You are on page 1of 13

‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬

‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬


‫موازنة البرامج والأداء كمدخل لترشيد النفقات العامة في الجزائر‬
‫د‪.‬مغني نادية‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬مليكة حفيظ شبايكي‬
‫جامعة الجزائر‪3‬‬

‫ملخص‪:‬‬
‫منذ عدة سنوات‪ ،‬واحلكومات تعمل على تغيري مقاربتها يف التسيري املوازانيت وإصالح أطرها املتعلقة‬
‫ابلتسيري العمومي لتوجيهه حنو حتقيق النتائج والبحث عن الكفاءة‪.‬‬
‫إن ترشيد سياسة االنفاق العام ابتباع منوذج التسيري املوازانيت املرتكز على الفعالية والنتائج (موازنة الربامج واألداء) يعترب خطوة‬
‫مهمة حنو ختصيص أمثل للموارد من أجل حتقيق أهداف السياسة االقتصادية واالجتماعية املرغوب فيها يف ظل شح مصادر‬
‫التمويل واخنفاض عائدات النفط يف اجلزائر‪.‬‬
‫الكلمات املفتاحية‪ :‬ترشيد النفقات العمومية‪ ،‬موازنة الربامج واألداء‪ ،‬موازنة البنود‪ ،‬عصرنة النظام املوازانيت يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪Resume :‬‬

‫‪Depuis plusieurs années, les gouvernements s’emploient à changer leur ap-‬‬


‫‪proche de gestion budgétaire et à réformer leur cadre de gestion publique pour‬‬
‫‪l’orienter vers les résultats et la recherche de l’efficacité.‬‬
‫‪La rationalisation de la politique de dépenses publique suivant la gestion bud-‬‬
‫‪gétaire axée sur la performance et les résultats est considérée comme une étape impor-‬‬
‫‪tante vers une allocation optimale des ressources pour réaliser les objectifs de la poli-‬‬
‫‪tique économique et sociale désirées, vu la rareté des ressources de financement et la‬‬
‫‪chute des revenus pétroliers en Algérie .‬‬
‫‪Les mots clés : Rationalisation des dépenses publiques, Budget de pro-‬‬
‫‪grammes, Budget de moyens, Modernisation du système budgétaire en Algérie.‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫إن التزايد املستمر‪ ،‬وأحياان الالمربر‪ ،1‬للنفقات العامة يف اجلزائر أصبح يستدعي الوقوف ابلدراسة‬
‫والتحليل ملدى جناعة األساليب واألطر املوازانتية املنتهجة يف تسيري املال العام‪ ،‬السيما يف ظل األوضاع احلالية‬
‫اليت حيكمها انكماش املداخيل الوطنية وعدم مرونة إيرادات املوازنة العامة حتت ضغط تراجع حجم انتاج‬

‫كشف قانون تسوية امليزانية للسنة املالية ‪ 2013‬املزمع مناقشته أمام نواب اجمللس الشعيب الوطين يف ديسمرب ‪ 2015‬أن أكثر من‬ ‫‪1‬‬

‫‪ 179,2‬مليار دينار من االعتمادات املخصصة مليزانية التسيري مل تستهلك‪ ،‬أي هناك فائض يف ختصيص االعتمادات مبا يعادل نسبة‬
‫‪ % 30‬يف املتوسط من احتياجات خمتلف القطاعات‪ ،‬هذه الظاهرة تتكرر يف كل سنة مالية‪( .‬مقال صادر عن جريدة اخلرب يف ‪28‬‬
‫أكتوبر ‪.)2015‬‬

‫‪399‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫احملروقات واهنيار سعر النفط اجلزائري يف اجتاه ‪ 50‬دوالر‪ 1‬أو أقل للربميل ومواصلة تسجيل العجز يف رصيد‬
‫اخلزينة اإلمجايل‪ ، 2‬وأمام هذا الضغط الداخلي وتوصيات املؤسسات العاملية املختصة وعلى رأسها البنك العاملي‬
‫وصندوق النقد الدويل واملنظمة العاملية لألجهزة العليا للرقابة املالية واحملاسبة "األنتوساي" أصبح من الضروري‬
‫وامللح أن تقوم السلطات العليا اجلزائرية ابلتفكري جداي واختاذ القرارات والتدابري املناسبة لوضع مشروع إصالح‬
‫النظام املوازانيت اجلزائري حيز التنفيذ‪ ،‬ابتداء بتهيئة األرضية املالئمة لذلك وترسيخ تعديالت جذرية على مفهوم‬
‫"الغاية" من النفقات العامة‪ ،‬وإعادة مراجعة مراحل املسار املوازانيت‪ ،‬وطبيعة مهام أعوان التنفيذ وحدود‬
‫صالحياهتم‪ ،‬وكذا ضبط مفهوم املراقبة والغاية منها‪ ،‬وهذا مبا يكفل االرتقاء ابنشغاالت أعوان التنفيذ والرقابة‬
‫وجهودهم املنصبة حول ضمان "شرعية النفقة" إىل مستوى أعلى وأكثر نضجا تنصب اجلهود واالهتمام فيه‬
‫على ضمان مدى فعالية "أداء النفقة" ومسامهتها يف بلوغ األهداف والنتائج املنتظرة من صرفها‪.‬كما ينبغي‬
‫العمل على إضفاء املزيد من الشفافية يف جمال تسيري األموال العامة سعيا لتحقيق الرشادة يف استغالل املوارد‬
‫العامة املتاحة‪.‬‬
‫إن األسلوب التقليدي يف إعداد املوازانت العامة واملعروف أبسلوب موازنة البنود (وهو األسلوب الذي تتبناه‬
‫اجلزائر حاليا) ميتاز ابجلمود‪ ،‬ويؤدي إىل عدم دقة التقديرات وعدم مشول التخطيط املايل احلكومي جلميع املوارد‬
‫احلكومية‪ ،‬وعدم دقة التنفيذ‪ ،‬وعدم ربط التنفيذ مع األهداف أو مع النتائج املرجوة‪ ،‬وعدم وجود أساليب رقابة‬
‫فعالة تتعدى الرقابة احلسابية والشكلية‪ ،‬مجيع هذه األسباب أدت إىل البحث عن وسائل أكثر جدوى وأكثر‬
‫منفعة‪ ،‬من شأهنا ترشيد قرار ختصيص األموال العامة‪ ،‬وقرار تنفيذ الربامج احلكومية‪.‬‬
‫"لقد سعت دول عديدة يف العامل إىل تطوير أسلوب إعداد املوازنة العامة فيها‪ ،‬واستفادت من تقدم العلوم‬
‫املختلفة يف جماالت اإلدارة واإلحصاء وحبوث العمليات والتحليل املايل وغريها‪ ،‬وقد رسخت فكرة أن أسلوب‬
‫موازنة الربامج واألداء هو أفضل منوذج أو أسلوب بديل ميكن تطبيقه لتحقيق قرارات مالية حكومية رشيدة سواء‬
‫كان ذلك يف الدول‪ 3‬املتقدمة أو الدول النامية" (امساعيل حسني‪ ،2004 ،‬ص‪.)6‬‬
‫فإىل أي مدى ميكن ألسلوب موازنة الربامج واألداء أن يساهم يف ترشيد النفقات العامة يف اجلزائر؟‬

