‪" :‬وفي حالة عدم إرجاع المعدات بالمكان وفي اليوم المحددين‪ ،‬فإن المؤجر‬
‫مرخص له بمقتضى هذا العقد بحيازتها مباشرة في أي مكان توجد به وبين أيدي أي شخص‬
‫كان‪ ،‬ويتحمل المستأجر في هذه الحالة كل مصاريف الترحيل والنقل وإن اقتضى الحال‪،‬‬
‫فإن قاضي األمور المستعجلة لدى المحكمة االبتدائية للمقر االجتماعي للمؤجر أو المكان‬
‫المتواجدة فيه المعدات حسب اختيار المؤجر مختص لمعاينة فسخ العقد الحالي بقوة القانون‬
‫ليأمر بإرجاع المعدات بمقتضى أمر تنفيذي يصدره على المسودة‪ ،‬وقبل التسجيل مع‬

‫‪ - 207‬عبد الرحيم بحار‪ ،‬اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجاريةـ أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬م س ص ‪.535‬‬

‫‪106‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫استعمال القوة العمومية عند االقتضاء والمالحظ أن هذه الشروط غير واردة في المواد‬
‫المنظمة لعقد االئتمان اإليجاري الوارد على المنقول‪ ،‬األمر الذي يفسر أن شركة االئتمان‬
‫تهدف إلى الحفاظ على مصالحها بإدراج مثل هذه الشروط‪.‬‬
‫كما أعطى المشرع المغربي االختصاص لرئيس المحكمة التجارية األمر بإرجاع‬
‫العقار بعد معاينة واقعة عدم األداء‪ ،‬وذلك في حالة عدم تنفيذ المكتري اللتزاماته التعاقدية‪.‬‬
‫لكن ذلك مشروط باستنفاذ جميع وسائل التسوية الحبية للنزاع‪ ،‬بحيث أن المشرع رتب‬
‫البطالن في حالة عدم تضمين عقد االئتمان اإليجاري كيفية التسوية الودية لكل النزاعات‪.‬‬
‫كما نجد بأن شركة االئتمان تلجأ إلى مسطرة إخراج منقوالتها موضوع عقود‬
‫االئتمان اإليجاري من الحجز التنفيذي‪ ،‬وذلك أمام رئيس المحكمة في إطار مقتضيات المادة‬
‫‪ 21‬من ق‪.‬م‪.‬ت بحيث تستند في طلبها على كون تلك المنقوالت هي المالكة األصلية لها‪،‬‬
‫وأن المكتري لتلك المنقوالت ما هو إال مستفيد‪ ،‬وبالتالي مآل طلبها القبول‪ ،‬مع إشعار شركة‬
‫االئتمان بضرورة سلوك مسطرة استحقاق المنقوالت في إطار الفصل ‪ 468‬من ق‪.‬م‪.‬م‬
‫داخل أجل ثالثة أيام من تاريخ صدور األمر بإخراج المنقوالت من البيع من طرف قاضي‬
‫المستعجالت‪ .‬كما ينبغي اإلشارة إلى أن مسطرة اإلرجاع بعدم األداء‪ ،‬ال يتم اللجوء إليها إال‬
‫بعد استنفاذ كل وسائل التسوية الودية للنزاع المنصوص عليها في المادة ‪ 433‬من مدونة‬
‫التجارة‪ ،‬بحيث رتب المشرع المغربي بطالن العقد في حالة عدم تضمينه كيفية التسوية‬
‫الودية لكل النزاعات‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬فسخ عقد االئتمان اإلجياري‬

‫‪107‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يعتبر عقد االئتمان من العقود المحددة المدة‪ ،‬حيث ينتهي كما تنتهي باقي األخرى‪،‬‬
‫ويتم االتفاق بين طرفيه على مدة العقد أي بحلول أجله‪.‬‬
‫فعقد االئتمان اإليجاري من العقود الملزمة للجانبين‪ ،‬حيث يصبح كال الطرفين في‬
‫الوقت ذاته دائنا مدينا‪ ،‬كما يتميز بارتباط االلتزامات العقدية المتقابلة مما يكون معه التزام‬
‫كل متعاقد سببا اللتزام المتعاقد اآلخر‪ ،‬بحيث إذا اخل أحد العاقدين كان للعاقد اآلخر أن‬
‫يمتنع هو اآلخر‪ ،‬أو أن يطلب الفسخ وحل الرابطة العقدية بينهما‪ .‬ما لم يبادر هو إلى طلب‬
‫‪208‬‬
‫يمكن اعتباره بمثابة الجزاء على إخالل أحد‬ ‫التنفيذ العيني‪ ،‬إذا كان ممكنا‪ ،‬فالفسخ‬
‫العاقدين بتنفيذ التزامه العقدي تجاه العاقد اآلخر‪.209‬‬
‫ويؤدي ذلك إلى انتهاء العقد قبل حلول اجله‪ ،‬فالفسخ يكون بناء على طلب أحد‬
‫طرفي العقد‪.‬‬
‫فعقد االئتمان اإليجاري يخضع في إنهائه لمجموع المقتضيات العامة الواردة في‬
‫قانون االلتزامات والعقود‪،‬وأيضا للشروط والمقتضيات الخاصة التي يتفق عليها الطرفان‬
‫عند إبرام هذا العقد‪ ،‬وهذا المقتضي يجد أساسه في كونه العقد شريعة المتعاقدين‪ ،‬لكن‬
‫بالنسبة لهذا العقد ونظرا لبعض الخصائص والمميزات التي يتميز بها يجعله ينفرد ببعض‬
‫األحكام عن باقي العقود األخرى و تتجلى خصوصية هذا العقد عند إنهاء العقد من جانب‬
‫المكتري بأدائه‪ ،‬لفائدة شركة االئتمان اإليجاري جميع األقساط الواجبة في ذمته ‪ ،‬أو مع‬
‫إمكانية تنازله عن الكراء شريطة تقديم مشتر للعقار أو إكرائه من الباطن‪ ،‬لكن كل هذا‬
‫مشروط بضرورة قبول شركة االئتمان بذلك وأن فسخ العقد من جانب المكتري يكون إما‬
‫قضائيا أو اتفاقيا يخضع التفاق األطراف‪ ،‬مع ما يترتب عنه من التزامات وآثار‪.‬‬
‫ويكون الفسخ من جانب شركة االئتمان وهي األكثر حصوال وترجع إلى إخالل‬
‫المكري عن أداء األقساط‪ ،‬أو تحقق الشرط الفاسخ الذي سبقت اإلشارة إليه أو نقصان‬
‫الضمان المقدم من طرف المكتري‪.‬‬

‫‪ - 208‬شروط الفسخ‪:‬‬
‫‪ -1‬إخالل المدين بتنفيذ التزامه العقدي؛‬
‫‪ -2‬إعذار الدائن للمدين؛‬
‫‪ -3‬أن يعزى اإلخالل بتنفيذ االلتزام إلى المدين‪.‬‬
‫‪ - 209‬ياسين محمد الجبوري‪ :‬الوجيز في شرح القانون المدني –الجزء األول‪ -‬مصادر الحقوق الشخصية‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دراسة موازنة‪ ،‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪ ،2011/1432‬ص‪.427 :‬‬

‫‪108‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫لذلك ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين‪ ،‬نخصص الفقرة األولى للحديث عن فسخ‬
‫عقد االئتمان اإليجاري من جانب شركة االئتمان‪ ،‬والفقرة الثانية لفسخ العقد من جانب‬
‫المكتري‪.‬‬
‫الفقرة األوىل‪ :‬فسخ العقد من طرف شركة االئتمان اإلجياري‬

‫يعتبر الشرط الفاسخ وصفا من أوصاف االلتزام وهو يعد بمثابة تأمين لضمان حقوق‬
‫الدائن وتأكيد تنفيذ العقد‪ ،‬وقبل بيان تعامل القضاء مع الشرط الفاسخ‪ ،‬البد من إعطاء‬
‫تعريف أو نضرة حوله حيث عرفه بعض الفقه بأنه "اتفاق األطراف مسبقا على أن يكون‬
‫العقد مفسوخا من تلقاء نفسه دون حاجة أو حكم أو دون أن يكون للقاضي سلطة تقديرية في‬
‫ذلك‪ ،‬وعند عدم الوفاء بااللتزامات الناشئة عنه‪ ،‬وال يتم الفسخ إال بعد إعذار المدين ما لم‬
‫يتفق األطراف صراحة على اإلعفاء من اإلعذار"‪.210‬‬
‫ويجد الشرط الفاسخ أساسه التشريعي بمقتضى الفصل ‪ 260‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي نص‬
‫على أنه "إذا اتفق المتعا قدان على أن العقد يفسخ عند عدم وفاء أحدهما بالتزاماته وقع الفسخ‬
‫بقوة القانون بمجرد عدم الوفاء"‪.‬‬
‫وفي هذا اإلطار يتفق األطراف على تدخل قاضي المستعجالت‪ 211‬من أجل معاينة‬
‫تحقق الشرط الفاسخ‪ ،‬مما يؤكد الطبيعة االتفاقية لهذا الشرط‪ .‬ويهدف مضمون هذا الشرط‬
‫الحفاظ على م صالح وحقوق الدائن في مواجهة المدين المتقاعس عن تنفيذ التزاماته وهو‬
‫يعد بذلك من أهم مظاهر الحماية المقررة للدائ ن‪ ، 212‬األمر الذي حدا ببعض الفقه‬
‫الفرنسي‪ )pierre Estoup( 213‬إلى التعبير عن اختصاص قاضي المستعجالت للنظر في‬
‫تحقق الشرط الفاسخ بمسطرة القضاء اإلستعجالي التعاقدي داللة على أن مصدر تدخل هذا‬
‫القاضي هو اتفاق األطراف بالتنصيص على الشرط ببنود العقد‪.‬‬
‫ويلعب هذا الشرط دورا كبيرا في مجال العقود التجارية وخاصة في عقد االئتمان‬
‫اإليجاري سواء الوارد على المنقول أو العقار‪ ،‬حيث يمر بمرحلتين أساسيتين‪ ،‬المرحة‬
‫‪ - 210‬محمد حسني منصور‪ :‬الشرط الصريح الفاسخ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬الطبعة ‪ ،2003‬ص ‪.16‬‬
‫‪ - 211‬يمتاز تدخل قاضي المستعجالت بالشرعة والفعالية وبدون الدخول في مناقشة موضوع العقد الرابط بين الطرفين‪ ،‬مما يدل على الحماية التي‬
‫يوفرها هذا الشرط لفائدة الدائنين وتخلصهم من بطء قضاء الموضوع للبت في نزاعاتهم‪.‬‬
‫‪ - 212‬عبد الرحيم بحار‪ :‬اإلجراءات التحفظية في العقود التجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.165 :‬‬
‫‪213‬‬
‫‪- pierre Estoup, la pratique des procédures rapides, éditions litec, 1990, p : 107.‬‬

