You are on page 1of 9

‫ملخصات الرسائل‬

‫�سليمانفي�ضيودورهال�سيا�سيوالثقايفواالجتماعي‬
‫يف العراق ‪• .1951-1885‬‬

‫عر�ض‪� :‬سمري عبد الر�سول العبيدي • •‬


‫‪195‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫جتتذب الكتابة عن ال�شخ�صيات التاريخية عدد ًا متزايد ًا من الباحثني والكتاب ‪ ،‬ويعزى �سبب‬
‫ذلك لكونها نوع ًا غري تقليدي من اجلهد املعريف ‪ ،‬فالباحث يف هذا النطاق ال يتعامل مع امل�صادر‬
‫تعام ًال تقليدي ًا‪ ،‬بل وزيادة على ذلك فانه ي�صبح ب�إمكانه �أن تكون له �سمة خا�صة من دون الإخالل‬
‫ب�شروط ومقومات البحث الأكادميي ‪.‬‬
‫�إن احليز املمنوح هنا يتنا�سب وب�شكل مبا�شر مع حجم اجلهد املبذول من الباحث ‪� ،‬أي مبعنى‬
‫�أنه كلما جنح يف الإمل��ام بجوانب املو�ضوع‪ ,‬جنح يف اال�سرت�سال يف �أرائ��ه وا�ستنتاجاته‪ ،‬ذلك �أن‬
‫اال�ستنتاج ال بد وان يبنى على حقيقة علمية ‪.‬‬

‫ر�سالة ماج�ستري من�شورة للباحثة خولة طالب لفته (جامعة الب�صرة ‪ ،‬كلية الآداب)‬ ‫•‬
‫ق�سم الدرا�سات التاريخية ‪ -‬مركز امل�ستن�صرية للدرا�سات العربية والدولية‬ ‫••‬
‫�ش�ؤون اجتماعية | العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪27‬‬
‫ت�أليف‪ :‬خولة طالب لفته ‪ /‬عر�ض‪� :‬سمري عبد الر�سول العبيدي‬

‫�إ�ضافة �إىل ما تقدم ذكره يعتمد النجاح والتميز يف هذا امل�ضمار على امتالك خربة حياتية‬
‫وعلى ح�سن تدبري الأمور ‪� ،‬إذ �إن ال�شخ�ص املعني ال بد و�أن يتحرك على عدة م�سارات ميتزج فيها‬
‫العام واخلا�ص ‪ ،‬وهو يف كل ذلك يجب �أن يكون �سعيه الدائم هو البحث عن احلقائق العلمية ‪ ،‬ويف‬
‫اخلتام ف�إن الأمر يتخذ �شكل الهواية لذا جند هناك عدد ًا من دور الن�شر والباحثني واملحققني‬
‫(جندة فتحي �صفوة ‪ ،‬د‪ .‬حممد ح�سني الزبيدي ‪ )... ،‬ممن عرفوا بالإجادة يف هذا امل�ضمار ‪.‬‬
‫�سمات ال�شخ�صية ‪.‬‬
‫لدى درا�سة �شخ�صية �سليمان في�ضي (‪ ،)1951-1885‬تربز �سمة �أ�سا�سية كونه ميثل �شخ�صية‬
