Professional Documents
Culture Documents
107
107
�سليمانفي�ضيودورهال�سيا�سيوالثقايفواالجتماعي
يف العراق • .1951-1885
مقدمة:
جتتذب الكتابة عن ال�شخ�صيات التاريخية عدد ًا متزايد ًا من الباحثني والكتاب ،ويعزى �سبب
ذلك لكونها نوع ًا غري تقليدي من اجلهد املعريف ،فالباحث يف هذا النطاق ال يتعامل مع امل�صادر
تعام ًال تقليدي ًا ،بل وزيادة على ذلك فانه ي�صبح ب�إمكانه �أن تكون له �سمة خا�صة من دون الإخالل
ب�شروط ومقومات البحث الأكادميي .
�إن احليز املمنوح هنا يتنا�سب وب�شكل مبا�شر مع حجم اجلهد املبذول من الباحث � ،أي مبعنى
�أنه كلما جنح يف الإمل��ام بجوانب املو�ضوع ,جنح يف اال�سرت�سال يف �أرائ��ه وا�ستنتاجاته ،ذلك �أن
اال�ستنتاج ال بد وان يبنى على حقيقة علمية .
ر�سالة ماج�ستري من�شورة للباحثة خولة طالب لفته (جامعة الب�صرة ،كلية الآداب) •
ق�سم الدرا�سات التاريخية -مركز امل�ستن�صرية للدرا�سات العربية والدولية ••
�ش�ؤون اجتماعية | العدد ،107خريف 2010ال�سنة 27
ت�أليف :خولة طالب لفته /عر�ض� :سمري عبد الر�سول العبيدي
�إ�ضافة �إىل ما تقدم ذكره يعتمد النجاح والتميز يف هذا امل�ضمار على امتالك خربة حياتية
وعلى ح�سن تدبري الأمور � ،إذ �إن ال�شخ�ص املعني ال بد و�أن يتحرك على عدة م�سارات ميتزج فيها
العام واخلا�ص ،وهو يف كل ذلك يجب �أن يكون �سعيه الدائم هو البحث عن احلقائق العلمية ،ويف
اخلتام ف�إن الأمر يتخذ �شكل الهواية لذا جند هناك عدد ًا من دور الن�شر والباحثني واملحققني
(جندة فتحي �صفوة ،د .حممد ح�سني الزبيدي )... ،ممن عرفوا بالإجادة يف هذا امل�ضمار .
�سمات ال�شخ�صية .
لدى درا�سة �شخ�صية �سليمان في�ضي ( ،)1951-1885تربز �سمة �أ�سا�سية كونه ميثل �شخ�صية
املثقف العراقي املتعدد االهتمامات � ،إذ �إنه كان نا�شط ًا يف جماالت عدة منها التعليم وال�صحافة
والقانون وال��زراع��ة ،و�سجل ح�ضور ًا يف جممل الأح��داث التي �شهدتها مدينة الب�صرة ،وقد
�ساعدته الظروف يف ذلك �إذ كانت الدولة العثمانية تعي�ش �أيامها الأخرية ،رافق ذلك �سعي جميع
الأطراف امل�ؤثرة �سواء منها املحلية �أو الإقليمية �أو اخلارجية لإيجاد موط�أ قدم لها يف الب�صرة
بحكم موقعها اال�سرتاتيجي ,وكونها املنفذ املائي الوحيد للعراق وبوابته على العامل اخلارجي ،
�إ�ضافة ملا تتمتع به من تاريخ حافل دفع بالعثمانيني �إىل ت�سمية اخلليج العربي «بخليج الب�صرة»،
196
ناهيك عن كونها متتلك حدود ًا مبا�شرة مع جند واحلجاز والكويت و�إمارة املحمرة �إ�ضافة �إىل
بالد فار�س.
�إذا �أردنا �أن نحدد وبو�ضوح �أهم ما متيزت به هذه ال�شخ�صية �ضمن الإطار اخلا�ص فال بد من
�أن ن�ؤكد على �أنه ميثل خروجا عن النمط امل�ألوف لل�شخ�صيات الفاعلة �إبان مرحلة احلكم الوطني
( ، )1958 / 7 / 14 – 1921 / 8 / 23فهو مل يكن �سيا�سي ًا منطي ًا � ،أي مبعنى �أنه مار�س ال�سيا�سة
بعيد ًا عن �شغل املنا�صب احلكومية وقد متيز يف كل ذلك بح�سه الوطني – العروبي ،لذا مل يكن من
امل�صادفة �أن املرة الوحيدة التي دخل فيها جمل�س النواب يف دورته ال�ساد�سة ( ، ) 1936 – 1935
كان يف عهد وزارة يا�سني الها�شمي ( ) 1937 – 1884الثانية ( ، ) 1936 / 10 / 29 1935-/3/17
والتي متيزت بتوجهها العروبي.
