You are on page 1of 12

‫‪1‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

‫يرغب معظم النا�س يف حتقيق ت�أثري �إيجابي يف العامل‪ ،‬مما‬ ‫ثوان‪...‬‬


‫ٍ‬ ‫في‬
‫يحدث فرق ًا يف حياتهم‪ ،‬و�أنت ل�ست ا�ستثنا ًء من هذا‪ .‬ولكن‬ ‫يف�سر الأ�ستاذ «عبا�س حممود العقاد» احلكمة‬ ‫ِّ‬
‫القدمية القائلة‪« :‬ال جديد حتت ال�شم�س» ب�أنها‬
‫النوايا احل�سنة قد ت�ؤدِّي �أحيان ًا �إلى نتائج �س ِّيئة‪ .‬والتحدِّ ي الذي‬
‫تعني اجلديد يف حقيقته النف�سية‪ ،‬ويف موقعه من‬
‫يواجهنا دائم ًا عندما ُنحاول م�ساعدة الآخرين‪ ،‬كيف نت�أكد من‬
‫�شعور الإن�سان‪ ،‬وال يلزم �أن يكون جديد ًا(يف املكان)‬
‫�أننا نقوم بذلك ب�أكرب قدر من الفاعل َّية؟ وكيف ن�ضمن �أننا لن‬
‫وب�صورته التي يقع عليها العيان‪ .‬وبهذا املعنى‬
‫نلحق بهم �أي نو ٍع من ال�ضرر من دون ق�صد؟ وكيف نتمكن من‬ ‫لكل ما يبتكره الإن�سان �أ�س�س ًا ريا�ض َّي ًة وفيزيائ َّي ًة وكيميائ َّي ًة قائم ًة‪ ،‬لكنَّ‬
‫ف�إنَّ ِّ‬
‫�إحداث �أكرب قدر من الت�أثري الإيجابي؟‬ ‫�س�س �إبداع َّي ٍة جديدةٍ‪.‬‬‫العقل املبدع ُيعيد ر�ؤيتها وت�شكيلها على �أُ ٍ‬ ‫الإن�سانَ ذا ِ‬
‫الإيثار والتفكري يف الآخرين وخدمتهم‪ ،‬ومد يد امل�ساعدة هو‬ ‫وهذا ما توحي به القراءة املتع ّمقة لأعداد «كتاب يف دقائق» اجلديدة‪.‬‬
‫دائم ًا عمل �أخالقي و�إيجابي‪ ،‬ويقع يف �صميم �أعمال اخلري‪.‬‬
‫نقر�أ يف ملخ�ص «ر�ؤية ما �سيكون‪ :‬ا�ستثمار االبتكار يف قراءة متغريات‬
‫ومع ذلك يبقى لهما م�ستويان ي�ؤثران يف نتائج العطاء من خالل‬ ‫الأ�سواق» ت�أليف‪« :‬كاليتون كري�ستن�سن» وزمالئه يف جامعة هارفارد‪� ،‬أنَّ‬
‫فاعلية الأداء‪.‬‬ ‫النا�س يتخذون قراراتهم ا�ستناد ًا �إلى ما يرونه قادم ًا‪ ،‬فيت�ص َّرفون بنا ًء‬
‫على توقعاتهم‪ .‬وهذا االجتاه ي�ؤ ِّثر يف �أعمالنا و ُي ِّغي حياتنا؛ فينعك�س على‬
‫جمتمعاتنا‪ .‬لقد تع َّلمنا كيف يقودنا االبتكار �إلى ا�ست�شراف امل�ستقبل‪ ،‬بينما‬
‫على امل�ستوى الأول‪ :‬الإيثار بب�ساطة هو «العمل بنوايا طيبة على‬ ‫يتخذ كتابنا اجلديد مدخ ًال معاك�س ًا؛ لأنه ِّ‬
‫يو�ض ُح �أنَّ «قراءة ما �سيكون»‬
‫حت�سني حياة الآخرين»‪ .‬يعتقد العديد من النا�س �أنَّ الإيثار ينبغي �أن‬ ‫ت�ساعدنا على ممار�سة «االبتكار املُعزِّ ز» الذي يدفعنا �إلى حت�سني املنتجات‬
‫يقرتن بالت�ضحية بكل ما متلك من وقت وجهد ومال‪ ،‬ولكن عندما‬ ‫َ‬
‫ت�شكيل الأ�سواق‬ ‫املجدد الذي يفتح �أ�سواق ًا جديدةً‪� ،‬أو ُ‬
‫يعيد‬ ‫احلالية‪ .‬واالبتكار ِّ‬
‫ت�ستطيع فعل اخلري ك�أف�ضل ما يكون‪ ،‬مع احلفاظ على حياة مريحة‬ ‫القائمة‪.‬‬
‫وم�ستدامة لنف�سك‪ ،‬ف�إن اخلري يكون م�ضاعف ًا‪ ،‬وهذا نوع م�ستدام‬
‫ومطلوب من الإيثار‪ ،‬لأنه مي ِّك ُنك من التعلم والإبداع‪ ،‬ورمبا يحدوك‬ ‫علىأخيار» ينطلقُ‬ ‫من ال‬ ‫بنواياإيثارطيبة‬ ‫كيفالعمل‬
‫يجعلنا ال‬ ‫بب�ساطة هو‪:‬‬ ‫إيثارما يكون‪:‬‬ ‫«اخلريف�كإن� ال‬
‫أف�ضل‬ ‫ملخ�ص الأول‪،‬‬‫علىيف امل�ستوى‬
‫�إلى طرح مبادرات م�ستقبلية جديدة نحو مزيد من «الإيثار»‪.‬‬ ‫ينبغيالب�شري‪ ،‬التي‬ ‫إيثارلأداء‬ ‫النا�س �أنَّ ا‬
‫دراكر»ليف ا‬ ‫نظرياتمن«بيرت‬ ‫من العديد‬ ‫ماكا�سكيل»يعتقد‬
‫«وليام الآخرين‪.‬‬
‫حت�سنيؤلف‪:‬حياة ياة‬ ‫امل�‬
‫عندمااخلري‪-‬التي ال‬ ‫ولكنأعمال‬‫ممار�سة �‬‫يف ومال‪،‬‬ ‫وجهد‬‫وقت�أننا‬ ‫منيرى‬ ‫متلكفهو‬ ‫الكفاءة بكل ما‬
‫والفاعلية؛‬ ‫يقرتنبنيبالت�ضحية‬ ‫�أن ِّ‬
‫تفر ُق‬
‫امل�ستوى الثاين والعايل‪ :‬هو «الإيثار ال َف َّعال» ونعني به القيام‬ ‫بذلكمريحة‬
‫بفاعل َّية‪ ،‬فنتم َّكن‬ ‫نقومحياة‬
‫كيف على ُ‬‫احلفاظ‬ ‫يكون»‪،‬أن مع َ‬
‫نعرف‬ ‫املبا�شر‪-‬مايجب �‬‫«اخلري ك�أف�ضل‬
‫إلى الربح‬ ‫تهدف �فعل‬
‫ت�ستطيع‬
‫ب�أف�ضل ما ميكن من �أعمال اخلري‪ ،‬وب�أقل قدر من املوارد‪ .‬ف�إذا‬ ‫بطبيعته‪ ،‬ولكن‬ ‫م�ستدام‬
‫نوع ٌّ‬
‫إيجابي‬ ‫عم ٌل �‬‫آخرينوهذا‬ ‫خريين‪،‬‬
‫وخدمة ال‬ ‫إيثاريكون‬ ‫اخلري‬ ‫لنف�سك‪ ،‬ف�إن‬
‫كبري‪ .‬ال‬ ‫إحداث ت�أثري‬ ‫وم�ستدامة‬
‫من �‬
‫كان «الإيثار» ب�شكل عام هو املبادرة ب�أي عمل من �أعمال اخلري‪،‬‬ ‫يحدوكما يكون‪ ،‬و�أن‬ ‫أف�ضل‬
‫ورمبا� ِ‬ ‫ري ك‬
‫اخل َ‬ ‫التعلم وال َ‬
‫نفعلإبداع‪،‬‬ ‫م�ستويني؛ �أن‬ ‫ميكنك من‬ ‫بذلكأنهعلى‬
‫القيامإيثار‪ ،‬ل‬
‫ومطلوبنا من ال‬ ‫ميك ُن‬
