You are on page 1of 20

‫‪436‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫بيئة العمل املقاواليت كعامل لنجاح الشباب اجلزائري املقاول‬


‫‪The Entrepreneurial Environment as a Factor For The Success‬‬
‫‪Of The Algerian Youth Contractor‬‬

‫أ‪ .‬ساملي محزة‬ ‫د‪ .‬شليحي الطاهر‬


‫جامعة اجلزائر ‪ ،3‬اجلزائر‬ ‫جامعة اجللفة‪ ،‬اجلزائر‬
‫‪hamzaness@gmail.com‬‬ ‫خمرب الطرق الكمية يف العلوم االقتصادية وعلوم إدارة األعمال‬
‫‪proftahar@yahoo.fr‬‬

‫اتريخ القبول‪2019/01/30 :‬‬ ‫اتريخ االستالم‪2018/06/11 :‬‬

‫امللخص‪:‬‬
‫يف مجيع الدول‪ ،‬هناك العديد من األفراد يسعون يف حتقيق أهدافهم إىل امتالك وتسيري أعماهلم اخلاصة أبنفسهم‪ ،‬سواء كان ذلك رغبة‬
‫يف إثبات الذات وحتقيق إجناز ما أو هراب من وظائف ال تليق هبم‪ ،‬أو كحل للهروب من البطالة ابلنسبة للبعض‪.‬‬
‫فاملقاوالتية تستمر يف النمو عامليا‪ ،‬إذ أن شاب من كل مثانية هو يف مرحلة إطالق مشروع يف الوالايت املتحدة‪ ،‬فاألحباث اليت قدمتها‬
‫مؤسسة ‪ Kauffman‬أظهرت أنه يف الوالايت املتحدة وحدها‪ ،‬املقاولون يطلقون ‪ 476.000‬مشروع كل شهر‪.‬‬
‫وقد شكل كل من املقاول واملقاوالتية موضوعا لعدة أحباث منذ فرتة السبعينات‪ .‬هذا االهتمام يفسر األمهية املتزايدة للمقاولة يف‬
‫سياق التنمية االقتصادية للدول واجملتمعات‪ ،‬فقد أصبحت إحدى الركائز األساسية اليت تراهن عليها الكثري من الدول ومنها اجلزائر‬
‫لتحقيق قفزات نوعية على مستوى اقتصادايهتا‪ ،‬ولدفع عجلة التنمية‪ .‬إذ عمدت اجلزائر إىل وضع ديناميكية لتهيئة مناخ املقاوالتية‬
‫وإنشاء املؤسسات اليت تنطوي على خلق فرص عمل وابلتايل خلق الثروة‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬املقاوالتية‪ ،‬االبتكار‪ ،‬الشباب املقاول‪ ،‬املرافقة‪ ،‬بيئة العمل‪.‬‬
‫‪Abstract :‬‬
‫‪Around the world, growing numbers of people are realizing their dreams of owning and‬‬
‫‪operating their own businesses whether they seeking self-achievement, running away‬‬
‫‪from pointless jobs or just simply for making a living.‬‬
‫‪Entrepreneurship continues to thrive in nearly every corner of the world. Globally, one in‬‬
‫‪eight adults is actively engaged in launching a business. Research by the Kauffman‬‬
‫‪Foundation shows that in the United States alone, entrepreneurs launch 476,000‬‬
‫‪businesses each month.‬‬
‫‪Since the 70s, the entrepreneurship becoming more and more an interesting research field,‬‬
‫‪because of its significant role in the countries development. Algeria has developed a‬‬
‫‪dynamic to create an entrepreneurial climate and create enterprises which play an‬‬
‫‪important role in the vitality of the economy and create jobs and wealth.‬‬
‫‪Key Words : Entrepreneurship, Innovation, Youth Entrepreneur, Accompaniment, Work‬‬
‫‪Environment.‬‬
‫‪JEL Classification : L26, L33, L84. M21.‬‬

‫* مرسل املقال‪ :‬شليحي الطاهر (‪.)proftahar@yahoo.fr‬‬


‫‪437‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫املقدمة‪:‬‬
‫ميثل الشباب قوة مقاوالتية كامنة‪ ،‬مما يتمتع به من أفكار غري مستغلة ومشاريع غري جمسدة‪ ،‬إما لغياب الوعي‬
‫املقاواليت‪ ،‬أو حمدودية اإلمكانيات وكثرة عوائق ممارسة النشاط املقاواليت‪ ،‬خصوصا هلذه الفئة‪ ،‬اليت تعرف نسبا مرتفعة‬
‫من البطالة‪ .‬وعلى هذا األساس كان لزاما على احلكومة‪ ،‬الفاعلني يف امليدان‪ ،‬وصناع القرار‪ ،‬أن يركزوا على التحدايت‬
‫اليت يواجهها الشباب عند بداية مشروعه املقاواليت‪ ،‬ابلبحث يف أسباب العزوف عن ممارسة املقاوالتية رغم نسب‬
‫البطالة املرتفعة‪ ،‬فتوجيه الشباب حنو قطاع منتج للثروة‪ ،‬وحمرك للتنمية االقتصادية يعترب من األولوايت اليت وجب‬
‫االهتمام هبا‪ ،‬خصوصا يف ظل االجراءات املنتهجة بتجميد التوظيف يف قطاع الوظيفة العمومية‪.‬‬
‫وعلى هذا األساس ميكن أن نطرح التساؤل التايل‪:‬‬
‫فيما تكمن أمهية املقاوالتية يف االقتصاد الوطين؟ وماهي آليات حتسني البيئة املقاوالتية للشباب اجلزائري؟‬
‫سنحاول اإلجابة على اإلشكالية الرئيسية ابستخدام املنهج التحليلي‪ ،‬وابلتطرق اىل خمتلف املفاهيم املتعلقة ابملقاوالتية‪،‬‬
‫وحتليل العالقة بني املقاوالتية والنمو االقتصادي‪ .‬ابإلضافة إىل التطرق إىل أهم العوائق اليت تقف أمام الشباب املقاول‪.‬‬