‫‪1‬‬
‫حسب التقرير الصادر عن منظمة الدول املصدرة للنفط "أوبيك" بتاريخ ‪ 15‬مارس ‪ 2015‬والذي محل عنوان "تقييم االقتصاد‬
‫العاملي" فإن متوسط سعر النفط اجلزائري بلغ ‪ 47,1‬دوالر للربميل يف جانفي ‪ ،2015‬و ‪ 52,92‬دوالر إىل غاية هناية فيفري‬
‫‪ 2015‬مقابل ‪ 110,22‬دوالر يف نفس الفرتة من ‪ 2014‬مما يعين أن السعر قد اهنار إىل النصف مقارنة بسنة ‪.2014‬‬
‫‪ 2‬استنادا إىل بيان رائسة جملس الوزراء الصادر بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر ‪ 2015‬فإنه من املنتظر أن يواصل رصيد اخلزينة اإلمجايل تسجيل‬
‫عجز بقيمة ‪ 2452‬مليار دينار (أي ما يقارب ‪ 30,65‬مليار دوالر) إىل هناية ‪.2016‬‬
‫‪3‬‬
‫حاليا‪ ،‬عدة دول يف العامل تعتمد أسلوب موازنة الربامج واألداء‪ ،‬من بينها على سبيل املثال ال احلصر‪ :‬اسرتاليا‪ ،‬نيوزيلندا‪ ،‬سنغافورة‪،‬‬
‫ماليزاي‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬فرنسا‪ ،‬الوالايت املتحدة األمريكية‪ ،‬كندا‪ ،‬األردن‪ ...‬وغريها‪.‬‬

‫‪400‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫يف سبيل اإلجابة على هذا السؤال‪ ،‬ارأتينا معاجلة العناصر التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬أوجه قصور نظام املوازنة العامة يف اجلزائر؛‬
‫‪ ‬دوافع ومتطلبات ترشيد النفقات العامة يف اجلزائر؛‬
‫‪ ‬مفهوم موازنة الربامج واألداء؛‬
‫‪ ‬البيئة اليت يتطلبها أسلوب موازنة الربامج واألداء؛‬
‫‪ ‬التسيري املوازانيت املتمحور على النتائج واألداء؛‬
‫‪ ‬ركائز جتسيد اإلصالح املوازانيت يف اجلزائر‪.‬‬
‫‪ -1‬أوجه قصور نظام املوازنة العامة يف اجلزائر‪:‬‬
‫إن نظام احملاسبة العمومية اجلزائري‪ 1‬الذي يعتمد على أسلوب موازنة البنود يف اعداد املوازنة العامة للدولة يعاين‬
‫من نقص شديد من انحية إنتاج وتوفري البياانت واملعلومات الضرورية اليت ميكن أن تساعد اإلدارة العامة يف‬
‫مباشرة مهام التخطيط والرقابة واختاذ القرار بكفاءة عالية وبناءا على معطيات تعكس الواقع‪.‬‬
‫فنتائج العمليات املالية يف املؤسسة العمومية ذات الطابع االداري ال تتعدى التقارير الدورية أو السنوية‬
‫واحلساب اإلداري اليت يعدها اآلمر ابلصرف‪ ،‬واليت ال ختتلف عن التقارير الدورية وحساب التسيري اليت يعدها‬
‫احملاسب العمومي املكلف‪ ،‬دون أن تتضمن هذه التقارير واحلساابت حتليال للبياانت احملاسبية واملؤشرات ذات‬
‫األمهية اخلاصة يف حدود تطبيق اخلطة املالية املوضوعة واالحنرافات السلبية و‪/‬أو اإلجيابية واالقرتاحات اليت تراها‬
‫بشأهنا‪ .‬كما أن نتائج تنفيذ املوازنة العامة ال تظهر إال بعد سنوات مما مينع استناد القرار املايل على نتائج التنفيذ‬
‫السابقة (شبايكي سعدان‪ ،2007 ،‬ص‪.)39 ،38‬‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن اخلاصية الرئيسية ملوازنة البنود هي أن توضع اختيارات السياسة مبعزل عن واقع املوارد‪.‬‬
‫مبعىن أن السياسة غري مستدمية وأن أسلوب الصرف (االنفاق) ال يشكل انعكاسا لألولوايت اليت تسعى‬
‫احلكومة إىل حتقيقها‪ ،‬وبناء على ذلك فإن التكاليف املباشرة تكون متعلقة ببنود املوازنة وليس بنشاطات الربامج‬
‫(خلف عبد هللا الوردات‪ ،2009 ،‬ص‪.)274‬‬
‫إن املسار املوازانيت احلايل‪ ،‬ال يسمح ألغلبية املؤسسات املعنية ابحلصول على حصصها من امليزانية العامة للدولة‬
‫إال بعد انطالق السنة املالية بشهرين أو أكثر وهو ما يعطل تسيري شؤون املؤسسة وابلتايل تعطيل مصاحل‬
‫املتعاملني‪ ،‬وهو ما يؤثر سلبا على أداء املؤسسة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫يؤطر نظام احملاسبة العمومية يف اجلزائر مبقتضى أحكام القانون ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 07‬جويلية (يوليو) ‪ ،1984‬املتعلق بقوانني‬
‫املالية‪ ،‬املعدل واملتمم؛ والقانون ‪ 21-90‬املؤرخ يف ‪ 15‬أوت (غشت) ‪ ،1990‬املتعلق ابحملاسبة العمومية‪ ،‬املعدل واملتمم‪.‬‬

