Professional Documents
Culture Documents
�أما الكتاب الثالث فال يخلو من الطرافة والإ�ضافة؛ �إنه كتاب «املناطق الزرقاء:
درو�س نتعلمها من املُع َّمرين الذين عا�شوا حيا ًة �أطول و�أف�ضل» ت�أليف «دان بوترن»
املوجه لتوعية النا�س ب�أمناط امل�ستك�شف ورائد م�شروع «النطاقات الزرقاء» َّ
ال�صحية والطبيعية .وهو يحلل الأ�سباب غري املعروفة التي جعلت �سكان ِّ احلياة
خم�س مناطق يف العامل يع ّمرون طويالً ،ويعي�شون حياة مديدة و�سعيدة ،رغم
اختالف بيئاتهم من اليابان �شرق ًا� ،إلى كو�ستاريكا غرب ًا .ويرى امل�ؤلف � َّأن �س َّر
الكم بل يف الكيف؛ فما جدوى العمر املديد �إن افتقر الإن�سان ال�صحة ال يكمن يف ِّ
ال�صحة التي ت�ؤهله للتم ُّتع مبباهج احلياة؟!
َّ �إلى
ويف اخلتام �أمتنى �أن تنال مو�ضوعات املجموعة اجلديدة من «كتاب يف دقائق»
ا�ستح�سانكم ،و�أن ترفد خميالتكم باملزيد من الإبداع يف جوانب حياتكم كافة.
جمال بن حويرب
العضو المنتدب لمؤ سسة محمد بن راشد آل مكتوم
؟
غري ُمر�ضية. احلياة امل�ألوفة بد ًال من و�ضع قواعدهم �إ�س� .إليوت» يف�شلون ويعي�شون حياة تعي�سة،
يف كلِّ جمال ،بدء ًا من عامل الأعمال وال�سيا�سة وو�صو ًال �إلى العلوم والفنون ،جند � َّأن من يبتكرون وينه�ضون بالعامل نحو الأف�ضل نادر ًا ما
ويتحدون الواقع .هم يف ظاهر الأمر يت�سمون باجلر�أة والثقة بالنف�س ،ولكن َّ يكونون مثا ًال للثقة املطلقة وااللتزام .هم فقط ي�شكِّكون بالتقاليد
عند �سقوط �أحد الأقنعة ،يت�ضح �أ َّنهم مك َّبلون باخلوف والتناق�ض .ويف حني ننظر نحن �إليهم كر َّواد بد�ؤوا رحلة التغيري بجهود ذات َّية ،ف�إنهم ال
يعتربون �أنف�سهم كذلك ،وبقدر ما يبدون ت َّواقني �إلى املخاطرة� ،إال �أ َّنهم يف حقيقة الأمر ُيحاولون جت ُّنبها مثلنا جميعاً.
مــوازنــــــة املخــــــاطـــر
ولكن احلد�س ي�شري �إلى � َّأن الإجنازات َّ �أخرى �آمنة .يرى «كومبو�س» � َّأن الناجحني
الإبداع َّية ال تزدهر من دون بذل قد ٍر كب ٍري يف حياتهم اليوم َّية يفعلون ال�شيء ذاته،
من الوقت والطاقة ،وال ت�ستطيع امل� َّؤ�س�سات حيث يواجهون املخاطر بثبات وي�صنِّفونها
ولكن
النم َّو بق َّوة من دون العمل الد�ؤوبَّ ، يف فئات ،وغالب ًا ما جند �أنَّنا عندما
تغ�ض الطرف عن الفائدة هذه االفرتا�ضات ُّ نتخطَّ ى م�ستوى املخاطر املعقولة يف �أحد
اجلوهر َّية للعمل يف نطاق متوازن من نتوخى احلذر يف جمال �آخر. املجاالت ،ف�إنَّنا َّ
املخاطر :فال�شعور بالأمن يف �أحد املجاالت توجه تف�سر فئات وم�ستويات املخاطر �سبب ُّ ِّ
جمال �آخر ،وعندما مينحنا حر َّية التجديد يف ٍ العباقرة �إلى الإبداع يف جانب واحد من
ننعم باال�ستقرار املايل ،نهرب من �ضغوط حد
حياتهم ،و�إغراقهم يف التقليد َّية �إلى ٍّ
ن�شر كتب ذات م�ستوى متوا�ضع� ،أو الرتويج بعيد يف اجلوانب الأخرى .يقول «�إدوين
لأعمال فن َّية رديئة� ،أو بدء م�شروعات من الند» م� ِّؤ�س�س �شركة « :»»Polaroidمبقدور � ِّأي
