Professional Documents
Culture Documents
تعد الحرب األهلية اللبنانية 1982 – 1975إحدى المآسي التي شهدتها منطقة الشرق األوسط في تاريخه المعاصر ,
وكانت من الشدة والشمول بحيث لم يقتصر تأثيرها على لبنان فحسب وإنّما شمل المنطقة العربية والعالم اجمع ,ودليلنا
على ذلك إنها جلبت اهتمام الرأي العام العالمي وتدخالته في أغلب األحيان .
ولم يكن الصدام في لبنان في الثالث عشر من نيسان عام 1975حدثا ً مفاجئا ً بل جاء نتيجة طبيعية لمجموعة من العوامل
التي كانت تنذر بانفجار الموقف بين الحين واآلخر متمثلة باألزمات السياسية واالقتصادية واالجتماعية المتالحقة ,والعجز
الكبير الذي تعاني منه السلطة اللبنانية في إيجاد مخرج لهذه األزمات ,ناهيك عن الوجود الفلسطيني الذي شكل هو اآلخر
طرفا ً أساسيا ً في النزاع اللبناني خاصة بعد خسارة المقاومة الفلسطينية لمواقعها في األردن وخروجها إلى لبنان الذي
أصبح القاعدة األساسية والبلد الوحيد الذي يتمتع به الفلسطينيون بحرية القرار السياسي والعسكري ,وهذا مما زاد في
تعقيدات مشاكل لبنان الداخلية ,وأدى إلى تفاقم التناقضات بين اللبنانيين أنفسهم بين مؤيد ومعارض لهذا التواجد
ت سلبيةً تؤدي إلى زعزعة التوازن الفلسطيني ،ففي الوقت الذي نظرت القوى اليمينية jإلى هذا الوجود بأنهُ يشكل انعكاسا ٍ
القائم في لبنان لصالح المسلمين ,كانت القوى الوطنية والتقدمية ترى في هذا الوجود حليفا ً لها ويرتبط معها من حيث
الهدف والمصير .
ومثلت هذه الحرب أشرس واعنف هجمة على اإلنسان واإلنسانية ويتضح ذلك من خالل ما خلفته من عدد القتلى والجرحى
والمجازر التي ارتكبت خاللها ,وما تسبب من جرائها من انهيار في مؤسسات الدولة وتفكيكها وإلحاق الخسائر باالقتصاد
الوطني ,وصعود قوى فئوية استطاعت أن تهمش دور الدولة وتعطل قرارها وتهيمن على إراداتها ,وقضت في الوقت
ذاته على كل إمكانية للعودة إلى حالة السلم من دون جه ٍد أو ضغ ٍط خارجي .
وفي خضم هذه الحرب طرحت العديد jمن المبادرات التي كان الهدف منها إيجاد الحلول الكفيلة لوضع حد لهذه األزمة
وإنهاء االقتتال الدائر على الساحة اللبنانية ,وكانت سورية السباقة في ذلك لكون لبنان يعنيها أكثر من غيرها ,ونظرتها
إليه نظرة خاصة تختلف عن نظرة اآلخرين وذلك تبعا للروابط التاريخية والجغرافية والديموغرافية .
فلبنان كان فيما مضى جزءاً من سورية الطبيعية وتم اقتطاعه في إطار الخطط االستعمارية لتفتيت الوطن العربي وأعلن
كيانا ً مستقالً على يد االستعمار الفرنسي ,واعترفت الحكومة السورية باستقالله عام 1943إال أن النظرة السورية
للتط ّو رات السياسية واالجتماعية في لبنان ظلت متأثرة بفكرة الوحدة السياسية للكيانات الناجمة عن األطماع األجنبية في
المشرق العربي ,وأثناء الجوالت العسكرية التي كان يمر بها النزاع العربي اإلسرائيلي كانت دمشق تستشعر أكثر من
غيرها الخطر المتمثل في الوضع اللبناني ,وإمكانية استغالل إسرائيل له في ضرب األمن السوري ,ولذلك كانت سورية
تطالب الحكومة اللبنانية بصور ٍة دائم ٍة بالسماح لقواتها العسكرية بالتموضع في مناطق الجبهة اللبنانية مع إسرائيل لسد هذه
الثغرة وتوحيد إستراتيجية البلدين في مواجهة إسرائيل في إطار سياسة إقليمية موحدة .
