You are on page 1of 12

‫‪1‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

‫العن�صر الرابع من عنا�صر النجاح‬ ‫ثوان‪...‬‬


‫ٍ‬ ‫في‬
‫هناك ثالثة �أ�شياء جتمع ك َّل الناجحني‪ :‬احلافز‪ ،‬والقدرة‪،‬‬ ‫يف كلمته التوجيهية‪ ،‬التي �أطلقها �صاحب ال�سمو‬
‫والفر�صة‪� .‬أ َّما العن�صر الرابع من عنا�صر النجاح الذي‬ ‫ال�شيخ حممد بن را�شد �آل مكتوم نائب رئي�س الدولة‬
‫نغفله دائم ًا فهو �أ َّنه يعتمد �أ�سا�س ًا على الطريقة التي ندير بها‬ ‫رئي�س جمل�س الوزراء حاكم دبي «رعاه اهلل» يف «القمة‬
‫كل مرة نتفاعل مع �شخ�ص �آخر‬ ‫عالقاتنا مع الآخرين‪ .‬ففي ِّ‬ ‫العاملية للحكومات» قال �سموه‪�« :‬إنها ق َّمة �أ�صحاب‬
‫الهمم الذين يطمحون للأف�ضل‪� ،‬إنه جت ُّمع عاملي‬
‫يف مكان العمل‪ ،‬هناك قرار علينا اتخاذه‪ :‬هل ن َّدعي �أكرب قدر‬
‫فريد‪ ،‬ومركز لالبتكار احلكومي‪ ،‬وحمطة لتوليد الأفكار اجلديدة»‪ .‬وا�ستلهام ًا‬
‫ممكن من القيمة لأنف�سنا‪� ،‬أم ُنعلي من �ش�أن الآخر من دون �أن‬
‫لكلمات �سموه‪ ،‬ي�سرنا �أن نقدم لكم الأعداد الثالثة اجلديدة من «كتاب يف‬
‫ننتظر املقابل؟‬ ‫دقائق»‪:‬‬

‫على مدار العقود الثالثة املا�ضية‪ ،‬اتفق علماء النف�س‬ ‫يف العدد (‪ )109‬نعر�ض كتاب‪« :‬بناء امل�ستقبل‪ :‬تفاعل كبري وابتكار جريء»‬
‫ت�أليف‪� :‬إميي �إدموند�سون‪ ،‬و�سوزان رينولدز‪ ،‬حيث ترى امل�ؤلفتان �أننا نبني‬
‫واالجتماع على �أنَّ النا�س يختلفون اختالف ًا ب ِّين ًا يف تف�ضيالتهم‬
‫م�ستقب ًال خمتلف ًا يف ِّ‬
‫كل قرار نتخذه؛ فرغم �أنَّ امل�ستقبل يتك�شف وي�أتينا‪� ،‬سواء‬
‫ب�ش�أن �أ�ساليب التعامل؛ ف�إنَّ �سلوك َّياتهم تتفاوت ب�ش�أن مزيج‬
‫�سعينا �إليه �أم ال‪� ،‬إال �أنَّ بع�ضنا يدركون االحتماالت امل�ستقبلية قبل البع�ض الآخر‪.‬‬
‫الأخذ والعطاء‪� ،‬أو العطاء والأخذ الذي يرغبونه‪ ،‬فال َّأخاذون‬
‫نظام جديد‬
‫«بناء امل�ستقبل» يعني حتقيق امل�ستقبل املن�شود‪ ،‬وهذا يتطلب ابتكا َر ٍ‬
‫مما يعطون‪،‬‬ ‫لهم طابعهم الذاتي؛ �إذ يح ُّبون �أن ي�أخذوا �أكرث َّ‬ ‫نظام تتفاعل فيه املوارد الب�شرية مع التكنولوجيا ومنظومات العمل‬ ‫للأ�شياء؛ ٍ‬
‫وي�ستغلُّون مبد�أ التعامل ل�صاحلهم‪ ،‬فيقدِّ مون م�صاحلهم‬ ‫لبناء كيان ي�ؤدِّي وظيفته ب�شكل متكامل‪ .‬وهنا تربز �أهمية تفاعل فرق العمل‬
‫ال�شخ�ص َّية على احتياجات الآخرين‪ .‬يعتقد ال َّأخاذون �أنَّ‬ ‫التخ�ص�صات واملجاالت‪ ،‬الأمر الذي يتط َّلب � َ‬
‫أ�سلوب عمل‬ ‫ُّ‬ ‫الكربى‪ ،‬من خمتلف‬
‫تناف�سي �أ�سا�سه امل�صلحة الذات َّية‪ .‬وي�شعرون �أ َّنه‬
‫ٌّ‬ ‫العامل مكا ٌن‬ ‫ونظام تفك ٍري مبتكر‪.‬‬
‫َ‬ ‫جديد ًا‪،‬‬
‫كي يتحقَّق لهم النجاح‪ ،‬عليهم �أن يكونوا �أف�ضل من غريهم‪.‬‬
‫ولإثبات كفاءتهم‪ ،‬ف�إ َّنهم ير ِّوجون لأنف�سهم ليح�صلوا على قدر‬ ‫يف العدد (‪ )110‬نعر�ض كتاب‪« :‬الأخذ والعطاء‪ :‬كيف تدفعنا م�ساعدة الآخرين‬
‫وفري من التقدير‪.‬‬ ‫�إلى النجاح» ت�أليف‪� :‬آدم جرانت‪ ،‬الذي �سبق وعر�ضنا له كتاب‪« :‬املبدعون‪ :‬هكذا‬
‫يح َّرك املجدِّ دون العامل» يطرح الدكتور «جرانت» ما ي�سميه العن�صر الرابع‬
‫ب�شكل عام‪ ،‬ف�إنَّ املعطائني يف بيئة العمل �أق ُّل من ال َّأخاذين‪.‬‬ ‫للنجاح‪ ،‬ويرى �أن هناك ثالثة عنا�صر للنجاح يف احلياة هي‪ :‬احلافز‪ ،‬والقدرة‪،‬‬
‫مما ي�أخذون‪ .‬وحيث جند‬ ‫املعطا�ؤون ِّ‬
‫يف�ضلون �أن يعطوا �أكرث َّ‬ ‫والفر�صة‪� .‬أ َّما العن�صر الرابع ف�إننا ُنغفله دائم ًا؛ لأ َّنه يعتمد على الطريقة التي‬
‫ين�صب‬
‫ُّ‬ ‫ال َّأخاذين يف �أغلب الأحيان متمركزين حول ذواتهم‪،‬‬ ‫ندير بها عالقاتنا‪ .‬وكلما تفاعلنا مع الآخرين يف احلياة ويف بيئة العمل‪ ،‬فهناك‬
‫تركيز املعطائني على غريهم‪ ،‬في�صرفون قدر ًا �أكرب من‬ ‫قرار علينا اتخاذه‪ :‬هل ن�ضع الآخرين �أو ًال من دون �أن ننتظر املقابل؟ �أم ُنعلي من‬
‫االهتمام �إلى ما يحتاجه الآخرون منهم‪ .‬ف�إذا كنت معطا ًء‬ ‫�ش�أن �أنف�سنا على ح�ساب الآخرين؟‬
‫يف عملك‪ ،‬ف�إ َّنك �ستكون �سخي ًا يف م�شاركة وقتك وجهدك‬ ‫يرى علماء النف�س واالجتماع �أن �سلوكياتنا تتفاوت ب�ش�أن مزيج الأخذ والعطاء‪،‬‬
‫كل من ُيكنهم‬ ‫ومعرفتك ومهاراتك و�أفكارك وعالقاتك مع ِّ‬ ‫�أو العطاء والأخذ‪ .‬فلل َّأخاذين طابعهم الذاتي لأنه يجعلهم ي�أخذون �أكرث َّ‬
‫مما‬
‫اال�ستفادة منها‪.‬‬ ‫ُيعطون‪ ،‬فيقدِّ مون م�صاحلهم على احتياجات الآخرين‪ .‬ويظنون �أنَّ من �شروط‬
‫النجاح �أن يظهروا �أف�ضل من غريهم‪.‬وعرب نظريته اجلديدة حول العطاء‬
‫الإن�ساين‪ ،‬ي�ؤكد امل�ؤلف �أنَّ املعطائني ميلكون فر�ص ًا �أكرث للنجاح‪َّ ،‬ثم يو�ضح‬
‫الأ�سباب التي تقف وراء ق َّوة العطاء وتداعياته يف خمتلف مناحي احلياة‪.‬‬
‫ويف العدد (‪ )111‬نقدم كتاب‪« :‬كيف ن َو ِّفر لأطفالنا ال ُر َّ�ضع نوم ًا هانئ ًا» ت�أليف‪:‬‬
‫جاري �إيزو‪ ،‬وروبرت باكنام‪ .‬يرى امل�ؤلفان �أنَّ جناح الأبوين يف تن�شئة ر�ضيعهما‬
‫يف �سن مبكرة ُي�ش ِّك ُل مالمح جتربتهما الرتبو َّية‪ .‬فنحن ندرك �أهمية النم ِّو‬
‫ال�سليم للر�ضيع‪ ،‬و�إ�سعاده‪ ،‬وم�ساعدته على النوم يف الليل‪ ،‬وذلك نظر ًا لأن كل‬
‫هذه النتائج قابلة للتحقق ب�سهولة‪ ،‬ب�شرط �أن يدرك الأبوان �أنَّ لدى ال ُر َّ�ضع قدر ًة‬
‫فطري ًة خارق ًة على التكيف مع الظروف التي يبد�ؤون بها حياتهم‪.‬‬
‫جمال بن حويرب‬
‫المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪2‬‬
‫فهم ي�سعون �إلى حت�سني �أحوال غريهم‪ ،‬على‬ ‫العدالة‪ :‬فعندما ي�ساعدون الآخرين‪ ،‬ف�إ َّنهم‬ ‫وخارج العمل‪ ،‬ي�شيع هذا النوع من ال�سلوك �إلى‬
‫ح�ساب جناحهم ال�شخ�صي‪.‬‬ ‫يطالبونهم باملعاملة باملثل‪ ،‬حيث ترى ال�شخ�ص َّية‬ ‫حدٍّ كبري‪ ،‬لكنَّ الأخذ والعطاء يف مكان العمل‬
‫�إذا كان املعطا�ؤون يقبعون �أ�سفل �س َّلم النجاح‪،‬‬ ‫املوائمة �أنَّ املعاملة يجب �أن تكون باملثل‪ ،‬فتقوم‬ ‫يظ ُّل �أكرث تعقيد ًا‪ .‬فعلى امل�ستوى املهني‪ ،‬ف�إنَّ‬
‫فمن يا ترى الذي يرت َّبع على ق َّمته؛ ال َّأخاذون‬ ‫على مبد�أ تبادل امل�صالح‪.‬‬ ‫الق َّلة القليلة م َّنا هم من يتخذون �سلوك ًا �صارم ًا‬
‫�أم املوائمون؟ ال ه�ؤالء وال �أولئك‪ .‬املعطا�ؤون‬ ‫ِّ‬
‫ولكل �أ�سلوب من �أ�ساليب التعامل مزاياه وعيوبه‪،‬‬ ‫�أخذ ًا �أو عطا ًء‪� ،‬أو يتب َّنون �سلوك ًا ثالث ًا بد ًال من‬
‫يهيمنون على �أ�سفل وق َّمة �س َّلم النجاح‪ ،‬فهم‬ ‫لكنَّ هناك �أ�سلوب ًا �أكرث تكلف ًة من الأ�سلوبني‬ ‫ذلك‪ ،‬فنحن بطبيعتنا ُمتوائمون‪� ،‬إذ ن�سعى‬
‫وخماطره‬
‫ِ‬ ‫الأ�سباب التي تقف وراء ق َّوة العطاء‬ ‫الآخرين‪ ،‬فعرب جمموعة من املهن امله َّمة‪،‬‬ ‫لالحتفاظ بحالة من التوازن املتكافئ بني الأخذ‬
‫يف ذات الوقت‪.‬‬ ‫يكون املعطا�ؤون يف موقف ال يح ِّقق م�صاحلهم؛‬ ‫والعطاء‪ .‬املُوائمون يت�ص َّرفون ا�ستناد ًا �إلى مبد�أ‬