درا�سات .ولكن توازن املخاطر ال يهدف �إلى �شخ�ص �أن يكون مبدع ًا يف �أحد املجاالت يف منذ �أكرث من ن�صف قرن ،و�ضع عامل النف�س
معي واالكتفاء الثبات واجلمود يف م�ستوى َّ حال مت ُّتعه بقدر كبري من اال�ستقرار النف�سي «كالريد كومبو�س» يف جامعة «مي�شيغان»
فاملجددون يجازفون ِّ باملجازفات املح�سوبة، واالجتماعي املُ�ستمد من املواقف الرا�سخة يف نظر َّية مبتكرة للمخاطرة؛ ففي �سوق الأ�سهم،
يتوخون
يف جمالهم الإبداعي املح َّدد ،ولك َّنهم َّ جوانب حياته الأخرى ،بخالف املجال الذي �إذا �أردت �أن تقوم با�ستثمار حمفوف باملخاطر،
احلذر يف املجاالت احليات َّية الأخرى. يعترب مبدع ًا فيه». ميكنك حماية نف�سك بامل�شاركة يف ا�ستثمارات
َمن الأقدر على �إ�صدار الأحكام على املبدعني :املديرون �أم املتل ُّقون؟
�أم ال ،تقوم بتقييمه مقابل الأفكار املح َّددة تبي � َّأن جمموعات الرتكيز وقعت يف نف�س ّ عندما يفح�ص املديرون �أفكار ًا جديدة،
�سلف ًا عن الطرق التي ميكن �أن جتعل العر�ض الأخطاء التي وقع فيها املديرون. ف�إنهم ينظرون �إليها بع ٍني ناقدة ونافذة
ناجح ًا. عند جلو�سك يف غرفة املعي�شة مل�شاهدة ٍ
عر�ض بهدف التقييم ،ومن �أجل حماية �أنف�سهم
بد ًال من تقييم �إبداعك بنف�سك� ،أو احل�صول ما ،ف�إ َّنك تندمج مع احلبكة الروائ َّية للعر�ض، من خماطر رهان اخلا�سر ،يقارنون الفكرة
على مالحظات املديرين ،اجل�أ �إلى زمالئك، ف�إذا وجدت نف�سك ت�ضحك طوال الوقت، اجلديدة بنماذج الأفكار الناجحة �سابق ًا،
فهم ال يهربون من املخاطر مثل املديرين ف�ستقول �إ َّنك �شاهدت عر�ض ًا م�ضحك ًا، ومع زيادة املعارف املُكت�سبة عن َح ٍّد معني،
وجمهور االختبار ،كما �أ َّنهم منفتحون لر�ؤية ومع ذلك ،عندما ت�شاهد نف�س العر�ض مع اخلا�صة.
َّ ن�صبح �أ�سرى لنماذجنا الأ َّول َّية
الإجنازات يف االحتماالت غري امل�ألوفة ،التي جمموعة تركيز ،ف�إنك لن تندمج معه على من حيث املبد�أ ،ينبغي للمتل ِّقني �أن يكونوا �أكرث
ت َذر من ال�سلب َّيات الزائفة .ويف نف�س الوقت، َْ النحو ذاته ،لأ َّنك تعرف �أن ت�شارك من �أجل انفتاح ًا على التجديد من املديرين ،ورغم
مما
لي�س لديهم ا�ستثمار حم َّدد يف �أفكارناَّ ، تقييم العر�ض ال من �أجل معاي�شته ،وبالتايل ذلك ،مل يكن جمهور االختبار �أف�ضل حا ًال
مينحهم م�سافة كافية لتقدمي تقييم نزيه، تبد�أ يف احلك ــم علي ــه منذ البدايــة؛ لأ َّنك من املديرين من حيث التن ُّب�ؤ بنجاح الأفكار
وعدم �إعطاء �صور �إيجاب َّية زائفة. حتاول فهم ما �إذا كان النا�س �سي�شاهدونه اجلديدة وفق ًا لدرا�سة «ج�ستني بريغ»؛ ولكن
عب كــاملـبـدع
ِّ
فن الإقناع الإبداعي
:1تعلَّم َّ
يفرت�ض معظمنا �أنَّه ينبغي علينا �أن ن�ؤكِّد مواطن ق َّوتنا ونقلِّل من نقاط �ضعفنا ح َّتى ننجح يف �إقناع الآخرين
مبهاراتنا ،ومثل هذا النوع من التوا�صل الف َّعال يبدو مفهوم ًا �إذا كان اجلمهور املتلقِّي متعاطف ًا مع ًا.