ويمكن القول ومن دون تردد بأن سورية أدت منذ وقت ليس بقريب دوراً متميزاً في التطورات السياسية التي شهدتها
لبنان ,وما الحرب األهلية اللبنانية إال أنموذجا ً كان لسورية دورها الواضح والمتميز في رسم مساراتها وتوجيهها عبر
مراحل متعددة , jوهو أمر طبيعي ناجم عن حالة الجوار والتداخل فيما بينهما .
ألن هذا العام شهد اندالع الحرب األهلية اللبنانية التي أحدثت تحوالً نوعيا ً في الوضع السياسي
تبدأ الدراسة بعام 1975؛ ّ
اللبناني وأدخلت السياسة اللبنانية في مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها في أكثر من جانب ,كما أن هذا العام مثل بداية
الوساطة السورية التي كانت تهدف إلى إيقاف القتال وإعادة األمن واالستقرار ومنع التقسيم ,وعندما رأت أن ذلك لم يج ِد
نفعا ً قررت التدخل بشكل مباشر بعد أن أمنت غالبية المواقف الدولية والعربية .
ألن هذا العام يمثل مرحلة مهمة لتطورات سياسية في تاريخ لبنان وكان مجيء عام 1982نهاية لموضوع الرسالة ؛ ّ
بصورة خاصة والمنطقة بصورة عامة ,فهو يمثل بداية االجتياح اإلسرائيلي لألراضي اللبنانية والتي أطلقت عليها إسرائيل
عملية (السالم للجليل) ,وقد أصبح لبنان على أثرها مسرحا ً للعمليات العسكرية اإلسرائيلية ضد المقاومة الفلسطينية
والحركة الوطنية اللبنانية المدعومة من قبل سورية ,كما انه أدى إلى إخراج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت ,
وأقصيت القوات السورية من غالبية المناطق اللبنانية الواقعة إلى شمال طريق الشام وعن العاصمة بيروت ,وابتدأت
مرحلةً جديدةً تختلف عن سابقتها في أكثر من جانب مما يصح ع ّده محطة مهمة للتوقف عندها ،والبحث يشير إلى اعتماد
أسلوب التسلسل التاريخي في الفصول الثالثة األولى من الرسالة في حين اعتمد أسلوب وحدة الموضوع في الفصل الرابع
نتيجة لتداخل األحداث مع بعضها البعض وصعوبة الفصل بينها .
أما عن سبب اختيار هذا الموضوع من دون سواه فهو نابع من اعتقاد الباحث بأهمية الحرب األهلية اللبنانية وما تضمنتهُ
من أحداث وما شهدتهُ من صراعات دموية وخالف سياسي ,كذلك نفوذ السياسة السورية في الشأن اللبناني دون غيرها من
الدول العربية ,والتي ع ّد ت نفسها مسؤولة عما يدور في لبنان من أحداث ,وهناك سبب آخر يكمن في اعتقاد الباحث بأن
هذا الموضوع لم ينل الكثير مما يستحقه من دراسة وتمحيص ,إذ إنّه لم يبحث بحثا ً أكاديميا ً .
وعلى هذا األساس كرست هذه الدراسة على الدور السوري في الحرب األهلية اللبنانية بهدف اإلجابة على أبرز األسئلة
التي تخص الموضوع ومنها :كيف حدثت الحرب األهلية اللبنانية ؟ وما هي أبرز مسبباتها ؟ وهل وفقت الوساطة السورية
في مساعيها إليقاف القتال ؟ وما أبرز المشاريع التي طرحتها في بداية الحرب ؟ وهل حظي دخول القوات السورية إلى
لبنان بموافقة السلطة الشرعية ؟ وهل واجه التدخل السوري معارضةً من قبل بعض األطراف اللبنانية ؟ ولنصرة من
دخلت القوات السورية ,وهل استمرت على الخط السياسي نفسه؟ وماذا أضفت مؤتمرات القمة العربية في الرياض
والقاهرة عام 1976على الوجود السوري في لبنان ؟ وما هي أسباب تأزم العالقات بين سورية ومليشيات الجبهة اللبنانية ؟
وهل واجه تدخل سورية العسكري في لبنان ردود أفعال من قبل االطراف الدولية والعربية ؟ هذه األسئلة وغيرها سيحاول
البحث التماس إجابات علمية لها في سياق هذه الدراسة التي تألفت من هذه المقدمة وأربعة فصول وخاتمة تضمنت أهم
النتائج التي توصلت إليها الدراسة .
