You are on page 1of 16

‫االستاذ حســــن حنفي ودوره‬

‫في إحياء التراث‬

‫أ‪.‬د‪.‬مجيد مخلف طراد ( *)‬

‫هذا والذي حاول فيه إعادة بناء العلوم االساسية‬ ‫الكلم���ات المفتاحية‪ -:‬الت��راث‪ ،‬االحياء‪،‬‬
‫لهذا التراث والمتمثلة بعلم أصول الدين وفلسفة‬ ‫حسن حنفي‬
‫الحض��ارة والمنهج االصول��ي وعلم التصوف‬
‫والعلوم النقلية والرياضية والطبيعية واالنسانية‬ ‫ملــــخص البــحــث‬
‫ووصف الحضارة االسالمية وتطورها لتأسيس‬
‫المفكر حسن حنفي واحد من ابرز المفكرين‬
‫وح��دة للعلوم في التراث االس�لامي يركز فيها‬
‫الع��رب المعاصرين الذين اس��تاثرت مؤلفاتهم‬
‫عل��ى االنس��ان والتاريخ لربط الت��راث بالواقع‬
‫اهتمامها بقضية الت��راث واحيائه حتى تبلورت‬
‫كونه مخزونا ً نفسيا ً ما زالت افكاره وتصوراته‬
‫لدي��ه تكوين مش��روع فك��ري حض��اري كبير‬
‫توجه سلوك الناس في حياتهم اليومية فال يمكن‬
‫يس��تطيع من خالل��ه النهوض باالم��ة ويتجاوز‬
‫اهماله او االبتعاد عنه في اي عملية عملية تغير‬
‫كل عقباته��ا التي تقف بوج��ه االصالح والتقدم‬
‫او اصالح بل عل��ى العكس يجب التركيز عليه‬
‫انطالق��ا ً من الت��راث بعده الركي��زة االولى في‬
‫ودراسته بش��كل يجعله يتطابق ويسير جنبا ً الى‬
‫عملية التقدم عن طريق كش��ف مستويات حديثه‬
‫جنب مع متطلبات العصر وتطوره وهذه الغاية‬ ‫لقراءته وتحليله واعادة هيكليته وتفس��يره طبقا ً‬
‫هي التي تسهم في تطوير الواقع وحل مشكالته‬
‫لحاج��ات العص��ر‪ ,‬فه��ذه المس��تويات الحديثة‬
‫وبذلك يك��ون التراث عنده ليس هدف��ا ً بذاته بل‬
‫للتحليل تعطينا ميدانا ً تظهر فيه خصوبة التراث‬
‫وسيلة تدار حولها امكانية االحياء والتجديد ‪.‬‬
‫فجاء مش��روعه ضمن هذه الرؤي��ة على ثالثة‬
‫اقس��ام االول منها هو موقفه م��ن التراث القديم‬
‫وه��و المحور االساس��ي ال��ذي دار حوله بحثنا‬

‫(*) مركز احياء التراث‬

‫‪17‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫بش��كل يوصل��ه الى هك��ذا مش��روع حضاري‬ ‫المقدمة‬
‫يرتقي فيه لمسايرة الحياة العصرية التي يعيشها‬ ‫لق��د فرضت دراس��ة الت��راث نفس��ها على‬
‫المجتمع العربي االس�لامي‪ ،‬خاصة وانه اعتقد‬ ‫الباحثي��ن والمفكري��ن والمعاصري��ن الع��رب‬
‫ان جميع المش��اريع االصالحية الدينية السابقة‬ ‫لمواجهة التحديات الحضارية‪ ،‬ومحاولة ايجاد‬
‫والمعاص��رة له ان لم نقل جميعها قد فش��لت في‬ ‫مش��روع فكري ينهض باالمة ويتجاوز واقعها‬
‫ايجاد منهج صحيح لها تستطيع من خالله اثبات‬ ‫التأريخي المتخلف الذين يهيمن على المجاالت‬
‫ذاتها في مواجهة التحديات التي تعصف باالمة‬ ‫السياس��ية واالجتماعية واالقتصادية ومن أبرز‬
‫فتعرض��ت الى االنتكاس والهزائ��م الواحدة تلو‬ ‫ه��ؤالء المفكرين حس��ن حنفي ال��ذي كانت له‬
‫االخ��رى وما زال ضعفها يتده��ور حتى يومنا‬ ‫مكانة فكرية في العالم العربي بوصفه واحدا ً من‬
‫ه��ذا الن أصحابه��ا ل��م يفلحوا اال في اس��تبدال‬ ‫الذين سعوا الى ان يكون لهم مشروعا ً حضاريا ً‬
‫صيغة مشاريعهم باخرى كلما فشل التعبير عن‬ ‫يمك��ن لالم��ة م��ن خالل��ه مواجه��ة تحدياته��ا‬
‫المشروع الحضاري وتحت مسميات مختلفة ‪.‬‬ ‫باالعتم��اد على دراس��ة رئيس��ة ف��ي التراث‪،‬‬
‫لذل��ك يؤك��د حس��ن حنف��ي أن كل م��ا جاء‬ ‫فس��خر كل جهوده الفكري��ة لهذا اله��دف تاليفا ً‬
‫ب��ه والمتمثل بمش��روعه الحض��اري (التراث‬ ‫وكتاب��ة ومحاضرا ً ومش��اركا ً ف��ي المؤتمرات‬
‫والتجدي��د) هو رد فعل لفش��ل االصالح الديني‬ ‫والندوات العلمية والثقافية حتى اصبح صاحب‬
‫والفكري لتلك المش��اريع وعدم قراءة اصحابها‬ ‫اكثر المؤلف��ات تنوعا ً وغزارة في هذا المجال‪،‬‬
‫التراث قراءة صحيحة س��واء تلك التي قدس��ته‬ ‫حيث ش��كلت قضية التراث المحور االساس��ي‬
‫وتمس��كت به دون تغير أو التي حاولت تجديده‬ ‫ال��ذي دارت حوله اغلب كتب��ه ومؤلفاته الى ان‬
‫ب��أدوات خ��ارج واقعه��ا العرب��ي والمتمثل��ة‬ ‫تبلور عنده مشروعه الحضاري المزعم والذي‬
‫بالنم��اذج الغربي��ة وتقدمه��ا العلم��ي‪ ،‬فيق��ول‬ ‫أس��ماه (الت��راث والتجدي��د) حيث تبن��اه ودافع‬
‫((والت��راث والتجديد رد فعل على ازمة التغيير‬ ‫عن��ه في محافله ونش��اطاته االكاديمية والثقافية‬
‫للواقع االجتماعي نظرا ً لتعثر محاوالت التغيير‬ ‫واالعالمي��ة بمختلف الوس��ائل‪ ،‬وم��ا يزيد في‬
‫واصطدامه��ا بقضي��ة التراث لمخزون نفس��ي‬ ‫اهمي��ة ه��ذا المش��روع ان��ه كان مح��ط انظار‬
‫عن��د الجماهير )) (‪ )1‬ومؤكدا ً على ان التراث ال‬ ‫واستقطاب عدد من الدارسين والباحثين والنقاد‬
‫يعني مجرد اركام ال حياة فيه وانما هو الجذور‬ ‫وليتخذوا من موضوعاته عنوانات لدراس��اتهم‬
‫االساس��ية التي ينبغي ان تؤسس عليها نهضتنا‬ ‫االكاديمية وبحوثهم الثقافية ولقاءاتهم االعالمية‬
‫الجديدة واي ثقاف��ة او نهضة فكرية وحضارية‬ ‫ان مش��روع حس��ن حنفي وموقفه م��ن التراث‬
‫تفتقد الى عم��ق تاريخي المتمثل بماضيها تظل‬ ‫والمقدم ضمن مش��روع الخطة الش��املة للثقافة‬
‫ثقاف��ة او نهضة خارجية هش��ة وعارضة‪ ،‬ان‬ ‫العربية االسالمية والذي سعى الى تثبيته ونشره‬
‫لم تكن تحمل اس��باب فش��لها بذاتها الن البحث‬ ‫ف��ي االوس��اط الفكري��ة والثقافية حت��م عليه أن‬
‫عن حقيقة التراث هو بارجاع مادته الفكرية الى‬ ‫تكون لديه رؤية جديدة ودراس��ة معمقة للتراث‬
‫اصوله��ا ومن ثم اع��ادة بنائها في العقل ويكون‬ ‫لكي يس��تطيع م��ن خالله��ا اعادة بن��اء علومه‬
‫تفس��يره طبق��ا ً لحاج��ات العصر وهن��ا يصبح‬ ‫ومكونات��ه ووضع البدائل الممكنة التي اختارها‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪18‬‬