�إن �أهم الأ�سباب التي جعلت من �سليمان في�ضي �شخ�صية جديرة بالدرا�سة هي-:
.1ولد �سليمان في�ضي يف املو�صل لكنه انتقل منها �إىل بغداد ومن ثم �إىل الب�صرة التي ا�ستقر
بها منذ عام ،1904وهو �أمر مل يكن �شائعا يف ذلك الزمن ،ورمبا تعود حفاوة الب�صريني به �إىل
غنى وتعدد اهتماماته �إذ كان قانونيا �ضليعا ،ومن �أوائل الذين طالبوا ب�إعادة االعتبار �إىل اللغة
العربية ،و�أفتتح �أول مدر�سة للتدري�س باللغة العربية يف الب�صرة عام .1908ويف العام التايل
ح�صل على امتياز �أول جريدة باللغة العربية يف الب�صرة ،و�سماها «الإيقاظ» ،وقد ن�شر ()89
خطبة ومقالة خالل املدة ( ،)1948-1909كما ومار�س التدري�س والرتجمة نظر�آ لإجادته الفار�سية
والرتكية والإنكليزية والفرن�سية ،وقد �أ�صدر ( )12م�ؤلفا يف القانون والأدب والزراعة (�إ�ضافة �إىل
هذه املذكرات) .
� .2أدرك �سليمان في�ضي �أهمية �أن ترى وثائقه ال�شخ�صية النور ،فحر�ص على �أن يهيئها
للن�شر وطبعت فعال عقب عام واحد من وفاته (كانون الثاين )1952؛ وت�صدرها مقدمة للكاتب
م�ؤرخة يف � 1951/1/16أي قبل رحيله بثالثة �أيام وهو �أمر له دالالت كثرية .ورمبا تكون هذه
�سابقة يف تاريخ العراق املعا�صر �،إذ مل ي�سبق لأحد ال�سا�سة العراقيني يف العهد الوطني �أن قام
بن�شر مذكراته كاملة قبل العام ، 1958ويبدو �إن اهتمام �سليمان في�ضي قد انتقل �إىل �أبنائه �أي�ضا
الذين حر�صوا على �إي�صال ر�سالة والدهم �إىل الأجيال املتعاقبة من الباحثني والقراء ،ف�صدرت
( )4طبعات منقحة من املذكرات �إب��ان الأع��وام ( ،)2000، 1998، 1974 ،1952وقد �صدرت
الطبعتان الأخريتان بتحقيق وتقدمي (با�سل �سليمان في�ضي) ،وميكن تتبع اللم�سات اخلا�صة به
197
يف جميع ف�صول الكتاب؛ كما وت�ضمنت الطبعة الأخ�يرة كلمة للأ�ستاذ (جندة فتحي �صفوة)،
والبد من �أن ن�شري هنا �إىل �أن كل طبعة جاءت ب�شكل �أكرث ات�ساعا و�شمولية من �سابقاتها �سواء من
حيث امل�ضمون �أو الوثائق ال�شخ�صية امل�صورة مما منحها قيمة علمية م�ضافة ؛ كما مت ترجمتها
�إىل اللغة الإنكليزية عقب �صدور الطبعة الثانية يف بريوت عام ، 1974وهو ما قد ي�شكل �سابقة
�أخرى على �صعيد املذكرات ال�شخ�صية.
.3ارتبط �سليمان في�ضي ب�صالت وثيقة مع عدد من ال�شخ�صيات البارزة منها ال�شيخ خزعل
( )1936 – 1863حاكم �إمارة املحمرة ,وابن �سعود ( )1953 – 1871وغريها� ،إال �أن ال�شخ�صية
الأكرث ت�أثريا كان ال�سيد طالب النقيب( )1( )1929 – 1871والذي بد�أت عالقته به لدى تعيينه
معتمد ًا للحزب احلر املعتدل يف الب�صرة وال��ذي افتتح يف ، 1911 /8/6يف حني تر�أ�س طالب
النقيب احلزب ،ومل تنقطع ال�صلة بينهما برغم النفي الطويل له على يد الربيطانيني .