‫بناء �شبكات العالقات بالأ�ساليب الثالثة‬


‫ينظر املعطا�ؤون واملوائمون �إلى تكوين العالقات باعتبارها طريقة حم َّببة لالرتباط‬
‫ب�أنا�س �إيجاب ِّيني وب�أفكار جديدة‪ ،‬فنحن نعرف الكثري من النا�س يف خمتلف مراحل‬
‫حياتنا ال�شخ�ص َّية واملهن َّية‪ ،‬ومبا �أ َّننا منلك معارف وموارد خمتلفة‪ ،‬فمن املنطقي‬
‫�أن نتح َّول �إلى ه�ؤالء النا�س من �أجل العون وتبادل امل�شورة وبناء ج�سور التعارف‪.‬‬
‫فهل بالإمكان بناء �شبكات وا�سعة النطاق وعميقة اجلذور با�ستخدام �أ�ساليب‬
‫خمتلفة يف التعامل؟ �أم �أنَّ �أ�سلوب ًا واحد ًا ُي�ش ِّكل على نحو مت�سق �شبكة �أكرث ثرا ًء؟‬
‫يتناق�ض �أ�سلوب املعطائني يف تكوين عالقات مع الطريقة التي يتَّبعها ال َّأخاذون‬
‫واملوائمون يف بناء وا�ستخال�ص قيمة من عالقاتهم‪ .‬فما يعطيه املعطا�ؤون �أكرث‬
‫مما يح�صلون عليه‪ .‬ويعطي ال َّأخاذون واملوائمون �أي�ض ًا يف �سياق عالقاتهم‪ ،‬لكنَّ‬‫َّ‬
‫عطاءهم يكون ا�سرتاتيجي ًا‪ ،‬مع تو ُّقع عائد �شخ�صي يتجاوز �أو يكافئ �إ�سهاماتهم‪.‬‬
‫ومييل ال َّأخاذون واملوائمون يف عالقاتهم �إلى الرتكيز على من �سيقدِّ م لهم العون يف‬
‫امل�ستقبل القريب‪ ،‬وهذا ميلي ماهية وتوقيت عطائهم والطريقة املتَّبعة يف العطاء‪.‬‬
‫وبد ًال من جم َّرد ُ�صنع اجلميل يف املقابل لأ�شخا�ص قدَّموا لهم العون بالفعل‪،‬‬
‫يبادر ال َّأخاذون واملوائمون ب�صنع اجلميل لأ�شخا�ص يرغبون يف �أن يح�صلوا على‬
‫م�ساعدتهم يف امل�ستقبل‪.‬‬
‫ومييل املوائمون �إلى تكوين �شبكة عالقات �أ�صغر حجم ًا من املعطائني الذين ي�سعون‬
‫به َّمة مل�ساعدة جمموعة �أكرب من النا�س‪ ،‬ومن ال َّأخاذين الذين يجدون �أنف�سهم يف‬
‫يو�سعون من نطاق عالقاتهم لإعادة بناء اجل�سور التي د ُِّمرت يف‬ ‫�أغلب الأحيان ِّ‬
‫يوجهون‬ ‫معامالت �سابقة‪ .‬وعندما يعطي املوائمون وهم ينتظرون املقابل‪ ،‬ف�إ َّنهم ِّ‬
‫كل �شيء‪� ،‬إذا مل‬ ‫عطاءهم �إلى �أنا�س يعتقدون �أنَّ مبقدورهم �أن ي�ساعدوهم‪ .‬فرغم ِّ‬
‫جتن مكا�سب من اجلميل الذي �أ�سديته‪ ،‬فما معنى �أن تكون موائم ًا؟‬‫ِ‬
‫وي�ضع ال َّأخاذون واملوائمون افرتا�ضات �صارمة حول الأ�شخا�ص الذين مبقدورهم‬
‫�أن يقدِّ موا �أكرب منفعة لهم باملقابل‪ .‬والأ�سلوب الذي يتَّبعه املعطا�ؤون ميت ُّد يف‬