‫ثالث س��نوات م��ن ع��ام ‪ 1948-1945‬بعدها‬ ‫التراث عنده وس��يلة لغاية اهم هي التجديد وهذه‬
‫انتق��ل الى مدرس��ة خلي��ل آغا الثانوي��ة وبدأت‬ ‫الغاي��ة هي االس��هام ف��ي تطوي��ر الواقع وحل‬
‫ميول��ه في هذه المدة نحو الموس��يقى والرس��م‪،‬‬ ‫مشكالته‪ ،‬فالتراث ليس هدفا ً بذاته وانما وسيلة‬
‫فاش��ترك في الفرقة الموسيقية وتعلم من خاللها‬ ‫ت��دور حولها امكان��ات التجديد‪ ،‬والس��ؤال هنا‬
‫بعض النوتات الموس��يقية ولما كان نظام الثقافة‬ ‫ال��ى اي مدى كان حس��ن حنفي امين��ا ً وصادقا ً‬
‫ف��ي مصر بعد اربع س��نوات لتخصص وكذلك‬ ‫ف��ي تاكيده على اهمية التراث بحيث اتخذ موقفا ً‬
‫التوجيه بعد خمس سنوات يختار الطالب احدى‬ ‫ثابتا ً من��ه في كل مؤلفاته وطروحاته الفكرية ام‬
‫الش��عب من ث�لاث ه��ي علم��ي او رياضة او‬ ‫انه تعامل معه اش��به بتعامل المستشرقين الذين‬
‫فلس��فة(‪ )3‬ولما كان حنفي ال يفض��ل العلم كونه‬ ‫يرون التراث بمنظور غربي ويحاول اخضاعه‬
‫يهت��م بدراس��ة الطبيعة وكان هو ميال لدراس��ة‬ ‫الى مقوالت فكرية هي اساس��ا ً نابعة من التراث‬
‫االنس��ان دون س��بب واالدب��ي ش��عبتان ادب��ي‬ ‫الغرب��ي؟ ه��ذا ما س��نحاول الوص��ول اليه من‬
‫رياض��ة وادب��ي فلس��فة فاختار ادب��ي رياضة‬ ‫خالل ثنايا بحثنا الموس��وم حس��ن حنفي ودوره‬
‫ودخ��ل اس��تاذ الرياضي��ات والق��ى محاضرته‬ ‫في احياء التراث العربي االسالمي بعد ان نمهد‬
‫االول��ى ومأل الس��بورة فيها لم يفهم منها ش��يء‬ ‫له بس��يرته الذاتي��ة والفكرية وجه��وده العلمية‬
‫فغير اختي��اره في المحاض��ره الثانية الى ادبي‬ ‫والثقافية في مجال التأليف ‪.‬‬
‫فلسفة فاستمع الش��عر العربي الول مرة فتذوقه‬
‫ثم س��رى هذا التذوق على كل فروع االدب من‬ ‫المطلب االول ‪ -:‬السيرة التعليمية‬
‫قصة ورواية وشعر وربما كان لشخصية استاذ‬ ‫ول���د الدكتور حس���ن حنف���ي احمد‬
‫االدب واس��لوبه االثر الكبير في ذلك فضالً عن‬ ‫حس���نين ع��ام ‪ )2( 1935‬ف��ي بن��ي س��يوف‬
‫ما تلقاه من دروس الفلس��فة على يد اس��تاذ قدير‬ ‫بالقاه��رة من اس��رة ريفية محافظة وفي الس��نة‬
‫يشرح لهم تاريخ الفلسفة بطريقة عقالنية محببة‬ ‫الرابع��ة من عم��ره ارس��له والده ال��ى الكتاب‬
‫لنف��وس التالميذ وهكذا تعمق بدراس��ة الفلس��فة‬ ‫لحفظ القرآن وتعلم بع��ض قواعد اللغة العربية‬
‫وتف��وق فيها خاصة بعد ف��وزه بالمرتبة االولى‬ ‫وبعض عالمات االع��راب اال انه لم يكمل هذه‬
‫في المسابقة القطرية للفلسفة (‪. )4‬‬ ‫المرحلة التعليمية مع الكتاب ولم يتحمل طريقة‬
‫الشيخ في تحفيظ القرآن‪ ،‬ولما بلغ الخامسة من‬
‫لقد كانت الدراسة الجامعية في مصر انذاك‬
‫عمره انتقل الى المدرس��ة االولية وهي مدرسة‬
‫مقابل اج��ور مالية اال المتفوقي��ن ولكونه تفوق‬
‫سليمان جاويش لتعليمه والحفاظ عليه من العاب‬
‫ف��ي التوجهي��ة حيث جاء ف��ي الترتي��ب االول‬
‫الطريق وبعد اكماله س��نوات المدرس��ة االولية‬
‫على القطر في مس��ابقة الفلس��فة اوالً‪ ،‬واجتاز‬
‫الخم��س يكون قد مه��د الطريق الى المدرس��ة‬
‫التوجهية بمعدل ‪ %77,5‬اي فوق الس��بعين مما‬
‫االزهري��ة ولي��س الجامعة‪ ،‬وكانت المدرس��ة‬
‫يؤه��ل للجامعة ثانيا ً واالهم م��ن ذلك كله قرار‬
‫االولية طريقا ً مسدودا ً اال نحو مدرسة المعلمين‬
‫الثورة المصرية ع��ام ‪ 1952‬بان يكون التعليم‬
‫وال تؤهل للثانوية والجامعة‪ ،‬انتقل الى مدرسة‬
‫الجامع��ي مجانا ً مث��ل التعليم الع��ام الذي قرره‬
‫السلحدار االبتدائية وفيها بدأ التعليم وقضى فيها‬
‫طه حس��ين وزيرا ً وفديا ً للتعليم بعبارة ش��هيرة‬

‫‪19‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫بطرائقه واس��اليبه المختلفة من اس��تاذ الى آخر‬ ‫((التعليم كالماء والهواء)) فحصل على مجانية‬
‫والتي تراوحت بين االمالء والكتب المقررة من‬ ‫التعليم في الجامعة لهذه االسباب الثالثة‪ ،‬فدخل‬
‫ناحية والتفكير الح��ر بعيدا ً عن االمالء واقرار‬ ‫كلية االداب‪ ،‬قسم الفلسفة الذي كان قسماًواحدا ً‬
‫الكتب م��ن ناحية اخرى‪ ،‬وكان الس��ؤال الذي‬ ‫مع قس��مي علم النفس واالجتماع في المرحلتين‬
‫ي��راود عقل��ه داخليا ً م��ا عيب الجم��ع بين العلم‬ ‫االولى و الثانية حيث انفصل علم االجتماع عن‬
‫وااليديولوجيا يسارية ام اسالمية ؟ وما المشكلة‬ ‫الفلس��فة بعد السنة االولى وعلم النفس بعد السنة‬
‫بأن يس��مع ويتلقى الطالب ايديولوجيات مختلفة‬ ‫الثالثة‪ ،‬وفي هذه المرحلة الجامعية لفت انتباهه‬
‫ويفكر فيه��ا بدالً من التركي��ز على حفظ كتاب‬ ‫تدري��س عثمان امي��ن للفلس��فة الحديثة خاصة‬
‫مقرر؟‪.‬‬ ‫دي��كارت ومحاول��ة تطبيق فلس��فته على الواقع‬
‫العربي مركزا ً على كتابته ((مقالة في المنهج))‬
‫وفي عام ‪ 1956‬تخرج من الجامعة وسافر‬
‫و ((التأمالت في الفلسفة االولى)) وفي الفصل‬
‫ال��ى فرنس��ا في العام نفس��ه دون بعثة رس��مية‬
‫الثان��ي دراس��ة كانط ال��ذي كان يطي��ل عثمان‬
‫وبتكالي��ف خاص��ة فالتحق بجامعة الس��وربون‬
‫امين في ش��رح معاني هذه الفلسفة والتقابل بين‬
‫لدراس��ة الدكتوراه في اختصاص الفلسفة وقدم‬
‫البعدي والقبلي وفي ((نقد العقل العلمي)) الذي‬
‫مش��روع الرس��الة االول��ى المنهاج االس�لامي‬
‫رك��ز فيه على الواجب واالخالق عند كانط كما‬
‫ف��ي العام كتب في��ه مقدمة طويل��ة عن مفكري‬
‫تأث��ر بتدريس توفيق الطوي��ل لعلم االخالق في‬
‫االص�لاح الدين��ي‪ ،‬وعرض المش��روع على‬
‫المرحل��ة الثالثة واعجب كثي��را ً بتدريس زكريا‬
‫المستش��رق ماس��نيون فأعج��ب باالف��كار التي‬
‫ابراهي��م ف��ي المرحل��ة الرابعة ال��ذي عاد من‬
‫وردت في��ه ونصح��ه بقراءة اص��ول الفقه الن‬
‫فرنس��ا عام ‪ 1955‬وهو متأثر ومتشبع بالفلسفة‬
‫مشروعه اقرب الى محاولة في علم اصول الفقه‬
‫الوجودية‪ ،‬فكان ال يقرأ من ورقة او يقرر كتابا ً‬
‫والتق��ى بكورب��ان الذي كان يجمع بين الفلس��فة‬
‫م��ع ان له مؤلفات عدة عن مش��كالت فلس��فية‪،‬‬
‫والدراسات االس�لامية والتصوف الشيعي لكن‬
‫وكون��ه يمتلك اس��لوبا ً س��هالً لتدريس الفلس��فة‬
‫ماس��ينون حذره م��ن التأويل الش��يعي الباطني‬
‫ومحبيه��ا احبه الطلب��ة وكان منزله مفتوحا ً لهم‬
‫واتفق��ا على ان يكون الموضوع منهاج التأويل‪:‬‬
‫جميع��اً‪ ،‬وبق��در ما كان حنفي فرحا ً في الس��نة‬
‫دراس��ة في علم االص��ول‪ ،‬اما الرس��الة الثانية‬
‫الرابع��ة بدراس��ة الفلس��فة المعاص��رة على يد‬
‫فكانت خطتها مقارنة بي��ن الدين العقلي والدين‬
‫زكريا ابراهيم حدثت له بعض االش��كاالت مع‬
‫الوجودي عند كانط وكير كجاد لكن فكره اش��به‬
‫االس��اتذة اآلخرين انعكست بش��كل سلبي على‬
‫بظاهريات التأوي��ل وتأويل الظاهريات لذا كان‬
‫تقيم��ه ودرجاته الذي اح��س بنوع من الظلم في‬
‫عن��وان الرس��الة الثانية من تأوي��ل الظاهريات‬
‫اس��تحقاقه للدرجات فنج��ح بدرجة جيد بدالً من‬
‫الى ظاهري��ات التأويل وكتب الرس��الة االولى‬ ‫(‪)5‬‬
‫ان ينجح بامتياز‬
‫مرتي��ن النها كان��ت في الكتاب��ة االولى مركزة‬
‫للغاية وتصل درجة التركيز الى حد األلغاز وال‬ ‫لق��د كانت الحياة الجامعية بالنس��بة له عالما ً‬
‫تفه��م عباراتها فعاد كتابتها ثانية بش��كل مفصل‬ ‫جديدا ً س��واء اكان ذلك على مس��توى العالقات‬
‫للغاي��ة وكت��ب الرس��الة الثاني��ة به��ذه الطريقة‬ ‫االجتماعية المفتوحة او على مس��توى التدريس‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪20‬‬


