You are on page 1of 4

‫المقدمة‬

‫تعد الحرب األهلية اللبنانية ‪ 1982 – 1975‬إحدى المآسي التي شهدتها منطقة الشرق األوسط في تاريخه المعاصر ‪,‬‬
‫وكانت من الشدة والشمول بحيث لم يقتصر تأثيرها على لبنان فحسب وإنّما شمل المنطقة العربية والعالم اجمع ‪ ,‬ودليلنا‬
‫على ذلك إنها جلبت اهتمام الرأي العام العالمي وتدخالته في أغلب األحيان ‪.‬‬

‫ولم يكن الصدام في لبنان في الثالث عشر من نيسان عام ‪ 1975‬حدثا ً مفاجئا ً بل جاء نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل‬
‫التي كانت تنذر بانفجار الموقف بين الحين واآلخر متمثلة باألزمات السياسية واالقتصادية واالجتماعية المتالحقة ‪ ,‬والعجز‬
‫الكبير الذي تعاني منه السلطة اللبنانية في إيجاد مخرج لهذه األزمات ‪ ,‬ناهيك عن الوجود الفلسطيني الذي شكل هو اآلخر‬
‫طرفا ً أساسيا ً في النزاع اللبناني خاصة بعد خسارة المقاومة الفلسطينية لمواقعها في األردن وخروجها إلى لبنان‪  ‬الذي‬
‫أصبح القاعدة األساسية والبلد الوحيد الذي يتمتع به الفلسطينيون بحرية القرار السياسي والعسكري ‪ ,‬وهذا مما زاد في‬
‫تعقيدات مشاكل لبنان الداخلية ‪ ,‬وأدى إلى تفاقم التناقضات بين اللبنانيين أنفسهم بين مؤيد ومعارض لهذا التواجد‬
‫ت سلبيةً تؤدي إلى زعزعة التوازن‬ ‫الفلسطيني ‪ ،‬ففي الوقت الذي نظرت القوى اليمينية‪ j‬إلى هذا الوجود بأنهُ يشكل انعكاسا ٍ‬
‫القائم في لبنان لصالح المسلمين ‪ ,‬كانت القوى الوطنية والتقدمية ترى في هذا الوجود حليفا ً لها ويرتبط معها من حيث‬
‫الهدف والمصير ‪.‬‬

‫ومثلت هذه الحرب أشرس واعنف هجمة على اإلنسان واإلنسانية ويتضح ذلك من خالل ما خلفته من عدد القتلى والجرحى‬
‫والمجازر التي ارتكبت خاللها ‪ ,‬وما تسبب من جرائها من انهيار في مؤسسات الدولة وتفكيكها وإلحاق الخسائر باالقتصاد‬
‫الوطني ‪ ,‬وصعود قوى فئوية استطاعت أن تهمش دور الدولة وتعطل قرارها وتهيمن على إراداتها ‪ ,‬وقضت في الوقت‬
‫ذاته على كل إمكانية للعودة إلى حالة السلم من دون جه ٍد أو ضغ ٍط خارجي ‪.‬‬

‫وفي خضم هذه الحرب طرحت العديد‪ j‬من المبادرات التي كان الهدف منها إيجاد الحلول الكفيلة لوضع حد لهذه األزمة‬
‫وإنهاء االقتتال الدائر على الساحة اللبنانية ‪ ,‬وكانت سورية السباقة في ذلك لكون لبنان يعنيها أكثر من غيرها ‪ ,‬ونظرتها‬
‫إليه نظرة خاصة تختلف عن نظرة اآلخرين وذلك تبعا للروابط التاريخية والجغرافية والديموغرافية ‪.‬‬