.4امتلك �سليمان في�ضي نوع ًا من الذاكرة التوثيقية ،متثل بحر�صه ال�شديد على ت�سجيل جميع
الوقائع التي �أ�سهم فيها �إبان �سني حياته ،وهذا الأمر يح�سب له �إذ انه وثق بذلك واحدة من �أهم
مراحل تاريخ العراق املعا�صر ،ويح�سب له جملة من الأمور منها �أنه قام بذلك ب�صورة طوعية كما
وحر�ص على تدوين �أح��داث ووقائع ذات طابع خا�ص � ،أي �أنها مل تكن ذات �صفة ر�سمية ،وقد
�سعى يف كل ذلك ملنح احليز احلقيقي لل�شخ�صيات من دون �إ�ضافة �أو اختزال .
واختتم هذه النبذة املوجزة ببع�ض مما كتبه (د .كمال مظهر) يف مقدمة الر�سالة (�ص)9-7
«ففي مطلع القرن الع�شرين ،بل حتى اليوم لي�س �أمرا �سهال �أن يفر�ض مثقف قادم من املو�صل يف
�أق�صى �شمال العراق �،إىل الب�صرة يف �أق�صى اجلنوب ،نف�سه على �ساحة الفكر وال�سيا�سة مثلما
ح�صل ذلك مع �صاحب الكتاب ،...حتما �إن �أي وجه بارز من طينة ووزن �سليمان في�ضي جدير ب�أن
يدر�س تاريخ حياته ون�ضاله و�إبداعه درا�سة �أكادميية جادة ت�ستهدف ت�سجيل ماله وما عليه ،بغ�ض
النظر عن موقعه الر�سمي ، ...ويبدو وا�ضحا من م�ضمون الر�سالة ،ومن م�صادرها ومراجعها
ومنهجها العلمي الر�صني وا�ستنتاجاتها� ،أن �صاحبتها كانت يف م�ستوى املو�ضوع وامل�س�ؤولية
فعال ،...ومن اجلوانب الإيجابية الأخرى التي ت�ستوقف النظر يف الدرا�سة �أن �صاحبتها ك�شفت لنا
�أوجها غري معروفة من ن�شاطات �سليمان في�ضي ب�صورة موثقة ،لي�ؤلف ذلك �إ�ضافة تاريخية مهمة
بالن�سبة ملو�ضوعنا ،وتتج�سد �أهمية ذل��ك الأم��ر �أك�ثر �إذا علمنا �أن �سليمان في�ضي مل يرتك
�شاردة�،أو واردة �إال و�سجلها بني دفتي مذكرات ،وعلى �صفحات (الإيقاظ) .وعلى الغرار نف�سه
198
�إنها �صححت بع�ض الأخطاء ،وو�ضعت �أمورا حمددة يف ن�صابها على �أ�سا�س تقومي مو�ضوعي ،
مما ي�ضفي على جهدها بعدا علميا مطلوبا»...
عر�ض املحتويات .
ت�ألفت الر�سالة من مقدمة ( �ص ) 15-11ومن املنت و �ضمت 4ف�صول (�ص ،) 219-17
و 4جداول (�ص )248 - 223ثم اخلامتة (�ص )254 - 249وقائمة امل�صادر (�ص ،)271 – 255
و�أخريا مالحق الكتاب ( �ص . ) 290 – 275
جاء الف�صل الأول ( �ص ) 79 - 19بعنوان (�سليمان في�ضي ودوره يف احلركة القومية العربية يف
الب�صرة ، )1914 – 1885وقد اتبعت فيه الباحثة ال�سياق العلمي املتبع لدى درا�سة ال�شخ�صيات
التاريخية �أي التعريف بن�سب ون�ش�أة ال�شخ�صية ،فذكرت �أنه ولد يف املو�صل يف 1885 / 7 / 26لأ�سرة
تعود �إىل ع�شرية امل�شاهدة التي يعود ن�سبها لل�سيد �أحمد الرفاعي .ويت�صل ن�سبهم بالإمام علي بن
�أبي طالب ،ومن اجلدير بالذكر �إىل �أن ا�سم «في�ضي» ،ال وجود له يف ت�سل�سل الن�سب ،بل انه �أ�ضيف
�إىل ا�سم �سليمان ن�سبة �إىل امل�شري �أحمد في�ضي با�شا حينما كان يف املدر�سة الر�شيدية الع�سكرية يف
بغداد ,والتي �أحلق بها عام 1899للتمييز بينه وبني �أحد الطالب الذي يحمل اال�سم ذاته.