املرجح �أن ي�صبح جمهورك لكن عندما تطرح فكرة جديدة �أو تتق َّدم باقرتاح من �أجل التغيري ،فمن َّ
مرتاب ًا .ويف تلك الظروف ،يحقِّق تبنِّي �شكل من �أ�شكال التوا�صل ال�ضعيف ب�إبراز عيوب فكرتك ذلك
الإقناع املن�شود ،وذلك لأربعة �أ�سباب هي:
هل املبدع َمن يولد � َّأو ًال �أم َمن يولد �أخري ًا؟
اهتم اخلرباء باملزايا التي يتم َّتع بها املولود الأ َّول ،فعاد ًة ما يكون �أ َّول طفل مهي�أً
للنجاح ،حيث ينعم باهتمام ووقت والديه املتفانيني وطاقتهما الكاملة.
تو�صلت مئات الدرا�سات �إلى النتيجة ذاتها :فعلى الرغم من � َّأن املولودين كما َّ
�أ َّو ًال يكونون �أكرث �سيطرة ووعي ًا وطموح ًا من ه�ؤالء الذين يولدون بعدهم ،بينما
متيل الفئة الثانية �إلى املجازفة وتبنِّي الأفكار الإبداعية ،وهذا يعني � َّأن املولودين
يتم�سكون بالو�ضع الراهن ،بينما مييل َمن يولدون بعدهم �إلى االعرتا�ض على �أو ًال َّ
الثوابت وحماولة تغيريها.
تناق�ص ال�صرامـــــة
البالغني املُف�صلة واملدرو�سة بعناية ،ف�إ َّنك الحظ عامل النف�س «روبرت زاجونك» �أنَّ
ت�سري على نهج الأطفال املبدعني. املولودين �أو ًال يرتعرعون يف عامل البالغني،
حتَّى عندما ال يت ُّم تكليف الأطفال ب�أدوار يف حني �أ َّنه ك َّلما زاد عدد �أ�شقَّائك الذين
الأبوين ،مييل الوالدان �إلى التعامل ب�صرامة يكربونك �سن ًا ،زاد الوقت الذي تق�ضيه يف
مع �أبنائهم املولودين �أو ًال ،وي�صبحون مرنني التعلُّم من الأطفال الآخرين .فعندما يلعب
على نحو متزايد مع �أبنائهم الالحقني، الأ�شقَّاء الأكرب �سن ًا دور الوالدين والقدوة
فعاد ًة ما يتح َّرر الوالدان من التوتُّر التي تراها ،فلن تتع َّر�ض لنف�س العقاب
الع�صبي املُ�صاحب لرتبية الأطفال لأ َّنهم ولن تُطبق عليك نف�س القواعد التي عليك
يكت�سبون اخلربة والثقة من تربية �أبنائهم االلتزام بها يف ظل وجود والديك ،كما
الكِ بار� .إ�ضافة �إلى ذلك ،ال ي�ؤ ِّدي الأ�شقَّاء �أ َّنك �ستنعم بحماية �أ�شقَّائك لك .كما �أنك
الأ�صغر �سن ًا الكثري من املهام الروتينية لأنَّ تخترب املجازفة ومواجهة املخاطر يف مرحلة
�أ�شقَّاءهم الأكرب يكلفون بهذه املهام بالفعل. عمر َّية مب ِّكرة ،فبد ًال من حماكاة خيارات
أهمية �إعطاء الأطفال احلر َّية لي�صريوا مبدعني ،ولكن من خماطر هذه احلر َّية هي �أ َّنهم قد
يربز دليل ترتيب املواليد � ِّ
يحدد م�ستوى الإبداع بعد حتفيز عقل � ِّأي طفل -مهما كان
عر�ضون الآخرين للخطر .فما الذي ِّ فيتعر�ضون و ُي ِّ
ِّ يتمردون
ترتيبه -لي�صبح مبدعاً؟
التي يتح َّملها الآخرون يدير االهتمام �إلى الرتكيز على قواعد حم َّددة» ،وذلك كما مي ِّيز النهج العقالين لالن�ضباط �آباء
�ضرر ال�شخ�ص الذي تع َّر�ض للأذى من �أكدت درا�سات عاملة النف�س «ترييزا �أمابايل». املراهقني الذين ال يتو َّرطون يف انحرافات
�سلوك الفرد ويبعث على التعاطف معه، �إذا �أراد الوالدان فر�ض الكثري من القواعد، �إجرام َّية واملبدعني الذين يواجهون قيود
كما �أ َّنه ي�ساعد الأطفال على �إدراك نتائج فمن املهم �أن ي�شرحوا لأبنائهم طبيعة هذه الروتني يف �أعمالهم .تناولت �إحدى الدرا�سات