‫‪ .1‬مفهوم املقاوالتية‪:‬‬
‫املقاوالتية ليست مفهوم جديد‪ ،‬ويقال أن مصطلح ‪ Entrepreneurship‬نشأ يف القرن ‪ 18‬عن طريق‬
‫االقتصادي ‪ ،Richard Cantillon‬والذي استعمله لوصف الشخص الذي يتحمل املخاطر‪ ،‬يضع اخلطط‪ ،‬ينظم‬
‫وميتلك عوامل اإلنتاج‪ :‬األرض‪ ،‬العمل ورأس املال‪.‬‬
‫ابحثون آخرون مثل ‪ Joseph Schumpeter‬و‪ Peter Drucker‬أضافوا أبعادا أخرى للمصطلح‪ .‬فعلى سبيل‬
‫املثال‪ Schumpeter ،‬يعترب املقاول كشخص يشارك يف "التدمري اخلالق"‪ ،‬أنه شخص يُبدل العناصر غري الكفؤة‬
‫وغري الفعالة‪ ،‬أبخرى أفضل وأحسن‪ .‬وابلنسبة لـ‪ ،Schumpeter‬فإن االبتكار يعترب ركيزة املقاوالتية‪ .‬إضافة مكملة‬
‫للمصطلح كانت لـ ‪ Drucker‬الذي قدم مفهوم اكتشاف الفرص والعمل على جتسيده‪(Darren & Lashely, .‬‬
‫)‪.2009, p. 7‬‬
‫وفيما يلي جمموعة من تعاريف املقاوالتية‪:‬‬
‫‪ :(1985) Drucker -‬املقاوالتية هي عملية ابتكار تتضمن استغالل املوارد املتاحة يرافقها مقدرة جديدة على‬
‫إنتاج الثروة‪.‬‬
‫‪ :(1985) Stevenson -‬املقاوالتية هي عملية عن طريقها يبحث ويستغل األفراد الفرص بغض النظر على‬
‫املوارد اليت هي حتت تصرفهم اآلن‪.‬‬
‫‪ :(1988) Gartner -‬املقاوالتية هي خلق للمنظمات‪ ،‬هي العملية اليت من خالهلا ترى املنظمات اجلديدة‬
‫طريقها إىل التجسيد يف الواقع‪.‬‬
‫‪438‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ :(1997) Timmons -‬املقاوالتية هي طريقة تفكري‪ ،‬وتصرف‪ ،‬اليت تقودها الفرصة‪ ،‬مبقاربة شاملة‪ ،‬وبقيادة‬
‫متوازنة‪.‬‬
‫‪ :(1997) Venkataraman -‬املقاوالتية هي حول‪ :‬كيف‪ ،‬عن طريق من‪ ،‬وما عواقب فرص جلب سلع‬
‫وخدمات مستقبلية للوجود‪.‬‬
‫مما سبق ميكن القول أن املقاوالتية عبارة عن السريورة اليت تبدأ بفكرة وتنتهي بعرض منتوج جديد ذو قيمة يف‬
‫السوق‪ ،‬مع حسن تدبري املوارد الضرورية والتنسيق فيما بينها‪ ،‬عن طريق األخذ بزمام املبادرة وحتمل املخاطر لتجسيدها‬
‫عن طريق خلق مؤسسة جديدة‪،‬أو تطوير مؤسسة قائمة بذاهتا وهو ما جيعل عنصر اإلبداع مرافقا للمقاوالتية‪.‬‬
‫‪ .2‬خصائص املقاول‪:‬‬
‫فيما يتعلق بشخصية املقاول فإن األحباث الكثرية عن املوضوع وصلت إىل خالصة مفادها أن املقاولون ليسوا‬
‫قالبا واحدا‪ ،‬كما أنه ال ميكن جملموعة من اخلصائص أو الصفات أن تتنبأ فيما إذا كان هذا الشخص سيصبح مقاوال‬
‫أو يف إمكانية جناحه يف ذلك‪ ،‬لكن األكيد أن التنوع يبدو صفة مركزية يف املقاولني وأصحاب املشاريع‪.‬‬
‫وما ميكن قوله أن اجلميع بغض النظر عن عمرهم‪ ،‬أصلهم‪ ،‬جنسهم‪ ،‬ولوهنم‪ ،‬أو أي مسات أخرى ميكن أن‬
‫يكون مقاوال‪ .‬فاملقاوالتية ليست لغزا‪ ،‬إمنا معرفة ومهارة ميكن للجميع اكتساهبا ‪(Scarborough & Cornwall,‬‬
‫)‪.2016, p. 28‬‬
‫لكن لتفادي الوقوع يف "مأزق ما الذي جيب فعله" جيب تعلم كيفية اختاذ القرار كمقاول‪ .‬فبلورة فكرة مشروع‬
‫ما‪ ،‬تصبح خطة العمل أول ما ينبغي فعله‪ ،‬وتنفيذ هذه اخلطة إبطالق مشروع ‪ start-up‬حيتاج حتضريا ماداي ونفسيا‬
‫)‪.(Pauceanu, 2016, p. 8‬‬
‫كما يري ) ‪ (Drucker; 1985 ,Fayolle et al; 2007 ; Fayolle 2010‬أن املقاولة معرفة مثلها مثل‬
‫العلوم األخرى )‪ ، (Fayolle, 2012, p. 5‬ميكن تعلمها‪ ،‬حيث أثبتت الدراسات احلديثة عن تدريس املقاوالتية‪،‬‬
‫أن بعض القدرات واملؤهالت هي مكتسبة من جتارب حياة الفرد املقاول وابخلصوص بعد جتربة مهنية أو مقاوالتية‪.‬‬
‫)‪. (Surlemont, 2017‬‬
‫إال أن دراسة لـ ‪ Ernst & Young foundation‬أوجزت أهم خصائص املقاول ومن أمهها نذكر‪:‬‬
‫‪ -‬على املقاول أن يكون ذا رؤية‪ :‬يف إجابتهم على أهم مسات املقاول الرائد‪ ،‬كانت إجاابت مقاولني ُرواد تشري إىل‬
‫الرؤية‪ ،‬الشغف والقيادة كصفات أساسية‪ ،‬النجاح يتأتى من رؤية ليس فقط األفراد يف حميط العمل‪ ،‬إمنا أيضا من‬
‫املستثمرين واملستهلكني‪ ،‬واملوردين‪ ،‬وكل األشخاص الذين هم يف متاس مع املؤسسة‪ ،‬واملقاول الرائد هو مهندس تلك‬
‫الرؤية‪.‬‬
‫‪ -‬القدرة على االبداع واالبتكار‪ :‬الفكرة جيب أن تكون مبتكرة يف سياقها احلايل )‪.(Pauceanu, 2016, p. 10‬‬
‫‪ -‬املقاول يتميز أبنه أيخذ بزمام املبادرة واملخاطرة يف سبيل حتقيق أهدافه‪.‬‬
‫‪439‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ -‬يتميز ابملرونة والرتكيز الكلي على متطلبات الزابئن‪ .‬ويضيف ابحثون آخرون‪ :‬اخلربة‪ ،‬الكفاءة والقدرة على حتمل‬
‫املسؤولية‪ ،‬كصفات ضرورية للمقاول الناجح )‪.(Landstrom, 2005, p. 18‬‬
‫‪ .3‬أمهية املقاوالتية يف االقتصاد الوطين‪:‬‬
‫املقاول له دور حاسم وال ميكن االستغناء عنه يف تطور النظام االقتصادي‪ ،‬فهو يف العديد من األحيان مصدر‬
‫االبتكارات‪ ،‬ينشئ املؤسسات وفرص العمل‪ ،‬ويساهم يف جتديد النسيج االقتصادي‪ .‬املقاول هو من جيلب التدمري‬
‫اخلالق كما أشار إليه )‪.(Schumpeter,1935‬‬
‫كل هذا مت تسليط الضوء عليه منذ سنوات السبعينيات عن طريق )‪ Octave Gélinier (1987‬والذي أكد على‬
‫أمهية على مسامهات املقاول يف االقتصاد‪« :‬الدول‪ ،‬املهن واملؤسسات اليت تبتكر وتطور نفسها فإهنا ابلتأكيد من‬
‫متارس املقاوالتية حبق‪.‬واإلحصائيات عن النمو االقتصادي‪ ،‬املبادالت الدولية‪ ،‬براءات االخرتاع‪ ،‬الرتاخيص واالبتكارات‬
‫لثالثني سنة مضت تدعم بقوة هذه الطرح‪ :‬إنه من املكلف جدا إمهال املقاولني» )‪.(Fayolle, 2012, p. 16‬‬
‫شكل رقم ‪ :1‬موقع املقاوالتية يف النسيج االقتصادي‬

‫)‪Source: (Darren & Lashely, 2009, p. 14‬‬


‫للمقاوالتية دور حيوي يف النمو االقتصادي‪ ،‬مبا أن هذه املؤسسات الصغرية تبتكر‪ ،‬متلء فراغات يف السوق‬
‫وتقوم أبنشطة غري مستغلة‪ ،‬تزيد من املنافسة وتعزز النجاعة االقتصادية‪.‬‬
‫وكنتيجة لذلك‪ ،‬فاألعمال واملؤسسات الصغرية أصبح يُرى إليها من طرف الفاعلني يف السياسة وصناع القرار كمساهم‬
‫رئيسي يف تنمية االقتصاد وخلق الثروة يف اجملتمع )‪.(Landstrom, 2005, p. 20‬‬
‫ما يالحظ أنه ليس فقط املقاوالتية من تؤثر على النمو والتنمية االقتصادية‪ ،‬لكن معدالت املقاوالتية ختتلف من بلد‬
‫إىل آخر حسب مستوى التنمية االقتصادية‪ ،‬ولقد أظهرت الدراسات ‪(Banque Africaine de‬‬
‫)‪ Développement , 2011, p. 144‬عن عالقة يف شكل حرف ‪ U‬بني هذين املتغريين (الشكل أدانه)‪ ،‬فنسبة‬
‫إمجايل النشاط املقاواليت قيد االنشاء مهمة يف الدول اليت متثل مستوى تنمية اقتصادية ضعيفة أو مرتفعة (مقاسة عن‬
‫طريق الناتج الداخلي اخلام للفرد)‪ ،‬وهو من جهة أخرى أقل يف الدول اليت هي يف مرحلة متوسطة من التنمية‬
‫االقتصادية‪.‬‬
‫‪440‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫شكل رقم ‪ :2‬عالقة توسع املقاوالتية ابلنمو االقتصادي‬