‫"‬
‫جوهره لي�شمل نطاق ًا �أو�سع‪ ،‬وبذلك يت�سع نطاق املكا�سب املحتملة‪ ،‬حتَّى و�إن مل‬
‫ال يتطلَّب العطاء ت�ضحيات خيال َّية‪ُّ .‬‬
‫كل ما‬ ‫تكن تلك املكا�سب هي الدافع التحفيزي‪ .‬يقول «غايكاوا�ساكي» �إحدى ال�شخ�ص َّيات‬
‫يحتاج �إليه هو الرتكيز على ما يفيد م�صالح‬ ‫امل�ؤثرة والرائدة لدى «�أبل» و�أ�سطورة وادي ال�سيليكون‪:‬عندما تقابل �شخ�ص ًا ما‪،‬‬
‫بغ�ض النظر عن ماهية هذا ال�شخ�ص‪:‬‬ ‫ينبغي �أن تطرح على نف�سك ال�س�ؤال التايل ِّ‬
‫"‬
‫الآخرين مثل تقدمي العونَ والن ُّْ�صح واالعرتاف‬
‫بالف�ضل‪ ،‬وتكوين روابط تفيد الطرفني‬
‫«كيف ميكنني م�ساعدته؟» قد يظنُّ بع�ضنا �أنَّ هذه طريقة تنطوي على مبالغة‬
‫يف ا�ستثمار املرء يف الآخرين‪ ،‬لك َّننا ال ن�ستطيع �أن نتن َّب�أ بالأ�شخا�ص الذين‬
‫�سي�ساعدوننا فع ًال‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫التعاون والتواكل و�أ�ساليب التعامل‬
‫تغي عاملنا‪ .‬ووفق ًا‬‫نحن منيل �إلى تقدير العبقري الذي ي�أتي ب�أفكار ت�أ�سر عقولنا‪� ،‬أو ِّ‬
‫لأبحاث �أجراها علماء يف جامعة �ستانفورد‪َ ،‬يعترب الأمريك ُّيون اال�ستقالل َّية رمز ًا‬
‫أخ�ص على ال َّأخاذين‬ ‫للق َّوة‪ ،‬ويرون االعتماد املتبادل عالمة �ضعف‪ .‬ينطبق هذا بال ِّ‬
‫الذين يرون �أنف�سهم �أعلى منزلة و�أكرث ا�ستقالل َّية من غريهم‪ ،‬فال َّأخاذون يعتقدون‬
‫�أ َّنهم لو بالغوا يف اعتمادهم على الآخرين‪ ،‬ف�إ َّنهم �سيكونون عر�ضة للخ�سارة‪.‬‬
‫املعطا�ؤون ال يرون االعتماد املتبادل دلي ًال على ال�ضعف‪ ،‬لأ َّنهم يرون االعتماد‬
‫املتبادل م�صدر ًا للق َّوة‪ ،‬وطريقة لال�ستفادة من مهارات الفريق لتحقيق منفعة‬
‫�أكرب‪ .‬املعطا�ؤون ي�ضطلعون باملهام التي تخدم م�صالح اجلميع‪ ،‬ولي�س بال�ضرورة‬
‫م�صاحلهم ال�شخ�ص َّية‪ ،‬وهذا ما يجعل فرقهم �أف�ضل حا ًال‪ .‬وك َّلما زادت ن�سبة ما‬
‫يو�سع املعطا�ؤون نطاق املكا�سب‬ ‫يفعله املعطا�ؤون‪ ،‬زادت جودة منتجاتهم‪ .‬كما ِّ‬
‫لي�ستفيدوا منها �أي�ض ًا‪� ،‬إ�ضافة �إلى ا�ستفادة جمموعاتهم‪.‬‬
‫عندما يقدِّ م املعطا�ؤون م�صالح غريهم على م�صاحلهم ال�شخ�ص َّية‪ ،‬فهم يعرفون‬
‫�أنَّ هدفهم هو حتقيق امل�صلحة امل�شرتكة‪ ،‬ولهذا ال�سبب يحظى املعطا�ؤون باحرتام‬
‫من يتعاونون معهم‪.‬‬

‫�أ�ساليب التعامل الداعمة واملعرقلة‬


‫لطاقات الآخرين‬
‫كل جمال تقريب ًا �أن يكت�شف املرء القدرات واملواهب‬ ‫من املهارات الأ�سا�س َّية يف ِّ‬
‫التي ميتلكها الآخرون ويعمل على تنميتها؛ من ال�صعوبة مبكان الت�أكيد مبا‬
‫يكفي على �أه ِّم َّية �إحاطة �أنف�سنا بالنجوم‪ .‬ففيما يت�صل باكت�شاف الطاقات‬
‫والإمكانات التي ميتلكها الآخرون‪ ،‬ت�ش ِّكل �أ�ساليب التعامل منهج َّياتنا وفاعل َّيتنا‪.‬‬
‫لنت�أ َّمل جما ًال م�ألوف ًا ومفهوم ًا را�سخ ًا‪ :‬التدري�س والتو ُّقعات املتح ِّققة‪ .‬ت�ش ِّكل‬
‫�أفكار املع ِّلمني حول التالميذ تو ُّقعات كثري ًا ما تتح َّقق‪ ،‬ف�إذا اعتقدوا �أنَّ‬
‫عات و�آما ًال كبرية يف جناحهم‪.‬‬ ‫طالبهم متم ِّيزون‪ ،‬فهم بذلك ي�ضعون تو ُّق ٍ‬
‫ونتيجة لذلك ينخرط املع ِّلمون يف املزيد من ال�سلوك َّيات الداعمة التي تزيد‬
‫وتعزز تعلُّمهم‪ .‬ويتوا�صل املع ِّلمون بدفء‬ ‫من م�ستوى الثقة لدى طالبهم ِّ‬
‫�أكرب مع الطالب املتم ِّيزين و ُيك ِّلفونهم بواجبات ومهام جتمع بني ال�صعوبة‬
‫والتحدِّ ي ويطلبون منهم الإجابة عن �أ�سئلتهم كثري ًا ويعطونهم تقييم ًا �أعلى‬
‫خا�صة يف حت�سني التقديرات‬ ‫من غريهم‪ .‬وتكت�سب تو ُّقعات املع ِّلمني �أهم َّية َّ‬
‫ودرجات اختبار الذكاء التي يح�صل عليها الطالب منخف�ضو التح�صيل‪.‬‬
‫بعيد ًا عن التعليم‪ ،‬ت�شري الأد َّلة �إلى �أنَّ �أفكار القادة ميكن �أن حت ِّفز التو ُّقعات‬
‫املح َّققة يف العديد من امليادين خارج الف�صول الدرا�س َّية‪ .‬وقد تب َّنى بع�ض‬
‫املديرين واملع ِّلمني هذه الر�سالة‪ .‬فهم يعلمون يف قرارة �أنف�سهم �أنَّ الطالب‬
‫متم ِّيزون بالفطرة‪ .‬ق َّلما ينطبق ذلك على ال َّأخاذين الذين ال يثقون بغريهم‪.‬‬
‫ت�شري الأبحاث �إلى �أنَّ ال َّأخاذين ي�ش ِّككون يف نوايا الآخرين‪ ،‬ويعتقدون �أ َّنهم‬
‫تعزز اعتقاداتهم‬ ‫يلحقون بهم الأذى‪ ،‬ولذا فهم يبحثون عن املعلومات التي ِّ‬
‫ويتعاملون بارتياب‪ .‬و ُتطلق مثل هذه التو ُّقعات املنخف�ضة دائرة خبيثة‪ ،‬وتعرقل‬
‫تط ُّور الآخرين وت�ؤ ِّثر �سلبي ًا يف دافع َّيتهم‪ ،‬وحتَّى عندما ينبهر ال َّأخاذون‬
‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫‪4‬‬
‫املعطا�ؤون ال ينتظرون دالئل على امتالك‬ ‫دعم وتطوير مر�ؤو�سيهم الواعدين‪ ،‬لكنَّ اخلط�أ‬ ‫ب�إمكانات �شخ�ص ما‪ ،‬ف�إ َّنهم يعتربونه تهديد ًا‬
‫الآخرين قدرات متم ِّيزة‪ .‬فنظر ًا �إلى �أنَّ‬ ‫الذي يقع فيه املوائمون يكمن يف انتظارهم‬ ‫لهم‪ ،‬وال يرغبون يف دعمه وتطويره‪ ،‬ولذلك ال‬
‫املعطائني واثقون بنوايا الآخرين ومتفائلون‬ ‫�إظهار الآخرين قدراتهم و�إمكاناتهم املم َّيزة‪،‬‬ ‫ينخرط ال َّأخاذون يف ال�سلوك َّيات الداعمة التي‬
‫بها‪ ،‬فهم مييلون يف �أدوارهم كقادة �أو مديرين‬ ‫فنظر ًا �إلى �أنَّ املوائمني يحر�صون على املعاملة‬ ‫تعزز الثقة لدى زمالئهم ومر�ؤو�سيهم و ُتن ِّمي‬ ‫ِّ‬
‫خا�صة‪،‬‬‫�إلى االعتقاد ب�أنَّ لدى اجلميع قدرات َّ‬ ‫باملثل‪ ،‬فهم ال يقدِّ مون الدعم �إال بعد �أن يروا‬ ‫قدراتهم‪.‬‬
‫فاملعطا�ؤون يرون جميع النا�س متم ِّيزين‪.‬‬ ‫�أد َّلة على �أنَّ ه�ؤالء الأ�شخا�ص واعدون‪ ،‬وقد‬ ‫�أ َّما املوائمون فهم �أكرث ا�ستعداد ًا لتحفيز‬
‫وب�إدراكهم �أ َّنهم متم ِّيزون‪ ،‬فهم ير ِّكزون على‬ ‫تفوتهم فر�ص تطوير �أولئك الذين ال ُيظهرون‬ ‫التو ُّقعات‪ ،‬فهم يقدِّ رون املعاملة باملثل‪ ،‬عندما‬
‫حتفيز الآخرين‪.‬‬ ‫دالئل على مت ُّيز قدراتهم و�إمكاناتهم يف‬ ‫إمكانات مم َّيزة‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫قدرات و�‬
‫ٍ‬ ‫ُيظهر �أحد الزمالء‬
‫البداية‪.‬‬ ‫يكون تعامل املوائمني �إيجابي ًا‪ ،‬فيحر�صون على‬