اختص الفصل األول منها بدراسة موقف سورية من التطورات السياسية في لبنان ,1974 - 1958وقد جاء ممهدا للدراسة
,وكانت االنتفاضة اللبنانية عام 1958أ ّو ل مواضيع هذا الفصل حيث تم تسليط الضوء على األسباب التي أدت إلى قيام
هذه االنتفاضة وأحداثها وموقف سورية في ظل الجمهورية العربية المتحدة منها ,فضالً عن ذلك فقد ُخصص جانب من
الفصل متطرقا ً إلى تأزم الموقف السوري اتجاه لبنان بعد حدوث االنفصال خاصةً بعد أن أصبحت العاصمة بيروت معقالً
للتآمر المصري ضد سورية مما دفع األخيرة إلى مهاجمة المناطق الحدودية اللبنانية بين الحين واآلخر ,كما ارتأت الدراسة
أن تخصص جانبا ً للبحث يلقي الضوء على الموقف السوري من تأزم العالقات اللبنانية الفلسطينية وكيف سعت سورية
لتسوية تلك الخالفات.
أما الفصل الثاني فقد تناول دور سورية السياسي والعسكري في الحرب األهلية اللبنانية 1977 - 1975وحاولنا فيه إعطاء
صورة واضحة عن الحرب األهلية اللبنانية من حيث األحداث والمسببات ,وتم التركيز على أبرز المبادرات السورية التي
رافقت هذه الحرب التي كان الهدف منها إيقاف القتال ومنع التقسيم ,وسلّط الضوء على التفكك واالنقسام الذي أصاب
البنية العسكرية اللبنانية ,كذلك حاول الفصل أن يقف عند التدخل السوري العسكري في لبنان في مطلع حزيران عام
, 1976ويعطي صورةً واضحةً عن موقف األحزاب اللبنانية من هذا التدخل ,وخصص جانبا ً آخر ركز فيه على
مؤتمرات القمة العربية في الرياض والقاهرة وأبرز النتائج التي تمخضت عنها ,خاصة ما يتعلق بإضفاء الشرعية على
الوجود السوري في لبنان .
في حين ركز الفصل الثالث على تأزم العالقات بين سورية والمعسكر المسيحي ,1982 -1978وقد شهدت تلك المدة حالة
من االضطراب السياسي وعدم االستقرار داخل لبنان تمثلت بتدهور العالقة بين السوريين والمليشيات المسيحية وما آلت
ت دامي ٍة بين الطرفين فركز الفصل على تلك األحداث ,كما عالج االجتياح اإلسرائيلي
إليه نتائج هذا التدهور من مواجها ٍ
ُ ً
للجنوب اللبناني من حيث أسبابه وأثره على الوضع اللبناني ،فضال عن ذلك فقد خصص جانب من الفصل لتسليط الضوء
على حالة االنقسام والمواجهات بين المليشيات المسيحية بعضها ضد بعضها اآلخر واإلجراءات التي اتبعت من قبل سورية
للعمل على استتباب األمن وعودة االستقرار ،وارتأت الدراسة أن تخصص جانبا ً يلقي الضوء على النزاع بين السوريين
والمليشيات المسيحية في منطقة زحلة عام , 1981وكيف استغلت إسرائيل ذلك ووقفت إلى جانب هذه المليشيات وأمدتها
بالسالح ولجأت إلى مهاجمة القوات السورية ,وأسقطت طائرتين سوريتين ,األمر الذي دفع سورية إلى أن تستقدم
صواريخها المضادة للطائرات (سام )6-إلى منطقة البقاع ,وحدثت على أثر ذلك أزمة الصواريخ السورية التي أسفرت
فيما بعد عن االجتياح اإلسرائيلي للبنان في حزيران عام . 1982
أما الفصل الرابع فقد تتبع المواقف الدولية والعربية من التدخل السوري في الحرب األهلية اللبنانية ,وتم التركيز على
مواقف الدول العظمى التي كان لها تأثيرها الواضح على مجريات الحرب األهلية اللبنانية ومن بينها الواليات المتحدة
األمريكية واالتحاد السوفيتي وفرنسا , فضالً عن ذلك فقد تم تسليط الضوء على الموقف اإليراني الذي امتاز بكونهُ موقفا ً
متردداً في بداية الحرب ولم يتضح إال بعد قيام الثورة اإلسالمية في إيران عام , 1979حيث ابتدأت إيران بدعم ومساندة
السياسة السورية في لبنان ,و ُخ صص جانب من البحث إللقاء الضوء على مواقف الدول العربية من التدخل السوري في
الحرب األهلية اللبنانية ,فركز الباحث على خمسة مواقف لهذه الدول هي كل من مصر ,و األردن ,وليبيا ,والمملكة
العربية السعودية ,والعراق ,وقد تباينت مواقفها بين التأييد والمعارضة للسياسة السورية في لبنان .