مما ي�ؤدِّي
�أفعالهم التي قد تُلحق ال�ضررَّ ، القواعد و�أ�سباب فر�ضها ،فقد تبني �أنَّ حاالت كان فيها �آباء الأطفال العاديني
�إلى �شعورهم بالذنب .يقول «�إرما بومبيك»: املراهقني يتح َّدون القواعد عندما تُفر�ض ملتزمني مع �أطفالهم باتباع �ستِّ قواعد ثابتة
«الذنب هو الهبة التي حتافظ على العطاء». عليهم بالقوة وال�سيطرة والتهديد والوعيد. منها :االلتزام بجداول زمنية حم َّددة لأداء
تن�شط العواطف الأخالقية وهذا �صحيح؛ �إذ ِّ وهناك تف�سري واحد ينجح عند فر�ض قواعد الواجب املنزيل وميعاد النوم .بينما كان �آباء
املزدوجة التي جتمع بني التعاطف والإح�سا�س االن�ضباط ،وهو «تعليل �سبب عدم مالءمة الأطفال املبدعني ي�شدِّ دون على �أطفالهم
بالذنب رغبتنا يف ت�صحيح �أخطاء املا�ضي ال�سلوك َّيات املمنوعة مع الإ�شارة �إلى عواقبها املتو�سط
ِّ باتباع قاعدة واحدة �أو �أقل يف
والت�ص ُّرف ب�صورة �أف�ضل يف امل�ستقبل. على الآخرين» ،فت�سليط ال�ضوء على العواقب ً
«والرتكيز على القيم الأخالقية ،بدال من
ترت�سخ حالة عدم الثقة تقول «نورمي»« :الت�شا�ؤم الدفاعي ا�سرتاتيج َّية م�ستخدمة يف مواقف مع َّينة لتد ُّبر اال�ضطراب ،والقلق ،واخلوف» .فعندما َّ
يتم تكبيلهم باخلوف ،بل يتخ َّيلون �سيناريو كارثي ًا ليزيدوا من ح َّدة ا�ضطرابهم ويتح َّول هذا اال�ضطراب بالنف�س ،ال ي�سمح املت�شائمون الدفاعيون ب�أن َّ
بالتدريج �إلى دافع ،وهذا يعني �أنَّه مبج َّرد تفكريهم يف الأ�سو�أ ،ف�إنهم ينحون �إلى جت ُّنبه ،وا�ضعني يف االعتبار كلَّ معلومة ذات �صلة للت�أكُّد من �أنَّهم
لن ينهاروا �أو يتحطَّ موا؛ مما مينحهم �شعور ًا بال�سيطرة ،كما � َّأن ا�ضطرابهم ي�صل �إلى ذروته قبل احلدث ،وعند وقوع احلدث يكونون على ا�ستعداد
للنجاح.
ص.ب214444 :
من الذي ُيحدث الفارق؟
دبي ،اإلمارات العربية المتحدة ولكن
حد �سواءَّ ، يبد�أ الإبداع با�ستحداث مفهوم مفيد وغري م�ألوف على ٍّ
هاتف04 423 3444 :
الأمر ال يتوقَّف عند ذلك ،فاملبدعون يبادرون ولكن ال يت�سرعون يف جعل
نستقبل آراءكم على pr@mbrf.ae
ر�ؤيتهم واقع ًا .نحن ن�صادف ك َّل يوم �أ�شياء نح ُّبها ونقبلها على عالتها
تواصلوا معنا على و�أ�شياء �أخرى نطلب تغيريها .الأولى متنحنا ال�سعادة ،بينما تدعم الأخرى
رغبتنا يف تغيري العامل وجعله مكان ًا �أف�ضل ،ولكن حماولة تغيري املعتقدات
وال�سلوك َّيات الرا�سخة �أمر �صعب ،فنحن نقبل الو�ضع القائم عندما يبدو
مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم التغيري اجلذري م�ستحيالً .وهنا نطرح عليك ال�س�ؤال التايل والأهم :هل
ميكن ل�شخ�ص واحد �إحداث الفارق؟ ثم ب�شجاعة ت�ساءل :هل ميكن لهذا
ال�شخ�ص �أن يكون �أنا؟ وت�أتي �إجابتنا ال�شُ جاعة �أي�ض ًا :نعم .ميكن ل ِّأي فرد
qindeel_uae
منَّا -هي وهو و�أنت و�أنا -نعم ميكن لكل منا �أن يكون �صاحب تلك الفكرة
qindeel_uae
التي تراودنا منذ زمن ،وها هو قد حان وقت تطبيقها وحتويلها من فكرة
qindeel.uae
qindeel.ae
�إلى فعل وم�شروع وقرار ومنتج �إبداعي �سيغري واقعنا وكل العامل من حولنا.
َ