‫)‪Sources : (Banque Africaine de Développement , 2011, p. 145‬‬


‫(يعرف معهد ‪ GEDI‬معدل الـ ‪ :TEA‬هو النسبة املئوية لألفراد البالغني بني ‪ 18‬و‪ 64‬سنة‪ ،‬والذين هم يف مرحلة بدء نشاطهم املقاواليت (مقاول‬
‫انشيء)‪ ،‬أو املالك واملسريين لنشاط مقاواليت عمره أقل من ‪ 42‬شهر‪).‬‬
‫ُ‬
‫ومن املهم اإلشارة إىل أن مؤشر نسبة إمجايل النشاط املقاواليت قيد االنشاء)‪ (TEA index‬يضم كل من‬
‫املقاوالتية بدافع احلاجة‪ ،‬واملقاوالتية بدافع الفرصة‪ .‬فعند زايدة مستوى التنمية االقتصادية‪ ،‬فانتشار املقاوالتية املدفوعة‬
‫ابلفرص أو ابالبتكار تزيد‪ ،‬وعلى العكس من ذلك نسبة النشاط املقاواليت املدفوع ابحلاجة تنخفض (شكل رقم ‪.)3‬‬
‫وهذا ما يفسر العالقة يف شكل حرف ‪ U‬بني نسبة املقاوالتية ومستوى التنمية االقتصادية يف دولة ما‪.‬‬
‫شكل رقم ‪ :3‬عالقة معدل املقاوالتية بدافع احلاجة وبدافع الفرصة ابلنمو االقتصادي‬

‫)‪Sources : (Banque Africaine de Développement , 2011, pp. 145-146‬‬


‫‪441‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ .4‬شروط بيئة العمل املقاوالتية‪:‬‬


‫ترتبط أهم مقاربة للبيئة املقاوالتية أبحباث كل من ‪ ،Acs, Szerb & Autio‬واليت تعرتف أن وفرة العوامل‬
‫الرئيسية لإلنتاج ال تكفي لتجسيد النمو االقتصادي‪ ،‬بل أيضا ابلطريقة اليت يتم فيها تكوين وتنظيم األنشطة‬
‫االقتصادية‪ ،‬يف حميط جغرايف معني‪ ،‬وكذا دور املقاوالتية يف جتسيدها إىل واقع‪.‬‬
‫تتكون بنية هذا النظام كما هو موضح يف الشكل أدانه من املقاولون اجلدد والذين هم يف مرحلة االنشاء كمركز‬
‫هلذا النظام‪ ،‬فهم من يقومون بعملية إطالق املشاريع اجلديدة‪ ،‬إذ جند أن املواقف السائدة يف أغلبية اجملتمع تؤثر على‬
‫من خيتار املقاولة كمهنة‪ ،‬هؤالء املقاولون اجلدد يتميزون بدرجات خمتلفة من الكفاءة والطموح املقاواليت‪ ،‬وهم من‬
‫سيقودون ديناميكية احملاولة واخلطأ‪.‬‬
‫ذلك يعين أن املقاولون ينشئون أعماهلم سعيا يف حتقيق ما يعتربونه فرصا‪ ،‬لكنهم ال يستطيعون اجلزم أبهنا‬
‫فرص حقيقة أم ال‪ ،‬إذ أن الطريقة الوحيدة الكتشاف ذلك هو القيام هبا‪ ،‬ونتيجة ذلك هي ديناميكية احملاولة واخلطأ‬
‫)‪.(GEDI, 2017, p. 4‬‬
‫شكل رقم ‪ :4‬البيئة املقاوالتية‬

‫‪Source: (GEDI, 2017, p. 5).‬‬


‫إن شروط بيئة عمل املقاوالتية هلا أمهية قصوى لعدة أسباب‪ ،‬أمهها أهنا تضبط‪ ،‬أوال من خيتار أن يكون‬
‫مقاوال‪ .‬واثنيا إىل أي مدى هذا املشاريع اجلديدة ستكون قادرة على حتقيق النمو املرتقب‪.‬‬
‫ابلنسبة للقرار املقاواليت هو منظم يف الغالب بشروط عمل سهلة‪ ،‬مثل املعايري االجتماعية‪ ،‬والتفضيالت الثقافية‪ .‬يف‬
‫حني أن درجة جناح املشاريع اجلديدة يف حتقيق املأمول منها فهو خيضع جملموعة من شروط بيئة العمل املقاواليت‪،‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬احلكومة‪ ،‬األحباث‪ ،‬والنمو‪ ،‬التعليم‪ ،‬البىن التحتية‪ ،‬القطاع املايل واملؤسسايت‪.‬‬
‫‪442‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫فبيئة عمل مقاوالتية صحية سوف تدفع بتخصيص املوارد حنو االستخدامات املنتجة‪ .‬كما أهنا ستدفع أيضا إبمجايل‬
‫عوامل اإلنتاجية من خالل عملية االبتكار‪ .‬وكلما كانت إنتاجية هذه العوامل أكرب‪ ،‬كلما كانت قدرة االقتصاد على‬
‫خلق الوظائف والثروة أكرب )‪.(GEDI, 2017, p. 5‬‬
‫‪ -‬التمويل املقاواليت‪ :‬وفرة وتنوع مصادر التمويل أبنواعه‪ ،‬مبا يف ذلك الضماانت واالعاانت‪.‬‬
‫‪ -‬سياسة احلكومة جتاه املقاوالتية‪ :‬إىل أي مدى تساهم يف دعم املقاوالتية‪ ،‬وإذا ما كانت القوانني والعبء الضرييب‬
‫مشجعة للمقاوالتية‪.‬‬
‫‪ -‬برامج احلكومة فيما يتعلق ابملقاوالتية‪ :‬مدى وجود ونوعية الربامج املساعد للمقاوالتية واملؤسسات الصغرية على‬
‫كل املستوايت احلكومية (مركزاي أو حمليا)‪.‬‬
‫‪ -‬التعليم املقاواليت‪ :‬مدى مالءة التدريب يف خلق وتسيري املؤسسات املدرجة ضمن نظام التعليم والتدريب يف كل‬
‫املستوايت‪.‬‬
‫‪ -‬قطاع البحث والتطوير‪ :‬عالقة مراكز البحث واجلامعات ابملؤسسات‪ ،‬ومدى استفادهتا من خمرجات ونتائج البحث‬
‫وحتويلها إىل منتجات مرحبة جتاراي‪.‬‬
‫‪ -‬البىن التحتية‪ :‬سهولة الولوج إىل شبكة االتصاالت‪ ،‬واخلدمات املرافقة‪ ،‬وخدمات النقل‪ ،‬وكذا العقار وأبسعار‬
‫تناسب هذا النوع من املستثمرين‪.‬‬
‫ولتحسني بيئة العمل هذه تقرتح منظمة األمم املتحدة اخلطوات التالية‪:‬‬
‫شكل رقم ‪ :5‬خطوات حتسني بيئة النشاط املقاواليت‬

‫‪Source:. (UNCTAD, 2015).‬‬


‫‪443‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ .5‬املنطق املقاواليت يف إنشاء مشروع جديد‪:‬‬


‫جوهر العملية هنا هو املقاول كشخص حيدد الفرص‪ ،‬فالباحثون ومنهم‪:‬‬
‫‪) Hornaday, 1982 ;Timmons Smollen,& Dingee,1985; Lessem,1986 ; Gibb 1990‬‬
‫)‪Wickham, 1998‬‬
‫يعتقدون أن الرغبة يف إجناز شيء ما وكذا النزعة إىل املخاطرة (املغامرة) ال تكفي وحدها لتفسري السلوك املقاواليت‬
‫)‪.(Darren & Lashely, 2009, p. 4‬‬
‫شكل رقم ‪ :6‬مسار بعث مشروع مقاواليت‬