‫فلبنان كان فيما مضى جزءاً من سورية الطبيعية وتم اقتطاعه في إطار الخطط االستعمارية لتفتيت الوطن العربي وأعلن‬
‫كيانا ً مستقالً على يد االستعمار الفرنسي ‪ ,‬واعترفت الحكومة السورية باستقالله عام ‪ 1943‬إال أن النظرة السورية‬
‫للتط ّو رات السياسية واالجتماعية في لبنان ظلت متأثرة بفكرة الوحدة السياسية للكيانات الناجمة عن األطماع األجنبية في‬
‫المشرق العربي ‪ ,‬وأثناء الجوالت العسكرية التي كان يمر بها النزاع العربي اإلسرائيلي كانت دمشق تستشعر أكثر من‬
‫غيرها الخطر المتمثل في الوضع اللبناني ‪ ,‬وإمكانية استغالل إسرائيل له في ضرب األمن السوري ‪ ,‬ولذلك كانت سورية‬
‫تطالب الحكومة اللبنانية بصور ٍة دائم ٍة بالسماح لقواتها العسكرية بالتموضع في مناطق الجبهة اللبنانية مع إسرائيل لسد هذه‬
‫الثغرة وتوحيد إستراتيجية البلدين في مواجهة إسرائيل في إطار سياسة إقليمية موحدة ‪.‬‬

‫ويمكن القول ومن دون تردد بأن سورية أدت منذ وقت ليس بقريب دوراً متميزاً في التطورات السياسية التي شهدتها‬
‫لبنان ‪ ,‬وما الحرب األهلية اللبنانية إال أنموذجا ً كان لسورية دورها الواضح والمتميز في رسم مساراتها وتوجيهها عبر‬
‫مراحل متعددة‪ , j‬وهو أمر طبيعي ناجم عن حالة الجوار والتداخل فيما بينهما ‪.‬‬

‫ألن هذا العام شهد اندالع الحرب األهلية اللبنانية التي أحدثت تحوالً نوعيا ً في الوضع السياسي‬
‫تبدأ الدراسة بعام ‪ 1975‬؛ ّ‬
‫اللبناني وأدخلت السياسة اللبنانية في مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها في أكثر من جانب ‪ ,‬كما أن هذا العام مثل بداية‬
‫الوساطة السورية التي كانت تهدف إلى إيقاف القتال وإعادة األمن واالستقرار ومنع التقسيم ‪ ,‬وعندما رأت أن ذلك لم يج ِد‬
‫نفعا ً قررت التدخل بشكل مباشر بعد أن أمنت غالبية المواقف الدولية والعربية ‪.‬‬

‫ألن هذا العام يمثل مرحلة مهمة‪  ‬لتطورات سياسية في تاريخ لبنان‬ ‫وكان مجيء عام ‪ 1982‬نهاية لموضوع الرسالة ؛ ّ‬
‫بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة ‪ ,‬فهو يمثل بداية االجتياح اإلسرائيلي لألراضي اللبنانية والتي أطلقت عليها إسرائيل‬
‫عملية (السالم للجليل) ‪ ,‬وقد أصبح لبنان على أثرها مسرحا ً للعمليات العسكرية اإلسرائيلية ضد المقاومة الفلسطينية‬
‫والحركة الوطنية اللبنانية المدعومة من قبل سورية ‪ ,‬كما انه أدى إلى إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت ‪,‬‬
‫وأقصيت القوات السورية من غالبية المناطق اللبنانية الواقعة إلى شمال طريق الشام وعن العاصمة بيروت ‪ ,‬وابتدأت‬
‫مرحلةً جديدةً تختلف عن سابقتها في أكثر من جانب مما يصح ع ّده محطة مهمة للتوقف عندها ‪ ،‬والبحث يشير إلى اعتماد‬
‫أسلوب التسلسل‪  ‬التاريخي في الفصول الثالثة األولى من الرسالة في حين اعتمد أسلوب وحدة الموضوع في الفصل الرابع‬
‫نتيجة لتداخل األحداث مع بعضها البعض وصعوبة الفصل بينها ‪.‬‬
‫أما عن سبب اختيار هذا الموضوع من دون سواه فهو نابع من اعتقاد الباحث بأهمية الحرب األهلية اللبنانية وما تضمنتهُ‬
‫من أحداث وما شهدتهُ من صراعات دموية وخالف سياسي ‪ ,‬كذلك نفوذ السياسة السورية في الشأن اللبناني دون غيرها من‬
‫الدول العربية ‪ ,‬والتي ع ّد ت نفسها مسؤولة عما يدور في لبنان من أحداث ‪ ,‬وهناك سبب آخر يكمن في اعتقاد الباحث بأن‬
‫هذا الموضوع لم ينل الكثير مما يستحقه من دراسة وتمحيص ‪ ,‬إذ إنّه لم يبحث بحثا ً أكاديميا ً ‪.‬‬