‫بنوايا ح�سنة‪ ،‬ف�إن «الإيثار الف َّعال» هو الذي ي�صنع الفرق‪ ،‬لأنه يعني‬ ‫إيثار»‪.‬لإيثار امل�ستدام الذي‬ ‫وهذالهو ا‬ ‫ولغرينا‪،‬من «ا‬
‫نحو مزيد‬ ‫أنف�سنا‬
‫جديدة‬ ‫م�ستدام ٍة ل‬
‫حيا ٍةم�ستقبلية‬ ‫نحافظ على‬
‫مبادرات‬ ‫�إلى َ‬
‫طرح‬
‫طرح املبادرات اخلريية والتطوعية املنا�سبة‪ ،‬يف التوقيت املنا�سب‪،‬‬ ‫ميكننا من التعلم وطرح مبادرات جديدة‪ ،‬نحو مزيد من «الإيثار» ‪� .‬أما‬
‫ويف املكان املنا�سب‪ ،‬وحتقيق �أعلى عائد ب�أدنى املوارد‪ .‬وهذا هو‬ ‫أقل قدرٍ‬ ‫اخلري ب� ِّ‬ ‫إيثار ال َف‬
‫أعمال َّعال‪،‬‬ ‫إجناز �هو ال‬
‫أف�ضل �‬ ‫والعايلال؛من� اأيل�إيثار؛‬
‫الثاينإيثار ال َف َّع‬
‫امل�ستوىفهو ال‬ ‫ولذا ف�إن‬
‫امل�ستوى الثاين‬
‫ما ي�صنع الفرق‪ .‬وقد يعني هذا �أنَّ بع�ض طرق فعل اخلري �أف�ضل‬ ‫بالنوايامناحل�سنة‪ ،‬ف�إنَّ‬
‫املبادرةأقل قدر‬
‫اخلري‪ ،‬وب�‬ ‫أعمال هو‬
‫ب�شكل� عام‬ ‫ميكن من‬ ‫كان امالإيثار‬
‫القيامف�ب�إذاأف�ضل‬
‫املوارد‪.‬‬ ‫ونعني به‬‫من‬
‫من غريها‪ ،‬على الرغم من �أن طرق ومبادرات فعل اخلري كلها‬ ‫اخلريية والتطوعية‬ ‫من �أعمال‬ ‫يطرح�أي عمل‬
‫املبادرات‬ ‫املبادرة ب ُ‬‫الفرق؛هولأ َّنه‬
‫ب�شكل عام‬ ‫إيثاري�صن ُع‬
‫كان اهول ما‬
‫إذا َّعال‬
‫املوارد‪َ .‬رف�الف‬
‫الإيثا‬
‫مطلوبة ومرغوبة‪� .‬إال �أن بع�ضها �أكرث فاعلية من الآخر‪ ،‬ب�سبب‬ ‫الفرق‪،‬املوارد‪.‬‬
‫عائدٍ ب� ِّ‬
‫أقل‬ ‫الذيأعلىي�صنع‬ ‫فيحقِّقُ �‬‫املنا�سبني‪،‬ال هو‬
‫واملكانلإيثار الف َّع‬‫التوقيت ف�إن ا‬
‫بنوايا ح�سنة‪،‬‬
‫املنا�سبة يف‬ ‫اخلري‪،‬‬
‫لأنه يعني طرح املبادرات اخلريية والتطوعية املنا�سبة‪ ،‬يف التوقيت‬
‫اليونان �إلى وادي‬
‫املوارد‪.‬‬‫أدنىمن‬
‫عائد‪،‬لب�إبداع‬
‫وحتقيق �عنأعلىمناطق ا‬‫املكان‪ :‬البحث‬
‫«عبقر َّيةاملنا�سب‪،‬‬
‫ملخ�ص املكان‬ ‫ويف‬
‫املنا�سب‪ ،‬ويف‬
‫والعبقرية الإن�سانية‬
‫الذكاءفعل اخلري‬ ‫بع�ض َةطرق‬
‫نعيد قراء‬
‫فايرن» ‪،‬هذا �أنَّ ُ‬
‫وقد يعني‬ ‫الفرق‪.‬إريك‬
‫ي�صنعأليف‪�« :‬‬
‫ال�سيليكون» ت�‬
‫وهذا هو ما‬
‫َ‬
‫تعريف‬ ‫ي�ستلهم امل� ُ‬
‫ؤلف‬ ‫ُ‬ ‫وتاريخي جديد‪ .‬وهنا‬ ‫ٍّ‬ ‫بيئي وجغرا ٍّ‬
‫يف‬ ‫ٍّ‬ ‫من منظورٍ‬
‫�أف�ضل من غريها‪ ،‬على الرغم من �أن طرق ومبادرات فعل اخلري‬
‫العبقر َّية من �إخ�صائ َّية الذكاء اال�صطناعي «مارجريت بودين» ‪ ،‬التي ترى‬
‫كلها مطلوبة ومرغوبة‪� .‬إال �أن بع�ضها �أكرث فاعلية من بع�ضها الآخر‪،‬‬
‫العبقري يتم َّت ُع بالقدرة على توليد �أفكار جديدة‪ ،‬لكنها ذات قيمة عملية‬ ‫َّ‬ ‫�أنَّ‬
‫إلى‬ ‫�‬ ‫ؤدي‬ ‫�‬ ‫ت‬ ‫التي‬ ‫واال�سرتاتيجيات‬ ‫إدارتها‪،‬‬
‫تنعك�س �إيجاب ًا على احل�ضارة الإن�سانية‪ .‬وهذا هو التعريف املعتمد لدى‬
‫�‬ ‫وطرق‬ ‫ؤيتها‪،‬‬ ‫�‬ ‫ر‬ ‫ب�سبب‬
‫اجلديدة‪.‬أف�ضل ما‬
‫فالعبقرية يجب �أن‬ ‫م�ستوياته وك�‬ ‫تقييميف �أرقى‬
‫االخرتاعات‬ ‫اخلريييفيكون‬
‫فالعملاالخرتاع‬ ‫ا�ستدامتها‪.‬براءات‬
‫مكاتب‬
‫العطاء‬ ‫إدارة‬ ‫�‬ ‫يف‬ ‫يحتذى‬ ‫ً‬
‫ال‬ ‫مث‬ ‫قدم‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫آخرين‪،‬‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يخدم‬ ‫عندما‬ ‫يكون‪،‬‬
‫جددة‬‫ترتبط بتقدمي حلول للعامل‪ ،‬وهذا ما تقوم به احل�ضارات الإن�سانية املُ ِّ‬
‫التاريخ‪.‬لأداء‪ ،‬في�ضيف درو�سا وعربا يتعلم من الآخرون‪.‬‬ ‫م�ستويات ا‬ ‫مر‬ ‫ب�أعلى‬
‫على ِّ‬
‫جمال بن حويرب‬
‫المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪2‬‬
‫مبادرات خريية حملية حمدودة النطاق‪ ،‬اأو من‬ ‫ال�سابقني اأن ندرك اأنه ميكن تطبيق «الإيثار‬ ‫روؤيتها‪ ،‬وطرق اإدارتها‪ ،‬وال�سرتاتيجيات التي‬
‫خالل اإ�سافة مهنة اأو ه�اية �سخ�سية ذات بعد‬ ‫الف َّعال» يف جميع جمالت حياتنا‪ ،‬باختيارنا‬ ‫ت�ؤدي اإلى ا�ستدامتها‪ .‬فالعمل اخلريي يك�ن يف‬
‫تط�عي‪ ،‬وحتى من خالل اتخاذ القرار واختيار‬ ‫لالأعمال اخلري َّية التط�عية‪ ،‬ومب�ساندتنا‬ ‫اأرقى م�ست�ياته وكاأف�سل ما يك�ن‪ ،‬عندما يخدم‬
‫ما ن�سرتيه لأنه يخدم جمتمعاتنا‪ ،‬وما نتجنب‬ ‫وم�ؤازرتنا ملبادرات اخلري التي ي�سبقنا اإليها‬ ‫الآخرين‪ ،‬و ُيقدم مثا ًل يحتذى يف اإدارة العطاء‬
‫�سراءه نظر ًا ملخاطره ال�سحية والبيئية‪.‬‬ ‫الأخيار الأبرار‪ ،‬لأنها اأكرث فاعلية واأعلى اإنتاجية‪،‬‬ ‫باأعلى م�ست�يات الأداء‪ ،‬في�سيف درو�س ًا وعرب ًا‬
‫م�سروعات عاملي ًة عمالقة‪ ،‬اأم‬
‫ٍ‬ ‫�س�اء اأكانت‬ ‫يتعلم منها الآخرون‪ .‬وميكننا من خالل امل�ست�يني‬