‫الت�أثري والتوا�صل بتوا�ضع‬


‫ت�شري الأبحاث �إلى �أ َّنه يوجد طريقان �أ�سا�س َّيان للت�أثري‪ :‬ال�سيطرة واملكانة‪.‬‬
‫فعندما منلك ال�سيطرة‪ ،‬نحظى بالت�أثري لأنَّ الآخرين يروننا �أقوياء وذوي‬
‫هيمنة و�سطوة‪ .‬وعندما منلك املكانة‪ ،‬نحظى بالت�أثري لأ َّننا ننال احرتام‬
‫الآخرين و�إعجابهم‪.‬‬
‫وهذان الطريقان للت�أثري يرتبطان ارتباط ًا وثيق ًا ب�أ�ساليب التعامل‪،‬‬
‫فال َّأخاذون ينجذبون �إلى اكت�ساب ال�سيطرة ويتم َّيزون يف ذلك‪ ،‬فهم‬
‫ي�سعون �إلى �أن يكونوا �أعلى منزلة من غريهم‪ .‬ولتحقيق ال�سيطرة‪ ،‬يتب َّنى‬
‫ال َّأخاذون �أ�سلوب التوا�صل بق َّوة‪ ،‬فهم يتحدَّثون بق َّوة ويرفعون �أ�صواتهم‬
‫للت�أكيد على �سلطتهم ويتحدَّثون بح�سم لإظهار ثقتهم ب�أنف�سهم وير ِّوجون‬
‫لإجنازاتهم ويعر�ضون �آراءهم بثقة وكربياء‪ .‬كما �أ َّنهم ُيظهرون الق َّوة‬
‫بب�سط �أذرعهم تعبري ًا عن الهيمنة ورفع حواجبهم تعبري ًا عن التحدِّ ي‪.‬‬
‫ويعبون‬ ‫هم كذلك يحر�صون على وجود م�سافة بينهم وبني الآخرين ِّ‬
‫وعلى النقي�ض‪ ،‬املكانة لي�ست م�س�ألة «فوز مقابل خ�سارة»؛ فال يوجد �سقف‬ ‫عن غ�ضبهم ويطلقون تهديداتهم متى لزم الأمر‪ .‬و�سعي ًا وراء الت�أثري‪،‬‬
‫ملقدار االحرتام والإعجاب الذي ميكن �أن نحظى به‪ .‬هذا معناه �أنَّ املكانة‬ ‫يقود ال َّأخاذون د َّفة املحادثات ويهيمنون عليها من خالل �إر�سال �إ�شارات‬
‫عاد ًة ما يكون لها قيمة �أكرث ا�ستدامة‪ ،‬لأنَّ من الأهم َّية مبكان معرفة‬ ‫قو َّية �شفه َّية وغري �شفه َّية‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬يكون ال َّأخاذون يف الأغلب �أكرث‬
‫الكيف َّية التي يح�صل بها النا�س عليها‪.‬‬ ‫فاعل َّية من املعطائني يف اكت�ساب الهيمنة‪ ،‬لكنَّ ال�س�ؤال املطروح‪ :‬هل هذا‬
‫التوا�صل بتوا�ضع هو الأ�سلوب املقابل للتوا�صل بق َّوة‪ ،‬فاملتوا�صلون بتوا�ضع‬ ‫الطريق هو الأكرث ا�ستدامة لل�سيطرة؟‬
‫ويعبون عن �شكوكهم الذات َّية‬ ‫عاد ًة ما يتحدَّثون ب�أ�سلوب �أق َّل ح�سم ًا ِّ‬ ‫مع اجلمهور املت�ش ِّكك‪ ،‬ك َّلما حاولت ال�سيطرة عليه‪ ،‬ازداد مقاومة لك‪،‬‬
‫ويعتمدون بكرثة على ن�صائح الآخرين‪ .‬هم يتحدَّثون بطرق تد ُّل على‬ ‫بل وحتَّى مع اجلمهور الذي لديه ا�ستعداد لتق ُّبل ما تقوله‪ ،‬ال�سيطرة‬
‫تعب عن‬ ‫�سرعة الت�أثر ويك�شفون نقاط �ضعفهم وي�ستخدمون عبارات ِّ‬ ‫هي م�س�ألة «فوز مقابل خ�سارة»؛ ك َّلما ازدادت هيمنتي و�سيطرتي‪ ،‬ق َّلت‬
‫�إخالء م�س�ؤول َّيتهم وحت ُّوطهم وتردُّدهم‪ .‬ويتب َّنى املعطا�ؤون بطبيعتهم‬ ‫هيمنتك و�سيطرتك‪ .‬وعندما يتقابل ال َّأخاذون مع �شخ�ص �أكرث هيمنة‪،‬‬
‫�أ�سلوب التوا�صل بتوا�ضع‪.‬‬ ‫ف�إ َّنهم يخاطرون بفقدان ت�أثريهم‪.‬‬

‫التوا�صل بتوا�ضع‬
‫القلق من �أن ي�ؤدِّي الك�شف عن نقاط �ضعفهم �إلى ت�أ ُّثر نفوذهم و�سلطتهم �سلب ًا‪� .‬أ َّما املعطا�ؤون فهم مهت ُّمون مب�ساعدة‬ ‫ي�ساور ال َّأخاذين ُ‬
‫الآخرين ولي�س بك�سب الهيمنة عليهم‪ ،‬ولذلك هم ال يهابون الك�شف عن نقاط �ضعفهم‪ .‬ومن خالل التعبري عن نقاط �ضعفهم‪ ،‬ميكن �أن يبني‬
‫املعطا�ؤون بالفعل مكانة لأنف�سهم‪ .‬لكنَّ ث َّمة ا�ستثناء هنا‪ :‬ال يكون التعبري عن ال�ضعف ف َّعا ًال �إال �إذا تق َّبل اجلمهور العالمات الأخرى التي ت�ؤ ِّكد‬
‫كفاءة املتحدِّ ث‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫الإقناع بطرح الأ�سئلة‬
‫املعطا�ؤون هم الأكرث �إقناع ًا‪ ،‬وال�سبب الرئي�س يف ذلك هو توا�صلهم بتوا�ضع‪ .‬وطرح الأ�سئلة �صورة من �صور �أ�سلوب التوا�صل بتوا�ضع الذي يتب َّناه‬
‫املعطا�ؤون بطبيعة احلال‪ ،‬فالأ�سئلة ت�صبح جمدية ال �س َّيما عندما تكون يف موقف تفاو�ضي ينطوي على كثري من املناف�سة‪.‬‬
‫فمن خالل طرح الأ�سئلة وحماولة التع ُّرف �إلى اجلمهور‪ ،‬يبني املعطا�ؤون ج�سور الثقة ويكت�سبون املعرفة ب�ش�أن احتياجات جمهورهم‪ .‬ومبرور‬
‫الوقت‪ ،‬يجعلهم هذا �أف�ضل حا ًال يف عمل َّية الإقناع‪.‬‬