‫‪Source: (Darren & Lashely, 2009, p. 4).‬‬


‫فهناك عناصر أخرى مثل اإلهلام‪ ،‬وكذا التجربة واخللفية الثقافية تساهم يف هذا القرار‪ .‬كما أن جناح جتربة‬
‫املقاوالتية يرتبط أيضا ابحمليط السياسي واالقتصادي واالجتماعي والتكنولوجي الذي ينبغي أن يكون حمتضنا وداعما‬
‫للعمل املقاواليت‪ .‬اقتناص الفرص املناسبة مث تقييم مهارة مهمة ولكنها غري كافية إذ جيب دراسة السوق ومجع املوارد‬
‫الضرورية‪ ،‬يتحدد بعدها قرار املضي يف تنفيذ الفكرة أو إلغاءها‪.‬‬
‫‪ .6‬أسباب فشل املشاريع املقاوالتية‪:‬‬
‫فمن أهم األسباب لفشل مشاريع املقاوالتية‪ ،‬ونقصد هبا املشاريع اليت انطلقت فعال لكنها فشلت يف الصمود‪،‬‬
‫يوضح الشكل أدانه أهنا ابلدرجة األوىل اقتصادية كضعف الصناعة‪ ،‬ومالية كعدم كفاية رأس املال‪ ،‬أرابح غري كافية‪،‬‬
‫أعباء قروض متزايدة ونفقات تشغيل مرتفعة‪.‬‬
‫ومن الباحثني من يرى أن ما سبق يعود مشكل التسيري غري املناسب ابإلضافة إىل التمويل‪ ،‬فتسيري األعمال هو‬
‫االستخدام الفعال للموارد‪ ،‬وابلنسبة ألصحاب األعمال الصغرية فإن مهارات التسيري مهمة على الرغم من صعوبة‬
‫حتصيلها أحياان‪ .‬كما أن نقص التجربة من أكثر املشاكل إحلاحا‪ ،‬وحمدودية املوارد ال تساعد على توظيف خرباء بدوام‬
‫كامل‪(Hatten, 2012, p. 16).‬‬
‫‪444‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫شكل رقم ‪ :7‬أهم أسباب فشل املشاريع املقاوالتية‬

‫‪Source : (Hatten, 2012, p. 16).‬‬


‫‪ .7‬عقبات العمل املقاواليت لدى الشباب‪:‬‬
‫‪ .1.7‬عقبات هلا صلة ابلشباب يف حد ذاته‪:‬‬
‫منوذج ‪ Levis-Clark‬يعطي تفسري جيد للشروط الضرورية للفرد الشاب ليصبح مقاوال‪ ،‬وكمقاول حمتمل جيب‬
‫أن يشعر بكل من االستعداد (امتالك املعرفة واملهارات الضرورية)‪ ،‬والرغبة يف أن يصبح مقاوال‪ .‬لكن ورغم استعداده‬
‫ورغبته يف أن يصبح مقاوال‪ ،‬ال يزال يف حاجة إىل خدمات الدعم مثل اإلشراف وشبكة العالقات‪.‬‬
‫شكل رقم ‪ :8‬منوذج ‪Levis-Clark‬‬

‫‪Source: (Schoof, 2006, p. 11) .‬‬


‫‪445‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫منوذج ‪ Levis-Clark‬هو أداة ممتازة لتقييم اخلطوات الضرورية الستمالة الشباب حنو املقاوالتية‪ ،‬إذ خلص‬
‫عوائق الشباب املقاول يف فئتني أساسيتني‪ ،‬إما قلة االستعداد وإما قلة الرغبة‪ .‬ولكن النموذج يعطي عوائق مقتصرة‬
‫على األفراد يف حد ذاهتم )‪ ،(Jakubczak, 2015, p. 1777‬ومل أيخذ ابحلسبان عديد العوائق اليت ال تنتمي‬
‫ابلضرورة إلحدى الفئتني السابقتني‪ ،‬وال ترتبط مباشرة ابألفراد وإمنا ببيئة األعمال‪.‬‬
‫‪ .2.7‬عقبات مرتبطة ببيئة األعمال‪:‬‬
‫مؤشرات خلق املؤسسات واليت مت تقدميها يف تقرير ‪ Doing Business‬سلطت الضوء على التأثريات املمارسة‬
‫من احمليط االقتصادي وكذا عقبات الدخول على تسجيل مؤسسات جديدة يف البلدان اليت مشلتها الدراسة‪ ،‬يف‬
‫اجلدول التايل يقارن هذه العقبات يف إفريقيا مع املتوسط العاملي‪ ،‬للفرتة ‪ 2011-2004‬وكذا لسنة ‪ 2011‬لوحدها‪.‬‬
‫واجلدول يبني أن نفس اإلجراءات الرمسية هي أكثر بطء وأتخذ وقتا أطول يف إفريقيا مقارنة ابملعدل العاملي‪.‬‬
‫جدول رقم ‪:1‬مقارنة تكلفة إجراءات إطالق املشاريع يف إفريقيا مقارنة ابملتوسط العاملي‬

‫‪Source: (Banque Africaine de Développement , 2011, p. 147) .‬‬


‫يوجد يف هذه املنطقة نوعني أساسني من عقبات خلق املؤسسات‪:‬‬
‫أ‪ .‬تكلفة إطالق املشروع‪ :‬جمموع الرسوم الرمسية وأتعاب احملامني واملِهنيني اآلخرين الذين يتدخلون يف عملية تسجيل‬
‫املؤسسة‪ ،‬كنسبة من الدخل الوطين للفرد‪ ،‬بني ‪ 2004‬و‪ 2011‬بلغ املتوسط االفريقي ‪ 194‬مقارنة بـاملعدل العاملي‬
‫الذي بلغ فقط‪.72‬‬
‫ب‪ .‬إيداع رأس املال األدىن اإلجباري‪ :‬املعرب عنه بنسبة من نصيب الفرد من الدخل الوطين لنفس الفرتة‪ ،‬بلغ ‪202‬‬
‫إلفريقيا مقارنة بـ ‪ 126‬للمعدل العاملي‪.‬‬
‫كما يعاين املقاولون إضافة إىل ما سبق‪ ،‬من عقبات ابجلملة تنتظرهم لتجسيد مشاريعهم‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫ت‪ .‬عوائق التمويل‪ :‬حسب مسح ‪(EMN, Novembre 2012, pp. 6-7) Eurobarometer Survey‬‬
‫إن نقص التمويل املناسب للمشاريع اجلديدة ‪ start-up‬هو العائق األكرب الذي يواجهه الشباب خللق مشروعهم‬
‫اخلاص‪ ،‬فالشباب ابخلصوص يُنظر إليهم عادة من طرف البنوك كاستثمار حمفوف ابملخاطرة‪.‬‬
‫وأهم العوائق اليت تعرتض الشباب يف احلصول على التمويل ملشاريعهم اجلديدة‪ ،‬مت إجيازها من طرف منظمة العمل‬
‫الدولية )‪ (ILO‬فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬قلة الضماانت أو انعدامها فيما خيص التمويل عن طريق االستدانة؛‬
‫‪446‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ -‬إجراءات إدارية معقدة؛‬