‫الأ�س‪Ä‬لة اخلم�سة لالإيثار الف َّعال‬


‫ال�س�ؤال الأول‪ :‬ك‪ º‬عدد امل�ستفيدين‪ ,‬وبا ِّأي م≤دار؟‬
‫بكل ما حتمله الكلمة من معنى‪ ،‬هناك املليارات من امل�ستفيدين‬ ‫ِّ‬
‫املحتملني الذين ميكن اأن نقدِّ م لهم امل�ساعدة ويد املع�نة‪ ،‬وك ُّل ه�ؤلء‬
‫من امل�ستحقني‪ .‬حتى اأولئك الذين يعي�س�ن حياة عادية‪ ،‬ميكننا اأن‬
‫جنعل حياتهم اأف�سل من خالل ما نقدمه من م�ساعدات اإيجابية‪،‬‬
‫ولهذا نحتاج اإلى اتخاذ القرارات املنا�سبة ب�ساأن الذين ن�ساعدهم‪،‬‬
‫لأنَّ الف�سل يف �سنع القرار قبل اتخاذه ميكن اأن ي�سر اجلميع‪.‬‬
‫لي�س من ال�سهل تقييم عمل من خالل مقارنته باآخر ‪� -‬س�اء اأكان‬
‫نف�سي ًا اأم عملي ًا‪ ،-‬ولك َّنه لي�س م�ستحي ًال‪ .‬ومن اأجل املقارنة بني‬
‫الأعمال‪ ،‬علينا اأن ن�ساأل‪« :‬كم عدد امل�ستفيدين‪ ،‬وباأيِّ مقدار؟» وهذا‬
‫ه� ال�س�ؤال املح�ري الأول لالإيثار الف َّعال‪ .‬لت��سيح ذلك‪ ،‬دع�نا نف ِّكر‬
‫يف اختيار امل� َّؤ�س�سة اخلري َّية التي �س�ف نت َّربع لها مث ًال‪ .‬وحتى نق ِّيم‬
‫ربع مل� َّؤ�س�سة خري َّية ما‪ ،‬علينا اأن نعرف‬
‫تاأثرينا املحتمل من خالل الت ُّ‬
‫بال�سبط ما الذي �ستفعله تلك امل� َّؤ�س�سة بامل�ارد التي �سن�فرها لها‪.‬‬
‫تكمن �سع�بة املقارنة بني الأن�اع املختلفة لالإيثار يف عدم معرفة ما‬
‫الذي يحدث نتيحة هذا العمل‪ ،‬اأو الفتقار اإلى معرفة كيف ت�سهم‬
‫هذه الأعمال املختلفة يف حت�سني حياة النا�س‪.‬‬
‫اإذا ك َّنا نريد فعل اخلري كاأف�سل ما يك�ن‪ ،‬ف�سنحتاج اإلى التفكري‬
‫يف التبعات التي ترتتب على اأفعالنا‪ .‬وكيف �ستتح َّ�ل اأفعالنا اإلى‬
‫حت�سينات يف حياة النا�س‪ ،‬وذلك عند اتخاذ القرارات‪� ،‬س�اء اأكان‬
‫ذلك يف العمل التط ُّ�عي‪ ،‬اأم اختيار مهنة ما‪ ،‬اأم اتخاذ قرار �سراء‬
‫منتج �سديق للبيئة من منطلق «اأخالقي»‪ .‬وبالتايل‪ ،‬علينا اأن ن�ساأل‪:‬‬
‫«كم �سيك ِّلفنا هذا العمل من ال�قت واملال؟»‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الثا‪ :Ê‬هل العمل الذي �ست≤�‪ Ω‬به ه� الأك‪ Ì‬فاعل َّية ‪ً ≤M‬ا؟‬
‫من امل�ؤ َّكد اأنَّ هناك العديد من حماولت املع�نة‬ ‫يعي�س�ن يف القاع ‪«-‬والقاع» تعبري يطلق على‬ ‫من الأخطاء التي يقع فيها املت�س ِّكك�ن ه� الرتكيز‬
‫التي مل تكن جمدية كثري ًا‪ ،‬ولكن عند النظر فيما‬ ‫�س َّكان البلدان الأ�سعف يف النم ٍّ� القت�سادي يف‬ ‫يف انتقاداتهم على ك ِّم َّية الأم�ال املُن َفقة‪ .‬فعندما‬
‫املت��سط‪ ،‬فاإنَّ‬
‫اإذا كانت تلك املع�نة قد قدمت يف ِّ‬ ‫العق�د املا�سية‪ -‬فاإن م�ست�ى معي�ستهم قد ارتفع‬ ‫نفكر يف م�ساألة ت�زيع مليار دولر من الإنفاق‬
‫ذلك يكفي للنظر يف احلالت النم�ذج َّية لها‪،‬‬ ‫ب�سكل كبري‪ ،‬بعد اأن َّمت اإنفاق مئات املاليني من‬ ‫على املع�نات بني عدد كبري من النا�س‪ ،‬على م ِّر‬
‫وحتديد اأف�سل احلالت‪ ،‬واأبرز النجاحات‪.‬‬ ‫مما اأدَّى اإلى ارتفاع م�ست�ى الرفاه‬‫املع�نات‪َّ ،‬‬ ‫لكل م�ستفيد‬‫العق�د‪ ،‬ف�سنجد اأنَّ حجم املع�نة ِّ‬
‫ويف �سياق فعل اخلري‪ ،‬يعترب هذا اأمر ًا حي�ي ًا‪،‬‬ ‫الجتماعي لدى النا�س الأ�سدِّ فقر ًا يف العامل‪.‬‬ ‫�سغري جد ًا يف ال�اقع‪ .‬حتَّى اأوؤلئك الذين‬
‫‪3‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫بالفائدة على الآخرين‪ ،‬ولي�س جم َّرد ال�سماح‬ ‫ويف �سياق م�ساعدة الآخرين‪ ،‬يكون االختالف‬ ‫لأنَّ �أف�ضل الأعمال غالب ًا ما تكون �أعلى بكثري‬
‫مما كانت عليه‪،‬‬ ‫بالقيام ب�أعمال خري �أكرث قلي ًال َّ‬ ‫بني اال�ستخدام اجل ِّيد للأموال واال�ستخدام‬ ‫من الأعمال املتو�سطة والنموذج َّية‪ ،‬مما يجعل‬
‫مما ك َّنا نقوم به‪.‬‬‫وهذا مي ِّكننا من بذل جهد �أكرب َّ‬ ‫العظيم لها كبري ًا جد ًا‪ .‬وما ر�أيناه حتَّى الآن هو‬ ‫متو�سط الفائدة من الإنفاق على املعونات مرتفع ًا‬
‫ِّ‬
‫التفكري ملي ًا يف كيف َّية القيام ب�أق�صى ما يعود‬ ‫جد ًا‪ ،‬حتَّى و�إن كانت الفوائد النموذج َّية قليلة‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الثالث‪ :‬هل َّ‬