‫الكتاب الواحد وقد اشار بنفسه الى هذه الظاهرة‬ ‫العلمي��ة الموثوق��ة فج��اءت بجزأي��ن (( تأويل‬
‫بنفس���ه في مواضع عدة من مؤلفاته نذكر منها‬ ‫الظاهري��ات)) و ((ظاهري��ات التأويل)) االول‬
‫عندما طلب منه اعادة كتابة رسالته االولى في‬ ‫شرح للمنهج الظاهرياتي عند هوسرل وتالميذه‬
‫الدكت���وراه النها مركزة للغاي���ة فجاء رد فعله‬ ‫وكيفية تطبيقه في الدي��ن انتهاء التأويل والثاني‬
‫بصياغة افكارها بشكل تفصيلي وتحليل مسهب‬ ‫محاولة لتأويل وجودي ابتداء من العهد الجديد‪،‬‬
‫طويل وهو ما يعاني منه حتى اآلن في الكتابة‬ ‫واجريت مناقش��ة اس��تمرت ست س��اعات من‬
‫(‪ )10‬وايضا ً علل ذلك عند أس���تمراره لمشرعه‬ ‫قبل لجنة المناقش��ة بعدها انسحبت وعادة لتعلن‬
‫التراث والتجديد في جبهته االولى الن صاحبه‬ ‫حصوله على دكتوراه الدولة‪ ،‬وكان لماسنيون‬
‫ابن االثنين وعش���رين ربيعا ً فق���د غلب عليه‬ ‫الفضل بارش��اده الى علم اصول الفقه وكوربان‬
‫االنش���اء والخطابة والتكرار واالسهاب وايضا ً‬ ‫اقت��رح عليه موضوع التأويل وريكبر هو الذي‬
‫علق على هذه الظاهرة عندما وصف كتابه من‬ ‫وضع يديه على الظاهريات (‪. )6‬‬
‫العقيدة الى الثورة بزيادة هوامش���ه ونصوصه‬
‫وفي ع��ام ‪ 1966‬ع��اد من فرنس��ا بعد ان‬
‫وقد ال يثير عواطفهم ووجدانهم بدت تكرارا ً ال‬
‫حص��ل على درج��ة دكتوراه في الفلس��فة وبعد‬
‫فائدة منه(‪. )11‬‬
‫عام من عودته حاول االلتحاق بالجامعة نفس��ها‬
‫المالحظة الثالثة ظاهرة التكرار في نش���ر‬ ‫الت��ي تخرج منها بمصر لتدريس الفلس��فة وبدأ‬
‫م���ا كتب واعادته فمثالً كتب عن الذات االلهية‬ ‫ف��ي ه��ذه الم��دة بالحدي��ث عن االن��ا من خالل‬
‫والصفات واالفعال والنبوة والقضاء والقدر في‬ ‫اآلخر عارضا ً اهم نصوص الفلسفة الغربية في‬
‫كتابه من العقيدة الى الث���ورة (‪ ،)12‬ثم يعيد ما‬ ‫العقالنية والحري��ة والعدالة االجتماعية والتقدم‬
‫(‪)13‬‬
‫كتبه ثانية في كتاب���ه من النقل الى االبداع‬ ‫وترجمت��ه لتلك النصوص لم تكن لمجرد تغطية‬
‫وغير هذا الكثير مم���ا يبدو للباحث او القارئ‬ ‫ساعات الدرس فقط وانما كانت تهدف الى بيان‬
‫كث���رة مؤلفاته في حي���ن انها ف���ي الواقع اقل‬ ‫تطور الفكر الديني (‪. )7‬‬
‫مما هي عليه بكثير‪ ،‬ولو ش���ذبت من التكرار‬
‫ال���ذي جاء فيها س���واء اكان ذلك التكرار على‬ ‫المطلب الثاني ‪ -:‬نتاجه الفكري‬
‫مس���توى النش���ر او على مس���توى اعادته في‬ ‫قبل ان ابدأ باستعراض اهم مؤلفاته وجهوده‬
‫الكتاب الواحد‪ ،‬والشواهد واالدلة كثيرة يمكن‬ ‫الفكرية لدي بع���ض المالحظات عليه في هذا‬
‫مالحظتها بالمتابعة الدقيقة لمؤلفاته وبحوثه اما‬ ‫المجال‪ ،‬االولى ان حس���ن حنفي عقلية ثقافية‬
‫المالحظة الرابعة واالخيرة فتاكيده على ان كل‬ ‫كبيرة ويمتلك قدرات فائقة في التأليف والكتابة‬
‫ما يقوم به من تأليف او غيره ال يطلب فيه ثوابا ً‬ ‫وربم���ا يعود الس���بب في ذلك انه يعد نفس���ه‬
‫آخرويا ً وال جزاء دنيويا ً بل يأتي من باب تأدية‬ ‫صاحب مش���روع فكري كبير (‪ )8‬والمؤس���وم‬
‫رس���الته الفكرية وهي اصالح االمة وتحرير‬ ‫علميا ً بـ (التراث والتجديد) وشعبيا ً بـ (اليسار‬
‫اراضيها وتوزيع ثرواتها بالعدل والمساواة(‪.)14‬‬ ‫االس�ل�امي) (‪ )9‬فال غرابة من كث���رة مؤلفاته‬
‫وكتب���ه وبحوثه والثانية‪ ،‬التكرار واالس���هاب‬
‫اما عناوين مؤلفاته التي وصلت الينا والتي‬
‫في عرض الفكرة واحيان���ا ً تجد ذلك حتى في‬

‫‪21‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫ثانيا ً ‪ -:‬المستوى الفلسفي‬ ‫تمثل مشروعه التراث والتجديد فحددها بثالثة‬
‫‪– 19761‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مستويات اوالً المستوى العلمي للمتخصصين‬
‫‪ 1977‬م‪.‬‬ ‫وهو ما س���ماه القدماء خاصة الخاصة والذي‬
‫ال يمكن عرضه في الصحافة واجهزة االعالم‬
‫‪ -2‬هموم الفكر والوطن ( جزءان ) ‪ 1980‬م‬
‫الت���ي تبغي االثارة الم���دح او القدح وقد يصل‬
‫‪ -3‬حصار الزمن ( ثالثة اجزاء ) ‪ 2000‬م‬ ‫االمر الى التكفير واالغتيال وال يناقش اال في‬
‫الجامع���ات والمراكز والمعاه���د المتخصصة‬
‫‪ -4‬دراسات فلسفية ‪ 1985‬م‬
‫والثاني هو المستوى الفلسفي والثقافي للفالسفة‬
‫‪ -5‬دراسات اسالمية ‪ 1982‬م‬ ‫والمثقفين من اجل نش���ر الوعي الفلسفي وبيان‬
‫أثر المش���روع في الثقافة والثالث المس���توى‬
‫‪ -6‬جمال الدين االفغاني ‪ 1987‬م‬
‫السياس���ي الشعبي للعامة الذي يحول المشروع‬
‫)‪7- Islam in the modern word (2 eds‬‬ ‫الى ثقافة شعبية سياس���ية مع تاكيده على عدم‬
‫‪2000‬‬ ‫الخلط بين هذه المستويات الثالثة والحفاظ على‬
‫‪8- Cuture and civilizations in con-‬‬ ‫(‪)15‬‬
‫كل مستوى الهله‬
‫‪flict or dialogue . 2005‬‬
‫‪ -9‬فشته فيلسوف المقاومة ‪ 2003‬م‬ ‫اوالً‪ -:‬المستوى العلمي‬
‫‪ -1‬التراث والتجدي��د موقفنا من التراث القديم‪،‬‬
‫‪ -10‬ابو الحس��ن البصري ‪ :‬المعتمد في اصول‬
‫‪ 1981‬م‬
‫الفقه باالشتراك ( جزءان ) ‪ 1964‬م‬
‫‪ -2‬م��ن العقي��دة الى الث��ورة ( خمس��ة اجزاء)‬
‫‪ -11‬برجسون ‪ :‬فيلسوف الحياة‪ 2014 ،‬م‬
‫‪ 1987‬م‬
‫‪ -12‬جان بول س��ارتر ‪ :‬تعال��ي االنا موجود (‬
‫‪ -3‬م��ن النق��ل ال��ى االب��داع ( تس��عة اجزاء )‬
‫ترجمة ) ‪1968‬‬
‫‪ 2002‬م‬
‫‪ -13‬اس��بينوزا ‪ :‬رسالة في الالهوت والسياسة‬
‫‪ -4‬من النص الى الواقع ( جزءان ) ‪2004‬م‬
‫( ترجمة ) ‪1973‬‬
‫‪ -5‬من الفناء الى البقاء ( جزءان ) ‪ 2006‬م‬
‫‪ -14‬هيج��ل والهيجلي��ون الش��بان ( اليس��ار‬
‫(‪)16‬‬
‫الهيجلي) ‪2019‬‬ ‫‪ -6‬م��ن النق��ل ال��ى العقل ( خمس��ة اج��زاء )‬
‫‪ 2016-2006‬م‬
‫‪ -15‬شخصيات وآراء‪2018 ،‬م‬
‫‪ -7‬مقدمة في علم االستغراب ‪ 1982‬م‬
‫ثالثا ً ‪ -:‬المستوى السياسي‬
‫‪ -8‬من النص الى الواقع‪ ،‬التفسير الموضوعي‬
‫‪ -1‬الدي��ن والثورة في مص��ر ( ثمانية اجزاء )‬
‫للقرآن الكريم ‪ 2018‬م‬
‫‪1987‬‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪22‬‬