‫‪ -‬طول مدة انتظار التمويل؛‬
‫‪ -‬معرفة ووعي متواضعني فيما يتعلق إبمكانيات وطرق متويل الـ‪Start-up‬؛‬
‫ث‪ .‬اإلطار التنظيمي للمقاوالتية‪ :‬العوائق اإلدارية والتنظيمية من بني أهم العوائق اليت حتول دون إسهام الشباب يف‬
‫العمل املقاواليت‪ ،‬فالقوانني احلكومية والبريوقراطية تقود هذه األعمال حنو القطاعات املوازية‪ ،‬مبا أن تكلفة العبء‬
‫الضرييب أكرب من ربح اإلنتاجية لدى الدخول يف القطاع الرمسي )‪ .(World Bank, 2005‬ومن أهم القيود‪ ،‬جند‪:‬‬
‫‪ -‬نظام ضرييب غري مشجع على ممارسة املقاوالتية؛‬
‫‪ -‬إجراءات تسجيل املشاريع وتكلفتها؛‬
‫‪ -‬قوانني اإلفالس اليت تعترب يف بعض الدول قاسية وميكن أن تؤثر على رغبة الشباب يف الدخول إىل قطاع األعمال؛‬
‫‪ -‬قلة الشفافية وعدم استقرار البيئة القانونية تؤثر على خطط عمل املقاولني الشباب املستقبلية‪.‬‬
‫ج‪ .‬فشل أو انعدام تدريس املقاوالتية‪:‬‬
‫فشل يف تقدمي وتبين تعليم املقاوالتية بني الشباب؛‬ ‫‪-‬‬
‫برامج دراسية غري مالئمة لسوق العمل؛‬ ‫‪-‬‬
‫روابط قليلة أو منعدمة بني اجلامعة وبيئة األعمال؛‬ ‫‪-‬‬
‫بنية حتتية ضعيفة فيما خيص تكنولوجيات االعالم واالتصال‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ح‪ .‬قص الدعم الفين والتقين‪:‬‬
‫‪ -‬غياب برامج املخصصة للشباب فيما خيص التدريب والنصح؛‬
‫‪ -‬نقص عالقات العمل‪ ،‬قلة معرفة عن برامج دعم األعمال؛‬
‫‪ -‬عدد حمدود من مكاتب االستشارات‪ ،‬اليت ميكن أن تساعد فيما خيص حبوث السوق‪ ،‬واالستشارات فيما خيص‬
‫اإلجراءات القانونية عند التسجيل املؤسسات والعالقة مبختلف اإلدارات ذات الصلة‪.‬‬
‫‪ .8‬املؤسسات احلكومية واملقاوالتية يف االقتصادايت االنتقالية‪:‬‬
‫بعد التطرق جلملة املعيقات اليت يواجهها املقاولون يف إطالق مشاريعهم وضمان استمراريتها‪ ،‬يبدو جليا أن‬
‫سياسة احلكومة فيما يتعلق اجملال القانوين واجملال التنظيمي والنظام املايل‪ ،‬ابإلضافة إىل القواعد األساسية مثل حقوق‬
‫امللكية الفردية‪ ،‬ميكن أن يكون هلا عميق األثر يف وجود وجناح العمل املقاواليت‪ .‬فاإلطار القانوين حيدد طبيعة ومسعى‬
‫تطوير املقوالت املنتجة‪ ،‬هذا األخري يتعلق ابلقوانني املرتبطة ابإلفالس‪ ،‬والعقود‪ ،‬والنشاطات التجارية‪ ،‬والضرائب‪ .‬إال‬
‫أهنا تضم أيضا املنظمات اليت تعمل على تطبيقها‪(Storey, 2009, p. 58) .‬‬
‫‪ -‬االختالفات فيما خيص خمرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل يف ظل تداعيات العوملة اليت مست أنظمة‬
‫التعليم وأسواق العمل والتشغيل عموما‪ ،‬حيث أن التجارب احلديثة والناجحة تعمل بنظام تكوين‪-‬حبث علمي‪ -‬خلق‬
‫‪447‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫وإنشاء مؤسسات (أي مبادرات أعمال‪ :‬املقاولة)‪ ،‬ومايتبع ذلك من أتثري على سوق العمل‪ ،‬ففي هذا الصدد نضرب‬
‫املثال بتجربة اقرتحها ‪ (Geiss & Vrinat, 2006, pp. 1-6) L’institut MONTAIGNE‬يف أورواب السنوات‬
‫القليلة املاضية مفادها إنشاء مراكز علمية جتريبية من خالل جتهيزات وبىن خمربية ومنح حرية كبرية لدخوهلا من قبل‬
‫الطلبة وحىت غري الطلبة الذين إبمكاهنم العمل فيها والتحضري ملشاريعهم البحثية‪ ،‬وذلك اقتداء بتجربة أكرب اجلامعات‬
‫العاملية مثل ‪ .Harvard, MIT, Stanford‬حيث تصبح هذه املخابر حاضنات حقيقية ملختلف أفكارهم‬
‫ومشاريعهم لتجسيدها يف ‪. Start-up‬‬
‫‪ -‬الدور املهم واحلاسم للعائلة يف تراكم رأس املال وتوظيف املوارد البشرية‪ ،‬بعيدا عن املنطق القائم على الفاعلية‬
‫والكفاءة االقتصادية‪ ،‬أثر كثريا يف انفتاح املقاوالت وتبنيها ملبادرات جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬ضعف املشاركة فيخلق ثقافة مقاوالتية ابلتعاون مع خمتلف الفاعلني‪ ،‬خاصة الرتبية والتعليم‪ ،‬األسر واملنظمات‬
‫غري احلكومية والقطاع اخلاص‪.‬‬
‫لقد قامت العديد من الدول إبصالحات لتسهل عملية بدء املشاريع‪ ،‬ويف بعض األحيان كجزء من برانمج إصالحي‬
‫تنظيمي كبري‪ .‬عدد من الدراسات أظهرت أن من فوائد تبسيط إجراءات إطالق األعمال كان هلا كبري األثر يف زايدة‬
‫رضا املؤسسات وكذا زايدة عدد املؤسسات املسجلة‪ .‬فاالقتصادايت اليت تتميز بتكاليف دخول أكرب يرافقها عادة‬
‫قطاع موازي واسع‪ ،‬وعدد كبري من املؤسسات غري مسجلة قانونيا )‪.(Bank, 2011, p. 3‬‬
‫ومن نتائج بعض هذه اإلصالحات‪:‬‬
‫‪ -‬يف مصر‪ :‬ختفيض رأس املال األدىن املطلوب للقيام ابألعمال يف ‪ 2007‬و‪ 2008‬أدى إىل زايدة أبكثر من‬
‫‪ %30‬يف عدد املؤسسات املسجلة ذات املسؤولية احملدودة‪.‬‬
‫‪ -‬يف الربتغال‪ :‬إنشاء املكتب (الشباك) الوحيد يف ‪ 2006‬و‪ 2007‬أدى إىل ختفيض مدة إطالق األعمال من‬
‫متوسط ‪ 54‬يوم إىل فقط ‪ 5‬أايم يف ‪ 2007‬و‪ ،2008‬عدد األعمال اجلديدة املسجلة ارتفع بـ ‪ %60‬مقارنة بسنة‬
‫‪.2006‬‬
‫‪ -‬يف ماليزاي‪ :‬ختفيض تكاليف تسجيل األعمال سنة ‪ 2008‬أدى إىل زايدة نسبة التسجيل بـ ‪ %16‬سنة ‪.2009‬‬
‫)‪(Bank, 2011, p. 3‬‬
‫‪448‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫‪ .9‬املقاوالتية يف اجلزائر‪:‬‬
‫‪ .1.9‬مالءة مناخ األعمال للمقاوالتية يف اجلزائر‪:‬‬
‫أ‪ .‬مؤشر ‪:GEI‬‬
‫جدول رقم ‪:2‬ترتيب الدول حسب مالءهتا ملمارسة املقاوالتية وفق مؤشر ‪( GEI‬التنقيط من ‪)100‬‬
‫‪GEDI Score: Top Ten‬‬ ‫‪GEDI Score: Bottom Ten‬‬ ‫‪GEDI Score: MENA‬‬
‫‪Countries‬‬ ‫‪Countries‬‬ ‫‪Countries‬‬
‫‪1‬‬ ‫‪USA‬‬ ‫‪83.4‬‬ ‫‪128‬‬ ‫‪Venezuela‬‬ ‫‪13.0‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪UAE‬‬ ‫‪58.8‬‬
‫‪2‬‬ ‫‪Switzerland‬‬ ‫‪78.0‬‬ ‫‪129‬‬ ‫‪Nicaragua‬‬ ‫‪12.7‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪Qatar‬‬ ‫‪58.0‬‬
‫‪3‬‬ ‫‪Canada‬‬ ‫‪75.6‬‬ ‫‪130‬‬ ‫‪Malawi‬‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪Saudi Arabia‬‬ ‫‪47.2‬‬
‫‪4‬‬ ‫‪Sweden‬‬ ‫‪75.5‬‬ ‫‪131‬‬ ‫‪Guinea‬‬ ‫‪12.1‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪Bahrain‬‬ ‫‪44.7‬‬
‫‪5‬‬ ‫‪Denmark‬‬ ‫‪74.1‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪Burkina Faso‬‬ ‫‪11.9‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪Oman‬‬ ‫‪43.6‬‬
‫‪6‬‬ ‫‪Iceland‬‬ ‫‪73.5‬‬ ‫‪133‬‬ ‫‪Bangladesh‬‬ ‫‪11.8‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪Kuwait‬‬ ‫‪42.5‬‬
‫‪7‬‬ ‫‪Australia‬‬ ‫‪72.5‬‬ ‫‪134‬‬ ‫‪Mauritania‬‬ ‫‪11.6‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪Tunisia‬‬ ‫‪40.5‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪UK‬‬ ‫‪71.3‬‬ ‫‪135‬‬ ‫‪Sierra Leone‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫‪56‬‬ ‫‪Jordan‬‬ ‫‪31.7‬‬
‫‪9‬‬ ‫‪Ireland‬‬ ‫‪71.0‬‬ ‫‪136‬‬ ‫‪Burundi‬‬ ‫‪11.4‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪Lebanon‬‬ ‫‪28.8‬‬
‫‪10‬‬ ‫‪Netherlands‬‬ ‫‪67.8‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪Chad‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪Morocco‬‬ ‫‪25.7‬‬
‫‪73‬‬ ‫‪Algeria‬‬ ‫‪24.7‬‬
‫)‪Source: (GEDI, 2017‬‬
‫وصنفت حسب نوعية مناخ‬ ‫الدول اليت توفر أفضل بيئة ملمارسة املقاوالتية‪ ،‬حسب دراسة مشلت ‪ 137‬بلدا ُ‬
‫ممارسة املقاوالتية ابستخدام املؤشر العاملي للمقاوالتية والتنمية (‪ (GEDI, 2017) (GEI‬والذي يضم جمموعة من‬
‫العوامل تشمل ‪ 14‬دعامة للمقاوالتية حمسوبة عن طريق ترجيح بني املسامهة الفردية للمقاول ومسامهة بيئة العمل‬
‫ابإلضافة عوامل أخرى‪ ،‬كمدى توفر رأس املال ونوعية اليد العاملة إىل توفر التكنولوجيا‪ ،‬وأقصى عالمة للمؤشر هي‬
‫‪ ،100‬احتلت اجلزائر الرتبة ‪ 73‬من أصل ‪ 137‬دولة مشلتها الدراسة‪ ،‬ويف املرتبة الـ ‪ 11‬يف منطقة الـ‪،MENA‬‬
‫وبعالمة ضعيفة مساوية لـ ‪ 24,7‬من أصل ‪ 100‬نقطة‪ ،‬إذ أن هذه العالمة جتعلها أقرب من دول ذيل الرتتيب يف‬
‫مدى مالءة مناخ األعمال ملمارسة املقاوالتية‪ .‬وحىت ابلنسبة للدول العربية فاجلزائر يف مرتبة متأخرة مقارنة بدول‬
‫اخلليج‪ ،‬كاإلمارات العربية وقطر اليت قاربت عالمتها الـ ‪ 60‬نقطة‪ ،‬أو ابقي دول اخلليج ابإلضافة إىل تونس اليت مل‬
‫تقل عالماهتا على الـ ‪ 40‬نقطة‪.‬‬
‫‪449‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫شكل رقم‪ :9‬شبكة أعمدة مؤشر ‪ GEI‬عن البيئة املقاوالتية يف اجلزائر‬