‫‪109‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫األولى تلجأ شركة االئتمان إلى قاضي المستعجالت من أجل معاينة تحقق الشرط الفاسخ‪،‬‬
‫وبالتالي فسخ عقد االئتمان‪ ،‬وكمرحلة ثانية سلوكها مسطرة التقاضي أمام قضاء الموضوع‬
‫بخصوص الديون التي تبقى بذمة المكتري‪ .‬لذلك يحرص األطراف وخاصة الطرف القوي‬
‫في العالقة التعاقدية على تضمين هذا العقد شرطا صريحا فاسخا‪ .‬وهذا الشرط ال يتصور‬
‫إال في العقود الملزمة للجانبين لكونها تنشئ التزامات متقابلة في ذمة كل من المتعاقدين‪ .‬وقد‬
‫كرست المحكمة التجارية بالرباط في أمر استعجالي رقم ‪ 158‬بتاريخ ‪ 2000/05/28‬اتجاه‬
‫المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) في قرار ‪ 2220‬بتاريخ ‪ 1989/10/11‬جاء فيه بأن‬
‫قاضي المستعجالت يكون مختصا عندما يتحقق الشرط الفاسخ دون أن يكون في ذلك أ ي‬
‫مساس بالجوهر بحيث جاء فيه‪' :‬إذا تحقق الشرط الفاسخ أصبح العقد مفسوخا بقوة‬
‫القانون‪"...‬‬
‫فجميع عقود االئتمان اإليجاري تتضمن شرط الفاسخ‪ ،‬الذي ينص على تدخل قاضي‬
‫المستعجالت من أجل معاينة وقعة عدم األداء واألمر بإرجاع العقار وهو ما جاء في أمر‬
‫‪214‬‬
‫بصفته قاضيا‬ ‫بالدار البيضا ء‬ ‫استعجالي صادر عن رئيس المحكمة االبتدائية‬
‫للمستعجالت في إطار عقد ائتمان إيجاري عقاري بين شركة سوجيليز(مدعية)وبين شركة‬
‫جينز(مدعى عليها)جاء في قراره ‪:‬‬
‫نعاين فسخ العقدة عدد ‪ 13848‬الرابطة بين الطرفين‬ ‫‪)1‬‬
‫نأمر المدعى عليها بإرجاع العمارة المسماة‪....‬والتي مساحتها ‪2197‬متر‬ ‫‪)2‬‬
‫مربع ورسمها العقاري عدد‪...6375/32‬إلى المدعية شركة سوجيليز تحت طائلة غرامة‬
‫تهديدية قدرها ‪ 500‬درهم عن كل يوم تأخير مع تحميلها الصائر‪.‬‬
‫نصرح بأن هذا األمر مشمول بالنفاد المعجل‬ ‫‪)3‬‬
‫لكن هذا الشرط يتميز ببعض الخصوصيات في عقد االئتمان اإليجاري تميزه عن‬
‫غيره من العقود المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود‪ ،‬حيث أن فسخ العقد في‬

‫‪ 214‬أمر إستعجالي ملف ‪ 200/1/686‬رقم ‪ 2000/1371‬أشارت إلية صليحة حاجي في ملحق رسالتها –االئتمان اإليجاري العقاري بين‬
‫النظرية و التطبيق –رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية وجدة السنة‬
‫الجامعية ‪ 2000/1999‬ص ‪.128‬‬

‫‪110‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫ظل القواعد العامة ينهي العقد وال يبقى للدائن سوى المطالبة بالتعويض‪ ،215‬عكس عقد‬
‫االئتمان الذي عند تحق الشرط الفاسخ‪ ،‬يطالب بأقساط الكراء إلى نهاية العقد مع‬
‫التعويضات والفوائد االتفاقية والغرامة التهديدية في بعض األحوال‪ ،‬وهو ما جاء في قرار‬
‫‪216‬‬
‫(محكمة النقض حاليا) بتاريخ‬ ‫صادر عن الغرفة التجارية بالمجلس األعل ى‬
‫‪ 2009/12/30‬بين الطالبين عبد هللا بوسنان وشركة ايري سود في شخص ممثلها القانوني‬
‫وشركة صوفاك كريدي (المطلوبة) وجاء في تعليلها "حيث ينعي الطاعنان على القرار‬
‫المطعون فيه انعدام التعليل واألساس القانوني ‪ ....‬كما أن القرار لم يتناول الدفع المتعلق‬
‫بالفوائد االتفاقية‪ ،‬إذا لم يرد في البند ‪ 18‬من االتفاقية إال نسبة ‪ %2‬وليس ‪ %2.5‬المعتمدة‬
‫‪...‬‬
‫حيث إن الطاعنين أثار في مقالهما االستئنافي الحكم المستأنف قضى لفائدة المدعية‬
‫(المطلوبة) بالفوائد االتفاقية بسعر ‪ %2.5‬استنادا إلى البند ‪ 18‬من عقد القرض‪ ،‬إال أنه‬
‫بالرجوع إلى البند ‪ 18‬المذكور يلغي أن الفوائد االتفاقية محصورة في ‪ %2‬فقط‪...‬‬
‫إال أ ن المحكمة مصدرة القرار لم تجب عنه ال سلبا وال إيجابا رغم ما قد يكون له‬
‫من تأثير على مصلحة النزاع فجاء قرارها ناقص التعليل عرضة للنقض"‪.‬‬
‫حيث تبين عن القرار الصادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) أن‬
‫المحكمة باإلضافة إلى فسخ عقد االئتمان اإليجاري الرابط بين الطرفين (شركة صوفاك‬
‫كريدي) باعتبارها من مولت شراء منقول وشركة إيري سود وعبد هللا بوسنان باعتباره قدم‬
‫كفالة شخصية ألداء مبلغ القرض في حالة عدم أدائه من طرف شركة إيري‪ .‬غير أن توقف‬
‫هذه األخيرة عن أداء ‪ 20‬قسط قامت شركة صوفاك كريدي باعتبارها شركة ائتمان ببيع‬
‫المنقول والمطالبة بأدائها فوائد قدرها ‪.%2.5‬‬

‫‪ - 215‬الفصل ‪" 261‬االلتزام بعمل يتحول عند عدم الوفاء إلى تعويض‪"...‬‬
‫‪-‬الفقرة األولى من الفصل ‪" 262‬إذا كان محل االلتزام امتناعا عن عمل‪ ،‬أصبح المدين ملتزما بالتعويض بمجرد حصول اإلخالل‪"...‬‬
‫‪-‬الفصل ‪" 263‬يستحق التعويض‪ ،‬إما بسبب عدم الوفاء بااللتزام ‪ ،‬وإما بسبب التأخر في الوفاء به وذلك ولم يكن هناك أي سوء نية من جانب‬
‫المدين"‪.‬‬
‫‪ - 216‬قرار عدد ‪ 2089‬المؤرخ في ‪ 2009/12/30‬صادر عن المجلس األعلى (محكمة النقض حاليا) (غير منشور)‬