‫‪ -10‬تربية الجنس البش��ري لس��بنح ( ترجمة )‬ ‫‪ -2‬وط��ن ب�لا صاح��ب‪ ،‬عرب ه��ذا الزمان‪،‬‬
‫‪1973‬‬ ‫‪2012‬‬

‫‪ -11‬نماذج من الفلسفة المسيحية ‪1968 ،‬‬ ‫‪ -3‬من منهاتن الى بغداد‪2004 ،‬‬

‫‪ -12‬ح��وار المش��رق والمغ��رب باالش��تراك‪،‬‬ ‫‪ -4‬جذور التسلط وآفاق الحرية‪2005 ،‬‬


‫‪1990‬‬
‫‪ -5‬نظرية الدوائر الثالث ( جزءان ) ‪2008‬‬
‫‪ -13‬تأويل الظاهريات‪ ،‬جزءان ‪2006 .‬‬
‫‪ -6‬الواقع العربي المعاصر‪2010 ،‬‬
‫‪ -14‬الحكوم��ة االس�لامية للخميني ( ترجمة )‬
‫‪ -7‬الثورة المصرية في عامها االول ‪2012‬‬
‫‪1979‬‬
‫‪ -8‬الثورة المصرية في اعوامها الخمسة االولى‬
‫‪ -15‬جه��اد النفس او الجه��اد االكبر للخميني (‬
‫‪2016‬‬
‫ترجمة ) ‪1980‬‬
‫‪ -9‬ذكريات (‪2018 ،)2018-1935‬‬
‫‪ -16‬حص��ار الزمن الحاضر‪ ( ،‬ثالثة اجزاء)‬
‫‪2000‬‬ ‫فضالً ع َما ذكرناه له من مؤلفات‪ ،‬هنالك عناوين‬
‫اخرى ورد ذكرها له في مؤلفاته االخرى او في‬
‫وف��ي الحقيقة ال نعرف اس��باب عدم ذكرها‬
‫الكتب والرسائل التي كتبت عنه وهي ‪-:‬‬
‫م��ن قبله في مؤلفه االخير والذي اش��ار فيه الى‬
‫مؤلفات��ه‪ ،‬فقد تكون هذه العناوين فرعية دخلت‬ ‫‪ -1‬موس��وعة الحض��ارة االس�لامية ( ثالث��ة‬
‫ضم��ن العناوي��ن الرئيس��ة لكتبه والت��ي تحمل‬ ‫اجزاء) بيروت ‪1986‬‬
‫اجزاء ع��دة او تغيرت عناوينها وجاءت ضمن‬
‫الكت��ب التي ذكرناه��ا او انه متعم��د لم يذكرها‬ ‫‪ -2‬ما العمولة ‪ ،‬باالشتراك ‪ ،‬بيروت ‪2000 ،‬‬
‫لس��بب ما مث��ل ترجمات��ه لكت��ب الخميني النه‬
‫‪ -3‬الفلسفة المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪2003 ،‬‬
‫اتهم بزعيم الحركة الس��لفية وممثل الخميني في‬
‫مصر ومن انصار الثورة االيرانية (‪ )17‬والسيما‬ ‫‪ -4‬النظر والعم��ل والمأزق الحضاري العربي‬
‫ان��ه زار طه��ران وهو طائ��ر من الف��رح كما‬ ‫االسالمي ‪ ،‬باالشتراك ‪2003‬‬
‫يصف نفسه وذهب مباشرة من حارة الى حارة‬
‫حيث يقط��ن الخميني والتقى به ووصفه باالمام‬ ‫‪ -5‬تط��ور الفك��ر الدين��ي الغربي في االس��س‬
‫الكبير والقائ��د العظيم وطلب منه الموافقة على‬ ‫والتطبيقات ‪ ،‬بيروت ‪2004‬‬
‫نش��ر كتاب��ه ( الحكومة االس�لامية ) في مصر‬ ‫‪ -6‬محمد اقبال فيلسوف الذاتية ‪2009 ،‬‬
‫فقال له الخميني انش��ره في كل مكان (‪ ،)18‬كما‬
‫خلت قائمة مؤلقاته م��ن عناوين اربعة مؤلفات‬ ‫‪ -7‬الهوية‪2012 ،‬‬
‫باللغة الفرنس��ية له وال نعرف السبب ايضا ً هل‬
‫‪ -8‬الوطن المستباح‪2008 ،‬‬
‫ترجم��ت ووردت ضمن العناوي��ن المذكورة ام‬
‫ال ‪.‬‬ ‫‪ -9‬حوار االجيال‪1998 ،‬‬

‫‪23‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫فكب��رت ش��يئا ً فش��يئا ً واتس��عت دوائرها حول‬ ‫المطل���ب الثال���ث ‪ -:‬موقفه م���ن إحياء‬
‫هذا المعطى المركزي فتحددت وانتش��رت من‬ ‫التراث‬
‫الداخل لتكون لها حضارة مركزية نقطة بدايتها‬ ‫ال اري��د هنا اتحدث عن المش��روع الفكري‬
‫المركز لتنطلق منه نحو المحيط (‪. )20‬‬ ‫لحس��ن حنفي بشكل عام لس��ببين االول ان هذا‬
‫المش��روع ( التراث والتجديد ) قد درس بشكل‬
‫وهكذا نش��أت العل��وم التي يمثله��ا التراث‬
‫مس��تفيض من قبل مفكرين وباحثين ومنهم من‬
‫القدي��م وهو اح��دى الجهات الرئيس��ة التي اقام‬
‫ن��ال به ش��هادات اكاديمية علي��ا وبغض النظر‬
‫عليها حنفي مشروعه الفكري الجديد حاول من‬
‫عم��ا توصل��ت اليه ه��ذه الدراس��ات والبحوث‬
‫خاللها اعادة قراءة هذه العلوم وبناءها واحيائها‬
‫م��ن نتائج قد تكون متفق��ة او مختلفة فانها تبقى‬
‫وف��ق رؤي��ة جديدة يعط��ي للتراث م��ن خاللها‬
‫تمثل وجهات نظر باحثيها او دارسيها وموقفهم‬
‫صورة تعب��ر عن مصداقيت��ه لمواكبة العصر‪،‬‬
‫من هذا المشروع والس��بب اآلخر ان موضوع‬
‫الن م��ا كان ف��ي الماض��ي لي��س بالض��رورة‬
‫البحث يخص جانب محدد من هذا المشروع اال‬
‫موج��ود ف��ي الحاضر‪ ،‬فالزم��ن يتغير وعندما‬
‫وهو التراث وما موقف حسن حنفي منه وكيف‬
‫يتغير يقينا ً تتغير طرق تفكير الناس في االشياء‬
‫فهم طرق احيائه ووسائل تجديده ؟‬
‫وم��ن هذا المنطل��ق دعا الى اعادة بن��اء العلوم‬
‫القديم��ة بمختل��ف فروعها وتأصليه��ا وتدوير‬ ‫التراث عنده ما هو اال تكوينا ً فكريا ً قائما ً على‬
‫عملية الحضارة لتسير من جديد حتى يعاد ربط‬ ‫اص��ل ديني متصالً به اتصال الس��بب بالنتيجة‬
‫الفك��ر بالواقع والعل��وم بالتاريخ‪ ،‬ويرى حنفي‬ ‫فه��و نش��أ من مركز واح��د هو القرآن والس��نة‬
‫اذا م��ا تحقق احياء التراث وتجدي��د قرأته بهذه‬ ‫ول��و لم يكن هن��اك قرآن لما قام الت��راث القديم‬
‫الطريق��ة بامكانن��ا اذن من اقامة نهضة ش��املة‬ ‫ولما نش��أت الحضارة العربية االس�لامية(‪،)19‬‬
‫(‪)21‬‬
‫لالم��ة تتضح فيها مالمح البن��اء واالصالح‬ ‫وهذه المركزية الدينية ليست صفة خاصة بهذه‬
‫العل��وم التراثية القديمة التي طالب حنفي باعادة‬ ‫الحضارة فقط وانم��ا كل الحضارات المعروفة‬
‫منهجها وقراءتها ثمانية علوم هي علم االنس��ان‬ ‫نش��أت ايضا ً م��ن مركز واحد هو الدين س��واء‬
‫والعل��وم الفلس��فية وعل��م اص��ول الفق��ه وعلم‬ ‫اكان��ت ذلك ف��ي االس��اطير اليونانية بالنس��بة‬
‫التص��وف والعلوم النقلي��ة والعل��وم الرياضية‬ ‫للحض��ارة اليوناني��ة او ف��ي االنجي��ل بالنس��بة‬
‫والطبيعي��ة والعلوم االنس��انية وعلوم االنس��ان‬ ‫للحض��ارة االوربية وهذا يعن��ي ان حنفي ينفي‬
‫والتاريخ مجموع هذه العل��وم الثمانية هي التي‬ ‫وج��ود تراث قديم لالمم خ��ارج اطار الدين ولم‬
‫مثلت الجبهة االولى ( موقفنا من التراث القديم )‬ ‫يك��ن للعرب قبل نزول الوح��ي اي حضارة او‬
‫لمش��روعه الفكري وهدفه من هذه الجبهة اعادة‬ ‫علوم بالرغم من تمركزهم حول الش��عر كبؤرة‬
‫بن��اء العلوم التقليدية ابتداء م��ن الحضارة ذاتها‬ ‫واح��دة وانم��ا تكون��ت علومه��م التراثية حول‬
‫والرجوع الى اصولها لبيان نش��أتها وتطورها‪،‬‬ ‫المعطى المركزي (القرآن والس��نة )‪ ،‬فس��بب‬
‫وقد خصص لها ثماني��ة اجزاء على عددها كل‬ ‫النش��أة وبدايتها م��ن هذا المركز ولم تنش��أ من‬
‫جزء خاص بعلم قديم بدءها بعلم االنس��ان الذي‬ ‫الطبيعة وحوادثها او نظام العقل واتس��اقه وانما‬
‫خصص له الجزء االول من هذه االجزاء وسماه‬ ‫ج��اءت من القرآن على ش��كل دوائ��ر صغيرة‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪24‬‬