‫‪Country‬‬ ‫‪Algeria‬‬
‫‪Opportunity Perception‬‬ ‫‪0,34‬‬
‫‪Startup Skills‬‬ ‫‪0,28‬‬ ‫‪THE GEI index‬‬
‫‪Risk Acceptance‬‬ ‫‪0,39‬‬ ‫‪Algeria‬‬ ‫‪World‬‬ ‫‪MENA‬‬
‫‪Networking‬‬ ‫‪0,51‬‬
‫…‪Opportunity‬‬
‫‪Cultural Support‬‬ ‫‪0,32‬‬
‫‪Risk Capital 0,8‬‬ ‫‪Startup Skills‬‬
‫‪Opportunity Startup‬‬ ‫‪0,17‬‬ ‫‪0,6‬‬
‫‪Internationalization‬‬ ‫‪Risk Acceptance‬‬
‫‪Technology Absorption‬‬ ‫‪0,25‬‬ ‫‪0,4‬‬

‫‪Human Capital‬‬ ‫‪0,31‬‬ ‫‪High Growth‬‬ ‫‪0,2‬‬ ‫‪Networking‬‬


‫‪0‬‬
‫‪Competition‬‬ ‫‪0,16‬‬
‫‪Process Innovation‬‬ ‫‪Cultural Support‬‬
‫‪Product Innovation‬‬ ‫‪0,22‬‬
‫‪Process Innovation‬‬ ‫‪0,10‬‬ ‫‪Product Innovation‬‬ ‫…‪Opportunity‬‬
‫‪High Growth‬‬ ‫‪0,20‬‬ ‫‪Competition‬‬ ‫…‪Technology‬‬
‫‪Internationalization‬‬ ‫‪0,20‬‬ ‫‪Human Capital‬‬

‫‪Risk Capital‬‬ ‫‪0,31‬‬

‫‪Source: (GEDI, 2017, p. 11).‬‬


‫من الشكل السابق نالحظ أن أقوى النقاط اليت تدعم بيئة األعمال للمقاوالتية يف اجلزائر هي أوال الشبكات‪،‬‬
‫اليت تعادل مثيالهتا يف املنطقة‪ ،‬تليها بدرجة أقل حتمل املخاطر وإدراك الفرص‪ ،‬يف حني أن أضعف ما مييز املقاوالتية‬
‫هو ضعف عميلة االبتكار بعُشر النقطة‪ ،‬واملنافسة وفرص الشركات الناشئة‪.‬‬
‫إذ تبقى اجلزائر بعيدة عن املعدل العاملي هلذا املؤشر‪ ،‬وبعيدة كل البعد عن معدالت منطقة الـ‪ MENA‬اليت حلت‬
‫فيها يف املرتبة ‪ 12‬من أصل ‪ 15‬دولة تضمنها التقرير‪.‬‬
‫التقرير يشري أيضا إىل أن حتسني شروط املقاوالتية اليت تضمنها املؤشر واملذكورة سابقا بنسبة ‪ ،%10‬ستؤدي إىل‬
‫زايدة حمتملة يف الناتج احمللي اخلام مبا مقداره ‪ 98,75‬مليار دوالر‪(GEDI, 2017, p. 17).‬‬
‫ب‪ .‬مؤشر نسبة إمجايل النشاط املقاواليت حديث النشأة أو قيد اإلنشاء‬
‫حسب نسبة إمجايل النشاط املقاواليت حديث النشأة أوقيد اإلنشاء‪ ،‬فإن هذه النسبة يف اجلزائر أقل من املتوسط‬
‫العاملي ‪ ،%13,75‬هو النسبة املئوية لألفراد البالغني بني ‪ 18‬و‪ 64‬سنة‪ ،‬والذين هم يف مرحلة بدء نشاطهم املقاواليت‬
‫(مقاول انشيء)‪ ،‬أو املالك واملسريين لنشاط مقاواليت عمره أقل من ‪ 42‬شهر‪ .‬إذ مل تتعد يف سنة ‪ 2013‬نسبتهم‬
‫ُ‬
‫يف اجلزائر الـ‪ %5‬مقارنة بـ ‪ %40‬يف كل من نيجرياي وزامبيا‪ .‬والشكل التايل يوضح ذلك‪:‬‬
‫‪450‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫شكل رقم ‪ :10‬النشاط املقاواليت يف اجلزائر‬

‫‪Entrepreneurial Activity across the Globe :Persons per 100 Adults, 18–64 Years Old Engaged in‬‬
‫‪Entrepreneurial Activity‬‬
‫‪Source: (GEM, 2013, p. 33).‬‬
‫‪ .2.9‬بيئة االبتكار يف اجلزائر‪:‬‬
‫كما أشران سابقا فإن جناح املقاوالتية يتوقف بدرجة كبرية على االبتكار الذي يعترب ركيزة أساسية يف جناح‬
‫العمل املقاواليت‪ ،‬لكن وحسب مؤشر التنافسية العاملية ‪ GCI‬فإن الدول اإلفريقية ومنها اجلزائر‪ ،‬حصلت على نتائج‬
‫ضعيفة يف الدعامة ‪ (The 12thpillar( 12‬للمؤشر وهي االبتكار‪ ،‬فهذه الدول تذيلت الرتتيب فيما خيص‬
‫االنفاق على البحث والتطوير ابلنسبة للمؤسسات‪ ،‬ويف التعاون بني اجلامعات وقطاع الصناعة يف ميدان البحث‬
‫والتطوير‪ ،‬إضافة إىل نوعية البحوث العلمية ومؤسسات البحث العلمي‪ ،‬وهذا له أتثري مباشر على تطور القطاع اخلاص‬
‫وعلى تنافسية اقتصادايت هذه الدول‪ ،‬وما يالحظ ان اجلزائر دون املتوسط اإلفريقي بل هي ضمن أسوأ الدول‬
‫االفريقية فيما خيص األنشطة الداعمة لالبتكار كما يوضحه الشكل التايل‪:‬‬
‫شكل رقم ‪:11‬عوامل االبتكار يف اجلزائر مقارنة ابلدول االفريقية‬