‫‪401‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬تعتمد اجلهات الوصية على نسبة استهالك االعتمادات املالية املخصصة للمؤسسة كأداة‬
‫لقياس أدائه ا‪ ،‬وهذا دون األخذ بعني االعتبار ما مت اجنازه من وراء انفاق تلك االعتمادات‪ ،‬هذا الوضع يعترب‬
‫كارثة حقيقية‪ ،‬ألنه يؤدي هبذه املؤسسات إىل التسابق على اإلنفاق من أجل اإلنفاق إلثبات حسن األداء‪،‬‬
‫وابلتايل فتح اجملال أمامها للمطالبة ابلزايدة يف االعتمادات املخصصة هلا يف السنة املالية القادمة‪( .‬األسود‬
‫الصادق‪ ،2011 ،‬ص‪.)207‬‬
‫إن االستهالك اجليد والعقالين والتدرجيي والفعال لالعتمادات يصطدم بثقل اجراءات تنفيذ امليزانية حبيث إن‬
‫عدم استهالك اعتماد فصل ما (للسنة ن) ال يعين ابلضرورة إلغاؤه أو االنتقاص منه يف السنة (ن‪ .)1+‬حبيث‬
‫ي عترب معيار استهالك االعتمادات معيارا إجيابيا بصفة جمردة وهذا يتناقض من األساس مع مبدأ العقالنية‬
‫والتقشف واالستخدام األمثل لالعتمادات‪.‬‬
‫كما أن مجود وثقل تقنيات احملاسبة العمومية ابإلضافة إىل ضيق أفق النصوص التنظيمية للقواعد العامة جيعل‬
‫املؤسسة العمومية االد ارية وذات الطابع غري الرحبي تعاين كثريا من عدم القدرة على التكيف مع معطيات احمليط‬
‫االقتصادي واملايل الذي يتطلب السرعة يف اختاذ القرار ويلفظ الروتني الرمسي اململ (شبايكي سعدان‪،2007 ،‬‬
‫ص‪.)41 ،40‬‬
‫‪ -2‬دوافع ومتطلبات ترشيد النفقات العامة يف اجلزائر‪:‬‬
‫استنادا إىل بيان جملس الوزراء املنعقد بتاريخ ‪ 24‬ماي ‪ 2010‬متت دراسة واملوافقة على برانمج االستثمارات‬
‫العمومية للفرتة املمتدة ما بني ‪ 2010‬و‪ 2014‬بغالف مايل قدر بـ ‪ 286‬مليار دوالر‪ ،‬يضاف إىل مبلغ‬
‫‪ 150‬مليار دوالر الذي مت ختصيصه لربانمج االستثمار اخلماسي الذي سبقه (أي للفرتة املمتدة ما بني ‪2004‬‬
‫و‪ ،)2009‬وخالل اجتماع جملس الوزراء الذي انعقد بتاريخ ‪ 6‬أكتوبر ‪ 2015‬كلف رئيس اجلمهورية احلكومة‬
‫ابستكمال مشروع الربانمج اخلماسي لالستثمارات العمومية ‪ 2015‬إىل ‪ 2019‬بغالف مايل حددت مسودته‬
‫يف حدود ‪ 262,4‬مليار دوالر قصد عرضه على جملس الوزراء قبل هناية السنة اجلارية‪.‬‬
‫إن النتائج احملققة من خالل خمتلف برامج االستثمار العمومية اليت مت إطالقها منذ بداية األلفية الثالثة يف اجلزائر‬
‫ال تعكس وال تتناسب أبدا مع ضخامة حجم األغلفة املالية املخصصة هلا‪ ،‬وال ترقى أبدا حلجم املوارد والطاقات‬
‫املادية والبشرية اليت تتمتع هبا اجلزائر‪ ،‬وجتدر اإلشارة هنا إىل ما جاء على لسان اخلبري االقتصادي الدويل بشري‬
‫مصيطفى يف حوار له صدر على صفحات جريدة اجلزائر بتاريخ ‪ 17‬سبتمرب ‪ ،2014‬حيث قال‪" :‬لدينا اليوم‬
‫‪ 60‬ألف بني عامل وخبري وابحث خارج الوطن‪ ،‬ولدينا أكثر من ‪ 260‬مليار دوالر كمخزون للعملة الصعبة‪،‬‬
‫ومنلك ‪ 173‬طن مؤكد من الذهب ما جيعلنا يف الرتبة األوىل إفريقيا‪ ،‬ومنلك ‪ 50‬مليون هكتار من األراضي‬
‫القابلة لالستغالل الفالحي‪ ،‬ومنلك أكثر من ألفي (‪ )2000‬ساعة مشس سنواي على الرتاب الوطين‪ ،‬ولدينا‬

‫‪402‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫قدرة نشطة تتجاوز ‪ %60‬من عدد السكان‪ .‬لو قاران هذه املعطيات املادية واملالية والبشرية مبؤشرات‬
‫مقابلة يف الدول الناشئة لتأكدان أبن اجلزائر يفرتض أبهنا دولة صاعدة منذ أكثر من عشر سنوات على‬
‫األقل"‪.‬‬
‫هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى فقد مت تسجيل جلوء احلكومة املستمر إىل نقل أجزاء معتربة من املشاريع املربجمة‬
‫يف املخططات ا خلماسية إىل سنوات مالية الحقة مما يدل على عجز احلكومة وعدم حتكمها ومتكنها من احرتام‬
‫آجال االجناز‪ ،‬هذا انهيك عن عمليات إعادة تقييم تكاليف املشاريع املتكررة واليت تصل أحياان إىل نسب تفوق‬
‫‪ %100‬من التكلفة األصلية للمشروع‪ ،‬فعلى سبيل املثال نذكر أبنه‪ ،‬من بني ‪ 286‬مليار دوالر اليت مت‬
‫رصدها يف إطار املخطط اخلماسي ‪ 2014-2010‬فإن ‪ 130‬مليار دوالر قد خصصت إلمتام اجناز املشاريع‬
‫اليت شرع يف تنفيذها يف إطار املخطط اخلماسي ‪( 2009-2004‬بيان اجتماع جملس الوزراء‪ 24 ،‬ماي‬
‫‪ .) 2010‬نفس املالحظة مت تسجيلها أيضا ابلنسبة إلعادة تقييم تكاليف جزء معترب من مشاريع اخلماسي‬
‫‪ 2014-2010‬وترحيلها إىل اخلماسي الالحق‪.‬‬
‫إن قفز تكاليف املخطط اخلماسي ‪ 2009-2004‬من ‪ 150‬مليار دوالر إىل ‪ 280‬مليار دوالر‪ ،‬أي بنسبة‬
‫تقارب ‪ ، %87‬ينعكس سلبا ودون أدىن شك على تنفيذ مشاريع املخطط اخلماسي ‪ ،2014-2010‬ويدل‬
‫على وجود تبا ين واضح بني التخطيط املوازانيت واألهداف املنتظر حتقيقها‪ ،‬كما يدل أيضا على التسرع يف‬
‫اطالق املشاريع دون أن تبلغ مستوى النضج املطلوب من حيث الدراسات األولية واألساسية جلدوى وتكاليف‬
‫تلك املشاريع‪ .‬إن ما سبق ذكره يؤكد عدم فعالية وسائل وآليات التنفيذ املعمول هبا يف إطار النظام املوازانيت‬
‫احلايل‪.‬‬
‫يف نفس السياق‪ ،‬وحسب ما ورد يف بيان اجمللس التنفيذي لصندوق النقد الدويل الصادر يف ‪ 11‬ديسمرب‬
‫‪ 2014‬مبناسبة اختتام مشاورات املادة الرابعة مع اجلزائر لعام ‪ ،2014‬فإن مستوى النمو يف اجلزائر بطيء وغري‬
‫شامل‪ ،‬وأن االستثمار العام يف تقر إىل الكفاءة‪ ،‬ومنو القطاع اخلاص تكبحه املعوقات النامجة عن مناخ األعمال‬
‫املثقل ابلقيود والقطاع املايل غري املتطور‪ ،‬كما أن النمو االقتصادي ال حيقق األثر املطلوب يف خلق فرص العمل‬
‫نظرا ألوجه اجلمود يف سوق العمل وعدم مالءمة املهارات املتوفرة مع احتياجات السوق‪ .1‬وأشار املديرون‬