‫لها(‪ ،)23‬او النظر اليها علما ً هامشيا ً وفكرا ً دخيالً‬ ‫(م��ن العقيدة الى الث��ورة ) خالصته انه يحاول‬
‫على الحضارة االس�لامية كم��ا يذهب الى ذلك‬ ‫م��ن خالله ربط االنس��ان العربي باصول الدين‬
‫المتعصب��ون من الفقهاء‪ ،‬فرف��ض حنفي قبول‬ ‫واعادة بناء هذا العلم بعده اول العلوم االسالمية‬
‫ه��ذه االفكار ومث��ل دحضه له��ا ردا ً قويا ً على‬ ‫واكثره��ا ارتباطا ً بالبيئة الديني��ة الداخلية بعيدا ً‬
‫هذه االدعاءات التي حاولت ان تشوه حقيقة هذا‬ ‫ع��ن المؤثرات الخارجية وذو اصول اس�لامية‬
‫الفكر داعما ً موقفه ه��ذا بضرورة الرجوع الى‬ ‫بحته فه��و العلم ال��ذي يمد الن��اس بتصوراتهم‬
‫جوهر هذه الفلس��فة واالط�لاع على مصادرها‬ ‫للعالم وببواعثهم على الس��لوك حتى عده بعض‬
‫ونش��أتها والوقوف بحزم اما محاوالت التشويه‬ ‫الدارس��ين اخطر العلوم التقليدية على االنس��ان‬
‫هذه التي ته��دف الى تجريد العرب من ابداعهم‬ ‫والحي��اة (‪ ،)22‬النه العلم الذي يتناول الوحي في‬
‫الفكري والحض��اري وتجاه��ل انجازهم لفكرا ً‬ ‫اساس��ه النظري والذي يمس لب الدين وجوهر‬
‫فلس��فيا ً مس��تقالً بحد ذاته عالج فيه موضوعات‬ ‫العقيدة‪ ،‬لذلك فهو اش��د العلوم تاثيرا ً في الوعي‬
‫اس�لامية بحته ل��م يعرفها فالس��فة اليونان من‬ ‫العربي المعاصر‪ ،‬واعادة بنائه بش��كل صحيح‬
‫قبل كقضي��ة التوحيد والوحي والنب��وة والمعاد‬ ‫تعني تجاوز هذا العل��م التقليدي والوصول الى‬
‫وغيرها ‪ .‬ان فهم الموقف الصحيح لهذه القضية‬ ‫علم جديد يماش��ي تص��ورات العصر ويواكب‬
‫ربم��ا يس��اعدنا االن على ضرورة فه��م التقاء‬ ‫تطورات��ه‪ ،‬م��ن خ�لال س��د النق��ص النظري‬
‫الفكر العربي االس�لامي مع الحضارة االوربية‬ ‫ف��ي واقعن��ا الحال��ي والنات��ج عن فش��ل قراءة‬
‫الغازية في عصرنا الحالي (‪. )24‬‬ ‫االيديولوجيات الس��ابقة والمعاص��رة له قراءة‬
‫صحيحة واعادة بنائه بشكل سليم ‪.‬‬
‫وح��اول في الج��زء الثالث اع��ادة بناء علم‬
‫اص��ول الفقه التقليدي من خ�لال كتابه الخاص‬ ‫وفي الجزء الثاني يتحدث حنفي عن العلوم‬
‫به��ذا الج��زء والذي عنون��ه ((م��ن النص الى‬ ‫الفلس��فية القديمة والذي اسماه بفلسفة الحضارة‬
‫الواق��ع )) وقد جعله س��ابق عل��ى التصوف‬ ‫وعنون القسم الخاص به من التراث والتجديد بـ‬
‫اعتق��ادا ً منه ان المجتمع االس�لامي المعاصر‬ ‫((م��ن النقل الى االبداع )) حاول فيه اعادة بناء‬
‫بحاج��ة ال��ى التش��ريع اكث��ر م��ن حاجت��ه الى‬ ‫العلوم الفلس��فية التي انتجتها الحضارة العربية‬
‫الزهد‪ ،‬فه��و العلم الذي حول الوحي الى منهج‬ ‫موضحا ً طبيعة العمليات الحضارية التي نتجت‬
‫استباطي استقرائي فكان بنظره افضل ما انتجته‬ ‫ع��ن التفاعل الحاصل بين الفلس��فة االس�لامية‬
‫الحضارة العربية االسالمية علميا ً وعقليا ً حيث‬ ‫والحضارة اليونانية الوافدة بعد تحليل مضمون‬
‫تتجل��ى فيه مكونات صورتي االنس��ان الداخلية‬ ‫ه��ذه العلوم ومنهجه��ا والوقوف عل��ى حقيقتها‬
‫من حي��ث الزمان والني��ة والخارجية من حيث‬ ‫لدح��ض اي فك��رة او راي يذهب ال��ى ان هذه‬
‫هو فعل وسلوك وله فيه ملحقان االول عن الفقه‬ ‫الفلس��فة ه��ي فلس��فة يوناني��ة كتب��ت باح��رف‬
‫االجتماعي واآلخر عن الفكر االصولي الفقهي‬ ‫عربي��ة او انه��ا نقالً حرفيا ً ع��ن الفكر اليوناني‬
‫واهم م��ا نالحظ فيه تغي��ر مادة الفق��ه التقليدي‬ ‫الواف��د‪ ،‬وبتالي فان علماء المس��لمين ما هم اال‬
‫ال��ذي تطغى عليه��ا االحوال الش��خصية لتحل‬ ‫نقل��ة ماهرين ع��ن اليونان مترجمي��ن لعلومهم‬
‫محلها مادة عصرية يسودها الطابع االجتماعي‬ ‫ش��ارحين لمؤلفاته��م وملخصي��ن وعارضي��ن‬

‫‪25‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫الدينية القديم��ة للتصوف الى االرض والتاريخ‬ ‫وتث��ار فيها مس��ائل التنمي��ة والتح��رر والتغير‬
‫بحيث يس��تطيع الفرد العربي المعاصران يعبر‬ ‫والتق��دم (‪ ،)25‬وجعل��ه م��ادة لكي يحس��ن الفقه‬
‫عما هي داخله وتفكيره الش��خصي ليحيى حياة‬ ‫االس��تدالل من خاللها ويغلب المصلحة العامة‬
‫كريمة وس��عيدة وهكذا يظهر االنسان هنا كعبد‬ ‫والتي هي في نظره اساس التشريع النه مرتبط‬
‫مستقل (‪. )27‬‬ ‫بحل مشاكل االنسان بوصفه عضوا ً في مجتمع‬
‫يعاني من كثرة المشاكل التي تواجهه والبد من‬
‫ام��ا العل��وم النقلية فقد خص��ص لها الجزء‬
‫وضع حل��ول لها وهكذا تصب��ح الحاجة الفعلية‬
‫الخام��س وجع��ل عن��وان كتابه��ا ف��ي التراث‬
‫لهذا العلم ضرورة اليمكن االستغناء عنها ومن‬
‫والتجدي��د ((م��ن النقل ال��ى العق��ل)) وفيه تتم‬
‫خالل متابعته لمس��ار النصوص لهذا العلم الى‬
‫اعادة بناء هذه العلوم باقس��امها الخمسة‪ ،‬علوم‬
‫ما يس��ميه انفتاح الوعي النظري على حس��اب‬
‫القرآن والحديث والتفسير والسيرة والفقه بروية‬
‫الوع��ي العلم��ي مما يؤدي بال ش��ك الى اولوية‬
‫عصرية جديدة واس��قاط منها كل المواد القديمة‬
‫النص على الواقع واللفظ عن المعنى والنقل عن‬
‫الت��ي اصبح��ت في اعتقاده بغي��ر ذي داللة وال‬
‫العقل والحياء هذا العلم وتجديده طالب بتحويله‬
‫تحتاج دالالتها الس��ابقة مثل اآليات التي نسخت‬
‫من علم فقهي اس��تباطي منطقي الى علم فلسفي‬
‫قراءتها واحكامها او تاريخ المصاحف وجمعها‬
‫انس��اني س��لوكي وبهذه الطريق��ة يمكن اعطاء‬
‫واح�لال ب��دالً عنه��ا م��واد ذات دالل��ة جديدة‬
‫االولوية للواقع على النص (‪. )26‬‬
‫كاالهتمام باس��باب النزول وبهذا نعطي اولوية‬
‫للواقع على الفكر‪ ،‬الناس��خ والمنسوخ‪ ،‬الزمن‬ ‫الج��زء الرابع تحدث فيه حس��ن حنفي عن‬
‫والتط��ور‪ ،‬وف��ي الحدي��ث نح��اول ان نتجاوز‬ ‫المنه��ج الوجدان��ي وس��مى الج��زء الخاص به‬
‫كل الم��واد الت��ي ال ن��رى فيه��ا فائ��دة كتحليل‬ ‫من كت��اب التراث والتجديد ب��ـ ((من الفناء الى‬
‫ش��عور الراوي من خالل منه��اج الرواية ونقد‬ ‫البقاء)) ويعده محاولة العادة بناء علم التصوف‬
‫الس��ند والمتن واعطاء اولوية للمتن على السند‬ ‫ليتص��رف االنس��ان م��ن خالل��ه عل��ى فطرته‬
‫والتركيز على اهمي��ة المعاني في الحديث بدالً‬ ‫االنس��انية ويحاكي وجدانه الكتش��اف الشعور‬
‫من االهتمام بالشخص المتحدث (‪ ،)28‬اما علوم‬ ‫كنقطة بداية لتأس��يس هذا العل��م ليعطي له قيمة‬
‫الس��يرة فاهم ما ج��اء به هو مطالبت��ه بالتركيز‬ ‫كروح انس��انية‪ ،‬ولهذا ج��اءت المطالبة باعادة‬
‫عل��ى ال��كالم بدالً من الش��خص لك��ي نتخلص‬ ‫بنائ��ه على وف��ق اربعة مراحل ه��ي االخالقية‬
‫من التش��خيصي وعبادة االش��خاص في حياتنا‬ ‫والنفس��ية والصوفية الفلسفية وتصوف الطريقة‬
‫العملية وفي علم الفقه فاكد على ضرورة اعادة‬ ‫لبي��ان خطورت��ه الكبرى عل��ى وج��دان الفرد‬
‫بنائه بش��كل نعطي فيه االولوية للمعامالت من‬ ‫العربي المعاصر بما يمثله من قيم سلبية كالصبر‬
‫بيع وش��راء وسياسة واقتصاد بدالً من العبادات‬ ‫والتوكل والقناعة والخوف والبكاء والحزن كرد‬
‫(‪)29‬‬
‫ولنظم الدولة على قانون االحوال الشخصية‬ ‫فعل على الظلم والترف والبذخ‪ ،‬فاراد استبدال‬
‫وحتى الش��هادة ال تعن��ي قولنا ال اله اال هللا وان‬ ‫ه��ذه القيم وتحويلها الى اخرى جديدة كالمقاومة‬
‫محمد رسول هللا‪ ،‬وانما تأخذ مفهوما ً آخر عنده‬ ‫والثورة والبق��اء والفناء يصبح فناء بالعمل بدل‬
‫وهو الش��هادة على العصر فهي من المش��اهدة‬ ‫الحل��ول واالتحاد‪ ،‬اي ب��كالم ادق تحويل القيم‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪26‬‬