‫وعلى هذا األساس كرست هذه الدراسة على الدور السوري في الحرب األهلية اللبنانية بهدف اإلجابة على أبرز األسئلة‬
‫التي تخص الموضوع ومنها ‪ :‬كيف حدثت الحرب األهلية اللبنانية ؟ وما هي أبرز مسبباتها ؟ وهل وفقت الوساطة السورية‬
‫في مساعيها إليقاف القتال ؟ وما أبرز المشاريع التي طرحتها في بداية الحرب ؟ وهل حظي دخول القوات السورية إلى‬
‫لبنان بموافقة السلطة الشرعية ؟ وهل واجه التدخل السوري معارضةً من قبل بعض األطراف اللبنانية ؟ ولنصرة من‬
‫دخلت القوات السورية ‪ ,‬وهل استمرت على الخط السياسي نفسه؟ وماذا أضفت مؤتمرات القمة العربية في الرياض‬
‫والقاهرة عام ‪ 1976‬على الوجود السوري في لبنان ؟ وما هي أسباب تأزم العالقات بين سورية ومليشيات الجبهة اللبنانية ؟‬
‫وهل واجه تدخل سورية العسكري في لبنان ردود أفعال من قبل االطراف الدولية والعربية ؟ هذه األسئلة وغيرها سيحاول‬
‫البحث التماس إجابات علمية لها في سياق هذه الدراسة التي تألفت من هذه المقدمة وأربعة فصول وخاتمة تضمنت أهم‬
‫النتائج التي توصلت إليها الدراسة ‪ .‬‬

‫اختص الفصل األول منها بدراسة موقف سورية من التطورات السياسية في لبنان ‪ ,1974 - 1958‬وقد جاء ممهدا للدراسة‬
‫‪ ,‬وكانت االنتفاضة اللبنانية عام ‪ 1958‬أ ّو ل مواضيع هذا الفصل حيث تم تسليط الضوء على األسباب التي أدت إلى قيام‬
‫هذه االنتفاضة وأحداثها وموقف سورية في ظل الجمهورية العربية المتحدة منها ‪ ,‬فضالً عن ذلك فقد ُخصص جانب من‪ ‬‬
‫الفصل متطرقا ً إلى تأزم الموقف السوري اتجاه لبنان بعد حدوث االنفصال خاصةً بعد أن أصبحت العاصمة بيروت معقالً‬
‫للتآمر المصري ضد سورية مما دفع األخيرة إلى مهاجمة المناطق الحدودية اللبنانية بين الحين واآلخر‪ ,‬كما ارتأت الدراسة‬
‫أن تخصص جانبا ً للبحث يلقي الضوء على الموقف السوري من تأزم العالقات اللبنانية الفلسطينية وكيف سعت سورية‬
‫لتسوية تلك الخالفات‪.‬‬