‫‪111‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فالقضاء يعتمد فسخ العقد أو استرداد المنقول وبيعه الستخالصه قيمة وأداء المبلغ‬
‫المتبقى مع الحكم بالفوائد االتفاقية المتفق عليها بين الطرفين‪ ،‬مما يوضح لنا جليا‬
‫الخصوصيات التي يتمتع بها عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫وهو ما جاء في أمر استعجالي عدد ‪ 2309‬الصادر عن رئيس المحكمة التجارية‬
‫بالدار البيضاء بصفته قاضيا للمستعجالت في الملف عدد ‪ 2011/13/1704‬بتاريخ‬
‫‪ 2011/3/14‬بين شركة سوجيليز (شركة ائتمان وشركة شانتي مودرن روت (مكتري)‬
‫وقضى بما يلي‪:‬‬
‫نعاين إخالل المدعى عليها بالتزاماتها التعاقدية‪ ،‬وبأن عقد االئتمان اإليجاري‬ ‫‪-‬‬
‫رقم ‪ 38238‬قد فسخ بقوة القانون‪.‬‬
‫نأمر المدعى عليها بإرجاع تراكتور سكانيا رقم لوحته ‪-26‬أ‪ 48072-‬مجهز‬ ‫‪-‬‬
‫بالسيمي رومورك إلى المدعية شركة سوجيليز المغرب تحت غرامة تهديدية قدرها ‪200‬‬
‫درهم عن كل يوم تأخير‪.‬‬
‫نصرح بأن هذا األمر مشمول بالتنفيذ المعجل بقوة القانون‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫من خالل األمر اإلستعجالي السالف الذكر‪ ،‬يتبين لنا أن قاضي المستعجالت مختص‬
‫بمعاينة واقعة عدم دفع األقساط الواجبة في ذمة المكتري أو عدم تنفيذه ألحد االلتزامات‬
‫الملقاة على عاتقه مما يجعل العقد مفسوخا بقوة القانون مع استرجاع المنقول في يد أي‬
‫شخص توجد بيده‪ ،‬تحت غرامة تهديدية تخضع للسلطة التقديرية للقاضي مع شمول األمر‬
‫بالنفاذ المعجل‪ .‬مما يبرز لنا ما يحققه القضاء اإلستعجالي من حماية لحقوق شركة االئتمان‬
‫اإليجاري‪.‬‬
‫كذلك صدر أمر استعجالي عن رئيس المحكمة التجارية بالدار البيضاء‪ 217‬رقم‬
‫‪ 2003/1857‬بتاريخ ‪ 2003/09/09‬بين شركة دياك ليزينك (شركة ائتمان إيجاري) وبين‬
‫أبو الفضل بديعة (مكتري) في إطار عقد ائتمان إيجاري للمنقول حيث في تعليل هذه‬
‫المحكمة‪:‬‬
‫نعاين إخالل المدعى عليها بالتزاماتها التعاقدية؛‬ ‫‪)1‬‬
‫‪ - 217‬أمر رقم ‪ 2003/1857‬بتاريخ ‪ 09.09.2003‬ملف رقم ‪ 2003/1782‬أنظر الملحق‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫نأمر المدعي عليه بإرجاع سيارة بوجو ‪ 306Kn‬مسجلة تحت عدد ‪-42-2‬‬ ‫‪)2‬‬
‫‪ 1081‬إلى المدعية مع تحميل المدعى عليها؛‬
‫نصرح بأن هذا األمر مشمول بالنفاذ المعجل‪.‬‬ ‫‪)3‬‬
‫كما سبقت اإلشارة بأن القضاء اإلستعجالي سواء على مستوى المحاكم االبتدائية أو‬
‫محاكم االستئناف التجارية يقضي بفسخ العقد نتيجة عدم تنفيذ أحد االلتزامات التعاقدية من‬
‫طرف المكتري إضافة إلى استرجاع العقار أو المنقول على نفقة هذا األخير لفائدة شركة‬
‫االئتمان مع شمول األمر بالنفاذ المعجل‪.‬‬
‫كما سبقت اإلشارة فالفسخ يكون بناء على أحد أطراف العقد فشركة االئتمان‬
‫اإليجاري تحرص أشد الحرص على إدراج التزامات واسعة في عقودها على عاتق‬
‫المكتري من أجل حماية مصالحها المالية‪ ،‬فالفسخ يعد أهم الضمانات القانونية التي تتمتع بها‬
‫في حالة إخالل المكتري بالتزاماته التعاقدية‪ ،‬وقد حددت الشركة المغربية لإليجار المنقول‬
‫حيث تنص في الفصل ‪ 8‬المتعلق بالفسخ على ما يلي‪:‬‬
‫يسوغ فسخ هذا العقد بقوة القانون إذا ما ارتأى المؤجر ذلك ثمانية أيام بعد إرسال‬
‫رسالة مسجلة مع وصل باالستالم إلى العنوان المشار إليه في العقد أو العنوان الذي أخبر به‬
‫المؤجر‪ ،‬وهو اإلنذار الذي ظل دون جدوى‪ ،‬وذلك في حالة التخلف عن تنفيذ إحدى الشروط‬
‫العامة أو الخاصة المنصوص عليها في هذا العقد‪.‬‬
‫كما يتم فسخ العقد بقوة القانون خاصة في الحاالت التالية‪:‬‬
‫‪ -‬عند تخلف المستأجر عن أداء أحد االستحقاقات االتفاقية في تاريخها أو كل مبلغ‬
‫مستحق بموجب هذا العقد‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة حدوث ما من شأنه المس بقيمة األمالك المخصصة للضمان ولو كان ذلك‬
‫بفعل قوة قاهرة‪.‬‬
‫‪ -‬في توقف أنشطة المستأجر أو في حالة انخفاض قيمة الضمانات التي أدلى بها‬
‫المستأجر أو التصريحات التي قام بها خاطئة أو غير صحيحة جزئيا أو كليا ‪،‬وكذا في‬
‫الحاالت التي قام فيها المستأجر بمناورة تدليسية أو احتيالية في مواجهة المؤجر‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪ -‬في حالة االندماج أو الحل أو تخفيض رأسمال المستأجر‪،‬و عموما عند تعديل‬
‫قانونه األساسي أو تغيير وضعيته القانونية ‪،‬ما لم يحصل على موافقة المؤجر الكتابية‬
‫والمسبقة ‪.‬‬
‫‪ -‬في الحالة التي تصبح فيها الوضعية المالية للمستأجر من منظور المؤجر معرضة‬
‫للخطر بشكل نهائي‬
‫‪ -‬في حالة التي يكون فيها المستأجر موضوع متابعة قضائية تترتب عنها مصادرة‬
‫أمالكه‪.‬‬
‫‪ -‬في حالة وفاة المستأجر‬
‫‪ -‬كما يسوغ للمؤجر أن يفسخ العقد بقوة القانون دون الحاجة إلى توجيه إنذار إذا‬
‫كان المستأجر موضوع تصفية قضائية أو حبية يترتب عن الفسخ بقوة القانون لفائدة المؤجر‬
‫عالوة على الوجيبات الكرائية غير المسددة و توابعها تعويضا يساوي الوجيبات الباقية يوم‬
‫وقوع الفسخ ‪..‬والكل حال األداء يوم فسخ العقد مع نسبة فائدة بنسبة ‪.....1%‬‬
‫ويمكن اعتبار أهم أسباب الفسخ عدم أداء أقساط الكراء المتفق عليها في العقد أو‬
‫أحد توابعها أو إذا تعرض المكتري لمساطر صعوبات المقاولة‪ ،‬مع المالحظة أنه من خالل‬
‫اإلطالع على هاته الشروط يتبين لنا توسيع شركات االئتمان من حجم أسباب الفسخ‬
‫و إنفرادها بمجموعة من الشروط التي تخضع إلراداتها المنفرد دون أمكانية مناقشتها حيث‬
‫أن المكتري في هذا العقد ال يملك سوى التوقيع و المصادقة علية لدي السلطات المختصة‪.‬‬
‫وتجدر اإلشارة أن الفسخ ال تمارسه شركة االئتمان من تلقاء نفسها‪ ،‬بل لبد من‬
‫معاينة واقعة عدم األداء من طرف رئيس المحكمة التجارية وهو ما جاء في المادة ‪ 435‬من‬
‫مدونة التجارة والتي تنص على ما يلي‪" :‬في حالة تنفيذ المكتري اللتزاماته التعاقدية‬
‫المتعلقة بأداء المستحقات الناجمة عن االئتمان اإليجاري الواجبة األداء‪ ،‬فإن رئيس المحكمة‬
‫مختص بصفته قاضيا للمستعجالت األمر بإرجاع العقار بعد معاينة واقعة عدم األداء‪.‬‬
‫ال يلتجأ إلى المسطرة موضوع الفقرة إال بعد استنفاذ كل الوسائل الودية المشار إليها‬
‫في المادة ‪ 433‬إلنهاء النزاع"‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يتضح من خالل مقتضيات المادة أعاله أن المشرع ألزم المكتري في حالة إخالل‬
‫المكتري بأداء األقساط المستحقة عن عقد االئتمان اإليجاري من اللجوء إلى وسائل التسوية‬
‫الودية لحل النزاع‪ ،‬قبل اللجوء إلى رئيس المحكمة بصفته قاضيا لألمور المستعجلة‪ ،‬وأن‬
‫المشرع عند حديثه عن واقعة المعاينة تحدث عن العقار دون المنقول فهل هذا المقتضى‬
‫يشمل حتى المنقول؟ رغم عدم شمول النص للمنقول‪ ،‬فإن ذلك ال يعني استبعاد تطبيق نفس‬
‫اإلجراءات على المنقول مادام أن الفسخ يكون واحدا نتيجة عدم أداء أقساط الكراء‪ ،‬وهذا ما‬
‫نجده في عقد الكراء المنصوص عليها في قانون االلتزامات والعقود وخاصة الفصل ‪692‬‬
‫من ق‪.‬ل‪.‬ع والذي يعطي للمكري إذا تخلف المكتري عن أداء واجبات الكراء الحق في‬
‫فسخ عقد الكراء لكن الفسخ في هذه الحالة يكون بناء على حكم فضائي‪ .‬أما الفسخ في عقد‬
‫االئتمان اإليجاري يقع بقوة القانون نتيجة تضمينه في العقد المبرم بين الطرفين دون اللجوء‬
‫إلى القضاء‪ ،‬فشركة االئتمان اإليجاري ال تتقيد بأي إجراء قضائي في إعمالها الشرط‬
‫الفاسخ‪ ،‬وكل ما تلتزم به هو توجيه إنذار بواسطة البريد المضمون مع اإلشعار بالتوصل‬
‫إلى المكتري‪ ،‬ويحدد العقد المدة التي يتعين على المكتري أداء األجرة بعد توصله باإلنذار‪،‬‬
‫فإذا انقضت المدة المتفق عليها ألداء األجرة‪ ،‬تقوم شركة االئتمان اإليجاري بفسخ العقد‪.‬‬
‫لكن قبل الفسخ كما سبق اإلشارة البد من إجراء التسوية الودية وهو ما جاء في قرار‬
‫‪218‬‬
‫بتاريخ ‪ 2011/12/22‬بين‬ ‫‪ 5387‬صادر عن محكمة االستئناف التجارية بالبيضاء‬
‫شركة نيباك بوصفها مستأنفة والقرض اإليجاري للتجارة والصناعة باعتبارها مستأنف‬
‫عليها وجاء في تعليلها على أن العقد الرباط بين الطرفين يعلق األداء والفسخ على شرط‬
‫واقف وهو تبليغ رسالة اإلنذار بالفسخ أو األداء للشركة (نيباك) وتوصلها بها توصال‬
‫قانونيا‪ ،‬والحال أنها لم تتوصل بأي إشعار مادام أن المالحظة الواردة بمحضر التبليغ هي‬
‫"رفضت الكاتبة بالشركة حسب تصريحها كما رفضت اإلدالء بالبطاقة الوطنية"‪.‬‬
‫وحيث أنه باالطالع على العقد الرابط بين الطرفين تبين مقتضياته على ضرورة‬
‫توجيه رسالة مضمونة مع اإلشعار بالتوصل إليجاد التسوية الودية قبل تقديم الدعوى‪.‬‬

‫قرار رقم ‪ 2011/5387‬صدر بتاريخ ‪( 2011/12/22‬غير منشور) للمزيد من التفاصيل يراجع الملحق ‪.‬‬ ‫‪218‬‬