‫الإقناع باحلديث املرت ِّدد‬


‫كيف ميكن �أن ُي ِّغي املعطا�ؤون عقول اجلماهري التي لي�س لديها ا�ستعداد‬
‫كبري لتق ُّبل ما يقولون؟ «�ألي�سون فراجيل» الأ�ستاذة بجامعة نورث‬
‫كارولينا‪ ،‬خبرية ب�أ�سلوب التوا�صل بتوا�ضع‪ .‬ترى فراجيل �أنَّ �أ�ساليب‬
‫كل من املعطاء وال َّأخاذ‪ ،‬فال َّأخاذون‬ ‫التحدُّث تبعث �إ�شارات حول طبيعة ٍّ‬
‫ي�ستخدمون عاد ًة حديث ًا قوي ًا‪ ،‬فهم حا�سمون ومبا�شرون‪� .‬أما املعطا�ؤون‬
‫عالمات تد ُّل‬
‫ٍ‬ ‫فيتب َّنون حديث ًا ينطوي على �شيء من التوا�ضع م�ستخدمني‬
‫على عدم احل�سم من قبيل‪:‬‬
‫‪ .1‬الرتدُّد‪« :‬ح�سن ًا»‪« ،‬كما تعلمون»‪.‬‬
‫«ربا»‪« ،‬قد يكون»‪« ،‬من املحتمل �أن»‪�« ،‬أظنُّ »‪.‬‬ ‫‪ .2‬التح ُّوط‪« :‬نوع ًا ما»‪َّ ،‬‬
‫«ربا تكون هذه فكرة �س ِّيئة‪ ،‬ولكن‪.»...‬‬ ‫‪ .3‬التخ ِّلي‪َّ :‬‬
‫‪ .4‬الأ�سئلة الذيل َّية‪« :‬هذا �أمر يثري االهتمام‪� ،‬ألي�س كذلك؟»‪« ،‬هذه فكرة‬
‫ج ِّيدة‪� ،‬ألي�ست كذلك؟»‪.‬‬
‫‪ .5‬الأدوات املق ِّوية‪ /‬امل�شدِّ دة‪« :‬حقيق ًة»‪« ،‬جد ًا»‪« ،‬متام ًا»‪.‬‬
‫يتعي على النا�س العمل مع ًا على نحو وثيق‪،‬‬ ‫تبي «فراجيل» �أ َّنه عندما َّ‬ ‫ِّ‬
‫كما هي احلال يف العمل اجلماعي والعالقات اخلدم َّية‪ ،‬يح ِّقق احلديث‬
‫�ألي�سون فراجيل‬ ‫بتوا�ضع ت�أثري ًا �أكرب فعلي ًا من احلديث بق َّوة‪.‬‬

‫التفاو�ض البديل والتما�س امل�شورة‬


‫التما�س امل�شورة �صورة من �صور التوا�صل بتوا�ضع جتمع بني التعبري عن ال�ضعف‬
‫وطرح الأ�سئلة والتحدُّث بال ح�سم‪ .‬فعندما نطلب الن�صيحة من الآخرين‪ ،‬نطرح‬
‫يعب عن حالة من عدم الت�أ ُّكد وال�ضعف‪ .‬وبد ًال من �أن ُنظهر بثقة �أ َّننا منلك‬ ‫�س�ؤا ًال ِّ‬
‫جواب ًا ِّ‬
‫لكل �شيء‪ُ ،‬ن ِق ُّر ب�أنَّ الآخرين قد يكون لديهم معرفة �أف�ضل م َّنا‪ .‬ونتيجة لذلك‪،‬‬
‫حجم ال َّأخاذون واملوائمون عن طلب امل�شورة‪ .‬فمن وجهة نظر ال َّأخاذين‪،‬‬ ‫غالب ًا ما ُي ِ‬
‫طلب امل�شورة معناه االعرتاف ب�أ َّنك ال متلك جميع الأجوبة‪ .‬قد يخ�شى ال َّأخاذون من‬
‫�أن ُيظ ِهرهم طلب امل�شورة مبظهر ال�ضعفاء‪ .‬هم خمطئون‪ :‬ت�شري الأبحاث �إلى �أنَّ‬
‫الأ�شخا�ص الذين يلتم�سون امل�شورة وامل�ساعدة بانتظام من زمالئهم ذوي اخلربة‬
‫يحظون بتقدير كبري من ر�ؤ�سائهم مقارن ًة مبن ال يلتم�سون امل�شورة وامل�ساعدة �أبد ًا‪.‬‬
‫الظهور مبظهر ال�ضعفاء ال يزعج املعطائني الذين ال ت�شغلهم كثري ًا م�س�ألة حماية‬
‫كربيائهم و�إظهار احل�سم‪ .‬فعندما يطلب املعطا�ؤون امل�شورة‪ ،‬ف�إ َّنهم يفعلون ذلك‬
‫فيحجمون عن طلب امل�شورة ل�سبب‬ ‫لأ َّنهم مهت ُّمون بالتعلُّم من الآخرين‪� .‬أ َّما املوائمون‪ِ ،‬‬
‫خمتلف‪ :‬قد ي�صبحون مدينني ب�شيء ما مقابل الن�صيحة التي يح�صلون عليها‪.‬‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪6‬‬
‫ملاذا ُي�ؤْ ِثر املعطا�ؤون على �أنف�سهم‬
‫وم�صلحة الآخرين‪ :‬هم يحر�صون على حتقيق‬ ‫التوحد املر�ضي‪ ،‬الذي ع َّرفته الباحثة باربرا‬ ‫ُّ‬ ‫ين�صب تركيز ال َّأخاذين على م�صلحتهم‬ ‫ُّ‬
‫املنفعة للآخرين لك َّنهم ميتلكون �أي�ض ًا �أهداف ًا‬ ‫�صحي على الآخرين‬ ‫�أوكالي ب�أ َّنه «تركيز غري ِّ‬ ‫الذات َّية يف حني ال يبالون كثري ًا مب�صلحة‬
‫طموحة تتع َّلق مب�صاحلهم ال�شخ�ص َّية‪ .‬يف غياب‬ ‫بطريقة ت�ض ُّر باحتياجات الفرد الذات َّية»‪،‬‬ ‫الآخرين‪ :‬هم ي�سعون �إلى حتقيق �أق�صى‬
‫دوافع احلفاظ على الذات‪ ،‬من ال�سهل �أن ي�صبح‬ ‫حيث �إ َّنه خالل حماولة املعطائني م�ساعدة‬ ‫درجات النجاح لأنف�سهم دون االن�شغال كثري ًا‬
‫العطاء الإيثاري طاغي ًا‪� .‬أ َّما العطاء َّ‬
‫املوجه‬ ‫الآخرين‪ ،‬ينتهي بهم احلال ب�إيذاء �أنف�سهم‪.‬‬ ‫بغريهم من النا�س‪ .‬وعلى النقي�ض‪ ،‬دائم ًا ما‬
‫بامل�صلحة الذات َّية وم�صلحة الآخرين فمعناه‬ ‫يظنُّ معظم النا�س �أنَّ امل�صلحة الذات َّية‬ ‫ير ِّكز املعطا�ؤون على م�صلحة الآخرين‪ ،‬لك َّنهم‬
‫مما ي�أخذ‪ ،‬مع‬ ‫اال�ستعداد لأن يعطي املرء �أكرث َّ‬ ‫وم�صلحة الآخرين مت ِّثالن طرفني ملقيا�س واحد‬ ‫يتباينون يف حر�صهم على م�صلحتهم الذات َّية‪.‬‬
‫و�ضع م�صاحله الذات َّية ن�صب عينيه يف ذات‬ ‫مت�صل‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يف درا�ساتنا ملا يح ِّفز النا�س‬ ‫ـكل منهما‬ ‫فث َّمة نوعان من املعطائني‪ ،‬ولـ ٍّ‬
‫الوقت‪ ،‬م�ستخدم ًا �إ َّياها دلي ًال يعينه على اختيار‬ ‫يف العمل‪ ،‬عاد ًة ما جند �أنَّ امل�صلحة الذات َّية‬ ‫مع َّدالت جناح خمتلفة اختالف ًا ب ِّين ًا عن الآخر‪،‬‬
‫الوقت واملكان والطريقة والأ�شخا�ص الذين‬ ‫وم�صلحة الآخرين هما حافزان م�ستقالن متام ًا‪:‬‬ ‫أنا�س لديهم اهتما ٌم‬ ‫فاملعطا�ؤون الإيثار ُّيون � ٌ‬
‫يوجه عطاءه �إليهم‪ .‬عندما يجتمع االهتمام‬ ‫ِّ‬ ‫ميكن �أن تكون مدفوع ًا بكليهما يف ذات الوقت‪.‬‬ ‫ري بالآخرين واهتما ٌم قلي ٌل مب�صلحتهم‬ ‫كب ٌ‬
‫بالآخرين مع جرعة �صح َّية من االهتمام بالذات‪،‬‬ ‫ف�إذا كان ال َّأخاذون �أنان ِّيني بطبيعتهم واملعطا�ؤون‬ ‫الذات َّية‪ .‬هم مينحون وقتهم وجهدهم دون‬
‫ي�صبح املعطا�ؤون �أق َّل عر�ضة للإنهاك ونفاد‬ ‫الإيثار ُّيون ناكرين لذاتهم‪ ،‬ف�إنَّ املعطائني‬ ‫االلتفات �إلى حاجاتهم الذات َّية‪ ،‬ويدفعون‬
‫الطاقة؛ وتزداد احتماالت ازدهارهم وتقدُّمهم‪.‬‬ ‫الناجحني يجمعون بني م�صلحتهم الذات َّية‬ ‫ثمن ذلك‪ .‬العطاء الإيثاري �صورة من �صور‬