‫االنسانية سواء اكان ذلك على مستوى الفرد او‬ ‫ولي��س من التس��تر والتخفي على م��ا يدور في‬
‫على مستوى الجماعة في البيئة االسالمية‪ ،‬اذن‬ ‫واقعنا او تكون شهادة زور خوفا ً وجبنا وطمعا ً‬
‫مهم��ة هذا الجزء تنحصر باتج��اه معرفة كيفية‬ ‫ورغب��ة كما يحدث في ايامن��ا (‪ )30‬وهكذا حاول‬
‫توجي��ه الوحي للش��عور االنس��اني اوالً وكيفية‬ ‫ان يعطي دالالت جديدة لكل هذه العلوم لتواكب‬
‫تحويل الوحي الى علم انساني ثانيا ً (‪. )32‬‬ ‫العص��ر ولك��ي تصبح واقع بع��د ان كان ينظر‬
‫اليها علوم نقلية خالصة ‪.‬‬
‫اما الج��زء الثامن واالخير فيتحدث حس��ن‬
‫حنف��ي في��ه ع��ن االنس��ان والتاري��خ بعدهم��ا‬ ‫وشكلت العلوم الرياضية والطبيعية المحور‬
‫الموسسان لكل حضارة وهما البعدان المستتران‬ ‫االساسي للجزء السادس بخصائصه الثالثة من‬
‫ف��ي تراثنا القدي��م والحاض��ران الواضحان في‬ ‫وح��ي وعقل وطبيعة وفية يتم اعادة بناء العلوم‬
‫العص��ر الحاضر‪ ،‬فاالنس��ان مرتب��ط بتاريخه‬ ‫الرياضي��ة م��ن جبر وحس��اب وهندس��ة وفلك‬
‫وال يمك��ن االبتعاد عن��ه وبالمقاب��ل التاريخ ال‬ ‫وموس��يقى بحيث يمك��ن االفادة من ه��ذا البناء‬
‫يس��تطيع تجاهل االنسان النه جزء أساسي منه‪،‬‬ ‫الجديد في اكتش��اف موجهات الوحي للش��عور‬
‫فغاية التراث والتجديد هو الكش��ف عن االنسان‬ ‫وبتالي نقف على وظيفة التوحد في هذا الشعور‬
‫في التراث ومحاول��ة تثبيته في وجدان العصر‬ ‫والبح��ث عن المف��ارق والمتعالي وما يعينه من‬
‫ووصف��ه تأريخي��ا ً اي محاول��ة نق��ل الحضارة‬ ‫تق��دم مس��تمر في البح��ث العلم��ي‪ ،‬وكذلك يتم‬
‫االس�لامية م��ن طورها ال��ذي نش��أت فيه الى‬ ‫اعادة بناء العلوم الطبيعي��ة من كيمياء وفيزياء‬
‫طور جديد يكونان ه��ذا العنصران بارزان فيه‬ ‫وط��ب وتش��ريح ونب��ات وحي��وان وصيدل��ه‬
‫فاالنس��ان يفكر والتاريخ يس��جل نجاحاته فغاية‬ ‫وغيرها من العلوم االخرى للوقوف على معرفة‬
‫احي��اء الت��راث تكمن ف��ي تقريب االنس��ان من‬ ‫وظيفة الوحي في توجي��ه نحو الطبيعة وتحليل‬
‫تراثه القديم وليكون هو بارزا ً في التاريخ على‬ ‫قوانيها ومعرفة اس��باب ظواهرها وهو يس��مى‬
‫اعتب��ار ان هذا االخير هو الذي يوضح مس��ار‬ ‫في دراس��تنا الحديثة تاريخ العل��وم عند العرب‬
‫الحضارة االس�لامية ويحدد انجازات االنس��ان‬ ‫وهي العلوم االسالمية التي نشأت ايضا ً بتوجيه‬
‫(‪)33‬‬
‫فيها عبر عصوره المختلفة‬ ‫الوح��ي نحو العقل ليأخ��ذ دورة في فهم الطبيعة‬
‫كاشفا ً في االخير مهمة هذا الجزء وهو التركيز‬
‫ان عملي��ة احياء الت��راث عند حنفي تتطلب‬
‫على الشعور والعودة اليه واالهتمام به اكثر من‬
‫اوالً جمع هذا التراث وتحقيقه ونش��ره ثم اعادة‬
‫االهتمام بهذه االشياء الصورية والمادية (‪. )31‬‬
‫بنائ��ه عن طريق تجديد لغته واعادة التعبير عن‬
‫مضمون��ه بلغة العصر بعد تنقيت��ه مما علق به‬ ‫وفي الجزء الس��ابع الذي خصص��ه للعلوم‬
‫من ش��وائب عارض��ة وظهور بع��ض جوانب‬ ‫االنس��انية وفي��ه يت��م اع��ادة بن��اء كل العل��وم‬
‫الفقه االفتراضي الذي يضحي بالواقع في سبيل‬ ‫المرتبط��ة باالنس��ان كعل��م النف��س واالجتماع‬
‫النص ويترك المصلحة التي هي اساس التشريع‬ ‫والسياسة والتاريخ والجغرافية واللغة واالدب‪،‬‬
‫وكذلك تحريك التراث حول محاور جديدة تحتاج‬ ‫بحيث نس��تطيع من خاللها معرف��ة التوحيد في‬
‫اليها في واقعنا المعاصر ولم تظهر بوضوح في‬ ‫الش��عور مفترض��ا ً ان التوحيد ج��زء من الحياة‬