‫‪115‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حيث أنه ال وجود بالملف ما يفيد توجيه الرسالة بالطريقة المذكورة بل وال يفيد‬
‫توصل الطاعنة (نيباك) باإلنذار ألن االستدعاء أو اإلنذار الذي هو مناط علم المدعى عليه‬
‫بالنزاع ووسيلة الدفاع عن حقوقه خصه المشرع في الفصل ‪ 37‬و‪ 38‬و‪ 39‬بشروط يجب‬
‫توفرها كذكر االسم الشخصي والعائلي والهوية ورقم البطاقة الوطنية مع التوقيع وإن رفض‬
‫المبلغ إليه التسلم اإلشارة إلى ذلك مع وصف الشخص الرافض األمر المنعدم في التوصل‬
‫المشار إليه أعاله‪.‬‬
‫وحيث أن مالحظة رفضت الكاتبة ال ترفع الجهالة عن متسلمة اإلنذار‪.‬‬
‫وحيث إنه المستقر عليه قضاء أنه إذا كان ينتج عن اإلنذار أثر قانوني فالبد من‬
‫توصل المدعى عليه به وهذا ما أكده المجلس األعلى في القرار الصادر بتاريخ‬
‫‪ ... 1996/01/02‬جاء فيه‪" :‬إن فسخ العقد مشروط بتوجيه اإلنذار إلى المدعي وتوصله به‬
‫وإذا كان قد تحقق توجيه اإلنذار فإن الغاية من توجيهه وهي التوصل لم تتحقق‪.‬‬
‫كما يم كن اللجوء إلى بيع المنقول بالمزاد في حالة إخالل المكتري ببنود االتفاق‬
‫المضمن بناء على أمر استعجالي بعد معاينة واقعة اإلخالل واسترجاع المنقول‪ .‬وهو ما‬
‫أكدته محكمة االستئناف التجارية بمراكش‪ 219‬في قرار صادر بتاريخ ‪ 2007/05/31‬حيث‬
‫جاء فيه‪" :‬عقد االئتمان اإليجاري يبقى معه المؤجر مالكا للمعدات المكتراة طيلة مدة الكراء‬
‫إلى أن يتم بيعها بالمزاد العلني في حالة اإلخالل ببنود هذا العقد بناء على أمر استعجالي‬
‫بعد معاينة هذا اإلخالل والقضاء باسترجاع تلك المعدات وبيعها وتمكين المؤجر من دينه‬
‫من ثمن البيع أصال وفوائد ومصاريف"‪.‬‬
‫الفقرة الثانية‪ :‬إهناء العقد من جانب املكرتي‬

‫كما سبقت اإلشارة فعقد االئتمان اإليجاري يعتبر من العقود الملزمة للجانبين‪ ،‬إذ كما‬
‫يحق لشركة االئتمان اإليجاري إنهاء العقد‪ ،‬فهو كذلك مخول للمكتري إنهاؤه نتيجة إخاللها‬
‫بأحد التزاماتها التعاقدية وقد حدد نموذج شروط الشركة المغربية لإليجار سبب فسخ عقد‬

‫‪ - 219‬قرار صادر عن محكمة االستئناف التجارية بمراكش قرار رقم ‪ 688‬صدر بتاريخ ‪ 07/05/31‬ملف رقم ‪ ،06/6/1026‬مجلة المحاكم‬
‫التجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.212 :‬‬

‫‪116‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫االئتمان اإليجاري‪ 220‬على انه يسوغ للمستأجر طلب فسخ هذا العقد قبل حلول أجله شريطة‬
‫أن يسدد للمؤجر تعويضا يساوي السومات اإليجارية والتوابع المتبقية معالة بالقيمة المتبقية‬
‫والرسوم السارية‪ ،‬ويتم الفسخ إما عن طريق القضاء (الفسخ القضائي) يطلب المكتري‬
‫بفسخ العقد إعماال لشرط مدرج في العقد لمصلحته (الفسخ اإلتفاقي)‪.‬‬
‫أوال‪ :‬الفسخ القضائي‬
‫يجد الفسخ القضائي في العقود المدنية أساسه في الفصل ‪ 259‬من ق‪.‬ل‪.‬ع الذي يمنح‬
‫الدائن اللجوء إلى القضاء لفسخ العقد حيث نص على أنه‪" :‬إذا كان المدين في حالة مطل‪،‬‬
‫كان للدائن الحق بإجباره على تنفيذ االلتزام‪ ،‬مادام تنفيذه الزال ممكنا‪ ،‬فإن لم يكن كذلك‪،‬‬
‫جاز للدائن طلب فسخ العقد وله الحق في التعويض في الحالتين‪ ،‬ويجب أن يحصل هذا‬
‫اإلنذار كتابة ويسوغ أن يحصل ولو ببرقية أو رسالة مضمونة أو بالمطالبة ولو رفعت إلى‬
‫قاضي غير مختص"‪.‬‬
‫لكن بالنظر إلى طبيعة وخصوصية عقد االئتمان اإليجاري فال يمكن األخذ بهذا‬
‫النص‪ ،‬ألنه ال يمكن اعتبار شركة االئتمان في حالة مطل والمكتري دائن‪ ،‬ورق‪ ،‬مادام أن‬
‫الفسخ من جانب المكتري المنصوص عليه في الفصل ‪ 259‬ينطبق على العقود بصفة‬
‫عامة‪ ،‬ال ينسجم مع خصوصيات هذا العقد‪ ،‬ألن شركات االئتمان اإليجاري ال تفتح مجاال‬
‫للمكتري من أجل إثارة مسؤوليتها وفسخ العقد من جانبه‪ ،‬مادام أنها تتمتع بالقوة االقتصادية‬
‫التي تجعل من الصعب على المكتري تضمين بنود في العقد تمنحه إمكانية فسخ العقد‪ ،‬حيث‬
‫أنها تجرد نفسها من كل مسؤولية فيما يخص اقتناء العقار أو بنائه أو صيانته تعد عقودا‬
‫نموذجية مسبقة تحمل بمقتضاها للمكتري العديد من االلتزامات بالرغم من المشاكل العديدة‬
‫التي قد تعترض استعمال المكتري للعقار وكذا المنقول بحيث أنها ال تتماشى مع تنازل‬
‫المكتري عن مطالبة الشركة بأي تعويض أو حتى فسخ العقد إذا أصبحت حالة العقار ال‬
‫تسمح باستعماله ألي سبب من األسباب وحرمانه من المطالبة بتخفيض أجرة الكراء‬

‫‪-‬الفصل ‪ 2-8‬من الشروط العامة للشركة المغربية لإليجار‪.‬‬ ‫‪220‬‬

‫‪117‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫و بالتعويض في حالة عدم استعماله ألي سبب كان ولو تعلق األمر بحادث فجائي أو قوة‬
‫قاهرة‪.221‬‬
‫كما أن هذا المبدأ يصطدم بانحصار أداءات شركة االئتمان اإليجاري للمنقوالت‬
‫والعقارات‪ ،‬حيث ال تترك مجاال واسعا إلثارة مسؤوليتها بالرغم من المشاكل العديدة التي‬
‫قد تعترض استعمال المستفيد من األصل‪ ،‬فاالعتراف بحق المكتري في طلب الفسخ ال‬
‫يستقيم والمبدأ القائل بإعفاء شركة االئتمان اإليجاري للمنقوالت من كل مسؤولية خاصة‬
‫فيما يتعلق بالتركيب واالستخدام واالستالم‪.222‬‬
‫لكن السؤال الذي يثار هنا هل يترتب عن الحكم بفسخ البيع فسخ عقد االئتمان‬
‫اإليجاري؟‬
‫لقد أثار هذا التساؤل جدال في القضاء الفرنسي‪،‬بحيث ذهب اتجاه‪ 223‬إلى أن فسخ‬
‫البيع ال تأثير له على عقد االئتمان اإليجاري‪،‬ويبقى المكتري ملزما بأداء األقساط وهذا‬
‫توجه في نظرنا يبقي غير صحيح‪،‬ألن ذلك يتعارض مع أهم شروط هذا العقد وهو االنتفاع‬
‫‪224‬‬
‫بأن فسخ عقد البيع يترتب عليه‬ ‫مقابل األداء‪،‬واستقرت محكمة النقض الفرنسي ة‬
‫بالضرورة فسخ عقد االئتمان اإليجاري‪.‬‬
‫الفسخ االتفاقي‬
‫يجد هذا الفسخ أساسه في المادة ‪ 225433‬من مدونة التجارة التي تنص تحت طائلة‬
‫البطالن على الشروط التي يمكن فيها فسخ عقود االئتمان اإليجاري وتجديدها بطلب من‬
‫المتعاقد المكتري‪ ،‬فهذه المادة تمنح إمكانية فسخ العقد في حالة إخالل شركة االئتمان‬
‫اإليجاري بأحد االلتزامات الملقاة على عاتقها‪ .‬لكن ما يالحظ على هذه المادة أنها جاءت‬
‫شاملة للمنقول والعقار حيث أن المكتري يملك حق فسخ العقد بإرادته المنفردة وهذه‬
‫الشروط التي تمنحه هذه اإلمكانية تخضع التفاق الطرفين‪ ،‬لكن إعمال هذا الفسخ من جانب‬
‫ا لمكتري يبقى ناذرا مادام أن شركة االئتمان اإليجاري تعفي نفسها من أبسط االلتزامات‪،‬‬