‫"‬ ‫هناك ثالثة �أ�ساليب جوهر َّية للتفاعل الإن�ساين‪ :‬العطاء والأخذ واملواءمة‪ .‬وال توجد خطوط وا�ضحة‬
‫بينها‪ ،‬فقد تت�ص َّرف مدفوع ًا بالأخذ عندما تتفاو�ض ب�ش�أن راتبك‪ ،‬ومدفوع ًا بالعطاء عندما تن�صح من � َّ‬
‫أقل‬
‫خرب ًة منك‪ ،‬ومدفوع ًا باملواءمة عندما تتبادل خربتك مع زميل لك‬
‫"‬
‫العطاء من �أجل ال�سعادة‬
‫ث َّمة عدة مبادئ ينبغي مراعاتها للحفاظ على قدرة املعطائني على العطاء امل�ستمر الذي يحميهم من �إنهاك �أنف�سهم وا�ستنفاد طاقاتهم‪.‬‬

‫�أو ًال‪� :‬أ�سلوب العطاء‪ ،‬العطاء بوفرة مقابل العطاء بح�ساب‬


‫خية هذا الأ�سبوع‪ ،‬ف�ستفعل �أ�شياء من قبيل‬ ‫هب �أ َّنك �ست�ؤدِّي خم�سة �أعمال ِّ‬
‫م�ساعدة �صديق يف م�شروعه‪� ،‬أو كتابة برق َّية �شكر �إلى مع ِّلم �سابق‪� ،‬أو الت ُّ‬
‫ربع‬
‫بالدم‪� ،‬أو زيارة قريب م�سن‪ ،‬ميكنك �أن تختار واحدة من طريقتني لتنظيم‬
‫عطائك‪ :‬العطاء بوفرة‪� ،‬أو العطاء بح�ساب‪� .‬إذا كنت مدفوع ًا بالعطاء بوفرة‪،‬‬
‫كل �أ�سبوع‪� .‬أ َّما �إذا كنت‬‫ف�ستقوم بالأ�شياء اخلم�سة مع ًا يف يوم واحد من ِّ‬
‫مدفوع ًا بالعطاء بح�ساب‪ ،‬ف�سوف تو ِّزع عطاءك بالت�ساوي على مدار خم�سة‬
‫�أيام خمتلفة‪ ،‬بحيث تفعل �شيئ ًا واحد ًا من الأ�شياء اخلم�سة ك َّل يوم‪� .‬أ ُّيهما يف‬
‫ر�أيك �سيجعلك �أ�سعد حا ًال‪ :‬العطاء بوفرة �أم العطاء بح�ساب؟‬
‫�أو�ضحت الدرا�سات �أنَّ من يعطون بوفرة يح ِّققون مكا�سب �أعلى من حيث‬
‫ال�شعور بال�سعادة بعك�س من يعطون بح�ساب‪ ،‬فالعطاء بوفرة ا�سرتاتيج َّية جتمع‬
‫بني امل�صلحة الذات َّية وم�صلحة الآخرين‪.‬‬
‫وعلى النقي�ض‪ ،‬مييل املعطا�ؤون الإيثار ُّيون �إلى توزيع عطائهم على �أ َّيامهم‪،‬‬
‫�إذ ي�ساعدون النا�س متى احتاجوا �إليهم‪ .‬هذا ال�سلوك ميكن �أن ي�صبح‬
‫مربك ًا ومنهك ًا‪� ،‬إذ يحرم املعطائني من االهتمام واجلهد الالزمني لإجناز ما‬
‫يخ�صهم من �أعمال‪.‬‬ ‫ُّ‬
‫‪7‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫ثاني ًا‪ :‬احلدُّ الزمني للعطاء‬
‫ت�شري الأبحاث �إلى �أ َّنه �إذا بد�أ النا�س يتط َّوعون مبعدَّل �ساعتني �أ�سبوعي ًا‪،‬‬
‫ف�سريتفع م�ستوى �شعورهم بال�سعادة والر�ضا وتقدير الذات بعد مرور �سنة‪� .‬إنَّ‬
‫تخ�صي�ص �ساعتني �أ�سبوعي ًا للعطاء هي الطريقة املثلى التي ميكن �أن ي�صنع بها‬
‫املرء فارق ًا ملمو�س ًا دون �إنهاك نف�سه �أو الت�ضحية ب�أولو َّيات �أخرى‪ .‬وهو �أي�ض ًا‬
‫مما يعود بالنفع على‬ ‫النطاق الذي يح ِّقق فيه التط ُّوع على الأرجح توازن ًا �صحي ًا‪َّ ،‬‬
‫املتط ِّوع وامل�ستفيدين من تط ُّوعه على حدٍّ �سواء‪.‬‬

‫ثالث ًا‪� :‬أ�سباب العطاء‬


‫�أثبت عاملا النف�س «نيتا واين�شتاين» و«ريت�شارد راين» �أنَّ العطاء ال ي�ؤ ِّثر ت�أثري ًا‬
‫مبهج ًا وحم ِّفز ًا �إال �إذا كان نابع ًا من اختيار ممتع وذي معنى ال �أن ي�ؤ َّدى على‬
‫�سبيل ال�ضرورة �أو اال�ضطرار‪ .‬فوفق ًا لدرا�ساتهما‪� :‬شعر النا�س ب�سعادة �أكرب‬
‫يف الأ َّيام التي �ساعدوا فيها غريهم مقارن ًة بالأ َّيام التي مل يفعلوا فيها ذلك‪،‬‬
‫أنا�س‬
‫لكنَّ �أ�سباب العطاء كانت لها �أهم َّية كبرية؛ ففي الأيام التي �ساعد فيها � ٌ‬
‫غ َريهم مبح�ض اختيارهم النابع من �شعورهم باال�ستمتاع و�إح�سا�سهم بنبل‬
‫هدفهم‪� ،‬شعروا بقدر كبري من ال�سعادة واحلما�س‪ ،‬فالعطاء النابع من هذه‬
‫الأ�شياء منحهم �شعور ًا �أكرب باال�ستقالل َّية والإجادة واالرتباط بالآخرين‪ ،‬وزاد‬
‫من �شعورهم باحلما�س وال�سعادة‪.‬‬

‫�إنقاذ املعطائني من ا�ستغالل الآخرين‬


‫�إنَّ �أ�سلوب العطاء الذي يجمع بني امل�صلحة الذات َّية وم�صلحة الآخرين يجعل املعطائني قادرين على النجاة من َ�ش َرك الإفراط يف‬
‫الوثوق بغريهم من خالل املرونة العالية والقدرة على تكييف �أ�ساليب تعاملهم‪ ،‬فهذا الأ�سلوب ي�ساعدهم على التغلُّب على خماطر‬
‫الإفراط يف التعاطف واخلجل ال�شديد عن طريق تكييف بع�ض املهارات التي يكت�سبونها ب�سهولة‪.‬‬
‫لتج ُّنب التع ُّر�ض لال�ستغالل �أو االحتيال‪ ،‬من ال ِّ‬
‫أهم َّية مبكان متييز املعطائني احلقيق ِّيني عن الأخَّ اذين واملخادعني‪ .‬ميلك املعطا�ؤون‬
‫َم ِز َّية غريز َّية يف اكت�شاف مدى ال�صدق‪ ،‬فهم �أكرث انتباه ًا �إلى �سلوك َّيات الآخرين و�أكرث قدرة على اكت�شاف �أفكارهم وم�شاعرهم‪،‬‬
‫وهو الأمر الذي مي ِّكنهم من التقاط املزيد من اخليوط الكا�شفة مثل التعبري عن النجاحات با�ستخدام �صيغة املفرد املتك ِّلم «�أنا» بد ًال‬
‫من «نحن» على �سبيل املثال‪ .‬كما �أنَّ املعطائني ميلكون ميزة اكت�شاف مدى ال�صدق من ثقتهم املعتادة بالآخرين‪ ،‬ما مينحهم فر�ص ًا‬
‫لر�ؤية نطاق �أو�سع من ال�سلوك َّيات التي ميكن �أن يتَّبعها الآخرون‪.‬‬