‫املثقف العراقي املتعدد االهتمامات ‪� ،‬إذ �إنه كان نا�شط ًا يف جماالت عدة منها التعليم وال�صحافة‬
‫والقانون وال��زراع��ة ‪ ،‬و�سجل ح�ضور ًا يف جممل الأح��داث التي �شهدتها مدينة الب�صرة ‪ ،‬وقد‬
‫�ساعدته الظروف يف ذلك �إذ كانت الدولة العثمانية تعي�ش �أيامها الأخرية ‪،‬رافق ذلك �سعي جميع‬
‫الأطراف امل�ؤثرة �سواء منها املحلية �أو الإقليمية �أو اخلارجية لإيجاد موط�أ قدم لها يف الب�صرة‬
‫بحكم موقعها اال�سرتاتيجي‪ ,‬وكونها املنفذ املائي الوحيد للعراق وبوابته على العامل اخلارجي ‪،‬‬
‫�إ�ضافة ملا تتمتع به من تاريخ حافل دفع بالعثمانيني �إىل ت�سمية اخلليج العربي «بخليج الب�صرة»‪،‬‬
‫‪196‬‬
‫ناهيك عن كونها متتلك حدود ًا مبا�شرة مع جند واحلجاز والكويت و�إمارة املحمرة �إ�ضافة �إىل‬
‫بالد فار�س‪.‬‬
‫�إذا �أردنا �أن نحدد وبو�ضوح �أهم ما متيزت به هذه ال�شخ�صية �ضمن الإطار اخلا�ص فال بد من‬
‫�أن ن�ؤكد على �أنه ميثل خروجا عن النمط امل�ألوف لل�شخ�صيات الفاعلة �إبان مرحلة احلكم الوطني‬
‫(‪ ، )1958 / 7 / 14 – 1921 / 8 / 23‬فهو مل يكن �سيا�سي ًا منطي ًا ‪� ،‬أي مبعنى �أنه مار�س ال�سيا�سة‬
‫بعيد ًا عن �شغل املنا�صب احلكومية وقد متيز يف كل ذلك بح�سه الوطني – العروبي ‪ ،‬لذا مل يكن من‬
‫امل�صادفة �أن املرة الوحيدة التي دخل فيها جمل�س النواب يف دورته ال�ساد�سة ( ‪، ) 1936 – 1935‬‬
‫كان يف عهد وزارة يا�سني الها�شمي ( ‪ ) 1937 – 1884‬الثانية ( ‪، ) 1936 / 10 / 29 1935-/3/17‬‬
‫والتي متيزت بتوجهها العروبي‪.‬‬
‫�إن �أهم الأ�سباب التي جعلت من �سليمان في�ضي �شخ�صية جديرة بالدرا�سة هي‪-:‬‬
‫‪ .1‬ولد �سليمان في�ضي يف املو�صل لكنه انتقل منها �إىل بغداد ومن ثم �إىل الب�صرة التي ا�ستقر‬
‫بها منذ عام ‪ ،1904‬وهو �أمر مل يكن �شائعا يف ذلك الزمن ‪،‬ورمبا تعود حفاوة الب�صريني به �إىل‬
‫غنى وتعدد اهتماماته �إذ كان قانونيا �ضليعا ‪،‬ومن �أوائل الذين طالبوا ب�إعادة االعتبار �إىل اللغة‬