‫أما الفصل الثاني فقد تناول دور سورية السياسي والعسكري في الحرب األهلية اللبنانية ‪ 1977 - 1975‬وحاولنا فيه إعطاء‬
‫صورة واضحة عن الحرب األهلية اللبنانية من حيث األحداث والمسببات ‪ ,‬وتم التركيز على أبرز المبادرات السورية التي‬
‫رافقت‪  ‬هذه الحرب التي كان الهدف منها إيقاف القتال ومنع التقسيم ‪ ,‬وسلّط الضوء على التفكك واالنقسام الذي أصاب‬
‫البنية العسكرية اللبنانية ‪ ,‬كذلك حاول الفصل أن يقف عند التدخل السوري العسكري في لبنان في مطلع حزيران عام‬
‫‪ , 1976‬ويعطي صورةً واضحةً عن موقف األحزاب اللبنانية من هذا ‪ ‬التدخل ‪ ,‬وخصص جانبا ً آخر ركز فيه‪  ‬على‬
‫مؤتمرات القمة العربية في الرياض والقاهرة وأبرز النتائج التي تمخضت عنها ‪ ,‬خاصة ما يتعلق بإضفاء الشرعية على‬
‫الوجود السوري في لبنان ‪.‬‬

‫في حين ركز الفصل الثالث على تأزم العالقات بين سورية والمعسكر المسيحي ‪ ,1982 -1978‬وقد شهدت تلك المدة حالة‬
‫من االضطراب السياسي وعدم االستقرار داخل لبنان تمثلت بتدهور العالقة بين السوريين والمليشيات المسيحية وما آلت‬
‫ت دامي ٍة بين الطرفين فركز الفصل على تلك األحداث ‪ ,‬كما عالج االجتياح اإلسرائيلي‬
‫إليه نتائج هذا التدهور من مواجها ٍ‬
‫ُ‬ ‫ً‬
‫للجنوب اللبناني من حيث أسبابه وأثره على الوضع اللبناني ‪ ،‬فضال عن ذلك فقد خصص جانب من الفصل لتسليط الضوء‬
‫على حالة االنقسام والمواجهات بين المليشيات المسيحية بعضها ضد بعضها اآلخر واإلجراءات التي اتبعت من قبل سورية‬
‫للعمل على استتباب األمن وعودة االستقرار ‪ ،‬وارتأت الدراسة أن تخصص جانبا ً يلقي الضوء على النزاع بين السوريين‬
‫والمليشيات المسيحية في منطقة زحلة عام ‪ , 1981‬وكيف استغلت إسرائيل ذلك ووقفت إلى جانب هذه المليشيات وأمدتها‬
‫بالسالح ولجأت إلى مهاجمة القوات السورية ‪ ,‬وأسقطت طائرتين سوريتين ‪ ,‬األمر الذي دفع سورية إلى أن تستقدم‬
‫صواريخها المضادة للطائرات (سام‪ )6-‬إلى منطقة البقاع ‪ ,‬وحدثت على أثر ذلك أزمة الصواريخ السورية التي أسفرت‬
‫فيما بعد عن االجتياح اإلسرائيلي للبنان في حزيران عام ‪. 1982‬‬