‫الدفاع عن م�صالح الآخرين‬


‫كي يتج َّنب املعطا�ؤون اخلجل الذي مينعهم من احل�صول على ما ي�ستح ُّقونه‬
‫كراتب �أعلى �أو حزمة �أف�ضل من املزايا واحلوافز مث ًال‪ ،‬ميكن �أن يلج�ؤوا �إلى‬
‫�أ�سلوب يجمع بني الوكالة والدفاع عن م�صلحة الآخرين‪.‬‬
‫يف حالة الوكالة‪ ،‬يرى املعطاء نف�سه يتح َّدث بالنيابة عن جمموعة �أخرى‪.‬‬
‫ويف حالة الدفاع عن ال�صالح العام يقدِّ م املعطاء �شرح ًا لطلب يربز اهتمامه‬
‫مب�صلحة الآخرين ولي�س م�صلحته الذات َّية فقط‪.‬‬
‫ي�ساور املعطائني القلق من خرق تف�ضيالتهم ال�شخ�ص َّية يف التعامل‪ ،‬ف�إذا ما‬
‫حلوا يف الطلب‪ ،‬ف�سي�شعرون ب�أ َّنهم � َّأخاذون بد ًال من �أن يكونوا معطائني‪ ،‬لكن‬
‫�أ ُّ‬
‫عندما يدافع املعطا�ؤون عن �شخ�ص �آخر‪ ،‬ي�صبح �إحلاحهم يف الطلب �أكرث‬
‫ان�سجام ًا مع قيمهم املتمركزة حول حماية م�صالح الآخرين والدفاع عنها‪.‬‬
‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫‪8‬‬
‫ال�سخاء يف املعاملة باملثل‬
‫�أجرى العديد من علماء النف�س يف جامعة كولومبيا درا�سات وجتارب عديدة يف العطاء‪ .‬يف �إحدى هذه التجارب‪� ،‬أعطى علماء‬
‫النف�س امل�شاركني فر�صة للعمل مع قرناء لهم �إ َّما مناف�سني و�إ َّما متعاونني‪.‬‬
‫بغ�ض النظر عن طبيعة �أقرانهم‪� .‬أ َّما الباقون‪ ،‬فقد تك َّيفوا مع الطريقة التي يت�ص َّرف بها �أقرانهم؛‬ ‫ت�ص َّرف ال َّأخاذون بتناف�س َّية ِّ‬
‫كانوا يتعاونون عند العمل مع �أقرانهم املتعاونني ولكن مبجرد �أن ُيظهر �أقرانهم تناف�س َّية‪ ،‬ي�ستجيبون بطريقة �أكرث تناف�س َّية‪.‬‬
‫وا�ضعو نظر َّية الألعاب يطلقون على ذلك الأ�سلوب «املعاملة باملثل» �أو �أ�سلوب «واحدة بواحدة»‪ ،‬وهو ا�سرتاتيج َّية توا�ؤم َّية خال�صة‪،‬‬
‫لكن وفق ًا لعامل البيولوجيا الريا�ض َّية «مارتن نواك» الأ�ستاذ بجامعة هارفارد‪ ،‬هذه اال�سرتاتيج َّية بها «خلل مميت»‪ ،‬وهو «عدم‬
‫القدرة على الت�سامح بالقدر الذي يكفي لتق ُّبل الأخطاء التي قد تقع من �آن �إلى �آخر»‪.‬‬
‫تو�صل «نواك» �إلى �أ َّنه من الأف�ضل املناوبة بني العطاء واملواءمة‪ .‬فيما يت�صل بالأ�سلوب ال�سخي يف املعاملة باملثل‪ ،‬القاعدة هي‪:‬‬ ‫لقد َّ‬
‫«ال تتجاهل �أبد ًا �سلوك ًا ج ِّيد ًا‪ ،‬ولكن ت�سامح مع �سلوك �س ِّيئ من �آن �إلى �آخر»‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫الآخرين جديرين بهذه الثقة‪ .‬عند التعامل مع‬ ‫يكون لديهم اال�ستعداد لتعديل �أ�سلوب تعاملهم‬ ‫الأ�سلوب ال�سخي يف املعاملة باملثل ا�سرتاتيج َّية‬
‫ال َّأخاذين‪ ،‬ي�صبح التح ُّول �إلى �أ�سلوب املواءمة‬ ‫مع �شخ�ص ُيعرف عنه �أو يت�ص َّرف ب�أ�سلوب ين ُّم‬ ‫من ا�سرتاتيج َّيات العطاء التي جتمع بني‬
‫ا�سرتاتيج َّية حلماية الذات‪ ،‬لكن من �آن �إلى‬ ‫عن �أ َّنه من زمرة ال َّأخاذين‪ .‬انتهاج ا�سرتاتيج َّية‬ ‫م�صلحة الذات وم�صلحة الآخرين‪ ،‬ففي‬
‫�آخر‪َّ ،‬ربا يكون من احلكمة العودة �إلى �أ�سلوب‬ ‫التعامل التي جتمع بني امل�صلحة الذات َّية‬ ‫حني يقع املعطا�ؤون الإيثار ُّيون يف خط�أ الوثوق‬
‫العطاء‪ ،‬من �أجل منح ال َّأخاذين فر�صة لإ�صالح‬ ‫وم�صلحة الآخرين معناه �أنَّ املعطائني يبقون‬ ‫بالآخرين طيلة الوقت‪َ ،‬منْ يتعاملون بنا ًء على‬
‫ما �أف�سدوه‪.‬‬ ‫على م�صاحلهم الذات َّية يف املر�آة اخللف َّية‪،‬‬ ‫م�صلحتهم الذات َّية وم�صلحة الآخرين يف ذات‬
‫ويحر�صون على �إظهار الثقة مع التح ُّقق من كون‬ ‫الوقت ُيظهرون الثقة يف بداية تعاملهم‪ ،‬لكن‬

‫من يرغب يف العطاء؟‬


‫ملاذا ن�ستهني بعدد الأ�شخا�ص الذين لديهم ا�ستعداد للعطاء؟ عندما‬
‫نحاول التن ُّب�ؤ بردود فعل الآخرين‪ ،‬نر ِّكز على التكلفة التي ترتتَّب على‬
‫قبولنا لطلبهم‪ ،‬يف حني نتجاهل التكلفة املرت ِّتبة على رف�ضنا له‪ .‬فينتابنا‬
‫عدم االرتياح وال�شعور بالذنب واحلرج عندما نرف�ض طلب ًا ب�سيط ًا‬
‫للم�ساعدة‪ .‬وت�شري الأبحاث النف�س َّية �إلى عوامل �سيكولوج َّية جتعل‬
‫النا�س يعتقدون �أ َّنه ال يوجد الكثري من الأ�شخا�ص املعطائني من حولهم‪.‬‬
‫غالب ًا ما ُت�ص َّمم مواقع العمل واملدار�س بطريقة جتعل منها بيئات‬
‫�أ�سا�سها «الفوز مقابل اخل�سارة»‪ ،‬حيث تكون هناك هرم َّية جرب َّية‬
‫ومنحنيات تقدير الأداء التي ت�ضع �أفراد املجموعة مقابل بع�ضهم يف‬
‫مناف�سات «الفوز مقابل اخل�سارة»‪ .‬يف مثل هذه البيئات‪ ،‬من الطبيعي �أن‬
‫نفرت�ض �أنَّ الزمالء �سيميلون �إلى الأخذ‪ ،‬وهذا من �ش�أنه �أن يق ِّلل مقدار‬
‫العطاء الفعلي الذي يحدث‪ .‬ما يجعل النا�س ي�ستهينون بعدد الأ�شخا�ص‬
‫الذين لديهم ا�ستعداد للعطاء‪ .‬ومبرور الوقت‪ ،‬يبدو العطاء غري �شائع‪،‬‬

‫"‬
‫َّثم يبد�أ الأ�شخا�ص الذين يحملون قيم العطاء ي�شعرون ب�أ َّنهم �أقل َّية‪.‬‬
‫عندما يكون العطاء منتظم ًا لدى الأفراد‪ ،‬ف�إنَّه‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬حتَّى عندما ينخرط النا�س يف �سلوك َّيات عطاء‪ ،‬فهم‬
‫حدث حت ُّو ًال يف �أ�ساليب تعامل النا�س‬
‫ي� ِّؤ�س�س منط ًا و ُي ِ‬
‫"‬ ‫معد‬
‫�سلوك ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫بع�ضهم مع بع�ض‪ ،‬فمن الوا�ضح �أنَّ العطاء‬
‫يقلقون �أ َّنهم �سيعزلون �أنف�سهم اجتماعي ًا �إذا خالفوا املعيار ال�سائد‪َّ ،‬ثم‬
‫يخفون عطاءهم وراء دوافع تتمحور حول م�صلحتهم الذات َّية اخلا�صة‪.‬‬