‫�ش�ؤون اجتماعية | العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪27‬‬


‫�سليمان في�ضي ودوره ال�سيا�سي والثقايف واالجتماعي يف العراق ‪.1951-1885‬‬

‫العربية ‪ ،‬و�أفتتح �أول مدر�سة للتدري�س باللغة العربية يف الب�صرة عام ‪ .1908‬ويف العام التايل‬
‫ح�صل على امتياز �أول جريدة باللغة العربية يف الب�صرة‪ ،‬و�سماها «الإيقاظ» ‪ ،‬وقد ن�شر (‪)89‬‬
‫خطبة ومقالة خالل املدة (‪ ،)1948-1909‬كما ومار�س التدري�س والرتجمة نظر�آ لإجادته الفار�سية‬
‫والرتكية والإنكليزية والفرن�سية ‪،‬وقد �أ�صدر (‪ )12‬م�ؤلفا يف القانون والأدب والزراعة (�إ�ضافة �إىل‬
‫هذه املذكرات) ‪.‬‬
‫‪� .2‬أدرك �سليمان في�ضي �أهمية �أن ترى وثائقه ال�شخ�صية النور ‪ ،‬فحر�ص على �أن يهيئها‬
‫للن�شر وطبعت فعال عقب عام واحد من وفاته (كانون الثاين ‪ )1952‬؛ وت�صدرها مقدمة للكاتب‬
‫م�ؤرخة يف ‪� 1951/1/16‬أي قبل رحيله بثالثة �أيام وهو �أمر له دالالت كثرية ‪ .‬ورمبا تكون هذه‬
‫�سابقة يف تاريخ العراق املعا�صر ‪�،‬إذ مل ي�سبق لأحد ال�سا�سة العراقيني يف العهد الوطني �أن قام‬
‫بن�شر مذكراته كاملة قبل العام ‪، 1958‬ويبدو �إن اهتمام �سليمان في�ضي قد انتقل �إىل �أبنائه �أي�ضا‬
‫الذين حر�صوا على �إي�صال ر�سالة والدهم �إىل الأجيال املتعاقبة من الباحثني والقراء ‪ ،‬ف�صدرت‬
‫(‪ )4‬طبعات منقحة من املذكرات �إب��ان الأع��وام (‪ ،)2000، 1998، 1974 ،1952‬وقد �صدرت‬
‫الطبعتان الأخريتان بتحقيق وتقدمي (با�سل �سليمان في�ضي)‪ ،‬وميكن تتبع اللم�سات اخلا�صة به‬
‫‪197‬‬
‫يف جميع ف�صول الكتاب؛ كما وت�ضمنت الطبعة الأخ�يرة كلمة للأ�ستاذ (جندة فتحي �صفوة)‪،‬‬
‫والبد من �أن ن�شري هنا �إىل �أن كل طبعة جاءت ب�شكل �أكرث ات�ساعا و�شمولية من �سابقاتها �سواء من‬
‫حيث امل�ضمون �أو الوثائق ال�شخ�صية امل�صورة مما منحها قيمة علمية م�ضافة ؛ كما مت ترجمتها‬
‫�إىل اللغة الإنكليزية عقب �صدور الطبعة الثانية يف بريوت عام ‪ ، 1974‬وهو ما قد ي�شكل �سابقة‬
‫�أخرى على �صعيد املذكرات ال�شخ�صية‪.‬‬
‫‪ .3‬ارتبط �سليمان في�ضي ب�صالت وثيقة مع عدد من ال�شخ�صيات البارزة منها ال�شيخ خزعل‬
‫(‪ )1936 – 1863‬حاكم �إمارة املحمرة‪ ,‬وابن �سعود (‪ )1953 – 1871‬وغريها‪� ،‬إال �أن ال�شخ�صية‬
‫الأكرث ت�أثريا كان ال�سيد طالب النقيب(‪ )1( )1929 – 1871‬والذي بد�أت عالقته به لدى تعيينه‬
‫معتمد ًا للحزب احلر املعتدل يف الب�صرة وال��ذي افتتح يف ‪ ، 1911 /8/6‬يف حني تر�أ�س طالب‬
‫النقيب احلزب ‪ ،‬ومل تنقطع ال�صلة بينهما برغم النفي الطويل له على يد الربيطانيني ‪.‬‬
‫‪ .4‬امتلك �سليمان في�ضي نوع ًا من الذاكرة التوثيقية ‪ ،‬متثل بحر�صه ال�شديد على ت�سجيل جميع‬
‫الوقائع التي �أ�سهم فيها �إبان �سني حياته ‪ ،‬وهذا الأمر يح�سب له �إذ انه وثق بذلك واحدة من �أهم‬
‫مراحل تاريخ العراق املعا�صر ‪ ،‬ويح�سب له جملة من الأمور منها �أنه قام بذلك ب�صورة طوعية كما‬