‫‪27‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫احياء الت��راث بعدم االنقطاع ع��ن تراث االمة‬ ‫التراث القديم مثل االنسان والتاريخ وهكذا ربط‬
‫لصالح ثقافة العصر ولو فعلنا ذلك يستحيل حل‬ ‫بين الت��راث والواق��ع الن االول عنده مخزون‬
‫ازمة التغير االجتماعي فالحاضر مش��دود لهذا‬ ‫نفس��ي مازالت اف��كاره وتصوراته ومثله توجه‬
‫الت��راث بعد ان اصبح مخزونا ً نفس��يا ً في وعي‬ ‫س��لوك الناس في حياتهم اليومي��ة فاذن التراث‬
‫االنس��ان العربي واصبح��ت اي محاولة للتغير‬ ‫ج��زء من مكون��ات الواقع وتحلي��ل التراث هو‬
‫تصط��دم به بع��ده طبقة س��ميكة عميقة متجذرة‬ ‫تحليل لعقليتنا المعاصرة وبيان أسباب مشاكلها‬
‫ف��ي ذلك الوعي واذا كانت هنالك نظرية تفس��ر‬ ‫والصعوب��ات التي تواجهها وه��ذا التحليل هو‬
‫الواق��ع فما هي اال نظرية الت��راث فالتراث هو‬ ‫الذي يس��هل علينا رؤية الحاض��ر في الماضي‬
‫نظرية الواقع ولهذا يعطيه حسن حنفي االولوية‬ ‫ورؤي��ة الماضي في الحاض��ر حتى انه وصف‬
‫وقيمة كبيرة ال دفاعا ً عنه بل كونه يشكل غطاء‬ ‫الحاض��ر بماض��ي متح��رك والماضي حاضر‬
‫نظريا ً قويا ً يغطي الواق��ع‪ ،‬وقيمه المورثه هي‬ ‫معاش كونه تراكمات الماضي الراسخة وجدانيا ً‬
‫الموج��ه للوعي العربي ولهذا ال بد ان تش��ارك‬ ‫في وعين��ا القومي وه��ذا ما غفل عن��ه انصار‬
‫مش��اركة فعلية ف��ي عملية التغيي��ر االجتماعي‬ ‫الجدي��د لذلك ت��رى جميع محاوالته��م بالتجديد‬
‫وتحقي��ق النهضة وحتى ال تك��ون هذه النهضة‬ ‫والتغير باءت بالفشل (‪. )34‬‬
‫متقطع��ة الج��ذور عن ثقاف��ة االم��ة الموروثة‬
‫ان ه��ذا الموروث الض��ارب في االعماق‬
‫وغريبة عنها (‪. )36‬‬
‫يحت��اج ال��ى حركة نق��د للتراث ب��ل وال نكتفي‬
‫لق��د اقتدى حنف��ي ف��ي تعامله م��ع التراث‬ ‫بنقده وانما الش��ك به ليس ش��كا ً منهجيا ً فحسب‬
‫بتعامل االس�لام مع تراث االمم االخرى وكيف‬ ‫وانما ش��كا ً مطلقا ً في عقائدن��ا الموروثة افضل‬
‫قرئ��ه وطوره م��ن منظور جديد ث��م حكم عليه‬ ‫من اس��تخدام العقل لتبريرها‪ ،‬لذلك يرى مآساة‬
‫وصحح مس��اره‪ ،‬فتعامل حنفي بالطريقة نفسها‬ ‫الواق��ع العربي االس�لامي في بق��اء الموروث‬
‫م��ع التراث القديم فل��م يرفضه وينقطع عنه وال‬ ‫القديم كما هو كغطاء نظري يمنع تطوره الواقع‬
‫ه��و قدس��ه واتخذه انموج��ا ً للعص��ر وانما كان‬ ‫الن التراث مرحلة تأريخيه اليمكن ان يس��تمر‬
‫موقفه من التراث هو احيائه واعادة قراءته كما‬ ‫بكاف��ة عناصره ومضامينه واش��كاله الن هناك‬
‫فع��ل القرآن الكريم مع التراث الفكري الس��ابق‬ ‫عناصر البد من ازالتها منه في س��ياق التطور‬
‫عليه‪ ،‬لذلك كان احيائه عنده اعادة تفسيره طبقا ً‬ ‫التأريخي واذا ما استمرت فانها تستمر بشروط‬
‫لحاجات العصر‪ ،‬الن التراث كما هو معروف‬ ‫تحويله��ا على نحو او آخر بش��كل يتناس��ب مع‬
‫ثم��رة ابداع االوائل في ظ��روف ماضية معينة‬ ‫الواق��ع ومس��تلزمات تط��وره بحي��ث تتفاع��ل‬
‫ام��ا الظروف االن قد تبدلت وتغيرت وال يمكن‬ ‫م��ع المرحلة الجديدة لتش��كل مرك��ب جديد من‬
‫مواجهتها بالقيم الموروثة كما هي بدون تطوير‬ ‫الصع��ب الفص��ل بينه وبي��ن الت��راث وانتمائه‬
‫واعادة بن��اء وهذا يتطلب عن��د احيائه اعطاؤه‬ ‫ال��ى الواق��ع‪ ،‬وينتهي م��ن ذلك كله انن��ا اذا لم‬
‫اهمي��ة كب��رى لحاج��ات العصر بع��د احصاء‬ ‫ننق��د التراث فال يمكن احيائ��ه فالخطوة االولى‬
‫دقيق لمش��اكل الواقع ومتطلباته والتعرف على‬ ‫الوق��وف بنقده ث��م اعادة النظر في��ه قبل احيائه‬
‫حاجات الناس واالحساس بمصالح العصر (‪.)37‬‬ ‫واع��ادة كتابت��ه (‪ )35‬وهك��ذا يتلخ��ص جهده في‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪28‬‬


‫لهذا المش��روع من اجل التح��ول نحو االفضل‬ ‫الخـــاتـــمــة‬
‫واالحي��اء هو اع��ادة بناء وقراءة وتفس��ير هذا‬ ‫لقد كان حسن حنفي صاحب مشروع فكري‬
‫الموروث طبقا ً لحاجات العصر ومتطلباته ‪.‬‬ ‫وحضاري كبير اراد ب��ه احياء التراث العربي‬
‫االس�لامي وتجديده من خالل جهد ثقافي عميق‬
‫هوامــــش البحث‬ ‫تجس��د بمؤلفاته العديدة التي كرسها لهذا الهدف‬
‫‪ -1‬حنفي‪ ,‬حس��ن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬بيروت ‪،1981 .‬‬ ‫والت��ي تعبر عن نيته الصادقة للبحث عن حلوالً‬
‫ص‪ 37‬وكذل��ك الدين والثورة ف��ي مصر ‪– 1952‬‬ ‫الزم��ة االمة وتخلفه��ا الحض��اري وقد اعطى‬
‫‪ ،1981‬القاه��رة‪ ،1987 ،‬ج��ـ‪ ،1‬الدين والثقافة‬ ‫االولوية للثقافة الموجه لوعي الناس وس��لوكهم‬
‫الوطنية‪ ،‬ص‪. 61-54‬‬ ‫معتم��دا ً بالدرج��ة االولى عل��ى ثقاف��ة التراث‬
‫‪ -2‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬ذكريات ‪ ،2018 – 1935‬القاهرة‪،‬‬ ‫الدين��ي كان يريد من خالله��ا العودة اليه وفهمه‬
‫‪ ،2018‬ص‪. 19‬‬ ‫بما يتالئم مع تطلعات الواقع الراهن ومتطلباته‬
‫‪ -3‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬هم��وم الفك��ر والوط��ن‪ ،‬القاهرة‪،‬‬ ‫وتقديم��ه لمنهج العق��ل على الن��ص ومحاولته‬
‫‪ ،1998‬جـ‪ ،2‬ص‪. 614‬‬ ‫لته��ذب الت��راث وتصفيته مما علق به ش��وائب‬
‫‪ -4‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬ذكريات‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪. 35‬‬ ‫كان��ت وال ت��زال معوقات اساس��ية ف��ي حركة‬
‫‪ -5‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 50‬‬ ‫النهض��ة مع تاكي��ده على الثوابت والمس��لمات‬
‫‪ -6‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 44‬‬ ‫المس��تقرة في وعينا الدين��ي والتراثي والبد من‬
‫العودة اليها في كل مش��روع حضاري فالعودة‬
‫‪ -7‬المصدر نفسه‪ ،‬ص ‪. 72‬‬
‫الى التراث تحمل قيمة ثقافية نحن بأمس الحاجة‬
‫‪ -8‬بله��ادي‪ ،‬أس��مه‪ ،‬موقف حس��ن حنفي من اش��كالية‬
‫اليها فهو ليس ركام من االفكار نفخر بها وننظر‬
‫االصال��ة والمعاصرة في الفك��ر العربي المعاصر‪،‬‬
‫اليها بإعجاب بل هو نظرية عمل موجه للسلوك‬
‫رس��الة ماجس��تير‪ ،‬كلي��ة االداب جامع��ة بغ��داد‪،‬‬
‫‪ ،2002‬ص‪. 30‬‬
‫والبد من اس��تغالله واحيائه من اجل اعادة بناء‬
‫االنس��ان ليكون وس��يلة للتجديد فه��و ليس غاية‬
‫‪ -9‬القرش��ي‪ ،‬فهد بن محمد‪ ،‬منهج حسن خنفي‪ ،‬دراسة‬
‫بح��د ذاته وانما هو وس��يلة لتأس��س فكر عربي‬
‫تحليلية نقدية‪ ،‬الرياض‪ 1434 ،‬هـ‪ ،‬ص‪. 36‬‬
‫اسالمي جديد ومعاصر ‪.‬‬
‫‪ -10‬حنفي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬حوار االجيال‪ ،‬القاهرة‪،1989 ،‬‬
‫ص‪. 476‬‬ ‫ان مشروعه المعروف باسم التراث والتجدد‬
‫‪ -11‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬ذكريات‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪. 72‬‬ ‫تمي��ز بخصائص عدي��دة ارتبط��ت بالظروف‬
‫‪ -12‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬من النق��ل الى االب��داع‪ ،‬النقل –‬ ‫والمتغي��رات التي م��رت بها االمة وس��اعدت‬
‫التدوي���ن‪ ،‬القاه���رة‪ ،2000 ،‬المجلد االول‪ ،‬جـ‬ ‫عل��ى بلورت��ه وهي ظ��روف ارتبطت بماضي‬
‫‪ ،1‬ص‪. 11‬‬ ‫االم��ة وتراثها من جهة وبثقافة غربية معاصرة‬
‫‪ -13‬القرشي‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪. 37‬‬ ‫واف��دة من جهة اخ��رى فجاء مش��روعه بطابع‬
‫‪ -14‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬من النق��ل الى االب��داع – تكوين‬ ‫تراث��ي تجديدي نقدي اصالح��ي معزز بمناهج‬
‫الحكمة‪ ،‬المجلد الثالث‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص‪. 93‬‬ ‫علمي��ة معاصرة تتطلبها المرحلة الراهنة فكريا ً‬
‫وعلمي��ا ً واجتماعي��ا ً فالتراث هو نقط��ة البداية‬