‫مت �إهمال هذا اجلانب؟‬
‫ما الأثمن‪ :‬املاء �أو الأملا�س؟ �إنَّ ماء ال�شرب ‪ -‬يف �إحدى النواحي‬
‫‪ -‬يعترب املاء هو الأثمن على الإطالق لأ َّنه �ضروري للحفاظ على‬
‫احلياة‪ ،‬مما يجعل قيمته �أعلى‪ ،‬ولكن �إذا كان يتوافر لدينا الكثري من‬
‫املاء‪ ،‬ف�إنَّ قيمته (ال �سيما يف الدول املتقدِّ مة) تغدو منخف�ضة جد ًا‪.‬‬
‫متو�سط قيمة الأملا�س �أق ُّل بكثري من‬
‫على العك�س من ذلك‪ ،‬رغم �أنَّ ِّ‬
‫املاء‪ ،‬ف�إنَّ قيمة الأملا�س الإ�ضاف َّية �أو الن�سبية‪ ،‬هي الأعلى من بني‬
‫كل ُمك ِّونات املادة‪ ،‬ويعود ال�سبب بب�ساطة �إلى �أ َّنه ال يوجد الكثري من‬
‫�أحجار الأملا�س النادرة متوافرة يف الأ�سواق؛ فهي نادرة جد ًا مقارن ًة‬
‫لدي � ُّأي ممتلكات على الإطالق‪ ،‬وال ميكنني بيع ما‬ ‫باملاء‪ .‬ف�إذا مل يكن َّ‬
‫�أملكه‪ ،‬ف�إ َّنني �أو ُّد احل�صول على جالون من املاء بد ًال من احل�صول على‬
‫حجر من الأملا�س النادر‪ .‬وعلى العك�س‪ ،‬عندما ت�صلني املياه‪ ،‬وتتوافر‬
‫أف�ضل الأملا�س �إذا ما امتلكت اخليار‪.‬‬ ‫وت�ضمن يل احلياة‪ ،‬ف�إنني �س� ِّ‬
‫ُتظ ِهر مفارقة «املاء والأملا�س» �أه ِّم َّية ما ي�سميه االقت�صاد ُّيون التفكري‬
‫يف الهام�ش‪� :‬أي تقييم قيمة ال�شيء الإ�ضاف َّية ‪-‬واملعروفة اقت�صادي ًا‬
‫متو�سطه فقط‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫بفائدته الهام�ش َّية‪ -‬بد ًال من التفكري يف قيمة‬
‫والت�سا�ؤل املطروح هنا‪« :‬هل َّمت �إهمال هذا اجلانب؟»‪� .‬إن حماولة‬
‫الرتكيز فقط على اجلوانب التي َّمت �إهمالها بالفعل ميكن �أن يكون‬
‫غري مقنع‪ ،‬وهذا يعني �أنَّ �أكرث الدوافع ال�شائعة‪ ،‬هي التي من ال�صعب‬
‫نحدث‬ ‫�أن يكون لها ت�أث ٌري كبري‪ .‬وب�سبب تناق�ص العائدات‪ ،‬ميكننا �أن ِ‬
‫الكثري من االختالف �إذا ر َّكزنا جهودنا على اجلوانب التي يكون‬
‫�إنفاق املوارد فيها �أق َّل ن�سبي ًا‪ ،‬مثل الكوارث غري املعلن عنها ب�شكل‬
‫كبري‪� ،‬أو الفقر العاملي‪ ،‬بد ًال من الفقر املح ِّلي‪ .‬فما مت �إهماله وعدم‬
‫الرتكيز عليه حتى الآن‪ ،‬هو الأولى ب�أن يحوز انتباهنا الآن‪ .‬فعندما‬
‫حتل املجاعات وميوت النا�س من العط�ش‪ ،‬ي�صبح توفري املاء «وهو‬
‫عمل �سهل يف الظروف العادية» هو املبادرة الأولى بالتنفيذ الآن �أي�ض ًا‪.‬‬

‫ال�س�ؤال الرابع‪ :‬ما البديل العك�سي الذي علينا فعله؟‬


‫لهذا اخلط�أ عواقب وخيمة‪ .‬وتظهر الطريقة‬ ‫يف االختالف بني ما حدث نتيجة �أفعالنا‪ ،‬وما‬ ‫نحن ال نف ِّكر عاد ًة يف الإجنازات العك�سية وغري‬
‫املثرية لالهتمام والأكرث دها ًء التي �أهملنا‬ ‫كان ميكن �أن يحدث �أي�ض ًا‪.‬‬ ‫املتوقعة التي كان من املمكن �أن حتدث‪ ،‬مع‬
‫التفكري فيها ب�ش�أن‪ :‬ما الذي كان من املمكن �أن‬ ‫التفكري ب�أن بالإمكان �أبدع مما كان‪ ،‬يقودنا �إلى‬ ‫�أن هذه الطريقة يف تخيل البدائل تقودنا �إلى‬
‫يحدث عك�س ذلك‪ ،‬عندما نف ِّكر يف اختيار املهنة‬ ‫اجلزء الأ�سا�سي من املنطق العلمي الذي ُي�شار‬ ‫االبتكار يف ممار�سات الإيثار‪ .‬فامله ُّم هو لي�س‬
‫التطوعية التي نتبناها‪.‬‬ ‫�إليه باعتباره التقييم املغاير‪ ،‬لأنه من اخلط�أ‬ ‫من قام بفعل اخلري‪ ،‬و� َّإنا ما اخلري الذي َّمت‬
‫�إغفال البديل املغاير يف عامل الإيثار‪ ،‬فقد يكون‬ ‫فعله‪ .‬ومقيا�س مدى اخلري الذي �أجنزناه يكون‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪4‬‬
‫الك�سب للبذل والعطاء يعني �أ َّنه بد ًال من حماولة حتقيق �أق�صى قد ٍر من‬
‫الت�أثري املبا�شر الذي حت�صل عليه من خالل عملك‪ ،‬حاول زيادة دخلك بحيث‬
‫يح�سن حيا َة النا�س من خالل عطائك بد ًال من‬ ‫مما ِّ‬‫ُيكنك الت ُّربع باملزيد َّ‬
‫عملك اليومي‪ .‬غري �أنَّ معظم النا�س ال ي�أخذون هذا اخليار يف االعتبار عند‬
‫اختيارهم ملهنة ُ«ت ِدث فرق ًا»‪ .‬ولكنْ الوقت واملال كالهما قابل للتداول‪ ،‬حيث‬
‫تخ�ص�صه للنا�س‪ ،‬كما ميكن ا�ستخدام‬ ‫ُيكن �أن ُي ْد َف َع املال مقابل الوقت الذي ِّ‬
‫�سبب الفرتا�ض �أنَّ �أف�ضل املهن هي‬ ‫الوقت لك�سب املال؛ لذلك لي�س هناك ٌ‬
‫التي حت ِّقق الفائدة للنا�س ب�شكل مبا�شر من خالل العمل ذاته فقط‪ .‬ف�إن ك َّنا‬
‫جادِّين يف فعل اخلري‪ ،‬ف�إن الك�سب للبذل يعترب طريقنا الذي يجب علينا �أخذه‬
‫يف االعتبار‪.‬‬
‫تبدو فكرة الك�سب للبذل طريقة ف َّعالة جد ًا لفعل اخلري‪ .‬فهي ترتكز على‬
‫حقيق َة �أنَّ النا�س العاد ِّيني من ذوي الدخل املرتفع يف البلدان املتقدِّ مة‪،‬‬
‫يت َّربعون بالقليل من املال ن�سبي ًا‪ ،‬مقارن ًة ببع�ض امل� َّؤ�س�سات اخلري َّية التي‬
‫من منطلقات �أخالقية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬يح�صل العديد من النا�س على خيار العمل‬ ‫تخ�ص�ص الأموال ال�ضخمة مل�ساعدة �أفقر النا�س يف العامل‪� .‬إ�ضافة �إلى ذلك‪،‬‬
‫الإ�ضايف من �أجل ك�سب املزيد‪� ،‬أو االنتقال �إلى وظيفة ب�أجر �أعلى‪� ،‬أو االكتفاء‬ ‫وخالف ًا ُّ‬
‫لتوجهات املهن «الأخالق َّية» امل�ألوفة‪ ،‬ف�إنَّ الك�سب للبذل هو امل�سار‬
‫مب�ستوى منخف�ض من العي�ش يف �سبيل توفري ما ميكن الإ�سهام به لأعمال‬ ‫املفتوح للجميع‪ .‬وتكون الن�صيحة التقليدية هنا هي �أنك لكي ت�صنع فرق ًا‪،‬‬
‫اخلري‪ .‬وهكذا‪ ،‬وبا�ستخدام الذكاء يف معرفة املكان الذي ميكن �أن يكون فيه‬ ‫ينبغي عليك العمل يف القطاع العام‪� ،‬أو قطاع الأعمال غري الربح َّية‪� ،‬أو العمل‬
‫الإن�سانُ معطا ًء �أكرث‪ ،‬ميكن لأيِّ �شخ�ص تقريب ًا يف البلدان الغن َّية واملتو�سطة‬ ‫يف م� َّؤ�س�سة ُتعنى بامل�س�ؤول َّية االجتماع َّية‪ .‬ولكن الكثري من النا�س يعانون‬
‫الدخل‪� ،‬أن ي�سهم ب�شكل فعال وجاد يف م�ساعدة الآخرين‪.‬‬ ‫للح�صول على وظيفة‪ ،‬فما بالك يف العثور على وظيفة يف قطاع يتم اختياره‬