‫أما الفصل الرابع فقد تتبع المواقف الدولية والعربية من التدخل السوري في الحرب األهلية اللبنانية ‪ ,‬وتم التركيز على‬
‫مواقف الدول العظمى التي كان لها تأثيرها الواضح على مجريات الحرب األهلية اللبنانية ومن بينها الواليات المتحدة‬
‫األمريكية واالتحاد السوفيتي وفرنسا‪ ,  ‬فضالً عن ذلك فقد تم تسليط الضوء على الموقف اإليراني الذي امتاز بكونهُ موقفا ً‬
‫متردداً في بداية الحرب ولم ‪ ‬يتضح إال بعد قيام الثورة اإلسالمية في إيران عام ‪ , 1979‬حيث ابتدأت إيران بدعم ومساندة‬
‫السياسة السورية في لبنان ‪ ,‬و ُخ صص جانب من البحث إللقاء الضوء على مواقف الدول العربية من التدخل السوري في‬
‫الحرب األهلية اللبنانية ‪ ,‬فركز الباحث على خمسة مواقف لهذه الدول هي كل من مصر ‪ ,‬و األردن ‪ ,‬وليبيا ‪ ,‬والمملكة‬
‫العربية السعودية ‪ ,‬والعراق ‪ ,‬وقد تباينت مواقفها بين التأييد والمعارضة للسياسة السورية في لبنان ‪.‬‬
‫اعتمدت الدراسة على مجموعة متنوعة من المصادر كان لبعضها أهمية كبيرة في تسليط الضوء على أحداث الحرب‬
‫األهلية اللبنانية ‪ ,‬وتأتي في مقدمتها الوثائق غير المنشورة التابعة لوزارة التخطيط والمحفوظة بدار الكتب والوثائق ‪ ,‬وهي‬
‫في حقيقتها عبارة عن تقارير للسفارة العراقية في بيروت تتعلق بالعالقات االقتصادية بين لبنان والعراق ‪,1980 – 1978‬‬
‫وعلى الرغم من كون هذه الوثائق تمثل وجهة النظر العراقية إال إنّها من خالل مواكبتها لإلحداث ومتابعتها الدقيقة ‪,‬‬
‫أعطاها أهميةً ذات قدر كبير خاصة فيما يتعلق بإيضاح حالة التأزم في العالقات بين سورية والجبهة اللبنانية واالنشقاقات‬
‫التي حدثت بين المليشيات المسيحية ‪.‬‬

‫إضافة إلى ذلك فقد أسهمت الوثائق األجنبية بتزويد البحث ببعض المعلومات السيما فيما يخص الفصل األول والثاني ‪،‬‬
‫ومن بينها وثائق وزارة الخارجية البريطانية ‪)Foreign) Office :‬المحفوظة بدار الكتب والوثائق وفي مكتبة معهد‪j‬‬
‫الخدمة الخارجية في وزارة الخارجية العراقية ‪ ،‬كذلك الوثائق األمريكية المحفوظة بدار الكتب والوثائق على المايكروفيلم‬
‫بعنوان ‪) United State Department Lebanon : International Foreign Affairs ( .     :‬‬

‫في حين عدت الوثائق المنشورة واحدة من أهم المصادر التي عول عليها البحث بشكل كبير‪ ,‬واحتلت مساحةً واسعةً في‬
‫فصول الدراسة ومن بينها الوثائق الفلسطينية التي أصدرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت ‪ ,‬حيث غطت هذه‬
‫الوثائق كافة فصول الدراسة ‪ ,‬كذلك الوثائق العربية لعام ‪ , 1975‬ومضابط ووثائق أحداث لبنان في المدة ‪1976 - 1975‬‬
‫فضالً عن وثيقة حرب لبنان ‪ ,‬ج‪ , 1‬يضاف إلى ذلك المجلد الكامل للوثائق األساسية لألزمة اللبنانية لمؤلفه عماد يونس ‪,‬‬
‫وقد استفاد الباحث من الجزء األول والثاني والثالث ‪ ,‬حيث تضمنت هذه األجزاء معلومات مهمة حول تطورات تخص‬
‫الحرب األهلية اللبنانية لعام ‪ ، 1982-1975‬كما استفاد الباحث من وثائق األزمة اللبنانية لعام ‪ 1979-1978 -1977‬وهي‬
‫وثائق لم يتم استعمالها في الدراسات السابقة ‪ ,‬ومما يزيد من أهميتها إنّها دونت أحداث الحرب اللبنانية يوما ً بعد آخر بكل ما‬
‫فيها من تطورات ‪ ،‬وفضالً عن ذلك فقد تم االستعانة بعدد‪ j‬من وثائق وزارة الخارجية األمريكية (‪ ) F.R.U.S‬المنشورة‬
‫على الموقع ‪http:// Nasser.bibalex.org   :‬‬