‫‪ 221‬صليحة حاجي م س ص ‪.113‬‬


‫‪ - 222‬معتمد أزوكاغ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.85 :‬‬
‫‪223‬‬
‫‪Com 15-03-1983‬‬ ‫أشار إليه زوقي في رسالته‪،‬م س ص‪76‬‬
‫‪224‬‬
‫‪Cass.Com 12-10-93‬‬ ‫أشار إليه عبد هللا زوقة‪،‬م‪،‬س‪،‬ص‪76‬‬
‫‪ - 225‬تنص المادة ‪ 433‬من مدونة التجارة على ما يلي‪" :‬تنص عقود االئتمان اإليجاري‪ ،‬تحت طائلة البطالن على الشروط التي يمكن من نسخها‬
‫وتجديدها ب طلب من المتعاقد المكتري‪ ،‬كما تتضمن تلك العقود كيفية التسوية الودية للنزاعات الممكن حدوثها بين المتعاقدين"‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫بمقتضى عقود معدة سلفا تتضمن أكبر حماية في مواجهته‪ ،‬بل وال تمنحه بمقتضى هذه‬
‫العقود النموذجية أية فرصة لمناقشة تلك البنود وإنما يقوم فقط بالتوقيع عليها‪ 226‬وحتى في‬
‫حالة فسخ العقد م ن جانب المكتري فهو يظل ملزما بدفع األقساط المتبقية إلى نهاية العقد‪،‬‬
‫باإلضافة إلى مبلغ القيمة المتبقاة‪ ،‬مما يعني أن يدفع للشركة جميع المصاريف والحقوق كما‬
‫لو أن العقد ما زال ساريا المفعول‪.‬‬
‫‪227‬‬
‫جعل‬ ‫فالمشرع بترك تحديد الشروط الموضوعية لهذا العقد التفاق الطرفين‬
‫المكتري في موقف ضعيف في هذه العالقة التعاقدية خاصة الشروط التعسفية المضمنة بهذه‬
‫العقود‪ ،‬فشركة االئتمان تعفي نفسها حتى من ضمان العيوب‪ ،‬حيث جاء في الشروط‬
‫الخاصة للشركة المغربية لإليجار حيث جاء في قرار صادر بتاريخ ‪ 2009/01/06‬عن‬
‫محكمة االستئناف التجارية ب الدار البيضاء بين السيد بريان باعتباره (مستأنف) وبين شركة‬
‫(وفاباي) حيث جاء في منطوقها "حيث إن تمسك به الطاعن في مقاله االستئنافي غير جدير‬
‫باالعتبار لعلة أن المبلغ المحكوم به لفائدة المستأنف ال يشكل سوى قسطا من الدين وأن‬
‫باقي األقساط األخرى المحددة إلى نهاية العقد‪ ،‬فإن المحكمة مصدرة المطعون فيه اعتبرتها‬
‫وعن صواب بمثابة التعويضات التي تم تخفيضها"‪.‬‬
‫حيث أن شركة االئتمان تفرض على المكتري في حالة الفسخ التزامين هما إرجاع‬
‫المنقول أو العقار ودفع تعويض مالي عن الفسخ غالبا ما يعادل قيمة األقساط المتبقية بذمته‬
‫إلى حين انتهاء العقد وإما أن يقدم للشركة مشتر أو مكتري جديد للعقار‪ ،228‬وكل ذلك يحمي‬
‫حقوقها‪ ،‬وعليه فالشركة تسترد المنقول أو العقار في حالة فسخ العقد باعتبارها المالك‬
‫األصلي للمال المكتري‪ .‬وفي حالة امتناع المكتري يتم إجباره قضائيا‪ ،‬وذلك عن طريق‬
‫رئيس المحكمة التجارية حيث أنه يعتبر في حالة امتناعه عن رد المال المكتري بعد توجيه‬
‫إنذار له مرتكبا لجريمة خيانة األمانة تطبق عليه مقتضيات المادة ‪ 547‬من القانون الجنائي‪،‬‬
‫إضافة إلى المطالبة بالتعويض‪.‬‬

‫‪ - 226‬عبد السالم الوهابي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.386 :‬‬


‫‪ - 227‬قرار رقم ‪ 2009/0042‬صدر بتاريخ ‪(2009/01/06‬غير منشور) للمزيد من التفاصيل يراجع الملحق‪.‬‬
‫‪228‬‬
‫‪Alain Cohen «le crédit-bail immobilier 2éme édition Masson PARIS 1990 page 96.‬‬

‫‪119‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فالمكتري يمكن له فسخ العقد إذا أتلفت األموال موضوع العقد بسبب قوة قاهرة‪ ،‬لكن‬
‫شركة االئتمان اإليجاري تعفي نفسها في هذه الحالة‪.‬‬
‫والبد من اإلشارة كآخر نقطة إلى نهاية العقد بصورة طبيعية إلى نهاية مدته‪ ،‬حيث‬
‫يملك المكتري ثالث خيارات‪ ،‬إما شراء األموال موضوع عقد االئتمان اإليجاري وهو‬
‫مقتضى يتميز به كل من المشرع المغربي والفرنسي عن التشريعات األنجلوسكسونية‬
‫بتمكينه من تملك المال المكترى تنفيذا للوعد بالبيع من جانب شركة االئتمان‪ ،‬بخالف‬
‫المكتري الذي ال يكون ملزما بإعمال خيار الشراء‪ ،‬فهذا الخيار يمكنه من تملك األصل‬
‫مقابل مبلغ زهيد تدخل فيه قيمة األقساط المؤداة‪.‬‬
‫وإما رد األموال المؤجرة لشركة االئتمان اإليجاري‪ ،‬حيث يصبح المكتري‬ ‫‪‬‬
‫ملزما برد إليها في حالة عدم إعمال خيار الشراء أو تجديد العقد وإال اعتبر في حالة حائز‬
‫دون سند قانوني كما يتحمل المكتري نفقات رد األصل‪.‬‬
‫وإما تجديد العقد‪ ،‬وهو خيار أتاحه المشرع المغربي والفرنسي والمصري‬ ‫‪‬‬
‫للمكتري في الحالة التي ال يريد شراء المنقول أو العقار عند نهاية العقد‪ ،‬فيمارس هذا‬
‫الخيار قبل انقضاء مدة العقد‪ ،‬لكن أقساط الكراء تكون منخفضة‪ ،‬فشركة االئتمان اإليجاري‬
‫تكون ملزمة بتجديد العقد في حالة ما إذا أراد المكتري االستمرار في العقد‪.‬‬

‫‪120‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫خامتة‬
‫يبقى تنظيم المشرع المغربي لعقد االئتمان اإليجاري يكتنفه النقص التشريعي الذي‬
‫أولى تنظيما دقيقا للقواعد الشكلية‪ ،‬التي كان هدف المشرع من خاللها حماية األغيار في‬
‫هذا العقد من خالل إلزامية شهره تحت طائلة عدم إمكانية االحتجاج به‪ ،‬خاصة عند فتح‬
‫مساطر المعالجة ضد المكتري لذلك نجده رتب جزاء عن مخالفة المقتضيات المتعلقة بشهر‬
‫عقد االئتمان اإليجاري دون تخصيص نفس الجزاء والتنظيم للقواعد الموضوعية التي‬
‫تركها للحرية التعاقدية للطرفين‪ ،‬واعتبار اإلرادة هي المحددة لتلك االلتزامات‪ .‬مما جعل‬
‫الطرف القوي(شركة االئتمان اإليجاري) يفرض التزامات تثقل كاهل المكتري‪،‬ألنه بمجرد‬
‫تمويل شركة االئتمان شراء المنقول والعقار يتحول بعد ذلك هذا العقد إلى عقد ملزم لجانب‬
‫واحد‪.‬‬
‫من هنا يمكننا القول أن حماية المكتري في عقد االئتمان اإليجاري تبقى ناقصة‪،‬‬
‫مادام المشرع ترك حيزا مهما إلرادة األطراف والتي تستفيد منها شركات االئتمان لحماية‬
‫مصالحها بشكل تعسفي‪ ،‬باستثناء ما نص عليه الفصل ‪ 264‬من ق ل ع من إعطاء القضاء‬
‫إمكانية تعديل الشرط الجزائي المبالغ فيه إلى الحد المعقول‪ ،‬وكان على المشرع مسايرة‬
‫بعض التشريعات التي ذهبت بعيدا في هذا المجال كالتشريع البلجيكي الذي اعتبر تدخل‬
‫القاضي في تعديل هذا الشرط من النظام العام‪ ،‬وبالتالي أعطى للقضاء حرية أكبر في‬
‫التدخل القضائي في هذا العقد ‪.‬أضف إلى ذلك عدم استفادة المكتري من مقتضيات قانون‬
‫حماية المستهلك بعلة كرائه للمنقول والعقار لغرض مهني والتي تراجع عنها المشرع في‬
‫قانون‪ 103.12‬كما نصت على ذلك المادة ‪ 431‬من مدونة التجارة وذهب إلى ذلك القضاء‪،‬‬
‫وكذا عجز عيوب اإلرادة عن تحقيق حماية فعالة له نظرا لعدم إمكانية إثبات التدليس والغلط‬
‫واإلكراه حتى يمكن له المطالبة بإبطال العقد‪.‬‬
‫ومن خالل دراسة هذا الموضوع يمكن طرح مكامن النقص التشريعي في النصوص‬
‫المنظمة لهذا العقد‪ ،‬مع مجموعة من المقترحات لتحقيق الحماية التشريعية والقضائية للنظر‬