‫ال�س�ؤال اخلام�س‪ :‬ما فر�ص النجاح؟ وكيف تكون‬


‫�أعمال اخلري ناجحة؟‬
‫احلقيقة �أن الأمور على �أر�ض الواقع تكون �أكرث تعقيد ًا مما نظن‪ .‬ففي كثري من الأحيان‪،‬‬
‫ال ُيكننا معرفة ما �إذا كانت �أعمالنا �ستنجح �أم ال؟! ونظر ًا �إلى �صعوبة معرفة ذلك‪،‬‬
‫علينا �أال ن�صرف النظر عن الأن�شطة الأكرث خماطرة‪ ،‬لأنها يف حال جناحها ميكن �أن‬
‫ُتدث ت�أثري ًا �ضخم ًا‪ .‬لذلك نحتاج �إلى و�سيلة نقارن فيها الأعمال عالية املخاطر التي‬
‫حت ِّقق النتائج الكبرية‪ ،‬مع الأعمال التي من امل�ؤ َّكد �أن جناحها م�ضمون‪� ،‬أو على الأقل‬
‫�شبه م�ضمون‪.‬‬
‫يف جمال االقت�صاد وعملية اتخاذ القرار‪ ،‬يتم ذلك من خالل النظر �إلى قيمة العمل‬
‫املتو َّقعة‪ .‬ويعترب حتقيق �أق�صى قيمة متو َّقعة ‪-‬ب�شكل عام‪ -‬من �أف�ضل ا�سرتاتيج َّيات‬
‫كل خيار‪ .‬وهي اال�سرتاتيج َّية امل�ستخدمة‬ ‫اتخاذ القرارات عند معرفة قيمة واحتماالت ِّ‬
‫من قبل االقت�صاد ِّيني واملحللني وخرباء �إدارة املخاطر‪ ،‬وكل من ي�ضطر للتعامل الدائم‬
‫مع النتائج غري امل�ؤ َّكدة‪ .‬فالتفكري ب�شكل دائم ووا�ضح يف القيمة املتو َّقعة يع ُّد �أمر ًا مهم ًا‪،‬‬
‫لأنَّ معظم الب�شر يرتبكون ويخافون وهم يتخذون القرارات ب�ش�أن املخاطر العالية‪ ،‬وهم‬
‫ي�ضعون احتماالت النجاح غري امل�ؤكدة‪ ،‬والتي قد تكون عالية جد ًا‪� ،‬أو معدومة متام ًا‪.‬‬
‫الت ُّربع للم� َّؤ�س�سات اخلري َّية الف َّعالة والكبرية‪ ،‬يو ِّفر طريقة ملمو�سة ن�سبي ًا لفعل اخلري‪،‬‬
‫لأنها تكون قابلة للقيا�س وميكن الوثوق بها‪ .‬وب�شكل عام‪ ،‬لي�س من ال�ضروري و�ضع تقدير‬
‫دقيق للقيمة املتو َّقعة لهذا الفعل؛ فالتقديرات التقريب َّية املعقولة ميكن �أن ُتظ ِهر كيف‬

‫‪5‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫تكون القيمة املتو َّقعة م�شجعة وملمو�سة‪ .‬الفكرة الأ�سا�س َّية هنا هي �أن القرارات طويلة الأمد ت�ستحقَّ ك َّل هذا العناء‪� ،‬سواء �أكان مردودها كبري ًا �أم‬
‫متو�سط ًا �أو حتى قلي ًال‪ ،‬لأن القيمة تنبع من ح�سن االختيار واال�ستدامة واالنت�شار‪.‬‬
‫يف احلاالت التي يبدو فيها النا�س غافلني عن املخاطر املرتتبة على عدم حتقيق نتائج‪ ،‬ف�إنَّ امل�ساعدة على جت ُّنب ذلك قد تكون �إيثار ًا ف َّعا ًال من‬
‫نوع خا�ص‪ ،‬حيث نحتاج �إلى تقييم فر�ص النجاح فقط‪ ،‬وكيف �سيكون هذا النجاح مف ِيد ًا يف حال حدوثه‪ .‬وهذا الأمر ي�صعب �أحيان ًا تنفيذه‪ .‬ولكن‬
‫ميكننا اتخاذ القرار الأف�ضل �إذا حاولنا �إجراء التقييم واملراجعات‪ ،‬بد ًال من جم َّرد رفع �أيدينا واالختيار الع�شوائي دون �أن نعي ما نفعل؛ لأن �إهدار‬
‫الأموال التي كانت �ستخ�ص�ص لفعل اخلري‪ ،‬وعدم القيام ب�أعمال خريية على الإطالق �أمران مت�ساويان؛ لأن النتيجة �ستكون يف النهاية ال �إيثار وال‬
‫ت�أثري �إيجابي يف العامل‪.‬‬

‫الإيثار امل�ؤ�س�سي الف َّعال‬


‫تدث فرق ًا‬
‫امل� َّؤ�س�سات اخلري َّية وكيف ُ ِ‬
‫من الطرق ال�شائعة لتقييم امل� َّؤ�س�سات اخلري َّية �أن ننظر �إلى البيانات ونرى‬
‫كيف تنفق �أموالها‪ ،‬وكم تنفق على �إدارتها؟ وكم يدفع رئي�سها التنفيذي؟‬
‫ربعات التي توجه �إلى براجمها الرئي�سة مبا�شر ًة؟‬ ‫وما الن�سبة املئو َّية للت ُّ‬
‫علينا هنا ا�ستخدام البيانات املال َّية ملقارنة امل� َّؤ�س�سات اخلري َّية‪ ،‬التي كان‬
‫‪-‬ب�شق الأنف�س‪-‬‬ ‫ري كبري‪ .‬ذلك لأ َّننا نت َّربع بالأموال التي جنيناها ِّ‬ ‫لها ت�أث ٌ‬
‫للم� َّؤ�س�سات اخلري َّية التي تدعم ق�ض َّية ن�ؤمن بها‪ ،‬ونريد �أن ن�شعر بالثقة‬
‫ربعاتنا توجه بالفعل لدعم تلك الق�ض َّية بد ًال من �إهدارها‬ ‫ونت�أكد من �أنَّ ت ُّ‬
‫ُ�سدى‪ .‬ومن الوا�ضح �أ َّننا بحاجة �إلى جمموعة �أف�ضل من املعايري يف هذا‬
‫النطاق‪ .‬وهذه هي الأ�سئلة اخلم�سة التي ن�ست�شعرها‪ ،‬وهي تدور يف خلد‬
‫�أي مت ِّربع قبل اتخاذ قرار العطاء والتربع‪.‬‬
‫‪ .1‬ما طبيعة عمل هذه امل� َّؤ�س�سة اخلري َّية؟ للوهلة الأولى نظن‬
‫�أن هذا ال�س�ؤال وا�ضح متام ًا‪ ،‬ولكن كثري ًا ما نكت�شف �أن ما تفعله‬
‫امل�ؤ�س�سات حق ًا‪ ،‬يختلف كثري ًا ع َّما نظنها تفعله‪� ،‬أو يجب �أن تفعله‪.‬‬
‫كل جانب من جوانب الربنامج؟‬ ‫‪ .2‬ما مدى فاعل َّية الإنفاق يف ِّ‬
‫نريد �أن نق ِّيم ما حت ِّققه امل� َّؤ�س�سة اخلري َّية من خالل املبالغ التي يتم‬
‫الت َّربع بها‪ ،‬ولذا ينبغي �أن ين�صب تركيزنا على فاعل َّية التكاليف �أو ًال‪،‬‬
‫ثم فاعلية الربامج املنفذة ثاني ًا‪.‬‬
‫‪ .3‬ما مدى �سالمة الأد َّلة وال�سجالت والرقابة املالية يف ِّ‬
‫كل‬
‫برنامج؟ يف كثري من الأحيان �سنجد �أنف�سنا ُن ِّ‬
‫ف�ضل امل� َّؤ�س�سة اخلري َّية‬
‫التي لديها �أد َّلة و�إثباتات دقيقة عن فاعل َّية التكلفة؛ فعندما تكون‬
‫ال�سجالت والإثباتات �ضعيفة‪ ،‬من املحتمل �أن يكون التقدير متفائ ًال‪،‬‬
‫وتكون فاعل َّية التكلفة احلقيق َّية �أق َّل من ذلك بكثري‪.‬‬
‫‪ .5‬هل حتتاج امل� َّؤ�س�سة اخلري َّية �إيل املزيد من الأموال؟ حتَّى‬ ‫كل برنامج؟ حتَّى يف حال قامت امل� َّؤ�س�سة‬ ‫‪ .4‬ما مدى جودة تنفيذ ِّ‬
‫�إذا دفعنا الأموال مل� َّؤ�س�سة خري َّية تعمل على برنامج ذي فاعل َّية عالية‬ ‫اخلري َّية باختيار برنامج ذي فاعل َّية تكلفة عالية مع �أد َّلة داعمة‬
‫ُحدث‬‫و�أد َّلة �سليمة‪ ،‬ف�إننا يجب �أن نت�أكد ما �إذا كانت م�ساهمتنا �ست ِ‬ ‫و�سليمة‪ ،‬ف�إنَّ تنفيذ هذا الربنامج قد ي�أتي يف م�ستوى �أقل من املتوقع‪،‬‬
‫فرق ًا �أم ال؟‪ ،‬لأن هناك كثري ًا من الربامج التي يتم متويلها فقط لأنها‬ ‫�أو حتى �أقل من املقبول‪ .‬وهنا ي�أتي دور الرقابة الإدارية‪ ،‬وتدقيق الأداء‬
‫تدار بفاعلية‪ ،‬ولي�س لأن �أهدافها اخلريية ت�ستحق ذلك‪.‬‬ ‫ونظام اجلودة ال�شاملة‪.‬‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪6‬‬
‫ا ‪t‬أي امل¡ن ُي ِحدث فرق ًا اأكرب؟‬
‫مما يحتم عليك اأن تفكر ملي ًا يف اتخاذ القرار‪ .‬ن�سبة قليلة‬
‫اختيارك ملهنتك ه� اختيار لكيف َّية ق�ساء اأكرث من ثمانني األف �ساعة من حياتك‪َّ ،‬‬
‫من النا�س يق�س�ن وقتهم يف التفكري يف حياتهم املهن َّية‪ ،‬مع اأن مثل هذا القرار يعترب اأهم قرار يتخذه الإن�سان ال�اعي يف حياته‪ .‬فقد تبني اأن‬
‫الختيار اخلاط‪ Å‬للمهنة‪ ،‬ه� اأكرث قرار ميكن اأن يندم عليه الإن�سان ط�ال حياته‪ .‬وتعترب ال�سخ�سية املنا�سبة من اأهم العتبارات امل�ؤثرة يف‬
‫اختيار العمل املنا�سب‪.‬‬