واجه �سليمان في�ضي م�شكلة �أثناء درا�سته مما ا�ستدعى طرده منها ،وقد توجب عليه �أداء
اخلدمة الع�سكرية ومدتها � 6سنوات ،لكنه جنح بالتخل�ص منها بو�ساطة �أمري حائل ابن ر�شيد .
لدى عودته مكث يف الب�صرة بانتظار و�صول �أمر الإعفاء .حيث عمل خالل ذلك يف عدد من
الوظائف ،منها مرتجم ًا يف الوكالة القن�صلية الفار�سية عام 1904لإجادته الفار�سية .كما عمل يف
قلم الق�ضاء نظر ًا لإجادته الرتكية ولرباعته يف الكتابة ،وقد ورد قرار الإعفاء يف ، 1904 / 4/ 20
غري �أنه قرر البقاء يف الب�صرة معل ًال ذلك بقوله « ...يوم علمت نب�أ القرار املذكور ،كان �آخر خيط
يربطني بالع�سكرية قد انقطع منذ �أمد بعيد ،فمهنة املحاماة كانت تدر علي �أرباح ًا .»...عقب
ذلك قرر �سليمان في�ضي الزواج عام ، 1909ومثل ذلك نقطة حتول يف حياته ،فجند �إمكانياته
خلدمة والية الب�صرة و�سكانها .
�شرعت الباحثة يف تتبع ن�شاطات �سليمان في�ضي بدء ًا من املبحث الثاين واملعنون « دور �سليمان
في�ضي يف احلركة القومية العربية يف الب�صرة � ( »1914 – 1908ص ، ) 48 - 25واملالحظ �أن
هناك مي ًال للإكثار من العناوين الفرعية ،ومثال ذلك البدء بعنوان «موقف �سليمان في�ضي من
االنقالب العثماين» ( �ص ) 27-25ومت االعتماد فيه على م�صدر واحد فقط ،كما يالحظ �أن
199
هنالك نوع ًا من عدم التقيد بالت�سل�سل التاريخي يف تدوين الأحداث �ستتم الإ�شارة �إليه فيما بعد .
ب��د�أ �سليمان في�ضي ن�شاطه املعريف بافتتاح �أول مدر�سة �أهلية يف الب�صرة للتدري�س باللغة
العربية و�سماها «تذكار احلرية» يف ،1908 / 11 / 27و�أعقبه ب�إ�صدار �أول �صحيفة خا�صة يف
الب�صرة �سماها «الإيقاظ» ،ون�شر عددها الأول يف ، 1909/5/2و�أ�صدر منها 63عددا � ،إذ توقفت
يف 1910/9/29ب�سبب �سفر �صاحبها للحج .واختتم �سليمان ن�شاطه بت�أ�سي�س «اجلمعية العلمية
الأدبية» يف �آذار . 1910
فيما يخ�ص ال�ش�أن ال�سيا�سي فقد ب��د�أه باالن�ضمام �إىل «احل��زب احلر املعتدل» وهو �أول حزب
معار�ض يفتح له فرع ًا يف العراق بتاريخ ، 1911/8/6ويف ت�شرين الثاين تغري ا�سمه �إىل «حزب احلرية
واالئتالف» برئا�سة طالب النقيب ،وقد جنح احلزب بالفوز بـ 8مقاعد بانتخابات عام ، 1912على
الرغم من تدخالت االحتاديني الذين �سارعوا باال�ستيالء على احلكم يف 1913/1/ 23وبعد � 3أيام مت
حل احلزب ،ولكن �أع�ضاءه عادوا للعمل يف جمعية الب�صرة الإ�صالحية والتي ت�أ�س�ست يف 1913 /2/28
وفاز مر�شحوها بجميع مقاعد الب�صرة ال�ستة يف االنتخابات التي �أجريت �أواخر العام . 1913
�أ�سهم �سليمان في�ضي مع زمالئه يف «جمل�س املبعوثان العثماين» م�ساهمة فعالة بالتنبيه
للق�ضايا العربية على الرغم من ق�صر مدة االنعقاد ( .)1914/8/7 - 5/14ولدى عودته �إىل
الب�صرة ا�شرتك مع وفد كبري برئا�سة طالب النقيب للتو�سط بني ابن �سعود والدولة العثمانية .كما
كان �شاهد ًا على حمادثات ال�سري بر�سي كوك�س ( )sir Percy Coxمع طالب النقيب .