‫‪ 1‬لقد أكد السيد شعالل حممد الطاهر املدير العام للوكالة الوطنية للتشغيل يف احملاضرة اليت ألقاها بتاريخ ‪ 21‬أكتوبر ‪ 2015‬جبامعة‬
‫اجلزائر ‪ 3‬حتت عنوان "آليات ترقية التشغيل يف اجلزائر" حقيقة وجود فجوة كبرية بني احتياجات سوق العمل واملهارات املتوفرة‪ ،‬وذكر‬
‫يف هذا الشأن أن هناك عدد من عروض العمل املقدمة من بعض الشركات اخلاصة مل يتم تلبيتها (إىل غاية اتريخ إلقائه احملاضرة املشار‬
‫إليها) بسبب عدم توفر املهارات الالزمة يف املتقدمني لشغل الوظائف‪ ،‬وهذا ابلرغم من العدد اهلائل من طلبات العمل اليت استقبلتها‬
‫الوكالة من ‪ 1‬جانفي إىل ‪ 30‬سبتمرب ‪ 2015‬واليت بلغت ‪ 974 992‬طلب عمل‪ ،‬يف حني بلغ عدد التنصيبات يف القطاع‬

‫‪403‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫التنفيذيون للصندوق إىل تزايد مواطن الضعف على خلفية تراجع أسعار النفط‪ ،‬من جراء التدهور يف حساابت‬
‫املالية العامة واحلساابت اجلارية واخنفاض وفرات املالية العامة واحتياطات النقد األجنيب‪ ،‬ودعوا إىل اختاذ اجراء‬
‫عاجل للحفاظ على استقرار االقتصاد الكلي تكمله اصالحات واسعة النطاق لتنويع االقتصاد وتشجيع‬
‫النمو الشامل جلميع شرائح السكان وخلق فرص العمل‪.‬‬
‫كما أكدت كريستني الغارد‪ ،‬املدير العام لصندوق النقد الدويل‪ ،‬يف تقرير هلا مت نشره على املوقع الرمسي‬
‫للصندوق يف مارس ‪ ،2013‬عقب زايرة قادهتا للجزائر‪ ،‬على أنه ال ينبغي االستهانة هبدف االستقرار‬
‫االقتصادي املستدام‪ ،‬وأن درجة اعتماد اجلزائر على قطاع النفط تكاد تكون منقطعة النظري‪ ،‬فقطاع النفط‬
‫(حسب ما ورد يف تقرير املديرة العامة للصندوق) ميثل حوايل ‪ %40‬من جمموع امجايل الناتج احمللي يف اجلزائر‪،‬‬
‫و‪ %98‬من صادراهتا وحنو ثلثي إيرادات موازنتها العامة‪ ،‬لكن هذا القطاع ال يوفر فرص عمل إال لنسبة ‪%2‬‬
‫تقريبا من القوى العاملة‪ ،‬وال ميكن هلذا الوضع أن يكون أساسا دائما لتوفري فرص العمل أو رفع مستوايت‬
‫املعيشة للسكان بشكل عام‪ ،‬ومن مث (حسب نفس املتحدثة دائما) فإن القضية األساسية هي إجياد أفضل‬
‫السبل الستخدام ما لدى اجلزائر من موارد طبيعية وفرية يف اطالق شرارة النمو الدائم والشامل الذي يوفر‬
‫فرص عمل جيدة لكل اجلزائريني‪.‬‬
‫‪ -3‬مفهوم موازنة الربامج واألداء‪:‬‬
‫هناك تعاريف متعددة ملوازنة الربامج واألداء‪ ،‬نذكر منها ما يلي‪:‬‬
‫"هي نظام إداري الختاذ القرارا ت‪ ،‬يربط التخطيط االسرتاتيجي البعيد املدى ابملوازنة‪ ،‬ويركز على التحليل‪ ،‬لكي‬
‫تستطيع املنظمات توزيع اإلمكانيات املتوفرة لديها بفعالية‪ ،‬لتحقيق أهدافها القريبة والبعيدة املدى"‪( .‬حممد‬
‫شاكر عصفور‪ ،2014 ،‬ص‪)216‬‬
‫وتعرف أيضا على أهنا "نظام إداري‪ ،‬يهدف إىل توفري املعلومات والبياانت الضرورية ملتخذي القرار‪ ،‬ملساعدهتم‬
‫على اختاذ القرارات املناسبة‪ ،‬واليت تسعى إىل حتقيق اهلدف األساسي وهو استخدام املوارد االقتصادية بكفاءة‬
‫وفعالية إلشباع أكرب قدر ممكن من حاجات املواطنني" (حممد شاكر عصفور‪ ،2014 ،‬ص‪)216‬‬
‫ويعرف "الربانمج" على أنه خل يط أو مزيج من النشاطات احلكومية والذي ينتج عنه انتج ملحوظ قابل للتمييز‬
‫والوصف‪ .‬وبذلك فإن موازنة الربامج واألداء هي عبارة عن نظام إدارة النفقات احلكومية من خالل حماولة‬
‫املقارنة بني مقرتحات الربامج لكل الوكاالت واهليئات احلكومية املخولة بتنفيذ األهداف املماثلة‪( .‬غازي عبد‬
‫الرزاق النقاش‪ ،2010 ،‬ص‪)122‬‬