اعتمدت الدراسة على مجموعة متنوعة من المصادر كان لبعضها أهمية كبيرة في تسليط الضوء على أحداث الحرب
األهلية اللبنانية ,وتأتي في مقدمتها الوثائق غير المنشورة التابعة لوزارة التخطيط والمحفوظة بدار الكتب والوثائق ,وهي
في حقيقتها عبارة عن تقارير للسفارة العراقية في بيروت تتعلق بالعالقات االقتصادية بين لبنان والعراق ,1980 – 1978
وعلى الرغم من كون هذه الوثائق تمثل وجهة النظر العراقية إال إنّها من خالل مواكبتها لإلحداث ومتابعتها الدقيقة ,
أعطاها أهميةً ذات قدر كبير خاصة فيما يتعلق بإيضاح حالة التأزم في العالقات بين سورية والجبهة اللبنانية واالنشقاقات
التي حدثت بين المليشيات المسيحية .
إضافة إلى ذلك فقد أسهمت الوثائق األجنبية بتزويد البحث ببعض المعلومات السيما فيما يخص الفصل األول والثاني ،
ومن بينها وثائق وزارة الخارجية البريطانية )Foreign) Office :المحفوظة بدار الكتب والوثائق وفي مكتبة معهدj
الخدمة الخارجية في وزارة الخارجية العراقية ،كذلك الوثائق األمريكية المحفوظة بدار الكتب والوثائق على المايكروفيلم
بعنوان ) United State Department Lebanon : International Foreign Affairs ( . :
في حين عدت الوثائق المنشورة واحدة من أهم المصادر التي عول عليها البحث بشكل كبير ,واحتلت مساحةً واسعةً في
فصول الدراسة ومن بينها الوثائق الفلسطينية التي أصدرتها مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت ,حيث غطت هذه
الوثائق كافة فصول الدراسة ,كذلك الوثائق العربية لعام , 1975ومضابط ووثائق أحداث لبنان في المدة 1976 - 1975
فضالً عن وثيقة حرب لبنان ,ج , 1يضاف إلى ذلك المجلد الكامل للوثائق األساسية لألزمة اللبنانية لمؤلفه عماد يونس ,
وقد استفاد الباحث من الجزء األول والثاني والثالث ,حيث تضمنت هذه األجزاء معلومات مهمة حول تطورات تخص
الحرب األهلية اللبنانية لعام ، 1982-1975كما استفاد الباحث من وثائق األزمة اللبنانية لعام 1979-1978 -1977وهي
وثائق لم يتم استعمالها في الدراسات السابقة ,ومما يزيد من أهميتها إنّها دونت أحداث الحرب اللبنانية يوما ً بعد آخر بكل ما
فيها من تطورات ،وفضالً عن ذلك فقد تم االستعانة بعدد jمن وثائق وزارة الخارجية األمريكية ( ) F.R.U.Sالمنشورة
على الموقع http:// Nasser.bibalex.org :
ومن جانب آخر اعتمدت الدراسة على الكتب الوثائقية التي تعد من ضمن الوثائق المنشورة ,ويأتي في مقدمتها كتاب
الحرب في لبنان لمؤلفه انطوان خويري وهو عبارة عن موسوعة وثائقية تتألف من أحد عشر جزءاً اعتباراً من عام 1975
حتى عام , 1982وقد استفاد الباحث من الجزء األول والثاني والثالث والسادس ,وأغنت تلك األجزاء فصول الدراسة
بمعلوماتها القيمة في حين تم اإلفادة من المعلومات التي تضمنها كتاب حرب لبنان صور وثائق أحداث الذي نشرته دار
المسيرة في بيروت في الفصلين الثاني والرابع من الرسالة .