‫العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪� | 27‬ش�ؤون اجتماعية‬


‫ت�أليف‪ :‬خولة طالب لفته ‪ /‬عر�ض‪� :‬سمري عبد الر�سول العبيدي‬

‫وحر�ص على تدوين �أح��داث ووقائع ذات طابع خا�ص ‪� ،‬أي �أنها مل تكن ذات �صفة ر�سمية ‪ ،‬وقد‬
‫�سعى يف كل ذلك ملنح احليز احلقيقي لل�شخ�صيات من دون �إ�ضافة �أو اختزال ‪.‬‬
‫واختتم هذه النبذة املوجزة ببع�ض مما كتبه (د ‪.‬كمال مظهر) يف مقدمة الر�سالة (�ص‪)9-7‬‬
‫«ففي مطلع القرن الع�شرين ‪،‬بل حتى اليوم لي�س �أمرا �سهال �أن يفر�ض مثقف قادم من املو�صل يف‬
‫�أق�صى �شمال العراق ‪�،‬إىل الب�صرة يف �أق�صى اجلنوب‪ ،‬نف�سه على �ساحة الفكر وال�سيا�سة مثلما‬
‫ح�صل ذلك مع �صاحب الكتاب‪ ،...‬حتما �إن �أي وجه بارز من طينة ووزن �سليمان في�ضي جدير ب�أن‬
‫يدر�س تاريخ حياته ون�ضاله و�إبداعه درا�سة �أكادميية جادة ت�ستهدف ت�سجيل ماله وما عليه‪ ،‬بغ�ض‬
‫النظر عن موقعه الر�سمي‪ ، ...‬ويبدو وا�ضحا من م�ضمون الر�سالة ‪،‬ومن م�صادرها ومراجعها‬
‫ومنهجها العلمي الر�صني وا�ستنتاجاتها‪� ،‬أن �صاحبتها كانت يف م�ستوى املو�ضوع وامل�س�ؤولية‬
‫فعال‪ ،...‬ومن اجلوانب الإيجابية الأخرى التي ت�ستوقف النظر يف الدرا�سة �أن �صاحبتها ك�شفت لنا‬
‫�أوجها غري معروفة من ن�شاطات �سليمان في�ضي ب�صورة موثقة ‪ ،‬لي�ؤلف ذلك �إ�ضافة تاريخية مهمة‬
‫بالن�سبة ملو�ضوعنا ‪،‬وتتج�سد �أهمية ذل��ك الأم��ر �أك�ثر �إذا علمنا �أن �سليمان في�ضي مل يرتك‬
‫�شاردة‪�،‬أو واردة �إال و�سجلها بني دفتي مذكرات‪ ،‬وعلى �صفحات (الإيقاظ) ‪ .‬وعلى الغرار نف�سه‬
‫‪198‬‬
‫�إنها �صححت بع�ض الأخطاء ‪ ،‬وو�ضعت �أمورا حمددة يف ن�صابها على �أ�سا�س تقومي مو�ضوعي ‪،‬‬
‫مما ي�ضفي على جهدها بعدا علميا مطلوبا‪»...‬‬
‫عر�ض املحتويات ‪.‬‬
‫ت�ألفت الر�سالة من مقدمة ( �ص ‪ ) 15-11‬ومن املنت و �ضمت ‪ 4‬ف�صول (�ص ‪،) 219-17‬‬
‫و‪ 4‬جداول (�ص ‪ )248 - 223‬ثم اخلامتة (�ص ‪ )254 - 249‬وقائمة امل�صادر (�ص ‪،)271 – 255‬‬
‫و�أخريا مالحق الكتاب ( �ص ‪. ) 290 – 275‬‬
‫جاء الف�صل الأول ( �ص ‪ ) 79 - 19‬بعنوان (�سليمان في�ضي ودوره يف احلركة القومية العربية يف‬
‫الب�صرة ‪ ، )1914 – 1885‬وقد اتبعت فيه الباحثة ال�سياق العلمي املتبع لدى درا�سة ال�شخ�صيات‬
‫التاريخية �أي التعريف بن�سب ون�ش�أة ال�شخ�صية‪ ،‬فذكرت �أنه ولد يف املو�صل يف ‪ 1885 / 7 / 26‬لأ�سرة‬
‫تعود �إىل ع�شرية امل�شاهدة التي يعود ن�سبها لل�سيد �أحمد الرفاعي ‪ .‬ويت�صل ن�سبهم بالإمام علي بن‬
‫�أبي طالب‪ ،‬ومن اجلدير بالذكر �إىل �أن ا�سم «في�ضي»‪ ،‬ال وجود له يف ت�سل�سل الن�سب ‪ ،‬بل انه �أ�ضيف‬
‫�إىل ا�سم �سليمان ن�سبة �إىل امل�شري �أحمد في�ضي با�شا حينما كان يف املدر�سة الر�شيدية الع�سكرية يف‬
‫بغداد‪ ,‬والتي �أحلق بها عام ‪ 1899‬للتمييز بينه وبني �أحد الطالب الذي يحمل اال�سم ذاته‪.‬‬