‫االقتصادي لنفس الفرتة ‪ 513 280‬تنصيب‪ ،‬أي بعجز قدره ‪ 461 712‬طلب غري ملىب أي ما يقارب نسبة ‪ %72‬من جمموع‬
‫الطلبات املقدمة لنفس الفرتة‪.‬‬

‫‪404‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫هتدف موازنة الربامج واألداء إىل الربط بني االعتمادات وبني حتقيق األهداف املخططة‪ ،‬كما أهنا تعترب وسيلة‬
‫الختاذ القرارات اليت تتعلق ابملفاضلة بني الربامج البديلة واملتنافسة لتحقيق أهداف معينة‪ .‬وهكذا تعطي لوظيفة‬
‫التخطيط األولوية على كل من وظيفة الرقابة على الصرف أو إدارة النشاط احلكومي من خالل الربامج‪ .‬وبذلك‬
‫فهي جتمع بني األبعاد الثالثة للموازنة (ختطيط‪ ،‬تنفيذ‪ ،‬رقابة) (ديوان احملاسبة للجمهورية اللبنانية ابلتعاون مع‬
‫األرابوساي‪ ،‬لقاء تدرييب‪.)2009 ،‬‬
‫‪ -4‬البيئة اليت يتطلبها أسلوب موازنة الربامج واألداء‪:‬‬
‫يتطلب أسلوب موازنة الربامج واألداء توفر البيئة اخلاصة به‪ ،‬وسوف نركز يف وضع هذا اإلطار على البيئة اليت‬
‫يتطلبها تطبيق األسلوب على مستوى احلكومة ككل‪ ،‬والبيئة اليت يتطلبها على مستوى الوحدات (األجهزة)‬
‫احلكومية‪.‬‬
‫‪ 1-4‬البيئة على مستوى احلكومة ككل‪ :‬ضمن دراسة صدرت عن صندوق النقد الدويل حول موضوع‬
‫الشفافية واملساءلة واملخاطر املتعلقة ابملالية العامة‪ ،‬أجرى الصندوق مراجعة لوضع شفافية املالية العامة عرب عدد‬
‫من دول العامل‪ ،‬ورغم التقدم الكبري احملرز منذ أواخر التسعينات يف توسيع نطاق اإلبالغ ببياانت املالية العامة‬
‫وحتسني جودة هذه البياانت وزايدة درجة حداثتها‪ ،‬فقد خلصت املراجعة إىل وجود جوانب ضعف مستمرة يف‬
‫مدى تفهم احلكومات لطبيعة أوضاعها املالية األساسية‪ .‬ويرجع هذا القصور يف مستوايت الشفافية‪ ،‬إىل الثغرات‬
‫وأوجه عدم االتساق يف املعايري القائمة لإلبالغ ببياانت املالية العامة؛ والتأخر يف التزام البلدان بتلك املعايري‬
‫وتفاوت مستوايت التزامها‪.‬‬
‫وتظهر آاثر تلك االختالالت يف ممارسات مثل أطر سياسة املالية العامة وقواعد املالية العامة‪ ،‬أو ترتيبات‬
‫اإلدارة املالية العامة‪ ،‬أو إدارة إيرادات املوارد الطبيعية‪ ،‬أو تقييم خماطر املالية العامة واإلفصاح عنها‪ ،‬أو‬
‫ادخال الشركات العامة ضمن حساابت املالية العامة‪( .‬صندوق النقد الدويل‪)2014 ،‬‬
‫إن تبين أسلوب موازنة الربامج واألداء يتطلب من الدولة بذل املزيد من اجلهد ملعاجلة أوجه القصور املشار إليها‬
‫أعاله سعيا لتحقيق الرشادة يف التسيري‪ ،‬واليت تقوم أساسا على املبادئ الثالث‪ :‬املشاركة‪ ،‬الشفافية‪ ،‬واملساءلة‪،‬‬
‫وهذا بغية الوصول إىل بيئة سليمة وصحية‪ 1‬ميكنها احتضان مثل هذا األسلوب احلديث يف تسيري املوازانت‬
‫العامة‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫استنادا إىل دليل شفافية املالية العامة الصادر عن صندوق النقد الدويل‪ ،‬فإن املمارسات السليمة يف جمال شفافية املالية العامة‬
‫تقتضي من الدولة مراعاة‪:‬‬
‫وضوح األدوار واملسئوليات؛‬ ‫‪-‬‬
‫عالنية عمليات املوازنة؛‬ ‫‪-‬‬

‫‪405‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫‪ 2-4‬على مستوى الوحدة احلكومية‪ :‬تتطلب بيئة أسلوب موازنة الربامج واألداء من الوحدات (األجهزة)‬
‫احلكومية ما يلي‪( :‬إمساعيل حسني‪ ،2004 ،‬ص‪)9‬‬
‫‪ ‬فصل العمليات اليت يتوجب على الوحدات احلكومية القيام هبا عن تلك اليت خترج عن نطاق‬
‫صالحياهتا‪ ،‬ويكون هذا الفصل عن طريق حتديد أهداف الوحدة احلكومية‪ ،‬وابلتايل خيرج عن‬
‫نطاق عملياهتا كل ما ال يتفق مع أهدافها؛‬
‫‪ ‬تقسيم نشاط الوحدة إىل برامج‪ ،‬حبيث يسعى كل برانمج منها إىل حتقيق هدف أو أهداف جزئية‬
‫تتفق مع األهداف العليا هلا؛‬
‫‪ ‬تقسيم كل برانمج إىل برامج فرعية (أو مشاريع) ابعتبارها اآللية أو الوسيلة اليت تتحقق هبا األهداف‬
‫املسطرة؛‬
‫‪ ‬تقسيم كل برانمج فرعي إىل عدد من األنشطة أو وحدات األداء الدنيا اليت تعترب أصغر وحدات متثل‬
‫األداء أو التنفيذ يف كل برانمج فرعي؛‬
‫‪ ‬تقسيم كل نشاط إىل عناصر تكلفته‪ ،‬وتتضمن هذه العناصر بيان مفصل بتكاليف املوارد املالية‬
‫واملادية والبشرية الالزمة لكل نشاط‪.‬‬
‫‪ -5‬التسيري املوازانيت املتمحور على النتائج واألداء‪:‬‬
‫يعتمد التسيري املتمحور على النتائج‪ ،‬على مبدأ ختصيص موازنة لكل برانمج يهدف إىل حتقيق هدف حمدد‬
‫ودقيق‪ ،‬وقابل للقياس ابستعمال مؤشرات النجاعة‪ .‬ويرتكز التسيري املتمحور على النتائج على العناصر التالية‪:‬‬
‫الرؤية االسرتاتيجية‪ ،‬األهداف‪ ،‬النتائج املرجوة‪ ،‬ومؤشرات النجاعة واألداء‪( .‬أنظر الشكل رقم ‪)1‬‬