‫‪29‬‬ ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


‫‪ -30‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬الدين والث��ورة في مصر‪ ،‬جـ ‪،8‬‬ ‫‪ -15‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن م��ن العقيدة ال��ى الث��ورة‪ ،‬مطبعة‬
‫ص‪. 27-26‬‬ ‫مدبولي‪ ،‬جـ ‪ ،1‬ص‪. 46‬‬
‫‪ -31‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬ص‪. 179‬‬ ‫‪ -16‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬ذكريات‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-160‬‬
‫‪ -32‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬الدين والثورة في مصر‪ ،‬ص‪. 28‬‬ ‫‪. 161‬‬

‫‪ -33‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬ص‪. 179‬‬ ‫‪ -17‬يبدو هنالك التباس حول س��نة طب��ع هذا الكتاب فقد‬
‫اش��ار الى س��نة طباعته ‪ 2019‬في حين ان المؤلف‬
‫‪ -34‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 180-179‬‬
‫الذي اش��ار اليه فيه طبع عام ‪ 2018‬وهنا نحن امام‬
‫‪ -35‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 180‬‬
‫احتمالي��ن اما س��نة طب��ع الكتاب فيها خطأ او س��نة‬
‫‪ -36‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬الفلس��فة والت��راث‪ ،‬ضمن كتاب‬ ‫طبع الكتاب الذي اش���ار اليه فيه خطأ وانني ارجح‬
‫الفلس��فة العربي��ة المعاص��رة‪ ،‬مواقف ودراس��ات‪،‬‬ ‫االحتمال الثاني النه تحدث عن عمره في هذا الكتاب‬
‫بيروت‪ ،1988 ،‬ص‪. 373‬‬ ‫(ذكريات) وق���د تجاوز الرابعة والثمانين من العمر‬
‫‪ -37‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬موقفتا الحض��اري‪ ،‬ضمن كتاب‬ ‫وه���ذا يعني انه كتب الكتاب في عام ‪ 2019‬وطبعه‬
‫الفلسفة في الوطن العربي‪ ،1989 ،‬ص‪. 15‬‬ ‫في السنة نفسها او بعد ذلك وال يمكن ان تكون سنة‬
‫‪ -38‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬قضايا معاصرة‪ ،‬بيروت‪،1981 ،‬‬ ‫طب���ع كتاب ذكريات عام ‪ 2018‬كما مثبت بالكتاب‬
‫جـ ‪ ،2‬ص‪. 30‬‬ ‫انظر‪ ،‬كتاب ذكريات‪ ،‬ص‪. 162‬‬
‫‪ -39‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬هم��وم الفك��ر والوط��ن‪ ،‬ج��ـ‪،1‬‬ ‫‪ -18‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬ذكريات‪ ،‬مصدر سابق‪ ،‬ص‪-161‬‬
‫ص‪. 351‬‬ ‫‪. 162‬‬
‫‪ -19‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 139‬‬
‫‪ -20‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 115‬‬
‫‪ -21‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬موقفنا من التراث‬
‫القديم‪ ،‬ص‪. 31‬‬
‫‪ -22‬حنف��ي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬دراس��ات اس�لامية‪ ،‬بي��روت‪،‬‬
‫‪ ،1982‬ص‪. 319‬‬
‫‪ -23‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬ص‪. 152‬‬
‫‪ -24‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 117‬‬
‫‪ -25‬حنفي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬م��ن النقل الى االب��داع‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪ ،2000‬جـ‪ ،1‬ص‪. 13‬‬
‫‪ -26‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬ص‪. 150‬‬
‫‪ -27‬المصدر نفسه‪ ،‬ص‪. 151‬‬
‫‪ -28‬حنفي‪ ،‬حس��ن‪ ،‬من النص الى الواقع‪ ،‬دار المدار‬
‫االسالمي‪ ،2005 ،‬جـ‪ ،1‬ص‪. 13‬‬
‫‪ -29‬حنفي‪ ،‬حسن‪ ،‬التراث والتجديد‪ ،‬ص‪. 178‬‬

‫دراسات فلسفية العدد ‪49/‬‬ ‫‪30‬‬


Research resources ‫مصــــادر البحـــث‬
-1 Hanafi, Hassan, Heritage and Renewal, 1981 . ‫ بيروت‬،‫ التراث والتجديد‬،‫ حسن‬,‫ حنفي‬-1
Beirut, 1981. -19521 2
-2 Hanafi, Hassan, Religion and the Revo- . 1987 ‫ القاهرة‬،1981
lution in Egypt 1952-1981, Cairo 1987. ‫ الدين والثقافة والسياس��ة في الوطن‬، ‫ حس��ن‬، ‫ حنفي‬-3
-3 Hanafi, Hassan, Religion, Culture and . 1988 ‫ القاهرة‬، ‫العربي‬
Politics in the Arab World, Cairo 1988. ،‫ القاهرة‬،2018- 1935 ،‫ ذكريات‬،‫ حنفي و حسن‬-4
-4 Hanafi and Hassan, Memories, 1935- . 2018
2018, Cairo, 2018. ‫ موقف حس��ن حنفي من اش��كالية‬،‫ أس��مه‬،‫ بله��ادي‬-5
8- Hanafi, Hassan, From Transfer to Cre- . 2002 ،‫االصالة والمعاصرة بغداد‬
ativity, Cairo, 2000. ‫ دراسة‬،‫ منهج حسن حنفي‬،‫ فهد بن محمد‬،‫ القرش��ي‬-6
9- Hanafi, Hasan, From Faith to Revolu- . ‫ هـ‬1434 ،‫ الرياض‬،‫تحليلة نقدية‬
tion, Madbouly Press / B / T. . 1998 ،‫ القاهرة‬،‫ حوار االجيال‬،‫ حسن‬،‫ حنفي‬-7
10- Hanafi, Hasan, Islamic Studies, Beirut, ،‫ القاهرة‬،‫ م��ن النقل ال��ى االب��داع‬،‫ حس��ن‬،‫ حنف��ي‬-8
1982. . 2000
11- Hanafi, Hassan, From Transfer to Cre- ‫ مطبعة‬،‫ م��ن العقي��دة الى الث��ورة‬،‫ حس��ن‬،‫ حنف��ي‬-9
ativity, Cairo, 2000. . ‫ ت‬/ ‫ ب‬/ ‫مدبولي‬
12- Hanafi, Hasan, From Text to Reality, 1982 ،‫ بيروت‬،‫ دراسات اسالمية‬،‫ حسن‬،‫ حنفي‬-10
Dar Al-Madar Al-Islami, 2005. .
13- Hanafi, Hasan, Philosophy and Heri- ،‫ القاهرة‬،‫ م��ن النقل الى االب��داع‬،‫ حس��ن‬،‫ حنفي‬-11
tage, in the book of Arab Philosophy, . 2000
Beirut, 1988.
‫ دار المدار‬،‫ من النص الى الواقع‬،‫ حس��ن‬،‫ حنفي‬-12
14- Hasan, Hanafi, Our Civilized attitude . 2005 ،‫االسالمي‬
, in the Book of Philosophy in the Arab
‫ ضمن كتاب‬،‫ الفلس��فة والت��راث‬،‫ حس��ن‬،‫ حنف��ي‬-13
World, Jordan, p.15.
. 1988 ،‫ بيروت‬،‫الفلسفة العربية‬
15- Hassan Hanafi, Contemporary Issues,
‫ ضمن كتاب‬،‫ موقفنا الحض��اري‬،‫ حنف��ي‬،‫ حس��ن‬-14
Beirut, 1981.
. 15‫ ص‬،‫ االردن‬،‫الفلسفة في الوطن العربي‬
. 1981 ،‫ بيروت‬،‫ قضايا معاصرة‬،‫ حسن حنفي‬-15

31 ‫رودو يفنح نــــسح ذاتسالا‬


Professor Hassan Hanifi and his Role
in the Revival of Heritage

Prof. Majeed Mukhalaf Taraad (PhD.)


Center of Heritage Revival/ Baghdad

Abstract
The thinker Hassan Hanifi is one of the most prominent contemporary Arab think-
ers whose writings have aroused interest in the issue of heritage and its revival.
His visions are crystallized in his formation of a large civilized intellectual project
whereby he can advance the nation to overcome all its obstacles that stand in the way
of reform and progress; he sees heritage as the first pillar in the reform process which
can be advanced by revealing new levels to read, analyze, restructure and interpret
it according to the needs of the age. these modern levels of heritage analysis would
give us a field in which the fertility of the heritage is highlighted.

Hanifi's project, in this vision, falls into three sections, the first of which is his
position concerning the ancient heritage, which is the main axis around which this
research revolves, and where he (Hanifi) tries to rebuild the foundational sciences
of this heritage, represented by the science of the fundamentals of religion, the
philosophy of civilization, the fundamentalist methodology, the science of mysti-
cism, tradition-transmission sciences, mathematics, natural sciences, and humanity
sciences. Hanifi describes the Islamic civilization and its developments to establish
unity of sciences in the Islamic heritage in which he focuses on man and history to
link heritage with reality as the former is seen as a psychological reservoir whose
ideas and perceptions continue to guide people's behavior in their daily lives. Heri-
tage cannot be neglected or stayed away from; it is there in any process of change
or reform; rather, it must be always highlighted and explored, in such a way that
makes it conform and go hand in hand with the requirements of the age and its
development; this end is what contributes to the development of reality and solving
its problems. In conclusion, heritage for Hanifi is not a goal in itself, but a means
around which the possibility of revival and renewal can be managed.
Keywords: Heritage, revival , Hassan Hanafi

49/ ‫دراسات فلسفية العدد‬ 32

You might also like