‫�ش�ؤون اجتماعية | العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪27‬‬


‫�سليمان في�ضي ودوره ال�سيا�سي والثقايف واالجتماعي يف العراق ‪.1951-1885‬‬

‫واجه �سليمان في�ضي م�شكلة �أثناء درا�سته مما ا�ستدعى طرده منها‪ ،‬وقد توجب عليه �أداء‬
‫اخلدمة الع�سكرية ومدتها ‪� 6‬سنوات ‪ ،‬لكنه جنح بالتخل�ص منها بو�ساطة �أمري حائل ابن ر�شيد ‪.‬‬
‫لدى عودته مكث يف الب�صرة بانتظار و�صول �أمر الإعفاء‪ .‬حيث عمل خالل ذلك يف عدد من‬
‫الوظائف ‪ ،‬منها مرتجم ًا يف الوكالة القن�صلية الفار�سية عام ‪ 1904‬لإجادته الفار�سية ‪ .‬كما عمل يف‬
‫قلم الق�ضاء نظر ًا لإجادته الرتكية ولرباعته يف الكتابة ‪ ،‬وقد ورد قرار الإعفاء يف ‪، 1904 / 4/ 20‬‬
‫غري �أنه قرر البقاء يف الب�صرة معل ًال ذلك بقوله « ‪ ...‬يوم علمت نب�أ القرار املذكور ‪ ،‬كان �آخر خيط‬
‫يربطني بالع�سكرية قد انقطع منذ �أمد بعيد ‪ ،‬فمهنة املحاماة كانت تدر علي �أرباح ًا ‪ .»...‬عقب‬
‫ذلك قرر �سليمان في�ضي الزواج عام ‪ ، 1909‬ومثل ذلك نقطة حتول يف حياته ‪ ،‬فجند �إمكانياته‬
‫خلدمة والية الب�صرة و�سكانها ‪.‬‬
‫�شرعت الباحثة يف تتبع ن�شاطات �سليمان في�ضي بدء ًا من املبحث الثاين واملعنون « دور �سليمان‬
‫في�ضي يف احلركة القومية العربية يف الب�صرة ‪� ( »1914 – 1908‬ص ‪ ، ) 48 - 25‬واملالحظ �أن‬
‫هناك مي ًال للإكثار من العناوين الفرعية ‪ ،‬ومثال ذلك البدء بعنوان «موقف �سليمان في�ضي من‬
‫االنقالب العثماين» ( �ص ‪ ) 27-25‬ومت االعتماد فيه على م�صدر واحد فقط‪ ،‬كما يالحظ �أن‬
‫‪199‬‬
‫هنالك نوع ًا من عدم التقيد بالت�سل�سل التاريخي يف تدوين الأحداث �ستتم الإ�شارة �إليه فيما بعد ‪.‬‬
‫ب��د�أ �سليمان في�ضي ن�شاطه املعريف بافتتاح �أول مدر�سة �أهلية يف الب�صرة للتدري�س باللغة‬
‫العربية و�سماها «تذكار احلرية» يف ‪ ،1908 / 11 / 27‬و�أعقبه ب�إ�صدار �أول �صحيفة خا�صة يف‬
‫الب�صرة �سماها «الإيقاظ»‪ ،‬ون�شر عددها الأول يف ‪ ، 1909/5/2‬و�أ�صدر منها ‪ 63‬عددا ‪� ،‬إذ توقفت‬
‫يف ‪ 1910/9/29‬ب�سبب �سفر �صاحبها للحج ‪ .‬واختتم �سليمان ن�شاطه بت�أ�سي�س «اجلمعية العلمية‬
‫الأدبية» يف �آذار ‪. 1910‬‬
‫فيما يخ�ص ال�ش�أن ال�سيا�سي فقد ب��د�أه باالن�ضمام �إىل «احل��زب احلر املعتدل» وهو �أول حزب‬
‫معار�ض يفتح له فرع ًا يف العراق بتاريخ ‪ ، 1911/8/6‬ويف ت�شرين الثاين تغري ا�سمه �إىل «حزب احلرية‬
‫واالئتالف» برئا�سة طالب النقيب ‪ ،‬وقد جنح احلزب بالفوز بـ ‪ 8‬مقاعد بانتخابات عام ‪ ، 1912‬على‬
‫الرغم من تدخالت االحتاديني الذين �سارعوا باال�ستيالء على احلكم يف ‪ 1913/1/ 23‬وبعد ‪� 3‬أيام مت‬
‫حل احلزب‪ ،‬ولكن �أع�ضاءه عادوا للعمل يف جمعية الب�صرة الإ�صالحية والتي ت�أ�س�ست يف ‪1913 /2/28‬‬
‫وفاز مر�شحوها بجميع مقاعد الب�صرة ال�ستة يف االنتخابات التي �أجريت �أواخر العام ‪. 1913‬‬
‫�أ�سهم �سليمان في�ضي مع زمالئه يف «جمل�س املبعوثان العثماين» م�ساهمة فعالة بالتنبيه‬