‫إاتحة املعلومة لإلطالع العام؛‬ ‫‪-‬‬


‫تقدمي ضماانت موضوعية‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪406‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬

‫الشكل رقم ‪ :1‬خمطط بياين لإلدارة اإلسرتاتيجية للموازنة العامة املتمحورة على النتائج‬

‫احملتوى (املضمون)‬
‫احلكومة‬ ‫السياسات العامة‬ ‫الوزراء‬ ‫التنفيذ‬

‫الغاايت‬ ‫األهداف‬
‫االسرتاتيجيات‬
‫البرلمان‪-‬‬ ‫المهام‬ ‫البرامج‬ ‫البرامح‬
‫الموازنة‬ ‫الفرعية‬
‫العامة‬ ‫والعمليات‬

‫التقييم (وفق‬ ‫النتائج‬


‫مؤشرات‬
‫األداء)‬

‫املصدر‪)Claud Rochet, 2003, p55( :‬‬

‫ابلنسبة ملؤشرات النجاعة واألداء فهي كل قياس معرب‪ ،‬مستعمل لتقدير النتائج املنجزة ميدانيا‪ ،‬مقارنة ابلنتائج‬
‫املرجوة أو لتحديد مستوى تقدم األشغال‪ .‬وتعد مؤشرات النجاعة واألداء الوسيلة املفضلة للتعبري عن القياس‬
‫املوضوعي (سواء كميا أو نوعيا) للنتائج املنجزة‪ ،‬أو املنتظر إجنازها وعادة ما يكون هذا القياس مرتبطا هبدف‬
‫معني‪ ،‬على أن يتم القياس برتديدات منتظمة‪ ،‬مبقارنة ما مت إجنازه مقابل ما هو منتظر إجنازه‪ .‬وللتأكد من أن‬

‫‪407‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫مؤشر النجاعة واألداء متناسب مع اهل دف أم ال؟ جيب اإلجابة على األسئلة التالية‪( :‬الصادق األسود‪،‬‬
‫‪ ،2011‬ص‪)160‬‬
‫‪ ‬هل املؤشر قادر على قياس النتائج؟‬
‫‪ ‬هل هو مالئم مع الزمن؟‬
‫‪ ‬هل يسهل عملية مجع وحتليل املعلومات؟‬
‫‪ ‬هل املعلومات اليت يوفرها‪ ،‬تسمح للمعنيني ابختاذ القرارات املناسبة‪ ،‬ويف الوقت املناسب؟‬
‫‪-6‬ركائز جتسيد االصالح املوازانيت يف اجلزائر‪:‬‬
‫إن جتسيد اإلصالح املوازانيت يف اجلزائر يتطلب توفر الركائز الستة التالية‪:‬‬
‫‪ 6-1‬اإلطار القانوين‪:‬‬
‫ويتضمن التدخالت الواجب القيام هبا لتكييف اإلطار القانوين التشريعي مع اإلجراءات املتضمنة يف اإلصالح‬
‫املوازانيت املرتقب‪ .‬فعمال أبحكام الدستور‪ ،‬السيما املادة ‪ 123‬منه وكذا مبادئ احلكم الراشد‪ ،‬فإنه من‬
‫الضروري إعادة النظر يف القانون ‪ 17-84‬املؤرخ يف ‪ 1984/07/17‬املتعلق بقوانني املالية الذي مل يعد‬
‫يتالءم مع املستجدات احلديثة ومتطلبات اإلصالحات السياسية واالقتصادية اليت ينبغي اجراؤها‪ ،‬وذلك هبدف‬
‫حتديث وعصرنة املالية العامة مبا يتالءم مع متطلبات التخصيص األمثل لإليرادات العامة لتحقيق األهداف‬
‫املسطرة‪ ،‬وهذا إبعداد قانون عضوي تكون له قيمة قانونية سامية مقارنة بقوانني املالية العادية‪ ،‬حيث يصبح‬
‫مبثابة دستور للمالية العامة‪.‬‬
‫إطار النفقات املتوسطة األجل‪:‬‬ ‫‪6 -2‬‬
‫تتضمن هذه الركيزة جمموع التدخالت الواجب إجنازها لوضع إطار نفقات متوسط األجل يف إطار عملية تسيري‬
‫النفقات العامة يف اجلزائر‪ .‬وميثل "إطار النفقات املتوسطة األجل" جمموعة متجانسة من األهداف اإلسرتاتيجية‬
‫وبرامج النفقات العامة‪ ،‬واليت حتدد اإلطار الذي‪ ،‬ميكن الوزراء امليدانيني‪ ،‬اختاذ قرارات توزيع واستعمال مواردهم‬
‫املالية‪ .‬من شأن إطار النفقات متوسطة األجل (املدى) السماح للحكومة حبسن توزيع املوارد العامة على أهم‬
‫قطاعات النفقات العامة‪ ،‬كاألشغال العمومية والسكن والتعليم والصحة والنقل‪ ،‬وغريها من القطاعات‪ ،‬وذلك‬
‫وفق أولوايت السياسة العامة للدولة‪( .‬الصادق األسود‪ ،2011 ،‬ص‪)165‬‬
‫املوازنة وفق الربامج واألداء واملتمحورة على النتائج‪:‬‬ ‫‪6 -3‬‬
‫إن املوازنة وفق الربامج واألداء‪ ،‬واليت يكون التسيري فيها متمحورا حول النتائج‪ ،‬تتطلب من املسريين املسئولني‬
‫عن وضع الربامج على مستوى الوزارات واألجهزة احلكومية مراعاة حتديد‪:‬‬
‫‪ ‬األهداف؛‬