‫‪Source : (Banque Africaine de Développement , 2011, p. 143).‬‬


‫‪451‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫على الرغم مما حققته اجلزائر من اجنازات على مستوى البناء االقتصادي واالجتماعي إال أنه وعلى مستوى‬
‫األعمال الزالت العديد من النقائص حتتاج إىل عمل كبري لتحقيق قفزة تنموية مستدامة ابلفعل‪ ،‬وهذا راجع لعدة‬
‫أسباب أمهها البريوقراطية‪ ،‬واليت أصبحت عائقا كبريا أمام خلق املؤسسات واملقاولة عموما‪.‬‬
‫فتحقيق للديوان الوطين لإلحصائيات مع أكثر من‪ 934 250‬مؤسسة )‪ (ONS, 2012, p. 11‬مبختلف‬
‫أحجامها وأشكاهلا القانونية‪ ،‬واليت يتوزع قطاع نشاطها كما يلي‪:‬‬
‫جدول رقم ‪ :3‬توزيع املؤسسات حسب قطاع النشاط‬
‫عدد الوحدات‬ ‫قطاع النشاط‬
‫‪95445‬‬ ‫الصناعة‬
‫‪9117‬‬ ‫البناء‬
‫‪511700‬‬ ‫التجارة‬
‫‪317988‬‬ ‫اخلدمات‬
‫‪934250‬‬ ‫اجملموع‬
‫‪Source : (ONS, 2012, p. 11).‬‬
‫أشار التحقيق إىل أن‪(ONS, 2012, pp. 25-26) :‬‬
‫‪ %43,9 -‬من رؤساء املؤسسات املستجوبني إىل أن امللف اإلداري املتعلقب إنشاء املؤسسة معقد ومبالغ فيه؛‬
‫‪ -‬وفيما خيص آجال املدة اليت تستغرقها عملية إنشاء املؤسسة‪ ،‬اعتربها أكثر من‪ %40‬من رؤساء املؤسسات‬
‫طويلة؛‬
‫‪ -‬أما الضرائب فاعتربها ‪ %66‬من املستجوبني عائقا‪ )%66,6( ،‬للقطاع اخلاص وحسب القطاعات فـ‪%68,9‬‬
‫من أصحاب املؤسسات النشطة يف قطاع التجارة و‪ %65,1‬يف قطاع الصناعة ‪ %63,7‬يف قطاع اخلدمات يرون‬
‫أن الضرائب مازالت تشكل عائقا للمؤسسات‪.‬‬
‫‪ .3.9‬الشباب اجلزائري والوظيفة يف القطاع العام‪:‬‬
‫النسبة األكرب من الشباب اجلزائري ومن خرجيي اجلامعات تبحث عن وظيفي يف القطاع العمومي‪ ،‬ما يفسر أن‬
‫جزء كبري من هذه الفئة تعترب أنه من األنسب احلصول على وظيفة أكثر ثباات حتت سقف محائي لقطاع الوظيفة‬
‫العمومية‪ ،‬وابلتايل ليس مفاجئا أن تستمر الوظيفة العمومية يف كوهنا اهلدف األول خلرجيي اجلامعات ومراكز التكوين‬
‫مبختلف أشكاهلا‪ ،‬عوض عن التوجه حنو املقاوالتية وإنشاء مؤسسات خالقة للثروة ومناصب للشغل‪ .‬ويف احلقيقة ال‬
‫ميكن حتقيق منو دون ابتكار‪ ،‬وال ابتكار دون األخذ بزمام املبادرة واملخاطرة‪.‬‬
‫‪452‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫إن مشاركة الشباب اجلزائري يف عملية خلق املؤسسات هو عامل حاسم للنجاح‪ ،‬فتكرار ذريعة قلة اخلربة هلذه الفئة‬
‫وحمدودية قدراهتا ابتت موضع شك‪ ،‬خاصة وأننا يف اقتصادايت تقودها األفكار واالبتكارات‪ ،‬وهذا ما أظهرته بعض‬
‫النجاحات الكبرية يف جمال التكنولوجيات اجلديدة اليت أجنزها شباب يف مقتبل العمر‪.‬‬
‫جدول رقم‪ :4‬متوسط أعمار املنشئني ألجنح ال ـ‪:Start-ups‬‬
‫‪Microsoft Apple Virgin Google Facebook Youtube‬‬
‫‪1975‬‬ ‫‪1976‬‬ ‫‪1970‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫اتريخ االنشاء‬
‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪26‬‬ ‫متوسط أعمار املؤسسني‬

‫‪Source : (Institut de la Montaigne, 2011, p. 53).‬‬


‫وابلتايل إذا كان من الواجب تعليم وأبي وسيلة متاحة وممكنة كيف يكونون أكثر مبادرة‪ ،‬فاالبتكار واملقاوالتية‬
‫جيب تشجيعهما منذ سنوات التعليم األوىل‪ .‬ففي تقريره "تكييف تكوين مهندسينا مع العوملة" ‪(Bordier,‬‬
‫)‪ ،Kirchner, & Nussbaumer, Février 2011‬دعا معهد ‪ La Montaigne‬الفرنسي إىل خلق بيئة‬
‫عمل حقيقية لتعزيز التطبيقات االبتكارية على مستوى معاهد تكوين املهندسني‪ ،‬حيث فقط القليل من املهندسني‬
‫يصبحون مقاولني‪.‬‬
‫ميكن عرض ثالث عوامل لشرح أتخران فيما خيص املقاوالتية‪ ،‬يضيف التقرير‪ ،‬واليت ميكن إسقاطها على‬
‫الواقع اجلزائري‪:‬‬
‫‪ -‬طبيعة التكوين الذي يقدم للطلبة مسار حنو املؤسسات الكبرية دون املقاوالتية‪ ،‬اليت ينظر إليها يف كثري من األحيان‬
‫كمسار حمفوف ابملخاطر وغري حممود العواقب‪.‬‬
‫‪ -‬االبتكار عن طريق املقاوالتية هي اجتماعيا أقل تقديرا يف فرنسا منها يف الدول األخرى‪ ،‬فاملقاولون قلما يكونون‬
‫يف اتصال مع الطلبة‪ ،‬وعلى العكس يف بريطانيا ‪ %40‬من شركات التكنولوجيا احليوية )‪(Biotechnologies‬‬
‫املسعرة يف بورصة لندن انبثقت من جامعة كامربدج‪ ،‬حيث يتم تكون النخبة اإلدارية والسياسية واملقاوالتية يف البالد‪.‬‬
‫)‪(Boris & Vaissié, Janvier 2006‬‬
‫‪ -‬القيود اإلدارية‪ ،‬الثقافية أو املالية تبدأ مع تطبيق ووضع األفكار قيد التنفيذ‪ ،‬وبيئة تتميز بكره كبري للمخاطرة‪ ،‬وهو‬
‫ما يظهره مقدار ما يستثمر يف رأس املال املخاطر يف االستثمار الفرنسي‪.‬‬
‫‪453‬‬ ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ ‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‪ ،‬العدد ‪)3‬‬