‫العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪� | 27‬ش�ؤون اجتماعية‬


‫ت�أليف‪ :‬خولة طالب لفته ‪ /‬عر�ض‪� :‬سمري عبد الر�سول العبيدي‬

‫للق�ضايا العربية على الرغم من ق�صر مدة االنعقاد (‪ .)1914/8/7 - 5/14‬ولدى عودته �إىل‬
‫الب�صرة ا�شرتك مع وفد كبري برئا�سة طالب النقيب للتو�سط بني ابن �سعود والدولة العثمانية‪ .‬كما‬
‫كان �شاهد ًا على حمادثات ال�سري بر�سي كوك�س ( ‪ )sir Percy Cox‬مع طالب النقيب ‪.‬‬
‫�شكل الف�صل الثاين (�ص‪� )152-83‬أكرب ف�صول الر�سالة وبحث دور �سليمان في�ضي يف عهدي‬
‫االحتالل واالنتداب الربيطاين (‪ . )1932-1914‬وهو ينق�سم �إىل ق�سمني يعنى �أولهما مبرحلة‬
‫االحتالل (�ص ‪ ) 106-83‬ثم االنتداب (‪ ،)152-106‬وا�ستهلته الباحثة باحتالل الربيطانيني‬
‫ملدينة الب�صرة يف ‪ ،1914/11/23‬و�أهم ما ي�سجل هنا هو املوقف ال�سلبي الذي وقفه رجال احلركة‬
‫الوطنية جتاه املحتل اجلديد‪ ،‬فاختار بع�ضهم الرحيل‪ ،‬يف حني ف�ضل البع�ض الآخر البقاء واالمتناع‬
‫عن مزاولة �أي ن�شاط �سيا�سي يذكر ومنهم �سليمان في�ضي‪ ،‬الذي حدد الربيطانيون �إقامته حت�سب ًا‬
‫من قيامه ب�إثارة املتاعب �ضدهم‪ ،‬لكنهم مع ذلك حاولوا ا�ستمالته �إىل جانبهم لال�ستفادة من‬
‫خرباته ال�سابقة‪ ،‬ويف ‪ 1916/4/5‬و�صل الكولونيل لورن�س (‪� )E.T.Lawrence‬إىل الب�صرة‪ ،‬وبعد‬
‫يومني ا�ستدعى �سليمان في�ضي وف��احت��ه بالعمل �ضد العثمانيني م��ن اج��ل ف��ك احل�صار عن‬
‫الربيطانيني يف الكوت فجوبه طلبه بالرف�ض ‪.‬‬
‫‪200‬‬
‫مل مينع هذا املوقف �سليمان في�ضي من االنخراط يف ن�شاطات ذات �صفة غري ر�سمية بد�أها‬
‫بن�شره مقاالت يف �صحيفة «الأوقات الب�صرية» التي �أ�صدرها الربيطانيون ‪ ،‬كما ان�ضم للمجل�س‬
‫البلدي الذي ت�أ�س�س يف ‪ ،1918 /7 / 30‬وا�سهم يف �أن�شاء «مكتبة التجدد» يف �آب ‪. 1919‬‬
‫انتقل �سليمان في�ضي �إىل بغداد عقب تعيينه قا�ضي ًا يف حماكمة اال�ستئناف بتاريخ ‪،1919 / 11 / 1‬‬
‫وهو ما �سمح له باالن�ضمام �إىل فرع جمعية العهد ثم رئا�سته لها فيما بعد‪ ،‬وقد عمل �أثناء ذلك‬
‫كمحا�ضر يف مدر�سة احلقوق التي افتتحت يف ‪ ، 1919 / 12/7‬كما وانتخب ع�ضو ًا يف الهيئة الإدارية‬
‫ملدر�سة التفي�ض بتاريخ ‪. 1919 / 12/27‬‬
‫�شهد العراق حالة من احلراك ال�سيا�سي عقب فر�ض االنتداب يف ‪ ،1920/4/ 25‬وكان من‬
‫�أوىل عالماته قيام ثورة ‪ ، 1920/6/30‬وقد امتنع �سليمان في�ضي عن م�ساندتها لعدم قناعته‬
‫باللجوء �إىل القوة ‪ ،‬وعقب ذل��ك ان�ضم �إىل جلنة االنتخابات ب�صفته نائبا �سابق ًا يف جمل�س‬
‫املبعوثان ‪ ،‬وقد �أ�سهم ب�شكل فعال يف �أعمالها ب�سبب خلفيته القانونية ( �ص ‪. ) 119 – 109‬‬
‫قدم �سليمان في�ضي ا�ستقالته من الق�ضاء والتدري�س يف ت�شرين الثاين ‪ 1922‬وعاد �إىل الب�صرة‬
‫ب�سبب خيبة �أمله من �إ�سناد من�صب وزاري �إليه ‪ ،‬وعكف على مزاولة مهنة املحاماة ‪ ،‬ثم عمل يف‬