‫‪408‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫‪ ‬النتائج املتوقعة؛‬
‫‪ ‬مؤشرات النجاعة واألداء؛‬
‫‪ ‬تكلفة املوارد الالزمة لبلوغ األهداف املسطرة‪.‬‬
‫وعلى هؤالء املسئولني‪ ،‬وبصفة دورية‪ ،‬تقدمي عرض ابلنتائج احملققة ليتسىن للمعنيني‪ ،‬من برملانيني ومسريين‬
‫ومجهور‪ ،‬إعادة تقييم دقة الربامج والت أكد من بلوغ األهداف املرجوة‪ .‬إن األعمال املنجزة يف إطار املوازنة وفق‬
‫الربامج واألداء‪ ،‬واملتمحورة حول النتائج‪ ،‬هتدف ابألساس إىل تقدمي الدعم الالزم ملختلف اهلياكل (صاحبة‬
‫القرارات واألشغال امليدانية) املوضوعة لضمان توجيه اإلصالح املوازانيت‪( .‬الصادق األسود‪ ،2011 ،‬ص‪)167‬‬
‫‪ 6-4‬تصنيف النفقات العامة‪:‬‬
‫وتتضمن التدخالت الواجب القيام هبا‪ ،‬لتحديد كيفيات إعادة تصنيف النفقات العامة‪ ،‬يف إطار نظام‬
‫(أسلوب) موازنة الربامج واألداء‪ .‬ويتحقق ذلك من خالل تغيري املدونة احلالية حلساابت املوازنة العامة‪ ،‬بنظام‬
‫تصنيف جديد يسمح إبظهارها بشكل جمموعات متجانسة‪ ،‬حبيث تصنف احلساابت بشكل تفصيلي يضمن‬
‫تناسق احملاسبة وجيعل املقارنة الزمنية واملكانية ممكنة يف أية حلظة وكذا إعداد تقديرات امليزانية سهال‪ ،‬ويضمن‬
‫ابلدرجة األوىل رقابة مالية فعالة وهو يتطلب توحيد ميزانية التسيري والتجهيز حتت حساب واحد‪( .‬عبد احلميد‬
‫صايب وآخرون‪ ،2009 ،‬ص‪)17‬‬
‫‪ 6-5‬تقييم األداء‪:‬‬
‫يتضمن التدخالت الواجب إجنازها ملساعدة املسريين على وضع آليات لتقييم األداء (بنك مؤشرات‪ ،‬تقرير‬
‫وزاري حول املردودية‪ ...،‬إخل)‪ .‬هتدف هذه التدخالت املنتظر إجنازها‪ ،‬إىل وضع تصور لوسائل التقييم من جهة‪،‬‬
‫ولتكوين املوظفني املعنيني من جهة أخرى‪ .‬وجتدر اإلشارة إىل ضرورة التمييز بني أنواع مؤشرات األداء اليت قد‬
‫تتعلق ابستخدام املوارد (مؤشرات املدخل) أو ابلعملية اليت من خالهلا يتم استخدام املوارد أو انتاج املخرجات‬
‫(مؤشرات العملية) أو ابلسلع واخلدمات نفسها (مؤشرات املخرجات) أو قد يكون هلا عالقة ابلنتائج اليت‬
‫حتققت من خالل تقدمي تلك السلع واخلدمات وأثر أداء السياسة العامة على اجملتمع (مؤشرات املردود)‪.‬‬
‫(خلف عبد هللا الوردات‪ ،2009 ،‬ص‪)277‬‬
‫‪ 6-6‬الربانمج املعلومايت لنظام التسيري املوازانيت‪:‬‬
‫يتمثل يف وضع عتاد وأنظمة حديثة وانجعة ومالئمة‪ ،‬بطريقة تسمح بتعزيز إمكانيات عمل وزارة املالية‪ ،‬وكذا‬
‫يهدف إىل وضع نظام يتعلق ابلنفقات اليت تغطي احلاجيات احملاسبية والتسيري املوازانيت الذي يعرف بـ "النظام‬
‫املدمج للتسيري املوازانيت "‪ ،‬والذي يتكون من مادة احملاسبة العمومية اليت جيمع من خالهلا أوجه التسيري املايل‬

‫‪409‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫للنفقات واإليرادات العامة‪ ،‬ومادة املوازنة للتأكد من وظيفة التسيري واملراقبة‪( .‬عبد احلميد صايب وآخرون‪،‬‬
‫‪ ،2009‬ص‪)13‬‬
‫وتنقسم هذه الركيزة إىل فرعني‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد خمطط توجيهي لإلعالم اآليل‪ :‬يهدف إىل تعزيز استعمال اإلعالم اآليل على‬
‫مستوى كل من مركز اإلعالم اآليل وتكنولوجيا املعلومات املالية وكذا املديرية العامة‬
‫للضرائب‪.‬‬
‫‪ ‬وضع نظام معتمد لتسيري املوازنة‪ :‬يشمل هذا النظام على دورة النفقات واحملاسبة‬
‫الواجب توفرها عند كل من اآلمرين ابلصرف واحملاسبني العموميني‪ ،‬وكذا لدى املصاحل‬
‫املسئولة عن تنفيذ املوازنة على مستوى وزارة املالية‪.‬‬
‫خامتة‬
‫من خالل هذا البحث‪ ،‬حاولنا دراسة اشكالية مدى مسامهة منوذج (أو أسلوب) موازنة الربامج واألداء يف ترشيد‬
‫النفقات العامة يف اجلزائر‪ ،‬وقد خلصنا من خالل دراستنا التحليلية لإلشكالية الرئيسية للبحث إىل الوقوف على‬
‫النتائج التالية‪:‬‬
‫إن مفهوم املوازنة العامة قد تطور بتطور دور الدولة يف خمتلف اجملاالت االقتصادية واالجتماعية‬ ‫‪‬‬
‫والسياسية‪ ،‬ونتيجة لذلك فقد انتقل هذا املفهوم من الرتكيز على النواحي القانونية أو الصفة‬
‫التشريعية للموازنة العامة إىل الرتكيز على ربطها خبطة التنمية للدولة؛‬
‫هتدف موازنة الربامج واألداء إىل ربط رسالة وأهداف اجلهة احلكومية ابلنتائج املتوقعة من‬ ‫‪‬‬
‫جهة‪ ،‬وربط االعتمادات ابألهداف املخططة من جهة اثنية‪ ،‬مما جيعلها أداة مثلى لرتمجة‬
‫السياسات العامة للدولة يف شكل برامج‪ ،‬ووسيلة الختاذ القرارات املتعلقة ابملفاضلة بني الربامج‬
‫البديلة واملتنافسة على حتقيق أهداف معينة؛‬
‫يتطلب تقييم الربامج‪ ،‬وفق الفلسفة اليت تقوم عليها موازنة الربامج واألداء‪ ،‬االستعانة مبجموعة‬ ‫‪‬‬
‫من مؤشرات األداء اليت تقيس النشاط (أداء اإلدارة) وأخرى تقيس األثر على اجملتمع (أداء‬
‫السياسة العامة)‪ ،‬غري أنه مت تسجيل بعض الصعوابت يف إجياد املؤشرات املناسبة اليت تقيس‬
‫عوائد بعض الربامج واملشاريع بشكل دقيق وملموس؛‬
‫إن هيكلة وتبويب النفقات وفق أسلوب موازنة الربامج واألداء يسمح بعرض املعلومات‬ ‫‪‬‬
‫والبياانت املالية للنشاط احلكومي بشكل يساعد يف التخطيط االسرتاتيجي وتوزيع املوارد‬
‫بكفاءة وفعالية والرقابة على العمليات؛‬