‫ال‪û‬س‪üî‬س َّية املنا�سبة‬


‫ال�سخ�س َّية املنا�سبة لل�ظيفة املنا�سبة تعني الت�افق مع هذا العمل‪ ،‬كما تعني اأن‬
‫يك�ن الإن�سان �سعيد ًا يف اأدائه لهذا العمل‪ .‬معظم النا�س يعتربون الر�سا ال�ظيفي‬
‫غاي ًة يف حدِّ ذاتها‪ ،‬ولكنَّ املهم ه� التفكري يف التاأثري‪ ،‬فمن ل يك�ن �سعيد ًا يف‬
‫العمل‪� ،‬سيك�ن اأق َّل اإنتاج َّية واأكرث عر�س ًة لرتك هذا العمل‪ .‬ولذا علينا ِّ‬
‫ت�خي‬
‫احلذر عند التفكري يف كيف َّية اإيجاد ال�ظيفة التي نح ُّبها‪ ،‬يف ظل وج�د الكثري‬
‫من املعل�مات اخلاطئة عن ال�ظائف وطبيعتها ومتطلباتها؛ حتى ليمكن الق�ل‪:‬‬
‫«اإن الر�سا ال�ظيفي يتعار�س مع احلد�س اأحيان ًا‪ ،‬ويف�سل اللج�ء اإلى ك�سافات‬
‫وتقييمات تعرفنا بنقاط ق�ة الإن�سان‪ ،‬وتك�ين �سخ�سيته‪ ،‬وحريته يف اختيار‬
‫ال�ظيفة التي �سيبدع فيها»‪.‬‬
‫كلنا ن�سمع الكثري من الن�سائح املدوية املبنية على �سعارات مثل‪« :‬اتبع �سغفك»‪،‬‬
‫و «ا�ستفت قلبك»‪ ،‬مع اأن الن�سياق وراء الع�اطف قد ل يك�ن حمم�د ًا دائم ًا‪ ،‬لأن‬
‫العتماد على ال�سغف والت�جه املبدئي ل يكفي‪ ،‬نظر ًا لتاأثرنا بالإعالم وبزمالئنا‬
‫ومدربينا وذوينا‪ ،‬اأكرث من اعتمادنا على نقاط ق�تنا‪ ،‬وما ميكننا اأن نبدع فيه‬
‫حق ًا‪ ،‬ون�سعد منه فع ًال‪.‬‬
‫اأو ًل‪ :‬وبكل ب�ساطة‪ ،‬فاإن ال�سغف قد يك�ن م�ج�د ًا‪ ،‬بينما تك�ن الفر�س غري متاحة‪،‬‬
‫ومن ثم علينا اأن نبتدع جما ًل لالأعمال مل ي�سبقنا اإليه اأحد‪ ،‬لأنه يخ�سنا وحدنا‪.‬‬
‫وقد يك�ن ال�سغف عائق ًا عن قب�لنا لأعمال تنا�سبنا‪ ،‬ونحن نظن اأننا ل نريدها‪ ،‬اأو‬
‫اأنها ل تالئمنا‪ .‬هذا ف�س ًال عن املناف�سة ال�سديدة ح�ل ال�ظائف التي يتحم�س لها‬
‫كثريون‪ ،‬على ح�ساب وظائف م�ؤثرة ومهمة‪ ،‬ول يطلبها اأحد‪.‬‬
‫ثاني ًا‪ :‬ميكننا جميع ًا تغيري اهتماماتنا اأو تط�يرها بعد ا�ستك�ساف فر�س اأخرى‬
‫مالئمة‪ .‬ف ِّكر ل�هلة باهتماماتك وه�اياتك قبل ع�سر اأو حتى قبل خم�س �سن�ات‬
‫م�ست‪ .‬فعندما تركز فقط على ما تهت ُّم وتتح َّم�س له الي�م‪ ،‬فمن املرجح اأن جتد‬
‫نف�سك يف املكان اخلطاأ‪ ،‬وتفقد التزامك ب�سرعة‪ ،‬لأنك مل تعد مهتما‪ ،‬اأو لأن ما‬