‫�ش�ؤون اجتماعية | العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪27‬‬


‫�سليمان في�ضي ودوره ال�سيا�سي والثقايف واالجتماعي يف العراق ‪.1951-1885‬‬

‫املحمرة للمدة ( ‪. ) 1925 - 1923‬‬


‫ا�شرتك �سليمان في�ضي يف انتخابات العام ‪ 1928‬لكنه اخفق يف الفوز بها‪ ،‬وق��د اعتربه‬
‫الربيطانيون من �ضمن �أقطاب املعار�ضة ( �ص ‪ ) 131-129‬وعزز هذا الر�أي انتما�ؤه حلزب الإخاء‬
‫الوطني(‪ )2‬بزعامة يا�سني الها�شمي والذي وقف ب�شدة �ضد معاهدة ‪ 1930‬وقانون ر�سوم البلديات‬
‫ال�صادر يف ‪ ، 1931 / 6 /2‬وقد ا�شرتك بفعالية يف الإ�ضراب الذي �شهدته الب�صرة مما دفع‬
‫ال�سلطات �إىل نفيه �إىل عانة للمدة ‪. 1931/10/22-7/24‬‬
‫�إىل جانب ن�شاطه ال�سيا�سي كان ل�سليمان في�ضي �أن�شطة ثقافية واجتماعية �إذ �أ�سهم يف �إلقاء‬
‫اخلطب يف مقهى احلمراء والنادي الأدبي يف املو�صل عام ‪ ، 1921‬كما و�شارك يف ت�أ�سي�س املعهد‬
‫العلمي يف بغداد يف العام التايل ‪ ،‬ويف ‪ 1921 / 8 / 31‬تقدم مع عدد من الأ�شخا�ص لت�أ�سي�س‬
‫«اجلمعية اخلريية الإ�سالمية» يف بغداد ‪ ،‬وانتخب ع�ضو ًا يف جمل�س الإدارة ‪.‬‬
‫تطرق الف�صل الثالث (�ص ‪� )197-155‬إىل دور �سليمان في�ضي يف عهد اال�ستقالل وللمدة‬
‫(‪ ، ) 1949 – 1932‬و�أود �أن �أ�شري هنا �إىل �أن هناك خط�أ يف العنوان فاملفرو�ض �أن ينتهي الف�صل‬
‫عند العام ‪ 1948‬ولي�س ‪ ، 1949‬الن �آخ��ر ن�شاط م�سجل يعود لتاريخ ‪ 1948/3/4‬وكما ورد يف‬
‫‪201‬‬
‫(�ص‪. )232‬‬
‫من املمكن �أن نق�سم مادة الف�صل �إىل مرحلتني �أ�سا�سيتني �أوالهما تتمثل بانتخابه ع�ضو ًا يف‬
‫جمل�س النواب عن لواء الب�صرة (�ص ‪ ,)166-155‬وهي متثل ذروة الن�شاط ال�سيا�سي والر�سمي‬
‫له‪ ،‬وقد ركز يف مناق�شاته على «جانبني مهمني من جوانب احلياة ‪ ،‬وهما االقت�صادي واالجتماعي‪،‬‬
‫ب�سبب ت�أثريهما املبا�شر يف حياة ال�شعب العراقي ‪ ،‬لكن ذلك مل مينعه من االلتفات �إىل جوانب‬
‫�أخرى مهمة كاجلانب الع�سكري ‪�،‬إ�ضافة �إىل املوقف من بع�ض الق�ضايا القومية ومتيزت طروحاته‬
‫عامة باالهتمام بلواء الب�صرة ‪. »...‬‬
‫واملالحظ يف هذا الف�صل كرثة العناوين اجلانبية ومنح م�ساحات لق�ضايا كان ميكن �إدماجها‬
‫�ضمن عناوين �أخرى �سابقة يف ما لو مت التقيد بالت�سل�سل التاريخي للأحداث‪ ،‬وهو ما كان �سيمنح‬
‫للر�سالة مزيد ًا من التنا�سق ويبعد عنها �صفة الإطالة يف بع�ض املواقع‪ ،‬خ�صو�ص ًا و�أن �سليمان‬
‫في�ضي اعتزل العمل ال�سيا�سي والر�سمي عقب انقالب بكر �صدقي يف ‪ ، )3(1936/10/29‬وكمثال‬
‫على ذلك ت�ضمنت الر�سالة هذه العناوين ( املوقف من‪ :‬مترد اال�شوريني‪ ،‬وفاة في�صل الأول‪ ،‬وفاة‬
‫يا�سني الها�شمي ‪ ،‬وفاة امللك غازي ) وجميعها يف ( �ص ‪. ) 170 - 167‬‬