‫ومن جانب آخر اعتمدت الدراسة على الكتب الوثائقية التي تعد من ضمن الوثائق المنشورة‪ ,‬ويأتي في مقدمتها كتاب‬
‫الحرب في لبنان لمؤلفه انطوان خويري وهو عبارة عن موسوعة وثائقية تتألف من أحد عشر جزءاً اعتباراً من عام ‪1975‬‬
‫حتى عام ‪ , 1982‬وقد استفاد الباحث من الجزء األول والثاني والثالث والسادس ‪ ,‬وأغنت تلك األجزاء فصول الدراسة‬
‫بمعلوماتها القيمة في حين تم اإلفادة من المعلومات‪  ‬التي تضمنها كتاب حرب لبنان صور وثائق أحداث الذي نشرته دار‬
‫المسيرة في بيروت في الفصلين الثاني والرابع من الرسالة ‪.‬‬

‫وشغلت كتب المذكرات واليوميات نصيبا ً وافراً في هذه الرسالة على الرغم من غلبة الجانب الذاتي على الموضوعي فيها ‪,‬‬
‫وقد حاولنا توخي الحذر أثناء الخوض فيها ‪ ,‬لكنها رغم ذلك رفدت هذه الرسالة بمعلومات يصعب الحصول عليها من‬
‫المصادر األخرى ‪ ,‬خاصة إذا علمنا أن هذه المذكرات تابعة ألشخاص قياديين وزعماء أحزاب ومسؤولين في الدولة‬
‫اللبنانية ‪ ,‬ومن بينها كتاب السالم المفقود لمؤلفه‪  ‬كريم‪  ‬بقردوني ‪ ,‬وكتاب قصة الموارنة في الحرب لمؤلفه جوزيف أبو‬
‫خليل ‪ ,‬ومما يؤخذ على هذا المؤلف تحيزه الواضح وميله الكبير لجانب الجبهة المسيحية أثناء كتاباته ‪ ,‬لكن على الرغم من‬
‫ذلك أفادت معلومات هذا الكتاب جوانبا ً مهمةً من الرسالة ‪ ,‬كذلك كتاب تلك األيام مذكرات وذكريات لمؤلفه السفير اللبناني‬
‫حليم سعيد أبو عز الدين ‪ ,‬فضالً عن ذلك اعتمد الباحث على مذكرات فؤاد بطرس التي تعد في غاية األهمية كون مؤلفها‬
‫سياسي لبناني عاصر األحداث وشارك فيها وتولى العديد‪ j‬من المناصب الوزارية واحتوت مذكراته على قضايا هامة‬
‫عديدة ‪ ,‬وتم االستفادة من الكتب التي أصدرتها منظمة التحرير الفلسطينية ومن بينها كتاب يوميات الحرب اللبنانية ‪- 1975‬‬
‫‪ 1976‬بجزئيه األول والثاني الذي كان له األثر األكبر في أغناء فصول الرسالة بالمعلومات لكونه قد تابع أحداث الحرب‬
‫األهلية اللبنانية يوما ً بعد يوم ‪ .‬‬