‫‪121‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫في عقد االئتمان اإليجاري و تحقيق التوازن العقدي حفاظا على مصالح مؤسسات التمويل‬
‫من جهة‪،‬ومن جهة أخرى مصالح المكتري من الشروط المجحفة‪.‬‬
‫ومن مكامن النقص التشريعي في هذا العقد‪:‬‬
‫‪ -‬عدم تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد بنصوص خاصة واردة في‬
‫نصوص مدونة التجارة وخاصة العالقة بين أطراف عقد االئتمان اإليجاري‪،‬وهذا بخالف‬
‫اتفاقية أوتاوا حيث خصصت سبع مواد (من‪ 7‬إلى ‪ )14‬لتنظيم حقوق والتزامات األطراف‪.‬‬
‫‪ -‬إحالة المشرع فيما لم يتم التنصيص عليه في مدونة التجارة على قانون االلتزامات‬
‫والعقود‪ .‬وبالخصوص تلك المنظمة لعقد الكراء فيما يتعلق بالتزامات الطرفين التي تتحلل‬
‫منها شركة االئتمان اإليجاري عن طريق تحميل المكتري العيوب الناتجة عن الشيء‬
‫المكترى عند التسليم‪ ،‬و عدم إمكانية المطالبة بفسخ العقد أو التعويض ما دام هو الذي يقوم‬
‫بتسلمه والتوقيع على محضر االستالم‪ .‬فقط تلزم شركة االئتمان بالتمويل ألن تعفي نفسها‬
‫من ضمان العيوب الخفية عن طريق رجوع المكتري مباشرة على المورد‪ .‬في مقابل ذلك‬
‫يلتزم المكري بمجموعة من االلتزامات إلى نهاية العقد من أداء األقساط‪ ،‬التأمين‪ ،‬الحراسة‬
‫على الشيء‪ ،‬عدم إتالفه‪....‬‬
‫‪ -‬عدم تنصيص المشرع بوضع نص صريح يمنح للمكتري حق الرجوع مباشرة‬
‫على البائع أو المورد وتنظيم العالقة بينها‪.‬‬
‫‪ -‬كان على المشرع التدخل لتحديد طبيعة هذا العقد‪،‬من أجل إضفاء نوع من التوازن‬
‫بين طرفي العقد‪.‬‬
‫‪ -‬عدم كفاية القواعد العامة المنصوص عليها في قانون االلتزامات في تحقيق‬
‫التوازن العقدي بين الطرفين باستثناء الفصل ‪ 264‬من ق ل ع الذي أعطى للقاضي إمكانية‬
‫تعديل الشرط الجزائي‪ ،‬بالزيادة إذا كان زهيدا أو بالنقصان إذا كان مبالغا فيه‪.‬‬
‫‪ -‬عدم التنصيص عند تعريف عقد االئتمان اإليجاري على إلزام شركة االئتمان‬
‫بإدراج في صلب العقد وعد بالبيع‪ ،‬كما نص على ذلك المشرع الفرنسي عند تعريفه لهذا‬
‫العقد‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫‪ -‬قصور التنظيم التشريعي لعقد االئتمان اإليجاري عند فتح مساطر المعالجة في حق‬
‫المكتري‪ ،‬وخاصة عند تفويت هذا العقد وعدم التنصيص على تحمل المفوت إليه األقساط‬
‫الواجبة قبل فتح المسطرة‪ ،‬ما دام انه عند نهاية العقد يمكنه تملك العقار أو المنقول عند‬
‫إعماله خيار الشراء مع دفعه ثمن زهيد‪ ،‬تدخل في تحديده جزء من األقساط المدفوعة على‬
‫سبيل اإليجار ‪.‬‬
‫ويمكن ذكر مجموعة من المقترحات‪:‬‬
‫أوال‪ :‬تنظيم المشرع المغربي للقواعد الموضوعية لعقد االئتمان اإليجاري في‬
‫مشروع مدونة التجارة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التنصيص على إمكانية استفادة المكتري من مقتضيات قانون حماية المستهلك‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ضمان حماية تشريعية من أجل تحقيق توازن عقدي‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬التنصيص على بطالن الشروط التعسفية عن طريق اللجوء إلى القضاء‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬وأخيرا ضرورة تنظيم المشرع للقواعد الموضوعية لهذا العقد‪،‬وعدم ترك‬
‫المجال للحرية التعاقدية التي تستغلها شركة االئتمان إلرهاق كاهل المكتري بمجموعة من‬
‫االلتزامات أو إصدار قانون خاص باالئتمان اإليجاري كما هو شأن المشرع المصري‪.‬‬

‫الئحة املراجع‬
‫املراجع العامة‪:‬‬

‫أحمد أدريوش‪ ،‬االجتهاد القضائي والشرط الجزائي والفوائد القانونية‪ ،‬دار‬


‫الجامعة الجديدة للنشر‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة ‪.2001‬‬

‫‪123‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫أحمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي‬


‫تعترض المقاولة ومساطر معالجتها‪،‬الجزء الثالث في التصفية القضائية والجزاءات التجارية‬
‫و الجنائية المتخذة ضد مسيري المقاولة‪،‬دار نشر المعرفة الرباط الطبعة األولى‪2000،‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬الوسيط في قانون التجارة المغربي والمقارن‪ ،‬الجزء‬
‫األول‪ ،‬النظرية العامة للتجارة وبعض األعمال التجارية‪ ،‬دار نشر المعرفة الرباط‪ ،‬الطبعة‬
‫الثالثة ‪.1988‬‬
‫أحمد مفلح خوالده ‪ -‬شرط اإلعفاء من المسؤولية العقدية –دراسة مقارنة‪-‬دار‬
‫الثقافة للنشر والتوزيع عمان األردن الطبعة األولى ‪.2011‬‬
‫أحمد يوسف البرقي‪ ،‬مرحل اإلشهار وآثاره في القانون التجاري المغربي‪،‬‬
‫شركة بابل للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الرباط ‪.1999‬‬
‫إدريس السماحي‪ ،‬الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري‪ ،‬مطبعة أمرين‬
‫للطباعة والتلفيف‪ ،‬الطبعة األولى‪.2003‬‬
‫بحار عبد الرحيم‪ ،‬اإلجراءات التحفظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬منشورات‬
‫جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية‪ ،‬سلسلة الدراساتـ واألبحاث‪ ،‬العدد ‪ ،8‬فبراير‬
‫‪.2008‬‬
‫بوعبيد عباسي‪-‬العقود التجارية ‪-‬المطبعة و الوراقة الوطنية مراكش‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى ‪.2013‬‬
‫زكرياء البلعيدي‪ ،‬الوضعية القانونية للعقار خالل مسطرة التسوية القضائية‬
‫للمقاولة‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‪ ،‬طبعة ‪.2014‬‬
‫عبد الحق الصافي‪ ،‬القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬لمصدر اإلرادي اللتزامات‬
‫العقد‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬تكوين العقد‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬دون ذكر سنة‬
‫الطبعة‪.‬‬
‫عبد الرحمان أسامة‪ ،‬نظرية العقد‪ ،‬مكتبة ومطبعة وراقة طه حسين‪ ،‬السنة‬
‫‪.2007-2008‬‬

‫‪124‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬قانون العقود المسماة‪ ،‬الباب األول العقود الناقلة‬
‫للملكية ‪-‬عقد البيع‪ ،-‬الطبعة األولى ‪ ،2011‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬قانون العقود المسماة‪ ،‬الكتاب الثاني‪،‬العقود الواردة‬
‫على منفعة الشيء"عقد الكراء" مطبعة األمنية‪ -‬الرباط الطبعة األولى ‪.2013‬‬
‫عبد الرحيم بحار‪ ،‬القضاء التجاري والمنازعات التجارية‪ ،‬دراسة تأصيلية‬
‫مقارنة ومعززة بأحدث االجتهادات القضائية الصادرة في المادة التجارية‪ ،‬مطبعة النجاح‬
‫الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2014‬‬
‫عبد الرزاق أحمد السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء‬
‫السادس اإليجار والعادية‪ ،‬تنقيح أحمد مدحت المرافي‪ ،‬طبعة مع آخر المستجدات في‬
‫التشريع والقضاء والفقه‪ ،‬شركة الجالل للطباعة ‪.2004‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون الجديد ‪ 6‬الجزء األول‪،‬‬
‫اإليجار والعارية‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان ‪.1977‬‬
‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون المدني الجديد‪ ،‬الجزء‬
‫الخامس‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2000‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪ ،‬مصادر االلتزام‪ -‬نظرية العقد‪ ،‬دون ذكر المطبعة‪،‬‬
‫الطبعة الثانية ‪.2005‬‬
‫عبد القادر العرعاري‪،‬الوجيز في النظرية العامة للعقود المسماة ‪،‬الكتاب‬
‫األول‪-‬عقد البيع‪ -‬الطبعة الثالثة ‪ ،2011‬توزيع مكتبة دار األمان الرباط‪.‬‬
‫عبد الكريم الطالب‪-‬الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية المطبعة والوراقة‬
‫الوطنية مراكش الطبعة أبريل ‪. 2013‬‬
‫عبد الهادي المكنوزي‪ ،‬محاضرات تطبيقية في قانون األعمال‪ ،‬الجزء الثاني‪،‬‬
‫العقود التجارية‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،2013‬دون ذكر المطبعة‪.‬‬
‫عبد الرحمان الشرقاوي‪ ،‬القانون المدني‪ -‬مصادر االلتزام‪ -‬الجزء األول‪،‬‬
‫التصرف القانوني‪ ،‬مطبعة المعرف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2014‬‬

‫‪125‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫مأمون الكزبري‪ ،‬نظرية االلتزام في ضوء ق‪.‬ل‪.‬ع المغربي‪ ،‬الجزء الثاني‪.‬‬


‫محمد حسني منصور‪ :‬الشرط الصريح الفاسخ‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬‬
‫الطبعة ‪.2003‬‬
‫محمد لفروجي‪ ،‬صعوبات المقاولة والمساطر الكفيلة بمعالجتها‪ ،‬مطبعة‬
‫النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬الطبعة األولى‪.2000 ،‬‬
‫نبيل إبراهيم‪ :‬الضمانات غير المسماة في القانون الخاص‪ ،‬في قانون‬
‫االلتزامات‪ ،‬في نطاق قانون األعمال‪ -‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعرف اإلسكندرية‪ ،‬السنة‬
‫‪.1991‬‬
‫نورة غزالن الشنيوي‪ ،‬الوجيز في العقود التجارية –دراسة على ضوء‬
‫المقتضيات التشريعية والممارسة العملية‪ -‬مطبعة الورود‪ ،‬انزكان‪ ،‬الطبعة األولى‬
‫‪.2014/1435‬‬
‫هشام إبراهيم توفيق‪ ،‬التعويض اإلتفاقي‪-‬الشرط الجزائي دراسة مقارنة بين‬
‫الفقه اإلسالمي والقانون المقارن المصدر القومي لإلصدارات القانونية الطبعة ‪.2011‬‬
‫ياسين محمد الجبوري‪ :‬الوجيز في شرح القانون المدني –الجزء األول‪-‬‬
‫مصادر الحقوق الشخصية‪ ،‬مصادر االلتزام‪ ،‬دراسة موازنة‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع‪،‬‬
‫عمان‪ ،‬الطبعة الثانية ‪.2011/1432‬‬

‫املراجع اخلاصة‪:‬‬

‫أمحمد برادة غزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري على المنقوالت بين الفقه والقضاء‪،‬‬
‫مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.1998 ،‬‬
‫رياض فخري‪ ،‬عقد التأجير التمويلي‪ ،‬الطبيعة القانونية والتوازن العقدي‪ ،‬مطبعة‬
‫األمنية‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2011‬‬