‫دائرة املعاملة باملثل‬


‫حلقة املعاملة باملثل مترين ط َّوره «وين بيكر» عامل االجتماع بجامعة مي�شيجان‬
‫بالتعاون مع زوجته «ت�شرييل» يف م� َّؤ�س�سة هيوماك�س‪ .‬اخلطوة الأولى هي الت�أ ُّكد‬
‫من �أنَّ النا�س يطلبون امل�ساعدة‪ .‬ت�شري الأبحاث �إلى �أ َّنه يف مواقع العمل‪� ،‬أغلب ما‬
‫يحدث من عطاء بني النا�س ي�أتي ا�ستجابة لطلبات م�ساعدة مبا�شرة‪ .‬ومع ذلك‪،‬‬
‫عندما تكون لدينا حاجة‪ ،‬غالب ًا ما نرتدَّد يف طلب امل�ساعدة‪ .‬فكثري ًا ما ن�شعر‬
‫بالإحراج‪ :‬ال نريد �أن نظهر مبظهر ال�ضعفاء �أو العاجزين‪ ،‬كما ال نرغب يف �إثقال‬
‫كاهل الآخرين ب�أعبائنا‪.‬‬
‫يف حلقة املعاملة باملثل‪ ،‬لأنَّ ك َّل م�شارك يطلب طلب ًا‪ ،‬ال يكون هناك م ِّربر لل�شعور‬
‫بالإحراج ومن خالل جعل الطلبات وا�ضحة وحمدَّدة‪ ،‬مينح امل�شاركون للمعطائني‬
‫توجه ًا وا�ضح ًا حول الكيف َّية التي ميكن بها الإ�سهام بفاعل َّية‪ .‬تبد�أ‬
‫املحتملني ُّ‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪10‬‬
‫حلقة املعاملة باملثل بلعب املعطائني دور القدوة يف الإ�سهامات‪ .‬ومن املحتمل‬
‫كتب مشابهة‪:‬‬ ‫ت�ضم ك ُّل حلقة من حلقات املعاملة باملثل العديد من املوائمني وبع�ض‬ ‫�أن َّ‬
‫يف�ضلون لعب دور ال َّأخاذين‪ .‬ويف �سبيل نظام عطاء �أكرث‬ ‫الأ�شخا�ص الذين ِّ‬
‫عموم َّية بهدف حتقيق فاعل َّية م�ستدامة‪ ،‬يحتاج ه�ؤالء املوائمون وال َّأخاذون‬
‫�إلى امل�ساهمة‪ ،‬ف�إذا مل يحدث ذلك‪ ،‬ف�سيجد املعطا�ؤون �أنف�سهم يف نهاية‬
‫‪The Art of Giving‬‬ ‫الأمر ي�ساعدون اجلميع دون �أن يح�صلوا على الكثري يف املقابل‪ ،‬ما يجعلهم‬
‫‪Where the Soul Meets a Business‬‬
‫‪Plan.‬‬ ‫يواجهون خطر الإنهاك‪ ،‬فهل يتقدَّم املوائمون وال َّأخاذون؟‬
‫‪By Charles Bronfman and Jeffrey R.‬‬
‫‪Solomon. 2009.‬‬ ‫نظر ًا �إلى �أنَّ النا�س غالب ًا ما يقدِّ مون طلبات مه َّمة يف حلقات املعاملة‬
‫باملثل‪ ،‬ينجذب الكثري من املوائمني للم�شاركة بفعل التعاطف‪ .‬وحتَّى عندما‬
‫ال يتعاطفون‪ ،‬ينتهي احلال باملوائمني ببذل الكثري من الإ�سهامات‪ .‬فمن‬
‫‪Originals‬‬
‫ال�صعوبة جد ًا �أن تت�ص َّرف كموائم �صرف يف حلقة املعاملة باملثل‪ ،‬لأ َّنه من‬
‫‪How Non-Conformists Move the‬‬ ‫امل�ستبعد �أن ي�صبح الأ�شخا�ص الذين ت�ساعدهم هم نف�س الأ�شخا�ص الذين‬
‫‪World.‬‬
‫ميكن �أن ي�ساعدوك يف تلبية طلبك‪ .‬لذلك‪ ،‬ف�إنَّ �أ�سهل طريقة ت�صبح بها‬
‫‪By Adam Grant. 2016.‬‬
‫موائم ًا �أن حتاول الإ�سهام بنف�س القدر الذي ي�سهم به الآخرون‪.‬‬
‫للت�أ ُّكد من �أنَّ ك َّل طلب قد �أُجيب‪ ،‬يحتاج امل�شاركون �إلى تقدمي �إ�سهامات‬
‫متعدِّ دة‪ ،‬حتَّى لأولئك الذين مل ي�ساعدوهم ب�شكل مبا�شر‪ .‬فعندما يعطي‬
‫مما ي�أخذون‪ ،‬ف�إ َّنهم يزيدون احتماالت تلبية مطالب ِّ‬
‫كل فرد‬ ‫امل�شاركون �أكرث َّ‬
‫من �أفراد املجموعة‪.‬‬
‫‪Give Smart‬‬
‫‪Philanthropy that Gets Results.‬‬
‫لكن ماذا عن ال َّأخاذين؟ ه َّي�أت حلقة املعاملة باملثل �سياق ًا َّ‬
‫�شجع ال َّأخاذين‬
‫‪By Thomas J. Tierney and Joel L.‬‬
‫‪Fleishman. 2012.‬‬
‫على الت�ص ُّرف مثل املعطائني‪ ،‬وال�س ُّر يكمن يف جعل العطاء عام ًا‪ ،‬فال َّأخاذون‬
‫يعلمون �أ َّنه يف املواقف العا َّمة‪� ،‬سيحظون ب�سمعة ط ِّيبة ملا يظهرونه من كرم‬
‫عند م�شاركة معلوماتهم ومواردهم ومعارفهم مع الآخرين‪ .‬ف�إذا �أحجموا عن‬
‫أ�شحاء‪ ،‬ولن يح�صلوا بالتايل‬ ‫الإ�سهام‪ ،‬ف�إ َّنهم �سيظهرون مبظهر الأنان ِّيني ال َّ‬
‫مما يحرمهم من تلبية مطالبهم‪.‬‬ ‫على م�ساعدة من الآخرين َّ‬
‫قراءة ممتعة‬

‫ص‪.‬ب‪214444 :‬‬ ‫تعريف جديد للنجاح‬


‫دبي‪ ،‬اإلمارات العربية المتحدة‬ ‫للنجاح من وجهة نظر املعطائني معنى خا�ص‪ ،‬ففي حني ُيع ِّرف ال َّأخاذون‬
‫هاتف‪04 423 3444 :‬‬ ‫النجاح ب�أ َّنه حتقيق النتائج التي �ستجعلهم �أف�ضل من غريهم‪ ،‬ويف حني يرى‬
‫نستقبل آراءكم على ‪pr@mbrf.ae‬‬
‫املوائمون النجاح توازن ًا بني الإجنازات الفرد َّية و�إن�صاف الآخرين‪ ،‬يرى‬
‫تواصلوا معنا على‬
‫املعطا�ؤون النجاح من منظور الإجنازات الفرد َّية التي ت�ؤ ِّثر �إيجاب ًا يف حياة‬
‫الآخرين‪ .‬و�أخذ هذا التعريف بجد َّية يتط َّلب تغيريات جذر َّية يف الطريقة التي‬
‫تتبعها امل� َّؤ�س�سات يف تعيني وتقييم و�إثابة وترقية العاملني لديها‪ .‬وال يقت�صر‬
‫هذا على االهتمام ب�إنتاج َّية الأفراد فح�سب‪ ،‬بل ويتط َّلب االهتمام بالآثار‬
‫ب�سطنا ر�ؤيتنا للنجاح‬ ‫الإيجاب َّية لهذه الإنتاج َّية يف حياة الآخرين‪ .‬ف�إذا ما َ‬
‫لتت�سع وت�شمل ما ُيقدَّم من �إ�سهامات للآخرين مبوازاة الإجنازات الفرد َّية‪،‬‬
‫‪qindeel_uae‬‬ ‫ف�سوف يتح َّم�س الكثريون ويعطون املزيد يف تعامالتهم‪ .‬عندما يتط َّلب النجاح‬
‫‪qindeel_uae‬‬ ‫حتقيق م�صالح الآخرين‪ ،‬ف�سوف مييل ال َّأخاذون واملوائمون �إلى �إيجاد طرق‬
‫‪qindeel.uae‬‬
‫جتمع بني م�صلحتهم وم�صلحة الآخرين‪ ،‬فتتح َّقق الأهداف ال�شخ�ص َّية‬
‫‪qindeel.ae‬‬
‫والعا َّمة يف الوقت ذاته‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

You might also like