‫فضالً عن ذلك شكلت الكتب العربية والمعربة الرافد األكبر لهذه الرسالة فقد اعتمد‪ j‬مؤلفيها على الكثير من الوثائق الرسمية‬
‫التي رصنت الحقائق التي ذكروها بالنسبة للدور السوري في الحرب األهلية اللبنانية وأبرزها كتاب سقوط اإلمبراطورية‬
‫اللبنانية لمؤلفه فؤاد مطر ‪ ,‬احتوى هذا الكتاب على خمسة أجزاء أفاد البحث من أربعة منها ‪ ,‬رفدت بمعلوماتها القيمة‬
‫غالبية جوانب الرسالة حيث أعطت توضيحا ً ألبرز التطورات السياسية في لبنان خالل حرب السنتين ‪, 1976  -1975‬‬
‫كما اعتمد البحث على كتاب لبنان المعاصر مشهد تاريخي وسياسي عام لمؤلفه مسعود الخوند وهو عبارة عن موسوعة‬
‫أن مما يؤاخذ على هذا الكتاب عدم التعمق‬ ‫تاريخية جغرافية احتوت على معلومات هامة غطت مجمل فصول الدراسة ‪ ,‬إال ّ‬
‫في األحداث وإعطائها بعداً تاريخيا ً واضحا ً ‪ ,‬ومن الكتب الهامة األخرى كتاب التحدي اللبناني ‪ 1976-1975‬لمؤلفه شفيق‬
‫الريس الذي غطت معلوماته التطورات السياسية في لبنان قبل الحرب وأثنائها ‪ ,‬وقد امتازت كتاباته بالحيادية نوعا ً ما ‪,‬‬
‫كذلك كتاب الحرب في لبنان ‪ 1990-1975‬لمؤلفه عبد الرؤوف سنو المجلد األول الذي رفد الدراسة بمعلومات ذات قيمة‬
‫خاصة فيما يتعلق بالمواقف الدولية والعربية من الحرب األهلية اللبنانية ‪ ,‬واعتمدت الدراسة على بعض الكتب المعربة‬
‫ومنها كتاب لبنان تعايش في زمن الحرب لمؤلفه تيودور هانف ‪ ,‬وكتاب لبنان ‪ 400‬سنة من الطائفية لمؤلفته هيلينا كوبان ‪,‬‬
‫وقد تناولت هذه الكتب حالة التعايش الطائفي في لبنان وأثره في الحرب األهلية اللبنانية‪.‬‬

‫ألن غالبيتها وجد مترجما ً إلى اللغة العربية ‪ ,‬لكن‬


‫أما الكتب األجنبية فقد جاء استخدامها في هذه الرسالة على نحو قليل ؛ ّ‬
‫على الرغم من ذلك تم اإلفادة من بعضها ومنها كتاب ‪  The war for Lebanon 1970-1985‬لمؤلفتهُ‪Itmar‬‬
‫‪   Rabinovich‬ويعد من الكتب الهامة لكونه سلط الضوء على الحرب في لبنان خاصة فيما يتعلق بالعالقات بين سورية‬
‫والجبهة اللبنانية ‪ ,1978 -1977‬وكذلك عن تجدد الخالفات بين الطرفين وحدوث أزمة الصواريخ عام ‪. 1981‬‬

‫وأفادت األطاريح والرسائل الجامعية غير المنشورة الباحث كثيراً سواء من حيث فتح آفاق جديدة أمامه أو إرشاده إلى‬
‫مواطن المعلومات والمصادر ‪ ,‬السيما أطروحة الدكتوراه الموسومة (مجلس النواب اللبناني عام ‪ )1975 - 1943‬للباحث‬
‫جاسم محمد خضير الجبوري ‪ ,‬التي رفدت الرسالة بمعلوماتها الهامة كونها أعطت صورةً واضحةً عن التطورات‬
‫واألزمات السياسية التي عاشتها لبنان خالل تلك المدة ‪ ,‬ومما يزيد من أهميتها إنّها كانت عبارة عن دراسة وثائقية ‪ ,‬واعتمد‬
‫البحث أيضا ً على رسالة الماجستير الموسومة (أزمة النظام السياسي اللبناني والحرب األهلية اللبنانية ‪)1976-1975‬‬
‫ت وافيةً عن أحداث الحرب األهلية اللبنانية ‪,‬‬
‫للباحث غازي بشير طه ‪ ,‬وقد عدت من الرسائل الهامة كونها أعطت معلوما ٍ‬
‫فضالً عن الرسالة الموسومة (موقف مصر من قضايا المشرق العربي ‪ )1978 - 1967‬للباحث عمر نافع نوري نصيف‬
‫الحديثي والتي تناولت في ثناياها موقف مصر من الحرب األهلية اللبنانية ومعارضته للوساطة السورية في بداية الحرب ‪.‬‬