‫‪410‬‬
‫العدد التاسع‬ ‫موازنة الربامج والآداء مكدخل لرتش يد النفقات العامة يف اجلزائر‬
‫جمةل "الإدارة والتمنية للبحوث وادلراسات"‬
‫يقدم أسلوب موازنة الربامج واألداء حلوال جوهرية لبعض االختالالت وأوجه القصور اليت‬ ‫‪‬‬
‫يعاين منها النظام املوازانيت اجلاري العمل به يف اجلزائر املبين وفق أسلوب موازنة البنود‪ ،‬على‬
‫غرار مشكلة عدم ارتباط نفقات التسيري بنفقات التجهيز مما يفتح الباب أمام أشكال هدر‬
‫املال ا لعام‪ ،‬ومشكل اعتماد اجلهات الوصية على نسبة استهالك االعتمادات املالية املخصصة‬
‫للمؤسسة كمؤشر لقياس أدائها وعدم األخذ بعني االعتبار ما مت إجنازه من وراء انفاق هذه‬
‫االعتمادات‪.‬‬
‫املراجع املستعملة‪:‬‬
‫‪ -1‬امساعيل حسني‪ ،‬موازنة الربامج واألداء‪ :‬املفهوم‪ ،‬الفلسفة واألهداف‪ ،‬ملتقى موازنة الربامج واألداء يف اجلامعات‬
‫العربية‪ ،‬دمشق‪ ،‬سوراي‪2004 ،‬؛‬
‫‪ -2‬الصادق األسود‪ ،‬مسامهة احملاسبة العمومية يف ترشيد النفقات العامة‪-‬حالة اجلزائر‪ ،‬أطروحة دكتوراه‪ ،‬جامعة اجلزائر‪،3‬‬
‫‪2011‬؛‬
‫‪ -3‬خلف عبد هللا الوردات وسهيل بسيم الدابس‪ ،‬احملاسبة احلكومية وإعداد موازنة الربامج واألداء‪ ،‬مؤسسة الوراق للنشر‬
‫والتوزيع‪ ،‬عمان‪ ،‬األردن‪2009 ،‬؛‬
‫‪ -4‬سعدان شبايكي‪" ،‬حنو إدارة أعمال عمومية (حماولة لتطبيق التحليل املايل على بياانت احملاسبة العمومية"‪ ،‬جملة‬
‫جديد االقتصاد‪ ،‬ع‪ ،1‬اجلزائر‪2007 ،‬؛‬
‫‪ -5‬عبد احلميد صايب وآخرون‪" ،‬تقرير يتعلق بتقييم نظام عصرنة أنظمة املوازنة"‪ ،‬الغرفة األوىل‪ ،‬جملس احملاسبة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪2009‬؛‬
‫‪ -6‬غازي عبد الرزاق النقاش‪" ،‬املالية العامة‪ -‬حتليل أسس االقتصادايت املالية"‪ ،‬دار وائل للنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،04‬عمان‪،‬‬
‫األردن‪2010 ،‬؛‬
‫‪ -7‬حممد شاكر عصفور‪" ،‬أصول املوازنة العامة"‪ ،‬دار املسرية‪ ،‬ط‪ ،06‬عمان‪ -‬األردن‪2014 ،‬؛‬
‫‪ -8‬كريستني الغارد‪" ،‬تقرير املدير العام لصندوق النقد الدويل عقب زايرة عمل قادهتا للجزائر"‪ 22 ،‬مارس ‪.2013‬‬
‫‪ -9‬ديوان احملاسبة للجمهورية اللبنانية ابلتعاون مع املنظمة العربية لألجهزة العليا للرقابة املالية واحملاسبة‪" ،‬أمهية التحول من‬
‫موازنة البنود إىل موازنة الربامج واألداء‪ ،‬ودور اجلهاز األعلى للرقابة يف ذلك"‪ ،‬دليل اللقاء التدرييب‪ ،‬لبنان‪2009 ،‬؛‬
‫‪ -10‬صندوق النقد الدويل‪" ،‬كيف يشجع الصندوق زايدة شفافية املالية العامة؟"‪ ،‬صحيفة وقائع‪2014 ،‬؛‬
‫‪ -11‬بيان اجمللس التنفيذي لصندوق النقد الدويل مبناسبة اختتام مشاورات املادة الرابعة مع اجلزائر لعام ‪ ،2014‬واشنطن‪،‬‬
‫الوالايت املتحدة األمريكية‪ 11 ،‬ديسمرب ‪2014‬؛‬
‫‪ -12‬بيان اجتماع جملس الوزراء‪ ،‬اجلزائر‪ 24 ،‬ماي ‪2010‬؛‬
‫‪ -13‬بيان رائسة جملس الوزراء‪ ،‬اجلزائر‪ 6 ،‬أكتوبر ‪2015‬؛‬
‫‪Conduire l’Action Publique- Des Objectifs aux "Claude Rocher , -14‬‬
‫‪, Village Monial, Paris, 2003."Résultats‬‬

‫‪411‬‬

You might also like