‫العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪� | 27‬ش�ؤون اجتماعية‬


‫ت�أليف‪ :‬خولة طالب لفته ‪ /‬عر�ض‪� :‬سمري عبد الر�سول العبيدي‬

‫متتع �سليمان في�ضي ب�شعبية وا�سعة بني الب�صريني وهو ما منحه الفر�صة للإ�سهام يف بع�ض‬
‫الأحداث التي �شهدتها املدينة عقب اعتزاله العمل ال�سيا�سي وعلى خمتلف ال�صعد وهو ما �شكل‬
‫املرحلة الثانية للمدة ‪���(1949-1936‬ص‪ ، )197-166‬ونذكر منها دوره مع بع�ض رموز املدينة يف‬
‫حفظ الأمن �أثناء احلرب العراقية – الربيطانية (‪ ، )1941/5/29-2‬كما و�ساند القوى الراف�ضة‬
‫للمعاهدة العراقية – الربيطانية للعام ‪. 1948‬‬
‫على ال�صعيد القومي ا�شرتك �سليمان في�ضي يف الهيئة العليا جلمعية الدفاع عن فل�سطني عام‬
‫‪ 1937‬و�أ�سهم يف جمع التربعات للمجاهدين يف حرب عام ‪ 1948‬عرب ت�أليف «جلنة �إنقاذ فل�سطني»‬
‫التي كان �أحد �أع�ضائها امل�ؤ�س�سني ‪.‬‬
‫وينتهي ه��ذا الف�صل مادته بتوثيق �أن�شطة �سليمان في�ضي يف املجال الثقايف واالجتماعي‬
‫واالقت�صادي (�ص ‪ ) 197 - 182‬منها ( نادي املهلب بن �صفرة‪ ,‬وجمعية بيوت الأم��ة‪ ,‬وجمعية‬
‫التمور العراقية‪ ,‬وغرفة جتارة الب�صرة ‪ ....‬الخ ) ‪.‬‬
‫ت�ضمن الف�صل الرابع (�ص‪ )219-201‬نتاج �سليمان في�ضي الثقايف ‪1951-1909‬واملالحظ هنا‬
‫�أن حمتويات الف�صل كان من املمكن �إدماجها �ضمن مادة الف�صول ال�سابقة وح�سب الت�سل�سل‬
‫‪202‬‬
‫التاريخي حتى انقالب بكر �صدقي ؛ �أما يف ما يتعلق ب�أن�شطته بعد هذا التاريخ فكان من املمكن‬
‫دجمها مع الق�سم الثاين من الف�صل الثالث ليتتبع الف�صل املقرتح (الرابع) �أن�شطة �سليمان في�ضي‬
‫منذ اعتزاله ال�سيا�سة وحتى رحيله‪� .‬إذ ا�صدر خاللها ‪ 12‬م�ؤلف ًا يف القانون والأدب والزراعة‬
‫�إ�ضافة �إىل مذكراته املن�شورة ‪ ،‬كما و�أن له ‪ 3‬م�ؤلفات غري من�شورة ‪ ،‬يف حني ن�شر ‪ 89‬خطبة ومقالة‬
‫خالل املدة ( ‪.) 1948 – 1909‬‬
‫وتختتم الر�سالة بجداول ت�ضمنت ج��ردا ملا ن�شره �سليمان في�ضي من مقاالت وخطب يف‬
‫ال�صحف ‪� ،‬إ�ضافة �إىل مراجعة للأخطاء الطباعية والتاريخية للطبعة الأوىل من املذكرات ‪،‬‬
‫و�أخريا �شملت الر�سالة ‪ 18‬ملحق ًا ت�ضمنت وثائق م�صورة �أ�ضافت قيمة علمية كبرية ملحتويات هذه‬
‫الر�سالة العلمية املتميزة ‪.‬‬
‫الهوام�ش‪.‬‬
‫‪.1‬للتفا�صيل ينظر ‪ -:‬ح�سني هادي ال�شاله ‪ ،‬طالب النقيب ودوره يف تاريخ العراق احلديث ‪ ،‬ر�سالة‬
‫دكتوراه ‪ ،‬كلية الآداب ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪.1970 ،‬‬
‫‪ .2‬ت�أ�س�س هذا احلزب يف ‪ ، 1931/11/20‬و�ضم القوى املعار�ضة ملعاهدة ‪1930‬وتزعمه ر�شيد عايل‬

‫�ش�ؤون اجتماعية | العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪27‬‬


‫�سليمان في�ضي ودوره ال�سيا�سي والثقايف واالجتماعي يف العراق ‪.1951-1885‬‬

‫ال�ك�ي�لاين ‪ ،‬ث��م �أع�ق�ب��ه يا�سني الها�شمي ‪ ،‬وع�ن��د توليه رئ��ا��س��ة ال� ��وزراء للمرة الثانية يف‬
‫‪1935/3/17‬قرر حل احلزب بدءا من ‪ .1935/4/17‬للتفا�صيل ينظر ‪ -:‬عبد الرزاق احل�سني ‪،‬‬
‫تاريخ الأحزاب ال�سيا�سية العراقية‪ ،‬ط‪ ، 2‬بريوت ‪�،1983،‬ص‪.121 114-‬‬
‫‪�.3‬شهدت امل��دة ‪ 1937 1935-‬جملة من املتغريات ال�سيا�سية ‪ ،‬منها توقف الن�شاط ال�سيا�سي‬
‫احلزبي الذي ا�ستمر حتى ني�سان ‪ ، 1946‬يف حني غابت بع�ض ال�شخ�صيات املهمة ‪� ،‬إذ تويف‬
‫جعفر الع�سكري ويا�سني الها�شمي ‪ ،‬كما اعتزل حممد جعفر �أب��و التمن وحكمت �سليمان‬
‫ال�سيا�سة ‪ .‬للتفا�صيل ينظر ‪� -:‬صفاء عبد الوهاب املبارك ‪،‬انقالب �سنة ‪ 1936‬يف العراق –‬
‫ممهداته ‪،‬و �أحداثه ‪ ،‬ونتائجه‪ ،‬ر�سالة ماج�ستري غري من�شورة مقدمة �إىل كلية الآداب ‪ ،‬جامعة‬
‫بغداد ‪.1973 ،‬‬

‫‪203‬‬

‫العدد ‪ ،107‬خريف ‪ 2010‬ال�سنة ‪� | 27‬ش�ؤون اجتماعية‬

You might also like