وشغلت كتب المذكرات واليوميات نصيبا ً وافراً في هذه الرسالة على الرغم من غلبة الجانب الذاتي على الموضوعي فيها ,
وقد حاولنا توخي الحذر أثناء الخوض فيها ,لكنها رغم ذلك رفدت هذه الرسالة بمعلومات يصعب الحصول عليها من
المصادر األخرى ,خاصة إذا علمنا أن هذه المذكرات تابعة ألشخاص قياديين وزعماء أحزاب ومسؤولين في الدولة
اللبنانية ,ومن بينها كتاب السالم المفقود لمؤلفه كريم بقردوني ,وكتاب قصة الموارنة في الحرب لمؤلفه جوزيف أبو
خليل ,ومما يؤخذ على هذا المؤلف تحيزه الواضح وميله الكبير لجانب الجبهة المسيحية أثناء كتاباته ,لكن على الرغم من
ذلك أفادت معلومات هذا الكتاب جوانبا ً مهمةً من الرسالة ,كذلك كتاب تلك األيام مذكرات وذكريات لمؤلفه السفير اللبناني
حليم سعيد أبو عز الدين ,فضالً عن ذلك اعتمد الباحث على مذكرات فؤاد بطرس التي تعد في غاية األهمية كون مؤلفها
سياسي لبناني عاصر األحداث وشارك فيها وتولى العديد jمن المناصب الوزارية واحتوت مذكراته على قضايا هامة
عديدة ,وتم االستفادة من الكتب التي أصدرتها منظمة التحرير الفلسطينية ومن بينها كتاب يوميات الحرب اللبنانية - 1975
1976بجزئيه األول والثاني الذي كان له األثر األكبر في أغناء فصول الرسالة بالمعلومات لكونه قد تابع أحداث الحرب
األهلية اللبنانية يوما ً بعد يوم .
فضالً عن ذلك شكلت الكتب العربية والمعربة الرافد األكبر لهذه الرسالة فقد اعتمد jمؤلفيها على الكثير من الوثائق الرسمية
التي رصنت الحقائق التي ذكروها بالنسبة للدور السوري في الحرب األهلية اللبنانية وأبرزها كتاب سقوط اإلمبراطورية
اللبنانية لمؤلفه فؤاد مطر ,احتوى هذا الكتاب على خمسة أجزاء أفاد البحث من أربعة منها ,رفدت بمعلوماتها القيمة
غالبية جوانب الرسالة حيث أعطت توضيحا ً ألبرز التطورات السياسية في لبنان خالل حرب السنتين , 1976 -1975
كما اعتمد البحث على كتاب لبنان المعاصر مشهد تاريخي وسياسي عام لمؤلفه مسعود الخوند وهو عبارة عن موسوعة
أن مما يؤاخذ على هذا الكتاب عدم التعمق تاريخية جغرافية احتوت على معلومات هامة غطت مجمل فصول الدراسة ,إال ّ
في األحداث وإعطائها بعداً تاريخيا ً واضحا ً ,ومن الكتب الهامة األخرى كتاب التحدي اللبناني 1976-1975لمؤلفه شفيق
الريس الذي غطت معلوماته التطورات السياسية في لبنان قبل الحرب وأثنائها ,وقد امتازت كتاباته بالحيادية نوعا ً ما ,
كذلك كتاب الحرب في لبنان 1990-1975لمؤلفه عبد الرؤوف سنو المجلد األول الذي رفد الدراسة بمعلومات ذات قيمة
خاصة فيما يتعلق بالمواقف الدولية والعربية من الحرب األهلية اللبنانية ,واعتمدت الدراسة على بعض الكتب المعربة
ومنها كتاب لبنان تعايش في زمن الحرب لمؤلفه تيودور هانف ,وكتاب لبنان 400سنة من الطائفية لمؤلفته هيلينا كوبان ,
وقد تناولت هذه الكتب حالة التعايش الطائفي في لبنان وأثره في الحرب األهلية اللبنانية.