‫‪126‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عبد الرحمان السيد قرمان‪،‬عقد التأجير التمويلي‪،‬دار النهضة العربية القاهرة الطبعة‬
‫األولى ‪.1998‬‬
‫محمد هاني دويدار"النظام القانوني للتأجير التمويلي"الطبعة الثانية‪ ،‬مكتبة اإلشعاع‬
‫القانونية اإلسكندرية‪.1998 ،‬‬
‫محمد هاني دويدار‪ ،‬النظام القانوني للتأجير التمويلي‪ ،‬دراسة نقدية في القانون‬
‫الفرنسي‪ ،‬دار الجامعة الجديدة للنشر اإلسكندرية ‪.1994‬‬

‫األطروحات والرسائل‬

‫أشريفة الغماري‪ ،‬االئتمان اإليجاري للمنقوالت‪-‬دراسة مقارنة‪-‬رسالة لنيل دبلوم‬


‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية‬
‫وجدة‪،‬السنة الجامعية ‪.2008/2007‬‬
‫بوشعيب اإلبراهيمي‪ :‬االئتمان اإليجاري‪ ،‬رسالة لنيل الدراسات العليا المعمقة‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية ‪.1999 -1998‬‬
‫جواد الدهبي‪-‬شرط االحتفاظ بالملكية في مساطر صعوبة المقاولة رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا في القانون الخاص كلية العلوم القانونية واالقتصادية و االجتماعية جامعة‬
‫الحسن الثاني سطات السنة الجامعية ‪.2008-2007‬‬
‫حكيم الشرقاوي حق االسترداد كضمانة في مساطر صعوبات المقاولة رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية و االجتماعية جامعة‬
‫الحسن الثاني سطات السنة الجامعية ‪.2013-2012‬‬
‫حنان بلكو‪ ،‬االئتمان اإليجاري العقاري بين الوظيفة الكرائية واالئتمانية‪ ،‬شعبة‬
‫القانون الخاص‪ ،‬ماستر قانون األعمال‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية ‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪.2008-2007‬‬

‫‪127‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫حياة حجي‪ ،‬حق األسبقية المقررة للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية‬
‫القضائية‪ ،‬جامعة محمد الخامس السويسي رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪-2003‬‬
‫‪.2004‬‬
‫سميرة الطويل‪،‬االئتمان اإليجاري العقاري‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة السنة الجامعية‪.2011/2010‬‬
‫صليحة حاجي‪ ،‬االئتمان اإليجاري العقاري بين النظرية والتطبيق‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية‬
‫وجدة السنة الجامعية ‪.2000/1999‬‬
‫طارق الجبلي‪ ،‬مساطر التسوية التوافقية في المنازعات التجارية –التحكيم التجاري‬
‫نموذجا‪ -‬رسالة لنيل الماستر في القضاء والتحكيم‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2010-2009‬‬
‫عبد الحق بوكبيش‪ ،‬استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية‪ ،‬أطروحة‬
‫لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪،‬‬
‫السنة الجامعية ‪.2005 -2004‬‬
‫عبد الحميد أخريف‪ ،‬الدور القضائي الجديد في القانون المغربي لمعالجة صعوبات‬
‫المقاولة‪ ،‬أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2001-2000‬‬
‫عبد الرحيم بحار‪ ،‬اإلجراءات التحفيظية في مادة العقود التجارية‪ ،‬أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬جامعة الحسن‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬عين الشق‪ ،‬الدار البيضاء‪ ،‬السنة الجامعية‪.2005-2004،‬‬
‫عبد هللا زوقة‪ ،‬حماية األطراف والغير في عقد االئتمان اإليجاري‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الماستر في قانون األعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪،‬‬
‫السنة الجامعية‪.2005-2004‬‬

‫‪128‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫فؤاد معالل الشرط الجزائي في القانون المغربي ‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في‬
‫القانون الخاص‪-‬جامعة محمد بن عبد هللا ‪ -‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫فاس ‪1993/1992‬‬
‫فضل أبابري‪ ،‬نظام العقود الجارية أثناء التسوية القضائية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2007-2006‬‬
‫محمد جنكل‪-‬االئتمان التجاري‪-‬عمليات االئتمان البنكي نموذجا أطروحة لنيل‬
‫الدكتوراه في القانون الخاص‪:‬وحدة قانون األعمال جامعة الحسن الثاني‪-‬عن الشق‪-‬كلية‬
‫العلوم القانونية و االقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء السنة الجامعية ‪.2001/2000‬‬
‫محمد سعيد الحاجي‪-‬الوسائل البديلة لفض النزاع البنكي‪-‬الصلح و التحكيم نموذجا‬
‫رسالة لنيل دبلوم الماستر في قوانين التجارة و األعمال كلية العلوم القانونية و االقتصادية و‬
‫االجتماعية وجدة السنة الجامعية ‪. 2009/2008‬‬
‫محمد علي الحوثي‪ ،‬عقد التأجير التمويلي بين القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‬
‫‪-‬دراسة مقارنة‪ -‬أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2014-2013‬‬
‫محمد لعروصي‪ ،‬مصير العقود الجارية في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية‪،‬‬
‫رسالة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪،‬جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم‬
‫القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪.2005 -2004‬‬
‫معتمد أزوكاغ‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري للمنقوالت في التشريع المغربي‪ ،‬رسالة لنيل‬
‫دبلوم الماستر في القضاء والتحكيم‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية وجدة‬
‫السنة الجامعية ‪.2009-2008‬‬
‫وردة غزال‪ ،‬االئتمان اإليجاري للمنقول في مدونة التجارة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في قانون األعمال‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‬
‫وجدة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2000-1999‬‬

‫‪129‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املقاالت‪:‬‬

‫أبو جعفر المنصوري‪ ،‬خصومة التحكيم اإللكتروني في ضوء القواعد العامة‬


‫للتحكيم‪ ،‬مجلة القصر‪ ،‬العدد ‪ 26‬ماي ‪.2010‬‬
‫أحمد أدرويش‪ ،‬التمويل بالكراء‪ ،‬المجلة المغربية للقانون والسياسة‬
‫واالقتصاد‪ ،‬العدد ‪ ،33‬عدد خاص‪ ،‬مطبعة النجاح الجديدة‪ ،‬الدار البيضاء‪.1997‬‬
‫أحمد شكري السباعي‪ ،‬مسطرة التسوية القضائية والتصفية القضائية وتمويل‬
‫المقاولة‪ ،‬مجلة المحاكم المغربية‪ ،‬العدد‪ ،80‬يناير‪ -‬فبراير ‪.2000‬‬
‫أحمد كويسي‪ ،‬حماية المستهلك من الشروط التعسفية في عقود االئتمان‪،‬‬
‫المجلة المغربية للقانون االقتصادي‪ ،‬العدد الثاني ‪.2009‬‬
‫الزبير المعروفي‪ ،‬حماية المقترض من الشروط التعسفية‪ ،‬حماية المستهلك‬
‫دراسات وأبحاث في ضوء مستجدات القانون ‪ ،31-08‬القاضي بتحديد تدابير حماية‬
‫المستهلك‪ ،‬منشورات مجلة القضاء المدني‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬العدد ‪.2004 -4‬‬
‫زكية عومري أثار فتح مسطرة التسوية القضائية على الدائنين الناشئة ديونهم‬
‫قبل فتح المسطرة‪،‬مجلة القصر‪،‬العدد ‪ 11‬ماي ‪.2005‬‬
‫زينب تاغيا "عقد االئتمان الكرائي من خالل مدونة التجارة الجديدة" مجلة‬
‫الدراسات القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية وجدة‪،‬العدد ‪.1999 ،10‬‬
‫عبد الرحمان المصباحي‪ ،‬التحكيم والتدابير المؤقتة والتحفظية‪ ،‬نشرة قرارات‬
‫محكمة النقض‪ ،‬الغرفة التجارية‪ ،‬السلسلة ‪ ،3‬الجزء ‪ ،11‬مطبعة األمنية‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫عبد اللطيف الشنتوف‪ ،‬القضاء اإلستعجالي في المادة التجارية‪ ،‬مجلة القضاء‬
‫التجاري‪ ،‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة ‪.2013‬‬
‫العربي مياد‪ ،‬مقاومة الشروط التعسفية في العقد‪ ،‬مجلة القانون المغربي‪،‬‬
‫العدد ‪ 13‬مارس ‪.2009‬‬
‫‪130‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫عز الدين بنستي‪ ،‬بعض تجليات التسوية الودية في المادة التجارية‪ ،‬مقال‬
‫منشور بمجلة المجلس األعلى‪ ،‬ندوة الصلح والتحكيم والوسائل البديلة لحل النزاعات من‬
‫خالل اجتماعات المجلس األعلى ‪.2007‬‬
‫عمر السكتاني‪ ،‬بعض مظاهر حماية الدائنين بعد فتح مسطرة التسوية‬
‫القضائية‪ ،‬المجلة المغرية للدراسات واالستثمارات القانونية‪ ،‬عدد مزدوج ‪،2012 3-2‬‬
‫مطبعة األمنية الرباط‪.‬‬
‫فيصل بجي‪ ،‬الوساطة والعدالة والمطلوبة‪ ،‬مجلة المنبر القانوني‪ ،‬مطبعة‬
‫المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬العدد‪ 6‬أبريل ‪.2014‬‬
‫فيصل بجي‪-‬نحو إقرار الوساطة القضائية كخيار بديل لفض المنازعات‪-‬مجلة‬
‫الدراسات القضائية واإلدارية العدد ‪ 5‬دجنبر ‪ 2013‬دار السالم للطباعة و النشر و التوزيع‬
‫‪-‬الرباط‪.‬‬
‫محمد أطويف‪ ،‬الوساطة االتفاقية على ضوء قانون ‪ ،05.58‬مجلة الحقوق‪،‬‬
‫العدد ‪ 14‬يناير‪ -‬ماي ‪ ،2013‬مطبعة المعارف الجديدة‪ ،‬الرباط‪.‬‬
‫محمد الكشبور‪ ،‬االئتمان اإليجاري‪ -‬مجلة المحامون‪ -‬العدد السادس‪ ،‬سنة‬
‫‪.1998‬‬
‫المختار بكور‪ ،‬قراءة التفاقية المعهد الدولي لتوحيد القانون الخاص بشأن‬
‫اإليجار المالي الدولي(أطاوا ‪ 28‬ماي ‪)1988‬المجلة المغربية لقانون واقتصاد التنمية‪،‬العدد‬
‫‪ ،34‬سنة ‪.1994‬‬
‫نبيل أبو مسلم‪ ،‬نقل االلتزام في عقد االئتمان اإليجاري على العقار‬
‫واالتجاهات الحديثة في قانون األعمال‪ ،‬منشورات مجلة الحقوق المغربية‪ ،‬مطبعة المعرف‬
‫الجديدة‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى ‪.2012‬‬
‫والجي بشرى‪-‬الحماية التشريعية لمستهلك خدمات االئتمان اإليجاري‪-‬‬
‫منشورات مجلة الحقوق المغربية االتجاهات الحديثة في قانون األعمال –مطبعة المعارف‬
‫الجديدة الرباط الطبعة األولى ‪.2012‬‬