‫اخلامتة‪:‬‬
‫إن فتح وتوسيع آفاق الشباب حنو العمل املقاواليت‪ ،‬ونشر ثقافة املقاوالتية عن طريق برامج التدريب والتعليم هو‬
‫أول خطوة يف الطريق الصحيح‪ ،‬ومن مث الرتكيز على السياسات والربامج اليت تضم مجيع اإلدارات احلكومية والسلطات‬
‫احمللية اليت ينبغي أن تكون منسقة فيما بينها لتسهيل وتبسيط إجراءات إنشاء املؤسسات‪ ،‬ومرافقة الشباب عن طريق‬
‫الدعم املايل املناسب هلذه الفئة وهذا النوع من النشاط‪ ،‬وكذا خدمات التوجيه بتوفري املعلومات الكافية ملواصلة جتسيد‬
‫أفكاره‪ ،‬وهو ما جيب أن تقوم به حاضنات األعمال اليت ينبغي أن تكفل توفري مناخ عمل مالئم لصناعة األفكار‬
‫وإطالق مشاريع الشباب املقاول‪.‬‬
‫وكما الحظنا فإن املقاوالتية واالبتكار مفهومان مرتابطان‪ ،‬إذ يعترب عنصر االبتكار عامل مهم يف جناح واستمرارية‬
‫هذه املشاريع‪ .‬وابلتايل فإن تدخل السلطات لتحسني التعليم على كل املستوايت أمر حتمي‪ ،‬يف حال ما أرادت‬
‫تشجيع االبتكار‪.‬‬
‫وعلى الرغم مما حققته اجلزائر من اجنازات على مستوى البناء االقتصادي واالجتماعي إال أنه وعلى مستوى‬
‫األعمال الزالت العديد من النقائص حتتاج إىل عمل كبري لتحقيق قفزة تنموية مستدامة ابلفعل‪ ،‬وهذا راجع لعدة‬
‫أسباب أمهها البريوقراطية‪ ،‬واليت أصبحت عائقا كبريا أمام خلق املؤسسات واملقاولة عموما‪.‬‬
‫لذا جيب توفري بيئة عمل تسمح للمقاولني الشباب ابلوصول إىل املعلومة املرتبطة ابلسوق‪ ،‬وتسهيل شبكة العالقات‬
‫مع مؤسسات القطاع الرمسي من أجل تطوير معرفتها وقدرهتا على االبداع وابلتايل زايدة مستوى تنافسيتها‪ .‬كما ميكن‬
‫اقرتاح التوصيات التالية‪:‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫‪ -‬إجبارية الرتبصات يف املؤسسات الصغرية واملتوسطة من طرف طلبة اجلامعات وتشجيع التفاعل بني الفاعلني يف‬
‫قطاع املقاوالتية والطلبة‪.‬‬
‫‪ -‬من املهم جدا تعزيز حضور املقاوالتية يف اجملتمع ومسامهتها يف نشر قيم املؤسسة عن طريق االحتكاك املتكرر بني‬
‫مناذج انجحة ملقاولني مبتكرين‪ ،‬وفئة الشباب لضمان نقل املعارف والتجارب‪.‬‬
‫‪ -‬استقبال وتشجيع املقاولني من أبناء اجلالية اجلزائرية يف املهجر على توطني جزء من مشروعاهتم ونقل معارفهم‬
‫وخرباهتم اليت اكتسبوها يف األسواق األجنبية ليستفيد منها االقتصاد الوطين‪.‬‬
‫‪ -‬تسهيل التواصل وتوفري املعلومة عرب مواقع االنرتنيت وخمتلف وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬بني اإلدارة والشباب‪،‬‬
‫لتوضيح اإلجراءات القانونية والتنظيمية إلنشاء مؤسسة صغرية‪ ،‬وخمتلف آليات الدعم اليت تقدمها‪.‬‬
‫‪ -‬النتائج أظهرت أن برامج التأهيل هلا األمهية األكرب يف تشكيل مناخ األعمال للطلبة‪ ،‬كما أن وجود مناذج انجحة‬
‫هلا دور هام يف وضع تصور أفضل عن مناخ األعمال ابلنسبة للطلبة‪(Geissler, Jahn, & Haefiner, 2010, .‬‬
‫)‪p. 26‬‬
454 ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ )3 ‫ العدد‬،‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‬

‫ فهذه اجلامعات‬،‫ وال ميكن النجاح فيه إال جبامعات وحبوث مقاوالتية‬،‫ اقتصاد املستقبل هو اقتصاد االبتكار واملعرفة‬-
.‫ومراكز البحث مدعوة إىل وضع خمتلف إمكانياهتا ونشاطاهتا ووسائلها مبا خيدم هذا التوجه‬

:‫املراجع املستعملة‬
- Bank, W. (2011). Make a difference for entrepreneurs, doing businss.
Washington.
- Banque Africaine de Développement . (2011). Rapport sur le développement en
Afrique, le secteur privé en tant que moteur du développement économique en
afrique. Récupéré sur
https://www.afdb.org/fileadmin/uploads/afdb/Documents/Publications/Rapport%20
sur%20le%20d%C3%A9veloppement%20en%20Afrique%202011.pdf
- Bordier, R., Kirchner, A., & Nussbaumer, J. (Février 2011). Adapter la formation
de nos ingénieurs à la mondialisation. Institut Montaigne.
- Boris, P., & Vaissié, A. (Janvier 2006). L'université et la recherche: Moteurs de
la création d'entreprises. Cercle d'outre-manche.
- Darren, L., & Lashely, C. (2009). Entrepreneurship ans Small Business
Management in the Hospitality industry. USA: Elsevier Ltd.
- EMN. (Novembre 2012). Study for Youth Entrepreneurship. Retrieved from
https://www.european-
microfinance.org/sites/default/files/document/file/EMN%20Study%20for%20Yout
h%20entrep%20FINAL.pdf
- Fayolle, A. (2012). Entrepreneuriat, Apprendre à entreprendre (2 ed.). paris:
Dunod.
- GEDI. (2017). The Global Entrepreneurship Index. Washington, USA.
- Geiss, & Vrinat. (2006, Avril). Université, recherche : une fondation européenne
pour rattraper le retard. (I. Montaigne, Éd.) Récupéré sur
http://www.institutmontaigne.org/res/files/publications/universite%2C_recherche_
une_fondation.pdf
- Geissler, M., Jahn, S. e., & Haefiner, P. (2010). The entrepreneurial climate at
universities: The impact of organizational factors, the theory and practice of
Entrepreneurship. UK: Edward Elgar Publishing Limited.
- GEM. (2013). Global Report Monitor, Global Report. Retrieved from
http://www.gemconsortium.org/report/48772
- Hatten, T. S. (2012). Small business management entrepreneurship and beyond
(5 ed.). USA.
- Institut de la Montaigne. (2011, Juin). Rapport: De la naissance à la croissance:
Comment développer nos PME. Récupéré sur
http://www.institutmontaigne.org/fr/publications/de-la-naissance-la-croissance-
comment-developper-nos-pme-0
455 ‫شليحي الطاهر وساملي محزة‬ )3 ‫ العدد‬،‫جملة البشائر االقتصادية (اجمللد الرابع‬

- Jakubczak, J. (2015, may 27-29). Youth entrepreneurship barriers and role of


education in their overcoming-pilot study. the joint international conference of the
technology innovation and industrial managment (TIIM) and the management,
knowledge and learning (Make Learn): Managing intellectual capital & Innovation
for sustainable and Inclusive society, 1777. Bari Italy.
- Landstrom, H. (2005). Pioneers in Entrepreneurship and small business research.
USA: Springer.
- ONS. (2012). Premier Recensement Economique 2011. Alger: Collections
Statistiques.
- Pauceanu, A. M. (2016). Entrepreneurship in the gulf cooperation council:
Guidelins for starting and manaing businesses. UK: Elsevier Inc.
- Scarborough, N. M., & Cornwall, J. R. (2016). Essentials of Entrepreneurship
ans small business management (8th ed.). Pearson education limited.
- Schoof, U. (2006). Stimulating Youth Entrepreneurship: Barriers and incentives
to enterprise start-ups by young people. Retrieved Mars 2018, from International
Labour Office: http://www.ilo.org/public/libdoc/ilo/2006/106B09_94_engl.pdf
- Storey, D. J. (2009). Entrepreneurship and Small Business Development in Post-
Socialist Economics, Routledge. UK.
- Surlemont, B. (2017). Former pour entreprendre? réflexions sur l'approche
pédagogique en matière d'entrepreneuriat. Récupéré sur
www.cidegef.refer.org/activites/remises/liege/pdf/Bernard_SURLEMONT.pdf
- UNCTAD. (2015). The Policy Guide on Youth Entrepreneurship.

You might also like