�شكل الف�صل الثاين (�ص� )152-83أكرب ف�صول الر�سالة وبحث دور �سليمان في�ضي يف عهدي
االحتالل واالنتداب الربيطاين ( . )1932-1914وهو ينق�سم �إىل ق�سمني يعنى �أولهما مبرحلة
االحتالل (�ص ) 106-83ثم االنتداب ( ،)152-106وا�ستهلته الباحثة باحتالل الربيطانيني
ملدينة الب�صرة يف ،1914/11/23و�أهم ما ي�سجل هنا هو املوقف ال�سلبي الذي وقفه رجال احلركة
الوطنية جتاه املحتل اجلديد ،فاختار بع�ضهم الرحيل ،يف حني ف�ضل البع�ض الآخر البقاء واالمتناع
عن مزاولة �أي ن�شاط �سيا�سي يذكر ومنهم �سليمان في�ضي ،الذي حدد الربيطانيون �إقامته حت�سب ًا
من قيامه ب�إثارة املتاعب �ضدهم ،لكنهم مع ذلك حاولوا ا�ستمالته �إىل جانبهم لال�ستفادة من
خرباته ال�سابقة ،ويف 1916/4/5و�صل الكولونيل لورن�س (� )E.T.Lawrenceإىل الب�صرة ،وبعد
يومني ا�ستدعى �سليمان في�ضي وف��احت��ه بالعمل �ضد العثمانيني م��ن اج��ل ف��ك احل�صار عن
الربيطانيني يف الكوت فجوبه طلبه بالرف�ض .
200
مل مينع هذا املوقف �سليمان في�ضي من االنخراط يف ن�شاطات ذات �صفة غري ر�سمية بد�أها
بن�شره مقاالت يف �صحيفة «الأوقات الب�صرية» التي �أ�صدرها الربيطانيون ،كما ان�ضم للمجل�س
البلدي الذي ت�أ�س�س يف ،1918 /7 / 30وا�سهم يف �أن�شاء «مكتبة التجدد» يف �آب . 1919
انتقل �سليمان في�ضي �إىل بغداد عقب تعيينه قا�ضي ًا يف حماكمة اال�ستئناف بتاريخ ،1919 / 11 / 1
وهو ما �سمح له باالن�ضمام �إىل فرع جمعية العهد ثم رئا�سته لها فيما بعد ،وقد عمل �أثناء ذلك
كمحا�ضر يف مدر�سة احلقوق التي افتتحت يف ، 1919 / 12/7كما وانتخب ع�ضو ًا يف الهيئة الإدارية
ملدر�سة التفي�ض بتاريخ . 1919 / 12/27
�شهد العراق حالة من احلراك ال�سيا�سي عقب فر�ض االنتداب يف ،1920/4/ 25وكان من
�أوىل عالماته قيام ثورة ، 1920/6/30وقد امتنع �سليمان في�ضي عن م�ساندتها لعدم قناعته
باللجوء �إىل القوة ،وعقب ذل��ك ان�ضم �إىل جلنة االنتخابات ب�صفته نائبا �سابق ًا يف جمل�س
املبعوثان ،وقد �أ�سهم ب�شكل فعال يف �أعمالها ب�سبب خلفيته القانونية ( �ص . ) 119 – 109
قدم �سليمان في�ضي ا�ستقالته من الق�ضاء والتدري�س يف ت�شرين الثاين 1922وعاد �إىل الب�صرة
ب�سبب خيبة �أمله من �إ�سناد من�صب وزاري �إليه ،وعكف على مزاولة مهنة املحاماة ،ثم عمل يف
متتع �سليمان في�ضي ب�شعبية وا�سعة بني الب�صريني وهو ما منحه الفر�صة للإ�سهام يف بع�ض
الأحداث التي �شهدتها املدينة عقب اعتزاله العمل ال�سيا�سي وعلى خمتلف ال�صعد وهو ما �شكل
املرحلة الثانية للمدة ���(1949-1936ص ، )197-166ونذكر منها دوره مع بع�ض رموز املدينة يف
حفظ الأمن �أثناء احلرب العراقية – الربيطانية ( ، )1941/5/29-2كما و�ساند القوى الراف�ضة
للمعاهدة العراقية – الربيطانية للعام . 1948
على ال�صعيد القومي ا�شرتك �سليمان في�ضي يف الهيئة العليا جلمعية الدفاع عن فل�سطني عام
1937و�أ�سهم يف جمع التربعات للمجاهدين يف حرب عام 1948عرب ت�أليف «جلنة �إنقاذ فل�سطني»
التي كان �أحد �أع�ضائها امل�ؤ�س�سني .