‫‪131‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫يوسف شندي‪-‬المفهوم القانوني للمستهلك‪ ،‬دراسة تحليلية نقدية‪ ،‬مجلة القضاء‬


‫التجاري‪ ،‬العدد الثالث‪-‬السنة الثانية‪ ،‬شتاء‪/‬ربيع ‪.2014‬‬

‫الندوات‪:‬‬

‫إبراهيم الدسوقي أبو الليل‪ ،‬تطورات حديثة في التأجير التمويلي‪ ،‬الجديد في أعمال‬
‫المصارف من الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق‬
‫بجامعة بيروت العربية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الجديد في التمويل المصرفي‪،‬منشورات الحلبي‬
‫الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان ‪.2002‬‬
‫رياض فخري "عقد االئتمان اإليجاري بين مدونة التجارة والقانون المنظم لمؤسسات‬
‫االئتمان "مداخلة ضمن أشغال الندوة الدولية حول موضوع "مدونة التجارة"عشر سنوات‬
‫من التطبيق من تنظيم وحدة التكوين والبحث في قانون األعمال بكلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية و االجتماعية بسطات بتعاون مع نقابة هيئة المحامين بالدار البيضاء يومي ‪-22‬‬
‫‪ 23‬يونيو ‪.2007‬‬
‫عبد السالم الوهابي‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري للمنقول في القانون المغرب‪ ،‬الندوة‬
‫الرابعة للعمل القضائي والبنكي‪ ،‬سلسلة الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬مطبعة‬
‫السالم‪ ،‬الرباط‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬يناير ‪.2004‬‬
‫القاضي حبيب مزهر‪،‬الطبيعة القانونية لعقد الليزنغ‪ ،‬الجديد في أعمال المصارف من‬
‫الوجهتين القانونية واالقتصادية‪ ،‬أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة‬
‫بيروت العربية‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الجديد في التمويل المصرفي‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪،‬‬
‫بيروت لبنان‪.2002،‬‬
‫محمد برادة عزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء‪ ،‬الدورة التخصصية‬
‫في المادة التجارية سلسلة الندوات واأليام الدراسية الرابعة‪ ،‬الرباط يونيو ‪.2004‬‬
‫محمد برادة غزيول‪ ،‬عقد االئتمان اإليجاري بين الفقه والقضاء‪-‬الدورة التخصصية‬
‫في المادة التجارية‪ -‬سلسة الندوات واللقاءات واأليام الدراسية يونيو ‪.2004‬‬

‫‪132‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫محمد سالم‪ ،‬الطرق البديلة لحل النزاعات –التجربة األمريكية كنموذج‪ -‬سلسلة‬
‫الندوات واأليام الدراسية‪ ،‬مطبعة فضالة‪ ،‬العدد ‪ ،2‬الطبعة األولى‪ ،‬السنة ‪2004‬‬

‫الظهائر‪:‬‬

‫ظهير شريف رقم‪ 147.13.1‬صادر بتاريخ ‪6‬يوليوز ‪ 1993‬بمثابة قانون‬


‫يتعلق بنشاط مؤسسات االئتمان ومراقبتها منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4210‬الصادرة‬
‫بتاريخ ‪ 07‬يوليوز ‪.1993‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1-83-96‬صادر بتاريخ ‪ 1‬غشت ‪ 1996‬بتنفيذ القانون‬
‫رقم ‪ 15-95‬المتعلق بمدونة التجارة‪ ،‬منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪ 4418‬الصادرة بتاريخ‬
‫‪ 3‬أكتوبر ‪.1996‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 178.05.1‬صادر في محرم ‪(1427‬فبراير‪)2006‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 34.03‬المتعلق بمؤسسات االئتمان والهيئات المعتبرة في حكمها‪.‬الجريدة‬
‫الرسمية بتاريخ ‪20‬فبراير‪ 2006‬عدد‪.5397‬‬
‫ظهير شريف رقم ‪ 1.97.65‬صادر في ‪ 4‬شوال (‪ 12‬فبراير ‪ )197‬بتنفيذ‬
‫القانون رقم ‪ 53.95‬القاضي بإحداث محاكم تجارية منشور بالجريدة الرسمية عدد ‪.4482‬‬

‫‪Les ouvrages:‬‬
‫‪A.Cohen «le crédit-bail immobilier 2éme édition Masson‬‬ ‫‪PARIS‬‬
‫‪1990.‬‬
‫‪G.Royer.F.A Choiner, la banque et entreprise, revue bancaire,‬‬
‫‪1992.‬‬

‫‪133‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

J. collais – Aulnoy l influence de la consommation sur le droit civil


des contrats civile 1994.
J.P.Pizzio L’introduction de la notion de con sommateur en droit
français Dalloz Paris 1982 N 20.
J. DERRUPE- les baux commerciaux du droit- 2 édition, DALLOZ,
Paris 1996.
Jocelyne çay Ron ; crédit- bail. Grands annates du droit des
affaires Dalloz. 1995.
Leila zouhry. Propos sur la pratique du crédit- bail au Maroc revue
marocaine de droit et économique du développement n° 34.annèe 1994.
Mohamed Driss Alami Machichi –droit-commercial instrumental ai
Maroc-contrats commerciaux, Moyen de crédit. Moyen de paiement,
distribution Dar AL KALAM RABAT 2011.
Paul Philippe Masson « la situation des cranâtes après la réforme
de la loi de 25 janvier 1985 »
F.Pérochon .entreprise en difficulté instrument de crédit et de
paiement, librairie générale de droit de jurisprudence PARIS 3eme édition
octobre1997 n 288.
P. Estoup, la pratique des procédures rapides, éditions litec, 1990.
C. aulos (jean) droit de la consommation 3 éme édition Dalloz paris
1992.
Y.Picod.sous cassation 1er civile,27 septembre 2005:DALLOZ
2006,Juris.n3.
Daniéle Crémieux-Israel-leasing et crédit bail mobiliers-Dalloz paris
1975 .

134
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املواقع اإللكرتونية‪:‬‬

‫‪www.law.cornell.edu/ucc/2A‬‬
‫‪www.legifrance.gouv.fr/‬‬
‫‪www.Cacmarrakech.ma‬‬

‫‪135‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫الفهرس‬

‫مقدمة ‪1 ................................................................................................‬‬

‫الفصل األول‪ :‬اإلطار القانوين لعقد االئتمان اإلجياري ‪7 ..................................................‬‬

‫املبحث األول‪:‬ماهية عقد االئتمان اإلجياري ‪9 .........................................................‬‬

‫املطلب األول‪:‬تعريف وطبيعة عقد االئتمان اإلجياري‪11 ................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعريف عقد االئتمان اإلجياري وشروطه‪11 ................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬الطبيعة القانوين لعقد االئتمان اإلجياري ‪23 ...............................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬التزامات أطراف عقد االئتمان اإلجياري ‪29 ..............................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬التزامات شركات االئتمان اإلجياري‪30 ............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التزامات املستأجر يف عقد االئتمان اإلجياري‪37 ..........................................‬‬

‫املبحث الثاين‪:‬آليات محاية أطراف عقد االئتمان اإلجياري ‪41 ..........................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬محاية املكري ملصاحله يف عقد اإلئتمان اإلجياري ‪42 ....................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬محاية املكري ملصاحله من خالل شرط االحتفاظ ابمللكية ‪43 .............................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إدراج املكري شروط خاصة يف العقد ‪46 .................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬آليات محاية املكرتي يف عقد االئتمان اإلجياري‪48 ......................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬محاية املكرتي من خالل دعوى الضمان ‪48 ..............................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬محاية املكرتي من خالل القواعد العامة ‪53 ...............................................‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬دور القضاء يف عقد االئتمان اإلجياري ‪63 .................................................‬‬

‫‪136‬‬
‫عقـد االئتمـان اإلجيـاري بني النـص القـانوين والعمـل القضـائي‬

‫املبحث األول‪ :‬عقد االئتمان اإلجياري بني إجبارية اللجوء إىل وسائل التسوية الودية ونظام صعوابت‬
‫املقاولة ‪65 ...........................................................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬التسوية الودية يف عقد االئتمان اإلجياري ‪66 ............................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬الصلح والتحكيم ‪67 ......................................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬التسوية التوافقية ‪72 .......................................................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬مآل عقد االئتمان اإلجياري يف مساطر صعوابت املقاولة ‪76 .............................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬إجراءات االسرتداد واجلهة املكلفة ابلبت يف طلبات االسرتداد ‪77 .......................‬‬

‫الفقرة الثانية‪:‬موقع عقد االئتمان اإلجياري عند فتح املساطر اجلماعية‪85 ...............................‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬إجراءات فسخ العقد ‪99 ..............................................................‬‬

‫املطلب األول‪ :‬اإلجراءات التحفظية يف عقد اإلئتمان اإلجياري ‪100 ...................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬تعامل القضاء مع الشرط اجلزائي ‪101 ...................................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬اإلجراءات التحفظية اليت تسلكها شركات التمويل ‪105 .................................‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬فسخ عقد االئتمان اإلجياري ‪107 .......................................................‬‬

‫الفقرة األوىل‪ :‬فسخ العقد من طرف شركة االئتمان اإلجياري ‪109 ......................................‬‬

‫الفقرة الثانية‪ :‬إهناء العقد من جانب املكرتي ‪116 .......................................................‬‬

‫خامتة ‪121 .............................................................................................‬‬

‫الئحة املراجع ‪123 .....................................................................................‬‬

‫الفهرس‪136 ...........................................................................................‬‬

‫‪137‬‬

You might also like