‫وكذلك اعتمدت الرسالة على عدد من البحوث العلمية المنشورة في عدد‪ j‬من المجالت ومنها الدراسة الموسومة بـ‬
‫(الفلسطينيون والحرب في لبنان) للكاتب عبد المنعم المشاط والذي أسهم في إعطاء بعض المعلومات عن الوجود الفلسطيني‬
‫في لبنان وتحديد‪ j‬موقفه من األزمة اللبنانية ‪.‬‬

‫وكان أيضا ً للصحف نصيبٌ وافر في هذه الرسالة ‪ ,‬بوصفها سج ٍل يومي لألحداث ‪ ,‬فقد اغنت الموضوع بمعلومات على‬
‫درجة كبيرة من األهمية كان من الصعوبة الحصول عليها من بقية المصادر ‪ ,‬وتركت بعض الصحف أثرها الواضح بين‬
‫متون الرسالة ‪ ,‬ولعل من أبرزها صحيفة النهار اللبنانية التي غطت أحداث الحرب لألعوام ‪ , 1981-1975‬وصحيفة‬
‫األهرام المصرية للعام ‪ , 1977‬وصحيفة األنوار اللبنانية لعام ‪ , 1978‬وصحيفتي البعث وتشرين السوريتين للعام ‪, 1979‬‬
‫فضالً عن استخدام بعض مواقع شبكة المعلومات الدولية (االنترنيت) ذات الصلة بالموضوع ‪.‬‬

‫وقبل الختام البد‪ j‬من اإلشارة إلى المعاناة والصعوبات التي واجهها الباحث في مراحل إعداد الرسالة والتي تتمثل في‬
‫شمولية الموضوع وتشعبه من جهة ‪ ,‬وعدم التمكن من الحصول على الوثائق اللبنانية غير المنشورة المحفوظة في لبنان‬
‫من جهة أخرى ‪ ,‬كذلك حاالت التلف الواضحة التي تعرضت لها المكتبات العراقية عامة بسبب االضطراب السياسي الذي‬
‫عاناه البلد إبان االحتالل األمريكي ‪ ,‬إال إنّه بفضل هللا تمكنا من التغلب على الجزء األكبر من هذه المشكالت باالطالع على‬
‫بعض الوثائق العراقية المحفوظة بالمكتبة الوطنية ‪ ,‬وكذلك باالعتماد على الوثائق اللبنانية المنشورة التي ساعدت على سد‬
‫جزء من هذه الثغرة ‪.‬‬

‫أخيراً أرجو أن تكون هذه الرسالة قد غطت بعض الجوانب التي نراها جديرة باالهتمام لتسليط الضوء على موضوع الدور‬
‫السوري في الحرب األهلية اللبنانية مع التماس العذر إن أخطأت أو قص ّرت ‪ ,‬فالخطأ والتقصير من صفات اإلنسان‬
‫والكمال هلل وحده‪ ,  ‬وال أ ّدعي ّ‬
‫بأن هذه الرسالة قد بلغت حد الكمال ‪ ,‬فذلك طموح ليس من السهل تحقيقه ‪ ,‬وحسبنا أننا بدأنا‬
‫الخطوة األولى في طريق البحث األكاديمي في محاولة متواضعة ولكن جادة للوصول إلى الحقيقة التاريخية ‪ ,‬وأنني أضع‬
‫هذا الجهد المتواضع أمام أساتذتي أعضاء لجنة المناقشة الموقرة ‪ ,‬الستمع إلى مالحظاتهم القيمة وآرائهم السديدة ‪ ,‬واسأل‬
‫هللا أن يوفقنا جميعا لصدق المقصد‪.‬‬

You might also like