وينتهي ه��ذا الف�صل مادته بتوثيق �أن�شطة �سليمان في�ضي يف املجال الثقايف واالجتماعي
واالقت�صادي (�ص ) 197 - 182منها ( نادي املهلب بن �صفرة ,وجمعية بيوت الأم��ة ,وجمعية
التمور العراقية ,وغرفة جتارة الب�صرة ....الخ ) .
ت�ضمن الف�صل الرابع (�ص )219-201نتاج �سليمان في�ضي الثقايف 1951-1909واملالحظ هنا
�أن حمتويات الف�صل كان من املمكن �إدماجها �ضمن مادة الف�صول ال�سابقة وح�سب الت�سل�سل
202
التاريخي حتى انقالب بكر �صدقي ؛ �أما يف ما يتعلق ب�أن�شطته بعد هذا التاريخ فكان من املمكن
دجمها مع الق�سم الثاين من الف�صل الثالث ليتتبع الف�صل املقرتح (الرابع) �أن�شطة �سليمان في�ضي
منذ اعتزاله ال�سيا�سة وحتى رحيله� .إذ ا�صدر خاللها 12م�ؤلف ًا يف القانون والأدب والزراعة
�إ�ضافة �إىل مذكراته املن�شورة ،كما و�أن له 3م�ؤلفات غري من�شورة ،يف حني ن�شر 89خطبة ومقالة
خالل املدة ( .) 1948 – 1909
وتختتم الر�سالة بجداول ت�ضمنت ج��ردا ملا ن�شره �سليمان في�ضي من مقاالت وخطب يف
ال�صحف � ،إ�ضافة �إىل مراجعة للأخطاء الطباعية والتاريخية للطبعة الأوىل من املذكرات ،
و�أخريا �شملت الر�سالة 18ملحق ًا ت�ضمنت وثائق م�صورة �أ�ضافت قيمة علمية كبرية ملحتويات هذه
الر�سالة العلمية املتميزة .
الهوام�ش.
.1للتفا�صيل ينظر -:ح�سني هادي ال�شاله ،طالب النقيب ودوره يف تاريخ العراق احلديث ،ر�سالة
دكتوراه ،كلية الآداب ،جامعة القاهرة .1970 ،
.2ت�أ�س�س هذا احلزب يف ، 1931/11/20و�ضم القوى املعار�ضة ملعاهدة 1930وتزعمه ر�شيد عايل
ال�ك�ي�لاين ،ث��م �أع�ق�ب��ه يا�سني الها�شمي ،وع�ن��د توليه رئ��ا��س��ة ال� ��وزراء للمرة الثانية يف
1935/3/17قرر حل احلزب بدءا من .1935/4/17للتفا�صيل ينظر -:عبد الرزاق احل�سني ،
تاريخ الأحزاب ال�سيا�سية العراقية ،ط ، 2بريوت �،1983،ص.121 114-
�.3شهدت امل��دة 1937 1935-جملة من املتغريات ال�سيا�سية ،منها توقف الن�شاط ال�سيا�سي
احلزبي الذي ا�ستمر حتى ني�سان ، 1946يف حني غابت بع�ض ال�شخ�صيات املهمة � ،إذ تويف
جعفر الع�سكري ويا�سني الها�شمي ،كما اعتزل حممد جعفر �أب��و التمن وحكمت �سليمان
ال�سيا�سة .للتفا�صيل ينظر � -:صفاء عبد الوهاب املبارك ،انقالب �سنة 1936يف العراق –
ممهداته ،و �أحداثه ،ونتائجه ،ر�سالة ماج�ستري غري من�شورة مقدمة �إىل كلية الآداب ،جامعة
بغداد .1973 ،
203