وأفادت األطاريح والرسائل الجامعية غير المنشورة الباحث كثيراً سواء من حيث فتح آفاق جديدة أمامه أو إرشاده إلى
مواطن المعلومات والمصادر ,السيما أطروحة الدكتوراه الموسومة (مجلس النواب اللبناني عام )1975 - 1943للباحث
جاسم محمد خضير الجبوري ,التي رفدت الرسالة بمعلوماتها الهامة كونها أعطت صورةً واضحةً عن التطورات
واألزمات السياسية التي عاشتها لبنان خالل تلك المدة ,ومما يزيد من أهميتها إنّها كانت عبارة عن دراسة وثائقية ,واعتمد
البحث أيضا ً على رسالة الماجستير الموسومة (أزمة النظام السياسي اللبناني والحرب األهلية اللبنانية )1976-1975
ت وافيةً عن أحداث الحرب األهلية اللبنانية ,
للباحث غازي بشير طه ,وقد عدت من الرسائل الهامة كونها أعطت معلوما ٍ
فضالً عن الرسالة الموسومة (موقف مصر من قضايا المشرق العربي )1978 - 1967للباحث عمر نافع نوري نصيف
الحديثي والتي تناولت في ثناياها موقف مصر من الحرب األهلية اللبنانية ومعارضته للوساطة السورية في بداية الحرب .
وكذلك اعتمدت الرسالة على عدد من البحوث العلمية المنشورة في عدد jمن المجالت ومنها الدراسة الموسومة بـ
(الفلسطينيون والحرب في لبنان) للكاتب عبد المنعم المشاط والذي أسهم في إعطاء بعض المعلومات عن الوجود الفلسطيني
في لبنان وتحديد jموقفه من األزمة اللبنانية .
وكان أيضا ً للصحف نصيبٌ وافر في هذه الرسالة ,بوصفها سج ٍل يومي لألحداث ,فقد اغنت الموضوع بمعلومات على
درجة كبيرة من األهمية كان من الصعوبة الحصول عليها من بقية المصادر ,وتركت بعض الصحف أثرها الواضح بين
متون الرسالة ,ولعل من أبرزها صحيفة النهار اللبنانية التي غطت أحداث الحرب لألعوام , 1981-1975وصحيفة
األهرام المصرية للعام , 1977وصحيفة األنوار اللبنانية لعام , 1978وصحيفتي البعث وتشرين السوريتين للعام , 1979
فضالً عن استخدام بعض مواقع شبكة المعلومات الدولية (االنترنيت) ذات الصلة بالموضوع .
وقبل الختام البد jمن اإلشارة إلى المعاناة والصعوبات التي واجهها الباحث في مراحل إعداد الرسالة والتي تتمثل في
شمولية الموضوع وتشعبه من جهة ,وعدم التمكن من الحصول على الوثائق اللبنانية غير المنشورة المحفوظة في لبنان
من جهة أخرى ,كذلك حاالت التلف الواضحة التي تعرضت لها المكتبات العراقية عامة بسبب االضطراب السياسي الذي
عاناه البلد إبان االحتالل األمريكي ,إال إنّه بفضل هللا تمكنا من التغلب على الجزء األكبر من هذه المشكالت باالطالع على
بعض الوثائق العراقية المحفوظة بالمكتبة الوطنية ,وكذلك باالعتماد على الوثائق اللبنانية المنشورة التي ساعدت على سد
جزء من هذه الثغرة .
أخيراً أرجو أن تكون هذه الرسالة قد غطت بعض الجوانب التي نراها جديرة باالهتمام لتسليط الضوء على موضوع الدور
السوري في الحرب األهلية اللبنانية مع التماس العذر إن أخطأت أو قص ّرت ,فالخطأ والتقصير من صفات اإلنسان
والكمال هلل وحده , وال أ ّدعي ّ
بأن هذه الرسالة قد بلغت حد الكمال ,فذلك طموح ليس من السهل تحقيقه ,وحسبنا أننا بدأنا
الخطوة األولى في طريق البحث األكاديمي في محاولة متواضعة ولكن جادة للوصول إلى الحقيقة التاريخية ,وأنني أضع
هذا الجهد المتواضع أمام أساتذتي أعضاء لجنة المناقشة الموقرة ,الستمع إلى مالحظاتهم القيمة وآرائهم السديدة ,واسأل
هللا أن يوفقنا جميعا لصدق المقصد.