‫نع‪ ,º‬ا َّتبع قلب∂ ولكن من دون اأن ت�سم‪ í‬لت�قعات‬


‫الر‪V‬سا ال�ظيفي يف ت†سليل∂‪ .‬يف بداية ‪M‬يات∂‬
‫"‬ ‫تفعله ل ينا�سب قدراتك الذهنية‪ ،‬ونقاط ق�تك احلي�ية‪.‬‬
‫ثالث ًا‪ :‬ما يجب الرتكيز عليه ب�ساأن ال�سغف والختيار العاطفي لل�ظيفة‪ ،‬هي‬
‫املهمات ال�ظيفية الفعلية‪ ،‬ولي�س ما ن�سمعه عنها‪ ،‬اأو ما نتمناه فيها‪ .‬لأن م�ستقبل‬
‫امل¡ن َّية‪ُ ,‬كن منفت‪ í‬ال≤لب‪ ,‬ولكن الأه‪ º‬ه� اأن تك�ن‬
‫ال�ظيفة واآفاقها املت�قعة‪ ،‬واإمكانية النم� والتط�ر يف ظلها‪ ،‬اأهم من م�س َّماها‬
‫نفت‪ í‬الع≤ل اأي†س ًا‪ ,‬فت‪î‬تار املكان الذي �ستك�ن فيه‬
‫ُم َ‬ ‫والدخل الذي حتققه‪ ،‬واملكانة التي ت�سمنها لنا‪ .‬وهذا يعني اأننا عند اتخاذ القرار‬
‫"‬
‫قادر ًا على الأدا‪ A‬ب‪û‬سكل اأف†سل‪ ,‬واأن تعي‪û‬ص ‪M‬يات∂‬
‫لي�ص ف≤§ كم�ظف‪ ,‬بل كاإن�سان اأي†س ًا‬
‫يف اختيار املهنة التي ن�سعى اإليها‪ ،‬من املحتمل اأن نر ِّكز على الع�امل التي تتبادر‬
‫اإلى اأذهاننا‪ ،‬مثل الرواتب‪ ،‬و�ساعات العمل‪ ،‬مما يق�دنا اإلى جتاهل الع�امل‬
‫الأخرى التي تق�دنا اإلى ال�سعادة‪ ،‬اأكرث من املظهر ال�ظيفي و�سكلياته وتعقيداته‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫الت�أثري يف الوظيفة‬
‫من الأف�ضل �أن تكون وا�ضح ًا من البداية‪� ،‬أن تدخل القطاع االجتماعي مبا�شر ًة �إذا كنت متيل للعطاء وترى يف نف�سك منوذج ًا للإيثار‬
‫والبذل وخدمة الآخرين عرب العمل االجتماعي‪ .‬هناك فر�ص كثرية لالن�ضمام �إلى امل�ؤ�س�سات اخلري َّية القائمة‪ ،‬التي ي�سهل الو�صول �إليها‬
‫عرب املواقع الإلكرتون َّية للمهن ذات الت�أثري االجتماعي‪� ،‬أو يف امل� َّؤ�س�سات التي حتمل على عاتقها وتربز �أدوارها �أكرث يف جمال امل�س�ؤول َّية‬
‫االجتماع َّية‪ .‬ولت�سهيل مهمة االختيار‪� ،‬ضع يف اعتبارك ما يلي‪:‬‬
‫‪ u‬لإحداث فرق يف القطاع االجتماعي‪ ،‬يجب �أن تكون امل� َّؤ�س�سة التي تعمل فيها ف َّعالة وم�ؤثرة يف املجتمع‪ ،‬ال �سيما يف املناطق التي بد�أت‬
‫يف خدمتها مبكر ًا‪ ،‬لأن بداياتها تعك�س ر�سالتها ور�ؤية القائمني عليها‪.‬‬
‫‪ u‬ال ب َّد للم� َّؤ�س�سة اخلري َّية التي وظفتك من �أن ت�ضيف لك قيمة �شخ�صية ومهنية واجتماعية واقت�صادية وم�ستقبلية‪ .‬ف�إن كنت تتمتَّع‬
‫مبهارات ا�ستثنائية وغري عاد َّية �أو حتى ج ِّيدة‪ ،‬مقارن ًة مبن �سبقوك يف ذات املجال‪ ،‬ف�سيكون مبقدورك �إ�ضافة قيمة‪ ،‬ف�ض ًال عن‬
‫ا�ستعدادك الكت�ساب قيمة‪ .‬ف�إن مل تنطبق هذه ال�شروط عليك‪ ،‬ومل ُت ِ�ضف قيمة �أكرب ممن �سبقوك‪ ،‬فمن املرجح �أن يكون ت�أثريك‬
‫حمدود ًا‪.‬‬
‫‪ u‬يبقى �أمامك دائم ًا العديد من الفر�ص والطرق الأخرى للبذل و�إحداث التغيري‪ ،‬فقد طرحنا �سابق ًا فكرة و�أهمية بل و�ضرورة الك�سب‬
‫ربعات‪ ،‬ولي�س من خالل العمل الوظيفي املبا�شر فقط‪.‬‬ ‫لل َبذل؛ �أي م�ساعدة الآخرين من خالل الت ُّ‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪8‬‬
‫ت�أثري العمل على احلياة عموم ًا‬
‫ي�ساعدك �أي عمل ويف �أي جمال على تطوير «ر�أ�س املال‬
‫املهني»؛ �أي القدرات واخلربات واملهارات و�شبكة العمل‬
‫والعالقات والكفاءات التي تخ�صك‪ ،‬والتي �ست�ساعدك‬
‫على احل�صول على وظيفة مرموقة وذات ت�أثري كبري يف‬
‫امل�ستقبل‪ .‬ف�إذا ع َّدلت و�ضعك الوظيفي‪ ،‬وطورت نف�سك‬
‫يف عملك اخلريي احلايل‪ ،‬ف�ستتكون لديك دائرة معارف‬
‫كبرية متكنك من احل�صول على فر�ص عمل �أف�ضل‪ ،‬وحتقيق‬
‫�أهدافك املزدوجة يف الإيثار والعطاء؛ �أي العطاء الوظيفي‪،‬‬
‫�أو البذل والتربع املبا�شر‪.‬‬

‫العمل يف م� َّؤ�س�سة خريية ناجحة‬


‫من البداية‬
‫من ال�صعب �أن نن�صحك بااللتحاق بعمل غري ربحي‪� ،‬أو يف‬
‫م�ؤ�س�سة ذات نفع جمتمعي من البداية وبعد تخ ُّرجك مبا�شر ًة‪،‬‬
‫لأنَّ االنطباع ال�سائد هو �أن العمل اخلريي ال يعلمنا الكثري‪ ،‬مقارنة‬
‫بالعمل يف ال�شركات الكربى وامل� َّؤ�س�سات الربح َّية التي متلك موارد‬
‫�أكرب توجهها لال�ستثمار يف التدريب‪ ،‬والبحث والتطوير‪ ،‬وح�ضور‬
‫امل�ؤمترات‪ ،‬وتوفري م�سارات وظيفية وفر�صة للرتقية والإبداع‪ .‬ومع‬
‫ذلك‪ ،‬تبقى هناك العديد من احلاالت التي يكون فيها العمل يف‬
‫امل� َّؤ�س�سات غري الربح َّية �أو اخلريية رهان ًا ج ِّيد ًا‪ .‬وهناك �أ�سباب‬
‫ف�سر ملاذا يكون العمل يف امل� َّؤ�س�سات غري الربح َّية خيار ًا‬‫�شخ�ص َّية ُت ِّ‬
‫مطلوب ًا‪ .‬فرمبا يكون من املفيد واملُل ِهم �أن حتيط نف�سك ب�أ�شخا�ص‬
‫من ذوي الفكر الإيجابي وبيئة العمل البعيدة عن ال�صراعات‪.‬‬
‫فالعمل يف مكان ذي قيم م�شرتكة ُيبقيك ملتزم ًا يف نطاق دائرة‬
‫اخلري التي �ست�ؤثر بعمق و�شفافية �أخالقية يف �أهدافك النهائ َّية‪.‬‬
‫ولذا من املهم �أن ت� َأخذ مثل هذه االعتبارات ال�شخ�ص َّية بجد َّي ٍة‪،‬‬
‫وتفكر فيها من خالل نظرة فل�سفية خمتلفة وجديدة‪ ،‬لأنها ذات‬
‫ر�سالة �سامية ور�ؤية �إن�سانية‪.‬‬
‫و�أخري ًا‪ ،‬يجب الأخذ يف االعتبار �أنَّ امل� َّؤ�س�سات غري الربح َّية‬
‫لي�ست فقط هي امل� َّؤ�س�سات الف َّعالة التي ميكنك العمل فيها‪ .‬ف�إذا‬
‫ا�ستطعت العثور على م� َّؤ�س�سة ُتفيد املزيد من النا�س‪� ،‬أو �أن تقوم‬
‫بت�صحيح وحل م�شكالت قائمة يف الأ�سواق‪ ،‬و�أن تقدم ملجتمعك‬
‫وال جديدة‪ ،‬وغري م�سبوقة‪ ،‬ف�إنه ميكنك‬ ‫ال�صغري‪ ،‬وللعامل كله حل ً‬
‫العودة الحق ًا �إلى العمل اخلريي‪ ،‬واالنخراط ب�شكل م�ؤثر يف العطاء‬
‫وبذل اخلري والإيثار‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬
‫الك�سب لل َبذْ ل‬
‫يف بداية حياتك املهن َّية‪ ،‬مي ِّكنك الك�سب للبذل‬
‫عندما حت�صل على من�صب مهم وم�ؤثر ي�ؤهلك‬
‫للبذل من �أموالك‪� ،‬أو من �أموال امل�ؤ�س�سة التي‬
‫تديرها عرب برامج ذكية للم�س�ؤولية املجتمعية‪.‬‬
‫عندما تك�سب ال�سلطة واملال واملهارات والقدرة‬
‫على الت�أثري والإقناع‪ ،‬ميكنك �أي�ض ًا تدريب ومتكني‬
‫م�ساعديك وموظفيك على البذل وامل�شاركة‬
‫املجتمعية‪ .‬ف�إذا كنت تهدف �إلى موا�صلة الك�سب‬
‫للبذل على املدى البعيد‪ ،‬فمن ال�ضروري و�ضع‬
‫خطط وا�سرتاتيجيات طويلة الأمد للك�سب‪ ،‬بغ�ض‬
‫النظر عن املجال وال�صناعة التي تعمل فيها‪.‬‬
‫من املعروف �أن الوظائف ذات الأجور الأعلى‬
‫تكون دائم ًا �أكرث تناف�س َّية‪ ،‬مثل العمل يف املنا�صب‬
‫القيادية‪� ،‬أو االبتكارية‪� ،‬أو الفنية التي تتطلب‬
‫مهارات وقدرات ومواهب ا�ستثنائية‪ .‬يلي ذلك‬
‫العمل يف جماالت اال�ست�شارات ذات الدخل الأقل‬
‫ن�سبي ًا‪ ،‬والتي تنبع �أهميتها من العطاء الفكري‬
‫واملعريف‪ ،‬حيث ميكنك كم�ست�شار‪ ،‬م�ساعدة‬
‫الإيثاريني واملتربعني على الأداء والعطاء بفاعلية‬
‫�أكرب من خالل تقدمي الن�صح وامل�شورة لهم‪ .‬لكن‬
‫�أعظم فر�ص العطاء تكمن يف العمل يف احلكومة‪،‬‬
‫ويف م�ستويات قيادية متكنك من طرح مبادرات‬
‫اخلري‪ ،‬وتقنينها‪ ،‬ومتابعة تنفيذها‪ .‬وتكمن �أهمية‬
‫الر�ؤية والأدوار القيادية يف هذا املجال‪ ،‬يف متكن‬
‫قادة الأعمال اخلريية‪� ،‬سواء �أكانت خا�صة �أم‬
‫ر�سمية‪ ،‬من ا�ستبعاد من يدخلون هذا املجال‬
‫لأهداف �شخ�صية‪ ،‬ولي�س للبذل والعطاء ب�أخالق‬
‫عالية‪ ،‬ومن منطلقات �إن�سانية جمردة ونبيلة‪.‬‬
‫ومن هذا املنظور‪ ،‬و�إن كنت تعتقد ب�أ َّنه ميكن‬
‫ملهنة مع َّينة قتل دوافع الإيثار بداخلك‪ ،‬ف�إ َّنه عليك‬
‫جتنبها‪ ،‬واختيار ما �سي�ؤهلك وميكنك الحق ًا‪ ،‬ولو‬
‫على املدى البعيد‪ ،‬من �أن ت�سلك م�سار العطاء‬
‫والإيثار‪ .‬ومن اال�سرتاتيجيات الذكية يف هذا‬
‫النطاق‪� ،‬أن تتحدث وتتعاون وت�شارك من �سبقوك‬
‫�إلى فعل اخلري‪ ،‬للعمل معهم‪ ،‬ومراقبتهم والتعلم‬
‫منهم‪ ،‬ثم حثهم وحفزهم نحو املزيد من العطاء‬
‫ب�إيثار‪ .‬فعندما تنخرط يف جمتمع الإيثار الف َّعال‪،‬‬
‫ف�إن كل خماوفك وهواج�س الرتدد �ستزول‪ ،‬عندما‬
‫تبد�أ بالت�صريح والإعالن عن نواياك اخلريية‪،‬‬

‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬


‫‪10‬‬
‫ومع اأول مبادرة خري‪ ،‬اأو تربع‪� ،‬ستجد الكثري من الدعم ممن �سبق�ك‪،‬‬
‫ﻛﺘﺐ ﻣﺸﺎﺑﻬﺔ‪:‬‬ ‫ومن �سيحذون حذوك‪ ،‬على طريق اخلري والإح�سان‪ ،‬والبذل الالحمدود‬
‫لتحقيق �سعادة الإن�سان‪.‬‬
‫بنا‪ A‬امل¡ارات‬
‫‪The Most Good You Can Do‬‬
‫بناء املهارات ا�سرتاتيج َّي ًة ق�سرية املدى‪ ،‬وهي خيار جيد ملن ل يعرف�ن اأي‬
‫‪How Effective Altruism is Changing‬‬ ‫م�سار يف العطاء ي�سلك�ن يف اأي مرحلة من حياتهم‪ .‬الفكرة هنا هي اأنك‬
‫‪Ideas about Living Ethically.‬‬

‫‪By Peter Singer. 2015.‬‬


‫لكي ت�ؤ�س�س وترتقي براأ�سمالك املهني‪ ،‬ولكي ت�جههه للخدمة املجتمعية‬
‫ولالأغرا�س العا َّمة‪ ،‬عليك اأن ت�سع خطط ًا ط�يلة املدى‪ ،‬وحتافظ عليها‬
‫ب�عي وعزم �سديدين‪ ،‬لتتمكن من عمل اخلري والتاأثري على املدى البعيد‪.‬‬
‫كيف تك�ن اإيثاري ًا ف َّعا ً‬
‫ل وم�ؤثر ًا‬
‫عندما تقرر امل�ساركة يف اأعمال اخلري وت�ؤديها على اأف�سل وجه‪ ،‬من‬
‫‪Strangers Drowning‬‬
‫‪Voyages to the Brink of Moral‬‬ ‫املهم اأن تتاأكد باأنه قرار ل ينبع من انفعال اأو من طفرة قد تزول �سريع ًا‪.‬‬
‫‪Extremity.‬‬
‫وهذه بع�س الأفكار التي �ستمكنك من الت�سبث بروؤيتك الأ�سيلة وغايتك‬
‫‪By Larissa MacFarquhar. 2015.‬‬
‫النبيلة‪ ،‬لي�سبح الإيثار والعطاء من اأبرز اأدوارك يف احلياة‪:‬‬
‫تع َّ�د ال َبذْ ل وواظب عليه‬ ‫‪.1‬‬
‫حتَّى واإن كنت تعتقد اأنَّ الطريقة الأ�سا�س َّية التي �ست�ساعد من خاللها‬
‫ربعات‪ ،‬فاإنَّ البدء بالبذل ه� نقطة البداية‬
‫الآخرين لن تتم من خالل الت ُّ‬
‫‪The Life You Can Save‬‬ ‫لختبار ن�اياك‪ ،‬والتاأكيد على جديتك يف هذا العمل الإن�ساين العظيم‪.‬‬
‫‪How to Do Your Part to End World‬‬
‫‪Poverty.‬‬
‫َّ‬
‫خ‪£‬ة متكاملة لدمج الإيثار يف‬ ‫‪V .2‬سع‬
‫‪By Peter Singer . 2010.‬‬
‫م‪û‬سروعات∂ و‪M‬يات∂‬
‫بعدما تعقد العزم وتبداأ بالبذل‪ ،‬اكتب ما تن�ي تقدميه وحدد الزمان‬
‫واملكان واملجال وكل ما �ستحتاج اإليه من تفا�سيل‪ .‬ول تن�س قراءة‬
‫بع�س الكتب يف جمال ن�ساط عملك اخلريي‪ ،‬وح�س�ر برامج التدريب‬
‫ﻗﺮاءة ﻣﻤﺘﻌﺔ‬ ‫وامل�ؤمترات املهنية املتخ�س�سة‪ ،‬لتط�ير روؤيتك‪ ،‬ومتتني خربتك‪ ،‬وزيادة‬
‫ثقتك بنف�سك‪ ،‬وبقدرتك على النجاح يف ا�ستثمار م�اردك النف�سية‬
‫ص‪.‬ب‪214444 :‬‬ ‫وال�سخ�سية واملالية‪.‬‬
‫دبي‪ ،‬اﻹﻣارات اﻟﻌربﻴﺔ اﻟمﺘﺤﺪة‬
‫ﻫاﺗﻒ‪04 423 3444 :‬‬ ‫ان†س‪ º‬اإلى ›تمع الإيثار الف َّعال‬
‫َّ‬ ‫‪.3‬‬
‫ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ آراءﻛﻢ ﻋﻠﻰ ‪pr@mbrf.ae‬‬
‫ادر�س جتارب الآخرين‪ ،‬وحتدث اإليهم‪ ،‬واح�سر منتدياتهم‪ ،‬وفكر يف‬
‫ﺗواﺻﻠوا ﻣﻌﻨا ﻋﻠﻰ‬
‫طرح برامج للم�ساركة يف دمج وت�حيد اجله�د املت�سابهة واملتكاملة‪.‬‬
‫ومن املهم هنا واأنت تبداأ امل�س�ار‪ ،‬اأن تدر�س مث ًال كيف تعاون «بل جيت�س»‬
‫مع «وارين بافيت» يف تاأ�سي�س وا�ستدامة اأكرب م�ؤ�س�سة خريية عرفتها‬
‫الب�سرية على مر التاريخ‪.‬‬
‫حتدث عن الإيثار الف َّعال‬ ‫‪.4‬‬
‫عندما تقنع الآخرين باأن يحذوا حذوك‪ ،‬تك�ن قد �ساعفت تاأثريك‪،‬‬
‫‪qindeel_uae‬‬
‫‪qindeel_uae‬‬
‫و�سعادتك‪ ،‬وو�سعت ر�سالتك‪ .‬وهذا ه� ما ق�سدناه بعن�ان‪« :‬اخلري‬
‫‪qindeel.uae‬‬ ‫كاأف�سل ما يك�ن» و «كيف يجعلنا الإيثار من الأخيار»‪ .‬وبهذه الكيفية‬
‫‪qindeel.ae‬‬ ‫ميكنك الآن اأن تخط� خط�تك املح�ر َّية الأولى لتجعل العامل مكان ًا‬
‫اأف�سل‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫ملخصات لكتب عالمية تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة‬

You might also like